ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[13 - 07 - 10, 12:42 ص]ـ
قال الحافظ السمعاني في كتاب الأنساب:
وأبو عبس ويقال أبو حماد: عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهني، شهد فتح مصر واختط بها وولي الجند بمصر لمعاوية بن أبي سفيان بعد عتبة بن أبي سفيان سنة أربع وأربعين ثم أغزاه معاوية البحر سنة سبع وأربعين، وكتب إلى مسلمة بن مخلد بولايته على مصر فلم يظهر مسلمة ولايته، فبلغ ذلك عقبة فقال: ما أنصفنا معاوية عزلنا وغربنا؛ توفي بمصر سنة ثمان وخمسين، وقبر في مقبرتها بالمقطم، وكان يخضب بالسواد ..
وكان عقبة قارئاً عالماً بالفرائض والفقه، وكان فصيح اللسان شاعراً، وكان له السابقة والهجرة، وكان كاتباً، وكان أحد من جمع القرآن ومصحفه بمصر إلى الآن بخطه رأيته عند علي بن الحسن بن قديد على غير التأليف الذي في مصحف عثمان، وكان في آخره: وكتب عقبة بن عامر بيده، ورأيت له خطاً جيداً، ولم أزل أسمع شيوخنا يقولون إنه مصحف عقبة لا يشكون فيه، وروى عن رسول الله حديثا كثيرا، روى عنه جماعة من أهل مصر، منهم عبد الله بن مالك الجيشاني وعبد الملك بن مليل السليحي وعبد الرحمن بن عامر الهمداني وكثير بن قليب الصدفي وجماعة، وآخر من حدث عنه بمصر أبو قبيل المعافري - ذكر هذا كله أبو سعيد بن يونس المصري صاحب التاريخ
ـ[أحمد السيد محمد حسن]ــــــــ[20 - 11 - 10, 09:27 م]ـ
شكرا على الموضوع القيم جزاك الله خيراااااااااااااااااا
ـ[أبو عبدالعزيز الرفاعي]ــــــــ[20 - 11 - 10, 10:58 م]ـ
جزاك الله خيرًا ..(19/396)
هل هناك دورات مكثفة لتحفيظ القرآن لصيف 1431 هـ؟
ـ[أبو فالح العتيبي]ــــــــ[18 - 05 - 10, 02:11 ص]ـ
هل هناك دورات مكثفة لتحفيظ القرآن لصيف 1431 هـ ياحبذا لو كانت في مكة أو المدينة النبوية؟
وشكراً
ـ[أبو فالح العتيبي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 12:21 ص]ـ
25 زائر ولا رد واحد
ـ[ليث بجيلة]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:19 ص]ـ
أسأل الله أن تجد ضالتك وجواب سؤالك
ـ[ريان اللويمي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:29 ص]ـ
هناك دورة المهرة السابعة بجامع القاضي بحي التعاون بالرياض بإذن الله
وتعتبر من الدورات المميزة في الرياض أحد مشرفي الدورة 0503104344(19/397)
عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد في علم رسم القرآن للإمام الشاطبي بصوت محمود داود
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[18 - 05 - 10, 05:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم إخواني
متن عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد في علم رسم القرآن للإمام الشاطبي بصوت محمود داود(19/398)
قراءة الإمام أبي جعفر المدني (الفاتحةوالبقرة وآل عمران) بصوت محمود داود
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[18 - 05 - 10, 06:44 م]ـ
قراءة الإمام أبي جعفر المدني (الفاتحةوالبقرة وآل عمران) بصوت محمود داود
تم رفعها بواسطة:
http://www.fileflyer.com/view/yUk67Bv (http://www.fileflyer.com/view/yUk67Bv)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/misc/progress.gif(19/399)
ما هو أفضل كتاب في القراءات لغير المتخصص؟
ـ[أبوخالد]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:03 م]ـ
يأتي على نسق كتاب " هامش القراءات العشر " الذي هو من فكرة الشيخ علوي بلفقيه، وهل الأخطاء الموجودة في الكتاب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139505) تم تلافيها؟
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبوخالد]ــــــــ[30 - 06 - 10, 01:16 ص]ـ
للرفع(19/400)
رواية خلف عن حمزة بصوت محمود داود
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:05 م]ـ
رواية خلف عن حمزة بصوت محمود داود
... الإسراء-الكهف-مريم-طه برواية خلف عن حمزة بصوت محمود داود
http://www.fileflyer.com/view/OEyBfA9 (http://www.fileflyer.com/view/OEyBfA9)
... جزء الذاريات برواية خلف عن حمزة بصوت محمود داود
http://filaty.com/f/1005/15021/gzy_a..._daod.rar.html (http://filaty.com/f/1005/15021/gzy_al-zariat_broaia_khlf_en_hmza_bsot_mhmod_daod.rar.htm l)
... جزء عم برواية خلف عن حمزة بصوت محمود داود
http://filaty.com/f/1005/11078/gzy_e..._daod.rar.html (http://filaty.com/f/1005/11078/gzy_em_broaia_khlf_en_hmza_bsot_mhmod_daod.rar.htm l)(19/401)
إلي أهل مصر خاصة, هل هنالك من يحفظ القرءان يوميا في القاهرة.
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:05 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
إلي الأخوة من مصر هل هنالك مساجد سنية أو معاهد تحفظ القرءان يوميا عاجل؟؟
ـ[أبو سليمان الأبنوبي]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:18 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في أي مكان تريد يا أخي؟
ـ[المتولى]ــــــــ[19 - 05 - 10, 07:02 ص]ـ
اعتقد والله اعلم عماد الاسلام فى العتبة يقوم الاخوة هناك بالتحفيظ يوميا
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[20 - 05 - 10, 02:06 ص]ـ
اعتقد والله اعلم عماد الاسلام فى العتبة يقوم الاخوة هناك بالتحفيظ يوميا
السلام عليكم و رحمة الله
نعم أخي دهبت لعماد الأسلام لكنه يحفظ يومين فقط في الأسبوع
ـ[المتولى]ــــــــ[20 - 05 - 10, 03:42 ص]ـ
اخى الحبيب يمكنك الاتفاق مع الاخ المحفظ على المواعيد يوميا ان شاء الله
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[20 - 05 - 10, 08:59 ص]ـ
لكنه يحفظ يومين فقط في الأسبوع
بارك الله فيك اخي
ممكن مواعيد اليومين
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[21 - 05 - 10, 09:05 ص]ـ
اخى الحبيب يمكنك الاتفاق مع الاخ المحفظ على المواعيد يوميا ان شاء الله
السلام عليكم أخي الحبيب المشرف علي الجمعية هناك صديقي و نسكن تقريبا في الحي نفسه و عندما سألته إتصل بمعارفه و أخبرني أنه ستوجد دوره مغلقه يعني مدرسة داخلية لتحفيض القرءان في 4 اشهر و بمبلغ1500 جنيه و كذالك مفتوحة طوال 6 اشهر لتحفيض القرءان بنفس المبلغ و ترددت علي العديد من المساجد و سمعت بمدرسة الرحمة و تدرس القرءان يوميا و إنطلقت منذ 15 من هدا الشهر في مدينة نصر بتصريح من الأزهر .. و هذا لا يناسبني لتحديد التحفيض بما بعد العصر و الظاهر أنني سأنظر الدورة المغلقه و أنا حالي أحفض تحفة الأطفال و متن الجزرية.
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[21 - 05 - 10, 09:08 ص]ـ
لكنه يحفظ يومين فقط في الأسبوع
بارك الله فيك اخي
ممكن مواعيد اليومين
السلام عليكم و رحمة الله
سأضع لك المواعيد إن شاء الله اليوم أو غدا.(19/402)
هل تريد ان تحافظ على وردك اليومي من القرآن (خطوة صغيرة لكن فعالة)؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:19 م]ـ
ذكرت هذه الطريقة في موضوع لي (طريقة لحفظ القرآن في اقل من سنة)
هل تريد ان تحافظ على حزبك من القرآن؟
اذا كان الجواب نعم ... فاليك الحل
ان من اراد ان يحافظ على حزبه من القرآن ولا يفوته فعليه ان يقوم بخطوة
صغيرة ولكن لها تأثير فعال ...
ما هي هذه الخطوة؟
قبل ان اقول ما هي هذه الخطوة .. يستلزم الامر مني ان اقدم مقدمة بسيطة اجعلها على شكل سؤال؟
السؤال هو متى يبدأ اليوم عندنا نحن المسلمين؟
والجواب لا يخفى على كثير منكم يبدأ اليوم من صلاة المغرب
والدليل على ذلك اول يوم من رمضان، وكذلك ايام عيد الاضحى
فاذا كان ذلك كذلك .. اجيب هنا على ما هي هذه الخطوة الصغيرة؟
الخطوة الصغيرة هي ان تبدأ وردك اليومي من صلاة المغرب
فمثلا اردت ان تقرأ حزب البقرة
حزب البقرة يوم السبت، فمتى تبدأ؟
تبدأ من صلاة المغرب يوم الجمعة (اقولها مجازا)
فصلاة المغرب يوم الجمعة تعتبر الصلاة الاولى في يوم السبت
جربوا هذه الطريقة .. فان لها تاثيرا عجيبا من ناحية الالتزام بالورد اليومي
ملاحظة: تحزيب الصحابة للقرآن كالتالي
السبت: البقرة - النساء
الاحد: المائدة - التوبة
الاثنين: يونس - النحل
الثلاثاء: الاسراء - الفرقان
الاربعاء: الشعراء - يس
الخميس: الصافات - الحجرات
الجمعة: جزء المفصل (ق - الناس)
ملاحظة اخيرة: هذه الطريقة تنفع ايضا لمن كان حزبه اليومي جزء أو جزءان
وبارك الله فيكم
ـ[أبو حوّاء]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:34 م]ـ
الله المستعان
بارك الله فيك ..
ـ[أبو فالح العتيبي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 12:28 ص]ـ
أنا أقول يبدأ من بعد صلاة الفجر
فبين الأذان والإقامة 25 دقيقة تقريباً
ويكمل بعد الصلاة
والظهر كذلك ...
فإن استطاع أن ينهي ورده قبل صلاة الظهر وإلا فبعدها ولا يؤخر
فإذا التزم الإنسان بإنهاء ورده مع الظهر قل بإذن الله تفويته
ـ[ليث بجيلة]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:18 ص]ـ
المهم يبدأ ويحافظ على وردة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[19 - 05 - 10, 05:54 ص]ـ
الاخ ابوفالح / جزاك الله خيرا
اعود الى المثال الذي وضحته
فمثلا اريد ان اقرأ حزب البقرة (وهو البقرة وآل عمران والنساء) وموعده يوم السبت
فمتى ابدأ؟ ابدأ من صلاة المغرب من يوم الجمعة
فقبل ان انام اكون قد قرأت سورة البقرة، وتبقى سورة آل عمران والنساء
فيكون من السهل علي ان أقرأهما بعد الفجر
وأود ان اشير هنا الى ملاحظة مهمة وهي:
انك اذا بدأت وردك بعد صلاة المغرب، فانك قبل ان تنام تضع موعدا لاتمامه في اليوم التالي
فتنام وانت عازم على اتمام وردك (فتكون فترة النوم محفزة لك) وهذا امر نفسي يعرفه من جربه
وبارك الله فيكم
الاخ ليث جزاك الله خيرا
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[19 - 05 - 10, 05:56 ص]ـ
الاخ ابو حواء بارك الله فيك
ـ[البهناوي الشنقيطي]ــــــــ[24 - 05 - 10, 04:12 ص]ـ
ذكرت هذه الطريقة في موضوع لي (طريقة لحفظ القرآن في اقل من سنة)
هل تريد ان تحافظ على حزبك من القرآن؟
اذا كان الجواب نعم ... فاليك الحل
ان من اراد ان يحافظ على حزبه من القرآن ولا يفوته فعليه ان يقوم بخطوة
صغيرة ولكن لها تأثير فعال ...
ما هي هذه الخطوة؟
قبل ان اقول ما هي هذه الخطوة .. يستلزم الامر مني ان اقدم مقدمة بسيطة اجعلها على شكل سؤال؟
السؤال هو متى يبدأ اليوم عندنا نحن المسلمين؟
والجواب لا يخفى على كثير منكم يبدأ اليوم من صلاة المغرب
والدليل على ذلك اول يوم من رمضان، وكذلك ايام عيد الاضحى
فاذا كان ذلك كذلك .. اجيب هنا على ما هي هذه الخطوة الصغيرة؟
الخطوة الصغيرة هي ان تبدأ وردك اليومي من صلاة المغرب
فمثلا اردت ان تقرأ حزب البقرة
حزب البقرة يوم السبت، فمتى تبدأ؟
تبدأ من صلاة المغرب يوم الجمعة (اقولها مجازا)
فصلاة المغرب يوم الجمعة تعتبر الصلاة الاولى في يوم السبت
جربوا هذه الطريقة .. فان لها تاثيرا عجيبا من ناحية الالتزام بالورد اليومي
ملاحظة: تحزيب الصحابة للقرآن كالتالي
السبت: البقرة - النساء
الاحد: المائدة - التوبة
الاثنين: يونس - النحل
الثلاثاء: الاسراء - الفرقان
الاربعاء: الشعراء - يس
الخميس: الصافات - الحجرات
الجمعة: جزء المفصل (ق - الناس)
ملاحظة اخيرة: هذه الطريقة تنفع ايضا لمن كان حزبه اليومي جزء أو جزءان
وبارك الله فيكم
بارك الله فيك
مما يعين على قراءة القرآن إيقاعُ التلاوة في الصلاة
فالصلاة بالقرآن تضمن لك إتمام ما عزمت عليه في كل ركعتين
فلن تقطعهما للهاتف مثلا، ولا لبكاء الطفل
ولا لإجابة أحد أفراد الأسرة
ولا لأي أمر غير ضروري
فكبر يا اخي الحبيب-ناويا الصلاة بجزء كامل تقسمه بين ركعتين
ولا يشغلنك طول التدبر والتجويد عن الاتيان بالكم الذي قررت
فللتجويد وقته
وللتدبر وقته
ولطلب الكمية وقته
ومن استطاع ان يجمع بين الثلاثة (التجويد والتدبر والكمية) فبها ونعمت
وإلا فليخصص وقتا لكل نوع من التلاوات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/403)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 03:48 م]ـ
الاخ / البهناوي الشنقيطي
جزاك الله خيرا، نصيحة ثمينة
ـ[محمد حمدي عبد الوهاب]ــــــــ[29 - 05 - 10, 08:23 م]ـ
بالنسبه للتحزيب
مش سوره الكهف سنه يوم الجمعه
كده يبقي يبدل بينها وبين حاجه تانيه من المخصصين ليوم الجمعه
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 08:30 م]ـ
هذا الرابط يتحدث فيه الشيخ ابو اسحاق عن
حديث قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
http://alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=9078
ـ[محمد السلفي المقدسي]ــــــــ[29 - 05 - 10, 09:52 م]ـ
بوركت أخي على ما قدمت في ميزان حسناتك إن شاء الله
ـ[بن محمد الحنبلي المصري]ــــــــ[29 - 05 - 10, 11:16 م]ـ
http://www.islamqa.com/ar/ref/127699
يمكنك أن تبدأ بالحزب الأول يوم الأربعاء بدلا من السبت.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 11:51 م]ـ
الاخ محمد السلفي المقدسي
بارك الله فيك ورفع قدرك
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 11:54 م]ـ
http://www.islamqa.com/ar/ref/127699
يمكنك أن تبدأ بالحزب الأول يوم الأربعاء بدلا من السبت.
جزاك الله خيرا
وبهذا جمعت بين الحسنيين
ملاحظة اظنه يوم الثلاثاء وليس الاربعاء
الثلاثاء: حزب البقرة
الاربعاء:حزب المائدة
الخميس:حزب يونس
الجمعة: حزب الاسراء .. (ومن ضمنه سورة الكهف)
ـ[محمد حمدي عبد الوهاب]ــــــــ[30 - 05 - 10, 12:00 ص]ـ
http://www.islamqa.com/ar/ref/127699
يمكنك أن تبدأ بالحزب الأول يوم الأربعاء بدلا من السبت.
قصدك الثلاثاء
مش عارف الفكره دي ماجتليش ازاي
جزاك الله خيرا
ـ[أم ديالى]ــــــــ[30 - 05 - 10, 12:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو ابراهيم امام العربي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 01:03 ص]ـ
أخي أبو فراس جزاك الله خيرا
الذي نعرفه من بداية اليوم هو من منتصف الليل
فإذا انتصف الليل مثلاً ليلة السبت لنا أن نسمي الوقت الذي من نصف الليل وما يليه وإلى غروب شمس يومه يوم السبت وهذا مشهور في اللغة
فهل البداية باليوم من غروب الشمس صحيحه؟
أم رأي منك فقط للتحزيب الذي أشرت إليه؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 07:28 ص]ـ
أخي أبو فراس جزاك الله خيرا
الذي نعرفه من بداية اليوم هو من منتصف الليل
فإذا انتصف الليل مثلاً ليلة السبت لنا أن نسمي الوقت الذي من نصف الليل وما يليه وإلى غروب شمس يومه يوم السبت وهذا مشهور في اللغة
فهل البداية باليوم من غروب الشمس صحيحه؟
أم رأي منك فقط للتحزيب الذي أشرت إليه؟
من الامثلة على ذلك اول يوم في رمضان
صلاة المغرب تعتبر اول صلاة في رمضان
لذلك نصلي التراويح قبل ليلة .. والحديث (من قام رمضان .. يعني صلاة العشاء من رمضان)
وفي آخر يوم في رمضان لا نصلي التراويح .. وهذا يدل ان صلاة العشاء ليست من رمضان بل من شوال
وكذلك عيد الاضحى ... ينتهي عند غروب شمس اليوم الرابع
ولا يجوز لك ان تضحي بعد ذلك .. وهذا يعني انه بعد غياب الشمس هو اليوم الخامس
وايضا عند حساب الثلث الاخير من الليل نبدأ الحساب من غروب الشمس
وكذلك في تفسير " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " كان الصحابة يعتبرون ان قيام الليل يبدأ من صلاة المغرب فقد ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) قَالَ: كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ [وفي رواية: يَتَنَفَّلُونَ] مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلُّونَ. وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: قِيَامُ اللَّيْلِ.
صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال العراقي: وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وسلمان الفارسي وابن عمر وأنس بن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين: الأسود بن يزيد وأبو عثمان النهدي وابن أبي مليكة وسعيد بن جبير ومحمد بن المنكدر وأبو حاتم وعبد الله بن سخبرة وعلي بن الحسين وأبو عبد الرحمن الحبلي وشريح القاضي وعبد الله بن مغفل وغيرهم. ومن الأئمة: سفيان الثوري" انتهى.
ـ[أبو محمد العامري]ــــــــ[04 - 06 - 10, 03:25 م]ـ
صدقت أخي أبا فراس, فمن بدأ ورده بعد المغرب ثم شغل فإنه يستطيع اتمامه في قيام الليل, وإذا بقي من ورده شي اتمه قبل مغرب اليوم الثاني لأنه بهذه الطريقة يكون في الوقت متسع, فهذه هي من أفضل الطرق المعينة على المراجعة.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[05 - 06 - 10, 12:21 ص]ـ
الاخ أبو محمد العامري:
جزاك الله خيرا على التعقيب
بالمناسبة اسوقفني توقيعك كثيرا (رحم الله ابن تيمية ورفع درجته في عليين)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[05 - 06 - 10, 12:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت قبل فترة موضوع (كيف تحافظ على وردك اليومي)
وخلاصة ما قلت ان تبدأ من بعد صلاة المغرب اي في اليوم السابق
وكان هناك رد قرأته ولكن لم افكر ان اجربه
وهذا الرد هو للاخ البهناوي الشنقيطي
ولكن لما جربته وجدت له تأثيرا عجيبا
فجزاك الله ايها البهناوي اتم جزاء واجزله واوفاه
وعافاك من كل بلاء، واحبك بلا ابتلاء، ورزقك الخير صباح مساء ...
وها هو الرد كاملا لم استطع ان اقتبسه
بارك الله فيك
مما يعين على قراءة القرآن إيقاعُ التلاوة في الصلاة
فالصلاة بالقرآن تضمن لك إتمام ما عزمت عليه في كل ركعتين
فلن تقطعهما للهاتف مثلا، ولا لبكاء الطفل
ولا لإجابة أحد أفراد الأسرة
ولا لأي أمر غير ضروري
فكبر يا اخي الحبيب-ناويا الصلاة بجزء كامل تقسمه بين ركعتين
ولا يشغلنك طول التدبر والتجويد عن الاتيان بالكم الذي قررت
فللتجويد وقته
وللتدبر وقته
ولطلب الكمية وقته
ومن استطاع ان يجمع بين الثلاثة (التجويد والتدبر والكمية) فبها ونعمت
وإلا فليخصص وقتا لكل نوع من التلاوات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/404)
ـ[أبو حوّاء]ــــــــ[05 - 06 - 10, 01:02 ص]ـ
صدق البهناوي ...
وفقكم الله جميعاً يا أحبائي:)
..
ـ[أبوالزبير الأثري]ــــــــ[05 - 06 - 10, 04:43 ص]ـ
نرجوا منكم ان تضعوا لنل دائما طرق سهل للحفظ والمراجعه وخصوصا للمتقدم فى الحفظ وجزاكم الله عنا كل خير
ـ[مبارك الزهراني]ــــــــ[05 - 06 - 10, 11:00 ص]ـ
جزاك الله خير اخي ابو فراس وبارك فيك.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[05 - 06 - 10, 04:03 م]ـ
الاخوة / أبوالزبير الأثري، أبو حوّاء، مبارك الزهراني
جزاكم الله خيرا
ومن فوائد طريقة البهناوي أنها تحفز الانسان على ان يزيد ورده
والسر في ذلك انك تقوم فقط بركعتين، وكذلك تقرأ بسرعة
وستجد باذن الله ان لهذه الطريقة حلاوتها الخاصة وخصوصا اذا شعرت بتعب في قدميك
وهذا هو الرابط الاصلي لمن اراد الاستزادة
هل تريد ان تحافظ على وردك اليومي من القرآن (خطوة صغيرة لكن فعالة)؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211291)
والله المستعان
ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير(19/405)
موسوعة أحكام التجويد من تصميمى , رائعة (أرجو التثبيت)
ـ[أحمد عطوه]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذى تتم به الصالحات , والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد عبد الله ورسوله , أما بعد
وددت بنشر هذه الإسطوانة وجزى الله خيرا كل من ساهم فى نشرها
الوصف:
موسوعة شاملة فى أحكام التجويد تناسب جميع المراحل.
المحتوى:
1 - دروس صوتية وشروحات للتجويد , واللغة العربية , وخطب مفيدة فى حفظ القرآن , وترديد جزء عم للأطفال للشيخ الحصرى والشيخ مشارى.
2 - برامج تجويد ممتازة وهى الأساسية فى الإسطوانة , وبرامج شروح التحفة , وبرامج أخرى مميزة جدا تعمل مع الإنترنت.
3 - صور لمخطوطات علماء التجويد وهى نادرة , وصورلمخارج الحروف.
4 - فلاشات تعليم التجويد للأطفال أكثر من رائعة.
5 - جميع كتب التجويد التى يمكن أن يحتاجها المتعلم فى التجويد.
وهناك الكثير لإكتشافه فى الإسطوانة
أترككم مع الصور
http://www.3asq.net/uploads/af5910dd7e.jpg
http://www.3asq.net/uploads/ec42ae6796.jpg
http://www.3asq.net/uploads/e006c77d9e.jpg
http://www.3asq.net/uploads/596fe9a4bf.jpg
http://www.3asq.net/uploads/6f2272e26e.jpg
http://www.3asq.net/uploads/d29cd42ca0.jpg
http://www.3asq.net/uploads/a7fe818a77.jpg
http://www.3asq.net/uploads/8559aa38f9.jpg
ملحوظات هامة:
1 - أسمح بنشرها عبر المنتديات ونسخها وتوزيعها فى أى مكان ليعم النفع.
2 - لا أسمح ببيعها أو دخولها فى أى عمل تجارى.
3 - لا أسمح بسرقة العمل وعدم نسب العمل عند نقل الموضوع إلى نفس الناقل , وقد وضعت شيئا لأعرف به من يسرق العمل لأنى صاحب الموضوع الأصلى , والله وحده يعلم كم إستغرق جمع مادتها وبرمجتها.
4 - تمت مراجعة الإسطوانة وعرضها على بعض المشايخ.
التحميل على أكثر من سيرفر
http://www.multiupload.com/logos/1.gif
**************************************************
http://www.megaupload.com/?d=YB
قال الشيخ الألباني :
FDYG4
http://www.megaupload.com/?d=A0IW7UN0
http://www.megaupload.com/?d=ENED
قال الشيخ الألباني :
BV6
http://www.megaupload.com/?d=2J3TTRZX
http://www.multiupload.com/logos/6.gif
**************************************************
http://www.zshare.net/download/756590723854bf5d/
http://www.zshare.net/download/75719003a16fab69/
http://www.zshare.net/download/756897760905a391/
http://www.zshare.net/download/7570222277b66425/
http://www.multiupload.com/logos/4.gif
**************************************************
http://www.badongo.com/file/22401259
http://www.badongo.com/file/22436087
http://www.badongo.com/file/22417249
http://www.badongo.com/file/22425129
http://www.multiupload.com/logos/10.gif
[B][FONT=Tahoma][COLOR=#003399][SIZE=4]**************************************************
************************************************** *****
أسأل الله عز وجل أن ينفعنى وإياكم بها وأن يتقبل منى ومنكم
وللإستفسار عن أى شىء يخص الموضوع أو عطل , أرجوا المراسلة على:
eng.shrif@yahoo.com
وجزاكم الله خيرا
___________________
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:38 م]ـ
ما شاء الله , وفقكم الله أخانا الكريم.
ـ[أحمد عطوه]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:41 م]ـ
لماذا لا تظهر الصور يأخوتى
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[18 - 05 - 10, 11:49 م]ـ
ماشاء الله تبارك الله
نسأل الله أن يكتب أجرك ويجعله خالصاًلله
الصورواضحة وظاهرة جزاك الله خيراً
ـ[محمدأنيس سالم]ــــــــ[21 - 05 - 10, 11:27 ص]ـ
روابط ال uploading تحتوي على صور غير لائقة
ـ[أحمد عطوه]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:22 م]ـ
روابط ال uploading تحتوي على صور غير لائقة
والله لم أكن أعلم ولم أر شيئا , وجزاك الله خيرا على التنبيه
ـ[أبوإياد بن عبدالرحمن]ــــــــ[22 - 05 - 10, 09:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو تميم الكفرسي]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:30 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبي عبدالله]ــــــــ[28 - 05 - 10, 09:24 م]ـ
جزاك الله خيرا
لكن هل يجب علي تحميل كل روابط الـ (شير) أم هي نفسها؟
ـ[أحمد عطوه]ــــــــ[30 - 05 - 10, 05:15 م]ـ
جزاك الله خيرا
لكن هل يجب علي تحميل كل روابط الـ (شير) أم هي نفسها؟
لا أخى الحبيب فقط إختار سيرفر واحد , مثلا يكون megaupload ثم قم بتنزيل الملفات من عليه فقط
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[31 - 05 - 10, 12:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا و وفقك الله.
ـ[محمد شرف الدين]ــــــــ[31 - 05 - 10, 04:23 م]ـ
جزاك الله خيرا
رابط واحد علي ارشيف 611 MB
http://ia360703.us.archive.org/15/it...3a/mouso3a.zip
http://www.archive.org/details/mouso3a&reCache=1
او
http://duckload.com/download/609123/mouso3a.zip
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/406)
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[01 - 06 - 10, 02:12 ص]ـ
بارك الله فيكم جاري التحميل
ـ[بشير محمدي]ــــــــ[07 - 06 - 10, 10:45 م]ـ
جازاك الله من كل خير خيرا مما تأمل وتتمنى وجعله لك ذخرا يوم ترجف القلوب وثبتك به. آمين
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[08 - 06 - 10, 02:29 ص]ـ
عمل طيب أخي جعلني الله و إياك خداما لكتابه الكريم
ـ[ابو مونيا]ــــــــ[09 - 06 - 10, 04:29 ص]ـ
جزيت خيرا اخي اتحفتنا
ـ[حسن علي محمد]ــــــــ[10 - 06 - 10, 02:29 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
ـ[سيد بن محمود]ــــــــ[11 - 06 - 10, 09:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
ـ[رمح]ــــــــ[16 - 06 - 10, 12:39 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[بن محمد الحنبلي المصري]ــــــــ[18 - 06 - 10, 12:09 ص]ـ
أخي الحبيب أحمد، يبدو عليه برنامج رائع ما شاء الله تبارك الله وأنوى القيام بتحميله متى تيسر لي إن شاء الله.
ملحوظة: حديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم) قد سبق أن بين أحد الإخوة في هذا المنتدى ضعفه. وصاحب البرنامج لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه صحيح، ولكني ذكرت هذا لكي لا يلتبس على الإخوة.
وجزاك الله خيرا مرة أخرى.
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[19 - 06 - 10, 06:03 م]ـ
إخواني الفضلاء,,,
هل نجح أحد في تحميل البرنامج؟
أنا ام تفلح معي جميع الروابط
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[22 - 06 - 10, 10:56 م]ـ
تم التحميل
شكر الله لك هذا الجهد المبارك
ـ[ابو محمد الكثيري]ــــــــ[23 - 06 - 10, 08:18 م]ـ
عمل طيب و جزاك الله خيراً
ـ[عبد الله الأبياري]ــــــــ[27 - 06 - 10, 04:08 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الجعفري]ــــــــ[01 - 07 - 10, 11:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبوالفداء المصري]ــــــــ[03 - 07 - 10, 04:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أخ أحمد عمل موفق نفعك الله به.
[ QUOTE= محمد شرف الدين;1296191] [ CENTER] جزاك الله خيرا
رابط واحد علي ارشيف 611 MB
http://ia360703.us.archive.org/15/it...3a/mouso3a.zip
http://www.archive.org/details/mouso3a&reCache=1
الأخ محمد جزاك الله خيرا
هذا الرابط على الارشيف لا يعمل
اما الرابط الاخر فيعمل
ـ[الحفراوي سيد]ــــــــ[08 - 07 - 10, 11:39 م]ـ
جزاك الله خيرا
رابط واحد علي ارشيف 611 MB
http://ia360703.us.archive.org/15/it...3a/mouso3a.zip
http://www.archive.org/details/mouso3a&reCache=1
او
http://duckload.com/download/609123/mouso3a.zip
بارك الله فيكم الروابط لاتعمل
ـ[جمال المراغي]ــــــــ[09 - 07 - 10, 05:40 ص]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
ـ[فاطمة الزهراء بنت العربي]ــــــــ[11 - 07 - 10, 05:27 م]ـ
ما يعلم الجهد الذي تحملتم إلا من جرّب فبارك الله في جهدكم و جعله ذخرا لكم يوم العرض عليه
بيّض الله وجوهكم يوم القيامة اللهم آمين
ـ[أحمد عطوه]ــــــــ[11 - 07 - 10, 07:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا على ردودكم
وأرجو منكم أن تسامحونى على قلة تواجدى جدا
وبالنسبة للرابط المباشر كان يعمل ولكن الشركة تقوم بحذفه كل فترة , فمن يستطيع مشكورا القيام برفعها مجددا برابط واحد فله جزيل الشكر
أما باقى الروابط فهى تعمل والحمد لله
ـ[سَجْينَةُ فِكْر]ــــــــ[11 - 07 - 10, 07:51 م]ـ
جزاكم الله خيراً
جاري التحميل
.
.
ـ[أبو يوسف الحلبي]ــــــــ[25 - 07 - 10, 08:27 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو الحسن العمراني]ــــــــ[26 - 07 - 10, 06:07 م]ـ
وفقك الله أخانا الكريم
ـ[المساكني التونسي]ــــــــ[02 - 08 - 10, 05:13 ص]ـ
جهد جبار يستحق التثبيت نفع الله بك
ـ[الزهراء المغربية]ــــــــ[19 - 08 - 10, 09:27 ص]ـ
عمل رائع ,, جعله الله في ميزان حسناتكم
ـ[أبو رفيقة]ــــــــ[19 - 08 - 10, 02:23 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[صهيب الجواري]ــــــــ[19 - 08 - 10, 03:47 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[أبو أيوب العتيبي]ــــــــ[19 - 08 - 10, 07:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا(19/407)
متن عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد في علم رسم القرآن للإمام الشاطبي بصوت محمود داود
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[19 - 05 - 10, 12:35 ص]ـ
متن عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد في علم رسم القرآن للإمام الشاطبي بصوت محمود داود
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102060
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[05 - 06 - 10, 12:21 ص]ـ
شكرا لك اخى كنت اريد المتن كيف اجده(19/408)
الطلب للدعاء
ـ[محمديامين منيرأحمدالقاسمي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 10:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعدرجاء الخيروالعافيةوالنجاح والفلاح في الدنياوالآخرة
أحيطكم علماأن أحدامن أبنائي اسمه محمدأبوالمحاسن القاسمي قد يصل إلى اختتام حفظ القرآن الكريم في الأسبوع القادم فأرجومن حضرتكم أن تدعوله ولجميع المسلمين والمسلمات
شكرا وجزاكم الله تعالي في الدارين
أخوكم المحب الإسلامي
محمديامين القاسمي
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[20 - 05 - 10, 12:51 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله بارك الله لك في أبنائك , وهنيئا لهم , وأسأل الله أن يمن عليهم بحفظ كتابه والعمل به , آمين
ويمكنك الاستفادة من شيخنا إحسان العتيبي في معرفة الطرق التي استفاد منها في جعل أغلب أبناءه حافظ لكتاب الله.
ـ[محمديامين منيرأحمدالقاسمي]ــــــــ[20 - 05 - 10, 09:41 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله بارك الله لك في أبنائك , وهنيئا لهم , وأسأل الله أن يمن عليهم بحفظ كتابه والعمل به , آمين
ويمكنك الاستفادة من شيخنا إحسان العتيبي في معرفة الطرق التي استفاد منها في جعل أغلب أبناءه حافظ لكتاب الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
شكراوجزاكم الله تعالي في الدارين
ومع العفو أرجوكم أن توضحوالي كيف يمكن الاستفادة من الشيخ إحسان العتيبي
وبتحديث نعمة الرب لارياء أقول عندي عشرةأولادومنهم بحمدالله وبفضله أربعة قدحفظواالقرآن كاملا والباقي أيضاإن شاء الله يكون حفاظا
فأرجوامنكم الدعاء
خاصةمن فضلكم ادعوالنا أن يثبتناالله على إرادتنالأن الناس وخاصةالأقارب يقولون هذه الأولاد كيف يعيشون وكيف يكسبون ومن أين يأكلون لأن في بلدناحكومة لغيرالمسلمين
شكرابارك الله فيكم
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[21 - 05 - 10, 01:34 ص]ـ
أسأل الله أن يثبتكم في الأمور , وأن يرزقكم عزيمة الرشد , وأن يلهمكم شكر نعمته , وحسن عبادته.
هذا معرف شيخنا الحبيب إحسان العتيبي وهو معنا في الملتقى: هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/member.php?u=134)(19/409)
تحذير لقراء القرآن
ـ[أبو الحجاج علاوي]ــــــــ[20 - 05 - 10, 12:44 ص]ـ
تحذير لمقرئي القرآن
قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس (صـ99 ط دار الكتاب العربي)
الباب السادس
في ذكر تلبيس إبليس على العلماء في فنون العلم
...
ذكر تلبيسه على القراء
...
ومن ذلك أن منهم من يتسامح بادّعاء القراءة على من لم يقرأ عليه وربما كانت له إجازة منه فقال أخبرنا تدليسا وهو يرى أن الأمر في ذلك قريب لكونه يروى القراءات ويراها فعل خير وينسى أن هذا كذب يلزمه إثم الكذابين.
ومن ذلك أن جماعة من القراء أحدثوا قراءة الألحان وقد كانت إلى حد قريب وعلى ذلك فقد كرهها أحمد بن حنبل وغيره ولم يكرهها الشافعي ... قلت إنما أشار الشافعي إلى ما كان في زمانه وكانوا يلحنون يسيرا فأما اليوم فقد صيّروا ذلك على قانون الأغاني وكلما قرب ذلك من مشابهة الغناء زادت كراهته فإن أخرج القرآن عن حد وضعه حرم ذلك
ـ[بوعبدالعزيز الكويتي]ــــــــ[20 - 05 - 10, 02:07 ص]ـ
جزاك الله خيرا على نقلكم الطيب
ـ[عمر بن رأفت]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:28 ص]ـ
أحسن الله إليك
ـ[أبو عبد الله بدر بن سعيد]ــــــــ[22 - 05 - 10, 03:11 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو حوّاء]ــــــــ[22 - 05 - 10, 03:33 م]ـ
وفقك الله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:24 م]ـ
تحذير لمقرئي القرآن
ومن ذلك أن جماعة من القراء أحدثوا قراءة الألحان وقد كانت إلى حد قريب وعلى ذلك فقد كرهها أحمد بن حنبل وغيره ولم يكرهها الشافعي ... قلت إنما أشار الشافعي إلى ما كان في زمانه وكانوا يلحنون يسيرا فأما اليوم فقد صيّروا ذلك على قانون الأغاني وكلما قرب ذلك من مشابهة الغناء زادت كراهته فإن أخرج القرآن عن حد وضعه حرم ذلك
جزاك الله خيرا
هذا في زمان ابن الجوزي اما في زماننا هذا فقد صيروا ذلك على قانون المقامات
والله المستعان
ـ[أبو تميم الكفرسي]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:31 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[يوسف البليدي]ــــــــ[18 - 07 - 10, 12:44 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمودالجندى]ــــــــ[18 - 07 - 10, 10:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وجزاكم خيرًا
أما التدليس فهو موجود بكثرة نسأل الله أن يهدينا ويعافينا
وأما التغنى: فقد زاد عن حده، سمعت قبل أيام مقطعًا لقارئ معروف، والله لو لم أكن أعرف أن ما يقوله قرآن، لقلت إنه ينشد أو يغنى، ولا حول ولا قوة إلا بالله
-------------------------------
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا و من فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا
ـ[ابو سعيد الحضرمي]ــــــــ[22 - 07 - 10, 12:18 م]ـ
جزاك الله الف خيييير .............
ـ[أبو عبدالجبار]ــــــــ[23 - 07 - 10, 06:46 ص]ـ
لا نبالغ مسألة القراءة بالألحان فيها خلاف معتبر بين العلماء(19/410)
إختبار قرآن كريم
ـ[خالد عبدالناصر]ــــــــ[20 - 05 - 10, 02:39 م]ـ
http://www.samygames.com/forumim/slambasmla/45645g.gif
القرآن كتاب الله الخالد المعجز المنزل على عبده ورسوله وخاتم رسله محمد http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif (http://www.brooonzyah.net/vb/) والذي أذن الله بحفظه من أن يغير أو يبدل، أو يزاد فيه، أو ينقص منه: http://www.kalemat.org/gfx/braket_r.gif (http://www.brooonzyah.net/vb/) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ http://www.kalemat.org/gfx/braket_l.gif (http://www.brooonzyah.net/vb/) [ الحجر:9] وهو الكتاب الذي بين أيدينا في مشارق الأرض ومغاربها، الكتاب الذي تلقاه الرسول من جبريل، وجبريل من رب العزة تبارك وتعالى، والذي علمه رسوله http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif (http://www.brooonzyah.net/vb/) إلى أصحابه الأطهار، وحملة الدين السفرة البررة الكرام، والذي جمعه الصديق بإشارة الفاروق، ودوّنه ذو النورين عثمان، وأجمعت الأمة المسلمة عليه.
هذا الكتاب هو دستور المسلمين وشريعتهم وصراطهم المستقيم، وحبل الله المتين، وهدايته الدائمة وموعظته إلى عباده، آية صدق رسوله الباقية إلى آخر الدنيا، وهو سبيل عز المسلمين في كل العصور والدهور، ولمّا كان القرآن كذلك تعبدنا الله بتلاوته، وجعل خيرنا من تعلمه وعلمه، وأخبر النبي http://www.kalemat.org/gfx/article_salla.gif (http://www.brooonzyah.net/vb/) { أن من قرأ حرفاً واحداً منه كان له به عشر حسنات} [رواه الترمذي والدارمي وصححه الألباني في الصحيحة:2327]. وأن من قرأه وهو يتعتع فيه فله أجران، ومن كان ماهراً به كان من السفرة الكرام البررة من الملائكة يوم القيامة [متفق عليه]، وأن قارئ القرآن الحافظ له يقال له يوم القيامة: {اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها} [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع:8122]. فلا يزال يرقى في منازل الجنة حتى ينتهي آخر حفظه، وهذه منزلة عظيمة ليست لأحد إلا لحافظ القرآن.
ولما كان هذا فضل حفظ القرآن فإني أحببت أن أضع بين يدي إخواني منتديات تحوى على العديد من المتشابهات وإختبارات القرآن وكتب المتشابهات التي تساعدهم في حفظ القرآن ولينالوا هذه المنزلة العظيمة أو بعضاً منها، وما لا يدرك كله فلا بأس بإدراك بعضه أو جلّه، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
http://khaledabdelnaser.forumr.net (http://khaledabdelnaser.forumr.net/)
لا تبخلوا علينا بتسجيلكم فى هذه المنتديات وتشاركوا فى نجاح هذه المنتديات بموضوعاتكم وأرائكم.
http://www.samygames.com/forumim/nehaya/sdfgsgsdf.gif
ـ[خالد عبدالناصر]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:16 م]ـ
http://www.samygames.com/forumim/slambasmla/sdfsdfsdf.gif
http://www.samygames.com/forumim/worood/1/jklhjhjkh.gifhttp://www.samygames.com/forumim/worood/1/jklhjhjkh.gifhttp://www.samygames.com/forumim/worood/1/jklhjhjkh.gifhttp://www.samygames.com/forumim/worood/1/jklhjhjkh.gif
السؤال الأول
أكتب من قول الله تعالى " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ" إلى قول الله تعالى " بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ".
السؤال الثانى
أذكر المواضع التى ورد فيها لفظ " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ " مع ذكر أسم السورة وآيتين قبلهم.
أكتب آخر أربع آيات فى الجزء الثامن عشر وأول أربع آيات فى الجزء التاسع عشر.
السؤال الثالث
وردت هذه الأفعال " بَصُرْتُ، يُبَصَّرُونَهُمْ، أَبْصَرَ، أَبْصَرْنَا، تُبْصِرُ، تُبْصِرُونَ، يُبْصِرُ، أَبْصِرْ، أَبْصِرْهُمْ، يُبْصِرُونَ " فى عدة آيات أذكر هذه الآيات وأذكر أسم السورة وآية قبلها
لمزيد من الإختبارات زورونا تجدوا مايسركم
http://khaledabdelnaser.forumr.net (http://khaledabdelnaser.forumr.net/)
إعداد الفقير إلى عفو ربه الراجى رحمته
أبوسليمان
خالد عبدالناصر
020120214262
khaled_5k@yahoo.com
khaledabdelnaser@gmail.com
ـ[خالد عبدالناصر]ــــــــ[25 - 05 - 10, 02:14 ص]ـ
http://www.samygames.com/forumim/slambasmla/bsmnb5d.gif
السؤال الأول
أكتب من قول الله تعالى " قُلْ سِيرُوا " إلى قول الله تعالى " وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
أكتب من قول الله تعالى " وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " إلى قول الله تعالى " وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ".
أكتب من قول الله تعالى " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ " إلى قول الله تعالى " غَفُورٌ رَحِيمٌ ".
السؤال الثانى
أذكر المواضع التى ورد فيها لفظ " عَدُوٌّ مُبِينٌ " مع ذكر الآية كاملة وذكر أسم السورة وآيتين قبلهم.
أذكر المواضع التى ورد فيها لفظ " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ " مع ذكر الآية كاملة وذكر أسم السورة وآيتين قبلهم.
السؤال الثالث
وردت هذه الأفعال " عَجِبْتَ، عَجِبْتُمْ، عَجِبُوا، تَعْجَبْ، تَعْجَبُونَ، تَعْجَبِينَ، أَعْجَبَ، أَعْجَبَكَ، تُعْجِبْكَ، يُعْجِبُ " فى عدة آيات أذكر هذه الآيات وأذكر أسم السورة وآية قبلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/411)
ـ[خالد عبدالناصر]ــــــــ[26 - 05 - 10, 09:37 م]ـ
منتديات خالد عبدالناصر للمتشابهات وإختبارات القرآن الكريم تقدم
إختبار رقم 2
السؤال الأول
أكتب من قول الله تعالى " وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا " إلى قول الله تعالى " غَفُورٌ رَحِيمٌ ".
السؤال الثانى
أذكر المواضع التى ورد فيها لفظ " بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ " مع ذكر الآية كاملة وذكر آيتين قبلها وآيتين بعدها وأسم السورة.
السؤال الثالث
كم مرة تكرر لفظ " جَاءَ أَجَلُهُمْ " مع ذكر الآية كاملة وذكر أسم السورة وآيتين قبلهم.
ـ[أبو حوّاء]ــــــــ[27 - 05 - 10, 03:37 م]ـ
لم نجب على هذا الاختبار
ولا على سابقه!
ربما هناك صعوبة شيخ خالد في الأسئلة؟!
أو إننا لسنا من أهل القرآآآن؟
وياخوفي من الأخيرة ..
..
ـ[خالد عبدالناصر]ــــــــ[28 - 05 - 10, 05:22 م]ـ
السؤال الأول
قال الله تعالى " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23) " سورة يونس
السؤال الثانى
1) قال الله تعالى " file:///C:/DOCUME%7E1/admin/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot.png قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) " المائدة
2) قال الله تعالى " أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) " سورة الأعراف
3) قال الله تعالى " قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) "
4) قال الله تعالى " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) " الشعراء(19/412)
بحث على مكان لتعليم القرآن العظيم
ـ[أبو مصعب الريفي]ــــــــ[20 - 05 - 10, 04:29 م]ـ
إخوتي الكرام،
إنّي أخ مغربي ساكن في فرنسا، و أريد الخروج إلى تعليم القرآن، فأبحث على مكان جيّد أتعلّم القرآن فيه في مدينة تطوان أو مدينة طنجه، فهل يوجد من يعينني و يأتيني بالخبر.
أعان الله من أعان أخاه
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:05 ص]ـ
تواصل مع معهد الإمام الشاطبي بالمملكة عبر الإنترنت
فهم يسجلونك ولديهم حصص إلكترونية وشهادات
http://www.shatiby.edu.sa/
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 08:11 ص]ـ
اخي الكريم، بدأت اليوم مشروعا لحفظ القرآن
فاذا اردت ان تبدأ بالحفظ معي فمرحبا
هذا هو رابط الموضوع: بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211537)
ـ[أبو مصعب الريفي]ــــــــ[21 - 05 - 10, 12:42 م]ـ
تواصل مع معهد الإمام الشاطبي بالمملكة عبر الإنترنت
فهم يسجلونك ولديهم حصص إلكترونية وشهادات
http://www.shatiby.edu.sa/
السلام عليك،
بارك الله فيك، و لكن أخي العزيز، هل هذا الموقع موقع المعهد الشاطبي الذي يوجد بمدينة تطوان؟ لأن كأنّه هذا المعهد بمدينة جدّة في السعودية.
ـ[أبو مالك الأثري السلفي]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:19 م]ـ
ابحث في هذا الموقع http://www.ahlelquran.com/
وفقكم الله
ـ[أبو مالك الأثري السلفي]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:20 م]ـ
وهذا رابط البحث
http://www.ahlelquran.com/Quran_search.asp?id=10
ـ[إسماعيل الشرقاوي]ــــــــ[26 - 05 - 10, 03:15 ص]ـ
تصحيح التلاوة وتعلم القرآن بإذن الله
أخوكم إسماعيل الشرقاوي المجاز بالقراءات العشر وكتب السنة،
وأستاذ القرآن الكريم بالأزهر الشريف ومعهد الدعوة والدراسات الإسلامية بالإسكندرية
على سكاي بي ,وبنفس المعرف على الهوت ميل والماسنجر Elsharkawe1427
ـ[حمادي عبدالسلام]ــــــــ[26 - 05 - 10, 05:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم هنيئا لك وجزيت خيرا على قصدك النبيل، فخيركم من تعلم القرآن وعلمه،
فاذا كنت تريد حفظ القرآن الكريم في المغرب، فعليك بهذه الأماكن:
ـ دار القرآن،معهد الشاطبي طنجة
ـ دار القرآن مسجد عمر بن الخطاب طنجة
ـ دار القرآن مسجد الموحدين طنجة
ـ جمعية التوعية والإحسان سابقا، معهد الإمام مالك الخاص للتعليم العتيق، تطوان
ـ معهد الإمام الشاطبي تطوان
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه آمين.(19/413)
مصحف المنشاوي برواية الدوري المسجل عام سنة 1963م متى يرى النور من الإذاعة
ـ[عز الدين مراد]ــــــــ[20 - 05 - 10, 11:40 م]ـ
مصحف المنشاوي برواية الدوري المسجل عام سنة 1963م متى يرى النور من الإذاعة
(المشترك مع الشيخ البهتيمي وفؤاد العروسي)
كتب ذلك الدكتور لبيب السعيد في كتابه
الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم _طبع في دار الكتاب العربي بالقاهرة سنة 1387هـ
ممكن أحد الأخوة من أبناء القاهرة يشتري الكتاب ويتأكد بنفسه
نقلاً من منتدى ملتقى أهل التفسير
ونقلاً من موقع الدكتور
د. محمد شرعي أبو زيد
http://www.sharei.net/J_quran/ch5/004.htm
http://www8.0zz0.com/2010/05/16/14/733336134.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www8.0zz0.com/2010/05/16/14/578645059.jpg (http://www.0zz0.com)
مصحف المنشاوي برواية الدوري المسجل عام سنة 1963م متى يرى النور من الإذاعة
(المشترك مع الشيخ البهتيمي وفؤاد العروسي)
من المعروف أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يملك كل هذه التسجيلات حتى و إن كانت تسجل باستوديوهات الإذاعة لان المجلس لا يملك استوديوهات
ومن هذه التسجيلات الكثير لم يرى النور ومنها أخذ حق إذاعته ونشره وطباعته لشركة صوت القاهرة
والدليل أن مصاحف الحصري ورش وقالون والدوري كانت تباع في الستينيات بفروع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وكان لدي كتاب قديم للمجلس به إعلان عن بيع هذه المصاحف
لكن الآن تباع فقط بصوت القاهرة
وقيل أن الشيخ الحصري أعطى صوت القاهرة حق طباعة وتوزيع هذه المصاحف لذلك لا تباع الآن بالمجلس
عدا أول مصحف للحصري الذي يذاع بالإذاعة يباع بالمجلس
وهذه المعلومة حصلت عليها من احد العاملين سابقاً بقسم القرآن بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية
المهم أن هذه التسجيلات الآن بحوزة الإذاعة المصرية
وهذا جزء من البحث
· هذا جزء من بحث قام به أحد أساتذة التفسير و علوم القرآن وحصل به على رسالة الماجستير وكان موضوع الرسالة (جمع القرآن) جمع القرآن من العصر النبوي إلى العصر الحديث ومنه الجمع الصوتي للقرآن وهو بحث موثق طبعاً
وهو الشيخ: د. محمد شرعي أبو زيد
اسم البحث: جمع القرآن
بحثًا قام به للحصول على درجة الماجستير في الشريعة - تخصص التفسير وعلوم القرآن في جامعة الكويت، وقد تمت مناقشته في شهر شوال من سنة 1419 هـ، الموافق لشهر شباط (فبراير) 1999م.
بتقدير: امتياز
ولقد اعتمد الباحث في بحثه على صاحب مشروع و فكرة الجمع الصوتي للقرآن الأستاذ لبيب سعيد من كتابه الجمع الصوتي للقرآن (المصحف المرتل)
الباب الخامس
الفصل الأول
مشروع الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم
تنفيذ الجمع الصوتي الأول
رواية حفص عن عاصم
رواية الدوري عن أبي عمرو بن العلاء
المصاحف الأخرى المسجلة برواية حفص عن عاصم
المصاحف المجودة برواية حفص عن عاصم
رواية ورش عن نافع المدني
بقية روايات القراء العشرة
المبحث الرابع: قيمة الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم
تنفيذ الجمع الصوتي الأول
· دعا صاحب المشروع ثلاثة من أشهر القراء وعلماء القراءة للبدء في التسجيل، وهم الشيخ محمود خليل الحصري، وكان وقتئذٍ وكيل مشيخة المقارئ المصرية، واتُّفِق على أن يسجل القرآن برواية حفص عن عاصم، والشيخ مصطفى المواني، وكان شيخ إحدى المقارئ بوزارة الأوقاف، وكان عالمًا حاذقًا في القراءات، واتُّفِق على أن يسجل رواية خلفٍ عن حمزة، والشيخ الأستاذ عبد الفتاح بن عبد الغني القاضي، واتُّفِق على أن يسجل رواية ابن وردان عن أبي جعفر، مع الإشراف الفني على التسجيلات.
رواية حفص عن عاصم
· في أوائل سنة 1379هـ، وبعد مفاوضات كثيرة، والتغلب على المعوقات المالية بدأ الشيخ محمود خليل الحصري في تسجيل رواية حفص عن عاصم، بإشراف اللجنة الأولى التي شكلت للإشراف على التسجيل وكان ذلك التسجيل برواية حفص عن عاصم من طريق الفيل عن عمرو بن الصَّبَّاح، على ما أوضحه المعدِّل في كتاب الروضة
ومضى العمل في تسجيل رواية حفص بصوت الشيخ الحصري، وقد اقتضى العمل جهدًا كبيرًا من جانب القارئ مع امتيازه، وكونه إذ ذاك قد أصبح شيخ المقارئ المصرية، وكذلك من اللجنة التي كانت تستوقف الشيخ الحصري كثيرًا، ليعيد التسجيل على النحو النموذجي المطلوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/414)
وانتهى التسجيل في أواسط سنة 1960م، وبدأ الطبع في شهر أيَّار (مايو) من السنة نفسها، وظهرت الطبعة الأولى بعد عام كامل تقريبًا في شهر تمُّوز (يوليو) من سنة 1961م.
رواية الدوري عن أبي عمرو بن العلاء
· في عام 1962م بدأ القائمون على ذلك المشروع تسجيل القرآن برواية حفص الدوري، وهي الرواية الأكثر ذيوعًا في السودان، وتشاد، ونيجيريا، وأواسط إفريقية بصفة عامة.
وقد كان البدء بتسجيل هذه الرواية تلبية لرغبة عدد من علماء البلاد التي تنتشر فيها تلك الرواية، خاصة وأن المصاحف المكتوبة برواية الدوري عن أبي عمرو عزيزة المنال.
وتولى تسجيل هذه القراءة ثلاثة من المشايخ القراء، هم: الشيخ فؤاد العروسي، والشيخ محمد صديق المنشاوي، والشيخ يوسف كامل البهتيمي. وقد كان التسجيل في تلك المرة لثلاثة من القراء، دفعًا لملل السامعين، واستفادة من أكبر عدد من أصحاب المواهب.
وانتهى تسجيل رواية الدوري عن أبي عمرو في جمادى الأولى سنة 1383هـ الموافق لشهر أيلول (سبتمبر) من سنة 1963م.
وقد سُجِّل مصحفٌ آخر برواية الدوري عن أبي عمرو بصوت الشيخ الحصري، ولكنه لم يشتهر، ولا أدري إن كان قد راجعته لجنة علمية أم لا.
المصاحف الأخرى المسجلة برواية حفص عن عاصم
· في أواخر سنة 1963م رغبت وزارة الأوقاف المصرية في تسجيل القرآن مرات أخرى برواية حفص عن عاصم، بصوت عدد من كبار القراء، لأن عامة هؤلاء القراء كانوا يرغبون في البدء بتسجيل رواية حفص أولاً، ولما كان هذا العمل لا يخلو من فائدة، وهي تسجيل بقية الطرق التي رويت عن حفص، فقد خطط صاحب المشروع لتسجيل رواية حفص بغير الطريق الذي تم به التسجيل الأول.
وكانت هذه آخر أخبار صاحب المشروع، مِمَّا دوَّنه في كتابه (الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم - أو المصحف المرتل)، وليس لدي ما يدل على أنه قد شارك في التسجيلات الأخرى.
· وقد تم بالفعل تسجيل رواية حفص عن عاصم بطرق مختلفة عدة مرات في الإذاعة المصرية، وتحت إشراف لجنة المراجعة فيها، وذلك بأصوات كل من:
1. الشيخ محمود خليل الحصري
2. الشيخ مصطفى إسماعيل.
3. الشيخ محمد صديق المنشاوي.
4. الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد.
5. الشيخ محمود علي البنا.
6. الشيخ محمود صديق المنشاوي.
7. الشيخ علي حجاج السويسي.
8. الشيخ الشحات محمد أنور.
9. الشيخ أحمد محمد عامر.
10. الشيخ أحمد نعينع.
· كما تم تسجيل مصحفين برواية حفص عن عاصم بالاتفاق بين الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ووزارة الحج والأوقاف (المشرفة على مجمع الملك فهد بالمدينة النبوية لطباعة المصحف الشريف) بإشراف لجنة مراجعة المصاحف في المجمع المذكور، وذلك بصوت الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي، والشيخ إبراهيم الأخضر، الإمامين بالحرم النبوي الشريف، والمدرسين بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
المصاحف المجودة برواية حفص عن عاصم
كما سجلت مصاحف في الإذاعة المصرية، وتحت إشراف لجنة المراجعة فيها أربعة مصاحف مجودة، وجميعها برواية حفص عن عاصم أيضًا، بأصوات كل من:
1. الشيخ محمود خليل الحصري.
2. الشيخ مصطفى إسماعيل.
3. الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد.
4. الشيخ محمود علي البنا.
رواية ورش عن نافع المدني
وقد سُجِّلت أيضًا في الإذاعة المصرية تسجيلات برواية ورش عن نافع بن عبد الرحمن المدني، وذلك بصوت كل من:
1. الشيخ محمود خليل الحصري.
2. الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد.
وهي الرواية المنتشرة في بلاد المغرب العربي، في بعض نواحي ليبيا وتشاد، وفي تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وهي -كما مرَّ قريبًا- الرواية التي كان لَها الانتشار في القرون الأولى في مصر، ومنها انتشرت إلى تلك البلدان.
بقية روايات القراء العشرة
هذا، وقد سُجِّلت أيضًا في بعض البلدان بعض روايات الأئمة، فسُجِّلت رواية قالون عن نافع، وكذلك رواية البزي عن ابن كثير، ورواية خلف عن حمزة، إلا أن هذه التسجيلات لم تحظ بالمراجعة العلمية المطلوبة، فوجد فيها أخطاء لا تستحق معها أن تدرج مع المصاحف المتقنة السابقة، فلذا تركت تفصيل أمرها.
وكما هو ظاهرٌ، ما زال للمشروع تكملة، فما زالت الكثير من الروايات لم تُسَجَّل حتى الآن، كما أن التسجيلات التي حصلت لم تستوف جميع الطرق الواردة، حتى عن حفص، رغم كثرة التسجيلات برواية حفص، فقد بلغت طرقه في كتاب النشر في القراءات العشر لابن الجزري اثنين وخمسين طريقًا
انتهى الإقتباس من البحث
وهنا نتساءل لماذا لا يطبع هذا المصحف
لماذا لم يحاول الشيخ محمود صديق المنشاوي و أولاود الشيخ محمد الحصول عليه
وكنت قرأت بمنتدى قراء القرآن أن الشيخ محمود لديه الكثير من النوادر لحفلات أخيه محمد لم ترى النور
ولا اعرف هل هذه المعلومة صحيحة ام لا(19/415)
بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 08:06 ص]ـ
اخواني (بارك الله فيكم)
وضعت قبل فترة موضوع
طريقة لحفظ القرآن في اقل من سنة (43 اسبوعا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211068)( اضغط على الرابط)
وموضوع: هل تريد ان تحافظ على وردك اليومي من القرآن (خطوة صغيرة لكن فعالة)؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211291) ( اضغط على الرابط)
وهما موضوعان يكمل الاول الاخر
فاردت ان أبدأ بحفظ القرآن، فوجدتني التزم يوما واقصر ايام
فقلت في نفسي: لا ينفع مع هذه النفس الحرون الا ان آطرها على الحق اطرا
فقررت ان اضع جدول الحفظ ههنا في ملتقى اهل الحديث، لعلي اجد من يحفظ معي
فالزم نفسي الزاما ان تحفظ وتراجع ولا تجمجم وترجع القهقرى
(فهذه دعوة عامة لمن يريد ان يحفظ القرآن في عام، ويرى في نفسه القدرة على ذلك)
وسيكون مجال نقاشنا هنا في ثلاث قضيايا:
القضية الاولى: برنامج الحفظ
القضية الثانية: كتاب التفسير الميسر الذي سنقرأه
القضية الثالثة: الشيخ المتقن الذي سنسمع له
القضية الاولى: برنامج الحفظ
برنامج الحفظ ساضعه بعد قليل: وهو برنامج المعدل الذي دار حوله النقاش في الموضوع الاول
ولكن الفرق بين هذا البرنامج والسابق، ان البرنامج السابق وضعت فيه عدة خيارات للذي يريد
ان يحفظ، ولكن البرنامج الجديد ليس فيه الا خيار واحد، ولا مجال للنقاش فيه لاني لو فتحت باب
النقاش لن ننتهي
القضية الثانية: كتاب التفسير
هناك ثلاثة كتب مطروحة للنقاش (التفسير الميسر، ايسر التفاسير، السعدي)
والكتاب الذي سنختاره سنفسر منه كل يوم مقرر الحفظ
القضية الثانية: الشيخ المتقن
سنختار اما: الشيخ مشاري، او الشاطري، سعد الغامدي (وهذه مسألة اختيارية)
ولكن من ناحية نفسية ستكون افضل
اما موعد الحفظ فهو غدا السبت: وساضع بعد قليل برنامج الحفظ
اما عن كيفية الحفظ فراجع الموضوعين اعلاه
وهنا ملاحظة: ان مقدار الحفظ يوضع قبل يوم من الحفظ
بدأ القطار بالسير فهل من مسافر؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 08:26 ص]ـ
البرنامج يعتمد على تحزيب القرآن على سبعة آيام (تحزيب الصحابة) وهو كالتالي:
السبت:) الفاتحة 2) البقرة 3) آل عمران 4) النساء
الاحد:) المائدة 6) الأنعام 7) الأعراف 8) الأنفال 9) التوبة
االاثنين:) يونس 11) هود 12) يوسف 13) الرعد 14) إبراهيم 15) الحجر 16) النحل
الثلاثاء:) الإسراء 18) الكهف 19) مريم 20) طه 21) الأنبياء 22) الحج 23) المؤمنون 24) النور 25) الفرقان
الاربعاء:) الشعراء 27) النمل 28) القصص 29) العنكبوت 30) الروم 31) لقمان 32) السجدة 33) الأحزاب 34) سبأ 35) فاطر 36) يس
االخميس) الصافات 38) ص 39) الزمر 40) غافر 41) فصلت 42) الشورى 43) الزخرف 44) الدخان 45) الجاثية 46) الأحقاف 47) محمد 48) الفتح 49) الحجرات
الجمعة أجزاء (ق، المجادلة، تبارك،عم)
يتبع ... الجدول مع التاريخ
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 09:16 ص]ـ
جدول الحفظ
أولا: سورة البقرة تؤجل الى آخر اربعة اسابيع
ثانيا: كل اسبوعين نحفظ 28 صفحة (بمعدل صفحتين في اليوم)
ثالثا: اول اسبوعين من حزب المفصل (ق الى الحشر)
والاسبوعين التاليين من حزب البقرة (سورة آل عمران) .. وهكذا حتى الاسبوع الخامس عشر
وفي الاسبوع السادس عشر نعود على حزب المفصل
رابعا: كل جولة اسبوعان تبدأ من يوم السبت وتنتهي يوم الجمعة
وكل دورة اربعة عشر اسبوعا
لاحظ ان بين كل تاريخ والذي يليه اربعة عشر يوما
وهذا هو الجدول:
الدورة الاولى
22/ 05/2010 (غدا) من سورة ق الى الحشر
05/ 06/2010 سورة آل عمران
19/ 06/2010 سورة المائدة
03/ 07/2010 يونس، هود
17/ 07/2010 من الاسراء الى مريم
31/ 07/2010 من الشعراء الى القصص
14/ 08/2010 من الصافات الى غافر
الدورة الثانية
28/ 08/2010 من الممتحنة الى المزمل
11/ 09/2010 سورة النساء
25/ 09/2010 سورة الانعام
09/ 10/2010 من يوسف الى ابراهيم
23/ 10/2010 من طه الى الحج
06/ 11/2010 من العنكبوت الى السجدة
20/ 11/2010 من فصلت الى الجاثية
الدورة الثالثة
04/ 12/2010 من المدثر الى الناس
18/ 12/2010 سورة الاعراف
01/ 01/2011 من الحجر الى النحل
(حزب يونس كمل)
15/ 01/2011 من المؤمنون الى الفرقان
(حزب الاسراء كمل)
29/ 01/2011 من الاحزاب الى يس
(حزب الشعراء كمل)
12/ 02/2011 من الصافات الى الحجرات
(حزب الصافات كمل)
26/ 02/2011 من الانفال الى التوبة
(حزب المائدة كمل)
الدورة الرابعة (سورة البقرة فقط)
12/ 03/2011 سورة البقرة من 1 - 28
26/ 03/2011 سورة البقرة من 28 - نهاية السورة
ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير
اللهم إني أسألك الثبات على الأمر، والعزيمة على الرُّشْد، وأسألك شُكر نعمتك، وأسألك حُسْن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً، وأسألك لِساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تَعْلَم، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/416)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 09:26 ص]ـ
أما بالنسبة للمراجعة فهو نفس التحزيب اعلاه، فبهذا التحزيب تختم كل جمعة
وراجع هذا الموضوع هل تريد ان تحافظ على وردك اليومي من القرآن (خطوة صغيرة لكن فعالة)؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211291)( اضغط على الرابط)
السبت:) الفاتحة 2) البقرة 3) آل عمران 4) النساء
الاحد:) المائدة 6) الأنعام 7) الأعراف 8) الأنفال 9) التوبة
االاثنين:) يونس 11) هود 12) يوسف 13) الرعد 14) إبراهيم 15) الحجر 16) النحل
الثلاثاء:) الإسراء 18) الكهف 19) مريم 20) طه 21) الأنبياء 22) الحج 23) المؤمنون 24) النور 25) الفرقان
الاربعاء:) الشعراء 27) النمل 28) القصص 29) العنكبوت 30) الروم 31) لقمان 32) السجدة 33) الأحزاب 34) سبأ 35) فاطر 36) يس
االخميس) الصافات 38) ص 39) الزمر 40) غافر 41) فصلت 42) الشورى 43) الزخرف 44) الدخان 45) الجاثية 46) الأحقاف 47) محمد 48) الفتح 49) الحجرات
الجمعة أجزاء (ق، المجادلة، تبارك،عم)
أما اذا لم تسطع على ذلك صبرا فعلى الاقل ان تقرأ ما حفظته ولا تفرط فيه ابدا
ـ[براءة]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أنا حافظة للقرآن لكني سأمشي معكم بهذا الجدول حتى أصل إلى مستوى مراجعة القرآن كل أسبوع مرة
بارك الله فيكم
ـ[بن الصلاح الشنقيطى]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:14 م]ـ
معكم بإذن الله تعالى
ـ[بن الصلاح الشنقيطى]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:20 م]ـ
ذكر الشيخ عبدالكريم الخضير تفسير الشيخ فيصل آل مبارك وقال انه تفسير ماتع وسهل وقال أيضا بأن الشيخ قد رتبه على أيام السنه يعنى كل يوم درس.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:23 م]ـ
الاخت براءة / الاخ بن صلاح
بارك الله فيكما
ومن اجل ان لا نضيع الوقت
سنعتمد التفسير الميسر باذن الله
غدا السبت مقرر الحفظ هو من سورة ق
صفحة 518 وصفحة 519
وساضعما في المشاركة اللاحقة
لاقسمهما الى خمسة اقسام
واضع التفسير عليها باذن الله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:24 م]ـ
ذكر الشيخ عبدالكريم الخضير تفسير الشيخ فيصل آل مبارك وقال انه تفسير ماتع وسهل وقال أيضا بأن الشيخ قد رتبه على أيام السنه يعنى كل يوم درس.
حسن هل عندك رابط له
ام ابحث عنه في الشبكة
ـ[بن الصلاح الشنقيطى]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:27 م]ـ
لا. ماعندى رابط الكتاب
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:29 م]ـ
لا. ماعندى رابط الكتاب
وجدته بارك الله فيك
صفحة الشيخ على صيد الفوائد اضغط هنا ( http://www.saaid.net/Doat/almubarak/index.htm)
ـ[براءة]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:30 م]ـ
وجدت رابط تنزيل الكتاب هنا
http://www.mediafire.com/?g0j0ktzmyk0
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:34 م]ـ
سورة ق
بسم الله الرحمن الرحيم
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِك
َ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ
حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيج
ٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا
وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ
وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ
مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ
وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10)
رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ
لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
(14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)
(518)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/417)
________________________________________________
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ
(17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ
يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ
كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
(22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ
عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا
آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ
وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
(32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا
بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
(519)
_______________________________________________
الصفحتان نفس ترتيب مصحف المدينة
ساقسمهما الى خمسة اقسام
واضع التفسير تحت كل قسم (للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:39 م]ـ
وجدت رابط تنزيل الكتاب هنا
http://www.mediafire.com/?g0j0ktzmyk0
بارك الله فيك
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:42 م]ـ
القسم الاول (ورد الفجر) من الاية 1 - 5
سورة ق
بسم الله الرحمن الرحيم
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِك
َرَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ
حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيج
ٍ (5)
____________________________________________
التفسير
عن سعيد بن جبير: ? ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ?، يقول: والقرآن الكريم، ? بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ ?، قال البغوي: يعرفون نسبه وصدقه وأمانته، ? فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ? غريب، ? أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ?، قال الضحاك: قالوا: كيف يحيينا الله وقد صرنا عظامًا ورفاتًا وضللنا في الأرض؟ وعن ابن عباس قوله: ? قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ?، يقول: ما تأكل الأرض من لحومهم وأبصارهم وعظامهم وأشعارهم، ? وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? قال البغوي: وهو اللوح المحفوظ. وقال ابن كثير: ? وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? وحافظ لذلك، فالعلم شامل والكتاب أيضًا فيه كل الأشياء مضبوطة. وعن قتادة: ? بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ ?، أي: كذبوا بالقرآن، ? فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ?، يقول: فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس، لا يعرفون حقه من باطله،
ـ[بن الصلاح الشنقيطى]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:42 م]ـ
وجدت رابط تنزيل الكتاب هنا
http://www.mediafire.com/?g0j0ktzmyk0
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:51 م]ـ
القسم الثاني (ورد الظهر) من الآية 6 - 11
(5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا
وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ
وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ
مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ
وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10)
رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)
_______________________________________
التفسير
? أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ?، أي: ليس فيها شقوق، كقوله تعالى: ? فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ?. ? وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا ? أي: بسطناها ? وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ? قال قتادة: والرواسي الجبال ? وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ? أي: من كل نوع حسن.
وعن قتادة: قوله: ? تَبْصِرَةً ? نعمة من الله يبصرها العباد، ? وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ?، أي: مقبل إلى الله بقلبه، ? وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ ? بساتين، ? وَحَبَّ الْحَصِيدِ ? قال ابن جرير: من البر والشعير وسائر أنواع الحبوب. وعن ابن عباس قوله: ? وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ?، قال: النخل الطوال ? لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ? يقول: بعض على بعض، ? رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ? أي: كما أحيينا الأرض بعد موتها كذلك نحيي الموتى بعد ذهابهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/418)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 03:55 م]ـ
القسم الثالث (ورد العصر) من 12 - 18
(11) كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ
لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
(14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)
(518)
________________________________________________
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ
(17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
__________________________________________________ ___________________
التفسير
? كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ? قال البغوي: وجب لهم عذابي. ثم أنزل جوابًا لقولهم:? ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ?، ? أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ? يعني: أعجزنا حين خلقناهم أولاً فنعيا بالإعادة؟ وهذا تقريع لهم لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث ? بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ ?، أي: في شك ? مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ? وهو البعث بعد الموت. قال قتادة: فصار الناس فيه رجلين: مكذب ومصدق.
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ? وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ? ما تحدث به نفسه، فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه ? وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ?، قال مجاهد: هو الذي يكون في الحلق. قال البغوي: لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضًا، ولا يحجب علم الله شيء. ? إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ?، قال مجاهد: رصيد، عن اليمين الذي يكتب الحسنات، وعن الشمال الذي يكتب السئات. قال سفيان: بلغني أن كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات، فإذا أذنب قال له: لا تعجل لعله يستغفر.
وقال ابن زيد في قوله: ? مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ?، قال: جعل معه من يكتب كل ما لفظ به، وهو معه رقيب. قال البغوي: رقيب: حافظ. عتيد: حاضر أينما كان.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:00 م]ـ
القسم الرابع (ورد المغرب) 19 - 26
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ
يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ
كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
(22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ
عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا
آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)
__________________________________________________ ________
التفسير
وعن أبي وائل قال: لما كان أبو بكر رضي الله عنه يقضي قالت عائشة رضي الله عنها: هذا كما قال الشاعر: إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر. وقال أبو بكر رضي الله عنه: لا تقولي ذلك، ولكنه كما قال عز وجل: ? وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ?. وعن عثمان رضي الله عنه أنه خطب فقرأ هذه الآية: ? وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ?، قال: سائق يسوقها إلى الله، وشاهد يشهد عليها بما عملت. وعن قتادة: قوله: ? لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ ?، قال: عاين الآخرة ? فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ?، قال ابن كثير: أي: قوي، قال الله تعالى: ? أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ?، وقال ابن زيد في قوله: ? وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/419)
مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ? إلى آخر الآية، قال: هذا سائقه الذي وكل به.
وقال ابن كثير: ? هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ?، أي: معد محضر بلا زيادة ولا نقصان. واختار ابن جرير أن يعم السائق والشهيد. قال مجاهد يقول: هذا الذي وكلتني به من ابن آدم حاضر عندي، وقد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله.
وقوله تعالى: ? أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ?، قال الزجاج: هذا أمر للسائق والشهيد.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:03 م]ـ
القسم الخامس والاخير (ورد العشاء) من الآية 27 - 519
قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ
وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
(32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا
بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
(519)
_______________________________________________
التفسير
وعن ابن عباس: ? قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ?، قال: قرينه: شيطانه. قال ابن زيد: تبرأ منه. وعن ابن عباس في قوله: ? لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ?، قال: إنهم اعتذروا بغير عذر، فأبطل الله حجتهم ورد عليهم قولهم. وقال أبو عمران في قول الله: ? وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ?، قال: بالقرآن. وعن مجاهد قوله: ? مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ? قد قضيت ما أنا قاض، ? وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ?. وعن ابن عباس قوله:? يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ?؟ قال ابن عباس: إن الله الملك تبارك وتعالى قد سبقت كلمته: ? لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ? فلما بعث الناس وأحضروا، وسيق أعداء الله إلى النار زمرًا، جعلوا يقتحمون في جهنم فوجًا فوجًا، لا يلقى في جهنم شيء إلا ذهب فيها، ولا يملأها شيء، قالت: ألست قد أقسمت لتملأني من الجنة والناس أجمعين؟ فوضع قدمه، فقالت حين وضع قدمه فيها: قد قد فإني قد امتلأت فليس لي مزيد؛ ولم يكن يملأها شيء حتى وجدت مس ما وضع عليها، فتضايقت حين جعل عليها ما جعل فامتلأت، فما فيها موضع إبرة. وعن قتادة: قوله: ? وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ? يقول: وأدنيت ? غَيْرَ بَعِيدٍ ?، ? هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ? قال قتادة: أي: مطيع لله كثير الصلاة ? حَفِيظٍ ? لما استودعه الله من حقه ونعمته. وقال ابن زيد: الأواب: التواب الذي يؤوب إلى طاعة الله ويرجع إليها؛ ? مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ? قال قتادة: أي: منيب إلى ربه مقبل ? ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ? قال: سلموا من عذاب الله وسلم عليهم. ? ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ? خلدوا والله فلا يموتون، وأقاموا فلا يظعنون ونعموا فلا يبأسون؛ ? لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ?، قال أنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله الكريم.
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:19 م]ـ
بارك الله فيكم
معكم ان شاء الله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:21 م]ـ
بارك الله فيكم
معكم ان شاء الله
هل السرعة مناسبة بارك الله فيكم
ـ[براءة]ــــــــ[21 - 05 - 10, 06:03 م]ـ
عندي اقتراح:
الحفظ يريد متابعة، فيجب أن يسمع الورد اليومي للحفظ على شيخ متقن
هناك موقع مبارك اسمه: طريق الحقيقة، مركز العناية بالقرآن الكريم
http://www.factway.net/quran-care.php
أقترح من يريد أن يبدأ الحفظ أن يسجل فيه، فيلحقونه بإحدى حلقات التحفيظ
بهذه الحلقات يتم تسميع الورد اليومي الذي تم حفظه
هناك حلقات بها شيوخ للرجال وحلقات بها شيخات للأخوات
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 06:51 م]ـ
عندي اقتراح:
الحفظ يريد متابعة، فيجب أن يسمع الورد اليومي للحفظ على شيخ متقن
هناك موقع مبارك اسمه: طريق الحقيقة، مركز العناية بالقرآن الكريم
http://www.factway.net/quran-care.php
أقترح من يريد أن يبدأ الحفظ أن يسجل فيه، فيلحقونه بإحدى حلقات التحفيظ
بهذه الحلقات يتم تسميع الورد اليومي الذي تم حفظه
هناك حلقات بها شيوخ للرجال وحلقات بها شيخات للأخوات
موقع ممتاز .. سأجربه
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 06:58 م]ـ
للذين لم يقرأوا الموضوع في اول مشاركة ...
فكرة الموضوع ان تقوم قبل صلاة الفجر بساعة او نصف ساعة وتحفظ صفحتين من القرآن
وتكررهما حتى مطلع الفجر ...
وبعد صلاة الفجر تكررهما حتى طلوع الشمس ثم تقسمهما الى خمسة اقسام
قسم تكرره الى الظهر. . وقسم الى العصر .. وقسم الى المغرب .. وقسم الى العشاء ... وقسم بعد العشاء
وهكذا يكون حسب اوقات الفراغ
وان لم تستطع ان تقوم قبل الفجر .. .فلا تنم حتى تحفظ الصفحتين
ارجو من الاخوة الذين يريدون الحفظ ان يشاركونا بآرائهم .. وان يشجع بعضنا بعضا (فان هذا من التواصي بالصبر) وبارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/420)
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[21 - 05 - 10, 06:58 م]ـ
أسأل الله أن يوفقكم في حفظ القرآن.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:01 م]ـ
اثلجت صدري ايها البرقاوي
واسأل ان يكتب لك الاجر .. فالدال على الخير كفاعله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:10 م]ـ
بقي هناك ملاحظتان او سؤالان:
مَن القراء المتقنون الذين تنصحون بالاستماع اليهم؟
وكيف يمكن ان نتدارس ما تم حفظه؟ ا
ـ[بنت جامعة الإيمان]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:37 م]ـ
ما شاء الله على همة تسابق السحاب
وفقكم الله جميعا، وجزاء الله خيراً الأخ أبو فراس المهندس
وجعله الله في ميزان الحسنات
كنت أتمنى أن انضم اليكم، لكني لا استطيع ذلك
لإلتزامي بالحفظ مع منهج الجامعة
بدأنا من سورة الناس ونحن الأن في سورة النمل
لاتسونا من دعائكم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:40 م]ـ
بنت جامعة الايمان / وفقك الله
اذن افجعليها مراجعة وقراءة للتفسير
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أبو فراس وكتب لكم الاجر.
أحببت أن اضيف ملاحظة (من خلال تجربتي الشخصية) للاخوان الي تكلمو عن مسالة تشتيت الذهن بسبب التنقل من جزء الى آخر في الحفظ، انا فترة حفظي كنت اقوم بنفس طريقة الاخ ابو فراس لكن بتحزيب يختلف، كان اختياري شبه عشوائي، يعني اخذت اول جزء ومن الاجزاء الوسطى (الكهف مريم وطه مثلا) والاجزاء الاخيرة وكنت اتابع حفظي على هذه الطريقة ولم اجد أنها تبعد او تشتت بالعكس كان الانتقال يساعد. فأحفظ اجزاء لكن ليست كلها متتابعة، للاسف أني توقفت منذ فترة طويلة وإن شاء الله اني انظم اليكم تشجعت لوجود الاخت براءة ضمن المجموعة.
والله ولي التوفيق
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أبو فراس وكتب لكم الاجر.
أحببت أن اضيف ملاحظة للاخوان الي تكلمو عن مسالة تشتيت الذهن بسبب التنقل من جزء الى آخر في الحفظ، انا فترة حفظي كنت اقوم بنفس طريقة الاخ ابو فراس لكن بتحزيب يختلف، كان اختياري شبه عشوائي، يعني اخذت اول جزء ومن الاجزاء الوسطى (الكهف مريم وطه مثلا) ووالاجزاء الاخيرة وكنت اتابع حفظي على هذه الطريقة ولم اجد أنها تبعد او تشتت بالعكس كان الانتقال يساعد. فأحفظ اجزاء لكن ليست كلها متتابعة، للاسف أني توقفت منذ فترة طويلة وإن شاء الله اني انظم اليكم تشجعت لوجود الاخت براءة ضمن المجموعة.
بارك الله فيك
رفعت معنوياتي
ـ[براءة]ــــــــ[21 - 05 - 10, 07:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أبو فراس وكتب لكم الاجر.
أحببت أن اضيف ملاحظة للاخوان الي تكلمو عن مسالة تشتيت الذهن بسبب التنقل من جزء الى آخر في الحفظ، انا فترة حفظي كنت اقوم بنفس طريقة الاخ ابو فراس لكن بتحزيب يختلف، كان اختياري شبه عشوائي، يعني اخذت اول جزء ومن الاجزاء الوسطى (الكهف مريم وطه مثلا) ووالاجزاء الاخيرة وكنت اتابع حفظي على هذه الطريقة ولم اجد أنها تبعد او تشتت بالعكس كان الانتقال يساعد. فأحفظ اجزاء لكن ليست كلها متتابعة، للاسف أني توقفت منذ فترة طويلة وإن شاء الله اني انظم اليكم تشجعت لوجود الاخت براءة ضمن المجموعة.
سرني أنك انضممتِ إلينا اختي أم عمران، أسأل الله أن يجعل جمعنا مباركا ويعيننا على حفظ وتثبيت القرآن
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[21 - 05 - 10, 08:04 م]ـ
سرني أنك انضممتِ إلينا اختي أم عمران، أسأل الله أن يجعل جمعنا مباركا ويعيننا على حفظ وتثبيت القرآن
اللهم آمين
وأسأل الله أن يعين الجميع ويكتب الأجر لمن تقدم بهذا الموضوع.
ـ[براءة]ــــــــ[21 - 05 - 10, 08:16 م]ـ
بقي هناك ملاحظتان او سؤالان:
مَن القراء المتقنون الذين تنصحون بالاستماع اليهم؟
وكيف يمكن ان نتدارس ما تم حفظه؟ ا
أنا بإذن الله، سوف أضع أسئلة مراجعة كل ما ننهي من حفظ سورة
يعني عندما ننهي من حفظ سورة ق سأضع أسئلة وكل واحد فينا يحلها كتابيا ويقيم نفسه ويضع النتيجة هنا في الموضوع
أما عن القرآء فأقترح أن كل واحد يسمع لمن يحب من القرآء لا داعي أن نحدد قارئ معين، أنا أحب أن أسمع للقارئ مشاري العفاسي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/421)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 05 - 10, 09:27 م]ـ
اقتراح اخير:
اقترح ان يتم حفظ الصفحتين قبل النوم
وتكون المراجعة قبل الفجر مع القيام
وسيكون شعاري من هذه الليلة
" لن انام قبل ان احفظ ما علي من القرآن "
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:48 ص]ـ
مقرر الغد
اليوم: الاحد
التاريخ: 23/ 05/2010
مقرر الحفظ: صفحة 520 , و صفحة 521
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:04 ص]ـ
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي
الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ
لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا
مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
(41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا
نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ
عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
سورة الذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3)
فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)
***************************520******************** ****************
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ
أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
(11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا
فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
(16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
(18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ
لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ
وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ
تَنْطِقُونَ (23) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى
أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
(27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
(28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
(29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)
*************************521********************** ****************
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:10 ص]ـ
القسم الاول
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي
الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ
لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا
مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/422)
وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
_____________________________________________
التفسير
وقوله تعالى: ? وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ ?، قال مجاهد: عملوا. وعن قتادة: قوله: ? فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ?، قال: حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركًا. ? إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ?، قال بعض المفسرين: وفي الآية ترتيب حسن، لأنه إن كان ذا قلب ذكي يستخرج المعاني بتدبره وفكره فذاك، وإلا فلا بد أن يكون مستمعًا مصغيًا إلى كلام المنذر ليحصل له التذكر.
عن قتادة: قوله: ? وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ? الآية. أكذب الله اليهود والنصارى وأهل الفرى على الله، وذلك أنهم قالوا: أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السابع، وذلك عندهم يوم السبت وهم يسمونه يوم الراحة، قال: فأكذبهم الله وقال: ? وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ?، قال مجاهد: نصب.
وقال ابن زيد: لم يمسنا في ذلك عناء، ذلك اللغوب ? فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ?، قال قتادة: صلاة الفجر، وصلاة العصر. وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا جلوسًا عند النبي ? فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «أما إنكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا؛ - ثم قرأ -: ? وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ?». متفق عليه.
وقوله تعالى: ? وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ? أي: صل له ? وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ? قال ابن عباس: هو التسبيح بعد الصلاة. وعن قتادة:
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:12 ص]ـ
القسم الثاني
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
(41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا
نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ
عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
__________________________________________________ ___
التفسير
. وعن قتادة: ? وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ?، قال: كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض، قال بريدة: ملك ينادي يقول: يا أيها الناس هلموا إلى الحساب، قال فيقبلون كما قال الله: ? كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ?، ? يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ? قال البغوي: وهي الصيحة الأخيرة، ? ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ? من القبور ? إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ? فيه تهديد للكفار وتسلية للنبي ?. وعن قتادة: قوله: ? وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ? فإن الله عز وجل كره الجبرية ونهى عنها وقدم فيها. وعن ابن عباس قال قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت: ? فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ?، وكان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك، ويرجو موعودك يا بر يا رحيم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:14 ص]ـ
القسم الثالث
سورة الذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3)
فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)
***************************520******************** ****************
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/423)
أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
(11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا
فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
__________________________________________________ ___
التفسير
عن عليّ في قول الله تعالى: ? وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً ? قال: هي الرياح. قيل له: ما الْحَامِلاتِ وِقْراً؟ قال: هي السحاب. قيل: فما الْجَارِيَاتِ يُسْراً؟ قال: هي السفن. قيل: فما الْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً؟ قال: الملائكة. وعن قتادة: قوله: ? إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ?، وذلك يوم القيامة، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم. وعن ابن عباس: ? وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ ?، قال: ذات الخَلْق الحسن. وعن قتادة: قوله: ? إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ ?، قال: مصدّق بهذا القرآن ومكذّب. وقال ابن زيد: يتخرّصون يقولون: هذا سحر. ويقولون: هذا أساطير الأولين، فبأي قولهم يؤخذ؟ ? قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ?. وعن الحسن: ? يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ?، قال: يُصرف عنه من صُرف.
وعن ابن عباس: قوله: ? قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ?، يقول: لُعن المرتابون. وعن مجاهد: ? قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ?، قال: الذين يتخرّصون الكذب، ? الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ?، قلبه في كنانة. وقال ابن زيد: ? سَاهُونَ ?، عما أتاهم وعما نزل عليهم، وعما أمرهم الله تبارك وتعالى. وعن مجاهد: ? يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ?، يقولون: متى يوم الدين؟ ويكون يوم الدين، ? يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ?، كما يُفتن الذهب في النار. وعن ابن عباس: قوله: ? يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ?، قال: فتنهم أنهم سألوا عن يوم الدين وهم موقوفون على النار، ? ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ?، فقالوا حين وُقفوا: يا ويلنا هذا يوم الدين.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:17 ص]ـ
القسم الرابع
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
(16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
(18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ
لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ
وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ
تَنْطِقُونَ (23)
__________________________________________________
التفسير
قال الله تبارك وتعالى: ? هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ?. وعن قتادة: ? ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ?، ذوقوا عذابكم، ? هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ?.
قال البغوي: ? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ ?، ما أعطاهم. ? رَبُّهُمْ ? من الخير والكرامة. ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ ? قبل دخولهم الجنة. ? مُحْسِنِينَ ? في الدنيا. وعن ابن عباس: ? كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ?، قال: لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئًا. وقال الحسن: كابدوا قيام الليل ? وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ? قال: مدّوا في الصلاة ونشطوا، حتى كان الاستغفار بِسَحَرٍ. وعن ابن عباس في قوله تعالى: ? وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ?، قال: السائل الذي يسأل، والمحروم المحارف. وقال الضحاك: والمحروم هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب، قضى الله له ذلك. وعن قتادة:? وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ? هذان فقيرا أهل الإسلام: سائل يسأل في كفّه، وفقير متعفّف، ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم. وروى ابن جرير عن الزهريّ [أن النبي ?] قال: «ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان، والأكلة والأكلتان». قالوا: فمن المسكين يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يجد غنى ولا يعلم بحاجته فيتصدّق عليه، فذلك المحروم». وقال ابن زيد: المحروم: المصاب ثمره وزرعه، وقرأ: ? أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ ?، حتى بلغ: ? بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ?. وقال أصحاب الجنة: ? إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ?، وقال زيد بن أسلم: ليس ذلك بالزكاة، ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة؛ والمحروم الذي يصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته، فيكون له حقّ على من لم يصيبه ذلك من المسلمين. قال ابن جرير: والصواب أن الآية عامة في كلّ من حرم الرزق واحتاج.
وقوله تعالى: ? وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ?، قال قتادة: معتبر لمن اعتبر. وعن ابن الزبير: ? وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ?، قال: سبيل الخلاء والبول. وقال ابن زيد في قوله: ? وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ?، وقرأ: ? وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ? قال: وفينا آيات كثيرة هذا: السمع، والبصر، واللسان، والقلب يجعل الله فيه العقل. وعن الضحاك في قوله: ? وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ ?، قال: المطر. وقال مجاهد: الجنّة في السماء ? وَمَا تُوعَدُونَ ? من خيرٍ أو شرّ. وقيل: إن أرزاقكم في الدنيا، ? وَمَا تُوعَدُونَ ?، في العقبى كلّها مقدّرة مكتوبة في السماء. وعن الحسن في قوله: ? فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ? قال: بلغني أن رسول الله ? قال: «قاتل الله أقوامًا أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/424)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:23 ص]ـ
القسم الاخير
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى
أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
(27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
(28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
(29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)
*************************521********************** *
التفسير
قال في جامع البيان: ? هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ?، فيه تعظيم لشأن الحديث، وتنبيه على أنه إنما عرفه بالوحي، ? الْمُكْرَمِينَ ?، عند الله تعالى وعند إبراهيم عليه السلام. قال مجاهد: أكرمهم إبراهيم وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ. وعن قتادة: قوله: ? فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ ?، قال: كان عامة مال نبيّ الله إبراهيم عليه السلام البقر. وعن ابن عباس: ? فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ?، يقول: في صيحة، ? فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ?، قال السدي: لما بشّر جبريل سارة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، ضربت جبهتها عجبًا. ? وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ?! قال الضحاك: لا تلد، ? قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ ?، قال البغوي: أي: كما قلنا لك قال ربك: إنك ستلدين غلامًا، ? إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ?.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:26 ص]ـ
وها هي الاربع صفحات من مصحف المدينة في المرفقات
ـ[المساهم]ــــــــ[22 - 05 - 10, 02:25 م]ـ
وهنا صفحات المقرر
الأولى
http://img94.imageshack.us/img94/6999/518od.jpg
الثانية
http://img171.imageshack.us/img171/3375/519f.jpg
الثالثة
http://img541.imageshack.us/img541/4185/520b.jpg
الرابعة
http://img21.imageshack.us/img21/1883/521ps.jpg
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 02:31 م]ـ
ما شاء الله عليك ايها المساهم
تأبى الا التميز
والله اعلم كم دعوت لك على ما تتحفنا به من كتب
فجزاك الله خيرا ولا حرمك الاجر
ـ[براءة]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت تفسير سورة ق من كتاب: صفوة ا البيان لمعاني القرآن للشيخ حسنين مخلوف، فوجدت التفسير أوضح وأفضل
وهذا رابط الكتاب اذا احببتم أن تقرؤا منه
http://uqu.edu.sa/aasharaf/ar/130110
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:54 م]ـ
بدأت بتنزيل الكتاب
ولكن سأبقى على كتاب توفيق الرحمن في دروس القرآن
ويكفي انه وصية العلامة المبارك الشيخ عبد الكريم الخضير
وسأضع اللية ايضا تفسير غريب القرآن وساختار كتاب
العمدة في غريب القرآن لمكي بن ابي طالب القيسي
لانه وصية الشيخ مساعد الطيار للمبتدئين في علم التفسير
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 08:17 م]ـ
تفسير الغريب سورة ق والذاريات
الصفحات في المرفقات
ولكن لم اهتد الى الطريقة
التي استيطع ان اضع الصور من خلال الصفحة كما فعل اخي المساهم
من عنده علم بذلك فليساعدني فضلا لا امرا
وبارك الله فيكم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 11:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت تفسير سورة ق من كتاب: صفوة ا البيان لمعاني القرآن للشيخ حسنين مخلوف، فوجدت التفسير أوضح وأفضل
وهذا رابط الكتاب اذا احببتم أن تقرؤا منه
http://uqu.edu.sa/aasharaf/ar/130110
قرأت من الكتاب اسلوبه مركز ومختصر
ولكن ليس لي معلومات عنه
ارجو ممن عنده علم ان يفيدنا عن منهجه
ـ[محمد ابن عيسي]ــــــــ[23 - 05 - 10, 03:11 ص]ـ
جزاكم الله خيرا اخي الكريم ابوفراس
وها انا شمرت ومعك بعون الرحمن
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا اخي الكريم ابوفراس
وها انا شمرت ومعك بعون الرحمن
بارك الله فيك
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:29 ص]ـ
مقرر الغد
ليوم: الإثنين
لتاريخ: 24/ 05/2010
مقرر الحفظ: صفحة 522 و صفحة 523
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/425)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:36 ص]ـ
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ
لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا
فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ
الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ
مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ
فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ
الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ
وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا
فَاسِقِينَ (46) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ
فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْ
نِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
*********** (522) *************************
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
(52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ
بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ
وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ
(59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
********** (سورة الطور) ********************
**********بسم الله الرحمن الرحيم**************
وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ
مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
(11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ
جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)
********** (523) ********************
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:42 ص]ـ
القسم الاول
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ
لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا
فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ
الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ
مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ
فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)
__________________________________________________ __
التفسير
? قَالَ ?، إبراهيم: ? فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ?، قال ابن عباس: المسوّمة الحجارة المختومة، يكون الحجر أبيض فيه نقطة سوداء، ويكون الحجر أسود فيه نقطة بيضاء، فذلك تسويمها، ? فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ?، قال قتادة: لو كان فيها من ذلك لأنجاهم الله، ليعلموا أن الإيمان عند الله محفوظ لا ضيعة على أهله. قال البغوي: وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعًا، لأنه ما من مؤمن إلا هو مسلم.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ? أي: جعلناها عبرة بما أنزلنا بهم من العذاب والنكال وحجارة السجّيل، وجعلنا محلّتهم بحيرة منتنة خبيثة، ففي ذلك عبرة للمؤمنين.
وقوله تعالى: ? وَفِي مُوسَى ?، أي: وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة ? إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ? قال ابن كثير: أي: بدليل باهر وحجّة قاطعة، ? فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ?، قال قتادة: ? فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ? غلب عدو الله على قومه، وقال ابن زيد: ? فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ? قال: بمجموعته التي معه، ? وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ?، قال ابن جرير: والمليم هو الذي قد أتى ما يلام عليه من الفعل. قال البغوي: أي: آت بما يلام عليه من دعوى الربوبيّة وتكذيب الرسل،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/426)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:49 ص]ـ
القسم الثاني
...................................... وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ
الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ
وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا
فَاسِقِينَ (46)
__________________________________________________ ____
التفسير
? وَفِي عَادٍ ?، أي: وفي إهلاك عاد أيضًا آية، ? إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ?، وهي التي لا خير فيها ولا بركة، وتلقّح شجًرا ولا تحمل مطرًا. وعن ابن عباس: قوله: ? مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ? قال: كالشيء الهالك ? وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ ?، قال ابن كثير: وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام، فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار، ? فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ ?، أي: من هرب ولا نهوض ? وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ ?، قال قتادة: ما كانت عندهم من قوّة يمتنعون بها من عذاب الله عز وجل، ? وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ?، قال ابن كثير: وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء، ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ?.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:50 ص]ـ
القسم الثالث
.................. وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ
فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْ
نِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
*********** (522) *************************
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
(52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)
__________________________________________________ ____
التفسير
عن ابن عباس: ? وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ?، يقول: بقوّة. ? وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ?، قال ابن كثير: أي: قد وسّعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد ? وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا ?، قال البغوي: بسطناها ومهّدناها لكم، ? فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ? الباسطون نحن. قال ابن عباس نِعْمَ ما وَطَّأْتُ لعبادي. وقال مجاهد في قوله: ? وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ?، قال: الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلالة، والليل والنهار فوالسماء والأرض، والإنس والجنّ. وقال ابن زيد: ذكر وأنثى ذلك الزوجان. وقال البغوي: ? لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ?، فتعلمون أن خالق الأزواج فرد ? فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ?، فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة، ? إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ? ولاتجعلوا مع الله إلهاً آخر ? إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ?، ? كَذَلِكَ ?، أي: كما كذبك قومك يا محمد وقالوا: ساحر أو مجنون، ? كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ?، قال البغوي: والألف فيه للتوبيخ. قال ابن كثير: أي: أوصى بعضهم بعضًا بهذه المقالة، ? بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ?، أي: لكن هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم، فقال متأخّرهم كما قال متقدّمهم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:53 ص]ـ
القسم الرابع
.......................................... فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ
بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/427)
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ
وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ
(59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
__________________________________________________ ____
التفسير
يعني: فما نلومك على ذلك. ? وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ?، أي: إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.
وعن عليّ بن أبي طالب في قوله تعالى: ? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ?، أي: إلا لآمرهم أن يعبدون وأدعوهم لعبادتي. قال السدي من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع، ? وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ?، هذا منهم عبادة، وليس ينفعهم مع الشرك. قال ابن كثير: ومعنى الآية: أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتمّ الجزاء، ومن عصاه عذّبه أشدّ العذاب؛ وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم. وعن أبي هريرة مرفوعًا: (قال الله تعالى: يا ابن آدم، تفرّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسدّ فقرك). رواه أحمد وغيره. وعن ابن عباس: قوله: ? ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ?، يقول: الشديد ? فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً ?، يقول: دلوًا ? مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ?، يقول: للذين ظلموا عذابًا مثل عذاب أصحابهم. وقال ابن زيد: يقول: لهم سَجْلٌ من عذاب الله، وقد فعل هذا بأصحابهم من قبلهم، فلهم عذاب مثل عذاب أصحابهم، ? فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ ?، قال ابن كثير: أي: فلا يستعجلون ذلك فإنه واقع لا محال، ? فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ?، يعني: يوم القيامة.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:02 ص]ـ
القسم الاخير
***** (سورة الطور) ********************
**********بسم الله الرحمن الرحيم**************
وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ
مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
(11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ
جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)
********** (523) ********************
__________________________________________________ ____
التفسير
في الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: ? أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ ?، (كاد قلبي أن يطير). قال ابن كثير: وجبير بن مطعم قد قدم على النبي النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد وقعة بدر في فداء الأسارى، وكان إذ ذاك مشركًا.
قال البغوي: ? وَالطُّورِ ? أراد به الجبل الذي كَلَّم الله عليه موسى عليه السلام. قال ابن كثير: فالطور هو الجبل الذي يكون فيه أشجار. وعن مجاهد في قوله: ? وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ ?، قال: صحف. قال قتادة: والمسطور: المكتوب. ? فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ ?. قال البغوي: الرَقّ ما يُكتب فيه. وعن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّ رجلاً قال له: ما البيت المعمور؟ قال: (بيت في السماء يقال له: الضراح، وهو بحيال الكعبة من فوقها، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض). وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال في حديث الإسراء بعد مجاوزته إلى السماء السابعة: «ثم رُفع بي إلى البيت المعمور، وإذًا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم».
وعن علي قال: السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ: السماء. وقال ابن زيد في قوله: ? وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ? قال: الموقد. وقرأ:? وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ?. وعن ابن عباس في قوله: ? وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ?، قال: المحبوس. وعن علي: ? وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ?، قال: بحر في السماء تحت العرش. وقال قتادة: المسجور المملوء. وعن جعفر بن زيد العبيدي قال: خرج عمر يعسّ في المدينة ذات ليلة، فمر بدار رجل من المسلمين، فوافقه قائمًا يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ: ? وَالطُّورِ ? حتى بلغ: ? إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ ?، قال: (قسم وربِّ الكعبة حق، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث مليًا، ثم رجع إلى منزله، فمكث شهرًا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه). وعن قتادة: ? إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ?، وذلك يوم القيامة ? يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْراً ? مورها: تحريكها. وقال مجاهد: تدور دورًا. ? وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ?، قال البغوي: يخوضون في الباطل يلعبون غافلين لاهين. وعن ابن عباس: ? يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً ?، قال: يُدفع بأعناقهم حتى يردوا النار. قال البغوي: فإذا دنوا منها قال لهم خزنتها: ? هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ?، في الدنيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/428)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:12 ص]ـ
تفسير الغريب
في المرفقات
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:39 ص]ـ
جعلت صفحة خاصة لمن يريد ان يحفظ ويراجع مباشرة وضعت فيها مقرر الحفظ والتفسير فقط
على الرابط التالي
موضوع (بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟) بدون ردود ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1290044&posted=1#post1290044)
ولكن سأضع المقرر هنا اولا ثم انقله هناك
وستبقى هذه الصفحة للنقاش والمراجعة والمدراسة باذن الله
ملاحظة (غدا سنبدأ ايضا بمراجعة سورة ق ان شاء الله)
ـ[محمد العيسى]ــــــــ[23 - 05 - 10, 09:51 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:46 م]ـ
الاخ محمدالعيسى بارك الله فيك اخي الكريم
ـ[أشرف المصرى]ــــــــ[23 - 05 - 10, 04:12 م]ـ
يمكنكم الاستفاده من برنامج المتابعة في معرفة عدد الأيام المتبقية والعد تنازليا إلى إتمام الحفظ إن شاء الله تعالى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=208159
وفقنا الله وإياكم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 05:58 م]ـ
هنا غريب القرآن لسورة ق
الصفحة الاولى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76058&d=1274544929
الصفحة الثانية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76059&d=1274544929
سورة الذاريات
الصفحة الاولى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76060&d=1274544929
الصفحة الثانية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76061&d=1274544929
سورة الطور
الصفحة الاولى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76072&d=1274587924
الصفحة الثانية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76073&d=1274587924
الاخ / اشرف المصري جزاك الله خيرا
ولكن حاولت تنزيل البرنامج فلم ينفع
ـ[براءة]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:01 م]ـ
سأضع أسئلة سورة ق، الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
الأسئلة:
1 - ءإذا متنا وكنا ترابا ........ الى الآية التي تنتهي: من فروج
2 - أفعيينا بالخلق الأول ..... الى: منه تحيد
3 - وقال قرينه هذا ما لدي ..... الى: لكل أواب حفيظ
4 - وأزلفت الجنة للمتقين ..... الى: وما مسنا من لغوب
بالتوفيق
كل واحد يضع نتيجته للتنافس، والنتيجة غدا بإذن الله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:25 م]ـ
بحمد الله غلطة واحدة النتيجة 9.75
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:28 م]ـ
جزاك الله خير أختي براءة
شكلي انا متاخرة جدا لا نشغالي في نهاية هذا الأ سبوع ليس انشغال عن القران ولكن اختبارات الابناء قريبة و الدراسة معهم تأخذ وقت الله المستعان.
إن شاء الله اكتب النتيجة غدا او بعد غد.
وعندي اقتراح اخر اطرحه فيما بعد ان شاء الله
ـ[براءة]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:33 م]ـ
جزاك الله خير أختي براءة
شكلي انا متاخرة جدا لا نشغالي في نهاية هذا الأ سبوع ليس انشغال عن القران ولكن اختبارات الابناء قريبة و الدراسة معهم تأخذ وقت الله المستعان.
إن شاء الله اكتب النتيجة غدا او بعد غد.
وعندي اقتراح اخر اطرحه فيما بعد ان شاء الله
أختي ام عمران لا تأجلي النتيجة عن غدا، لأن غدا ان شاء الله سأضع أسئلة سورة الذاريات وهيك بتراكم عليكي الأسئلة، وتضيع فكرة المنافسة
الله يبارك فيكي ويعينك
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:38 م]ـ
اللهم امين جزيت خيرا اختي براءة
ان شاء الله اضعها غدا بدون تأجيل
الاقتراح الي كنت افكر فيه -اذا اذن لنا الاخ ابو فراس- ان أنقل الفكرة هذه الى قسم الطالبات كذلك فيكون قسمين من رغبت في المشاركة هنا تكمل ومن تفضّل قسم الاخوات تنظم الى المجموعة هناك.
انتظر رأيكم
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:43 م]ـ
اضافة الى ماسبق
يكون نفس البرنامج يعني المحافظة على نفس التحزيب في قسم الاخوات مع نفس الاسئلة ... الخ.
ـ[براءة]ــــــــ[23 - 05 - 10, 10:10 م]ـ
الحمد لله، ولا غلطة 10/ 10
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 10:45 م]ـ
لك ذلك، اقتراح مناسب
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[23 - 05 - 10, 11:25 م]ـ
لك ذلك، اقتراح مناسب
جزاكم الله خير واحسن اليكم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 07:59 ص]ـ
ان شاء الله من اليوم سيتم تقسيم مقرر الحفظ الى 4 اقسام وذلك لسهولة التقسم
وايضا جعل فترة بعد العشاء للحفظ وليس للمراجعة
فقبل ان اضع مقرر الغد
ساضع الصفحات السابقة ولكن مقسمة الى اربع اقسام وليس خمسة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:05 ص]ـ
يوم السبت
بتاريخ 22/ 05/2010
الصفحات 518 و 519
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76103&d=1274673468
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76104&d=1274673468
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76105&d=1274673468
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76106&d=1274673468
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/429)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:09 ص]ـ
الأحد
23/ 05/2010
صفحة520 و521
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76107&d=1274673871
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76108&d=1274673871
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76109&d=1274673871
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76110&d=1274673871
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:13 ص]ـ
الإثنين
24/ 05/2010
الصفحة 522 و 523
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76111&d=1274674033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76112&d=1274674033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76113&d=1274674033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76114&d=1274674033
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:19 ص]ـ
الثلاثاء
25/ 05/2010
الصفحة 524 و 525
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:24 ص]ـ
القسم الاول
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76115&d=1274674325
? أَفَسِحْرٌ هَذَا ?؟ وذلك أنهم كانوا ينسبون محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى السحر، وإلى أنه يغطي على الأبصار بالسحر فَوُبِّخوا به وقيل لهم:? أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ ?. ? اصْلَوْهَا ? قاسوا شدتها ? فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ?، الصبر والجزع، ? إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ?.
قال البغوي:? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ ?، معجبين بذلك ناعمين بما آتاهم ربهم، ? وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ?. وعن ابن عباس في هذه الآية: ?وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ?، قال: إن الله تبارك وتعالى يدفع للمؤمن ذريته وإن كانوا دونه في العمل، ليقر الله بهم عينه؛ ? وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ?، يقول: ما نقصناهم، ? كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ?، قال ابن كثير: أي: مرتهن بعمله، أي: لا يحمل عليه ذنب غيره من الناس سواء كان أبا أو ابنًا، ? وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ?، قال قتادة: إنما كان اللغو والباطل في الدنيا،
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:29 ص]ـ
[ CENTER] القسم االثاني
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76116&d=1274674325
? وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ?، قال قتادة: إنما كان اللغو والباطل في الدنيا، ? وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ? ذكر لنا أن رجلاً قال: يا نبي الله، هذا الخادم فكيف المخدوم؟ قال: «والذي نفس محمد بيده، إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب». ? وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ? قال ابن زيد: عذاب النار. قال ابن جرير: وقوله ? إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ? يقول: إنا كنا في الدنيا من قبل يومنا هذا ? نَدْعُوهُ ? يقول: نعبده مخلصين له الدين لا نشرك به شيئًا ? إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ? يعني: اللطيف بعباده، الرحيم بخلقه أن يعذبهم بعد توبتهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/430)
قال البغوي: ? فَذَكِّرْ ?، يا محمد بالقرآن. ? فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ?، نزلت في الذين اقتسموا عِقبَات مكة، يرمون رسول الله ? بالكهانة والسحر والجنون والشعر. وعن ابن عباس: إن قريشًا لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي ?، قال قائل منهم: احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك، كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم، فأنزل الله في ذلك من قولهم: ? أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ?؛ قال البغوي: حوادث الدهر. ? قُلْ تَرَبَّصُوا ?، انتظروا ? فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ? حتى يأتي أمر الله فيكم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:31 ص]ـ
[ CENTER] القسم الثالث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76117&d=1274674325
? أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم ?، عقولهم، ? بِهَذَا ?، وذلك أن عظماء قريش كانوا يوصفون بالأحلام والعقول، فأزرى الله بعقولهم حين لم تميز لهم معرفة الحق من الباطل، ? أَمْ هُمْ ? بَلْ هُمْ: ? قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ?، أي: تخلق القرآن من تلقاء نفسه ? بَل لَّا يُؤْمِنُونَ ? بالقرآن ? فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ?. وقوله تعالى: ? أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ?، يعني: أُوجِدُوا من غير مُوجِد أم هم أَوجَدُوا أنفسهم؟ أي: لا هذا ولا هذا، بل الله هو الذي خلقهم وأوجدهم. ? أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ?، قال ابن كثير: وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله، وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له. ? أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ?؟ أي: المحاسبون للخلائق؟ ليس الأمر كذلك. وعن ابن عباس: قوله: {أم هم المسيطرون}، يقول: المسلطون. ? أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ? الوحي ? فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ?، حجة بينة. ? أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ?؟
قال البغوي: هذا إنكار عليهم حين جعلوا لله ما يكرهون. وعن قتادة: قوله: ? أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ?، يقول: هل سألت هؤلاء القوم أجرًا فجهدهم فلا يستطيعون الإسلام؟
ـ[دكتور أحمد الدسوقى]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:31 ص]ـ
السلام عليكم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:33 ص]ـ
[ CENTER] القسم الرابع والاخير
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76118&d=1274674325
? أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ?؟ قال ابن عباس معناه: أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس به؟ ? أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً ?، مكرًا بك ليهلكوك، ? فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ?، قال البغوي: أي: هم المجزيون بكيدهم، يريد: أن ضرر ذلك يعود عليهم، ? أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ? يرزقهم وينصرهم ? سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ?.
عن قتادة: قوله: ? وَإِن يَرَوْا كِسْفاً ?، يقول: وإن يروا قطعًا، ? مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ?، يقول: لا يصدقوا بحديث ولا يؤمنوا بآيات، ? فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ?؛ قال ابن كثير: وذلك يوم القيامة. ? يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ?. وقوله تعالى: ? وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ ? أي: ما يصيبهم في الدنيا من المصائب فإنما عذاب للفاجر وكفارة للمؤمن ? وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ?. ? وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ? قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه: فإنك بمرأى منا، نراك ونرى عملك، ونحن نحوطك ونحفظك. ? وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ? قال أبو الأحوص: سبحان الله وبحمده. وقال ابن زيد: إذا قام لصلاة ليل أو نهار ? وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ? قال الضحاك: صلاة الصبح.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:34 ص]ـ
السلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 04:06 م]ـ
ساضع ملفات صوتية مقسمة للشيخ السديس
وان شاء الله تساعد على الحفظ
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 07:10 م]ـ
يوم السبت
بتاريخ 22/ 05/2010
الصفحات 518 و 519
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76103&d=1274673468
قراءة ( http://www.4shared.com/audio/ntUSGp_Z/118a.html)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76104&d=1274673468
قراءة ( http://www.4shared.com/audio/CX4IcYCC/518.html)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76105&d=1274673468
قراءة ( http://www.4shared.com/audio/B21StrVq/519.html)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76106&d=1274673468
قراءة ( http://www.4shared.com/audio/xQDTnBpV/519.html)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/431)
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قمت بنقل فكرة الموضوع الى قسم الطالبات وانضمت بعض الاخوات وستكون مشاركتنا هناك باذن الله
اخت براءة اجبت على الاسئلة في القسم الاخر و نسخت اسئلتك هناك وان شاء الله باقي الاخوات المشاركات معنا تكون اجوبتهن هناك كذلك
فاذا حبيتي ان تكون نسخة من الاسئلة هنا وفي القسم او اني انسخها بعدما تكتبينها هنا
وبالله التوفيق
ـ[براءة]ــــــــ[25 - 05 - 10, 05:42 ص]ـ
الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
أسئلة سورة الذاريات:
1 - من بداية السورة ..... الخراصون
2 - فورب السماء والأرض أنه لحق ..... سمين
3 - فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين ..... وهو مليم
4 - أتواصوا به بل هم قوم ..... الى آخر السورة
بالتوفيق، ننتظر النتائج
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 06:37 ص]ـ
لا اعلم ماذا حدث للصور
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 06:40 ص]ـ
هذه الصفحات المقسمة للاستماع والتحميل (السديس)
518 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/ntUSGp_Z/518A.html)
518B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/CX4IcYCC/518B.html)
519A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/B21StrVq/519A.html)
519B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xQDTnBpV/519B.html)
520A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/aL73OcYL/520A.html)
520B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/tiT4_oIR/520B.html)
520C.mp3 (http://www.4shared.com/audio/
قال الشيخ الألباني :
YVXOFW1/520C.html)
521A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/68bsl
قال الشيخ الألباني :
O-/521A.html)
521B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/3Tur0y4i/521B.html)
522A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/kpYgiW19/522A.html)
522B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/kfrAZRQ4/522B.html)
523A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/8eHmVpN3/523A.html)
523B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/GGtS7iVk/523B.html)
524A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/EVwtT5ix/524A.html)
524B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/jdsmIixe/524B.html)
525A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xHOQgUED/525A.html)
525B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/kBmVc3FS/525B.html)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 06:41 ص]ـ
العلامة 9
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 06:50 ص]ـ
من يعلم مشكلة الصور
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 06:57 ص]ـ
الأربعاء
26/ 05/2010
الصفحة 526 527
ـ[براءة]ــــــــ[25 - 05 - 10, 12:52 م]ـ
العلامة 10
لكن أين بقية المشمرين؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:02 م]ـ
القسم الاول والثاني
[سورة النجم]
مكية، وهي اثنان وستون آية
في الصحيحين عن ابن مسعود قال: (أول سورة أنزلت فيها سجدة ? وَالنَّجْمِ ?، فسجد النبي ? وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفًا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرًا).
عن ابن عباس: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? يعني: الثريا إذا سقطت وغابت. وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب. وقال الضحاك: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? إذا رمي به الشياطين. وعن ابن عباس: يعني: النجوم التي يرمى بها الشياطين. قال ابن القيم: (وهذا قول الحسن وهو أظهر الأقوال، لما بين المقسم به والمقسم عليه من التناسب). انتهى. قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق. وعن قتادة أن النبي ? تلا: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? فقال عتبة بن أبي لهب: كفرت برب النجم، فقال: «أما تخاف أن يأكلك كلب الله»؟ فخرج في تجارة إلى اليمن، فبينما هم قد عرسوا إذ يسمع صوت الأسد فقال لأصحابه: إني مأكول فأحدقوا به، وضرب على أصمختهم فناموا، فجاء حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/432)
قال البغوي: وجواب القسم قوله: ? مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ?، يعني: محمدًا ?، ما ضل عن طريق الهدى ? وَمَا غَوَى ?، قال ابن كثير: والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه إلى غيره، وعن قتادة: قوله: ? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ? أي: ما ينطق عن هواه ? إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ?، قال: يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبريل، ويوحي جبريل إلى محمد ?. ? عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ?، يعني: جبريل، ? ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ? ذو خلق طويل حسن، ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ? الأفق: الذي يأتي منه النهار. وعن الربيع: ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ?، قال: السماء ? الْأَعْلَى ?، يعني: جبريل عليه السلام. وعن قتادة: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ?، يعني: جبريل، ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ?، قال مجاهد: قيد أو قدر قوسين. وعن ابن مسعود في هذه الآية: ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ? قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل له ستمائة جناح». وعن مسروق قال: قلت لعائشة: ما قوله: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?؟ فقالت: (إنما ذلك جبريل، كان يأتيه في صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة في صورته فسد أفق السماء).
وقال ابن زيد في قوله: ? فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?، قال: أوحى جبريل إلى رسول الله ? ما أوحى الله إليه. وعن قتادة في قوله: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ?، قال: رأى جبريل في صورته، وهو الذي رآه نزلة أخرى. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح».
وقال البغوي: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ? قرأ أبو جعفر: ما كذَّب أي: ما كذب قلب محمد ? ما رأى بعينه تلك الليلة، بل صدقه وحققه، وقرأ الآخرون بالتخفيف. أي: ما كذب فؤاد محمد ? الذي رأى بل صدقه، مجازه: ما كذب الفؤاد فيما رأى. انتهى ملخصًا. وعن قتادة: قال: قال نبيّ الله ?: «لما انتهيت إلى السماء السابعة أتيت على إبراهيم فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، فسلمت عليه فقال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، قال: ثم رفعت لي سدرة المنتهى. فحدّث نبي الله أن نبقها مثل قلال هجر، وأن ورقها مثل آذان الفيلة».
وعن ابن عباس: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ?، قال: قال رسول الله ?: «رأيتها حتى استثبتها ثم حال دونها فراش من ذهب». وعن الربيع: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ? قال: غشيها نور الرب، وغشيتها الملائكة، من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجرة. قوله: مثل الغربان: أي: الغرانيق البيض.
للاستماع 526 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/aeC8SSYg/526A.html)
http://dc124.4shared.com/img/298230530/f13d9729/526a.png (http://www.4shared.com/photo/ROZ7OMYL/526a.html)
http://dc201.4shared.com/img/298230531/863aa7bf/526B.png (http://www.4shared.com/photo/cRuH4-7P/526B.html)
للاستماع526 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/m7ZuN2OL/526B.html)
وعن ابن عباس في قوله ? مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ? قال: ما زاغ يمينًا ولا شمالاً، ولا طغى ولا جاوز ما أمر به ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ? قال ابن مسعود: (رأى النبيّ ? رفرفًا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق) وقال ابن زيد في قوله: ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ?، قال: جبريل، رآه في خلقه الذي يكون به في السماوات، قدر قوسين من رسول الله ?، فيما بينه وبينه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/433)
قال البغوي: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ?، هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، اشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى فقالوا: من الله اللات، ومن العزيز: العزى. وقال ابن عباس: كان اللات رجلاً يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها، فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم؛ وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب، وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلّل بقديد؛ وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة؛ وكانت قلس لطيء ومن يليها بجبل طيء بين سلمى وأجأ؛ وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام؛ وكانت رضاء بيتًا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم؛ وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد.
وقال البغوي: ومعنى الآية: أفرأيتم أخبرونا أيها الزاعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وقال الكلبي: كان المشركون بمكة يقولون: الأصنام والملائكة بنات الله، وكان الرجل منهم إذا بشر بالأنثى كره ذلك. فقال الله تعالى منكرًا عليهم، ? أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ?، قال ابن عباس: جائرة.
? إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ?، قال ابن كثير: أي: ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ?، أي: البيان بالكتاب والرسول أنها ليست بآلهة وأن العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار.? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ? أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام؟ ? فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ ?، ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعهم عند الله، ? لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ ?، في الشفاعة ? لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ?، أي: من أهل التوحيد.]
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:09 م]ـ
القسم الثالث والرابع
وقال ابن كثير: ? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ?، أي: ليس كل من تمنى خيرًا حصل له، ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ?.
عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي ?: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». وعن قتادة: قوله: ? الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ?، ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة، قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا. وقال ابن زيد في قوله: ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?، قد غفرت ذلك لهم إذ ? هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ?، قال مجاهد: كنحو قوله: ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ?. ? وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?، أي: ترك المعاصي وفعل الطاعات. قال البغوي: ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?، لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها ? هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?.
للاستماع527 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xRVwJrPu/527A.html)
http://dc231.4shared.com/img/298230535/815763a6/527a.png (http://www.4shared.com/photo/TAaB0z6y/527a.html)
http://dc242.4shared.com/img/298230688/1e547889/527b.png (http://www.4shared.com/photo/PSXtjMiE/527b.html)
[COLOR="#ff0000"] للاستماع527 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IXPE-tB7/527B.html)[/COLOR
قال البغوي: قوله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ?، نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد اتبع النبي ? على دينه، فعيره بعض المشركين وقال له: أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال: إني خشيت عذاب الله؛ فضمن الذي عاتبه إن هو أعطى كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه، فأنزل الله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ? أدبر عن الإيمان ? وَأَعْطَى ? صاحبه ? قَلِيلاً وَأَكْدَى ? بخل بالباقي؛ وأصله من الكدية، وهي حجر يظهر في البئر يمنع من الحفر ? أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ?، ما غاب عنه، ويعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه؟ ? أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ ? يخبر، ? بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ?، يعني: أسفار التوراة ? وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ?، تمم وأكمل ما أمر به؛ ثم بين ما في صحفهما فقال: ? أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ? أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤخذ نفس بإثم غيرها ? وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ? عمل ? وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ?، في ميزانه يوم القيامة ? ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى ? الأكمل الأتم ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ?، أي: منتهى الخلق ومصيرهم إليه.
? وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ?، قال مجاهد: أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/434)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 02:49 م]ـ
نظرا لحدوث خلل في الصور
قررت نقل هذه الصفحة الى صفحة اخرى وهي
هنا نحفظ القرآن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1291775#post1291775)
ـ[دكتور أحمد الدسوقى]ــــــــ[09 - 08 - 10, 12:57 م]ـ
http://imanghassanghalayini.ahlamuntada.com/users/1112/36/20/18/smiles/607687.gif
نترقب وبشوق ٍ
ونرنو بشغفٍ لسويعات وليالٍ ننعم فيها بقربٍ
تحملنا الذكرى للعام الماضي
فتزيد الهمة كي ننجز
ونقرر ان ننجز ونقرر ان نتقن فهو افضل شهر للانجاز
شهر الرحمة والبركات
رمضـ1431ــــــــان
يطل علينا ببشرى جديدة
اغلى الاحلام يصبح هدفاً سهلٌ تحقيقه
في رمضان هذا العام
مؤسسة الزياد للتنمية البشرية
تقدم لكم هدية الشهر
مفاجأة ينتظرها الكثير .... دورة
بالقرآن نحيا
معنا باذن المولى عز وجل، أنت تحفظ القرآن الكريم في أقل من 20 يوماً
وهل معقول نحفظ فعلاً؟
نعم معقول جدا والتجربة خير دليل
ولا ننسى اننا في شهر الانجاز
يقدم الدورة المدرب الاستاذ
أبو زياد - تامر محمد الشافعي
في محاضرات شيقة ومفيدة ورائعة
نتعرف من خلالها علي الكثير من المعلومات والمهارات المفيدة في حياتنا
ونحفظ كتاب الله عز وجل في زمن قياسي بفضله تعالى
فإذا عزمت فتوكل على الله
معلومات التسجيل في الدورة
يرجى تعبئة الاستمارة المرفقة وارسالها على البريد المذكور فيها
سوف تستقبل الرد علي بريدك الالكتروني في موعد غايتة أسبوع من تاريخ ارسال الاستمارة
ملاحظات:
· لن يتلفت إلى الاستمارة المرسلة على الخاص أو على أي بريد آخر
· يمنع بتاتا وضع الاستمارة كرد في الموضع في المنتدى
· يرجى الاهتمام بكتابة معلومات التسجيل كاملة
آخر موعد لتلقي الاستمارات هو6 رمضان أو اكتمال العدد
العدد محدود (40 متدرب)
شروط القبول في الدورة
- جدية الطالب\ة في حفظ (القرآن كاملا)
- وجود وقت كاف يوميا لا يقل عن 4 ساعات (لا يشترط أن يكون متواصل)
- قراءة جيدة للقرآن الكريم ويفضل دراسة علم التجويد.
- اجتياز المقابلة الشخصية والتدريبات بنجاح
- أن يكون لدى المتدرب\ة مايك للتسميع
لدراسة التجويد
يمكنكم الاستفادة من الدورة المقامة حاليا
تحفة الأطفال ( http://www.alzeiad.net/vb/showthread.php?t=1914)
وللاطلاع على الشروط كاملة من هنا
الشروط ( http://www.alzeiad.net/vb/showthread.php?t=132)
الزمان
الاحد 12 رمضان 1431
الموافق 22 اغسطس 2010
المقابلات والاختبارات
(ضمنا اختبار التجويد)
الموافق 7 - 9 رمضان
17 – 19 اغسطس
المكان
قاعة الزياد الصوتية
بسم الله ( http://www.alzeiad.net/online.html)
والمتابعة من خلال منتدى برنامج بالقرآن نحيا
منتدى بالقرآن نحيا ( http://www.alzeiad.net/vb/forumdisplay.php?f=56)
وقريبا موقع بالقرآن نحيا
http://www.alzeiad.net/LbQuran.html (http://www.alzeiad.net/LbQuran.html)(19/435)
اسرار من سورة النور ..
ـ[حصةعبدالعزيزالعنزان]ــــــــ[21 - 05 - 10, 01:48 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف خلق الله محمد وعلى اله وصحبه وسلم
(اسرار سورة النور)
لانستطيع في أي حالة من الأحوال نحيط بأسرار هذه السورة العظيمة ولاكن على الأقل نقتبس من نورها قبل ان نتحدث عن أي سورة لابد إن نستبق ذلك بالحديث عن أمور أربعة ليسهل فهم السورة:الأمر الأول: أن تعرف اسمها أو أسمائها ولكن ليس المقصود هو معرفة الاسم فقط بل تنظر إلى الأثر فكل اسم لابد له من اثر اقرب لكم الفكرة فمثلا سورة الفاتحة تسمى الكافية فهي كفاية نور وهدى الشافية علاج للروح والبدن فأن عرفنا أسماء هذه السور عرفنا مقاصدها عرفنا كيف نستفيد من تلك السورة في حياتنا ولما نأتي إلى سورة النور ليس لها إلى هذا الاسم واثر الاسم على السورة فسورة النور هي نور الحياة من اتبع مافيها من اوامر ومن خالف مافيها فلن يجد الا الظلمه ..
الأمر الثاني: تنظر إلى فضلها هل ورد لها فضل في الحديث حديث الرسول عليه الصلاة والسلام أم ورد لها فضل في القران أم أنها كعامة السور فالقران كله عظيم لكن بعضها أعظم من بعض فنأتي لسورة النور هل وردها فضل؟ نعرف إجابة ذلك من أول السورة قوله تعالى (سورة انزلنها وفرضنها) ذكرت فيها سورة فتدل على إرتفاع منزلتها وعلوها فسورة النور لها علو ورفعه خاصة بها.
قال سبحانه (وأنزلنا فيها آيات بينات) أعاد الله التنبيه ان فيها عظمة لما فيها من آيات وأحكام ثم قال (لعلكم تذكرون) فهذا هو الصدف من اترال سورة النور هو ان تتذكر فان لم تتذكر فانك لم تحقق الهدف ففضل سورة النور ذكر في القران وورد عن فضلها مانقل الينا من عمر بن الخطاب كان يوصي امراة الانصار فيقول علموا نساؤكم سورة النور لماذا يقول رضي الله عنه وارضاه ذلك؟؟؟ لان سورة النور لها اثر في طهارة القلب وصفاء الحياة وانارة لحياتنا والبعد عن المشاكل ..
وورد عن ابو الوائل السلمي يقول حضرت عند ابن عباس في الحج فقام يخطب الناس فابن عباس خطيب يعلم الناس فما الذي اختاره ليعلم الناس الدين فيقول ابو وائل فقام ابن عباس خطيب في الناس للحج ثم قرا سورة النور فما يزال يفسرها حتى قلت (والله لو سمع هذا الروم والفرس والديلم لا سلموا) سبحان الله هذا من عظمه هذه السورة فابن عباس يفتح أذهان الناس للسورة وليفجر مافيها من علم ومعرفة ويزيل الغشاوة عما فيها من نور فأين عباس عاش مع السورة فرأى إن أحوج مايحتاجونه الناس في الحج هو سورة النور
فهذا هو فضل سورة النور ..
ومن الامور التي يجب ان تعرفها:هل هي مكيه ام مدنيه؟ ومشكلتنا اننا لم نستوعب اهمية معرفة ذلك فلو سالت احد مامعنى مكيه او مدنيه لقال مكيه نزلت في مكه مدنيه نزلت في المدنية ولكن نحن نرى السلف فصلوا في ذلك واطالوا فقالوا هذه سورة مكية وهذه مدنية وهذه مكية وبعض اياتها مدنية ليس انها نزلت في مكة او المدنية بل لان مقاصد المكية تختلف تماما عن المدنية فلما نقرا سورة مكيه يختلف عن قراءتنا لسورة مدنيه وسورة النور مدنية فعندما نقراها يجب ان نعرف انها مدنية جاءت اوامر ونواهي واحكام تفصيلية نحتاجها في اليوم والليلة فنحن عندما نقرا سورة النور نستمع الى الله عندما يقول لنا افعلوا لاتفعلوا ثم تاتينا اشياء عاضده تعيننا ان نفعل واشياء تعيننا ان لانفعل فنرى سورة النور هل بدات بذكر الله عزوجل وعظمته ام ذكرت الجنة ام النار بل بدات بذكر الزانية والزاني احكام اوامر قضايا كبرى في الحياة ..
والامر الرابع الذي تستبق به قبل ان تتحدث عن أي سورة لابد لنا معرفه مقصود هذه السورة فنحن ان قرائتنا سورة ولم نعرف مقصودها فهذا يضيع علينا المعاني ولا نفهم السورة فهما صحيحا فمقصود سورة النور ماخوذ من اسمها فجات سورة النور من اجل تحصيل النور في الدنيا ومنع وازالة الظلمة عنك وعن المجتمع في الدنيا والاخرة وجاءت سورة النور بجلب وبيان اسباب النور ومنع وازالة اسباب الظلمة فالله ضرب مثلا للنور ومثلا للظلمه ثم ختم هذان المثلان بقوله (ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور) اذ ا لم يجعل الله في قلبك وحياتك نور فوالله لن تجد ذلك النور اينما ذهبت طيب كيف احصل هذا النور؟ نقول نعلم باتفاق اهل السنة والجماعة انه من اسماء الله سبحانه النور ومن صفاته انه نور وان الوحي الذي انزل الله سبحانه وصف بالنور كما قال الله تعالى (وانزلنا اليكم نورا مبينا) وان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قد وصفه الله بالنور فكلاهما كما قال الله سبحانه (نورا على نور) فإذا أردت النور من غير هذا النور فو الله لن تحصل الى على الظلمات فنرى بعضهم يبحث عن السعادة في المال والسفريات كل هؤلاء ان لم يؤخذوا هذه السعادة وهذا النور من سورة النور فو الله لن يجدوها وهذا حكم الله سبحانه الذي لايتخلف وهذا هو الذي يبين لنا أسباب النور وأسباب الظلمات ..
فهذه هي الامور التي نستبق بها قبل دراسه اي سورة ..
لي تكمله لموضوعات سورة النور ان شاء ربي لي في وقت لاحق ..(19/436)
مُطْلَقَاتٌ مُقَيَّدَةٌ في كتاب طَيِّبَةِ النشرِ.
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[21 - 05 - 10, 04:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
فهذا ما أعرفه عن مُطْلَقَاتٍ مقيدة في كتاب طَيِّبَةِ النشر
وكما يقال بالمثال يتضح المقال
قال ابن الجزري رحمه الله في باب البسملة من طَيِّبَتِه: بَسْمَلَ بين السورتين بِيْ نَصَفْ،
دُمْ ثِقْ رَجَا وَصِلْ فَشَا وعن خَلَفْ.
فاسكت فَصِلْ.
وهو الشاهد
لأول وهلة فإننا نقول: إن السكت والوصل عن خلف العاشر من الروايتين
فالسكت والوصل لإسحاق
ومثله إدريس
ولكن كتب التحريرات لا تقول ذلك
بل تقول: إن السكت خاص بإسحاق
أما إدريس فليس له شيء بل له الوصل
فالكلام المطلق في الطيبة والنشر مقيد
وخاصة أن بعض الطرق التي روت السكت عن خلف ليست من طريق الطَّيِّبَةِ
ومن أراد فليرجع إلى كتاب الروض النضير للمتولي رحمه الله فقد نبه على ذلك
وقال في باب المد والقصر:
والبعضُ مَدّ
لِحَمْزَةٍ في نفي لا كَلَا مَرَدّ.
والصحيح أن هذا الوجه وهو توسيط نحو: لا ريب فيه، فلا رَادَّ.
وما شابههما خاص بخلف عن حمزة
أما خلاد فليس له شيء بل له القصر كباقي القراء
وقال ابن الجزري في باب أحكام النون الساكنة والتنوين:
وادْغِمْ بِلا غُنَّةِ في لامٍ وَرَا،
وَهْيَ لغير صُحْبَةٍ أيضا تُرَى.
وكذلك الأزرق عن ورش فهو كحمزة والكسائي وشعبة وخلف العاشر الذين ليس لهم غنة في النون الساكنة والتنوين عند اللام والراء.
والله تعالى أعلم.
ـ[عبد الحكيم المقرئ]ــــــــ[22 - 05 - 10, 07:29 م]ـ
وقال في باب المد والقصر:
والبعضُ مَدّ
لِحَمْزَةٍ في نفي لا كَلَا مَرَدّ.
والصحيح أن هذا الوجه وهو توسيط نحو: لا ريب فيه، فلا رَادَّ.
وما شابههما خاص بخلف عن حمزة
أما خلاد فليس له شيء بل له القصر كباقي القراءوالله تعالى أعلم.
السلام عليكم
أخي الكريم هلا نقلت لنا مصدر قولك هذا؟؟
والسلام عليكم
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[22 - 05 - 10, 11:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يبدو لي وفقكم الله أنكم تسألون عن توسط نحو: لا ريب فيه لخلاد عن حمزة
وقد كنت قد قلت إن رواية خلاد ليس فيها التوسط
هذا ما فهمته من كلام المتولي في الروض النضير نقلا عن الإزميري رحمه الله وكلامه أي الإزميري موجود في بدائع البرهان شرح عمدة العرفان حيث قال:
قال في النشر بعد تمثيل (لا) التي للتبرئة: نص له على ذلك ابن سوار في المستنير
قلت رأيت نسخا كثيرة من المستنير لم يتعرض لذكر التوسط في هذا النوع إلا نسخة واحدة ذكر فيها أول البقرة قال فيها: روى القطان عن ابن سعدان عن سُليم عن حمزة التوسط في لا ريب ونحوها، فعلى هذا لا يجئ التوسط من المستنير لخلف وخلاد، ولكن نأخذ بالتوسط منه اعتمادا على ابن الجزري، لأنه عالم بالفن، ويحتمل خطأ جميع ما رأيته من النسخ
انتهى كلامه رحمه الله وهو في الصفحة 7
وإذا أردتم التأكد فإليكم كتاب بدائع البرهان على الرابط التالي.
http://www.2shared.com/document/WDRsRT3A/____.html
فالتوسط الذي ذكر ليس لخلاد وإنما هو لابن سعدان
وقراءة ابن سعدان عن حمزة لا يُقْرَأُ بها
أما خلف عن حمزة فثبت عنه التوسط بخلاف
حيث إن أبا الكرم الشهرزوري ممن رواه كما يفهم من كلام الإزميري رحمه الله في بدائع البرهان.
والله أعلم.
ـ[عبد الحكيم المقرئ]ــــــــ[23 - 05 - 10, 01:26 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الكريم راجع الروض النضير وفريدة الدهر وتنقيح فتح الكريم وغيرها من تحريرات الطيبة لا يوجد فيها ما تقول بل هي مقيدة ببعض أنواع السكت لخلف وخلاد.
وأما النص الذي تستدل به للأزميري رحمه الله إليك بيانه:
(((قلت رأيت نسخا كثيرة من المستنير لم يتعرض لذكر التوسط في هذا النوع إلا نسخة واحدة ذكر فيها أول البقرة قال فيها: روى القطان عن ابن سعدان عن سُليم عن حمزة التوسط في لا ريب ونحوها، فعلى هذا لا يجئ التوسط من المستنير لخلف وخلاد، ولكن نأخذ بالتوسط منه اعتمادا على ابن الجزري، لأنه عالم بالفن، ويحتمل خطأ جميع ما رأيته من النسخ)))
الأزمير ـ رحمه الله ـ يقول: بأنه لم ير في نسخ المستنير الذي أحالنا إليه ابن الجزري في نشره التوسط في نحو " لا ريب " لحمزة بكماله إلا نسخة واحدة قال فيها: روى القطان عن ابن سعدان عن سُليم عن حمزة التوسط في لا ريب ونحوها، فعلى هذا لا يجئ التوسط من المستنير لخلف وخلاد.
ثم راجع الأزميري نفسه وقال (ولكن نأخذ بالتوسط منه اعتمادا على ابن الجزري، لأنه عالم بالفن، ويحتمل خطأ جميع ما رأيته من النسخ))
يعني الأزمير يحتمل خطأ جميع النسخ وأثبت لحمزة التوسط في (لا) لأن ابن الجزري أثبت ذلك لحمزة كما هو في كلامه. والله أعلم
والسلام عليكم
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما ذكرتموه بارك الله فيكم صحيح من أن المتولي رحمه الله وغيره من العلماء ذكروا أن التوسط في نحو: لا ريب فيه لحمزة ولكن ذلك اعتمادا على ما ذكره ابن الجزري رحمه الله في النشر
وهو أن توسيط لا لحمزة بكماله من المستنير
ولا شك أن ابن الجزري رحمه الله إمام في هذا الفن ولكن يبقى أنه رحمه الله بشر
وخاصة أن كثيرا من الروايات لا يُقْرَأُ بها الآن
وتعلمون وفقكم الله حكم التلفيق
والذي يؤكد ما قلته بارك الله فيكم أيضا أن المتولي في منظومة عزو الطرق التي سجلها الأخ الشيخ طه الفهد وفقه الله
وهي موجودة في موقع خيمة القراءات القرآنية
فالمتولي رحمه الله في المتن قال في عنوان مبحث توسيط لا: طرق توسيط لا لخلف
فكأن العنوان يفهم منه أن رواية خلاد ليس فيها إلا القصر
وذكر ما قاله الإزميري عن ما وجده في المستنير
ولكن بَدَلَ القطان العطار
فلا أدري ربما: القطان الموجودة في بدائع البرهان في النسخة التي زودتكم بها ربما تكون سبقة قلم
فالإشكال فقط هو في مسألة توسيط لا لخلاد
ولكن من خلال اطلاعكم هل هناك أحد غير صاحب المستنير روى التوسط لخلاد؟
على أن يكون من طرق الطيبة
وجزاكم الله خيرا ووفقكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/437)
ـ[عبد الحكيم المقرئ]ــــــــ[24 - 05 - 10, 03:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما ذكرتموه بارك الله فيكم صحيح من أن المتولي رحمه الله وغيره من العلماء ذكروا أن التوسط في نحو: لا ريب فيه لحمزة ولكن ذلك اعتمادا على ما ذكره ابن الجزري رحمه الله في النشر
وهو أن توسيط لا لحمزة بكماله من المستنير
ولا شك أن ابن الجزري رحمه الله إمام في هذا الفن ولكن يبقى أنه رحمه الله بشر
وخاصة أن كثيرا من الروايات لا يُقْرَأُ بها الآن
وتعلمون وفقكم الله حكم التلفيق
والذي يؤكد ما قلته بارك الله فيكم أيضا أن المتولي في منظومة عزو الطرق التي سجلها الأخ الشيخ طه الفهد وفقه الله
وهي موجودة في موقع خيمة القراءات القرآنية
فالمتولي رحمه الله في المتن قال في عنوان مبحث توسيط لا: طرق توسيط لا لخلف
فكأن العنوان يفهم منه أن رواية خلاد ليس فيها إلا القصر
وذكر ما قاله الإزميري عن ما وجده في المستنير
ولكن بَدَلَ القطان العطار
فلا أدري ربما: القطان الموجودة في بدائع البرهان في النسخة التي زودتكم بها ربما تكون سبقة قلم
فالإشكال فقط هو في مسألة توسيط لا لخلاد
ولكن من خلال اطلاعكم هل هناك أحد غير صاحب المستنير روى التوسط لخلاد؟
على أن يكون من طرق الطيبة
وجزاكم الله خيرا ووفقكم.
[/ B]
السلام عليكم
أخي الكريم إليك نص ابن الجزري في النشر:
(((وقد ورد مد المبالغة لنفي في (لا) التي للتبرئة في نحو (لا ريب فيه، لا شية فيها، لا مرد له، لا جرم) عن حمزة نص على ذلك له أبو طاهر بن سوار في المستنير ونص عليه أبو محمد سبط الخياط في المبهح من رواية خلف عن سليم عنه ونص عليه أبو الحسن بن فارس في كتابه الجامع عن محمد ابن سعدان عن سليم وقال أبو الفضل الخزاعي قرأت به أداء من طريق خلف وابن سعدان وخلاد وابن جبير ورويم بن يزيد كلهم عن حمزة)))
ثم يا أخي الكريم الأزميري وجد التوسط لخلاد في نسخة واحدة ورجع علي ذلك بالأخذ بما قاله ابن الجزري.
والمتولي نفسه أخذ بما قاله ابن الجزري مع ذكره لما قاله الأزميري وعلي هذا مشايخنا الكرام.
فإن أنت نسبت ذلك للأزميري، الأزميري نفسه أخذ بمذهب ابن الجزري .. هل أنتم قرأتم علي شيخ بهذا الوجه؟ أم أنك اجتهدت في هذا القول؟
نعم ابن الجزري بشر ويجري عليه ما يجري علي أي عالم من أنه (يصيب ويخطي ـ ويذكر وينسي ـ ويعلم ويجهل) وأيضا سيدي الفاضل الأزميري والمتولي وغيرهما بشر أيضا،، هذا في المخالفة فما بالك في الموافقة!!
والأزميري والمتولي لهما أخطاء أيضا وخروج عن الطريق وتعقبهما غير واحد من الشيوخ، قليس معني هذا أن يفتح الباب للناس جميعا في التعقب إلا بعد دراسة عميقة لمقدمات هذا الفن وملازمة ما عليه الشيوخ وممارسة الإقراء لمدة من الزمان ثم بعد ذلك له أن يأخذ بهذا الوجه ويترك هذا الوجه .. والله أعلم
والسلام عليكم
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[24 - 05 - 10, 05:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
أما بالنسبة لي فأنا لم أقرأ من القراءات إلا القليل
وما قلته إنما هو حسب علمي واطلاعي الضعيفين
ولا شك أنكم أعلم مني
وأسأل الله أن يوفق الجميع إلى الخير والصواب.
ـ[عبد الحكيم المقرئ]ــــــــ[24 - 05 - 10, 05:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
أما بالنسبة لي فأنا لم أقرأ من القراءات إلا القليل
وما قلته إنما هو حسب علمي واطلاعي الضعيفين
ولا شك أنكم أعلم مني
وأسأل الله أن يوفق الجميع إلى الخير والصواب.
السلام عليكم
شيخنا الكريم أنا ما قصدت شيئا مما تقول.
فلست بأعلم منك؛ فلعلك تعرف في باب وأنا أعرف في باب، وبعضنا يكمل بعضا.
وهذا الفن بالذات لا يصلح من الكتب أو يُكتفي فيه بالاطلاع. والرجوع للشيوخ أمر ضروري.
وأنا ولله الحمد ما زلت أسأل شيوخي عما يغيب عني ولا حرج ولا ضير في ذلك، بل والله أسأل أقراني في مسألة نسيتها أو لا أعلمها.
وأسأل الله أن يوفق الجميع إلى الخير والصواب
والسلام عليكم(19/438)
الإخوة المغاربة من له ختمة القارئ رشيد بلعشية؟
ـ[أبو عبد الرحمان القسنطيني الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 10, 05:43 م]ـ
السلام عليكم
الإخوة المغاربة من له ختمة القارئ رشيد بلعشية؟
جزاكم الله خيرا(19/439)
مسائل مهمة في الوقف على الهمز في قراءة حمزة.
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[21 - 05 - 10, 08:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد: فإن قراءة حمزة كما هو معلوم من القراءات العشر المتواترة
وكما قيل إذا أردت أن تحب قراءة حمزة فقف له على همزة.
فالوقف على الهمز أصل مهم من أصول هذه القراءة
بل إن حمزة انفرد به من بين بقية القراء
فلابد من إتقان هذا الباب قدر المستطاع.
وهو مبحث مهم اعتنى به العلماء رحمهم الله فصنفوا فيه مصنفات عديدة
كابن مهران رحمه الله
وأذكر أني قرأت أن ابن الجزري رحمه الله قد ألف فيه أيضا
وصنف الإمام المتولي رحمه الله كتابا نظم فيه مسائل هذا الباب وهو: توضيح المقام في الوقف على الهمز لحمزة وهشام
ولا شك أن الوقف على الهمز مباحثه متشعبة ومسائله كثيرة
وقد رأيت أن أكتب هذا البُحَيْثَ المبسط مبينا فيه أهم المسائل التي لابد من معرفتها
كالمواضع المرسومة همزتها بالواو لأن معرفتها من الأهمية بمكان
لأن عدد الأوجه تزيد فيها بخلاف غيرها
فكان لزاما أن نعرفها حتى نميزها عن غيرها
وغيره من المباحث المهمة
ومن أراد التوسع بعد ذلك فليرجع إلى كتاب النشر في القراءات العشر وشروح الشاطبية كشرح الشيخ الضباع رحمه الله
وكل من ألف في القراءات لا شك أن هذا المبحث أو هذا الباب ضمن المسائل التي تناولها
ومن وجد في ما كتبت خطأً فلينبه وجزاكم الله خيرا
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفع به الجميع
وأن يرزقنا الإخلاص
والآن إليكم بعضا من المسائل المهمة.
حكم إِنْ أولياؤه وقفا.
لحمزة في: إنْ أولياؤه وقفا ما يأتي
أما خلف عن حمزة فله ستة أوجه
تحقيق الهمزة الأولى التي بعد الساكن مع تسهيل الهمزة الثانية مع المد والقصر
ومثلها مع النقل والسكت فتلك ستة أوجه
وهناك ستة أوجه أخرى وهي إذا أبدلنا الهمزة الثانية واوا على رأي المتولي رحمه الله
وهي تحقيق الهمزة مع إبدال الهمزة الثانية واوا مع المد والقصر فهذان وجهان
وكذلك في حال النقل والسكت فهن ستة أوجه فالمجموع اثنا عشر وجها
أما خلاد فيمتنع له السكت لأنه ليس له في المفصول سكت أصلا.
وإذا وقفنا بالروم والإشمام في هاء أولياؤه على رأي من يجيزهما فإن الأوجه ترتفع في العدد.
حكم هَاأَنْتُمْ هؤلاء.
أما هَاأَنْتُمْ ففيها ثلاثة أوجه
أولا تحقيق الهمزة مع المد على أنها منفصلة حكما وإن اتصلت رسما فتعامل معاملة نحو: بما أُنزِل.
ثانيا تسهيلها مع المد والقصر فتلك ثلاثة أوجه
وهي متوسطة بزائد
والهمز المتوسط بزائد يجوز فيه وجهان:
التحقيق والتسهيل
أما هؤلاء ففيها خمسة عشر وجها
ففيها كما هو معلوم همزتان
الأولى: متوسطة
والثانية: متطرفة
ففيها تحقيق الهمزة الأولى مع المد مع خمسة الثانية
وهي ثلاثة الإبدال
وهي القصر والتوسط والمد
ثم تسهيلها أي الهمزة الثانية بالروم مع المد والقصر فتلك خمسة أوجه
ثم تسهيل الأولى مع القصر مع أربعة الثانية وهي
ثلاثة الإبدال
ثم تسهيل الثانية بالروم مع القصر
فتلك أربعة أوجه
فالأوجه تسعة إلى الآن
ثم تسهيل الأولى مع المد مع أربعة الثانية
وهي ثلاثة الإبدال
ثم تسهيل الثانية بالروم مع المد فتلك أربعة أوجه
فالأوجه الآن ثلاثة عشر وجها.
حكم قُلْ أَأُنَبِّئُكُم وقفاً بآل عمران.
لخلف عن حمزة عشرة أوجه وهي:
أربعة التحقيق وهي
تحقيق الثانية مع تسهيل الثالثة وإبدالها ياءً فهما وجهان
ثم تسهيل الثانية مع تسهيل الثالثة وإبدالها ياءً فهما وجهان آخران فتلك أربعة أوجه
ثم أربعة السكت وتجري الأوجه في الهمزتين الثانية والثالثة كالحالة السابقة
ثم وجهان في حال النقل وهما:
تسهيل الثانية مع تسهيل الثالثة وإبدالها ياءً
أما خلاد فله ستة أوجه
أربعة التحقيق كخلف
ووجهان في حال النقل كخلف أيضا.
حكم وأولئك وبابها
لحمزة في: وأولئك وما شابهها أربعة أوجه:
تحقيق الهمزة الأولى مع تسهيل الهمزة الثانية مع المد والقصر فهما وجهان
ومثلها مع تسهيل الهمزة الأولى فتلك أربعة أوجه.
حكم عن أنبائكم وما شابه
لخلف عن حمزة في: عن أنبائكم وما يماثلها ستة أوجه
تحقيق الهمزة الأولى مع تسهيل الهمزة الثانية مع المد والقصر فهما وجهان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/440)
ومثل ذلك مع النقل والسكت فتلك ستة أوجه
أما خلاد فهو كخلف إلا أن السكت يمتنع عنده لأنه لا يسكت على الساكن المفصول من طريق الشاطبية.
حكم يستهزئ وبابه
لحمزة في: يستهزئ وبابه خمسة أوجه وهي:
إبدال الهمزة ياءً ساكنة مدية ثم تسهيلها بالروم فهما وجهان
ثم إبدالها ياءً على الرسم وعلى هذا فيكون فيها ثلاثة أوجه
السكون، والإشمام، والروم.
حكم النشأة، و"يسألون) بالأحزاب.
لحمزة في: النشأة أينما وردت وجهان
نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها على أصله
ومثلها يسألون
ثم إثبات ألف بعد شين النشأة وسين يسألون هكذا:
النَّشَاة، يَسَالُون.
المواضع المرسومة همزتها بالواو وقبلها ألف:
1 جزاء وهي في: وذلك جزاء الظالمين. بالمائدة والحشر، ذلك جزاء المحسنين. بالزمر، وجزاء سيئة سيئة مثلها بالشورى وذلك جزاء من تزكى. في طه،
2 أنباء. بالأنعام والشعراء،
3 نشاء بهود،
4 شركاء "وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) بالأنعام، أم لهم شركاء بالشورى،
5 البلاء بالصافات و"بلاء) بالدخان،
6 علماء بالشعراء و"العلماء) بفاطر،
7 برآء بالممتحنة،
8 الضعفاء بإبراهيم وغافر،
9 شفعاء بالروم،
10 دعاء بغافر.
لحمزة في هذا النوع اثنا عشر وجها
خمسة القياس وهي ثلاثة الإبدال ثم التسهيل بالروم مع المد والقصر،
ثم سبعة على الرسم وهي
ثلاثة السكون (قصر وتوسط ومد) ومثلها مع الإشمام فتلك ستة أوجه
ثم الروم مع القصر فتلك سبعة أوجه فالمجموع اثنا عشر وجها.
المواضع المرسومة همزتها بالواو وليس قبلها ألف
1 يَتَفَيَّأُ بالنحل،
2 أتوكأ و"تظمأ) بسورة طه،
3 يدرأ بالنور،
4 يبدأ أينما وردت،
5 المَلَأُ الموضع الأول بسورة المؤمنون في قصة نوح عليه السلام، و"قالت يا أيها الملأ (موضعي النمل، و"قال يا أيها الملأ (بها،
6 نبأُ في إبراهيم وأيضا في ص والتغابن،
7 يُنَبَّأُ بالقيامة،
8 إِنِ امرؤٌ بالنساء
9 يُنَشَّأُ بالزخرف،
10 لؤلؤ المرفوعة مُعَرَّفَةً أو مُنَكَّرَةً،
11 تفتأ بيوسف،
12 يعبأ بسورة الفرقان.
لحمزة في هذا النوع خمسة أوجه
إبدال الهمزة حرف مد ثم تسهيلها بالروم فهما وجهان،
ثم إبدالها واوا على الرسم وفيها ثلاثة أوجه
السكون والإشمام والروم
المواضع المرسومة همزتها ياءً وقبلها ألف
1 تلقاءِ نفسي بيونس،
2 وإيتاءِ بسورة النحل،
3 ولقاءِ بالروم،
4 وراءِ بسورة الشورى،
5 آناءِ بسورة طه.
لحمزة في هذا النوع تسعة أوجه
خمسة القياس ثم أربعة الرسم
ثلاثة الإبدال والتسهيل بالروم مع القصر
وفي: وإيتاء بالنحل ثمانية عشر وجها
تسعة على تحقيق الهمزة الأولى وتسعة على تسهيلها.
المواضع المرسومة همزتها بالياء وليس قبلها ألف
1 لكل امرئٍ بسورة عبس،
2 شاطئِ الوادي بسورة القصص،
3 من نبأِ المرسلين بالأنعام،
لحمزة أربعة أوجه
إبدال الهمزة ياءً ثم تسهيلها بالروم فهما وجهان،
ثم إبدالها ياءً على الرسم ثم الروم فتلك أربعة أوجه.
والله أعلم.
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[22 - 05 - 10, 03:16 م]ـ
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد نواف المجلاد
أما هؤلاء ففيها خمسة عشر وجها
الصواب: أما هؤلاء ففيها ثلاثة عشر وجها
فيها خمسة عشر وجها على اعتبار عددها عقلا
لكن يمتنع منها وجهان:
الأول: تسهيل الأولى مع القصر مع تسهيل الثانية بالروم مع المد
الثاني: تسهيل الأولى مع المد مع تسهيل الثانية بالروم مع القصر
أما الأوجه المتبقية فصحيحة
والله الموفق.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:14 م]ـ
جزاك الله خيرا
اشعر ان علم القراءات من اصعب العلوم الشرعية ان لم يكن اصعبها
ولا استطيع ان اقول الا اعانكم الله على سدكم هذه الثغر من ثغور الاسلام
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[02 - 06 - 10, 01:49 ص]ـ
حكم قل أَأَنْتُم وقفا
لخلف عن حمزة في: قُلْ أَأَنْتُم وقفاً خمسة أوجه
أولا تحقيق الهمزة الأولى مع تحقيق الثانية وتسهيلها لأنها متوسطة بزائد فهما وجهان
ومثلها مع السكت فهن أربعة أوجه
ثم النقل مع تسهيل الثانية فهن خمسة أوجه
أما خلاد فله ثلاثة أوجه
تحقيق الأولى مع تسهيل الثانية وتحقيقها فهما وجهان
ثم النقل مع تسهيل الثانية فتلك ثلاثة أوجه
ـ[ابراهيم خطاب]ــــــــ[04 - 06 - 10, 06:26 ص]ـ
السلام عليكم
قلت يا أخي أن حمزة انفرد بالوقف على الهمز
فهل هو السكت على الساكن قبل الهمز
وإن كان كذلك فكنت قد قرأت أن هناك بعض طرق حفص يكون فيها سكت على الساكن قبل الهمز
مثل بعض طرق أبي طاهر وذرعان
فهل هذا صحيح؟؟
أم أن هناك لبس عندي؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[04 - 06 - 10, 08:30 ص]ـ
السلام عليكم
قلت يا أخي أن حمزة انفرد بالوقف على الهمز
فهل هو السكت على الساكن قبل الهمز
وإن كان كذلك فكنت قد قرأت أن هناك بعض طرق حفص يكون فيها سكت على الساكن قبل الهمز
مثل بعض طرق أبي طاهر وذرعان
فهل هذا صحيح؟؟
أم أن هناك لبس عندي؟؟
وجزاكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كلامي وفقكم الله هو عن الوقف على الهمز بشكل عام
فالمعروف أن مذهب حمزة في تخفيف الهمزة وقفا له أحوال
كالإبدال.
وغيره على اختلاف حالات الهمز وتفصيلاتها المعروفة والتي ذكرها أهل العلم
وحمزة انفرد بهذا الباب من بين بقية القراء
نعم وافقه بعضهم ولكن في بعض الأنواع
فهشام وافقه في الهمز المتطرف
أما سكت حفص على الساكن فليس من طريق الشاطبية بل هو من طريق الطيبة
والكلام عن مسائل وقف حمزة من طريق الشاطبية
فالسكت على الساكن قبل الهمز في نحو: من آمن
إنما هو لحمزة من رواية خلف عنه من طريق الشاطبية.
والله أعلم.(19/441)
ما هو أحسن كتاب يشرح أسباب النزول
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[22 - 05 - 10, 01:29 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
هل من الممكن أن ينصحني طلبة العلم بكتاب معين يشرح و يبين أسباب النزول.
ـ[أبو هر النابلسي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 04:16 ص]ـ
أخي هناك كتب كثيرة
وأنا أعتمد كثيرا على الاستيعاب للشيخين محمد موسى نصر، وسليم الهلالي
ولا أعرف إن كان أهل التفسير يتساهلون في الأحاديث في أسباب النزول أيضا؟
ولا أزعم أنه أفضل ما كتب، ولكنه مما كتب
وهناك كتاب للشيخ مقبل الوادعي
وكتاب للإمام الحافظ ابن حجر.
وكتاب النيسابوري وقد حقق(19/442)
بشرى الشيخ عبد الباسط هاشم على قناة الفجر يوميا لقراءة متن الشاطبية
ـ[عمر الحيدي]ــــــــ[22 - 05 - 10, 03:23 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
لقد اعلن على قناة الفجر ان الشيخ سيقوم بقراءة متن الشاطبية قراءة تصحيح وتدقيق يوميا ما عدا يوم الخميس والجمعة الساعة 21:00 أو 21:30 بتوقيت مكة فلا تفوتكم الحلقات
المرجو نشر الخبر على باقي المواقع المهتمة بالقراءات حتى يستفيد اكبر عدد ممكن من الاخوة
والله الموفق لكل خير
ـ[عمر الحيدي]ــــــــ[23 - 05 - 10, 12:55 ص]ـ
لرفع رفع الله قدر اهل القران والسنن
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 01:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أحمد نواف المجلاد]ــــــــ[23 - 05 - 10, 01:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الجميع
هل أجرت قناة الفجر لقاءً مع الشيخ؟
فإن كان كذلك فنتمنى ممن كان لديه هذا اللقاء من الإخوة الأعضاء أن يرفعه على أن يكون كاملا
فإني قد استمعت إلى مقطع منه في موقع you tube
وهو يقرأ بعض أبيات الشاطبية.
وفق الله الجميع.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[29 - 05 - 10, 02:47 ص]ـ
جزاك الله خيراً والشيخ الدكتور عبد الباسط هاشم وكل من أعان على فعل الخير. آمين.(19/443)
السلسلة الذهبية من تفسير ابن عثيمين-رحمه الله-
ـ[أبو عبد الله القصيمي]ــــــــ[22 - 05 - 10, 06:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(السلسلة الذهبية من تفسير ابن عثيمين-رحمه الله-)
هذه سلسلة فوائد منتقاة من تفسير الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – المسمى (تفسير القرآن الكريم)، علماً أني لا أقيد إلا الفوائد التي أظن أنها نفيسة في الحصول عليها.
الأولى: قال الشيخ: ... ومنها: أنه لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم؛ لقوله تعالى: (ولكم في الأرض مستقرٌ ومتاع إلا حين)؛ ويؤيد هذا قوله تعالى: (فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون)؛ وبناءً على ذلك نعلم أن محاولة الكفار أن يعيشوا في غير الأرض إما في بعض الكواكب، أو في بعض المراكب محاولة يائسة؛ لأنه لا بد أن يكون مستقرهم الأرض. اهـ (1/ 133)(19/444)
سؤال عاجل لأهل مصر الكرام
ـ[أبو يحيى محمد الحنبلى]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:19 ص]ـ
السلام عليكم
أهل مصر الكرام
هل تعرفون أحدا قرأ القرءان على الشيخ الحصرى رحمه لله ومعه اجازه وسند متصل منه؟
أرجو ذكر اسمه ومكان اقامته ان وجد هو أو حتى أحد تلاميذه
وفقكم الله(19/445)
موضوع (بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟) بدون ردود
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:21 ص]ـ
بحمد الله ونعمته بدأنا بحفظ القرآن
وسأضع في هذه الصفحة مقرر الحفظ والتفسير
وسيبقى الموضوع الاصلي للنقاش والمراجعة والمدارسة
فضلا لا أمرا راجع هذه المواضيع ذات الصلة
طريقة لحفظ القرآن في اقل من سنة (43 اسبوعا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211068)
هل تريد ان تحافظ على وردك اليومي من القرآن (خطوة صغيرة لكن فعالة)؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211291)
بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211537)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:25 ص]ـ
يوم السبت
بتاريخ 22/ 05/2010
مقرر الحفظ: 518 و 519
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 08:31 ص]ـ
القسم الاول (ورد الفجر) من الاية 1 - 5
سورة ق
بسم الله الرحمن الرحيم
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِك
َرَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ
حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيج
ٍ (5)
____________________________________________
التفسير
عن سعيد بن جبير: ? ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ?، يقول: والقرآن الكريم، ? بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ ?، قال البغوي: يعرفون نسبه وصدقه وأمانته، ? فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ? غريب، ? أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ?، قال الضحاك: قالوا: كيف يحيينا الله وقد صرنا عظامًا ورفاتًا وضللنا في الأرض؟ وعن ابن عباس قوله: ? قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ?، يقول: ما تأكل الأرض من لحومهم وأبصارهم وعظامهم وأشعارهم، ? وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? قال البغوي: وهو اللوح المحفوظ. وقال ابن كثير: ? وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? وحافظ لذلك، فالعلم شامل والكتاب أيضًا فيه كل الأشياء مضبوطة. وعن قتادة: ? بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ ?، أي: كذبوا بالقرآن، ? فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ?، يقول: فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس، لا يعرفون حقه من باطله،
يتبع,,,,
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:21 م]ـ
القسم الثاني (ورد الظهر) من الآية 6 - 11
(5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا
وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ
وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ
مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ
وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10)
رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)
_______________________________________
التفسير
? أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ?، أي: ليس فيها شقوق، كقوله تعالى: ? فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ?. ? وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا ? أي: بسطناها ? وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ? قال قتادة: والرواسي الجبال ? وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ? أي: من كل نوع حسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/446)
وعن قتادة: قوله: ? تَبْصِرَةً ? نعمة من الله يبصرها العباد، ? وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ?، أي: مقبل إلى الله بقلبه، ? وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ ? بساتين، ? وَحَبَّ الْحَصِيدِ ? قال ابن جرير: من البر والشعير وسائر أنواع الحبوب. وعن ابن عباس قوله: ? وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ?، قال: النخل الطوال ? لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ? يقول: بعض على بعض، ? رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ? أي: كما أحيينا الأرض بعد موتها كذلك نحيي الموتى بعد ذهابهم
يتبع ..
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:23 م]ـ
القسم الثالث (ورد العصر) من 12 - 18
(11) كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ
لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
(14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)
(518)
________________________________________________
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ
(17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
__________________________________________________ ___________________
التفسير
? كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ? قال البغوي: وجب لهم عذابي. ثم أنزل جوابًا لقولهم:? ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ?، ? أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ? يعني: أعجزنا حين خلقناهم أولاً فنعيا بالإعادة؟ وهذا تقريع لهم لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث ? بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ ?، أي: في شك ? مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ? وهو البعث بعد الموت. قال قتادة: فصار الناس فيه رجلين: مكذب ومصدق.
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ? وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ? ما تحدث به نفسه، فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه ? وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ?، قال مجاهد: هو الذي يكون في الحلق. قال البغوي: لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضًا، ولا يحجب علم الله شيء. ? إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ?، قال مجاهد: رصيد، عن اليمين الذي يكتب الحسنات، وعن الشمال الذي يكتب السئات. قال سفيان: بلغني أن كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات، فإذا أذنب قال له: لا تعجل لعله يستغفر.
وقال ابن زيد في قوله: ? مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ?، قال: جعل معه من يكتب كل ما لفظ به، وهو معه رقيب. قال البغوي: رقيب: حافظ. عتيد: حاضر أينما كان.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:24 م]ـ
القسم الرابع (ورد المغرب) 19 - 26
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ
يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ
كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
(22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ
عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا
آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)
__________________________________________________ ________
التفسير
وعن أبي وائل قال: لما كان أبو بكر رضي الله عنه يقضي قالت عائشة رضي الله عنها: هذا كما قال الشاعر: إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر. وقال أبو بكر رضي الله عنه: لا تقولي ذلك، ولكنه كما قال عز وجل: ? وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ?. وعن عثمان رضي الله عنه أنه خطب فقرأ هذه الآية: ? وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ?، قال: سائق يسوقها إلى الله، وشاهد يشهد عليها بما عملت. وعن قتادة: قوله: ? لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ ?، قال: عاين الآخرة ? فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ?، قال ابن كثير: أي: قوي، قال الله تعالى: ? أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ?، وقال ابن زيد في قوله: ? وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ? إلى آخر الآية، قال: هذا سائقه الذي وكل به.
وقال ابن كثير: ? هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ?، أي: معد محضر بلا زيادة ولا نقصان. واختار ابن جرير أن يعم السائق والشهيد. قال مجاهد يقول: هذا الذي وكلتني به من ابن آدم حاضر عندي، وقد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله.
وقوله تعالى: ? أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ?، قال الزجاج: هذا أمر للسائق والشهيد.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/447)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:27 م]ـ
القسم الخامس والاخير (ورد العشاء) من الآية 27 - 519
قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ
وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
(32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا
بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
(519)
_______________________________________________
التفسير
وعن ابن عباس: ? قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ?، قال: قرينه: شيطانه. قال ابن زيد: تبرأ منه. وعن ابن عباس في قوله: ? لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ?، قال: إنهم اعتذروا بغير عذر، فأبطل الله حجتهم ورد عليهم قولهم. وقال أبو عمران في قول الله: ? وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ?، قال: بالقرآن. وعن مجاهد قوله: ? مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ? قد قضيت ما أنا قاض، ? وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ?. وعن ابن عباس قوله:? يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ?؟ قال ابن عباس: إن الله الملك تبارك وتعالى قد سبقت كلمته: ? لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ? فلما بعث الناس وأحضروا، وسيق أعداء الله إلى النار زمرًا، جعلوا يقتحمون في جهنم فوجًا فوجًا، لا يلقى في جهنم شيء إلا ذهب فيها، ولا يملأها شيء، قالت: ألست قد أقسمت لتملأني من الجنة والناس أجمعين؟ فوضع قدمه، فقالت حين وضع قدمه فيها: قد قد فإني قد امتلأت فليس لي مزيد؛ ولم يكن يملأها شيء حتى وجدت مس ما وضع عليها، فتضايقت حين جعل عليها ما جعل فامتلأت، فما فيها موضع إبرة. وعن قتادة: قوله: ? وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ? يقول: وأدنيت ? غَيْرَ بَعِيدٍ ?، ? هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ? قال قتادة: أي: مطيع لله كثير الصلاة ? حَفِيظٍ ? لما استودعه الله من حقه ونعمته. وقال ابن زيد: الأواب: التواب الذي يؤوب إلى طاعة الله ويرجع إليها؛ ? مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ? قال قتادة: أي: منيب إلى ربه مقبل ? ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ? قال: سلموا من عذاب الله وسلم عليهم. ? ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ? خلدوا والله فلا يموتون، وأقاموا فلا يظعنون ونعموا فلا يبأسون؛ ? لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ?، قال أنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله الكريم.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:28 م]ـ
مقرر الغد
اليوم: الاحد
التاريخ: 23/ 05/2010
مقرر الحفظ: صفحة 520 , و صفحة 521
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:29 م]ـ
القسم الاول
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي
الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ
لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا
مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)
_____________________________________________
التفسير
وقوله تعالى: ? وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ ?، قال مجاهد: عملوا. وعن قتادة: قوله: ? فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ?، قال: حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركًا. ? إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ?، قال بعض المفسرين: وفي الآية ترتيب حسن، لأنه إن كان ذا قلب ذكي يستخرج المعاني بتدبره وفكره فذاك، وإلا فلا بد أن يكون مستمعًا مصغيًا إلى كلام المنذر ليحصل له التذكر.
عن قتادة: قوله: ? وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ? الآية. أكذب الله اليهود والنصارى وأهل الفرى على الله، وذلك أنهم قالوا: أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السابع، وذلك عندهم يوم السبت وهم يسمونه يوم الراحة، قال: فأكذبهم الله وقال: ? وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ?، قال مجاهد: نصب.
وقال ابن زيد: لم يمسنا في ذلك عناء، ذلك اللغوب ? فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ?، قال قتادة: صلاة الفجر، وصلاة العصر. وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا جلوسًا عند النبي ? فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «أما إنكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا؛ - ثم قرأ -: ? وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ?». متفق عليه.
وقوله تعالى: ? وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ? أي: صل له ? وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ? قال ابن عباس: هو التسبيح بعد الصلاة. وعن قتادة:
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/448)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:30 م]ـ
القسم الثاني
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
(41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا
نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ
عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
__________________________________________________ ___
التفسير
. وعن قتادة: ? وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ?، قال: كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض، قال بريدة: ملك ينادي يقول: يا أيها الناس هلموا إلى الحساب، قال فيقبلون كما قال الله: ? كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ?، ? يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ? قال البغوي: وهي الصيحة الأخيرة، ? ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ? من القبور ? إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ? فيه تهديد للكفار وتسلية للنبي ?. وعن قتادة: قوله: ? وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ? فإن الله عز وجل كره الجبرية ونهى عنها وقدم فيها. وعن ابن عباس قال قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت: ? فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ?، وكان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك، ويرجو موعودك يا بر يا رحيم.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:31 م]ـ
القسم الثالث
سورة الذاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3)
فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)
***************************520******************** ****************
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ
أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
(11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا
فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
__________________________________________________ ___
التفسير
عن عليّ في قول الله تعالى: ? وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً ? قال: هي الرياح. قيل له: ما الْحَامِلاتِ وِقْراً؟ قال: هي السحاب. قيل: فما الْجَارِيَاتِ يُسْراً؟ قال: هي السفن. قيل: فما الْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً؟ قال: الملائكة. وعن قتادة: قوله: ? إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ?، وذلك يوم القيامة، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم. وعن ابن عباس: ? وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ ?، قال: ذات الخَلْق الحسن. وعن قتادة: قوله: ? إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ ?، قال: مصدّق بهذا القرآن ومكذّب. وقال ابن زيد: يتخرّصون يقولون: هذا سحر. ويقولون: هذا أساطير الأولين، فبأي قولهم يؤخذ؟ ? قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ?. وعن الحسن: ? يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ?، قال: يُصرف عنه من صُرف.
وعن ابن عباس: قوله: ? قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ?، يقول: لُعن المرتابون. وعن مجاهد: ? قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ?، قال: الذين يتخرّصون الكذب، ? الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ?، قلبه في كنانة. وقال ابن زيد: ? سَاهُونَ ?، عما أتاهم وعما نزل عليهم، وعما أمرهم الله تبارك وتعالى. وعن مجاهد: ? يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ?، يقولون: متى يوم الدين؟ ويكون يوم الدين، ? يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ?، كما يُفتن الذهب في النار. وعن ابن عباس: قوله: ? يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ?، قال: فتنهم أنهم سألوا عن يوم الدين وهم موقوفون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/449)
على النار، ? ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ?، فقالوا حين وُقفوا: يا ويلنا هذا يوم الدين.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:33 م]ـ
القسم الرابع
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
(16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
(18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ
لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ
وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ
تَنْطِقُونَ (23)
__________________________________________________
التفسير
قال الله تبارك وتعالى: ? هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ?. وعن قتادة: ? ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ ?، ذوقوا عذابكم، ? هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ?.
قال البغوي: ? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ ?، ما أعطاهم. ? رَبُّهُمْ ? من الخير والكرامة. ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ ? قبل دخولهم الجنة. ? مُحْسِنِينَ ? في الدنيا. وعن ابن عباس: ? كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ?، قال: لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئًا. وقال الحسن: كابدوا قيام الليل ? وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ? قال: مدّوا في الصلاة ونشطوا، حتى كان الاستغفار بِسَحَرٍ. وعن ابن عباس في قوله تعالى: ? وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ?، قال: السائل الذي يسأل، والمحروم المحارف. وقال الضحاك: والمحروم هو الرجل المحارف الذي لا يكون له مال إلا ذهب، قضى الله له ذلك. وعن قتادة:? وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ? هذان فقيرا أهل الإسلام: سائل يسأل في كفّه، وفقير متعفّف، ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم. وروى ابن جرير عن الزهريّ [أن النبي ?] قال: «ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان، والأكلة والأكلتان». قالوا: فمن المسكين يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يجد غنى ولا يعلم بحاجته فيتصدّق عليه، فذلك المحروم». وقال ابن زيد: المحروم: المصاب ثمره وزرعه، وقرأ: ? أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ ?، حتى بلغ: ? بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ?. وقال أصحاب الجنة: ? إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ?، وقال زيد بن أسلم: ليس ذلك بالزكاة، ولكن ذلك مما ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة؛ والمحروم الذي يصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته، فيكون له حقّ على من لم يصيبه ذلك من المسلمين. قال ابن جرير: والصواب أن الآية عامة في كلّ من حرم الرزق واحتاج.
وقوله تعالى: ? وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ?، قال قتادة: معتبر لمن اعتبر. وعن ابن الزبير: ? وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ?، قال: سبيل الخلاء والبول. وقال ابن زيد في قوله: ? وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ?، وقرأ: ? وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ? قال: وفينا آيات كثيرة هذا: السمع، والبصر، واللسان، والقلب يجعل الله فيه العقل. وعن الضحاك في قوله: ? وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ ?، قال: المطر. وقال مجاهد: الجنّة في السماء ? وَمَا تُوعَدُونَ ? من خيرٍ أو شرّ. وقيل: إن أرزاقكم في الدنيا، ? وَمَا تُوعَدُونَ ?، في العقبى كلّها مقدّرة مكتوبة في السماء. وعن الحسن في قوله: ? فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ? قال: بلغني أن رسول الله ? قال: «قاتل الله أقوامًا أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه».
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:34 م]ـ
القسم الاخير
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى
أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
(27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
(28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
(29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30)
*************************521********************** *
التفسير
قال في جامع البيان: ? هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ?، فيه تعظيم لشأن الحديث، وتنبيه على أنه إنما عرفه بالوحي، ? الْمُكْرَمِينَ ?، عند الله تعالى وعند إبراهيم عليه السلام. قال مجاهد: أكرمهم إبراهيم وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ. وعن قتادة: قوله: ? فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ ?، قال: كان عامة مال نبيّ الله إبراهيم عليه السلام البقر. وعن ابن عباس: ? فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ?، يقول: في صيحة، ? فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ?، قال السدي: لما بشّر جبريل سارة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، ضربت جبهتها عجبًا. ? وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ?! قال الضحاك: لا تلد، ? قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ ?، قال البغوي: أي: كما قلنا لك قال ربك: إنك ستلدين غلامًا، ? إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ?.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/450)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:35 م]ـ
مقرر الغد
ليوم: الإثنين
لتاريخ: 24/ 05/2010
مقرر الحفظ: صفحة 522 و صفحة 523
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:36 م]ـ
القسم الاول
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ
لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا
فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ
الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ
مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ
فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)
__________________________________________________ __
التفسير
? قَالَ ?، إبراهيم: ? فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ?، قال ابن عباس: المسوّمة الحجارة المختومة، يكون الحجر أبيض فيه نقطة سوداء، ويكون الحجر أسود فيه نقطة بيضاء، فذلك تسويمها، ? فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ?، قال قتادة: لو كان فيها من ذلك لأنجاهم الله، ليعلموا أن الإيمان عند الله محفوظ لا ضيعة على أهله. قال البغوي: وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعًا، لأنه ما من مؤمن إلا هو مسلم.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ? أي: جعلناها عبرة بما أنزلنا بهم من العذاب والنكال وحجارة السجّيل، وجعلنا محلّتهم بحيرة منتنة خبيثة، ففي ذلك عبرة للمؤمنين.
وقوله تعالى: ? وَفِي مُوسَى ?، أي: وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة ? إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ? قال ابن كثير: أي: بدليل باهر وحجّة قاطعة، ? فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ?، قال قتادة: ? فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ? غلب عدو الله على قومه، وقال ابن زيد: ? فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ? قال: بمجموعته التي معه، ? وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ?، قال ابن جرير: والمليم هو الذي قد أتى ما يلام عليه من الفعل. قال البغوي: أي: آت بما يلام عليه من دعوى الربوبيّة وتكذيب الرسل،
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:39 م]ـ
القسم الثاني
...................................... وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ
الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ
وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا
فَاسِقِينَ (46)
__________________________________________________ ____
التفسير
? وَفِي عَادٍ ?، أي: وفي إهلاك عاد أيضًا آية، ? إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ?، وهي التي لا خير فيها ولا بركة، وتلقّح شجًرا ولا تحمل مطرًا. وعن ابن عباس: قوله: ? مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ? قال: كالشيء الهالك ? وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ ?، قال ابن كثير: وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام، فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار، ? فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ ?، أي: من هرب ولا نهوض ? وَمَا كَانُوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/451)
مُنتَصِرِينَ ?، قال قتادة: ما كانت عندهم من قوّة يمتنعون بها من عذاب الله عز وجل، ? وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ?، قال ابن كثير: وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء، ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ?.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:40 م]ـ
القسم الثالث
.................. وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ
فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْ
نِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
*********** (522) *************************
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
(52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)
__________________________________________________ ____
التفسير
عن ابن عباس: ? وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ?، يقول: بقوّة. ? وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ?، قال ابن كثير: أي: قد وسّعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد ? وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا ?، قال البغوي: بسطناها ومهّدناها لكم، ? فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ? الباسطون نحن. قال ابن عباس نِعْمَ ما وَطَّأْتُ لعبادي. وقال مجاهد في قوله: ? وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ?، قال: الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلالة، والليل والنهار فوالسماء والأرض، والإنس والجنّ. وقال ابن زيد: ذكر وأنثى ذلك الزوجان. وقال البغوي: ? لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ?، فتعلمون أن خالق الأزواج فرد ? فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ?، فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة، ? إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ? ولاتجعلوا مع الله إلهاً آخر ? إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ?، ? كَذَلِكَ ?، أي: كما كذبك قومك يا محمد وقالوا: ساحر أو مجنون، ? كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ?، قال البغوي: والألف فيه للتوبيخ. قال ابن كثير: أي: أوصى بعضهم بعضًا بهذه المقالة، ? بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ?، أي: لكن هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم، فقال متأخّرهم كما قال متقدّمهم.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:41 م]ـ
القسم الرابع
.......................................... فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ
بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ
وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ
(59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)
__________________________________________________ ____
التفسير
يعني: فما نلومك على ذلك. ? وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ?، أي: إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.
وعن عليّ بن أبي طالب في قوله تعالى: ? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ?، أي: إلا لآمرهم أن يعبدون وأدعوهم لعبادتي. قال السدي من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع، ? وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ?، هذا منهم عبادة، وليس ينفعهم مع الشرك. قال ابن كثير: ومعنى الآية: أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتمّ الجزاء، ومن عصاه عذّبه أشدّ العذاب؛ وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم. وعن أبي هريرة مرفوعًا: (قال الله تعالى: يا ابن آدم، تفرّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسدّ فقرك). رواه أحمد وغيره. وعن ابن عباس: قوله: ? ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ?، يقول: الشديد ? فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً ?، يقول: دلوًا ? مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ?، يقول: للذين ظلموا عذابًا مثل عذاب أصحابهم. وقال ابن زيد: يقول: لهم سَجْلٌ من عذاب الله، وقد فعل هذا بأصحابهم من قبلهم، فلهم عذاب مثل عذاب أصحابهم، ? فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ ?، قال ابن كثير: أي: فلا يستعجلون ذلك فإنه واقع لا محال، ? فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ?، يعني: يوم القيامة.
* * *
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/452)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 02:44 م]ـ
القسم الاخير
***** (سورة الطور) ********************
**********بسم الله الرحمن الرحيم**************
وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ
مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
(11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ
جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)
********** (523) ********************
__________________________________________________ ____
التفسير
في الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: ? أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ ?، (كاد قلبي أن يطير). قال ابن كثير: وجبير بن مطعم قد قدم على النبي النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد وقعة بدر في فداء الأسارى، وكان إذ ذاك مشركًا.
قال البغوي: ? وَالطُّورِ ? أراد به الجبل الذي كَلَّم الله عليه موسى عليه السلام. قال ابن كثير: فالطور هو الجبل الذي يكون فيه أشجار. وعن مجاهد في قوله: ? وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ ?، قال: صحف. قال قتادة: والمسطور: المكتوب. ? فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ ?. قال البغوي: الرَقّ ما يُكتب فيه. وعن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّ رجلاً قال له: ما البيت المعمور؟ قال: (بيت في السماء يقال له: الضراح، وهو بحيال الكعبة من فوقها، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض). وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال في حديث الإسراء بعد مجاوزته إلى السماء السابعة: «ثم رُفع بي إلى البيت المعمور، وإذًا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم».
وعن علي قال: السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ: السماء. وقال ابن زيد في قوله: ? وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ? قال: الموقد. وقرأ:? وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ?. وعن ابن عباس في قوله: ? وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ?، قال: المحبوس. وعن علي: ? وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ?، قال: بحر في السماء تحت العرش. وقال قتادة: المسجور المملوء. وعن جعفر بن زيد العبيدي قال: خرج عمر يعسّ في المدينة ذات ليلة، فمر بدار رجل من المسلمين، فوافقه قائمًا يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ: ? وَالطُّورِ ? حتى بلغ: ? إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ ?، قال: (قسم وربِّ الكعبة حق، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث مليًا، ثم رجع إلى منزله، فمكث شهرًا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه). وعن قتادة: ? إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ?، وذلك يوم القيامة ? يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْراً ? مورها: تحريكها. وقال مجاهد: تدور دورًا. ? وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ?، قال البغوي: يخوضون في الباطل يلعبون غافلين لاهين. وعن ابن عباس: ? يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً ?، قال: يُدفع بأعناقهم حتى يردوا النار. قال البغوي: فإذا دنوا منها قال لهم خزنتها: ? هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ?، في الدنيا
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:20 م]ـ
هنا غريب القرآن لسورة ق
الصفحة الاولى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76058&d=1274544929
الصفحة الثانية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76059&d=1274544929
سورة الذاريات
الصفحة الاولى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76060&d=1274544929
الصفحة الثانية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76061&d=1274544929
سورة الطور
الصفحة الاولى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76072&d=1274587924
الصفحة الثانية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76073&d=1274587924
يتبع,,,,
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:47 م]ـ
من أين تأتي بغريب القرآن؟
من أي كتاب؟
في الصفحات الأخيرة.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 05 - 10, 07:54 م]ـ
من أين تأتي بغريب القرآن؟
من أي كتاب؟
في الصفحات الأخيرة.
تفسير غريب القرآن لمكي القيسي
وانظر هذا الرابط: المنهجية في طلب علم التفسير للشيخ د. مساعد الطيار ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=207963)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/453)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:36 ص]ـ
يوم السبت
بتاريخ 22/ 05/2010
الصفحات 518 و 519
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76103&d=1274673468
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76104&d=1274673468
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76105&d=1274673468
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76106&d=1274673468
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:37 ص]ـ
الأحد
23/ 05/2010
صفحة520 و521
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76107&d=1274673871
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76108&d=1274673871
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76109&d=1274673871
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76110&d=1274673871
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:38 ص]ـ
الإثنين
24/ 05/2010
الصفحة 522 و 523
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76111&d=1274674033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76112&d=1274674033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76113&d=1274674033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76114&d=1274674033
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:39 ص]ـ
الثلاثاء
25/ 05/2010
الصفحة 524 و 525
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:40 ص]ـ
القسم الاول
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76115&d=1274674325
? أَفَسِحْرٌ هَذَا ?؟ وذلك أنهم كانوا ينسبون محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى السحر، وإلى أنه يغطي على الأبصار بالسحر فَوُبِّخوا به وقيل لهم:? أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ ?. ? اصْلَوْهَا ? قاسوا شدتها ? فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ?، الصبر والجزع، ? إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ?.
قال البغوي:? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ ?، معجبين بذلك ناعمين بما آتاهم ربهم، ? وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ?. وعن ابن عباس في هذه الآية: ?وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ?، قال: إن الله تبارك وتعالى يدفع للمؤمن ذريته وإن كانوا دونه في العمل، ليقر الله بهم عينه؛ ? وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ?، يقول: ما نقصناهم، ? كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ?، قال ابن كثير: أي: مرتهن بعمله، أي: لا يحمل عليه ذنب غيره من الناس سواء كان أبا أو ابنًا، ? وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ?، قال قتادة: إنما كان اللغو والباطل في الدنيا،
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:41 ص]ـ
[ CENTER] القسم االثاني
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76116&d=1274674325
? وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ?، قال قتادة: إنما كان اللغو والباطل في الدنيا، ? وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ? ذكر لنا أن رجلاً قال: يا نبي الله، هذا الخادم فكيف المخدوم؟ قال: «والذي نفس محمد بيده، إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب». ? وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ? قال ابن زيد: عذاب النار. قال ابن جرير: وقوله ? إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ? يقول: إنا كنا في الدنيا من قبل يومنا هذا ? نَدْعُوهُ ? يقول: نعبده مخلصين له الدين لا نشرك به شيئًا ? إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ? يعني: اللطيف بعباده، الرحيم بخلقه أن يعذبهم بعد توبتهم.
قال البغوي: ? فَذَكِّرْ ?، يا محمد بالقرآن. ? فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ?، نزلت في الذين اقتسموا عِقبَات مكة، يرمون رسول الله ? بالكهانة والسحر والجنون والشعر. وعن ابن عباس: إن قريشًا لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي ?، قال قائل منهم: احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك، كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم، فأنزل الله في ذلك من قولهم: ? أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ?؛ قال البغوي: حوادث الدهر. ? قُلْ تَرَبَّصُوا ?، انتظروا ? فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ? حتى يأتي أمر الله فيكم.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/454)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:42 ص]ـ
[ CENTER] القسم الثالث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76117&d=1274674325
? أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم ?، عقولهم، ? بِهَذَا ?، وذلك أن عظماء قريش كانوا يوصفون بالأحلام والعقول، فأزرى الله بعقولهم حين لم تميز لهم معرفة الحق من الباطل، ? أَمْ هُمْ ? بَلْ هُمْ: ? قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ?، أي: تخلق القرآن من تلقاء نفسه ? بَل لَّا يُؤْمِنُونَ ? بالقرآن ? فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ?. وقوله تعالى: ? أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ?، يعني: أُوجِدُوا من غير مُوجِد أم هم أَوجَدُوا أنفسهم؟ أي: لا هذا ولا هذا، بل الله هو الذي خلقهم وأوجدهم. ? أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ?، قال ابن كثير: وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله، وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له. ? أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ?؟ أي: المحاسبون للخلائق؟ ليس الأمر كذلك. وعن ابن عباس: قوله: {أم هم المسيطرون}، يقول: المسلطون. ? أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ? الوحي ? فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ?، حجة بينة. ? أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ?؟
قال البغوي: هذا إنكار عليهم حين جعلوا لله ما يكرهون. وعن قتادة: قوله: ? أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ?، يقول: هل سألت هؤلاء القوم أجرًا فجهدهم فلا يستطيعون الإسلام؟
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 05 - 10, 08:43 ص]ـ
[ CENTER] القسم الرابع والاخير
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=76118&d=1274674325
? أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ?؟ قال ابن عباس معناه: أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس به؟ ? أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً ?، مكرًا بك ليهلكوك، ? فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ?، قال البغوي: أي: هم المجزيون بكيدهم، يريد: أن ضرر ذلك يعود عليهم، ? أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ? يرزقهم وينصرهم ? سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ?.
عن قتادة: قوله: ? وَإِن يَرَوْا كِسْفاً ?، يقول: وإن يروا قطعًا، ? مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ?، يقول: لا يصدقوا بحديث ولا يؤمنوا بآيات، ? فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ?؛ قال ابن كثير: وذلك يوم القيامة. ? يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ?. وقوله تعالى: ? وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ ? أي: ما يصيبهم في الدنيا من المصائب فإنما عذاب للفاجر وكفارة للمؤمن ? وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ?. ? وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ? قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه: فإنك بمرأى منا، نراك ونرى عملك، ونحن نحوطك ونحفظك. ? وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ? قال أبو الأحوص: سبحان الله وبحمده. وقال ابن زيد: إذا قام لصلاة ليل أو نهار ? وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ? قال الضحاك: صلاة الصبح.
* * *
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:25 م]ـ
الأربعاء
26/ 05/2010
الصفحة 526 527
يتبع ....
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:28 م]ـ
القسم الاول والثاني
[سورة النجم]
مكية، وهي اثنان وستون آية
في الصحيحين عن ابن مسعود قال: (أول سورة أنزلت فيها سجدة ? وَالنَّجْمِ ?، فسجد النبي ? وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفًا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرًا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/455)
عن ابن عباس: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? يعني: الثريا إذا سقطت وغابت. وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب. وقال الضحاك: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? إذا رمي به الشياطين. وعن ابن عباس: يعني: النجوم التي يرمى بها الشياطين. قال ابن القيم: (وهذا قول الحسن وهو أظهر الأقوال، لما بين المقسم به والمقسم عليه من التناسب). انتهى. قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق. وعن قتادة أن النبي ? تلا: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? فقال عتبة بن أبي لهب: كفرت برب النجم، فقال: «أما تخاف أن يأكلك كلب الله»؟ فخرج في تجارة إلى اليمن، فبينما هم قد عرسوا إذ يسمع صوت الأسد فقال لأصحابه: إني مأكول فأحدقوا به، وضرب على أصمختهم فناموا، فجاء حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته.
قال البغوي: وجواب القسم قوله: ? مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ?، يعني: محمدًا ?، ما ضل عن طريق الهدى ? وَمَا غَوَى ?، قال ابن كثير: والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه إلى غيره، وعن قتادة: قوله: ? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ? أي: ما ينطق عن هواه ? إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ?، قال: يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبريل، ويوحي جبريل إلى محمد ?. ? عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ?، يعني: جبريل، ? ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ? ذو خلق طويل حسن، ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ? الأفق: الذي يأتي منه النهار. وعن الربيع: ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ?، قال: السماء ? الْأَعْلَى ?، يعني: جبريل عليه السلام. وعن قتادة: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ?، يعني: جبريل، ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ?، قال مجاهد: قيد أو قدر قوسين. وعن ابن مسعود في هذه الآية: ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ? قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل له ستمائة جناح». وعن مسروق قال: قلت لعائشة: ما قوله: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?؟ فقالت: (إنما ذلك جبريل، كان يأتيه في صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة في صورته فسد أفق السماء).
وقال ابن زيد في قوله: ? فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?، قال: أوحى جبريل إلى رسول الله ? ما أوحى الله إليه. وعن قتادة في قوله: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ?، قال: رأى جبريل في صورته، وهو الذي رآه نزلة أخرى. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح».
وقال البغوي: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ? قرأ أبو جعفر: ما كذَّب أي: ما كذب قلب محمد ? ما رأى بعينه تلك الليلة، بل صدقه وحققه، وقرأ الآخرون بالتخفيف. أي: ما كذب فؤاد محمد ? الذي رأى بل صدقه، مجازه: ما كذب الفؤاد فيما رأى. انتهى ملخصًا. وعن قتادة: قال: قال نبيّ الله ?: «لما انتهيت إلى السماء السابعة أتيت على إبراهيم فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، فسلمت عليه فقال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، قال: ثم رفعت لي سدرة المنتهى. فحدّث نبي الله أن نبقها مثل قلال هجر، وأن ورقها مثل آذان الفيلة».
وعن ابن عباس: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ?، قال: قال رسول الله ?: «رأيتها حتى استثبتها ثم حال دونها فراش من ذهب». وعن الربيع: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ? قال: غشيها نور الرب، وغشيتها الملائكة، من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجرة. قوله: مثل الغربان: أي: الغرانيق البيض.
للاستماع 526 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/aeC8SSYg/526A.html)
http://dc124.4shared.com/img/298230530/f13d9729/526a.png (http://www.4shared.com/photo/ROZ7OMYL/526a.html)
http://dc201.4shared.com/img/298230531/863aa7bf/526B.png (http://www.4shared.com/photo/cRuH4-7P/526B.html)
للاستماع526 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/m7ZuN2OL/526B.html)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/456)
وعن ابن عباس في قوله ? مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ? قال: ما زاغ يمينًا ولا شمالاً، ولا طغى ولا جاوز ما أمر به ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ? قال ابن مسعود: (رأى النبيّ ? رفرفًا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق) وقال ابن زيد في قوله: ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ?، قال: جبريل، رآه في خلقه الذي يكون به في السماوات، قدر قوسين من رسول الله ?، فيما بينه وبينه.
قال البغوي: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ?، هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، اشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى فقالوا: من الله اللات، ومن العزيز: العزى. وقال ابن عباس: كان اللات رجلاً يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها، فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم؛ وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب، وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلّل بقديد؛ وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة؛ وكانت قلس لطيء ومن يليها بجبل طيء بين سلمى وأجأ؛ وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام؛ وكانت رضاء بيتًا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم؛ وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد.
وقال البغوي: ومعنى الآية: أفرأيتم أخبرونا أيها الزاعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وقال الكلبي: كان المشركون بمكة يقولون: الأصنام والملائكة بنات الله، وكان الرجل منهم إذا بشر بالأنثى كره ذلك. فقال الله تعالى منكرًا عليهم، ? أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ?، قال ابن عباس: جائرة.
? إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ?، قال ابن كثير: أي: ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ?، أي: البيان بالكتاب والرسول أنها ليست بآلهة وأن العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار.? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ? أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام؟ ? فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ ?، ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعهم عند الله، ? لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ ?، في الشفاعة ? لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ?، أي: من أهل التوحيد.]
يتبع ....
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:30 م]ـ
القسم الثالث والرابع
وقال ابن كثير: ? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ?، أي: ليس كل من تمنى خيرًا حصل له، ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ?.
عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي ?: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». وعن قتادة: قوله: ? الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ?، ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة، قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا. وقال ابن زيد في قوله: ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?، قد غفرت ذلك لهم إذ ? هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ?، قال مجاهد: كنحو قوله: ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ?. ? وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/457)
بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?، أي: ترك المعاصي وفعل الطاعات. قال البغوي: ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?، لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها ? هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?.
للاستماع527 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xRVwJrPu/527A.html)
http://dc231.4shared.com/img/298230535/815763a6/527a.png (http://www.4shared.com/photo/TAaB0z6y/527a.html)
http://dc242.4shared.com/img/298230688/1e547889/527b.png (http://www.4shared.com/photo/PSXtjMiE/527b.html)
[COLOR="#ff0000"] للاستماع527 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IXPE-tB7/527B.html)[/COLOR
قال البغوي: قوله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ?، نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد اتبع النبي ? على دينه، فعيره بعض المشركين وقال له: أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال: إني خشيت عذاب الله؛ فضمن الذي عاتبه إن هو أعطى كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه، فأنزل الله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ? أدبر عن الإيمان ? وَأَعْطَى ? صاحبه ? قَلِيلاً وَأَكْدَى ? بخل بالباقي؛ وأصله من الكدية، وهي حجر يظهر في البئر يمنع من الحفر ? أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ?، ما غاب عنه، ويعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه؟ ? أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ ? يخبر، ? بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ?، يعني: أسفار التوراة ? وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ?، تمم وأكمل ما أمر به؛ ثم بين ما في صحفهما فقال: ? أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ? أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤخذ نفس بإثم غيرها ? وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ? عمل ? وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ?، في ميزانه يوم القيامة ? ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى ? الأكمل الأتم ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ?، أي: منتهى الخلق ومصيرهم إليه.
? وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ?، قال مجاهد: أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار،
يتبع ....
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:31 م]ـ
هذه الصفحات المقسمة للاستماع والتحميل (السديس)
518 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/ntUSGp_Z/518A.html)
518B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/CX4IcYCC/518B.html)
519A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/B21StrVq/519A.html)
519B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xQDTnBpV/519B.html)
520A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/aL73OcYL/520A.html)
520B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/tiT4_oIR/520B.html)
520C.mp3 (http://www.4shared.com/audio/
قال الشيخ الألباني :
YVXOFW1/520C.html)
521A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/68bsl
قال الشيخ الألباني :
O-/521A.html)
521B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/3Tur0y4i/521B.html)
522A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/kpYgiW19/522A.html)
522B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/kfrAZRQ4/522B.html)
523A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/8eHmVpN3/523A.html)
523B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/GGtS7iVk/523B.html)
524A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/EVwtT5ix/524A.html)
524B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/jdsmIixe/524B.html)
525A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xHOQgUED/525A.html)
525B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/kBmVc3FS/525B.html)
يتبع ....(19/458)
بالله عليكم من يدلني علي كتب في علوم القرآن
ـ[أبو عمير الأثري]ــــــــ[24 - 05 - 10, 12:56 م]ـ
السلام عليكم أحبابي وأخوتي في الله
أريد بعض الكتب والمراجع تساعدني علي عمل بحث في القرآن الكريم عناصره كالآتي:
1 - تعريف القرآن الكريم وأسماؤه وأوصافه.
2 - المكي والمدني مع بيان مزايا البعض من الآخر.
3 - تخصيص السنة للقرآن.
4 - الإعجاز العلمي في القرآن.
5 - الإعجاز اللغوي في القرآن.
6 - الرسم العثماني.
7 - القراء والقراءات.
8 - نزوزل القرآن علي سبعة أحرف والحكمة من ذلك.
9 - جمع القرآن.
10 - الناسخ والمنسوخ.
11 - التأويل المحمود والتأويل المذموم.
12 - المحكم والمتنشابه.
13 - الأمثال في القرآن.
14 - القصص في القرآن.
15 - أحوال السلف في القرآن.
16 - أحوال السلف في القرآن.
ـ[أبو سليمان الهاشمي]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:08 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
1 - مباحث في علوم القران للشيخ مناع القطان.
2 - الاتقان في علوم القران للإمام السيوطي.
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:16 م]ـ
عليك بكتاب الاتقان في علوم القرآن للسيوطي
وأيضا البرهان للزركشي
ـ[أبو مالك الأثري السلفي]ــــــــ[24 - 05 - 10, 02:44 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
خذ ما شئت من هنا: http://majles.alukah.net/showthread.php?t=29217
ولا تنس الدعاء.
وفقكم الله، ونفع بكم
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[24 - 05 - 10, 03:30 م]ـ
عليك بكتابين مهمين:
- المحرر في علوم القرآن، للشيخ مساعد الطيار.
- المقدمات الأساسية في علوم القرآن، للشيخ عبد الله الجديع.
ـ[أبو عمير الأثري]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:08 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أحبابي في الله
ـ[أبو حوّاء]ــــــــ[31 - 05 - 10, 02:21 م]ـ
شئ طيب ..
نفع الله بكم
ـ[أبو همام السعدي]ــــــــ[31 - 05 - 10, 02:42 م]ـ
عليك بكتابين مهمين:
- المحرر في علوم القرآن، للشيخ مساعد الطيار.
- المقدمات الأساسية في علوم القرآن، للشيخ عبد الله الجديع.
هل هذه الكتب متوفرة في دولة " الأردن "؟؟ وفي أي المكاتبِ توزَّع.؟.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[02 - 06 - 10, 01:42 ص]ـ
هل هذه الكتب متوفرة في دولة " الأردن "؟؟ وفي أي المكاتبِ توزَّع.؟.
لا أعلم، ولكن تجدهما مصورين pdf على الشبكة. وفقك الله.(19/459)
استفسار لاهل الاختصاص
ـ[الشتوي عبدالله]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:26 ص]ـ
ورد في كتاب حجة القراءات لابن زنجلة في سورة ص مايلي:
(أءنزل عليه الذكر من بيننا ...... )
قرأ الحلواني عن نافع وابن اليزيدي: (آنزل عليه ... ) بهمزة واحدة مطولة.
وقرأ نافع وابن كثير وابو عمرو بهمزة واحدة من غير مد.
وقرأ الباقون بهمزتين
فالمرجو من الاخوة الكرام التفضل ببيان هذا الكلام
وجزاكم الله كل خير
ـ[الشتوي عبدالله]ــــــــ[25 - 05 - 10, 10:59 م]ـ
هل من معين
ـ[أبو حوّاء]ــــــــ[25 - 05 - 10, 11:03 م]ـ
الله خير معين. . .
..
ـ[أبو الحسن محمد المصري]ــــــــ[29 - 05 - 10, 12:29 ص]ـ
يا أخانا الكريم , اعلم أن كتب توجيه القراءات وبيان أوجهها من اللغة هي كتب دراية وليست كتب رواية فلا يؤخذ منها أن فلانا من القراء قرأ كذا وكذا , ولكن يعرض ذلك على كتب الرواية مثل النشر والتيسير والشاطبية والتبصرة وغيرها من الكتب , ثم إن كتاب ابن زنجلة رحمه الله لم يذكر مؤلفه ولا محققه الأسانيد إلى القراء , ولا طرق الرواة ولا من أين استقى قراءاتهم التي سيوجهها وهذا يؤكد أنه لا يعتمد عليه في معرفة القراءات رواية.
ولذلك قال مكي بن أبي طالب رحمه الله عن كتابه (الكشف عن وجوه القراءات) الذي وجه فيه ما ذكره من قراءات في كتابه التبصرة: فهذا الكتاب كتاب فهم وعلم ودراية , والكتاب الأول (يعني التبصرة) كتاب نقل ورواية.
فإذا رجعنا لكتب الرواية نجد أن موضع سورة ص (ءأنزل) فيها أربع قراءات من طريق الشاطبية والدرة:
1 - بتسهيل الهمزة الثانية وإدخال ألف قبلها لقالون وأبي جعفر ووجه لأبي عمرو وهشام.
2 - بالتسهيل من غير إدخال ورش وابن كثير ورويس ووجه ثان لأبي عمرو.
3 - التحقيق مع الإدخال وهو الوجه الثاني لهشام.
4 - التحقيق من غير إدخال للباقين.
فأنت ترى أن الجميع قرأ بالهمزتين , وخلافهم في التسهيل والإدخال وعدمهما. والله أعلم.
ـ[الشتوي عبدالله]ــــــــ[29 - 05 - 10, 03:04 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا على التوضيح(19/460)
هنا نحفظ القرآن؟ (الصفحة الرئيسية)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 02:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نظرا لحدوث خلل في الصور في موضوع بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211537)
قررت نقله الى هذه الصفحة مع شيء من الترتيب
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 05:34 م]ـ
ستكون هذه الصفحة هي الرئيسة
وهناك سبع صفات فرعية مقسب حسب الاحزاب:
حزب البقرة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212028)
حزب المائدة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212029)
حزب يونس ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212030)
حزب الاسراء ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212031)
حزب الشعراء ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212032)
حزب الصافات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212034)
حزب المفصل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=212024) ( وقد بدأنا فيه)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:28 م]ـ
يراجع في ذلك المواضيع التالية:
بدأ حفظ القرآن، فهل من مشمر؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211537)
هل تريد ان تحافظ على وردك اليومي من القرآن (خطوة صغيرة لكن فعالة)؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211291)
طريقة لحفظ القرآن في اقل من سنة (43 اسبوعا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=211291)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:33 م]ـ
الأربعاء
26/ 05/2010
الصفحات 526 527
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:40 م]ـ
ساضع فيديو الحفظ صوت وصورة على صفحتي على اليوتيوب
على هذا الرابط http://www.youtube.com/user/ABOFIRASP
( ملاحظ لا يوجد صور ذات ارواح على الصفحة - خالية تماما)
ـ[براءة]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:45 م]ـ
ساضع فيديو الحفظ صوت وصورة على صفحتي على اليوتيوب
على هذا الرابط http://www.youtube.com/user/ABOFIRASP
( ملاحظ لا يوجد صور ذات ارواح على الصفحة - خالية تماما)
رائع، بارك الله في جهودك
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:46 م]ـ
القسم الاول والثاني
[سورة النجم]
مكية، وهي اثنان وستون آية
في الصحيحين عن ابن مسعود قال: (أول سورة أنزلت فيها سجدة ? وَالنَّجْمِ ?، فسجد النبي ? وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفًا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرًا).
عن ابن عباس: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? يعني: الثريا إذا سقطت وغابت. وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب. وقال الضحاك: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? إذا رمي به الشياطين. وعن ابن عباس: يعني: النجوم التي يرمى بها الشياطين. قال ابن القيم: (وهذا قول الحسن وهو أظهر الأقوال، لما بين المقسم به والمقسم عليه من التناسب). انتهى. قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق. وعن قتادة أن النبي ? تلا: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? فقال عتبة بن أبي لهب: كفرت برب النجم، فقال: «أما تخاف أن يأكلك كلب الله»؟ فخرج في تجارة إلى اليمن، فبينما هم قد عرسوا إذ يسمع صوت الأسد فقال لأصحابه: إني مأكول فأحدقوا به، وضرب على أصمختهم فناموا، فجاء حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته.
قال البغوي: وجواب القسم قوله: ? مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ?، يعني: محمدًا ?، ما ضل عن طريق الهدى ? وَمَا غَوَى ?، قال ابن كثير: والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه إلى غيره، وعن قتادة: قوله: ? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ? أي: ما ينطق عن هواه ? إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ?، قال: يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبريل، ويوحي جبريل إلى محمد ?. ? عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ?، يعني: جبريل، ? ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ? ذو خلق طويل حسن، ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ? الأفق: الذي يأتي منه النهار. وعن الربيع: ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ?، قال: السماء ? الْأَعْلَى ?، يعني: جبريل عليه السلام. وعن قتادة: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ?، يعني: جبريل، ? فَكَانَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/461)
قَابَ قَوْسَيْنِ ?، قال مجاهد: قيد أو قدر قوسين. وعن ابن مسعود في هذه الآية: ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ? قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل له ستمائة جناح». وعن مسروق قال: قلت لعائشة: ما قوله: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?؟ فقالت: (إنما ذلك جبريل، كان يأتيه في صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة في صورته فسد أفق السماء).
وقال ابن زيد في قوله: ? فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?، قال: أوحى جبريل إلى رسول الله ? ما أوحى الله إليه. وعن قتادة في قوله: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ?، قال: رأى جبريل في صورته، وهو الذي رآه نزلة أخرى. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح».
وقال البغوي: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ? قرأ أبو جعفر: ما كذَّب أي: ما كذب قلب محمد ? ما رأى بعينه تلك الليلة، بل صدقه وحققه، وقرأ الآخرون بالتخفيف. أي: ما كذب فؤاد محمد ? الذي رأى بل صدقه، مجازه: ما كذب الفؤاد فيما رأى. انتهى ملخصًا. وعن قتادة: قال: قال نبيّ الله ?: «لما انتهيت إلى السماء السابعة أتيت على إبراهيم فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، فسلمت عليه فقال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، قال: ثم رفعت لي سدرة المنتهى. فحدّث نبي الله أن نبقها مثل قلال هجر، وأن ورقها مثل آذان الفيلة».
وعن ابن عباس: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ?، قال: قال رسول الله ?: «رأيتها حتى استثبتها ثم حال دونها فراش من ذهب». وعن الربيع: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ? قال: غشيها نور الرب، وغشيتها الملائكة، من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجرة. قوله: مثل الغربان: أي: الغرانيق البيض.
للاستماع 526 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/aeC8SSYg/526A.html)
http://dc124.4shared.com/img/298230530/f13d9729/526a.png (http://www.4shared.com/photo/ROZ7OMYL/526a.html)
http://dc201.4shared.com/img/298230531/863aa7bf/526B.png (http://www.4shared.com/photo/cRuH4-7P/526B.html)
للاستماع526 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/m7ZuN2OL/526B.html)
وعن ابن عباس في قوله ? مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ? قال: ما زاغ يمينًا ولا شمالاً، ولا طغى ولا جاوز ما أمر به ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ? قال ابن مسعود: (رأى النبيّ ? رفرفًا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق) وقال ابن زيد في قوله: ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ?، قال: جبريل، رآه في خلقه الذي يكون به في السماوات، قدر قوسين من رسول الله ?، فيما بينه وبينه.
قال البغوي: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ?، هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، اشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى فقالوا: من الله اللات، ومن العزيز: العزى. وقال ابن عباس: كان اللات رجلاً يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها، فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم؛ وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب، وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلّل بقديد؛ وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة؛ وكانت قلس لطيء ومن يليها بجبل طيء بين سلمى وأجأ؛ وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام؛ وكانت رضاء بيتًا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم؛ وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد.
وقال البغوي: ومعنى الآية: أفرأيتم أخبرونا أيها الزاعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وقال الكلبي: كان المشركون بمكة يقولون: الأصنام والملائكة بنات الله، وكان الرجل منهم إذا بشر بالأنثى كره ذلك. فقال الله تعالى منكرًا عليهم، ? أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ?، قال ابن عباس: جائرة.
? إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ?، قال ابن كثير: أي: ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ?، أي: البيان بالكتاب والرسول أنها ليست بآلهة وأن العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار.? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ? أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام؟ ? فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ ?، ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعهم عند الله، ? لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ ?، في الشفاعة ? لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ?، أي: من أهل التوحيد.]
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/462)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:50 م]ـ
القسم الثالث والرابع
وقال ابن كثير: ? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ?، أي: ليس كل من تمنى خيرًا حصل له، ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ?.
عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي ?: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». وعن قتادة: قوله: ? الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ?، ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة، قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا. وقال ابن زيد في قوله: ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?، قد غفرت ذلك لهم إذ ? هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ?، قال مجاهد: كنحو قوله: ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ?. ? وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?، أي: ترك المعاصي وفعل الطاعات. قال البغوي: ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?، لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها ? هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?.
للاستماع527 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xRVwJrPu/527A.html)
http://dc231.4shared.com/img/298230535/815763a6/527a.png (http://www.4shared.com/photo/TAaB0z6y/527a.html)
http://dc242.4shared.com/img/298230688/1e547889/527b.png (http://www.4shared.com/photo/PSXtjMiE/527b.html)
[COLOR="#ff0000"] للاستماع527 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IXPE-tB7/527B.html)[/COLOR
قال البغوي: قوله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ?، نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد اتبع النبي ? على دينه، فعيره بعض المشركين وقال له: أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال: إني خشيت عذاب الله؛ فضمن الذي عاتبه إن هو أعطى كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه، فأنزل الله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ? أدبر عن الإيمان ? وَأَعْطَى ? صاحبه ? قَلِيلاً وَأَكْدَى ? بخل بالباقي؛ وأصله من الكدية، وهي حجر يظهر في البئر يمنع من الحفر ? أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ?، ما غاب عنه، ويعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه؟ ? أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ ? يخبر، ? بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ?، يعني: أسفار التوراة ? وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ?، تمم وأكمل ما أمر به؛ ثم بين ما في صحفهما فقال: ? أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ? أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤخذ نفس بإثم غيرها ? وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ? عمل ? وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ?، في ميزانه يوم القيامة ? ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى ? الأكمل الأتم ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ?، أي: منتهى الخلق ومصيرهم إليه.
? وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ?، قال مجاهد: أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار،
يتبع ...
ـ[براءة]ــــــــ[25 - 05 - 10, 09:59 م]ـ
الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
أسئلة سورة الطور:
1 - بداية السورة .... ما له من دافع
2 - اصلوها فاصبروا .... بحور عين
3 - إنا كنا من قبل ندعوه .... بل لا يؤمنون
4 - وإن يروا كسفا من السماء .... الى آخر السورة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 10:14 م]ـ
الاخت براءة بارك الله فيكم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[26 - 05 - 10, 06:28 م]ـ
الخميس
27/ 05/2010
الصفحات
528 529
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[26 - 05 - 10, 10:13 م]ـ
القسم الاول والثاني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/463)
? وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى ?، من كل حيوان، ? مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ? أي: الخلق الثاني للبعث يوم القيامة ? وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ? قال أبو صالح: ? أَغْنَى ? الناس بالأموال ? وَأَقْنَى ? أي: أعطى القنية وأصول الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية، ? وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ? وهو كوكب خلف الجوزاء وكانت خزاعة تعبدها ? وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى ?، وهم قوم هود وثمود، ? فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ?، لطول دعوة نوح إياهم وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب، ? وَالْمُؤْتَفِكَةَ ?، يعني: قرى قوم لوط ? أَهْوَى ? أسقط، أي: أهواها جبريل بعد ما رفعها إلى السماء، ? فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ?، يعني: الحجارة ? فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ ? نعم ربك أيها الإنسان ? تَتَمَارَى ? تشك وتجادل؟ ? هَذَا نَذِيرٌ ?، يعني: محمدًا، ? مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى ?، أي: رسول من الرسل، أرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم. ? أَزِفَتْ الْآزِفَةُ ?، دنت القيامة واقتربت الساعة، ? لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ?، أي: لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره ? أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ? يعني: القرآن ? تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ ? استهزاء ? وَلَا تَبْكُونَ ? لما فيه من الوعد والوعيد ? وَأَنتُمْ سَامِدُونَ ?، لاهون غافلون. وقال عكرمة: هو الغناء بلغة أهل اليمن، وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا. ? فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ?، أي: واعبدوه. انتهى ملخصًا. والله أعلم.
* * *
528 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/QgTvXaji/528A.html)
http://dc253.4shared.com/img/298230695/79fe3575/528A.png (http://www.4shared.com/photo/CG9ogvxn/528A.html)
528B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/_XiP9qnl/528B.html)
http://dc228.4shared.com/img/298849353/5450ad5b/528B.png (http://www.4shared.com/photo/
قال الشيخ الألباني :
g8k-UvR/528B.html)
عن أنس بن مالك: (أن أهل مكة سألوا رسول الله ? أن يريهم آية فأراهم القمر شقّتين، حتى رأوا حراء بينهما). متفق عليه. وعند ابن جرير من حديث ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله ? فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فسلوا السفار فسألوهم فقالوا: نعم، قد رأيناه فأنزل الله تبارك وتعالى: ? اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ?. وعن قتادة: قوله: ? وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ?، قال: إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا: إنما هذا عمل السحر يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب ? وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ? أي: واقع بأهل الخير الخير وبأهل الشرّ الشرّ ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ? أي: هذا القرآن. قال سفيان: المزدجر المنتهى.
? حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ?، قال البغوي: يعني: القرآن حكمة تامّة، وقد بلغت الغاية في الزجر، ? فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ? وهذه كقوله تعالى: ? وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ?. ? فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ?، قال ابن كثير: أعرض عنهم وانتظرهم، ? يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ ? وهو موقف الحساب،
يتبع ... (القسم الثالث والرابع)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[26 - 05 - 10, 10:17 م]ـ
القسم الثالث والرابع
? خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ ?، أي: ذليلة أبصارهم، ? يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ?، قال قتادة: عامدين إلى الداعي، ? يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ?، وهذه الآية كقوله تعالى: ? يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/464)
عن مجاهد: ? وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ?، قالوا: استطير جنونًا. وقال ابن زيد في قوله:? وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ? قال: اتهموه وزجروه وأوعدوه وقرأ: ? لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ?. وعن سفيان: ? فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ?، قال: ماء السماء وماء الأرض. وعن قتادة في قوله: ? ذَاتِ أَلْوَاحٍ ? قال: معاريض السفينة ? وَدُسُرٍ ?، قال: دسرت بمسامير. وقوله تعالى: ? تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ? قال ابن كثير: أي: بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا، ? جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ ? أي: جزاء لهم على كفرهم بالله، وانتصارًا لنوح عليه السلام. وعن قتادة في قوله: ? وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً ?، قال: ألقى الله سفينة نوح على الجوديّ حتى أدركها أوائل هذه الأمة. وقال البغوي: ? وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً ?، يعني: الفعلة التي فعلنا. قال ابن كثير: والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن، كقوله تعالى: ? وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ? وقال تعالى: ? إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ?.
وقوله تعالى: ? فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ?، قال البغوي: أي: متذكّر متّعظ خائف مثل عقوبتهم، ? فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ?، أي: إنذاري. وقال ابن كثير: أي: كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذّب رسلي، ولم يتّعظ بما جاءت به نذري وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر، ? وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ?، أي: سهّلنا لفظه ويسّرنا معناه لمن أراده ليتذكّر الناس، كما قال: ? كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ?. ? فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ? أي: فهل من متذكّر بهذا القرآن الذي قد يسّر الله حفظه ومعناه؟ وعن ابن عباس: لولا أن الله يسّره على لسان الآدميين، ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلّم بكلام الله عز وجل. وعن قطر الورّاق في قوله: ? وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ?، قال: هل من طالب علم فيُعانُ عليه؟ قال الحافظ ابن حجر: وقد تكرّر في هذه السورة قوله: ? فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ? بحسب تكرّر القصص من أخبار الأمم، استدعاء لأفهام السامعين ليعتبروا.
529 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/_4JJU7B3/529A.html)
http://dc239.4shared.com/img/298849360/e674af22/529A.png (http://www.4shared.com/photo/YnS8alYR/529A.html)
529B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/t1idkXto/529B.html)
http://dc193.4shared.com/img/298850969/d257f46a/529B.png (http://www.4shared.com/photo/d4GofOg9/529B.html)
قال ابن زيد في قوله: ? رِيحاً صَرْصَراً ? قال: الصرصر: الشديدة. وقال قتادة: الصرصر: الباردة. قال ابن جرير: وهي الشديدة العصوف في بَرْدِ التي لصوْتِها صرير. وعن قتادة: ? فِي يَوْمِ نَحْسٍ ? قال: النحس الشؤم ? مُّسْتَمِرٍّ ? يستمرّ بهم إلى نار جهنم. وعن مجاهد في قوله: ? تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ? قال: سقطت رؤوسهم كأمثال الأخبية، وتفرّدت عن أعناقهم.
قال البغوي: ? كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ?، بالإنذار الذي جاءهم به صالح ? فَقَالُوا أَبَشَراً ? آدميًا، ? مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ ?، ونحن جماعة كثيرة ? إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ ?، مبين، ضلال: خطأ وذهاب عن الصواب ? وَسُعُرٍ ?، قال ابن عباس: عذاب. وقال الفراء: جنون. ? أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ? بطلاً متكبّر ? سَيَعْلَمُونَ غَداً ?، حين ينزل بهم العذاب، ? مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ ?، أي: باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا أن يخرجها منها، ? فِتْنَةً لَّهُمْ ?، محنة واختبارًا، ? فَارْتَقِبْهُمْ ?، فانتظر ما هم صانعون، ? وَاصْطَبِرْ *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/465)
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ?، وبين الناقة،
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 11:35 ص]ـ
الجمعة
28/ 05/2010
الصفحات
530 531
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 11:58 ص]ـ
القسم الاول والثاني
? وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ?، وبين الناقة، ? كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ?، قال مجاهد: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة، فإذا جاءت حضروا اللبن، ? فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى ?، فتناول الناقة بسفيه، ? فَعَقَرَ ?. انتهى ملخصًا.
وعن الضحاك في قوله: ? كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ?، قال: هو الشوك الذي تحظر به العرب حول مواشيها من السباع.
عن قتادة: قوله: ? فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ?، لم يصدّقوه، ? وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ?، وذكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطًا، وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه فصفقهم بجناحه وتركهم عميًا يتردّدون، ? فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ?، يقول: استقر بهم إلى نار جهنم.
530 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/DgCjaDZl/530A.html)
http://dc180.4shared.com/img/300847578/2e3d5cdf/530A.png (http://www.4shared.com/photo/52EZT9nx/530A.html)
http://dc244.4shared.com/img/300847580/a77ec822/530B.png (http://www.4shared.com/photo/-NfezlcY/530B.html)
530B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/5ALpvdfX/530B.html)
عن قتادة: قوله: ? فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ ?، يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم، ? أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ ?، يقول: ليس كفّاركم خيرًا من قوم نوح ولوط. وقال ابن زيد في قوله: ? أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ ?، في كتاب الله براءة مما تخافون، ? أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ?، قال عمر: لما نزلت، ? سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ?، جعلت أقول: أيّ جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبي ? يثب في الدرع ويقول: «سيهزم الجمع ويولّون الدبر». ? بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ?، قال البغوي: أي: أعظم داهية وبليّة، وأشدّ مرارة من الأسر والقتل يوم بدر.
قال الحسين بن فضل: ? إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ ?، في الدنيا ونار في الآخرة، ? يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ?، قال ابن عباس: إني أجد في كتاب الله قومًا يسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: ? ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ?، لأنهم كانوا يكذبون بالقدر. وعن أبي هريرة أن قريشًا خاصمت النبي ? في القدر، فأنزل الله: ? إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ?، قال ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 12:04 م]ـ
القسم الثالث والرابع
? إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ?، قال ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. وقال ابن زيد في قوله: ? وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ?، قال: أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية، يقول: فهل من أحد يتذكّر وكلّ شيء فعلوه في الزبر؟ قال ابن كثير: أي: مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام ? وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ? أي: من أعمالهم، ? مُسْتَطَرٌ ? أي: مجموع عليهم ومسطر في صحائفهم. ذكر أن رجلاً عمل ذنبًا فاستصغره، فأتاه آت في منامه فقال له:
لا تحقرنّ من الذنوب صغيرا (إن الصغير غدًا يعود كبيرا (
إن الصغير ولو تقادم عهده (عند الإله مسطّر تسطيرا (
فازجر هواك عن البطالة لا تكن (صعب القياد وشمّرن تشميرا (
إن المحبّ إذا أحبّ إلهه (طار الفؤاد وأُلهم التفكيرا (
فاسأل هدايتك الإِله بنيّة (فكفى بربك هاديًا ونصيرا (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/466)
وقوله تعالى: ? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ?، قال جعفر الصادق: مدح الله المكان بالصدق، فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق. وروى مسلم وغيره عن النبي ? أنه قال: «المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا». والله أعلم.
* * *
531 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/lie7a7_R/531A.html)
http://dc162.4shared.com/img/300847596/57065c56/531A.png (http://www.4shared.com/photo/c1orTzfx/531A.html)
http://dc229.4shared.com/img/300847443/9300bca3/531B.png (http://www.4shared.com/photo/23u
قال الشيخ الألباني :
npkV/531B.html)
531b.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xahSFlSZ/531b.html)
[ سورة الرحمن]
مكية، وهي ثمان وسبعون آية
عن جابر قال: خرج رسول الله ? على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا فقال: «لقد قرأتها على الجنّ ليلة الجنّ فكانوا أحسن مردودًا منكم، كنت كلما أتيت على قوله: ? فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ?، قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب فلك الحمد». رواه الترمذي. وعن عليّ قال: سمعت رسول الله ? يقول: «لكل شيء عروس، وعروس القرآن: الرحمن». رواه البيهقي في شعب الإيمان.
عن قتادة: أنه قال في تفسير قوله: ? الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ? نعمة والله وعظيمة ? خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ? قال ابن زيد: البيان: الكلام. ? الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ? قال ابن عباس: يجريان بعدد وحساب ومنازل ? وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ?، قال مجاهد: النجم هو: الكوكب وهذه الآية كقوله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ?.
وقوله تعالى: ? وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ?، قال مجاهد: العدل ? أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ? قال قتادة: اعدل يا ابن آدم كما تحبّ أن يعدل عليك، وأوف كما تحبّ أن يوفّى لك، فإن بالعدل صلاح الناس. وكان ابن عباس يقول: يا معشر الموالي، إنكم قد ولّيتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم، هذا المكيال، والميزان، ? وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ? قال ابن زيد: تخسيره نقصه ? وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ? قال مجاهد: للخلائق ? فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ?، قال ابن زيد: هو الطلع قبل أن ينفتق، ? وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ?، قال مجاهد: العصف الورق من كل شيء، والريحان الرزق؛ وقال الحسن: هو ريحانكم الذي يشمّ. قال البغوي: كلها مدفوعات بالردّ على الفاكهة؛ وقرأ ابن عامر: بنصب الباء والنون و (ذا) بالألف. وقرأ حمزة والكسائي (والريحان): بالجر عطفًا على (العصف) فذكر قوت الناس والأنعام، ثم خاطب الجن والإنس فقال: ? فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ?، أيها الثقلان؟ يريد من هذه الأشياء المذكورة؛ وكرر هذه الآية في هذه السورة تقريرًا للنعمة وتأكيدًا في التذكير بها على عادة العرب في الإبلاغ والإشباع، يعدّد على الخلق آلاءه ويفصل بين كل نعمتين بما ينبّههم عليها.
عن قتادة: ? خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ?، قال: من طين له صلصلة كان يابسًا. وعن عائشة قالت: قال رسول الله ?: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجانّ من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». رواه مسلم وغيره. وقال ابن زيد: المارج: اللهب.
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[28 - 05 - 10, 12:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 12:39 م]ـ
الاخ ابو اسحاق
بارك الله فيك
ـ[براءة]ــــــــ[28 - 05 - 10, 03:00 م]ـ
الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/467)
أسئلة سورة النجم:
1 - وما ينطق عن الهوى .... أوحى
2 - فلله الآخرة والأولى .... إلا الحياة الدنيا
3 - ولله ما في السموات ... وأكدى
4 - وثمود فما أبقى ... الى نهاية السورة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 09:42 م]ـ
السبت
29/ 05/2010
532 533
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 10:15 م]ـ
القسم الاول والثاني
وعن مجاهد: قوله: ? رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ?، قال: مشرق الشتاء ومغربه، ومشرق الصيف ومغربه.
وعن ابن عباس: قوله: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ?، يقول: أرسل. وقال ابن زيد في قوله: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ?، قال: منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض. قال ابن كثير: والمراد بقوله البحرين: الملح والحلو، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس. قال وقوله تعالى: ? يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ? أي: من مجموعهما، فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى، كما قال تعالى: ? يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ?، والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجنّ. وعن ابن عباس قال: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها، فما وقع فيها -، يعني: من قطر - فهو اللؤلؤ. وعن قتادة: ? يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ?، قال: اللؤلؤ: الكبار من اللؤلؤ، والمرجان: الصغار منه. وعن ابن مسعود قال: المرجان: الخرز الأحمر. وعن قتادة: قوله: ? وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ?، يعني: السفن. وقال مجاهد: ما رفع قطعة من السفن فهي منشآت، وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشآت
قال ابن عباس: ? ذُو الْجَلَالِ ?، العظمة والكبرياء. وعن قتادة: قوله: ? يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ?، لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض، يحيي حيًّا ويميت ميتًا، ويربّي صغيرًا ويذلّ كبيرًا، وهو يسأل حاجات الصالحين ومنتهى شكواهم. وروى ابن جرير عن منيب بن عبد الله الأزديّ قال: تلا رسول الله ? هذه الآية: ? كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ?، فقلنا يا رسول الله وما ذاك الشأن؟ قال: «من شأنه أن يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين».
532 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/Hy4aaaX7/532A.html)
http://dc199.4shared.com/img/301175360/51a17139/532A.png (http://www.4shared.com/photo/5nalcMtC/532A.html)
http://dc217.4shared.com/img/301171243/743ebf61/532B.png (http://www.4shared.com/photo/mgevqh2V/532B.html)
532B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/2NoWI1Cu/532B.html)
وعن ابن عباس: قوله: ? سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ ?، قال: وعيد من الله للعباد، وليس بالله شغل. وقال الضحاك بن مزاحم: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشقّقت بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم بالثانية، ثم بالثالثة، ثم بالرابعة، ثم بالخامسة، ثم بالسادسة، ثم بالسابعة، فصفّوا صفًّا دون صف، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندّوا، فلا يأتون قطرًا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله: ? إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ?، وذلك قوله: ? وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/468)
وقوله: ? يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ?، وذلك قوله: ? وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ?. وعن مجاهد: قوله: ? يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ ?، قال: اللهب المنقطع ? وَنُحَاسٌ ?. قال: يذاب الصفر من فوق رؤوسهم. وعن قتادة في قوله: ? فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ? قال: هي اليوم خضراء ولونها يومئذٍ الحمرة. وعن مجاهد: ? كَالدِّهَانِ ? قال: كالدهن. وعن قتادة في قوله: ? فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ ? قال: حفظ الله عز وجل عليهم أعمالهم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 11:00 م]ـ
القسم الثالث والرابع
، ? يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ? قال: زرق العيون سود الوجوه ? فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ? قال ابن عباس: يؤخذ ناصيته وقدميه، فيكسر كما يكسر الحطب في التنور ? هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ?، قال: الآني: ما اشتدّ غليانه ونضجه.
عن ابن عباس: قوله: ? وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ? قال: وعد الله جلّ ثناؤه المؤمنين الذين خافوا مقامه فأدّوا فرائضه الجنّة قال: والخائف من ركب طاعة الله وترك معصيته. وقال ابن زيد: مقامه حين يقوم العباد يوم القيامة وقرأ: ? يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ?. وعن مجاهد: ? ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ? أغصان. وقال عكرمة: ظلّ الأغصان. وقال الضحاك: ذواتا ألوان من الفاكهة ? فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ?، قال الحسن: إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل. وقوله تعالى: ? فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ? قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: فيهما من كل نوع من الفاكهة ضربان ? مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ? قال ابن مسعود: قد أُخبرتم بالبطائن، فكيف لو أُخبرتم بالظهائر؟ وعن قتادة: قوله: ? وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ?، ثمارهما دانية لا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شوك، ذكر لنا أن نبيّ الله ? قال: «والذي نفسي بيده، لا يقطع رجل ثمرة من الجنّة فتصل إلى فيه، حتى يبدل الله مكانها خيرًا منها»
533 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/XqPdmSX-/533A.html)
http://dc265.4shared.com/img/301171997/caa8ead4/533A.png (http://www.4shared.com/photo/X_2X7tT6/533A.html)
http://dc118.4shared.com/img/301172007/60ec5fc/533B.png (http://www.4shared.com/photo/JO07wZFX/533B.html)
533B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/oddLTgkN/533B.html)
. وعن مجاهد في قوله:? فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ?، قال: قصرن طرفهنّ عن الرجال، فلا ينظرن إلا إلى أزواجهنّ ? لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ?، قال: لم يمسّهنّ. وروى ابن جرير عن ابن مسعود مرفوعًا قال: «إن المرأة من أهل الجنة ليُرى بياض ساقها من وراء سبعين حلّة من حرير وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ? أما الياقوت فإنه لو أدخلت فيه سلكًا ثم استصفيته لرأيته من ورائه». وعن السدي في قوله: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ? قال: صفاء وحسن المرجان. وعن قتادة: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ? صفاء الياقوت في بياض المرجان ? هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ?؟ قال: عملوا خيرًا فجوزوا خيرًا.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 07:00 م]ـ
الأحد
30/ 05/2010
الصفحات
534 535
ـ[براءة]ــــــــ[29 - 05 - 10, 08:09 م]ـ
الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
أسئلة سورة القمر:
1 - ولقد جاءكم من الأنباء ... عسر
2 - تجري بأعيننا جزاء ... مستمر
3 - سيعلمون غدا ... المحتظر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/469)
4 - ولقد جاء آل فرعون ... مس سقر
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 09:45 م]ـ
القسم الاول والثاني
قال ابن زيد في قوله: ? وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ?، جنّتا السابقين، فقرأ: ? ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ? فقرأ حتى بلغ: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ ? ثم رجع إلى أصحاب اليمين فقال: ? وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ?، فذكر فضلهما وما فيهما. وعن عبد الله بن قيس أن رسول الله ? قال: «جنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما، وجنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنّة عَدْنٍ». متفق عليه. وقال ابن زيد في قوله: ? وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ?، هما أدنى من هاتين، لأَصحاب اليمين. وعن ابن عباس: قوله ? مُدْهَامَّتَانِ ? قال: خضراوان من الريّ، ? فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ? بالماء. قال ابن جرير: يعني: فوّارتان. وعن سعيد بن جبير قال: نخل الجنّة جذوعها من ذهب، وعروقها من ذهب، وكرانيفها من زمرّد، وسفعها كسوة لأهل الجنّة، ورطبها كالدلاء أشدّ بياضًا من اللبن، وألين من الزبد وأحلى من العسل ليس له عجم. وعن قتادة في قوله: ? خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ?، قال: خيرات في الأخلاق، حسان في الوجوه، ? حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ? قال الضحاك: الحوراء العيناء الحسناء. وقال مجاهد: ? حُورٌ ? بيض ? مَّقْصُورَاتٌ ? على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم ? فِي الْخِيَامِ ? قال: لا يبرحن الخيام. وقال عمر بن الخطاب: الخيام درّ مجوّف. وعن سعيد بن جبير في قوله: ? مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ?، قال: رياض الجنّة. وقال ابن عباس الرفرف فضول المجالس والبسط ? وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ?، قال: الزرابيّ. وقال مجاهد: هو الديباج. وعن ابن عباس: قوله: ? تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ?، يقول: ذو العظمة والكبرياء.
* * *
534 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/O_Vt3fLz/534A.html)
http://dc226.4shared.com/img/301831268/355f363/534A.png (http://www.4shared.com/photo/hFiyem28/534A.html)
http://dc148.4shared.com/img/301831355/570bb62a/534B.png (http://www.4shared.com/photo/LR0jhRIT/534B.html)
534B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/-nB6RWUg/534B.html)
[ سورة الواقعة]
مكية، وهي ست وتسعون آية
عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت! قال: «شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون». رواه الترمذي. وعن جابر بن سمرة قال: (كان رسول الله يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلّون اليوم، ولكنه كان يخفف، كانت صلاته أخفّ من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر: (الواقعة) ونحوها من السور). رواه أحمد.
عن ابن عباس في قوله: ? إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ? و ? الطَّامَّةُ ? و ? الصَّاخَّةُ ?، ونحو هذا من أسماء ? الْقِيَامَةِ ? عظّمة الله وحذّره عباده. وعن قتادة: ? لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ? أي: ليس لها مثنويّة ولا رجعة ولا ارتداد. وقوله: ? خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ? قال: أَسْمَعَتِ القريبِ والبعيدَ. ? خَافِضَةٌ ? أقوامًا إلى عذاب الله و ? رَّافِعَةٌ ?، أقوامًا إلى كرامة الله، ? إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً ?، قال: زلزلت زلزالاً. وعن مجاهد: ? وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً ?، قال: كما يُبَسُّ السويق. وقال ابن زيد: صارت كثيبًا مهيلاً كما قال الله. وعن مجاهد في قوله: ? فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً ? قال: شعاع الشمس يدخل من الكوّة ليس بشيء. وعن عليّ رضي الله عنه في قوله: ? فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً ?، كوهج الغبار يسطع ثم يذهب، فلا يبقى منه شيء. وعن قتادة: ? وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً ? قال: منازل الناس يوم القيامة. ? فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ? أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ? أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ? أي: من كلّ أمّة. وعن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية: ? وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ? ثم قال: أوّلهم رواحًا إلى المسجد، وأوّلهم خروجًا في سبيل الله. وروى الإِمام أحمد عن عائشة أن رسول الله ? قال: «أتدرون من السابقون إلى ظلّ الله يوم القيامة»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «الذين إذا أُعطوا الحقّ قبلوه، وإذا سُئلوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم». وعن الحسن أنه أتى على هذه الآية: ? وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ?، فقال: أما السابقون فقد مضوا، ولكن اللهمّ اجعلنا من أصحاب اليمين. وعن ابن عباس: ? عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ?، قال: مرمولة بالذهب. وقال عكرمة: مشبّكة بالدرّ والياقوت. ? مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ? قال مجاهد: لا يناظر أحدهم في قفا صاحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/470)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 09:52 م]ـ
القسم الثالث والرابع
? يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ?، قال: لا يموتون. وعن قتادة في قوله: ? بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ? قال: الأكواب التي دون الأباريق ليس لها عرى، ? وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ? أي: من خمر جارية ? لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ? ليس لها وجع رأس، ? وَلَا يُنزِفُونَ ?، لا يغلب أحد على عقله. وقال البغوي: ? وَلَا يُنزِفُونَ ?، ولا يسكرون؛ هذا إذا قرئ بفتح الزاي، ومن كسرها فمعناها: لا ينفد شرابهم. وقال ابن عباس: في الخمر أربع خصال: السكر، والصدع، والقيء، والبول. فذكر الله تعالى خمر الجنّة ونزّهها عن هذه الخصال. وعن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله: ? كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ? قال: «صفاؤهن كصفاء الدرّ الذي في الأصداف الذي لا تمسّه الأيدي». رواه ابن جرير. قال البغوي: ويروى أن الحوراء إذا مشت ليسمع تقديس الخلاخيل من ساقيها، وتمجيد الأسورة من ساعديها، وأن عقد الياقوت ليضحك من نحرها، وفي رجليها نعلان من ذهب، شراكهما من لؤلؤ، يصرّان بالتسبيح. ? جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً ? قال عطاء: يحيّي بعضهم بعضًا بالسلام.
عن قتادة في قوله: ? وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ? أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ? قال: كنا نحدّث: أنه الموقر الذي لا شوك فيه. ? وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ?، كنا نحدّث أنه الموز. وقال معمر بن المثنى: هو عند العرب شجر عظام كثير الشوك. وقال مجاهد: ? مَّنضُودٍ ? أي: متراكم الثمر. قال ابن عباس: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل. وروى النجار عن سليم بن عامر قال: كان أصحاب رسول الله ? يقولون: إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، قال: أقبل أعرابيّ يومًا فقال: يا رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله ?: «وما هي»؟ قال: السدر فإن له شوكًا مؤذيًا؛ فقال رسول الله ?: «أليس الله تعالى يقول: ? فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ? خضد الله شوكه، فجعل مكان كلّ شوكة ثمرة فإنها لتنبت ثمرًا وتنفق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونًا من طعام، ما فيها لون يشبه الآخر». وعن أبي هريرة يبلغ به النبي ? قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، اقرأوا إن شئتم: ? وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ?». متفق عليه. وعن سفيان: ? وَمَاء مَّسْكُوبٍ ? قال: يجري في غير أخدود. وعن قتادة في قوله: ? وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ?، قال: لا يمنعه شوك ولا بعد.
535 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/mqiC8p36/535A.html)
http://dc271.4shared.com/img/301831527/f2c93d73/535A.png (http://www.4shared.com/photo/AlnConxp/535A.html)
http://dc202.4shared.com/img/301831350/276142a5/535B.png (http://www.4shared.com/photo/BzTOtvQq/535B.html)
535B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/h73NTlk3/535B.html)
وقوله تعالى: ? وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ ?، قال ابن كثير: أي: عالية وطئية ناعمة. وقوله تعالى: ? إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ?، قال أبو عبيدة: يعني بذلك: الحور العين. وعن الحسن قال: أتت عجوز فقالت: يا رسول الله ادعوا الله تعالى أن يدخلني الجنة، فقال: «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز». فولّت تبكي، قال: «أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ? إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ?». رواه الترمذي. وعن ابن عباس: ? عُرُباً أَتْرَاباً ?، قال: العُرب: المتحبّبات المتودّدات إلى أزواجهن. والأتراب: المستويات. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على ضوء أشدّ كوكب درّيّ في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، هم على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء». متفق عليه. وقوله تعالى: ? ثُلَّةٌ ?، أي: جماعة، ? مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ? قال الحسن: ? ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ ? من الأمم، ? وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ? أمة محمد ?.
عن قتادة: قوله: ? وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ?، أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ ? كنا نحدّث أنها ظلّ الدخان ? لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ? قال: لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر. وقال الضحاك: كلّ شراب ليس بعذب فليس بكريم. وعن ابن عباس: ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ? يقول: منعمين ? وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ ? قال الضحاك: يعني: الشرك. وقال مجاهد: يدمنون على الذنب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/471)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 04:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كما تعلمون فان يوم السبت القادم سنبدأ الحفظ من حزب البقرة
وكان المقرر ان نبدأ بحفظ سورة آل عمران، لان سورة البقرة تحتاج الى اربعة اسابيع
ولكن بعد ان رأينا التيسيير في الحفظ (والحمد لله)
بدا لي ان نبدأ من سورة البقرة
وذلك لمراعاة فضلها
وعلى هذا سيكون مقرر الحفظ ليوم السبت الموافق 05/ 06/2010
هو الصفحات 1، 2 (اي سورة الفاتحة، وبداية سورة البقرة)
وستكون هذه الجولة لمدة اربعة اسابيع بإذن الله (05/ 06/2010 - 03/ 07/2010)
__________________________________________________ _______
وهناك امر آخر: وهو كيفية المراجعة لما تم حفظه
ولكي لا ننقطع عما حفظناه بدا لي اقتراح
وهو ان نراجع كل يوم صفحة وذلك باضافة تفسير متوسط الحجم على هذه الصفحة
ولكن ما هو هذا التفسير؟ (انتظر اقتراحاتكم)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 05:26 م]ـ
وضعت تفسير الصفحة الاولى والثانية في حزب البقرة في الصفحة الخاصة (للتشجيع)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 12:45 م]ـ
الإثنين
31/ 05/2010
الصفحات
536 537
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:08 م]ـ
القسم الاول والثاني
536 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/4
قال الشيخ الألباني :
swLv1u/536A.html)
http://dc193.4shared.com/img/302305975/fb4756a7/536A.png?sizeM=7
http://dc234.4shared.com/img/302305971/fc2a92be/536B.png?sizeM=7
536B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/WBY_ITpu/536B.html)
537A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/0Xi8fZ-S/537A.html)
http://dc223.4shared.com/img/302306018/cec819fd/537A.png?sizeM=7
http://dc269.4shared.com/img/302306020/eb3ec20c/537B.png?sizeM=7
537B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/HztCY1gy/537B.html)
http://dc125.4shared.com/img/302305964/955b5770/537C.png?sizeM=7
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:24 م]ـ
القسم الاول والثاني
. وعن ابن عباس قوله: ? شُرْبَ الْهِيمِ ? قال: الإبل العطاش. وقال عكرمة: هي الإبل المراض تمصّ الماء مصًا ولا تروى.
وقوله تعالى: ? هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ?، قال ابن كثير: أي: هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم، كما قال تعالى في حقّ المؤمنين: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ?. وقال البغوي: ? هَذَا نُزُلُهُمْ ?، يعني: ما ذكر من الزقّوم، والحميم: رزقهم وغذاؤهم، وما أعدّ لهم يوم الدين، يوم يجازون بأعمالهم؛ ثم احتجّ عليهم في البعث فقال تعالى: ? نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ ? قال مقاتل: خلقناكم ولم تكونوا شيئًا وأنتم تعلمون ذلك ? فَلَوْلَا ? فهلا ? تُصَدِّقُونَ ? بالبعث؟ ? أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ? ما تصبّون في الأرحام من النطف ? أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ ?، يعني: أأنتم تخلقون ما تمنون بشرًا، ? أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ?؟ ? نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ? بمغلوبين عاجزين عن إهلاككم وإبدالكم بأمثالكم فذلك قوله عز وجل: ? عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ? يعني: نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم. ? وَنُنشِئَكُمْ ? نخلقكم ? فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ? من الصور. وقال الحسن: أي: نبدّل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير. ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى ? ولم تكونوا شيئًا ? فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ ? إني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم.
536 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/4
قال الشيخ الألباني :
swLv1u/536A.html)
http://dc193.4shared.com/img/302305975/fb4756a7/536A.png?sizeM=7
http://dc234.4shared.com/img/302305971/fc2a92be/536B.png?sizeM=7
536B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/WBY_ITpu/536B.html)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/472)
قال البغوي: ? أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ ?، يعني: تثيرون من الأرض وتلقون فيها من البذور، ? أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ ? تنبتونه ? أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ? المنبتون؟ وعن حجر المنذريّ أنه كان إذا قرأ: ? أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ? وأمثالها ويقول: بل أنت يا رب. ? لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ?، قال الكسائي: هو تلهّف على ما فات، وهو من الأضداد. وقال ابن كثير: أي: لو جعلناه حطامًا لظلتم تفكّهون في المقالة، تنوّعون كلامكم فتقولون تارة: إنا لمغرمون، وتارة تقولون: بل نحن محرومون. قال البغوي: والغرام: العذاب. وقال الضحاك، وابن كيسان: غرمنا أموالنا وصار ما أنفقنا غرمًا علينا، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض، وهو قوله: ? بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ? محدودن ممنوعون، أي: حُرِمْنا ما كنا نطلبه من الربح في الرزق. وقال ابن زيد: المزن: السحاب. وقال الحسن: ? أُجَاجاً ? مرًّا. وقال ابن عباس شديد الملوحة.
وعن قتادة: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً ? للنار الكبرى. ذكر لنا أن نبيّ الله ? قال: «ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم». قالوا: يا نبي الله إن كانت لكافية. قال: «قد ضُربت بالماء ضربتين لينتفع بها بنو آدم ويدنوا منها». ? وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ?، قال: للمرمل المسافر. وعن مجاهد: ? وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ? للمستمتعين: المسافر، والحاضر، لكلّ طعام لا يصلحه إلا النار. وقال ابن زيد: المقوي: الجائع.
وقوله تعالى: ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ?، قال ابن كثير: أي: الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة: الماء الزلال العذب البارد، ولو شاء جعله ملحًا أجاجًا كالبحار المغرقة، وخلق النار المحرقة وجعل ذلك مصلحة للعباد وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزجرًا لهم في المعاد.
قال جمهور المفسرين: هذا قسم من الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه و (لا) مزيدة لتأكيد القسم. وعن مجاهد: قوله: ? بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ?، قال: في السماء؛ وهذه الآية كقوله: ? فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ?. وعن ابن عباس قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين بعد، وتلا هذه الآية: ? فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ?، قال: نزل متفرّقًا. وقال الحسن: أراد انكدار النجوم وانتثارها يوم القيامة.
وقال ابن كثير: وقوله: ? وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ?، أي: وإن هذا القسم الذي أقسمت به ? لَقَسَمٌ ? عظيم ? لَّوْ تَعْلَمُونَ ? عظمته لعظّمتم المقسم به عليه
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:31 م]ـ
القسم الثالث والرابع
? إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ?. قال البغوي: ? إِنَّهُ ? يعني: هذا الكتاب، وهو موضع القسم ? لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ? عزيز مكرّم لأنه كلام الله؛ قال بعض أهل المعاني: الكريم الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير. ? فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ? مصون عند الله في اللوح المحفوظ. وعن ابن عباس قال: إذا أراد الله أن ينزل كتابًا نسخته السفرة فـ ? لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ? يعني: الملائكة. وعن قتادة: قوله: ? لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ? ذاكم عند ربّ العالمين، فأما عندكم فيمسّه المشرك النجس والمنافق الرجس. وفي الموطّأ أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله ? لعمرو بن حزم: «أن لا يمسّ القرآن إلا طاهر».
وعن جابر بن زيد في قوله: ? تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?، قال: القرآن ينزل من ذلك الكتاب. وقال الضحاك: زعموا أن الشياطين تنزّلت به على محمد، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك وما تستطيعه، وما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا وهو محجوب عنهم، وقرأ قول الله: ? وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/473)
قلت: وهذا كقوله تعالى: ? فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?. وعن ابن عباس: قوله: ? أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ?، يقول: مكذّبون غير مصدّقين ? وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ ?، يقول: شكركم ? أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ?، وقال الحسن في هذه الآية: خسر عبد لا يكون حظّه من كتاب الله إلا التكذيب. وعن ابن عباس أنه كان يقرأ: ? وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ?، ثم قال: ما مطر الناس ليلة قطّ إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كذا وكذا. وفي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال: صلّى بنا رسول الله ? صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرْنَا بَنَوْءِ كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب».
قال ابن كثير: يقول تعالى:? فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ ? الروح ? الْحُلْقُومَ ? أي: الحلق ? وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ? أي: إلى المحتضَر وما يكابده من سكرات الموت ? وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ? أي: بملائكتنا ? وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ ? أي: ولكن لا ترونهم، كما قال تعالى: ? وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ?. وعن ابن عباس قوله: ? فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ? يقول: غير محاسَبين. وقال ابن زيد في قوله: ? تَرْجِعُونَهَا ? قال: لتلك النفس ? إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? قال البغوي: أي: تردّون نفس هذا الميت إلى جسده بعدما بلغت الحلقوم، فأجاب عن قوله: ? فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ? وعن قوله: ? فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ? بجواب واحد معناه: إن كان الأمر كما تقولون: أنه لا بعث ولا حساب ولا إله يجازي، فهلا تردّون نفس من يعزّ عليكم إذا بلغت الحلقوم؟ وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم، وهو الله عز وجل فآمِنوا به. ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وبيّن درجاتهم فقال: ? فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ?.
وعن سعيد بن جبير في قوله: ? فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ?، قال: الروح: الفرح. والريحان: الرزق؛ قال قتادة: يتلقّى به عند الموت.
http://dc223.4shared.com/img/302306018/cec819fd/537A.png?sizeM=7
537A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/0Xi8fZ-S/537A.html)
537B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/HztCY1gy/537B.html)
http://dc269.4shared.com/img/302306020/eb3ec20c/537B.png?sizeM=7
? وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ?، قال: سلام من عند الله، سلّمت عليه ملائكة الله. وقال ابن زيد: سَلِمَ مما يكون. وقال مقاتل: هو أن الله تعالى يتجاوز عن سيِّئاتهم ويقبل حسناتهم. وعن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله ? في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله ? وجلسنا حوله كأنّ على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثًا ثم قال -: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/474)
الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان - قال -: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرّون بها - يعني: على ملأ من الملائكة - إلا قالوا: ما هذه الروح الطيّبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمّونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له فيشيّعه من كلِّ سماء مقرّبوها إلى السماء التي تليها، حتى يُنتهى به إلى السماء السابعة فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في علّيّين وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى - قال -: فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدّقت، فينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مدّ بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه وحسن الثياب طيّب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرّك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: ربِّ أقم الساعة، ربِّ أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت إليه ملائكة من السماء سود الوجوه معهم المسوح، فجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على الأرض، فيصعدون بها فلا يمرّون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمّى بها في الدنيا، حتى يُنتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له - ثم قرأ رسول الله ? -: ? لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ? فيقول الله: اكتبوا كتابه في سجّين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحًا - ثم قرأ -: ? وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ? فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرّها وسَمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: ومن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشرّ! فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تُقِمِ الساعة». رواه أحمد وغيره. وفي رواية: «ثم يقيّض له أعمى أصمّ أبكم، وفي يده مرزبّة لو ضرب بها جبلاً لكان ترابًا، فيضربه ضربة فيصير ترابًا، ثم يعيده الله عز وجل كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الشياطين».
وله من حديث أبي هريرة عن النبي ? قال: «إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيّبة كانت في الجسد الطيّب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، وربّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان فيقولون: مرحبًا بالروح الطيّبة كانت في الجسد الطيّب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى يُنتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغسّاق، وآخر من شكله أزواج». الحديث.
وقوله تعالى: ? إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ?، قال البغوي: ? إِنَّ هَذَا ? يعني: ما ذكر من قصة المحتضرين ? لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ? أي: الحقّ اليقين. وقال ابن كثير: أي: أن هذا الخبر لهو حقّ اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحدّ عنه ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ?. وعن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله ?: ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ? قال: «اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت: ? سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ? قال رسول الله ?: «اجعلوها في سجودكم». رواه أحمد وغيره. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/475)
ـ[براءة]ــــــــ[01 - 06 - 10, 04:24 م]ـ
الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
أسئلة سورة الرحمن:
1 - بداية الرحمن .... ميزان
2 - رب المشرقين ... والمرجان
3 - سنفرغ لكم أيها الثقلان ... تنتصران
4 - فيهن قاصرات الطرف ... ورمان
ـ[براءة]ــــــــ[01 - 06 - 10, 04:29 م]ـ
الرجاء حلها على ورقة ثم بعد الإنتهاء التصحيح لنفسك
- كل سؤال عليه درجتين ونصف
- كل غلطة عليها ربع درجة
- واذا الغلط في الآية كلها درجة كاملة
- العلامة الكاملة من 10
أسئلة سورة الواقعة:
1 - على سرر موضونة .... يشتهون
2 - لأصحاب اليمين .... العظيم
3 - هذا نزلهم يوم الدين .... تذكرون
4 - ونحن اقرب إليه ... الى آخر السورة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 06:29 م]ـ
الأربعاء
02/ 06/2010
الصفحة 540
والصفحة 541
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 06:34 م]ـ
تابع صفحة 537
537 C.mp3 (http://www.4shared.com/audio/efG3pTCp/537C.html)
http://dc125.4shared.com/img/302305964/955b5770/537C.png?sizeM=7
عن أبي هريرة: أن رسول الله ? كان يدعو عند النوم: «اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر». رواه أحمد وغيره.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 06:56 م]ـ
عن أبي هريرة: أن رسول الله ? كان يدعو عند النوم: «اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر». رواه أحمد وغيره. وعن عكرمة في قوله: ? يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ?، قال: قصر هذا في طول هذا، وطول هذا في قصر هذا. ? وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ? قال ابن كثير: أي: يعلم السرائر إن دقّت وإن خفيت.
قال ابن كثير: أمر تعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل، والدوام والثبات على ذلك والاستمرار، وحثّ على الإنفاق، ? مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ? أي: مما هو معكم على سبيل العارية، فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم، وقال: فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفًا عنك؛ وساق حديث عبد الله بن الشّخّير قال: انتهيت إلى رسول الله ? وهو يقول: «? أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ?، يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس». رواه مسلم.
538 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/94OlzVXX/538A.html)
http://dc204.4shared.com/img/303283222/6c3114ac/538A.png?sizeM=7
http://dc204.4shared.com/img/303283236/7247e1f4/538B.png?sizeM=7
538B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/H4utWQJN/538B.html)
وعن مجاهد قوله: ? مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ?، قال: من الضلالة إلى الهدى.
وقوله تعالى: ? وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ? قال البغوي: أي: شيء لكم في ترك الإِنفاق في سبيل الله وبالجهاد فقال: ? لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ ?، يعني: فتح مكة في قول أكثر المفسّرين. وقال الشعبي: هو صلح الحديبية. قال ابن كثير: وقد يستدلّ لهذا القول بما روى الإمام أحمد عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبيّ ? فقال: «دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/476)
أنفقتم مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغتم أعمالهم». قال ابن كثير: ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد كان بين صلح الحديبية وفتح مكة. وعن قتادة: ? وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ? قال: الجنة ? وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ?، قال ابن كثير: أي: فلخبرته فاوت بين ثوابهم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 07:28 م]ـ
القسم الثالث والرابع
قال البغوي: ? يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم ?، يعني: على الصراط، ? بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم ?، يعني: عن أيمانهم؛ قال بعضهم: أراد جميع جوانبهم، فعبر بالبعض عن الكلّ، وذلك دليلهم إلى الجنة. وقال قتادة: ذكر لنا أن نبيّ الله ? قال: «إن من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عَدَن أبين وصنعاء ودون ذلك، حتى أن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه». وقال ابن مسعود: (يؤتون من نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورًا مَنْ نوره على إبهامه فيطفأ مرّة ويوقد مرّة). وقال الضحاك، ومقاتل: ? يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم ? كتبهم، يريد أن كتبهم التي أعطوها بإيمانهم ونورهم بين أيديهم، وتقول لهم الملائكة: ? بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ?.
? يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ? نستضيء من نوركم، وذلك أن الله تعالى يعطي المؤمنين نورًا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويعطي المنافقين أيضًا نورًا خديعة لهم، وهو قوله عز وجل: ? وَهُوَ خَادِعُهُمْ ? فبينا هم يمشون إذ بعث الله عليهم ريحًا وظلمة فأطفأت نور المنافقين، فذلك قوله: ? يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ? مخافة أن يُسلبوا نورهم كما سُلب نور المنافقين ? قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ? فاطلبوا هناك لأنفسكم نورًا، فإنه لا سبيل لكم إلا الاقتباس من نورنا، فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئًا فينصرفون إليهم ليلقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين؛ وهو قوله: ? فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ ? وهو حائط بين الجنة والنار ? لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ?، أي: في باطن ذلك السور الرحمة وهي: الجنة، ? وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ? وهو: النار ? يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ? في الدنيا نصلّي ونصوم؟ ? قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ?، أهلكتموها بالنفاق والكفر، واستعملتموها في المعاصي والشهوات وكلّها فتنة ? وَتَرَبَّصْتُمْ ? بالإِيمان والتوبة ? وَارْتَبْتُمْ ? تشكّكتم ? وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ ? الأباطيل وما كنتم تتمنّون من نزول الدوائر بالمؤمنين ? حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ ?، يعني: الموت، ? وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ?، يعني: الشيطان. قال قتادة: ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار
539 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IhZktIrG/539A.html)
http://dc204.4shared.com/img/303283336/73858bc3/539A.png?sizeM=7
http://dc204.4shared.com/img/303283352/22b2e85c/539B.png?sizeM=7
539B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/qFmkPuXf/539B.html)
. قال قتادة: ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار ? فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ?، يعني: المشركين ? مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ? صاحبكم وأولى بكم لما أسلفتم من الذنوب، ? وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?. انتهى ملخصًا. والله أعلم.
عن قتادة: قوله: ? أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ? الآية، ذكر لنا أن شدّاد بن أوس كان يروي عن رسول الله ? قال: «إن أول ما يرفع من الناس الخشوع». قال ابن كثير: يقول تعالى: أما آن للمؤمنين: ? أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ? أي: تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه؟ ? وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ?، قال ابن عباس: مالوا إلى الدنيا وأعرضوا عن مواعظ الله. قال البغوي: والمعنى: أن الله عز وجل ينهى المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر ? وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ? يعني: الذين تركوا الإِيمان بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: ? اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? فيه إشارة إلى أن الله تعالى يليّن القلوب بعد قسوتها برحمته كما يحيي الأرض بعد جدبها ? إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ ? أي: المتصدّقين والمتصدّقات ? وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ? بالصدقة والنفقة في سبيل الله عز وجل ? يُضَاعَفُ لَهُمْ ? ذلك القرض ? وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ? ثواب حسن وهو الجنة ?
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/477)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:17 م]ـ
ان شاء الله
ستبدأ مراجعة حزب المفصل يوم السبت
وقد اخترت كتاب اضواء البيان للشنقيطي
بحيث نراجع كل يوم صفحة
ـ[براءة]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:21 م]ـ
ان شاء الله
ستبدأ مراجعة حزب المفصل يوم السبت
وقد اخترت كتاب اضواء البيان للشنقيطي
بحيث نراجع كل يوم صفحة
حزب المفصل من سورة ق الى آخر القرآن
لم أفهم كيف سنراجعه وما دخل كتاب أضواء البيان
ألسنا سنبدأ بسورة البقرة؟
الخطة غير واضحة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:31 م]ـ
المقرر السابق كان ليوم الثلاثاء
والصفحات هي 538 539
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:34 م]ـ
المراجعة تكون بالتزامن مع الحفظ
وليس جميع حزب المفصل ولكن ما تم حفظه فقط
وسأضيف تفسير اضواء البيان لترسيخ الحفظ
وهذا مثال يوضح ذلك في المشاركة التالية
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:46 م]ـ
وقوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}.
المقسم عليه في الآية محذوف، والظاهر أنه كالمقسم عليه المحذوف في سورة ص، وقد أوضحناه في الكلام عليها.
وقوله تعالى هنا: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}.
قد قدمنا في سورة ص أن من المقسم عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق وأن رسالته حق، كما دل عليه قوله في ص: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [صّ:4] , وقد دل على ذلك قوله هنا: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ}، وقد قدمنا في ص أنه يدخل في المقسم عليه تكذيب الكفار في إنكارهم البعث، ويدل عليه قوله هنا: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً}، والحاصل أن المقسم عليه في ص، بقوله: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ}، وفي ق بقوله: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} محذوف وهو تكذيب الكفار في إنكارهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وإنكارهم البعث، وإنكارهم كون المعبود واحدا، وقد بينا الآيات الدالة على ذلك في سورة ص، وذكرنا هناك أن كون المقسم عليه في سورة ق هذه المحذوف يدخل فيه إنكارهم لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} وتكذيبهم في إنكارهم للبعث بدليل قوله: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} وبينا وجه إيضاح ذلك بالآيات المذكورة هناك وغيرها، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}.
الهمزة في قوله: {أَفَلَمْ} تتعلق بمحذوف، والفاء عاطفة عليه، كما قدمنا مرارا أنه أظهر الوجهين، وأنه أشار إليه في الخلاصة بقوله:
(53/ 2)
________________________________________
ص -423 - وحذف متبوع بدا هنا استبح
والتقدير: أأعرضوا عن آيات الله فلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج. أي ليس فيها من شقوق ولا تصدع ولا تفطر، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تعظيم شأن كيفية بنائه تعالى للسماء وتزيينه لها وكونها لا تصدع ولا شقوق فيها جاء كله موضحا في آيات أخر كقوله جل وعلا في بنائه للسماء: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا, رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات:27 - 28]، وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذريات:47]، وقوله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [النبأ:12]، وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك:3]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} [المؤمنون:17]، وقوله تعالى في أول الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد:2]، وقوله تعالى في لقمان: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [لقمان:10] , إلى غير ذلك من الآيات.
(53/ 3)
________________________________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/478)
وكقوله تعالى في تزيينه للسماء: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ} [الملك:5]، وقوله تعالى: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً} [فصلت:12]، وقوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات:6]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر:16] , وكقوله تعالى في حفظه للسماء من أن يكون فيها فروج أي شقوق: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:3]، والفطور والفروج بمعنى واحد، وهو الشقوق والصدوع, وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:32]، أما إذا كان يوم القيامة فإن السماء تتشقق وتتفطر، وتكون فيها الفروج كما قال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان:25] , وقال تعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} [الرحمن:37] , وقال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ, وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ} [الحاقة:15 - 16]. وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ, وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق:1 - 2]، وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار:1]، وقال تعالى: {يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباًالسَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل:17 - 18] , وقال تعالى: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ, وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} [المرسلات:8 - 9].
http://dc253.4shared.com/img/304247159/39d1a162/518a.png?sizeM=7
http://dc217.4shared.com/img/304247155/3067ed49/518b.png?sizeM=7
ص -424 - قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ, تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه مد الأرض وألقى فيها الجبال الرواسي وأنبت فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب، وهذا الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} إلى قوله: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد:3]، وكقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ, هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان:10 - 11] والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي من كل صنف حسن من أصناف النبات، وقوله: {تَبْصِرَة} أي قدرنا الأرض وألقينا فيها الرواسي وأنبتنا فيها أصناف النبات الحسنة لأجل أن نبصر عبادنا كمال قدرتنا على البعث وعلى كل شيء وعلى استحقاقنا للعبادة دون غيرنا.
قوله تعالى: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}.
(53/ 5)
________________________________________
قوله: {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}، معناه أن الله تبارك وتعالى: يبين أن إحياء الأرض بعد موتها بإنبات النبات فيها بعد انعدامه واضمحلاله، دليل على بعث الناس بعد الموت بعد كونهم ترابا وعظاما. فقوله: {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} يعني أن خروج الناس أحياء من قبورهم بعد الموت كخروج النبات من الأرض بعد عدمه، بجامع استواء الجميع في أنه جاء بعد عدم، وهذا أحد براهين البعث التي يكثر الاستدلال عليه بها في القرآن، وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في صدر سورة البقرة وأول النحل وأول الجاثية، وغير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}.
هذه الآية الكريمة تدل على أن من كذب الرسل يحق عليه العذاب، أي يتحتم ويثبت في حقه ثبوتا لا يصح معه تخلفه عنه، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل
(53/ 6)
________________________________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/479)
ص -425 - العلم من أن الله يصح أن يخلف وعيده، لأنه قال: إنه لا يخلف وعده ولم يقل إنه لا يخلف وعيده، وأن إخلاف الوعيد حسن لا قبيح، وإنما القبيح هو إخلاف الوعد، وأن الشاعر قال:
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
لا يصح بحال، لأن وعيده تعالى للكفار حق ووجب عليهم بتكذيبهم للرسل كما دل عليه قوله هنا: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} , وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف العلة كقوله: سها فسجد. أي لعلة سهوه وسرق فقطعت يده أي لعلة سرقته، ومنه قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38]، فتكذيبهم الرسل علة صحيحة لكون الوعيد بالعذاب حق ووجب عليهم، فدعوى جواز تخلفه باطلة بلا شك، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات أخر، كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: {قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ, مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [قّ:28 - 29]، والتحقيق: أن المراد بالقول الذي لا يبدل لديه هو الوعيد الذي قدم به إليهم.
وقوله تعالى في سورة ص: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} [صّ:14] , وبهذا تعلم أن الوعيد الذي لا يمتنع إخلافه هو وعيد عصاة المسلمين بتعذيبهم على كبائر الذنوب، لأن الله تعالى أوضح ذلك في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] وهذا في الحقيقة تجاوز من الله عن ذنوب عباده المؤمنين العاصين، ولا إشكال في ذلك، وقد أوضحنا هذا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام:128].
قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
(53/ 7)
________________________________________
هذه الآية الكريمة من براهين البعث، لأن من لم يعي بخلق الناس ولم يعجز عن إيجادهم الأول لا شك في قدرته على إعادتهم وخلقهم مرة أخرى، لأن الإعادة لا يمكن أن تكون أصعب من البدء. والآيات الدالة على هذا كثيرة جدا، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27] , وقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا
(53/ 8)
________________________________________
ص -426 - أول مَرَّةٍ} [يس:79] وقوله: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أول مَرَّةٍ} [الإسراء:51] , والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقد أوضحنا الآيات الدالة على براهين البعث التي يكثر الاستدلال عليه بها في القرآن، كخلق الناس أولا، وخلق السماوات والأرض وما فيهما وإحياء الأرض بعد موتها، وغير ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، في البقرة والنحل والحج والجاثية وغير ذلك، وأحلنا على ذلك مرارا كثيرة.
ـ[براءة]ــــــــ[01 - 06 - 10, 09:09 م]ـ
طيب كم مقرر المراجعة؟ (كم صفحة)
ولماذا نعود للتفسير مرة أخرى في المراجعة؟ ألم نفسرها ببداية الحفظ؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 11:07 م]ـ
في الوضع الطبيعي تكون المراجعة صفحتين
ولكن في هذه الجولة فقط صفحة واحدة
لان سورة البقرة تحتاج الى اربعة اسابيع
ولا ننسى المراجعة الاسبوعية لما تم حفظه
[ملاحظة حزب المفصل (اعني ما حفظ منه) يراجع يوم الجمعة]
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 07:39 م]ـ
الخميس
03/ 06/2010
الصفحة 542
والصفحة 543
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 07:49 م]ـ
قصدي
...
الأربعاء
02/ 06/2010
الصفحة 540
والصفحة 541
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 09:31 م]ـ
صفحة 540
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/480)
? وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ? قال مجاهد: كلّ من آمن بالله ورسله فهو صدّيق، وتلا هذه الآية. وعن ابن عباس في قوله: ? وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ?، قال: هذه مفصولة. قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ ? أي: في جنات النعيم، كما جاء في الصحيحين: «إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربك إطّلاعه فقال: ماذا تريدون؟ فقالوا: نحبّ أن تردّنا إلى الدار الدنيا فنقاتل فيك فنُقتَل كما قُتلنا أوّل مرّة، فقال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون».
وقوله تعالى: ? لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ?، أي: لهم عند الله أجر جزيل ونور عظيم، ? يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ? وهم في ذلك يتفاوتون بحسب ما كانوا في الدار الدنيا من الأعمال.
وقوله تعالى: ? وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ? لما ذكر السعداء ومآلهم، عطف بذكر الأشقياء وبيّن حالهم. والله المستعان.
قال البغوي: قوله عز وجل: ? اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ?، أي: أن الحياة في هذه الدار، ? لَعِبٌ ? باطل لا حاصل له، ? وَلَهْوٌ ? فرح ثم ينقضي، ? وَزِينَة ? منظر تتزيّنون به، ? وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ ? يفخر به بعضكم على بعض، ? وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ ?، أي: مباهاة بكثرة الأموال والأولاد، ثم ضرب لها مثلاً فقال: ? كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ?، أي: الزرّاع ? نَبَاتُهُ ? ما نبت من ذلك الغيث ? ثُمَّ يَهِيجُ ? ييبس، ? فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ? بعد خضرته ونضرته، ? ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ? يتحطّم ويتكسّر بعد يبسه ويفنى، ? وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ ?، قال مقاتل: لأعداء الله، ? وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ? لأوليائه وأهل طاعته، ? وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ?، قال سعيد بن جبير: ? مَتَاعُ الْغُرُورِ ? لمن لم يشتغل فيها بطلب الآخرة، ومن اشتغل بها فله: ? مَتَاعُ ? بلاغ إلى ما هو خير منه.
وقال في جامع البيان: ? أَعْجَبَ الْكُفَّارَ ? الزرّاع، أو الكافرون، فإنهم أشدّ إعجابًا بخضرة الدنيا، ولم يذكر ابن جرير غير الثاني؛ وقال بعض المفسرين: ومعنى إعجاب الكفار: أنهم جحدوا نعمة الله فيه بعد أن راق في نظرهم، فبعث الله عليهم العاهة فصيّره كَلا شيء، ومن جعل الكفّار بمعنى الزرّاع فظاهر. قاله ابن مسعود.
وقال ابن كثير: يقول تعالى موهنًا أمر الحياة الدنيا ومحقّرًا لها: ? أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ?، أي: إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال تعالى: ? زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ?.
قال: وقوله تعالى: ? أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ?، أي: يعجب الزرّاع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزرّاع ذلك، كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفّار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها.
540 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/9ohrvxXW/540A.html)
http://dc261.4shared.com/img/305112141/f1cc1e49/540A.png?sizeM=7
http://dc131.4shared.com/img/305112136/20e91d2d/540B.png?sizeM=7
540B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/QPGgHT-t/540B.html)
وقوله تعالى: ? سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ? قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ? سَابِقُوا ? أيها الناس إلى عمل يوجب لكم: ? مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ ? هذه الجنة: ? لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ?، يعني: الذين وحّدوا الله وصدّقوا رسله، ? ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?، قال البغوي: فبيّن أن أحدًا لا يدخل الجنّة إلا بفضل الله.
عن ابن عباس: قوله: ? مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ?، قال: هو شيء قد فرغ منه قبل أن تبرأ النفس. قال قتادة: أما: ? مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ ? فالسنون، وأما:? فِي أَنفُسِكُمْ ? فهذه الأمراض والأوصاب? مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ? من قبل أن نخلقها. وقال الحسن: كلّ مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن تبرأ النسمة، ? إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ?، قال ابن كثير: أي: أن علمه تعالى الأشياء قبل كونها، وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عز وجل، لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، لو كان كيف يكون. وعن ابن عباس: ? لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ? من الدنيا، ? وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ? منها. وقال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرًا، والحزن صبرًا.
? وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ?، قال البغوي: ? مُخْتَالٍ ? متكبّر بما أوتي من الدنيا ? فَخُورٍ ? يفخر به على الناس. وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ?، أي: يبخلون بالواجب ويأمرون الناس بذلك. وقال ابن كثير: أي: يفعلون المنكر ويحضّون الناس عليه، ? وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/481)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 09:35 م]ـ
صفحة 541
عن قتادة: ? الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ?، قال: الميزان العدل. وقال ابن زيد: الميزان ما يعمل الناس ويتعاطون عليه في الدنيا من معايشهم التي يأخذون ويعطون، يأخذون بميزان، ويعطون بميزان، يعرف ما يأخذ وما يعطي. قال: والكتاب فيه دين الناس الذي يعملون ويتركون، فالكتاب للآخرة، والميزان للدنيا. ? وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ?، قال: البأس الشديد: السيوف والسلاح الذي يقاتل الناس به. ? وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ? بعد يحفرون به الأرض والجبال وغير ذلك. قال البغوي: روي عن ابن عمر يرفعه: «إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الحديد، والنار، والماء، والملح». وقال أهل المعاني: معنى قوله: ? وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ ? أنشأنا وأحدثنا، أي: أخرج لهم الحديد من المعادن وعلّمهم صنعته. وعن مجاهد: قوله: ? وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ? وجُنّة وسلاح، وأنزله ليعلم الله من ينصره. وقال البغوي: أي: أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم هذه لأشياء ليتعامل الناس بالحقّ والعدل، ? وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ ? وليرى الله ? مَن يَنصُرُهُ ? أي: دينه ? وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ? أي: قام بنصرة الدين ولم ير الله ولا الآخرة،وإنما يحمد ويثاب من أطاع الله بالغيب ? إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ?.
541 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/2oNdv_9W/541A.html)
http://dc252.4shared.com/img/305112199/4ab9e836/541A.png?sizeM=7
http://dc199.4shared.com/img/305112388/27213d8f/541B.png?sizeM=7
541B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/rCa
قال الشيخ الألباني :
Pf2v/541B.html)
عن ابن عباس قال: كانت ملوك بعد عيسى بدلّوا التوراة والإِنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، فقيل لملكهم: ما نجد شيئًا أشدّ علينا من شتم يشتمنا هؤلاء، إنهم يقرؤون: ? وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ? هؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في قراءتهم، فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ وليؤمنوا كما آمنا به، قال: فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدّلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ فدعونا، قال: فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئًا نرفع به طعامنا وشرابنا، فلا نردّ عليهم. وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب كما تشرب الوحوش فإن قدرتم علينا بأرضكم فاقتلونا. وقالت طائفة: ابنوا لنا دورًا في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحترث البقول، فلا نردّ عليكم، ولا نمرّ بكم، وليس أحد من أولئك إلا وله حميم فيهم. قال: ففعلوا ذلك، فأنزل الله جلّ ثناؤه: ? وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ?، والآخرون قالوا: نتعبّد كما تعبّد فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتّخذ دورًا كما اتخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم. قال: فلما بعث النبيّ ? ولم يبق منهم إلا قليل، انحطّ رجل من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وجاء صاحب الدار من داره، وآمنوا وصدّقوه فقال الله جلّ ثناؤه: ? يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ?.
قال ابن جرير: لإيمانهم بعيسى، وتصديقهم بالتوراة، والإنجيل، وإيمانهم بمحمد ?، وتصديقهم به. قال: ? وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ?: القرآن وإتباعهم النبيّ ?. وقال: ? لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?. وعن قتادة: ? وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ? فهاتان من الله، والرهبانية ابتدعها القوم من أنفسهم، ولم تُكتب عليهم، ولكن ابتغوا بذلك وأرادوا رضوان الله، ? فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ?، ذكر لنا أنهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/482)
رفضوا النساء واتّخذوا الصوامع. وقال ابن زيد: ابتدعوها ابتغاء رضوان الله تطوّعًا ? فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ?، قال: الذين رعوا ذلك الحقّ.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ?، أي: فما قاموا بما التزموه حقّ القيام. وهذا ذمّ لهم من وجهين، أحدهما: في الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله. والثاني: عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة. وقال ابن جرير وقوله: ? فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ?، يقول تعالى ذكره: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسله، من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على ابتغائهم رضوان الله وإيمانهم به وبرسوله في الآخرة ? وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ ? أهل معاص وخروج عن طاعته والإِيمان به. انتهى. قال بعضهم: الصوفية وزان أولئك.
عن مجاهد: قوله: ? يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ? قال: ضعفين. وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ?: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه وآمن بي فله أجران، وعبد مملوك أدّى حقّ الله وحقّ مواليه فله أجران، ورجل أدّب أمته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوّجها فله أجران». وعنه أيضًا عن النبي ? قال: «مثل المسلمين واليهود والنصارى، كمثل رجل استعمل قومًا يعملون له عملاً يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقيّة عملكم وخذوا أجركم كاملاً، فأبوا وتركوا واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا بقيّة يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلّوا العصر، قالوا: ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال: أكملوا بقيّة عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير، فأبوا فأستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقيّة يومهم حتى غابت الشمس، فاستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور». رواه البخاري.
وعن ابن عباس: ? وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ?، قال: الفرقان واتباعهم النبيّ ?، ? وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?. ? لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ ?، قال قتادة: حسد الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب المؤمنين منهم فأنزل الله تعالى: ? لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ?، وقال مجاهد: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبيّ يقطع الأيدي والأرجل، فلما خرج من العرب كفروا به فأنزل الله تعالى: ? لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ?، قال البغوي: أي: ليعلم و (لا) صلة ? أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ ? أي: ليعلم الذين يؤمنوا أنهم لا أجر لهم ولا نصيب لهم في فضل الله، ? وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 09:38 م]ـ
الخميس
03/ 06/2010
الصفحة 542
والصفحة 543
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 09:48 م]ـ
صفحة 542
روى الإِمام أحمد وغيره عن عائشة قالت: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي ? تكلّمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ? إلى آخر الآية). وفي رواية ابن أبي حاتم قالت: (تبارك الذي أوعى سمعه كلّ شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله ? وهي تقول: يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي ونشرت له بطني، حتى إذا كبرت سنّي وانقطع ولدي ظاهَرَ منّي! اللهم إني أشكو إليك. قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ? قالت: وزوجها أوس بن الصامت). وفي رواية: (وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به؟ فقال رسول الله ?: «حرمت عليه». فقالت: أشكو إلى الله فاقتي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/483)
ووحدتي. فقال رسول الله ?: «ما أراك إلا قد حرمت عليه، ولم أومر في شأنك شيء». فقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدّة حالي، وإن لي صبية صغارًا إن أرسلتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليّ جاعوا، اللهمّ إني أشكو إليك؛ فأنزل الله عز وجل: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ? الآيات). وعن قتادة في قول الله: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ?، قال: ذاك أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة؛ قالت: يا رسول الله كبر سنّي ورقّ عظمي وظاهر منّي زوجي؛ قال: فأنزل الله: ? الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم ? إلى قوله: ? ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ? يريد أن يغشى بعد قوله: ? فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ? فدعاه إليه نبيّ الله ? فقال: «هل تستطيع أن تعتق رقبة»؟ قال: لا. قال: «أفتسطيع أن تصوم شهرين متتابعين»؟ قال: إنه إذا أخطأه أن يأكل كل يوم ثلاث مرات لَكَلّ بَصَرُهُ، قال: «أتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا»؟ قال: لا، إلا أن يعينني فيه رسول الله ? بعون وصلاة؛ فأعانه رسول الله ? بخمسة عشر صاعًا. وجمع الله له أمره، ? وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? وعن أبي قلابة قال: كان الظهار طلاقًا في الجاهلية، الذي إذا تكلّم به أحدهم لم يرجع في امرأته أبدًا، فأنزل الله عز وجل فيه ما أنزل. وعن قتادة: ? مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ?، قال: الزور الكذب، ? وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ?.
542 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/
قال الشيخ الألباني :
P9JA_fY/542A.html)
http://dc136.4shared.com/img/305112411/8a7028e7/542A.png?sizeM=7
http://dc203.4shared.com/img/305112492/dba0f355/542B.png?sizeM=7
542B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/BaqUa
قال الشيخ الألباني :
O7/542B.html)
عن قتادة: قوله: ? إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ? يقول: يعادون الله ورسوله ? كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ? خُزُوا كما خزي الذين من قبلهم. قال ابن كثير: كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم، ? وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ? أي: واضحات? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ? أي: في مقابلة ما استكبروا عن إتّباع شرع الله ? يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ? أي: ضبطه الله وحفظه عليهم، وهم قد نسوا ما كانوا عملوا، ? وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ? أي: لا يغيب عنه شيء.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 09:54 م]ـ
صفحة 543
ثم قال تعالى مخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه وإطّلاعه عليهم: ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ ? أي: من سرّ ثلاثة: ? إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ?، كما قال تعالى: ? أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ?، فهو سبحانه وتعالى مطّلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء. ثم قال تعالى: ? ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?، قال الإمام أحمد: افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم. وقال الضحاك: هو فوق العرش، وعلمه معهم أينما كانوا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/484)
عن مجاهد في قوله: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ?، قال: اليهود. وقال مقاتل: كان بين النبيّ ? وبين اليهود موادعة، وكانوا إذا مرّ بهم الرجل من أصحاب النبيّ ? جلسوا يتناجون بينهم حتى يظنّ المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم، فنهاهم النبيّ ? عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ ?. وعن مجاهد في قوله: ? وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ?، قال: يقولون: سام عليكم. وفي حديث أنس عن النبيّ ?: «إذا سلّم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: وعليك». قال ابن زيد: السام الموت.
وقوله تعالى: ? وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ?، قال البغوي: يريدون: لو كان نبيًّا حقًّا لعذّبنا الله بما نقول. قال الله عز وجل: ? حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?.
543 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/qLLebj-l/543A.html)
http://dc203.4shared.com/img/305113121/1f2adeaa/543A.png?sizeM=7
543B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/BJ3
قال الشيخ الألباني :
Angs/543B.html)
http://dc220.4shared.com/img/305111183/a1c29f87/543B.png?sizeM=7
. وعن قتادة: قوله: ? إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ?، كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنون ويكبر عليهم، فأنزل الله في ذلك القرآن. وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون ثالثهما، فإن ذلك يحزنه»
عن قتادة: قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ?، كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنّوا بمجلسهم عند رسول الله ?، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض، ? وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ? يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا ? يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ? إن بالعلم لأهله فضلاً، وإن له على أهله حقًا، ولعمري لِلحقّ عليك أيها العالم فضل، والله معطي كلّ ذي فضل فضله. وكان مطرف بن عبد الله بن الشّخّير يقول: فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 09:56 م]ـ
الجمعة
04/ 06/2010
الصفحة 544
والصفحة 545
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:02 م]ـ
صفحة 544
وعن مجاهد في قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ?، قال: نهوا عن مناجاة النبيّ ? حتى يتصدّقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قدّم دينارًا فتصدّق به، ثم أنزلت الرخصة. وعن قتادة: قال: ? أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ? فريضتان واجبتان لا رجعة لأحد فيهما، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الصدقة في النجوى.
عن قتادة: قوله: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم ?، إلى آخر الآية. قال: هم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم، ? مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ ?، قال البغوي: يعني: المنافقين ليسوا من المؤمنين في الدين والولاية، ولا من اليهود والكافرين، كما قال: ? مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء ?. ? وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ? أنهم كذبة
544 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/PxD7S2RM/544A.html)
http://dc162.4shared.com/img/305111212/541aa01/544A.png?sizeM=7
http://dc242.4shared.com/img/305111208/fc8f725e/544B.png?sizeM=7
544B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/yv-w8UIQ/544B.html)
? أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ? يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم. وعن قتادة في قوله: ? يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ? قال: إن المنافق يحلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا ? وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ ?، قال البغوي: غلب واستولى ? عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ ?، الأسفلين، ? كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ?، قال الزجاج: غلبة الرسل على نوعين: من بُعث منهم بالحرب فهو غالب في الحرب، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجّة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/485)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:06 م]ـ
صفحة 545
وقوله تعالى: ? لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ?، قال ابن كثير: أي: لا يوادّون المحادّين ولو كانوا من الأقربين. وقال في جامع البيان: ? لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ?، يعني: لا يجتمع الإِيمان ومحبّة أعداء الله تعالى: ? أُوْلَئِكَ ?، الذين لم يوادّوهم، ? كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ?، أثبته فيها ? وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ?. قال ابن جرير: يقول: وقوّاهم ببرهان منه، ونور وهدى، ? وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ?، قال ابن جرير: رضي الله عنهم بطاعتهم إياه في الدنيا، ? وَرَضُوا عَنْهُ ?، في الآخرة بإدخاله إياهم الجنة، ? أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ? يقول: أولئك الذين هذه صفتهم جند الله وأولياؤه ? أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?.
* * *
545 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/0FeQhHxn/545A.html)
http://dc213.4shared.com/img/305111984/31b55b9c/545B.png?sizeM=7
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:15 م]ـ
وبهذا يكون قد انتهينا بحمد الله من دورة حزب المفصل
وسنبدأ من يوم السبت ان شاء الله بدورة حزب البقرة
ونظرا لحصولي على عمل والحمد لله فسأضع - ان شاء الله - ورد اسبوع كامل من صورة البقرة (اي ورد الاسبوع القادم)
وكذلك ساضع - ان شاء الله - ورد مراجعة اسبوع كامل ايضا من حزب المفصل مع تفسير اضواء البيان
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 03:10 م]ـ
ساضع هنا مقرر الحفظ للاسبوع القادم من السبت الى الجمعة وهو كالتالي (من سورة البقرة)
05/ 06/2010 السبت الصفحة 1 والصفحة 2
06/ 06/2010 الأحد الصفحة 3 والصفحة 4
07/ 06/2010 الإثنين الصفحة 5 والصفحة 6
08/ 06/2010 الثلاثاء الصفحة 7 والصفحة 8
09/ 06/2010 الأربعاء الصفحة 9 والصفحة 10
10/ 06/2010 الخميس الصفحة 11 والصفحة 12
11/ 06/2010 الجمعة الصفحة 13 والصفحة 14
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:29 م]ـ
05/ 06/2010
السبت
الصفحة 1
والصفحة 2
http://dc110.4shared.com/img/305732588/8f35f140/t067.png?sizeM=7
http://dc227.4shared.com/img/305733005/872aa27b/t068.png?sizeM=7
http://dc225.4shared.com/img/305730948/80938fa3/1_online.png?sizeM=7
[ سورة الفاتحة]
مكية، وهي سبع آيات
أعوذ بالله السميع العليم من الشيْطان الرجِيم
بسم الله الرحمن الرحيم
? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) ?.
* * *
سورة الفاتحة لها ثلاثة أسماء: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني.
وروى البخاري وغيره عن سعيد بن المعلى رضي الله عنه، قال: كنت أصلي فدعاني رسول الله ? فلم أجبه حتى صليت، قال: فأتيته، فقال: «ما منعك أن تأتيني»؟ قال: قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، قال: «ألم يقل الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ?؟ ثم قال: «لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد». قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت: لأعلمنَّك أعظم سورة في القرآن قال: «نعم، الحمد لله رب العالمين، هي: السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/486)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج - ثلاثًا - غير تمام». فقيل لأبي هريرة: إنا نكون خلف الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله ? يقول: «قال الله عز وجل: قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال الله: أثنى عليّ عبدي؛ فإذا قال: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? قال الله: مجّدني عبدي - وقال مرة: فوّض إليَّ عبدي - فإذا قال: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل». رواه مسلم وغيره.
قوله عز وجل: ? بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) ?.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله ? كان لا يعرف فصل السورة حتى ينْزِلَ عليه (بسم الله الرحمن الرحيم).
وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إن أول ما نزل به جبريل على محمد ? قال: يا محمد قل: أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل بسم الله الرحمن الرحيم، قال: قال له جبريل: (بسم الله يا محمد، يقول: اقرأ بذكر الله ربك، وقم واقعد بذكر الله تعالى).
واختلف العلماء في مشروعية قراءة البسملة في الصلاة.
فقال بعضهم: لا يقرأ بها سرًا ولا جهرًا.
وقال بعضهم: يقرأ بها جهرًا في الجهرية، وسرًا في السرية.
وقال بعضهم: يقرأ بها سرًا في الجهرية. هذا القول هو الراجح وعليه تدل الأحاديث الصحيحة؛ ويشرع الجهر بها في بعض الأحيان، وتستحب البسملة في ابتداء كل عمل، تبركًا باسم الله تعالى واستعانة به، وفي الحديث: «كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم»، قال ابن عباس: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
قوله عز وجل: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه). انتهى، قال أبو نصر الجوهري: (والحمد أعم من الشكر، وأما المدح فهو أعم من الحمد، وقال ابن عباس: الحمد لله كلمة الشكر، وإذا قال العبد: الحمد لله، قال: شكرني عبدي).
قال البغوي: رحمه الله تعالى: (والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة، والشكر لا يكون إلا على النعمة.
وقوله تعالى: ? للّهِ ?، اللام للإستحقاق، والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد وأنواعه لله تعالى.
وقوله تعالى: ? رَبِّ الْعَالَمِينَ ?، الرب: هو المالك المتصرف، والعالمين: جمع عالَم بفتح اللام، وهو كل موجود سوى الله عز وجل؛ والعوالم أصناف المخلوقات، وعن ابن عباس: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? الحمد لله الذي له الخلق كله، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن، مما نعلم ومما لا نعلم. وعن سعيد بن المسيب قال: لله ألف عالم: ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين أحدٌ إلا الله، قال الله تعالى: ? وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ?، وقال الزجاج: العالم كل ما خلق الله في الدنيا والآخرة.
قال القرطبي: والعالم مشتق من العلامة.
قال ابن كثير: لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته، كما قال ابن المعتز:
فيا عجبًا كيف يعصي الإِله (أم كيف يجحده الجاحد (
وفي كل شيء له آية (تدل على أنه واحد (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/487)
تنبيه: المعروف عند بعض القراء أنه لا يقف على ? الْعَالَمِينَ ?، ولا على ? الرَّحِيمِ ?، لاتصال الصفة بالموصوف، ولا مانع من ذلك لأن المعنى ظاهر، والأصل هو الوقوف على رؤوس الآي، ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قال: كان رسول الله ? يقطع قراءته يقول: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? ثم يقف، ثم يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ? ثم يقف، فالفصل والوصل جائزان: ويحسن الفصل مع الترتيل والوصل مع الهذ وفي الحديث: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ واصعد في درج الجنة، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها»، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً.
قوله عز وجل: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?.
قال ابن كثير: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي الأثر عن عيسى عليه السلام أنه قال: (الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة)، وقال ابن عباس: (هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر).
وقال ابن جرير: (حدثنا السري بن يحيى التميمي، حدثنا عثمان بن زفر، سمعت العزرمي يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال: الرحمن لجميع الخلق، الرحيم، قال: بالمؤمنين.
قال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله ? الْعَالَمِينَ?، ليكون من باب قرب الترغيب بعد الترهيب، كما قال تعالى: ? نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ?.
قوله عز وجل: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ?.
قال ابن كثير: وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عاداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة. وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئًا، ولا يتكلم أحدًا إلا بإذنه كما قال تعالى: ? يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ?، وقال تعالى: ? وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ?، وقال تعالى: ? يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ?، وقال الضحاك عن ابن عباس: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكمًا كملكهم في الدنيا قال: و ? يَوْمِ الدِّينِ ? يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إلا من عفا عنه.
قوله عز وجل: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?.
أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول والقوة، وتفويض إلى الله عز وجل، وهذا كثير في القرآن، قال تعالى: ? فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ?، وقال تعالى: ? هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ?، وقال تعالى: ? رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ?، قال ابن عباس: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ ?، يعني إياك نوحد ونخاف، ونرجوك يا ربنا لا غيرك. ? وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?، على طاعتك وعلى أمورنا كلها. قال البغوي: (والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده).
قوله عز وجل: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?.
قال ابن كثير: لمّا تقدم الثناء على المسئول تبارك وتعالى، ناسب أن يعقب بالسؤال كما قال: (فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل)، وهذا أكمل أحوال السؤال، أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين، والهداية ها هنا: الإرشاد والتوفيق.
وقال البغوي: وهذا الدعاء من المؤمنين، مع كونهم على الهداية، بمعنى التثبيت، وبمعنى طلب مزيد الهداية، لأن الألطاف والهدايات من الله لا تتناهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/488)
وقال ابن جرير: أجمعت الأمة من أهل التأويل، على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح، الذي لا اعوجاج فيه، وقال مجاهد: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?، قال: الحق.
وروى الإِمام أحمد وغيره عن النواس بن سمعان، عن رسول الله ? قال: «ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جانبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعًا ولا تعوجوا؛ وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط: الإِسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم».
قوله عز وجل: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?.
أي: مننت عليهم بالهداية والتوفيق للإيمان، والاستقامة عليه من النبيين والمؤمنين، قال الضحاك عن ابن عباس: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?، بطاعتك، وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك، والصديقين، والشهداء، والصالحين؛ وذلك نظير ما قال ربنا تعالى: ? وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ?.
قوله عز وجل: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?.
قال ابن كثير: والمعنى: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق. انتهى.
وروى الإمام أحمد وغيره عن عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله ?، فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم إلى رسول الله ? صفوا له، فقالت: يا رسول الله نأى الوافد، وانقطع الولد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فَمُنَّ عليّ مَنَّ الله عليك، قال: «ومن وافدك»؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: «الذي فر من الله ورسوله»؟ قالت: فمنّ عليّ. فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليّ، قال: سليه حملانًا، فسألته فأمر له، قال: فأتتني فقالت: إنك فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيّان - وذكر قربهم من النبي ? - قال: فعرفت إنه ليس بملك كسرى ولا قيصر، فقال: «يا عدي ما أَفَرَّكَ؟ أن يقال لا إله إلا الله؟ فهل من إله إلا الله؟ ما أفرَّك أن يقال الله أكبر؟ فهل شيء أكبر من الله عز وجل» قال: فأسلمت، فرأيت وجهه استبشر، وقال: «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى» ... وذكر الحديث.
قال ابن كثير: مسألة، والصحيح من مذاهب العلماء، أنه يغتفر الإِخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما لمن لا يميز ذلك؛ وأما حديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد» فلا أصل له، والله أعلم. انتهى ملخصًا، قال ابن مفلح في الفروع: (وإن قرأ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين بظاء، فالوجه الثالث يصح مع الجهل). قال في تصحيح الفروع: (أحدها لا تبطل الصلاة، اختاره القاضي، والشيخ تقي الدين، وقدمه في المغني والشرح وهو الصواب) انتهى. يعني: تصح الصلاة ولو كان يميز الضاد والظاء، والأحوط للإِمام القراءة بالضاد إذا كان يميز ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/489)
وقال ابن كثير: اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو: يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون. انتهى.
ويستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها: (آمين) في الصلاة وغيرها. ومعناها: اللهم استجب لنا. لما رواه الإمام أحمد وغيره عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سمعت النبي ? قرأ: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، فقال: «آمين» مد بها صوته. ولأبي داود: (رفع بها صوته).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ? إذا تلا ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال: «آمين»، حتى يسمع من يليه من الصف الأول). رواه أبو داود وابن ماجة وزاد فيه: (فيرتج بها المسجد).
وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال: «إذا أمنَّ الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين، فأكثروا من قول آمين». رواه ابن ماجة.
وعنه قال: (بينا رسول الله ? وعنده جبرائيل، إذ سمع نقيقًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط، قال: فنزل منه ملك، فأتى النبي ? فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفًا منها إلا أوتيته). رواه مسلم، والنسائي وهذا لفظه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وإنّ نَفَرَنا غُيِّبٌ فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقيه فرقاه فبرئ فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي أو نسأل رسول الله ?، فلما قدمنا المدينة، ذكرناه للنبي ? فقال: «وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم». رواه البخاري ومسلم، والله أعلم.
* * *
http://dc269.4shared.com/img/305733009/8e9cee50/t069.png?sizeM=7
http://dc200.4shared.com/img/305733016/738c280/t070.png?sizeM=7
http://dc245.4shared.com/img/305724219/34b41a76/002.png?sizeM=7
[ سورة البقرة]
مدنية، وهي مائتان وثمانون وست أو سبع آيات
عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكًا واستخرجت ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? من تحت العرش، فوصلت بها، أو فصلت بسورة البقرة. ويس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، واقرءوها على موتاكم». رواه أحمد.
وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي لا تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة، لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة؛ أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها). وفي رواية: (لم يقربه ولا أهله يومئذٍ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يقرآن على مجنون إلا أفاق). رواه الدرامي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/490)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله ? بعثًا، وهم ذوو عدد، فاستقرأهم كل واحد منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا، فقال: «ما معك يا فلان»، فقال معي كذا وكذا، وسورة البقرة فقال: «أمعك سورة البقرة»، قال: نعم، قال: «اذهب فأنت أميرهم». فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة، إلا إني خشيت ألا أقوم بها. فقال رسول الله ?: «تعلموا القرآن واقرءوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه، فقرأ وقام به، كمثل جراب محشو مسكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه، كمثل جراب أوكى على مسك». رواه الترمذي وغيره.
قال البخاري: وقال الليث حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف. وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي فقال: «اقرأ يا ابن حضير». قال: قد أشفقت يا رسول الله على يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها. قال: «وتدري ما ذاك»؟ قال: لا. قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم». ولمسلم: «عرجت في الجو».
وذكر الحافظ ابن حجر أن في الحديث اختصارًا، أصله كما رواه أبو عبيد: (رفع رأسه إلى السماء، فإذا هو بمثل الظلة، فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها).
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي ? فسمعته يقول: «تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة». قال: ثم سكت ساعة ثم قال: «تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبر كالرجل الشاحب فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك. فيقول أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تجارة من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والديه حلتان لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. ثم يقال: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً». رواه الإِمام أحمد.
قال ابن العربي في (أحكام القرآن): (اعلموا وفقكم الله أن علماءنا قالوا: إن هذه السورة من أعظم سور القرآن. سمعت بعض أشياخي يقول: فيها ألف أمر، وألف نهي، وألف حكم، وألف خبر ولعظيم فقهها أقام عبد الله بن عمر ثمان سنين في تعلمها).
قال الشعبي وغيره: ? آلم ?. وسائر حروف الهجاء في أوائل القرآن، من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وهي سر القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله تعالى. قال أبو بكر الصديق: في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن، وأوائل السور. وعن ابن عباس أنه قال: معنى ? آلم ?: أنا الله أعلم، ومعنى ? آلمص ?: أنا الله أعلم وأفصل. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أرى. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أعلم وأرى. وقال مجاهد: هذه الحروف أسماء السور. وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور، بيانًا لإِعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال الزمخشري: (ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن). انتهى. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/491)
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ?، يقول تعالى: هذا الكتاب وهو القرآن، لاشك فيه أنه من عند الله تعالى، وأنه الحق والصدق، كما قال تعالى: ? آلم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?.
وقوله تعالى: ? هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ?، أي: رشد وبيان لأهل التقوى خاصة، كما قال تعالى: ? قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ?. وقال تعالى: ? وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلا خَسَاراً ?. قال ابن عباس: التقيّ من يتقيّ الشرك والكبائر والفواحش. وأنشد أبو الدرداء:
يريد المرء أن يؤتى مُناه (ويأبى الله إلا ما أراد (
يقول المرء: فائدتي ومالي (وتقوى الله أفضل ما استفادا (
والتقوى: هي: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ?، أي: الذين يصدقون بما غاب عنهم، مما أخبر الله به من أمور الآخرة والقدر وغير ذلك. قال أبو العالية: يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث، فهذا غيبٌ كله. وعن أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله ?، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك قال: «نعم قومٌ من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني».
وقوله تعالى: ? وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ?، أي: يديمونها ويحافظون عليها في مواقيتها، بحدودها وأركانها وهيآتها، والمراد بها الصلوات الخمس. قال ابن عباس: إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود، والتلاوة والخشوع والإِقبال عليه فيها.
وقوله تعالى: ? وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ?، أي: في جميع ما يلزمهم من الزكاة وغيرها. قال قتادة: هذه الأموال عَوَارٍ وودائع عندك يا ابن آدم، يوشك أن تفارقها.
وقوله تعالى: ? والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ?، قال ابن عباس: ? والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ?، أي: يصدقون بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم ? وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ?، أي: بالبعث والقيامة، والجنة والنار، والحساب والميزان. قال البغوي: قوله: ? وَبِالآخِرَةِ ?، أي: بالدار الآخرة. سميت الدنيا دنيا لدنوّها من الآخرة، وسميت الآخرة آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا ? هُمْ يُوقِنُونَ ?، أي: يستيقنون أنها كائنة.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?. يقول الله تعالى: ? أُوْلَئِكَ ?، أي: المتصفون بالإِيمان وإقام الصلاة والإِنفاق مما أعطاهم الله ? عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ?، أي: على نور وبيان وبصيرة ? وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?، أي: الناجون الفائزون، فازوا بالجنة ونجوا من النار.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:36 م]ـ
06/ 06/2010
الأحد
الصفحة 3
والصفحة 4
http://dc263.4shared.com/img/305724271/6c3535c2/003.png?sizeM=7
http://dc233.4shared.com/img/305733562/49df52b5/t071.png?sizeM=7
يقول الله تعالى: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، سواء عليهم إنذارك وعدمه، فإنهم لا يؤمنون بما جئتهم به، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ?. قال البغوي: (والكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر عناد، وكفر نفاق).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/492)
وقوله تعالى: ? خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ?، أي: طبع الله على قلوبهم، فلا تعي خيرًا ولا تفهمه، وعلى سمعهم فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به، كما قال تعالى: ? إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ?. يقول تعالى: وعلى أبصارهم غطاء، فلا يرون الحق، ولهم عذاب عظيم في الآخرة، فالختم على القلب والسمع، والغشاوة على البصر، كما قال تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ?، وقال تعالى: ? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ?، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه، وإن زادت زاد حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي قال الله تعالى: ? كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ?». رواه ابن جرير وغيره. وقال الترمذي: (حسن صحيح). قال مجاهد: الران أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الإِقفال، والإِقفال أشد من ذلك كله.
قوله عز وجل: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ (12) ?.
هذه الآيات نزلت في المنافقين: عبد الله بن أبي، وأصحابه وغيرهم ممن أظهر كلمة الإِسلام واعتقد خلافها. قال ابن كثير: النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي وهو: الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو: من أكبر الذنوب. قال ابن جريج: المنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته، ومدخله مخرجه، ومشهده مغيبه.
وقوله تعالى: ? وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ? كذبهم الله تعالى في قولهم: آمنا بالله وباليوم الآخر، لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، كما قال تعالى: ? إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ?.
وقوله تعالى: ? يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ?، يقول تعالى: يخادعون الله والذين آمنوا بإظهار الإِيمان وإبطانهم الكفر، ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كنفعهم عند بعض المؤمنين، كما قال تعالى: ? يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُم ?، أي: لأن وبال خداعهم راجع عليهم، بفضيحتهم في الدنيا وعقابهم في الآخرة، ? وَمَا يَشْعُرُونَ ?، أي: لا يدرون أنهم يخدعون أنفسهم، وإن وبال خداعهم يعود عليهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/493)
وقوله تعالى: ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، يقول تعالى: ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ?، أي: شك ونفاق، ? فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً ?، أي: شكًا ونفاقًا، كما قال تعالى: ? وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، أي: ولهم عذاب مؤلم موجع، يخلص حده إلى قلوبهم، ? بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، أي: بكذبهم في دعواهم الإِيمان بالله وباليوم الآخر.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ?، يقول تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض بالكفر وتعويق الناس عن الإِيمان، ? قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ?، أي: إنما نريد الإِصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب، ? أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ? بكونه فسادًا. قال أبو العالية: وكان فسادهم ذلك معصية الله، لأنه من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصيته فقد أفسد في الأرض، لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة.
يقول تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ ? للمنافقين: آمنوا بمحمد ? وبما جاء به كما آمن الناس، قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون أصحاب محمد ?، ? أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء ? الجهال في الدين الضعفاء الرأي، ? وَلَكِن لا يَعْلَمُونَ ?. ذلك.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ? يقول تعالى: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنون قالوا: آمنا كإيمانكم مصانعة وتقية، وإذا خلوا انصرفوا ? إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ? رؤسائهم، قالوا: ? إِنَّا مَعَكْمْ ?، أي: على دينكم ? إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ? بمحمد وأصحابه نلعب بهم.
قوله تعالى: ? يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ? قال ابن عباس في قوله تعالى: ? اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ? قال: يسخر بهم للنقمة منهم. وقوله تعالى: ? وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ?، أي: يملي لهم في ضلالتهم يترددون متحيرين.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ? قال ابن عباس: ? أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ? أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. وقوله تعالى: ? فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ?، أي: ما ربحوا في تجارتهم لأنهم استبدلوا الكفر بالإيمان، ? وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ?. قال قتادة: قد والله رأيتموهم، من خرجوا من الهدى إلى الضلال، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.
http://dc228.4shared.com/img/305724460/6a448a7/004.png?sizeM=7
قال ابن عباس: نزلت في المنافقين، يقول: مثلهم في نفاقهم كمثل رجل أوقد نارًا في ليلة مظلمة في مفازة، فاستدفأ ورأى ما حوله، فاتقى مما يخاف، فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، فبقي في ظلمة خائفًا متحيرًا، فكذلك المنافقون بإظهار كلمة الإِيمان أمنوا على أموالهم وأولادهم، وناكحوا المؤمنين، ووارثوهم، وقاسموهم الغنائم، فلذلك نورهم، فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف.
وقوله تعالى: ? صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ?، أي: هم صم عن الحق لا يقبلونه، بكم خرس عن الحق لا يقولونه، عمي لا بصائر لهم، فهم لا يرجعون عن الضلالة إلى الحق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/494)
وقوله تعالى: ? أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? هذا مثل آخر ضربه الله تعالى لصنف آخر من المنافقين، وهم قوم يظهر لهم الحق تارة ويشكون أخرى. والصيّب: المطر، من صاب يصوب، أي: نزل من السماء، أي: من السحاب، ? فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ?. قال ابن عباس: الرعد: اسم ملك يسوق السحاب، والبرق: لمعان سوط من نور يزجر به الملك السحاب. وعن أبي كثير قال: كنت عند أبي الخلد إذ جاء رسول ابن عباس بكتاب إليه، فكتب إليه: كثيرًا تسألني عن الرعد، فالرعد: الريح، والبرق من الماء. قال السخاوي: إن سبب الرعد اضطراب أجرام السحاب واصطكاكها إذا ساقها الريح من الارتعاد. قال بعض المفسرين: وإن أطلق الرعد على الملك أيضًا فهو مشترك بين الصوت المذكور والملك الثابت في الأحاديث.
وقوله تعالى: ? يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ? مخافة الهلاك؛ فهذا المثل ضربه الله للقرآن وصنيع المنافقين معه، فإن من شأنهم الخوف الشديد والفزع، كما قال تعالى: ? يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ?.
وقوله تعالى: ? واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ?، أي: عالم بهم. قال مجاهد: يجمعهم فيعذبهم.
وقوله تعالى: ? يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ ?، أي: وقفوا. قال ابن عباس: أي: يعرفون الحق ويتكلمون به، فهم من قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا، أي: متحيرين.
وقوله تعالى: ? وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ?، أي: لذهب بأسماعهم وأبصارهم الظاهرة، كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة، ? إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? فصار الناس ثلاثة أقسام: مؤمنون، وكفار، ومنافقون، وكل سيجازى بعمله. قال الله تعالى: ? مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ * يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?، وقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/495)
قال ابن مسعود: نورهم يسعى بين أيديهم على قدر أعمالهم، يمرون على الصراط، منهم مَنْ نورُه مثل الجبل، ومنهم مَنْ نوُره مثل النخلة، وأدناهم نورًا مَنْ نوُره في إبهامه يتّقد مرة ويُطفأ أخرى. قال ابن عباس: ليس أحد من أهل التوحيد إلا يعطى نورًا يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره، فالمؤمن مشفق مما يرى من إطفاء نور المنافقين، فهم يقولون: ? رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ?. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) ?.
يقول تعالى: يا أيها الناس وحدوا ربكم الذي خلقكم، وخلق الذين من قبلكم، لعلكم تتقون: لكي تنجوا من العذاب.
وقال بعض المفسرين: لعلكم تتقون: حال من الضمير في اعبدوا؛ كأنه قال: اعبدوا ربكم راجين أن تدخلوا في سلك المتقين الفائزين بالهدى والفلاح، المسترجين لجوار الله تعالى، ولعل في الأصل للترجي، وهي في كلام الله تعالى للتحقيق، وقيل: لعل هنا للأطماع كقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ?.
وقال ابن جرير: معنى ذلك: اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم؛ لتتقوه بطاعته، وتوحيده، وإفراده بالربوبية والعبادة. وقال ابن عباس: كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها التوحيد.
وقوله تعالى: ? الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) ?.
يقول تعالى: اعبدوا ربكم خالقكم، وخالق من قبلكم، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً، أي: بساطًا وَالسَّمَاء بِنَاء، سَقْفاً مرفوعاً، وأنزل من السماء، أي: من السحاب، ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم، طعامًا لكم وعلفًا لدوابكم، فلا تجعلوا لله أنداداً، أي: أمثالاً تعبدونها كعبادة الله، وأنتم تعلمون أنه واحد لا خالق معه. قال ابن عباس: فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون، أي: لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر، وأنتم تعملون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه رسول الله ? من التوحيد، هو الحق الذي لا شك فيه؟
قال ابن كثير: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة.
قوله عز وجل: ? وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ?.
يقول تعالى: وإن كنتم في ريب، أي: شك مما نزلنا على عبدنا محمد ? فأتوا بسورة من مثله، أي: مثل القرآن، وادعوا شهداءكم واستعينوا بآلهتكم التي تعبدونها من دون الله إن كنتم صادقين أن محمداً تقوله من تلقاء نفسه. كما قال تعالى: ? أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ?، وقال تعالى: ? قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ?، وقال تعالى: ? أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ?. ثم تحدّاهم بسورة واحدة فعجزوا.
وقوله تعالى: ? فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ? يقول تعالى: ? فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ ?، أي: فيما مضى، ولن تفعلوا أبداً، وهذه معجزة أخرى، ? فَاتَّقُواْ النَّارَ ?، أي: فآمنوا واتركوا المعاصي لتنجوا من النار، ? الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ?. قال ابن عباس يعني: حجارة الكبريت؛ لأنها أكثر التهاباً، ? أُعِدَّتْ ?: هيئت، ? لِلْكَافِرِينَ ?: الذين هم أهلها كما قال تعالى: ? وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ?، وقال تعالى: ? إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ? وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعنا وجبة فقلنا: ما هذه؟ فقال رسول الله ?: «هذا حجر ألقي به من شفير جهنم منذ سبعين سنة، الآن وصل إلى قعرها». رواه مسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/496)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:40 م]ـ
07/ 06/2010
الإثنين الصفحة 5
والصفحة 6
http://dc147.4shared.com/img/305724468/87fc095/005.png?sizeM=7
http://dc235.4shared.com/img/305733955/f58c6db1/t072.png?sizeM=7
لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه الكافرين عطف بذكر حال أوليائه المؤمنين، فقال تعالى: ? وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ ? بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ? وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ? من الأفعال والأقوال. قال معاذ: العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص، ? أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ? جمع جنة والجنة البستان الذي فيه أشجار مثمرة، ? تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ?، أي: من تحت أشجارها، ومساكنها. وفي الحديث: «إن أنهار الجنة تجري في غير أخدود»، ? كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ? قال ابن عباس وغيره: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل الدنيا. وقال عكرمة: معناه، مثل الذي كان بالأمس. وقال مجاهد: يقولون: ما أشبهه به، وأتوا به متشابهًا. قال ابن عباس وغيره: متشابهًا في الألوان مختلفًا في الطعوم. وقال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسامي. وقال يحيى بن أبي كثير: عشب الجنة الزعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها، ثم يؤتون بمثلها فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي آتيتمونا آنفًا به؟ فتقول لهم الولدان: كلوا، فاللون واحد والطعم مختلف. وهو قول الله تعالى: ? وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ?.
وقوله تعالى: ? وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ ?، أي: من الحور والآدميات ? مُّطَهَّرَةٌ ?، أي: من الغائط والبول، والحيض والنفاس، والبصاق والمخاط، والمني والولد، وكل قذر. قال الحسن: هنَّ عجائزكم الغمص العمش، طهرن من قذرات الدنيا.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «إن أول زمرة تدخل الجنة يوم القيامة صورة وجوههم مثل صورة القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على لون أحسن الكواكب في السماء لكل رجل منهم زوجتان، على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهن دون لحومها ودمائها وحللها».
وقوله تعالى: ? وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ?، أي: دائمون لا يموتون فيها ولا يخرجون منها: وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «ألا هل من مشمر للجنة؟ وأن الجنة لا خطر لها، وهي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانه تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة،وحلل كثيرة، ومقام أبد في دار سليمة، وفاكهة وخضرة، وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية». قالوا: نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها. قال: «قولوا إن شاء الله». قال القوم: إن شاء الله.
قوله عز وجل: ? إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) ?.
قال قتادة: إن الله لا يستحي من الحق أن يذكر شيئًا ما قل أو كثر، وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت، قال أهل الضلالة: ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنزل الله: ? إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ ? بمحمد والقرآن، ? فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ? يعني المثل هو ? الْحَقُّ ? الصدق ? مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا ?، أي: شيء ? أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا ? المثل ? مَثَلاً ? وعن ابن عباس وغيره: لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين يعني قوله تعالى: ? مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/497)
نَاراً ?، وقوله: ? أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ ? الآيات الثلاث، قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال. فأنزل الله هذه الآية إلى قوله تعالى: ? هُمُ الْخَاسِرُونَ ?.
وقوله تعالى: ? يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ? أجابهم الله في قولهم: ماذا أراد الله بهذا مثلاً، فقال: يضل به كثيرًا من الكفار، وذلك أنهم يكذبونه فيزدادون ضلالاً، ويهدي به كثيرًا من المؤمنين، فيصدقونه فيزيدهم هدى إلى هداهم، وإيمانًا إلى إيمانهم: كما قال تعالى: ? وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ? وكذلك قال ها هنا: ? يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ?. قال ابن عباس: يعني: المنافقين.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ? هذا وصف من الله تعالى للفاسقين المذكورين ها هنا بأنهم الذين ينقضون، أي: يخالفون ويتركون عهد الله، أمر الله الذي عهد إليهم في كتبه وعلى ألسنة رسله من بعد ميثاقه توكيده، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام وغيرها، ويفسدون في الأرض بالكفر والظلم والمعاصي أولئك هم الخاسرون بأعياضهم الفساد عن الصلاح والعقاب عن الثواب. كما قال تعالى: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ?.
قوله عز وجل: ? كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) ?.
يقول تعالى: كيف تكفرون بالله وتعبدون معه غيره! وكنتم أمواتًا في أصلاب آبائكم، فأحياكم، ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم، ثم يحييكم للبعث، ثم إليه ترجعون، فيجازيكم بأعمالكم. وهذه الآية كقوله تعالى: ? قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ?. وكقوله تعالى: ? قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيبَ فِيهِ ?.
وقوله تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? يقول تعالى: هو الله ربكم الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا؛ لكي تنتفعوا، فاعبدوه وحده لا شريك له. كما قال تعالى: ? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ?.
وقوله تعالى: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء ? قال ابن عباس وغيره: أي ارتفع، ? فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ?: خلقهن مستويات لا فطور فيها، ولا صدوع، ? وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?، فإن بالعلم يصح الخلق، ويحكم الفعل.
قال البغوي: قرأ أبو جعفر، وأبو عمرو، والكسائي، وقالون، (وهو، وهي) بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء: واوٌ، أو فاء، أو لام. زاد الكسائي وقالون: (ثم هو). وقالون: (أن يملَّ هو).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/498)
وهذه الآية كقوله تعالى: ? قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ?، وقال مجاهد في قوله تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ? قال: خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض ثار منها دخان، فلذلك حين يقول: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ ? ? فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ? قال: بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين، يعني: بعضها تحت بعض. والله أعلم.
* * *
http://dc225.4shared.com/img/305723219/a96322cf/006.png?sizeM=7
http://dc269.4shared.com/img/305733961/d9ccfa6b/t073.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) ?.
يقول تعالى: واذكر يا محمد: ? وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ?، أي: قومًا يخلف بعضهم بعضًا، كما قال تعالى: ? وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ ?. ? قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ?، كما فعل الجن؟ ? وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ?، أي: نثني عليك وننزهك عما لا يليق بعظمتك وجلالك.
? قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?. قال قتادة: فكان في علم الله، أنه سيكون في تلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة. وقال ابن عباس: إن أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضًا، قال: فبعث الله إليهم إبليس، فقتلهم إبليس ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، ثم خلق آدم فأسكنه إياها، فلذلك قال: ? إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ?. وقال عبد الله بن عمر: وكان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة، فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فيها، فبعث الله جندًا من الملائكة، فضربوهم حتى ألحقوا بجزائر البحور، فقال الله للملائكة: ? إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ?، ? قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?. وقال ابن عباس: يقول: إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره.
قوله عز وجل: ? وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) ?.
قال ابن عباس: ? وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ?، قال: علمه أسماء ولده إنسانًا، إنسانًا، والدواب، فقيل: هذا الحمار، هذا الجمل، هذا الفرس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/499)
وقال أيضًا: هي هذه الأسماء التي يتعارف الناس بها: إنسان، ودواب، وسماء، وأرض، وسهل، وبحر، وخيل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم، وغيرها. وقوله تعالى: ? ثُمَّ عَرَضَهُمْ ?، أي: المسميات، ? عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي ? أخبروني، ? بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? أني لا أخلق خلقًا إلا وكنتم أفضل وأعلم منه، ? قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ ? بخلقك، ? الْحَكِيمُ ? في أمرك، ? قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ? فسمى آدم كل شيء، ? فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ ?، قال الله تعالى: ? أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ? الظاهر والخفي ما كان وما يكون كما قال تعالى: ? وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ?.
? وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ?. قال ابن عباس: مرَّ إبليس على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيه، فقال: لأمر ما خلق هذا! ثم دخل في فيه وخرج من دبره، وقال: إنه خلق لا يتماسك؛ لأنه أجوف. ثم قال للملائكة الذين معه: أرأيتم إن فضِّل هذا عليكم، وأمرتم بطاعته، ماذا تصنعون؟ قالوا: نطيع أمر ربنا. فقال إبليس في نفسه: والله لئن سلطت عليه لأهلكته، ولئن سلط عليّ لأعينه، فقال الله تعالى: ? وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ?، يعني: ما يبديه الملائكة من الطاعة ? وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ? يعني: ما يكتمه إبليس من المعصية.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) ?.
هذه كرامة عظيمة أيضًا لآدم وذريته، حيث أمر الله الملائكة أن يسجدوا له، فقال: ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ?، أي: سجود تعظيم وتحية، كما سجد إخوة يوسف له، لا سجود عبادة، وقد كانت الأمم السالفة تفعل ذلك بدل التسليم، وحرّم ذلك في شريعتنا فسجدوا طاعة لله، وتعظيمًا لآدم، إلا إبليس أبى واستكبر عن السجود لآدم وكان من الكافرين في سابق علم الله. قال قتادة: حسد عدو الله إبليس آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من الكرامة، وقال: أنا ناري وهذا طيني. وكان بدء الذنوب الكِبْر. استكبروا عدو الله أن يسجد لآدم عليه السلام.
قوله عز وجل: ? وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) ?.
قال ابن إسحاق: لما فرغ الله من معاتبة إبليس أقبل على آدم وعلمه الأسماء كلها، فقال: ? يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ? إلى قوله: ? إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ?. قال: ثم أُلقيت السِّنة على آدم - فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة، وغيرهم من أهل العلم، عن ابن عباس وغيره - ثم أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحمًا، وآدم نائم لم يهبّ من نومه، حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء، فسواها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشف عنه السِّنة، وهبّ من نومه رآها امرأة إلى جنبه، فقال - فيما يزعمون، والله أعلم -: لحمي ودمي وزوجتي. فسكن إليها، فلما زوّجه الله وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبيلاً: ? اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ?. انتهى.
وقوله تعالى: ? وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً ?، أي: واسعًا كثيرًا ? حَيْثُ شِئْتُمَا ? كيف شئتما، ومتى شئتما، وأين شئتما، ? وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ? أنفسكما بالمعصية.
قوله عز وجل: ? فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(19/500)
قال البغوي: ? فَأَزَلَّهُمَا ? استزل الشيطان آدم وحواء، أي: دعاهما إلى الزلة، وقوله تعالى: ? عَنْهَا ? أي: عن الجنة ? فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ? أي: من اللباس، والمنزل الرحب، والرزق الهني، والراحة، وعن أبيّ بن كعب مرفوعًا: «إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة فنازعها، فناداه الرحمن: يا آدم مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن قال: يا رب لا، ولكن استحياء».
وفي رواية: «لما ذاق آدم من الشجرة فرّ هاربًا، فتعلقت شجرة بشعره، فنودي: يا آدم أفرارًا مني؟ قال: بل حياء منك. قال: يا آدم اخرج من جواري، فبعزتي لا يساكنني فيها من عصاني، ولو خلقت مثلك ملء الأرض خلقًا، ثم عصوني لأسكننهم دار العاصين». رواه ابن أبي حاتم.
? وَقُلْنَا اهْبِطُواْ ?: انزلوا إلى الأرض ? بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ?.
قال البغوي: أراد العداوة التي بين ذرية آدم، والحية، وبين المؤمنين من ذرية آدم، وبين إبليس، قال الله تعالى: ? إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ?، وقال السدي: قال الله تعالى: ? اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً ? فهبطوا ونزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقبضة من ورق الجنة، فبثه بالهند فنبتت شجرة الطيب، فإنما أصل ما يجاء به من الطيب من الهند من قبضة الورق التي هبط بها آدم، وإنما قبضها أسفًا على الجنة حين أخرج منها. وعن الحسن البصري قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدستميسان من البصرة على أميال، وأهبطت الحية بأصبهان، وعن أبي موسى قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض، علمه صنعة كل شيء، وزوّده من أثمار الجنة، فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير، وتلك لا تتغير. وروى مسلم، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة. فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها».
قال بعض العارفين: كنا قومًا من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا، فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نرد إلى الدار التي أخرجنا منها، وقال الشاعر:
يا ناظرًا يرنو بعيني راقد (ومشاهدًا للأمر غير مشاهد (
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي (درج الجنان ونيل فوز العابد (
أنسيت ربك حين أخرج آدمًا (منها إلى الدنيا بذنب واحد (
وقال بعضهم:
ولكننا سبي العدو فهل ترى (نعود إلى أوطاننا ونسلم (
وقوله تعالى: ? وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ ?: مواضع قرار، ومتاع بلغة مستمتع ? إِلَى حِينٍ ? إلى انقضاء آجالكم.
قوله عز وجل: ? فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) ?.
قال سعيد بن جيبر وغيره: الكلمات هي قوله: ? رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ?، وقال مجاهد عن عبيد ابن عمير أنه قال: قال آدم: يا رب، خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني؟ أو شيء ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته عليّ فاغفر لي. قال: فذلك قوله تعالى: ? فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ?، وعن ابن عباس: ? فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ?. قال: قال آدم عليه السلام: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال له: بلى ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى. قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قال: نعم.
وقوله تعالى: ? فَتَابَ عَلَيْهِ ? تجاوز عنه، ? إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ ? على عباده، ? الرَّحِيمُ ? بخلقه. كما قال تعالى: ? وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ?، وقال تعالى: ? وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ?.
قوله عز وجل: ? قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) ?.
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة، والمراد الذرية: أنه سينزل الكتب، ويبعث الأنبياء والرسل؛ كما قال أبو العالية: الهُدَى الأنبياء والرسل والبينات، والبيان. ? فَمَن تَبِعَ هُدَايَ ?، من أقبل على ما أنزلت به الكتب، وأرسلت به الرسل ? فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ? أي: فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ? وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ? على ما فاتهم من أمور الدنيا.
وقوله تعالى: ? وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ? يوم القيامة، ? هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ? لا يخرجون منها، ولا يموتون، فيها فنعوذ بالله من حالهم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/1)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:49 م]ـ
08/ 06/2010
الثلاثاء
الصفحة 7
والصفحة 8
http://dc263.4shared.com/img/305723214/d7d25e72/007.png?sizeM=7
http://dc195.4shared.com/img/305734039/3866852a/t074.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ?.
يقول تعالى آمرًا بني إسرائيل بالدخول في الإِسلام ومتابعة محمد ?: يا بني إسرائيل، يا أولاد يعقوب، اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم على أجدادكم وأسلافكم، وقال الحسن: ذكر النعمة شكرها، وقال قتادة: هي النعم التي خصت بها بنو إسرائيل: فلق البحر، وإنجاؤهم من فرعون بإغراقه، وتظليل الغمام عليهم في التيه، وإنزال المن والسلوى، وإنزال التوراة في نعم كثيرة لا تحصى ? وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي ? بامتثال أمري ? أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ? بالقبول والثواب، وقال أبو العالية: ? وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي ? قال: عهده إلى عباده دين الإِسلام، وأن يتبعوه، وقال الضحاك، عن ابن عباس: ? أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ? قال: أرضَى عنكم، وأدخلكم الجنة.
وقوله تعالى: ? وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ? أي: خافون، قال ابن عباس: في قوله تعالى: ? وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ?، أي: أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره، وقوله تعالى: ? وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ?. يقول تعالى: ? وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ ? يعني: القرآن. ? مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ?، أي: موافقاً لما معكم من التوراة في التوحيد، والنبوة والأخبار، ونعت النبي ?، ولا تكونوا أول كافر به، أي: القرآن فتتابعكم اليهود على ذلك، قال أبو العالية: يقول: ولا تكونوا أول من كفر بمحمد ?، يعني: من جنسكم أهل الكتاب بعد سماعكم بمبعثه؟
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ?، يقول: ولا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها؛ فإنها قليلة فانية، قال البغوي: وذلك أن رؤساء اليهود وعلماءهم كانت لهم مأكلة يصيبونها من سفلتهم وجهالهم، يأخذون كل عام منهم شيئًا معلومًا من ذروعهم وضروعهم ونقودهم، فخافوا إن هم بينوا صفة محمد ? وتابعوه أن تفوتهم تلك المأكلة، فغيّروا نعته وكتموا اسمه فاختاروا الدنيا على الآخرة.
وقوله تعالى: ? وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ?، أي: فاخشون، لا فوات الرياسة، قال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله، رجاء رحمة الله، على نور من الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ?، يقول تعالى: ? وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ?، أي: لا تخلطوا الحق بالباطل، والصدق بالكذب، وتكتموا الحق وأنتم تعملون، قال مقاتل: إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد ?، وكتموا بعضها ليصدقوا في ذلك.
قوله تعالى: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ? قال البغوي: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ?، يعني: الصلوات الخمس بمواقيتها، وحدودها: ? وَآتُواْ الزَّكَاةَ ?، وأدوا زكاة أموالكم المفروضة ? وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ?، أي: صلوا مع المصلين محمد ? وأصحابه وذكرها بلفظ الركوع لأن الركوع ركن من أركان الصلاة، قال ابن كثير: وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/2)
قوله عز وجل: ? أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) ?.
قال قتادة: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر، ويخالفون فعيّرهم الله عز وجل، وقال ابن عباس: يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد ?، وغير ذلك مما أمرتم به وتنسون أنفسكم؟ أي: تتركون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب؟ ? أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ?، وهذا كما قال شعيب عليه السلام: ? وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ?، وفي الحديث: «مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه».
وفي الحديث الآخر: «مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء أمتك من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون»؟. رواه أحمد وغيره، وعن أسامة ابن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ? يقول: «يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي: فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه». رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
وقوله تعالى: ? وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ?، يقول تعالى: واستعينوا على أمور دينكم ودنياكم بالصبر والصلاة. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن، وأحسن منه الصبر عن محارم الله.
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ? إذا حزبه أمر صلى). رواه أبو داود. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه نُعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما السجود، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: ? وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ?، وقال ابن جريج: ? وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ?، قال: إنهما معينتان على رحمة الله. وقوله تعالى: ? وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ?، أي: ثقيلة، ? إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ?، أي: المتواضعين، قال مجاهد: المؤمنين حقاً.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يَظُنُّونَ ? يستيقنون ? أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ ?: محشورون إليه يوم القيامة، معروضون عليه، ? وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ? فيجزيهم بأعمالهم؛ والظن من الأضداد، يكون شكاً، ويكون يقيناً، كما قال تعالى: ? وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً ?، قال مجاهد: كل ظن في القرآن يقين، أي: ظننت، وظنوا، يعني قوله تعالى: ? إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ ?، ? وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا ? ونحو ذلك، وفي الصحيح: «أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. فيقول الله تعالى: أظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول الله تعالى: اليوم أنساك كما نسيتني». والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (48) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/3)
يُذكِّر تعالى بني إسرائيل بنعمه على آبائهم، وما كان فضلهم به على سائر الأمم من أهل زمانهم، من إرسال الرسل منهم، وإنزال الكتب عليهم، كما قال تعالى: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ ?. والمراد بقوله تعالى: ? وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ? أي: عالمي زمانهم، فإن هذه الأمة أفضل منهم، كما قال تعالى: ? كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ?، وقال النبي ?: «أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله». رواه أهل السنن. وقد قال الله تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ?.
وقوله تعالى: ? وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ?: يقول تعالى: ? وَاتَّقُواْ يَوْماً ?، أي: اخشوا عقاب يوم ? لا تَجْزِي ? لا تقضي نفس عن نفس شيئاً، حقاً لزمها، ولا ينفع فيه أحدٌ أحداً، كما قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ?، وقال تعالى: ? وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ?.
وقوله تعالى: ? وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ?، يعني: من الكافرين، فلا يقبل من كافر شفاعة، ولا تقبل فيه شفاعة، قال تعالى: ? فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ?. وقوله تعالى: ? وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ?، أي: فداء، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ?. وقوله تعالى: ? وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ?، أي: لا ناصر لهم ولا مانع يمنعهم من عذاب الله.
http://dc255.4shared.com/img/305723226/12f16c9d/008.png?sizeM=7
http://dc253.4shared.com/img/305734094/bc38111d/t075.png?sizeM=7
http://dc213.4shared.com/img/305732275/735387b7/t076.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) ?.
يقول تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم إذ نجيناكم، أي: أسلافكم وأجدادكم، لأنهم نجوا بنجاتهم من آل فرعون أتباعه وأهل دينه. ? يَسُومُونَكُمْ ? يكلفونكم ويذيقونكم ? سُوَءَ الْعَذَابِ ? أشد العذاب وأسوأه، ? يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ ?. قال ابن إسحاق:كان فرعون يعذب بني إسرائيل فيجعلهم خدماً وخولاً، وصنفهم في أعماله: فصنف يبنون وصنف يزرعون له فهم في أعماله، ومن لم يكن منهم في صنعة من عمله فعليه الجزية فسامهم، كما قال الله عز وجل: ? سُوَءَ الْعَذَابِ ?. وقال: الذي جعلهم في الأعمال القذرة وجعل يقتل أبناءهم، ويستحي نساءهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/4)
وقال ابن عباس: تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم خليله، أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكاً، وائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالاً معهم الشفار يطوفون في بني إسرائيل، فلا يجدون مولوداً ذكر إلا ذبحوه، ففعلوا، فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، وأن الصغار يذبحون، قال: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل، فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة ما كانوا يكفونكم، فاقتلوا عاماً كل مولود ذكر، فتقتل أبناؤهم، ودعوا عاماً، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان، فولدته علانية، حتى إذا كان القابل حملت بموسى.
وقوله تعالى: ? وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ?، أي: نعمة عظيمة، حيث أنجاكم منهم. وأصل البلاء الاختبار، وقد يكون بالخير والشر، كما قال تعالى: ? وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ? وقال تعالى: ? وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) ?.
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم يا بني إسرائيل إذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم من آل فرعون ومن الغرق، وأغرقنا آل فرعون ? وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ? ليكون ذلك أشفى لصدوركم، وأبلغ في إهانة عدوكم. قال تعالى: ? وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً ?.
قال عمرو بن ميمون: فلما أتى موسى البحر، قال له رجل من أصحابه، يقال له يوشع بن نون: أين أمر ربك؟ قال: أمامك يشير إلى البحر، فأقحم يوشع فرسه في البحر حتى بلغ الغمر، فذهب به الغمر، ثم رجع، فقال: أين أمر ربك يا موسى؟ فوالله ما كذبت ولا كذبت، فعل ذلك ثلاث مرات. ثم أوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم يقول: مثل الجبل ثم سار موسى ومن معه، وأتبعهم فرعون في طريقهم، حتى إذا تتاموا فيه، أطبقه الله عليهم، فلذلك قال: ? وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) ?.
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم، في عفوي عنكم، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه، عند انقضاء أمد المواعدة، وكان ذلك بعد إنجائهم من البحر.
وقوله: ? لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?، أي: لكي تشكروا عفوي عنكم وصنيعي إليكم.
وقوله تعالى: ? وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ? الكتاب: هو التوراة، والفرقان: ما يفرق بين الحق والباطل. قال أبو العالية قوله: ? وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ?، قال: يعني: ذا القعدة وعشراً من ذي الحجة، وذلك حين خلف موسى أصحابه، واستخلف عليهم هارون، فمكث على الطور أربعين ليلة، وأنزل عليه التوراة في الألواح، وكانت الألواح من برد، فقرّبه الرب إليه نجياً، وكلمه وسمع صرير القلم. وبلغنا أنه لم يُحْدث حدثاً في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/5)
يقول تعالى: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ?: الذين عبدوا العجل ? يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ ? إلهاً ? فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ ?: خالقكم. قالوا: كيف نتوب؟ قال: ? فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ?. قال ابن عباس: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل، أن يقتلوا أنفسهم، قال: وأخبر الذين عبدوا العجل، فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا على العجل فأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضاً، فانجلت الظلمة عنهم، وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل كل من قتل منهم كانت له توبة وكل من بقي كانت له توبة. وقال قتادة: أمر القوم بتشديد من الأمر، فقاموا يتناحرون بالشفار، يقتل بعضهم بعضاً حتى بلغ الله فيهم نعمته فسقطت الشفار من أيديهم، فأمسك الله عنهم القتل، فجعل لحيهم توبة، وللمقتول شهادة.
وقوله تعالى: ? فَتَابَ عَلَيْكُمْ ? تجاوز عنكم ? إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ ?: القابل التوبة ? الرَّحِيمُ ?: بعبادة المؤمنين.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) ?.
يقول تعالى:? وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ? لن نقرُّ لك ?حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ?: عيانًا. قال ابن عباس: علانية. وقال الربيع بن أنس: هم السبعون الذين اختارهم موسى، فساروا معه، قال: فسمعوا كلاماً، فقالوا: ? لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ?، قال: فسمعوا صوتاً، فصعقوا، يقول: ماتوا. قال السدي: فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: ربي ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم، وقد أهلكت خيارهم؟ لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا. فأوحى الله إلى موسى: أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، ثم إنه أحياهم فقاموا وعاشوا رجلاً رجلاً، ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون، فذلك قوله تعالى: ? ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) ?.
لما ذكر تعالى ما دفعه عنهم من النقم، شرع يذكرهم أيضاً بما أسبغ عليهم من النعم، فقال: ? وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ ?، أي: السحاب، في التيه يقيكم حر الشمس، ? وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ?، قال ابن عباس: كان المن ينزل عليهم على الأشجار، فيغدون إليه فيأكلون منه ما شاءوا. وقال الشعبي: عسلكم هذا جزء من سبعين جزءاً من المن. وفي الحديث الصحيح: «الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين». وقال ابن عباس: السلوى طائر يشبه السمّان. وقوله تعالى: ? كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ? واشكرون ولا تكفرون فخالفوا فحل بهم عقابه. ? وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ?، كما قال تعالى: ? كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى * وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ?.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:56 م]ـ
09/ 06/2010
الأربعاء
الصفحة 9
والصفحة 10
http://dc239.4shared.com/img/305723886/e58901c1/009.png?sizeM=7
http://dc226.4shared.com/img/305732280/84a16ff7/t077.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (59) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/6)
قال ابن كثير: يقول تعالى لائماً لهم على نكولهم عن الجهاد، ودخولهم الأرض المقدسة، لما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام، فأمروا بدخول الأرض المقدسة التي هي ميراث لهم عن أبيهم إسرائيل، وقتال من فيها من العماليق الكفرة، فنكلوا عن قتالهم وضعفوا، واستحسروا، فرماهم الله في التيه عقوبة لهم، كما ذكره تعالى في سورة المائدة. ولهذا كان أصح القولين: أن هذه البلدة هي بيت المقدس.
وقوله تعالى: ? فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ?، أي: هنيئاً واسعاً. ? وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ?: شكرًا لله تعالى. قال ابن عباس في قوله: ? وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ? قال: ركعاً من باب صغير. وقال مجاهد: وهو باب الحطة، من باب إيلياء بيت المقدس.
? وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ? قال ابن عباس: مغفرة، استغفروا. وقال قتادة: حطّ عنا خطايانا، أمروا بالاستغفار. ? وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ? ثواباً من فضلنا.
وقوله تعالى: ? فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ? روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا، وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعيرة». أخرجه البخاري وغيره، وفي حديث البراء: «قيل لهم: ادخلوا الباب سجداً، قال: ركعاً وقولوا: حطة، أي: مغفرة فدخلوا على أستاههم وجعلوا يقولون: حنطة حمراء وفيها شعيرة. فأنزل الله: ? فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم ?».
وقال البغوي: وذلك أنهم بدلوا قول: الحطة بالحنطة، فقالوا بلسانهم: حطاناً سمقاناً، أي: حنطة حمراء، استخفافاً بأمر الله تعالى. وقوله تعالى: ? فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ?، أي: يعصون ويخرجون عن أمر الله. قال ابن عباس: كل شيء في كتاب الله من الرجز، يعني به: العذاب. وقال سعيد بن جبير: هو الطاعون.
قوله عز وجل: ? وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) ?.
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم، إذ استسقى موسى، أي: طلب السقيل لقومه حين عطشوا في التيه ? فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ?، قال ابن عباس: وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع، وأمر موسى عليه السلام، فضربه بعصاه، ? فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ?، في كل ناحية منه ثلاث عيون، وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها، لا يرتحلون من منقله إلا وجدوا ذلك معهم.
وقوله تعالى: ? كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ ?، أي: كلوا من المن والسلوى، واشربوا من الماء، فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة.
? وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ?، العثي: أشد الفساد. قال السدي: لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى عليه السلام: كيف لنا بما ها هنا، أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان ينزل على شجر الزنجبيل. والسلوى وهو: طائر يشبه السمّان أكبر منه، فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، فإن كان سمينًا ذبحه وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر ? فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ? فشرب كل سبط من عين، فقالوا: هذا الشراب فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان، ولا يتخرق لهم ثوب، فلذلك قوله تعالى: ? وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ?، وقوله: ? وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/7)
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61) ?.
يقول تعالى: واذكروا إذا قلتم: ? يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ ?، أي: مأكل واحد لا يتبدل: ? فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ?.
اختلف المفسرون في قوله تعالى: ? وَفُومِهَا ? فقيل: الثوم، وقيل: الحنطة، وقيل: كل حب يختبز، وقيل: الحبوب التي تؤكل كلها فوم، والله أعلم.
قال لهم موسى عليه السلام: ? أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى ?: أحسن، وأراد ? بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ?: أشرف وأفضل ? اهْبِطُواْ مِصْراً ? من الأمصار، ? فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ?: فأيّ بلد دخلتموها وجدتم ذلك فيها.
وقوله تعالى: ? وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ? يقول تعالى: ? وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ?، أي: وضعت عليهم وألزموها شرعًا وقدرًا، أي: لا يزالون مستذلين، من وجدهم استذلهم وأهانهم وضرب عليهم الجزية.
وقوله تعالى: ? وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ?، قال أبو عبيدة: واحتملوا وأقروا به. وقال الضحاك: استحقوا الغضب من الله.
? ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ?، أي: فيجاوزون أمر الله ويرتكبون محارمه، فغضب الله عليهم.
http://dc184.4shared.com/img/305723932/d27624/010.png?sizeM=7
قوله: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) ?.
يخبر تعالى أن من أحسن من الأمم السالفة وأطاع، فإن الله لا يضيع عمله، كما في حديث سلمان. سألت النبي ? عن أهل دين كنت معهم، فذكرت في صلاتهم وعبادتهم، فنزلت: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ? الآية. رواه ابن أبي حاتم. قال مجاهد: الصَّابِئِونَ قوم بين المجوس واليهود والنصارى، ليس لهم دين. وسئل وهب بن منبه عن الصابئين فقال: الذي يعرف الله وحده، وليست له شريعة يعمل بها، ولم يحدث كفرًا.
وقال السدي: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً ?، الآية، نزلت في أصحاب سلمان الفارسي: (بينما هو يحدث النبي ?، إذ ذكر أصحابه، فأخبره خبرهم، فقال: كانوا يصلّون ويصومون، ويؤمنون بك، ويشهدون أنك ستبعث نبيًا، فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم، قال له نبي الله ?: «يا سلمان هم من أهل النار». فاشتد ذلك على سلمان فأنزل الله هذه الآية).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/8)
فكان إيمان اليهود، أنه من تمسك بالتوراة وسنَّة موسى عليه السلام حتى جاء عيسى، فلما جاء عيسى، كان من تمسك بالتوراة، وأخذ بسنَّة موسى فلم يدعها، ولم يتبع عيسى، كان هالكًا وإيمان النصارى، أن من تمسك بالإِنجيل منهم وشرائع عيسى عليه السلام، كان مؤمنًا مقبولاً منه، حتى جاء محمد ?، فمن لم يتبع محمدًا ? منهم، ويدع ما كان عليه من سنَّة عيسى والإِنجيل كان هالكًا، عن ابن عباس: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ?، الآية، قال: فأنزل الله بعد ذلك: ? وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ?.
وقوله تعالى: ? وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ?، أي: لا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا هم يحزنون على ما يتركونه، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ (64) ?.
يقول تعالى: واذكروا يا معشر يهود، إذ أخذنا ميثاقكم: عهدكم، ? وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ?: الجبل، ? خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ?: بجد ومواظبة، ? وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ ?: ادرسوا واعملوا به ? لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? لكي تنجوا من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة كما قال تعالى ? وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ?. قال السدي: فلما أبوا أن يسجدوا، أم الله الجبل أن يقع عليهم، فنظروا إليه وقد غشيهم، فسقطوا سجدًا، فسجدوا على شق ونظروا بالشق الآخر، فرحمهم الله، فكشف عنهم، فقالوا: والله ما سجدة أحب إلى الله من سجدة كشف بها العذاب عنهم فهم يسجدون كذلك وذلك قول الله تعالى: ? وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ?.
وقال ابن عباس: ثم سار بهم موسى عليه السلام إلى الأرض المقدسة وأخذ الألواح بعدما سكت عنه الغضب، وأمرهم بالذي أمر الله أن يبلغهم من الوظائف، فثقلت عليهم وأبوا أن يقرّوا بها، حتى نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة، قال: رفعته الملائكة فوق رؤوسهم.
وقوله تعالى: ? ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ?: أعرضتم من بعد ما قبلتم التوراة، ? فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ?: بتأخير العذاب عنكم، وإرسال النبيين إليكم، ? َكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ? بتعجيل عقوبتكم على نقضكم الميثاق.
قوله عز وجل: ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (66) ?.
يقول تعالى: ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ? يا معشر اليهود ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ ? حين عصوا أمر الله، فمسخهم وأخزاهم.
قال البغوي: كانوا في زمن داود عليه السلام بأرض يقال لها أيلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/9)
قال ابن كثير: يقول تعالى: ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ? يا معشر اليهود ما حل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله، وخالفوا عهده وميثاقه، فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت، والقيام بأمره، إذ كان مشروعًا لهم، فتحيّلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت، بما وضعوا لها من الحبائل والبرك، قبل يوم السبت، على عادتها في الكثرة، فنشبت بتلك الحبائل والحيل، فلم تخلص منها يومها ذلك، فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت فلما فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة، وهي أشبه شيء بالأناسيّ، في الشكل الظاهر، وليست بإنسان حقيقة، فكذلك أعمال هؤلاء وحيلتهم، لما كانت مشابهة للحق في الظاهر، ومخالفة له في الباطن، كان جزاؤهم من جنس عملهم. وهذه القصة مبسوطة في سورة الأعراف، حيث يقول تعالى: ? واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ?. القصة بكمالها.
وقوله تعالى: ? فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ?. قال ابن عباس: يعني: جَعَلْنَاهَا بما أحللنا بها من العقوبة، عبرة لما حولها من القرى، كما قال تعالى: ? وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ?، أي: الذين من بعدهم إلى يوم القيامة. والله المستعان.
* * *
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) ?.
يقول تعالى: واذكروا: إذ قال موسى لقومه إن اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرة، قال أبو العالية: كان رجل من بني إسرائيل، وكان غنيًا، ولم يكن له ولد، وكان له قريب، وكان وارثه، فقتله ليرثه، ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى عليه السلام، فقال له: إنه قريبي قتل، وإني إلى أمر عظيم، وإني لا أجد أحدًا يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله. قال: فنادى موسى في الناس، فقال: أنشد الله، من كان عنده من هذا علم إلا يبيّنه لنا. فلم يكن عندهم علم، فأقبل القاتل على موسى عليه السلام، فقال له: أنت نبي الله، فسل لنا ربك أن يبيّن لنا. فسأل ربه، فأوحى الله: ? إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ? فعجبوا من ذلك، فقالوا: ? أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ?؟ ? قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ ?، يعني: لا هرمة ? وَلاَ بِكْرٌ ?، يعني: ولا صغيرة ? عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ ? أي: نَصَفٌ بين البكر والهرمة. ? فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا ?، أي: صاف لونها، ? تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ?، أي: تعجب الناظرين. ? قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ ?، أي: لم يذللها العمل. ? وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ ?، يعني: وليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث، يعني: ولا تعمل في الحرث. ? مُسَلَّمَةٌ ?، يعني: مسلمة من العيوب. ? لا شِيَةَ فِيهَا ? يقول: لا بياض فيها.
? قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ ?. قال: ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة، استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها، لكانت إياها، ولكن شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، ولولا أن القوم استثنوا فقالوا: ? وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ?، لما هُدوا إليها أبدًا، فبلغنا أنهم لم يجدوا البقرة التي نعتت لهم، إلا عند عجوز، وعندها يتامى وهي القيّمة عليهم، فلما علمت أنه لا يزكوا لهم غيرها، أضعفت عليهم الثمن، فأتوا موسى فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة، وأنها سألت أضعاف ثمنها، فقال موسى: إن الله قد خفف عليكم فشددتم على أنفسكم فأعطوها رضاها وحكمها، ففعلوا، واشتروها، فذبحوها، فأمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظمًا منها فيضربوا به القتيل، ففعلوا، فرجع إليه روحه، فسمى لهم قاتله، ثم عاد ميتًا كما كان، فأخذ قاتله، وهو الذي كان أتى موسى عليه السلام فشكا إليه فقتله الله على أسوأ عمله.
قوله عز وجل: ? قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ (68) ?.
يسألوه عن سنها فأخبرهم أنها نَصَفٌ بين الصغيرة والهرمة.
قوله عز وجل: ? قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) ?.
قال ابن عباس: ? فَاقِعٌ لَّوْنُهَا ? شديد الصفرة تكاد من صفرتها تَبْيَضُّ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/10)
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:58 م]ـ
أخي أبا فراس
اسأل الله تعالى أن يتمم لك ما بدأته لوجه الكريم وأن يجعلك من حفظة كتابه الكريم ...
أخي الكريم والله أجد همتك عالية ورغبتك صادقة في حفظ القرأن
وهذا إقبال من النفس قد هبت هبايبها واستقبلت نسايمها فاغتنمها فقد تفتر يوما ما
فأنصحك أخي بأن تلتحق بحلقة تحفيظ للكبار أو ترتبط بمن تقرأ عليه سواء أستاذا او حافظا مثلك تعينه ويعينك
وإن كنت من السعودية وتحديدا من جدة , فأنصحك بالإلتحاق بأحد المقارئ القرأنية فهي تنفع لأصحاب الهمم العالية أمثالك
وفي كلٍ أنت على خير
اسأل الله لك الإعانة والتوفيق
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:03 م]ـ
10/ 06/2010
الخميس
الصفحة 11
والصفحة 12
http://dc227.4shared.com/img/305723943/3894d075/011.png?sizeM=7
http://dc196.4shared.com/img/305732289/fd7dd753/t078.png?sizeM=7
http://dc242.4shared.com/img/305732573/9f7f3407/t079.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71) ?.
قال مجاهد: لا شية فيها: لا بياض ولا سواد. وقوله تعالى: ? وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ ?. قال ابن عباس: كادوا ألا يفعلوا، ولم يكن ذلك الذي أرادوا، لأنهم أرادوا ألا يذبحوها.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ?.
قال مجاهد: ? فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ? اختلفتم. وقال ابن جريج: قال بعضهم: أنتم قتلتموه. وقال آخرون: بل أنتم قتلتموه. وقوله تعالى: ? وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ?، عن المسيب بن رافع، قال: ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله، وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله، وتصديق ذلك في كلام الله: ? وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ?.
وقوله تعالى: ? فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ?، أي: فضربوه فحيى، وقال: قتلني فلان ثم مات. وفي ذلك دليل على كمال قدرته، قال الله تعالى: ? مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ?.
قوله عز وجل: ? ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) ?.
يقول تعالى: ? ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ ? كله، ? فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ ? التي لما تلين أبدًا، ? أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ? أي: بل هي أشد قسوة من الحجارة.
? وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء ? وإن لم يكن جاريًا، ? وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ ? ينزل من أعلى الجبل إلى أسفله، ? مِنْ خَشْيَةِ ? وقلوبكم لا تلين ولا تخشع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/11)
وقوله تعالى: ? وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ?، وعيد وتهديد. وقد قال الله تعالى: ? أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ?. وروى البزار عن أنس مرفوعًا: «أربع من الشقاء: جمود العين، وقساوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا». والله المستعان.
يقول تعالى: ? أَفَتَطْمَعُونَ ? أيها المؤمنون، ? أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ ? يصدقوكم ويطيعوكم، ? وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ? أنهم كاذبون، ومع هذا يخالفونه عمدًا، كما قال تعالى: ? فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ?. قال ابن عباس: ? وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ? هم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة. وقال السدي: هي التوراة حرّفوها.
قال ابن كثير: وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس.
وقال ابن زيد: ? يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ?. قال التوراة التي أنزلها الله عليهم، يحرفونها، يجعلون الحلال فيها حرامًا، والحرام فيها حلالاً، والحق فيها باطلاً، والباطل فيها حقًا؛ إذا جاءهم المحق برشوة، أخرجوا له كتاب الله، وإذا جاءهم المبطل برشوة، أخرجوا له ذلك الكتاب، فهو فيه محق، وإذا جاءهم أحد يسألهم شيئًا، ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء، أمروه بالحق، فقال الله لهم: ? أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (76) أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78) ?.
قال ابن عباس: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا ?، أي: أن صاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة. ? وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ ?: لا تحدثوا العرب بهذا، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم، فكان منهم، فأنزل الله: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ?، أي: تقرّون بأنه نبي، وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا، اجحدوه ولا تقرّوا به.
يقول الله تعالى:? أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ?. وقال السدي: هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا. وقال أبو العالية: ? أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ ?، يعني: بما أنزل عليكم في كتابكم من بعث محمد ?.
http://dc252.4shared.com/img/305724020/65c1257f/012.png?sizeM=7
وقوله تعالى: ? وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ?، يقول تعالى: ? وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ? أي: من اليهود أميون، لا يحسنون القراءة والكتابة. قال مجاهد: الأمي الذي لا يحسن الكتابة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/12)
وقوله تعالى: ? لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ?، قال ابن عباس: يعني: غير عارفين بمعاني الكتاب. ? وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ?، أي: ولا يدرون ما فيه. وقال مجاهد: ? وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ?. قال: أناس من اليهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئًا، وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله.
قوله عز وجل: ? فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79) ?.
قال الزجاج: ? وَيْلٌ ? كلمة تقولها العرب لكل واقع في هلكة. قال ابن كثير: هؤلاء صنف آخر من اليهود، وهم الدعاة إلى الضلال بالزور والكذب على الله، وأكل أموال الناس بالباطل. قال ابن عباس: ? فَوَيْلٌ لَّهُم ?، يقول: فالعذاب عليهم من الذين كتبوا بأيديهم من ذلك الكتاب، ? وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ? يقول: مما يأكلون به أموال الناس.
قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) ?.
يقول تعالى: ? وَقَالُواْ ?، أي: اليهود، ? لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَّعْدُودَةً ? قال ابن عباس: اليهود قالوا: لن تمسنا النار إلا أربعين ليلة، وهي مدة عبادتهم العجل. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله ? شاة فيها سم، فقال رسول الله ?: «اجمعوا إليَّ من كان من اليهود ها هنا»، فقال لهم رسول الله ?: «من أبوكم»؟ قالوا: فلان. قال: «كذبتم، بل أبوكم فلان» فقالوا صدقت وبررت. ثم قال لهم: «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه»؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم رسول الله ?: «من أهل النار»؟ فقالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها. فقال لهم رسول الله ?: «اخسئوا، والله لا نخلفكم فيها أبدًا». ثم قال لهم رسول الله ?: «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه»؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم. قال: «هل جعلتم في هذه الشاة سمًا»؟ فقالوا: نعم؟ قال: «فما حملكم على ذلك»؟ فقالوا: أردنا إن كنت كاذبًا أن نستريح منك، وإن كنت نبيًا لم يضرك). رواه البخاري بنحو وغيره.
وقوله تعالى: ? قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً ?، أي: أن لا يعذبكم إلا هذه المدة، ? فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ ?؟ قال ابن مسعود: عهدًا بالتوحيد. ? أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?، أي: بل تكذبون على الله وتفترون؟ ثم قال: ? بَلَى ?: إثبات لما ذكر من خلود النار. ? مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ?، أي: ليس الأمر كما تمنيتم، بل الأمر أنه: ? مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ?، يعني: الشرك. ? وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ? مات ولم يتب، ? فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ?، وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/13)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه». وإن رسول الله ? ضرب لهم مثلاً: «كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق، فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادًا وأججوا نارًا، فأنضجوا ما قذفوا فيها». رواه الإمام أحمد.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلا اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ (83) ?.
يقول تعالى: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلا اللّهَ ? أي: أخلصوا له العبادة، كما قال تعالى: ? وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ?، ? وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ?، أي: وصيناهم ببر الوالدين، والإحسان إليهما. ? وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ?، قال ابن عباس: أمرهم أيضًا بعد هذا الخلق، أن يقولوا: ? لِلنَّاسِ حُسْناً ?: أن يأمروا بلا إله إلا الله، من يقلها ورغب عنها، حتى يقولوها كما قالوها، فإن ذلك قربة من الله جل ثناؤه. وقال الحسن البصري: فالحسنى من القول: أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويصلح ويعفوا ويصفح، وقال الحسن أيضًا: لين القول من الأدب الحسن الجميل، والخلق الكريم، وهو مما ارتضاه الله وأحبه.
وقوله تعالى: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ ?.
قال ابن جرير: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن يهود بني إسرائيل، أنهم نكثوا عهده، ونقضوا ميثاقه، بعد ما أخذ الله ميثاقهم على الوفاء له بأن لا يعبدوا غيره، وأن يحسنوا إلى الآباء والأمهات، ويصلوا الأرحام، ويتعطفوا على الأيتام، ويؤدوا حقوق أهل المسكنة إليهم، ويأمروا عباد الله بما أمرهم الله به، ويحثّوهم على طاعته، ويقيموا الصلاة بحدودها وفرائضها، ويؤتوا زكاة أموالهم، فخالفوا أمره في ذلك كله، وتولوا عنه معرضين، إلا من عصمه الله منهم، فوفى الله بعهده وميثاقه.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:08 م]ـ
أخي أبا فراس
اسأل الله تعالى أن يتمم لك ما بدأته لوجه الكريم وأن يجعلك من حفظة كتابه الكريم ...
أخي الكريم والله أجد همتك عالية ورغبتك صادقة في حفظ القرأن
وهذا إقبال من النفس قد هبت هبايبها واستقبلت نسايمها فاغتنمها فقد تفتر يوما ما
فأنصحك أخي بأن تلتحق بحلقة تحفيظ للكبار أو ترتبط بمن تقرأ عليه سواء أستاذا او حافظا مثلك تعينه ويعينك
وإن كنت من السعودية وتحديدا من جدة , فأنصحك بالإلتحاق بأحد المقارئ القرأنية فهي تنفع لأصحاب الهمم العالية أمثالك
وفي كلٍ أنت على خير
اسأل الله لك الإعانة والتوفيق
بارك الله فيك .. نصحت فأجدت وأوجزت
بحمد الله معي اجازة في احكام التجويد
اما دور التحفيظ فهي نادرة ومعظمها ممنوعة
فأحببت ان احفظ القرآن عن طريق هذا المنتدى لالتزم الى النهاية باذن الله
واشكرك مرة اخرى على النصيحة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:12 م]ـ
11/ 06/2010
الجمعة
الصفحة 13
والصفحة 14
http://dc243.4shared.com/img/305724155/5b282d00/013.png?sizeM=7
يقول تعالى: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ ?، أي: لا يسفك بعضكم دم بعض، ? وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ?: لا يخرج بعضكم بعضًا من داره، ? ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ? بهذا العهد، ? وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ?: على ذلك يا معشر اليهود. ? ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء ? يعني: يا هؤلاء، ? تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ? بالمعصية والظلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/14)
? وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ?. قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير، أو عكرمة عن ابن عباس: ? ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ ? الآية، قال: أنبأهم الله بذلك من فعلهم، وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم، وافترض عليهم فيها فداء أسراهم، فكانوا فريقين: طائفة منهم بنو قينقاع وهم حلفاء الخزرج، والنضير وقريظة وهم حلفاء الأوس، فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب، خرجت بنو قينقاع مع الخزرج، وخرجت النضير وقريظة مع الأوس، يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه، حتى تسافكوا دماءهم بينهم، وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان، ولا يعرفون جنةً ولا نارًا، ولا بعثًا ولا قيامةً، ولا كتابًا ولا حلالاً ولا حرامًا، فإذا وضعت الحرب أوزارها، افتدوا أسراهم تصديقًا لما في التوراة، وأخذًا به بعضهم من بعض، يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس، ويفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم، ويطلبون ما أصابوا من دمائهم، وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم، مظاهرة لأهل الشرك عليهم. يقول الله تعالى ذِكره، حيث أنبأهم بذلك: ? أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ?، أي: تفادونهم بحكم التوراة وتقتلونهم؟ وفي حكم التوراة: ألا يقتل، ولا يخرج من داره، ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه، ابتغاء عرض الدنيا، ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج، فلما بلغني، نزلت هذه القصة.
وقال مجاهد في قوله تعالى: ? أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ? يقول: إن وجدته في يد غيرك فديته، وأنت تقتله بيدك. ? فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ?، فكان خزي بني قريظة القتل والسبي، وخزي بني النضير الجلاء والنفي من منازلهم.
? وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ ? في النار. ? وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ? السرمدي ? وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ? نعوذ بالله من ذلك.
* * *
قوله عز وجل: ? وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87) ?.
يقول تعالى:? وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ? أعطيناه التوراة ? وَقَفَّيْنَا? أتبعنا، ? مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ ? وهي: المعجزات، ? وَأَيَّدْنَاهُ ? قويناه، ? بِرُوحِ الْقُدُسِ ? وهو: جبريل عليه السلام، كما قال تعالى: ? إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/15)
قال البغوي: وتأييد عيسى بجبريل عليه السلام، أنه أمر أن يسير معه حيث سار، حتى صعد به إلى السماء. ? أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ ? يا معشر اليهود، ? رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ? عن الإيمان به، ? فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ ? مثل عيسى، ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ? وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ? مثل زكريا، ويحيى وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام؟ وقد حاولوا قتل النبي محمد ?.
قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ (88) ?.
يقول تعالى: ? وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ?، أي: في أكنة، فلا تعي ولا تفقه ما جئت به يا محمد. ? بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ?، أي: طردهم وأبعدهم من كل خير، ? فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ?، قال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا قليل. وقد قال تعالى: ? فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً ?.
http://dc189.4shared.com/img/305724215/3d02565d/014.png?sizeM=7
http://dc129.4shared.com/img/305732583/18e728c8/t080.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (89) ?.
يقول: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ ? يعني: اليهود، ? كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ ? وهو: القرآن، ? مُصَدِّقٌ ? موافق، ? لِّمَا مَعَهُمْ ?، يعني: التوراة. ? وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ ?، أي: وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب، يستنصرون بمجيئه على أعدائهم.
قال محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن أشياخ منهم، قال: فينا والله وفيهم - يعني: في الأنصار وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم - نزلت هذه القصة، يعني: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ?، قالوا: كنا قد علوناهم قهرًا دهرًا في الجاهلية، ونحن أهل شرك، وهم أهل كتاب، وهم يقولون: إن نبيًا سيبعث الآن نتبعه، قد ظل زمانه، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه، كفروا به. يقول الله تعالى: ? فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ?.
قوله عز وجل: ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (90) ?.
قال مجاهد: ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ ?، يهود شروا الحق بالباطل، وكتمان ما جاء به محمد ? بأن يبينوه. وقال السدي: ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ ? يقول: باعوا أنفسهم. يقول: بئسما اعتاضوا لأنفسهم، فرضوا به، وعدلوا إليه، من الكفر بما أنزل الله على محمد ?، عن تصديقه ومؤازرته ونصرته، وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية، ? أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ? ولا حسد أعظم من هذا. وقال ابن عباس في قوله: ? فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ? فغضب الله عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم، وغضب الله عليهم بكفرهم بهذا النبي الذي بعث الله إليهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/16)
وقوله تعالى: ? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ?، قال ابن كثير: لما كان كفرهم سببه البغي والحسد، ومنشأ ذلك التكبر، قوبلوا بالإهانة والصغار في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ? أي: صاغرين ذليلين.
قوله عز وجل: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (91) ?.
يقول تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ?، يعني: القرآن ? قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا ?، يعني: التوراة، ? وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ ?، أي: بما سواه من الكتب ? وَهُوَ الْحَقُّ ?، يعني: القرآن ? مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ ?، من التوراة. ? قُلْ ? لهم يا محمد: ? فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ? بالتوراة وقد نهيتم فيها عن قتل الأنبياء عليهم السلام؟.
قوله عز وجل: ? وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (92) ?.
يقول تعالى: ? وَلَقَدْ جَاءكُم ? يا معشر اليهود ? مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ? أي: بالآيات الواضحات والدلائل القاطعات، ? ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ? معبودًا من دون الله ? مِن بَعْدِهِ ?، أي: من بعد ذهابه إلى الطور لمناجاة الله عزّ وجل، كما قال تعالى: ? وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ (93) ?.
يقول تعالى: ? وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ? الجبل، ? خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ ?، أي: استجيبوا وأطيعوا، ? قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ?، قال قتادة: أشربوا حبه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم.
? قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ ? أن تعبدوا العجل من دون الله، ? إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ? بزعمكم، وقد فعلتم هذه الأفاعيل القبيحة، من نقضكم المواثيق، وكفركم بآيات الله، وقتلكم الأنبياء، وعبادتكم العجل. وفي الحديث عن النبي ?: «حبك الشيء يعمي ويصمّ». رواه أحمد.
ـ[ابن البجلي]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:48 م]ـ
اما دور التحفيظ فهي نادرة ومعظمها ممنوعة
أنت من أين؟
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:53 م]ـ
من فلسطين
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:02 م]ـ
السبت.--------> 12/ 06/2010.--------> الصفحة 15.--------> والصفحة 16
الأحد.--------> 13/ 06/2010.--------> الصفحة 17.--------> والصفحة 18
الإثنين.--------> 14/ 06/2010.--------> الصفحة 19.--------> والصفحة 20
الثلاثاء.--------> 15/ 06/2010.--------> الصفحة 21.--------> والصفحة 22
الأربعاء.--------> 16/ 06/2010.--------> الصفحة 23.--------> والصفحة 24
الخميس.--------> 17/ 06/2010.--------> الصفحة 25.--------> والصفحة 26
الجمعة.--------> 18/ 06/2010.--------> الصفحة 27.--------> والصفحة 28
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:14 م]ـ
السبت.--------> 12/ 06/2010.--------> الصفحة 15.--------> والصفحة 16
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/17)
http://dc235.4shared.com/img/312099468/99cd27f1/015.png?sizeM=7
يقول تعالى: ? قُلْ ? يا محمد لهؤلاء اليهود: ? إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ ? يعني: الجنة، ? عِندَ اللّهِ خَالِصَةً ?، أي: خاصة ? مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? في قولكم. قال ابن عباس: لو تمنوا الموت لغص كل إنسان منهم بريقه ? وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ?، أي: من الأعمال السيئة. ? وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ ? وهذا كما دعا رسول الله ? وفد نجران من النصارى إلى المباهلة، فقال علماؤهم: والله لئن باهلتم هذا النبي لا يبقى منكم عين تطرف , فعند ذلك جنحوا للسلم، وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وقوله تعالى: ? وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ ?، أي: وأحرص من الذين أشركوا، ? يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ?، قال الحسن البصري: المنافق أحرص الناس، وأحرص من المشرك على حياة. ? وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ?، قال ابن عباس: أي: وما هو بمنجيه من العذاب، وذلك أن المشرك لا يرجوا بعثًا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي. وقال ابن زيد: يهود أحرص على الحياة من هؤلاء، وقد ودّ هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة، وليس ذلك بمزحزحه من العذاب لو عُمِّر كما عُمِّر إبليس لم ينفعه إذ كان كافرًا.
قوله تعالى: ? وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ?، أي: وسيجازي كل عامل بعمله، وقد قال تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ?. وبالله التوفيق.
قوله عز وجل: ? قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101) ?.
قال ابن عباس: (حضرت عصابة من اليهود رسول الله ? فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي؟ فقال رسول الله ?: «سلوا ما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة، وما أخذ يعقوب على بنيه، لئن أنا حدثتكم عن شيء فعرفتموه لتتابعنني على الإسلام»؟ فقالوا: لك ذلك. فقال رسول الله ?: «سلوا عما شئتم». قالوا: أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن: أخبرنا أيّ الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا كيف ماء المرأة، وماء الرجل. وكيف يكون الذكر منه والأنثى؟؟ وأخبرنا بهذا النبي الأمي في التوراة ومن وليه من الملائكة؟ فقال النبي ?: «عهد الله لئن أنبأتكم لتتابعنني»؟ فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. فقال: «نشدتكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضًا شديدًا فطال سقمه، فنذر لله نذرًا لئن عافاه الله من مرضه ليحرّمنّ أحب الطعام والشراب إليه، فكان أحب الطعام إليه لحوم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها»؟ فقالوا: اللهم نعم!! فقال رسول الله ?: «اللهم اشهد عليهم، وأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن ماء الرجل غليظ أبيض، وأن ماء المرأة رقيق أصفر، فأيّهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله عز وجل؟ وإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرًا بإذن الله؟ وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل كان الولد أنثى بإذن الله عز وجل»؟ قالوا: اللهم نعم!! قال: «اللهم اشهد. وأنشدكم بالله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/18)
الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن هذا النبي الأميّ تنام عيناه ولا ينام قلبه»؟ قالوا: اللهم نعم!! قال: «اللهم اشهد». قالوا: أنت الآن، فحدثنا من وليك من الملائكة؟ فعندها نجامعك أو نفارقك؟؟ قال: «فإن ولي جبريل، ولم يبعث الله نبيًا قط إلا وهو وليه». قالوا: فعندها نفارقك، ولو كان وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدّقناك. قال: «فما يمنعكم أن تصدقوه»؟ قالو: إنه عدونا. فأنزل الله عز وجل: ? قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ? إلى قوله: ? لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ? فعندها باءوا بغضب على غضب). رواه ابن جرير.
زاد ابن إسحاق: (قالوا: فأخبرنا عن الروح؟ قال: «فأنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أنه جبريل، وهو الذي يأتيني»؟ قالوا: اللهم نعم، ولكنه عدو لنا، وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء، فلولا ذلك اتبعناك. فأنزل الله تعالى فيهم: ? قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ ? إلى قوله: ? لاَ يَعْلَمُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ?. يقول تعالى: ولقد أنزلنا إليك يا محمد آيات بينات واضحات، وما يكفر بها إلا الفاسقون الخارجون عن أمر الله، ? أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ?.
قال البغوي: أو كلما واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام. وقال ابن عباس: قال ابن صوريا لرسول الله ?: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك، فأنزل الله في ذلك من قوله: ? وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ ?، وقال أيضًا: (قال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله ? وذكر لهم ما أخذ الله عليهم من الميثاق، وما عهد إليهم في محمد ?: والله ما عهد إلينا في محمد، وما أخذ علينًا ميثاقًا. فأنزل الله تعالى: ? أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ?.
وقال الحسن البصري في قوله: ? بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ? قال: نعم ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه، ونبذوه. يعاهدون اليوم وينقضون غدًا. وقال السدي: لا يؤمنون بما جاء به محمد ?.
وقوله تعالى: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ? يقول تعالى: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ ?، يعني: محمدًا ?، ? مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ ? من التوراة، ? نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ? ما فيها من صفة محمد ?، كما قال تعالى في المؤمنين منهم: ? الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?.
قال قتادة في قوله: ? كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ? قال: إن القوم كانوا يعلمون، لكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به. وقال الشعبي: كانوا يقرءون التوراة ولا يعملون بها، وقال سفيان بن عيينة: أدرجوها في الحرير، والديباج، وحلوها بالذهب والفضة، ولم يعملوا بها فلذلك نبذهم.
http://dc265.4shared.com/img/312099480/995824d/016.png?sizeM=7
http://dc229.4shared.com/img/312117904/d50ab058/t081.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/19)
قال ابن عباس في قوله تعالى: ? وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ ? الآية، وكان حين ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإنس، واتبعوا الشهوات، فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه، وقام الناس على الدين كما كان، وأن سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه، وتوفي سليمان عليه السلام حدثان ذلك، فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان، وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان فأخفاه عنا، فأخذوا به فجعلوه دينًا جديدًا، فقال تعالى: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ ? الآية، واتبعوا الشهوات التي كانت تتلوا الشياطين، وهي المعازف واللعب، وكل شيء يصد عن ذكر الله.
وقال أيضًا: كان آصف كاتب سليمان، وكان يعلم الاسم الأعظم، وكان يكتب كل شيء يأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه، فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرًا وكفرًا، وقالوا: هذا الذي كان سليمان يعمل بها. قال: وكفره جهال الناس وسبوه، ووقف علماء الناس، فلم يزل جهال الناس يسبونه حتى أنزل الله على محمد ?: ? وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ ?.
وقوله تعالى: ? يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ?، أي: ويعلمون الذي أنزل على الملكين، أي: إلهامًا وعلمًا، فالإنزال هنا بمعنى: الإِلهام والتعليم.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما وقع الناس من بعد آدم عليه السلام فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله، قالت الملائكة في السماء: يا رب هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك، قد وقعوا فيما وقعوا فيه، وركبوا الكفر وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم، فقيل: إنهم في غيب فلم يعذروهم، فقيل لهم: اختاروا من أفضلكم ملكين آمرهما وأنهاهما، فاختاروا هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم، وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئًا، ونهيا عن: قتل النفس الحرام، وأكل المال الحرام، وعن الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، فلبثا في الأرض زمانًا يحكمان بين الناس بالحق، وذلك في زمان إدريس عليه السلام، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة على سائر الكواكب، وأنهما أتي لها، فخضعا لها في القول، وأرادها على نفسها، فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها، فسألاها عن دينها، فأخرجت لها صنمًا، فقالت: هذا أعبده: فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا، فذهبا فعبرا ما شاء الله، ثم أتيا عليها فأرادها على نفسها، ففعلت مثل ذلك، فذهبت ثم أتيا عليها، فأرادها على نفسها، فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم، قالت لهما: اختارا أحد الخلال الثلاث: إما أن تعبدا هذا الصنم، وإما أن تقتلا هذه النفس، وإما أن تشربا هذه الخمر، فقالا: كل هذا لا ينبغي، وأهون هذا شرب الخمر، فشربا الخمر فأخذت فيهما، فواقعا المرأة، فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما، فقتلاه فلما ذهب عنهما السكر، وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أراد أن يصعدا إلى السماء، فلم يستطيعا، وحيل بينهم وبين ذلك، وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء، فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه، فعجبوا كل العجب، وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض، فنزل في ذلك: ? وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ ?، فقيل لهما: اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة، فقالا: أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له. فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان).
قال ابن كثير: فهذا أقرب ما روي في شأن الزهرة. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/20)
وقوله تعالى: ? وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ? قال ابن عباس: فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي، وقالا له: إنما نحن فتنة فلا تكفر، وذلك أنهما علما الخير والشر، والكفر والإيمان، فعرفا أن السحر من الكفر. قال: فإذا أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا، فإذا أتاه عاين الشيطان فعلمه فإذا تعلمه خرج منه النور.
وقوله تعالى: ? فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللّهِ ?. قال سفيان الثوري: معناه إلا بقضائه وقدرته ومشيئته. وقال الحسن: من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشأ الله لم يسلط.
وقوله تعالى: ? وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ?، أي: يضرهم في دينهم، وليس له نفع يوزاي ضرره.
وقوله تعالى: ? وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ?. قال ابن عباس: من نصيب. وقال قتادة: ولقد علم أهل الكتاب فيما عهد الله إليهم: أن الساحر لا خلاق له في الآخرة.
وقوله تعالى: ? وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ?، قال ابن كثير: يقول تعالى: ولبئس البديل ما استبدلوا به من السحر عوضًا عن الإيمان ومتابعة الرسول، لو كان لهم علم بما وعظوا به ? وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ ?، أي: ولو أنهم آمنوا بالله ورسله واتقوا المحارم لكانت مثوبة الله على ذلك خيرًا لهم مما اختاروا لأنفسهم، ورضوا به، كما قال تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ?، وروي أن الوليد بن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه، فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيرد إليه رأسه، فقال الناس سبحان الله يحي الموتى. ورآه رجل من صالحي المهاجرين، فلما كان الغد جاء مشتملاً على سيفه وذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط الرجل سيفه فضرب عنق الساحر، فقال: إن كان صادقًا فليحيي نفسه، وتلا قوله تعالى: ? أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ?، فغضب الوليد إذ لم يستأذنه في ذلك، فسجنه ثم أطلقه. وروى البزار عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من أتى كاهنًا أو ساحرًا فصدق بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ?).
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) ?.
خاطب الله تعالى المؤمنين في ثمانية وثمانين موضعًا من القرآن، وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين أن يتشبهوا باليهود في قولهم: ? رَاعِنَا ? وذلك أن المسلمين كانوا يقولون: راعنا يا رسول الله، من المراعاة، أي: أرعنا سمعك، وكانت هذه اللفظة من الرعونة بلغة اليهود، يسبون بها النبي ?، كما قال تعالى: ? مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً ? وفي الحديث: «من تشبه بقوم فهو منهم».
وقوله تعالى: ? وَاسْمَعُوا ?، أي: ما تؤمرون به، وأطيعوا ? وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ?.
قوله عز وجل: ? مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) ?.
يبين تعالى عداوة الكافرين وحسدهم للمؤمنين؛ ليقطع المودة بينه وبينهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/21)
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ?، أي: ممن علم فيهم خيرًا. ? وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:20 م]ـ
الأحد.--------> 13/ 06/2010.--------> الصفحة 17.--------> والصفحة 18
http://dc204.4shared.com/img/312099540/a4e2a776/017.png?sizeM=7
http://dc266.4shared.com/img/312117910/cb7c4500/t082.png?sizeM=7
قال ابن عباس: ? مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ ?، ما نبدل من آية. وقال قتادة: كان الله عز وجل يُنْسي نبيه ? ما يشاء، وينسخ ما يشاء.
وقوله تعالى: ? نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ? قال ابن عباس: يقول: خير لكم في المنفعة وأرفق بكم، وقال قتادة: آية فيها تخفيف، فيها رخصة، فيها أمر، فيها نهي.
وقوله تعالى: ? أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?، أي: من النسخ وغيره، لا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه. قال البغوي: (والنسخ على وجوه: أحدها: أن يثبت الخط وينسخ الحكم، مثل آية الوصية للأقارب، وآية عدة الوفاة بالحول، وآية التخفيف في القتل , وآية الممتحنة، ونحوها.
ومنها: أن يرفع أصلاً عن المصحف وعن القلوب، ثم من نسخ الحكم ما يرفع ويقام غيره مقامه، كما أن القبلة نسخت من بيت المقدس إلى الكعبة، والوصية للأقارب نسخت بالميراث.
ومنها: ما يرفع ولا يقام غيره مقامه كامتحان النساء، والنسخ إنما يعترض على الأوامر والنواهي، دون الأخبار). انتهى ملخصًا.
وقوله تعالى: ? أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ? يخبر تعالى أن ملك السماوات والأرض ومن فيهما بيده، يفعل ما يشاء في ملكه، ويحكم ما يريد، ألا له الخلق والأمر لا يسئل عما يفعل، وهم يسألون، والله يحكم لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب، وقد قال تعالى: ? وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ?.
وقوله تعالى: ? أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ?.
قال ابن كثير: نهى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن كثرة سؤال النبي ? عن الأشياء قبل كونها، كما قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ ? وعن ابن عباس قال: (قال رافع بن حريملة، ووهب بن زيد: يا محمد، ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجِّر لنا أنهارًا نتبعك ونصدقك، فأنزل الله من قولهم: ? أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ?.
قوله عز وجل: ? وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/22)
يقول تعالى: ? وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم ? يا معشر المؤمنين، ? مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً ?، أي: يحسدونكم حسدًا، ? مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ?، أي: من تلقاء أنفسهم، ? مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ? في التوراة، أن قول محمد صدق، ودينه حق، ? فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ ?، اتركوا وتجازوا، ? حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ ?، بعذابه، أي: القتل والسبي لبني قريظة، والجلاء والنفي لبني النضير. قال ابن عباس: ? إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?، فإن شاء هداهم، وإن شاء انتقم منهم.
وقوله تعالى: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? يحث تعالى عباده المؤمنين على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ويرغبهم في الأعمال الصالحة، ويخبرهم أنها مدخرة لهم عند ربهم، كما قال تعالى: ? وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ? وقال تعالى: ? فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ?.
قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (112) ?.
يقول تعالى: ? وَقَالُواْ ?، أي: أهل الكتاب من اليهود والنصارى ? لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى ? ادعت كل طائفة أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها، ? تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ? قال أبو العالية: أماني تمنوها على الله بغير حق، وهذا المقام كقوله تعالى: ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ?. وقوله: ? وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ?.
قال تعالى: قل يا محمد: ? هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ ?: حجتكم ? إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? فيما تدعون، ثم قال ردًا عليهم: ? بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ ? أي: ليس كما قالوا، بل الحكم للإسلام، وإنما يدخل الجنة من أسلم وجهه لله، أي: أخلص دينه لله، ? وَهُوَ مُحْسِنٌ ? في عمله، ? فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ? قال سعيد بن جبير: فلا خوف عليهم، يعني: في الآخرة، ولا هم يحزنون، يعني: لا يحزنون للموت.
http://dc242.4shared.com/img/312097596/18f00b3d/018.png?sizeM=7
http://dc243.4shared.com/img/312117922/e5f77ef/t083.png?sizeM=7
قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله ? أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول الله ?، فقال رافع بن حرملة: ما أنتم على شيء. وكفر بعيسى وبالإنجيل. وقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء. وجحد بنبوة موسى وكفر بالتوراة، فأنزل الله في ذلك من قولهما: ? وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ? قال: إن كلا يتلوا في كتابه تصديق من كفر به، أن يكفر اليهود بعيسى؛ وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى، وفي الإنجيل ما جاء به عيسى بتصديق موسى، وما جاء من التوراة من عند الله، وكل يكفر بما في يد صاحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/23)
وقوله تعالى: ? كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ?، أي: الجهال من الأمم، ? مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ? يقضي بين المحق والمبطل، ? فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ? كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ? وقال تعالى: ? قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ?. وبالله التوفيق.
* * *
قوله عز وجل: ? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلا خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) ?.
قال قتادة: أولئك أعداء الله النصارى، حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس. وقال ابن زيد: هؤلاء المشركون الذين حالوا بين رسول الله ? وأصحابه يوم الحديبية، وبين أن يدخلوا مكة حتى نحر هديه بذي طوى وهادنهم، وقال لهم: ما كان أحد يصد عن هذا البيت، وقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه وأخيه فلا يصده، فقالوا: لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدر وفينا باق.
وفي قوله: ? وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ?. قال: إذ قطعوا من يعمدها بذكره، ويأتيها للحج والعمرة. والآية عامة في كل من سعى في خراب المساجد بمنع العبادة فيها، أو بهدمها.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلا خَآئِفِينَ ? خبر معناه الطلب، أي: لا تمكنوا هؤلاء إذا قدرتم عليهم من دخولها إلا تحت الهدنة، أو الجزية ? لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ?، قال: قتادة هي: القتل للحربي والجزية للذمي. ? وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ? وهو: النار. وفي الدعاء المأثور عن النبي ?: «اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة». رواه أحمد.
قوله عز وجل: ? وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) ?.
قال ابن عباس: أول ما نسخ من القرآن - فيما ذكر لنا، والله أعلم -، شأن القبلة. قال الله تعالى: ? وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ ? فاستقبل رسول الله ? فصلى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، ثم صرفه إلى بيته العتيق ونسخها. فقال: ? وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ?، وعن ابن عمر: (أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ويذكر أن رسول ? كان يفعل ذلك) ويتأول هذه الآية: ? فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ?. رواه مسلم وغيره، وهذا في التطوع. وعن ابن عباس قال: (خرج نفر من أصحاب رسول الله ? قبل تحويل القبلة إلى الكعبة، فأصابهم الضباب وحضرت الصلاة، فتحروا القبلة وصلّوا، فلما ذهب الضباب استبان لهم أنهم لم يصيبوا، فلما قدموا سألوا رسول الله ? عن ذلك، فنزلت هذه الآية.
وقوله تعالى: ? فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ ?.
قال الكلبي: فثمَّ الله يعلم ويرى ? إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ?، أي: واسع الرحمة، عليم بالأعمال والنيات، كما قالت الملائكة: ? رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/24)
قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (117) ?.
يقول تعالى: ? وَقَالُواْ ?، أي: اليهود والنصارى غيره من الكفرة ? اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً ?، كما قال تعالى: ? وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ?.
وقوله تعالى: ? سُبْحَانَهُ ?، أي: تعالى وتنزه وتقدس عن ذلك علوًا كبيرًا، ? بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ? ملكًا وعبيدًا ? كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ?. كما قال تعالى: ? وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً ?، وقال تعالى: ? وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ? قال: «قال الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدًا، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا». رواه البخاري، وللترمذي: «وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله، ولدًا، وأنا الله الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد».
وفي الصحيحين: «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم».
وقوله تعالى: ? بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ?، أي: مبدعهما ومنشئهما من غير مثال سبق ? وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ?، أي: إذا قدّر أمرًا وأراد كونه كان بكن، كما قال تعالى: ? إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ?، وقال تعالى: ? إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ?.
قوله عز وجل: ? وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) ?.
قال ابن عباس: قال رافع بن حريملة لرسول الله ?: يا محمد، إن كنت رسولاً من الله كما تقول، فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه، فأنزل الله في ذلك من قوله: ? وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ?، وقال أبو العالية وغيره: هذا قول كفار العرب. ? كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ?. قال: (هم اليهود والنصارى). وقد قال تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً ?.
وقوله تعالى: ? تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ?، أي: في الكفر والقسوة والعناد كما قال تعالى: ? كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ?.
وقوله تعالى: ? قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ?، أي: قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل لمن أيقن وصدق، وأما من ختم الله على قلبه واتبع هواه، فلا تنفع فيه الموعظة. كما قال تعالى: ? ِإنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ?.
قوله عز وجل: ? إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) ?.
يقول تعالى: إنا أرسلناك (يا محمد) بالحق، أي: بالصدق ? بَشِيراً وَنَذِيراً ? أي: مبشرًا للمؤمنين بالجنة، ومنذرًا للعاصين، أي: مخوفهم من النار.
وقوله تعالى: ? وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ?، أي: لا نسألك عن كفر، فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/25)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:33 م]ـ
الإثنين.--------> 14/ 06/2010.--------> الصفحة 19.--------> والصفحة 20
http://dc160.4shared.com/img/312097592/1f9dcf24/019.png?sizeM=7
وقوله عز وجل: ? وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (120) ?.
قال ابن عباس: هذا في القبلة، وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون النبي ? حين كان يصلي إلى قبلتهم، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة أيسوا منه في أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله تعالى: ? وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ ? إلا باليهودية، ? وَلا النَّصَارَى ? إلا بالنصرانية. والملة: الطريقة.
وقوله تعالى: ? قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى ?، أي: إن هدى الله الذي بعثني به هو الدين الصحيح.
وقوله تعالى: ? وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ? فيه تهديد ووعيد شديد لمن اتبع طرائق اليهود والنصارى من هذه الأمة. قال ابن كثير: وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله حتى تتبع ملتهم على أن الكفر كله ملة واحدة، فيرث كل منهم قريبه. والله أعلم. انتهى ملخصًا.
قوله عز وجل: ? الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) ?.
قال ابن مسعود: والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزل الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئًا على غير تأويله. وقال الحسن: يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ?، أي: من أقام كتابه آمن بالقرآن، كما قال تعالى: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ?.
وقوله تعالى: ? وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ?، كما قال تعالى: ? وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ? وفي الصحيح عن النبي ?: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحدكم من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار».
قوله عز وجل: ? يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (123) ?.
قد تقدم نظير هذه الآية في أول السورة، وكررت ها هنا للتأكيد والحث على إتباع الرسول محمد ?، والتحذير من الحسد وكتمان العلم. وبالله التوفيق.
* * *
قوله عز وجل: ? وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) ?.
يقول تعالى: واذكر يا محمد: إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن
أي: قام بجميع ما كلفه الله به من الأوامر والنواهي، كما قال تعالى: ? وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ?.
قال: ? إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ? يقتدى بك في الخير جزاء على ما فعل، كما قال تعالى: ? وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ?، قال: ? وَمِن ذُرِّيَّتِي ?، أي: ومن أولادي أيضًا فاجعل منهم أئمة يقتدى بهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/26)
قال الله تعالى: ? لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ? أي: لا يصيب عهدي من كان منهم ظالمًَا، ومعنى الآية: لا ينال ما عهدت إليك من النبوة والإِمامة من كان ظالمًا من ولدك، وأنه سيكون في ذريتك ظالمون، كما قال تعالى: ? وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) ?.
قال ابن عباس: ? وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ ?، يقول: لا يقضون منه وطرًا يأتونه، ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه. وقال قتادة: ? مَثَابَةً لِّلنَّاسِ ?، أي: مجمعًا للناس. وقال أبو العالية: ? وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ?، يقول: وأمنا من العدو أن يحمل فيه السلاح، وقد كانوا في الجاهلية يتخطف الناس من حولهم وهم آمنون.
وفي الصحيحين عن النبي ? أنه قال يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلي خلاه»، فقال العباس: يا رسول الله إلا الأذخر، فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال رسول الله ?: «إلا الأذخر».
وقوله تعالى: ? وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ?، المقام: هو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقوم عليه في بناء الكعبة، وفي الحديث الصحيح عن عمر: (قلت: يا رسول الله! لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: ? وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ?)، وفي حديث جابر: (استلم رسول الله ? الركن، فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ: «? وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ?» فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين). وقال قتادة: إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه، وروى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها: أن المقام كان زمان رسول الله ? وزمان أبي بكر ملتصقًا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب.
وقوله تعالى: ? وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ?. قال الحسن: أمرهما الله أن يطهراه من الأذى والنجس، ولا يصيبه من ذلك شيء. وقال مجاهد: من الأوثان والرفث، وقول الزور والرجس، وقال ابن عباس: إذا كان جالسًا فهو من العاكفين.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي، أخبرنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، قال: قلنا لعبد الله بن عبيد بن عمير: ما أراني إلا مكلم الأمير أن أمنع الذين ينامون في المسجد الحرام، فإنهم يُجنبون ويحدثون، قال: لا تفعل، فإن ابن عمر سئل عنهم، فقال: هم العاكفون، وقد قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) ?.
روى البخاري وغيره عن النبي ? قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعوت لها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها، في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة». ولمسلم: «بمثل ما دعا إبراهيم لأهل مكة».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/27)
قال ابن كثير: لا منافاة بين الأحاديث الدالة على أن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، وبين الأحاديث الدالة على أن إبراهيم عليه السلام حرمها؛ لأن إبراهيم بلغ عن الله حكمه فيها وتحريمه إياها.
وقوله تعالى: ? وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?، عن أُبيّ بن كعب، قال: ? وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?، قال هو قول الله تعالى. وقال ابن عباس: كان إبراهيم يحجرها على المؤمنين دون الناس، فأنزل الله: ومن كفر أيضًا أرزقهم كما أرزق المؤمنين، أأخلق خلقًا لا أرزقهم!؟ أمتعهم قليلاً ثم اضطرهم إلى عذاب النار وبئس المصير ثم قرأ ابن عباس: ? كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً ?.
وقوله تعالى: ? ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?، أي: ثم ألجئه بعد متاعه في الدنيا وبسطنا عليه إلى عذاب النار , ? وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?، أي: المرجع يصير إليه كما قال تعالى: ? وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ?.
http://dc221.4shared.com/img/312097584/efe55b50/020.png?sizeM=7
http://dc235.4shared.com/img/312118037/309c99f8/t084.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129) ?.
يقول تعالى: واذكر يا محمد بناء إبراهيم وإسماعيل البيت، وهما يقولان: ? رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ?. والقواعد: الأساس.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان، خرج إسماعيل وأم إسماعيل، ومعهم شنة فيها ماء، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة، فيدر لبنها على صبيها حتى قدم مكة، فوضعها تحت دوحة ثم رجع إبراهيم إلى أهله، فاتبعته أم إسماعيل حتى بلغوا كداء فنادته من ورائه: يا إبراهيم إلى من تتركنا؟ قال: إلى الله: قالت: رضيت بالله، قال: فرجعت، فجعلت تشرب من الشنة ويدر لبنها على صبيها حتى لما فني الماء قالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدًا، فذهبت فصعدت الصفا، فنظرت هل تحس أحدًا، فلم تحس أحدًا، فلما بلغت الوادي سعت حتى أتت المروة، وفعلت ذلك أشواطًا حتى أتمت سبعًا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل الصبي، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله، كأنه ينشع الموت، فلم تقرها نفسها، فقالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدًا، فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت، فلم تحس أحدًا حتى أتمت سبعًا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت، فقالت: أغثْ إن كان عندك خير، فإذا جبريل عليه السلام قال: فقال بعقبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض، قال: فانبثق الماء، فدهشت أم إسماعيل، فجعلت تحفر.
قال: فقال أبو القاسم ?: «لو تركته لكان الماء ظاهرًا»، قال: فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها، قال: فمر ناس من جرهم ببطن الوادي، فإذا هم بطير كأنهم أنكروا ذلك، وقالوا: ما يكون هذا الطير إلا على ماء، فبعثوا رسولهم فنظر فإذا هو بالماء فأتاهم فأخبرهم فأتوا إليها، فقالوا: يا أم إسماعيل أتأذنين لنا أن نكون معك ونسكن معك؟ قالت: نعم، فبلغ ابنها ونكح منهم امرأة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/28)
قال: ثم إنه بدا لإِبراهيم ?، فقال لأهله: إني مطلع تركتي، قال: فجاء فسلّم، فقال: أين إسماعيل؟ قالت امرأته: ذهب يصيد، قال قولي له إذا جاء غيّر عتبة بابك، فلما أخبرته قال: أنت ذاك، فاذهبي إلى أهلك.
قال: ثم إنه بدا لإِبراهيم، فقال: إني مطلع تركتي، قال: فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد، وقالت: ألا تنزل فتطعم وتشرب، فقال: ما طعامكم وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحم، وشرابنا الماء، قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم.
قال: فقال أبو القاسم ?: «بركة بدعوة إبراهيم».
قال: ثم إنه بدا لإِبراهيم ?، فقال لأهله: إني مطلع تركتي، فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلاً له، فقال: يا إسماعيل، إن ربك عز وجل أمرني أن أبني له بيتًا، فقال: أطع ربك عز وجل، قال: إنه قد أمرني أن تعينني عليه، فقال: إذَن أفعل، أو كما قال: قال فقام فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، ويقولان: ? رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ?، قال: حتى ارتفع البناء، وضعف الشيخ عن نقل الحجارة، فقام على حجر المقام، فجعل يناوله الحجارة ويقولان: ? رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ?. رواه البخاري في أحاديث الأنبياء كذلك، ورواه أيضًا من وجه آخر بسياق أبسط من هذا.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ? قال: «ألم تري أن قومك حين بنوا البيت اقتصروا عن قواعد إبراهيم»؟ فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: «لولا حدثان قومك بالكفر». فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سمعت هذا من النبي ?، ما أرى رسول الله ? ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام. رواه البخاري وغيره.
وفي رواية لمسلم: «لولا قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، ولجعلت لها بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة».
قال ابن إسحاق: وكانت الكعبة على عهد النبي ? ثمانية عشر ذراعًا، وكانت تكسي القباطيّ، ثم كسيت بعدُ البرود وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف.
وقوله تعالى: حكاية لدعاء إبراهيم، وإسماعيل عليهما السلام: ? رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ?، ? مُسْلِمَيْنِ ?، مخلصين، قال سلام بن أبي مطيع: كانا مسلمين ولكنهما سألاه الثبات. وقال عكرمة: ? رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ?، قال الله: قد فعلت. ? وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ?، قال الله: قد فعلت.
وقوله: ? وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ?، قال عطاء: أخرجها لنا، علّمناها، وقال مجاهد: قال إبراهيم: ((أرنا مناسكنا))، فأتاه جبريل فأتى به البيت، فقال: ارفع القواعد، فرفع القواعد وأتم البنيان؛ ثم أخذ بيده فأخرجه فانطلق به إلى الصفا، قال: هذا من شعائر الله؛ ثم انطلق به إلى المروة، فقال: وهذا من شعائر الله؛ ثم انطلق به نحو منى، فلما كان عند العقبة إذا إبليس قائم عند الشجرة فقال: كبِّر وارمه، فكبّر ورماه، ثم انطلق إبليس، فقام عند الجمرة الوسطى، فلما جاز به جبريل وإبراهيم، قال له: كبّر وارمه، فكبّر ورماه، فذهب الخبيث إبليس، وكان الخبيث أراد أن يدخل في الحج شيئًا فلم يستطع، فأخذ بيد إبراهيم حتى أتى به المشعر الحرام، فقال: هذا المشعر الحرام، فأخذ بيد إبراهيم حتى أتى به عرفات، قال قد عرفت ما أريتك؟ - قالها ثلاث مرات - قال: نعم.
وقوله: ? وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ?، طلبًا من الله التوبة والرحمة؛ لأنه لا يدخل الجنة أحد بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/29)
وقوله تعالى: ? رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ?، يقول تعالى إخبارًا عن تمام دعوة إبراهيم وإسماعيل أنهما قالا: ? رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ ?، أي: في الأمة المسلمة ? رَسُولاً مِّنْهُمْ ?، أي: محمدًا ?، وروى أحمد وغيره عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله ?: «إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين». وفي حديث أبي أمامة: «ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام».
وقوله تعالى: ? يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ?، قال الحسن وغيره: الكتاب: القرآن، والحكمة: السنة، وقيل: الحكمة الفهم في الدين، ولا منافاة.
وقوله تعالى: ? إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ?، أي: ? العَزِيزُ ?، الذي ليس مثله أحد ولا يعجزه شيء، ? الحَكِيمُ ?، في أفعاله وأقواله فيضع، الأشياء في محلها. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) ?.
يقول تعالى: ? وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ?، أي: ما يرغب عن ملة إبراهيم الحنيفية إلا سفيه ظالم لنفسه. قال الربيع: رغبت اليهود والنصارى عن ملة إبراهيم، وابتدعوا اليهودية والنصرانية وليست من الله، وتركوا ملة إبراهيم الإِسلام، ويشهد لهذا قوله تعالى: ? مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ?.
وقوله تعالى: ? وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ ?، أي: اخترناه في الدنيا خليلاً ? وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ?، أي: مع الأنبياء في الجنة.
وقوله تعالى: ? إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ?، أي: أمره الله تعالى بالإخلاص له والاستسلام والانقياد، فأجاب إلى ذلك. وقوله تعالى: ? وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ?، أي: وصى إبراهيم بنيه بكلمة الإِخلاص: لا إله إلا الله، وهي الملة الحنيفية، وكذلك وصى بها يعقوب بنيه، كما قال تعالى: ? وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?.
وقوله تعالى: ? إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ?، أي: اختار لكم دين الإسلام، ? فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ?، أي: استقيموا عليه حتى تموتوا، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ?. وروى مسلم وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ? قبل موته بثلاثة أيام يقول: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/30)
قوله عز وجل: ? أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) ?.
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ? أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء ? أكنتم؟ ولكنه استفهم بأم، إذ كان استفهامًا مستأنفًا على كلام قد سبقه، كما قال: ? الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ?، وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه، تستفهم فيه بأم.
وقوله تعالى: ? إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ? قيل: نزلت في اليهود حين قالوا للنبي ?: (ألست تعلم أن يعقوب يوم مات وصى بنيه باليهودية؟) وقال الكلبي: لما دخل يعقوب مصر رآهم يعبدون الأوثان والنيران، فجمع ولده وخاف عليهم ذلك. وقوله تعالى: ? قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ?، إسماعيل عم يعقوب، والعرب تسمي العم أبًا. قال ابن زيد: يقال: بدأ بإسماعيل لأنه الأكبر، واستدل بالآية من جعل الجدّ أبًا وحجب به الأخوة، كما هو قول الصديق، وهو مذهب أبي حنيفة وغير واحد من السلف والخلف.
وقوله تعالى: ? وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ?، أي: موحدون مطيعون خاضعون.
قوله عز وجل: ? تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) ?.
يقول تعالى: ? تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ?، أي: مضت ? لَهَا مَا كَسَبَتْ ? من العمل ? وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ? من خير أو شر ? وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ?. كما قال تعالى: ? وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ? وفي الحديث: «من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه». قال قتادة: ? تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ?، يعني: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:43 م]ـ
الثلاثاء.--------> 15/ 06/2010.--------> الصفحة 21.--------> والصفحة 22
http://dc198.4shared.com/img/312097736/e19b37d9/021.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) ?.
قال ابن عباس: قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله ?: ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد. وقالت النصارى مثل ذلك، فأنزل الله عز وجل: ? وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ ?.
وقوله تعالى: ? قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ?، أي: قل يا محمد: لا نريد ما دعوتمونا إليه، بل نتبع: ? مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ?، أي، مخلصًا مستقيمًا. قال ابن عباس: الحنيف المائل عن الأديان كلها إلى دين الإسلام.
وقوله تعالى: ? وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ?.
قال ابن جرير: يقول لم يكن ممن يدين بعبادة الأوثان والأصنام، ولا كان من اليهود ولا النصارى، بل كان حنيفًا مسلمًا.
قوله عز وجل: ? قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/31)
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله ?: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: ? آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ?» الآية. وروى مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله ? أكثر ما يصلي الركعتين اللتين قبل الفجر بـ: ? آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ? الآية، والأخرى بـ: ? آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ?). وفي رواية: (يقرأ في ركعتي الفجر: ? قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ?، والتي في آل عمران: ? تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ?).
قال قتادة: الأسباط: بنو يعقوب اثنا عشر رجلاً ولد كل رجل منهم أمة من الناس فسموا الأسباط. وقال البخاري: الأسباط: قبائل بني إسرائيل.
قال القرطبي: والسبط: الجماعة. والقبيلة: الراجعون إلى أصل واحد. قال قتادة: أمر الله المؤمنين أن يؤمنوا به ويصدقوا بكتبه كلها ورسله. وفي الحديث عن النبي ?: «آمنوا بالتوراة، والزبور، والإنجيل، وليسعكم القرآن». رواه ابن أبي حاتم.
قوله عز وجل: ? فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ (138) ?.
يقول تعالى: فإن آمن الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم ? بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ ?، أي: بجميع كتب الله ورسله، ولم يفرقوا بين أحد منهم ? فَقَدِ اهْتَدَوا ? إلى الحق ? وَّإِن تَوَلَّوْاْ ? عن ذلك، ? فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ?، أي: في خلاف ومنازعة، قاله ابن عباس. ? فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ ?، أي: فسيكفيك شرهم وينصرك عليهم ? وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ?.
وقوله تعالى: ? صِبْغَةَ اللّهِ ?، أي: دين الله، سماه صبغة لأنه يظهر أثر الدين على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ على الثوب. ? وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً ?.
قال قتادة: إن اليهود تصبغ أبناءها يهودًا، والنصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإن صبغة الله الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا أطهر، وهو دين الله الذي بعث به نوحًا والأنبياء بعده.
قوله عز وجل: ? قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (141) ?.
يقول تعالى: ? قُلْ ? يا محمد لهؤلاء المعاندين: ? أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ ?، أي: في توحيد الله؟ ? وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ?، أي: لكل جزاء عمله، فكيف تدعون أنكم أولى بالله ? وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ?، وأنتم به مشركون؟ قال سعيد بن جبير: الإخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله، فلا يشرك به في دينه. ولا يرائي بعمله.
? أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ ?، أي: ? قُلْ ? يا محمد: أأنتم أعلم بدينهم أم الله؟ وقد أخبر الله تعالى: أن إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين، وإن أولى الناس به محمد والمؤمنون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/32)
وقوله تعالى: ? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ ?، قال الحسن: كانوا يقرءون في كتاب الله الذي أتاهم: أن الدين الإسلام، وأن محمدًا رسول الله، وأن: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط كانوا برءاء من اليهودية والنصرانية، فشهدوا لله بذلك، وأقروا على أنفسهم، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك. وعن قتادة: قوله: ? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ ?. قال: الشهادة النبي ? مكتوب عندهم، وهو الذي كتموا.
وقوله تعالى: ? وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ? تهديد ووعيد. ? تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ?، أي: مضت ? لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ?، أي: لهم أعمالهم ولكم أعمالكم ? وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ?، كما قال تعالى: ? مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ?. والله أعلم.
* * *
http://dc246.4shared.com/img/312097761/288563f/022.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) ?.
يقول تعالى: ? سَيَقُولُ السُّفَهَاء ?، أي: الجهال وهم: اليهود والمنافقون ? مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ ?، أيّ: شيء صرفهم وحوّلهم ? عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ? يعني: بيت المقدس.
قال ابن عباس: (لما هاجر رسول الله ? إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله ? بضعة عشر شهرًا، وكان رسول الله ? يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعوا الله وينظر إلى السماء، فأنزل الله عز وجل: ? فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ ? فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ? مَا وَلاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ?، فأنزل الله: ? قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ?.
وروى الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ? يعني في أهل الكتاب: «إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين».
قوله عز وجل: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (143) ?.
يقول تعالى: ? وَكَذَلِكَ ? كما هديناكم صراطًا مستقيمًا ? جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ?، أي: عدلاً خيارًا، كما قال تعالى: ? كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ?.
وقوله تعالى: ? لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ?، أي: على الأمم بتبليغ رسلهم. وروى الإمام أحمد وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلّغت؟ فيقول نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلّغكم. فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. قال: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ? قال: والوسط العدل. فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم». رواه البخاري وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/33)
وفي رواية لأحمد: «يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجلان، وأكثر من ذلك، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلّغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلّغت قومك؟ فيقول نعم، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما أعلمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله عز وجل: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ? قال: عدلاً، ? لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ?.
وروى أحمد وغيره عن النبي ?: «يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم». قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: «بالثناء الحسن، والثناء السيِّء، أنتم شهداء الله في الأرض».
وفي الحديث الآخر: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة» قال: فقلنا: وثلاثة؟ قال: فقال: «وثلاثة» قال: فقلنا: واثنان؟ قال: «واثنان». ثم لم نسأله عن الواحد. رواه البخاري وغيره.
وقوله تعالى: ? وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ?،كما قال تعالى: ? فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً ? قال قتادة: ? لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ? أي: أن رسلهم قد بلغت قومها عن ربها ? وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ? على أنه قد بلغ رسالات ربه إلى أمته.
وقوله تعالى: ? وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ ? قال ابن كثير: (يقول تعالى: إنما شرعنا لك يا محمد التوجه أولاً إلى بيت المقدس، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة، ليظهر حال من يتبعك ويطيعك، ويستقبل معك حيثما توجهت ? مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ?، أي: مرتدًا عن دينه، ? وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً ? أي: هذه الفعلة، وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي: وإن كان هذا الأمر عظيمًا في النفوس، ? إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ ? قلوبهم وأيقنوا بتصديق الرسول، وإن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه، وأن الله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك). انتهى.
وقوله تعالى: ? وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ?، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس. كما في الصحيح عن البراء قال: (مات قوم كانوا يصلون نحو بيت المقدس، فقال الناس: ما حالهم في ذلك؟ فأنزل الله: ? وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ?).
وقوله تعالى: ? إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ?، أي: فلا يضيع أجورهم، فإن الله أرحم بهم من والديهم.
قوله عز وجل: ? قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) ?.
قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال: (كان رسول الله ? يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء، ينظر أمر الله، فأنزل الله: ? قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل الله: ? وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ?. وقال السفهاء من الناس، وهم من أهل الكتاب: ? مَا وَلاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ? فأنزل الله: ? سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ ? إلى آخر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/34)
الآية. انتهى.
وعن ابن عباس قال: (كان النبي ? إذا انصرف من صلاته إلى بيت المقدس، رفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله: ? فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? إلى الكعبة، إلى الميزاب، يؤم به جبريل عليه السلام). وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ? فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? قال: شطره قبله، وفي الحديث الصحيح: «ما بين المشرق والمغرب قبلة»، يعني: لأهل المدينة ومن في سمتها، فعلى من كان مشاهدًا للكعبة استقبالها، وغير الشاهد يستقبل الجهة بعد التحري.
وقوله تعالى: ? وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ? أي: استقبالكم الكعبة، ولكنهم يكتمون ذلك ? وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ? تهديد ووعيد.
قوله عز وجل: ? وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) ?.
يقول تعالى: ? وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ?، يعني: اليهود والنصارى ? بِكُلِّ آيَةٍ ? معجزة ? مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ ?، يعني: الكعبة ? وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ? لأن اليهود تستقبل بيت المقدس وهو المغرب، والنصارى تستقبل المشرق، وقبلة المسلمين الكعبة.
وقوله تعالى: ? وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ? فيه: تحذير الأمة من مخالفة الحق واتباع الهوى.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:49 م]ـ
الأربعاء.--------> 16/ 06/2010.--------> الصفحة 23.--------> والصفحة 24
http://dc229.4shared.com/img/312097987/7ff6f38e/023.png?sizeM=7
http://dc199.4shared.com/img/312117391/79357a48/t085.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) ?.
يخبر الله تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون محمدًا ? كما يعرفون أبناءهم، وأن ما جاء به هو الحق، ولكنهم يكتمون ذلك، وهم يعلمون ثم قال تعالى: ? الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ?، أي: هذا الحق من الله لا شك فيه ? فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ? الشَّاكين. قال الربيع: لا تكن في شك فإنها قبلتك وقبلة الأنبياء قبلك.
قال ابن جرير: هذا من الكلام الذي تخرجه العرب مخرج الأمر أو النهي للمخاطب به، والمراد به غيره.
قوله عز وجل: ? وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) ?.
قال ابن عباس: يعني بذلك: أهل الأديان، يقول: لكل قبيلة قبلة يرضونها، ووجهة الله حيث توجه المؤمنون. وقال مجاهد: لكن أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة.
وقوله تعالى: ? فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ?، أي: بادروا بالطاعة أينما تكونوا أنتم وأهل الكتاب، ? يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً ? يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم، ? إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?، وهذه الآية كقوله تعالى: ? وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/35)
قوله عز وجل: ? وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) ?.
قيل: إنما كرر الأمر باستقبال القبلة لتأكيد النسخ، لأنه أول ناسخ وقع في الإسلام.
وقوله تعالى: ? لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ?. قال ابن كثير: (وقوله: ? لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ?، أي: أهل الكتاب، فإنهم يعلمون من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة، فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربما احتجوا بها على المسلمين، ولئلا يحتجوا بموافقة المسلمين إياهم في التوجه إلى بيت المقدس). انتهى. وعن مجاهد، وقتادة في قوله: ? لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ? قال: هم مشركو العرب، قالوا حين صرفت القبلة إلى الكعبة: قد رجع إلى قبلتكم، فيوشك أن يرجع إلى دينكم. قال الله عز وجل: ? فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ?.
وقوله تعالى: ? وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ?، أي: بهدايتي إياكم إلى قبلة إبراهيم. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (تمام النعمة الموت على الإسلام).
وقوله تعالى: ? وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ?، أي: لكي تهتدوا من الضلالة. ولعل وعسى من الله واجب.
قوله عز وجل: ? كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) ?.
قيل معناه: ولأتم نعمتي عليكم ? كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ ?. وقال مجاهد: يقول: كما فعلت ? فَاذْكُرُونِي ?. قال الحسن وغيره: إن الله يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره. وقال سعيد بن جبير: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي. وفي الحديث الصحيح: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه».
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لا تَشْعُرُونَ (154) ?.
الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله. قال ابن زيد: الصبر في بابين: الصبر لله بما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان، والصبر لله عما كره وإن نازعت إليه الأهواء، فمن كان هكذا فهو من الصابرين
http://dc255.4shared.com/img/312098976/d70acf81/024.png?sizeM=7
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ ?، نزلت في قتلى بدر من المسلمين ? بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لا تَشْعُرُونَ ?، كما قال تعالى في شهداء أحد: ? وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ?. وفي صحيح مسلم: «إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال: ماذا تبغون؟ فقالوا: يا ربنا وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا، فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يَسألوا، قالوا: نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا، فنقاتل في سبيلك حتى نقتل مرة أخرى. لما يرون من ثواب الشهادة. فيقول الرب جل جلاله: إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/36)
وروى الإمام أحمد عن الإمام الشافعي عن الإمام مالك عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: قال رسول الله ?: «نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة، حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه».
قال ابن كثير: ففيه دلالة لعموم المؤمنين أيضًا.
قوله عز وجل: ? وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) ?.
يقول تعالى: ? وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ?، أي: ولنختبرنكم، ? بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ?، كما قال تعالى: ? أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ ?، وقال تعالى: ? وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ?. وفي الحديث الصحيح: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له». ولهذا قال تعالى: ? وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ?.
وفي صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ? يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها». قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله ? فأخلف الله خيرًا منه رسول الله ?.
وقوله تعالى: ? أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ?، أي: ثناء الله عليهم ورحمته. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نعم العدلان ونعمت العلاوة: ? أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ?، فهذان العدلان ? وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ?، فهذه العلاوة.
وروى أحمد وغيره عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «قال الله: يا ملك الموت، قبضت ولد عبدي؟ قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده؟ قال: نعم. قال: فما قال؟ قال: حمدك واسترجع. قال: ابنوا له بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد». وبالله التوفيق.
* * *
قوله عز وجل: ? إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) ?.
? شَعَآئِرِ اللّهِ ?: معالم دينه، والمراد به هنا: المناسك التي جعلها أعلامًا لطاعته وموضعًا لعبادته. روى البخاري عن أنس قال: كنا نرى أن الصفا والمروة من أمر الجاهلية، فلماجاء الإسلام أمسكنا عنها، فأنزل الله عز وجل: ? إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ ?. وقال الشعبي: كان أساف على الصفا، وكانت نائلة على المروة، وكانوا يستلمونها، فتحرجوا بعد الإسلام من الطواف بينهما، فنزلت هذه الآية. وذكر ابن إسحاق أن أسافًا ونائلة كانا بشرين فزينا داخل الكعبة فمسخا حجرين، فنصبتهما قريش تجاه الكعبة ليعتبر بهما الناس، فلما طال عهدهما عُبدا، ثم حولا إلى الصفا والمروة فنصبا هنالك، فكان من طاف بالصفا والمروة يستلمهما.
وفي صحيح مسلم من حديث جابر الطويل: (أن رسول الله ? لما فرغ من طوافه بالبيت عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من باب الصفا وهو يقول: «? إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ ? - ثم قال -: «أبدأ بما بدأ الله به». وفي رواية النسائي: «ابدءوا بما بدأ الله به». وفي الحديث الآخر: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي». رواه أحمد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/37)
وقوله تعالى: ? وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ?، أي: من تطوع بالحج والعمرة بعد أداء الواجب فإن الله مجاز لعبده بجميع علمه عليم بنيته.
قوله عز وجل: ? إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلا الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) ?.
قال قتادة: ? إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ?، أولئك: أهل الكتاب كتموا الإسلام وهو دين الله، وكتموا محمدًا ? وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. وفي الحديث عن النبي ? قال: «من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار».
وقوله تعالى: ? أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ?، أصل اللعن الطرد، والإبعاد. قال مجاهد: إذا أجدبت الأرض قالت البهائم: هذا من أجل عصاة بني آدم، لعن الله عصاة بني آدم.
وقوله تعالى: ? إِلا الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ ?، أي: رجعوا عما كانوا عليه من المعاصي وأصلحوا أعمالهم، وبينوا للناس ما كتموا ? فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ?.
قوله عز وجل: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (162) ?.
قال قتادة: إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله، ثم تلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس أجمعون.
وقوله تعالى: ? خَالِدِينَ فِيهَا ?، أي: في نار جهنم، كما قال تعالى: ? وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ?.
وقوله تعالى: ? لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ?، أي: لا يمهلون، كما قال تعالى: ? لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ?.
قال أبو العالية: لا ينظرون فيعتذروا، كقوله تعالى: ? وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) ?.
قال البغوي: سبب نزول هذه الآية أن كفار قريش قالوا: يا محمد صف لنا ربك وانسبه. فأنزل الله تعالى هذه الآية، وسورة الإِخلاص. والواحد: الذي لا نظير له ولا شريك له. وذكر حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها قالت: سمعت رسول الله ? يقول: «إن في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم: ? وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ?، و ? الم * اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ?». قال أبو الضحى: (لما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن محمدًا يقول: إن إلهكم إله واحد، فليأتنا بآية إن كان من الصادقين، فأنزل الله عز وجل: ? إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ? الآية). قال عطاء: نزلت على النبي ? بالمدينة: ? وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/38)
إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ?، فقال كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنزل الله تعالى: ? إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ? إلى قوله: ? لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ?، فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:53 م]ـ
الخميس.--------> 17/ 06/2010.--------> الصفحة 25.--------> والصفحة 26
http://dc198.4shared.com/img/312099088/47a2a3/025.png?sizeM=7
http://dc236.4shared.com/img/312117394/95f8ec7/t086.png?sizeM=7
قال البغوي: سبب نزول هذه الآية أن كفار قريش قالوا: يا محمد صف لنا ربك وانسبه. فأنزل الله تعالى هذه الآية، وسورة الإِخلاص. والواحد: الذي لا نظير له ولا شريك له. وذكر حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها قالت: سمعت رسول الله ? يقول: «إن في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم: ? وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ?، و ? الم * اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ?». قال أبو الضحى: (لما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن محمدًا يقول: إن إلهكم إله واحد، فليأتنا بآية إن كان من الصادقين، فأنزل الله عز وجل: ? إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ? الآية). قال عطاء: نزلت على النبي ? بالمدينة: ? وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ?، فقال كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنزل الله تعالى: ? إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ? إلى قوله: ? لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ?، فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء.
قوله عز وجل: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) ?.
يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الآخرة، حيث جعلوا له ? أَندَاداً ?، أي: أمثالاً ونظراء، يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه، وهو الله لا إله إلا هو لا شريك له ولا ند له، فقال تعالى: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ?. قال الربيع: هي الآلهة التي تعبد من دون الله، يقول: يحبون أوثانهم كحب الله ? وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ?، أي: من الكفار لأوثانهم. وقال مجاهد: ? يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ ? مباهاة ومضاهاة للحق بالأنداد، ? وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ? من الكفار لأوثانهم.
قال ابن كثير: وقوله: ? وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ? ولحبهم لله وتمام معرفتهم به، وتوقيرهم وتوحيدهم له، لا يشركون به شيئًا، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه، ويلجأون في جميع أمورهم إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/39)
وقوله تعالى: ? وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ?، أي: ولو يعلم الذين ظلموا باتخاذ الأنداد، ? إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ? عاينوه يوم القيامة، ? أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ?، أي: لو يعلمون أن القدرة لله جميعًا، لا قدرة لأندادهم، ? إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ? يوم القيامة لندموا أشد الندامة ? إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ ?، وهم: القادة ? مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ ?، أي: الأتباع، ? وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ?، أي: أسباب الخلاص، كما قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ?، كما قال تعالى: ? الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ?، وقال تعالى: ? وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً ?، وقال تعالى: ? وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ?، قال ابن كيسان: ? كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ? أنهم أشركوا بالله الأوثان، برجاء أن تقربهم إلى الله عز وجل، فلما عذبوا على ما كانوا يرجون ثوابه، تحسروا وندموا. وبالله التوفيق.
* * *
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) ?.
قال البغوي: نزلت في: ثقيف، وخزاعة، وعامر بن صعصعة، وبني مدلج، فيما حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام، والبحيرة والسائبة، والوصيلة، والحام. انتهى.
وفي صحيح مسلم عن رسول الله ? أنه قال: «يقول الله تعالى: إن كل مال منحته عبادي فهو لهم حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم». وفي الحديث الآخر: «الحلال ما أحل الله، والحرام ما حرم الله وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته».
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ?، أي: طرائقه وأوامره ? إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ? بيّن العداوة، كما قال تعالى: ? يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ?، وقال تعالى: ? أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ?، وقال تعالى: ? إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/40)
قال قتادة: كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان. وقال ابن عباس: ما كان من يمين أو نذر في غضب، فهو من خطوات الشيطان، وكفارته كفارة يمين.
وقوله تعالى: ? إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ ?، أي: الأفعال السيئة والفحشاء. قال ابن عباس: الفحشاء من المعاصي ما يجب فيه الحد، والسوء من الذنوب ما لا حد فيه ? وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ? من اتخاذ الأنداد، وتحريم الحلال.
http://dc151.4shared.com/img/312099101/b080fa38/026.png?sizeM=7
http://dc195.4shared.com/img/312117398/e9c2ec/t087.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلا دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) ?.
يقول تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ ? لهؤلاء الكفرة: ? اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ ? على رسوله واتركوا ما أنتم عليه من الضلال ? قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ?، أي: ما وجدناهم عليه في العقائد والأحكام ? أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ?.
قال البغوي: ? أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ ?، أي: كيف يتبعون آباءهم لا يعقلون شيئًا؟ الواو في ? أَوَلَوْ ? واو العطف، ويقال لها: واو التعجب، دخلت عليها ألف الاستفهام للتوبيخ. والمعنى: أيتبعون آباءهم وإن كانوا جهالاً لا يعقلون شيئًا؟ لفظه عام ومعناه الخصوص، أي: لا يعقلون شيئًا من أمور الدين، لأنهم كانوا يعقلون أمر الدنيا ولا يهتدون. ثم ضرب لهم مثلاً فقال جل ذكره: ? وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ ?. انتهى.
قال ابن عباس: قوله: ? وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلا دُعَاء وَنِدَاء ?، كمثل: البعير، والحمار، والشاة. إن قلت لبعضها: كلٌ لا يعلم ما تقول، غير أنه يسمع صوتك، وكذلك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته، لم يعقل ما تقول، غير أنه يسمع صوتك.
وقوله تعالى: ? صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ?، أي: صمٌ عن سماع الحق، بكمٌ لا يتكملون به، عميٌ عن رؤية طريقه ومسلكه ? فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ?. كما قال تعالى: ? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ?.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173) ?.
الطيبات: الحلال. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ?، وقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ?. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام، وغذّي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك»؟. رواه مسلم وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/41)
وقوله تعالى: ? إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ ?، وهذه الآية كقوله تعالى: ? قُل لا أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ?.
قال البغوي: ولحم الخنزير أراد به جميع أجزائه، فعبر عن ذلك باللحم لأنه معظمه ? وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ ?، أي: ما ذبح للأصنام والطواغيت. وقال الربيع بن أنس: ما ذكر عليه اسم غير الله.
وقوله تعالى: ? فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ?، أي: في أكل ذلك في غير بغي ولا عدوان، وهو مجاوزة الحد. قال قتادة: ? فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ?. قال: غير باغ في الميتة، أي: في أكله أن يتعدى حلالاً إلى حرام، وهو يجد عنه مندوحة. وقال السدي: أما باغ فيبغي فيه شهوته، وأما العادي فيتعدى في أكله، يأكل حتى يشبع، ولكن ليأكل منه قوتًا ما يمسك به نفسه، حتى يبلغ به حاجته.
وقوله تعالى: ? إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ ?، أي: لمن أكل في حال الاضطرار ? رَّحِيمٌ ? حيث رخص للعباد في ذلك. وعن عباد بن شُرَحبيل الغُبَري قال: (أصابتنا عامًا مخمصة، فأتيت المدينة، فأتيت حائطًا فأخذت سنبلاً ففركته وأكلته، وجعلته منه في كسائي فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله ? فأخبرته فقال للرجل: «ما أطعمته إذ كان جائعًا، ولا علمته إذ كان جاهلاً». فأمره فرد إليه ثوبه وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق). رواه ابن ماجة. قال ابن كثير: إسناده صحيح قوي جيد، وله شواهد كثيرة، من ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: سئل رسول الله ? عن الثمر المعلق فقال: «من أصاب منه من ذي حاجة بفيه، غير متخذ خبنة فلا شيء عليه». الحديث.
قوله عز وجل: ? إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) ?.
نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم، كتموا صفة محمد ? الثابتة في كتبهم، لئلا تذهب برياستهم ومآكلهم، والآية عامة في كل من كتم العلم لأجل ذلك ? أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ ?، يعني: إلا ما يؤديهم إلى النار، وهو: الرشوة، والحرام، وثمن الدين، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ?. وفي الحديث الصحيح عن النبي ?: «إنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون أبلغ بحجته من بعض، فأقضي له بنحوٍ مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فإنما أقطع له قطعة من النار، فليأخذها أو يدعها». وفي الحديث الآخر: «الذي يشرب في إناء الذهب والفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم».
وقوله تعالى: ? وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ?.
قال ابن كثير: وذلك لأنه تعالى غضبان عليهم، لأنهم كتموا وقد علموا، فاستحقوا الغضب، (فلا ينظر إليهم)، ? وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ?، أي: يثني عليهم ويمدحهم، بل يعذبهم عذابًا أليمًا. ثم ذكر حديث أبي هريرة عن رسول الله ?: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر».
وقوله تعالى: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ?، أي: اعتاضوا عن الهدى بالضلالة، وهي: كتمان ما أنزل الله، واعتاضوا عن المغفرة بالعذاب، وهو ما تعاطوه من أسبابه ? فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ?، قال الحسن، وقتادة: والله ما لهم عليها من صبر، ولكن ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار.
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ?، أي: إنما استحقوا هذا العذاب الشديد، لأن الله نزل الكتاب بتحقيق الحق، وإبطال الباطل، وهؤلاء اتخذوا آيات الله هزوًا، واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات بغيًا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. ? وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ ? فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، ? لَفِي شِقَاقٍ ? خلاف وضلال، ? بَعِيدٍ ?. وبالله التوفيق.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/42)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[10 - 06 - 10, 11:57 م]ـ
الجمعة.--------> 18/ 06/2010.--------> الصفحة 27.--------> والصفحة 28
http://dc256.4shared.com/img/312099109/be5b720a/027.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) ?.
البر: كل عمل خير يفضي بصاحبه إلى الجنة. قال أبو العالية: كانت اليهود تقبل قبل المغرب، وكانت النصارى تقبل قبل المشرق، فقال الله تعالى: ? لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ?. يقول: هذا كلام الإيمان وحقيقة العمل. وقال مجاهد: ولكن البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله عز وجل. وقال الثوري: ? وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ?، الآية، قال: هذه أنواع البر كلها.
وقوله تعالى: ? وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ ?، أي: بأنه لا إله إلا هو ولا رب سواه، وآمن باليوم بالآخر: وهو يوم القيامة، وصدق بوجود الملائكة الذين هم عباد الرحمن، وصدق بالكتاب أي: القرآن، وجميع الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، وآمن بالنبيين كلهم. ? وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ?، أي: أعطاه وهو محب له ? ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ?، أي: فكها من الرق، وهي عامة في المكاتبين وفي العتق وفي فداء الأسير ? وَأَقَامَ الصَّلاةَ ?، أي: وأتمها في أوقاتها على الوجه المرضي ? وَآتَى الزَّكَاةَ ? أعطى زكاة ماله ? وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ ? فيما بينهم وبين الله عز وجل، وفيما بينهم وبين الناس ? وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ ? أي: في حالة الفقر والمرض وفي القتال، ? أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ? في إيمانهم، ? وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ? بتركهم المحارم وفعلهم الطاعات.
قوله: ? وَالصَّابِرِينَ ?. قال أبو عبيدة: نصبها على تطاول الكلام ومن شأن العرب أن تغير الإعراب إذا طال الكلام، ومثله في سورة النساء: ? وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ ?، وفي سورة المائدة: ? وَالصَّابِؤُونَ ?. وقال الخليل: نصب على المدح.
وعن علي رضي الله عنه قال: (كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله ?، فما يكون أحد منا أقرب إلى العدو منه، يعني: إذا اشتد الحرب).
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) ?.
قال الشعبي وغيره: نزلت هذه الآية في حيين من أحياء العرب، اقتتلوا في الجاهلية قبيل الإسلام بقليل، وكانت بينهما قتلى وجراحات، لم يأخذها بعضهم من بعض، حتى جاء الإسلام، وكان لأحد الحيين على الآخر طول في الكثرة والشرف، وكانوا ينكحون نساءهم بغير مهور، فأقسموا: لنقتلن بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، وبالرجل منا الرجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم ضعفي جراحات أولئك، فرفعوا أمرهم إلى النبي ?، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأمر بالمساواة، فرضوا وأسلموا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/43)
وقوله تعالى: ? كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ?، أي: فرض عليكم القصاص وهو المساواة والمماثلة في الجراحات والديات: الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، قال قتادة: كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان، فكان الحي إذا كان فيهم عدة ومنعة، فقتل عبد قوم آخرين عبدًا لهم قالوا: لا تقتل به إلا حرًا، تعزيزًا لفضلهم على غيرهم في أنفسهم، وإذا قتلت لهم امرأة، قتلتها امرأة قوم آخرين قالوا: لا نقتل بها إلا رجلاً، فأنزل الله هذه الآية، يخبرهم أن العبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فنهاهم عن البغي. ثم أنزل الله تعالى ذكره في سورة المائدة بعد ذلك فقال: ? وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ?.
وقد اختلف العلماء في قتل الحر بالعبد، فذهب أبو حنيفة إلى أن الحر يقتل بالعبد لعموم آية المائدة، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقتل الحر بالعبد وقالوا: لا يقتل المسلم بالكافر لقوله ?: «لا يقتل مسلم بكافر». رواه البخاري. وقال أبو حنيفة: يقتل لعموم الآية. وقال الحسن وعطاء: لا يقتل الرجل بالمرأة لهذه الآية.
وخالفهم الجمهور لآية المائدة، ولقوله ?: «المسلمون تتكافأ دماؤهم».
وذهب الأئمة الأربعة والجمهور إلى أن الجماعة يقتلون بالواحد.
قال البغوي: (ويجري القصاص في الأطراف كما يجري في النفوس، إلا في شيء واحد وهو: أن الصحيح السوي يقتل بالمريض والزمن، وفي الأطراف لو قطع يدًا شلاء أو ناقصة لا تقطع بها الصحيحة الكاملة) انتهى.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن الرّبيّع بنت النضر عمته، كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو فأبوا، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله ? فأبوا إلا القصاص فأمر رسول الله ? بالقصاص فقال أنس بن النضر: يا رسول الله أتكسر ثنية الرّبيّع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال رسول ?: «يا أنس كتاب الله القصاص». فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله ?: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».
وقوله تعالى: ? فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ?. قال ابن عباس: ? فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ?، يعني: فمن ترك له من أخيه شيء، يعني: أخذ الدية بعد استحقاق الدم، وذلك العفو. ? فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ?، يقول: فعلى الطالب اتباع بالمعروف إذا قبل الدية، ? وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ?، يعني: من القاتل من غير ضرر ولا معك، يعني: المدافعة. وقوله تعالى: ? ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ?، يعني: أخذ الدية في العمد. قال قتادة: رحم الله هذه الأمة وأطعمهم الدية، ولم تحل لأحد قبلهم، فكان أهل التوراة إنما هو والقصاص وعفو ليس بينهم أرش، وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به، وجعل لهذه الأمة: القصاص، والعفو، والأرش.
وقوله تعالى: ? فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ?، أي: من قتل بعد أخذ الدية فله عذاب أليم. قال ابن جرير: يتحتم قتله حتى لا يقبل العفو. وقال سعيد بن عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله ?: «لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية». وروى أحمد عن أبي شريح الخزاعي أن النبي ? قال: «من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، وإن أراد الرابعة فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالدًا فيها».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/44)
وقوله تعالى: ? وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ?. يقول تعالى: ? وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ?، أي: بقاء قال أبو العالية: جعل الله القصاص حياة، فكم من رجل يريد أن يقتل فتمنعه مخافة أن يقتل. وقال قتادة: جعل الله هذا القصاص حياة ونكالاً وعظة لأهل السفه والجهل من الناس، وكم من جاهل قد هم بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها، ولكن الله حجز بالقصاص بعضهم عن بعض، وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر صلاح في الدنيا والآخرة، ولا نهى عن أمر قط إلا وهو أمر فساد في الدنيا والدين، والله كان أعلم بالذي يصلح خلقه.
وقوله تعالى: ? يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ?، أي: العقول والأفهام. ? لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ?. قال ابن زيد: لعلك تتقي أن تقتله فتقتل به.
قال ابن كثير: والتقوى اسم جامع لفعل الطاعات وترك المنكرات.
قوله عز وجل: ? كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) ?.
كانت الوصية فريضة في ابتداء الإسلام للوالدين، والأقربين على من مات وله مال، ثم نسخت بآية الميراث. وفي السنن وغيرها عن عمرو بن خارجة قال: سمعت رسول الله ? يخطب وهو يقول: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث». وقال قتادة: قوله: ? كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ ?، فجعلت الوصية للوالدين والأقربين، ثم نسخ ذلك بعد ذلك فجعل لهما نصيب مفروض، فصارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون، وجعل للوالدين نصيب معلوم، ولا تجوز وصية لوارث.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ?: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». قال ابن عمر: ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله ? يقول ذلك إلا ووصيتي عندي. وروى ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه دخل على رجل من قومه يعوده، فقال له أوصني، فقال له علي: إنما قال الله: ? إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ ?، إنما تركت شيئًا يسيرًا فاتركه لولدك.
وقوله تعالى: ? بِالْمَعْرُوفِ ?، قال ابن جرير: (وهو ما أذن الله فيه وأجازه في الوصية، مما يجوز الثلث، ولم يتعمد الموصي ظلم ورثته). انتهى.
وعن حنظلة بن حِذْيَم بن حنيفة أن جده حنيفة أوصى ليتيم في حجره بمائة من الإِبل، فشق ذلك على بنيه، فارتفعوا إلى رسول الله ? فقال حنيفة: إني أوصيت ليتيم لي بمائة من الإِبل كنا نسميها المطية، فقال النبي ?: «لا، لا، لا، الصدقة خمس، وإلا فعشر، وإلا فخمس عشرة، وإلا فعشرون، وإلا فخمس وعشرون، وإلا فثلاثون، وإلا فخمس وثلاثون، فإن كثرت فأربعون». الحديث رواه أحمد.
وقال ابن عباس: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، فإن رسول الله ? قال: «الثلث، والثلث كثير». وقال الشعبي: إنما كانوا يوصون بالخمس أو الربع. وقال الحسن البصري: يوصي بالسدس، أو الخمس، أو الربع. وعن نافع أن ابن عمر لم يوص، وقال: أما مالي فالله أعلم ما كنت أصنع فيه في الحياة، وأما رباعي فما أحب أن يشرك ولدي فيها أحد. رواه ابن جرير.
قوله عز وجل: ? فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (182) ?.
يقول تعالى: فمن بدل الوصية فزاد فيها أو نقص ? فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ?، والميت بريء منه، وقد وقع أجره على الله ? إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ?، أي: قد اطلع على ما أوصى به الميت وعلى ما غيره المبدل، لا تخفى عليه خافية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/45)
وقوله تعالى: ? فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً ?، أي: جورًا وعدولاً عن الحق، أي: ظلمًا. قال السدي وغيره: الجنف: الخطأ، والإثم: العمد ? فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ?، قال مجاهد: معنى الآية: أن الرجل إذا حضر مريضًا وهو يوصي فرآه يميل إما بتقصير أو إسراف، أو وضع الوصية في غير موضعها، فلا حرج على من حضره أن يأمره بالعدل وينهاه عن الجنف، فينظر للموصى له والورثة. وقال ابن عباس في قوله: ? فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً ?، يعني: إثمًا، يقول: إذا أخطأ الميت في وصيته أو حاف فيها، فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب. وقال قتادة في قوله: ? فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ? قال: هو الرجل يوصي فيحيف في وصيته، فيردها الوالي إلى الحق والعدل. وقال أيضًا: من أوصى بجور أو جنف في وصيته، فردها والي المتوفي إلى كتاب الله وإلى العدل، فذاك له، أو إمام من أئمة المسلمين. وعن شهر بن حوشب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة، فيعدل في وصيته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة». قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: ? تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ ? الآية، رواه عبد الرزاق. يشير إلى قوله تعالى: ? مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ * تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ?.
وقوله تعالى: ? إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? فيه: الحث على ترك الإثم والميل، وفعل الإصلاح، ليحصل الغفران والرحمة. وبالله التوفيق.
* * *
http://dc213.4shared.com/img/312099322/183b1d6e/028.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) ?.
يقول تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ?، أي: فرض عليكم ? كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ? من الأنبياء والأمم. قال سعيد بن جبير: كان صوم من قبلنا من العتمة إلى الليلة القابلة، كما كان في ابتداء الإسلام. وقوله تعالى: ? لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ?، أي: لأن الصوم وسيلة إلى التقوى، لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات. كما ثبت في الصحيحين: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
وقوله تعالى: ? أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ ?، أي: ثلاثين يومًا أو تسعة وعشرين يومًا.
وقوله تعالى: ? فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ?، أي: إذا أفطر المريض في حال مرضه، والمسافر في حال سفره صاما عدد ما أفطراه بعد رمضان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/46)
وقوله تعالى: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ?. روى ابن جرير عن معاذ بن جبل قال: (إن رسول الله ? قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ? حتى بلغ: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ?، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإِطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: ? فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ ? إلى آخر الآية).
وقال ابن عباس في قوله تعالى: ? فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ?، ? فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً ?، فزاد إطعام مسكين آخر ? فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ?، ? وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ?، وقال ابن شهاب: ? وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ?، أي: أن الصيام خير لكم من الفدية. وعن الشعبي قال: نزلت هذه الآية للناس عامة: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ?، وكان الرجل يفطر ويتصدق بطعامه على مسكين، ثم نزلت هذه الآية: ? فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? قال: فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر. وقال قتادة في قوله: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ?، قال: كان فيها رخصة للشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يطعما مكان كل يوم مسكينًا ويفطرا، ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال: ? شَهْرُ رَمَضَانَ ? إلى قوله: ? فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? فنسختها هذه الآية، فكان أهل العلم يرون ويرجون الرخصة تثبت للشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، إذا لم يطيقا الصوم أن يفطرا ويطعما كل يوم مسكينًا، وللحبلى إذا خشيت على ما في بطنها، وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها.
وقوله تعالى: ? إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ?. قال ابن جرير: يعني: إن كنتم تعلمون خير الأمرين لكم أيها الذين آمنوا من الإفطار والفدية والصوم على ما أمركم الله به.
قوله عز وجل: ? شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ?.
يمدح تعالى هذا الشهر؛ لأنه أنزل فيه القرآن، وفرض صيامه على المسلمين. وروى الإمام أحمد عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله ? قال: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان». وقال ابن عباس: نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر إلى هذه السماء الدنيا جملة واحدة، وكان الله يحدث لنبيه ما يشاء، ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه، وذلك قوله تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ?.
وقوله تعالى: ? هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ?، أي: إرشادًا للناس إلى سبيل الحق ? وَبَيِّنَاتٍ ?، أي: واضحات من الهدى، يعني: من البينات الدالة على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/47)
وقوله: ? وَالْفُرْقَانِ ?، يعني: والفصل بين الحق والباطل. وقوله تعالى: ? فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? قال ابن عباس في قوله: ? فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ? قال: هو إهلاله بالدار، يريد إذا هلّ وهو مقيم.
وقوله تعالى: ? وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ?.
قال البغوي: أباح الفطر لعذر المرض، والسفر، وأعاد هذا الكلام ليعلم أن هذا الحكم ثابت في النسخ ثبوته في المنسوخ.
وقوله تعالى: ? يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ?، عن أبي حمزة قال: سألت ابن عباس عن الصوم في السفر فقال: يسر وعسر، فخذ بيسر الله. وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: (كنا نسافر مع النبي? فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم).
وقوله تعالى: ? وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?، أي: إنما أرخص لكم في الإفطار للمرض والسفر، لإرادته بكم اليسر، وإنما أمركم بالقضاء لتكملوا عدة شهركم.
وقوله تعالى: ? وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ?، أي: ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم، كما قال تعالى: ? فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ?.
قال البغوي: ? وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ ?، ولتعظموا الله ? عَلَى مَا هَدَاكُمْ ? أرشدكم إلى ما رضي به من صوم شهر رمضان، وخصكم به دون سائر أهل الملل. قال ابن عباس: هو تكبيرات ليلة الفطر ? وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ? الله على نعمه.
قوله عز وجل: ? وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ?.
قال البغوي: روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قالت يهود أهل المدينة: يا محمد كيف يسمع ربنا دعاءنا؟ وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام؟ وأن غلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت هذه الآية. وقال الضحاك: سأل بعض الصحابة النبي ?فقالوا: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى: ? وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ?. وفيه إضمار، كأنه قال: فقلت لهم: ? إِنِّي قَرِيبٌ ? منهم بالعلم لا يخفى عليّ شيء، كما قال تعالى: ? وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ?. ثم ساق سنده عن أبي موسى الأشعري قال: (لما غزا رسول الله ? خيبرًا وتوجه رسول الله ? إلى خيبر، أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. فقال رسول الله ?: «أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم».
وقوله تعالى: ? أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ?، روى الإمام أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن النبي ? قال: «ما من مسلم يدعو الله عزّ وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجّل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الأخرى، وإما أن يصرف عنه من السوء بمثلها». قالوا: إذًا نكثر قال: «الله أكثر».
وقوله تعالى: ? فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي ?، أي: فليجيبوا لي بالطاعة أجبهم بالعطاء. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: أن رسول الله ? قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي».
وقوله تعالى: ? وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ? أي: لكي يهتدوا.
ـ[براءة]ــــــــ[11 - 06 - 10, 11:09 م]ـ
هناك اخوات متابعات معانا بالحفظ لكن بدون ردود
جزاك الله خيرا
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[11 - 06 - 10, 11:41 م]ـ
وفقكم الله الى كل خير
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[16 - 06 - 10, 12:42 م]ـ
السبت.--------> 19/ 06/2010.--------> الصفحة 29.--------> والصفحة 30
الأحد.--------> 20/ 06/2010.--------> الصفحة 31.--------> والصفحة 32
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/48)
الإثنين.--------> 21/ 06/2010.--------> الصفحة 33.--------> والصفحة 34
الثلاثاء.--------> 22/ 06/2010.--------> الصفحة 35.--------> والصفحة 36
الأربعاء.--------> 23/ 06/2010.--------> الصفحة 37.--------> والصفحة 38
الخميس.--------> 24/ 06/2010.--------> الصفحة 39.--------> والصفحة 40
الجمعة.--------> 25/ 06/2010.--------> الصفحة 41.--------> والصفحة 42
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[20 - 06 - 10, 04:40 م]ـ
السبت.--------> 19/ 06/2010.--------> الصفحة 29.--------> والصفحة 30
http://dc196.4shared.com/img/317309108/10e07de4/029.png?sizeM=7
http://dc200.4shared.com/img/320705168/dcd51ea1/t088.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) ?.
الرفث: كناية عن جماع. قال ابن عباس: إن الله حيي كريم يكني كل ما ذكر في القرآن من المباشرة والملامسة، والإفضاء والدخول والرفث، فإنما عنى به الجماع، وقال أيضًا: كان المسلمون في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن أناسًا من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله r ، فأنزل الله تعالى: ? عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ? الآية.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله إني أردت أهلي البارحة على ما يريد الرجل أهله، فقالت: إنها قد نامت. فظننتها تعتل، فواقعتها، فنزل في عمر ? أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ ?.
وقوله تعالى: ?هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ ?، أي: سكن لكم. ? وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ?. كما قال تعالى: ? وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ?، وقال تعالى: ? وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً ?، وقال تعالى: ? اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ?، وقال الربيع بن أنس: هنَّ فراش لكم وأنتم لحاف لهنَّ.
وقوله تعالى: ?فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ?، أي: جامعوهن. ? وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ?. قال قتادة: وابتغوا الرخصة التي كتب الله كم بإباحة الأكل والشرب والجماع في اللوح المحفوظ.
وقوله تعالى: ?وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ?، في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: (لما نزلت هذه الآية: ? وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ?. عمدت إلى عقالين أحدهما أسود، والآخر أبيض، قال: فجعلتهما تحت وسادتي. قال: فجعلت أنظر إليهما فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله r فأخبرته بالذي صنعت، فقال: «إن وسادك إذًا لعريض. إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل». وروى مسلم وغيره عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله r : « لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطيل في الأفق». ولأحمد، والترمذي عن طلق أن رسول الله r قال: «كلوا واشربوا ولا يهدينكم الساطع المصعد، فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر». وقال ابن عباس: هما فجران، فأما الذي يسطع في السماء فليس يحل ولا يحرم شيئًا،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/49)
ولكن الفجر الذي يستنير على رؤوس الجبال هو الذي يحرم الشراب. رواه عبد الرزاق.
وقوله تعالى: ?ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ?، في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : « إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، فقد أفطر الصائم». ولمسلم: «وغابت الشمس».
وقوله تعالى: ?وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ?. قال ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان، أو في غير رمضان، فحرّم الله عليه أن ينكح النساء ليلاً أو نهارًا حتى يقضي اعتكافه.
وقوله تعالى: ? تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ ?، أي: التي نهاكم عنها. ? فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ? فينجو من العذاب، كما قال تعالى: ? هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ?.
قوله عز وجل: ? وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (188) ?.
قال ابن عباس: هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بيّنة، فيجحد المال، ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه، وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام. وقال مجاهد: لا تخاصم وأنت ظالم. وقال قتادة: لا تدل بمال أخيك إلى الحاكم وأنت تعلم أنك ظالم؛ فإن قضاءه لا يحل حرامًا. وفي الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله r قال: «ألا إنما أنا بشر، وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو مما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار، فليحملها أو يذرها».
قال قتادة: (اعلم يا ابن آدم أن قضاء القاضي لا يحل لك حرامًا، ولا يحق لك باطلاً وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى، وتشهد به الشهود، والقاضي بشر يخطئ ويصيب، واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة، فيقضي على المبطل للحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا). والله أعلم.
قوله عز وجل: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) ?.
قال العوفي عن ابن عباس: (سأل الناس رسول الله r عن الأهلة، فنزلت هذه الآية: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ? يعلمون بها حل دينهم وعدة نسائهم ووقت حجهم).
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r : « جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فعدوا ثلاثين يومًا». رواه عبد الرزاق.
وقوله تعالى: ?وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ? روى البخاري عن البراء قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره، فأنزل الله: ? وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ?.
وقوله تعالى: ?وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ? أي: اتقوا الله فافعلوا ما أمركم به واتركوا ما نهاكم عنه لتفوزوا غدًا إذا وقفتم بين يديه.
قوله عز وجل: ? وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ (190) ?.
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إن ذلك في النساء والذرية، ومن لم ينصب لك الحرب منهم. وقال ابن عباس: يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصبيان ولا الشيخ الكبير، ولا من ألقى إليكم السلام وكف يده، فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم. وقال الربيع: هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله r يقاتل من يقاتله، ويكفّ عم كفّ عنه حتى نزلت براءة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/50)
http://dc131.4shared.com/img/317309208/12a6c3bd/030.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (192) ?.
قال البغوي: أصل الثقافة الحذّ والبصر بالأمر، ومعناه: واقتلوهم حيث أبصرتم مقاتلتهم وتمكنتم من قتلهم، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، وذلك أنهم أخرجوا المسلمين من مكة. فقال: أخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم من دياركم.
وقوله تعالى: ?وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ? قال مجاهد وغيره: يقول: الشرك أشد من القتل.
وقوله تعالى: ?وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?.
قال ابن كثير: وقوله: ? وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? كما جاء في الصحيحين: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، وإنها ساعتي هذه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله r ، فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم»، يعني بذلك صلوات الله وسلامه عليه: قتاله أهله يوم فتح مكة، فإنه فتحها عنوة وقتلت رجال منهم عند الخندمة، وقيل: صلحًا؛ لقوله: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن».
وقوله: ? حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ?، يقول تعالى: ? وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? إلا أن يبدءوكم بالقتال فيه، فلكم حينئذٍ قتالهم وقتلهم دفعًا للصائل، كما بايع النبي r أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال؛ لما تألبت عليه بطون قريش، ومن والاهم من أحياء ثقيف، والأحابيش عامئذ، ثم كفّ الله القتال بينهم، فقال: ? وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ?. وقال: ? وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ?.
وقوله: ? فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، أي: فإن تركوا القتال في الحرام، وأنابوا إلى الإِسلام والتوبة؛ فإن الله يغفر ذنوبهم؛ ولو كانوا قد قتلوا المسلمين في حرم الله، فإنه تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب منه إليه. انتهى.
قوله عز وجل: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) ?.
قال البغوي: وقاتلهم، يعني: المشركين، ? حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? أي: شرك، يعني: قاتلوهم حتى يسلموا، فلا يقبل من الوثني إلا الإِسلام، فإن أبى قُتل. ? وَيَكُونَ الدِّينُ ?، أي: الطاعة والعبادة لله وحده، فلا يعبد شيء دونه. قال نافع: جاء رجل إلى ابن عمر في فتنة ابن الزبير، فقال: ما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم أخي قال: ألا تسمع ما ذكره الله عز وجل: ? وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ? فقال: ابن أخي، ولأن أعتبر بهذه الآية ولا أقاتل، أحبّ إليّ من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل: ? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً ? قال: ألم يقل الله: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? قال: قد فعلنا على عهد رسول الله r إذ كان الإسلام قليلاً وكان الرجل يفتن في دينه إما يقتلونه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/51)
أو يعذبونه، حتى كثر الإِسلام فلم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله. انتهى.
وقوله تعالى: ?فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ ?، قال الربيع: هم المشركون. وقال مجاهد: ? فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ ?، يقول: لا تقاتلوا إلا من قاتلكم.
قوله عز وجل: ? الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) ?.
قال ابن عباس وغيره: (لما سار رسول الله r معتمرًا في ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة، وهو شهر حرام، حتى قاضهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين، وأقصه الله منهم، فنزلت في ذلك هذه الآية: ? الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ? وعن جابر بن عبد الله قال: (لم يكن رسول الله r يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزي ونغزو، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ). رواه أحمد.
وقوله تعالى: ?فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ? سمي الجزاء باسم الابتداء، كما قال تعالى: ? وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ? قال ابن كثير: أمر تعالى بالعدل حتى في المشركين.
وقوله تعالى: ?وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ?، أمر لهم بطاعة الله وتقواه، وإخبار بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة.
قوله عز وجل: ? وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) ?.
قال ابن عباس في قوله: ? وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ?: ليس ذلك في القتال إنما هو في النفقة أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله، ولا تلق بيدك إلى التهلكة.
وروى أبو داود وغيره عن أسلم بن عمران قال: (حمل رجل من المهاجرين بالقسطنطينية على صفّ العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاريّ، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: نحن أعلم بهذه الآية منكم، إنما نزلت فينا. صحبنا رسول الله r ، وشهدنا معه المشاهد، ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار نجيًا، فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه r ، ونصره حتى فشا الإسلام، وكثر أهله، وكنا قد آثرنا على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهم، فنزل فينا: ? وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ?، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد).
وروى ابن مردويه عن النعمان بن بشير في قوله: ? وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ?، أن يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله: ? وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ?.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والأول أظهر، لتصديره الآية بذكر النفقة، فهو المعتمد في نزولها. وأما قصرها عليه ففيه نظر؛ لأن العمدة بعموم اللفظ إلى أن قال: وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته، وظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة، فهو حسن. ومتى كان مجرد تهور فممنوع، ولاسيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين والله أعلم. انتهى.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/52)
قوله عز وجل: ? وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (192) ?.
قال البغوي: أصل الثقافة الحذّ والبصر بالأمر، ومعناه: واقتلوهم حيث أبصرتم مقاتلتهم وتمكنتم من قتلهم، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، وذلك أنهم أخرجوا المسلمين من مكة. فقال: أخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم من دياركم.
وقوله تعالى: ?وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ? قال مجاهد وغيره: يقول: الشرك أشد من القتل.
وقوله تعالى: ?وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?.
قال ابن كثير: وقوله: ? وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? كما جاء في الصحيحين: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، وإنها ساعتي هذه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله r ، فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم»، يعني بذلك صلوات الله وسلامه عليه: قتاله أهله يوم فتح مكة، فإنه فتحها عنوة وقتلت رجال منهم عند الخندمة، وقيل: صلحًا؛ لقوله: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن».
وقوله: ? حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ?، يقول تعالى: ? وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? إلا أن يبدءوكم بالقتال فيه، فلكم حينئذٍ قتالهم وقتلهم دفعًا للصائل، كما بايع النبي r أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال؛ لما تألبت عليه بطون قريش، ومن والاهم من أحياء ثقيف، والأحابيش عامئذ، ثم كفّ الله القتال بينهم، فقال: ? وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ?. وقال: ? وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ?.
وقوله: ? فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، أي: فإن تركوا القتال في الحرام، وأنابوا إلى الإِسلام والتوبة؛ فإن الله يغفر ذنوبهم؛ ولو كانوا قد قتلوا المسلمين في حرم الله، فإنه تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب منه إليه. انتهى.
قوله عز وجل: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) ?.
قال البغوي: وقاتلهم، يعني: المشركين، ? حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? أي: شرك، يعني: قاتلوهم حتى يسلموا، فلا يقبل من الوثني إلا الإِسلام، فإن أبى قُتل. ? وَيَكُونَ الدِّينُ ?، أي: الطاعة والعبادة لله وحده، فلا يعبد شيء دونه. قال نافع: جاء رجل إلى ابن عمر في فتنة ابن الزبير، فقال: ما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم أخي قال: ألا تسمع ما ذكره الله عز وجل: ? وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ? فقال: ابن أخي، ولأن أعتبر بهذه الآية ولا أقاتل، أحبّ إليّ من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل: ? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً ? قال: ألم يقل الله: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? قال: قد فعلنا على عهد رسول الله r إذ كان الإسلام قليلاً وكان الرجل يفتن في دينه إما يقتلونه أو يعذبونه، حتى كثر الإِسلام فلم تكن فتنة، وكان الدين لله،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/53)
وأنتم تريدون أن تقاتلوهم حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله. انتهى.
وقوله تعالى: ?فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ ?، قال الربيع: هم المشركون. وقال مجاهد: ? فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ ?، يقول: لا تقاتلوا إلا من قاتلكم.
قوله عز وجل: ? الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) ?.
قال ابن عباس وغيره: (لما سار رسول الله r معتمرًا في ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة، وهو شهر حرام، حتى قاضهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين، وأقصه الله منهم، فنزلت في ذلك هذه الآية: ? الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ? وعن جابر بن عبد الله قال: (لم يكن رسول الله r يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزي ونغزو، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ). رواه أحمد.
وقوله تعالى: ?فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ? سمي الجزاء باسم الابتداء، كما قال تعالى: ? وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ? قال ابن كثير: أمر تعالى بالعدل حتى في المشركين.
وقوله تعالى: ?وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ?، أمر لهم بطاعة الله وتقواه، وإخبار بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة.
قوله عز وجل: ? وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) ?.
قال ابن عباس في قوله: ? وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ?: ليس ذلك في القتال إنما هو في النفقة أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله، ولا تلق بيدك إلى التهلكة.
وروى أبو داود وغيره عن أسلم بن عمران قال: (حمل رجل من المهاجرين بالقسطنطينية على صفّ العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاريّ، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: نحن أعلم بهذه الآية منكم، إنما نزلت فينا. صحبنا رسول الله r ، وشهدنا معه المشاهد، ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار نجيًا، فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه r ، ونصره حتى فشا الإسلام، وكثر أهله، وكنا قد آثرنا على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيهم، فنزل فينا: ? وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ?، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد).
وروى ابن مردويه عن النعمان بن بشير في قوله: ? وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ?، أن يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله: ? وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ?.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والأول أظهر، لتصديره الآية بذكر النفقة، فهو المعتمد في نزولها. وأما قصرها عليه ففيه نظر؛ لأن العمدة بعموم اللفظ إلى أن قال: وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته، وظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة، فهو حسن. ومتى كان مجرد تهور فممنوع، ولاسيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين والله أعلم. انتهى.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[20 - 06 - 10, 06:11 م]ـ
الأحد.--------> 20/ 06/2010.--------> الصفحة 31.--------> والصفحة 32
http://dc221.4shared.com/img/317309263/d32ebdb3/031.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/54)
قوله عز وجل: ? الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) ?.
قال ابن عباس: لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في شهور الحج، من أجل قول الله تعالى: ? الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ?. وقال ابن عمر: هي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. قال ابن جرير: وصح إطلاق الجمع على شهرين وبعض الثالث للتغليب.
وقوله تعالى: ?فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ? قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ? فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ? يقول: من أحرم بحج أو عمرة.
وقوله: ? فَلاَ رَفَثَ ?، أي: من أحرم بحج أو عمرة فليجتنب الرفث وهو الجماع. وكان ابن عمر يقول: الرفث: إتيان النساء، والتكلم بذلك للرجال والنساء، إذا ذكروا ذلك بأفواههم. وقال ابن عباس: الرفث: التعريض بذكر الجماع، وهي العرابة في كلام العرب، وهو أدنى الرفث. وقال عطاء: الرفث الجماع وما دونه من قول الفحش. وقال طاوس: هو أن يقول للمرأة إذا حللت أصبتك.
وقوله: ? وَلاَ فُسُوقَ ?. قال ابن عباس وغيره: هي المعاصي. وفي الصحيحين عن النبي r : « من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
وقوله تعالى: ?وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ?. قال مجاهد: قد بين الله أشهر الحج، فليس فيه جدال بين الناس. وقال ابن عباس: ? وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ?. قال: المراء في الحج. وقال ابن مسعود في قوله: ? وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ?. قال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه، وكذا قال ابن عباس وغيره، وقال ابن عمر: الجدال في الحج السباب والمنازعة، وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله r : « من قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده، غفر له ما تقد من ذنبه». رواه أحمد.
وقوله تعالى: ? وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ ?، لمّا نهاهم عن إتيان القبيح حثهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة.
وقوله تعالى: ?وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ?. روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزوجون، ويقولون: نحن المتوكلون فأنزل الله: ? وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ?.
وقوله تعالى: ? فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ?، لمّا أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا، أرشدهم إلى زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى، كما قال تعالى: ? يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ?. وقال مقاتل: لما نزلت هذه الآية: ? وَتَزَوَّدُواْ ? قام رجل من فقراء المسلمين فقال: يا رسول الله ما نجد ما نتزوده، فقال رسول الله r : « تزود ما تكف به وجهك عن الناس، وخير ما تزودتم التقوى». رواه ابن أبي حاتم.
وقوله: ? وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ?، أي: العقول، والأفهام، أي: احذروا عقابي وعذابي لمن خالفني وعصاني.
قوله عز وجل: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/55)
روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: (كانت عكاظ ومجنة وذوى المجاز أسواقًا في الجاهلية، فتأثموا أن يتّجروا في الموسم فنزلت: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ? في مواسم الحج). وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية: لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده. وروى أحمد وغيره عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا نكري فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون بالمعروف، وترمون الجمار، وتحلقون رءوسكم؟ قال: قلنا: بلى. فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي r فسأله عن الذي سألتني فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية: ? لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ? فدعاه النبي r فقال: «أنتم حجاج».
وقوله تعالى: ? فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ?. روى أحمد وأهل السنن عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: سمعت رسول الله r يقول: «الحج عرفات، - ثلاثًا - فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك». الحديث.
وفي حديث جابر الطويل: (فلم يزل واقفًا - يعني: بعرفة - حتى غابت الشمس وبدت الصفرة قليلاً، حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه. ودفع رسول الله r وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: «أيها الناس السكينة السكينة». كلما أتى جبلاً أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب الْقَصْوَاءَ حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس). الحديث رواه مسلم.
وروى أحمد عن جبير بن مطعم عن النبي r قال: «كل عرفات موقف وادفعوا عن عرفة، وكل مزدلفة موقف وادفعوا عن محسر، وكل فجاج مكة منحر، وكل أيام التشريق ذبح».
وقوله تعالى: ? وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ ?، أي: واذكروه بالتوحيد والتعظيم كما هداكم لدينه، ومناسك حجه. ? وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ?، أي: وقد كنتم من قبل هذا الهدى لمن الضالين الجاهلين بدينهم.
وقوله تعالى: ?ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?. قال أهل التفسير: كانت قريش وحلفاؤها ومن دان بدينها وهم الحمس، يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أهل الله، وقطان حرمه، فلا نخلف الحرم، ولا نخرج منه، ويتعظمون أن يقفوا مع سائر العرب بعرفات، فإذا أفاض الناس من عرفات أفاض الحمس من المزذلفة، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات، ويفيضوا منها إلى جمع مع سائر الناس. وقال الضحاك بن مزاحم: ? ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ?، قال: هو إبراهيم. وروى عن ابن عباس ما يقتضي أن المراد بالإفاضة ها هنا هي: الإِفاضة من المزدلفة إلى منى لرمي الجمار. والله أعلم.
وقوله تعالى: ?وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، كثيرًا ما يأمر الله بذكره واستغفاره بعد قضاء العبادات، كما ورد ذلك في أدبار الصلوات وغيرها، ومن ذلك: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغور الرحيم». وكان r يستغفر بعد السلام ثلاثًا؛ وفائدة الاستغفار الذل والانكسار بين يدي الجبار، كما في سيد الاستغفار: «اللهم أنت ربي لا إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». قال رسول الله r : « من قالها في ليلة فمات في ليلته دخل الجنة، ومن قالها في يومه فمات دخل الجنة». رواه البخاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/56)
قوله عز وجل: ? فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ (200) وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) ?.
يأمر تعالى بذكره دائمًا والإكثار منه بعد قضاء المناسك. قال سعيد ابن جبير عن ابن عباس: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم، فأنزل الله على محمد r : ? فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ?.
وقوله تعالى: ?فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ?، أي: حظ ونصيب، قال ابن عباس: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل الله فيهم: ? فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ?، وكان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فأنزل الله: ? أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ?.
http://dc239.4shared.com/img/317309394/cb105ee8/032.png?sizeM=7
http://dc268.4shared.com/img/320705283/d7c254fe/t089.png?sizeM=7
وقوله تعالى: ?وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ?. قال ابن عباس: الأيام المعدودات: أيام التشريق، والأيام المعلومات: أيام العشر. وفي الحديث عن النبي r : « لا تصوموا هذه الأيام - يعني: أيام منى - فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل». رواه ابن جرير. وقال ابن عباس وغيره: الأيام المعدودات أربعة أيام: يوم النحر، وثلاثة بعده.
وقوله تعالى: ?فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ?. قال قتادة: قوله: ? فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ?، أي: من أيام التشريق ? فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ?، ومن أدركه الليل بمنى من اليوم الثاني من قبل أن ينفر، فلا نفر له حتى تزول الشمس من الغد، ? وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ?، يقول: ومن تأخر إلى اليوم الثالث من أيام التشريق ? فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ?. قال ابن مسعود: ? فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ?، أي: غفر له. ? وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ? قال: غفر له. وقال أبو العالية: ? فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ?، قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي. وقال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه , أو ما سلف من ذنوبه.
وقوله تعالى: ?وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ?، أي: اتقوا الله بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، ? وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ? فيجزيكم بأعمالكم. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/57)
قال السدي: نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وهو حليف لبني زهرة وأقبل إلى النبي r بالمدينة فأظهر له الإسلام، فأعجب النبي r ذلك منه وقال: إنما جئت أريد الإسلام والله يعلم أني صادق، وذلك قوله: ? وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ?، ثم خرج من عند النبي r ، فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فأحرق الزرع وعقر الحمر، فأنزل الله عزّ وجل: ? وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ?.
وقال أبو معشر: سمعت سعيدًا المقبري يذاكر محمد بن كعب فقال سعيد: إن في بعض الكتب أن لله عبادًا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر، لبسوا للناس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين. قال الله تبارك وتعالى: أعليّ يجترئون وبي يفترون؟ فبعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيرانًا. فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله جل ثناؤه. فقال سعيد: وأين هو من كتاب الله؟ قال: قول الله عز وجل: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ?، فقال سعيد: قد عرفت فيم أنزلت هذه الآية؟ فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
وقال الضحاك: ? وَإِذَا تَوَلَّى ?، أي: ملك الأمر وصار واليًا، ? سَعَى فِي الأَرْضِ ?، قال مجاهد: إذا ولى يعمل بالعدوان والظلم، فأمسك الله المطر وأهلكم الحرث والنسل.
وقال قتادة: قوله: ? وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ?، يقول: شديد القسوة في معصية الله، جدّال بالباطل، وإذا شئت رأيته عالم اللسان جاهل العمل، يتكلم بالحكمة ويعمل بالخطيئة. وفي الحديث عن النبي r : « إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم». رواه البخاري وغيره.
وقوله تعالى: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ ?، أي: إذا وعظ هذا الفاجر حملته العزة والغضب على الفعل بالإِثم، ? فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ?، أي: كافية ? وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ? الفراش. وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: ? وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?. قال ابن مسعود: إن من أكبر الذنب عند الله أن يقال للعبد: اتق الله، فيقول: عليك بنفسك.
قوله عز وجل: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) ?.
قال ابن عباس وغيره: نزلت في صهيب بن سنان الرومي، وذلك وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة منعه الناس أن يهاجر بماله، وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر فعل، فتخلص منهم وأعطاهم ماله، فأنزل الله فيه هذه الآية، فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة إلى طرف الحرة فقالوا له: ربح البيع، فقال: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه الآية.
وعن صهيب قال: لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي r قالت لي قريش: يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك، وتخرج أنت ومالك؟ والله لا يكون ذلك أبدًا فقلت: أرأيتم إن دفعت إليكم مالي تخلون عني؟ قالوا: نعم. فدفعت إليهم مالي فخلوا عني فخرجت حتى قدمت المدينة، فبلغ ذلك النبي r فقال: «ربح صهيب، ربح صهيب». مرتين. رواه ابن مردويه.
وقال ابن عباس: نزلت في سرية الرجيع. وعن المغيرة قال: بعث عمر جيشًا فحاصروا أهل الحصن، فتقدم رجل من بجيلة فقاتل فقتل، فأكثر الناس يقولون فيه: ألقى بيده إلى التهلكة. قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: كذبوا أليس الله عز وجل يقول: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ?؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/58)
قال ابن كثير: وأما الأكثرون فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله، كما قال تعالى: ? إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ?.
وقال ابن جرير: هي عامة في كل من باع نفسه في طاعة الله، وإن كان نزولها بسبب من الأسباب، هذا معنى كلامه.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208) فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) ?.
قال ابن عباس وغيره: ? ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ ? يعني: الإسلام. ? كَآفَّةً ? جميعًا.
وقال مجاهد: أي: اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر، ? وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ? فيما يأمركم به، ? إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ?.
وقوله تعالى: ?فَإِن زَلَلْتُمْ ?، أي: ضللتم ? مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ ? أي: الدلالات الواضحات ? فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? قال قتادة: عزيز في نقمته، حكيم في أمره.
قوله عز وجل: ? هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ (210) ?.
يقول تعالى مهددًا للكافرين: ? هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ ? يوم القيامة ? فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ ? لفصل القضاء والملائكة، كما قال تعالى: ? هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ ?، وقال تعالى: ? كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ?. وفي حديث الصور: «وينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة، ولهم زجل من تسبيحهم يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبوح قدوس، سبحان ربنا الأعلى، سبحان ذي السلطان والعظمة، سبحانه سبحانه أبدًا أبدًا». رواه ابن جرير.
قال سفيان بن عيينة: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره: قراءته والسكوت عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله.
وقوله تعالى: ?وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ?، أي: فصل الله القضاء بين الخلق، وجزي كلٌ بعمله، ودخل كلٌ منزله: فريق في الجنة وفريق في السعير، كما قال تعالى: ? وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[20 - 06 - 10, 08:51 م]ـ
الإثنين.--------> 21/ 06/2010.--------> الصفحة 33.--------> والصفحة 34
http://dc224.4shared.com/img/317309519/79f5d4ef/033.png?sizeM=7
http://dc270.4shared.com/img/320705292/b9de5529/t090.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/59)
يقول تعالى: ? سَلْ ? يا محمد، ? بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ?، أي: حجة قاطعة بصدق موسى فيما جاءهم به، كاليد، والعصا، وفلق البحر، وضرب الحجر، وتظليل الغمام، وغير ذلك من الآيات، ومع هذا أعرض كثير منهم وبدلوا وكذبوا الأنبياء، ولهذا قال: ? وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ?، كما قال تعالى: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ?.
قوله عز وجل: ? زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212) ?.
يقول تعالى: ? زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ? فآثروها على الآخرة، ? وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ ? حيث آثروا الآخرة وأعرضوا عما يشغلهم عنها. ? وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ? كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ?، أي: يعطي من يشاء من خلقه عطاء كثيرًا بلا حصر في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ? انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ?.
قوله عز وجل: ? كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (213) ?.
قال ابن عباس: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.
وقوله تعالى: ? وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ?، أي: الكتب بالحق، أي: الصدق والعدل، ? لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ? من أمور دينهم ودنياهم. ? وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ ?، أي: الكتاب، ? إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ?، كما قال تعالى: ? شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ?.
قال الربيع بن أنس في قوله: ? فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ?، أي: عند الاختلاف، أنهم كانوا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف، أقاموا على الإخلاص لله عز وجل وعبادته وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فأقاموا على الأمر الأول الذي كان قبل الاختلاف، واعتزلوا الاختلاف، وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/60)
وقوله تعالى: ?وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ?. قال أبو العالية في هذه الآية المخرج من الشبهات، والضلالات، والفتن. وعن عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله r كان إذا قام من الليل يقول: «اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم». رواه البخاري، ومسلم.
قوله عز وجل: ? أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (214) ?.
قال عطاء: لما دخل رسول الله r وأصحابه المدينة، اشتد عليهم الضر لأنهم خرجوا بلا مال، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين، وآثروا مرضاة الله ورسوله، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله r ، وأسرّ قوم النفاق، فأنزل الله تعالى تطييبًا لقلوبهم: ? أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ ?. قال مجاهد وغيره: ? الْبَأْسَاء ?: الفقر، ? وَالضَّرَّاء ?: السقم، ? وَزُلْزِلُواْ ?: خوفوا من الأعداء. ? حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ ?، أي: ما زال البلاء بهم حتى استبطئوا النصر. قال الله تعالى: ? أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ?، وهذه الآية كقوله تعالى: ? الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ?. وفي الحديث الصحيح: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا». والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) ?.
قال مقاتل: هذه الآية في نفقة التطوع، ومعنى الآية: يسألونك كيف ينفقون؟ فبين لهم تعالى ذلك قال: ? قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ?، أي: اصرفوا نفقتكم في هذه الوجوه، كما في الحديث: «أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك»، قال ميمون بن مهران: هذه مواضع النفقة، ما ذكر فيها طبل ولا مزمار، ولا تصاوير الخشب ولا كسوة الحيطان.
وقوله تعالى: ?وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ?، أي: فيجازيكم عليه.
http://dc148.4shared.com/img/317309530/321f0ec9/034.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (216) ?.
قال الزهري: الجهاد واجب على كل أحد غزا أو قعد، فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين، وإذا استغيث أن يغيث، وإذا استنفر أن ينفر، وإن لم يحتج إليه قعد.
وقوله تعالى: ? وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ?، أي: شديد عليكم، ? وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ?، لأن في الغزو إحدى الحسنيين: إما الظفر والغنيمة، وإما الشهادة والجنة. ? وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ?، فإن الذل في القعود، ? وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ?، أي: هو أعلم بعواقب الأمور منكم، وأخبر بما فيه صلاحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/61)
قوله عز وجل: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (218) ?.
سبب نزول هذه الآية: (أن رسول الله r بعث عبد الله بن جحش في جمادي الآخرة، قبل وقعة بدر، ونفرًا معه سرية، فلقوا عمرو بن الحضرمي وهو مقبل من الطائف في آخر ليلة، من جمادي، وكانت أول رجب، ولم يشعروا، فقتله رجل منهم وأخذوا ما كان معه). قال ابن عباس: وإن المشركين أرسلوا يعيرونه بذلك، فقال الله تعالى: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ ?، إخراج أهل المسجد الحرام أكبر من الذي أصاب محمد r ، والشرك أشد منه.
وقال ابن إسحاق: ? الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ?، أي: قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه، فذلك أكبر عند الله من القتل، ? وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ? أي: ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين.
قال البغوي: قوله تعالى: ? قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ? عظيم، تم الكلام ها هنا، ثم ابتدأ فقال: ? وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ ?.
قال ابن جرير في قوله تعالى: ?وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ?، (وتأويل الكلام: وصد عن سبيل الله وكفر به وعن المسجد الحرام، وإخراج أهل المسجد الحرام، وهم أهله وولاته، أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام، فالصد عن سبيل الله مرفوع بقوله: ? أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ ?، وقوله: ? وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ ?، عطف على الصد، ثم ابتدأ الخبر عن الفتنة فقال: ? وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ?، يعني: الشرك أعظم وأكبر من القتل، يعني: مِنْ قَتْلِ ابن الحضرمي الذي استنكرتم قتله في الشهر الحرام). انتهى.
قال ابن هشام: وقال عبد الله بن جحش:
تعدون قتلي في الحرام عظيمة (
وأعظم منه لو يرى الرشد راشد (
صدودكم عما يقول محمد (
وكفر به ولله راء وشاهد (
وإخراجكم من مسجد الله أهله (
لئلا يرى لله في البيت ساجد (
وروى ابن جرير عن جندب بن عبد الله قال: لما كان من أمر عبد الله بن جحش وأصحابه، وأمر ابن الحضرمي ما كان، قال بعض المسلمين: إن لم يكن أصابوا في سفرهم، أظنه قال: وزرًا، فليس لهم فيه أجر، فأنزل الله: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، قال قتادة: أثنى الله على أصحاب نبيه محمد r أحسن الثناء، هؤلاء خيار هذه الأمة، ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون، وأنه من رجا طلب، ومن خاف هرب.
قوله عز وجل: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ?.
الخمر: ما خامر العقل، والميسر: القمار. وقال القاسم بن محمد: كل ما ألهى عن ذكر الله وعن صلاته فهو ميسر.
وقوله تعالى: ?قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ?.
قال ابن كثير: (أما إثمهما فهو في الدين، وأما المنافع فدنيوية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/62)
وقوله تعالى: ?وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ?، قال ابن جرير: يعني بذلك عز ذكره: والإثم بشرب هذه، والقمار بهذا، أَعظم وأكبر مضرة عليهم من النفع الذي يتناولون بهما؛ وإنما كان ذلك كذلك لأنهم كانوا إذا سكروا وثب بعضهم على بعض، وقاتل بعضهم بعضًا، وإذا ياسروا وقع بينهم فيه بسببه الشر، فأداهم ذلك إلى ما يأثمون به، ونزلت هذه الآية في الخمر قبل أن يصرح بتحريمها). انتهى.
وروى الإمام أحمد وغيره عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما نزلت تحريم الخمر قال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآية التي في البقرة: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ? فدعي عمر، فقرئت عليه فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في النساء: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ?، فكان منادي رسول الله r إذا أقام الصلاة نادى: أن لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ ? فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ?، قال عمر: انتهينا انتهينا، وزاد ابن أبي حاتم: (أنها تذهب المال وتذهب العقل).
قوله عز وجل: ? وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ?.
قال ابن عباس وغيره: العفو ما يفضل عن أهلك، وفي الحديث الصحيح: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول»، وقوله تعالى: ? كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ?، أي: كما فصل لكم هذه الأحكام وبينها، كذلك يبين لكم سائر الآيات في أحكامه ووعده ووعيده. ? لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ?، أي: في زوال الدنيا وبقاء الآخرة فتعملوا لها.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[20 - 06 - 10, 09:00 م]ـ
الثلاثاء.--------> 22/ 06/2010.--------> الصفحة 35.--------> والصفحة 36
http://dc274.4shared.com/img/317309532/dc116fe5/035.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) ?.
قال ابن عباس: لما نزلت: ? وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ?، و ? إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ?، انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله r فأنزل الله: ? وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ?، رواه ابن جرير وغيره. وقال الربيع: للولي الذي يلي أمرهم فلا بأس عليه في ركوب الدابة أو شرب اللبن أو يخدمه الخادم، وقال السدي: كان العرب يشددون في اليتيم، حتى لا يأكلوا معه في قصعة واحدة، ولا يركبوا له بعيرًا، ولا يستخدموا له خادمًا، فجاءوا إلى النبي r فسألوه عنه فقال: ? قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ?، يصلح له ماله وأمره له خير، وأن يخالطه فيأكل معه ويطعمه، ويركب راحلته ويحمله، ويستخدم خادمه ويخدمه، فهو أجود.
? وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ?، فقال ابن زيد: والله يعلم حين تخلط مالك بماله، أتريد أن تصلح ماله أو تفسده فتأكله بغير حق.
وقوله تعالى: ?وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ ?، قال ابن عباس: لأخرجكم فضيّق عليكم ولكنه وسّع ويسّر، فقال: ? وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/63)
وقوله تعالى: ?إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ?، أي: عزيز في سلطانه، حكيم فيما صنع من تدبيره وترك الأعنات.
قال ابن كثير: وقوله ? وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? أي: ولو شاء الله لضيَّق عليكم وأحرجكم، ولكنه وسَّع عليكم وخفف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن. والله أعلم.
قوله عز وجل: ? وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) ?.
قال علي بن أبي طلحة في قوله: ? وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ?: استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب.
وقوله تعالى: ? وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ?، قال السدي: نزلت في عبد الله بن رواحة، كانت له أمة سوداء فغضب عليها فلطمها، ثم فزع فأتى رسول الله r فأخبره خبرهما، فقال له: «ما هي»؟ قال: تصوم وتصلي وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله r ، فقال: «يا عبد الله هذه مؤمنة»، فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: نكح أمته، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله: ? وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ?.
وقوله تعالى: ?وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ ?.
قال البغوي: هذا إجماع لا يجوز للمسلمة أن تنكح المشرك.
وقوله تعالى: ?أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ?، أي: معاشرتهم ومخالطتهم تبعث على إيثار الدنيا على الآخرة، وهو موجب للنار. ? وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ?، أي: بأمره، ? وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ?، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي r : « تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».
قوله عز وجل: ? وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ?
روى مسلم وغيره عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها، فقال النبي r : « اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
وقوله تعالى: ?فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ ?، يعني: الفرج، قاله ابن عباس وغيره، وروى الإِمام أحمد وغيره عن عبد الله بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول الله r : ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: «ما فوق الإِزار». وقوله تعالى: ? وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ?، أي: لا تجامعوهن حتى يطهرن من الحيض ? فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ? أي: اغتسلن، ? فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ?. قال ابن عباس: طؤهن في الفروج ولا تعدوه إلى غيره. ? إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ?، من الذنب، ? وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ?، أي: المتنزهين عن الأقذار والأذى، ومن ذلك إتيان الحائض، والوطء في الدبر.
قوله عز وجل: ? نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/64)
قال ابن عباس: الحرث موضع الولد ? فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ?، أي: كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد. وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا جامع الرجل امرأته في دبرها في قبلها كان الولد أحول. فنزلت: ? نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ?.
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في أناس من الأنصار، أتوا النبي r فسألوه فقال النبي r : « ائتها على كل حال، إذا كان في الفرج»، وفي حديث آخر: «أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة»، وروى الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r : « ملعون من أتى امرأته في دبرها».
وقوله تعالى: ? وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ ?، قال السدي: يعني: الخير والعمل الصالح. وقال مجاهد: يعني: إذا أتى أهله فليدْعُ، وفي الصحيحين عن النبي r قال: «لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدًا».
وقوله تعالى: ? وَاتَّقُواْ اللّهَ ?، أي: خافوا الله فلا ترتكبوا ما نهاكم عنه. ? وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ ?، فيجازيكم بأعمالكم. ? وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ?، المطيعين بجزيل ثواب الله لهم.
http://dc223.4shared.com/img/317309625/5928755e/036.png?sizeM=7
http://dc233.4shared.com/img/320705116/742ca561/t091.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) ?.
قال ابن عباس في قوله تعالى ? وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ ?: لا تجعلن الله عرضة ليمينك ألا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير، وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها».
وقوله تعالى: ?لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ?، عن عائشة مرفوعًا: «اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله». رواه أبو داود، وعنها قالت: (هم القوم يتدارءون في الأمر فيقول هذا لا والله، وبلى والله، وكلا والله يتدارءون في الأمر، لا تعقد عليه قلوبهم)، وقالت أيضًا: (إنما اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل: لا والله، وبلى والله. فذاك لا كفارة فيه، إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله). وعن الحسن بن أبي الحسن: (مر رسول الله r بقوم ينتضلون، يعني: يرمون، ومع رسول الله r رجل من أصحابه، فقام رجل من القوم فقال: أصبت والله، وأخطأت والله، فقال الذي مع النبي r للنبي r : حنث الرجل يا رسول الله، قال: «كلا، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة». رواه ابن جرير.
قال ابن كثير: وهذا مرسل حسن. عن الحسن وعن سعيد بن المسيب أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة، فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفّر عن يمينك وكلم أخاك، سمعت رسول الله r يقول: «لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب عز وجل، ولا في قطيعة الرحم، ولا فيما لا تملك».
وقوله تعالى: ? وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ?، أي: عزمتم عليه، وقصدتم به اليمين كما قال تعالى: ? وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ?، ? وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ?، أي: غفور لذلات عباده حليم عليهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/65)
قوله عز وجل: ? لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) ?.
الإيلاء هو: أن يحلف من جميع نسائه أو بعضهن لا يقربهن، فإن وقّت بدون أربعة أشهر اعتزل حتى ينقضي ما وقّت به، وإن وقّت بأكثر منها خيّر بعد مضيها بين أن يفيء أو يطلق.
وقوله تعالى: ?لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ?، أي: يحلفون على ترك جماعهن.
وقوله: ? تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ?، أي: ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق، فإن أبي طلق عليه الحاكم.
وقوله تعالى: ?فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، استدل بذلك على أنه لا كفارة عليه إذا فاء بعد الأربعة الأشهر، والجمهور أن عليه التكفير.
وقوله تعالى: ?وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ?، قال سعيد بن المسيب: إذا مضت أربعة أشهر فإما أن يفيء، وإما أن يطلق، فإن جاوز فقد عصى الله. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ (228) ?.
القرء: يطلق في اللغة على الحيض والطهر، وقد اختلف أهل العلم في قوله تعالى: ? وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ?. فذهب جماعة إلى أنها الأطهار، وهو قول: الفقهاء السبعة، ومالك والشافعي، وذهب جماعة إلى أنها الحيض، وهو قول: الخلفاء الأربعة، وابن عباس، ومجاهد، وأبي حنيفة، والإمام أحمد، وأكثر أئمة الحديث وهو الراجح.
وقوله تعالى: ?وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ?، أي: لا يحل للمرأة كتمان ما خلق الله في رحمها من الحيض والحمل، لتبطل حق الزوج من الرجعة والولد، أو استعجالاً لانقضاء عدتها، أو رغبة في تطويلها، بل تخبر بالحق من غير زيادة ولا نقصان.
وقوله تعالى:?وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً ? أي: أزواجهن أحق برجعتهن في حال العدة، ? إِنْ أَرَادُواْ ? بالرجعة الصلاح وحسن العشرة لا الإضرار بالمرأة.
وقوله تعالى: ?وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ?، أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، كما قال رسول الله r ، في خطبته في حجة الوداع: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف». رواه مسلم.
وقوله تعالى: ? وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ? كما قال تعالى: ? الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ?، وقال النبي r : « لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها». وقوله تعالى: ? وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ ?، أي: عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم فيما شرع وقدر.
قوله عز وجل: ? الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَن يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/66)
روى ابن أبي حاتم وغيره عن عروة بن الزبير: (أن رجلاً قال لامرأته لا أطلقك أبدًا، ولا آويك أبدًا، قالت: وكيف ذاك؟ قال: أطلق حتى إذا دنا أجلك راجعتك، فأتت رسول الله r فذكرت له، فأنزل الله عز وجل: ? الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ?. قال ابن عباس: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في ذلك، أي: في الثالثة، فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها، أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئًا.
وقوله تعالى: ?وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَن يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ ?، أي: لا يحل لكم أن تأخذوا شيئًا مما أعطيتموهن إلا في حال الشقاق، ? فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ?. وعن ابن عباس: (أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي r فقالت: يا رسول الله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله r : « أتردين عليه حديقته»؟ قالت: نعم. قال رسول الله r : « اقبل الحديقة وطلقها تطليقة». وفي رواية: (قالت: لا أطيقه، يعني: بغضًا). رواه البخاري. وعند الإمام أحمد: (فأمره النبي r أن يأخذ ما ساق ولا يزداد) وعند ابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (فردت عليه حديقته. قال: ففرق بينهما رسول الله r ) .
وقوله تعالى: ? تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ?، أي: هذه أوامر الله ونواهيه، فلا تتجاوزوها. واستدل بهذه الآية على أن جمع الثلاث التطليقات بكلمة واحدة حرام. وروى النسائي عن محمود بن لبيد قال: أخبر رسول الله r عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبانًا فقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم»؟ الحديث.
قوله عز وجل: ? فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) ?.
يقول تعالى: ? فَإِن طَلَّقَهَا ?، يعني: الطلقة الثالثة، ? فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ ?، أي: من بعد الطلقة الثالثة، ? حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ?، أي: غير المطلق فيجامعها، ? فَإِن طَلَّقَهَا ?، أي الزوج الثاني بعد الجماع، ? فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا ? أي: المرأة والزوج الأول، ? إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ ?، أي: يكون بينهما الصلاح وحسن الصحبة. وعن ابن عمر قال: (سئل النبي r عن الرجل يطلق امرأته فيتزوجها آخر، فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، هل تحل للأول؟ قال: «حتى تذوق العسيلة». رواه أحمد وغيره. وروى البخاري ومسلم عن عائشة: (أن رجلاً طلق امرأته ثلاثًا، فتزوجت زوجًا فطلقها قبل أن يمسها، فسئل رسول الله r : أتحل للأول؟ فقال: «لا حتى يذوق من عسيلتها كما ذاق الأول». وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود قال: (لعن رسول الله r الواشمة والمستوشمة، والواصلة والمستوصلة، والمحلِّل والمحلَّل له، وآكل الربا وموكله).
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[20 - 06 - 10, 09:06 م]ـ
الأربعاء.--------> 23/ 06/2010.--------> الصفحة 37.--------> والصفحة 38
http://dc149.4shared.com/img/317309693/53bf09a0/037.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/67)
قال ابن عباس وغيره: كان الرجل يطلق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارًا، لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها فتعتد، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة، فنهاهم الله عن ذلك وتوعدهم عليه فقال: ? وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ?.
وقوله تعالى: ?وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً ?، روى ابن جرير عن أبيموسى: (أن رسول الله غضب على الأشعريين، فأتاه أبو موسى فقال: يا رسول الله غضبت على الأشعريين؟ فقال: «يقول أحدكم: قد طلقت، قد راجعت، ليس هذا طلاق المسلمين، طلقوا المرأة في قُبُل عدتها». وقال الحسن وغيره: هو الرجل يطلق ويقول: كنت لاعبًا، أو يعتق أو ينكح ويقول: كنت لاعبًا فأنزل الله: ? وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً ? فألزم الله بذلك. وروى أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي r قال: «ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة».
وقوله تعالى: ?وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ?، أي: في إرساله الرسول إليكم ? وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ?، أي: السنة ? يَعِظُكُم بِهِ ? يأمركم وينهاكم، ? وَاتَّقُواْ اللّهَ ? فيما تأتون وما تذرون، ? وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?، أي: فلا يخفى عليه شيء من أموركم وسيجازيكم على أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
قوله عز وجل: ? وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (232) ?.
روى أبو داود وغيره عن الحسن: (أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها، فتركها حتى انقضت عدتها، فخطبها فأبى معقل، فنزلت: ? فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ?.
وقوله تعالى: ?إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ?، أي: بعقد حلال ومهر جائز، ? ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ?، أي: ردهن إلى أزواجهن. ? أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ?، أي: ردهن إلى أزواجهن خير لكم وأطهر لقلوبكم ? وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ?، أي: يعلم من حب كل واحد منهما لصاحبه ما لا تعلمون أنتم، فاتبعوا أمر الله واتركوا الحمية، فإنه تعالى أعلم بمصالح خلقه من أنفسهم.
قوله عز وجل: ? وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) ?.
قال البغوي: (قوله تعالى: ? وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ ? أي: المطلقات اللاتي لهن أولاد من أزواجهن، ? يُرْضِعْنَ ?، خبر بمعنى الأمر، وهو أمر استحباب لا أمر إيجاب، لأنه لا يجب عليهن الإرضاع إذا كان يوجد من يرضع الولد، لقوله تعالى في سورة الطلاق: ? فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ?، فإن رغبت الأم في الإرضاع فهي أولى من غيرها). انتهى. وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله r : « لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام». رواه الترمذي. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله r : « لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين». رواه الدار قطني وغيره. قيل: إن الرضاعة بعد الحولين ربما ضرت الولد، إما في بدنه أو عقله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/68)
وقوله تعالى: ? وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا ?، أي: وعلى والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن، بما جرت به عادة أمثالهن بحسب قدرته، كما قال تعالى ? لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ?. قال الضحاك: إذا طلق زوجته وله منها ولد فأرضعت له ولده، وجب على الوالد نفقتها وكسوتها بالمعروف.
وقوله تعالى: ? لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ?. قال مجاهد: ? لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ? لا تأبى أن ترضعه ليشق ذلك على أبيه (ولا يضار) الوالد بولده فيمنع أمه أن ترضعه ليحزنها. وقال ابن زيد: لا ينتزعه منها وهي تحب أن ترضعه فيضارها، ولا تطرحه عليه وهو لا يجد من يرضعه ولا يجد ما يسترضعه به.
وقوله تعالى: ?وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ?، أي: وارث الصبي. قال الحسن: إذا توفي الرجل وامرأته حامل فنفقتها من نصيبها، ونفقة ولدها من نصيبه من ماله، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فنفقته على عصبته. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن نفقة الحامل من مال الحمل.
وقوله تعالى: ?فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ?. قال مجاهد: التشاور فيما دون الحولين، ليس لها أن تفطمه إلا أن يرضى، وليس له أن يفطمه إلا أن ترضى، فإن لم يجتمعا فليس لها أن تفطمه دون الحولين.
وقوله تعالى: ?وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ?. قال مجاهد: ?وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ ? خيفة الضيعة على الصبي، ? فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ?، قال: حساب ما أرضع به الصبي، وهذه الآية كقوله تعالى: ? وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ?.
وقوله تعالى: ?وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ?، أي: واتقوا الله في جميع أحوالكم وأقوالكم، ? وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? فلا يخفى عليه شيء. والله أعلم.
* * *
http://dc179.4shared.com/img/317308759/a6a1a2e0/038.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) ?.
قال ابن عباس: هذه عدة المتوفي عنها زوجها إلا أن تكون حاملاً، فعدتها أن تضع ما في بطنها. وفي الصحيحين عن أم سلمة: (أن امرأة توفي عنها زوجها واشتكت عينها، فأتت النبي r تستفتيه في الكحل فقال: «لقد كانت إحداكن تكون في الجاهلية في شر أحلاسها، فتمكث في بيتها حولاً إذا توفي عنها زوجها، فيمر عليها الكلب فترميه بالبعرة، أفلا أربعة أشهر وعشرًا»؟. وقال الربيع عن أبي العالية في قوله: ? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ?. قال: قلت: لم صارت هذه العشر مع الأشهر الأربعة؟ قال: لأنه ينفخ فيه الروح في العشر.
وقوله تعالى: ? فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ?. قال مجاهد: هو النكاح الحلال الطيب. وقال ابن عباس: إذا طلقت المرأة أو مات عنها زوجها، فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج، فذلك المعروف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/69)
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ?، أي: فلا تعضلوهن ممن أردن نكاحه بالمعروف، فإنه لا يخفى عليه شيء من أعمالكم.
قوله عز وجل: ? وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) ?.
قال ابن عباس وغيره التعريض: أن يقول إن أريد التزويج، وإني أحب امرأة من أمرها ومن أمرها، يعرض لها بالقول المعروف، وقال مجاهد: يعرض للمرأة في عدتها فيقول: والله إنك لجميلة، وإن النساء لمن حاجتي، وإنك إلى خير إن شاء الله.
وقوله: ? أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ?، أي: أضمرتم نكاحهن بعد العدة. ? عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ?، أي: في أنفسكم وبألسنتكم ? وَلَكِن لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً ?. قال ابن عباس: يقول: لا تقل لها: إني عاشق وعاهديني ألا تتزوجي غيري. وقال مجاهد: لا يأخذ ميثاقها في عدتها أن لا تتزوج غيره.
وقوله تعالى: ? إِلا أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ?، أي: التعريض بالخطبة.
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ?. قال مجاهد: حتى تنقضي العدة.
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ?، قال مجاهد: حتى تنقضي العدة.
وقوله تعالى: ? وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ?، أي: فخافوا الله ولا تضمروا إلا الخير ? وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ?، لا يعجل بالعقوبة.
قوله عز وجل: ? لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) ?.
قال ابن عباس: المس: الجماع، ولكن الله يكني ما يشاء بما شاء، والفريضة الصداق.
وقوله تعالى: ? وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ?. قال ابن عباس: فهذا الرجل يتزوج المرأة ولم يسم لها صداقًا، ثم يطلقها من قبل أن ينكحها، فأمر الله سبحانه أن يمتعها على قدر عسره ويسره، فإن كان موسرًا متّعها بخادم أو شبه ذلك، وإن كان معسرًا متعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك.
قوله عز وجل: ? وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) ?.
قال ابن عباس في قوله: ? وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ?، فهذا الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقًا ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فلها نصف صداقها ليس لها أكثر من ذلك. وقال عكرمة: إذا طلقها قبل أن يمسها وقد فرض لها، فنصف الفريضة لها عليه، إلا أن تعفو عنه فتتركه.
وقوله تعالى: ?أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ? قال ابن عباس: هو أبو الجارية البكر جعل الله سبحانه العفو إليه، ليس لها معه أمر، إذا طلقت ما كانت في حجره. وفي رواية: هو الزوج. وكذا قال مجاهد.
قوله عز وجل: ? وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ?، قال ابن عباس: أقربهما للتقوى الذي يعفوا: وقال الشعبي: ? وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ?، وأن يعفوا هو أقرب للتقوى.
وقوله تعالى:?وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ?. قال مجاهد: ولا تنسوا الفضل بينكم في هذا وفي غيره. وعن سعيد بن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه دخل على سعد بن أبي وقاص فعرض عليه ابنة له فتزوجها، فلما خرج طلقها، وبعث إليها بالصداق، قال: قيل: له: فلم تزوجتها؟ قال: عرضها عليّ فكرهت ردها، قال: فلم تبعث بالصداق؟ قال: فأين الفضل؟ وعن مجاهد: ? وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ? قال: إتمام الزوج الصداق، أو ترك المرأة الشطر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/70)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[20 - 06 - 10, 09:18 م]ـ
الخميس.--------> 24/ 06/2010.--------> الصفحة 39.--------> والصفحة 40
http://dc181.4shared.com/img/317308765/843abd08/039.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (239) ?.
قال بعض العلماء: ذكر المحافظة على الصلوات هنا لئلا يشتغلوا بالنساء فيغفلوا عنها. قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ?. وقال مسروق: المحافظة على الصلوات المحافظة على وقتها وعدم السهو عنها.
وقوله تعالى:?والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ?. قال علي بن أبي طالب وغيره: هي صلاة العصر. وفي الصحيحين: إن النبي r قال يوم الخندق: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر».
وقوله تعالى: ?وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ?. قال الشعبي وغيره: مطيعين. وعن زيد بن أرقم قال: (إنا كنا لنتكلم في الصلاة على عهد النبي r ، يكلم أحدنا صاحبه بحاجته، حتى نزل: ? حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ?، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام). متفق عليه.
وقال مجاهد: ? وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ?، فمن القنوت طول الركوع، وغض البصر، وخفض الجناح، والخشوع من رهبة الله. كان العلماء إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت أو أن يقلب الحصى، أو يعبث بشيء، أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيًا.
وقوله تعالى: ?فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ?، قال إبراهيم: عند المطاردة يصلي حيث كان وجهه راكبًا أو راجلاً، ويجعل السجود أخفض من الركوع، ويصلي ركعتين يومئ إيماء. وقال قتادة أحل الله لك إذا كنت خائفًا عند القتال، أن تصلي وأنت راكب، وأن تسعى تومئ برأسك من حيث كان وجهك، إن قدرت على ركعتين وإلا فواحدة.
وقوله تعالى: ?فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ?، كقوله تعالى: ? فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ?، وقال ابن زيد في قوله: ? فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ ?، قال: فإذا أمنتم فصلوا الصلاة كما افترض الله عليكم، إذا جاء الخوف كانت لهم رخصة.
قوله عز وجل: ? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) ?.
قال قتادة: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولاً في مال زوجها ما لم تخرج، ثم نسخ ذلك بعد في سورة النساء فجعل لها فريضة معلومة الثمن إن كان له ولد، والربع إن لم يكن له ولد، وعدتها أربعة أشهر وعشر. فقال تعالى ذكره: ? وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ?، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها في أمر الحول.
وقوله تعالى: ?فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ?، يا أولياء الميت ? فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ ?، يعني: التزين للنكاح، خيّرها الله تعالى بين أن تقيم حولاً ولها النفقة والسكنى، وبين أن تخرج، فلا نفقة ولا سكنى، إلى أن نسخه بأربعة أشهر وعشر.
وقوله تعالى: ?وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ?، أي: عزيز في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه وتعدى حدوده من الرجال والنساء، حكيم في أقضيته وقدره.
قوله عز وجل: ? وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/71)
قال عطاء في قوله: ? وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ? قال: المرأة الثيب يمتعها زوجها إذا جامعها بالمعروف. وقال سعيد بن جبير: لكل مطلقة متاع بالمعروف حقًا على المتقين.
وقال البغوي: إنما أعاد ذكر المتعة ها هنا لزيادة معنى، وذلك أن في غيرها بيان حكم الممسوسة، وفي هذه الآية بيان حكم جميع المطلقات في المتعة.
وقوله تعالى: ?كَذَلِكَ ?، أي: مثل أحكام الطلاق والعدة وغير ذلك ? يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ?، في إحلاله وتحريمه، ? لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? تفهمون وتدّبرون. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (243) ?.
قال البغوي: قوله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ ?، أي: ألم تعلم بإعلامي إياك، وهو من رؤية القلب، وقال أهل المعالي: هو تعجيب. يقول: هل رأيتم مثلهم؟ كما تقول: ألم تر إلى ما يصنع فلان؟ وكل ما في القرآن ألم تر، ولم يعاينه النبي r ، فهذا وجهه.
قال أكثر أهل التفسير: كانت قرية يقال لها داوردان من قِبَل واسط بها وقع الطاعون، فخرجت طائفة منها، وبقيت طائفة، فهلك أكثر من بقي في القرية، وسلم الذين خرجوا، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا: أصحابنا كانوا أحزم منا لو صنعنا كما صنعوا لبقينا، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن إلى أرض لا وباء بها. فوقع الطاعون من قابل، فهرب عامة أهلها وخرجوا حتى نزلوا واديًا أفْيَح، فلما نزلوا المكان الذي يبتغون فيه النجاة ناداهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعلاه: أن موتوا. فماتوا جميعًا.
وساق بسنده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام، فلما جاء سرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله r قال: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه فرجع عمر من سرغ». والحديث في الصحيحين.
قال البغوي: وأولى الأقاويل قول من قال: كانوا زيادة على عشرة آلاف؛ لأن الله تعالى قال: ? وَهُمْ أُلُوفٌ ?، قالوا: فمر عليهم نبي يقال له: حزقيل فجعل يتفكر فيهم متعجبًا، فأوحى الله تعالى إليه: تريد أن أريك آية؟ قال: نعم فأحياهم الله، ? إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) ?.
يقول تعالى: وقاتلوا في سبيل الله عدوي وعدوكم من المشركين، ولا تقعدوا عن الجهاد خوف القتل، فإنه لا مفر عن الموت ولا يغني حذر عن قدر، كما قال تعالى: ? أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ?.
قوله عز وجل: ? مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) ?.
قال البغوي: القرض اسم لكل ما يعطيه الإنسان ليجازى عليه، فسمى الله تعالى عمل المؤمنين له على رجاء ما أعد لهم من الثواب قرضًا؛ لأنهم يعملون لطلب ثوابه. قال الكسائي: القرض ما أسلفت من عمل صالح أو سيء. وروى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: (لما نزلت: ? مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ?. قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله عز وجل ليريد منا القرض؟ قال: «نعم يا أبا الدحداح». قال: أرني يدك يا رسول الله. قال: فناوله يده قال: فإني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي. قال: وحائط له فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها، قال: فجاء أبو الدحداح فنادها: يا أم الدحداح. قالت: لبيك. قال: اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/72)
وقوله تعالى: ?وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ?، روى ابن جرير وغيره عن أنس بن مالك قال: غلا السعر على عهد رسول الله r فقالوا: يا رسول الله غلا السعر، فسعِّر لنا؟ فقال رسول الله r : « إن الله الباسط القابض الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله ليس أحد يطلبني بمظلمة في نفس ومال».
http://dc268.4shared.com/img/317308761/83577911/040.png?sizeM=7
http://dc228.4shared.com/img/320705048/ef211614/t092.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلا قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) ?.
قال وهب بن منبه وغيره: كان بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام على طريق الاستقامة مدة من الزمان، ثم أحدثوا الأحداث وعبد بعضهم الأصنام، ولم يزل بين أظهرهم من الأنبياء من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويقيمهم على منهج التوراة إلى أن فعلوا ما فعلوا، فسلَّط الله عليهم أعداءهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا منهم خلقًا عظيمًا، وأخذوا منهم بلادًا كثيرة، واستلبوا منهم التابوت الذي كان موروثًا لخلفهم عن سلفهم.
إلى أن قال: فأوحى الله إلى شمويل وأمره بالدعوة إليه وتوحيده، فدعا بني إسرائيل فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكًا يقاتلون معه أعداءهم، وكان الملك قد باد فيهم، فقال لهم النبي: فهل عسيتم إن أقام الله لكم ملكًا أن لا تقاتلوا وتفوا بما التزمتم من القتال معه؟ قالوا: وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبناءنا، أي: وقد أخذت منا البلاد وسبيت الأولاد.
قال الله تعالى: ? فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلا قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ?، أي: ما وفوا بما وعدوا بل نكل عن الجهاد أكثرهم والله عليم بهم.
قوله عز وجل: ? وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) ?.
قال قتادة: بعث الله طالوت ملكًا، وكان من سبط بنيامين سبط لم يكن فيهم مملكة ولا نبوة، وكان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة، وسبط مملكة، وكان سبط النبوة سبط لاوى إليه موسى، وسبط المملكة يهوذا إليه داود وسليمان، فلما بعث من غير النبوة والمملكة أنكروا ذلك، وعجبوا منه، وقالوا: أنى يكون له الملك علينا!؟ وليس من سبط النبوة ولا من سبط المملكة؟ فقال: ? إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ?.
قوله عز وجل: ? وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (248) ?.
قال قتادة: ? فِيهِ سَكِينَةٌ ?، أي: وقار. وقال عطاء: ما تعرفون من آيات الله فتسكنون إليه.
وقوله تعالى: ?وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ ?. قال ابن عباس: عصا موسى ورضاض الألواح. قال ابن عباس: جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض، حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 06 - 10, 10:08 م]ـ
الجمعة.--------> 25/ 06/2010.--------> الصفحة 41.--------> والصفحة 42
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/73)
http://dc269.4shared.com/img/317308926/73c104bc/041.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلا قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) ?.
روى البخاري عن البراء بن عازب قال: (كنا نتحدث أن أصحاب محمد ? الذين كانوا معه يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، وما جازه معه إلا مؤمن). قال ابن عباس: فلما فصل طالوت بالجنود غازيًا إلى جالوت، قال طالوت لبني إسرائيل: إن الله مبتليكم بنهر، قال: هو نهر بين الأردن وفلسطين، نهر عذب الماء طيبه.
وقال قتادة: ? فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ?. قال: كان الكفار يشربون فلا يروون، وكان المسلمون يغترفون غرفة فتجزيهم ذلك. وقال ابن عباس: لما جاوزه هو والذين آمنوا معه، قال الذين شربوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده. وقال السدي: عبر مع طالوت النهر من بني إسرائيل أربعة آلاف، فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه فنظروا إلى جالوت رجعوا أيضًا، وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده. فرجع عنه أيضًا ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون. وخلص في ثلاثمائة وبضعة عشر عدة أهل بدر.
وقال بعضهم في قوله تعالى: ? فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ ?، هم العلماء من القليل: ? كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ?.
قوله عز وجل: ? وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252) ?.
يقول تعالى: ? وَلَمَّا بَرَزُواْ ?، يعني: طالوت ومن معه من المؤمنين للعدو ? قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم ?، كسروهم، ? بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ? وكان طالوت وعده أن يزوجه ابنته إن قتل جالوت، ويشركه في أمره، فيما قال وهب. فآل الملك إلى داود، ? وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ ?، الذي كان بيد طالوت، ? وَالْحِكْمَةَ ?، أي: النبوة بعد شمويل، ? وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ?، من صنعة الدروع وغير ذلك، ? وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ?، كما قال تعالى: ? وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/74)
وعن مجاهد: ولولا دفاع الله بالبر عن الفاجر، وببقية أخلاق الناس بعضهم عن بعض؛ لهلك أهلها. وقال علي رضي الله عنه: لولا بقية من المسلمين فيكم لهلكتم. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: «إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة بيت من جيرانه البلاء»، ثم قرأ ابن عمر: ? وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ?.
وأكثر كلام المفسرين على أن الآية في الجهاد، ولديّ أنها عامة فيه وفي غيره، وأسند للشيخ عبد الرحمن أنها عامة، وهذا نص كلامه، قال: (ومن ذلك ما ذكرت في آية البقرة: ? وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ?، وأن كلام المفسرين يدور على الجهاد فقط، وظنكم أنها عامة، فهو كما ظننتم؛ لأن العبرة بعموم اللفظ، وعموم المعنى لا بخصوص السبب، والجهاد جزء من أمور كثيرة يحصل فيها دفع الناس بعضهم ببعض. وإذا نزلتها على الواقع السابق واللاحق، ورأيت الأسباب المتعددة التي حصل بها عن العباد مدافعات كثيرة ووقيات من شرور بصدد أن تقع لولا تلك الأسباب، لا تضح لك أنها عامة، وأنها من أكبر نعم الله على عباده وتمام وقياته. وفي الحديث الصحيح: «إن الله ليؤيد هذا الرجل بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم». عام في الجهاد وغيره، ونرجو الله تعالى أن يلطف بالمسلمين وأن يقيهم شر الشرور التي يترقبها الخلق كل ساعة، ويقدر من ألطافه ما يدفع به عن عباده المؤمنين، إنه جواد كريم). انتهى.
فالظاهر أن المراد بقوله تعالى في هذه الآية: ? وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ?، أنه عام في جميع الناس مسلمهم وكافرهم، وأن دفع الله شر بعضهم ببعض من نعمه السابقة على خلقه.
وقوله تعالى: ? وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ?، أي: بدفع بعضهم عن بعض.
وقوله تعالى: ? تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ?، يقول: تلك آيات الله التي اقتص فيها قصص من مضى، نتلوها عليك بالحق اليقين، وإنك يا محمد لمن المرسلين. وبالله التوفيق.
* * *
http://dc269.4shared.com/img/317308944/cb95c216/042.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) ?.
قال مجاهد: في قول الله تعالى: ? تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ? قال: يقول: منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات. يقول: كلم الله موسى، وأرسل محمدًا إلى الناس كافّة.
قوله تعالى: ? وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ?، أي: وآتينا عيسى بن مريم الحجج، والأدلة على نبوته من إبراء الأكمه، والأبرص، وإحياء الموتى، وما أشبه ذلك مع الإنجيل.
وقوله تعالى: ? وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ?، يعني: وقويناه بروح الله، وهو: جبريل.
وقوله تعالى: ? وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ?، قال قتادة: من بعد موسى وعيسى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/75)
وقوله تعالى: ? وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ?، أي: يوفق من يشاء بفضله ورحمته، ويخذل من يشاء بعدله وحكمته، وله الحجة البالغة والحكمة التامة، وهذه الآية كقوله تعالى: ? وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ?.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) ?.
قال ابن جريج: قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم ? قال: من الزكاة والتطوع، ? مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ ? قال قتادة: قد علم الله أن ناسًا يتحابون في الدنيا، ويشفع بعضهم لبعض، فأما يوم القيامة فلا خلة إلا خلة المتقين.
وقوله تعالى: ? وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ?، أي: لأنهم وضعوا العبادة في غير موضعها. قال الله تعالى: ? إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ?، قال عطاء: بن دينار: الحمد لله الذي قال: ? وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ? ولم يقل والظالمون هم الكافرون.
قوله عز وجل: ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) ?.
عن أبي بن كعب: (أن النبي ? سأله: «أي آية في كتاب الله أعظم»؟ قال: الله ورسوله أعلم. فرددها مرارًا ثم قال: أبيّ: آية الكرسي. قال: «ليهنك العلم أبا المنذر». رواه مسلم وغيره. وفي حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة الشيطان الذي سرق من الصدقة قال: (فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله ?، وهذا آخر ثلاث مرات إنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود، فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: وما هي؟ قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليّت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله ?: «ما فعل أسيرك البارحة»؟ قلت: يا رسول الله إنه زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: «ما هي»؟ قال: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي ?: «أما إنه صدقك وهو كذوب». وروى أبو داود وغيره عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول الله ? يقول في هاتين الآيتين: ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? و ? الم * اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ?: «إن فيها اسم الله الأعظم».
قال ابن كثير: وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة.
وقوله تعالى: ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ?.
قال ابن جرير يقول: الله الذي له عبادة الخلق، الحي القيوم، لا إله سواه: لا معبود سواه، يعني: ولا تعبدوا شيئًا سواه، ? الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? الذي لا تأخذ سنة ولا نوم. قال قتادة: الحيّ حي لا يموت. وقال مجاهد: القيوم القائم على كل شيء. وقال الربيع: القوم قيم كل شيء يكلؤه ويرزقه ويحفظه. وقال الضحاك: الحي القيوم: القائم الدائم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/76)
وقوله تعالى: ? لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ?، قال ابن عباس: السِّنَة: النعاس. والنوم هو: النوم.
وقوله تعالى: ? لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ?، كقوله تعالى: ? وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ?.
وقوله تعالى: ? يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاء ?، قال مجاهد: يعلم من بين أيديهم ما مضى من الدنيا، وما خلفهم من الآخرة. وقال الكلبي: ? مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ?، يعني: الآخرة، لأنهم يقدمون عليها. ? وَمَا خَلْفَهُمْ ?، من الدنيا، لأنهم يخلفونها. وقال السدي: ? وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ ?، يقول: لا يعلمون بشيء من علمه إلا بما شاء هو أن يعلمهم.
وقوله تعالى: ? وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ?، اختلفوا في الكرسي، فقال الحسن: هو العرش نفسه. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: الكرسي موضوع أمام العرش. وفي بعض الأخبار: أن السماوات والأرض في جنب الكرسي كحلقة في فلاة. والكرسي في جنب العرش كحلقة في فلاة. ويُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن السماوات السبع والأرضين السبع في الكرسي كدراهم سبعة ألقيت في ترس. وقوله تعالى: ? وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ? قال ابن عباس: لا يثقل عليه. وقال قتادة: لا يجهده حفظهما.
وقوله تعالى: ? وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ?.
قال البغوي: ? وَهُوَ الْعَلِيُّ ?: الرفيع فوق خلقه والمتعالي عن الأشباه والأنداد. وقيل: العلي بالملك والسلطنة، العظيم الكبير: الذي لا شيء أعظم منه. وقال ابن كثير: فقوله: ? وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ? كقوله: ? الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ?، وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح: إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه.
قوله عز وجل: ? لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ?.
قال ابن عباس: كانت المرأة تكون مقلاة، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهودّه. فلما أجليت بني النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا. فأنزل الله تعالى: ? لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ?. وقال قتادة في قوله: ? لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ? قال: هو هذا الحي من العرب، أكرهوا على الدين لم يقبل منهم إلا القتل، أو الإسلام. وأهل الكتاب قبلت منهم الجزية، ولم يقتلوا. وقال الضحاك: (أمر رسول الله ? أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان، فلم يقبل منهم إلا: لا إله إلا الله، أو السيف. ثم أمر فيمن سواهم بأن يقبل منهم الجزية. فقال: ? لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ?
وقوله تعالى: ? فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ?، قال مجاهد وغيره: الطاغوت: الشيطان. وقال أبو العالية: الطاغوت: الساحر. وقال أبو الزبير: سئل جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها، فقال: كان في جهينة واحد، وفي أسلم واحد، وفي كل حي واحد، وهي كهان ينزل عليها الشيطان.
قال ابن جرير: والصواب أنه كل ذي طغيان على الله فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما لطاعة ممن عبده إنسانًا كان ذلك المعبود، أو شيطانًا، أو وثنًا، أو صنمًا، أو كائنًا ما كان من شيء.
وقال سعيد بن جبير في قوله: ? فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ? قال: لا إله إلا الله. وقال السدي: ? لاَ انفِصَامَ لَهَا ? لا انقطاع لها. وقال مجاهد: لا غير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 06 - 10, 12:26 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/77)
السبت.--------> 26/ 06/2010.--------> الصفحة 43
الأحد.--------> 27/ 06/2010.--------> الصفحة 44
الإثنين.--------> 28/ 06/2010.--------> الصفحة 45
الثلاثاء.--------> 29/ 06/2010.--------> الصفحة 46
الأربعاء.--------> 30/ 06/2010.--------> الصفحة 47
الخميس.--------> 01/ 07/2010.--------> الصفحة 48
الجمعة.--------> 02/ 07/2010.--------> الصفحة 49
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 10:33 م]ـ
السبت.--------> 26/ 06/2010.--------> الصفحة 43
http://dc183.4shared.com/img/323744777/2d2895fb/043.png?sizeM=7
http://dc178.4shared.com/img/323746480/9c9b6a45/t093.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) ?.
قال قتادة: قوله تعالى: ? اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ?، يقول: من الضلالة إلى الهدى، ? وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ?، الشيطان، ? يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ?، يقول: من الهدى إلى الضلالة. قال الضحاك: والظلمات: الكفر. والنور: الإيمان. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) ?.
قال مجاهد في قول الله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ ?. قال: هو نمرود بن كنعان. قال قتادة: وهو أول ملك تجبر في الأرض، وهو صاحب الصرح ببابل.
وقال قتادة في قوله تعالى: ? إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ?، وذكر لنا أنه دعا برجلين فقتل أحدهما، واستحيا الآخر. فقال: أنا أحيي هذا، أنا أستحيي من شئت، وأقتل من شئت. قال إبراهيم عند ذلك: ? فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ?.
قال البغوي: (? فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ?، أي: تحير ودهش وانقطعت حجته وقال ابن إسحاق: ? وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ?، أي: لا يهديهم في الحجة عند الخصومة لما هم عليه من الضلال). انتهى. وهو كقوله تعالى: ? وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ?.
وقال السدي: لما خرج إبراهيم من النار أدخلوه على الملك، ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه وقال له: من ربك؟ قال: ربي الذي يحي ويميت. قال نمرود: أنا أحي وأميت. أنا أدخل أربعة نفر، فأدخلهم بيتًا فلا يطعمون ولا يسقون حتى هلكوا من الجوع، أطعمت اثنين وسقيتمهما فعاشا، وتركت اثنين فماتا. فعرف إبراهيم أن له قدرة بسلطانه وملكه على أن يفعل ذلك. قال له إبراهيم: فإن ربي الذي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر. وقال إن هذا إنسان مجنون فأخرجوه ألا ترون أنه من جنونه اجترأ على آلهتكم فكسرها، وإن النار لم تأكله، وخشي أن يفتضح في قومه، أعني نمرود، وهو قول الله تعالى ذكره: ? وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ? فكان يزعم أنه رب، وأمر بإبراهيم فأخرج. وقال ابن زيد: فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة تضرب رأسه بالمطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه، وضرب بهاما رأسه وكان جبارًا أربعمائة عام، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه وأماته الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/78)
قوله عز وجل: ? أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) ?.
قال البغوي: قوله تعالى: ? أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ ?، وهذه الآية مسوقة على الآية الأولى. تقديره: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه؟ وهل رأيت كالذي مر على قرية؟ وقيل: تقديره: هل رأيت كالذي حاجّ إبراهيم في ربه؟ وهل رأيت كالذي مر على قرية؟
وقال ابن كثير: تقدم قوله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ ? وهو في قوة، قوله: هل رأيت مثل الذي حاج إبراهيم في ربه. ولهذا عطف عليه بقوله: ? أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ?.
قال قتادة: ذكر لنا أنه عزير، وقال عكرمة: القرية: بيت المقدس مر بها عزير بعد إذ خربّها بختنصر. وقال ابن جريج: بلغنا أن عزيرًا خرج فوقف على بيت المقدس، وقد خربه بخنتصر، فوقف فقال: أبعد ما كان لك من القدس والمقالة والمال ما كان فحزن.
وقال السدي: ? وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ?، يقول: ساقطة على سقفها، وذلك أن عزيرًا مر جائيًا من الشام على حمار له، معه عصير وعنب وتين، فلما مر بالقرية فرآها وقف عليها، وقلّب يده وقال: كيف يحيي هذه الله بعد موتها؟ ليس تكذيبًا منه وشكًا، فأماته الله وأمات حماره، فهلكا ومر عليهما مائة سنة، ثم إن الله أحيا عزيرًا فقال له: كم لبثت؟ قال: لبثت يومًا أو بعض يوم. قيل له: بل لبثت مائة عام فانظر: إلى طعامك من التين والعنب، وشرابك من العصير لم يتسنه الآية. وقال قتادة: ذكر لنا أنه مات ضحى، ثم بعثه قبل غيبوبة الشمس، فقال: كم لبثت؟ قال: لبثت يومًا ثم التفت، فرأى بقية من الشمس، فقال: أو بعض يوم. فقال: بل لبثت مائة عام. وقال الضحاك في قوله: ? فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ? يقول: لم يتغير. وقد أتى عليه مائة عام.
وقوله تعالى: ? وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ?. قال البغوي: أي: نرفعها من الأرض، ونردها إلى مكانها ونركب بعضها على بعض. وقال السدي وغيره: تفرقت عظام حماره حوله يمينًا وشمالاً فنظر إليها وهي تلوح من بياضها، فبعث الله ريحًا فجمعتهما من كل موضع من تلك المحلة، ثم ركب كل عظم في موضعه حتى صار حمارًا قائمًا من عظام لا لحم عليها، ثم كساها الله لحمًا وعصبًا وعروقًا وجلدًا، وبعث الله ملكًا فنفخ في منخاري الحمار، فنهق بإذن الله عز وجل. وذلك كله بمرأى من العزير، فعند ذلك لما تبين له هذا كله قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير. وقال الضحاك وغيره: إنه عاد إلى قريته شابًا وأولاده، وأولاد أولاده شيوخ وعجائز، وهو أسود الرأس واللحية.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:10 م]ـ
الأحد.--------> 27/ 06/2010.--------> الصفحة 44
http://dc238.4shared.com/img/323745002/aff08653/044.png?sizeM=7
http://dc249.4shared.com/img/323746477/8567e329/t094.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/79)
قال محمد بن إسحاق: لما جرى بين إبراهيم وبين قومه ما جرى مما قصه الله في سورة الأنبياء، قال نمرود فيهما يذكرون لإبراهيم: أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعو إلى عبادته، وتذكر من قدرته التي تعظمه بها على غير ما هو؟ قال له إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت. قال نمرود: أنا أحيي وأميت. فقال له إبراهيم: كيف تحيي وتميت؟ ثم ذكر ما قص الله من محاجته إياه قال: فقال إبراهيم عند ذلك: ? رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ? من غير شك في الله تعالى، ولا في قدرته ولكنه أحب أن يعلم ذلك، وتاق إليه قلبه، فقال: ليطمئن قلبي، أي: ما تاق إليه إذ هو علمه. وقال سعيد ابن جبير: ليطمئن قلبي، ليزداد يقيني.
وقوله تعالى: ? قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ?. قال ابن عباس: فصرهنّ: قطعهنّ. وقال مجاهد: ? ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ?: ثم بددهن أجزاء على كل جبل، ? ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ? كذلك يحي الله الموتى. وقال ابن جريج: فجعلهن سبعة أجزاء، وأمسك رؤوسهن عنده، ثم دعاهن بإذن الله فنظر إلى كل قطرة من دم تطير إلى القطرة الأخرى، وكل ريش تطير إلى الريشة الأخرى، وكل بضعة وكل عظم يطير بعضه إلى بعض من رؤوس الجبال حتى لقيت كل جثة بعضها بعضًا في السماء، ثم أقبلن يسعين حتى وصلت رأسها. وعن ابن المنكدر قال: التقى عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص فقال ابن عباس لابن عمرو: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ فقال عبد الله بن عمرو: قول الله عز وجل: ? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ? الآية. فقال ابن عباس: لكن أنا أقول: قول الله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى ? فرضي من إبراهيم قوله: بلى. قال: فهذا لما يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان. رواه ابن أبي حاتم وغيره.
وقال البخاري: (باب وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى. فصرهن: قطعهن. وذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: ? رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ?». انتهى.
قال إسماعيل بن يحيى المزني: لم يشك النبي ?، ولا إبراهيم في أن الله قادر على أن يحيي الموتى، وإنما شكّا في أنه هل يجيبهما إلى ما سألا؟
قال في فتح الباري: (وقال عياض: لم يشك إبراهيم بأن الله يحيي الموتى ولكن أراد طمأنينة القلب، وترك المنازعة لمشاهدة الأحياء، فحصل له العلم الأول بوقوعه، وأراد العلم الثاني بكيفيته ومشاهدته، ويحتمل أنه سأل زيادة اليقين، وإن لم يكن في الأول شك، لأن العلوم قد تتفاوت في قوتها فأراد الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين. والله أعلم).
* * *
قوله عز وجل: ? مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) ?.
قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: ? مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ?، يعني: في طاعة الله. وقال ابن عباس: الجهاد والحج يضعف الدرهم فيهما إلى سبعمائة ضعف.
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ?، أي: بحسب إخلاصه في عمله، ? وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ?. قال ابن زيد: ? وَاسِعٌ ? أن يزيد من سعته، ? عَلِيمٌ ? عالم بمن يزيده. وفي الصحيحين عن النبي ?: «كل عمل ابن آدم يضاعف له، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته، وطعامه، وشرابه، من أجلي».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/80)
قوله عز وجل: ? الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) ?.
قال قتادة: علم الله أن ناسًا يمنون بعطيتهم، فكره ذلك وقدم فيه فقال: ? قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ?. وقال الضحاك: ? قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ? يقول: أن يمسك ماله خير من أن ينفق ماله ثم يتبعه منًا وأذى. وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله ?: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف والكاذب». وعن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى». رواه أحمد وغيره.
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ?. قال ابن عباس: الغني الذي كمل في غناه، والحليم الذي قد كمل في حلمه.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) ?.
قال عمرو بن حريث: إن الرجل يغزو [و] لا يسرق ولا يزني ولا يغل، لا يرجع بالكفاف، فقيل له: لم ذاك؟ قال: فإن الرجل ليخرج، فإذا أصابه من بلاء [الله] الذي حكم عليه، سبُّ ولعن إمامه ولعن ساعة غزا، وقال: لا أعود لغزوة معه أبدًا. فهذا عليه، وليس له مثل النفقة في سبيل الله يتبعها منّ وأذى، فقد ضرب الله مثلها في القرآن: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى ? حتى ختم الآية.
وقال قتادة: فهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة. يقول: ? لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ ? يومئذٍ كما ترك هذا المطر الصفا الحجر، ليس عليه شيء أنقى ما كان عليه. وقال السدي: ? لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى ? إلى قوله: ? عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ ?، أما الصفوان الذي عليه تراب، فأصابه المطر فذهب ترابه فتركه صلدًا، فكذا هذا الذي ينفق ماله رياء الناس، ذهب الرياء بنفقته، كما ذهب هذا المطر بتراب هذا الصفا فتركه نقيًا، فكذلك تركه الرياء، لا يقدر على شيء مما قدم، فقال للمؤمنين: ? لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى ?، فتبطل كما بطلت صدقة الرياء.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:12 م]ـ
الإثنين.--------> 28/ 06/2010.--------> الصفحة 45
http://dc217.4shared.com/img/323744497/b1ed062c/045.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) ?.
قال الشعبي في قوله تعالى: ? وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ ?: تصديقًا وتيقينًا. وقال مجاهد: يثبتون أين يضعون أموالهم.
وقوله تعالى: ? كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ ?.
قال البغوي: (وهي المكان المرتفع المستوى الذي تجري فيه الأنهار، فلا يعلوه الماء، ولا يعلو عن الماء). انتهى. وقال ابن عباس: ? كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ ?، المكان المرتفع الذي لا تجري فيه الأنهار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/81)
وقوله تعالى: ? أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ?. قال السدي: أما الطل فالندى، يقول: كما أضعفت ثمرة تلك الجنة، فكذلك يضاعف ثمرة هذا المنفق. وقال قتادة: هذا مثل ضربه الله لعمل المؤمن، يقول: ليس كخيره خلف، كما ليس الخير هذه الجنة، خلف على أي حال، إما وابل، وإما طل.
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ?، أي: لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء.
قوله عز وجل: ? أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) ?.
قال السدي: هذا مثل آخر لنفقة الرياء، أنه ينفق ماله يرائي الناس به، فيذهب ماله منه وهو يرائي، فلا يأجره الله فيه، فإذا كان يوم القيامة واحتاج إلى نفقته، وجدها قد أحرقها الرياء فذهبت، كما أنفق هذا الرجل على جنته، حتى إذا بلغت وكثر عياله واحتاج إلى جنته، جاءت ريح فيها سموم فأحرقت جنته، فلم يجد منها شيئًا، فكذلك المنفق رياء. قال مجاهد في قول الله عز وجل: ? أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ? كمثل المفرط في طاعة الله حتى يموت. وقال عمر بن الخطاب: هذا مثل ضربه الله للإنسان يعمل عملاً صالحًا، حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إليه، عمِل عمَل السوء. وقال قتادة: قوله: ? أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ? الآية، يقول: أصابها ريح فيها سموم شديد. ? كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ? فهذا مثل، فاعقلوه عن الله عز وجل أمثاله، فإنه قال: ? وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ?. هذا رجل كبرت سنه، ودق عظمه، وكثر عياله، ثم احترقت جنته على بقية ذلك كأحوج ما يكون إليه، يقول: أيحب أحدكم أن يضل عنه عمله يوم القيامة، كأحوج ما يكون إليه؟
وقال البخاري باب قوله: ? أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ? إلى قوله: ? لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ?، وذكر حديث عمر: أنه قال يومًا لأصحاب النبي ?: فيم ترون هذه الآية نزلت: ? أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ ?؟ قالوا: الله أعلم، فغضب عمر فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. قال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك. قال ابن عباس: ضربت مثلاً لعمل. قال عمر: أيّ عمل؟ قال ابن عباس: بعمل. قال عمر: لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل، ثم بعث الله له الشيطان، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله. انتهى والله المستعان.
* * *
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ?.
قال ابن عباس: ? أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ? يقول: تصدقوا. وقال مجاهد في قوله: ? أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ? قال: من التجارة. وقال ابن عباس: يقول: من أطيب أموالكم وأنفسه. وعن عبيدة قال: سألت عليًا عن قول الله عز وجل: ? وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ ? قال: يعني: من الحب والثمر، وكل شيء عليه زكاة. وعن البراء بن عازب في قول الله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ ? إلى قوله: ? أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ? قال: نزلت في الأنصار، كانت الأنصار إذا كان أيام جذاذ النخل أخرجت من حيطانها أقناء البسر، فعلقوه على حبل بين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/82)
الأسطوانتين في مسجد رسول الله ?، فيأكل فقراء المهاجرين منه، فيعمد الرجل منهم إلى الحشف فيدخله مع أقناء البسر يظن أن ذلك جائز، فأنزل الله عز وجل فيمن فعل ذلك: ? وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ ?. رواه ابن جرير.
قال قتادة: ? وَلاَ تَيَمَّمُواْ ?، لا تعمدوا. وعن البراء: ? وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ ? يقول: لو كان لرجل على رجل فأعطاه ذلك لم يأخذه، إلا أنه يرى أنه قد نقصه من حقه. وعن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن هذه الآية ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ ?. فقال عبيدة: إنما هذا في الواجب، ولا بأس أن يتطوع الرجل بالتمرة، والدرهم الزائف خير من التمرة.
وقوله تعالى: ? وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ?، أي: غني عن صدقاتكم، حميد: بقبولها منكم، وإثباتكم على أعمالكم، وهو المحدود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره.
قوله عز وجل: ? الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) ?.
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «إن للشيطان لمة من ابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله وليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان» ثم قرأ: «? الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء ?». رواه ابن جرير وغيره.
قوله عز وجل: ? يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269) ?.
قال قتادة: الحكمة: القرآن، والفقه في القرآن.
وقوله تعالى: ? وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ?، أي: العقول. قال الحسن: من أعطى القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لم يوح إليه.
وقال ابن كثير: جاء في بعض الأحاديث: «من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين كتفيه، غير أنه لا يوحى إليه».
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:15 م]ـ
الثلاثاء.--------> 29/ 06/2010.--------> الصفحة 46
http://dc203.4shared.com/img/323744551/f5f98622/046.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270) ?.
قال مجاهد في قوله عز وجل: ? وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ ? ويحصيه. قال ابن جرير: ثم أوعد جل ثناؤه من كانت نفقته رياء ونذوره طاعة للشيطان فقال: ? وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ?.
قوله عز وجل: ? إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) ?.
قال البغوي: (قوله تعالى: ? إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ?، أي: نعمت الخصلة هي، وما في محل الرفع وهي في محل النصب، كما تقول: نعم الرجل رجلاً، فإذا عرفت رفعت، فقلت: نعم الرجل زيد، وأصله: نعم ما، فوصلت). انتهى. قال قتادة: كل مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السر أفضل، وذكر لنا: (أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار). وقال ابن عباس: ? إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ ? فجعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيها بسبعين ضعفًا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال بخمسة وعشرين ضعفًا، وكذلك جمع الفرائض والنوافل والأشياء كلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/83)
قوله عز وجل: ? لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) ?.
عن ابن عباس: (عن النبي ? أنه كان يأمر بألا يتصدق إلا على أهل الإسلام، حتى نزلت هذه الآية: ? لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ? إلى آخرها، فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين) رواه ابن أبي حاتم. وقال ابن زيد في قوله: ? يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ? قال: هو مردود عليك فمالك ولهذا تؤذيه وتمن عليه، إنما نفقتك لنفسك وابتغاء وجه الله والله يجزيك. وقال السدي: قوله: ? لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ ? أمَّا: ? لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ?، فيعني: المشركين، وأما النفقة فبين أهلها، فقال: ? لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ?، قال قتادة: أحصروا أنفسهم في سبيل الله للغزو. وقال ابن زيد: كانت الأرض كلها كفرًا لا يستطيع أحد أن يخرج يبتغي من فضل الله.
وقال مجاهد في قوله: ? يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ ?، قال: التخشع. وقال الربيع: تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة. وقال السدي في قوله: ? لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ?، لا يلحفون في المسألة. وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن النبي ? قال: «ليس المسكين بهذا الطوَّاف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس». وللبخاري: «إنما المسكين الذي يتعفف». وعن أبي سعيد الخدري قال: سرحتني أمي إلى رسول الله ? أسأله، فأتيته فقعدت قال: فاستقبلني فقال: «من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله، ومن استكف كفاه الله، ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف». قال فقلت: ناقتي الياقوتة خير من أوقية، فرجعت فلم أسأله. رواه أحمد وغيره، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر». رواه مسلم.
قوله عز وجل: ? الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (274) ?.
قال قتادة: هؤلاء أهل الجنة، ذكر لنا أن نبي الله ? كان يقول: «المكثرون هم الأقلون». قالوا: يا نبي الله إلا من؟ - حتى خشوا أن تكون قد مضت فليس لها رد - حتى قال: «إلا من قال بالمال هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله، وهكذا بين يديه، وهكذا خلفه، وقليل ماهم، هؤلاء قوم أنفقوا في سبيل الله التي افترض، وارتضى في غير سرف ولا إملاق، ولا تبذير ولا فساد». وبالله التوفيق.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:17 م]ـ
الأربعاء.--------> 30/ 06/2010.--------> الصفحة 47
http://dc224.4shared.com/img/323744552/6cf0d798/047.png?sizeM=7
http://dc206.4shared.com/img/323746479/62dfce2e/t095.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/84)
قال مجاهد في الربا الذي نهى الله عنه: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني، فيؤخر عنه.
وقال في قول الله عز وجل: ? الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ? يوم القيامة في آكل الربا في الدنيا. وقال ابن عباس: ذلك حين يبعث من قبره. وقال سعيد بن جبير: يبعث آكل الربا يوم القيامة مجنونًا يخنق.
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ?.
قال البغوي: (أي: ذلك الذي نزل بهم لقولهم هذا واستحلالهم إياه، وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا حل ماله على غريمه فطالبه، فيقول الغريم لصاحب الحق: زدني في الأجل حتى أزيدك في المال، فيفعلان ذلك، ويقولون: سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح أو عند المحل لأجل التأخير، فكذبهم الله تعالى وقال: ? وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ?). انتهى.
وقوله تعالى: ? فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ ?
قال السدي: أما الموعظة: القرآن، وأما ما سلف: فله ما أكل من الربا.
وقوله تعالى ? وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ? فيه تهديد أكيد ووعيد شديد، كقوله تعالى: ? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ?. وفي الحديث عن النبي ?: «لعن الله آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه». وقال: «هم سواء». متفق عليه واللفظ لمسلم. وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله ?: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد». رواه مسلم.
قوله عز وجل: ? يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) ?.
عن ابن مسعود عن النبي ? قال: «إن الربا وإن أكثر، فإن عاقبته تصير إلى قل». رواه أحمد وغيره.
وقوله تعالى: ? وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ?، أي: يبارك فيها في الدنيا، ويضاعف أجرها في الآخرة. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يرب أحدكم فلوّه، حتى تكون مثل الجبل».
وقوله تعالى: ? وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ?.
قال ابن كثير: أي: لا يحب كفور القلب، أثيم القول والفعل.
قوله عز وجل: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (277) ?.
هذا مدح من الله تعالى للمؤمنين المطيعين لأمره، المحسنين إلى خلقه، وإخبار عما أعد لهم من الكرامة يوم القيامة.
قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (279) ?.
قال ابن كثير: وقد ذكر زيد بن أسلم وابن جريج ومقاتل بن حيان والسدي: (أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه، طلبت ثقيف أن تأخذه منهم فتشاوروا، وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإسلام بكسب الإسلام، فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله ? فنزلت هذه الآية، فكتب بها رسول الله ? إليه: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/85)
وَرَسُولِهِ ? فقالوا: نتوب إلى الله ونذر ما بقي من الربا، فتركوا كلهم). انتهى.
قال ابن عباس: فمن كان مقيمًا على الربا لا ينزع عنه، فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه، وقال أيضًا يقال: يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب.
وقوله تعالى: ? وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ?. قال الضحاك: وضع الله الربا، وجعل لهم رؤوس أموالهم. وقال قتادة: ذكر لنا أن النبي ? قال في خطبته: «ألا إن ربا الجاهلية موضوع كله، أول ربا ابتدء به ربا العباس بن عبد المطلب». وقال ابن زيد في قوله: ? فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ?، لا تنقصون من أموالكم، ولا تأخذون باطلاً لا يحل لكم.
قوله عز وجل: ? وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280) ?.
قال الضحاك: من كان ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة، وأن تصدقوا خير لكم، قال: وكذلك كل دين على مسلم، وفي الحديث عن النبي ? قال: «من نفّس عن غريمه أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة». وفي الحديث الآخر عن النبي ?: «أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة، قال: ما ذا عملت لي في الدنيا؟ فقال: ما عملت لك يا رب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها؟ قالها ثلاث مرات. قال العبد عند آخرها: يا رب إنك كنت أعطيتني فضل مال، وكنت رجلاً أبايع الناس، وكان من خلِقي الجواز، فكنت أيسر على الموسر وأُنظر المعسر. قال: فيقول الله عز وجل: أنا أحق من ييسّر، ادخل الجنة». أخرجه أبو يعلى الموصلي ونحوه في البخاري ومسلم.
قوله عز وجل: ? وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281) ?.
قال ابن عباس: (هذه آخر آية نزلت على رسول الله ?، فقال له جبريل عليه السلام: ضعها على رأس مائتين وثمانين آية من سورة البقرة، وعاش بعدها رسول الله ? إحدى وعشرين يومًا). والله أعلم.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:21 م]ـ
الخميس.--------> 01/ 07/2010.--------> الصفحة 48
http://dc185.4shared.com/img/323744767/3433a4ba/048.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ?.
قال ابن عباس في قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ? أنزلت في السلم إلى أجل معلوم. وقال الضحاك: من باع إلى أجل مسمى أمر أن يكتب صغيرًا كان أو كبيرًا إلى أجل مسمى. قال الربيع فكان هذا واجبًا، ثم قامت الرخصة والسعة، قال: ? فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ ?.
وقال قتادة في قوله: ? وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ? اتقى الله كاتب في كتابه، فلا يدعن منه حقًا، ولا يزيدن فيه باطلاً.
وعن مجاهد في قول الله عز وجل: ? وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ ?. قال: واجب على الكاتب أن يكتب. وقال السدي: وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ إن كان فارغًا.
وقال ابن زيد في قوله تعالى: ? وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً ?. قال: لا ينقص من حق هذا الرجل شيئًا إذا أملى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/86)
وقوله تعالى: ? فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ?. قال مجاهد: أما السفيه فالجاهل بالإملاء والأمور، وقال أيضًا: أما الضعيف فالأحمق. وقال ابن عباس: ? فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ?، يقول إن عجز عن ذلك أملى وليّ صاحب الدين بالعدل. وقال الضحاك: أمر ولي السفيه والضعيف أن يمل بالعدل.
قوله عز وجل: ? وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ ?.
قال مجاهد: ? وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ ? قال: الأحرار. وقال البغوي: (يعني: الأحرار المسلمين دون العبيد والصبيان، وهو قول أكثر أهل العلم. وأجاز شريح وابن سيرين شهادة العبيد). انتهى. وقال الربيع في قوله: ? وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ ?، يقول: في الدِّين ? فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ? وذلك في الدين. ? مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء ?، يقول: عدول. وقال قتادة: علم الله أن ستكون حقوق، فأخذ لبعضهم من بعض الثقة، فخذوا بثقة الله، فإنه أطوع لربكم وأدرك لأموالكم، ولعمري لئن كان تقيًّا لا يزيد الكتاب إلا خيرًا، وإن كان فاجرًا فبالحريّ أن يؤدي إذا علم أن عليه شهودًا.
وقال الربيع: ? أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ?، يقول: أن تنسى إحداهما فتذكرها الأخرى.
وقال قتادة في قوله تعالى: ? وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ ? قال: لا تأب أن تشهد إذا ما دعيت إلى شهادة. وكان الحسن يقول في قوله: ? وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ ?. جمعت أمرين: لا تأب إذا كانت عندك شهادة أن تشهد، ولا تأب إذا دعيت إلى شهادة.
قوله عز وجل: ? وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُواْ إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) ?.
قال مجاهد: ? وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ?. قال: هو الدَّين.
وقال السدي: قوله: ? ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ ?، يقول: أعدل عند الله.
وقال البغوي: ? ذَلِكُمْ ?، أي: الكتاب، ? أَقْسَطُ ? أعدل، ? عِندَ اللّهِ ? لأنه أمر به واتباع أمره أعدل من تركه وأقوم للشهادة، لأن الكتابة تذكر الشهود، ? وَأَدْنَى ? وأحرى وأقرب إلى ? أَلا تَرْتَابُواْ ?، تشكوا في الشهادة.
وقال السدي: قوله: ? إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ ?، يقول: معكم بالبلد ترونها فتؤخذ وتعطى، فليس على هؤلاء جناح ألا يكتبوها. وقال الربيع: قلت للحسن: أرأيت قول الله عز وجل: ? وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ ?؟ قال: إن أشهدت عليه فهو ثقة للذي لك، وإن لم تشهد عليه فلا بأس. قال ابن كثير: وهذا الأمر محمول عند الجمهور على الإرشاد والندب، لا على الوجوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/87)
وقال مجاهد في قوله تعالى: ? وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ ?. يقول: لا يأتي الرجل فيقول: انطلق فاكتب لي واشهد لي، فيقول: إن لي حاجة فالتمس غيري، فيقول: اتق الله فإنك قد أمرت أن تكتب لي، فهذه المضارة. ويقول: دعه والتمس غيره، والشاهد بتلك المنزلة. وقال ابن عباس: ? وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ ?، يقول: إنه يكون للكاتب والشاهد حاجة ليس منها بد فيقول: خلوا سبيله. وقال أيضًا: والضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني: إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا دعيت، فيضاره بذلك وهو مكتف بغيره، فنهاه الله عز وجل عن ذلك وقال: ? وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ?، قال: والفسوق المعصية.
وقوله تعالى: ? وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?. قال الضحاك: هذا تعليم علمكموه فخذوا به
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:22 م]ـ
الجمعة.--------> 02/ 07/2010.--------> الصفحة 49
http://dc192.4shared.com/img/323744774/b421c441/049.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) ?.
قال الربيع: قوله: ? وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً ?، يقول كاتبًا يكتب لكم، ? فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ ?. وقال الضحاك: ما كان من بيع إلى أجل فأمر الله عز وجل: أن يكتب وليشهد عليه، وذلك في المقام، فإن كان قوم على سفر تبايعوا إلى أجل فلم يجدوا فرهان مقبوضة.
وقوله تعالى: ? فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ ?.
قال البغوي: (فإن كان الذي عليه الحق أمينًا عند صاحب الحق فلم يرتهن منه شيئًا لحسن ظنه به، ? فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ?، أي: فليقضه على الأمانة، ? وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ ? في أداء الحق. انتهى.
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ?. قال السدي: ? وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ?، يقول: فاجر قلبه. وقال ابن عباس: إذا كانت عندك شهادة فسألك عنها فأخبره بها، ولا تقل: أخبر بها عند الأمير: أخبره بها لعله يراجع أو يرعوي. انتهى. وقد قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ?. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) ?.
يقول تعالى: ? لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ? خلفًا وملكًا وعبيدًا. ? وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?. روى الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة قال: (لما نزلت على رسول الله ?: ? لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? اشتد ذلك على أصحاب رسول الله ? فأتوا رسول الله ? ثم جثوا على الركب وقالوا: يا رسول الله كلّفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/88)
والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها: فقال رسول الله ?: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»، فلما أقرّ بها القوم وذلّت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: ? آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ?، فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله: ? لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ?). إلى آخره.
ولمسلم: (ولما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله: ? لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ?، قال: «نعم ربنا»، ? وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ? قال: «نعم ربنا»، ? وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ? قال: «نعم»، ? وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ? قال: «نعم».
وفي رواية له من حديث ابن عباس: قال: (قد فعلت).
قال ابن حجر في (فتح الباري): (والمراد بقوله: نسختها أي: أزالت ما تضمنته من الشدة، وبينت أنه وإن وقعت المحاسبة به، لكنها لا تقع المؤاخذة به؛ أشار إلى ذلك الطبري، فرارًا من إثبات دخول النسخ في الأخبار، وأجيب بأنه وإن كان خبرًا لكنه يتضمن حكمًا، ومهما كان من الأخبار يتضمن الأحكام، أمكن دخول النسخ فيه كسائر الأحكام، وإنما الذي لا يدخله النسخ من الأخبار، ما كان خبرًا محضًا لا يتضمن حكمًا، كالإخبار عما مضى من أحاديث الأمم ونحو ذلك؛ ويحتمل أن يكون المراد بالنسخ في الحديث: التخصيص، فإن المتقدمين يطلقون لفظ النسخ عليه كثيرًا، والمراد بالمحاسبة بما يخفي الإنسان ما يصمم عليه ويشرع فيه، دون ما يخطر ولا يستمر عليه. والله أعلم). انتهى.
وروى الجماعة من حديث أبي هريرة عن النبي ? قال: «إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تكلم أو تعمل».
قوله عز وجل: ? آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) ?.
قال ابن زيد: ? لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ?، كما صنع القوم يعني: بني إسرائيل قالوا: فلان نبي وفلان ليس نبيًا، وفلان نؤمن به وفلان لا نؤمن به. وعن حكيم بن جابر قال: (لما أنزلت على رسول الله ? ? آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ?. قال جبريل: إن الله عز وجل قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك، فسل تعطه. فسأل: ? لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا) ?. رواه ابن جرير.
قوله عز وجل: ? لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/89)
قال السدي: ? لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ? طاقتها، وحديث النفس مما لا يطيقون. وقال ابن عباس: هم المؤمنون، وسع الله عليهم أمر دينهم، فقال الله جل ثناؤه: ? وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ? وقال: ? يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ?، وقال: ? فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ?. وقال: قتادة:
قوله: ? لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ ?، أي: من خير، ? وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ?، أي: من شر، وقوله: ? رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ? قال ابن زيد: إن نسينا شيئًا مما افترضته علينا، أو أخطأنا شيئًا مما حرمته علينا. وقال قتادة: بلغني أن النبي ? قال: «إن الله تجاوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت بها أنفسها». وروى ابن ماجة وغيره من حديث ابن عباس عن النبي ? قال: «إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
وقوله تعالى: ? رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ?. قال مجاهد: ? إِصْراً ?، عهدًا. وقال ابن زيد: لاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا ذنبًا ليس فيه توبة ولا كفارة. وقال مالك: الإصر الأمر الغليط.
وقوله: ? رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ?، قال ابن زيد: لا تفترض علينا من الدين ما لا طاقة لنا به، فنعجز عنه، ? وَاعْفُ عَنَّا ? إن قصرنا عن شيء من أمرك مما أمرتنا به، ? وَاغْفِرْ لَنَا ?، إن انتهكنا شيئًا مما نهيتنا عنه، ? وَارْحَمْنَا ? يقول: لأننا لا نعمل بما أمرتنا به، ولا نترك ما نهيتنا عنه إلا برحمتك. قال: ولم ينج أحد إلا برحمتك.
وقوله تعالى: ? أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ?، ورد في بعض الآثار: (قال الله: قد عفوت عنكم وغفرت لكم ورحمتكم، ونصرتكم على القوم الكافرين). وكان معاذ رضي الله عنه إذا فرغ من هذه السورة قال: (آمين). وعن ابن مسعود رضي الله عنه إذا فرغ من هذه السورة قال: (آمين). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه». متفق عليه. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهن نبي قبلي». رواه أحمد. وعن علي رضي الله عنه قال: لا أرى أحدًا عقل الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة، فإنها من كنز أعطيه نبيكم ? من تحت العرش. رواه ابن مردويه. والله أعلم.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[24 - 06 - 10, 11:24 م]ـ
ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[27 - 06 - 10, 10:23 ص]ـ
بعد حفظ سورة البقرة يصبح برنامج المراجعة كالتالي (وسنبدأ بسورة المائدة في الاسبوع القادم ان شاء الله)
http://dc238.4shared.com/img/327071618/733bdb92/01_online.png?rnd=0.2137313109922826&sizeM=7
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 06 - 10, 09:34 ص]ـ
سيتم حفظ سورة المائدة (ان شاء الله) خلال الاسبوعين القادمين
من 03/ 07/2010.--------> 16/ 07/2010
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 06 - 10, 09:37 ص]ـ
السبت.-------> 03/ 07/2010.-------> الصفحة 106.-------> والصفحة 107
الأحد.-------> 04/ 07/2010.-------> الصفحة 108.-------> والصفحة 109
الإثنين.-------> 05/ 07/2010.-------> الصفحة 110.-------> والصفحة 111
الثلاثاء.-------> 06/ 07/2010.-------> الصفحة 112.-------> والصفحة 113
الأربعاء.-------> 07/ 07/2010.-------> الصفحة 114.-------> والصفحة 115
الخميس.-------> 08/ 07/2010.-------> الصفحة 116.-------> والصفحة 117
الجمعة.-------> 09/ 07/2010.-------> الصفحة 118.-------> والصفحة 119
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 01:12 م]ـ
السبت.-------> 03/ 07/2010.-------> الصفحة 106.-------> والصفحة 107
http://dc227.4shared.com/img/331351002/dd566b15/106.bmp?sizeM=7
[ المائدة]
مدنية، وهي مائة وعشرون آية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/90)
عن عبد الله بن عمرو قال: (آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح). رواه الترمذي. يعني: إذا جاء نصر الله والفتح. روى الحاكم عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: (يا جبير تقرأ المائدة؟) فقلت: نعم. فقالت: (أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، وما وجدتم من حرام فحرّموه).
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) ?.
عن ابن عباس: قوله: ? أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ?، يعني: بالعهود. وعن مجاهد: ? أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ? ما عقد الله على العباد مما أحل لهم، وحرّم عليهم. وقال عبد الله بن عبيدة: العقود خمس: عقدة الإِيمان، وعقدة النكاح، وعقدة العهد، وعقدة البيع، وعقدة الحلف.
وقوله تعالى: ? أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ ?، قال الحسن: من الإبل، والبقر، والغنم. وعن ابن عباس: أن بقرة نُحرت فوُجد في بطنها جنين، فأخذ ابن عباس بذنب الجنين فقال: هذا من بهيمة الأنعام التي أحلّت لكم.
وقوله تعالى: ? إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ?، قال قتادة: إلا الميتة، وما لم يذكر اسم الله عليه. وعن ابن عباس: ? أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ?، هي: الميتة، والدم، ولحم الخنزير ما أهل لغير الله به. وقال مجاهد: إلا الميتة وما ذكر معها.
وقوله تعالى: ? غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ?.
قال البغوي: معنى الآية: أحلّت لكم بهيمة الأنعام كلّها إلا ما كان منها وحشيًّا، فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإِحرام.
وقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ ?، قال ابن عباس: كان المشركون يحجّون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظّمون حرمة المشاعر، ويتّجرون في حجهم، فأراد المسلمون أن يُغيروا عليهم، فقال الله عز وجل: ? لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ ? وسئل عطاء عن شعائر الله فقال: حرمات الله: اجتناب سخط الله وإتباع طاعته، فذلك شعائر الله. وقال ابن عباس: مناسك الحج.
وقوله تعالى: ? وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ?، قال ابن عباس: يعني: لا تستحلوا قتالاً فيه. قال قتادة: كان الشرك يومئذٍ لا يصد عن البيت، فأمروا أن لا يقاتلوا في الشهر الحرام، ولا عند البيت.
وقوله تعالى: ? وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ ?، أي: لا تتعرضوا للهدايا المقلّدات وغير المقلّدات. وقال قتادة: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج، يقلّد من الشعر فلم يعرض له أحد، فإذا رجع يقلّد قلادة فلم يعرض له أحد.
وقوله تعالى: ? وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً ?، قال ابن جريج: ينهى عن الحجاج أن تقطع سبلهم. وقال ابن عباس: نهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدًا أن يحج البيت، أو يعرضوا له من مؤمن وكافر، ثم أنزل الله بعد هذا: ? إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ?.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ ?، قال مجاهد: هي رخصة.
وقوله تعالى: ? وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ ?، قال قتادة: أي: لا يحملنكم بغض قوم أن تعتدوا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/91)
قال ابن كثير: أي: لا يحملنكم بغض قوم قد كانوا صدّوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية على أن تعتدوا حكم الله فيهم، فتقتصّوا منهم ظلمًا وعدوانًا، بل احكموا بما أمركم الله به من العدل في حق كل أحد.
وقوله تعالى: ? وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ?، قال ابن عباس: البرّ ما أمرت به، والتقوى ما نهيت عنه.
http://dc247.4shared.com/img/331351238/152a05a6/107.bmp?sizeM=7
قوله عز وجل: ? حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) ?.
قال ابن كثير: قوله: ? وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّه بِهِ ِ ?، أي: ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله فهو حرام، لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم، فمتى عدل بها عن ذلك وذكر اسم غيره من صنم، أو طاغوت، أو وثن، أو غير ذلك من سائر المخلوقات، فإنها حرام بالإجماع. وقال ابن عباس: المنخنقة: التي تختنق فتموت؛ وقال قتادة: هي التي تموت في خناقها، وقال أيضًا: كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها. والموقوذة: كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصا حتى إذا ماتت أكلوها. وقال السدي: المتردية هي التي تردّى من الجبل أو البئر فتموت. والنطحية: التي تنطحها البقر والغنم فتموت، يقول: هذا حرام لأن ناسًا من العرب كانوا يأكلونه. وعن ابن عباس: وما أكل السبع يقول: وما أخذ السبع. قال قتادة: كان أهل الجاهلية إذا قتل السبع سيئًا من هذا أو أكل منه أكلوا ما بقي.
وقوله تعالى: ? إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ?، قال ابن عباس: يقول: ما أدركت ذكاته من هذا كله يتحرك له ذنب، أو تطرف له عين، فاذبح، واذكر الله عليه، فهو حلال.
وقوله تعالى: ? وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ?، قال قتادة: والنصب حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها ويذبحون لها فنهى الله عن ذلك.
قال ابن كثير: فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع، وحرم عليهم أكل هذه الذبائح التي فعلت عند النصب، حتى لو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح عند النصب من الشرك الذي حرمه الله ورسوله.
وقوله تعالى: ? وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ?، قال الحسن: كانوا إذا أرادوا أمرًا أو سفرًا يعمدون إلى قداح ثلاثة على واحد منها مكتوب: أؤمرني، وعلى الآخر: انهني، ويتركون الآخر محلّلاً بينهما ليس عليه شيء، ثم يحلّونها فإن خرج الذي عليه: أؤمرني، مضوا لأمرهم، وإن خرج الذي عليه: انهني، كفّوا وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها.
وقوله تعالى: ? ذَلِكُمْ فِسْقٌ ?، قال ابن عباس: يعنى: من أكل من ذلك كله فهو فسق.
وقال ابن كثير: ? وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ?، أي: تعاطيه فسق وغيّ وضلالة وجهالة وشرك، وقد أمر الله المؤمنين إذا ترددوا في أمورهم أن يستخيروه.
وقوله تعالى: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ?، قال مجاهد: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ?، ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ?: هذا حين فعلت. وقال ابن زيد في قوله: ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ?، قال: هذا يوم عرفة. وقال ابن عباس: يعني: أن ترجعوا إلى دينهم أبدًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/92)
قال ابن كثير: ويحتمل أن يكون المراد أنهم يئسوا من مشابهة المسلمين لما تميّز به المسلمون من هذه الصفات المخالفة للشرك وأهله.
وقال ابن جريج: ? فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ? فلا تخشوهم أن يظهروا عليكم، ? وَاخْشَوْنِ ?. قال ابن جرير يقول: ولكن خافون إن أنتم خالفتم أمري، واجترأتم على معصيتي، وتعدّيتم حدودي، أن أحلّ بكم عقابي وأنزل بكم عذابي.
وعن ابن عباس: قوله: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ?، وهو: الإسلام، قال: أخبر الله نبيه ? والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدًا. وعن هارون بن عنترة عن أبيه: قال لما نزلت: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ? وذلك يوم الحج الأكبر، بكي عمر فقال له النبي ?: «ما يبكيك»؟ قال: أبكاني أنَّا كنا في زيادة من ديننا، فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل شيء إلاَّ نقص، فقال: «صدقت». وعن قتادة: قوله: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ? الآية: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ? يوم عرفة يوم الجمعة، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام وأخلص للمسلمين حجهم.
قوله تعالى: ? فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، قال ابن عباس: ? فِي مَخْمَصَةٍ ?، يعني: في مجاعة. وقال مجاهد ? غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لّإِثْمٍ ? غير متعمد لإثم، وقال السدي: يقول: غير متعرض لإِثم، أي: يبتغي فيه شهوة أو يتعدّى في أكله. وعن أبي واقد الليثي قال قلنا: يا رسول الله إنا بأرض يصيبنا فيها مخمصة، فما يصلح لنا من الميتة؟ قال: «إذا لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، أو تحتفتوا بقلاً فشأنكم بها». رواه ابن جرير.
قوله عز وجل: ? يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) ?.
روى ابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين أنهما سألا رسول الله ? فقالا: يا رسول الله قد حرّم الله الميتة فماذا يحلّ لنا منها؟ فنزلت: ? يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ?.
وعن الحسن في قوله: ? وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ?، قال: كل ما علم فصاد من كلب أو صقر أو فهد أو غيره.
قال ابن جرير: فقوله: ? مُكَلِّبِينَ ? صفة للقانص، وإن صاد بغير الكلاب في بعض أحيانه.
وقوله تعالى: ? تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ ?.
قال البغوي: ? تُعَلِّمُونَهُنَّ ? تؤدبوهن آداب أخذ الصيد، ? مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ ?، أي: من العلم الذي علمكم الله. قال ابن عباس: إن المُعَلَّم من الكلاب: أن يمسك صيده، فلا يأكل منه حتى يأتيه صاحبه، فإن أكل من صيده قبل أن يأتيه صاحبه، فيدرك ذكاته فلا يأكل من صيده. وقال طاوس: إذا أكل الكلب فهو ميتة فلا تأكل. وقال إبراهيم: إذا أكل البازي، والصقر من الصيد فكل، فإنه لا يعلّم. وروى ابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فما يحلّ لنا منها؟ قال: «يحلّ لكم ما علّمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علّمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه». ثم قال: «ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله عليه، فكُلْ مما أمسك عليك». قلت: وإن قتل؟ قال: «وإن قتل، ما لم يأكل»، قلت: يا رسول الله وإن خالطت كلابنا كلابًا غيرها؟ قال: «فلا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك»، قال: قلت: إنا قوم نرمي فما يحل لنا؟ قال: «ما ذكرت اسم الله عليه وخزفت فكل».
قال ابن كثير: اشترط في الكلب أن لا يأكل، ولم يشترط ذلك في البزاة فدل على التفرقة بينهما في الحكم والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/93)
وقوله تعالى: ? فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ?، قال قتادة: إذا أرسلت كلبك المعلّم، أو طيرك، أو سهمك، فذكرت اسم الله فأخذ، أو قتل، فكل. وقال الضحاك: إذا أرسلت كلبك المعلّم فذكرت اسم الله حين ترسله، فأمسك، أو قتل هو حلال، فإذا أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه. وقال ابن عباس: إذا أرسلت جوارحك فقل: بسم الله إن نسيت فلا حرج.
قوله عز وجل: ? الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) ?.
قال ابن جرير: يعني جل ثناؤه بقوله: ? الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ?: اليوم أحل لكم أيها المؤمنون الحلال من الذبائح والمطاعم دون الخبائث منها.
وعن مجاهد: ? وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ?، قال: الذبائح. وقال الضحاك: أحلّ الله لنا طعامهم ونساءهم. وعن الشعبي أنه كان لا يرى بأسًا بذبائح نصارى بني تغلب، وقرأ: ? وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ?.
وقوله تعالى: ? وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ?، عن مجاهد: ? وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ?، قال: الحرائر. وقال الشعبي: إحصان اليهودية والنصرانية أن لا تزني وتغتسل من الجنابة. وعن ابن عباس: قوله: ? مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ?، يعني: ينكحوهن بالمهر والبيّنة ? غَيْرَ مُسَافِحِينَ ? متعالين بالزنا، ? وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ?، يعني: يسرّون بالزنا. وسئل الحسن: أيتزوج رجل المرأة من أهل الكتاب؟ قال: ماله ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات؟ فإن كان لا بد فاعلاً فليعمد إليها حصانًا غير مسافحة. وعن عطاء: أن الرخصة كانت مختصةً بذلك الوقت؛ لأنه كان في المسلمات قلّة، وكان عمر لا يرى نكاح الكتابيات أصلاً متمسكًا بقوله تعالى: ? وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ?.
قلت: وأكثر اليهود والنصارى في هذا الوقت دهرية، ولا يتمسكون بكتاب.
وقوله تعالى: ? وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ?، قال عطاء: الإِيمان: التوحيد. والله أعلم.
* * *
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 02:46 م]ـ
الأحد.-------> 04/ 07/2010.-------> الصفحة 108.-------> والصفحة 109
http://dc262.4shared.com/img/331351319/51d93d85/108.bmp?sizeM=7
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/94)
سئل عكرمة عن قول الله: ? إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ? فكلّ ساعة يتوضأ؟ فقال: قال ابن عباس: لا وضوء إلا من حدث. وقال السدي: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ?، يقول: قمتم وأنتم على غير طهر. وعن أنس قال: توضأ عمر بن الخطاب وضوءًا فيه تجوّز خفيفًا، فقال: هذا وضوء من لم يُحْدث. وعن بريدة قال: كان رسول الله ? يتوضأ لكلّ صلاة فلما كان عام الفتح صلَّى الصلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه، فقال عمر: إنك فعلت شيئًا لم تكن تفعله! قال: «عمدًا فعلتُه». قال ابن جرير كلامًا معناه: أنه أَمْرُ فرضٍ على المحدث، وأمرُ ندبٍ إن كان على طهر.
وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله ? يقول: «من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات». رواه ابن جرير.
وقوله تعالى: ? فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ ?، قال إبراهيم: يجزي اللحية ما سال عليها من الماء. وكان الحسن إذا توضأ مسح لحيته مع وجهه. وعن قتادة عن الحسن قال: ليس عرك العارضين في الوضوء بواجب. وقال أبو عمر: وليس عرك العارضين وتشبيك اللحية بواجب في الوضوء. وعن شعبة قال: سألت الحكم وقتادة عن رجل ذكر وهو في الصلاة أنه لم يتمضمض ولم يستنشق، فقال: يمضي في صلاته. وقال ابن عمر: الأذنان من الرأس، فإذا مسحت الرأس فامسحها؛ وعنه أنه: (كان إذا توضأ عرك عارضيه، وشبك لحيته بأصابعه أحيانًا، ويترك أحيانًا). وعن أم سلمة: (أن رسول الله ? توضأ فخلّل لحيته). رواه ابن جرير. وعن أبي أيوب قال: (كان رسول الله ? إذا توضأ تمضمض ومسح لحيته من تحتها بالماء). رواه ابن جرير.
قال ابن جرير: الوجه الذي أمر الله جلّ ذكره بغسله، كل ما انحدر عن منابت شعر الرأس إلى منقطع الذقن طولاً، وما بين الأذنين عرضًا، مما هو ظاهر لعين الناظر.
وقوله تعالى: ? وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ?، قال الشافعي: لم أعلم مخالفًا في المرافق فيما يغسل.
وقال ابن جرير: فأما المرفقان وما وراءهما، فإن ذلك من الندب.
وقال البغوي: قوله تعالى: ? وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ?، أي: مع المرافق، وأكثر العلماء على أنه يجب غسل المرفقين.
وقوله تعالى: ? وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ ? في الصحيحين عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه: (أن رجلاً قال لعبد الله بن زيد: هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله ? يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بوضوء، فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين مرتين، ثم مضمض واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردّهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه).
وقوله تعالى: ? وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ?، أي: واغسلوا أرجلكم مع الكعبين. وعن ابن عباس أنه قرأها: فامسحوا برؤسكم وأرجلَكم بالنصب، وقال: عاد الأمر إلى الغسل. وعن ابن مسعود قال: خلّلوا الأصابع بالماء لا تخلّلها النار. وفي الحديث عن النبي ? أنه قال: «أسبغوا الوضوء، ويلٌ للأعقاب من النار». رواه مسلم، زاد البيهقي: «وبطون الأقدام». وعن حذيفة: (أن النبي ? أتى سباطة قوم فبال قائمًا ثم توضأ ومسح على خفيه). متفق عليه.
وقوله تعالى: ? وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ ?، أي: اغتسلوا.
وقوله تعالى: ? وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ? فيه دليل على أن التيمم يكفي من لا يجد الماء عن الحدث الأصغر والأكبر، وكذلك المريض، إذا خاف الضرر من استعماله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/95)
وقوله تعالى: ? مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ? قال مجاهد:? مِّنْ حَرَجٍ ? من ضيق. وعن كعب بن مرة قال: قال رسول الله ?: «ما من رجل يتوضأ فيغسل وجهه إلا خرجت خطاياه من وجهه وإذا غسل يديه أو ذراعيه خرجت خطاياه من ذراعيه، فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من رأسه، وإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه». رواه ابن جرير وغيره.
قوله عز وجل: ? وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) ?.
عن مجاهد: ? وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ?، قال: بالنعم. وعن ابن عباس: قوله: ? وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ? الآية. يعني: حيث بعث الله النبي ? وأنزل الكتاب فقالوا: آمنا بالنبي ? وبالكتاب.
وقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ?، أي: كونوا قوامين بالحق لله عز وجل، وكونوا ? شُهَدَاء بِالْقِسْطِ ?، أي: بالعدل لا بالجور. ? وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ?، أي: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد صديقًا كان أو عدوًا.
وقوله تعالى: ? اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ?، أي: اعدلوا في أوليائكم وأعدائكم، فالعدل أقرب إلى التقوى من تركه.
وقوله تعالى: ? وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ?، أي: وعد الله المؤمنين الجنة ووقفهم لأعمالها، وأعدّ للكافرين النار بتكذيبهم وعتّوهم.
http://dc236.4shared.com/img/331351376/973c8792/109.bmp?sizeM=7
وقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ?.
عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر قالا: خرج رسول الله ? إلى بني النضير ليستعينهم على دية العامريّين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا محمدًا أقرب منه الآن فَمُرُوا رجلاً يظهر هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه، فقام عمرو بن جحاش بن كعب؛ فأتى رسول الله ? الخبر، وانصرف عنهم، فأنزل الله عز ذكره فيهم وفيما أراد هو وقومه: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ? الآية. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/96)
قوله عز وجل: ? وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (14) ?.
عن أبي العالية في قوله: ? وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ?. قال: أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره. ? وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ?.
قال ابن جرير: يعني بذلك: وبعثنا منهم اثني عشر كفيلاً، كفلوا عليهم بالوفاء لله بما واثقوه عليه من العهود فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه؛ والنقيب في كلام العرب: العريف على القوم، غير أنه فوق العريف. قال قتادة: من كل سبط رجل شاهد على قومه.
وقوله تعالى: ? وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً ?، عن مجاهد في قوله: ? وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ?. قال: نصرتموهم؛ وقال ابن زيد: التعزير والتوقير: الطاعة والنصرة.
قال ابن جرير: وأما قوله: ? وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً ?، فإنه يقول: وأنفقتم في سبيل الله، وذلك في جهاد عدوه وعدوكم.
قوله تعالى: ? لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ?. قال في جامع البيان: ? لأُكَفِّرَنَّ ? جواب القسم، سدَّ مسدَّ جواب الشرط.
وقال البغوي في قوله تعالى: (? وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ? ناصركم على عدوكم؛ ثم ابتدأ الكلام فقال: ? لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ ? يا معشر بني إسرائيل، ? وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ?، أي: أخطأ قصد السبيل، يريد طريق الحق، وسواءُ كلِّ شيء: وسطُه). انتهى ملخّصًا.
وقوله تعالى: ? فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ?، عن قتادة: ? فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ ?، يقول: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم. وقال ابن عباس: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه. ? وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ?، أي: يابسة لا تلين. ? يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ?. قال ابن عباس: يعني: حدود الله في التوراة، يقولون: إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، فإن خالفكم فاحذروا. وعن الحسن في قوله: ? وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ?. قال: [تركوا] عرى دينهم، ووظائف الله جل ثناؤه التي لا تقبل الأعمال إلا بها. وقال السدي: يقول: تركوا نصيبًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/97)
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ?، عن قتادة في قوله: ? وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ ?. قال: على خيانة وكذب وفجور. قال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
قال ابن كثير: ولهذا قال تعالى: ? إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ?، يعني به: الصفح عمن أساء إليك.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 02:51 م]ـ
الإثنين.-------> 05/ 07/2010.-------> الصفحة 110.-------> والصفحة 111
http://dc270.4shared.com/img/331351495/95f9ed23/110.bmp?sizeM=7
وقوله تعالى: ? وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ?، عن قتادة: ? وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ? نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهد الله الذي عهد إليهم، وأمر الله الذي أمرهم به. وعن إبراهيم النخعي في قوله: ? فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء ?. قال: هذه الأهواء المختلفة والتباغض، فهو الإِغراء. وقال قتادة: إن القوم لما تركوا كتاب الله، وعصوا رسله، وضيّعوا فرائضه، وعطّلوا حدوده، ألقى بينهم العدواة والبغضاء إلى يوم القيامة، بأعمالهم أعمال السوء، ولو أخذ القوم كتاب الله، وأمره ما افترقوا. وقال الربيع: إن الله عز ذكره تقدم إلى بني إسرائيل أن لا تشتروا بآيات الله ثمنًا قليلاً، وعَلَّموا الحكمة ولا تأخذوا عليها أجرًا، فلم يفعل ذلك إلا قليل منهم، فأخذوه الرشوة في الحكم، وخانوا الحدود، فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله، ? وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ?، وقال في النصارى: ? فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ?.
قوله عز وجل: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16) ?.
عن قتادة: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا ?، وهو محمد ?، ? يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ ?. قال ابن عباس: من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب فكان الرجم مما أخفوا.
وقوله تعالى: ? وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ?، أي: يعرض عن كثير مما أخفيتم فلا يتعرض له.
وقوله تعالى: ? قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ?، عن السدي: ? مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ ? سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه وانبعث به رسله، وهو الإِسلام، الذي لا يقبل من أحد عملاً إلا به، لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/98)
قوله عز وجل: ? لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) ?.
قال البغوي: قوله تعالى: ? لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ? وهم اليعقوبية من النصارى. ? قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً ? أي: من يقدر أن يدفع من أمر الله شيئًا إذا قضاه؟ ? إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?.
قال ابن جرير: يقول الله جل وعز: كيف يكون إلهًا يُعْبد من كان عاجزًا عن دفع ما أراد به غيره من السوء، وغير قادر على صرف ما نزل به من الهلاك؟ بل الإِله المعبود الذي له ملك كل شيء، وبيده تصريف كل من في السماء والأرض وما بينهما. وعن ابن عباس قال: أتى رسول الله ? نعمان بن أضا، وبحري بن عمر، وشاس بن عديّ فكلّموه، فكلّمهم رسول الله ? ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته، فقالوا: ما تخوّفنا يا محمد، نحن أبناء الله وأحباؤه - كقول النصارى - فأنزل الله جل وعز فيهم: ? وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ? إلى آخر الآية.
http://dc225.4shared.com/img/331351587/632ed779/111.bmp?sizeM=7
وقوله تعالى: ? قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ? كسائر بني آدم، مجزيّون بالإساءة والإِحسان، يغفر لمن يشاء فضلاً، ويعذب من يشاء عدلاً.
? وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ?، أي: المرجع والمآب.
قوله عز وجل: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) ?.
قال قتادة: كانت الفترة بين عيسى ومحمد ? ذكر لنا أنها كانت ستمائة سنة أو ما شاء الله من ذلك. والله أعلم.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ (20) ?.
عن ابن عيينة: ? اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ?، قال: أيادي الله عليكم، وأيامه ? إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً ?. وعن مجاهد في قوله: ? وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً ?، قال: جعل لكم أزواجًا، وخدمًا، وبيوتًا.
وقوله: ? وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ ?، قال ابن عباس: أي: الذين هم بين ظهرانيهم يومئذٍ.
وقوله: ? يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) ?.
قال مجاهد: ? الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ ?: الطور وما حوله. وقال قتادة: هي: الشام. وقال ابن عباس هي: أريحا. وقال مجاهد: ? المُقَدَّسَةَ ?: المباركة. وقال ابن إسحاق: ? الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ?: التي وهب الله لكم ? وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ ?، أي: ولا تقعدوا عن الجهاد فتبوءوا بالخسار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/99)
وقوله: ? قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) ?.
قال قتادة: ذُكر لنا أنهم كانت لهم أجسام وخلق ليست لغيرهم. وقال ابن إسحاق: إن كالب بن يوقنا أسكت الشعب عن موسى ? فقال لهم: إنا سنعلوا الأرض ونرثها وإن لنا بهم قوة، وأما الذين كانوا معه فقالوا: لا نستطيع أن نهدأ إلى ذلك الشعب من أجل أنهم أجرأ منا، ثم إن أولئك الجواسيس أخبروا نبي إسرائيل الخبر، وقالوا: إنا مررنا في أرض وأحسسناها فإذا هي تأكل ساكنها، ورأينا رجالها جسامًا، ورأينا الجبابرة بني الجبابرة، وكنا في أعينهم مثل الجراد، فأرجفت الجماعة من بني إسرائيل، فرفعوا أصواتهم بالبكاء فبكى الشعب تلك الليلة، ووسوسوا على موسى وهارون، فقالوا لهما: يا ليتنا متنا في أرض مصر، وليتنا نموت في هذه البرية، ولم يدخلنا الله هذه الأرض لنقع في الحرب، فتكون نساؤنا وأبناؤنا وأثقالنا غنيمة، ولو كنا قعودًا في أرض مصر كان خيرًا لنا، وجعل الرجل يقول لأصحابه: تعالوا نجعل علينا رأسًا، وننصرف إلى مصر.
قوله تعالى: ? قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) ?.
قال ابن عباس: فرجعوا - يعني: النقباء الاثني عشر - إلى موسى فأخبروه بما عاينوا من أمرهم فقال لهم موسى: اكتموا شأنهم، ولا تخبروا به أحدًا من أهل العسكر، فإنكم إن أخبرتموهم بهذا الخبر فشلوا ولم يدخلوا المدينة. قال فذهب كل رجل منهم فأخبر قريبه وابن عمه إلا هاذان الرجلان فإنهما كتما. هما: يوشع بن نون، وكلاب بن يوقنا، فإنهما كتما ولم يخبرا به أحدًا، وهما اللذان قال الله: ? قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ? وكان قتادة يقول في بعض القراءة: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ الله أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا}.
قال ابن جرير: أنعم الله عليهما بطاعة الله في طاعته بنبيه موسى ?. قال ابن إسحاق: لما همّ بنو إسرائيل بالانصراف إلى مصر حين أخبرهم النقباء بما أخبروهم من أمر الجبابرة، خرّ موسى، وهارون على وجوهما سجودًا قدام جماعة بني إسرائيل، وخرق يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا ثيابهما وكانا من جواسيس الأرض، وقالا لجماعة بني إسرائيل: إن الأرض مررنا بها، وحسبناها صالحة رضيها ربنا لنا، فوهبنا لنا، وإنها لم تكن تفيض لبنًا وعسلاً، ولكن افعلوا واحدة، لا تعصوا الله، ولا تخشوا الشعب الذي بهما، فإنهم جبناء مدفوعون في أيدينا، إن جرّبناهم ذهبت منهم، وإن الله معنا فلا تخشوهم، فأراد الجماعة من بني إسرائيل [أن] يرجمونهما بالحجارة.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 02:55 م]ـ
الثلاثاء.-------> 06/ 07/2010.-------> الصفحة 112.-------> والصفحة 113
http://dc183.4shared.com/img/331351812/ca5e0bec/112.bmp?sizeM=7
وقوله: ? قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) ?.
عن المقداد بن الأسود أنه قال للنبي ?: إنا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل: اذْهبْ أَنتَ وربُّك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون. ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون. رواه ابن جرير.
وقوله تعالى: ? قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/100)
قال ابن عباس: يقول: اقض بيننا وبينهم. قال الربيع: لما قال لهم القوم ما قالوا ودعا موسى عليهم، وأوحى الله إلى موسى أنها: ? مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ?، وهم يومئذٍ فيما ذُكر: ستمائة ألف مقاتل، فجعلهم فاسقين بما عصوا، فلبثوا أربعين سنة في فراسخ ستة، أو دون ذلك، يسيرون كل يوم جادّين لكي يخرجوا منها حتى يُمسوا، ونزلوا فإذا هم في الدار التي منها ارتحلوا، وأنهم اشتكوا إلى موسى ما فعل بهم، فأنزل عليهم المن والسلوى، وأعطوا من الكسوة ما هي قائمة لهم، ينشأ الناشئ فتكون معه على هيئة، وسأل من ربه أن يسقيهم، فأتى بحجر الطور، وهو حجر أبيض إذا ما نزل القوم ضربه بعصاه، فيخرج منه اثنتا عشرة عينًا لكل سبط منهم عين، قد علم كل أناس مشربهم، حتى إذا خلت أربعون سنة، وكانت عذابًا بما اعتدوا وعصوا. وأنه أوحى إلى موسى أن يأمرهم أن يسيروا إلى الأرض المقدسة، فإن الله قد كفاهم عدوهم، وقل لهم: إذا أتوا المسجد أن يأتوا الباب، ويسجدوا إذا دخلوا، ويقولوا حطة، وإنما قولهم: حطة أن يحطّ عنهم خطاياهم، فأبى عامة القوم، وسجدوا على خدهم وقالوا: حنطة، فقال الله جل ثناؤه: ? فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ?.
وعن ابن عباس قال: لما دعا موسى قال الله: ? فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ ?، قال: فدخلوا التيه، فكل من دخل التيه ممن جاز العشرين سنة مات في التيه. قال: فمات موسى في التيه، ومات هارون قبله، قال: فلبثوا في تيههم أربعين سنة، فناهض يوشع بمن بقى معه مدينة الجبارين، فافتتح يوشع المدينة.
قوله عز وجل: ? وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) ?.
عن مجاهد في قول الله: ? إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً ?، قال: ابني آدم هابيل وقابيل لصُلب آدم، فقرّب أحدهما شاةً، وقرّب الآخر بقلاً، فقبل من صاحب الشاة، فقتله صاحبه.
قال البغوي: وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول: إن آدم كان يغشى حواء في الجنة قبل أن يصيب الخطيئة، فحملت فيها بقابيل وتوأمته أقليما فلم تجد عليهما وحمًا ولا وصبًا ولا طلقًا حتى ولدتهما، ولم تر معهما دمًا، فلما هبط إلى الأرض تغشّاها فحملت بهابيل وتوأمته، فوجدت عليهما الوحم، والوصب، والطلق، وكان آدم إذا شبّ أولاده يزوج غلام هذا البطن جارية بطن أخرى، فكان الرجل منهم يتزوج أية أخواته شاء إلا توأمته التي ولدت معه، لأنه لم يكن يومئذٍ نساء إلا أخواتهم، فلما ولد قابيل وتوأمته أقليما ثم هابيل وتوأمته لبودا، وكان بينهما سنتان - في قول الكلبي - وأدركوا، أمرَ الله تعالى آدم عليه السلام أن ينكح قابيل لبودا أخت هابيل، وينكح هابيل أقليما أخت قابيل، وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل، فذكر ذلك آدم لولده فرضي هابيل وسخط قابيل، وقال: هي أختي أنا أحق بها، ونحن من ولادة الجنة، وهما من ولادة الأرض، فقال له أبوه: إنها لا تحل لك، فأبى أن يقبل ذلك، وقال: إن الله لم يأمره بهذا، وإنما هو من رأيه، فقال لهما آدم عليه السلام: فقرّبا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/101)
قربانًا، فأيّكما يقبل قربانه فهو أحقّ بها، وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار من السماء بيضاء فأكلتها، وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار، وأكلته الطير والسباع؛ فخرجا ليقرّبا قربانًا، وكان قابيل صاحب زرع، فقرّب صبرة من طعام من أردأ زرعه، وأضمر في نفسه: ما أبالي يقبل مني أم لا، لا يتزوج أختي أبدًا، وكان هابيل صاحب غنم، فعمد إلى أحسن كبش في غنمه فقرّب به، وأضمر في نفسه رضا الله عز وجل، فوضعا قربانهما على الجبل، ثم دعا آدم عليه السلام، فنزلت نار من السماء وأكلت قربان هابيل، ولم تأكل قربان قابيل، فذلك قوله عز وجل: ? فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا ?، يعني: هابيل، ? وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ ?، يعني: قابيل، فنزلوا على الجبل وقد غضب قابيل لردّ قربانه، وكان يضمر الحسد في نفسه، إلى أن أتى آدم مكة لزيارة البيت، فلما غاب آدم أتى قابيلُ هابيلَ وهو في غنمه، قال لأقتلنك قال: ولِمَ؟ قال: لأن الله تعالى قبل قربانك وردّ قرباني، وتنكح أختي الحسناء، وأنكح أختك الدميمة، فيتحدث الناس أنك خير مني، ويفتخر ولدك على ولدي. قال هابيل: وما ذنبي؟ ? إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ ?، أي: مددت ? إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ?.
قال عبد الله بن عمرو: وأيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه يده؛ وهنا في الشرع جائز لمن أريد قتله أن ينقاد ويستسلم طلبًا للأجر، كما فعل عثمان رضي الله عنه. انتهى.
وقوله: ? إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ ?، عن قتادة: قوله: ? إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ?، يقول: بقتلك إياي، ? وَإِثْمِكَ ? قبل ذلك. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سنّ القتل».
وقوله تعالى:? فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? عن مجاهد: ? فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ ?، قال: شجعت.
وقوله تعالى: ? فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ?، قال مجاهد: بعث الله غرابًا يبحث في الأرض، حتى حفر لآخر ميت إلى جنبه فغيّبه، وابن آدم القاتل ينظر إليه فقال: يَا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين، قال الحسن البصري: علاه الله بندامة بعد خسران.
http://dc173.4shared.com/img/331350434/a0ad525a/113.bmp?sizeM=7
قوله عز وجل: ? مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) ?.
عن قتادة: قوله: ? مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ َنفْسٍ ? الآية، من قتلها على غير نفس، ولا فساد أفسدته، ? فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ? عظّم - والله - أجرها وعظّم أزرها، فأحيها يا ابن آم بمالك، وأحيها بعفوك إن استطعت، ولا قوة إلا بالله، وإنا لا نعلمه يحلّ دم رجل مسلم من أهل هذه القبلة إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد إسلامه فعليه القتل، أو زنى بعد إحصانه فعليه الرجم، أو قتل متعمدًا فعليه القود. وقال سليمان بن علي: قلت للحسن: يا أبا سعيد أهي لنا كما كانت لبني إسرائيل؟ قال: إي والذي لا إله غيره، ما كانت دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/102)
قوله عز وجل: ? إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) ?.
عن الحسن: ? إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ?، قال: نزلت في أهل الشرك. وعن زيد بن أبي حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه أنس يخبره، أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين وهم من بجيلة، قال أنس: فارتدوا عن الإِسلام، وقتلوا الراعي، واستاقوا الإِبل، وأخافوا السبيل، وأصابوا الفرج الحرام.
وقال الوليد بن مسلم: قلت لمالك بن أنس: تكون محاربة في المِصْر؟ قال: نعم، والمحارب عندنا من حمل السلاح على المسلمين في مِصْرٍ أو خلاء، فكان ذلك منه على غير ثائرة كانت بينهم ولا دخل ولا عداوة، قاطعًا للسبيل والطريق والديار، مختفيًا لهم بسلاحه، فقتل أحدًا منهم، قتله الإِمام كقتلة المحارب، ليس لوليّ المقتول فيه عفو ولا قود.
وعن ابن عباس: قوله: ? إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ? إلى قوله: ? أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ?، قال: إذا حارب فقتل فعليه القتل إذا ظهر عليه قبل توبته، ولو حارب، وأخذ المال، وقتل فعليه الصلب إن ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب، ولم يقتل، فعليه قطع اليد والرجل من خلاف إن ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب، وأخاف السبيل فإنما عليه النفي.
وقال أبو حنيفة: معنى النفي في هذا الموضع: الحبس.
قال ابن جرير: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معنى النفي عن الأرض في هذا الموضع هو نفيه من بلد إلى بلد غيره، وحبسه في السجن في البلد الذي نفي إليه، حتى يظهر توتبه من فسوقه، ونزوعه من معصيته ربه.
وعن الشعبي: أن حارثة بن بدر خرج محاربًا فأخاف السبيل، وسفك الدم، وأخذ الأموال، ثم جاء تائبًا من قبل أن يقدر عليه، فقبل علي بن أبي طالب عليه السلام توبته وجعل له أمانًا منشورًا على ما كان أصاب من دم أو مال.
وقال الشافعي: تضع توبته عنه حق الله الذي وجب عليه بمحاربته ولا يسقط عنه حقوق بني آدم. وقال: فتحول إذا أعطاه الإمام أمانًا فهو آمن، ولا يقام عليه حدّ ما كان أصاب.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (37) ?.
عن أبي وائل: ? وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ?، قال: القربة في الأعمال. وقال ابن زيد في قوله: ? وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ?، قال: المحبة تحبّبوا إلى الله، وقرأ: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ?. وعن جابر قال: قال رسول الله ?: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلّت له شفاعتي يوم القيامة». رواه أهل السنن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/103)
وقوله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ?، عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس: يا أعمى البصر أعمى القلب، تزعم أن قومًا يخرجون من النار، وقد قال الله جل وعز: ? وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا ?؟! فقال ابن عباس: ويحك، اقرأ ما فوقها هذه للكفار.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 03:00 م]ـ
الأربعاء.-------> 07/ 07/2010.-------> الصفحة 114.-------> والصفحة 115
http://dc218.4shared.com/img/331350437/39a403e0/114.bmp?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (39) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) ?.
عن إبراهيم: قال في قراءة عبد الله: {والسارقون والسارقات فاقطعوا أيديهما}.
وقال الشعبي في قراءة عبد الله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}. وعن ابن عمر قال: (أن النبي ? قطع في مجنّ قيمته ثلاثة دراهم). وعن عائشة قالت: قال رسول الله ?: «تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا» متفق عليهما. قال قتادة: لا تأووا لهم أن تقيموا فيهم الحدود، فإنه والله ما أمر الله بأمر قط إلا وهو صلاح ولا نهى عن أمر قط إلا وهو فساد. وكان عمر بن الخطاب يقول: اشتدوا على السراق فاقطعوهم يدًا يدًا، ورجلاً رجلاً. وعن عبد الله بن عمرو قال: سرقت امرأة حليًّا فجاء الذين سرقتهم فقالوا: يا رسول الله سرقتنا هذه المرأة فقال رسول الله ?: «اقطعوا يدها اليمنى». فقالت المرأة: هل من توبة؟ فقال رسول الله ?: «أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك»، قال: فأنزل الله جل وعز: ? فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?. رواه ابن جرير.
وقوله تعالى: ? أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ?، أي: هو المالك لجميع ذلك، الحاكم الذي لا معقّب له، يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء. قال ابن عباس: ? يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ? على الصغيرة ? وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ ? على الكبيرة، ? وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?. والله أعلم.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/104)
عن عبد الله بن كثير في قوله: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ?. قال: هم المنافقون. وعن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: بينا نحن مع رسول الله ? إذ جاءه رجل من اليهود، وكانوا قد أشاروا في صاحب لهم زنى بعد ما أحصن، قال بعضهم لبعض: إن هذا النبي ? قد بعث، وقد علمتم أن قد فرض عليكم الرجم في التوراة فكتمتوه واصطلحتم بينكم عقوبة دونه، فانطلقوا فنسأل هذا النبي، فإن أفتانا بما فرض علينا في التوراة من الرجم، تركنا ذلك، فقد تركنا ذلك في التوراة فهي أحق أن تطاع وتصدق. فأتوا رسول الله ? فقالوا: يا أبا القاسم، إنه زنى صاحب لنا قد أحصن، فما ترى عليه من العقوبة؟ قال أبو هريرة: فلم يرجع إليهم رسول الله ? حتى قام وقمنا معه، فانطلق يؤمّ مدارس اليهود حتى أتاهم فوجدهم يتدارسون التوراة في بيت المدارس فقال لهم: «يا معشر اليهود أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ماذا تجدون في التوراة من العقوبة على من زنى وقد أحصن»؟ قالوا: إنا نجده يحمّم ويجلد، وسكت حبرهم في جانب البيت فلما رأى رسول الله ? صمته ألظّ به النشدة، فقال حبرهم: اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد عليهم الرجم. فقال له رسول الله ?: «فماذا كان أول ما ترخّصتم به أمر الله»؟ قال: زنى ابن عم ملك فلم يرجمه، ثم زنى رجل آخر في أسرة الناس، فأراد ذلك الملك رجمه فقام دونه قومه فقالوا: والله لا ترجمه حتى ترجم فلانًا ابن عم الملك، فاصطلحوا بينهم عقوبة دون الرجم وتركوا الرجم. فقال رسول الله ?: «أقضي بما في التوراة»، فأنزل الله في ذلك: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ? إلى قوله: ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ?. رواه ابن جرير.
وعن البراء بن عازب: ? يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ ?. يقولون: ائتوا محمدًا فإن أفتاكم بالتحميم والجد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا.
http://dc168.4shared.com/img/331350436/4ea33376/115.bmp?sizeM=7
وقوله تعالى: ? سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ?، قال الحسن: تلك الحكام سمعوا كذبة، وأكلوا رشوة.
وقوله تعالى: ? فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ?. قال ابن زيد: كان في حكم حييّ بن أخطب: للنضريّ دِيتان، وللقرظيّ دية، لأنه كان من النضير. قال: وأخبر نبيه ? بما في التوراة، قال: ? وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ? إلى آخر الآية، فلما رأت ذلك قريظة، لم يرضوا بحكم ابن أخطب، فقالوا: نتحاكم إلى محمد فقال الله تبارك وتعالى:? فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ? فخيّره.? وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ? الآية كلها؛ وكان الشريف إذا زنى بالدنيئة رجموها هي، وحموا وجه الشريف، وحملوه على البعير، وجعلوا وجهه من قبل ذنب البعير، وإذا زنى الدنيء بالشريفة رجموه، وفعلوا بها هي ذلك، فتحاكموا إلى النبي ? فرجمهما. وعن الشعبي في قوله: ? فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ?. قال: إذا جاءوا إلى حكام المسلمين، فإن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم، وإن حكم بينهم بما في كتاب الله. وعن مجاهد في قوله: ? وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ?. قال: بالعدل. وعن ابن عباس: قوله: ? وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ?،يعني: حدود الله، فأخبر الله بحكمه في التوراة. وعن عبد الله بن كثير: ? ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ ?، قال: تولّيهم ما تركوا من كتاب الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/105)
قوله عز وجل: ? إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) ?.
عن عكرمة قوله: ? يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ ?: النبي ? ومن قبله من الأنبياء، يحكمون بما فيها من الحق.
وقوله تعالى: ? وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ ?، قال قتادة: الربانيون فقهاء اليهود، والأحبار علماؤهم. ? فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ?. قال السدي: لا تخشوا الناس فتكتموا ما أنزلت،ولا تأخذوه طمعًا قليلاً على أن تكتموا ما أنزلت. وقال ابن زيد: ولا تأخذوا به رشوة.
وقوله تعالى:? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ?. قال ابن زيد: هم من حكم بكتابه الذي كتب بيده، وترك كتاب الله، وزعم أن كتابه هذا من عند الله، فقد كفر. وعن طاوس عن ابن عباس: ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ?. قال: هي به كفر، وليس كفرًا بالله وملائكته وكتبه ورسله. وقال عطاء: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق. وقال الحسن: نزلت في اليهود، وهي علينا واجبة. وقال ابن عباس: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم فهو ظالم.
وقوله: ? وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ?. قال ابن عباس: كان على بني إسرائيل القصاص في القتل، وليس بينهم دية في نفس ولا جرح؛ قال: وذلك قول الله تعالى ذكره: ? وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ ? في التوراة، فخفّف الله عن أمة محمد ?، فجعل عليهم الدية في النفس والجراح، وذلك تخفيف من ربكم ورحمة؛ ? فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ?. قال الشعبي: كفارة لمن تصدق به. وعن أبي السفر قال: دفع رجل من قريش رجلاً من الأنصار فاندقّت ثنيته، فرفعه الأنصاري إلى معاوية، فلما ألحّ عليه الرجل قال معاوية: شأنك وصاحبك قال: وأبو الدرداء عند معاوية فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله ? يقول: «ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيهبه، إلا رفعه الله به درجة وحطّ عنه به خطيئة». فقال له الأنصاري: أنت سمعته من رسول الله ?؟ قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. فخلّي سبيل القرشيّ. فقال معاوية: مُروا له بمال. رواه ابن جرير. وقال مجاهد: إذا أصاب رجل رجلاً، ولا يعلم المصاب من أصاب، فاعترف له المصيب، فهو كفارة للمصيب.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 03:03 م]ـ
الخميس.-------> 08/ 07/2010.-------> الصفحة 116.-------> والصفحة 117
http://dc204.4shared.com/img/331350698/50702295/116.bmp?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/106)
وقوله تعالى: ? وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم ?، أي: النبيين الذين أسلموا من قبلك يا محمد ? بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ? نبيًا مصدقًا لما بين يديه من التوراة، ? وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ ?، أي: وأمرنا أهله أن يحكموا بما أنزل الله فيه، ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ?، أي: المخالفون لأمر الله، الخارجون عن طاعته.
قوله عز وجل: ? وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) ?.
عن قتادة: قوله: ? وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ? أمينًا وشاهدًا على الكتب التي خلت قبله. وقال ابن عباس: ? وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ?، يعني: أمينًا عليه يحكم على ما كان قبله من الكتب. وعن مسروق: أنه كان يحلّف اليهودي والنصراني [بالله]،ثم قرأ: ? فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ?، وأنزل الله أن لا يشركوا به شيئًا.
وقوله تعالى: ? لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ? عن قتادة: قوله: ? لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ?، يقول: سبيلاً وسنة، والسنن مختلفة. للتوراة شريعة، وللإِنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، يحلّ الله فيها ما يشاء، ويحرّم ما يشاء، بلاءً ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، والدين واحد، الذي لا يقبل غيره، التوحيد والإِخلاص لله الذي جاءت به الرسل.
وقوله تعالى: ? وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ?، عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد، وابن صوريا، وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلّنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود، وأشرافهم، وساداتهم، وأنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإنَّ بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدقك. فأبى رسول الله ? فأنزل الله فيهم: ? وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ? إلى قوله: ? لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ?. والله أعلم.
http://dc271.4shared.com/img/331350751/84dbbf0a/117.bmp?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/107)
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53) ?.
عن عطية بن سعد قال: جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله ? فقال: يا رسول الله إن لي موالي من يهود كثيرٌ عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: إني رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من ولاية مواليّ. فقال رسول الله ? لعبد الله بن أبيّ: «يا أبا الحباب؛ ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت فهو إليك دونه» قال: قد قبلت، فأنزل الله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ? إلى قوله: ? فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ?.
وقوله: ? بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ?.
قال البغوي: في العون والنصرة ويدهم واحدة على المسلمين. ? وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ?.
قال ابن جرير: يعني تعالى ذكره بقوله: ? وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ?: ومن يتولَّ اليهود والنصارى دون المؤمنين، فإنه منهم. يقول: فإن من تولاهم، ونصرَهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولّ أحدًا إلا وهو به وبدينه، وما هو عليه راضٍ. وإذا رضيه ورضي دينَه، فقد عادى ما خالفه وسَخِطه، وصار حكمه حكمه.
وقوله تعالى: ? فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ ?، قال قتادة: أناس من المنافقين كانوا يوادون اليهود، ويناصحونهم دون المؤمنين. ? فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ? قال: بالقضاء، ? أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ? من موادتهم اليهود ومن غشهم للإِسلام وأهله. وقال السدي: ? فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ? فتح مكة، ? أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ?، قال: الأمر: الجزية. وقال مجاهد: ? فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ? حينئذٍ يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا باللّه جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.
قال البغوي: يعني: يقول الذين آمنوا في وقت إظهار الله تعالى نفاق المنافقين: ? أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ ? حلفوا بالله ? جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ?، أي: حلفوا بأغلظ الإيمان، ? إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ?، أي: إنهم لمؤمنون؟ يريد أن المؤمنين حينئذٍ يتعجبون من كذبهم، وحلفهم بالباطل؛ قال الله تعالى: ? حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ? بطل كل خير عملوه، ? فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ? خسروا الدنيا بافتضاحهم، والآخرة بالعذاب، وفوات الثواب.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/108)
هُمُ الْغَالِبُونَ (56) ?.
قال الضحاك في قوله: ? فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ? هو: أبو بكر وأصحابه، لمَّا ارتدّ من ارتدّ من العرب عن الإسلام، جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردّهم إلى الإسلام. وعن مجاهد في قول الله: ? يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ?، قال: أناسٌ من أهل اليمن. وعن عياض الأشعري قال: لما نزلت هذه الآية: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ?، قال: أومأ رسول الله ? إلى أبي موسى بشيء كان معه فقال: «هم قوم هذا». رواه ابن جرير.
وقوله تعالى: ? أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ?، قال عليّ رضي الله عنه: أهل رقة على أهل دينهم، أهل غلظة على من خالفهم في دينهم.
وقوله تعالى: ? يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ? عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (أمرني خليلي ? بسبع: أمرني: بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني: أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني: أن أصل الرحم وإن أدبرَتْ، وأمرني: أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني: أن أقول الحق وإن كان مرًّا، وأمرني: أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني: أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز تحت العرش). رواه أحمد.
وقوله تعالى: ? إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ?، أي: متخشّعون في صلاتهم وزكاتهم. وعن عبد الملك قال: سألت أبا جعفر عن هذه الآية: ? إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ?، قلنا: مَنِ الذين آمنوا؟ قال: الذين آمنوا. قلنا: بلغنا أنها نزلت في عليّ بن أبي طالب. قال: عليُّ من الذين آمنوا. وقوله تعالى: ? وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ?.
وقوله تعالى: ? وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ?، قال السدي: أخبرهم - يعني الرب تعالى ذكره - من الغالب فقال: لا تخافوا الدولة ولا الدائرة.
قال البغوي: ? وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ?، يعني يقول: للقيام بطاعة الله ونصرة رسوله والمؤمنين. قال ابن عباس رضي الله عنه: يريد المهاجرين والأنصار. ? فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ ?، يعني: أنصار الله هم الغالبون.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ (58) ?.
عن ابن عباس قال: كان رفاعة بن زيد بن التابوث، وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يوادونهما فأنزل الله فيهما: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء ? إلى قوله: ? وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/109)
وقوله تعالى: ? وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ?، قال السدي: كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: حُرق الكاذب. فدخل خادمه ذات ليلة من الليالي بنار وهو نائم، وأهله نيام فسقطت شرارة، فأحرقت البيت فاحترق هو وأهله.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 07 - 10, 03:07 م]ـ
الجمعة.-------> 09/ 07/2010.-------> الصفحة 118.-------> والصفحة 119
http://dc262.4shared.com/img/331350850/f880c8a1/118.bmp?sizeM=7
قوله عز وجل: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (62) لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (63) ?.
قال ابن عباس: أتى رسول الله ? نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، قال: «أؤمن بالله وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون» فلما ذكر عيسى حجدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بمن آمن به، فأنزل الله فيهم: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ?.
قال ابن جرير: معنى الكلام: هل تنقمون منا إلا إيماننا بالله وفسقكم؟
وقوله تعالى: ? قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ?، عن السدي: ? قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ ?، يقول: ثوابًا عند الله.
قال البغوي: قل يا محمد: ? هَلْ أُنَبِّئُكُمْ ? أخبركم، ? بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ ? الذي ذكرتم، يعني قولهم: لم نر أهل دين أقلّ حظًا في الدنيا والآخرة منكم، ولا دينًا شرًا من دينكم، فذكر الجواب بلفظ الابتداء، وإن لم يكن الابتداء شرًا، لقوله: ? أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ ? النار، ? مَثُوبَةً ? ثوابًا وجزاء، ? عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ ?، أي: هو: ? مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ?، يعني: اليهود، ? وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ? فالقردة: أصحاب السبت، والخنازير: كفار مائدة عيسى عليه السلام، ? وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ?، أي: جعل منهم عبد الطاغوت، أي: أطاع الشيطان فيما سوّل له، ? أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ?.
قال ابن جرير: قل لهم يا محمد: هؤلاء المؤمنون بالله وبكتبه الذين تستهزئون منهم، أَشَرٌ أم مَنْ لعنه الله؟
وقوله تعالى: ? وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ ?، هذه الآية كقوله تعالى: ? وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/110)
وقوله تعالى: ? وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ?، قال ابن زيد: هؤلاء اليهود، ? لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ?. ? لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ ? إلى قوله: ? لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ?، قال: يصنعون ويعملون واحد، قال لهؤلاء حين لم ينتهوا كما قال لهؤلاء حين عملوا. قال ابن عباس: ما في القرآن آية أشدّ توبيخًا من هذه الآية ? لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ? الآية. وقال الضحاك: ما في القرآن آية أخوف عندي منها، إنا لا ننهى.
قوله عز وجل: ? وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ (66) ?.
عن ابن عباس: قوله: ? وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ ?، قال: ليس يعنون بذلك أن يد الله موثقة، ولكنهم يقولون: إنه بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا. وقال قتادة: أما قوله: ? يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ ? قالوا: الله بخيل غير جواد، قال الله: ? بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ?.
قال ابن كثير: ? غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ ? وهكذا وقع لهم، فإن عندهم من البخل، والحسد، والجبن، والذلة أمر عظيم.
قال ابن جرير: واختلف أهل الجدل في تأويل قوله: ? بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ?، فقال بعضهم: عنى بذلك نعمتاه، وقال آخرون منهم: عنى بذلك القوة، وقال آخرون منهم: بل يد الله صفة من صفاته، هي يد، غير أنها ليست بجارحة كجوارح آدم، وبذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله ?، وقال به العلماء وأهل التأويل. انتهى ملخصًا.
قال البغوي: ويد الله صفة من صفات ذاته، كالسمع والبصر والوجه، وقال جل ذكره: ? لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ?، وقال النبي ?: «كلتا يديه يمين». والله أعلم بصفاته. فعلى العباد فيها الإيمان والتسليم. وقال أئمة السلف من أهل السنَّة في هذه الصفات: أمِرُّوهَا كما جاءت بلا كيف.
وقوله تعالى: ? وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً ?، قال قتادة: حملهم حسد محمد ? والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم.
وقوله تعالى: ? وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ?، قال قتادة: أولئك أعداء الله اليهود، ? كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ ? فلن تلقى اليهود ببلد إلا وجدتهم من أذل أهله، لقد جاء الإسلام حين جاءوهم تحت أيدي المجوس أبغض خلقه إليه. وقال السدي: كلما أجمعوا أمرهم على شيء، فرّقه الله وأطفأ حربهم ونارهم وقذف في قلوبهم الرعب.
http://dc212.4shared.com/img/331350912/732006be/119.bmp?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/111)
وقوله تعالى: ? وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ?، قال قتادة: يقول: آمنوا بما أنزل الله، واتقوا ما حرم الله.
وقوله تعالى: ? وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ?، قال ابن عباس: ? لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ ?، يعني: لأرسل السماء عليهم مدرارًا، ? وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ? تخرج الأرض بركتها.
وقوله تعالى: ? مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ? عن قتادة: قال الله فيهم: ? أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ?، يقول: على كتابه وأمره؛ ثم ذم أكثر القوم فقال: ? وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ?. وقال الربيع: إلا مدة المقتصدة الذين لا هم قصّروا في الدين، ولا هم غلوا. والله أعلم
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) ?.
قال قتادة: أخبر الله نبيه ? أنه سيكفيه الناس، ويعصمه منهم، وأمره بالبلاغ. وعن ابن عباس: قوله: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ?، يعني: إن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلّغ رسالتي. وعن سعيد بن جبير: لما نزلت: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ?، قال رسول الله ?: «لا تحرسوني إن ربي قد عصمني».
قوله عز وجل: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (69) ?.
عن ابن عباس قال: جاء رسول الله ? رافع بن حارثة وسلام بن مشكم، ومالك بن الصيف، ورافع بن حرملة فقالوا: يا محمد تزعم إنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد إنها من عند الله حق؟ فقال رسول الله ? بلى، ولكنكم أحدثتم، وجحدتم ما فيها مما أخذ عليكم من الميثاق، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبيّنوه للناس، وأنا برئ من إحداثكم. قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الحق والهدى، ولا نؤمن بك ولا نتبعك. فأنزل الله: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ? إلى: ? فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ?. وقال ابن زيد: فقد صرنا من أهل الكتاب: التوراة لليهود، والإنجيل للنصارى. وما أنزل إليكم من ربكم ما أنزل إليك من ربك، أي: ? لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ ? حتى تعملوا بما فيه، وعن السدي قوله: ? فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ?، يقول: لا تحزن.
قوله عز وجل: ? لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (70) وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) ?.
عن قتادة: قوله: ? وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? الآية، يقول: حب القوم أن لا يكون بلاء. ? فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ? كلما عرض بلاء ابتلوا به هلكوا فيه.
وقال البغوي: قوله تعالى: ? لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ? في التوحيد والنبوة، ? وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ ? عيسى ومحمد صلوات الله عليهما ? وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ? يحيى وزكريا، ? وَحَسِبُواْ ? ظنوا: ? أَن لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ?، أي عذاب وقتل. وقيل: ابتلاء واختبار؛ أي: ظنوا أن لا يبتلوا، ولا يعذبهم الله، ? فَعَمُواْ ? عن الحق فلم يبصره، ? وَصَمُّواْ ? عنه فلم يسمعوه، يعني: عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه ? ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ? ببعث عيسى عليه السلام، ? ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ ? بالكفر بمحمد ?، ? وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/112)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:13 م]ـ
السبت.-------> 10/ 07/2010.-------> الصفحة 120.-------> والصفحة 121
الأحد.-------> 11/ 07/2010.-------> الصفحة 122.-------> والصفحة 123
الإثنين.-------> 12/ 07/2010.-------> الصفحة 124.-------> والصفحة 125
الثلاثاء.-------> 13/ 07/2010.-------> الصفحة 126.-------> والصفحة 127
الأربعاء.-------> مراجعة
الخميس.-------> مراجعة
الجمعة.-------> مراجعة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:33 م]ـ
السبت.-------> 10/ 07/2010.-------> الصفحة 120.-------> والصفحة 121
http://dc236.4shared.com/img/336277576/c2e11ab7/120.png?sizeM=7
? وَحَسِبُواْ ? ظنوا: ? أَن لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ?، أي عذاب وقتل. وقيل: ابتلاء واختبار؛ أي: ظنوا أن لا يبتلوا، ولا يعذبهم الله، ? فَعَمُواْ ? عن الحق فلم يبصره، ? وَصَمُّواْ ? عنه فلم يسمعوه، يعني: عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه ? ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ? ببعث عيسى عليه السلام، ? ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ ? بالكفر بمحمد ?، ? وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ?.
عن السدي: ? لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ?، قال: قالت النصارى: هو المسيح وأمه، فذلك قول الله تعالى: ? أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ ?.
وقوله تعالى: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ?، أي: لا تتجاوزوا الحد، ولا تقولو على الله إلا الحق؛ والغلوّ والتقصير مذمومان في الدين. ? وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ ?، يعني: رؤساء الضالة من فريقي اليهود والنصارى، ? وَأَضَلُّواْ كَثِيراً ?، يعني: من اتبعهم على أهوائهم ? وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ?، وفي الحديث المشهور عن النبي ? قال: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى: على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي».
http://dc173.4shared.com/img/336278800/3478aa40/121.png?sizeM=7
عن ابن عباس: قوله: ? لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ?، قال: لعنوا بكل لسان، لعنوا على عهد موسى في التوراة، ولعنوا على عهد داود في الزبور، ولعنوا على عهد عيسى في الإنجيل، ولعنوا على عهد محمد ? في القرآن، وقال قتادة: لعنهم الله على لسان داود في زمانهم، فجعلهم قردةً خاسئين، وفي الإنجيل على لسان عيسى، فجعلهم خنازير. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرًا، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله وخليطه وشريبه، فلما رأى ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم، ? ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ?». ثم قال: «والذي نفسي بيده، لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر ولتأخذنّ على يدي المسيء، ولتأطرنّه على الحق أطرًا أو ليعزبنّ الله قلوب بعضكم على بعض وليلعننكم كما لعنهم». رواه ابن جرير.
وفي رواية أبي عبيدة: «فضرب الله على قلوب بعضهم ببعض، ونزل فيهم القرآن، فقال: ? لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ?- حتى بلغ -: ? ولكن كثيرًا منهم فاسقون ?».
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:37 م]ـ
الأحد.-------> 11/ 07/2010.-------> الصفحة 122.-------> والصفحة 123
http://dc252.4shared.com/img/336279151/89653279/122.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/113)
عن مجاهد في قول الله: ? وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ?، قال: هم الوفد الذين جاءوا مع جعفر وأصحابه من أرض الحبشة. وقوله تعالى: ? ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً ?، القسيسون: العلماء، والرهبان: العباد.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ?، أي: الذين زعموا أنهم نصارى، من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة، وما ذاك إلا لما في قلوبهم، - إذ كانوا على دين المسيح - من الرقة والرأفة.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ?، قال ابن عباس: مع محمد ? وأمته. والله أعلم.
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) ?.
عن أبي مالك في هذه الآية: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ ? الآية. قال عثمان بن مظعون وأناس من المسلمين: حرموا عليهم النساء، وامتنعوا من الطعام والطيب، وأراد بعضهم أن يقطع ذكره، فنزلت هذه الآية. وعن عكرمة: ? وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّباً ?، يعني: ما أحل الله لهم من الطعام.
قوله عز وجل: ? لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) ?.
قال ابن عباس: لما نزلت: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ ? في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم على أنفسهم، قالوا يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله تعالى ذكره: ? لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ? الآية. وعن الحسن: ? وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ?، يقول: بما تعمّدت فيه المآثم فعليك الكفارة. قال قتادة: أما اللغو فلا كفارة فيه. وقالت عائشة: أيمان الكفارة كل يمين حلف فيها الرجل على أحد من الأمور في غضب أو غيره، ليفعلن، ليتركن، فذلك عقد الأيمان التي فرض الله فيها الكفارة. وقال تعالى ذكره: ? لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ?.
وقوله تعالى: ? فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ? عن عبد الله بن حنش قال: سألت الأسود عن: ? أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ?، قال: الخبز، والتمر، والزيت، والسمن. وأفضله اللحم. وقال ابن عمر: من أوسط ما يطعم أهله: الخبز والتمر، والخبز والسمن، والخبز والزيت، ومن أفضل ما يطعم الخبز واللحم. وقال الحسن: يجزيك أن تطعم عشرة مساكين أكلة واحدة حتى يشبعوا. وعن إبراهيم عن عمر قال: إني أحلف على اليمين ثم يبدو لي، فإذا رأيتني قد فعلت فأطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مدّين من حنطة. وعن عبد الكريم الجزري قال: قلت لسعيد بن جبير: أجمعهم؟ قال: لا، أعطهم مدّين، مدّين من حنطة مًدا لطعامه، ومدًّا لإِدامه من حنطة لكل مسكين. وعن عليّ: يغدّيهم ويعشّيهم. وعن ابن عباس: ? مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/114)
أَهْلِيكُمْ ?، قال: من عسرهم ويسرهم.
وعن مجاهد في قوله تعالى: ? أَوْ كِسْوَتُهُمْ ?، قال: أدناه ثوب وأعلاه ما شئت. وقال عطاء: لا يجزي في الرقبة إلا صحيح. وقال: يجزي المولود في الإِسلام.
وقوله تعالى: ? فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ?، أي: متتابعات. قال: معتمر بن سليمان: قلت لعمر بن راشد: الرجل يحلف ولا يكون عنده من الطعام إلا بقدر ما يكفّر، قال: كان قتادة يقول: يصوم ثلاثة أيام.
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي النبي ?: «يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلْت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفّر عن يمينك، وأت الذي هو خير». متفق عليه.
http://dc249.4shared.com/img/336279222/5d6b4b5d/123.png?sizeM=7
قال ابن زيد في قوله: ? رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ?: الرجس: الشر. وعن محمد بن قيس قال: لما قدم رسول الله ? المدينة أتاه الناس، وقد كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوه عن ذلك، فأنزل الله تعالى: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ? فقالوا: هذا شيء قد جاء فيه رخصة نأكل الميسر، ونشرب الخمر ونستغفر من ذلك، حتى أتى رجل صلاة المغرب فجعل يقرأ: قل يا أيُّها الكافرون أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد. فجعل لا يجود ذلك ولا يدري ما يقرأ، فأنزل الله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ? فكان الناس يشربون الخمر حتى يجيء وقت الصلاة، فيدعون شربها ليأتون الصلاة وهم يعلمون ما يقولون، فلم يزالوا كذلك حتى أنزل الله تعالى: ? إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ? إلى قوله: ? فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ? فقالوا: انتهينا.
وقوله تعالى: ? إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ?. قال ابن عباس: نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا حتى إذا ثملوا عبث بعضهم على بعض، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ولحيته فيقول: فعل بي هذا أخي فلان - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن - والله لو كان بي رؤوفًا رحيمًا ما فعل بي هذا، فوقعت في قلوبهم ضغائن، فأنزل الله: ? إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ? إلى قوله: ? فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ? فقال ناس من المتكلفين: رجس في بطن فلان قتل يوم بدر، وقتل فلان يوم أحد؟! فأنزل الله: ? لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ ? الآية. وقال قتادة: لما أنزل الله تعالى تحريم الخمر في سورة المائدة بعد سورة الأحزاب، قال في ذلك رجال من أصحاب رسول الله ?: أصيب فلان يوم بدر، وفلان يوم أحد وهم يشربونها فأخبرهم أنهم من أهل الجنة، فأنزل الله تعالى ذكره: ? لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ?، يقول: شربها القوم على تقوى من الله وإحسان، وهي لهم يومئذٍ حلال، ثم حرّمت بعدهم، فلا جناح عليهم في ذلك. وفي حديث أبي هريرة عند أحمد: ثم نزلت آية المائدة فقالوا: يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا على فرشهم وكانوا يشربونها؟ فأنزل الله تعالى: ? لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ ? الآية. فقال النبي ?: «لو حرّم عليهم لتركوه كما تركتموه».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/115)
وقوله: ? إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ?، أي: اتقوا الشرك وصدقوا، ? وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ ? الخمر والميسر بعد تحريمهما، ? وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ ? ما حرم الله عليهم كله، ? وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ?. والله أعلم.
عن مجاهد في قوله: ? لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ?، قال: ? أَيْدِيكُمْ ? صغار الصيد، أخذ الفراخ والبيض، وما لا يستطيع أن يفروا. الرماح قال: كبار الصيد.
وقوله تعالى: ? وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ?، قال عطاء: يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان. وقال الزهري: نزل القرآن بالعمد، وجرت السنَّة في الخطأ، يعني: في المُحْرِم يصيي الصيد.
وعن السدي قوله: ? وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ?، قال: أما جزاء مثل ما قتل من النعم فإن قتل نعامة أو حمارًا فعليه بدنة، وإن قتل بقرة أو إبلاً أو أروى فعليه بقرة، أو قتل غزالاً أو أرنبًا فعليه شاة، وإن قتل ضبعًا أو حرباء أو يربوعًا فعليه سخلة قد أكلت العشب وشربت اللبن. وسئل عطاء: أيغرم في صغير الصيد كما يغرم في كبيره؟ قال: أليس يقول الله تعالى: ? فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ?؟ وقال ابن عباس: (إذا أصاب المحرم الصيد وجب عليه جزاؤه من النعم، فإن وجد جزاءه ذبحه فتصدق به، فإن لم يجد جزاءه قوّم الجزاء دراهم، ثم قوّم الدراهم حنطة، ثم صام مكان كل نصف صاع يومًا، قال: إنما أريد بالطعام الصوم، فإذا وجد طعامًا وجد جزاءً).
وفي رواية: (إذا أصاب الرجل الصيد حكم عليه فإن لم يكن عنده قوّم عليه ثمنه طعامًا، ثم صام لكل نصف صاع يومًا).
وفي رواية: (فإن قتل ظبيًا أو نحره فعليه شاة تذبح بمكة، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام). وقال الضحاك: (وما كان من جرادة أو نحوها ففيه قبضة من طعام، وما كان من طير البَر ففيه أن يقوّم ويتصدّق بثمنه، وإن شاء صام لكل نصف صاع يومًا). وقال مجاهد: (فإن لم يجد صام عن كل مُدِّ يومًا). قال عطاء: (فكل شيء في القرآن (أو) فليختر منه صاحبه ما شاء). وقال قبيصة بن جابر: (أصبت ظبيًا وأنا محرِم، فأتيت عمر فسألته عن ذلك، فأرسل إلى عبد الرحمن بن عوف، فقلت: يا أمير المؤمنين إن أمره أهون من ذلك، قال: فضربني بالدّرة ثم قال: قتلت الصيد وأنت محرِم ثم تغمص الفتيا؟ قال: فجاء عبد الرحمن فحكما بشاة).
وفي رواية: ثم قال عمر: (يا قبيعة بن جابر إني أراك شاب السن، فسيح الصدر، بيّن اللسان، وإن الشاب يكون فيه تسعة أخلاق حسنة وخلق سيِّء، فيفسد الخلق السيِّئ الأخلاق الحسنة فإيّاك وعثرات الشباب). وعن إبراهيم قال: ما كان من دم فبمكة، وما كان من صدقة أو صوم حيث شاء. وقال عطاء: الدم والطعام بمكة، والصيام حيث شاء، واختار ابن جرير القول الأول. وقال ابن جريج: قلت لعطاء: رجل أصاب صيدًا في الحج أو العمرة، فأرسل بجزائه في المحرّم أو غيره من المشهور أيجزئ عنه؟ قال: نعم، ثم قرأ: ? هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ?، قال يحيى: وبه نأخذ.
وقال ابن جريج: قلت لعطاء: ما ? عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف ?؟ قال: عما كان في الجاهلية. قلت: ما ? وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ ?؟ قال: من عاد في الإسلام فينتقم الله منه، وعليه مع ذلك الكفارة. وقال السدي: أمّا ? وَبَالَ أَمْرِهِ ? فعقوبة أمره.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:42 م]ـ
الإثنين.-------> 12/ 07/2010.-------> الصفحة 124.-------> والصفحة 125
http://dc196.4shared.com/img/336280501/c43b6bb/124.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/116)
عن ابن عباس في قوله: ? أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ?، قال: صيده ما صيد منه. وقال عمر: صيده ما صيد منه، وطعامه ما قذف. وقال ابن عباس: طعامه ما وجد على الساحل ميتًا. وعن عكرمة في قوله: ? مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ?، قال: لمن كان بحضرة البحر، وللسيارة في السفر.
وقوله تعالى: ? وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ?، أي: اصطياده، ? مَا دُمْتُمْ حُرُماً ? وفي قصة صيد أبي قتادة فقال النبي ?: «هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها»؟ قالوا: لا. قال: «فكلوا ما بقي من لحمها». وعن أبي سلمة قال: نزل عثمان بن عفان المعرج وهو محرِم، فأهدى صاحب المعرج له قطًا فقال لأصحابه: «كلوا فإنه إنما أصيد على اسمي»، فأكلوا ولم يأكل. وعن أبي الشعثاء قال: قلت لابن عمر: كيف ترى في قوم حرام لقوا قوم حلالاً، ومعهم لحم صيد، فإما باعوهم وإما أطعموهم؟ فقال: حلال. وعن الزبير أنه كان يتزود لحوم الوحش، وهو محرِم. وعن أبي مجلز: ? وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ?، قال: ما كان يعيش في البر والبحر لا يصيده، وما كان حياته في الماء فذاك. وقال عطاء: أكثر ما يكون حيث يفرخ فهو منه.
قوله عز وجل: ? جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (98) مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) ?.
قال مجاهد: إنما سميت الكعبة لأنها مربعة، وعن سعيد بن جبير: ? قِيَاماً لِّلنَّاسِ ?، قال: صلاحًا لدينهم. وعن ابن عباس: قوله: ? جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ?، يعني: قيامًا لدينهم ومعالم لحجّهم. وقال السدي: جعل الله هذه الأربعة قيامًا للناس، وهو قوام أمرهم.
وقوله تعالى: ? قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ?، قال السدي: هم المشركون. والطيب: هم المؤمنون.
وقال ابن كثير: يعني: أن القليل الحلال النافع خير من الحرام الكثير الضار.
وقال البغوي: نزلت في شريح بن ضبعة البكري، وحجاج بن بكر بن وائل، ? فَاتَّقُواْ اللّهَ ? ولا تتعرضوا للحجاج. والله أعلم.
* * *
قال ابن عباس: (كان قوم يسألون رسول الله ? استهزاء، فيقول الرجل: مَنْ أبي؟، والرجل تضل ناقته فيقول: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية).
وعن أنس قال: سأل الناس رسول الله ? حتى أحفوه بالمسألة، فصعد المنبر ذات يوم فقال: «لا تسألوني عن شيء إلا بيّنت لكم». قال أنس: فجعلت أنظر يمينًا وشمالاً فأرى كل إنسان لافًّا ثوبه يبكي فأنشأ رجل كان إذا لاح يدعى إلى غير أبيه فقال: يا رسول الله من أبي؟ فقال: «أبوك حذافة»، قال: فأنشأ عمر فقال: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد ? نبيًا، وأعوذ بالله من سوء الفتن. فقال رسول الله ? لم أر الشر والخير كاليوم قط، إنه صوّرت لي الجنة والنار حتى رأيتهما وراء الحائط وكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية.
وفي رواية: (فنزلت: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ?).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/117)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «إن الله كتب عليكم الحج»، فقال رجل: لكلّ عام يا رسول الله؟ حتى عاد مرتين أو ثلاثًا. فقال: «من السائل»؟ فقال: فلان. فقال: «والذي نفسي بيدي لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم»، فأنزل الله هذه الآية. قال ابن جرير: نزلت الآية بالنهي عن المسائل كلها، فأخبر كل مخبر منهم ببعض ما نزلت الآية من أجله أو أجل غيره. وعن أبي ثعلبة الخشني مرفوعًا: «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحدّ حدودًا فلا تعتدوها، وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها».
وقوله تعالى: ? قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ ?. قال ابن عباس: نهاكم أن تسألوا عن مثل الذي سألت النصارى من المائدة، فأصبحوا بها كافرين.
عن سعيد بن المسيب قال: (البحيرة): التي يمنع درّها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس. (والسائبة): كانوا يسيّبونها لآلهتهم، فلا يحمل عليها شيء. قال: وقال أبو هريرة: قال رسول الله ?: «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجرّ قصبه في النار، كان أول من سيّب السوائب». (والوصيلة): الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإِبل بأنثى، ثم تثنّي بعد بأنثى، وكانوا يسيّبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر. (والحام): فحل الإِبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه، ودعوه للطواغيت، وأعفوه عن الحمل، فلم يحمل عليه شيء، وسموه الحامي. رواه البخاري. وقال ابن زيد: البَحيرة: كان الرجل يجدع أذني ناقته ثم يعتقها كما يعتق جاريته وغلامه، لا تحلب ولا تركب. والسائبة: يسيّبها بغير تجديع. وقال قتادة: قوله: ? مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ ?، لتشديد شدّده الشيطان على أهل الجاهلية في أموالهم، وتغليظ عليهم ولا يعقلون.
وقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ?. قال ابن مسعود: وليس هذا بزمانها، قولوها ما قبلت منكم، فإذا رُدّت عليكم فعليكم أنفسكم. وقيل لابن عمر: لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه، فإن الله تعالى يقول: ? عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ?، فقال ابن عمر: إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله ? قال: «ألا فليبلّغ الشاهد الغائب»، فكنا نحن الشهود وأنتم الغيّب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم. وعن أبي أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني كيف تصنع بهذه الآية. ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ?؟ فقال أبو ثعلبة: سألت عنها خيرًا مني، سألت عنها رسول الله ? فقال: «ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا وهوى متّبعًا، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك وذر عوامّهم، فإن وراءكم أيامًا أجر العامل فيها كأجر خمسين منكم». وعن قيس بن حازم قال: قال أبو بكر وهو على المنبر: (يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية على غير موضعها، ? لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ?، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه عمّهم الله بعقابه). رواهما ابن جرير. وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله ? يقول: «من رأى منكم منكر فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». رواه مسلم.
http://dc266.4shared.com/img/336280823/d8a32646/125.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/118)
عن سعيد بن المسيب في قوله: ? اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ?. قال: من أهل دينكم أو ? آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ?، قال: من غير أهل ملّتكم. قال شريح: لا تجوز شهادة اليهودي والنصراني إلا في وصية , ولا تجوز في وصية إلا في سفر. وعن السدي: ? يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ?. قال: هذا في الحضر، أو ? آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ? في السفر، ? إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ? هذا في الرجل يدركه الموت في سفره، وليس بحضرته أحد من المسلمين، فيدعو رجلين من اليهود والنصارى والمجوس فيوصي إليهما.
وقوله تعالى: ? تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ ? عن الشعبي: أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا هذه، قال: فحضرته الوفاة فلم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، قال: فقدما الكوفة فأتيا الأشعريّ فأخبراه، وقدما بتركته ووصيّته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ?، قال: فأحلفهما بعد العصر بالله، ما خانا ولا كذبا، ولا بدلا ولا كتما، ولا غيّرا وأنها لَوَصِيَّةُ الرجل وتركته. قال: فأمضى شهادتهما. وقال سعيد بن جبير: إن صدقهما الورثة قُبِلَ قولهما، وإن اتهموهما أُحلفا بعد صلاة العصر.
وقوله تعالى: ? فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ?. قال سعيد بن جبير: إذا كان الرجل بأرض الشرك فأوصى إلى رجلين من أهل الكتاب، فإنهما يحلفان بعد العصر، فإذا اطلع عليهما بعد حلفهما أنهما خانا شيئًا، حلف أولياء الميت أنه كان كذا وكذا ثم استحقوا. وعن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جامًا من فضة مخوصًا بالذهب، فأحلفهما رسول الله ?، ثم وجد الجام بمكة فقالوا: اشتريناه من تميم الداري، وعدي بن بداء، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم أنزلت: ? يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ?.
وقال البغوي: (? فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ ? تثنية الأولى، واستُحق بضم التاء على المجهول، هذا قراءة العامة، يعني الذين استحق عليهم، أي: فيهم ولأجلهم الإثم، وهم ورثة الميت استحق الحالفان بسببهم الإثم، وقرأ حفص: استَحَق بفتح التاء والحاء وهي قراءة عليّ والحسن، أي: حق ووجب عليهم الإِثم. يقال: حق والمستحق بمعنى واحد. ? الأوْلَيَانِ ? نعت للآخران، أي: فآخران الأوليان، ومعنى الآية: إذا ظهرت خيانة الحالفين يقوم اثنان آخران من أقارب الميت، ? فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا ?، يعني: يميننا أحق من يمينهما). انتهى ملخصًا.
وقال ابن العربي في (أحكام القرآن) المسألة الخامسة والثلاثون: (قوله تعالى: ? الأَوْلَيَانِ ? وهذا فصل مشكل المعنى، مشكل الإِعراب، كثر فيه الاختلاط، إما إعرابه ففيه أربعة أقوال: الأول: أنه بدل من الضمير في يقومان ويكون التقدير: فالأوليان يقومان مقام الأولين). إلى آخر كلامه.
وقال في (جامع البيان): ومرة قرأ استُحق فهو فاعل، أي: من الورثة الذين استحق عليهم الأوليان بالشهادة، أن يجردوهما للقيام بالشهادة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/119)
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ?. قال قتادة: ذلك أحرى أن يصدقُوا في شهادتهم، وأن يخافوا العقاب، وقال ابن زيد في قوله: ? أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ?، قال: فتبطل أيمانهم وتؤخذ أيمان هؤلاء. والله أعلم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:48 م]ـ
الثلاثاء.-------> 13/ 07/2010.-------> الصفحة 126.-------> والصفحة 127
http://dc201.4shared.com/img/336277561/459ebe55/126.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) ?.
عن ابن عباس: قوله: ? يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ? إلا علمٌ أنت أعلم به منا.
قال ابن كثير: وهو من باب التأدب مع الرب، جل جلاله، أي: لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء، فنحن وإن كنا قد أجبنا وعرفنا من أجابنا، ولكن منهم من كنا إنما نطلع على ظاهره، لا علم لنا بباطنه، وأنت العليم بكل شيء، المطلع على كل شيء. فعلمنا بالنسبة إلى علمك كَلا عِلْم، فإنك ? أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ ?.
قوله عز وجل: ? إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) ?.
عن السدي: ? وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ ?، يقول: قذفت في قلوبهم. وقال الحسن. ألهمهم الله ذلك.
قال ابن كثير: ويحتمل أن يكون المراد: وإذا أوحيت إليهم بواسطتك.
قال البغوي: والحواريون [خواص] أصحاب عيسى عليه السلام.
قوله عز وجل: ? إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ (115) ?.
عن ابن عباس: أنه كان يحدث عن عيسى ? أنه قال لبني إسرائيل: (هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يومًا ثم تسألوه فيعطيكم ما سألتم؟ فإن أجر العامل على من عمل له، ففعلوا ثم قالوا: يا معلّم الخير، قلت لنا: إن أجر العامل على من عمل له، وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يومًا ففعلنا، ولم نكن نعمل لأحد ثلاثين يومًا، إلا أطعمنا حين نفرغ طعامًا، فهل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؟ قال عيسى: ? اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ? إلى قوله: ? لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/120)
الْعَالَمِينَ ?، قال: فأقبلت الملائكة تطير من السماء عليها سبعة أحْواتٍ وسبعة أرغفة، حتى وضعتها بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أوّلهم).
وعن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله ?: «نزلت المائدة خبزًا ولحمًا، وأمروا أن لا يخونوا ولا يدّخروا ولا يرفعوا، فخانوا وادّخروا ورفعوا فمسخوا قردة وخنازير». رواه ابن جرير. وقال عبد الله بن عمرو: (إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة، والمنافقون، وآل فرعون).
http://dc254.4shared.com/img/336277570/2b82bf82/127.png?sizeM=7
قال السدي: لما رفع الله عيسى ابن مريم إليه قالت النصارى ما قالت، وزعموا أن عيسى أمرهم بذلك، فسأله عن قوله فقال: ? سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ? إلى قوله: ? وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ?. وعن ابن جريج: ? وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ ?؟ قال: والناس يسمعون، فراجعه بما قد رأيت، وأقرّ له بالعبودية عن نفسه، فعلم من كان يقول في عيسى ما يقول، إنه إنما كان باطلاً. وعن ميسرة قال: قال الله تعالى: يا عيسى أَأَنت قلت للناس اتَّخذوني وأمي إلهين من دون اللّه؟ قال: فأرعدت مفاصله، وخشي أن يكون قد قالها، فقال: ? سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ?.
وقوله: ? مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ? عن السدي في قوله: ? إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ?، ? وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ ? فتخرجهم من النصرانية وتهديهم إلى الإسلام، ? فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ?، وهذا قول عيسى في الدنيا، واختاره ابن جرير. وقال سائر المفسرين: إنما يقول الله هذا القول يوم القيامة.
قال ابن كثير: والذي قاله قتادة وغيره هو الأظهر، والله أعلم: أن ذلك كائن يوم القيامة، ليدل على تهديد النصارى، وتقريعهم وتوبيخهم، على رؤوس الأشهاد يوم القيامة. وعن ابن عباس عن النبي ? قال: «إنكم محشورون وإن ناسًا يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول كما قال العبد الصالح: ? وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ? إلى قوله: ? الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ?». رواه البخاري.
قوله عز وجل: ? قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) ?
قال الضحاك: عن ابن عباس في قوله: ? هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ?، يقول: يوم ينفع الموحدين توحيدهم. وفي الحديث الصحيح: «إن الصدق يهدي إلى البرّ، وإن البر يهدي إلى الجنّة». والله أعلم.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:50 م]ـ
الأربعاء.-------> مراجعة
الخميس.-------> مراجعة
الجمعة.-------> مراجعة
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 07 - 10, 08:02 م]ـ
تمت سورة المائدة
ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 07 - 10, 10:17 ص]ـ
سنبدأ بحزب سورة يونس
تعديل تاريخ الدورة (اسبوعان ان شاء الله)
23/ 07/2010 - 05/ 08/2010
وهذا هو الرابط اختصارا للوقت
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1334557&posted=1#post1334557
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 07 - 10, 10:29 ص]ـ
مراجعة سورة المائدة في اسبوعين ان شاء الله
من 24/ 07/2010 - 06/ 08/2010
وهذا هو رابط مراجعة سورة المائدة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1334563&posted=1#post1334563(20/121)
الحزب السابع: " حزب المفصل "
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 04:08 م]ـ
سيتم باذن الله حفظ حزب المفصل (من ق الى الناس) من خلال هذه الصفحة
في ثلاث فترات (اسبوعان لكل فترة)
الفترة الاولى:من 22/ 05/2010 الى 04/ 06/2010
من سورة ق الى الحشر
الفترة الثانية: من 28/ 08/2010 الى10/ 09/2010
من الممتحنة الى المزمل
الفترة الثالثة: من 04/ 12/2010 الى17/ 12/2010
من المدثر الى الناس
ونحن الآن في الفترة الاولى
وغدا الاربعاء سنبدأ بسورة النجم ان شاء الله
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 10:54 م]ـ
الأربعاء
26/ 05/2010
الصفحة 526 527
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 10:56 م]ـ
القسم الاول والثاني
[سورة النجم]
مكية، وهي اثنان وستون آية
في الصحيحين عن ابن مسعود قال: (أول سورة أنزلت فيها سجدة ? وَالنَّجْمِ ?، فسجد النبي ? وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفًا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرًا).
عن ابن عباس: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? يعني: الثريا إذا سقطت وغابت. وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب. وقال الضحاك: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? إذا رمي به الشياطين. وعن ابن عباس: يعني: النجوم التي يرمى بها الشياطين. قال ابن القيم: (وهذا قول الحسن وهو أظهر الأقوال، لما بين المقسم به والمقسم عليه من التناسب). انتهى. قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق. وعن قتادة أن النبي ? تلا: ? وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ? فقال عتبة بن أبي لهب: كفرت برب النجم، فقال: «أما تخاف أن يأكلك كلب الله»؟ فخرج في تجارة إلى اليمن، فبينما هم قد عرسوا إذ يسمع صوت الأسد فقال لأصحابه: إني مأكول فأحدقوا به، وضرب على أصمختهم فناموا، فجاء حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته.
قال البغوي: وجواب القسم قوله: ? مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ?، يعني: محمدًا ?، ما ضل عن طريق الهدى ? وَمَا غَوَى ?، قال ابن كثير: والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه إلى غيره، وعن قتادة: قوله: ? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ? أي: ما ينطق عن هواه ? إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ?، قال: يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبريل، ويوحي جبريل إلى محمد ?. ? عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ?، يعني: جبريل، ? ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ? ذو خلق طويل حسن، ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ? الأفق: الذي يأتي منه النهار. وعن الربيع: ? وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ?، قال: السماء ? الْأَعْلَى ?، يعني: جبريل عليه السلام. وعن قتادة: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ?، يعني: جبريل، ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ?، قال مجاهد: قيد أو قدر قوسين. وعن ابن مسعود في هذه الآية: ? فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ? قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل له ستمائة جناح». وعن مسروق قال: قلت لعائشة: ما قوله: ? ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?؟ فقالت: (إنما ذلك جبريل، كان يأتيه في صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة في صورته فسد أفق السماء).
وقال ابن زيد في قوله: ? فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ?، قال: أوحى جبريل إلى رسول الله ? ما أوحى الله إليه. وعن قتادة في قوله: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ?، قال: رأى جبريل في صورته، وهو الذي رآه نزلة أخرى. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «رأيت جبريل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح».
وقال البغوي: ? مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ? قرأ أبو جعفر: ما كذَّب أي: ما كذب قلب محمد ? ما رأى بعينه تلك الليلة، بل صدقه وحققه، وقرأ الآخرون بالتخفيف. أي: ما كذب فؤاد محمد ? الذي رأى بل صدقه، مجازه: ما كذب الفؤاد فيما رأى. انتهى ملخصًا. وعن قتادة: قال: قال نبيّ الله ?: «لما انتهيت إلى السماء السابعة أتيت على إبراهيم فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، فسلمت عليه فقال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، قال: ثم رفعت لي سدرة المنتهى. فحدّث نبي الله أن نبقها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/122)
مثل قلال هجر، وأن ورقها مثل آذان الفيلة».
وعن ابن عباس: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ?، قال: قال رسول الله ?: «رأيتها حتى استثبتها ثم حال دونها فراش من ذهب». وعن الربيع: ? إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ? قال: غشيها نور الرب، وغشيتها الملائكة، من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجرة. قوله: مثل الغربان: أي: الغرانيق البيض.
للاستماع 526 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/aeC8SSYg/526A.html)
http://dc124.4shared.com/img/298230530/f13d9729/526a.png (http://www.4shared.com/photo/ROZ7OMYL/526a.html)
http://dc201.4shared.com/img/298230531/863aa7bf/526B.png (http://www.4shared.com/photo/cRuH4-7P/526B.html)
للاستماع526 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/m7ZuN2OL/526B.html)
وعن ابن عباس في قوله ? مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ? قال: ما زاغ يمينًا ولا شمالاً، ولا طغى ولا جاوز ما أمر به ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ? قال ابن مسعود: (رأى النبيّ ? رفرفًا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق) وقال ابن زيد في قوله: ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ?، قال: جبريل، رآه في خلقه الذي يكون به في السماوات، قدر قوسين من رسول الله ?، فيما بينه وبينه.
قال البغوي: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ?، هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، اشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى فقالوا: من الله اللات، ومن العزيز: العزى. وقال ابن عباس: كان اللات رجلاً يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها، فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم؛ وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب، وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلّل بقديد؛ وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة؛ وكانت قلس لطيء ومن يليها بجبل طيء بين سلمى وأجأ؛ وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام؛ وكانت رضاء بيتًا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم؛ وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد.
وقال البغوي: ومعنى الآية: أفرأيتم أخبرونا أيها الزاعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وقال الكلبي: كان المشركون بمكة يقولون: الأصنام والملائكة بنات الله، وكان الرجل منهم إذا بشر بالأنثى كره ذلك. فقال الله تعالى منكرًا عليهم، ? أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ?، قال ابن عباس: جائرة.
? إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ?، قال ابن كثير: أي: ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ?، أي: البيان بالكتاب والرسول أنها ليست بآلهة وأن العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار.? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ? أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام؟ ? فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ ?، ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعهم عند الله، ? لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ ?، في الشفاعة ? لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ?، أي: من أهل التوحيد.]
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 11:01 م]ـ
القسم الثالث والرابع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/123)
وقال ابن كثير: ? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ?، أي: ليس كل من تمنى خيرًا حصل له، ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ?.
عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي ?: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». وعن قتادة: قوله: ? الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ?، ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة، قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا. وقال ابن زيد في قوله: ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?، قد غفرت ذلك لهم إذ ? هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ?، قال مجاهد: كنحو قوله: ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ?. ? وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?، أي: ترك المعاصي وفعل الطاعات. قال البغوي: ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?، لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها ? هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?.
للاستماع527 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xRVwJrPu/527A.html)
http://dc231.4shared.com/img/298230535/815763a6/527a.png (http://www.4shared.com/photo/TAaB0z6y/527a.html)
http://dc242.4shared.com/img/298230688/1e547889/527b.png (http://www.4shared.com/photo/PSXtjMiE/527b.html)
[COLOR="#ff0000"] للاستماع527 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IXPE-tB7/527B.html)[/COLOR
قال البغوي: قوله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ?، نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد اتبع النبي ? على دينه، فعيره بعض المشركين وقال له: أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال: إني خشيت عذاب الله؛ فضمن الذي عاتبه إن هو أعطى كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه، فأنزل الله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ? أدبر عن الإيمان ? وَأَعْطَى ? صاحبه ? قَلِيلاً وَأَكْدَى ? بخل بالباقي؛ وأصله من الكدية، وهي حجر يظهر في البئر يمنع من الحفر ? أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ?، ما غاب عنه، ويعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه؟ ? أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ ? يخبر، ? بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ?، يعني: أسفار التوراة ? وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ?، تمم وأكمل ما أمر به؛ ثم بين ما في صحفهما فقال: ? أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ? أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤخذ نفس بإثم غيرها ? وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ? عمل ? وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ?، في ميزانه يوم القيامة ? ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى ? الأكمل الأتم ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ?، أي: منتهى الخلق ومصيرهم إليه.
? وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ?، قال مجاهد: أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار،
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[27 - 05 - 10, 08:15 ص]ـ
الخميس
27/ 05/2010
الصفحات
528 529
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[27 - 05 - 10, 08:16 ص]ـ
القسم الاول والثاني
? وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى ?، من كل حيوان، ? مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ? أي: الخلق الثاني للبعث يوم القيامة ? وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ? قال أبو صالح: ? أَغْنَى ? الناس بالأموال ? وَأَقْنَى ? أي: أعطى القنية وأصول الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية، ? وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ? وهو كوكب خلف الجوزاء وكانت خزاعة تعبدها ? وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى ?، وهم قوم هود وثمود، ? فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ?، لطول دعوة نوح إياهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/124)
وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب، ? وَالْمُؤْتَفِكَةَ ?، يعني: قرى قوم لوط ? أَهْوَى ? أسقط، أي: أهواها جبريل بعد ما رفعها إلى السماء، ? فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ?، يعني: الحجارة ? فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ ? نعم ربك أيها الإنسان ? تَتَمَارَى ? تشك وتجادل؟ ? هَذَا نَذِيرٌ ?، يعني: محمدًا، ? مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى ?، أي: رسول من الرسل، أرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم. ? أَزِفَتْ الْآزِفَةُ ?، دنت القيامة واقتربت الساعة، ? لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ?، أي: لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره ? أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ? يعني: القرآن ? تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ ? استهزاء ? وَلَا تَبْكُونَ ? لما فيه من الوعد والوعيد ? وَأَنتُمْ سَامِدُونَ ?، لاهون غافلون. وقال عكرمة: هو الغناء بلغة أهل اليمن، وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا. ? فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ?، أي: واعبدوه. انتهى ملخصًا. والله أعلم.
* * *
528 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/QgTvXaji/528A.html)
http://dc253.4shared.com/img/298230695/79fe3575/528A.png (http://www.4shared.com/photo/CG9ogvxn/528A.html)
528B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/_XiP9qnl/528B.html)
http://dc228.4shared.com/img/298849353/5450ad5b/528B.png (http://www.4shared.com/photo/
قال الشيخ الألباني :
g8k-UvR/528B.html)
عن أنس بن مالك: (أن أهل مكة سألوا رسول الله ? أن يريهم آية فأراهم القمر شقّتين، حتى رأوا حراء بينهما). متفق عليه. وعند ابن جرير من حديث ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله ? فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فسلوا السفار فسألوهم فقالوا: نعم، قد رأيناه فأنزل الله تبارك وتعالى: ? اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ?. وعن قتادة: قوله: ? وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ?، قال: إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا: إنما هذا عمل السحر يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب ? وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ? أي: واقع بأهل الخير الخير وبأهل الشرّ الشرّ ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ? أي: هذا القرآن. قال سفيان: المزدجر المنتهى.
? حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ?، قال البغوي: يعني: القرآن حكمة تامّة، وقد بلغت الغاية في الزجر، ? فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ? وهذه كقوله تعالى: ? وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ?. ? فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ?، قال ابن كثير: أعرض عنهم وانتظرهم، ? يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ ? وهو موقف الحساب،
يتبع ... (القسم الثالث والرابع)
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[27 - 05 - 10, 08:18 ص]ـ
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[27 - 05 - 10, 08:19 ص]ـ
القسم الثالث والرابع
? خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ ?، أي: ذليلة أبصارهم، ? يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ?، قال قتادة: عامدين إلى الداعي، ? يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ?، وهذه الآية كقوله تعالى: ? يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ?.
عن مجاهد: ? وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ?، قالوا: استطير جنونًا. وقال ابن زيد في قوله:? وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ? قال: اتهموه وزجروه وأوعدوه وقرأ: ? لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ?. وعن سفيان: ? فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ?، قال: ماء السماء وماء الأرض. وعن قتادة في قوله: ? ذَاتِ أَلْوَاحٍ ? قال: معاريض السفينة ? وَدُسُرٍ ?، قال: دسرت بمسامير. وقوله تعالى: ? تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ? قال ابن كثير: أي: بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا، ? جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ ? أي: جزاء لهم على كفرهم بالله، وانتصارًا لنوح عليه السلام. وعن قتادة في قوله: ? وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً ?، قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/125)
: ألقى الله سفينة نوح على الجوديّ حتى أدركها أوائل هذه الأمة. وقال البغوي: ? وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً ?، يعني: الفعلة التي فعلنا. قال ابن كثير: والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن، كقوله تعالى: ? وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ? وقال تعالى: ? إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ?.
وقوله تعالى: ? فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ?، قال البغوي: أي: متذكّر متّعظ خائف مثل عقوبتهم، ? فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ?، أي: إنذاري. وقال ابن كثير: أي: كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذّب رسلي، ولم يتّعظ بما جاءت به نذري وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر، ? وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ?، أي: سهّلنا لفظه ويسّرنا معناه لمن أراده ليتذكّر الناس، كما قال: ? كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ?. ? فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ? أي: فهل من متذكّر بهذا القرآن الذي قد يسّر الله حفظه ومعناه؟ وعن ابن عباس: لولا أن الله يسّره على لسان الآدميين، ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلّم بكلام الله عز وجل. وعن قطر الورّاق في قوله: ? وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ?، قال: هل من طالب علم فيُعانُ عليه؟ قال الحافظ ابن حجر: وقد تكرّر في هذه السورة قوله: ? فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ? بحسب تكرّر القصص من أخبار الأمم، استدعاء لأفهام السامعين ليعتبروا.
529 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/_4JJU7B3/529A.html)
http://dc239.4shared.com/img/298849360/e674af22/529A.png (http://www.4shared.com/photo/YnS8alYR/529A.html)
529B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/t1idkXto/529B.html)
http://dc193.4shared.com/img/298850969/d257f46a/529B.png (http://www.4shared.com/photo/d4GofOg9/529B.html)
قال ابن زيد في قوله: ? رِيحاً صَرْصَراً ? قال: الصرصر: الشديدة. وقال قتادة: الصرصر: الباردة. قال ابن جرير: وهي الشديدة العصوف في بَرْدِ التي لصوْتِها صرير. وعن قتادة: ? فِي يَوْمِ نَحْسٍ ? قال: النحس الشؤم ? مُّسْتَمِرٍّ ? يستمرّ بهم إلى نار جهنم. وعن مجاهد في قوله: ? تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ? قال: سقطت رؤوسهم كأمثال الأخبية، وتفرّدت عن أعناقهم.
قال البغوي: ? كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ?، بالإنذار الذي جاءهم به صالح ? فَقَالُوا أَبَشَراً ? آدميًا، ? مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ ?، ونحن جماعة كثيرة ? إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ ?، مبين، ضلال: خطأ وذهاب عن الصواب ? وَسُعُرٍ ?، قال ابن عباس: عذاب. وقال الفراء: جنون. ? أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ? بطلاً متكبّر ? سَيَعْلَمُونَ غَداً ?، حين ينزل بهم العذاب، ? مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ ?، أي: باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا أن يخرجها منها، ? فِتْنَةً لَّهُمْ ?، محنة واختبارًا، ? فَارْتَقِبْهُمْ ?، فانتظر ما هم صانعون، ? وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ?، وبين الناقة،
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 12:40 م]ـ
الجمعة
28/ 05/2010
الصفحات
530 531
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 12:41 م]ـ
القسم الاول والثاني
? وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ?، وبين الناقة، ? كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ?، قال مجاهد: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة، فإذا جاءت حضروا اللبن، ? فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى ?، فتناول الناقة بسفيه، ? فَعَقَرَ ?. انتهى ملخصًا.
وعن الضحاك في قوله: ? كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ?، قال: هو الشوك الذي تحظر به العرب حول مواشيها من السباع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/126)
عن قتادة: قوله: ? فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ?، لم يصدّقوه، ? وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ?، وذكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطًا، وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه فصفقهم بجناحه وتركهم عميًا يتردّدون، ? فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ?، يقول: استقر بهم إلى نار جهنم.
530 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/DgCjaDZl/530A.html)
http://dc180.4shared.com/img/300847578/2e3d5cdf/530A.png (http://www.4shared.com/photo/52EZT9nx/530A.html)
http://dc244.4shared.com/img/300847580/a77ec822/530B.png (http://www.4shared.com/photo/-NfezlcY/530B.html)
530B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/5ALpvdfX/530B.html)
عن قتادة: قوله: ? فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ ?، يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم، ? أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ ?، يقول: ليس كفّاركم خيرًا من قوم نوح ولوط. وقال ابن زيد في قوله: ? أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ ?، في كتاب الله براءة مما تخافون، ? أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ?، قال عمر: لما نزلت، ? سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ?، جعلت أقول: أيّ جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبي ? يثب في الدرع ويقول: «سيهزم الجمع ويولّون الدبر». ? بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ?، قال البغوي: أي: أعظم داهية وبليّة، وأشدّ مرارة من الأسر والقتل يوم بدر.
قال الحسين بن فضل: ? إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ ?، في الدنيا ونار في الآخرة، ? يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ?، قال ابن عباس: إني أجد في كتاب الله قومًا يسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: ? ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ?، لأنهم كانوا يكذبون بالقدر. وعن أبي هريرة أن قريشًا خاصمت النبي ? في القدر، فأنزل الله: ? إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ?، قال ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[28 - 05 - 10, 12:42 م]ـ
القسم الثالث والرابع
? إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ?، قال ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. وقال ابن زيد في قوله: ? وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ?، قال: أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية، يقول: فهل من أحد يتذكّر وكلّ شيء فعلوه في الزبر؟ قال ابن كثير: أي: مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام ? وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ? أي: من أعمالهم، ? مُسْتَطَرٌ ? أي: مجموع عليهم ومسطر في صحائفهم. ذكر أن رجلاً عمل ذنبًا فاستصغره، فأتاه آت في منامه فقال له:
لا تحقرنّ من الذنوب صغيرا (إن الصغير غدًا يعود كبيرا (
إن الصغير ولو تقادم عهده (عند الإله مسطّر تسطيرا (
فازجر هواك عن البطالة لا تكن (صعب القياد وشمّرن تشميرا (
إن المحبّ إذا أحبّ إلهه (طار الفؤاد وأُلهم التفكيرا (
فاسأل هدايتك الإِله بنيّة (فكفى بربك هاديًا ونصيرا (
وقوله تعالى: ? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ?، قال جعفر الصادق: مدح الله المكان بالصدق، فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق. وروى مسلم وغيره عن النبي ? أنه قال: «المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا». والله أعلم.
* * *
531 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/lie7a7_R/531A.html)
http://dc162.4shared.com/img/300847596/57065c56/531A.png (http://www.4shared.com/photo/c1orTzfx/531A.html)
http://dc229.4shared.com/img/300847443/9300bca3/531B.png (http://www.4shared.com/photo/23u
قال الشيخ الألباني :
npkV/531B.html)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/127)
531 b.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xahSFlSZ/531b.html)
[ سورة الرحمن]
مكية، وهي ثمان وسبعون آية
عن جابر قال: خرج رسول الله ? على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا فقال: «لقد قرأتها على الجنّ ليلة الجنّ فكانوا أحسن مردودًا منكم، كنت كلما أتيت على قوله: ? فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ?، قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب فلك الحمد». رواه الترمذي. وعن عليّ قال: سمعت رسول الله ? يقول: «لكل شيء عروس، وعروس القرآن: الرحمن». رواه البيهقي في شعب الإيمان.
عن قتادة: أنه قال في تفسير قوله: ? الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ? نعمة والله وعظيمة ? خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ? قال ابن زيد: البيان: الكلام. ? الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ? قال ابن عباس: يجريان بعدد وحساب ومنازل ? وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ?، قال مجاهد: النجم هو: الكوكب وهذه الآية كقوله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ?.
وقوله تعالى: ? وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ?، قال مجاهد: العدل ? أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ? قال قتادة: اعدل يا ابن آدم كما تحبّ أن يعدل عليك، وأوف كما تحبّ أن يوفّى لك، فإن بالعدل صلاح الناس. وكان ابن عباس يقول: يا معشر الموالي، إنكم قد ولّيتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم، هذا المكيال، والميزان، ? وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ? قال ابن زيد: تخسيره نقصه ? وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ? قال مجاهد: للخلائق ? فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ?، قال ابن زيد: هو الطلع قبل أن ينفتق، ? وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ?، قال مجاهد: العصف الورق من كل شيء، والريحان الرزق؛ وقال الحسن: هو ريحانكم الذي يشمّ. قال البغوي: كلها مدفوعات بالردّ على الفاكهة؛ وقرأ ابن عامر: بنصب الباء والنون و (ذا) بالألف. وقرأ حمزة والكسائي (والريحان): بالجر عطفًا على (العصف) فذكر قوت الناس والأنعام، ثم خاطب الجن والإنس فقال: ? فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ?، أيها الثقلان؟ يريد من هذه الأشياء المذكورة؛ وكرر هذه الآية في هذه السورة تقريرًا للنعمة وتأكيدًا في التذكير بها على عادة العرب في الإبلاغ والإشباع، يعدّد على الخلق آلاءه ويفصل بين كل نعمتين بما ينبّههم عليها.
عن قتادة: ? خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ?، قال: من طين له صلصلة كان يابسًا. وعن عائشة قالت: قال رسول الله ?: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجانّ من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». رواه مسلم وغيره. وقال ابن زيد: المارج: اللهب.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 12:40 ص]ـ
السبت
29/ 05/2010
532 533
يتبع ....
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 12:40 ص]ـ
القسم الاول والثاني
وعن مجاهد: قوله: ? رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ?، قال: مشرق الشتاء ومغربه، ومشرق الصيف ومغربه.
وعن ابن عباس: قوله: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ?، يقول: أرسل. وقال ابن زيد في قوله: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ?، قال: منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض. قال ابن كثير: والمراد بقوله البحرين: الملح والحلو، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس. قال وقوله تعالى: ? يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ? أي: من مجموعهما، فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى، كما قال تعالى: ? يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ?، والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجنّ. وعن ابن عباس قال: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها، فما وقع فيها -، يعني: من قطر - فهو اللؤلؤ. وعن قتادة: ?
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/128)
يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ?، قال: اللؤلؤ: الكبار من اللؤلؤ، والمرجان: الصغار منه. وعن ابن مسعود قال: المرجان: الخرز الأحمر. وعن قتادة: قوله: ? وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ?، يعني: السفن. وقال مجاهد: ما رفع قطعة من السفن فهي منشآت، وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشآت
قال ابن عباس: ? ذُو الْجَلَالِ ?، العظمة والكبرياء. وعن قتادة: قوله: ? يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ?، لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض، يحيي حيًّا ويميت ميتًا، ويربّي صغيرًا ويذلّ كبيرًا، وهو يسأل حاجات الصالحين ومنتهى شكواهم. وروى ابن جرير عن منيب بن عبد الله الأزديّ قال: تلا رسول الله ? هذه الآية: ? كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ?، فقلنا يا رسول الله وما ذاك الشأن؟ قال: «من شأنه أن يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين».
532 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/Hy4aaaX7/532A.html)
http://dc199.4shared.com/img/301175360/51a17139/532A.png (http://www.4shared.com/photo/5nalcMtC/532A.html)
http://dc217.4shared.com/img/301171243/743ebf61/532B.png (http://www.4shared.com/photo/mgevqh2V/532B.html)
532B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/2NoWI1Cu/532B.html)
وعن ابن عباس: قوله: ? سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ ?، قال: وعيد من الله للعباد، وليس بالله شغل. وقال الضحاك بن مزاحم: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشقّقت بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم بالثانية، ثم بالثالثة، ثم بالرابعة، ثم بالخامسة، ثم بالسادسة، ثم بالسابعة، فصفّوا صفًّا دون صف، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندّوا، فلا يأتون قطرًا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله: ? إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ?، وذلك قوله: ? وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ?.
وقوله: ? يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ?، وذلك قوله: ? وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ?. وعن مجاهد: قوله: ? يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ ?، قال: اللهب المنقطع ? وَنُحَاسٌ ?. قال: يذاب الصفر من فوق رؤوسهم. وعن قتادة في قوله: ? فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ? قال: هي اليوم خضراء ولونها يومئذٍ الحمرة. وعن مجاهد: ? كَالدِّهَانِ ? قال: كالدهن. وعن قتادة في قوله: ? فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ ? قال: حفظ الله عز وجل عليهم أعمالهم
يتبع ....
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 12:42 ص]ـ
القسم الثالث والرابع
، ? يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ? قال: زرق العيون سود الوجوه ? فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ? قال ابن عباس: يؤخذ ناصيته وقدميه، فيكسر كما يكسر الحطب في التنور ? هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ?، قال: الآني: ما اشتدّ غليانه ونضجه.
عن ابن عباس: قوله: ? وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ? قال: وعد الله جلّ ثناؤه المؤمنين الذين خافوا مقامه فأدّوا فرائضه الجنّة قال: والخائف من ركب طاعة الله وترك معصيته. وقال ابن زيد: مقامه حين يقوم العباد يوم القيامة وقرأ: ? يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ?. وعن مجاهد: ? ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ? أغصان. وقال عكرمة: ظلّ الأغصان. وقال الضحاك: ذواتا ألوان من الفاكهة ? فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ?، قال الحسن: إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل. وقوله تعالى: ? فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ? قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: فيهما من كل نوع من الفاكهة ضربان ? مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ? قال ابن مسعود: قد أُخبرتم بالبطائن، فكيف لو أُخبرتم بالظهائر؟ وعن قتادة: قوله: ? وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ?، ثمارهما دانية لا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شوك، ذكر لنا أن نبيّ الله ? قال: «والذي نفسي بيده، لا يقطع رجل ثمرة من الجنّة فتصل إلى فيه، حتى يبدل الله مكانها خيرًا منها»
533 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/XqPdmSX-/533A.html)
http://dc265.4shared.com/img/301171997/caa8ead4/533A.png (http://www.4shared.com/photo/X_2X7tT6/533A.html)
http://dc118.4shared.com/img/301172007/60ec5fc/533B.png (http://www.4shared.com/photo/JO07wZFX/533B.html)
533B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/oddLTgkN/533B.html)
. وعن مجاهد في قوله:? فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ?، قال: قصرن طرفهنّ عن الرجال، فلا ينظرن إلا إلى أزواجهنّ ? لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ?، قال: لم يمسّهنّ. وروى ابن جرير عن ابن مسعود مرفوعًا قال: «إن المرأة من أهل الجنة ليُرى بياض ساقها من وراء سبعين حلّة من حرير وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ? أما الياقوت فإنه لو أدخلت فيه سلكًا ثم استصفيته لرأيته من ورائه». وعن السدي في قوله: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ? قال: صفاء وحسن المرجان. وعن قتادة: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ? صفاء الياقوت في بياض المرجان ? هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ?؟ قال: عملوا خيرًا فجوزوا خيرًا.
يتبع ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/129)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 10:04 م]ـ
الأحد
30/ 05/2010
الصفحات
534 535
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[29 - 05 - 10, 10:05 م]ـ
القسم الاول والثاني
قال ابن زيد في قوله: ? وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ?، جنّتا السابقين، فقرأ: ? ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ? فقرأ حتى بلغ: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ ? ثم رجع إلى أصحاب اليمين فقال: ? وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ?، فذكر فضلهما وما فيهما. وعن عبد الله بن قيس أن رسول الله ? قال: «جنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما، وجنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنّة عَدْنٍ». متفق عليه. وقال ابن زيد في قوله: ? وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ?، هما أدنى من هاتين، لأَصحاب اليمين. وعن ابن عباس: قوله ? مُدْهَامَّتَانِ ? قال: خضراوان من الريّ، ? فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ? بالماء. قال ابن جرير: يعني: فوّارتان. وعن سعيد بن جبير قال: نخل الجنّة جذوعها من ذهب، وعروقها من ذهب، وكرانيفها من زمرّد، وسفعها كسوة لأهل الجنّة، ورطبها كالدلاء أشدّ بياضًا من اللبن، وألين من الزبد وأحلى من العسل ليس له عجم. وعن قتادة في قوله: ? خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ?، قال: خيرات في الأخلاق، حسان في الوجوه، ? حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ? قال الضحاك: الحوراء العيناء الحسناء. وقال مجاهد: ? حُورٌ ? بيض ? مَّقْصُورَاتٌ ? على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم ? فِي الْخِيَامِ ? قال: لا يبرحن الخيام. وقال عمر بن الخطاب: الخيام درّ مجوّف. وعن سعيد بن جبير في قوله: ? مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ?، قال: رياض الجنّة. وقال ابن عباس الرفرف فضول المجالس والبسط ? وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ?، قال: الزرابيّ. وقال مجاهد: هو الديباج. وعن ابن عباس: قوله: ? تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ?، يقول: ذو العظمة والكبرياء.
* * *
534 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/O_Vt3fLz/534A.html)
http://dc226.4shared.com/img/301831268/355f363/534A.png (http://www.4shared.com/photo/hFiyem28/534A.html)
http://dc148.4shared.com/img/301831355/570bb62a/534B.png (http://www.4shared.com/photo/LR0jhRIT/534B.html)
534B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/-nB6RWUg/534B.html)
[ سورة الواقعة]
مكية، وهي ست وتسعون آية
عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت! قال: «شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون». رواه الترمذي. وعن جابر بن سمرة قال: (كان رسول الله يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلّون اليوم، ولكنه كان يخفف، كانت صلاته أخفّ من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر: (الواقعة) ونحوها من السور). رواه أحمد.
عن ابن عباس في قوله: ? إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ? و ? الطَّامَّةُ ? و ? الصَّاخَّةُ ?، ونحو هذا من أسماء ? الْقِيَامَةِ ? عظّمة الله وحذّره عباده. وعن قتادة: ? لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ? أي: ليس لها مثنويّة ولا رجعة ولا ارتداد. وقوله: ? خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ ? قال: أَسْمَعَتِ القريبِ والبعيدَ. ? خَافِضَةٌ ? أقوامًا إلى عذاب الله و ? رَّافِعَةٌ ?، أقوامًا إلى كرامة الله، ? إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً ?، قال: زلزلت زلزالاً. وعن مجاهد: ? وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً ?، قال: كما يُبَسُّ السويق. وقال ابن زيد: صارت كثيبًا مهيلاً كما قال الله. وعن مجاهد في قوله: ? فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً ? قال: شعاع الشمس يدخل من الكوّة ليس بشيء. وعن عليّ رضي الله عنه في قوله: ? فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً ?، كوهج الغبار يسطع ثم يذهب، فلا يبقى منه شيء. وعن قتادة: ? وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً ? قال: منازل الناس يوم القيامة. ? فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ? أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ? أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ? أي: من كلّ أمّة. وعن عثمان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/130)
بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية: ? وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ? ثم قال: أوّلهم رواحًا إلى المسجد، وأوّلهم خروجًا في سبيل الله. وروى الإِمام أحمد عن عائشة أن رسول الله ? قال: «أتدرون من السابقون إلى ظلّ الله يوم القيامة»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «الذين إذا أُعطوا الحقّ قبلوه، وإذا سُئلوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم». وعن الحسن أنه أتى على هذه الآية: ? وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ?، فقال: أما السابقون فقد مضوا، ولكن اللهمّ اجعلنا من أصحاب اليمين. وعن ابن عباس: ? عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ?، قال: مرمولة بالذهب. وقال عكرمة: مشبّكة بالدرّ والياقوت. ? مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ? قال مجاهد: لا يناظر أحدهم في قفا صاحبه.
[ QUOTE= ابو فراس المهندس;1294667] [ CENTER] القسم الاول والثاني
قال ابن زيد في قوله: ? وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ?، جنّتا السابقين، فقرأ: ? ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ? فقرأ حتى بلغ: ? كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ ? ثم رجع إلى أصحاب اليمين فقال: ? وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ?، فذكر فضلهما وما فيهما. وعن عبد الله بن قيس أن رسول الله ? قال: «جنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما، وجنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنّة عَدْنٍ». متفق عليه. وقال ابن زيد في قوله: ? وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ?، هما أدنى من هاتين، لأَصحاب اليمين. وعن ابن عباس: قوله ? مُدْهَامَّتَانِ ? قال: خضراوان من الريّ، ? فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ? بالماء. قال ابن جرير: يعني: فوّارتان. وعن سعيد بن جبير قال: نخل الجنّة جذوعها من ذهب، وعروقها من ذهب، وكرانيفها من زمرّد، وسفعها كسوة لأهل الجنّة، ورطبها كالدلاء أشدّ بياضًا من اللبن، وألين من الزبد وأحلى من العسل ليس له عجم. وعن قتادة في قوله: ? خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ?، قال: خيرات في الأخلاق، حسان في الوجوه، ? حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ? قال الضحاك: الحوراء العيناء الحسناء. وقال مجاهد: ? حُورٌ ? بيض ? مَّقْصُورَاتٌ ? على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم ? فِي الْخِيَامِ ? قال: لا يبرحن الخيام. وقال عمر بن الخطاب: الخيام درّ مجوّف. وعن سعيد بن جبير في قوله: ? مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ?، قال: رياض الجنّة. وقال ابن عباس الرفرف فضول المجالس والبسط ? وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ?، قال: الزرابيّ. وقال مجاهد: هو الديباج. وعن ابن عباس: قوله: ? تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ?، يقول: ذو العظمة والكبرياء.
* * *
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 12:01 ص]ـ
القسم الثالث والرابع
? يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ?، قال: لا يموتون. وعن قتادة في قوله: ? بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ? قال: الأكواب التي دون الأباريق ليس لها عرى، ? وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ? أي: من خمر جارية ? لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ? ليس لها وجع رأس، ? وَلَا يُنزِفُونَ ?، لا يغلب أحد على عقله. وقال البغوي: ? وَلَا يُنزِفُونَ ?، ولا يسكرون؛ هذا إذا قرئ بفتح الزاي، ومن كسرها فمعناها: لا ينفد شرابهم. وقال ابن عباس: في الخمر أربع خصال: السكر، والصدع، والقيء، والبول. فذكر الله تعالى خمر الجنّة ونزّهها عن هذه الخصال. وعن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله أخبرني عن قول الله: ? كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ? قال: «صفاؤهن كصفاء الدرّ الذي في الأصداف الذي لا تمسّه الأيدي». رواه ابن جرير. قال البغوي: ويروى أن الحوراء إذا مشت ليسمع تقديس الخلاخيل من ساقيها، وتمجيد الأسورة من ساعديها، وأن عقد الياقوت ليضحك من نحرها، وفي رجليها نعلان من ذهب، شراكهما من لؤلؤ، يصرّان بالتسبيح. ? جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً ? قال عطاء: يحيّي بعضهم بعضًا بالسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/131)
عن قتادة في قوله: ? وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ? أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ? قال: كنا نحدّث: أنه الموقر الذي لا شوك فيه. ? وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ?، كنا نحدّث أنه الموز. وقال معمر بن المثنى: هو عند العرب شجر عظام كثير الشوك. وقال مجاهد: ? مَّنضُودٍ ? أي: متراكم الثمر. قال ابن عباس: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل. وروى النجار عن سليم بن عامر قال: كان أصحاب رسول الله ? يقولون: إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، قال: أقبل أعرابيّ يومًا فقال: يا رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله ?: «وما هي»؟ قال: السدر فإن له شوكًا مؤذيًا؛ فقال رسول الله ?: «أليس الله تعالى يقول: ? فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ? خضد الله شوكه، فجعل مكان كلّ شوكة ثمرة فإنها لتنبت ثمرًا وتنفق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونًا من طعام، ما فيها لون يشبه الآخر». وعن أبي هريرة يبلغ به النبي ? قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، اقرأوا إن شئتم: ? وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ?». متفق عليه. وعن سفيان: ? وَمَاء مَّسْكُوبٍ ? قال: يجري في غير أخدود. وعن قتادة في قوله: ? وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ?، قال: لا يمنعه شوك ولا بعد.
535 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/mqiC8p36/535A.html)
http://dc271.4shared.com/img/301831527/f2c93d73/535A.png (http://www.4shared.com/photo/AlnConxp/535A.html)
http://dc202.4shared.com/img/301831350/276142a5/535B.png (http://www.4shared.com/photo/BzTOtvQq/535B.html)
535B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/h73NTlk3/535B.html)
وقوله تعالى: ? وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ ?، قال ابن كثير: أي: عالية وطئية ناعمة. وقوله تعالى: ? إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ?، قال أبو عبيدة: يعني بذلك: الحور العين. وعن الحسن قال: أتت عجوز فقالت: يا رسول الله ادعوا الله تعالى أن يدخلني الجنة، فقال: «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز». فولّت تبكي، قال: «أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ? إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ?». رواه الترمذي. وعن ابن عباس: ? عُرُباً أَتْرَاباً ?، قال: العُرب: المتحبّبات المتودّدات إلى أزواجهن. والأتراب: المستويات. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على ضوء أشدّ كوكب درّيّ في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، هم على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء». متفق عليه. وقوله تعالى: ? ثُلَّةٌ ?، أي: جماعة، ? مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ? قال الحسن: ? ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ ? من الأمم، ? وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ? أمة محمد ?.
عن قتادة: قوله: ? وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ?، أي: ماذا لهم وماذا أعدّ لهم ? فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ ? كنا نحدّث أنها ظلّ الدخان ? لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ? قال: لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر. وقال الضحاك: كلّ شراب ليس بعذب فليس بكريم. وعن ابن عباس: ? إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ? يقول: منعمين ? وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ ? قال الضحاك: يعني: الشرك. وقال مجاهد: يدمنون على الذنب.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:37 م]ـ
الإثنين
31/ 05/2010
الصفحات
536 537
يتبع ..
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:37 م]ـ
القسم الاول والثاني
. وعن ابن عباس قوله: ? شُرْبَ الْهِيمِ ? قال: الإبل العطاش. وقال عكرمة: هي الإبل المراض تمصّ الماء مصًا ولا تروى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/132)
وقوله تعالى: ? هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ?، قال ابن كثير: أي: هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم، كما قال تعالى في حقّ المؤمنين: ? إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ?. وقال البغوي: ? هَذَا نُزُلُهُمْ ?، يعني: ما ذكر من الزقّوم، والحميم: رزقهم وغذاؤهم، وما أعدّ لهم يوم الدين، يوم يجازون بأعمالهم؛ ثم احتجّ عليهم في البعث فقال تعالى: ? نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ ? قال مقاتل: خلقناكم ولم تكونوا شيئًا وأنتم تعلمون ذلك ? فَلَوْلَا ? فهلا ? تُصَدِّقُونَ ? بالبعث؟ ? أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ? ما تصبّون في الأرحام من النطف ? أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ ?، يعني: أأنتم تخلقون ما تمنون بشرًا، ? أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ?؟ ? نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ? بمغلوبين عاجزين عن إهلاككم وإبدالكم بأمثالكم فذلك قوله عز وجل: ? عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ? يعني: نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم. ? وَنُنشِئَكُمْ ? نخلقكم ? فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ? من الصور. وقال الحسن: أي: نبدّل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير. ? وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى ? ولم تكونوا شيئًا ? فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ ? إني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم.
536 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/4
قال الشيخ الألباني :
swLv1u/536A.html)
http://dc193.4shared.com/img/302305975/fb4756a7/536A.png?sizeM=7
http://dc234.4shared.com/img/302305971/fc2a92be/536B.png?sizeM=7
536B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/WBY_ITpu/536B.html)
قال البغوي: ? أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ ?، يعني: تثيرون من الأرض وتلقون فيها من البذور، ? أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ ? تنبتونه ? أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ? المنبتون؟ وعن حجر المنذريّ أنه كان إذا قرأ: ? أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ? وأمثالها ويقول: بل أنت يا رب. ? لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ?، قال الكسائي: هو تلهّف على ما فات، وهو من الأضداد. وقال ابن كثير: أي: لو جعلناه حطامًا لظلتم تفكّهون في المقالة، تنوّعون كلامكم فتقولون تارة: إنا لمغرمون، وتارة تقولون: بل نحن محرومون. قال البغوي: والغرام: العذاب. وقال الضحاك، وابن كيسان: غرمنا أموالنا وصار ما أنفقنا غرمًا علينا، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض، وهو قوله: ? بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ? محدودن ممنوعون، أي: حُرِمْنا ما كنا نطلبه من الربح في الرزق. وقال ابن زيد: المزن: السحاب. وقال الحسن: ? أُجَاجاً ? مرًّا. وقال ابن عباس شديد الملوحة.
وعن قتادة: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً ? للنار الكبرى. ذكر لنا أن نبيّ الله ? قال: «ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم». قالوا: يا نبي الله إن كانت لكافية. قال: «قد ضُربت بالماء ضربتين لينتفع بها بنو آدم ويدنوا منها». ? وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ?، قال: للمرمل المسافر. وعن مجاهد: ? وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ ? للمستمتعين: المسافر، والحاضر، لكلّ طعام لا يصلحه إلا النار. وقال ابن زيد: المقوي: الجائع.
وقوله تعالى: ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ?، قال ابن كثير: أي: الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة: الماء الزلال العذب البارد، ولو شاء جعله ملحًا أجاجًا كالبحار المغرقة، وخلق النار المحرقة وجعل ذلك مصلحة للعباد وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزجرًا لهم في المعاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/133)
قال جمهور المفسرين: هذا قسم من الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه و (لا) مزيدة لتأكيد القسم. وعن مجاهد: قوله: ? بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ?، قال: في السماء؛ وهذه الآية كقوله: ? فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ?. وعن ابن عباس قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين بعد، وتلا هذه الآية: ? فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ?، قال: نزل متفرّقًا. وقال الحسن: أراد انكدار النجوم وانتثارها يوم القيامة.
وقال ابن كثير: وقوله: ? وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ?، أي: وإن هذا القسم الذي أقسمت به ? لَقَسَمٌ ? عظيم ? لَّوْ تَعْلَمُونَ ? عظمته لعظّمتم المقسم به عليه
يتبع ..
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:38 م]ـ
القسم الثالث والرابع
? إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ?. قال البغوي: ? إِنَّهُ ? يعني: هذا الكتاب، وهو موضع القسم ? لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ? عزيز مكرّم لأنه كلام الله؛ قال بعض أهل المعاني: الكريم الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير. ? فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ? مصون عند الله في اللوح المحفوظ. وعن ابن عباس قال: إذا أراد الله أن ينزل كتابًا نسخته السفرة فـ ? لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ? يعني: الملائكة. وعن قتادة: قوله: ? لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ? ذاكم عند ربّ العالمين، فأما عندكم فيمسّه المشرك النجس والمنافق الرجس. وفي الموطّأ أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله ? لعمرو بن حزم: «أن لا يمسّ القرآن إلا طاهر».
وعن جابر بن زيد في قوله: ? تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?، قال: القرآن ينزل من ذلك الكتاب. وقال الضحاك: زعموا أن الشياطين تنزّلت به على محمد، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك وما تستطيعه، وما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا وهو محجوب عنهم، وقرأ قول الله: ? وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ?.
قلت: وهذا كقوله تعالى: ? فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?. وعن ابن عباس: قوله: ? أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ?، يقول: مكذّبون غير مصدّقين ? وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ ?، يقول: شكركم ? أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ?، وقال الحسن في هذه الآية: خسر عبد لا يكون حظّه من كتاب الله إلا التكذيب. وعن ابن عباس أنه كان يقرأ: ? وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ?، ثم قال: ما مطر الناس ليلة قطّ إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كذا وكذا. وفي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال: صلّى بنا رسول الله ? صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرْنَا بَنَوْءِ كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب».
قال ابن كثير: يقول تعالى:? فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ ? الروح ? الْحُلْقُومَ ? أي: الحلق ? وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ? أي: إلى المحتضَر وما يكابده من سكرات الموت ? وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ? أي: بملائكتنا ? وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ ? أي: ولكن لا ترونهم، كما قال تعالى: ? وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ?. وعن ابن عباس قوله: ? فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ? يقول: غير محاسَبين. وقال ابن زيد في قوله: ? تَرْجِعُونَهَا ? قال: لتلك النفس ? إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? قال البغوي: أي: تردّون نفس هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/134)
الميت إلى جسده بعدما بلغت الحلقوم، فأجاب عن قوله: ? فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ? وعن قوله: ? فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ? بجواب واحد معناه: إن كان الأمر كما تقولون: أنه لا بعث ولا حساب ولا إله يجازي، فهلا تردّون نفس من يعزّ عليكم إذا بلغت الحلقوم؟ وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم، وهو الله عز وجل فآمِنوا به. ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وبيّن درجاتهم فقال: ? فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ?.
وعن سعيد بن جبير في قوله: ? فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ?، قال: الروح: الفرح. والريحان: الرزق؛ قال قتادة: يتلقّى به عند الموت.
http://dc223.4shared.com/img/302306018/cec819fd/537A.png?sizeM=7
537A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/0Xi8fZ-S/537A.html)
537B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/HztCY1gy/537B.html)
http://dc269.4shared.com/img/302306020/eb3ec20c/537B.png?sizeM=7
? وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ?، قال: سلام من عند الله، سلّمت عليه ملائكة الله. وقال ابن زيد: سَلِمَ مما يكون. وقال مقاتل: هو أن الله تعالى يتجاوز عن سيِّئاتهم ويقبل حسناتهم. وعن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله ? في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله ? وجلسنا حوله كأنّ على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثًا ثم قال -: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان - قال -: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرّون بها - يعني: على ملأ من الملائكة - إلا قالوا: ما هذه الروح الطيّبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمّونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له فيشيّعه من كلِّ سماء مقرّبوها إلى السماء التي تليها، حتى يُنتهى به إلى السماء السابعة فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في علّيّين وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى - قال -: فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدّقت، فينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مدّ بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه وحسن الثياب طيّب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرّك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: ربِّ أقم الساعة، ربِّ أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/135)
وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت إليه ملائكة من السماء سود الوجوه معهم المسوح، فجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على الأرض، فيصعدون بها فلا يمرّون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمّى بها في الدنيا، حتى يُنتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له - ثم قرأ رسول الله ? -: ? لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ? فيقول الله: اكتبوا كتابه في سجّين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحًا - ثم قرأ -: ? وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ? فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرّها وسَمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: ومن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشرّ! فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تُقِمِ الساعة». رواه أحمد وغيره. وفي رواية: «ثم يقيّض له أعمى أصمّ أبكم، وفي يده مرزبّة لو ضرب بها جبلاً لكان ترابًا، فيضربه ضربة فيصير ترابًا، ثم يعيده الله عز وجل كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الشياطين».
وله من حديث أبي هريرة عن النبي ? قال: «إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيّبة كانت في الجسد الطيّب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، وربّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان فيقولون: مرحبًا بالروح الطيّبة كانت في الجسد الطيّب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى يُنتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغسّاق، وآخر من شكله أزواج». الحديث.
وقوله تعالى: ? إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ?، قال البغوي: ? إِنَّ هَذَا ? يعني: ما ذكر من قصة المحتضرين ? لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ? أي: الحقّ اليقين. وقال ابن كثير: أي: أن هذا الخبر لهو حقّ اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحدّ عنه ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ?. وعن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله ?: ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ? قال: «اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت: ? سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ? قال رسول الله ?: «اجعلوها في سجودكم». رواه أحمد وغيره. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».
* * *
يتبع ..
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:00 م]ـ
الأربعاء
02/ 06/2010
الصفحة 540
والصفحة 541
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:02 م]ـ
تابع صفحة 537
537 C.mp3 (http://www.4shared.com/audio/efG3pTCp/537C.html)
http://dc125.4shared.com/img/302305964/955b5770/537C.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/136)
عن أبي هريرة: أن رسول الله ? كان يدعو عند النوم: «اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر». رواه أحمد وغيره.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:04 م]ـ
عن أبي هريرة: أن رسول الله ? كان يدعو عند النوم: «اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر». رواه أحمد وغيره. وعن عكرمة في قوله: ? يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ?، قال: قصر هذا في طول هذا، وطول هذا في قصر هذا. ? وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ? قال ابن كثير: أي: يعلم السرائر إن دقّت وإن خفيت.
قال ابن كثير: أمر تعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل، والدوام والثبات على ذلك والاستمرار، وحثّ على الإنفاق، ? مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ? أي: مما هو معكم على سبيل العارية، فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم، وقال: فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفًا عنك؛ وساق حديث عبد الله بن الشّخّير قال: انتهيت إلى رسول الله ? وهو يقول: «? أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ?، يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس». رواه مسلم.
538 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/94OlzVXX/538A.html)
http://dc204.4shared.com/img/303283222/6c3114ac/538A.png?sizeM=7
http://dc204.4shared.com/img/303283236/7247e1f4/538B.png?sizeM=7
538B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/H4utWQJN/538B.html)
وعن مجاهد قوله: ? مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ?، قال: من الضلالة إلى الهدى.
وقوله تعالى: ? وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ? قال البغوي: أي: شيء لكم في ترك الإِنفاق في سبيل الله وبالجهاد فقال: ? لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ ?، يعني: فتح مكة في قول أكثر المفسّرين. وقال الشعبي: هو صلح الحديبية. قال ابن كثير: وقد يستدلّ لهذا القول بما روى الإمام أحمد عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبيّ ? فقال: «دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغتم أعمالهم». قال ابن كثير: ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد كان بين صلح الحديبية وفتح مكة. وعن قتادة: ? وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ? قال: الجنة ? وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ?، قال ابن كثير: أي: فلخبرته فاوت بين ثوابهم.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[01 - 06 - 10, 08:04 م]ـ
القسم الثالث والرابع
قال البغوي: ? يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم ?، يعني: على الصراط، ? بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم ?، يعني: عن أيمانهم؛ قال بعضهم: أراد جميع جوانبهم، فعبر بالبعض عن الكلّ، وذلك دليلهم إلى الجنة. وقال قتادة: ذكر لنا أن نبيّ الله ? قال: «إن من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عَدَن أبين وصنعاء ودون ذلك، حتى أن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه». وقال ابن مسعود: (يؤتون من نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورًا مَنْ نوره على إبهامه فيطفأ مرّة ويوقد مرّة). وقال الضحاك، ومقاتل: ? يَسْعَى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/137)
نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم ? كتبهم، يريد أن كتبهم التي أعطوها بإيمانهم ونورهم بين أيديهم، وتقول لهم الملائكة: ? بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ?.
? يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ? نستضيء من نوركم، وذلك أن الله تعالى يعطي المؤمنين نورًا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويعطي المنافقين أيضًا نورًا خديعة لهم، وهو قوله عز وجل: ? وَهُوَ خَادِعُهُمْ ? فبينا هم يمشون إذ بعث الله عليهم ريحًا وظلمة فأطفأت نور المنافقين، فذلك قوله: ? يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ? مخافة أن يُسلبوا نورهم كما سُلب نور المنافقين ? قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ? فاطلبوا هناك لأنفسكم نورًا، فإنه لا سبيل لكم إلا الاقتباس من نورنا، فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئًا فينصرفون إليهم ليلقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين؛ وهو قوله: ? فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ ? وهو حائط بين الجنة والنار ? لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ?، أي: في باطن ذلك السور الرحمة وهي: الجنة، ? وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ? وهو: النار ? يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ? في الدنيا نصلّي ونصوم؟ ? قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ?، أهلكتموها بالنفاق والكفر، واستعملتموها في المعاصي والشهوات وكلّها فتنة ? وَتَرَبَّصْتُمْ ? بالإِيمان والتوبة ? وَارْتَبْتُمْ ? تشكّكتم ? وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ ? الأباطيل وما كنتم تتمنّون من نزول الدوائر بالمؤمنين ? حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ ?، يعني: الموت، ? وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ?، يعني: الشيطان. قال قتادة: ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار
539 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IhZktIrG/539A.html)
http://dc204.4shared.com/img/303283336/73858bc3/539A.png?sizeM=7
http://dc204.4shared.com/img/303283352/22b2e85c/539B.png?sizeM=7
539B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/qFmkPuXf/539B.html)
. قال قتادة: ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار ? فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ?، يعني: المشركين ? مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ? صاحبكم وأولى بكم لما أسلفتم من الذنوب، ? وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?. انتهى ملخصًا. والله أعلم.
عن قتادة: قوله: ? أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ? الآية، ذكر لنا أن شدّاد بن أوس كان يروي عن رسول الله ? قال: «إن أول ما يرفع من الناس الخشوع». قال ابن كثير: يقول تعالى: أما آن للمؤمنين: ? أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ? أي: تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه؟ ? وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ?، قال ابن عباس: مالوا إلى الدنيا وأعرضوا عن مواعظ الله. قال البغوي: والمعنى: أن الله عز وجل ينهى المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر ? وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ? يعني: الذين تركوا الإِيمان بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/138)
وقوله تعالى: ? اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? فيه إشارة إلى أن الله تعالى يليّن القلوب بعد قسوتها برحمته كما يحيي الأرض بعد جدبها ? إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ ? أي: المتصدّقين والمتصدّقات ? وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ? بالصدقة والنفقة في سبيل الله عز وجل ? يُضَاعَفُ لَهُمْ ? ذلك القرض ? وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ? ثواب حسن وهو الجنة ?
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:20 م]ـ
المقرر السابق كان ليوم الثلاثاء
وهذا مقرر الاربعاء
الأربعاء
02/ 06/2010
الصفحة 540
والصفحة 541
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:22 م]ـ
صفحة 540
? وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ? قال مجاهد: كلّ من آمن بالله ورسله فهو صدّيق، وتلا هذه الآية. وعن ابن عباس في قوله: ? وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ?، قال: هذه مفصولة. قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ ? أي: في جنات النعيم، كما جاء في الصحيحين: «إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربك إطّلاعه فقال: ماذا تريدون؟ فقالوا: نحبّ أن تردّنا إلى الدار الدنيا فنقاتل فيك فنُقتَل كما قُتلنا أوّل مرّة، فقال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون».
وقوله تعالى: ? لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ?، أي: لهم عند الله أجر جزيل ونور عظيم، ? يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ? وهم في ذلك يتفاوتون بحسب ما كانوا في الدار الدنيا من الأعمال.
وقوله تعالى: ? وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ? لما ذكر السعداء ومآلهم، عطف بذكر الأشقياء وبيّن حالهم. والله المستعان.
قال البغوي: قوله عز وجل: ? اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ?، أي: أن الحياة في هذه الدار، ? لَعِبٌ ? باطل لا حاصل له، ? وَلَهْوٌ ? فرح ثم ينقضي، ? وَزِينَة ? منظر تتزيّنون به، ? وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ ? يفخر به بعضكم على بعض، ? وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ ?، أي: مباهاة بكثرة الأموال والأولاد، ثم ضرب لها مثلاً فقال: ? كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ?، أي: الزرّاع ? نَبَاتُهُ ? ما نبت من ذلك الغيث ? ثُمَّ يَهِيجُ ? ييبس، ? فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ? بعد خضرته ونضرته، ? ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ? يتحطّم ويتكسّر بعد يبسه ويفنى، ? وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ ?، قال مقاتل: لأعداء الله، ? وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ? لأوليائه وأهل طاعته، ? وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ?، قال سعيد بن جبير: ? مَتَاعُ الْغُرُورِ ? لمن لم يشتغل فيها بطلب الآخرة، ومن اشتغل بها فله: ? مَتَاعُ ? بلاغ إلى ما هو خير منه.
وقال في جامع البيان: ? أَعْجَبَ الْكُفَّارَ ? الزرّاع، أو الكافرون، فإنهم أشدّ إعجابًا بخضرة الدنيا، ولم يذكر ابن جرير غير الثاني؛ وقال بعض المفسرين: ومعنى إعجاب الكفار: أنهم جحدوا نعمة الله فيه بعد أن راق في نظرهم، فبعث الله عليهم العاهة فصيّره كَلا شيء، ومن جعل الكفّار بمعنى الزرّاع فظاهر. قاله ابن مسعود.
وقال ابن كثير: يقول تعالى موهنًا أمر الحياة الدنيا ومحقّرًا لها: ? أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ?، أي: إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال تعالى: ? زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/139)
قال: وقوله تعالى: ? أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ?، أي: يعجب الزرّاع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزرّاع ذلك، كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفّار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها.
540 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/9ohrvxXW/540A.html)
http://dc261.4shared.com/img/305112141/f1cc1e49/540A.png?sizeM=7
http://dc131.4shared.com/img/305112136/20e91d2d/540B.png?sizeM=7
540B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/QPGgHT-t/540B.html)
وقوله تعالى: ? سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ? قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ? سَابِقُوا ? أيها الناس إلى عمل يوجب لكم: ? مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ ? هذه الجنة: ? لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ?، يعني: الذين وحّدوا الله وصدّقوا رسله، ? ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?، قال البغوي: فبيّن أن أحدًا لا يدخل الجنّة إلا بفضل الله.
عن ابن عباس: قوله: ? مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ?، قال: هو شيء قد فرغ منه قبل أن تبرأ النفس. قال قتادة: أما: ? مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ ? فالسنون، وأما:? فِي أَنفُسِكُمْ ? فهذه الأمراض والأوصاب? مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ? من قبل أن نخلقها. وقال الحسن: كلّ مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن تبرأ النسمة، ? إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ?، قال ابن كثير: أي: أن علمه تعالى الأشياء قبل كونها، وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عز وجل، لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، لو كان كيف يكون. وعن ابن عباس: ? لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ? من الدنيا، ? وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ? منها. وقال عكرمة: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرًا، والحزن صبرًا.
? وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ?، قال البغوي: ? مُخْتَالٍ ? متكبّر بما أوتي من الدنيا ? فَخُورٍ ? يفخر به على الناس. وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ?، أي: يبخلون بالواجب ويأمرون الناس بذلك. وقال ابن كثير: أي: يفعلون المنكر ويحضّون الناس عليه، ? وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ?.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:23 م]ـ
صفحة 541
عن قتادة: ? الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ?، قال: الميزان العدل. وقال ابن زيد: الميزان ما يعمل الناس ويتعاطون عليه في الدنيا من معايشهم التي يأخذون ويعطون، يأخذون بميزان، ويعطون بميزان، يعرف ما يأخذ وما يعطي. قال: والكتاب فيه دين الناس الذي يعملون ويتركون، فالكتاب للآخرة، والميزان للدنيا. ? وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ?، قال: البأس الشديد: السيوف والسلاح الذي يقاتل الناس به. ? وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ? بعد يحفرون به الأرض والجبال وغير ذلك. قال البغوي: روي عن ابن عمر يرفعه: «إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الحديد، والنار، والماء، والملح». وقال أهل المعاني: معنى قوله: ? وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ ? أنشأنا وأحدثنا، أي: أخرج لهم الحديد من المعادن وعلّمهم صنعته. وعن مجاهد: قوله: ? وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ? وجُنّة وسلاح، وأنزله ليعلم الله من ينصره. وقال البغوي: أي: أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم هذه لأشياء ليتعامل الناس بالحقّ والعدل، ? وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ ? وليرى الله ? مَن يَنصُرُهُ ? أي: دينه ? وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ? أي: قام بنصرة الدين ولم ير الله ولا الآخرة،وإنما يحمد ويثاب من أطاع الله بالغيب ? إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/140)
541 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/2oNdv_9W/541A.html)
http://dc252.4shared.com/img/305112199/4ab9e836/541A.png?sizeM=7
http://dc199.4shared.com/img/305112388/27213d8f/541B.png?sizeM=7
541B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/rCa
قال الشيخ الألباني :
Pf2v/541B.html)
عن ابن عباس قال: كانت ملوك بعد عيسى بدلّوا التوراة والإِنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، فقيل لملكهم: ما نجد شيئًا أشدّ علينا من شتم يشتمنا هؤلاء، إنهم يقرؤون: ? وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ? هؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في قراءتهم، فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ وليؤمنوا كما آمنا به، قال: فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدّلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ فدعونا، قال: فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئًا نرفع به طعامنا وشرابنا، فلا نردّ عليهم. وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب كما تشرب الوحوش فإن قدرتم علينا بأرضكم فاقتلونا. وقالت طائفة: ابنوا لنا دورًا في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحترث البقول، فلا نردّ عليكم، ولا نمرّ بكم، وليس أحد من أولئك إلا وله حميم فيهم. قال: ففعلوا ذلك، فأنزل الله جلّ ثناؤه: ? وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ?، والآخرون قالوا: نتعبّد كما تعبّد فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتّخذ دورًا كما اتخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم. قال: فلما بعث النبيّ ? ولم يبق منهم إلا قليل، انحطّ رجل من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وجاء صاحب الدار من داره، وآمنوا وصدّقوه فقال الله جلّ ثناؤه: ? يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ?.
قال ابن جرير: لإيمانهم بعيسى، وتصديقهم بالتوراة، والإنجيل، وإيمانهم بمحمد ?، وتصديقهم به. قال: ? وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ?: القرآن وإتباعهم النبيّ ?. وقال: ? لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?. وعن قتادة: ? وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ? فهاتان من الله، والرهبانية ابتدعها القوم من أنفسهم، ولم تُكتب عليهم، ولكن ابتغوا بذلك وأرادوا رضوان الله، ? فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ?، ذكر لنا أنهم رفضوا النساء واتّخذوا الصوامع. وقال ابن زيد: ابتدعوها ابتغاء رضوان الله تطوّعًا ? فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ?، قال: الذين رعوا ذلك الحقّ.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ? فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ?، أي: فما قاموا بما التزموه حقّ القيام. وهذا ذمّ لهم من وجهين، أحدهما: في الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله. والثاني: عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة. وقال ابن جرير وقوله: ? فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ?، يقول تعالى ذكره: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسله، من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على ابتغائهم رضوان الله وإيمانهم به وبرسوله في الآخرة ? وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ ? أهل معاص وخروج عن طاعته والإِيمان به. انتهى. قال بعضهم: الصوفية وزان أولئك.
عن مجاهد: قوله: ? يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ? قال: ضعفين. وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ?: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه وآمن بي فله أجران، وعبد مملوك أدّى حقّ الله وحقّ مواليه فله أجران، ورجل أدّب أمته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوّجها فله أجران». وعنه أيضًا عن النبي ? قال: «مثل المسلمين واليهود والنصارى، كمثل رجل استعمل قومًا يعملون له عملاً يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقيّة عملكم وخذوا أجركم كاملاً، فأبوا وتركوا واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا بقيّة يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلّوا العصر، قالوا: ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال: أكملوا بقيّة عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير، فأبوا فأستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقيّة يومهم حتى غابت الشمس، فاستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور». رواه البخاري.
وعن ابن عباس: ? وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ?، قال: الفرقان واتباعهم النبيّ ?، ? وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?. ? لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ ?، قال قتادة: حسد الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب المؤمنين منهم فأنزل الله تعالى: ? لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ?، وقال مجاهد: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبيّ يقطع الأيدي والأرجل، فلما خرج من العرب كفروا به فأنزل الله تعالى: ? لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ?، قال البغوي: أي: ليعلم و (لا) صلة ? أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ ? أي: ليعلم الذين يؤمنوا أنهم لا أجر لهم ولا نصيب لهم في فضل الله، ? وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ?.
* * *
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/141)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:49 م]ـ
الخميس
03/ 06/2010
الصفحة 542
والصفحة 543
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:49 م]ـ
صفحة 542
روى الإِمام أحمد وغيره عن عائشة قالت: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي ? تكلّمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ? إلى آخر الآية). وفي رواية ابن أبي حاتم قالت: (تبارك الذي أوعى سمعه كلّ شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله ? وهي تقول: يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي ونشرت له بطني، حتى إذا كبرت سنّي وانقطع ولدي ظاهَرَ منّي! اللهم إني أشكو إليك. قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ? قالت: وزوجها أوس بن الصامت). وفي رواية: (وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به؟ فقال رسول الله ?: «حرمت عليه». فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي. فقال رسول الله ?: «ما أراك إلا قد حرمت عليه، ولم أومر في شأنك شيء». فقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدّة حالي، وإن لي صبية صغارًا إن أرسلتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليّ جاعوا، اللهمّ إني أشكو إليك؛ فأنزل الله عز وجل: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ? الآيات). وعن قتادة في قول الله: ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ?، قال: ذاك أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة؛ قالت: يا رسول الله كبر سنّي ورقّ عظمي وظاهر منّي زوجي؛ قال: فأنزل الله: ? الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم ? إلى قوله: ? ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ? يريد أن يغشى بعد قوله: ? فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ? فدعاه إليه نبيّ الله ? فقال: «هل تستطيع أن تعتق رقبة»؟ قال: لا. قال: «أفتسطيع أن تصوم شهرين متتابعين»؟ قال: إنه إذا أخطأه أن يأكل كل يوم ثلاث مرات لَكَلّ بَصَرُهُ، قال: «أتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا»؟ قال: لا، إلا أن يعينني فيه رسول الله ? بعون وصلاة؛ فأعانه رسول الله ? بخمسة عشر صاعًا. وجمع الله له أمره، ? وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? وعن أبي قلابة قال: كان الظهار طلاقًا في الجاهلية، الذي إذا تكلّم به أحدهم لم يرجع في امرأته أبدًا، فأنزل الله عز وجل فيه ما أنزل. وعن قتادة: ? مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ?، قال: الزور الكذب، ? وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ?.
542 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/
قال الشيخ الألباني :
P9JA_fY/542A.html)
http://dc136.4shared.com/img/305112411/8a7028e7/542A.png?sizeM=7
http://dc203.4shared.com/img/305112492/dba0f355/542B.png?sizeM=7
542B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/BaqUa
قال الشيخ الألباني :
O7/542B.html)
عن قتادة: قوله: ? إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ? يقول: يعادون الله ورسوله ? كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ? خُزُوا كما خزي الذين من قبلهم. قال ابن كثير: كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم، ? وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ? أي: واضحات? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ? أي: في مقابلة ما استكبروا عن إتّباع شرع الله ? يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ? أي: ضبطه الله وحفظه عليهم، وهم قد نسوا ما كانوا عملوا، ? وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ? أي: لا يغيب عنه شيء.
يتبع,,,,
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:52 م]ـ
صفحة 543
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/142)
ثم قال تعالى مخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه وإطّلاعه عليهم: ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ ? أي: من سرّ ثلاثة: ? إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ?، كما قال تعالى: ? أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ?، فهو سبحانه وتعالى مطّلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء. ثم قال تعالى: ? ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?، قال الإمام أحمد: افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم. وقال الضحاك: هو فوق العرش، وعلمه معهم أينما كانوا.
عن مجاهد في قوله: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ?، قال: اليهود. وقال مقاتل: كان بين النبيّ ? وبين اليهود موادعة، وكانوا إذا مرّ بهم الرجل من أصحاب النبيّ ? جلسوا يتناجون بينهم حتى يظنّ المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم، فنهاهم النبيّ ? عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ ?. وعن مجاهد في قوله: ? وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ?، قال: يقولون: سام عليكم. وفي حديث أنس عن النبيّ ?: «إذا سلّم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: وعليك». قال ابن زيد: السام الموت.
وقوله تعالى: ? وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ?، قال البغوي: يريدون: لو كان نبيًّا حقًّا لعذّبنا الله بما نقول. قال الله عز وجل: ? حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?.
543 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/qLLebj-l/543A.html)
http://dc203.4shared.com/img/305113121/1f2adeaa/543A.png?sizeM=7
543B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/BJ3
قال الشيخ الألباني :
Angs/543B.html)
http://dc220.4shared.com/img/305111183/a1c29f87/543B.png?sizeM=7
. وعن قتادة: قوله: ? إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ?، كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنون ويكبر عليهم، فأنزل الله في ذلك القرآن. وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ?: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون ثالثهما، فإن ذلك يحزنه»
عن قتادة: قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ?، كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنّوا بمجلسهم عند رسول الله ?، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض، ? وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ? يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا ? يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ? إن بالعلم لأهله فضلاً، وإن له على أهله حقًا، ولعمري لِلحقّ عليك أيها العالم فضل، والله معطي كلّ ذي فضل فضله. وكان مطرف بن عبد الله بن الشّخّير يقول: فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:56 م]ـ
الجمعة
04/ 06/2010
الصفحة 544
والصفحة 545
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 10:57 م]ـ
صفحة 544
وعن مجاهد في قوله: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ?، قال: نهوا عن مناجاة النبيّ ? حتى يتصدّقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قدّم دينارًا فتصدّق به، ثم أنزلت الرخصة. وعن قتادة: قال: ? أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ? فريضتان واجبتان لا رجعة لأحد فيهما، فنسخت هذه الآية ما كان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/143)
قبلها من أمر الصدقة في النجوى.
عن قتادة: قوله: ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم ?، إلى آخر الآية. قال: هم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم، ? مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ ?، قال البغوي: يعني: المنافقين ليسوا من المؤمنين في الدين والولاية، ولا من اليهود والكافرين، كما قال: ? مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء ?. ? وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ? أنهم كذبة
544 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/PxD7S2RM/544A.html)
http://dc162.4shared.com/img/305111212/541aa01/544A.png?sizeM=7
http://dc242.4shared.com/img/305111208/fc8f725e/544B.png?sizeM=7
544B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/yv-w8UIQ/544B.html)
? أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ? يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم. وعن قتادة في قوله: ? يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ? قال: إن المنافق يحلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا ? وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ ?، قال البغوي: غلب واستولى ? عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ ?، الأسفلين، ? كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ?، قال الزجاج: غلبة الرسل على نوعين: من بُعث منهم بالحرب فهو غالب في الحرب، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجّة.
يتبع .....
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 11:06 م]ـ
صفحة 545
وقوله تعالى: ? لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ?، قال ابن كثير: أي: لا يوادّون المحادّين ولو كانوا من الأقربين. وقال في جامع البيان: ? لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ?، يعني: لا يجتمع الإِيمان ومحبّة أعداء الله تعالى: ? أُوْلَئِكَ ?، الذين لم يوادّوهم، ? كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ?، أثبته فيها ? وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ?. قال ابن جرير: يقول: وقوّاهم ببرهان منه، ونور وهدى، ? وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ?، قال ابن جرير: رضي الله عنهم بطاعتهم إياه في الدنيا، ? وَرَضُوا عَنْهُ ?، في الآخرة بإدخاله إياهم الجنة، ? أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ? يقول: أولئك الذين هذه صفتهم جند الله وأولياؤه ? أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?.
* * *
545 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/0FeQhHxn/545A.html)
http://dc213.4shared.com/img/305111984/31b55b9c/545B.png?sizeM=7
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[02 - 06 - 10, 11:12 م]ـ
وبهذا يكون قد انتهينا بحمد الله من دورة حزب المفصل
وسنبدأ من يوم السبت ان شاء الله بدورة حزب البقرة
ونظرا لحصولي على عمل والحمد لله فسأضع - ان شاء الله - ورد اسبوع كامل من صورة البقرة (اي ورد الاسبوع القادم)
وكذلك ساضع - ان شاء الله - ورد مراجعة اسبوع كامل ايضا من حزب المفصل مع تفسير اضواء البيان
والحمد لله رب العالمين ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 11:29 م]ـ
ساضع هنا ورد المراجعة لحزب المفصل للاسبوع القادم (مع اضواء البيان):
05/ 06/2010 السبت الصفحة 518
06/ 06/2010 الأحد الصفحة 519
07/ 06/2010 الإثنين الصفحة 520
08/ 06/2010 الثلاثاء الصفحة 521
09/ 06/2010 الأربعاء الصفحة 522
10/ 06/2010 الخميس الصفحة 523
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/144)
11/ 06/2010 الجمعة الصفحة 524
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 12:54 ص]ـ
05/ 06/2010
السبت
الصفحة 518
http://dc263.4shared.com/img/305661484/96482467/518.png?sizeM=7
________________________________________
ص -422 - بسم الله الرحمن الرحيم
سورة ق:
وقوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}.
المقسم عليه في الآية محذوف، والظاهر أنه كالمقسم عليه المحذوف في سورة ص، وقد أوضحناه في الكلام عليها.
وقوله تعالى هنا: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}.
قد قدمنا في سورة ص أن من المقسم عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق وأن رسالته حق، كما دل عليه قوله في ص: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [صّ:4] , وقد دل على ذلك قوله هنا: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ}، وقد قدمنا في ص أنه يدخل في المقسم عليه تكذيب الكفار في إنكارهم البعث، ويدل عليه قوله هنا: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً}، والحاصل أن المقسم عليه في ص، بقوله: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ}، وفي ق بقوله: {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} محذوف وهو تكذيب الكفار في إنكارهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وإنكارهم البعث، وإنكارهم كون المعبود واحدا، وقد بينا الآيات الدالة على ذلك في سورة ص، وذكرنا هناك أن كون المقسم عليه في سورة ق هذه المحذوف يدخل فيه إنكارهم لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} وتكذيبهم في إنكارهم للبعث بدليل قوله: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} وبينا وجه إيضاح ذلك بالآيات المذكورة هناك وغيرها، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}.
الهمزة في قوله: {أَفَلَمْ} تتعلق بمحذوف، والفاء عاطفة عليه، كما قدمنا مرارا أنه أظهر الوجهين، وأنه أشار إليه في الخلاصة بقوله:
(53/ 2)
________________________________________
ص -423 - وحذف متبوع بدا هنا استبح
والتقدير: أأعرضوا عن آيات الله فلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج. أي ليس فيها من شقوق ولا تصدع ولا تفطر، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تعظيم شأن كيفية بنائه تعالى للسماء وتزيينه لها وكونها لا تصدع ولا شقوق فيها جاء كله موضحا في آيات أخر كقوله جل وعلا في بنائه للسماء: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا, رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات:27 - 28]، وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذريات:47]، وقوله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [النبأ:12]، وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك:3]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} [المؤمنون:17]، وقوله تعالى في أول الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد:2]، وقوله تعالى في لقمان: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [لقمان:10] , إلى غير ذلك من الآيات.
(53/ 3)
________________________________________
وكقوله تعالى في تزيينه للسماء: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ} [الملك:5]، وقوله تعالى: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً} [فصلت:12]، وقوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات:6]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر:16] , وكقوله تعالى في حفظه للسماء من أن يكون فيها فروج أي شقوق: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:3]، والفطور والفروج بمعنى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/145)
واحد، وهو الشقوق والصدوع, وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:32]، أما إذا كان يوم القيامة فإن السماء تتشقق وتتفطر، وتكون فيها الفروج كما قال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان:25] , وقال تعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} [الرحمن:37] , وقال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ, وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ} [الحاقة:15 - 16]. وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ, وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق:1 - 2]، وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار:1]، وقال تعالى: {يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباًالسَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل:17 - 18] , وقال تعالى: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ, وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} [المرسلات:8 - 9].
(53/ 4)
________________________________________
ص -424 - قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ, تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه مد الأرض وألقى فيها الجبال الرواسي وأنبت فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب، وهذا الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} إلى قوله: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد:3]، وكقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ, هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان:10 - 11] والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي من كل صنف حسن من أصناف النبات، وقوله: {تَبْصِرَة} أي قدرنا الأرض وألقينا فيها الرواسي وأنبتنا فيها أصناف النبات الحسنة لأجل أن نبصر عبادنا كمال قدرتنا على البعث وعلى كل شيء وعلى استحقاقنا للعبادة دون غيرنا.
قوله تعالى: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}.
(53/ 5)
________________________________________
قوله: {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}، معناه أن الله تبارك وتعالى: يبين أن إحياء الأرض بعد موتها بإنبات النبات فيها بعد انعدامه واضمحلاله، دليل على بعث الناس بعد الموت بعد كونهم ترابا وعظاما. فقوله: {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} يعني أن خروج الناس أحياء من قبورهم بعد الموت كخروج النبات من الأرض بعد عدمه، بجامع استواء الجميع في أنه جاء بعد عدم، وهذا أحد براهين البعث التي يكثر الاستدلال عليه بها في القرآن، وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في صدر سورة البقرة وأول النحل وأول الجاثية، وغير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}.
هذه الآية الكريمة تدل على أن من كذب الرسل يحق عليه العذاب، أي يتحتم ويثبت في حقه ثبوتا لا يصح معه تخلفه عنه، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل
(53/ 6)
________________________________________
ص -425 - العلم من أن الله يصح أن يخلف وعيده، لأنه قال: إنه لا يخلف وعده ولم يقل إنه لا يخلف وعيده، وأن إخلاف الوعيد حسن لا قبيح، وإنما القبيح هو إخلاف الوعد، وأن الشاعر قال:
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/146)
لا يصح بحال، لأن وعيده تعالى للكفار حق ووجب عليهم بتكذيبهم للرسل كما دل عليه قوله هنا: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} , وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف العلة كقوله: سها فسجد. أي لعلة سهوه وسرق فقطعت يده أي لعلة سرقته، ومنه قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38]، فتكذيبهم الرسل علة صحيحة لكون الوعيد بالعذاب حق ووجب عليهم، فدعوى جواز تخلفه باطلة بلا شك، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات أخر، كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: {قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ, مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [قّ:28 - 29]، والتحقيق: أن المراد بالقول الذي لا يبدل لديه هو الوعيد الذي قدم به إليهم.
وقوله تعالى في سورة ص: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} [صّ:14] , وبهذا تعلم أن الوعيد الذي لا يمتنع إخلافه هو وعيد عصاة المسلمين بتعذيبهم على كبائر الذنوب، لأن الله تعالى أوضح ذلك في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] وهذا في الحقيقة تجاوز من الله عن ذنوب عباده المؤمنين العاصين، ولا إشكال في ذلك، وقد أوضحنا هذا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام:128].
قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
(53/ 7)
________________________________________
هذه الآية الكريمة من براهين البعث، لأن من لم يعي بخلق الناس ولم يعجز عن إيجادهم الأول لا شك في قدرته على إعادتهم وخلقهم مرة أخرى، لأن الإعادة لا يمكن أن تكون أصعب من البدء. والآيات الدالة على هذا كثيرة جدا، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27] , وقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا
(53/ 8)
________________________________________
ص -426 - أول مَرَّةٍ} [يس:79] وقوله: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أول مَرَّةٍ} [الإسراء:51] , والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقد أوضحنا الآيات الدالة على براهين البعث التي يكثر الاستدلال عليه بها في القرآن، كخلق الناس أولا، وخلق السماوات والأرض وما فيهما وإحياء الأرض بعد موتها، وغير ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، في البقرة والنحل والحج والجاثية وغير ذلك، وأحلنا على ذلك مرارا كثيرة.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 12:57 ص]ـ
06/ 06/2010
الأحد
الصفحة 519
http://dc128.4shared.com/img/305661479/6f614415/519.png?sizeM=7
قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة هود في الكلام على قوله تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [هود:5].
قوله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
قوله: {إِذْ} منصوب بقوله: {أَقْرَبُ}، أي نحن أقرب إليه من حبل الوريد في الوقت الذي يتلقى فيه الملكان جميع ما يصدر منه، والمراد أن الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، في وقت كتابة الحفظة أعماله لا حاجة له لكتب الأعمال، لأنه عالم بها لا يخفي عليه منها شيء، وإنما أمر بكتابة الحفظة للأعمال لحكم أخرى كإقامة الحجة على العبد يوم القيامة، كما أوضحه بقوله: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً, اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:13 - 14]، ومفعول التلقي في الفعل الذي هو {يَتَلَقَّى}، والوصف الذي هو {الْمُتَلَقِّيَانِ} محذوف تقديره، إذ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/147)
يتلقى المتلقيان جميع ما يصدر عن الإنسان فيكتبانه عليه.
(53/ 9)
________________________________________
قال الزمخشري: والتلقي التلقن بالحفظ والكتبة اهـ منه، والمعنى واضح لأن الملك يتلقى عمل الإنسان عند صدوره منه فيكتبه عليه، والمتلقيان هما الملكان اللذان يكتبان أعمال الإنسان، وقد دلت الآية الكريمة على أن مقعد أحدهما عن يمينه ومقعد الآخر عن شماله.
(53/ 10)
________________________________________
ص -427 - والقعيد: قال بعضهم: معناه القاعد، والأظهر أن معناه المقاعد، وقد يكثر في العربية إطلاق الفعل وإرادة المفاعل، كالجليس بمعنى المجالس، والأكيل بمعنى الماكل، والنديم بمعنى المنادم، وقال بعضهم: القعيد هنا هو الملازم، وكل ملازم دائما أو غالبا يقال له قعيد، ومنه قول متمم بن نويرة التميمي:
قعيدك ألا تسمعيني ملامة ولا تنكئي قرح الفؤاد فيجعا
والمعنى عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وهو أسلوب عربي معروف، وأنشد له سيبويه في كتابه قول عمرو بن أحمر الباهلي:
رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئا ومن أجل الطوى رمان
وقول قيس بن الخطيم الأنصاري:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
وقول ضبائي بن الحارث البرجمي:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيار بها لغريب
فقول ابن أحمر: كنت منه ووالدي بريئا أي كنت بريئا منه وكان والدي بريئا منه.
وقول ابن الخطيم: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض: أي نحن راضون وأنت راض.
وقول ضابىء بن الحارث: فإني وقيار بها لغريب: يعني إني لغريب وقيار غريب، وهذا أسلوب عربي معروف، ودعوى أن قوله في الآية: {قَعِيدٌ} هي الأولى أخرت وحذفت الثانية لدلالتها عليها لا دليل عليه، ولا حاجة إليه كما ترى، لأن المحذوف إذا صحت الدلالة عليه بالأخير فلا حاجة إلى أن هذا الأخير أصله هو الأول، ولا دليل عليه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} , أي ما ينطق بنطق ولا يتكلم بكلام {إِلَّا لَدَيْهِ}، أي إلا والحال أن عنده رقيبا. أي ملكا مراقبا لأعماله حافظا لها شاهدا عليها لا يفوته منها شيء. {عَتِيدٌ} , أي حاضر ليس بغائب يكتب عليه ما يقول من خير وشر، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الإنسان عليه حفظة من الملائكة
(53/ 11)
________________________________________
ص -428 - يكتبون أعماله، جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله. كقوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ, يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:11 - 12] , وقوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف:80] , وقوله تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ, هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:28 - 29].
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} [مريم:79].
وفي سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ} [الزخرف:19]، وقد ذكر جماعة من أهل العلم أن القعيد الذي هو عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات، وأن صاحب الحسنات أمين على صاحب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: أمهله ولا تكتبها عليه لعله يتوب أو يستغفر؟ وبعضهم يقول: يمهله سبع ساعات. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه:
اعلم أن العلماء اختلفوا في عمل العبد الجائز الذي لا ثواب ولا عقاب عليه، هل تكتبه الحفظة عليه أولا؟ فقال بعضهم: يكتب عليه كل شيء حتى الأنين في المرض، وهذا هو ظاهر قوله: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} , لأن قوله: {مِنْ قَوْلٍ} قول نكرة في سياق النفي زيدت قبلها لفظة {مِنْ}، فهي نص صريح في العموم.
(53/ 12)
________________________________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/148)
وقال بعض العلماء: لا يكتب من الأعمال إلا ما فيه ثواب أو عقاب، وكلهم مجمعون على أنه لا جزاء إلا فيما فيه ثواب أو عقاب فالذين يقولون: لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، والذين يقولون يكتب الجميع متفقون على إسقاط ما لا ثواب فيه ولا عقاب، إلا أن بعضهم يقولون لا يكتب أصلا، وبعضهم يقولون: يكتب أولا ثم يمحى, وزعم بعضهم أن محو ذلك، وإثبات ما فيه ثواب أو عقاب هو معنى قوله تعالى: {يَمْحُو
(53/ 13)
________________________________________
ص -429 - اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد:39].
والذين قالوا: لا يكتب ما لا جزاء فيه. قالوا: إن في الآية نعتا محذوفا سوغ حذفه العلم به، لأن كل الناس يعلمون أن الجائز لا ثواب فيه ولا عقاب، وتقدير النعت المحذوف، ما يلفظ من قول مستوجب للجزاء، وقد قدمنا أن حذف النعت إذا دل عليه أسلوب عربي معروف، وقدمنا أن منه قوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف:79] , أي كل سفينة صحيحة لا عيب فيها بدليل قوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف:79] , وقوله تعالى: {نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الإسراء:58] , أي قرية ظالمة بدليل قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص:59]، وأن من شواهده قول المرقش الأكبر:
ورب أسيلة الخدين بكر مهفهفة لها فرع وجيد
أي لها فرع فاحم وجيد طويل. وقول عبيد بن الأبرص:
من قوله قول ومن فعله فعل ومن نائله نائل
أي قول فصل، وفعل جميل، ونائل جزل.
قوله تعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النمل في الكلام على قوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:66].
قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}.
قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير نافع وشعبة عن عاصم {يَوْمَ نَقُولُ} بالنون الدالة على العظمة. وقرأه نافع وشعبة: "يَوْمَ يَقُولُ" بالياء، وعلى قراءتهما فالفاعل ضمير يعود إلى الله، واعلم أن الاستفهام في قوله: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} فيه للعلماء قولان معروفان:
(53/ 14)
________________________________________
الأول: أن الاستفهام إنكاري كقوله تعالى: {هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام:47] , أي ما يهلك إلا القوم الظالمون، وعلى هذا، فمعنى {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} لا محل للزيادة لشدة امتلاء النار، واستدل بعضهم لهذا الوجه بآيات من كتاب الله كقوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:13] , وقوله تعالى:
(53/ 15)
________________________________________
ص -430 - {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود:119] قال: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ, لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ}، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة يس في الكلام على قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} [يس:7]، لأن إقسامه تعالى في هذه الآية المدلول عليه بلام التوطئة في {لَأَمْلَأَنَّ} على أنه يملأ جهنم من الجنة والناس، دليل على أنها لا بد أن تمتلىء، ولذا قالوا: إن معنى {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، لا مزيد، لأني قد امتلأت فليس في محل للمزيد، وأما القول الآخر، فهو أن المراد بالاستفهام في قول النار: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}؟ هو طلبها للزيادة، وأنها لا تزال كذلك حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول: قط قط أي كفاني قد امتلأت، وهذا الأخير هو الأصح، ولما ثبت في الصحيحين، وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن جهنم لا تزال تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط"، لأن في هذا الحديث المتفق عليه التصريح بقولها "قط قط"، أي كفاني قد امتلأت، وأن قولها قبل ذلك هل من مزيد لطلب الزيادة، وهذا الحديث الصحيح من أحاديث الصفات، وقد قدمنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/149)
الكلام عليها مستوفي في سورة الأعراف والقتال.
واعلم أن قول النار في هذه الآية: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، قول حقيقي ينطقها الله به، فزعم بعض أهل العلم أنه كقول الحوض:
امتلأ الحوض فقال قطني مهلا رويدا قد ملأت بطني
وأن المراد بقولها ذلك هو ما يفهم من حالها خلاف التحقيق وقد أوضحنا ذلك بأدلته في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} [الفرقان:12] , والعلم عند الله تعالى.
(53/ 16)
________________________________________
قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}.
قوله: {أُزْلِفَتِ} أي قربت, وقوله: {غَيْرَ بَعِيدٍ}: فيه معنى التوكيد لقوله: {أُزْلِفَتِ} سواء أعربت {غَيْرَ بَعِيدٍ} بأنها حال أو ظرف، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من إزلاف الجنة للمتقين جاء في مواضع أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ, وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} [التكوير:12 - 13]، وقوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِين, وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} [الشعراء:90 - 91].
(53/ 17)
________________________________________
ص -431 - قال البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية: {غَيْرَ بَعِيدٍ} ينظرون إليها قبل أن يدخلوها.
قوله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}.
قوله: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا} قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ} [النحل:31].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} , قال بعض العلماء: المزيد النظر إلى وجه الله الكريم، ويستأنس لذلك بقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]، لأن الحسنى الجنة، والزيادة النظر، والعلم عند الله تعالى.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 12:58 ص]ـ
07/ 06/2010
الإثنين
الصفحة 520
http://dc233.4shared.com/img/305661928/6dc91395/520.png?sizeM=7
قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} [الزخرف:8].
قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}.
قد قدمنا الكلام عليه في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف:54] وبينا هناك أن الله أوضح ذلك في فصلت في قوله تعالى: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى قوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت:11 - 12] , وأوضحنا ذلك في سورة فصلت.
واللغوب: التعب والإعياء من العمل.
قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}.
(53/ 18)
________________________________________
ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله الكفار والتسبيح بحمده جل وعلا أطراف النهار، قد ذكره الله في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى
(53/ 19)
________________________________________
ص -432 - في أخريات طه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه:130]، وأمره له بالتسبيح بعد أمره له بالصبر على أذى الكفار فيه دليل على أن التسبيح يعينه الله به على الصبر المامور به، والصلاة داخلة في التسبيح المذكور كما قدمنا إيضاح ذلك، وذكرنا فيه حديث نعيم بن همار في آخر الحجر في الكلام على قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ, فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/150)
[الحجر:97 - 98]، وبينا هنالك أن الله أمر بالاستعانة بالصبر وبالصلاة كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:45].
قوله تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له بكثرة في سورة يس في الكلام على قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس:51].
قوله تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}.
(53/ 20)
________________________________________
قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر: {تَشَقَّقُ} بتشديد الشين بإدغام إحدى التاءين فيها، وقرأ الباقون بتخفيف الشين لحذف إحدى التاءين، وقوله تعالى: {سِرَاعاً} , جمع سريع، وهو حال من الضمير المجرور في قوله: {عَنْهُمْ} أي تشقق الأرض عنهم في حال كونهم مسرعين إلى الداعي وهو الملك الذي ينفخ في الصور، ويدعو الناس إلى الحساب والجزاء، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الناس يوم البعث يخرجون من قبورهم مسرعين إلى المحشر قاصدين نحو الداعي، جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43]، وقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس:51] , وقوله: {يَنْسِلُونَ} أي يسرعون، وقوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ, مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر:7 - 8]، فقوله: {مُهْطِعِينَ} , أي مسرعين مادي أعناقهم على الأصح، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة يس في الكلام على قوله: {فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ}.
(53/ 21)
________________________________________
ص -433 - قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يونس في الكلام على قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:99].
قوله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}.
قد قدمنا الكلام عليه في سورة فاطر في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} [فاطر:18].
(53/ 22)
________________________________________
أضواء البيان - الجزء السابع
(54/ 1)
________________________________________
ص -434 - بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الذاريات:
قوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً فَالْحَامِلاتِ وِقْراً فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ}.
أكثر أهل العلم، على أن المراد بالذاريات الرياح, وهو الحق إن شاء الله، ويدل عليه أن الذرو صفة مشهورة من صفات الرياح.
ومنه قوله تعالى: {فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف:45]، ومعنى {تَذْرُوهُ}: ترفعه وتفرقه، فهي تذرو التراب والمطر وغيرهما، ومنه قول ذي الرمة:
ومنهل آجن قفر محاضره تذرو الرياح على جماته البعرا
ولا يخفي سقوط قول من قال: إن الذاريات النساء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَالْحَامِلاتِ وِقْراً} أكثر أهل العلم على أن المراد بالحاملات وقرا: السحاب. أي المزن تحمل وقرا ثقلا من الماء.
ويدل لهذا القول تصريح الله جل وعلا بوصف السحاب بالثقال، وهو جمع ثقيلة، وذلك لثقل السحابة بوقر الماء الذي تحمله كقوله تعالى: {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد:12]، وهو جمع سحابة ثقيلة، وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} [الأعراف:57].
وقال بعضهم: المراد بالحاملات وقرا: السفن تحمل الأثقال من الناس وأمتعتهم، ولو قال قائل: إن الحاملات وقرا الرياح أيضا كان وجهه ظاهرا.
ودلالة بعض الآيات عليه واضحة، لأن الله تعالى صرح بأن الرياح تحمل السحاب الثقال بالماء، وإذا كانت الرياح هي التي تحمل السحاب إلى حيث شاء الله، فنسبة حمل ذلك الوقر إليها أظهر من نسبته إلى السحاب التي هي محمولة للرياح، وذلك في قوله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/151)
(54/ 2)
________________________________________
ص -435 - تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} [الأعراف:57].
فقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً} , أي حتى إذا حملت الرياح سحابا ثقالا، فالإقلال الحمل، وهو مسند إلى الريح. ودلالة هذا على أن الحاملات وقرا هي الرياح ظاهرة كما ترى، ويصح شمول الآية لجميع ذلك.
وقد قدمنا مرارا أنه هو الأجود في مثل ذلك، وبينا كلام أهل الأصول فيه، وكلامهم في حمل المشترك على معنييه أو معانيه، في أول سورة النور وغيرها.
والقول بأن {الْحَامِلاتِ وِقْراً}: هي حوامل الأجنة من الإناث، ظاهر السقوط، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً} أكثر أهل العلم على أن المراد بالجاريات يسرا: السفن تجري في البحر يسرا أي جريا ذا يسر أي سهولة.
والأظهر أن هذا المصدر المنكر حال كما قدمنا نحوه مرارا: أي فالجاريات في حال كونها ميسرة مسخرا لها البحر، ويدل لهذا القول كثرة إطلاق الوصف بالجري على السفن كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ} [الشورى:32]، وقوله: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:11]، وقوله تعالى: {وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [الحج:65] وقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ} [الجاثية:12] إلى غير ذلك من الآيات.
وقيل الجاريات الرياح, وقيل غير ذلك.
(54/ 3)
________________________________________
وقوله تعالى: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً} , هي الملائكة يرسلها الله في شؤون وأمور مختلفة، ولذا عبر عنها بالمقسمات، ويدل لهذا قوله تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} [النازعات:5]، فمنهم من يرسل لتسخير المطر والريح، ومنهم من يرسل لكتابة الأعمال، ومنهم من يرسل لقبض الأرواح، ومنهم من يرسل لإهلاك الأمم، كما وقع لقوم صالح.
والتحقيق أن قوله: {أَمْراً} مفعول به للوصف الذي هو المقسمات، وهو مفرد أريد به الجمع.
وقد أوضحنا أمثلة ذلك في القرآن العظيم، وفي كلام العرب مع تنكير المفرد كما
(54/ 4)
________________________________________
ص -436 - هنا، وتعريفه وإضافته في أول سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} [الحج:5]، والمقسم عليه بهذه الأقسام هو قوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ, وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذريات:5 - 6]، والموجب لهذا التوكيد هو شدة إنكار الكفار للبعث والجزاء.
وقوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ}، {مَا}، فيه موصولة والعائد إلى الصلة محذوف، والوصف بمعنى المصدر أي إن الذي توعدونه من الجزاء والحساب لصدق لا كذب فيه.
وقال بعض العلماء: {مَا}، مصدرية، أي إن الوعد بالبعث والجزاء والحساب لصادق.
وقال بعضهم: إن صيغة اسم الفاعل في {لَصَادِقٌ} بمعنى اسم المفعول. أي إن الوعد أو الموعود به لمصدوق فيه لا مكذوب به، ونظير ذلك قوله تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة:21] أي مرضية.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من صدق ما يوعدونه جاء في آيات كثيرة كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران:9] , وقوله: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} [الأنعام:134] , وقوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة:2] والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
والمراد بالدين هنا الجزاء، أي وإن الجزاء يوم القيامة لواقع لا محالة كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} [النور:25] أي جزاءهم بالعدل والإنصاف، وكقوله تعالى: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى, ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم:40 - 41].
(54/ 5)
________________________________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/152)
وقد نزه الله نفسه عن كونه خلق الخلق لا لبعث وجزاء، وبين أن ذلك ظن الكفار، وهددهم على ذلك الظن السيىء بالويل من النار، قال تعالى منكرا على من ظن عدم البعث والجزاء، ومنزها نفسه عن أنه خلقهم عبثا لا لبعث وجزاء: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ, فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:115 - 116] , وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [صّ:27]، في قوله في آية في ص هذه: باطلا أي عبثا لا لبعث وجزاء.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 01:06 ص]ـ
08/ 06/2010
الثلاثاء
الصفحة 521
http://dc225.4shared.com/img/305661932/9407cbca/521.png?sizeM=7
قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ, إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ, يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}.
(54/ 6)
________________________________________
ص -437 - قوله تعالى: {ذَاتِ الْحُبُكِ} فيه للعلماء أقوال متقاربة لا يكذب بعضها بعضا، فذهب بعض أهل العلم، إلى أن الحبك جمع حبيكة أو حباك، وعليه فالمعنى: {ذَاتِ الْحُبُكِ} أي ذات الطرائق، فما يبدو على سطح الماء الساكن أو الرمل من الطرائق إذا ضربته الريح هو الحبك، وهو جمع حبيكة أو حباك، قالوا: ولبعد السماء لا ترى طرائقها المعبر عنها بالحبك، ومن هذا المعنى قول زهير:
مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق بضاحي مائة حبك
وقول الراجز:
كأنما جللها الحواك طنفسة في وشيها حباك
وممن نقل عنه هذا القول الكلبي والضحاك.
وقال بعض أهل العلم: {ذَاتِ الْحُبُكِ} أي ذات الخلق الحسن المحكم، وممن قال به ابن عباس وعكرمة وقتادة.
وهذا الوجه يدل عليه قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ, ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:3 - 4] , إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى هذا القول فالحبك مصدر، لأن كل عمل أتقنه عامله وأحسن صنعه، تقول فيه العرب: حبكه حبكا بالفتح على القياس. والحبك بضمتين بمعناه.
وقال بعض العلماء: {ذَاتِ الْحُبُكِ} , أي الزينة.
وممن روي عنه هذا سعيد بن جبير والحسن، وعلى هذا القول، فالآية كقوله: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك:5]، وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في ق في الكلام على قوله: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} [قّ:6].
وقال بعض العلماء: {ذَاتِ الْحُبُكِ} أي ذات الشدة، وهذا القول يدل له قوله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [النبأ:12].
(54/ 7)
________________________________________
ص -438 - والعرب تسمي شدة الخلق حبكا، ومنه قيل للفرس الشديد الخلق: محبوك, ومنه قول امرىء القيس:
قد غدا يحملني في أنفه لاحق الأطلين محبوك ممر
والآية تشمل الجميع، فكل الأقوال حق والمقسم عليه في هذه الآية هو قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} أي إنكم أيها الكفار لفي قول مختلف في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وشأن القرآن، لأن بعضهم يقول: هو شعر، وبعضهم يقول: سحر، وبعضهم يقول: كهانة، وبعضهم يقول: أساطير الأولين، وقول من قال: {فِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} أي لأن بعضهم مصدق، وبعضهم مكذب خلاف التحقيق.
ويدل على أن الاختلاف إنما هو بين المكذبين دون المصدقين. قوله تعالى في ق: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [قّ:5] أي مختلط. وقال بعضهم: مختلف، والمعنى واحد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/153)
وقوله تعالى: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أظهر الأقوال فيه عندي ولا ينبغي العدول عنه في نظري، أن لفظة {عَنْ} في الآية سببية كقوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود:53] , أي بسبب قولك، ومن أجله، والضمير المجرور بعن راجع إلى القول المختلف، والمعنى: {يُؤْفَكُ} أي يصرف عن الإيمان بالله ورسوله {عَنْهُ}، أي عن ذلك القول المختلف أي بسببه {مَنْ أُفِكَ} أي من سبقت له الشقاوة في الأزل، فحرم الهدى وأفك عنه، لأن هذا القول المختلف يكذب يعضه بعضا ويناقضه.
ومن أوضح الأدلة على كذب القول وبطلانه اختلافه وتناقضه كما لا يخفي، فهذا القول المختلف الذي يحاول كفار مكة أن يصدوا به الناس عن الإسلام، الذي يقول فيه بعضهم: إن الرسول ساحر، وبعضهم يقول شاعر، وبعضهم يقول: كذاب. ظاهر البطلان لتناقضه وتكذيب بعضه لبعض، فلا يصرف عن الإسلام بسببه إلا من صرف، أي صرفه الله عن الحق لشقاوته في الأزل فمن لم يكتب عليه في سابق علم الله الشقاوة والكفر لا يصرفه عن الحق قول ظاهر الكذب والبطلان لتناقضه.
(54/ 8)
________________________________________
وهذا المعنى جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِين, َإِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات:161 - 163].
(54/ 9)
________________________________________
ص -439 - ومعنى هذه الآية أن دين الكفار، الذي هو الشرك بالله وعبادة الأوثان، مع حرصهم على صد الناس عن دين الإسلام إليه ما هم {بِفَاتِنِينَ}، أي ليسوا بمضلين عليه أحدا لظهور فساده وبطلانه {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}، أي إلا من قدر الله عليه الشقاوة وأنه من أهل النار في سابق علمه، هذا هو الظاهر لنا في معنى هذه الآية الكريمة.
وأكثر المفسرين على أن الضمير في قوله: {يُؤْفَكُ عَنْهُ} راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو القرآن، أي يصرف عن الإيمان بالنبي أو القرآن {مَنْ أُفِكَ} أي صرف عن الحق، وحرم الهدي لشدة ظهور الحق في صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن منزل من الله، وهذا خلاف ظاهر السياق كما ترى.
وقول من قال: {يُؤْفَكُ عَنْهُ} , أي يصرف عن القول المختلف الباطل {مَنْ أُفِكَ}، أي من صرف عن الباطل إلى الحق لا يخفي بعده وسقوطه.
والذين قالوا: هذا القول يزعمون أن الإفك يطلق على الصرف عن الحق إلى الباطل، وعن الباطل إلى الحق، ويبعد هذا أن القرآن لم يرد فيه الإفك مراد به إلا الصرف عن الخير إلى الشر دون عكسه.
قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.
لا يخفي على من عنده علم بأصول الفقه أن هذه الآية الكريمة فيها الدلالة المعروفة عند أهل الأصول بدلالة الإيماء والتنبيه على أن سبب نيل هذه الجنات والعيون هو تقوى الله والسبب الشرعي هو العلة الشرعية على الأصح، وكون التقوى سبب دخول الجنات الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً} [مريم:63] وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ} [النحل:31].
(54/ 10)
________________________________________
قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة الجاثية.
قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}.
(54/ 11)
________________________________________
ص -440 - اختلف العلماء في المراد بكون رزق الناس في السماء، فذهبت جماعة من أهل العلم، أن المراد أن جميع أرزاقهم منشؤها من المطر وهو نازل من السماء، ويكثر في القرآن إطلاق اسم الرزق على المطر، لهذا المعنى كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً} [غافر:13] , وقوله تعالى: {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ} [الجاثية:5] , وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة المؤمن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/154)
وإنزاله تعالى الرزق من السماء بإنزال المطر من أعظم آياته الدالة على عظمته وأنه المعبود وحده، ومن أعظم نعمه على خلقه في الدنيا، ولذلك كثر الامتنان به في القرآن على الخلق.
وقال بعض أهل العلم: معنى قوله: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} أن أرزاقكم مقدرة مكتوبة، والله جل وعلا يدبر أمر الأرض من السماء، كما قال تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة:5] , قوله تعالى: {وَمَا تُوعَدُونَ}، {مَا}، في محل رفع عطف على قوله: {رِزْقُكُمْ}، والمراد بما يوعدون، قال بعض أهل العلم: الجنة، لأن الجنة فوق السماوات، فإطلاق كونها في السماء إطلاق عربي صحيح، لأن العرب تطلق السماء على كل ما علاك كما قيل:
وقد يسمى سماء كل مرتفع وإنما الفضل حيث الشمس والقمر
ولما حكى النابغة الجعدي شعره المشهور، قال فيه:
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قال له صلى الله عليه وسلم: "إلى أين يا أبي ليلى"؟ قال: إلى الجنة، قال: "نعم إن شاء الله".
وقال بعض أهل العلم: {وَمَا تُوعَدُونَ} من الخير والشر كله مقدر في السماء، كما بيناه في القول الثاني في المراد بالرزق في الآية، وهذا المعنى فيما يوعدون به أنسب لهذا القول الثاني في معنى الرزق.
(54/ 12)
________________________________________
وقد وردت قصص تدل على أنه هو الذي يتبادر إلى ذهن السامع، فمن ذلك ما ذكره غير واحد عن سفيان الثوري أنه قال: قرأ واصل الأحدب هذه الآية: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ
(54/ 13)
________________________________________
ص -441 - وَمَا تُوعَدُونَ} فقال: ألا أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض، فدخل خربة يمكث ثلاثا لا يصيب شيئا، فلما أن كان في اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب، وكان له أخ أحسن منه نية، فدخل معه فصارتا دوخلتين، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق بينهما الموت.
ومن ذلك أيضا: ما ذكره الزمخشري في تفسير هذه الآية قال: وعن الأصمعي قال: أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي على قعود له، فقال: ممن الرجل؟ قلت: من بني أصمع. قال: من أين قبلت؟ قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن. فقال: اتل علي فتلوت: {وَالذَّارِيَاتِ} فلما بلغت قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} قال: حسبك فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت رقيق فالتفت، فإذا أنا بالأعرابي قد نحل أصغر فسلم علي واستقرأ السورة، فلما بلغت الآية صاح، وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، ثم قال: وهل غير هذا؟ فقرأت {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فصاح وقال: يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بقوله حتى الجؤوه إلى اليمين، قائلا ثلاثا، وخرجت معها نفسه. انتهى.
قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم الْمُكْرَمِينَ, إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً}.
إلى آخر القصة. قد قدمنا إيضاحه في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إبراهيم} [الحجر:51] , وفي سورة هود في القصة المذكورة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} [الحجر:76]، وفي غير ذلك من المواضع.
(54/ 14)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 01:07 ص]ـ
09/ 06/2010
الأربعاء
الصفحة 522
http://dc242.4shared.com/img/305661940/35483c21/522.png?sizeM=7
قوله تعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً} [فصلت:16].
(54/ 15)
________________________________________
ص -442 - قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} [فصلت:17].
قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة ق في الكلام على قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} [قّ:6].
تنبيه:
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم، لأن قوله: {بِأَيْدٍ} ليس جمع يد: وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا بأيد فعل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: {بِأَيْدٍ} في مكان الفاء والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام. ولو كان قوله تعالى: {بِأَيْدٍ} جمع يد لكان وزنه أفعلا، فتكون الهمزة زائدة والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين والياء المحذوفة لكونه منقوصا هي اللام.
والأيد، والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة:87] أي قويناه به، فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط فاحشا، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/155)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 01:10 ص]ـ
10/ 06/2010
الخميس
الصفحة 523
http://dc203.4shared.com/img/305662096/74e17338/523.png?sizeM=7
قوله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}.
(54/ 16)
________________________________________
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه ما أتى نبي قوما {إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}، ثم قال: {أَتَوَاصَوْا بِهِ}، ثم أضرب عن تواصيهم بذلك إضراب إبطال، لأنهم لم يجمعوا في زمن حتى يتواصوا فقال: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أي الموجب الذي جمعهم على اتفاقهم جميعا على تكذيب الرسل ونسبتهم للسحر والجنون، واتحاد في الطغيان الذي هو مجاوزة الحد في الكفر.
(54/ 17)
________________________________________
ص -443 - وهذا يدل على أنهم إنما اتفقوا لأن قلوب بعضهم تشبه قلوب بعض في الكفر والطغيان، فتشابهت مقالاتهم للرسل لأجل تشابه قلوبهم.
وقد أوضح تعالى هذا المعنى في سورة البقرة: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة:118].
قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}.
نفيه جل وعلا في هذه الآية الكريمة للوم عن نبيه صلى الله عليه وسلم، يدل على أنه أدى الأمانة ونصح للأمة.
وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3].
وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد:40]، والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة معلومة.
قوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك، أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يجعل الله شيئا لحكم متعددة، فيذكر بعض حكمه في بعض المواضع، فإنا نذكر بقية حكمه، والآيات الدالة عليها، وقد قدمنا أمثلة ذلك.
ومن ذلك القبيل هذه الآية الكريمة، فإنها تضمنت واحدة من حكم التذكير وهي رجاء انتفاع المذكر به، لأن تعالى قال هنا: {وَذَكِّرْ}، ورتب عليه قوله: {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
ومن حكم ذلك أيضا خروج المذكر من عهدة التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد جمع الله هاتين الحكمتين في قوله: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف:164].
ومن حكم ذلك أيضا النيابة عن الرسل في إقامة حجة الله على خلقه في أرضه لأن الله تعالى يقول: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165].
(54/ 18)
________________________________________
ص -444 - وقد بين هذه الحجة في آخر طه في قوله: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ} [طه:134].
وأشار لها في القصص في قوله: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص:47].
وقد قدمنا هذه الحكم في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105].
قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} , اختلف العلماء في معنى قوله {لِيَعْبُدُونِ}، فقال بعضهم المعنى ما خلقتهم إلا ليعبدني السعداء منهم ويعصيني الأشقياء، فالحكمة المقصودة من إيجاد الخلق التي هي عبادة الله حاصلة بفعل السعداء منهم كما يدل عليه قوله تعالى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:89]، وهذا القول نقله ابن جرير عن زيد بن أسلم وسفيان.
وغاية ما يلزم على هذا القول أنه أطلق فيها المجموع وأراد بعضهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/156)
وأمثال ذلك كثيرة في القرآن، ومن أوضحها قراءة حمزة والكسائي: "فإن قتلوكم فاقتلوهم"، من القتل لا من القتال، وقد بينا هذا في مواضع متعددة، وذكرنا أن من شواهده العربية قول الشاعر:
فسيف بني عبس وقد ضربوا به نبا من يدي ورقاء عن رأس خالد
فتراه نسب الضرب لبني عبس مع تصريحه أن الضارب الذي نبا بيده السيف عن رأس خالد يعني ابن جعفر الكلابي، هو ورقاء يعني ابن زهير العبسي.
(54/ 19)
________________________________________
وقد قدمنا في الحجرات أن من ذلك قوله تعالى: {قَالَتِ الأعراب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات:14] بدليل قوله: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:99].
وقال بعض العلماء: معنى قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} , أي: إلا ليقروا لي بالعبودية طوعا
(54/ 20)
________________________________________
ص -445 - أو كرها، لأن المؤمن يطيع باختياره والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبرا عليه، وهذا القول رواه ابن جرير عن ابن عباس واختاره، ويدل له قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} [الرعد:15]، والسجود والعبادة كلاهما خضوع وتذلل لله جل وعلا، وقد دلت الآية على أن بعضهم يفعل ذلك طوعا وبعضهم يفعله كرها.
وعن مجاهد أنه قال: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} , أي إلا ليعرفوني, واستدل بعضهم لهذا القول بقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف:87] ونحو ذلك من الآيات, وهو كثير في القرآن، وقد أوضحنا كثرته فيه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9].
وقال بعض أهل العلم: وهو مروي عن مجاهد أيضا معنى قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي إلا لآمرهم بعبادتي فيعبدني من وفقته منهم لعبادتي دون غيره، وعلى هذا القول: فإرادة عبادتهم المدلول عليها باللام في قوله: {لِيَعْبُدُونِ} إرادة دينية شرعية وهي الملازمة للأمر، وهي عامة لجميع من أمرتهم الرسل لطاعة الله لا إرادة كونية قدرية، لأنها لو كانت كذلك لعبده جميع الإنس والجن، والواقع خلاف ذلك بدليل قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ, لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ, وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون:1 - 3] إلى آخر السورة.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق إن شاء الله في معنى هذه الآية الكريمة: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، أي إلا لآمرهم بعبادتي وأبتليهم أي أختبرهم بالتكاليف ثم أجازيهم على أعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق في معنى الآية، لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله، فقد صرح تعالى في آيات من كتابه أنه خلقهم ليبتليهم أيهم أحسن عملا، وأنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم.
(54/ 21)
________________________________________
قال تعالى في أول سورة هود: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود:7]، ثم بين الحكمة في ذلك فقال: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [هود:7].
(54/ 22)
________________________________________
ص -446 - وقال تعالى في أول سورة الملك: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2].
وقال تعالى في أول سورة الكهف: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:7].
فتصريحه جل وعلا في هذه الآيات المذكورة بأن حكمة خلقه للخلق، هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملا، يفسر قوله: {لِيَعْبُدُونِ} , وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/157)
ومعلوم أن نتيجة العمل المقصود منه لا تتم إلا بجزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ولذا صرح تعالى بأن حكمة خلقهم أولا وبعثهم ثانيا، هو جزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، وذلك في قوله تعالى في أول يونس: {إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس:4]، وقوله في النجم: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم:31].
وقد أنكر تعالى على الإنسان حسبانه وظنه أنه يترك سدى، أي مهملا، لم يؤمر ولم ينه، وبين أنه ما نقله من طور إلى طور حتى أوجده إلا ليبعثه بعد الموت أي ويجازيه على عمله، قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً, أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} إلى قوله: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40].
(54/ 23)
________________________________________
والبراهين على البعث دالة على الجزاء، وقد نزه تعالى نفسه عن هذا الظن الذي ظنه الكفار به تعالى، وهو أنه لا يبعث الخلق ولا يجازيهم منكرا ذلك عليهم في قوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ, فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:115 - 116].
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في أول سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً} [الأحقاف:3].
تنبيه:
اعلم أن الآيات الدالة على حكمة خلق الله للسماوات والأرض وأهلهما وما بينهما,
(54/ 24)
________________________________________
ص -447 - قد يظن غير المتأمل أن بينهما اختلافا، والواقع خلاف ذلك؛ لأن كلام الله لا يخالف بعضه بعضا، وإيضاح ذلك أن الله تبارك وتعالى ذكر في بعض الآيات أن حكمة خلقه للسماوات والأرض هي إعلام خلقه بأنه قادر على كل شيء، وأنه محيط بكل شيء علما، وذلك في قوله تعالى في آخر الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق:12].
وذكر في مواضع كثيرة من كتابه أنه خلق الخلق ليبين للناس كونه هو المعبود وحده، كقوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]، ثم أقام البرهان على أنه إله واحد بقوله بعده: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} إلى قوله: {لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة:164]، ولما قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} بين أن خلقهم برهان على أنه المعبود وحده بقوله بعده: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:21].
والاستدلال على أن المعبود واحد بكونه هو الخالق كثير جدا في القرآن، وقد أوضحنا الآيات الدالة عليه في أول سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراًوَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً} [الفرقان:3]، وفي سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:16]، وفي غير ذلك من المواضع.
(54/ 25)
________________________________________
وذكر في بعض الآيات أنه خلق السماوات والأرض ليبتلي الناس، وذلك في قوله: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [هود:7].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/158)
وذكر في بعض الآيات أنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم وذلك في قوله: {إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ} [يونس:4]، وذكر في آية الذاريات هذه أنه ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه، فقد يظن غير العالم أن بين هذه الآيات اختلافا مع أنها لا اختلاف بينها، لأن الحكم المذكور فيها كلها راجع إلى شيء واحد، وهو معرفة الله وطاعته ومعرفة وعده ووعيده، فقوله: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
(54/ 26)
________________________________________
ص -448 - شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الطلاق:12] وقوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [البقرة:21] , راجع إلى شيء واحد هو العلم بالله، لأن من عرف الله أطاعه وحده.
وهذا العلم يعلمهم الله إياه ويرسل لهم الرسل بمقتضاه ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حيي عن بينة، فالتكليف بعد العلم، والجزاء بعد التكليف، فظهر بهذا اتفاق الآيات لأن الجزاء لا بد له من تكليف، وهو الابتلاء المذكور في الآيات والتكليف لا بد له من علم، ولذا دل بعض الآيات على أن حكمة الخلق للمخلوقات هي العلم بالخالق، ودل بعضها على أنها الابتلاء، ودل بعضها على أنها الجزاء، وكل ذلك حق لا اختلاف فيه، وبعضه مرتب على بعض.
وقد بينا معنى: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة هود في الكلام على قوله تعالى: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} وبينا هناك أن الإرادة المدلول عليها باللام في قوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} أي ولأجل الاختلاف إلى شقي وسعيد خلقهم، وفي قوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِِنْسِ} [الأعراف:179] إرادة كونية قدرية، وأن الإرادة المدلول عليها باللام في قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، إرادة دينية شرعية.
وبينا هناك أيضا الأحاديث الدالة على أن الله خلق الخلق منقسما إلى شقي وسعيد، وأنه كتب ذلك وقدره قبل أن يخلقهم. وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن:2] , وقال: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:7].
(54/ 27)
________________________________________
والحاصل: أن الله دعا جميع الناس على ألسنة رسله إلى الإيمان به وعبادته وحده وأمرهم بذلك، وأمره بذلك مستلزم للإرادة الدينية الشرعية، ثم إن الله جل وعلا يهدي من يشاء منهم ويضل من يشاء بإرادته الكونية القدرية، فيصيرون إلى ما سبق به العلم من شقاوة وسعادة، وبهذا تعلم وجه الجمع بين قوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِِنْسِ} [الأعراف:179] , وقوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، وبين قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وإنما ذكرنا أن الإرادة قد تكون دينية شرعية، وهي ملازمة للأمر والرضا، وقد تكون كونية قدرية وليست ملازمة لهما، لأن الله يأمر الجميع بالأفعال المرادة منهم دينا، ويريد ذلك كونا وقدرا من بعضهم دون بعض، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا
(54/ 28)
________________________________________
ص -449 - لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [النساء:64]، فقوله: {إَلَّا لِيُطَاعَ} , أي فيما جاء به من عندنا، لأنه مطلوب مراد من المكلفين شرعا ودينا، وقوله: {بِإِذْنِ اللَّهِ} , يدل على أنه لا يقع من ذلك إلا ما أراده الله كونا وقدرا، والله جل وعلا يقول: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس:25]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ميسر لما خلق له". والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} [الأنعام:14].
قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/159)
أصل الذنوب في لغة العرب الدلو، وعادة العرب أنهم يقتسمون ماء الآبار والقلب بالدلو، فيأخذ هذا منه ملء دلو، ويأخذ الآخر كذلك، ومن هنا أطلقوا اسم الذنوب، التي هي الدلو على النصيب. قال الراجز في اقتسامهم الماء بالدلو:
لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليب
ويروى:
إنا إذا شاربنا شريب له ذنوب ولنا ذنوب
فإن أبى كان لنا القليب
ومن إطلاق الذنوب على مطلق النصيب قول علقمة بن عبدة التميمي.
وقيل عبيد:
وفي كل حي قد خبطت بنعمة فحق لشأس من نداك ذنوب
وقول أبي ذؤيب:
لعمرك والمنايا طارقات لكل بني أب منها ذنوب
فالذنوب في البيتين النصيب، ومعنى الآية الكريمة، فإن للذين ظلموا بتكذيب
(54/ 29)
________________________________________
ص -450 - النبي صلى الله عليه وسلم ذنوبا، أي نصيبا من عذاب الله مثل ذنوب أصحابهم من الأمم الماضية من العذاب لما كذبوا رسلهم.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى: {قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ, فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الزمر:50 - 51].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} [الرعد:6] , وفي سورة مريم في الكلام على قوله: {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} [مريم:84] وغير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}. ما تضمنته هذه الآية الكريمة من تهديد الكفار بالويل من يوم القيامة لما ينالهم فيه من عذاب النار، جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى في ص: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [صّ:27] , وقوله في إبراهيم: {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [إبراهيم:2] , وقوله في المرسلات: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقد قدمنا أن كلمة {وَوَيْلٌ}، قال فيها بعض أهل العلم: إنها مصدر لا فعل له من لفظه، ومعناه الهلاك الشديد، وقيل: هو واد في جهنم تستعيذ من حره، والذي سوغ الابتداء بهذه النكرة أن فيها معنى الدعاء.
(54/ 30)
________________________________________
أضواء البيان - الجزء السابع
(55/ 1)
________________________________________
ص -451 - بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الطور:
قوله تعالى: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}.
هذه الأقسام التي أقسم الله بها تعالى في أول هذه السورة الكريمة أقسم ببعضها بخصوصه، وأقسم بجميعها في آية عامة لها ولغيرها.
أما الذي أقسم منها إقساما خاصا فهو الطور، والكتاب المسطور، والسقف المرفوع، والأظهر أن الطور الجبل الذي كلم الله عليه موسى، وقد أقسم الله تعالى بالطور في قوله: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ, وَطُورِ سِينِينَ} [التين:1 - 2].
والأظهر أن الكتاب المسطور هو القرآن العظيم، وقد أكثر الله من الإقسام به في كتابه كقوله تعالى: {حم, وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف:1 - 2] , وقوله تعالى: {يس, وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ] [يس:1 - 2] وقيل هو كتاب الأعمال، وقيل غير ذلك.
{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} هو السماء، وقد أقسم بالله بها في كتابه في آيات متعددة كقوله: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذريات:7] وقوله: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج:1] , وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس:5]، والرق بفتح الراء كل ما يكتب فيه من صحيفة وغيرها، وقيل هو الجلد المرقق ليكتب فيه. وقوله: {مَنْشُورٍ} أي مبسوط، ومنه قوله: {كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً} [الإسراء:13] , وقوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً} [المدثر:52].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/160)
{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} , هو البيت المعروف في السماء المسمى بالضراح بضم الضاد، وقيل فيه معمور، لكثرة ما يغشاه من الملائكة المتعبدين، فقد جاء الحديث أنه يزوره كل يوم سبعون ألف ملك، ولا يعودون إليه بعدها.
(55/ 2)
________________________________________
ص -452 - وقوله: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} فيه وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما: أن المسجور هو الموقد نارا، قالوا: وسيضطرم البحر يوم القيامة نارا، من هذا المعنى قوله تعالى: {ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر:72].
الوجه الثاني: هو أن المسجور بمعنى المملوء، لأنه مملوء ماء، ومن إطلاق المسجور على المملوء قول لبيد بن ربيعة في معلقته:
فتوسطا عرض السرى وصدعا مسجورة متجاورا قلامها
فقوله: مسجورة أي عينا مملوءة ماء، وقول النمر بن تولب العكلي:
إذا شاء طالع مسجورة ترى حولها النبع والساسما
وهذان الوجهان المذكوران في معنى المسجور هما أيضا في قوله: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير:6]، وأما الآية العامة التي أقسم فيها تعالى بما يشمل جميع هذه الأقسام وغيرها، فهي قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ, وَمَا لا تُبْصِرُونَ} [الحاقة:38 - 39]، لأن الإقسام في هذه الآية عام في كل شيء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ}، قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول الذاريات، وفي غير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً, هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}.
الدع في لغة العرب: الدفع بقوة وعنف، ومنه قوله تعالى: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون:2] , أي يدفعه عن حقه بقوة وعنف، وقد تضمنت هذه الآية الكريمة أمرين:
أحدهما: أن الكفار يدفعون إلى النار بقوة وعنف يوم القيامة.
والثاني: أنهم يقال لهم يوم القيامة توبيخا وتقريعا: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور:14].
وهذان الأمران المذكوران في هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات أخر، أما
(55/ 3)
________________________________________
ص -453 - الأخير منهما، وهو كونهم يقال لهم: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور:14]، وقد ذكره تعالى في آيات من كتابه كقوله في السجدة: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السجدة:20] , وقوله في سبأ: {فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [سبأ:42] , وقوله تعالى في المرسلات: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ, انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ, لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ, إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات:29 - 32]، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الأول منهما وهو كونهم يدفعون إلى النار بقوة فقد ذكره الله جل وعلا في آيات من كتابه كقوله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الدخان:47] , أي جروه بقوة وعنف إلى وسط النار. والعتل في لغة العرب: الجر بعنف وقوة، ومنه قول الفرزدق:
ليس الكرام بناحليك أباهم حتى ترد إلى عطية تعتل
وقوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن:41] أي تجمع الزبانية بين ناصية الواحد منهم، أي مقدم شعر رأسه وقدمه، ثم تدفعه في النار بقوة وشدة.
(55/ 4)
________________________________________
وقد بين جل وعلا أنهم أيضا يسحبون في النار على وجوههم في آيات من كتابه كقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر:48]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ, إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ, فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر:70 - 72] , وقوله: في هذه الآية الكريمة: {يَوْمَ يُدَعُّونَ}، بدل من قوله: {يَوْمَئِذٍ}، في قوله تعالى قبله: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}.
قوله تعالى: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار معذبون في النار لا محالة، سواء صبروا أو لم يصبروا، فلا ينفعهم في ذلك صبر ولا جزع، وقد أوضح هذا المعنى في قوله: {قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم:21].
(55/ 5)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/161)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[04 - 06 - 10, 01:12 ص]ـ
11/ 06/2010
الجمعة
الصفحة 524
http://dc182.4shared.com/img/305659364/8f904d53/524.png?sizeM=7
ص -454 - قوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}.
ظاهر هذه الآية الكريمة العموم في جميع الناس، وقد بين تعالى في آيات أخر أن أصحاب اليمين خارجون من هذا العموم، وذلك في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُون عَنِ الْمُجْرِمِينَ} [المدثر:38 - 41].
ومن المعلوم أن التخصيص بيان، كما تقرر في الأصول.
قوله تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}.
لم يذكر هنا شيء من صفات هذه الفاكهة ولا هذا اللحم إلا أنه {مِمَّا يَشْتَهُونَ} , وقد بين صفات هذه الفاكهة في مواضع أخر كقوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ, لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة:32 - 33] , وبين أنها أنواع في مواضع أخر كقوله: {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [محمد:15] , وقوله تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} [البقرة:25]. وقوله تعالى {أولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ, فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ} [الصافات:41 - 42] إلى غير ذلك من الآيات.
ووصف اللحم المذكور بأنه من الطير، والفاكهة بأنها مما يتخيرونه على غيره، وذلك في قوله: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ, وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة:20 - 21].
قوله تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ}.
(55/ 6)
________________________________________
قرأه ابن كثير وأبو عمرو: "لا لَغْوٌ" بالبناء على الفتح، "وَلا تَأْثِيمٌ" كذلك لأنها، لا، التي لنفي الجنس فبنيت معها، وهي إن كانت كذلك نص في العموم، وقرأه الباقون من السبعة: {لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} بالرفع والتنوين, لأن لا النافية للجنس إذا تكررت كما هنا جاز إعمالها وإهمالها، والقراءتان في الآية فيهما المثال للوجهين, وإعمالها كثير، ومن شواهد إهمالها قراءة الجمهور في هذه الآية، وقول الشاعر:
وما هجرتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وقوله: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً} , أي: يتعاطون، ويتناول بعضهم من بعض كأسا أي خمرا، فالتنازع يطلق لغة على كل تعاط وتناول، فكل قوم يعطي بعضهم بعضا شيئا
(55/ 7)
________________________________________
ص -455 - ويناوله إياه، فهم يتنازعونه كتنازع كؤوس الشراب والكلام، وهذا المعنى معروف في كلام العرب.
ومنه في الشراب قول الأخطل:
وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار
نازعته طيب الراح الشمول وقد صاح الدجاج وحانت وقعة السار
فقوله: نازعته طيب الراح: أي ناولته كؤوس الخمر وناولنيها، ومنه في الكلام قول امرىء القيس:
ولما تنازعنا الحديث وأسمحت هصرت بغصن ذي شماريخ ميال
والكأس تطلق على إناء الخمر، ولا تكاد العرب تطلق الكأس إلا على الإناء المملوء، وهي مؤنثة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} يعني أن خمر الجنة التي يتعاطاها المؤمنون، فيها مخالفة في جميع الصفات لخمر الدنيا، فخمر الآخرة لا لغو فيها، واللغو كل كلام ساقط لا خير فيه، فخمر الآخرة لا تحمل شاربيها على الكلام الخبيث والهذيان، لأنها لا تؤثر في عقولهم بخلاف خمر الدنيا، فإنهم إن يشربوها سكروا وطاشت عقولهم، فتكلموا بالكلام الخبيث والهذيان، وكل ذلك من اللغو.
والتأثيم: هو ما ينسب به فاعله إلى الإثم، فخمر الآخرة لا يأثم شاربها بشربها، لأنها مباحة له، فنعم بلذتها كما قال تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد:15] ولا تحمل شاربها على أن يفعل إثما بخلاف خمر الدنيا، فشاربها يأثم بشربها ويحمله السكر على الوقوع في المحرمات كالقتل والزنا والقذف.
(55/ 8)
________________________________________
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/162)
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من مخالفة خمر الآخرة لخمر الدنيا، جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ, بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ, لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات:45 - 47] , وقوله: {لا فِيهَا غَوْلٌ} , أي ليس فيها غول يغتال العقول، فيذهبها كخمر الدنيا. {وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} , أي لا يسكرون، وكقوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ, بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ
(55/ 9)
________________________________________
ص -456 - مَعِينٍ, لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ} [الواقعة:17 - 19] , وقوله: {لا يُصَدَّعُونَ} أي لا يصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس بسببها.
وقد أوضحنا معنى هذه الآيات في صفة خمر الآخرة، وبينا أنها مخالفة في جميع الصفات لخمر الدنيا, وذكرنا الشواهد العربية في ذلك في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة:90].
قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أهل الجنة: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ} جمع غلام، أي خدم لهم، وقد قدمنا إطلاقات الغلام وشواهدها العربية في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: {قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الحجر:53].
ولم يبين هنا ما يطوفون عليهم به، وذكر هنا حسنهم بقوله: {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} في أصدافه، لأن ذلك أبلغ في صفائه وحسنه، وقيل: مكنون أي مخزون لنفاسته، لأن النفيس هو الذي يخزن ويكن.
وبين تعالى في الواقعة بعض ما يطوفون عليهم به في قوله: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ, بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الواقعة:17 - 18] , وزاد في هذه الآية كونهم مخلدين، وذكر بعض ما يطاف عليهم به في قوله: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} [الزخرف:71]، وقوله تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاقَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} [الإنسان:16].
(55/ 10)
________________________________________
والظاهر أن الفاعل المحذوف في قوله: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ} في آية الزخرف والإنسان المذكورتين هو الغلمان المذكورون في الطور والواقعة، وذكر بعض صفات هؤلاء الغلمان في الإنسان في قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً} [الإنسان:19].
قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن أهل الجنة يسأل بعضهم بعضا، وأن
(55/ 11)
________________________________________
ص -457 - المسؤول عنهم يقول للسائل: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ}، أي في دار الدنيا {فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} أي خائفين من عذاب الله، ونحن بين أهلنا أحياء {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} أي أكرمنا، وتفضل علينا بسبب الخوف منه في دار الدنيا فهدانا، ووفقنا في الدنيا {وَوَقَانَا} في الآخرة {عَذَابَ السَّمُومِ}، والسموم: النار ولفحها ووهجها، وأصله الريح الحارة التي تدخل المسام، والجمع سمائم. ومنه قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
أنامل لم تضرب على البهم بالضحى بهن ووجه لم تلحه السمائم
وقد يطلق السموم على الريح الشديدة البرد، ومنه قول الراجز:
اليوم يوم بارد سمومه من جزع اليوم فلا ألومه
الفاء في قوله: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا}، تدل على أن علة ذلك هي الخوف من الله في دار الدنيا، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الإشفاق الذي هو الخوف الشديد من عذاب الله في دار الدنيا، سبب للسلامة منه في الآخرة، يفهم من دليل خطابه، أعني مفهوم مخالفته أن من لم يخف من عذاب الله في الدنيا لم ينج منه في الآخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/163)
وما تضمنته هذه الآية الكريمة بمنطوقها ومفهومها جاء موضحا في غير هذا الموضوع. فذكر تعالى أن السرور في الدنيا وعدم الخوف من الله سبب العذاب يوم القيامة، وذلك في قوله: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ, فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً, وَيَصْلَى سَعِيراً, إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً, إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق:10 - 14].
وقد تقرر في مسلك الإيماء والتنبيه أن إن المكسورة المشددة من حروف التعليل، فقوله: {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً}، علة لقوله: {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً وَيَصْلَى سَعِيراً}.
(55/ 12)
________________________________________
والمسرور في أهله في دار الدنيا ليس بمشقق ولا خائف، ويؤيد ذلك قوله بعده: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}، لأن معناه، ظن ألن يرجع إلى الله حيا يوم القيامة، ولا شك أن من ظن أنه لا يبعث بعد الموت لا يكون مشفقا في أهله خوفا من العذاب، لأنه لا يؤمن بالحساب والجزاء، وكون {لَنْ يَحُورَ}، بمعنى لن يرجع معروف في كلام العرب، ومنه قول مهلهل بن ربيعة التغلبي:
(55/ 13)
________________________________________
ص -458 - أليلتنا بذي حسم أنيري إذا أنت انقضيت فلا تحوري
فقوله: فلا تحوري، أي فلا ترجعي.
وقول لبيد بن ربيعة العامري:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادا بعد ما هو ساطع
أي يرجع رمادا، وقيل: يصير، والمعنى واحد.
وقوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ, فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ, وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ, لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ, إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ, وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ, وَكَانُوا يَقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة:41 - 47]، لأن تنعمهم في الدنيا المذكور في قوله: {مُتْرَفِينَ}، وإنكارهم للبعث المذكور في قوله {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً} الآية, دليل على عدم إشفاقهم في الدنيا، وهو علة كونهم {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ}.
وقد قدمنا قريبا أن إن المكسورة المشددة من حروف التعليل، فقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} الآية, علة لقوله: {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ}.
وقد ذكر جل وعلا أن الإشفاق من عذاب الله من أسباب دخول الجنة والنجاة من العذاب يوم القيامة، كما دل عليه منطوق آية الطور هذه، قال تعالى في المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ, إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} [المعارج:27 - 28] إلى قوله: {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:35]، وذكر ذلك من صفات أهل الجنة في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} إلى قوله: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون:57 - 61]، وقد قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ, أولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ, فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة:10 - 12].
(55/ 14)
________________________________________
وقوله في آية الواقعة المذكورة: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ}، أي يديمون ويعزمون على الذنب الكبير، كالشرك وإنكار البعث، وقيل المراد بالحنث: حنثهم في اليمين الفاجرة كما في قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل:38].
(55/ 15)
________________________________________
ص -459 - قوله تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}.
نفى الله جل وعلا عن نبيه صلى الله عليه وسلم في هاتين الآيتين الكريمتين ثلاث صفات قبيحة عن نبيه صلى الله عليه وسلم رماه بها الكفار، وهي الكهانة والجنون والشعر، أما دعواهم أنه كاهن أو مجنون، فقد نفاها صريحا بحرف النفي الذي هو {مَا} في قوله: {فَمَا أَنْتَ} وأكد النفي بالباء في قوله: {بِكَاهِنٍ} وأما كونه شاعرا فقد نفاه ضمنا بـ {أَمْ} المنقطعة في قوله: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ}، لأنها تدل على الإضراب والإنكار المتضمن معنى النفي.
وقد جاءت آيات أخر بنفي هذه الصفات عنه صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى في نفي الجنون عنه في أول القلم: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم:2] وقوله في التكوير {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير:22] وكقوله في نفي الصفتين الأخيرتين أعني الكهانة والشعر: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ, وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة:41 - 42]، وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة الشعراء وغيرها.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} أي ننتظر به حوادث الدهر، حتى يحدث له منها الموت، فالمنون: الدهر، وريبه: حوادثه التي يطرأ فيها الهلاك والتغيير، والتحقيق أن الدهر هو المراد في قول أبي ذؤيب الهذلي:
أمن المنون وريبه تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
لأن الضمير في قوله: وريبه يدل على أن المنون الدهر، ومن ذلك أيضا قول الآخر: تربص
بها ريب المنون لعلها تطلق يوما أو يموت حليلها
وقال بعض العلماء: {الْمَنُونِ} في الآية الموت، وإطلاق المنون على الموت معروف في كلام العرب، ومنه قول أبي الغول الطهوي:
هم منعوا حمى الوقبي بضرب يؤلف بين أشتات المنون
(55/ 16)
________________________________________
لأن الذين ماتوا عند ذلك الماء المسمى بالوقبا، جاءوا من جهات مختلفة، فجمع الموت بينهم في محل واحد، ولو ماتوا في بلادهم لكانت مناياهم في بلاد شتى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/164)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[08 - 06 - 10, 06:25 ص]ـ
ان شاء الله ساجعل هذه الصفحة للحفظ الاساسي
واجعل المراجعة في صفحة خاصة هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1302588#post1302588)
وسنعتمد في المراجعة على الطريقة التالية
رحم الله الشيخ كان يوصي الطلاب بحفظ القران ,ولكن بطريقة فريدة تجعل من يحفظه عارفا فاهما متدبرا
في يوم الاربعاء 6/ 1/1423 هـ سألت الشيخ رحمه الله عن الطريقة الصحيحة لحفظ القران الكريم؟
فقال هناك عدة امور:
1 - تحديد الايات التي يراد حفظها ,وتكون مشتملة على موضوع واحد ,أو جزء من موضوع عام ,كما هو موجود في أول سورة البقرة.
2 - ثم معرفة مفردات الاية ومعانيها اللغوية ,يرجع فيه الى مفرات عريب القران للراغب الاصفهاني
3 - النظر في سبب نزول الايات ويرجع فيه الى كتاب لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي
4 - ثم ينظر في الايات هل فيها منسوخ أولا ,ويرجع فيه كتاب الناسخ والمنسوخ لابن النحاس وكتاب دفع إيهام الاضطراب عن ايات الكتاب للشيخ الشنقيطي
5 - ثم ينظر في كل جملة على حسب اصطلاح الوقف مثل الوقف الواجب والممنوع وماكان الوقف منه أولى وماكان فيه الوصل اولى ,والوقف الجائز, وتعانق الوقف ,بمعنى انه يقف على أي احد الموضعين دون الاخر لانه يساعد على فهم الايه
6 - ثم عليه ان يفهم كل ايه بمفردها وعلاقتها بما قبلها ويرجع فيه الى كتاب نظم الدرر في تناسب الايات والسور للبقاعي
7 - ثم عليه ان يفهم المعنى العام للايات التي يراد حفظها
8 - ثم عليه ان يعرف ما اشتملت عليه الايات من الاحكام ويستعان بكتب احكام القران مثل أحكام القران لابن العربي واحكام القران للقرطبي
هذا ما كتبته مع الشيخ رحمه الله في ذلك اليوم بخصوص القران الكريم والشيخ رحمه الله كثيرا ما يذكر هذها لطريقة في اذاعة القران الكريم او في دروسه او محاضراته
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[21 - 06 - 10, 10:13 م]ـ
هنا للحفظ الاساسي فقط(20/165)
الحزب الاول: " حزب البقرة "
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 05:01 م]ـ
سنبدأ ان شاء الله في حفظ حزب البقرة (البقرة، آل عمران النساء) من خلال هذه الصفحة
وسنبدأ ان شاء الله بسورة آل عمران
في الفترة 05/ 06/2010 الى 18/ 06/2010
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 04:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كما تعلمون فان يوم السبت القادم سنبدأ الحفظ من حزب البقرة
وكان المقرر ان نبدأ بحفظ سورة آل عمران، لان سورة البقرة تحتاج الى اربعة اسابيع
ولكن بعد ان رأينا التيسيير في الحفظ (والحمد لله)
بدا لي ان نبدأ من سورة البقرة
وذلك لمراعاة فضلها
وعلى هذا سيكون مقرر الحفظ ليوم السبت الموافق 05/ 06/2010
هو الصفحات 1، 2 (اي سورة الفاتحة، وبداية سورة البقرة)
وسأضع اول صفحتين للتشجيع
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 05:19 م]ـ
السبت
05/ 06/2010
الصفحات
1 2
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[30 - 05 - 10, 05:22 م]ـ
001. mp3 (http://www.4shared.com/audio/jXL40WTi/001.html)
http://dc274.4shared.com/img/302395332/1c8e1a7/1_online.png (http://www.4shared.com/photo/RbrRZFA4/1_online.html)
http://dc161.4shared.com/img/302435410/8f0adc95/1A_online.png?rnd=0.03341165035315785 (http://www.4shared.com/photo/NJ6MUxj3/1A_online.html)
http://dc274.4shared.com/img/302435500/97d387e3/1B_online.png?rnd=0.8192129247786615 (http://www.4shared.com/photo/pov6zo-H/1B_online.html)
[ سورة الفاتحة]
مكية، وهي سبع آيات
أعوذ بالله السميع العليم من الشيْطان الرجِيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الفاتحة لها ثلاثة أسماء: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني.
وروى البخاري وغيره عن سعيد بن المعلى رضي الله عنه، قال: كنت أصلي فدعاني رسول الله ? فلم أجبه حتى صليت، قال: فأتيته، فقال: «ما منعك أن تأتيني»؟ قال: قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، قال: «ألم يقل الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ?؟ ثم قال: «لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد». قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت: لأعلمنَّك أعظم سورة في القرآن قال: «نعم، الحمد لله رب العالمين، هي: السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج - ثلاثًا - غير تمام». فقيل لأبي هريرة: إنا نكون خلف الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله ? يقول: «قال الله عز وجل: قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال الله: أثنى عليّ عبدي؛ فإذا قال: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? قال الله: مجّدني عبدي - وقال مرة: فوّض إليَّ عبدي - فإذا قال: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل». رواه مسلم وغيره.
قوله عز وجل: ? بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) ?.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله ? كان لا يعرف فصل السورة حتى ينْزِلَ عليه (بسم الله الرحمن الرحيم).
وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إن أول ما نزل به جبريل على محمد ? قال: يا محمد قل: أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل بسم الله الرحمن الرحيم، قال: قال له جبريل: (بسم الله يا محمد، يقول: اقرأ بذكر الله ربك، وقم واقعد بذكر الله تعالى).
واختلف العلماء في مشروعية قراءة البسملة في الصلاة.
فقال بعضهم: لا يقرأ بها سرًا ولا جهرًا.
وقال بعضهم: يقرأ بها جهرًا في الجهرية، وسرًا في السرية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/166)
وقال بعضهم: يقرأ بها سرًا في الجهرية. هذا القول هو الراجح وعليه تدل الأحاديث الصحيحة؛ ويشرع الجهر بها في بعض الأحيان، وتستحب البسملة في ابتداء كل عمل، تبركًا باسم الله تعالى واستعانة به، وفي الحديث: «كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم»، قال ابن عباس: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
قوله عز وجل: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه). انتهى، قال أبو نصر الجوهري: (والحمد أعم من الشكر، وأما المدح فهو أعم من الحمد، وقال ابن عباس: الحمد لله كلمة الشكر، وإذا قال العبد: الحمد لله، قال: شكرني عبدي).
قال البغوي: رحمه الله تعالى: (والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة، والشكر لا يكون إلا على النعمة.
وقوله تعالى: ? للّهِ ?، اللام للإستحقاق، والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد وأنواعه لله تعالى.
وقوله تعالى: ? رَبِّ الْعَالَمِينَ ?، الرب: هو المالك المتصرف، والعالمين: جمع عالَم بفتح اللام، وهو كل موجود سوى الله عز وجل؛ والعوالم أصناف المخلوقات، وعن ابن عباس: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? الحمد لله الذي له الخلق كله، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن، مما نعلم ومما لا نعلم. وعن سعيد بن المسيب قال: لله ألف عالم: ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين أحدٌ إلا الله، قال الله تعالى: ? وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ?، وقال الزجاج: العالم كل ما خلق الله في الدنيا والآخرة.
قال القرطبي: والعالم مشتق من العلامة.
قال ابن كثير: لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته، كما قال ابن المعتز:
فيا عجبًا كيف يعصي الإِله (أم كيف يجحده الجاحد (
وفي كل شيء له آية (تدل على أنه واحد (
تنبيه: المعروف عند بعض القراء أنه لا يقف على ? الْعَالَمِينَ ?، ولا على ? الرَّحِيمِ ?، لاتصال الصفة بالموصوف، ولا مانع من ذلك لأن المعنى ظاهر، والأصل هو الوقوف على رؤوس الآي، ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قال: كان رسول الله ? يقطع قراءته يقول: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? ثم يقف، ثم يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ? ثم يقف، فالفصل والوصل جائزان: ويحسن الفصل مع الترتيل والوصل مع الهذ وفي الحديث: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ واصعد في درج الجنة، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها»، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً.
قوله عز وجل: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?.
قال ابن كثير: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي الأثر عن عيسى عليه السلام أنه قال: (الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة)، وقال ابن عباس: (هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر).
وقال ابن جرير: (حدثنا السري بن يحيى التميمي، حدثنا عثمان بن زفر، سمعت العزرمي يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال: الرحمن لجميع الخلق، الرحيم، قال: بالمؤمنين.
قال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله ? الْعَالَمِينَ?، ليكون من باب قرب الترغيب بعد الترهيب، كما قال تعالى: ? نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ?.
قوله عز وجل: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/167)
قال ابن كثير: وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عاداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة. وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئًا، ولا يتكلم أحدًا إلا بإذنه كما قال تعالى: ? يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ?، وقال تعالى: ? وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ?، وقال تعالى: ? يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ?، وقال الضحاك عن ابن عباس: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكمًا كملكهم في الدنيا قال: و ? يَوْمِ الدِّينِ ? يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إلا من عفا عنه.
قوله عز وجل: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?.
أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول والقوة، وتفويض إلى الله عز وجل، وهذا كثير في القرآن، قال تعالى: ? فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ?، وقال تعالى: ? هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ?، وقال تعالى: ? رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ?، قال ابن عباس: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ ?، يعني إياك نوحد ونخاف، ونرجوك يا ربنا لا غيرك. ? وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?، على طاعتك وعلى أمورنا كلها. قال البغوي: (والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده).
قوله عز وجل: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?.
قال ابن كثير: لمّا تقدم الثناء على المسئول تبارك وتعالى، ناسب أن يعقب بالسؤال كما قال: (فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل)، وهذا أكمل أحوال السؤال، أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين، والهداية ها هنا: الإرشاد والتوفيق.
وقال البغوي: وهذا الدعاء من المؤمنين، مع كونهم على الهداية، بمعنى التثبيت، وبمعنى طلب مزيد الهداية، لأن الألطاف والهدايات من الله لا تتناهى.
وقال ابن جرير: أجمعت الأمة من أهل التأويل، على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح، الذي لا اعوجاج فيه، وقال مجاهد: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?، قال: الحق.
وروى الإِمام أحمد وغيره عن النواس بن سمعان، عن رسول الله ? قال: «ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جانبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعًا ولا تعوجوا؛ وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط: الإِسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم».
قوله عز وجل: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?.
أي: مننت عليهم بالهداية والتوفيق للإيمان، والاستقامة عليه من النبيين والمؤمنين، قال الضحاك عن ابن عباس: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?، بطاعتك، وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك، والصديقين، والشهداء، والصالحين؛ وذلك نظير ما قال ربنا تعالى: ? وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ?.
قوله عز وجل: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/168)
قال ابن كثير: والمعنى: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق. انتهى.
وروى الإمام أحمد وغيره عن عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله ?، فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم إلى رسول الله ? صفوا له، فقالت: يا رسول الله نأى الوافد، وانقطع الولد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فَمُنَّ عليّ مَنَّ الله عليك، قال: «ومن وافدك»؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: «الذي فر من الله ورسوله»؟ قالت: فمنّ عليّ. فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليّ، قال: سليه حملانًا، فسألته فأمر له، قال: فأتتني فقالت: إنك فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيّان - وذكر قربهم من النبي ? - قال: فعرفت إنه ليس بملك كسرى ولا قيصر، فقال: «يا عدي ما أَفَرَّكَ؟ أن يقال لا إله إلا الله؟ فهل من إله إلا الله؟ ما أفرَّك أن يقال الله أكبر؟ فهل شيء أكبر من الله عز وجل» قال: فأسلمت، فرأيت وجهه استبشر، وقال: «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى» ... وذكر الحديث.
قال ابن كثير: مسألة، والصحيح من مذاهب العلماء، أنه يغتفر الإِخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما لمن لا يميز ذلك؛ وأما حديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد» فلا أصل له، والله أعلم. انتهى ملخصًا، قال ابن مفلح في الفروع: (وإن قرأ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين بظاء، فالوجه الثالث يصح مع الجهل). قال في تصحيح الفروع: (أحدها لا تبطل الصلاة، اختاره القاضي، والشيخ تقي الدين، وقدمه في المغني والشرح وهو الصواب) انتهى. يعني: تصح الصلاة ولو كان يميز الضاد والظاء، والأحوط للإِمام القراءة بالضاد إذا كان يميز ذلك.
وقال ابن كثير: اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو: يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون. انتهى.
ويستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها: (آمين) في الصلاة وغيرها. ومعناها: اللهم استجب لنا. لما رواه الإمام أحمد وغيره عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سمعت النبي ? قرأ: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، فقال: «آمين» مد بها صوته. ولأبي داود: (رفع بها صوته).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ? إذا تلا ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال: «آمين»، حتى يسمع من يليه من الصف الأول). رواه أبو داود وابن ماجة وزاد فيه: (فيرتج بها المسجد).
وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال: «إذا أمنَّ الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين، فأكثروا من قول آمين». رواه ابن ماجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/169)
وعنه قال: (بينا رسول الله ? وعنده جبرائيل، إذ سمع نقيقًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط، قال: فنزل منه ملك، فأتى النبي ? فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفًا منها إلا أوتيته). رواه مسلم، والنسائي وهذا لفظه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وإنّ نَفَرَنا غُيِّبٌ فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقيه فرقاه فبرئ فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي أو نسأل رسول الله ?، فلما قدمنا المدينة، ذكرناه للنبي ? فقال: «وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم». رواه البخاري ومسلم، والله أعلم.
* * *
2. mp3 (http://www.4shared.com/audio/30HzIbgu/2_online.html)
http://dc269.4shared.com/img/302433021/f14248c0/2_online.png (http://www.4shared.com/photo/9QGXAbms/2_online.html)
http://dc206.4shared.com/img/302435413/16038d2f/2A_online.png?rnd=0.9319618039215473 (http://www.4shared.com/photo/eMvnF-sJ/2A_online.html)
http://dc251.4shared.com/img/302435599/3fcd840e/2B_online.png?rnd=0.9569917692475011 (http://www.4shared.com/photo/Deffw6aH/2B_online.html)
[ سورة البقرة]
مدنية، وهي مائتان وثمانون وست أو سبع آيات
عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكًا واستخرجت ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? من تحت العرش، فوصلت بها، أو فصلت بسورة البقرة. ويس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، واقرءوها على موتاكم». رواه أحمد.
وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي لا تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة، لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة؛ أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها). وفي رواية: (لم يقربه ولا أهله يومئذٍ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يقرآن على مجنون إلا أفاق). رواه الدرامي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله ? بعثًا، وهم ذوو عدد، فاستقرأهم كل واحد منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا، فقال: «ما معك يا فلان»، فقال معي كذا وكذا، وسورة البقرة فقال: «أمعك سورة البقرة»، قال: نعم، قال: «اذهب فأنت أميرهم». فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة، إلا إني خشيت ألا أقوم بها. فقال رسول الله ?: «تعلموا القرآن واقرءوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه، فقرأ وقام به، كمثل جراب محشو مسكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه، كمثل جراب أوكى على مسك». رواه الترمذي وغيره.
قال البخاري: وقال الليث حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف. وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي فقال: «اقرأ يا ابن حضير». قال: قد أشفقت يا رسول الله على يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها. قال: «وتدري ما ذاك»؟ قال: لا. قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم». ولمسلم: «عرجت في الجو».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/170)
وذكر الحافظ ابن حجر أن في الحديث اختصارًا، أصله كما رواه أبو عبيد: (رفع رأسه إلى السماء، فإذا هو بمثل الظلة، فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها).
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي ? فسمعته يقول: «تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة». قال: ثم سكت ساعة ثم قال: «تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبر كالرجل الشاحب فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك. فيقول أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تجارة من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والديه حلتان لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. ثم يقال: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً». رواه الإِمام أحمد.
قال ابن العربي في (أحكام القرآن): (اعلموا وفقكم الله أن علماءنا قالوا: إن هذه السورة من أعظم سور القرآن. سمعت بعض أشياخي يقول: فيها ألف أمر، وألف نهي، وألف حكم، وألف خبر ولعظيم فقهها أقام عبد الله بن عمر ثمان سنين في تعلمها).
قال الشعبي وغيره: ? آلم ?. وسائر حروف الهجاء في أوائل القرآن، من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وهي سر القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله تعالى. قال أبو بكر الصديق: في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن، وأوائل السور. وعن ابن عباس أنه قال: معنى ? آلم ?: أنا الله أعلم، ومعنى ? آلمص ?: أنا الله أعلم وأفصل. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أرى. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أعلم وأرى. وقال مجاهد: هذه الحروف أسماء السور. وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور، بيانًا لإِعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال الزمخشري: (ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن). انتهى. والله أعلم.
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ?، يقول تعالى: هذا الكتاب وهو القرآن، لاشك فيه أنه من عند الله تعالى، وأنه الحق والصدق، كما قال تعالى: ? آلم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?.
وقوله تعالى: ? هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ?، أي: رشد وبيان لأهل التقوى خاصة، كما قال تعالى: ? قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ?. وقال تعالى: ? وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلا خَسَاراً ?. قال ابن عباس: التقيّ من يتقيّ الشرك والكبائر والفواحش. وأنشد أبو الدرداء:
يريد المرء أن يؤتى مُناه (ويأبى الله إلا ما أراد (
يقول المرء: فائدتي ومالي (وتقوى الله أفضل ما استفادا (
والتقوى: هي: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ?، أي: الذين يصدقون بما غاب عنهم، مما أخبر الله به من أمور الآخرة والقدر وغير ذلك. قال أبو العالية: يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث، فهذا غيبٌ كله. وعن أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله ?، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك قال: «نعم قومٌ من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني».
وقوله تعالى: ? وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ?، أي: يديمونها ويحافظون عليها في مواقيتها، بحدودها وأركانها وهيآتها، والمراد بها الصلوات الخمس. قال ابن عباس: إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود، والتلاوة والخشوع والإِقبال عليه فيها.
وقوله تعالى: ? وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ?، أي: في جميع ما يلزمهم من الزكاة وغيرها. قال قتادة: هذه الأموال عَوَارٍ وودائع عندك يا ابن آدم، يوشك أن تفارقها.
وقوله تعالى: ? والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ?، قال ابن عباس: ? والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ?، أي: يصدقون بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم ? وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ?، أي: بالبعث والقيامة، والجنة والنار، والحساب والميزان. قال البغوي: قوله: ? وَبِالآخِرَةِ ?، أي: بالدار الآخرة. سميت الدنيا دنيا لدنوّها من الآخرة، وسميت الآخرة آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا ? هُمْ يُوقِنُونَ ?، أي: يستيقنون أنها كائنة.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?. يقول الله تعالى: ? أُوْلَئِكَ ?، أي: المتصفون بالإِيمان وإقام الصلاة والإِنفاق مما أعطاهم الله ? عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ?، أي: على نور وبيان وبصيرة ? وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?، أي: الناجون الفائزون، فازوا بالجنة ونجوا من النار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/171)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:17 م]ـ
ساضع هنا مقرر الحفظ للاسبوع القادم من السبت الى الجمعة وهو كالتالي (من سورة البقرة)
05/ 06/2010 السبت الصفحة 1 والصفحة 2
06/ 06/2010 الأحد الصفحة 3 والصفحة 4
07/ 06/2010 الإثنين الصفحة 5 والصفحة 6
08/ 06/2010 الثلاثاء الصفحة 7 والصفحة 8
09/ 06/2010 الأربعاء الصفحة 9 والصفحة 10
10/ 06/2010 الخميس الصفحة 11 والصفحة 12
11/ 06/2010 الجمعة الصفحة 13 والصفحة 14
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:18 م]ـ
05/ 06/2010
السبت
الصفحة 1
والصفحة 2
http://dc110.4shared.com/img/305732588/8f35f140/t067.png?sizeM=7
http://dc227.4shared.com/img/305733005/872aa27b/t068.png?sizeM=7
http://dc225.4shared.com/img/305730948/80938fa3/1_online.png?sizeM=7
[ سورة الفاتحة]
مكية، وهي سبع آيات
أعوذ بالله السميع العليم من الشيْطان الرجِيم
بسم الله الرحمن الرحيم
? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) ?.
* * *
سورة الفاتحة لها ثلاثة أسماء: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني.
وروى البخاري وغيره عن سعيد بن المعلى رضي الله عنه، قال: كنت أصلي فدعاني رسول الله ? فلم أجبه حتى صليت، قال: فأتيته، فقال: «ما منعك أن تأتيني»؟ قال: قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، قال: «ألم يقل الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ?؟ ثم قال: «لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد». قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت: لأعلمنَّك أعظم سورة في القرآن قال: «نعم، الحمد لله رب العالمين، هي: السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج - ثلاثًا - غير تمام». فقيل لأبي هريرة: إنا نكون خلف الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله ? يقول: «قال الله عز وجل: قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال الله: أثنى عليّ عبدي؛ فإذا قال: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? قال الله: مجّدني عبدي - وقال مرة: فوّض إليَّ عبدي - فإذا قال: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل». رواه مسلم وغيره.
قوله عز وجل: ? بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) ?.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله ? كان لا يعرف فصل السورة حتى ينْزِلَ عليه (بسم الله الرحمن الرحيم).
وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إن أول ما نزل به جبريل على محمد ? قال: يا محمد قل: أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل بسم الله الرحمن الرحيم، قال: قال له جبريل: (بسم الله يا محمد، يقول: اقرأ بذكر الله ربك، وقم واقعد بذكر الله تعالى).
واختلف العلماء في مشروعية قراءة البسملة في الصلاة.
فقال بعضهم: لا يقرأ بها سرًا ولا جهرًا.
وقال بعضهم: يقرأ بها جهرًا في الجهرية، وسرًا في السرية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/172)
وقال بعضهم: يقرأ بها سرًا في الجهرية. هذا القول هو الراجح وعليه تدل الأحاديث الصحيحة؛ ويشرع الجهر بها في بعض الأحيان، وتستحب البسملة في ابتداء كل عمل، تبركًا باسم الله تعالى واستعانة به، وفي الحديث: «كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم»، قال ابن عباس: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
قوله عز وجل: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه). انتهى، قال أبو نصر الجوهري: (والحمد أعم من الشكر، وأما المدح فهو أعم من الحمد، وقال ابن عباس: الحمد لله كلمة الشكر، وإذا قال العبد: الحمد لله، قال: شكرني عبدي).
قال البغوي: رحمه الله تعالى: (والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة، والشكر لا يكون إلا على النعمة.
وقوله تعالى: ? للّهِ ?، اللام للإستحقاق، والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد وأنواعه لله تعالى.
وقوله تعالى: ? رَبِّ الْعَالَمِينَ ?، الرب: هو المالك المتصرف، والعالمين: جمع عالَم بفتح اللام، وهو كل موجود سوى الله عز وجل؛ والعوالم أصناف المخلوقات، وعن ابن عباس: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? الحمد لله الذي له الخلق كله، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن، مما نعلم ومما لا نعلم. وعن سعيد بن المسيب قال: لله ألف عالم: ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين أحدٌ إلا الله، قال الله تعالى: ? وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ?، وقال الزجاج: العالم كل ما خلق الله في الدنيا والآخرة.
قال القرطبي: والعالم مشتق من العلامة.
قال ابن كثير: لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته، كما قال ابن المعتز:
فيا عجبًا كيف يعصي الإِله (أم كيف يجحده الجاحد (
وفي كل شيء له آية (تدل على أنه واحد (
تنبيه: المعروف عند بعض القراء أنه لا يقف على ? الْعَالَمِينَ ?، ولا على ? الرَّحِيمِ ?، لاتصال الصفة بالموصوف، ولا مانع من ذلك لأن المعنى ظاهر، والأصل هو الوقوف على رؤوس الآي، ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قال: كان رسول الله ? يقطع قراءته يقول: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? ثم يقف، ثم يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ? ثم يقف، فالفصل والوصل جائزان: ويحسن الفصل مع الترتيل والوصل مع الهذ وفي الحديث: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ واصعد في درج الجنة، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها»، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً.
قوله عز وجل: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?.
قال ابن كثير: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي الأثر عن عيسى عليه السلام أنه قال: (الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة)، وقال ابن عباس: (هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر).
وقال ابن جرير: (حدثنا السري بن يحيى التميمي، حدثنا عثمان بن زفر، سمعت العزرمي يقول: ? الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ?، قال: الرحمن لجميع الخلق، الرحيم، قال: بالمؤمنين.
قال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله ? الْعَالَمِينَ?، ليكون من باب قرب الترغيب بعد الترهيب، كما قال تعالى: ? نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ ?.
قوله عز وجل: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/173)
قال ابن كثير: وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عاداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة. وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئًا، ولا يتكلم أحدًا إلا بإذنه كما قال تعالى: ? يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ?، وقال تعالى: ? وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ?، وقال تعالى: ? يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ?، وقال الضحاك عن ابن عباس: ? مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ? يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكمًا كملكهم في الدنيا قال: و ? يَوْمِ الدِّينِ ? يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إلا من عفا عنه.
قوله عز وجل: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?.
أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول والقوة، وتفويض إلى الله عز وجل، وهذا كثير في القرآن، قال تعالى: ? فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ?، وقال تعالى: ? هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ?، وقال تعالى: ? رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ?، قال ابن عباس: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ ?، يعني إياك نوحد ونخاف، ونرجوك يا ربنا لا غيرك. ? وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ?، على طاعتك وعلى أمورنا كلها. قال البغوي: (والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع، وسمي العبد عبدًا لذلته وانقياده).
قوله عز وجل: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?.
قال ابن كثير: لمّا تقدم الثناء على المسئول تبارك وتعالى، ناسب أن يعقب بالسؤال كما قال: (فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل)، وهذا أكمل أحوال السؤال، أن يمدح مسئوله، ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين، والهداية ها هنا: الإرشاد والتوفيق.
وقال البغوي: وهذا الدعاء من المؤمنين، مع كونهم على الهداية، بمعنى التثبيت، وبمعنى طلب مزيد الهداية، لأن الألطاف والهدايات من الله لا تتناهى.
وقال ابن جرير: أجمعت الأمة من أهل التأويل، على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح، الذي لا اعوجاج فيه، وقال مجاهد: ? اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ?، قال: الحق.
وروى الإِمام أحمد وغيره عن النواس بن سمعان، عن رسول الله ? قال: «ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جانبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعًا ولا تعوجوا؛ وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط: الإِسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم».
قوله عز وجل: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?.
أي: مننت عليهم بالهداية والتوفيق للإيمان، والاستقامة عليه من النبيين والمؤمنين، قال الضحاك عن ابن عباس: ? صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ?، بطاعتك، وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك، والصديقين، والشهداء، والصالحين؛ وذلك نظير ما قال ربنا تعالى: ? وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ?.
قوله عز وجل: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/174)
قال ابن كثير: والمعنى: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق. انتهى.
وروى الإمام أحمد وغيره عن عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله ?، فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم إلى رسول الله ? صفوا له، فقالت: يا رسول الله نأى الوافد، وانقطع الولد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فَمُنَّ عليّ مَنَّ الله عليك، قال: «ومن وافدك»؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: «الذي فر من الله ورسوله»؟ قالت: فمنّ عليّ. فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليّ، قال: سليه حملانًا، فسألته فأمر له، قال: فأتتني فقالت: إنك فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيّان - وذكر قربهم من النبي ? - قال: فعرفت إنه ليس بملك كسرى ولا قيصر، فقال: «يا عدي ما أَفَرَّكَ؟ أن يقال لا إله إلا الله؟ فهل من إله إلا الله؟ ما أفرَّك أن يقال الله أكبر؟ فهل شيء أكبر من الله عز وجل» قال: فأسلمت، فرأيت وجهه استبشر، وقال: «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى» ... وذكر الحديث.
قال ابن كثير: مسألة، والصحيح من مذاهب العلماء، أنه يغتفر الإِخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما لمن لا يميز ذلك؛ وأما حديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد» فلا أصل له، والله أعلم. انتهى ملخصًا، قال ابن مفلح في الفروع: (وإن قرأ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين بظاء، فالوجه الثالث يصح مع الجهل). قال في تصحيح الفروع: (أحدها لا تبطل الصلاة، اختاره القاضي، والشيخ تقي الدين، وقدمه في المغني والشرح وهو الصواب) انتهى. يعني: تصح الصلاة ولو كان يميز الضاد والظاء، والأحوط للإِمام القراءة بالضاد إذا كان يميز ذلك.
وقال ابن كثير: اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو: يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون. انتهى.
ويستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها: (آمين) في الصلاة وغيرها. ومعناها: اللهم استجب لنا. لما رواه الإمام أحمد وغيره عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سمعت النبي ? قرأ: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، فقال: «آمين» مد بها صوته. ولأبي داود: (رفع بها صوته).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ? إذا تلا ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال: «آمين»، حتى يسمع من يليه من الصف الأول). رواه أبو داود وابن ماجة وزاد فيه: (فيرتج بها المسجد).
وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال: «إذا أمنَّ الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين، فأكثروا من قول آمين». رواه ابن ماجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/175)
وعنه قال: (بينا رسول الله ? وعنده جبرائيل، إذ سمع نقيقًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط، قال: فنزل منه ملك، فأتى النبي ? فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفًا منها إلا أوتيته). رواه مسلم، والنسائي وهذا لفظه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وإنّ نَفَرَنا غُيِّبٌ فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقيه فرقاه فبرئ فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي أو نسأل رسول الله ?، فلما قدمنا المدينة، ذكرناه للنبي ? فقال: «وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم». رواه البخاري ومسلم، والله أعلم.
* * *
http://dc269.4shared.com/img/305733009/8e9cee50/t069.png?sizeM=7
http://dc200.4shared.com/img/305733016/738c280/t070.png?sizeM=7
http://dc245.4shared.com/img/305724219/34b41a76/002.png?sizeM=7
[ سورة البقرة]
مدنية، وهي مائتان وثمانون وست أو سبع آيات
عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكًا واستخرجت ? اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ? من تحت العرش، فوصلت بها، أو فصلت بسورة البقرة. ويس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، واقرءوها على موتاكم». رواه أحمد.
وروى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي لا تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة، لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة؛ أربع من أولها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث آيات من آخرها). وفي رواية: (لم يقربه ولا أهله يومئذٍ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يقرآن على مجنون إلا أفاق). رواه الدرامي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله ? بعثًا، وهم ذوو عدد، فاستقرأهم كل واحد منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا، فقال: «ما معك يا فلان»، فقال معي كذا وكذا، وسورة البقرة فقال: «أمعك سورة البقرة»، قال: نعم، قال: «اذهب فأنت أميرهم». فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة، إلا إني خشيت ألا أقوم بها. فقال رسول الله ?: «تعلموا القرآن واقرءوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه، فقرأ وقام به، كمثل جراب محشو مسكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه، كمثل جراب أوكى على مسك». رواه الترمذي وغيره.
قال البخاري: وقال الليث حدثني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف. وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي فقال: «اقرأ يا ابن حضير». قال: قد أشفقت يا رسول الله على يحيى، وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها. قال: «وتدري ما ذاك»؟ قال: لا. قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم». ولمسلم: «عرجت في الجو».
وذكر الحافظ ابن حجر أن في الحديث اختصارًا، أصله كما رواه أبو عبيد: (رفع رأسه إلى السماء، فإذا هو بمثل الظلة، فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/176)
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي ? فسمعته يقول: «تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة». قال: ثم سكت ساعة ثم قال: «تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبهما يوم القيامة، كأنهما غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صواف، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبر كالرجل الشاحب فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك. فيقول أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تجارة من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والديه حلتان لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان بم كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. ثم يقال: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً». رواه الإِمام أحمد.
قال ابن العربي في (أحكام القرآن): (اعلموا وفقكم الله أن علماءنا قالوا: إن هذه السورة من أعظم سور القرآن. سمعت بعض أشياخي يقول: فيها ألف أمر، وألف نهي، وألف حكم، وألف خبر ولعظيم فقهها أقام عبد الله بن عمر ثمان سنين في تعلمها).
قال الشعبي وغيره: ? آلم ?. وسائر حروف الهجاء في أوائل القرآن، من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وهي سر القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله تعالى. قال أبو بكر الصديق: في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن، وأوائل السور. وعن ابن عباس أنه قال: معنى ? آلم ?: أنا الله أعلم، ومعنى ? آلمص ?: أنا الله أعلم وأفصل. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أرى. ومعنى ? آلمر ?: أنا الله أعلم وأرى. وقال مجاهد: هذه الحروف أسماء السور. وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور، بيانًا لإِعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال الزمخشري: (ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن). انتهى. والله أعلم.
وقوله تعالى: ? ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ?، يقول تعالى: هذا الكتاب وهو القرآن، لاشك فيه أنه من عند الله تعالى، وأنه الحق والصدق، كما قال تعالى: ? آلم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?.
وقوله تعالى: ? هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ?، أي: رشد وبيان لأهل التقوى خاصة، كما قال تعالى: ? قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ?. وقال تعالى: ? وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلا خَسَاراً ?. قال ابن عباس: التقيّ من يتقيّ الشرك والكبائر والفواحش. وأنشد أبو الدرداء:
يريد المرء أن يؤتى مُناه (ويأبى الله إلا ما أراد (
يقول المرء: فائدتي ومالي (وتقوى الله أفضل ما استفادا (
والتقوى: هي: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ?، أي: الذين يصدقون بما غاب عنهم، مما أخبر الله به من أمور الآخرة والقدر وغير ذلك. قال أبو العالية: يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث، فهذا غيبٌ كله. وعن أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله ?، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك قال: «نعم قومٌ من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني».
وقوله تعالى: ? وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ?، أي: يديمونها ويحافظون عليها في مواقيتها، بحدودها وأركانها وهيآتها، والمراد بها الصلوات الخمس. قال ابن عباس: إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود، والتلاوة والخشوع والإِقبال عليه فيها.
وقوله تعالى: ? وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ?، أي: في جميع ما يلزمهم من الزكاة وغيرها. قال قتادة: هذه الأموال عَوَارٍ وودائع عندك يا ابن آدم، يوشك أن تفارقها.
وقوله تعالى: ? والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ?، قال ابن عباس: ? والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ?، أي: يصدقون بما جئت به من الله، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم ? وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ?، أي: بالبعث والقيامة، والجنة والنار، والحساب والميزان. قال البغوي: قوله: ? وَبِالآخِرَةِ ?، أي: بالدار الآخرة. سميت الدنيا دنيا لدنوّها من الآخرة، وسميت الآخرة آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا ? هُمْ يُوقِنُونَ ?، أي: يستيقنون أنها كائنة.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?. يقول الله تعالى: ? أُوْلَئِكَ ?، أي: المتصفون بالإِيمان وإقام الصلاة والإِنفاق مما أعطاهم الله ? عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ?، أي: على نور وبيان وبصيرة ? وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?، أي: الناجون الفائزون، فازوا بالجنة ونجوا من النار.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/177)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:19 م]ـ
06/ 06/2010
الأحد
الصفحة 3
والصفحة 4
http://dc263.4shared.com/img/305724271/6c3535c2/003.png?sizeM=7
http://dc233.4shared.com/img/305733562/49df52b5/t071.png?sizeM=7
يقول الله تعالى: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، سواء عليهم إنذارك وعدمه، فإنهم لا يؤمنون بما جئتهم به، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ?. قال البغوي: (والكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر عناد، وكفر نفاق).
وقوله تعالى: ? خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ?، أي: طبع الله على قلوبهم، فلا تعي خيرًا ولا تفهمه، وعلى سمعهم فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به، كما قال تعالى: ? إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ?. يقول تعالى: وعلى أبصارهم غطاء، فلا يرون الحق، ولهم عذاب عظيم في الآخرة، فالختم على القلب والسمع، والغشاوة على البصر، كما قال تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ?، وقال تعالى: ? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ?، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه، وإن زادت زاد حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي قال الله تعالى: ? كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ?». رواه ابن جرير وغيره. وقال الترمذي: (حسن صحيح). قال مجاهد: الران أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الإِقفال، والإِقفال أشد من ذلك كله.
قوله عز وجل: ? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ (12) ?.
هذه الآيات نزلت في المنافقين: عبد الله بن أبي، وأصحابه وغيرهم ممن أظهر كلمة الإِسلام واعتقد خلافها. قال ابن كثير: النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي وهو: الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو: من أكبر الذنوب. قال ابن جريج: المنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته، ومدخله مخرجه، ومشهده مغيبه.
وقوله تعالى: ? وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ? كذبهم الله تعالى في قولهم: آمنا بالله وباليوم الآخر، لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، كما قال تعالى: ? إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/178)
وقوله تعالى: ? يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ?، يقول تعالى: يخادعون الله والذين آمنوا بإظهار الإِيمان وإبطانهم الكفر، ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كنفعهم عند بعض المؤمنين، كما قال تعالى: ? يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنفُسَهُم ?، أي: لأن وبال خداعهم راجع عليهم، بفضيحتهم في الدنيا وعقابهم في الآخرة، ? وَمَا يَشْعُرُونَ ?، أي: لا يدرون أنهم يخدعون أنفسهم، وإن وبال خداعهم يعود عليهم.
وقوله تعالى: ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، يقول تعالى: ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ?، أي: شك ونفاق، ? فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً ?، أي: شكًا ونفاقًا، كما قال تعالى: ? وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، أي: ولهم عذاب مؤلم موجع، يخلص حده إلى قلوبهم، ? بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، أي: بكذبهم في دعواهم الإِيمان بالله وباليوم الآخر.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ?، يقول تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض بالكفر وتعويق الناس عن الإِيمان، ? قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ?، أي: إنما نريد الإِصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب، ? أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ? بكونه فسادًا. قال أبو العالية: وكان فسادهم ذلك معصية الله، لأنه من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصيته فقد أفسد في الأرض، لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة.
يقول تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ ? للمنافقين: آمنوا بمحمد ? وبما جاء به كما آمن الناس، قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون أصحاب محمد ?، ? أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء ? الجهال في الدين الضعفاء الرأي، ? وَلَكِن لا يَعْلَمُونَ ?. ذلك.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ? يقول تعالى: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنون قالوا: آمنا كإيمانكم مصانعة وتقية، وإذا خلوا انصرفوا ? إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ? رؤسائهم، قالوا: ? إِنَّا مَعَكْمْ ?، أي: على دينكم ? إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ? بمحمد وأصحابه نلعب بهم.
قوله تعالى: ? يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ? قال ابن عباس في قوله تعالى: ? اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ? قال: يسخر بهم للنقمة منهم. وقوله تعالى: ? وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ?، أي: يملي لهم في ضلالتهم يترددون متحيرين.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ? قال ابن عباس: ? أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ? أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. وقوله تعالى: ? فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ?، أي: ما ربحوا في تجارتهم لأنهم استبدلوا الكفر بالإيمان، ? وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ?. قال قتادة: قد والله رأيتموهم، من خرجوا من الهدى إلى الضلال، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.
http://dc228.4shared.com/img/305724460/6a448a7/004.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/179)
قال ابن عباس: نزلت في المنافقين، يقول: مثلهم في نفاقهم كمثل رجل أوقد نارًا في ليلة مظلمة في مفازة، فاستدفأ ورأى ما حوله، فاتقى مما يخاف، فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، فبقي في ظلمة خائفًا متحيرًا، فكذلك المنافقون بإظهار كلمة الإِيمان أمنوا على أموالهم وأولادهم، وناكحوا المؤمنين، ووارثوهم، وقاسموهم الغنائم، فلذلك نورهم، فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف.
وقوله تعالى: ? صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ?، أي: هم صم عن الحق لا يقبلونه، بكم خرس عن الحق لا يقولونه، عمي لا بصائر لهم، فهم لا يرجعون عن الضلالة إلى الحق.
وقوله تعالى: ? أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? هذا مثل آخر ضربه الله تعالى لصنف آخر من المنافقين، وهم قوم يظهر لهم الحق تارة ويشكون أخرى. والصيّب: المطر، من صاب يصوب، أي: نزل من السماء، أي: من السحاب، ? فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ?. قال ابن عباس: الرعد: اسم ملك يسوق السحاب، والبرق: لمعان سوط من نور يزجر به الملك السحاب. وعن أبي كثير قال: كنت عند أبي الخلد إذ جاء رسول ابن عباس بكتاب إليه، فكتب إليه: كثيرًا تسألني عن الرعد، فالرعد: الريح، والبرق من الماء. قال السخاوي: إن سبب الرعد اضطراب أجرام السحاب واصطكاكها إذا ساقها الريح من الارتعاد. قال بعض المفسرين: وإن أطلق الرعد على الملك أيضًا فهو مشترك بين الصوت المذكور والملك الثابت في الأحاديث.
وقوله تعالى: ? يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ? مخافة الهلاك؛ فهذا المثل ضربه الله للقرآن وصنيع المنافقين معه، فإن من شأنهم الخوف الشديد والفزع، كما قال تعالى: ? يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ?.
وقوله تعالى: ? واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ?، أي: عالم بهم. قال مجاهد: يجمعهم فيعذبهم.
وقوله تعالى: ? يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ ?، أي: وقفوا. قال ابن عباس: أي: يعرفون الحق ويتكلمون به، فهم من قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا، أي: متحيرين.
وقوله تعالى: ? وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ?، أي: لذهب بأسماعهم وأبصارهم الظاهرة، كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة، ? إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? فصار الناس ثلاثة أقسام: مؤمنون، وكفار، ومنافقون، وكل سيجازى بعمله. قال الله تعالى: ? مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ * يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ?، وقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/180)
رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ?.
قال ابن مسعود: نورهم يسعى بين أيديهم على قدر أعمالهم، يمرون على الصراط، منهم مَنْ نورُه مثل الجبل، ومنهم مَنْ نوُره مثل النخلة، وأدناهم نورًا مَنْ نوُره في إبهامه يتّقد مرة ويُطفأ أخرى. قال ابن عباس: ليس أحد من أهل التوحيد إلا يعطى نورًا يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره، فالمؤمن مشفق مما يرى من إطفاء نور المنافقين، فهم يقولون: ? رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ?. والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) ?.
يقول تعالى: يا أيها الناس وحدوا ربكم الذي خلقكم، وخلق الذين من قبلكم، لعلكم تتقون: لكي تنجوا من العذاب.
وقال بعض المفسرين: لعلكم تتقون: حال من الضمير في اعبدوا؛ كأنه قال: اعبدوا ربكم راجين أن تدخلوا في سلك المتقين الفائزين بالهدى والفلاح، المسترجين لجوار الله تعالى، ولعل في الأصل للترجي، وهي في كلام الله تعالى للتحقيق، وقيل: لعل هنا للأطماع كقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ?.
وقال ابن جرير: معنى ذلك: اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم؛ لتتقوه بطاعته، وتوحيده، وإفراده بالربوبية والعبادة. وقال ابن عباس: كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها التوحيد.
وقوله تعالى: ? الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22) ?.
يقول تعالى: اعبدوا ربكم خالقكم، وخالق من قبلكم، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً، أي: بساطًا وَالسَّمَاء بِنَاء، سَقْفاً مرفوعاً، وأنزل من السماء، أي: من السحاب، ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم، طعامًا لكم وعلفًا لدوابكم، فلا تجعلوا لله أنداداً، أي: أمثالاً تعبدونها كعبادة الله، وأنتم تعلمون أنه واحد لا خالق معه. قال ابن عباس: فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون، أي: لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر، وأنتم تعملون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه رسول الله ? من التوحيد، هو الحق الذي لا شك فيه؟
قال ابن كثير: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة.
قوله عز وجل: ? وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ?.
يقول تعالى: وإن كنتم في ريب، أي: شك مما نزلنا على عبدنا محمد ? فأتوا بسورة من مثله، أي: مثل القرآن، وادعوا شهداءكم واستعينوا بآلهتكم التي تعبدونها من دون الله إن كنتم صادقين أن محمداً تقوله من تلقاء نفسه. كما قال تعالى: ? أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ?، وقال تعالى: ? قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ?، وقال تعالى: ? أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ?. ثم تحدّاهم بسورة واحدة فعجزوا.
وقوله تعالى: ? فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ? يقول تعالى: ? فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ ?، أي: فيما مضى، ولن تفعلوا أبداً، وهذه معجزة أخرى، ? فَاتَّقُواْ النَّارَ ?، أي: فآمنوا واتركوا المعاصي لتنجوا من النار، ? الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ?. قال ابن عباس يعني: حجارة الكبريت؛ لأنها أكثر التهاباً، ? أُعِدَّتْ ?: هيئت، ? لِلْكَافِرِينَ ?: الذين هم أهلها كما قال تعالى: ? وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ?، وقال تعالى: ? إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ? وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعنا وجبة فقلنا: ما هذه؟ فقال رسول الله ?: «هذا حجر ألقي به من شفير جهنم منذ سبعين سنة، الآن وصل إلى قعرها». رواه مسلم.
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/181)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:21 م]ـ
07/ 06/2010
الإثنين الصفحة 5
والصفحة 6
http://dc147.4shared.com/img/305724468/87fc095/005.png?sizeM=7
http://dc235.4shared.com/img/305733955/f58c6db1/t072.png?sizeM=7
لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه الكافرين عطف بذكر حال أوليائه المؤمنين، فقال تعالى: ? وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ ? بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ? وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ? من الأفعال والأقوال. قال معاذ: العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والإخلاص، ? أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ? جمع جنة والجنة البستان الذي فيه أشجار مثمرة، ? تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ?، أي: من تحت أشجارها، ومساكنها. وفي الحديث: «إن أنهار الجنة تجري في غير أخدود»، ? كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ? قال ابن عباس وغيره: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل الدنيا. وقال عكرمة: معناه، مثل الذي كان بالأمس. وقال مجاهد: يقولون: ما أشبهه به، وأتوا به متشابهًا. قال ابن عباس وغيره: متشابهًا في الألوان مختلفًا في الطعوم. وقال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسامي. وقال يحيى بن أبي كثير: عشب الجنة الزعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها، ثم يؤتون بمثلها فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي آتيتمونا آنفًا به؟ فتقول لهم الولدان: كلوا، فاللون واحد والطعم مختلف. وهو قول الله تعالى: ? وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ?.
وقوله تعالى: ? وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ ?، أي: من الحور والآدميات ? مُّطَهَّرَةٌ ?، أي: من الغائط والبول، والحيض والنفاس، والبصاق والمخاط، والمني والولد، وكل قذر. قال الحسن: هنَّ عجائزكم الغمص العمش، طهرن من قذرات الدنيا.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «إن أول زمرة تدخل الجنة يوم القيامة صورة وجوههم مثل صورة القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على لون أحسن الكواكب في السماء لكل رجل منهم زوجتان، على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهن دون لحومها ودمائها وحللها».
وقوله تعالى: ? وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ?، أي: دائمون لا يموتون فيها ولا يخرجون منها: وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «ألا هل من مشمر للجنة؟ وأن الجنة لا خطر لها، وهي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانه تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة،وحلل كثيرة، ومقام أبد في دار سليمة، وفاكهة وخضرة، وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية». قالوا: نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها. قال: «قولوا إن شاء الله». قال القوم: إن شاء الله.
قوله عز وجل: ? إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) ?.
قال قتادة: إن الله لا يستحي من الحق أن يذكر شيئًا ما قل أو كثر، وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت، قال أهل الضلالة: ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنزل الله: ? إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ ? بمحمد والقرآن، ? فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ? يعني المثل هو ? الْحَقُّ ? الصدق ? مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا ?، أي: شيء ? أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا ? المثل ? مَثَلاً ? وعن ابن عباس وغيره: لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين يعني قوله تعالى: ? مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/182)
نَاراً ?، وقوله: ? أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ ? الآيات الثلاث، قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال. فأنزل الله هذه الآية إلى قوله تعالى: ? هُمُ الْخَاسِرُونَ ?.
وقوله تعالى: ? يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ? أجابهم الله في قولهم: ماذا أراد الله بهذا مثلاً، فقال: يضل به كثيرًا من الكفار، وذلك أنهم يكذبونه فيزدادون ضلالاً، ويهدي به كثيرًا من المؤمنين، فيصدقونه فيزيدهم هدى إلى هداهم، وإيمانًا إلى إيمانهم: كما قال تعالى: ? وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ? وكذلك قال ها هنا: ? يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ?. قال ابن عباس: يعني: المنافقين.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ? هذا وصف من الله تعالى للفاسقين المذكورين ها هنا بأنهم الذين ينقضون، أي: يخالفون ويتركون عهد الله، أمر الله الذي عهد إليهم في كتبه وعلى ألسنة رسله من بعد ميثاقه توكيده، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام وغيرها، ويفسدون في الأرض بالكفر والظلم والمعاصي أولئك هم الخاسرون بأعياضهم الفساد عن الصلاح والعقاب عن الثواب. كما قال تعالى: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ?.
قوله عز وجل: ? كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) ?.
يقول تعالى: كيف تكفرون بالله وتعبدون معه غيره! وكنتم أمواتًا في أصلاب آبائكم، فأحياكم، ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم، ثم يحييكم للبعث، ثم إليه ترجعون، فيجازيكم بأعمالكم. وهذه الآية كقوله تعالى: ? قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ?. وكقوله تعالى: ? قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيبَ فِيهِ ?.
وقوله تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? يقول تعالى: هو الله ربكم الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا؛ لكي تنتفعوا، فاعبدوه وحده لا شريك له. كما قال تعالى: ? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ?.
وقوله تعالى: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء ? قال ابن عباس وغيره: أي ارتفع، ? فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ?: خلقهن مستويات لا فطور فيها، ولا صدوع، ? وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?، فإن بالعلم يصح الخلق، ويحكم الفعل.
قال البغوي: قرأ أبو جعفر، وأبو عمرو، والكسائي، وقالون، (وهو، وهي) بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء: واوٌ، أو فاء، أو لام. زاد الكسائي وقالون: (ثم هو). وقالون: (أن يملَّ هو).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/183)
وهذه الآية كقوله تعالى: ? قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ?، وقال مجاهد في قوله تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ? قال: خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض ثار منها دخان، فلذلك حين يقول: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ ? ? فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ? قال: بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين، يعني: بعضها تحت بعض. والله أعلم.
* * *
http://dc225.4shared.com/img/305723219/a96322cf/006.png?sizeM=7
http://dc269.4shared.com/img/305733961/d9ccfa6b/t073.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) ?.
يقول تعالى: واذكر يا محمد: ? وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ?، أي: قومًا يخلف بعضهم بعضًا، كما قال تعالى: ? وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ ?. ? قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ?، كما فعل الجن؟ ? وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ?، أي: نثني عليك وننزهك عما لا يليق بعظمتك وجلالك.
? قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?. قال قتادة: فكان في علم الله، أنه سيكون في تلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة. وقال ابن عباس: إن أول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء، وقتل بعضهم بعضًا، قال: فبعث الله إليهم إبليس، فقتلهم إبليس ومن معه، حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، ثم خلق آدم فأسكنه إياها، فلذلك قال: ? إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ?. وقال عبد الله بن عمر: وكان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة، فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء فيها، فبعث الله جندًا من الملائكة، فضربوهم حتى ألحقوا بجزائر البحور، فقال الله للملائكة: ? إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ?، ? قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?. وقال ابن عباس: يقول: إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره.
قوله عز وجل: ? وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) ?.
قال ابن عباس: ? وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ?، قال: علمه أسماء ولده إنسانًا، إنسانًا، والدواب، فقيل: هذا الحمار، هذا الجمل، هذا الفرس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/184)
وقال أيضًا: هي هذه الأسماء التي يتعارف الناس بها: إنسان، ودواب، وسماء، وأرض، وسهل، وبحر، وخيل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم، وغيرها. وقوله تعالى: ? ثُمَّ عَرَضَهُمْ ?، أي: المسميات، ? عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي ? أخبروني، ? بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? أني لا أخلق خلقًا إلا وكنتم أفضل وأعلم منه، ? قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ ? بخلقك، ? الْحَكِيمُ ? في أمرك، ? قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ? فسمى آدم كل شيء، ? فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ ?، قال الله تعالى: ? أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ? الظاهر والخفي ما كان وما يكون كما قال تعالى: ? وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ?.
? وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ?. قال ابن عباس: مرَّ إبليس على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيه، فقال: لأمر ما خلق هذا! ثم دخل في فيه وخرج من دبره، وقال: إنه خلق لا يتماسك؛ لأنه أجوف. ثم قال للملائكة الذين معه: أرأيتم إن فضِّل هذا عليكم، وأمرتم بطاعته، ماذا تصنعون؟ قالوا: نطيع أمر ربنا. فقال إبليس في نفسه: والله لئن سلطت عليه لأهلكته، ولئن سلط عليّ لأعينه، فقال الله تعالى: ? وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ?، يعني: ما يبديه الملائكة من الطاعة ? وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ? يعني: ما يكتمه إبليس من المعصية.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) ?.
هذه كرامة عظيمة أيضًا لآدم وذريته، حيث أمر الله الملائكة أن يسجدوا له، فقال: ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ?، أي: سجود تعظيم وتحية، كما سجد إخوة يوسف له، لا سجود عبادة، وقد كانت الأمم السالفة تفعل ذلك بدل التسليم، وحرّم ذلك في شريعتنا فسجدوا طاعة لله، وتعظيمًا لآدم، إلا إبليس أبى واستكبر عن السجود لآدم وكان من الكافرين في سابق علم الله. قال قتادة: حسد عدو الله إبليس آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من الكرامة، وقال: أنا ناري وهذا طيني. وكان بدء الذنوب الكِبْر. استكبروا عدو الله أن يسجد لآدم عليه السلام.
قوله عز وجل: ? وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) ?.
قال ابن إسحاق: لما فرغ الله من معاتبة إبليس أقبل على آدم وعلمه الأسماء كلها، فقال: ? يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ? إلى قوله: ? إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ?. قال: ثم أُلقيت السِّنة على آدم - فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة، وغيرهم من أهل العلم، عن ابن عباس وغيره - ثم أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحمًا، وآدم نائم لم يهبّ من نومه، حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء، فسواها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشف عنه السِّنة، وهبّ من نومه رآها امرأة إلى جنبه، فقال - فيما يزعمون، والله أعلم -: لحمي ودمي وزوجتي. فسكن إليها، فلما زوّجه الله وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبيلاً: ? اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ?. انتهى.
وقوله تعالى: ? وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً ?، أي: واسعًا كثيرًا ? حَيْثُ شِئْتُمَا ? كيف شئتما، ومتى شئتما، وأين شئتما، ? وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ? أنفسكما بالمعصية.
قوله عز وجل: ? فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/185)
قال البغوي: ? فَأَزَلَّهُمَا ? استزل الشيطان آدم وحواء، أي: دعاهما إلى الزلة، وقوله تعالى: ? عَنْهَا ? أي: عن الجنة ? فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ? أي: من اللباس، والمنزل الرحب، والرزق الهني، والراحة، وعن أبيّ بن كعب مرفوعًا: «إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة فنازعها، فناداه الرحمن: يا آدم مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن قال: يا رب لا، ولكن استحياء».
وفي رواية: «لما ذاق آدم من الشجرة فرّ هاربًا، فتعلقت شجرة بشعره، فنودي: يا آدم أفرارًا مني؟ قال: بل حياء منك. قال: يا آدم اخرج من جواري، فبعزتي لا يساكنني فيها من عصاني، ولو خلقت مثلك ملء الأرض خلقًا، ثم عصوني لأسكننهم دار العاصين». رواه ابن أبي حاتم.
? وَقُلْنَا اهْبِطُواْ ?: انزلوا إلى الأرض ? بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ?.
قال البغوي: أراد العداوة التي بين ذرية آدم، والحية، وبين المؤمنين من ذرية آدم، وبين إبليس، قال الله تعالى: ? إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ?، وقال السدي: قال الله تعالى: ? اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً ? فهبطوا ونزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقبضة من ورق الجنة، فبثه بالهند فنبتت شجرة الطيب، فإنما أصل ما يجاء به من الطيب من الهند من قبضة الورق التي هبط بها آدم، وإنما قبضها أسفًا على الجنة حين أخرج منها. وعن الحسن البصري قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدستميسان من البصرة على أميال، وأهبطت الحية بأصبهان، وعن أبي موسى قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض، علمه صنعة كل شيء، وزوّده من أثمار الجنة، فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير، وتلك لا تتغير. وروى مسلم، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة. فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها».
قال بعض العارفين: كنا قومًا من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا، فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نرد إلى الدار التي أخرجنا منها، وقال الشاعر:
يا ناظرًا يرنو بعيني راقد (ومشاهدًا للأمر غير مشاهد (
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي (درج الجنان ونيل فوز العابد (
أنسيت ربك حين أخرج آدمًا (منها إلى الدنيا بذنب واحد (
وقال بعضهم:
ولكننا سبي العدو فهل ترى (نعود إلى أوطاننا ونسلم (
وقوله تعالى: ? وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ ?: مواضع قرار، ومتاع بلغة مستمتع ? إِلَى حِينٍ ? إلى انقضاء آجالكم.
قوله عز وجل: ? فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) ?.
قال سعيد بن جيبر وغيره: الكلمات هي قوله: ? رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ?، وقال مجاهد عن عبيد ابن عمير أنه قال: قال آدم: يا رب، خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني؟ أو شيء ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته عليّ فاغفر لي. قال: فذلك قوله تعالى: ? فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ?، وعن ابن عباس: ? فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ?. قال: قال آدم عليه السلام: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال له: بلى ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى. قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قال: نعم.
وقوله تعالى: ? فَتَابَ عَلَيْهِ ? تجاوز عنه، ? إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ ? على عباده، ? الرَّحِيمُ ? بخلقه. كما قال تعالى: ? وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ?، وقال تعالى: ? وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ?.
قوله عز وجل: ? قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) ?.
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة، والمراد الذرية: أنه سينزل الكتب، ويبعث الأنبياء والرسل؛ كما قال أبو العالية: الهُدَى الأنبياء والرسل والبينات، والبيان. ? فَمَن تَبِعَ هُدَايَ ?، من أقبل على ما أنزلت به الكتب، وأرسلت به الرسل ? فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ? أي: فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ? وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ? على ما فاتهم من أمور الدنيا.
وقوله تعالى: ? وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ? يوم القيامة، ? هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ? لا يخرجون منها، ولا يموتون، فيها فنعوذ بالله من حالهم.
* * *
يتبع ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/186)
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:22 م]ـ
08/ 06/2010
الثلاثاء
الصفحة 7
والصفحة 8
http://dc263.4shared.com/img/305723214/d7d25e72/007.png?sizeM=7
http://dc195.4shared.com/img/305734039/3866852a/t074.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ?.
يقول تعالى آمرًا بني إسرائيل بالدخول في الإِسلام ومتابعة محمد ?: يا بني إسرائيل، يا أولاد يعقوب، اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم على أجدادكم وأسلافكم، وقال الحسن: ذكر النعمة شكرها، وقال قتادة: هي النعم التي خصت بها بنو إسرائيل: فلق البحر، وإنجاؤهم من فرعون بإغراقه، وتظليل الغمام عليهم في التيه، وإنزال المن والسلوى، وإنزال التوراة في نعم كثيرة لا تحصى ? وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي ? بامتثال أمري ? أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ? بالقبول والثواب، وقال أبو العالية: ? وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي ? قال: عهده إلى عباده دين الإِسلام، وأن يتبعوه، وقال الضحاك، عن ابن عباس: ? أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ? قال: أرضَى عنكم، وأدخلكم الجنة.
وقوله تعالى: ? وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ? أي: خافون، قال ابن عباس: في قوله تعالى: ? وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ?، أي: أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره، وقوله تعالى: ? وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ?. يقول تعالى: ? وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ ? يعني: القرآن. ? مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ?، أي: موافقاً لما معكم من التوراة في التوحيد، والنبوة والأخبار، ونعت النبي ?، ولا تكونوا أول كافر به، أي: القرآن فتتابعكم اليهود على ذلك، قال أبو العالية: يقول: ولا تكونوا أول من كفر بمحمد ?، يعني: من جنسكم أهل الكتاب بعد سماعكم بمبعثه؟
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ?، يقول: ولا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها؛ فإنها قليلة فانية، قال البغوي: وذلك أن رؤساء اليهود وعلماءهم كانت لهم مأكلة يصيبونها من سفلتهم وجهالهم، يأخذون كل عام منهم شيئًا معلومًا من ذروعهم وضروعهم ونقودهم، فخافوا إن هم بينوا صفة محمد ? وتابعوه أن تفوتهم تلك المأكلة، فغيّروا نعته وكتموا اسمه فاختاروا الدنيا على الآخرة.
وقوله تعالى: ? وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ?، أي: فاخشون، لا فوات الرياسة، قال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله، رجاء رحمة الله، على نور من الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.
وقوله تعالى: ? وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ?، يقول تعالى: ? وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ?، أي: لا تخلطوا الحق بالباطل، والصدق بالكذب، وتكتموا الحق وأنتم تعملون، قال مقاتل: إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد ?، وكتموا بعضها ليصدقوا في ذلك.
قوله تعالى: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ? قال البغوي: ? وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ?، يعني: الصلوات الخمس بمواقيتها، وحدودها: ? وَآتُواْ الزَّكَاةَ ?، وأدوا زكاة أموالكم المفروضة ? وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ?، أي: صلوا مع المصلين محمد ? وأصحابه وذكرها بلفظ الركوع لأن الركوع ركن من أركان الصلاة، قال ابن كثير: وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/187)
قوله عز وجل: ? أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) ?.
قال قتادة: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر، ويخالفون فعيّرهم الله عز وجل، وقال ابن عباس: يقول: أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد ?، وغير ذلك مما أمرتم به وتنسون أنفسكم؟ أي: تتركون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب؟ ? أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ?، وهذا كما قال شعيب عليه السلام: ? وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ?، وفي الحديث: «مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه».
وفي الحديث الآخر: «مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء أمتك من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون»؟. رواه أحمد وغيره، وعن أسامة ابن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ? يقول: «يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي: فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه». رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
وقوله تعالى: ? وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ?، يقول تعالى: واستعينوا على أمور دينكم ودنياكم بالصبر والصلاة. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن، وأحسن منه الصبر عن محارم الله.
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ? إذا حزبه أمر صلى). رواه أبو داود. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه نُعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما السجود، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: ? وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ?، وقال ابن جريج: ? وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ?، قال: إنهما معينتان على رحمة الله. وقوله تعالى: ? وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ?، أي: ثقيلة، ? إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ?، أي: المتواضعين، قال مجاهد: المؤمنين حقاً.
وقوله تعالى: ? الَّذِينَ يَظُنُّونَ ? يستيقنون ? أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ ?: محشورون إليه يوم القيامة، معروضون عليه، ? وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ? فيجزيهم بأعمالهم؛ والظن من الأضداد، يكون شكاً، ويكون يقيناً، كما قال تعالى: ? وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً ?، قال مجاهد: كل ظن في القرآن يقين، أي: ظننت، وظنوا، يعني قوله تعالى: ? إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ ?، ? وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا ? ونحو ذلك، وفي الصحيح: «أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. فيقول الله تعالى: أظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول الله تعالى: اليوم أنساك كما نسيتني». والله أعلم.
* * *
قوله عز وجل: ? يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (48) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/188)
يُذكِّر تعالى بني إسرائيل بنعمه على آبائهم، وما كان فضلهم به على سائر الأمم من أهل زمانهم، من إرسال الرسل منهم، وإنزال الكتب عليهم، كما قال تعالى: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ ?. والمراد بقوله تعالى: ? وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ? أي: عالمي زمانهم، فإن هذه الأمة أفضل منهم، كما قال تعالى: ? كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ?، وقال النبي ?: «أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله». رواه أهل السنن. وقد قال الله تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ?.
وقوله تعالى: ? وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ?: يقول تعالى: ? وَاتَّقُواْ يَوْماً ?، أي: اخشوا عقاب يوم ? لا تَجْزِي ? لا تقضي نفس عن نفس شيئاً، حقاً لزمها، ولا ينفع فيه أحدٌ أحداً، كما قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ?، وقال تعالى: ? وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ?.
وقوله تعالى: ? وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ?، يعني: من الكافرين، فلا يقبل من كافر شفاعة، ولا تقبل فيه شفاعة، قال تعالى: ? فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ?. وقوله تعالى: ? وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ?، أي: فداء، كما قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ?. وقوله تعالى: ? وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ?، أي: لا ناصر لهم ولا مانع يمنعهم من عذاب الله.
http://dc255.4shared.com/img/305723226/12f16c9d/008.png?sizeM=7
http://dc253.4shared.com/img/305734094/bc38111d/t075.png?sizeM=7
http://dc213.4shared.com/img/305732275/735387b7/t076.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) ?.
يقول تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم إذ نجيناكم، أي: أسلافكم وأجدادكم، لأنهم نجوا بنجاتهم من آل فرعون أتباعه وأهل دينه. ? يَسُومُونَكُمْ ? يكلفونكم ويذيقونكم ? سُوَءَ الْعَذَابِ ? أشد العذاب وأسوأه، ? يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ ?. قال ابن إسحاق:كان فرعون يعذب بني إسرائيل فيجعلهم خدماً وخولاً، وصنفهم في أعماله: فصنف يبنون وصنف يزرعون له فهم في أعماله، ومن لم يكن منهم في صنعة من عمله فعليه الجزية فسامهم، كما قال الله عز وجل: ? سُوَءَ الْعَذَابِ ?. وقال: الذي جعلهم في الأعمال القذرة وجعل يقتل أبناءهم، ويستحي نساءهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/189)
وقال ابن عباس: تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم خليله، أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكاً، وائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالاً معهم الشفار يطوفون في بني إسرائيل، فلا يجدون مولوداً ذكر إلا ذبحوه، ففعلوا، فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، وأن الصغار يذبحون، قال: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل، فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة ما كانوا يكفونكم، فاقتلوا عاماً كل مولود ذكر، فتقتل أبناؤهم، ودعوا عاماً، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان، فولدته علانية، حتى إذا كان القابل حملت بموسى.
وقوله تعالى: ? وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ?، أي: نعمة عظيمة، حيث أنجاكم منهم. وأصل البلاء الاختبار، وقد يكون بالخير والشر، كما قال تعالى: ? وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ? وقال تعالى: ? وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50) ?.
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم يا بني إسرائيل إذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم من آل فرعون ومن الغرق، وأغرقنا آل فرعون ? وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ? ليكون ذلك أشفى لصدوركم، وأبلغ في إهانة عدوكم. قال تعالى: ? وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً ?.
قال عمرو بن ميمون: فلما أتى موسى البحر، قال له رجل من أصحابه، يقال له يوشع بن نون: أين أمر ربك؟ قال: أمامك يشير إلى البحر، فأقحم يوشع فرسه في البحر حتى بلغ الغمر، فذهب به الغمر، ثم رجع، فقال: أين أمر ربك يا موسى؟ فوالله ما كذبت ولا كذبت، فعل ذلك ثلاث مرات. ثم أوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم يقول: مثل الجبل ثم سار موسى ومن معه، وأتبعهم فرعون في طريقهم، حتى إذا تتاموا فيه، أطبقه الله عليهم، فلذلك قال: ? وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) ?.
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم، في عفوي عنكم، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه، عند انقضاء أمد المواعدة، وكان ذلك بعد إنجائهم من البحر.
وقوله: ? لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?، أي: لكي تشكروا عفوي عنكم وصنيعي إليكم.
وقوله تعالى: ? وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ? الكتاب: هو التوراة، والفرقان: ما يفرق بين الحق والباطل. قال أبو العالية قوله: ? وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ?، قال: يعني: ذا القعدة وعشراً من ذي الحجة، وذلك حين خلف موسى أصحابه، واستخلف عليهم هارون، فمكث على الطور أربعين ليلة، وأنزل عليه التوراة في الألواح، وكانت الألواح من برد، فقرّبه الرب إليه نجياً، وكلمه وسمع صرير القلم. وبلغنا أنه لم يُحْدث حدثاً في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) ?.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/190)
يقول تعالى: ? وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ ?: الذين عبدوا العجل ? يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ ? إلهاً ? فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ ?: خالقكم. قالوا: كيف نتوب؟ قال: ? فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ?. قال ابن عباس: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل، أن يقتلوا أنفسهم، قال: وأخبر الذين عبدوا العجل، فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا على العجل فأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضاً، فانجلت الظلمة عنهم، وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل كل من قتل منهم كانت له توبة وكل من بقي كانت له توبة. وقال قتادة: أمر القوم بتشديد من الأمر، فقاموا يتناحرون بالشفار، يقتل بعضهم بعضاً حتى بلغ الله فيهم نعمته فسقطت الشفار من أيديهم، فأمسك الله عنهم القتل، فجعل لحيهم توبة، وللمقتول شهادة.
وقوله تعالى: ? فَتَابَ عَلَيْكُمْ ? تجاوز عنكم ? إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ ?: القابل التوبة ? الرَّحِيمُ ?: بعبادة المؤمنين.
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) ?.
يقول تعالى:? وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ? لن نقرُّ لك ?حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ?: عيانًا. قال ابن عباس: علانية. وقال الربيع بن أنس: هم السبعون الذين اختارهم موسى، فساروا معه، قال: فسمعوا كلاماً، فقالوا: ? لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ?، قال: فسمعوا صوتاً، فصعقوا، يقول: ماتوا. قال السدي: فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: ربي ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم، وقد أهلكت خيارهم؟ لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا. فأوحى الله إلى موسى: أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، ثم إنه أحياهم فقاموا وعاشوا رجلاً رجلاً، ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون، فذلك قوله تعالى: ? ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) ?.
لما ذكر تعالى ما دفعه عنهم من النقم، شرع يذكرهم أيضاً بما أسبغ عليهم من النعم، فقال: ? وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ ?، أي: السحاب، في التيه يقيكم حر الشمس، ? وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ?، قال ابن عباس: كان المن ينزل عليهم على الأشجار، فيغدون إليه فيأكلون منه ما شاءوا. وقال الشعبي: عسلكم هذا جزء من سبعين جزءاً من المن. وفي الحديث الصحيح: «الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين». وقال ابن عباس: السلوى طائر يشبه السمّان. وقوله تعالى: ? كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ? واشكرون ولا تكفرون فخالفوا فحل بهم عقابه. ? وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ?، كما قال تعالى: ? كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى * وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ?.
* * *
يتبع ...
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[03 - 06 - 10, 05:56 م]ـ
09/ 06/2010
الأربعاء
الصفحة 9
والصفحة 10
http://dc239.4shared.com/img/305723886/e58901c1/009.png?sizeM=7
http://dc226.4shared.com/img/305732280/84a16ff7/t077.png?sizeM=7
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/191)
قوله عز وجل: ? وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (59) ?.
قال ابن كثير: يقول تعالى لائماً لهم على نكولهم عن الجهاد، ودخولهم الأرض المقدسة، لما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام، فأمروا بدخول الأرض المقدسة التي هي ميراث لهم عن أبيهم إسرائيل، وقتال من فيها من العماليق الكفرة، فنكلوا عن قتالهم وضعفوا، واستحسروا، فرماهم الله في التيه عقوبة لهم، كما ذكره تعالى في سورة المائدة. ولهذا كان أصح القولين: أن هذه البلدة هي بيت المقدس.
وقوله تعالى: ? فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ?، أي: هنيئاً واسعاً. ? وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ?: شكرًا لله تعالى. قال ابن عباس في قوله: ? وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً ? قال: ركعاً من باب صغير. وقال مجاهد: وهو باب الحطة، من باب إيلياء بيت المقدس.
? وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ? قال ابن عباس: مغفرة، استغفروا. وقال قتادة: حطّ عنا خطايانا، أمروا بالاستغفار. ? وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ? ثواباً من فضلنا.
وقوله تعالى: ? فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ? روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: «قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا، وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعيرة». أخرجه البخاري وغيره، وفي حديث البراء: «قيل لهم: ادخلوا الباب سجداً، قال: ركعاً وقولوا: حطة، أي: مغفرة فدخلوا على أستاههم وجعلوا يقولون: حنطة حمراء وفيها شعيرة. فأنزل الله: ? فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم ?».
وقال البغوي: وذلك أنهم بدلوا قول: الحطة بالحنطة، فقالوا بلسانهم: حطاناً سمقاناً، أي: حنطة حمراء، استخفافاً بأمر الله تعالى. وقوله تعالى: ? فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ?، أي: يعصون ويخرجون عن أمر الله. قال ابن عباس: كل شيء في كتاب الله من الرجز، يعني به: العذاب. وقال سعيد بن جبير: هو الطاعون.
قوله عز وجل: ? وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) ?.
يقول تعالى: واذكروا نعمتي عليكم، إذ استسقى موسى، أي: طلب السقيل لقومه حين عطشوا في التيه ? فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ?، قال ابن عباس: وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع، وأمر موسى عليه السلام، فضربه بعصاه، ? فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ?، في كل ناحية منه ثلاث عيون، وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها، لا يرتحلون من منقله إلا وجدوا ذلك معهم.
وقوله تعالى: ? كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ ?، أي: كلوا من المن والسلوى، واشربوا من الماء، فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة.
? وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ?، العثي: أشد الفساد. قال السدي: لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى عليه السلام: كيف لنا بما ها هنا، أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان ينزل على شجر الزنجبيل. والسلوى وهو: طائر يشبه السمّان أكبر منه، فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، فإن كان سمينًا ذبحه وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر ? فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ? فشرب كل سبط من عين، فقالوا: هذا الشراب فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان، ولا يتخرق لهم ثوب، فلذلك قوله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(20/192)