ـ[أمغار عبد الواحد]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 03:22]ـ
بارك الله فيكم ننتظر البقية
ـ[القرافي المالكي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 06:07]ـ
فبعد تعريف البدعة، نحاول معا استخراج ضوابط البدعة منها:
الضابط الأول:
قول الشّاطبي:
طريقة في الدين:
الطريقة:
يُقصَد بها السبيل والسنة.
وكلّ ما رُسِم للسلوك عليه
وقوله – رحمه الله - "في الدّين":
تقييد للطريقة المسلوكة بأنّها من الدين،
وإليه يضيفها صاحبها، وبه يلصِقها.
فلو كانت:
طريقة في الدنيا على الخصوص لم تسمى بدعة.
والدليل على ذلك قوله (ص) في حديث عائشة رضي الله عنها:
"من أحدث في أمرنا هذا".
ويحصل هذا المعنى بـ:
1. التقرب إلى الله بما لم يشرع.
2. الخروج على نظام الدين.
وبهذا القيد الذّي وضعه الإمام الشّاطبي نُخرِج:
1. المخترعات المادية، والمحدثات الدنيوية
كالسيارة، والطيارة، والنظارة، و ...
والحجة في ذلك قوله (ص):
"أنتم أدرى بأمور دنياكم".
الأخ أبو سعيد
ربما بعض المخالفين الذين يطلقون لفظ البدعة على هذه الأمور يقصدون البدعة بالمعنى اللغوي.
جميل عندما حددت ما يخرج عن هذا القيد.
لكني لم أفهم وجه خروج المعاصي من هذا القيد.
لو تفضلتم بزيادة شرح قبل التقدم في الموضوع جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 07:11]ـ
ضابط البدعة وما تدخله
28/ 12/1429 - الشيخ سليمان الماجد ( http://www.salmajed.com/author/1)
ضابط البدعة وما تدخله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد ..
فلم يتنازع المسلمون قديماً ولا حديثاً في كون البدعة في الدين محرمة مذمومة، وإنما وقع النزاع في الأعمال المعينة: هل تُعتبر بدعة، أو أنها صحيحة مشروعة، ومنشأُ هذا النزاع عدمُ اعتبار القواعد والضوابط.
وإذا ضاعت الأصول وقع الاضطراب في الحكم على القضايا المعينة؛ فترى الناس يفرقون بين المتماثلات، ويجمعون بين المتناقضات، وتصير القاعدة التي لا تنخرم ـ عند بعضهم ـ هي تحكيم العادات والمألوفات، وإذا بلغ الحال إلى ذلك فإن كثيراً من تنازع الناس إنما هو بين مألوف ومألوف؛ لا بين اجتهادين معتبرين.
وحينئذ يضيع التحقيق العلمي بين أقدام وجلبة المتعصبين ممن يُحكِّم مألوفه وبيئته.
فإن قال أحد سواه ببدعية أمر أو مشروعيته: رأى أنه لم يقل بذلك إلا تأثراً ببيئته ومحيطه، أو مجاملة لبيئة أو محيط آخرين؛ فيكون هذا أشبه بتنازع السوقة والدهماء؛ لا أهل الفقه والعلماء.
وبسبب اضطراب الناس فيما تدخله البدعة وما لا تدخله، أو ما هو محل جريانها؟ أخطأ بسبب ذلك فريقان:
الأول: من أجرى البدعة في العاديات، ومن مفاسد هذا نوعٌ من البدعة خفي، وهو: اعتبار ما ليس عبادةً من العبادة؛ كحال من اعتبر التعبد والتوقيف في الوسائل.
والثاني: من أجاز الحدث في محل التعبدات؛ فوقع في البدعة المذمومة.
ولهذا كان اعتبار القواعد والتعليل لها بعد التجرد للحق هو السبيل الصحيح لتحقيق الكلام في هذه المسائل.
الاتجاهات في المسألة:
وبتأمل ما يرى الناس جريان البدعة فيه وجدته لا يخرج عن أمور:
الأول: ما أريد به القربة في أصل شرعه: وذلك كالذكر والدعاء والصلاة والصيام والحج، ولم يُجروه في غيرها من المعاملات والعادات والمناكح؛ مما لم تُعتبر القربة في أصل مشروعيته.
الثاني: أنها تجري مع ما ذُكر في وسائل العبادات التي وجد المقتضي لفعلها على عهد النبي eوانتفى المانع من فعلها ثم لم تفعل.
وذلك لقربها من العبادة، ولأن للوسائل أحكام المقاصد، ولأن هذا هو فهم السلف؛ حيث أنكر ابن مسعود على الذين يسبحون بالحصى؛ فهو اعتبار منه للتوقيف في وسائل التعبدات.
فعلى قولهم هذا تكون كل وسيلة إلى عبادة قام المقتضي لفعلها على عهد النبي e وانتفى المانع من القيام بها ثم لم يفعلها صلى الله عليه وسلم فإن فعلها بدعة، ومن فروع ذلك عندهم: خطوط ضبط الصفوف في الصلاة، وخط بداية الطواف، والسبحة لعد الذكر، ووسائل الدعوة.
ولا يدخل في حكم البدعة ـ عندهم ـ ما جاءت به المخترعات الحديثة من وسائل العبادات؛ كمكبرات الصوت في الأذان والصلاة؛ لوجود المانع، وهو عدم التمكن من تحصيل هذه الوسيلة في عهده e ؛ فقالوا بمشروعيتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث: ما كان تعبداً محضاً، وقُيِّد بأحوال مخصوصة؛ كالمكان أو الزمان أو الصفة أو العدد أو حال الأشخاص، والتعبد المحض هو الذي شُرع على وجه لا يُعقل معناه على التفصيل؛ ولو لم يكن قربة، وتكون البدعة فيه بإيقاعه على غير الوجه الوارد زماناً أو مكاناً أو صفة أو حالاً.
ولمناقشة هذه الاتجاهات يُقال:
أما الاتجاه الأول وهو اعتبار القربة:
فإنه مع افتقاره إلى دليل صحته فهو غير مانع ولا جامع:
فهو غير مانع لأنه يُخضِعُ لأحكام البدعة أعمالاً لا يراد منها في أصل شرعها إلا القربة والأجر؛ كالجهاد فِي سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الأمور مما لا تدخلها البدعة؛ فلم يقل أحد: إن هذه الأشياء من الأمور التوقيفية التي لا يُحدث فيها، ولا يُجدد في أعمالها إلا بدليل خاص.
وهو غير جامع لأنه يُخرج أعمالا تُعد من التعبدات المحضة، ويسمى المحدث فيها في الشريعة مبتدعاً، وهي مع ذلك ليست مما يُراد بها القربة؛ حيث يُخرج الطلاق فِي الحيض، ويُخرج الأعياد الزائدة على الأعياد الشرعية؛ فقد استقر عمل العلماء على تسمية الطلاق الذي وقع على غير الوجه المشروع بالبدعة، وتسمية العيد الجديد بالعيد المبتدع؛ فهو إذاً غير جامع.
وأما الثاني: وهو جملة "المقتضي والمانع" في وسائل العبادات:
فقد انتشر بين طلاب العلم اعتبارها ضابطاً يرون أنه فرقُ ما بين البدعة وغيرها.
والذي يظهر عند التحقيق ـ والله تعالى أعلم ـ أنها لا تصلح ضابطاً لا في العادات ولا في العبادات ولا في وسائلها؛ لوجهين:
الأول: أن كل قاعدة لا بد لها من أدلة تصححها، ولا أعلم دليلاً يوصل إلى المطلوب، وأما كون هذه السمات موجودة في البدع والسنن فلا يكفي لاعتبارها ضابطاً جامعاً مانعاً.
الثاني: أن هذه الجملة لم تتضمن تحرير المحل الذي تُجرى فيه: هل يكون في التعبدات، أو في العادات والمعاملات؟
فإن قيل: لا تُجرى إلا في التعبدات؛ فيُقال: اعتبار جريان الحدث والبدعة في التعبدات لا يفتقر إلى هذه الجملة؛ فكل تغيير في بِنْيَة الفعل التعبدي بزيادة أو نقص كلي أو جزئي، أو إيقاعه في غير المحدد له شرعاً من: مكان أو زمان أو حال أو صفة نقول عن ذلك كله بأنه بدعة؛ كقولنا بالبدعة في التلفظ بالنية في الصلاة، والأذان للعيدين، ودعاء الختم في الصلاة، وصلاة الرغائب، وركعتي السعي، والتنفل بالسعي مفرداً في غير حج ولا عمرة، وغسل حصى الجمار تديناً، وعيد المولد والعيد القومي، ولا نحتاج أن نقول بعد ذلك: وجد المقتضي لهذه المحدثات وانتفى المانع منها فهي بدعة؛ وذلك لأن مجرد التغيير بالزيادة أو النقص فيما حدته الشريعة بدعة في الدين.
وإن قيل: تُجرى في العادات والمعاملات فهذا أظهر في البطلان؛ إذْ لا يُشترط في المعاملات إجراء هذه القاعدة؛ فهي كثيرة متجددة، وأغلبها وجد المقتضي لفعله وانتفى المانع من ذلك الفعل؛ ولم يقل أحد بجريان البدعة فيها.
وإن قيل تُجرى في وسائل العبادات دون غيرها من العادات والمعاملات؛ فهذا غير صحيح لما يلي:
أولاً: أن الأصل في الأشياء أن لا تكون تعبدية؛ فأين الدليل من الشريعة الذي يُخرج من ذلك الأصل؛ فيجعل الوسائل من جملة الدين المُنَزَّل الذي لا يجوز الإحداث فيه؟
فاختيار الوسائل لحكم التوقيف دون غيرها نوع تحكم يعود على القول بالبطلان.
ثانياً: أن الشريعة لا تترك مثل هذا دون بيان، وهو من أعظم الأمور، وأكثر الحاجات؛ فدل ذلك على أن محل وسائل العبادة ليس توقيفياً.
ثالثاً: من المعلوم ـ من حيث الأصل ـ أنه لا مقصد لأي مطاع في نوع وكيفية وسائل إنفاذ أوامره على المتبوعين، وإنما مراده تحقيق المأمور به على الوجه المطلوب؛ فإذا كان هناك ما يُخرج أوامر الباري سبحانه وتعالى من ذلك الأصل فعلى مدعيه الدليل.
رابعاً: أن الأمة بعملها لا زالت تخترع وتجدد في وسائل العبادات دون نكير:
فمن ذلك نقط المصحف، وضبطه بالشكل، ثم تحزيبه وترقيمه.
ومن ذلك ما أحدثوه من تصنيف العلم على طرق ووسائل متعددة؛ فهناك السنن والآثار والمستدركات والمسانيد على الصحابة أو التابعين أو من بعدهم من الرواة، والتبويب على أبواب الفقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك جعل والٍ لتدبير شؤون العبادة والمساجد والأئمة، وإدارة هذه الولاية بالأنظمة الحديثة.
وأكثر هذه الأشياء وُجد المقتضي لفعلها، وانتفى المانع من ذلك فلم تُعدَّ بدعة، ولم يحكم عليها أحد بحدث.
ثم يقال أيضاً: إن من المعلوم أن التعبدات المحضة قد فُرغ منها بانقطاع الوحي، ولا يُمكن أن يتصور أن يكون التطور مؤثراً في حكمها من حيث المشروعية أو عدمها؛ كالذي قالوه في بعض الوسائل؛ كمكبرات الصوت في الأذان؛ بحيث تكون مشروعيتها مرتبطة بالإمكان أو عدمه.
وإذا كنت لا تتصور أن يكون التطور مؤثراً في عدد الركعات أو الجمرات أو المواقيت أو فترة الصيام ـ لأننا نقول: إنها توقيفية ـ فلا يجوز أن نتصور أن يؤثر التطور في نوع آخر من التوقيف.
ولا يصح أن نقول إن للوسائل حكماً بالتوقيف والتعبدية يختلف عن بقية ما حكمه التوقيف؛ كالصلاة والصيام والحج؛ إذْ لا بد من بيان الحدود والفواصل بين النوعين، وبيان الدليل على كل فرق؛ فإن وجدت هذه الحدود وإلا فالضابط باطل لا اعتبار له.
خامساً: أن أظهر سمة لما تدخله البدعة أنه تعبدي لا يُعقل معناه على التفصيل، وأظهر سمة للعاديات هي معقولية المعنى؛ فما هو الأشبه بالوسائل؟ لا ريب أن الأشبه بحالها هو عقل المعنى لا التعبد؛ فعليه لا تدخل البدعةُ وسائل العبادات.
وفي هذا المعنى يقول الإمام الشاطبي في "الاعتصام" عن تبليغ الشريعة: ( .. والتبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة؛ لأنه من قبيل معقول المعنى؛ فيصح بأي شيء أمكن من الحفظ والتلقين والكتابة، وكذلك لا يتقيد حفظه عن الزيغ والتحريف بكيفية دون أخرى).
وأما تعليل البعض بقرب الشيء من العبادة أو ملابسته لها أو مجاورته إياها فليس دليلاً على أنه يأخذ حكمها، وإلا لأخذ اللباس أثناء الصلاة حكم التوقيف؛ بحيث يعتبر مبتدعاً كل من صلى في غير ما صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من إزار ورداء، أو قميص، واللباس وسيلة لشرطها، وهو ستر العورة.
وأما نقلهم قول بعض الأصوليين: إن للوسائل أحكام المقاصد؛ فإنما هو من حيث الحكم التكليفي؛ فالمقاصد الواجبة وسائلها واجبة، والمستحبة وسائلها مستحبة بشروط ذلك، ولم أجد أن أحداً منهم قال: إنها تأخذ جميع أحكامها حتى اعتبارَ التوقيف.
وأما إنكار ابن مسعود t على قوم اجتمعوا يذكرون الله؛ فيقول أحدهم سبحوا فيسبحون، ويقول: كبروا فيكبرون، ويعدون ذلك بالحصى فلا دليل فيه على أن الأصل فِي وسائل العبادة هو التوقيف؛ لأن إنكاره t يحتمل أشياء منها:
1. الاجتماع على الذكر.
2. الذكر بصوت واحد جماعة.
3. عد التسبيح في غير الصلاة؛ حيث يراه بعض السلف بدعة.
4. التسبيح بالحصى.
فما الذي أنكره ابن مسعود t من هذه الأشياء؟ فالأمر محتمل للأربعة، وإذا كان أهل التوقيف فِي الوسائل يقولون بما اقتضته أصول البدعة من أن الذكر الجماعي بصوت واحد محدث، والاجتماع على الذكر ولو دون صوت واحد محدث أيضاً، كما أن بعض السلف يرى أن عد التسبيح في غير دبر الصلاة بدعة؛ فلماذا تخيروا التسبيح بالحصى ليجعلوه مناط إنكار ابن مسعود t ؟
فالأقرب أنه إنما أنكر الأمور الثلاثة الأُوَل، أو بعضها، ومن ادعى توجه إنكاره على التسبيح بالحصى فعليه الدليل.
وهذا ما مال إليه الإمام السيوطي رحمه الله؛ كما في رسالة "الاتباع" ص 18 حيث قال عن الذكر: ( .. وقد كره ابن مسعود وغيره من الصحابة اعتياد الاجتماع في مكان مخصوص).
ووجّه في "تبيين الحقائق" (1/ 166) إنكاره ذلك على عد التسبيح خارج الصلاة.
* * *
فإن قيل: إن بعض العلماء ذكر قاعدة المقتضي والمانع فما القول في ذلك؟
فالجواب أن هذه الجملة اُشتهرت عن إمامين جليلين هما الشاطبي وابن تيمية رحمهما الله، ولكن سياق كلامهما لا يدل على أنها ضابط للبدعة عندهما، وقد ساقوها لأغراض منها:
الأول: الإزراء على المبتدع، وإلزامه بلازم الاستدراك على الشريعة؛ فكأنهم يقولون: كيف ترى شرعية عملك وصحة تعبدك بهذا العمل التوقيفي مع أن الرسول e والصحابة رضي الله عنهم قد تركوه مع قيام المقتضي لفعله وانتفاء المانع من ذلك الفعل؟ إلا أن يكون تركهم هذا لمعنى الحدث والبدعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص280) بعد ذكره هذه الجملة بحروفها: ( .. فإن كل ما يبديه المحدث لهذا من المصلحة، أو يستدل به من الأدلة قد كان ثابتاً على عهد رسول الله e ، ومع هذا لم يفعله رسول الله e .. ) .
وذكر رحمه الله في المرجع نفسه ص295 هذه القاعدة لمثل هذا الغرض، وذلك في حكمه بالبدعة على الاحتفال بالمولد فقال: ( .. فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرا محضاً، أو راجحاً، لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا .. ).
الغرض الثاني: التعليل لشرعية وسنية عبادات لم تُفعل في وقته e لوجود مانع؛ كالمداومة على قيام رمضان جماعة في المسجد؛ وذلك لأجل خوف أن تُفرض على الناس، وبناء على ذلك يُعتبر الدوام عليها بعد وفاة الرسول e سنة؛ ولو لم يداوم عليها.
فقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (21/ 318):
( .. السنة هي ما قام الدليل الشرعي عليه بأنه طاعة لله ورسوله e، سواء فعله رسول الله، أو فعل على زمانه، أو لم يفعله، ولم يفعل على زمانه؛ لعدم المقتضي حينئذ لفعله، أو وجود المانع منه؛ فإنه إذا ثبت أنه أمر به أو استحبه فهو سنة) أهـ.
فهو هنا يُثبت سنية ومشروعية المداومة في قيام رمضان جماعة في المسجد، وأن ترك الرسول e المداومة لا يسلبها وصف السنة؛ فهي في غير السياق الذي يقول به أهل التوقيف في الوسائل.
الثالث: أنهما لم يذكرا ضبط البدعة بهذه الجملة في "الوسائل"؛ كالذي ذكره بعض المتأخرين؛ فتخصيصها بالوسائل زيادة على كلامهما.
أما تطبيقاتهما في مسائل البدعة فهي تدل على أنهما لا يريان إجراءها في غير العبادات المحضة؛ فلم يوجد ـ فيما وقفت عليه في كلامهما ـ أنهما حكما بالبدعة في وسيلة عبادة، أو في أمر عادي مجاور لعبادة؛ كالذي تنازع فيه الناس اليوم؛ بل قال ابن تيمية بجواز التسبيح بالسبحة، وقال الشاطبي بشرعية كل وسيلة لتبليغ الدين؛ كما تقدم قريباً.
وكان كلامهما في هذه القاعدة إنما يدور على تعبدات محضة:
فالشاطبي قال في "الاعتصام" (1/ 361). بعد ذكره هذه القاعدة: ( .. لأنه لما كان الموجب لشريعة الحكم موجوداً ثم لم يشرع كان صريحاً في أن الزائد على ما ثبت هنالك بدعة مخالفة لقصد الشارع؛ إذْ فُهم من قصده الوقوف عند ما حُدَّ هنالك بلا زيادة ولا نقصان منه).
فقوله: (الوقوف عند ما حُدّ هنالك) يدل على أن كلامه على محدود، وهو ما خُلص في هذا البحث بأنه التعبد الذي تدخله البدعة، والوسائل لا تحديد فيها.
وذكرها الإمام ابن تيمية في تعبدي محض، وهو الأذان للعيدين.
كما صرح فِي "مجموع الفتاوى" (26/ 172) بأنها تُجرى في التعبدات فقال بعد ذكره للقاعدة: ( .. فأما ما تَرَكه من جنس العبادات مع أنه لو كان مشروعاً لفعله، أو أذن فيه ولفعله الخلفاء بعده والصحابة؛ فيجب القطع بأن فعله بدعة .. ).
ومتى صححت الإيرادات ببطلان هذه الجملة حداً بين السنة والبدعة؛ فرُدَّ المشتبه من كلام البشر إلى محكمات الأدلة، وصحيح التعليلات.
وقد كان اعتقادها ضابطاً صحيحاً للبدعة من أسباب التنازع والبغي والعدوان بين المختلفين؛ فالذي يستدل بها يجعل محل البدعة مضمراً في نفسه لا يعرف هو له خطاماً ولا زماماً؛ فيضطرب قوله، وتختلف أحكامه؛ فيرى منازعُه أنه يحكم على الشيء بالبدعة، ويحكم على مثله ـ بمقتضى القاعدة نفسها ـ بالسنة؛ مما يزيد غيض مخالفيه عليه، ويحصل له من ذلك التهمة بالهوى، ومجرد الخضوع لمعهود أو بيئة.
فكان تحرير مسألة ضابط البدعة وما تدخله من أهم مهمات هذا الباب؛ لما فيه من معرفة البدعة للحذر منها، وما يتضمنه أيضاً من عدم اعتقاد شيء من الدين بأنه تعبد محض، وليس هو كذلك؛ إذْ إن هذا ضرب من البدعة أيضاً.
* * *
الراجح بين هذه الاتجاهات:
وقد ظهر باستقراء الأدلة وكلام أهل العلم أن المحل الذي تدخله البدعة هو الذي عينت الشريعة له حدوداً بمكان أو زمان أو عدد أو اتجاه أو صفة أو حال، وكانت هذه الحدود مما لا يُعقل لها معنى على التفصيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتدخل البدعة بهذا الاعتبار في أي عمل سواء أُريد به القربة؛ كالصلاة والصيام والحج والذكر والدعاء، أو لم تُرد به القربة؛ كالأعياد والطلاق وعٍٍدَد النساء.
فهذا هو المحل الذي تدخله البدعة.
كما ظهر أن الحكم بالبدعة على الشيء يدور على قواعد ثلاث:
القاعدة الأولى: أن كل تغيير في ذلك المحدود بالزيادة أو النقص أو الصفة أو إبدال المكان أو الزمان أو الموضع أو الحال على وجه لم يأذن به الله كله بدعة في الدين.
القاعدة الثانية: أن نية التعبد المحض في فعل وترك الأمور العادية على وجه لم ترد به الشريعة تحيل العمل والترك إلى عبادة محضة؛ فيصير بدعة.
وذلك كالتعبد بلبس نوع معين من الثياب، وإطلاق شعر الرأس والشارب شعثاً، والتعرض للشمس، والمشي إلى الحج مع توفر مراكب سريعة بلا كلفة، والتغني بالقصائد تعبداً.
هذا في الأفعال، ومثله في التروك، وذلك بأن يترك المسلم الشيء تعبداً؛ كترك الماء البارد وجميل الثياب التي لا إسراف فيها تقرباً إلى الله وابتغاء الأجر. أما تركها لمعارض أرجح؛ كالسرف في تبريد الماء، أو في تحصيل جميل الثياب؛ فهو مباح أو مستحب؛ لأجل عقل المعنى، ولهذا وصف العلماء الرسول e بأنه لا يرد موجوداً، ولا يتكلف مفقوداً.
القاعدة الثالثة: مضاهاة المكلف للتعبدات المحضة.
ويجري حكم البدعة بمضاهاة التعبدات في صورتين:
الصورة الأولى: تخصيص العبادة المحضة، أو تقييدها بمكان أو زمان أو حال أو صفة؛ سواء كان ذلك باعتقاد المشروعية على الوجه الخاص أو المقيد، أو أن يقع هذا التخصيص أو التقييد بمحض العادة، ومطلق المداومة.
والصورة الثانية: تخصيص العادات بمحدودات من مكان أو زمان أو حال أو صفة لا يُعقل لهذه المحدودات معنى على التفصيل؛ ولو لم يُرد بها القربة لله أو للبشر؛ كضرب المكوس والوظائف على الدوام، وتنكيس العلم أو الصمت حداداً، وزيارة نصب الجندي المجهول، والأعياد القومية.
أدلة ضابط ما تدخله البدعة وقواعد الابتداع:
وقبل أن نستدل لما رُجح هنا فيحسن أن نتأمل مصطلح "التعبد" عند العلماء؛ فهو مهم لفهم كثير من مسائل الباب؛ حيث تجده يُطلق، ويراد بها معان ثلاثة:
المعنى الأول: ما لم يُعقل له معنى على التفصيل من القربات المحضة التي لا تصرف إلا لله؛ كالصلاة والحج والصوم، وأنواع الذكر مطلقاً ومقيداً؛ فهذا تدخله البدعة؛ إذا وجد تغيير في بنية العبادة أو مكانها أو زمانها، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف.
ويدخل في هذا المعنى كل ما حدته الشريعة بحدود زمانية أو مكانية وأحوال مخصوصة لا يُعقل لحدودها معنى على التفصيل؛ كَعِدَد النساء، والأعياد، والطلاق.
المعنى الثاني: ما لم يُعقل له معنى في أصل شرعه في المعاملات، وهو ما اصطلح الأصوليون عليه بأنه المعدول به عن سَنَن القياس؛ كالنهي عن تلقي الركبان عند من يراه تعبداً لا يُعقل معناه: هل هو لحظ الجالب، أو هو لحظ أهل البلد حماية لهم من احتكار المتلقي أو رفعه الأسعار؟ فلتزاحم الأوصاف التي يُحتمل تأثيرها امتنع القياس؛ فصار عند البعض تعبدياً، وكالنهي عن بيع الطعام قبل قبضه، وكالشفعة واللعان والعرايا عند من يرى امتناع القياس في هذا النوع من المعاملات؛ فلامتناع القياس سماه تعبداً؛ أي لا علة له.
وهذا المعنى لا تدخله البدعة؛ لعدم وجود مقدر ومحدود من زمان أو مكان أو صفة أو عدد؛ لأن إلحاق حكم البدعة لا يُتصور إلا بتغيير في محدود، ولا يوجد في هذا النوع شيء من ذلك؛ فالتعبد هنا إنما اعتبر في أصل شرع الحكم؛ لا في تفاصيله.
وآثار وصف "التعبد" هنا هي: منع إجراء القياس، لعدم وجود ركنه وهو العلة، أما الأحكام المعللة فهي التي تُعدى فيها العلة إلى الفرع محل النزاع؛ فالتعبدي هنا ثابت، والمعلل عرضة للتغير.
وانظر في منع القياس في التعبدات "المجموع" (3/ 342) للنووي، و"الاعتصام" (2/ 62) للشاطبي.
ومن آثار التعبدية هنا أيضاً: اعتبار الحكم الوضعي بالفساد بمجرد المخالفة؛ لعدم معرفة العلة التي يُعرف بها فساد الشيء وصحته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعقول المعنى على التفصيل يُخرج معقول المعنى على الإجمال؛ فجميع الشرائع الربانية أريد بها مصالح العباد في الدين والدنيا؛ فهذا معنى إجمالي، ولكن تفاصيل الأحكام التعبدية؛ من الأعداد والأمكنة والأزمنة غير معقولة المعنى على التفصيل.
والمعنى الثالث للتعبد: هو المعنى العام للعبادة، والذي عرفه بعض العلماء بأنه: كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة؛ فيدخل فِي ذلك الأعمال الصالحة التي شرعت فِي نفسها لتحصيل مقاصدها الشرعية على وجه الاستحباب أو الوجوب، ويُقصد منها آثارها الحسنة، وكذلك ما يترتب عليها من الثواب؛ كحسن الخلق وصلة الرحم وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم العلم والدعوة إلى الله تعالى، وكالنفقة على العيال وطلب الرزق بنية الاستغناء به عن الناس، وكذلك الأكل والشرب والنوم بنية الاستعانة على الطاعة، أو الجماع بنية العفاف والولد، ونحو ذلك.
فهذا لا تدخله البدعة بلا خلاف أعلمه إلا بنية التعبد، أو حصول المضاهاة.
* * * *
وإذا أردنا أن نلج إلى الأدلة فلنبدأ بضابط محل البدعة؛ حيث دل لصحته أن النصوص التي جاءت بها الشريعة في ذم البدعة بينت ذلك بطرق عديدة منها: الإحداث في "أمر الدين" في قوله e : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه من حديث عائشة. ومنها: التحذير من محدثات الأمور في قوله e : " وإياكم ومحدثات الأمور" رواه أحمد من حديث العرباض بن سارية.
فما هو الدين أو الأمر الذي نُهينا عن الإحداث فيه؟
فإن قيل: هو كل ما يباشره المرء في حياته من عادة ومعاملة ومأكل ومشرب وملبس ومركب ومسكن، وغيرها من أمور المعاش ـ لأنها محكومة بالدين ـ فإن من لازم ذلك إجراء حكم البدعة فيما اتفقت الأمة على عدم دخولها فيه مما ذُكرت أمثلته من العادات والمعاملات، وهذا باطل؛ فلم يبق من الدين الذي تدخله البدعة إلا ما حدته الشريعة بعدد أو صفة أو مكان أو زمان؛ لأنه هو الدين المُنَزَّل يقيناً.
ولك أن تقول بعبارة أخرى: إن لك التصرف في كل شيء ـ بمقتضى أصل الإباحة ـ من العادات والمعاملات والوسائل حتى تجد حدوداً وضعتها الشريعة؛ فهاهنا يكون الدين الذي منعنا من التصرف فيه، أو التغيير في محدوداته؛ ويُسمى هذا التغيير وذلك التصرف بدعة في الدين.
وهذا ـ كما ترى ـ سهلُ المدرك واضحُ التطبيق.
وكان من طريقة العلماء أنهم لم يجروا البدعة في عادة أو معاملة، وأجروها في جميع المحدودات التعبدية:
أما العبادات المحضة التي يراد بها القربة؛ كالصلاة والصيام والحج فالأمر فيها ظاهر، وأحكامهم فيها معلومة.
وأما ما سواها من المقدرات والمحدودات؛ فمنها:
1. الأعياد الزمانية؛ حيث قال العلماء بأن الأعياد المحدثة بدع مذمومة؛ كعيد المولد، والأعياد القومية؛ كالثورة والاستقلال، والأعياد التاريخية مما له أصول دينية، أو لم يكن؛ كالنيروز وشم النسيم.
ومن المعلوم أن العيد الزائد عن الأعياد الشرعية ليس عبادة محضة، وإنما وجدت البدعة فيه لكون الأعياد قد حُصرت في عيدين فقط؛ فالزيادة عليهما حدث.
2. نكاح التحليل؛ كما قال بذلك الشاطبي في "الموافقات" (2/ 290) أقول: وأقرب تعليل لذلك ما يتضمنه التحليل من تعطيل مقاصد الشريعة في المحدودات، وهي الطلاق الثلاث في أحوال مخصوصة وأعداد مقدرة، وآثارها من البينونة الكبرى، ويكون هذا التعطيل بمنع وقوعها على الوجه الذي حدته الشريعة.
3. إيقاع الطلاق الثلاث جملة؛ كما في "المبسوط" للسرخسي (6/ 4).
4. إيقاع الطلاق في الحيض الذي وقع على خلاف الحال الذي حددته الشريعة، رغم تجرده من معنى القربة؛ فسموه طلاق بدعة، وهذا محل اتفاق في كتب المذاهب الأربعة، وغيرها.
5. عدة المتوفى عنها زوجها، وانظر "الموافقات" للشاطبي (2/ 213).
وقد ذهب إلى اعتبار عدم معقولية المعنى لجريان حكم البدعة الإمام الشاطبي رحمه الله؛ فقال في "الموافقات" (2/ 222): ( .. التعبد راجع إلى عدم معقولية المعنى، وبحيث لا يصح إجراء القياس، وإذا لم يعقل معناه دل على أن قصد الشارع فِي الوقوف عند ما حدّه لا يتعدى .. ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال رحمه الله: ( .. لأن ما لا يعقل معناه على التفصيل من المأمور به أو المنهي عنه؛ فهو المراد بالتعبدي، وما عقل معناه وعرفت مصلحته أو مفسدته فهو المراد بالعادي).
وقال في "الاعتصام" (1/ 347): (فإن كان مقيداً بالتعبد الذي لا يعقل معناه فلا يصح أن يُعمل به إلا على ذلك الوجه).
وفي "الشرح الكبير" (1/ 672) قال الدردير رحمه الله: ( .. إن الشارع إذا حدد شيئاً كان ما زاد عليه بدعة).
* * * *
والدليل على أثر النية في تحويل الفعل والترك العاديين إلى عبادة محضة قوله: "إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب.
* * * *
وأما تحقق وصف البدعة بالمضاهاة في التخصيص والتقييد أو بمجرد الإلف والعادة؛ فيُقال في تعليل ذلك: إن سمات التعبد المحض هي قصد الشريعة في العمل المعين أن يؤتى به على الوجه المعين، وأن أظهر سمات العبادات المحضة اعتبار محدودات منها:
1. مواضع معينة محددة من الجسم؛ كأعضاء الوضوء.
2. المكان؛ كما في الحج، وهو من أبرز سمات المناسك.
3. الزمان؛ كما في مواقيت الصلاة والصيام والحج.
4. الهيئة أو الصفة؛ كما في الصلاة.
5. الاجتماع؛ لصلاة الجمعة والعيدين؛ فلا تصحان إلا بالاجتماع، وبالحركة الموحدة في الأركان، وبالصوت الواحد في التأمين، وقد شُرع لضبطها وجود إمام للمصلين.
6. التكرار والمداومة؛ لمعنى التعبد، وتحصيل الأجر.
7. الاتجاهات؛ كما في القبلة في الصلاة والطواف في المناسك.
8. الأعداد والمقادير؛ كما هو في جميع التعبدات المحضة من الصلاة والصيام والزكاة والحج والطلاق وعدد النساء.
ولو تأملت في الجامع لهذه السمات في التشريع رأيته ضرباً من التخصيص والتقييد بهذه السمات أو بعضها دون معنى معقول على التفصيل؛ فقصد المكلف في العبادات إلى خصوصٍ أو تقييدٍ لم تدل عليه الشريعة هو ضرب من مضاهاة الشريعة في سنها للأحكام التعبدية؛ فيكون فعلها على هذا الوجه المعين ضرباً من البدع.
وذلك مثل الذكر جماعة بصوت واحد، وتخصيص ليلة النصف من شعبان بقيام من بين الليالي، وتحرى الدعاء الذي لله عند قبر من القبور، أو عند باب المسجد إذا هم بسفر، والصلاة على النبي e عند تناول البخور، والتعوذ عند التثاؤب، والمداومة في خطبة الجمعة على قراءة آية: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان .. " الآية، أو التزام خطيب الجمعة أمر الناس بالاستغفار نهاية الخطبة الأولى.
وكل هذه الأمثلة يُمكن أن يستدل لها صاحب البدعة بدليل عام أو مطلق.
وأظهر تعليل على أن العمومات والمطلقات لا تصح دليلاً على الصفات المخصوصات والمقيدات هو أنه يلزم من ذلك أن تُحدث صلاة سادسة على صفة صلاة الفجر أو المغرب يجتمع لها الناس ضحى ويؤدونها جماعة في المسجد، ويُستدل لها بمطلق الأمر بالصلاة أو الأمر بعبادة الله، وبمشروعية الجماعة للنوافل، وهذه الأدلة العامة أو المطلقة هي نفسها التي استدل بها المبتدع في الأمثلة المذكورة قريباً.
وقد أشار إلى هذا اللازم الإمام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (1/ 132).
فعلى هذا: إما أن يكون استدلال المبتدع بالمطلق والعام لاعتبار الصلاة السادسة صحيحاً، أو أن يكون استدلالنا بها لتصحيح ما ذُكر في هذه الأمثلة باطلاً؛ فلا مناص من أحد الأمرين إلا طريقة ثالثة وهي سنة المتبعين: أن الاستدلال بالعمومات على الصفات المخصوصات كله باطل، وما ينتجه هذا الاستدلال من صفات مركبة جميعه بدعة في الدين، حتى ولو كان كل واحد من هذه الصفات مشروعاً على الانفراد.
وقد قرر هذه القاعدة جمع من الأئمة منهم الإمام ابن دقيق العيد في كلامه عن دلالة العام على الخاص؛ فقال في "إحكام الأحكام" (1/ 200و201): ( .. إن هذه الخصوصيات بالوقت أو بالحال والهيئة، والفعل المخصوص: يحتاج إلى دليل خاص يقتضي استحبابه بخصوصه .. ).
ورجح رحمه الله أن طلب الدليل الخاص على الشيء المخصوص أصح من إدراج الشيء المخصوص تحت العمومات، ثم استدل بطريقة السلف حين حكموا بالبدعة على أعمال؛ لأنه لم يثبت عندهم فيها دليل، ولم يروا إدراجها تحت العمومات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الإمام الشاطبي فِي تقرير هذه القاعدة: (ومن البدع الإضافية التي تقرب من الحقيقة: أن يكون أصل العبادة مشروعاً إلا أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل توهماً أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل، وذلك بأن يُقيّد إطلاقها بالرأي .. ). انظر "الموافقات" (3/ 211) فما بعدها.
وقال في "الاعتصام": ( .. فإن أتى به المكلف فِي ذلك الأمر بكيفية مخصوصة أو زمان مخصوص أو مقارناً لعبادة مخصوصة، والتزم ذلك بحيث صار مُتخيلاً أن الكيفية أو الزمان أو المكان مقصودة شرعاً من غير أن يدل الدليل عليه: كان الدليل بمعزل عن هذا المعنى المستدل عليه).
وذكر رحمه الله في "الموافقات" (3/ 123) جملة من نكير السلف على من داوم على بعض الأعمال دون دليل خاص، ثم قال: ( .. هذا فيما لم يظهر الدوام فيه؛ فكيف مع الالتزام؟ والأحاديث في هذا والأخبار كثيرة، جميعها يدل على أن التزام الخصوصات في الأوامر المطلقات مفتقر إلى دليل، وإلا كان قولاً بالرأي واستناناً بغير مشروع، وهذه الفائدة أنبنت على هذه المسألة؛ مع مسألة أن الأمر بالمطلق لا يستلزم الأمر بالمقيد).
وهذا هو رأي الإمام السبكي فقد ذكر ذلك العلامة ابن حجر الهيتمي في "فتاواه" (2/ 80) في كلامه على تخصيص ليلة النصف من شعبان بالقيام حيث قال: إن ذلك بدعة، ونقل عن السبكي تقريره بأن ما لم يرد فيه إلا مطلق طلب الصلاة، وأنها خير موضوع فلا يطلب منه شيء بخصوصه؛ فمتى خَصَّ شيئاً منه بزمان أو مكان أو نحو ذلك دخل في قسم البدعة، هذا ملخص كلامه رحمه الله.
وعبر الإمام ابن تيمية عن هذه القاعدة بقوله: (شرع الله ورسوله للعمل بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعاً بوصف الخصوص والتقييد؛ فإن العام والمطلق لا يدل على ما يختص بعض أفراده ويقيد بعضها؛ فلا يقتضي أن يكون ذلك الخصوص والتقييد مشروعاً ولا مأموراً به).
وتقع المضاهاة بالمداومة على الفعل أو التزامه دون دليل خاص على ذلك، وهو من التخصيص والتقييد غير المشروع؛ لعدم الدليل على الخصوص.
قال الإمام الشاطبي في "الاعتصام" (1/ 345) فِي أنواع المداومات: ( .. ووجه دخول الابتداع هنا أن كل ما واظب عليه رسول الله من النوافل وأظهره فِي الجماعات، فهو سنة، فالعمل بالنافلة التي ليست بسنة عن طريق العمل بالسنة إخراج للنافلة من مكانها المخصوص بها شرعاً .. ).
ويرى رحمه الله أن العبد إذا خص يوماً للصيام مثلاً كالجمعة بعينه، أو أياما من الشهر بأعيانها لا من جهة ما عينه الشارع فإن ذلك ظاهر بأنه من جهة اختيار المكلف؛ كيوم الأربعاء مثلاً فِي الجمعة والسابع والثامن فِي الشهر، وما أشبه ذلك، وأنه إذا قيل له: لم خصصت تلك الأيام دون غيرها لم يكن له بذلك حجة غير التصميم، أو يقول: إن الشيخ الفلاني مات فيه، أو ما أشبه ذلك. ويرى أن هذا رأيٌ محض بغير دليل ضاهي به تخصيص الشارع أياما بأعيانها دون غيرها؛ فصار التخصيص من المكلف بدعة؛ إذ هي تشريع بغير مستند، هذا ملخص ما ذكره في "الاعتصام" (2/ 12).
وقال العلامة الدسوقي في "الحاشية" (1/ 317) ( .. لا تصلى النافلة جماعة فِي مكان مشتهر ولو كانوا قلة، ولا يصلون كثرة ولو فِي مكان خفي، ولا يداوم عليها فِي سر ولا علن .. ).
وما ذكره العلامة الدسوقي ظاهر في الالتفات إلى خصائص التعبدات المحضة، وأن محاكاتها ضرب من الحدث والبدعة، وهذا بين؛ فلو أن الإمام قال لجماعته: لنصل نافلة العشاء جماعة لاستنكر الناس ذلك ورأوا أنه جاء ببدعة؛ رغم مشروعية النافلة، ومشروعية الجماعة فيها، ولكنها حين ضاهت المشروع مُنعت.
وقرر الإمام ابن تيمية رحمه الله؛ كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص303) أنه لا تُشرع المداومة على الجماعة في صلاة التطوع أو استماع القرآن أو ذكر الله ونحو ذلك، وأنه إذا فُعل أحياناً فهو حسن، وأن اتخاذ اجتماع راتب يتكرر بتكرر الأسابيع والشهور والأعوام غير الاجتماعات المشروعة يضاهي الاجتماعات للصلوات الخمس وللجمعة، وأن ذلك هو المبتدع المحدث، ونقل عن أحمد أنه سئل: هل يكره أن يجتمع القوم يدعون الله، ويرفعون أيديهم؟ فقال: ما أكره للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد، وبنى هذا على: ( .. أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير
(يُتْبَعُ)
(/)
سنناً ومواسم: قد شرع الله منها ما فيه كفاية للعباد؛ فإذا أُحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات يعتاد: كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه .. ).
إلى أن قال رحمه الله: ( .. وكذلك تطوع القراءة والذكر والدعاء جماعة وفرادى. وتطوع قصد بعض المشاهد، ونحو ذلك كله من نوع واحد: يفرق بين الكثير الظاهر منه والقليل الخفي والمعتاد وغير المعتاد، وكذلك كل ما كان مشروع الجنس لكن البدعة اتخاذه عادة .. ).
وقرر في ذلك قاعدة بقوله في "مجموع الفتاوى" (20/ 197): (مضاهاة غير المسنون بالمسنون بدعة).
وانظر المرجع السابق (1/ 132).
المضاهاة في العادات:
التعبد ـ وهو الأمر بما لا يُعقل معناه على التفصيل ـ حق لله وحده، وإذا أوقع أحدٌ الفعل أو القول على هذا الوجه التعبدي، وجعلهما في عادة فقد اخترع عبادة جديدة وصرفها لغير الله، ومن هنا استحقت وصف البدعة؛ لأنه تشريع فهو من أعظم البدع.
فإحداث التعبد و صرفه لله بدعة عظيمة؛ فإن صُرف لغير الله كان أشنع وأشد.
وإذا أردنا أن نتصور هذه المسألة فلنضرب لها مثالاً: فلو أن أحداً أراد أن يُعظِّم أباه فكان عند استيقاظه يقف صامتاً متوجهاً إلى منزل والده، وهو مع ذلك يتمتم ببيت معين من الشعر، ويحرك يديه بطريقة معينة يداوم عليها؛ فإذا سئل عن ذلك قال: هذه مجرد عادة لا مدخل فيها لبدعة، ولي أن أعظم والدي بأي طريقة أراها!
فماذا نحن قائلون؟ لا ريب أن حكم كل من رآه أن يقول: إن هذا الفعل يشبه العبادة المشروعة، ومن هنا كان السلوك بالعادات مسلك التعبدات بدعة محرمة.
ولا يؤثر في الحكم أن تكون السمات التعبدية واحدة أو مجموعة؛ فإن كانت مجموعة؛ ـ كالذي قلنا في مثال تعظيم الوالد ـ كان أظهر في معنى الحدث، وإن كانت سمة واحدة فهي داخلة في دائرة التعبد؛ فكان ذلك من البدع.
إن الأشياء التعبدية المحضة التي لا يُعقل معناها على التفصيل لا تكون إلا من الله ولا تُصرف إلا إليه؛ ولهذا يصدق عليها اسم البدعة في الحالين.
قال الشاطبي في "الاعتصام" (2/ 80) بعد ذكره وضع المكوس في معاملات الناس بأن ذلك قد يكون على قصد حجر التصرفات وقتاً ما، أو لنيل حطام الدنيا؛ كعمل الغاصبين ( .. أو يكون على قصد وضعه على الناس كالدِّين الموضوع، والأمر المحتوم عليهم دائماً، أو في أوقات محدودة علي كيفيات مضروبة بحيث تضاهى المشروع الدائم الذي يُحمل عليه العامة ويؤخذون به، وتوجه على الممتنع منه العقوبة؛ كما في أخذ زكاة المواشي ... فأما الثاني فظاهر أنه بدعة إذ هو تشريع زائد، وإلزام للمكلفين يضاهي إلزامهم الزكاة المفروضة ... فمن هذه الجهة يصير بدعة بلا شك؛ لأنه شرع مستدرك .. فتصير المكوس على هذا الفرض لها نظران: نظر من جهة كونها محرمة .. ونظر من جهة كونها اختراعاً لتشريع يؤخذ به الناس إلى الموت [أي دائماً]؛ كما يؤخذون بسائر التكاليف؛ فاجتمع فيها نهيان: نهىٌ عن المعصية، ونهى عن البدعة، وليس ذلك موجوداً في البدع في القسم الأول، وإنما يوجد به النهي من جهة كونه تشريعاً موضوعاً على الناس أمر وجوب أو ندب، إذ ليس فيه جهة أخرى يكون بها معصية؛ بل نفس التشريع هو نفس الممنوع).
بين البدعة والمعصية:
فإن قيل: إن المعصية بترك الواجب وفعل المحرم إيقاع للشيء على غير الوجه الذي أرادته الشريعة فلم لم تُدخل في البدع؟
فالجواب: أن هذا الإيراد من أسهل مسائل هذا الباب؛ وذلك للاتفاق على أن ترك الواجب، وفعل المحرم عزيمة لا خيرة فيها للمكلف؛ كوجوب الترك لما نتفق على كونه بدعة، بخلاف مسائل البدع الأخرى فالخلاف واقع في جواز الفعل.
وغاية ما يريده الباحثون في موضوع البدعة هو الوصول إلى صدق اسم البدعة ليُوصل به إلى حكم المنع، والمنع في المعصية متحقق باتفاق؛ فلأجل ذلك كان هذا المبحث سهلاً يسيراً.
ولو قيل: إن المعصية بدعة لكان له وجه؛ لما ذُكر في هذا الإيراد؛ لكن الأظهر أنها لا توصف بذلك؛ لأن النهي عن فعل المحرم عام مطلق لم يُحدد بزمان أو مكان أو صفة، وإنما أُريد من المكلف فيه مطلق الترك، وكذلك واجب الفعل إذا كان مطلقاً.
كما أن المخالف للأمر والنهي لا توجد عنده نية التعبد بالمخالفة، ولا إيقاعها على وجه محدد، ولم يقع فيها مضاهاة لما شرعه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تأيد هذا الأصل بترك جماهير السلف إطلاق اسم البدعة على المعصية المجردة.
مسائل تدخلها البدعة:
إعلان شعائر الصلاة في مكبرات الصوت الخارجية:
إعلان بعض الأعمال التعبدية مقصود للشريعة؛ كإعلان الأذان؛ حيث صار شعاراً لها؛ فإن وُجد عمل تعبدي الأصل فيه عدم الإعلان فلا يجوز أن يُسلك به هذا السبيل، وتُعتبر هنا قاعدة المضاهاة؛ فلا يُشرع تعمد إعلان شعائر الصلاة في مكبرات الصوت الخارجية.
ولا مجال هنا للتعليلات العقلية؛ كقول البعض: إن هذا ينبه الغافل على أن الصلاة قد أقيمت؛ فإن هذا تعبدي، وقد وجد المقتضي لفعل مثله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو إعلان الإقامة على أبواب المساجد أو أسطحها ولم يُفعل فدل على أنه غير مشروع.
والله عز وجل قد شرع الأذان لإحاطة الناس بقرب إقامة الصلاة، وشرع الإقامة لإحاطة من في المسجد بأوان الشروع فيها؛ فلا يجوز أن تراعى معاني أخرى لم تقصدها الشريعة؛ فإن هذا عين الاستدراك عليها.
وإذا كان إعلان التلاوة مجردة من خلال هذه المكبرات غير مشروع، ويستنكره قلب كل من سمعه فإن إعلان شعائر الصلاة لا يختلف عن هذا.
كما أن الناس يستنكرون إعلان دعاء الأذان المشروع في المكبرات بعد أدائه، والذي حدث هو مجرد الإعلان.
ولنحذر في هذا المقام من تأثير الإلف والعادة؛ فإنها المانعة من التأمل والنظر.
ولا يسري هذا على نقل شعائر الصلاة من خلال وسائل الإعلام؛ فإن هذه الوسائل لا تُبث في أماكن عامة حتى تأخذ صفة الشعار؛ فالتحكم فيها بيد مالك الوسيلة من تلفاز أو مذياع؛ بخلاف إعلان شعائر الصلاة عبر مكبرات الصوت الخارجية فهي ظاهرة ملزمة.
وقارن في هذا بين الدعاء وشعائر الصلاة، وكلاهما تعبدي؛ فلو تم الدعاء في وسيلة إعلامية لم يظهر فيه ما يُستنكر، ولكن لو اُتخذت مكبرات المساجد الخارجية لهذا الغرض لظهرت هنا معاني الشعار ومضاهاة المشروع، وقل مثل ذلك في تلاوة القرآن تظهر شرعيتها في هذه الوسائل، ولا تظهر هذه الشرعية في إعلانها في مكبرات المساجد الخارجية.
السلام والمصافحة بعد السلام من الصلاة:
كثير من الناس يستدل لشرعية هذا العمل بعمومات النصوص، أو إطلاقاتها. والناس فِي هذه المسألة طرفان ووسط:
فمنهم من يستحب المصافحة بعد الصلاة مباشرة وقبل أداء الأذكار الواردة، حتى وإن كان قد سلّم على صاحبه قبل الصلاة، ولم يفصل بينهما إلا أداؤها، وتراه يداوم على ذلك؛ فهذا قد اعتقد الخصوص أو التقييد بغير دليل، وخالف بذلك القاعدة؛ لأنه لا معنى يفهم من ذلك إلا أن السلام مستحب بذاته بعد الصلاة مباشرة.
ومنهم من لا يسلم على من جاوره مطلقاً خشيةً من وقوعه فِي البدعة ـ على حد زعمه ـ فيثير الوحشة مع إخوانه المسلمين من غير مستند.
ومنهم وسط متبع للشريعة مؤد للحقوق؛ فإن كان قد سلم على صاحبه قبل الصلاة، ولم يفصل بينهما إلا الصلاة فإنه لا يُعيد السلام؛ لأن الصلاة لا تعتبر فِي الشريعة فاصلاً، ولأنه لا يتمحض من هذا السلام إلا اعتقاد استحباب السلام بعد الصلاة على الخصوص دون دليل خاص، وإن لم يسلم عليه قبل الصلاة؛ فسلم عليه بعد إتيانه بالأذكار المشروعة؛ فليس في فعله محظور ولا بدعة؛ بل هو مأجور مشكور، وكان بفعله هذا قد استعمل نصوص السلام على إطلاقها دون تقييد.
وممن قال بعدم مشروعية السلام بعد الصلاة عز الدين ابن عبد السلام والشاطبي وغيرهما.
وقال القرافي في "الفروق" (4/ 253): ( .. ما يفعله أهل الزمان من المصافحة عند الفراغ من الصلاة بدعة غير مشروعة، وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام ينهى عنه، وينكره على فاعله).
دعاء ختم القرآن:
الأظهر أن دعاء ختم القرآن غير مشروع لا في الصلاة ولا خارجها، وهذا هو مذهب مالك رحمه الله؛ ففي "المدخل" لابن الحاج (2/ 299) أنه قال حين سئل عنه: (ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن، وما هو من عمل الناس).
(يُتْبَعُ)
(/)
ودليل ذلك هو: عدم ثبوت فعله ولا إقراره عن النبي e ، ولا يُقال: ربما فعله أو أقره ولم يُنقل؛ فالجواب أن ترك النبي e للشيء التعبدي مع وجود المقتضي لفعله وانتفاء المانع من الفعل، وكون هذا الشيء مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله فإن تركه، وعدم نقل فعله والحال هذه كالنص من الشارع على النهي عنه، أو الحكم عليه منه بأنه بدعة.
ودعاء ختم القرآن من هذا الجنس؛ إذْ يستحيل أو يكاد أن يفعله النبي e ثم لا يُنقل، وقد نُقل عمن هو دونه، وهو أنس رضي الله عنه.
وأما فعل أنس رضي الله عنه فلا يدل على مشروعيته؛ فقد ترك المحققون من العلماء أفعال الصحابة أو أقوالهم إذا لم يكن عليها ظاهر هدي النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تركاً.
فمن ذلك: غرس الجريد على القبر؛ حيث ثبتت الوصية بذلك عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
ومن ذلك التعريف فِي الأمصار، وهو الاجتماع للدعاء فِي المساجد يوم عرفة من غير الحجاج؛ حيث ثبت فعل ابن عباس رضي الله عنهما له.
ومن ذلك تعليق التمائم من القرآن والسنة؛ فقد ثبت في مسند أحمد وسنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في ذكر الفزع عند النوم وهو: "بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون" أنه كان يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه.
ومن ذلك قصد الصلاة في مواضع صلاة النبي e ؛ حيث ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يتتبعها.
ومن ذلك الزيادة فِي الوضوء على أعضائه؛ كغسل العضد إلى الكتف مع اليد، والساق إلى الركبة مع الرِجْل؛ فقد ثبت عن أبي هريرة أنه كان يفعل ذلك.
وكل هذه المسائل لم يرها كثير من العلماء أعمالاً مشروعة يُستحب فعلها؛ بل نهوا عنها، وسماها كثيرون باسم البدعة.
قال الإمام ابن تيمية فِي "مجموع الفتاوى" (1/ 279) فِي معرض كلامه عن التوسل بالنبي e : ( .. ومثل هذا لا تثبت به شريعة؛ كسائر ما يُنقل عن آحاد الصحابة فِي جنس العبادات أو الإباحات أو الإيجابات أو التحريمات؛ إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه - وكان ما يثبت عن النبي e يخالفه لا يوافقه - لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها؛ بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد، ومما تنازعت فيه الأمة؛ فيجب رده إلى الله والرسول).
وقد ساق في "مجموع الفتاوى" (1/ 279) كلاماً مطولاً قرر فيه أن اجتهاد الصحابي لا يكون حجة إذا خالف جمهورهم، وضرب لذلك أمثلة، ثم قال رحمه الله: ( .. ولا يقول عالم بالسنة: إن هذه سنة مشروعة للمسلمين. فإن ذلك إنما يقال فيما شرعه رسول الله e ؛ إذ ليس لغيره أن يسن، ولا أن يشرع).
وجاء فِي "المدخل" لابن الحاج: (3/ 280) نقلاً عن الطرطوشي قوله عن غرس الجريد على القبر: ( .. وما نُقل عن واحد من الصحابة رضي الله عنهم؛ فلم يصحبه عمل باقيهم رضي الله تعالى عنهم؛ إذ لو فهموا ذلك لبادروا بأجمعهم إليه، وكانوا من أحرص الناس على الخير).
ودعاء ختم القرآن من جنس اجتهادات الصحابة المذكورة: فَعَلها آحاد الصحابة وخالفت الهدي التركي الظاهر للنبي e ، كما خالفت الهدي التركي لجملة الصحابة؛ فلا يعد مشروعاً.
وتأمل في غرس الجريد على القبر حيث اجتمع فيه فعل النبي e مع عدم وجود نهي صريح منه، وانضم إليه فعل صحابي على وفقه، ولم يُنقل عن أحد من الصحابة نهي عنه، وعلى مشروعيته نصوص جمع من علماء المذاهب الأربعة، ومع ذلك عَدَّه بعض العلماء غير مشروع، وبعضهم صرح بكونه بدعة؛ لكون عمل السلف لم يجر عليه، وهذا أصح. ولكن لماذا لم تُجر القاعدة ويُسحب الحكم على ما هو أولى من هذا: دعاء الختم الذي لم يثبت به أثر عنه ولا قول ولا عمل عن جمهور الصحابة رضي الله عنهم؟
ومما يدل على عدم جريان عمل بقية الصحابة على ذلك هو ترك أهل المدينة له؛ كما حكاه عنهم الإمام مالك وهو من كبار تابعي التابعين؛ فلا يُظن أن يكون الدعاء سنة مشروعة ثم لا يفعله الصحابة، ولا ينقله عنهم التابعون حتى يكون هدياً ظاهراً، وسنة متبعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما جعله في الصلاة في قيام رمضان أو غيره، فهو أشد في معنى الحدث والبدعة؛ لأن الدعاء في نفسه تعبد محض، وقد وضعوه في تعبد محض وهو الصلاة، وكان فيها أغلظ؛ لأنه لم يرد عن النبي e ، ولا عن أحد من صحابته الكرام، وتعظم المفسدة إذا وضع في ليلة معينة، وخُص بالمداومة على كونه في القيام الأول دون الآخر؛ مما يضيف إليه بدعة العيد الزماني، وهو ما يعود كل سنة.
وتأمل مرة أخرى في حال مؤذن جهر بعد أذانه بدعاء الأذان الوارد: "اللهم رب هذه الدعوة التامة .. " في مكبرات الصوت بنفس لحن الأذان لقيل عن عمله: إنه بدعة، وصار هو مبتدعاً، رغم كونه خارج الصلاة، ورغم أن محله بعد انتهاء الأذان، والدعاء نفسه مشروع بخصوصه في هذا الموضع؛ فكيف تكون الحال في دعاء الختم وهو غير مشروع في أصله وقد أدخل في الصلاة؟
وكثيراً ما نقول للناس عن بعض المحدثات إنها بدعة، وكان من حجتنا على أصحابها أن نقول: لم يفعله الرسول eولا الصحابة، وخير الهدي هدي محمد e .
وهذا لم يفعله الرسول e ولا الصحابة؛ فلم رأيناه عملاً صحيحاً؟
وقد روى ابن عبد البر في "التمهيد" (21/ 242) عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: لن يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس كلهم في ذات اللَّه، ثم يعود إلى نفسه فيكون لها أشد مقتاً.
التزام آيات وأدعية وأذكار في أحوال معينة:
يأخذ الإلف والعادة بعض الناس إلى الظن أن ما يفعله صحيح مشروع، والواجب أن يُخضع كل ما يقوله ويفعله للسنة، وقد تقدم في قاعدة المضاهاة والتخصيص والتقييد أن البدعة تقع بمجرد المداومة للشيء التعبدي؛ ولو لم يعتقد المداوم أن ما يفعله عبادة على هذا الوجه.
فمما يكون بدعة إذا وقعت المداومة فيه أشياء، منها:
1. تبليغ المؤذن صوت الإمام:
فُعل هذا فِي عهد النبي e ، فعله أبو بكر حين مرض الرسول e فضعف صوته فبلّغه أبو بكر t.
فإذا زال السبب وجب ترك هذا التبليغ.
وفي "رد المحتار" (1/ 476): نقلاً عن السيرة الحلبية: فِي كلامه عن تبليغ صوت الإمام من المؤذن مع بلوغه للمأمومين قال: ( .. اتفق الأئمة الأربعة على أن التبليغ حينئذ بدعة منكرة .. وأما عند الاحتياج إليه فمستحب).
2. الصلاة على النبي عند استلام المبخرة:
الصلاة على النبي فِي أي حال مشروعة؛ بل هي من أفضل القربات وأجل الطاعات؛ ولكن الكلام هنا إنما هو على التخصيص؛ فقد اعتاد بعض الناس عند رؤية البخور، أو عند تناول المبخرة أن يصلي على النبي e ، ويعللون ذلك بأنه يحب الطيب ولأن رائحته هي الطيب، ولأن ذكره من أطيب الذكر، وهذا كله صحيح، ولكن الدين ليس بالرأي كما قال علي t فِي المسح على أعلى الخفين، ولو كان بالرأي لكان ذكر الله عز وجل أولى من ذكر رسوله e ؛ لذلك لا ينبغي أن يقيد هذا الذكر إلا بما ورد.
3. التكبير الجماعي يوم العيد بصوت واحد:
جاء فِي "الحاشية" للعدوي (1/ 394): ( .. ويُكبِّر كل واحد وحده فِي الطريق وفِي المصلى ولا يكبرون جماعة؛ لأنه بدعة .. ).
وفِي "مواهب الجليل" (2/ 195): ( .. ولا فرق فِي ذلك أعني فِي التكبير بين أن يكون إماماً أو مأموماً أو مؤذناً أو غيرهما؛ فإن التكبير مشروع فِي حقهم أجمعين على ما تقدم وصفه .. بخلاف ما يفعله بعض الناس اليوم؛ فكأن التكبير إنما شرع فِي حق المؤذن، فتجد المؤذنين يرفعون أصواتهم بالتكبير كما تقدم، وأكثر الناس يستمعون لهم ولا يكبرون وينظرون إليهم كأن التكبير إنما شرع لهم وهذه بدعة محدثة، ثم إنهم يمشون على صوت واحد وذلك بدعة؛ لأن المشروع أن يكبر كل إنسان لنفسه، ولا يمشي على صوت غيره).
4. افتتاح الحفلات بقراءة القرآن:
أنزل الله تعالى كتابه هداية وتعبداً؛ فلا ينبغي أن يقرأ إلا على الوجه المشروع: في العام والمطلق بعمومه وإطلاقه، وفي الخاص والمقيد بما ورد نصاً بخصوصه وتقييده، وإذا عرفنا في قواعد البدعة أن ما فيه سمة التعبد المحض، وقد وجد المقتضي لفعله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى المانع منه فإن فعله بدعة؛ فإن هذا يرد في هذه المسألة؛ فعليه فإن الأقرب هو عدم شرعيته.
5. تخصيص خطبة الجمعة بالمداومة على شيء من ذلك:
فمن ذلك الدعاء للخلفاء الراشدين، وغيرهم في خطبة الجمعة:
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء في "الاعتصام" (1/ 27) للإمام الشاطبي: ( .. سئل أصبغ عن دعاء الخطيب للخلفاء المتقدمين؟ فقال: هو بدعة، ولا ينبغي العمل به، وأحسنه أن يدعو للمسلمين عامة. قيل له: فدعاؤه للغزاة والمرابطين؟ قال: ما أرى به بأسا عند الحاجة إليه، وأما أن يكون شيئاً يصمد له فِي خطبته دائماً فإني أكره ذلك).
وجاء "السنن الكبرى" للبيهقي (3/ 217) عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كتب أن لا يسمى أحد فِي الدعاء.
ومن ذلك قراءة آية: "إن الله يأمر بالعدل .. " الآية.
وأمر الناس بالاستغفار نهاية الخطبة الأولى.
وقول الإمام نهاية الخطبة الثانية: فاذكروا الله الجليل يذكركم، وضجيج الناس بالتهليل.
قال أبو العباس الصاوي فِي "بلغة السالك" (1/ 510): ( .. ومن البدع المذمومة أن يقول الخطيب فِي آخر الخطبة الأولى: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، ثم يجلس فتسمع من الجالسين ضجة عظيمة).
وإذا أردت أن تتصور ذلك فتأمل لو أن خطيباً يعظ في غير الجمعة جاء بجميع هذه الآيات والأذكار فماذا سيقول الناس؟ لا ريب أنهم سيقولون: إنه حوَّل كلمته إلى خطبة جمعة، وما ذلك إلا لاعتقادهم أن هذه الأمور تختص بخطبتها؛ فإذا كانت مستنكرة في المواعظ فما الذي جعلها معروفة مشروعة في الجمعة؟
ولو قلت للخطيب: اجعل قولك فاذكروا الله الجليل يذكركم فِي نهاية الخطبة الأولى: لقال لك بلسان حاله أو مقاله: إنك بدلّت، والتبديل فِي الحقيقة إنما وقع منه حين التزم ما لم يرد بخصوصه.
ولو سئل بعض المداومين على مثل هذه الأعمال عن مسألة يقول فيها السائل: أريد أن أداوم على تلاوة قول الله تعالى: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً" أتلوها كلما تثاءبت دون اعتقاد المشروعية لخصوص هذا العمل؛ لنفر منه قلبه، ولقال بفطرية عجيبة: لا تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله e.
بينما هو يلتزم كثيراً من الأذكار والدعوات دون برهان، ولا حجة إلا إلفه وعادته، حيث جعلها كالدليل عند أهل الإتباع والأثر.
الأعياد الزمانية:
الزمان والمكان ظرفان جامدان لا تعظيم لهما إلا ما عظمه الإسلام، والتفات القلب إلى تعظيم شيء منها واعتباره إما أن يكون قربة لله وضرباً من العبودية له؛ لأنه عظَّمه، أو أن يكون بعداً عنه وضرباً من عوائد الوثنية؛ فلا وسط في هذه المسائل.
وللعيد فِي اللغة وفي عرف الناس سمات عدة: من أظهرها: أنه يعود في زمن محدد. ومنها: أنه تُظهر فيه البهجة والسرور، ويكون فيه الاجتماع وأعمال الفرح؛ كالتهاني واللعب والمآكل والمشارب.
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 07:12]ـ
ولا عيد فِي الإسلام سوى ما شرعه الله من الأعياد، وهي: عيد الفطر وعيد الأضحى.
فعن أنس بن مالك t قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال e : ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما فِي الجاهلية؛ فقال رسول الله e : " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر". رواه أبو داود في "سننه" (1/ 295).
وقال e : " يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب" رواه أحمد من حديث عقبة بن عامر t .
فقوله: "أبدلكم" دليل على إبطال كل عيد وإلا لزادهم من أعياد الإسلام دون إبطال الأعياد الحالية. وقوله: "عيدنا أهل الإسلام" دليل على أن ما سواها أعياد غير أهل الإسلام.
ثم تأيدت هذه الأدلة بالهدي الظاهر للسلف؛ فلم يظهر في ديار الإسلام بعد إيقاف الأعياد السابقة، وإبدالها بأعياد الإسلام أي عيد طيلة القرون الثلاثة المفضلة تعبدية كانت أو عادية؛ وذلك رغم أن للأمم المجاورة أو المخالطة للمسلمين أعياداً تعبدية وعادية؛ يقصد منها الاحتفاء بزمان أو شخص؛ كعيد الشعانين ومولد عيسى عليه السلام للنصارى، والنيروز للمجوس وغيرها من الأعياد؛ لا سيما والأمة فِي هذه القرون كانت تأخذ الكثير من المفيد النافع من الأمم الأخرى؛ فتركها لهذه الأعياد رغم وجودها دليل على إعراضها عنها ديانة.
فصارت الأعياد الأخرى بدعة من وجهين:
الأول: أن في أعياد الإسلام سمة التعبد المحض في اختيار زمانها، والزيادةُ على تعبدي محض بدعةٌ؛ كما تقرر آنفاً في تأصيل البدعة في صدر الورقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن في الأعياد المشهورة؛ كعيد المولد والعيد القومي ضرباً من التعبد المحض في اختيار الزمان دون معنى معقول، وفي هذا مضاهاة للمشروع. يوضح هذا أنه لا معنى عقلياً لاختيار الزمان ليكون وقتاً لتعظيم الرسول e أو الولي أو المناسبة القومية، وحب النبي والولي من أعظم القرب، وحب الوطن والعناية به ـ في حدود ما أقرته الشريعة ـ لا تثريب فيه، ولكن ما المعنى العقلي المفهوم من قصر الاحتفاء بما ذُكر في زمان دون آخر؛ بل إن المناسبة العقلية هي في اختيار غير الزمان الذي وقع فيه الحدث الذي يراد الاحتفاء به؛ لأنه وقت نسيانه، ولأن زمان حدوثه هو: وقت تذكره؛ فالصمود إلى الزمان المعين نوع تحكم وتصميم لم يُعهد إلا من الشريعة في اختيار الأزمنة والأمكنة؛ فههنا كانت المضاهاة، وتقدم في قاعدتها ما يدل على أن ما وقعت فيه المضاهاة فهو بدعة.
وقد استدل بعضهم لتصحيح عيد المولد بما أخرجه أحمد بسند صحيح عن ابن سيرين رحمه الله قال: (نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول e المدينة قالوا: لو نظرنا يوماً فاجتمعنا فيه فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به علينا .. وفيه أنهم اختاروا الجمعة؛ فاجتمعوا فِي بيت أبي أمامه أسعد بن زرارة؛ فذُبحت لهم شاة فكفتهم.
وقالوا بأن هذا في حقيقته احتفال بالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم معين.
فالجواب عن ذلك بعدم التسليم أن ذلك احتفال بالنبي e، ولو سُلم لكان قبل شرع صلاة الجمعة وخطبتيها؛ حيث جاء فِي رواية عبدالرزاق بسند صححه ابن حجر أن ابن سيرين قال: وقبل أن تنْزل الجمعة وفيها: فأنزل الله فِي ذلك بعد: "يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله" الآية.
فتركهم لهذا الاجتماع على يوم محدد ـ بعد نزول الجمعة ـ دليل على عدم مشروعية أي اجتماع آخر له سمة العيد، وفيه دليل أيضاً على أنهم يعرفون مثل هذه الطرق؛ فتركوها اكتفاء بما شرعه الله يوم الجمعة من الصلاة والتذكير والوعظ في خطبتيها.
ولو قيل: إن البدعة إنما تصدق على الأعياد التعبدية دون العادية؛ وذلك لأن لأصحاب هذه الأعياد أن يقولوا: نحن لا نتعبد بها؛ بل نفعلها محبة للرسول أو الولي؛ كمحبة الوطن، ويقولون أيضاً: إن التعبد فيها إنما يُعتبر بمعناه العام الذي لا بدعة فيه؛ لا بمعناه الخاص، وإذا أجزتم لأهل الدنيا التعبير عن شعورهم بإحداث عيد لمناسبة ترابية فبالأولى أن يجوز ذلك لمعنى صحيح لا يوجد فيه تعبد محض.
فالجواب: أن هذا لا يصح؛ فإن الأعياد الشرعية ذات صفات تعبدية محضة يظهر هذا في اختيار زمانها وبعض أعمالها، وقد تقرر في التأصيل أن ما كان عبادة محضة فهو من جملة الدين المنزل الذي لا يجوز الحدث فيه بالزيادة عليه، أو النقص منه، أو التصرف في أعماله التي حدتها الشريعة.
كما أن الأعياد التي تنازع الناس فيها قد سُلك بها طريق التعبد المحض باختيار الزمان دون مناسبة عقلية؛ فكانت إقامتها على هذا الوجه من المضاهاة التي تحيل العمل العادي إلى أمر تعبدي يصدق عليه وصف البدعة.
ولا يصح أن يُقصر مناط الحكم بالمنع على التشبه بالكفار في هذه الأعياد؛ فلو صح ذلك لم تكن هذه الأعياد ممنوعة حرمة؛ لأن القاعدة في التشبه: أن ما لم يكن من خصائص مَنْ نُهينا عن التشبه بهم فلا يُعتبر تشبهاً مذموماً، وهذه الأعياد ليست من خصائص الكفار؛ بل صار يشترك فيها المسلم والكافر؛ كبعض الملابس التي كانت خاصة بهم ثم صارت مشاعة بين الأمم؛ فلم يعد لبسها تشبهاً.
فتلخص من هذا أن كل ما فيه سمات العيد المذكورة في تأصيل المسألة فهو ممنوع؛ لأن الأعياد محدودة؛ فهي من جملة الشرائع والمناهج التي لا يزاد على الوارد فيها بشيء، ولما في الأعياد المحدثة من المضاهاة المذكورة؛ فكل عيد سوى أعياد الإسلام فهي أعياد محدثة سواء أريد به القربة وتعظيم الدين؛ كعيد المولد، أو عيد الإسراء والمعراج، أو كان عيداً عادياً؛ كعيد النيروز أو عيد الجلوس أو عيد الثورة أو عيد الاستقلال وغيرها من الأعياد التاريخية والقومية والعرقية.
التزام لباس معين لأهل العلم أو الزهد:
(يُتْبَعُ)
(/)
جاءت الشريعة باللباس المعين المحدود في المناسك؛ فلا يُشرع أن يتخذ أحد لباساً يدل على معان شرعية من العلم أو الزهد والتصوف؛ فإن في ذلك مضاهاة للمشروع.
ومن المعلوم أن من مقاصد هذه الشريعة سد كل باب يؤدي إلى الرياء والسمعة.
وقد كان الداخل على النبي صلى الله عليه وسلم لا يفرق بينه وبين أصحابه لا في لباسه ولا في موضعه.
مع ما في ذلك من التشبه باليهود والنصارى الذين نهينا عن مشابهتهم؛ حيث يجعلون لباساً لعلمائهم وعبادهم.
وانظر في ذلك كلاما نفيساً لابن الحاج في "المدخل" (1/ 136).
وإذا كان اللباس مجرد زينة للمناسبات والمجامع، ولا يختص به العالم والزاهد عن غيره فلا حرج فيه.
تخصيص أيام الأعياد والجُمع لزيارة المقابر:
وذلك بدعوى عموم أدلة مشروعية الزيارة مطلقة أو عامة؛ وهذا مسلك غير صحيح؛ فيجب أن تبقى على عمومها أو إطلاقها ولا تقيد أو تخص بالرأي؛ فعليه حينئذ أن يعود نفسه على زيارة المقابر حسب الاتفاق.
أما إذا كان وقت الزيارة هو وقت الفراغ أو النشاط؛ دون أن يكون الزمان مقصوداً للزائر فلا شيء فِي ذلك؛ كمن لا يجد فراغاً مطلقاً إلا يوم الخميس أو الجمعة مثلاً؛ فله أن يجعل الزيارة فِي هذا الوقت؛ لأنها صارت معقولة المعنى فلم ينطبق عليها حد البدعة.
مما لا تدخله البدعة:
كل شيء خرج عن بِنْية العمل التعبدي المحض، ولم يُغير ذلك الشيء في العبادة المحدودة بشيء يُخرجها عن المحدود في الشريعة؛ فإن التغيير في ذلك الشيء والتجديد فيه لا يُعد بدعة، وإذا كان ذلك الشيء من الوسائل؛ فإن الوسيلة لها حكم مقاصدها؛ فمرة تكون مستحبة ومرة واجبة بحسب حال المقصد أو الوسيلة.
فمن هذه الفروع:
وسائل تبليغ الدين:
كوسائل تبليغ الدعوة، ووسائل التربية التعليم، ووسائل الحسبة والطرق الإدارية لتنظيم ذلك كله، وذلك لأنها عمل منفصل عن بنية العبادة المحضة.
وإذا تأملت في هذه الوسائل رأيت أنها تقع في رتبة متأخرة عن المقاصد التعبدية المحضة، وللإيضاح فهذه مراتبها:
الأولى: العمل التعبدي.
الثانية: الدعوة إليه، التي هي عمل الداعية أو المربي أو المحتسب أو المعلم لحمل الناس على الدين.
الثالثة: وسائل عمل الداعية أو المربي أو المحتسب أو المعلم.
فهي إذا في مرتبة بعيدة عن بنية العمل التعبدي.
وقد تفنن علماء المسلمين في هذه الوسائل؛ حيث بدأ ذلك في نقط المصحف، ثم ضبطه بالشكل، ثم تحزيبه وترقيم آياته.
وكذلك ما أحدثوه من تبويب للعلم؛ فهناك الآثار والسنن والمستدركات والمسانيد على الصحابة أو التابعين أو من بعدهم، والتصنيف على أبواب الفقه.
فكل هذه وسائل إلى تعبدات، ولم يدر في ذلك بينهم خلاف ولا جدل.
وقد رأينا أنه لا مجال فيها للبدعة؛ لكونها معقولة المعنى على التفصيل.
وفي هذا المعنى يقول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى عن تبليغ الشريعة: ( .. والتبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة؛ لأنه من قبيل معقول المعنى؛ فيصح بأي شيء أمكن من الحفظ والتلقين والكتابة، وكذلك لا يتقيد حفظه عن الزيغ والتحريف بكيفية دون أخرى).
الذكر بالمسبحة:
ذهب بعضهم إلى أنها بدعة؛ لعدم فعل النبي e لها، وإذا أجريت هذه القاعدة في ضبط المحل وجدت أن السبحة لا تدخل في تغيير بنية العبادة بشيء، وإنما هي وسيلة إلى تحقيق المشروع في عد التسبيح، وهي معقولة المعنى على التفصيل؛ فليست إذا بدعة ولا حدثاً في الدين.
وقد ثبت نحو المسبحة في إقرار النبي e للمرأة على التسبيح بالحصى أو النوى.
فعن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع النبي e على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال: "ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض وسبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك". رواه الترمذي وأبو داود، وسكت عنه، وصححه المنذري وابن حجر.
وبجواز التسبيح قال جمع من الأئمة؛ منهم ابن تيمية والشوكاني ومحمد بن عثيمين وغيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المعلوم أن لها بعض المفاسد؛ كغيرها من الوسائل فيجب على مستعملها اجتناب المفسدة، ولا علاقة لهذه المفسدة ببدعة ولا سنة؛ فمن ذلك جعلها شعاراً للصلاح، ومجالاً للرياء، وانظر في ذلك "مجموع الفتاوى" (22/ 187) و (22/ 505).
ويُحاذر من هذه المفاسد حتى في حمل السواك وإظهاره في الجيب، وفي حمل المصحف؛ فلا زال المخلصون المخبتون يخشون إظهار ما يدل على عبادتهم.
وأما ما فعله ابن مسعود t من الإنكار على قوم اجتمعوا يذكرون الله فقد تقدم الجواب عنه.
وأما ما قيل إنها في التاريخ القديم عادات هندوسية؛ فلا يؤثر في حكم الجواز؛ لأن القاعدة في التشبه: أن الشيء إذا تحول وصار عادة عند المسلمين، ولم يكن من خصائص الكفار فلا يُعد استعماله تشبهاً، ولهذا أفتى العلماء في الألبسة الحديثة بأنها جائزة وإن كان أصلها من الكفار؛ لما ذُكر من هذه القاعدة.
خطا صف الصلاة وبداية الطواف:
تحرر هنا أنها وسيلة معقولة المعنى فلا تدخلها البدعة؛ بل لها حكم مقصدها؛ فمقصدها في الصلاة مستحب فهي مستحبة.
أما خط المطاف فالأصل جوازه على هذه القاعدة إلا إنه عرض لهذا الأصل ما هو خارج عن حكم البدعة والسنة، وهي مفسدة ازدحام الناس عند بداية الطواف بما يعرقل انسيابه، ويقع به من أذية الرجال للنساء الشيء الكثير؛ فيُعتبر لهذا السبب ممنوعاً، وأما قول بعض أهل العلم بضرورة وضعه حتى مع هذه المفسدة بحجة أن الطائف قد يترك جزءاً من الطواف ففيه تكلف لا يخفى؛ إذْ إن المكلف متعبد بغلبة الظن في المحاذاة عند البداية وعند النهاية؛ فإن أمكن تحقيق الوسيلة دون مفسدة جاز ذلك؛ وإلا وجب تركها.
حفلات تكريم الطلبة:
تقام حفلات تكريم الجامعيين وطلبة حلق تحفيظ القرآن العظيم؛ فهل تُعتبر بدعة لكونها تشبه العيد؟
ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم، والأظهر أن ذلك مرجوح؛ لكون هذه الحفلات معقولة المعنى على التفصيل، والزمن غير معين، ولا يُقصد لذاته؛ كما هي الحال في الأعياد الشرعية وغير الشرعية؛ كاحتفالات المولد والأعياد القومية، وإنما المقصود خاتمة الفترة الدراسية؛ فلو تأخرت أو تقدمت تبعتها في ذلك.
الحداء والنشيد:
النشيد من الأمور العادية، وحتى لو قصد به ترقيق القلوب فإنه إنما يدخل في باب الوسائل التي لا مدخل فيها للبدع، ولا تنطبق عليه قواعدها، وإذا وجد فيه ذكر، أو ترديد دعاء؛ كحداء الصوفية فإنما أدركته البدعة بذلك لا لأجل كونه نشيداً.
أما ابتلي به بعض هذه الأمة من التغني بالقصائد الملحنة بنية التعبد، أو ما يُسمى بالغناء الصوفِي، وهو الذي جُعل مضاهياً للقرآن فِي أحكام التلاوة؛ فإنما حكم عليه بذلك لأجل نية التعبد المحض التي تُحيل العمل العادي إلى عبادي مبتدع، وقد حكم العلماء على مثل هذا النشيد بالبدعة لهذا السبب، وكان فيه مضاهاة المشروع في أشياء منها:
- أن المغنين يتطهرون له.
- أنهم يستنْزلون رحمة الله به؛ كحِلِق الذكر.
- دعواهم حضور الملائكة والأنبياء؛ شأن الذكر والصلوات.
- تفضيله على القرآن قولاً وفعلاً، والأمر بالإنصات عند سماعه.
وانظر تفاصيل هذا الغناء التعبدي فِي "الاعتصام" للشاطبي (2/ 85، 87، 93) و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية: (3/ 211 – 427، 359) و (4/ 77) و (10/ 71 و76 و170 و418 و419) و (11/ 532و298و562 إلى641) و (22/ 522) و (27/ 229).
وأما القصائد الملحنة التي لا يُراد بِها التعبد، ولا يقارنها ما يدل على ذلك فلا ينطبق عليها حد البدعة.
وبيان ذلك أنه قد عُهد من الشريعة إباحة مثلها؛ كحداء المسافرين، وغناء العيد، وأراجيز العاملين.
وقد فرّق ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (11/ 558 و631) بين سماع المتقربين وسماع المتلعبين، وأن هناك فرقاً بين ما يفعله الناس لقصد اللذة واللهو، ونحو ذلك من العادات، وبين ما يُفعل لقصد العبادة والتقرب إلى الله؛ كالذي يفعله النصارى فِي كنائسهم على وجه العبادة والطاعة؛ لا على وجه اللهو واللعب.
ومثّل لذلك بجواز كشف الرأس، ولبس الإزار والرداء على وجه العادة، ومنعه إذا فعله على وجه الإحرام؛ كما يحرم الحاج.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثّل لذلك أيضاً بما رواه البخاري فِي "صحيحه" (6210) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله e رأى رجلاً قائماً فِي الشمس. فقال: من هذا؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل يريد أن يقوم فِي الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم؛ فقال النبي e : " مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه".
فعلق على قصة أبِي اسرائيل هذه بقوله: ( .. فهذا لو فعله لراحة أو غرض مباح: لم يُنهَ عنه؛ لكن لما فعله على وجه العبادة نُهي عنه .. ).
ونحو ذلك تمثيله رحمه الله بحلق الرأس تعبداً، أو على وجه مباح؛ كما في "الاستقامة" (1/ 256).
وقد قرر فِي المرجع المذكور (1/ 282) فِي رده على من استدل بسماع عبدالله بن جعفر على شرعية التقرب إلى الله بالقصائد الملحنة، بأنه لا يعده ديناً.
ولا يرد على هذا أن يُقال: إن الأناشيد يراد بها مقاصد شرعية؛ كالحث على أعمال الخير وترقيق القلوب فيُقصد بها ـ من هذا الوجه ـ القربة والتعبد؛ فهي بدعة، لا يرد هذا؛ لأن هذا التعبد إنما هو بمعناه العام لا معناه الخاص؛ كما تقدم تفصيله في الأدلة، ووجه تبديع أهل السماع بقصائدهم هو وجود حقيقة التعبد بالنية، أو بما يقارنها من أحوال تعبدية محضة؛ كالتطهر لها، أو دعوى حضور الملائكة؛ وغيرها مما مر آنفاً؛ مما لا يوجد في الأناشيد موضع البحث: من نية التعبد بها، أو قرائنه.
ولا يخلو الحال في إطلاق وصف البدعة عليها من اعتبار أحد أمرين: أحدهما: التلحين، والثاني: مقصد ترقيق القلب؛ فإن قيل: إن السبب هو التلحين فيُقال: إن المواعظ يراد بها ترقيق القلوب وقد لُحِّنت؛ كما فعله بعض العلماء في خطبهم، ولم تُعتبر بدعة. وإن كان السبب في الشعر الموزون المقفى فقد قاله الصحابة وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُقصد به إلا الحكمة، أو ترقيق القلوب.
فظهر بذلك أن مراد العلماء هو الحكم ببدعية الحداء المقترن بقصد التعبد المحض، أو وجود صورة العبادة؛ كما تقدم.
ولكن اعترى بعض النشيد فِي الوقت الحاضر مفاسد ظاهرة؛ كتقليد المطربين الفسقة والتشبه بهم فِِِي ألحانهم وطريقة أدائهم، واستعمال الآلات المحرمة بوساطة الحاسب الآلي مع مبالغة شديدة في تحسين الصوت وتطريبه، من ذلك ما هو محرم ومنه ما هو مكروه.
كما أن الإكثار من سماع القصائد والترنم بها ملهاة عن كتاب الله قراءة وسماعاً وتدبراً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتليء جوف رجل قيحاً يَرِيَه خير من أن يمتليء شعراً" رواه البخاري في "صحيحه" (5689) ومسلم في "صحيحه" (2257) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومعنى يريه: يفسد جوفه.
وانظر كلام الشاطبي في "الاعتصام" (2/ 96، 98، 99) في النشيد المجرد الذي لا تعبد فيه، وقد قرر في هذه المواضع نفسها ما فيه من تجاوز؛ كالمبالغة في تمطيط الصوت وتحسينه.
الحاجز بين الرجال النساء في المساجد:
حيث ذهب بعضهم إلى أنه بدعة لتعلقه بعبادة، وطار بها بعض دعاة التغريب لفتح باب الاختلاط في المدارس وغيرها، والصحيح أن هذا الحاجز معقول المعنى على التفصيل، وهو وسيلة محضة، وعلى ما حُقق هنا فلا تدخله البدعة؛ بل هو من الوسائل التي تُتخذ عد الحاجة.
فإن قيل: لماذا تركه النبي eمع وجود المقتضي وانتفاء المانع؛ فالجواب: أن هذه الجملة لا ترد هنا، ولا تصح ضابطاً للبدعة لما تقدم تفصيله، وإنما نشتغل بالجواب على سبيل التبرع فنقول: لعل الحاجة لم تكن داعية إلى ذلك؛ لحرص الصحابيات على الحجاب، وحرص الصحابة على غض البصر؛ فإذا كان الناس على مثل حالهم فقد يقال: لا مانع من إزالته.
وإذا رأى المحتسبون الحاجة إلى ذلك كان صحيحاً مشروعاً.
فالحاصل في موضوع هذا البحث أن لا يقال: إن هذا الحاجز بدعة.
من فروع المضاهاة في العادات:
وضع المكوس الدائمة:
عدها الشاطبي ـ كما تقدم ـ من البدع لمضاهاتها لما ضرب الله حدوده من الزكوات فِي أنواع الأموال.
زيارة نصب الجندي المجهول:
ونصب الجندي المجهول يرمز إلى الشهداء من الجنود وغيرهم، وزيارته تكون تعظيماً لهم، وتنويهاً بشأنهم.
وهذه الزيارة لا يعرف لها معنى يقصده العقلاء عادة؛ فالذي يقصدونه عادة في مثل هذا هو ذكرهم، والثناء عليهم، أو الدعاء لهم، أو نفع ذريتهم إكراماً لهم.
أما وضع النصب وتخصيصه بالزيارة، والصمت عنده دقيقة ونحو ذلك؛ ففيها مضاهاة للتعبد المشروع؛ كقصد المشاعر والمساجد؛ فصارت من البدع.
الصمت حداداً:
في بعض المجتمعات يتخذون عادة يصمت فيها المرء مدة من الزمن تكون دقيقة واحدة أو أكثر حداداً على وفاة عظيم، وهذا قد يكون فِي المجتمعات والمحافل العامة.
وهناك طريقة أخرى بأن توقف السيارات فِي المدينة وينْزل منها أصحابها فيقفون مدة معينة: دقيقة أو دقيقتين حزناً على هالك أو إحياء لذكرى هالكين، واختيار الصمت والمدة لا يعقل لها معنى على التفصيل؛ فقد دخل فِي العادي شائبة التعبد؛ فكان من البدع.
التزام مدة معينة للتفرغ الدعوة:
يلتزم بعض الناس مدة معينة للدعوة يجعلها طريقة متبعة، ويداوم عليها؛ فيحدد لذلك مدة معينة؛ كأربعة أيام أو أربعين يوماً ونحو ذلك؛ فضرب هذه الأعداد لكل شخص لكل مكان ولكل زمان لا يُعقل لذلك معنى على التفصيل مضاهاةٌ لطريقة الشارع في سن الأحكام؛ فيُعتبر بدعة.
ولو كان في هذا معنى معقول يوافق فراغ الناس؛ كشهرين؛ لأنها إجازة الموظفين، وكيومين؛ لأنها إجازة نهاية الأسبوع لم يكن في هذا محذوراً؛ لخروجه عن محل البدعة بمعقولية معناه.
هذا الله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
http://www.salmajed.com/node/251
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة شبل السنة]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 12:04]ـ
ماقولكم في هذا التعريف للبدعة: البدعة هي الحدث في الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان مع الزعم بذلك إلى التقرب إلى الرحمن ولا تشهد لذلك نصوص الشرع الحسان ولا تحتمل هذا الحدث قواعد الإسلام ولم يقل به أحد من الأئمة الأعلام.
ـ[نبيل المعيقلي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 08:42]ـ
بارك الله في الأخ الباتني، وجزاه الله خيرا على ما يكتبه.
ولكن لي أن أسأل وأريد إجابة من بعض الإخوة:
لماذا نلمس في بعض المشاركات خروجا عن الموضوع؟.
بعض مشاركات إخواننا يقدمون فيها كلاما دون أن يكون له صلة بما قبله.
فإن كان الأخ يقدم عرضا لما طرحه الشاطبي، وينتظر مناقشة في صلب الموضوع، ولكم وددنا أن نستفيد، ونحن لسنا اهلا للنقاش، ولكن نتابع من أجل أن نستفيد، ولكن البعض يدخل ليقول ما يريد ان يكون.
مرات أقول بعض الإخوة لا يقرؤون الموضوع، ويكتفون بالعنوان ويجيبون.
والله المستعان.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 10:58]ـ
بارك الله في الإخوة الذين ما بخلوا علينا بالتواصل.
كنت أنوي أن أواصل الضابط الثاني للبدعة، ولكن شاء الله أن أؤجل ذلك، ربما لأجيب الأخ القرافي والأخ شبل السنة فقد طرحوا ما يستحق أن نفكر قليلا قبل الإجابة عليه.
وأشكر كل الإخوة على ما قدموه.
وأحيي الأخ نبيل المعيقلي على تحمسه للموضوع.
سأعود إن شاء الله للمشاركة.
ـ[القرافي المالكي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 11:53]ـ
أنا في الانتظارجزاك الله خيرا أبا سعيد.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 11:52]ـ
الأخ أبو سعيد
ربما بعض المخالفين الذين يطلقون لفظ البدعة على هذه الأمور يقصدون البدعة بالمعنى اللغوي.
جميل عندما حددت ما يخرج عن هذا القيد.
لكني لم أفهم وجه خروج المعاصي من هذا القيد.
لو تفضلتم بزيادة شرح قبل التقدم في الموضوع جزاكم الله خيرا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخ الحبيب القرافي المالكي:
أشكر اهتمامك بالموضوع.
أمّا عن الأمر الذّي طرحته أخي:
فإنّ المعصية قد تكون محدثة بعد عصر النبي (ص) وتشتبه بالبدعة، فأخرجها قيد نسبتها إلى الدين عن البدعة.
فمثلا حلق اللحية أُحدِث مؤخرا.
وحلق اللحية كما هو معلوم معصية ولا يصلح إطلاق لفظ البدعة بالمعنى الاصطلاحي عليه.
قال الجيزاني في قواعد معرفة البدع:
"وبهذا القيد تخرج المخترعات المادية والمحدثات الدنيوية مما لا صلة له بأمر الدين، وكذلك المعاصي والمنكرات التي استحدثت، ولم تكن من قبل، فهذه لا تكون بدعة، اللّهم إلا إن فُعلت على وجه التقرب، أو كانت ذريعة إلى أن يظن أنها من الدين".
والله تعالى أعلى واعلم.
وتقبل تحياتي أخي الحبيب.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 09:21]ـ
ماقولكم في هذا التعريف للبدعة: البدعة هي الحدث في الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان مع الزعم بذلك إلى التقرب إلى الرحمن ولا تشهد لذلك نصوص الشرع الحسان ولا تحتمل هذا الحدث قواعد الإسلام ولم يقل به أحد من الأئمة الأعلام.
إنّ هذا التعريف أخي نستطيع أن نقول بأنّه تعريف جامع مانع، مطابق لتعريف الإمام الشاطبي إلا أنّ الزيادة الأخيرة:
"ولم يقل به أحد من الأئمة الأعلام" غريبة عن التعريف.
فقوله:
"البدعة هي الحدث في الإسلام"
موافق لقول الإمام الشاطبي:
"البدعة طريقة في الدين".
وقوله:
"مع الزعم بذلك إلى التقرب إلى الرحمن"
موافق لقول الإمام الشاطبي:
"تُضَاهِي الشرعية"
وقوله:
"ولا تشهد لذلك نصوص الشرع الحسان، ولا تحتمل هذا الحدث قواعد الإسلام"
موافق لقول الإمام الشاطبي:
"مخترعة"
أي: لا أصل لها.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ـ[نبيل المعيقلي]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 12:58]ـ
بارك الله في الإخوة المشاركين
ولكني أريد أن أطرح سؤالا"
هل إذا اجتهد إمام في مسألة ما، ووصل إلى أنها سنة أو مستحب، هل يصلح أن يصفها آخر بأنها بدعة، رغم أن الأول عنده فيها دليل؟.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[25 - Aug-2009, مساء 05:36]ـ
بارك الله في الإخوة المشاركين
ولكني أريد أن أطرح سؤالا"
هل إذا اجتهد إمام في مسألة ما، ووصل إلى أنها سنة أو مستحب، هل يصلح أن يصفها آخر بأنها بدعة، رغم أن الأول عنده فيها دليل؟.
يعتمد هذا على تعريفك للدليل؟!! فقد يعدُ دليلا ما ليس بدليل
ومن ذلك استدلال المبتدعة على بدعهم بشبه يظنونها أدلة كاستدلالهم على مشروعية الذكر الجماعي بصوت واحد- مثلا - بالأدلة العامة التي ترغب في الذكر وتبين فضله للناس ولهذا قرر العلماء أن مشروعية الأصل لا تدل على مشروعية الفرع وقاعدة افتقار العبادات للأدلة الصحيحة الصريحة وغيرها ..
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[28 - Aug-2009, مساء 07:42]ـ
بارك الله في الأخ السائل والأخ المجيب فقد انتبه إلى ملحوظة دقيقة وسأل عن نوعية الدليل.
جزاك الله خيرا أخي العاصمي والأخ نبيل.
وأنا أرى أنّ الإجابة على هذا السؤال ستظهر أكثر إذا علمنا الضابط الثالث الذّي يقدّمه الإمام الشّاطبي في تعريفه، وهو في قوله:
"مخترعة".
أي: لا أصل لها.
وتحت هذه الكلمة مجموعة من القيود
أسأل الله أن ييسر الأمور لأنقلها حتىّ أستفيد وإخواني جميعا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سفينة الصحراء]ــــــــ[29 - Aug-2009, مساء 02:31]ـ
البدعة: لفظ لا يصلح إطلاقه على الفعل ما لم تتوفر ضوابطه.
ولأنّ هؤلاء اختاروا هذا التعريف الذّي يشمل كلّ ما أُحدِث بعده (ص) فلا تعجب أخي إذا وجدت الواحد فيهم يُقسِّم البدعة إلى خمسة أقسام.
- فتَنَبه -
الشيخ أبو سعيد الباتني هل يمكن أن تشرح لي هذا الكلام وأجرك على الله؟
ـ[نبيل المعيقلي]ــــــــ[31 - Aug-2009, مساء 03:53]ـ
الأخ أبو سعيد أرجو قبل الإجابة على التساءل الأخي الذي طرحه الأخ سفينة الصحراء
مازلت أسأل هل يمكن أن يقول الإمام أبي حنيفة برأي مبني على دليل، ثم نقول نحن إنه بدعة بناء على تقليد إمام من الأئمة؟
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[07 - Sep-2009, مساء 05:42]ـ
الأخ أبو سعيد أرجو قبل الإجابة على التساءل الأخي الذي طرحه الأخ سفينة الصحراء
مازلت أسأل هل يمكن أن يقول الإمام أبي حنيفة برأي مبني على دليل، ثم نقول نحن إنه بدعة بناء على تقليد إمام من الأئمة؟
الأخ نبيل:
بوركت أخي الحبيب.
أعدك ان الجواب على استفسارك سيظهر بعد سرد الضابط الثالث من ضوابط البدعة، ألا وهو قول الشاطبي" مخترعة" أي لا أصل لها.
فتحت الأصل قيود.
ونفع الله بك.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[23 - Sep-2009, مساء 10:03]ـ
أبو سعيد الباتني هل يمكن أن تشرح لي هذا الكلام وأجرك على الله؟
أقصد أخي سفينة الصحراء، أنّك إذا فتحت بعض كتب المتأخرين وجدت فيه وصفا لأمور بأنها بدعة حسنة، وبدعة مكروهة، وبدعة محرمة ...
فنبهت إخواني لعدم التعجب، لأن قولهم هذا مبني على تعريفهم للبدعة الذي لم يخرجوا فيه عن معناها اللغوي.
فقد قالوا بأن البدعة هي كل ما لم يكن على عهد رسول الله (ص).
فكان بعدها أن قسموها إلى خمسة أقسام.
والمعتمد هو التعريف الاصطلاحي للبدعة.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[27 - Oct-2009, مساء 05:18]ـ
الضابط الثالث:
قول الشاطبي:
"مخترعة"
أي لا تستند إلى أصل شرعي بطريق خاص، ولا عام.
والدليل على هذا القول من حديث النبي (ص) السابق، قوله:
" .. ما ليس منه" / "ما ليس عليه أمرنا".
قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (2/ 128):
"فكلُّ من أحدث شيئاً، ونسبه إلى الدِّين، ولم يكن له أصلٌ من الدِّين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدّين بريءٌ منه".
وقال الحافظ ابن حجر (20/ 330):
"والمرَاد بقوله: "كلّ بدعة ضلالة" ما أُحدِث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام".
وفي المشاركة القادمة إن شاء الله:
ما يخرج بهذا القيد.
ـ[أبو المظفر الشافعي]ــــــــ[27 - Oct-2009, مساء 06:35]ـ
واصل أخي الحبيب ولي عودة لك في وقت أوسع.
ـ[أبو أيمن العراقي]ــــــــ[27 - Oct-2009, مساء 10:29]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك أخانا الفاضل أبا سعيد وجعل هذا الجهد الطيب المبارك الذي تبذله في تبسيط وشرح مفهوم البدعة في ميزان حسناتك ,واصل أخي الكريم ووفقك الباري لما فيه مرضاته
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[31 - Oct-2009, مساء 09:19]ـ
أخي القارئ ....
إذا علمت أنّ الضابط الأوّل للبدعة هو:
أنّها طريقة في الدين.
والضابط الثاني هو:
مضاهاة الشرعية
والضابط الثالث:
أن تكون مخترعة (لا أصل لها).
و معناه:
لا دليل على تشريعها.
وانتبه أخي للفظ:
لا دليل عليها.
واعلم رحمك الله:
أنّ الدليل يمكن أن يكون نصًّا، أو ما يبنى عليه.
فأمّا النص فهو:
الكتاب والسنة.
وأمّا ما يبنى على النص:
فإجماع، وقياس، ومصلحة، واستصحاب، واستحسان، وعُرف ملزم .....
فانتبه إلى كلّ ما ذكرت لك ....
فإذا فهمت هذا ... سَهُل عليك إدراك أشياء كثيرة كانت تراودك ..
منها سؤالك، عن اختلاف بعضهم في الوصف بالبدعة.
وسأكتفي بالإجمال، وآتيك بالبيان لاحقا إن شاء الله.
وإن كنت طالباً أخي القارئ مزيد إيضاح، فيجب عليك أن تفهم الفُروق القائمة بين البدعة وبين باقي الأدلة، فإنّ التوسع في إلحاق صور كثيرة بالبدع من آثار الخلط بين هذه المعاني.
يتبع إن شاء الله.
ـ[سفينة الصحراء]ــــــــ[12 - Nov-2009, مساء 04:33]ـ
واصل أبا سعيد ........ بانتظار بيان الإجمال ....... كان الله في عونكم
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[14 - Nov-2009, صباحاً 11:20]ـ
أخي القارئ ....
إذا علمت أنّ الضابط الأوّل للبدعة هو:
أنّها طريقة في الدين.
والضابط الثاني هو:
مضاهاة الشرعية
والضابط الثالث:
أن تكون مخترعة (لا أصل لها).
و معناه:
لا دليل على تشريعها.
وانتبه أخي للفظ:
لا دليل عليها.
واعلم رحمك الله:
أنّ الدليل يمكن أن يكون نصًّا، أو ما يبنى عليه.
فأمّا النص فهو:
الكتاب والسنة.
وأمّا ما يبنى على النص:
فإجماع، وقياس، ومصلحة، واستصحاب، واستحسان، وعُرف ملزم .....
فانتبه إلى كلّ ما ذكرت لك ....
فإذا فهمت هذا ... سَهُل عليك إدراك أشياء كثيرة كانت تراودك ..
منها سؤالك، عن اختلاف بعضهم في الوصف بالبدعة.
وسأكتفي بالإجمال، وآتيك بالبيان لاحقا إن شاء الله.
وإن كنت طالباً أخي القارئ مزيد إيضاح، فيجب عليك أن تفهم الفُروق القائمة بين البدعة وبين باقي الأدلة، فإنّ التوسع في إلحاق صور كثيرة بالبدع من آثار الخلط بين هذه المعاني.
يتبع إن شاء الله.
أرى بأنّ هذه الضوابط متعلّقة بمفهوم البدعة الحقيقية فقط أمّا البدعة الإضافية فلا بدّ لها من ضابط آخر!! إذ الغالب أنّ صاحبها يستدل لها بعمومات الشرع إمّا بادّعاء (النص) عليها بما ليس بنص أو بادّعاء (دلالة) النص عليها بطريق الاستنباط ذلك أنّ عدم فهم الفُروق القائمة بين البدعة وبين باقي الأدلة قد أدى إلى إلصاق صور كثيرة من البدع بغيرها من الأدلة فما رأي الشيخ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[15 - Nov-2009, مساء 09:58]ـ
بوركت أخي الفاضل سفينة الصحراء
وبارك الله في الأخ العاصمي على ما أضافه
وتحديد الفروق بين البدعة وغيرها يجعلها تختلف عن غيرها بإذن الله
فلا يلحق بها غيرها مما يصلح الاستدلال عليه بأصل غير نص
ولا يلحق العمل الذي تصلح أن تكون وصفا له بغيره من الأدلة
فشكرا لك أخي العاصمي على هذه اللفتة.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[15 - Nov-2009, مساء 10:05]ـ
أولا:
الفرق بين البدعة والقياس
القياس:
إلحاق فرع بأصل قائم على دليل
أما البدعة:
فلا أصل لها.
والقياس لا يكون إلا فيما هو معلل من الأحكام، في حين تدخل البدعة العقائد والعبادات المحضة.
فإذا عَلِمت ذلك أخي القارئ ذلك جيدا
فاعرض أمامك بعض المسائل، وقبل أن تحكم عليها بالبدعة، أنظر إلى أقوال الأئمة قبلك، وحاول اكتشاف أدلتهم فيها، فربما استدلوا بالقياس.
فمثلا:
مسألة زكاة الفِطر
يقول الإمام أبو حنيفة يجوز إخراجها نقدا.
في حين أنّ لفظ الحديث لا يتحمل ذلك.
والبعض يصف إخراجها نقدا بأنّه "لا يُجزأ"، إلاّ كما نص عليها النبي (ص)، وإخراجها نقدا أمر محدث.
فقد فَهِم أئمة الحنفية أنّ الأمر في زكاة الفطر معلق بـ:
"أُغنوهم في هذا اليوم عن المسألة".
فلما توفرت العلة في النقد جاز إلحاق الحكم وإثبات الجواز.
فلا يصلح أن يوصف قولهم بالمُحدَث الذي يقصد به البدعة الاصطلاحية،
وقد يكون الحق إلى جانبهم بعد عرض الأدلة كاملة.(/)
مامعنى قوله تعالى ((وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ))؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[04 - Aug-2009, صباحاً 01:12]ـ
مامعنى قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ))
وهل الابطال للاعمال يكون بالكفر فقط او بالمعاصي او بهما معا
مع الدليل بارك الله فيكم؟؟؟
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[04 - Aug-2009, صباحاً 10:29]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي يظهر أن إبطال الأعمال يكون بالكفر والمعاصي:
قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا بالله ورسوله أطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ) في أمرهما ونهيهما (وَلا تَبْطِلُوا أعمالَكُمْ) يقول: ولا تبطلوا بمعصيتكم إياهما، وكفركم بربكم ثواب أعمالكم فإن الكفر بالله يحبط السالف من العمل الصالح.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أعمالَكُمْ). الآية، من استطاع منكم أن لا يبطل عملاً صالحا عمله بعمل سيىء فليفعل، ولا قوّة إلا بالله، فإن الخير ينسخ الشرّ، وإن الشرّ ينسخ الخير، وإن ملاك الأعمال خواتيمها.
وقال ـ رحمه الله ـ: حدثني ابن البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: ثنا أبو معاذ الخراساني، عن مقاتل بن حيان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنا معشر أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ نرى أو نقول: إنه ليس شيء من حسناتنا إلا وهي مقبولة، حتى نزلت هذه الآية (أطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تبْطِلوا أعْمالَكُمْ) فلما نزلت هذه الآية قلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر والفواحش، قال: فكنا إذا رأينا من أصاب شيئا منها قلنا: قد هلك، حتى نزلت هذه الآية (إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلكَ لِمَنْ يَشاءُ) فلما نزلت هذه الآية كففنا عن القول في ذلك، فكنا إذا رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه، وإن لم يصب منها شيئا رجونا له ".
ورواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة:
حدثنا محمد بن عبد الله بن القهزاذ، قال: حدثني ابن وهب، قال: حدثني أبو جميل، ثنا عبد الله بن المبارك، أنا بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «كنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من حسناتنا إلا مقبول حتى نزلت: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) فقلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات، والفواحش حتى نزلت: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش، ونرجو لمن لم يصبها».
قال القرطبي في تفسيره: " أي حسناتكم بالمعاصي؛ قاله الحسن. وقال الزُّهْرِي: بالكبائر. وابن جريج: بالرياء والسمعة. وقال مقاتل والثُّمَالِيّ: بالمَنّ؛ وهو خطاب لمن كان يمنّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ بإسلامه. وكله متقارب، وقول الحسن يجمعه. وفيه إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات، والمعاصي تخرج عن الإيمان ".
وروى محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة:
حدثنا أبو قدامة، ثنا وكيع، ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) فخافوا أن يبطل الذنب العمل».
وقال الحافظ في الفتح: قال ابن عبد البر: " .... قوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} .... الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال: لا تبطلوا أعمالكم بالرياء بل أخلصوها لله. وقال آخرون: لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال في عمدة القارئ: " وقد اختلفوا في معناه، فقيل: لا تبطلوا الطاعات بالكبائر، وقيل: لا تبطلوا أعمالكم بمعصية الله ومعصية رسوله، وعن ابن عباس: لا تبطلوها بالرياء والسمعة، عنه بالشك، والنفاق، وقيل: بالعجب، فإن العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. وقيل: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى على أن قوله: (ولا تبطلوا أعمالكم) (محمد: 33). عام يتناول كل من يبطل عمله، سواء كان في صوم أو في صلاة ونحوهما من الأعمال المشروعة ".
هذا والله تعالى أعلم.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[04 - Aug-2009, صباحاً 11:23]ـ
شكر الله للأخ الحبيب الشيخ الفاضل (أبا عبد الرحمن) .. واستكمالاً لفوائده أقول:
قال بعض أهل العلم: والذي يظهر أن المراد بالأعمال المقاصد لا الوسائل.
وكلام المفسرين فيها على أن المراد لا تحبطو الطاعات بالكبائر، وكلام ابن عمر رضي الله عنه ظاهر في أن هذا قول الصحابة.
وقال بعض أهل العلم: لا تبطلوها بمعصيتها؛ أي: معصية الله ورسوله.
وقال كثير من أهل العلم: الإبطال بالرياء والسمعة، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه. وعنه أيضا: بالشك والنفاق، أو بالعجب.
والكل يفيد أن المراد بالإبطال إخراجها عن أن تترتب عليها فائدة أصلا كأنها لم توجد.
قال كمال الدين في (شرح فتح القدير): وهذا غير الإبطال الموجب للقضاء، فلا تكون الآية باعتبار المراد دليلا على منع هذا الإبطال، بل دليلا على منعه بدون قضاء. أهـ
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أن الإبطال يكون للثواب، أي: لا تبطلوا ثواب أعمالكم.
قلت: وهو قريب جدا من الذي قبله.
وقد ذكر رحمه الله في (مجموع الفتاوى 10/ 639) كلاما نفيسا في بيان المراد من الآية؛ فانظره غير مأمور لأهميته.
قلت: وعلى كل تقدير؛ فيكون المعنى: لا تبطلوا أعمالكم إلا بعذر، وأنه عام لكل ما يعتبر مبطلاً للعمل.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله في (فتح القدير): قال الحسن: أي لا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي، وقال الزهري: بالكبائر، وقال الكلبي وابن جريج: بالراياء والسمعة، وقال مقاتل: بالمن، والظاهر = النهي عن كل سبب من الأسباب التي توصل إلى بطلان الأعمال كائنا ما كان، من غير تخصيص بنوع معين. أهـ
قلت: وهو الصواب الذي يقتضيه خطاب الآية.
والله تعالى أعلم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[05 - Aug-2009, صباحاً 01:49]ـ
شكر الله لكما وبارك فيكما(/)
حكم ازالة النجاسه
ـ[عصام عصام]ــــــــ[04 - Aug-2009, صباحاً 02:46]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك رأى للامام مالك ان ازالة النجاسه سنه وليس بواجب فما حكم الاخذ بهذا الرأى
ثانيا هناك بعض الامور التى فيها مشقه من حيث ازالة النجاسه واضرب لكم بعض الامثله
1 ماذ لو ذهبت الى القصاب وسلم على بيده وكان بها اثر من الدماء .. ماالحكم
2 ماذا لو غيرت اطار السياره وكان ملوث بمياه المجارى ولم اجد ما اغسل به يدى هل كل ما المسه بيدى داخل السياره اصبح نجس .....
3 ماذا لو صلى بجوارى عامل النظافه وكانت ملابسه رطبه
4 ماذ لو مشيت في طريق تجمع فيه القمامه ثم اتت ريح واصابنى غبارها
5 معلوم ان الاطفال الصغار ممكن ان يتبولون فى اى مكان فى المنزل ... ماذانفعل
وهناك الكثير والكثير من الامثله التى لا حصر لهها
برجاء فتوى شافيه وافيه ..... ولكم كل الشكر
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[04 - Aug-2009, صباحاً 06:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك رأى للامام مالك ان ازالة النجاسه سنه وليس بواجب فما حكم الاخذ بهذا الرأى
ثانيا هناك بعض الامور التى فيها مشقه من حيث ازالة النجاسه واضرب لكم بعض الامثله
و ثيابك فطهر ... الطهارة مطلوبة عند العبادات. و الانسان يعاف الرائحة الكريهة الناتجة عن كثرة النجاسة فالافضل التطهير وان لم يكن في وقت عبادة, الا ان تكون هنالك مشقة كوقت العمل.
1 ماذ لو ذهبت الى القصاب وسلم على بيده وكان بها اثر من الدماء .. ماالحكم
اغسل يدك عند الرجوع الى البت او الذهاب الى المسجد. او حتى باستعمال التراب ان لم تجد الماء. و تستطيع ان تستاذن من القصاب ان تستعمل الماء الذي عنده او عند جاره لتغسل يدك.
2 ماذا لو غيرت اطار السياره وكان ملوث بمياه المجارى ولم اجد ما اغسل به يدى هل كل ما المسه بيدى داخل السياره اصبح نجس .....
اغسل يدك بالتراب و امسحهما على جانب الطريق او على الحائط. فستزول معظم النجاسة و لا يبقى الا القليل القليل الذي يخرج عن معيار النجاسة. و احمل معك ماء و صابون في السيارة للضرورة.
3 ماذا لو صلى بجوارى عامل النظافه وكانت ملابسه رطبه
هنا النجاسة مشكوك فيها اذا لم تشم رائحة او تجد لونا للنجاسة عليه. و لا تتحرى لان الرسول صلى الله عليه و سلم نهى عن ذلك لتجنب التكلف.
4 ماذ لو مشيت في طريق تجمع فيه القمامه ثم اتت ريح واصابنى غبارها
عند العودة الى البيت او الذهاب الى المسجد, اذا شممت رائحة النجاسة او وجدت لونها على ملابسك فالاولى ان تغسلها. الا ان احتمال حدوث هذا بعيد جدا مالم تتحرى و تشكك في نفسك من باب الوسواس.
5 معلوم ان الاطفال الصغار ممكن ان يتبولون فى اى مكان فى المنزل ... ماذانفعل
اظن ان بول الصغير يكفي الرش عليه او نضحه بالماء بحيث يزول اثره و رائئحته. و لا تلتفت الى غير ذلك.
وهناك الكثير والكثير من الامثله التى لا حصر لهها
برجاء فتوى شافيه وافيه ..... ولكم كل الشكر
عند العودة الى البيت و التحضير للصلاة, انظر الى نفسك: هل تشم رائحة؟ هل تجد اثر للنجاسة عليك؟ هل تستطيع ازالتها بالنضح او الرش بالماء؟ هكذا تحكم على النجاسة و لا تكلف نفسك اكثر من ذلك.
و الله اعلم(/)
إخفاء السنن بحجة الإخلاص؟!
ـ[مذنب مستغفر]ــــــــ[04 - Aug-2009, صباحاً 10:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
بعض ممن يحافظون على السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كصيام الإثنين والخميس وصيام الأيام البيض، وصلاة الضحى وغيرها، يخفون ذلك بحجة الإخلاص وإخفاء العمل الصالح، وغالب أولئك لا يحث الناس على هذه السنن أيضاً من باب إخفاء العمل الصالح.
فكيف نوفّق بين إشاعة وإحياء سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وعمل هؤلاء؟!
وهل السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلّم يفضّل أن يخفيها الإنسان مثلها مثل النوافل كالصدقة وغيرها؟
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[04 - Aug-2009, مساء 04:07]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
بارك الله فيك أخي الكريم
كل منا أدرى بحال قلبه
ولكل مقام مقال
ـ[مذنب مستغفر]ــــــــ[05 - Aug-2009, صباحاً 01:11]ـ
بارك الله فيك أبا حاتم
ولكني أسأل لتصحيح بعض المفاهيم حول الإخلاص
مثل ذلك ترك العمل من أجل الناس، وغير ذلك، فياليت نجد بحث في هذا الموضوع المهم
نسأل الله ألا نشرك معه في عمل أحداً غيره
ونعوذ به أن نشرك به ونحن نعلم ونستغفره لما لا نعلم
ونسأله ألا يكلنا إلى أنفسنا المقصرة
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 08:30]ـ
وهل صحيح ان ترك العمل من أجل الرياء رياء؟
نود تفصيلا في ذلك بورك فيكم
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 08:32]ـ
بارك الله فيك أخي
انظر:
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=30366&Option=FatwaId
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=53324&Option=FatwaId
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[06 - Aug-2009, صباحاً 09:08]ـ
فإن ترك العمل من أجل الناس هو الرياء، قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما ....
هل ثمة دليل من القرآن أوالسنة على قول الفضيل؟
مع العلم أن تعريف الرياء شرعاً: أن يفعل الطاعة ويترك المعصية مع ملاحظة غير الله تعالى أو يخبر بها أو يحب أن يطلع عليها لمقصد دنيوي من مال أو نحوه0
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 05:18]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الامام الشاطبي رحمه الله في الاعتصام:
وَبَيَانُهُ: أَنَّ الْعَمَلَ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ ـ مَثَلًا ـ، فَيَعْمَلُ بِهِ الْعَامِلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ عَلَى وَضْعِهِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّدْبِيَّةِ، فَلَوِ اقْتَصَرَ الْعَامِلُ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَيَجْرِي مَجْرَاهُ إِذَا دَامَ عَلَيْهِ فِي خَاصِّيَّتِهِ غَيْرَ مُظْهِرٍ لَهُ دَائِمًا، بَلْ إِذَا أَظْهَرَهُ لَمْ يُظْهِرْهُ عَلَى حُكْمِ الْمُلْتَزَمَاتِ مِنَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالْفَرَائِضِ اللَّوَازِمِ، فَهَذَا صَحِيحٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَأَصْلُهُ نَدْبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِخْفَاءِ النَّوَافِلِ وَالْعَمَلِ بِهَا فِي الْبُيُوتِ، وَقَوْلُهُ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ، فَاقْتَصَرَ فِي الْإِظْهَارِ عَلَى الْمَكْتُوبَاتِ ـ كَمَا تَرَى ـ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ (فِي) مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي أَحَدِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ بِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَجَرَى مَجْرَى الْفَرَائِضِ فِي الْإِظْهَارِ السُّنَنُ؛ كَالْعِيدَيْنِ، وَالْخُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ. . . . وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَبَقِيَ مَا سِوَى ذَلِكَ حُكْمُهُ الْإِخْفَاءُ، وَمِنْ هُنَا ثَابَرَ السَّلَفُ الصَّالِحُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى إِخْفَاءِ الْأَعْمَالِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا أَوْ خَفَّ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَدِيثِ وَبِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ الْقُدْوَةُ وَالْأُسْوَةُ.اهـ
ـ[الحافظة]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 06:15]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن ترك العمل من أجل الناس هو الرياء، قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما ....
قال النووي معلقا على كلام الفضيل: "ومعنى كلامه رحمه الله أن من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مراء لأنه ترك العمل لأجل الناس إما لو تركها ليصليها في الخلوة فهذا مستحب إلا أن تكون فريضة أو زكاة واجبة أو يكون عالما يقتدى به فالجهر بالعبادة في ذلك أفضل". انتهى
السؤال الأول من الفتوى رقم (3419):
س1: قال الفضيل بن عياض ( http://java******:popUp3(14919)) رحمه الله، ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجلهم شرك. . . وأنا وإخوة لي كثير نضطر أحيانا إلى ترك بعض السنن لأجل الناس مخافة؛ إما الفتنة لأنفسنا والضرب والإهانة، وإما فتنة الناس لعامة الإخوة وتشديد الحكومة عليهم. فبالله أستحلفك أنكون إذ ذاك قد وقعنا في مغبة الرياء؟ وإن كان ذلك واقعا فما الخلاص منه؟
ج1: أما قوله إن العمل من أجل الناس شرك فهو صحيح؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وتحريم الرياء، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم: الشرك الأصغر، وذكر أنه أخوف ما يخاف على أمته عليه الصلاة والسلام.
وأما قوله: إن ترك العمل من أجل الناس رياء فليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل، والمعول في ذلك على النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) مع العناية بتحري موافقة الشريعة في جميع الأعمال؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، فإذا وقع للإنسان حالة ترك فيها العمل الذي لا يجب عليه؛ لئلا يظن به ما يضره فليس هذا الرياء، بل هو من السياسة الشرعية، وهكذا لو ترك بعض النوافل عند بعض الناس خشية أن يمدحوه بما يضره أو يخشى الفتنة به، أما الواجب فليس له أن يتركه إلا لعذر شرعي.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ـ[ابومصعب الكويتي]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 07:41]ـ
مشاركات الاخوة نافعة ولا مزيد عليها
الا أنني أرى الانسان عليه بقدر الامكان المحافظة على احياء التي أميتت بتقصير منا،
وان طرأ علي قلبه ما يفسد النية فليكثر وليلهج بهذا الدعاء (اللهم اني اعوذ بك
ان اشرك بك وأنا اعلم وأستغفرك لما اعلم) والحق ان هذه من حيل ابليس التي يصد من خلالها عباد الله عن طرق الخير والله المستعان
وفي البداية يجد صعوبة في علاج هذه المشكلة لكن مع الصبر،و
اللجوء الى الله والتوكل عليه ييأس الشيطان من العبد، وتذهب هذه
الوساوس.
والله اعلم
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 06:26]ـ
جزاكم الله خير الجزاء على التوضيح(/)
(ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم):
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[04 - Aug-2009, مساء 12:09]ـ
(ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم):
جاء في تفسير الشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله تعالى ـ " تيسير الكريم الرحمن " في قوله تعالى في سورة الأنفال: (وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ) (الأنفال23):
" والسمع الذي نفاه الله عنهم سمع المعنى المؤثر في القلب.
وأما سمع الحجة فقد كانت حجة الله عليهم بما سمعوه من آياته.
وإنما لم يسمعهم السماع النافع لأنه لم يعلم فيهم خيراً يصلحون به لسماع آياته ". أهـ
ـ[نبيل المعيقلي]ــــــــ[04 - Aug-2009, مساء 01:49]ـ
بارك الله فيك أخي ضيدان.
جزاك الله خيرا على الفائدة.
كتبها الله في ميزان أعمالك.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[04 - Aug-2009, مساء 02:02]ـ
أخي الكريم نبيل المعيقلي .... جزاك الله الجنة وبارك فيك ...
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[05 - Sep-2009, مساء 05:18]ـ
/// مثلها في المعنى قوله: ((وقالوا لو كنا نسمع أونعقل ما كنا في أصحاب السعير))، وقوله: ((إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ... إن تسمع إلاَّ من يؤمن بآياتنا)) ..(/)
الدرس الرابع من دروس الفقه الشافعي مع المخططات والتمارين العملية
ـ[صفاء الدين العراقي]ــــــــ[04 - Aug-2009, مساء 02:42]ـ
عسى الله أن ينتفع به أحد.
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 08:23]ـ
بارك الله فيك(/)
مجموعة رائعة مما كتب عن فقيد الأمة الشيخ بن جبرين رحمه الله (متسلسل)
ـ[أبوحسانة]ــــــــ[04 - Aug-2009, مساء 10:41]ـ
(1) وفاة العلامة ابن جبرين رحمه الله
للشيخ عبد العزيز الراجحي
المصدر: وكالة الأخبار الإسلامية (نبأ)
http://www.islamicnews.net/********/ShowDoc08.asp?DocID=149610&TypeID=8&TabIndex=2 (http://www.islamicnews.net/********/ShowDoc08.asp?DocID=149610&TypeID=8&TabIndex=2)
لو كان العلماء النجباء يغيبون لغاب العلامة ابن جبرين رحمه الله ..
إنها حقيقة الحياة والممات كما لا يدركها الناس ..
حياة العلم، وموات الجهل ..
سنوات قليلة، نمضي ونلقى الله؛ فمنا من يواريه النسيان مع آخر حثوة تراب تنهال على جسده، ومنا من يتردد اسمه مع كل ومضة نور تفيض بها مجالس الذكر الفائحة برياحين الجنان المحفوفة بملائكة السماء ..
يبتر الله ذكر شانئي النبي صلى الله عليه وسلم وهم أحياء، ويصدح المؤذنون باسمه في كل لحظة وفي كل قطر في قارات الدنيا السبع؛ فمن تراه الحي، ومن ذاك الميت.
وحيث غيب الموت جسد الشيخ عبد الله بن جبرين؛ فذكره لا يغيب، ومن يتابع صفحات المواقع الالكترونية ويلحظ أعداد المترحمين والمودعين للشيخ في كل موقع إخباري، شرعي، أو إخباري أو ما سوى ذلك، يدرك كم يبقى الذكر الحسن في العالمين ..
أتراهم من لاحقوه في محاكم النازيين الجدد يحظون بمثل ذكره الطيب، وتأثيره الممتد؟! أولئك الذين لم يخجلهم ضعف جسد الفقيد ووهن عظمه واستبداد المرض به أن يسعوا لإخراجه من المشفى بألمانيا بكل خسة اجتمعت في قلوب حجرية، وعقول مجهرية.
أتراهم أولئك الذين يستقوون بحبل من الناس، أي ناس، ولو كانوا أحفاد هتلر، وقتلة مروة، على عالم جليل اشتعل رأسه شيباً وامتلأ قلبه ـ نحسبه كذلك ولا نزكيه على مولاه ـ يقيناً بصدق كلماته الجريئة، وقلة اكتراثه بالأقزام، واستغنائه عن الناس، وصدعه بما يعتقد صوابه دون خوف لومة لائم .. أتراهم ـ مجتمعين ـ أقدر على كبح جماح كلمات أطلقها الشيخ يؤمن بها ـ بغض النظر عن رأي الآخرين فيها ـ وتحمل في سبيلها كل كلمات النقد والملاحقة القضائية الأثيمة من قبل أناس ماتت ضمائرهم وخاصمتهم المروءة؛ فاستغنوا بالمحاكمة الألمانية عن المناظرة الدينية؟! .. إنه وهو نحيل الجسم، خائر الجسد، قادر على تفزيع الخشب المسندة، وإرعاد الفرائص؛ أمثولة على غلبة قوة القلب قبضات الجبناء.
لا أتكلم الآن عن مآثر الشيخ العلمية وجلده في طلب العلم، وبذله حياته في سبيل العلم وتعليم الناس الخير، وتميزه في الفقه وغيره، فثمة آلاف من طلابه وأحبابه القريبين هم أولى مني بذكر مناقب الشيخ الجليل، لا بل من العلماء الكبار الأجدر على تقدير القيم والقامات، لكن لا أقل من تذكُّرِ النبل والتفاني والشجاعة في شخص هذا الرجل العظيم.
لقد سلقوا الشيخ العلامة بكلمات حداد على موقفه من قضية "حزب الله" وقالوا فيه الكثير، واتهموه بكل مسيء، لكن تبين للجميع إثرها، بُعد نظره وقوة منطقه، ورؤيته حول المستحقين بالتسمي بـ"حزب الله" والحرب التي دارت رحاها في لبنان لأهداف أصبح الآن يعرفها الجميع.
وحينما اختلف رأي الشيخين الجليلين ابن جبرين والقرضاوي حول حرب لبنان 2006 لم يمنع ذلك العلامة ابن جبرين أن يوقع على بيان يدافع عن أخيه القرضاوي في هجمة مسعورة ضده شنها المتطرفون الشيعة عليه في أعقاب تصريحاته عن عقائد الشيعة وممارساتهم.
إنه السعي للحق الذي لا يعرف التحزب، وأدب الاختلاف الذي لا يلتفت لحظوظ النفس، وهو الفيض الكريم من البيانات والتصريحات الجريئة التي وقع عليها أو صدرت باسمه، ونمت جميعها عن قلب تسكن فيه قضية الإسلام يحملها في كل مقام ومكان ..
يمضي الرجل في طريقه يلمزه أدعياء التحضر والحرية، يتجاوزون عليه، ويتعدون قدرهم، ويتجاسرون على الكبار، خبرهم، وأدرك حقائقهم، لكن معركته لم تكن معهم لذاته وشخصه، لا يلتفت لخصم أو عدو في طريقه الذي اختطه لنفسه، يدرك أن الخبال لا يصنع التاريخ، ولا أنصاف المثقفين بوسعهم هذا؛ فيترفع عن كل ذلك، ويكون كما كان .. الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.
رحم الله فقيد الأمة الإسلامية، وأخلف عليها من حفاظ الشريعة، وورثة الأنبياء، وشموع الطريق، ودلائل الخير، وعناوين النهضة.
(يُتْبَعُ)
(/)
http://majles.alukah.net/ وفاة%20العلامة%20ابن%20جبرين%2 0رحمه%20الله%20 - -%20الشيخ%20عبد%20العزيز%20الرا جحي
ـ[أبوحسانة]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 03:18]ـ
الهم الاجتماعي في حياة الشيخ ابن جبرين
أ. د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر*
لقد جمع الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن فهد بن حمد بن جبرين رحمه الله صفات قلما تجدها في شخص واحد، فعلى الرغم من انشغاله بالعلم الشرعي وتدريسه لطلابه، وتصديه للفتيا صغيرها وكبيرها، إلا أن هنالك جانباً إنسانياً اجتماعياً جعلت منه (رحمه الله) يطبق ويجسد الهدف من تعلمه أصول ذلك الدين العظيم، ألا وهو تحقيق مصالح العباد.
فقد كانت بداياته في الخدمة الاجتماعية في نهاية السبعينات الهجرية (1360ه)، عندما كلف الملك سعود يرحمه الله فضيلة الشيخ الجليل عبدالعزيز بن ناصر الشثري (أبو حبيب) رحمه الله والد معالي الشيخ ناصر الشثري حفظه الله لتقصي أحوال البادية في شمال المملكة، بعدما أصابهم نقص في أموالهم وموت مواشيهم. حيث طلب الشيخ عبدالعزيز أن يكون أنبل طلابه وهو سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين كاتباً له في هذه المهمة الاجتماعية، فلم يكن وقتها هنالك انتدابات ومميزات مثل تلكم الموجودة في وقتنا الحاضر، فمكثوا في تلك الرحلة بضعة أشهر، تعرفوا (رحمهم الله) خلالها على أحوال البادية عن قرب وصرفوا الأوقات في تعليمهم أمور دينهم، ولكن كان الهدف الرئيسي لتلك الرحلة تقصي أحوالهم المادية والاجتماعية، فكتبوا توصيات لجلالة الملك سعود رحمه الله، تعد مذكرة تاريخية صادقة بخط الشيخ عبدالله، حيث نقلوا خلالها لولاة الأمر احتياجات أبناء المنطقة وكيفية دعمهم.
فقيد الأمة رجل ما عاش لنفسه أبداً، أنفق وقته بل عمره كله في خدمة الناس وقضاء حاجاتهم، ونشر الهدى بينهم، لم يجزع على شيء فاته من الدنيا أبداً، عاش مطمئن البال مرتاح الضمير، ترك مزاحمة أرباب الدنيا وجعل التبسط في كل شيء - عدا حبه للعلم - فبيته بسيط ولكنه مليء بالبركة والزوار، وسيارته قديمة ولكنها لم تؤخره يوماً عن موعد، لذا فقد كان هَم سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله في هذه الدنيا تقصي أحوال الناس ومساعدتهم، فلا يكاد يمر يوم إلا وقد كتب خطاباً أو توصية لمسؤول أو أمير لتنفيس كربة عن مواطن أو مقيم، فهو من يترقب أحوال الأرامل والأيتام، لأنه يعلم أن ذلك من أهم رسائل هذا الدين العظيم، الذي جعل أجر العناية بالأيتام الجنة في جوار المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن الخدمات الاجتماعية التي كان يقوم بها رحمه الله هو حل مشاكل الناس وإصلاح ذات البين، فكثيراً ما تحل الكثير من القضايا العالقة في المحاكم، بمجرد دخول الشيخ حكماً فيها، حيث يحترمه الحاضرة والبادية، وعامة الناس وكبراؤهم، وقد كان يذهب دائماً بنفسه راكباً سيارته الكابرس البيضاء، في حر الشمس وتقلب الأجواء لتقديم شفاعته التي غالباً ما تؤتي أكلها، فقد كان دائماً مباركاً في سعيه، لأنه صاحب نية طيبة وأهداف سامية.
لقد كانت مسيرة الفقيد الاجتماعية وحبه وتطبيقه لتعاليم الدين في جميع جوانب الحياة، جعلت منه عالماً ربانياً متأسياً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي عَلم الأمة أصول دينهم، حيث لم يكن صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً فحسب، بل كان قائداً وإدارياً وقاضياً بين الناس، لذا فكم نحن بحاجة إلى أن يهتم العلماء في وقتنا الحاضر، بأمور مجتمعهم وهموم أمتهم، وألا ينخدعوا بزينة الدنيا وزخرفها، خصوصاً وهم العارفون والمتيقنون بزوالها.
* جامعة الملك سعود
ـ[القرافي المالكي]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 04:21]ـ
بارك الله فيك أخي.
ننتظر مزيدا من النقل، جزاك الله خيرا.
ـ[أبوحسانة]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 04:48]ـ
بارك الله فيك أخي.
ننتظر مزيدا من النقل، جزاك الله خيرا.
وفيك أخي
فاتني مصدر المقالة صحيفة الرياض على الرابط:
http://www.alriyadh.com/2009/07/20/article446126.html
ـ[أبوحسانة]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 04:53]ـ
العلاّمة ابن جبرين مع العلماء. . كلمات ومواقف وفوائد شرعية
كتب: محمد أحمد العباد
المصدر: مجلة الفرقان
http://www.al-forqan.net/makalat4.html (http://www.al-forqan.net/makalat4.html)
(يُتْبَعُ)
(/)
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، أما بعد:
فـ ((ـإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً منها)). .
هي نِعْمَ الدعوة في كل بلاء، وفي هذا البلاء، حيث لا زال يطرق الأسماع صوت الشيخ عبد الله ابن جبرين وهو يتكلمُ عن وفاةِ العلماء، يَذْكُرُ حزنَ القلوب، وبكاءَ العيون، على فقدهم، يتكلمُ عن الشيخ ابن باز تارة، وعن ابن عثيمين تارة، وعن غيرهما من العلماء تارة أخرى.
وها هم الناس اليوم يتكلمون عن الشيخ رحمه الله بنحو ما كان يتكلم، فالكلام عن أمثاله: شَرَفٌ يعودُ على المتكلم، والكتابة عن أمثاله: فَضيلةٌ تعود على الكاتب، وهي مضمارُ خيرٍ يتسابق الناس فيه، فلذلك صممتُ على المساهمة في هذا المقصد المحمود، وطمعتُ أن يكون قد أُتيح لي ما يندر الوقوف عليه من سيرة الشيخ ولو كان معدوداً محدوداً، فكانت هذه المواقف والكلمات والفوائد، فإلى المادة:
1 – مع سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ:
يَذْكُرُ الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله أن الملك سعود رحمه الله رأى إرسال ((علماء مأمونين موثوقين حريصين على هداية الأمة وبيان الحق لهم،. .))، فكان ممن وقع عليه الاختيار: ((الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين))؛ ليكون أحد الـ ((ـدعاة إلى دين الله الذي به السعادة في الدنيا والآخرة، وبه ينجو العِبادُ من غضب الله تعالى وأليم عقابه ... ، يرشدون الجاهل، ويحذرون أسباب سخط الله، ويبينون جميع واجبات الدين، وجميع ما حرمه رب العالمين)). " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 13/ 156 بتصرف واختصار"
ويذكر الشيخ ابن جبرين هذه الفائدة عن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهم الله فيقول عن الدعاء عند الملتزم - وهو الذي في الكعبة بين الباب وبين الحجر الأسود - فيلتزمه بأن يصعد ويلصق صدره بذلك المكان ويلصق يديه ويدعو يقول رحمه الله: إنه ((ورد فيه حديث مشهور تناقله العلماء بأسانيدهم أنه تستجاب فيه الدعوة، وآخر من سمعناه شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم ذكر أنه يقول: وأنا دعوت فيه فاستجيب لي، دعوة دينية رأيت أثرها ظاهرا، ذكر أيضا أنه تلقى هذا الحديث عن جده الشيخ عبد اللطيف الذي يقول أيضا: دعوت فيه فاستجيب لي، وعبد اللطيف رواه أيضا عن شيخه والده عبد الرحمن بن حسن وهو يقول أيضا: دعوت فيه فاستجيب لي، وعبد الرحمن يقول: حدثني به الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهو أيضا يقول: دعوت فيه فاستجيب لي، وكل من المحدثين إلى الصحابي يقول: أنا دعوت فيه فاستجيب لي؛ فيدل على أنه محل استجابة، ويمكن أن ذلك خاص بمن ينقلون هذا الحديث عن مشائخهم بالإسناد؛ وإن كان آخر الإسناد فيه ضعف، ولكن التجربة هذه تدل ظاهرا على أنه من مظنة الإجابة)). " شريط: بيان بعض الأخطاء التي يقع فيها الحاج س8، محاضرة عن الفضائيات "
http://wal2ee2d.jeeran.com/10aaaaaaaaaaaaaaa.gif
2 – مع الشيخ عبد الرزاق عفيفي:
((عرفته لأول مرة عام 1374هـ وكان يزور بعض المشايخ كالشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري ونقرأ عليه في المجلس حديثا من أول صحيح البخاري فيشرحه شرحا موسعا، بحيث يستغرق شرح الحديث الواحد أكثر الجلسة، وعرفته في أحد الأعوام يفسر سورة سبأ في مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، فكان يبقى في تفسير الآيتين نحو ساعة أو أكثر، ويستنبط من الآيات فوائد وأحكاما وأقوالا وترجيحات يظهر منها عظمة القرآن، وما فيه من الاحتمالات والفوائد، مما يدل على توسع الشيخ وسعة اطلاعه، وكثرة معلوماته)). " اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين (72) ط: دار الفرقان"
3 – مع الشيخ عبد الله بن حميد:
((سمعت شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله يذكر أن بعض النصارى لما كشف على إناء قد ولغ فيه الكلب، وجد في ذلك الإناء جراثيم من لعاب الكلب.
فغسلها بصابون ولم تزل وغسلها بماء وأشنان ولم تزل وألقاه في النار حتى تحترق، ومع ذلك بقيت متمسكة.
فذكر له بعض المسلمين أن الحديث جاء فيه غسله بالتراب، فوضع فيه تراباً ودلكه بحباته، فتعلقت تلك الجراثيم بحبات التراب وتفقست، وزالت فلما كشف عليه بعد ذلك وإذا هي قد زالت.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول: مما حمله على الإسلام أنه كيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم هذا السر في غسل نجاسة الكلب بالتراب. فعلى هذا لا يقوم مقام التراب غيره؛ ذلك لأن حبات التراب إذا دلك بها ذلك المكان الذي فيه تلك الجراثيم الصغيرة التي لا ترى إلا بالمجهر؛ فإنها تفقسه وتزيله، فلا يكفي الصابون ولا غيره (1))). " شرح كتاب دليل الطالب / باب إزالة النجاسة "
4 – مع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري:
وقال الشيخ عبد الله ابن جبرين عن شيخه العلامة الدوسري: ((شيخنا الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله فسر كثيرا من القرآن، يعني وصل إلى نحو سورة الأنفال أو التوبة وتفسيره أيضا فيه عجائب، يأخذ كثيرا من تفسير المنار، ويرجع إلى كثير من التفاسير ثم يأتي بأساليب عجيبة، حتى إنه طبع تفسير الفاتحة في مجلد، كما هو مشاهد، مما يدل على أن الله تعالى فتح عليه، وأنه يأتي الآخِر بفوائد زيادة على ما جاء به المتقدمون)) "شرح (أصول التفسير) لشيخ الإسلام ابن تيمية"
وقد كان الشيخ الدوسري صداعاً بالحق حريصاً على دعوة أتباع مذهب الباطنية حتى في الهند وفي باكستان؛ فإن ذلك المذهب ما عُرف عندهم ((إلا من تلك الأزمنة القريبة؛ لأنهم كانوا يعطون أحدهم من المال ما يتقوى به، ويعطونه سُبْحَةً فيها علامة الدعاية لهم؛ فيتوافدون إلى تلك البلاد، فيذكر لنا الشيخ عبد الرحمن الدوسري -رحمه الله- أنه أخذ يجادلهم؛ لماذا تحولتم؟ فيقولون: نتوجه إلى السيد الحسين والسيد علي وندعوهم)) " شريط: شرح (تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب) "
وقد كانت له مشاركة في النَّظم ((حيث إن شيخنا عبد الرحمن بن محمد الدوسري رحمه الله، نظم أيضا على نمط [القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية] أبياتاً أَخْصَرَ منها، متضمنةً لمدلولها)). "مسألة محيرة في القضاء والقدر ص7، ط: مدار الوطن بتصرف يسير "
5 – مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
كان سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله مشهوداً له بسعة الحفظ، وقد ((سئل مرة -ونحن عنده في مجلس- عن حكم التعاليق فأجاب بأنها لا تجوز، وطلب منه ذلك السائل أن يكتب في ذلك مقالا؛ فأمر بإحضار ورقة أو لوح، وأعطاني لأكتب بعنوان "حول تعليق التمائم والأوساط".
ولما ابتدأ يملي سرد بابين من كتاب التوحيد: باب (ما جاء في الرقى والتمائم، وباب التعاليق لرفع البلاء أو دفعه من الشرك، ولبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء ودفعه). أملى الآثار والأحاديث التي في البابين بسرعة من حفظه، ثم أخذ ينقل ويعلق عليها حتى امتلأت صفحتان تعليقا على هذين البابين، وأذن المؤذن للعشاء، وكان في عزمه أن يواصل، وكتب بعدما رجع تتمة ذلك إلا أنه أملاه على أحد أولاده أو غيرهم؛ مما يدل على أنه كان يحفظ مثل هذه المتون)). "شريط: الموعظة الحسنة + لقاء مفتوح "
ويروي الشيخ عبد الله أيضاً فائدة أخرى حول فيقول عن: ((المفروشات إذا كان فيها صور، سمعت شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- يسهل في أمرها إذا كانت توطأ وتمتهن ويداس عليها لأن ذلك يسهل من أمرها)). "المصدر السابق"
ومن المواقف الفقهية التي يذكرها الشيخ عبد الله عن شيخه ابن باز رحمهم الله أنه ((جرى ذكر تشريح الأرنب عند سماحة شيخنا الشيخ ابن باز -رحمه الله- فلم يَرَ في ذلك منكرًا لأن فيه فائدة، ولو كان مثلا يشنجونها، أو يضربونها بإبرة، بحيث إنها يغمى عليها ثم يشقون بطنها، وينظرون نبض القلب، وحركة بعض الأعضاء، وحركة العروق وجريانها، ويقيسون ذلك على تشريح الإنسان)) "الشريط الأخير لشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني"
http://www.arabfalcons.com/thumbnail.php?file=___________ _895219181.jpg&size= article_medium
6 – مع الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
يقول الشيخ ابن عثيمين عن الشيخ عبد الله: إنه أحد ((رموز علماء البلاد، وإذا كان العامة لا يرجعون إلى مثل هؤلاء [أي: الرموز] فإلى من يرجعون؟! إذا لم يَقُد الأُمَّةَ علماؤها فمن الذي يقودها؟!)). "لقاء الباب المفتوح (رقم135 س4)، اللقاء الشهري (رقم70 س20) بتصرف واختصار"
وقد حرص الشيخ ابن جبرين على اتباع جنازة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حتى تناقل الناس أمرا عن الشيخ رحمه الله وهو أنه عند وفاة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- ذهب الشيخ إلى مكة وتجاوز الميقات بدون إحرام، ثم أحرم فيما بعد، وأدى مناسك العمرة بالمخيط، ثم ذبح الدم بالمحظورين السابقين، وقد سئل الشيخ رحمه الله عن صحة ذلك فأجاب قائلاً: ((لم نتجاوز الميقات؛ وإنما أحرمنا ونحن في الطائرة لما حاذينا الميقات والإحرام بالنية، ولم يتسير معنا لباس المحرِم الذي هو الإزار والرداء فأحرمنا في لباسنا، ودفعنا فديتين: فدية عن تغطية الرأس، وفدية عن لباس المخيط)) " شريط: بيان بعض الأخطاء التي يقع فيها الحاج س1"
http://www.islam.gov.kw/site/admin/softs/news/data/upload/1214729720.jpg
7 – الختام: يقول الشيخ ابن جبرين رحمه الله:
((لقد كان العلماء رحمهم الله دائماً يبكون على علمائهم إذا فقدوهم، ويخشون أن يكون هذا سبباً لنقص العلم وتلاشيه، يقول ابن مشرف رحمه الله في نظمه لرثاء العلم:
على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم، ولم يبق فينا منه روح ولا جسم
ولكن بقي رسم من العلم داثر، وعما قليل سوف ينطمس الرسم)).
فـ ((ـوفاة علماء الأمة لا شك أنها مصيبة كبرى، ولكن هذه سنة الله، فالموت لا بد منه و {كل نفس ذائقة الموت} كما أخبر، ونبي الله تعالى وخلفاؤه الراشدون والأئمة قد ماتوا وسوف نلحقهم، وسوف يموت كل من عليها و {كل من عليها فان} وحيث إن موت العلماء يعتبر مصيبة، فإن الواجب على طلبة العلم أن يجدوا ويجتهدوا في تحمل العلم، فربما يحتاج إليهم عندما يقل حملة العلم)).
الحاشية:
(1) انظر: القاموس الطبي لمجموعة من الأطباء ص858، الإعجاز العلمي في الإسلام –السنة النبوية- (51).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوحسانة]ــــــــ[06 - Aug-2009, صباحاً 11:41]ـ
أنموذج من عناية الشيخ ابن جبرين - رحمه الله - بالمرأة وتعليمها! الاربعاء 22 رجب 1430 الموافق 15 يوليو 2009 http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-45-116235.htm
حواء آل جدة
أكاديمية وباحثة
جاء من المدينة النبوية للتوّ، وقَبِل دعوة كريمة ليلقي محاضرة في قاعة إحدى المدارس الكبرى بجدة، والتي كان يُقام بها درسٌ علميّ أسبوعيّ.
وافق الشيخ ابن جبرين - رحمه الله - مع ارتباطه الشديد، وتعنى ليلقي على أكثر من (500) امرأة محاضرة قيمة مرصّعة بآيات الله البيّنات، مدعمة بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تفيض نصحًا ولطفًا وتوجيهًا للمرأة لتكميل مقامات العبودية لله - جل وعلا - وتوعية بدورها ومسؤوليتها وحقوقها. لقد كانت فريدة ..
أتدرون لِمَ؟
لأن الداعية التي كانت تلقي دروسها المنتظمة في نفس القاعة كانت قد ألبست الشيخ - رحمه الله - عباءة التحزّب، ورمته لدى خواص تلميذاتها بألوان التّهم ..
ولكن الجميع استمع إلى الشيخ - رحمه الله - بإنصات عجيب .. وحُقّ له ولنا ...
قبل انتهاء المحاضرة جُمعت الأسئلة من الحاضرات، وكانت كثيرة جدًّا لم يتسنّ فرزها جميعًا. ولا تزال النساء يبعثن بأسئلتهن .. واستمر في الإجابة عن الاستفسارات والأسئلة قرابة الساعة، سوى المحاضرة التي استغرقت نحو الساعة والنصف ... لقد تأخر عن موعده المحدد بأكثر من نصف ساعة ... حتى توقف من يقرأ الأسئلة طالبًا من الشيخ أن يغادروا ليلحقوا بموعدهم .. فقال الشيخ: لا بأس هؤلاء نساء، وحقهن علينا كبير .. وواصل والنساء يبعثن بأسئلتهن التي حُجزت بعضها رأفة بالشيخ ... هذا هو الشيخ مقدّر النساء .. مقبل على تعليمهن ومعتنٍ بهن، رحمه الله. فعلت مكانته في نفوس الحاضرات في نفس المكان الذي أُسيء إليه فيه.
بعدها بعام أُعلن أنه سيشارك في الدورة العلمية الصيفية التي تُقام كل عام في جامع الملك سعود بطريق المدينة الطالع بجدة ..
فسررت أيّما سرور، حضرت فوجدت الجامع ممتلئاً بالنسوة، على الرغم من أنه الأسبوع الخامس من الدورة حيث اعتدنا أن يقل عدد الطلاب والطالبات كلما طال الأمد ..
شرح جزءًا من كتاب التوحيد للعلامة المقريزي، وجزءًا من أخصر المختصرات لابن بلبان الحنبلي - رحم الله الجميع - بعد الفجر مدة أسبوع كامل.
كان شرحه للتوحيد يستقر في النفس دون أن يحتاج إلى تقييد كراريس، وتوضيحه للفقه ما فتحت كتابًا في الفقه إلاّ وأذكر طريقته الميسرة المتفنّنة ..
وإذا قيل له هذا سؤال من إحدى الأخوات أولاه عناية في تفصيل الجواب، والاستدلال والسبر والتقسيم، ليشعر المرأة أنك مهمة، وأنك أخت الرجل في طلب العلم وغيره، مؤتسيًا بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عندما أقبل على النساء وخصص لهن يومًا يعلمهن ويفقههنّ فيه، كما كان يخصص لهن حديثًا في خطبة العيد.
وإنا لنأمل أن يُنشر نتاج الشيخ بشكل أوسع، فحتى الآن لا ندري عن اكتمال بعض السلاسل، كشفاء العليل شرح منار السبيل ونحوه.
كما نأمل أن يُطوّر موقع الشيخ - رحمه الله - ليضم شروحات الشيخ الصوتية مخرجة على هيئة كتب رقمية، كذا مجموع فتاواه ...
رحم الله الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، وجزاه خير ما جزى عالمًا عن أمته .. وأخلف للأمة بخير، وخلفه في أهله بخير ..
ـ[معالم السنن]ــــــــ[06 - Aug-2009, مساء 01:17]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
سؤال أرجو الإجابة عليه
ـ[احمد حامد الشافعى]ــــــــ[05 - Aug-2009, صباحاً 12:33]ـ
الامام الالباني رحمه الله تعالى في سلسله الاحاديث الضعيفه والموضوعه الجزء 2 رقم 598:
- " لما قدم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع ".
قال ضعيف.رواه أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " (59/ 2) وكذا البيهقي في " دلائل النبوة "
(2/ 233 - ط) عن الفضل بن الحباب قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عائشة يقول فذكره.
وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات، لكنه معضل سقط من إسناده ثلاثة رواة أو أكثر، فإن
ابن عائشة هذا من شيوخ أحمد وقد أرسله. وبذلك أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2/ 244).
ثم قال البيهقي كما في تاريخ ابن كثير (5/ 23):
" وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك ".
ولكن رده المحقق ابن القيم فقال:
في " الزاد " (3/ 13): وهو وهم ظاهر لأن " ثنيات الوداع " إنما هي ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام
السوال هل صح قول ابن القيم بان هذا النشيد قيل بعد غزوة تبوك". (اي هل وافق ابن القيم احدى من العلماء على كلامه وبماذا استدل) ارجو الاجابة لضرورة ...........
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[05 - Aug-2009, صباحاً 01:50]ـ
هو مما تفرد به الداودي، وتبعه عليه ابن القيم رحم الله الجميع .. قال ذلك الحافظ في (الفتح 8/ 128).
وفي الواقع ليس لهم دليلٌ قويٌ في الموضوع؛ إنما هو دليل عقلي، وقد رده غير واحد من أهل العلم.
بل قال ابن عبد البر في (التمهيد 14/ 82): وأظنها على طريق مكة، ومنها بدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهر إلى المدينة في حين إقباله من مكة.(/)
من صور إخفاء الصدقة ..
ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[05 - Aug-2009, صباحاً 07:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، - وذكر منهم - ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُه ما تنفق يمينه " متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "صدقة السر تطفئ غضب الرب" صححه الألباني بمجموع طرقه وشواهده، السلسلة الصحيحة، حديث رقم (1908)، (4/ 535).
قال ابن حجر - رحمه الله - في الفتح بعد الحديث الأول رقم (660) باب الصدقة باليمين:
ثم إن المقصود منه - أي من قوله: "حتى لا تعلمَ شمالُه ما تنفق يمينه" - المبالغةُ في إخفاء الصدقة بحيث إن شماله مع قربها من يمينه وتلازمهما لو تصور أنها تعلم لما علمت ما فعلت اليمين لشدة إخفائها , فهو على هذا من مجاز التشبيه. ويؤيده رواية حماد بن زيد عند الجوزقي " تصدق بصدقة كأنما أخفى يمينه من شماله ".
ويحتمل أن يكون من مجاز الحذف والتقدير حتى لا يعلم ملك شماله.
وأبعد من زعم أن المراد بشماله نفسه وأنه من تسمية الكل باسم الجزء فإنه ينحل إلى أن نفسه لا تعلم ما تنفق نفسه ,
وقيل هو من مجاز الحذف والمراد بشماله من على شماله من الناس كأنه قال مجاور شماله ,
وقيل المراد أنه لا يرائي بصدقته فلا يكتبها كاتب الشمال , وحكى القرطبي عن بعض مشايخه أن معناه أن يتصدق على الضعيف المكتسب في صورة الشراء لترويج سلعته أو رفع قيمتها واستحسنه , وفيه نظر إن كان أراد أن هذه الصورة مراد الحديث خاصة , وإن أراد أن هذا من صور الصدقة المخفية فسلم والله أعلم. " أ. هـ
وعلى هذا الاحتمال الأخير يكون من صور إخفاء الصدقة أن يتصدق على الضعيف المكتسب في صورة الشراء لترويج سلعته أو رفع قيمتها - كما رأى ابن حجر ذلك مسلِّمًا بصحته -.
هذا ما تيسَّر طرحُه، وأرجو من الإخوة إثراء الموضوع بذكر فوائدَ من كلام أهل العلم في صور إخفاء الصدقة.
ـ[مذنب مستغفر]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 05:56]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من صور إخفاء الصدقة التحويل عبر خدمة المباشر للراجحي مثلاً
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 08:26]ـ
بارك الله فيكم(/)
هل الهموم من ضعف الإيمان؟
ـ[أحمر العين]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 12:00]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبعد
التفتَ الإمام عن اليمين والشمال مسلماً من صلاة الجمعة 14/ 4/1430هـ وأقبل بوجهه على المصلين، وتحركت الجموع بين منصرف ومسند لظهره وقائم يتنفل ..
فقام من أمامي رجل أقرب للبدانة في الجسم، توجه إلى الإمام وهمس بكلمات أظن أن الإمام نفسه لم يسمعها إلا أن الوضع للجميع كان ظاهراً أنه يطلب المكبر لإلقاء كلمة،
أمسك بالمكبر وواجه عموم المسبحين فإذا به رجل قصير ذو لحية كثة طويلة اختلط بياضها الحديث بسواد يئن، منبئٌ عن إيذانٍ برحيل .. واتسم على محياه علامة الثبات.
وبعد صمت قصير شد به الانتباه وحبس به الأنفاس وجلس به من كان قد قام للانصراف،
انطلق لسانه بالبيان فإذا به يحذر الأمة من انتشار مرض خطير، وداء عضال تفشى في الأمة هذا العصر ...
ويستمر بمقدمته التي حبست أنفاسنا، والكل فضوله يقاتله ليعرف المراد من حديث الخطيب حتى أفصح بقوله:
إنه قول الناس:
أنا طفشان، زهقان، نكدان ..
وبأسلوبٍ أفصح الهموم والغموم ..
----
إذا عُرِفَ السبب بطل العجب ..
أسندتُ رأسي مُتكأً على متكئ المسجد، وغبتُ في تلك اللحظات سابحاً في فكر بعيد لم أدري بنفسي إلا والصوت قد انقطع والخطيب يتنفل فأسرعتُ الخُطا إلى محل عملي، فأنا أعمل بلا انقطاع ولا عطل رسمية حتى في أعياد المسلمين.
سارعتُ الخُطا مستمراً في بحر الأفكار المتلاطمة.
هل هذا الرجل يعي ما يقول؟!
لقد يظهر واضحاً على هيئته اليسر والراحة النفسية والبدنية ..
فهل هؤلاء يعقلون ما يقولون؟
أيظنون أن الأمة جمعاء تعيش كحالهم، حتى يصف أصحاب الهموم على العموم بضعف الإيمان والابتلاء بمرض العصر؟
حقاً إني لأعجب.
وكيف لا أعجب وحق لي العجب.
أيستوي هذا وذاك؟.
دعنا من مثاليات من لم يعش حياة الكدر، ولم يعي الجمع بين نصوص القدر ..
والله لقد سئمت أمثال هؤلاء الوعاظ الذين تخالف فعالهم أقوالهم،
أَتَذكرُنِي – قبل سُنيَّاتٍ معدودة من هذا الحدث - وأنا في مسجد أستمع لأحدهم وهو يحدث عن الزهد في الدنيا وابتغاء الآخرة، في كلام شجي يبعث على الإحساس بالرقي الروحي، والارتقاء إلى مراتب التوكل الحقيقي واليقين ..
ويصفعني واقعي للعودة إلى عملي في محل تجاري وإذ بالخطيب يدخل إلى المحل ليعانق صاحب المحل فإنه صديقه، ولك أن تتخيل الحديث الذي لم ينقطع حول زيادة الدخل وطرق التجارة والكسب الحلال!!
الله المستعان ..
الرجل دخله أضعاف أضعاف دخل الفرد العادي في المجتمع، ويملك بيتاً وسيارة ومتزوج وله أولاد ولأبيه عقار وعمارة يمتلكها. فماذا بعد؟!
ولماذا إذاً يعظ الناس في الزهد في الدنيا؟!
لا .... لا،،
أرجوكم لا تفهموني خطأً،
أنا لست معارضاً للدعوة إلى الخير.
والوعظ بالقربات ولو ممن لا يفعلها ..
ولكنَّ نفسي لا تقبل مثل أولئك الذين يدعون إلى خير لا يأتونه ..
نعم قد يُهدى على يديه ويُنتفع به ولو كان هو بعيداً عما يقول.
ورد عن ابن الجوزي – فيما نقله العثيمين في شرحه لرياض الصالحين - أنه جاءه عبد يطلبه أن يعظ الناس في فضل العتق لما لابن الجوزي من تأثير في الوعظ مشهور، وكان سيد العبد ممن يحضر للشيخ فأراد العبد أن يسمع سيده الموعظة في فضل العتق فيعتقه
فقبل الشيخ ووعده خيراًَ، إلا أنه تأخر ما شاء الله أن يتأخر فجاءه العبد عاتباً أو مذكراً،
فأجابه الشيخ بأنه لم يملك بعد عبداً ليعتقه، وأنه لا يحب أن يعظ الناس بشيء لم يفعله،
ثم لبث ما شاء الله حتى تمكن من العتق فوعظ فأبلغ وتحقق ما تمناه العبد إذ تأثر سيده فمن عليه بالعتق.
نعم فهذه الصور حقيقية ولكنها قديمة مهترئة بعامل الزمن، إذ الجديد وللأسف سريع العطب.
------
هل أُفْصِح لك فأقول أني لا أرى زاهداً حقيقياً في هذا الزمن،، وأن وعاظنا أراهم يعظون بغير ما يفعلون،،
لم أتعرف على أحد إلا وجدته يهدر، ويسعى لزيادة الدخل ..
أليس هذا هو مرض العصر الحقيقي؟
أين نحن عن الزهد والزهاد والتفرغ للطاعات،،
أنا لست ضد زيادة الدخل والسعي لها،
ولست أمنع الوعظ من واعظ لم يعمل بوعظه
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي حديث أسامة رضي الله عنه في ذاك الآمر بالمعروف ولما يأتيه، والناهي عن المنكر ويأتيه .. قد انتفع بالرجل أقوام فهذا خيرٌ وإن كان هو لم ينفع نفسه فأمر آخر ..
وقال أحمد بن حنبل: أكذب الناس القصاص، والسؤال، وما أحوج الناس إلى قاص صدوق؛ لأنهم يذكرون الموت، وعذاب القبر
قيل له: أكنت تحضر مجالسهم قال: لا.
ذكره ابن الحاج في المدخل.
وفي الآداب الشرعية لابن مفلح عنه رحمه الله قال: القصاص الذي يذكر الجنة والنار والتخويف ولهم نية وصدق الحديث، فأما هؤلاء الذين أحدثوا من وضع الأخبار والأحاديث فلا أراه، قال أبو عبد الله: ولو قلت أيضا إن هؤلاء يسمعهم الجاهل والذي لا يعلم فلعله ينتفع بكلمة أو يرجع عن أمر،
كان أبو عبد الله يكره أن يمنعوا أو قال ربما جاءوا بالأحاديث الصحاح أ. هـ
فهو يذكر سوء القصاص ويكره منعهم للفائدة.
-------
يالنفسي السيئة، الأمارة بالسوء ما الذي جرني إلى هذا الحديث ولست أقصده
عودة على ذي بدء
عودة إلى واعظنا حول الهموم - مرض العصر،
إن هؤلاء الذين يبالغون فيما لا يفقهون، تدعوني نفسي أحياناً تحميلهم تبعة سوء فهم كثير من المثقفين جمال ديننا وروعته ,
إذا نظرت إلى هذا المتكلم المرغب بالزهد والزهاد والمرهب المشنع على مرضى الهموم تراه لا يعرف عن هذا إلا في الكتب، فهو ذو مال وصحة قد حاز الدنيا ..
صلى الله عليك يا نبي الله القائل: (من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) (الصحيحة 2318).
صلى الله عليك يا نبي الله القائل: (أربع من السعادة: المرأة الصالحة، و المسكن الواسع، و الجار الصالح، و المركب الهنيء.
و أربع من الشقاء: الجار السوء، و المرأة السوء، والمركب السوء والمسكن الضيق). (الصحيحة282)
فهل عرفت حال غيرك حتى تنغص عليه بدعواك ..
وهلا تفقهت قبل أن تسود وتهرف بما لا تعرف.
فصلى الله عليك يا نبي الله القائل: (إذا أصاب أحدكم غم أو كرب فليقل: الله، الله ربي لا أشرك به شيئاً). (الصحيحة 2755)
وصلى الله عليك يا نبي الله القائل: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال) متفق عليه
والقائل في دعاء الكرب: (ما أصاب أحداً قط هم و لا حزن، فقال: اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري و جلاء حزني و ذهاب همي.
إلا أذهب الله همه و حزنه و أبدله مكانه فرجا.
قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟
فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها) (الصحيحة 199)
ولا نجد في أخباره - صلى الله عليه وسلم - سوى الإرشاد للعلاج، والإقرار بورود هذا المرض على الأخيار من غير تعنيف.
-------
لقد كان الأوائل حياتهم قريبة يسيرة والتزاماتهم قليلة، إن الشخص منهم إذا عمل نهاره أتى بقوت يومه، ولا يفكر في غده، وإن فكر وإن وسع فلا زالت حياتهم يسيرة ..
إننا في زمن كمالياته أضحت ضروريات،
البيت مستأجر، فهل لك أن تبني في أي بقعة ما يؤيك وأسرتك؟ .... لا!
وللبيت كهرباء وماء ودورة مياه وصرف صحي ..
الاتصالات ..
المدارس النظامية ومستلزماتها من لبس وأدوات وخلافه،
المأكولات بل حتى الحفائظ، طفلك يأكل بمال ويتغوط بمال.
الموصلات ومتطلبات المراكب والسيارات ..
ضرائب الدولة ..
وإذا أردت الخروج والاغتراب بحثاً عن المعيشة لم يتيسر الأمر للحدود والجوازات ..
أمور وتعقيدات فرضتها الحياة العصرية ..
ثم بعد هذا يأتي من أنجاه الله من هذا كله وفتح له من أبواب الرزق مالا يحتاج معه إلى بعض هذا الهم والكدر فيدعو الناس بما لو كان عليه ما أدري كيف كان .. ويصفهم بضعف الإيمان!!
------
إن التوكل الحقيقي واليقين الشرعي مطلب عزيز لم يصل إليه سوى بعض القوم وليس من الحكمة دعوة العوام لمراتب الكمال فقد أنكر السلف لصاحب الصغائر أن يسأل ويتورع في الدقائق كما في فعل ابن عمر رضي الله عنه مع أهل العراق في دم الحسين،
قال ابن رجب في جامع العلوم:
(يُتْبَعُ)
(/)
((وهاهنا أمر ينبغي التفطنُ له وهو أنَّ التدقيقَ في التوقف عن الشبهات إنَّما يَصْلُحُ لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعمالُه في التقوى والورع،
فأما مَنْ يقع في انتهاك المحرَّمات الظاهرة، ثم يريد أنْ يتورَّعَ عن شيء من دقائق الشُّبَهِ، فإنَّه لا يحتمل له ذلك، بل يُنكر عليه،
كما قال ابنُ عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دم البعوض وقد قتلُوا الحسين، وسمعتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:هُمَا رَيحَانَتاي من الدُّنيا)) انتهى المراد منه ..
إن قول بعض السلف – وينسب لإبراهيم بن أدهم - لمن رآه مهموماً:
إني سائلك عن ثلاث فأجبني:
قال سل.
قال: هل يجري في ملك الله شيء لا يريده الله؟
قال: لا.
قال: هل ينقص من رزقك شيء كتبه لك الله؟
قال: لا.
قال: هل ينقص من أجلك لحظة قدرها الله لك في الحياة؟
قال: لا.
قال: فعلام الهم إذاً؟
إن هذا ليس دعوة لكمال التوكل واليقين، بل دعوة لتمام الإيمان بالقضاء والقدر.
وأنا هنا أقر أن العبد لو بلغ مراتب الكمال لن يستقر الهم فيه ولو كثرت عليه مداخله لسعة المخارج لديه.
إن السلف مع يسر حياتهم بالمقارنة مع حياتنا إلا أن الحال لم يكن يخلو عندهم من الحال عندنا مع اختلاف تفرضه التغيرات العصرية، فقد كان الأغنياء قد كُفوا مشقة الكد وطلب المعيشة، وأهل الفقر والحاجة لم يزلوا في اهتمام من تزاحم الطلب والحاجة.
نعم قد ضربوا أروع الأمثال في الزهد في الدنيا إلا أنهم لم يخلوا قط من الهموم وهي المراد من موضوعنا، ويكفي في الإشارة إلى هؤلاء قول سفيان ابن عيينة لما بلغه وفاة البرمكي فقال: اللهم أكفه مؤونة الآخرة كما كفاني مؤونة الدنيا .. أو كما قال ..
ولمّا ناظر أبو الوليد الباجي وكان ذا حاجة، ابن حزم وكان من أهل اليسر،
قال له الباجي: أنا أعظم منك همّة في طلب العلم، لأنّك طلبته وأنت مُعَانٌ عليه تسهر بمشكاة الذهب، وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق،
فقال ابن حزم: هذا الكلام عليك لا لك، لأنّك إنّما طلبتَ العلم وأنت في تلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبتُه في حين ما تعلمه وما ذكرته، فلم أرج به إلاّ علوّ القدر العلمي في الدنيا والآخرة؛ فأفحمه.
--------
وأخيراً
فالهموم والغموم
أمراض تعتري المسلمين بجميع طبقاتهم وفئاتهم رفيعهم ووضيعهم غنيهم وفقيرهم من زمن الصحابة إلى انتهاء دورة هذه الحياة الفانية.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه العلاج بالدعاء وثمة أذكار، من غير استنكار لمن وقعت عليه، أو وصم بضعف الإيمان،
بل قد جاء امتنان رب العالمين سبحانه بها علينا فعدها كفارات للعبد، منة امتن الله بها على عباده من داء لا وقاية منه.
فعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
ولمسلم: ((ما يصيب المؤمن من وصب و لا نصب و لا سقم و لا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته)).
ولازال كبار العلماء والسلف يقعون في هذه الهموم جراء ضغوطات الحياة ومتطلباتها ويتعوذون من الهم ونواتجه ..
أما أن نطلق أن الهم مرض عصري نتاج ضعف إيمان بالله والقضاء والقدر فهذا ما أظنه جهل لا يصدر إلا عن جاهل ..
إلا أن يفصل المراد ويبين الفرق بين الأمرين و لا يعمم .. فإن مقاله إذا فصل تمكنا من توجيهه إلى وجهة صائبة.
والله المستعان ..
***************-----------------****************
وكتبه أبو محمد (أحمر العين)
الاثنين:17/ 4/1430هـ
الموافق: 13/ 4/2009م
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 02:09]ـ
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا ... كلام رائع(/)
ياطلبة العلم أفتوني في هذا مأجورين .. قال الله تعالى ......
ـ[أبو الفيصل]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 08:31]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى " وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين "
وروى الإمام أحمد من حديث عبدالله بن عمر قال
" لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرار ولكن قد سمعته أكثر من ذلك قال: كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال: ما يبكيك؟ أكرهتك؟ قالت: لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملني عليه الحاجة قال: فتفعلين هذا ولم تفعليه قط قال: ثم نزل فقال: اذهبي فالدنانير لك، ثم قال: والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا بأعلى بابه قد غفر الله عز وجل للكفل "
حسنه الترمذي
وقد ذكر المباركفوري في شرحه " " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي "
(كان الكفل)
بكسر الكاف وسكون الفاء اسم رجل
وحقيقة مادعاني الى الحيرة هو ورود هذا الحديث في كتاب "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء " لأبي نعيم
وذكر اسم " ذو الكفل " مانصه:
(عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة يقول: " كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن شيء، فهوي امرأة راودها عن نفسها وأعطاها ستين دينارا، ولما جلس منها بكت وارتعدت، فقال لها: ما لك؟ فقالت: والله إني لم أعمل هذا العمل قط، وما عملت إلا من الحاجة؟ قال: فندمذو الكفل وقام من غير أن يكون منه شيء وأدركه الموت ليلته، ولما أصبح وجد على بابه مكتوب أن الله تعالى قد غفر لذي الكفل ".)
غريب من حديث سعيد
وقد ذكر القرطبي في تفسيره قال:
وخرج الترمذي الحكيم في (نوادر الأصول) وغيره من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
كان في بني إسرائيل رجل يقال له ذو الكفل لا يتورع من ذنب عمله، فاتبع امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت وبكت، فقال ما يبكيك، قالت: من هذا العمل والله ما عملته قط، قال: أأكرهتك قالت: لا ولكن حملني عليه الحاجة، قال: اذهبي فهو لك، والله لا أعصي الله بعدها أبدا، ثم مات من ليلته فوجدوا مكتوبا على باب داره إن الله قد غفر لذي الكفل
وخرجه أبو عيسى الترمذي أيضا ولفظه. ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين - حتى عد سبع مرات - ولكني سمعته أكثر من ذلك؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة، فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت وبكت، فقال: ما يبكيك أأكرهتك، قالت: لا ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك، وقال والله لا أعصي الله بعدها أبدا، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه إن الله قد غفر لذي الكفل
قال: حديث حسن.
فالسؤال هنا
هل الكفل الذي ورد في السنة النبوية هو من جاء ذكره بالقران الحكيم " ذا الكفل "؟
وفقني الله وإياكم لما فيه خير للإسلام والمسلمين
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 08:47]ـ
ينظر:
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=47&idto=47&bk_no=59&ID=57
ـ[أبو الفيصل]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 09:56]ـ
أخي الكريم
رأيت هذا
ومع أن ابن كثير ذكر مانصه:
(وإنما لفظ الحديث " الكفل " من غير إضافة فهو رجل آخر غير المذكور في القرآن الكريم. والله أعلم بالصواب)
فهناك حديث آخر يذكر " ذي الكفل "
كما في حلية الأولياء
وتفسير القرطبي
وهو ماأدندن حوله
بارك الله فيك
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[06 - Aug-2009, مساء 12:21]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
أولا أخي الكريم سأبتديء معك بـ (ذا الكفل) الوارد في القرآن المجيد؛ فأقول:
قد اختلف فيه على قولين، والقول الثالث: التوقف في أمره. وهو اختيار الطبري
(يُتْبَعُ)
(/)
فالقول الأول: أنه نبي؛ لأن الظاهر أنه ما قرن مع الأنبياء إلا وهو نبي. وهو قول الأكثر فيه.
والقول الثاني: أنه رجل صالح، وكام ملكاً عادلا وحكماً مقسطا. وهو مروي عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد وغيرهما.
قلت: ولعله الأشبه والأصح فيه. فقد ورد عدة أجاديث تبين حاله وإن كان في اسنادها شائبة إلا أنها مما يستأنس به هنا، انظر على سبيل المثال (تاريخ دمشق 17/ 371 وما بعدها).
أما بالنسبة لـ (ذي الكفل) الوارد في السنة قد اختلفت الروايات في نقل كنيته، ففي بعضها (ذو الكفل) _ وهو قليل فيها _، وفي بعضها الآخر (الكفل) من غير إضافة _ وهي الأكثر من الرواية فيه _.
فممن رواها بغير إضافة كلٌ من:
الحاكم في (المستدرك رقم 7651)، الترمذي في (السنن رقم 2496) ومن طريقه المزي في (تهذيب الكمال 10/ 319)، أبو يعلى في (المسند رقم 5726)، الإمام أحمد في (المسند رقم 4747)، البيهقي في (الشعب رقم 7109)، ابن عساكر في (تاريخ دمشق 17/ 379).
وممن رواه بالإضافة كلٌ من:
ابن حبان في (الصحيح رقم 387)، أبو نعيم في (الحلية 4/ 297).
وهذا الحديث على أنه حديث حسن؛ إلا أنه كما قال أبو نعيم: (حديث غريب من حديث سعيد، لم يروه عنه إلا الأعمش، ولا عنه إلا أبو بكر بن عياش وأسباط، ورواه غيرهما عن الأعمش فقال بدل سعيد: عن سعد مولى طلحة).
وقد أشار إلى الإضطراب في سنده الإمام الترمذي رحمه الله في سننه عند الحديث وفي علل الحديث؛ ونقل كلام البخاري فيه وأن الصحيح أنه مرفوع.
وكذا ابن عساكر في تاريخه وذكر كل هذه الروايات فيه وكلها بدون إضافة.
فلذلك قال العلامة ابن كثير في تفسيره: (وهذا حديث غريب لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة _ قلت: بل أخرجه الترمذي _ وإسناده غريب، وعلى كل تقدير فلفظ الحديث إن كان (الكفل) ولم يقل (ذو الكفل) فلعله رجل آخر، والله أعلم).
وقد فرق بينهما الحافظ ابن حجر في (نزهة اللقاب) فقال: (ذو الكفل؛ جماعة: أحدهم: نبي ذكر في القرآن، والآخر له ذكر في حديث، ولم أقف على اسمهما. والثالث: اسمه سالم؛ ويقال: ميمون بن إبراهيم، وهو أخو ذي النون المصري).
قلت: وهذا هو الصحيح الصواب فيهما، والموافق للروايات الواردة فيهما، أنهما رجلين مختلفين، ليسا بواحد. فالذي ورد في القرآن ليس هو من ورد في السنة هنا في هذا الحديث معنا.
وحتى من رواه بالإضافة لا يعني هذا أن يكون هو الوارد في القرآن لثلاثة أمور:
1) أن حياة ذا الكفل الوارد في القرآن لم يذكر فيها أنه كان قبلاً من أهل المعاصي والذنوب، وهذا ثابت في غير ما حديث وأثر ذكرت قصة (ذا الكفل) الوارد في القرآن.
2) لا يبعد أن تكون الإضافة هنا من باب التجوز والخطأ، وأنه سبق نظر لمن رواها.
3) ان روايات الإضافة لما أن كانت قليلة جدا كما ذكرت لك، فإنه تحمل على الروايات الكثيرة وهي عدم الإضافة، فيعرف في هذه الحالة أن الإضافة خطأ.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو الفيصل]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 12:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
أولا أخي الكريم سأبتديء معك بـ (ذا الكفل) الوارد في القرآن المجيد؛ فأقول:
قد اختلف فيه على قولين، والقول الثالث: التوقف في أمره. وهو اختيار الطبري
فالقول الأول: أنه نبي؛ لأن الظاهر أنه ما قرن مع الأنبياء إلا وهو نبي. وهو قول الأكثر فيه.
والقول الثاني: أنه رجل صالح، وكام ملكاً عادلا وحكماً مقسطا. وهو مروي عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد وغيرهما.
قلت: ولعله الأشبه والأصح فيه. فقد ورد عدة أجاديث تبين حاله وإن كان في اسنادها شائبة إلا أنها مما يستأنس به هنا، انظر على سبيل المثال (تاريخ دمشق 17/ 371 وما بعدها).
أما بالنسبة لـ (ذي الكفل) الوارد في السنة قد اختلفت الروايات في نقل كنيته، ففي بعضها (ذو الكفل) _ وهو قليل فيها _، وفي بعضها الآخر (الكفل) من غير إضافة _ وهي الأكثر من الرواية فيه _.
فممن رواها بغير إضافة كلٌ من:
الحاكم في (المستدرك رقم 7651)، الترمذي في (السنن رقم 2496) ومن طريقه المزي في (تهذيب الكمال 10/ 319)، أبو يعلى في (المسند رقم 5726)، الإمام أحمد في (المسند رقم 4747)، البيهقي في (الشعب رقم 7109)، ابن عساكر في (تاريخ دمشق 17/ 379).
وممن رواه بالإضافة كلٌ من:
ابن حبان في (الصحيح رقم 387)، أبو نعيم في (الحلية 4/ 297).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الحديث على أنه حديث حسن؛ إلا أنه كما قال أبو نعيم: (حديث غريب من حديث سعيد، لم يروه عنه إلا الأعمش، ولا عنه إلا أبو بكر بن عياش وأسباط، ورواه غيرهما عن الأعمش فقال بدل سعيد: عن سعد مولى طلحة).
وقد أشار إلى الإضطراب في سنده الإمام الترمذي رحمه الله في سننه عند الحديث وفي علل الحديث؛ ونقل كلام البخاري فيه وأن الصحيح أنه مرفوع.
وكذا ابن عساكر في تاريخه وذكر كل هذه الروايات فيه وكلها بدون إضافة.
فلذلك قال العلامة ابن كثير في تفسيره: (وهذا حديث غريب لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة _ قلت: بل أخرجه الترمذي _ وإسناده غريب، وعلى كل تقدير فلفظ الحديث إن كان (الكفل) ولم يقل (ذو الكفل) فلعله رجل آخر، والله أعلم).
وقد فرق بينهما الحافظ ابن حجر في (نزهة اللقاب) فقال: (ذو الكفل؛ جماعة: أحدهم: نبي ذكر في القرآن، والآخر له ذكر في حديث، ولم أقف على اسمهما. والثالث: اسمه سالم؛ ويقال: ميمون بن إبراهيم، وهو أخو ذي النون المصري).
قلت: وهذا هو الصحيح الصواب فيهما، والموافق للروايات الواردة فيهما، أنهما رجلين مختلفين، ليسا بواحد. فالذي ورد في القرآن ليس هو من ورد في السنة هنا في هذا الحديث معنا.
وحتى من رواه بالإضافة لا يعني هذا أن يكون هو الوارد في القرآن لثلاثة أمور:
1) أن حياة ذا الكفل الوارد في القرآن لم يذكر فيها أنه كان قبلاً من أهل المعاصي والذنوب، وهذا ثابت في غير ما حديث وأثر ذكرت قصة (ذا الكفل) الوارد في القرآن.
2) لا يبعد أن تكون الإضافة هنا من باب التجوز والخطأ، وأنه سبق نظر لمن رواها.
3) ان روايات الإضافة لما أن كانت قليلة جدا كما ذكرت لك، فإنه تحمل على الروايات الكثيرة وهي عدم الإضافة، فيعرف في هذه الحالة أن الإضافة خطأ.
والله تعالى أعلم
أخي الحبيب السكران التميمي
أسأل الله أن يكتب لك بكل حرف أجر عظيم
لقد أجدت وأفدت فأحسنت
أحسن الله اليك(/)
حكم إحياء ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان (دراسة مقارنة)
ـ[محمدالامين الشنقيطي]ــــــــ[05 - Aug-2009, مساء 09:36]ـ
حكم إحياء ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان (دراسة مقارنة)
عبد الفتاح بن صالح قُدَيش اليافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وأتباعه وبعد:
فيقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن لله في أيام دهره لنفحات ألا فتعرضوا لنفحات الله) ومن حكمة الله أن فضل بعض الليالي على بضع ليغتنمها ذوو الألباب , ومن الليالي الفاضلة التي ينبغي اغتنامها ليلتا العيد وليلة النصف من شعبان , وهذه بحث موجز في حكم قيام تلك الليالي وقد جعلته على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: أقوال الفقهاء وأهل العلم في ذلك
المبحث الثاني: الأحاديث الواردة في فضل ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان
المبحث الثالث: فوائد متممة تتعلق بليلة النصف من شعبان
المبحث الأول
أقوال الفقهاء وأهل العلم في ذلك
- ذهب جماهير أهل العلم إلى استحباب إحياء ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان وقد اتفقت المذاهب الأربعة على ذلك
- وجمهور أهل العلم على استحباب الاجتماع لإحياء تلك الليالي , وكره بعض أهل العلم الاجتماع واستحبوا الإحياء بدون اجتماع
- والذين استحبوا الاجتماع جمهورهم استحبوا الجماعات الخاصة في البيوت ونحوها دون الجماعات العامة في المساجد , وبعضهم استحب الجماعات العامة في المساجد كما هو في التراويح
وهذه بعض أقوال أهل العلم من المذاهب الأربعة:
من أقوال الحنفية:
قال ابن نجيم في البحر الرائق 2/ 56: (ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث وذكرها في الترغيب والترهيب مفصلة , والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه
ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد قال في الحاوي القدسي ولا يصلي تطوع بجماعة غير التراويح وما روي من الصلوات في الأوقات الشريفة كليلة القدر وليلة النصف من شعبان وليلتي العيد وعرفة والجمعة وغيرها تصلى فرادى انتهى) اهـ
وفي درر الحكام لمنلا خسرو 1/ 117: (ومن المندوبات إحياء ليال العشر الأخير من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان
والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد) اهـ
وفي شرح الحصكفي 2/ 25: (وإحياء ليلة العيدين والنصف من شعبان والعشر الأخير من رمضان والأول من ذي الحجة ويكون بكل عبادة تعم الليل أو أكثره) اهـ
وفي حاشية ابن عابدين عليه 2/ 25: (مطلب في إحياء ليالي العيدين والنصف وعشر الحجة ورمضان:
(قوله وإحياء ليلة العيدين) الأولى ليلتي بالتثنية: أي ليلة عيد الفطر , وليلة عيد الأضحى (قوله والنصف) أي وإحياء ليلة النصف من شعبان.
(قوله والأول) أي وليالي العشر الأول إلخ. وقد بسط الشرنبلالي في الإمداد ما جاء في فضل هذه الليالي كلها فراجعه. قوله (ويكون بكل عبادة تعم الليل أو أكثره) ...
[تتمة] أشار بقوله فرادى إلى ما ذكره بعد في متنه من قوله ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد , وتمامه في شرحه , وصرح بكراهة ذلك في الحاوي القدسي.
قال: وما روي من الصلوات في هذه الأوقات يصلى فرادى غير التراويح) اه
من أقوال المالكية:
في المدخل لابن الحاج 1/ 232: ({فصل} وينبغي للحاج أن يحيي ليلة العيد بالصلاة. وقد كان عبد الله بن عمر يقوم تلك الليلة كلها وكذلك غيره. وقد استحب العلماء ذلك في جميع الأقطار. لما ورد في الحديث {من أحيا ليلتي العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب}
وذلك بشرط أن لا يكون في المساجد ولا في المواضع المشهورة كما يفعل في رمضان , بل كل إنسان في بيته لنفسه ولا بأس أن يأتم به بعض أهله وولده) اهـ
وفي التاج والإكليل 2/ 574: (وندب إحياء ليلته) روى أبو أمامة: {من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب}) اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي مواهب الجليل 2/ 193: (وندب إحياء ليلته): قال في جمع الجوامع للشيخ جلال الدين السيوطي {من أحيا ليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} قال: رواه الحسن بن سفيان عن ابن كردوس عن أبيه
ولفظ آخر {: من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} قال رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت
ولفظ آخر {: من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر} رواه الديلمي وابن عساكر وابن النجار عن معاذ
ولفظ آخر {: من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} رواه ابن ماجه وقال الدارقطني المحفوظ أنه موقوف على مكحول انتهى.
وقال ابن الفرات: استحب إحياء ليلة العيد بذكر الله تعالى والصلاة وغيرها من الطاعات للحديث {من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} وروي مرفوعا وموقوفا وكلاهما ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها.) اهـ
وفي الفواكه الدواني 1/ 275: (وندب إحياء ليلته وغسل بعد الصبح وتطيب وتزين وإن لغير مصل ومشي في ذهابه وفطر قبله في الفطر وتأخيره في النحر , وإنما استحب إحياء ليلة العيد لقوله صلى الله عليه وسلم: {من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} وفي حديث: {من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة} وهي: ليلة الجمعة وليلة عرفة وليلة الفطر وليلة النحر
ومعنى لم يمت قلبه لم يتحير عند النزع ولا على القيامة , وقيل لم يمت في حب الدنيا والإحياء يحصل بالذكر والصلاة ولو في معظم الليل) اهـ
وفي حاشية الدسوقي 1/ 399: (قوله وندب إحياء ليلته) أي لقوله عليه الصلاة والسلام {من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} ومعنى عدم موت قلبه عدم تحيره عند النزع والقيامة بل يكون قلبه عند النزع مطمئنا , وكذا في القيامة والمراد باليوم الزمن الشامل لوقت النزع ووقت القيامة الحاصل فيهما التحير
(قوله وذكر) من جملة الذكر قراءة القرآن (قوله ويحصل بالثلث الأخير من الليل) واستظهر ابن الفرات أنه يحصل بإحياء معظم الليل وقيل يحصل بساعة , ونحوه للنووي في الأذكار وقيل يحصل بصلاة العشاء والصبح في جماعة , وقرر شيخنا أن هذا القول والذي قبله أقوى الأقوال فانظره) اهـ
من أقوال الشافعية:
في الأم للإمام الشافعي 2/ 264: (العبادة ليلة العيدين:
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال: " من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب ".
قال الشافعي: وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة , وليلة الأضحى , وليلة الفطر , وأول ليلة من رجب , وليلة النصف من شعبان
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيد فيدعون ويذكرون الله حتى تمضي ساعة من الليل , وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلة جمع , وليلة جمع هي ليلة العيد لأن صبيحتها النحر
قال الشافعي: وأنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا) اه
وفي البدع والحوادث لأبي شامة ص 44: (قال الإمام ابن الصلاح في فتوى له: ... وأما ليلة النصف من شعبان فلها فضيله واحياؤها بالعبادة مستحب ولكن على الانفراد من غير جماعة ... ) اهـ
وفي المجموع للنووي 5/ 36: (قال أصحابنا: يستحب إحياء ليلتي العيدين بصلاة أو غيرها من الطاعات (واحتج) له أصحابنا بحديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم {من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} وفي رواية الشافعي وابن ماجه: " {من قام ليلتي العيدين محتسبا لله تعالى لم يمت قلبه حين تموت القلوب} رواه عن أبي الدرداء موقوفا , وروي من رواية أبي أمامة موقوفا عليه ومرفوعا كما سبق , وأسانيد الجميع ضعيفة ...
واستحب الشافعي والأصحاب الإحياء المذكور , مع أن الحديث ضعيف , لما سبق في أول الكتاب أن أحاديث الفضائل يتسامح فيها , ويعمل على وفق ضعيفها
(يُتْبَعُ)
(/)
والصحيح أن فضيلة هذا الإحياء لا تحصل إلا بمعظم الليل , وقيل تحصل بساعة , ويؤيده ما سبق في نقل الشافعي عن مشيخة المدينة , ونقل القاضي حسين عن ابن عباس أن إحياء ليلة العيد أن يصلي العشاء في جماعة , ويعزم أن يصلي الصبح في جماعة والمختار ما قدمته والله أعلم) اهـ
وفي روضة الطالبين 2/ 75: (ويستحب استحبابا متأكدا إحياء ليلتي العيد بالعبادة قلت وتحصل فضيلة الإحياء بمعظم الليل وقيل تحصل بساعة وقد نقل الشافعي رحمه الله في الأم عن جماعة من خيار أهل المدينة ما يؤيده ونقل القاضي حسين عن ابن عباس أن إحياء ليلة العيد أن يصلي العشاء في جماعة ويعزم أن يصلي الصبح في جماعة والمختار ما قدمته
قال الشافعي رحمه الله وبلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال ليلة الجمعة والعيدين وأول رجب ونصف شعبان قال الشافعي وأستحب كل ما حكيته في هذه الليالي والله أعلم) اهـ
وفي مغني المحتاج للشربيني 1/ 591: (ويسن إحياء ليلتي العيد بالعبادة من صلاة وغيرها من العبادات لخبر {من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب} رواه الدارقطني موقوفا قال في المجموع: وأسانيده ضعيفة , ومع ذلك استحبوا الإحياء لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال كما مرت الإشارة إليه
ويؤخذ من ذلك كما قال الأذرعي عدم تأكد الاستحباب , قيل: والمراد بموت القلوب شغفها بحب الدنيا , وقيل الكفر , وقيل الفزع يوم القيامة
ويحصل الإحياء بمعظم الليل كالمبيت بمنى , وقيل بساعة منه , وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة , والدعاء فيهما وفي ليلة الجمعة وليلتي أول رجب ونصف شعبان مستجاب فيستحب كما صرح به في أصل الروضة) اهـ
وفي نهاية المحتاج للرملي 2/ 397: (ويستحب إحياء ليلتي العيد بالعبادة ولو كانت ليلة جمعة من صلاة وغيرها من العبادات لخبر {من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب}
والمراد بموت القلوب شغفها بحب الدنيا أخذا من خبر {لا تدخلوا على هؤلاء الموتى؟ قيل من هم يا رسول الله؟ قال: الأغنياء} وقيل الكفرة أخذا من قوله تعالى {أومن كان ميتا فأحييناه} أي كافرا فهديناه. وقيل الفزع يوم القيامة أخذا من خبر {يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا , فقالت أم سلمة: , أو غيرها واسوأتاه , أتنظر الرجال إلى عورات النساء والنساء إلى عورات الرجال؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إن لهم في ذلك اليوم شغلا لا يعرف الرجل أنه رجل ولا المرأة أنها امرأة}
ويحصل الإحياء بمعظم الليل وإن كان الأرجح في حصول المبيت بمزدلفة الاكتفاء فيه بلحظة في النصف الثاني من الليل. وعن ابن عباس يحصل إحياؤهما بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة , والدعاء فيهما وفي ليلة الجمعة وليلتي أول رجب ونصف شعبان مستجاب فيستحب) اهـ
من أقوال الحنابلة:
في الفتاوى الكبرى لابن تيمية 2/ 262 ومجموع الفتاوى 23/ 131: (مسألة: في صلاة نصف شعبان؟.
الجواب: إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده، أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف، فهو أحسن. وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة. كالإجتماغ على مائة ركعة، بقراءة ألف: قل هو الله أحد دائما. فهذا بدعة، لم يستحبها أحد من الأئمة. والله أعلم) اهـ
وفي مجموع الفتاوي لابن تيمية 23/ 132: (وأما ليلة النصف فقد روى فى فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا وأما الصلاة فيها جماعة فهذا مبنى على قاعدة عامة فى الاجتماع على الطاعات والعبادات) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: (وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول و لقمان بن عامر و غيرهم يعظمونها و يجتهدون فيها في العبادة و عنهم أخذ الناس فضلها و تعظيمها و قد قيل أنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم وافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عباد أهل البصرة و غيرهم ...
واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد كان خالد بن معدان و لقمان بن عامر و غيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم و يتبخرون و يكتحلون و يقومون في المسجد ليلتهم تلك و وافقهم إسحاق بن راهوية على ذلك و قال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ببدعة نقله عنه حرب الكرماني في مسائله
و الثاني: أنه يكره الإجتماع فيها في المساجد للصلاة و القصص و الدعاء و لا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه و هذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام و فقيههم و عالمهم و هذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى ...
و لا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان و يتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و استحبها في رواية لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود و هو من التابعين
فكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه و ثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام) اهـ
وفي كشاف القناع للبهوتي 1/ 467: (ولا يقومه كله) لقول عائشة رضي الله عنها {ما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح} قال في الفروع: وظاهر كلامهم: ولا ليالي العشر , فيكون قول عائشة أنه أحيا الليل أي كثيرا منه أو أكثره ويتوجه بظاهره احتمال ويخرج من ليلة العيد ويحمل قولها الأول: على غير العشر , أو لم يكثر ذلك منه واستحبه شيخنا وقال قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة (إلا ليلة عيد) لحديث {من أحيا ليلة العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب} رواه الدارقطني في علله وفي معناها: ليلة النصف من شعبان كما ذكره ابن رجب في اللطائف) اهـ
وفي كشاف القناع أيضا 1/ 444: (وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان) في (السلف من يصلي فيها , لكن الاجتماع لها لإحيائها في المساجد بدعة ا هـ وفي استحباب قيامها) أي ليلة النصف من شعبان (ما في) إحياء (ليلة العيد هذا معنى كلام) عبد الرحمن بن أحمد (بن رجب) البغدادي ثم الدمشقي (في) كتابه المسمى (اللطائف) في الوظائف. ويعضده حديث {من أحيا ليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان , أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب} رواه المنذري في تاريخه بسنده عن ابن كردوس عن أبيه قال جماعة وليلة عاشوراء وليلة أول رجب وليلة نصف شعبان) اهـ
وفي غذاء الألباب للسفاريني 2/ 506: (في قول الناظم رحمه الله تعالى وخذ بنصيب ... إلى آخره إشارة إلى أنه لا يطلب قيام كل الليل. قال علماؤنا: ولا يقومه كله إلا ليلة عيد. هذه عبارة الإقناع.
وقال في الفروع: ولا يقوم الليل كله خلافا لمالك في رواية ذكره بعضهم قال وقل من وجدته ذكر المسألة. وقد قال الإمام أحمد رضي الله عنه: إذا نام بعد تهجده لم يبن عليه أثر السهر.
وفي الغنية: يستحب ثلثاه والأقل سدسه , ثم ذكر أن قيام الليل كله عمل الأقوياء الذين سبقت لهم العناية فجعل لهم موهبة. وقد روي أن عثمان قامه بركعة يختم فيها. قال وصح عن أربعين من التابعين , ومراده وتابعيهم
وظاهر كلامهم لا يقومه كله ولا ليالي العشر , فيكون قول عائشة رضي الله عنها {أحيا الليل} أي كثيرا منه أو أكثره. قال ويتوجه بظاهره احتمال وتخريج من ليلة العيد , ويكون قولها ما علمت {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح أي غير العشر أو لم يكثر ذلك منه}. قال واستحبه شيخنا وقال: قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة) اهـ
آثار عن السلف في ذلك إضافة إلى ما تقدم:
في التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر: 2/ 160: (روى الخلال - في كتاب فضل رجب له - من طريق خالد بن معدان قال: خمس ليال في السنة من واظب عليهن رجاء ثوابهن وتصديقا بوعدهن أدخله الله الجنة: أول ليلة من رجب يقوم ليلها ويصوم نهارها , وليلة الفطر , وليلة الأضحى , وليلة عاشوراء , وليلة نصف شعبان.) اهـ
وفي التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر: 2/ 160: (روى الخطيب في غنية الملتمس بإسناد إلى عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عدي بن أرطاة: " عليك بأربع ليال في السنة , فإن الله يفرغ فيهن الرحمة: أول ليلة من رجب , وليلة النصف من شعبان , وليلة الفطر , وليلة النحر) اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومصنف ابن ابي شيبة 2/ 291: (من كان يقوم ليلة الفطر: حدثنا حفص عن الحسن بن عبيد الله قال كان عبد الرحمن بن الأسود يقوم بنا ليلة الفطر) اهـ
وفي البر والصلة للمروزي ص 33: (حدثنا الحسين بن الحسن قال سمعت ابن المبارك يقول: بلغني أنه من أحيا ليلة العيد أو العيدين لم يمت قلبه حين تموت القلوب) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: (روى سعيد بن منصور حدثنا أبو معشر عن أبي حازم و محمد بن قيس عن عطاء بن يسار قال: ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل من ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك و تعالى إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده كلهم إلا لمشرك أو مشاحن او قاطع رحم) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: (روي عن كعب قال: إن الله تعالى يبعث ليلة النصف من شعبان جبريل عليه السلام إلى الجنة فيأمرها أن تتزين و يقول: إن الله تعالى قد اعتق في ليلتك هذه عدد نجوم السماء و عدد أيام الدنيا و لياليها و عدد ورق الشجر وزنة الجبال و عدد الرمال) اهـ
لفت نظر:
مما سبق يتبين لنا أن جماهير أهل العلم وعليه المذاهب الأربعة على استحباب قيام ليلة مزدلفة لأنها ليلة عيد الأضحى خلافا لابن القيم حيث قرر في الهدي أن المشروع عدم قيامها ولو بالوتر مستدلا بعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم!!!
المبحث الثاني
الأحاديث الواردة في فضل ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان
أولا: أحاديث فضل ليلتي العيد:
1 - حديث أبي أمامة رضي الله عنه:
في سنن ابن ماجه 1/ 567: (حدثنا أبو أحمد المرار بن حموية ثنا محمد بن المصفى ثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام ليلتي العيدين محتسبا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) اهـ
في خلاصة البدر المنير لابن الملقن 1/ 230: (حديث من أحيى ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب , ذكره الدارقطني في علله من رواية مكحول عن أبي أمامة قال ورواه ثور عن مكحول وأسنده معاذ بن جبل والمحفوظ أنه موقوف عن مكحول ...
قلت: رواه ابن ماجه هكذا من رواية أبي أمامة مرفوعا وليس فيه إلا عنعنة بقية) اهـ
وفي الفروع لابن مفلح 1/ 509: (روى ابن ماجة عن أبي أحمد المزار بن حمويه عن محمد بن مصفى عن بقية عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا من قام ليلتي العيدين محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب رواية بقية عن أهل بلده جيدة وهو حديث حسن إن شاء الله تعالى) اهـ
2 - حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه:
في المعجم الأوسط للطبراني 1/ 57: (حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان قال حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن رجل وهو عمر بن هارون البلخي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال: من صلى ليلة الفطر والأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب لم يرو هذا الحديث عن ثور إلا عمر بن هارون تفرد به جرير) اهـ
قال الهيثمي 2/ 430: (رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عمر بن هارون البلخي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي وغيره ولكن ضعفه جماعة كثيرة والله أعلم.) اهـ
وذكره الديلمي في مسنده 3/ 619
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 160: (ورواه الحسن بن سفيان من طريق بشر بن رافع , عن ثور , عن خالد , عن عبادة بن الصامت , وبشر متهم بالوضع) اهـ
3 - حديث أبي الدرداء رضي الله عنه:
في الأم للإمام الشافعي 1/ 384: (أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال: من قام ليلة العيد محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب.
قال الشافعي: وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال: في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان.
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيد، فيدعون، ويذكرون الله، حتى تمضي ساعة من الليلة. وبلغنا أن ابن عمر كان يحيي ليلة جمع، وليلة جمع هي ليلة العيد، لأن صبيحتها النحر) اهـ
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في السنن 3/ 319
4 - حديث ابن عمر رضي الله عنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
في مصنف عبد الرزاق 4/ 317 ومن طريقه البيهقي في الشعب 3/ 342 وفضائل الأوقات ص 311: (قال عبد الرزاق وأخبرني من سمع البيلماني يحدث عن أبيه عن بن عمر قال:خمس ليال لا ترد فيهن الدعاء ليلة الجمعة وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين) اهـ
وهذا موقوف لكن له حكم الرفع لأنه لا يقال من قبيل الرأي
5 - حديث كردوس رضي الله عنه:
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/ 562: (انا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني قال نا طراد أبن محمد قال اخبرنا هلال بن محمد فيما اذن لنا ان نرويه عنه ان علي بن محمد المصري حدثهم قال حدثنا يحيى بن عثمان هو أبن صالح قال [نا] يحيى بن بكر قال نا المفضل بن فضالة عن عيسى بن ابراهيم القرشي عن سلمه بن سليمان الجزري عن مروان بن سالم عن أبن كردوس عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احيى ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب
قال المؤلف: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آفات أما مروان بن سالم فقال احمد ليس بثقة وقال النسائي والدارقطني والازدي متروك وأما سلمة بن سليمان فقال الازدي هو ضعيف واما عيسى فقال يحيى [ليس] بشيء) اهـ
وقال الحافظ في الإصابة 5/ 580: (كردوس غير منسوب ذكره الحسن بن سفيان وعبدان المروزي وابن شاهين وعلى بن سعيد وغيرهم في الصحابة وأخرجوا من طريق مروان بن سالم عن بن كردوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ومروان هذا متروك متهم بالكذب) اهـ
وقال في التلخيص الحبير (2/ 160): (روى ابن الأعرابي في معجمه , وعلي بن سعيد العسكري في الصحابة من حديث كردوس نحو حديث أبي أمامة , وفي إسناده مروان بن سالم , وهو تالف) اهـ
وذكره الديلمي في مسنده 3/ 619
6 - حديث عائشة رضي الله عنه:
في مسند الفردوس للديلمي 5/ 274: (عن عائشة: ينسخ الله الخير في أربع ليال نسخا ليلة الأضحى والفطر وليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحج وفي ليلة عرفة إلى الآذان) اهـ
قوله (ينسخ الله الخير في أربع ليال نسخا) كذا في نسختي من الديلمي وفي كنز العمال: (يسح الله عز وجل من الخير في أربع ليال سحا ... الديلمي - عن عائشة) اهـ
وفي الدر المنثور: (وأخرج الخطيب عن عائشة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " يفتح الله الخير في أربع ليال، ليلة الأضحى والفطر، وليلة النصف من شعبان، ينسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحاج، وفي ليلة عرفة إلى الأذان ".) اهـ
7 - حديث أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه:
في مسند الديلمي 2/ 196: (عن أبي أمامة: خمس ليال لا ترد فيها دعوة أول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلة الجمعة وليلتي العيدين) اهـ
قال الحافظ في التلخيص الحبير (2/ 160): (وفيه حديث ذكره صاحب مسند الفردوس من طريق إبراهيم بن أبي يحيى , عن أبي معشر , عن أبي أمامة - هو ابن سهل - مرفوعا) اهـ
قال المناوي في فيض القدير 3/ 455: (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي أمامة) ورواه عنه أيضا الديلمي في الفردوس فما أوهمه صنيع المصنف من كونه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير سديد ورواه البيهقي من حديث ابن عمر وكذا ابن ناصر والعسكري , قال ابن حجر: وطرقه كلها معلولة) اهـ
8 - حديث معاذ رضي الله عنه:
في فيض القدير 6/ 39: (من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة) وهي (ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر) أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد النحر ... (ابن عساكر) في تاريخه (عن معاذ) بن جبل
قال ابن حجر في تخريج الأذكار: حديث غريب وعبد الرحيم ابن زيد العمي أحد رواته متروك اهـ
وسبقه ابن الجوزي فقال: حديث لا يصح وعبد الرحيم قال يحيى: كذاب والنسائي: متروك) اهـ
قال الحافظ في التلخيص الحبير (2/ 160) وذكره صاحب الفردوس من حديث معاذ بن جبل)
ثانيا: الأحاديث في فضل ليلة نصف شعبان:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها:
(يُتْبَعُ)
(/)
في سنن الترمذي: 3/ 116: (عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع فقال أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله قلت يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك
فقال إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب) اهـ
قال الترمذي بعد روايته: (وفي الباب عن أبي بكر الصديق وحديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعت محمدا يضعف هذا الحديث وقال يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة والحجاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير) اهـ
ورواه ابن ماجه 1/ 444 وأحمد 6/ 238 وابن أبي شيبة 6/ 108
وفي أسنى المطالب للبيروتي ص 84: (قال الدارقطني: إسناده مضطرب غير ثابت) اهـ
لكن للحديث طريق أخرى في فضائل الأوقات للبيهقي ص 128 قال: (حدثنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو حعفر محمد بن صالح بن هانئ قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغسيلي قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا سعيد بن عبد الكريم الواسطي عن أبي النعمان السعدي عن أبي الرجاء العطاردي عن أنس بن مالك قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل عائشة رضي الله عنها في حاجة فقلت لها أسرعي فإني تركت رسو الله صلى الله عليه وسلم يحدثهم عن ليلة النصف من شعبان فقالت يا أنيس اجلس حتى أحدثك بحديث ليلة النصف من شعبان وإن تلك الليلة كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
قال يا حميراء أما تعلمين أن هذه الليلة ليلة النصف من شعبان إن لله في هذه الليلة عتقاء من النار بقدر شعر غنم كلب قلت يا رسول الله وما بال شعر غنم كلب قال لم يكن في العرب قبيلة قوم أكبر غنما منهم لا أقول ستة نفر مدمن خمر ولا عاق لوالديه ولا مصر على زنا ولا مصارم ولا مصور ولا قتات) اهـ
2 - حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
في سنن ابن ماجه 1/ 444 اه وشعب البيهقي 3/ 379 ومصنف عبد الرزاق رقم 7923: (عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر لي فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلي فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر) اهـ
قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 203/ 1: (إسناده ضعيف)
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 2/ 10: (هذا إسناد فيه ابن أبي سبرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة قال أحمد وابن معين يضع الحديث)
3 - حديث أبي موسى رضي الله عنه:
في سنن ابن ماجه 1/ 445: (حدثنا راشد بن سعيد بن راشد الرملي ثنا الوليد عن بن لهيعة عن الضحاك بن أيمن عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقة إلا لمشرك أو مشاحن) اهـ
4 - حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما:
في مسند أحمد 2/ 176: (عن عبد الله بن عمرو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يطلع الله عز وجل إلى خلقة ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده الا لاثنين مشاحن وقاتل نفس) اهـ
قال الهيثمي في المجمع 8/ 126: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وهو لين الحديث وبقية رجاله وثقوا) اهـ
وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد
5 - حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه:
في معجم الطبراني الكبير 20/ 189 وحلية أبي نعيم 5/ 195: (عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) اهـ
وصححه ابن حبان 12/ 481 قال الهيثمي في المجمع 8/ 126: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات
6 - حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه:
في معجم الطبراني 22/ 223: (عن أبي ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه) اهـ
قال الهيثمي 8/ 127: رواه الطبراني وفيه الأحوص بن حكيم وهو ضعيف
7 - مرسل كثير بن مرة رضي الله عنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
في مسند الحارث 1/ 423: (عن كثير بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان ربكم يطلع ليلة النصف من شعبان إلى خلقه فيغفر لهم كلهم الا أن يكون مشركا أو مصارما) اه
ورواه ابن أبي شيبة 6/ 108 بلفظ: (إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان فيغفر فيها الذنوب إلا لمشرك او مشاحن) اه ورواه عبد الرزاق موقوفا 4/ 316
قال المنذري: رواه البيهقي وقال هذا مرسل جيد) اه على أن كثير بن مرة قيل عنه إنه صحابي
8 - حديث الوضين بن عطاء رضي الله عنه:
في مسند إسحاق 3/ 981: (أخبرنا عبد الرزاق أنا إبراهيم بن عمر الأنباري أنه سمع الوضين بن عطاء يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يطلع ليلة النصف من شعبان فيغفر الذنوب لأهل الأرض إلا لمشرك أو مشاحن وله في تلك الليلة عتقاء عدد شعر مسوك غنم كلب) اهـ
9 - حديث أبي بكر رضي الله عنه:
في مسند البزار 1/ 157: (وقد روى مصعب بن أبي ذئب عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيغفر لعباده إلا ما كان من مشرك أو مشاحن لأخيه) اهـ
قال البزار بعد روايته: (هذه الأحاديث التي ذكرت عن محمد بن أبي بكر عن أبيه في بعض أسانيدها ضعف، وهي عندي والله أعلم مما لم يسمعها محمد بن أبي بكر من أبيه لصغره، ولكن حدث بها قوم من أهل العلم فذكرنا وبينا العلة فيها) اه
ورواه المروزي في مسند أبي بكر 1/ 171: حدثنا احمد بن علي قال حدثنا احمد بن عيسى المصري قال حدثنا ابن وهب قال اخبرني عمرو بن الحارث ان عبد الملك بن عبد الملك حدثه عن المصعب بن ابي ذئب عن القاسم بن محمد عن ابيه او عن عمه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل نفس إلا إنسانا في قلبه شحناء أو مشرك بالله عز وجل
وهو في شعب البيهقي 3/ 380 وفي التوحيد لابن خزيمة برقم 90
وقال الهيثمي في المجمع 8/ 126: (رواه البزار وفيه عبد الملك بن عبد الملك، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يضعفه، وبقية رجاله ثقات) اهـ
وفي العلل المتناهية لابن الجوزي 2/ 556: (هذا حديث لا يصح [ولا] يثبت قال ابن حبان: عبد الملك يروي ما لا يتابع عليه ويعقوب بن حميد قال يحيى والنسائي ليس بشيء) اهـ
10 - حديث ابن عباس رضي الله عنه:
في مسند الديلمي 1/ 149: (عن ابن عباس إن الله عز وجل يلحظ إلى الكعبة في كل عام لحظة وذلك في ليلة النصف من شعبان فعند ذلك يحن إليها قلوب المؤمنين) اهـ
11 - حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه:
في فضائل الأوقات للبيهقي 1/ 124 والشعب 3/ 383: (أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه فلا يسأل أحد شيئا إلا أعطي لا زانية بفرجها أو مشرك) اهـ
12 - حديث أنس رضي الله عنه:
في كنز العمال: (أربع لياليهن كأيامهن وأيامهن كلياليهن يبر الله فيهن القسم ويعتق فيهن النسم ويعطي فيهن الجزيل ليلة القدر وصباحها وليلة عرفة وصباحها وليلة النصف من شعبان وصباحها وليلة الجمعة وصباحها. (الديلمي - عن أنس)) اهـ
13 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
في كشف الأستار 2/ 435 - 336: (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان ليلة النصف من شعبان، يغفر الله لعباده، إلا لمشرك أو مشاحن) اهـ
قال الهيثمي 8/ 126: رواه البزار وفيه هشام بن عبد الرحمن ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
14 - حديث عوف بن مالك رضي الله عنه:
في كشف الأستار 2/ 436: (عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطلع الله تبارك وتعالى على خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لهم كلهم، إلا لمشرك، أو مشاحن)
قال الهيثمي 6/ 126: رواه البزار، وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وثقه أحمد بن صالح، وضعفه جمهور الأئمة، وابن لهيعة لين وبقية رجاله ثقات) اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
15 - حديث علي آخر:
أخرج البيهقي عن علي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام، فصلى أربع عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ، فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة، وقل هو الله أحد أربع عشرة مرة، وقل أعوذ برب الفلق أربع عشرة مرة، وقل أعوذ برب الناس أربع عشرة مرة، وآية الكرسي مرة (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيت من صنيعه؟
قال: " من صنع مثل الذي رأيت، كان له ثواب عشرين حجة مبرورة، وصيام عشرين سنة مقبولة، فإذا أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة "
قال البيهقي: يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي رواته مجهولون) اهـ
16 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق في فضل ليلتي العيد
17 - حديث كردوس رضي الله عنه السابق في فضل ليلتي العيد
18 - حديث عائشة رضي الله عنها السابق في فضل ليلتي العيد
19 - حديث أبي أمامة بن سهل رضي الله عنه السابق في فضل ليلتي العيد
20 - حديث عائشة رضي الله عنها الآخر الآتي في نسخ الآجال
21 - مرسل راشد بن سعد الآتي في نسخ الآجال
فهذه أكثر من عشرين حديثا في فضل ليلة النصف من شعبان , وهذه الأحاديث بعضها حسن وبعضها ضعيف وبعضها موضوع وهي بلا شك تتقوى بمجموعها كما قال ذلك طائفة من أهل العلم قال صاحب تحفة الأحوذي 3/ 365: (اعلم أنه قد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلا فمنها ... فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء والله تعالى أعلم) اهـ
وقال المناوي في فيض القدير 2/ 317: (قال المجد ابن تيمية: ليلة نصف شعبان روي في فضلها من الأخبار والآثار ما يقتضي أنها مفضلة ومن السلف من خصها بالصلاة فيها وصوم شعبان جاءت فيه أخبار صحيحة) اهـ
وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ص 302: (ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان فقد روى في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة ...
لكن الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها وعليه يدل نص أحمد لتعدد الأحاديث الواردة فيها وما يصدق ذلك من الآثار السلفية وقد روى بعض فضائلها في المسانيد والسنن وإن كان قد وضع فيها أشياء أخر) اهـ
وفي السُّنَّة لعبد الله بن الإمام أحمد1/ 273: (عن عبَّاد بن العوام قال: قدم علينا شريك فسألناه عن الحديث: إنَّ الله ينزل ليلة النصف من شعبان، قلنا: إنَّ قوماً ينكرون هذه الأحاديث
قال: فما يقولون؟ قلنا: يطعنون فيها
قال: إنَّ الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن، وبأنَّ الصلوات خمس، وبحج البيت، وبصوم رمضان، فما نعرف الله إلا بهذه الأحاديث) اهـ
وقد صحح الألباني حديث فضل ليلة النصف في السلسلة الصحيحة برقم 1144 وفي صحيح ابن ماجه 1/ 233، وفي تحقيق السُّنَّة لابن أبي عاصم ص 509 وما بعدها. ولو فرض أن في الباب حديثا واحدا ضعيفا لجاز العمل به في فضائل الأعمال وللفقير بحث في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وهو فصل في كتاب التمذهب.
من يضعف تلك الأحاديث:
ومع ذلك فمن أهل العلم من لم يصحح أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان ولعلهم لم يطلعوا على جميع الطرق والشواهد ففي أسنى المطالب للبيروتي ص 84: قال ابن دحية: لم يصح في ليلة نصف من شعبان شيء، ولا نطق بالصلاة فيها ذو صدق من الرواة، وما أحدثه إلا متلاعب بالشريعة المحمدية، راغب في زي المجوسية) اهـ
وفي عمدة القاري 11/ 208: وكان بين الشيخ تقي الدين بن الصلاح والشيخ عز الدين بن عبد السلام في هذه الصلاة مقاولات فابن الصلاح يزعم أن لها أصلا من السنة وابن عبد السلام ينكره) اهـ
وقال الطرطوشي في الحوادث والبدع: روى ابن وضاح عن زيد بن أسلم: ما أدركنا أحداً من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ولا يلتفتون إلى حديث مكحول ولا يرون لها فضلاً على ما سواها) اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي روح المعاني للألوسي 5/ 111: (وفي البحر قال الحافظ أبو بكر بن العربي: لا يصح فيها شيء ولا نسخ الآجال فيها. قال الآلوسي: ولا يخلو من مجازفة والله تعالى أعلم) اهـ
وقال ابن تيمية اقتضاء الصراط المستقيم 302: (ومن العلماء من السلف من أهل المدينة وغيرهم من الخلف من أنكر فضلها وطعن في الأحاديث الواردة فيها كحديث إن الله يغفر فيها لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب وقال لا فرق بينها وبين غيرها) اهـ
وقال بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263: (وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز منهم عطاء و ابن أبي مليكة و نقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة و هو قول أصحاب مالك و غيرهم و قالوا: ذلك كله بدعة) اهـ
المبحث الثالث:
فوائد متممة تتعلق بليلة النصف من شعبان
الفائدة الأولى:
إن قيل: إنه قد جاء في الأحاديث أن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا في كل ليلة فما ميزة هذه الليلة إذن
فالجواب: هو ما قال العراقي كما في فيض القدير 2/ 317: (قال الزين العراقي: مزية ليلة نصف شعبان مع أن الله تعالى ينزل كل ليلة أنه ذكر مع النزول فيها وصف آخر لم يذكر في نزول كل ليلة وهو قوله فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب وليس ذا في نزول كل ليلة ولأن النزول في كل ليلة مؤقت بشرط الليل أو ثلثه وفيها من الغروب) اهـ
وفي مواهب الكريم المنَّان في فضل ليلة النصف من شعبان لنجم الدين الغيطي ص 105: ( ... أبو حاتم الرازي بسنده عن عبد العزيز بن أبي داود!! قال: نظر عطاء إلى جماعة في المسجد الحرام ليلة النصف من شعبان، فقال: ما هذه الجماعة؟، قالوا: هذا النميري يزعم أنّ الله - عزَّ وجل - ينزل هذه الليلة إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من داع فأستجيب له؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟.
فقال عطاء: زيادة على النّاس هذا في كل ليلة في السنة كلها.
قال الحافظ أبو موسى المديني: وقول عطاء هذا صحيح، غير أن تخصيص ذكر النزول في هذه الليلة يقتضي تأكيداً، إمَّا في تكثير الرحمة كما تقدَّم، أو زيادة زمانه
يعني كما في الحديث المتقدم إنَّ الله ينزل فيها لغروب الشمس) بخلاف بقية الليالي، فحين يبقى ثلث الليل الآخر) اهـ
الفائدة الثانية:
ذهب طائفة من أهل العلم إلى أن تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة كان في ليلة النصف من شعبان ففي صحيح ابن حبان 4/ 617: (قال أبو حاتم رضي الله عنه: صلى المسلمون إلى بيت المقدس بعد قدوم المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام سواء وذلك أن قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة كان يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وأمره الله جل وعلا باستقبال الكعبة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان فذلك ما وصفت على صحة ما ذكرت) اهـ
وفي التمهيد لابن عبد البر 8/ 55: (وقال أبو إسحاق الحربي: ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول فصلى إلى بيت المقدس تمام سنة) إحدى (عشرة) وصلى من سنة ثنتين ستة أشهر ثم حولت القبلة في رجب
وقال موسى بن عقبة وإبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك: أن القبلة صرفت في جمادى
وقال الواقدي:إنما صرفت صلاة الظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان) اهـ
والقول بأن القبلة تحولت في نصف شعبان هو: قول محمد بن حبيب وطائفة من السلف وهو الذي رجحه النووي في الروضة وذكر الطبري في تاريخه 180/ 2 أنَّه قول الجمهور الأعظم
الفائدة الثالثة:
وردت أحاديث وآثار كثيرة في أن ليلة النصف من شعبان تكتب فيها الأعمال والآجال والأرزاق ونحوها ومن تلك الأحاديث:
1 - حديث عائشة:
في مسند الديلمي 5/ 274: (عن عائشة: ينسخ الله الخير في أربع ليال نسخا ليلة الأضحى والفطر وليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحج وفي ليلة عرفة إلى الآذان) اهـ
2 - حديث آخر لعائشة:
في فضائل الأوقات للبيهقي 1/ 126: (حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو صالح خلف بن محمد ببخارى قال حدثنا صالح بن محمد البغدادي الحافظ قال حدثنا محمد بن عباد قال حدثني حاتم بن إسماعيل المدني عن النضر بن كثير عن يحيى بن سعد عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لما كانت ليلة النصف من شعبان ...
(يُتْبَعُ)
(/)
قالت فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائما وقاعدا حتى أصبح
فقال يا عائشة: هل تدرين ما في هذه الليلة قالت ما فيها يا رسول الله فقال فيها يكتب كل مولود من بني آدم في هذه السنة وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة وفيها ترفع أعمالهم وفيها تنزل أرزاقهم) اهـ
3 - أثر ابن عباس:
في تفسير البغوي 1/ 227: (روى أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر) اهـ
وهذه له حكم الرفع لأنه لا يقال من قبيل الرأي
4 - أثر عكرمة:
في تفسير ابن جرير 11/ 222: (حدثنا الفضل بن الصباح، والحسن بن عرفة، قالا: ثنا الحسن بن إسماعيل البجلي، عن محمد بن سوقة، عن عكرمة قال: في ليلة النصف من شعبان، يبرم فيه أمر السنة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.) اه
وذكر السيوطي في الدر المنثور: أنه أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
5 - أثر عطاء بن يسار:
ففي مصنف عبد الرزاق 4/ 317: (عبد الرزاق عن بن عيينة عن مسعر عن رجل عن عطاء بن يسار قال تنسخ في النصف من شعبان الآجال حتى أن الرجل ليخرج مسافرا وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات) اهـ
وفي الدر المنثور: (أخرج ابن أبي الدنيا، عن عطاء بن يسار قال: إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة، فيقال اقبض من في هذه الصحيفة، فإن العبد ليفرش الفراش وينكح الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى.) اهـ
6 - مرسل راشد بن سعد:
في المجالسة للدينوري (303/ 3): (عن راشد بن سعد أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَطَّلِعُ إلى عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر لخلقه كلِّهم؛ إلا المشركَ والمُشَاحِنَ، وفيها يوحي اللهُ تبارك وتعالى إلى مَلَكِ الموت لقبض كلِّ نَفْسٍ يريدُ قبضَها في تلك السنة) اهـ
وفي كنز العمال: (عن عطاء بن يسار قال:إذا كان ليلة النصف من شعبان نسخ الملك من يموت من شعبان إلى شعبان وإن الرجل ليظلم ويتجر وينكح النسوان وقد نسخ اسمه من الأحياء إلى الأموات ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل منها ينزل الله إلى السماء الدنيا فيغفر لكل أحد إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم.) اه
وهناك أحاديث وآثار كثيرة فيها أن ما سبق ذكره من كتابة الآجال والأرزاق ونحوها يكون في شعبان من غير تحديد بليلة النصف فمنها:
1 - حديث عائشة:
في تاريخ ابن عساكر 61/ 250: (أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه أنا القاضي أبو منصور محمد بن أحمد ابن علي نا أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ نا محمد بن أحمد بن علي نا أبو عوانة موسى بن يوسف بن موسى القطان نا محمد بن عتبة الكندي نا محمد بن عبيد النخعي نا مهاجر الصايغ عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت:لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان لأنه ينسخ فيه أرواح الأحياء في الأموات حتى إن الرجل يتزوج وقد رفع اسمه فيمن يموت) اهـ
وذكر السيوطي في الدر المنثور: أنه أخرجه ابن مردويه وابن عساكر وقال: وأخرج أبو يعلى، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، فسألته؟ قال:" إن الله يكتب فيه كل نفس مبتة تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم ") اهـ
وفي الدر المنثور أيضا: (أخرج الخطيب وابن النجار، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان، فقلت يا رسول الله: إن شعبان لمن أحب الشهور إليك أن تصومه؟
فقال: " نعم يا عائشة إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان، فأحب أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح "
ولفظ ابن النجار " يا عائشة إنه يكتب فيه ملك الموت ومن يقبض، فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم ") اهـ
2 - حديث آخر لعائشة:
(يُتْبَعُ)
(/)
روى الخطيب في تاريخ بغداد 4/ 437: (عن عائشة رضي الله عنها من حديث طويل، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (يَا عائشة! إنَّه ليس نَفْسٌ تموتُ في سنة إلا كُتِبَ أجلُهَا في شعبان، وأُحِبُّ أن يُكْتَبَ أجلي وأنا في عبادة ربِّي وعمل صالح) ورواه أبو يعلى 312/ 8
3 - حديث أبي هريرة:
في فردوس الديلمي برقم2410وتفسير ابن جرير 109/ 25 وشعب البيهقي 386/ 3: (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى أن الرجل لينكح ويولد له، وقد خرج اسمه في الموتى) اهـ
4 - حديث المغيرة بن الأخنس:
في تفسير ابن جرير 11/ 222: (حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الليث، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى.) اهـ
وفي تفسير البغوي 1/ 227: (أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور السمعاني، حدثنا أبو جعفر الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له ولقد أخرج اسمه في الموتى) اهـ وذكر السيوطي في الدر المنثور: أنه أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
5 - أثر عطاء بن يسار:
في مصنف ابن أبي شيبة 2/ 346: (حدثنا يزيد قال أخبرنا المسعودي عن المهاجر أبي الحسن عن عطاء بن يسار قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان وذلك أنه تنسخ فيه آجال من يموت في السنة) اهـ
هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سدينا محمد وآله وصحبه وأتباعه
منقول
http://www.manarahnet.net/subPage.as...%201231&co=443 (http://www.manarahnet.net/subPage.aspx?Page=CyHIOOVTbNeD WcOXDJVTTw==&CatID=444&SubID=%201231&co=443)
file:///C:/********s%20and%20Settings/Expart/ سطح%20المكتب/حكم%20إحياء%20ليلتي%20العيد%20 وليلة%20النصف%20من%20شعبان%20 (%20دراسة%20مقارنة%20) %20 - %20ملتقى%20أهل%20الحديث_ files/progress.gif
ـ[الراجية رحمة الله وعفوه]ــــــــ[06 - Aug-2009, صباحاً 12:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم وجزاكم الله كل الخير على ما أفدتمونا به جعلنا الله وإياكم من عتقائه هذا العام وكل عام وممن حرم جلودهم على النيران وجعلنا من اصحاب الفردوس الأعلى وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم الفرد الصمد الواحد الأحد ذا الجلال والإكرام أن يجعلنا ممن يحيون قلوبهم بطاعته ويعمرونها بها وبمخافته وبمحبته وبطاعة وبمحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وتطبيق سنته على النحو الذي يرضيه عنا وأن يجعلنا ممن ينعمون بصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم انه سميع مجيب الدعاء
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[06 - Aug-2009, صباحاً 04:08]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[القرافي المالكي]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:11]ـ
جزاك الله خيرا.
فرج الله كربتك.(/)
هل اللسان يمتص الغذاء؟
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[06 - Aug-2009, مساء 03:24]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حاولت البحث عن مقالة علمية بخصوص هذا الامر و لكن لم اجد شيئا حتى الان. و لكن ان ثبت أن اللسان يمتص الغذاء و خاصة أنه يتذوق الطعام, فهل هنالك احكام تترتب على ذلك؟
حيث أن بعض العلماء اجازوا استعمال معجون الاسنان للصائم ما لم يبتلعه. لكن معجون الاسنان قد يحتوي على سكريات مغذية. و ايضا استعمال غسول الفم كالليستيرين قد يحتوي على سكريات مغذية.
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 01:58]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حاولت البحث عن مقالة علمية بخصوص هذا الامر و لكن لم اجد شيئا حتى الان. و لكن ان ثبت أن اللسان يمتص الغذاء و خاصة أنه يتذوق الطعام, فهل هنالك احكام تترتب على ذلك؟
حيث أن بعض العلماء اجازوا استعمال معجون الاسنان للصائم ما لم يبتلعه. لكن معجون الاسنان قد يحتوي على سكريات مغذية. و ايضا استعمال غسول الفم كالليستيرين قد يحتوي على سكريات مغذية.
وجدت بعض الأقوال أن اللسان يمتص الغذاء الذي يهضمه اللعاب و يذوبه كالسكر الموجود في العسل فيذهب مباشرة الى الدورة الدموية. و بعض شركات الادوية الان تتطور طريقة لاخذ الدواء بوضع حبة الدواء تحت اللسان حتى يمتصها و تذهب مباشرة الى الدورة الدموية.
و الله اعلم
ـ[حمد]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 05:43]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
فلا خلاف بين الفقهاء في أن تذوُّق الصائم للطعام لا يبطل الصوم
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=29476
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 06:43]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
http://www.islamway.com/?iw_s=fatawa&iw_a=view&fatwa_id=29476
بارك الله فيك ...
و لكن هذه الفتاوى مبنية على الاعتقاد ان التغذية تحصل فقط عن طريق بلع الطعام. الا ان علم الاحياء الحديث يقول ان اللسان يمتص السكريات المهضومة و يوصلها الى الدورة الدموية (لم اجد دليل علمي و لكن ارجحه بع تصفح الانترنت و الله اعلم). الا اذا كان هنالك اقرار أو نص صريح عن الرسول صلى الله عليه و سلم يجيز تذوق الطعام اثناء الصيام من غير بلعه.
http://en.wikipedia.org/wiki/Sublingual_administration
المقالة المرفقة تتكلم عن التداوي عن طريق امتصاص الادوية و الفيتامينات بواسطة جدران اللسان
ـ[حمد]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 08:08]ـ
أخي الحبيب،
متأصلٌ عند طلبة العلم أنّ الفقهاء لا يُجمِعون على خطأ.
أما بالنسبة لهذه الأدوية، فتفضل:
http://www.islamqa.com/ar/ref/124200
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 08:15]ـ
بغض النطر عن تذوق الطعام (المضمضة):
لو كان الأمر صحيحاً هل نقول للناس لا تتمضمضوا عند الوضوء لأن اللسان يمتص الماء. فتفطروا
وإن صح ذلك فهو أمر معفو عنه. وامتصاصه للغذاء أو للماء حكمه حكم الإبر العلاجية، والمغذية على قول من يقول بعدم تفطيرها للصائم لأنها ليست في معنى الأكل ولا الشرب.
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 09:34]ـ
بغض النطر عن تذوق الطعام (المضمضة):
لو كان الأمر صحيحاً هل نقول للناس لا تتمضمضوا عند الوضوء لأن اللسان يمتص الماء. فتفطروا
وإن صح ذلك فهو أمر معفو عنه. وامتصاصه للغذاء أو للماء حكمه حكم الإبر العلاجية، والمغذية على قول من يقول بعدم تفطيرها للصائم لأنها ليست في معنى الأكل ولا الشرب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرسول صلى الله عليه و سلم تمضمض بالماء عند الوضوء و استاك ايضا, و لكن لم يرد عنه انه تذوق الطعام او اقر على هذا الفعل.
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 09:38]ـ
أخي الحبيب،
متأصلٌ عند طلبة العلم أنّ الفقهاء لا يُجمِعون على خطأ.
أما بالنسبة لهذه الأدوية، فتفضل:
http://www.islamqa.com/ar/ref/124200
اخي الحبيب مرتين
لا داعي للحساسية. لكنك لم تنقل لي الاجماع في الوصلة الاولى. و لم اعلم ان الموضوع قد اجمع عليه حتى ارفقت لي الوصلة الثانية. و لم افتح الموضوع الا لانني اجهل ان هنالك اجماع على هذه القضية. مع العلم ان الاجماع الذي نقلته يتكلم عن الادوية العلاجية و لا يتكلم عن الادوية او الابر المغذية.
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 09:45]ـ
... هل الابر مفطرة و هل يقاس على ذلك تذوق الطعام اذا صح ان اللسان يمتص بعض العناصر المغذية و ينقلها الى الدم
سألت السؤال لان هنالك من يقول ان الابر المغذية تفطر
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 10:14]ـ
الذي اتقر عليه شيخنا العلامة محمد بن عثيمين ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ عدم التفطير بالإبر المغذية.
جاء في التعليق على مجالس شهر رمضان في الطبعة المعتمدة من مؤسسة الشيخ الخيرية والمشرفة على طبع كتب الشيخ ـ رحمه الله ـ
ص 100: قال في الحاشية تعليقاً على قوله: " حقن الدم في الصائم مثل أن يصاب بنزيف فيحقم به دم فيفطر بذلك لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب، وقد حصل ذلك بحقن الدم فيه ".
قال معلقاً على ذلك: " هذا ما كنت أراه من قبل ثم ظهر لي أن حقن الدم لا يفطر لأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، والأصل بقاء صحة الصوم حتى يتبين فساده، ومن القواعد المقررة أن اليقين لا يزول بالشك ". أهـ
هذه فائدة قَل من يتنبه لها من تقريرالشيخ الأخير ـ رحمه الله ـ لهذه المسألة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 11:20]ـ
غفر الله لك أخي الفاضل (طالب بصيرة) .. فقد أعطيت المسألة أكبر من حجمها، ولا ضير فبيان الأمور المشكلة على الإنسان مطلب.
الذي قرره الأطباء الحاذقون، المتخصصون، والذين يؤخذ بكلامهم عند إرادة إعطاء حكم شرعي نازل لم يرد فيه نص شرعي = أن اللسان لا يعد آلة امتصاص _ أو قل: عضو امتصاص _ بل هو مستشعر لما يدخل الفم من الأشياء ومن ثم يقوم بإرسال ذبذبات نعصبية للمخ والأعصاب ليحدد بعد ذلك طعم هذا المدخل، وكل هذا بلحظات سريعة لا يعلم سرعتها إلا الله.
وعليه أخي الكريم أفتى الأئمة الكبار، وأهل العلم المعتبرين، بأن تذوق الأشياء بطرف اللسان، أو السواك، أو استخدام الفرشاة على القول الآخر فيها، ونحو ذلك لا يفسد الصوم ولا يبطله، بشرط ان لا يصل من ذلك شيئا إلى الجوف عن طريق الفم لا عن طريق (حلمات اللسان) والتي هي عبارة عن قرون استشعار فقط _ إن صح التعبير _.
فالأمر أخي الكريم قد فرغ من تأصيله أهل العلم الثقات، بتأييد أهل الطب الثقات أيضا، ولا عبرة بأي شذوذ بعد ذلك.
والله تعالى أعلم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 11:47]ـ
http://en.wikipedia.org/wiki/sublingual_administration
المقالة المرفقة تتكلم عن التداوي عن طريق امتصاص الادوية و الفيتامينات بواسطة جدران اللسان
لا معنى للاستشهاد بالمقالة، لأمرين:
1 - أنها تتكلم عن الأدوية، أو بعض الأدوية، وليس فيها أي إشارة إلى الأطعمة والسكريات
2 - أن الأدوية المقصودة توضع تحت اللسان مدة طويلة بغرض أن تذوب وتمتصها الأوردة، وليس كذلك معجون الأسنان وغسول الفم وتذوق الطعام، فهذه توضع في الفم لثوانٍ معدود لغرض غير الامتصاص ثم تلفظ
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 01:10]ـ
غفر الله لك أخي الفاضل (طالب بصيرة) .. فقد أعطيت المسألة أكبر من حجمها، ولا ضير فبيان الأمور المشكلة على الإنسان مطلب.
الذي قرره الأطباء الحاذقون، المتخصصون، والذين يؤخذ بكلامهم عند إرادة إعطاء حكم شرعي نازل لم يرد فيه نص شرعي = أن اللسان لا يعد آلة امتصاص _ أو قل: عضو امتصاص _ بل هو مستشعر لما يدخل الفم من الأشياء ومن ثم يقوم بإرسال ذبذبات نعصبية للمخ والأعصاب ليحدد بعد ذلك طعم هذا المدخل، وكل هذا بلحظات سريعة لا يعلم سرعتها إلا الله.
وعليه أخي الكريم أفتى الأئمة الكبار، وأهل العلم المعتبرين، بأن تذوق الأشياء بطرف اللسان، أو السواك، أو استخدام الفرشاة على القول الآخر فيها، ونحو ذلك لا يفسد الصوم ولا يبطله، بشرط ان لا يصل من ذلك شيئا إلى الجوف عن طريق الفم لا عن طريق (حلمات اللسان) والتي هي عبارة عن قرون استشعار فقط _ إن صح التعبير _.
فالأمر أخي الكريم قد فرغ من تأصيله أهل العلم الثقات، بتأييد أهل الطب الثقات أيضا، ولا عبرة بأي شذوذ بعد ذلك.
والله تعالى أعلم
جزاك الله خيرا
انا اقصد الاطالة من باب الاستفادة و محاولة استيعاب المسألة بالانتفاع من العقول النيرة التي في المجلس. اما عند التطبيق و العمل فإني اسلم امري و اتبع اقوال العلماء تقليدا. اما النقاش في هذا المجلس فيساعدني في استيعاب اقوال العلماء و تصحيح فكري و منطقي و خاصة ان كل شخص يرد علي من زاوية معينة. جزاهم الله خيرا جميعا.
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 01:12]ـ
الذي اتقر عليه شيخنا العلامة محمد بن عثيمين ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ عدم التفطير بالإبر المغذية.
جاء في التعليق على مجالس شهر رمضان في الطبعة المعتمدة من مؤسسة الشيخ الخيرية والمشرفة على طبع كتب الشيخ ـ رحمه الله ـ
ص 100: قال في الحاشية تعليقاً على قوله: " حقن الدم في الصائم مثل أن يصاب بنزيف فيحقم به دم فيفطر بذلك لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب، وقد حصل ذلك بحقن الدم فيه ".
قال معلقاً على ذلك: " هذا ما كنت أراه من قبل ثم ظهر لي أن حقن الدم لا يفطر لأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، والأصل بقاء صحة الصوم حتى يتبين فساده، ومن القواعد المقررة أن اليقين لا يزول بالشك ". أهـ
هذه فائدة قَل من يتنبه لها من تقريرالشيخ الأخير ـ رحمه الله ـ لهذه المسألة.
هل يعني ذلك ان الانسان يستطيع تناول الابر المغذية التي تبقي جسده قوي و نشيط بينما معدته خاوية. يعني ان الصيا يبطل فقط بدخول الغذاء الى الجوف لانه يشبع شهوة الجوع.
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 01:20]ـ
لا معنى للاستشهاد بالمقالة، لأمرين:
1 - أنها تتكلم عن الأدوية، أو بعض الأدوية، وليس فيها أي إشارة إلى الأطعمة والسكريات
2 - أن الأدوية المقصودة توضع تحت اللسان مدة طويلة بغرض أن تذوب وتمتصها الأوردة، وليس كذلك معجون الأسنان وغسول الفم وتذوق الطعام، فهذه توضع في الفم لثوانٍ معدود لغرض غير الامتصاص ثم تلفظ
بارك الله فيك ...
1) اوردت المقالة لانها تعلل كيفية دخول الدواء او الغذاء الى الدم مباشرة. و العلة ان كل ما يذوبه اللعاب ينتقل الى الدورة الدموية عن طريق امتصاصه بالغشاء المحيط بقعر اللسان ___ "و ليس منطقة التذوق التي هي اعلى اللسان"
و لذلك اذا وضعت العسل في فمك فانه يحتوي على السكر البسيط " simple sugar" الذي يذوب في اللعاب و ينتقل الى الدورة الدموية و ينشط الجسد. هذا ما يفعل كعلاج فوري لمن يعاني من انخفاض في السكر
2) جزاك الله خيرا ... نقطة جميلة جدا لم انتبه اليها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 01:53]ـ
اذا وضعت العسل في فمك فانه يحتوي على السكر البسيط " simple sugar" الذي يذوب في اللعاب و ينتقل الى الدورة الدموية و ينشط الجسد. هذا ما يفعل كعلاج فوري لمن يعاني من انخفاض في السكر
من أين جئت بهذه بارك الله فيك؟
السكر والعسل لا يذهب من الفم إلى الدورة الدموية، بل إلى البطن ثم إلى الدورة الدموية، كأي طعام آخر
ـ[طالب بصيرة]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 02:21]ـ
من أين جئت بهذه بارك الله فيك؟
السكر والعسل لا يذهب من الفم إلى الدورة الدموية، بل إلى البطن ثم إلى الدورة الدموية، كأي طعام آخر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك ان الطريقة المثلى و الاولى في التغذية هو هضم الطعام هضما كاملا في المعدة ثم امتصاص معظم العناصر الغذائية عن طريق الغشاء المحيط بجدران الامعاء. لكن الغشاء المحيط بباطن اللسان له القدرة ايضا على امتصاص العناصر الغذائية البسيطة التي يمكن هضمها باللعاب دون الحاجة الى الحمض الذي في المعدة.
المقالة السابقة تتكلم عن التداوي عن طريق الفم دون دخول الدواء الى الجوف. و تتكلم ايضا على انه يلحق ذلك غيره من المنشطات و الفيتامينات و المعادن. و الطريقة ان هذه المواد تنتقل بخاصية الانتشار عبر غشاء يغطي باطن اللسان و الى الدورة الدموية. و هذه الطريق فعالة و اسرع في نقل المغذيات الى الجسم لان عملية الهضم الطبيعية (عن طريق المعدة ثم الى الامعاء) تستغرق وقتا طويلا.
و تتكلم المقالة بشكل عام عن اي مادة قابلة للذوبان في اللعاب. و اللعاب كما نعرف يقوم بعملية الهضم الاولية قبل عملية الهضم في المعدة. فاذا ذابت تلك المواد فانها تنتقل عبر الغشاء و الى الدورة الدموية.
و هذه مقالة اخرى تتكلم عن فوائد العسل الطبية كما اكتشف حديثا في علاج قروح و جروح الفم
http://www.arkadiko-meli.gr/default.asp?contentID=592
و تتكلم المقالة الثانية على ان العسل يذوب في اللعاب و تمتصه جدران الفم لتبدأ عملية التئام الجروح.
يعني انه اذا وضعت العسل في فمك و ابقيته تحت اللسان لفترة قصير ربما دقائق معدودة, فان اللعاب سيذيب العناصر الغذائية التي في العسل ثم تنتقل هذه العناصر عبر الغشاء الى الدورة الدموية في الفم ثم الى سائر الجسد لتغذيته.
و الله اعلم.(/)
لماذا لم يحلف ابن عمر؟ .. أرجو المساعدة.
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[06 - Aug-2009, مساء 11:21]ـ
في موطأ الإمام مالك
2271 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ
بَاعَ غُلَامًا لَهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
بِالْغُلَامِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ الرَّجُلُ بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَصَحَّ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
لم أفهم لماذا أبى الصحابيُّ الجليل عبد الله بن عمر أن يحلف؟!
جزاكم الله خيرا
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[07 - Aug-2009, صباحاً 01:09]ـ
قد أشار العلامة الزرقاني رحمه إلى نوع بيان لذلك حيث قال بعد أن ذكر أنه صحّ العبد بعد ارتجاعه وأنه رضي الله عنه باعة بأغلى من ثمنه السابق:
(عوضه الله لإجلاله أن يحلف وإن كان صادقاً ضعف ثمنه أولاً).
قلت: فكأنه امتنع تورعا رضي الله عنه.
والله تعالى أعلم(/)
ماهى أنواع التحقيق العلمى للكتب؟
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 06:02]ـ
أرجو ذكر انواع تحقيق الكتب الدينية مع ذكر المؤلفات المكتوبة فى ذلك؟
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:10]ـ
يعنى مثلا الشيخين أحمد ومحمود شاكر كانا يحققا تفسير الطبرى سويا
فانا اعرف الشيخ احمد يحقق الاحاديث لكن الشيخ محمود ماذا كان يفعل؟
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:23]ـ
يعنى مثلا الشيخين أحمد ومحمود شاكر كانا يحققا تفسير الطبرى سويا
فانا اعرف الشيخ احمد يحقق الاحاديث لكن الشيخ محمود ماذا كان يفعل؟
بل الذي كان يحقق التفسير هو الشيخ محمود .. وعاونه الشيخ أحمد في مراجعة الكتاب وبتخريج أحاديثه ودرس أسانيده ...
يراجع مقدمة الشيخ أحمد شاكر للكتاب (ص: 6 - 7).
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 02:48]ـ
وما هو عمل الشيخ محمود فى الكتاب؟
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 03:03]ـ
وما هو عمل الشيخ محمود فى الكتاب؟
يقول الشيخ محمود في تقدمته للكتاب (ص: 13):
"وتوليتُ تصحيح نص الكتاب وضبطه ومقابلته على ما بين أيدينا من مخطوطاته ومطبوعاته ومراجعته على كتب التفسير التي نقلت عنه، وعلّقتُ عليه، وبينت ما استغلق من عبارته وشرحت شواهده من الشعر، وبذلت جهدي في ترقيمه وتفصيله ... "
ثم مراجعة الكتاب على مراجعه شرعية أو لغوية، ثم الفهارس ... كما في نهاية تلك التقدمة.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 03:45]ـ
لو أحدكم يعلم كتاب يذكر اقسام التحقيق فليتحفنا به
الشيخ رشيد ماذا كان بفعل هنا
انظر المورد العذب الزلال ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (ج4/ 99) تحقيق رشيد رضا. الطبعة الأولى سنة 1346 هـ مطبعة المنار بمصر.(/)
ما حكم المؤثرات الموسيقية المصاحبة لبعض البرامج؟
ـ[محمد الزهراني]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 07:44]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي يا فضيلة الشيخ: في بعض البرامج التلفزيونية والإخبارية والوثائقية تكون هناك موسيقى مصاحبة لهذا البرنامج , وهي كما تعرف مؤثرات صوتية , ليس فيها غناء , وقد تكون في بعض الأحيان آلة واحدة فقط , أو آلتين , وربما تزيد عن ذلك.
هل عليَّ إثم في سماعها أثناء مشاهدتي للبرنامج , مع العلم ان بعض البرامج يكون فيها تعليق ويصاحبه موسيقى؟؟؟
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم ونفع بعلمكم الإسلام والمسلمين
أخوك: محمد الزهراني
ـ[حارث البديع]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 10:55]ـ
سمعت نقلا عن الثقات ان ابن عثيمين يقول:
لابأس بها
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 11:37]ـ
وسمعت الشيخ المنجد يقول في الفواصل الموسيقية: ما أسكر كثيره فقليله محرم! ..
أما المؤثرات الأخرى ففيها تفصيل ..
* مع العلم أن هذا المجلس ليس مجلس إفتاء! ...
إنما هو للنقاش بين طلاب العلم ..
ولعلك تراسل موقع الشيخ المنجد لتجيبك اللجنة المخصصة للإفتاء ..
ـ[محمد الزهراني]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 12:30]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم ...(/)
من عنده خبر عن تراجم للشيخ: عبد الحق الهاشمي؟! ..
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[07 - Aug-2009, مساء 09:35]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أيها الإخوة ..
من كان عنده خبر عن كل ما يتعلق بالشيخ العلامة المحدث: عبد الحق الهاشمي , رحمه الله.
فليجد علينا ..
سواء , تراجم , أو مخطوطات , أو مظان يوجد فيها ما يتعلق به.
أو أسماء تلاميذ له ما زالوا على قيد الحياة ويمكن الاستفادة منهم في هذا الجانب.
وبوركتم.
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 01:50]ـ
للرفع.
ـ[الذاب عن السنة]ــــــــ[28 - Sep-2009, صباحاً 10:51]ـ
حفظك الله عزيزي
زرت إبنه عبدالوكيل نزيل مكة المكرمة ورأيت عنده العديد من كتب أبيه سواء المخطوط أو المطبوع ورأيت للشيخ عبدالحق رحمه الله شرح لمسند الإمام أحمد ..
إن أردت رقم الشيخ عبدالوكيل أخبرني بالخاص
محبك
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[28 - Sep-2009, مساء 01:59]ـ
انظر هنا ترجمته هو وابنه:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=147547
http://www.alukah.net/articles/174/3402.aspx
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7094
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=159350(/)
الحامل والمرضع إذا أفطرتا
ـ[معاذ احسان العتيبي]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 12:26]ـ
مسألة: ما حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا من أجلهما أو من أجل ولديهما؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة إلى خمسة أقوال:
القول الأول: يفطران ويقضيان ويطعمان مكان كل يوم مسكين , وهو قول سفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل.
القول الثاني: يفطران ويطعمان، ولا قضاء عليها، وهو قول ابن عباس وابن عمر. قال إسحاق: إن شاءتا قضتا، ولا إطعام عليهما. وهو غير صحيح.
القول الثالث: لا يلزمهما القضاء، وإنما يلزمهما الإطعام فقط سواء أفطرتا لمصلحتهما أو مصلحة الولد أو للمصلحتين جميعاً.
القول الرابع: يلزمها القضاء فقط دون الإطعام , وهذا أرجح الأقوال وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين , لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض، والمسافر، وسكوت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن القضاء فلأنه معلوم.
القول الخامس: بالتفريق , إن خافتا على نفسيهما فقط أو نفسيهما وولديهما تفطران وتقضيان لأَِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ. وأما إن خافتا على ولديهما فقط فعليهما القضاء والفدية، عن كل يومٍ مُدٌّ وهو الأظهر عند الحنابلة والشافعية لما فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} أَنَّهُ نُسِخَ حُكْمُهُ إِلاَّ فِي حَقِّ الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلاَدِهِمَا. .
قال أبو إياس عويضة: أما القول إن الحامل والمرضع تفطران وتطعمان فإنه لا دليل عليه من الشرع، لا من كتاب الله سبحانه، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعدو كونه من اجتهادات الصحابة والفقهاء، ونحن لا نلتزم في عباداتنا إلا بما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وممن قال بعدم الإِطعام الأحناف، وقد أصابوا فيما ذهبوا إليه.
ـ[سفينة الصحراء]ــــــــ[02 - Sep-2009, صباحاً 11:06]ـ
جزاك الله أخي معاذ ورفع قدرك.
وأتمنى من الإخوة أن ينقلوا لنا ما في المسألة من أقوال ولا يبخلوا علينا.(/)
اللؤلؤ و المرجان فيما يتأدب به المتناظران
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 02:27]ـ
اللؤلؤ و المرجان فيما يتأدب به المتناظران
قبس من كتاب
أصول الجدل و المناظرة في الكتاب و السنة
للشيخ الدكتور
حمد بن ابراهيم العثمان
حفظه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
حري بمن قصد المناظرة أن يتأدب بأداب أهل العلم عموما، و أداب المختلفين و المتناظرين خصوصا، يلزم أمر الله في محاجة غيره ومعاملة مخالفه بما يقتضيه الشرع طاعة لله، وحتى يحصل مقصوده من معرفة الحق و إظهاره ولزومه، وتحقيق المجادلة بالتي هي أحسن.
و إليك بيان بعض ماينبغي أن يتأدب به المتناظرون.
1
{حسن القصد}
الإخلاص شرط في جميع الأعمال، فلابد أن يقصد من المناظرة وجه الله، وطلب الحق، و النصيحة للمسلمين.
قال الإمام الشافعي (ماناظرت أحدا إلا على النصيحة)
قال الحافظ بن رجب معلقا على قول الشافعي (لأن تناظرهم كان لظهور أمر الله ورسوله، لا لظهور أنفسهم و الإنتصار لها)
2
{استظهار مذهب المخالف قبل المناظرة}
قال الشيخ يحي العمراني (وكما قيل من لم يطلع على دلائل خصمه لم يقدر على قطعه و قصمه)
3
{مراعاة قدر المناظرة}
الناس طبقات في العلم،فينبغي على المناظر أن لا يلتزم حالة واحدة مع كل من يناظره، فيميز بين العالم ومن دونه، وبين المتحري للحق و المتعنت، وبين السني و البدعي، وبين المناظر و المتطفل.
قال إمام الحرمين الجويني (وعليك بالمحافظة على قدرك وقدر خصمك و إنزال كل أحد في وجه كلامك درجته ومنزلته، فتميز بين النظير ة المسترشد، وبين الإستاذ، ومن يصلح لك.
ولا تناظر النظير مناظرة المبتدىء و المسترشد، ولا تناظر أستاذينك مناظرة الأكفاء و النظراء، بل تناظر كلا على حقه، وتحفظ كلا على رتبته)
4
{المجادلة بالحسنى}
أمرنا الله عز وجل بالمجادلة بالحسنى، قال تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنى و جادلهم بالتي هي أحسن).
5
{استعمال السمت الحسن}
السمت الحسن و الوقار محمود استعماله شرعا بكل حال، وهو حيلة المؤمن وزينته، وهو سبب لتأييد الله، وميل الناس إلى جهته.
6
{الإعراض عن مجالس الهيبة}
هيبة العالم أو السلطان تحمل البعض على ترك الإعتراض أو إيراد السؤال أو حتى التجرؤ على التخطئة.
قال إمام الحرمين الجويني (و إياك و الكلام في مجالس الخوف و الهيبة فإنك عند ذلك في حراسة الروح على شغل من حراسة المذهب و نصرة الدين)
7
{عدم التهاون مع المخالف}
التهاون مع المخالف قد يؤدي إلى عدم الجحد في القيام بالحجة، وهذا يفعله البعض إذا ناظره صغير أو غير نحرير، فيقطعه من حيث اعتقد ضمان ظهوره عليه.
قال إمام الحرمين الجويني (و إياك واستسغار من تناظره و الإستهزاء به كائنا من كان، لأن خصمك كان من المفترض عليك في الدين مناظرته فهو نظيرك، لا يجمل بك إلا مناظرة النظير للنظير.)
8
{عدم الإفراط في التوقي من الخصم}
كما لا ينبغي للمناظر التهاون مع خصمه، كذلك لاينبغي له الإفراط في الإحتياط حتى لا يستولي عليه الخذلان فينقطع.
قال الإمام الشافعي (رأس التوقي ترك الإفراط في التوقي)
9
{الإتفاق على الأسس}
المتناظران لابد أن يرجعا في المسألة التي اختلفا فيها إلى كليات ليتم تحرير المسألة المختلف فيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (فإن الجدل إنما يشترط فيه أن يسلم الخصم للمقدمات)
10
{ترك الإلتفات إلى الحاضرين}
الإلتفات إلى الحاضرين يشوش الذهن، فينقطع استجماع الذهن، وربما يكون ذلك سببا في ذعف القيام بالحجة.
قال إمام الحرمين الجويني (التقرب إلى الله سبحانه يجب أن يكون بحيث يمنعك عن الإلتفات إلى الحاضرين خالفوك أم وافقوك فإنه سبحانه عند ذلك يكفيك المهم، ويعينك في تقوية ذهنك وتصفية فهمك و إمداد خواطرك ة الكشف عن الحق على لسانك)
11
{اعتدال المزاج}
ينبغي للمناظر أن لايناظر غيره مع عدم اعتدال طبعه و مزجه، كأن يكون في حالة جوع أو عطش، لئلا يتصور خلاف الحق مع تشويش الذهن.
قال العلامة ابن القيم (ومعلوم ان الرأي لا يتحقق إلا مع اعتدال المزاج)
12
{تجنب الغضب و الضجر}
الغضب يذهب بلب المناظر، بل من الناس من يشتد غضبه حتى يغلق عليه فلا يدري ماذا يخرج من رأسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو بكر الطرطوشي (الغضب عند المناظرة منساة للحجة)
13
{تفحص الكلام قبل إرساله}
ينبغي على المناظر أن يدقق في الكلام الذي يريد أن يلقيه على مناظره، فيتفهم معانيه ويثبت في ذلك غاية التثبت من غير استعجال قبل إرساله، ويتفحص الكلام ومدى مطابقته للمسألة المتناظر فيها، ومايرد عليه من اللوازم، وما قد تلزمه به الحجة أو يثبت به تناقضه.
14
{إنصاف مناظرك}
المناظرة لا تنفع إلا مع الإنصاف، فالظلم يمنع من الاستماع و النظر و التفحص لكلام المناظر، ولاينصر الحق بمثل هذه الطريقة.
و الإنصاف دليل على حسن القصد وتلمس القصد وطلبه ولو على لسان مخالفك.
قال البقاعي (من العادة الجارية السكون إلى الإنصاف، و الرجوع إلى الحق و الإعتراف)
15
{مراعاة كلام المناظر}
ينبغي على المناظر أن يتأمل كلام مناظره ويحسن الإنصات إليه، ويتدبر غاية التدبر، حتى يدرك أدلة مخالفه وحججه ومدارك قوله، ويبين له بذلك فساد كلامه إن كانت مقولته خاطئة، أو صواب كلامه إن كانت مقولته حقا.
قال أبو الوليد الباجي (ويحسن الاستماع إلى كلامه، فأنه ربما بان له في كلامه مارآه له على فساده؛ فيكون له عونا على نظره)
16
{ترك المداخلة و المصادرة}
إذا شرع الطرفان في المنتاظرة، وبدأ أحد الطرفين بذكر حججه، فالواجب على الآخر الإنصات وعدم المداخلة على المتكلم حتى يأتي على آخر كلامه.
قال أبو الوليد الباجي (لايداخله في نوبته ويصبر له حتى يفرغ من كلامه، فإن المداخلة تذهب بالفائدة وتدعو إلى الوحشة)
17
{الحرص على ود الصاحب}
المناظرة تهيج دواعي الغضب، وقد تفسد ذات البين لأن في العبد طغيان للعلو، ولذلك ترى العقلاء يتدفعونها مع أصحابهم و أصدقائهم.
قال يونس الصدفي (ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته في يوما في مسألة ثم افترقنا، فإخذ بيدي ثم قال: باأبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا و إن لم نتفق في المسألة)
18
{الحذر من الشناعة على المخالف}
البعض يسلم هذه الطريقة المذمومة حيلة إة إيهاما للحضور ببطلان حجج مناظره، فتراه لايذكر بطلان حججه بالإدلة و البيان، و إنما يعول على التهويل و السجع، و اللغط و الخصام.
قال الباجي (التشنيع عليه في جداله، فإن ذلك يفعله الضعفاء ومن لا إنصاف عنده)
19
{بين المؤاخذة المسامحة}
قال إمام الحرمين الجويني (ولا تسامح الخصم إلا في موضع يعلم يقينا ان المسامحة فيه لا تضرك، لانه طالما قيل: المسامحة في المتاظرة شؤم)
20
{الإعراض عن العجب}
مقصود المناظرة طلب الحق، وهداية الخلق إليه، ومن فسد قصده يطلبها للمفاخرة و المباهاة، وفي العبد طغيان العلو، و المناظرة تحرك دواعي المخيلة و العجب.
21
{الاحتراز في السؤال}
سؤال المخالف لايخلو إما أن يكون استرشادا، و إما أن يكون استدراجا للخصم.
قال الباجي (وينبغي للسائل ان يحترز في سؤاله عن كلام تلزمه به الحجة في أثناء المناظرة، فكثيرا مايطلق السائل سؤاله ثم يرجع عما أطلق قيقبح به)
هذا ونسأل الواحد الأحد أن يوفقنا لكثير مما ذكرنا، و أن نلتزم بصفة العلماء في الجدل و المناظرة.
و الله المستعان
أخوكم
فيصل بن المبارك أبو حزم
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 05:04]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب
الكتاب عندي، فيه فوائد كثيرة
وبوركت على النقل
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا.(/)
ماذا يقول المتصَل عليه إذا رفع سماعة الهاتف؟
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 03:07]ـ
اختلفت أنا وأخ لي فيما يقوله من يرد على الهاتف إذا دق ورفع سماعته، بين السلام عليكم، مرحبا، نعم ... إلخ فما الرأي فيما يقول من يرد على الهاتف إذا رن؟
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 03:20]ـ
عدّه المحققون من أهل العلم مثل قرع باب البيت، فما يقال هناك يقال هنا. طبعا بحسب ما ورد في السنة.
لكن الأولى أن ينتظر حتى يسلم المتصل عليه ويخاطبه، ومن ثم يبدأ هو بالكلام؛ فإن كان المتصل قد بدأ بالسلام فإنه يرد السلام، وإن كان بدأ بقول (ألو) فإنه يقول: من معي؟ من المتصل؟ وهكذا.
والله تعالى أعلم
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 03:23]ـ
عدّه المحققون من أهل العلم مثل قرع باب البيت، فما يقال هناك يقال هنا. طبعا بحسب ما ورد في السنة.
لكن الأولى أن ينتظر حتى يسلم المتصل عليه ويخاطبه، ومن ثم يبدأ هو بالكلام؛ فإن كان المتصل قد بدأ بالسلام فإنه يرد السلام، وإن كان بدأ بقول (ألو) فإنه يقول: من معي؟ من المتصل؟ وهكذا.
والله تعالى أعلم
جزاكم الله خيرا
وما الذي ورد في السنة؟
ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 03:36]ـ
أرجو - تكرمًا - أن تذكر لنا شيئًا من أقوال المحققين منسوبة.
وجزاكم الله خيرًا أجمعين.
ـ[علاء زكي]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 04:27]ـ
لو سمعت هذا الدرس للشيخ سعيد رسلان ستجد بُغيتك ((أداب الهاتف ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=1720)))
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 06:01]ـ
أخي علاء بارك الله فيك
قد لا أجد هذا الدرس بيسر، فإن كنت تعلم الإجابة من هذا الدرس أو غيره فبينها لي، فأنا أريد الفائدة ممن يعرفها الآن بصورة مباشرة وسريعة.
تحياتي
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 06:57]ـ
جزاكم الله خيرا
وما الذي ورد في السنة؟
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة. فإذا هو بأبي بكر وعمر. فقال (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟) قالا: الجوع. يا رسول الله! قال (وأنا. والذي نفسي بيده! لأخرجني الذي أخرجكما. قوموا) فقاموا معه. فأتى رجلا من الأنصار. فإذا هو ليس في بيته. فلما رأته المرأة قالت: مرحبا! وأهلا! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أين فلان؟) قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. ثم قال: الحمد لله. ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب. فقال: كلوا من هذه. وأخذ المدية. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياك! والحلوب) فذبح لهم. فأكلوا من الشاة. ومن ذلك العذق. وشربوا. فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر (والذي نفسي بيده! لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع. ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم).
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2038
خلاصة الدرجة: صحيح
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 08:51]ـ
جزاك الله خيرا أبا عمر وبورك فيك.
ـ[أبو أحمد المهاجر]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 09:18]ـ
أخي الكريم:
بغيتك تجدها في رسالة لطيفة للعلامة بكر بوزيد اسمها:
(أدب الهاتف).
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 10:05]ـ
أخي الكريم:
بغيتك تجدها في رسالة لطيفة للعلامة بكر بوزيد اسمها:
(أدب الهاتف).
تصفَّحت على عجل رسالة (أدب الهاتف) للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله فلم أجده تعرَّض لهذه المسألة بعينها!
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:02]ـ
هذا تلخيص لسفر نفيس في هذا الباب , كنت قد أعددته قبل فترة ..
وعنونته بـ: بعض آداب وأحكام المهاتفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد ..
فللشيخ العلامة: بكر بن عبد الله أبو زيد , كتيب بعنوان: أدب الهاتف , جمع فيه شيئا من الأحكام والآداب المتعلقة بالهاتف .. ويسرني هنا أن أضع ملخصاً لهذا الكتاب , مع بعض الإضافات اليسيرة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: عناصر الموضوع:
1. ذكر بعض الآداب مع شيء من التفصيل.
2. بعض الأحكام المختصة.
3. بعض المحاذير والتنبيهات.
4. فوائد لغوية.
العنصر الأول: ذكر بعض الآداب على سبيل الإجمال:
من المعلوم أن المهاتفة وآدابها مخرجة فقهاً على آداب الزيارة والاستئذان والكلام والحديث مع الآخرين, في المقدار والزمان والمكان وجنس الكلام وصفته, وجميعها معلومة ..
وهي آداب مطلوبة من الطرفين, المتصل والمتصل عليه , وبعضها في حقّ المتصل آكد ..
وإليك بيانها مع شيء من التفصيل ..
1. صحة الرقم:
حتى لا تقع في حرج وغلط فتوقظ نائماً أو تزعج مريضاً أو تشغل غيرك عبثاً, فإن وقع غلط منك فتلطف بالاعتذار, ويا أيها المتصل عليك لا تنفعل حينما يحصل شيء من ذلك .. فتحمله, ولا تعنّف .. فإن كان غالطاً حقيقة فقد أدخلت السرور عليه, ولا سبيل لك عليه شرعاً, وإن كان متعمدّاً الإيذاء, فقد نفذه سهم اللطف, ولك الأجر وعليه الوزر.
2. وقت الاتصال:
إن كان لك حاجة في الاتصال فاذكر أن للناس أشغالاً, وحاجات .. وهم أولى بالعذر منك لضرورة أو حاجة.
ولهذا منحت الشريعة الشخص الْمُزَار, ومثله المتصل عليه: حق الاعتذار, دون اللجوء إلى الكذب, كقول الكثيرين: فلان ليس في الدار, وهو فيها! .. لأن الله قال: (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم).
وانظر كيف أمرت الشريعة الأرقاء والصغار بالاستئذان في ثلاثة أوقات: قبل صلاة الفجر, ووقت الظهيرة, وبعد صلاة العشاء, أما الأحرار البالغون فعليهم الاستئذان في كل الأوقات, كما في سورة النور!.
ونهى صلى الله عليه وسلم عن الطروق ليلاً, أي قدوم المسافر إلى أهله ليلاً دون إعلامهم.
وحكم مراعاة وقت الاتصال هذا, هو في غير الأماكن العامة المفتوحة على مدار الساعة, كالفنادق ودور التأجير للمسافرين ..
3. دقات الاتصال:
التزم الاعتدال والتوسط, بما يغلب على الظن سماع منبه الهاتف, ولا تحد دقات الاتصال هنا بثلاث للحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فلينصرف) , للحديث الآخر المبين لحكمة الاستئذان, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) رواه البخاري.
وهذا غير وارد في المهاتفة.
لكن؛ احذر المبالغة دفعاً لإيذاء المتصل عليه, لأن ذلك أسلوب من أساليب الإثقال, والبلاء فيه قديم, ومنه أن امرأة ذهبت إلى الإمام أحمد -رحمه الله- فدّقت عليه الباب دقّاً شديداً, فخرج وهو يقول: (هذا دقّ الشُّرَط) مستنكرً لهذا!.
وانظر إلى أدب الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ كانوا يقرعون أبواب النبي صلى الله عليه وسلم بالأظافير. (رواه البخاري في الأدب المفرد).
4. مدة الاتصال:
ومقياسها يرجع لكل مقام مقال, فاحذر الإفراط والتفريط.
5. خفص الصوت:
ففي وصية لقمان لابنه: (واغضض من صوتك)!.
6. إنزال الناس منازلهم:
فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من لم يوقّر كبيرنا, ويرحم صغيرنا, ويعرف لعالمنا حقّه) رواه أحمد.
ورأس الأمر: الإسلام, والناس فيه رتب ومنازل, حسب الطاعة والمعصية, والبدعة المغلظة والخفيفة!.
أما الكفار فلهم معاملة تخصهم, بالتحية ومقدار الكلام وما إلى ذلك.
وبالجملة, فلتصاحبك عزّة المسلم من غير كبرياء أو تنفير أو هضم حق شرعي معتبر!.
7. من الأدب ألا تتصل بشخص وأنت في دار مليئة بالصخب والضجيج, فعليك بالتصون وحفظ بيتك من إظهار عورته ومكرمته, ولا تحملك الصداقة والألفة على التبذل؛ فإن ذلك يجرّك إلى استمرائه فيصير طبعاً لك تعرف به!.
8. كما عليك تدبير أمر الهاتف في منزلك, فلا يرفع الهاتف المخصص للرجل مرأة ويوجد رجل من أهلها!.
9. بالنسبة للمتصل المستفتي, فعليه التأدب بطريقة الاستفتاء الجميلة, قائلاً:
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, لدي –أحسن الله إليك- سؤال, هو ... ) وبعد نهاية المكالمة, يقول: (جزاكم الله خيراً, وأثابكم, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
إلى غير ذلك من الآداب المدرجة تحت هذا الباب!.
* * *
العنصر الثاني: بعض الأحكام المختصة:
1. أحكام السلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
- السلام من المتصل بداية ونهاية, فإن المتصل في منزلة القادم, فإذا رُفِعَت السماعة فبادر بالتحية الإسلامية: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) , فهي شعار الإسلام, ومفتاح الأمن والسلام, وهي شرف لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
- ويجب الجواب على سامعه, والمتصل عليه.
فقد ورد في الحديث, عن ربعي –رضي الله عنه-, قال: أخبرنا رجل من بني عامر, أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم, وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان, فقل له: قل: السلام عليكم, أأدخل؟ , فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم, أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل. رواه أبو داود.
- أما عن ختم المهاتفة بالسلام , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلّم, فإذا أراد أن يقوم, فليسلّم, فليست الأولى بأحق من آخره. رواه أبو داود.
- ومن الأحكام المتعلقة بذلك ألا يبدأه بالكلام, قبل أن يسلم المتصل! .. للحديث الذي ورد عن ابن عمر –رضي الله عنه- في تخريج الإحياء: (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه حتى يبدأ بالسلام) , [2/ 252] , ومع أن الحديث في إسناده لين؛ إلا أن أحاديث صحاح تقوي معناه, ومنها ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد, وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد [813] , والسلسلة الصحيحة [6/ 478]: عن أبي هريرة فيمن يستأذن قبل أن يسلم، قال: لا يؤذن حتى يبدأ بالسلام!.
2. إذا أجابك صاحب الهاتف, وقال: من المتكلم؟ فقل: فلان الفلاني, أو بما يعرّف شخصك عنده.
عن جابر رضي الله, قال: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: من هذا؟ فقلت: أنا, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا, أنا!. رواه مسلم, وأبو داود, وزاد: كأنه كرهه!.
3. تسجيل المكالمات:
وهي لا تجوز دون إذن المتصل عليه أو المتصل؛ لأنها خيانة, مهما يكن نوع الكلام: دينيا, أو دنيويا, كفتوى, أو مباحثة علمية, أو مالية, أو ماجرى مجرى ذلك.
وقد ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حدّث الرجلُ الرجلَ فالتفت فهي أمانة) رواه أحمد, وأبوداود, والترمذي.
قال: الراغب: السرُّ ضربان: أحدهما: مايلقي الإنسان من حديث يستكتم, وذلك إما لفظاً, كقولك لغيرك: اكتم ما أقول لك, وإما حالاً: وهو أن يتحرى القائل حال انفراده, فيما يورده أو خفض صوته, أو يخفيه عن مُجالسه, وهو المراد في هذا الحديث. ا. هـ.
فإذا سجلتَ مكالمته دون إذنه وعلمه, فهذا مكر وخديعة, وخيانة للأمانة.
وإن نشرت هذه المكالمة للآخرين, فهي زيادة في التخون, وهتك الأمانة.
وإن فعلت فعلتك الثالثة, وهي التصرف في نصّ المكالمة, بدبلجة, فإنك ترتدي الخيانة مضاعفة, وتسقط على أم رأسك في أم الخبائث, غير مأسوف على خائن.
ولذا ضعف (التسجيل) عن حُجّية الإثبات والحكم قضاءً إلى رتبة القرائن.
4. النغمات, وخدمة الانتظار, وخدمة صدى ..
إن كانت غناءً أو أناشيد موسيقية وما إلى ذلك! , فهي محرمة ..
أما إن كانت أذكاراً, وآيات من كتاب الله, فمن الأفضل عدم وضعها, لأن ذلك يوقع في محظورات منها:
- عدم التحكم بالوقوف على رؤوس الآي, وقد يكون التوقف في مكان يحرم التوقف عليه!.
- قد ينسى الشخص إصمات جواله, فيرن في الأماكن غير المناسبة كدورات المياه –أكرمكم الله- وما إلى ذلك.
- أن القرآن الكريم أنزل للتدبر والعبادة, لا وضعه نغمات وأجراساً في كل شيء!.
وبليّة النغمات عمّت والله المستعان, فترى بعض النغمات الموسيقية تهتك حرمة المساجد, وأماكن الذكر المعظمة! , وهكذا نحن –المسلمين- نستورد كل دخيل غربيّ بسعة صدر وبال!.
وصار الإنكار مستهجنا! , فاللهم سلم سلم ...
فسد الناس وصاروا إن رأوا:: صالحاً في الدين قالوا مبتدع!
5. الهاتف والمرأة ..
يحرم على المرأة الخضوع بالقول, والاسترسال في الكلام مع الرجال الأجانب, بل ومع محارمها بما تنكره الشريعة وتأباه النفوس, ويُحدِث في نفس السامع علاقة.
ولتحذر من رفع الصوت عن المعتاد, وتمطيط الكلام, وتحسينه وتليينه وترقيقه وترخيمه وتنغيمه بالنبرة اللينة واللهجة الخاضعة!.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن كان يحرم عليها ذلك, فيحرم على الرجل سماع صوتها بتلذذ, ولو كان صوتها بقراءة القرآن, وإذا شَعُرَت المرأة بذلك حرم عليها الاستمرار في الكلام معه, لما يدعو إليه من الفتنة.
* * *
العنصر الثالث: بعض المحاذير والتنبيهات ..
1. عند حاجتك لاستعمال هاتف غيرك فاستعمله بعد التلطف في استئذان صاحبه, ولا تطلب من قليل ذات اليد, ومن لا من ضيق نفس, يأذن وهو متبرم.
2. البدء بتحية الإسلام, والحذر من العدول عنها إلى نحو: صباح الخير, صباح النور!.
وكذلك المبادرة من المتهاتفين بلفظ: (ألو) , ولو أفتاك الناس وأفتوك, فهي لفظة مولّدة, فرنسية المولد, يأباها اللسان العربي؛ إذ تقلص ظلها.
3. ومما ينبه عليه الاتصال وتغيير الصوت والنبرة حتى يمزح مع صاحبه, إما ليختبره أو يرهبه, وهذا غير جائز؛ لأنه نقصٌ في الأدب, وإشغال لبال صاحب الهاتف, ومن أنت يا عظيم القدر في نفسه؟! ..
4. لا يمعنك الاتصال وصلة الرحم عن طريقه عن التخلي من سنة نقل الخطى والزيارة إلى هذه الفضائل, وإذا كانت زيارة المريض والمصاب خفيفة, مقدرة بجلسة الخطيب بين الخطبتين, فلتكم المهاتفة حال المرض كذلك, ومن يأنس بك , فله حال لا تخفى!.
5. شدة الحرمة في استخدام جهاز التنصت, ونقل المكالمات, فيقضي ساعات ليله ونهاره في الفرجة على أحاديث الناس, وما يجري بينهم دون علم منهم, وهذا محرم لا يجوز, سواء عرف المتهاتفين, أم أحدهما, أم لم يعرفا!.
وقد ثبت من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صُبَّ في أذنيه الآنك يوم القيامة) رواه البخاري في صحيحه.
6. سعار الاتصال:
احذر فضول المهاتفة, حتى لا يصيبك سعارُ الاتصال, فكم من مصابٍ به, فمن حين يرفع رأسه من نومته, يدني جواله وهاتفه, فيشغل نفسه وغيره, عبر الهاتف, من شخص لآخر! ..
وليس لنا مع هؤلاء حديثٌ إلا الدعاء بالعافية, وننصحهم بمعالجة وضعهم من هذا الفضول!.
* * *
العنصر الرابع: فوائد لغوية
اللغة العربية من شعائر الإسلام, والتكلم بها حفظ لشعائر الإسلام, فيجب حفظها, وكف الدخولات عليها, وإليك كلمات عربية فيها الغنية:
يقولون: التلفون!
وتعريبها [أي الكلمة] الصحيح: الهاتف, أو: الْمَسَرّة.
يقولون: الموبايل!
وتعريبها الصحيح: الجوال, أو: الهاتف الخلوي.
يقولون: البيجر!
وتعريبها الصحيح: النداء
يقولون: فاكس!
وتعريبها الصحيح: راسل [كما يرى الشيخ بكر أبو زيد] , أو: لاقط [كما عرفه الشيخ: حمد الجاسر] , أو: فَقْس [كما عربّه مجمع اللغة بالقاهرة].
يقولون: جهاز التصّنت!
وتعريبها الصحيح: جهاز التنصّت.
يقولون: ألو , هلو!
والصحيح: السلام عليكم.
هذا وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
[اختصار بتصرف لكتاب الشيخ: بكر بن عبد الله أبو زيد, بعنوان: أدب الهاتف, الذي طبع عن دار العاصمة, الطبعة الأولى, 1416هـ]
أبو الليث الشيراني
مكة المكرمة
19/ 7/1430هـ
http://alddar-na.com/vb/showthread.php?t=623 (http://alddar-na.com/vb/showthread.php?t=623)
ـ[أبو أحمد المهاجر]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 06:16]ـ
تصفَّحت على عجل رسالة (أدب الهاتف) للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله فلم أجده تعرَّض لهذه المسألة بعينها!
ما شاء الله تعالى!
يا أخانا تصفحت بعجل وما وجدت!!
إنما أحلته على الرسالة، لأني أعرف أن هذه المسألة فيها، فلقد قرأت هذه الرسالة قبل حوالي 8 سنوات.
فدع عنك العجلة.
فإن العجلة قد يكون فيها العطب.
و تأمل مشاركة أخينا الشمراني.
ـ[أبو أحمد المهاجر]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 06:20]ـ
العنصر الثاني: بعض الأحكام المختصة:
1. أحكام السلام.
- السلام من المتصل بداية ونهاية, فإن المتصل في منزلة القادم, فإذا رُفِعَت السماعة فبادر بالتحية الإسلامية: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) , فهي شعار الإسلام, ومفتاح الأمن والسلام, وهي شرف لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
- ويجب الجواب على سامعه, والمتصل عليه.
فقد ورد في الحديث, عن ربعي –رضي الله عنه-, قال: أخبرنا رجل من بني عامر, أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم, وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان, فقل له: قل: السلام عليكم, أأدخل؟ , فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم, أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل. رواه أبو داود.
- أما عن ختم المهاتفة بالسلام , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلّم, فإذا أراد أن يقوم, فليسلّم, فليست الأولى بأحق من آخره. رواه أبو داود.
- ومن الأحكام المتعلقة بذلك ألا يبدأه بالكلام, قبل أن يسلم المتصل! .. للحديث الذي ورد عن ابن عمر –رضي الله عنه- في تخريج الإحياء: (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه حتى يبدأ بالسلام) , [2/ 252] , ومع أن الحديث في إسناده لين؛ إلا أن أحاديث صحاح تقوي معناه, ومنها ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد, وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد [813] , والسلسلة الصحيحة [6/ 478]: عن أبي هريرة فيمن يستأذن قبل أن يسلم، قال: لا يؤذن حتى يبدأ بالسلام!.
( http://alddar-na.com/vb/showthread.php?t=623)
بارك الله فيكم أخي الشمراني على هذا التلخيص الطيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 08:10]ـ
ما شاء الله تعالى!
يا أخانا تصفحت بعجل وما وجدت!!
إنما أحلته على الرسالة، لأني أعرف أن هذه المسألة فيها، فلقد قرأت هذه الرسالة قبل حوالي 8 سنوات.
فدع عنك العجلة.
فإن العجلة قد يكون فيها العطب.
و تأمل مشاركة أخينا الشمراني.
عذراً أخي المبارك إن كنت أغضبتك
أما عن ذكرك بأن الشيخ ذكر عَيْنَ المسألة فَلَعلِّي ذهلت عن ذلك فالتمس العذر لأخيك.
وأسألك أيها الموفق: هل عنى الشيخ رحمه الله بكلامه أن مُستقبِل المكالمة يبقى صامتاً بعد أن يرفع سمَّاعة الهاتف حتى يُسَلِّم المتَّصل؟ أم أنه يرد ابتداءً بقوله مثلاً: مرحباً وأهلاً ثم ينتظر سلام المتصل؟
وأهديك هذه:
مواكب الشوق من قلبي إليك أتت
تهدي المحبة في الرحمن تبديها
إني أحبك في الله الذي سجدت
له الجباه فرب العرش باريها
منابر النور يوم العرض موعدنا
بشراك إن أنت قد آخيت من فيها
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 01:20]ـ
وفقكم الله جميعا.
لعل الشيخ بكر أبو زيد هو أول من ألف عن أدب الهاتف، لذا نرى الإحالة على كتابه من بعض المشاركين. رحمه الله وتقبل منه وغفر لنا وله. ولاشك أن الأجر يناله أيضا رحمه الله، وعندنا مثل بالعامية: " من سبق لبق ".
لذا أحث نفسي وإخواني بالكتابة في النوازل الجديدة بجد واجتهاد. وفقنا الله
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 02:01]ـ
وأسألك أيها الموفق: هل عنى الشيخ رحمه الله بكلامه أن مُستقبِل المكالمة يبقى صامتاً بعد أن يرفع سمَّاعة الهاتف حتى يُسَلِّم المتَّصل؟ أم أنه يرد ابتداءً بقوله مثلاً: مرحباً وأهلاً ثم ينتظر سلام المتصل؟
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 05:12]ـ
يظهر لي أن الأمر واسع في هذا، والشيخ بكر -رحمه الله- أشار إلى كون المتصل هو من يبدأ بالسلام؛ استدلالا بحديث ربعي-رضي الله عنه-.
وأسألك أيها الموفق: هل عنى الشيخ رحمه الله بكلامه أن مُستقبِل المكالمة يبقى صامتاً بعد أن يرفع سمَّاعة الهاتف حتى يُسَلِّم المتَّصل؟ أم أنه يرد ابتداءً بقوله مثلاً: مرحباً وأهلاً ثم ينتظر سلام المتصل؟
لم أر الشيخ صرح بهذا، ولكنه قال للمتصل: "فبادر بالتحية الإسلامية" (ص/12)، ومفهوم كلامه أنه لا يدع المتصل عليه يتكلم ابتداءً.
وإن تكلم المتصل عليه، فله أصل، ودل عليه حديث ابن عباس -المتفق عليه- في وفد عبد القيس، حينما قال (ص): "من الوفد؟ " قالوا: ربيعة. قال:"مرحبًا بالوفد غير خزايا ولا ندامى".
/// ففيه دلالة على تحدث المهاتَف.
/// وفيه دلالة على جواز التحية بـ مرحبًا.
ـ[طويلبة مغربية]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 05:35]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله الفردوس الاعلى وبارك الله فيكم ونفع بكم
وأستأذنكم في نقل الموضوع أحسن الله اليكم إن أمكن ذلك
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 06:23]ـ
لم أر الشيخ صرح بهذا
وهذا هو الذي قصدته في ردي على الأخ المكرَّم أبو أحمد المهاجر بقولي: ((
تصفَّحت على عجل رسالة (أدب الهاتف) للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله فلم أجده تعرَّض لهذه المسألة بعينها!))
ـ[أبو أحمد المهاجر]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 07:00]ـ
عذراً أخي المبارك إن كنت أغضبتك
أما عن ذكرك بأن الشيخ ذكر عَيْنَ المسألة فَلَعلِّي ذهلت عن ذلك فالتمس العذر لأخيك.
وأسألك أيها الموفق: هل عنى الشيخ رحمه الله بكلامه أن مُستقبِل المكالمة يبقى صامتاً بعد أن يرفع سمَّاعة الهاتف حتى يُسَلِّم المتَّصل؟ أم أنه يرد ابتداءً بقوله مثلاً: مرحباً وأهلاً ثم ينتظر سلام المتصل؟
وأهديك هذه:
مواكب الشوق من قلبي إليك أتت
تهدي المحبة في الرحمن تبديها
إني أحبك في الله الذي سجدت
له الجباه فرب العرش باريها
منابر النور يوم العرض موعدنا
بشراك إن أنت قد آخيت من فيها
أسلوب بعض الإخوة الأفاضل ينقط عسلا، فتستحي أنك أغلظت له شيئا قليلا!
بارك الله فيكم أخي الجداوي.
و أما كلام الشيخ فواضح لا إشكال فيه.
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 07:08]ـ
أسلوب بعض الإخوة الأفاضل ينقط عسلا، فتستحي أنك أغلظت له شيئا قليلا!
بارك الله فيكم أخي الجداوي.
و أما كلام الشيخ فواضح لا إشكال فيه.
وفيك بارك
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 05:49]ـ
إخواني بارك الله فيكم
لو قلنا إن ما تعارف عليه الناس الآن هو أن يبدأ متلقي المكالمة بالكلام، فأي كلام ترونه مناسبا من الناحية الشرعية ليبدأ به؟
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 07:26]ـ
بـ: السلام عليكم.
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 07:49]ـ
بوركت أخي أبا الليث.
ـ[الطيب صياد]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 08:55]ـ
بارك الله في أبي الليث الشيراني المكّيّ على الجزء الذي نشره بيننا في أحكام و آداب الهاتف و النقّال، و أشكر له غيرته على الطريقة الإسلامية، خاصة في التحية، حيث تنكبّها قوم و أولعوا بالموضة الغربية، هدانا و إياهم رب البرية،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 02:18]ـ
/// فائدة:
في الصحيحين من حديث أم هانئ قالت: ذهبت إلى رسول الله (ص) عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه، فقال: «من هذه؟»، فقلت: أم هانئ. قال: «مرحبًا بأم هانئ».
يؤخذ من هذا الحديث جواز سؤال المهاتَف، والاستفصال عن شخصه، كما يدل عليه قوله: «من هذه؟».
وحديث جابر -رضي الله عنه- المتفق عليه، قال: أتيت النبي (ص) في دين كان على أبي فدققت الباب، فقال «من ذا؟» = يدل على ماسبق بيانه، من جواز سؤال الطارق قبل السلام عليه، ومثله -فيما ظهر لي - المتصل.(/)
أريد (الدرس الاول) من كتاب الصيام شرح منار السبيل ضروري
ـ[علاء زكي]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 04:23]ـ
السلام عليكم
بحثت كثيرا في موقع البث الاسلامي وموقعكم فلم أجد الدرس الاول من كتاب الصيام من كتاب شرح منار السبيل لفضيلة الشيخ خليل بن سليمان المديفر وهو شرح رائع ويسير وكنت في السنة الماضية سمعت الدرس الاول من شرح الشيخ احمد حطيبة لهذا الكتاب ولكن انا الان ان اسمع الشيخ خليل المديفر لان هناك مسألة أكملها الشيخ في الدرس الثاني وانا اريد ان ادرس المسألة من البداية من فضلكم أريد هذا الدرس بأي طريقة .... وجزاكم الله خيرا.
ـ[علاء زكي]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 12:01]ـ
يا أخوة اي حد يرد عليَ أنا أريد هذا الدرس سريعاً لانه فيه مسأله مهمة وإن كان الدرس غير موجود أصلا علي الشبكة
فليدلني أحدكم علي شروحات كاملة لكتاب منار السبيل(/)
هو الطهور ماؤه الحل ميتته
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 04:56]ـ
قال الزرقاني في شرح الموطأ هذا الحديث أصل من أصول الإسلام تلقته الأئمة بالقبول، وتداولته فقهاء الأمصار في سائر الأعصار في جميع الأقطار، ورواه الأئمة الكبار مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن الأربعة والدارقطني والبيهقي والحاكم وغيرهم من عدة طرق، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن منده وغيرهم، وقال الترمذي: حسن صحيح وسألت عنه البخاري فقال: حديث صحيح اهـ
قال ابن الملقن في البدر: إنه حديث عظيم، أصل من أصول الطهارة مشتمل على أحكام كثيرة وقواعد مهمة.
قال الماوردي في الحاوي: قال الحميدي: قال الشافعي: هذا الحديث نصف علم الطهارة و الحديث وقع جوابا عن سؤال كما في الموطأ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته ".
(إنا نركب البحر) البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، وهو خلاف البَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غلب على المِلْح حتى قَلّ في العَذْبِ، وجمعه أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحارٌ، (ونحمل معنا القليل من الماء) أي الماء العذب، (فإن توضأنا به عطشنا) العَطَشُ: خلاف الريّ.
(أفنتوضأ من ماء البحر) إستشكل عليهم التطهر بماء البحر و ذلك لملوحته و تغير ريحه، (الطهور ماؤه): بفتح الطاء هو المصدر واسم ما يتطهر به أو الطاهر المطهر البالغ في الطهارة ومنه قوله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهورا (سورة الفرقان: الآية 48) أي طاهرا في ذاته مطهرا لغيره , لأنهم سألوه عن تطهير مائه لا عن طهارته وضمير ماؤه يقتضي أنه أريد بالضمير في قوله هو الطهور البحر، إذ لو أريد به الماء لما احتيج إلى قوله ماؤه، إذ يصير في معنى الماء طهور ماؤه، و لم يقل الرسول عليه الصلاة و السلام في الجواب نعم مع حصول الغرض به، ليقترن الحكم بعلته و هو الطهورية المتناهية في بابها، و دفعا لتوهم حمل لفظ نعم على الجواز على سبيل الرخصة للضرورة أو قصره على رفع الحدث، فكان في جوابه عليه الصلاة و السلام الطهور ماؤه بيانا أن الطهورية وصف لازم له غير قاصر على حال الضرورة و غير خاص بحدث دون حدث، بل يرفع كل حدث و يزيل كل خبث.
قال عبد الله بن عبد الحمن البسام في التوضيح: و ماء البحر حوى أملاحا معدنية عديدة، و محلول الأملاح فيه موصل كهربائي، يكون أكبر نسبة من المواد الذاتية في ماء البحر، و بهذا يكون أقدر من غيره على إزالة الأنجاس و رفع الأحداث، و لله في خلقه أسرار
قال بن دقيق العيد في الإمام شرح الإلمام: فإن قيل: لم لم يجبهم بنعم حين قالوا: (أفنتوضأ به)؟ قلنا: لأنه يصير مقيدا بحال الضرورة وليس كذلك. وأيضا فإنه يفهم من الاقتصار على الجواب بنعم أنه إنما يتوضأ به فقط، ولا يتطهر به لبقية الأحداث والأنجاس. فإن قيل: كيف شكوا في جواز الوضوء بماء البحر؟ قلنا: يحتمل أنهم لما سمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: {لا تركب البحر إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا في سبيل الله فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا} أخرجه أبو داود وسعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر مرفوعا، ظنوا أنه لا يجزئ التطهر به. وقد روي موقوفا على ابن عمر بلفظ: {ماء البحر لا يجزئ من وضوء ولا جنابة، إن تحت البحر نارا ثم ماء ثم نارا حتى عد سبعة أبحر وسبع أنيار}، وروي أيضا عن ابن عمرو بن العاص أنه لا يجزئ التطهر به، ولا حجة في أقوال الصحابة لا سيما إذا عارضت المرفوع والإجماع. وحديث ابن عمر المرفوع قال أبو داود: رواته مجهولون. وقال الخطابي: ضعفوا إسناده. وقال البخاري: ليس هذا الحديث بصحيح. وله طريق أخرى عند البزار، وفيها ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.
قال الزرقاني: ولم يقل في جوابه: نعم مع حصول الغرض به ليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية
(يُتْبَعُ)
(/)
في بابها ودفعا لتوهم حمل لفظة نعم على الجواز، ولما وقع جوابا للسائل بين أن ذلك وصف لازم له ولم يقل ماؤه الطهور لأنه أشد اهتماما بذكر الوصف الذي اتصف به الماء المجوز للوضوء وهو الطهورية، فالتطهير به حلال صحيح كما عليه جمهور السلف والخلف، وما نقل عن بعضهم من عدم الإجزاء به مزيف أو مؤول بأنه أراد عدم الإجزاء على وجه الكمال عنده.
قالابن رشد في البداية: والأصل في وجوب الطهارة بالمياه قوله تعالى: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) وقوله: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) وأجمع العلماء على أن جميع أنواع المياه طاهرة في نفسها مطهرة لغيرها، إلا ماء البحر، فإن فيه خلافا في الصدر الأول شاذا، وهم محجوجون بتناول اسم الماء المطلق له، وبالأثر الذي خرجه مالك وهو قوله عليه الصلاة والسلام في البحر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وهو وإن كان حديثا مختلفا في صحته، فظاهر الشرع يعضده، وكذلك أجمعوا على أن كل ما يغير الماء مما لا ينفك عنه غالبا أنه لا يسلبه صفة الطهارة والتطهير إلا خلافا شاذا روي في الماء الآجن عن ابن سيرين، وهو أيضا محجوج بتناول اسم الماء المطلق له، واتفقوا على أن الماء الذي غيرت النجاسة إما طعمه أو لونه أو ريحه أو أكثر من واحد من هذه الأوصاف أنه لا يجوز به الوضوء ولا الطهور. واتفقوا على أن الماء الكثير المستبحر لا تضره النجاسة التي لم تغير أحد أوصافه وأنه طاهر اهـ
و قال ابن عبد البر: وقد جاء عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص: كراهية الوضوء بماء البحر. وليس في أحد حجة مع خلاف السنة.
وقد روى قتادة عن موسى بن سلمة الهذلي قال: سألت ابن عباس عن الوضوء بماء البحر، فقال: هما البحران يريد قول الله تعالى: هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج [الفرقان: 53] لا تبال بأيهما توضأت.
وهذا إجماع من علماء الأمصار الذين تدور عليهم وعلى أتباعهم الفتوى. وكذلك عندهم كل ماء مستبحر كثير غير متغير بما يقع فيه من الأنجاس. اهـ
و من فوائد الحديث ما قاله صاحب المنهل أنه يدل على أنه يطلب ممن يجهل شيئا أن يسأل أهل العلم عنه، و على جواز ركوب البحر لغير حج و عمرة و جهاد لأن السائل إنما ركبه للصيد كما تقدم، أما قوله صلى الله عليه و سلم لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله فإن تحت البحر نارا و تحت النار بحرا أخرجه أبو داود في باب ركوب البحر في الغزو من كتاب الجهاد و سعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر مرفوعا فقد قال ابو داود رواته مجهولون و قال الخطابي ضعفوا إسناده و قال البخاري ليس هذا الحديث بصحيح و له طرق اخرى عند البزار و فيها ليث بن أبي سليم و هو ضعيف
و على أن خوف العطش يبيح ترك استعمال الماء المعد للشرب في الطهارة و لذا أقر النبي صلى الله عليه و سلم السائل على المحافظة عليه و عدم التطهر به، و على جواز الطهر بماء البحر الملح، و به قال جمهور السلف و الخلف و ما نقل عن بعضهم من عدم إجزاء التطهر به فمزيف و قد انكر القاضي أبو الحسن أن يكون ذلك قولا لأحد و منه تعلم بطلان ما نسب إلى ابن عمر من قوله ماء البحر لا يجزئ من وضوء و لا جنابة إن تحت البحر نارا ثم ماء ثم نارا حتى عد سبة أبحر، و سبع نيران. و ما نسب أيضا إلى ابن عمرو بن العاص من أنه قال لا يجزئ التطهر به و على فرض ثبوته فلا حجة في أقوال الصحابة إذا عارضت المرفوع. اهـ
في الحديث دلالة على أن ماء الطبيعة طاهر مادام ماء باقيا على حقيقته و لو تغير ريحه او طعمه أو لونه بشيئ طاهر كاشتداد ملوحته او ماء الحمامات المعدنية الغني بالكبريت، قال الشافعي في الأم: قال قال الله عز وجل {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم} الآية (قال الشافعي) فكان بينا عند من خوطب بالآية أن غسلهم إنما كان بالماء ثم أبان في هذه الآية أن الغسل بالماء وكان معقولا عند من خوطب بالآية أن الماء ما خلق الله تبارك وتعالى مما لا صنعة فيه للآدميين وذكر الماء عاما فكان ماء السماء وماء الأنهار والآبار والقلات والبحار العذب من جميعه والأجاج سواء في أنه يطهر من توضأ واغتسل منه، وظاهر القرآن يدل على أن كل ماء طاهر ماء بحر وغيره وقد روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
حديث يوافق ظاهر القرآن في إسناده من لا أعرفه اهـ.
يستفاد من الحديث ايضا أن الماء إذا خالطه ما أزال عنه إسم الماء المطلق لم تجز به الطهارة، و ذلك لأنهم شكوا في جواز الطهارة بماء البحر لتغير طعمه فلو لم يكن التغير مؤثرا لما سألوا عنه.
و في الحديث دلالة على عدم لزوم حمل الماء الكافي للطهارة في السفر.
و ترجم ابن ابي شيبة في مصنفه (من رخص في الوضوء بماء البحر) و ابن خزيمة في صحيحه (باب الرخصة في الغسل والوضوء من ماء البحر، إذ ماؤه طهور ميتته حل، ضد قول من كره الوضوء، والغسل من ماء البحر، وزعم أن تحت البحر نارا، وتحت النار بحرا حتى عد سبعة أبحر، وسبع نيران، وكره الوضوء والغسل من مائه لهذه العلة زعم)
أما تعريف الطهور باللام الجنسية فمن باب المبالغة لا من باب الحصر قال الشوكاني في النيل: تعريف الطهور باللام الجنسية المفيدة للحصر لا ينفي طهورية غيره من المياه لوقوع ذلك جوابا لسؤال من شك في طهورية ماء البحر من غير قصد للحصر، وعلى تسليم أنه لا تخصيص بالسبب ولا يقصر الخطاب العام عليه، فمفهوم الحصر المفيد لنفي الطهورية عن غير مائه عموم مخصص. بالمنطوقات الصحيحة الصريحة القاضية باتصاف غيره بها. اهـ
(الحل) مصدر حل الشيء ضد حرم ولفظ الدارمي والدارقطني الحلال (ميتته) بفتح الميم ما مات فيه من حيوان مما لا يعيش إلا فيه , قال في السبل: المراد بالميتة ما مات فيه من دوابه مما لا يعيش إلا فيه لا ما مات فيه مطلقا فإنه وإن صدق عليه لغة أنه ميتة بحر فمعلوم أنه لا يراد إلا ما ذكرنا، قال وظاهره حل كل ما مات فيه ولو كان كالكلب والخنزير, قال الرافعي: لما عرف صلى الله عليه وسلم اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته وقد يبتلى بها راكب البحر، فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة.
وقال غيره: سأله عن مائه فأجابه عن مائه وطعامه لعلمه بأنه قد يعوزهم الزاد فيه كما يعوزهم الماء، فلما جمعتهم الحاجة انتظم الجواب بهما
قال ابن العربي: وذلك من محاسن الفتوى بأكثر مما سئل عنه تتميما للفائدة وإفادة لعلم آخر غير المسئول عنه، ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا، لأن من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفا.
وقد عقد البخاري لذلك بابا فقال: باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله، وذكر حديث ابن عمر: {أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم؟. فقال: لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البرنس ولا ثوبا مسه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين} فكأنه سأله عن حالة الاختيار فأجابه عنها وزاد حالة الاضطرار، وليست أجنبية عن السؤال؛ لأن حالة السفر تقتضي ذلك. قال الخطابي: وفي حديث الباب دليل على أن المفتي إذا سئل عن شيء وعلم أن للسائل حاجة إلى ذكر ما يتصل بمسألته استحب تعليمه إياه، ولم يكن ذلك تكلفا لما لا يعنيه؛ لأنه ذكر الطعام وهم سألوه عن الماء لعلمه أنهم قد يعوزهم الزاد في البحر انتهى.
قال الحافظ في الفتح: قال ابن المنير: موقع هذه الترجمة التنبيه على أن مطابقة الجواب للسؤال غير لازم، بل إذا كان السبب خاصا والجواب عاما جاز، وحمل الحكم على عموم اللفظ لا على خصوص السبب لأنه جواب وزيادة فائدة. ويؤخذ منه أيضا أن المفتي إذا سئل عن واقعة واحتمل عنده أن يكون السائل يتذرع بجوابه إلى أن يعديه إلى غير محل السؤال تعين عليه أن يفصل الجواب، ولهذا قال: " فإن لم يجد نعلين " فكأنه سأل عن حالة الاختيار فأجابه عنها وزاده حالة الاضطرار، وليست أجنبية عن السؤال لأن حالة السفر تقتضي ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما ما وقع في كلام كثير من الأصوليين أن الجواب يجب أن يكون مطابقا للسؤال فليس المراد بالمطابقة عدم الزيادة، بل المراد أن الجواب يكون مفيدا للحكم المسئول عنه قاله ابن دقيق العيد. وفي الحديث أيضا العدول عما لا ينحصر إلى ما ينحصر طلبا للإيجاز؛ لأن السائل سئل عما يلبس فأجيب بما لا يلبس، إذ الأصل الإباحة، ولو عدد له ما يلبس لطال به، بل كان لا يؤمن أن يتمسك بعض السامعين بمفهومه فيظن اختصاصه بالمحرم، وأيضا فالمقصود ما يحرم لبسه لا ما يحل له لبسه لأنه لا يجب له لباس مخصوص بل عليه أن يجتنب شيئا مخصوصا. انتهى
ورد في بعض الطرق أن السائل صياد فقد يقال كيف يصيد السمك و هو لا يعرف حكمه؟
قال الحويني: ورد في بعض طرق الحديث أنهم كانوا يصطادون اللؤلؤ ولو كانوا يصطادون السمك لكان هذا ظاهراً جداً بالنسبة لهم. لكنهم كانوا يصطادون اللؤلؤ، فربما نفد زاد هؤلاء فظنوا أن ميتة البحر تدخل في عموم الميتة في القرآن، فلا يأكلون، قال الله تبارك وتعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ و (الميتة): اسم جنس محلى بالألف واللام، يفيد العموم، أي: حرمت عليكم كل أنواع الميتة. اهـ
و في الحديث دلالة على حلية جميع حيوانات البحر أي ما لا يعيش إلا بالبحر
قال تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) 96 المائدة
وعن جابر قال: {غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة فجعنا جوعا شديدا، فألقى البحر حوتا ميتا لم نر مثله يقال له: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه فمر الراكب تحته، قال: فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا رزقا أخرجه الله عز وجل لكم، أطعمونا إن كان معكم، فأتاه بعضهم بشيء فأكله}. متفق عليه
و يستفاد من الحديث جواز اكل ميتتة البحر و ان القاه البحر و لم يصدها البشر
قال مالك والشافعي وأحمد، ميتات البحر حلال و امتنع الإمام مالك أن يقول في خنزير البحر شيئا قال ابن القاسم: ولقد سألنا مالكاً عن خنزير الماء فلم يكن يجيبنا فيه، ويقول أنتم تسمونه خنزير قال ابن القاسم: إني لأتقيه ولو أكله إنسان لم أره حراما وقال ابن عبد البر في الكافي (187): (وصيد البحر كله حلال إلا أن مالكاً يكره خنزير الماء لاسمه وكذلك كلب البحر عنده) أما الإمام احمد فلم يبح الضفدع و الحية و التمساح فأما الحية و الضفدع فمن المستخبثات و أما التمساح فذو ناب يفترس به و قال ابو حنيفة بإباحة السمك فقط لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أحل لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان
فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال} رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (60/ 6): " وأما ما يسكن جوف الماء ولا يعيش إلا فيه فهو حلال كله كيفما وجد، سواء أُخذ حيا ثم مات أو مات في الماء، طفا أو لم يطف، أو قتله حيوان بحري أو بري هو كله حلال أكله. وسواء خنزير الماء، أو إنسان الماء، أو كلب الماء وغير ذلك، ذلك حلال أكله، قَتل كل ذلك وثني أو مسلم أو كتابي أو لم يقتله أحد. برهان ذلك قول الله تعالى: (وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا) وقال تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة) فعمّ تعالى ولم يخص شيئا من شيء (وما كان ربك نسيا) " انتهى
قال بن العثيمين رحمه الله لو أن الماء تغير بسمك ميت فهل يكون طهورا؟ نعم يكون طهورا لأنه تغير بشيئ طاهر حلال فلا يضر.(/)
لمن يصوم صيام داود هل يتوقف فى تلك الأيام
ـ[ايمان نور]ــــــــ[08 - Aug-2009, مساء 11:20]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الإخوة من يصوم صيام داود هل يتوقف بعد أن إنتصف شعبان أم يكمل عادته
وجزاكم الله خيرا.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 12:11]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الذي عليه أهل العلم وعملهم، والموافق لما أتت به السنة النبوية الثابتة؛ أن من كانت له عادة في الصوم ووافقت عادته مثل هذه الأيام فلا بأس له أن يستمر على عادته والحالة هذه.
والله تعالى أعلم
ـ[ايمان نور]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 12:32]ـ
جزاك الله عنّا خيرا وبارك فيك ورفع قدرك فى الدارين آمين.
ـ[حارث البديع]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 01:48]ـ
لتأكيد كلام أخينا الفاضل أنه يكمل عادته.(/)
حول قول رسول وسيد العالمين
ـ[ايمان نور]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 12:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
ماأقوال المفسرين فى معني كلمة العالمين فى رب العالمين
وهل يجوز قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيد العالمين
وهل العالم مفرد للعالمين وهل يجوز قول الرسول سيد العالم وهل تقاس على ماذكره العلماء حول قول الرسول صلي الله عليه وآله وسلم سيد الوجود وأنه لا يجوز هذا القول لان السيادة المطلقة لله والسيد الله.
وجزاكم الله خيرا وعلّمنا بكم وكل عام وأنتم بخير.
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 01:30]ـ
قال الإمام مالك بن أنس - كما في "جامع بيان العلم" (2/ 839/1578 - ط. أبي الأشبال) -: [كان رسول الله (ص) إمام المسلمين، وسيد العالمين، يُسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الجواب الصحيح" (5/ 306): [وهو صاحب لواء الحمد، وهو صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون يوم القيامة، فهو سيد العالمين حقًا]
ـ[ايمان نور]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 01:46]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وماذا عن كلمة عالم؟ وهل حين يستخدمها العوام كمرادف للوجود والكون يجوز وقتها قول سيد العالم؟ وهل هى مفرد للعالمين
ومعني العالمين
وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 01:53]ـ
العالم بكسر اللام صفة لصاحب العلم, والعالم بفتح اللام أي الكون أو الخليقة.
فعلى الأول يكون المعنى أنه صلى الله عليه وسلم سيد العلماء, وعلى الثاني يكون سيد الخليقة أو الكون أو العوالم كلها.
والأول واضح جدا من قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" والثاني غير واضح لي
والله تعالى أعلم
ـ[ايمان نور]ــــــــ[09 - Aug-2009, صباحاً 01:54]ـ
نعم يستشكل عليّ الثاني بارك الله فيكم.(/)
سؤال غريب في الصيام! إذَا ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ؟
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 05:09]ـ
السلام عليكم
معلوم أن الحنفية يوجبون الكفارة مع القضاء في الفطر في رمضان ولو بغير الجماع، لكنهم فصلوا في بلع الريق فقد جاء في تبيين الحقائق - (18/ 332): " إذَا ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بُزَاقَ صَدِيقِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَدِيقَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الرِّيقَ تَعَافُهُ النَّفْسُ وَتَسْتَقْذِرُهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ صَدِيقِهِ فَصَارَ كَالْعَجِينِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَعَافُهُ الْأَنْفُسُ ".
السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو ضابط الصديق عندهم؟ هل المقصود بالصديق الزوجة أم أي صديق.
أرجو ممن لديه علم في الفقه الحنفي أن يجيب على السؤال.
وجزاكم الله خيرا
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 05:21]ـ
/// جواب سؤالك فيما عبَّر به صاحب نور الإيضاح ج1/ص106 قال: "وابتلاع بزاق زوجته أوصديقه، لا غيرهما، وأكله عمدا بعد غيبة أو بعد حجامة أو بعد مس أو قبلة بشهوة أو بعد مضاجعة من غير إنزال".
/// وعبَّر الحصكفي بلفظة: "محبوبه" بدل "صديقه".
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 05:56]ـ
وفقك الله وجزاك الله خيرا على الرد السريع.
لكن: لو كان عندي صديق أو صاحب لي في العمل، فهل يدخل في قولهم هذا أم لا؟
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 07:54]ـ
/// بارك الله فيك، لستُ حنفيًّا فأتسوَّر قلاعهم، ولكنَّنا نتذاكر ما وقع في كتبهم ..
/// فالذي فهمته من كلامهم أنَّ الأمر يرجع إلى الحال، فإن كان لا يعاف بزاقه وسؤره في طعامه وشرابه فيدخل هذا فيه، وإلا فلا.
/// وحتى لا يُساء فهم هذا الموضوع بطريقة خاطئة، فصورة المسألة أن يقع ريق الصَّديق أوسؤره على أداةٍ أوخيط إبرةٍ ونحوها؛ فيتناوله الصَّديق الملابس له بفمه فينتقل سؤره إليه لا محاله؛ فهل يكون ذلك مفطرًا؟
هذه المسألة في نظري، وهم منيطوها بكراهة النَّفس وعيافها ..
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 05:04]ـ
كلام جميل.
لكن ألا يدل تعليلهم بأن المراد بالصديق هو الذي يشتهى كالزوجة أو من ابتلي بحب الأمرد، خاصة مع قولهم " محبوبه ". وإلا فالأصل أن الإنسان يعاف حتى من ريق نفسه.
تنبيه: الفقهاء لا يتكلمون هنا على حكم ابتلاع الريق هل هو حرام أم حلال، وإنما يتكلمون: هل يفطر به الصائم أم لا. ومثل هذا كثير ككلامهم على من أتى بهيمة هل يغتسل أم لا.(/)
قصة عجيبة ((يا مولى الزبير اقض عنه دينه))
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 05:53]ـ
باب بركة الغازي في ماله حيا وميتا مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر
روى البخاري في صحيحه فقال:
2961 حدثنا إسحاق بن إبراهيم ( http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12418) قال قلت لأبي أسامة ( http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11804) أحدثكم هشام بن عروة ( http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=17245) عن أبيه ( http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16561) عن عبد الله بن الزبير ( http://islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16414) قال لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه [ص: 1138] فقال يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما
وإن من أكبر همي لديني أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا فقال يا بني بع مالنا فاقض ديني وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه يعني بني عبد الله بن الزبير يقول ثلث الثلث فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك قال هشام وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات
قال عبد الله فجعل يوصيني بدينه ويقول يا بني إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي
قال فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت يا أبة من مولاك قال الله
قال فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه فقتل الزبير رضي الله عنه ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين 0000) الحديث بطوله
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 06:01]ـ
بارك الله فيك شيخنا الكريم
وقضى الله عنا الدين
وعن سائر المسلمين
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 06:59]ـ
وانت اخي الفاضل بارك الله فيك
وقضى الله عنا الدين
وعن سائر المسلمين
ـ[مسلم بن عبدالله]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 08:17]ـ
يا مولى الزبير إنك مولانا كما أنك مولاه فاقض عنا ديون الدنيا والآخرة كما قضيت عنه دينه
آمين
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 02:44]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
هل ورد حديث صحيح في فضل من مات وخلف وراءه ذرية صغاراً؟؟
ـ[دحية الكلبي]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 08:05]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل ورد حديث ينص على أفضلية لمن مات وخلف وراءه ذرية صغار أم لا؟؟؟؟
أرجو أفادتي بأقرب وقت بارك الله فيكم
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:12]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
في الحقيقته لا أعلم حديثاً بهذا المعنى أبداً والعلم عند الله ..
لكن ورد نحوه بمعنى مغاير: وهو المرأة التي حبست نفسها على يتاماهها بعد موت زوجها حتى ماتوا أو بانوا فهي في الجنة.
والله تعالى أعلم
ـ[دحية الكلبي]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 04:56]ـ
بارك الله فيك أخي السكران التميمي ....
أنا سألت لأني على ماأظن قرأت حديثاً في (مختصر صحيح مسلم) عن شيء كهذا؟؟؟
من مات وله ثلاثة أو أربعة ... (لكن لاأذكر بالضبط)
هل من الممكن التحقق في هذا الأمر ضروري .......
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 05:08]ـ
هل تقصد أخي الحبيب حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابا من النار أو دخل الجنة"
إذا كان هو فالمعنى مختلف عما فهمته بارك الله فيك؛ لأن المقصود هنا من مات (له) من الأولاد حال حياته هو , وليس من مات (وله) أي ترك أولادا خلفه. وقد بحثت كثيرا عن مرادك ولكني لم أظفر بشيء. والله تعالى أعلم
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 05:09]ـ
وجدته أخي العزيز .. وهو كما قال الأخ الفاضل الحبيب (أبا حاتم) .. وهو حديث متفق عليه، لكن ليس بالصيغة والوجه الذي ذكرته أنت رحمك الله، فقد قلبته أنت.
ـ[دحية الكلبي]ــــــــ[12 - Aug-2009, مساء 06:24]ـ
بارك الله فيكم أوجزل الله لكم الثواب ...
أنا أعرف أن هناك فضل لمن مات (وله) أولاداً صغاراً ....
لكني ظننت بوجود فضل لمن مات (وخلف) وراءه ذرية صغاراً ....
ــــــــــــ
بارك الله فيكم وسدد خطاكم وحرم وجوهكم على النار
ـ[ايمان نور]ــــــــ[12 - Aug-2009, مساء 08:31]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يصح هذا الحديث بارك الله فيكم ذكر فى بعض التفسيرات عن أنس رضى الله عنه عن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال
أي رجل مات وترك ذرية طيبة أجرى الله له مثل أجر عملهم ولم ينقص من أجورهم شيئا
وإن صح فأظن أن المعنى كقوله صلي الله عليه وآله وسلم
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.(/)
هل يؤخذ من هذا الحديث وجوب (دعاء الاستفتاح)؟!
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 10:59]ـ
في حديث رفاعة بن رافع:
قال النبي: "إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتي يتوضأ .... ثم يكبر، ويحمد الله ويثني عليه، ويقرأ ما تيسر من القرآن .... فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته"
قال الصنعاني: "فيؤخذ منه وجوب مطلق الحمد والثناء بعد تكبير الإحرام" -سبل السلام-
!!!
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 11:28]ـ
دام أن تلك العبارة عامة فلم تخصص، فإن سورة الفاتحة تجزئ، لأنها مشتملة على الحمد والثناء، أما قوله: (وما تيسر من القرآن) فبإمكان المصلي قراءة سور قصيرة بعد الإتيان بالفاتحة ..
هذا، والله أعلم ..
وأرجو أن تتفضل بوضع درجة الحديث، حتى نعلم صحته من سقمه ..
بارك الله فيكم ..
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[09 - Aug-2009, مساء 11:37]ـ
الحديث في سنن أبي داود وابن ماجه وصححه العلامة الألباني ...
والقول بالوجوب رواية عن أحمد واختارها ابن بطة -الفروع والإنصاف-!!
هل هذا يستفاد من هذا الحديث؟!
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:02]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عونك يا رب
أخي العزيز (ابن عبد القادر) ..
لتعلم رحمك الله تعالى أنه يختلف الاستفتاح عن الحمد والثناء في الصلاة، فالاستفتاح سابقٌ الحمد والثناء، فإذا استفتح وفرغ منه؛ حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا الصحيح الصواب في مراد هذا الحديث رحمك الله تعالى، وهو الذي عليه أهل العلم قاطبةً = أن الإستفتاح مغاير للحمد والثناء بعده.
أما كون الاستفتاح واجب أم مسنون؛ فهذه مسألة أخرى، إن أردت طرقها طرقناها. ولكنها ميسرة وسهلة لمن أراد طلبها إن شاء الله تعالى.
لكن فقط التنبيه على أن الإستفتاح ليس هو المراد في الحديث: (الحمد والثناء) فتنبه.
والله تعالى اعلم
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:06]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل
إذن فما معني الحمد والثناء في الحديث؟ وما حكمهما؟ وهل المراد بهما الفاتحة أم ماذا؟
بارك الله فيكم وجعله في ميزان حسناتكم
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 12:56]ـ
وإياكم أخي العزيز ..
لا ليس المراد بها الفاتحة، فهي تقال قبل قراءته لها.
والصحيح فيهما أنه من المستحبات في الصلاة.
أما معناهما فظاهر؛ وهو: حمد الله والثناء عليه بما هو أهله والصلاة على نبيه.
هذا باختصار شديد زبدة الكلام.
والله تعالى أعلم(/)
أين أجد كلام ابن تيمية في بداية الاعتكاف؟
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 05:19]ـ
السلام عليكم.
ذكر أحد مشايخنا أن المعتكف في العشر الأواخر من رمضان يدخل اعتكافه - على الراجح - صبيحة عشرين من رمضان، وذكر أن هذا اختيار شيخ الإسلام في شرح العمدة. لكني لم أجد كلامه في هذا الكتاب ولا غيره. فأين أجده؟ وفقكم الله.
ـ[عبدالله الكناني]ــــــــ[12 - Aug-2009, مساء 11:34]ـ
أخي الكريم فهمت من كلامك شيئاً غير العنوان:
هل تسأل عن اختيار شيخ الإسلام أم تسأل عن دخول المعتكف عموما؟؟
إن كنت تسأل عن رأي شيخ الإسلام فلم أجد له تصريحا بهذا فيما اطلعت عليه من كتبه.
وإن كنت تسأل عن دخول المعتكف صبيحة العشرين فهذا تجده في كتاب المغني حيث قال ابن قدامة رحمه الله فصل:
وإن أحب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان تطوعا ففيه روايتان: إحداهما يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين لما روي عن أبي سعيد (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان , حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال: من كان اعتكف معي , فليعتكف العشر الأواخر) متفق عليه ولأن العشر بغير هاء عدد الليالي فإنها عدد المؤنث قال الله تعالى: {وليال عشر} وأول الليالي العشر ليلة إحدى وعشرين والرواية الثانية , يدخل بعد صلاة الصبح قال حنبل قال أحمد: أحب إلى أن يدخل قبل الليل ولكن حديث عائشة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الفجر , ثم يدخل معتكفه) وبهذا قال الأوزاعي وإسحاق ووجهه ما روت عمرة عن عائشة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى الصبح دخل معتكفه) متفق عليه وإن نذر اعتكاف العشر , ففي وقت دخوله الروايتان جميعا.
انظر المغني3/ 211
وراجع هذا الرابط لعله يفيدك
http://www.ibntaimiah.com/index.php
وهنا أيضاً
http://www.islamport.com/isp_eBooks/tym/
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 06:13]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك.
سؤالي كما في العنوان وكما كتبت في نهاية السؤال: " وذكر أن هذا اختيار شيخ الإسلام في شرح العمدة. لكني لم أجد كلامه في هذا الكتاب ولا غيره. فأين أجده؟ ".
وقد أجبتَ عليه بقولك " لم أجد له تصريحا بهذا ". وفقك الله ونفع بك.
ثانيا: نقلت عن المغني ما نصه: " والرواية الثانية , يدخل بعد صلاة الصبح قال حنبل قال أحمد: أحب إلى أن يدخل قبل الليل ولكن حديث عائشة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الفجر , ثم يدخل معتكفه) ".
هذا كله كلام الإمام أحمد رحمه الله كما هو الظاهر، وعليه فمراده كان يصلي الفجر صبيحة إحدي عشرين ثم يدخل معكتفه. وليس صبيحة عشرين.
بارك الله فيك.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 10:44]ـ
بملتقى أهل الحديث بحث قديم في الموضوع. وفقكم الله
ـ[عبدالله الكناني]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 01:33]ـ
بملتقى أهل الحديث بحث قديم في الموضوع. وفقكم الله
أخي الكريم هلا تكرمت علينا برابط الموضوع وفقك الله(/)
ذكريات نبوية (لمن أراد المشاركة) ..
ـ[صارم الجزيرة]ــــــــ[10 - Aug-2009, صباحاً 10:33]ـ
كل إنسان يحمل في حياته ذكريات تجمل حياته باقية في ذاكرته،، ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الكثير من الذكريات التي كان يتذكرها ويحكيها لأصحابه وأزواجه، ولعلنا نحاول أن نجمع أكبر كم في هذا الموضوع مع ذكر بعض أقوال أهل العلم إن و جدت، وذكر بعض الفوائد .. وإثراءه بالمعلومات فهيا أيها الأخوة المباركون لنجمع شيئا من ذلك ....
وسأكون أول من يبدأ:
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِمَكَّةَ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ لَيَالِيَ بُعِثْتُ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ) الترمذي وحسنه (3624)، وصححه الألباني.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ) رواه البخاري (3818).
كل يدلي بدلوه بارك الله فيكم ...(/)
هل تبخير المرأة لشعرها من التعطر؟
ـ[ايمان نور]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 04:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الكثير من النساء بارك الله فيكم يضعن المسك فى شعورهن أو يقمن بتبخير الشعربالعود أو بخور بعد غسل الشعر لطوله وحسن رائحته
هل يجوز هذا إن ظهرت رائحة البخور إذا خرجت من منزلها؟ أم يعد من التعطر
وجزاكم الله خيراً
وبارك الله فيكم أفيدونا فى هذا أيضا
حول قول رسول وسيد العالمين ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=38866)
*
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:16]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تعمد تبخير شيء من البدن أو الثياب هو من التطيب بلا شك .. وقد جاء في صحيح مسلم: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة). وبالله التوفيق
ـ[ايمان نور]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 01:27]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك ورفع قدرك فى الدارين
آمين.(/)
هل يجوز للعائد من السفر المبيح للفطر في رمضان أن يجامع زوجته النصرانية التي لا تصوم
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 09:47]ـ
من يبحث في هذا السؤال
هل يجوز للعائد من السفر المبيح للفطر في رمضان أن يجامع زوجته النصرانية التي لا تصوم؟
قال الباجي لا يجوز و المسألة مبنية على تكليف الكفار فمن يتوسع في المسألة؟
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:05]ـ
ليست مبنية على هذا فحسب؛
بل عند جمع من الفقهاء أنه ما دام قد انقطع سفره فإنه يلزمه الإمساك .. وكل من لزمه الإمساك فجامع فعليه كفارة. وهذا مذهب الحنابلة. بورك فيكم
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:16]ـ
مذهب المالكية عدم الامساك و هو الراجح فلا إمساك في يوم عليه قضاؤه و من قال بالإمساك لابد له من دليل لأنه قد قام الإجماع بجواز فطره و نصف يوم صيام غير محسوب مثله مثل الحائض طهرت في نصف اليوم.
و هي رواية عن أحمد قال ابن قدامة في المغني: فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهرا وباطنا كالحائض والنفساء والمسافر والصبي والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار فطهرت الحائض والنفساء وأقام المسافر وبلغ الصبي وأفاق المجنون وأسلم الكافر وصح المريض المفطر ففيهم روايتان إحداهما يلزمهم الامساك في بقية اليوم، وهو قول أبي حنيفة والثوري والأوزعي .. إلى أن قال والثانية لا يلزمهم الإمساك وهو قول مالك والشافعي. إنتهى
قال العثيمين رحمه الله: إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان: القول الأول: إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم ولكنه لا يحسب لها بل يجب عليها القضاء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ. والقول الثاني: إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم؛ ْلأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصح لم يبق للإمساك فائدة، وهذا الزمن زمن غير محترم بالنسبة لها؛ لأنها مأمورة بفطره في أول النهار، بل محرم عليها صومه في أول النهار، والصوم الشرعي هو: (الإمساك عن المفطرات تعبدًا لله عز وجل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس) وهذا القول كما تراه أرجح من القول بلزوم الإمساك، وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم.
و الله أعلم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:20]ـ
لم تبين أخي الكريم أنك تريد أن يكون البحث على مذهب المالكية دون غيره من المذاهب، وقد طلبتَ التوسع في البحث .. وعلى كلٍّ؛ فقد كتبت موضوعاً بهذا المنتدى وغيره فيمن يلزمه الإمساك في نهار رمضان .. رجحتُ فيه قول المالكية ومن وافقهم. وبالله التوفيق
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:32]ـ
كون المسافر يمسك أو يفطر موضوع فرعي لذلك لم التفت إليه لما بينت فكرة الموضوع و هي جواز المجامعة لكون الزوجة نصرانية.
لذلك التوسع الذي دعوت إليه هو من هذه الناحية بناء هذه المسألة على تكليف الكفار.
الإمام مالك يرى جواز مجامعة المسافر القادم من السفر زوجته الطاهرة من الحيض في يوم الصوم و هذا مبني على عدم وجوب الإمساك لكن الاختلاف هنا كون الزوجة نصرانية تفطر و رغم ذلك لا يجيز المالكية لزوجها وطأها من باب تكليف الكفار فهل هذا القول معتبر أم لا.
لمن استعصى عليه امر المسافر فليعوضه بمريض السكري الذي لا يستطيع الصوم فهل له أن يجامع زوجته النصرانية أم لا نهارا
بارك الله فيك.
ـ[خالد-قايس]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 12:53]ـ
بارك الله فيكم
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 10:31]ـ
قال الزركشي في المحيط:
[جواز خطاب الكفار بالفروع شرعا]
(يُتْبَعُ)
(/)
أما شرعا ففيه مذاهب: أحدها: أنهم مخاطبون بها مطلقا في الأوامر والنواهي بشرط تقدم [ص: 126] الإيمان، لقوله تعالى: {ما سلككم في سقر ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=256&idto=269&bk_no=35&ID=188#docu) } الآيات، ولأنه تعالى ذم قوم شعيب بالكفر ونقص المكيال، وقوم لوط بالكفر وإتيان الذكور، وذم عادا قوم هود بالكفر وشدة البطش بقوله تعالى: {وإذا بطشتم بطشتم جبارين ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=256&idto=269&bk_no=35&ID=188#docu) } ونص عليه الشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790) في مواضع: منها: تحريم ثمن الخمر عليهم، وقال في " الأم " في باب حج الصبي يبلغ، والمملوك يعتق، والذمي يسلم، فيما إذا أهل كافر بحج، ثم جامع، ثم أسلم قبل عرفة فجدد إحراما وأراق دما لترك الميقات أجزأته عن حجة الإسلام، لأنه لا يكون مفسدا في حال الشرك، لأنه كان غير محرم.
قال: فإن قال قائل: فإذا زعمت أنه كان في إحرامه غير محرم، أفكان الفرض عنه موضوعا؟
قيل: لا بل كان عليه وعلى كل واحد أن يؤمن بالله عز وجل ورسوله ويؤدي الفرائض التي أنزلها الله تبارك وتعالى على نبيه، غير أن السنة تدل، وما لم أعلم [المسلمين] اختلفوا فيه أن كل كافر أسلم ائتنف الفرائض من يوم أسلم، ولم يؤمر بإعادة ما فرط فيه في الشرك منها، وأن الإسلام يهدم ما قبله إذا أسلم ثم استقام. هذا لفظه. وهو قول أكثر أصحابنا كما حكاه القاضيان الطبري والماوردي وسليم الرازي في " التقريب " والشيخ أبو إسحاق ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11815) والحليم ي.
وقال في " المنهاج ": إنه مفرع على قولنا: إن الطاعات من الإيمان.
قال: وقد ورد في الحديث: أن رجلا قال: يا رسول الله أيؤاخذ الله أحدا بما عمل في الجاهلية؟ قال: {من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل [ص: 127] في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=256&idto=269&bk_no=35&ID=188#docu) } .
قال: وهذا يدل على المؤاخذة بالنواهي إذا يحسن في الإسلام، لانتفاء ما يحبطها بخلاف من أسلم وأحسن فإن. إسلامه يحبط كفره، وحسناته تحبط سيئاته ومجرد الإسلام لا ينافي المعاصي لجواز صدورها من السلم فلا يكون محبطا لها. ا هـ.
وقال القاضي عبد الوهاب ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14960) وأبو الوليد الباجي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11927) : إنه ظاهر مذهب مالك ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16867) وكذلك نقلوه عن أحمد بن حنبل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) في أصح الروايتين عنه، وهو محكي عن الكرخي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15071) والجصاص من الحنفية أيضا. وقال أبو زيد الدبوسي. إنه قول أهل الكلام، ومذهب عامة مشايخ أهل العراق من الحنفية، لأن الكفر رأس المعاصي فلا يستفيد به سقوط الخطاب.
والقول الثاني: أنهم غير مكلفين بالفروع وهو قول جمهور الحنفية، وبه قال عبد الجبار من المعتزلة والشيخ أبو حامد الإسفراييني ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11976) من أصحابنا كما رأيته في كتابه. عبارته: إنه هو الصحيح عندي، ووقع في " المنتخب " نسبته لأبي إسحاق الإسفراييني، وهو غلط، فإن أبا إسحاق يقول بتكليفهم كما نقله الرافعي عنه في أول كتاب الجراح وهو كذلك موجود في كتابه في الأصول: ظاهر كلام الشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790) يدل عليه، قال: والصحيح من مذهبه: ما بدأنا به. ا هـ. [ص: 128]
وقال الإبياري: إنه ظاهر مذهب مالك ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16867) .
قلت: اختاره ابن خويز منداد المالكي، وقال في كتابه المسمى " بالجامع " إنه الذي يأتي عليه مسائل مالك ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16867) أنه لا ينفذ طلاقهم، ولا أيمانهم ولا يجري عليهم حكم من الأحكام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وزاد حتى قال: إنهم إنما يقطعون في السرقة، ويقتلون في الحرابة من باب الدفع، فهو تعزير لا حد، لأن الحدود كفارات لأهلها وليست هذه كفارات. وزاد، فقال: إن المحدث غير مخاطب بالصلاة إلا بعد فعل الطهارة، واستدل على ذلك من كلام مالك ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16867) رضي الله عنه بقوله في الحائض: إنها تنتظر ما بقي من الوقت بعد غسلها وفراغها من الأمر اللازم.
وقال أبو زيد الدبوسي: ليس عن أصحابنا المتقدمين في هذه المسألة نص، وإنما تؤخذ من فروعهم، وقد ذكر محمد بن الحسن ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16908) أن من نذر الصوم، ثم ارتد ثم أسلم لم يلزمه قضاؤه، لأن الشرك أبطل كل عبادة، وإنما أراد وجوبها، لأنه لم يؤده بعد.
قال: ولم أر لهذا المذهب حجة يعتمد عليها، وقد تفكرت في ذلك فلم أجد إلا أن الكافر ليس بأهل للعبادة، لأنه لا يثاب كما لم يجعل العبد أهلا لملك المال فلما لم يكن من أهل الملك لم يكن من أهل الخطاب.
وقال العالم من الحنفية: لم ينقل عن ثقة من أصحابنا نص في المسألة، لكن المتأخرين منهم خرجوا على تفريعاتهم، فإن محمدا ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=16908) قال: إن الكافر إذا دخل مكة فأسلم وأحرم لم يكن عليه دم لترك الميقات، لأنه لم يكن عليه، [ص: 129] ولو كان للكافر عبد مسلم لا تجب عليه صدقة فطره، ويحل للمسلم وطء زوجته النصرانية إذا خرجت من الحيض لعادتها دون العشرة قبل أن تغتسل، ويمضي عليها وقت صلاة، لأنه ليس عليهم.
وقال السرخسي، لا خلاف أنهم مخاطبون بالإيمان والعقوبات والمعاملات في الدنيا والآخرة، وأما في العبادات بالنسبة إلى الآخرة كذلك.
أما في حق وجوب الأداء في الدنيا فهو موضع الخلاف، فذهب العراقيون من مشايخنا إلى أنهم مكلفون، لأنه لو لم تجب لم يؤاخذوا على تركها. قال: وهذه المسألة لم ينص عليها أصحابنا، لكن بعض المتأخرين استدلوا من مسائلهم على هذا، وعلى الخلاف بينهم وبين الشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، فإن المرتد إذا أسلم لا يجب عليه قضاء صلوات الردة خلافا للشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790) فدل على أن المرتد غير مخاطب بالصلاة عندنا، ثم ضعف الاستدلال. قال: ومنهم من جعل هذه المسألة فرعا لأصل معروف بيننا وبينهم: أن الشرائع عنده من نفس الإيمان، وهم مخاطبون بالإيمان، فيخاطبون بالشرائع، وعندنا ليست من نفس الإيمان فلا يخاطبون بأدائها ما لم يؤمنوا، وهذا ضعيف، فإنهم مخاطبون بالعقوبات والمعاملات وليس ذلك من الإيمان.
قال ابن القشيري: والقائلون بأنهم غير مخاطبين انقسموا فمنهم من صار إلى استحالة تكليفهم عقلا، ومنهم من لم يحله، ولكنهم مع الجواز لم يكلفوا.
وقال القاضي: أقطع بالجواز، ولا أقطع بأن هذا الجائز وقع، ولكن يغلب على الظن وقوعه.
والثالث: أنهم مكلفون بالنواهي دون الأوامر، لأن الانتهاء ممكن في [ص: 130] حالة الكفر، ولا يشترط فيه التقرب، فجاز التكلف بها دون الأوامر، فإن شرطها العزيمة، وفعل التقريب مع الجهل بالمقرب إليه محال، فامتنع التكليف بها.
وحكى النووي هذه الثلاثة في " التحقيق " أوجها للأصحاب، وسبق حكاية الأستاذ وابن كج الأولين قولين للشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790)، وعلله الشيخ أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك في كتاب " بيان البرهان " بأن العقوبات تقع عليهم في فعل المنهيات دون ترك المأمورات. ألا ترى أنهم يعاقبون على ترك الإيمان بالقتل والسبي وأخذ الجزية، ويحد في الزنا والقذف ويقطع في السرقة، ولا يؤمر بقضاء شيء من العبادات، وإن فعلها في كفره لم تصح منه؟ ونقله صاحب " اللباب " من الحنفية عن أبي حنيفة ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11990) وعامة أصحابه. [تكليف الكفار بالنواهي]
(يُتْبَعُ)
(/)
وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا خلاف في تكليفهم بالنواهي، وإنما الخلاف في تكليفهم بالأوامر. قاله الشيخ أبو حامد الإسفراييني ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=11976) في كتابه " الأصول " والبندنيجي في أول كتاب قسم الصدقات من " تعليقه " قال: وأما المعاصي فمنهيون عنها بلا خلاف بين المسلمين، وهذه طريقة جيدة. [ص: 131]
وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني في كتابه في الأصول: لا خلاف أن خطاب الزواجر من الزنا والقذف يتوجه على الكفار كما يتوجه على المسلمين. ا هـ.
وهذا يوجب التوقف فيما حكاه الرافعي عن الأستاذ أبي إسحاق فيما إذا قتل الحربي مسلما أو أتلف عليه مالا ثم أسلم أنه يجب ضمانها إذا قلنا: إن الكفار مخاطبون بالفروع. قال: وذكر العبادي أنه يعزى ذلك أيضا للمزني ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=15215) في " المنثور ". وقال المازري: لا وجه لهذا التفضيل، لأن النهي في الحقيقة أمر، وكأنهم قالوا: إن التروك لا تفتقر إلى تصور بخلاف الفعل
والرابع: أنهم مخاطبون بالأوامر فقط. حكاه ابن المرحل في " الأشباه والنظائر " ولعله انقلب مما قبله، ويرده الإجماع السابق على تكليفهم بالنواهي.
والخامس: أن المرتد مكلف دون الكافر الأصلي. حكاه القاضي عبد الوهاب ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14960) في " الملخص " والطرطوشي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14703) في " العمدة "، لالتزام أحكام الإسلام. ولا معنى لهذا التفصيل، لأن مأخذ النقي فيهما سواء، وهو جهله بالله تعالى، ومقتضى هذا أن الخلاف يطرق الأصل والمرتد لكن ظاهر [ص: 132] عبارة الإمام في " المحصول " أن الخلاف لا يطرق المرتد، والأشبه الأول.
ولهذا نقل الأصحاب عن الحنفية أن الردة تسقط الأعمال السابقة وتمنع الوجوب في الحال. ولهذا قالوا: إن المرتد لا يقضي صلاة أيام ردته، وعندنا تلزمه.
وقال القاضي الحسين ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14958) في تعليقه ": يمكن بنا الخلاف في إحباط الردة الأعمال على أن الكفار مخاطبون بالشرائع أم لا؟ فإن قيل: لو ساوى المرتد الأصلي لم يجب عليه قضاء أيام ردته.
قلت: إنما وجب القضاء على المرتد، لأن الإسلام بخروجه منه لا يسقط بخلاف الأصلي، وقد قال الشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790) : في الزكاة على المرتد قولان أحدهما: يجب، والثاني موقوف. قال ابن أبي هريرة ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12535) : وهو نظير الصلاة، لأنه كما إذا أسلم يزكي فكذا إذا أسلم يصلي.
والسادس: أنهم مكلفون بما عدا الجهاد، أما الجهاد فلا، لامتناع قتالهم أنفسهم، حكاه القرافي. قال: ولا أعرف أين وجدته.
قلت: صرح به إمام الحرمين في " النهاية "، فقال: والذمي ليس مخاطبا بقتال الكفار، وكذا قال الرافعي في " كتاب السير ": الذمي ليس من أهل فرض الجهاد. ولهذا إذا استأجره الإمام على الجهاد لا يبلغ به سهم راجل على أحد الوجهين، كالصبي والمرأة. نعم يجوز للإمام استئجاره على الجهاد على الأصح، وهذا يدل على أنه غير فرض عليه، وإلا لما جاز كما لا يجوز استئجار المسلم عليه.
السابع: الوقف. حكاه سليم الرازي في تقريبه " عن بعض الأشعرية، وحكاه الشيخ أبو حامد الإسفراييني عن الأشعري نفسه. [ص: 133]
وقال إمام الحرمين في " المدارك ": عزي إلى الشافعي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13790) ترديد القول في خطاب الكفار بالفروع ونصه في " الرسالة ": الأظهر أنهم مخاطبون بها.
قلت: وقد يخرج من تصرف الأصحاب في الفروع مذهب ثامن: وهو التفصيل بين الحربي فليس بمكلف دون غيره، ولهذا يقولون في القصاص والسرقة والشرب وغير ذلك: لا يجب حدها على الحربي، لعدم التزامه الأحكام بخلاف الذمي. وحكى الطرطوشي ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14703) في " العمدة " أن الواقفية من علمائهم وافقوا على كونهم مخاطبين إلا أنهم قالوا: إن دخولهم في الخطاب لم يكن بظواهرها، وإنما دخلوها بدليل. ا هـ وبه يخرج مذهب تاسع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال إمام الحرمين في " التلخيص ": الصائرون إلى أنهم مخاطبون لا يدعون ذلك عقلا وجوبا بل يجوزون في حكم العقل خروجهم عن التكليف في أحكام الشرع. كيف وقد أخرج كالحائض عن التزام الصلاة والصيام؟ ولكن هؤلاء يزعمون أن تكليفهم سائغ عقلا وترك تكليفهم جائز عقلا غير أن في أدلة السمع ما يقتضي تكليفهم، وأما الذين صاروا إلى منع تكليفهم، فاختلفوا، فمنهم من صار إلى استحالته، ومنهم من جوزه عقلا ومنع إبطال أدلة السمع بهم.
......
ثم قال:
[استثناء بعض الصور]
إن القائلين بتكليفه ورجوع الفائدة لأحكام الدنيا استثنوا صورا لا يجري عليه فيها أحكام المسلمين، لأجل عقيدتهم بإباحته في صور: منها: شرب الخمر لا يحدون به على المذهب لاعتقادهم إباحته. ومنها: لو غصب منه الخمر ردت عليه. ومنها: لا يمنع من لبس الحرير في الأصح.
ومنها: الحكم بصحة أنكحتهم على ما يعتقدون. ومنها: لا يمنع من لبس الحرير في الأصح. مساجدنا.
ومنها: أنه لا يحرم على الكافر الجنب اللبث في المسجد، لأن الكفار كانوا يدخلون مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويطيلون الجلوس، ولا شك أنهم كانوا يجنبون. ويخالف المسلم، فإنه يعتقد حرمة المسجد فيؤاخذ بموجب اعتقاده والكافر لا يعتقد حرمته ولا يلزم تفاصيل التكليف فجاز أن لا [ص: 140] يؤاخذ به كذا علله الرافعي. ثم قال: وهذا كما أن الكافر لا يحد على شرب الخمر، لأنه لا يعتقد تحريمه والمسلم يحد.
ومنها: تفضيل معاملتهم على معاملة المسلمين، فإنا إذا قلنا: ليسوا مخاطبين كانت معاملتهم فيما أخذوه على خلاف القواعد الشرعية أخف من معاملة المسلم، لأنه عاص بذلك العقد، وقد نهاه الله عنه ولم ينه الكافر.
ولذلك قال الشيخ عز الدين: ما يأخذه الإفرنج من أموال بعضهم بعضا يملكونه بالقهر بخلاف أخذهم أموال المسلمين لا يملكونها بالقهر، فيكون الحلال الذي بأيديهم أوسع من الحلال الذي بأيدي المسلمين.
وظهر بما ذكرنا أن الخلاف نشأ في هذه الفروع من كونه غير ملتزم لأحكام المسلمين لا من أنه مخاطب أو لا.
ولهذا قال الشيخ أبو محمد ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=14048) في " الفروق ": وقد جزم بجواز المكث في المسجد للجنب. فإن قيل: أليس الصحيح أنهم مخاطبون بالفروع كالمسلمين؟
قلنا: التعظيم ينشأ ويتصور من أصل العقيدة، والكافر غير معتقد سواء قلنا: إنهم مخاطبون أو لا، وفائدة الخطاب زيادة عقوبتهم في الآخرة.
قلت: ولهذا إذا ترافعوا إلينا وفرعنا على وجوب الحكم بينهم وهو الأصح، فإنا نجريهم على أحكامنا.(/)
أهمية حفظ الفرج واللسان للشيخ صلاح البدير
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:03]ـ
أهمية حفظ الفرج واللسان للشيخ صلاح البدير
خطبة المسجد النبوي - 9 شعبان 1430
( http://www.mktaba.org/fri/madina/30/300809md-bd.rm)
الخطبة الأولى:
الحمد لله على عظيم نعمائه والشكر له على كريم عطائه، أحمده استتماماً لنعمته وأشكره استمناحاً لجوده وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. لا يفتقر من كفاه ولا يضل من هداه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم أنبيائه وخير أصفيائه .. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى من أقام من أمته على سنن الحق إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد .. إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ هود 49.
أيها المسلمون .. المؤمن حين يستشعر عظيم منزلته وشريف قدره عند الله - تعالى - لا يتخبث بفاحشة ولا يتدنس بدنيئة ولا يتنبس برذيلة، بل يتطهر بترك المعاصي ويتنزه بفطام النفس عنها، ويتوقى ويتزكى .. ولا زكاة إلا بمقاومة الشهوة والترفع بها عن حضيض مشابهة البهائم، ولا طهارة إلا بحفظ الفرج عما لا يحل من الفاحشة وما قاربها، وستر العورة عمن لا تحل له رؤيتها والنظر إليها.
وحصن عن الفحش الجوارح كلها ... تكن لك في يوم الجزا خير شوهدي
يقول - جل في علاه -:قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ .. النور 30 – 31، وعن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك " أخرجه الترمذي، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد" أخرجه مسلم، وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة " أخرجه البخاري، والمراد بما بين لحييه اللسان، وبما بين رجليه الفرج.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق "، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: " الفم والفرج " أخرجه الترمذي.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لعن الله من عمل عمل قوم لوط .. قالها ثلاثاً " أخرجه أحمد وابن حبان.
وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " أخرجه أبو داود والترمذي .. قال الوليد بن عبد الملك - الخليفة الأموي باني (جامع دمشق) -: " لولا أن الله - عز وجل - خبر قوم لوط .. ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً " ..
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخٌ زانٍ، وملكٌ كذاب، وعائلٌ مستكبر" أخرجه مسلم.
قال الإمام أحمد: " لا أعلم بعد قتل النفس شيئا أعظم من الزنا ".
وعن عائشة - رضي الله عنها - لما خُسفتِ الشمسُ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم خطب، وكان مما قال: " ياأمة محمد .. ما من أحد أغْيَر من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، ياأمة محمد .. والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلاً .. ألا هل بلغت؟ " أخرجه مسلم.
فاتقوا الله وحاذروا نقمته وعذابه وغضبه وانتقامه.
أيها المسلمون .. لقد حسمت الشريعة مواد الفاحشة ومنعت أسبابها وسدت كل طريق إليها، وحذرت الرجال من النساء والنساء من الرجال؛ فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء " متفق عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " أخرجه مسلم.
وعن عقبة بن نافع الجهني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت " متفق عليه.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ويقول: " لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرم " متفق عليه.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلاكان الشيطان ثالثهما " أخرجه أحمد.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المرأة عورةٌ فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها " أخرجه ابن حبان.
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا استعطرت المرأة ومرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا، وقال قولاً شديداً " أخرجه أبو داود.
وعن عبيد مولى أبي رهم: أن أبا هريرة لقي امرأةً متطيبةً تريد المسجد، فقال: ياأمة الجبار أين تريدين؟ قالت: المسجد، قال: وله تطيبتِ؟ قالت: نعم، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاةٌ حتى تغتسل " أخرجه ابن ماجة.
وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل، قيل لعمرة: نساء بني إسرائيل مُنعن من المسجد؟ قالت: نعم " أخرجه مسلم، وعن أم سلمة -رضي الله عنها - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم أي من الصلاة مكث قليلاً، وكانوا يرون أن ذلك كي ما ينفذ النساء قبل الرجال " أخرجه أبو داود.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لو تركنا هذا الباب للنساء " .. قال نافع:" فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات" أخرجه أبو داود ..
وعن أبي أسيد الأنصاري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط النساء مع الرجال في الطريق:" استأخرن، فإنه ليس لكُنَّ أن تحققن الطريق .. عليكن بحافات الطريق " أخرجه أبو داود.
أيها المسلمون .. الخطر يتعاظم. الخطر يتعاظم. الخطر يتعاظم، والفتن تحوط من كل جانب وسحب الشر متراكمة؛ فصونوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم، واحفظوا أعراضكم وكرامتكم وشرفكم؛ فإن الله سائلٌ كلَّ عبدٍ عما استرعاه أدَّى أم تعدى.
كونوا أباة العار وحماة العرين، كونوا غيارا على الحرمات تتوفاكم الملائكة طيبين وتبعثوا طيبين، ويقال لكم يوم القيامة:سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ الزمر 73.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلِّمْ تسليمًا كثيرا.
أما بعد .. فياأيها المسلمون اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً .. الطلاق 5.
أيها المسلمون .. لقد أصبح الزواج المبكر في زماننا ضرورةً دينية وأمنيةً اقتصادية؛ فحصنوا الشباب والفتيات وأزيلوا العوائق التي تعترض طريقهم، وحاذروا المبالغة في المهور والتكاليف الباهضة في الأفراح والإسراف والتبذير في الحفلات والولائم، وإذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليحذر الأولياء من عضْل بناتهم وفتياتهم، فكم سمعنا من وليٍّ عضل موليته وظلمها وقهرها ومنعها من الزواج طمعاً في مالها وراتبها أو رغبةً في الحجر عليها لخدمته أو معاندةً لوالدتها المطلقة .. أو غير ذلك من الحجج الباطلة والعلل المنكرة والأقوال الظالمة الجائرة؛ فاتقوا الله أيها الأولياء .. اتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون وله ملاقون وإليه راجعون وبين يديه موقوفون وعلى ظلمكم نادمون، وعفُّوا أولادكم واحفظوهم بالنكاح الشرعي وأعينوهم على العفاف والإحصان.
ثم اعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته المسبحة بقدسه وأيه بكم أيها المؤمنون من جنه وأنسه .. فقال قولًا كريما: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًالأحزاب 56 .. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أصحاب السنة المتبعة وعن جميع الآل والأصحاب الكرام.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفق أمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأصلح بطانته يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي عهده ونائبه الثاني لما فيه عز الإسلام والمسلمين.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن .. عن بلدنا هذا خاصةً وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون والوباء وهجوم البلاء في النفس والأهل والمال والولد.
اللهم كن لإخواننا في فلسطين ناصرًا ومعيناً ومؤيدًا وظهيرا ..
اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود. اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود. اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود.
اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعافِ مبتلانا، وفك أسرانا، وانصرنا على من عادانا.
اللهم حصِّن شبابنا وفتياتنا بالهدى والتقوى، وعافهم من كل شرٍّ وفتنةٍ وبلوى، اللهم واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار.
عباد الله .. إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النحل – 90 .. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون
ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 02:17]ـ
جزاك الله خيرًا، وبارك الله في الشيخ صلاح، ونفع به.(/)
التحذير من الفاحشة وأسبابها للشيخ صلاح البدير
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 11:11]ـ
التحذير من الفاحشة وأسبابها للشيخ صلاح البدير
خطبة المسجد النبوي - 9 شعبان 1430
( http://www.mktaba.org/fri/madina/30/300809md-bd.rm)
الخطبة الأولى:
الحمد لله على عظيم نعمائه والشكر له على كريم عطائه، أحمده استتماماً لنعمته وأشكره استمناحاً لجوده وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. لا يفتقر من كفاه ولا يضل من هداه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم أنبيائه وخير أصفيائه .. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى من أقام من أمته على سنن الحق إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد .. إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ هود 49.
أيها المسلمون .. المؤمن حين يستشعر عظيم منزلته وشريف قدره عند الله - تعالى - لا يتخبث بفاحشة ولا يتدنس بدنيئة ولا يتنبس برذيلة، بل يتطهر بترك المعاصي ويتنزه بفطام النفس عنها، ويتوقى ويتزكى .. ولا زكاة إلا بمقاومة الشهوة والترفع بها عن حضيض مشابهة البهائم، ولا طهارة إلا بحفظ الفرج عما لا يحل من الفاحشة وما قاربها، وستر العورة عمن لا تحل له رؤيتها والنظر إليها.
وحصن عن الفحش الجوارح كلها ... تكن لك في يوم الجزا خير شوهدي
يقول - جل في علاه -:قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ .. النور 30 – 31، وعن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك " أخرجه الترمذي، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد" أخرجه مسلم، وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة " أخرجه البخاري، والمراد بما بين لحييه اللسان، وبما بين رجليه الفرج.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق "، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: " الفم والفرج " أخرجه الترمذي.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لعن الله من عمل عمل قوم لوط .. قالها ثلاثاً " أخرجه أحمد وابن حبان.
وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " أخرجه أبو داود والترمذي .. قال الوليد بن عبد الملك - الخليفة الأموي باني (جامع دمشق) -: " لولا أن الله - عز وجل - خبر قوم لوط .. ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً " ..
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخٌ زانٍ، وملكٌ كذاب، وعائلٌ مستكبر" أخرجه مسلم.
قال الإمام أحمد: " لا أعلم بعد قتل النفس شيئا أعظم من الزنا ".
وعن عائشة - رضي الله عنها - لما خُسفتِ الشمسُ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم خطب، وكان مما قال: " ياأمة محمد .. ما من أحد أغْيَر من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، ياأمة محمد .. والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلاً .. ألا هل بلغت؟ " أخرجه مسلم.
فاتقوا الله وحاذروا نقمته وعذابه وغضبه وانتقامه.
أيها المسلمون .. لقد حسمت الشريعة مواد الفاحشة ومنعت أسبابها وسدت كل طريق إليها، وحذرت الرجال من النساء والنساء من الرجال؛ فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء " متفق عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " أخرجه مسلم.
وعن عقبة بن نافع الجهني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت " متفق عليه.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ويقول: " لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرم " متفق عليه.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلاكان الشيطان ثالثهما " أخرجه أحمد.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المرأة عورةٌ فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها " أخرجه ابن حبان.
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا استعطرت المرأة ومرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا، وقال قولاً شديداً " أخرجه أبو داود.
وعن عبيد مولى أبي رهم: أن أبا هريرة لقي امرأةً متطيبةً تريد المسجد، فقال: ياأمة الجبار أين تريدين؟ قالت: المسجد، قال: وله تطيبتِ؟ قالت: نعم، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاةٌ حتى تغتسل " أخرجه ابن ماجة.
وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل، قيل لعمرة: نساء بني إسرائيل مُنعن من المسجد؟ قالت: نعم " أخرجه مسلم، وعن أم سلمة -رضي الله عنها - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم أي من الصلاة مكث قليلاً، وكانوا يرون أن ذلك كي ما ينفذ النساء قبل الرجال " أخرجه أبو داود.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لو تركنا هذا الباب للنساء " .. قال نافع:" فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات" أخرجه أبو داود ..
وعن أبي أسيد الأنصاري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط النساء مع الرجال في الطريق:" استأخرن، فإنه ليس لكُنَّ أن تحققن الطريق .. عليكن بحافات الطريق " أخرجه أبو داود.
أيها المسلمون .. الخطر يتعاظم. الخطر يتعاظم. الخطر يتعاظم، والفتن تحوط من كل جانب وسحب الشر متراكمة؛ فصونوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم، واحفظوا أعراضكم وكرامتكم وشرفكم؛ فإن الله سائلٌ كلَّ عبدٍ عما استرعاه أدَّى أم تعدى.
كونوا أباة العار وحماة العرين، كونوا غيارا على الحرمات تتوفاكم الملائكة طيبين وتبعثوا طيبين، ويقال لكم يوم القيامة:سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ الزمر 73.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلِّمْ تسليمًا كثيرا.
أما بعد .. فياأيها المسلمون اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً .. الطلاق 5.
أيها المسلمون .. لقد أصبح الزواج المبكر في زماننا ضرورةً دينية وأمنيةً اقتصادية؛ فحصنوا الشباب والفتيات وأزيلوا العوائق التي تعترض طريقهم، وحاذروا المبالغة في المهور والتكاليف الباهضة في الأفراح والإسراف والتبذير في الحفلات والولائم، وإذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليحذر الأولياء من عضْل بناتهم وفتياتهم، فكم سمعنا من وليٍّ عضل موليته وظلمها وقهرها ومنعها من الزواج طمعاً في مالها وراتبها أو رغبةً في الحجر عليها لخدمته أو معاندةً لوالدتها المطلقة .. أو غير ذلك من الحجج الباطلة والعلل المنكرة والأقوال الظالمة الجائرة؛ فاتقوا الله أيها الأولياء .. اتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون وله ملاقون وإليه راجعون وبين يديه موقوفون وعلى ظلمكم نادمون، وعفُّوا أولادكم واحفظوهم بالنكاح الشرعي وأعينوهم على العفاف والإحصان.
ثم اعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه وثنّى بملائكته المسبحة بقدسه وأيه بكم أيها المؤمنون من جنه وأنسه .. فقال قولًا كريما: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًالأحزاب 56 .. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أصحاب السنة المتبعة وعن جميع الآل والأصحاب الكرام.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفق أمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأصلح بطانته يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي عهده ونائبه الثاني لما فيه عز الإسلام والمسلمين.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن .. عن بلدنا هذا خاصةً وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون والوباء وهجوم البلاء في النفس والأهل والمال والولد.
اللهم كن لإخواننا في فلسطين ناصرًا ومعيناً ومؤيدًا وظهيرا ..
اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود. اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود. اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود.
اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعافِ مبتلانا، وفك أسرانا، وانصرنا على من عادانا.
اللهم حصِّن شبابنا وفتياتنا بالهدى والتقوى، وعافهم من كل شرٍّ وفتنةٍ وبلوى، اللهم واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار.
عباد الله .. إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النحل – 90 .. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون(/)
القرارات الأخيرة لمجمع الفقه الإسلامي 1430
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 08:39]ـ
القرارات الأخيرة لمجمع الفقه الإسلامي 1430
http://ce4arab.com/phpads/adview.php?what=zone:10&n=a2d70bbf (http://ce4arab.com/phpads/adclick.php?n=a2d70bbf)
في الرابط التالي القرارات للدورة الأخيرة لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والذي عقد في الشارقة بدولة الإمارات، والدورة هي التاسعة عشرة - جمادى الأولى - 1430 للهجرة. وكانت في العناوين التالية:
الحرية الدينية في الشريعة الإسلامية: أبعادها، وضوابطها
حرية التعبير عن الرأي: ضوابطها، وأحكامها
دور الرقابة الشرعية في ضبط أعمال البنوك الإسلاميةالصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها
التورق: حقيقته، أنواعه (الفقهي المعروف والمصرفي المنظم
العنف في نطاق الأسرة
وقف الأسهم والصكوك والحقوق المعنوية والمنافع
تطبيق نظام البناء والتشغيل والإعادة ( B.O.T)
في تعمير الأوقاف والمرافق العامة
مرض السكري والصوم
الإذن في العمليات الطبية المستعجلة
البيئة والحفاظ عليها من منظور إسلامي
أخيرا: بيان حول الأوضاع في فلسطين والعراق
وهذا هو الرابط
http://19sh.c-iifa.org/qrart-twsyat/ (http://19sh.c-iifa.org/qrart-twsyat/)(/)
مسائل الخلاف لا إنكار فيها
ـ[هشام ربيع إبراهيم]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 10:53]ـ
دعوة للتحاور حول هذه القاعدة
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 11:01]ـ
انظر:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=4929
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=24331
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=31344
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=22580
ـ[هشام ربيع إبراهيم]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 11:50]ـ
شكر الله لك أخي.
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 12:30]ـ
ليس على إطلاق القاعدة.
إنما هي باختصار: "مسائل الخلاف المعتبر من علماء الأمة المعتبرين"
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 08:16]ـ
لا إنكار في مسائل الخلاف غلط بسبب:
-أن الخلاف ينقسم إلى شاذ وضعيف وقوي -العالي- لو كان كل الخلاف قويا فلا بأس بهذه القاعدة،، وهذا مستحيل فهناك مسائل فيها الخلاف ضعيف وهناك مسائل الخلاف فيها شاذ وهاذين النوعين ننكر عليهما بخلاف مسائل الخلاف القوي فلا إنكار فيها
العلماء صححوا العبارة وقالوا: لا إنكار في مسائل الإجتهاد،،ويعنون بمسائل الإجتهاد التي ليس فيها نصا شرعيا
هذا مجمل ما فهمته من شريطين للعلامة صالح آل الشيخ بعنوان: الفتوى بين مطابقة الشرع ومسايرة الأهواء
ـ[حارث البديع]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 09:38]ـ
العلماء صححوا العبارة وقالوا: لا إنكار في مسائل الإجتهاد،،ويعنون بمسائل الإجتهاد التي ليس فيها نصا شرعيا
احسنت إلا ان مسائل الاجتهاد ليست تلك التي خالية من الدليل
بل هناك نص شرعي لكنه ظني يقبل التأويل لذلك تختلف حوله الافهام
او من العلماء من ضعف دليلا واخر صححه وثالث أوله
ورابع لم يصل اليه لدليل أصلا وهكذا
وهي المسائل التي فيها نظر وراجح ومرجوح
والعالم فيه بين الاجر والاجرين.(/)
مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بالكويت
ـ[هشام ربيع إبراهيم]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 10:56]ـ
أريدها بصيغة ( pdf)
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 11:09]ـ
هذا موقعها على النت حتي يتيسر لك الحصول على بغيتك:
http://pubcouncil.kuniv.edu.kw/jsis/Arabic/articleindex.asp
ـ[هشام ربيع إبراهيم]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 11:51]ـ
شكر الله لك يا أخي
ـ[هشام ربيع إبراهيم]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 11:52]ـ
لكني أريد بحوث المجلة نفسها، فالموقع ينشر الملخص فحسب!
ـ[يوسف أنور يوسف]ــــــــ[02 - Mar-2010, مساء 09:36]ـ
من يتحفني بأعداد مجلة الشريعة(/)
اغتنم فرصتك في رمضان مطويه بقلم الشيخ المبارك/خباب مروان الحمد
ـ[ابو البراء الغزي]ــــــــ[11 - Aug-2009, صباحاً 11:49]ـ
اغتنم فرصتك في رمضان
بقلم: خباب مروان الحمد
Khabab1403@hotmail.com (Khabab1403@hotmail.com)
الحمد لله ذي الطول والآلاء، وصلَّى الله على سيدنا محمد خاتم الرسل والأنبياء، وعلى آله وصحابته الأتقياء، أمَّا بعد:
حدَّثني أحد الإخوة الدعاة الفضلاء عن قصَّة وقعت لأحد الشباب الصالحين في شهر رمضان المبارك ...
شاب لم يبلغ السابعة عشرة من عمره … كان همُّ الدعوة يجري في قلبه، وحين يقدم شهر رمضان يتهيَّأ له بالصالحات والبر والطاعات، فكأنَّ لسان حاله يقول عن شهر رمضان:
لي فيك حين بدا سناك وأشرقا ... أمل سألت الله أن يتحقَّقا
فمنذ أن يقدم شهر رمضان يتهيَّأ له ذلك الشاب بالأعمال الجليلة، ومن ذلك أنَّه كان يقوم كل يوم قبل غروب الشمس بدقائق، فيذهب هذا الشاب إلى مكان اصطفاف السيارات عند الإشارات الضوئيَّة ....
بابتسامة مشرقة، ووجه مضيء بالإيمان ـ نحسبه كذلك ـ يقوم بتوزيع الإفطار لأولئك الصائمين في سياراتهم مما تيسر من الماء والرطب والكعك ....
وكان يرفق ذلك بمطويات دعويَّة تحث على نشر الدين والفضيلة ومكارم الأخلاق، وقد بقي على ذلك عدَّة سنوات يقوم بهذا العمل الفضيل.
وأثناء قيامه بهذا العمل كعادته، جاءت سيَّارة مسرعة عند إحدى الإشارات التي كان واقفاً بجانبها فاصطدمت به فأرْدَتْه قتيلاً مضرَّجاً بدمائه، وهو صائم لله عزَّ وجل، يقوم بتفطير الصائمين، وإدخال السرور عليهم وعلى أولادهم، ويدعوهم إلى الله تعالى فهنيئاً له عمله ذلك، وتقبَّله الله تعالى في جنانه.
لقد أثَّرت هذه القصَّة في نفسي كثيراً، وتذكَّرت حين سمعتها ذلك الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً إلى رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أنَّه قال: " إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله "، فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: " يوفقه لعمل صالح قبل الموت " أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي.
إنَّنا لو قابلنا ذلك الشاب الداعية ـ رحمة الله عليه ـ وهو يقوم بأعمال خير عديدة؛ من تفطير الصوَّام، وإلقاء السرور عليهم، والدعوة إلى الله، والعمل المنتج تحت شعاع الشمس، صائماً نهاراً طويلاً؛ بحال كثير من المسلمين في شتَّى البقاع الذين يمر عليهم رمضان تلو رمضان، دون أن يغتنموا فيه تلك الفرص الجليلة التي قلَّ أن تجتمع في شهر كما اجتمعت في هذا الشهر، فلو قارنَّا حال أولئك بذلك الشاب الداعية لوجدنا بينه وبينهم بوناً شاسعاً وفرقاً هائلاً، فشتَّان بين من يغتنم وقته بالطاعات ومن يغتنمه بالموبقات!
ولو أردنا أن نحرِّك أفكارنا، و نستخدم أذهاننا لالتقاط تلك الفرص والمغانم والمكاسب والثروات التي نستطيع أن نجنيها أو أن نبذرها في هذا الشهر ـ لطال بنا المقام، ولأدركنا قيمة هذا الشهر العظيم وما فيه من خيرات وبركات تنهال علينا ونحن عنها غافلون.
ففي هذا الشهر نستطيع أن نفعِّل الكثير من المشاريع الدعوية والأفكار الإصلاحيَّة، ونبذر الأعمال الصالحة، وننتهج سبل أهل الخير والسبق في استغلال الأوقات الفضيلة بما يفيد أمَّتنا ومجتمعنا.
· لماذا رمضان فرصة؟
بشرى العوالم أنت يا رمضان ... هتفت بك الأرجاء والأكوان
سعدت بلقياك الحياة وأشرقت ... وانهلَّ منك جمالها الفتَّان
لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته، فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء أشعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلاَّ إليه؛ لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء.
(يُتْبَعُ)
(/)
إنَّ من أعظم الفرص، بل هي الجامعة لكل الفرص التي نجتنيها ونكتسبها في شهر رمضان؛ فرصة العبوديَّة لله والقيام بحقِّه، والتوجه إليه والاستعانة به والانطراح بين يديه، فهي الحقيقة الكبرى في الكون والحياة، وجميع الفرص الأخرى متفرِّعة عن هذا الأصل العظيم الذي تندرج فيه وتنتهي إليه كل أعمالنا وعباداتنا ومعاملاتنا.
شهر رمضان فرصة للعبد الصائم؛ لأنَّه يجد فيه عدَّة أحاديث تحثُّه على اغتنامه بمزيد من العمل لكي ينال مزيداً من الأجر، ويكفي في ذلك ذكر حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يقول:" إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنَّة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين " أخرجه مسلم.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه" أخرجه البخاري ومسلم.
ومعنى إيماناً: إيماناً بوجوبه، ومعنى احتساباً: استشعاراً بالأجر عند ربِّه، كما قاله العز بن عبد السلام (كتاب مقاصد الصيام: (ص 34))
· اغتنم فرصك واكتسبها:
بداية .... ما أجمل أن نستشعر قدوم هذا الشهر الفضيل، وأن نعلم أنَّ قدوم هذا الشهر هو خير وبر وبركة على الأمة الإسلاميَّة، ولقد كان السلف الصالح يستبشرون بقدوم شهر رمضان، ويعدون أنفسهم إلى ذلك اللقاء الجميل، ولقد كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: (مرحباً بشهر خير كله؛ صيام نهاره، وقيام ليله، النفقة فيه كالنفقة في سبيل الله)، وقد أخبر المعلَّى بن الفضل رحمه الله عن سلفنا الصالح مع رمضان بقوله: (كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثمَّ يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم) فلك أن تتخيَّل أنَّهم كانوا لمدَّة ستة أشهر يترقبون شهر رمضان ويدعون الله تعالى أن يبلغهم هذا الشهر الكريم، كلُّ ذلك حفاوة به وبقدومه…
ومما ذكره ابن رجب الحنبلي في لطائف لمعارف أنَّ رجلاً من الصالحين باع جارية لأحد الناس .. فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان الطعام .. فقالت الجارية: لماذا تصنعون ذلك؟ قالوا: لاستقبال الصيام في شهر رمضان .. فقالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟! والله لقد جئت من عند قوم السنة عندهم كلها رمضان .. لا حاجة لي فيكم .. ردوني إليهم .. ورجعت إلى سيدها الأول!!!
وفي زمننا المعاصر يختلف الذين يستقبلون شهر رمضان، ولهم في ذلك طرق مختلفة ومتنوعة؛ فمنهم من يستقبله باللهو واللعب، ومنهم من يستقبله بالأكل والشرب، ومنهم من يستقبله بالنوم ومنهم من يستقبله ببرمجة وقته لمشاهدة البرامج والمسلسلات عبر شاشة الرائي (التلفاز)، إلى غير ذلك من أنواع الاستقبال.
وذلك هو استقبال المفرِّطين الذين لم يدركوا حقيقة فضائل هذا الشهر، ومنافع أيامه، وفوائد لياليه، وعظمة شعيرته.
غير أنَّ المؤمن السبَّاق لعمل الصالحات؛ يستقبله بالمسارعة إلى عمل الخيرات، وتجنُّب المنكرات، متمثِّلاً قول الله تبارك وتعالى: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين" سورة آل عمران: (133).
والمسابق لعمل الخيرات واقتناص الفرص، شيمته التطلُّع والترقب لكل فرص الخير وغنائم البر ومعارج القبول ليتقرب بها إلى ربِّ العالمين، ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، وخوفاً من أليم عقابه.
والمسابق لعمل الخيرات يعلم يقيناً أنَّ الله ـ تعالى ـ حثَّ عباده على المسارعة والمسابقة لعمل الخيرات، كما قال عز وجل: " فاستبقوا الخيرات" سورة البقرة: (148) وقال عزَّ وجل: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله " سورة الجمعة: (9)، ولكنَّ مريد الآخرة يدرك لا محالة أنَّ الدنيا متاع زائل، ويعلم أنَّ مسارعته فيها والمسابقة لطلبها يخالف المنهج القرآني؛ فالله تعالى يقول: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" سورة الملك: (15) وفرق كبير بين المسارعة والمسابقة وبين المشي، ولهذا جعل سبحانه وتعالى أصل عمل العبد في نيل ثواب الآخرة والسعي لتطلُّب الأجر من الله، ولكن في أمور الدنيا قال تعالى: (ولا تنس نصيبك من الدنيا) سورة القصص: (77).
(يُتْبَعُ)
(/)
وحين نرجع البصر متأمِّلين في هذه الآيات نجد أنَّ طلب الدنيا استخدم معه المشي، لأنَّ طلب الإنسان للدنيا غريزة في النفس؛ والغرائز لا تحتاج لتكليف أو تشويف، لكنَّ السعي للآخرة تكليف فاقتضى طلب المسارعة، فالإنسان لا يحتاج لدفع كي يحرص على طلب الدنيا بخلاف العمل الصالح.
فما أجدرنا بالقيام بحق الله تعالى لاغتنام هذه الفرص الرمضانية، والمنح الربانيَّة، والعطايا السخيَّة التي اجتمعت لنا لكي نقوم بها في هذا الشهر العظيم!
· مقترحات عمليَّة لاغتنام الفرص الرمضانيَّة:
إذا اتفقنا سويّة على أنَّ الفرص في هذا الشهر كثيرة والمغانم فيه غزيرة، فحريٌّ بالعبد المؤمن أن يسعى لاكتسابها ويحاول تطبيقها؛ ليخرج من العيش في ظلاله بنتيجة ترضيه حين يراها في صحائف أعماله، "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" سورة النور: (24). وإنَّ من هذه الفرص الجليلة:
• (العطاء): فهذا الشهر يتيح لنا فرصاً كثيرة لتقديم العطاء والخير للناس، وإكرامهم وإسبال الجود عليهم، من قبيل: تفطير الصوَّام، والتصدق بالمال، وتعليم الناس العلم، والسعي في خدمة المحتاجين والمكروبين، وهو فرصة لكي يحرص روَّاد وقُوَّاد العمل الخيري في شهر رمضان على مزيد من العطاء، وبذل الإيجابيَّة الفعَّالة في أوساط الناس.
• (العمل): فشهر رمضان يعطيك دفعة حركيَّة، ووقوداً حيوياً، وطاقة مستمرة في العمل، فأنت في هذا الشهر تصلي لله تعالى القيام وصلاة التراويح، وأنت في هذا الشهر تتصدق، وكان صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجاهدون فيه لإعلاء كلمة الله، وينتصرون فيه للإسلام والمسلمين، ولا يصدُّهم عن ذلك الصوم والجوع والعطش، فهذا الشهر فرصة للمسلمين في بلاد المسلمين ليستثمروا طاقاتهم لنصرة الإسلام والمسلمين.
• (الإنجاز): فمن صام شهر رمضان كاملاً فقد أنجز إقامة هذا المشروع الكبير على أتم ما يرام، وهو بهذا يعطيك دفعة روحيَّة لإنجاز أعمالك والتمرن عليها، وترك التسويف والتسويغ غير اللائق، الذي لن يجني المرء منه سوى الهم والغم.
• (التنظيم): من يتأمَّل هذا الشهر الكريم يجد دقَّة التنظيم في أداء شعائره، فلا يدخل وقت في وقت، فللصيام وقت، وللإفطار وقت، ويكفي شاهداً على ذلك قوله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: (إذا أذن بلال فلا تمسكوا، ولكن أمسكوا إذا أذَّن ابن أم مكتوم) أخرجه البخاري ومسلم، والفرق بين أذان ابن أم مكتوم وأذان بلال كما في الحديث: (ما بينهما إلاَّ أن ينزل هذا ويصعد هذا)! وهو بهذا يكسبك دفعة إلى الأمام لكي تُحسِن استغلال وقتك بالنافع المفيد، وتحاول تنظيم وقتك وساعاتك لكي تقوم بالعمل وتنجزه على قدم وساق، وبأتم ما يرام!
• (الدعوة) فالناس في هذا الشهر راغبون في كل خير، كما أنَّه في هذا الشهر تصفَّد الشياطين، وتكون فيه القلوب إلى الخير أقرب، فهي فرصتك لكي تدعو أقاربك وأرحامك وجيرانك، فهذا الشهر فرصة دعويَّة يستغل الداعية فيه جميع إمكاناته لنشر دعوة الإسلام لدعوة من يستطيع دعوته من الأمَّة المسلمة.
• (التكافل الاجتماعي): هذا الشهر الكريم فرصة ذهبيَّة لبر لوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الإخوان، وحمل هموم الأمَّة المسلمة بالقيام بأداء حقوقها؛ فيتفقَّد المحتاجين والمعوزين والفقراء والمساكين، ويقوم بخدمتهم وأداء حقوقهم، ويتعاون مع الجمعيات الخيريَّة ويدلها على الفقراء والمساكين والذين لا يسألون الناس إلحافاً، وكذلك يقوم بإخراج الزكاة إنَّ حان موعدها في هذا الشهر الكريم، ويصرفها في أهلها الذين يستحقونها، ويشعر بشعور الضعفاء والفقراء، ويحاول قدر الإمكان أن يقدم لهم خدماته، والله عزَّ وجل سيجزيه خير الجزاء.
• (تقوية الإرادة): فهي فرصة عظيمة لمبتغي الخير في هذا الشهر الفضيل، يستطيع من خلالها أن يستثمر روح الإرادة التي جعلته يصوم نهار رمضان كاملاً، ومن كان كذلك فهو يستطيع أن يقلع عن التدخين، وعن شرب المخدرات والمسكرات المحرمة، في هذا الشهر وغيره من الشهور، ويسيطر على شهواته ونزواته وأهوائه ورغباته التي تحول بينه وبين إرادته وعزيمته.
(يُتْبَعُ)
(/)
• (فضيلة التوبة): في هذا الشهر تتنزل رحمات الله، ويعتق سبحانه كثيراً من عباده من النار ـ أعاذنا الله منها ـ فهو فرصة للعصاة والمذنبين والمقصرين في حقوق الله ـ وكلنا ذاك الرجل ـ للبداية بصفحة جديدة مع الله، وتوبة صادقة إليه، وإقلاع عن الذنوب والمعاصي والآثام، وبما أنَّ من المعلوم أنَّ الشياطين تصفَّد في شهر رمضان، فيا حبَّذا استغلال إقبال القلوب على الخير والعبادة، فهناك كثير من التائبين يعلنون توبتهم، ويقلعون عن ذنوبهم ومعاصيهم، فهو فرصة للمربين؛ لكي يبذلوا طاقاتهم في تربية هذه النفوس المقبلة على العبادة، وإفادتها ببرنامح تربوي لتقوية الإيمان وأواصر الخير في القلوب الكسيرة التائبة.
• (مجازاة النفس): في هذا الشهر فرصة كبيرة لمجازاة النفس إن خيراً فخير، وإن شراً فعقوبة لها تردعها عن مطالبها الأمَّارة بالسوء، ولهذا كان العيد مكافأة لمن أحسن في هذا الشهر العظيم، وأمَّا من يسيء فيه فإنَّه ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ومن خلاله نستطيع أن نلزم أنفسنا الخير. وأمَّا إن تمرَّدت هذه النفس، فإنَّنا نمنعها ونحرمها من مبتغياتها لكي تكون لنا عوناً على الطاعة.
• (التحفيز) فهذا الشهر يحفِّز النفوس المؤمنة ويفجِّر الطاقات الكامنة في النفوس للعمل لما يرضي الله ـ تبارك وتعالى ـ ففيه تحفيز لمجاهدة النفس، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث القدسي: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) متفق عليه، كما أنَّ في كل ليلة فيه عتقاء، وذلك بسبب صيامهم وتقواهم لله ـ عزَّ وجل ـ فهذا التحفيز الكبير للقلوب سبب رئيس في الاستمرار بالصيام والقيام، فإنَّ: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، فأي أجر وأي تحفيز أعظم من هذا؟!
• (التعلق بالمساجد): نستطيع في هذا الشهر العظيم تعويد أنفسنا على التعلق بالمساجد، لكي نكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلّه، ومن ذلك: الاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر؛ للخلوة برب العالمين، وسؤاله الهداية، ومناجاته في هذه الأوقات لعلَّه يفتح على من دعاه فتوح العارفين، ويقيه من نار الجحيم، ويدخله جنة النعيم.
ومن ذلك: انتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فيصلي الصائم العصر ويبقى جالساً لانتظار صلاة المغرب، وينال أجر الرباط الذي أخبر عنه رسول الله، وذلك بانتظار الصلاة بعد الصلاة، ويكسب الصائم في جلوسه في المسجد أجوراً عديدة من قراءة القرآن والدعاء وذكر الله والتوبة إليه، وصلاة المغرب جماعة مع المسلمين، والتي كثيراً ما يفرِّط فيها الصائمون، ويقعدون في بيوتهم، ولا يلبُّون داعي الله لصلاة المغرب جماعة مع المصلين!!
• (استغفار الأسحار): فرمضان فرصة للاستغفار في وقت فضيل يكون أكثر المسلمين عنه غافلين، وهو وقت السحر، وخصوصاً أنَّ هذا الوقت هو وقت سحوره وطعامه قبل أن يبدأ الصيام مع طلوع الفجر، فهذه الفرصة غنيمة باردة، ينبغي للعبد المؤمن أن يقتنصها للاستغفار في هذا الوقت الفضيل الذي يتنزَّل فيه رب العالمين، ليغتنم العبد فرصته، ويكتسب غنائم الأجر في هذا الوقت، ولقد ذكر الله من صفات المؤمنين في محكم التنزيل حيث قال:"والمستغفرين بالأسحار" سورة آل عمران: (17) وقال:" وبالأسحار هم يستغفرون" سورة الذاريات: (18).
• (مراجعة القرآن) شهر رمضان فرصة لمن تفلَّت منه حفظ القرآن، ليقوم بمراجعته آناء الليل وأطراف النهار، وليقوم به الليل، ويقرأه متدبراً لما فيه من أحكام ومعانٍ، وقد كان حال سلفنا الصالح عجباً في تأمل القرآن وختمه في هذا الشهر العظيم.
• (عمرة فيه تعدل حجة): من محاسن هذا الشهر أنَّ فيه فرصة عظيمة للمعتمرين ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، فيا فوز وسعادة من فاز بأجر حجَّة في شهر رمضان إذا أدَّى العمرة خالصاً لوجه الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
• (تنقية القلوب): في هذا الشهر العظيم أيضاً فرصة لتجديد العلاقات الأخوية، وإعادة صلة ما قطعه القريب مع أقاربه بسبب خلاف أو شجار، فيستعيذ بالله من الشيطان، ويجعل قلبه سليماً، لا غلَّ فيه ولا حقد ولا حسد، ويجدد علاقاته مع أقاربه وأرحامه وخلاَّنه على ميزان الشريعة، مع القيام بالحقوق التي افترضها الله من حقوق المسلم على المسلم، كما أنَّ من المهم استغلال هذا الشهر الكريم للإصلاح بين القلوب المتشاحنة، والنفوس المتباغضة، ففي هذا أجر عظيم وفضل كبير كما هو معلوم.
• (طيب الكلام): رمضان فرصة كبيرة لكي يتعلم المسلم ويعتاد على النطق بالألفاظ الطيبة، وترك الألفاظ القبيحة والإقلاع عنها، وعدم مبادلة الأسوأ بالأسوأ، وإنَّما بالأحسن والتغافل عن أخطاء الآخرين: (فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني امرؤ صائم) كما وجَّه بذلك الحبيب ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في هذا الحديث آنف الذكر، وقد أخرجه البخاري ومسلم.
• (التجديد والتغيير) فهذا الشهر الكريم فرصة مباركة ويانعة، لمن يريد تجديد الإيمان، والتغيير إلى الأفضل، وهو نقطة انطلاقة عمليَّة لإزالة الران عن القلوب بسبب تراكم الذنوب، وهو فرصة لتطوير النفس والرقي بها بما يرضي ربَّها سبحانه وتعالى، لتدرك يقيناً أنَّها قد غيَّرت فعلياً من مجرى حياتها إلى ما كانت تتوق إليه وتتمنَّى تطبيقه.
• (الصبر): يستطيع المرء من خلال هذا الشهر أن يتعلم في دورة مكثَّفة معانيَ الصبر الثلاثة، من الصبر على طاعة الله في صيام رمضان، والصبر عن معاصي الله بالإقلاع عن قبيح القول والكلام وكل ما لا يرضي الله في هذا الشهر الكريم، إلى الصبر على ما قدَّر الله وقضاه من فرض صيام هذا الشهر الكريم بالكمال والتمام، ورضي الله عن الأحنف بن قيس الذي قيل له: (إنَّك شيخ كبير وإنَّ الصيام يضعفك) فقال: (إني أعده لسفر طويل، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه) سير أعلام النبلاء.
(وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، وقد أحسن من قال:
إذا لم يكن في السمع مني تصاون ... وفي بصري غضُّ وفي منطقي صمت
فحظي إذاً من صومي الجوع والظمأ ... فإن قلت إنِّي صمت يومي فما صمت)
(لطائف المعارف لابن رجب)
• (قلَّة الاستهلاك) من فوائد هذا الشهر التقليل من المطاعم والمشارب، لا كما يفعله كثير من الناس، حيث يجلبون جميع الأشكال والألوان من المطاعم، وكأنَّه شهر أكل وشرب، مع أنَّ حقيقته التقليل من الأكل والشرب، والأخذ بمبدأ الاقتصاد في الطعام والشراب بلا شح وبخل ولا إسراف ومَخْيَلة، بل يكون وسطاً بين ذلك، لكي يكون الاستهلاك فيه مقنَّنا، وليس كل ما يشتهيه المرء يشتريه، وقد أمر تعالى بالتوسط في أكل الطعام، فقال: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنَّه لا يحب المسرفين) سورة الأعراف: (31).
• (تربية الأولاد): فالأب المربي والأم المربية يستطيعان من خلال هذا الشهر بثَّ الفضائل في قلوب أولادهم، وهجر الرذائل، وتحبيب الصيام والقيام والقرآن لهم، بشتَّى الأشكال، وأنواع التشويقات، وما أحلاها من جِلسة يجمع فيها الأب أولاده قبل الإفطار بنصف ساعة، ويلقي عليهم درساً مَّما يعلمه أو حتَّى من كتاب ميسَّر، ويشرح لهم ما لا يعلمونه، ثمَّ قبيل الأذان يرفع يديه هو وأولاده بالدعاء والتضرع وقرع أبواب السماء بجميع الأدعية المأثورة والطيبة.
• (الدعاء) من أفضل الأوقات التي يشعر فيها قلب المؤمن بالطمأنينة والسعادة ساعات المناجاة لله رب العالمين، وخصوصاً في شهر رمضان الذي جاءت آية الدعاء من بين الآيات الحاثَّة على صيام هذا الشهر العظيم، تذكيراً بأهميَّته في هذا الشهر، فيتوجب على المسلم ألاَّ ينسى نفسه وإخوانه المسلمين من دعوة صالحة صادقة يقوم بها داعياً ربَّ العباد، لعلَّ الله تعالى يفرج عنه وعن جميع المسلمين همومهم وكروبهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
• (ليلة فيه بألف ليلة) هنيئاً لمن ناله رضوان الله، ووفقه لقيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، وعمل فيها وجدَّ واجتهد، وأحيا الليل كلَّه، وأيقظ أهله، وشدَّ المئزر، وأكثر من الدعاء، ومن ذكر الله تعالى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنَّك عفو تحب العفو فاعف عني) أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
• (الدخول إلى الجنَّة) فهذا الشهر الفضيل فرصة للصائمين للدخول إلى الجنان، ولا ريب أنَّ للصائمين إيماناً واحتساباً باباً يدخلونه إلى الجنَّة وهو باب الريَّان، كما أنَّ الأجر العظيم ينتظرهم يوم القيامة، فإنَّ الصوم لله وهو سبحانه وتعالى سيجزي عباده الصائمين الأجر الجزيل.
• (تنظيم الغذاء وتخفيف الوزن): فرمضان فرصة وقائيَّة وعلاجيَّة لمن يودُّون الاعتناء بترتيب غذائهم وتنظيمه، ومحاولة التخفيف من الأكل والشرب الذي هو في أصله مصلحة للجسم، ولكن إذا زاد عن حده انقلب سوءاً ومفسدة على النفس وإضراراً بها، فيفسد من خلاله الروح والبدن، ويوصي لقمان ابنه فيقول: (يا بني، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة)، فحري بالعبد الصائم تقليل أكله، ليزداد عبادة لربه وخصوصاً في هذا الشهر الكريم.
• (شكر الله) في هذا الشهر فرصة لشكر الله تعالى، وخصوصاً إذا أطاع العبد ربه، واجتنب معاصيه وما يسخطه، فيحمد العبد ربَّه شاكراً له من قلبه وبلسانه وبأفعاله على أن منَّ عليه بتلك الفضائل وجنَّبه الرذائل، كما قال تعالى: (ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) سورة البقرة: (185).
· وفي نهاية المطاف:
فهذه فرص تلمَّستها بعد تأمُّل ذهني، أقدِّمها لإخواني المسلمين طيبةً جاهزةً، راجياً الله أن يقوموا بالتقاطها والقيام بأدائها، وعَلِمَ الله الذي لا إله إلاَّ هو، ما من شهرٍ يمر على المسلمين أفضل أجراً ولا أعلى ذكراً ولا أكثر قرباً لقلوب المسلمين من هذا الشهر العظيم؛ الذي تفتَّح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، فهنيئاً لمن اغتنمه بالطاعات، ويا لخسارة من فرَّط فيه، وأضاع حقوقه وواجباته ومقاصده.
ولله درُّ الأديب مصطفى الرافعي إذ قال في ختام مقال له عن رمضان: (ألا ما أعظمك يا شهر رمضان! لو عرفك العالم حق معرفتك لسمَّاك"مدرسة الثلاثين يوما") مجلة التمدن الإسلامي.
لقد جمع هذا الشهر جميع ألوان العبادة، وشتَّى أشكال الروحانيَّة والتقرب إلى الله، فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خباب مروان الحمد
Khabab1403@hotmail.com (Khabab1403@hotmail.com)(/)
حكم الوفاء بالوعد
ـ[أبوالطيب الروبي]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 01:34]ـ
الحمد لله، وصلوات الله على محمد وآله ومن والاه
أما بعد
فقد وقفت على رسالة (التماس السعد في الوفاء بالوعد) للحافظ السخاوي رحمه الله تعالى، فرأيت أن من الفائدة لي ولإخواني أن أستل منها مسألة حكم الوفاء بالوعد.
وها هي بين أيديكم الآن.
قال الحافظ السخاوي:
" قال أبو زكريا النووي رحمه الله في الأذكار قد أجمع العلماء على أن من وعد إنسانا شيئا ليس بمنهي عنه فينبغي له أن يفي بوعده وهل ذلك واجب أو مستحب؟
فيه خلاف بينهم فذهب الشافعي وابو حنيفة رحمهما الله والجمهور إلى أنه مستحب فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة ولكن لا يأثم انتهى،
وقال المهلب انجاز الوعد مأمور به مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به مع الغرماء،
وتعقب شيخنا رحمه الله دعوى الاتفاق على عدم الفرضية، فقد قال النووي عقب ما تقدم وذهب جماعة إلى أنه واجب قال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي أجل من ذهب إلى هذا المذهب عمر بن عبد العزيز انتهى وكذا صرح ابن عبد البر أن المذكور أجل من قال به.
قلت وفي كتاب الغرر من الاخبار لوكيع قال حدثنا شيخ قال حدثنا محمد بن عبيد عن أبيه أن ابن اشوع قضى له بعده، وابن أشوع هذا قرأت بخط الحافظ الدمياطي أنه سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني الكوفي القاضي حدث عن الشعبي وقد اتفقا عليه، ومات في ولاية خالد بن عبد الله القسري على العراق وكانت ولايته من سنة خمس ومائة إلى أن عزل عنها في سنة عشرين ومائة انتهى.
ولخص ذلك شيخنا حيث قال: كان قاضي الكوفة في زمان أمارة خالد القسري على العراق وذلك بعد المائة وقد علق على ذلك البخاري في صحيحه فقال: وقضى ابن الأشوع بالوعد وذكر ذلك عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
وقال شيخنا في الفتح وقع بيان رواية ابن أشوع لذلك عن سمرة في تفسير أسحاق بن راهويه قال البخاري ورأيت إسحاق ابن إبراهيم وهو ابن راهويه يحتج بحديث ابن أشوع يعني عن سمرة في القول بوجوب انجاز الوعد وترجم البخاري باب من أمر بانجاز الوعد، قال وفعله أي الأمر بإنجاز الوعد الحسن وكأنه البصري راوي حديث العدة عطية
قلت وكذا حكي القول بالوجوب عن أحمد.
وفي ثالث عشر المجالسة عن الدينوري عن الحسن بن أبي جعفر قال سمع مطرف رجلا يقول أستغفر الله وأتوب إليه فأخذ بذراعه، وقال لعلك لا تفعل مَن وعد فقد أوجب، وفي أنيس المنقطعين أنه قيل لبعض الصالحين وقد أصبح صائما تطوعا افطر فإن المتطوع أمير نفسه فقال أني لاستحي من ربي عزوجل أن أعده وعدا وهو أن أصوم ولا أوفي له بوعدي،
ثم قال النووي قال يعني ابن العربي وذهبت المالكية مذهبا ثالثا إلى أنه ارتبط الوعد بسبب كقوله تزوج ولك كذا، أو أحلف إنك لا تشتمني ولك كذا وجب الوفاء بالوعد ونحو ذلك وإن كان وعدا مطلقا لم يجب. انتهى
وخرج بعضهم الخلاف على أن الهبة هل تملك بالقبض أو قبله وأشار النووي إلى ذلك بقوله واستدل من لم يوجبه بأنه في معنى الهبة والهبة لا تلزم إلا بالقبض عند الجمهور، وعند المالكية تلزم قبل القبض
وأما الأنبياء عليهم السلام فسيأتي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم لا يخلفون الوعد، وهذا يحتمل أن يكون وجوبا ويحتمل أن يكون خلافه وجزم غير واحد كما سيأتي أيضا بأن إنفاذ الصديق رضي الله عنه لعدة رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوص به صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
إذا علم هذا فقد استشكل والد شيخنا رحمهما الله عدم الوجوب حيث قال لم يذكر يعني النووي جوابا عن الآيات التي صدر بها الباب من الأذكار وهي (وَأَوفوا بِعَهدِ اللهِ إِذا عاهَدتُم).
ثم (يا أَيُها الَّذينَ آمنوا أَوفوا بِالعُقود)، (وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنّ العَهدَ كانَ مسؤولا)، (يا أَيها الَّذينَ آمَنوا لَمَ تُقولونَ ما لا تَفعَلون كَبُرَ مَقتاً عِندَ اللّهِ أَن تَقولوا ما لا تَفعَلون)، وهذه الأخيرة كما قال أشدها ولا عن الأحاديث التي فيها آية المنافق إذا وعد أخلف لا سيما آية الصف والحديث المذكور والدلالة على الوجوب منها قوية فكيف حملوه على كراهة التنزيه مع هذا الزجر الشديد الذي لم يرد مثله إلا في المحرمات الشديدة التحريم،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأورده شيخنا في الفتح حيث قال: وقرأت بخط أبي رحمه الله في إشكالات على الأذكار للنووي ولم يذكر جوابا عن الآية والحديث يعني قوله تعالى كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وحديث آية المنافق قال والدلالة إلى آخره.
قلت ولم ينفرد والد شيخنا بالبحث في ذلك فقد قال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله وناهيك به قول الأصحاب لا يجب الوفاء بالشرط مشكل لأن ظواهر الآيات والسنة تقتضي وجوبه وإخلاف الوعد كذب والكذب من أخلاق المنافقين،
قال ولا أقول يبقى دينا في ذمته حتى يقضي من تركته وإنما يجب الوفاء به تحقيقا للصدق وعدم الإخلاف وتصير الواجبات ثلاثة منها ما هو ثابت في الذمة ويطالب بأدائه وهو الدين على موسر وكل عبادة وجبت وتمكن منها، ومنها ما يثبت في الذمة ولا يجب أداؤه كالزكاة بعد الحول وقبل التمكن، ومنها ما لم يثبت في الذمة ويجب أداؤه كهذا. انتهى.
وسلك شيخنا طريقة أخرى حيث قال وينظر هل يمكن أن يقال يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء أي يأثم بالإخلاف وإن كان لا يلزم بوفاء ذلك،
قلت ونظير ذلك نفقة القريب فإنه إذا مضت مدة يأثم بعدم الدفع ولا يلزم به، ونحوه قولهم في فايدة القول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة تضعيف العذاب عليهم في الآخرة مع عدم إلزامهم بالإتيان بها والله المستعان.
وإلى هذا الإستشكال أشار صاحب الخادم في آخر الهبة فقال فإن قيل فيجب الوفاء بالوعد للخروج عن الكذب فإنه حرام وترك الحرام واجب، وقد ذكر الماوردي في الشهادات في الكلام على المروءة أن مخالفة الوعد كذب ترد به الشهادة
فالجواب ما قال الغزالي في الإحياء أن إخلاف الوعد إنما يكون كذبا إذا لم يكن في عزمه حين الوعد الوفاء به، أما لو كان عازما عليه ثم بدا له الا يفعل فليس بكذب لأنه حينئذ إخبار عما في نفسه، وكان مطابقا له فيكون صدقا ... انتهى.
وقد عده الغزالي رحمه الله في إحيائه من حقوق المسلم فقال منها ألا يعد مسلما بوعد إلا ويفي به، ثم إن كل ما أسفلته في الوعد بالخير، أما الوعد بالشر فيستحب إخلافه، وقد يجب ما لم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة، وقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وعده الله عزوجل على عمل ثوابا فهو منجز له، ومن أوعده الله على عمل عقابا فهو بالخيار. أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث سهيل بن أبي حزم القطعي عن ثابت البناني عنه".
انتهى المقصود من كلام السخاوي في التماس السعد في الوفاء بالوعد - (1/ 5)
والله يرعاكم!(/)
محاضرة مرئية في تفنيد حجج من استحل الموسيقى
ـ[ابو قتادة الفلسطيني]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 03:06]ـ
http://www.*******.com/watch?v=qIxRydH3MCY&feature=channel
ـ[أمغار عبد الواحد]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 03:13]ـ
الرابط لا يعمل(/)
مسائل دقيقة في الصيام للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -
ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 03:10]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه فتاوى في الصيام للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -، مقتضبة من تدوين تلميذه الشيخ أحمد القاضي، في جمعه المسمى (ثمرات التدوين)، ومما يميز هذه الفتاوى ما قاله الشيخ أحمد "تضمنها لمناقشات علمية، وحوارات مع خاصة طلبته، تكشف عن مسائل دقيقة، ومباحث علمية، لا تتأتى في بعض الفتاوى العامة، وتبرز عمق فقهه، وسرعة بديهته، حيال الإيرادات المتنوعة التي تلقى عليه."
فهاهي بين أيديكم، ليس لي فيها إلا يد التنسيق والتلوين ..
الصِّيام
`دخول الشهر والنية فيه.
`المفطرات.
`الكفارة.
`القضاء.
`صوم التطوع.
`القيام.
`الاعتكاف.
دخول الشهر والنية فيه
`مسألة (251) (18/ 8/1417هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: هل يعمل بحساب المراصد الفلكية في إثبات الهلال؟
فأجاب: الذي نرى أن يعمل به في النفي لا في الإثبات. ومعنى ذلك: أنه لو قال شخص أنه رأى الهلال، والمراصد تقول إن الهلال لا يمكن أن يولد هذه الليلة في هذا المكان، فإنا نعمل بنفي المرصد. ولو قرر المرصد أن الهلال مولود الليلة، ولم يره أحد من الناس رؤية مجردة لم نعمل بإثبات المرصد، لأن العبرة بالرؤية الطبيعية.
`مسألة (252) (16/ 10/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ذكرتم فيما مضى ضابطاً في مسألة الهلال: أنه يؤخذ بكلام الفلكيين في النفي لا في الإثبات، فما المراد: حسابات الفلكيين أم مراصدهم؟
فأجاب: المقصود المراصد، بمعنى أنهم يتابعون القمر طوال الشهر بالمراصد، فإذا حكموا بأن الهلال لا يمكن أن يولد في ليلة معينة أُخِذَ بقولهم. لكن لو قالوا إنهم رأوه أو أنه يولد تلك الليلة فيغيب قبل مغيب الشمس، لم نعتمد قولهم، لأن الله إنما تعبدنا برؤيته بالعين المجردة.
`مسألة (253) (16/ 8/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:هل كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أن رؤية واحدٍ من المسلمين للهلال تصوِّم جميع الأمة؟
فأجاب: لا.
فاستأذنته في قراءة بعض كلامه من الفتاوى (ج 25 ص 103_113).
فقال: إن كانت من الفتاوى فلا. المعتبر ما جاء في الاختيارات الفقهية والفروع، لأنه ربما قال ذلك في أول حياته ثم رجع عنه، كما يتضح ذلك فيما كتبه في المناسك في أول حياته.
`مسألة (254) (9/ 10/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:إذا قالت الحائض: (إن أصبحت طاهراً فأنا صائمة)، فرأت الطهر لما استيقظت بعد الفجر، فما حكم صومها؟ وهل هذا كمسألة: (إن كان غداً من رمضان فهو فرضي)؟
فأجاب: صومها لا يصح، وليست كالمسألة المذكورة، لأن الأصل بقاء المانع.
`مسألة (255) (13/ 10/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ما حكم التهنئة بدخول رمضان والقصد إليه بالقيام والزيارة ونحو ذلك؟
فأجاب: لا أرى في هذا بأساً أن يهنأ بكل ما يسُر. لأن هذا ورد أصله في السنة، كتهنئة الصحابة بتوبة الله على كعب بن مالك. كذلك النبي صلى الله عليه وسلم بشر بابنه إبراهيم، والملائكة بشرت إبراهيم بابنه، فالأصل في التهنئة بكل ما يسر لا بأس بها، ولها أصل في السنة. أما القيام والزيارة فهذه ترجع إلى العادات.
المفطرات
`مسألة: (256) (15/ 1/1417هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ما حكم استنشاق البخار المستعمل في المستشفيات لمرضى الربو في نهار رمضان، علماً أنه متحلل من سائل له جرم؟
فأجاب: لا يفطر، لأنه يستحيل إلى ما يشبه الهواء، كما أنه لا يصل إلى المعدة بل إلى الرئة.
`مسألة: (257) (26/ 8/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:هل "الغسيل البريتوني" لمريض الكلى يفسد صومه؟
فأجاب: إذا كان لا يتغذى به، ولا تصل مادته المعدة فليس بمفطر.
الكفارة
`مسألة: (258) (17/ 10/1417هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ماحكم تقديم الإطعام لمريض لايُرجى بُرؤه أو لشهر رمضان؟
فأجاب: لا يُفعل لعدم تحقق الوجوب، فقد يموت أثناء الشهر. فإن قال أفعل وما يحتمل أن يكون زائداً عن الواجب فهو صدقة، صار إطعامه متردداً فيه بين الصدقة والواجب، ولا يصح. ولهذا كان أنس رضي الله عنه يجمع ثلاثين فقيراً آخر الشهر فيطعمهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
`مسألة: (259) (17/ 10/1417هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:أُغمي على رجل قبل رمضان واستمر به حتى شوال ثم مات، فماذا عليه؟
فأجاب: يطعم عنه لأن مثل هذا المرض لا يُرجى برؤه، ولهذا اتصل بالموت.
`مسألة: (260) (13/ 1/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: من أغمي عليه في رمضان بسبب جلطة في الدماغ واستمر به حتى مات فهل عليه شيء؟
فأجاب: لا قضاء عنه ولا كفارة.
`مسألة: (261) (9/ 10/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: مَن كان عليه إطعامٌ عن ترك الصيام، فهل تبرأ ذمته بصرفه في " تفطير الصائمين " الذي يقام في المساجد للعمال الفقراء؟
فأجاب: نعم، إذا تأكد أن العدد يقابل الأيام، ولا يختلط معه طعام غيره، وأشبعهم.
`مسألة: (262) (20/ 1/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: مَن أفطر في نهار رمضان لغير عذر، ثم جامع أهله ولم يفطر ليجامع فهل عليه كفارة؟
فأجاب: نعم عليه كفارة الجماع نهار رمضان، لأن الإمساك واجب عليه.
`مسألة: (263) (13/ 10/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:من جامع في يومين متتاليين في نهار رمضان، فهل عليه كفارة واحدة أم كفارتان؟
فأجاب: عليه كفارتان.
ثم سألته: ذكرتم في (الشرح الممتع) أن القول بأن عليه واحدة له حظ من النظر .. ؟
فأجاب: نعم، ولكنا لا نفتي بذلك. وإلا لتتايع الناس وتساهلوا في هذا الأمر (1).
`مسألة: (264) (11/ 11/1419هـ)
سُئل شيخنا رحمه الله:ما هو ضابط القدرة في الصيام فيمن وجب عليه كفارة جماع في نهار رمضان؟
فأجاب: أمر "القدرة" بينه وبين الله. فمَن علم من نفسه القدرة لم يجزئه الانتقال من الصيام إلى الإطعام. وينبغي أن يُقال للمستفتي: ألم تصم شهر رمضان؟ فكذلك صم شهرين متتابعين كفارة لما وقع منك. إلا أن يكون معذوراً.
`مسألة: (265) (11/ 11/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:هل يكون عذرٌ بغير مرضٍ أو سفر لمن قدر على صيام رمضان؟
فأجاب: ربما كان ضعيف البنية لا يتمكن من صوم شهرين متتابعين، أو كان شديد الشهوة لا يصبر عن الجماع هذه المدّة، أو كان صاحب حرفة وعمل يمنعه الصوم المتتابع من القيام بها.
القضاء
`مسألة: (266) (7/ 2/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:مَن مات وعليه صيام، فهل يمكن أن يشترك أولياؤه في الصوم عنه؟
فأجاب: نعم، إلا فيما كان من شرطه التتابع. فلو صام عنه ثلاثون شخصاً في يومٍ واحد عن رمضان أجزأ.
`مسألة: (267) (7/ 2/1420هـ)
سُئل شيخنا رحمه الله: لو تعاقب عدة أشخاص على صيام ما وجب فيه التتابع،
الواحد تلو الآخر؟
فأجاب: لا يجزئ، لأن التتابع وصف لا يتحقق إلا في شخصٍ واحد
`مسألة: (268) (16/ 2/1421هـ)
سُئل شيخنا رحمه الله:مات رجل وعليه صيام شهرين متتابعين، فصام عنه أحد أوليائه بعضها، ثم أتبعه الآخر، دون انقطاع في الأيام، فهل يجزئه؟
فأجاب: لا يجزئه، لأن الصوم الذي يشترط فيه التتابع لا يتحقق إلا بصدوره من شخصٍ واحد. وعليه، فلا بد أن يستأنف لحصول الانقطاع وما وقع منه من صيام فإنه إن شاء الله يقع نفلاً عن الميت. بخلاف لو مات إنسان وعليه قضاء من رمضان، فيمكن أن يشترك في القضاء عدة أشخاص، حتى لو وقع صومهم جميعاً عنه في يومٍ واحد.
صوم التطوع
`مسألة: (269) (13/ 6/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:شخص يريد أن يصوم ثلاثة أيام من الشهر، فهل الأفضل أن يسردها في أيام البيض أم يصوم أيام الاثنين الخميس؟
فأجاب: الأفضل أن يصوم البيض.
`مسألة: (270) (18/ 11/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ما حكم مَن أفرد يوم الجمعة بصيام نفل، لا لقصد الجمعة، ولكن لكونه لا يفرغ من عمله إلا ذلك اليوم؟
فأجاب: لا بأس بذلك، لأن المنهي عنه التخصيص. ولهذا يُصام يوم عرفة لغير الحاج إذا وافق يوم الجمعة، ولا يلزم أن يصوم يوماً قبله.
قسألته: فلو قال: أريد أن أصوم يوم الجمعة، لغير قصد الجمعة، مع إمكانه أن يصوم أي يوم سواه؟
فأجاب: لا يجوز، لابد من سبب ظاهر.
`مسألة: (271) (6/ 1/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ما حكم إفراد عاشوراء بالصيام؟
فأجاب: كرهه أبو حنيفة رحمه الله. وكلام الإمام أحمد يدل على الكراهة.
`مسألة: (272) (10/ 1/1421هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: ما حكم إفراد عاشوراء بالصيام؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فأجاب: جائز، وأعلى أحواله الكراهة، بل هو من ترك الأولى.
فسألته: لكن ما الجواب عن علة التشبه باليهود؟
فأجاب: ربما كان زال الآن.
`مسألة: (273) (10/ 1/1418هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: ما حكم الاقتصار على صيام يوم عاشوراء، دون يومٍ قبله أو يومٍ بعده، لعذرٍ أو لغير عذر؟
فأجاب: أما إن كان لعذر فلا بأس. وأما إن كان لغير عذر فقد تعارض عندنا أصل مشروعية الصوم مع أصل طلب مخالفة أهل الكتاب، فأرى أن يقال: إما أن تصوم معه يوماً قبله أو يوماً بعده، وإلا فدع الصيام. وإذا قيل ذلك، فسوف يفعل غالباً.
ثم علق الشيخ على ظاهرة اعتناء الناس بصوم عاشوراء، وكثرة الأسئلة الهاتفية والمباشرة عنه، مع وقوع التقصير في بعض الواجبات، وبين أن بعض السلف كان لا يرى صيامه وأنه منسوخ بصوم رمضان وإن كان الصواب أن المنسوخ وجوبه فقط وأما مشروعيته فثابتة ولا ريب.
`مسألة: (274) (10/ 1/1418هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: هل له أن يصوم وفاء صوم نذر في يوم عاشوراء، ويحصل له ثواب الأمرين؟
فأجاب: نعم، لا مانع. وكذلك لو قضى ما عليه من رمضان في يوم عرفة.
`مسألة: (275) (22/ 10/1417هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:مَن لم يتمكن من صيام ست شوال لعذرٍ شرعي فهل يصومها من ذي القعدة؟
فأجاب: نعم.
`مسألة: (276) (26/ 12/1417هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: ما حكم من صام جميع أيام عشر ذي الحجة، وهل يُخَطَّأ؟
فأجاب: لا بأس في ذلك. وهو من جملة العمل الصالح المطلوب في العشر. ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن سرد صومها. فلا مانع. ومن عدّ ذلك من الأخطاء فقد أخطأ، كما أخطأ أيضاً في دعوى أنه إن وافق صومه صوم اثنين أو خميس، لم يجتمع له الأجران.
القيام
`مسألة: (277) (9/ 10/1420هـ)
ذكر فضيلته أن بعض طلبة العلم أكثروا عليه في المسجد الحرام هذا العام إنكار "الختمة" وأن بعضهم، إذا أراد الإمام في الحرم أن يختم تظاهروا بالخروج، ومفارقة الإمام، وقعقعة فناجيل القهوة والشاي إظهاراً لإنكار الختمة، بوصفها بدعة. وأنه كان يجيبهم بأنه لا يزال يصلي مع الإمام حتى ينصرف، وإن دعا أمَّن على دعائه، ورفع يديه، وأن عليهم ألا يجاهروا بالخلاف، وأن يتقدموا بما عندهم إلى الشيخ محمد السبيل، بوصفه رئيس شؤون الحرمين. وذكر فضيلته أن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله كان يختم.
ثم سألت شيخنارحمه الله:ما الذي يخرج ذلك عن حدّ "البدعة"؟
فأجاب: هم يروون في ذلك حديثاً ضعيفاً: "مع كل ختمة دعوة مستجابة". ولو حكمنا على كل مسألة جرى فيها الخلاف بالبدعة لصار كثير من مسائل الفقه من البدع.
`مسألة: (278) (9/ 10/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: هل تشترط نية خاصة للوتر للمأموم في صلاة التراويح؟ حيث إن بعض الأئمة يصل قراءته، ولا يقرأ بـ "سبح، و الكافرون، وقل هو الله أحد"، فلا يشعر إلا وقد أوتر إمامه.
فأجاب: الذي ينبغي للإمام أن يميز وتره عن تهجده، ونحن نفصل بينهما بجلسة، ونخفف القراءة، والركوع، والسجود، في الوتر. ولابد للوتر من نية خاصة تسبقه، إلا أن يقال إنها مثل لو قال المأموم إن قَصَر إمامي قصرت، ونحوه.
فسألته: هل يتوجه إذاً أن يقال: إذا وقع ذلك فإنه يشفع بركعة؟
فأجاب: نعم، يتوجه. وانتقد فضيلته بعض الأئمة الذين يوترون بتسعٍ، أو سبعٍ، أو خمسٍ متصلة، لكون الداخل المسبوق لا يدري بأي صفةٍ يدخل، وأنه نبه على هذا في الطبعة الأخيرة، من مجالس شهر رمضان. وذكر أنه كان يصلي تارة بإحدى عشرة، وتارة بثلاث عشرة، ثم ترك الثلاث عشرة، واقتصر على إحدى عشرة تخفيفاً على الناس.
`مسألة: (279) (9/ 10/1420هـ)
سألت شيخنارحمه الله: ما حكم الاستسقاء في دعاء القنوت؟
فأجاب: يجوز.
`مسألة: (280) (9/ 10/1420هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: بعض النساء في صلاة التراويح تغطي وجهها، رغم وجود الساتر من الرجال، فما الحكم؟
فأجاب: ينبغي أن تكشف لتباشر جبهتها الأرض في السجود. فسألته: هل يجب عليها كشف وجهها في الصلاة؟
فأجاب: لا. فسألته: بعضهن تغطي وجهها، لئلا تعرفها بقية النساء، فهل يحسن أن ينبه الإمام على أن الأولى كشف الوجه عند عدم الرجال؟
فأجاب: لا، يدعهن على حالهن.
(يُتْبَعُ)
(/)
الاعتكاف
`مسألة: (281) (13/ 10/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ما حكم الاعتكاف في العشر الأواخر أقل من العشر؟
فأجاب: أتردد في كونه سنة. لأن المقصود من الاعتكاف إدراك ليلة القدر، ومحلها في جميع العشر، ولهذا قيل للنبي صلى الله عليه وسلم لما قام العشر الأوسط إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأواخر كلها. وأما حديث عمر في نذره الاعتكاف يوماً في المسجد الحرام، فقد كان نذراً، ووقع في الجاهلية. ثم سألته: وإن كان لا يتمكن من اعتكاف العشر جميعه لعذر؟
فأجاب: ربما يختلف الأمر حينئذٍ، للعذر.
`مسألة: (282) (13/ 10/1419هـ)
سُئل شيخنا رحمه الله:وُجِدهذه السنة في الرياض من يعتكف من النساء، فما رأيكم؟
فأجاب: لا أرى هذا، حيث يؤدي إلى المباهاة والتكاثر من النساء. وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه من الاعتكاف لما خشي ذلك.
`مسألة: (283) (13/ 10/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله: هل للمعتكف أن يشترط أن يخرج كل ليلة للحسبة، للحاجة إليه؟
فأجاب: لا أرى هذا. لأن هذا يفوت ما من أجله شرع الاعتكاف، وهو قيام ليلة القدر والتعبد بما كان النبي r يتعبد به.
`مسألة: (284) (9/ 10/1420هـ)
سُئل شيخنا رحمه الله: نُقل عنكم أنكم أشرتم إلى غرفة الإمام في الجامع الكبير، بالقول: إنني لو اعتكفت لم أعتكف في هذه الغرفة!؟
فأجاب: السبب أنها أقيمت على بقعة ليست من أرض الجامع القديم، بل من الإضافة التي ألحقت به من "القصر"، وجعل فيها دورة مياه.
`مسألة: (285) (4/ 11/1419هـ)
سألت شيخنا رحمه الله:ما الجواب عن الإشكال فيما ورد من صفات ليلة القدر الثابتة من كونها لا حارة ولا باردة، وبلجة مضيئة .. ونحو ذلك مع اختلاف الأماكن والطقوس؟
فأجاب: وقد ظهر عليه حِدَّة وقال: نقبل ما جاءت به السنة، كما نقبل ما ورد من نزول الرب إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل مع أن ثلث الليل لا تخلو منه الأرض.فسألته: لكن صفات النزول الإلهي من مسائل الصفات الغيبية، وأما صفات ليلة القدر فمدركة؟
فأجاب: لا فرق. تلك صفات الله، وهذا كلام الله. فمَن وجدت عنده تلك الأوصاف فهي ليلة القدر في حقه، كما أنها تكون عند قوم، وآخرون لا يزالون في النهار.
```
(1) وقد ذكر أحد الإخوان أن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ سُئل في "سؤال على الهاتف" عن رجل جامع أهله في كل يومٍ من رمضان الفائت فألزمه بثلاثين كفارة، فصوبه شيخنا، وجزاه الله خيراً، وقال: هذا الذي ينبغي أن يفتى به ليرتدع الناس عن انتهاك حرمات الله. وذكر القول الآخر في المسألة في أن كفارة واحدة تكفي وقال لا ينبغي أن يُفتى به. (11/ 11/1419هـ)
============================== ========
رابط كتاب (ثمرات التدوين) للشيخ أحمد القاضي - وفقه الله - كاملًا ومرتبًا على الأبواب الفقهية.
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/thmraat.rar[/URL (http://[URL]http://www.almeshkat.net/books/archive/books/thmraat.rar)](/)
في الدعاء على الغير .. هل يُرَدُّ على صاحبه؟
ـ[الورقات]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 05:17]ـ
إذا دعا رجلٌ على آخر هل يُرد الدعاء عليه لأي سبب من الأسباب؟ كأن يكون المدعو عليه لا يستحق ذلك الدعاء أو غير ذلك من الأسباب.
ـ[ايمان نور]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 06:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
ومع السؤال ياأهل الخير أفيدونا
هل يجوز الدعاء على أحد الوالدين
وبارك الله فيكم.
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 07:32]ـ
لطالما هذا السؤال حيّرني!
وكذلك لو أنه صادف وقت إجابة، كما أن يدعو الوالد على ولده فيستجاب دعاؤه - مع أنه إثم - فهل يُستجاب دعاء كل من دعا في مواطن استجابة الدعاء؟!
أنتظر مشاركة الإخوة الأكارم ..
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 07:35]ـ
أخي المكرم:
هل تسمح لي بنقله إلى ملتقى أهل الحديث، لأرى أيضا رأي المشايخ والإخوة الأفاضل في هذه المسألة؟!
ـ[الورقات]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 11:46]ـ
نعم انقليه بارك الله فيك وضعي لنا الرابط هنا غير مأمورة.
أما دعاء الوالدين فهذه مسألة أخرى، وحسب ما أعلم أنها دائما أو غالبا تُستجاب،إذا كانت ((على)) الأبناء، لا للأبناء، وهذا ورد في حديث من الدعوات التي لا تُرد ((دعوة الوالد على ولده)) ولا يحضرني نص الحديث،
ووالله دعاء الوالدين على الأبناء هذا خطير جدا، ينبغي على الوالدين أن يتقوا الله ويتقوا الدعاء على أبنائهم، كم من الأبناء مات وكم شُل وكم حصلت له الأمور السيئة من مرض أو حادث أو غيره بسبب دعاء أحد الوالدين!
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[12 - Aug-2009, صباحاً 09:24]ـ
جزاكم الله خيرا، ورفع قدركم ..
وهذا رابط الموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1097212#post1 097212
ـ[الورقات]ــــــــ[13 - Aug-2009, مساء 09:24]ـ
يُرفع
ـ[حارث البديع]ــــــــ[13 - Aug-2009, مساء 11:16]ـ
هذه بعض النقاط على بعض الحروف:
-الدعاء للمسلم بالخير مندوب
-الدعاء على المسلم بمصيبة لأنه ظلمهُ جائز
-الدعاء على المسلم (متأولا) أنه ظلمه ويغلب على ظنه ولم يكن حقا
ظلمه فنرجو الله تعالى ان يغفر له
-الدعاء بإثم مردود
-والدعاءعلى الغير من غير وجه حق
لااعلم دليلا في انها ترد عليه
ولكني احسبه من الظلم والله تعالى ناصر المظلومين
اتمنى ان اكون قد اسهمت في توضيح بعض النقاط
وبالله التوفيق.
ـ[الورقات]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 05:02]ـ
نعم قد أسهمت، جزاك الله خير(/)
تسمية الاولاد بالإسماء المركبة
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 07:35]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رزقت قبل خمسة أيام بطفل سليما معافا ولله الحمد والمنة سميته على بركة الله: محمد إبراهيم،،فانكر عليا أحد الإخوة بان الأسماء المركبة جاء النهي فيها او انها محدثة -شيء من هذا القبيل-ووجهني لكتاب للشيخ بكر بو زيد-رحمه الله- الذي يحرم هذه الأسماء المركبة
أرجوا من طلبة العلم توضيح هذه المسألة وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 08:02]ـ
/// وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
/// بورك في الموهوب وشكرت الواهب ورزقت بره وبلغ أشده.
اللهم اجعله من حماة التوحيد وحملة العلم.
وجعله الله قرة عين لك.
/// بالنسبة لكلام الشيخ بكر رحمه الله على "الكراهة" وليس "التحريم".
قال الشيخ بكر في معجم المناهي:
وتُكرهُ التسميةُ بالأسماءِ المركَّبِةِ؛ مثل: محمَّد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلاً هو الاسم، ومحمدُ للتبرُّك ..... وهكذا.
وهي مدعاةٌ إلى الاشتباهِ والالْتباسِ، ولذا لم تكُنْ معروفةً في هدْيِ السَّلف، وهي مِن تسمياتِ القُرونِ المُتأخِّرةِ؛ كما سبقتِ الإشارةُ إليه. انتهى كلام الشيخ بكر.
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 08:11]ـ
وينظر:
http://www.islamweb.net/VER2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=98369&Option=FatwaId
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=99&parent=3107
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[12 - Aug-2009, صباحاً 07:33]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 12:21]ـ
وينظر:
http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/showfatwa.php?lang=a&id=98369&option=fatwaid
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=99&parent=3107
حفظك الله أخي عبد الله،والله أسأل أن تكون من حماة الدين
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 12:25]ـ
حفظك الله أخي عبد الله،والله أسأل أن تكون من حماة الدين
آمين ...
وإياكم أخي الكريم ...(/)
هل يثاب المجنون بفعل الخير؟
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 10:46]ـ
من المعلوم أن الصبي يثاب بفعله للخير و دليل ذلك حديث الخثعمية في حج الصبي و من المعلوم أيضا أن المجنون رفع عنه القلم فهل يؤجر المجنون بفعله للخير كما يؤجر الصبي؟
ـ[ايمان نور]ــــــــ[13 - Aug-2009, مساء 09:11]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
فى إنتظار فائدة الإخوة الأفاضل
وهذه فائدة لحين الإضافة
http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=98334&postcount=18
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 06:41]ـ
يوجد كلام رائق جميل مستوفي إن شاء الله للموضوع في كتاب (درر الحكام شرح مجلة الأحكام) فانظره ففيه خير.(/)
هل سفر الرياضي لحضور مسابقات رياضية يبيح له الإفطار في رمضان؟
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[11 - Aug-2009, مساء 11:24]ـ
هل سفر الرياضي لحضور مسابقات رياضية يبيح له الإفطار في رمضان؟
ذهب جمهور العلماء إلى منع الرخصة في سفر المعصية فهل سفر الرياضي لمثل هذه اللقاءات سفر مباح أو سفر معصية؟ الملاحظ ان هذه اللقاءات تتم عند الغرب و فيها تقليد للكفار و السفر إليها لا حاجة له فما رأي الاخوة في افطار الرياضيين في مثل هذا السفر؟
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[12 - Aug-2009, صباحاً 05:43]ـ
الغالب اختلاط هذه الألعاب بالمنكرات من ترك الصلاة والاختلاط والسفر إلى بلاد الكفر وغير ذلك، وما كان كذلك فهو محرم. فيدخل في سفر المعصية. والله أعلم.
وفقك الله لما يحب.
ـ[أبوالفضل المطاع]ــــــــ[25 - Aug-2009, مساء 01:22]ـ
لقد أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز إفطار لاعبي كرة القدم أثناء المباريات الرسمية التي لا يمكن اعتذار اللاعبين عنها، معتبرة أن اللاعب “المرتبط بعقد مع ناديه مثله مثل الأجير الملزم بأداء عمل معين، وفي حالة تأثر العمل بالصوم فإن له رخصة للإفطار”، بينما رفضت إجازة الإفطار بسبب التدريبات·
وقالت الدار في فتوى لها: “اتفق العلماء على أنه يجوز الفطر للأجير أو صاحب المهنة الشاقة الذي يعوقه الصوم أو يُضعِفه عن عمله، كما نُصَّ على ذلك في فقه الحنفية على أن من آجر نفسه مدة معلومة -وهو متحقق هنا في عقود اللعب والاحتراف- ثم جاء رمضان وكان يتضرر بالصوم في عمله فإن له أن يفطر وإن كان عنده ما يكفيه”·
http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=291347&pg=7
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[25 - Aug-2009, مساء 01:54]ـ
أصل عمل الرياضي غير مباح فما بنيت عليه هذه الفتوى خاطئ اذن نتيجتها خاطئة حتما فالرياضي يمكنه تغيير عمله و ليس مجبرا أن يتقوت من الرياضة مع كل ما فيها من المنكرات و ثانيا اغلبهم اغنياء فلديهم من المال ما يكفيهم لترك هذا العمل و الله أعلم
ـ[التبريزي]ــــــــ[25 - Aug-2009, مساء 02:15]ـ
يجوز الفطر للأجير أو صاحب المهنة الشاقة الذي يعوقه الصوم أو يُضعِفه عن عمله، كما نُصَّ على ذلك في فقه الحنفية على أن من آجر نفسه مدة معلومة -وهو متحقق هنا في عقود اللعب والاحتراف-
صاحب المهنة الشاقة للعمل المتعارف عليه شيء، واللعب من اسمه يكفي تعريفا له!!
العمل الذي يُستفاد منه في تبادل المصالح بين الناس وطلب الرزق منه شيء، واللعب ما هي فائدته؟
تعليقي ليس اعتراضا على فتوى دار الإفتاء المصرية!! ولكن أنا متأكد لو عُرضت الفتوى على دار فتوى غير مصرية فستكون الفتوى على النقيض ...
ـ[المقدسى]ــــــــ[26 - Aug-2009, صباحاً 11:19]ـ
المسألة تحتاج تفصيل وبحث للوصول للرأى السديد
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Aug-2009, مساء 08:12]ـ
بغض النظر عن الرياضة و ما فيها من منكرات
فالعلماء مختلفون في المسافر لمعصية هل يترخص برخص السفر (الجمع و القصر و الفطر و الزيادة في المسح)
قيل يترخص لأنه مسافر و المعصية شيء و السفر شيء آخر و قيل لا يترخص لأنه يستعين على المعصية و رجح شيخنا ابن عقيل الأول
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[26 - Aug-2009, مساء 08:40]ـ
بالطبع القول الثاني ارجح لأن الفطر سيساعده على المعصية و ذلك ظاهرلأن هذا السفر ليس ملزما به و فيه من المعاصي الكثير و الله أعلم
ـ[أبوالفضل المطاع]ــــــــ[30 - Aug-2009, صباحاً 11:54]ـ
ماذا لو كان الناس جميعا لاعبي كرة قدم؟؟
هل سيسقط رمضان .. على الأمة ..
وما رأي دار الفتوى في مسألة قضاء الصيام بالنسبة للاعبين، مع أنهم طوال العام يمارسون اللعب فهل عليه فدية أم يسقط البتة؟
أم عليه أن يقضوا في مرحلة التقاعد ...
ـ[أبو أحمد العنزي]ــــــــ[31 - Aug-2009, صباحاً 04:49]ـ
ماذا لو كان الناس جميعا لاعبي كرة قدم؟؟
هل سيسقط رمضان .. على الأمة ..
وما رأي دار الفتوى في مسألة قضاء الصيام بالنسبة للاعبين، مع أنهم طوال العام يمارسون اللعب فهل عليه فدية أم يسقط البتة؟
أم عليه أن يقضوا في مرحلة التقاعد ...
الله يبارك فيك الخلاف ليس لكونهم لاعبي قدم فقط ... بل لكونهم مسافرين والمسافر يجوز له الفطر .. وهل سفرهم معصية أو لا .. فإن لم يكن معصية فلا مانع من فطرهم وإن كان معصية ففي فطرهم خلاف بين العلماء كما في الرد رقم 7.
ـ[أبوالفضل المطاع]ــــــــ[31 - Aug-2009, مساء 01:24]ـ
الله يبارك فيك الخلاف ليس لكونهم لاعبي قدم فقط ... بل لكونهم مسافرين والمسافر يجوز له الفطر .. وهل سفرهم معصية أو لا .. فإن لم يكن معصية فلا مانع من فطرهم وإن كان معصية ففي فطرهم خلاف بين العلماء كما في الرد رقم 7.
نعم، نعم، ولكني أستفسر استناداً على فتوى دار الإفتاء المصرية ... التي أباحت الفطر للاعبي الكرة ولم تذكر سفراً ولا إقامة .. -لمجرد كونهم يلعبون إحدى المباريات- المذكورة أعلاه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمر الفهيدي]ــــــــ[31 - Aug-2009, مساء 01:56]ـ
هزلت وكلاها بدت
زمان رأينا فيه كل العجائب وأصبحت الأذناب فوق الذوائب
عالم يدعو بدعوى جاهل وليوث الحرب ترجو الأرنبا
ـ[أحمد الصوابي]ــــــــ[01 - Sep-2009, مساء 03:43]ـ
أفتى الشيخ فرحات المنجي، وهو من كبار علماء الأزهر والمشرف العام السابق على مدينة البعوث الاسلامية، بعدم جواز إفطار اللاعبين في نهار رمضان، ووصف عدم صومهم بأنه "قلة أدب".
وكانت دار الإفتاء المصرية قد أجازت الاسبوع الماضي إفطار لاعبي المنتخب المصري لكرة القدم خلال لقائه مع رواندا في 5 سبتمبر المقبل ضمن الدور الثاني لتصفيات المجموعة الإفريقية الثالثة المؤهلة لكأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، حيث ستقام المباراة نهاراً وأثناء فترة الصيام.
ولاحقاً أوضح الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أن الفتوى التي تناولتها الصحف أخيراً بشأن أفطار لاعبي كرة القدم لم تصدر من الدار مخصوصة للاعبي المنتخب القومي أو لأي فريق آخر، وإنها صادرة عن الدار منذ عام 2008، لافتاً إلى الفتوى تقوم على التجريد والعمومية والنظر إلى الواقع المحيط، خاصة أن كرة القدم في الوقت الحالي أصبحت أكل عيش وعملاً يحكمه عقود ولوائح وانتفت عنها الهواية كما في السابق.
إلا أن الشيخ الأزهري فرحات المنجي قال لـ"العربية. نت": "إن الله حينما فرض الصيام فرضه على المسلم البالغ والقادر على الصوم، وحينما أجاز لنا الافطار فقد أجازه للمريض والمرضع والحائض ولم يرد إباحة الافطار للاعبي الكرة".
وأضاف "أما التعليل بإباحة الافطار على أساس السفر فإنني لا أستطيع أن أخالف النص الصريح في القرآن الذي يبيح للصائم المسافر أن يفطر، ولكن القضية أكبر وأخطر من ذلك".
وتابع الشيخ فرحات المنجي: "ما يحدث من وراء الكواليس بشأن إباحة إفطار اللاعبين ليس له علاقة برخصة الافطار عند السفر، ولكنه متعلق بكوننا أمة مسلمة يجب أن يحترم دينها، فلو اجتمعت الدول الاسلامية المشاركة في هذه البطولة، وطلبت تأجيل أو تقديم المباريات عن شهر رمضان، وتم تعريف المنظمين للدورة بأن شهر رمضان من الشهور المقدسة للمسلمين لما تحايلنا على ديننا من أجل إصدار مثل تلك الفتوى".
واستدرك الشيخ فرحات "لكن للأسف نحن هان علينا ديننا فهُنّا على غيرنا، وأتحدى لو أن فريقاً إسرائيلياً شارك في هذه الدورة وتصادف موعد مباراته يوم السبت مثلاً، أتحدى أن يلعب الفريق الاسرائيلي في هذا اليوم، بل سيتم تعديل جدول المباريات خصيصا لهذا الفريق".
المصدر: العربية
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[01 - Sep-2009, مساء 09:02]ـ
الله يبارك فيك الخلاف ليس لكونهم لاعبي قدم فقط ... بل لكونهم مسافرين والمسافر يجوز له الفطر .. وهل سفرهم معصية أو لا .. فإن لم يكن معصية فلا مانع من فطرهم وإن كان معصية ففي فطرهم خلاف بين العلماء كما في الرد رقم 7.
أحسن الله إليك ... وفي توقيعي مزيد فوائد.(/)
المال المسروق ........ ؟؟؟؟
ـ[عبدالله شفيق السرحي]ــــــــ[12 - Aug-2009, صباحاً 04:19]ـ
السلام عليكم
المال المسروق الذي لا يعرف صاحبه قال اهل العلم أنه يتصدق به
السؤال: هل يجوز أن يتصدق على أهله الفقراء
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[12 - Aug-2009, صباحاً 05:29]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجري عليه أحكام الصدقة.
وعليه: فالأقربون أولى بهذه الصدقة، إن لم تجب عليك نفقتهم، والله أعلم.
يؤيده: لو أنك عرفت صاحب المال المسروق فإنك تخيره بين أجر الصدقة وبين إرجاع المال، فإن طلب ماله وجب عليك أن تعطيه، ويكون أجر الصدقة لك.
وفقك الله لما يحب.
ـ[عبدالله شفيق السرحي]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 01:42]ـ
جزاك الله خيرا
ولكن هل من تدليل او كلام لاهل العلم فى هذا
لانى اري أنه بهذا ينفق على نفسه لانه يناله بعض النفع من ذلك
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 05:51]ـ
أستغفر الله وأتوب إليه.
لم أفهم السؤال جيدا. وأتراجع عن كلامي السابق.
وعذرا أخي.
هل تقصد بالمال المسروق: أي الذي سرقه فلان ثم تاب وأراد أن يرجع المال إلى صاحبه فلم يجده؟ أرجو التوضيح.
إذا كان كذلك فكيف عرفت أنه يتصدق به؟ يعني هل يتصدق به أم يتخلص منه؟(/)
حتى يقبل الله صيامنا
ـ[عبد الحكيم المغربي]ــــــــ[12 - Aug-2009, مساء 04:10]ـ
حتى يقبل الله صيامنا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على البشير النذير نبي الرحمة وخاتم المرسلين.
أما بعد:
إنها لمناسبة عظيمة، مناسبة هذا الشهر العظيم، شهر القرآن الكريم، أغتنمها فرصة كي أقدم فيها للصائمين هدية من البشائر، عبارة عن باقة من الأحاديث، تبعث فيهم النشاط، وتنسيهم ألم الجوع والعطش، تفوح مسكا يذهب بخلوف الأفواه، وتحمل لهم من الثواب ما يحدو الهمم، فيتلذذون بالألم، ويودون لو أن أيامهم كلها صيام.
فأول هديتي إليهم ما صح في الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول: (كل حسنة يعملها ابن آدم تضاعف عشرا إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به يدع شهوته من أجلى ويدع طعامه من أجلى) [1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn1) ، وعن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، قال: (عليك بالصوم فإنه لا مثل له) [2] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn2)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار بذلك اليوم سبعين خريفا [3] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn3)( ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) [4] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn4)، وأخبرعن الجنة يصف أبوابها فقال صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد) [5] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn5)، وأقسم صلى الله عليه وسلم قائلا: (والذي نفسي بيده لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) [6] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn6)، وقال صلى الله عليه وسلم: (للصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه) [7] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn7).
إنها فرحة الانتصارعلى النفس والشيطان، والفرحة بالتوفيق إلى إكمال العمل، فرحة لايذوقها إلا من علم أنه لاحول ولا قوة إلا بالله، فيرى فضل ربه عليه وهو ينظر إلى المخذولين من عبيد الشهوات، منهم من انقطع به السير في الطريق، ومنهم من أتمه بالسخط والضجر، أما الصائم الحق ففي نشوة فرحته، وهو يتشوق إلى الفرحة الكبرى، يرجو ثواب ربه، كما وعده على لسان نبيه، لايشك في ذلك أدنى شك ولا يرتاب فيه، لكن قلبه في وجل من نفسه، يخاف ألا يتقبل منه، لخلل في عمله، أو مانع أتى به، يذكر ذلك وهو يتلو قول الله عز وجل ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ))، فهل تراك أخي الصائم من المتقين؟ تعمل العمل وأنت تخاف ربك، أم أنك تمن به عليه؟ أم اتخذت عهدا بقبوله؟ أم أنك أفضل من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حين كانا يرفعان قواعد أعظم بيت على الأرض وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ويرحم الله وهيب بن الورد [8] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn8) إذ يقرأ قول الله تعالى: ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا)) ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مُشْفق أن لا يتقبل منك.
استسمحك أخي الصائم، فإني لاأريد أن أنزع باقة البشائر من بين يديك، ولا أن أكسر رجاءك، ولكني أخاف عليك قول الله تعالى: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)))، قال ابن عباس: تخشع ولا ينفعها عملها، وقوله: (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) أي: قد عملت عملا كثيرا، ونصبت فيه، وصَلِيَت يوم القيامة نارا حامية [9] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn9).
(يُتْبَعُ)
(/)
اعلم أخي الصائم أن الله لايظلم مثقال ذرة، ولكن لقبول العمل شروط فهل استوفيتها؟ وله محبطات فهل اجتنبتها؟ وهذا باب في الفقه كبير ليس هذا موضع استيفائه، إنما هي كلمة عاجلة أريد التنبيه فيها على بعض الأمور التي قد يقع فيها كثير من الصائمين، فيذهب ذلك ببعض ثوابهم، إن لم يذهب به كله، فيصبح العمل هباء منثورا، أو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.
فأول ما أخافه عليك أخي: الوقوع في الشرك من حيث تدري أو لا تدري، فيحبط عملك وأنت لاتشعر، ألم تسمع قول الله تعالى ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ))، وقال عن أنبيائه، وهم خيرة خلقه: ((وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))، وإن من أنواع الشرك التي ابتلي بها أهل زماننا كما ابتلي بها من كان قبلهم، الذهاب عند العرافين والكهان، بل أصبحت لهؤلاء في زماننا عناوين تنشر على صفحات الجرائد، وقنوات فضائية خاصة، فليعلم كل مسلم، وأخصك بالذكرأخي الصائم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) [10] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn10)، وذكر العلامة المناوي في فيض القدير عند شرح هذا الحديث قول بعض أهل العلم: "وخص الصلاة لكونها عماد الدين فصومه كذلك"،وفي حديث آخر (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) [11] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn11)، واعلم أخي أن ما يسمى بالأبراج التي تنشرها بعض الجرائد ليطالعها ضعاف النفوس يتنبؤون بها عن مستقبلهم، هي من الكهانة كذلك [12] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn12).
وإن مما يمنع قبول العمل شرب الخمر التي عمت بها البلوى حتى شربها الصغير والكبير، علانية وجهارا، فاحذر أخي أن تكون منهم، فيذهب عملك سدى، ولاينالك منه إلا التعب، فقد قال كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب لم يتب الله عليه و سقاه من نهر الخبال) [13] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn13)، قال المبركفوري عند شرح هذا الحديث في سنن الترمذي:" قيل إنما خص الصلاة بالذكر لأنها أفضل عبادات البدن فإذا لم تقبل منه فلأن لا تقبل منه عبادة أصلا كان أولى".
ومن المحرمات التي تمنع قبول العمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل) [14] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn14)، هذا في التي خرجت للمسجد، فكيف بالتي تتزين قدر ماتستطيع وتتطيب ثم تقصد الأسواق و تجمعات الرجال لغير ضرورة إلا بقصد فتنة الرجال وإثارة الفتن، ثم هي بعد ذلك تدعي أنها صائمة تقية، فعن أي تقوى تتحدثين يا أختاه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، و كل عين زانية) [15] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn15).
فإذا كان ارتكاب بعض المحرمات يمنع من قبول بعض الطاعات التي هي من أركان الإسلام، فكيف بمن ترك ركنا من هذه الأركان ولا سيما أعظمها وهو الصلاة، أليس الذي أمرنا بالصيام هو الذي أمرنا بالصلاة، أم نسي هذا الصائم التارك لصلاته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج) [16] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn16)، يقول ابن رجب رحمه الله: واعلم أن هذه الدعائم الخمس بعضها مرتبط ببعض، وقد روي أنه لا يقبل بعضها بدون بعض ... فمن قام بهذه الأركان على وجهها حصل له القبول بهذا المعني ومن أتى ببعضها دون بعض لم يحصل له ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن كان لا يعاقب على ما أتى به منها عقوبة تاركه [17] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn17).
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله و إن فسدت فسد سائر عمله) [18] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn18)
هذه إشارات إلى بعض الأمور التي جاء التصريح بها في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فإن المقصد الأساس من فرض الصيام هو تقوى الله عز وجل كما ذكر في كتابه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) [19] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn19)، وهذا مثل قول الله تعالى: ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ))، يقول الشيخ ناصر السعدي عند هذه الآية:" وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه".
فإياك أخي الصائم أن يكون صيامك مجرد إمساك عن الطعام والشراب من الطيبات، والخمرأم الخبائث لا تزال تجري في دمك، ولسانك يأكل من أعراض الناس نهارا، وتفطر على أموال الحرام مساء؛ تمسك شهوتك عن زوجتك في بيتك، وتطلق العنان لبصرك وراء النساء في الخارج.
وإن وفقت في عملك، وجنبك الله المحبطات، وأنت ترجو قبوله، فاحرص على حفظه، فإنه رأس مالك، وزادك ليوم لا درهم فيه ولادينار، فاحذر أن تبور تجارتك، ويغلب ديْنك على أرباحك، فتكون من المفلسين الذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لأصحابه رضي الله عنهم: (أتدرون ما المفلس؟)، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: (إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) [20] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn20).
وقبل أن أختم كلامي، لابد أن اشير إلى أن ما سبق ذكره من أحاديث في عدم قبول العمل، إنما المقصود منها نفي الثواب والأجر ورضى الرب، أما صحتها فهي صحيحة لايطالب فاعلها بإعادتها [21] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_edn21) ، وهوخير ممن لم يقم بها أصلا، ومن اتقى الله وأصلح فيما بقي، وندم على ما مضى، وأطاع الله ورسوله لم يضيعه الله في شيء من عمله كما قال تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
والله أسأل لي ولك ولجميع الصائمين، أن يوفقنا إلى صالح الأعمال، ويجعلها خالصة لوجهه لاشريك له فيها، وأن يؤتينا ما وعدنا على لسان نبيه، ولايخزينا يوم القيامة، إنه لايخلف الميعاد.
أبو عبد الغفور
[1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref1) صحيح مسلم، انظر حديث رقم: 4538 في صحيح الجامع.
[2] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref2) انظر حديث رقم: 4044 في صحيح الجامع.
[3] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref3) البخاري ومسلم والترمذي والنسائي واللفظ له وابن ماجة، وانظر حديث رقم: 6334 في صحيح الجامع.
[4] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref4) البخاري ومسلم.
[5] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref5) البخاري ومسلم.
[6] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref6) البخري ومسلم.
[7] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref7) البخاري ومسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
[8] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref8) من كبار أتباع التابعين، وكان من العباد المتجردين لترك الدنيا و المنافسين فى طلب الآخرة، و كانت له أحاديث و مواعظ و زهد، كان الثورى إذا حدث الناس و فرغ من الحديث، قال: قوموا بنا إلى الطبيب، يعنى وهيب بن الورد؛ وقيل له: يجد طعم العبادة من يعصى الله؟ قال: لا، و لا من يهم بمعصية؛ توفي سنة: 153هـ.
[9] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref9) انظر تفسير ابن كثير.
[10] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref10) مسلم، وانظر حديث رقم: 5940 في صحيح الجامع.
[11] انظر حديث رقم: 5939 في صحيح الجامع.
[12] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref12) ومما تحسن الإشارة إليه في هذا الباب ماذكره الشيخ الألباني أثناء تعليقه على الحديث رقم: 2918 من السلسلة الصحيحة قائلا: و لكنني من جانب آخر أنكر أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة، و يتخذون استحضار الجن و مخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين و المصابين بالصرع ... (إلى أن قال رحمه الله) ... و هو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى: (و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)، فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا - أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟ مسلم أم كافر؟ و صدقه المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده، فقد شملهم جميعا وعيد قوله صلى الله عليه وسلم: " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد"، و في حديث آخر: " .. لم تقبل له صلاة أربعين ليلة "، فينبغي الانتباه لهذا، فقد علمت أن كثيرا ممن ابتلوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن هذه الحقيقة، فأنصحهم - إن استمروا في مهنتهم - أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اخرج عدو الله "، مذكرا لهم بقوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)، و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله. انتهى كلامه رحمه الله.
[13] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref13) انظر حديث رقم: 6312 في صحيح الجامع.
[14] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref14) انظر حديث رقم: 2703 في صحيح الجامع، ورقم1031 في السلسلة الصحيحة.
[15] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref15) انظر حديث رقم: 2701 في صحيح الجامع.
[16] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref16) البخاري ومسلم واللفظ له، حديث رقم:16.
[17] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref17) جامع العلوم والحكم.
[18] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref18) انظر حديث رقم: 2573 في صحيح الجامع.
[19] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref19) البخاري، وانظر حديث رقم: 6539 في صحيح الجامع.
[20] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref20) صحيح مسلم، انظر حديث رقم: 87 في صحيح الجامع.
[21] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ednref21) [21] قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم في معنى عدم قبول صلاة من أتى عرافا: وأما عدم قبول صلاته فمعناه أنه لا ثواب له فيها وإن كانت مجزئة فى سقوط الفرض عنه ولايحتاج معها إلى إعادة ... فان العلماء متفقون على أنه لايلزم من أتى العراف إعادة صلوات أربعين ليلة فوجب تأويله والله أعلم. وانظر كذلك جامع العلوم والحكم: شرح الحديث الثالث.
ـ[ابواسحاق]ــــــــ[17 - Aug-2009, صباحاً 12:56]ـ
جزاك الله خير ونفع بك وجعله فى ميزان حسناتك(/)
هل كان ابن عمر يصوم شهر رجب؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[12 - Aug-2009, مساء 05:18]ـ
في صحيح مسلم قال رحمه الله:
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خالد بن عبد الله عن عبد الملك عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر وكان خال ولد عطاء قال
اَرْسَلَتْنِي اَسْمَاءُ اِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ بَلَغَنِي اَنَّكَ تُحَرِّمُ اَشْيَاءَ ثَلاَثَةً الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ وَمِيثَرَةَ الارجوان وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ. فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ اَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الأَبَدَ وَاَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ فَاِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " اِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ ".
فَخِفْتُ اَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ وَاَمَّا مِيثَرَةُ الارجوان فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ اللَّهِ فَاِذَا هِيَ اُرْجُوَانٌ.
قال النووي رحمه الله:أما جواب ابن عمر في صوم رجب فإنكار منه لما بلغه عنه من تحريمه , وإخبار بأنه يصوم رجبا كله , وأنه يصوم الأبد. والمراد بالأبد ما سوى أيام العيدين والتشريق , وهذا مذهبه ومذهب أبيه عمر بن الخطاب وعائشة وأبي طلحة وغيرهم من سلف الأمة ومذهب الشافعي وغيره من العلماء أنه لا يكره صوم الدهر , وقد سبقت المسألة في كتاب الصيام مع شرح الأحاديث الواردة من الطرفين.(/)
سؤال عاجل يا شيخنا الفاظل
ـ[جهاد دويكات]ــــــــ[12 - Aug-2009, مساء 06:40]ـ
اريد ان اشتري قطعة ارض من انسان اخر بقيمة 7.5 الاف دينار
وكان من شروط البيع انه اذا تراجع اي طرف من الاشخاص (البائع -المشتري) عن عملية البيع فأنه يدفع مبلغ 20000 دينار كشرط جزاء.
هل يجوز كتابة هذا الشرط؟
في حال كان نعم ارجو التفصيل اكثر
وجزاكم الله خيرا
ـ[جهاد دويكات]ــــــــ[13 - Aug-2009, مساء 01:12]ـ
اين الاجابة ساعدوني(/)
الإيضاح والبيان في الرد على رسالة العبيكان
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:16]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد
لا أظنك أخي القارئ بعد البحث المضني ستجد من أهل السنة والجماعة من ألّف في علاج السحر بالسحر والشعوذة كما فعل الشيخ عبدالمحسن العبيكان في رسالته الصارم المشهور .. وقد فرح السحرة والمشعوذون بهذا الصارم حتى جالدوا به موحدي الإسلام , وقد ذكروا أنهم وجدوا من هو أهدى من هؤلاء المتشددين سبيلا يفتيهم بجواز أن تشرع أبواب السحر والشعوذة , باسم حل السحر بالسحر ضرورة.!!
ليست القضية في انتشار السحر بين أطياف الجهلة والرعاع فإن ذلك ليس بمستغرب , إنما المستغرب أن تكون الفتوى الشرعية من بعض المنسوبين إلى العلم الشرعي هي الداعم الأكبر , بل والمناضل الأول ضد من يمنع من إتيان السحرة , في مخالفة صريحة لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
من يتحمل مسؤلية هذا الزخم الهائل من إقبال كثير من المنتسبين للإسلام على السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين وغيرهم عبثا لا حاجة ولا حتى ضرورة .. ؟
وفي الظن أن طارح مثل هذا الموضوع إما أنه لا يفقه ما يحتاجه الناس من ضرورات القضايا العقيدة أو الفقهية التي هم بأمس الحاجة لمعرفتها , وقد أشغلهم بغيرها , أو أن المسألة باتت تعصبا للهوى , وشهوة خفية لا أكثر.
فإن أحسنّا الظن قلنا إن بعض الصحف والقنوات احتاجت لسد فراغ بعض الأماكن , أو أنها كسدت ماليا و إعلاميا , فاضطرت إلى أن تبحث عن غرائب الأقوال والأشخاص .. لتزيد من حجمها ومتابعيها.!!
على كل حال موضوعنا هو الحديث عن خطأ الشيخ عبدالمحسن العبيكان في تصويره لمسألة حكم الشرع في حل السحر بسحر , وقد حاول فيها أن يلوي أعناق النصوص , ويلبس بأقوال الأئمة إما قصدا أو عن سوء فهم , وقد اطلعت على رسالته تلك في موقعه وسَمَها بالصارم المشهور على من أنكر حل السحر بسحر عن المسحور , فأنت تراه سمّى رسالته بهذا الاسم المموه بالصرامة مع استنكاره أن يصدر من البعض التعنيف على المخالف وعدم احترم الرأي الآخر أو الاجتهاد.
فهاهو سل صارمه على علماء الأمة بمجرد إنكارهم لقوله الشاذ الباطل , فهل هذا من احترام الرأي المخالف , وقد وصف من ينكر عليه قوله هذا بالسفاهة وقلة العلم.؟
ومع ذلك يقول إن رسالته طرح مؤصل قوبلت بالإعجاب والتأييد .. !
أي تأصيل في إباحة السحر الشعوذة وفتح باب الشركيات بوصفة إسلامية؟!
أليسوا اليوم هم بأشد الحاجة – بعد أن حورب قولهم - لأن يصفوا هذا السحر بـ (الشعوذة الإسلامية) ليكون ذلك ادعى للقبول.!
أليس لنا في تاريخ مخرفي الصوفية أسوة حسنة لكي نفهم حقيقة تلك المسميات التي موهوا به على البسطاء , حتى صار المجنون بتلك المسميات من خير أولياء الله عندهم.!!
ولهذا جاءت هذه الوقفات المختصرة لنبين فيها أن العبيكان هدانا الله وإياه للصواب - لم يوفق للقول الصواب في مسألة حل السحر كما سوف نبين من تضارب أقواله , ولم يوفق في توقيت طرح هذه المسألة , بل لم يصب في تأليف رسالة خاصة في مثل هذه القضية الحساسة.
وقد جاءت الوقفات كالتالي:
الوقفة الأولى: في الاعتداد بالخلاف دون النص
الوقفة الثانية: في ضعف العبيكان في عرض المسألة , وفيها:
1 – ضعف أدلته , والجواب عليها.
2 – ضعف تقصيه لأدلة وأقوال مخالفيه.
الوقفة الثالثة: في نقل الإجماع على المنع من التداوي بالشرك والكفر.
الوقفة الرابعة: في نقولات العبيكان لأقوال الأئمة وخلطه في ذلك , وفيها:
1 – تضاربه في نقل قول احمد.
2 – خلطه في نقل قول ابن حجر.
3 – التلبيس في نقل كلام ابن القيم.
4 – توجيه ما نقل عن الشيخ ابن عثيمين.
الوقفة الخامسة: في دعوى الضرورة.
الوقفة السادسة: في توجيه كلام سعيد بن المسيب وغلط العبيكان في فهمه له.
الوقفة السابعة: في نقله عن الشيخ الألباني.
الوقفة الثامنة: جواب عن تساؤل العبيكان.
الوقفة التاسعة: تصديق الساحر ضروري لحل السحر
الوقفة العاشرة: تنبيهان.
والحمد لله أولا وأخرا ..
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:28]ـ
الوقفة الأولى
الاعتداد بالخلاف دون النص
(يُتْبَعُ)
(/)
طرح العبيكان في ثنايا رسالته أن هذا القول الذي انتصر له هو قول للحسن وأحمد وابن حجر وغيرهم - مع أنه أخطأ حتى في النقل عنهم كما سوف يأتي إن شاء الله - وقد كانت نقمته على مخالفيه – فيما يظهر - لا لوجود نص لديهم من كتاب أو سنة , بل لأنه ظن أن القول الذي قال به هو عبارة عن مسألة خلافية فلماذا ينكر عليه.!
مع أن الواقع يقول إنه لا يعتمد على الخلاف إلا أحد رجلين:
إما مقلد , وهذا عليه ألا يفتي , إذ الفتوى مع أصحاب النصوص المجتهدين.
أو جاهل , وهذا عليه أن يفقه نفسه قبل أن يناظر غيره.
إذاً مجرد وجود الخلاف ليس مسوغا لأن يقول من شاء ما شاء , وقد رأى الجميع أن بعض الناس عندما تناقشه عن مخالفة ارتكبها قال لك: المسألة خلافية , مع أنه لا يعرف من القائل المخالف ولا دليله ولا أين قال ذلك؟ فقط مجرد وجود هذه الكلمة سوغ له فعل ما أراد هواه لا ما دلت عليه نصوص الشريعة , وقد تعلق بما أحرج نفسه به.
وإذا كان العبيكان استنكر من بعض الناس تعصبهم لأقوالهم – وقد كان أسبقهم إلى ذلك - فلا أظن أن الاعتداد بالخلاف أقل سوءا وضررا من التعصب للرأي , وإن كان الظاهر أن كلاً من الاعتداد بالخلاف والتعصب لأقوال الرجال منبعهما واحد , وهو ترك الأخذ بالنصوص والالتفات إلى قول فلان أو فلان.
بل ربما الأخذ بالخلاف قد يزيد على التعصب باتباع الهوى.
يقول الشاطبي رحمه الله:
وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية , حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة، ووقع فيما تقدم وتأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفا فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف فإن له نظرا آخر، بل في غير ذلك، فربما وقع الإفتاء في المسألة بالمنع , فيقال: لم تمنع والمسألة مختلف فيها، فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفا فيها، لا لدليل يدل على صحة مذهب الجواز، ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع، وهو عين الخطأ على الشريعة , حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدا وما ليس بحجة حجة. [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftn1)
وأهل العلم ذكروا أن الخلاف ليس دليلا شرعيا تثبت به الأحكام أو تنسف به الشريعة.
ولا يعني هذا أن العبيكان لم يذكر دليلا على كلامه , بل ذكر لكنه لم يرم به في وجه مخالفه كما فعل بوجود الخلاف , وإن كان ما ذكر من دليل عليه لا له.
وحسب البعض أن يعتقد ثم يستدل , لتصبح المسألة ليا للنصوص واختلاقا للأقوال , وضربا بالحقيقة ونصوصها عرض الحائط , وقد كان الأئمة رحمهم الله أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم يأمرون الناس أن يعرضوا قولهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فإن وافقهما وإلا قالوا: اضربوا بقولنا عرض الحائط.
أما بعض المتأخرين فيقولون خذوا بأقوالنا اضربوا بنصوص الشريعة عرض الحائط إتباعا للهوى.
وقد تُعجز مثل هؤلاء الحيلة فينتحلون بعد ذلك صناعة التلفيق , ليفروا من وصفهم بالخروج عن المألوف وترك منهج الفقهاء في آرائهم ومؤلفاتهم , فيجعلون الاستدلال بأقوال أهل العلم – دون النصوص – عذرا في عدم نبذ قولهم , وقد ينطلي هذا على بعض الناس , ولهذا من أطرف ما قيل في مثل هذا الباب تلفيق بعض الشعراء في الأبيات المشهورة , حيث زعم أن أبا حنيفة أباح النبيذ , والشافعي قال: النبيذ والخمر شيء واحد , فلفق من القولين قولا , نتيجته إباحة الخمر , فقال:
أباح العراقيُّ النبيذ وشربه ... وقال الحرامان المدامة والسكر
وقال الحجازي الشرابان واحد ... فحلت لنا من بين قوليهما الخمر [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftn2)
وقد ذكر العبيكان أن قوله اجتهاد منه , كما ألمح في المقدمة حينما ذكر تعصب الآخرين دون احترامهم للاجتهاد المخالف , وهذا في الحقيقة خلط واضح , وذلك أن الاجتهاد إذا لم يعتمد على دليل صريح ثابت فإنه لا يعد كذلك , ولهذا لا يمكن أن يقال إن أهل البدع والأهواء مجتهدون لمجرد قولهم , إلا إن كان العبيكان يرى أن كل مجتهد مصيب ولو لم يكن معه دليل , فهذه مسألة أخرى محلها في غير هذا الموضع.
والواقع أن قول العبيكان ليس اجتهادا , بل هو مخالف للنصوص الصريحة الثابتة المانعة من النشرة كما في حديث جابر الأتي وغيره.
أما التساهل في الفتيا لمجرد وجود الخلاف فعند البعض باب مفتوح , بل بلغ ببعضهم الإفتاء بخلاف الإجماع بسبب ما عمت به البلوى في نظره , من ذلك ما كتبه بعض المغاربة حول تجويز مخالفة الإجماع في حلق اللحية لعموم البلوى بحلقها , ولأن عرف العامة هو الحلق وقد اعتادوا عليه , فقال:
ولما عمت البلوى بحلقها في البلاد المشرقية حتى إن كثيراً من أهل الديانة قلد فيه غيره خوفاً من ضحك العامة منه، لاعتيادهم حلقها في عرفهم بحثت غاية البحث عن أصل أخرِّج عليه جواز حلقها حتى يكون لبعض الأفاضل مندوحة عن ارتكاب المحرم باتفاق. الخ كلامه.
وهذا القول حكايته تغني عن التدليل على بطلانه، فهو أقر باتفاق العلماء على حرمة حلق اللحية، ثم سعى إلى تخريج فاسد ترتب عليه نسف جميع الأوامر النبوية حيث جوز مخالفتها، لأنها تدل على الندب لا الوجوب كما يدعي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم [3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftn3) .
ولعل في قول ابن مفلح رحمه الله ما يكفي لتبيين المقصود , يقول رحمه الله: يحرم التساهل في الفتيا , واستفتاء من عرف بذلك. [4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftn4)
[1] (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftnref 1) - الموافقات 4/ 141
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftnref 2) - تتبع الرخص لعبداللطيف بن عبدالله التويجري ص 23
[3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftnref 3) - منهج التيسير المعاصر ص 63
[4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39109#_ftnref 4) - المبدع 10/ 25 , وكشاف القناع 6/ 300
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:32]ـ
الوقفة الثانية
ضعف العبيكان في عرض المسألة
ليس من الأمانة العلمية عند البحث أن يذكر الباحث الرأي من جانب دون دراسة قول المخالفين , ودون استيعاب أدلتهم وتفحص أقوالهم , وليس لمن هذه طريقته من عذر إلا أحد أمرين:
إما أنه غير قادر على استيعاب القول الآخر , وأن تلك الكلمات عن حرية الرأي والخلاف لم تذكر على حقيقتها إلا لاستيعاب قوله هو لا غير , أو أنه على قناعة بقوة قول مخالفه ولهذا سكت عن دراسة تلك الأدلة القوية التي يعلم أنه غير قادر على الإجابة عنها.
لست أقول إن العبيكان لم يذكر بعض أدلة وأقوال المخالف , بل ذكر بعضها لكن كان ذلك بطريقة النقل مع السكوت – في الغالب - عن التعليق عليها.
فكان من العدل والإنصاف وحسن البحث والعرض - والذي خلى منه أغلب بحث العبيكان - أن يذكر قوله بأدلته , ثم يذكر قول مخالفه بأدلته , ثم يجيب عما اعترض عليه , فيوجه ما احتاج إلى توجيه ويضعف ما ثبت فيه التضعيف , وينصف المخالف , ومن ثم يختم بما يراه صوابا على طريقة المنصفين.
ولو تتبعت بحثه لوجدت سوء العرض , وبتر النقول , والسكوت عن ما ثبت لدى المخالف من أدلة ونقولات تسقط قوله.
ولو نظرت على سبيل المثل إلى سكوته عما هو أصل في باب النشرة وهو ما رواه أحمد وأبو داود عن جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن النشرة: قال هي من عمل الشيطان. لتبين لك المقصود.
بل العبيكان على استعداد لأن ينقل قول من نقل قول المبيحين ولو لم يذكروا لهم رأيا فيه , كما فعل مع نقل ابن قاسم في حاشيته على الروض حينما نقل قول بعض أصحاب المذهب بالاضطرار وقد سكت عنه ولم يعلق , ومع ذلك جاء به العبيكان.
ولننظر ذلك , ولعل الجواب على شبهه بما يلي:
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:35]ـ
ضعف أدلته
ويتمثل ذلك بأمرين:
الأول: أنه لا صراحة فيما استدل به من نصوص , مع علمه أن الأصل في الشريعة هو الزجر عن مباشرة ما يتعلق بالسحر والسحرة والكهنة والعرافين.
الثاني: ضعف الاستنباط مما ذكر منها.
وعند عرض أدلته يتضح ذلك:
أولا: حديث سحر النبي عليه الصلاة والسلام.
وهو في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن , قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا , فقال يا عائشة: أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه , أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال مطبوب , قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم , رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا , قال: وفيم , قال: في مشط ومشاقة؟ قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان , قالت: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه , فقال: هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رءوس الشياطين , قال: فاستخرج , قالت: فقلت: أفلا - أي تنشرت - فقال: أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا).
ومما استنبط العبيكان من ذلك:
1 – أن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينكر على عائشة قولها: (هلا تنشرت).
2 – أن عائشة لم تقصد بذلك النشرة الشرعية بل التي بفعل الساحر .. !
3 – أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكتف بالرقية الشرعية.
4 – أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يعرف مكان السحر إلا بوحي.
5 – أنه في الغالب لا يعرف مكان السحر لاستخراجه إلا الجن عن طريق الساحر.
والجواب عليه بما يلي:
أما قوله بعدم إنكار النبي عليه الصلاة والسلام لقول عائشة (هلا تنشر) فيقال:
أولا: أنه لا يسلم له أن معنى قول عائشة: (هلا تنشرت) هو حل السحر بالسحر , لأن لفظ الحديث دل على أن قولها هذا كان بعد أن ذهب ما يجده رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكيف يكون مقصودها من ذلك حل السحر وقد حل عنه.
ثانيا: أن بعض ألفاظ الحديث جاءت بغير تلك اللفظة فعند مسلم (4059): (أفلا أحرقته) وفي نفس الرواية: (فأخرِجه) , وفي رواية للبخاري: (استخرجته).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثا: أن قول عائشة – إن دل على كلام العبيكان – فقد كان استفتاءا , وقد استفتاه الصحابة بأعظم من هذا كما في حديث ذات أنواط , وكما في استفتاء الصحابي له بأن يأذن له بالزنى ولم يعتبر ذلك مبيحا للشرك ولا للزنى.
رابعا: أن النبي عليه الصلاة والسلام لو كان قوله على ما أراد العبيكان فقد أفتاها بأنه شر كما في قوله (وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا).
أما قوله إن عائشة لم تقصد الرقية الشرعية إنما تقصد التي بفعل الساحر قيل الجواب على وجهين:
الأول: يلزم العبيكان أن يقول إن عائشة رضي الله عنها تريد من النبي عليه الصلاة والسلام أن يذهب للساحر المشرك ليحل سحره , ومن ثم على النبي عليه الصلاة والسلام أن يصدق هذا الساحر المشرك بمن سحره وبمكان السحر , وهذا الكلام لا يقوله عاقل فضلا عن طالب علم.!!
الثاني: الألفاظ الأخرى تدل على أنها رضي الله عنها لم تقصد ذلك كما في رواية مسلم: (أفلا أحرقته).
وأما كون النبي عليه الصلاة والسلام لم يكتف بالرقية الشرعية فلأنه لم يتضح له في بداية الأمر أنه مسحور - كما يأتي توضيحه من كلام ابن القيم - حيث ذكر أنه ظن أن الذي أصابه هو مرض في رأسه فمال إلى الحجامة , ثم رأى في المنام أنه مسحور.
وأما قوله إنه لم يعلم مكان سحره عليه الصلاة والسلام إلا بوحي فهذا نعم , لكنه غير لازم للعلم بالسحر , فقد يرقي الراقي ويتكلم الجني فيخبر عن السحر وهذا معلوم مجرب ولا غرابة فيه , وقد يرى في رؤيا المنام فيعلم مكانه كما في حديث سحر عائشة الأتي , ولهذا ذكر العبيكان في النقطة الخامسة هنا أن ذلك يكون غالبا , والمعنى - من كلامه - أنه من الممكن أن يعرف السحر ومكانه من غير الجن.
ثانيا: حديث سحر عائشة رضي الله عنها , فقد قال العبيكان ص 10:
وروى مالك في الموطأ عن عائشة أنها أعتقت جارية لها على دبر منها، ثم إن عائشة مرضت بعد ذلك ما شاء الله؛ فدخل عليها سندي فقال: إنك مطبوبة؛ فقالت: من طبني؛ فقال امرأة من نعتها كذا وكذا، وفي حجرها صبي قد بال؛ فقالت عائشة: ادع لي فلانة لجارية لها تخدمها، فوجدوها في بيت جيران لها في حجرها صبي قد بال؛ فقالت: حتى أغسل بول الصبي؛ فغسلته ثم جاءت فقالت لها عائشة: سحرتني؟ قالت: نعم؛ فقالت: لم؟ قالت: أحببت العتق؛ فقالت عائشة: أحببت العتق؛ فو الله لا تعتقن أبدا؛ فأمرت عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها، ثم قالت: ابتع لي بثمنها رقبة حتى اعتقها ففعلت.قالت عمرة: فلبثت عائشة ما شاء الله عز وجل من الزمان ثم إنها رأت في النوم أن اغتسلي من ثلاث آبار يمر بعضها في بعض فإنك تشفين، قالت عمرة: فدخل على عائشة إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الرحمن ابن سعد بن زرارة فذكرت لهما الذي رأت فانطلقا إلى قباء فوجدا آبارا ثلاثا يمد بعضها بعضا فاستقوا من كل بئر منها ثلاث شخب حتى ملئ الشخب من جميعهن ثم أتوا به عائشة فاغتسلت به فشفيت. (الاستذكار ج 25/ 238).
فعلق العبيكان قائلا:
فعائشة - رضي الله عنها – سألت السندي عن حالها، ولم تنكر فعله، إذن فهي ترى جواز سؤال الساحر وعدم قتله كما سيأتي عن ابن عبدالبر. ولم تقتصر على الرقية، ولم تشف حتى دلت على ماء الآبار الثلاثة عن طريق رؤيا في المنام فشربت منها فشفيت. اهـ
وهذا الأثر لو تأمله القارئ لوجد أنه على العبيكان وليس له , والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن عائشة رضي الله عنها لم تذهب للسندي كما في الأثر الذي نقله , بل هو الذي أتى إليها كما في قوله (فدخل عليها السندي) , بل اللفظ الآخر الذي عدل عنه العبيكان - كما سوف يأتي تبيينه - يبين أن بني أخيها هم الذي ذهبوا إلى السندي.
الوجه الثاني: أن العبيكان هداه الله قال إن عائشة رضي الله عنها سألت السندي وقد كذب على عائشة رضي الله عنها , فإن عائشة لم تسأل السندي , بل السندي هو الذي ابتدأ عائشة بالكلام , وقد نقل في الأثر: (فدخل عليها سندي فقال: إنك مطبوبة) فأين السؤال ابتداء؟
فإن قال: إن السندي لما قال لها: انك مطبوبة , قالت من طبني؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
قيل: إن عائشة لم تسأله عن السحر وبماذا سحرت ابتداءاً , وربما كان سؤالها له اختبارا له , ولهذا أرسلت من يسأل الجارية لكونها لم تكن بقول السندي متيقنة , وقد جاء في الأثر السابق: (فقالت لها عائشة: سحرتني؟ قالت: نعم؛ فقالت: لم؟).
هذا فضلا عن أن القصة بلفظها الأخر جاء فيها أن بني أخيها هم من ذهب إلى الزط يسألونه عن ذلك , فروى البخاري في الأدب المفرد وغيره أن عائشة رضي الله عنها دبرت أمة لها , فاشتكت عائشة , فسأل بنو أخيها طبيبا من الزط , فقال: إنكم تخبروني عن امرأة مسحورة سحرتها أمة لها , فأخبرت عائشة .. ) فالأثر يذكر أن بني أخيها هم من ذهب للسندي ثم أخبرت عائشة رضي الله عنها بالأمر , وليست هي من سأله.
الوجه الثالث: أن عائشة رضي الله عنها لم تطلب من السندي حل السحر.
الوجه الرابع: أن عائشة رضي الله عنها لم تصدق السندي حتى لا يقول العبيكان إن عائشة صدقت الساحر , بل أرسلت للجارية تسألها لتتحقق من الموضوع كما في الأثر الذي نقله العبيكان نفسه.
الوجه الخامس: أن عائشة رضي الله عنها صبرت عن البحث عن شفائها كما في الأثر الذي نقله العبيكان: (فلبثت عائشة ماشاء الله عز وجل من الزمان ثم إنها رأت في المنام .. ) وقد شفيت بسبب ما رأت في المنام كما في هذا الأثر الذي نقله المؤلف.
والغريب أن العبيكان يستغرب أن يطالب الناس بالصبر على ما أصابهم من ذلك , مستدلا بأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر المريض بالصبر فقط بل قال: (تداووا عباد الله) وغيره , ولعله نسي أن من أمر بالصبر هو الرسول عليه الصلاة والسلام وليسوا مخالفيه , كما في حديث المرأة التي كانت تصرع وتتكشف , وقد أمرها النبي عليه الصلاة والسلام بالصبر على صرعها , واخبر أنها إن فعلت ذلك فإن لها الجنة.
فماذا سيقول العبيكان.!؟
الوجه السادس: أن السندي ليس هو الذي حل السحر.
الوجه السابع: أن العبيكان قال: إذن فهي ترى جواز سؤال الساحر وعدم قتله.
ونقول: أما السؤال فلم تسأله ابتداءا كما بينا.
وأما عدم قتله فيجاب عنه بأمور:
الأول: أن عائشة رضي الله عنها ليس لها أن تقيم الحدود والتعزيرات حتى يستدل بفعلها.؟!
الثاني: يقول الشافعي رحمه الله: وأما بيع عائشة الجارية ولم تأمر بقتلها فيشبه أن تكون لم تعرف ما السحر فباعتها .. ولو أقرت عند عائشة أن السحر شرك ما تركت قتلها إن لم تتب أو دفعتها إلى الإمام ليقتلها. [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262436&posted=1#_ftn1)
الثالث: أنه – كما يعلم العبيكان – ليس كل سحر كفر , فقد تكون سحرتها بنوع من الأدوية الضارة التي لا توجب كفرا أو قتلا , وقد أورد البيهقي هذا الحديث تحت عنوان: باب من لا يكون سحره كفرا ولم يقتل به أحدا لم يقتل). السنن 8/ 137
الرابع: لو فرض أن عائشة لا ترى قتل الساحر فقد رأى قتله خمسة من الصحابة رضي الله عنهم , على رأسهم الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه , كيف ولم يذكر عن عائشة قول مخالف لذلك , وسكوتها هنا لا يعني أنه قول لها بعدم قتله , بل نقل بعضهم إجماع الصحابة على قتل الساحر.
الوجه الثامن: أن الأثر في متنه تضارب , فمرة ذكر أن السندي هو الذي جاء إلى عائشة كما نقل العبيكان , و مرة أن بني أخي عائشة هم الذين سألوا رجلا من الزط , كما هو في الأدب المفرد و الدارقطني وغيرهما.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262436&posted=1#_ftnref1) - الأم 1/ 392
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:37]ـ
ضعف تقصيه لأدلة وأقوال مخالفيه
من ذلك:
أولا: عدم استيعابه لذكر أدلتهم:
مع أنها مشهورة متداولة صحيحة لا غبار عليها , وما نقل من أدلة فقد عرضها دون أن يعلق عليها في الغالب , وأدلة أخرى أعرض عنها ولم ينقلها:
1 - حديث جابر رضي الله عنه وهو عند احمد وأبي داود أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن النشرة فقال: (هو من عمل الشيطان) , صححه ابن مفلح وحسن إسناده ابن حجر. وهذا جاء به في معرض نقله عن ابن حجر وسكت عنه ولم يعلق عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - روى البزار والطبراني في الكبير بسند صحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له). وهذا لم يذكره.
3 – قول ابن مسعود رضي الله عنه: (من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم). رواه الدارقطني وصحح وقفه على ابن مسعود و قال ابن كثير إسناده صحيح " وقال ابن حجر وسنده جيد، ومثله لا يقال بالرأي. وقد اكتفى بتضعيف الحديث بقول الألباني كما يأتي.
4 – ما رواه احمد في المسند عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر) الحديث , وهذا لم يذكره.
5 – ما ذكره الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتاب التوحيد باب ماجاء في النشرة: سئل أحمد عنها – أي النشرة - فقال: ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره ذلك كله , وهذا الأثر لم يعلق عليه.
6 - جميع الآثار التي جاءت بالمنع من النشرة كما هو قول الحسن واحمد ومجاهد والنخعي ومن نقل عنهم من أئمة التابعين , فابن مسعود قوله حجة في هذا الباب , أما التابعون فلم يأتي من يخالف رأيهم في ذلك سوى ما فهم من قول ابن المسيب وقد تعددت الاحتمالات عليه , وفسره أبو حيان والقرطبي والالوسي وسليمان بن عبدالله وغيرهم بغير تفسير العبيكان كما يأتي توضيحه.
7 – الإجماع الذي نقله ابن تيمية رحمه الله وقد قال: والمسلمون وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخنزير فلا يتنازعون في أن الكفر والشرك لا يجوز التداوي به بحال [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262437&posted=1#_ftn1) .
وما نقله ابن حجر رحمه الله من إجماع أهل العلم على شروط الرقية.
ثانيا: في ضعف عرضه أقوال المانعين:
ويتمثل ذلك فيما يلي بأمور , منها:
الأول: ساق عدة أقوال لمن منع من النشرة في معرض كلامه , ولم يتعرض للإجابة عليها , منها على سبيل المثال:
1 – رأي ابن مسعود رضي الله عنه الذي ذكره الإمام احمد رحمه الله أنه كان يكره ذلك كله.
2 – تقسيم ابن القيم للممنوع منها والمسموح.
3 - القول الذي نقله الأثرم عن الإمام احمد حينما نفض يده كالمنكر.
4 – قول الحسن إنه كان يكره ذلك.
5 – قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مسائل باب النشرة: النهي عن النشرة. [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262437&posted=1#_ftn2)
6 – رأي الشيخ ابن باز وأنه رجح التحريم.
الثاني: ضعفه في توجيه وتفسير معنى النشرة عند المبيحين و المانعين:
وقد فهم العبيكان أن النشرة تعني حل السحر بالسحر , مع أن من نقل عنهم عرفوها بخلاف ما فهمه كما سوف يأتي تبيينه عند توجيه كلام ابن المسيب وتفسير أهل العلم لكلامه , وكذلك ابن حجر الذي نقل العبيكان تجويزه ذلك , واعتمد بهذا الفهم في تفسيره لأقوال من نقل عنهم ابن حجر.
حتى من نقل عنهم جواز حل السحر , لم يذكروا أنه يحل بسحر , أو من قال إنه يجوز ضرورة كالخلال أطلقوا ذلك ولم يذكروا أن يكون حله بسحر , على ما يأتي من كلام احمد تخصيص الرقية بالقرآن , حتى من شذ من المذهب وقال إنه يجوز حله بسحر لم يذكروا أن يكون السحر بشرك.
ومع ذلك فهو محجوج بأمرين:
الأمر الأول: إما أن يبقى على فهمه للنشرة بأنها حل السحر بالسحر , وعندها فهو محجوج بحديث جابر: سئل عن النشرة فقال هي من عمل الشيطان , فتصبح من عمل الشيطان حتى لو قال بها سعيد بن المسيب , أو غيره.
الأمر الثاني: وإما أن يقول باختلاف معناها , فيكون من استدل به من كلام الأئمة وإطلاقاتهم عنوا بها معنى محتملا , وعندها ليس له أن يستدل بأقوال محتملة.
وبهذا الفهم الخاطئ استعرض أقوالهم في جواز النشرة بإطلاق وأنها حل السحر بسحر , حتى جعل قولهم هو المعتمد , فبنى عليه قوله , وأعل قول من خالف ذلك.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262437&posted=1#_ftnref1) - مجموع الفتاوى 19/ 61
(يُتْبَعُ)
(/)
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262437&posted=1#_ftnref2) - والغريب انه نقض نفسه بعد عدة صفحات , فذكر ص 14أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب عرض حديث جابر ورأي ابن المسيب في باب النشرة ولم يرجح , مع أنه ذكر ص 9 أن الشيخ ذكر من مسائل الباب: النهي عن النشرة.!
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:40]ـ
الوقفة الثالثة
نقل الإجماع في المنع من التداوي بالشرك والكفر
لا شك أن تتبع أصول المسائل , والتريث وترك العجلة في الطرح خاصة في مثل هذه القضايا الحساسة - من أوضح ما يدل على حذق الباحث وتوفر الآلة لديه , وقد كان سلف الأمة في القرون المفضلة , ومن تبعهم على منهجهم حتى يومنا هذا من خير من وفق لذلك , وأقرب مثال على ما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وبقية من أخذ بأصولهما العقدية والفقهية , كما هو بادٍ في تأصيلهم للمسائل , حتى لا تكاد تجد في أصولهم ما يتناقض , وتجد هذا – تحديدا - في تقريرهم لمعتقد السلف الصلح رحمهم الله , وكأنك تسمع من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان.
وفي مقابل هذا المنهج المنضبط تجد من الفِرق الأخرى كالأشاعرة مثلا ومن دخل تحت رايتهم - قد تضاربت أقوالهم وتساقطت ببعضها , وذلك حينما جعلوا الحكم لأقوالهم هو قول فلان وفلان من الفلاسفة , وعلى رأسهم معلمهم الأول أرسطو وغيره , متذرعين بأن أول واجب على المكلف هو النظر , وذلك ليصلوا إلى المرحلة التي تسمح لهم بأن يأخذوا ما وافق هذا النظر ويردوا ما خالفه , حتى بلغ بالغزالي بأن يقول من يأخذ بالسمع (نصوص الشريعة) لا يستقر له فيها على قدم ولا يتعين له موقف [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftn1) , ومع ذلك يصفون أنفسهم بأنهم من أهل السنة.!
وقس على ذلك كل من اعتد برأي فلان أو فلان محتجا بهم لوصف لهم أو ثناء عليهم أو غير ذلك , دون قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن جهة أخرى تجد غيرهم ممن استل طرفا من الألفاظ العامة المحتملة , وقد ألقى بها دون أن يبذل ولو يسيرا من عناء البحث والتقصي – أو أنه وقف عند حد قدرته - وقد بسط عليها قولا خطيرا , كخطورة الذهاب للمشركين من أهل السحر والشعوذة والتذلل بين يديهم - مما تسبب في تضارب أقواله , بل حتى في انتقاء الأقوال وفهم نصوص الأئمة , كهذه المسألة التي ألقاها العبيكان , فقد كان معتمده هو كون المسألة خلافية لا غير , حتى جعل النص تابعا لا متبوعا , فاضطرب في الاختيار , وألزم مخالفه بقوله الضعيف.
فضلا عن إشغاله الخاصة والعامة بما هم عنه مشغولون.
وحتى يتضح المراد , فلو لاحظت مسألة حل السحر بسحر , لوجدت أن من أهم أركانها أن يكون المستعان بحله هم السحرة والشياطين , عبدة الأوثان والهوى والشهوة , ممن لا يقيمون للشريعة قدرا , ولا لصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام مكانة وفضلا , بل ولا لأنفسهم اعتبارا , وقد بلغت بهم الرذائل ما لا نحتاج إلى ذكره في هذه الورقات , حتى صاروا من أكبر عبّاد الدرهم والدينار , وإن كانوا من أفقر عباد الله بذاك الدرهم والدينار , على ما حكى بعضهم عن ذلك , وقد قرأ الجميع ما بلغت به حال غلاة المتصوفة ومخرفيها مما سودت به الكتب حتى ضحك علينا لذلك اليهود و النصارى , لظنهم أن نسبتهم إلى الإسلام صحيحة.
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله أن المسلمين قد يتنازعون في جواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخنزير , لكنهم لا يمكن أن يتنازعوا بحرمة التداوي بالكفر والشرك , والمعنى أنه رحمه الله ينقل الإجماع بحرمة التداوي بحل السحر بالسحر على الصورة التي فهمها العبيكان.
يقول ابن تيمية رحمه الله ما نصه:
والمسلمون وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخنزير فلا يتنازعون في أن الكفر والشرك لا يجوز التداوي به بحال .. الخ [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftn2)
فإن قيل: قد نقل عن بعض الأئمة إجازة ذلك؟
قيل: لم يذكر عن واحد منهم من صرح بجواز التداوي بالشرك والكفر.
وقد نقل الإجماع على ضرورة توفر ثلاثة شروط لجواز الرقية الشرعية غير واحد من أهل العلم.
فإذا كان هذا في الرقية الشرعية , فماذا يقال في السحر والشعوذة.!!
يقول ابن حجر رحمه الله:
وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته , وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره , وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى. الخ [3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftn3)
فإن شكك بنقل ابن حجر قيل له وهذا نقل السيوطي رحمه الله , حيث قال:
قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته , وباللسان العربي وبما يعرف معناه , وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى. [4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftn4)
أما السحر فهو طلاسم وتمتمات لا تعرف في الغالب , ومناجاة لشياطين الجن , وشرك بالله , وغير ذلك مما لا تكاد تقره ديانة سماوية , فكيف يقال إن بعض السلف رخصوا في حل السحر بمثل هذه الطرق. وكيف يقال إن تفسير النشرة التي نُقلِتْ عن السلف هي هذه الخرافات والشركيات .. !
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftnref1) - إحياء علوم الدين 1/ 180
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftnref2) - مجموع الفتاوى 19/ 61
[3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftnref3) - الفتح 10/ 190
[4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262438&posted=1#_ftnref4) - تيسير العزيز الحميد ص 133
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:44]ـ
الوقفة الرابعة
في نقولات العبيكان لأقوال الأئمة وخلطه في ذلك
من أغرب ما وجد من كلام العبيكان مما يراه المنصف أن يكون القول بجواز حل السحر بالسحر هو المنصوص من مذهب أحمد , وهو قول الجمهور , وأنه لم ينقل عدم الجواز في كتب مذاهب الأئمة الأربعة إلا النزر القليل , على حد قوله.
لا نريد أن نقول إن المؤلف كذب على الإمام احمد وعلى مذهبه , وعلى كتب المذاهب الأربعة – مع إلماحه إلى اطلاعه على (كل) كتب المذاهب الأربعة - بل وعلى الجمهور , وكاد أن ينقل الإجماع على ذلك [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftn1) , وكذا ما نقل عن أن هذا القول هو اختيار البخاري وابن حجر والحسن البصري رحمهم الله أو غيرهم , بل سنسعفه – إحسانا للظن – بسوء الفهم , وفي هذا أربعة مباحث:
الأول
تضاربه في نقل قول الإمام أحمد
نقل العبيكان عن الإمام احمد قولين في المسألة , وكان الأولى له أن يحاول الجمع بينهما , فهو خير من أن يتكلم عن أحدهما - مما يصلح له - ويعرض عن الأخرى , فإن لم يستطع ذلك نظر في أصول مذهبه في ذلك.
وهو بهذه الطريقة لم يفهم المقصود من الروايتين مع سهولة الجمع بينهما , ولا أجد عذرا له إلا أن تأصيله لتعريف النشرة غير منضبط , ولو كان منضبطا لرأيت قدرته على الجمع بينهما.
ولو نظرنا إلى الروايتين لرأينا أن الرواية الأولى تقول إنه سئل عن من يطلق السحر عن المسحور فقال لا بأس به , والأخرى تقول: إنه سئل عن طريقة من طرق حل السحر فنفض يده كالمنكر.
ولحل هذا المعضلة عند العبيكان نقول وباختصار:
لو تأملنا النقلين لرأينا أن الرواية الأولى تعني حل السحر دون أن تتكلم عن طريقة ذلك , أما الرواية الثانية فتقول انه ذكر له طريقة معينة يحل بها السحر فأنكرها , والجمع بين الروايتين أن يقال: إنه أجاز حل السحر , لكن بشرط أن تكون بطريقة يراها مشروعة , يؤيد هذا أن مذهب أحمد هو المنع من الرقية مطلقا إلا ما كان من القرآن كما سيأتي في النقل عنه.
ولعلنا أن نبين أن أحمد رحمه الله لم يقصد ما ذهب إليه العبيكان.
قال العبيكان ص 7 عن فتح الباري:
قال ابن الجوزي: النشرة حل السحر عن المسحور ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر، وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور فقال: لا بأس به، وهذا هو المعتمد.
فقول ابن الجوزي (ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر) لا يعني جواز النشرة بالسحر , بل يعني أنها أمر صعب , وأنه في الغالب لا يكاد يقدر على ذلك إلا ساحر , ولا يعني أن غير الساحر لا يحله.
وأما تجويز احمد الذي نقله ابن الجوزي فقد جوز النشرة بمعناها العام ولم يصرح بأنها حل السحر بسحر , إنما قصد بذلك ما يكون إما بالأدوية أو الرقية أو غير ذلك من المباحات , فلماذا ذهب العبيكان إلى أن أحمد قصد حل السحر بسحر.؟!
مما يبين هذا:
النقل الثاني الذي نقله العبيكان عن الإمام أحمد دون تعليق عليه , وحتى لو كان المقصود برأيه - كما في النقل الأول - حل السحر بسحر فإن النقل الثاني هذا يبين منعه من ذلك , يقول العبيكان ص 11:
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر؛ فقال: قد رخص فيه بعض الناس. قيل لأبي عبد الله: إنه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه ويعمل كذا. فنفض يده كالمنكر. وقال: لا أدري ما هذا؟ قيل له: فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر فقال ما أدري ما هذا؟.
فالأثرم نقل عن احمد ترخيص بعض الناس , فلما بين له نفض يده كالمنكر , مما يدل على انه ما قصد بهذا النقل عن بعض الناس حل السحر بسحر , بل قصد أمراً آخر مباحا غير القرآن , وذلك انه رحمه الله لا يرى من الرقى ما يرخص فيه سوى القرآن كما نقله عنه الكوسج في مسائله [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftn2) , قال رحمه الله: التعليق كله يكره , والرقى ما كان من القرآن فلا بأس.
بل لم يكن يرى رحمه الله في علاج المجنون بالصرع أن يكون ذلك بالرقى والعزائم , فقال: ما أحب لأحد أن يفعله , وتركه أحب إلي. [3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftn3)
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا قال أحمد: رخص فيه بعضهم , وثبت لدينا انه لا يرى الرخصة بالرقى غير القرآن , دل على انه لم يقصد بقوله (رخص فيه بعض الناس) حل السحر بالسحر و إتيان أهل السحر والكهانة.
وحتى التمائم كان السلف يكرهونها كلها من القرآن وغير القرآن [4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftn4).
بل ذكر القرطبي رحمه الله أن الرقية كانت في الأصل ممنوعة ثم رخص فيها بعد ذلك. [5] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftn5)
ولهذا لا نعلم كيف فهم العبيكان أن الإمام أحمد قصد بالنقل الأول حل السحر بالسحر مع أن لفظ النشرة عند العبيكان – أحيانا - تحتمل لفظا مشتركا يشمل التداوي بالرقية والسحر كما في ص 18 , لكنه لم ينتبه أن حل السحر بالسحر هو أحد أفراد معناها لديه , فها أنت تراه طوى ذلك لفهم يريده.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftnref1) - في صحيفة الجزيرة تاريخ 2/ 8/1430 ذكر العبيكان أن ابن حجر في الفتح لم يذكر خلافا في المسألة على الجواز , ولك أن تعجب من ذلك , وسوف يأتي بعد قليل في الكلام عن رأي ابن حجر أن العبيكان هدانا الله وإياه اختلطت عليه المسألة فظن أن كلام ابن حجر هو في النشرة الممنوعة وأنه نقل من أباحها.!!
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftnref2) - مسائل الكوسج 2/ 169
[3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftnref3) - الأحكام السلطانية ص 308 , وانظر رسالة للدكتور محمد بن عبدالرحمن الخميس: عقيدة الإمام احمد بن حنبل ص 25
[4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftnref4) - مصنف ابن أبي شيبة (23933)
[5] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262442&posted=1#_ftnref5) - أحكام الرقى والتمائم لفهد بن ضويان ص 35
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:47]ـ
الثاني
خلطه في نقل قول ابن حجر
العبيكان فهم من قول ابن حجر في النشرة فهما , وركب على هذا الفهم أن من نقل ابن حجر إجازتهم للنشرة أنهم قصدوا حل السحر بسحر , مع أن ابن حجر عرف النشرة بأنها ضرب من العلاج ولم يذكر حل السحر بالسحر , ومن ثم اخبرنا العبيكان – بفهمه هذا - أن ممن أجاز النشرة المزني والطبري بنقل ابن حجر , واليك التفصيل.
نقل العبيكان ص 7 بعد أن ساق حديث (النشرة من عمل لشيطان) قول الحافظ رحمه الله:
إشارة إلى أصلها , ويختلف الحكم بالقصد , فمن قصد بها خيرا كان خيرا , وإلا فهو شر , ثم قال الحافظ ابن حجر – والسياق للعبيكان - ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم في باب الرقية في حديث جابر عند مسلم مرفوعا من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل .. الخ
وهذا السياق يدل أن الحافظ يجيز النشرة التي تعني حل السحر بالسحر , لكنك إذا رجعت إلى المرجع وجدت أن هذا القول مخالف للحقيقة , وأن العبيكان اسقط مراد الحافظ بالنشرة , وأن الحافظ رحمه الله عنى بها تعريفا آخر غير ما صوره العبيكان للقارئ , ولعلنا أن ننقل ما أسقطه العبيكان من قول ابن حجر حتى يفهم المقصود.
يقول رحمه الله بعد كلام له:
.. النشرة بالضم وهي ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحرا أو مسا من الجن قيل لها ذلك لأنه يكشف بها عنه ما خالطه من الداء ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم في باب الرقية .. الخ كلامه الذين نقله العبيكان سابقا , وهنا يظهر إسقاطه لتعريف الحافظ للنشرة قبل قول ابن المسيب مباشرة.
إذاً الحافظ رحمه الله عنى بالنشرة نوعا من العلاج يدخل فيه الرقية الشرعية كما في قوله السابق: (ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم في باب الرقية .. ) ويدخل فيه استخراج السحر بغير ساحر سواء عن طريق التعويذات أو غير ذلك من المباحات كما في قوله: النشرة ضرب من العلاج , وليس حل السحر بالسحر كما أوهم العبيكان القارئ , وهو في الحقيقة غير معذور في إسقاط تعريف ابن حجر الذي حدد كلام الحافظ ورأيه , وان النقولات التي جاء بها عن البخاري و المزني أو الطبري أو غيرهما تعني حل السحر بما وصف ابن حجر بأنه (ضرب من العلاج .. ) , لا ما فهمه العبيكان وقد أخطأ بالنقل والتوجيه وفي فهمه لمراد الأئمة و تلبيسه لأقوالهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جمع في ذلك:
إسقاط المقصود من تعريف النشرة عند ابن حجر.
و الخطأ في نقل أقوالهم.
و الاعتماد على ذلك في إثبات أقوالهم غير الصحيحة كالمزني والطبري.
والسكوت عن تعريف ابن حجر للنشرة المخالف لرأيه.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:47]ـ
الثالث
التلبيس في نقل كلام ابن القيم
العبيكان استخدم مع ابن القيم ما استخدمه مع ابن حجر رحمه الله من بتر قوله , فقد ذكر ص 9 أن ابن القيم رحمه الله فصل في المسألة , وذكر أن النشرة على نوعين , نوع محرم وهو حل السحر بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن .. الثاني: ما يكون بالرقية والتعويذات .. وهذا جائز.
وهذا النقل لا إشكال فيه , مع أنه لم يعلق عليه , بل لم ينتبه إلى نقل ابن القيم لقول الحسن بالمنع.
لكن العبيكان نقل قولا آخر لابن القيم نقله عنه ابن حجر في المرجع الآنف الذكر , أراد به تقويل ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل عن الرقية بالمعوذات إلى استخراج السحر بالواسطة , هذا معنى كلامه , واليك نص كلام العبيكان ص 8:
وذكر الحافظ كلام ابن القيم ومنه قوله: فلما أوحى إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه، انتهى (انظر. (234 - فتح الباري المجلد العاشر كتاب الطب ص: 233) فابن القيم هنا يقرر أنه صلى الله عليه وسلم عدل إلى العلاج المناسب للسحر وهو استخراجه ولم يقل إن العلاج المناسب له هو الرقية. انتهى كلام العبيكان
واليك نص كلام ابن القيم رحمه الله من نفس المصدر من فتح الباري , يظهر فيه بتر العبيكان لكلام ابن القيم , ليتبين لك أن ابن القيم قصد أمرا غير ما ذكره العبيكان.
يقول الحافظ رحمه الله:
قال ابن القيم بنى النبي صلى الله عليه و سلم الأمر أولا على أنه مرض , وأنه عن مادة مالت إلى الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه , فرأى استعمال الحجامة لذلك مناسبا , فلما أوحى إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه. الخ
فالعبيكان بتر النص ثم جعل الكلام حول الرقية وأن ابن القيم ذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام عدل عنها , بينما الحقيقة - كما في النقل – تبين أن ابن القيم رحمه الله يذكر أنه عليه الصلاة والسلام ظن أن الذي فيه مرض عضوي وليس بسحر نشأ عن مادة مالت إلى الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه , فمال إلى أن يعالج نفسه بالحجامة التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يريدها , والنبي عليه الصلاة والسلام حتى الآن لم يتبين له أنه مسحور , ثم لما أوحي إليه وعلم بسحره عدل إلى العلاج المناسب وهو استخراج السحر , سواء كان بالرقية أو بالدعاء , لكن العبيكان هداه الله لبس في الموضوع فجعل النبي عليه الصلاة والسلام عدل عن الرقية إلى الاستخراج , ليوهم القارئ أن الرسول عليه الصلاة والسلام احتاج في السحر إلى من يخرجه وهو الأنسب لحالة المسحور , وليقرر بعدها ضرورة الالتجاء إلى السحرة والمشعوذين لكي يحلوا عن الناس سحرهم لأنه انسب من الرقية.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:48]ـ
الرابع
توجيه ما نقل عن الشيخ ابن عثيمين
نقل العبيكان قولا للشيخ ابن عثيمين رحمه الله يذكر فيه انه أباح حل السحر بسحر , مع أن المصرح به من قبل الشيخ في القول المفيد شرح التوحيد وفي مجموع فتاويه بخلاف ما نقل العبيكان كما سوف يتضح , وعلى كل حال فالقول بالمنع هو المشهور عنه وقد نص رحمه الله على تحريمه.
أما القول الذي يرى العبيكان انه قول ثان , فقد نقله العبيكان كما يقول من شريط شرح بلوغ المرام للشيخ وفي أكثر من موضع – كما يقول – ونصه كالتالي:
إن الله تعالى بين سبب التحريم فقال (وماهم بضارين به من احد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) فإذا كان في هذا السحر منفعة لا مضره انتفى التحريم , ولهذا أجازه ابن المسيب –رحمه الله – وأجازه بعض العلماء .. الخ كلامه رحمه الله.
فالجواب عليه من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الأول: أن كلام الشيخ هذا مقتضب , غير مفصل كما هو في شرح التوحيد على ما يأتي توضيحه , وقد ذكر فيه جواز حل السحر بسحر لكن بصورة غير ما ذكر العبيكان , وسوف يأتي أن عند الشيخ من أنواع السحر ما يكون بالأدوية والعقاقير مما لا يصل إلى الشرك , مما يعني عدم وضوح قوله في نقل العبيكان
أما ما نقل الشيخ رحمه الله من قول لبعض أهل العلم يجيز ذلك فهو على ما أراد هو لا ما أراد العبيكان.
الوجه الثاني: أن الشيخ ذكر بصريح العبارة كما في مرجع مجموع فتاويه بتحريم حل السحر بسحر , فكيف يقول الشيخ - في نقل العبيكان - إنه لا ينبغي التصريح بذلك ثم تراه يعلن بحرمته هنا؟
الوجه الثالث: أن من حل السحر عند الشيخ العثيمين ما يكون: بالأدوية والرقى والعقد والنفث , وما أشبه ذلك , وهو محرم ولا يصل إلى الشرك [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262446&posted=1#_ftn1) .
فإذا رأيت استدلالات العبيكان في نقله لقول الشيخ وجدت انه يوافق هذا القول , وقد نقل العبيكان ليدلل على ما نقل عن الشيخ – فتوى للشيخ يذكر فيه رحمه الله جواز حل السحر بالأدوية مما يؤيد أن الشيخ عنى بالحل ما كان بالأدوية , وهذا نص السؤال الموجه للشيخ وجواب الشيخ لتقارن بين توجيه كلام العبيكان واعتماده على نوع معين ليعممه , وما ذكره الشيخ مما لا يؤيد ما ذهب إليه العبيكان.
السؤال والجواب من الشيخ بنقل العبيكان نفسه ص15 - 16 كالتالي:
السؤال: إذا كان الساحر يستعمل دواء لكي يضعف الرجل حتى لا يجامع زوجته هل يجوز نعطيه المال لكي يفك هذا السحر؟
الجواب: على كل حال إذا علمنا فلا بأس، لا بأس أن ينقض السحر؛ لأن هذا نقض لا بأس نعطيه المال؛ لأنه لن يطيع إلاّ بالمال ويخشى عليه أنكم إذا علمْتم به سحركم أيضاً؛ فك السحر عن ذاك ووضعه عليكم " اهـ.
فالشيخ قصد هنا ما يكون بالدواء , وعليك أيها القارئ أن تقيس بين قول العبيكان وقول الشيخ الذي نقله لترى هل فعلا الشيخ يقول بجواز حل السحر بالشرك والكفر .. ؟!
وقد نقل أحد تلامذة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله أن الشيخ يقول: لا ضرورة في علاج , وهو ما سوف تراه من قول شيخ الإسلام في الوقفة التالية.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262446&posted=1#_ftnref1) - القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2/ 70.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:49]ـ
الوقفة الخامسة
دعوى الضرورة
مما يتلخص من رأي العبيكان في رسالته أن حل السحر بسحر يجوز لدليلين:
الأول: ضرورة.
الثاني: كون بعض أهل العلم رخصوا في ذلك.
وقد سبق أن ذكرنا ضعف استنباطه مما جاء في حديثي سحر النبي عليه الصلاة والسلام وسحر عائشة رضي الله عنها , بل واضطراره لبتر أقوال أهل العلم من أجل ذلك.
أما قوله: ماهو ردهم على من صرح بقوله: (يجوز حل السحر بالسحر ضرورة).
فالجواب عليه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن من نقل عنهم القول بالضرورة على نوعين:
الأول: من لم يصرح بحله بالسحر , بل قال بجواز حل السحر دون أن يذكر حله بسحر , كما في قول الخلال.
الثاني: من صرح بحله بالسحر , وهم قلة , وقولهم هذا لا يعني أن يكون حله بشرك وكفر.
الوجه الثاني: أنه غير صحيح أن تساق هذه القاعدة على إطلاقها هكذا , وقد ذكر أهل العلم هذه القاعدة عند خوف الهلاك بسبب الجوع , وأن تكون بقدر ما يدفع عن نفسه الموت لا تلذذا واستطعاما.
فإن قيل: ما تقول في فعل عمار بن ياسر رضي الله عنه في سبب نزول قوله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان).
قيل: قصة عمار رضي الله عنه قيدها الإمام أحمد رحمه الله في حالة معينة , ومع ذلك فالجواب عليها من وجهين:
الأول: أن عمارا قال ذلك مكرها لا مضطرا , وبينهما فرق واضح.
الثاني: أن عمارا قال ولم يفعل , وقد قال ابن عباس رضي الله عنه فيما رواه ابن جرير وغيره ليس التقية بالعمل , إنما التقية باللسان. [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262447&posted=1#_ftn1)
بل إن أهل العلم منعوا من فعل الحرام المتعدي كالقتل والزنا اضطرارا فكيف بفعل الشرك والكفر , ولو أُخذ بهذه القاعدة على الطريقة التي استخدمها العبيكان لرأيت كيف تضيع الحدود وتنتهك الأعراض وتسيل الدماء بحجة الضرورة.!
(يُتْبَعُ)
(/)
أما فعل الكفر فلم يأت في الشرع ما يبيحه ضرورة , وعلى العبيكان التدليل على ما يقول.
الوجه الثالث: أنه لا يسلم له أن في استحلال الشرك والكفر من أجل حل السحر ضرورة , وذلك أنه عليه الصلاة والسلام دلنا على ما نحتاجه من الأدوية والرقى في علاج أدوائنا , مع علمه أن الإنسان قد يبلغ المرض به مبلغا شديدا , وقد جاء عند النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل , يبتلي العبد على حسب دينه , فإن كان دينه صلبا اشتد بلاءه).
وفي صحيح البخاري عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك , فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا , قال: أجل , إني أوعك كما يوعك رجلان منكم , قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: أجل ذلك كذلك) الحديث.
ومع ذلك لم يبح التداوي بالشرك والكفر , بل لم يعتبرها ضرورة كما اعتبر غيرها من المحرمات عند خوف الهلاك , بل قد جاء في السنن أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الدواء الخبيث.
وقد علق البخاري رحمه الله في باب شراب الحلواء والعسل عن الزهري قوله: لا يحل شرب بول الناس لشدة تنزل لأنه رجس.
والشدة تستدعي الضرورة , ومع ذلك لم يبحها الزهري فيما هو دون حل السحر.
ثم نقل البخاري قول ابن مسعود رضي الله عنه: وقال ابن مسعود في السكر إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم. وطلب الدواء في السكر هو فيما دون حل السحر , ومع ذلك منع منه ابن مسعود , مع ما ذُكر سابقا من تحريمه للنشرة المنهي عنها.
يقول ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى:
ولا ضرورة إلى إبراء المصاب به لوجهين:
أحدهما: أنه قد لا يؤثر (أي التداوي بالكفر والشرك) أكثر مما يؤثر من يعالج بالعزائم , فلا يؤثر بل يزيده شرا.
والثاني: أن في الحق ما يغني عن الباطل. [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262447&posted=1#_ftn2)
ويزاد وجه ثالث: أنه قد يشفى بلا علاج , يبين ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في حديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهما في الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب قال: (هم الذي لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) , ولو كان في العلاج ضرورة لما ذكرت هذه الفضيلة لمن يدع طلب العلاج.
فهذه ثلاثة أوجه تبين ألا ضرورة في علاج.
فإن قلت: إن العبيكان لم يكتف بالضرورة بل ساق حديثين في جواز ذلك , حديث سحر النبي عليه الصلاة والسلام وسحر عائشة رضي الله عنها.
قيل: لو سلم له الاستدلال فهذا تضارب منه.
فما فائدة الحديثين مع قوله بالاضطرار.!
فإن من المعلوم أن الإنسان يضطر إلى مالم تجزه الشريعة في حال السعة , كالميتة والدفع بشرب الخمر وما شابه ذلك استثناء من الأصل , أما أن يكون هناك دليل صحيح ثابت ظاهر الاستدلال على الإباحة – في نظره - لأمر ما ثم يعمد إلى قاعدة الضرورة , فهذا تناقض ظاهر , فما حاجة الضرورة مع وجود الإباحة .. ؟!
فإما أن يستدل على إباحته بتلك القاعدة أو الدليلين وليس له غير ذلك.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262447&posted=1#_ftnref1) - أخرجه ابن جرير في التفسير (3/ 228) وصالح بن أحمد في المسائل رقم (571) وغيرهما.
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262447&posted=1#_ftnref2) - مجموع الفتاوى 19/ 64
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:50]ـ
الوقفة السادسة
في توجيه كلام سعيد بن المسيب وغلط العبيكان في فهمه له
من استدلالات العبيكان بجواز حل السحر بسحر قول ابن المسيب فيما علقه البخاري في صحيحه , قال رحمه الله: قال قتادة قلت لسعيد بن المسيب رجل به طب أو يؤخّذ عن امرأته: أيحل عنه أو ينشر قال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد استمسك العبيكان بهذا الأثر - مع ضعف واضح في الاستدلال به - و كان هو سلاحه الوحيد ضد من خالفهم , بل كل من ظنَّ أنهم قالوا بقوله كان عمدتهم قول ابن المسيب , مع أن الأصل هو البقاء على المنع من ذلك استدلالا بحديث جابر السابق , وحديث: (ليس منا من .. أو سحر له) وحديث أبي موسى السابق: (ثلاثة لا يدخلون الجنة .. ومصدق بالسحر) وغيرها من أثار النهي عن إتيان الكهنة والعرافين ومن يشملهم تعريف الساحر , والقاعدة أن الأصل لا يخرج عنه إلا بدليل صريح مساو له في الدلالة , كما في جواز الأكل من المحرمات , فإن الأصل هو بقاء حرمة ذلك كما في قوله تعالى: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله) ثم استثنى من ذلك بدليل صريح مساو له في نفس الآية كما في قوله (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم).
أما العبيكان فليس له ولا دليل يستثني حل السحر من الأصل العام وهو المنع من مباشرة السحر والسحرة , ولا حتى في فهم كلام أهل العلم في تفسيرهم لمعنى النشرة , وقد بنى عليه ما ظن أنه قول في إباحتها , سوى قلة قليلة قولهم لا يمكن أن يخرق هذا الأصل إلا أن يكونوا معتمدين على دليل صريح بصراحة الأدلة المانعة.
وحتى قول سعيد بن المسيب رحمه الله لا يفرح به , وليس فيه مستمسك لوجوه:
الوجه الأول: أن كلام ابن المسيب ليس بصريح , وليس كل نشرة تعني حل السحر بسحر , و لا يفهم منه التداوي بالكفر والشرك ولا الذهاب للسحرة والمشعوذين , وحاشاه رحمه الله من ذلك وهل يمكن أن يقول إن في الشرك والكفر نفعاً.!
الوجه الثاني: أن قول ابن المسيب - لو كان كما أراد العبيكان - عليه لا له , لأنه خالف النصوص الصريحة بالمنع من إتيان السحرة وتصديقهم.
الوجه الثالث: أن قول ابن المسيب – لو سلم الاستدلال به – ليس بحجة , وغاية ما يوصف الآخذ به أن يكون مقلدا لا أكثر.
الوجه الرابع: أن الأئمة فسروا كلام ابن المسيب بغير ما أراده العبيكان:
فقد قال في البحر المحيط:
واختلفوا في النشرة وهو أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه، فأجاز ذلك ابن المسيب ولم يره مجاهد. [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262448&posted=1#_ftn1)
يعني أجاز ابن المسيب النشرة على الوجه الذي ذكره أبو حيان , لا قول العبيكان , ومجاهد منع من ذلك كله.
ويقول الألوسي في روح المعاني:
وهو نوع من النشرة وعرفوها بأنها أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه فمنع ذلك الحسن والنخعي ومجاهد وروى أبو داود من حديث جابر أن النبي سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان وأجاز ذلك ابن المسيب. [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262448&posted=1#_ftn2)
فذكر الخلاف في النشرة بعد أن عرفها بأنها: أن يكتب شيء من أسماء الله .. الخ وجعل القول بالمنع من هذه النشرة هو قول الحسن والنخعي ومجاهد , والقول الآخر بالإباحة - على ما وصفها به - هو قول ابن المسيب.
ويقول القرطبي في تفسيره:
واختلف العلماء في النشرة، وهى أن يكتب شيئا من أسماء الله أو من القرآن ثم يغسله بالماء , ثم يمسح به المريض أو يسقيه، فأجازها سعيد بن المسيب. [3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262448&posted=1#_ftn3)
إذاً النشرة التي أباحها ابن المسيب بتفسير أبو حيان والقرطبي والالوسي وغيرهم هي التي تعني أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه .. وليس كما ذكر العبيكان من أنها حل السحر بسحر.
ويقول ابن حجر رحمه الله:
النشرة بالضم هي ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحرا أو مسا من الجن قيل لها ذلك لأنه يكشف بها عنه ما خالطه من الداء ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم في باب الرقية في حديث جابر عند مسلم مرفوعا من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل. الخ
وهذا التعريف أسقطه العبيكان كما سبق , وهو بصريح عبارة ابن حجر يخالف ما فهمه العبيكان من كلام ابن المسيب , كما في قوله: ويوافق قول سعيد ابن المسيب ما تقدم .. والمعنى أن ابن حجر يرى أن النشرة عند ابن المسيب هي ضرب من العلاج وليس حل السحر بسحر.
ويقول في تيسير العزيز الحميد بعد نقل تقسيم ابن القيم للنشرة , فذكر من أنواعها النوع الثاني , وهو ما يكون بالرقية والتعويذات والأدوية المباحة فقال:
هذا الثاني هو الذي يحمل عليه كلام ابن المسيب , وكذلك ما روي عن احمد أنه أجاز النشرة فإنه محمول على ذلك , وغلط من ظن انه أجاز النشرة السحرية , وليس في كلامه ما يدل على ذلك .. الخ كلامه.
إذاً العبيكان بنى قوله بإباحة حل السحر بالشرك والشعوذة على قول لم يتضح منه المراد.!
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262448&posted=1#_ftnref1) - تجده عند تفسيره لقوله تعالى (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة) الآية
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262448&posted=1#_ftnref2) - تجده عند تفسيره لقوله تعالى (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة) الآية
[3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262448&posted=1#_ftnref3) - تفسير القرطبي 10/ 318
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:51]ـ
الوقفة السابعة
في نقله عن الشيخ الألباني
روى الإمام احمد في المسند 2/ 429 وغيره من أصحاب السنن بسند صحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
وقد ساق العبيكان هذا الحديث , ثم استنكر على من يستدل به على تحريم إتيان السحرة بهذه الحديث لعدم ذكر الساحر فيه , فقال:
ومن المؤسف أن بعض الذين تكلموا في هذه المسألة رادين هذه الفتوى، أخذوا يستدلون بما لا دليل فيه ويخلطون بين الساحر والكاهن والعراف، ويستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
ثم قال بعده بأسطر:
وكذلك رواية " أو ساحراً " إن صحت حيث قال الألباني رحمه الله تعالى: (والحديث صحيح الإسناد من حديث أبي هريرة، وقد خرجته في " آداب الزفاف " لكن ليس فيه ذكر الساحر) فالمقصود الذي يتعاطى مع السحر الكهانة.
والجواب عليه من وجهين:
الأول: أنه اعتمد على التضعيف على قول الألباني فقط مع عدم تقصيه ذلك , ولا ننس أن العبيكان ألمح في المقدمة أنه من المجتهدين.
الثاني: أنه خفي عليه أن الألباني نفسه ذكرها بتصحيحه في موضعين آخرين:
الموضع الأول: صحيح الجامع 5939.
الموضع الثاني: صحيح الترغيب 3048.
أما قوله: إن صحت – ساحرا - فالمقصود الذي يتعاطى مع السحر الكهانة.
فهل يعني هذا أن الساحر الذي لا يتعاطى الكهانة يجوز إتيانه ولا يدخل في هذا الحديث.؟!!
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:52]ـ
الوقفة الثامنة
جواب عن تساؤل العبيكان
يقول العبيكان متسائلا:
ما تقول لو أن شاباً أحب امرأة فسحرها لدى ساحر لتتزوجه ثم تاب هل تكفي توبته أو لا بد أن يفك عنها ما فعله بها. ولا أظن عاقلاً يقول بل يتركها تعاني من ضرر السحر، أشار إلى ذلك أحد المشايخ الفضلاء.
والجواب عليه أن يقال:
أولا: ليس الساحر وحده هو من يحل السحر , وقد قلتَ ص 18: ولم يكن الرسول يعرف أنه مسحور، أو من سحره، أو مكان السحر إلا عن طريق الوحي وجبريل عليه السلام، وعامة الناس لا يستطيعون ذلك إلا عن طريق ساحر في الغالب.
والمعنى من كلامك أن هذا في الغالب , وإلا غير الساحر يحصل منه ذلك , ويحصل في العلاج كما في رأي ابن حجر السابق , وفي الرقية وما يماثلها مما يدخل في ذلك.
أما قولك إن الغالب لا يكون إلا عن طريق الساحر فهذا في نظرك , وهو غير صحيح , ووجود هذه الكثرة لدى أبواب السحرة ليس لأنهم طرقوا أبواب الرقية الشرعية وعجزوا ثم تحولوا إلى ما ترى , بل لأنهم وجودوا من يفتيهم أو يسهل عليهم و يحرضهم إتيان أبواب السحرة وغيرهم من المشركين ليحلوا عنهم ذلك.
ثانيا: أنه لا تعارض بين أن يتوب وأن يخبرها بالسحر ووجوده وحله دون أن يذهب للساحر.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:53]ـ
الوقفة التاسعة
تصديق الساحر ضروري لحل السحر
ذكر بعض أهل العلم أنه لا يمكن أن يتصور شخص يذهب إلى ساحر لطلب العلاج وهو لا يصدقه , وهذا لازم لمن قال بالجواز لا محيد عنه , وإلا كيف يحل السحر , وكيف يعلم المسحور بذلك , لأن من المعلوم أنه لو لم يصدق المسحور الساحر لم يحل السحر , ولم تدفع الأموال.
وقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث السابق فيما رواه احمد في المسند عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه فيما رواه الدارقطني وأبو يعلى وغيرهما: (من أتى كاهنا أو ساحرا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:53]ـ
الوقفة العاشرة
تنبيهان
الأول: التنبيه على نقله قول الحسن البصري , فالعبيكان تضارب في نقله لقوله , فمرة نقل ص 7 عن قتادة قوله: وكان الحسن يكره ذلك كله ويقول: لا يعلم ذلك إلا ساحر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومرة نقل قوله بجوازه , قال ص 17: لقد تبين مما تقدم لكل حصيف منصف أن عدداً من الأئمة والفقهاء أباحوا حل السحر من قبل ساحر منهم .. والحسن البصري. [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262452&posted=1#_ftn1)
وقد سكت المؤلف عن منع الحسن من ذلك ولم يعلق عليه وأخذ بالآخر مع كونه لا أصل له.!
الثاني: في قول العبيكان ص 29: ينبغي لمن يختار التحريم أن يحترم الأئمة القائلين بالجواز لا أن يتهمهم بفتح الباب للشر لأنه وإن كان يقصد فتواي؛ فإنه لا بد أن يكون الاتهام للقائلين أولاً بالجواز فإنني مقتدٍ بهم مقتفٍ آثارهم، وليعرف قدر نفسه بدلا من التطاول على أئمة الهدى والدين كالإمام أحمد وسعيد بن المسيب والإمام البخاري وأبي جعفر الطبري وابن حجر ومن ذكرنا والجواب على هذا من وجوه:
الأول: أنه سبق وأن ظهر غلط العبيكان في فهمه لكلام الأئمة الذين يرى انه مقتد بهم مقتف لهم.
الثاني: أن المخالفين له لم يتهموا أحدا من الأئمة بذلك , وقد فهم العبيكان ذلك باللازم كما في قوله السابق: فإنه لا بد أن يكون الاتهام للقائلين.
الثالث: بما أنه غلط في فهمه لقولهم مع بتره لكلامهم فهذا يعني أنه اقتدى بفهمه هو لا بقولهم.
الرابع: انه اعتبر من قال بخلاف قوله متطاولا على الأئمة , فهل يعتبر نفسه متطاولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما جعلها من عمل الشيطان كما في حيث جابر وقد أفتى بخلافه , وكذا ابن مسعود وغيره من السلف.؟
ليست القضية تنابزا وتطاولا , وليس غيره عاجزا عن وصفه بغير هذا , لكن المحك في حقيقة الاقتفاء والاقتداء وضبط أقوال السلف , لا بترها وإسقاط المقصود منها , ومن ثم البناء على فهم خاطئ لها.!
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=262452&posted=1#_ftnref1) - مع أن ابن حجر رحمه الله ذكر ما ينقض قول الحسن قال في الفتح 10/ 233:
وأما ما جاء عن الحسن من الحصر في حل السحر حيث قال: لا يعلم ذلك إلا ساحر فهو ليس على ظاهره , لأنه قد يحل السحر بالرقى والأدعية والتعاويذ) اهـ
أو لعله قصد معرفة هل سُحر أو لا , وليس المقصود علاجه.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 02:54]ـ
وفي الأخير ..
فقد ذكر العبيكان في المقدمة أن الحجة تقرع بالحجة , ولو تتبعت كلامه لم تجد حجة واحدة تدل على قوله ولا ما يلمح إلى قوله , ولا ما يدل على جواز الاختلاف على ما قال , بل أصول الشريعة تكفي بالمنع مما ذكر ولو لم نجد دليلا واحدا , فكيف وقد جاءت أدلة ثابتة تمنع من ذلك , بل فيها من الوعيد والتهديد من مباشرة الشرك والشعوذة , كما في أثر ابن مسعود وأبي موسى.
وهذا يعني أنه ليس كل من قال إنه مجتهد وأن على الناس أن يحترموا رأيه أن ذلك كذلك.
وهل معنى احترام الرأي عدم الرد على ما لم يكن منها صوابا.؟
والله نسأل للجميع الهداية والسداد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 03:19]ـ
من صحيفة الجزيرة
فيما تمت إحالتهُم للشُرطة بانتظار مُحاكمتهم شرعاً
سحرة الطائف يدعون امتهانهُم للسحر لفك السحر مُستندين لفتاوى مُتلفزة تُجيزه
ادعى أحد السحرة المقبوض عليهم ضمن 4 بينهُم امرأة الذين أطاحت بهم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر بمُحافظة الطائف بأنهُ يمتهن السحر من أجل فك السحر مُستنداً لبعض الفتاوى الصادرة مُسبقاً وفق ما أدلى به لأعضاء الهيئة بحضور (الجزيرة) التي شهدت الحملة ضد أوكار السحرة والمشعوذين.
وقال الساحر الباكستاني (محمد أصغر): استمعت عبر التلفزيون فتوى من أحد المشايخ حول أنه يجوز فك السحر بالسحر الامر الذي دفعني للقيام بهذه الأعمال التي تم ضبطي من أجلها على الرغم من التثبُت بأنهُ مُشعوذ ومُصنف من الخطرين إثر مُتابعة أعضاء الهيئة له لأكثر من 6 أشهر، وكان من الصعب الإطاحة به وفقاً لما ذكرهُ رئيس هيئة شهار والمُتخصص في مُتابعة السحرة فهد بن فيصل الثبيتي لحين أن تم إسقاطهُ عن طريق مُخبرة تم الاتفاق معها على أن تطلُب منه عملاً يُقرب زوجها منها ومن ثم تم ضبطهُ بداخل منزله الذي يستقبل فيه زبائن السحر وأصحاب الأحلام المريضة الذين يتوقعون أن الحل على يد هذا الدجال.
إلى ذلك كان أعضاء الهيئة قد ضبطوا مبلغاً زاد عن المائة والخمسين ألفاً زعم بأنها من تبرُعات المُصلين بالمسجد من أجل صيانته وأنهُ هو المسؤول عن جمعها لحين أن اعترف أنها مداخيل السحر والشعوذة بخلاف ما تم ضبطه من الساعات الثمينة والمجوهرات بوكره.
عدد من سُكان حي البُخارية موقع الوكر خرجوا لمُشاهدة عملية الضبط وأشادوا بجهد أعضاء الهيئة في القبض على المشعوذين والدجالين بأوكارهم وعندما حضروا اقتياد الساحر أبدوا استغرابهُم الشديد حوله حيث أفادوا بأنهُ دائماً ما يكون حزيناً ولا يخرج من منزله إلا بالقليل إلا أنهُم أكدوا توافد أعداد من الناس على منزله خصوصاً النساء من أبناء جلدته بعد أن يزدحم الشارع بالسيارات ويخرجون وهُم يحملون أكياساً وعبوات كرتونية غريبة لم تكُن مفهومة ومعروفة وإلا لكانوا قد تقدموا بشكوى حوله وأشاروا إلى أن الأهالي كانوا يُكثرون عليه من المساعدات والصدقات ويُقدمون له الأكل ويُشفقون عليه لكبر سنه الذي قد يتجاوز التسعين عاماً دون أن يعلموا بأنه ساحر ومشعوذ.
وكانت الهيئة قد أحالت السحرة الأربعة للشُرطة للتحقيق معهُم بعد احتراز كامل المضبوطات لديهُم بالإضافة للمبالغ المالية التي تزيد عن النصف مليون ريال بانتظار إكمال الإجراءات النظامية حيالهُم ومن ثم مُحاكمتهم شرعاً.
http://search.al-jazirah.com.sa/2007jaz/mar/20/fe12.htm
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله ابورغد]ــــــــ[14 - Aug-2009, صباحاً 09:24]ـ
أخي العزيز عبدالرحمن الجفن
بارك الله فيك على الرد الرائع والمناقشة العلمية الهادئة والهادفة للوصول الى الحق لا لاتباع الهوى
وحبذا لو عرض على الشيخ ليقرع الحجة بالحجة لو استمر على رأيه هدانا الله جميعا الى الرشد والصواب في القول
والعمل والله يوفقكم
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 06:40]ـ
وانت كذلك اخي عبدالله بارك الله فيك
ووفق الشيخ للرجوع للحق.
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[03 - Apr-2010, مساء 05:53]ـ
للفائدة والاطلاع
ـ[أبو أحمد المهاجر]ــــــــ[03 - Apr-2010, مساء 09:34]ـ
بارك الله فيك يا الجفن.
للأسف الشديد ما هي القضية زلة في فتوى!! لهان الخطب حينئذ، ولكنها فتوى في زلات!! زلة تتبعها زلة، وأخرى تردفها!!
فالرجل لا يصلح، ولو أنه سكت لكان أبرأ لدينه وعرضه، والساحة ملئى بالعلماء.
والله المستعان.(/)
هل من سبيل إلى القص واللصق من شرح الشيخ الخليل على الزاد
ـ[ولد محمد]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 06:14]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
هل من سبيل إلى القص واللصق من هذا الملف:
http://www.alkhlel.com/books/01/05.pdf (http://www.alkhlel.com/books/01/05.pdf)
وهو عبارة عن جزء من شرح للشيخ أحمد الخليل على الزاد
وهو شرع مفيد جدا وبالإمكان اختصاره وجعله أقل مما هو عليه ولكن للأسف حاولت جاهدا الوصول إلى من فرغ الشرح لعلي أحصل عليه على ملف وورد ولكن للأسف لم أوفق لذلك.
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 07:19]ـ
الأخ أبو أسامة الحربي هو من قام بتفريغ شرح الزاد للشيخ أحمد الخليل
وراجع http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=845005
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=150481
ـ[ولد محمد]ــــــــ[13 - Aug-2009, مساء 01:19]ـ
جزاك الله خيرا يا اخي
لكن للأسف الأخ ابو اسامة آخر دخول له للملتقى كان قبل تسعة أشهر
ـ[عبدالله الكناني]ــــــــ[14 - Aug-2009, صباحاً 07:07]ـ
يوجد برنامج لتحويل صيغة bdf إلى وورد ابحث عنه فقد يحل مشكلتك وفقك الله للعلم ويسر لك العمل
ـ[ولد محمد]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 11:45]ـ
جزاك الله خيرا أخي عبد الله ولكن ليست المشكلة في كونه pdf المشكلة هي عدم إمكانية النسخ من الملف فهو على ما أظن مصور بالماسحة الضوئية (سكانر)(/)
أين أجد فتاوى نور على الدرب الصوتية لابن عثمين في الصيام
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 06:33]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام
أين أجد فتاوى نور على الدرب الصوتية لابن عثمين في الصيام
وغير الصيام
حيث أني دخلت على موقع فتاوى نور على الدرب وكلما استمع لفتوى
أجدها لابن باز عليه رحمة الله
ـ[عبدالله الكناني]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 08:43]ـ
لعلك قد تجد ما تبحث عنه هنا
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=2090
أوهنا
http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_242.shtml
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[14 - Aug-2009, صباحاً 12:25]ـ
جزاك الله خير أخي عبد الله الكناني على الإفادة الطيبة
جعلها الله في موازين حسناتك
ـ[عبدالله الكناني]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 11:06]ـ
خذي هذا الرابط لعلة يفيدك
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39283(/)
قال الشيخ ابن عثيمين: هذه الصورة ليست داخلة في الغش!
ـ[أبوالطيب الروبي]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 10:40]ـ
في سياق كلام الشيخ رحمه الله على اشتراط القصد في مفطرات الصيام ذكر الشيخ هذه المسألة
قال أحد التلاميذ وهو في قاعة الاختبار: إنه يكتب الجواب فسمع شخصاً يعلِّم تلميذاً إلى جانبه بالجواب، يسأل هذا التلميذ ويقول: هل يجوز أن أكتب الجواب وأنا سمعته؟
نعيد ـ[السؤال:]
تلميذ على الماسة يكتب الجواب ولا يريد الغش بأي حال من الأحوال، لكنه سمع شخصاً يقول لجاره: الجواب كذا وكذا، والجواب صحيح، فهل يجوز أن ينقل الجواب أم لا يجوز؟
نقول: إنما علمه الله، هذا رزق جاء بدون تعب، فلا حرج أن يكتب الجواب، حتى لو فرض أنه لم يكن يعرفه فيكتبه؛ لأنه ما حاول الغش ولا غش.
اللقاء الشهري - (61/ 1)(/)
نصيحة الشيخ ابن عثيمين لبعض أئمة المساجد وأولياء الأمور والموظفين في رمضان
ـ[أبوالطيب الروبي]ــــــــ[13 - Aug-2009, صباحاً 10:42]ـ
وقفت على هذه الكلمة للشيخ فرأيت نقلها للفائدة.
قال رحمه الله!
ومن خصائص هذا الشهر: أن العمرة فيه تعدل حجة لحديث: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، حتى لو اعتمرت فطفت وسعيت وقصرت ومشيت تعدل حجة، فليس بلازم أن تبقى يوماً أو يومين أو أكثر، إنما عمرة واحدة تعدل حجة.
وبهذه المناسبة أقول: إن العمرة في رمضان سنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، وهذا يعني الحث عليها، ولكن إذا كان الإنسان إمام مسجد أو مؤذن مسجد فهل من حقه أن يذهب من أول يوم من رمضان ويبقى هناك إلى آخر الشهر؟ لا يجوز له ذلك؛ لأن قيامه بواجب الإمامة وواجب الأذان حتم واجب عليه، فكيف يليق بالمؤمن أن يقدم النفل على الواجب؟!!
بعض الناس يعبدون الله تعالى ويريدون الخير لكن يجهلون، يقول: أذهب هناك في رمضان أستأنس والحرم والعالم، نقول: لا بأس، هذا طيب، لكن بقاؤك لأداء الوظيفة أفضل، لأنك إذا ذهبت وتركت الوظيفة أثمت.
وبعض الناس يذهب بأهله إلى هناك، وليس له وظيفة، لكن ذهب بأهله وترك الفتيات والفتيان لا يبالي بهم، يخرجون إلى الأسواق يتسكعون فيها وربما ينالهم أذىً من السفهاء، وهو جالس في المسجد الحرام وتاركٌ ما يجب عليه، فإنه يجب عليه رعاية أهله وتحصينهم من سوء الأخلاق، لكن كثير من الناس عمرتهم عاطفة فقط، لا ينظرون إلى الأمور ويزنون بعضها ببعض حتى يعرف ما هو الأحسن والأفضل.
اللقاء الشهري - (61/ 1)(/)
سؤال عن امامة المسبوق
ـ[ابواسحاق]ــــــــ[14 - Aug-2009, صباحاً 02:22]ـ
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد
دخلت المسجد وقد انقضت صلاة الجماعه فهل يجوز لى ان اقتدى بمن كان يصلى مع الجماعه ويقضى ما فاته وجزاكم الله خيرا
ولى طلب اخر اريد بحث او رساله فى هذا الموضوع
ـ[التوحيد]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 06:18]ـ
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -: " إذا دخل المسبوق المسجد وقد صلى الناس ووجد مسبوقاً يصلي، شُرِعَ له أن يصلي معه ويكون عن يمين المسبوق حرصاً على فضل الجماعة، وينوي المسبوق الإمامة ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، وهكذا لو وجد إنساناً يصلي وحده بعد ما سلم الإمام شُرِعَ له أن يصلي معه، ويكون عن يمينه تحصيلاً لفضل الجماعة، وإذا سلم المسبوق أو الذي يصلي وحده قام هذا الداخل فكمل ما عليه؛ لعموم الأدلة الدالة على فضل الجماعة، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى رجلاً دخل المسجد بعد انتهاء الصلاة قال: " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه " (رواه أبو داوود 574).
ـ[ابواسحاق]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 10:19]ـ
جزاك الله خيرا
هل يوجد اقوال للسلف فى هذه المسأله
ـ[التوحيد]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 12:38]ـ
قال الإمام النووي في روضة الطالبين: (لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة، سواء اقتدى به الرجال أو النساء).
وقال القاضي حسين: فيمن صلى منفرداً، فاقتدى به جمع ولم يعلم بهم، ينال فضيلة الجماعة، لأنهم نالوها بسببه، وهذا كالتوسط بين الوجهين).
ـ[ابواسحاق]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 04:04]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[حمد]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 06:02]ـ
http://www.elshabab.com/docs/general/index.php?eh=newhit&subjectid=3093&subcategoryid=153&categoryid=15
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144032
ـ[أبو أيوب المصري]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 09:53]ـ
الأخ أبو إسحاق:
المسألة - باختصار - فيها خلاف بين أهل العلم على قولين:
القول الأول: وهو جواز هذه الصورة
وبه قال الشافعية والحنابلة
القول الثاني: لا يجوز الائتمام به
وبهذا قال الحنفية، والمالكية.
وأما ما ذكره الشيخ الشنقيطي - حفظه الله - من نسبته عدم الجواز للجمهور، فهذا لا أعرفه، ولم أقف عليه.
فلعل أحدا أن يأتينا به لنستفيد.
وفوق كل ذي علم عليم.
ـ[ابواسحاق]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 02:29]ـ
سمعت من احد الاخوه ان بن حزم نقل اثر عن صحابى قال كنا نفعل ذلك فى كتاب المحلى
ولكن للاسف لا يوجد عندى الكتاب فمن يبحث عنه وله الاجر(/)
ماصحة قاعدة "الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة" وما تطبيقاتها واستثناءاتها؟
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 12:27]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي الإخوة الأفاضل في هذه القاعدة: الحاجة تنزل منزلة الضرورة , عامة كانت أو خاصة.
هل هي قاعدة صحيحة؟
و إن كانت كذلك فما هي ضوابط تطبيقها؟ و ما استثناءاتها؟
ـ[الحواسم]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 09:02]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي الإخوة الأفاضل في هذه القاعدة: الحاجة تنزل منزلة الضرورة , عامة كانت أو خاصة.
هل هي قاعدة صحيحة؟
و إن كانت كذلك فما هي ضوابط تطبيقها؟ و ما استثناءاتها؟
الحاجه فان المسلم له مجال للاختيار بين اعمال او احكام او بين مذهبين او بين افضل و مفضول ام الضروره فالاختيار يكون بين حلال و حرام بشرط ان لا يصل الى الكفر لان الكفر الى المكره لا حاجه و لا ضروره الى المكره اكراه معتبر، ام دون الكفر يجوز للمضطر ان يختار بين الحلال و الحرام،و لاكن الصبر افضل.هذا ما تقرر عندي و الله تعالى اعلم و احكم و السلام عليكم
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 09:22]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=37585
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 11:40]ـ
جزاكم الله خيرا على ردودكم الطيبة.
لكن الإشكال عندي في التسوية بين الحاجة العامة والحاجة الخاصة.
و هل العبرة بعمومها و خصوصها أم بشدتها سواء عمت أو خصت؟
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 06:03]ـ
وجدت كلاما مفيدا للشيخ الشثري حفظه الله في شرح المنظومة الفقهية يفرق فيه بين الضرورة والحاجة و يبين عدم صحة اطلاق القول بالقاعدة محل البحث , يقول:
(الصواب أن يقال في تفسير الضرورة: ما لحق المكلَّف ضرر بعدم فعله ولا يقوم غيره مقامه، بخلاف الحاجة فإن الحاجة هي ما يلحق المكلَّف ضرر بتركه، لكنه قد يقوم غيره مقامه.
مثال الضرورة: إذا كان الإنسان مضطرا ولم يجد إلا الميتة، فهنا لو ترك الميتة لحقه ضرر ولا يقوم غيره مقامه، ما يجد إلا الميتة فهذا ضرورة.
ومثال الحاجة: ما ورد في الحديث أن النبي (انكسر إناؤه فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، فهذا حاجة يمكن أن يلصق الإناء بعضه ببعض بحديد أو بغيره بصفر أو بغيره من الأمور التي يحصل بها الالتحام، فهذه حاجة.
والضرورة تبيح المحظور مطلقا، بينما الحاجة لا تبيح المحظور إلا إذا ورد معها دليل؛ لذلك فقول بعضهم: الحاجة تَنزل منزلة الضرورة لا يصح على اختيار هذا الضابط السابق.)
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 10:27]ـ
على السريع وبدون الرجوع لأي مصدر، الذي أعرفه: أن الحاجة إذا كانت عامة فقط تنزل منزلة الضرورة أي إذاكانت كلية، وتعرف في مذهب مالك بقاعدة (جواز الأمر الكلي الحاجي)، فهنا يرخص في المحظور بقدر الضرورة وسماها بعض المعاصرين (الرخصة الاجتماعية).
أما الحاجة إذا كانت خاصة أي فردية فكيف يعطى لها حكم الضرورة بدون أي داعٍ كالأمر السالف مثلاً؟!، فنكون بذلك قد ألغينا أهمية درجات ومراتب المصالح التي هي مناط الأحكام.
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 06:48]ـ
عن الشبكة الإسلامية islamweb.com
جزاكم الله خيراً، كنت قد بعثت لكم بسؤال وكان رقمه 232567 وهو بخصوص قرض إسكاني وأرسلتم لي فتاوى ولكنها ليست بخصوص سؤالي، أو ما طلبت ولكنها فتاوى مشابهة فأرجو منكم الإجابة أو الفتوى المحددة لسؤالي حتى أعلم الحكم وما علي فعله وجعل الله ما تفعلون في ميزان حسناتكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاقتراض بفائدة لا يجوز إذ الفائدة هي الربا المحرم ولا شك، وقد حرم الله تعالى الربا ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكله وموكله كما ثبت في صحيح مسلم فلا يحل لمسلم التعامل به إلا في حالة الضرورة الملجئة شأنه كشأن سائر المحظورات التي تبيحها الضرورات، قال الله تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ [الأنعام:119].
والضرورة هي بلوغ الشخص حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب، وألحق بعض العلماء بالضرورة الحاجة عامة كانت أو خاصة كما جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي قال: الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة. انتهى.
والحاجة دون الضرورة فلا تؤدي إلى الهلاك وإنما تؤدي إلى الحرج والمشقة التي لا تحتمل عادة، وتختلف الحاجة باختلاف الأشخاص والأزمان والأماكن، ولا شك أن هذا النوع الذي ذكره السيوطي قريب من حال الاضطرار قربا شديداً إن لم يكن من جنسه، وعلى كل فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1432 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=1432)، 6689 (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=6689)، 14049 (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=14049).
والله أعلم.(/)
جنايات على العلم والمنهج .. (18) تضييع الغاية العظمى التي ترجى من البحث والنظر وتعلم ا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 04:02]ـ
جنايات على العلم .. والمنهج .. (18) تضييع الغاية العظمى التي ترجى من البحث والنظر وتعلم العلم ..
بسم الله والحمد لله ..
نعم فمن أعظم الجنايات على العلم والمنهج = تضييع الغاية والهدف السامي للبحث والنظر وطلب العلم.ولاشك أن هناك غاية عظمى هي الإطار الخارجي لكل عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه من طلب علم وغيره وهي: بلوغ مراضي الله ومحابه بحيث يوصل ذلك إلى الجنة والفرار من مساخط الله ومعصيته وما يبغضه وما يعقب ذلك من استحقاق النار.
لكن هناك لكل عبادة غاية عليا تختص بها،كما إن غاية الصلاة العليا الإتيان بأركانها وواجباتها ومستحباتها على وجه التمام والكمال، وكذلك طلب العلم ليس بدعاً،بل له غاية عليا تختص به إذا فهمتها وعقلتها أعانك ذلك أيما إعانة على طلبك للعلم وعلى فهم مرادنا بالتفنن. ولما أضاع الناس-إلا من رحم-تلك الغاية أضلتهم عن الاجتهاد والإبداع والابتكار ووقعت بهم في وهدة التقليد والتبعية والتقرير والشرح المجرد.
وهذا أوان الفحص عن تلك الغاية؛كي لا نُسرف في وصف الباطل من غير أن ندل على الحق ..
فالغاية العليا لطلب أي علم من العلوم الشرعية هي بلوغ الهدي الأول،واللسان الأول، وأعني بالهدي الأول:معرفة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون وأتباعهم (القرون المفضلة) في هذا العلم ثم الأمثل فالأمثل بعد ذلك من الأئمة مالم يختلط كلامهم ومناهجهم بكلام ومناهج الفلاسفة والمتكلمين.
وأعني باللسان الأول: ذلك اللسان الذي عبر به الصدر الأول عن المعاني قبل أن يستبدل قوم الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ولعل رجلاً يعجب فيقول: قد كان لمن سميتَ بعض كلام في أبواب العلم التي ندرسها اليوم ولكنهم لم يستوعبوا كل باب بالكلام وثمَ أبواب لم يطرقوها قط .. ثم هذا الصدر الأول ذاته قد اختلف أهله في كثير من مسائل العلم فأصاب بعضهم وأخطأ بعضُ، وإنما يَنْفُقُ قولك لو كانوا قد أجمعوا على شئ في أبواب العلم تلك .. أما وقد اختلفوا فأي هدي تأمرنا أن نطلب (؟؟)
ونكشف عجبه فنقول:
إن الله تبارك وتعالى بعث نبيَه بالهدى ودين الحق فكان فرقاناً فرق الله به بين الحق والباطل، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم اشتد الناس في طلب الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فكان من هذا الحق أبواباً بُينت بياناً ظاهراً لا عذر لأحد في الإعراض عنه،ولا زالت بينة إلى يوم الناس هذا.
وكانت منه أبواب هي أبين ما تكون عند السلف الصالح صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ولازالت بينة عند من رزقه الله معرفتها إلا أنها خفيت على أقوام آخرين أو عرفوها وأعرضوا عنها.
وكان من هذا الحق أبواب اختلف السلف في تمييزها اختلافاً محفوظاً أذن الله به؛ليبتليهم وليجعل فرض معرفة هذا الحق والاجتهاد في طلبه من أعظم وأجل أبواب عبوديته. وجعل الله هذا الحق مفرقاً في المسلمين فيصيب بعضه بعضهم ويخطئ بعضهم بعضه، ويصيب الذي أخطأ أخرى، ويخطئ الذي أصاب أخرى، ولم يجعل الله عليهم من حرج ولم يحرمهم من أجر ما آمنوا واتقوا ولزموا البينة متى ظهرت لهم ولم يبغ بعضهم على بعض.
فطلب الهدي الأول الذي هو غاية كل طالب علم: هو طلب أبواب الحق هذه بمراتبها الثلاث،مع معرفة قدر كل مرتبة وما يتعلق بها من أحكام، وأن يكون هذا الطلب وفق منهاج الصدر الأول في معرفة الحق، فيكون همُك معرفة الحق،وأن تسلك لمعرفة الحق نهج وسبيل الصدر الأول في طلب الحق.
وأنت إذا تأملتَ أحوال هذا الصدر الأول وجدت منهاجهم في طلب الحق منهاجاً فطرياً سوياً وقوامه أمران:
الأول: السُنن والآثار؛ يعرفون بها ما بلغه نبيهم عن ربهم جل وعلا وما بلغه نبيهم لصحابته، وما حُفظ عن الصحابة والتابعين وأتباعهم من سنن وهدي يُعين على فهم الوحيين، ثم ما يُنقل بعض ذلك عن أئمة الدين من كلام يكون دليلاً على الحق.
والثاني: العربية؛ ومعرفة أحكامها وسننها الذي يُفهم به مراد القرآن العربي ولسان النبي العربي وكلام العرب الأقحاح الذين حملوا هذا الدين إلينا.
ذلك أن الباطل يدخلُ على الإنسان من بابين:
الأول: قبول الكذب.
الثاني: الخطأ في تفسير الصدق.
(يُتْبَعُ)
(/)
فكان الاعتصام بالسنن وضبط أحكام نقلها وأحوال نقلتها عاصماً من قبول الكذب إلا ما شاء الله.
وكان الفقه بالعربية واللسان الأول وكيف كانت العرب تتصرف في لسانها الذي جاء الوحي به،ثم الفقه بلسان كل متكلم من بعدُ وضبط أحكام فهم كلام المتكلم =عاصماً من الخطأ في تفسير الصدق إلا ما شاء الله.
فالواجب على من طلب علماً من العلوم إذا كان يروم الهدي الأول واللسان الأول أمور:
1 - أن يطلبَ ما يتعلق بكل مسألة من مسائل هذا العلم في كلام الله وكلام رسوله.
2 - ثم يطلبُ ما يتعلق بكل مسألة من مسائل هذا العلم في كلام صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
3 - ثم يطلبُ ما يتعلق بكل مسألة من مسائل هذا العلم في كلام التابعين وأتباعهم القرنين المفضلين بعد الصحابة.
4 - ثم يطلبُ ما يتعلق بكل مسألة من مسائل هذا العلم في كلام أئمة الهدى بعد القرون المفضلة وإلى زماننا هذا.
5 - ثم يطلبُ ما يتعلق بكل مسألة من مسائل هذا العلم في كلام أهل البدع من المعتزلة والأشاعرة وأضرابهم، وأن يُسميهم في ذلك بأسمائهم تلك فهم ما كتبوا في تلك العلوم إلا بمنهاج يتسق وأسماءهم تلك.
حتى إذا اجتمعت لديه مادة الباب وجب عليه أن يعلم:
6 - أن اللسان الأول العربي الذي نزل به القرآن كان قد بدأ اختلاطه بألسنة المولدين وألسنة نقلة العلوم عن اليونانية في آخر دولة بني أمية.
7 - وأن الهدي الأول الذي كانت عليه القرون المفضلة علماً وعملاً كان قد بدأ اختلاطه بما نقله المترجمون ونشرته المعتزلة وباقي الفرق الناقلة من مذاهب وآراء الفلاسفة.
8 - ولازالت معاول الهدم تلك تعمل في بناء الهدي الأول قرناً من بعد قرن، فملأت المعتزلة والأشاعرة وأضرابهم أبواب الإيمان والسنة ضلالاً وبدعاً. وأثرُ بدع المعتزلة والأشاعرة المولدة من الفلاسفة على أبواب الإيمان والسنة=ليس خافياً على جمهرة المشتغلين بالعلم من أهل السنة ولله الحمد.
9 - إلا أنَّ الذي غفل أو تغافل عنه أكثر المشتغلين بالعلوم الإسلامية ودسوا رؤوسهم في التراب فراراً منه،وزعموا عدم وجوده تارة، أو قلته تارة أخرى، أو انحساره في علوم معينة تارة ثالثة=هو أثر مولودي الفلسفة (الاعتزال والتمشعر) على باقي العلوم الإسلامية (النحو والصرف والبلاغة واللغويات وأصول الفقه وعلوم الحديث وعلوم القرآن) لم ينجُ علم من علوم الإسلام من هذا الأثر، وكيف لعلم أن ينجو وجمهرة علماء كل علم بداية من القرن الثالث الهجري (وهو القرن الذي كتبت فيه أصول كتب العلم التي يرجع إليها الناس اليوم) هم من المعتزلة وإخوانهم.
10 - وأئمة المعتزلة لم يشغلوا أنفسهم بضبط منهج التلقي والاستدل كما كان عليه الصدر الأول،وإنما شقوا لأنفسهم منهجاً علمياً ورثوه عن كتب الفلسفة اليونانية،ومن البين اللائح: أنهم حين يكتبون في أبواب العلم المختلفة إنما يصدرون عن هذا المنهج الذي امتلأت به قلوبهم، فأنى لنا أن نزعم أن كتاباتهم هذه ستكون موافقة للهدي الأول (؟؟)
11 - وهذا المنهج الذي ساروا عليه هو عين المنهج الذي سطروا وفقه مذاهبهم في الإيمان والسنة،ومعركتهم مع مخالفيهم في الإيمان والسنة هي أم المعارك، وكانوا واعين متنبهين لذلك، فما كتبوا في علم من العلوم إلا وأصولهم ومذاهبهم في الإيمان والسنة أمام أعينهم يشدون بما يكتبون في كل علم تلك الأصول ويعضدونها. ومن كان منهم غافلاً عن هذا،فيكفي وحدة المنهج العلمي المأخوذ عن الفلسفة اليونانية =ليُخرج ما يكتبه عن سنن الهدي الأول.
12 - وبواسطة معبر المعتزلة هذا وقع الأشاعرة وإخوانهم فيما وقع فيه المعتزلة فمقل ومستكثر حتى كان قرن الرازي فلم يبق بين الأشاعرة والمعتزلة فروق كبيرة في المنهج، وكان الأشاعرة من القرن الخامس قد تسلموا راية التصنيف في العلوم من المعتزلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فباتت الغاية العليا لطالب العلم أن يُخلِّص المنهج الحق من المنهج الباطل في كل علم من العلوم،وأن يعلم أن اتباع الهدي الأول في دراسة العلوم ليس هو فقط معرفة الحق في نفس الأمر في كل مسألة، بل هو قبل ذلك دراسة مسائل العلم وفق المنهج الإسلامي لصحيح .. منهج الصدر الأول .. وأن يُخلِّص هذا المنهج من كل قاعدة فلسفية، وأصل يوناني،وطريقة اعتزالية ومسلك أشعري= في تلقي مسائل العلم ودراستها ومعالجتها. وأن يعلم أنه لن يسطيع بيان الحق الذي كان عليه الصدر الأول مالم يفقه الباطل الذي خرج إليه من حاد عن سنن الصدر الأول.
وإذاً: فالسلف وإن لم يتكلموا في كل علم وإن لم يتكلموا في كل مسألة من مسائل العلم =فقد كان لهم منهج فطري في تناول أبواب العلم وقد هدى الله لهذا المنهج من يشاء ممن بعدهم ومن الأئمة الأربعة ومن عاصرهم ومن بعدهم وضل عنه أكثر الناس، فكان الواجبُ طلبُ هذا المنهج والوقوف عليه ودراسة مسائل العلم على سننه،ومحاولة تقيل طريقة السلف وقول وفعل ما كانوا ليقولوه وليفعلوه لو كانوا هم درسوه وتكلموا فيه.
ولن تعدمَ وأنت تقرأ في مناهج المحدثين والنحويين والأصوليين وغيرهم من يتقيل هذا المنهج ولكنهم قليل من قليل.
ولا يهولنك أو تغتر بأنك تجد أقواماً من أهل السنة واتباع السلف قد قالوا أو كتبوا أو وافقوا شيئاً مما يجري على أصول وقواعد الفلاسفة والمتكلمين، وأخطأوا إصابة نهج السلف، ولتعلم أن الباطل لا يأتي خالصاً قط بل لابد أن يكون مشوباً بشئ من الحق، ووأن الكذب لا يأتي صريحاً قط، بل لابد وأن يُزين بشئ من الصدق؛ ولذا ربما راج على نفر ممن طلبوا منهج السلف وأعرضوا عن مناهج المتكلمين=شئ غير قليل من طرائق أولئك.
ولتعلم أن هذا الأمر الذي ندعو إليه جد صعب وأن طريقه شاق عسير، فنفض غبار اثني عشر قرناً بما فيها من ظلام كثير ونور قليل ومحاولة العودة للنور الغالب في الصدر الأول=من أشق ما يكون على فرد واحد .. ولكن إن كثر السالكون هان الوعر.
ولتعلم أن أقواماً ممن سبقونا من أهل العلم قد حاولوا هذا الباب حتى فتقوا فيه أشياء وهداهم الله إلى شئ غير قليل من الهدي الأول،كأمثال شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم.
إلا أنهم ابتلوا برجلين:
الأول: من لا يزال مستمسكاً بزبالات الفلاسفة التي ورثها عن كتب النحو والبلاغة والأصول والحديث، يَعُدُ تحريرات هؤلاء الأئمة مجرد رأي خالفوا فيه من هو أقدم منهم وأعلم غافلاً عن أن هذا كان من هؤلاء الأئمة خرق وكشف لحجاب الظلام العائق عن تبين النور الأول، وإن أحسن هذا الرجل قبل ما أتى به الشيخان وأضرابهم في بعض الأبواب كالاعتقاد والسنة، كأن أئمته يلبسون ثوب السلفية إن تكلموا في النحو والبلاغة ثم يضعوه على المشجب مرتدين ثوب البدعة إن تكلموا في الاعتقاد والسنة.
الثاني: من يظن أن الشيخين وأضرابهما قد أصابوا من باب الكشف عن الهدي الأول=كل شئ، وأنهم ما أخطأوا منه شئ .. فإن جئتَ تقول له: ليست المسألة الفلانية مما يجري على أصول السلف بل هي جارية على أصول المتكلمين صك وجهك بقوله: كيف وقد تكلم بها شيخ الإسلام (؟؟)
وكيف ولم يُنبه على ذلك شيخ الإسلام (؟؟)
وغفلوا أولئك عن أن الجبهة أعرض من أن يبلغ الصواب فيها ويملك زمام الحق منها واحد من الناس مهما بلغ كمال عقله ووفور علمه ورجاحة رأيه، وأن زمان عيش الشيخ وأضرابه كان حافلاً بآلاف المسائل التي ضل الناس فيها عن الهدي الأول، وأن أعمارهم محال أن تستوعب الكشف عن كل ضلالة أو حتى تبينها.
فباب الاجتهاد-لمن كان أهلاً له-مفتوح على مصراعيه لكل من رام درس العلوم درساً على منهاج السلف الصالح،ولكل من رام أن يهدم لبنة في ذلكم البناء المتطاول الذي بناه المعتزلة والأشاعرة في النحو والبلاغة والأصول والحديث على أساس من المنهج الفلسفي اليوناني. وكل من تم له ما ندعوا إليه = تم له شرط التجديد في العلم.
يبقى سؤال مهم: ألا يكون أبداً في كلام أولئك العلماء المصنفين في العلوم =حق يستحق أن يُقبل (؟؟)
أم كل ما قالوه باطل يجب رفضه (؟؟).
والجواب: أن دينَنا علمنا أنه حتى إبليس يُجري اللهُ الحق على لسانه، وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحق من يهودي وأقره عليه.
لكنَّ الواجبَ معرفتُه أنه ما من مسألة شرعية أو قدرية، من خلق الله أو أمره، إلا وبيانُها الشافي في الفرقان الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وطريق الوصول إليها وفق منهج الصدر الأول ممكن غير متعذر ولا ممتنع.
وهل يُمكن لأهل البدع والمناهج الفلسفية والطرق الكلامية أن يَصلوا لشئ من الحق إذا ساروا على مناهجهم تلك (؟؟)
نعم. هذا ممكن غير ممتنع.كما أن المقلد تقليداً محرماً أو المتعصب لشيخه وإمامه قد يُوافق القول الحق تبعاً لشيخه، وما إصابته للحق برافعة عنه إثم سلوكه لطريق غير شرعي في إصابة هذا الحق. فالواجب عدم الاغترار بالحق الذي في كلام أولئك اغتراراً يقود إلى الغفلة عن إعراضهم عن طريق السلف الصالح في التلقي والاستدلال.
فإن وجد منهم-وهو موجود-من يصيبُ الحقَ وفق الطريق الشرعي المأذون به=طريق الصدر الأول ومنهاجه=فأهلاً وحيهلا وهو خير فيهم يُحمد ولا يذم بل يُذكر فيُشكر.
وثم جهة أخرى للصواب في كلام أولئك ترجع لإصابتهم للحق بما بقي معهم من نور الإسلام،وترجع لسلامة شيء من مناهجهم، وترجع لنوع من البحث الصناعي الذي لا يتعارض مع مع ما قررناه. ولكن لم يتم لي تحرير عبارتها بعدُ فأرجئها إلى حين ..
والحمد لله وحده ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 06:19]ـ
............
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[25 - Sep-2009, صباحاً 12:37]ـ
للفائدة ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[22 - Mar-2010, مساء 01:04]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل وجزاكم الله خيرا على هذا الكلام المفيد. اسمح لي بشيء من المداخلة: لكن هناك لكل عبادة غاية عليا تختص بها،كما إن غاية الصلاة العليا الإتيان بأركانها وواجباتها ومستحباتها على وجه التمام والكمال 1 - الذي علمت أن الغاية العليا من الصلاة هي (ذكر الله): ((ولذكر الله أكبر)). 2 - هل من تأصيل سلفي لهذه المصطلحات: أركان، واجبات، مستحبات؟ ومرة أخرى: جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - Mar-2010, مساء 02:12]ـ
بارك الله فيك ..
(ذكر الله) بالمعنى العام داخل تحت الغاية العظمى لا العليا التي هي العبودية، وبالمعنى الخاص فالصلاة هي بعض الذكر وليس الذكر غاية للصلاة ..
جزاك الله خيراً ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[22 - Mar-2010, مساء 05:08]ـ
وما هذا الفرق يا شيخنا بين (العظمى) و (العليا). . ما تأصيله من اللسان الأول؟ وما تقولون في قوله تعالى (وأقم الصلاة لذكري)؟ هل جعل الشيء يتغي نفسه؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - Mar-2010, مساء 10:49]ـ
احرص على أذكار الصباح لتكن من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ..
هل العبارة سائغة؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[23 - Mar-2010, صباحاً 08:51]ـ
سائغ ولا شك. . وفيه أن الأول تغيّ الثاني تماما مثل قوله تعالى (وأقم الصلاة لذكري). فالأول وسيلة والثاني غاية. لكن ما هذا التفريق يا شيخنا بين (العظمى) و (العليا). . وما تصور الصحابة عن (الأركان) و (الواجبات) و (المستحبات)؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - Mar-2010, مساء 12:07]ـ
فالأول وسيلة والثاني غاية
فلم لم تستشكل أن الوسيلة ذكر والغاية ذكر
ولم لم تسأل:
هل جعل الشيء يتغي نفسه؟
أما سؤالك:
لكن ما هذا التفريق يا شيخنا بين (العظمى) و (العليا)
فهو مجرد تقسيم تعليمي ليفصل بين الغايات الخاصة بكل عبادة وبين الغاية العظمى التي تشمل العبادات .. ولا يمتنع أن تتعدد العلل الغائية من الفعل ..
وما تصور الصحابة عن (الأركان) و (الواجبات) و (المستحبات)
فهذا بحث يطول ..
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[24 - Mar-2010, مساء 02:01]ـ
جزيتم خيراً
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[28 - Mar-2010, صباحاً 10:17]ـ
لا يا شيخنا. . ذكر (الغاية بجانب الوسيلة) شيء و (جعل الأمر تغي نفسه) شيئ. فالأول سليم والثاني مشكل. . بل دور باطل.
والإتيان بـ"الأركان والواجبات والمستحاب" هو في نفسه جزء من مسمى (الصلاة) أصلا. . . فترى، كيف تغي الشيء بعضه؟؟!!!(/)
أطالب علم أو منحرف يهلك أو يُلم؟
ـ[ابن مفلح]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 05:26]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد مرّت بي كما مرّت بغيري حالات لأناس عرفناهم وعاشرناهم وطلبوا معنا أو علينا بعضًا من العلم لمدة طالت أو قصرت ثم رأيناهم بعد ذلك قد انتكسوا –عياذًا بالله- وانحرفوا ليس عن طلب العلم فحسب بل عن التدين بعامة، وحسب بعضهم أن يصلي الصلوات الخمس ولو في غير وقتها -ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم-.
حُدثتُ عن بعضهم أنه صار في أحوال متردية؛ معاقرة للخمور، ومجالسة لأهل اللهو والفجور، وتقحمًا لفظائع الأمور، وتسكعًا مع البنات، على النواصي والطرقات، وكثيراً ما يتصلن عليه في بيت أبيه وأمه.
وآخر صار يتعامل بالربا، أويسرق أموال الناس ويأكلها بالباطل.
وثالث كان محاميًّا وترك مهنته لما رأى فيها من شبهات، ثم هاهو الآن قد عاد إلى مهنته الأولى وصار يأخذ القضايا التي كان بالأمس يعدها من التحاكم إلى غير الله تعالى.
هذا بعض من نماذج كثيرة عرفناها أو سمعنا عنها ممن انحرف إلى جانب الشهوات.
ولا تسل عمن انحرف إلى جانب الشبهات فصار من المبتدعة بعد أن كان سنيًّا على الجادة، بل بعضهم قد صار إلى الزندقة والإلحاد أو الليبرالية والحداثة وأغرق في العناد –نسأل الله السلامة والعافية-.
ألا وإن لهذه الانحرافات أسبابًا كثيرة تستدعي بسطًا لتحذر، كما يتعين معرفة أسباب الثبات ودوام الاستقامة ليعَض عليها المرء بنواجذه –مستعينًا يالله تعالى معتصمًا به- "ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم".
غير أنني في هذه المقالة أود أن أنبه على أمر أُراه سببًا لانحرافات كثيرة؛ ألا وهو هذه الثنائية المقيتة التي أفرزتها بعض مناهج الدعوة، و ساهمت في ترسيخها بعضُ الطروحات، وصاحَب ذلك حماسٌ وسوءُ فهم وضيقُ عطن من جمهرة من المتلقين.
هذه الثنائية مفادها: "أن المرء إما أن يكون طالب علم ثم عالمًا، وإما أنه غير ملتزم بل هو من أهل الدنيا الملعونة الملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالمًا ومتعلمًا".
وقد أفرز هذا الطرح الغالي زهدًا في سائر أبواب الخير التي يمكن أن يُخدم الدين من خلالها.
بل إنه أورث لدى بعضٍ تزهيدًا في أعظم ثمار العلم وهو الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أن ذا لا يكون إلا بعد التحصيل والتمكن، وأن مخالطة الناس لدعوتهم وتغيير ما فشا فيهم من منكرات مضيعة للأوقات.
مما أخرج أناسًا إن خاطبوا الجماهير خاطبوهم من أبراج عاجية غير مكترثين بمشاعرهم ولا مستشعرين لقضاياهم ومشكلاتهم.
والمقصود -يا محب- أنه وفقًا لسنة الله الكونية التي لا تتغير ولا تتبدل لم يفلح كثير ممن سلك طريق التدين في طلب العلم إما لضيق ذات اليد وإما لعدم الاستعداد الذهني وإما لعوائق اجتماعية أو أمنية أو غير ذلك، ومهما يكن من شيء فكل ميسر لما خلق له.
وقد انحرف منهم جم غفير كما سبق.
وكان من المفترض على أهل العلم والناصحين أن يتفطنوا في مواهب هؤلاء فيوجهونهم إلى ما يحسنون لتنتفع الأمة بجهودهم ويسدوا ما يحسنون من ثغور.
وكم سئلت وسئل غيري من بعض طلبة الطب أو الصيدلة أو الهندسة فضلًا عمن دونها من المجالات الدراسية عن منهج علمي شرعي يدرسونه، وبعضهم كان يريد ترك كليته ليتفرغ لطلب العلم!
بل بعضهم قد تخرج بالفعل ومارس وظيفته ثم لما سمع عن فضل العلم تحمس وأراد ترك وظيفته ليتفرغ للتحصيل –زعم-.
وفي هذا من الفساد ما لايخفى على لبيب.
فقد خلت هذه المجالات وأخواتها من المتدينين، وصرت لا ترى عامة المتدينين إلا في المسجد للصلاة أو على بابه لبيع السواك والعطور والأشرطة الدينية ونحوها.
فلم يعد لشباب الصحوة تأثير في المجتمع ولا هم يوجدون في مواقع التأثير والتغيير.
وصار حالهم كما قال الأول:
ويُقضَى الأمر حين تغيب تيم ... ولا يُستأمرون وهم شهود
وقد كنت أوجه بعضهم إلى ما أراه نافعًا له، إذ كان يظهر لي من حاله عدم تأهله لمجال الطلب.
ولا ريب أن هذا محض النصيحة الواجبة ولو أغضب ذلك المنصوح أو غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
يُذكر عن العلامة النابغة الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى أن رجلًا جاءه ليتعلم العروض، ورأى الخليل -لنباهته وفطنته وبعد نظره- أن الرجل لا يصلح لتعلم هذا الفن، فأعطاه بيتًا ليقطعه، وهو:
إذا لم تستطع شيئاً فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
وكان الرجل فطنًا كذلك، ففهم المقصود، واتجه إلى علم النحو فنبغ فيه.
إننا بحاجة إلى مربٍّ فطن يحسن توجيه المواهب فيما تحسنه وتوظيفها فيما يعود بالنفع على صاحبها وعلى أمته كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فيوظف مواهب أصحابه فيما يحسنونه.
ألا ترى –وُفِّقتَ- أن زيد بن ثابت رضي الله عنه -وكان فتى موهوبًا نابغًا – قد أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بموهبته فأمره أن يتعلم السريانية فتعلمها، وحذقها في سبعة عشر يوماً أو خمسة عشر يومًا، على اختلاف الروايات.
خرج أحمد والترمذي وغيرهما من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال "أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات كتاب يهود. قال «إنى والله ما آمن يهود على كتاب». قال فما مر بى نصف شهر حتى تعلمته له قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
أليس في نحو هذا يقول بعض أغرار شبابنا: إن هذا مضيعة للوقت؟! وهذا الوقت الذي أقضيه في تعلم اللغة، الأولى بي قضاؤه في قراءة القرآن، فقراءة القرآن أفضل، أو في حفظ حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوغير ذلك.
لكن هذا باب خير ومجال لابد أن يسلك وثغر لابد أن يسد في هذه الأمة، فتصدى زيد رضي الله عنه لهذه المهمة.
والنبي صلى الله عليه وسلمقد أعطانا درساً في هذه القضية، حاصله: أن كل ميدان من ميادين الخير لابد أن يكون في الأمة من يتولاه، نعم؛ ربما يكون مفضولاً في العموم، لكنه بالنسبة للشخص المعين قد يكون أفضل له من غيره.
إن مسألة تفاضل الأعمال وما يقال فيها بل وما دلت عليه الأدلة فيها إنما هي في الجملة من حيث العموم والإطلاق، أما من حيث الشخص المعين أو الزمان المعين أو المكان المعين فقد يصير المفضول أفضل.
لذا قرر أهل العلم أنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"والتنوع قد يكون في الوجوب تارة وفي الاستحباب أخرى.
فالأول؛ مثل ما يجب على قوم الجهاد، وعلى قوم الزكاة، وعلى قوم تعليم العلم، وهذا يقع في فروض الأعيان وفي فروض الكفايات.
ففروض الأعيان؛ مثل ما يجب على كل رجل إقامة الجماعة والجمعة في مكانه مع أهل بقعته، ويجب عليه زكاة نوع ماله بصرفه إلى مستحقه لجيران ماله، ويجب عليه استقبال الكعبة من ناحيته والحج إلى بيت الله من طريقه، ويجب عليه بر والديه وصلته ذوي رحمه والإحسان إلى جيرانه وأصحابه ومماليكه ورعيته ونحو ذلك من الأمور التي تتنوع فيها أعيان الوجوب وإن اشتركت الأمة في جنس الوجوب، وتارة تتنوع بالقدرة والعجز، كتنوع صلاة المقيم والمسافر والصحيح والمريض والآمن والخائف.
وفروض الكفايات تتنوع تنوع فروض الأعيان، ولها تنوع يخصها؛ وهو أنها تتعين على من لم يقم بها غيره، فقد تتعين في وقت ومكان وعلى شخص أو طائفة، وفي وقت آخر أو مكان آخر على شخص آخر أو طائفة أخرى، كما يقع مثل ذلك في الولايات والجهاد والفتيا والقضاء وغير ذلك.
وأما في الاستحباب فهو أبلغ؛ فإن كل تنوع يقع في الوجوب فإنه يقع مثله في المستحب، ويزداد المستحب بأن كل شخص إنما يستحب له من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى التي يقول الله فيها: {وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه} ما يقدر عليه ويفعله وينتفع به، والأفضل له من الأعمال ما كان أنفع له، وهذا يتنوع تنوعا عظيما، فأكثر الخلق يكون المستحب لهم ما ليس هو الأفضل مطلقا؛ إذ أكثرهم لا يقدرون على الأفضل، ولا يصبرون عليه إذا قدروا عليه، وقد لا ينتفعون به، بل قد يتضررون إذا طلبوه مثل من لا يمكنه فهم العلم الدقيق إذا طلب ذلك فإنه قد يفسد عقله ودينه، أو من لا يمكنه الصبر على مرارة الفقر ولا يمكنه الصبر على حلاوة الغنى، أو لا يقدر على دفع فتنة الولاية عن نفسه والصبر على حقوقها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل {إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لما سأله الإمارة: "يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم".
ورُوي عنه أنه قال للعباس عمِّه: "نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها".
ولهذا إذا قلنا: هذا العمل أفضل فهذا قول مطلق.
ثم المفضول يكون أفضل في مكانه، ويكون أفضل لمن لا يصلح له الأفضل.
مثال ذلك: أن قراءة القرآن أفضل من الذكر بالنص والإجماع والاعتبار.
أما النص؛ فقوله صلى الله عليه وسلم {أفضل الكلام بعد القرآن أربع - وهن من القرآن - سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر}. وقوله صلى الله عليه وسلم {فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه}.
وقوله عن الله: {من شغله قراءة القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين}.
وقوله: {ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه}.
{وقول الأعرابي له إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني في صلاتي فقال: قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر}.
وأما الإجماع على ذلك؛ فقد حكاه طائفة ولا عبرة بخلاف جهال المتعبدة.
وأما الاعتبار؛ فإن الصلاة تجب فيها القراءة، فإن عجز عنها انتقل إلى الذكر، ولا يجزيه الذكر مع القدرة على القراءة، والمبدل منه أفضل من البدل الذي لا يجوز إلا عند العجز عن المبدل.
وأيضًا فالقراءة تشترط لها الطهارة الكبرى كما تشترط للصلاة الطهارتان، والذكر لا يشترط له الكبرى ولا الصغرى.
فعلم أن أعلى أنواع ذكر الله هو الصلاة، ثم القراءة، ثم الذكر المطلق.
ثم الذكر في الركوع والسجود أفضل بالنص والإجماع من قراءة القرآن.
وكذلك كثير من العباد قد ينتفع بالذكر في الابتداء ما لا ينتفع بالقراءة؛ إذ الذكر يعطيه إيمانا والقرآن يعطيه العلم؛ وقد لا يفهمه؛ ويكون إلى الإيمان أحوج منه لكونه في الابتداء، والقرآن مع الفهم لأهل الإيمان أفضل بالاتفاق.
فهذا وأمثاله يشبه تنوع شرائع الأنبياء؛ فإنهم متفقون على أن الله أمر كلًّا منهم بالدين الجامع، وأن نعبده بتلك الشرعة والمنهاج.
كما أن الأمة الإسلامية متفقة على أن الله أمر كل مسلم من شريعة القرآن بما هو مأمور به إما إيجابًا وإما استحبابًا وإن تنوعت الأفعال في حق أصناف الأمة، فلم يختلف اعتقادهم ولا معبودهم ولا أخطأ أحد منهم؛ بل كلهم متفقون على ذلك يصدق بعضهم بعضا".اهـ.
فتأمل -حفظك الله- هذا الكلام النفيس من هذا الإمام المحقق رحمة الله عليه.
واستحضر دائمًا هذه القاعدة الشرعية الشريفة، وهي أنه "قد يعتري المفضول ما يجعله أولى من الفاضل"، كقراءة القرآن هي أفضل من الدعاء في الجملة، لكن في بعض المقامات والأحوال والأوقات يكون الدعاء أفضل، كآخر ساعةٍ يوم الجمعة أو يوم عرفة للحاج، بل قدنهينا عن القراءة في الركوع والسجود، وأمرنا فيهما بتعظيم الرب جل جلاله، والاجتهاد في الدعاء.
وتطبيقات هذه القاعدة كثيرة.
ومنها: أن القراءة عن الطوائف المنحرفة -كالقاديانية والبهائية والعلمانية وغيرها من الطوائف والنحل، ومعرفة كل ما يتعلق بها ليست بأفضل -من حيث هي- من القراءة في القرآن وتفسيره، ودواوين السنة وشروحها، لكن الأمة محتاجة إلى سد هذا الثغر، فهذا المفضول لو أتاه امرؤ وأحسن القيام به -مع تأهله لذلك ومسيس الحاجة إليه فيه- فقد يصير في حقه فاضلا.
وقل مثل هذا فيمن تخصص في الأدب فتفرغ له حفظاً وقراءةً ونقداً ومدارسةً لكتبه ومدارسه؛ واعيًا بأن جزءاً من معركتنا ميدانها الأدب، فهَب لسد هذا الثغر منازلةً للأدب المنحرف.
ومصداق ذلك هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كان إذا خرج إلى الجهاد يخلف بعض أصحابه أميراً على المدينة، كما خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أهله في غزوة تبوك، ولما سأله عن ذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم
"أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ ".
فالجهاد – لاريب- أفضل من القعود عنه، لكن الأفضل في حق علي رضي الله عنه هنا هو القعود.
(يُتْبَعُ)
(/)
ألا فليُعقل أن الثغور كثيرة، ولابد من سدها بالكفاءات، وأن تنوع المواهب والميول أمر إيجابي يجب أن يوظف توظيفًا صحيحًا، وإنكاره أو عدم مراعاته ضرب من ضيق العطن والمكابرة.
إن الأمر المهم هو توجيه عموم المسلمين للعمل لدينهم أيًّا كانت مواقعهم، وزرع هذا الشعور فيهم.
وحينئذ فستختلف -لامحالة- أساليب العاملين وتوجهاتهم، وتتنوع طرقهم في سبيل إحياء الأمة وإيقاظها وتغيير حالها؛ فمنهم من يرى أن الجهل قد تفشى في الأمة، وأن إحياءها بإزالة غشاوة الجهل عنها، فيُعنى بالعلم تحصيلا وتأصيلا، تعلمًا وتعليمًا ودعوةً إليه.
ورجل ثانٍ يرى أن هذه الأمة إنما كانت خير أمة أخرجت للناس لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فراح يسخر وقته وجهده لإنكار المنكرات الظاهرة؛ العامة والخاصة، فاستغرق عليه ذلك جهده ووقته، ورأى أن هذا هو الطريق الذي ينبغي أن يسلك لإنقاذ الأمة، وأنه بمثل هذا العمل يدفع الله العذاب عن الناس، إذ بتركه يفشو الخبث ويحل الهلاك.
وثالث قد تألم لحال من استهواهم الشيطان؛ فوقعوا في الانحراف والرذيلة، فسخر وقته وجهده لدعوة هؤلاء وإنقاذهم، وليس هو فقيهًا ولا عالمًا، لكنه يدعو بما عنده من علم، ولا يقفو ما ليس له به علم، رائده في ذلك قولُ النبي: salla2: " بلغوا عني ولو آية".
ورابع قد رق قلبه للأكباد الجائعة والبطون الخاوية؛ فصار ينفق من نفيس ماله، ويجمع الأموال من أهل الخير فينفقها في وجوه البر من أرامل وفقراء ومساكين وغيرهم.
وخامس رأى أن هذه الأمة أمة جهاد، وأنه لا سبيل لرفع الذل عنها إلا برفع رايته، فحمل روحه على كفه، وامتطى صهوة جواده، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه «من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه فى سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغى القتل والموت مظانه" خرجه مسلم في صحيحه.
فيوماً تراه في المشرق، ويوماً تراه في المغرب، وما بين هنا وهناك يسعى للجهاد في سبيل الله، وأصبح لا يطرب أذنه ولا يشنفها إلا أزيز الرصاص وصوت السلاح.
وسادس رأى أن هذا الدين دين الناس جميعاً؛ فسخر جهده لدعوة غير المسلمين، وإظهار محاسن الدين، ومناظرة المغرضين من الغربيين والمستشرقين ودعاة الشرك والإلحاد ...
وسابع سخر قلمه لخوض المعارك الفكرية دفاعاً عن الإسلام، ومصاولة لأعدائه، والمتحدثين زوراً باسمه، كتابةً وتأليفاً؛ فصار يتحدث عن مشكلات الأمة وعن قضاياها، وقد لزم هذا الثغر يواجه به أعداء الله.
وثامن رأى أن عدة الأمة وأملها الأمة في شبابها وجيلها الناشئ؛ فسخر وقته لتربية الشباب وإعدادهم، وتنشئتهم على طاعة الله سبحانه وتعالى، ورأى أن هذا الطريق هو الذي يخرج العاملين والمجاهدين وينقذ الأمة.
وتاسع رأى أن العصر عصر تقنية وتقدم حضاري مذهل، وأن الأمة صارت متأخرة في هذا الباب كثيرًا بعد أن كانت شمسها ساطعة على الغرب المظلم وقت أن كانت متمسكة بدينها وهويتها؛ فراح يتعلم من صور التكنولوجيا والتقنيات المعاصرة ما يغني به الأمة عن الحاجة إلى أعدائها، ومجالات هذا الباب من أبواب الخير لا تحصر، من علوم الطب والهندسة بأنواعهما، والفلك، وعلوم الطبيعة، وما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات بفروعها وتخصصاتها ...
وعاشر تيقن أن التقدم في زماننا إنما يحوزه من فاق في مجال الإعلام، وأن الإعلام العالمي بل والمحلي موجه لحرب الدين وإشاعة الفواحش والشهوات والشبهات، فصرف جهده في نشر الدين عبر الإعلام بشتى صوره المقروء والمسموع والمرئي.
وهكذا ترى أبواباً من الخير وألواناً من نصرة الدين والدعوة إليه، وهي أبواب واسعة شتى تسع الجميع على اختلاف طاقاتهم وعقولهم وعلومهم ومداركهم وأفكارهم.
وهنا يُتساءل: هل نضيق ذرعاً بهذا التنوع في وسائل الإحياء والتغيير؟
وهل هذا الاختلاف اختلاف تنوع أو تضاد؟
وهل يدعوناهذا للتكامل أم التآكل؟
وهل يلزمنا أن نبحث عن طريق واحد نسلكه في سبيل إنقاذ الأمة؛ لأن الحق لا يتعدد وصراط الله المستقيم إنما هو واحد لا يتعدد ولا يختلف؟
وهل لا يُخدم الدين إلا بطريقة واحدة فقط سواء كانت هي العلم، أو الجهاد، أو الدعوة ... ؟
تأمل معي –رعاك الله- طريقة القرآن والسنة وما كان عليه خير القرون عبر هذه الأمثلة لتعرف الجواب.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الله تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون).
ففي هذه الآية أنه لا ينبغي للمؤمنين أن يخرجوا جميعاً إلى الجهاد؛ بل لابد أن ينفر من كل طائفة فئة، ويتفقه قوم في الدين، ثم ينذرون قومهم إذا رجعوا إليهم.
فهذه الطائفة لن تنفر للجهاد في سبيل الله، إنما ستتفرغ لتحصيل العلم الذي تتفقه فيه ثم تنذر قومها.
فليس كل الأمة - إذن- سيتفقه، ولا كل المسلمين سيجاهدون، بل ولا يطلب منهم ذلك واحدا واحدا، وإنما ستتوزع الجهود، ويقوم كل بما ينفع المسلمين.
ونحو هذا قول الله تعالى " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر".
وكذلك قوله تعالى" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الناس من حيث العموم قسمان: أهل ذكر، وغيرهم.
فليس كل الناس العلماء، ولا يطلب أن يكون الناس كذلك.
وهذا يعم جميع المجالات.
وقريب من هذا قوله جل وعلا "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منه".
وقوله تعالى "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
ونحو هذا من الآيات التي فيها أقسام الناس وتنوع أحوالهم.
وفي هذه الآيات وما في معناها كما قال الشيخ السعدي في تفسير آية التوبة المذكورة"دليل وإرشاد وتنبيهٌ لطيفٌ لفائدةٍ مهمةٍ؛ وهي أن المسلمين ينبغي لهم أن يُعِدُّوا لكل مصلحةٍ من مصالحهم العامة من يقوم بها، ويوفر وقته عليها، ويجتهد فيها ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم وتتم منافعهم، ولتكون وجهة جميعهم ونهاية ما يقصدون قصداً واحداً، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب؛ فالأعمال متباينة والقصد واحد، وهذه من الحكمة النافعة في جميع الأمور".
وفي السنة من ذلك الشيء الكثير.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبدالله هذا خير، فإن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة." فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله، ما على من دعي من هذه الأبواب أو من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم" متفق عليه.
إن لدخول الجنة طرقاً ووسائل شتى، فمن الناس من يكون من أهل الصلاة، ومنهم من يكون من أهل الصيام، ومنهم من يكون من أهل الجهاد، ومنهم من يكون من أهل الصدقة، فيدعى كل امرءٍ من باب عمله الذي كان يعمله، ولا يعني هذا أن الذي كان من أهل الصلاة لا يؤدي غيرها، فالجميع يؤدون الصلاة الواجبة، والجميع يؤدون الصيام، والجميع يؤدون الحج، وإنما اشتهر كل منهم بعمله لاستزادته فيه، وإكثاره منه دون غيره.
ومن الناس من يوفق للجمع بين عدة أبواب من أبواب الخير، ومنهم أفذاذ يوفقون للضرب في كل باب بسهم وافر.
لكن ليس كل الناس كأبي بكر رضي الله عنه.
وحينئذ فلينظر امرؤ ما فتح له وبورك له فيه فليلزمه ولينافس فيه، وكل ميسر لما خلق له.
والله سبحانه وتعالى يقول (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون).
إن هذا التنوع سنة كونية لا يطلب من المرء شرعا أن يخالفها، بل لا سبيل إلى مخالفتها.
وبها تقوم مصالح الناس، وتنتظم أمورهم.
ومن أجل مراعاة هذا التنوع في مواهب الناس واحتياجاتهم تنوعت الوصايا النبوية بحسب حال السائلين والمستفتين.
فتارة يقول لأحدهم: "لا تغضب"، مهما كرر عليه الاستيصاء، فالجواب لا يتغير.
ويوصي الثاني بأن يقول " آمنت بالله، ثم يستقيم".
وثالث يوصَى بكثرة السجود.
ويوصِي أحدَهم أن يوتر قبل أن ينام، والآخر أن يقوم الليل ... وهكذا فوصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- تختلف من شخص إلى آخر.
بل كان يُسأل صلوات الله وسلامه عليه نفس السؤال من عدة أشخاص فيختلف الجواب.
وذلك إذا سُئل عن أي العمل أفضل؟ أو أي الإسلام خير؟ أو أحب الأعمال إلى الله تعالى؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فيجيب هذا بإجابة، وذاك بإجابة أخرى، وما ذاك إلا لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف أن كلاً منهم إنما تنفعه هذه الوصية أو هذه الإجابة دون غيرها تبعاً لحاله، لاختلاف أحوال الناس وتفاوتهم.
أخي الحبيب؛ إن من يتأمل واقع الأمة اليوم سيدرك عمق الخلل والانحراف فيه، وهو انحراف هائل ليس في جانب واحد فقط، بل هو متشعب في شتى مناحي الشبهات والشهوات، انحراف في الحكم، حيث الحكم بغير ما أنزل الله، وفي الاعتقاد بشتى صور الانحراف فيه، والشرك منتشر بجميع أنواعه وصوره، والجهل فاش، والفساد الأخلاقي طاغ، والفواحش والمنكرات ظاهرة ويتباهى بها، والأمية، والفقر، والتخلف، والتفرق، والاختلاف، والتشاحن ... إلى غير ذلك، وحين تتسع أبواب الخلل والانحراف، فلابد أن تتسع أبواب الدعوة ومجالاتها، ولا بد أن تتنوع أساليب علاجها، مما يؤكد أهمية التخصص، وتفوق كلٍّ في مجاله، وهذا – وإن وعاه السلف ووجد فيهم ظاهرًا- إلا أنه قد لا تكون الحاجة إليه في السابق كالحاجة إليه في عصرنا، ففي السابق قد ترى الرجل موسوعة يقف على أبواب شتى من أبواب العلم والخير، وينتهض للقيام بها جميعًا، ويوفَّق في ذلك، أما الآن فقد تنوعت طرق الحياة وتعقدت أساليبها، وتسارعت حركتها، فلابد -إذن- للناس من التخصص.
فواحد يتخصص في جانب من جوانب العلم الشرعي، والثاني في مشاكل الأمة الاجتماعية، وينظر في حال المعوزين والفقراء، ويتخصص الثالث في دعوة المنحرفين والضالين، ورابع في الإعلام، وخامس في السياسة ... وهكذا كل امرء في ميدانه وفنه وما يحسنه.
ولنضرب مثالاً يعطي صورة واضحة عن الحاجة الفعلية للتكامل وسد الثغور كل في مجاله، فالجيش يحتاج إلى مجموعة في المقدمة للقيادة ومواجهة العدو، ويحتاج إلى مجموعة في الخلف يحرسون هؤلاء، ومجموعة يترصدون، ويحتاج إلى مجموعة فنيين يقومون بصيانة الآلات وإعدادها، ومجموعة يقومون بنقل الذخائر، ومجموعة للتمويل ونقل المواد الغذائية، ومجموعة يحرسون ثغور المسلمين حتى لا يؤتوا منها على حين غرة، ومجموعة يخلفون الغازين في أهلهم، وهكذا تتوزع الجهود ويتكامل الجيش، ثم إنه لا يمكن أن يقوم أمره إلا بهذا التكامل.
والموفَّق من يؤدي دوره في موقعه أيًّا كان، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا" طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة".
ومن سبر حال خير القرون أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- سيقف على هذا واضحاً.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أرحم أمتي بأمتي أبوبكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبوعبيدة".
فها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- يخص كل واحد من أصحابه المذكورين بخصيصة يثني عليه بها؛ فأبوبكر كان أرحم الأمة بالأمة حيث كان رجلاً رقيقاً بطبعه، وعمر -رضي الله عنه- رجل فيه شدة، فكان أشد بأمر الله سبحانه وتعالى، وعثمان حيي حتى إن الملائكة لتستحيي منه ... وهكذا بقية الصحابة يتفاوتون فيما بينهم.
كلٌّ له ميدانه الذي يؤدي فيه، ويفضُل فيه غيرَه، ولا يعني ذلك أنه أفضل من غيره مطلقًا.
فمعاذ بن جبل رضي الله عنه أعلم الأمة بالحلال والحرام، وهذا لا يعني أنه أفضل من أبي بكر رضي الله عنه لمجرد كونه أعلم الأمة بالحلال والحرام.
وإنما معايير التفضيل أعم من ذلك.
وإرسال النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا وأبا موسى رضي الله عنهما إلى اليمن، لأنهما أنسب من غيرهما، لكن لا يعني ذلك أنهما أفضل من غيرهما بإطلاق.
ثم إرسالهما أيضًا خير لهما وللأمة من بقائهما في المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلمان ويتعبدان ويصليان في المسجد النبوي الذي الصلاة فيه بالأف صلاة في مساجد اليمن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما سئل علي رضي الله عنه عن أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "عن أيهم تسألوني؟ قالوا: عبدالله بن مسعود؟ قال: علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى به علماً. قلنا: أبي موسى؟ قال: صبغ في العلم صبغة ثم خرج منه. قلنا: حذيفة؟ قال: أعلم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بالمنافقين. قالوا: سلمان؟ قال: أدرك العلم الأول والعلم الآخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا أهل البيت. قالوا: أبي ذر؟ قال: وعى علماً عجز عنه. فسئل عن نفسه، فقال: كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتديت".
وهذا سيف الله وسيف رسوله خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ذو المناقب المشهورة والفضائل المأثورة، وقد أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأعجب بشجاعته وإقدامه فأخبر أنه سيف من سيوف الله.
يقول عمرو بن العاص -رضي الله عنه-: "ما عدل بي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبخالد في حربه أحداً منذ أسلمنا".
وقد احتبس خالد رضي الله عنه أدراعه واعتده في سبيل الله عز وجل.
كما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعًا.
وفي غزوة حنين جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخلل الناس يبحث عن خالد -رضي الله عنه- فنفث في جرح كان قد أصابه.
وهو الذي يقول عبارته المشهورة: "ما من ليلة يهدى إلي فيها عروس، أنا لها محب بأحب إلي من ليلة شديدة البرد، كثيرة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح فيها العدو".
ويقول: "لقد شهدت زهاء مائة زحف، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة من سيف، أو طعنة من رمح".
ومع ذلك يقول: "لقد منعني كثيراً من قراءة القرآن الجهادُ في سبيل الله".
ويُروَى أن سبب هذه المقولة أنه صلى بالناس إماماً فأخطأ في قراءته.
لقد فاق خالد رضي الله عنه في ميدان الجهاد، حتى شغله عن غيره من العبادات، ولذا لا تكاد تجد له فتوى، أو قولاً في تفسير آية من كتاب الله.
ألا إن ذلك -وايم الله- ليس منقصًا من درجته العلية ورتبته السنية.
وهذا أبو ذر رضي الله عنه أحد السابقين الأولين من نجباء أصحاب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يفتي في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وكان رأساً في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوالاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد قال في ذلك كما علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم" والقصة بتمامها عند أبي نعيم في الحلية " لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها ".
ومع كل هذه الفضائل يقول له النبي -صلى الله عليه وسلم- الناصح الأمين: " يا أبا ذر؛ إني أراك ضعيفا، ً وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين على مال يتيم".
و ذلك لأنه لا يصلح لهذه الولاية، لا لعدم أمانته -وحاشاه- لكن شرط الولاية ليس هو الأمانةَ فقط، بل لابد من القوة مع الأمانة كما قال تعالى" إن خير من استئجرت القوي الأمين"، وفي قصة سليمان بن داود عليهما السلام "قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين".
فهذان شرطان في كل ولاية، والقوة -بعدُ- هي المقدمة.
وكلٌّ ميسر لما خلق له.
وقد عقد ابن القيم -رحمه الله- مقارنة بين ابن عباس وأبي هريرة -رضي الله عنهم- فقال:
"وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن مقدار ما سمع من النبي صلى الله عليه و سلم لم يبلغ نحو العشرين حديثا الذي يقول فيه سمعت ورأيت، وسمع الكثير من الصحابة، وبورك في فهمه والاستباط منه حتى ملأ الدنيا علما وفقها.
قال أبو محمد بن حزم: وجمعت فتاويه في سبعة أسفار كبار.
وهي بحسب ما بلغ جامعها، وإلا؛ فعلم ابن عباس كالبحر، وفقهه واستنباطه وفهمه في القرآن بالموضع الذي فاق به الناس وقد سمع كما سمعوا وحفظ القرآن كما حفظوا، ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضي وأقبلها للزرع فبذر فيها النصوص فأنبتت من كل زوج كريم {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.
وأين تقع فتاوى ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوى أبي هريرة وتفسيره؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وأبو هريرة أحفظ منه بل هو حافظ الأمة على الإطلاق يؤدي الحديث كما سمعه ويدرسه بالليل درسًا فكانت همته مصروفة إلى الحفظ وبلّغ ما حفظه كما سمعه، وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقه والاستنباط وتفجير النصوص وشق الأنهار منها واستخراج كنوزها ".
أجل ... لكل ميدانه، بل الميدان الواحد قد يؤتى فيه شخص مالا يؤتاه غيره؛ ففي ميدان العلم نجد أبا هريرة أحفظ، وابن عباس أفقه للعلم ...
ثم إنه ليس كل الصحابة علماء، ولا كلهم يفتون، بل حتى المفتون منهم ما بين مكثر ومقل ومتوسط، كما قرره ابن القيم في إعلام الموقعين، ومن قبله ابن حزم.
فالتنوع -إذن- أمر قد وَسِع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فليسع غيرهم.
وهكذا التابعون وأتباعهم وأتباع أتباعهم-رحمهم الله- يتفاوتون فيما بينهم.
قال ابن المبارك: "رأيت أعبد الناس عبدالعزيز بن أبي رواد، وأورع الناس الفضيل بن عياض، وأعلم الناس سفيان الثوري، وأفقه الناس أبوحنيفة، ما رأيت في الفقه مثله".
وقال أبو عبيد: "انتهى العلم إلى أربعة: أبوبكر ابن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه، وعلي بن المديني أعلمهم به، ويحيى بن معين أكتبهم له".
وحين ضاق فهم بعض الناس عن ذلك وكتب إلى إمام دار الهجرة –مالك بن أنس- رحمه الله يلومه لانشغاله بالعلم والتعليم عن كثير من التعبد القاصر نفعه؛ ويحضه على الانفراد والعمل –واسمه عبد الله العمري، العابد-؛ كتب له مالك -رحمه الله- يقول:
"إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر".
لله دره! ما أفهمه!
إن مالكًا رحمه الله كان بإمكانه أن يرد على الرجل بذكر النصوص التي فيها أن العلم أفضل من التعبد المحض، وأن النفع المتعدي يفضل النفع القاصر، لكن تراه يقرر له - ليَفهم- أن الأعمال مقسومة كالأرزاق، والناس فيها متفاوتون، وأن كل متقرب إلى الله فهو على خير، ويقول له متواضعًا: "وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه".
ثم يقول له: "وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر".
ليت شعري متى يفقه العاملون في مجالات الخير المتنوعة ذلك؟
متى يدركون أن الواجب عليهم التعاون على البر والتقوى، وعدم تحقير جهود الآخرين وأدوارهم؟
متى يكف المرء عن السعي إلى حمل الناس على ما يحب ظنا منه أن ذلك هو المحبوب الوحيد إلى الله، والطريق المتعين موصلا إلى الله؟
إننا لو وضعنا عبارة مالك الإمام هذه نبراسًا لنا لارتفعت إشكالات كثيرة، وتغيرت نظرتنا لكثير من الأمور والأشخاص والأعمال، متمثلين: (كلانا على خير وبر) لنصل إلى معرفة أن الوسائل كلها مطلوبة؛ بل لابد من القيام بها جميعاً، فلتقم طائفة بهذا العمل، وأخرى بذاك، وثالثة بغيرهما، كل فيما يحسن، ولتستغل المواهب على تنوعها والطاقات على اختلافها في خدمة دين الله، وليدخل الجميع من أبواب متفرقة، يجمعها الصراط المستقيم الذي يسع اختلاف التنوع، ولتسد جميع الثغور، ولا يعيب بعضنا بعضاً؛ بل لسان حال كل طائفة من العاملين لدينهم: (كلانا على خير وبر).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في "اقتضاء الصراط المستقيم"، في سياق كلام له عن أنواع الخلاف، وأنه إما خلاف تنوع أوتضاد، ثم فصل في صور خلاف التنوع، ومما قال فيها:
"ومنه ما يكون طريقتان مشروعتان، ورجل أو قوم قد سلكوا هذه الطريقة، وآخرون قد سلكوا الأخرى، وكلاهما حسنٌ في الدين، ثم الجهل أو الظلم يحمل على ذم أحدهما أو تفضيله بلا قصد صالح أو بلا علم أو بلا نية".
إن السلف -يا موفَّق- لم يكونوا بمعزل عن هذا، بل كانوا أفقهَ الناس له. وعباراتهم وأحوالهم تدل على ذلك دلالة واضحة.
وقد كان منهم من لا يحدث إلا من يراه متأهلا لذلك بعد اختباره، كالأعمش وغيره، وكان الأعمش إذا قيل له: حدث، قال: (لا يقلد العلم الخنازير).
وجاء هذا عن غير واحد من السلف.
فليس كل أحد مؤهلا لأن يعطى العلم، بل لا يعطى العلم إلا من يستحقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك ليس كل الأطفال مستعدين للعلم الشرعي، بل تختلف مواهبهم وتوجهاتهم، والموفَّق من ينشئ ولده على طاعة الله وحب دينه والسعي في خدمته ونصرته أيًّا كان موقعه، ولا يقتصر ذلك على طلب العلم.
وإلا فمن حمل ولده على غير ما يصلح له؛ فإنه قد ظلمه بأن حمّله ما لايطيق من ناحية، وضيَّع عليه موهبته، وحرم الأمة من الاستفادة منه فيما يحسن القيام به.
يقول الإمام العلامة المربي ابن القيم -رحمه الله- في تحفة المودود:
"ومما ينبغي أن يتعهد: حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها، فيعلم أنه مخلوق له فلا يَحمِله على غيره ما كان مأذونًًا فيه شرعًا، فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه وفاته ما هو مهيأ له.
فإذا رآه حسن الفهم صحيح الإدراك جيد الحفظ واعيًا فهذه من علامات قبوله وتهيئه للعلم لينقشه في لوح قلبه ما دام خاليًا فإنه يتمكن فيه ويستقر ويزكو معه.
وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي واللعب بالرمح وأنه لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له؛ مكَّنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين.
وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعدًّا لها قابًلا لها وهي صناعة مباحة نافعة للناس فليمكنه منها. هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه فإن ذلك ميسر على كل أحد لتقوم حجة الله على العبد فإن له على عباد الحجة البالغة كما له عليهم النعمة السابغة".اهـ.
نعم؛ إن من أسس التربية الصحيحة أن لايسارَ بالمرء لغير مايحسن، إذ كلٌ ميسرٌ لما خلق له، فبعض الناس قد يكون عنده حماس وطاقة، وهو متفرغ وقادر على العمل، لكن إدراكه العقلي محدود وحافظته محدودة، وهو غير مؤهل لتعلم العلم الشرعي، فلا يعقل أن يطلب منه التدريس في حلقة علمية مثلاً، بل إن الأنسب لمثل هذا والأنفع له وللأمة أن يساهم في إنكار المنكرات، أو المشاركة في الأعمال الإغاثية، أو غيرها مما يصلح لحاله وينجح فيه.
ولا يسوغ أن يطلب من إنسان سريع الغضب، ولا يجيد التعامل مع الآخرين أن يعمل في ميدان تربوي، لأن الميدان التربوي يحتاج إلى إنسان حسن المعاملة، طويل النَّفَس ... وهكذا فكلٌ ميسرٌ لما خلق له.
ثم إن الشهرة ليست هي المعيار على أفضلية العمل، ولا هي القيمة الحقيقية للعامل؛ فبعض الميادين تتطلب شهرة، كالخطابة والتأليف وغيرها مما يشهر بصاحبه ويجعله معروفاً بين الناس، وبعضها لا تتطلب شهرة فيكون صاحبها مغموراً، وهذا لا يعني أفضلية المشهور على المغمور، فالقضية ليست في الشهرة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "رب أشعث، أغبر ذي طمرين، مدفوع بالأبواب، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره".
وقال عليه الصلاة والسلام "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي".
فهذا العبد البعيد عن الأضواء، الخفي غير المشهور، يحبه الله سبحانه وتعالى، فليس هناك علاقة مطردة بين الشهرة وبين نصرة دين الله سبحانه وتعالى، فالعبرة بالإخلاص ومدى نفع العمل، وقد ينفع الله بهؤلاء المغمورين ويكتب لهم من الأجر ما لا يكتبه لغيرهم من المشهورين.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بعد أن ذكر تفضيل أحمد للجهاد، والشافعي للصلاة، وأبي حنيفة ومالك للعلم:
" والتحقيق أنه لا بد لكل من الآخرين، وقد يكون كل واحد أفضل في حال كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه رضي الله عنهم بحسب الحاجة والمصلحة".
وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى في كلام له عن أفضل التطوعات، كما في الشرح الممتع على الزاد:
"والصحيح: أنه يختلف باختلاف الفاعل؛ وباختلاف الزمن، فقد نقول لشخص: الأفضل في حقك الجهاد، والآخر: الأفضل في حقك العلم، فإذا كان شجاعًا قويًّا نشيطًا؛ وليس بذاك الذكي؛ فالأفضل له الجهاد؛ لأنه أليق به.
وإذا كان ذكيًّا حافظًا قويَّ الحجة؛ فالأفضل له العلم، وهذا باعتبار الفاعل.
وأما باعتبار الزمن؛ فإننا إذا كنا في زمن تفشى فيه الجهل والبدع، وكثر من يفتي بلا علم؛ فالعلم أفضل من الجهاد، وإن كنا في زمن كثر فيه العلماء؛ واحتاجت الثغور إلى مرابطين يدافعون عن البلاد الإسلامية؛ فهنا الأفضل الجهاد.
فإن لم يكن مرجح، لا لهذا ولا لهذا؛ فالأفضل العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام أحمد: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا: كيف تصح النية؟ قال: ينوي بتواضع، وينفي عنه الجهل.
وهذا صحيح؛ لأن مبنى الشرع كله على العلم، حتى الجهاد مبناه على العلم، ويدل لهذا قوله تعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم}.
فنفى الله أن ينفر المسلمون كلهم إلى الجهاد، ولكن ينفر طائفة ويبقى طائفة لتتعلم؛ حتى إذا رجع قومهم إليهم أخبروهم بما عندهم من الشرع، ولكن يجب في الجهاد وفي العلم تصحيح النية؛ وإخلاصها لله عز وجل، وهو شرط شديد؛ أعني: إخلاص النية، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: شرط النية شديد؛ لكنه حبب إلي فجمعته".اهـ.
ومن نفيس الكلام في هذا ما قاله العلامة ابن القيم في طريق الهجرتين، قال رحمه الله تعالى:
"والمقصود أن الطريق إلى الله واحد، فإنه الحق المبين، والحق واحد مرجعه إلى واحد، وأما الباطل والضلال فلا ينحصر،بل كل ما سواه باطل، وكل طريق إلى الباطل فهو باطل، فالباطل متعدد وطرقه متعددة.
وأما ما يقع في كلام بعض العلماء أن الطريق إلى الله متعددة متنوعة جعلها الله كذلك لتنوع الاستعدادات واختلافها رحمة منه وفضلا؛ فهو صحيح لا ينافي ما ذكرناه من وحدة الطريق. وإيضاحه؛ أن الطريق هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله، وما يرضيه متعدد متنوع، فجميع ما يرضيه طريق واحد ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال، وكلها طرق مرضاته.
فهذه التي جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة جدا لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم، ولو جعلها نوعًا واحدًا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوة الاستعدادات وضعفها لم يسلكها إلا واحد بعد واحد.
ولكن لما اختلفت الاستعدادات تنوعت الطرق ليسلك كل امرىء إلى ربه طريقًا يقتضيها استعداده وقوته وقبوله ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد مع وحدة المعبود ودينه
ومنه الحديث المشهور "الأنبياء أولاد علات دينهم واحد". فأولاد العلات أن يكون الأب واحدًا والأمهات متعددة، فشبّه دين الأنبياء بالأب الواحد وشرائعهم بالأمهات المتعددة فإنها وإن تعددت فمرجعها إلى أب واحد كله.
وإذا علم هذا؛ فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم قد وفر عليه زمانه مبتغيًا به وجه الله، ً فلا يزال كذلك عاكفا على طريق العلم والتعليم حتى يصل من تلك الطريق إلى الله ويفتح له فيها الفتح الخاص أو يموت في طريق طلبه فيرجى له الوصول إلى مطلبه بعد مماته.
قال تعالى "ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله".
وقد حكي عن جماعة كثيرة ممن أدركه الأجل وهو حريص طالب للقرآن أنه رؤي بعد موته وأخبر انه في تكميل مطلوبه وأنه يتعلم في البرزخ، فإن العبد يموت على ما عاش عليه.
ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأس ماله لمآله فمتى فتر عنه أو قصر رأى أنه قد غبن وخسر.
ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة فمتى قصر في ورده منها أو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أو مستعد لها أظلم عليه وقته وضاق صدره.
ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع المتعدي كقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وأنواع الصدقات، قد فتح له في هذا وسلك منه طريقًا إلى ربه.
ومن الناس من يكون طريقه الصوم فهو متى أفطر تغير قلبه وساءت حاله.
ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن وهي الغالب على أوقاته وهي أعظم أوراده.
ومنهم من يكون طريقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد فتح الله له فيه ونفذ منه إلى ربه.
ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه الحج والاعتمار.
ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة".
ثم ذكر حال من جمع تلك الطرق كلها -وهو نادر- فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ومنهم الجامع الفذ السالك إلى الله في كل واد الواصل إليه من كل طريق فهو قد جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه ونصب عينه يؤمها أين كانت ويسير معها حيث سارت، قد ضرب مع كل فريق بسهم فأين كانت العبودية وجدته هناك؛ إن كان علم وجدته مع أهله، أو جهاد وجدته في صف المجاهدين، أو صلاة وجدته في القانتين، أو ذِكر وجدته في الذاكرين، أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين، أو محبة ومراقبة وإنابة إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين، يدين بدين العبودية أنَّى استقلت ركائبُها، ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربُها.
لو قيل: ما تريد من الأعمال؟ لقال: أريد أن أنفذ أوامر ربي حيث كانت وأين كانت جالبة ما جلبت مقتضية ما اقتضت جمعتني أو فرقتني ليس لي مراد إلا تنفيذها والقيام بأدائها مراقبًا له فيها عاكفًا عليه بالروح والقلب والبدن والسر قد سلمت إليه المبيع منتظرًا منه تسليم الثمن "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة" فهذا هو العبد السالك إلى ربه النافذ إليه حقيقة.
ومعنى النفوذ إليه أن يتصل به قلبه ويعلق به تعلق المحب التام المحبة بمحبوبه فيسلو به عن جميع المطالب سواه فلا يبقى في قلبه إلا محبة الله وأمره وطلب التقريب إليه.
فإذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربه فقربه واصطفاه وأخذ بقلبه إليه وتولاه في جميع أموره في معاشه ودينه وتولي تربيته أحسن وأبلغ مما يربي الوالد الشفيق ولده فإنه سبحانه القيوم المقيم لكل شيء من المخلوقات طائعها وعاصيها فكيف تكون قيوميته بمن أحبه وتولاه وآثره على ما سواه ورضي به من دون الناس حبيبًا وربًّا ووكيًلا وناصرًا ومعينًا وهاديًا.
فلو كشف الغطاء عن ألطافه وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه محبة له وشوقًا إليه وتقطع شكرًا له ... "
نسأل الله الكريم من فضله.
فلا يحسن بعد ذلك -يا حبيب- أن يربى الناس على طريقة واحدة، ولا أن يسلك بهم طريق واحد، وإنما لكل إنسان طبيعة خاصة ويليق به طريق خاص، ولكل طريقة في التفكير، وطريقة في العمل، وشخصية مستقلة عن شخصية غيره، وقدرات تختلف عن قدرات الآخرين، فلا يسوغ أن يربى الشباب جميعاً على طريقة واحدة وفي إطار واحد، كأن يراد من الشباب أن يتحولوا كلهم إلى وُعَّاظ، أو طلبة علم، أو إلى ميدان من الميادين دون غيره، وإلا ستبقى ثغور تحتاج إلى من يسدها.
فالواجب أن يكون هناك إطار عام للتربية، ويبقى- بعدُ- جانب يراعى فيه حال كل شخص على حدة ويتعاهد فيه، كما قال ابن القيم رحمه الله، وينظر إلى ما هو متوجه له، فيسار به إلى هذا الطريق، ما دام مأذوناً فيه شرعاً.
والأبواب المأذون فيها شرعًا أبوابٌ كثيرة وواسعة، لن تضيق أبداً عن شباب المسلمين، بل لعلهم لا يستطيعون الإتيان عليها جميعاً وسدها، فضلاً عن أن تضيق عنهم.
ثم لابد أن يربى هؤلاء جميعًا على أنه عندما يسلك أحدهم ميداناً من ميادين الخير بحسب استعداده له – وإن كان فاضلا- فإنه لا يسوغ له بحال أن يحقر أخاه السالك ميدانا آخر - وإن كان مفضولا-، فمن سلك طريق الجهاد لا يسوغ له أن يحقر طالب العلم، الذي حبس نفسه وفرغها للبحث في المسائل الفرعية والقضايا الدقيقة، وبالعكس.
وليس لهما أن يحقرا جهد من سلم سبيل الدعوة، أو العمل الاجتماعي ...
فالكل على ثغر من ثغور الأمة يسده لخدمة دين الله سبحانه وتعالى ولإحياء الأمة، وأياً كان هذا الثغر فالكل على خير وبر، وكل هذه الأبواب مطلوبة ومرادة للأمة جميعاً.
إن من المحزن حقًّا ذاك الجدل القائم على الساحة الإسلامية حول مناهج الدعوة، وهل ينبغي العناية بمحاربة البدع والخرافات، أو يعتنى بالعمل السياسي، أو بدعوة الضالين والمنحرفين، أو يعتنى بجانب الرقائق وتزهيد الناس في الدنيا، أو بنشر العلم، أو بإنكار المنكرات؟
وكلٌّ يحشد الأدلة والمؤيدات على أن هذا الطريق هو الذي ينبغي أن يسلك، وأن الطرق الأخرى كلها تأتي بعده.
والحق أن هذه الميادين كلها مطلوبة؛ والكلام فيها كما سبق تقريره، والأمة بحاجة إلى من ينكر البدع، وإلى من يعلم العلم، وإلى من يجاهد في سبيل الله، كما هي بحاجة إلى من ينكر المنكرات، ومن يشارك في المجالات العامة والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية ... وكلُّها جهود خيرة ومطلوبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الجدل لن يكون من وراءه إلا الشحناء، وتضييع شريف الأعمار، وإهدار طاقات الأمة فيما لا طائل من ورائه.
ثم إنه إذا كان المرء لن يحيط بكل ما أُمر الناس به، فلا يكلفن نفسه ذلك، ولا يطالبن الناس به.
وعليه؛ فمن تفرغ للعلم فليقصر نفسه عليه، ولا يطالبها أن تأتي بكمال عمل آخر من تفرغ لإنكار المنكرات، أو جهاد، أو غير ذلك، فهو لن يستطيع أن يأتي بكل هذه الأبواب على أكمل وجوهها، وما دام على خير فليلزمه، ومن الخطأ ومناقضة الواقع أن يحاول المسلم أن يحيط بكل أبواب الخير، فالمطلوب هو أن يسخر وقته وجهده لخدمة دين الله سبحانه وتعالى، والدعوة إليه، وأبوابُ الدعوة ومجالات خدمة الدين واسعة ومتنوعة.
وكذلك عليه أن لا يطالب الناس بهذا أيضاً، فمن الخطأ أن يطالَب عالم ومفت في القضايا العلمية بالتحدث عن قضايا فكرية، قد تحتاج إلى شخص آخر، أو أن يطالَب بالخروج المستحب للجهاد، أو التفرغ لإنكار المنكر، أو غيره.
وكذا عندما نجد كاتباً يُعنَى بقضية المرأة، فيكتب ويحاضر ويخطب ويتحدث عنها، وصار متفرغًا للتخصص فيهاتأصيلا وتدقيقًا ومدافعة، فلا نطالبه أن يلقي محاضرة عامة وعظية-لا يحسنها- أو يكتب عن أمور تخص الشباب، أو عن قضية علمية شائكة أو عن قضية في واقع المسلمين، ثم إن لم يفعل عيّرناه وهدمنا جهوده الأخرى الفاضلة!
فمن سلك طريقاً ينصر فيه الإسلام وأحسنه فإنه لا يطالب بغيره مما لا يحسنه، وإنما يستفاد منه في ميدانه.
فعملُ كلٍّ في مجاله هو الأوفق والأصلح.
لكن لابد من التنبيه على أنه قد يطبق التخصص على غير المراد منه، فيرجع بعض الناس تقصيره في الواجب عليه إلى التخصص، وهذا لا يسوغ بحال.
فالواجبات المتعينة لا تترك بحجة التخصص، وهناك أمور واجبة على الجميع، كالعلم الشرعي ففيه قدر واجب على الجميع، وإنكار المنكرات الظاهرة هو واجب على من يراها، ويقدر على إنكارها، وهكذا سائر الواجبات الشرعية، فلا يسوغ أن تترك بحجة التخصص في ميدان معين.
كما أن من الخلل التربوي غير السائغ أبدًا أن يكون عند المرء نقص فادح وهو يعاني من فقر مدقع في كافة الجوانب بحجة أنه متخصص، وإنما الذي ينبغي أن يكون فيه قدر من التكامل، ويأخذ علمًا من كل علم، ثم يتخصص ويأخذ من علم كلَّ علم.
فمن توجه إلى طلب العلم-مثلًا-، وأنفق فيه نفيس وقته، لايسوغ له التفريط في عبادة الله عز وجل، وأن لا يتمعر وجهه إذا رأى معصية لله عز وجل، ولكن ينبغي عليه أن يتربى على عبادة الله عز وجل وطاعته، وعلى إنكار المنكر، وجلب النفع للناس، وعلى كل أبواب الخير، ثم تكون غاية مطلوبه هو تحصيل العلم، قد صرف له كل همه، مع العناية بالجوانب الأخرى.
وحينما يحصل خلل واضح في جانب من الجوانب، فإنه سيعود على الجوانب الأخرى بالإبطال.
فمثلاً: عندما يكون طالب العلم قاسي القلب، فسيفقد الورع الذي يحتاج إليه في علمه وفي فتواه ومواقفه، وكذلك المربي حينما يكون قاسي القلب، أو يكون ضحلاً في العلم والاطلاع، لابد أن ينعكس هذا الخلل على عمله وجهده، وقد يفسد أكثر مما يصلح.
فلابد إذن من التكامل مع التخصص، ولابد أن تكون شخصية الإنسان متوازنة.
ثم إنه يجب الحذر من الإغراق في التخصص المبكر، فالصغار قد تكون توجهاتهم أولَ الأمر واستعداداتهم متقاربة، وكلما تقدمت بهم السن بدأت تتضح معالم شخصيتهم، فالتخصص المبكر يوقع في أخطاء، منها: الوقوع في الخلل؛ إذ لو بدأ من الصغر في التخصص، فسيقع في خلل ويفقد الجوانب الأخرى، وبالتالي لن تكون شخصيته متكاملة، وكذلك قد يتصور أنه إنما يصلح لهذا الميدان، بينما هو يصلح لغيره، فنقع في خطأ في تقويم الشخصية واستكشاف استعدادت الشخص ومواهبه، ولكن عندما يتأخر قليلاً في جانب التخصص، مع تحصيل أساسيات كل أبواب الخير فستُتجاوز -بإذن الله- تلك السلبيات.
كما أنه لا ينبغي الاشتغال بالدون، فقد يكون من الناس من يصلح لميادين كثيرة فينبغي أن يختار الميدان الأولى والأليق به، من خلال حاجة المجتمع وحاجة الدعوة في هذا الميدان، أو من خلال أهمية هذا الميدان أو ذاك، فلا ينبغي أن ينشغل بالدون بحجة أنه قد أفلح ونجح وفتح له في هذا الباب، فهذا فيه إهمال وإهدار للطاقة، وبخس النفس حظها.
وقد حُكي عن بعض القضاة أنه كان يقضي ويعلم الناس ويصلح بينهم، فلما قرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"؛ ترك القضاء، وانشغل بإماطة الأذى عن الطريق.
فهذا قد انشغل بباب من أبواب الخير وشعبة من شعب الإيمان، ولكنه انشغل بأدنى شعب الإيمان، وترك الميدان الأنفع والأولى بأمثاله.
وقد قال أبو الطيب:
ولم أر في عيوب الناس عيبا ... كنقص القادرين على التمام
ولابد -بعد هذا- من التكامل على مستوى الأمة، فقد يشتغل فرد بسد ثغر من الثغورحسب طاقته ومواهبه، ويُقَر على ذلك بل ويشجَّع عليه، ولكن على مستوى الأمة يجب أن تسد الثغور جميعاً، ويجب أن يكون هناك تكامل على مستوى مجالات الدعوة، فهناك فرق بين الفرد وبين الأمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن مفلح]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 05:58]ـ
أخي الكريم؛ هذه إشارات مضيئة اقتضاها النظر والتأمل في واقع المسلمين، والتألم لما وصل إليه حالهم، ومحاولة الإصلاح لذلك، فما كان فيها من صواب فاستفده واعمل به وادع لقائله بالمغفرة والرحمة والتوفيق والقبول، وما كان فيها من خطأ أو سوء فهم فسامح وتجاوز وابسط العذر -إن الكريم من عذر-.
وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الكلمات كاتبها وقارئها والناظر فيها، وكان الله في عون العاملين الناصحين لأمتهم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو جابر الشمالي]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 10:34]ـ
من أبدع ماقرأت. . .
نفع الله بك أخي الفاضل. . .
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 06:55]ـ
كلام مفيد، لكنه طويل.
جزاك الله خيرا ونفع بك
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 09:30]ـ
ما شاء الله ... تبارك الله
نفع الله بكم.
ـ[أم تميم]ــــــــ[29 - Aug-2009, مساء 10:57]ـ
أحسنتم مقالًا ..
وأجدتم بيانًا ..
باركَ الله فيكم ونفع بكم ..
ـ[عماد الدين الرشيد]ــــــــ[01 - Sep-2009, صباحاً 02:03]ـ
رائع يا أخي
بارك الله فيك
-------
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[02 - Sep-2009, صباحاً 05:28]ـ
جميل جدا هذا المقال ..
بارك الله فيكم ونفع بكم.(/)
«شَرْحُ كِتَابِ الصِّيَامِ مِن الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ»،لشيخنا صالح الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 05:33]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته،،، أسعد اللَّه أوقاتكم بكلّ خير.
«شَرْحُ كِتَابِ الصِّيَامِ مِن الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ»،
لِصَاحِبِ الفَضِيلةِ شَيْخِنَا
العَلَّامَةِ صَالِحِ بْنِ فَوْزَانَ الفَوْزَانِ
ـ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى،وَرَعَاهُ ـ
(17 ـ 8 ـ 1430):
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=65499
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 05:34]ـ
(18 ـ 8 ـ 1430):
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=65528(/)
هذا متدين وهذا غير متدين ... هذا ملتزم وهذا ليس بملتزم
ـ[ابن مفلح]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 06:15]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن المسلمين يتفاوتون فيما بينهم في مقدار الاستقامة والصلاح والتمسك بتعاليم دينهم باطنًا وظاهرًا، وعلى ما بينهم من هذا التفاوت العظيم ما بين ارتكاب الموبقات إلى أعلى مراتب الورع؛ إلا أنهم مشتركون في القاعدة الجامعة وهي التوحيد ومطلق الإيمان، وهذا يمنحهم اشتراكًا في الحرمة والحقوق، فـ ((كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمه وماله وعرضه))، فلم يفرِّق صلوات والله وسلامه عليه بين الصالح والفاسق.
وقال تعالى "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ".
وهذا يعم كل من صدق عليه اسم الإيمان.
وقال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
فانظر-رعاك الله- كيف جعل القاتل أخًا للمقتول.
وقال جل وعلا "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ".
فها هو ولاءُ الإسلام، وها هي إخوته تتسع دائرتها حتى تشمل المسلمين جميعًا، محسنَهم ومسيئهم، بَرَّهم وفاجرَهم حتى من ارتكب أعظم الموبقات بعد الشرك بالله –وهو القتل-.
إن حقًّا على المسلم أن يوالي كلَّ مسلم مهما أسرف على نفسه، وأيًا كان مظهرُه، وأينَما كان بلدُه، وإن كان الولاء يزيد وينقص بحسب ما عُلِّق به من وصف الإيمان كمالًا ونقصانًا. لكنَّ أصل الولاء لم تَضِقْ دائرته إلا عن المشركين والمنافقين.
فليس للمسلم -إذن- أن يوِّزع ولاءاته حسَبَ مصالحِه وأهوائه.
وإذا كان المسلمُ ممنوعًا من أن يسع ولاؤه غير المسلمين؛ فمن الخطأ والمنكر كذلك أن يحجِّمَ ولاءَه في دائرةٍ أضيقَ من دائرة الإسلام، فيجعلَه مخصوصًا بطائفةٍ أو بلدٍ أو عِرقٍ أو حزب.
إن أحدَنا ليس بأغيرَ من الله على دينه حتى يَضِيق مطلقُ ولائه عن بعض عصاة المؤمنين، فهذه غَيرةٌ لا تُحمد؛ إذ هي تحجِّرُ واسعًا وتنفِّر قريبًا، فلا تزيد هذا العاصي القريب إلا بُعدًا عن الطاعة وإسرافًا.
وهذا باب غير باب هجر أهل المعاصي؛ فإن لذاك فقهًا في التأصيل والتطبيق ليس ذا مجالَه.
وتأمل معي –حفظك الله- قول الله تعالى"ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ".
فأنت ترى-سُدِّدتَ- أن المؤمنين كلَّهم مُحسنهم ومسيئهم ومسرفهم ومقتصدهم وأولهم وآخرِهم قد أشركهم الله جميعًا في وصفٍ تشريفيٍ يمتازون به على غيرهم، وهو الاصطفاء، فكيف لا يكونون كلُّهم في أصل المحبة والولاء مشتركين؟!
لقد كانت مجتمعات المسلمين ولا تزالُ أمشاجًا مختلطةً، ففيها الظالمُ لنفسه، وفيها المقتصدُ، وفيها السابق بالخيرات بإذن الله، وستظلُ كذلك كما هي سنة الاختلاف.
وهذا التفاوت يعم أعمال القلوب وأعمال الجوارح كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في غير موضع.
فالأَولى أن يكون هذا التفاوتُ في درجة الصلاح داعيًا إلى التناصحِ، لا إلى التنافرِ والتضاد، فإن هذه الأمشاجَ على تفاوتِها في الدرجات تلتقي في قاعدةٍ مشتركةٍ عريضةٍ هي خيرُ وأعظمُ ما يمكن أن يلتقيَ عليه المختلفون، ألا وهي قاعدة الإيمان والتوحيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونحن معنيون أن نبحث عما يُجمِّع من الأصول، لا أنْ نُفرِّقَ بالفروع، فذلك يفقدنا خيرًا كثيرًا موجودًا بين الناس.
والقدْرُ المشترك الذي يلتقي فيه المسلمون كلُّهم في هذا المجتمع متمثِّل في دائرةِ التوحيد وأصول الإيمان العريضة التي لا يمكن أن يندّ عنها فرد من المسلمين مهما أسرفَ على نفسه بالمعاصي؛ لأن الخروج عنها يعني الخروج من دائرة الإيمان إلى دائرةِ الكفر عياذًا بالله.
وهذا القدر المشترك هو أعظم شيءٍ جاءت به الرسل والأنبياء، والتقت عليه رسالاتهم، وهو أعظمُ الأمور التي يمكن أن نلتقي عليها.
فلماذا لا نجعل هذا القدر المشترك هو الرابطةَ التي يجتمع حولها المسلمون ظالمُهم ومقتصدُهم وسابقُهم، يأتلفون عليها ويتحابون في ظِلالها، كما كان النبي صلى لله عليه وسلم يُذكِّرُ بهذا القدْرِ المشتركِ كلما بدتْ بين المسلمين نُفرةٌ أو ظهرت منهم على أحدٍ غِلظةٌ أو جفوةٌ.
خرج الشيخان عن عِتبان بن مالك أنه أتى النبيَّ فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، فلم أستطع أن آتي مسجدهم فأصليَ لهم، ووددت ـ يا رسول الله ـ أن تأتيَني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى، فأتى رسول الله فقال: ((أين تحب أن أصلي من بيتك؟)) فأشرت إلى ناحية من البيت، فصلى، وآب إلى البيت رجال من أهل الدار، فقال قائل منهم: أين مالك بن الدُّخْشُنِ؟ فقال بعضهم: ذلك منافقٌ لا يحب الله ورسوله، ود بعضُهم أن النبي دعا عليه فهلك، وودوا أنه أصابه شرٌ، فقال النبي: ((أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟!)) فقالوا: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه، فقال: ((لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخلَ النار أو تطعمه)).
وفي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه أن رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب الخمر، فيؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيجلدُه، فأُتي به يومًا فأمر به فجُلد، فقال رجل من القوم: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به! فقال صلى الله عليه وسلم ((لا تلعنوه؛ فوالله ما علمتُ إلا أنه يحب الله ورسوله)).
فهذا الذي ذكّر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم من حال ذلك الرجل لم يكن شيئًا متميِّزًا يبز به أقرانه، بل فيهم –قطعًا- من هو أولى منه بهذا الوصف،
وإنما ذكّر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك القدر المشترك الذي يجمعهم به في رباط واحد ووشيجة واحدة، ألا وهو محبةُ الله ورسوله.
على أن المتأمل الفطن يلحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَقُل هذا الكلام والرجلُ يقارف المعصية، فذلك مدعاةٌ إلى أن يحتقر تلك المعصية ويفرطَ في التوبة، ولكن قالها بعد أن كفر عن ذنبه بالحد؛ ليشعره ويشعرهم أن قلبه لا يزال طيب الغراس حسن المنبت، وفي الإمكان أن يكون خيرًا مما كان.
وهكذا الظالم لنفسه من أهل الإيمان يكون فيه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه كما معه من ضد ذلك بقدر فجوره، فالشخص الواحد قد تجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب والسيئات المقتضية للعقاب حتى يمكن أن يثاب ويعاقب. وهذا قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الإسلام وأهل السنة والجماعة الذين يقولون إنه لا يخلد في النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
ودلائل هذا الأصل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة كثير.
وأما الوعيدية القائلون بالتخليد كالخوارج والمعتزلة القائلين: إنه لا يخرج من النار من دخلها من أهل القبلة، وإنه لا شفاعة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا لغيره في أهل الكبائر لا قبل دخول النار ولا بعدها؛ فعندهم لا يجتمع في الشخص الواحد ثواب وعقاب وحسنات وسيئات بل من أثيب لا يعاقب ومن عوقب لم يثب.
إنَّ تحجيمَ الولاء في دائرة ضيقةٍ تحكمُها بعضُ سمات الصلاح الظاهر يُفضي إلى تشطير المجتمع إلى فئاتٍ متنافرةٍ، أو على أقل تقدير غيرِ متعاونة، تتسع بينها الفجوةُ والجفوة، وتصبح كأنّها لا تلتقي على شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالواجب أن توضع هذه السماتُ الظاهرة حيث وضعها الشرع بلا تهويل ولا استهانة، والذي يعني أنها شعيرة من الشعائر، لا شارة كمال تُضفي على صاحبها الصلاحَ المطلق، ولا أن تُجعلَ أصلاً من أصول الإسلام يكون فرقانًا بين الولاء والبراء والمحبة والبغض. ومتى أُعطِيَتْ أكثر من ذلك تواردتْ عليها اللوازمُ الباطلة، من إطلاق الصلاح بإطلاق، أو نفيِه بإطلاق.
وينبغي أن يفطنَ إلى أن وجود بعضِ سمات الصلاح الظاهر لا يدل على كمالِ صلاحِ الباطن بالضرورة، وعدم وجودها لا يدل بالضرورة على فساد الباطن، فلماذا يجعلها بعضُنا حَكَمًا يفرض عليه طريقةَ التعامل ويصرِّف العلاقات؟!
وكيف يُعوَّل على أمرٍ لا يدل إلا على نفسه؟!
وقد قال العليم الخبير تبارك وتعالى في المنافقين (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ).
واستفاض في الصحاح والسنن وغيرها من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الخوارج فقال:
"يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم. لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد".
إنك قد تفتقدُ في بعض الناس بعضَ السمات الظاهرة للصلاح، لكنّك لا تفتقد فيه معالم أخرى للصلاح؛ كطيبة القلب وعِفَّة اللسان وسلامة الفكر ولين الجانب وسخاء اليد في المعروف والحرص على الصلاة والتذمُّم للناس وأداء حقوقِهم، فهل تلغَى هذه المعالم العظيمة للصلاح لأجل افتقاد شيءٍ من السمات الظاهرة للصلاح؟!
لابد أن يصحح مفهوم التديّن لدى الناس، حتى يدركوا أن وصفَ التدين لا تحتكرُه سماتٌ خاصةٌ بالمظهر تمنحُ هذا اللقب كلَّ من قامت به وتخلعُه عن غيره، وأن هذا الوصف الجليل لا يختص بطائفة تتميَّز بمظهرها فقط.
إن مفهوم التدين الذي ينبغي أن ننصاع إليه وتتّزن بها النظرة هو غلبةُ خيرِ الإنسان مع تحقيق أصول الإسلام وأركانِه، فإذا تحقق فيه ذلك كان أهلاً أن يضفَى عليه هذا الوصف الممدوح. والناس بعد ذلك متفاوتون في درجات الكمال "ولكل درجات مما عملوا".
ونحن نقصد من تصحيح مفهوم التديّن إلى أن نزيلَ النفرة التي قد تبدو من بعض الناس تُجاه آخرين، ولأجل أن نبطلَ طريقة التمييزِ الخاطئة، والتي تعوِّل على أول نظرة للظاهر دون سبرٍ للأخلاق والفكر والمشاعر.
وإلا فقل لي بربك: إذا كان من أعفى لحيته وقصر ثوبه يوسم بالالتزام والتدين-عند طائفة- ولو كان مقصرًا فيما هو من أعظم الحقوق كحق الوالدين والأرحام والزوجة ونحوها، أفلا يكون من قام بهذه الحقوق أحق بهذه السمة من صاحبه ولو حلق لحيته وأسبل ثوبه؟!
فماذا لو أضيف إلى ذلك حسن الخلق وصدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالوعد وطلاقة الوجه وسلامة الصدر ... ؟
فلو كان هذا غيرَ مستحق لوصف التدين فالأول كذلك بل أولى.
إننا صرنا نئن من سوء أخلاق ومعشر بعض هؤلاء الموسومين بالتدين بلا بينة ولا برهان إلا بعض سمات الظاهر.
في وقت نرى بعضًا ممن تفتقد فيه بعض هذه السمات محققًا لأصول الإسلام، حسنَ الأخلاق كريمَ السجايا.
أفيقاس النفع المتعدي بالقاصر؟!
وماذا تستفيد الزوجة مثلًا من زوج صوام قوام لكنه بخيل غليظ جاف سيء المعشر؟
وهل هو أنفع لها ممن يؤدي الفرائض ولايزيد ثم هو يكرمها ويعاشرها بالمعروف؟!
وقل مثل ذلك في الأصحاب والخلان، وفي الوظائف والتجارات ...
إن اختزال وصف التدين في الظواهر –مع أهميتها- بات خطئًا كبيرًا، فكيف ببعض الظواهر؟!
بل كيف بما يدخله التأويل ويسوغ فيه الخلاف منها؟!
وليعلم أن تصحيح مفهوم التدين وتوسيع دائرته يجعلنا جميعًا مسؤولين أمام كل هجمة تُراد بها عقيدتنا ومناهجنا وتديننا بعامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الأقلام الليبرالية والعلمانية المسمومة ما فتئت تساوم على ما بقي من القيم لدى مجتمعاتنا، وقد اجترأتْ على لمز الدين والطعن في مناهج الدعوة والنيل من أعلام الأمة، فتوجهت في خطابها إلى فئة مخصوصة قصدتهم قصدًا؛ لتجعل منهم مطيةً إلى تلك الغايات الدنيئة، وأطلقت عليهم وصفَ (الإسلاميين)، لتجعل باقي المجتمع في وضع الحياد معها، وكأننا في مجتمع ملحد مرجعيته لغير الإسلام.
مع أن القضية في المرجعية غير القضية في العمل والتطبيق لأنها في المرجعية قضية إيمان وكفر ولا ثالث لهما "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ... فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
أما في العمل فثَم العاصي والمسرف على نفسه، وثَم التقي الورع.
وهؤلاء الخبثاء من أعداء الإسلام يريدون من خلال هذه التسميات ومن خلال توجُّهِ نقدهم ولمزهم إلى فئة مخصوصة، يريدون أن يجعلوا باقي فئات المجتمع بمعزل عن المواجهة والمسؤولية في دفع هذه الحملة المغرِضة.
وهم خاطئون عن عمد وخبث بهذا الإطلاق، ويخطئ معهم من يفهم أن الإسلاميين فئةٌ لها سمات معينة هي المعنية بهذه الهجمة، ويظل غيرُهم في مأمن من الفتنة.
إن هذا القدر المشترك بيننا من أصول التوحيد وأركان الإيمان يحمِّلنا جميعًا مسؤولية الدفاعِ عن هذا الدين والذبِّ عن منهج المصطفى.
فكل مسلم تَحاكُمُه إلى الله ورسوله ومرجعيتُه الكتاب والسنة فهو إسلامي، وتلك صفة كاشفة، فليس ثم مسلم إلا كذلك ومن سواه فليس من المسلمين.
ثم إنه بعد ذلك يقال:
إذا كان ظاهر الإنسان لا يدل على باطنه ولا على فكره ولا أخلاقه بإطلاق، فمن باب أولى أن لا يدلَّ على باطن غيره وفكره وأخلاقه، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يؤخذ أحد بجريرة غيره، إنما من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها.
وقد نرى شخصًا واقعًا في فاحشة أو مرتكبًا لكبيرة موبقة، وقد تفتقد فيه بعض سمات الصلاح الظاهر، فهل يعني هذا لزامًا أن يكون كل من شاكله في الظاهر مشاكلاً له في السلوك والفكر والباطن؟! كلا، ولا أظن عاقلاً يرى غير هذا. فإذا كان هذا فكذلك الأمر بالعكس، إذا رأينا شخصًا قد وقع في موبقة أو غلو وعليه شيء من سمات الصلاح الظاهر، فهذا لا يعني أن كل من شاكله في هذا الظاهر مشاكِلٌ له في الفكر والسلوك والباطن. وعلى هذا لا يجوز أن تُجعل بعضُ السمات ميسمًا يُعرف به الإرهاب والغلو، لا سيما إذا كانت سنةً ثابتةً عن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.
وأخيرًا، فكل شعيرة من شعائر الإسلام صغيرةً كانت أو كبيرةً فهي جزء من هذا الدين من أتى بها فهو أكمل من غيره في هذه الجزئية بعينها، وليس يلزم من ذلك التفضيل المطلق.
ثم لا يجوز لأحد التحقير من شأن شعيرة ولا الاستهزاء بها، ولا الاستهانة بقدرها، ولا السخرية من أصحابها، فإن الاستهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام كفر مخرج من الملة، (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ).
وأما الاستهزاء بمن قامت فيه تلك الشعيرة فهو سخرية بإنسان محفوظ الكرامة والعرض في الإسلام، وقد قال جل ذكره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ).
وقال صلوات الله وسلامه عليه "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم".
وبعد:
فهذا المقال يُهدف منه إلى تصحيح المفاهيم، ومراجعة بعض التوجهات والأفكار غير المنضبطة، ليتحقق التعاون على البر والتقوى، ويسودَ بين عباد الله التكامل ويتآكل التآكل.
والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 08:53]ـ
مقال حسن غاية ..
مع وجوب التنبه إلى أن المعصية بترك الهدي الظاهر هي من جنس المجاهرة بالمعصية وهذا قدر زائد على مجرد وجود المخالفة ..
ومع وجوب التنبه إلى أن المعصية بترك الهدي الظاهر يلزم منها -غالباً- نفرة -مقصودة أو غير مقصودة-عمن وفى بالهدي الظاهر ..
ومع وجوب التنبه إلى أن المعصبة بترك الهدي الظاهر هي ناتجة-غالباً- عن قلة الفقه في الدين وضعف الحرص عن توفية الشرع حقه في غيرالعبادات الظاهرة متوارثة الاتباع ..
ومع وجوب التنبه إلى أن شريحة غير قليلة ممن يهجر الهدي الظاهر = يوجد فيهم من الصفات الحسنة ما هو بفعل خيرية الجاهلية لا نتيجة لقصد اتباع الشرع ..
أما ما دون ذلك -وهو صلب المقال وفكرته- فهو من أحسن ما قرأت ..
ـ[أبا إبراهيم عبدالرحمن]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 02:28]ـ
اقتباس:وينبغي أن يفطنَ إلى أن وجود بعضِ سمات الصلاح الظاهر لا يدل على كمالِ صلاحِ الباطن بالضرورة، وعدم وجودها لا يدل بالضرورة على فساد الباطن، فلماذا يجعلها بعضُنا حَكَمًا يفرض عليه طريقةَ التعامل ويصرِّف العلاقات؟!
يا اخي لم يطالب احد بالكمال في الشخص المقابل
لكن اهل السنة والجماعة نحكم بالظاهر ولم نكلف بشق الصدور نعم من اظهر خير فله منا الخير ومن اظهر السيئات فله منا النصيحة بالموعظة الحسنة وحب الخير له وبغض المعصية منه ونكل السرائر الى الله وانصح الكاتب ان يرجع لكتاب الشيخ ذياب الغامدي ظاهرة الفكر التربوي واوصي به كل طالب علم لنخرج من هذه الدعوات الانهزامية والانبطاح في زمن غاب فيه الانكار على اهل المعاصي بهذه الحجج
وكأنك تقول من اظهر التدين فلا اعتبار لذلك فهو قد يكون منافق ومن جاهر بالمعصية قد يكون هو العبد الصالح او هو افضل من ذلك الذي ظهره الالتزام, نعم قد يكون هذا لكن عند من يعلم الغيب ويعلم ما تخفي الصدور سبحانه وليس لنا في هذا الا التسليم من اظهر الخير فهو خير ومن اظهر المعاصي فهو عاصي مجاهر له المحبه في الله والنصح لله والبغض للمعصية قال عليه الصلاة والسلام (إلا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت، فسد الجسد كله. ألا وهي القلب) يعني من صلح قلبه لابد ان يصلح كله , ولمن لا يلزم ممن صلح ظاهره ان يصلح قلبه
وامثال هؤلاء من المنافقين الرسول عليه الصلاة والسلام اعرض عنهم ولكن هل اعرض رسول الله عن من اظهر المعصية وجاهر بها لا لان المنافقين شرذمة قليلون وكيف يبقون على هذه الحالة بعدم السماح بانتشار المعاصي والتهوين منها لكي يبقوا كاتمي نفاقهم ولا يظهروه لان هناك من يدافع عن محارم الله ان تنتهك ويظل المنافقين يقولوا بافواههم ما ليس في قلوبهم
اما الانهزامية والتهوين كما نراه اليوم في بعض القنوات من ارباب المعاصي يعظون القوم وينسون انفسهم ومن المبكيات المضحكات ظهر احد من يسمي نفسه داعيه وهو حليق يحدث بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام (إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها) قلت في نفسي انت في وجهك فسائل لا تغرسها فقط اتركها قبل ان تقوم الساعه وهي ستخرج بلا غرس ولا تعب سبحان الله
ومشاركة الاخ ابي فهر جيدة ما عدا الجملة الاولى والجملة الاخيرة (ابتسامه) واكرر وصيتي بكتاب الشيخ ذياب الغامدي ظاهرة الفكر التربوي فهو يحل كثيرا من هذه الامور بوركتم انا يغلب على اسلوبي الحده لكني اشهد الله على حبكم واقبلوا عذري
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 04:06]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم ابن مفلح ونفع بك ....
أرجو أن تسمح لي بهذه الإضافة والتي أطن أنها لا تخفى عليك لكن من باب التذكير والفائدة
الاستقامة هي الكلمة التي ينبغي أن يوصف بها الإنسان:
نقول هذا رجل مستقيم: بدلاً من ملتزم أو متدين كما قال الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فصلت30
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} الأحقاف13
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أبي عمرو، وقيل: أبي عمرة سفيان بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسال عنه أحدا غيرك؟ قال: قل: آمنت بالله ثم استقم ( java******:OpenHT('Tak/Hits24000985.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF رواه مسلم.
ـ[احمد الدهشورى]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 07:02]ـ
مقال حسن غاية ..
مع وجوب التنبه إلى أن المعصية بترك الهدي الظاهر هي من جنس المجاهرة بالمعصية وهذا قدر زائد على مجرد وجود المخالفة ..
ومع وجوب التنبه إلى أن المعصية بترك الهدي الظاهر يلزم منها -غالباً- نفرة -مقصودة أو غير مقصودة-عمن وفى بالهدي الظاهر ..
ومع وجوب التنبه إلى أن المعصبة بترك الهدي الظاهر هي ناتجة-غالباً- عن قلة الفقه في الدين وضعف الحرص عن توفية الشرع حقه في غيرالعبادات الظاهرة متوارثة الاتباع ..
ومع وجوب التنبه إلى أن شريحة غير قليلة ممن يهجر الهدي الظاهر = يوجد فيهم من الصفات الحسنة ما هو بفعل خيرية الجاهلية لا نتيجة لقصد اتباع الشرع ..
أما ما دون ذلك -وهو صلب المقال وفكرته- فهو من أحسن ما قرأت ..
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل،
إذا سمحت لى بعرض بعض الأمور التى أشكلت على من خلال ردكم:
1 - إن كانت المعصية التى يرتكبها تاركو الهدى الظاهر ونخص اللحية (التى يصلح أن يكون تاركها عاصياً مجاهراً) تزيد بالمجاهرة،فقد تشترك معها المعاصى الأخرى التى تصدر من الملتحى وغيره والناس ينظرون!!
فحدث ولا حرج عن عقوق الوالدين و (الشخط والزعيق)،وحدث عن جشع بعض الإخوة فى البيع والشراء،وغيرها من الأمثلة التى نراها -أنا وفضيلتكم -واشتكى منها من المشايخ،وتحدثوا عن قلة المربين و .... إلى آخر الأسباب.
فهل الجهر بترك اللحية أعظم من تشويه صورة المتدين المسلم؟ (استفهام حقيقى جزاك الله خيراً).
2 - ترك الهدى الظاهر يوجب -غالباً -النفرة من الهدى وفاعله بقصد أو غير قصد،
فهل تسمح لى بمخالفتك؟ لأنى أعتقد أن هذا لا شأن له بالعلم والتحصيل وإنما هو مشاهدات وتجارب واختلاط، فقد يكون رأيك بناء على مشاهداتك وتجاربك، وهذا على غير ما رأيته من خلال تعاملى مع غير ((الملتحين))، لم يعد الناس على تلك الصورة يا شيخنا،وإنما هناك أسباب تفرض نفسها وبقوة على ترك الناس للحية -بالذات - وفى مصر بالذات، وأشهرها الجهل والأمن،وضع ملايين الخطوط تحتهما.
3 - قلتم:
"ومع وجوب التنبه إلى أن المعصبة بترك الهدي الظاهر هي ناتجة-غالباً- عن قلة الفقه في الدين وضعف الحرص عن توفية الشرع حقه في غيرالعبادات الظاهرة متوارثة الاتباع .. "
هذا سبب كل معصية يا شيخنا،ونضف إلى هذا إن صدرت من صاحب الهدى الظاهر:قلة أو انعدام الشعور بالمسئولية.
4 - وهل الجاهلية تأتى بخير؟!
هل الصفات الحسنة التى وصفت بها قريش قبل الإسلام نعزوها إلى الجاهلية أم أنها من صفات العرب؟
وأخيراً .... أرجو أن تتقبل أسئلتى بصدر رحب،جزاك الله خيراً.
(أنا لا أقلل -عياذاً بالله -من شأن الهدى الظاهر،ولكن ما يحزننى التحزب بين الملتحين،فهل نفترض فى الملتحى حسن النية وأما غيره فلا؟
خاصة أن أغلب الملتحين زى ما أنت عارف يا شيخنا!
وكذلك النظرة التى ينظر بها الملتحى إلى غيره، يا أخى .. هون عليك،الناس لم يقولوا لك:يا شيخ إلا لأنهم عظموا اللحية،بدل أن يقولوا:يا كابتن،
من البسطاء من يعظم اللحية ويستعظم خروج (العيب) من صاحبها،
ومن الملتحين من يستهين بلحيته وقت الطلب (ويركنها على جنب)،
آسف على الإطالة)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 08:11]ـ
لا عليك ..
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل،
إذا سمحت لى بعرض بعض الأمور التى أشكلت على من خلال ردكم:
1 - إن كانت المعصية التى يرتكبها تاركو الهدى الظاهر ونخص اللحية (التى يصلح أن يكون تاركها عاصياً مجاهراً) تزيد بالمجاهرة،فقد تشترك معها المعاصى الأخرى التى تصدر من الملتحى وغيره والناس ينظرون!!
فحدث ولا حرج عن عقوق الوالدين و (الشخط والزعيق)،وحدث عن جشع بعض الإخوة فى البيع والشراء،وغيرها من الأمثلة التى نراها -أنا وفضيلتكم -واشتكى منها من المشايخ،وتحدثوا عن قلة المربين و .... إلى آخر الأسباب.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهل الجهر بترك اللحية أعظم من تشويه صورة المتدين المسلم؟ (استفهام حقيقى جزاك الله خيراً).
حديثنا ليس عن الملتحين ومجاهرتهم حديثنا عن غير الملتحين ومجاهرتهم وأن عدم اللحية ليس مجرد معصية بل هو مجاهرة بالمعصية .. فالدخول في أحوال الملتحين ليس مقصوداً بما هاهنا ..
2 - ترك الهدى الظاهر يوجب -غالباً -النفرة من الهدى وفاعله بقصد أو غير قصد،
فهل تسمح لى بمخالفتك؟ لأنى أعتقد أن هذا لا شأن له بالعلم والتحصيل وإنما هو مشاهدات وتجارب واختلاط، فقد يكون رأيك بناء على مشاهداتك وتجاربك، وهذا على غير ما رأيته من خلال تعاملى مع غير ((الملتحين))، لم يعد الناس على تلك الصورة يا شيخنا،وإنما هناك أسباب تفرض نفسها وبقوة على ترك الناس للحية -بالذات - وفى مصر بالذات، وأشهرها الجهل والأمن،وضع ملايين الخطوط تحتهما.
ليس هذا ناتجاً عن الملاحظة بل هو مقتضى تلازم الظاهر والباطن وما يوجبه تشابه الظاهر من الألفة وما يحدثه تخالف الظاهر من النفرة وتلك قضية شرعية لا مطعن فيها بل هي من مقاصد التشريع في الأمر بالهدي الظاهر ..
3 - قلتم:
"ومع وجوب التنبه إلى أن المعصبة بترك الهدي الظاهر هي ناتجة-غالباً- عن قلة الفقه في الدين وضعف الحرص عن توفية الشرع حقه في غيرالعبادات الظاهرة متوارثة الاتباع .. "
هذا سبب كل معصية يا شيخنا،ونضف إلى هذا إن صدرت من صاحب الهدى الظاهر:قلة أو انعدام الشعور بالمسئولية.
لا. بل في معاصي الهدي الظاهر نوع إعراض ولا يُصاحبها-إلا نادراً-اعتراف دائم أو غالب بالتقصير،وهذا ظاهر مشاهد يوجب الفرق .. هذا فيمن حسن حاله ولم يُعاند أدلة الشرع ويعترضها بالتأويلات السمجة والاعتراضات الطنطاوية.
4 - وهل الجاهلية تأتى بخير؟!
بل يكون فيها خير .. فالجاهلية لا تكون مطلقة ولكن يكون فيها أبواب من الخير هي من جنس الإلف والعادة والتقليد والتذمم ومراعاة القانون الاجتماعي لا بقصد التزام الشرع .. وهذا هو واقع كثير من المعرضين عن الهدي الظاهر ..
وأخيراً .... أرجو أن تتقبل أسئلتى بصدر رحب،جزاك الله خيراً.
(أنا لا أقلل -عياذاً بالله -من شأن الهدى الظاهر،ولكن ما يحزننى التحزب بين الملتحين،فهل نفترض فى الملتحى حسن النية وأما غيره فلا؟
خاصة أن أغلب الملتحين زى ما أنت عارف يا شيخنا!
وكذلك النظرة التى ينظر بها الملتحى إلى غيره، يا أخى .. هون عليك،الناس لم يقولوا لك:يا شيخ إلا لأنهم عظموا اللحية،بدل أن يقولوا:يا كابتن،
من البسطاء من يعظم اللحية ويستعظم خروج (العيب) من صاحبها،
ومن الملتحين من يستهين بلحيته وقت الطلب (ويركنها على جنب)،
آسف على الإطالة)
هذا الأخير هو مقصود المقال ولا اعتراض لي عليه .. وإنما كلامي في رفض وهد ونقض = اعتبار معاصي الهدي الظاهر مجرد معاصي مع الغفلة عن دلالاتها القلبية والعقدية ..
ـ[احمد الدهشورى]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 09:57]ـ
جزاك الله خيراً على التوضيح.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 10:11]ـ
بارك الله فيك .. وأرجو كي لا يؤثر المثال على التصور = أنكم إذا أردتم التمثيل لهذا القضية لا تمثلوا بالملتحي وغيره لأن هذا يُفسد التصور .. ورأيي أن تمثلوا بالمحجبة والمتبرجة .. فهذا ربما يعينكم على تصور المسألة من جهتيها ..
ـ[حارث البديع]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 11:09]ـ
حقيقة ياابن مفلح
اتيتَ على الصميم
ولامستَ الجـ ـــــــــــــــــرح
ونسائم كلامك شاغفت جراحا في قلوبنا
فكانت لها بلسما
انني ومن خلال احتكاكي ببعض اهل الصلاح الذين
لانشكك في غيرتهم وصدقهم
المس بعمق هذا المشكل
فمن رُؤُيا منا جالسا مع اهل الصلاح الغير الظاهر
قالوا فلان انتكس وعلان تغيّر و 0000000000000
وراحوا ينعتوك بأوصاف تنكب الطريق وتبدل الحال
(في الآنية الاخيرة ارى كثيرا تبدّل هذا الفكر عنده)
وإني التمس لاخوتي العذر
-----------------------------------
مسائل مثل اللحية والثياب وغيرها هذه لاتُعقد عليها الوية الولاء
والبراء؛ ويراعى فيها خلاف المجتهد ورحم الله ابن عثيمين
حينما انكر هذا التقسيم ملتزم وغير ملتوم
فقيها يعرف فساد هذا التقسيم
ويعرف المشكل من التناطح والسباب في بعض الاحيان
في مسائل اجتهادية للمخالف فيها ادلة لها حظ وافر من
النظر لذلك كان يردد في بعض شروحه ودروسه
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله: (لايجوز الانكار في مسائل الاجتهاد)
هناك عوامل تُسهم في التفريق المزعوم بين طائفة الاسلام
واهل القبلة والملة الواحدة
لعلى أساهم بتوفيق الله تعالى في وضع ابرز النقاط على الحروف
محاولة لمعرفة عوامل هذه التفرقة
وانتظر من اخوتي ان لا يحرمونا من اقتراحاتهم
وبالله التوفيق.
ـ[أبا إبراهيم عبدالرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 01:17]ـ
يا حارث ردك كانه لموضوع اخر سبحان الله هل اللحية والاسبال من مسائل الاجتهاد والنصوص كالشمس
وهل من يستقيم لا يخطىء ........ هل هم خير من الصحابة الذين عاشوا في خير الزمن ومنهم من زنى ومنهم شرب الخمر
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
قال حارث: فمن رُؤُيا منا جالسا مع اهل الصلاح الغير الظاهر وعبارة الصلاح الغير ظاهر لاندري كيف رايت هذا الصلاح
فعذرهم واعذرنا فنحن لا نستعمل اشعة اكس او الرنين المغناطيسي لنرى بواطنهم
قال ابن باز:
سئل سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى هذا السؤال:
إنني شاب - ولله الحمد - محافظ على الصلوات الخمس, وأحب تأديتها في المسجد , ولكن مشكلتي أنه يوجد لدي صديق , هو محافظ على الصلاة , لكنه يستمع الأغاني , وثوبه أسفل من الكعبين , وتوجد صور مكبرة ومعلقة في بيته.
وعندما قلت له: إن كل هذا حرام.
قال: إن الله يغفر إلا الإشراك به سبحانه وتعالى.
فماذا علي أن أعمل معه؟
رغم أنه يعلم أنها حرام , وقرأ الكتب التي تثبت ذلك.
وما حكم من رأى منكرا ولم ينصح صاحبه؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا ..
جواب الشيخ رحمه الله:
مثل هذا الرجل لا تنبغي مجالسته لإصراره على المعاصي وإعلانه لها.
وليس له حجة في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).
فإنه ليس للعبد أن يقدم على المعاصي احتجاجا بهذه الآية , فقد يكون ممن لا يشاء الله المغفرة له , وقد يعاقب بحرمانه المغفرة وبالطبع على قلبه؛ لإصراره وعدوانه وتهاونه وعصيانه أمر ربه الذي أمره بترك المعاصي وأداء الواجب.
وعلى المسلم نصيحة أخيه إذا رأى منه منكرا ولو كان يعلم منه أنه يعلم أنه منكر , عملا بقول الله سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).
وقوله عز وجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.
قيل: لمن يا رسول الله؟
قال: لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق.
مجموع فتاوى الشيخ رحمه الله الجزء الخامس ..
ـ[يحيى بن زكريا]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 07:53]ـ
جزاك الله خيرا على المقال من أحسن ما قرأت بارك الله فيك
ـ[حارث البديع]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 09:46]ـ
يا حارث ردك كانه لموضوع اخر سبحان الله هل اللحية والاسبال من مسائل الاجتهاد والنصوص كالشمس
نعم هي عندي من مسائل الاجتهاد
وليس المقام في الكلام عنها حسبي
ان اقول لك ابحث فيها لترى هل من السلف من
خالف فيها او لا لكن لاتلقي الاحكام جزافا
وهل من يستقيم لا يخطىء ........ هل هم خير من الصحابة الذين عاشوا في خير الزمن ومنهم من زنى ومنهم شرب الخمر
ماأحد قال هذا ولا كلامي يدل عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
قال حارث: فمن رُؤُيا منا جالسا مع اهل الصلاح الغير الظاهر وعبارة الصلاح الغير ظاهر لاندري كيف رايت هذا الصلاح
رأيته بتجربتي الشخصية ومن خالط عرف
ولى قدوة محمد (ص) في المكثر من شرب الخمر
وتعلم انها من الكبائر قال انه يحب الله ورسوله
قال ابن باز:
سئل سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى هذا السؤال:
إنني شاب - ولله الحمد - محافظ على الصلوات الخمس, وأحب تأديتها في المسجد , ولكن مشكلتي أنه يوجد لدي صديق , هو محافظ على الصلاة , لكنه يستمع الأغاني , وثوبه أسفل من الكعبين , وتوجد صور مكبرة ومعلقة في بيته.
وعندما قلت له: إن كل هذا حرام.
قال: إن الله يغفر إلا الإشراك به سبحانه وتعالى.
فماذا علي أن أعمل معه؟
رغم أنه يعلم أنها حرام , وقرأ الكتب التي تثبت ذلك.
وما حكم من رأى منكرا ولم ينصح صاحبه؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا ..
جواب الشيخ رحمه الله:
مثل هذا الرجل لا تنبغي مجالسته لإصراره على المعاصي وإعلانه لها.
وليس له حجة في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).
فإنه ليس للعبد أن يقدم على المعاصي احتجاجا بهذه الآية , فقد يكون ممن لا يشاء الله المغفرة له , وقد يعاقب بحرمانه المغفرة وبالطبع على قلبه؛ لإصراره وعدوانه وتهاونه وعصيانه أمر ربه الذي أمره بترك المعاصي وأداء الواجب.
وعلى المسلم نصيحة أخيه إذا رأى منه منكرا ولو كان يعلم منه أنه يعلم أنه منكر , عملا بقول الله سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).
وقوله عز وجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.
قيل: لمن يا رسول الله؟
قال: لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق.
مجموع فتاوى الشيخ رحمه الله الجزء الخامس ..
المعذرة الفتوى تتكلم عن المصر على المعاصي المجاهر لها
وهناك فرق بين كلامنا والفتوى فلا تخرج عن الموضوع
علما أنه أتى عنه (ص) (إن الله ينصر هذا الدين بالرجل الفاجر)
والتاريخ شاهد بهذا
ولااقصد التجرؤ على المعاصي او التهوين
\من شأنها انما الايضاح.(/)
إعلان سلسلة الكلمات التوجيهيه بعنوان (لعلكم تتقون) في مسجد الفدا
ـ[أبو تميم العُمري]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 06:38]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يسر إخوانكم في مسجد الفدا بحي الروضة دعوتكم لحضور سلسلة الكلمات التوجيهية والتي بعنوان ((لعلكم تتقون))
من الفترة 22/ 8 وحتى 28/ 8
الجمعة / ش / فهد القاضي.
السبت / ش / د / عبد الله الغفيلي. (ليدبروا آياته)
الأحد / ش/ صالح الدرويش.
الأربعاء / ش / د / عبد العزيز السحيباني ((لعلكم تتقون)).
· جميع الكلمات بعد العشاء.
· يوجد مكان للنساء.
· الموقع: مخرج 11 يمين شارع الغافقي ,ثاني إشارة يمين, تي يمين , أول لفة يمين. المسجد على اليمين. حجر
للاستفسار الاتصال / 0504428821
http://www.zshare.net/download/64115774de56461c/
رابط الموضوع منسق و كامل في مفكرة للمساعدة في نشر السلسلة
إذا كان مكان الموضوع غلط فاعذروني لاني لا اعلم اين اضعه!
نرجوا منك النشر - فالدال على الخير كفاعله(/)
خلاصة الكلام في حكم الحجامة حال الصيام
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 10:54]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ..
أما بعد:
فهذه إحدى المسائل الكبار التي تتعارك فيها الأنظار، وتتضايق فيه الأفكار؛ لظهور تعارض بين النصوص، والأقيسة، والأصول ..
فالقول بالفطر بالاحتجام من مفردات مذهب الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وجماعة من أهل الحديث كابن المنذر وابن خزيمة والأوزاعي والدارمي وإسحاق رحمهم الله أجمعين؛ لحديث شدّاد ورافع بن خديج رضي الله عنهما مرفوعاً: (أفطر الحاجم والمحجوم) أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه.
ولكنّ المشهور من مذهب أحمد الاقتصار على الحجامة وعدم قياس غيرها مما ينتج عنه سحب دم كثير عليها، إذ العلة غير معقولة المعنى، والأمر تعبدي لا يقاس عليه.
واختار شيخ الإسلام تعدية ذلك لكل ما كان مثل الحجامة في المعنى كفصاد أو تشريط أو أي طريقة يخرج بها الدم كخروجه بالحجامة، وهو وجه في المذهب.
وذهب الجمهور إلى أن الحجامة لا تفسد الصوم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم، واحتجم وهو صائم. البخاري وغيره. وجاء: وهو محرمٌ صائم.
ورواه البخاري في صحيحه أيضاً بلفظ: احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم.
استدل الحنابلة ومن وافقهم بما يلي:
1 - حديث شداد، وقد رواه أكثر من ستة عشر صحابياً، ويؤيده عمل الصحابة من تأخيرهم الحجامة إلى الليل.
وأجيب: بأن عمل الصحابة ليس صريحاً في كونهم يرون الفطر بالحجامة، ولعل هذا التأخير إلى الليل خشية الضعف الذي يؤدي إلى الفطر، ويؤيد ذلك أن أنساً -رضي الله عنه- سُئِل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف. البخاري).
2 - قالوا: حديثنا قول وحديث ابن عباس فِعل، والقول مقدم على الفعل.
ويجاب عن هذا: بأنه ترجيح، ولا يصار إليه إلا عند عدم إمكان الجمع، وعدم ثبوت نسخ.
3 - حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أولى بالنسخ من حديثنا؛ لأنه يلزم بالقول بنسخ حديثنا مخالفة الأصل (براءة الذمة) مرتين .. لأن حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- موافق لحكم الأصل.
وأجيب: بأن هذا غير مسلَّم، ثم ما الذي يمنع مثل هذا؟! .. ثم إنه معارَضٌ بقول جماعة من العلماء: أن الخبر المبقي للبراءة الأصلية مقدَّم على الرافع لها.
4 - أن لفظة: (وهو صائم) في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ليست ثابتة، قال أحمد وغيره: هي خطأ من قبيصة.
وأجيب: بأن هذا القول من الإمام أحمد قد قابله إخراج الإمام البخاري للحديث في صحيحه المجمع على قبول ما فيه مما هو على شرطه.
5 - أن ما ذكرنا من القول بالتفطير بالحجامة موافق للقياس الصحيح من أن كل ما يخرج من البدن وربما سبّب ضعفاً: مفطر .. مثله مثل القيء وخروج دم الحيض والاستمناء.
ويجاب: بأن هذا يسقُط إن ثبتت الرخصة فيه؛ لأنه لا يصار إلى مثل هذا إذا قابل نصا، وإلا كان قياساً فاسد الاعتبار.
وقال الجمهور:
1 - حديث شداد منسوخ؛ لأنه ثبت في بعض رواياته أنه كان عام الفتح، وحديث ابن عباس في حجة الوداع إذ لم يصحب ابن عباس رسول الله محرماً إلا فيها.
وأجيب: بأنه لا يسلَّم بدعوى النسخ؛ لأنه لم يثبت صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، ولعل صيامه لم يكن حال إحرامه – كما جاء في لفظ البخاري: (احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم) – فيكون قوله: "وهو محرم صائم" من قبيل اختلاط الرواة، وتكون كل حادثة مستقلة عن الأخرى.
2 - أن حديث شداد منسوخ، لأنه ثبت ما يدل على نسخه من حديث النسائي في الكبرى وابن خزيمة في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي سعيد -رضي الله عنه-: أرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحجامة للصائم. وأحاديث أُخر .. والرخص إنما تكون بعد العزيمة.
3 - حمل حديث شداد على المجاز، لوجود الأدلة الصارفة عن حمله على الحقيقة:
أ - فقد يكون " أفطر " بمعنى ذهب أجرهما، ويؤيده بعض روايات الحديث من أنهما كانا يغتابان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورد ابن خزيمة في صحيحه دعوى فطرهما بالغيبة فقال: (و جاء بعض أهل الجهل بأعجوبة في هذه المسألة فزعم أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما قال: (أفطر الحاجم و المحجوم) لأنهما كانا يغتابان، فإذا قيل له: فالغيبة تفطر الصائم؟ زعم أنها لا تفطر الصائم، فيقال له: فإن كان النبي -صلى الله عليه و سلم- عندك إنما قال: (أفطر الحاجم و المحجوم) لأنهما كانا يغتابان، و الغيبة عندك لا تفطر الصائم، فهل يقول هذا القول من يؤمن بالله؟ يزعم أن النبي صلى الله عليه و سلم أعلم أمته أن المغتابَين مفطران؟ و يقول هو: بل هما صائمان غير مفطرين! فخالف النبي صلى الله عليه و سلم الذي أوجب الله على العباد طاعته و اتباعه ... )
ب - وقد يكون بمعنى: عرّضا أنفسهما للفطر بهذا الفعل، أو: أوشكا أن يفطرا.
فالحاجم عرَّض نفسه للفطر بمصه القارورة، والمحجوم لأجل الضعف.
وأجيب عنه: بأن هذا استنباطٌ لوصف يعود على النص بالإبطال.
وقد يحمل على أنه دعاء عليهما، لا على أنه خبر عن فطرهما.
وأجيب عنه: بأنه احتمال لا دليل عليه.
وقال ابن خزيمة -رحمه الله- راداً قول الجمهور: (إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها، فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر، فاحتجم وصار مفطراً، وذلك جائز).
وأجاب الخطابي في " معالم السنن " عما ذكره ابن خزيمة: (وهذا تأويل باطل، لأنه قال: احتجم وهو صائم فأثبت له الصيام مع الحجامة، ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة).
قال النووي في شرح المهذب: (ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس رضي الله عنهما: (احتجم وهو صائم) الإخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم، ويؤيده باقي الأحاديث المذكورة. والله أعلم).
(قلت): الذي يترجح عندي أن الحجامة لا تفطر الصائم، وإن كانت مكروهة إن خشي الضعف بها، ويتأيد هذا بما ورد عند أبي داود عن ابن أبي ليلى عن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة للصائم والمواصلة ولم يحرِّمهما إبقاءً على أصحابه. قال الحافظ: (وإسناده صحيح)، وقال النووي في المجموع شرح المهذب: (بإسنادٍ على شرط البخاري ومسلم).والله أعلم.
وأما الحاجم، وهو الذي يمص الدم بواسطة القارورة، فقد قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: (وأما الذي يحجم غيره، فقال أكثر أصحابنا: يفطر أيضاً).
ويظهر أن هناك خلافاً داخل المذهب في حق الحاجم، ولعل المشهور عندهم: أنه يفطر؛ لظاهر الحديث، وبناءً على اعتبارهم أن إفطار الحاجم والمحجوم أمر تعبدي لا دخل للقياس فيه.
وعلى القول بالتفطير بها؛ لا يصح قياس الدم الخارج من خلع سن أو خروج الرعاف أو خروج الدم من الجراحة أو سحب الدم اليسير للتحليل أو خروج دم الاستحاضة على الحجامة؛ لأن تأثيرها على البدن ليس كتأثير الحجامة، بخلاف الفصد والتبرع بالدم ونحوه.(/)
أسئلة حول احوال الموتى والبرزخ؟
ـ[تلميذة ابن القيم]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 01:14]ـ
لدي اسئلة ارجوا من طلبة العلم التفضل بالجواب عليها
الاول: هل الميت يشعربالقبر والوحدة فيه والوحشة والظلمة وطول الرقاد والتراب والضيق؟
وهل يدخل للبزخ وحياة اخرى ام الروح فقط مثل الحلم في المنام؟
الثاني: هل الميت نائم ولايشعر ام يشعر بالحياة الاخرى في البرزخ وكبف طبيعتها؟
الثالث: هل اذا مات الميت سيلتقي باحبابه ويجتمع بهم ويعيش معهم عيشة اخرى في البرزخ
ام لايرى احد احد؟
الرابع: هل اذا قام الموتى من القبر للبعث والنشور يكونون على هيئتهم التي ماتوا عليها
بمعنى لومات كبيرسن يبعث كماهو والصغيركماهو وهكذا؟
الخامس: اذا دخلوا الجنة هل يعرفون من كانوا يعرفونهم في الدنيا ويسلمون عليهم
وتكون اشكالهم كالدنيا ام كل اهل الجنة على هيئة واحدة بحيث كيف يعرفون بعض
وهم سواء في الجمال والطول؟
السادس: اذا قام المرء من قبره هل يكون احساسه وشعوره وتفكيره مثل الدنيا
ام يكون على شكل اخر وعقل اخر؟
جزاكم الله خيرا
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 01:41]ـ
/// يكفيك في الجواب عن هذه الأسئلة وغيرها مراجعة كتاب الإمام ابن القيِّم رحمه الله: "الروح".
/// أحببت فقط تنبيهك لهذا الكتاب، وإن كان الجواب عن مثل هذا يوجد في غيره.
ـ[تلميذة ابن القيم]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 04:12]ـ
وجدت جوابا على بعضا من اسئلتي في الكتاب المذكور
والبعض الاخرلم اجده
جزيتم خيرا
ارجوان من طلبة العلم بيان ولواليسير
ـ[تلميذة ابن القيم]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 04:16]ـ
ووجدت هذا في الكتاب ارجوا بيانه
" فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها"
يعني لااجتمع بمن احب اذا كانت درجتي تختلف عن درجته وذلك لتفاوت اعمالنا؟
ـ[تلميذة ابن القيم]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 04:24]ـ
وسؤال اخر
هل في الجنة سنتحدث بالفصحى ام بلهجاتنا ولغاتنا المختلفة؟
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 11:57]ـ
/// ويمكن أيضًا الرجوع لكتاب ابن القيِّم رحمه الله الآخر: "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح"؛ ففيه مسائل كثيرة عن الجنَّة وما فيها من النعيم، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها.
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 12:08]ـ
وسؤال اخر
هل في الجنة سنتحدث بالفصحى ام بلهجاتنا ولغاتنا المختلفة؟
/// وردت بعض الأحاديث تفيد بأن لغة أهل الجنة هي اللغة العربية, ولكنها _حسب علمي- لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[تلميذة ابن القيم]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 09:09]ـ
انا اتيت هنا للضرورة للاجابة على اسئلتي واستفساراتي فقط واتزود من العلم دون مزاحمة الرجال
وانتم طلبة علم ومن واجبكم البيان وتزكية العلم
ـ[تلميذة ابن القيم]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 09:10]ـ
رجعت للكتب المذكورة ولم اجد اجابات شافيه وغالبها تحتاج لبيان
جزاكم الله خيرا(/)
ماهي العلة في نزول القبر رجلٌ لم يقارف الليلة؟!.
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[15 - Aug-2009, صباحاً 11:52]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ورد في حديث وفاة بنت النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري " فقال: هل منكم رجلٌ لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا , قال: فانزل: قال فنزل في قبرها " ..
وقد رجح البخاري أن المقارفة هي إتيان الذنب , وجزم ابن حزم الجماع , لأدلة أخرى ..
وبعد النظر في شرح الحديث عند ابن حجر لم تتبين لنا العلة المقنعة , حيث ذكر العلماء أن سبب عدم نزوله هو أنه سيكون قريباً من جماع أهله وشهوته ما زالت , وهذه العلة ليست مقنعة تمام الإقناع , إذ أن الرجل قد يقارف أهله ولا يكون كذلك.
ثم؛ هل نسلم بقول بعض العلماء أن عثمان قارف أهله تلك الليلة فلم ينزل قبر زوجته بنت النبي صلى الله عليه وسلم؟! .. وذلك لأن مرضها طال فلم يجد بدّأً من جماعها مع جهله بوقت موتها! .. لا سيما أن النفس تعاف مقاربة الأهل وقت شدة المرض , بله مرض الموت! ..
وقد طرحنا الإشكال على الشيخ عبد الكريم الخضير مع جمع من الطلاب , ولكنه لم يفصل في المسألة , ورجعنا للفتح فلم نجد بغيتنا ..
فهل من معين يا إخوة , يبين لنا علّة أخرى في ذلك , وتكون مقنعة؟! ..
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 12:24]ـ
قال الحافظ في "فتح الباري" (3/ 159): (وعلل ذلك بعضهم بأنه حينئذ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة وحكى عن بن حبيب أن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة فتلطف صلى الله عليه وسلم في منعه من النزول في قبر زوجته بغير تصريح).
وقال ابن بطال في شرحه: 3/ 329 "وذهب العلماء إلى أن زوج المرأة أولى بإلحادها من الأب والولد، ولا خلاف بينهم أنه يجوز للفاضل غير الولى أن يلحد المرأة إذا عدم الولى، ولما كان النبى، (صلى الله عليه وسلم)، أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ولم يجز لأحد التقدم بين يديه فى شىء لقوله تعالى: (لا تقدموا بين يدى الله ورسوله) [الحجرات: 1] لم يكن لعثمان أن يتقدم بين يدى رسول الله فى إلحاد زوجته. وأما قوله (صلى الله عليه وسلم): (هل فيكم أحد لم يقارف أهله الليلة؟) فيحتمل أن يستدل على معناه بقوله فى حديث المسندى: (فلم يدخل عثمان القبر) ودل سكوت عثمان وتركه المشاحة فى إلحاد أهله أنه قد كان قارف تلك الليلة بعض خدمه، لأنه لو لم يقارف لقال: أنا لم أقارف فأتولى إلحاد أهلى، بل كان يحتسب خدمته فى ذلك من أزكى أعماله عند الله، وكان أولى من أبى طلحة لو ساواه فى ترك المقارفة. فأراد (صلى الله عليه وسلم) أن يمنعه إلحادها حين لم يمنعه حزنه بموت ابنة رسول الله، وانقطاع صهره منه، عن المقارفة تلك الليلة على طراوة حزنه وحادث مصابه لمن لا عوض منها، وقد قال (صلى الله عليه وسلم): (كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببى ونسبى). رواه عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأبو رافع، والمسور، كلهم عن النبى، (صلى الله عليه وسلم)، ذكرها كلها الطبرى. فعاقبه (صلى الله عليه وسلم) بأن حرمه هذه الفضيلة، وكان عثمان كثير الخدم والمال، وفيه فضل عثمان وإيثاره الصدق حتى لم يَدَّعِ تلك الليلة ترك المقارفة، وإن كان عليه بعض الغضاضة فى إلحاد غيره لزوجته "
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 12:41]ـ
قد سبق بحث هذه المسألة هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16797&highlight=%ED%DE%C7%D1%DD
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 01:18]ـ
جزيتم خيراً.
وبورك فيكم.(/)
فائدة حول وجوب قراءة الحديث الشريف بالتجويد مثل القرآن!
ـ[أبو المظَفَّر السِّنَّاري]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 01:58]ـ
قد اختلف العلماء حول: قراءة الحديث الشريف بالتجويد والترتيل مثل القرآن الكريم؟
فاستحب ذلك طوائف من أهل العلم، ولم أعرف أن أحدًا منهم قد صرح بوجوب ذلك! اللهم إلا ما نقله بعض المتأخرين عمن لم يُسمِّهم!
ثم ظفرت بمن نصَّ على وجوب قراءة الحديث الشريف بمثل ما يُقرأ به القرآن الكريم!
فأخبرنا شيخ تطوان: العلامة محمد بن الأمين المغربي – إجازة بالمكاتبة -عن شيخه عبد الحي الكتاني عن عبد الله السكري عن الوجيه الكزبري عن الشمس الحفني عن العلامة برهان الدين ابن الميِّت الشامي أنه ذكر في شرحه على «البيقونية» أنه:
(سأل شيخه النور عليّ الشبراملسي عن حكم قراءة الحديث مجوداً كتجويد القرآن: من إمكان النون الساكنة، والتنوين، والمد والقصر، وغير ذلك، هل هي مندوبة؟ فأجابه بالوجوب! ونقله له عن كتاب «الأقوال الشارحة في تفسير الفاتحة» قال: وعلَّل الشيخ ذلك: بأن التجويد من محاسن الكلام، ومن لغة العرب ومن فصاحة المتكلم، وهذه المعاني مجموعة فيه -صلى الله عليه وسلم- فمن تكلم بحديثه -عليه السلام- فعليه مراعاة ما نطق به عليه السلام».
قلتُ: وهذا تعليل في غاية الحُسْن.
والشَّبْرامَلِّسي هذا: هو قمر الشافعية في القرن الحادي عشر الهجري، وهو صاحب الحاشية المشهورة على نهاية الشمس الرملي في فقه الشافعية.
ـ[الطيب صياد]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 02:17]ـ
أعجبني إسنادك لحديثك، و يا ليتك تعرفنا برجال السند؟
أمّا تعليل المفتي فغاية في البعد، إذ لو كان تجويد الحديث مشروعا كتجويد القرآن لنقل ذلك نقلا مستفيضا عن الصحابة الكرام، و الترتيل خاص بالقرآن الكريم لأنه كلام الرب سبحانه و تعالى قال الله تعالى {و رتِّل القرآن ترتيلا} و قال النبي (ص) " زيِّنوا القرآن بأصواتكم "، و ترتيله مقيد بتلاوته، أمّا عند الاستدلال به و التدريس به فلا يرتل و لا يجوّد، خلافا لما يعمله بعضهم، و قد أفتى بعض العلماء بالبدعية، فكيف بتجويد الحديث ...
ثم أين البرهان على أن كلام العرب مقتضاه التجويد و الترتيل؟؟؟
أرجو البيان و مواصلة الموضوع،،،
باركالله فيكم،،،
ـ[أبو المظَفَّر السِّنَّاري]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 03:05]ـ
أحسن الله إليك يا صياد الفوائد.
لكن: لم يكن مقصد أخيك البحث في تلك القضية هنا!
إنما هي فائدة دعتْ الهمَّة الفاترة إلى إيقاف أمثالك من النابهين عليها وحسب.
وللفائدة: لعلك تنظر في هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5041 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5041)
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 03:33]ـ
جزاك الله خبراً أخي الكريم النوراني على هذا النقل الطيب.
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[17 - Nov-2009, صباحاً 09:58]ـ
(التجويد): هو تصحيح القراءة.
و (الترتيل): هو التأَني في القراءة والتمهل وتبيين الحروف والحركات، أو التحقيق والتبيين والتمكين والترسل والتؤدة في الكلام. [انظر لسان العرب (11/ 265)]
و (التلحين) و (التطريب) ليس جزءا منهما ولا لازما من لوازمهما، وليس في لفظ أو مفهوم الأولَيْن أي دلالة على الآخرَيْن أو العكس.
فكثير ممن يخلط في هذا الأمر .. فليُتنبه.
ـ[أبو المظَفَّر السِّنَّاري]ــــــــ[17 - Nov-2009, مساء 10:20]ـ
الأخوان: ضيدان وأبو حازم، أحسن الله إليكما.
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[17 - Nov-2009, مساء 10:52]ـ
أعجبني إسنادك و ترتيله مقيد بتلاوته، أمّا عند الاستدلال به و التدريس به فلا يرتل و لا يجوّد، خلافا لما يعمله بعضهم، و قد أفتى بعض العلماء بالبدعية، فكيف بتجويد الحديث ...
ثم أين البرهان على أن كلام العرب مقتضاه التجويد و الترتيل؟
أرجو أن تذكر لنا قول من قال بالبدعية للفائدة ..
وجزاك الله خيرا.(/)
هل يشترط في لباس الرجل المغطي عورته ما يشترط في لباس المرأة؟
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 08:37]ـ
هل يشترط في لباس الرجل المغطي عورته ما يشترط في لباس المرأة؟
فهناك من ملابس الرجال (التوب الأبيض بخاصة) ما يكشف عما تحته، كما أنه يلتصق بالجسم فيصفه ... إلخ
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 10:01]ـ
هل يشترط في لباس الرجل المغطي عورته ما يشترط في لباس المرأة؟
فهناك من ملابس الرجال (التوب الأبيض بخاصة) ما يكشف عما تحته، كما أنه يلتصق بالجسم فيصفه ... إلخ
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[17 - Aug-2009, صباحاً 10:49]ـ
لماذا لم يحاول أحد الإجابة؟
ـ[ابو بردة]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 01:44]ـ
نعم يشترط يا أخي
فالعورة عند الرجل والمرأة سيان في وجوب حفظها وعدم النظر إليها
لكنها بالنسبة للمرأة والأمرد أبشع من الرجل
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 02:15]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا بردة، لكن ردك هذا مجمل ولم تبين ما الذي يشترط في ملابس الرجال، والفرق بين ما يشترط في ملابس الرجال وملابس النساء والمرد، ودليل ذلك، وتنزيل هذا على ما هو حاصل اليوم في ملابس الرجال، فالجميع ينبهون على مخالفات ملابس النساء ولا أحد ينبه على مخالفات ملابس الرجال.
في انتظار الرد، بارك الله في الجميع.
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 09:27]ـ
هل سؤالي صعب، أم أنه يناقش مسألة خيالية، أم أن أحدا لا يعرف إجابته على الرغم من أنه يتعرض لأمر نلابسه دائما؟؟؟؟
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 11:15]ـ
مذهب الحنابلة أن ذلك خاص بالنساء فقط
قال في " الإقناع " (وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ مَا يَصِفُ اللِّينَ وَالْخُشُونَةَ وَالْحَجْمَ)
ـ[عاشق الحور العين]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 12:07]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اليك هذه الفتوى اخي العزيز ويبدو أنه يجب ستر العورة بما لايشف من الملابس والله اعلم
الصلاة في ثوب شفاف
ما حكم الصلاة في ثياب السلك والتي تشف قليلا ما تحتها ويرى منها حجم الجسد.
الحمد لله إذا كان الثوب شفافاً بحيث يبدو من ورائه لون البشرة، فإنه لا تصح الصلاة فيه، لعدم ستر العورة.
وقد سئل عن ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فقال:
إذا كان الثوب المذكور لا يستر البشرة لكونه شفافاً أو رقيقاً: فإنه لا تصح الصلاة فيه من الرجل إلا أن يكون تحته سراويل أو إزار يستر ما بين السرة والركبة.
وأما المرأة فلا تصح صلاتها في مثل هذا الثوب إلا أن يكون تحته ما يستر بدنها كله.
أما السراويل القصيرة تحت الثوب المذكور فلا تكفي.
وينبغي للرجل إذا صلَّى في مثل هذا الثوب أن تكون عليه فنيلة أو شيء آخر يستر المنكبين أو إحداهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " متفق على صحته.
" فتاوى إسلامية " (1/ 219).
أما إذا كان الثوب يستر البشرة ولا يبدو من وراءه لونها ولكنه لنعومته أو ضيقه يبين حجم الأعضاء، فإن هذا لا يمنع من صحة الصلاة فيه، ما دامت العورة مستورة.
قال ابن قدامة: الواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفاً يبين لون الجلد من ورائه، فيُعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك، وإن كان يستر لونها، ويصف الخلقة، جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرز منه.
المغني 2/ 286.
الإسلام سؤال وجواب
ـ[عاشق الحور العين]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 12:10]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز هذه فتوى ثانية عسى أن تجيب على السؤال بارك الله فيك
هل الصلاة في البنطلون باطلة؟
هل الصلاة في البنطلون باطلة؟ لأنني سمعت من يقول ذلك، لأن البنطلون يحدد حجم العورة.
الحمد لله
أمر الله تعالى من أراد الصلاة أن يتخذ زينته، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31.
فالمصلي مأمور بالتزين للصلاة، لا كما يفعله كثير من المسلمين – للأسف – يصلي بثياب النوم أو ثياب المهنة، ولا يتجمل للصلاة، فإن الله تعالى جميل يجب الجمال.
(يُتْبَعُ)
(/)
واعتبر العلماء أقل حد لأخذ الزينة هو ستر العورة، ولذلك نصوا على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة.
ومقتضى قولهم: " ستر العورة " أن الواجب هو ستر العورة، وأنه مهما حصل الستر صحت الصلاة، ولو كان الثوب ضيقاً يحدد العورة.
وهذا ما نص عليه العلماء من المذاهب الفقهية المختلفة صراحةً. وها هي أقوالهم في ذلك:
أولا: المذهب الحنفي:
قال في "الدر المختار" (2/ 84): " ولا يضر التصاقه وتشكله " اهـ. يعني: الثوب الذي يلبسه في الصلاة.
قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته على "الدر المختار": " قوله: (ولا يضر التصاقه) أي: بالألية مثلا، وعبارة "شرح المنية": أما لو كان غليظا لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا، فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة، لحصول الستر " انتهى كلام ابن عابدين.
ثانيا: المذهب الشافعي:
قال النووي رحمه الله في المجموع (3/ 176): " فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوها صحت الصلاة فيه لوجود الستر، وحكي الدارمي وصاحب البيان وجهاً أنه لا يصح إذا وصف الحجم، وهو غلط ظاهر " انتهى كلام النووي.
ثالثاً: المذهب المالكي
قال في "الفواكه الدواني" (1/ 216):
" (وَيُجْزِئُ الرَّجُلَ الصَّلاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَوْنُهُ كَثِيفًا بِحَيْثُ لا يَصِفُ وَلا يَشِفُّ، وَإِلا كُرِهَ وَكَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ جَسَدِهِ. فَإِنْ سَتَرَ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ أَوْ كَانَ مِمَّا يَصِفُ أَيْ يُحَدِّدُ الْعَوْرَةَ. . . كُرِهَتْ الصَّلاةُ فِيهِ مَعَ الإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ " انتهى باختصار.
فذكر كراهة الصلاة في الثوب الذي يحدد العورة، لا التحريم.
وذكر في "حاشية الدسوقي" أن الصلاة في الثوب الواصف للعورة المحدد لها صحيحة، ولكنها مكروهة كراهة تنزيهية، ويستحب له أن يعيد إذا كان الوقت باقياً.
وقال في "بلغة السالك" (1/ 283):
" ولا بد أن يكون الساتر كثيفا وهو ما لا يشف في بادئ الرأي , بأن لا يشف أصلا، أو يشف بعد إمعان النظر , فإن كان يشف في بادئ النظر , فإن وجوده كالعدم (يعني كأنه يصلي عرياناً، لعدم حصول الستر) وأما ما يشف بعد إمعان النظر فيعيد معه في الوقت كالواصف للعورة المحدد لها , لأن الصلاة به كراهة تنزيه على المعتمد " انتهى بتصرف.
رابعا: المذهب الحنبلي:
قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (1/ 494): " ولا يعتبر أن لا يصف حجم العضو، لأنه لا يمكن التحرز عنه " انتهى. قال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته علي "الروض المربع" تعليقاً على قول البهوتي السابق: " وِفَاقاً " اهـ. يعني: للأئمة الثلاثة: وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله، أي أن مذهب الإمام أحمد في هذا موافق لمذاهب الأئمة الثلاثة.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/ 287): " وإن كان يستر لونها ويصف الخِلْقَة جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرز منه " اهـ.
وقال المرداوي في "الإنصاف" (1/ 471):
" قال المجد ابن تيمية: يكره للمرأة الشد فوق ثيابها (بأن تلبس حزاماً أو نحوه فوق الثياب) , لئلا يحكي حجم أعضائها وبدنها. قال ابن تميم وغيره: ويكره للمرأة في الصلاة شد وسطها بمنديل ومِنْطَقة (حزام) ونحوهما " انتهى بتصرف.
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/ 97):
" الواجب من الثياب ما يستر العورة وإن كان الساتر ضيقا يحدد العورة " اهـ.
فهذه أقوال أهل العلم في الصلاة في الثوب الضيق الذي يحدد العورة، وهي صريحة في صحة الصلاة.
ولا يعني ذلك دعوة الناس إلى لبس الضيق من الثياب، بل اللباس الضيق لا ينبغي لبسه، ولا الصلاة به، لأنه ينافي الزينة المأمور بأخذها في الصلاة، إنما الكلام هنا هل تصح الصلاة به أم لا؟
وقد أفتى فضيلة الشيخ صالح الفوزان بصحة صلاة المرأة في الثوب الضيق الذي يحدد عورتها، مع حصول الإثم بلبس هذا الثوب.
فقال:
" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء، ولكن النساء أشدّ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ.
أما الصلاة في حد ذاتها؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة؛ لوجود ستر العورة، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه، ولا سيما المرأة، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ؛ يسترها، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها، ولا يلفت الأنظار إليها، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/ 454).
وقد قال بعض العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "نساء كاسيات عاريات ": أنهن يلبسن الضيق من الثياب.
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/46529/ الثوب%20الضيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 12:40]ـ
جزاك ربي خيرا أخي عاشق الحور.
ولكن هذه الفتوى في الصلاة خاصة، أليس هناك فتوى عامة فيما يشترط في ملابس الرجال؟ *(/)
هل يجوز الإستغفار لأجل حاجه دنيويه فقط كالذريه وسعة الرزق وغيرها؟
ـ[مُسلم]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 09:45]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي الكرام:
هل يجوز الإستغفار لأجل حاجه دنيويه فقط كالذريه وسعة الرزق وغيرها دون طلب بذلك اجر اخروي وللتوضيح اكثر انا هذا ما احسه عندما استغفر فأنا اذا احتجت حاجه استغفرت الله واشعر ان استغفاري من أجل هذه الحاجه الدنيويه فهل هذا صحيح ام مجرد وساوس وانا فعلا استغفر لاجل ان تنحل عني هذه المشكله او المصيبه فهل هذا محرم شرعا ويعتبر ممن يعملون من اجل الدنيا فقط وهل يجب الاستغفار بنية الاخره والدنيا ام ان الاستغفار شامل كلا الاجرين دون تحديد النيه؟
ـ[مُسلم]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 12:10]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[حمد]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 12:37]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
جائز.
لكنه على خلاف ما ينبغي أن يكون عليه من يؤمن بالآخرة، التي هي أكبر همه.
((من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة، وكان الله سميعاً بصيراً)) النساء
راجع ما قاله الزجاج في تفسير هذه الآية.
تجده في (زاد المسير) لابن الجوزي
ـ[مريدة العلم]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 03:04]ـ
لو لم يكن جائزا
لما قال نوح عليه السلام
(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفار * يرسل السماء عليكم مدرارا *
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم انهار)
ولما قال أحد الرسل (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)
ولإكتفى بقوله استغفروا ربكم يغفر لكم ذنوبكم
* نعم إن أعظم مانرجوه من الاستغفار هو مغفرة الذنوب
ولكن الاستغفار يجلب كل خير ويصرف كل سوء
وكل هذا بأمر الله تعالى وحده
وأنا أرى أنه لو أردت أن يرزقني الله تعالى مثلا شيئا معينا في نفسي
فإني أستغفر الله تعالى عن كل ذنب منع عني هذا الرزق
هذا رأيي والله أعلم
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 03:51]ـ
نفع الله بك أختنا الكريمة (مريدة العلم) فأنا أتفق معك ..
فأول ما قرأتُ السؤال خطرت على بالي الآية التي هي في سورة نوح، وهي دليل كافٍ ..
ـ[الراجية رحمة الله وعفوه]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 04:36]ـ
أحسن الله اليك غاليتي مريدة العلم وبارك الله فيك وأردد ما قالت الغالية السلفية النجدية فقد خطرت على بالي الآية نفسها بعد قراءتي للسؤال وأتفق معكما غاليتي أحسن الله اليكما وبارك فيكما
ـ[مُسلم]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 05:07]ـ
جزاكم الله خير يا احبه على هذه الاجابات الطيبه
شاكر لكم ولكن بارك الله فيكم جميعا وحفظكم
وبانتظار المزيد
ـ[ابن عباس المصري]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 06:22]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=164940
لا سيما
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=997256&postcount=7
ـ[يحيى بن زكريا]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 07:45]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لديّ كلام فكرت فيه متعلق بموضوع الاستغفار وأرجو التوضيح لو كان فيه تجاوزا
الاستغفار: هو سؤال الله تعالى المغفرة طلبا جازما في النفس يريد ويعلم أنه محتاج أن يغفر الله تعالى له ما صدر منه من تجاوزات
الذنب: سبب للابتباءات والمصائب ومنع الرزق، وتعجيل العقوبة في الدنيا رحمة للمؤمنين لأن عذاب الآخرة أشد
فإذا أذنب المسلم ذنبا عجّل الله تعالى له بعقوبة في الدنيا كأن يحرم رزقا او يبتلى بابتلاء ونحو ذلك (في كثير من الآيات المصائب تصيب الناس بما كسبت أيديهم) وذلك من رحمة الله بعباده أن يصيبهم ببعض ما كسبوا في الدنيا فيحرمهم الرزق ويبتليهم بابتلاءات متنوعة في الدنيا
ما علاج ذلك؟
طلب المغفرة، فإذا طلب المؤمن من ربه أن يغفر له الذنب، فإنّ الذنب يمحى وكأن لم يكن، فمذ كان سببا في حجز نعمة أو خير عن العبد أو سببا في ابتلاء فإن العبد أتى بما يمحو الذنب وهو طلب الله تعالى أن يغفر له، فلما انمحى الذنب محي المتعلق به وهو الحرمان من الرزق في الدنيا أو الإصابة بالابتلاء، وهذا هو معنى أن الاستغفار موجب للرزق، فالاستغفار لا يكون مجرد كلمة أو لفظ يردد فقط، بل يكون قائما بالقلب رغبة حقيقية في أن يغفر الله تعالى له مقرا بذنبه وتقصيره،
فالاستغفار وما ينجر عنه من نعم في الدنيا، فإن تلك النعم تكون تبعا لا قصدا، بمعنى لا يستغفر قصد أن يرزق، بل يستغفر قصد أن يغفر الله له راجيا من الله مغفرته وثوابه
فما جاء في الآية: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفار * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم انهار
وهنا أطرحها على شكل تساؤل، أليست صياغة الجملة تفيد أن تلك النعم تأتي تبعا لا قصدا؟
ليس في الآية دليل أن يستغفر المرء قاصدا الرزق باستغفاره والله أعلم، فلم يقل الله تعالى: قلت استغفروا ربكم إنه كان غفار * ليرسل السماء عليكم مدرارا * وليمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم انهار
ولما قال أحد الرسل (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)
*وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ليُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ
فكلها (النعم أقصد) جاءت وكأنها نتيجية غير مباشرة لكنها ليست مقصودة في فعل العبد، فالعبد عليه الاستغفار ليغفر الله له، والله تعالى يرزقه كيفما شاء سبحانه وتعالى لو شاء
فأرجو التوضيح لو كان في ما فكرت فيه تجاوزا أو خطأ، غفر الله لي ولكم ورزقنا من خيري الدنيا والآخرة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مُسلم]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 10:32]ـ
جزاكم الله خير يا احبه على الافادات الطيبه
لكن ازددت حيره والله
وجزا الله الجنه اخي ابن العباس واخي يحيى بن زكريا وبارك فيكما
ووفقكما الله لما يحب ويرضى
ـ[ابومصعب الكويتي]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:43]ـ
ليست لدي اية اضافة وانما اردت ان ادلو بدلوي فإن وفقت للصواب
فهذا من الله وحده لا شريك له
يقول الله عزوجل ((من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها مانشاء لمن نريد
ثم جعلناله جهنم يصلاها مذموما مدحور))
فمن عمل عملا يريد به ان ينال ثواب الدنيا فقط فهذا فقط يأخذ ما قدره له
ثم يوم القيامة يكون متعرضا للذم والتوبيخ لان الدنيا كانت كبر همه.
واما المؤمن بالله عزوجل فهو على يقين تام بأنه متى أحسن العمل وأخلص لله فيه
.. سيجد ثواب ذلك العمل الاحسان في الدنيا والاخرة
لان الله عزوجل يقول ((من عمل صالحا من ذكر أو أنثى
وهو مؤمن فلنحينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا يعلمون))
فحياة هذا الانسان طيبة يعلم ان ما اصابه لم ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه
.. وان نزل به ضر علم ان الامر لا يخلوا من حالين:
اما رفع درجات أو مجازات لسيئات
فيبادر في كلا الحالتين الى الاستغفار ليس لنيل رغبته وانما لان الله جعله وسيلة وطريق
لتكفير السيئات وانزال البركات .. وبهذا يكون بعمله هذا منقادا لامر الله ..
والله اعلم
ـ[معارج]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 02:32]ـ
قول نوح عليه السلام"يرسل السماء عليكم مدرارا" ليس فيه سوى بيان بعض عواقب الاستغفار وفوائده
ولا يصح دليلا على ما سأل عنه الأخ الفاضل
فمن عمل الصالحات لايريد بذلك إلا محض الدنيا بحيث إنه لا يعملها بغير ذا فهو معرض للذم والإثم لما في ذلك من إساءة الأدب مع الملك حيث جعل العبادة مقيدة بالمصلحة لاغير
قال تعالى"فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق"(/)
ما هو الموضوع الذي أعجبك في المجلس العلمي، وتريد أن يشارك فيه الأعضاء؟؟؟
ـ[القرافي المالكي]ــــــــ[15 - Aug-2009, مساء 11:41]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
ربما وأنا عضو جديد في هذا المجلس لم أجد موضوعا استفتح به.
حقيقة: قبل تسجيلي في الألوكة كنت أمر على بعض ما يكتب فيها.
وأعجبتني طريقة بعض الإخوة الأعضاء في اختيار المواضيع.
وأشكر إدارة المجلس فهي على خلاف المنتديات جميعا، تعرض مشاركات وآراء مختلفة.
فكان أن كتب فيها أصحاب المذاهب، وغيرهم.
ويكتب فيها أصحاب الآراء المختلفة ففعلوا المواضيع وشدوا الانتباه إليهم، والدليل كثرة الأعضاء الجدد في الآونة الأخيرة، فقد قضيت وقتا أبحث في الملفات الخاصة ببعض المشاركين.
هذا وإن أول موضوع أريد أبدأ به، هو أن أطرح سؤالا عن أفضل المواضيع التّي أعجبت الأعضاء، وأتمنى أن يشارك إخواني فيه.
فماهو الموضوع الذي أعجبك في هذا المجلس العلمي وتريد أن تطلع الأعضاء عليه؟.
أرجو أن يذكر العنوان وصاحب الموضوع، والرابط إن أمكن حتى تسهلوا علينا البحث، وشكرا.(/)
فائدة في الوفاء بالنذور ..
ـ[حمد]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 12:45]ـ
قال ابن الجوزي في زاد المسير:
قوله تعالى: {وليوفوا نذورهم} وروى أبو بكر عن عاصم: «ولْيوفّوا» بتسكين اللام وتشديد الفاء. قال ابن عباس: هو نحر ما نذروا من البُدن. وقال غيره: ما نذروا من أعمال البرِّ في أيام الحج، فإن الإِنسان ربما نذر أن يتصدق إِن رزقه الله رؤية الكعبة، وقد يكون عليه نذور مطلقة، فالأفضل أن يؤديها بمكة.(/)
سلسلة شرح مختصر خليل
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 12:58]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مختصر خليل من أشهر كتب المالكية صاحبه هو ابو المودة خليل بن اسحاق بن موسى الجندى المتوفي سنة 767 ه الفقيه التقى الورع كان مجتهدا فى التحصيل وكان لا ينام الا قليلا حتى قيل انه ظل اربعين سنة لم يرى فيها النيل
ومن اشهر مشايخه الامام ابوعبد الله بن الحاج صاحب المدخل ومن اشهر تلامذته الامام بهرام بن عبدالله الدميرى وهو احد شراحه
اهم كتبه:
1 - كتاب التوضيح وهو شرح مختصر ابن الحاجب المسمى جامع الامهات وفيه اختياراته الفقهيه
2 - شرح على مختصر ابن الحاجب الاصلى
3 - شرح المدونه لم يكمل
4 - له منسك فى احكام الحج وهوموجود بالمنتدى
التعريف بالمختصر
بعد ان قام الامام خليل بن اسحاق بشرح مختصر الامام بن الحاجب الفرعى المسمى بجامع الامهات الذى جمعه من امهات كتب المالكية فى كتاب اسماه بالتوضيح وهو يقع فى ست مجلدات قام باختصاره الى مختصره المشهور الذى اصبح عمدة الفتوى حتى قال الامام اللقانى نحن خليليون
من شروح هذا المختصر
1 - شرح الامام الاجهورى مخطوط
2 - شرح بهرام بن عبدالله الدميرى فى ثلاثة شروح صغير ووسط وكبير
3 - ابن المواق شرحه فى التاج والاكليل مطبوع
4 - الامام الحطاب شرحه فى مواهب الجليل مطبوع
5 - الامام الخرشى وعليه حاشية العدوى مطبوع
6 - الامير الكبير كما فى الاكليل مطبوع قديما
7 - صالح بن عبد السميع الابى الازهرى كما فى جواهر الاكليل مطبوع
وهناك شروح اخرى ذكرها د/ على جمعه من اراد ان يطلع عليها فلينظر الى كتابه المدخل الى دراسة المذاهب الفقهيه
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 01:00]ـ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
يقول الفقير المضطر لرحمة ربه المنكسر خاطره لقلة العمل والتقوى خليل بن إسحاق المالكي: الحمد لله حمدا يوافي ما تزايد من النعم والشكر له على ما أولانا من الفضل والكرم لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه ونسأله اللطف والإعانة في جميع الأحوال وحال حلول الإنسان في رمسه (قبره) والصلاة والسلام على محمد سيد العرب والعجم المبعوث لسائر الأمم وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأمته أفضل الأمم.
وبعد:
فقد سألني جماعة أبان الله لي ولهم معالم التحقيق وسلك بنا وبهم أنفع طريق مختصرا على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى مبينا لما به الفتوى فأجبت سؤالهم بعد الاستخارة مشيرا بـ
ذكر مصطلحات المؤلف:
"فيها" للمدونة وبـ"أول" إلى اختلاف شارحيها في فهمها وبـ"الاختيار" للخمي2 لكن إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره هو في نفسه وبالاسم فذلك لاختياره من الخلاف وبـ"الترجيح" لابن يونس كذلك وبـ"الظهور" لابن رشد كذلك وبـ"القول" للمازري كذلك وحيث قلت: "خلاف" فذلك للاختلاف في التشهير وحيث ذكرت قولين أو أقوالا فذلك لعدم مختصر اطلاعي في الفرع على أرجحية منصوصة وأعتبر من المفاهيم مفهوم الشرط فقط وأشير بـ"صحح" أو "استحسن" إلى أن شيخا غير الذين قدمتهم صحح هذا أو استظهره وبـ"التردد" لتردد المتأخرين في النقل أو لعدم نص المتقدمين وبـ"لو" إلى خلاف مذهبي.
يالله أسأل أن ينفع به من كتبه أو قرأه أو حصله أو سعى في شيء منه والله يعصمنا من الزلل ويوفقنا في القول والعمل ثم أعتذر لذوي الألباب من التقصير الواقع في هذا الكتاب وأسأل بلسان التضرع والخشوع وخطاب التذلل والخضوع أن ينظر بعين الرضا والصواب فما كان من نقص كملوه ومن خطأ أصلحوه فقلما يخلص مصنف من الهفوات أو ينجو مؤلف من العثرات.
الشرح:
بدأ المؤلف بذكر مصطلحاته في مختصره فقال:
(فيها) أي المدونة والمدونة هي المسائل التي دونها قاضي القيروان أسد بن فرات.
(الاول) اختلاف الشراح فى فهم المدونه.
(بالاختيار) الى اختيار الامام ابى الحسن اللخمى: هو أبو الحسن على بن محمد الربعي, المعروف باللخمي, كان فقيها فاضلا, تفقه على ابن محرز وأبي إسحاق التونسي وغيرهم, وتفقه عليه أبو عبد الله المارزي والكلاعي, وعبد الحميد الصفاقصي وغيرهم , توفي سنة اربعمائة وثمان وسبعين.
(الترجيح) الى ترجيح الامام محمد بن عبد الله بن يونس: هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي, تفقع على أبي الحسن الحصائري, وعتيق بن الفرضي, له كتاب جامع لمسائل المدونة وغيرها, توفي سنة اربعمائة وإحدى وخمسين.
(بالظهور) الى ترجيح الامام محمد بن احمد بن رشد: هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي من كبار فقهاء الأندلس في عصره، تفقه على أبي جعفر ابن مرزوق وغيره، وتفقه عليه القاضي عياض وغيره توفي سنة خمسمائة وخمس وتسعين.
وحفيده هو فيلسوف زمانه صاحب بداية المجتهد أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن شيخ المالكي أبي الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي و يعرف بإبن رشد الحفيد مولده قبل موت جده بشهر سنة عشرين وخمس مائة.
(بالقول) الى اختيار الامام ابي عبد الله محمد بن عمر التميمي المارزي , كان معروفا بكثرة العلم ودقة النظر أخذ عن اللخمي وابن الصائغ وغيرهما وأخذ عنه القاضي عياض إجازة توفي سنة خمسمائة وست وثلاثين.
(خلاف) خلاف فى التشهير لهذه الاقوال
(اذا ذكرت قولين او اقوالا) عدم وجود ترجيح فى المذهب
(المعتبر من المفاهيم مفهوم الشرط) اى انه هو المعتبر فقط دون مفهوم الصفه والعله واللقب وظرف الزمان والمكان والعدد فكل ذلك غير معتبر
(صحح او استحسن) اختيار الشيخ خليل او غيره مثل ابن الحاجب غير الذى سبق ذكرهم
(التردد) تردد المتاخرين من المالكيه فى النقل او عدم وجود نص من المتقدمين
(لو) الى خلاف مذهبى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 01:01]ـ
كتاب الطهارة
باب في أحكام الطهارة
يرفع الحدث وحكم الخبث بالمطلق وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد
الباب لغة: ما يدخل ويخرج منه. قال تعالى: قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. المائدة 23
وهو هنا مجاز؛ شبه الدخول إلى الخوض في مسائل مخصوصة بالدخول في الأماكن المحسوسة، ثم أثبت لها الباب.
الطهارة لغة النظافة، و التبرئة أو النزاهة من الأدناس و الأوساخ.
قال تعالى:إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ. الأنفال 11
و تستعمل مجازا في التنزيه عن العيوب و الآثام، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. التوبة 103
و شرعا ارتفاع الحدث بالماء أو التراب (طهارة الحدث و هي طهارة حكمية) و زوال النجاسة (طهارة الخبث و هي طهارة حسية)
اعتاد الفقهاء يبدأوا كتبهم بالطهارة و ذلك لأن الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاة لقوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. المائدة 6
و لقوله صلى الله عليه و سلم:لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه.
و الصلاة عماد الدين و جاءت في الرتبة الثانية بعد الشهادتين في حديث جبريل الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عَنْ عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بينما نحن عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأسند ركبتيه إِلَى ركبتيه ووضع كفيه عَلَى فخذيه وقَالَ: يا محمد أخبرني عَنْ الإسلام؟ فقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رَسُول اللَّهِ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" قَالَ صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه! قَالَ: فأخبرني عَنْ الإيمان؟ قَالَ: "أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره" قَالَ صدقت قَالَ: فأخبرني عَنْ الإحسان؟ قَالَ: "أن تعبد اللَّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" قَالَ: فأخبرني عَنْ الساعة؟ قَالَ: "ما المسئول عَنْها بأعلم مِنْ السائل" قَالَ: فأخبرني عَنْ أماراتها؟ قَالَ: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان! " ثم انطلق فلبثت مليا ثم قَالَ: "يا عمر أتدري مِنْ السائل؟ " قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قَالَ: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" رَوَاهُ مُسْلِمٌ
و بما أن المطلوب من كل مسلم بعد الشهادتين إقامة الصلاة خمس مرات في اليوم كان لزاما على المسلم أن يتعلم احكام الصلاة و أولها الطهارة.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:الطهور مفتاح الصلاة، ابو داود، الترمذي، الامام احمد.
بدأ الامام مالك في موطئه بكتاب وقوت الصلاة و ذلك لأنه يرى تقديم الوقت على الطهارة عند التزاحم و الجمهور على خلافه
يرفع الحدث:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الحطاب في مواهب الجليل: الحدث بفتحتين وهو في اللغة وجود الشيء بعد أن لم يكن ويطلق في الشرع على أربعة معان: على الخارج المعتاد كما سيأتي إن شاء الله في فصل نواقض الوضوء وعلى نفس الخروج كما في قولهم آداب الحدث، وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية كما في قولهم يمنع الحدث كذا وكذا، وعلى المنع المرتب على الثلاثة كما في قولهم هنا يرفع الحدث أي المنع المترتب على الأعضاء الوضوء أو الغسل ويصح أن يراد هنا بالحدث المعنى الثابت الذي هو الوصف لأنهما متلازمان فإذا ارتفع أحدهما ارتفع الآخر. اهـ
وحكم الخبث:
الخبث النجاسة
بالمطلق وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد
الماء المطلق هو الماء الباقي على هيئته و ليس المقيد بقيد صفة لا تنفك عنه كماء الزهر.
الحدث صفة حكمية تتعلق بالعبد ترفع بالوضوء لقوله عليه الصلاة و السلام:
لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه من حديث.
و دليل الطهارة بالماء المطلق قوله تعالى: "و أنزلنا من السماء ماء طهورا" الفرقان
و في الموطأ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم فِي اَلْبَحْرِ: هُوَ اَلطُّهُورُ مَاؤُهُ، اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ.
أما إن كان القيد المضاف للماء قيد ينفك عنه كقولنا ماء النهر و ماء البئر و ماء البحر و ماء المطر فإن ذلك القيد لا يخرجه عن طهوريته لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في بئر بضاعة: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم. إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ
و ترفع النجاسة بالماء و دليل ذلك حديث الأعرابي،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ أَبِي اَلسَّمْحِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ اَلْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ اَلْغُلَامِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ.
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ فِي دَمِ اَلْحَيْضِ يُصِيبُ اَلثَّوْبَ: "تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْه
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 01:29]ـ
وإن جمع من ندى أو ذاب بعد جموده
بعد تعريف المؤلف للماء المطلق عرج على ذكر بعض القيود البيانية التي لا تسلب الماء طهوريته للتنبيه
قال الحطاب: وقوله من ندى بالقصر والتنوين والندى في اللغة المطر والبلل والمراد به هنا ما ينزل على الأرض وأوراق الشجر من الليل وقد نص مالك في المجموعة على أنه يتوضأ بما يجتمع من الندى ولا يتيمم إن وجد ذلك قال في باب التيمم من النوادر ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن لم يجد الماء أيتوضأ بالندى أم يتيمم؟ قال يتيمم إلا أن يجمع من الندى ما يتوضأ به انتهى. وقال سند قال مالك في المجموعة فيما يجتمع من الندى أنه يتوضأ به انتهى، ونقله اللخمي وتقدم أن الإضافة في ماء بيانية فلا يرد على حد المطلق. اهـ
أوذاب بعد جموده
أي داب بعد أن كان ثلجا أو بردا
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 02:16]ـ
قلنا فيما سبق أنه لا يجوز الوضوء بغير الماء لقوله تعالى "فلم تجدوا ماء فتيمموا " النساء 43 و ذكرنا تعريف الماء المطلق
فرع:
ما يستثنى من الماء المطلق:
يستثنى من الماء المطلق آبار ثمود فلا يجوز الوضوء منها و لا استعمال مائها لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء" رواه البخاري
و يقاس عليها آبار لوط و عاد.
ما يشمل الماء المطلق:
يدخل في الماء المطلق مياه الآبار و منها ماء زمزم و ان خالطها التراب او اوراق الشجر التي لا يمكن الاحتراز منها و ماء البحر كما ذكرنا سابقا في حديث ابي هريرة رضي الله عنه و ان خالطته رائحة اللأسماك و الماء العذب و الماء الطبيعي المعدني الغني بالكبريت و مياه الأمطار و كل ما كان ماء على طبيعته لم يتغير أصله فهو مطلق طهور.
فرع:
حكم الماء المعالج:
الماء المعالج أو المصفى إن عاد له وصفه كماء مطلق غير متغير الريح و اللون و الطعم فهو طاهر.
و الدليل في ذلك قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " الماء طهور لا ينجسه شيء " فإختلاط الماء بالنجاسة لا يغير تركيبته فاذا نزعت النجاسة بقي الماء على أصله فعاد لحكمه
و من ناحية القياس فهو بمثابة الماء المتبخر عن ماء نجس فعاد إلى الطبيعة ثم ينزل أمطارا طاهرة.
و كذلك قياسا على الخمر تحجر أو تخلل فطهر أو زرع نبت بعذرة فثمرته طاهرة
و المسألة مبنية على إستحالة النجاسة و سيأتي ذكرها ان شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 03:18]ـ
أو كان سؤر بهيمة أو حائض أو جنب أو فضلة طهارتهما
أو كان سؤر بهيمة: السؤر بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل بقية شرب الدواب وغيرها
و سؤر البهيمة طاهر دليل ذلك ما رواه الإمام مالك في موطئه، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري، أنها أخبرتها: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوأ، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني أنظر إليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات "
أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ خُزَيْمَةَ
و عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن عمر بن الخطاب خرج في ركب، فيهم عمرو بن العاص، حتى وردوا حوضا، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: " يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع، وترد علينا"
و من ناحية القياس أن الموت من غير ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان فوجب ان تكون الحياة هي سبب عين الطهارة فكان سؤر كل حي طاهر.
و قد خالف ابن القاسم مالكا في هذه المسألة فقال بعدم طهورية سؤر السباع.
أما سؤر الكلب فطاهر عند مالك للأدلة السابقة و قياسا على الهرة فهو من الطوافين و لقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ. المائدة 4 فإن كان صيده حلال فهو طاهر و سؤره طاهر أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة في التراب) فهو محمول على الغسل تعبدا لا نجاسة.
و خالف ابن الحكم فذهب لعدم الوضوء به و هو مذهب الشافعي.
أو حائض
سؤر الحائض طاهر لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم في صحيح مسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في، فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في"
أو جنب
يقاس الجنب على الحائض و لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب، فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثم جاء، فقال: " أين كنت يا أبا هريرة " قال: كنت جنبا، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: " سبحان الله، إن المسلم لا ينجس "
كذلك سؤر المشرك طاهر و دليل ذلك قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ) [المائدة:5]
و عن عمران بن حصين أن النبي ر وأصحابه استعملوا مزادة امرأة مشركة. متفق عليه
وقد صح عن عمر أنه توضأ من بيت نصرانية. وقيل في جرة بدل بيت. صحيح البخاري
و وكذلك فإن حذيفة استسقى فسقاه مجوسي. صحيح البخاري
سؤر الكافر طاهر إلا أن يلاحظ في فمه نجاسة فتنجس الماء كخمر أو لحم خنزير و مثل ذلك لشارب الخمر ايضا.
أو فضلة طهارتهما
فضل ماء الحائض طاهر مطهر يجوز الوضوء به لحديث اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَلِأَصْحَابِ "اَلسُّنَنِ": عن ابن عباس رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا {اِغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فَقَالَ: "إِنَّ اَلْمَاءَ لَا يُجْنِبُ"} وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[23 - Aug-2009, مساء 04:33]ـ
أو كثيرا خلط بنجس لم يغيره أو شك في مغيره هل يضر أو تغير بمجاوره وإن بدهن لاصق أو برائحة قطران وعاء مسافر
أو كثيرا خلط بنجس لم يغيره
(يُتْبَعُ)
(/)
أي أن الماء طهور لا ينجسه شيئ إلا ان تغيرت احد أوصافه باختلاطه مع النجاسة من لون و طعم و رائحة.
أحكام المياه تدور على عدة احاديث:
حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم {إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ} أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ
حديث عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا كَانَ اَلْمَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ اَلْخَبَثَ} وَفِي لَفْظٍ: {لَمْ يَنْجُسْ} أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ.} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال {لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ} أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: {لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ اَلَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ}.
وَلِمُسْلِمٍ: "مِنْهُ"
و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال {طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذْ وَلَغَ فِيهِ اَلْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ} أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
و حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده}. قلت: أخرجه الأئمة الستة
هذه احاديث صحيحة إلا حديث القلتين اختلف فيه , من العلماء من صححه و منهم من قال باضطرابه.
اجمع العلماء على أن لماء المستبحر لا تضره النجاسة و اختلفوا في الماء القليل اذا خالطته نجاسة فذهب مالك و الظاهرية و رواية عن احمد الى ان الماء اذا لم تتغير أوصافه باختلاطه بالنجاسة فهو طهور قليلا كان او كثيرا عملا بحديث الماء طهور لا ينجسه شيئ فخصصوا الحديث بالاجماع القائم على أن الماء اذا تغيرت احد اوصافه بالنجاسة نجس.
و ذهب الحنفية و الشافعية الى التفريق بين الماء القليل و الكثير فالقليل ينجس باي نجاسة وقعت فيه و ان لم يتغير و الكثير لا تضره النجاسة لكن اختلفوا في الحد بين القليل و الكثير فقال الشافعية و رواية عن احمد حده قلتين من قلال هجر و هي خمسمئة رطل عملا بمفهوم حديث القليتين, ان كان اقل من ذلك نجس و ان كان اكثر من ذلك بقي طاهرا و ذهب الحنفية إلى تحديد الكثير بالماء الذي اذا حرك احد طرفيه لم يتحرك الاخر هذا قول الامام ابي حنيفة اما صاحبيه يوسف و الحسن فحددوا ذلك بعشرة امتار في عشرة.
استدل الشافعية و الحنفية لذلك بحديث ادخال اليد و ولوغ الكلب فمدلول الحديثين أن قليل الماء تفسده النجاسة إلا أن ذلك معارض بحديث الاعرابي فمدلوله أن الماء القليل ان غلب النجاسة لا ينجس فرد ذلك الشافعية بتفريقهم بين ورود النجاسة على الماء و بين ورود الماء على النجاسة فقالوا ان حديث الاعرابي فيه ورود الماء على النجاسة فذلك يطهر بعكس وقوع النجاسة في الماء فذلك ينجس و لا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف.
إعلم أن الجمع بين هذه الاحاديث لا يحصل إلا بالقول أن الماء قليلا كان أو كثيرا ان وقعت فيه نجاسة فهو طاهر ما لم يتغير اما حديث الاستيقاظ فهو محمول على الندب لا على نجاسة الماء فكون اليد نجسة عند الاستيقاظ مشكوك فيه و الشك لا يرفع اليقين أما حديث ولوغ الكلب فحمله مالك على التعبد و حمله غيره على نجاسة الكلب و جعلوا لها حكما خاصا أما حديث القلتين فعلى فرض صحته فمفهومه يدل على نجاسة الماء الذي لاقى نجاسة ان كان اقل من القلتين الا أن هذا المفهوم معارض بالمنطوق من حديث الماء طهور لا ينجسه شيئ و المنطوق مقدم على المفهوم.
و من ناحية المعقول انه ان بلغ الماء قلة و لاقى نجاسة فعلى مذهب الشافعية نجس فان اضفنا اليه قلة ايضا لاقت نجاسة فهي نجسة لكن مجموع المائين طاهر لأنه بلغ القلتين و هذا مخالف للمعقول كيف يطهر ماء نجس جمع مع نجس.
الذي عليه المحققون أن الماء طاهر ما لم يتغير بنجاسة قليلا كان أو كثيرا و الله الموفق إلى الصواب.
أو شك في مغيره هل يضر
أي أن الماء إذا تغير وشك في الذي غيره هل هو مما يسلبه الطهورية أو مما لا يسلبه الطهورية؟ فالأصل بقاؤه على الطهورية و ذلك لأن الشك لا يرفع اليقين.
أو تغير بمجاوره وإن بدهن لاصق
أي أن الماء قد يتغير بما وضع بجانبه او ما لاصقه كالدهن يلاصق الماء فوق سطحه فما دام لم يختلط بالنجاسة فهو طاهر لأنه باق على أصله.
أو برائحة قطران وعاء مسافر
أي أن وعاء المسافر قد يوضع فيه قطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي طاهرا مادام يسمى ماء دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي فالعجين لا بد له من ان يختلط بالماء الا ان الوضوء جاز به فهو طاهر , و كذلك كانت اوعية الصحابة في السفر من ادم و هذه لا يسلم منها تغير الماء و كانوا يتوضؤون به.
الماء المختلط بطاهر طاهر ما لم يغلب عليه كالشاي مثلا.
و صل الله و سلم على نبينا محمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[24 - Aug-2009, مساء 09:10]ـ
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php/-3566.html
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[30 - Aug-2009, مساء 05:39]ـ
أو بمتولد منه أو بقراره كملح أو بمطروح فيه ولو قصدا من تراب أو ملح والأرجح السلب بالملح وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد.
أو بمتولد منه
أي الماء الذي خالطه ما يتولد فيه عادة كالطحلب أو يتغير بالسمك الحي فيه و الورق المتساقط فيه وسائر ما ينبت في الماء أو يجري عليه الماء أو تحمله الريح أو السيول من التبن والعيدان و ما شابه مما لا يمكن الاحتراز منه فهذا الماء باق على طهوريته لأن ما خالطه طاهر و لم يسلبه إسم الماء.
دليل ذلك الحديث السابق في مخالطة الماء العجين و حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فماء البحر تغير ريحه بما يعيش فيه و بقي طاهرا.
أو بقراره كملح
أي ما استقر فيه كالملح و الكبريت و ما شابه مما يوجد في الطبيعة فيسقط فيه فهذا يبقى طاهر لأنه بقي على طبيعته الموجودة في الطبيعة.
و بمطروح فيه
أو تغير بمطروح فيه من غير قصد كالملح و التراب فهنا قياس للملح على التراب لأن كلاهما من الأرض.
ولو قصدا من تراب أو ملح والأرجح السلب بالملح وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد
اي و لو طرح التراب أو الملح قصدا و في طرح الملح خلاف، قال في مواهب الجليل:
(والأرجح) أي الذي اختاره ابن يونس من خلاف المتقدمين (السلب) لطهورية الماء (بالملح) المطروح فيه قصدا، مصنوعا كان، أو معدنيا وهذا قول القابسي وهو ضعيف.
وقال الباجي: المعدني لا يسلبها، والمصنوع يسلبها، وضعف أيضا، واختلف المتأخرون عن هؤلاء الثلاثة فمنهم من رد قولي ابن أبي زيد ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12502) .
والقابسي إلى قول الباجي وجعل المذهب على قول وهو أن المعدني لا يسلبها اتفاقا، والمصنوع يسلبها اتفاقا ومنهم من لم يردهما إليه وأبقاهما على إطلاقهما وجعل المذهب على ثلاثة أقوال فالخلاف فيهما، وإلى هذا الخلاف أشار المصنف بقوله: وفي الاتفاق على السلب) لطهورية الماء (به) أي الملح (إن صنع) بضم فكسر أي الملح من أجزاء الأرض كتراب، ومفهوم الشرط أن المعدني لم يتفقوا على السلب به وهذا فهم التوفيق بين الأقوال الثلاثة وردها لقول واحد وهذا أحد شقي التردد والشق الثاني طواه المصنف وتقديره: وعدم الاتفاق على السلب به إن صنع ففيه الخلاف كالمعدني وهذا فهم من أبقى الأقوال على ظاهرها ولم يردها لقول واحد ومبتدأ، وفي الاتفاق إلخ.
(تردد) للمتأخرين الراجح منه عدم الاتفاق على السلب بالمصنوع ففيه الخلاف كالمعدني والراجح عدم السلب بهما كما تقدم. فإن قلت: هذا التردد ليس من تردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين ولا في الحكم لعدم نص المتقدمين عليه ; لأن أبا زيد والقابسي والباجي من المتأخرين ولأن من بعدهم لم يختلف في النقل عنهم ولا في الحكم لعدم نصهم عليه فهذا التردد لم يجر على قاعدة المصنف التي أسسها في الخطبة.
قلت: هو من تردد المتأخرين في النقل على المتقدمين ; إذ لم يرد المصنف بالمتقدمين فيها المتقدمين باصطلاح أهل المذهب بل أراد بهم كل من تقدم على غيره ولو كان من المتأخرين فيه ولم يرد بالاختلاف في النقل خصوص نقل أقوالهم التي نصوا عليها بل أراد ما يعمها وما فهمه المتأخرون عنهم من كلامهم فكل من فهم منه شيئا نسبه لهم ونقله عنهم كأنهم نصوا عليه وقالوه ; فهذا التردد جار على قاعدته ومن أفرادها. اهـ
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[25 - Sep-2009, مساء 10:51]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعميما للفائدة سنشرح معه نظم نضار المختصر و هو نظم حول مختصر خليل من ستة آلاف بيت للشيخ مختار بن أمحيمدات الشنقيطي
لتحميل النظم:
http://www.4shared.com/file/73627849/483a352d/NodarAlmohktasar.html
سنحاول شرح أبيات النظم الموافقة لما شرحناه سابقا من مختصر خليل.
باب الطهارة
قال الناظم:
يرتفع الحدث أو حكم الخبث * بمطلق الماء بلا قيد يبث
لو ذاب من بعد الجمود أو جمع * من ندى أو سؤرا لحى لو منع
أكلا و فضلة طهارة جنب * أو حائض كذا كثير لم يشب
إياه شيئ أو تغير بما * لازمه لجنس ارضه انتمى
(يُتْبَعُ)
(/)
كبقراره و نحو الملح لو * طرح عمدا فيه في الأصح أو
الطهارة لغة النظافة، و التبرئة أو النزاهة من الأدناس و الأوساخ.
و شرعا ارتفاع الحدث بالماء أو التراب (طهارة الحدث و هي طهارة حكمية) و زوال النجاسة (طهارة الخبث و هي طهارة حسية)
و منهم من يعبر عنها برفع الحدث بالماء أو التراب (إحتياطا للنية فالرفع فيه نية و هي لازمة في الطهارة الحكمية) و زوال حكم النجاسة (زوال و ليس إزالة إشارة إلى عدم لزوم النية و حكم النجاسة بدل النجاسة لأن النجاسة نوعان حكمية و عينية فما كان في حكم النجاسة امكن ازالته كبول سقط فوق ثوب و ما كان نجسا عينا فلا يمكن إزالة ذلك كلحم الخنزير مثلا فهو نجس عينا لا ينفع غسله بالماء)
و من الفقهاء من يضيف و ما شابهها إحتياطا للطهارات المستحبة أو لما كان واجبا دون حدث كغسل اليد ثلاثا وجوبا بعد الاستيقاظ من النوم عند الحنابلة و كغسل الجمة عند من يوجبه (غسل الجمعة ليس بواجب عند المالكية و لا غسل اليد ثلاثا عند الاستيقاظ).
يرتفع الحدث أو حكم الخبث
الحدث بفتحتين وهو في اللغة وجود الشيء بعد أن لم يكن ويطلق في الشرع على أربعة معان:
الخارج المعتاد كالفساء و البول و الريح وعلى نفس الخروج كالتخوط و التبول وعلى الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية كما في قولهم يمنع الحدث كذا وكذا وعلى المنع المرتب على الثلاثة كما في قولهم هنا يرفع الحدث أي المنع المترتب على الأعضاء.
و الخبث النجاسة و ذكر هنا حكم الخبث احتياطا من النجاسة العينية.
بمطلق الماء بلا قيد يبث
الماء المطلق هو الماء الباقي على خلقته الذي يصح إطلاق إسم الماء عليه بدون إضافة صفة لا تنفك عنه.
فماء البئر ماء مطلق لأنه يصح عليه إسم الماء بدون زيادة البئر و كذلك ماء البحز يصح إطلاق الماء عليه دون ذكر البحر بعكس ماء الزهر لا يمكن إنفكاك صفة الزهر عنه فلابد من تسميته ماء الزهر و الا لم يعرف.
الحدث صفة حكمية تتعلق بالعبد ترفع بالوضوء لقوله عليه الصلاة و السلام:
لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه من حديث.
و دليل الطهارة بالماء المطلق قوله تعالى: "و أنزلنا من السماء ماء طهورا" الفرقان
و في الموطأ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم فِي اَلْبَحْرِ: هُوَ اَلطُّهُورُ مَاؤُهُ، اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ.
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: {اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=15&ID=1&idfrom=1&idto=7806&bookid=15&startno=15#docu) } متفق عليه
و ترفع النجاسة بالماء و دليل ذلك حديث الأعرابي،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ أَبِي اَلسَّمْحِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ اَلْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ اَلْغُلَامِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ.
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ فِي دَمِ اَلْحَيْضِ يُصِيبُ اَلثَّوْبَ: "تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْه
ما يستثنى من الماء المطلق:
يستثنى من الماء المطلق آبار ثمود فلا يجوز الوضوء منها و لا استعمال مائها لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء" رواه البخاري
و يقاس عليها آبار لوط و عاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
و المنع منع تحريم على عكس الشافعية ذهبوا للكراهة و دليلنا " فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين" فلو كان الامر للكراهة فقط لما أمر عليه الصلاة و السلام باتلاف العجين.
ما يشمل الماء المطلق:
يدخل في الماء المطلق مياه الآبار و منها ماء زمزم و ان خالطها التراب او اوراق الشجر التي لا يمكن الاحتراز منها و ماء البحر كما ذكرنا سابقا في حديث ابي هريرة رضي الله عنه و ان خالطته رائحة اللأسماك و الماء العذب و الماء الطبيعي المعدني الغني بالكبريت و مياه الأمطار و كل ما كان ماء على طبيعته لم يتغير أصله فهو مطلق طهور.
لو ذاب من بعد الجمود
أي ذاب بعد أن كان ثلجا أو بردا لأن الثلج و البرد طاهر و يتحول إلى ماء مطلق وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: {اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=15&ID=1&idfrom=1&idto=7806&bookid=15&startno=15#docu) } متفق عليه
أو جمع * من ندى
قال الحطاب: وقوله من ندى بالقصر والتنوين والندى في اللغة المطر والبلل والمراد به هنا ما ينزل على الأرض وأوراق الشجر من الليل وقد نص مالك في المجموعة على أنه يتوضأ بما يجتمع من الندى ولا يتيمم إن وجد ذلك قال في باب التيمم من النوادر ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن لم يجد الماء أيتوضأ بالندى أم يتيمم؟ قال يتيمم إلا أن يجمع من الندى ما يتوضأ به انتهى. وقال سند قال مالك في المجموعة فيما يجتمع من الندى أنه يتوضأ به انتهى، ونقله اللخمي وتقدم أن الإضافة في ماء بيانية فلا يرد على حد المطلق. اهـ
أو سؤرا لحى لو منع
أكلا
السؤر بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل بقية شرب الدواب وغيرها
و سؤر البهيمة طاهر دليل ذلك ما رواه الإمام مالك في موطئه، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري، أنها أخبرتها: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوأ، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني أنظر إليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات "
أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ خُزَيْمَةَ
و عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن عمر بن الخطاب خرج في ركب، فيهم عمرو بن العاص، حتى وردوا حوضا، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: " يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع، وترد علينا"
و من ناحية القياس أن الموت من غير ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان فوجب ان تكون الحياة هي سبب عين الطهارة فكان سؤر كل حي طاهر.
و قد خالف ابن القاسم مالكا في هذه المسألة فقال بعدم طهورية سؤر السباع.
أما سؤر الكلب فطاهر عند مالك للأدلة السابقة و قياسا على الهرة فهو من الطوافين و لقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ. المائدة 4 فإن كان صيده حلال فهو طاهر و سؤره طاهر أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة في التراب) فهو محمول على الغسل تعبدا لا نجاسة.
و خالف ابن الحكم فذهب لعدم الوضوء به و هو مذهب الشافعي.
لو منع أكلا: ربما قصد بها المؤلف ما يخشى عليه من أكل النجاسة فإن شوهدت نجاسة في فمه لا يتوضأ بسؤره و الله أعلم
و فضلة طهارة جنب * أو حائض
سؤر الحائض طاهر لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم في صحيح مسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في، فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في"
(يُتْبَعُ)
(/)
يقاس الجنب على الحائض و لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب، فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثم جاء، فقال: " أين كنت يا أبا هريرة " قال: كنت جنبا، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: " سبحان الله، إن المسلم لا ينجس "
كذلك سؤر المشرك طاهر و دليل ذلك قوله تعالى (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ) [المائدة:5]
و عن عمران بن حصين أن النبي ر وأصحابه استعملوا مزادة امرأة مشركة. متفق عليه
وقد صح عن عمر أنه توضأ من بيت نصرانية. وقيل في جرة بدل بيت. صحيح البخاري
و وكذلك فإن حذيفة استسقى فسقاه مجوسي. صحيح البخاري
سؤر الكافر طاهر إلا أن يلاحظ في فمه نجاسة فتنجس الماء كخمر أو لحم خنزير و مثل ذلك لشارب الخمر ايضا.
فضل ماء الحائض طاهر مطهر يجوز الوضوء به لحديث اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَلِأَصْحَابِ "اَلسُّنَنِ": عن ابن عباس رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا {اِغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فَقَالَ: "إِنَّ اَلْمَاءَ لَا يُجْنِبُ"} وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ
كذا كثير لم يشب
إياه شيئ
اي ماء كثير لم يغيره شيئ و ان وقعت فيه نجاسة فإن لم تغيره فهو طهور.
الماء طهور لا ينجسه شيئ إلا ان تغيرت احد أوصافه باختلاطه مع النجاسة من لون و طعم و رائحة.
أحكام المياه تدور على عدة احاديث:
حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه و سلم {إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ} أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ
حديث عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا كَانَ اَلْمَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ اَلْخَبَثَ} وَفِي لَفْظٍ: {لَمْ يَنْجُسْ} أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ اَلْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ اَلنَّاسُ، فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ؛ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ.} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال {لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ} أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: {لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَاءِ اَلدَّائِمِ اَلَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ}.
وَلِمُسْلِمٍ: "مِنْهُ"
و حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال {طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذْ وَلَغَ فِيهِ اَلْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ} أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
و حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده}. قلت: أخرجه الأئمة الستة
هذه احاديث صحيحة إلا حديث القلتين اختلف فيه , من العلماء من صححه و منهم من قال باضطرابه.
اجمع العلماء على أن لماء المستبحر لا تضره النجاسة و اختلفوا في الماء القليل اذا خالطته نجاسة فذهب مالك و الظاهرية و رواية عن احمد الى ان الماء اذا لم تتغير أوصافه باختلاطه بالنجاسة فهو طهور قليلا كان او كثيرا عملا بحديث الماء طهور لا ينجسه شيئ فخصصوا الحديث بالاجماع القائم على أن الماء اذا تغيرت احد اوصافه بالنجاسة نجس.
(يُتْبَعُ)
(/)
و ذهب الحنفية و الشافعية الى التفريق بين الماء القليل و الكثير فالقليل ينجس باي نجاسة وقعت فيه و ان لم يتغير و الكثير لا تضره النجاسة لكن اختلفوا في الحد بين القليل و الكثير فقال الشافعية و رواية عن احمد حده قلتين من قلال هجر و هي خمسمئة رطل عملا بمفهوم حديث القليتين, ان كان اقل من ذلك نجس و ان كان اكثر من ذلك بقي طاهرا و ذهب الحنفية إلى تحديد الكثير بالماء الذي اذا حرك احد طرفيه لم يتحرك الاخر هذا قول الامام ابي حنيفة اما صاحبيه يوسف و الحسن فحددوا ذلك بعشرة امتار في عشرة.
استدل الشافعية و الحنفية لذلك بحديث ادخال اليد و ولوغ الكلب فمدلول الحديثين أن قليل الماء تفسده النجاسة إلا أن ذلك معارض بحديث الاعرابي فمدلوله أن الماء القليل ان غلب النجاسة لا ينجس فرد ذلك الشافعية بتفريقهم بين ورود النجاسة على الماء و بين ورود الماء على النجاسة فقالوا ان حديث الاعرابي فيه ورود الماء على النجاسة فذلك يطهر بعكس وقوع النجاسة في الماء فذلك ينجس و لا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف.
إعلم أن الجمع بين هذه الاحاديث لا يحصل إلا بالقول أن الماء قليلا كان أو كثيرا ان وقعت فيه نجاسة فهو طاهر ما لم يتغير اما حديث الاستيقاظ فهو محمول على الندب لا على نجاسة الماء فكون اليد نجسة عند الاستيقاظ مشكوك فيه و الشك لا يرفع اليقين أما حديث ولوغ الكلب فحمله مالك على التعبد و حمله غيره على نجاسة الكلب و جعلوا لها حكما خاصا أما حديث القلتين فعلى فرض صحته فمفهومه يدل على نجاسة الماء الذي لاقى نجاسة ان كان اقل من القلتين الا أن هذا المفهوم معارض بالمنطوق من حديث الماء طهور لا ينجسه شيئ و المنطوق مقدم على المفهوم.
و من ناحية المعقول انه ان بلغ الماء قلة و لاقى نجاسة فعلى مذهب الشافعية نجس فان اضفنا اليه قلة ايضا لاقت نجاسة فهي نجسة لكن مجموع المائين طاهر لأنه بلغ القلتين و هذا مخالف للمعقول كيف يطهر ماء نجس جمع مع نجس.
الذي عليه المحققون أن الماء طاهر ما لم يتغير بنجاسة قليلا كان أو كثيرا و الله الموفق إلى الصواب.
أو تغير بما * لازمه لجنس ارضه انتمى
كبقراره
أي الماء الذي خالطه ما يتولد فيه عادة كالطحلب أو يتغير بالسمك الحي فيه و الورق المتساقط فيه وسائر ما ينبت في الماء أو يجري عليه الماء أو تحمله الريح أو السيول من التبن والعيدان و كل ما هو من جنس أرضه كالطين و ما شابه مما لا يمكن الاحتراز منه فهذا الماء باق على طهوريته لأن ما خالطه طاهر و لم يسلبه إسم الماء.
دليل ذلك الحديث السابق في مخالطة الماء العجين و حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فماء البحر تغير ريحه بما يعيش فيه و بقي طاهرا.
و نحو الملح لو * طرح عمدا فيه في الأصح
اي و لو طرح الملح قصدا في الماء على الأرجح في المذهب.
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[05 - Oct-2009, مساء 11:10]ـ
نضار المختصر:
****************************** ******* أو
منه تولد كطحلب و ما * ندور إلانفكاك منه علما
كالدهن في آنية البدو استقر * و كدباغ قربة لو في حضر
او شك في مغير هل يسلب * او بمجاورة شيئ يقرب
و ان بدهن لاصق أو رائحة * لقطران من وعاء فائحة
أو
منه تولد كطحلب و ما * ندور إلانفكاك منه علما
كالدهن في آنية البدو استقر * و كدباغ قربة لو في حضر
أي الماء الذي خالطه ما يتولد فيه عادة كالطحلب أو يتغير بالسمك الحي فيه و الورق المتساقط فيه وسائر ما ينبت في الماء أو يجري عليه الماء أو تحمله الريح أو السيول من التبن والعيدان و ما شابه مما لا يمكن الاحتراز منه فهذا الماء باق على طهوريته لأن ما خالطه طاهر و لم يسلبه إسم الماء.
دليل ذلك الحديث السابق في مخالطة الماء العجين و حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته فماء البحر تغير ريحه بما يعيش فيه و بقي طاهرا.
و كذلك الصحابة كانوا من البدو كانوا يحملون الماء في السفر في قرب و القرب فيها دهن و مثل هذا لا ينفك منه الماء فلو كان هذا الماء غير طاهر لنقل إلينا لعموم البلوى به و إشتهارها.
كذلك الماء المتغير بالدباغ كالقطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي طاهرا مادام يسمى ماء دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي فالعجين لا بد له من ان يختلط بالماء الا ان الوضوء جاز به فهو طاهر، و كذلك أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن زيد قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ، فغسل وجهه ثلاثا، ويديه مرتين مرتين، ومسح برأسه، فأقبل به وأدبر، وغسل رجليه "
الصفر: نحاس جيد و معلوم أنه يغير طعم الماء.
او شك في مغير هل يسلب
أي أن الماء إذا تغير وشك في الذي غيره هل هو مما يسلبه الطهورية أو مما لا يسلبه الطهورية؟ فالأصل بقاؤه على الطهورية و ذلك لأن الشك لا يرفع اليقين.
*************************او بمجاورة شيئ يقرب
و ان بدهن لاصق أو رائحة * لقطران من وعاء فائحة
أي أن الماء قد يتغير بما وضع بجانبه او ما لاصقه كالدهن يلاصق الماء فوق سطحه فما دام لم يختلط بالنجاسة فهو طاهر لأنه باق على أصله.
وعاء المسافر قد يوضع فيه قطران فالماء الموضوع فيه طاهر و ان تغيرت رائحته بالقطران و ذلك لأن القطران طاهر و الماء ان خالط طاهرا بقي طاهرا مادام يسمى ماء و قد تقدم ذكر ادلة ذلك.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[22 - Oct-2009, مساء 11:24]ـ
قال في المختصر:
لا بمتغير لونا أو طعما أو ريحا بما يفارقه غالبا من طاهر أو نجس كدهن خالط أو بخار مصطكي وحكمه كمغيره.
قال صاحب النضار:
و إن تغير بغير ما جلب * بلون أو طعم و ريحه سلب
فإن بطاهر فطاهر و ان * بنجس فنجس كالدهن إن
خالط أو بخار مصطكى وضر * إياه بين تغير صدر
لا بمتغير لونا أو طعما أو ريحا بما يفارقه غالبا من طاهر أو نجس كدهن خالط أو بخار مصطكي
هذه الجملة معطوفة على قول المؤلف يرفع الحدث و حكم الخبث بالمطلق، فقوله لا بمتغير أي أن الحدث لا يرفع بالماء المتغير عن طبيعته بما ينفك عنه غالبا سواء كان طاهرا أو نجسا و سواء تغير في اللون أو الطعم أو في الريح فمادام خرج الماء عن إسم الماء لم يصح التطهر به مثال ذلك الماء المختلط بالخل و المرق و اللبن و الشاي و ما شابه مما لا يصبح الماء معه ماء و لا يصح إطلاق إسم الماء عليه لذلك قال صاحب النضار و إن تغير بغير ما جُلِبْ * بلون أو طعم و ريحه سلب
الماء المتغير بنجاسة نجس إجماعا: قال ابن المنذر رحمه الله: اجمع العلماء على ان الماء القليل والكثير اذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما او لونا او ريحا فهو نجس.
أما الماء المتغير بطاهر فقد تقدم التفريق بين اليسير و الكثير اما اليسير فمغتفر إن لم يخرج الماء عن كونه مطلقا دليل ذلك حديث أم هانئ رضي الله عنها: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اغتسل هو وميمونة من إناء في قصعةٍ فيها أثر العجين) اخرجه النسائي و العجين لابد أن يؤثر في الماء يسيرا.
و أما الكثير إن خالط الماء فقد سلبه اسمه:
قال ابن قدامة رحمه الله: فأما غير النبيذ من المائعات غير الماء، كالخل والدهن والمرق واللبن، فلا خلاف بين أهل العلم في ما نعلم أنه لا يجوز بها وضوء ولا غسل، لأن الله تعالى أثبت الطهورية للماء بقوله تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، وهذا لا يقع عليه اسم الماء. انتهى.
و خالف الأحناف في النبيذ فأجازوا الوضوء به و هذا القول ضعيف.
و ظاهر كلام المؤلف الاطلاق و عدم التفريق بين القليل و الكثير قال صاحب مواهب الجليل:
ظاهر كلام المصنف أنه إذا تغير أحد أوصاف الماء بما ينفك عنه سلبه ذلك التغير الطهورية سواء كان التغير ظاهرا أو خفيا وهذا هو المعروف في المذهب إلا ما نبه المصنف على أنه إنما يضر فيه التغير البين كما سيأتي وذلك مما يبين أنه أراد الإطلاق في كلامه هنا وحكى ابن فرحون وصاحب الجمع قولا باغتفار التغير اليسير وقال ابن هارون ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13612) إنه غير معروف في المذهب وقال ابن فرحون ذكر الإبياني في سفينته أن خفي التغير معفو عنه من جهة الشارع وذلك أن أواني العرب لا تنفك من طعم يسير أو رائحة يسيرة وكانوا لا يتحرجون عن استعمالها انتهى وحكى صاحب الجمع عن ابن هارون ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13612) أن بعضهم عزى القول بالتفصيل بين التغير اليسير والكثير للمذهب قال ابن هارون ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13612) وهذا يحمل عندي على ما تغير بما لا ينفك عنه غالبا لا على أن التغير اليسير مغتفر لأن ذلك غير معروف في المذهب.
(قلت (صاحب مواهب الجليل)): وما قاله ابن هارون ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13612) هو الذي يقتضيه كلام أهل المذهب ولم ينقل صاحب الطراز التفريق بين التغير اليسير والكثير إلا عن الشافعية وأما ما استدل به الإبياني من مسألة أواني العرب فلا دليل فيه لأن ذلك بمنزلة ما لا ينفك عنه الماء غالبا كما تقدم عن ابن راشد وفي كلام ابن هارون ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=13612) المتقدم هنا إشارة إلى ذلك وذكر الوانوغي في حاشيته على تعليقة أبي عمران في الإناء يصب منه الودك أو الزيت ثم يصب فيه الماء فتعلوه شيابة هل يتوضأ به؟ فقال: أما اليسير فلا يضر انتهى.
قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد:
(يُتْبَعُ)
(/)
الماء الذي خالطه زعفران أو غيره من الأشياء الطاهرة التي تنفك منه غالبا متى غيرت أحد أوصافه فإنه طاهر عند جميع العلماء غير مطهر عند مالك والشافعي ومطهر عند أبي حنيفة ما لم يكن التغير عن طبخ.
وسبب اختلافهم هو خفاء تناول اسم الماء المطلق للماء الذي خالطه أمثال هذه الأشياء أعني هل يتناوله أو لا يتناوله؟ فمن رأى أنه لا يتناوله اسم الماء المطلق وإنما يضاف إلى الشيء الذي خالطه فيقال ماء كذا لا ماء مطلق لم يجز الوضوء به إذ كان الوضوء إنما يكون بالماء المطلق ومن رأى أنه يتناوله اسم الماء المطلق أجاز به الوضوء. أهـ
قلت بل الراجح أن القليل مغتفر للحديث السابق في أثر العجين, و في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما فوقصته ناقته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا.
كذلك لا فرق بين إضافة ملح للماء و غيره و قد سبق الكلام في اضافة الملح بل المتغير بالملح أشد من المتغير بالطاهر اليسير و يدخل في مثل هذا ماء الحنفية اليوم فهو متغير بمادة الكلور إلأ أنه لا يختلف إثنان في تسميته ماء فمادام صح عليه إسم الماء بلا قيد فهو ماء طهور مطهر.
و قد تقدم ذكر الطاهر الذي يشق الإحتراز منه كالطحالب وورق الشجر فالماء المتغير بذلك مطلق يجوز التطهر به و ان تغير بطول مكث أو كان بشيء لا يمازج الماء كالدهن الملاصق، أو بالرائحة المجاورة.
تخصيص الكاتب الدهن بالذكر في قوله "كدهن خالط " للتنبيه على أن مخالطة الدهن للماء ليست هي ملاصقته لأن المؤلف سبق و قال "وإن بدهن لاصق" و عدَّ الدهن الملاصق غير مغير للماء فالدهن الملاصق غير المخالط لأن الدهن الملاصق يبقى على سطح الماء بعكس الدهن المخالط الذي يغيره.
أما بخار مُصْطَكَى فهو دخان البخور ذكره المؤلف كمثال, فإن حبس البخار مع الماء فأمتزج به فَغَيَّرَه فهو لا يرفع الحدث أما ان لم يختلط به كأن يترك الاناء مفتوحا حتى يذهب البخار ثم يصب الماء فيه فهذا غير مختلط به فله حكم المغير بالملاصق فهو طهور.
وحكمه كمغيره
أي أن حكم الماء حكم مغيره فإن كان مغيره نجسا فالماء نجس لا يصح إستعماله في ازالة النجاسة و الطهي و ما شابه
و قد تقدم ذكر الاجماع في ذلك و قد ورد في ذلك حديث عن أَبِي أُمَامَةَ اَلْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه و سلم {إِنَّ اَلْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ، وَلَوْنِهِ} أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ, الحديث ضعيف إلا أن الإجماع يصحح معناه.
أما قوله عليه الصلاة و السلام: {إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ} فهذا عموم مخصص بالاجماع فخرج منه ما تغير أحد أوصافه بنجاسة.
إن كان المخالط للماء طاهرا فهو و ان كان لا يرفع الحدث صالح لإزالة النجاسة و الطهي و ما شابه كالماء المختلط بالصابون فهذا لا يصلح لرفع الحدث إلا أنه يصلح لإزالة النجاسة، قال صاحب النضار: فإن بطاهر فطاهر و ان * بنجس فنجس.
قول صاحب نضار المختصر
كالدهن إن
خالط أو بخار مصطكى
قد تقدم شرحه و هو من باب قول خليل كدهن خالط أو بخار مصطكي.
و الله الموفق إلى الصواب(/)
كيف تستعد لرمضان خالد الدرويش
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 01:50]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد:
جلسة تفكر وهدوء مع ورقة وقلم فكانت هذه الرسالة القصيرة التي بعنوان (كيف يستعد المسلم لشهر رمضان).
أرجو من الله أن تكون هذه النصيحة بداية انطلاقة لكل مسلم نحو الخير والعمل الصالح بدءاً من هذا الشهر الكريم وإلى الأبد بتوفيق الله فهو الجواد الكريم المنان وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قال تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه). كيف يستعد المسلم لشهر رمضان؟؟
أولاً: الاستعداد النفسي والعملي لهذا الشهر الفضيل:
• ممارسة الدعاء قبل مجئ رمضان ومن الدعاء الوارد:
أ- (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان).
ب - (اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً).
ملاحظة: لم تخرج الأدعية ضمن المطوية والأول ضعفه الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع (4395) ولم يحكم عليه في المشكاة والثاني لم نجده في تخريجاته.
• نيات ينبغي استصحابها قبل دخول رمضان:
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث القدسي (إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا اكتبها له حسنة)
ومن النيات المطلوبة في هذا الشهر:
1. نية ختم القرآن لعدة مرات مع التدبر.
2. نية التوبة الصادقة من جميع الذنوب السالفة.
3. نية أن يكون هذا الشهر بداية انطلاقة للخير والعمل الصالح وإلى الأبد بإذن الله.
4. نية كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات في هذا الشهر ففيه تضاعف الأجور والثواب.
5. نية تصحيح السلوك والخلق والمعاملة الحسنة لجميع الناس.
6. نية العمل لهذا الدين ونشره بين الناس مستغلاً روحانية هذا الشهر.
7. نية وضع برنامج ملئ بالعبادة والطاعة والجدية بالإلتزام به.
• المطالعة الإيمانية: وهي عبارة عن قراءة بعض كتب الرقائق المختصة بهذا الشهر الكريم لكي تتهيأ النفس لهذا الشهر بعاطفة إيمانية مرتفعة.
• إقرأ كتاب لطائف المعارف (باب وظائف شهر رمضان) وسوف تجد النتيجة.
• صم شيئاً من شعبان فهو كالتمرين على صيام رمضان وهو الاستعداد العملي لهذا الشهر الفضيل تقول عائشة رضي الله عنها (وما رأيته صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً منه في شعبان).
• استثمر أخي المسلم فضائل رمضان وصيامه: مغفرة ذنوب،عتق من النار،فيه ليلة مباركة، تستغفر لك الملائكة،يتضاعف فيه الأجر والثواب،أوله رحمة وأوسطه مغفرة ... الخ. استثمارك لهذه الفضائل يعطيك دافعاً نفسياً للاستعداد له.
• استمع إلى بعض الأشرطة الرمضانية قبل أن يهل هلاله المبارك.
• تخطيط: أ – استمع كل يوم إلى شريط واحد أو شريطين في البيت أو السيارة. ب- استمع إلى شريط (روحانية صائم) وسوف تجد النتيجة.
• قراءة تفسير آيات الصيام من كتب التفسير.
• (اجلس بنا نعش رمضان) شعار ما قبل رمضان وهو عبارة عن جلسة أخوية مع من تحب من أهل الفضل والعمل الصالح تتذاكر معهم كيف تعيش رمضان كما ينبغي (فهذه الجلسة الإيمانية تحدث أثراً طيباً في القلب للتهيئة الرمضانية).
• تخصيص مبلغ مقطوع من راتبك أو مكافأتك الجامعية لهذا الشهر لعمل بعض المشاريع الرمضانية مثل:
1. صدقة رمضان.
2. كتب ورسائل ومطويات للتوزيع الخيري.
3. الاشتراك في مشروع إفطار صائم لشهر كامل 300 ريال فقط.
4. حقيبة الخير وهي عبارة عن مجموعة من الأطعمة توزع على الفقراء في بداية الشهر.
5. الذهاب إلى بيت الله الحرام لتأدية العمرة.
• تعلم فقه الصيام (آداب وأحكام) من خلال الدروس العلمية في المساجد وغيرها.
• حضور بعض المحاضرات والندوات المقامة بمناسبة قرب شهر رمضان.
• تهيئة من في البيت من زوجة وأولاد لهذا الشهر الكريم. (من خلال الحوار والمناقشة في كيفية الاستعداد لهذا الضيف الكريم – ومن حلال المشاركة الأخوية لتوزيع الكتيبات والأشرطة على أهل الحي فإنها وسيلة لزرع الحس الخيري والدعوي في أبناء العائلة).
ثانياً: الاستعداد الدعوي.
يستعد الداعية إلى الله بالوسائل التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. حقيبة الدعوة (هدية الصائم الدعوية): فهي تعين الصائم وتهئ نفسه على فعل الخير في هذا الشهر .. محتويات هذه الحقيبة: كتيب رمضاني – مطوية – شريط جديد – رسالة عاطفية – سواك .... الخ.
2. تأليف بعض الرسائل والمطويات القصيرة مشاركة في تهيئة الناس لعمل الخير في الشهر الجزيل.
3. إعداد بعض الكلمات والتوجيهات الإيمانية والتربوية إعداداً جيداً لإلقائها في مسجد الحي.
4. التربية الأسرية من خلال الدرس اليومي أو الأسبوعي.
5. توزيع الكتيب والشريط الإسلامي على أهل الحي والأحياء المجاورة.
6. دارية الحي الرمضانية فرصة للدعوة لا تعوض.
7. استغلال الحصص الدراسية للتوجيه والنصيحة للطلاب.
8. طرح مشروع إفطار صائم أثناء التجمعات الأسرية العامة والخاصة.
9. الاستفادة من حملات العمرة من خلال الاستعداد لها دعوياً وثقافياً.
10. التعاون الدعوي مع المؤسسات الإسلامية.
• أخي الداعي: عليك بجلسات التفكر والإعداد للوسائل الجديدة أو تطوير الوسائل القديمة ليكون شهر رمضان بداية جديدة لكثير من الناس.
ثالثاً: مشروع مثمر لليوم الواحد من رمضان (برنامج صائم):
قبل الفجر
1. التهجد قال تعالى (أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذرُ الآخرة ويرجو رحمة ربه) الزمر: 39
2. السحور: قال النبي صلى الله عليه وسلم (تسحروا فإن في السحور بركة) متفق عليه.
3. الاستغفار إلى أذان الفجر قال تعالى (وبالأسحار هم يستغفرون) الذاريات:18.
4. أداء سنة الفجر: قال النبي صلى الله عليه وسلم (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) رواه مسلم.
بعد طلوع الفجر
1. التبكير لصلاة الصبح قال النبي صلى الله عليه وسلم (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً) متفق عليه.
2. الانشغال بالذكر والدعاء حتى إقامة الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم (الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة) رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
3. الجلوس في المسجد للذكر وقراءة القرآن إلى طلوع الشمس: (أذكار الصباح) فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس. رواه مسلم.
4. صلاة ركعتين: قال النبي صلى الله عليه وسلم (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) رواه الترمذي.
5. الدعاء بأن يبارك الله في يومك: قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده) رواه أبو داود.
6. النوم مع الاحتساب فيه: قال معاذ رضي الله عنه إني لأحتسب نومتي كما احتسب قومتي.
7. الذهاب إلى العمل أو الدراسة قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) رواه البخاري.
8. الانشغال بذكر الله طوال اليوم: قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله تعالى فيها) رواه الطبراني.
9. صدقة اليوم: مستشعراً دعاء الملك: اللهم أعط منفقاً خلفاً.
الظهر
1. صلاة الظهر في وقتها جماعة مع التبكير إليها: قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن رسول الله علمنا سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه) رواه مسلم.
2. أخذ قسط من الراحة مع نية صالحة (وإن لبدنك عليك حقاً).
العصر
1. صلاة العصر مع الحرص على صلاة أربع ركعات قبلها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً) رواه أبو داود والترمذي.
2. سماع موعظة المسجد: قال النبي صلى الله عليه وسلم (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه الناس كان له كأجر حاج تاماً حجته) رواه الطبراني.
3. الجلوس في المسجد: قال النبي صلى الله عليه وسلم (من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر الله وحق على الموزر أن يكرم الزائر) رواه الطبراني بإسناد جيد.
المغرب
1. الانشغال بالدعاء قبل الغروب قال النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا ترد دعوتهم وذكر منهم الصائم حتى يفطر) أخرجه الترمذي.
2. تناول وجبة الافطار مع الدعاء (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى) رواه أبو داود.
3. أداء صلاة المغرب جماعة في المسجد مع التبكير إليها.
4. الجلوس في المسجد لأذكار المساء
5. الاجتماع مع الأهل وتدارس ما يفيد: قال النبي صلى الله عليه وسلم (وإن لزوجك عليك حقاً).
6. الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح.
العشاء
1. صلاة العشاء جماعة في المسجد مع التبكير إليها.
2. صلاة التراويح كاملة مع الإمام قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم.
3. تأخير صلاة الوتر إلى آخر الليل: قال النبي صلى الله عليه وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) متفق عليه.
برنامج مفتوح
زيارة (أقارب. صديق. جار) ممارسة النشاط الدعوي الرمضاني. مطالعة شخصية. مذاكرة ثنائية (أحكام. آداب. سلوك .. الخ) درس عائلي. تربية ذاتية. حضور مجلس الحي.
مع الحرص على الأجواء الإيمانية واقتناص فرص الخير في هذا الشهر الكريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http://saaid.net/mktarat/ramadan/41.htm(/)
امذا نتكلم فيهم، مالنا ومالهم ...... ؟!
ـ[محمد مشعل العتيبي]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 08:47]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسأل الله بمنه وجوده وكرمه أن يرزقنا الهدى والسداد، وأن يلهمنا الصواب.
كثر في الآونة الأخيرة الكلام على الناس وخصوصا العلماء والدعاة وأهل الفضل، ولاشك أن النقد السليم المغلف بطابع الأخوة والضوابط الشرعية وإرادة الخير للمنصوح أمر مطلوب، لكن المحزن أن تجد هذا التطاول من قبل الأقزام على قامات عملت للدين وشابت لحاها في ذلك، ولا مبرر لذلك إلا الهوى والحسد عياذا بالله لياذا به.
فنصحا لأحبتي .. إليكم سريعا هذه النقاط سريعا:
قواعد وأصول في التعامل بيننا أثناء الخلاف
* لماذا نتكلم حول هذا الموضوع:
1 - ما نراه في واقعنا من التساهل في إلقاء التهم جزافا حتى على أهل الصلاح من تصنيف وذم وسب وشتم ودخول في النيات.
2 - أثر ذلك في تفرق الصف وبعثرة الجهود.
* قواعد في التعامل مع المخالف:
1 - الخوف من الله عز وجل عند الكلام على الآخرين. وتذكر أخي (و لا يغتب بعضكم بعضا .. ).
اسأل نفسك أخي:
ما الدافع للكلام في فلان هل هو الهوى والانتصار للنفس أم الدين، ثم ما المصلحة التي تترتب على ذلك، ثم هل يجب علي أن أتكلم أم هناك من هو أولى مني في ذلك وأما أنا فالسلامة بالنسبة لي لا يعدلها شىء.
2 - تأمل كثيرا: ما جوابي عند الله عز وجل إذا سألني لماذا تكلمت في فلان؟
3 - الأصل حسن الظن بالمسلم والتثبت دائما قبل كل كلمة تخرجها.
4 - الكلام في الناس يكون بعدل وإنصاف (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ... )، (ولا تبخسوا الناس أشياءهم ... ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل وإنصاف، ولا يكون بجهل وظلم، ولا يجوز أن يتكلم في غيره إن احتاج إلى ذلك شرعا إلا بعلم وعدل وإنصاف).
5 - العبرة بكثرة الفضائل: فإن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث. قال ابن رجب رحمه الله: (والمنصف من اغتفر قليل خطأ في كثير صواب).
*الثمرة المترتبة على الالتزام بهذه القواعد:
1 - زيادة الألفة وتنمية المحبة وتضييق دائرة الفرقة والعداوة.
2 - إشغال الناس بما ينفعهم وعدم إثارة الفتن لعوام الناس.
3 - إشغال أصحاب الطاقات المتميزين (خطباء وكتاب ومناظرين وغيرهم ... ) في خدمة الدين والمسلمين بدلا من الانشغال بالخلافات التي تفرق الصف.
4 - قطع الباب على المرجفين والمنافقين الذين يفرحون بتفرق الصف ويسعون إليه.
كانت هذه نقاط سريعة وأحسب أن الموضوع مهم جدا، ولكن حسبي أني أثرت الموضوع
ولعل الأحبة يتكرمون بتعقيباتهم.
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[17 - Aug-2009, صباحاً 05:42]ـ
جزاك الله خيرا(/)
تلخيص واختصار للقاء المحجة العلمية السلفية التاسع مع الشيخ عبد الرحمان الرشيدان
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[16 - Aug-2009, صباحاً 11:37]ـ
تلخيص واختصار للقاء العلمي التاسع مع الشيخ عبد الرحمان بن عبد اللطيف الرشيدان - حفظه الله -
اللقاء العلمي التاسع مع الشيخ عبد الرحمان بن عبد اللطيف الرشيدان أقامته معه المحجة العلمية السلفية
بعد البسملة والحمدلة:
(1:29) السائل: هنا بعض الأسئلة التي تتعلق بالمتون العلمية وتدريسها وتحفيظها للطلاب، وأحبننا أن يكون اللقاء معكم يدور حول هذا الموضوع، بما لكم من التجربة العملية الطويلة في هذا المجال.
(1:34) السائل: فهلا حدثمونا عن أهمية ملازمة الطالب للشيخ، وما حقيقة الملازمة، وما ثمرتها، قبل أن نبدأ ونخوض في ما يتعلق بحفظ المتون وتدريسها؟
بعد البسملة والحمدلة ذكر الشيخ أهمية هذه الملازمة، وذكر أنها سنة متبعة من لدن الصحابة إلى الآن.
وذكر أن المراد بالملازمة: كثرة الحضور، والاستفادة من الشيخ؛ لأن طلب العلم لا يؤخذ في يوم أو يومين، أو شهر أو شهرين، بل يحتاج من الطالب أن يلازم شيخه لمدة حتى يأخذ أكثر ما يستطيع أن يأخذه من علم هذا الشيخ.
وذكر بعض النماذج من ملازمة بعض السلف لشيوخهم منها:
ذكر الذهبي في السير أن نعيم بن عبد الله المُجْمِر جالس الصحابي أبا هريرة عشرين سنة.
كذلك ذكر الذهبي في السير أن عبد الله بن نافع جالس الإمام مالكا خمسا وثلاثين سنة.
وورد عن وهب بن جرير عن أبيه جرير بن حازم الأسدي أنه قال: جلست إلى الحسن البصري سبع سنين لم أخرم منها يوما، أصوم وأذهب إليه!
ذكر الشيخ بعض فوائد الجلوس إلى الشيخ:
1 - أخذ الهدي والسمت.
2 - تقصير مدة الأخذ، واختصار الطريق.
وكان بعض السلف يقول: خذها غنيمة باردة؛ وهو قد تعب في الحصول عليها.
3 - قلة التكلف وسرعة الإدراك.
فطالب العلم لما يقرأ في الكتب فيحتاج إلى أن يدرك المسألة وتتصور له وقتا!
4 – أحرى بالصواب.
(8:37) ذكر أن الأصل في طلب العلم الأخذ عن الكبار.
5 – الرابطة بين طالب العلم ومعلمه، فالعلم رحم بين أهله، فطلبة العلم إذا أخذوا عن الشيوخ فإنه تكون بينهم صلة، وتعارف، وتزاور ..
6 – هناك آثار عن السلف تبين أن مجالسة العلماء لها تأثير على الإيمان:
قال ميمون بن مهران: وجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء.
ويقول أبو الدرادء: من فقه الرجل ممشاه ومدخله مع أهل العلم.
وعدم الأخذ عن الشيوخ له هفوات وزلات:
التخبط والاضطراب.
الإعجاب بنفسه.
سبب الفرقة وقلة التعبد.
فأكثر ما تكون الفرقة والاختلاف عند من أخذ العلم عن الكتب ....
فتجد أن الذين أخذوا من الكتب ولم يأخذوا عن العلماء قليلي العبادة، قليلي الطاعة.
(12:30) ذكر أن من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه.
(12:44) هنا نقطة أحب أن تشير إليها فضيلة الشيخ! وهي أهمية ملازمة الشيوخ لا سيما في الأوقات التي تحدث فيها الفتن، وتكثر فيها الآراء، فهنا لملازمة الشيخ مزية، فحبذا لو تلقون نظرة سريعة على ذلك.
ذكر الشيخ: أنه لا شك أن الفتنة الذي يعرف غورها، ويسبر مداها هم العلماء الأشياخ الكبار، أما طلبة العلم الحدثاء؛ فإنهم يظنون أنها أمر سهل، وربما تكلموا فيها بسرعة، وأدلوا بدلوهم، بينما الأشياخ الكبار يعرفون هذا، فتجدهم لايتكلون إلا بعد فترة، وبرهة من الزمن، حتى يحيطوا بهذه الفتنة، وبهذه النازلة التي نزلت، ومن هنا نعرف خطأ بعض من يتسرع ويقول: المسألة الفلانية نازلة بالمسلمين لماذا لم يتكلم فيها فلان وفلان من الأشياخ ن وبعض الدعاة يتكلم فيها بسرعة، وهذا هو السبب، السبب أن أهل العلم أهل تؤدة، أهل تأن، لا يريدون أن يتكلموا في شيء حتى يحيطوا به، فحيئذ يصدر قولهم عن علم، و عن روية، وعن معرفة.
بينما طلبة العلم الصغار تجده يسارع، ويبدي رأيه، ويدلي بدلوه، ويتكلم، وهو لم يتبين له، والفتنة لا زالت في أولها! ولا يدري على ماذا انطوت، وعلى ماذا ستنتهي، وما هي أبعادها.
فعلى طالب العلم – خاصة في أوقات الفتن، وفي المسائل النوازل – أن يكون راجعا – بعد الله – تبارك وتعالى – إلى أشياخه؛ فيسأل أهل العلم:
ماذا تقولون؟
ما رأيكم في هذه النازلة؟
هذه الفتنة التي حدثت؟
(يُتْبَعُ)
(/)
بل يستشريهم حتى لو أراد أن يلقي محاضرة؛ لأن العلاقة بين طالب العلم، وبين شيخه أكثر من علاقة الابن مع أبيه، يعني تسمى الأبوة الدينية.
يرجع إليه – يقول: يا شيخ! أنا أريد أن ألقي محاضرة في الفتنة الفلانية، أو في الموضوع الفلاني؛ لأنه من النوازل، يستشريه؛ فقد يشير عليه الشيخ يقول: جيد، تكلم في هذا الموضوع، الناس بحاجة، وربما الشيخ لكونه: أرسخ منه، وأكبر منه سنا، وأعلم يقول له: لا! انتظر! اجعلها بعد أسبوع، بعد أسبوعين، فيوجهه إلى ما هو أحسن وأفضل.
هذه الصلة، وهذه الفوائد إذا كان طالب العلم يرجع إلى أشياخه خاصة في أوقات التي يكثر فيها الخوض، وربما تكون هذه المٍألة من الأمور العامة التي لو تكلم فيها طالب العلم ربما يضل، ويضل بها أناس؛ فعليه التؤدة، وعليه الرجوع إلى الأشياخ، واستشارتهم قبل أن يتكلم، أو يلقي موضوعا أو محاضرة في ذلك.
(16:02) فضيلة الشيخ! نحب يعني أن نستفيد أو نعرف متى بدأتم بتدريس وتحفيظ المتون لطلاب اعللم، وكيف كانت هذه البداية؟
تحفيظ المتون يسرنا الله لنا قبل ثماني سنن، وذلك لما كان مقررا على طلاب الجامعة حفظ كتاب المحرر لابن عبد الهادي أو بعض أحاديث المحرر؛ وجدت بعض التلاميذ لديه همة في حفظ المحرر كاملا؛ فبدأت معهم في مسجد الجربوع في مسجد الحارة.
وكان واحدا ثم جاء الثاني، ثم جاء ثالث، وأخذنا في هذا سنة أو دون سنة، ولما سمع بهذا بعض الطلاب زاد عدد الطلاب، فصرنا نسمع الطلاب بعد صلاة العشاء في المسجد النبوي.
وأصبح تحفيظ أوسع في متون مختلفة، وأصبحت الآن الحلقة – ولله الحمد – قرابة (45) طالبا، ويحفظون متونا شتى، في العقيدة، وفي الفقه، وفي اللغة، وفي الآداب.
(18:51) فضيلة الشيخ! نريد منكم كلمة عن أهمية العلم، والحرص على طلبه قبل أن نتكلم عن المتون وحفظ المتون؟
هذا الموضوع مهم وكبير وواسع!! وللعلماء كتب فيه ... ونذكر أنفسنا، ونذكر الإخوة ومن يسمع هذا اللقاء بأن العلم أفضل مكتسب، وأفضل منتسب، وأعظم ما شغلت به الأوقات والأعمار هو طلب العلم؛ وذلك أن طلب العلم عبادة، من أعظم العبادات.
تكلم الشيخ عن فضل العلم وذَكَرَ بعض الآيات والأحاديث الواردة في ذلك.
وقال عند (22:58): وقد جاء في الحديث الحسن: طلب العلم فريضة على كل مسلم.
ثم ذكر قسمي تعلم العلم: فرض العين، وفرض الكفاية.
(24:06) فضيلة الشيخ! ما أهمية حفظ المتون والعناية بالنسبة لطلب العلم، ولطلاب العلم، يعني ما منزلة حفظ المتون في طلب العلم؟
حفظ المتون قد أشاد به أهل العلم ونص عليه من كتب في آداب الطلب، وجعلوا حفظ المتون هو العلم، وما عاداه فهو شيء زائد؛ ولذلك قالوا: العالم لا يكون عالما بدون حفظ المتون.
ويقول شيخ الإسلام: من حفظ المتون حاز الفنون.
ويقول الرحبي: فاحفظ فكل حافظ إمام.
ويقول الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني:
كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده علما!
وأنشد:
وليس بعلم ماحوى القطمر / ما العلم إلا ماحواه الصدر
وقال صديق حسن خان القنوجي: العلم ما ثبت في الخواطر، لا ما أودع في الدفاتر.
في الأصل في العلم هو ما حفظ، واستقر في الصدر؛ ولذلك فالعالم حقا هو الذي يفتي مما حفظ، ومما استقر في صدره وضبطه، هذا هو العالم حقا ....
ثم نقل الشيخ الرشيدان عن الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – إشادته بالحفظ، وأنه لم يبق معه إلا ماحفظ.
ذكر الشيخ الرشيدان: أنه لابد أن يُحفظ في كل فن متن مختصر.
(27:50) إذا كان حفظ المتون بهذه المنزلة في العلم وفي طلب العلم؛ فما المتون التي تنصحون بالاعتناء بها وحفظها في كل فن من فنون العلم؟
ذكر الشيخ أن لكل فن مراتب: مبتدئين، متوسطين، متقدين.
ذكر الشيخ أن الأصل في طالب العلم أن يبدأ بالقرآن وينشغل به.
ثم قال الشيخ: يبدأ بحفظ (تحفة الأطفال) وهي في واحد وستين بيتا، وتعتبر من أخصر الكتب في علم التجويد.
أما في العقيدة فيحفظ:
القواعد الأربع، وثلاثة الأصول، وكتاب التوحيد، والواجبات المتحتامات؛ هذا في توحيد الأولهية.
في توحيد الأسماء والصفات ومجمل معتقد أهل السنة والجماعة كذلك:
العقيدة الواسطية، ثم العقيدة الطحاوية، ثم سلم الوصول للشيخ حافظ الحكمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
في المصطلح يبدأ بالبيقونية، ثم ينتقل غىل نخبة الفكر، ثم بعد النخبة يختار إما ألفية العراقي، إما ألفية السيوطي
قال الشيخ عند (30:35) ألفية أولى من وجه لكثرة ما يوجد عليها من شروح وحواش، وهي مشتهرة: حفظا، وشرحا، وتدريسا.
ألفية السيوطي من ناحية أنها .. العدد نفسه ألف بيت، لكنها أكثر أنواعا؛ لأن السيوطي نظم في الألفية أنواع من المصطلح أكثر مما ذكره العراقي.
فألفية السيوطي أشمل وأوسع
وألفية العراقي أسهل وأكثر شروحا وحواشيَ، وأكثر اشتهارا.
(31:12) عفوا يا شيخ! ألفية العراقي أسهل في النظم أو ألفية السيوطي؟
المشهور عند أهل العلم ألفية العراقي، وإن كان عليها ما عليها من المؤخذات، لكن سهولتها أوضح وأسلس من ألفية السيوطي.
اما في الحديث فيبدأ بالأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام، ثم بلوغ المرام، ثم ينتقل بعد ذلك للمحرر لابن عبد الهادي، ثم بعد ذلك – إذا تجاوز هذا كله – يدخل في الكتب الستة، والأولى أن يبدأ بالأحاديث المتفق عليها، ثم بعد ذلك يبدأ بما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم.
وفي أصول الفقه يبدأ بمتن الورقات للإمام الجويني.
وفي الفقه يبدأ بحفظ كتاب شروط الصلاة وأركانها وواجباتها للشيخ محمد عبد الوهاب، ثم آداب المشي إلى الصلاة.
أما في الفرائض فالرحبية هذا هو المشهور، وإن كان الشيخ ابن عثيمين – رحمة الله عليه – يرجح البرهانية، ويقول: إنها أخصر، وأوضح، وهذا الذي كان يعتمده في دروسه.
والرحبية والبرهانية كما قلنا في مسألة ألفية العراقي والسيوطي.
الرحبية أسلس وأكثر شروحا، وعليها شروح وحواش، أما البرهانية غير مشهورة، وشروحها ليست بكثيرة؛ فلذلك بعض الناس يعزف عنها لعدم معرفته بها، ولعدم وجود الشروح والحواشي عليها.
وهذا أمر مهم، يعني طالب العلم إذا أراد أن يحفظ لابد أن يحفظ متنا يجد له شرحا، حتى إذا استغلقت عليه العبارة، ما يحفظ شيئا غريبا ما يفهمه، إما أن يكون له شيخ يشرح له هذه العبارة الصعبة التي أغلقت عليها، أو هناك شرح موجود ينظر فيه فيفهم العبارة حتى يسهل عليه الحفظ.
في النحو يحفظ الآجرومية، ثم ملحة الإعراب، ثم ينتقل بعد ذلك إلى قطر الندى لابن هشام، وإن شاء انتقل إلى الألفية لابن مالك.
أما في الآداب نونية أبي الفتح البستي التي تسمى (عنوان الحكمم)، وهي منظومة في ثلاثة وستين بيتا؛ فيها من الحكم والأخلاق الكريمة - يصلح لطالب العلم أن يكون له شيء من النظم ومحفوظات شعرية، يستفيد منها في نفسه، في تقويم أخلاقه وآدابه، وتقويم لسانه، حتى يكون اللسان ذا منطق صحيح، وذلك بحفظ بعض أشعار العرب.
وكذلك بعد هذه النونية ينتقل إلى منظومة أبي إسحاق الإلبيري وهي منظومة مشهورة، في النصائح والتوجيهات، وهي أكبر؛ لأن عدد أبياتها خمسة عشر ومئة بيت.
هذه أهم المتون التي نوصي طلبة العلم المبتدئين أن يبدأوا بها، وأن يكون لهم نصيب منها.
ثم ذَكَرَ الشيخ ما يشتكي منه بعض طلبة العلم، وهو أن الحفظ يكون صعبا عليه!
ثم ذَكَرَ أن الحفظ موهبة من الله.
ذم ذَكَرَ الشيخ أن من كان الحفظ صعبا عليه؛ فإن هناك طريقة أخرى لحل هذه المشكلة وهي أن يكثر من تكرراها وتردادها لتصبح سهلة على لسانه، يستحضر موقعها من الكتاب.
(36:22) فضيلة الشيخ! ما الطريقة المثلى لحفظ المتن ومراجعته، يعني بعد أن عرفنا أهمية حفظ المتون والحرص عليها، فما هي الطريق المثلى لحفظ المتن، أو لمراجعته وتثبيته؟
ذكر الشيخ أن ذلك يكون بقاعدتين:
الأولى: تقليل الحفظ.
الثانية: كثرة التكرار.
وذكر الشيخ طريقة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وهي: إن كان يشرح لهم منظومة؛ فيطلب منهم أن يحفظوا كل يوم ثلاثة أبيات، ويشرح لهم ثلاثة أبيات لا يزيد.
وإن كان يشرح لهم في الحديث فيطلب منهم أن يحفظوا كل يوم ثلاثة أحاديث لا يزيد.
وإن كانت في متن من المتون فيطلب منهم أن يحفظوا ثلاثة أسطر ولا يزيد.
وذكر الشيخ: أن تقليل الحفظ أدعى لأن يستقر ويثبت؛ لأن كثرة العلم يزدحم في الذهن.
ومن رام العلم جملة ذهب عنه جملة.
وذكر أن هناك من حفظ ألفية العراقي، وكان يحفظ في كل يوم نصف بيت!!
(يُتْبَعُ)
(/)
(39:18) ذكر الشيخ نقطة مهمة وخطيرة وهي الحفظ الوقتي! إي أنه يحفظ بسرعة، وإن جئته بعد مدة يسيرة وجدته قد نسي ما حفظ!
ذكر أن المذكور في تراجم العلماء إذا أرادوا أن يحفظوا خمسين مرة فما فوق؛ منهم يكرر خمسين، منهم من يكرر ستين، ومنهم يكرر أكثر.
(40:13) ذكر أهمية المراجعة، وهي معاهدة المحفوظ، وذكر الشيخ أنها وصية نبوية، أوصينا بها في تعاهد القرآن العظيم، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -: بأنه أشد تفصيا وتفلتا من الصدور من الإبل في عقلها.
وذكر الشيخ أن الطالب عليه أن يراجع كل شهر، أو كل شهرين.
ثم ذكر أهمية العالم في مسألة الحفظ؛ لأن الطالب إذا حفظ قد يحفظ خطأ، وقد يتكاسل في مسألة المراجعة، وهكذا أمور كثيرة ....
(43:02) هل من كلمة أخيرة تختمون بها هذا اللقاء؟
ذكر الشيخ أن طلب العلم – ومن ذلك حفظ المتون وهي سبب من أسباب حفظ العلم وطلبه – كما قلنا: طريق العلم طويل: وطلب العلم حهاد، لا شهوة، وطلبة مجاهدون!
وما دمنا علمنا أن طلب العلم جهاد، علمنا أنه يحتاج إلى صبر.
وذلك قال يحيى بن أبي كثير: لا ينال العلم براحة الجسم.
طلب العلم يحتاج منا أن نصبر، وأن نداوم، وأن نسهر، وأن نتعب لكي نحصل، وقد قالوا: العلم إن أعطيته كلك أعطاك بعضه.
وهذا المشوار وهذا الطريق يحتاج منك – أيها العبد - إلى الاستعانة بالله – عز وجل -.
فطالب العلم دائما عليه أن يكون متضرعا إلى الرب – تبارك وتعالى – أن يرزقه العلم النافع والعمل الصالح؛ لأنه ربما شغلك العلم، لكن بعلم لا ينفع، بعلم وبال عليك - النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: القرآن حجة لك أو عليك، يعني تحفظ القرآن، تقرأ القرآن وهو حجة – أحيانا – يكون عليك، لكن ما تعمل فيه، وقد يكون لك، وكذلك طلب العلم وحفظ المتون.
ذَكَرَ الشيخ أنك بكونك طالب علم هذه نعمة عظيمة؛ ينبغي أن تشكر الله عليها، وأنه فضلك على كثير من عباده.
انتهت المادة؛ وجزى الله الشيخ عبد الرحمان، والذين أجروا اللقاء معه خيرا.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد.
لخصه واختصره: أشرف السلفي.
.
ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[04 - Mar-2010, صباحاً 09:20]ـ
جزاك الله خيرًا ونفع بك، وجزى الله الرشيدان َ خيرًا، فلقد انتفع الطلبة بحلقته في المسجد النبوي انتتفاعًا عظيما،
وفي الموضوع بعض الأخطاء الطباعية يُرجى تعديلها.(/)
اريد الاجابة عن الاستفارات
ـ[ام سلمة الانصارية]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 01:18]ـ
///السلام عليكم اخوتي في الله من فضلكم هل اجد عندكم الاجابة عن هذه الاستفارات من فضلكم في اقرب وقت
///ما رايكم في شخص كان صائما ثم افطر بغير اكل ولا شرب و لا شئ دخل جوفه ولا جماع و لا شئ من دواعيه ولا نية فطر كيف ذلك
///ما رايكم في شخص اصاب ملابسه شئ طاهر فالزمناه بغسله فورا بل حرم عليه لبسه كيف ذلك
///ما رايكم فى رجل صلى بالناس اماما و فخذه بادية و قبلت صلاته كيف ذلك
///متى تكون قراءة الامام في صلاة الجمعة سرية
///ما رايكم في يوم من الايام البيض حرم صومه
وجزاكم الله عني الف خير
ـ[التوحيد]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 02:43]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,,
تفضلي بارك الله فيك, هذا الموضوع فيه ما ذكرتِ وزيادة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11705&highlight
(http://www.google.com.sa/url?sa=t&source=web&ct=res&cd=2&url=http%3A%2F%2Fmontada.rasou lallah.net%2Findex.php%3Fshowt opic%3D38928&ei=APCHStKhIYqKn
السؤال
O5yKDvBA&usg=AF
السؤال
jCNHlB
السؤال
GeoiiY8lZeLu_wId zM8eblAg&sig2=WdfgWk1R3zYsagYqPZP7mw)
ـ[ام سلمة الانصارية]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 09:10]ـ
بارك الله فيك وجزاك الف خير
ـ[طويلبة مغربية]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 10:04]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكن وأحسن اليكن
ـ[الطيب صياد]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 05:36]ـ
الأفضل وضع الإجابة هنا، و ليس بأن يحال عليها بالروابط،،،
أما الأجوبة عن تلك الأسئلة فمُرْبِكَـ) ـ (ــ؟ ــ! ـ; ـــة ...
* أما الشخص الذي أفطر بغير تلك الأمور فلعله المرأة تصبح صائمة ثم في وسط النهار تحيض فهي - شرعًا - مفطرة ..
*أما عيرها فلا أدري ...(/)
هل اختلاف المطالع الذي تكلم عنه السلف تباين مسافات أو تباين حدود سياسية؟
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 01:38]ـ
اختلف السلف في قضية المطالع فالجمهور ذهبوا إلى عدم اعتباره ان اشتركت البلدان في جزء من ليلة و خالف البعض فاعتبروا المسافة في ذلك لكن هل هناك قول عند السلف باختلاف المطالع اعتبارا للحدود السياسية للدولة؟(/)
سلسلة شرح كتاب الصيام من جامع الترمذي للشيخ العلوان
ـ[محمد الليبي]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 03:02]ـ
سلسلة شرح كتاب الصيام من جامع الترمذي
باب ما جاء في فضل شهر رمضان ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/01.rm)
باب ما جاء لا تقدموا الشهر بصوم، وباب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/02.rm)
باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان، وباب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال والإفطار له ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/03.rm)
باب ما جاء أن الشهر يكون تسعاً وعشرين، وباب ما جاء في الصوم بالشهادة ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/04.rm)
باب ما جاء شهرا عيد لا ينقصان، وباب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/05.rm)
باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار، وباب ما جاء أن الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/06.rm)
باب ما جاء إذا اقبل الليل وأدبر النهار فقط أفطر الصائم، وباب ما جاء في تعجيل الإفطار ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/07.rm)
باب ما جاء في تأخير السحور، وباب ما جاء في بيان الفجر ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/08.rm)
باب ما جاء في التشديد في الغيبة للصائم، وباب ما جاء في فضل السحور ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/09.rm)
باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر، وباب ما جاء في الرخصة في السفر ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/10.rm)
باب ما جاء في الرخصة للمحارب في الإفطار، وباب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/11.rm)
باب ما جاء في الصوم عن الميت، وباب ما جاء في الكفارة ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/12.rm)
باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء وباب ما جاء فيمن استقاء عمداً ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/13.rm)
باب ما جاء فيالصائم يأكل ويشرب ناسياً، باب ما جاء في الإفطار ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/14.rm) متعمداً
باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان، باب ما جاء في السواك للصائم ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/15.rm)
باب ما جاء في الكحل للصائم، و باب ما جاء في القبلة للصائم، وباب ما جاء في مباشرة الصائم ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/16.rm)
باب ما جاء في لا صيام لمن لم يعزم من الليل، و باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/17.rm)
باب صيام المتطوع بغير تبييت، و باب ما جاء في إيجاب القضاء عليه ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/18.rm)
باب ما جاء في وصال شعبان برمضان، وباب ما جاء في كراهية الصوم في النصف ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/19.rm)
الثاني ن شعبان لحال رمضان ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/19.rm)
باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان، وباب ما جاء في صوم المحرم ( http://media.islamway.com/lessons/alelwan/KitabSeyaM/20.rm)(/)
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع: لفضيلة الشيخ أبي عبد الله محمد سعيد رسلان حفظه الله
ـ[- أبو عبد الرحمن -]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 05:25]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح كتاب الصيام
من الشرح الممتع على زاد المستقنع
جديد => (17 محاضرة بالصوت والصورة) <= جديد
http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=159
http://www.rslan.com/images/index/Ketab9eyam.jpg (http://www.rslan.com/vad/items.php?chain_id=159)
نبذة عن السلسلة: فهذا شرح: «كتاب الصيام» من «الشرح الممتع على زاد المستقنع» للعلامة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -, نسألُ اللهَ تعالى أن ينفع به من أَرْشَدَ إليه ومَنْ أُرْشِدَ إليه, ومَنْ دَلَّ عليه ومَنْ دُلَّ عليه, ومَنْ قرأه أو سَمِعَهُ, وأنْ يجعلَ هذا العلمَ شائِعًا ذائِعًا في أبناء المسلمين.
انظر عناصر كل محاضرة لمزيد من البيان
(المحاضرات متوفرة صوتيًا rm & mp3 ومرئيًا wmv )
لتحميل ملف (عناصر أشرطة السلسلة) اضغط هنا ( http://www.rslan.org/chains/Ketab9eyam/notes.pdf)
أشرطة السلسلة:
م
عنوان المحاضرة
1
بداية من «كتاب الصيام» وبيان فضائل الصيام, وفضل شهر رمضان ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2317)
2
بداية من قول المُصَنِّف «يجب صوم رمضان» إلى قوله «وإن رُئِيَ نهارًا فهو لليلة المقبلة» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2318)
3
بداية من «مسألة اختلاف المطالع» إلى قول المُصَنِّف «ويُصام برؤية عدل» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2319)
4
بداية من قول المُصَنِّف «ويُصام برؤية عدل» إلى قوله «ويلزم الصوم لكل مسلم مُكَلَّف قادر» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2320)
5
بداية من قول المُصَنِّف «ويلزم الصوم لكل مسلم مُكَلَّف قادر» إلى قوله «ومسافر قَدِمَ مُفْطِرًا» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2321)
6
بداية من قول المُصَنِّف «ومَنْ أفطر لِكِبَرٍ أو مرض» إلى قوله «وإن أفطرت حامل أو مُرْضِع ..... » ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2322)
7
بداية من قول المُصَنِّف «وإن أفطرت حامل أو مُرْضِع ..... » إلى قوله «ومَنْ نوى الإفطار أفطر» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2323)
8
بداية من «باب ما يُفْسِد الصوم, ويُوجب الكفارة» إلى قول المُصَنِّف «أو استمنى» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2324)
9
بداية من قول المُصَنِّف «أو استمنى» إلى قوله «أو حَجَمَ أو احتجم وظهر دم» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2325)
10
بداية من قول المُصَنِّف «عامدًا ذاكرًا لصومه» إلى قوله «أو معتقدًا أنه ليل فبان نهارًا» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2326)
11
فصل: في الجماع في نهار رمضان ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2327)
12
بداية من قول المُصَنِّف «ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان» إلى «باب ما يكره, ويستحب, وحكم القضاء» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2328)
13
بداية من قول المُصَنِّف «ويحرم بلع النخامة» إلى قوله «وتعجيل فطر» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2329)
14
بداية من قول المُصَنِّف «على رُطَب» إلى قوله «وإن مات ولو بعد رمضان آخر» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2330)
15
بداية من قول المُصَنِّف «ومن مات وعليه صوم .. » إلى «باب صوم التطوع» ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2331)
16
بداية من قول المُصَنِّف «يُسَنُّ صيام ... الاثنين والخميس» إلى نهاية باب صوم التطوع ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2332)
17
باب الاعتكاف ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2333)
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[17 - Aug-2009, صباحاً 03:02]ـ
شرح الشرح الممتع؟!
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[17 - Aug-2009, صباحاً 05:00]ـ
تسائلت السؤال نفسه على ملتقى اهل الحديث و لم يجبني أحد ........... شِرح الشرح الممتع ............ و هل يحتاج الشرح الى شرح؟؟(/)
هل يقال هذا الدعاء مع الاذكار
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 07:54]ـ
مطوية كبيرة بالمسجد عندنا
به الاذكار بعد الصلاة
استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والاكرام.
...
2 - لا اله الا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير، لا حول ولا قوة الا بالله، لا اله الا الله، ولا نعبد الا اياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادك
، اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
الدعاء باللون الاحمر حيث راجعت الاذكار وليس معها
وقد قال بعض المشايخ يكون أخر الصلاة
السؤال الان هل نزيل هذا الذكر ام هو زيادة خير؟
ـ[حسين ابو عبد الله]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 09:25]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
حياك الله اخي، في انتظار ردود الاخوة حفظهم الله
ازودك بهذين الرابطين عسى ان تنتفع بهم
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php? (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?)
Option=FatwaId&lang=A&Id=4817
http://www.islam-qa.com/ar/ref/131850 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/131850)
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 01:47]ـ
جزاكم الله خير ابوعبدالله
وبارك الله بك روابط مفيدة
لكن الرابط الاول هل يوجد فتوى أم تريد أن أسأل هناك
/////////////////
بإنتظار مزيد من الردود الاوراق مكتوبة على مساحة 2م=1م ومعلقة أمام المصلين بورك بالجميع
ـ[أبو عمر الفهيدي]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 02:47]ـ
رواه أحمد وأبوداود والنسائي وابن حبان والحاكم عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك أوصيك يا معاذ لا تدعن صلاة أن تقول
((اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك))
تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير عقبة بن مسلم.
قال الألباني رحمه الله:
رواه أبو داود والنسائي واللفظ له وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين
وعلق عليه بقوله حديث صحيح. (صحيح وضعيف سنن أبي داوود والنسائي)
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 05:33]ـ
جزاك الله خير ابوعمر
هل من مزيد إيضاح
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 05:42]ـ
ليست زيادة غير مشروعة أخي العزيز ..
بل هي فعلاً من أذكار دبر كل صلاة. فأين وجه الغرابة حفظك الله؟!
ـ[أبا الوليد]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 10:18]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو بردة]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 11:10]ـ
سبب الإشكال كلمة دبر
فالدبر في اللغة آخر الشئ وهذا بإجماع
لكن اختلفوا فيه هل هو المتصل بالشئ أم الذي يأتي بعده وعقبه فيكون منفصلاً عنه
وهذا يرجع الى السياق فبه يظهر المراد في الغالب
وحديث معاذ يحتمل هذا وهذا
أي يحتمل أنه من الأدعية داخل الصلاة قبل السلام
ويحتمل أنه بعد السلام وهذ ظاهر صنيع جمع من المصنفين كأبي داود وغيره حيث أوردوا الحديث ضمن الأحاديث الواردة في الأذكار عقب الصلاة
قال ابن القيم في الزاد
لا رِيبَ أَنّ عَامّةَ أَدْعِيَتِهِ الّتِي كَانَ يَدْعُو بِهَا، وَعَلّمَهَا الصّدّيقَ إنّمَا هِيَ فِي صُلْبِ الصّلَاةِ وَأَمّا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: لَا تَنْسَ أَنْ تَقُولَ دُبُرَ كُلّ صَلَاةٍ: اللّهُمّ أَعِنّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِك، وَحُسْنِ عِبَادَتِك فَدُبُرُ الصّلَاةِ يُرَادُ بِهِ آخِرُهَا قَبْلَ السّلَامِ مِنْهَا، كَدُبُرِ الْحَيَوَانِ وَيُرَادُ بِهِ مَا بَعْدَ السّلَامِ كَقَوْلِهِ تُسَبّحُونَ اللّهَ وَتُكَبّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلّ صَلَاةٍ الْحَدِيثُ. وَاَللّهُ أَعْلَمُ
وظاهر كلام ابن تيمية في الفتاوى أنه يرى أن حديث معاذ يقال قبل السلام لا بعدها
والأمر في ذلك واسع ولله الحمد
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 02:43]ـ
جزاكم الله خير السكران
وابوبردة على التوضيح
والحمد لله اذا الامر واسع(/)
كراهة تحديد ايام الصيام التطوع عند مالك
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[16 - Aug-2009, مساء 09:55]ـ
نقل الباجي عن الإمام مالك كراهة تحديد ايام الصيام كل شهر كصوم الايام البيض مثلا و الاثنين و الخميس و غيرها، قال صاحب الذخيرة وكره مالك تخصيص وسط الشهر بصوم.
قال الحافظ في الفتح "وقال شيخنا في " شرح الترمذي ": حاصل الخلاف في تعيين البيض تسعة أقوال: أحدها: لا تتعين بل يكره تعيينها، وهذا عن مالك"(/)
تحذير المسافرين من إقامة الجمعة.
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[17 - Aug-2009, صباحاً 06:00]ـ
السلام عليكم
انتشر عند بعض طلبة العلم أنهم يقيمون الجمعة بأنفسهم في السفر أو إذا خرجوا نزهة في الصحراء أو عسكروا في مكان بعيد عن أوطانهم أقاموا الجمعة أيضا. ومن شروط صحة الجمعة الاستيطان إضافة إلى الإقامة، وبينهما فرق.
وقد أفتى العلماء ومنهم ابن باز ببطلان صلاتهم وعليهم أن يصلوا الظهر فقط. وعلى هذا المذاهب الأربعة وخالفهم ابن حزم.
تنبيه: هناك فرق بين أن يلتحق المسافرون بمسجد في مدينة أو قرية فيصلوا فيه الجمعة وبين أن يقيموا الجمعة بأنفسهم. في حال الالتحاق صلاتهم صحيحة. والله أعلم.
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 06:44]ـ
جزاكم الله خير ع هذه الفائدة
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 08:51]ـ
تحذير!!!
هذه مصادرة للرأي الآخر وليس من فقه الخلاف ولا هدى السلف في الخلاف في المسائل الفقهية
ينظر هنا
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20399
يرجى تغيير العنوان
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 09:37]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
لكن لو قلت: خالف ابن حزم الإجماع.
الرابط عن القيمة في زكاة الفطر وليس عن الجمعة
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 11:43]ـ
.... الرابط عن القيمة في زكاة الفطر وليس عن الجمعة
نعم أخى الفاضل
ولكن الشاهد هو احترام السلف للرأي الآخر وهو إخراج زكاة الفطر نقوداً والمخالف يخالف فيها الجمهور والأدلة القوية في المسألة
أما عن مسألة الجمعة في السفر فكلام ابن حزم في المشارلاكة التالية وهو قول له أدلة قوية
وليس الغرض هنا نصر قوله بل بيان أن الخلاف معتبر في المسألة
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:06]ـ
المحلى: 523 - مسألة - وسواء فيما ذكرنا - من وجوب الجمعة - المسافر في سفره،
والعبد، والحر، والمقيم، وكل من ذكرنا يكون اماما فيها، راتبا وغير راتب، ويصليها المسجونون، والمختفون ركعتين في جماعة بخطبة كسائر الناس، وتصلى في كل قرية صغرت أم كبرت، كان هنالك سلطان أو لم يكن، وان صليت الجمعة في مسجدين في القرية فصاعدا جاز ذلك * ورأى أبو حنيفة ومالك والشافعي أن لاجمعة على عبدو لا مسافر.
* واحتج لهم من قلدهم في ذلك بآثار واهية لا تصح: أحدها مرسل، والثانى فيه هريم وهو مجهول والثالث فيه الحكم بن عمرو، وضرار بن عمرو، وهما مجهولان ولا يحل الاحتجاج بمثل هذا *
ولو شئنا لعارضناهم بما رويناه من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال: (بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه في سفر، وخطبهم يتوكأ على عصا) ولكننا والله الحمد
في غنى بالصحيح عما لا يصح * واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهر في صلاة الظهر بعرفة، وكان يوم جمعة * قال على: وهذه جرأة عظيمة! وما روى قط أحد أنه عليه السلام لم يجهر فيها، والقاطع بذلك كاذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، قد قفا مالا علم به * وقد قال عطاء وغيره: إن وافق يوم عرفة يوم جمعة جهر الامام * قال على: ولا خلاف في أنه عليه السلام خطب وصلى ركعتين وهذه صفة صلاة الجمعة، وحتى لو صح لهم أنه عليه السلام لم يجهر لما كان لهم في ذلك حجة أصلا، لان الجهر ليس فرضا، ومن أسر في صلاة جهر أو جهر في صلاة سر فصلاته تامة، لما قد ذكرنا قبل * ولجأ بعضهم إلى دعوى الاجماع على ذلك وهذا مكان هان فيه الكذب على مدعيه * وروينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال: من ادعى الاجماع كذب * حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا احمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الخشنى، قال ابن وضاح: ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع، وقال محمد بن عبد السلام الخشنى: ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدى، ثم اتفق وكيع، وعبد الرحمن كلاهما عن شعبة عن عطاء بن أبى ميمونة عن أبى رافع عن أبى هريرة: أنهم كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن الجمعة وهم بالبحرين؟ فكتب إليهم: أن جمعوا حيثما كنتم، وقال وكيع: انه كتب * وعن أبى بكر بن ابى شيبة: ثنا أبو خالد الاحمر عن عبد الله بن يزيد قال: سألت سعيد ابن المسيب: على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء * وعن القعنبى عن داود بن
(يُتْبَعُ)
(/)
قيس سمعت عمرو بن شعيب وقيل له: يا أبا ابراهيم، على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء * فعم سعيد وعمر وكل من سمع النداء ولم يخصا عبدا ولا مسافرا من غيرهما * وعن عبد الرزاق عن سعيد بن السائب بن يسار ثنا صالح بن سعد المكى: أنه كان مع
عمر بن عبد العزيز وهو متبدى بالسويداء (1) في امارته على الحجاز، فحضرت الجمعة، فهيؤا
له مجلسا من البطحاء، ثم أذن المؤذن بالصلاة، فخرج إليهم عمر بن عبد العزيز، فجلس على ذلك المجلس، ثم أذنوا أذانا آخر، ثم خطبهم، ثم أقيمت الصلاة، فصلى بهم ركعتين وأعلن فيهما بالقراءة، ثم قال لهم: إن الامام يجمع حيثما كان * وعن الزهري مثل ذلك، وقال: إذ سئل عن المسافر يدخل قرية يوم الجمعة فينزل فيها؟ قال: إذا سمع الاذان فليشهد الجمعة * ومن طريق حماد بن سلمة عن أبى مكين عن عكرمة قال: إذا كانوا سبعة في سفر فجمعوا، يحمد الله ويثنى عليه ويخطب في الجمعة والاضحى والفطر * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: أيما عبد كان يؤدى الخراج فعليه ان يشهد الجمعة، فان لم يكن عليه خراج أو شغله عمل سيده.
فلا جمعة عليه * قال على: الفرق بين عبد عليه الخراج وبين عبد لاخراج عليه دعوى بلا برهان، فقد ظهر كذبهم في دعوى الاجماع * فلجؤا إلى ان قالوا: روى عن على بن أبى طالب: لاجمعة على مسافر * وعن أنس: أنه كان بنيسابور سنة أؤ سنتين فكان لا يجمع * وعن عبد الرحمن بن سمرة: انه كان بكابل شتوة أو شتوتين فكان لا يجمع * قال على: حصلنا من دعوى الاجماع على ثلاثة قد خالفتموهم أيضا، لان عبد الرحمن، وأنسا رضى الله عنهما كانا لا يجمعان، وهؤلاء يقولون: يجمع المسافر مع الناس ويجزئه، ورأى على أن يستخلف بالناس من يصلى بضعفائهم صلاة العيد في المسجد أربع ركعات، وهم لا يقولون: بهذا، وهذا عمربن الخطاب يرى الجمعة عموما * قال على: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسمعوا
إلى ذكر الله وذروا البيع) * قال على: فهذا خطاب لا يجوز أن يخرج منه مسافر ولا عبد بغير نص من رسول الله صلى اله عليه وسلم.
وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه وفعله أن صلاة الخوف ركعة * وأما امامة المسافر، والعبد في الجمعة فان أبا حنيفة، والشافعي، وأبا سليمان وأصحابهم قالوا: يجوز ذلك، ومنع مالك من ذلك: وهو خطأ، أول ذلك قوله: إن المسافر، والعبد إذا حضر الجمعة كانت لهما جمعة، فما الفرق بين هذا وبين جواز إمامتهما فيها مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وليؤمكم أكبركم) و (يؤم القوم أقرؤهم)؟ فلم يخص عليه السلام جمعة
من غيرها، ولا مسافرا، ولا عبدا من حر مقيم، ولا جاء قط عن أحد من الصحابة منع العبد من الامامة فيهما، بل قد صح أنه كان عبد لعثمان رضى الله عنه أسود مملوك أميرا له على الربذة يصلى خلفه أبو ذر رضي الله عنه وغيره من الصحابة الجمعة وغيرها، لان الربذة بها جمعة * وأما قولنا: كان هنالك سلطان أو لم يكن -: فالحاضرون من مخالفينا موافقون لنا في ذلك الا أبا حنيفة، وفى هذا خلاف قديم، وقد قلنا: لا يجوز تخصيص عموم أمر الله تعالى بالتجميع بغير نص جلى، ولا فرق بين الامام (1) في الجمعة والجماعة فيها وبين الامام (2) في سائر الصلوات والجماعة فيها، فمن أين وقع لهم رد الجمعة خاصة إلى السلطان دون غيرها؟ * وأما قولنا: تصلى الجمعة في أي قرية صغرت أم كبرت: فقد صح عن على رضى الله عنه: لا جمعلة ولا تشريق الا في مصر جامع، وقد ذكرنا خلاف عمر لذلك وخلافهم لعلى في غير ما قصة * وقال مالك: لا تكون الجمعة إلا في قرية متصلة البنيان * قال على: هذا تحديد لا دليل عليه، وهو أيضا فاسد، لان ثلاثة دور قرية متصلة
البنيان، والا فلا بدله من تحديد العدد الذى لا يقع اسم قربة على أقل منه، وهذا ما لا سبيل إليه * وقال بعض الحنيفيين: لو كان ذلك لكان النقل به متصلا * فيقال له: نعم قد كان ذلك، حتى قطعه المقلدون بضلالهم عن الحق، وقد شاهدنا جزيرة (ميورقة) (3) يجمعون في قراها، حتى قطع ذلك بعض المقلدين لمالك، وباء باثم النهى عن صلاة الجمعة.
* وروينا أن ابن عمر كان يمر على المياه وهم يجمعون فلا ينهاهم عن ذلك * وعن عمر بن عبد العزيز: أنه كان يأمر أهل المياه أن يجمعوا، ويأمر أهل كل قرية لا ينتقلون بأن يؤمر عليهم أمير يجمع بهم *
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقال لهم: لو كان قولكم حقا وصوابا لجاء به النقل المتواتر، ولما جاز أن يجعله ابن عمر، وقبله أبوه عمر، والزهرى وغيره، ولا حجة في قول قائل دون رسول الله صلى الله عليه وسلم * وأما قولنا: إن الجمعة جائزة في مسجدين فصاعدا في القرية -: فان أصحاب أبى حنيفة حكوا عن أبى يوسف: أنها لا تجزئ الجمعة إلا في موضع واحد من المصر، إلا أن يكون جانبان بينهما نهر، فيجزئ أن يجمع في كل جانب منهما * ورووا عن أبى حنيفة ومحمد بن الحسن وأبى يوسف ايضا: أن الجمعة تجزئ في موضعين في المصر، ولا تجزئ في ثلاثة مواضع * وكلا هذين المذهبين من السخف بحيث لا نهاية له لانه لا يعضدهما قرآن، ولا سنة، ولا قول صاحب، ولا إجماع، ولاقياس * وقد رووا عن محمد بن الحسن: أنها تجزئ في ثلاثة مواضع من المصر *
فان قالوا: صلى على العيد في المصلى واستخلف من صلى بالضعفاء في المسجد، فهما موضعان وهذا لا يقال: رأيا * قلنا لهم: فقولوا: انه لا تجزئ الجمعة الا في المصلى، وفى الجامع فقط، والا فقد خالفتموه، كما خالفتموه في هذا الخبر نفسه، إذ أمر رضى الله عنه الذى استخلف أن يصلى بهم العيد أربعا * فقلتم: هذا شاذ فيقال لكم: بل الشاذ هو الذى أجزتم، والمعروف هو الذى أنكرتم وما جعل الله تعالى آراء كم قياسا على الامة، ولا عيارا في دينه! وهلا قلتم: في هذا الخبر كما تقولون في خبر المصراة وغيره: هذا اعتراض على الآية لان الله تعالى عم الذين آمنوا بافتراض السعي إلى الجمعة، فصار تخصيصه اعتراضا على القرآن بخبر شاذ غير قوى النقل في أن ذلك لا يجب الا في مصر جامع؟! * ومنع مالك والشافعي من التجميع في موضعين في المصر * وراينا المنتسبين إلى مالك يحدون في أن لا بكون بين الجامعين أقل من ثلاثة أميال! وهذا عجب عجيب! ولا ندرى من أين جاء هذا التحديد؟ ولا كيف دخل في عقل ذى عقل حتى يجعله دينا؟ نعوذ بالله من الخذلان.
قال الله تعالى: (إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم) فلم يقل عزوجل: في موضع ولا موضعين ولا أقل، ولا أكثر (وما كان ربك نسيا) *.
فان قالوا: قد كان أهل العوالي يشهدون مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة * قلنا: نعم وقد كان اهل ذى الحليفة يجمعون معه أيضا عليه السلام، روينا ذلك من طريق الزهري.
ولا يلزم هذا عندكم، وقد كانوا يشهدون معه عليه السلام سائر الصلوات، ولم يكن ذلك دليلا على أن سائر قومهم لا يصلون الجماعات في مساجدهم، ولم يأت قط نص بأنهم كانوا لا يجمعون سائر قومهم في مساجدهم، ولا يحدون هذا أبدا *
ومن البرهان القاطع على صحة قولنا: أن الله تعالى انما افترض في القرآن السمى إلى صلاة الجمعة إذا نودى لها، لاقبل ذلك وبالضرورة أن من كان على نحو نصف ميل أو ثلثى ميل لا يدرك الصلاة أصلا إذا راح إليها في الوقت الذى أمره الله تعالى بالرواح إليها، فصح ضرورة أنه لابد لكل طائفة من مسجد يجمعون فيه إذا راحوا إليه في الوقت الذى أمروا بالرواح إليه فيه أدركوا الخطبة والصلاة، ومن قال: غير هذا فقد أوجب الرواح حين ليس بواجب، وهذا تناقص وايجاب ما ليس عندهم واجبا * ومن أعظم البرهان عليهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المدينة وانما هي قرى صغار مفرقة، بنو مالك بن النجار في قريتهم حوالى دورهم اموالهم ونخلهم، وبنو عدى بن النجار في دارهم كذلك، وبنو مازن بن النجار كذلك، وبنو سالم كذلك، وبنو ساعدة كذلك، وبنو الحارث بن الخزرج كذلك وبنو عمرو بن عوف كذلك، وبنو عبد الاشهل كذلك، وسائر بطون الانصار كذلك، فبنى مسجده في بنى مالك بن النجار، وجمع فيه في قرية ليست بالكبيرة، ولا مصر هنا لك، فبطل قول من ادعى أن لاجمعة إلا في مصر، وهذا امر لا يجهله أحد لا مؤمن ولا كافر، بل هو نقل الكواف من شرق الارض إلى غربها.
وبالله تعالى التوفيق * وقول عمربن الخطاب: (حيثما كنتم) اباحة للتجميع في جميع المساجد * وروينا عن عمرو بن دينار أنه قال: إذا كان المسجد تجمع فيه للصلاة فلتصل فيه الجمعة * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج: قلت لعطاء بن ابى رباح: ارأيت اهل البصرة لا يسعهم المسجد الاكبر؟، كيف يصنعون؟ قال: لكل قوم مسجد يجمعون فيه ثم يجزئ ذلك عنهم.
وهو قول أبى سليمان، وبه نأخذ *
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 06:20]ـ
جزاك الله خيرا. بالنسبة للعنوان لا أعرف كيف أغيره. لكن نأتي للمسألة:
أدلة الجمهور واضحة وكثيرة ذكرها الموفق وغيره.
أدلة ابن حزم تتلخص 1 - بمرسل ضعيف كما ذكر هو رحمه الله.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بعرفة.
3 - عموم أدلة الأمر بالجمعة.
الجواب: أما المرسل فهو ضعيف، بل منكر لمخالفته فعل النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح أنه لم يكن يجمع في سفر.
2 - النبي عليه الصلاة والسلام صلى الظهر والعصر بعرفة ولم يصل الجمعة كما ذكر ذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو أعلم - يقينا - من ابن حزم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
3 - الأدلة العامة مخصوصة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل السلف.
ولا أعلم أحدا سبق ابن حزم إلى كلامه هذا. وعليه فخلافه غير معتبر. أرجو أن تذكر لي أحدا من السلف قال بذلك ولك مني الدعاء والشكر.
وفقك الله لما يحب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 06:49]ـ
ما عليه سلف الأمة وجماهيرها من الأئمة الأربعة _ وأتباعهم _ وغيرهم؛ أن المسافر لا يصلي جمعة.
والله تعالى أعلم
ـ[ابو بردة]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 11:09]ـ
السؤال المهم
على رأي الجمهور القائلين بعدم إقامة الجمعة في السفر
لو أقامها جماعة كبيرة في السفر
هل الصلاة باطلة في هذه الحالة
فيلزمهم إعادتها ظهراً مقصورة
السؤال الآخر أيضاً
هل الجمهور جعلوا الاستيطان شرط وجوب أم شرط صحّة فعلى الأول تصح وعلى الثاني لا تصح
والسؤالان مرتبطان ببعضهما
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 12:33]ـ
اختلفوا في ذلك على قولين كما أشرت حفظك الله أخي الفاضل (أبا بردة) .. أصحهما وهو الصواب أنه (شرط وجوب).
قال الزركشي رحمه الله تعالى: (فالمسافر والعبد والمرأة لا تجب عليهم الجمعة ولا تنعقد بهم ولا تصح إمامتهم فيها؛ وتصح منهم إجماعاً؛ لأن السقوط عنهم رخصة، فأما الاستيطان والوطن والعدد فشروط أيضاً للإنعقاد والوجوب على المكلف بنفسه).
والله أعلم
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 08:25]ـ
... ولا أعلم أحدا سبق ابن حزم إلى كلامه هذا. وعليه فخلافه غير معتبر. أرجو أن تذكر لي أحدا من السلف قال بذلك ولك مني الدعاء والشكر.
وفقك الله لما يحب
ذكر ابن حزم موافقون له في كلامه أعلاه من السلف وعليه فدليل الإجماع في المسألة يحتاج البحث عن ثبوته وهل هناك مخالف وهل الإجماع من جنس عدم العلم بالمخالف أو إجماع يقيني لعصر الصحابة.
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 05:23]ـ
استخرج لي من كلامه اسمين فقط مع نص كلامهما. جزاك الله خيرا
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 05:34]ـ
اختلفوا في ذلك على قولين كما أشرت حفظك الله أخي الفاضل (أبا بردة) .. أصحهما وهو الصواب أنه (شرط وجوب).
قال الزركشي رحمه الله تعالى: (فالمسافر والعبد والمرأة لا تجب عليهم الجمعة ولا تنعقد بهم ولا تصح إمامتهم فيها؛ وتصح منهم إجماعاً؛ لأن السقوط عنهم رخصة، فأما الاستيطان والوطن والعدد فشروط أيضاً للإنعقاد والوجوب على المكلف بنفسه).
والله أعلم
وفقك الله. لكن لم يختلفوا - أي المذاهب الأربعة - أيضا أن الاستيطان والإقامة شرط صحة أيضا، ولو قرأت كلام الزركشي بعده بقليل وكذلك كلام الفقهاء في المذاهب الأربعة لرأيتهم يذكرون شروط صحة صلاة الجمعة: الاستيطان والإقامة. قال صاحب زاد المستقنع ما نصه: " (فصل) يشترط لصحتها شروطٌ ......... الثالث: أن يكونوا بقرية مستوطنين ".
هدانا الله للحق.
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 05:41]ـ
فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى - (8/ 225)
لفتوى رقم (13632)
س: ذهبت أنا وزميل لي إلى منطقة صحراوية يسكنها بعض أهل البادية الرحل، وذلك للدعوة، وقد أقمنا عندهم أكثر من شهر، ونحن نعلم أنه لا تجب عليهم صلاة الجمعة، إلا أنه حصل عندنا شك في صحتها إذا أقمناها. وقد صلينا بهم الجمعة مدة شهر، وهدفنا أن يتعلموا كيفيتها ويستفيدوا من خطبتها، وكان فعلنا هذا على أنه جائز وليس بواجب، وسؤالي: هل صلاتنا الجمعة فيهم صحيحة؟ أم أن الجمعة لا تصح في مثل هذه الظروف؟ وإذا كانت لا تصح فهل علينا إعادة الصلاة ظهرا في الجمع التي سبق أن صليناها؟ أرجو التوضيح والبيان الوافي في ذلك، غفر الله لكم، وأعظم مثوبتكم.
ج: الاستيطان شرط في صحة إقامة صلاة الجمعة عند عامة أهل العلم، وليس في ذلك إلا خلاف شاذ لا يعول عليه، فعليكم أن تعيدوها ظهرا، وأن تبلغوا الجماعة الذين صليتم بهم أن يعيدوها ظهرا مع التوبة والاستغفار من الإقدام على عمل ليس لديكم فيه علم يعتمد عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى
قلت: فإن قيل: فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب.
فالجواب: ليست هذه القاعدة في أمور العبادات؛ " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فو رد ". فهو صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة في سفر فكيف تصح بعد ذلك!!
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 10:46]ـ
أحسن الله إليك أخي الكر يم ..
بل اختلفوا رحمك الله، فالحنابلة والحنفية والشافعية على المذهب عندهم أنها للصحة _ وخالف البعض في ذلك منهم_، والمالكية لهم فيها قولان.
ولا تخفاني المسألة رعاك الله، والصحيح من أقوال أهل العلم فيها = أنها للوجوب، ومن صلاها في السفر تقبل منه.
بل وردت عدة أحداث وآثار تدل على هذا. فتأمل
أعد مراجعة كتب أهل المذاهب المعتبرة حفظك الله وستجد صحة كلامي.
ولا يلزم من كونه صلى الله عليه وسلم لم يصلها في السفر أنها تحرم ولا تصح أبداً فيه، بل غايته عليه الصلاة والسلام تعليم الناس وبيان أن هذه هي الرخصة فيها.
وكتب أهل العلم مليئة بتقرير هذه المسألة وتوضيحها، وليست المسألة مسألة فتوى معروضة، ففي كلٍ خير.
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 11:57]ـ
والفيصل في هذا أخي الكريم _ وهو الذي يقرره الزركشي رحمه الله فيما نقلته عنه من كلامه السابق، وغيره من المحققين _: أن الاستيطان يدخل فيه الشرطين في حالتين:
الأولى: استيطان البلد _ أي: كون البلد مستوطَنَة _ شرطٌ في صحتها.
الثاني: استيطان الشخص نفسه _ أي: عزمه على الإقامة في البلد _ شرطٌ في الوجوب.
والحاصل = أن استيطان بَلَدِها _ أي: كون البلد مستوطنَةً _ شرط صحة، واستيطان الشخص في نفسه شرط وجوب.
وهذا على رأي الزركشي رحمه الله وأكثر المالكية وبعض أهل العلم.
وإلا فيه من قال أنه شرط للوجوب على الإطلاق.
والله تعالى أعلم
ـ[واحد من الشباب]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 02:09]ـ
ذهبنا مع بعض الشباب في سفرة وصلينا الجمعة في المسجد هل هذا صحيح؟
أم الخلاف في إقامة الجمعة بأنفسهم ..
وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الجمعة في سفره وكذلك هل ورد أنه أقامها مع أصحابه .. ؟
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 03:12]ـ
استخرج لي من كلامه اسمين فقط مع نص كلامهما. جزاك الله خيرا
وعن أبى بكر بن ابى شيبة: ثنا أبو خالد الاحمر عن عبد الله بن يزيد قال: سألت سعيد ابن المسيب: على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء * وعن القعنبى عن داود بن قيس سمعت عمرو بن شعيب وقيل له: يا أبا ابراهيم، على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء * فعم سعيد وعمر وكل من سمع النداء ولم يخصا عبدا ولا مسافرا من غيرهما * وعن عبد الرزاق عن سعيد بن السائب بن يسار ثنا صالح بن سعد المكى: أنه كان مع
عمر بن عبد العزيز وهو متبدى بالسويداء (1) في امارته على الحجاز، فحضرت الجمعة، فهيؤا
له مجلسا من البطحاء، ثم أذن المؤذن بالصلاة، فخرج إليهم عمر بن عبد العزيز، فجلس على ذلك المجلس، ثم أذنوا أذانا آخر، ثم خطبهم، ثم أقيمت الصلاة، فصلى بهم ركعتين وأعلن فيهما بالقراءة، ثم قال لهم: إن الامام يجمع حيثما كان * وعن الزهري مثل ذلك، وقال: إذ سئل عن المسافر يدخل قرية يوم الجمعة فينزل فيها؟ قال: إذا سمع الاذان فليشهد الجمعة * ومن طريق حماد بن سلمة عن أبى مكين عن عكرمة قال: إذا كانوا سبعة في سفر فجمعوا، يحمد الله ويثنى عليه ويخطب في الجمعة والاضحى والفطر
... هام
قول هؤلاء لو ثبت ليس حجة والحجة في الوحيين أو إجماع الصحابة عنده ولكن ذكرهما ابن حزم استشهاداً واستئناساً وليس عنده قول الصحابي أو آحاد السلف حجة.
وأقوى حجة لديه هي عموم الآية بإقامة الجمعة وعدم وجود الدليل المخصص
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 04:20]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 04:41]ـ
أحسن الله إليك أخي الكر يم ..
بل اختلفوا رحمك الله، فالحنابلة والحنفية والشافعية على المذهب عندهم أنها للصحة _ وخالف البعض في ذلك منهم_، والمالكية لهم فيها قولان.
ولا تخفاني المسألة رعاك الله، والصحيح من أقوال أهل العلم فيها = أنها للوجوب، ومن صلاها في السفر تقبل منه.
بل وردت عدة أحداث وآثار تدل على هذا. فتأمل
أعد مراجعة كتب أهل المذاهب المعتبرة حفظك الله وستجد صحة كلامي.
ولا يلزم من كونه صلى الله عليه وسلم لم يصلها في السفر أنها تحرم ولا تصح أبداً فيه، بل غايته عليه الصلاة والسلام تعليم الناس وبيان أن هذه هي الرخصة فيها.
وكتب أهل العلم مليئة بتقرير هذه المسألة وتوضيحها، وليست المسألة مسألة فتوى معروضة، ففي كلٍ خير.
والله تعالى أعلم
جزاك الله خيرا
حبذا لو ذكرت المراجع والصفحات(/)
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يشدد النكير على مستخدمي السماعات الخارجية في جميع الصلوات
ـ[فرحان بن سميح العنزي]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 05:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
قال الشيخ رحمه الله في (جلسات رمضانية عام 1411، الشريط الأول، الوجه الثاني، الدقيقة 28:25):
ومن هنا نأخذ خطأ أولئك الذين يصلون في المنارة. الآن بعض الناس في المنارة يفتح الميكرفون على المنارة وهو يصلي الفريضة أو النافلة، هذا لا شك أنهم مخطئون وأنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة لأنهم يؤذون من حولهم، يؤذون أهل البيوت. يمكن بعض الناس من النساء تحب أن تصلي في بيتها وهذا الميكرفون يشوش عليها ما يخليها تصلي. ربما فيه أناس في البيوت يحتاجون إلى نوم وراحة لمرض أو غير مرض فيشوش عليهم هذا الصوت ويزعجهم ويقلقهم. في المساجد التي حوله أيضا يشوش عليهم.
ولقد حدثت أن بعض الناس في المساجد القريبة تكون قراءة الجار (المسجد الذي هو جار لمسجدهم) تكون قراءة الإمام جيدة، إلقاء طيب، وصوت جميل فينسجمون معه ويتركون إمامهم، فإذا قال المسجد المجاور و (لا الضالين) قال هؤلاء: (آمين). أحيانا ربما ويرفعون معه. هذا من أعظم الجناية على الناس.
ولهذا أنا أرجو منكم إذا سمعتم مسجدا على هذا أن تنصحونه. تنصحون لله. وتقولون إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الحكم بيننا وبينك فهذا كلامه لأصحابه، قال: لا يؤذين بعضكم بعضا بالقراءة. هذا كلام النبي، هو الحكم عليه الصلاة والسلام (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) نحن لا نعارضك بعقولنا حتى تقول أنا عندي عقل مثلكم، نعارضك بنص واضح. وأنت تؤذي، لا أحد يشك في أذيته. ثم أي نتيجة تحصل بذلك؟ ما هي النتيجة، هل هو يصلي للناس الذين خارج المسجد أو لأهل المسجد؟ لأهل المسجد. فأي نتيجة في هذا؟
إذا كنت محتاجا إلى استعمال الميكرفون من أجل أنه ينشطك فاستعمله داخليا. داخليا فقط وفيه بركة. على إني أنا أحب أن الإمام لا يجعل شيئا يتكئ عليه في النشاط في القراءة بل يجعل النشاط في القراءة أمرا ذاتيا من نفسه. ما يعتمد على ميكرفون أو غيره. يجعل نفسه تتعود يجب يرفع الصوت ويحسن النغمة بقدر الاستطاعة حتى لا يعتمد على نغمة الصوت، صوت مكبر الصوت.
ثم إن فيه ضررا أيضا من ناحية ثانية كما احتج عندي بعض الناس بالإقامة في المنارة. بعض الناس الآن إذا أراد أن يقيم-وهم كثير- يقيمون بالمنارة، يقولون هذه الإقامة أفسدت علينا أولادنا، إذا قلنا: قم للصلاة. قال: ما بعد أقام. فإذا أقام ذهب يتوضأ وفاته بعض الصلاة أو كل الصلاة. فكانوا يشتكون من هذا ولكني أنا ما أحببت أن أجيب على شكواهم. قلت إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم الإقامة فأمشوا إلى الصلاة وهذا يدل على أن الإقامة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم تسمع من خارج المسجد، فلا أستطيع أن أنهى عن شيء قد تكون السنة دلت على جوازه. الصلاة أضر وأضر لأن من يسمع صوت الإمام وهو يصلي يقول: هذه أول ركعة .......... ، والصلاة تدرك بركعة.قال الثاني لا يا أخي: الصلاة تدرك بتكبيرة الإحرام قبل أن يسلم، فيه قول لبعض العلماء إن الإنسان إذا أدرك تكبيرة الإحرام فقد أدرك الصلاة. اصبر إذا ما بقي إلا تكبيرة الإحرام قبل السلام دخلنا فيفوتون الصلاة عليهم. إذا ففيها ضرر حتى على الناس أنهم ينتظرون آخر ركعة ويحضرون. فإذا لا فائدة بل مضرة على من اراد الصلاة في هذا المسجد ومضرة على المساجد الأخرى ومضرة على الناس في بيوتهم.
وإذا أردنا أن نقول من الناحية الاقتصادية إن فيها مضرة أيضا وهي استهلاك الكهرباء. أنت قد تقول إن هذا ميكرفون بسيط، يعني عن لمبيتن أو ثلاث، لكن إذا كان في البلد مئة ميكرفون مثلا كم تكون الكمية؟ كبيرة. وبيت مال المسلمين محترم. لكن أنا أقول لا بأس إذا كان ينشط الإنسان إنه يستعمله في داخل المسجد ما فيه إن شاء الله بأس ولا ودنا نتحجر على الناس مرة، أما أن يجعله على المنارة فهذا لا شك أنه أذية على من حوله من المساجد ومن الأفراد في البيوت، وإذية على الناس أيضا من جهة الذين يريدون أن يصلوا معه ينتظرون آخر ركعة. انتهت الفتوى.
أقول وقد يدخل الشيطان على القاريء من باب الرياء، والرياء شديد الخفاء كما ثبت بذلك الخبر، وخصوصا إذا رافقت هذه القراءة محسنات صوتية من صدى وغيره مما يفسد القراءة وقد يخرجها عن الوجه الشرعي إلى الحرام.
وقد يقول بعض الإخوة الكرام إن هذا من باب تشجيع أهل الباطل الذين يستخدمون مثل هذه الفتاوى لمهاجمة أهل الخير، فأقول لهم إن الحق أحق أن يتبع والحكمة ضالة المؤمن. ويجب أن لا نجعل كلام مثل هؤلاء داعيا لنا للإخلال بعبادتنا، والله مطلع على النوايا والخفايا وسيحاسب كل إنسان على نيته. كما أن الاعتراف بالخطأ وتصحيحه من أعظم ما يغيظ الأعداء ويقطع حجتهم.
والله الموفق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
ما مستند الجمهور في كون النماء المتصل للبائع؟
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 07:19]ـ
ما مستند الجمهور في كون النماء المتصل للبائع؟
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 01:17]ـ
إخواني هل من معين؟!!!
مذهب الجمهور علي أن النماء المتصل في مدة الخيار للبائع!!
لكن اختار شيخ الاسلام أن النماء المتصل للمشتري ..
///لعموم قوله (ص) "الخراج بالضمان" ... لكن ما هي حجة الجمهور؟!!
ـ[ابو الفوائد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 06:37]ـ
الأدلة نظرية وتتضح بالمثال:
لو اشتريتُ منك شاة، وقلتُ: لي الخيار ثلاثة أيام.
فسمنت هذه الشاة خلال يمين، ثم بدا لي أن أفسخ البيع وأرد الشاة. هل أردها وآخذُ (أنا المشتري) عوضا عن هذه الزيادة أم لا.
الجواب (على قول الجمهور): لا يجوز لي أن آخذ عوضا؛ لأن هذه الزيادة متصلة ويشق فصلها وتقديرها، ولأنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا.
ـ[حمد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 06:42]ـ
وأما النماء المتصل كالسمن، فإنه يتبع العين مع الفسخ لتعذر انفصاله
http://209.85.229.132/search?q=cache:OFN3NzTxSxgJ:ib n-jebreen.com/book.php%3Fcat%3D7%26book%3D79 %26toc%3D5170%26page%3D4643%26 subid%3D33105+%22%D8%A7%D9%84% D9%86%D9%85%D8%A7%D8%A1+%D8%A7 %D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B5%D9%84 +%D9%87%D9%88+%D9%84%D9%84%D8% A8%D8%A7%D8%A6%D8%B9%22&cd=10&hl=ar&ct=clnk&gl=sa(/)
سؤال يبتغي إجابة .. ولكن عاجلة جدا ً لو تكرمتم ..
ـ[الراجية رحمة الله وعفوه]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 10:33]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماحكم صيام يوم الخميس المقبل علينا بإذن الله (علماً بأنه قد يكون يوم الجمعة أول أيام رمضان والله تعالى أعلم) .. لمن اعتاد صيام الاثنين والخميس طوال العام؟
ـ[الراجية رحمة الله وعفوه]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 11:53]ـ
لله دركم أريد إجابة رحمنا الله وإياكم
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:14]ـ
وعليكم السلام روحمة الله وبركاته ..
الحمد لله وحده، والسلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
إن كان الحال والعادة كما في السؤال المطروح رحمك الله؛ فصيامه صحيح لا حظر فيه، ولا يكون والحالة هذه ممن يدخل في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، بل قد اتى في بعض طرق الحديث إجابة سؤالك رحمك الله.
والله تعالى أعلم
ـ[أبوغصن]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:36]ـ
وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان، إلا في حالين:
الأولى: من كانت له عادة بالصيام، ومثال من له عادة: أن يكون الرجل اعتاد أن يصوم يوم الاثنين والخميس -مثلاً-، فإنه يصومهما ولو كان ذلك في النصف الثاني من شعبان.
الثانية: إذا وصل النصف الثاني من شعبان بالنصف الأول.
بأن يبتدئ الصيام في النصف الأول من شعبان ويستمر صائما حتى يدخل رمضان، فهذا جائز.
فمن هذه الأحاديث:
ما روى البخاري (1914) مسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ).
وروى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا)
. صححه الألباني في صحيح الترمذي (590).
قال النووي:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) , فِيهِ التَّصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ اِسْتِقْبَال رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْم وَيَوْمَيْنِ , لِمَنْ لَمْ يُصَادِف عَادَة لَهُ أَوْ يَصِلهُ بِمَا قَبْله , فَإِنْ لَمْ يَصِلهُ وَلا صَادَفَ عَادَة فَهُوَ حَرَام اهـ
وروى الترمذي (686) والنسائي (2188) عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحافظ في فتح الباري:
اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم صَوْم يَوْمِ الشَّكِّ لأَنَّ الصَّحَابِيَّ لا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ اهـ
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال بسبب الغيم أو نحوه،
وسُمِّي يوم شك لأنه يحتمل أن يكون يوم الثلاثين من شعبان، ويحتمل أن يكون اليوم الأول من رمضان.
فيحرم صيامه إلا لمن وافق عادة صيامه.
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/ 400) عن حكم صيام يوم الشك:
وَأَمَّا إذَا صَامَهُ تَطَوُّعًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ بِأَنْ كَانَ عَادَتُهُ صَوْمَ الدَّهْرِ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ،
أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ جَازَ صَوْمُهُ بِلا خِلافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. . .
وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ)،
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ فَصَوْمُهُ حَرَامٌ اهـ بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لحديث: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ .. ):
واختلف العلماء رحمهم الله في هذا النهي هل هو نهي تحريم أو نهي كراهة؟
والصحيح أنه نهي تحريم، لاسيما اليوم الذي يشك فيه اهـ. شرح رياض الصالحين (3/ 394).
وعلى هذا يكون الصيام في النصف الثاني من شعبان على قسمين:
الأول: الصيام من اليوم السادس عشر إلى الثامن والعشرين، فهذا مكروه إلا لمن وافق عادته.
الثاني: صيام يوم الشك، أو قبل رمضان بيوم أو يومين، فهذا حرام إلا لمن وافق عادته.(/)
ما سبب اختلاف حكم تخضيب اللحية عن حكم اعفاءها
ـ[حمدان بن عبدالله]ــــــــ[17 - Aug-2009, مساء 10:43]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " وهذا عن تخضيب اللحية
وقال في اعفاءها: "خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب "
فالعلة في الحديث الأول مخالفة اليهود والنصارى وفي الثاني مخالفة المشركين.
وأن الاثنان من الشرائع الظاهرة.
مع ذلك لم يخضب جميع الصحابة لحاهم فلم يفهموا منه الوجوب، فهل يوجد دليل أنهم فهموا الوجوب من حديث الإعفاء أم أن عادتهم كانت الإعفاء لذلك لم ينقل عنهم حلقها، وإذا كانوا قد فهموا الوجوب فما وجه ذلك عند الأصوليين والعلة واحدة؟
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:19]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
باختصار شديد ..
لأنه في الأولى أتت نصوص تصرف الأمر عن الوجوب، بينما في الثاني فجميع النصوص دالة على الأمر، وهذا الأمر في الثاني لا يوجد ما يصرفه، ولم يصدر بصيغة الحث، فكان الفهم المراد منه = الوجوب _ طبعاً على الصحيح في ذلك؛ ولا عبرة بقول آخر غيره _.
والله تعالى أعلم
ـ[حمدان بن عبدالله]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:33]ـ
الأخ السكران التيمي
بارك الله فيك ولكن أشكل علي شيء في النصوص التي صرفت النصوص عن الوجوب وهو أنه كما أعرف أن:
1 - التخضيب لم يكن عادة عند العرب في ذلك الوقت بمعنى أنه كان هناك من يتركها ولا أدري إن نقل أن أحدا فعلها قبل البعثة.
2 - أن إعفاء اللحية كان أمرا معروفا عند العرب فلم نسمع عن عربي كان يقص لحيته ولو كان ذلك لكان من الشاذ بخلاف التخضيب.
فإذا فهم الصحابة رضي الله عنهم أن كلا الأمرين للاستحباب فسترى أن منهم رضي الله عنهم من سيخصب لحيته ومنهم من من لم يخضبها كما نقل لأنها في الأساس لم تكن مخضبة كلها، وكذلك لو فهموا أن الأمر بالإعفاء للاستحباب ففي الغالب لن ترى أحدا منهم يترك الإعفاء لأن العادة إعفاءها فوافقت العادة في ذاك الوقت المستحب - فرضا - فلم يكن هناك حاجة لترك الإعفاء.
فلم أجد دليلا في حد علمي وفهمي على أن الصحابة فهموا أن حكم التخضيب يختلف عن حكم الإعفاء لأن الثاني وافق العادة أصلا فلم نستطع الحكم من خلال هذا الصارف لأننا لا ندري أءبقوا عليها معفاة لأن ذلك للوجوب أو لأنه عادة ومستحب وحينها سنعود للحديث وللتخضيب فالصيغتان متشابهتان والعلة واحدة وفهم من التخضيب الاستحباب وهذا ما نستطيع الجزم به أما الصارف الذي ذكرته بارك الله فيك فلا نستطيع الحكم منه لأنه يحتمل كلا الامرين يحتمل كون الاعفاء مستحب وافق عادتهم فأبقوها كما هي ويحتمل أن الوجوب وافق العادة فكان تركها للوجوب لا للعادة.
هذا الإشكال الذي لدي وأرجوا من الإخوة الإفادة.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:51]ـ
بل كان التخضيب معروفاً عندهم، ودليله الحديث الذي ورد فيه دخول ثلاثة أصناف على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قد غيروا البياض: أما الأول فقد خضب بالكتم، وأما الثاني فبالكتم والحناء، وأما الثالث فبالصفرة، وكل ما دخل واحد منهما مدحه على الذي قبله، ولم يكن سبق منه أمر بذلك بل هي على العادة السابقة للناس.
بخلاف اللحية؛ فلا يسوغ أن نقول أن إعفاءها عادة لا ينكر على من لم يعفها، لأن النصوص كما قلت لك لا تسعف هذا الرأي.
والله أعلم
ـ[حمدان بن عبدالله]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:55]ـ
بل كان التخضيب معروفاً عندهم، ودليله الحديث الذي ورد فيه دخول ثلاثة أصناف على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قد غيروا البياض: أما الأول فقد خضب بالكتم، وأما الثاني فبالكتم والحناء، وأما الثالث فبالصفرة، وكل ما دخل واحد منهما مدحه على الذي قبله، ولم يكن سبق منه أمر بذلك بل هي على العادة السابقة للناس.
بخلاف اللحية؛ فلا يسوغ أن نقول أن إعفاءها عادة لا ينكر على من لم يعفها، لأن النصوص كما قلت لك لا تسعف هذا الرأي.
والله أعلم
بارك الله فيك أرجوا أن تتحملني. فقد عدلت في المشاركة السابقة وأرجوا أن ترى التعديل
واذا كان التخضيب معروفا فهل كان عاما بمعنى أن كل العرب تفعله إلا من شذ منهم. وهل كانت اللحية عامة في العرب بمعنى أن كل العرب تعفيها إلا من شذ منهم؟
فإذا كان التخضيب ليس عاما وهو الظاهر لي صح صرفنا الحكم في التخضيب للاستحباب لأن كل الصحابة لم يفعلوه.
أما اللحية فإذا كانت عامة يعفيها العرب جميعا فلا يصح الصارف لأنه كان موجودا قبل وبعد الأمر ولم ندري أفهموها على الاستحباب أو الوجوب.
أرجوا يا أخي الفاضل أن لا تأخذ كلامي من باب التقرير والإخبار ولكن من باب التساؤل.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 12:59]ـ
أما بالنسبة للخضاب؛ فنعم كل العرب تفعله إلا من لم يرد ذلك، كحال أبي قحافة. لأنه ليس من مسائل الإنكار.
أما بالنسبة للحية فقبل البعثة نعم؛ كانت شعاراً للرجولة والفحولة، وبعد البعثة قررت فكانت شعاراً دينياً وانصبغت بصبغة شرعية، فكان الخطاب الوارد فيها قد حولها من كونها عادة إلى كونها عبادة. فتأمل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمدان بن عبدالله]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 01:07]ـ
أما بالنسبة للخضاب؛ فنعم كل العرب تفعله إلا من لم يرد ذلك، كحال أبي قحافة. لأنه ليس من مسائل الإنكار.
أما بالنسبة للحية فقبل البعثة نعم؛ كانت شعاراً للرجولة والفحولة، وبعد البعثة قررت فكانت شعاراً دينياً وانصبغت بصبغة شرعية، فكان الخطاب الوارد فيها قد حولها من كونها عادة إلى كونها عبادة. فتأمل
لا أخالفك أخي في كونها تحولت من عادة إلى عبادة ولكن هل اصبحت عبادة واجبة او عبادة مستحبة هذا السؤال بارك الله فيك.
وكذلك التخضيب اذا كان عادة فقد تحول من كونه عادة إلى عبادة مستحبة. فما الفرق بين الاثنين ومن اين استدل اهل العلم على فهم الصحابة للوجوب
بارك الله فيك على تحملك لي ولاسئلتي
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 01:39]ـ
أخبرتك أخي (حمدان) عن الجواب في أول مشاركة، فأعد النظر فيه رحمك الله.
ـ[حمدان بن عبدالله]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 01:46]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل وجزاك الله خيرا. لكن ألا يصح أن يقال أن الأمرين مترابطين وإذا صرف أحدهما صارف فيشمل الأمر المرتبط به حيث أنهما مشتركان في العلة والأول معطوف على الثاني؟
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 02:08]ـ
غفر الله لك يا (أبا عبد الله) ..
لا يلزم رحمك الله من اشتراك العلة اشتراك الحكم حتى يقاس هذا على هذا، فالعلة يختلف الحكم بسببها بحسب فحوى الخطاب.
فليس الخطاب المتوجه في إغفاء اللحية كالخطاب الموجه في تغيير لون الشعر، وهو ما يعرف بالقرينة الصارفة رعاك الله.
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 02:42]ـ
فتوى للشيخ سليمان الماجد – القاضي بمحكمة الرياض
http://www.salmajed.com/ar/node/4173 (http://www.salmajed.com/ar/node/4173)
س: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. هناك رجل يأخذ بقولكم في الأخذ من اللحية، فيجعل لحيته خفيفة جداً ـ رقم أربعة ـ ويحتج بقوله: أهم شي ظهور السواد ولو كانت خفيفة؛ فما رأيكم ونصيحتكم؟
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. الأخذ من اللحية: فهو جائز في قول جماهير السلف والخلف، ونص عليه فقهاء المذاهب الأربعة، وقد أخذ منها ابن عمر وأبو هريرة بمحضر من الصحابة والتابعين دون أن يُنقل نكير، والأولى أن يكون بقدر القبضة فقط خروجاً من الخلاف. والله أعلم. اهـ
جمهور الفقهاء من أحناف ومالكية وحنابلة وقول عند الشافعية على وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها والكلام في هذه المسألة قليل جدا في كتب الفقه المذهبية والمستقلة وذلك لأنه لم يكن بهم حاجة للخوض في هذه المسألة لأن المجتمع كله-تقريبا-كان ملتحيا عادة أكثر منه عبادة فلم تكن بهم حاجة لحلقها.
,من المعروف أن المعتمد عند الشافعية كراهية حلق اللحية لا حرمته.
ذكر ذلك شيخا المذهب الشافعي: الإمام النووي والإمام الرافعي، وأقرهم عليه المتأخرون كابن حجر الهيتمي والرملي وهما عمدة من جاء بعدهم في الفتوى على المذهب.
وانظر كلام الرملي في الفتاوى المطبوعة بهامش فتاوى ابن حجر 4/ 69:
(باب العقيقة) (سئل) هل يحرم حلق الذقن ونتفها أو لا؟ (فأجاب) بأن حلق لحية الرجل ونتفها مكروه لا حرام , وقول الحليمي في منهاجه لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه ضعيف.
,والقول بالكراهة لحلق اللحية صرح به في كتاب الشهادات البجيرمي في حاشيته على شرح الخطيب لمتن أبي شجاع في الفقه الشافعي.
,وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى كما في شرح مسلم (1/ 154 (:”يكره حلقها وقصها وتحريقها أما الأخذ من طولها وعرضها فحسن“.
, وقد قال شطا الدمياطي في حاشيته النفيسة في المذهب “إعانة الطالبين” 2/ 240 عند قول الشارح (ويحرم حلق اللحية) ما نصه:
” المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام _ أي القاضي زكريا الأنصاري كما هو اصطلاح المتأخرين _ وابن حجر في التحفة والرملي والخطيب _ أي الشربيني _ وغيرهم الكراهة.”
,وأما فتاوى العلماء المعاصرين فأغلب علماء السعودية على حرمة حلقها –وفتاواهم في ذلك أشهر من أن تذكر- ولكن الغريب أنه لا تنشر الفتاوى الأخرى المبيحة أو الكارهة فقط لحلقها, وكذلك لا تنشر فتاوى من حرم حلقها في الظروف العادية ورخص في حلقها في ظروف استثنائية
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول الدكتور القرضاوي-رئيس اتحاد العماء المسلمين و رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء و البحوث-:
نرى أن في حلق اللحية ثلاثة أقول: قول بالتحريم وهو الذي ذكره ابن تيمية وغيره. وقول بالكراهة وهو الذي ذكر في الفتح عن عياض ولم يذكر غيره. وقول بالإباحة وهو الذي يقول به بعض علماء العصر. ولعل أوسطها أقربها وأعدلها -وهو القول بالكراهة- فإن الأمر لا يدل على الوجوب جزما وإن علل بمخالفة الكفار، وأقرب مثل على ذلك هو الأمر بصبغ الشيب مخالفة لليهود والنصارى، فإن بعض الصحابة لم يصبغوا، فدل على أن الأمر للاستحباب.
صحيح أنه لم ينقل عن أحد من السلف حلق اللحية، ولعل ذلك لأنه لم تكن بهم حاجة لحلقها وهي عادتهم. والله أعلم.
,ويقول الشيخ فيصل مولوي-نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء-:
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة وهو قول في مذهب الشافعية، إلى حرمة حلق اللحية لأنه مخالف للأمر النبوي بالإعفاء، والأصح في مذهب الشافعية أن حلق اللحية مكروه، وقال كثير من العلماء المعاصرين إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحى وتوفيرها إنما يُحمل على الاستحباب وليس الوجوب، لذلك لم يجدوا شيئاً في حلق اللحية، وقالوا إنما هي من الأفعال العادية للرسول صلى الله عليه وسلم وليست من الأمور التعبدية الشرعية، والحق أن النهي عن حلق اللحية جاء في عدد من النصوص الصريحة الواضحة التي لا خلاف فيها. وإنما قيس على أمره صلى الله عليه وسلم بالتخضب أي صبغ الشعر، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب مخالفة لليهود والنصارى، وثبت أن بعض الصحابة خضب وبعضهم لم يخضب، وفهموا من أمر النبي الاستحباب وليس الوجوب، أما في موضوع اللحية فإنه لم ينقل عن واحد من السلف حلق اللحية، ولعل ذلك يرجع إلى عدم حاجتهم إلى حلقها وأنها عادتهم، أما إن كان هناك خوف على دين المسلم أو ماله أو نفسه أو عرضه، فإنها تكون ضرورة عند جميع المذاهب والضرورات تبيح المحظورات.
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 02:47]ـ
,ويقول الشيخ عطية صقر-رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا ومن كبار علماء الأزهر الشريف-:
سؤال: تتمسك بعض الجماعات بإعفاء اللحية، وترمي من يخالف ذلك بالفسق وعدم الإئتمام به في الصلاة، فما رأي الدين في ذلك؟
الجواب: اللحية هي الشعر النابت على الذقن خاصة، وهي مجمع اللحيين، وهما العظمان اللذان تنيت عليهما الأسنان السفلي. والعارضان هما صفحتا الخد.
وإعفاء اللحية –أي تركها بدون حلق- فرط فيه جماعة وأفرطوا في عيب الآخرين، كما أفرط في التمسك بإعفائها جماعة وفرطوا في احترام الآخرين. والدين لا يقر مسلك الطرفين، ذلك أن القدر المتفق عليه بين الفقهاء أن إعفاءها مطلوب، لكنهم اختلفوا في درجة الطلب مع مراعاة علة الحكم وهي مخالفة المشركين، فقال جماعة بوجوب إعفائها، وقال جماعة بالندب، ومعلوم أن الواجب ما يثاب المرء على فعله ويعاقب على تركه، والمندوب ما يثاب المرء على فعله ولا يعاقب على تركه.
فالقائلون بوجوب إعفائها استدلوا بحديث الصحيحين “خالفوا المشركين، وفروا اللحى، واحفوا الشوارب” واللحى بكسر اللام –وقد تضم- جمع لحية. فحملوا الأمر هنا على الوجوب. والقائلون بندب إعفائها استندوا إلى حديث مسلم “عشرة من الفطرة:، قص الشارب وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم –جم برجمة بضم الباء والجيم وهي عقد الأصابع ومفاصلها- ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء” يعني الاستنجاء، قال مصعب: ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة. فقالوا: إن إعفاء اللحية شأنه شأن الأمور المذكورة في الحديث، وليست كلها واجبة، كالسواك والاستنشاق وقص الأظافر، فلماذا لا يكون إعفاؤها مندوبًا؟ ولا يحتج عليهم بأن إعفاء اللحية ورد فيه أمر مخصوص معلل بمخالفة المشركين، وهذه المخالفة تصرف الأمر للوجوب ولا يحتج عليهم بذلك لأن الأمر عندهم في الحديث هو للندب لا للوجوب، ومخالفة المشركين لا تصرف الأمر للوجوب، لأنه لو كانت كل مخالفة للمشركين واجبة لوجب صبغ الشعر الذي ورد فيه الحديث الذي رواه الجماعة “إن اليهود لا يصبغون فخالفوهم” وقد أجمع السلف على عدم وجوب صبغ الشعر، فقد صبغ بعض ولم يصبغ بعض آخر كما قاله ابن حجر في فتح الباري.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالأمر هو للإرشاد فقط، وهو لا يفيد الوجوب في كل حال، وفي شرح النووي لصحيح مسلم “ج14 ص80? ما نصه: قال القاضي –عياض- قال الطبراني: الصواب أن الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب وبالنهي عنه كلها صحيحة وليس فيها تناقض، بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة، والنهي لمن له شمط فقط. قال: واختلاف السلف في فصل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك، مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب بالإجماع، ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض خلافه في ذلك. ا هـ.
ولهذا قال بعض العلماء: لو قيل في اللحية ما قيل في الصبغ من عدم الخروج على المألوف من عرف أهل البلد لكان أولى، بل لو تركت هذه المسألة وما أشبهها مما ليس فيه قربة ولا يحصل منه ضرر للشخص ولا لغيره –لو تركت لظروف الإنسان وتقديره ونيته ما كان في ذلك بأس. جاء في كتاب نهج البلاغة “ج2 ص141? سئل علي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: “غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود” فقال: إنما قال النبي ذلك والدين قل، فأما الآن وقد اتسع نطاقه وضرب بجرانه فامرؤ وما يختار.
جاء في فتاوى الشيخ محمود شلتوت “ص 210? أن الأمر كما يكون للوجوب يكون لمجرد الإرشاد إلى ما هو أفضل، وأن مشابهة المخالفين في الدين إنما تحرم فيما يقصد فيه التشبه من خصالهم الدينية، أما مجرد المشابهة فيما تجري به العادات والأعراف العامة فإنه لا بأس بها ولا كراهة ولا حرمة. ثم قال: الحق أن أمر اللباس والهيئات الشخصية –ومنها حلق اللحى- من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة. ا هـ.
هذه هي الآراء، ولكل مسلم أن يختار منها ما يطمئن إليه قلبه، وإن كنت أرى أن أدلة الطلب قوية وأن القول بالوجوب هو قول جمهور الفقهاء فهو أرجح، وعليه فمن أعفى لحيته يطمئن إلى ثوابه، ومن حلقها لا يجزم بعقابه.
وأنصح بعدم التعصب وحدة الخلاف في هذا الموضوع. إلى الدرجة التي تكون فيها مقاطعة وخصام واحتقار وعدم اقتداء في الصلاة، فالحرمة ليس مجمعًا عليها من الفقهاء، وليست بالقدر الذي حرمت به السرقة والربا والرشوة وما إلى ذلك من الأمور التي يجب أن نوجه إليها اهتمامنا لنطهر أنفسنا ومجتمعنا منها، ولندخر قوانا الفكرية والعصبية والنفسية للوقت الذي ينادينا فيه ديننا للنهوض بأهله وتخليصهم من تحكم العدو فيهم، فذلك جهاد لا ينقطع إلى يوم القيامة.
,ويقول الدكتور/محمد سيد أحمد المسير-أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر-:
اختلف العلماء في حكم إطلاق اللحية، والذي نراه ونطمئن إليه أنها سنة تُفعل عند المقدرة وعدم الموانع، ويستطيع كل إنسان أن ينوي إطلاقها إذا كان غير مطلقٍ لها، ويتخير الوقت المناسب لإطلاقها إذا كان يجد في مجتمعه أو بيئته بعض الموانع والمضار، وليس الأمر يتوقف على المظهر وحده إنما نحن في حاجة إلى مخبر ومظهر، وإلى عقيدة وسلوك ولا ينبغي أن تكون مثل هذه الموضوعات المتعلقة باللحية أو الثوب القصير أو الإسبال مصادر خلافات ومنازعات، فإن قضايا الإسلام أعمق من ذلك كله، وهناك أولويات في فقه الدعوة يجب أن نراعيها حتى لا تتبدد الجهود ونستهلك الوقت والعقل فيما لا طائلة من ورائه، والله أعلم.
ويقول الشيخ عبد الرزاق القطان -مقرِّر هيئة الفتوى والرقابة الشرعيَّة ببيت التمويل الكويتي-:
اللحية معدودة في السنن المؤكدة عند جمهور العلماء، على خلاف في ذلك بين موجب وغير موجب، مع أنه لم ير بعض الفقهاء شيئاً في حلقها لغير عذر.
وأما حلقها لعذر؛ سواء كان بدنياً من مرض حساسية مثلاً، أو غيره، أو كان عذراً عاماً: كمتطلبات مهنة، أو متطلبات أمن، فإن حالقها معذور.
وأما طولها؛ فليس فيه نص يوجب حدًّا معيناً؛ لأن التوجيه في الحديث إلي مطلق الترك. ومعلوم أن من ترك لحيته، ولو شيئا يسيراً؛ فهو يقع في مفهوم مطلقي اللحية، إلا أنه ثبت أن لحية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانت على عادة أهل زمانه عظيمة وافرة، وكذلك كانت لحى أصحابه (رضوان الله عليهم).
وقد ورد أن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) كان إذا فرغ من موسم الحج قبض بيده على لحيته، ثم أخذ ما زاد عن ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
على أنه ينبغي التنبه إلي قضية هامة، وهي أنه لا يمكن إلزام جميع المسلمين بقول واحد في المسائل الخلافية، كما أنه لا يجوز أن يشنع المسلم على الآخرين إذا خالفوه في مسائل الخلاف.
ولا يليق أن يضيع المسلم جهده وجهد غيره في مسائل خلافية، بينما لا تفرق قذائف اليهود الغاصبين بين صاحب لحية أو حالقها، ولا تخاطب البرامج الهدامة أصحاب اللحى أو حالقي اللحية. فعلينا أن نجعل همنا في التقريب والتأليف بين المسلمين، والتصدي صفًّا واحداً أمام مكائد الأعداء. والله تعالى أعلم.
,ويقول فريق من الباحثين:
وردت أحاديث كثيرة في أمر بإحفاء الشارب وإعفاء اللحية مقروناً بالأمر بمخالفة المشركين أو المجوس أو اليهود والنصارى كحديث ابن عمر مرفوعاً (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) متفق عليه وجاء في اللحية (اعفوا أوفوا وأرخوا وارجوا ووفروا) ومعناها كلها تركها على حالها.
ومع ذلك فقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في الأخذ من اللحية أو نتفها أو حلقها أو إطلاقها دون أخذ منها، وما بين منكر لنتفها أو حلقها وجعل ذلك بدعة محرمة وبين مجيز لذلك وجعله من سنن الفطرة التي هي من المستحبات أو المكروهات ومنهم من قال هي سنة واجبة ومنهم من جعلها سنة مؤكدة ومنهم من جعلها من المستحبات ومنهم من جعلها من سنن العادات- عادت القوم والبيئة- ومنهم من جعلها من خصائص النبي.
وكل هؤلاء علماء مجتهدون على مختلف العصور، ولم ينكر بعضهم على بعض اجتهادهم وإنما قبلوا هذا الاختلاف الذي هو نوع اختلاف التنوع وليس التضاد.
وهذا الخلاف ناتج من فهم العلماء للأمر في الحديث; فالحديث يشتمل على نوعين من الأمور: الأمر الأول بمخالفة المشركين وهذا الأمر يفيد الوجوب حتماً لأن الكثير من الآيات والأحاديث شددت في ذلك وتوعدت عمن لا يخالفهم تديناً كما سردها ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم. أما الأمر الآخر فهو مخالفتهم في بعض السمات والمظاهر كاللحية والشارب. فهل الأمر الأخير ينزل كالأول منزلة الوجوب أم أن للندب أم للعادة أم للإشادة. هذا هو مناط الإختلاف بين العلماء،.
ولكي نحرر موضع النزاع هذا ننظر إلى أقوال العلماء فيما شابه هذا الحديث، فقد وردت أحاديث أخرى فيها الأمران معاً الأول بالمخالفة والأخر بتعيين صفة ما لتحقيق هذه المخالفة، مثل حديث أبن عباس مرفوعاً وأن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود، وفى رواية للترمذي (وغيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود) ومع ذلك فقد اتفق الجميع على وجوب مخالفتهم خاصة في ما يتعلق بأمور دينهم، ولكن العلماء والصحابة والسلف الصالح قد اختلفوا في الخضاب وجنسه، فقال بعضهم ترك الخضاب أفضل، وبعض الصحابة خضب وأخرون لم يخضبوا.
وقال الطبري: واختلاف السلف في فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك مع أن الأمر والنهى في ذلك للوجوب بالإجماع، ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض (نيل الأوطار 1/ 141) وشرح النووي على مسلم (14/ 80).
وقال القاضي عياض: وقال غيره يعنى غير الطبري من العلماء- هو على حالين فمن كان في موضوع عادة أهل الصبغ أو تركه فخروجه عن العادة شهرة ومكره، والثاني أنه يختلف باختلاف نظافة الشيب، فمن كان شيبته تكون نقية احسن منها مصبوغة فالترك أولى ومن كانت شيبته تستبشع فالصبغ أولى.
وكذلك حديث الصلاة في النعال ومخالفة اليهود.
فلم يقل أحد بوجوب الصلاة في النعال وإن كان الجميع متفقون على وجوب المخالفة.
بل حديث اللحية نفسه، جمع اللحية والشارب معاً في مخرج واحد (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى) رواه أحمد ومسلم عن أبى هريرة (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) متفق عليه عن ابن عمر.
ومع ذلك فقد اختلف العلماء في تطبيقه، فكثير من السلف والكوفيين كأبي حنيفة وزفر وأبى يوسف ومحمد بن الحسن وكذلك أحمد وأصحاب الشافعي كالمزني والربيع المرادي كل هؤلاء ذهبوا إلى استئصال الشارب وحلقه لظاهر قوله (احفوا وانهكو) وذهب مالك وآخرون إلى منع الحلق والاستئصال، وكان مالك يرى تأديب من حلقه وروى عن ابن القاسم تلميذ مالك أنه قال (إحفاء الشارب مثله) وبعضهم يرى قص ما طال عن الشفتين، وهو ما اختاره مالك والنووي من المتأخرين، وفى رواية عن أحمد أنه ساوى بين الإحفاء والقص وما فيهما لا بأس.
(يُتْبَعُ)
(/)
راجع نيل الأوطار للشوكاني (1/ 138)
إذاً لماذا أختلف العلماء في فهم الأمر بإحفاء الشارب حتى قال بعضهم إن الإحفاء مُثْلَهَ وكلمة الإحفاء هي نص الحديث في إحدى الروايات، لعل ذلك راجع إلى العرف أو البيئة وفهم الأمر الذي هو عندهم للإرشاد كوسيلة من وسائل المخالفة وإلا ما اختلفوا هذا الاختلاف.
وفى مثل هذه الأحاديث عقب الأمر بالوصف المشتق المناسب وذلك دليل على أن مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع وهو العلة في هذا الحكم كما يقول ابن تيمية وغيره ويقول: ولهذا لما فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس في هذا وغيره كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبى من هدى المجوس، وضرب مثلاً بكراهة أحمد لحلق القفا لأنه من فعل المجوس وانزل المفهوم من حديث اللحية منزلة حديث صبغ الشيب فقال والتقرير من هذا الحديث شبيه بالتقرير من قوله (لا يصبغون فخالفوهم) (اقتضاء الصراط المستقيم/ 59)
وهذا هو الحق فكل أحاديث المخالفة تحتوى شقين:
الأول: وجوب المخالفة للمشركين في هديهم وما يتعلق بدينهم وعبادتهم وهذا لا خلاف فيه.
الثاني: الإرشاد إلى بعض الجوانب والمظاهر التي بها يحصل التميز وتظهر المخالفة ويمكن الجمع بين الأمرين بأنه على المسلم أن يأتي عملاً أو مظهراً أو سلوكاً يظهر منه التميز عن المشركين وليس شرطاً وجوب الامتثال بالمخالفة في اللحية أو الصبغ أو الصلاة في النعال، بدليل أن الصحابة كثير منهم لم يصبغوا ولم يصلوا في النعال ولم يلتزموا هيئة واحدة في الشارب بل روى مالك عن عمر أنه كان إذا غضب برم شاربه لذلك يقول الشيخ محمود شلتوت ونحن لو تمشينا مع التحريم لمجرد المشابهة في كل ما عرف عنهم من العادات والمظاهر الزمنية لوجب علينا الآن تحريم إعفاء اللحى لأن شأن الرهبان في سائر الأمم التي تخالف في الدين، ولوجب الحكم بالحرمة على لبس القبعة وبذلك تعود مسألتها جذعة (أصلية) بعد أن طوى الزمن صفحتها، وأخذت عن الناس مسلك الأعراف العامة التي لا تتصل بتدين ولا فسق ولا بإيمان وكفر.
ويقول: والحق أن أمر اللباس والهيئات الشخصية ومنها حلق اللحية من العادات التي ينبغي أن ينزل على استحسان البيئة فمن (وجدت) بيئته على استحسان شئ منها كان عليه أن يساير بيئته، وكان خروجه عما ألف الناس فيها شذوذاً عن البيئة راجح الفتاوى للشيخ شلتوت ص (129)
والحق أن الشيخ شلتوت يوضح ما ذهب إليه الإمام الطبري المجتهد من نحو ألف عام كما سبق.
تبقى هناك نقطتان هامتان:
الأولى: هناك من يأخذ بسنية اللحية وتوكيدها أو جوبها ولكن قد تَعرض له ظروف أو واجبات تدفعه إلى حلقها كأن يضار بسببها في معيشته وعمله وهو ملزم بالنفقة على بيته وأولاده فيصيبهم الضرر لذلك، فهنا يتعارض واجبان أو أن تتعارض مع القيام بمهام الدعوة الإسلامية والأمر بالمعروف النهى عن المنكر في بعض البلدان، لطبيعة المجتمع والنظم القائمة والوسائل المتاحة لتبليغ الدعوة وهنا أيضاً يتعارض واجبان.
وفى مثل هذه الحالة أو غيرها مقرر في الأصول أنه إذا تعارض واجبان قدم أوجبهما، ولا شك أن الأوجب هو ما أجمع العلماء على وجوبه دون خلاف كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والعمل لإقامة الدين ودولة الإسلام وكذلك النفقة على النفس والأولاد والأهل، والأقل وجوباً ما كان مختلفاً فيه بين الوجوب والتوكيد والاستحسان والندب والإرشاد والعرف.
وقد روى ابن كثير في تاريخه في فتح بيت المقدس أن صلاح الدين أمر جنوده أن يحلقوا لحاهم ويغيروا من ثيابهم وهيئتهم لخداع العدو ولمصلحة المسلمين ولم ينكر عليه أحد مع العلم بأن صلاح الدين كان عالماً محدثاً وكان في عصره مئات العلماء والأئمة ولم يؤثر عن أحدهم إنكار ذلك، بل ابن كثير يسوق هذا الخبر سياق المشيد بحكمة صلاح الدين وحسن تصرفه.
بل قديماً طلب النبي من نعيم بن مسعود كتم خبر إسلامه لمصلحة الدعوة، وفى القرآن (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه رجلاً أن يقول ربى الله…) الآية.
ولا شك أن كتم الإسلام والإيمان أشد من كتم مظهر من مظاهرهما بل سمح النبي لمحمد بن مسلمة وصحبه أن يذكروه ببعض سوء حين أمرهم بقتل كعب الأشراف اليهودي، وذلك من أجل أن يتمكنوا منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثانية: هناك بعض المتحمسين الذين لا يدركون دقائق العلم ولا يلمون بقول العلماء من السلف والخلف يسارعون بالإنكار على من خالف رأيهم بل يبدعونه ويضللونه ويكفرونه أحياناً لا لشئ إلا لمجرد خلافه لهم وقد يصل الحال إلى الخصومة والفرقة والتشتت والتنابز بالألقاب في الدروس وعلى المنابر.
وهؤلاء حتماً وقعوا في بدعتين عظيمتين:
البدعة الأولى: هي الإنكار على المخالف فيما اختلف فيه العلماء وفيما تطرق إليه الاحتمال والقاعدة الأصولية على أنه (ما اختلاف فيه لا إنكار فيه) وكذلك (ما يتطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال) والمأثور عن النبي والصحابة والسلف قبول الاختلاف في أمور كثيرة كقصة صلاة العصر في بنى قريظة وكذلك (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) وغير ذلك كثير وقول عمر بن عبد العزيز (اختلاف الأمة رحمة) وامتناع مالك عن جمع الناس على مذهب أو رأى واحد وقول الشافعي رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأى غيري خطأ يحتمل الصواب، وقول أبى حنيفة وأحمد إذا وافق قولي الحديث وإلا فاضربوا به عرض الحائط).
وإذاً الخلاف الفقهي أمر مقرر في الشريعة والتاريخ الإسلامي وفي عهد النبوة ورافض هذا الاختلاف مبتدع في الدين بدعة أصلية لا وكيل عليها إلا الانتصار للنفس واتباع ما تهوى الأنفس.
البدعة الثانية:
التخاصم والتفرق والتنابز بسبب هذا الاختلاف ورمى المخالف بالتبديع والتفسيق والتضليل والتكفير.
وهذا فيه شق لأمر الأمة خاصة في مثل الظروف التي يمر بها العالم الإسلامي اليوم من ضعف واستهداف من قبل أعدائه، فهم بذلك يسهلون العدو دورة، بدلاً من التآلف والتلاحم ووحدة الصف.
وقد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة تدعو إلى الوحدة وتحذر من التفرق وتتوعد من يعمل على تفريق الأمة واضعاً فهما.
(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ويحكم).
نخرج من هذا بأن اللحية أو حلقها من الأمور المختلف فيها- كما تقدم- ولذلك فمن أطلق لحيته أخذاً برأي من قال بوجوب إطلاقها- جزاه الله على فعله إحساناً ولكن لا يجوز له أن ينكر على من أخذ بالآراء الفقهية الأخرى أو رميه بالفسق أو الابتداع أو غيره لأنه يلزمه بذلك أن يرمى الصحابة والتابعين الذين أطالوا شواربهم أو حلقوها تماما أو تركوا الصبغ أو صلوا حفاة بأنهم مبتدعون أو واقعون في الحرام، وهذا خطر عظيم يقع فيه من لم يحيطوا بعموم المسائل. والله تعالى أعلى وأعلم.
وفي كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- الشهير (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) (176 - 177) في معرض حديثه عن مخالفة الكفار في الهدي الظاهر يقول رحمه الله وأجزل مثوبته:
(إن المخالفة لهم لا تكون إلا بعد ظهور الدين وعلوه كالجهاد وإلزامهم بالجزية والصغار فلما كان المسلمون في أول
الأمر ضعفاء لم يشرع المخالفة لهم فلما كمل الدين وظهر وعلا شرع ذلك ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والإطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة.
فأما في دار الإسلام والهجرة التي أعز الله فيها دينه وجعل على الكافرين بها الصغار والجزية: ففيها شرعت المخالفة وإذا ظهرت الموافقة والمخالفة لهم باختلاف الزمان ظهر حقيقة الأحاديث من هذا) أ. هـ.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 05:05]ـ
المعذرة منك أخي (عبد الجليل سعيد) ..
لكن لينتبه الإخوة ويحذروا ففي الكلام الذي نقله الأخ (عبد الجليل سعيد) حق وباطل، وغثٌ وسمين، فلا يؤخذ الكلام بالتسليم أبداً في مجمله، بل لا بد من تنقيحه وتدقيقه، ونخله وتصفيته، خاصة في فتاوى المعاصرين وآراءهم.
وقد بُين حكم هذه المسألة في غير هذا المقام الذي لا يحتمل ذكره هنا، وفيما ذكر هناك كفاية عنه هنا.
فقط احببنا التنبيه على النقولات، والله يهدي للحق وهو خير الحاكمين.
ـ[الشرح الممتع]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 05:41]ـ
الامر للواجب فإعفاء اللحية واجب لإمره عليه الصلاة والسلام إلا إذا وجد صارف ولا صارف هنا
وتغيير البياض أمر للوجوب لكن وجود صارف جعله مستحب وهو ُعدّ بلحيته صلى الله عليه وسلم شعرات بيضاء
س/
يقول: ما حكم حلق اللحى؟
ج /حرام، جاءت النصوص الكثيرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أكرموا)) ((وفروا)) ((أعفوا)) ونقل ابن حزم لأنه يقول: هل هي كبيرة أو صغيرة؟ نقل ابن حزم الإجماع على أن حلق اللحية كبيرة من كبائر الذنوب،
س/هل هي سنة أو واجبة؟
ج / نقول: واجبة وجوباً متأكداً
الشيخ عبدالكريم الخضير
والله أعلم وأحكم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 06:28]ـ
أخي العزيز (حمدان) .. سأعيد ترتيب الكلام بدقة أكثر حتى يتضح لك الأمر إن شاء الله، وحتى يكون حديثنا منصباً على أساس وصلب مداخلتك:
إعلم أخي الكريم أن خطاب الوضع _ وهو ما استفيد بواسطة نصب الشارع عَلَماً مُعَرِّفاً لحكمه؛ لتعذر معرفة خطابه في كل حال _ وهذا العَلَمُ المنصوب من الشارع له أصناف تؤدي بدورها إلى خطاب الوضع، والذي من خلالها نستنتج الحكم الشرعي.
ومن هذه الأصناف التي تؤدي إلى خطاب الوضع (العلة) وهي: ما أوجب الحكم الشرعي لا محالة، والذي هو عبارة عن مجموع مركب من: (مقتضى الحكم وشرطه ومحله وأهله)، ويدخل تحتها أيضاً: مقتضى الحكم وإن تخلف المقتضى لفوات شرط أو وجود مانع، كما يدخل تحتها: الحكمة.
ثم لتعلم رحمك الله أنه يجوز تعليل حكمين بعلة، لكن وفقاً لما سبق؛ لا يستلزم إتفاقهما في العلة إتفاقهما في الحكم الشرعي، بناءً على ما سبق فيما أوجب الحكم الشرعي.
واعلم أيضاً بوركت أن صيغة (افعل) ترد لمعانٍ عديدة فمنها:
1) الوجوب؛ كقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة}، وقوله عليه الصلاة والسلام: " .. وفروا اللحى .. ".
2) الندب؛ كقوله تعالى: {فكاتبوهم .. }، وقوله عليه الصلاة والسلام: " .. فخالفوهم".
والأمر المجرد عن قرينة يقتضي الوجوب على الصحيح الصواب والذي عليه جماهيرالعلماء، ولا ينصرف إلى الندب إلا بقرينة.
وعند النظر في أدلة إعفاء اللحية وجدناها أوامر مجردة، فحوى الخطاب فيها صريح، صدرت على وجه القطع والشدة والتغليظ، بعكس أدلة تغيير الشيب وصبغه فإننا وجدناها قد صرفت عن الوجوب بقرائن وليست قرينة، فمنها:
- صيغة الخطاب غير الجازمة، والمشعرة بالتخيير.
- أنه صلى الله عليه وسلم قد كان فيه شعرات بيضاء ومع ذلك لم يصبغ عليه الصلاة والسلام.
- أن في إيجاب الصبغ على من كثر شعره الأبيض مشقة، فليس كل احد بإمكانه إيجاد ما يخضب به، وفي هذا مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم في التيسير ورفع الحرج.
- النصوص الكثيرة في أنه عليه الصلاة والسلام كان يعجبه تغيير البياض لكن دون إيجاب.
وغير ذلك مما دل على صرف الأمر إلى الندب.
فلذلك قال الأصوليين: (وإذا صرف الأمر عن الوجوب؛ جاز الاحتجاج به في الندب والإباحة) وهو قول جمهور أهل العلم.
وفيما سبق ردٌ على قولك: (فلم أجد دليلا في حد علمي وفهمي على أن الصحابة فهموا أن حكم التخضيب يختلف عن حكمالإعفاء لأن الثاني وافق العادة أصلا فلم نستطع الحكم من خلال هذا الصارف لأننا لاندري أءبقوا عليها معفاة لأن ذلك للوجوب أو لأنه عادة ومستحب وحينها سنعود للحديثوللتخضيب فالصيغتان متشابهتان والعلة واحدة).
وأزيد أيضاً فأقول:
بل عرفوا وفهموا رضي الله عنهم مفهوم الخطاب في كلا الحالتين، فليس كل عادة توافق حكماً تكون هي موجبة ذلك الحكم، بل الحكم ثبت بالشرع وأتى مُقراً لهذه العادة، فأصبحت بذلك شرعية تترتب عليها حسنات وسيئات، وثواب وعقاب، بعكس العادة التي أتى الشرع بتقريرها لكن على وجه الندب والتحفيز، والحث والحض، لأنها من العادات السليمة الحسنة التي غفل عنها بعض الناس فناسب في الشرع التذكير بها على وجه الإستحباب والندب والإباحة، لا على وجه الإيجاب والإلزام.
فعرفنا من ذلك أن إبقاءهم لها بعد الأمر بها ليس لكونها عادة أبدا، بل لكونها شرعاً مأموراً به الآن.
ـ[حمدان بن عبدالله]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 08:49]ـ
جزاك الله خيرا أخي السكران التميمي على التوضيح.
وعندي سؤال: وهو عندما صرف حكم فعل التخضيب من الوجوب إلى الندب فهل هذا الصرف شامل لعلة التخضيب التي هي المخالفة أم هو غير شامل للعلة؟ مع بيان السبب بارك الله فيك.
وبصيغة أخرى هل الصارف يصرف حكم الفعل وعلته بمعنى أنه إذا وردت نفس العلة في حكم آخر قلنا أنه للندب لأن العلة صرفها صارف عن أن تكون علة موجبة، أم يصرف الصارف أحدهما فقط ولماذا؟
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:45]ـ
السلام عليكم
التشبه بالكفار ليس على مرتبة واحدة.
فمن التشبه ما يكون كفرا.
ومن التشبه ما يجب فيه المخالفة
ومنه التشبه ما تستحب فيه المخالفة.
وقد جاء ان النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالسحور لمخالفة اليهود , ومع ذلك لم يقل احد انه واجب وتاركه آثم , إذ المخالفة هنا مستحبة وليست واجبة , كمسألة الخضاب , ولبس النعال في الصلاة وماشابهها.
والله تعالى أعلم.
ـ[حارث البديع]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:56]ـ
أتى قول النبي (ص) بمخالفة المشر كين في اكثر من حديث
ك لبس النعال, والتخضيب, واكل السحور, ولبس السراويل,000000000
وكلها علقت بمخالفة المشركين
\ولم يقل احد من العلماء انها الوجوب
فالذي يقول بوجوبها (اللحية)
فبالبحث في ادلة اخرى.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:56]ـ
أحسن الله إليك أخي الفاضل (حمدان) ..
لا أخي الكريم، العلة باقية لا تغيرها القرينة الصارفة، لكن قد تنتفي لانتفاء سببها، وقد تتجدد في المحل، وهذه مسأئل أخرى.
الذي يهمنا هنا = أن العلة ثابتة لا تتغير، فهي موجب الحكم، لكن الذي يتغير كما سبق هو خطاب الوضع، أو فحوى الخطاب = وبالتالي الحكم الشرعي المستخرج.
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 12:09]ـ
المقصود ان في الاعتماد في الحكم على التشبه هو العلة ممتنع , لتنوع الحكم بذلك بين المنع والاستحباب.
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 09:02]ـ
أخي السكران التميمي أنا مع القائلين بوجوب إعفاء اللحية وعدم جواز التعرض لما دون القبضة ليس محاباة لك أو لغيرك ولكن الاستدلال فرض علي هذا القول هذا من جهة، ومن جهة أخرى فما نقلته أخي ليس مغالطة للإخوة حتى يحذر منه الإخوة بتلك الطريقة فما هكذا تورد الإبل يا أخي، وهدفي من تلك النقول ببساطة هو بيان أن في المسألة خلافا من القوة بمكان، وأنها ليست من المسائل التي يصنف فيها المخالف بحسب طول لحيته إلى شقي و سعيد، فقد يكون شقيا على مذهب و سعيد على مذهب آخر، وكما تعلمون فمسائل الإجتهاد لا إنكار فيها. فالأحرى بك أخي أن تجيب عن أدلة القوم لا أن تنسب قولي أن فيه غث وسمين، وحق وباطل فالمطلوب بيان الباطل ورده في إطار أدب الخلاف لا مصادرة لقول قائل.
أسأل الله أن يجمعني وإياك وجميع الإخوة و المسلمين في زمرة خير النبيين صلى الله عليه وسلم.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 11:47]ـ
الامر للواجب فإعفاء اللحية واجب لإمره عليه الصلاة والسلام إلا إذا وجد صارف ولا صارف هنا
وتغيير البياض أمر للوجوب لكن وجود صارف جعله مستحب وهو ُعدّ بلحيته صلى الله عليه وسلم شعرات بيضاء
س/
يقول: ما حكم حلق اللحى؟
ج /حرام، جاءت النصوص الكثيرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أكرموا)) ((وفروا)) ((أعفوا)) ونقل ابن حزم لأنه يقول: هل هي كبيرة أو صغيرة؟ نقل ابن حزم الإجماع على أن حلق اللحية كبيرة من كبائر الذنوب،
س/هل هي سنة أو واجبة؟
ج / نقول: واجبة وجوباً متأكداً
الشيخ عبدالكريم الخضير
والله أعلم وأحكم ..
الإجماع بعيد وإن نقله ابن حزم، بل لا سيما وأنه ابن حزم. (وأعلم أن فضيلة الشيخ عبدالكريم أعلم مني بهذا وإنما أراد الاستئناس بحكاية ابن حزم). ولو فرضنا وجود الإجماع لكان ظنياً لا قطعياً وقد فرق بينهما أهل العلم، وجعلوا الثاني هو الحجة لا الأول. وقضية الإسراف في حكاية الإجماعات قضية أفردتها بمشاركة خاصة، وخلاصة القول قد انسبك بعبارة شيخ الإسلام أن الإجماع المعتبر هو إجماع الصحابة والعهد القريب منهم مما اشتهر وذاع وتواتر وأما بعدهم فتفرق العلماء في الأمصار وتباعدت الأقطار. ومع وجوب إعفاء اللحية - وهو الأظهر - إلا أنها مربوطة بعلة منصوصة لا مستنبطة، والحكم يدور مع علّته وجوداً وعدماً لا سيما وأنها منصوصة والاعتبار بها أولى من الاعتبار بغيرها من العلل المتوهمة أو العلل المستنبطة، فهذه العلل أضعف مأخذاً من المنصوصة وهي علة المشابهة، والربط بالعلة الأظهر أولى من الربط بما هو أخفى وإن كان محتملاً، كما أن الربط بالعلة المنطوقة أولى من الربط بالعلة المستفادة من طريق المفهوم، ولا يخفى هذا على طالب علم أتقن أساسيات الأصول، وقد أشبعنا هذا الموضوع بالذات نقاشاً في مشاركات عدة في هذا المنتدى.(/)
حكم إقامة حزب إسلامي في دولة كافرة
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 02:57]ـ
يقول الدكتور سليمان محمد توبولياك أستاذ الشريعة
- أن الأقليات الإسلامية التى تعيش في الدول غير الإسلامية التي تطبق النظم الديمقراطية، هى تستند أصلا على التعددية الحزبية، والحزب في هذه الأنظمة هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على حقوق الأفراد الذين ينتمون إليه، وكل من لا حزب له لا يستطيع أن يحصل على حقوقه كاملة، والحقوق في الإسلام ضرورة، وكل ما يؤدي إلى تحقيقها فهو ضرورة، ومن هنا نقول إنه يجوز للمسلمين الذين يعيشون أقلية أن يؤسسوا حزبًا لهم.
2 - إن الإسلام يأمرنا بالاتحاد والتعاون على البر والتقوى، وإقامة الحزب تعد من أخص صور التعاون على البر والتقوى، وأهمها، لأنه عليه يعتمد ـ في معظم الدول ـ بقاء هذه الأقليات الإسلامية وتماسكها.
3 - إن القرآن الكريم يطالب المسلمين بإقامة الدين ونشر الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) سورة آل عمران:104).
وهذا يتطلب من الأقليات المسلمة أن تكون منظمة، لتتمكن من تحقيق هذا الهدف، ولا يمكنها أن تفعل ذلك في ديار الكفر، إلا إذا نظمت نفسها، ووحدت صفوفها، تحت لواء واحد وذلك هو الحزب.
4 - نستدل على ذلك بقاعدة: “وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب“
والواجب على جميع المسلمين بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيها أن يدعو إلى الإسلام، وأن يتصدوا لجميع مخططات الأعداء ومكائدهم، وأن يطالبوا بحقوقهم، ويحافظوا عليها، وذلك كله واجب على المسلم، وأفضل وسيلة لتحقيق ذلك هي إقامة الحزب في تلك المجتمعات، ومن هنا يكون ذلك واجبًا عليهم، لأن نظم تلك المجتمعات تقوم على الحزب، ومن له حزب يستطيع أن يكون له قوة ووجود في تلك المجتمعات.
وقاعدة ارتكاب أخف الضررين، فحتى لو سلمنا أن في إنشاء الحزب بعض المخالفة والضرر، إلا أننا نعتقد أن في عدم تأسيس الحزب ضررًا أكبر، حيث يهدد ذلك بقاء الإسلام والمسلمين في تلك البلاد، ويؤدي إلى ضياع الحقوق والحريات لهؤلاء المسلمين، ولذلك نرتكب الضرر الأخف لندفع الضرر الأكبر منه.
5 - صيانة الحقوق والحريات العامة، ولها في الشريعة الإسلامية منزلة عالية، فلقد رفع الإسلام هذه الحقوق إلى مستوى الحرمات”إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”، ولا يتأتي تحقيق مقصود الشارع في صيانة هذه الحقوق والحريات إلا بإنشاء هذه الأحزاب التي تحمي الناس من عسف السلطان وجور الحكام.
6 - إذا نظرنا إلى القوى المناوئة للإسلام، وجدناها تعمل في صورة جماعية وتكتلات وأحزاب وجبهات، ولا يقبل في ميزان الشرع ولا العقل أن يواجه الجهد الجماعي المنظم والمعد بكل أسباب القوة والمنعة بجهود فردية مصحوبة بالضعف والهزيمة والعشوائية، والحركة الفوضوية، والروح الاتكالية فالعمل الجماعي لا يفله إلا عمل جماعي مماثل، والقوة لا تفلها إلا القوة، والحديد لا يفله إلا الحديد، وقد قال الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدكم) (سورة الأنفال: 60)
7 - الواقع المشهود أكبر دليل على ذلك حيث يوجد حزب إسلامي في بريطانيا، وغيرها.
وهذه الأحزاب كان لها دور كبير في تنظيم ونهوض المسلمين هناك ونشر الوعي، وأعتقد أنه لو لم تكن الأحزاب موجودة لما حصل المسلمون في هذه الدول على ما حصلوا عليه.
8 - من المعروف في الإسلام أن الأحكام لم تشرع إلا لتحقيق مصالح العباد، في المعاش والمعاد، وأي حكم يخرج من المصلحة إلى المفسدة، أو من الحكمة إلى العبث، فليس من الشريعة في شيء فإذا قلنا بعدم جواز قيام الحزب الإسلامي في الدولة غير الإسلامية، لا شك في أن ذلك الحكم سيضع الناس في الحرج والخطر، حيث لم يعد يمكنهم أن يحافظوا على حقوقهم، وحرياتهم العامة، ويدافعوا عن كيانهم، مما يدل على أن ذلك الحكم يعارض الحكمة من تشريع الأحكام ـ كما ذكرنا ـ والشريعة جاءت أصلاً للتيسير على العباد وما جاءت لإيقاعهم في الحرج والضيق.
9 - كما أنه لا يوجد أي دليل يدل على تحريم الأحزاب خاصة إذا كانت هذه الأحزاب ملتزمة بالقواعد والضوابط الشرعية المقررة.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا عن حكم إقامة الأحزاب في حالة السماح لهم بذلك.
ويبقى الحكم في إقامة الحزب في الدولة غير الإسلامية هو الجواز على الأصل، بل قد يصل إلى الوجوب كما ذكرنا، ما دام الحزب ملتزمًا بالقواعد الشرعية ومنضبًطا بها.
ومن الأمور التي ينبغي على من يريد إقامة حزب أن يتقيد بما يلي
:
1 - أن يقوم هذا الحزب على أساس القرآن والسنة، لأن القيام على غير هذا الأساس باطل ومرفوض في الإسلام.
2 - أن يكون الهدف من إقامة هذا الحزب التعاون على البر والتقوى، والعمل لوجه الله تعالى، ممثلاً في الدفاع عن الإسلام من كل الشبهات التي توجه ضده، ومتمثلا في العمل في كل المجالات النافعة للمسلمين.
3 - أن يكون أساس هذا الحزب توحيد كلمة المسلمين في ذلك البلد على كلمة واحدة، قدر المستطاع، بغض النظر عن أصله، ولونه، ولغته وأن يحاول أن يصلح بين المسلمين إذا كان بينهم فرقة ومنافرة.
4 - لا يجوز تشكيل أي حزب آخر في ذلك البلد لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تفرقة المسلمين ومن ثم إلى إضعافهم وتمكين العدو منهم كما حدث في البوسنة قبيل الانتخابات إلا إذا انحرف هذا الحزب عن القرآن والسنة.
5 - أن يحاول من يريد تشكيل أي حزب أن يقيم علاقات مع المسلمين في غير بلده، ومع المسلمين في العالم الإسلامي، ليزيد الاهتمام والتآلف بين المسلمين لقوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) (سورة الحجرات:10)
6 - أن يحاول هذا الحزب أن لا يرتكب أخطاء الأحزاب الأخرى في العالم الإسلامي، وأن لا يفرق ويفاضل بين الناس حسب انتمائهم إلى الحزب أو عدمه.
بل عليهم أن يكونوا مع الحزب إذا كان على الحق، وأن ينتقدوه، ويحاولوا أن ينصحوا قيادته إذا انحرف، وجانب الصواب.
7 - يجب أن يكون هذا الحزب حزبًا إسلاميًا، لا علمانيًا، كما يقول الشيخ حسن الترابي: حركة توحيد تؤم كل مقاصد الحياة، فواهم من يقيسها على الأحزاب السياسية، أو يحسبها مشروع طلب السلطة، فإنما هي التزام شامل لهذا الدين الكامل الذي يوحد المعابد يوحد المقاصد: سياسة واقتصادًا، وسلماً وجهادًا، وثقافة واجتماعًا، وترويضًا وتعلمًا وصلاة ونسكًا، ومحيًا ومماتًا” والله تعالى أعلى وأعلم.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528622912 (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528622912)
مما يجب التنبيه عليه، ولا يحسن السكوت عنه هنا: ما يشيعه بعض الأفراد وبعض الفئات التي تحمل النسب الإسلامي، من أفكار تتعلق بهذا الجانب.
ومن ذلك ما صدر لبعضهم من حكم أو فتوى تجعل أي تكوين لجماعة، أو انتساب إليها عملا محرمًا، وابتداعًا في الدين لم يأذن به الله، سواء سميت هذه المؤسسة جماعة أو جمعية أو حزبًا، أو ما شئت من الأسماء والعناوين.
وهذه جرأة غريبة على دين الله، وتهجم على الشرع بغير بينة، وتحريم لما أحل الله بغير سلطان. فالأصل في الأشياء والتصرفات المتعلقة بعادات الناس ومعاملاتهم الإباحة. وتكوين الجماعات العاملة للإسلام منها.
بل الصواب أن تكوين هذه الجماعات مما توجبه نصوص الشرع العامة، وقواعده الكلية. فالله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2)، ويقول: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا). (آل عمران: 103).
والرسول – صلى الله عليه وسلم- يقول: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” (متفق عليه عن أبي موسى. ورواه أيضًا الترمذي والنسائي كما في صحيح الجامع الصغير 6654)، “يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار”. (رواه الترمذي في سننه من حديث ابن عمر).
(يُتْبَعُ)
(/)
والقاعدة الفقهية تقول: “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب“. ومن المؤكد أن خدمة الإسلام في هذا العصر، والمحافظة على كيان أمته، والعمل لإقامة دولته، لا يمكن أن يتم بجهود فردية متناثرة هنا وهناك، بل لا بد من عمل جماعي يضم القوى المتشتتة، والجهود المبعثرة والطاقات المعطلة، ويجند الجميع في صف منتظم، يعرف هدفه، ويحدد طريقه.
يؤكد هذا أن القوى المعادية للإسلام، والتي تعمل لأهداف أخرى، لا تعمل متفرقة، بل في صورة كتل قوية ومؤسسات جماعية كبرى، تملك أضخم القوى المادية والبشرية.
فكيف نواجهها فرادى متفرقين، والمعركة تقتضي رص الجميع في صف واحد، كما قال الله تعالى: (إِنَّاللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ). (الصف: 4)
إن العمل الجماعي لنصرة الإسلام، وتحرير أرضه، وتوحيد أمته، وإعلاء كلمته فريضة وضرورة. فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع، والعمل الجماعي يعني تكوين جماعات أو أحزاب تقوم بهذا الواجب.
جماعات من المسلمين لا جماعة المسلمين
هناك على النقيض من هذه الفكرة فكرة أخرى: ترى العمل الجماعي فريضة، وتحصر هذه الفريضة في جماعة معينة ترى أنها وحدها تمثل الحق الخالص، وما سواها هو الباطل: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ). (يونس: 32).
وبعبارة أخرى تصف هذه الفئة نفسها بأنها “جماعة المسلمين”، وليست مجرد “جماعة من المسلمين” وما دامت هي جماعة المسلمين فكل من فارقها فقد فارق الجماعة، وكل من لم يدخل فيها، فليس في جماعة المسلمين!
وكل ما جاء من أحاديث عن (الجماعة) ولزوم “الجماعة”، ومفارقة “الجماعة” تنزل على جماعتها.
وهذا النوع من الاستدلال، وتنزيل النصوص على غير ما جاءت له، باب شر على الأمة؛ لأنه يضع الأدلة في غير مواضعها.
ومن هؤلاء من يجعل الحق مع جماعته أو حزبه دون غيره، لمبررات موضوعية يسبغها على حزبه أو جماعته وحدها، وينفيها عمن سواها.
وكثيرًا ما يضع بعضهم أوصافًا فكرية وعملية، عقدية وخلقية، يحدد بها “جماعة الحق” أو “حزب الحق” لتنطبق على جماعته دون غيرها، وهذا نوع من التكلف والتعسف لا يقبله منطق العلم.
وثمة آخرون يجعلون التقدم الزمني هو المعيار الأوحد، فمن سبق غيره فهو الجدير بأن يكون هو صاحب الحق، أو محتكر الحق والحقيقة.
حتى زعم بعض الأحزاب في بعض البلاد الإسلامية أنه وحده يمثل الحق؛ لأنه الحزب الأول الذي أخذ زمام المبادرة، وكل حزب يشكل بعد ذلك يجب أن يلغي نفسه، ولا حق له في البقاء؛ لأن قبول الجماهير له بمثابة المبايعة له، وفي الحديث: “إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما”. (رواه أحمد ومسلم عن أبي سعيد كما في صحيح الجامع الصغير 421).
إن هذه الفتاوى الجاهلة الجريئة من أناس لم ترسخ أقدامهم في علوم الشريعة. هي التي تورد الأمة شر الموارد، وتوقعها في شر المهالك. ولقد قال بعض الفقهاء في العصور الماضية حين رأى فتاوى بعض من ينتسبون إلى العلم: لبعض من يفتي الناس اليوم أحق بالسجن من السرّاق! وذلك لأن السراق يفسدون دنيا الناس، وهؤلاء يفسدون عليهم دينهم.
فكيف لو رأى أولئك الفقهاء ما نقرؤه أو نسمع من فتاوى زماننا؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ويقول الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس ـ أستاذ الشريعة بالأردن ـ:
العمل للإسلام من خلال جماعة واجب شرعي .. على هذا قامت النصوص من الكتاب والسنة، فكما أن الكفر يُواجِه من خلال جماعة منظمة وتنظيمات قوية، يوالي بعضها بعضا لذا أوجب الإسلام على كل مسلم أن يواجه هذه التنظيمات الجاهلية بتنظيم قوي، يدافع عن الإسلام وعن أهل الإسلام .. وإذا لم يوجد هذا التنظيم فسيتعرّض المسلمون للفتنة في الدين؛ إذ يكون الكفار –الذين يوالي بعضهم بعضا، وينصر بعضهم بعضًا أقوى من المسلمين المتفرقين .. تأملي قوله تعالى: “والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”، أي عليكم أن تواجهوا الكفار بتنظيم تتم فيه الموالاة والنصرة فيما بينكم ضد أولئك الكفار، فإذا لم تفعلوا ذلك فقد كنتم سببًا في فتنة المسلمين عن دينهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ونجد أيضًا أن عمر يقول: “لا إسلام إلا بجماعة .. ولا جماعة إلا بإمارة .. ولا إمارة إلا بطاعة”، أي لا يتحقق الإسلام كما أراده الله إلا بجماعة، وهذه الجماعة الأصل فيها أن تكون لها قيادة -وهي الإمارة في قول عمر-، وأن تحدد العلاقة بين الجماعة وقيادتها على أساس الطاعة -وهذا هو التنظيم-؛ ولذلك نجد أن الإسلام يخاطب الهيئة الاجتماعية: قاتلوا .. اجلدوا (مع أن الذي يقوم بالجلد واحد) وقال: اقطعوا .. فخاطب الجماعة وأمرها؛ لأنها هي التي تمكّن الواحد من القطع أو الجلد
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالسعودية ما يلي:
وجود هذه الجماعات الإسلامية فيه خير للمسلمين، ولكن عليها أن تجتهد في إيضاح الحق مع دليله وأن لا تتنافر مع بعضها وأن تجتهد بالتعاون فيما بينها، وأن تحب إحداهما الأخرى، وتنصح لها وتنشر محاسنها وتحرص على ترك ما يشوش بينها وبين غيرها، ولا مانع أن تكون هناك جماعات إذا كانت تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وعليهم أن يترسموا طريق الحق ويطلبوه، وأن يسألوا أهل العلم فيما أشكل عليهم، وأن يتعاونوا مع الجماعات فيما ينفع المسلمين بالأدلة الشرعية، لا بالعنف ولا بالسخرية، ولكن بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن، وأن يكون السلف الصالح قدوتهم والحق دليلهم، وأن يهتموا بالعقيدة الصحيحة التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم.
وكل من هذه الفرق فيها حق وباطل، وخطأ وصواب، وبعضها أقرب إلى الحق والصواب وأكثر خير وأعمُّ نفعاً من بعض، فعليك أن تتعاون مع كل منها على ما معها من الحق وتنصح لها فيما تراه خطأ، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
كما أن كل من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية، إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكنهم تتفاوت درجاتهم قوةً وضعفاً بقدر إصابتهم للحق وعملهم به وخطئهم في فهم الأدلة والعمل. فأهداهم أسعدهم بالدليل فهماً وعملاً. فاعرف وجهات نظرهم، وكن مع أتبعهم للحق وألزمهم له، ولا تبخس الآخرين إخوتهم في الإسلام، فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق حيثما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل، فالحق رائد المؤمن، وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل. أ.هـ
خلاصة بحث الدكتور كمال مصري في الجماعات الإسلامي:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1120711347953&pagename=IslamOnline-Arabic-Daawa_Counsel/DaawaA/DaawaCounselingA
الخلاصة: (لمن أراد تفاصيل البحث عليه اتباع الرابط)
- جماعة المسلمين هي الأمَّة، أو السواد الأعظم من الأمَّة حسب اصطلاح الفقهاء.
- الجماعات الموجودة لا تستند في تأسيسها إلى نصوص السنَّة المطهَّرة الواردة في لزوم الجماعة ووجوب البيعة إلا على سبيل الاستئناس، وإنَّما استنادها إلى النصوص العامَّة التي تحضُّ على التعاون على البرِّ والتقوى، وتنهى عن الفشل والتنازع، وفي هذا السياق عليها أن تسعى بكلِّ طاقتها للتعاون والتكامل والتعاضد، والابتعاد كلَّ الابتعاد عن التقاتل والتنازع والتخاصم.
- البيعة المعقودة لهذه التجمُّعات بمثابة العقد، والطاعة لها تكون في حدود ما اتُّفِق عليه في هذا العقد، ويكون التحلُّل منها عند الاقتضاء بإنهاء هذا التعاقد.
- مفهوم الجماعة أو التجمُّع أشمل من مجرَّد ما تعورف عليه اليوم بـ”الجماعات الإسلاميَّة” بل يشمل كلَّ هيئةٍ أو مؤسَّسةٍ أو جمعيَّةٍ من هيئات ومؤسَّسات وجمعيَّات المجتمع يمكن خدمة الإسلام من خلالها، إذ خدمة الإسلام هو الغاية، والكيانات هي الوسيلة، فبأيِّ شكلٍ كانت تبقى وسيلة، مجرَّد وسيلة.
- إذا لم تكن هذه التجمُّعات هي جماعة المسلمين، فلا مانع من عمل المسلم في جماعةٍ أو في أكثر من تجمُّعٍ منها، والتزامه بها طالما حقَّق ذلك مصلحةً للأمَّة، وانتفى التعارض بينها أو أمكن الجمع بينها.
- اقتضت الضرورة الشرعيَّة الاجتماع لأداء بعض الفرائض التي لا يمكن أداؤها إلا بالاجتماع، وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب.
(يُتْبَعُ)
(/)
- إذا كان الأصل هو السعي من خلال تجمُّعٍ من هذه التجمُّعات القائمة إلى إيجاد جماعة المسلمين بالمعنى السياسيّ، فإنَّ بعض الناس لا يتسنَّى له أداء الدور إلا خارج هذه الأطر، أو تكون مصلحة العمل الإسلاميِّ في مكانة خارجها أغلب من المصلحة في لزومه لها، فهؤلاء يترجَّح في حقِّهم ما يحقِّق أكمل المصلحتين، وإذا عُرِف مقصود الشارع سُلِك في حصوله أوصل الطرق إليه.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله عزام ـ رحمه الله ـ
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528602242 (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528602242)
إذا كان هذا هو حال البشرية اليوم من الفساد، والانحلال والشقاء والضنك فالخلاص يمكن في تكوين جماعة إسلامية، تأمر بالمعروف، وتنهي عن المنكر، وتتحمل تكاليف الدعوة إلى الله.
1ـ قال الله عز وجل: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر” (آل عمران: 104).
واللام في (ولتكن) للأمر والأمر للوجوب.
2ـ وقال تعالى: “والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر” فلا بد من توفر هذه الصفات الأربع في النفس الناجية يوم القيامة.
ولذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة العصر بأنها تعدل ثلث القرآن فكلمتان فحسب لأنهما بينتا وجوب الدعوة، كانتا ثلث القرآن. فكل واحد في خسر إلا من كمل قوته العلمية بالإيمان بالله. وقوته العملية بطاعته، فهذا كماله في نفسه، ثم كمل غيره بوصيته له بذلك. وأمر به، وبملاك ذلك كله، وهو الصبر، فكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح بتعليمه إياه ووصيته بالصبر عليه.
ولهذا قال الشافعي رحمه الله: لو فكر الناس في سورة العصر لكفتهم فالله سبحانه لم يكتف منهم بمعرفة الحق والصبر عليه حتى يوصي بعضهم بعضًا ويرشده إليه، ويحثه عليه. فإن كان من عدا هؤلاء فهو من الخاسرين.
3ـ ويقول الله عز وجل: “قل إنني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدًا إلا بلاغًا من الله ورسالاته. ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدًا”. (سورة الجن: 23).
إذن فلا نجاة إلا بتبليغ دعوة الله إلى الناس.
4ـ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتزام الجماعة:
عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس: إني قمت فيكم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فقال: أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة.
ويجب أن تلاحظ أن الجماعة هم أهل العلم المتقون الذين ذكرهم الله في الآية: “أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب”. (الزمر: 9).
وكما يقول ابن مسعود: ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم الخشية قال تعالى: “إنما يخشى الله من عباده العلماء”. (سورة فاطر: 28).
5ـ الجنة ثمن التزام الجماعة:
وما أجمل التعبير النبوي “من أرد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة“.
ولقد حدد الحديث أن المراد بالجماعة هم الملتقون في الله، والمؤتلفون على دينه مهما كان عدد الجماعة ضئيلاً، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. وأشد ما تكون حاجة الناس إلى الجماعة عندما يعم الفساد ويطغى الباطل كما وصف أول الحديث الشريف.
6ـ حكم العمل في جماعة
وعلى هذا فالعمل في جماعة لإعادة حكم الله في الأرض فرض لازم وفي عنق كل مسلم، لأن معظم تكاليف هذا الدين جماعية ولا يستطيع المسلم أن يمارس دينه كما يريد الله إلا في مجتمع مسلم.
وكذلك ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإعادة الخلافة والأمانة على الأرض، فرض فالعمل من أجل قيامها فرض.
يقول تعالى: “إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون” المائدة 55.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالولاية، والنصرة والبيعة إنما تكون في الله ومع المؤمنين.
قال تعالى: “والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”. الأنفال 73.
أي إن لم يتول المؤمنين بعضهم بعضا كما يتكالب الكفار جميعا عليهم، وينصرون بعضهم بعضا ضد المؤمنين فإن الفتنة –الشرك- تعم الأرض بانتصار الباطل.
ومن أبسط البديهيات أن الجماعة لابد لها من أمير يطاع، وجنود يطيعون، ولقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على تأمير رجل إذا كانوا ثلاثة في سفر، فيكف إذا كانوا يريدون إعادة المجتمع الإسلامي.
روى أبو هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: “إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم”.
7ـ فريضة الجهاد اليوم أشد منها أيام التابعين:
وإذا كان التابعون يسيحون في الأرض جهادا لنشر كلمة الله، وهم يعيشون في دار الإسلام تظلهم، وتطبق شريعتهم، ويرون ذلك فرضا ففريضة الجهاد اليوم آكد، وأكثر ضرورة ومساسا بالواقع الذي نحياه وذلك لأجل غرضين:
الأول: إقامة هذا الدين ومجتمعه في بقعة من البقاع.
الثاني: نشر هذا الدين في الأرض انطلاقا من قاعدته الأولى.
فكل من يلقي الله ولا يعمل لنصرة دينه، وإعلاء كلمته فإنه يلقى الله آثما، وذلك لأننا نواجه جاهلية أعتى وأشد من التي واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مزودة بكل وسائل العلوم الحديثة لمحاربة الحق وأهله.
وفي الحديث عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: “…والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على أيدي المسيء، ولتأطرنه على الحق إطرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم” أي كما لعن بني إسرائيل وفي بعض الروايات لهذا الحديث تلا صلى الله عليه وسلم الآية: “لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون” المائدة 78 - 79.
8 ـ المعروف الأكبر والمنكر الأكبر:
يجب العمل في جماعة لإزالة المنكر والأكبر، وهو جريمة إقصاء الإسلام عن الحكم، وتحكيم الشرائع الوضعية ويجب الأمر بالمعروف الأكبر، وهو إعادة القرآن إلى منصة الحكم، لأن كل فساد البشرية ينبع من هذه القضية الكبرى، والأمر بالمعروف فرض، يقول الجويني (إمام الحرمين): (فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بالإجماع) وأن التقاعس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض بها، واستخلاص قوة التنفيذ من الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف، وأي تخاذل من المسلمين عن هذا الفرض يؤدي إلى مصائب وكوارث الصالحين، والطالحين، والبهائم والحشرات، يقول تعالى: “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” الأنفال 25.
وعن العرس بن عميرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره ولا تغيره، فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة” وبالإمكان التغيير لو صمم الناس لأن الطاغوت واحد وهم كثير.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده، فقلت يا رسول الله أما فيهم أناس صالحون؟ قال: بلى قالت فكيف يصنع أولئك، قال: يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون الى مغفرة من الله ورضوان“.
وقد جاء في الذكر الحكيم: “إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون”. البقرة 15 - 160.
قال صلى الله عليه وسلم يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون دواب الأرض.
قال مجاهد وعكرمة هم الحشرات والبهائم يصيبهم الجدب بذنوب علماء السوء الكاتمين فيلعنونهم وأخرج القرطبي عند تفسير آية: “لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة” فاطر 45.
فقال: قال ابن مسعود يريد جميع الحيوان مما دب ودرج، وقال ابن مسعود كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم.
وقال يحيى ابن كثير: أمر رجل بالمعروف ونهى عن المنكر فقال له رجل: عليك بنفسك، فإن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال أبو هريرة كذبت؟ والله الذي لا إله إلا هو –ثم قال- والذي نفسي بيده إن الحبارى (نوع من الطيور) لتموت هزلا في وكرها لظلم الظالم.
9ـ رأي أبي حنيفة
(يُتْبَعُ)
(/)
وأبو حنيفة يرى ضرورة العمل الجماعي والالتقاء على رجل صالح قال ابن المبارك: لما بلغ أبا حنيفة قتل إبراهيم الصائغ بكى حتى ظننا أنه سيموت، فخلوت به، فقال: كان والله رجلاً عاقلاً، ولقد كنت أخاف عليه هذا الأمر.
قلت: وكيف كان سببه؟ قال: كان يقدم ويسألني، وكان شديد البذل لنفسه في طاعة الله، وكان شديد الورع، وكنت ربما قدمت إليه الشيء فيسألني عنه ولا يرضاه ولا يذوقه، وربما رضيه فأكله، فسألني عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن اتفقنا أنه فريضة من الله تعالى فقال لي: مد يدك حتى أبايعك، فأظلمت الدنيا بيني وبينه، فقلت: ولم؟ قال: دعاني إلى حق من حقوق الله فامتنعت عليه وقلت له: إن قام به رجل وحده قتل، ولم يصلح للناس أمر، ولكن إن وجد عليه أعوانًا صالحين ورجلاً يرأس عليهم مأمونًا على دين الله لا يحول. وكان كلما قدم علي تقاضاني، فأقول له: هذا أمر لا يصلح بواحد، ما أطاقته الأنبياء حتى عقدت عليه من السماء, وهذه فريضة ليست كسائر الفرائض، لأن سائر الفرائض يقوم بها الرجل وحده، وهذا متى أمر به الرجل وحده أشاط بدمه، وعرَّض نفسه للقتل، فأخاف عليه أن يعين على قتل نفسه، وإذا قتل الرجل لم يجترئ غيره أن يعرض نفسه، ولكنه ينتظر، وقد قالت الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
ثم خرج إلى مرو حيث كان أبو مسلم فكلمه بكلام غليظ، فأخذه، فاجتمع عليه فقهاء أهل خراسان وعبّادهم حتى أطلقوه، ثم عاوده فزجره، ثم عاوده ثم قال: ما أجد شيئًا أقوم به لله تعالى أفضل من جهادك، ولأجاهدنك بلساني ليس لي قوة بيدي، ولكن يراني الله وأنا أبغضك فيه فقتله.
هذا قول أبي حنيفة، وهو يؤكد على ضرورة العمل الجماعي من أجل القيام بفريضة الأمر بالمعروف.
10ـ ابن تيمية وشرعية العمل الجماعي:
اسمع قول ابن تيمية في شرعية العمل الجماعي، مما لا تكاد تصدق أنه من كلام القدماء يقول رحمه الله:
وأما لفظ الزعيم فإنها مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين، قال تعالى: “ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم” فمن تكفل طائفة فإنه يقال: هو زعيم، فإن كان قد تكفل بخير كان محمودا على ذلك وأن كان شرا كان مذموما على ذلك، وأما رئيس الحزب، فإنه رأس الطائفة التي تتحزب أي تصير حزبا فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان، فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا، مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل وإعراض عمن في حزبهم، سواء كان على الحق أو الباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله ورسوله، فإن الله ورسوله، أمر بالجماعة والائتلاف، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان.
وقد أقام الله عز وجل الأمر بالمعروف علامة فارقة بين الإيمان والنفاق، يقول الله عز وجل: “المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون” التوبة 66.
ويقول أيضا: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم”. التوبة 71.
ليس الدين مجرد ترك المحرمات الظاهرة بل القيام بجميع ذلك بالأوامر المحبوبة لله تعالى أيضا وأكثر الديانين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس.
وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ورسوله، ودينه وكتابه فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلا عن أن يريدوا فعلها وفضلا عن أن يفعلوها.
وأقل الناس دينا وأمقتهم إلى الله، من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جميعا، وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويتمعر لله ويغضب لحرماته، ويبذل ماله في سبيل نصرة دينه.
والنبي صلى الله عليه وسلم كانت ساعاته موقوفة على الجهاد وقلبه ولسانه ويده، ولهذا كان أرفع العاملين ذكرا وأعظمهم عند الله مقدرة.
11ـ رأي ابن القيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول ابن القيم: في هؤلاء الذين يتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل الزهد والذكر والانقطاع (هؤلاء في نظر العلماء من أقل الناس دينا، فأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها، وهو بارد القلب ساكن اللسان؟ شيطان أخرس، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم، ورياساتهم، فلا مبالاة بما يجري على الدين وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قوبلوا في الدنيا بأعظم بلية، وهم لا يشعرون وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى، وانتصاره لدين الله أكمل).
ويروى لنا التابعي الكوفي الفقيه النبيل عامر الشعبي أن رجالا خرجوا من الكوفة، ونزلوا قريبا يتعبدون، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود، فأتاهم ففرحوا بمجيئه إليهم فقال لهم: ما حملكم على ما صنعتم؟ قالوا: أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد، فقال عبد الله لو أن الناس فعلوا مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو؟، وما أنا ببارح حتى ترجعوا، فاشتغل بدلالة عباده عليه فهي حالات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبيهم).
ولا يزالون يسألونك: هل شغل الأنبياء إلا معاناة الخلق، وحثهم على الخير، ونهيهم عن الشر؟.
يقول الإمام عبد القادر الجيلاني: يا زهاد الأرض تقدموا، خربوا صوامعكم واقربوا مني، قد قعدتم في خلواتكم من غير أصل ما وقعتم به، تقدموا.
شبهة
وقد يزين الشيطان لبعض الأفراد أن يعتزل الجماعة ليتفرغ للشعائر كالصلاة والصيام والتطوع، هؤلاء الناس لا يدركون طبيعة هذا الدين، ولا يعرفونه، ولا يعلمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الركن الركين الذي من أجله كرم الله هذه الأمة فقال عز شأنه: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”. آل عمران 110.
وقوله: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”. آل عمران 104.
روى الطبراني في الأوسط عن جابر مرفوعا (أوحى الله إلي ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها قال: إن فيها عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم، وفي رواية الإمام أحمد –به فابدأ- فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط، أي لم يحمر وجهه غضبا لي“.
وذكر أبو عمر في كتاب التمهيد: أن الله سبحانه أوحى إلى نبي من أنبيائه أن قل لفلان الزاهد أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة،وأما انقطاعك إلي فقد اكتسبت به العز، ولكن ماذا عملت فيما لي عليك؟ فقال: يا رب وأي شيء لك على؟ قال: وهل واليت في واليا أو عاديت في عدوا؟.
والله أعلم
هذا بحث مختصر قام به الكاتب محمد صديق و فيه فتاوى لشيوخ كبار:
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/1976/
لا شك أن الصحوة الإسلامية التي تشهدها كثير من الدول الإسلامية قد بدأت تؤتي أكلها، وهو ما تمثل في التزام فئام وأفواج من المجتمع المسلم بأحكام الإسلام و تبنيهم لقضيته, و قد ظهر ذلك جليًّا عبر محاولات جادة لنصرة الإسلام و العمل على العودة لتحكيم الشريعة من أجل أن تتبوأ الأمة الإسلامية مكانتها الرائدة بين أمم الأرض.
ومن القضايا التي كثر حولها اللغط واختلفت فيها الآراء حول هذه الصحوة المباركة: قضية حكم العمل الجماعي و مدى مشروعية الانتماء للجماعات الإسلامية الموجودة على الساحة الإسلامية، كسبيل للوصول إلى جماعة المسلمين.
ولقد تباينت آراء أطياف العمل الإسلامي إزاء هذه القضية على النحو التالي:
القول الأول: بدعية العمل الجماعي:
يرى هذا الفريق أنه لا شرعية لقيام هذه التجمعات ابتداء في مرحلة الاستضعاف، وأن الجماعة والبيعة لا تكون إلا بعد التمكين ونصب الإمام, ومجمل ما عولوا عليه في هذه المسألة ما يأتي:
1 - إن الأحاديث الواردة في لزوم الجماعة ووجوب البيعة لا تنصرف إلى شيء من هذه التجمعات، وإنما يقصد بها الجماعة التي هي الأمة، والبيعة التي تعقد للإمام الذي يجتمع عليه الناس كلهم، أو جمهورهم وأهل الشوكة منهم على الأقل، ويكون له من الغلبة ما يمكنه من حراسة الدين وسياسة الدنيا به.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - ما أدت إليه هذه التجمعات من انقسام الصف الإسلامي وتهارج أتباعه، وتكريس الفرقة بين العاملين للإسلام، وإضعاف الولاء للجماعة بمفهومها العام والشامل.
3 - ما أثر عن السلف من أنه إذا تفرق الناس فلا يتبع أحد في الفرقة، فإما جماعة المسلمين بمفهومها العام وإما الاعتزال، وقد جاء في حديث حذيفة ((… فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال فاعتزل تلك الفرق كلها)). [البخاري، (3606)، ومسلم، (4890)]
4 - الاعتبارات الأمنية وما يترتب على هذه التجمعات من التعجيل بضرب العمل الإسلامي، واستعداء خصومه عليه، ومع ما يترتب على ذلك من الفتن، وانكسار الدعوة، وصد الناس عن سبيل الله. (جماعة المسلمين، د. صلاح الصاوي ص14)
يقول الدكتور بكر أبو زيد: (والخلاصة أن البيعة في الإسلام واحدة من ذوي الشوكة: أهل الحل والعقد لولي المسلمين وسلطانهم وأن ما دون ذلك من البيعات الطرقية والحزبية في بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة كلها بيعات لا أصل لها في الشرع، لا من كتاب الله ولا سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولاعمل صحابي ولا تابعي، فهي بيعات مبتدعة، وكل بدعة ضلالة وكل بيعة لا أصل لها في الشرع فهي غير لازمة العهد، فلا حرج ولا إثم في تركها ونكثها، بل الإثم في عقدها؛ لأن التعبد بها أمر محدث لا أصل له، ناهيك عما يترتب عليها من تشقيق الأمة وتفرقها شيعًا وإثارة الفتن بينها، واستعداء بعضها على بعض فهي خارجة عن حد الشرع سواء سميت بيعة أو عهدا أو عقدا) [حكم الانتماء للأحزاب والجماعات الإسلامية، الشيخ بكر أبو زيد، ص128]
القول الثاني: وجوب العمل الجماعي:
وجمهور هذا الاتجاه على أن إقامة الجماعات الدعوية، والانتظام في سلكها على أساس الطاعة لأمير، واجب من الواجبات الشرعية في هذا الزمان، فمن تخلف عنه فهو آثم.
ومجمل ما عولوا عليه:
< LI class=MsoNormal>1- أنه ما لا يتم الواجب به إلا فهو واجب, و أمور الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله هي من أهم الواجبات التي على الأمة السعي نحو تحقيقها كسبيل إلى تحكيم الشريعة، وهي لا تتم إلا باجتماع وإمام مطاع. 2 - أن إقامة جماعة المسلمين من أهم الواجبات المفروضة على الأمة, والجماعات الدعوية هي السبيل نحو هذه الجماعة.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق: (لا شك أن أي جماعة من جماعات البر والتقوى والخير والدعوة التزمت ذلك فهي جماعة مشروعة، وأما حكم هذا التجمع فهو إما واجب حتمي إذا دعت الحاجة إليه، لما أسلفنا من نصر الدين، أو أنه دعوة إلى الخير لا تتحقق إلا بالاجتماع أو إنكار منكر لا يحصل إلا باجتماع، أو دفع شر وضرر عن الأمة لا يتحقق إلا باجتماع ” (كتاب أصول العمل الجماعي، عبد الرحمن عبد الخالق، ص 14)
يقول الدكتور ياسر برهامي: (والصورة المثلى لعودة الخلافة من غيبتها أن يكون أهل الحل والعقد من أهل السنة والجماعة مجتمعين على مطاع هو أمثل أهل العلم منهم، للقيام بالمقدور عليه من فروض الكفاية؛ فإن تعذر ذلك استقل كل أهل بلد بعالمهم، إلى أن يتيسر جمعهم، وإن كان لابد لهم أن يأخذوا بالأسباب التي تؤدي إلى جمعهم، لأن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب) [كتاب العمل الجماعي بين الإفراط والتفريط، ياسر برهامي، ص 23]
القول الثالث: مشروعية العمل الجماعي:
ويرى أصحاب هذا الرأي أنه لا منازعة في مشروعية الاجتماع على الخير والتعاقد عليه، والتزام الطاعة للقائم عليه في غير معصية، وذلك بالشروط الآتية:
1 – ألا يتضمن تحزبًا على أصل بدعي يخالف أصول أهل السنة والجماعة، فإن مثل هذا التحزب هو أساس نشأة الفرق الضالة، وقد قال الشاطبي رحمه الله: (أن هذه الفرق إنما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزئي من الجزئيات؛ إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعًا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية؛ لأن الكليات نص من الجزئيات غير قليل، وشاذها في الغالب ألا يختص بمحل دون محل، ولا بباب دون باب، واعتبر ذلك بمسألة التحسين العقلي، فإن المخالفة فيها أنشأت بين المخالفين خلافًا في فروع لا تنحصر، ما بين فروع عقائد وفروع أعمال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة، عاد ذلك على كثير من الشرعية بالمعارضة، كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضًا، وأما الجزئي فبخلاف ذلك، بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة) [الاعتصام، الإمام الشاطبي، (2/ 200 - 201)].
2 - ألا يقصد به منازعة السلطان المسلم -إن وجد- والسعي في نقض بيعته وحل عقدة إمامته؛ وذلك للأدلة التي تحرم النكث وتلزم بالأئمة وتوجب الطاعة لهم في غير معصية، وتنهى عن منابذتهم إلا بالكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان.
3 - ألا يعقد الولاء والبراء على أساس الانتساب إلى هذا الاجتماع؛ لأن معقد الولاء والبراء هو الكتاب والسنة على رسم منهاج النبوة لا غير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وأما رأس الحزب فإنه رأس الطائفة التي تتحزب؛ أي تصير حزبًا، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا؛ مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق وبالباطل، والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم، سواء كان على الحق أو الباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله؛ فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف، ونهيا عن الفُرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان) [مجموع الفتاوى: 11/ 92]
وقال في موضع آخر: (والذي يوجبه الله على العبد قد يوجبه ابتداءً؛ كإيجابه الإيمان والتوحيد على كل أحد، وقد يوجبه لأن العبد التزمه وأوجبه على نفسه، ولولا ذلك لم يوجبه؛ كالوفاء بالنذر للمستحبات، وبما التزمه في العقود المباحة؛ كالبيع والنكاح والطلاق .. ونحو ذلك، إذا لم يكن واجبًا، وقد يوجبه للأمرين؛ كمبايعة الرسول على السمع والطاعة له، وكذلك مبايعة أئمة المسلمين، وكتعاقد الناس على العمل بما أمر الله به ورسوله). [مجموع الفتاوى: (29/ 345، 346)].
يقول سماحة الشيخ ابن باز، رحمه الله:
(الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق، قال الله عز وجل، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سنة ولا غيرهم، ولكن يلتزم بالحق، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق، أو إلى الإخوان المسلمين ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به، وإن كان مع غيرهم أخذ به، يدور مع الحق، يعين الجماعات الأخرى في الحق، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلا، ولو كان غلطًا، فهذا منكر، وهذا لا يجوز، ولكن مع الجماعة في كل حق، وليس معهم فيما أخطأوا فيه) [فتاوي ابن باز، (8/ 217)].
يقول الدكتور صلاح الصاوي:
(والعدل بين هؤلاء جميعا أن يقال: إن اجتماع الناس على طاعة، وتعاقدهم على الوفاء بها، ودعوة الناس إلى ذلك، إنما هو من جنس التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وذلك لينتظم بها أمر الدعوة، ويجتمع بها شمل العاملين للإسلام, وتكون هذه التجمعات أجزاء من جماعة المسلمين, ويتحدد سلطان قياداتها في ضوء ما اتفق عليه، ويحسن أن يكون العهد مفصلًا لما ينشئه من حقوق, وما يرتبه من التزامات). [مراجعات حول الثوابت والمتغيرات، د. صلاح الصاوي، ص48].
يقول الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة:
(والخلاصة أن هذه التجمعات على خير ونفع ما دامت لم تقم إلا لهدف صالح، ولم تجتمع على بدعة أو ضلالة، ولم تختزل الإسلام في أطروحتها ورؤيتها، والعمل للإسلام إطار أوسع وأشمل يمكن أن يتحقق من خلال هذه الوسيلة ومن خلال الجهود الشخصية والأعمال المؤسسية العامة، وفي كل خير) [فتوى على موقع الإسلام اليوم](/)
مشروعية القتال: سؤال من السيرة النبوية
ـ[سالم ناظر]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 07:27]ـ
السلام عليكم حياكم الله
( ..... ) وصار قتال رسول الله (ص) للأعداء على هذه المبادىء الآتية:
1 ــــ اعتبار مُشرِكي قريش محاربين لأنهم بدؤوا بالعدوان فصار للمسلمين قتالهم ومصادرة تجارتهم حتى يأذن الله بفتح مكة أو تعقد هدنة وقتية بين الطرفين.
2 ــــ متى رُئِيَ من اليهود خيانة وتحيّز للمشركين قوتلوا حتى يؤمن جانبهم بالنفي أو القتل.
3 ــــ متى تعدّت قبيلة من العرب على المسلمين أو ساعدت قريشاً قوتلت حتى تدين بالإسلام.
4 ــــ كل من بادأ بعداوة من أهل الكتاب كالنصارى قوتل حتى يذعن بالإسلام أو يعطي الجزية عن يدٍ وهو صاغر.
5 ــــ كل من أسلم فقد عصم دمه وماله إلا بحقه، والإسلام يقطع ما قبله.
من كتاب نور اليقين فى سيرة سيد المرسلين - للشيخ محمد الخضرى (رحمه الله) ; صفحة: 90 - 91, طبعة 1, دار الحديث القاهرة.
1 - مشرك من قريش يريد أن يبقى وثنيا لكن لا يعادي/يحارب المسلمين و لا يساعد من يفعل ذلك, هل كان من المحاربين يسمح بقتاله, و هل كانت الحروب ضدهم خارج المدينة وصفا لما يسمى اليوم 'حرب استباقية'؟؟
2 - نفس السؤال كالسؤال الأول, لماذا قتل أو نفي الجميع: منهم من لا يقاتل و لم يشارك في كل ما يحدث؟
3 - قوتلت حتى تتأدب و تتراجع عن الاعتداء و مساعدة العرب ممكن واضحة, لكن كيف يعني "حتى تدين بالإسلام", أليس إكراه في الدين؟؟
4 - لماذا الفرق بين:
* متى تعدّت قبيلة من العرب على المسلمين أو ساعدت قريشاً قوتلت حتى تدين بالإسلام, و
* كل من بادأ بعداوة من أهل الكتاب كالنصارى قوتل حتى يذعن بالإسلام أو يعطي الجزية عن يدٍ وهو صاغر
من جهة
و من جهة أخرى اليهود إما القتل, إما النفي؟
و ماذا عن باقي الأديان الوثنية و البشرية و السماوية و و .. ؟
5 - هل هذا يعني الحرب مفتوحة ضد كل من لا يدين بالإسلام بدون حدود؟؟
شكرا
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:54]ـ
حال اهل الكتاب بالنسبة لاحكام الاسلام اخف بكثير من حال المشركين , كما في اكل ذبائحهم وجواز معاشرتهم مع الصغار , وتركهم مع دفع الجزية وغيرها , ومع ذلك قال لعظيمهم عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري وغيره: (اسلم تسلم).
والمعنى إن لم يسلم لن يسلم وسوف تقوم عليه حرب دائرة تأكله ومن خلفه.
ـ[سالم ناظر]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 03:40]ـ
لم أفهم جوابك و لا على أي سؤال ترد, عذرا.
ـ[أحمد وفاق مختار]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 04:56]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. (البقرة/190)
عن ابن عباس:"وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين" يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصِّبيان ولا الشيخ الكبير وَلا منْ ألقى إليكم السَّلَمَ وكفَّ يَده، فإن فَعلتم هذا فقد اعتديتم.
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطاة:"إني وَجَدتُ آية في كتاب الله:"وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين" أي: لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني: النساء والصبيان والرُّهبان".
قال الطبري: وأمرهم تعالى ذكره بقتال مَنْ كان منه قتال من مُقاتِلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال من نسائهم وذراريهم، فإنهم أموال وخَوَلٌ لهم إذا غُلب المقاتلون منهم فقُهروا، فذلك معنى قوله:"قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" لأنه أباح الكف عمّن كف، فلم يُقاتل من مشركي أهل الأوثان والكافِّين عن قتال المسلمين من كفار أهل الكتاب على إعطاء الجزية صَغارا.
تفسير الطبري المسمى:جامع البيان في تأويل القرآن - (ج 3 / ص 563 - 564)(/)
قال الشيخ صالح آل شيخ: (لا يفتى ومحمد في عنيزة)؟!
ـ[ابن عبد القادر]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 08:28]ـ
السؤال:
نحن جماعة مسجد اختلفنا حول عمال يحضرون الصلاة وهم بملابس العمل فمنا من قال، إلى آخره. ( http://www.salehalshaikh.com/ar/?p=679)
هذا سؤال من قبيل الفتوى وما كان من قبيل الفتوى فإني لا أجيب عليه؛ لأنه لا يفتى ومحمد في عنيزة.
من يقصد؟
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[18 - Aug-2009, صباحاً 08:49]ـ
إن كان كلامه قبل وفاة الشيخ ابن عثيمين فهو المقصود؛ لأنه علمها.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:33]ـ
بارك الله فيك قلت: فهو المقصود؛ لأنه علمها.
اقول: لااظن ذلك ان يقول عن العلامة ابن عثيمين رحمه الله ومحمد هكذا بالاسم المجرد دون ان يصفه ولو بكلمة شيخ
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:50]ـ
أظنه يقصد الشيخ محمد بن سليمان البسام
وانظر ترجمته هنا:
http://www.m-al-bassam.com/other/5.htm
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 11:54]ـ
/// لا بأس بذكر الشيخ أوالعالم باسمه تجوزًا أثناء مدحه في نثر أوشعر، وكان دأب الناس هكذا قديمًا وحديثًا، ولا يفهم منه الاحتقار له أونحو ذلك، كما قيل: "لا يفتى ومالك في المدينة" ولم يقل عنه والإمام.
/// إذ لو لم يذكره بالمشيخة فهل يسوغ ذكر غيره من أهل العلم الذين يمنعونه من الفتوى لأجل علمهم؟!
/// بالنسبة للشيخ محمد البسَّام فقد كان مقيمًا في مكَّة ولا أعرفه قاطنًا في عنيزة، إلا إن كان يذهب إليها أحيانًا، فلا يصحُّ ذلك عليه.(/)
«اعتماد الرؤية في ثبوت الشهر،مقال لصاحب الفضيلة العلاّمة عبد الرَّحمن البَرَّاك»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 05:33]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
«اعتماد الرؤية في ثبوت الشهر،
مقال
لصاحب الفضيلة العلاّمة عبد الرَّحمن البَرَّاك»
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه، أمابعد:
فقد ذكر الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الصيام" (صفحة30) مسألة ما يثبت به دخول شهر رمضان وشهر شوال من الرؤية والحساب، وقرر أن دلالة الحساب قطعية، وشهادة الشهود بالرؤية ظنية، فإذا تعارضتا وجب تقديم ما قاله أهل الحساب، ومع ذلك رجح الشيخ القرضاوي الاعتماد على الحساب في النفي، أي: في نفي وجود الهلال، ونفي إمكان الرؤية، فإذا قرر الحاسبون أنه لا يوجد الهلال، وجب رد شهادة من شهد برؤيته، وأيَّد ما ذهب إليه بما نقله عن السبكي، مما يتضمن معنى ما ذكره واختاره، وأقول:
يَرِدُ على هذا التقرير أمور:
1 - أن دعوى القطع في دلالة الحساب تفتقر إلى برهان، ولم يُذكر في التقرير.
2 - أنه لو فُرض أن دلالة الحساب في ذاته قطعية، فطريق العلم بها هم الحاسبون، والواقع أنهم يختلفون، وشهادتهم بدلالة الحساب تتوقف على عدالتهم والعلم بإتقانهم لعلم الحساب الفلكي، ومع ذلك يلزم أن يكون علم الأمة بما أفاده الحاسبون ظنياً لا يكون قطعياً إلا إذا توافر من الحاسبين عدد التواتر ولم يخالفهم غيرهم.
3 - أن الاعتماد على الحساب في عدم ثبوت الشهر دون ثبوته-أي في النفي دون الإثبات-تناقض، فإنه إذا صح أن يكون دليلاً في النفي وجب أن يكون دليلاً في الإثبات.
4 - أن الاعتماد على الحساب في النفي يلزم منه:
أولاً: رد شهادة الشهود بالرؤية، وفي هذا إلغاءٌ لما اعتبره الشارع في قوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» الحديث، واعتبارٌ لما ألغاه الشارع من الحساب.
ثانياً: أن إثبات دخول الشهر بالرؤية مشروطٌ بعدم دلالة الحساب على نفي وجود الهلال، وعلى هذا فلا يثبت الشهر إلا بمجموع الأمرين: الرؤية والحساب، وفي هذا ما فيه من مخالفة العقل والشرع، ففيه تقديم العلم النظري على العلم الحسي.
وما ذكره عن السبكي من أن خبر الحاسب قطعي، وخبر الشاهد بالرؤية ظني، يقال: هذه غفلة من السبكي رحمه الله، ومن عجائب بعض العلماء والأذكياء أن يغفل عن الأمر الواضح البين، ومن ذلك: أن يقبل خبر واحد يثق به، ويرد به خبر عدد من الثقات العدول!!
فالحاسب يجوز عليه الكذب في خبره، والخطأ في حسابه، فلا يُفيد خبره إلا ظنا، وكل ما أورده السبكي على شهادة الشهود يَرِدُ مثله على خبر الحاسب بل وروده عليه أقوى. والسبكي في هذا التقرير جعل خبر الحاسب مفيداً للقطع فيوجب رد شهادة من شهد بالرؤية لأنها ظنية فلا يعارض بها القطعي، وهذا سر الغفلة في هذا التقرير، بل إذا اعتبرنا خبر الحاسب الثقة بينة وخبر العدل الشاهد بالرؤية، وهو بينة شرعية، فإذا تعارضتا فقد تتكافآن من حيث مقومات قبول الخبر كأن يكونا ثقتين عدلين، وقد تترجح إحداهما على الأخرى، وبكل حال يجب ترجيح الشهادة بالرؤية من العدل لدلالة الشرع على اعتبارها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».
و الله أعلم و صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أملاه
الشَّيْخُ عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَاصِرٍ البَرَّاك
الأستاذُ ـ سَابِقًا ـ بجامعةِ الإمامِ مُحمَّدِ بنِ سعود الإسلاميَّة
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 05:35]ـ
المصدر: موقع شيخنا الرسمي.
http://albarrak.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=14789
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:15]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
هل يجوز أن يتوسط الامام المأمومين لضيق المسجد؟
ـ[أبو فهد السمراني]ــــــــ[18 - Aug-2009, مساء 10:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز أن يتوسط الامام المأمومين لضيق المسجد وذلك بشكل دائم , وهل يجوز أن يكون المأمومون عن يمينه.
ثم اذا كان التوسط جائز هل يتقدم الامام المأمومين بخطوة مثلا أم يكون مساويا للمأمومين؟
الرجاء التفصيل في المسألة مع ذكر الأدلة , وهل يوجد فرق بين النافلة والفريضة.
ـ[أبو فهد السمراني]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 11:28]ـ
للرفع
ـ[حمد]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 01:30]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
وإذا كانوا يصلون على بساط أو في مكان ضيق لا يتسع لتقدم الإمام عليهم فليصلوا مع الإمام صفا واحدا ويكون الإمام بينهم وهم عن يمينه وعن يساره ويكون الإمام أيضا مساويا لهم في الصف لا يتقدم عليهم
http://209.85.229.132/search?q=cache:UVWrmrMHp5YJ:ww w.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_330.shtml+%22%D9%8A%D8 %B5%D9%84%D9%88%D9%86+%D8%B9%D 9%84%D9%89+%D8%A8%D8%B3%D8%A7% D8%B7%22&cd=2&hl=ar&ct=clnk&gl=sa
ـ[أبو فهد السمراني]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 10:41]ـ
جزاك الله خيرا
أخي العزيز حمد
على هذا النقل ...(/)
دعوة إلى المشاركة في تقييد مواقيت البرامج التلفزيونية والإذاعية النافعة في شهر رمضان
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 03:59]ـ
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لقد خطرت في بالي فكرة تتمثّل في دعوة كلّ أخ أو أخت له علم ببرنامج تلفزيوني أو إذاعي، سيُبثّ في شهر رمضان المقبل -إن شاء الله-؛ أنْ يُتحفنا بتقييد تاريخ وموعد بثّه وإعادته -إذا أمكن- على هذه الصّفحة، مع ذكر نوع التّوقيت (توقيت السعودية مثلا)، وكذا القناة أو الإذاعة -طبعا-.
وأبشّر كلّ من ساهم في هذا فبادر، بأن سيكون له به صدقة جارية -بإذن الله-؛ فكم من وقت سيوفره ويحفظه لإخوانه، وكم من علوم وفوائد سيبلغها إليهم، وفي الحديث: ((الدال على الخير له مثل أجر فاعله)).
ها هي الصفحة مفتوحة لكم فلا تبخلوا على إخوانكم -حفظكم الله-.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[19 - Aug-2009, صباحاً 04:06]ـ
ستبثّ قناة الرّسالة الفضائية برنامج (يستفتونك) الإفتائي -والذي يستضيف ثلة من المشايخ و العلماء-؛ يوميا في شهر رمضان، وسيكون توقيته المباشر -إن شاء الله- من السّاعة الرّابعة إلى السّاعة الخامسة -مساء- على توقيت مكّة المكرّمة.
و فّق الله الجميع.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 12:49]ـ
القاهرة - (الأم بي سي)
يعود البرنامج الديني "حجر الزاوية"، في موسمه الخامس، مجددا طوال شهر رمضان المقبل، الذي يتناول القضايا المتعلقة بالواقع؛ فيقدم النصح والإرشاد ومناقشة المفاهيم المرتبطة بهموم الناس وتفاعلات الحياة؛ مثل (العبادة، النية، الزهد والورع، الجهاد)، وغيرها من الموضوعات الدينية المهمة، ويعرض البرنامج على شاشة mbc1 يوميا، على الهواء مباشرة، مع ضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة.
ويتيح البرنامج -في ذات الوقت- الفرصة للمشاهدين لطرح تساؤلاتهم، من خلال استقبال الاستفتاءات والمداخلات والاستفسارات الدينية المطروحة، ويهتم الشيخ سلمان بمناقشة المواضيع الدينية والدنيوية المتنوعة؛ التي تسهم -بشكل كبير- في توجيه السلوك نحو الأفعال والممارسات السليمة والإيجابية، والابتعاد عن ما حرمه الله سبحانه وتعالى.
ويأخذ البرنامج هذا العام مسلكا جديدا لتناول حاجات الناس في واقعهم واهتماماتهم وآمالهم الفردية والجماعية، في سياق المجتمع ككل، ويتناول "حجر الزاوية" قضايا متعلقة بالفرد والأسرة والمجتمع والأمة، وتخصص حلقة الجمعة من كل أسبوع لشأن روحاني يتسق مع ذات المواضيع المتناولة في دائرة الأسبوع نفسه.
وفي كل حلقة يستعرض البرنامج مفهوما معينا، ويقوم الشيخ بشرحه وتحليله بأسلوب سهل وبسيط، مع تصحيح الاعتقادات الخاطئة التي يعتنقها بعض الناس عن بعض الأشياء المتعلقة بالموضوع المطروح، بالإضافة إلى مناقشة عدد من القضايا المتجددة الفقهية والاجتماعية والفكرية، وبعد ذلك يفسح المجال لاتصالات المشاهدين، ولن تقتصر الأسئلة التي سيطلقها المشاهدون على موضوع الحلقة؛ بل ستكون عامة ومفتوحة للفتاوى الشرعية الأخرى.
ومن المنتظر أن يناقش البرنامج -حسب موقع الإسلام اليوم للشيخ سلمان بن فهد العودة- في الأسبوع الأول، عددا من القضايا الفقهية التي تغطي مساحات مختلفة من الحياة، بينما يتناول في الأسبوع الثاني بعض القضايا الاجتماعية المهمة؛ التي تخص الأسرة المسلمة والرجل والمرأة، ويخصص الأسبوع الثالث للحديث عن ثقافات سلوكية تتضمن التعليم والجودة والذوق وخدمة المجتمع، ويحاول البرنامج -في أسبوعه الرابع والأخير- أن يكرس المعاني الإيمانية المرتبطة بالتقوى وطهارة القلب ونقاء الضمير وتنمية الوازع الأخلاقي، بالإضافة إلى حلقة خاتمة عن العيد.
وحدد فريق البرنامج الخطوط العريضة لسير حلقات "حجر الزاوية"؛ التي ترتكز على محددات رئيسة منذ انطلاق البرنامج هي: عرض الجانب الشرعي التأصيلي لكل قضية يتم طرحها بملامسة واقعية حياتية لها، مع تناول مشروعات عملية، وغرس مفاهيم تنموية، مع عدم إغفال الوقفات الروحانية الإيمانية التي تناسب أجواء شهر رمضان المبارك.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 05:05]ـ
سيُعرَض على قناة المجد العلمية خلال شهر رمضان المبارك -إن شاء الله-: "تاريخ العقيدة" لفضيلة الشّيخ الدّكتور سفر الحوالي -عفاه الله وشفاه-، ويُعتبر هذا البرنامج سبق لقناة المجد الفضائية إذ هو البرنامج التلفزيوني الأول الذي يسجّله الشيخ.
ـ[أبو حجّاج]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 12:09]ـ
الشيخ محمد العريفي له برنامج شاهدت إعلانه في قناة المجد بعنوان أشراط الساعة سيتم عرضه ولكن لاأدري متى وقت عرضة وهل هو على العلمية أو العامة
ـ[الورقات]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 12:32]ـ
سيُعرَض على قناة المجد العلمية خلال شهر رمضان المبارك -إن شاء الله-: "تاريخ العقيدة" لفضيلة الشّيخ الدّكتور سفر الحوالي -عفاه الله وشفاه-، ويُعتبر هذا البرنامج سبق لقناة المجد الفضائية إذ هو البرنامج التلفزيوني الأول الذي يسجّله الشيخ.
أخي الكريم هل أنت متأكد أنه سيُعرض على المجد العلمية؟ لأني رأيت الإعلان عنه غير مرة في المجد الفضائية؟ أود مشاهدته وليست عندنا العلمية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 02:10]ـ
بارك الله فيكم جميعا.
أخي الكريم هل أنت متأكد أنه سيُعرض على المجد العلمية؟ لأني رأيت الإعلان عنه غير مرة في المجد الفضائية؟ أود مشاهدته وليست عندنا العلمية.
نعم أنا متأكّد؛ وقد جلب هذا بعض المؤاخذات على القناة، لكن سمعتُ بأنّه سيعاد عرض كل الحلقات على قناة المجد الفضائية بعد رمضان.
ومع ذلك أدعو كل أخ يمكنه تسجيل الحلقات ثمّ نشرها على الانترنت أن لا يبخل علينا، فإنّنا نعلم جميعا أن الشّيخ سفر الحوالي -حفظه الله- موسوعة علمية في باب العقيدة.
على كلّ حال، إذا طرأ جديد ما حول إمكانية العرض على قناة المجد الفضائية، فليخبر بعضنا بعضا.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 04:12]ـ
القاهرة - (الأم بي سي)
المهمة، ويعرض البرنامج على شاشة mbc1 يوميا، على الهواء مباشرة،.
يا أخى ما الداعى لذكر برامج مثل هذه القنوات-حتى لو كانت دينية_ بعد أن من الله علينا بقنوات دينية خالصةكالرحمة والناس والحكمة وصفا وغيرها
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 04:43]ـ
فضيلة الشيخ د. عائض القرني -حفظه المولى- سيطلّ علينا يوميا -إن شاء الله-، من خلال برنامجه الجديد "أفي الله شك" على قناة الرّسالة الفضائية؛ على الساعة 18:00 بتوقيت السعودية، ويعاد صبيحة كلّ غد على الساعة: 11:00 بتوقيت السعودية.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 05:07]ـ
فضيلة الشيخ محمود المصري -حفظه الله- سيطلّ علينا يوميا -إن شاء الله-، من خلال برنامجه "قاطعوا هذه المنتجات" على قناة إقرأ الفضائية؛ على الساعة 19:45 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد ظهر كلّ غد على الساعة: 03:00 ليلا بتوقيت المكرّمة.
يتناول البرنامج الأخلاق المذمومة على أنّها منتجات يجب على كلّ مسلم أن يقاطعها.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 02:54]ـ
فضيلة الشيخ د. محمّد العريفي -حفظه الله- سيطلّ علينا يوميا -إن شاء الله-، من خلال برنامجه "حدّثنا البحر" على قناة إقرأ الفضائية؛ على الساعة 18:00 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد صبيحة كلّ غد على الساعة: 07:15 بتوقيت المكرّمة.
يحكي لنا الشيخ في هذا البرنامج قصص الأنبياء و الصالحين مع هذه البحار ويستنبط العبر من هذه القصص ..
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 03:02]ـ
فضيلة الشيخ د. سعد البريك -حفظه الله- سيطلّ علينا يوميا -إن شاء الله-، من خلال برنامجه "من سماحة الإسلام" على قناة إقرأ الفضائية؛ على الساعة 19:00 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد صبيحة كلّ غد على الساعة: 11:05 بتوقيت المكرّمة.
يبين لنا الشيخ في هذا البرنامج بعضا من أوجه سماحة الإسلام ويسره في المعاملات والتعاملات مع غير المسلمين.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 04:47]ـ
فضيلة الشيخ د. عبد الله المصلح -حفظه الله- سيطلّ علينا يوميا -إن شاء الله-، من خلال برنامجه "فتاوى رمضان" على قناة إقرأ الفضائية؛ على الساعة 15:30 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد صبيحة كلّ غد على الساعة: 11:15 بتوقيت المكرّمة.
يتواصل الشيخ عبر البرنامج بعضا مع الجمهور من خلال طرح الأسئلة المتعلقة بحياتهم الشخصية من الناحية الشرعية لأخذ الفتوى أو الحكم الشرعي.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 04:55]ـ
فضيلة الشيخ د. عائض القرني -حفظه الله- سيطلّ علينا يوميا -إن شاء الله-، من خلال برنامجه "السّلام عليكم في رمضان" على قناة إقرأ الفضائية؛ على الساعة 23:00 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد صبيحة كلّ غد على الساعة: 05:00 بتوقيت المكرّمة.
يسلط الشيخ عبر البرنامج الضوء على المعاني الجليلة لآيات مختارة من القرآن الكريم.
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 05:02]ـ
يا أخى ما الداعى لذكر برامج مثل هذه القنوات-حتى لو كانت دينية_ بعد أن من الله علينا بقنوات دينية خالصةكالرحمة والناس والحكمة وصفا وغيرها
القضية يا أخي ليست دعوة إلى القناة، وإنما هي دعوة لمن عنده هذه القناة أصلا لمتابعة أمثال برنامج الشيخ -حفظه الله-؛ وهو من هو علما وفضلا وجلالة وتبحرا في العلوم الشرعية ...
ثم هلا ذكرت لنا بعض البرامج التي سوف تُعرض على القنوات التي أشرت إليها -حفظك الله-، فلأن تشعل شمعة مرة خير لك من أن تلعن الظلام ألف مرة ...
ـ[محمّد حدّاد الجزائري]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 02:49]ـ
برامج قناة ابن عثيمين الفضائية -في شهر رمضان-. (تردد القناة: نايل سات- تردد 10757 - عمودي-معدل الترميز 2/ 4)
1) "بينات"؛ مع فضيلة الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح -حفظه الله-، يوميا على الساعة 19:20 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد اليوم التالي على الساعة: 03:20، والساعة 11:30 بتوقيت المكرّمة.
2) "الصّادق المصدوق"؛ مع فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي -حفظه الله-، يوميا -عدا الاثنين والخميس- على الساعة 23:40 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد اليوم التالي على الساعة: 07:40، والساعة 15:40 بتوقيت المكرّمة.
3) "كان خلقه القرآن"؛ مع فضيلة الشيخ د. أحمد بن عبد الرحمان القاضي -حفظه الله-، يومي الاثنين والخميس، على الساعة 23:40 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد اليوم التالي على الساعة: 07:40، والساعة 15:40 بتوقيت المكرّمة.
4) "فاسألوا أهل الذّكر"؛ مع فضيلة الشيخ د. خالد بن عبد الله المصلح و فضيلة الشيخ د. سعد بن ناصر الشّثري -حفظهما الله-، أيام الأحد والثلاثاء والخميس، على الساعة 16:20 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد اليوم التالي على الساعة: 00:20، والساعة 08:20 بتوقيت المكرّمة.
5) "فقه الصيام"؛ مع فضيلة الشيخ د. سامي بن محمد الصقير -حفظه الله-، يوميا على الساعة 18:05 بتوقيت مكة المكرّمة، ويعاد اليوم التالي على الساعة: 02:05، والساعة 10:05 بتوقيت المكرّمة.(/)
ما حكم الذهاب للعمرة في ظل هذه الاوضاع
ـ[ابومصعب الكويتي]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 11:13]ـ
هل الذهاب للعمرة في هذه الايام والايامة القادمة يعتبر من السفر الى الاماكن الموبوءة ام
ماذا؟؟ خصوصا ان احتمال الاصابة بالمرض موجودة ان لم تصل الى درجة (غلبة الظن) مع وجود الازدحام ورطوبة الجو
سؤال حيرني كثيرا .... أردت اجابة شافية كافية .. !!؟
ولا اختلف معكم في مسألة لبس (الكمامات) كإجراء وقائي ...
لكن تصوروا يا اخوان معقولة يظل الواحد طول المدة لابس هذه الكمامات .. وتعرفون الجو في مكة المكرمة .. رطوبة وحرارة لا تطاق .. فكيف وان اجتمع مع ذلك لبس الكمام الوضع قد يكون صعب
وان كان الحذر لا يغني عن القدر لكن نبذل السبب والامور بيد الله سبحانه.
المهم .. اخواني الكرام .. من كانت لديه فتاوى العلماء في هذه النازلة - ان صحت التسمية- فليفدني بها
وله مني كل الشكر والتقدير
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[19 - Aug-2009, مساء 11:16]ـ
الأمر يرجع إليك , ونحن بمكة ننعم بحمد الله مع قربنا من الحرم ..
وقد طرحت هذه المسألة في أكثر من موضع بالمجلس العلمي هنا في أقسامه المتعددة.(/)
كان السلف الصالح يكرهون الدعاء بـ (اللهم أعتِقنا مِن النار).نسخة معدلة 2 - علي الحلبي
ـ[عبدالله]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 01:17]ـ
كان السلف الصالح يكرهون الدعاء بـ:
(اللهم أعتِقنا مِن النار):
- نسخة معدلة (2) -
للشيخ علي بن حسن الحلبي الأثري
روى ابنُ أبي الدنيا في «الصمت» (345)، وأبو نُعَيْم في «حِلية الأولياء» (2/ 314) -بسندٍ جيِّد- عن الإمام أبي عِمران الجَوْنِي -مِن ثِقات التابعِين-، أنَّهُ قال:
أدركتُ أربعةً -مِن أفضل مَن أدركتُ-؛ فكانوا يكرهون أنْ يقولوا: (اللهم أَعْتِقْنا مِن النار)، ويقولون: (نستجيرُ بالله مِن النار)، و: (نعوذ بالله مِن النار).
قلتُ:
وذلك -أوَّلاً- اتِّباعاً للهَدْيِ المُحَمَّدِيّ:
وفي هذا المعنى نصوصٌ نبويَّةٌ:
الأوّل: قولُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «ما اسْتَجار عبدٌ مِن النار -سبع مرَّاتٍ- إلاّ قالتِ النَّارُ: يا ربِّ؛ إنَّ عبدَك فُلاناً قد استجارَكَ مِنِّي؛ فأَجِرْهُ ... » [«السلسلة الصحيحة» (2506) -وقد نبَّه شيخُنا -فيه- على عدم وُرودِ أيِّ تقييدٍ لهذا الدُّعاء].
الثاني: قولُه -صلى الله عليه وسلم-: «لله عُتقاءُ مِن النّار، وذلك كُلَّ ليلةٍ [مِن رمضان]» [«هداية الرواة» (1960)].
وليس مِن شكٍّ أنَّ «خيرَ الهَدْي هَدْيُ محمد» -صلى الله عليه وسلم-.
(تنبيهٌ):
هذا الحديثُ الصَّحيحُ يُخالِفُ ما رُوِيَ عنه -صلى الله عليه وسلم مِن قولِه -في شهر رمضان- مِن حديثِ سَلْمانَ الفارسيِّ-: « .. وآخِرُهُ عِتْقٌ مِن النار .. »!
فَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ لا يصحُّ بحالٍ!
ووجْهُ نكارتِهِ ومعارضَتِه ظاهرٌ ...
ونحمدُ اللهَ -وحدَه- أنَّ هذا الفضلَ الواردَ في السُّنَّةِ الصحيحةِ أشْمَلُ وأوْسَعُ مِن ذاكَ الوارِدِ في هذا الحديثِ المُنْكَر!
{وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيمًا} ...
وقد خَرَّجْتُهُ في نحوٍ مِن مئةٍ وخمسين صفحة - في كتابٍ بعُنوان: «تنقيح الأنظار .. » -وهو مطبوعٌ-.
وانظُر «السلسلة الضعيفة» (871) -لشيخِنا الإمام الألبانيِّ- رحمه الله-.
ولا يشفعُ له (!) كونُهُ مرويًّا مِن طريقٍ آخَرَ عن أبي هُرَيْرَةَ!
فهو مُنْكَرٌ -مِثلُهُ-!
وقد فصَّل في بيانِ ذلك -أيضاً- شيخُنا الإمامُ -رحمةُ الله عليه- في «السلسلة الضعيفة» (1569).
الثالث: قولُهُ -صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ: «ما تقولُ في الصَّلاة؟».
قال: أتشهَّدُ، ثم أسألُ اللهَ الجنَّةَ، وأعوذُ به مِن النَّار.
أَمَا -واللهِ- ما أُحْسِنُ دَنْدَنَتَك، ولا دَنْدَنَةَ مُعاذ!
فقال -صلى الله عليه وسلم-: «حولَها نُدَنْدِن».
(تنبيهٌ ثانٍ):
ذَكَرَ الغزاليُّ في «الإحياء» (3/ 162) هذا الأثرَ، وقال -في تَوْجِيهِهِ-:
«وقالوا: العِتْقُ يكونُ بعدَ الوُرُودِ!» -أي: استحقاقاً له-.
وهذا -بالنِّسْبَةِ للأَثَرِ -ثانياً-.
وقال المُرْتَضى الزَّبِيديُّ في «شرحِه» -له- المُسَمَّى: «إتحاف السَّادة المُتَّقين» (7/ 575) -بعد إيرادِه الأثَرَ-:
«وهذا مِن جُملة الدقائق؛ فإنْ أرادَ القائلُ بـ (العِتْق): العِصْمَةَ والحفظَ -أو ما يجري مَجْراه-؛ فلا أرى بأْساً في الإطلاق؛ فقد اشْتَهَرَ الدُّعاءُ بمثلِ ذلك مِن غيرِ نكيرٍ»!
قلتُ:
أمَّا أنَّه: (مِن جُملة الدَّقائق)؛ فنعم ...
وأمَّا إرادةُ معنى (العصمة والحِفظ) -في مِثلِ هذا الدُّعاءِ-؛ فبعيدٌ.
وأمَّا (اشتهارُهُ مِن غيرِ نكيرٍ)؛ فمع مُخالفة بعض أفضل التابعين: لا وزن له!
وما أجملَ ما رواهُ الإمامُ أبو داودَ في «سُننه» (4614) -بالسندِ الصحيح- عن الإمام عُمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، أنَّه قال:
«فارْضَ لنفسِك ما رَضِيَ به القومُ لأنفُسِهم؛ فإنَّهُم على علمٍ وَقَفُوا، وببَصرٍ نافِذٍ كُفُوا.
ولَهُم على كَشْفِ الأُمور كانوا أقْوَى، وبفضلِ ما كانوا فيه أوْلَى».
(تنبيهٌ ثالثٌ):
وما وَرَدَ في الحديثِ الصَّحِيحِ: -الآنِفِ الذِّكْرِ: «للهِ عُتَقاءُ مِن النَّار» - إنَّما هُو وَفْقَ علمِ الله -تعالى- فيمن يستحقُّ النَّار -عِياذاً بالله-؛ لا بحسب ظُنونِ خَلْقِهِ!
فمِن اليَقين: أنَّهُ ليس (كُلُّ) عبادِ الله مِن أهلِ استحقاقِ دُخول النَّار؛ ليكونوا -بَعْدُ- عُتقاءَ منها! ...
(يُتْبَعُ)
(/)
إذِ الأصلُ في العبدِ المُوَفَّقِ لطاعةِ مولاه: تحسينُهُ ظَنَّهُ بربِّهِ العظيم؛ كما صحَّ في الحديثِ القُدُسِيِّ: «أنا عند ظنِّ عبدِي بي: إنْ خيراً؛ فخيرٌ، وإنْ شرًّا؛ فشرٌّ» [«السلسلة الصحيحة» (1663)].
ومِن لطائِفِ التوفيقِ الإلهِيِّ: أنَّ آخِرَ حديثٍ في كتابِ «حُسْنِ الظنّ بالله» (150) -للإمام ابن أبي الدُّنيا- هو حديث: «إن لله عُتقاء من النار ... » ...
وما استدلَّ به بعضُ أفاضل أهل العِلْم -رحمهُمُ اللهُ- تجويزاً لهذا الدُّعاء! - مِن حديث أبي هُرَيْرَةَ، عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن أَعْتَقَ رَقَبَةً مؤمنةً؛ أعْتَقَ اللهُ مِنْهُ بكلِّ عُضْوٍ منهُ عُضواً مِن النَّار» [مُتَّفَقٌ عليه. «إرواء الغليل» (1742)]؛ فهو لا يخرُجُ عمَّا ذَكَرْتُهُ -ألْبَتَّة-!
وبيانُهُ مِن وَجْهَيْنِ:
الأوّل: أنَّ هذا الحديثَ -أيضاً- موصولٌ بعِلْمِ الله -تعالى- في هؤلاء المُعتَقِين، وليس ذا صِلَةٍ -بأيِّ وجهٍ مِن الوُجوه- بعلمِ العبدِ نفسَهُ أنَّهُ يُعْتَق -أو سَيُعْتَق- مِنْهُ!
الثاني: أنَّ الحديثَ واردٌ فيمن (استحقَّ دُخولَ النَّار) -وهذا مِن عِلْمِ العظيمِ الجَبَّار- سُبحانَهُ- وَحْدَهُ-.
وقد دلَّ على ذلك روايةٌ عند البخاريِّ -رحمهُ اللهُ- للحديثِ نفسِهِ- فيها قولُهُ -صلى الله عليه وسلم-: « ... اسْتَنْقَذَ اللهُ بكلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضواً مِن النَّارِ ... »:
فقد قال العَلامةُ الصَّنْعانِيُّ في «سُبُل السَّلام» (4/ 426) -شارحاً هذا الحديثَ-:
«وفي قولِهِ: «استَنْقَذَ» ما يُشْعِرُ بأنَّهُ بعد استحقاقِهِ لها».
وأمَّا الاعتراضُ على أصل الاستدلال بهذا الأثر السلفيِّ -على مقصودِهِ- بما صحَّ عن نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- مِن وصفِهِ سيِّدَنا أبا بكرٍ الصدِّيقَ -رضي الله عنهُ- بأنَّهُ: «عتيق الله مِن النار» [«السلسلة الصحيحة» (1574)]؛ فهو اعتراضٌ ليس قائماً؛ لسبَبَيْن:
الأوَّل: أنَّ هذا الوصفَ قد يَرِدُ بحَسَبِ الاستحقاقِ -حُكماً-، وقد يَرَدُ -أيضاً- باعْتِبارِ حقيقةِ الدُّخُول -واقِعاً-؛ وفي كُلٍّ وَرَدَ النصُّ النبويُّ:
- أمَّا الاستحقاقُ الحُكْمِيُّ؛ فحديثُ أبي بكرٍ -هذا- واضحٌ في مقصودِهِ.
ومِثْلُهُ -تماماً- الأحاديثُ المذكورةُ -قبلاً-.
- وأمَّا بحَسَبِ حقيقة الدُّخُول -واقعاً- مع اتِّحادِ اللّفظِ النبويِّ-؛ فما وَرَدَ في حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ -في وَصْفِ الجهنَّمِيِّين -عند الإمامِ مُسلم في «صحيحِه» (302) عنه -صلى الله عليه وسلم-: «عُتقاء الله».
وروايةُ الإمام البخاريّ (7001) بلَفْظِ: «عُتقاء الرحمن».
قال ابنُ الجوزي في «صيد الخاطر» (ص307) -في وَصْفِ حالِ هؤلاء (الجهنَّمِيِّين) -:
«أَزْرَى بهم اتِّباعُ الهَوَى، ثُمَّ لَحِقَتْهُمُ العافيةُ؛ فنَجَوْا بعدَ لأْيٍ» -ربِّ سلِّم سلِّم-.
الثاني: أنَّ ما يتميَّزُ به أبو بكرٍ الصدِّيق -رضي الله عنه- في هذه الخَصِيصَةِ- عن باقي الأُمَّة -جميعاً- أنَّهُ أوَّل مَن أسلمَ -رضي الله عنهُ-[«مجموع الفتاوى» (4/ 462)، و «أحكام أهل الذِّمَّة» (2/ 905)]؛ فكان هذا المَدْحُ النبويُّ له -رضي الله عنهُ- لهذا المعنى؛ وباعتبارِ ما كان عليهِ -رضي الله عنهُ- قبل بعثتِهِ -صلوات الله وسلامُه عليه-.
وأمَّا الاستدلالُ بحديثِ أبي هريرةَ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما مِنكُم مِن أحدٍ إلا وله منزِلان: منزلٌ في الجنَّةِ، ومنزلٌ في النار؛ فإنْ ماتَ ودَخَلَ النَّارَ؛ وَرِثَ أهلُ الجنَّةِ منزلَهُ؛ فذلك قولُهُ: {أولئك هم الوارِثُون}» [«السلسلة الصحيحة» (2279)]:
فقد رواهُ البخاريُّ (6200) عنهُ -رضي اللهُ عنهُ- بلفظ: «لا أحدَ يدخُلُ الجَنَّةَ إلاّ أُرِيَ مقعدَهُ مِن النَّارِ لو أساءَ؛ ليزدادَ شُكراً، ولا يدخُلُ النَّارَ أحدٌ إلاّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِن الجنَّةِ لو أحسنَ؛ ليكونَ عليه حسرةً».
وعليهِ؛ فما قيلَ في هاتيك الأحاديث -مِن جهةِ الاستحقاقِ الحُكْمِيِّ- يُقال في هذا الحديث -سواءً بسواءٍ-؛ فهو على وَفْقِ عِلْمِ الله -عزَّ وجَلَّ-؛ كما وَرَدَ عن محمد بن النَّضْر الحارِثِيّ -وقد قال فيه عبدُ الرحمن بن مهدي: ما رأيتُ مثلَهُ في الصلاح. «العلل» (1119) -للإمام أحمد- توفي قبل سنة 150هـ-، أنَّهُ كَتَبَ إلى أخٍ له:
(يُتْبَعُ)
(/)
«أمَّا بعدُ؛ فإنَّك في دار تمهيد، وأمامَكَ منزلان؛ لا بُدَّ مِن أن تسكُنَ أحدَهُما، ولمْ يأْتِكَ أمانٌ فتطمَئِنَّ، ولا براءةٌ فتُقَصِّر.
والسلام» [«اقتضاء العلم العمل» (رقم:161)].
(تنبيهٌ رابعٌ):
أمَّا التساؤُل عن حُجِّيَّةِ (قولِ!) التابعين؛ فليس وارداً -ها هُنا- بحثُهُ؛ لأنَّ كراهيَّتهم -هذه- رحمهُمُ اللهُ- هُنا- مبنيَّةٌ على (فَهْمٍ) سديدٍ لِنَهْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الدُّعاءِ؛ يلتقي أصلاً شرعيًّا عظيماً هو حُسنُ الظنِّ بالله -تعالى-؛ مع ضميمةِ استحضارِ المعنى الغَيْبِيِّ لاستِحْقاقِ النَّارِ، ودُخولها -كما تقدَّم- ...
وما أثرُ عُمَر بن عبد العزيز عنّا ببعيدٍ!
فيُخْشَى -أُكَرِّرُ: يُخْشَى! - على مُخالِف هذا المعنى الإيجابيِّ الدخولُ في (بعضِ!) ما يدلُّ عليه قولُ الله -عزَّ وجَلَّ-: {أتستبدلونَ الذي هُو أدْنَى بالذي هو خيرٌ}؟!
وعليه؛ فلا خَلَلَ -كما قالَ بعضُ الحريصين- في استخراجِ معانٍ صحيحةٍ، أو استنباطِ ألفاظٍ فصيحةٍ ممّا وَرَدَ في الكتابِ الكريمِ، أو في سُنَّةِ النبيِّ العظيمِ -صلى الله عليه وسلم-؛ بشرطِ أن لا تُخالِفَ -أو على الأقل: تبدُو مُخالِفةً! - لِنَصٍّ شرعيٍّ- كتاباً أو سُنَّةً-.
وأخيراً:
ما قيلَ في «اللهمَّ أعْتِقْنِي مِن النَّار» يُقال -هُو نَفْسُهُ- في: «اللهمَّ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّار» -سواءً بسواءٍ-؛ فكأنَّ العبدَ -بهذا الدُّعاءِ الأخيرِ! - على أبوابِ النِّيران! ويسألُ ربَّهُ أنْ يُزَحْزِحَهُ (!) عنها!!
فأينَ هذا مِن قولِه -صلى الله عليه وسلم-: «إذا سألتُمُ اللهَ فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ؛ فإنَّهُ أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأعْلَى الجَنَّة»؟! -[«البخاري» (2637]؛ «فإنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لهُ»، [رواهُ البخاريُّ (5980)، ومسلم (2679)]-، وقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دَعَا أحدُكُم فلا يَقولُ: إنْ شئتَ؛ ولْيَعْزِم المسألةَ، ولْيُعَظِّم الرَّغْبَةَ؛ فإنَّ اللهَ لا يَعْظُمُ عليه شيءٌ أعطاه» [«صحيح الأدب المفرد» (607)].
(تنبيهٌ خامس):
أوَّلَ ما وَقَفْتُ على هذا الأثر -للتَّاريخِ، وأداءً لأمانةِ العِلْمِ-: كان مِن خلالِ مُلاحظةٍ دقيقةٍ مكتوبةٍ على الغلافِ الداخليِّ لِنُسخةِ شيخِنا الألبانيِّ مِن كتابِ «الحِلْيَة» -بخطِّهِ- رحمهُ اللهُ- مُشيراً إليه-، وذلك قبل أكثر مِن عشر سنوات -مكتبتِهِ الخاصَّة -رحمهُ الله-.
(تنبيهٌ سادس):
يُتَلَطَّفُ في بيانِ هذه المسألةِ -جِدًّا-؛ لِغَرابَتِها -أوَّلاً-، ولِفَضْلِ (الرِّفْق) -ثانِياً- مِن غير نكيرٍ ولا تشديد ...
(تنبيهٌ أخيرٌ):
حُقَّ لهذا الدُّعاءِ أنْ يُلْحَقَ بـ «المناهي اللَّفْظِيَّة»، أو «تصحيح الدُّعاء»، أو هُما -معاً-!
وبَعْدُ:
فَإنِّي على شِبْهِ اليقينِ أنْ لو وَقَفَ ذلك العالمُ الفاضلُ -وغيرُهُ مِمَّن تابَعَهُ! - على هذا الأثر السلفيِّ الجَلِيلِ -لأمْسَكَ -رحمهُ اللهُ- وأمسكوا - عنْ مثلِ هذا الاستدلالِ.
واللهُ المُستعان.
* * * * *
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[20 - Aug-2009, صباحاً 11:02]ـ
(تنبيهٌ أخيرٌ):
حُقَّ لهذا الدُّعاءِ أنْ يُلْحَقَ بـ «المناهي اللَّفْظِيَّة»، أو «تصحيح الدُّعاء»، أو هُما -معاً-!
* * * * *
الذي يظهر أن الشيخ بكرا رحمه الله وقف على هذا الأثر. لأنه عندما نقل الجواز عن النووي وأقره. ذكر من مراجع البحث (آداب الصمت) لابن أبي دنيا إلى الصفحة المخرج فيها هذا الأثر.
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 09:09]ـ
قال تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُم نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)) مريم
وقال عز و جل: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)) ال عمران
ـ[كوير التميمي]ــــــــ[22 - Aug-2009, صباحاً 01:43]ـ
###
(يُتْبَعُ)
(/)
ماذا يصنع البحث بهذا الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه ح (7001) ومسلم (183) عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال (هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا) .... إلى أن قال:
قلنا يا رسول الله وما الجسر؟ قال (مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة تكون بنجد يقال لها السعدان المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا فيقول الله تعالى اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا). قال أبو سعيد فإن لم تصدقوني فاقرؤوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها}. (فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا فليقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة إلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منها إلى الظل كان أبيض فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه ... ).
والسؤال: مماذا أعتقوا؟!
وماذا يصنع بما رواه البخاري (6337) ومسلم (3869) من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ»
فما أحسن الأناة!
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 01:42]ـ
أولاً: مراد الباحث أن الخلل يكمن في أنك بهذا الدعاء قد حكمت على نفسك بأنك من أهل النار وتطلب العتق منها.
طبعاً هذا لا يستقيم حمله على وجه العموم، ومن الخطأ فهم المراد بالعتق فهماً واحداً وهو أننا من أهلها يقيناً، هذا لم يقله أحد.
ثانياً: من غير اللائق أن أضع حكماً على مقولة تابعي _ وإن كان ثقة _ لم يرو كلامه سوى ابن أبي الدنيا!!
ثالثاً: قد أتى من القرآن ومن السنة ما يرد على ما توصل إليه الباحث. فالحق أحق أن يتبع.
رابعاً: لا يثربُّ هنا ويعنّف بالشدة والقوة بل بالحكمة وبالتي هي أحسن.
خامساً: في كثير مما ذكره الباحث وفقه الله تكلف ملحوظ ملموس لمن تعمق النظر في بحثه رحمه الله.
والله تعالى أعلم
ـ[ابو قتادة السلفي]ــــــــ[03 - Sep-2009, مساء 06:07]ـ
للاسف هذا من التسرع الذي ابتلينا به من هذا الرجل فبناء على قول تابعي ادرك اربعا من السلف يقول ان السلف كانوا يكرهون فاين له بهذا!! ابقول تابعي يُنسب القول الى جميع السلف مع ما ورد في الصحيح ان الله له عتقاء من النار في شهر رمضان, اما ما ذكره الاخ ان هذا يعني انهم في النار ثم يُعتقون هذا فهم سقيم فهل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ان في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء من النار) ان هذا بعد ان دخلوا النار!!!
اما انه جدير ان تُذكر في الالفاظ المنهية فلا ادري من اين له بهذا الفهم السقيم؟!!! فمن نهى عن قول هذا وما هو المحظور الشرعي في هذا الدعاء؟
ـ[صالح الطريف]ــــــــ[04 - Sep-2009, مساء 01:26]ـ
اللهم أعتق رقابنا ورقاب والدينا من النار ...
السؤال: لو كان والديّ المصلين كفارا كما هو الآن في المجتمعات الغربية أو الهندوس وغيرهم، هل يجوز الدعاء بهذه الطريقة ... ؟؟؟؟؟
ـ[الحافظة]ــــــــ[07 - Sep-2009, صباحاً 03:50]ـ
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ((أَنْتَ عَتِيقُ اللهِ مِنَ النَّارِ))
صحَّحه الشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ في السلسلة الصحيحة رقم: 1574
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها انَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ اكْثَرَ مِنْ انْ يُعْتِقَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَبْدا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَانَّهُ لَيَدْنُو عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلائِكَةَ فَيقول: مَا ارَادَ هَؤُلاءِ)).
انظر الصحيحة للألباني رحمه الله رقم: 2551
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله هذا السؤال:
فضيلة الشيخ: هناك دعاء يدعو به بعض الناس وهو: " اللهم أعتق رقابنا من النار"
وقد قال أحد طلبة العلم: بأن هذا الدعاء لا ينبغي أن يقال أو شيء مثل هذا
ويقول: كأن الداعي يحكم على نفسه بأنه من أهل النار.
فأجاب:
لا. هذا غير صحيح
إذا قال الإنسان: اللهم أنجني من النار، فهل معناه أنه دخل فيها؟
طبعاً: لا
لكني ظننتُ أنه يقول: لماذا يسأل بالإعتاق بدل النجاة؟!
أنا أقول: لا بأس أن يسأل بالإعتاق بدلاً من النجاة، كما جاء في الحديث في باب صيام رمضان: (ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) وجاء فيمن أعتق عبداً (أن الله يعتقه بكل جزء منه أو بكل عضو منه عضواً من النار).
لقاء الباب المفتوح (27/ 122)(/)
بحثٌ في لفظة " لعمري " - للشيخ حماد الأنصاري رحمه الله
ـ[الورقات]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 01:16]ـ
" لَعَمري"
بقلم: فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري
المدرس بالجامعة الإسلامية
(مجلة الجامعة الإسلامية / العدد 26 (
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فلقد جرى بيني وبين بعض الإخوان بحث مهم حول زعم النحويين إن كلمة "لعمري" نص في اليمين كما قال ابن مالك في ألفيته:
وفي نص يمين ذا استقر ... وبعد لولا غالباً حذف الخبر
وأثارت هذه الدعوى بيننا استشكالاً عميقاً لأنها لا تتلاءم مع نهي الشارع عن الحلف بغير الله على القول بأنها يمين شرعاً، لما ثبت في:
1 - حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عند الشيخين، قال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)).
2 - وعند ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق عكرمة، قال: قال عمر: ((حدثت قوماً حديثاً فقلت " لا وأبي ". فقال رجل من خلف:" لا تحلفوا بآبائكم "، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك والمسيح خير من آبائكم)).
قال الحافظ: وهذا مرسل يتقوى بشواهده.
3 - وعند الترمذي من وجه آخر عن ابن عمر: أنه سمع رجلاً يقول: " لا والكعبة " فقال: لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)).
قال الترمذي: حسن وصححه الحاكم.
4 - وقال النووي: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لأن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر).
5 - وروى عبد الرزاق عن الثوري عن أبي سلمة عن وبرة قال: قال عبد الله: - لا أدري ابن مسعود أو ابن عمر -: (لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً). اهـ (ج8 ص469 من المنصف) 91.
قال الهيثمي: ورواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. (ج4 ص) 177.
وقال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله؛ أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.
وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز لأحد الحلف بها وجزم غيره بالتفصيل فقال فإن اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به وكان بذلك كافراً وعلى هذا يتنزل حديث الترمذي المذكور.
وأما إذا حلف بغير الله لاعتقاده تعظيم المحلوف به على ما يليق به من التعظيم فلا يكفر بذلك ولا تنعقد يمينه.
قال الماوردي: لا يجوز لأحد أن يحلف أحدا بغير الله لا بطلاق ولا عتاق ولا نذر وإذا حلف الحاكم أحداً بشيء من ذلك وجب عزله لجهله. اهـ
وهذا هو سبب الاستشكال المذكور آنفاً حول كلمة "لعمري" وفي ضمن البحث قلت: إن لفظ "لعمري" ليس يميناً شرعياً، بل هو يمين لغوية: أ- لخلوه من حروف القسم المعروفة المحصورة في الواو والباء والتاء،
ب-ولعدم الكفارة على من أقسم بها.
هذا مع ثبوت الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم نطق بها، وصح عن بعض أصحابه رضي الله عنهم التفوه بها، منهم:
ابن عباس، وعثمان ابن أبي العاص، وعائشة أم المؤمنين، وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة ابن الجراح، وغيرهم رضي الله عنهم،
وكذلك صح عن التابعين لهم بإحسان استعمالها، منهم: عطاء، وقتادة، وغيرهما كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى،
ولم يثبت عن أحد حسب الاستقراء مخالفتهم، إلا ما حُكي عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي.
قال عبد الرزاق:اخبرنا معمر عن مغيرة عن إبراهيم أنه كان يكره "لعمرك" ولا يرى بـ"لعمري " بأساً.
قال معمر: وكان الحسن يقول: لا بأس بـ"وأيم الله"، ويقول قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأيم الذي نفسي بيده". اهـ (ج8 ص469 - 471).
وهما محجوجان بالنصوص الواردة في جواز التكلم بها إن لم نحمل قولهما على عدم بلوغ النصوص إليهما، وهذا هو الأظهر المظنون بمثلهما أو على أنهما منعا ذلك سداً للذريعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قياس إبراهيم النخعي هذه الكلمة "لعمري"على قول الإنسان "وحياتي" فقياس مع فارق، وهو باطل - كما هو معروف في فن الأصول -؛ لأن الأخيرة معها واحد من حروف القسم التي أجمع على أنها صريحة في اليمين بخلاف تلك أي " لعمري "فإن اللام فيه ليست من أدوات القسم لما تقدم. بل مثل هذه اللفظة تعتبر جرياً على رسم اللغة تذكر لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالقسم بالله لوجوب البر به وليس الغرض فيه اليمين الشرعي، فصورة القسم على هذا الوجه المذكور لا بأس به، ولهذا شاع بين المسلمين استعمالها. وقد قال النووي في شرحه على حديث مسلم والدارمي وأبي داود؛ أعني حديث إسماعيل بن جعفر قال مسلم النيسابوري القشيري في صحيحه: حدثني يحيى بن جعفر، قال مسلم النييسابوري القشيري في صحيحه: حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعاً عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل عن أبيه، واسم أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، ونافع هذا عم مالك بن أنس الإمام وهو تابعي سمى أنس بن مالك عن طلحة بن عبيد الله: ((أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل عليّ غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان. فقال: هل عليّ غيره؟ قال: لا إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع. فأدبر الرجل وهو يقول: لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح وأبيه أو دخل الجنة وأبيه إن صدق)).
وقال الحافظ محيى الدين النووي في شرحه: هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) وجوابه أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفلح وأبيه)) ليس حلفاً إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى فهذا هو الجواب المرضي، وقيل: يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم. اهـ
وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام النووي هذا وزاد: "ولأبي داود مثل رواية مسلم لكن بحذف (أو) في قوله: "أفلح وأبيه إن صدق ودخل الجنة وأبيه إن صدق". ثم قال: "إن هذه كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جرت على لسانهم (عقري وحلقي) وما أشبه ذلك أو فيه إضمار اسم الرب. وكأنه قال ورب أبيه وقيل هو خاص به صلى الله عليه وسلم ويحتاج هذا القول إلى دليل وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال هو تصحيف، وإنما كان والله فقصرت اللامان واستنكر القرطبي هذا وقال أنه يجزم الثقة بالرواية الصحيحة وغفل القرافي فادعى أن الرواية بلفظ "وأبيه" لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه".
قال البيهقي: "وأما الذي روينا في كتاب الصلاة عن طلحة بن عبيد الله في قصة الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفلح وأبيه إن صدق". فيحتمل أن يكون هذا القول منه صلى الله عليه وسلم قبل النهي ويحتمل أن يكون جرى ذلك منه على عادة الكلام الجاري على الألسن وهو لا يقصد به القسم كلغو اليمين المعفو عنه. ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع عنه إذا كان منه على وجه التوقير والتعظيم لحقه دون ما كان بخلافه ولم يكن ذلك منه على وجه التعظيم بل كان على وجه التوكيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويحتمل أنه كان صلى الله عليه وسلم أضمر فيه اسم الله تعالى كأنه قال لا ورب أبيه وغيره لا يضمر بل يذهب فيه مذهب التعظيم لأبيه". قال السهيلي في روض الأنف ج6 ص548 غزوة خيبر حول شرح "فاغفر فداء لك ما أبقينا" بعنوان "استعمال الكلمة في غير موضعها"قال في ذلك: "فرب كلمة ترك أصلها واستعملت كالمثل في غير ما وضعت له أولا كما جاءوا بلفظ القسم في غير موضع القسم إذا أرادوا تعجباً واستعظاماً لأمر كقوله عليه الصلاة و السلام في حديث الأعرابي من رواية إسماعيل بن جعفر: "أفلح وأبيه إن صدق" ومحال أن يقصد صلى الله عليه وسلم القسم بغير الله تبارك وتعالى لا سيما برجل مات عليه الكفر وإنما هو تعجب من قول الأعرابي والمتعجب منه مستعظم ولفظ القسم في أصل وضعه لما يعظم فاتسع في اللفظ على هذا الوجه قال الشاعر:
فلا وأبي أعدائها لا أخونها ... فإن تك ليلى استودعتني أمانة
لم يرد أن يقسم بأبي أعدائها ولكنه ضرب من التعجب وقد ذهب أكثر شراح الحديث إلى النسخ في قوله: "أفلح وأبيه" قالوا نسخه قوله: "لا تحلفوا بآبائكم" وهذا قول لا يصح لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحلف قبل النسخ بغير الله ويقسم بقوم كفار وما أبعد هذا من شيمته صلى الله عليه وسلم تالله ما فعل هذا قط ولا كان له بخلق، وقال قوم رواية إسماعيل بن جعفر مصفحة وإنما هو "أفلح والله إن صدق"وهذا أيضاً منكر من القول واعتراض على الاثبات العدول فيما حفظوا. وقد خرج مسلم في كتاب الزكاة قوله عليه الصلاة والسلام لرجل سأله أي الصدقة أفضل فقال: "وأبيك لأنبئنك أو قال لأخبرنك "وذكر الحديث. وخرج في كتاب البر والصلة قوله لرجل سأله: "من أحق الناس بأن أبره؟ أو قال: "أصله فقال وأبيك لأنبئك صل أمك" الحديث.
فقال: "في هذه الأحاديث كما ترى "وأبيك" فلم يأت إسماعيل بن جعفر إذا في روايته بشيء إمر ولا بقول بدع. وقد حمل عليه في روايته رجل من علماء بلادنا وعظماء محدثيها يعني الحافظ بن عبد البر وغفل عفا الله عنه عن الحديثين اللذين تقدم ذكرهما وقد خرجهما مسلم بن الحجاج وفي تراجم أبي داود في كتاب الإيمان في مصنفه ما يدل على أنه كان يذهب إلى قول من قال بالنسخ وأن القسم بالآباء كان جائزاً. والذي ذكرناه ليس في باب الحلف بالآباء كما قدمنا ولا قال في الحديث وأبي، وإنما قال وأبيه أو وأبيك بالإضافة إلى ضمير المخاطب أو الغائب وبهذا الشرط يخرج عن معنى الحلف إلى معنى التعجب الذي ذكرناه هكذا في الروض الآنف ج6 ص548 في غزوة خيبر الطبعة الأخيرة.
وقال الحافظ: "وأقوى الأجوبة الأولان وهما أن هذا كان قبل النهي أو أنها كلمة جارية على اللسان كما تقدم في كلام النووي. وكونه منسوخاً أصح لحديث عمر وابنه".
فصلٌ في ذكر بعض ما ورد في هذه الكلمة مرفوعاً وموقوفاً ومقطوعاً
فهاك أيها القارئ الطالب للحق بعض ما ورد في هذه الكلمة مرفوعاً اسرده لك بعدما مهدت به على هذه المسألة ولقد فتشت وسألت عمن ألف في خصوصيتها فلم أجد من قرع بابها قبل قلمي هذا.
فأقول وبالله التوفيق (الأحاديث المرفوعة) في المسألة قولاً وتقريراً من الشارع صلى الله عليه وسلم:
1 - قال أبو داود سليمان بن الأشعث في سننه: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه بن صحار التميمي أنه مر بقوم فأتوه فقالوا إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارق لنا هذا الرجل فأتوه برجل معتوه في القيود فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه شيئاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((كل، فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)).
2 - وقال أبو داود أيضا في سننه: حدثنا عبد الله بن مسلمة عبد مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
نزلت وأنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا شيئاً نأكله، فجعلوا يذكرون من حاجتهم، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلاً يسأله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا أجد ما أعطيك)) فتولى الرجل وهو مغضب وهو يقول: " لعمري إنك لتعطي من شئت "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يغضب عليّ أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم وله أوقية أو عد لها فقد سأل إلحافا)).
قال الأسدي: فقلت للقحة لنا خير من أوقية، - والأوقية أربعون درهماً -، قال: فرجعت ولم أسأله فقدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شعير أو زبيب فقسم لنا منه أو كما قال حتى أغنانا الله عز وجل.
قال أبو داود: هكذا روى الثوري كما قال مالك. اهـ
ـ[الورقات]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 01:17]ـ
فصلٌ في الآثار عن الصحابة
وقد تقدم أن سبعة من الصحابة نطقوا بهذه الكلمة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي روى حديث النهي عن الحلف بغير الله فقد ثبت عنه في كتابه إلى أبي عبيدة بن الجراح أنه قال:
"أما بعد فقد قدم عليّ أخو ثمالة بكتابك يخبرني فيه بنفر الروم إلى المسلمين براً وبحراً وبما جاشوا عليكم من أساقفتهم وقسيسهم ورهبانهم وإن ربنا المحمود عندنا والصانع لنا والعظيم ذا المن والنعمة الدائمة علينا قد رأى مكان هؤلاء الأساقفة والرهبان حيث بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأعزه بالنصرة ونصره بالرعب على عدوه وقال وهو لا يخلف الميعاد {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} فلا تهولنك كثرة ما جاءك منهم فإن الله منهم بريء من برئ الله منه كان قمنا أن لا تنفعه كثرة وإن يكله الله إلى نفسه ويخذله ولا توحشنك قلة المسلمين في المشركين فإن الله معك وليس قليلاً من كان الله معه فأقم بمكانك الذي أنت فيه حتى تلقى عدوك وتناجزهم وتستظهر بالله عليهم وكفى به ظهيراً وولياً ونصيراً. وقد فهمت مقالتك احتسب أنفس المسلمين إن هم أقاموا ودينهم إن هم تفرقوا فقد جاءهم ما لا قبل لهم به إلا أن يمدهم الله بملائكته ويأتيهم بغياث من قبله.
وأيم الله لولا استثناؤك بهذا لقد كنت أسأت ولعمري إن أقام لهم المسلمون وصبروا فأصيبوا لما عند الله خير الأبرار ولقد قال الله عز وجل {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} فطوبى للشهداء وإن لمن عقل عن الله ممن معك من المسلمين لأسوة بالمصرعين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطنه فما عجز الذين قاتلوا في سبيل الله ولا هابوا الموت في جنب الله ولا وهن الذين بقوا من بعده ولا استكانوا لمصيبتهم ولكنهم تأسوا بها وجاهدوا في الله من خالفهم منهم وفارق دوينهم ولقد أثنى الله على قوم بصبرهم فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فأما ثواب الدنيا فالغنيمة والفتح وأما ثواب الآخرة فالمغفرة والجنة واقرأ كتابي هذا على الناس ومرهم فليقاتلوا في سبيل الله وليصيروا كيما يؤتيهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة. فأما قولك أنهم قد جاءهم ما لا قبل لهم به فإن لا يكن لكم بهم قبل فإن لله بهم قبلا ولم يزل ربنا عليهم مقتدرا ولو كنا والله إنما نقاتل الناس بحولنا وقوتنا وكثرتنا لهيهات ما قد أبادونا وأهلكونا ولكن نتوكل على الله ربنا ونبرأ إليه من الحول والقوة ونسأله النصرة والرحمة وإنكم منصورون إن شاء الله على كل حال فأخلصوا لله نيتكم وارفعوا إليه رغبتكم واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم فتفلحون".
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أحمد زكي صفوت في جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة ذكرها صاحب فتوح الشام ص 162.
قلت: قال أبو عبد الله الواقدي مؤلف فتوج الشام والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة ما اعتمدت في أخبار هذه الفتوح إلا الصدق وما نقلت أحاديثها إلا عن الثقات.
قال الخطيب البغدادي في كتابه الموضح: "أخبرنا السكري أخبرنا جعفر الواسطي أخبرنا ابن المتوكل أخبرنا المدائني قال: قال عبد الله بن فائد وغسان ابن عبد الحميد عن جعفر بن عبد الله بن مسور بن مخرمة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال لمتمم بن نويرة أنشدني مرثيتك أخاك مالكاً فأنشده:
ولا جزعاً مني وإن كنت موجعا ... لعمري وما عمري بتابين هالك
قال الإمام أحمد حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال أخبرتني عائشة رضي الله عنها قالت خرجت يوم الخندق أقفو الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا أنا بسعد بن معاذ رضي الله عنه ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة قالت فجلست إلى الأرض فمر سعد رضي الله عنه وعليه درع من حديد قد خرجت منه أطرافه فأنا أتخوّف على أطراف سعد قالت وكان سعد رضي الله عنه من أعظم الناس وأطولهم فمر وهو يرتجز ويقول:
ما أحسن الموت إذا حان الأجل ... ليث قليلاً يشهد الهيجا حمل
قالت فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين وإذا فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيهم رجل عليه تسبغة له تعني المغفر فقال عمر رضي الله عنه ما جاء بك"لعمري"والله إنك لجريئة وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تخور قالت فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت في ساعتئذ فدخلت فيها فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا هو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقال يا عمر ويحك إنك قد أكثرت منذ اليوم وأين التخور أو الفرار إلا إلى الله" الحديث ذكره ابن كثير بطوله جـ3 ص479.
ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما فقد جاء عن جويرية بنت أسماء عن نافع بن شيبة قال: "لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم فأخذ بخطام راحلته فأناخ به ثم ساره طويلاً وانصرف فزجر معاوية الراحلة فقال له ابنه يزيد لا يزال الرجل قد عرض لك فأناخ بك"قال: "دعه لعله يطلبها من غيري فلا يسوغه فيقتله"في كلام طويل إلى أن قال: "وقال ابن عمر للحسين: "لا تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة وإنك بضعة منه ولا تنالها ثم اعتنقه وبكى وودعه فكان ابن عمر يقول غلبنا بخروجه ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن يتحرك". انتهى من سير النبلاء جـ3ص199.
ومنهم ابن عباس قال الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري من بني قشير قبيلة من العرب معروفة النيسابوري في باب النساء الغازيات جـ12 ص190: "حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس لولا أن أكتم علماً ما كاتبت إليه كتب إليه نجدة [1] أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهم بسهم وهل كان يقتل الصبيان ومتى يتقضى يتم اليتيم وعن الخمس لمن هو؟
فكتب إليه ابن عباس رضي الله عنهما كتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان، وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم"فلعمري" إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو، وإنا كنا نقول هو لنا فأبى علينا قومنا ذلك"وأخرج مسلم عن عروة ابن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال ان ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه أنك لجلف جاف"فلعمري"لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين، يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ابن الزبير فجرب بنفسك فوالله لأن فعلتها لأرجمنك بأحجارك والمراد بالرجل ابن عباس انتهى من مسلم في باب نكاح المتعة جـ1 ص452.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقد نطقت بـ"لعمري".
قال محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في باب قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} قال قلت: "أكذبوا أم كذّبوا"قالت عائشة: "كذّبوا"قلت: "فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن"قالت: "أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك"فقلت لها: "وظنوا أنهم قد كذبوا"قالت: "معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها"قلت: "فما هذه الآية؟ "قالت: "هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأسوا ممن كذبوهم من قومهم فظنت الرسل أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك".
وأخرج الحاكم في مستدركه بسنده إلى عبد الله بن وهب أخبرني عمرو ابن الحارث أن بكيراً حدثه أن أمه حدثته: أنها أرسلت إلى عائشة رضي الله عنها بأخيه مخرمة وكانت تداوي من قرحة تكون بالصبيان فلما داوته عائشة وفرغت منه رأت في رجليه خلخالين جديدين فقالت عائشة أظننتم أن هذين الخلخالين يدفعان عنه شيئاً كتبه الله عليه لو رأيتهما ما تداوى عندي وما مرّ عندي لعمري للخلخالين من فضة أطهر من هذين قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص سمعه ابن وهب منه.
وأما عثمان بن أبي العاص فقد أخرج إسحاق بن راهويه في مصنفه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: "كانت يمين عثمان بن أبي العاص لعمري" [2] وقال الحافظ بن حجر في الإصابة في أسماء الصحابة: "ذكر المرزباني في معجم الشعراء أن عثمان بن بشر بن دهمان كان قد شد في الجاهلية على عمرو بن معد يكرب فهرب عمرو فقال عثمان:
حواسر يخمشن الوجوه على عمرو ... لعمرك لولا الليل قامت مآتم
وأما أبو عبيدة بن الجراح: فإنه ثبت أنه تكلم بها في كتابه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ولفظه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبي عبيدة بن الجراح.
سلام عليكم فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أما بعد:
فإن الروم قد أقبلت فنزلت فحل طائفة منهم مع أهلها وقد سارع إليهم أهل البلد ومن كان على دينهم من العرب وقد أرسلوا إلي أن أخرج من بلادنا التي تنبت الحنطة والشعير والفواكه والأعناب وأنكم لستم لها بأهل والحقوا ببلادكم بلاد الشقاء والبؤس فإن أنتم لم تفعلوا سرنا إليكم بما لا قبل لكم به ثم أعطينا لله عهداً أن لا ننصرف عنكم ومنكم عين تطرف فأرسلت إليهم: أما قولكم أخرجوا من بلادنا فلستم بأهله فلعمري ما كنا لنخرج منها وقد دخلناها وورّثناها الله منكم ونزعناها من أيديكم وإنما البلاد بلاد الله والعباد عباده وهو ملك الملوك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وأما ما ذكرتم من بلادنا وزعمتم أنها بلاد البؤس والشقاء فقد صدقتم قد أبدلنا الله بها بلادكم بلاد العيش الرفيغ أي الواسع والسعر الرخيص والفواكه الكثيرة فلا تحسبونا بتاركيها ولا منصرفين عنها ولكن أقيموا لنا فوالله لا نجشمكم إتياننا ولتأتينكم إن أقمتم لنا فكتبت إليك حين نهضت إليهم متوكلاً على الله راضياً بقضاء الله واثقاً بنصر الله كفانا الله وإياكم والمؤمنين مكيدة كل كائد وحسد كل حاسد ونصر الله أهل دينه نصراً عزيزاً وفتح لهم فتحاً يسيراً وجعل لهم من لدنه سلطاناً نصيراً. انتهى. من جمهرة رسائل العرب وقد عزاها صاحبها إلى فتوح الشام ص109.
وروى البزار بسند فيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي - وهو ضعيف جداً -، وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به، عن جابر قال: دخل علي بن أبي طالب على فاطمة رضي الله عنها يوم أحد فقال:
أفاطمة هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بلئيم
لعمري لقد أبليت في نصر أحمد * ومرضاة رب بالعباد عليم
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه سهل بن حنيف وابن الصمة وذكر آخر فنسيه علي فقال جبريل صلى الله عليه وسلم يا محمد هذا وأبيك المواساة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل إنه مني فقال جبريل وأنا منكما انتهى من مجمع الزوائد جـ6 ص 122.
وأما أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فقد ذكر الحافظ الذهبي في سير النبلاء انها فاهت بهذه الكلمة بما لفظه سفيان بن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي قال قدمت أسماء من الحبشة فقال لها عمر يا حبشية سبقناكم بالهجرة فقالت "لعمري"لقد صدقت كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم وكنا البعداء الطرداء أما والله لأذكرنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان.
وكذلك الصحابي الذي جاءه الأسدي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أقره صلى الله عليه وسلم على النطق بها لما تولى وهو مغضب حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أجد ما أعطيك فقال "لعمري" إنك لتعطي من شئت الحديث تقدم عند أبي داود في باب الأحاديث المرفوعة ومنهم أبو هريرة.
(قال عبد الرزاق) باب الحلف بغير الله وأيم الله "ولعمري"
قال الراوي أخبرها عبد الرزاق قال أخبرها ابن جريج قال سمعت عطاء يقول كان خالد بن العاص وشيبة بن عثمان يقولان إذا أقسما "وأبي" فنهاهما أبو هريرة عن ذلك أن يحلفا بآبائهما قال فغير شيبة فقال"لعمري"وذلك أن إنساناً سأل عطاء عن "لعمري"وعن"لا"ها الله إذا أبهما بأس فقال لا ثم حدث هذا الحديث عن أبي هريرة وأقول ما لم يكن حلف بغير الله فلا بأس فليس"لعمري"بقسم. انتهى منه جـ8 ص469 إلى 471.
وروى عبد الرزاق أيضاً عن الثوري عن إبراهيم بن مسلم عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذا الصلوات المكتوبة حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله قد شرع لنبيكم سنن الهدى"ولعمري"ما أخال أحدكم إلا وقد اتخذ مسجداً في بيته ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه أو معروف نفاقه ولقد رأيت الرجل يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف فما من رجل يتطهر فيحسن الطهور فيخطو خطوة يعمد بها إلى مسجد لله تعالى إلا كتب الله له بها حسنة ورفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى إن كنا لنقارب في الخطا جـ -1 ص 516 [3].
الأحاديث المقطوعة في المسألة.
وقد ذكرنا في أول التمهيد أن كلمة "لعمري" تكلم بها التابعون منهم عمر بن عبد العزيز فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة وكان عاملاً على البصرة: أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر أن قبلك عمالاً قد ظهرت خيانتهم وتسألني أن آذن لك في عذابهم كأنك ترى أن لك جنة من دون الله فإذا جاءك كتابي هذا فإن قامت عليهم بينة فخذهم بذلك وإلا فاحلفهم دبر صلاة العصر بالله الذي لا إله إلا هو ما اختانوا من مال المسلمين شيئاً فإن حلفوا فخل سبيلهم فإنما هو مال المسلمين وليس للشحيح منهم إلا جهد إيمانهم "ولعمري" لأن يلقوا الله بخياناتهم أحبّ إليّ من أن ألقى الله بدمائهم والسلام - انتهى سيرة عمر بن عبد العزيز للإمام مالك ص55.
وذكر ابن كثير أنه لما احتضر عمر بن عبد العزيز سمع غسالاً يغسل الثياب فقال ما هذا فقالوا غسالاً فقال يا ليتني كنت غسالاً أكسب ما أعيش به يوماً بيوم ولم آل الخلافة ثم تمثل فقال:
ودانت في الدنيا بوقع البواتر
لعمري لقد عمرت في الملك برهة
ولي سلّمت كل الملوك الجبابر
وأعطيت حمر المال والحكم والنهي
كحلم مضى في المزمنات الغوابر
وأضحى الذي قد كان مما برني
ولم أسع في لذات عيش نواضر
فيا ليتني لم أعن بالملك ليلة
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أنشد هذه الأبيات أيضاً معاوية بن أبي سفيان عند موته وقال عمر بن عبد العزيز لزوجته فاطمة بنت عبد الملك قد علمت حال هذا الجوهر كلها وما صنع فيه أبوك ومن أين أصابه فهل لك أن أجعله في تابوت ثم أطبع عليه وأجعله في أقصى بيت مال المسلمين وأنفق ما دونه فإن خلصت إليه أنفقته وإن مت قبل ذلك "فلعمري"ليردنه إليك قالت له افعل ما شئت ففعل ذلك فمات رحمه الله تعالى ولم يصل إليه فرد ذلك عليها أخوها يريد بن عبد الملك فامتنعت من أخذه وقالت ما كنت لأتركه ثم آخذه فقسمه يزيد بين نسائه ونساء بنيه. انتهى من سيرة عمر بن عبد العزيز برواية مالك بن أنس تأليف أبي محمد عبد الله بن عبد الحكم ص53.
وقال أيضاً كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وكان والي المدينة أما بعد فقد قرأت كتابك إلى سليمان تذكر فيه أنه كان يقطع لمن كان قبلك من أمراء المدينة من الشمع كذا وكذا يستضيئون به في مخرجهم فابتليت بجوابك فيه "ولعمري"لقد عهدتك يا ابن أم حزم وأنت تخرج من بيتك في الليلة الشاتية المظلمة بغير مصباح "ولعمري "لأنت يومتئذ خير منك اليوم ولقد كان في فتائل أهلك ما يغنيك والسلام- انتهى منه ص55.
وقال أيضاً دخل عمر بن عبد العزيز على الوليد بن عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين إن عندي نصيحة فإذا خلا لك عقلك واجتمع فهمك فسلني عنها قال ما يمنعك منها الآن قال أنت أعلم إذا اجتمع لك ما أقول فإنك أحق أن تفهم، فمكث أياماً ثم قال يا غلام من بالباب فقيل له ناس وفيهم عمر بن عبد العزيز فقال أدخله فدخل عليه فقال نصيحتك يا أبا حفص فقال عمر إنه ليس بعد الشرك إثم أعظم عند الله من الدم وإن عمالك يقتلون ويكتبون أن ذنب فلان المقتول كذا وكذا وأنت المسؤول عنه ومأخوذ به فاكتب إليهم أن لا يقتل أحد منهم أحدا حتى يكتب إليك بذنبه ثم يشهد عليه ثم تأمر بأمرك على أمر قد وضح لك قال بارك الله فيك يا أبا حفص ومنع فقدك عليّ بكتاب فكتب إلى أمراء الأمصار كلهم فلم يخرج من ذلك إلا الحجاج فإنه أمضه وشق عليه وأقلقه وظن أنه لم يكتب إلى أحد غيره، فبحث عن ذلك فقال من أين دهينا أو من أشار على أمير المؤمنين بهذا فأخبر أن عمر بن عبد العزيز هو الذي فعل ذلك فقال هيهات إن كان عمر فلا نقض لأمره ثم أن الحجاج أرسل إلى أعرابي حروري جاف من بكر بن وائل ثم قال له الحجاج ما تقول في معاوية فنال منه قال له ما تقول في يزيد فسبه قال فما تقول في عبد الملك فظلّمه قال فما تقول في الوليد فقال اجورهم حين ولاك وهو يعلم عداءك وظلمك قال فسكت عنه الحجاج واقترضها منه ثم بعث به إلى الوليد وكتب إليه أنا أحوط لديني وأرعى لما استرعيتني وأحفظ له من أن أقتل أحداً لم يستوجب ذلك وقد بعثت إليك ببعض من كنت أقتل على هذا الرأي فشأنك وإياه فدخل الحروري على الوليد وعنده أشراف أهل الشام وعمر فيهم فقال له الوليد ما تقول فيّ قال ظالم جائر جبار قال ما تقول في عبد الملك قال جبار عات قال فما تقول في معاوية قال ظالم قال الوليد لابن الريان اضرب عنقه فضرب عنقه ثم قام فدخل منزله وخرج الناس من عنده فقال يا غلام اردد عليّ عمر فرده عليه فقال يا أبا حفص ما تقول
في هذا أصبنا فيه أم أخطأنا فقال عمر ما أصبت بقتله ولغير ذلك أرشد وأصوب كنت تسجنه حتى يراجع الله عز وجل أو تدركه منيته فقال الوليد شتمني وشتم عبد الملك وهو حروري أفتستحل ذلك قال "لعمري" ما أستحله لو كنت سجنته إن بدا لك أو تعفو عنه فقام الوليد مغضباً فقال ابن الريان لعمر يغفر الله لك يا أبا حفص لقد راددت أمير المؤمنين حتى ظننت أن يأمرني بضرب عنقك فقال عمر ولو أمرك كنت تفعل قال أي"لعمري"قال عمر أذهب إليك - انتهى ص115.
ومنهم قتادة، قال ابن جرير في تفسيره الجليل حدثنا الحسن قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} قال فما بال أقوام يتكلفون علم الناس فلان في الجنة وفلان في النار فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال لا أدري "لعمري"أنت بنفسك أعلم منك بأعمال الناس ولقد تكلفت شيئاً ما تكلفته الأنبياء قبلك قال نبي الله نوح عليه السلام: {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقال نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} وقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام {لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}.
ومنهم عطاء فقد أخرج الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه في باب طواف النساء مع الرجال قال وقال لي عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم قال ابن جريج أخبرنا قال أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام الطواف مع الرجال قال كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال قلت بعد الحجاب أو قبل قال إي "لعمري"لقد أدركته بعد الحجاب قلت كيف يخالطن الرجال قال لم يكن يخالطن. وروى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عن عطاء قال قلت له أيحق على النساء إذا سمعن الأذان أن يجبن كما هو حق على الرجال قال لا "لعمري" جـ3 ص 147.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الورقات]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 01:18]ـ
فصلٌ في أقوال أئمة التفسير واللغة في " لعمرك "
قال الإمام أبو الفتح ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي الفقيه الحنفي الخوارزمي (المولود سنة 538هـ المتوفى سنة 616هـ) في كتابه المغرب في ترتيب المعرب:
العمر بالضم والفتح؛ البقاء، إلا أن الفتح غلب في القسم حتى لا يجوز فيه إلا الفتح، ويقال لعمرك ولعمر الله لأفعلن كذا، وارتفاعه على الابتداء وخبره محذوف.
وقال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد الجزري - المعروف بابن الأثير - في النهاية في غريب الحديث:
وفي الحديث أنه اشترى من أعرابي حمل خبط فلما وجب البيع قال له اختر فقال له الأعرابي عمرك الله بيّعا أي أسأل الله تعميرك وأن يطيل عمرك والعمر بالفتح العمر ولا يقال في القسم إلا بالفتح وبيعا منصوب على التمييز أي عمرك الله من بيّع ومنه حديث لعمر الهك هو قسم ببقاء الله ودوامه وهو رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره لعمر الله قسمي أو ما أقسم به واللام للتوكيد فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر، فقلت عمر الله وعمرك الله أي بإقرارك لله وتعميرك له بالبقاء.
قال القرطبي في تفسيره:
والعمر بضم العين وفتحها لغتان ومعناهما واحد إلا أنه لا يستعمل في القسم إلا بالفتح لكثرة الاستعمال، وتقول عمرك الله أي أسأل الله تعميرك وكره كثير من العلماء أن يقول الإنسان لعمري لأن معناه وحياتي قال إبراهيم النخعي يكره للرجل أن يقول لعمري لأنه حلف بحياة نفسه وذلك من كلام ضعفة الرجال ونحو هذا قال مالك أن المستضعفين من الرجال والمؤنثين يقسمون بحياتك وعيشك وليس من كلام أهل الذكران وإن كان الله سبحانه أقسم به في قصة لوط عليه السلام فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه فلا يحمل عليه سواه ولا يستعمل في غيره وقال ابن حبيب ينبغي أن يصرف"لعمرك"في الكلام لهذه الآية وقال قتادة هو من كلام العرب قال ابن العربي وبه أقول لكن الشرع قد قطعه في الاستعمال ورد القسم إليه وقال القرطبي القسم بلعمرك ولعمري في أشعار العرب وفصيح كلامهم كثير قال النابغة الذبياني:
لقد نطقت بطلا عليّ الاقارع ... لعمري وما عمري عليّ بهين
أراد بالأقارع بني قريع بن عوف وكانوا قد وشوا به إلى النعمان.
وقال طرفة العبد:
لك الطول المرضى وثنياه باليد ... لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى
والطول بكسر الطاء وفتح الواو الحبل قوله وثنياه أي ما ثنى منه ثم قال وقال بعض أهل المعاني لا يجوز هذا لأنه لا يقال لله عمر وإنما هو تعالى أزلي ذكره الزهراوي وقال أبو حيان في البحر المحيط وهذا الكلام يوهم أن العمر لا يقال إلا فيما له انقطاع وليس كذلك العمر والعمر البقاء.
وقال الجوهري في صحاحه قال ابن الأعرابي احتشمته أغضبته وأنشد:
بطئ النضج محشوم الاكيل ... لعمرك إن قرص أبي خبيب
وقال في صحاحه أيضا:
عمر الرجل بالكسر يعمر عمراً وعمراً وعلى غير قياس مصدره التحريك أي عاش زمناً طويلاً ومنه قولهم أطال الله عمرك والعمر وهما وإن كانا مصدرين بمعنى واحد إلا أنه استعمل في القسم أحدهما وهو المفتوح فإذا أدخلت عليه اللام رفعته بالابتداء قلت لعمر الله واللام لتوكيد الابتداء والخبر محذوف والتقدير لعمر الله قسمي أو ما أقسم به، فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر وقلت عمر الله ما فعلت كذا وعمرك الله ما فعلت ومعنى لعمر الله وعمر الله أحلف ببقاء الله ودوامه وإذا قلت عمرك الله فكأنك قلت بتعميرك الله أي بإقرارك له بالبقاء.
وقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
قمرك الله كيف يلتقيان * أيها المنكح الثريا سهيلاً
أي سألت الله أن يطيل عمرك لأنه لم يرد القسم بذلك.
قال أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم - المعروف بابن المنظور - الإفريقي المصري الأنصاري الخزرجي، في كتابه لسان العرب:
العمر بالفتح والعمر بالضم والعمر بضم العين والميم الحياة يقال قد طال عمره وعمره لغتان فصيحتان فإذا أقسموا قال في القسم "لعمري ولعمرك"يرفعونه بالابتداء ويضمرون الخبر كأنه قال "لعمرك"قسمي أو يميني أو ما أحلف به.
قال ابن جني:
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يجيزه القياس غير أنه لم يرد به الاستعمال خبر العمر من قولهم لعمرك لأقومنّ فهذا مبتدأ محذوف الخبر وأصله لو أظهر خبره لعمرك ما أقسم به فصار طول الكلام بجواب القسم عوضاً من الخبر.
وقيل العمر هاهنا الدين وأياً كان فإنه لا يستعمل في القسم إلا مفتوحاً وفي التنزيل العزيز {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} لم يقرأ إلا بالفتح.
وقال أبو حيان: قال أبو الهيثم النحوي"لعمرك" لدينك الذي تعمر وقال ابن الأعرابي عمرت ربي أي عبدته وفلان عامر لربه أي عابد قال ويقال تركت فلاناً يعمر ربه أي يعبده فعلى هذا لعمرك لعبادتك وقال الزجاج ألزموا الفتح القسم لأنه أخف عليهم وهم يكثرون القسم بلعمري ولعمري فلزموا الأخف وقد تقدم من كلام القرطبي أن قتادة قال لعمري ولعمرك من كلام العرب قال ابن العربي وبه أقول لكن الشرع قطعه في الاستعمال ورد القسم إليه وقال ابن منظور روى عن ابن عباس في قوله تعالى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ} الآية أي لحياتك قال وما حلف الله بحياة أحد إلا بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وقال قال أبو الهيثم ويقولون معنى لعمرك لدينك الذي تعمر وأنشد بيت عمر بن أبي ربيعة المتقدم قال عمرك الله عبدتك الله فنصب وأنشد:
وذرينا من قول من يؤذينا ... عمرك الله ساعة حدثينا
فأوقع الفعل على الله عز وجل في قوله "عمرك الله وقال الأخفش في قوله {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ} الآية وعيشك وإنما يريد العمر وقال أهل البصرة اضمر له ما رفعه لعمرك المحلوف به وقال الفراء الإيمان يرفعها جواباتها.
قال الأزهري: وتدخل اللام في لعمرك فإذا أدخلتها رفعت بها بالابتداء فقلت لعمرك ولعمر أبيك فإذا قلت لعمر أبيك الخير نصبت الخير وخفضت فمن نصب أراد أن أباك عمر الخير يعمره عمراً وعمارة فنصب الخير بوقوع العمر عليه ومن خفض الخير جعله نعتاً لأبيك وقال المبرد في قوله عمرك الله إن شئت جعلت نصبه بفعل أضمرته وإن شئت نصبته بواو حذفته وعمرك الله وإن شئت كان على قولك عمّرتك الله تعميرا وأنشدتك الله نشيداً ثم وضعت عمرك في موضع التعمير وأنشد فيه:
هل كنت جارتنا أيام ذي سلم ... عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا
يريد ذكرتك الله وقال الأزهري عمرك الله مثل نشدتك الله قال أبو عبيد سألت الفراء لم أرتفع لعمرك فقال على إضمار قسم ثان كأنه قال وعمرك فلعمرك عظيم وكذلك لحياتك مثله قال والدليل على ذلك قول الله عز وجل {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ} الآية .. كأنه أراد والله ليجمعنكم فأضمر القسم، قال المبرد وفي لغة وعملك يريدون لعمرك ومنه قول عمارة بن عقيل الحنظلي:
تعرض لي من طائر لصدوق ... عملك ان الطائر الواقع الذي
وتقول إنك عمري لظريف وقال ابن منظور العرب تقول عمرك الله افعل كذا وإلا فعلت كذا بالنصب وهو من الأسماء الموضوعة في موضع المصادر المنصوبة على إضمار الفعل المتروك إظهاره وأصله من عمّرتك الله تعميرا فحذفت زيادته فجاء على الفعل وأعمرك الله أن تفعل كذا كأنك تحلّفه بالله وتسأله بطول عمرك قال الشاعر:
ألوي عليك لو أن لبك يهتدي ... عمرتك الله الجليل فإنني
قال الكسائي عمرك الله لا أفعل ذاك نصب على معنى عمرتك الله أي سألت الله أن يعمّرك كأنه قال عمرت الله إياك قال ويقال أنه يمين بغير واو وقد يكون عمر الله وهو قبيح وعمر الله يعمر عمراً وعمارة وعمراً وعمر يعمر ويعمر الأخيرة عن سيبويه كلاهما عاش وبقي زمناً طويلاً.
قال لبيد:
لو كان للنفس اللجوج خلود ... وعمرت حرسا قبل مجرى داحس
وأنشد محمد بن سلام كلمة جرير:
لقد حديت تيم حداء عصبصبا ... لئن عمرت تيم زماناً بغرة
ومنه قولهم أطال الله عمرك قال الحافظ بن عبد البر في الاستيعاب قال عمرو بن الأهتم التميمي:
لصالح أخلاق الرجال سروق ... ذريني فإن البخل يا أم هيتم
ولكن أخلاق الرجال تضيق ... لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها
وقال الحافظ بن حجر قال هشام بن الكلبي حدثني جعفر بن كلاب أن عمر بن الخطاب ولى علقمة بن علاثة العامري حوران فنزلها إلى أن مات وخرج إليه الحطيئة في جده قد مات وأوصى له بجائزة فرثاه بقصيدة منها:
وبين الغنى إلا ليال قلائل ... فما كان بينني لولقيتك سالماً
بحور أن أمسى أدركته الحبائل ... لعمري لنعم المرء من آل جعفر
وأقوال الشعراء في هذه الكلمة كثيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فصل في بيان أقوال أئمة المذاهب في الكلمة المسؤول عن حكمها
أما الإمام مالك ففي المدونة الكبرى رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن عبد الرحمن بن القاسم وغيره عن مالك رحمه الله قال سحنون قلت أرايت قوله "لعمري "أتكون هذه يميناً قال قال مالك لا تكون يميناً.
قال الحطاب في كتابه مواهب الجليل شرح مختصر خليل لأبي المودة الجندي التركي المالكي ما نصه وقوله"لعمري"أو هو زان أو سارق أو قال والصلاة والصيام والحج أو قال هو يأكل لحم الخنزير والميتة أو يشرب الدم أو الخمر أو يترك الصلاة أو عليه لعنة الله أو غضبه أو أدخله الله النار وكل ما دعى به على نفسه لم يكن بشيء من هذا يميناً.
وأما الإمام امام أهل السنة أحمد بن حنبل الشيباني فقد قال الموفق بن قدامة في المغني قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وقد سئل عن الرفع إي "لعمري"ومن يشك في هذا كان ابن عمر إذا رأى من لا يرفع حصبه وأمره أن يرفع وقال في موضع آخر في نفس الكتاب وإن قال "لعمري"أو "لعمرك"أو"عمرك"فليس بيمين، في قول أكثرهم وقال الحسن في قوله "لعمري"عليه الكفارة ثم قال والدليل على أنه ليس بيمين أنه أقسم بحياة مخلوق فلم تلزمه كفارة كما لو قال وحياتي وذاك لأن هذا اللفظ يكون قسماً بحياة الذي أضيف إليه العمر فإن التقدير لعمرك قسمي أو أقسم به والعمر الحياة والبقاء وقال أبو عبد الله محمد بن مفلح في كتابه الفروع وإن قال "لعمري"أو قطع الله يديه ورجليه أو أدخله الله النار إن فعل كذا فذلك لغو نص عليه الإمام أحمد ولا يلزمه إبرار القسم في الأصح.
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مختصر الإنصاف وإن قال لعمري أو لعمرك فليس بيمين في قول الأكثر وقال الحسن في قول"لعمري" كفارة وبمثل هذا أفتى حفيده الشيخ عبد اللطيف في منهاج التأسيس في الرد على ابن جرجيس العراقي حيث قال إن المذهب والأكثر لا يرى أن لعمري أو لعمرك يمين وانتفاء الكفارة لانتفاء اليمين. وأما قول الحسن فمرجوح كما تقدم وقد يكون يوجب الكفارة لمعصية القائل وفجوره مع أن اليمين غير مقصودة بها بل هذا يجري على ألسنتهم من غير قصد كقوله عقري وحلقي وقوله ثكلتك أمك بل هو غير معلوم وغير مفهوم من كلام أهل العلم والإيمان وأئمة هذا الشأن أنه يمين بل صريح كلامهم نفي هذا وأنه ليس بقسم ثم قال وليس الغرض اليمين الشرعية وتشبيه غير الله به وفي التعظيم حتى يرد عليه أن الحلف بغير اسمه تعالى وصفاته عز وجل مكروه كما صرح به النووي في شرحه على مسلم بل الظاهر من كلام الحنفية أنه كفر إن كان باعتقاد أنه حلف يجب البر به وحرام إن كان بدونه كما صرح به بعض الفضلاء.
3 - الأحناف أما المذهب الحنفي فقد قال العيني في عمدة القاري شرح البخاري وإذا قال "لعمري"فقال الحسن البصري عليه الكفارة إذا حنث فيها وسائر الفقهاء لا يرون فيها كفارة لأنها ليست عندهم يمينا انتهى.
ـ[الورقات]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 01:19]ـ
خاتمة المطاف
لقد تبين مما تقدم من النصوص الدالة على أن كلمة " لعمري " ليست يميناً شرعية تجب الكفارة به تبين من ذلك أن اليمين الشرعية هي اليمين التي تجب الكفارة على من حلف بها إذا حنث. وأما ما ذكره ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن (ص 428) بمن أن أكثر المفسرين من السلف والخلف بل لا يعرف من السلف فيه نزاع أن "لعمرك "في قوله تعلى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} قوله إن هذا قسم من الله بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا من أعظم فضائله أن يقسم الرب عز وجل بحياته وهذه مزية لا تعرف لغيره ولم يوافق الزمخشري على ذلك فصرف القسم إلى أنه بحياة لوط عليه الصلاة والسلام "لعمرك"إنهم لفي سكرتهم يعمهون "وليس في اللفظ ما يدل على واحد من الأمرين بل ظاهر اللفظ وسياقه إنما يدل على ما فهمه السلف لا أهل التعطيل والاعتزال. قال ابن عباس رضي الله عنهما والعمر بفتح العين المهملة والعمر بضمها واحد إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإثبات الأخف لكثرة دوران الحلف بها على ألسنتهم وأيضاً فإن العمر حياة مخصوصة فهو عمر شريف عظيم أهل أن يقسم به لمزيته على كل عمر من أعمار بني آدم ولا ريب أن عمره وحياته صلى الله عليه وسلم من أعظم النعم والآيات فهو أهل أن يقسم به أولى من القسم بغيره من المخلوقات -
(يُتْبَعُ)
(/)
انتهى.
فهذا الكلام من الإمام ابن القيم يحمل على أنه إنما أراد أن هذه الكلمة قسم لغة وإلا فإن الأحاديث الصحيحة المتقدمة تمنع وتنهى عن الحلف بغير الله من المخلوقات فإن ذلك من أعظم المحرمات كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة هذا كله في غير قسم الله تعالى بما شاء من مخلوقاته فإنه يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون وقد تقدم في النصوص التي سردناها عن الأئمة أن هذه الكلمة ليست من الإيمان الشرعية التي تجب الكفارة بها عند الحنث بل هي محمولة على أحد الوجوه المتقدمة.
أولاً: حمله على حذف مضاف وقد نقل ذلك عن بعض أهل العلم فيكون التقدير "لواهب عمري"كما في أمثالها مما أقسم فيه بغير الله على قول كقوله تعالى والشمس والليل، والقمر.
وثانياً: أن يكون المراد بها وبأمثالها ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالقسم بالله تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعية وتشبيه غير الله تعالى به في التعظيم بل الظاهر من كلام الأحناف أنها كفر إن كان يعتقد أنه حلف يجب البر به. وحرام إن كان بدون ذلك كما صرح به بعض الفضلاء فعلى هذا فذكر صورة القسم على أحد الوجوه المذكورة لا بأس به ولهذا شاع استعمال هذه الكلمة بين العلماء بإجماعهم. كما تقدمت عليه النصوص.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه هداة الأمم.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] هو نحدة بن عامر الحروري بن وؤس الخوارج زائغ عن الحق ذكر في الضعفاء الجرجاني وهو ابن عمير اليماني خرج باليمامة عقب موت يزيد بن معاوية وقدم مكة وله مقالات معروفة واتباع انقرضوا وقد ذكر له الحافظ ترجمة في تهذيب التهذيب قتل بعد ابن عباس بقليل في سنة 70 اللسان للحافظ.
[2] قال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال كانت يمين عثمان بن أبي العاص"لعمري" انتهى من العلل للإمام أحمد ص406.
[3] أخرجه مسلم وأبو داود ففي مسلم ج1 ص232 وفي أبي داود ج1 ص81.
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 07:46]ـ
بارك الله فيك أخي
بحث طيب ونقل مميز
جزاك الله كل خير(/)
هل كان لأبي بكر رضي الله عنه إخوة؟
ـ[احمد الصايم]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 04:34]ـ
سؤال مهم
هذه اول مشاركه لي في هذا المنتدى.
سؤالي هو كثيراً ما نقرأ عن سيدنا ابو بكر الصديق رض الله عنه ولكن لم نقرأ هل له أخوة ام لا؟ شاكرين الاجابة منكم والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[17 - Apr-2010, مساء 05:01]ـ
الذي أعرفه أن له - رضي الله عنه - أختين.
لكن ليس له إخوة ذكور.
والأختان هما:
= أم فروة؛ تزوجها رجل من الأزد، ثم تزوجها تميم الداري، ثم تزوجها الأشعث بن قيس.
= وقريبة؛ كانت تحت سعد بن قيس بن عبادة.
من (المعارف) لابن قتيبة.
ـ[القارئ المليجي]ــــــــ[03 - May-2010, مساء 01:03]ـ
ومن "معرفة الصحابة"، للاعتبار:
ثُمَّ قَامَ أبو بَكْرٍ فأخَذَ بِيَدِ أُخْتِه، فقالَ: "أنْشُدُ بِاللهِ والإسْلامِ طَوْق أُخْتِي"، فلَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، فقالَ: "يا أُخَيَّةُ، احْتَسِبِي طَوْقَكِ، فوَاللهِ إنَّ الأمَانَةَ اليَوْمَ في النَّاسِ لَقَلِيلٌ"(/)
(تبرع المسلم لبناء الكنائس جائز) .. من يرد على هذا الضلال
ـ[العرب]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 05:07]ـ
أثير: أكد الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر، أنه يجوز للمسلم التبرع من ماله الخاص لبناء كنيسة، مشيراً إلى أن الكنيسة دار للعبادة والتسامح، وأنه ليس من الصحيح تشبيه بناء الكنائس بأنها "نوع من المعصية".
وقال طنطاوى فى لقائه بوفد من منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان برئاسة نجيب جبرائيل، اليوم، الأربعاء، بشأن الفتوى المنسوبة لدار الإفتاء المصرية، والتى جاء بها أن الوصية ببناء كنائس هو نوع من المعصية ومن ثم لا يجوز التبرع لعبادات لا تؤمن بالتوحيد، كما تضمن اللقاء تداعيات هذه الفتوى الأخيرة وآثارها المدمرة على نسيج وحدة الوطن.
وأضاف طنطاوى، يجب أن يترك الأمر فى بناء الكنائس لأهل الاختصاص، وهم المسيحيون وأنهم ليس من الشرع الخوض فى عقائد الآخرين، لأن الديانة والعقيدة وما يؤمن به الشخص هو علاقة بينه وبين ربه، مضيفاً أن الشرع لا يمنع المسلم من أن يوصى ببناء كنيسة إذ أنه حر فى أمواله، نافياً اعتراض الأزهر على مشروع قانون دور العبادة الموحد، وداعياً الله أن يرزق "المنحرفين" فكرياً الهدى والبعد عن الخطأ.
كما أكد طنطاوى خلال اللقاء على العلاقة القوية التى تربطه بكل طوائف المسيحيين، وعلى رأسهم البابا شنودة الثالث، والتى يشوبها المودة والحب والاحترام، وأضاف أنه يحرص كل الحرص على زيارة الأساقفة والمطارنة فى سوهاج وطما عندما يزور بلدته.
يأتى هذا اللقاء الذى استمر حوالى نصف الساعة بمكتب الدكتور محمد سيد طنطاوى بمشيخة الأزهر، إثر البيانات المتبادلة بين جبرائيل ودار الإفتاء المصرية حول الفتوى، حيث اتهمت الدار جبرائيل بالاستغلال السيئ للفتوى، بينما رد هو بالتهديد ببلاغ للنائب العام ضد شيوخ الدار الذين وقعوا على الفتوى.
_____________
آمل حشد الادلة والردود هنا لنشرها في مواقع تبنت هذا الضلال
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 01:38]ـ
مقتطف من كتاب
حكم بناء الكنائس
والمعابد الشركية
في بلاد المسلمين
تأليف فضيلة الشيخ
إسماعيل بن محمد الأنصاري – رحمه الله -
قال الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة (لا ينبغي أن تترك في أرض العرب كنيسة ولا بيعة ولا يباع فيها خمر وخنزير مصرا كان أو قرية) نقل ذلك عنه الإمام شمس الدين بن القيم في أحكام أهل الذمة ج2 ص694 , وأما ما يعزي إلى الإمام أبي حنيفة من القول بأحداث الكنائس في القرى فيقول السبكي في فتواه في منع ترميم الكنائس يقول حول ذلك ج2 ص 387 - 388 ما نصه (لعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي ينفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان وغيره من العلماء يمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل اجتماع وتكون الألف واللام في القرى التي جرت عادتهم بسكنهم فيها لاشتغالهم بأعمال المسلمين من الفلاحة وغيرها. أو لما يرجى من إسلامهم صاغرين باذلين للجزية فإنا لو لم نبقهم في بلاد الإسلام لم يسمعوا محاسنهم فلم يسلموا ولو بقيانهم بلا جزية ولا صغار غروا وأنفوا فبقيناه بلا جزية لا قصدا فيها بل في إسلامهم. ولهذا إذا نزل عيسى عليه السلام لا يقبلها لأن مدة الدنيا التي يرجى فيها إسلامهم فرغت والحكم يزول بزوال علته فزوال حكم قبول الجزية بزوال علته وهو انتظار إسلامهم وذلك حكم من أحكام شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وليس حكما جديدا فإن عيسى عليه السلام إنما ينزل حاكما بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال السبكي: وبعد أن كتبت هذا وقفت على شرح مجمع البحرين لابن الساعاتي من كتب الحنفية فقال
(يُتْبَعُ)
(/)
(وهذا المذكور إنما هو في الأمصار دون القرى لأن الأمصار محل إقامة الشعائر وقال صاحب الهداية: والمروي في ديارنا يمنعون عن إظهار ذلك في القرى أيضا لأن لها بعض الشعائر والمروي عن صاحب الهداية رحمة الله في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارهم وقراهم , وفي الكافي من كتب الحنفية لحافظ الدين قريب من ذلك) أ. هـ. هكذا ذكر السبكي هنا وقد قال في موضع آخر من هذه الفتوى في الباب الذي عقده لما في هذا الباب من الآثار قال ص 388 (وقول أبي حنيفة بإبقائها في القرى بعيد لا دليل عليه ولعله أخذه من مفهوم قول ابن عباس الذي سنحكيه في المصر ونحن نقول إنما يعني بالمصر أي موضع كان مدينة أو قرية) أ. هـ. وقد وفي السبكي بوعده أن يأتي بقول ابن عباس الذي أشار إليه حيث قال ج2 ص 391 من الفتاوى (وأما قول ابن عباس فاشتهر إشهارا كثيرا سنذكره وهو ما رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه قال ثنا معتمر ابن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة قال قيل لابن عباس أ للعجم أن يحدثوا في أمصار المسمين بناء أو بيعة , فقال: أما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بناء أو قال بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمراً ولا يتخذوا فيه خنزيرا أو يدخلوا فيه. وأما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوا يعني عليهم فللعجم ما في عهدهم وللعجم على العرب أن يوفوا بعهدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم) قال السبكي (وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وعلوه مع قول عمر وسكوت بقية الصحابة إجماعا) أ. هـ.
وأما أصحاب مالك فقال في الجواهر (إن كانوا في بلدة بناها المسلمون فلا يمكنون من بناء كنيسة وكذلك لو ملكنا رقبة بلدة من بلادهم قهراً وليس للإمام أن يقر فيها كنيسة بل يجب نقض كنائسهم بها. أما إذافتحت صلحاً على أن يسكنوها بخراج ورقبة الأبنية للمسلمين وشرطوا إبقاء كنيسة جاز. وأما إن افتتحت على أن تكون رقبة البلد لهم وعليهم خراج ولا تنقض كنائسهم فذلك لهم ثم يمنعون من رمها قال ابن الماجشون: ويمنعون من رم كنائسهم القديمة إذا رثت إلا أن يكون ذلك شرطاً في عقدهم فيوفي لهم ويمنعون من الزيادة الظاهرة والباطنة. ونقل الشيخ أبو عمر أنهم لا يمنعون من إصلاح ما وهي منها وإنما منعوا من إصلاح كنيسة فيما بين المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يُرفع فيكم يهودية ولا نصرانية) فلو صولحوا على أن يتخذوا الكنائس إن شاءوا فقال ابن الماجشون لا يجوز هذا الشرط ويمنعون منها إلا فيبلدهم الذي يسكنه معهم المسلمون فلهم ذلك وإن لم يشترطوه قال وهذا في أهل الصلح. وأما أهل العنوة فلا تترك لهم عند ضرب الجزية عليهم كنيسة إلا هدمت ثم لا يمكنون من إحداث كنيسة بعد وإن كانوا معتزلين عن بلاد الإسلام) أ. هـ.
ما نقله ابن القيم عن المالكية في حكم الأمصار التي وجدت فيها الكنائس ومن المالكية الذين بحثوا في موضوع الكنائس الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي المالكي في كتابه (سراج الملوك) قال في حكم الكنائس (أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام ومنع أن تحدث كنيسة وأمر أن لا تظهر عليه خارجة من كنيسة ولا يظهر صليب خارج من الكنيسة إلا كسر على رأس صاحبه وكان عروة بن محمد يهدمها بصنعاء وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين وشدد في ذلك عمر بن عبد العزيز وأمر أن لا يترك في دار الإسلام بيعة ولا كنيسة بحال قديمة ولا حديثة. وهكذا قال: الحسن البصري قال: من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة ويمنع أهل الذمة من بناء ما خرب) أ. هـ.
كلام الطرطوشي في سراج الملوك وما ذكره عن عروة بن محمد بن عبد العزيز والحسن البصري رواه عنهما الإمام أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق كما في (أحكام أهل الذمة) لابن القيم فقد قال ابن القيم قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق أخبرني معمر قال كتب عمر ابن عبد العزيز إلى عروة يعني ابن حمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين قال وشهدت عروة بن محمد يهدمها في صنعاء. قال عبد الرزاق وأخبرنا معمر عن سمع الحسن يقول إن من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة) أ. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الشافعي في المختصر (ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لصلواتهم ولا يظهرون فيها حمل الخمر ولا إدخال خنزير ولا يحدثوا بناء يطولون به على بناء المسلمين وأن يفرقوا بين هيئاتهم في المركب والملبس وبين هيئات المسلمين وأن يعقدوا الزنار على أوساطهم ولا يدخلوا مسجدا ولا يسقوا مسلما خمرا ولا يطعموه خنزيرا وإن كانوا في قرية يملكونها منفردين لم يعرض لهم في مرهم وخنازيرهم ورفع بنيانهم. وإن كان لهم بمصر المسلمين كنيسة أو بناء طويل كبناء المسلمين لم يكن للمسلمين هدم ذلك وترك على ما وجد ومنعوا من إحداث مثله. وهذا إذا كان المصر للمسلمين أحيوه أو فتحوه عنوة. وشرط هذا على أهل الذمة. وإن كانوا فتحوا بلادهم على صلح منهم على تركهم وإياه خلوا وإياه ولا يجوز أن يصالحوا على أن ينزلوا بلاد الإسلام يحدثون فيها ذلك).
قال صاحب النهاية في شرحه (البلاد قسمان: بلدة ابتناها المسلمون فلا يمكن أهل الذمة من إحداث كنيسة فيها ولا بيت نار فإن فعلوا نقض عليهم فإن كان البلد للكفار وجرى فيه حكم المسلمين فهذا قسمان فإن فتحه المسلمون عنوة وملكوا رقاب الأبنية والعراص تعين نقض ما فيها من البيع والكنائس وإذا كنا ننقض ما نصادف من الكنائس والبيع فلا يخفى أنا نمنعهم من استحداث مثلها ولو رأى الإمام أن يبقي كنيسة ويقر فيالبلد طائفة من أهل الكتاب فالذي قطع به الأصحاب منع ذلك وذكر العراقيون وجهين أحدهما أنه يجوز للإمام أن يقرهم ويبقي الكنيسة عليهم والثاني لا يجوز ذلك وهو الأصح الذي قطع به المراوزة: هذا إذا فتحنا البلد عنوة. فإن فتحناها صلحا فهذا ينقسم إلى قسمين: أحدهما أن يقع الفتح على أن رقاب الأراضي للمسلمين ويقرون فيها بمال يؤدونه لسكناها سوى الجزية فإن استثنوا في الصلح البيع والكنائس لم ينقض عليهم وإن أطلقوا وما استثنوا بيعهم وكنائسهم ففي المسألة وجهان: أحدهما: أنها تنقض عليهم لأن المسلمين ملكوا رقاب الأبنية والبيع والكنائس تغنم كما تغنم الدور.
والثاني: لا نملكها لان شرطنا تقريرهم وقد لا يتمكنون من المقام الابتبقية مجتمع لهم فيها يرونه عبادة وحقيقة الخلاف ترجع إلى أن اللفظ في مطلق الصلح هل يتناول البيع والكنائس مع القرائن
التي ذكرناها.
القسم الثاني أن يفتحها المسلمون على أن تكون رقاب الأرض لهم فإذا وقع الصلح كذلك لم يتعرض للبيع والكنائس. ولو أرادوا إحداث كنائس فالمذهب أنهم ل يمنعون فإنهم متصرفون في أملاكهم وأبعد بعض أصحابنا فمنعهم من استحداث ما لم يكن فإنه إحداث بيعة في بلد هي تحت حكم الإسلام) ([1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftn1)) .
وأما الحنبلية فقد قال الخلال في كتاب أحكام أهل الملل (باب الحكم فيما أحدثته النصارى مما لم يصالحوا عليه (أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: كان المتوكل لما حدث من أمر النصارى ما حدث كتب إلى القضاة ببغداد يسألهم أبي حسان الزيادي وغيره فكتبوا إليه واختلفوا فلما قرئ عليه قال: أكتب بما أجاب به هؤلاء إلى أحمد بن حنبل ليكتب إلى ما يرى في ذلك قال عبد الله ولم يكن في أولئك الذين كتبوا أحد يحتجبالحديث إلا أبا حسان الزيادي وأحتج بأحاديث عن الواقدي فلما قرئ على أبي عرفه وقال هذا جواب أبي حسان وقال هذه أحاديث ضعاف فأجابه أبي واحتج بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: ثنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن حنش عن عكرمة قال سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا فقال: (أيما مصر مصرته العرب) فذكر الحديث ([2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftn2)) قال وسمعت أبي يقول ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا فيه بناقوس إلا فيما كان لهم صلحا. وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين على حديث ابن عباس (أيما مصر مصره المسلمون).
(يُتْبَعُ)
(/)
أخبرنا حمزة بن القاسم وعبد الله بن أحمد بن حنبل وعصمة قالوا حدثنا حنبل قال: قال أبو عبد الله (وإذا كانت الكنائس صلحاً تركوا على ما صالحوا عليه. فأما العنوة فلا. وليس لهم أن يحدثوا بيعة ولا كنيسة لك تكن ولا يضربوا ناقوساً ولا يرفعوا صليباً ولا يظهروا خنزيراً ولا يرفعوا نار ولا شيئا مما يجوز لهم فعله في دينهم يمنعون من ذلك ولا يتركون قلت للمسلمين أن يمنعوهم من ذلك. قال نعم على الإمام منعهم من ذلك. السلطان يمنعهم من الإحداث إذا كانت بلادهم فتحت عنوة. وأما الصلح فلهم ما صولحوا عليه يوفي لهم وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى ولا يظهرون خمرا: قال الحسن بن علي بن الحسن أنه سأل أبا عبد الله عن البيعة والكنيسة تحدث قال يرفع أمرها إلى السلطان) ([3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftn3)) .
تقسيم البلاد التي تفرق فيها أهل العهد والذمة وحكم الكنائس فيها
قسم الإمام ابن القيم في أحكام أهل الذمة ح2 ص669. البلاد التي تفرق فيها أهل الذمة والعهد إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: بلاد أنشأها المسلمون في الإسلام.
الثاني: بلاد أنشئت قبل الإسلام فافتتحها المسلمون عنوة وملكوا أرضها وساكنيها.
الثالث: بلاد أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحاً.
ثم قال ابن القيم: أما القسم الأول فهو مثل البصرة والكوفة و واسط وبغداد والقاهرة. أما البصرة والكوفة فأنشئتا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يزيد بن هارون أخبرنا زياد بن أبي زياد حدثنا عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن نافع بن الحارث قال: كان أمير المؤمنين قدهم أن تخذوا للمسلمين مصرا وكان المسلمون قد غزوا من قبل البحر وفتحوا الأهواز وكابل وطبرستان فلما افتتحوا كتبوا إليه: أنا وجدنا بطبرستان مكان لا باس به فكتب إليهم: إن بيني وبينكم دجلة ولا حاجة لي ي شيء بيني وبينكم فيه دجلة أن نتخذه مصرا قال فقدم عليه رجل من بني سدوس يقال له ثابت فقال له يا أمير المؤمنين إني مررت بمكان دون دجلة به بادية يقال لها الخريبة ويقال للأرض البصرة وبينها وبين دجلة فرسخ فيه خليج يجري فيه الماء وأجمة قصب فأعجب ذلك عمر رضي الله عنه فدعا عتبة بن غزوان فبعثه في أربعين رجلا فيهم نافع بن الحارث زياد أخوه لأمه. قال سيف بن عمرو مصرت البصرة سنة ستة عشرة واختطت قبل الكوفة بثمانية أشهر وقال قتادة: أول من مصر البصرة رجل من بني شيبان يسمى المثنى بن حارثة وإنه كتب إلى
عمر رضي الله عنه (إني نزلت أرضا بصرة فكتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا فأثبت حتى يأتيك أمري) فبعث عتبة بن غزوان معلما وأميرا فغزا الأبلة.
وقال حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن إن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه مصر البصرة والكوفة. قال وأما واسط فبناها الحجاج بن يوسف سنة ست وثمانين من الهجرة في السنة التي مات فيها عبد الملك ابن مروان. وأما بغداد فقال سليمان بن المجالد وزير أبي جعفر (خرجت مع أبي جعفر يوماً قبل أن نبتني مدينة بغداد ونخن نرتاد موضعاً نبني فيه مدينة يكون فيها عسكره قال فبصرنا بقس شيخ كبير ومعه جماعة من النصارى فقال اذهب بنا إلى هذا القس نسأله فمضى إليه فوقف عليه أبو جعفر فسلم عليه ثم قال يا شيخ أبلغك أنه يبنى هنا مدينة قال: نعم ولست بصاحبها , قال: وما علمك؟ قال القس: وما اسمك قال اسمي عبد الله قال فلست بصاحبها قال: فما اسم صاحبها؟ قال: مقلاص. قال فتبسم أبو جعفر وصغا إلي فقال: أنا والله مقلاص كان أبي يسميني وأنا صغير مقلاصاً فاختط موضع مدينة أبي جعفر وتحول أبو جعفر من الهاشمية إلى بغداد وأمر ببنائها ثم رجع إلى الكوفة في سنة أربع وأربعين ومائة وفرغ من بنائها ونزلها مع جنده وسماها مدينة السلام سنة خمس وأربعين ومائة وفرغ من بناء الرصافة سنة أربع وخمسين ومائة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال سليمان بن مجالد (الذي تولى الوقوف عل خط بغداد الحجاج بن أرطاة وجماعة من أهل الكوفة وكذلك سامرا بناها المتكل وكذلك المهدية التي بالمغرب وغيرها من الأمصار التي مصرها المسلمون فهذه البلاد صافية للإمام إن أراد يقر أهل الذمة فيها ببذل الجزية جاز فلو أقرهم الإمام على أن يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة أو يظهروا فيها خمرا أو خنزيرا أو ناقوسا لم يجز وإن شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان العقد والشرط فاسدا وهو اتفاق من الأمة لا يعلم بينهم فيه نزاع).
قال الإمام أحمد حدثنا حماد بن خالد الخياط أخبرنا الليث بن سعد عن توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة) وقال أبو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد فذكره بإسناده ومتنه وقد روي موقفا على عمر بغير هذا الإسناد قال علي بن عبد العزيز حدثنا أبو القاسم حدثني أبو الأسود عن أبي لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني قال: قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (لا كنيسة في لإسلام ولا خصاء) وقال الإمام أحمد حدثنا معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن حنش عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا فقال (أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه ولا يضربوا ناقوسا ولا يشربوا يه خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا. وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله عز وجل على العرب فنزلوا فيه فإن للعجم ما في عهدهم وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم).
قال عبد الله بن أحمد وسمعت أبي يقول (ليس اليهود و النصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا فيه بناقوس إلا في مكان لهم صالح وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين وقال الروذي قال لي أبو عبد الله سألوني عن الديارات في المسائل التي وردت من قبل الخليفة فقلت: أي شيء تذهب أنت فقال: ما كان من صلح يقر وما كان أحدث بعد يهدم).
وقال أبو طالب سألت عبد الله عن بيع النصارى ما كان في السواد وهل أقرها عمر؟ فقال (السواد فتح بالسيف فلا يكون فيه بيعة ولا يضرب فيه ناقوس ولا يتخذ فيه الخنازير ولا يشرب الخمر ولا يرفعون أصواتهم في دورهم إلا الخيرة وبانقيا ودير صلوباً فهؤلاء أهل صلح صولحوا ولم يحاربوا فما كان منهما لميخرب وما كان غير ذلك فكله محدث يهدم , وقد كان أمر بهدمها هارون الرشيد وكل مصر مصرته العرب فليس لهم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا. وما كان من صلح صولحوا عليه فهو على صلحهم وعهدهم. وكل شيء فتح عنوة فلا يحدثوا فيه شيئا من هذا وما كان من صلح أقروا على صلحهم واحتج فيه بحديث ابن عباس رضي الله عنهما).
وقال أبو الحارث سئل أبو عبد الله عن البيع والكنائس التي بناها أهل الذمة وما أحدثوا فيها مما لم يكن قال
(تهدم وليس لهم أن يحدثوا شيئا من ذلك فيما مصره المسلمون يمنعون من ذلك إلا مما صولحوا عليه قيل لأبي عبد الله ايش الحجة في أن يمنع أهل الذمة أن يبنوا بيعة أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم وهو يؤدون الجزية وقد منعنا من ظلمهم وأذاهم قال: حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أيما مصر مصرته العرب) وقال أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرني معمر أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين. قال وشهدت عروة ابن محمد يهدمها بصنعاء قال عبد الرزاق وأخبرنا معمر عمن سمع الحسن يقول (إن من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة ذكره أحمد عن عبد الرزاق. وهذا الذي جاءتبه النصوص والآثار هو مقتضى أصول الشرع وقواعده فإن إحداث شعار الكفر وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير فإن تلك شعار الكفر وهذه شعار الفسق ولا يجوز للإمام أن يصالحهم في دار الإسلام على إحداث شعائر المعاصي والفسوق فكيف إحداث مواضع الكفر والشرك فإن قيل: فما حكم هذه الكنائس التي في البلاد التي مصرها المسلمون قيل هي على نوعين:
أحدهما: أن تحدث الكنائس بعد تمصير المسلمين لمصر فهذه تزال اتفاقا ([4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftn4)) .
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن تكون موجودة بفلاة من الأرض ثم بمصر المسلمون حولها المصر فهذه لا تزال والله أعلم.
الضرب الثاني: من البلاد حسبما أوضحه ابن القيم الأمصار التي أنشأها المشركون ومصروها ثم فتحها المسلمون عنوة وقهرا بالسيف قال: فهذه لا يجوز أن يحدث فيها شيء من البيع والكنائس وأما ما كان من ذلك قبل الفتح فهل يجوز إبقاءه أو يجب هدمه فيه قولان في مذهب أحمد وهما وجهان لأصحاب الشافعي وغيره.
أحدهما: تجب إزالته وتحرم تبقيته لأن البلاد قد صارت ملكا للمسلمين فلم يجز أن يقر فيها أمكنة شعار الكفر كالبلاد التي مصرها المسلمون ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تصلح قبلتان ببلد) وكما لا يجوز إبقاء الأمكنة التي هي شعار الفسوق كالخمارات والمواخير. ولأن أمكنة البيع والكنائس قد صارت ملكا للمسلمين فتمكين الكفار من إقامة شعار الكفر فيها كبيعهم وإجارتهم إياها لذلك. ولأن الله تعالى أمر بالجهاد حتى يكون الدين كله له. وتمكينهم من إظهار شعار الكفر في تلك المواطن جعل الدين له ولغيره , وهذا القول هو الصحيح.
والقول الثاني: يجوز إبقاءه لقول ابن عباس رضي الله عنهما (أيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فإن للعجم ما في عهدهم) ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر عنوة و أقرهم على معابدهم فيها ولم يهدمها. ولأن الصحابة رضي الله عنهم فتحوا كثير من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا منالكنائس التي بها , ويشهد لصحة هذا وجود الكنائس والبيع في البلاد التي فتحت عنوة , ومعلوم قطعا أنها ما أحدثت بل كانت موجودة قبل الفتح.
وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله أن لا تهدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار , ولا يناقض هذا ما حكاه الإمام أحمد أنه أمر بهدم الكنائس فإنها التي أحدثت في بلاد الإسلام. ولأن الإجماع قد حصل على ذلك فإنها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكي ر. وفصل الخطاب أن يقال: إن الإمام يفعل في ذلك وما هو الأصلح للمسلمين فإن كان أخذها منهم أو إزالتها هو المصلحة لكثرة الكنائس أو حاجة المسلمين إلى بعضها وقلة أهل الذمة فله أخذها أو إزالتها بحسب المصلحة وإن كان تركها أصلح لكثرتهم وحاجتهم إليها وغنى المسلمين عنها تركها. وهذا الترك تمكين لهم من الانتفاع بها لا تمليك لهم رقابها فإنها قد صارت ملكا للكفار وإنما هو انتفاع بحسب المصلحة فللإمام انتزاعها متى رأى المصلحة في ذلك ويدل عليه أن عمر بن الخطاب والصحابة معه أجلوا أهل خيبر من دورهم ومعابدهم بعد أن أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. ولو كان ذلك الإقرار تمليكا لم يجز إخراجهم عن ملكهم إلا برضى أو معاوضة.
ولهذا لما أراد المسلمون أخذ كنائس العنوة التي خارج دمشق في زمن الوليد بن عبد الملك صالحهم النصارى على تركها وتعويضهم عنها بالكنيسة التي زيدت في الجامع ولو كانوا قد ملكوا تلك الكنائس بالإقرار لقالوا للمسلمين: كيف تأخذون أملاكنا قهرا وظلما بل أذعنوا إلى المعارضة لما علموا أن للمسلمين أخذ تلك الكنائس منهم وأنها غير ملكهم كالأرض التي هي بها، فبهذا التفصيل تجمع الأدلة وهو اختيار شيخنا.
ويدل عليه فعل الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من أئمة الهدى وعمر بن عبد العزيز هدم منها ما رأى المصلحة في هدمه وأقر ما رأى المصلحة في إقراره وقد أفتى الإمام أحمد المتوكل بهدم كنائس السواد وهي أرض العنوة.
الضرب الثالث: من البلاد ما فتح صلحا قال ابن القيم فيه وهذا نوعان:
أحدهما: أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عليها أو يصالحهم على مال يبذلونه وه الهدنة فلا يمنعون من إحداث ما يختارونه فيها لأن الدار لهم كما صالح رسول الله صلى اله عليه وسلم أهل نجران ولم يشترط عليهم أن لا يحدثوا كنيسة ولا ديراً.
النوع الثاني: أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا، فالحكم في البيع والكنائس على ما يقع عليه الصلح معهم من تبقية وإحداث وعمارة لأنه إذا جاز أن يقع الصلح معهم على أن الكل لهم جاز أن يصالحوا على أن يكون بعض البلد لهم والواجب عند القدرة أن يصالحوا على ما صالحهم عليه عمر رضي الله عنه ويشترط عليهم الشروط المكتوبة في كتاب عبد الرحمن بن غنم (أن لا يحدثوا بيعة ولا صومعة راهب ولا قلاية) فلو وقع مطلقا من غير شرط حمل على ما وقع عليه صلح عمر وأخذوه بشرطه لأنها صارت كالشرع فيحمل مطلق صلح الأئمة بعده عليها.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftnref 1) ) أحكام أهل الذمة لابن القيم ج2 ص696
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftnref 2) ) تمامه (ليس لعجم أن يبنوا فيه ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا. وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله عز وجل على العرب فنزلوا فيه فإن للعجم م في عهدتهم وعلى العرب أن يوفوا بعدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم) ومن طريق الإمام أحمد بسنده ومنه ساقه ابن القيم في أحكام أهل الذمة ج2 ص674.
[3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftnref 3) ) أحكام أهل الذمة ج2 ص692.
[4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39530#_ftnref 4) ) مما ورد في هذا الباب ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه حيث قال (حدثنا عبد الأعلى عن عف قال شهدت عبد الله بن عبيد الله بن معمر أتى بمجوسي بنى بيت نار بالبصرة فضرب عنقه) قال السبكي في فتواه في منع ترميم= = الكنائس ج2 ص397 (ووجه هذا أن البصرة كانت مواتا فأحياها المسلمون وبنوها وسكنوها فلا يجوز إحداث كنيسة فيها ولا بيت نار فلما أحدث هذا المجوسي بيت النار فيها كان نقضا لعهده فضرب عنقه لذلك).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صخر الغامدي]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 02:28]ـ
عجيب والله
نتبرع لبناء دور يشرك فيها بالله, فيقال إن الله ثالث ثلاثة , ويكذب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بينما نمنع من التبرع لدعم حلقات التحفيظ , و الدعاة إلى الله, وطلاب العلم , فضلا عن دعم المجاهدين في سبيل الله ........
هذا والله ما أخبر عنه صلى الله صلى الله عليه وسلم, أعني من يدعي العلم وتخذه الناس عالما , فيفتي بغير علم فضل وأضل
يقول ابن المبارك:
وهل يفسد الدين إلا الملوك ** وأحبار سوء ورهبانها
ـ[ابواسحاق]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 04:08]ـ
هذا هو طنطاوى ولن يتغير بدل فى الدين
احل الحرام حرم الحلال من اجل ماذا دنيا فانيه وانى اعجب له فقد بلغ من الكبر عنيا
ولا يزال كما هو ادعو الله ان يهديه والى الله المشتكى
ـ[ابن نصر المصرى]ــــــــ[24 - Aug-2009, صباحاً 08:27]ـ
أقول كلمة ًواحدة: قال رسول الله (ص) (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبضُ العلمَ بقبض العلماء حتى إذا لم يبقى عالماً اتخذ الناسُ رءوسا جهالاً فسُئلوا فأفتَوا بغير علمٍ فضَلُّوا وأضلوا)
ـ[ابن عبيد الفيومي]ــــــــ[24 - Aug-2009, صباحاً 10:09]ـ
الرد دون الحاجة إلى آراء الفقهاء لأن الأمر أوضح من هذا آية في كتاب الله
{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وأي إثم وأي عدوان آثم وأعدى من الكفر بالله وعبادة غيره؟؟؟
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[24 - Aug-2009, صباحاً 11:02]ـ
كتبت ـ الشيماء عبداللطيف:
تراجع الدكتور محمد سيد طنطاوي ـ شيخ الأزهر ـ عن تصريحه السابق بجواز تبرع المسلم لبناء كنيسة، مؤكداً أن تصريحاته أسيء فهمها وأنه كان يقصد تبرع المسيحي لبناء كنيسة وليس المسلم.
وقال طنطاوي إنه لم ينتقد فتوي دار الإفتاء التي تعتبر تبرع المسلمين لبناء الكنائس «معصية» وأنه لم يناقش هذا الأمر من الأساس خلال لقائه بوفد الاتحاد المصري لحقوق الإنسان برئاسة نجيب جبرائيل، لكنه فقط تحدث عن جواز تبرع الشخص لبناء دار عبادة وأنه يجوز للمسيحي أن يتبرع لبناء كنيسة
كما يجوز للمسلم أن يتبرع لبناء مسجد، وفي الوقت نفسه يحرم علي الشخص التبرع لبناء أماكن للمعصية مثل مصانع الخمور والملاهي الليلية.
وعلمت «الدستور» أن مصادر عليا اتصلت بشيخ الأزهر والمفتي لحل الأزمة المثارة حول الفتوي تفادياً لحدوث أي فتنة طائفية أو وقوع تضارب بين مشيخة الأزهر ودار الإفتاء .. من جانبه فجر نجيب جبرائيل مفاجأة من العيار الثقيل بتأكيده علي أنه يمتلك تسجيلات للجلسة التي جمعته بشيخ الأزهر، والتي أكد خلالها طنطاوي جواز تبرع المسلم لبناء كنيسة، وعندما سأله الحضور هل هذا رأيه أم رأي الشرع؟ فأجاب بأن رأيه هو رأي الشرع.
كما أوضح طنطاوي خلال اللقاء أن بناء الكنائس ليس معصية، مطالباً المفتي علي جمعة بمحاسبة الموقعين علي الفتوي.
ينظر:
http://dostor.org/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=30459&Itemid=28(/)
هنا نستطلع هلال رمضان 1430 هـ
ـ[ابن عبدالكريم]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 05:27]ـ
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسوله ومصطفاه.
الأخوة الأحبة في كل مكان في العالم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحقيقا لأمر الشرع في بدء صيام رمضان بالدخول فيه، كما قال تعالى: (فمن
شهد منكم الشهر فليصمه)، وتأسيسا على أن الدخول فيه لا يكون إلا بالرؤية
الشرعية المعتبرة لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه
فأفطروا)، وبناء على قول جمهور علماء الأمة (والذي حكاه بعضهم إجماعا)
على أن الرؤية الشرعية للهلال إذا ثبتت في أي مكان وبلغت إلى المكلف
وعلم بها لزمت كل الأقطار، وإحياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة
في ترائي الهلال وتلقي أقوال الشهود فيه، ورغبة في توحيد صيام الأمة كخطوة
في توحيد عبادتها ومن ثم توحيدها في كل شئون حياتها: ندعوكم للتعاون
على الإبلاغ عن أي رؤية شرعية في اي مكان في العالم منذ ليلة الجمعة
بعد مغيب شمس الخميس التاسع والعشرين من شهر شعبان 1430هـ والموافق
للعشرين من أغسطس 2009 م بشرط أن تكون الرؤية مستصحبة للشروط التالية:
الأول: أن تعتمدها جهة رسمية (وزارة أوقاف أو أي جهة معنية باعتماد أمر
الرؤية أو جمعية إسلامية معروفة أو أي مؤسسة إسلامية معنية بهذا الشان مع
ذكر المصدر الذي يمكن الإحالة إليه).
الثاني: إذا لم يتيسر الإحالة إلى الشرط الأول فيرجى ذكر الشهود الذين
رأوا الهلال مع تعديلهم بالشرط المعتبر في الشهادة.
ملحوظة: هذه الدعوة لمن ترجح عنده قول الجمهور في مسألة الرؤية، ولو
كان يقطن في بلد يتبنى أولوا الأمر فيه مذهب اختلاف المطالع فإنه يصوم
تبعا لرؤية غيره من البلاد بشرط عدم إحداث الفتنة وإظهار المخالفة
والمشاقة .. والأمر في ذلك واسع لمن كل له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
وتقبل الله منا ومنكم الطاعة ..
وبلغنا وإياكم رمضان ..
وأعاننا وإياكم على صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه آناء الليل وأطراف
النهار على الوجه الذي ننال به العتق من النار ...
من مشاركة قديمة للشيخ / رضا صمدي في ملتقى أهل الحديث .. بتصرف يسير. و هانحن نجدد الدعوة للإخوة حفظهم الله.(/)
ارجو من كل غيور على الدين وأخوته من المؤمنات أن يعيننا
ـ[صلاح سالم]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 06:30]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في كتابه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ? ذَ?لِكَ أَدْنَى? أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) الأحزاب.
وعلى صفيه وخليله من الناس أجمعين محمد وآله وصحبه الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إخوتي الأفاضل يسكن في الدنمرك رجل يسمى ناصر خضر وقد طفح كي المسلمين من أفعاله التي كما حب أن يظهر على الساحة فتح موضوعاً يهيج فيه الرأي العام من الكفار على المسلمين في حين أن الكفار لا يفعلون ما يفعله ولا يطالبون بما يطالب به هذا الرجل، فارجو من كل موحد غيور على أعراض المؤمنين أن يدخل على هذا الرابط ويسأل لنا العلماء في حكم هذا الرجل.
http://www.akhbar.dk/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=714:2009-08-17-16-18-33&catid=87:denmar-news&Itemid=308
ملاحظة: لهذا الرجل كتبٌ كتبها عن الإسلام على أساس أنها كتب تعرف حقيقة اللإسلام وهي في الحقيقة كتب تشوه صورة الإسلام وحقيقة فكم اتهم فيها المسلمين بهمجية والتبعية ويطالب بتحديث الدين ويصور الحجاب على أنه من العهد القديم وكل من تلبسه فهي يجب أن تذهب إلى المصح أو كما قال.
المهم أخوتي في الله أترك الأمر لكم فعينونا على هذا حفظكم الله، ولكم منا جزيل الشكر والتقدير.
كما ارجو من الإدارة عدم إقاف الموضوع للأهمية وما وضعته إلا لما له من الأهمية حفظكم الله.
ـ[طويلبة مغربية]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 07:05]ـ
حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[صلاح سالم]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 07:23]ـ
وإياكم بارك الله فيكم
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 07:49]ـ
الأولى الإعراض عن مثل هذا.
وشكرا
ـ[منبع الخير]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 07:50]ـ
السلام عليكم ..
اخي صلاح سالم بارك الله فيك وعلى حرصك على معرفت الحق من دعاوى الباطل ..
لك يظهر ان هذا الرجل لدية أفكار تهدم اساسات ومبادئ في ديننا الاسلامي ولو كان يصلي ويصوم واظن انه من اصحاب الفكر ((اللبرالي)) الذي يحذر منه علمائنا منذو فترةٍ من الزمن ..
وهذا الشخص هناك مثله وهم كثر وقد بليت بلادنا منهم ومن افكارهم الخطيرة وهم من يسمون (بدعوا الحرية)
سائل الله ان يعدلهم او يبدلهم
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[صلاح سالم]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 01:00]ـ
السلام عليكم ..
اخي صلاح سالم بارك الله فيك وعلى حرصك على معرفت الحق من دعاوى الباطل ..
لك يظهر ان هذا الرجل لدية أفكار تهدم اساسات ومبادئ في ديننا الاسلامي ولو كان يصلي ويصوم واظن انه من اصحاب الفكر ((اللبرالي)) الذي يحذر منه علمائنا منذو فترةٍ من الزمن ..
وهذا الشخص هناك مثله وهم كثر وقد بليت بلادنا منهم ومن افكارهم الخطيرة وهم من يسمون (بدعوا الحرية)
سائل الله ان يعدلهم او يبدلهم
والسلام عليكم ورحمة الله
حفظك الله اخي الكريم وجزيت خير على الرد الطيب، ولكن هنا تنبيه حول الرجل:
الرجل لا يصلي ولا يصوم بل ينهي عن ذلك ويحارب فاعله ويدعي أنه من التخلف والتبعية العمياء.
فبارك الله فيكم وعلى حرصكم ومتابعتكم وكم اتمنى من الأخوة نقل هذا الموضوع للعلماء لنرى رايهم فيه بارك الله فيكم.(/)
عندما يجتمع بن باز وبن عثيمين والألبانى ... أدب العلماء
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 09:34]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة يحكيها الشيخ محمد حسان عن اجتماع المشايخ بن باز وبن عثيمين والألبانى-رحمهم الله تعالى_ فى حجة الشيخ الألبانى الأخيرة
يقول: تصور عندما يجتمع الثلاثة فى مكان واحد ....
كان أمير الجلسة الشيخ بن باز يتلقى الأسئلة إذا كان السؤال متعلقا بأمر فقهى أحاله للشيخ بن عثيمين وإذا كان السؤال متعلقا بمسألة حديثية أحاله للشيخ الألبانى،وإذا السؤال متعلقا بمبحث الأعتقاد أجاب الشيخ بن باز وانتظرنا من يصلى بنا الظهر وكنا فى منى فإذ بالشيخ بن باز يقول للشيخ الألبانى: تقدم يا أبا عبد الرحمن أنت إمامنا
فقال الشيخ بن باز: لا بل أنت شيخنا
فقال الشيخ بن باز: كلنا فى القرآن سواء وأنت أعلمنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتقدم يا أباعبدالرحمن فتقدم
فقال الشيخ الألبانى: ياشيخنا أصلى بصلاة رسول الله أم أخفف
فقال الشيخ بن باز: صلى بنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
علمنا يا شيخ.
المقطع اسمه أدب ومكانة علماء الإسلام على اليوتيوب لمن أراد المصدر.
ـ[ابن نصر المصرى]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 02:34]ـ
أشهد الله أنى أحب الثلاثة حباً جماً، وأسأل الله أن يجمعنا بهم فى الجنة
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 04:22]ـ
اللهم آمين
ـ[المقدسى]ــــــــ[25 - Aug-2009, مساء 10:01]ـ
رحم الله ثلاثتهم فقد قدموا للإسلام خدمات جليلة أثابهم الله عليها يوم الميعاد.
ـ[عُبيد السعيد]ــــــــ[26 - Aug-2009, مساء 02:51]ـ
رحمة الله عليهم أجمعين
بارك الله فيكم .. وجمعنا وإياكم بهم في جنات النعيم مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين .. وحسن أولئك رفيقاً
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[27 - Aug-2009, صباحاً 01:03]ـ
اللهم آمين
جزاكم الله خيرا أخوانى
المقدسى
عُبيد السعيد(/)
استحباب التراويح بعشرين ركعة، وقيام الليل بأي عدد مختار الجزء1
ـ[زياني]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 10:14]ـ
بسم الله وبعد:
فقد ذهب قوم من المتأخرين إلى بدعية قيام الليل بأكثر من إحدى عشرة ركعة مستدلين بحديث عائشة رضي الله عنها قالت:" ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة", مع حديث مالك:" صلوا كما رأيتموني أصلي", وليس في هذا حجة لما قالوه أصلا, لأن حديث مالك إنما هو في الصلوات المقيدة العدد, وفي الهيئات, وليست جميع أفعاله عليه السلام في الصلاة واجبة بإجماع السلف, فمنها الواجب والمسنون والمستحب والجائز, أما حديث عائشة فقد حمله الشافعية وغيرهم من أهل العلم على صلاة الوتر, فكان عليه السلام لا يزيد فيها على هذا العدد, وهو القائل:" فمن شاء فليوتر بخمس ومن شاء فليوتر بثلاث .. ", وبذلك بوب النسائي وأبو بكر وعبد الرزاق وغيرهم, وخرج النسائي1727 عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة فلما كبر وضعف أوتر بتسع", يؤيد ذلك ما خرجه مسلم في الصحيح (139) عن زرارة أن سعد بن هشام ... وفيه: فقلت ـ لعائشة ـ أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ألست تقرأ يا أيها المزمل؟ قلت: بلى, قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة, قال: قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة ... ", وهو نص صريح في التفريق بين قيام الليل وأنه غير مقيد بعدد, وبين الوتر الذي يصلى على الأكثر إحدى عشرة ركعة استحبابا, ولا يفسر مراد عائشة إلا بما فسرته هي في هذا الحديث, وحتى لو حُمل على صلاة القيام لما كان لهم فيه أدنى حجة, ذلك أن هذا الحديث مجرد فعل رأته أمنا رضي الله عنها, لا يصح أصوليا أن يطلق عنه أنه تقييد, وقد رآه غيرها يصلي أكثر من ذلك ثلاث عشرة ركعة ورآه بعضهم يصلي بتسع أو سبع, وقد قال الترمذي:" وأكثر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر وأقل ما وصف من صلاته بالليل تسع ركعات", ألا فليمنعوا من الإنقاص عن تسع أو سبع ويقولوا أنه بدعة كما فعلوه في الزيادة, وطذا ما صح من طريق عاصم عن على رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالنهار ست عشرة ركعة", ألا فليمنعوا من الزيادة عليها ويبدعوها, وأخشى أن يفعلوا فكل تبديع عندهم ممكن, أما المعلوم عند الأصوليين وعامة العلماء أن مجرد الفعل لا يدل على وجوب ولا تحريم أصلا, لأن من صيغ التحريم النهي الجازم, فأنى لهم النهي من هذا الحديث, إذ النبي صلى الله عليه وسلم صلى أحد عشرة ركعة لكنه لم ينه أمته من الزيادة على ذلك أصلا, بل أرشدها إلى مطلق القيام ولم يضيق عليهم في هذا الباب أصلا، وثبت عنه:" أنه كان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة"، وإن كان هو يختار الأمر اليسير القليل حتى لا يحرج أمته، ألا ترون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حج قارنا وهذا من فعله, بينما حث أمته قوليا على التمتع, لذلك أجمع العلماء على جواز القيام من غير عزيمة ولا تحديد لعدد, نقل ذلك كثير من أهل العلم, وقال الشافعي:" وليس في شئ من هذا ضيق، ولا حد ينتهى إليه لأنه نافلة"، وقال ابن تيمية كما في الفتاوى (2/ 114):" كما أن نفس قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عددا معينا بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة لكن كان يطيل الركعات فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث ... ", فإن قالوا: قد جاءت أخبار قولية عامة تدل على جواز الإنقاص من تسع, قلنا لهم أن هذه الأخبار نفسها لأدل على
(يُتْبَعُ)
(/)
جواز الزيادة من دلالتها على جواز الإنقاص كما سيتبين:
إذ من المعلوم أن رمضان له خصوصيه زائدة عن غيره في الإكثار من العبادات، ونوافل الصلوات، فقد ثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر يجتهد فيها مالا يجتهد في غيرها"، وفي الصحيح عنها:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله", وعن علي مثله, وفيهما دليل واضح على أنه كان يزيد في العشر الأواخر على عادته، يؤكد ذلك ما خرجه الترمذي (794) عن عيينة بن عبد الرحمن حدثني أبي قال: ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة فقال: ما أنا ملتمسها لشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في العشر الأواخر فإني سمعته يقول:" التمسوها في تسع يبقين أو في سبع يبقين أو في خمس يبقين أو في ثلاث أواخر ليلة", قال: وكان أبو بكرة يصلى في العشرين من رمضان كصلاته في سائر السنة فإذا دخل العشر اجتهد", هذا وقد جاءت عدة سنن قولية تؤكد أن صلاة القيام من النوافل المطلقة التي لا عد فيها ولا عزمة:
فخرج مسلم 174 عن أبي هريرة قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول:" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر على ذلك",
وعن عبد الله بن سلام وابن عمرو وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام»،
وعن أبي أمامة الباهلي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو مقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم»
وخرج مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي: سل, فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة, قال: أو غير ذلك؟ قلت هو ذاك, قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود", وخرج نحوه من حديث ثوبان وأبي الدرداء وزاد:" فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة".
ولأبي داود (1314) عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" مامن امرىء تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة", وللنسائي 1785 عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كانت له صلاة صلاها من الليل فنام عنها كان ذلك صدقة تصدق الله عز وجل عليه وكتب له أجر صلاته", وهو صحيح.
ولابن ماجة 1344 عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم:" من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى, وكان نومه صدقة عليه من ربه", ولعل الموقوف أصح.
وعن عمر مرفوعا: من نام عن حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل", والموقوف أصح.
وصح عن أم حبيبة أم المؤمنين تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من صلى ثنتي عشرة ركعة في ليله ونهاره غير المكتوبة بنى الله له بيتا في الجنة".
وعن أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبي فقال: أي الصلاة أفضل؟ فقال:" جوف الليل الأوسط", قال: أي الدعاء أسمع؟ قال: دبر الصلوات المكتوبات",
وقد زعم زاعمون أن حديث عائشة رضي الله عنها السابق مقيد لهذه الأحاديث فيحمل المطلق على المقيد وهذا خطأ بين لوجوه: أحدها أنه لم يقل بهذا أحد من السلف ولا فهم أحد منهم بهذا الفهم وما كان هذا شأنه فحريّ أن لا يُلتفت إليه, والوجه الثاني أن لفظ الحديث جاء بصيغة الشرطية:" من قام رمضان .. من أتى فراشه .. , وهذا من صيغ العموم باتفاق الأصوليين, ولفظ القيام شامل لركعة فما فوقها بلا حصر, وقد روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام الليل حتى قال ولو بركعة", فعُلم بهذا أن حديث عائشة في الإحدى عشرة ركعة إنما هو جزء من أفراد العموم, فلا يعد تخصيصا له اتفاقا, لأنه مجرد فعل رأته أمنا رضي الله عنها, وقد حدثت بما رأت, وحدث غيرها بأكثر, وجاءت أحاديث أخرى تؤكد صحة مذهب السلف وهي صريحة في المطلوب, وكلها تحث عموم الأمة على مطلق القيام, وإن كان ذاك فعله,
(يُتْبَعُ)
(/)
فخرج ابن نصر عن عائشة رضي الله عنها عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يوتر قبل أن ينام فإذا قام من الليل صلى مثنى مثنى حتى يفرغ مما يريد أن يصلي", وصله بقي بن مخلد كما قال ابن حجر في التلخيص (2/ 23) قال بقي حدثنا محمد بن رمح ثنا الليث عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن أبا بكر وعمر تذاكرا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: فأنا أصلي ثم أنام على وتر فإذا استيقظت صليت شفعا حتى الصباح, فقا ل عمر: لكني أنام على شفع ثم أوتر من السحر, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: حذر هذا, وقال لعمر: قوي هذا", تابعه ابن بكير عن الليث، ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني ابن شهاب مثله مرسلا, وقد وصله بعضهم كما قال الدارقطني:" رواه محمد بن يعقوب الزبيري عن ابن عيينة وقال فيه عن أبي هريرة, وغيره يرويه عن ابن عيينة ولا يذكر أبا هريرة يرسله عن سعيد وهو الصواب", ولم يتفرد بوصله الزبيري فقال أبو نعيم في الحلية أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة، حدثني أبو الطيب محمد ابن حمدان النصيبي، حدثنا أبو الحسين الرهاوي ثنا يحيى بن آدم عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضى الله تعالى فذكر نحوه، ثم قال: هذا حديث غريب من حديث مسعر وسعد عنهما متصلا، ورواه شعبة عن سعد عن أبي سلمة وسعيد مرسلا، وقد رواه مصعب بن المقدام عن مسعر عن سعد عن سعيد عن أبي عبد الرحمن مرسلا"، وحتى لو كان الصواب فيه الإرسال، فإن مراسيل ابن المسيب قوية عندهم، كيف ومعه أبو سلمة، وله شواهد أخرى كما قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 354):" و وَقد روى من طَرِيق غير هَذَا الطَّرِيق، مِنْهَا صَحِيح وَمِنْهَا مَا لَا يَصح، فَمن صحيحها حَدِيث أبي قَتَادَة، ذكره أَبُو دَاوُد ... عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكر الحديث"، ثم قال ابن القطان: وَمن الحسان فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث ابْن عمر، قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم نا مُحَمَّد بن عباد ثنَا يحيى بن سليم عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ لأبي بكر: " مَتى توتر؟ " قَالَ: أوتر ثمَّ أَنَام، قَالَ: " بالحزم أخذت"، وَقَالَ لعمر:" مَتى توتر؟ " قَالَ: أَنَام ثمَّ أقوم من اللَّيْل فأوتر، قَالَ: " بِالْقُوَّةِ فعلت "، قَال البزار: وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر إِلَّا يحيى بن سليم، قال ابن القطان: وَيحيى بن سليم وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَمن ضعفه لم يَأْتِ بِحجَّة، وَهُوَ صَدُوق عِنْد الْجَمِيع"، وقال ابن نصر (46) حدثنا محمد بن عباد المكي ثنا يحيى بن سليم مثله.
ثم ذكر ابن القطان بعض الشواهد التي فيها ضعف يسير ومنها قوله: حَدِيث عقبَة بن عَامر، ذكره ابْن سنجر من رِوَايَة ابْن وهب عَن ابْن لَهِيعَة عَن الْحَارِث بن يزِيد عَن أبي المصعب الْمعَافِرِي عَن عقبَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم سَأَلَ أَبَا بكر: " مَتى توتر؟ " قَالَ: أُصَلِّي مثنى مثنى، ثمَّ أوتر قبل أَن أَنَام، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:" مُؤمن حذر "، وَقَالَ لعمر:"مَتى توتر؟ " قَالَ: أُصَلِّي مثنى مثنى، ثم أَنَام حَتَّى أوتر من آخر اللَّيْل، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:" مُؤمن قوي "، ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة فيها قوة فصح الحديث مع ما مضى، وقد سمعه ابن لهيعة من أبي مصعب نفسه، فخرج الروياني نا ابن إسحاق نا ابن أبي مريم نا ابن لهيعة نا مشرح بن هاعان المعافري أنه سمع عقبة بن عامر فذكره سواءا، وفي الباب عن جابر، وفي هذا الحديث الصحيح سنة تقريرية منه عليه السلام لأبي بكر وعمر في أنهما كانا يقومان من الليل ما يشاءان، ثم يوتر أبو بكر ثم يقوم الليل مرة أخرى شفعا شفعا حتى الصباح, والله المستعان على من زعم أنه بدعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد خرجا في الصحيح من حديث القاسم عن عبد الله بن عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت", قال القاسم: ورأينا أناسا منذ أدركنا يوترون بثلاث وإن كلا لواسع أرجو أن لا يكون بشيء منه بأس", واللفظ للبخاري (948) , وقد ذكره في باب كيف صلاة الليل وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل", وقال ابن حجر:" أنه الأفضل في حق الأمة لكونه أجاب به السائل وأنه صلى الله عليه وسلم صح عنه فعل الفصل والوصل", وجاء التخيير في العدد عن راوي الحديث وهو أفهم لما روى, قال ابن حجر (2/ 481):" وروى محمد بن نصر من طريق سعيد بن الحارث أنه سأل بن عمر عن ذلك فقال: إذا كنت لا تخاف الصبح ولا النوم فاشفع ثم صل ما بدا لك ثم أوتر وإلا فصل وترك على الذي كنت أوترت", ومن طريق أخرى عن ابن عمر أنه سئل عن ذلك؟ فقال: أما أنا فأصلي مثنى فإذا انصرفت ركعت ركعة واحدة فقيل: أرأيت ان أوترت قبل أن أنام ثم قمت من الليل فشفعت حتى أصبح قال ليس بذلك بأس",
وجاء الحث على مطلق القيام بلفظ أصرح من هذا: فخرج أبو داود 1277 من حديث عمرو بن عبسة السلمي أنه قال: قلت يارسول الله أي الليل أسمع؟ قال:" جوف الليل الآخر فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح ثم أقصر حتى تطلع الشمس ... ", وللنسائي:" قلت يا رسول الله هل من ساعة أقرب إلى الله عز وجل من أخرى قال نعم جوف الليل الآخر فصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح ثم انته", والحديث صحيح, وهذا نبي الله يحبّب لأمته أن يصلوا كما يشاء, وهم يقولون: لا تصل ما تشاء, والحمد لله على توسيعه لما ضيقوا.
وخرج مسلم (183) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء", وفي لفظ:" فليطل صلاته ما شاء", وهو عام شامل للتطويل في القيام وفي عدد الركعات.
قال محمد بن نصر في قيام الليل ص 127 وابن المنذر في الأوسط ثنا طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق ثنا أبي ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب و لكن أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة ركعة أو أكثر من ذلك", قال الشوكاني في النيل (3/ 42): قال العراقي: إسناده صحيح", وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 373) , فإنه لما ذكر حديثا في الوتر قال: وله شاهد آخر بإسناد صحيح, ثنا أبو العباس .. ", فذكره, ثم قال ابن القيم محتجا بالحديث:" فردت هذه السنن بحديثين باطلين وقياس فاسد .. ", أما الحاكم فلم يذكر حكمه عنه في النسخة الموجودة, إلا أن يكون قد صححه كما في النسخة التي عند ابن القيم والله أعلم, وقد خرجه البيهقي (3/ 31) عن أبي العباس محمد بن يعقوب ثنا أبو الحسين طاهر بن عمرو فذكره سواءا ثم قال البيهقي: ورواه ابن بكير عن الليث, أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا عبد الصمد بن علي بن مكرم البزار ببغداد ثنا عبيد بن شريك ثنا يحيى بن بكير ثني الليث ثني جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن أبي هريرة قال: لا توتروا بثلاث, قال: فذكر نحوه موقوفا", ولعله الصواب لأن طاهر بن عمرو قد روى عنه الثقات منهم أبو عوانة في صحيحه, ولا أدري من وثقه والله أعلم.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زار جابرا فقال له:" صل ما استطعت", فليبحث عنه, وأنا بريئ من عهدته.
وجاء من فعله أنه عليه السلام صلى أكثر من إحدى عشرة ركعة: فخرج البخاري1117عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين", ولمسلم 195عن زيد بن خالد الجهني نحو ذلك, وفي الباب عن أم سلمة وجابر رضي الله عنهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عبد الله كما في المسند (1/ 145) حدثني العباس بن الوليد ثنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: سئل علي رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان يصلي من الليل ست عشرة ركعة", رجاله ثقات, وقد توبع أبو عوانة: فقال عبد الله ثنا أبو عبد الرحمن بن عمر ثنا عبد الرحيم الرازي عن العلاء بن المسيب عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ست عشرة ركعة سوى المكتوبة", رجاله ثقات, وأبو عبد الرحمن هو عبد الله مشكدانة الحافظ, وعبد الرحيم بن سليمان هو الأشل الرازي ثقة, وأبو إسحاق قد سمع هذا الحديث من عاصم, وهكذا قال فيه أبو عوانة والعلاء وهما ثقتان:" يصلي من الليل", وخالفهما شريك ومعمر وسفيان وأبو إسرائيل فقالوا فيه:"من النهار" فإما أن يكون هذا هو الصواب, وإما أن تصح الروايتان, فيكون تطوعه من الليل ست عشرة ركعة مثل النهار والله أعلم, ولهذا شاهد قوي:
قال ابن المبارك في الزهد (1237) أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبع عشرة ركعة من الليل", هذا مرسل رجاله ثقات, فيكون قد صلى ست عشرة ركعة والوتر وكعة, والمجموع سبع عشرة ركعة.
وروى محمد بن المهاجر عن الحكم بن عتبة عن إبراهيم قال: قال علي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربعة عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ ... ",
وروي عن ابن عباس قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر", ولم يصح, رواه الناس عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس, وخرج السهمي في تاريخ جرجان (75 و 276) ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد القصري الشيخ الصالح رحمه الله حدثنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن العبد الصالح قال أخبرني محمد بن حميد الرازي حدثنا عمر بن هارون حدثنا إبراهيم بن الحناز عن عبد الرحمن عن عبد الملك بن عتيك عن جابر بن عبد الله قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان فصلى بالناس أربعة وعشرين ركعة وأوتر بثلاثة", وهذا إسناد مظلم مجهول لا عبرة به, ومحمد بن حميد الرازي حافظ ضعيف عند الأكثر, ووثقه ابن معين وبعضهم, وعمر بن هارون تركه الأكثر, وقال الترمذي سمعت محمدا يقول: عمر بن هارون مقارب الحديث قال: ورأيته حسن الرأي فيه", وكان أبو رجاء قتيبة يطريه ويوثقه, وذكر عن وكيع أنه ذكره فقال: كان يروي بالحفظ", وأثنى على روايته ابن مهدي.
وجاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الصلاة بأي عدد مختار وهم خير الناس:
فخرج ابن نصر عن عائشة رضي الله عنها عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يوتر قبل أن ينام فإذا قام من الليل صلى مثنى مثنى حتى يفرغ مما يريد أن يصلي", وقد مضى مثله.
وذكر ابن نصر: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" الوتر ثلاثة من شاء أوتر أول الليل فكفاه ذاك فإن قام وعليه ليل فإن شاء صلى ركعة وسجدتين فكانت شفعا لما بين يديها ثم صلى ما بدا له ثم أوتر إذا فرغ, ومن شاء أخر وتره إلى آخر الليل", وصله الشافعي كما في مسنده قال نا ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال علي رضي الله عنه: الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر من أول الليل أوتر ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء صلى ركعتين حتى يصبح وإن شاء أوتر آخر الليل"، وخرجه البيهقي (3/ 37) عن شعبة عن أبي هارون الغنوي مثله ولعبد الرزاق نحوه، وهذا إسناد صحيح من حديث البصريين الثقات وهو صريح في أن يوتر المرء بركعات كما يشاء، ثم ينام ثم يصلي كما يشاء حتى يصبح والحمد لله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وخرج البخاري 4086 ومسلم كما ذكر المزي في ترجمة محمد بن عباد عنه ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن فقال يسروا أو بشروا ولا تنفروا وأراه قال تطاوعا فلما ولي أبو موسى قال يا رسول الله إن لهم شرابا من العسل يطبخ حتى يعقد والمزر من الشعير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسكر عن الصلاة فهو حرام, فلما قدما اليمن نزلا فتناطرا قيام الليل فقال أبو موسى: أنا أقوم أول الليل وأنام آخره, فقال معاذ: وأنا أنام أول الليل وأقوم آخره فأحتسب نومي كما أحتسب قومي".
وخرج ابن نصر كما في المختصر من كتاب الوتر101 عن أبي مجلز أن ابن عباس رضي الله عنه قال: أما أنا فلو أوترت ثم قمت وعلي ليل لم أبال أن أشفع إليها بركعة ثم أصلي بعد ذلك ما بدا لي ثم أوتر بعد ذلك", وفي رواية:" إذا أوتر الرجل من أول الليل ثم أراد أن يصلي شفع وتره بركعة ثم صلى ما بدا له ثم أوتر من آخر صلاته", وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه بمعناه", وصلهما أبو بكر بأصح إسناد في الدنيا (2/ 82) فقال باب في الرجل يوتر ثم يقوم بعد ذلك: حدثنا وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز أن أسامة بن زيد وبن عباس قالا إذا اوترت من أول الليل ثم قمت تصلي فصل ما بدا لك واشفع بركعة ثم اوتر", قال: حدثنا حفص عن ابن جريج عن عطاء عن بن عباس قال من أوتر أول الليل ثم قام فليصل ركعتين ركعتين", ورواه عبد الرزاق عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عباس قال:" إذا أوترت من أول الليل فصل شفعا حتى تصبح". وفيه صلاة الوتر ثم القيام بعدها بما بدا له من الركعات,
ولابن نصر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار كلاهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قالا سأله رجل عن الوتر فقال:" أما أنا فإني إذا صليت العشاء الآخرة صليت ما شاء الله أن أصلي مثنى مثنى فإذا أردت أن أنام ركعت ركعة واحدة اوترت لي ما قد صليت فإن هببت من الليل فإردت أن اصلي شفعت بواحدة ما مضى من وتري ثم صليت مثنى مثنى فإذا أردت أن أنصرف ركعت ركعة واحدة فأوترت لي ما صليت", وقال أبو بكر حدثنا هشيم أنا حصين عن الشعبي عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك", أي مثل فعل ابن عباس, وهو صحيح, وخرج مالك في الموطإ عن نافع أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر بمكة والسماء مغيمة فخشي عبد الله الصبح فأوتر بواحدة ثم انكشف الغيم فرأى أن عليه ليلا فشفع بواحدة ثم صلى بعد ذلك ركعتين ركعتين فلما خشي الصبح أوتر بواحدة ", قال مالك: من أوتر أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصل مثنى مثنى فهو أحب ما سمعت إلي",
وذكر ابن نصر عن عمار بن ياسر وقد سئل عن الوتر فقال أما أنا فأوتر قبل أن أنام فإن رزقني الله شيئا صليت شفعا شفعا إلى أن أصبح", وصله أبو بكر بإسناد غاية من الصحة قال: حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن قتادة عن خلاس بن عمرو الهجري عن عمار قال:" أما أنا فأوتر فإذا قمت صليت مثنى مثنى وتركت وتري الأول كما هو ", ولعبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار ثنا خلاس بن عمرو: قال كنت جالسا عند عمار بن ياسر فسأله رجل فقال يا أبا اليقظان كيف تقول في الوتر فقال عمار:" أما أنا فأوتر قبل أن أنام فإن رزقني الله شيئا صليت شفعا شفعا حتى الصبح".
وخرج ابن نصر عن أبي هريرة رضي الله عنه إذا صليت العشاء صليت بعدها خمس ركعات ثم أنام فإن قمت صليت مثنى مثنى وإن أصبحت أصبحت على وتر", وصله عبد الرزاق بأصح أسانيد المدنيين رواه عن مالك وابن زيد بن أسلم عن زيد بن أسلم عن أبي مرة مولى عقيل قال سألت أبا هريرة فقلت حدثني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر فسكت ثم سألته الثانية فسكت ثم سألته الثالثة فقال: إن شئت حدثتك عن أبي هريرة:" أما أنا فأوترها هنا بخمس ثم أرجع فارقد فإن استيقظت صليت شفعا حتى أصبح ", فأخبر حافظ الأمة أنه يوتر بخمس, ثم يستيقظ فيصلي شفعا شفعا حتى يصبح",
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن نصر: وسئل رافع بن خديج رضي الله عنه عن الوتر فقال أما أنا فإني أوتر من اول الليل فإن رزقت شيئا من آخره صليت ركعتين ركعتين حتى أصبح", وصله عبد الرزاق عن معمر عن أبي عمرو الندبي سمعت رافع بن خديج يسأل عن الوتر فقال: أما أنا فإني أوتر من أول الليل فإن رزقت شيئا من آخره صليت ركعتين ركعتين حتى أصبح, أو قال: حتى يدركني الصبح", وقال أبو بكر حدثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن بشر بن حرب أبو عمر قال سمعت رافع بن خديج قال: أما أنا فأوتر فإذا قمت صليت مثنى مثنى وتركت وتري", بشر بن حرب صدوق فيه لين.
وصح ذلك عن سعد بن أبي وقاص, فقال أبو بكر ثنا غندر عن شعبة عن إبراهيم بن المهاجر عن كليب الجرمي عن سعد قال: أما أنا فإذا أوترت ثم قمت صليت ركعتين ركعتين",
وخرج عبد الرزاق (3/ 20) عبد الرزاق عن معمر عن ثابت البناني قال صليت مع أنس وبت عنده قال فرأيته يصلي مثنى مثنى حتى إذا كان في آخر صلاته أوتر بثلاث مثل المغرب".
وخرج أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، تسلم في ركعتين إن شئت، وإن شئت صليت خمسين ركعة لم تسلم بينهن وسلمت في آخرهن ... "،
وخرج عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن عطاء قال يجزيك التشهد وإن صليت مائة ركعة"، وخرج عبد الرزاق أيضا (3/ 26) عن ابن جريج قال قلت لعطاء: أفصل بين الوتر وبين ما قبله بتسليم؟ قال: كأنكم أعراب أو لست تسلم تسليم الفراق كل شيء فهو يكفيك، فإن شئت فصل مائة ركعة أو فلا تفصل بين الوتر وبين ما قبله من الركوع قال: قلت: والإمام أيضا كذلك في شهر رمضان؟ قال" نعم"، فمن ذا يترك سبيل الصحابة والتابعين، ويلتفت إلى غيرهم إلا كل خاسر مأبون متهم في دينه غير مأمون، والله المستعان.
وقد جاءت صلاة التراويح عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة, وهم أفضل الناس, روى ذلك عنهم كل من السَّائِبِ بْنِ يَزِيد وابن أبي ذباب وأبوالعالية وغيرهم كثير:
أما رواية السَّائِب بنِ يَزِيد, فقد حدث بها عنه كل من مُحَمَّد بْنِ يُوسُف ويزيد بن خصيفة لكن اختلف على محمد بن يوسف:
أما طريق محمد بن يوسف فقد اختلف عليه في ذكر العدد ... يتبع
كتبه أبو عيسى الزياني الجزائري
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 05:58]ـ
جاء في الفتاوى الكبرى 2/ 250" تَنَازُعُ الْعُلَمَاءِ فِي مِقْدَارِ الْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ أبي بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَقُومُ بِالنَّاسِ عِشْرِينَ رَكْعَةً فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَيُوتِرُ بِثَلَاثِ. فَرَأَى كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّةُ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ مُنْكِرٌ. وَاسْتَحَبَّ آخَرُونَ: تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْقَدِيمِ. وَقَالَ طَائِفَةٌ: قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً} وَاضْطَرَبَ قَوْمٌ فِي هَذَا الْأَصْلِ لَمَّا ظَنُّوهُ مِنْ مُعَارَضَةِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِمَا ثَبَتَ مِنْ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَعَمَلِ الْمُسْلِمِينَ. وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ جَمِيعَهُ حَسَنٌ كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَا يتوقت فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَدَدٌ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَقِّتْ فِيهَا عَدَدًا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ تَكْثِيرُ الرَّكَعَاتِ وَتَقْلِيلُهَا بِحَسَبِ طُولِ الْقِيَامِ وَقِصَرِهِ."
ـ[زياني]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 09:07]ـ
بسم الله وبعد: فهذا الجزء الثاني من البحث:
وصح ذلك عن سعد بن أبي وقاص, فقال أبو بكر ثنا غندر عن شعبة عن إبراهيم بن المهاجر عن كليب الجرمي عن سعد قال: أما أنا فإذا أوترت ثم قمت صليت ركعتين ركعتين",
وخرج عبد الرزاق (3/ 20) عبد الرزاق عن معمر عن ثابت البناني قال صليت مع أنس وبت عنده قال فرأيته يصلي مثنى مثنى حتى إذا كان في آخر صلاته أوتر بثلاث مثل المغرب".
(يُتْبَعُ)
(/)
وخرج أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، تسلم في ركعتين إن شئت، وإن شئت صليت خمسين ركعة لم تسلم بينهن وسلمت في آخرهن ... "،
وخرج عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج عن عطاء قال يجزيك التشهد وإن صليت مائة ركعة"، وخرج عبد الرزاق أيضا (3/ 26) عن ابن جريج قال قلت لعطاء: أفصل بين الوتر وبين ما قبله بتسليم؟ قال: كأنكم أعراب أو لست تسلم تسليم الفراق كل شيء فهو يكفيك، فإن شئت فصل مائة ركعة أو فلا تفصل بين الوتر وبين ما قبله من الركوع قال: قلت: والإمام أيضا كذلك في شهر رمضان؟ قال" نعم"، فمن ذا يترك سبيل الصحابة والتابعين، ويلتفت إلى غيرهم إلا كل خاسر مأبون متهم في دينه غير مأمون، والله المستعان.
وقد جاءت صلاة التراويح عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة, وهم أفضل الناس, روى ذلك عنهم كل من السَّائِبِ بْنِ يَزِيد وابن أبي ذباب وأبوالعالية وغيرهم كثير:
أما رواية السَّائِب بنِ يَزِيد, فقد حدث بها عنه كل من مُحَمَّد بْنِ يُوسُف ويزيد بن خصيفة لكن اختلف على محمد بن يوسف:
أما طريق محمد بن يوسف فقد اختلف عليه في ذكر العدد على ثلاثة أقوال:
أولاها ما رواه مالك في الموطإ عَنْ مُحَمَّد بْنِ يُوسُف عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَال:" أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً, قَال: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي فُرُوعِ الْفَجْر", قال ابن عبد البر في الإستذكار (2/ 68):" هكذا قال مالك في هذا الحديث إحدى عشرة ركعة وغير مالك يخالفه فيقول في موضع إحدى عشرة ركعة, إحدى وعشرين ... قال:" إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم والله أعلم", وليس الوهم فيها من مالك لأنه قد توبع:
فقال إسماعيل بن جعفر في جزئه: نا محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد فذكر مثل حديث مالك.
وقال أبوبكر بن أبي شيبة (2/ 392) وابن شبة: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن يوسف إن السائب أخبره إن عمر جمع الناس على أبيّ وتميم، فكانا يصليان إحدى عشرة ركعة",
وقال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا عبد الله بن محمد ني محمد بن يوسف سمعت السائب بن يزيد يقول: كنا نقوم في زمان عمر بن الخطاب بإحدى عشرة ركعة"، كذا وجدته فيما جمعت من أوراق ولم أتحقق منه بعد، وعبد الله هذا هو الفروي والله أعلم.
هكذا قال مالك في رواية ويحيى وابن جعفر والفروي عن محمد بن يوسف, وخالفهم أبو ذكير وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد ومالك في رواية ابن وهب عنه لم يذكروا عددا أصلا، أما رواية أبي ذكير عن محمد بن يوسف فخرجها ابن شبة في تاريخه (2/ 713) قال: حدثنا أبو ذكير سمعت محمد بن يوسف الأعرج يحدث عن السائب بن يزيد قال: جاء عمر رضي الله عنه ليلة من ليالي رمضان، إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والناس متفرقون، يصلي الرجل بنفسه، ويصلي الرجل ومعه النفر، فقال: لو اجتمعتم على قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب .. "، ولم يذكر عددا، وكذلك لم يذكره مالك مرة وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن محمد بن يوسف، فقال ابن شبة: حدثنا أحمد بن عيسى ثنا عبد الله بن وهب حدثني مالك وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد أن محمد بن يوسف حدثهم عن السائب بن يزيد قال: جمع عمر رضي الله عنه الناس على أبي بن كعب وتميم الداري، فكانا يقومان في الركعة بالمئين من القرآن، حتى إن الناس ليعتمدون على العصي من طول القيام، ويتنوط أحدهم بالحبل المربوط بالسقف من طول القيام، وكنا نخرج إذا فرغنا ونحن ننظر إلى بزوغ الفجر"، ورواه أبو بكر نا وكيع نا أسامة بن زيد عن محمد بن يوسف عن السائب قال عمر:" إنكم تدعون أفضل الليل آخره", ليس فيه العدد.
(يُتْبَعُ)
(/)
بينما رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن يوسف فقال: ثلاث عشرة ركعة, خرج روايته محمد بن نصر في قيام الليل من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن يوسف عن جده السائب بن يزيد قال: كنا نصلى في زمن عمر ثلاث عشرة ركعة", قال ابن إسحاق: وما سمعت في ذلك هو أثبت عندي ولا أحرى من حديث السائب وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له من الليل ثلاث عشرة ركعة", وهذه الرواية تؤكد ضبط ابن إسحاق لحديثه, وأن الإضطراب صادر من محمد بن يوسف,
بينما روى داود بن قيس وغيره هذا الحديث أيضا عن محمد بن يوسف فقالوا فيه:"إحدى وعشرين ركعة"، خرج روايتهم عبد الرزاق7730 عن داود بن قيس وغيره عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أن عمر جمع الناس في رمضان على أبي بن كعب وعلى تميم الداري على إحدى وعشرين ركعة يقرؤون بالمئين وينصرفون عند فروع الفجر", وهذا إسناد صحيح وداود بن قيس هو الفراء ثقة فاضل, ومن طعن في حفظ الإمام عبد الرزاق فهو المخطئ، لأن هذا الحديث من كتابه وهو صحيح الكتاب باتفاق المسلمين, وقد رأيت القوم يكثرون من الطعن في هذا الإمام من غير معرفة، عندها استعنت الله على جمع ورد كل الشبه التي طعنوا فيها على إمامنا الحافظ عبد الرزاق، وكتبت ذلك في مبحث تصحيح تسمية الله بالمحسن والحمد الله, ولعلي أعيدها في الأسفل إن شاء الله، وإن في اختلاف الرواة على محمد بن يوسف لدليل واضح أن الإضطراب صادر منه بلا شك، ورواية داود بن قيس وغيره عنه أصح كما قال ابن عبد البر لموافقتها روايات سائر الثقات كما سيأتي:
أما عن رواية يزيد بن خصيفة عن السائب فلم يختلف عليه في العدد, فقد رواه عنه كل من ابن ابى ذئب ومحمد بن جعفر عن يزيد بن خصيفة بلفظ:"عشرين ركعة", وتابعه على ذلك ابن أبي ذباب وأبو العالية ثلاثتهم عن السائب بن يزيد بلفظ:" عشرين ركعة".
أما رواية ابن ابى ذئب فقد حدث بها عنه كل من على بن الجعد و يزيد بن هارون:
أما حديث ابن الجعد فخرجه البيهقي (2/ 496): اخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن فنجويه الدينورى بالدامغان ثنا احمد بن محمد بن اسحاق السنى انبأ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا على بن الجعد انبأ ابن ابى ذئب عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنها في شهر رمضان بعشرين ركعة قال وكانوا يقرؤن بالمئين وكانوا يتوكؤن على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه من شدة القيام"، وقد ضعفه بعضهم بأن ابن فنجوية مجهول، وليس كما قالوا، فقد قال البنوري محقق نصب الراية (2/ 99): رجال هذا الاسناد كلهم ثقات ذكرها المحقق النيموي الهندي في آثار السنن (2/ 54) رجلا رجلا", وهو كما قال لأن ابن حجر ذكر في اللسان من ترجمة الحسن بن محمود عن الحافظ أبي سعد بن السمعاني قال: أما قوله ـ السقطي عن حديث: أدوا الزكاة ـ أن رجال الإسناد كلهم مجاهيل فليس كذلك, بل أكثرهم معروفون, .. والحسين بن عبد الله بن فنجويه حافظ كبير مصنف", وقال في تاج العروس مادة: فنج:" واستدرك شيخنا هنا ابن فَنْجُويَهْ أَحدُ المُحَدّثين، قال: وهو الحافِظُ أَبو عبد الله الحُسين بنُ محمّدِ ... بن فَنْجُويَهْ الثَّقَفيُّ الدِّينَوَريّ ذكره عبدُ الغافرِ الفارسيّ في تاريخ نَيْسَابورَ وأثنى عليه"، وقال الذهبي في السير (17/ 383):" الشَّيْخُ الإِمَام المُحَدِّث المُفِيْد بَقِيَّةُ المَشَايِخ"، ونقل عن شِيْرَوَيْه فِي تَارِيْخِهِ قوله: كَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً، كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ لِلْمَنَاكِير"، أي للأفراد، وهو راوي كتاب السنن عن شيخه ابن السني المعروف، وحدث عنه بسنن النسائي وغيره، وقال محمد بن عبد الغني البغدادي في تكملته:" ثقة صدوق"، فصح الحديث وفيه دليل على استمرارية الصلاة بعشرين ركعة حتى في زمن عثمان رضي الله عنه, وقد خرج البغوي هذا الخبر في الجعديات (1/ 413) 2387 قال: حدثنا علي أنا ابن أبي ذئب عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال: «كانوا يقومون على عهد عمر في شهر رمضان بعشرين ركعة، وإن كانوا ليقرءون بالمئين من القرآن» , وهذا إسناد صحيح مسلسل بالأئمة الثقات, وقد قرأته على شيخنا العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى فصححه وأعجبه جدا, وقد توبع علي بن الجعد متابعة تامة:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الفريابي في الصيام (1/ 86) حدثنا تميم بن المنتصر أنا يزيد بن هارون ثنا ابن أبي ذئب عن ابن خصيفة عن السائب بن يزيد قال:" كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في رمضان عشرين ركعة، ولكن كانوا يقرءون بالمائتين في ركعة حتى كانوا يتوكئون على عصيهم من شدة القيام».
أما رواية محمد بن جعفر عن ابن خصيفة فقد خرجها البيهقي في الصغرى (1/ 235) وفي المعرفة (5409) قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري نا محمد بن عبد الوهاب أنا خالد بن مخلد نا محمد بن جعفر حدثني يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال: «كنا نقوم في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعشرين ركعة والوتر» , وقد جهل بعضهم بعض رواة السند فضعفه وليس كما قال، فقد قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَة: "إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وهو كما قال لأن رجاله ثقات أجمعهم, فأبو طاهر هو مسند نيسابور العلامة أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قال عنه الخليلي: "ثقة متفق عليه", وأبو عثمان البصري قال عنه الذهبي في التذكرة:" مسند نيسابور"، وقال في السير (15/ 364):" هو الإِمَامُ القُدْوَة الزَّاهِد الصَّالِح أَبُو عُثْمَانَ عَمْرو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِرْهَم النَّيْسَابُوْرِيّ"، قَالَ الحَاكِمُ: لم أرزقِ السَّمَاع مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يحضُر منزلنَا وَأَنبسطُ إِلَيْهِ، وقَالَ لِي أَبِي: صحبته إِلَى رِبَاط فرَاوة وَمَا رَأَيْتُ مِثْل اجْتهَادِه حَضَراً وَسَفَراً"، ومحمد بن عبد الوهاب هو ابن حبيب ثقة, والبقية معروفون,
وأما متابعة ابن أبي ذباب لابن خصيفة فخرجها عبد الرزاق 7733 عن الأسلمي عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن السائب بن يزيد قال: "كنا ننصرف من القيام على عهد عمر وقد دنا فروع الفجر وكان القيام على عهد عمر ثلاثة وعشرين ركعة"، الأسلمي مهمل, وأظنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي, وعامة أهل الحديث على تركه لم يوثقه غير الشافعي وابن عقدة وابن الأصبهاني وأثنى عليه ابن عدي.
وقد ذكر ابن عبد البر والبيهقي أن من ذكر عشرين ركعة فبغير عد الوتر, ومن ذكر ثلاثة وعشرين ركعة فبالوتر لرواية عطاء الآتية, ولما روى عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عمران بن موسى أن يزيد بن خصيفة أخبرهم عن السائب بن يزيد عن عمر قال جمع الناس على أبي بن كعب وتميم الداري فكان أبي يوتر بثلاث ركعات", وبهذا تجتمع الأحاديث وتتفق, إلا ما جاء عن محمد بن يوسف, ووجه التوفيق بين روايته ورواية غيره على طريقتين لا ثالثة لهما:
فإما أن نسلك مسلك الجمع وهو على ثلاثة أقوال, أولاهما مسلك الجمع بالتدرج, وقد قال به البيهقي حيث قال (2/ 496):" ويمكن الجمع بين الروايتين فإنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة ثم كانوا يقومون بعشرين ويوترون بثلاث والله أعلم", وقال ابن عبد البر: إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشرة ركعة ثم خفف عليهم طول القيام ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة يخففون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم والله أعلم", وقال محمد عليش المالكي في منح الجليل على مختصرخليل: وهي ثلاث وعشرون ركعة بالشفع والوتر’وهذا الذي جرى به عمل الصحابة والتابعين، ثم جُعِلت في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالىعنه بعد وقعة الحرة بالمدينة المنورة، فخففوا في القيام وزادوا في العدد لسهولتهفصارت تسعا وثلاثين بالشفع والوتر كما في بعض النسخ، وفي بعضها ستا وثلاثين ركعةغير الشفع والوتر، واستقر العمل على الأول",
والثاني مسلك الجمع بحسب تطويل القراءة وتخفيفها, حيث قال ابن حجر في الفتح (4/ 253): "والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث يطيل القراءة تقل الركعات وبالعكس وبذلك جزم الداودي وغيره والعدد الأول موافق لحديث عائشة المذكور بعد هذا الحديث في الباب والثاني قريب منه والاختلاف فيما زاد عن العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر وكأنه كان تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث",
والثالث مسلك الجمع باختلاف الأفراد في القوة والنشاط وقد أنسيت من ذكره والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإما أن نسلك في هذه الأحاديث الطريقة الثانية وهي طريقة الترجيح كما رجح ابن عبد البر حيث قال:" إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم والله أعلم", وهذا هو الصواب لعدة أمور:
فلئن كان قد رجح بعضهم رواية محمد بن يوسف لأن ابن حجر قال: ثقة ثبت", ولأنه ابن أخت السائب, فليس هذا بشئ, لأن يزيد بن خصيفة قال عنه ابن عبد البر: هو الكندي ابن أخي السائب بن يزيد الكندي وكان ثقة مأمونا محدثا محسنا", وابن الأخ أقرب من ابن الأخت, وقد قال عنه ابن معين: ثقة حجة, وهي أرفع من ثقة ثبت, وأما قول أحمد فيه:" منكر الحديث", أي أن له أفرادا كما قال أهل الفن وليست بجرح, فقد قال عنه أحمد أيضا: ثقة, وهو قول كافة أهل الحديث ولا يجوز الطعن في الأئمة بتتبع الأقوال الشاذة وإلا فلن يسلم أحد من الجرح لا محمد بن يوسف ولا من هو أفضل منه.
ومن أوجه الترجيح لرواية يزيد بالعشرين أن محمد بن يوسف قد اختلف عليه في حديثه واضطرب فيه, فرواه عنه مالك وغيره بلفظ:" إحدى عشرة ركعة", ورواه عنه مالك في رواية أخرى هو وأسامة بن زيد وأبو ذكير والعمري كلهم عن محمد بن يوسف لم يذكروا عددا، ورواه عنه محمد بن إسحاق عن محمد بن يوسف فقال: ثلاث عشرة ركعة, ثم قال ابن إسحاق متثبتا:"هو أثبت عندي ولا أحرى من حديث السائب وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له من الليل ثلاث عشرة ركعة", بينما رواه عنه داود بن قيس وغيره عن محمد بن يوسف فقالوا فيه:"إحدى وعشرين ركعة", وهي الموافقة لرواية يزيد بن خصيفة الذي لم يختلف عليه في حديثه, ورواية من ضبط أولى من روايه من اختلف عليه في حديثه, فقد روى الحفاظ طريق يزيد بعشرين ركعة, ومع الوتر تصير ثلاثة وعشرين ركعة, كما ذكر البيهقي وابن عبد البر وغيرهما,
أما الوجه الثالث في ترجيح رواية يزيد أنه قد تابعه كل من ابن أبي ذباب وأبي العالية الرياحي, إضافة إلى كثير من الشواهد لها:
أما متابعة ابن أبي ذباب فقد خرجها عبد الرزاق وذكرها ابن عبد البر تعليقا كما مر.
وأما متابعة أبي العالية فخرجها الضياء المقدسي في المختارة (1/ 384) مصححا لها عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن عمر أمر أبيا أن يصلي بالناس في رمضان فقال: إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرؤوا فلو قرأت القرآن عليهم بالليل فقال: يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن فقال: قد علمت ولكنه أحسن, فصلى بهم عشرين ركعة", وهذا حديث صحيح لغيره, لأن أبا جعفر الرازي أقل أحواله أن يكون صدوقا, فقد لينه بعض الحفاظ تليينا يسيرا, فقال ابن خراش: سيىء الحفظ صدوق, وقال أبو زرعة: يهم كثيرا, وقال النسائي: ليس بالقوي, بينما اختلف قول البعض فيه, فقال أحمد: ليس بقوي, وقال مرة: صالح الحديث, وقال الفلاس: فيه ضعف وهو من أهل الصدق سيىء الحفظ, (وقال الفلاس مرة أخرى ولست متأكدا: ثقة) , وجعل الأكثرون حديثه في مرتبة الصحيح, فقال ابن عبد البر: هو عندهم ثقة عالم بتفسير القرآن, وقال الحاكم: هو ثقة, وقال أيضا: أبو جعفر الرازي لم يخرجا عنه وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال", فنقلا ذلك عن سائر الأئمة, وقال إسحاق بن منصور وعباس الدوري وابن الغلابي عن يحيى بن معين: ثقة, وقال أبو بكر بن خيثمة عن يحيى بن معين: صالح, وقال ابن أبي مريم عن ابن معين يكتب حديثه ولكنه يخطئ, وذكر أن يخطئ في حديث المغيرة فقط, وليس هذا منه, وقال علي بن المديني ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي وابن عدي و ابن سعد: ثقة, وقال أبو حاتم: ثقة صدوق صالح الحديث", وقال الهيثمي (4/ 74):" عيسى بن أبي عيسى ماهان وهو ثقة وفيه كلام لا يضر", وجعله بعضهم في رتبة الحسن, فقال زكريا بن يحيى الساجي: صدوق ليس بمتقن", وخلاصة القول فيه ما قال ابن عدي: له أحاديث صالحة وقد روى عنه الناس وأحاديثه عامتها مستقيمة وأرجو انه لا بأس به", وهو من أروى الناس عن الربيع بن أنس وهذا صدوق ثقة لم يجرحه أحد, وهو من أروى الناس عن أبي العالية فصح الحديث, وهو أصح بشواهده الماضية والآتية:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد ذكر الهندي في كنز العمال (8/ 409):" عن أبى بن كعب أن عمر بن الخطاب أمره أن يصلى بالليل فى رمضان فقال: إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرأوا فلو قرأت عليهم بالليل، فقال: يا أمير المؤمنين هذا شىء لم يكن، فقال: قد علمت ولكنه حسن فصلى بهم عشرين ركعة", وعزاه إلى أحمد بن منيع في مسنده وأظنه مفقود, والطريق محل بحث.
وأما الوجه الرابع من الترجيح فإن لحديث ابن خصيفة مع أبي العالية وابن أبي ذباب شواهد أخرى كثيرة: فخرج أبو داود (1429) نا شجاع بن مخلد عن هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي لهم عشرين ليلة, ولا يقنت بهم إلا في النصف الباقي، ... ", وذكره بعضهم بلفظ:" فكان يصلي لهم عشرين ركعة", ولم أتحقق ذلك, وإنما ذكرته ليبحث عنه, والذي وجدته هو ما قال ابن أبي الدنيا: ثنا شجاع بن مخلد ثنا هشيم قال منصور نا الحسن قال:" كانوا يصلون عشرين ركعة، فإذا كانت العشر الأواخر زاد ترويحة شفعين".
ومن الشواهد ما خرج ابن نصر عن محمد بن كعب القرظي قال:" كان الناس يصلون في زمن عمر في رمضان عشرين ركعة، يطيلون فيها القراءة, ويوترون بثلاث".
ومنها ما قال أبو بكر7764 حدثنا وَكِيع عَن مَالِك بْنِ أَنَس عَن يَحْيَى بْنِ سَعِيد أَنَّ عُمَر بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلاً يُصَلِّي بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَة", هذا سند مدني رجاله ثقات لكنه منقطع وله شاهد مدني آخر منقطع:
فخرج مالِك عَن يَزِيد بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ قَال: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَة", هذا خبر منقطع وليس يذكر لابن رومان أنه روى عن ابن خصيفة حتى يحتمل أنه قد سمعه منه, وإن كان ذلك ممكنا, ومرسلات أهل المدينة من أصح المراسيل, ولها شواهد أخرى:
فقال أبو بكر7766 حَدثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن عَن حَسَن عَن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْع قَال: كَانَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالْمَدِينَةِ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِثَلاَث", وعبد العزيز ثقة مات سنة ثلاثين ويقال بعدها وقد جاوز التسعين, فيكون قد ولد حوالي سنة أربعين, وقد مات أبي بن كعب على الأكثر سنة اثنتين وثلاثين, وقيل قبلها, فالسند بذلك منقطع, وهو إسناد كوفي, غير ما سبق عن المدنيين, وكل هذه الأخبار لا تدع مجالا للشك في تقديم رواية العشرين, وقد قال ابن عبد البر في الإستذكار:" وهذا كله يشهد بأن الرواية بإحدى عشرة ركعة وهم وغلط وأن الصحيح ثلاث وعشرون وإحدى وعشرون ركعة والله أعلم", وقال:" وهو قول جمهور العلماء وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء, وهو الصحيح عن أبي بن كعب من غير خلاف من الصحابة", وقال الترمذي في سننه:"وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً مَعَ الْوِتْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَة, وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وقَالَ أَحْمَدُ رُوِيَ فِي هَذَا أَلْوَانٌ وَلَمْ يقض فِيهِ بِشَيْء, وقَال إِسْحاق: بَلْ نَخْتَار إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ", والعجب أن بعضهم ذكر أن الترمذي والشافعي قد ضعفا أثر عمر، لأنهما قالا:" رُوي .. ", وليس كما توهموا أصلا لأمور: أحدها أن في زمانهم لم تستقر قواعد المصطلح ولا كانت كلها كقواعد يجب السير عليها, والثاني أن كثيرا من المتقدمين يطلقون:"رُوي على ما هو صحيح عندهم, ويحتجون به, مثل الذي مر سواءا, فقالوا: روي عن عمر ثم يحتجون به, ومن أمثلة ذلك حديث التشهد المشهور (289) فقد قال عنه الترمذي:" حديث ابن مسعود قد روي عن غير وجه, وهو أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد", ولولا خشية التطويل لذكرت من ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
أمثلة كثيرة في هذا, ثم ما بالهم في قول أحمد الماضي: رُوِيَ فِي هَذَا أَلْوَانٌ", ثم لم يقولوا أن أحمد قد ضعف رواية الإحدى عشر، التي تفرد بها محمد بن يوسف مخالفا بها سائر الرواة ومع ذلك اضطرب فيها كما مر ورواية العشرين عنه أصح, ومما يشهد لرواية العشرين أيضا أن ذلك ورد عن الصحابة رضي الله عنهم، ثم سار على ذلك التابعون:
فجاء نحو ذلك عن علي رضي الله عنه: قال البيهقي في سننه (2/ 496 .. ): انا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد انبأ محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك الرازي ثنا أبو عامر عمرو بن تميم ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا حماد بن شعيب عن عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن السلمى عن على رضى الله عنه قال دعا القراء في رمضان فأمر منهم رجلا يصلى بالناس عشرين ركعة, قال: وكان على رضى الله عنها يوتر بهم", فيه علتان, عطاء مختلط, وحماد بن شعيب ضعيف واختلف في قبول حديثه في الشواهد فقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه, وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه مع ضعفه, وهو الصواب لأنه لم يتهم, وقد قال البيهقي عن حديثه هذا: وروى ذلك من وجه آخر عن علي", وسيأتي, وقال ابن عبد البر في الإستذكار (2/ 70): وذكره أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي", أورده في معرض الإستدلال لعشرين ركعة, ولم أجده وابن عبد البر ثقة في نقله.
ولهذا الأثر متابعة من الحسن بن صالح الكوفي وهو ثقة رواها من وجهين: الأول عن أبى سعد البقال عن أبى الحسناء, والثاني عن عمرو بن قيس عن أبي الحسناء:
أما رواية الحسن بن صالح عن أبى سعد البقال فهي متصلة لأن طبقة الحسن بن صالح كالثوري وأبي أسامة قد سمعوا من البقال وكلهم كوفيون, وهو منهم, خرج روايته البيهقي قال: انبأ أبو عبد الله بن فنجوية الدينورى ثنا أحمد بن محمد بن اسحاق بن عيسى السنى انبأ احمد بن عبد الله البزاز ثنا سعدان بن يزيد ثنا الحكم بن مروان السلمى انبأ الحسن بن صالح عن أبي سعد البقال عن أبي الحسناء أن على بن ابى طالب أمر رجلا أن يصلى بالناس خمس ترويحات عشرين ركعة", قال: وفي هذا الاسناد ضعف والله اعلم", وفيه أبو سعد البقال وهو ابن المرزبان مختلف في توثيقه, فوثقه وكيع, وقال الترمذي في علله الكبير: قال البخاري: هو مقارب الحديث", وقال أبو زرعة: لين الحديث مدلس قيل: هو صدوق؟ قال: نعم كان لا يكذب, وقال أبو أسامة: حدثنا أبو سعد البقال وكان ثقة, وقال ابن حجر في التلخيص عن حديث له في أخذ الجزية من المجوس: قال الشافعي وحديث علي هذا متصل وبه نأخذ, وهذا كالتوثيق منه لسعيد بن المرزبان وهو أبو سعد البقال", وقد ضعفه البخاري مرة وابن معين والفلاس, وقال يحيى القطان: لا أستحل الرواية عنه", وحاصل القول فيه ما قاله ابن عدي: وله من الحديث شيء صالح وهو في جملة ضعفاء الكوفة الذين يجمع حديثهم ولا يترك", وقد عنعن, لكنه قد توبع كما في:
الوجه الثاني: وهو رواية الحسن بن صالح عن عمرو بن قيس عن أبي الحسناء, فقد قال الآجري: حدثنا ابن مخلد ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة العتكي ثنا الحكم يعني ابن مروان ثنا الحسن بن صالح عن عمرو بن قيس عن أبي الحسناء أن عليا رضي الله عنه أمر رجلا أن يصلي بالناس في رمضان خمس ترويحات عشرين ركعة» , توبع الحكم متابعة تامة: فقال أبو بكر: نَا وكيع عن حسن بن صَالح عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيس عَنِ أَبي الْحَسْنَاء أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ رَجُلاً يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَة", وهذا حديث حسن وعمرو بن قيس هو الملائي الكوفي وفي طبقة ابن صالح الكوفي وهو ثقة, فصار المتفرد بهذا الحديث هو أبو الحسناء, وقد قال عنه الذهبي: لا يعرف, وقال الحافظ: مجهول, لكن قد حسن له الترمذي (1495)، وصحح له الحاكم فقال عن حديث له في التضحية (4/ 255):" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأبو الحسناء هذا هو الحسن بن الحكم النجعي", وهو شيخ لشعبة الذي كان لا يروي إلا عن الثقات, فإن قيل إن أبا الحسناء لم يدرك عليا لأنه روى حديث التضحية بواسطتين عنه, والجواب من وجهين: أحدهما أن هذا يحدث لكل الثقات فقد ينزل بعضهم عن شيخه بواسطتين بل أكثر كما هو معروف, والوجه الثاني وهو أم الأصل هو الإتصال إذا ثبتت المعاصرة مع إمكان اللقي, وهما متوفرين هنا, فأما
(يُتْبَعُ)
(/)
المعاصرة فلما مضى من رواية أبي سعد البقال الكوفي عن شيخه عن أبى الحسناء, وقد أدرك البقال وهو التلميذ مولاه حذيفة رضي الله عنه, وسمع من أنس وأبي هريرة, فيكون شيخه أبو الحسناء قد أدرك طبقة أكبر من هذه بما فيهم علي رضي الله عنه, وأما إمكان اللقي فمتوفر أيضا لأن عليا نزل بالكوفة وأبو الحسناء كوفي فاتصل الحديث:
ثم إن البيهقي قوى أثر علي بأن ذاك جاء عن شتير بن شكل رضي الله عنه ـ وقد ذكر ابن حجر في الصحابة أن له رؤية ـ قال البيهقي: وروينا عن شتير بن شكل وكان من أصحاب على رضى الله عنها أنه كان يؤمهم في شهر رمضان بعشرين ركعة ويوتر بثلاث", خرج ذلك أبو بكر قال: باب كم يصلي فِي رَمَضَانَ مِنْ رَكْعَةٍ (7762) ثنا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ شُتَيْر بْنِ شَكَل أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْر",
وجاء نحو ذلك عن سويد بن غفلة وكان سويد قد أدرك الجاهلية وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم, واختلف في رؤيته, لكن جاء ما يدل على صلاته معه:
قال البيهقي: نا أبو زكريا بن أبى اسحاق انبأ أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب انبأ جعفر بن عون انبأ ابو الخصيب قال: كان يؤمنا سويد بن غفلة في رمضان فيصلى خمس ترويحات عشرين ركعة", هذا خبر صحيح كل رجاله ثقات, ويحيى بن أبي إسحاق هو مسند نيسابور في وقته, وقد توبع محمد بن عبد الوهاب بن حبيب على ثقته:
فقال البخاري من ترجمة أبي الخضيب: قال يحيى بن موسى نا جعفر بن عون سمع أبا الخضيب الجعفي: كان سويد بن غفلة يؤمنا في رمضان عشرين ركعة", هذا أثر صحيح, وأبو الخضيب ليس هو زياد بن عبد الرحمن المقبول, بل هو نفاعة بن مسلم الذي وثقه ابن معين وأبوحاتم وابن حبان,
وجاء نحو ذلك عن عبد الرحمن بن أبي بكرة وغيره: قال ابن عساكر في تاريخه (36/ 13) أخبرنا أبو غالب بن البنا أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن عمران بن حبيش الضراب نا حامد بن محمد بن شعيب البلخي نا سريج بن يونس نا هشيم أنا يونس بن عبيد قال: شهدت وقعة ابن الأشعث وهم يصلون في شهر رمضان وكان عبد الرحمن بن أبي بكرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعيد بن أبي الحسن وعمران العبدي فكانوا يصلون بهم عشرين ركعة ولا يقنتون إلا في النصف الثاني وكانوا يختمون القرآن مرتين", هذا خبر صحيح كل رجاله أئمة ثقات, أبو غالب هو أحمد بن الحسن بن البنا مسند بغداد كما قال عنه الذهبي, وقال في تاريخه: شيخ صالح كثير الرواية عالي السند, ووثقه تلميذه ابن الجوزي, وأبو محمد هو الحسن بن علي بن محمد الجوهري ثقة كبير من مشايخ الخطيب, والحسين الضراب وثقه الأزهري كما في تاريخ بغداد, وفيه التوثيق لحامد بن محمد, وسريج قال عنه صالح بن محمد جزرة الحافظ:" ثقة ثقة ثقة", وقد تابعه شجاع وهو ثقة مثله:
قاله ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان: حدثنا شجاع ثنا هشيم نا يونس قال: "شهدت الناس قبل وقعة ابن الأشعث وهم في شهر رمضان، فكان يؤمهم عبد الرحمن بن أبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعيد بن أبي الحسن ومروان العبدي، فكانوا يصلون بهم عشرين ركعة، ولا يقنتون إلا في النصف الثاني، وكانوا يختمون القرآن مرتين",
وجاء نحو ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه: فخرج ابن نصر في قيام الليل قال أخبرنا يحيى بن يحيى أخبرنا حفص بن غياث عن الأعمش عن زيد بن وهب قال كان عبد الله بن مسعود يصلي لنا في شهر رمضان فينصرف وعليه ليل قال الأعمش كان يصلي عشرين ركعة ويوتر بثلاث", ذكره العيني وهو منقطع.
فهؤلاء جماعة كبيرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون التراويح أمام الملإ من الصحابة والمسلمين, وسار على هديهم التابعون ومن بعدهم إلى يوم الدين لم ينكر ذلك أحد منهم, حتى اكتشف أخيرا في هذا الزمان أنهم كانوا على بدعة والله المستعان:
ولقد جاءت صلاة التراويح عشرين ركعة عن جميع الصحابة رضي الله عنهم, وهم أفضل الناس بتزكية الله ورسوله لهم مع إجماع الأمة على ذلك, أفكان لمسلم عاقل أن يقول أن ما فعلوه بدعة نعوذ بالله من الخذلان:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان 49 حدثنا شجاع بن مخلد ثنا هشيم نا عبد الملك عن عطاء بن أبي رباح قال: «كانوا يصلون في شهر رمضان عشرين ركعة والوتر ثلاثا» , عبد الملك ثقة ثبت عند عامة أهل الحديث لم يتكلم فيه غير شعبة, وأنكر عليه أهل الحديث صنيعه هذا, وقد توبع هشيم على ثقته:
فقال أبوبكر7770 حَدثَنَا ابْنُ نُمَير عَنْ عَبْدِ الْمَلِك عَنْ عَطَاء قَال: أَدْرَكْت النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ ثَلاَثًا وَعشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ", هذا أثر صحيح, والتابعي الكبير إذا أخبر عمن قبله فإنما هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد صح عن عطاء بن أبى رباح قال: أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وآله وسلم", وبمثل ما نقل عطاء من ذلك جاء مثله صحيحا عن الحسن وهو تابعي كبير:
قال ابن أبي الدنيا: ثنا شجاع بن مخلد ثنا هشيم قال منصور نا الحسن قال:" كانوا يصلون عشرين ركعة، فإذا كانت العشر الأواخر زاد ترويحة شفعين", رجاله ثقات.
وقال مالك عن داود بن الحصين أنه سمع عبد الرحمن بن هرمز الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان قال فكان القارئ يقوم بسورة البقرة في ثمان ركعات, فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف", فأخبر أن قراءة سورة البقرة في اثنتي عشرة ركعة يعد تخفيفا فدل على أنهم يصلون أكثر من ذلك بكثير.
فإذ تبين لك هذا فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يقومون الليل أول الأمر نحو قيامهم المعروف في شهر رمضان حتى خف ذلك عنهم _في الحكم والعددـ كما قال الطبري في قوله تعالى:" يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا ... ) , ثم خرج من حديث ابن عباس قال: لما نزل أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في رمضان وكان بين أولها وآخرها قريب من سنة",
وعلى مذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه سار التابعون:
فقال أبو بكر 7765 نا وَكِيع عنْ نَافِعِ بْنِ عُمَر قَال: كَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَيَقْرَأُ بِحَمْدِ الْمَلاَئِكَةِ فِي رَكْعَة".
قال أبو بكر7767 حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ حَجَّاج عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ بِاللَّيْلِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِثَلاَثٍ وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ".
قال أبو بكر7768 حَدثَنَا غُنْدَر عَنْ شُعْبَة عَنْ خَلَف عَنْ رَبِيعٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ فِي رَمَضَانَ وَيُوتِرُ بِثَلاَثٍ".
قال أبو بكر7772 حَدثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْن عَن سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ خَمْسَ تَرْوِيحَاتٍ وَيُوتِرُ بِثَلاَثٍ", ومن المعلوم أن كل تروبحة بأربع ركعات, فيكون قد صلى بهم عشرين.
وقال أبو بكر7773 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْل عَن وقَاء قَال: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا فِي رَمَضَانَ فَيُصَلِّي بِنَا عِشْرِينَ لَيْلَةً سِتَّ تَرْوِيحَات، فَإِذَا كَانَ الْعَشْرُ الأَخَرُ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى بِنَا سَبْعَ تَرْوِيحَات"، تابعه عبد الملك بن محمد الصنعاني نا ثابت بن عجلان:" كان سعيد بن جبير يصلي بنا في رمضان أربعة وعشرين ركعة ويوتر بثلاث"،
وبما أن الأمر واسع عند كل السلف فكان أكثرهم يصليها عشرين استحبابا, وبعضهم صلاها أربعين ركعة أو بين ذلك جوازا, لم يبدع أحد منهم قول الآخر, ومن بدع ما كان عليه الأمر واسعا عندهم كان هو المخالف لسبيل المؤمنين, إن لم يأت لقوله المحدث بسلف:
قال أبو بكر7769 - حَدَّثَنَا حَفْص عَن الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ الله قال: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِسَبْع".
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو بكر 7771حَدثَنَا ابْن مَهْدِي عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْس قَال: أَدْرَكْتُ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يُصَلُّونَ سِتَّة وَثَلاَثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ بِثَلاَث"، وذكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن داود بن قيس قال: "أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان يصلون ستا وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث"، وبه قال الإمام مالك وذكر أنه الأمر القديم عندهم,
وروى ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة قال: أدركت الناس قبل الحرة يقومون بإحدى وأربعين ركعة يوترون منها بخمس", قال ابن أبي ذئب: فقلت: لا يسلمون بينهن؟ فقال: بل يسلمون بين كل ثنتين ويوترون بواحدة إلا أنهم يصلون جميعا",
مسألة: ذكر بعض أقوال العلماء في عدد الركعات, وأن الإختلاف إنما هو في الأفضل, والبيان أنه لم يقل أحد من السلف باستحباب أقل من عشرين ركعة: قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: (فصل): وأما قدرها فعشرون ركعة في عشر تسليمات, في خمس ترويحات كل تسليمتين ترويحة وهذا قول عامة العلماء, وقال مالك في قول: ستة وثلاثون ركعة، وفي قول ستة وعشرون ركعة، والصحيح قول العامة لما روي أن عمر رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على أبي بن كعب فصلى بهم في كل ليلة عشرين ركعة، ولم ينكر أحد عليه فيكون إجماعا منهم على ذلك", وقال الترمذي في سننه:"وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً مَعَ الْوِتْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَة, وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وقَالَ أَحْمَدُ رُوِيَ فِي هَذَا أَلْوَانٌ وَلَمْ يقض فِيهِ بِشَيْء, وقَال إِسْحاق: بَلْ نَخْتَار إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ", وقال ابن قدامة:" والمختار عند أبي عبد الله (أحمد) رحمه الله فيها عشرون ركعة, وبهذا قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي ... وهو كالإجماع", فلم يذكر أحد منهم من قال باختيار أقل من العشرين, مع أن هذا الإختلاف إنما هو في الأفضل والمستحب, وإلا فالأمر واسع عند كل السلف, فقد قال الشافعي في الأم: فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلى منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين، وأحب إلى عشرون لأنه روى عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث"، وقال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 113):" واختلف العلماء في عدد قيام رمضان فقال مالك تسع وثلاثون بالوتر, ست وثلاثون والوتر ثلاث, وزعم أنه الأمر القديم, وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وداود ومن اتبعهم: عشرون ركعة سوى الوتر لا يقام بأكثر منها استحبابا", وقال ابن رشد:"واختلفوا في المختار من عدد الركعات التي يقوم بها الناس في رمضان فاختار مالك في أحد قوليه وأبو حنيفة والشافعي وأحمد ودواد القيام بعشرين ركعة سوى الوتر, وذكر ابن القاسم عن مالك أنه كان يستحسن ستا وثلاثين ركعة والوتر ثلاث", ثم إنني لم أجد بعد بحث طويل عن أحد من السلف من أصحاب القرون الأربعة المفضلة الأولى, بل ولا من بعدهم بزمان ممن قال باستحباب التراويح بأقل من عشرين ركعة نصا, بل قد قال في الإقناع:" فصل التراويح عشرون ركعة, في رمضان يجهر فيها بالقراءة وفعلها جماعة أفضل ولا ينقص منها ولا بأس بالزيادة نصا", أي عن الإمام أحمد, بينما قال ابن تيمية في الفتاوى:" والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد عشرين ركعة أو كمذهب مالك ستا وثلاثين, أو ثلاث عشرة أو إحدى عشرة فقد أحسن كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف", وأحمد لم ينص على إحدى عشرة ركعة, بل لم يقض في ذلك بشيء, لأن الترمذي قال: وقَال أَحْمَد: رُوِيَ فِي هَذَا أَلْوَانٌ وَلَمْ يقض فِيهِ بِشَيْء", ثم أن الإمام أحمد
(يُتْبَعُ)
(/)
رجع إلى استحباب العشرين كما ذكر أصحابه، أما استحباب صلاتها بأقل من عشرين ركعة فليس العمل عليه عند أحد أبدا، فقال ابن حزم في المحلى (2/ 223):" ورووا (المالكية) أمر أبيا وتميما أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة في ليالي رمضان، فقالوا: ليس عليه العمل"، ثم قال:" ورووا أن الناس كانوا يقومون أيام عمر بثلاث وعشرين ركعة في ليالي رمضان، فقالوا: ليس عليه العمل، فخالفوا قضاء عمر وعمل أبي بن كعب وتميم الداري والمهاجرين والانصار بالمدينة لدعوى زائغة وعمل مجهول، وقالوا: العمل في القيام على تسعة وثلاثين ركعة"، وقد مر عمل أكثر السلف والمهاجرين والأنصار كما ذكر ابن حزم وغيره على استحباب عشرين ركعة، وبقي العمل على أحد عشرة ركعة عاريا من كل سلف، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، فإن قيل: قد ذكر الجوري الشافعي: عن مالك أنه قال: الذي جمع عليه الناس عمر بن الخطاب أحب إلي وهو إحدى عشرة ركعة, وهي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, قيل له إحدى عشرة ركعة بالوتر؟ قال: نعم وثلاث عشرة قريب, قال: ولا أدري من أين أحدث هذا الركوع الكثير", والجواب أن هذه الرواية موضوعة منكرة, لأن بين الجوري ومالك أكثر من ثلاثة قرون كاملة, ولا يدرى درجة ضبطه, وقد خالفه كل أصحاب مالك وهم أعلم به, فنقلوا عنه كما سبق: ستا وثلاثين, وقال ابن القاسم كما في المدونة (1/ 287):" قال مالك: بعث إلي الأمير وأراد أن ينقص من قيام رمضان الذي كان يقومه الناس بالمدينة, ـ قال ابن القاسم: وهو تسعة وثلاثون ركعة بالوتر, ست وثلاثون ركعة والوتر ثلاث ـ قال مالك: فنهيته أن ينقص من ذلك شيئا وقلت له: هذا ما أدركت الناس عليه وهذا الأمر القديم الذي لم تزل الناس عليه", وهذا من أصح الأسانيد عن الإمام مالك علوا واتصالا وثقة, مع الموافقة لسائر أصحاب مالك, وقد قال ابن عبد البر والباجي المالكيان:"وذكر ابن القاسم عن مالك تسع وثلاثون والوتر ثلاث", وكذلك نقله الترمذي ومعروف سنده عن الإمام مالك, وكذلك نقله سائر المالكية وغيرهم, والعجب كل العجب ممن يترك كل هذه الروايات, الصحيحة الثابتات, ثم يستدل بالغرائب الواهيات,
وفي الختام فإن منهجنا كتاب الله ورسوله على فهم السلف, لا يحل لأحد أيا كان أن يأتي بقول جديد, لم يقل به أحد من السلف الأولين المفضلين, كما قال إمام الجماعة أحمد: لا تقل في مسألة ليس لك فيها إمام", وقد ذكر ذلك كافة أهل العلم في الأصول في باب شروط المجتهد, وعليه فمن أراد أن يتكلم فبسلف عمن مضى, وإلا فكلامه عليه مردود, ولا عبرة به، وهو عليه حجة ووبال عند الله تعالى القائل في كتابه:" ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا", ونقول الإجماع كثيرة على جواز أي عدد من الركعات, وإنما اختلفوا في أي العدد أفضل، بينما أصر هؤلاء على تبديع ما كان عليه السلف مع مخالفتهم لسبيل كل المؤمنين, تقليدا منهم وعبادة لمجتهد معذور مخطئ في اجتهاده، أفكان يحل لهؤلاء مخالفة سبيل المؤمنين لخطإ بعض المتأخرين، ولئن كان هو معذورا في اجتهاده، فليس العذر مقبولا لهؤلاء حتى يخالفوا سبل المؤمنين، من الصحابة والتابعين، وأهل الفقه في الدين، وقد بوب شيخ الإسلام المجاهد التميمي بابا عظيما قال فيه:" باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرمه، فقد اتخذهم أربابا من دون الله"، لكن الله هو وحده الهادي إلى سبيل السنة والرشاد.
كتبه أبو عيسى الزياني الجزائري
ـ[فجر الاسلام]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 03:45]ـ
السلام عليكم
لافض فوك أخي الجزائري على هذا السرد العلمي الرائع للمسالة وحبذا لو تلخص المسالة لنا في أهم الاراء التي وردت فيها وجزاك الله خيرا
ـ[زياني]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 05:08]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل، لقد جمعت هذه الأحاديث في مدة طويلة منذ أن أن كنت طالبا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ولم يتيسر لي ترتيبها وإخراجها إلى الآن، وقد أصابني الإرهاق في جمعها لذلك أستسمحك في أنني لا أستطيع إعادة تلخيصها ولا اختصارها، وحاصل ما ذكرته في البحث هو التركيز على الدراسة الحديثية رواية ودراية، فذكرت فيه أحاديث وآثارا كثيرة تدل على مطلق القيام بغير حصر بعدد، ثم انتقلت إلى دراسة حديث السائب بن يزيد وبيان علل رواية محمد بن يوسف عنه وأن الصواب رواية العشرين لكثرة مرجحاتها، ثم في الأخير ذكرت باختصار الأدلة على أن الإختلاف في عدد الركعات إنما هو في الأفضل، وإلا فيجوز للمرء أن يصلي كما يشاء بإجماع السلف، وتظافر الأدلة في ذلك والله أعلم، ولعل غيري قد ركز في هذه المسألة على سرد الأقوال فليرجع إليه وبالله نتأيد.
ـ[زياني]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 06:00]ـ
ولي طلب للإخوة: فقد بقيت لي رواية اسماعيل بن أمية عن محمد بن يوسف والتي فيها تراجعه إلى رواية الإحدى والعشرين والله أعلم، وهي عند أبي بكر النيسابوري في فوائده، فمن وجد الكتاب فليكتب لنا الحديث كاملا سندا ومتنا وأجره على الله تعالى(/)
النساء يفطرن في رمضان .. فهل يدخلن في حديث ((من صام رمضان .. ))؟
ـ[راجية الفردوس الأعلى]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 10:48]ـ
إشكال في حديث: ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه)) و ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه))
النساء كما يعلم الجميع يفطرن في رمضان – للعذر - ولابد، وقد يصل إفطار بعضهن إلى ثلث رمضان! فلا يصح أن يُقال في هذه الحال أنها " صامت رمضان " و" قامت رمضان "، فهل نقول على هذا أن من أفطرت للعذر لا تدخل في هذا الحديث؟؟!
الذي أثار هذا الإشكال عندي هو أني سمعت الشيخ محمد حسين يعقوب اليوم يقول: " من فاته قيام ليله أو صيام يوم لا يمكن أن نقول أنه صام رمضان أو قام رمضان " أو كما قال، وكان يتكلم كلاما عاما لا عن النساء، ولكني استشكلت ورأيت أن النساء حينئذ أول من يخرجن من الحديث!
والله ما أعظمها من مصيبة إن خرجنا!!
ـ[حمد]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 11:32]ـ
الظاهر أنك نسيتِ أنّ المعذور يأخذ أجر من عمل: بالنية.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ: (إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ)
ـ[راجية الفردوس الأعلى]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 01:25]ـ
جزاكم الله خير، ونعم قد نسيت، وذكرت الآن أني كنت قد بحثتُ في مسألة نية العمل لمن حبسه العذر وأقوال العلماء فيها عند حديث من أوائل أحاديث رياض الصالحين، لعله المذكور أعلاه، وقد نسيت الآن كثيرا من البحث لبُعد عهده به، ولكن أذكر - إن لم تخُني الذاكرة - أنه كان هناك تفريق بين النية والعمل، وأن من نوى وعمل حصل له أجر النية وأجر العمل، ومن نوى ومنعه عذر فله أجر النية فقط ولا يحصل على أجر العمل لأنه ما عمل.
ومن أحب الاستزادة في هذه المسألة يراجع أقوال أهل العلم في شرح الحديث المذكور أعلاه وما أشبهه كحديث من تمنى المال والعلم لينفق ويعلم فله مثل أجره وغيره من الأحاديث، وفي تفسير قوله تعالى ((لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير الأولي الضرر .. )) الآية، وأذكر أن للقرطبي كلام في هذه المسألة عند تفسير هذه الآية.
ـ[الورقات]ــــــــ[23 - Aug-2009, مساء 05:23]ـ
للفائدة:
عبادة المرأة في رمضان - للشيخ محمد صالح المنجد
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=33252(/)
إنما يعرف الهلال بالرؤية لا بالحساب ولا بالعدد للعلامة ابن عقيل
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 11:40]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري: صح أن المشروع للأمة الإسلامية:
أن تؤقت بالنسة القمرية، وصح: أن ذلك فضيلة ومنقبة، وهنا نريد أن نبين: أن هذاالهلال الذي يجب أن نؤقت به: إنما يترتب الحكم الشرعي على رؤيته ولا اعتباربالعدد والحساب وقد فرق الشوكاني في تفسيره (ج 2 ص 213 الطبعة لأخيرة) بين العدد والحساب، وبيَّن القلقشندي في صبحه وابن تميمية في الرسالة الهلالية بعضا من طرقه الحسابية والعددية، ولقد كان أبو الريحان البيروني:يستطلع كثيرا من الحوادث التاريخية بطرق حسابية تجدها في قانونه المسعودي،ولقد تعرض الشيخ أبو تراب الظاهري لمسألة من ذلك، وهي إنكار البيروني أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم دخل المدينة وهم يصومون يوم عاشوراء فكان في رده ـ حفظه اللّه ـ ما يقنع.
قال أبو عبد الرحمن: فلو لم ير الهلال ليلة الثلاثين لو جب إكمال عدة الشهر ثلاثين يوما بغض النظر عن تقويم أم القرى ـ مثلا ـ، وكذلك لو قال أحد المنجمين: الهلال الليلة فلا عبرة بقوله، وإنما العبرة بالرؤية وكذلك لو قيل: ثبت أن الشهور الثلاثة السابقة كانت كلها ناقصة فلا بد أن يكون الشهر تاماً.
قال بعضهم:
لا يتوالى النقص في أكثر من ... ثلاثة من الشهور يا فطن
كذا توالي خمسة مكملة ... هذا الصواب وسواه أبطله
وليس معنى عدم الاعتبار بالحساب: أنه لا يصح، فقد يكون الهلال صحيحا، ولكن الشرع إنما نصب لنا العلامة بالرؤية نصوم لرؤيته ونفطر لرؤيته، لا حرج علينا إذا أفطرنا والهلال طالع فعلا، لأننا لم نره، فلنا من ديننا سعة ويسر.
وقد ذهب مطرف بن عبد اللّه بن الشخيرـ وهو من كبار التابعين ـ وابن قتيبة: إلى أنه يعول على الحساب عند الغيم بتقدير المنازل واعتبار حسابها في صوم رمضان، وهو مذهب الروافض ودليلهما قوله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: فإن غُم عليكم فاقدروا له: أي استدلوا عليه بمنازله، وقدروا إتمام الشهر بحسابه، وذهب إلى هذا أيضاً بعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة، وقالوا: يعتبر في ذلك بقول المنجمين. قال ابن العربي: وقد زل بعض أصحابنا، فحكي عن الشافعي: أنه قال: يعول على الحساب، وهي عثرة لا لعا لها، وقال ابن رشد: والمعروف له المشهور عنه: أنه لا يصام إلا برؤية فاشية أو شهادة عادلة كالذي عليه الجمهور.
قال أبو عبد الرحمن: وفي الأم علق الهلال بالرؤية ولم يذكر الحساب فعزو هذا المذهب إليه غير ثابت. وقال أبو إسحاق الشيرازي: وإن غم عليهم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من شهر رمضان ففيه وجهان: قال أبو العباس ـ يعني ابن سريج ـ: يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه إذا عرف بالبينة.
قال أبو عبد الرحمن: ودليلنا على عدم جواز الصيام بالحساب:
1ـ قوله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له. رواه البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر، فصح بهذا: أن الصيام والإفطار منوطان بالرؤية، فإن كانت صحوا ولم يُِر أوحال دون رؤيته سحاب: قدر له.
ومعنى اقدروا له: شامل لكل ما يحصل به معرفة مقدار الشهر من حساب أو عدد، ولكن الروايات الأخرى (التي فيها: ثلاثون يوما). حددت المعنى المطلوب، فاتضح:أن قوله اقدروا له: بمعنى أكملوا عدته ثلاثين يوما. . والروايات الآنفة الذكر (وإن اختلفت ألفاظها): لا تحيل المعنى، ولا يستبعد: أنه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عبر بكل هذه الألفاظ، فكل ما ذكر له رمضان، أو كلما هل هلاله: ذكر أمته بهذا الحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عبد الرحمن: ولا يعجبنا ما ذهب إليه الإمام أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار إذ يقول: إن أحسن ما قيل في قوله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: " فاقدروا له ": أي اعرفو حسابه بمنازله، وإن هذا يخفى على أكثر الناس، فرد الأمر إلى ما يتساوون فيه، وهو إكمال العدة ثلاثين يوما فصار هذا ناسخا. قال أبو عبد الرحمن: كلا! فليس في الحديث ما يشعر بالنسخ ولم يعرف تاريخ الحديثين ليتميز المتقدم من المتأخر، فهي دعوى عارية من البرهان، وأرى أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لم يقصدإلا إكمال العدة ثلاثين يوما، لأن كلمة اقدروا له: محتملة ـ كما قلنا ـ عدة معان، فجاء النص بإكمال ثلاثين يوما، فتحدد المعنى المطلوب ولسنا ـ أيضاً ـ نذهب إلى قول ابن سريج: اقدروا له خطاب للخاصة الذين يعرفون الحساب. . وأكملوا العدة خطاب للعامة. أهـ قال أبو عبد الرحمن: لأنها دعوى بلا برهان، وهي تقسم المسلمين: طائفة تصوم وطائفة تفطر، وهذا يخالف قوله صلى اللّه عليه وسلم: صومكم يوم تصومون، ويخالف مقصد الشريعة في الحظ على الجماعة.
2ـ روى البخاري في صحيحه عن ابن عمرـ رضي اللّه عنهما ـ عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا، يعني: مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. وهذا الحديث يستدل به شيخ الإسلام ابن تيمية: على أن الحساب محرم منهي عنه.
(أ) لأنه أخبر أن الأمة التي اتبعته هي أمة الوسط، أمية لا تكتب ولا تحسب، فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين.
(ب) وليس المعنى: أن من كان هذه الأمة فلا ينبغي له أن يكتب ولا يحسب، لأنه غير ظاهر اللفظ، فإن ظاهره خبر والصرف عن الظاهر إنما يكون لدليل يحوج إلى ذلك.
(جـ) ولا يقال: إن الحساب غير منهي عنه بنص هذا الحديث، بل يدل على أنه ليس بواجب، وإلا فهو جائز، لأن ألأمية صفة نقص: فصاحبها بأن يكون معذورأ أولى من أن يكون ممدوحا، وإنما لا يقال ذلك، لأن من الأمية ما هو محرم، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو نقص، ومنها ما هو كمال والأمية هنا في الاستغناء بالرؤية عن الحساب صفة كمال ومدح من وجوه:
" من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب، بما هو أبين منه وأظهر، وهو الهلال. . ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما غلط. . ومن جهة أن فيهما تعبا كثيرا بلا فائدة، فإن ذلك شغل عن المصالح، إذ هذا مقصود لغيره لا لنفسه".
قال أبو عبد الرحمن: ولا يحسبن متسرع: أننا نسوق هذا الكلام (عن شيخ الإسلام) مهاجمين علم الهيئة، ومقللين من ثمراته الطيبة التي ارتقت في هذا العصر، فلنا أن نستفيد من هذا العلم (إلا في مسألة الصيام وما في حكمها!) لأنها أمور شرعية تعبدية. . والذي تعبدنا بالصيام ـ جل شأنه ـ اختار لنا أسهل الأمور: " وهو: أن نصوم إذا رأينا الهلال، ونفطر إذا رأيناه، فإن لم نره فعلينا أن نصوم ثلاثين يوما ".
ولو أن علم الهيئة: يرشدنا إلى أن الشهر يهل هذه الليلة ـ أخذا باليد! ـ: لم يكن من الجائز أن نعتبر (إلا الرؤية أو أكمال العدة) وإلا كنا معتسفين طريقا لم ‘يرد منا سلوكه، واللّه لا يعبد إلا بما شرع، والرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول: " كل عمل ليس عليه أمرنا فهورد! " وباللّه نتأيد.
قال أبو عبد الرحمن: سبق قول ابن سريج: أن من عرف الشهر بالحساب يلزمه الصيام لأنه عرفه بدليل. أهـ.
وجوابنا عليه: أن نقول: هبه عرفه بدليل، ولكن هذا الدليل لم يكن في أثر ما مناطا للحكم بل قال صلى اللّه عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. أهـ. فإن لم تكن الرؤية: فإكمال ثلاثين يوما. . وأقل ما في الأمر: أنهم يعتبرون في العبادة ما هو غير معتبر شرعا (1).
انظر مسائل الهلال (ص/ 45 ـ 54) للعلامة أبي عبدالرحمن بن عقبل الظاهري.
ـــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) قال أبوعبد الرحمن: إذا دل اللفظ على معنيين فأكثر سمي مشتركا، كالعين: لفظ واحد، يطلق على عدة معان والأضداد داخلة في المشترك اللفظي، (للفائدة يراجع المزهر للسيوطي ج 1 ص269 ـ 507) وللأصوليين خلاف طويل: في المعنى المراد من اللفظ المشترك أهو كل معانيه بمثابة اللفظ العام (كما يقول أصحاب الشافعي)، أم لا يمكن أن يشمل جميع معانيه ـ كما يقول أصحاب أبي حنيفة ـ أم انه يعم في النفي ولا يعم في الإثبات ـ كما قال آخرون ـ قال أبو عبد الرحمن: والذي نختاره: أن اللفظ المشترك لا يرد في كلام ويراد منه جميع معانيهإلا في عبارات يراد بها الإلغاز والتورية، شريطة: أن لا تتضاد المعاني، واللفظ المشترك يحمل على المعنى الظاهر الراجح: إما بحقيقة الوضع، وإما بقرينة ظاهرة صارفة، ومن ثم:فكلمة ـ اقدروا ـ شاملة للحساب والعدد وإكمال الثلاثين، ثم تعين الحمل على إكمال الثلاثين للروايات الأخرى، وباللّه التوفيق.
راجع:أصول الفقه للشيخ محمد أبي زهرة ص 160 ـ 162 ومباحث الآمدي ـ في أحكامه ـ في الفصل الرابع في الاسم ص 18 فما بعدها.
وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية جمع ابن قاسم ج 25 ص131 ـ 201 وفتح الباري للحافظ ابن حجر ط م الحلبي عام 1378 ج5 ص 23 ـ 29.
والمنتقى شرح الموطأ للإمام أبي الوليد الباجي الطبعة الأولى ط م السعادة عام 1331هـ ج2 ص 28 وبداية المجتهد لأبي الوليد ابن راشد ط م دار الفكر ج1 ص207.
الاستقامة ج1 ص 275 والفروق لشهاب الدين القرافي وتهذيب الفروق لمحمد علي حسين ط م دار الحياة الكتب العربية الطبعة الأولى عام 1344 ج2 ص 178 ـ 189 والمهذب لإبي إسحاق الشيرزي ط م الحلبي عام 1379 ج1 العلمية عام 1313هـ ج 1 ص 261وسبل السلام للصنعاني ط م الحلبي عام 1379 ج 2 ص 152 ونيل الأوطار للشوكاني ط م الحلبي 1371 ج 4 ص 201 ـ202 وزادالمعاد لابن قيم الجوزية ط م الحلبي عام 1369 ج1 ص 157 والمعتصر من المختصر من مشكل الآثار لأبي المحاسن الحنفي ط م آباد الدكن عام 1362 ج 1 ص138 ـ 139 والجواهر للحكيم طنطاوي جوهري ط م الحلبي عام 1350 ج 17 ص 202 ـ 203 ج18 ص199 ـ 200.
وأحكام القرآن للقاضي أبي بكر بن العربي ط م الحلبي عام 1378 ج1 ص 82 وتفسير الرازي ط م البهية الطبعة الأولى ج 5 ص 132 وتفسير المنار لمحمد رشيد ط م القاهرة عام 1380 ج 2 ص 202 وج 11 ص 303 والجامع لأحكام القرآن لأبي عبدالله محمد أحمد القرطبي ج2 ص 293 الطبعة الأخيرة مصورة.(/)
آداب الخلاف
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 04:24]ـ
المرجو من الإخوة المشرفين تتبيث هذا الموضوع إن كان ممكنا
أدب الخلاف
أولاً: معنى الخلاف وأنواعه:
1 - الخلاف والاختلاف بمعنى واحد يشير إلى عدم الاتفاق على مسألة ما يقول الفيروز أبادي في تعريف الاختلاف: أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر في حاله أو فعله. [بصائر ذوي التمييز 2/ 562].
2 - أنواع الخلاف:
الخلاف المذموم، وهو الخلاف الذي خالف فيه المشركون والكفار الحق، فخلافهم له مذموم، وخلافنا لهم ممدوح، ومنه قول الله: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِى رَبّهِمْ} [الحج:19]. وهذا الخلاف منشؤه الهوى والتقليد الأعمى للموروثات الفاسدة خلاف غير السائغ، وهو الخلاف الذي يكون بين المنتسبين للإسلام في قطعيات العقيدة والفقه (الأصول)، وهو فرع من الخلاف المذموم، لكنه يكون بين المسلمين. ومنه خلاف الخوارج والرافضة والمعتزلة والقرآنيين، وقد يصل في بعض صوره إلى الكفر.
والمخالفون فيه خالفوا جمهور المسلمين في أصول المسائل التي يقوم عليها المعتقد والأحكام، فأصولهم فاسدة، ومن ذلك تقديم العقل على النقل، أو القول بعصمة الأولياء أو أئمة أهل البيت، أو ترك الاحتجاج بالسنة.
وهذا النوع هو الذي يؤدي إلى فرقة الأمة وتشرذمها، وجاءت النصوص القرآنية والنبوية في التحذير منه، ومن ذلك: {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} [هود:118 - 119]. قال الرازي: المراد اختلاف الناس في الأديان والأخلاق والأفعال. {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران:103].
{وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46]. {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيّنَاتُ} [آل عمران:105].
ومن الخلاف الذي لا يسوغ خلاف الجاهل للعالم، أو بالجملة خلاف من لا يملك أهلية الاجتهاد والنظر في الأدلة الشرعية، فليس من الخلاف المعتبر اجتهاد من ليس له بأهل.
وفيه قصة الرجل الذي أصابته جنابة في سفر وقد شج فأمره بعضهم بالاغتسال فمات فقال صلى الله عليه وسلم: ((قتلوه قتلهم الله، هلا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال)) [رواه أبو داود ح326]. قال ابن تيمية: "أخطأوا بغير اجتهاد، إذ لم يكونوا من أهل العلم" [رفع الملام ص 48].
وفي الاجتهاد من غير أهلية يقول صلى الله عليه وسلم: ((القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاضي في الجنة، فأما الذي في الجنة فرجل علم فقضى به، وأما اللذان في النار فرجل قضى للناس على جهل، ورجل علم الحق وقضى بخلافه)) [أبو داود ح3573 وابن ماجه ح2351، والترمذي ح1322].
الخلاف السائغ، ويكون في فروع العقيدة والفقه. ومنه خلاف المذاهب الفقهية، وخلاف الدعاة على بعض الوسائل الحديثة للدعوة، وكذلك فروع العقيدة كرؤية الرسول ربه ليلة المعراج، وكنه المعراج بنبينا، هل هو بالروح أم بالجسد.
وهذا النوع من الخلاف هو محل بحثنا، وهو أيضاً على مراتب بعضها دون بعض:
أ) الخلاف الشاذ:
ومن صوره إباحة ربا الفضل: إذ لم يحرمه طائفة من التابعين.
ومنه إباحة إتيان النساء في المحاش فقد أجازه بعض فضلاء المدنيين.
ومنه إباحة أفاضل الكوفيين شرب غير نبيذ العنب.
ومنه تحليل نكاح المتعة حيث أباحه بعض المكيين. [رفع الملام ص64 - 65]
وجميع صور هذا الخلاف قام الدليل القوي والصريح على خلافها، وإنما وقع من وقع في الخلاف لعدم معرفته بدليل المسألة أو تأوله البعيد له.
ب) الخلاف الضعيف:
ومن صوره قتل المسلم بالكافر، وإيجاب الأضحية.
ت) الخلاف القوي:
ومن صوره وقوع طلاق الثلاث، ميراث الجد مع الإخوة.
ثانياً: التفريق بين الخلاف السائغ وغيره:
ثمة أمور يفترق فيها الخلاف الذي سوغه العلماء عن الخلاف الذي قبحه العلماء وذموه غاية الذم، ومنها:
1 - أنه (أي السائغ) لا يكون في المسائل الأصولية في الدين، العقدية منها والفقهية، كالوحدانية وأصول الإيمان، وحجية السنة، وفرضية الصلاة أو فرضية الوضوء للصلاة. مثل هذه المسائل تضافرت الأدلة الصريحة على إثباتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
يبين الشاطبي الفرق بين الخلاف المسوغ وغيره " وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق عليها عادة، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف فيها، لكن في الفروع دون الأصول، وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف" [الاعتصام 2/ 168].
2 - أن الخلاف السائغ لا يكون في المسائل التي انعقد الإجماع فيها كعلو الله وكلامه جل وعلا، فإن وقع خلاف من مجتهد في مثل هذا فهو اجتهاد يعذر فيه لكنا لا نسوغه، يقول ابن تيمية: "وقوع الغلط في مثل هذا - يعني علو الله على خلقه - يوجب ما نقوله دائماً: إن المجتهد في مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق فإن الله يغفر له خطأه، وإن حصل منه .. نوع تقصير فهو ذنب .. فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح لم يكن أسوأ حالاً من هذا الرجل (الذي طلب من أهله إحراقه إذا مات) فيغفر خطأه أو يعذبه إن كان منه تفريط في اتباع الحق على قدر دينه" [الاستقامة 1/ 163].
ويقول ابن تيمية: "من خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يعذر فيه، فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع" [الفتاوى: 4/ 172 - 173].
ويقول الذهبي: "ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور" [سير أعلام النبلاء 19/ 322].
ويقول محمد بن عبد الوهاب: "ثم اعلموا وفقكم الله، إن كانت المسألة إجماعاً فلا نزاع، وإن كانت مسائل اجتهاد فمعلومكم أنه لا إنكار في من يسلك الاجتهاد" [الدرر السنية 1/ 43].
قال ابن تيمية: (وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول وغيرها في باب الصفات والقدر والإمامة وغير ذلك هو من هذا الباب فيه المجتهد المصيب، وفيه المجتهد المخطئ، ويكون المخطئ باغياً، وفيه الباغي من غير اجتهاد، وفيه المقصر فيما أمر به من الصبر) [الاستقامة 1/ 73].
3 - أن يكون هذا القول صادراً عن الاجتهاد والنظر في الأدلة الشرعية المعتبرة بقصد الوصول إلى الحق الذي أراده الله ورسوله، وعليه فلا كرامة لمن صدر في رأيه عن العقل المجانب للشرع أو عن الرؤى المنامية ولا لمن صدر عن الهوى أو العصبية، قال الشاطبي: "الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان، أحدهما الاجتهاد المعتبر شرعاً، وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر الاجتهاد إليه".
والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه، لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي .. فكل رأي صادر عن هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره، لأنه ضد الحق الذي أنزله ... " [الموافقات:4/ 167]
ثالثاً: هل يكون الخلاف في بعض مسائل الاعتقاد سائغاً؟
الخلاف في مسائل الاعتقاد كالخلاف في مسائل الفقه منه ما يسوغ،وهو ما يتعلق بفروع المسائل التي لم يرد دليل قطعي الدلالة على وجه من وجوهها.
ومنه مالا يسوغ، وهو ما يتعلق بالمسائل الأصولية التي دلت عليها الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة. فالخلاف في بعض المسائل الفرعية لا يجيز الحكم بهلكة الآخرين وبطلان أعمالهم.
قال شيخ الإسلام" فمن كان من المؤمنين مجتهداً فى طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام.
وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها.
فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول (أي العقيدة) وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع (أي الفقه) فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع.
وهو تفريق متناقض فإنه يقال لمن فرق بين النوعين: ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطىء فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟
فإن قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هي مسائل العمل قيل له: فتنازع الناس في محمد هل رأى ربه أم لا؟ وفى أن عثمان أفضل من علي أم على أفضل؟ وفى كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق" [مجموع الفتاوى23/ 346].
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول: "والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط في غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته أو اعتقد أن الله لا يُرى لقوله: {لا تدركه الابصار} ولقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [الشورى:51]. نقل عن بعض التابعين أن الله لا يرى، وفسروا قوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22 - 23]. بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح .. أو اعتقد أن الله لا يعجب كما اعتقد ذلك شريح لاعتقاده أن العجب إنما يكون من جهل السبب، والله منزه عن الجهل.
وكما أنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به .. وكالذي قال لأهله: ((إذا أنا متُّ فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين)). وكثير من الناس لا يعلم ذلك إما لأنه لم تبلغه الأحاديث وإما لأنه ظن أنه كذب وغلط" [مجموع الفتاوى 20/ 33 - 36].
ويقول عن خلاف الصحابة في بعض مسائل الاعتقاد الفرعية: "وتنازعوا في مسائل علمية اعتقادية كسماع الميت صوت الحي وتعذيب الميت ببكاء أهله ورؤية محمد ربه قبل الموت مع بقاء الجماعة والألفة.
وهذه المسائل منها ما أحد القولين خطأ قطعا، ً ومنها ما المصيب في نفس الأمر واحد عند الجمهور أتباع السلف، والآخر مؤد لما وجب عليه بحسب قوة إدراكه.
وهل يقال له: مصيب أو مخطىء؟ فيه نزاع. ومن الناس من يجعل الجميع مصيبين ولا حكم فى نفس الأمر، ومذهب أهل السنة والجماعة أنه لا إثم على من اجتهد وإن أخطأ" [مجموع الفتاوى 19/ 122].
رابعاً: أسباب وقوع الخلاف:
لسائل أن يسأل: لماذا يختلف المسلمون والعلماء منهم، وهم جميعاً يصدرون من الكتاب والسنة؟
وفي الإجابة نقول: للخلاف بين المسلمين أسباب أهمها:
- اختلاف العلماء في حجية بعض المصادر الفقهية أو اختلافهم في رتبة الاحتجاج بها كما في خلاف الفقهاء في حجية القراءات الشاذة والحديث المرسل والاستحسان وشرع من قبلنا وإجماع أهل المدينة.
- اختلافهم في فهم النصوص. كما في قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً} [المائدة:6]. ففسرها الجمهور بأنها الجماع، ولم يجعلوا لمس المرأة مما ينقض الوضوء، فيما أخذ الشافعي بظاهرها فجعل مجرد لمس المرأة ناقضاً للوضوء.
- الاختلاف في فهم علة الحكم كما في الخلاف في مشروعية القيام للجنازة هل هو للمؤمن أم للكافر؟ وهل يقام تعظيماً للملائكة أم لهول الموت؟ أم أنه خاص بالكافر حتى لا تعلو جنازة الكافر رأس المسلم؟
- الجهل بالدليل لعدم بلوغه، مثاله: خفي على عمر حكم دخول أرض الطاعون، بل وعلى كثير من الصحابة، فاختلفوا حتى أخبرهم عبد الرحمن بن عوف بقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
- عدم الوثوق بصحة الدليل الذي عند الآخرين، فقد يضعف العالم المخالف الحديث في حين يصححه الآخرون، لاختلاف العلماء في تعديل أحد الرواة، أو لعلة يراها في السند أو المتن تجعل الرواية شاذة أو لغير ذلك من أسباب رد الرواية مما هو مسطر في كتب علم الحديث.
ومن ذلك قصة عمر مع فاطمة بنت قيس حين رد حديثها بقوله: (لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت) [مسلم ح1480].
- الاختلاف في دلالات الألفاظ والنصوص لكون اللفظ مشتركاً أو مجملاً كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا طلاق ولا عتاق في إغلاق)) [أحمد ح25828، أبو داودح2193 وابن ماجه ح2046]. فقد اختلفوا في تفسير الإغلاق ففسره بعضهم بالإكراه، وآخرون بالغضب، وآخرون بغياب العقل بثورة الغضب. وتبعاً لذلك اختلف الفقهاء في بعض أحكام الطلاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثله قد وقع من الصحابة عام الخندق كما في الصحيحين عندما قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)) [البخاري ح946، ومسلم ح1770]. فتمسك بعضهم بظاهر النص ففاتتهم الصلاة، وتمسك الآخرون بمفهوم النص والمراد منه، وهو الإسراع فصلوا وهم في الطريق، قال ابن عمر: (ولم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم واحداً منهم).
خامساً: آداب ينبغي مراعاتها عند الخلاف:
ثمة آداب ينبغي على علماء المسلمين وعامتهم مراعاتها والقيام بحق المخالف فيها، ومنها:
1 - إحسان الظن بالعلماء وأن لا يعتقد أنهم تعمدوا ترك الحق الذي بان له - وقد يكون هو المخطئ -، وعليه فلا يعتقد هلكتهم في خلافهم له،بل يلتمس لهم العذر في ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فأخطأ فله أجر)) [البخاري ح7352، ومسلم ح1716].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يُرد منها، وإما لرأي رأوه، وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286]. وفي الصحيح قال: ((قد فعلت)) [مسلم ح126] [الفتاوى 19286].
ومنه قول علي رضي الله عنه لعمر بن طلحة بن عبيد الله، وكان بينه وبين طلحة خلاف يوم الجمل: (إني لأرجو أن يجعلني الله وإياك في الذين قال الله عز وجل فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر:47]. [رواه الحاكم ح5613، والبيهقي في السنن ح16491].
قال يحيى بن سعيد الأنصاري "ما برح أولو الفتوى يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرّم أن المحل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه" [جامع بيان العلم 2/ 80].
ويقول الذهبي عن التابعي قتادة السدوسي: "كان يرى القدر نسأل الله العفو .. ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه .. إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك". [سير أعلام 7/ 271].
وفي المتأولين في خلاف شاذ (من أحل نكاح المتعة أو ربا الفضل) يقول ابن تيمية في تحقق النصوص الشرعية التي جاءت بالوعيد لمن صنع ذلك، "فلا يجوز أن يقال: إن هؤلاء مندرجون تحت الوعيد، لما كان لهم العذر الذي تأولوا به، أو لموانع أخرى .. " [رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص66].
أن لا يؤدي الخلاف إلى جفوة وفتنة بين المختلفين، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام: "كانوا يتناظرون في المسائل العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين، ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة" [الفتاوى: 4/ 172 - 173].
ويقول "فلا يكون فتنة وفرقة مع وجود الاجتهاد السائغ" [الاستقامة 1/ 31].
ويقول يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا ولقيته فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة".
قال الذهبي: "هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون" [سير أعلام النبلاء 10/ 16 - 17].
وقال محمد بن أحمد الفنجار:" كان لابن سلام مصنفات في كل باب من العلم، وكان بينه وبين أبي حفص أحمد بن حفص الفقيه مودة وأخوة مع تخالفهما في المذهب" [سير أعلام النبلاء10/ 630].
وصدق الشاعر حين قال:
في الرأي تضطغن العقول وليس تضطغن الصدور
أن لا يُنكر على المجتهد في اجتهاده وعمله بهذا الاجتهاد، ولا يمنع هذا من إقامة الحجة عليه أو المحاورة معه للخروج من الخلاف والوصول إلى الحق، بل هو الأولى، إذ مازال السلف يرد بعضهم على بعض في مسائل الفقه والفروع من المعتقد، وهذا من النصيحة للمسلمين.
وقد نقل عن كثير من السلف عدم الإنكار في مسائل الخلاف إذا كان للاجتهاد فيها مساغ.
يقول سفيان: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه. [الفقيه والمتفقه 2/ 69].
(يُتْبَعُ)
(/)
وروى عنه الخطيب أيضاً أنه قال: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به. [الفقيه المتفقه 2/ 69].
ويقول أحمد فيما يرويه عنه ابن مفلح: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب ولا يشدد عليهم.
ويقول ابن مفلح: لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع. [الآداب الشرعية 1/ 186].
قال النووي: "ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً" [شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 24].
ويقول ابن تيمية: "مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه" [مجموع الفتاوى20/ 207].
وسئل القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر به فقال: إن قرأت فلك في رجال من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة. [التمهيد، ابن عبد البر 11/ 54].
وعبر الفقهاء عن هذا بقاعدتهم التي تقول: الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد. [الأشباه والنظائر، ابن نجيم ص105].
عن أنس قال: (إنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا نسافر، فمنا الصائم ومنا المفطر، ومنا المتم ومنا المقصر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، ولا المقصر على المتم، ولا المتم على المقصر) [البيهقي في السنن ح5225].
العمل على رفع الخلاف بالوسائل الشرعية:
الخلاف شر، وينبغي على المسلمين العمل على رفعه، طلباً للحق، وحفظاً لوحدة المسلمين، وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59]، فقولنا بأن الخلاف في المسألة سائغ لا يمنع من تحري الحق، والمحاورة والمناظرة بين أهل العلم للوصول إلى مراد الشرع في المسالة. ولأجل هذا دونت مئات الكتب التي تتحدث في مواطن الاختلاف وموارد النزاع.
وفي الحوار ينبغي على المسلم أن يتواضع لإخوانه، وأن يلتزم طلب الحق في حواره معهم كما علمنا الله بقوله في مجادلتنا للكافرين {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلالٍ مُّبِينٍ} [سبأ:24]. وينبغي أن يكون جداله معهم بالتي هي أحسن فقد قال الله في جدال أهل الكتاب {وَلاَ تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، وقال في حق غيرهم {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83] قال القرطبي: "وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس ليناً، ووجهه منبسطاً طلقاً مع البر والفاجر والسني والمبتدع من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه.
ثم قال: فيدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي" [الجامع لأحكام القرآن 2/ 16]. وكلام القرطبي لا يمنع ولا يرفع ما ذكره العلماء في هجر المبتدع أو الفاسق، فذلك أيضاً من وسائل الدعوة التي قد تردع عن الفسق والبدعة.
سادساً: صور من اختلاف السلف تبرز أدبهم رحمة الله عليهم:
- قال النبي لأصحابه يوم بنى قريظة: ((لا يصلين أحد العصر إلا فى بني قريظة)) فأدركتهم العصر فى الطريق فقال قوم لا نصلى إلا فى بنى قريظة وفاتتهم العصر. وقال قوم:لم يرد منا تأخير الصلاة فصلوا في الطريق ((فلم يعب واحداً من الطائفتين))، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر. قال شيخ الإسلام:" وهذا وإن كان في الأحكام فما لم يكن من الأصول المهمة فهو ملحق بالأحكام" [مجموع الفتاوى 24/ 172].
- ابن مسعود وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما على كثرة التشابه بين منهجهما الفقهي أوصل ابن القيم المسائل التي اختلفوا فيها إلى مائة مسألة منها:
ابن مسعود كان ينهى عن وضع اليدين على الركب في الركوع ويأمر بالإطباق وعكسه عمر.
اختلفا في الرجل زنا بامرأة ثم تزوجها فيرى ابن مسعود أنهما لا زالا يزنيان حتى ينفصلا ويخالفه عمر. [إعلام الموقعين 2/ 237].
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع ذلك انظر ثناءها على بعضهما. يقول عمر عن ابن مسعود: (كنيف ملئ فقهاً أو علماً آثرت به أهل القادسية) [سير أعلام النبلاء 1/ 491]. ويقول ابن مسعود عن عمر: (كان للإسلام حصناً حصيناً يدخل الناس فيه ولا يخرجون، فلما أصيب عمر انثلم الحصن) [المستدرك ح4522].
- واختلف الصحابة في توريث الإخوة مع وجود الجد، فكان زيد وعلي وابن مسعود لا يرونه، وأما ابن عباس فيخالفهم ويقول: (ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابناً، ولا يجعل أب الأب أباً) وقال: (لوددت أني وهؤلاء الذين يخالفونني في الفريضة نجتمع فنضع أيدينا على الركن ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) [مصنف عبد الرزاق ح19024].
ورغم هذه الثقة العارمة برأيه فإنه ذات يوم رأى زيداً على دابته فأخذ بخطامها وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا، فقال زيد: أرني يدك، فأخرج ابن عباس يده فقبلها زيد وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم [تقبيل اليد، أبو بكر المقري ص 95].
ولما دفن زيد قال ابن عباس: (هكذا ذهاب العلم، لقد دفن اليوم علم كثير) [البيهقي في السنن 6/ 211، الحاكم ح5810].
- ووقع بين الصحابة خلاف أوقع بينهم قتلاً وقتالاً، لكنه لم يمنع من ورود بعض صور محمودة منها:
1 - خلو قلوبهم من الغل، ومنه قول مروان بن الحكم (ما رأيت أحداً أكرم غلبة من علي، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل وناد منادٍ: ولا يذفف (يجهز) على جريح) [رواه البيهقي في السنن ح16523].
2 - ونال أحدهم من عائشة رضي الله عنها يوم الجمل وسمعه عمار فقال: (اسكت مقبوحاً منبوحاً، أتؤذي محبوبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة) [الترمذي ح3888].
3 - ولما قتل ابن خيري رجلاً وجده مع زوجته، رفع الأمر إلى معاوية فأشكل ذلك عليه فكتب إلى أبي موسى أن يسأل له علياً فكتب إليه علي بالجواب. [الموطأ ح1447].
4 - ولما وصف ضرار بن حمزة الكناني علياً بين يدي معاوية: بكى معاوية وجعل ينشف دموعه بكمه، ويقول لمادح علي رضي الله عنه: كذا كان أبو الحسن رحمه الله. [الاستيعاب 4/ 1697].
- رغم الخلاف الشديد بين أهل الرأي والحديث يقول شعبة عند وفاة أبي حنيفة (لقد ذهب معه فقه الكوفة، تفضل الله عليه وعلينا برحمته). ويقول الشافعي: "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة" [سير أعلام النبلاء 6/ 403]
- وكذا قيل لأحمد: إن كان الإمام خرج منه الدم ولم يتوضأ هل يصلي خلفه؟ قال: كيف لا أصلي خلف الإمام مالك وسعيد بن المسيب. [الفتاوى 20/ 364].
- صلى الشافعي الصبح في مسجد أبي حنيفة الصبح فلم يقنت ولم يجهر ببسم الله تأدباً مع أبي حنيفة رحمهما الله [طبقات الحنفية 1/ 433]. قال القرطبي: "كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية وإن كانوا لا يقرأون البسملة لا سراً ولا جهراً وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ فصلى خلفه أبو يوسف ولم يعد" [الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، 23/ 375].
- ويتحدث الذهبي عن ابن خزيمة وتأوله حديث الصورة فيقول: "فليُعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا" [سير أعلام النبلاء 14/ 374].
- يقول الذهبي في ترجمة قتادة:"وكان يرى القدر نسأل الله العفو ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك" [سير أعلام النبلاء 5/ 271].
- يقول الإمام أحمد بن حنبل: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً" [سير أعلام النبلاء 11/ 371].
ويقول: "ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة" [سير أعلام النبلاء 14/ 40].
ويقول الذهبي في تعليقه على اختلاف الناس في أبي حامد الغزالي بين مادح وذام: "مازال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهاده، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور" [سير أعلام 19/ 322].
كتبه
د. منقذ بن محمود السقار
mongiz@maktoob.com(/)
تفضل واقرأ إنه بالفعل سلطان العلماء
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 04:38]ـ
العز بن عبد السلام
- العز بن عبد السلام اسماً ونسباً ولقباً وشهرة ومذهباً:
ولد سنة 578هـ الإمام عبد العزيز بن عبد السلام السُّلمي، المغربي أصلاً، الدمشقي مولداً، المصري داراً ووفاة، أبو محمد، الملقب بعز الدين، وبسلطان العلماء، والمعروف ببائع الملوك.
وهو سلطان العلماء، لقبه بهذا اللقب تلميذه الأول شيخ الإسلام ابن دقيق العيد ([1] [1])،
صفاته الخُلُقية:
إن صفات العز الخُلُقية كثيرة، وهي في مجملها تدل على تمتعه بأكمل الصفات، وأجمل الخصال، وأنبل المزايا، فمن صفاته:
q
الورع:
لما مرض مرض الموت أرسل له الملك الظاهر بيبرس وقال له: عين مناصبك لمن تريد من أولادك، فقال: ما فيهم من يصلح، وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين بن بنت الأعز أحد تلاميذه، ففوضت إليه. ومنها عزله لنفسه من القضاء أكثر من مرة خوفاً من حمله الثقيل، وتبعاته العظيمة ([2] [2]).
q
الزهد:
كان العز من الزهاد حقاً وصدقاً، بل كان شديد الزهد، فلم يجمع من الدنيا إلا القليل، وإذا عرضت عليه أعرض عنها، وقصصه في ذلك كثيرة، منها:
بعد أن انتهت محنته مع الملك الأشرف، أراد الملك أن يسترضيه، فقال: "والله لأجعلنه أغنى العلماء" ولكن العز لم يأبه لذلك، ولم ينتهز هذه الفرصة لمصالحه الشخصية، ولم يقبل درهماً من الملك، بل رفض الاجتماع به لأمور شخصية.
ولما مرض الملك الأشرف مرض الموت وطلب الاجتماع به ليدعو له، ويقدم له النصيحة اعتبر العز ذلك قربة لله تعالى، وقال: نعم، إن هذه العبادة لمن أفضل العبادات، لما فيها من النفع المتعدي إن شاء الله تعالى. وذهب ودعا للسلطان لما في صلاحه من صلاح المسلمين والإسلام، وأمره بإزالة المنكرات، وطلب منه الملك العفو والصفح عما جرى في المحنة، قائلاً: يا عز الدين، اجعلني في حل .. فقال الشيخ: أما محاللتك فإني كل ليلة أحالل الخلق، وأبيت وليس لي عند أحد مظلمة، وأرى أن يكون أجري على الله.
وفي نهاية الجلسة أطلق له السلطان ألف دينار مصرية، فردها عليه، وقال: هذه اجتماعة لله لا أكدرها بشيء من الدنيا.
ولما استقال العز من القضاء عند فتواه ببيع الأمراء، ورفض السلطان لذلك، خرج من القاهرة، وكل أمتعته في الحياة، مع أسرته، حمل حمار واحد، ممايدل على قناعته بالقليل، وزهده في المال والمتاع.
ومن ذلك ما ذكرته من عرض الظاهر بيبرس عليه أن يجعل أي أبنائه شاء خلفاً له في مناصبه بعد وفاته وإبائه لذلك، عندها قال له الظاهر: من أين يعيش ولدك؟ قال: من عند الله تعالى. قال: نجعل له راتباً؟ قال: هذا إليكم.
والحقيقة أن ولد العز الشيخ عبد اللطيف كان عالماً فقيهاً، ويصلح للتدريس، ولكن ورع العز وزهده منعه من جعل منصب التدريس وراثة لأولاده.
قال الداودي: "وكان كل أحد يضرب به المثل في الزهد والعلم" ([3] [3]).
q
الكرم والسخاء والبذل:
وهي صفة تؤكد صفة الزهد فيه رحمه الله، فقد كان باسط اليد فيما يملك، يجود بماله على قلته طمعاً في الأجر والثواب.
حكى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة رحمه الله، أن الشيخ لما كان بدمشق وقع مرة غلاء كبير حتى صارت البساتين تباع بالثمن القليل، فأعطته زوجته مَصاغا ًلها، وقالت: اشتر لنا به بستاناً نَصيف به، فأخذ المصاغ، وباعه، وتصدق بثمنه، فقالت: يا سيدي اشتريت لنا؟ قال: نعم، بستاناً في الجنة، إني وجدت الناس في شدة فتصدقت بثمنه، فقالت له: جزاك الله خيراً ([4] [4]).
ولما جاء أستاذ الدار الغِرز ([5] [5]) خليل برسالة الملك الأشرف بدمشق للشيخ العز بعزله عن الإفتاء، قال له: يا غرز من سعادتي لزومي لبيتي، وتفرغي لعبادة ربي، والسعيد من لزم بيته، وبكى على خطيئته، واشتغل بطاعة الله تعالى، وهذا تسليك من الحق، وهدية من الله تعالى إلي، أجراها على يد السلطان وهو غضبان، وأنا بها فرحان، والله يا غرز لو كانت عندي خلعة تصلح لك على هذه الرسالة المتضمنة لهذه البشارة لخلعت عليك، ونحن على الفتوح، خذ هذه السجادة صل عليها، فقبِلها وقبّلها، وودعه وانصرف إلى السلطان، وذكر له ما جرى بينه وبينه. فقال لمن حضره: قولوا لي ما أفعل به، هذا رجل يرى العقوبة نعمة، اتركوه، بيننا وبينه الله" ([6] [6]).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن السبكي: "وحكي أنه كان مع فقره كثير الصدقات، وأنه ربما قطع من عمامته، وأعطى فقيراً يسأله إذا لم يجد معه غير عِمامته" ([7] [7]).
q
التواضع:
على الرغم من الهيبة التي حظي بها العز والتي كان يخشاه لأجلها السلطان والأمراء، وعلى الرغم من المكانة الاجتماعية والعلمية، فقد كان الشيخ العز متواضع النفس مع نفسه ومع ربه ومع الناس جميعاً.
ومما يذكر له في ذلك أن نائب السلطنة في مصر عندما جاءه حاملاً سيفه ليقتل العز لفتواه ببيع الأمراء المماليك قام لاستقباله، فاعترضه ابنه خشية عليه من القتل، فقال له: "يا ولدي، أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله" ([8] [8]).
وكان رحمه الله يترك التكلف في لباسه، فقد قال ابن السبكي بعد أن ذكر كثرة صدقاته وأنه قد يتصدق بعمامته: "وفي هذه الحكاية ما يدل على أنه كان يلبس العمامة، وبلغني أنه كان يلبس قبّع لباد، وأنه كان يحضر المواكب السلطانية به، فكأنه كان يلبس تارة هذا، وتارة هذا، على حسب ما يتفق له من غير تكلف" ([9] [9]).
وقد سبق أنه خرج من مصر وكل متاعه حمل حمار مما يدل على تواضعه في معيشته، وتركه للتكلف فيها.
q
الهيبة:
كان العز رحمه الله مهيباً في شخصيته، وكان يظهر أثر ذلك في دروسه وخطبه، وفي اجتماعه مع الناس، ومعاملته مع طلابه ومعاصريه، بل كانت هذه الهيبة تضفي آثارها الجسيمة على المتجبرين والمتكبرين والمتعالين والمتجرئين على الله والناس.
ومما يستشهد به لهذا الخلق قصته مع الأمراء الأتراك في مصر، وهم جماعة ذكر أن الشيخ لم يثبت عنده أنهم أحرار، وأن حكم الرق مستصحب عليهم لبيت مال المسلمين، فبلغهم ذلك، فعظم الخطب عندهم فيه، وأضرم الأمر، والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعاً ولا شراء ولا نكاحاً، وتعطلت مصالحهم بذلك، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فاستشاط غضباً، فاجتمعوا وأرسلوا إليه، فقال: نعقد لكم مجلساً وينادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي، فرفعوا الأمر إلى السلطان، فبعث إليه، فلم يرجع، فجرت من السلطان كلمة فيها غلظة، حاصلها الإنكار على الشيخ في دخوله في هذا الأمر، وأنه لا يتعلق به، فغضب الشيخ، وحمل حوائجه على حمار، وأركب عائلته على حمار آخر، ومشى خلفهم خارجاً من القاهرة، قاصداً نحو الشام، فلم يصل إلى نحو نصف بريد إلا وقد لحقه غالب المسلمين، لم تكد امرأة ولا صبي ولا رجل لا يؤبه إليه يتخلف، لا سيما العلماء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم، فبلغ السلطان الخبر، وقيل له: متى راح ذهب ملكك، فركب السلطان بنفسه، ولحقه واسترضاه وطيب قلبه، فرجع واتفقوا معهم على أنه ينادى على الأمراء، فأرسل إليه نائب السلطنة بالملاطفة، فلم يفد فيه، فانزعج النائب وقال: كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟ والله لأضربنه بسيفي هذا، فركب بنفسه في جماعته، وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده، فطرق الباب، فخرج ولد الشيخ - أظنه عبد اللطيف - فرأى من نائب السلطنة ما رأى، فعاد إلى أبيه، وشرح له الحال، فما اكترث لذلك ولا تغير، وقال: يا ولدي، أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله، ثم خرج كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة، فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب، وسقط السيف منها، وأرعدت مفاصله، فبكى، وسأل الشيخ أن يدعو له، وقال: يا سيدي خير، أيش تعمل؟ قال: أنادي عليكم وأبيعكم. قال: ففيم تصرف ثمننا، قال: في مصالح المسلمين. قال: من يقبضه؟ قال: أنا. فتم له ما أراد، ونادى على الأمراء واحداً واحداً، وغالى في ثمنهم، وقبضه، وصرفه في وجوه الخير، وهذا ما لم يسمع بمثله عن أحد، رحمه الله تعالى ورضى عنه" ([10] [10]).
وقال الأستاذ محمود رزق عن بيبرس: "وكان يهاب سلطان العلماء في زمانه، وهو عز الدين بن عبد السلام" ([11] [11]).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يذكر له في هذا الشأن أنه عندما عزل من مناصبه في دمشق وأمر أن يلزم بيته، استأجر بستاناً متطرفاً عن البساتين، وكان مخوفاً، "واتفقت له فيه أعجوبة، وهو أن جماعة من المفسدين قصدوه في ليلة مقمرة، وهو في جوسق عال ([12] [12])، ودخلوا البستان، واحتاطوا بالجوسق، فخاف أهله خوفاً شديداً، فعند ذلك نزل إليهم، وفتح باب الجوسق، وقال: أهلاً بضيوفنا، وأجلسهم في مقعد حسن، وكان مهيباً مقبول الصورة، فهابوه، وسخرهم الله له، وأخرجوا لهم من الجوسق ضيافة حسنة، فتناولوها، وطلبوا منه الدعاء، وعصم الله أهله وجماعته منهم بصدق نيته وكرم طويته، وانصرفوا عنه" ([13] [13]).
ما لجرح بميت إيلام
نظرا للهجمة الشرسة التي يتعرض لها إخواننا في غزة من المرابطين على الثغور، فقد ارتأينا نقل هذا البيان لعل الناس ينتفضون لألم الجرح الذي أصيبت به الأمة اليوم التي أصبحت غثاء كغثاء السيل حينما استشرى فيها هذا المرض الخطير أي مرض الوهن، أما أن يصدر هذا من جهال الأمة فأمر بديهي لكن أن تخاط أفواه العلماء وأن يصبح البيت الأبيض هو من يفتي المؤمنين بالجهاد فهذا شيء لم تشهده الأمة عبر تاريخها الذي يزخر بعلماء سحبوا بالخيول على الأرض ولم يضعفوا، جلدوا بالسياط ولم يستكينوا، قطعت رؤوسهم ولم يرتابوا، سلخوا أحياء ولم يخافوا، أما اليوم فعلماؤها صاروا حربا على الإسلام يداهنون الظالم و يظلمون المظلوم ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف،ونسوا كيف خاطب الفضيل بن عياض وسفيان الثوري هارون الرشيد، وكيف خاطب الحسن البصري عمر بن عبد العزيز، وأن السرخسي أملى المبسوط من جب سجن فيه بسبب نصحه للسلطان، واليوم من ناصح الحكام فهو من الخوارج، وهم يعلمون أن ضريبة العلم غالية فإما أن يرضى عنك الله بسخط الجبابرة أو يرضى عنك الجبابرة بسخط الله فأسهل شيء أن تكون عالما لكن الصعب أن تكون بعلمك عاملا.
عندما كان العز بن عبد السلام في دمشق كان الحاكم رجلاً يقال له: "الملك الصالح إسماعيل" من بني أيوب، فولّى العز بن عبد السلام خطابة الجامع الأموي، وبعد فترة قام الملك الصالح إسماعيل هذا بالتحالف مع النصارى الصليبيين، أعداء الله ورسله، فحالفهم وسلّم لهم بعض الحصون،
كقلعة الشَّقِيف (1 ( file:///D:/ مكتبتي%20العلمية/ mes%20sites/mon%20site%20web1/index.htm#_edn1))، وصَفَد (2 ( file:///D:/ مكتبتي%20العلمية/ mes%20sites/mon%20site%20web1/index.htm#_edn2))، وبعض الحصون، وبعض المدن
وذلك من أجل أن يستعين بهم على قتال الملك الصالح أيوب في مصر.
فلما رأى العز بن عبد السلام هذا الموقف الخائن الموالي لأعداء الله ورسله - عليهم السلام-، لم يصبر فصعد على المنبر، وتكلّم وأنكر على الصالح إسماعيل تحالفه مع الصليبيين، وقالها له صريحة، وقطع الدعاء له في الخطبة، بعدما كان اعتاد أن يدعو له (3 ( file:///D:/ مكتبتي%20العلمية/ mes%20sites/mon%20site%20web1/index.htm#_edn3))، وختم الخطبة بقوله: "اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشدًا تُعِزُّ فيه وليَّك، وتُذِلُّ فيه عدوَّك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر" (4 ( file:///D:/ مكتبتي%20العلمية/ mes%20sites/mon%20site%20web1/index.htm#_edn4)). ثم نزل.
وعرف الأمير الملك الصالح إسماعيل أنه يريده، فغضب عليه غضبًا شديدًا، وأمر بإبعاده عن الخطابة، وسجنه، وبعدما حصل الهرج والمرج، واضطرب أمر الناس، أخرجه من السجن ومنعه من الخطبة بعد ذلك (5 ( file:///D:/ مكتبتي%20العلمية/ mes%20sites/mon%20site%20web1/index.htm#_edn5)).
وخرج العز بن عبد السلام من دمشق مغضبًا إلى جهة بيت المقدس، وصادف أن خرج الملك الصالح إسماعيل إلى تلك الجهة أيضًا والتقى أمراء النصارى قريبًا من بيت المقدس، فأرسل رجلاً من بطانته وقال له: اذهب إلى العز بن عبد السلام، ولاطِفْهُ ولايِنْهُ بالكلام الحسن، واطلب منه أن يأتي إليّ، ويعتذر مني، ويعود إلى ما كان عليه، فذهب الرجل إلى العز. بن. عبد. السلام وقال له: ليس بينك وبين أن تعود إلى منصبك وأعمالك وزيادة على ما كنت عليه، إلا أن تأتي وتُقَبِّل يد السلطان لا غير، فضحك العز بن عبد السلام ضحكة الساخر وقال: "يا مسكين، والله ما أرضى أن يُقَبِّلَ الملك الصالح إسماعيل يدي فضلاً عن أن أُقَبِّلَ يده، يا قومُ أنا في واد،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنتم في واد آخر، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به".
قال: إذًا نسجنك، فقال: "افعلوا ما بدا لكم". فأخذوه وسجنوه في خيمة، فكان يقرأ فيها القرآن ويَتَعَبَّد ويذكر الله تعالى.
وفي إحدى المرات كان الملك الصالح إسماعيل قد عقد اجتماعاً مع بعض زعماء النصارى الصليبيين، كان اجتماعهم قريباً من العز بن عبد السلام بحيث يسمعون قراءته للقرآن، فقال: هل تسمعون هذا الذي يقرأ؟ قالوا: نعم. فقال متفاخرًا: هذا هو أكبر قساوسة المسلمين سَجَنَّاه؛ لأنه اعترض علينا في محالفتنا لكم، وتسليمنا لكم بعض الحصون والقلاع، واتفاقنا معكم على قتال المصريين.
فقال له ملوك النصارى: والله لو كان هذا القسيس عندنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقته (6 ( file:///D:/ مكتبتي%20العلمية/ mes%20sites/mon%20site%20web1/index.htm#_edn6))!
لو كان عندنا رجل بهذا الإخلاص للأمة وبهذه القوة، وبهذه الشجاعة لكُنَّا نغسل رجليه، ولشَرِبْنا الماء الذي غسلنا به رجليه، فأصيب الملك إسماعيل بالخيبة والذلِّ، وكانت هذه بداية هزيمته وفشله، وجاءت جنود المصريين، وانتصرت عليه وعلى من كانوا متحالفين معه من الصليبيين، وأفرجت عن الإمام العز بن عبد السلام.
هذا موقف صرّح فيه العز بن عبد السلام - رحمه الله - بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رؤوس المنابر، ورأى أن هذا الذي يسعه، مع أنه كان يستطيع غير ذلك، ولكنه رأى أن هذا هو الأسلوب المناسب، خاصة أن الصليبيين في تلك الوقعة دخلوا شوارع دمشق ومدنها، وتجوَّلوا في أسواقها ودكاكينها، وكانوا يشترون الأسلحة من المسلمين؛ ولذلك وُجِّه إليه الاستفتاء: هل يجوز أن نبيع السلاح للنصارى؟
فأفتى - رحمه الله - بأن بيع السلاح إليهم لا يجوز؛ لأن من يبيعهم السلاح يعلم أنهم سوف يصوِّبون هذه الأسلحة إلى صدور المسلمين.
اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا وحيلتنا وهواننا على إخواننا.
(1) قلعة الشَّقِيف: قلعة حصينة جدًّا في كهف من الجبل، قرب بانياس من أرض دمشق. انظر: معجم البلدان (3/ 356).
(2) صَفَد: مدينة في جبال عاملة المطلَّة على حمص بالشام، وهي من جبال لبنان. انظر: معجم البلدان (3/ 412).
(3) قال ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية (2/ 110): ولي الخطابة بدمشق فأزال كثيرًا من بدع الخطباء، ولم يلبس سوادًا ولا سجع خطبته؛ بل كان يقولها مسترسلاً، واجتنب الثناء على الملوك بل كان يدعو لهم". اهـ.
(4) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (8/ 243).
(5) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 110)، وقد شارك العز بن عبد السلام علماء آخرين في الإنكار على الملك الصالح إسماعيل من هؤلاء أبو عمرو
ابن الحاجب شيخ المالكية، حيث اشتدّ ابن الحاجب في الإنكار على الملك فاعتقله الملك مدة ثم أطلقه وألزمه بيته. انظر: البداية والنهاية (17/ 251، 300).
(6) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (8/ 243).
اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا وحيلتنا وهواننا على إخواننا.(/)
من درر شيخ الإسلام ابن تيمية
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 04:55]ـ
موقف المبتدع من النصوص التي تخالفه
( ... لا تجد قط مبتدعاً إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه ويبغضها، ويبغض إظهارها وروايتها والتحدث بها، ويبغض من يفعل ذلك ... ) * ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn1).
هجر العاصي والمبتدع بحسب الأحوال والمصالح
(وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوَّتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم؛ فإنَّ المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامَّة عن مثل حاله؛ فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشَّرِّ وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشَّرّ والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي r يتألف قوماً ويهجر آخرين، كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك كانوا سادة مطاعون في عشائرهم؛ فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير؛ فكان في هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة؛ كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح) * ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn2).
الأمر بالجماعة والائتلاف والنَّهي عن البدعة والاختلاف وهجر المُظْهِر لبدعته لمصلحة راجحة
(إن الله أمر بالجماعة والائتلاف، ونهى عن البدعة والاختلاف، وقال: {إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ في شَيْءٍ} (1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn3)، وقال النبي r: (( عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة)) (2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn4)، وقال: ((الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد)) (3) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn5)...
فالواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم، وإن رأى بعضهم ضالاًّ أو غاوياً وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا؛ فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإذا كان قادراً على أن يولي في إمامة المسلمين الأفضل ولاه، وإن قدر أن يمنع من يظهر البدع والفجور منعه، وإن لم يقدر على ذلك؛ فالصلاة خلف الأعلم بكتاب الله وسنة نبيه الأسبق إلى طاعة الله ورسوله أفضل؛ كما قال النبي r في الحديث الصحيح: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء؛ فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء؛ فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء؛ فأقدمهم سناً)) (1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn6).
وإن كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره، كما هجر النبي r الثلاثة الذين خلفوا حتى تاب الله عليهم. وأما إذا ولى غيره بغير إذنه وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلاً وضلالاً، وكان قد رد بدعة ببدعة) * ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn7).
وقال: (وتعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين: تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، وصلاح ذات البين؛ فإن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn8)، ويقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (3) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn9)، ويقول: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (4) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn10)... وأمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف وتنهى عن الفرقة والاختلاف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأهل هذا الأصل: هم أهل الجماعة، كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة)) ** ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn11).
* * *
الموقف الوسط من هجران أهل البدع
(الهجران قد يكون مقصوده ترك سيئة البدعة التي هي ظلم وذنب وإثم وفساد، وقد يكون مقصوده فعل حسنة الجهاد والنهي عن المنكر وعقوبة الظالمين لينزجروا ويرتدعوا، وليقوى الإيمان والعمل الصالح عند أهله؛ فإن عقوبة الظالم تمنع النفوس عن ظلمه وتحضها على فعل ضد ظلمه من الإيمان والسنة ونحو ذلك، فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ولا انتهاء أحد، بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها؛ لم تكن هجرة مأموراً بها، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية، فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي، وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة، فلو ترك رواية الحديث عنهم؛ لاندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم، فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيراً من العكس، ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل.
وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد عَلِم المسؤل حاله، أو خرج خطاباً لمعين قد عُلم حاله؛ فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول r، إنما يثبت حكمها في نظيرها.
فإن أقواماً جعلوا ذلك عاماً، فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به؛ فلا يجب ولا يستحب، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات، وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية؛ فلم يهجروا ما أُمروا بهجره من السيئات البدعية، بل تركوها ترك المعرض لا ترك المنتهي الكاره أو وقعوا فيها، وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره، ولا ينهون عنها غيرهم ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها؛ فيكونون قد ضيعوا من النهي عن المنكر ما أُمروا به إيجاباً أو استحباباً؛ فهم بين فعل المنكر أو ترك النهي عنه، وذلك فعل ما نُهوا عنه وترك ما أُمروا به؛ فهذا هذا، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، والله سبحانه أعلم) * ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn12).
مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنْكَر عليه ولم يُهْجَر
(مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنكر عليه ولم يُهجر، ومن عمل بأحد القولين لم يُنكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان؛ فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا؛ قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين، والله أعلم) * ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn13).
التَّحزُّب المحمود والتَّحزُّب المذموم
(أما لفظ ((الزعيم))؛ فإنه مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين، قال تعالى: {وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعيرٍ وأنا بِهِ زَعيمٌ} (1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn14)، فمن تكفل بأمر طائفة؛ فإنه يقال: هو زعيم، فإن كان قد تكفل بخير كان محموداً على ذلك، وإن كان شراً كان مذموماً على ذلك.
وأما ((رأس الحزب))؛ فإنه رأس الطائفة التى تتحزب؛ أي: تصير حزباً، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان؛ فهم مؤمنون، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم، سواء كان على الحق والباطل؛ فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله، فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف، ونهياً عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان) * ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn15).
ليس لأحد أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته
على كل ما يريده
(يُتْبَعُ)
(/)
(إذا جنى شخص؛ فلا يجوز أن يُعاقب بغير العقوبة الشرعية، وليس لأحد من المتعلمين والأستاذين أن يعاقبه بما يشاء، وليس لأحد أن يعاونه ولا يوافقه على ذلك، مثل أن يأمر بهجر شخص فيهجره بغير ذنب شرعي، أو يقول: أقعدته أو أهدرته أو نحو ذلك؛ فإن هذا من جنس ما يفعله القساوسة والرهبان مع النصارى والحزابون مع اليهود، ومن جنس ما يفعله أئمة الضلالة والغواية مع أتباعهم، وقد قال الصديق الذي هو خليفة رسول الله r في أمته: أطيعوني ما أطعت الله، فإن عصيت الله؛ فلا طاعة لي عليكم. وقد قال النبي r: (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) (1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn16)، وقال: ((من أمركم بمعصية؛ فلا تطيعوه)) (2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn17).
فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك؛ نظر فيه، فإن كان قد فعل ذنباً شرعياً عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنباً شرعياً لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونون مثل الأخوة المتعاونين على البر والتقوى؛ كما قال تعالى: {وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى وَلاَ تَعاوَنوا عَلَى الإثْمِ والعُدْوانِ} (1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn18).
وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكزخان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقاً والي ومن خالفهم عدواً باغي؛ بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله، ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله؛ فإن كان أستاذ أحد مظلوماً نصره، وإن كان ظالماً لم يعاونه على الظلم، بل يمنعه منه؛ كما ثبت في ((الصحيح)) عن النبي r أنه قال: ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)). قيل: يا رسول الله! أنصره مظلوماً؛ فكيف أنصره ظالماً؟! قال: ((تمنعه من الظلم؛ فذلك نصرك إياه)) (2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn19).
وإذا وقع بين معلم ومعلم أو تلميذ وتلميذ أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق؛ فلا يعاونه بجهل ولا بهوى، بل ينظر في الأمر، فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل، سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره؛ فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله واتباع الحق والقيام بالقسط، قال الله تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمنوا كونوا قَوَّامينَ بِالقِسْطِ شُهِداءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أنْفُسِكُمْ أوِ الوالِدَيْنِ والأقْرَبينَ إنْ يَكُنْ غَنِيّاً أوْ فَقيراً فاللهُ أوْلَى بِهِما فَلاَ تَتَّبِعوا الهَوَى أنْ تَعْدِلوا وإنْ تَلْووا أوْ تُعْرِضوا فَإنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلونَ خَبِيراً} (3) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn20)، يقال: لوى يلوي لسانه: فيخبر بالكذب. والإعراض: أن يكتم الحق؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
* ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref1) (( مجموع الفتاوى)) (20/ 161).
* ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref2) (( مجموع الفتاوى)) (28/ 206).
(1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3) الأنعام: 159.
(2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref4) لم أجده بهذا اللفظ، لكن روى شطره الأول الترمذي في (الفتن عن رسول الله، باب ما جاء في لزوم الجماعة، 2165)، وروى شطره الثاني النسائي في (تحريم الدم، باب قتل من فارق الجماعة، 4020). انظر: ((صحيح الجامع)) (8065، 1848)، و ((صحيح الترغيب والترهيب)) (425). وروى النسائي في ((الكبرى)) (5/ 388) بلفظ: ((فعليه بالجماعة؛ فإن يد الله فوق الجماعة)).
(يُتْبَعُ)
(/)
(3) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref5) [ صحيح]. جزء من حديث رواه الترمذي في (الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة)، وأحمد في ((المسند)) (1/ 26)؛ من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وانظر: ((السلسة الصحيحة)) (430).
(1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref6) رواه مسلم في (المساجد، باب من أحق بالإمامة، رقم 637) من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.
* ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref7) (( مجموع الفتاوى)) (3/ 285 - 286).
(2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref8) الأنفال: 1.
(3) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref9) آل عمران: 103.
(4) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref10) آل عمران: 105.
** ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref11) (( مجموع الفتاوى)) (28/ 51).
* ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref12) (( مجموع الفتاوى)) (28/ 212 - 213).
* ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref13) (( مجموع الفتاوى)) (20/ 207).
(1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref14) يوسف: 72.
* ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref15) (( مجموع الفتاوى)) (11/ 92).
(1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref16) [ صحيح]. رواه أحمد في ((المسند)) (1/ 131) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي (1/ 409) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وفي (5/ 66) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه بلفظ: ((في معصية الله))، وفي ((مسند الشهاب)) للقضاعي (2/ 55) بلفظ المؤلف. وانظر: ((صحيح الجامع)) (7520).
(2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref17) [ صحيح]. رواه ابن ماجه في (الجهاد، باب لا طاعة في معصية الله، 2863)، وأحمد في ((المسند)) (3/ 67) من حديث أبي سعيد الخدري. وانظر: ((صحيح الجامع)) (6099)، و ((السلسلة الصحيحة)) (2324).
(1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref18) المائدة: 2.
(2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref19) تقدم تخريجه قريباً.
(3) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref20) النساء: 135.
ـ[عبد الجليل سعيد]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 04:56]ـ
ومن مال مع صاحبه - سواء كان الحق له أو عليه -؛ فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله، والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع الحَقِّيِّ على المبطل، فيكون المعظَّم عندهم من عظَّمه الله ورسوله، والمقدَّم عندهم من قدِّمه الله ورسوله، والمحبوب عندهم من أحبَّه الله ورسوله، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله بحسب ما يرضى الله ورسوله لا بحسب الأهواء؛ فإنَّه من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنَّه لا يضرُّ إلاَّ نفسه.
فهذا هو الأصل الذي عليهم اعتماده، وحينئذ؛ ٍ فلا حاجة إلى تفرُّقهم وتشيُّعهم؛ فإنَّ الله تعالى يقول: {إنَّ الذينَ فَرَّقوا دينَهُمْ وكانوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ في شَيْءٍ} (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn1) ، وقال تعالى: {وَلاَ تَكونوا كالذينَ تَفَرَّقوا واخْتَلَفوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ البَيِّناتِ} (2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn2) ، وإذا كان الرَّجل قد علَّمه أستاذ عرف قدر إحسانه إليه وشكره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يشدُّ وسطه لا لمعلِّمه ولا لغير معلِّمه؛ فإنَّ شدَّ الوسط لشخص معيَّن وانتسابه إليه من بدع الجاهليَّة، ومن جنس التَّحالف الذي كان المشركون يفعلونه، ومن جنس تفرُّق قيس ويمن، فإن كان المقصود بهذا الشدِّ والانتماء التَّعاون على البرِّ والتَّقوى؛ فهذا قد أمر الله به ورسوله له ولغيره بدون هذا الشدِّ، وإن كان المقصود به التَّعاون على الإثم والعدوان؛ فهذا قد حرَّمه الله ورسوله، فما قُصد بهذا من خير؛ ففي أمر الله ورسوله بكلِّ معروف استغناء عن أمر المعلِّمين، وما قُصد بهذا من شرٍّ؛ فقد حرَّمه الله ورسوله.
فليس لمعلِّم أن يحالف تلامذته على هذا، ولا لغير المعلِّم أن يأخذ أحداً من تلامذته لينسبوا إليه على الوجه البدعيِّ: لا ابتداءً ولا إفادةً، وليس له أن يجحد حقَّ الأوَّل عليه، وليس للأوَّل أن يمنع أحداً من إفادة التعلُّم من غيره، وليس للثَّاني أن يقول: شدَّ لي وانتسب لي دون معلِّمك الأوَّل، بل إن تعلَّم من اثنين فإنَّه يراعي حقَّ كلٍّ منهما، ولا يتعصَّب لا للأوَّل ولا للثَّاني، وإذا كان تعليم الأول له أكثر كانت رعايته لحقِّه أكثر.
وإذا اجتمعوا على طاعة الله ورسوله وتعاونوا على البرِّ والتَّقوى لم يكن أحد مع أحد في كلِّ شيء؛ بل يكون كلُّ شخص مع كلِّ شخص في طاعة الله ورسوله، ولا يكونون مع أحد في معصية الله ورسوله، بل يتعاونون على الصِّدق والعدل والإحسان، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، ونصر المظلوم وكلِّ ما يحبُّه الله ورسوله، ولا يتعاونون لا على ظلم ولا عصبيَّة جاهليَّة، ولا اتباع الهوى بدون هدى من الله، ولا تفرق ولا اختلاف، ولا شد وسط لشخص ليتابعه في كل شيء ولا يحالفه على غير ما أمر الله به ورسوله.
وحينئذٍ؛ فلا ينتقل أحد عن أحد إلى أحد، ولا ينتمي أحد لا لقيطاً ولا ثقيلاً ولا غير ذلك من أسماء الجاهلية؛ فإن هذه الأمور إنما ولدها كون الأستاذ يريد أن يوافقه تلميذه على ما يريد، فيوالي من يواليه، ويعادي من يعاديه مطلقاً، وهذا حرام؛ ليس لأحد أن يأمر به أحداً ولا يجيب عليه أحداً، بل تجمعهم السنة وتفرقهم البدعة، يجمعهم فعل ما أمر الله به ورسوله وتفرق بينهم معصية الله ورسوله، حتى يصير الناس أهل طاعة الله أو أهل معصية الله؛ فلا تكون العبادة إلا لله عز وجل ولا الطاعة المطلقة إلا له سبحانه ولرسوله r.
ولا ريب أنهم إذا كانوا على عادتهم الجاهلية - أي: من علمه أستاذ كان محالفاً له - كان المنتقل عن الأول إلى الثاني ظالماً باغياً ناقضاً لعهده غير موثوق بعقده، وهذا أيضاً حرام وإثم، هذا أعظم من إثم من لم يفعل مثل فعله؛ بل مثل هذا إذا انتقل إلى غير أستاذه وحالفه كان قد فعل حراماً، فيكون مثل لحم الخنزير الميت؛ فإنه لا بعهد الله ورسوله أوفى ولا بعهد الأول؛ بل كان بمنزلة المتلاعب الذي لا عهد له ولا دين له ولا وفاء، وقد كانوا في الجاهلية يحالف الرجل قبيلة، فإذا وجد أقوى منها نقض عهد الأولى وحالف الثانية - وهو شبيه بحال هؤلاء -؛ فأنزل الله تعالى:) وَلاَ تَنْقُضوا الأيْمانَ بَعْدَ تَوْكيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفيلاً إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلونَ. ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكاثاً تَتَّخِذونَ أيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إنَّما يَبْلُوَكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ ما كُنْتُمْ فيهِ تَخْتَلِفونَ. وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ولكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْألُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلونَ. وَلاَ تَتَّخِذوا أيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبوتِها وَتَذوقوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظيمٌ ((1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn3) .
وعليهم أن يأتمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر، ولا يدعوا بينهم من يظهر ظلماً أو فاحشة، ولا يدعوا صبياً أمرد يتبرج أو يظهر ما يفتن به الناس، ولا أن يعاشر من يتهم بعشرته، ولا يكرم لغرض فاسد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن حالف شخصاً على أن يوالي من والاه ويعادي من عاداه كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى ولا من جند المسلمين، ولا يجوز أن يكون مثل هؤلاء من عسكر المسلمين؛ بل هؤلاء من عسكر الشيطان، ولكن يحسن أن يقول لتلميذه: عليك عهد الله وميثاقه أن توالي من والى الله ورسوله وتعادي من عادى الله ورسوله، وتعاون على البر والتقوى ولا تعاون على الإثم والعدوان، وإذا كان الحق معي نصرت الحق، وإن كنت على الباطل لم تنصر الباطل؛ فمن التزم هذا كان من المجاهدين في سبيل الله تعالى، الذين يريدون أن يكون الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا.
وفي ((الصحيحين)): أن النبي r قيل له: يا رسول الله! الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء؛ فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله)) (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn4) ، فإذا كان المجاهد الذي يقاتل حمية للمسلمين، أو يقاتل رياءً للناس ليمدحوه، أو يقاتل لما فيه من الشجاعة؛ لا يكون قتاله في سبيل الله عز وجل حتى يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فكيف من يكون أفضل تعلمه صناعة القتال مبنياً على أساس فاسد ليعاون شخصاً مخلوقاً على شخص مخلوق؟! فمن فعل ذلك كان من أهل الجاهلية الجهلاء والتتر الخارجين عن شريعة الإسلام، ومثل هؤلاء يستحقون العقوبة البليغة الشرعية التي تزجرهم وأمثالهم عن مثل هذا التفرق والاختلاف؛ حتى يكون الدين كله لله والطاعة لله ورسوله ... ) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn5) .
نصائح للدعاة
(الواجب على كل مؤمن أن يحب ما أحب الله ورسوله؛ وأن يبغض ما أبغضه الله ورسوله مما دل عليه في كتابه، فلا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص إلا لرسول الله r؛ ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل.
ومن نصب شخصاً كائناً من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو: {مِنَ الَّذِينَ فَرقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً} الآية، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين مثل: اتباع الأئمة والمشايخ؛ فليس له أن يجعل قدوته وأصحابه هم العيار، فيوالي من وافقهم ويعادي من خالفهم، فينبغي للإنسان أن يعود نفسه التفقه الباطن في قلبه والعمل به، فهذا زاجر. وكمائن القلوب تظهر عند المحن.
وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه، ولا يناجز عليها، بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله؛ أو أخبر الله به ورسوله؛ لكون ذلك طاعة لله ورسوله.
وينبغي للداعي أن يقدم فيما استدلوا به من القرآن؛ فإنه نور وهدى؛ ثم يجعل إمام الأئمة رسول الله r؛ ثم كلام الأئمة.
ولا يخلو أمر الداعي من أمرين:
الأول: أن يكون مجتهداً أو مقلداً، فالمجتهد ينظر في تصانيف المتقدمين من القرون الثلاثة، ثم يرجح ما ينبغي ترجيحه.
الثاني: المقلد يقلد السلف؛ إذ القرون المتقدمة أفضل مما بعدها.
فإذا تبين هذا فنقول كما أمرنا ربنا: {قولُوا آمَنَّا باللهِ} إلى قوله: {مُسلمُون}، ونأمر بما أمرنا به؛ وننهى عما نهانا عنه في نص كتابه وعلى لسان نبيه r، كما قال تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَسُولُ فَخُذُوه} الآية، فمبنى أحكام هذا الدين على ثلاثة أقسام: الكتاب والسنة والإجماع) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn6) .
من عُلم منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يُذكَر
على وجه الذَّمِّ
(من عُلم منه الاجتهاد السائغ؛ فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له؛ فإن الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته والقيام بما أوجب الله من حقوقه: من ثناء ودعاء وغير ذلك؛ وإن عُلم منه النفاق، كما عُرف نفاق جماعة على عهد رسول الله r مثل عبدالله بن أُبي وذويه، وكما علم المسلمون نفاق سائر الرافضة: عبدالله بن سبأ وأمثاله، مثل عبدالقدوس بن الحجاج، ومحمد بن سعيد المصلوب؛ فهذا يذكر بالنفاق، وإن أعلن بالبدعة ولم يعلم هل كان منافقاً أو مؤمناً مخطئاً ذُكر بما يُعلم منه؛ فلا يحل للرجل أن يقفو ما ليس له به علم، ولا يحل له أن يتكلم في هذا الباب إلا قاصداً بذلك وجه الله تعالى، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله؛ فمن تكلم في ذلك بغير علم أو
(يُتْبَعُ)
(/)
بما يعلم خلافه كان آثماً) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn7) .
وقال: (وأهل السنة والجماعة يقولون: ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله الثواب على حسناته، ويستحق العقاب على سيئاته، وأن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يُثاب عليه وما يُعاقب عليه، وما يُحمد عليه وما يُذم عليه، وما يُحب منه وما يُبغض منه؛ فهذا هذا) ** ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn8) .
لا يجوز التَّفريق بين الأمَّة بأسماء مُبتَدَعة لا أصل لها في الكتاب والسُّنَّة
(وكذلك ـ أي من البدع ـ التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله: مثل أن يقال للرجل: أنت شكيلي أو قرفندي. فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله r، ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأئمة لا شكيلي ولا قرفندي، والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شكيلي ولا قرفندي؛ بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله.
بل الأسماء التي قد يسوغ التسمي بها مثل انتساب الناس إلى إمام كالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، أو إلى شيخ كالقادري والعدوي ونحوهم، أو مثل الانتساب إلى القبائل: كالقيسي واليماني، وإلى الأمصار كالشامي والعراقي والمصري.
فلا يجوز لأحد أن يمتحن الناس بها، ولا يوالي بهذه الأسماء ولا يعادي عليها، بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان.
فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد r أن تفترق وتختلف، حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى، وقد برأ الله نبيه r ممن كان هكذا.
فهذا فعل أهل البدع؛ كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين واستحلوا دماء من خالفهم.
وأما أهل السنة والجماعة؛ فهم معتصمون بحبل الله، وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه وإن كان غيره أتقى لله منه، وإنما الواجب أن يقدم من قدمه الله ورسوله، ويؤخر من أخره الله ورسوله، ويحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، وينهى عما نهى الله عنه ورسوله، وأن يرضى بما رضي الله به ورسوله، وإن يكون المسلمون يداً واحدة؛ فكيف إذا بلغ الأمر ببعض الناس إلى أن يضلل غيره ويكفره، وقد يكون الصواب معه وهو الموافق للكتاب والسنة، ولو كان أخوه المسلم قد أخطأ في شيء من أمور الدين؛ فليس كل من أخطأ يكون كافراً ولا فاسقاً، بل قد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، وقد قال تعالى في كتابه في دعاء الرسول r والمؤمنين: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسينا أوْ أخْطَأنا} (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn9) ، وثبت في ((الصحيح)) أن الله قال: قد فعلت (2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn10 )...
وكيف يجوز التفريق بين الأمة بأسماء مبتدعة لا أصل لها في كتاب الله ولا سنة رسوله r؟!
وهذا التفريق الذي حصل من الأمة؛ علمائها ومشائخها، وأمرائها وكبرائها؛ هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها، وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله، كما قال تعالى: {وَمِنَ الذينَ قالوا إنَّا نَصَارى أخَذْنا ميثاقَهُمْ فَنَسَوْا حَظّاً مِمَّا ذُكِّروا بِهِ فأغْرَيْنا بَيْنَهُمُ العداوَةَ والبَغْضاءَ} (3) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn11 ).
فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا؛ فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn12 ).
أنواع الاختلاف
( ... أما أنواعه: فهو في الأصل قسمان:
اختلاف تنوع، واختلاف تضاد.
واختلاف التنوع على وجوه:
منه: ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقاً مشروعاً، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة حتى زجرهم عن الاختلاف رسول الله r، وقال: ((كلاكما محسن)) (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn13 )، ومثله اختلاف الأنواع في صفة الأذان، والإقامة، والاستفتاح، والتشهدات، وصلاة الخوف، وتكبيرات العيد، وتكبيرات الجنازة ... إلى غير ذلك مما قد شرع جميعه، وإن كان قد يقال: إن بعض أنواعه أفضل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم نجد لكثير من الأمة في ذلك من الاختلاف ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيتارها ونحو ذلك، وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ هذا المبلغ؛ فتجد كثيراً منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه - ما دخل به فيما نهى عنه النبي r -.
ومنه: ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر؛ لكن العبارتان مختلفتان، كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود وصيغ الأدلة والتعبير عن المسميات وتقسيم الأحكام وغير ذلك، ثم الجهل أو الظلم يحمل على حمد إحدى المقالتين وذم الأخرى.
ومنه: ما يكون المعنيان غيرين (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn14 )، لكن لا يتنافيان؛ فهذا قول صحيح وهذا قول صحيح؛ وإن لم يكن معنى أحدهما هو معنى الآخر، وهذا كثير في المنازعات جداً.
ومنه: ما يكون طريقتان مشروعتان، ورجل أو قوم قد سلكوا هذه الطريق وآخرون قد سلكوا الأخرى، وكلاهما حسن في الدين.
ثم الجهل أو الظلم يحمل على ذم إحداهما أو تفضيلها بلا قصد صالح، أو بلا علم، أو بلا نية وبلا علم.
وأما اختلاف التضاد؛ فهو: القولان المتنافيان: إما في الأصول، وإما في الفروع عند الجمهور الذين يقولون: ((المصيب واحد))، وإلا؛ فمن قال: ((كل مجتهد مصيب))؛ فعنده هو من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، فهذا الخطب فيه أشد؛ لأن القولين يتنافيان، لكن نجد كثيراً من هؤلاء قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق ما أو معه دليل يقتضي حقاً ما، فيرد الحق في هذا الأصل كله حتى يبقى هذا مبطلاً في البعض كما كان الأول مبطلاً في الأصل، كما رأيته لكثير من أهل السنة في مسائل القدر والصفات والصحابة، وغيرهم.
وأما أهل البدعة؛ فالأمر فيهم ظاهر، وكما رأيته لكثير من الفقهاء أو لأكثر المتأخرين في مسائل الفقه، وكذلك رأيت الاختلاف كثيراً بين بعض المتفقهة وبعض المتصوفة وبين فرق المتصوفة، ونظائره كثيرة.
ومن جعل الله له هداية ونوراً؛ رأى من هذا ما يتبين له به منفعة ما جاء في الكتاب والسنة من النهي عن هذا وأشباهه؛ وإن كانت القلوب الصحيحة تنكر هذا ابتداء، لكن نور على نور.
وهذا القسم - الذي سميناه اختلاف التنوع - كل واحد من المختلفين مصيب فيه بلا تردد، لكن الذم واقع على من بغى على الآخر فيه ... ) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn15 ).
النزاع في الأحكام وخفاء العلم بما يوجب الشِّدَّة قد يكون رحمة
(النزاع في الأحكام قد يكون رحمةً إذا لم يفض إلى شرٍّ عظيم من خفاء الحكم، ولهذا صنف رجل كتاباً سماه ((كتاب الاختلاف))؛ فقال أحمد: سمه ((كتاب السعة))، وإن الحق في نفس الأمر واحد، وقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه لما في ظهوره من الشدة عليه، ويكون من باب قوله تعالى: {لا تَسْألوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn16 ).
وهكذا ما يوجد في الأسواق من الطعام والثياب قد يكون في نفس الأمر مغصوباً، فإذا لم يعلم الإنسان بذلك كان كله له حلالاً لا إثم عليه فيه بحال؛ بخلاف ما إذا علم، فخفاء العلم بما يوجب الشدة قد يكون رحمة، كما أن خفاء العلم بما يوجب الرخصة قد يكون عقوبة، كما أن رفع الشك قد يكون رحمة وقد يكون عقوبة، والرخصة رحمة) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn17 ).
إذا كان الشَّيء شعاراً للكفَّار ثمَّ اعتاده المسلمون وكَثُر فيهم هل تزول حرمته؟
(كان الصحابة يرمون بالقوس العربية الطويلة التي تشبه قوس الندف، وفتح الله لهم بها البلاد، وقد رويت آثار في كراهة الرمي بالقوس الفارسية عن بعض السلف لكونها كانت شعار الكفار، فأما بعد أن اعتادها المسلمون وكثرت فيهم وهي في أنفسها أنفع في الجهاد من تلك القوس؛ فلا تكره في أظهر قولي العلماء أو قول أكثرهم؛ لأن الله تعالى قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الخَيْلِ} (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn18 ).
(يُتْبَعُ)
(/)
والقوة في هذا أبلغ بلا ريب، والصحابة لم تكن هذه عندهم فعدلوا عنها إلى تلك؛ بل لم يكن لهم غيرها، فيُنظر في قصدهم بالرمي: أكان لحاجة إليها إذ ليس لهم غيرها، أم كان لمعنى فيها؟ ومن كره الرمي بها كرهه لمعنى لازم كما يكره الكفر وما يستلزم الكفر، أم كرهها لكونها كانت من شعائر الكفار فكره التشبه بهم؟
وهذا كما أن الكفار من اليهود والنصارى إذا لبسوا ثوب الغيار من أصفر وأزرق نُهي عن لباسه لما فيه من التشبه بهم، وإن كان لو خلا عن ذلك لم يُكره، وفي بلاد لا يلبس هذه الملابس عندهم إلا الكفار فنهي عن لبسها، والذين اعتادوا ذلك من المسلمين لا مفسدة عندهم في لبسها.
ولهذا كره أحمد وغيره لباس السواد لما كان في لباسه تشبه بمن يظلم أو يعين على الظلم، وكره بيعه لمن يستعين بلبسه على الظلم، فأما إذا لم يكن فيه مفسدة؛ لم ينه عنه) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn19 ).
كل ما قاله r بعد النُّبوَّة وأُقرَّ عليه ولم ينسخ فهو تشريع
(فكل ما قاله بعد النبوة وأُقر عليه ولم ينسخ؛ فهو تشريع، لكن التشريع يتضمن الإيجاب والتحريم والإباحة، ويدخل في ذلك ما دل عليه من المنافع في الطلب؛ فإنه يتضمن إباحة ذلك الدواء والانتفاع به، فهو شرع لإباحته، وقد يكون شرعاً لاستحبابه؛ فإن الناس قد تنازعوا في التداوي: هل هو مباح أو مستحب أو واجب؟
والتحقيق أن منه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، وقد يكون منه ما هو واجب، وهو ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة؛ فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار. فقد يحصل أحياناً للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات، والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة؛ كالتغذية للضعيف، وكاستخراج الدم أحياناً.
والمقصود أن جميع أقواله يُستفاد منها شرع، وهو r لما رآهم يلقحون النخل قال لهم: ((ما أرى هذا ـ يعني شيئاً ـ))، ثم قال لهم: ((إنما ظننت ظناً؛ فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله؛ فلن أكذب على الله)) (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn20 )، وقال: ((أنتم أعلم بأمور دنياكم؛ فما كان من أمر دينكم فإلي)) (2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn21 )، وهو لم ينههم عن التلقيح، لكن هم غلطوا في ظنهم أنه نهاهم، كما غلط من غلط في ظنه أن (الخيط الأبيض) و (الخيط الأسود) هو الحبل الأبيض والأسود) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn22 ).
الحديث الضعيف يُروى ويُعمل به في التَّرغيب والتَّرهيب لا في الاستحباب
(قول أحمد بن حنبل: إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به؛ فإن الاستحباب حكم شرعي؛ فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي؛ فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم، ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره، بل هو أصل الدين المشروع.
وإنما مرادهم بذلك أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع؛ كتلاوة القرآن، والتسبيح، والدعاء، والصدقة، والعتق، والإحسان إلى الناس، وكراهة الكذب والخيانة، ونحو ذلك، فإذا روى حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها؛ فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روى فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به، بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب، كرجل يعلم أن التجارة تربح، لكن بلغه أنها تربح ربحاً كثيراً؛ فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لم يضره، ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات وكلمات السلف والعلماء ووقائع العلماء ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي؛ لا استحباب ولا غيره، ولكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب والترجية والتخويف.
(يُتْبَعُ)
(/)
فما عُلم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع؛ فإن ذلك ينفع ولا يضر، وسواء كان في نفس الأمر حقاً أو باطلاً، فما عُلم أنه باطل موضوع لم يجز الالتفات إليه؛ فإن الكذب لا يفيد شيئاً، وإذا ثبت أنه صحيح أُثبتت به الأحكام، وإذا احتمل الأمرين روي لإمكان صدقه ولعدم المضرة في كذبه، وأحمد إنما قال: إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، ومعناه أنا نروي في ذلك بالأسانيد وإن لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم، وكذلك قول من قال: يعمل بها في فضائل الأعمال، إنما العمل بها العمل بما فيها من الأعمال الصالحة مثل التلاوة والذكر والاجتناب لما كُره فيها من الأعمال السيئة.
ونظير هذا قول النبي r في الحديث الذي رواه البخاري عن عبدالله ابن عمرو: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً؛ فليتبوأ مقعده من النار)) (1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn23 ) مع قوله r في الحديث الصحيح: ((إذا حدثكم أهل الكتاب؛ فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم)) (2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn24 )؛ فإنه رخص في الحديث عنهم، ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم، فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخص فيه وأمر به، ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لما نهى عن تصديقهم؛ فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه في مواضع.
فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديراً وتحديداً مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة؛ لم يجز ذلك لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي، بخلاف ما لو روي فيه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله كان له كذا وكذا؛ فإن ذكر الله في السوق مستحب لما فيه من ذكر الله بين الغافلين ...
فأما تقدير الثواب المروي فيه؛ فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته ...
فالحاصل أن هذا الباب يُروى ويُعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب، ثم اعتقاد موجبه - وهو مقادير الثواب والعقاب - يتوقف على الدليل الشرعي) * ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn25 ).
ذم الاختلاف المفضي إلى الفرقة
فَانْظُرُوا - رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَيْفَ دَعَا اللَّهُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَنَهَى عَنْ الْفُرْقَةِ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} فَبَرَّأَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا. كَمَا نَهَانَا عَنْ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}. وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُجَادَلَةِ مَا يُفْضِي إلَى الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَجَادَلُونَ فِي الْقَدَرِ فَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ وَقَالَ {: أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ أَمْ إلَى هَذَا دُعِيتُمْ؟ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا ضَرَبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ} قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَمَا أَغْبِطُ نَفْسِي كَمَا غَبَطْتهَا أَلَّا أَكُونَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ وَغَيْرُهُ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ هِيَ؟ قَالَ: مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي} " وَفِي رِوَايَةٍ " هِيَ الْجَمَاعَةُ " وَفِي رِوَايَةٍ " {يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ} فَوَصَفَ الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ بِأَنَّهُمْ الْمُسْتَمْسِكُونَ بِسُنَّتِهِ وَأَنَّهُمْ هُمْ الْجَمَاعَةُ. وَقَدْ كَانَ الْعُلَمَاءُ مِنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْأَمْرِ اتَّبَعُوا أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} وَكَانُوا يَتَنَاظَرُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُنَاظَرَةَ مُشَاوَرَةٍ وَمُنَاصَحَةٍ وَرُبَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْأُلْفَةِ وَالْعِصْمَةِ وَأُخُوَّةِ الدِّينِ. نَعَمْ مَنْ خَالَفَ الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَالسُّنَّةَ الْمُسْتَفِيضَةَ أَوْ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ خِلَافًا لَا يُعْذَرُ فِيهِ فَهَذَا يُعَامَلُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ. فَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدْ خَالَفَتْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ وَقَالَتْ: " مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْفِرْيَةَ " وَجُمْهُورُ الْأُمَّةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يُبَدِّعُونَ الْمَانِعِينَ الَّذِينَ وَافَقُوا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَكَذَلِكَ أَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْوَاتُ يَسْمَعُونَ دُعَاءَ الْحَيِّ لَمَّا قِيلَ لَهَا: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ} " فَقَالَتْ: إنَّمَا قَالَ: إنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ مَا قُلْت لَهُمْ حَقٌّ. وَمَعَ هَذَا فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ خَفْقَ النِّعَالِ كَمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ} صَحَّ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ. وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تَأَوَّلَتْ وَاَللَّهُ يَرْضَى عَنْهَا. وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ نُقِلَ عَنْهُ فِي أَمْرِ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا كَانَ بِرُوحِهِ وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي " الْأَحْكَامِ " فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَنْضَبِطَ وَلَوْ كَانَ كُلَّمَا اخْتَلَفَ مُسْلِمَانِ فِي شَيْءٍ تَهَاجَرَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عِصْمَةٌ وَلَا أُخُوَّةٌ وَلَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَيِّدَا الْمُسْلِمِينَ يَتَنَازَعَانِ فِي أَشْيَاءَ لَا يَقْصِدَانِ إلَّا الْخَيْرَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ: {لَا يُصَلِّيَن أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا نُصَلِّي إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَفَاتَتْهُمْ الْعَصْرُ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَمْ يُرِدْ مِنَّا تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ فَصَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَعِبْ وَاحِدًا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ}. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الْأَحْكَامِ فَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأُصُولِ الْمُهِمَّةِ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْأَحْكَامِ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ
(يُتْبَعُ)
(/)
بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ.} نَعَمْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ هَجَرَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمَّا تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَظَهَرَتْ مَعْصِيَتُهُمْ وَخِيفَ عَلَيْهِمْ النِّفَاقُ فَهَجَرَهُمْ وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِهَجْرِهِمْ حَتَّى أَمَرَهُمْ بِاعْتِزَالِ أَزْوَاجِهِمْ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ خَمْسِينَ لَيْلَةً إلَى أَنْ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُمْ مِنْ السَّمَاءِ. وَكَذَلِكَ أَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُسْلِمِينَ بِهَجْرِ صبيغ بْنِ عَسَلٍ التَّمِيمِيِّ لَمَّا رَآهُ مِنْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْ الْكِتَابِ إلَى أَنْ مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ فِي التَّوْبَةِ فَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِمُرَاجَعَتِهِ. فَبِهَذَا وَنَحْوِهِ
رَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَهْجُرُوا مَنْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الزَّيْغِ مِنْ الْمُظْهِرِينَ لِلْبِدَعِ الدَّاعِينَ إلَيْهَا وَالْمُظْهِرِينَ لِلْكَبَائِرِ فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُسْتَتِرًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ مُسِرًّا لِبِدْعَةٍ غَيْرِ مُكَفِّرَةٍ فَإِنَّ هَذَا لَا يُهْجَرُ وَإِنَّمَا يُهْجَرُ الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ؛ إذْ الْهَجْرُ نَوْعٌ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ مَنْ أَظْهَرَ الْمَعْصِيَةَ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا. وَأَمَّا مَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا فَإِنَّا نَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُ وَنَكِلُ سَرِيرَتَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللَّهِ لَمَّا جَاءُوا إلَيْهِ عَامَ تَبُوكَ يَحْلِفُونَ وَيَعْتَذِرُونَ. وَلِهَذَا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَأَكْثَرُ مَنْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ: كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ لَا يَقْبَلُونَ رِوَايَةَ الدَّاعِي إلَى بِدْعَةٍ وَلَا يُجَالِسُونَهُ بِخِلَافِ السَّاكِتِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِمَّنْ رُمِيَ بِبِدْعَةٍ مِنْ السَّاكِتِينَ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ الدُّعَاةِ إلَى الْبِدَعِ [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftn26 ).
(1) (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f1) الأنعام: 159.
(2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f2) آل عمران: 105.
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f3) النحل: 91 - 94.
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f4) رواه البخاري في (التوحيد، باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ}، 7458)، ومسلم في الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، 1904)؛ من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f5) (( مجموع الفتاوى)) (28/ 15 - 21).
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f6) (( مجموع الفتاوى)) (20/ 8 - 9).
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f7) (( مجموع الفتاوى)) (28/ 234).
** ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f8) (( مجموع الفتاوى)) (11/ 96).
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f9) البقرة: 286.
(2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f10) رواه مسلم في (الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، 126) من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنه.
(3) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f11) المائدة: 14.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f12) (( مجموع الفتاوى)) (3/ 415 - 421).
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f13) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، 3476) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f14) أي: متغايرين.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f15) (( اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/ 132 - 135).
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f16) المائدة: 101.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f17) (( مجموع الفتاوى)) (14/ 159).
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f18) الأنفال: 60.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f19) (( مجموع الفتاوى)) (17/ 487 ـ 488).
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f20) رواه مسلم في (الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً، 2361) من حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه.
(2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f21) رواه مسلم في (الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً، 2363)، وأحمد في ((المسند)) (3/ 152) - واللفظ أقرب إليه -؛ كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f22) (( مجموع الفتاوى)) (18/ 11 ـ 12).
(1) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f23) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء، باب ما ذُكر عن بني إسرائيل، 3461).
(2) ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f24) رواه البخاري في (الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة معلقاً، وفي تفسير القرآن، باب {قُولُوا آمَنَّا باللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا}، 4485) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
* ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f25) (( مجموع الفتاوى)) (18/ 65 ـ 68).
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?p=265194#_ftnre f26) مجموع الفتاوى 24/ 175(/)
مجموعة رمضانية متميزة
ـ[فرحان بن سميح العنزي]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 01:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي وأخواتي الكرام، أهنئكم بدخول شهر رمضان المبارك وأسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم حسن صيامه وقيامه.
أما بعد: فخلال بحثي في صوتيات العلامة ابن عثيمين رحمه الله عثرت على مجموعة متميزة في أحكام الصيام والقيام والزكاة.
هذه المجموعة ألقاها الشيخ رحمه الله جامعه عام 1411، تكلم فيها عن أحكام الصيام والزكاة والتهجد.
يتكلم الشيخ لمدة نصف ساعة تقريبا ثم يجيب على الأسئلة.
حجم هذه المادة كلها 60 ميجا.
حملتها عندي على الجوال وانتفعت بها نفعا عظيما والحمد لله، أسأل الله ألا يحرم الشيخ أجرها، ولهذا أحببت إشراك إخواني فيها.
لا تنسوا أخاكم من الدعاء.
http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_220.shtml (http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_220.shtml)
والسلام عليكم ورحمة الله(/)
فضائل الصحابة الكرام (سلسلة علمية)
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 08:24]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الأفاضل هذه عبارة عن سلسلة علمية خصصت في فضائل الصحابة رضي الله وبيان معتقد أهل السنة والجماعة أعرضها تباعا في هذا الشهر الكريم، والهدف منها هو إضعاف تلك الحملة الشرسة التي يشنها أعداء الإسلام لهدم هذا الدين العظيم بهدم أسسه والطعن في نقلته وحملته، وأرجو من الجميع المشاركة وإبداء الآراء، والله ولي التوفيق وهو يهدي السبيل.
نبدأ أولا بفضائل الصحابة:
فضائل الصحابة الكرام في القرآن والسنة:
أولا: فضائلهم في القرآن الكريم:
لقد أنزل الله تعالى في كتابه العزيز آيات في فضل هذا الجيل العظيم تتلى إلى يوم القيامة، توضح مقامهم وإخلاصهم وثباتهم مع نبيهم في أعسر المواقف وأعظمها فنالوا رضوان الله تعالى الذي ليس بعده سخط أبدا، وسأورد بإذن الله تعالى بعض ما ورد في القرآن الكريم مع بعض الإيضاح لمعانيها وما قاله أهل العلم في ذلك:
1 - قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" (سورة البقرة آية / 143) وأول من يتوجه الخطاب بهذه الآية إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن جرير رحمه الله: "" كما هديناكم أيها المؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام وبما جاءكم به من عند الله فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل كذلك خصصناكم ففضلناكم على غيركم من أهل الأديان بأن جعلناكم أمة وسطاً ... والوسط في كلام العرب الخيار".
وقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت فيقول نعم يا رب، فتسئل أمته هل بلغكم فيقولون ما جاءنا من نذير فيقول: من شهودك فيقول: محمد وأمته فيجاء بكم فتشهدون". ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} قال: عدلاً {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} ".
2 - قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (سورة آل عمران آية / 110).
وأول من يدخل في هذا الخطاب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه وخير قرونهم الذي بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم كما قال في الآية الأخرى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} أي: أخياراً {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} "
3 - قال تعالى: " قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (سورة الأنفال آية / 72 - 74.).
4 - قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (سورة التوبة آية / 100).
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (سورة التوبة آية / 117). قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "من تاب الله عليه لم يعذبه أبداً".
6 - قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (سورة الفتح آية / 29).
والآيات في فضائلهم كثيرة، بل كل آية ورد فيها ثناء على المؤمنين فإن الصحابة أول من يدخل في ذلك اللفظ دخولا أوليا لأنهم هم أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: فضائلهم من السنة:
1 - عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه "قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي العشاء قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: "ما زلتم هاهنا؟ " قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء قال: "أحسنتم" أو "أصبتم" قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" أخرجه مسلم.
"قوله صلى الله عليه وسلم: "وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" معناه: من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم".
2 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم: فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم" أخرجه الشيخان.
وهذا الحديث واضح الدلالة على فضل الصحابة العظيم الذين نالوه بإخلاصهم وجاهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ قال: "قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته" أخرجه الشيخان.
فهذه بعض الأدلة من القرآن والسنة من غير استطراد، ولو جئنا نستطردها لطال بنا المقام، وبإذن الله تعالى سنبدأ في اليوم التالي في فضائل أصناف منهم رضي الله عنهم ورد لهم فضل مخصوص.
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 08:31]ـ
واصل بارك الله فيك
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[22 - Aug-2009, مساء 08:40]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد بينت في الحلقة الأولى من هذه السلسلة عن فضائل الصحابة الكرام عموما في القرآن والسنة، وتباعا سأبدأ في هذه الحلقة بذكر فضائل مخصوصة ببعض الصحابة، وأرجو من الإخوة إبداء آرائهم ومقترحاتهم عسى الله أن ينفعنا جميعا ويوفقنا لما فيه فلاحنا وصلاحنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فضائل خاصة ببعض الصحابة الكرام:
1 - فضائل السابقين الأولين:
مما ورد في فضلهم قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتهم الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} (سورة التوبة الآية رقم 100).
(يُتْبَعُ)
(/)
والمراد بهم كما قال شيخ الإسلام: " هم هؤلاء الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم".
وقال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (التوبة آية / 19 - 22).
وقد هاجر الصحابة رضوان الله عنهم وجاهدوا في سبيل الله تعالى بأموالهم وأنفسهم فهم أول من يدخل في هذه البشارة دخولا أوليا.
ومما ورد في فضلهم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (سورة النحل آية/41).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " هم قوم هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة بعد ظلمهم، وظلمهم المشركون".
وفي فضلهم قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (سورة الحديد آية/10).
وللعلماء في المراد بالفتح هنا قولان أحدهما أنه فتح مكة والآخر أنه صلح الحديبية ورجح الطبري رحمه الله القول الآخير.
وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (سورة الحشر آية/8).
يقول ابن كثير رحمه الله في هذه الآية: يقول تعالى مبيناً حال الفقراء المستحقين لمال الفيء أنهم {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} أي: خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله ورضوانه: {وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} أي: هؤلاء الذين صدقوا قولهم بفعلهم وهؤلاء هم سادات المهاجرين".
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي فيها بيان فضل الذين سبقوا إلى إلإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وجاهدوا لتكون كلمة الله هي العليا فرضي الله عن الصحابة أجمعين.
ومما ورد في السنة من فضائلهم قوله صلى الله عليه وسلم حينما سأله الحبر اليهودي عمن هو أول الناس إجازة على الصراط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم فقراء المهاجرين". أخرجه مسلم.
وأخرج البخاري عن مجاشع بن مسعود رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأخي بعد الفتح فقلت: يا رسول الله جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة قال: "ذهب أهل الهجرة بما فيها".
2 - فضائل الأنصار:
مما ورد في فضائل الأنصار قوله تعالى: قال تعالى في ثنائه عليهم بالأخلاق الفاضلة النبيلة التي اتسموا بها: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة الحشر آية/9).
عن غيلان بن جرير قال: قلت لأنس: أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله قال: بل سمانا الله كنا ندخل على أنس فيحدثنا مناقب الأنصار ومشاهدهم ويقبل علي أو على رجل من الأزد فيقول فعل قومك يوم كذا وكذا كذا وكذا".
وعن أنس رضي الله عنه قال: قالت الأنصار: يوم فتح مكة ـ وأعطى قريشاً ـ: والله إن هذا لهو العجب أن سيوفنا تقطر من دماء قريش وغنائمنا ترد عليهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الأنصار، قال فقال: "ما الذي بلغني عنكم؟ " وكانوا لا يكذبون فقالوا: هو الذي بلغك قال: "أولا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم، وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟ لو سلكت الأنصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار" فقال أبو هريرة ما ظلم ـ بأبي وأمي ـ آووه ونصروه أو كلمة أخرى. والثلاثة أخرجها البخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[23 - Aug-2009, مساء 08:26]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فضائل الصحابة الكرام (تابع)
فضائل أهل بدر:
وهم من شهدوا موقعة بدر التي كانت بين حزب الله وحزب الشيطان، فقد كان حزب الله من المؤمنين في عدة ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، وعدة حزب الكفار ألفا أو تسعمائة وخمسون رجلا على اختلافات الروايات، وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وكتب الله تعال لحزبه النصر المؤيد وعلى حزب الشيطان الخيبة والخسران.
ولقد ورد في فضل من حضر هذه الغزوة من الصحابة نصوصا كثيرة نورد بعضها فيما يلي:
1 - قوله تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الأَبْصَارِ} (سورة آل عمران آية/13).
قال مجاهد رحمه الله في هذه الآية: "ذلك يوم بدر التقى المسلمون والكفار".
2 - قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (سورة الأنفال آية/62 - 63).
وقال مقاتل: في بيان معنى الآية {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} قال: قواك بنصره وبالمؤمنين من الأنصار يوم بدر".
3 - قال تعالى {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} (سورة آل عمران آية/124).
4 - وقال تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (سورة الأنفال آية/11 - 12).
وأما ماورد في السنة من فضائلهم فمن ذلك:
1 - ما أخرجه البخاري عن علي بن أبي طالب في حديث طويل وفيه قال صلى الله عليه وسلم: ""لعل الله اطلع على أهل بدر فقالوا اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم".
2 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن عبداً لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطباً فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدراً والحديبية". أخرجه مسلم.
3 - عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه ـ وكان أبوه من أهل بدر قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ما تعدون أهل بدر فيكم قال: "من أفضل المسلمين" - أو كلمة نحوها - قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة". أخرجه البخاري
فضائل أهل أحد:
وهم من شهدوا تلك الغزوة التي أرادها المشركون انتقاما مما حصل لهم في بدر، وقد كانت غزوة أحد في شهر شوال من السنة الثالثة من الهجرة.
ومما ورد في فضلهم:
1 - قال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (سورة آل عمران آية/121).
والمراد بالآية غزوة أحد كما هو مذهب الجمهور. ويكفي في فضلهم أن يشهد لهم رب السماوات والأرض بصدق إيمانهم.
2 - وقال تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (سورة آل عمران آية/122).
والطائفتان التي همتا أن تفشلا هم بنو حارثة وبنو سلمة، همتا بالانصراف من القتال، لكن الله سبحانه تولاهم وثبتهم وقوى عزائمهم وقاتلوا مع المؤمنين.
4 - وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (سورة آل عمران آية/152).
4 - قال تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (سورة آل عمران آية/172 - 174).
أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة: "يا ابن أختي كان أبواك منهم: ـ الزبير وأبو بكر ـ لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال: "من يذهب في أثرهم؟ " فانتدب منهم سبعون رجلاً قال: كان فيهم أبو بكر والزبير".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[24 - Aug-2009, مساء 10:19]ـ
فضائل أهل بيعة الرضوان:
المراد بأهل بيعة الرضوان هم تلك الطائفة الميمونة التي أكرمها الله تعالى من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهود تلك البيعة التي عرفت ببيعة الرضوان، وفيما يلي بعض البيان بما يتعلق بمكان هذه البيعة وزمنها وعدة من حضرها من الصحابة ثم أتبع ذلك بما ورد في فضائلهم.
تعريفها: هي بيعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم تحت شجرة كانت بالحديبية.
زمنها: وقعت هذه البيعة في شهر ذي القعدة سنة ست للهجرة.
سببها: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى مكة يريد العمرة، فلما وصل إلى الحديبية أرسل عثمان بن عفان يخبر قريشا أنه لا يريد حربا، فلما أبلغ عثمان رضي الله عنه قريشا احتبسته، وطال احتسابهم له حتى شاع بين المسلمين أنه قتل، فلما بلغ خبر تلك الإشاعة رسول الله عليه وسلم فقال: "لا نبرح حتى نناجز القوم" ثم دعا أصحابة إلى البيعة.
على ماذا بايع الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أخرج البخاري عن يزيد بن أبي عبيد قال: قلت لسلمة بن الأكوع على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قال: على الموت.
وأخرج مسلم عن معقل بن يسار قال: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصناً من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة قال: "لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على ألا نفر".
قال الحافظ ابن حجر: "لا تنافي بين قولهم بايعوه على الموت وعلى عدم الفرار لأن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا وليس المراد أن يقع الموت ولا بد".
عدة من حضرها: وقع اختلاف في الروايات التي حددت عددهم، فمن محدد لها بألف وأربعمائة، وآخر بألف وثلاثمائة وثالث بخمس عشرة مائة، والجمع بينها كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ""والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة فمن قال ألفاً وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفاً وأربعمائة ألغاه ويؤيده قوله في الرواية الثالثة من حديث البراء: ألف وأربعمائة أو أكثر، أما قول عبد الله بن أبي أوفى: ألف وثلاثمائة، فيمكن حمله على ما اطلع عليه هو، واطلع غيره على زيادة ناس لم يطلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة أو العدد الذي ذكره جملة من ابتدأ الخروج من المدينة والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك أو العدد الذي ذكره عدد المقاتلة والزيادة عليه من الأتباع من الخدم والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم".
وأما ما ورد من نصوص في فضائل هذه الطائفة الميمونة فمن القرآن:
1 - قول الله تعالى: {هُوَ ?لَّذِى أَنزَلَ ?لسَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ ?لْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ إِيمَـ?ناً مَّعَ إِيمَـ?نِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ ?لسَّمَـ?و?تِ وَ?لأَرْضِ وَكَانَ ?للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [الفتح:4].
والسكينة التي أنزلها الله في قلوبهم هي الطمأنية في قلوبهم كما قال ابن عباس وغيره، وهذا لاشك تفضل من الله عليهم تضمن ثناءا ومدحا لهم على صدق إيمانهم بالله ورسوله.
2 - قال تعالى: {لّيُدْخِلَ ?لْمُؤْمِنِينَ وَ?لْمُؤْمِنَـ?تِ جَنَّـ?تٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ?لأَنْهَـ?رُ خَـ?لِدِينَ فِيهَا وَيُكَفّرَ عَنْهُمْ سَيّئَـ?تِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ?للَّهِ فَوْزاً عَظِيماً} [الفتح:5].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} قال: الحديبية قال أصحابه: هنيئاً مريئاً فما لنا فأنزل الله: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} أخرجه البخاري.
3 - قال تعالى: {إِنَّ ?لَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ?للَّهَ يَدُ ?للَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى? نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى? بِمَا عَـ?هَدَ عَلَيْهِ ?للَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [الفتح:10].
قال ابن القيم رحمه الله: "ولما كان سبحانه فوق سماواته على عرشه وفوق الخلائق كلهم كانت يده فوق أيديهم كما أنه سبحانه فوقهم".
وفي هذه الآية وعد من الله سبحانه لمن وفى بما بايع عليه أن يؤتيه الأجر العظيم. قال قتادة: " {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} قال: هي الجنة". أخرجه الطبري
4 - قال تعالى: {لَّقَدْ رَضِيَ ?للَّهُ عَنِ ?لْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ?لشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ?لسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـ?بَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً r وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ?للَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [الفتح:18، 19].
وأما من السنة:
1 - ما أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: "أنتم خير أهل الأرض" وكنا ألفاً وأربعمائة ولو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة.
2 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: أخبرتني أم مبشر: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها" قالت: بلى يا رسول الله: فانتهرها فقالت حفصة: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد قال الله ـ عز وجل ـ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}. أخرجه مسلم
3 - عن جابر أن عبداً لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطباً فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدراً والحديبية". أخرجه مسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[25 - Aug-2009, مساء 10:39]ـ
فضائل العشرة المبشرين بالجنة:
1 - فضائل أبي بكر الصديق:
اسمه ونسبه:
اسمه عبد الله بن عثمان بن بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التميمي يجتمع نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب.
وأمه هي أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بنت عم أبيه.
وأبواه صحابيان رضي الله عنهم أجمعين.
سبب تسميته بالصديق:
أخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبو بكر الصديق" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
ومما ورد في حقه رضي الله عنه:
1 - قوله تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} (سورة التوبة آية/ 20).
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: "وإنما عنى الله - جل ثناؤه - بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لأنهما كانا اللذين خرجا هاربين من قريش إذ هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم واختفيا في الغار".
2 - وقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (سورة الزمر آية/ 34).
قال علي رضي الله عنه في قوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} قال: محمد صلى الله عليه وسلم {وَصَدَّقَ بِهِ} قال: أبو بكر رضي الله عنه". أخرجه الطبري.
3 - وقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}.
المراد بصالح المؤمنين أبو بكر وعمر. قاله ابن عباس وغيره.
4 - وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (سورة الليل آية/5 - 7).
قال عامر بن عبد الله بن الزبير: كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بني أراك تعتق أناساً ضعفاء، فلو أنك تعتق رجالاً جلداً يقومون معك، ويمنعونك ويدفعون عنك قال: أي أبت إنما أريد ما عند الله، قال فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}. أخرجه ابن جرير.
5 - وقال تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى}.
قال الحافظ ابن كثير: "وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك، ولا شك أنه دخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإن لفظها لفظ العموم، وهو قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة، فإنه كان صديقاً تقياً كريماً جواداً بذالا لأمواله في طاعة موالاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم، ولم يكن لأحد من الناس عنده منة يحتاج إلى أن يكافئه بها، ولكن كان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل".
ومما ورد في السنة من مناقبه رضي الله عنه:
1 - ما أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال: "إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله" قال: فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخيّر وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أمن الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر".
وهذا الحديث اشتمل على منقبة عظيمة لأبي بكر رضي الله عنه لم يسبقه إليها أحد.
2 - وعن أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق حدثه قال: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" أخرجه الشيخان.
3 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: أي: الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة" فقلت من الرجال؟ قال: "أبوها" قلت ثم من؟ قال: " ثم عمر بن الخطاب" فعد رجالاً" أخرجه الشيخان.
4 - عمار بن ياسر قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر" أخرجه البخاري.
5 - ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم" أخرجه البخاري.
6 - وأخرج البخاري من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ""إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي" مرتين.
فهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في فضل أبي الصديق رضي الله عنه يؤمن به أهل السنة ويعتقدون أنه أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيان معتقد أهل السنة و الجماعة بشيء من التفصيل عند التطرق لبيان معتقد أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[26 - Aug-2009, مساء 09:45]ـ
فضائل العشرة المبشرين بالجنة (تابع):
فضائل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ورد في فضائله رضي الله عنه نصوص كثيرة، نقتصر على ذكر بعضها:
1 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال ورأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك" فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار. أخرجه الشيخان.
2 - عن حمزة بن أسيد الأنصاري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا نائم شربت - يعني اللبن - حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري أو أظفاري، ثم ناولت عمر" فقالوا: فما أولته قال: "العلم". أخرجه البخاري.
3 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا على وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي على عمر وعليه قميص اجتره" قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: "الدين". أخرجه الشيخان.
4 - وأخرج الشيخان من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر: " إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قط إلا سلك فجاً آخر".
5 - ومن فضائله أن الله أعز بإسلامه الدين، قال عبد الله بن مسعود قال: "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر". أخرجه البخاري.
6 - ومن فضائله رضي الله عنه موافقاته الكثيرة للوحي قبل أن ينزل، منها ما ورد من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال عمر: "وافقت ربي في ثلاث: فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} وآية الحجاب قلت: يا رسول الله لو أمرت نساءك يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب1 واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ} فنزلت الآية". أخرجه البخاري.
7 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ومعه أبي بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله وقال: "اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان".
8 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له وبشره بالجنة" ففتحت له فإذا هو أبو بكر فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له وبشره بالجنة" ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فحمد الله .. ". الحديث أخرجه البخاري.
9 - ومن فضائله أنه رضي الله عنه كان حائلا أمام الفتن، فعن حذيفة قال: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة، قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح، قال: بل يكسر، قال عمر: إذا لا يغلق أبدا، قلت: أجل، قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب، قال: نعم، كما يعلم أن دون غد ليلة وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأله من الباب فأمرنا مسروقا فسأله فقال: من الباب، قال: عمر". رواه البخاري.
10 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر". أخرجه البخاري ومسلم.
والمراد بالمحديث الملهم.
11 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن". أخرجه البخاري ومسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
12 - ومن فضائله أن الصحابة كانوا مجمعون على أن عمر بن الخطاب هو ثاني أفضل رجل في الأمة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم" أخرجه البخاري.
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[29 - Aug-2009, صباحاً 05:25]ـ
فضائل العشرة المبشرين بالجنة (تابع):
فضائل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه:
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
يكنى أبا عمرو ويقال أبا عبد الله.
وأمه رضي الله عنها أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب وهي شقيقة عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم.
أسلمت أمه رضي الله عنه وماتت على الإسلام ولها صحبة، وأما والده فإنه مات في الجاهلية.
لقبه ذو النورين لأنه تزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأولى رقية رضي الله عنها وهي التي تخلف بسببها تمريضها في المدينة، وقد ضرب رسول الله صلى عليه وسلم له بسهم وأجره فيها، فكان كأنه حضرها، ثم لما توفيت رقية رضي الله عنها زوجه صلى الله عليه وسلم ابنته أم كلثوم رضي الله عنها.
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أفضل الناس بعد الشيخين وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وسيأتي تفصيل ذلك عند بيان معتقد أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام في الحلقات القادمة، وكان رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد أصحاب الشورى الستة، وتعينت فيه الخلافة بإجماع الصحابة، وكان رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، شهد الخندق والحديبية وبايع عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد خيبر، وعمرة القضاء، وحضر الفتح وهوازن والطائف وغزوة تبوك وجهز جيش العسرة.
وهذه طائفة من الأحاديث الواردة في فضائله رضي الله عنه:
1 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً وأمرني بحفظ باب الحائط فجاء رجل يستأذن فقال: "ائذن له وبشره بالجنة"، فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن فقال: "ائذن له وبشره بالجنة" فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: "ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه" فإذا عثمان بن عفان". أخرجه البخاري ومسلم.
2 - عن عبد الرحمن بن حباب السلمي قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله علي مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حض على الجيش فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عن المنبر وهو يقول: "ما على عثمان ما عمل بعد هذه ما على عثمان ما عمل بعد هذه". أخرجه الترمذي.
3 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه، أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه - قال محمد - ولا أقول ذلك في يوم واحد فدخل فتحدث فلما خرج قالت: عائشة دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة". أخرجه مسلم.
4 - عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا: ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه؟ فقصدت لعثمان حتى خرج إلى الصلاة قلت إن لي إليك حاجة وهي نصيحة لك. قال: يا أيها المرء منك قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك فانصرفت فرجعت إليهما إذ جاء رسول عثمان فأتيته فقال ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله ـ سبحانه ـ بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فهاجرت الهجرتين وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن
(يُتْبَعُ)
(/)
الوليد قال: أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: لا ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها قال: أما بعد فإن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمنت بما بعث به وهاجرت الهجرتين - كما قلت – وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم أبو بكر مثله ثم عمر مثله، ثم استخلفت أفليس لي من الحق مثل الذي لهم؟ قلت: بلى قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله ثم دعا علياً فأمره أن يجلده فجلده ثمانين". أخرجه مسلم.
5 - عن أبي عبد الرحمن أن عثمان رضي الله عنه حيث حوصر أشرف عليهم، وقال أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفر رومة فله الجنة" فحفرتها ألستم تعلمون أنه قال: "من جهز جيش العسرة فله الجنة" فجهزته قال: فصدقوه بما قال". أخرجها البخاري.
6 - وأخرج الترمذي من حديث ثمامة بن حزن القشيري وفيه قال عثمان رضي الله عنه: " أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة"؟ فاشتريتها من صلب مالي وأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين؟ قالوا: اللهم نعم قال: أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على ثبير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا، فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض قال فركضه برجله فقال: "اسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" قالوا: اللهم نعم، قال: الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثاً".
7 - ومن مناقبه رضي الله عنه جمعه الناس على مصحف واحد، وذلك لما رأى الاختلاف قد دب إلى المسلمين بسبب اختلاف قراءاتهم، فقال له حذيفة رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كاختلاف اليهود والنصارى في كتبهم"، فأمر عثمان رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يكتب القرآن، ويملي عليه سعد بن العاص الأموي بحضرة عبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن الحارث، وأمرهم إذا اختلفوا في شيء أن يكتبوه بلغة قريش، فكتب لأهل الشام مصحفاً، ولأهل مصر آخر، وبعث إلى البصرة مصحفاً، وإلى الكوفة بآخر، وأرسل إلى مكة مصحفاً، وإلى اليمن مثله، وأقر بالمدينة مصحفاً، ويقال لهذه المصاحف الأئمة.
8 - ومن مناقبه رضي الله عنه منعه الصحابة من الدفاع عنه حين حاصره الخوارج أيام الفتنة، خشية أن يسفك دفم بسببه، وذلك وفاءا منه بما أوصاه به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ادعوا لي أو ليت عندي رجلاً من أصحابي " قالت: قلت: أبو بكر قال: "لا" قلت: عمر قال: "لا" قلت: ابن عمك عليّ قال: "لا" قلت: فعثمان قال: "نعم" قالت: فجاء عثمان فقال: "قومي" قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلى عثمان ولون عثمان يتغير قال: فلما كان يوم الدار قلنا ألا نقاتل قال: لا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ أمراً فأنا صابر نفسي عليه".
فضائل ذي السبطين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي.
أمه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
يكنى أبا تراب، كناه بها رسول الله صلى الله عليه كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت فقال: "أين ابن عمك؟ " قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: "انظر أين هو؟ " فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: "قم أبا تراب قم أبا تراب".
أفضل الناس بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهما كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وأحد المبشرين بالجنة، وأحد السابقين الأولين إلى الإسلام.
شهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد غير تبوك لأن النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فيها على المدينة.
ومما ورد في فضله رضي الله عنه:
1 - عن علي رضي الله عنه قال: "والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق". أخرجه مسلم.
2 - عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" قال: فبات الناس يدكون ليلتهم أيهم يعطاها قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال: "أين علي بن أبي طالب" فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال: فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال عليّ: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم". أخرجه الشيخان.
3 - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي". أخرجه الشيخان.
4 - عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "أنت مني وأنا منك" أخرجه البخاري.
5 - وعن ابن عباس قال: قال عمر رضي الله عنه: "أقرؤنا أبي وأقضانا علي" أخرجه البخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو قتادة العماني]ــــــــ[29 - Aug-2009, مساء 12:59]ـ
أسأل الله تعالى أن يحشرنا جميعا مع صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم
وجزاك إله الناس خير جزائه يا أخي عباس على الموضوع، وزادك الله حرصا
ـ[عباس إبراهيمي]ــــــــ[30 - Aug-2009, صباحاً 06:16]ـ
فضائل العشرة المبشرين بالجنة (تابع):
سنعرض في هذه الحلقة لفضائل بقية العشرة، وهم:
طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد، رضي الله عنهم أجمعين.
وقد نظم بعضهم أسماء هؤلاء الستة بقوله:
سعيد وسعد و ابن عوف وطلحة وعامر فهر و الزبير الممدوح
وسنعرض لفضائلهم واحدا واحدا إن شاء الله تعالى.
1 - فضائل سعيد بن زيد:
هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي.
كنيته: أبو الأعور
كان أبوه على الحنيفية دين إبراهيم، وكان لا يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة والدم.
وأمه هي فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية كانت من السابقين إلى الإسلام.
وسعيد بن زيد ابن عم عمر الخطاب وصهره، كان تحته فاطمة بنت عمر بن الخطاب، وكانت أخته عاتكة بنت زيد تحت عمر بن الخطاب.
ومما ورد في فضائله رضي الله عنه:
1 - عن عبد الرحمن بن حميد أن سعيد بن زيد حدثه في نفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة وعلي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وسعد ابن أبي وقاص" قال: فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر فقال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله أبو الأعور في الجنة". أخرجه الترمذي.
2 - عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم في مسجد الكوفة يقول: والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحداً أرفض1 للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقاً أن يرفض". أخرجه البخاري.
3 - ومن فضائله أنه من السابقين إلى الإسلام.
2 - فضائل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
هو سعد بن مالك بن أهيب ويقال له: ابن وهيب بن عبد مناف ابن زهرة بن كلاب القرشي الزهري.
كنيته: أبو إسحاق
أمه هي حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس لم تسلم.
أسلم سعد بن أبي وقاص وعمره سبعة عشرة سنة، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وما بعدها.
ومما ورد في فضائله رضي الله عنه:
1 - عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له أبويه يوم أحد قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ارم فداك أبي وأمي" قال: فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه". أخرجه مسلم.
2 - عائشة رضي الله عنها قالت: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: "ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة" قالت: فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح فقال: "من هذا" قال: سعد بن أبي وقاص فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جاء بك" قال: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ثم نام". أخرجه مسلم.
3 - عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. أخرجه مسلم.
4 - عن سعد رضي الله عنه قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا قال: مكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية {وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ}، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} وفيها {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} قال: وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف فأخذته فأتيت به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلني هذا السيف فأنا من قد علمت حاله، فقال: "رده من حيث أخذته"، فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت أعطنيه، قال فشد لي صوته: "رده من حيث أخذته" قال: فأنزل الله عز وجل: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} قال: ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت قال: فأبى قلت: فالنصف قال: فأبى قلت: فالثلث قال: فسكت فكان بعد الثلث جائزاً قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا: تعالى نطعمك ونسقيك خمراً وذلك قبل أن تحرم الخمر قال: فأتيتهم في حش والحش البستان فإذا رأس جزور مشوي عندهم وزق من خمر قال: فأكلت وشربت معهم قال: فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم فقلت: المهاجرون خير من الأنصار قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به فجرح بأنفي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله عز وجل فيّ يعني نفسه شأن الخمر {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} أخرجه مسلم.
5 - عن سعد رضي الله عنه قال: لقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام. أخرجه البخاري.
6 - وعنه رضي الله عنه قال: إني لأول العرب رمى في سبيل الله وكنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ما له خلط .. ". أخرجه البخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)