|
تم تحميله في: المحرم 1432 هـ = ديسمبر 2010 م
هذا الجزء يضم: المجلس الشرعي العام
ملاحظة: [تجد رابط الموضوع الذي تتصفحه، أسفل يسار شاشة عرض الكتاب، إذا ضغطت على الرابط ينقلك للموضوع على الإنترنت لتطالع ما قد يكون جد فيه من مشاركات بعد تاريخ تحميل الأرشيف .. ويمكنك إضافة ما تختاره منها لخانة التعليق في هذا الكتاب الإلكتروني إن أردت]
رابط الموقع: http://majles.alukah.net
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:04]ـ
تنبيه هام لبعض من به وسواس أو تشنج:
مع شدة عدائي لبعض عقائد آل الصديق فإنني أنصح بقراءة كتبهم الفقهية فإنها في غاية الأهمية والفائدة وأن نقوم فيهم بالعدل. فنأخذ منهم ما ينفعنا ونرد عليهم باطلهم.
فالحق هو هدفنا أياً كان قائله ... والباطل ننهى عنه ونتبرأ منه أياً كان مصدره ...
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:39]ـ
بارك الله فيك أخى أبى محمد المصرى، وأرجو مزيدا من المشاركات بخصوص النشاة للغماريين أنفسهم وهل لهم بنى عمومة أم لا، وأنا معك، وقد نبت على أن القوم رغم علو كعبهم فى أمور كثيرة إلا أن لهم سقطات كبيرة ليست بالهينة والحق أحق أن يتبع، وسيتم توضيح ذلك إن شاء الله فى مشاركة أخرى حسب ما أعلنت، ولكن هذه مشاركة خاصة بالنقاط التى عرضتها سابقا
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 07:05]ـ
بالنسبة للشيخ الزمزمي فقد تبرأ من القبورية بعامة و ان كان بقي على بعض من الأشعرية و التفويض كما هو ظاهر في مناظرته مع الشيخ الألباني الا انه لم يكن داعيا اليه بل و لم يكن يحبذ الخوض في الصفات بل كانت عامة خطبه و حهوده في بلدته لتطهيرها من عبادة القبور و الأولياء و الاستغاثة بالأموات و استهداف المنكرات و خاصة التبرج الذي كانت له صولات مشهورة في انكاره حتى كان يصف المتبرجة بألفاظ قاسية و يحتج لذلك من الشرع و قام عليه بسبب كل ذلك مقلدة الفقهاء من مالكية بلدته و شنعوا عليه حتى كانوا ينشؤون خطبا كاملة في التحذير منه و سعوا به غير ما مرة فيرفعه الله عليهم بحسن قصده و نيته حتى طغى ذكره على ذكرهم و حيثما ذكرت بلدته يذكر معها لانتصابه لتربية العوام و الارتقاء بهم و ما زالت آثار جهوده يلمسها المرء في بلدته الى عهد قريب عدا عن تلامذته
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:20]ـ
بارك الله فيك أخى أبى محمد المصرى، وأرجو مزيدا من المشاركات بخصوص النشاة للغماريين أنفسهم وهل لهم بنى عمومة أم لا، وأنا معك، وقد نبت على أن القوم رغم علو كعبهم فى أمور كثيرة إلا أن لهم سقطات كبيرة ليست بالهينة والحق أحق أن يتبع، وسيتم توضيح ذلك إن شاء الله فى مشاركة أخرى حسب ما أعلنت، ولكن هذه مشاركة خاصة بالنقاط التى عرضتها سابقا
وفيكم بارك أخى الكريم
أنا نبهت على أمر العقيدة أكثر من مرة حتى لا يستغلها بعض الكذابين أو المغفلين الذين تكلمهم أن فلاماً نفى القياس بأدلة فيردون بأنه جهمى في الأسماء والصفات!
وما يدرون بأن من يتهمون أفضل عقيدة ممن يقدسون!
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:43]ـ
بالنسبة للشيخ الزمزمي فقد تبرأ من القبورية بعامة و ان كان بقي على بعض من الأشعرية و التفويض كما هو ظاهر في مناظرته مع الشيخ الألباني الا انه لم يكن داعيا اليه بل و لم يكن يحبذ الخوض في الصفات بل كانت عامة خطبه و حهوده في بلدته لتطهيرها من عبادة القبور و الأولياء و الاستغاثة بالأموات و استهداف المنكرات و خاصة التبرج الذي كانت له صولات مشهورة في انكاره حتى كان يصف المتبرجة بألفاظ قاسية و يحتج لذلك من الشرع و قام عليه بسبب كل ذلك مقلدة الفقهاء من مالكية بلدته و شنعوا عليه حتى كانوا ينشؤون خطبا كاملة في التحذير منه و سعوا به غير ما مرة فيرفعه الله عليهم بحسن قصده و نيته حتى طغى ذكره على ذكرهم و حيثما ذكرت بلدته يذكر معها لانتصابه لتربية العوام و الارتقاء بهم و ما زالت آثار جهوده يلمسها المرء في بلدته الى عهد قريب عدا عن تلامذته
يؤيد هذا الكلام ما قاله الشيخ الفاضل الحبيب: طارق الحمودى حيث قال:
والذي تميز به الشيخ الزمزمي وقد رأيت صورا له عند شيخنا بوخبزة وهي ميزة لم أر أحدا ذكرها واعتنى بها إلا شيخي بوخبزة وشيخي محمد محفوظ أحد تلامذة عبد الله بن الصديق وهو أنه كان داعية مناسبا للمساجد في الدروس العامة, يتحدث غالبا بالدارجة المغربية بلهجة الشمال. وكان سببا في رجوع الكثير من التصوف والتقليد. وللفائدة فقد ذكر شيخنا أن من أعظم ما أهلك المغاربة في دينهم شيئان: التصوف والتقليد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان متفوقا في هذا وكثير من المشتغلين بالعلم كانوا من رواد مسجده. وأنا أعرف منهم في طنجة والدار البيضاء وغيرها. اوقد سئل شيخنا عنه كما في أجوبته لملتقى اهل الحديث فأجاب:
ا لجواب:
عن الشيخ الزمزمي ابن الصديق: لم تكن له عناية بالأسانيد والطرُق، وكان متفرغاً لدعوة العامة وأشباههم، وهؤلاء يحتاجون إلى من يخاطبهم بما يفهمون، فلذلك كانت خطبُه ودروسه باللهجة الدارجة، إلا إذا كان يُدَرس مع الطلبة، وهو في العلم أقل درجةً من شقيقيه: أحمد وعبد الله، أما الآخران فكان أحفظ منهما وأعرفَ بالفقه والمتون، ويُتقن حفظ القرآن دونهم.
ومما أثر عنه رحمه الله تعالى أنه كان لا يعرف الكذب والمداهنة في أمور الشرع,
ومن الأمور المعروفة التي وقعت له مناظرته للشيخ الألباني رحمه الله تعالى. سمعت بعضها وكان التسجيل ضعيفا وقد طبعت هذه المناظرة مفرغة من طرف السقاف الصوفي فجاءت مختلة ناقصة, محرفة ممسوخة, والشريط موجود, ولعل أحدهم يعتذر عنه بأن الصوت كان ضعيفا جدا وهكذا كان. وطار بها الدرقاويون المساكين فرحا, لأن السقاف أوهمهم بما أخرج أن الألباني أفحم, والذي يلاحظه المستمع أن الزمزمي كان عصبيا فيها يكثر من الحديث بالدارجة المغربية بلهجة الشمال فلا يفهمها إلا اهلها. وكان الزمزمي يكن العداء للشيخ الألباني رحمهما الله تعالى.
وعلى كل. فقد كان الزمزمي شديدا على المقلدة ويتحرى الدليل, وهذه تحسب له حقا.
رحمه الله تعالى.)).أ. هـ
ويقول الأخ أبو صهيب المغربي:
((قال لي الشيخ بوخبزة -حفظه الله - أن عقيدته في الأسماء والصفات تشبه أو قريبة من عقيدة المفوضة .... وكان يقول شيخي بوخبزة انه صاحب مذهب طنجوي في العقيدة .... أي ذو عقيدة مضطربة ... وقال لي الشيخ أنه طلق الزاوية والتصوف والأضرحة))
وبموقع الشيخ بوخبزة حفظه الله:
سؤال: الغماريون الإخوة: عبد الله وأحمد وعبد العزيز، ما هي عقائدهم وأيهم أقوى علماً، ما هو المأخذ عليهم؟
الجواب:
الغُماريون الخمسة الأشقاء، هم على ترتيب أسنانهم:
1 - أحمد، 2 - عبد الله، 3 - الزمزمي، 4 - عبد الحي، 5 - عبد العزيز.
أولهم أحمد، وهو أكبرهم سِنّاً وعلما، يليه عبد الله، ثم الزمزمي، ثم عبد الحي، ثم عبد العزيز، وقد ابتُلوا ببَليتين: التشيع، والتصوف، وكان فرطُهم إلى الحق في الجملة: الزَّمزمي الذي طلَّق الزاوية وتبرأ منها ومن طُقُوسها، وقد درجوا جميعاً رحمهم الله وعفا عنهم، ولولا هذا البلاء لكان سيدُهم وأعلم أحمد فردَ المغرب وعالمَه ومُحَدّثَه دون منازع، وقد قال عنه شيخنا الدكتور الهلالي: عالمُ الدنيا أفسَدَتهُ السُّبحة، ومنهم أخوهم المُفرد الحسن، فقيه أصولي مُطّلع على ذكاء وألمعية، وأصغرهم سِنا الدكتور إبراهيم وهو مُفرد أيضا، على معرفة واطّلاع، وكلهم صوفية خُرافيون كما ألمعنا ما عَدا الزمزمي رحمه الله تعالى.
المصدر
الرابط http://www.bokhabza.com/play.php?catsmktba=83
** يقول الشيخ الحبيب الفاضل حمزة الكتانى نقلاً عن أخيه الشيخ العلامة حسن الكتانى:
تحدث أخونا الشيخ حسن الكتاني عن الشيخ محمد الزمزمي ابن الصديق في جوابه على الشبوكي ...
الشيخ الزمزمي رحمه الله كان أشعري الاعتقاد، أثري المذهب .... غير أن كتبه الفقهية فيها فقر علمي واضح ....
ومما ينعى عليه في كتبه شدة لسانه، وتساهله في التنابز بالألقاب، والشتم، وكان خطيبا بمسجد له في طنجة واشتهرت عنه أعاجيب في هذا الباب ما زالت تنقل عنه إلى الآن ..
وله كتاب في الطوائف الضالة من المسلمين، ضمنه ذكر "الصوفية الخرافية"، و"الوهابية" والتبليغ ... إلخ، ما يدل على أنه - رحمه الله - كان لديه كوكتيل غير منسج من الأفكار والعقائد والمذاهب ...
وهناك شهادة أحب ذكرها هنا لمولانا الجد الشيخ محمد المنتصر الكتاني الذي كان صديقا حميما للشيخ، وهو أنه: "أورع الغماريين" ... رحمه الله تعالى ونفعنا به ....
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 04:01]ـ
قد يكون هذا من بنى عمومتهم والله أعلم:
الشريف أبو الفتوح وأبو محمد، عبدالله بن عبدالقادر بن محمد التليدي
شخصية فريدة، أشعرية، صوفية، تدرس على أيدي القبورية، ومتعصبة المالكية، بايع على الطريقة الشاذلية، الدرواقية، الصديقية، من طلبة المدرسة الصديقية الغمارية ..
(يُتْبَعُ)
(/)
تربى في محيط بعيد عن السنة، ويلمز أهلها بمجانبة الملة، وجلس على هذا سنوات عديدة ..
ومع هذا ففي شخصيته ذكاء ونبوغ، وجلد وصبر على الطلب، سريع الغضب، وعصبي المزاج، لكن ما يفيء إلى رشده إلى ويعيد النصاب إلى الميزان، فهو مع تلك الشخصية القوية، قوي على نفسه، رجاعٌ إلى الحق، متأسف على خطأه حالة تعصبه .. ثم يبحث بالدليل .. ويتبع ما يرى أنه الحق ..
فمن يكون هذا العالم الفاضل؟!!
نشأ كأي ناشئ للعلم بحفظ كلام الله عز وجل، ثم ذهب إلى قرية [امجازليين] وقرأ عدد من المتون التي يبدأ بها الطالب، ثم التحق بمعهد طنجة الديني، ولم يعجبه سير الدراسة، وفي السنة الثانية بدأ يلتحق بأهل العلم داخل وخارج هذا المعهد، ويدرس ما رأى هو الأصلح والأنفع دون تقيد بدراسة المعهد .. ودام على هذا ثمان سنوات يقرأ على علماء طنجة .. وهي تعتبر دراسته الابتدائية والثانوية .. ورضع فيها الأشعرية والصوفية والتعصب للمذهب المالكي .. ومن صور هذا التعصب المقيت البعيد عن هدي طلاب العلم واتباع الهدي النبوي المحمدي، والذي يبين لك صور من صور التشكل الفكري للتربية الصوفية!! المسماه (أخلاقية) .. وآفة التعصب المذهبي!!
يقول الشيخ أبو الفتوح عن نفسه:
(وبما أنه كان قد قرأ الفقه المالكي وتمكَّن فيه أصبح متعصباً للمذهب تعصُّباً مُزرياً بدينه وبأخلاقه؛ بل وبإنسانيته ... فقد كان كثير الخصام والجدال مع الطلبة المتفتحين الذين يراهم يحافظون على العمل بالسنن، كوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة أو رفع الأيدي عند الركوع وعند الرفع منه ... وما إلى ذلك مما خالف به المالكية السنن الصحيحة.
فكان لذلك ينكر عليهم ويعاديهم ويراهم في نظره مبتدعة كما كان يسمعه من شيوخه الذين تلقى عنهم الفقه. فقد كانوا كثيراً ما يحذرون الطلاب من أهل الحديث الذين يعملون بالدليل من غير تقيُّد بمذهب خاص، ويرمونهم بالزندقة والخروج من الإسلام، وسمع مراراً شيخاً له ينكر على الوضع ويقول مشيراً للعاملين به: {ويقبضون أيديهم، نسوا الله فنسيهم، إن المنافقين هم الفاسقون}؟!!
فهذا وأمثاله هم الذين ربوه على التعصُّب وتقليد الإمام مالك وعلماء مذهبه، وإن كانوا مخالفين لصريح السنَّة الصحيحة، فتأثر بذلك ولم يكن يخطر بباله أنه مخالف للحق؛ بل كان قد رَسَخَ في مخيلته أن كلَّ ما في كتب الفقه مبنيٌّ على الكتاب والسنة، حسب ما كان يسمع من شيوخه القاصرين الذين لا صلة لهم بالحديث النبوي والسنة المحمدية إلا من جهة السماع والتبرُّك) [ذكريات من حياتي ص44 - 45].
وهذه ما هي إلا صورة تكشف لك ما يعتقده متعصبة المذاهب من الصوفية وغيرهم لأهل السنة، وما وصل إليه هذا الطالب الذي غُرر به في بداية الطلب وحقن قلبه غلاً عليهم إلا التكفير!! والنظر إلى المهتدي بالسنة على أنه مجانب للحق، بل للإسلام!!
ولا تنسى التأمل إلى حقيقة قراءتهم للسنة؛ فما هي إلا للتبرك فقط!!
وتمعن تألم هذا الشيخ الفاضل ممن كان سبباً في تعصبه وحقده وبغضه وعدائه لأهل السنة!!
وأنظر إلى استدلاله بالآية، وتأمل استدلالات أهل الأهواء المتعصبين وهذا غيض من فيض، تحريف للآيات والأحاديث وليّ لأعناق النصوص لتوافق مذهبهم المنكوس!!
ومن تلك الصور العجيبة التي تدلك على تعصب أشياخه، قوله:
(كان مرة أيام عطلة الصيف قد اشترى "زاد المعاد" للحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى، واعتكف على قراءته ووجد لقراءته حلاوة ونشوة، وبعد أن قطع شوطاً ذكره لبعض شيوخه المشاركين الأتقياء، فقال له: ائتني به، فلما أتاه ونظر عنوانه ووجده يحمل اسم "زاد المعاد في هدي خير العباد" للإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية الحنبلي، قال له: إنَّ هذا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، ونحن مالكية فلا يجوز لنا العمل به أو نحو هذا) ص45
ولقد كان لشيوخه المتعصبين الصوفيين المذهبيين أثراً سيئاً في مقتبل عمره، ولقد أبعدُهُ عن السنة، يقول في ذلك:
(واقتنى مرة شرح الإمام النووي رحمه الله تعالى على صحيح مسلم، فافتتح مطالعته، وقطع فيه شوطاً أيضاً، ووجد النووي يرجِّح ما في الأحاديث ويزيِّف ما سواها من المذاهب، فتحيَّر في ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد مدة مال إلى طريقة النووي في العمل بالحديث، فشاور الشيخ المتقدِّم في اقتناء الكتاب فحبَّذ له ذلك، ثم قال له: إن طريقته كيت وكيت فهل يمكن للإنسان أن يترك المذهب ويعمل بالحديث، فغضب غضباً شديداً وقال: لا لا إن فقهنا مغربل والحديث فيه الناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيَّد، والعام والخاص ... ونحن لا ندري تطبيق ذلك، وأئمتنا رحمهم الله قد كفونا المئونة في ذلك فخدموا لنا الدين وتركوه لنا صافياً ... أو كلاماً نحو هذا.
فكان كلام هذا الشيخ عفا الله عنه مثبطاً له عن الاشتغال بعلم السنة والعمل به حتى منَّ الله تعالى عليه بذلك كما يأتي ذلك .. ) ص45 - 46.
هذه هي صورة التعصب المقيت؛ فهذا المتعصب – ولا أظنه إلا من الصوفية- الذين يدرسون الحديث للبركة لا للعمل به، فيحجبون طلاب الحق عن رؤية الحق باسم المذهب، سواءً مالكية كانوا أو حنفية أو شافعية أو حنابلة .. والله المستعان.
وهذا الشيخ حسبه الله فقد صرف عدداً من طلاب الحق عن إتباعه!!
لقد كان في تلك الفترة زوايا وتكايا الصوفية ومساجدهم، يدرسون، (ثم بعد الدرس يذكرون الله تعالى ذكراً جماعياً، ثم يقرؤون بردة المديح يتخلَّلها سماع بعض المنشدين، ثم يختمون بقراءة دلائل الخيرات، هذا كان دأبهم) ص46.
بعد ذلك رحل إلى فاس للالتحاق بجامعة القرويين، ولم يدم طويلاً بسبب الأوضاع الغير مستقرة في المنطقة من أثر الاستعمار، فاكتفى وعاد لبلده، وفي بلده بدأ يعلم، ويحضر لدى عدد من شيوخه، وقد (عرض احتفال ديني في بعض المساجد، فحضره مع أولئك الطلبة سوياً، فإذا به يفاجأ بالمنشدين مع استعمالهم آلات العزف، فأنكر ذلك واغتاظ، وقال لطلبته: الضرب بآلة العزف وبالمسجد حرام، فكيف يتعطاه هؤلاء؟ فطمأنوه، وقالوا له: إن هؤلاء فيهم علماء، وهم أعرف بذلك منا، فسكت مجاملةً لهم) ص51.
وبعد هذا أتت نقلة نوعية للشيخ، فانقض على المذهبيين، والتزم بالحديث وأهله، وإن كانت نقله نوعية فيها ما فيها وعليها وما عليها، ولكنها زعزعت فيه جموده الفكري، وتعصبه المذهبي، فانتقل إلى المدرسة الصديقية القبورية البدعية الغير مذهبية، ومن خلالها تعرف على عدد كبير من الموافقين والمخالفين لهذه المدرسة الصديقية من طالبي علم الحديث، وانفتح على الخارج، ويقول عن هذه الفترة:
(وفي هذه الأثناء اتَّسعت دائرته العلمية، وذهب عنه جمود المقلدة المتعصِّبين، وحُبِّبَ إليه العمل بالسنة والدليل، ووجد عند هؤلاء العلماء من أنواع الثقافة الإسلامية الشاملة ما لم يسمع به عند المشايخ وما يسمون عند الناس في طنجة بالعلماء والفقهاء .. بل حتى علماء فاس.
ووجد نفسه كأنه ولد من جديد، أو كأنه كان ساكناً في غرفة ضيقة فخرج منها إلى فضاء واسع فسيح) ص53.
وبدأ مرحلة جديدة مقاطعاً الطاعنين في أهل الحديث، يقول عن ذلك:
(وعندما حَبَّبَ الله إليه الحديثَ النبويَّ، وهداه للعمل به دون ما سواه من الأقوال المخالفة له، وأصبح مخالفاً لما عليه الجماهير من أهل بلده، رماه جماعة من أهل العلم ومعارفه بالانحراف عن الحقِّ، وطعنوا فيه، وسلقوه بألسنتهم، وتنكَّروا له، فقاطعهم جميعاً، وانسحب من تلك الجمعية القرآنية، ولم يعد يتَّصل بغير أهل الحديث، والمنصفين من غيرهم، وأقبل على شأنه ومطالعة ما يهمُّه من كتب التفسير والحديث والفقه الإسلامي المقارن والرقائق والزهديات) ص53.
ومثل هذا ما يرمى به من يتبع السنة تنفيراً منه بـ[ـالوهابية]، وأنظر كيف أن التعصب المذهبي مذموم، وإلى ماذا أضفى إليه .. طعنٌ ورميٌ وتنكرٌ ومقاطعةٌ لماذا؟! لأنه اتبع منهج الصالحين الصادقين الربانيين الذين مذهبهم الكتاب والسنة، يدرون معه حيث دار، نسأل الله أن يوفقنا لإتباع السنة ونبذ التعصب.
وخلال هذه الفترة قد أنكر بعض البدع مثل الحداد، وعدم إقامة الأضحية لموت فلان من الناس، فيقول أنها (من البدع الضالَّة التي اعتادها أهل العصر خلافاً لما جاء به الهديُ النبوي) ص54.
ثم شد الرحلة لرؤوس تلك المدرسة كأحمد بن الصديق في منفاه، ودرس عليه وتأثر به، وبايعه على طريقته الشاذلية وأجازه فيها!!
(يُتْبَعُ)
(/)
عاد بعد ذلك لطنجة وتزوج، ومن العجيب الغريب أنه وصاحب له تعاهدا على أن لا يتزوجا أبداً!! وهذا من لوثته الصوفية!! حتى أنه أراد أن يخصي نفسه!! وقد شرب الكافور ليهلك شهوته وكاد أن يهلك!! ثم تزوج في هذه العودة!! وتأمل المخالفة الصريحة لقول النبي عليه الصلاة والسلام ((فأما أنا فأتزوج الناس)) وقوله ((فمن رغب عن سنتي فليس مني)).
بعد عودته (في هذه الفترة التفَّ حوله جماعة من الشباب، وكانوا نِعْمَ المعين والمؤيِّد له ولدعوته، ونِعْمَ المساعد، وقبلوا دعوته التي كانت صعبه على النفوس، والتي لا يرضاها إلا من سبقت له من الله العناية، لأن دعوته كانت ولا تزال مؤسسة على العمل بالكتاب والسنة، وأخذ الشريعة من معدنها الصافي، ونَبْذ ما خالفها من الآراء التي لا يشهد لها دليل صحيح أيًّا كان مع الحض على ما كان عليه السلف عقيدة وعملاً وحالاً وسلوكاً ... والتحذير من الفرق الضَّالة الخارجة عن أهل السنة والجماعة) ص65.
إن الشيخ يبين لك عقيدته وتدرجه إلى أن ترك عقيدة الأشاعرة وتاب وتمسك بعقيدة أهل السنة، حيث يقول:
(كان في بداية أمره على مذهب الأشاعرة المتأخِّرين الذين مَزَجوا عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى الحقَّة ببعض عقائد المعتزلة، لكنه كان له مَيْلٌ إلى مذهب السلف لقراءته أيام الطلب رسالة ابن أبي زيد القيرواني مراراً، وعقيدته المذكورة في رسالته سلفيَّةٌ مَحْضَة.
ولما اتصل بشيخه الحافظ أبي الفيض أحمد الغماري رحمه الله تعالى أعطاه كتاب "التوحيد" لابن خزيمة، و"الاعتقاد" للبيهقي، و"الدرة المضيئة" وأمره بقراءتها، فلما قرأها، وقرأ معها "العلو للعلي الغفار"، و"اجتماع الجيوش الإسلامية"، و"الإبانة" للأشعري، و"الطحاوية"، و"لمعة الاعتقاد" خرج من قراءتها كلها باعتناق مذهب السلف، فأصبحت بفضل الله تعالى عقيدته سلفية محضة، وزاد تمكُّناً في ذلك، بعد أن قرأ كثيراً من كتب التفسير وشروح الحديث التي تتعرَّض لمذهب السلف والخلف.
وهو ينصح أهل العلم بقراءة عقيدة ابن أبي زيد القيرواني، و"العقيدة الطحاوي"، و"الاعتقاد" للبيهقي، و"الإبانة" للأشعري ... رحمهم الله تعالى) ص96.
وكذلك أثرت هذه النقلة على مذهبه الفقهي، ومنهجه في التلقي فيقول بأنه: (يأخذ بما دلَّ عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة، دون تقيُّد بمذهب من المذاهب المعروفة، إلا إذا تعارضت الأدلة، وتشعَّبت الأقوال، فيختار أحوط ما قال به بعض الأئمة) ص97.
ولقد تاب وآب مما تلقنه المدرسة الصديقية الغمارية من سب بعض الصحابة فيقول عن نفسه:
(أنه كان يسبُّ معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسَمُرة بن جندب، ثمَّ رجع عن ذلك، فحرَّق كتاب "النصائح الكافية" لابن عقيل الذي أُلِّف في معايوة وأضرابه وأتباعه ... وينصح بعدم قراءته للمُبْتدئين، لأنه مليءٌ بالأباطيل والأكاذيب التاريخية) ص106.
نسأل الله لنا وله الثبات، ومزيداً من الهداية إلى الحق، وعطاءً لا ينضب، ومن هذا المعين، فقد ألف عدداً كبيراً من الكتب يزيد على الثلاثين مؤلفاً، تراجع عن عددٍ منها، وهو غير راضي عن عددٍ آخر .. ومن مؤلفاته:
1 - تهذيب جامع الترمذي.
2 - تهذيب الخصائص الكبرى
3 - جواهر البحار بصحاح الأحاديث القصار
4 - إتمام المنة بشرح منهاج الجنة في فقه السنة
5 - دلائل التوحيد انطلاقاً من القرآن والكون
6 - تهذيب الشفا
7 - الجواهر والآلئ المصنوعة بتفسير كتاب الله بالأحاديث الصحيحة المرفوعة
8 - نصب الموائد في الفتاوى والنوادر والفوائد
9 - أسباب هلاك الأمم
10 - المبشرون بالجنة
11 - الأنوار الباهرة في فضائل الذِّرية الطاهرة
12 - فضائل الصحابة في القرآن والسنة وموقف الشيعة منهم
13 - تهذيب الاستنفار في غزو التشبه بالكفار
14 - القدس وكيف احتله الصهاينة؟
15 - المرأة المتبرِّجة وأثرها السيء في الأمة.
16 - أهل السنة والشيعة بين الاعتدال والغلو.
17 - بداية الوصول بلُبِّ الأمهات والأصول.
وقد دَرَسَ على عددٍ كبير من أهل العلم، وتخرج على يديه وأجاز عدداً كبيراً من طلبة العلم ..
نسأل الله لنا وله حسن الختام، وإتمام الإنعام بحسن الإتباع، وتجريد القلب بحقيقة الإخلاص .. لقد كان منبراً وعلماً .. وما زال .. مقصداً ومرشداً .. نبذ التصوف، وحارب التقليد، وغزا التعصب وأهله، وتاب لعقيدة أهل السنة، وترك الأشعرية!!
فهو نبراس .. وأسوة .. حياته جهاد وكفاح .. في طلب الحق .. وبعد عشرات السنين يصل لمبتغاه .. وها هو الآن وقد اكتمل عمره العقد ودخل المائة .. يعطيك من خبرته وتجربته .. فأين الذين ضاعت الوجه لديهم وحادوا عن الحق وأهله؟!!
فحقيقٌ بهؤلاء أن يرشدوا ويعودا .. ويتأسوا بهؤلاء الأعلام .. أئمتكم وعلمائكم وكبرائكم الذين عادوا للحق، ونبذ الشرك والتأويل والتحريف، واحرقوا خِرقَ الإدعاء .. ليصفوا بصفاء السنة، ويتمسكوا بعقيدة أهل السنة .. فالله الله بأنفسكم خيراً، والعاقل يعقل ويتفكر .. وإن في قصص هؤلاء لعبرة وعظة .. فهل من معتبر؟!!
* منقول مع الاختصار
كتبه أبو عمر الدوسري – شبكة الدفاع عن السنة
** رجاء من الأخوة المغاربة مراجعة ما كتبه أبو عمر الدوسري أعلاه وإفادتنا بما لديهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحُميدي]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 05:35]ـ
بارك الله في صاحب الموضوع الأخ المحبب الدكتور عبد الباقي .. ،وفي كل من شارك .. ،وعلى الخصوص الأخ الفاضل أبو محمد العمري .. ،فقد أجاد وأفاد حفظه الله .. ،
وبخصوص نسبة الغماريين .. ،فلأنهم ينحدرون من قبيلة غمارة البربرية .. ،وهي قبيلة واسعة الأطراف بشمال المغرب من مدنية تطوان غرباإلى مدنية الناظور شرقا تقريبا .. ،وتعد مدينة شفشاون-أو الشاون- عاصمة لهذه القبيلة .. ،وهي قبيلة ذات تاريخ مجيد .. ،كان لها دور كبير في قيام الدولة الموحدية وفي نصرة الدجال ابن تومرت .. ،كما لها مواقف ثورية ضد بعد الملوك والأمراء الذين ملكوا المغرب قديما .. ،
والزاوية الصديقية الغمارية لازالت بطنجة وهي مشهورة هناك .. ،
وقد اشتهر آل ابن الصديق بنسبتهم إلى هذه القبيلة .. ،حيث لا يعرفون إلا بالغماريين (نسبة إلى غمارة) .. ،
ـ[الحُميدي]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 06:17]ـ
سأذكر جميع الإخوة الغماريين .. ،وبعض المعلومات عنهم علة حسب ما استحضره الآن:
الأخ الأكبر .. ،الحافظ احمد ابن الصديق رحمه الله .. ،طود أشم في علم الحديث وغيره من العلوم .. ،
الشيخ محمد الزمزمي ابن الصديق رحمه الله .. ،فقيه أصولي وخطيب مفوه .. ،
الحافظ عبدالله ابن الصديق رحمه الله .. ،فقيه اصولي ومحدث غزير التصنيف .. ،
الشيخ عبدالحي ابن الصديق رحمه الله .. ،أصولي منطقي كان ظاهري المهذب .. ،
الشيخ الأستاذ عبد العزيز ابن الصديق ... ،فقه محديث .. ،
الشيخ الدكتور ابراهيم ابن الصديق رحمه الله .. ، كان له اعتناء كبير بعلم الحديث .. ،وله بحوث قينة لم يسبق إليها كـ (علم الجرح والتعديل بالمغرب) وغيرها .. ،
الشيخ حسن ابن الصديق .. ،فقيه أصولي .. ، يقول عنه الشيخ العلامة محمد محفوظ البحراوي حفظه الله: (متمكن من علم الأصول) .. ، وقد أصيب بمرض أخل بعقله كما يقول عنه الشيخ بوخبزة حفظه الله .. ،لا زال حيا بطنجة.
المرتضى ابن الصديق .. ،قال لي الشيخ بوخبزة حفظه الله عنه: (هو من عامة الناس ليس له اعتناء بالعلم لازال حيا بطنجة).
وللشيخ محمد الزمزمي رحمه الله ثلاثة أبناء اعتنوا بالعلم حتى صاروا من اهله .. ، منهم الشيخ صهيب الزمزمي رحمه الله .. ،كان على الجادة عقيدة وسلوكا .. ، وقفت له على رسالة لطيفة في أحكام المولود .. ،
عبدالباري الزمزمي داعية مشهور بالبيضاء .. ،
أُبي الزمزمي هو القائم على مسجد والده بطنجة إمامة وخطابة .. ،
ولقد درست في كلية أصول الدين على أحد من بني عمومتنهم .. ،
وهو علي ابن الصديق الغماري .. ،رجل وقاح كذاب متجرئ على الأئمة الأعلام كابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم .. ،وهو مغرق في التصوف والتمشعر والتقليد وشيعي خبيث .. ،وكانت لي معه صولات وجولات .. ، قررت بعدها عدم حضور حصصه .. ، عليه من الله ما يستحق.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 08:33]ـ
الشيخ الدكتور ابراهيم ابن الصديق رحمه الله .. ، كان له اعتناء كبير بعلم الحديث .. ،وله بحوث قينة لم يسبق إليها كـ (علم الجرح والتعديل بالمغرب) وغيرها .. ،
من الجدير بالذكر أن الشيخ الدكتور إبراهيم بن الصديق هو المشرف على رسالة الدكتوراة الخاصة بشيخنا الدكتور توفيق الغلبزورى الحسنى وعنوانها (المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس)
راجع
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=5178
http://majles.alukah.net/attachment.php?attachmentid=94 7&d=1184964143
دمتم بخير.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 01:16]ـ
الشيخ التليدي من أكابر تلاميذ الشيخ أحمد و لا ينقضي اعجابك من فرط حبه لشيخه فما ان تسأله عنه حتى يقطع الساعات وهو يحدثك عنه دونما ملل حتى أنه علق مختارات من كلامه في زاويته هذا مع سيره الحثيث في سبيل التحرر من فواقره كما ذكر الشيوخ الأفاضل نسأل الله أن يوفق أفاضل أهل السنة لتألفه و زحزحته أكثر عن الباطل و ينزع ما في صدورهم من غل اخوانا و يقطع الطريق على من التف حوله من الروافض الجدد و يرد كيدهم الى نحرهم
ـ[الحُميدي]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 03:26]ـ
بارك الله فيكم .. ،
شكرالله لك أخي ابومحمد .. ،فالدكتور ابراهيم ابن الصديق رحمه الله كان يدرس بكلية اصول الدين بتطوان .. ،والتي كان يدرُس بها الدكتور توفيق الغلبزوري حفظه الله .. ،
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 03:49]ـ
الأخوان أبومحمد العمرى والحميدى بارك الله لكما سعيكما وجهودكما وإثرائكما للمشاركة فهكذا شأن أهل العلم إن وضوعوا فى موضع أفادوا وأجادوا نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد
وللأخ الحميدى هل من الغماريين شخصيات كانت مشهورة فى بداية الدولة الموحدية إن كان هناك أحد فأخبرنى به فى رسالة خاصة من المالكية أو الظاهرية أو من القادة ايا كان هو
(/)
كلمة حق: المنتدى ليس موضعا لإظهار المغلوب والغالب
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:10]ـ
الأخوةَ الأفاضلَ ـ حفظكم الباري ـ.
لَكَمْ أرى من حدَّة المناقشاتِ في غير هذا من المنتديات ما تخرج بأصحابها عن نطاق آداب طلبة العلم، وتصير كأنها حربٌ شعواء، فرسانها غوغاء؛ فما تُحَصِّلُ نصراً؛ وما ترفعُ ذِكْراً؛ إلا كيدَ الكائدِ؛ وانتقادَ الناقدِ.
وهذا المنتدى إن شاء اللَّه في منأًى عن تلك الحروب، وإنما فيه تقاربُ القلوب، لنيل رضوان عالمِ الغيوبْ.
وأقول راجياً حتى لا يشوب منتدانا المبارك هذه الشائبةْ، وتلك الغريبةُ الغائبةْ:
كلُّكم جميعاً متعانون في إظهارِ الحقِّ؛ فليحسن كلٌّ منكمُ الظَّنَّ بأخيهِ.
وهذه مدارسةٌ للعلمِ، لا تحلو إلا بلين الجانبْ، لا بإظهارِ المغلوبِ والغالبْ، وبهدوءِ الطَّبعْ، وسلامةِ الصدرْ؛ ليتقبَّلَ كلٌّ منكم من الآخرِ على السَّعةِ والرَّحبْ.
وهذه فرصةٌ عظيمةٌ أن تجمعَنا تلك المنتدياتُ المباركةُ في مدارسةِ العلم ولولاها ما تعارفنا وما تدارسنا.
فالرفق الرفق، والحِلْم الحلمْ، بهما تحلو مدارسةُ العلمْ .....
وأنتم أعرفُ بهذا وأعلم.
بارك اللَّه فيكم، ورفع قدرَكم، وقَدْرَ منتدانا، وبارك اللَّهُ فيه وفي القائمين عليه، وحفظه وحفظهم من كلِّ مكروهٍ وسوء.
من باب الأمانة العلمية في النقل
الموضوع
منقول
http://www.mahaja.com/forum/showthread.php?t=4521
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:58]ـ
جزاك الله خيرًا على النقل.
ـ[حبيب المؤمن]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:51]ـ
الذكرى تنفع المؤمنين
ـ[خلوصي]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 05:57]ـ
الأخوةَ الأفاضلَ ـ حفظكم الباري ـ.
وهذا المنتدى إن شاء اللَّه في منأًى عن تلك الحروب، وإنما فيه تقاربُ القلوب، لنيل رضوان عالمِ الغيوبْ.
......
وهذه مدارسةٌ للعلمِ، لا تحلو إلا بلين الجانبْ، لا بإظهارِ المغلوبِ والغالبْ، وبهدوءِ الطَّبعْ، وسلامةِ الصدرْ؛ ليتقبَّلَ كلٌّ منكم من الآخرِ على السَّعةِ والرَّحبْ.
وهذه فرصةٌ عظيمةٌ أن تجمعَنا تلك المنتدياتُ المباركةُ في مدارسةِ العلم ولولاها ما تعارفنا وما تدارسنا.
فالرفق الرفق، والحِلْم الحلمْ، بهما تحلو مدارسةُ العلمْ .....
وأنتم أعرفُ بهذا وأعلم.
بارك اللَّه فيكم، ورفع قدرَكم، وقَدْرَ منتدانا، وبارك اللَّهُ فيه وفي القائمين عليه، وحفظه وحفظهم من كلِّ مكروهٍ وسوء.
ما أطيبك ... كثّر الله من أمثالك أيها المبارك ابن المبارك!
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[16 - Jan-2009, مساء 10:54]ـ
للرفع ....
(/)
مفتي عام بلاد الحرمين يرد على قول العبيكان في مسألة دخول الشهر والاعتماد على الأهلة
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:12]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
قال العبيكان:
[لا أفهم لماذا يريد البعض أن يعيدنا إلى الماضي وأن يبقينا معتمدين على من يمتلكون أعيناً كعيني زرقاء اليمامة]
وفقا لصحيفة الشرق الوسط
----------------------
سماحة مفتي عام بلاد الحرمين يرد على قول العبيكان:
رفضت هيئة كبار العلماء رؤية دخول الأشهر القمرية بالحساب الفلكي مؤكدة الاعتماد على العين المجردة وفقا للقول الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأكد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتى العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أن الحساب الفلكي الذي يقوم على حساب ومعادلات رياضية في صيام رمضان وفطره لا قبول له في شرعنا موضحا أن علماء الأمة المحمدية، أنكروا على القائل بالحساب ورأوا أنه قول شاذٌ لا اعتبار له.
وقال سماحته: «من شكّك في رؤيتنا وصومنا أو إفطارنا فذاك دليل على قلة إيمانه ونقص تصوره»
ولفت إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال قولاً فصلاً صريحا (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فأكملوا الشهر) وقال (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه) وقال (نحن أمةٌ أمّية لا نحسب ولا نكتب الشهر، هكذا وهكذا، وعدّ تسعاً وعشرين).
وأضاف: ان سنة رسول الله صريحة، لأن الصوم، المعتبر به رؤية الهلال فإذا رأينا الهلال وجب أن نصوم، قال ابن عباس جاء أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه رأى الهلال، فقال له: أتشهد ألا إله إلا الله قال نعم، وأني رسول الله، قال، نعم، قال فصام وأمر الناس بصيامه، وقال ابن عمر تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنى رأيته فصام وأمر بصيامه.
وقال: عند الرؤية البصرية المجردة يجب أن نصوم إذا ادعاها مسلم معروفة عدالته وحسن بصره، أما عن الحساب الفلكي فقال، «هذا لا قبول له في شرعنا، وشيخ الإسلام ابن تيمية له رسائل في ذلك.
موضحا ان بلادنا تسير على هذا المنهج، فمجلس القضاء الأعلى يعلن عن تحرى رؤية هلال شهر رجب وشعبان، ورمضان، وشوال وذو القعدة والحجة، فتأتيه الرؤية الواضحة بل يراه في بعض الأعوام عشرات كما في العام الماضي والحمد لله صومنا على حق، وفطرنا على حق، وحَجُّنا على حق.
وقال: ان المملكة مأوى أفئدة المسلمين ولا تزال تعمل بهذه الرؤية وتُطبقها وما رأينا إلا الخير.
وكانت هيئة كبار العلماء في المملكة انتهت الثلاثاء الماضي من مناقشة قضية اعتبار دخول الأشهر بالحساب الفلكي بدلاً من الإصرار على الرؤية بالعين المجردة أو المراصد الفلكية، وبعد مناقشات استمرت لعدة جلسات أنهت الهيئة المناقشات وأقرت بالإجماع اعتماد الرؤية لدخول الأشهر وعدم اعتماد الحساب الفلكي، وكان ثلاثة أعضاء فقط قد وافقوا على اعتماد الحساب الفلكي، فيما أجمع بقية الأعضاء على رؤية الهلال.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
المفتى العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية
المصدر: (صحيفة المدينة) الجمعة 21 شعبان 1429 - الموافق: 22 أغسطس 2008
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 06:25]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبوحاتم الألوكى]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 07:48]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
(/)
علم النفس الشرعي (عند ابن تيمية)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 07:06]ـ
من فهرسة آل قاسم و أرجو عدم نقله لمجلس القضايا الفكرية لأنه شرعي و ليس فكرياً
مسائل في تعريف النفس
مسألة متى خلقت النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 16 / ص 230)
وَخَتَمَ الْقَسَمَ بِالنَّفْسِ الَّتِي هِيَ آخِرُ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْمَخْلُوقَاتِ.
مسألة ما المراد بالنفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 292)
فَصْلٌ:
وَلَكِنَّ لَفْظَ " الرُّوحِ وَالنَّفْسِ " يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ عِدَّةِ مَعَانٍ: فَيُرَادُ بِالرُّوحِ الْهَوَاءُ الْخَارِجُ مِنْ الْبَدَنِ وَالْهَوَاءُ الدَّاخِلُ فِيهِ وَيُرَادُ بِالرُّوحِ الْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ تَجْوِيفِ الْقَلْبِ مِنْ سويداه السَّارِي فِي الْعُرُوقِ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْأَطِبَّاءُ الرُّوحَ وَيُسَمَّى الرُّوحُ الْحَيَوَانِيُّ. فَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ غَيْرُ الرُّوحِ الَّتِي تُفَارِقُ بِالْمَوْتِ الَّتِي هِيَ النَّفْسُ. وَيُرَادُ بِنَفْسِ الشَّيْءِ ذَاتُهُ وَعَيْنُهُ كَمَا يُقَالُ رَأَيْت زَيْدًا نَفْسَهُ وَعَيْنَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} وَقَالَ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ {قَالَ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: لَقَدْ قُلْت بَعْدَك أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ لَوْ وُزِنَّ بِمَا قلتيه لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ}. فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الْمُرَادُ فِيهَا بِلَفْظِ النَّفْسِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: اللَّهُ نَفْسُهُ الَّتِي هِيَ ذَاتُهُ الْمُتَّصِفَةُ بِصِفَاتِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا ذَاتًا مُنْفَكَّةً عَنْ الصِّفَاتِ وَلَا الْمُرَادُ بِهَا صِفَةً لِلذَّاتِ وَطَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ يَجْعَلُونَهَا مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ كَمَا يَظُنُّ طَائِفَةٌ أَنَّهَا الذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الصِّفَاتِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ. وَقَدْ يُرَادُ بِلَفْظِ النَّفْسِ الدَّمُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ كَقَوْلِ الْفُقَهَاءِ " مَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ " وَمِنْهُ يُقَالُ نَفِسَتْ الْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ وَنَفِسَتْ (*) إذَا نَفَّسَهَا وَلَدُهَا وَمِنْهُ قِيلَ النُّفَسَاءُ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظباة نُفُوسُنَا وَلَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظباة تَسِيلُ فَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ بِالنَّفْسِ لَيْسَا هُمَا مَعْنَى الرُّوحِ وَيُرَادُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ صِفَاتُهَا الْمَذْمُومَةُ فَيُقَالُ: فُلَانٌ لَهُ نَفْسٌ وَيُقَالُ: اُتْرُكْ نَفْسَك وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي مَرْثَدٍ " رَأَيْت رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقُلْت أَيْ رَبِّ كَيْفَ الطَّرِيقُ إلَيْك فَقَالَ اُتْرُكْ نَفْسَك " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ ذَاتَه وَإِنَّمَا يَتْرُكُ هَوَاهَا وَأَفْعَالَهَا الْمَذْمُومَةَ
مسألة ما أنواع النفس؟ و ماذا يحصل إذا فسدت النفوس؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 294)
(يُتْبَعُ)
(/)
لَفْظُ " النَّفْسِ " يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ النَّفْسِ الْمُتَّبِعَةِ لِهَوَاهَا أَوْ عَنْ اتِّبَاعِهَا الْهَوَى بِخِلَافِ لَفْظِ " الرُّوحِ " فَإِنَّهَا لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ ذَلِكَ إذْ كَانَ لَفْظُ " الرُّوحِ " لَيْسَ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَدْبِيرِهَا لِلْبَدَنِ. وَيُقَالُ النُّفُوسُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: وَهِيَ " النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ " الَّتِي يَغْلِبُ عَلَيْهَا اتِّبَاعُ هَوَاهَا بِفِعْلِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي. وَ " النَّفْسُ اللَّوَّامَةُ " وَهِيَ الَّتِي تُذْنِبُ وَتَتُوبُ فَعَنْهَا خَيْرٌ وَشَرٌّ لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ الشَّرَّ تَابَتْ وَأَنَابَتْ فَتُسَمَّى لَوَّامَةً لِأَنَّهَا تَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَى الذُّنُوبِ وَلِأَنَّهَا تَتَلَوَّمُ أَيْ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَ " النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ " وَهِيَ الَّتِي تُحِبُّ الْخَيْرَ وَالْحَسَنَاتِ وَتُرِيدُهُ وَتُبْغِضُ الشَّرَّ وَالسَّيِّئَاتِ وَتَكْرَهُ ذَلِكَ وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ لَهَا خُلُقًا وَعَادَةً وَمَلَكَةً. فَهَذِهِ صِفَاتٌ وَأَحْوَالٌ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَالنَّفْسُ الَّتِي لِكُلِّ إنْسَانٍ هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ.
مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 148)
وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ الثُّلَاثِيَّةُ كَمَا قِيلَ: الْأَنْفُسُ ثَلَاثٌ: أَمَّارَةٌ؛ وَمُطَمْئِنَةٌ؛ وَلَوَّامَةٌ. فَالْأَوَّلُونَ هُمْ أَهْلُ الْأَنْفُسِ الْأَمَّارَةِ الَّتِي تَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ. وَالْأَوْسَطُونَ هُمْ أَهْلُ النُّفُوسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} {ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} {وَادْخُلِي جَنَّتِي}. وَالْآخَرُونَ هُمْ أَهْلُ النُّفُوسِ اللَّوَّامَةِ الَّتِي تَفْعَلُ الذَّنْبَ ثُمَّ تَلُومُ عَلَيْهِ؛ وَتَتَلَوَّنُ: تَارَةً كَذَا. وَتَارَةً كَذَا. وَتَخْلِطُ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا.
وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ اللَّذَيْنِ أُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اقْتَدُوا بالذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ} أَقْرَبُ عَهْدًا بِالرِّسَالَةِ وَأَعْظَمُ إيمَانًا وَصَلَاحًا؛ وَأَئِمَّتُهُمْ أَقْوَمُ بِالْوَاجِبِ وَأَثْبَتُ فِي الطُّمَأْنِينَةِ: لَمْ تَقَعْ فِتْنَةٌ؛ إذْ كَانُوا فِي حُكْمِ الْقِسْمِ الْوَسَطِ. وَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَخِلَافَةِ عَلِيٍّ كَثُرَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ؛ فَصَارَ فِيهِمْ شَهْوَةٌ وَشُبْهَةٌ مَعَ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ؛ وَصَارَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْوُلَاةِ وَبَعْضِ الرَّعَايَا ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ بَعْدُ؛ فَنَشَأَتْ الْفِتْنَةُ الَّتِي سَبَبُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ تَمْحِيصِ التَّقْوَى وَالطَّاعَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ؛ وَاخْتِلَاطِهِمَا بِنَوْعِ مِنْ الْهَوَى وَالْمَعْصِيَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَأَوِّلٌ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَمَعَ هَذَا التَّأْوِيلِ نَوْعٌ مِنْ الْهَوَى؛ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ؛ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ الْأُخْرَى.
مسألة ما أنواع قوى النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 15 / ص 428)
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
فَصْلٌ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ ثَلَاثٌ: الْكُفْرُ ثُمَّ قَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ثُمَّ الزِّنَا كَمَا رَتَّبَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: {قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك. قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك}.
وَلِهَذَا التَّرْتِيبِ وَجْهٌ مَعْقُولٌ وَهُوَ أَنَّ قُوَى الْإِنْسَانِ ثَلَاثٌ:
قُوَّةُ الْعَقْلِ وَقُوَّةُ الْغَضَبِ وَقُوَّةُ الشَّهْوَةِ. فَأَعْلَاهَا الْقُوَّةُ الْعَقْلِيَّةُ - الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الْإِنْسَانُ دُونَ سَائِرِ الدَّوَابِّ وَتَشْرَكُهُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ: خُلِقَ لِلْمَلَائِكَةِ عُقُولٌ بِلَا شَهْوَةٍ، وَخُلِقَ لِلْبَهَائِمِ شَهْوَةٌ بِلَا عَقْلٍ وَخُلِقَ لِلْإِنْسَانِ عَقْلٌ وَشَهْوَةٌ فَمَنْ غَلَبَ عَقْلُهُ شَهْوَتَهُ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ غَلَبَتْ شَهْوَتُهُ عَقْلَهُ فَالْبَهَائِمُ خَيْرٌ مِنْهُ. ثُمَّ الْقُوَّةُ الْغَضَبِيَّةُ الَّتِي فِيهَا دَفْعُ الْمَضَرَّةِ ثُمَّ الْقُوَّةُ الشهوية الَّتِي فِيهَا جَلْبُ الْمَنْفَعَةِ. وَمِنْ الطبائعيين مَنْ يَقُولُ: الْقُوَّةُ الْغَضَبِيَّةُ هِيَ الْحَيَوَانِيَّةُ؛ لِاخْتِصَاصِ الْحَيَوَانِ بِهَا دُونَ النَّبَاتِ. وَالْقُوَّةُ الشهوية هِيَ النَّبَاتِيَّةُ لِاشْتِرَاكِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ فِيهَا. وَاخْتِصَاصُ النَّبَاتِ بِهَا دُونَ الْجَمَادِ. لَكِنْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ أَنَّ نَفْسَ الشَّهْوَةِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ النَّبَاتَ لَيْسَ فِيهِ حَنِينٌ وَلَا حَرَكَةٌ إرَادِيَّةٌ وَلَا شَهْوَةٌ وَلَا غَضَبٌ. وَإِنْ أَرَادَ نَفْسَ النُّمُوِّ وَالِاغْتِذَاءِ فَهَذَا تَابِعٌ لِلشَّهْوَةِ وَمُوجِبُهَا. وَلَهُ نَظِيرٌ فِي الْغَضَبِ. وَهُوَ أَنَّ مُوجَبَ الْغَضَبِ وَتَابِعَهُ هُوَ الدَّفْعُ وَالْمَنْعُ وَهَذَا مَعْنَى مَوْجُودٌ فِي سَائِرِ الْأَجْسَامِ الصُّلْبَةِ الْقَوِيَّةِ فَذَاتُ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ مُخْتَصٌّ بِالْحَيِّ. وَأَمَّا مُوجِبُهُمَا مِنْ الِاعْتِدَاءِ وَالدَّفْعِ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّبَاتِ الْقَوِيِّ فَقُوَّةُ الدَّفْعِ وَالْمَنْعِ مَوْجُودٌ فِي النَّبَاتِ الصُّلْبِ الْقَوِيِّ دُونَ اللَّيِّنِ الرَّطْبِ فَتَكُونُ قُوَّةُ الدَّفْعِ مُخْتَصَّةٌ بِبَعْضِ النَّبَاتِ؛ لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي سَائِرِ الْأَجْسَامِ الصُّلْبَةِ فَبَيْنَ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ قُوَى الْأَفْعَالِ فِي النَّفْسِ إمَّا جَذْبٌ وَإِمَّا دَفْعٌ فَالْقُوَّةُ الْجَاذِبَةُ الْجَالِبَةُ لِلْمُلَائِمِ هِيَ الشَّهْوَةُ وَجِنْسُهَا: مِنْ الْمَحَبَّةِ وَالْإِرَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْقُوَّةُ الدَّافِعَةُ الْمَانِعَةُ لِلْمُنَافِي هِيَ الْغَضَبُ وَجِنْسُهَا: مِنْ الْبُغْضِ وَالْكَرَاهَةِ وَهَذِهِ الْقُوَّةُ بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهَائِمِ هِيَ مُطْلَقُ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ وَبِاعْتِبَارِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِنْسَانُ الْعَقْلُ وَالْإِيمَانُ وَالْقُوَى الرُّوحَانِيَّةُ الْمُعْتَرِضَةُ. فَالْكُفْرُ مُتَعَلِّقٌ بِالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ النَّاطِقَةِ الْإِيمَانِيَّةِ؛ وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ بِهِ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَالْقَتْلُ نَاشِئٌ عَنْ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ وَعُدْوَانٍ فِيهَا. وَالزِّنَا عَنْ الْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ. فَالْكُفْرُ اعْتِدَاءٌ وَفَسَادٌ فِي الْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَقَتْلُ
(يُتْبَعُ)
(/)
النَّفْسِ اعْتِدَاءٌ وَفَسَادٌ فِي الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ وَالزِّنَا اعْتِدَاءٌ وَفَسَادٌ فِي الْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ ظَاهِرٍ: أَنَّ الْخَلْقَ خَلَقَهُمْ اللَّهُ لِعِبَادَتِهِ وَقِوَامُ الشَّخْصِ بِجَسَدِهِ وَقِوَامُ النَّوْعِ بِالنِّكَاحِ وَالنَّسْلِ فَالْكُفْرُ فَسَادُ الْمَقْصُودِ الَّذِي لَهُ خُلِقُوا وَقَتْلُ النَّفْسِ فَسَادُ النُّفُوسِ الْمَوْجُودَةِ وَالزِّنَا فَسَادٌ فِي الْمُنْتَظَرِ مِنْ النَّوْعِ. فَذَاكَ إفْسَادُ الْمَوْجُودِ وَذَاكَ إفْسَادٌ لِمَا لَمْ يُوجَدْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَفْسَدَ مَالًا مَوْجُودًا أَوْ مَنَعَ الْمُنْعَقِدَ أَنْ يُوجَدَ وَإِعْدَامُ الْمَوْجُودِ أَعْظَمُ فَسَادًا فَلِهَذَا كَانَ التَّرْتِيبُ كَذَلِكَ. وَمِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ أَنَّ الْكُفْرَ فَسَادُ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ الَّذِي هُوَ مَلِكُ الْجَسَدِ وَالْقَتْلُ إفْسَادٌ لِلْجَسَدِ الْحَامِلِ لَهُ وَإِتْلَافُ الْمَوْجُودِ. وَأَمَّا الزِّنَا فَهُوَ فَسَادٌ فِي صِفَةِ الْوُجُودِ لَا فِي أَصْلِهِ لَكِنَّ هَذَا يَخْتَصُّ بِالزِّنَا وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ اللِّوَاطَ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْ الزِّنَا.
مسألة ما منافع هذه القوى؟
مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 83)
يُقَالُ: الْقُوَّةُ الْمَلَكِيَّةُ وَالْبَهِيمِيَّةُ والسبعية والشيطانية فَإِنَّ الْمَلَكِيَّةَ فِيهَا الْعِلْمُ النَّافِعُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالْبَهِيمِيَّةَ فِيهَا الشَّهَوَاتُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ والسبعية فِيهَا الْغَضَبُ وَهُوَ دَفْعُ الْمُؤْذِي وَأَمَّا الشَّيْطَانِيَّةُ فَشَرٌّ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهَا جَلْبُ مَنْفَعَةٍ وَلَا دَفْعُ مَضَرَّةٍ. وَالْفَلَاسِفَةُ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الْجِنَّ وَالشَّيَاطِينَ لَا يَعْرِفُونَ هَذِهِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُونَ الشَّهْوَةَ وَالْغَضَبَ وَالشَّهْوَةُ وَالْغَضَبُ خُلِقَا لِمَصْلَحَةِ وَمَنْفَعَةٍ؛ لَكِنَّ الْمَذْمُومَ هُوَ الْعُدْوَانُ فِيهِمَا وَأَمَّا الشَّيْطَانُ فَيَأْمُرُ بِالشَّرِّ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَيُحِبُّ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ إبْلِيسُ بِآدَمَ لَمَّا وَسْوَسَ لَهُ
و البحث القادم في الإرادة و الحركة إن شاء الله
ـ[أبو الديم المصري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 10:44]ـ
بارك الله فيك أخانا صاحب النقب
كم نحن بحاجة حقا إلى لملمة شتات هذه الملاحظات
التي حفلت كتب أسلافنا بها في مثل هذه الجوانب
لنتأملها بعد أن تكون كلا
لا مبعثرة متناثرة
فهذا أقدر على تكوين تصور منهجي عن المفاهيم
ولذا كان يناط بالباحثين أن يضموا هذه النظائر لا في كتب ابن تيمية فحسب
بل في التراث كله الذي سيبوح بكثير من مدفونه لمن ينقب ويفتش
بداية موفقة أخانا ...
وإن كنت أريدك أن تنظر مرة أخرى في عنوانك الذي اخترت
لأن "علم النفس" كما لا يخفى عليك حديث نسبيا على الأقل في مستوى المصطلح
وليست لفظة "الشرعي" المضافة تستطيع أن تستقطبه من هذا السياق
ليكن مثلا: النفس عند ابن تيمية
أو النفس كما يتصورها ابن تيمية
أو النفس عند علماء المسلمين (ابن تيمية نموذجا)
أو شيئا من هذا ..
لا يستعير قالبا غريبا ليصب فيه نتاجا ذاتيا
هذا اقتراح أرجو أن يلاقي استحسانا
دمت حبيب القلب في حفظ الله
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 10:33]ـ
الأخ أبو الديم بارك الله فيك
أما عن التسمية فإن المفهرس الشيخ ابن قاسم ذكر في فهرسته للفتاوى علم النفس
و أنا أضفت الشرعي قصداً لإنكار علم النفس غير الشرعي المخالف للشرع، و الموجود عند بعض علماء النفس، أما ما لا يخالف الشرع منه فهو مشروع
فصار علم النفس ثلاثة أنواع:
1 - شرعي: و هو ما جاء به الشرع من علم النفس، سواء الشرع المنزل من الله أو الشرع المؤول و هو إجتهادات العلماء
2 - محرم: و هو ما خالف الشرع مما يدعى أنه علم نفس و هو الشرع المبدل
3 - مشروع: و هو ما لم يذكره الشرع لكنه لا يخالفه و له دليل حسي مثلاً أو غيره
و الكتب في علم النفس الشرعي كثيرة منها كتاب الروح لابن القيم، وكم وددت لو أن المتخصصين في علم النفس و الأطباء النفسيين، يدرسون مادة علم النفس الشرعي، لما رأينا إذاً النزاع بينهم و بين الرقاة و العلماء أو كان نادراً
و بما أن النفس و صفاتها و أمراضها و علاجها واردة في القرآن و السنة فإنها علم شرعي و كل العلوم الشرعية كانت هكذا في وقت السلف تؤخذ من القرآن و السنة مباشرة
لكن إن وجدت مصلحة شرعية لفصل علم في كتب مخصصة فإنه يفصل لمصلحة التعليم و لضعف الطلاب عن إستنباطه مباشرة من القرآن و السنة مثلما فعل الشافعي بأصول الفقه، و كانت قبله معروفة عند العلماء بدون تخصص
و الموضوع في بدايته فسيأتي ذكر العقل و محله و الإرادة و محلها و نحو ذلك إن شاء الله
و جزاك الله خيراً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 11:04]ـ
أسئلة في الإرادة و الحركة
مسألة هل النفس تتحرك و تريد؟
مجموع الفتاوى - (ج 1 / ص 34)
فَصْلٌ:
وَهُوَ مِثْلُ الْمُقَدِّمَةِ لِهَذَا الَّذِي أَمَامَهُ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ فَهُوَ هَمَّامٌ حَارِثٌ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ، بَلْ كُلُّ حَيٍّ فَهُوَ كَذَلِكَ لَهُ عِلْمٌ وَعَمَلٌ بِإِرَادَتِهِ. وَالْإِرَادَةُ هِيَ الْمَشِيئَةُ وَالِاخْتِيَارُ، وَلَا بُدَّ فِي الْعَمَلِ الْإِرَادِيِّ الِاخْتِيَارِيِّ مِنْ مُرَادٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلَا يَحْصُلُ الْمُرَادُ إلَّا بِأَسْبَابِ وَوَسَائِلَ تُحَصِّلُهُ، فَإِنْ حَصَلَ بِفِعْلِ الْعَبْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةٍ وَقُوَّةٍ؛ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَارِجٍ فَلَا بُدَّ مِنْ فَاعِلٍ غَيْرِهِ؛ وَإِنْ كَانَ مِنْهُ وَمِنْ الْخَارِجِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَسْبَابِ كَالْآلَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ حَيٍّ مِنْ إرَادَةٍ، وَلَا بُدَّ لِكُلِّ مُرِيدٍ مِنْ عَوْنٍ يَحْصُلُ بِهِ مُرَادُهُ. فَصَارَ الْعَبْدُ مَجْبُولًا عَلَى أَنْ يَقْصِدَ شَيْئًا وَيُرِيدَهُ؛ وَيَسْتَعِينَ بِشَيْءِ وَيَعْتَمِدَ عَلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ مُرَادِهِ هَذَا أَمْرٌ حَتْمٌ لَازِمٌ ضَرُورِيٌّ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ.
مسألة ما أنواع حركة النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 6 / ص 559)
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ حَرَكَةٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ " قَسْرِيَّةً " وَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْقَاسِرِ أَوْ " طَبِيعِيَّةً " وَإِنَّمَا تَكُونُ إذَا خَرَجَ الْمَطْبُوعُ عَنْ مَرْكَزِهِ فَيُطْلَبُ عَوْدُهُ إلَيْهِ؛ أَوْ " إرَادِيَّةً " وَهِيَ الْأَصْلُ فَجَمِيعُ الْحَرَكَاتِ تَابِعَةٌ لِلْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 12:15]ـ
أسئلة في العقل و الجهل
مسألة ما هو العقل؟ و أين مسكنه؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 271)
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
عَنْ " الْعَقْلِ " الَّذِي لِلْإِنْسَانِ هَلْ هُوَ عَرَضٌ؟ وَمَا هِيَ " الرُّوحُ " الْمُدَبِّرَةُ لِجَسَدِهِ؟ هَلْ هِيَ النَّفْسُ؟ وَهَلْ لَهَا كَيْفِيَّةٌ تُعْلَمُ؟ وَهَلْ هِيَ عَرَضٌ أَوْ جَوْهَرٌ؟ وَهَلْ يُعْلَمُ مَسْكَنُهَا مِنْ الْجَسَدِ؟ وَمَسْكَنُ الْعَقْلِ؟.
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، " الْعَقْلُ " فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَكَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ أَمْرٌ يَقُومُ بِالْعَاقِلِ سَوَاءٌ سُمِّيَ عَرَضًا أَوْ صِفَةً لَيْسَ هُوَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا سَوَاءٌ سُمِّيَ جَوْهَرًا أَوْ جِسْمًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يُوجَدُ التَّعْبِيرُ بِاسْمِ " الْعَقْلِ " عَنْ الذَّاتِ الْعَاقِلَةِ الَّتِي هِيَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ فِي كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ وَيَدَّعُونَ ثُبُوتَ عُقُولٍ عَشَرَةٍ كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ مَنْ يَذْكُرُهُ مِنْ أَتْبَاعِ أَرِسْطُو أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمَشَّائِينَ. وَمَنْ تَلَقَّى ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْمِلَلِ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبُيِّنَ أَنَّ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالْمُجَرَّدَاتِ وَالْمُفَارَقَاتِ وَالْجَوَاهِرِ الْعَقْلِيَّةِ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ مِنْهُ إلَّا نَفْسُ الْإِنْسَانِ وَمَا يَقُومُ بِهَا مِنْ الْعُلُومِ وَتَوَابِعهَا؛ فَإِنَّ أَصْلَ تَسْمِيَتِهِمْ لِهَذِهِ الْأُمُورِ مُفَارَقَاتٍ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مُفَارَقَةِ النَّفْسِ الْبَدَنَ بِالْمَوْتِ وَهَذَا أَمْرٌ صَحِيحٌ فَإِنَّ نَفْسَ الْمَيِّتِ تُفَارِقُ بَدَنَهُ بِالْمَوْتِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفْسَ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا تَبْقَى بَعْدَ فِرَاقِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْبَدَنِ بِالْمَوْتِ مُنَعَّمَةً أَوْ مُعَذَّبَةً وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمِلَلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّفْسَ هِيَ الْحَيَاةُ الْقَائِمَةُ بِالْبَدَنِ. وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ كَالرِّيحِ الْمُتَرَدِّدَةِ فِي الْبَدَنِ أَوْ الْبُخَارِ الْخَارِجِ مِنْ الْقَلْبِ. فَفِي الْجُمْلَةِ النَّفْسُ الْمُفَارِقَةُ لِلْبَدَنِ بِالْمَوْتِ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْبَدَنِ عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا. وَإِنَّمَا يَقُولُ هَذَا وَهَذَا مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدَعِ الْمُحْدَثِ مِنْ أَتْبَاعِ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَالْفَلَاسِفَةُ الْمَشَّاءُونَ يُقِرُّونَ بِأَنَّ النَّفْسَ تَبْقَى إذَا فَارَقَتْ الْبَدَنَ؛ لَكِنْ يَصِفُونَ النَّفْسَ بِصِفَاتِ بَاطِلَةٍ فَيَدَّعُونَ أَنَّهَا إذَا فَارَقَتْ الْبَدَنَ كَانَتْ عَقْلًا. وَالْعَقْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْمَادَّةِ وَعَلَائِقِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةُ عِنْدَهُمْ هِيَ الْجِسْمُ وَقَدْ يَقُولُونَ: هُوَ الْمُجَرَّدُ عَنْ التَّعَلُّقِ بِالْهَيُولَى وَالْهَيُولَى فِي لُغَتِهِمْ هُوَ بِمَعْنَى الْمَحَلِّ. وَيَقُولُونَ: الْمَادَّةُ وَالصُّورَةُ.
وَالْعَقْلُ عِنْدَهُمْ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ لَا يُوصَفُ بِحَرَكَةِ وَلَا سُكُونٍ وَلَا تَتَجَدَّدُ لَهُ أَحْوَالٌ أَلْبَتَّةَ. فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّ النَّفْسَ إذَا فَارَقَتْ الْبَدَنَ لَا يَتَجَدَّدُ لَهَا حَالٌ مِنْ الْأَحْوَالِ لَا عُلُومٌ وَلَا تَصَوُّرَاتٌ. وَلَا سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ وَلَا إرَادَاتٌ. وَلَا فَرَحٌ وَسُرُورٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَتَجَدَّدُ وَيَحْدُثُ بَلْ تَبْقَى عِنْدَهُمْ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ أَزَلًا وَأَبَدًا كَمَا يَزْعُمُونَهُ فِي الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ النُّفُوسَ وَاحِدَةٌ بِالْعَيْنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ مُتَعَدِّدَةٌ. وَفِي كَلَامِهِمْ مِنْ الْبَاطِلِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ. وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَوْضِعَ: فَهُمْ يُسَمُّونَ مَا اقْتَرَنَ بِالْمَادَّةِ الَّتِي هِيَ الْهَيُولَى وَهِيَ الْجِسْمُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَفْسًا كَنَفْسِ الْإِنْسَانِ الْمُدَبِّرَةِ لِبَدَنِهِ. وَيَزْعُمُونَ أَنَّ لِلْفَلَكِ نَفْسًا تُحَرِّكُهُ كَمَا لِلنَّاسِ نُفُوسٌ لَكِنْ كَانَ قُدَمَاؤُهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ نَفْسَ الْفَلَكِ عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْفَلَكِ كَنُفُوسِ الْبَهَائِمِ وَكَمَا يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ الشَّهْوَةُ وَالْغَضَبُ لَكِنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ كَابْنِ سِينَا وَغَيْرِهِ زَعَمُوا أَنَّ النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ كَنَفْسِ الْإِنْسَانِ وَمَا دَامَتْ نَفْسُ الْإِنْسَانِ مُدَبِّرَةً لِبَدَنِهِ سَمَّوْهَا نَفْسًا فَإِذَا فَارَقَتْ سَمَّوْهَا عَقْلًا؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْمَادَّةِ وَعَنْ عَلَائِقِ الْمَادَّةِ. وَأَمَّا النَّفْسُ فَهِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْبَدَنِ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ وَالتَّصْرِيفِ.
وَأَصْلُ تَسْمِيَتِهِمْ هَذِهِ مُجَرَّدَاتٍ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ يُجَرِّدُ الْأُمُورَ الْعَقْلِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ عَنْ الْأُمُورِ الْحِسِّيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ إذَا رَأَى أَفْرَادًا لِلْإِنْسَانِ كَزَيْدِ وَعَمْرٍو عَقَلَ قَدْرًا مُشْتَرِكًا بَيْنَ الْأَنَاسِيِّ وَبَيْنَ الْإِنْسَانِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ الْمُشْتَرِكَةِ الْمَعْقُولَةِ فِي قَلْبِهِ. وَإِذَا رَأَى الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ وَبَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَفْرَادِ الْحَيَوَانِ عَقَلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا كُلِّيًّا
(يُتْبَعُ)
(/)
مُشْتَرِكًا بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَهِيَ الْحَيَوَانِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ الْمَعْقُولَةُ. وَإِذَا رَأَى مَعَ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ وَالشَّجَرَ وَالنَّبَاتَ عَقَلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا مُشْتَرِكًا كُلِّيًّا وَهُوَ الْجِسْمُ النَّامِي الْمُغْتَذِي وَقَدْ يُسَمُّونَ ذَلِكَ النَّفْسَ النَّبَاتِيَّةَ.
وَإِذَا رَأَى مَعَ ذَلِكَ سَائِرَ الْأَجْسَامِ الْعُلْوِيَّةِ الْفَلَكِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ الْعُنْصُرِيَّةِ عَقَلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا مُشْتَرِكًا كُلِّيًّا هُوَ الْجِسْمُ الْعَامُّ الْمُطْلَقُ وَإِذَا رَأَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ عَقَلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا مُشْتَرَكًا كُلِّيًّا وَهُوَ الْوُجُودُ الْعَامُّ الْكُلِّيُّ الَّذِي يَنْقَسِمُ إلَى جَوْهَرٍ وَعَرَضٍ وَهَذَا الْوُجُودُ هُوَ عِنْدَهُمْ مَوْضُوعُ " الْعِلْمِ الْأَعْلَى " النَّاظِرِ فِي الْوُجُودِ وَلَوَاحِقِهِ وَهِيَ " الْفَلْسَفَةُ الْأُولَى " وَ " الْحِكْمَةُ الْعُلْيَا " عِنْدَهُمْ. وَهُمْ يُقَسِّمُونَ الْوُجُودَ: إلَى جَوْهَرٍ وَعَرَضٍ وَالْأَعْرَاضُ يَجْعَلُونَهَا " تِسْعَةَ أَنْوَاعٍ " هَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ يَجْعَلُونَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْطِقِ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْمُفْرَدَاتِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا الْحُدُودُ الْمُؤَلَّفَةُ وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي هَذَا الْبَابِ كَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا ابْنُ سِينَا وَأَتْبَاعُهُ فَقَالُوا: " الْكَلَامُ فِي هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَنْطِقِ "
فَأَخْرَجُوهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ مَنْ سَلَكَ سَبِيلَ ابْنِ سِينَا كَأَبِي حَامِدٍ وَالسُّهْرَوَرْدِي الْمَقْتُولِ وَالرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ وَغَيْرِهِمْ. وَهَذِهِ هِيَ " الْمَقُولَاتُ الْعَشْرُ " الَّتِي يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِقَوْلِهِمْ: الْجَوْهَرُ. وَالْكَمُّ. وَالْكَيْفُ. وَالْأَيْنُ. وَمَتَى وَالْإِضَافَةُ وَالْوَضْعُ وَالْمِلْكُ وَأَنْ يَفْعَلَ وَأَنْ يَنْفَعِلَ وَقَدْ جُمِعَتْ فِي بَيْتَيْنِ وَهِيَ:
زَيْدُ الطَّوِيلُ الْأَسْوَدُ ابْنُ مَالِكِ * * * فِي دَارِهِ بِالْأَمْسِ كَانَ متكي
فِي يَدِهِ سَيْفٌ نَضَاهُ فانتضا * * * فَهَذِهِ عَشْرُ مَقُولَاتٍ سوا
وَأَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَغَيْرِ أَتْبَاعِهِ أَنْكَرُوا حَصْرَ الْأَعْرَاضِ فِي تِسْعَةِ أَجْنَاسٍ وَقَالُوا: إنَّ هَذَا لَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ. وَيُثْبِتُونَ إمْكَانَ رَدِّهَا إلَى ثَلَاثَةٍ وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْدَادِ. وَجَعَلُوا الْجَوَاهِرَ " خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ ": الْجِسْمَ وَالْعَقْلَ وَالنَّفْسَ وَالْمَادَّةَ وَالصُّورَةَ. فَالْجِسْمُ جَوْهَرٌ حِسِّيٌّ وَالْبَاقِيَةُ جَوَاهِرُ عَقْلِيَّةٌ؛ لَكِنْ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى إثْبَاتِ الْجَوَاهِرِ الْعَقْلِيَّةِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ. وَهَذِهِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا " الْمُجَرَّدَاتِ الْعَقْلِيَّةَ " وَيَقُولُونَ: الْجَوَاهِرُ تَنْقَسِمُ إلَى مَادِّيَّاتٍ وَمُجَرَّدَاتٍ فَالْمَادِّيَّاتُ الْقَائِمَةُ بِالْمَادَّةِ وَهِيَ الْهَيُولَى وَهِيَ الْجِسْمُ وَالْمُجَرَّدَاتُ هِيَ الْمُجَرَّدَاتُ عَنْ الْمَادَّةِ وَهَذِهِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمُجَرَّدَاتِ أَصْلُهَا هِيَ هَذِهِ الْأُمُورُ الْكُلِّيَّةُ الْمَعْقُولَةُ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ كَمَا أَنَّ الْمُفَارَقَاتِ أَصْلُهَا مُفَارَقَةُ النَّفْسِ الْبَدَنَ وَهَذَانِ أَمْرَانِ لَا يُنْكَرَانِ؛ لَكِنْ ادَّعَوْا فِي صِفَاتِ النَّفْسِ وَأَحْوَالِهَا أُمُورًا بَاطِلَةً وَادَّعَوْا أَيْضًا ثُبُوتَ جَوَاهِرَ عَقْلِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِأَنْفُسِهَا وَيَقُولُونَ فِيهَا: الْعَاقِلُ وَالْمَعْقُولُ وَالْعَقْلُ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا يَقُولُونَ: مِثْلَ ذَلِكَ فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَيَقُولُونَ: هُوَ عَاقِلٌ وَمَعْقُولٌ وعقل وَعَاشِقٌ وَمَعْشُوقٌ وعشق وَلَذِيذٌ وَمُلْتَذٌّ وَلَذَّةٌ. وَيَجْعَلُونَ الصِّفَةَ عَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَيَجْعَلُونَ كُلَّ صِفَةٍ هِيَ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْأُخْرَى فَيَجْعَلُونَ نَفْسَ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ نَفْسَ الْعَاقِلِ الْعَالِمِ وَنَفْسَ الْعِشْقِ الَّذِي هُوَ الْحُبُّ نَفْسَ الْعَاشِقِ الْمُحِبِّ وَنَفْسَ اللَّذَّةِ هِيَ نَفْسُ الْعِلْمِ وَنَفْسُ الْحُبِّ وَيَجْعَلُونَ الْقُدْرَةَ وَالْإِرَادَةَ هِيَ نَفْسَ الْعِلْمِ فَيَجْعَلُونَ الْعِلْمَ هُوَ الْقُدْرَةَ وَهُوَ الْإِرَادَةَ وَهُوَ الْمَحَبَّةَ وَهُوَ اللَّذَّةَ وَيَجْعَلُونَ الْعَالِمَ الْمُرِيدَ الْمُحِبَّ الْمُلْتَذَّ هُوَ نَفْسَ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْإِرَادَةِ وَهُوَ نَفْسُ الْمَحَبَّةِ وَهُوَ نَفْسُ اللَّذَّةِ فَيَجْعَلُونَ الْحَقَائِقَ الْمُتَنَوِّعَةَ شَيْئًا وَاحِدًا وَيَجْعَلُونَ نَفْسَ الصِّفَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ هِيَ نَفْسَ الذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ ثُمَّ يَتَنَاقَضُونَ فَيُثْبِتُونَ لَهُ عِلْمًا لَيْسَ هُوَ نَفْسَ ذَاتِهِ كَمَا تَنَاقَضَ ابْنُ سِينَا فِي إشَارَاتِهِ. وَغَيْرُهُ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِمَوْضِعِ آخَرَ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ الْعَقْلِ عَنْ جَوْهَرٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ وَيُثْبِتُونَ جَوَاهِرَ عَقْلِيَّةً يُسَمُّونَهَا الْمُجَرَّدَاتِ وَالْمُفَارَقَاتِ لِلْمَادَّةِ وَإِذَا حُقِّقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ غَيْرُ نَفْسِ الْإِنْسَانِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا النَّاطِقَةَ وَغَيْرُ مَا يَقُومُ بِهَا مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي يُسَمَّى عَقْلًا.
وَكَانَ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ يُسَمُّونَ " الرَّبَّ " عَقْلًا وَجَوْهَرًا. وَهُوَ عِنْدَهُمْ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا سِوَى نَفْسِهِ وَلَا يُرِيدُ شَيْئًا وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَيُسَمُّونَهُ " الْمَبْدَأَ " وَ " الْعِلَّةَ الْأُولَى " لِأَنَّ الْفَلَكَ عِنْدَهُمْ مُتَحَرِّكٌ لِلتَّشَبُّهِ بِهِ أَوْ مُتَحَرِّكٌ لِلشَّبَهِ بِالْعَقْلِ فَحَاجَةُ الْفَلَكِ عِنْدَهُمْ إلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُتَشَبِّهٌ بِهَا كَمَا يَتَشَبَّهُ الْمُؤْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَالتِّلْمِيذُ بِالْأُسْتَاذِ. وَقَدْ يَقُولُ: إنَّهُ يُحَرِّكُهُ كَمَا يُحَرِّكُ الْمَعْشُوقُ عَاشِقَهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ أَبْدَعَ شَيْئًا وَلَا فَعَلَ شَيْئًا وَلَا كَانُوا يُسَمُّونَهُ وَاجِبَ الْوُجُودِ وَلَا يُقَسِّمُونَ الْوُجُودَ إلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ وَيَجْعَلُونَ الْمُمْكِنَ هُوَ مَوْجُودًا قَدِيمًا أَزَلِيًّا كَالْفَلَكِ عِنْدَهُمْ. وَإِنَّمَا هَذَا فِعْلُ ابْنِ سِينَا وَأَتْبَاعِهِ وَهُمْ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ سَلَفَهُمْ وَجَمِيعَ الْعُقَلَاءِ وَخَالَفُوا أَنْفُسَهُمْ أَيْضًا فَتَنَاقَضُوا؛ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِمَا صَرَّحَ بِهِ سَلَفُهُمْ وَسَائِرُ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَنَّ الْمُمْكِنَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا لَا يَكُونُ إلَّا مُحْدَثًا مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ. وَأَمَّا الْأَزَلِيُّ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ فَيَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ سَائِرِ الْعُقَلَاءِ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ بَلْ كُلُّ مَا قَبِلَ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُحْدَثًا وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ فَهُوَ مُحْدَثٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. لَكِنَّ ابْنَ سِينَا وَمُتَّبِعُوهُ تَنَاقَضُوا فَذَكَرُوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْوُجُودَ يَنْقَسِمُ إلَى: وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ. وَأَنَّ الْمُمْكِنَ قَدْ يَكُونُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ يَمْتَنِعُ عَدَمُهُ وَيَقُولُونَ: هُوَ وَاجِبٌ بِغَيْرِهِ وَجَعَلُوا الْفَلَكَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ؛ فَخَرَجُوا عَنْ إجْمَاعِ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ وَافَقُوهُمْ عَلَيْهِ فِي إثْبَاتِ شَيْءٍ مُمْكِنٍ يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ وَأَلَّا يُوجَدَ وَأَنَّهُ مَعَ هَذَا يَكُونُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا أَبَدِيًّا مُمْتَنِعَ الْعَدَمِ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا
(يُتْبَعُ)
(/)
مُمْتَنِعٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ. وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ لِمَنْ تَصَوَّرَ حَقِيقَةَ الْمُمْكِنِ الَّذِي يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. وَهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ إنَّمَا تَسَلَّطُوا عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَعْرِفُوا حَقِيقَةَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ. وَلَمْ يَحْتَجُّوا لِمَا نَصَرُوهُ بِحُجَجِ صَحِيحَةٍ فِي الْمَعْقُولِ. فَقَصَّرَ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي مَعْرِفَةِ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ. (حَتَّى قَالُوا: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ [ثُمَّ حَدَثَ مَا حَدَثَ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ سَبَبٍ حَادِثٍ وَزَعَمُوا دَوَامَ امْتِنَاعِ كَوْنِ الرَّبِّ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ] ثُمَّ حَدَثَ مَا حَدَثَ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ سَبَبٍ حَادِثٍ وَزَعَمُوا دَوَامَ امْتِنَاعِ كَوْنِ الرَّبِّ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ فَعَّالًا لِمَا يَشَاءُ؛ لِزَعْمِهِمْ امْتِنَاعَ دَوَامِ الْحَوَادِثِ) (*) ثُمَّ صَارَ أَئِمَّتُهُمْ كَالْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَأَبِي الهذيل الْعَلَّافِ إلَى امْتِنَاعِ دَوَامِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَاضِي فَقَالَ الْجَهْمُ: بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَالَ أَبُو الهذيل: بِفَنَاءِ حَرَكَاتِهِمَا وَأَنَّهُمْ يَبْقَوْنَ دَائِمًا فِي سُكُونٍ وَيَزْعُمُ بَعْضُ مَنْ سَلَكَ هَذِهِ السَّبِيلَ أَنَّ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْلِ وَأَنَّ كُلَّ مَا لَهُ ابْتِدَاءٌ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ انْتِهَاءٌ. وَلَمَّا رَأَوْا الشَّرْعَ قَدْ جَاءَ بِدَوَامِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُكُلُهَادَائِمٌ وَظِلُّهَا} وَقَالَ: {إنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} ظَنُّوا أَنَّهُ يَجِبُ تَصْدِيقُ الشَّرْعِ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعَقْلِ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْحُجَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الصَّرِيحَةَ لَا تُنَاقِضُ الْحُجَّةَ الشَّرْعِيَّةَ الصَّحِيحَةَ بَلْ يَمْتَنِعُ تَعَارُضُ الْحُجَجِ الصَّحِيحَةِ سَوَاءً كَانَتْ عَقْلِيَّةً أَوْ سَمْعِيَّةً أَوْ سَمْعِيَّةً وَعَقْلِيَّةً. بَلْ إذَا تَعَارَضَتْ حُجَّتَانِ دَلَّ عَلَى فَسَادِ إحْدَاهُمَا أَوْ فَسَادِهِمَا جَمِيعًا. وَصَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إلَى جَوَازِ دَوَامِ الْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي وَذَكَرُوا فُرُوعًا عَرَفَ حُذَّاقُهُمْ ضَعْفَهَا كَمَا بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهُوَ لُزُومُهُمْ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ ثُمَّ صَارَ قَادِرًا مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ سَبَبٍ يُوجِبُ كَوْنَهُ قَادِرًا وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ وَلَا يَتَكَلَّمَ بِمَشِيئَتِهِ ثُمَّ صَارَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا لَهُ بِدُونِ سَبَبٍ يُوجِبُ تَجَدُّدَ الْإِمْكَانِ. وَإِذَا ذُكِرَ لَهُمْ هَذَا قَالُوا: كَانَ فِي الْأَزَلِ قَادِرًا عَلَى مَا لَمْ يَزَلْ فَقِيلَ لَهُمْ: الْقَادِرُ لَا يَكُونُ قَادِرًا مَعَ كَوْنِ الْمَقْدُورِ مُمْتَنِعًا بَلْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعَةً وَإِنَّمَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِذَا كَانَ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا فَلَمْ يَزَلْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ. وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ هَؤُلَاءِ هَذَا صَارُوا فِي كَلَامِ اللَّهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
فِرْقَةٌ قَالَتْ: الْكَلَامُ لَا يَقُومُ بِذَاتِ الرَّبِّ بَلْ لَا يَكُونُ كَلَامُهُ إلَّا مَخْلُوقًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا قَدِيمٌ وَإِمَّا حَادِثٌ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا لِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَالْقَدِيمُ لَا يَكُونُ بِالْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ بِالْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ كَانَ مَخْلُوقًا لَا يَقُومُ بِذَاتِهِ. إذْ لَوْ قَامَ بِذَاتِهِ كَانَتْ قَدْ قَامَتْ بِهِ الْحَوَادِثُ وَالْحَوَادِثُ لَا تَقُومُ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ قَامَتْ
(يُتْبَعُ)
(/)
بِهِ لَمْ يَخْلُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ. قَالُوا: إذْ بِهَذَا الْأَصْلِ أَثْبَتْنَا حُدُوثَ الْأَجْسَامِ وَبِهِ ثَبَتَ حُدُوثُ الْعَالَمِ. قَالُوا: وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا لَمْ يَسْبِقْ الْحَادِثُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ إمَّا مَعَهُ وَإِمَّا بَعْدَهُ. وَمَا كَانَ مَعَ الْحَادِثِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ حَادِثٌ. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ نَوْعِ الْحَوَادِثِ وَبَيْنَ الْحَادِثِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ الْحَادِثَ الْمُعَيَّنَ وَالْحَوَادِثَ الْمَحْصُورَةَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ أَزَلِيَّةً دَائِمَةً وَمَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا فَهُوَ إمَّا مَعَهَا وَإِمَّا بَعْدَهَا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَادِثٌ قَطْعًا. وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ. وَلَكِنَّ مَوْضِعَ النَّظَرِ وَالنِّزَاعِ " نَوْعُ الْحَوَادِثِ ". وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ النَّوْعُ دَائِمًا فَيَكُونُ الرَّبُّ لَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ أَوْ يَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَمْ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ؟ فَلَمَّا تَفَطَّنَ لِهَذَا الْفَرْقِ طَائِفَةٌ قَالُوا: وَهَذَا أَيْضًا مُمْتَنِعٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا وَذَكَرُوا عَلَى ذَلِكَ حُجَجًا كَحُجَّةِ التَّطْبِيقِ وَحُجَّةِ امْتِنَاعِ انْقِضَاءِ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ عَامَّةَ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي مَوَاضِعَ غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ. وَأُولَئِكَ الْمُتَفَلْسِفَةُ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا يُعْلَمُ بُطْلَانُهُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ وَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الرَّبِّ يَصِيرُ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ. وَأَنَّ الْمُؤَثِّرَ التَّامَّ يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُ أَثَرِهِ عَنْهُ - ظَنُّوا أَنَّهُمْ إذَا أَبْطَلُوا هَذَا الْقَوْلَ فَقَدْ سَلِمَ لَهُمْ مَا ادَّعَوْهُ عَنْ " قِدَمِ الْعَالَمِ " كَالْأَفْلَاكِ وَجِنْسِ الْمُوَلَّدَاتِ وَمَوَادِّ الْعَنَاصِرِ وَضَلُّوا ضَلَالًا عَظِيمًا خَالَفُوا بِهِ صَرَائِحَ الْعُقُولِ وَكَذَّبُوا بِهِ كُلَّ رَسُولٍ. فَإِنَّ الرُّسُلَ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ. لَيْسَ مَعَ اللَّهِ شَيْءٌ قَدِيمٌ بِقِدَمِهِ وَأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ. وَالْعُقُولُ الصَّرِيحَةُ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَوَادِثَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا الْعِلَّةُ الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِمَعْلُولِهَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مِنْ الْحَوَادِثِ. فَإِنَّ حُدُوثَ ذَلِكَ الْحَادِثِ عَنْ عِلَّةٍ قَدِيمَةٍ أَزَلِيَّةٍ مُسْتَلْزِمَةٍ لِمَعْلُولِهَا مُمْتَنِعٌ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مَعْلُولُهَا لَازِمًا لَهَا كَانَ قَدِيمًا مَعَهَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ لِشَيْءِ مِنْ الْحَوَادِثِ سَبَبٌ اقْتَضَى حُدُوثَهُ فَتَكُونُ الْحَوَادِثُ كُلُّهَا حَدَثَتْ بِلَا مُحْدِثٍ وَهَؤُلَاءِ فَرُّوا مِنْ أَنْ يُحْدِثَهَا الْقَادِرُ بِغَيْرِ سَبَبٍ حَادِثٍ وَذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا تَحْدُثُ بِغَيْرِ مُحْدِثٍ أَصْلًا لَا قَادِرٍ وَلَا غَيْرِ قَادِرٍ. فَكَانَ مَا فَرُّوا إلَيْهِ شَرًّا مِمَّا فَرُّوا مِنْهُ وَكَانُوا شَرًّا مِنْ الْمُسْتَجِيرِ مِنْ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ. وَاعْتَقَدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْمَفْعُولَ الْمَصْنُوعَ الْمُبْتَدَعَ الْمُعَيَّنَ كَالْفَلَكِ يُقَارِنُ فَاعِلَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا لَا يَتَقَدَّمُ الْفَاعِلُ عَلَيْهِ تَقَدُّمًا زَمَانِيًّا وَأُولَئِكَ قَالُوا: بَلْ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ يَتَرَاخَى عَنْهُ أَثَرُهُ ثُمَّ يَحْدُثُ الْأَثَرُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ اقْتَضَى حُدُوثَهُ فَأَقَامَ الْأَوَّلُونَ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الصَّرِيحَةَ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا كَمَا أَقَامَ هَؤُلَاءِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الصَّرِيحَةَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْآخَرِينَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ أَهْلِ الْمُقَارَنَةِ أَشَدُّ فَسَادًا وَمُنَاقَضَةً لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ. وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ مِنْ قَوْلِ أُولَئِكَ أَهْلِ التَّرَاخِي. وَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْقُولُ الصَّرِيحُ وَيُقِرُّ بِهِ عَامَّةُ الْعُقَلَاءِ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ لَمْ يَهْتَدِ لَهُ الْفَرِيقَانِ: وَهُوَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ التَّامَّ يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ أَثَرِهِ عَقِبَ تَأَثُّرِهِ التَّامِّ لَا يَقْتَرِنُ بِهِ وَلَا يَتَرَاخَى كَمَا إذَا طَلَّقْت الْمَرْأَةَ فَطَلَقَتْ. وَأَعْتَقْت الْعَبْدَ فَعَتَقَ. وَكَسَرْت الْإِنَاءَ فَانْكَسَرَ وَقَطَعْت الْحَبْلَ فَانْقَطَعَ فَوُقُوعُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لَيْسَ مُقَارِنًا لِنَفْسِ التَّطْلِيقِ وَالْإِعْتَاقِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعَهُ وَلَا هُوَ أَيْضًا مُتَرَاخٍ عَنْهُ بَلْ يَكُونُ عَقِبَهُ مُتَّصِلًا بِهِ. وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مَعَهُ وَمُفَارِقٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَكُونُ عَقِبَهُ مُتَّصِلًا بِهِ كَمَا يُقَالُ: هُوَ بَعْدَهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَقِبَ التَّأْثِيرِ التَّامِّ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَكُونُ مَا يَشَاءُ تَكْوِينَهُ فَإِذَا كَوَّنَهُ كَانَ عَقِبَ تَكْوِينِهِ مُتَّصِلًا بِهِ لَا يَكُونُ مَعَ تَكْوِينِهِ فِي الزَّمَانِ وَلَا يَكُونُ مُتَرَاخِيًا عَنْ تَكْوِينِهِ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ فِي الزَّمَانِ؛ بَلْ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِتَكْوِينِهِ كَاتِّصَالِ أَجْزَاءِ الْحَرَكَةِ وَالزَّمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضِ. وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ حَادِثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ قِيلَ مَعَ ذَلِكَ بِدَوَامِ فَاعِلِيَّتِهِ ومتكلميته وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَ الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذَا هُوَ أَصْلُ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مُحْدَثٌ وَمَنْ قَالَ إنَّ الرَّبَّ لَمْ يَقُمْ بِهِ كَلَامٌ وَلَا إرَادَةٌ بَلْ وَلَا عِلْمٌ بَلْ وَلَا حَيَاةٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الصِّفَاتِ. فَلَمَّا ظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ شَرْعًا وَعَقْلًا قَالَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ وَافَقَتْهُمْ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ: هُوَ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بَلْ كَلَامُهُ أَمْرٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ كَمَا تَلْزَمُ ذَاتَه الْحَيَاةُ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ مَعَانٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ وَامْتِنَاعِ تَخْصِيصِهِ بِعَدَدِ دُونَ عَدَدٍ وَقَالُوا: ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْأَمْرُ بِكُلِّ مَأْمُورٍ وَالْخَبَرُ عَنْ كُلِّ مُخْبَرٍ عَنْهُ إنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ قُرْآنًا وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّةِ كَانَ تَوْرَاةً وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بالسريانية كَانَ إنْجِيلًا. وَقَالُوا: إنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ صِفَاتٌ لِلْكَلَامِ لَا أَنْوَاعٌ لَهُ. فَإِنَّ مَعْنَى " آيَةِ الْكُرْسِيِّ " وَ " آيَةِ الدَّيْنِ " وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} مَعْنًى وَاحِدٌ. فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ لَهُمْ: تَصَوُّرُ هَذَا الْقَوْلِ يُوجِبُ الْعِلْمَ بِفَسَادِهِ وَقَالُوا لَهُمْ: مُوسَى سَمِعَ كَلَامَ اللَّهِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ. إنْ قُلْتُمْ كُلَّهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ عِلْمَ اللَّهِ. وَإِنْ قُلْتُمْ بَعْضَهُ فَقَدْ تَبَعَّضَ. وَقَالُوا لَهُمْ: إذَا جَوَّزْتُمْ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةُ الْخَبَرِ هِيَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَحَقِيقَةُ النَّهْيِ عَنْ كُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَالْأَمْرِ بِكُلِّ مَأْمُورٍ بِهِ هُوَ حَقِيقَةُ الْخَبَرِ عَنْ كُلِّ مُخْبَرٍ عَنْهُ فَجَوَّزُوا أَنْ تَكُونَ
(يُتْبَعُ)
(/)
حَقِيقَةُ الْعِلْمِ هِيَ حَقِيقَةَ الْقُدْرَةِ وَحَقِيقَةُ الْقُدْرَةِ هِيَ حَقِيقَةَ الْإِرَادَةِ. فَاعْتَرَفَ حُذَّاقُهُمْ بِأَنَّ هَذَا لَازِمٌ لَهُمْ لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ وَلَزِمَهُمْ إمْكَانُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةُ الذَّاتِ هِيَ حَقِيقَةَ الصِّفَاتِ وَحَقِيقَةُ الْوُجُودِ الْوَاجِبِ هِيَ حَقِيقَةَ الْوُجُوبِ الْمُمْكِنِ وَالْتَزَمَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا:
الْوُجُودُ وَاحِدٌ وَعَيْنُ الْوُجُودِ الْوَاجِبِ الْقَدِيمِ الْخَالِقِ هُوَ عَيْنُ الْوُجُودِ الْمُمْكِنِ الْمَخْلُوقِ الْمُحْدَثِ. وَهَذَا أَصْلُ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ كَابْنِ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَأَتْبَاعِهِمَا كَمَا بُسِطَ فِي مَوَاضِعَ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مَعَ قِيَامِ الْكَلَامِ بِهِ مَنْ قَالَ: كَلَامُهُ الْمُعَيَّنُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ مُعَيَّنَةٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ. وَزَعَمُوا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ فَقَالَ لَهُمْ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ: مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْبَاءَ قَبْلَ السِّينِ وَالسِّينَ قَبْلَ الْمِيمِ فَكَيْفَ يَكُونَانِ مَعًا أَزَلًا وَأَبَدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّوْتَ الْمُعَيَّنَ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ فَكَيْفَ يَكُونُ أَزَلِيًّا لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ. فَقَالَتْ (الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ - مِمَّنْ سَلَكَ مَسْلَكَ أُولَئِكَ الْمُتَكَلِّمِينَ - بَلْ نَقُولُ إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ كَلَامًا قَائِمًا بِذَاتِهِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ قِيَامُ الْحَوَادِثِ بِهِ فَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ لَا شَرْعًا وَلَا عَقْلًا بَلْ هَذَا لَازِمٌ لِجَمِيعِ طَوَائِفِ الْعُقَلَاءِ وَعَلَيْهِ دَلَّتْ النُّصُوصُ الْكَثِيرَةُ وَأَقْوَالُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ. وَنَقُولُ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بِالْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ وَأَنَّهُ نَادَى مُوسَى بِصَوْتِ سَمِعَهُ مُوسَى كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ النُّصُوصُ وَأَقْوَالُ السَّلَفِ لَكِنْ نَقُولُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَزَلِ مُتَكَلِّمًا وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا. وَهُوَ أَصْلُ هَؤُلَاءِ. فَقِيلَ لَهُمْ: مَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ صِفَةُ كَمَالٍ لَا صِفَةُ نَقْصٍ وَأَنَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَحِينَئِذٍ فَمَنْ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ أَكْمَلُ مِمَّنْ صَارَ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ. وَقَالُوا لَهُمْ: إذَا قُلْتُمْ تَكَلَّمَ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْكَلَامُ مُمْتَنِعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ أَوْجَبَ تَجَدُّدَ قُدْرَتِهِ وَتَجَدُّدَ إمْكَانِ الْكَلَامِ لَهُ قُلْتُمْ إنَّهُ لَمْ يَزَلْ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْكَلَامِ وَلَمْ يَزَلْ الْكَلَامُ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَهُ ثُمَّ صَارَ قَادِرًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَشِيئَتِهِ مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ شَيْءٍ وَهَذَا مُخَالَفَةٌ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَسَلْبٌ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ عَنْ الْبَارِي وَجَعْلُهُ مِثْلَ الْمَخْلُوقِ الَّذِي صَارَ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ. وَالسَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَكَمَا شَاءَ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَسَلَفِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الَّذِينَ قَالُوا بِأَنَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّهُ مَخْلُوقٌ بَائِنٌ عَنْهُ. وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّهُ صَارَ مُتَكَلِّمًا أَوْ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. وَقَدْ بُسِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الَّتِي قَالَهَا هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ والْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة والسالمية وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ انْتَسَبُوا إلَى بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَخَالَفُوا بِهَا إجْمَاعَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةَ وَمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَخَالَفُوا بِهَا صَرِيحَ الْمَعْقُولِ الَّذِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ عِبَادَهُ هِيَ الَّتِي سَلَّطَتْ أُولَئِكَ الْمُتَفَلْسِفَةَ الدَّهْرِيَّةَ عَلَيْهِمْ لَكِنَّ قَوْلَ الْفَلَاسِفَةِ أَعْظَمُ فَسَادًا فِي الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ.
مسألة هل يسمى العلم عقلاً؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 286)
الْعَقْلَ مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْعَقْلُ لَا يُسَمَّى بِهِ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ بِهِ صَاحِبُهُ. وَلَا الْعَمَلُ بِلَا عِلْمٍ؛ بَلْ إنَّمَا يُسَمَّى بِهِ الْعِلْمُ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِالْعِلْمِ وَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}. وَالْعَقْلُ الْمَشْرُوطُ فِي التَّكْلِيفِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عُلُومًا يُمَيِّزُ بِهَا الْإِنْسَانُ بَيْنَ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ فَالْمَجْنُونُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ وَلَا بَيْنَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَلَا يَفْقَهُ مَا يُقَالُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ لَيْسَ بِعَاقِلِ. أَمَّا مَنْ فَهِمَ الْكَلَامَ وَمَيَّزَ بَيْنَ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ فَهُوَ عَاقِلٌ
مسألة: هل العقل غريزة أو هو العمل بالعلم؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 287)
مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: الْعَقْلُ هُوَ عُلُومٌ ضَرُورِيَّةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْعَقْلُ هُوَ الْعَمَلُ بِمُوجَبِ تِلْكَ الْعُلُومِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَ الْعَقْلِ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا وَقَدْ يُرَادُ بِالْعَقْلِ نَفْسُ الْغَرِيزَةِ الَّتِي فِي الْإِنْسَانِ الَّتِي بِهَا يَعْلَمُ وَيُمَيِّزُ وَيَقْصِدُ الْمَنَافِعَ دُونَ الْمَضَارِّ كَمَا قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحَارِثُ المحاسبي وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ الْعَقْلَ غَرِيزَةٌ. وَهَذِهِ الْغَرِيزَةُ ثَابِتَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ كَمَا أَنَّ فِي الْعَيْنِ قُوَّةً بِهَا يُبْصِرُ؛ وَفِي اللِّسَانِ قُوَّةً بِهَا يَذُوقُ وَفِي الْجِلْدِ قُوَّةً بِهَا يَلْمِسُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ.
مسألة أين مسكن العقل؟ و كيف يبدأ الإنسان بالنظر و ينتهي بالعمل ثم يعود للنظر؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 303)
أَمَّا قَوْلُهُ: أَيْنَ مَسْكَنُ الْعَقْلِ فِيهِ؟ فَالْعَقْلُ قَائِمٌ بِنَفْسِ الْإِنْسَانِ الَّتِي تَعْقِلُ وَأَمَّا مِنْ الْبَدَنِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَلْبِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} وَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: بِمَاذَا نِلْت الْعِلْمَ: قَالَ: " بِلِسَانِ سَئُولٍ وَقَلْبٍ عَقُولٍ " لَكِنَّ لَفْظَ " الْقَلْبِ " قَدْ يُرَادُ بِهِ الْمُضْغَةُ الصَّنَوْبَرِيَّةُ الشَّكْلِ الَّتِي فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْ الْبَدَنِ الَّتِي جَوْفُهَا عَلَقَةٌ سَوْدَاءُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ
(يُتْبَعُ)
(/)
فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ}. وَقَدْ يُرَادُ بِالْقَلْبِ بَاطِنُ الْإِنْسَانِ مُطْلَقًا فَإِنَّ قَلْبَ الشَّيْءِ بَاطِنُهُ كَقَلْبِ الْحِنْطَةِ وَاللَّوْزَةِ وَالْجَوْزَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْقَلِيبُ قَلِيبًا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَلْبَهُ وَهُوَ بَاطِنُهُ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا أُرِيدَ بِالْقَلْبِ هَذَا فَالْعَقْلُ مُتَعَلِّقٌ بِدِمَاغِهِ أَيْضًا وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّ الْعَقْلَ فِي الدِّمَاغِ. كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَيَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: إنَّ أَصْلَ الْعَقْلِ فِي الْقَلْبِ فَإِذَا كَمُلَ انْتَهَى إلَى الدِّمَاغِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الرُّوحَ الَّتِي هِيَ النَّفْسُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَهَذَا وَمَا يَتَّصِفُ مِنْ الْعَقْلِ بِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا وَهَذَا لَكِنَّ مَبْدَأَ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فِي الدِّمَاغِ وَمَبْدَأَ الْإِرَادَةِ فِي الْقَلْبِ. وَالْعَقْلُ يُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ وَيُرَادُ بِهِ الْعَمَلُ فَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ الِاخْتِيَارِيُّ أَصْلُهُ الْإِرَادَةُ وَأَصْلُ الْإِرَادَةِ فِي الْقَلْبِ وَالْمُرِيدُ لَا يَكُونُ مُرِيدًا إلَّا بَعْدَ تَصَوُّرِ الْمُرَادِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ مُتَصَوِّرًا فَيَكُونُ مِنْهُ هَذَا وَهَذَا وَيَبْتَدِئُ ذَلِكَ مِنْ الدِّمَاغِ وَآثَارُهُ صَاعِدَةٌ إلَى الدِّمَاغِ فَمِنْهُ الْمُبْتَدَأُ وَإِلَيْهِ الِانْتِهَاءُ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ. وَهَذَا مِقْدَارُ مَا وَسِعَتْهُ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مسألة: ما هي شروط عقل القلب؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 309)
الْقَلْبَ بِنَفْسِهِ يَقْبَلُ الْعِلْمَ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ عَلَى شَرَائِطَ وَاسْتِعْدَادٍ قَدْ يَكُونُ فِعْلًا مِنْ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ مَطْلُوبًا وَقَدْ يَأْتِي فَضْلًا مِنْ اللَّهِ فَيَكُونُ مَوْهُوبًا. فَصَلَاحُ الْقَلْبِ وَحَقُّهُ وَاَلَّذِي خُلِقَ مِنْ أَجْلِهِ هُوَ أَنْ يَعْقِلَ الْأَشْيَاءَ لَا أَقُولُ أَنْ يَعْلَمَهَا فَقَطْ فَقَدْ يَعْلَمُ الشَّيْءَ مَنْ لَا يَكُونُ عَاقِلًا لَهُ بَلْ غَافِلًا عَنْهُ مُلْغِيًا لَهُ وَاَلَّذِي يَعْقِلُ الشَّيْءَ هُوَ الَّذِي يُقَيِّدُهُ وَيَضْبُطُهُ وَيَعِيهِ وَيُثْبِتُهُ فِي قَلْبِهِ فَيَكُونُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ غَنِيًّا فَيُطَابِقَ عَمَلُهُ قَوْلَهُ وَبَاطِنُهُ ظَاهِرَهُ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي أُوتِيَ الْحِكْمَةَ. {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُؤْتَى عِلْمًا وَلَا يُؤْتَى حُكْمًا وَإِنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ مِمَّنْ أُوتِيَ عِلْمًا وَحُكْمًا. وَهَذَا مَعَ أَنَّ النَّاسَ مُتَبَايِنُونَ فِي نَفْسِ عَقْلِهِمْ الْأَشْيَاءَ مِنْ بَيْنِ كَامِلٍ وَنَاقِصٍ وَفِيمَا يَعْقِلُونَهُ مِنْ بَيْنِ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَجَلِيلٍ وَدَقِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مسألة متى يسمى الشخص عاقلاً؟
مجموع الفتاوى - (ج 7 / ص 24)
لَفْظُ " الْعَقْلِ " - وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي الْأَصْلِ: مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا وَكَثِيرٌ مِنْ النُّظَّارِ جَعَلَهُ مِنْ جِنْسِ الْعُلُومِ - فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ عِلْمٌ يُعْمَلُ بِمُوجِبِهِ فَلَا يُسَمَّى " عَاقِلًا " إلَّا مَنْ عَرَفَ الْخَيْرَ فَطَلَبَهُ وَالشَّرَّ فَتَرَكَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ النَّارِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. وَقَالَ عَنْ الْمُنَافِقِينَ: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}. وَمَنْ فَعَلَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ؛ فَمِثْلُ هَذَا مَا لَهُ عَقْلٌ. فَكَمَا أَنَّ الْخَوْفَ مِنْ اللَّهِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِ؛ فَالْعِلْمُ بِهِ يَسْتَلْزِمُ خَشْيَتَهُ وَخَشْيَتُهُ تَسْتَلْزِمُ طَاعَتَهُ. فَالْخَائِفُ مِنْ اللَّهِ مُمْتَثِلٌ لِأَوَامِرِهِ مُجْتَنِبٌ لِنَوَاهِيهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَصَدْنَا بَيَانَهُ أَوَّلًا. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى}. فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ يَخْشَاهُ يَتَذَكَّرُ، وَالتَّذَكُّرُ هُنَا مُسْتَلْزِمٌ لِعِبَادَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إلَّا مَنْ يُنِيبُ}. وَقَالَ: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}. وَلِهَذَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ
{سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} سَيَتَّعِظُ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ. وَفِي قَوْلِهِ {وَمَا يَتَذَكَّرُ إلَّا مَنْ يُنِيبُ} إنَّمَا يَتَّعِظُ مَنْ يَرْجِعُ إلَى الطَّاعَةِ. وَهَذَا لِأَنَّ التَّذَكُّرَ التَّامَّ يَسْتَلْزِمُ التَّأَثُّرَ بِمَا تَذَكَّرَهُ؛ فَإِنْ تَذَكَّرَ مَحْبُوبًا طَلَبَهُ وَإِنْ تَذَكَّرَ مَرْهُوبًا هَرَبَ مِنْهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {إنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ}. فَنَفَى الْإِنْذَارَ عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ مَعَ قَوْلِهِ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}. فَأَثْبَتَ لَهُمْ الْإِنْذَارَ مِنْ وَجْهٍ وَنَفَاهُ عَنْهُمْ مِنْ وَجْهٍ؛ فَإِنَّ الْإِنْذَارَ هُوَ الْإِعْلَامُ بِالْمَخُوفِ. فَالْإِنْذَارُ مِثْلُ التَّعْلِيمِ وَالتَّخْوِيفِ فَمَنْ عَلَّمْتَهُ فَتَعَلَّمَ فَقَدْ تَمَّ تَعْلِيمُهُ وَآخَرُ يَقُولُ: عَلَّمْتُهُ فَلَمْ يَتَعَلَّمْ. وَكَذَلِكَ مَنْ خَوَّفْتَهُ فَخَافَ فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَمَّ تَخْوِيفُهُ. وَأَمَّا مَنْ خُوِّفَ فَمَا خَافَ؛ فَلَمْ يَتِمَّ تَخْوِيفُهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ هَدَيْتَهُ فَاهْتَدَى؛ تَمَّ هُدَاهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}. وَمَنْ هَدَيْتَهُ فَلَمْ يَهْتَدِ - كَمَا قَالَ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} - فَلَمْ يَتِمَّ هُدَاهُ كَمَا تَقُولُ: قَطَّعْتُهُ فَانْقَطَعَ وَقَطَّعْتُهُ فَمَا انْقَطَعَ. فَالْمُؤَثِّرُ التَّامُّ يَسْتَلْزِمُ أَثَرَهُ: فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ أَثَرُهُ لَمْ يَكُنْ تَامًّا وَالْفِعْلُ إذَا صَادَفَ مَحَلًّا قَابِلًا تَمَّ وَإِلَّا لَمْ يَتِمَّ. وَالْعِلْمُ بِالْمَحْبُوبِ يُورِثُ طَلَبَهُ وَالْعِلْمُ بِالْمَكْرُوهِ يُورِثُ تَرْكَهُ؛ وَلِهَذَا يُسَمَّى هَذَا الْعِلْمُ: الدَّاعِيَ وَيُقَالُ: الدَّاعِي مَعَ الْقُدْرَةِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَقْدُورِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمَطْلُوبِ الْمُسْتَلْزِمِ لِإِرَادَةِ الْمَعْلُومِ الْمُرَادِ، وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ مَعَ صِحَّةِ الْفِطْرَةِ وَسَلَامَتِهَا وَأَمَّا مَعَ فَسَادِهَا فَقَدْ يُحِسُّ الْإِنْسَانُ بِاللَّذِيذِ فَلَا يَجِدُ لَهُ لَذَّةً بَلْ يُؤْلِمُهُ، وَكَذَلِكَ يَلْتَذُّ بِالْمُؤْلِمِ لِفَسَادِ الْفِطْرَةِ
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 02:08]ـ
أسئلة في الأعضاء التي يتعلق بها العقل والعلم و هل العلم أفضل من العقل
مسألة: ما الأعضاء التي يتلق بها العقل و العلم؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 308)
سَيِّدَ الْأَعْضَاءِ وَرَأْسَهَا هُوَ الْقَلْبُ: كَمَا سُمِّيَ قَلْبًا. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إلَى صَدْرِهِ وَقَالَ أَلَا إنَّ التَّقْوَى هَاهُنَا أَلَا إنَّ التَّقْوَى هَاهُنَا}. وَإِذْ قَدْ خُلِقَ الْقَلْبُ لِأَنْ يُعْلَمَ بِهِ فَتَوَجُّهُهُ نَحْوَ الْأَشْيَاءِ
(يُتْبَعُ)
(/)
ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ بِهَا هُوَ الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ كَمَا أَنَّ إقْبَالَ الْأُذُنِ عَلَى الْكَلَامِ ابْتِغَاءَ سَمْعِهِ هُوَ الْإِصْغَاءُ وَالِاسْتِمَاعُ وَانْصِرَافَ الطَّرْفِ إلَى الْأَشْيَاءِ طَلَبًا لِرُؤْيَتِهَا هُوَ النَّظَرُ. فَالْفِكْرُ لِلْقَلْبِ كَالْإِصْغَاءِ لِلْأُذُنِ وَمِثْلُهُ نَظَرُ الْعَيْنَيْنِ فِيمَا سَبَقَ وَإِذَا عَلِمَ مَا نَظَرَ فِيهِ فَذَاكَ مَطْلُوبُهُ كَمَا أَنَّ الْأُذُنَ كَذَلِكَ إذَا سَمِعَتْ مَا أَصْغَتْ إلَيْهِ أَوْ الْعَيْنُ إذَا أَبْصَرَتْ مَا نَظَرَتْ إلَيْهِ. وَكَمْ مِنْ نَاظِرٍ مُفَكِّرٍ لَمْ يُحَصِّلْ الْعِلْمَ وَلَمْ يَنَلْهُ كَمَا أَنَّهُ كَمْ مِنْ نَاظِرٍ إلَى الْهِلَالِ لَا يُبْصِرُهُ وَمُسْتَمِعٍ إلَى صَوْتٍ لَا يَسْمَعُهُ.
وَعَكْسُهُ مَنْ يُؤْتَى عِلْمًا بِشَيْءِ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ وَلَمْ تَسْبِقْ مِنْهُ إلَيْهِ سَابِقَةُ تَفْكِيرٍ فِيهِ كَمَنْ فَاجَأَتْهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَيْهِ أَوْ سَمِعَ قَوْلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصْغِيَ إلَيْهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لَا لِأَنَّ الْقَلْبَ بِنَفْسِهِ يَقْبَلُ الْعِلْمَ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ عَلَى شَرَائِطَ وَاسْتِعْدَادٍ قَدْ يَكُونُ فِعْلًا مِنْ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ مَطْلُوبًا وَقَدْ يَأْتِي فَضْلًا مِنْ اللَّهِ فَيَكُونُ مَوْهُوبًا. فَصَلَاحُ الْقَلْبِ وَحَقُّهُ وَاَلَّذِي خُلِقَ مِنْ أَجْلِهِ هُوَ أَنْ يَعْقِلَ الْأَشْيَاءَ لَا أَقُولُ أَنْ يَعْلَمَهَا فَقَطْ فَقَدْ يَعْلَمُ الشَّيْءَ مَنْ لَا يَكُونُ عَاقِلًا لَهُ بَلْ غَافِلًا عَنْهُ مُلْغِيًا لَهُ وَاَلَّذِي يَعْقِلُ الشَّيْءَ هُوَ الَّذِي يُقَيِّدُهُ وَيَضْبُطُهُ وَيَعِيهِ وَيُثْبِتُهُ فِي قَلْبِهِ فَيَكُونُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ غَنِيًّا فَيُطَابِقَ عَمَلُهُ قَوْلَهُ وَبَاطِنُهُ ظَاهِرَهُ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي أُوتِيَ الْحِكْمَةَ. {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُؤْتَى عِلْمًا وَلَا يُؤْتَى حُكْمًا وَإِنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ مِمَّنْ أُوتِيَ عِلْمًا وَحُكْمًا. وَهَذَا مَعَ أَنَّ النَّاسَ مُتَبَايِنُونَ فِي نَفْسِ عَقْلِهِمْ الْأَشْيَاءَ مِنْ بَيْنِ كَامِلٍ وَنَاقِصٍ وَفِيمَا يَعْقِلُونَهُ مِنْ بَيْنِ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَجَلِيلٍ وَدَقِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ الثَّلَاثَةُ هِيَ أُمَّهَاتُ مَا يُنَالُ بِهِ الْعِلْمُ وَيُدْرَكُ أَعْنِي الْعِلْمَ الَّذِي يَمْتَازُ بِهِ الْبَشَرُ عَنْ سَائِر الْحَيَوَانَاتِ دُونَ مَا يُشَارِكُهَا فِيهِ مِنْ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ وَهُنَا يُدْرِكُ بِهِ مَا يُحِبُّ وَيَكْرَهُ وَمَا يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ مَنْ يُحْسِنُ إلَيْهِ وَمَنْ يُسِيءُ إلَيْهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وَقَالَ: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} وَقَالَ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} وَقَالَ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً} وَقَالَ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}. وَقَالَ فِيمَا لِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْعَمَلِ وَالْقُوَّةِ: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا}. ثُمَّ إنَّ الْعَيْنَ تَقْصُرُ عَنْ الْقَلْبِ وَالْأُذُنِ وَتُفَارِقُهُمَا فِي شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّهَا إنَّمَا يَرَى صَاحِبُهَا بِهَا الْأَشْيَاءَ الْحَاضِرَةَ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالْأُمُورَ الْجُسْمَانِيَّةَ مِثْلَ الصُّوَرِ وَالْأَشْخَاصِ فَأَمَّا الْقَلْبُ وَالْأُذُنُ فَيَعْلَمُ الْإِنْسَانُ بِهِمَا مَا غَابَ عَنْهُ وَمَا لَا مَجَالَ لِلْبَصَرِ فِيهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الروحانية وَالْمَعْلُومَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَفْتَرِقَانِ: فَالْقَلْبُ يَعْقِلُ الْأَشْيَاءَ بِنَفْسِهِ إذْ كَانَ الْعِلْمُ هُوَ غِذَاءَهُ وَخَاصِّيَّتَهُ أَمَّا الْأُذُنُ فَإِنَّهَا تَحْمِلُ الْكَلَامَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْعِلْمِ إلَى الْقَلْبِ فَهِيَ بِنَفْسِهَا إنَّمَا تَحْمِلُ الْقَوْلَ وَالْكَلَامَ فَإِذَا وَصَلَ ذَلِكَ إلَى الْقَلْبِ أَخَذَ مِنْهُ مَا فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ فَصَاحِبُ الْعِلْمِ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ هُوَ الْقَلْبُ وَإِنَّمَا سَائِرُ الْأَعْضَاءِ حَجَبَةٌ لَهُ تُوَصِّلُ إلَيْهِ مِنْ الْأَخْبَارِ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَأْخُذَهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى إنَّ مَنْ فَقَدَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّهُ يَفْقِدُ بِفَقْدِهِ مِنْ الْعِلْمِ مَا كَانَ هُوَ الْوَاسِطَةَ فِيهِ. فَالْأَصَمُّ لَا يَعْلَمُ مَا فِي الْكَلَامِ مِنْ الْعِلْمِ وَالضَّرِيرُ لَا يَدْرِي مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ الْأَشْخَاصُ مِنْ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ نَظَرَ إلَى الْأَشْيَاءِ بِغَيْرِ قَلْبٍ أَوْ اسْتَمَعَ إلَى كَلِمَاتِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ قَلْبٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ شَيْئًا؛ فَمَدَارُ الْأَمْرِ عَلَى الْقَلْبِ وَعِنْدَ هَذَا تَسْتَبِينُ الْحِكْمَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} حَتَّى لَمْ يَذْكُرْ هُنَا الْعَيْنَ كَمَا فِي الْآيَاتِ السَّوَابِقِ فَإِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ هُنَا فِي أُمُورٍ غَائِبَةٍ وَحِكْمَةٍ مَعْقُولَةٍ مِنْ عَوَاقِبِ الْأُمُورِ لَا مَجَالَ لِنَظَرِ الْعَيْنِ فِيهَا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ} وَتَتَبَيَّنُ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. فَإِنَّ مَنْ يُؤْتَى الْحِكْمَةَ وَيَنْتَفِعُ بِالْعِلْمِ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ إمَّا رَجُلٌ رَأَى الْحَقَّ بِنَفْسِهِ فَقَبِلَهُ فَاتَّبَعَهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى مَنْ يَدْعُوهُ إلَيْهِ فَذَلِكَ صَاحِبُ الْقَلْبِ؛ أَوْ رَجُلٌ لَمْ يَعْقِلْهُ بِنَفْسِهِ بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ وَيُبَيِّنُهُ لَهُ وَيَعِظُهُ وَيُؤَدِّبُهُ فَهَذَا أَصْغَى فَ: {أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. أَيْ حَاضِرُ الْقَلْبِ لَيْسَ بِغَائِبِهِ. كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ: أوتى الْعِلْمَ وَكَانَ لَهُ ذِكْرَى. وَيَتَبَيَّنُ قَوْلُهُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ} {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ} وَقَوْلُهُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}. ثُمَّ إذَا كَانَ حَقُّ الْقَلْبِ أَنْ يَعْلَمَ الْحَقَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ} إذْ كَانَ كُلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ لَمْحَةَ نَاظِرٍ أَوْ يَجُولُ فِي لَفْتَةِ خَاطِرٍ فَاَللَّهُ رَبُّهُ وَمُنْشِئُهُ وَفَاطِرُهُ وَمُبْدِئُهُ لَا يُحِيطُ عِلْمًا إلَّا بِمَا هُوَ مِنْ آيَاتِهِ الْبَيِّنَةِ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ. وَأَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ:
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
أَيْ مَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ إذَا نَظَرْت إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ إلَّا وَجَدْته إلَى الْعَدَمِ وَمَا هُوَ فَقِيرٌ إلَى الْحَيِّ الْقَيُّومِ فَإِذَا نَظَرْت إلَيْهِ وَقَدْ تَوَلَّتْهُ يَدُ الْعِنَايَةِ بِتَقْدِيرِ مَنْ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى رَأَيْته حِينَئِذٍ مَوْجُودًا مَكْسُوًّا حَلَّلَ الْفَضْلَ وَالْإِحْسَانَ فَقَدْ اسْتَبَانَ أَنَّ الْقَلْبَ إنَّمَا خُلِقَ لِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ - أَظُنُّهُ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: الذِّكْرُ لِلْقَلْبِ بِمَنْزِلَةِ الْغِذَاءِ لِلْجَسَدِ فَكَمَا لَا يَجِدُ الْجَسَدُ لَذَّةَ الطَّعَامِ مَعَ السَّقَمِ فَكَذَلِكَ الْقَلْبُ لَا يَجِدُ حَلَاوَةَ الذِّكْرِ مَعَ حُبِّ الدُّنْيَا. أَوْ كَمَا قَالَ. فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَشْغُولًا بِاَللَّهِ عَاقِلًا لِلْحَقِّ مُتَفَكِّرًا فِي الْعِلْمِ فَقَدْ وُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا أَنَّ الْعَيْنَ إذَا صُرِفَتْ إلَى النَّظَرِ فِي الْأَشْيَاءِ فَقَدْ وُضِعَتْ فِي مَوْضِعِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يُصْرَفْ إلَى الْعِلْمِ وَلَمْ يُوعَ فِيهِ الْحَقُّ فَقَدْ نَسِيَ رَبَّهُ فَلَمْ يُوضَعْ فِي مَوْضِعٍ بَلْ هُوَ ضَائِعٌ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ نَقُولَ قَدْ وُضِعَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَوْضِعِهِ بَلْ لَمْ يُوضَعْ أَصْلًا. فَإِنَّ مَوْضِعَهُ هُوَ الْحَقُّ وَمَا سِوَى الْحَقِّ بَاطِلٌ فَإِذَا لَمْ يُوضَعْ فِي الْحَقِّ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْبَاطِلُ وَالْبَاطِلُ لَيْسَ بِشَيْءِ أَصْلًا وَمَا لَيْسَ بِشَيْءِ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ مَوْضِعًا. وَالْقَلْبُ هُوَ نَفْسُهُ لَا يَقْبَلُ إلَّا الْحَقَّ. فَإِذَا لَمْ يُوضَعْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ مَا خُلِقَ لَهُ. {سُنَّةَ اللَّهِ} {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَتْرُوكِ مُخِلٍّ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي أَوْدِيَةِ الْأَفْكَارِ وَأَقْطَارِ الْأَمَانِي لَا يَكُونُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا الْعَيْنُ وَالْأُذُنُ مِنْ الْفَرَاغِ وَالتَّخَلِّي فَقَدْ وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لَا مُطْلَقٍ وَلَا مُعَلَّقٍ مَوْضُوعٍ لَا مَوْضِعَ لَهُ. وَهَذَا مِنْ الْعَجَبِ فَسُبْحَانَ رَبِّنَا الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَإِنَّمَا تَنْكَشِفُ لِلْإِنْسَانِ هَذِهِ الْحَالُ عِنْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْحَقِّ إمَّا فِي الدُّنْيَا عِنْدَ الْإِنَابَةِ أَوْ عِنْدَ الْمُنْقَلَبِ إلَى الْآخِرَةِ فَيَرَى سُوءَ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَكَيْفَ كَانَ قَلْبُهُ ضَالًّا عَنْ الْحَقِّ. هَذَا إذَا صُرِفَ فِي الْبَاطِلِ. فَأَمَّا لَوْ تُرِكَ وَحَالُهُ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا فَارِغًا عَنْ كُلِّ ذِكْرٍ خَالِيًا عَنْ كُلِّ فِكْرٍ فَقَدْ كَانَ يَقْبَلُ الْعِلْمَ الَّذِي لَا جَهْلَ فِيهِ وَيَرَى الْحَقَّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ فَيُؤْمِنُ بِرَبِّهِ وَيُنِيبُ إلَيْهِ. فَإِنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ لَا يُحَسُّ فِيهَا مِنْ جَدْعٍ {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} وَإِنَّمَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ فِي غَالِبِ الْحَالِ شُغْلُهُ بِغَيْرِهِ مِنْ فِتَنِ الدُّنْيَا وَمَطَالِبِ الْجَسَدِ وَشَهَوَاتِ النَّفْسِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَالْعَيْنِ النَّاظِرَةِ إلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَرَى مَعَ ذَلِكَ الْهِلَالَ أَوْ هُوَ يَمِيلُ إلَيْهِ فَيَصُدُّهُ عَنْ اتِّبَاعِ الْحَقِّ فَيَكُونُ كَالْعَيْنِ الَّتِي فِيهَا قَذًى لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَةَ الْأَشْيَاءِ. ثُمَّ الْهَوَى قَدْ يَعْتَرِضُ لَهُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فَيَصُدُّهُ عَنْ النَّظَرِ فِيهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَقُّ كَمَا قِيلَ: حُبُّك الشَّيْءَ يُعْمِي وَيَصُمُّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
فَيَبْقَى فِي ظُلْمَةِ الْأَفْكَارِ وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ كِبْرٍ يَمْنَعُهُ عَنْ أَنْ يَطْلُبَ الْحَقَّ {فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْهَوَى بَعْدَ أَنْ عَرَفَ الْحَقَّ فَيَجْحَدَهُ وَيُعْرِضَ عَنْهُ كَمَا قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ فِيهِمْ: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}.
ثُمَّ الْقَلْبُ لِلْعِلْمِ كَالْإِنَاءِ لِلْمَاءِ وَالْوِعَاءِ لِلْعَسَلِ وَالْوَادِي لِلسَّيْلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الْآيَةُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا: فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَسَقَى النَّاسُ وَزَرَعُوا. وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً إنَّمَا قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا أُرْسِلْت بِهِ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْت بِهِ} وَفِي حَدِيثِ كميل بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا. وَبَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ: الْقُلُوبُ آنِيَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ فَأَحَبُّهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرَقُّهَا وَأَصْفَاهَا. وَهَذَا مَثَلٌ حَسَنٌ فَإِنَّ الْقَلْبَ إذَا كَانَ رَقِيقًا لَيِّنًا كَانَ قَبُولُهُ لِلْعِلْمِ سَهْلًا يَسِيرًا وَرَسَخَ الْعِلْمُ فِيهِ وَثَبَتَ وَأَثَّرَ وَإِنْ كَانَ قَاسِيًا غَلِيظًا كَانَ قَبُولُهُ لِلْعِلْمِ صَعْبًا عَسِيرًا. وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ زَكِيًّا صَافِيًا سَلِيمًا حَتَّى يَزْكُوَ فِيهِ الْعِلْمُ وَيُثْمِرَ ثَمَرًا طَيِّبًا وَإِلَّا فَلَوْ قَبِلَ الْعِلْمَ وَكَانَ فِيهِ كَدَرٌ وَخَبَثٌ أَفْسَدَ ذَلِكَ الْعِلْمَ وَكَانَ كَالدَّغَلِ فِي الزَّرْعِ إنْ لَمْ يَمْنَعْ الْحَبَّ مِنْ أَنْ يَنْبُتَ مَنَعَهُ مِنْ أَنْ يَزْكُوَ وَيَطِيبَ وَهَذَا بَيِّنٌ لِأُولِي الْأَبْصَارِ.
وَ تَلْخِيصُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْحَقِّ فَلَهُ وَجْهَانِ:وَجْهٌ مُقْبِلٌ عَلَى الْحَقِّ وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُقَالُ لَهُ: وِعَاءٌ وَإِنَاءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَوْجِبُ مَا يُوعَى فِيهِ وَيُوضَعُ فِيهِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ صِفَةُ وُجُودٍ وَثُبُوتٍ.
وَوَجْهٌ مُعْرِضٌ عَنْ الْبَاطِلِ وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُقَالُ لَهُ: زَكِيٌّ وَسَلِيمٌ وَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الشَّرِّ وَانْتِفَاءِ الْخَبَثِ وَالدَّغَلِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ صِفَةُ عَدَمٍ وَنَفْيٍ. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ إذَا صُرِفَ إلَى الْبَاطِلِ فَلَهُ وَجْهَانِ كَذَلِكَ.
وَجْهُ الْوُجُودِ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى الْبَاطِلِ مَشْغُولٌ بِهِ.
وَوَجْهُ الْعَدَمِ أَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْحَقِّ غَيْرُ قَابِلٍ لَهُ وَهَذَا يُبَيِّنُ مِنْ الْبَيَانِ وَالْحُسْنِ وَالصِّدْقِ مَا فِي قَوْلِهِ:
إذَا مَا وَضَعْت الْقَلْبَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ * * * بِغَيْرِ إنَاءٍ فَهُوَ قَلْبٌ مُضَيِّعُ
(يُتْبَعُ)
(/)
فَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَ مَنْ ضَيَّعَ قَلْبَهُ فَظَلَمَ نَفْسَهُ بِأَنْ اشْتَغَلَ بِالْبَاطِلِ وَمَلَأَ بِهِ قَلْبَهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ مُتَّسَعٌ لِلْحَقِّ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْوُلُوجِ فِيهِ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَوَصَفَ حَالَ هَذَا الْقَلْبِ بِوَجْهَيْهِ وَنَعَتَهُ بِمَذْهَبَيْهِ فَذَكَرَ أَوَّلًا وَصْفَ الْوُجُودِ مِنْهُ فَقَالَ: إذَا مَا وَضَعْت الْقَلْبَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. يَقُولُ إذَا شَغَلْته بِمَا لَمْ يُخْلَقْ لَهُ فَصَرَفْته إلَى الْبَاطِلِ حَتَّى صَارَ مَوْضُوعًا فِيهِ. ثُمَّ الْبَاطِلُ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا: تَشْغَلُ عَنْ الْحَقِّ وَلَا تُعَانِدُهُ مِثْلَ الْأَفْكَارِ وَالْهُمُومِ الَّتِي فِي عَلَائِقِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِ النَّفْسِ.
وَالثَّانِيَةُ: تُعَانِدُ الْحَقَّ وَتَصُدُّ عَنْهُ مِثْلَ الْآرَاءِ الْبَاطِلَةِ وَالْأَهْوَاءِ الْمُرْدِيَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالْبِدَعِ وَشِبْهِ ذَلِكَ بَلْ الْقَلْبُ لَمْ يُخْلَقْ إلَّا لِذِكْرِ اللَّهِ فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مَوْضِعًا لَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ " ثَانِيًا " وَصْفَ الْعَدَمِ فِيهِ فَقَالَ بِغَيْرِ إنَاءٍ ثُمَّ يَقُولُ: إذَا وَضَعْته بِغَيْرِ إنَاءٍ ضَيَّعْته وَلَا إنَاءَ مَعَك كَمَا تَقُولُ حَضَرْت الْمَجْلِسَ بِلَا مَحْبَرَةٍ فَالْكَلِمَةُ حَالٌ مِنْ الْوَاضِعِ. لَا مِنْ الْمَوْضُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَيَانُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ يَقُولُ إذَا مَا وَضَعْت قَلْبَك فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَقَدْ شُغِلَ بِالْبَاطِلِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَك إنَاءٌ يُوضَعُ فِيهِ الْحَقُّ وَيَنْزِلُ إلَيْهِ الذِّكْرُ وَالْعِلْمُ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْقَلْبِ فَقَلْبُك إذًا مُضَيَّعٌ ضَيَّعْته مِنْ وَجْهَيْ التَّضْيِيعِ وَإِنْ كَانَا مُتَّحِدَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّك وَضَعْته فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا إنَاءَ مَعَك يَكُونُ وِعَاءً لِلْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْطَاهُ؛ كَمَا لَوْ قِيلَ لِمَلِكِ قَدْ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهْوِ: إذَا اشْتَغَلَ بِغَيْرِ الْمَمْلَكَةِ وَلَيْسَ فِي الْمَمْلَكَةِ مَنْ يُدَبِّرُهَا فَهُوَ مَلِكٌ ضَائِعٌ لَكِنَّ الْإِنَاءَ هُنَا هُوَ الْقَلْبُ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَلْبَ لَا يَنُوبُ عَنْهُ غَيْرُهُ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
وَإِنَّمَا خَرَجَ الْكَلَامُ فِي صُورَةِ اثْنَيْنِ بِذِكْرِ نَعْتَيْنِ لِشَيْءِ وَاحِدٍ. كَمَا جَاءَ نَحْوُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} {مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} قَالَ قتادة وَالرَّبِيعُ: هُوَ الْقُرْآنُ: فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهَذَا لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ إذَا كَانَ لَهُ وَصْفَانِ كَبِيرَانِ فَهُوَ مَعَ وَصْفٍ وَاحِدٍ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَمَعَ الْوَصْفَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الِاثْنَيْنِ حَتَّى لَوْ كَثُرَتْ صِفَاتُهُ لَتَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ أَشْخَاصٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُحْسِنُ الْحِسَابَ وَالطِّبَّ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ حَاسِبٍ وَطَبِيبٍ وَالرَّجُلُ الَّذِي يُحْسِنُ النِّجَارَةَ وَالْبِنَاءَ بِمَنْزِلَةِ نَجَّارٍ وَبَنَّاءٍ. وَالْقَلْبُ لَمَّا كَانَ يَقْبَلُ الذِّكْرَ وَالْعِلْمَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنَاءِ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الْمَاءُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْإِنَاءَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَسْمَاءِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ رَقِيقًا وَصَافِيًا وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ الْمُسْتَطْعِمُ الْمُسْتَعْطِي فِي مَنْزِلَةِ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ. وَلَمَّا كَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ الْبَاطِلِ فَهُوَ زَكِيٌّ وَسَلِيمٌ فَكَأَنَّهُ اثْنَانِ. وَلِيَتَبَيَّنَ فِي الصُّورَةِ أَنَّ الْإِنَاءَ غَيْرُ الْقَلْبِ فَهُوَ يَقُولُ:
(يُتْبَعُ)
(/)
إذَا وَضَعْت قَلْبَك فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَهُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الذِّكْرُ وَالْعِلْمُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَك إنَاءٌ يُوضَعُ فِيهِ الْمَطْلُوبُ فَمِثْلُك مِثْلُ رَجُلٍ بَلَغَهُ أَنَّ غَنِيًّا يُفَرِّقُ عَلَى النَّاسِ طَعَامًا وَكَانَ لَهُ زُبْدِيَّةٌ
أَوْ سُكْرُجَةٌ فَتَرَكَهَا ثُمَّ أَقْبَلَ يَطْلُبُ طَعَامًا فَقِيلَ لَهُ: هَاتِ إنَاءً نُعْطِيَك طَعَامًا فَأَمَّا إذَا أَتَيْت وَقَدْ وَضَعْت زُبْدِيَّتَك - مَثَلًا - فِي الْبَيْتِ وَلَيْسَ مَعَك إنَاءٌ نُعْطِيك فَلَا تَأْخُذْ شَيْئًا فَرَجَعْت بِخُفَّيْ حنين. وَإِذَا تَأَمَّلَ مَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ بِأَسَالِيبِ الْبَيَانِ وَتَصَارِيفِ اللِّسَانِ وَجَدَ مَوْقِعَ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ وَالْحِكْمَةِ كِلَيْهِمَا مَوْقِعًا حَسَنًا بَلِيغًا فَإِنَّ نَقِيضَ هَذِهِ الْحَالِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ مُقْبِلًا عَلَى الْحَقِّ وَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ مُعْرِضًا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَتِلْكَ هِيَ الْحَنِيفِيَّةُ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ الْحَنَفَ هُوَ إقْبَالُ الْقَدَمِ وَمَيْلُهَا إلَى أُخْتِهَا فَالْحَنَفُ الْمَيْلُ عَنْ الشَّيْءِ بِالْإِقْبَالِ عَلَى آخَرَ؛ فَالدِّينُ الْحَنِيفُ هُوَ الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَاهُ. وَهُوَ الْإِخْلَاصُ الَّذِي تَرْجَمَتْهُ كَلِمَةُ الْحَقِّ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ: " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. وَهَذَا آخِرُ مَا حَضَرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ.
مسألة: هل العلم و العقل يقبلان الزيادة و النقصان؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 722)
ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - أَنَّ الْعِلْمَ وَالْعَقْلَ وَنَحْوَهُمَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ بَلْ وَكَذَلِكَ الصِّفَاتُ الَّتِي تَقُومُ بِغَيْرِ الْحَيِّ: كَالْأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالْأَرْوَاحِ. فَنَقُولُ أَوَّلًا الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ هِيَ الَّتِي يَجِبُ وُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَهَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً فَإِنَّهُ مَتَى وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ وَجَبَ وُجُودُ الْفِعْلِ لِكَمَالِ وُجُودِ الْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَمَتَى وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ وَالْقُدْرَةُ التَّامَّةُ وَلَمْ يَقَعْ الْفِعْلُ لَمْ تَكُنْ الْإِرَادَةُ جَازِمَةً وَهُوَ إرَادَاتُ الْخَلْقِ لِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَلَمْ يَفْعَلُوهُ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْإِرَادَاتُ مُتَفَاوِتَةً فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ تَفَاوُتًا كَثِيرًا؛ لَكِنْ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ الْفِعْلُ الْمُرَادُ مَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ فَلَيْسَتْ الْإِرَادَةُ جَازِمَةً جَزْمًا تَامًّا. وَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " إنَّمَا كَثُرَ فِيهَا النِّزَاعُ؛ لِأَنَّهُمْ قَدَّرُوا إرَادَةً جَازِمَةً لِلْفِعْلِ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْفِعْلِ وَهَذَا لَا يَكُونُ. وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْعَزْمِ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فَقَدْ يَعْزِمُ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَنْ لَا يَفْعَلُ مِنْهُ شَيْئًا فِي الْحَالِ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَكْفِي فِي وُجُودِ الْفِعْلِ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَ وُجُودِهِ مِنْ حُدُوثِ تَمَامِ الْإِرَادَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْفِعْلِ وَهَذِهِ هِيَ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ.
أيهما أفضل العلم أو العقل؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 305)
سُئِلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
أَيُّمَا أَفْضَلُ: الْعِلْمُ، أَوْ العقل؟
فَأَجَابَ:
(يُتْبَعُ)
(/)
إنْ أُرِيدَ بِالْعِلْمِ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْكِتَابُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ عَقْلِ الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا صِفَةُ الْخَالِقِ: وَالْعَقْلُ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ وَصِفَةُ الْخَالِقِ أَفْضَلُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِالْعَقْلِ أَنْ يَعْقِلَ الْعَبْدُ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ فَيَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَيَتْرُكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ فَهَذَا الْعَقْلُ يَدْخُلُ صَاحِبُهُ بِهِ الْجَنَّةَ. وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ بِهِ الْجَنَّةَ. كَمَنْ يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ. وَإِنْ أُرِيدَ الْعَقْلُ الْغَرِيزَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْعَبْدِ الَّتِي يَنَالُ بِهَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ فَاَلَّذِي يَحْصُلُ بِهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ وَغَرِيزَةُ الْعَقْلِ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ. وَالْمَقَاصِدُ أَفْضَلُ مِنْ وَسَائِلِهَا. وَإِنْ أُرِيدَ بِالْعَقْلِ الْعُلُومُ الَّتِي تَحْصُلُ بِالْغَرِيزَةِ فَهَذِهِ مِنْ الْعِلْمِ فَلَا يُقَالُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْعِلْمُ أَوْ الْعَقْلُ وَلَكِنْ يُقَالُ أَيُّمَا أَفْضَلُ هَذَا الْعِلْمُ أَوْ هَذَا الْعِلْمُ فَالْعُلُومُ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَالْعِلْمُ بِاَللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ بِخَلْقِهِ وَلِهَذَا كَانَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ أَفْضَلَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَانَتْ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ " ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ ": ثُلُثٌ تَوْحِيدٌ وَثُلُثٌ قَصَصٌ وَثُلُثٌ أَمْرٌ وَنَهْيٌ. وَثُلُثُ التَّوْحِيدِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَالْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الِاسْمَيْنِ يَحْتَمِلُ مَعَانٍ كَثِيرَةً فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْجَوَابِ بِلَا تَفْصِيلٍ وَلِهَذَا كَثُرَ النِّزَاعُ فِيهَا لِمَنْ لَمْ يَفْصِلْ وَمَنْ فَصَلَ الْجَوَابَ فَقَدْ أَصَابَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 06:23]ـ
أسئلة في البواعث و الدوافع و الغايات و الفطرة
مسألة ما هي الفطرة التي فطر عليها الناس و لماذا يخالفونها أحياناً؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 30)
الْأَسْبَابُ الْعَارِضَةُ لِغَلَطِ الْحِسِّ الْبَاطِنِ أَوْ الظَّاهِرِ وَالْعَقْلِ: بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ الْعَارِضِ لِحَرَكَةِ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ وَالْأَصْلُ هُوَ الصِّحَّةُ فِي الْإِدْرَاكِ وَفِي الْحَرَكَةِ. فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ عِبَادَهُ عَلَى الْفِطْرَةِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ يُعْلَمُ الْغَلَطُ فِيهَا بِأَسْبَابِهَا الْخَاصَّةِ؛ كَالْمُرَّةِ الصَّفْرَاءِ الْعَارِضَةِ لِلطَّعْمِ وَكَالْحَوَلِ فِي الْعَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ عَلَى مَا يَجْزِمُ بِهِ وَجَدَ أَكْثَرَ النَّاسِ الَّذِينَ يَجْزِمُونَ بِمَا لَا يُجْزَمُ بِهِ إنَّمَا جَزْمُهُمْ لِنَوْعِ مِنْ الْهَوَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} وَقَالَ: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}. وَلِهَذَا تَجِدُ الْيَهُودَ يُصَمِّمُونَ وَيُصِرُّونَ عَلَى بَاطِلِهِمْ لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ الْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَالْقَسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَهْوَاءِ. وَأَمَّا النَّصَارَى فَأَعْظَمُ ضَلَالًا مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْعَادَةِ وَالْأَخْلَاقِ أَقَلَّ مِنْهُمْ شَرًّا فَلَيْسُوا جَازِمِينَ بِغَالِبِ ضَلَالِهِمْ بَلْ عِنْدَ الِاعْتِبَارِ تَجِدُ مَنْ تَرَكَ الْهَوَى مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ وَنَظَرَ نَوْعَ نَظَرٍ تَبَيَّنَ لَهُ الْإِسْلَامُ حَقًّا.
مسألة ما الفرق بين فطرة الإسلام و فطرة الخلق؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 245)
سُئِلَ:
(يُتْبَعُ)
(/)
عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ} مَا مَعْنَاهُ؟: أَرَادَ فِطْرَةَ الْخَلْقِ أَمْ فِطْرَةَ الْإِسْلَامِ؟. وَفِي قَوْلِهِ: {الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ} الْحَدِيثَ. هَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ أَوْ عَامٌّ. وَفِي الْبَهَائِمِ وَالْوُحُوشِ هَلْ يُحْيِيهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ لَا؟.
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ} فَالصَّوَابُ أَنَّهَا فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَهِيَ فِطْرَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا يَوْمَ قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}. وَهِيَ السَّلَامَةُ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ الْبَاطِلَةِ وَالْقَبُولُ لِلْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ. فَإِنَّ حَقِيقَةَ " الْإِسْلَامِ " أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِلَّهِ؛ لَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقَدْ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلَ ذَلِكَ فَقَالَ: {كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟} بَيَّنَ أَنَّ سَلَامَةَ الْقَلْبِ مِنْ النَّقْصِ كَسَلَامَةِ الْبَدَنِ وَأَنَّ الْعَيْبَ حَادِثٌ طَارِئٌ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُرْوَى عَنْ اللَّهِ: {إنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ وَحَرَّمَتْ
عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْت لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}. وَلِهَذَا ذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ: إلَى أَنَّ الطِّفْلَ مَتَى مَاتَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ؛ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لِلتَّغْيِيرِ عَنْ أَصْلِ الْفِطْرَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ؛ وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَعَنْهُمَا: أَنَّهُمْ قَالُوا " يُولَدُ عَلَى مَا فُطِرَ عَلَيْهِ مِنْ شَقَاوَةٍ وَسَعَادَةٍ " وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُنَافِي الْأَوَّلَ فَإِنَّ الطِّفْلَ يُولَدُ سَلِيمًا وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَيَكْفُرُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ إلَى مَا سَبَقَ لَهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ كَمَا تُولَدُ الْبَهِيمَةُ جَمْعَاءَ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهَا سَتُجْدَعُ. وَهَذَا مَعْنَى مَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: {قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ: طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا؛ وَلَوْ تُرِكَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} يَعْنِي طَبَعَهُ اللَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ أَيْ كَتَبَهُ وَأَثْبَتَهُ كَافِرًا؛ أَيْ أَنَّهُ إنْ عَاشَ كَفَرَ بِالْفِعْلِ. وَلِهَذَا {لَمَّا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ يَمُوتُ مِنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ} أَيْ اللَّهُ يَعْلَمُ مَنْ يُؤْمِنُ مِنْهُمْ وَمَنْ يَكْفُرُ لَوْ بَلَغُوا. ثُمَّ إنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ إسْنَادُهُ مُقَارِبٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْتَحِنُهُمْ وَيَبْعَثُ إلَيْهِمْ رَسُولًا فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ أَجَابَهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَاهُ أَدْخَلَهُ النَّارَ} فَهُنَالِكَ يَظْهَرُ فِيهِمْ مَا عَلِمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَيَجْزِيهِمْ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ الْعِلْمِ وَهُوَ إيمَانُهُمْ وَكُفْرُهُمْ؛ لَا عَلَى مُجَرَّدِ الْعِلْمِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَهَذَا أَجْوَدُ مَا قِيلَ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَعَلَيْهِ تَتَنَزَّلُ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ. وَمَثَلُ الْفِطْرَةِ مَعَ الْحَقِّ: مَثَلُ ضَوْءِ الْعَيْنِ مَعَ الشَّمْسِ وَكُلُّ ذِي عَيْنٍ لَوْ تُرِكَ بِغَيْرِ حِجَابٍ لَرَأَى الشَّمْسَ وَالِاعْتِقَادَاتِ الْبَاطِلَةَ الْعَارِضَةَ مَنْ تَهَوَّدَ وَتَنَصَّرَ وَتَمَجَّسَ: مَثَلُ حِجَابٍ يَحُولُ بَيْنَ الْبَصَرِ وَرُؤْيَةِ الشَّمْسِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا كُلُّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ يُحِبُّ الْحُلْوَ إلَّا أَنْ يَعْرِضَ فِي الطَّبِيعَةِ فَسَادٌ يُحَرِّفُهُ حَتَّى يُجْعَلَ الْحُلْوُ فِي فَمِهِ مُرًّا. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَوْلُودِينَ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنْ يَكُونُوا حِينَ الْوِلَادَةِ مُعْتَقِدِينَ لِلْإِسْلَامِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَنَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا لَا نَعْلَمُ شَيْئًا وَلَكِنْ سَلَامَةُ الْقَلْبِ وَقَبُولُهُ وَإِرَادَتُهُ لِلْحَقِّ: الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ مُغَيِّرٍ لَمَا كَانَ إلَّا مُسْلِمًا. وَهَذِهِ الْقُوَّةُ الْعِلْمِيَّةُ الْعَمَلِيَّةُ الَّتِي تَقْتَضِي بِذَاتِهَا الْإِسْلَامَ مَا لَمْ يَمْنَعْهَا مَانِعٌ: هِيَ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ - {إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُقَالُ: اُكْتُبْ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ}. وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ - بِعِلْمِهِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لَهُ - الشَّقِيَّ مِنْ عِبَادِهِ وَالسَّعِيدَ وَكَتَبَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَيَأْمُرُ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ حَالَ كُلِّ مَوْلُودٍ مَا بَيْنَ خَلْقِ جَسَدِهِ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ إلَى كُتُبٍ أُخَرَ يَكْتُبُهَا اللَّهُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا. وَمَنْ أَنْكَرَ الْعِلْمَ الْقَدِيمَ فِي ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَأَمَّا الْبَهَائِمُ فَجَمِيعُهَا يَحْشُرُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} وَحَرْفُ (إذَا إنَّمَا يَكُونُ لِمَا يَأْتِي لَا مَحَالَةَ. وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْشُرُ الْبَهَائِمَ وَيَقْتَصُّ لِبَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا. فَتَصِيرُ تُرَابًا. فَيَقُولُ الْكَافِرُ حِينَئِذٍ {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} وَمَنْ قَالَ إنَّهَا لَا تَحْيَا فَهُوَ مُخْطِئٌ فِي ذَلِكَ أَقْبَحَ خَطَأٍ؛ بَلْ هُوَ ضَالٌّ أَوْ كَافِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ -::
(يُتْبَعُ)
(/)
{كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ فَطَرَ الْقُلُوبَ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي مَحْبُوبَاتِهَا وَمُرَادَاتِهَا مَا تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَتَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا اللَّهُ؛ وَإِلَّا فَكُلَّمَا أَحَبَّهُ الْمُحِبُّ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ قَلْبَهُ يَطْلُبُ سِوَاهُ وَيُحِبُّ أَمْرًا غَيْرَهُ يتألهه وَيَصْمُدُ إلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَيَرَى مَا يُشْبِهُهُ مِنْ أَجْنَاسِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
مسألة هل يمكن أن تزول فطرة الإسلام أو يذهل عنها الإنسان؟
مجموع الفتاوى - (ج 16 / ص 344)
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا مَحَبَّتَهُ هُمْ الَّذِينَ قَالُوا: مَعْرِفَتُهُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالنَّظَرِ فَأَنْكَرُوا مَا فِي فِطَرِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ. ثُمَّ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِنْكَارُ سَبَبًا إلَى امْتِنَاعِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ وَقَدْ يَزُولُ عَنْ قَلْبِ أَحَدِهِمْ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ قَدْ تَفْسُدُ فَقَدْ تَزُولُ وَقَدْ تَكُونُ مَوْجُودَةً وَلَا تُرَى {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} {مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ}. ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}.
مسألة متى يحصل ذلك؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 312)
إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَشْغُولًا بِاَللَّهِ عَاقِلًا لِلْحَقِّ مُتَفَكِّرًا فِي الْعِلْمِ فَقَدْ وُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا أَنَّ الْعَيْنَ إذَا صُرِفَتْ إلَى النَّظَرِ فِي الْأَشْيَاءِ فَقَدْ وُضِعَتْ فِي مَوْضِعِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يُصْرَفْ إلَى الْعِلْمِ وَلَمْ يُوعَ فِيهِ الْحَقُّ فَقَدْ نَسِيَ رَبَّهُ فَلَمْ يُوضَعْ فِي مَوْضِعٍ بَلْ هُوَ ضَائِعٌ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ نَقُولَ قَدْ وُضِعَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَوْضِعِهِ بَلْ لَمْ يُوضَعْ أَصْلًا. فَإِنَّ مَوْضِعَهُ هُوَ الْحَقُّ وَمَا سِوَى الْحَقِّ بَاطِلٌ فَإِذَا لَمْ يُوضَعْ فِي الْحَقِّ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْبَاطِلُ وَالْبَاطِلُ لَيْسَ بِشَيْءِ أَصْلًا وَمَا لَيْسَ بِشَيْءِ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ مَوْضِعًا. وَالْقَلْبُ هُوَ نَفْسُهُ لَا يَقْبَلُ إلَّا الْحَقَّ. فَإِذَا لَمْ يُوضَعْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ مَا خُلِقَ لَهُ. {سُنَّةَ اللَّهِ} {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَتْرُوكِ مُخِلٍّ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي أَوْدِيَةِ الْأَفْكَارِ وَأَقْطَارِ الْأَمَانِي لَا يَكُونُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا الْعَيْنُ وَالْأُذُنُ مِنْ الْفَرَاغِ وَالتَّخَلِّي فَقَدْ وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لَا مُطْلَقٍ وَلَا مُعَلَّقٍ مَوْضُوعٍ لَا مَوْضِعَ لَهُ. وَهَذَا مِنْ الْعَجَبِ فَسُبْحَانَ رَبِّنَا الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَإِنَّمَا تَنْكَشِفُ لِلْإِنْسَانِ هَذِهِ الْحَالُ عِنْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْحَقِّ إمَّا فِي الدُّنْيَا عِنْدَ الْإِنَابَةِ أَوْ عِنْدَ الْمُنْقَلَبِ إلَى الْآخِرَةِ فَيَرَى سُوءَ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَكَيْفَ كَانَ قَلْبُهُ ضَالًّا عَنْ الْحَقِّ. هَذَا إذَا صُرِفَ فِي الْبَاطِلِ. فَأَمَّا لَوْ تُرِكَ وَحَالُهُ الَّتِي فُطِرَ
(يُتْبَعُ)
(/)
عَلَيْهَا فَارِغًا عَنْ كُلِّ ذِكْرٍ خَالِيًا عَنْ كُلِّ فِكْرٍ فَقَدْ كَانَ يَقْبَلُ الْعِلْمَ الَّذِي لَا جَهْلَ فِيهِ وَيَرَى الْحَقَّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ فَيُؤْمِنُ بِرَبِّهِ وَيُنِيبُ إلَيْهِ. فَإِنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ لَا يُحَسُّ فِيهَا مِنْ جَدْعٍ
{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} وَإِنَّمَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ فِي غَالِبِ الْحَالِ شُغْلُهُ بِغَيْرِهِ مِنْ فِتَنِ الدُّنْيَا وَمَطَالِبِ الْجَسَدِ وَشَهَوَاتِ النَّفْسِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَالْعَيْنِ النَّاظِرَةِ إلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَرَى مَعَ ذَلِكَ الْهِلَالَ أَوْ هُوَ يَمِيلُ إلَيْهِ فَيَصُدُّهُ عَنْ اتِّبَاعِ الْحَقِّ فَيَكُونُ كَالْعَيْنِ الَّتِي فِيهَا قَذًى لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَةَ الْأَشْيَاءِ. ثُمَّ الْهَوَى قَدْ يَعْتَرِضُ لَهُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فَيَصُدُّهُ عَنْ النَّظَرِ فِيهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَقُّ كَمَا قِيلَ: حُبُّك الشَّيْءَ يُعْمِي وَيَصُمُّ. فَيَبْقَى فِي ظُلْمَةِ الْأَفْكَارِ وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ كِبْرٍ يَمْنَعُهُ عَنْ أَنْ يَطْلُبَ الْحَقَّ {فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْهَوَى بَعْدَ أَنْ عَرَفَ الْحَقَّ فَيَجْحَدَهُ وَيُعْرِضَ عَنْهُ كَمَا قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ فِيهِمْ: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}.
مسألة هل فساد الفطرة مرض؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 135)
فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ؛ فَإِذَا تُرِكَتْ الْفِطْرَةُ بِلَا فَسَادٍ كَانَ الْقَلْبُ عَارِفًا بِاَللَّهِ مُحِبًّا لَهُ عَابِدًا لَهُ وَحْدَهُ لَكِنْ تَفْسُدُ فِطْرَتُهُ مِنْ مَرَضِهِ كَأَبَوَيْهِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ وَهَذِهِ كُلُّهَا تُغَيِّرُ فِطْرَتَهُ الَّتِي فَطَرَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ - كَمَا يُغَيَّرُ الْبَدَنُ بِالْجَدْعِ - ثُمَّ قَدْ يَعُودُ إلَى الْفِطْرَةِ إذَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا مَنْ يَسْعَى فِي إعَادَتِهَا إلَى الْفِطْرَةِ. وَالرُّسُلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ بُعِثُوا لِتَقْرِيرِ الْفِطْرَةِ وَتَكْمِيلِهَا لَا لِتَغْيِيرِ الْفِطْرَةِ وَتَحْوِيلِهَا وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مُحِبًّا لِلَّهِ وَحْدَهُ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ لَمْ يُبْتَلَ بِحُبِّ غَيْرِهِ أَصْلًا، فَضْلًا أَنْ يُبْتَلَى بِالْعِشْقِ. وَحَيْثُ اُبْتُلِيَ بِالْعِشْقِ فَلِنَقْصِ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ. وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ يُوسُفُ مُحِبًّا لِلَّهِ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ لَمْ يُبْتَلَ بِذَلِكَ بَلْ قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}. وَأَمَّا امْرَأَةُ الْعَزِيزِ فَكَانَتْ مُشْرِكَةً هِيَ وَقَوْمُهَا فَلِهَذَا اُبْتُلِيَتْ بِالْعِشْقِ وَمَا يُبْتَلَى بِالْعِشْقِ أَحَدٌ إلَّا لِنَقْصِ تَوْحِيدِهِ وَإِيمَانِهِ وَإِلَّا فَالْقَلْبُ الْمُنِيبُ إلَى اللَّهِ الْخَائِفُ مِنْهُ فِيهِ صَارِفَانِ يَصْرِفَانِ عَنْ الْعِشْقِ: (أَحَدُهُمَا إنَابَتُهُ إلَى اللَّهِ وَمَحَبَّتُهُ لَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَلَذُّ وَأَطْيَبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا تَبْقَى مَعَ مَحَبَّةِ اللَّهِ مَحَبَّةُ مَخْلُوقٍ تُزَاحِمُهُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف تجتمع فطرة الإسلام مع فطرة الخلق بالشقاوة؟ فكيف يولد الإنسان على فطرة الإسلام و مع هذا يكون مكتوباً عليه الشقاء؟
مجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 395)
نَقُولُ: الْجَبْرُ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا فَسَّرْنَاهُ وَأَمَّا إثْبَاتُ الْقِسْمِ الثَّانِي فَلَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الِاسْتِنَانِ وَالْآثَارِ وَأُولِي الْأَلْبَابِ وَالْأَبْصَارِ لَكِنْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَبْرِ خَشْيَةَ الِالْتِبَاسِ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَفِرَارًا مِنْ تَبَادُرِ الْأَفْهَامِ إلَيْهِ وَرُبَّمَا سُمِّيَ جَبْرًا إذَا أَمِنَ مِنْ اللَّبْسِ وَعُلِمَ الْقَصْدُ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ دَاحِي الْمَدْحُوَّاتِ وَبَارِيَ الْمَسْمُوكَاتِ جَبَّارَ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَاتِهَا شَقَاهَا أَوْ سَعْدِهَا. فَبَيَّنَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَبَرَ الْقُلُوبَ عَلَى مَا فَطَرَهَا عَلَيْهِ: مِنْ شَقَاوَةٍ أَوْ سَعَادَةٍ وَهَذِهِ الْفِطْرَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَتْ الْفِطْرَةُ الْأُولَى وَبِكِلَا الْفِطْرَتَيْنِ فُسِّرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ} وَتَفْسِيرُهُ بِالْأُولَى وَاضِحٌ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القرظي - وَهُوَ مِنْ أَفَاضِلِ تَابِعِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَعْيَانِهِمْ وَرُبَّمَا فُضِّلَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ - فِي قَوْلِهِ {الْجَبَّارُ} قَالَ جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى مَا أَرَادَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ وَشَهَادَةُ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ وَرُؤْيَةُ أَهْلِ الْبَصَائِرِ وَالِاسْتِدْلَالِ التَّامِّ لِتَقْلِيبِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قُلُوبَ الْعِبَادِ وَتَصْرِيفِهِ إيَّاهَا وَإِلْهَامِهِ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا وَتَنْزِيلِ الْقَضَاءِ النَّافِذِ مِنْ عِنْدِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ فِي أَدْنَى مِنْ لَمْحِ الْبَصَرِ عَلَى قُلُوبِ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَتَحَرَّكَ الْجَوَارِحُ بِمَا قُضِيَ لَهَا وَعَلَيْهَا بَيَّنَ غَايَةَ الْبَيَانِ إلَّا لِمَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصَرَهُ وَقَلْبَهُ.
ما الرد على من أنكر فطرة الإسلام لفطرة الخلق؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 243)
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
رَدًّا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: كُلُّ مَوْلُودٍ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ سَائِرٌ إلَيْهِ:
مَعْلُومٌ أَنَّ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ؛ فَجَمِيعُ الْبَهَائِمِ هِيَ مَوْلُودَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ لَهَا؛ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كُلُّ مَخْلُوقٍ مَخْلُوقًا عَلَى الْفِطْرَةِ. وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ {فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ} مَعْنًى: فَإِنَّهُمَا فَعَلَا بِهِ مَا هُوَ الْفِطْرَةُ الَّتِي وُلِدَ عَلَيْهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّهْوِيدِ وَالتَّنْصِيرِ. ثُمَّ قَالَ: فَتَمْثِيلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَهِيمَةِ الَّتِي وَلَدَتْ جَمْعَاءَ؛ ثُمَّ جُدِعَتْ: يُبَيِّنُ أَنَّ أَبَوَيْهِ غَيَّرَا مَا وُلِدَ عَلَيْهِ. ثُمَّ يُقَالُ: وَقَوْلُكُمْ خُلِقُوا خَالِينَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِنْكَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ الْفِطْرَةُ تَقْتَضِي وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ بَلْ يَكُونُ الْقَلْبُ كَاللَّوْحِ الَّذِي يَقْبَلُ كِتَابَةَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَلَيْسَ هُوَ لِأَحَدِهِمَا أَقْبَلَ مِنْهُ لِلْآخَرِ فَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ جِدًّا.
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 244)
(يُتْبَعُ)
(/)
فَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفِطْرَةِ بَيْنَ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِنْكَارِ وَالتَّهْوِيدِ وَالتَّنْصِيرِ وَالْإِسْلَامِ؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَسْبَابِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فَأَبَوَاهُ يُسَلِّمَانِهِ وَيُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ؛ فَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ أَبَوَيْهِ يُكَفِّرَانِهِ وَذَكَرَ الْمِلَلَ الْفَاسِدَةَ دُونَ الْإِسْلَامِ: عُلِمَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي حُصُولِ سَبَبٍ مُفَصَّلٍ غَيْرِ حُكْمِ الْكُفْرِ. ثُمَّ قَالَ: فَفِي الْجُمْلَةِ كُلُّ مَا كَانَ قَابِلًا لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ عَلَى السَّوَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ مَدْحًا وَلَا ذَمًّا وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}. وَأَيْضًا: فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَهَا بِالْبَهِيمَةِ الْمُجْتَمِعَةِ الْخَلْقِ وَشَبَّهَ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ الْكُفْرِ بِجَدْعِ الْأَنْفِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَمَالَهَا مَحْمُودٌ وَنَقْصَهَا مَذْمُومٌ فَكَيْفَ تَكُونُ قَبْلَ النَّقْصِ لَا مَحْمُودَةً وَلَا مَذْمُومَةً؟ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مسألة على ماذا تدل الفطرة؟
مجموع الفتاوى - (ج 16 / ص 345)
مَعْنَى قَوْلِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا: {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ} وَرُوِيَ {عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ}. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {إنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْت لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}. فأخبر أَنَّهُ خَلَقَهُمْ حُنَفَاءَ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ الرَّبِّ وَمَحَبَّتَهُ وَتَوْحِيدَهُ. فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَضَمَّنَتْهَا الْحَنِيفِيَّةُ وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ". فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي هِيَ {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} فِيهَا إثْبَاتُ مَعْرِفَتِهِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ. وَفِيهَا إثْبَاتُ مَحَبَّتِهِ فَإِنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمَأْلُوهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مَأْلُوهًا؛ وَهَذَا أَعْظَمُ مَا يَكُونُ مِنْ الْمَحَبَّةِ. وَفِيهَا أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. فَفِيهَا الْمَعْرِفَةُ وَالْمَحَبَّةُ وَالتَّوْحِيدُ. وَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْحَنِيفِيَّةُ الَّتِي خَلَقَهُمْ عَلَيْهَا. وَلَكِنَّ أَبَوَاهُ يُفْسِدَانِ ذَلِكَ فَيُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ وَيُشْرِكَانِهِ.
كَذَلِكَ يُجَهِّمَانِهِ فَيَجْعَلَانِهِ مُنْكِرًا لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَمَحَبَّتِهِ وَتَوْحِيدِهِ. ثُمَّ الْمَعْرِفَةُ يَطْلُبُهَا بِالدَّلِيلِ وَالْمَحَبَّةُ يُنْكِرُهَا بِالْكُلِّيَّةِ. وَالتَّوْحِيدُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْمَحَبَّةِ يُنْكِرُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَإِنَّمَا ثَبَتَ تَوْحِيدُ الْخَلْقِ وَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يُقِرُّونَ بِهَذَا التَّوْحِيدِ وَهَذَا الشِّرْكُ. فَهُمَا يُشْرِكَانِهِ وَيُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَأَقْوَالُ النَّاسِ فِيهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
مسألة كيف يولدون على الفطرة و هم خرجوا من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 247)
(يُتْبَعُ)
(/)
لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَوْلُودِينَ عَلَى الْفِطْرَةِ أَنْ يَكُونُوا حِينَ الْوِلَادَةِ مُعْتَقِدِينَ لِلْإِسْلَامِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَنَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا لَا نَعْلَمُ شَيْئًا وَلَكِنْ سَلَامَةُ الْقَلْبِ وَقَبُولُهُ وَإِرَادَتُهُ لِلْحَقِّ: الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ مُغَيِّرٍ لَمَا كَانَ إلَّا مُسْلِمًا. وَهَذِهِ الْقُوَّةُ الْعِلْمِيَّةُ الْعَمَلِيَّةُ الَّتِي تَقْتَضِي بِذَاتِهَا الْإِسْلَامَ مَا لَمْ يَمْنَعْهَا مَانِعٌ: هِيَ فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
مسألة: إذا كانت الفطرة أصل الخير في الإنسان فما أصل الشر؟
مجموع الفتاوى - (ج 14 / ص 289)
الْغَفْلَةُ وَالشَّهْوَةُ أَصْلُ الشَّرِّ. قَالَ تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} وَالْهَوَى وَحْدَهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِفِعْلِ السَّيِّئَاتِ إلَّا مَعَ الْجَهْلِ. وَإِلَّا فَصَاحِبُ الْهَوَى، إذَا عَلِمَ قَطْعًا أَنَّ ذَلِك يَضُرُّهُ ضَرَرًا رَاجِحًا: انْصَرَفَتْ نَفْسُهُ عَنْهُ بِالطَّبْعِ. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِي النَّفْسِ حُبًّا لِمَا يَنْفَعُهَا، وَبُغْضًا لِمَا يَضُرُّهَا. فَلَا تَفْعَلُ مَا تَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَضُرُّهَا ضَرَرًا رَاجِحًا. بَلْ مَتَى فَعَلَتْهُ كَانَ لِضَعْفِ الْعَقْلِ. وَلِهَذَا يُوصَفُ هَذَا بِأَنَّهُ عَاقِلٌ، وَذُو نُهًى، وَذُو حِجًا.
مسألة: هل هناك من يزين للنفس السيئات؟
مجموع الفتاوى - (ج 14 / ص 289)
لِهَذَا كَانَ الْبَلَاءُ الْعَظِيمُ مِنْ الشَّيْطَانِ. لَا مِنْ مُجَرَّدِ النَّفْسِ. فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُزَيِّنُ لَهَا السَّيِّئَاتِ. وَيَأْمُرُهَا بِهَا، وَيَذْكُرُ لَهَا مَا فِيهَا مِنْ الْمَحَاسِنِ. الَّتِي هِيَ مَنَافِعُ لَا مَضَارَّ. كَمَا فَعَلَ إبْلِيسُ بِآدَمَ وَحَوَّاءَ. فَقَالَ {يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. وَقَوْلُهُ {زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} هُوَ بِتَوْسِيطِ تَزْيِينِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُؤْمِنِينَ لِلْخَيْرِ. وَتَزْيِينِ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لِلشَّرِّ. قَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} فَأَصْلُ مَا يُوقِعُ النَّاسَ فِي السَّيِّئَاتِ: الْجَهْلُ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِكَوْنِهَا تَضُرُّهُمْ ضَرَرًا رَاجِحًا، أَوْ ظَنُّ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ نَفْعًا رَاجِحًا. وَلِهَذَا قَالَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ " وَفَسَّرُوا بِذَلِك قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} كَقَوْلِهِ {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَلِهَذَا يُسَمَّى
(يُتْبَعُ)
(/)
حَالُ فِعْلِ السَّيِّئَاتِ: الْجَاهِلِيَّةَ. فَإِنَّهُ يُصَاحِبُهَا حَالٌ مِنْ حَالٍ جَاهِلِيَّةٍ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: سَأَلْت أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ؟ {إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} فَقَالُوا: كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ. وَمَنْ تَابَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ: فَقَدْ تَابَ مِنْ قَرِيبٍ. وَعَنْ قتادة قَالَ " أَجْمَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ فِي جَهَالَةٍ، عَمْدًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَكُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ " وَكَذَلِك قَالَ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. قَالَ مُجَاهَدٌ: مَنْ عَمِلَ ذَنْبًا - مِنْ شَيْخٍ، أَوْ شَابٍّ - فَهُوَ بِجَهَالَةٍ، وَقَالَ: مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ جَاهِلٌ. حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ إعْطَاءُ الْجَهَالَةِ الْعَمْد. وَقَالَ مُجَاهَدٌ أَيْضًا: مَنْ عَمِلَ سُوءًا خَطَأً، أَوْ إثْمًا عَمْدًا: فَهُوَ جَاهِلٌ. حَتَّى يَنْزِعَ مِنْهُ.
أَبِي حَاتِمٍ. ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ قتادة، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَنَحْوِ ذَلِك " خَطَأٌ، أَوْ عَمْدًا ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهَدٍ وَالضَّحَّاكِ قَالَا: لَيْسَ مِنْ جَهَالَتِهِ أَنْ لَا يَعْلَمَ حَلَالًا وَلَا حَرَامًا. وَلَكِنْ مِنْ جَهَالَتِهِ: حِينَ دَخَلَ فِيهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الدُّنْيَا كُلُّهَا جَهَالَةٌ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا؟ فَقَالَ: هُمْ قَوْمٌ لَمْ يَعْلَمُوا مَا لَهُمْ مِمَّا عَلَيْهِمْ. قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْت لَوْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا؟ قَالَ: فَلْيَخْرُجُوا مِنْهَا. فَإِنَّهَا جَهَالَةٌ. قُلْت: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِك: قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وَكُلُّ مَنْ خَشِيَهُ، وَأَطَاعَهُ، وَتَرَكَ مَعْصِيَتَهُ: فَهُوَ عَالِمٌ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. وَقَالَ رَجُلٌ لِلشَّعْبِيِّ: أَيُّهَا الْعَالِمُ. فَقَالَ: إنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ. قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ. فَإِنَّهُ لَا يَخْشَاهُ إلَّا عَالِمٌ.
وَيَقْتَضِي أَيْضًا: أَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ. كَمَا قَالَ السَّلَفُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ " كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّهِ عِلْمًا، وَكَفَى بِالِاغْتِرَارِ جَهْلًا ". وَمِثْلُ هَذَا الْحَصْرُ يَكُونُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. حَصْرُ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي. وَهُوَ مُطَّرِدٌ، وَحَصْرُ الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ نَحْوَ قَوْلِهِ {إنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} وَقَوْلِهِ {إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} وَقَوْلِهِ {إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}. وَذَلِك: أَنَّهُ أَثْبَتَ الْخَشْيَةَ لِلْعُلَمَاءِ، وَنَفَاهَا عَنْ غَيْرِهِمْ. وَهَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ. فَإِنَّهُ مِنْ النَّفْيِ: إثْبَاتٌ، عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. كَقَوْلِنَا " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " قَوْله تَعَالَى {وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وَقَوْلِهِ {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} وَقَوْلِهِ {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}. وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى
(يُتْبَعُ)
(/)
مَسْكُوتٌ عَنْهُ. لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مَا ذَكَرَ. ولم يَنْفِ عَنْهُ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ ذَلِك فِي صِيغَةِ الْحَصْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. فَيَقُولُونَ: نَفَى الْخَشْيَةَ عَنْ غَيْرِ الْعُلَمَاءِ، وَلَمْ يُثْبِتْهَا لَهُمْ
وَالصَّوَابُ: قَوْلُ الْجُمْهُورِ. أَنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} فَإِنَّهُ يَنْفِي التَّحْرِيمَ عَنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَيُثْبِتُهَا لَهَا. لَكِنْ أَثَبَتَهَا لِلْجِنْسِ. أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ؟ كَمَا يُقَالُ: إنَّمَا يَحُجُّ الْمُسْلِمُونَ. وَلَا يَحُجُّ إلَّا مُسْلِمٌ. وَذَلِك أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هَلْ هُوَ مُقْتَضٍ أَوْ شَرْطٌ؟. فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا: هُوَ مُقْتَضٍ. فَهُوَ عَامٌّ. فَإِنَّ الْعِلْمَ بِمَا أَنَذَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ يُوجِبُ الْخَوْفَ. فَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ يُوجِبُ الْخَشْيَةَ الْحَامِلَةَ عَلَى فِعْلِ الْحَسَنَاتِ. وِتْرِك السَّيِّئَاتِ. وَكُلُّ عَاصٍ فَهُوَ جَاهِلٌ. لَيْسَ بِتَامِّ الْعِلْمِ. يُبَيِّنُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ أَصْلَ السَّيِّئَاتِ الْجَهْلُ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ. فَعَدَمُ الْعِلْمِ لَيْسَ شَيْئًا مَوْجُودًا. بَلْ هُوَ مِثْلُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ، وَعَدَمِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَسَائِرِ الأعدام. وَالْعَدَمُ: لَا فَاعِلَ لَهُ. وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا. وَإِنَّمَا الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. فَلَا يَجُوز أَنْ يُضَافَ الْعَدَمُ الْمَحْضُ إلَى اللَّهِ. لَكِنْ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِاَللَّهِ، لَا يَدْعُوهُ إلَى الْحَسَنَاتِ، وَتَرْكِ السَّيِّئَاتِ. وَالنَّفْسُ بِطَبْعِهَا مُتَحَوِّلَةٌ. فَإِنَّهَا حَيَّةٌ. وَالْإِرَادَةُ وَالْحَرَكَةُ الْإِرَادِيَّةُ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَاةِ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ: حَارِثٌ وَهَمَّامٌ} فَكُلُّ آدَمِيٍّ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ. أَيْ عَامِلٌ كَاسِبٌ، وَهُوَ هَمَّامٌ. أَيْ يَهِمُّ وَيُرِيدُ. فَهُوَ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {مَثَلُ الْقَلْبِ: مَثَلُ رِيشَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَلَلْقَلْبُ أَشَدُّ تَقَلُّبًا مِنْ الْقِدْرِ إذَا اُسْتُجْمِعَتْ غَلَيَانًا}. فَلَمَّا كَانَتْ الْإِرَادَةُ وَالْعَمَلُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهَا. فَإِذَا هَدَاهَا اللَّهُ: عَلَّمَهَا مَا يَنْفَعُهَا وَمَا يَضُرُّهَا. فَأَرَادَتْ مَا يَنْفَعُهَا، وَتَرَكَتْ مَا يَضُرُّهَا.
ما سبب وجود الشر في النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 211)
قَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَلَهُ الْوَحْدَانِيَّةُ فِي إلَهِيَّتِهِ، وَلَهُ الْعَدْلُ وَلَهُ الْعِزَّةُ وَالْحِكْمَةُ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ إنَّمَا يُثْبِتُهَا السَّلَفُ وَأَتْبَاعُهُمْ، فَمَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ السُّنَّةِ نَقَصَ الرَّبَّ بَعْضَ حَقِّهِ. والجهمي الْجَبْرِيُّ: لَا يُثْبِتُ عَدْلًا وَلَا حِكْمَةً، وَلَا تَوْحِيدَ إلَهِيَّتِهِ، بَلْ تَوْحِيدُ رُبُوبِيَّتِهِ، وَالْمُعْتَزِلِيُّ لَا يُثْبِتُ تَوْحِيدَ إلَهِيَّتِهِ، وَلَا عَدْلًا وَلَا عِزَّةً وَلَا حِكْمَةً، وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ يُثْبِتُ حِكْمَةً مَا، مَعْنَاهَا يَعُودُ إلَى غَيْرِهِ، فَتِلْكَ لَا تَكُونُ حِكْمَةً، فَمَنْ فَعَلَ لَا لِأَمْرِ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَلْ لِغَيْرِهِ، فَهَذَا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ قَاطِبَةً لَيْسَ بِحَكِيمِ، وَإِذَا كَانَ الْحَمْدُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى نِعْمَةٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ رَأْسُ الشُّكْرِ، فَهُوَ أَوَّلُ الشُّكْرِ وَالْحَمْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نِعْمَةٍ وَعَلَى
(يُتْبَعُ)
(/)
حِكْمَةٍ، فَالشُّكْرُ بِالْأَعْمَالِ هُوَ عَلَى نِعْمَتِهِ، وَهُوَ عِبَادَةٌ لَهُ لِإِلَهِيَّتِهِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ حِكْمَتَهُ، فَقَدْ صَارَ مَجْمُوعُ الْأُمُورِ دَاخِلًا فِي الشُّكْرِ. وَلِهَذَا عَظَّمَ الْقُرْآنُ أَمْرَ الشُّكْرِ، وَلَمْ يُعَظِّمْ أَمْرَ الْحَمْدِ مُجَرَّدًا إذْ كَانَ نَوْعًا مِنْ الشُّكْرِ، وَشُرِعَ الْحَمْدُ الَّذِي هُوَ الشُّكْرُ مَقُولًا أَمَامَ كُلِّ خِطَابٍ مَعَ التَّوْحِيدِ، فَفِي الْفَاتِحَةِ الشُّكْرُ مَعَ التَّوْحِيدِ، وَالْخُطَبُ الشَّرْعِيَّةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الشُّكْرِ وَالتَّوْحِيدِ. وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ نَوْعَانِ: فَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِيهَا الشُّكْرُ وَالتَّنْزِيهُ وَالتَّعْظِيمُ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فِيهَا التَّوْحِيدُ وَالتَّكْبِيرُ، [وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}] (*) وَهَلْ الْحَمْدُ عَلَى الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، كَمَا قِيلَ فِي الْعَزْمِ، أَمْ عَامٌّ؟ فِيهِ نَظَرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وَفِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدُّ مِنْكَ الْجَدُّ} هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ. و " أَحَقُّ " أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ طَائِفَةٌ فَقَالُوا: {حَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ} وَهَذَا لَيْسَ بِسَدِيدِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ؛ بَلْ حَقُّ مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ، كَمَا قَالَ: {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} وَلَكِنْ أَحَقُّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الْحَمْدُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ فَفِيهِ أَنَّ الْحَمْدَ أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ، وَلِهَذَا وَجَبَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ.
وَإِذَا قِيلَ: يَخْلُقُ مَا هُوَ شَرٌّ مَحْضٌ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مُوجِبًا لِمَحَبَّةِ الْعِبَادِ لَهُ، وَحَمْدِهِمْ؛ بَلْ الْعَكْسُ؛ وَلِهَذَا كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ بِالذَّمِّ وَالشَّتْمِ نَظْمًا وَنَثْرًا، وَكَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ يَذْكُرُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ بِلِسَانِهِ، فَقَلْبُهُ مُمْتَلِئٌ بِهِ لَكِنْ يَرَى أَنْ لَيْسَ فِي ذِكْرِهِ مَنْفَعَةٌ، أَوْ يَخَافُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي شِعْرِ طَائِفَةٍ مِنْ الشُّيُوخِ ذِكْرُ نَحْوِ هَذَا؛ وَيُقِيمُونَ حُجَجَ إبْلِيسَ وَأَتْبَاعِهِ عَلَى اللَّهِ؛ وَهُوَ خِلَافُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} فَقَوْلُهُ: {أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ} يَقْتَضِي أَنَّ حَمْدَهُ أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَفْعَلُ إلَّا الْخَيْرَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ. . . (1) (*).
وَنَفْسُهُ مُتَحَرِّكَةٌ بِالطَّبْعِ حَرَكَةً لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الشَّرِّ حِكْمَةً بَالِغَةً وَنِعْمَةً سَابِغَةً. فَإِذَا قِيلَ: فَلِمَ لَا خَلَقَهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ؟. قِيلَ كَانَ يَكُونُ ذَلِكَ خَلْقًا غَيْرَ الْإِنْسَانِ، وَكَانَتْ الْحِكْمَةُ بِخَلْقِهِ لَا تَحْصُلُ، وَهَذَا سُؤَالُ الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ قَالُوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} - إلَى قَوْلِهِ - {إنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} فَعَلِمَ مِنْ الْحِكْمَةِ فِي خَلْقِ هَذَا مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْمَلَائِكَةُ، فَكَيْفَ يَعْلَمُهُ آحَادُ النَّاسِ، وَنَفْسُ الْإِنْسَانِ خُلِقَتْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} {إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} {وَإِذَا
(يُتْبَعُ)
(/)
مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} وَقَالَ: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} فَقَدْ خَلَقَ خِلْقَةً تَسْتَلْزِمُ وُجُودَ مَا خُلِقَ مِنْهَا، لِحِكْمَةِ عَظِيمَةٍ وَرَحْمَةٍ عَمِيمَةٍ. فَهَذَا مِنْ جِهَةِ الْغَايَةِ مَعَ أَنَّ الشَّرَّ لَا يُضَافُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ.
وَأَمَّا (الْوَجْهُ الثَّانِي): مِنْ جِهَةِ السَّبَبِ - فَإِنَّ هَذَا الشَّرَّ إنَّمَا وُجِدَ لِعَدَمِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ الَّتِي تُصْلِحُ النَّفْسَ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ بِفِطْرَتِهَا تَقْتَضِي مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَمَحَبَّتَهُ، وَقَدْ هُدِيَتْ إلَى عُلُومٍ وَأَعْمَالٍ تُعِينُهَا عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ؛ لَكِنَّ النَّفْسَ الْمُذْنِبَةَ (*) لَمَّا حَصَلَ لَهَا مَنْ زَيَّنَ لَهَا السَّيِّئَاتِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ مَالَتْ إلَى ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ مُرَكَّبًا مِنْ عَدَمِ مَا يَنْفَعُ، وَهَذَا الْأَصْلُ وَوُجُودُ هَذَا الْعَدَمِ لَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهَؤُلَاءِ الْقَوْلُ فِيهِمْ كَالْقَوْلِ فِيهَا خَلَقَهُمْ لِحِكْمَةِ، فَلَمَّا كَانَ عَدَمُ مَا تَصْلُحُ بِهِ هُوَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ، وَالشَّرُّ الْمَحْضُ هُوَ الْعَدَمُ الْمَحْضُ، وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، وَاَللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَانَتْ السَّيِّئَاتُ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ. وَالْعَبْدُ إذَا اعْتَرَفَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِهِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ إقْرَارًا بِخَلْقِ اللَّهِ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَبِكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ، وَاعْتِرَافًا بِفَقْرِهِ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَهْدِهِ فَهُوَ ضَالٌّ، فَخَضَعَ لِعِزَّتِهِ وَحِكْمَتِهِ فَهَذَا حَالُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ اعْتَرَفَ احْتِجَاجًا بِالْقَدَرِ فَهَذَا الذَّنْبُ أَعْظَمُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مِنْ اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ.
مسألة: هل النفس و الشيطان يعبدان من دون الله؟
مجموع الفتاوى - (ج 14 / ص 362)
أَصْلُ الشَّرِّ: عِبَادَةُ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ وَجَعْلُهُمَا شَرِيكَانِ لِلرَّبِّ وَأَنْ يَعْدِلَا بِهِ. وَنَفْسُ الْإِنْسَانِ تَفْعَلُ الشَّرَّ بِأَمْرِ الشَّيْطَانِ. وَقَدْ {عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَقُولَ - إذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ - اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وميكائيل وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك. إنَّك تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. وَهَذَا مِنْ تَمَامِ تَحْقِيقِ قَوْله تَعَالَى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} مَعَ قَوْله تَعَالَى {إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} وَقَوْلِهِ {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} وَقَدْ ظَهَرَتْ دَعْوَى النَّفْسِ الْإِلَهِيَّةِ فِي فِرْعَوْنَ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ إلَهٌ مَعَ اللَّهِ أَوْ مِنْ دُونِهِ وَظَهَرَتْ فِيمَنْ ادَّعَى إلَهِيَّةَ بَشَرٍ مَعَ اللَّهِ كَالْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ.
وَأَصْلُ الشِّرْكِ فِي بَنِي آدَمَ: كَانَ مِنْ الشِّرْكِ بِالْبَشَرِ الصَّالِحِينَ الْمُعَظَّمِينَ. فَإِنَّهُمْ لَمَّا مَاتُوا: عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ ثُمَّ عَبَدُوهُمْ. فَهَذَا أَوَّلُ شِرْكٍ كَانَ فِي بَنِي آدَمَ. وَكَانَ فِي قَوْمِ نُوحٍ. فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بُعِثَ إلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. يَدْعُوهُمْ إلَى التَّوْحِيدِ. وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الشِّرْكِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} وَهَذِهِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ كَانُوا فِي قَوْمِ نُوحٍ. فَلَمَّا مَاتُوا جَعَلُوا الْأَصْنَامَ عَلَى صُوَرِهِمْ ثُمَّ ذَهَبَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ أَهْلَ الْأَرْضِ ثُمَّ صَارَتْ إلَى الْعَرَبِ. كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. إنْ لَمْ تَكُنْ أَعْيَانُهَا وَإِلَّا فَهِيَ نَظَائِرُهَا. وَأَمَّا الشِّرْكُ بِالشَّيْطَانِ: فَهَذَا كَثِيرٌ. فَمَتَى لَمْ يُؤْمِنْ الْخَلْقُ بِأَنَّهُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " بِمَعْنَى: أَنَّهُ الْمَعْبُودُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ مَا سِوَاهُ. وَأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ وَأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُعْبَدَ وَأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ إلَّا بِمَا أَحَبَّهُ مِمَّا شَرَعَ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ - فَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعُوا فِي الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 11:45]ـ
بارك الله فيك - أخي الكريم - على طرح هذا الموضوع المهم، أسأل الله أن يفقهنا فيه ...
تسجيل متابعة، واصل وصلك الله بمنه وكرمه ...
ـ[أبوهناء]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 12:05]ـ
شكر الله لك .. ليتك توفر المكتوب في ملف وورد للتحميل
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 11:16]ـ
الأخ فريد: جزاك الله خيراً
الأخ أبو هناء: جزاك الله خيراً لكن عندي مشكلة في الرفع فلو جعلته في وورد لم أستطع رفعه، فإذا إنتهيت فمن أراد تنسيقه فليفعل
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 12:25]ـ
تابع أسئلة في البواعث و الدوافع و الغايات و الفطرة
إذا كان الشيطان سبب لحصول الجهل في النفس فهل يوجد أسباب لحصول العلم في النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 31)
الْعِلْمُ يَحْصُلُ فِي النَّفْسِ كَمَا تَحْصُلُ سَائِرُ الْإِدْرَاكَاتِ وَالْحَرَكَاتِ بِمَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ وَعَامَّةِ ذَلِكَ بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُنْزِلُ بِهَا عَلَى قُلُوبِ عِبَادِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُوَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ. وَلِهَذَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانِ: اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} " وَقَالَ تَعَالَى: {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِلَ إلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ} " وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ " وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا: " إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ: إيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ. وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ إيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ " وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ مَحْفُوظٌ عَنْهُ وَرُبَّمَا رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ كَلَامٌ جَامِعٌ لِأُصُولِ مَا يَكُونُ مِنْ الْعَبْدِ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ مِنْ شُعُورٍ وَإِرَادَةٍ. وَذَلِكَ: أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قُوَّةُ الشُّعُورِ وَالْإِحْسَاسِ وَالْإِدْرَاكِ وَقُوَّةُ الْإِرَادَةِ وَالْحَرَكَةِ وَإِحْدَاهُمَا أَصْلُ الثَّانِيَةِ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا. وَالثَّانِيَةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْأُولَى وَمُكَمِّلَةٌ لَهَا. فَهُوَ بِالْأُولَى يُصَدِّقُ بِالْحَقِّ وَيُكَذِّبُ بِالْبَاطِلِ وَبِالثَّانِيَةِ يُحِبُّ النَّافِعَ الْمُلَائِمَ لَهُ؛ وَيُبْغِضُ الضَّارَّ الْمُنَافِيَ لَهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ عِبَادَهُ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فِيهَا مَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ الْبَاطِلِ وَالتَّكْذِيبُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ النَّافِعِ الْمُلَائِمِ وَالْمَحَبَّةُ لَهُ وَمَعْرِفَةُ الضَّارِّ الْمُنَافِي وَالْبُغْضُ لَهُ بِالْفِطْرَةِ. فَمَا كَانَ حَقًّا مَوْجُودًا صَدَّقَتْ بِهِ الْفِطْرَةُ وَمَا كَانَ حَقًّا نَافِعًا عَرَفَتْهُ الْفِطْرَةُ فَأَحَبَّتْهُ وَاطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ. وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَمَا كَانَ بَاطِلًا مَعْدُومًا كَذَّبَتْ بِهِ الْفِطْرَةُ فَأَبْغَضَتْهُ الْفِطْرَةُ فَأَنْكَرَتْهُ. قَالَ تَعَالَى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}. وَالْإِنْسَانُ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: " {أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ} " فَهُوَ دَائِمًا يَهُمُّ وَيَعْمَلُ لَكِنَّهُ لَا يَعْمَلُ إلَّا مَا يَرْجُو نَفْعَهُ أَوْ دَفْعَ مَضَرَّتِهِ وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّجَاءُ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِقَادٍ بَاطِلٍ إمَّا فِي نَفْسِ الْمَقْصُودِ: فَلَا يَكُونُ نَافِعًا وَلَا ضَارًّا وَإِمَّا فِي الْوَسِيلَةِ: فَلَا
(يُتْبَعُ)
(/)
تَكُونُ طَرِيقًا إلَيْهِ. وَهَذَا جَهْلٌ. وَقَدْ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ يَضُرُّهُ وَيَفْعَلُهُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَيَتْرُكُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ عَارَضَهُ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ طَلَبِ لَذَّةٍ أُخْرَى أَوْ دَفْعِ أَلَمٍ آخَرَ جَاهِلًا ظَالِمًا حَيْثُ قَدَّمَ هَذَا عَلَى ذَاكَ. وَلِهَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: " سَأَلْت أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}؟ فَقَالُوا. كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ وَكُلُّ مَنْ تَابَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَقَدْ تَابَ مِنْ قَرِيبٍ ". وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يَتَحَرَّكُ إلَّا رَاجِيًا. وَإِنْ كَانَ رَاهِبًا خَائِفًا لَمْ يَسْعَ إلَّا فِي النَّجَاةِ وَلَمْ يَهْرُبْ إلَّا مِنْ الْخَوْفِ فَالرَّجَاءُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَا يُلْقَى فِي نَفْسِهِ مِنْ الْإِيعَادِ بِالْخَيْرِ الَّذِي هُوَ طَلَبُ الْمَحْبُوبِ أَوْ فَوَاتُ الْمَكْرُوهِ فَكُلُّ بَنِي آدَمَ لَهُ اعْتِقَادٌ؛ فِيهِ تَصْدِيقٌ بِشَيْءِ وَتَكْذِيبٌ بِشَيْءِ وَلَهُ قَصْدٌ وَإِرَادَةٌ لِمَا يَرْجُوهُ مِمَّا هُوَ عِنْدَهُ مَحْبُوبٌ مُمْكِنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ لِوُجُودِ الْمَحْبُوبِ عِنْدَهُ؛ أَوْ لِدَفْعِ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ. وَاَللَّهُ خَلَقَ الْعَبْدَ يَقْصِدُ الْخَيْرَ فَيَرْجُوهُ بِعَمَلِهِ فَإِذَا كَذَّبَ بِالْحَقِّ فَلَمْ يُصَدِّقْ بِهِ وَلَمْ يَرْجُ الْخَيْرَ فَيَقْصِدَهُ وَيَعْمَلَ لَهُ: كَانَ خَاسِرًا بِتَرْكِ تَصْدِيقِ الْحَقِّ وَطَلَبِ الْخَيْرِ فَكَيْفَ إذَا كَذَّبَ بِالْحَقِّ وَكَرِهَ إرَادَةَ الْخَيْرِ؟ فَكَيْفَ إذَا صَدَّقَ بِالْبَاطِلِ وَأَرَادَ الشَّرَّ؟ فَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ لِقَلْبِ ابْنِ آدَمَ لَمَّةً مِنْ الْمَلَكِ وَلَمَّةً مِنْ الشَّيْطَانِ فَلَمَّةُ الْمَلَكِ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ وَ لَمَّةُ الشَّيْطَانِ هُوَ تَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ إرَادَةِ الشَّرِّ وَظَنِّ وُجُودِهِ: إمَّا مَعَ رَجَائِهِ إنْ كَانَ مَعَ هَوَى نَفْسٍ وَإِمَّا مَعَ خَوْفِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْبُوبٍ لَهَا. وَكُلٌّ مِنْ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ.
فَمَبْدَأُ الْعِلْمِ الْحَقِّ وَالْإِرَادَةِ الصَّالِحَةِ: مِنْ لَمَّةِ الْمَلَكِ. وَمَبْدَأُ الِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ وَالْإِرَادَةِ الْفَاسِدَةِ: مِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أَيْ: يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}. وَالشَّيْطَانُ وَسْوَاسٌ خَنَّاسٌ إذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ فَإِذَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ وَسْوَسَ فَلِهَذَا كَانَ تَرْكُ ذِكْرِ اللَّهِ سَبَبًا وَمَبْدَأً لِنُزُولِ الِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ وَالْإِرَادَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْقَلْبِ وَمِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى: تِلَاوَةُ كِتَابِهِ وَفَهْمُهُ وَمُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ كَمَا قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: " وَمُذَاكَرَتُهُ تَسْبِيحٌ ".
من علم الحق فأعرض عنه تبعاً لهواه فهل يورثه ذلك الجهل؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 10)
(يُتْبَعُ)
(/)
مَنْ أَعْرَضَ عَنْ اتِّبَاعِ الْحَقِّ الَّذِي يَعْلَمُهُ تَبَعًا لِهَوَاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُهُ الْجَهْلَ وَالضَّلَالَ حَتَّى يَعْمَى قَلْبُهُ عَنْ الْحَقِّ الْوَاضِحِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} وَهَذَا اسْتِفْهَامُ نَفْيٍ وَإِنْكَارٍ: أَيْ وَمَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِنَّا نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
و ماذا في النفس من الدواعي؟
مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 146)
دَاعِي الظُّلْمِ لِنَفْسِهَا بِتَنَاوُلِ الشَّهَوَاتِ الْقَبِيحَةِ كَالزِّنَا وَأَكْلِ الْخَبَائِثِ. فَهِيَ قَدْ تَظْلِمُ مَنْ لَا يَظْلِمُهَا؛ وَتُؤْثِرُ هَذِهِ الشَّهَوَاتِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْهَا؛ فَإِذَا رَأَتْ نُظَرَاءَهَا قَدْ ظَلَمُوا وَتَنَاوَلُوا هَذِهِ الشَّهَوَاتِ صَارَ دَاعِي هَذِهِ الشَّهَوَاتِ أَوْ الظُّلْمِ فِيهَا أَعْظَمَ بِكَثِيرِ وَقَدْ تَصْبِرُ؛ وَيَهِيجُ ذَلِكَ لَهَا مِنْ بُغْضِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَحَسَدِهِ وَطَلَبِ عِقَابِهِ وَزَوَالِ الْخَيْرِ عَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَهَا حُجَّةٌ عِنْدَ نَفْسِهَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؛ يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ قَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَالْمُسْلِمِينَ؛ وَإِنَّ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيَهُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ؛ وَالْجِهَادُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الدِّينِ.
و غير ذلك من الدواعي؟
مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 83)
الشَّهْوَةَ وَالْغَضَبَ وَالشَّهْوَةُ وَالْغَضَبُ خُلِقَا لِمَصْلَحَةِ وَمَنْفَعَةٍ؛ لَكِنَّ الْمَذْمُومَ هُوَ الْعُدْوَانُ فِيهِمَا
كيف نستعمل دواعي النفس و قواها في طاعة الله؟
مجموع الفتاوى - (ج 15 / ص 435)
فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ صَادِرٌ عَنْ الْقُوَّةِ الْإِرَادِيَّةِ الحبية الشهوية وَتَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ صَادِرٌ عَنْ الْقُوَّةِ الكَرَاهِيَّةِ الْبُغْضِيَّةِ الْغَضَبِيَّةِ النفرية وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ صَادِرٌ عَنْ الْمَحَبَّةِ وَالْإِرَادَةِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ صَادِرٌ عَنْ الْبُغْضِ وَالْكَرَاهَةِ كَذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالتَّرْهِيبُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْحَضُّ عَلَى هَذَا وَالزَّجْرُ عَنْ هَذَا وَلِهَذَا لَا تَكُفُّ النُّفُوسُ عَنْ الظُّلْمِ إلَّا بِالْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ الدفعية وَبِذَلِكَ يَقُومُ الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ فِي الْحُكْمِ وَالْقِسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْإِحْسَانَ يَقُومُ بِالْقُوَّةِ الْجَذْبِيَّةِ الشهوية فَإِنَّ انْدِفَاعَ الْمَكْرُوهِ بِدُونِ حُصُولِ الْمَحْبُوبِ عَدَمٌ؛ إذْ لَا مَحْبُوبَ وَلَا مَكْرُوهَ وَحُصُولُ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وُجُودٌ فَاسِدٌ إذْ قَدْ حَصَلَا مَعًا وَهُمَا مُتَقَابِلَانِ فِي التَّرْجِيحِ فَرُبَّمَا يَخْتَارُ بَعْضَ النُّفُوسِ هَذَا وَيَخْتَارُ بَعْضَهَا هَذَا وَهَذَا عِنْدَ التَّكَافُؤِ وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ الْيَسِيرُ مَعَ الْمَحْبُوبِ الْكَثِيرِ فَيَتَرَجَّحُ فِيهِ الْوُجُودُ كَمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْكَثِيرَ مَعَ الْمَحْبُوبِ الْيَسِيرِ يَتَرَجَّحُ فِيهِ الْعَدَمُ. لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُقْتَضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَوْجُودًا؛ وَبِتَقْدِيرِ وَجُودِهِمَا يَحْصُلُ النَّصْرُ كَالرِّزْقِ مَعَ الْخَوْفِ صَارَ يَعْظُمُ فِي الشَّرْعِ وَالطَّبْعِ دَفْعُ الْمَكْرُوهِ. أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَبِالتَّقْوَى فَإِنَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
اسْمَهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَظِيمٌ وَالْعَاقِبَةُ لِأَهْلِهَا وَالثَّوَابُ لَهُمْ. وَأَمَّا فِي الطَّبْعِ فَتَعْظِيمُ النُّفُوسِ لِمَنْ نَصْرُهُمْ بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ أَهْلَ الرِّزْقِ مُعَظَّمُونَ لِأَهْلِ النَّصْرِ أَكْثَرُ مِنْ تَعْظِيمِ أَهْلِ النَّصْرِ لِأَهْلِ الرِّزْقِ وَذَاكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ النَّصْرَ بِلَا رِزْقٍ يَنْفَعُ فَإِنَّ الْأَسْبَابَ الْجَالِبَةَ لِلرِّزْقِ مَوْجُودَةٌ تَعْمَلُ عَمَلَهَا وَأَمَّا الرِّزْقُ بِلَا نَصْرٍ فَلَا يَنْفَعُ فَإِنَّ الْأَسْبَابَ النَّاصِرَةَ تَابِعَةٌ وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَقَدْ يُقَالُ: هُمَا مُتَقَابِلَانِ فَإِنَّ أَهْلَ النَّصْرِ يُحِبُّونَ أَهْلَ الرِّزْقِ أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّ أَهْلُ الرِّزْقِ لِأَهْلِ النَّصْرِ فَإِنَّ الرِّزْقَ مَحْبُوبٌ وَالنَّصْرَ مُعَظَّمٌ.
وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْإِحْسَانَ يَقُومُ بِالْقُوَّةِ الْجَذْبِيَّةِ الشهوية فَإِنَّ انْدِفَاعَ الْمَكْرُوهِ بِدُونِ حُصُولِ الْمَحْبُوبِ عَدَمٌ؛ إذْ لَا مَحْبُوبَ وَلَا مَكْرُوهَ وَحُصُولُ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وُجُودٌ فَاسِدٌ إذْ قَدْ حَصَلَا مَعًا وَهُمَا مُتَقَابِلَانِ فِي التَّرْجِيحِ فَرُبَّمَا يَخْتَارُ بَعْضَ النُّفُوسِ هَذَا وَيَخْتَارُ بَعْضَهَا هَذَا وَهَذَا عِنْدَ التَّكَافُؤِ وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ الْيَسِيرُ مَعَ الْمَحْبُوبِ الْكَثِيرِ فَيَتَرَجَّحُ فِيهِ الْوُجُودُ كَمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْكَثِيرَ مَعَ الْمَحْبُوبِ الْيَسِيرِ يَتَرَجَّحُ فِيهِ الْعَدَمُ. لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُقْتَضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَوْجُودًا؛ وَبِتَقْدِيرِ وَجُودِهِمَا يَحْصُلُ النَّصْرُ كَالرِّزْقِ مَعَ الْخَوْفِ صَارَ يَعْظُمُ فِي الشَّرْعِ وَالطَّبْعِ دَفْعُ الْمَكْرُوهِ. أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَبِالتَّقْوَى فَإِنَّ اسْمَهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَظِيمٌ وَالْعَاقِبَةُ لِأَهْلِهَا وَالثَّوَابُ لَهُمْ. وَأَمَّا فِي الطَّبْعِ فَتَعْظِيمُ النُّفُوسِ لِمَنْ نَصْرُهُمْ بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ أَهْلَ الرِّزْقِ مُعَظَّمُونَ لِأَهْلِ النَّصْرِ أَكْثَرُ مِنْ تَعْظِيمِ أَهْلِ النَّصْرِ لِأَهْلِ الرِّزْقِ وَذَاكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّ النَّصْرَ بِلَا رِزْقٍ يَنْفَعُ فَإِنَّ الْأَسْبَابَ الْجَالِبَةَ لِلرِّزْقِ مَوْجُودَةٌ تَعْمَلُ عَمَلَهَا وَأَمَّا الرِّزْقُ بِلَا نَصْرٍ فَلَا يَنْفَعُ فَإِنَّ الْأَسْبَابَ النَّاصِرَةَ تَابِعَةٌ وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَقَدْ يُقَالُ: هُمَا مُتَقَابِلَانِ فَإِنَّ أَهْلَ النَّصْرِ يُحِبُّونَ أَهْلَ الرِّزْقِ أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّ أَهْلُ الرِّزْقِ لِأَهْلِ النَّصْرِ فَإِنَّ الرِّزْقَ مَحْبُوبٌ وَالنَّصْرَ مُعَظَّمٌ.
يَبْقَى أَنْ يُقَالَ: فَلَمْ عَظُمَتْ التَّقْوَى؟ فَيُقَالُ: إنَّهَا هِيَ تَحْفَظُ الْفِطْرَةَ وَتَمْنَعُ فَسَادَهَا وَاحْتَاجَ الْعَبْدُ إلَى رِعَايَتِهَا لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ الْفِطْرِيَّةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى مُحَرِّكٍ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَعْظَمُ مَا دَعَتْ إلَيْهِ الرُّسُلُ الْإِخْلَاصَ وَالنَّهْيَ عَنْ الْإِشْرَاكِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْفِطْرِيَّ حَاصِلٌ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى إخْلَاصِهِ وَدَفْعِ الشِّرْكِ عَنْهُ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ حَاجَةُ النَّاسِ إلَى السِّيَاسَةِ الدَّافِعَةِ لِظُلْمِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَالْجَالِبَةِ لِمَنْفَعَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا كَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ الزَّكَاةَ النَّافِعَةَ وَحَرَّمَ الرِّبَا الضَّارَّ وَأَصْلُ الدِّينِ هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ: الَّذِي أَصْلُهُ الْحُبُّ وَالْإِنَابَةُ وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَاهُ وَهُوَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ عَلَيْهَا النَّاسَ. وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الدِّينِ: انْحَرَفَ فِيهَا فَرِيقٌ مِنْ مُنْحَرِفَةِ الموسوية مِنْ الْفُقَهَاءِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالْمُتَكَلِّمِين حَتَّى أَنْكَرُوهَا وَزَعَمُوا أَنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ لَيْسَتْ إلَّا إرَادَةُ عِبَادَتِهِ ثُمَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ تَارِكُونَ لِلْعَمَلِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ فَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهَذَا فَاشٍ فِيهِمْ وَهُوَ عَدَمُ الْمَحَبَّةِ وَالْعَمَلِ وَفَرِيقٌ مِنْ مُنْحَرِفَةِ العيسوية مِنْ الصُّوفِيَّةِ والمتعبدين خَلَطُوهَا بِمَحَبَّةِ مَا يَكْرَهُهُ وَأَنْكَرُوا الْبُغْضَ وَالْكَرَاهِيَةَ فَلَمْ يُنْكِرُوا شَيْئًا وَلَمْ يُكَرِّهُوهُ أَوْ قَصَّرُوا فِي الْكَرَاهَةِ وَالْإِنْكَارِ وَأَدْخَلُوا فِيهَا الصُّوَرَ وَالْأَصْوَاتَ وَمَحَبَّةَ الْأَنْدَادِ. وَلِهَذَا كَانَ لِغُوَاةِ الْأَوَّلِينَ وَصْفُ الْغَضَبِ وَاللَّعْنَةِ النَّاشِئُ عَنْ الْبُغْضِ لِأَنَّ فِيهِمْ الْبُغْضَ دُونَ الْحُبِّ وَكَانَ لِضَلَالِ الْآخَرِينَ وَصْفُ الضَّلَالِ وَالْغُلُوِّ لِأَنَّ فِيهِمْ مُحِبَّةً لِغَيْرِ مَعْبُودٍ صَحِيحٍ فَفِيهِمْ طَلَبٌ وَإِرَادَةٌ وَمَحَبَّةٌ وَلَكِنْ لَا إلَى مَطْلُوبٍ صَحِيحٍ وَلَا مُرَادٍ صَحِيحٍ وَلَا مَحْبُوبٍ صَحِيحٍ بَلْ قَدْ خَلَطُوا وَغَلَوْا وَأَشْرَكُوهُ فَفِيهِمْ مَحَبَّةُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهُوَ وُجُودُ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ كَمَا فِي الْآخَرِينَ بُغْضُ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهُوَ دَفْعُ الْمَحْبُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَهْدِينَا صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ. فَيُحْمَدُ مِنْ هَؤُلَاءِ مَحَبَّةُ الْحَقِّ وَالِاعْتِرَافُ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ بُغْضُ الْبَاطِلِ وَإِنْكَارُهُ.
لما كانت النفوس فيها شر و الشياطين تزينه لها فهل هناك أثر لخلطة النفوس و الشياطين و إجتماعها؟
مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 149)
وَهَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا تَعْظُمُ بِهَا الْمِحْنَةُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى شَيْئَيْنِ: إلَى دَفْعِ الْفِتْنَةِ الَّتِي اُبْتُلِيَ بِهَا نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ فِتْنَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا عَنْ نُفُوسِهِمْ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لَهَا: فَإِنَّ مَعَهُمْ نُفُوسًا وَشَيَاطِينَ كَمَا مَعَ غَيْرِهِمْ فَمَعَ وُجُودِ ذَلِكَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ يَقْوَى الْمُقْتَضِي عِنْدَهُمْ؛ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ؛ فَيَقْوَى الدَّاعِي الَّذِي فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ وَشَيْطَانُهُ؛ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الدَّاعِي بِفِعْلِ الْغَيْرِ وَالنَّظِيرِ. فَكَمْ مِمَّنْ لَمْ يَرِدْ خَيْرًا وَلَا شَرًّا حَتَّى رَأَى غَيْرَهُ - لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ نَظِيرُهُ -يَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ فَإِنَّ النَّاسَ كَأَسْرَابِ الْقَطَا؛ مَجْبُولُونَ عَلَى تَشَبُّهِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ. وَلِهَذَا كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ: لَهُ مِثْلُ مَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا؛ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا} وَذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ. وَأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ حُكْمُ نَظِيرِهِ. وَشَبَهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ هَذَانِ دَاعِيَيْنِ قَوِيَّيْنِ: فَكَيْفَ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِمَا دَاعِيَانِ آخَرَانِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْمُنْكَرِ يُحِبُّونَ مَنْ يُوَافِقُهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ؛ وَيُبْغِضُونَ مَنْ لَا يُوَافِقُهُمْ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الدِّيَانَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ مُوَالَاةِ كُلِّ قَوْمٍ لِمُوَافَقِيهِمْ؛ وَمُعَادَاتِهِمْ لِمُخَالِفِيهِمْ. وَكَذَلِكَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ كَثِيرًا مَا يَخْتَارُونَ وَيُؤْثِرُونَ مَنْ يُشَارِكُهُمْ: إمَّا لِلْمُعَاوَنَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ كَمَا فِي الْمُتَغَلِّبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّيَاسَاتِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَنَحْوِهِمْ. وَإِمَّا بِالْمُوَافَقَةِ؛ كَمَا فِي الْمُجْتَمِعِينَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّهُمْ يَخْتَارُونَ أَنْ يَشْرَبَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُمْ وَإِمَّا لِكَرَاهَتِهِمْ امْتِيَازَهُ عَنْهُمْ بِالْخَيْرِ: إمَّا حَسَدًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَعْلُوَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَيُحْمَدُ دُونَهُمْ. وَإِمَّا لِئَلَّا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ. وَإِمَّا لِخَوْفِهِمْ مِنْ مُعَاقَبَتِهِ لَهُمْ بِنَفْسِهِ؛ أَوْ بِمَنْ يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِمْ؛ وَلِئَلَّا يَكُونُوا تَحْت مِنَّتِهِ وَخَطَرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدَّتْ الزَّانِيَةُ لَوْ زَنَى النِّسَاءُ كُلُّهُنَّ. وَالْمُشَارِكَةُ قَدْ يَخْتَارُونَهَا فِي نَفْسِ الْفُجُورِ كَالِاشْتِرَاكِ فِي الشُّرْبِ وَالْكَذِبِ وَالِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ وَقَدْ يَخْتَارُونَهَا فِي النَّوْعِ؛ كَالزَّانِي الَّذِي يَوَدُّ أَنَّ غَيْرَهُ يَزْنِي؛ وَالسَّارِقُ الَّذِي يَوَدُّ أَنَّ غَيْرَهُ يَسْرِقُ أَيْضًا؛ لَكِنْ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ الَّتِي زَنَى بِهَا أَوْ سَرَقَهَا. وَأَمَّا الدَّاعِي الثَّانِي فَقَدْ يَأْمُرُونَ الشَّخْصَ بِمُشَارَكَتِهِمْ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنْكَرِ. فَإِنْ شَارَكَهُمْ وَإِلَّا عَادُوهُ وَآذَوْهُ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَهِي إلَى حَدِّ الْإِكْرَاهِ؛ أَوَّلًا يَنْتَهِي إلَى حَدِّ الْإِكْرَاهِ ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْتَارُونَ مُشَارَكَةَ الْغَيْرِ لَهُمْ فِي قَبِيحِ فِعْلِهِمْ أَوْ يَأْمُرُونَهُ بِذَلِكَ وَيَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى مَا يُرِيدُونَهُ: مَتَى شَارَكَهُمْ وَعَاوَنَهُمْ وَأَطَاعَهُمْ انْتَقَصُوهُ وَاسْتَخَفُّوا بِهِ. وَجَعَلُوا ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ فِي أُمُورٍ أُخْرَى. وَإِنْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ عَادَوْهُ وَآذَوْهُ. وَهَذِهِ حَالُ غَالِبِ الظَّالِمِينَ الْقَادِرِينَ. وَهَذَا الْمَوْجُودُ فِي الْمُنْكَرِ نَظِيرُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَأَبْلَغُ مِنْهُ كَمَا قَالَ
تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} فَإِنَّ دَاعِيَ الْخَيْرِ أَقْوَى؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ فِيهِ دَاعٍ يَدْعُوهُ إلَى الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ؛ وَالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ؛ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فَإِذَا وُجِدَ مَنْ يَعْمَلُ مِثْلَ ذَلِكَ صَارَ لَهُ دَاعٍ آخَرُ؛ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ نَظِيرُهُ؛ لَا سِيَّمَا مَعَ الْمُنَافَسَةِ وَهَذَا مَحْمُودٌ حَسَنٌ. فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُحِبُّ مُوَافَقَتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَمُشَارَكَتَهُ لَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ؛ وَيُبْغِضُهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ: صَارَ لَهُ دَاعٍ ثَالِثٌ؛ فَإِذَا أَمَرُوهُ بِذَلِكَ وَوَالَوْهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَادَوْهُ وَعَاقَبُوهُ عَلَى تَرْكِهِ صَارَ لَهُ دَاعٍ رَابِعٌ. وَلِهَذَا يُؤْمَرُ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُقَابِلُوا السَّيِّئَاتِ بِضِدِّهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ؛ كَمَا يُقَابِلُ الطَّبِيبُ الْمَرَضَ بِضِدِّهِ. فَيُؤْمَرُ الْمُؤْمِنُ بِأَنْ يُصْلِحَ نَفْسَهُ وَذَلِكَ بِشَيْئَيْنِ: بِفِعْلِ الْحَسَنَاتِ. وَتَرْكِ السَّيِّئَاتِ مَعَ وُجُودِ مَا يَنْفِي الْحَسَنَاتِ وَيَقْتَضِي السَّيِّئَاتِ. وَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ. وَيُؤْمَرُ أَيْضًا بِإِصْلَاحِ غَيْرِهِ بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبِعَةِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ وَإِمْكَانِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَالْعَصْرِ} {إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ فَكَّرَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي سُورَةِ
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَالْعَصْرِ لَكَفَتْهُمْ. وَهُوَ كَمَا قَالَ. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ خَاسِرُونَ إلَّا مَنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ مُؤْمِنًا صَالِحًا؛ وَمَعَ غَيْرِهِ مُوصِيًا بِالْحَقِّ مُوصِيًا بِالصَّبْرِ. وَإِذَا عَظُمَتْ الْمِحْنَةُ كَانَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ سَبَبًا لِعُلُوِّ الدَّرَجَةِ وَعَظِيمِ الْأَجْرِ؛ كَمَا {سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ الْأَنْبِيَاءُ: ثُمَّ الصَّالِحُونَ؛ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ؛ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ. فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ زِيدَ فِي بَلَائِهِ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ. وَلَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ} وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ مِنْ الصَّبْرِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُهُ: وَذَلِكَ هُوَ سَبَبُ الْإِمَامَةِ فِي الدِّينِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}. فَلَا بُدَّ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى فِعْلِ الْحَسَنِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتَرْكِ السَّيِّئِ الْمَحْظُورِ؛ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الصَّبْرُ عَلَى فِعْلِ الْأَذَى وَعَلَى مَا يُقَالُ؛ وَالصَّبْرُ عَلَى مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْمَكَارِهِ؛ وَالصَّبْرُ عَنْ الْبَطَرِ عِنْدَ النِّعَمِ: وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ. وَلَا يُمْكِنُ الْعَبْدُ أَنْ يَصْبِرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَطْمَئِنُّ بِهِ وَيَتَنَعَّمُ بِهِ وَيُغْتَذَى بِهِ وَهُوَ الْيَقِينُ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ؛ وَالْعَافِيَةَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ فَسَلُوهُمَا اللَّهُ}. وَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ غَيْرَهُ يُحْسِنُ أَوْ أَحَبَّ مُوَافَقَتَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ أَوْ نَهَى غَيْرَهُ عَنْ شَيْءٍ؛ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُحْسِنَ إلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ إحْسَانًا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهُ؛ مِنْ حُصُولِ الْمَحْبُوبِ وَانْدِفَاعِ الْمَكْرُوهِ؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ لَا تَصْبِرُ عَلَى الْمُرِّ إلَّا بِنَوْعِ مِنْ الْحُلْوِ؛ لَا يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ؛ حَتَّى جَعَلَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ نَصِيبًا فِي الصَّدَقَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْبِرَ وَأَنْ يَرْحَمَ وَهَذَا هُوَ الشَّجَاعَةُ وَالْكَرَمُ.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 01:29]ـ
أسئلة في أخلاق النفس و صفاتها و ما يمدح منها و ما يذم
مسألة: ما هي أخلاق النفوس و صفاتها و ما الذي يمدح و يذم منها؟
مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 154)
النُّفُوسَ لَا تَصْبِرُ عَلَى الْمُرِّ إلَّا بِنَوْعِ مِنْ الْحُلْوِ؛ لَا يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ؛ حَتَّى جَعَلَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ نَصِيبًا فِي الصَّدَقَاتِ. وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}. وَقَالَ تَعَالَى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْبِرَ وَأَنْ يَرْحَمَ وَهَذَا هُوَ الشَّجَاعَةُ وَالْكَرَمُ. وَلِهَذَا يُقْرِنُ اللَّهُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ تَارَةً؛ وَهِيَ الْإِحْسَانُ إلَى الْخَلْقِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّبْرِ تَارَةً. وَلَا بُدَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ:
(يُتْبَعُ)
(/)
الصَّلَاةِ؛ وَالزَّكَاةِ؛ وَالصَّبْرِ. لَا تَقُومُ مَصْلَحَةُ الْمُؤْمِنِينَ إلَّا بِذَلِكَ؛ فِي صَلَاحِ نُفُوسِهِمْ وَإِصْلَاحِ غَيْرِهِمْ؛ لَا سِيَّمَا كُلَّمَا قَوِيَتْ الْفِتْنَةُ وَالْمِحْنَةُ؛ فَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ تَكُونُ أَشَدَّ؛ فَالْحَاجَةُ إلَى السَّمَاحَةِ وَالصَّبْرِ عَامَّةً لِجَمِيعِ بَنِي آدَمَ لَا تَقُومُ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ وَلَا دُنْيَاهُمْ إلَّا بِهِ. وَلِهَذَا جَمِيعُهُمْ يَتَمَادَحُونَ بِالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ حَتَّى إنَّ ذَلِكَ عَامَّةُ مَا يَمْدَحُ بِهِ الشُّعَرَاءُ فِي شِعْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ يَتَذَامُّونَ بِالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ. وَالْقَضَايَا الَّتِي يَتَّفِقُ عَلَيْهَا بَنُو آدَمَ لَا تَكُونُ إلَّا حَقًّا؛ كَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَدْحِ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ؛ وَذَمِّ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ. وَقَدْ قَالَ {النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَهُ الْأَعْرَابُ؛ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إلَى سَمُرَةٍ فَتَعَلَّقَتْ بِرِدَائِهِ؛ فَالْتَفَتَ إلَيْهِمْ وَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ عِنْدِي عَدَدَ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْته عَلَيْكُمْ؛ ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذُوبًا}. لَكِنْ يَتَنَوَّعُ ذَلِكَ بِتَنَوُّعِ الْمَقَاصِدِ وَالصِّفَاتِ؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. وَلِهَذَا جَاءَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِذَمِّ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ؛ وَمَدْحِ الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي سَبِيلِهِ دُونَ مَا لَيْسَ فِي سَبِيلِهِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {شَرُّ مَا فِي الْمَرْءِ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ}. وَقَالَ: {مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟ فَقَالُوا الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّا نَزِنُهُ بِالْبُخْلِ فَقَالَ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ؟} وَفِي رِوَايَةٍ: {إنَّ السَّيِّدَ لَا يَكُونُ بَخِيلًا بَلْ سَيِّدُكُمْ الْأَبْيَضُ الْجَعْدُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ}. وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي فَقَالَ تَقُولُ: وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ؟ فَجَعَلَ الْبُخْلَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمْرَاضِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: {قَالَ عُمَرُ: قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاَللَّهِ لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ فَقَالَ: إنَّهُمْ خَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ وَبَيْنَ أَنْ يبخلوني وَلَسْت بِبَاخِلِ يَقُولُ: إنَّهُمْ يَسْأَلُونِي مَسْأَلَةً لَا تَصْلُحُ فَإِنْ أَعْطَيْتهمْ وَإِلَّا قَالُوا: هُوَ بَخِيلٌ فَقَدْ خَيَّرُونِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ مُكْرِهِينَ لَا يَتْرُكُونِي مِنْ أَحَدِهِمَا: الْفَاحِشَةُ وَالتَّبْخِيلُ. وَالتَّبْخِيلُ أَشَدُّ؛ فَأَدْفَعُ الْأَشَدَّ بِإِعْطَائِهِمْ}. وَالْبُخْلُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعُ: كَبَائِرَ؛ وَغَيْرُ كَبَائِرَ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. وَقَالَ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} إلَى قَوْلِهِ: {إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}. وَقَالَ: {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}. وَقَالَ: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}. وَقَالَ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}. وَقَالَ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} الْآيَةَ. وَمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْإِيتَاءِ وَالْإِعْطَاءِ وَذَمِّ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ: كُلُّهُ ذَمٌّ لِلْبُخْلِ وَكَذَلِكَ ذَمُّهُ لِلْجُبْنِ كَثِيرٌ مِثْلَ قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. وَقَوْلُهُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ}. وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}. وَقَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}. وَمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْحَضِّ عَلَى الْجِهَادِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ وَذَمِّ النَّاكِلِينَ عَنْهُ وَالتَّارِكِينَ لَهُ: كُلُّهُ ذَمٌّ لِلْجُبْنِ. وَلَمَّا كَانَ صَلَاحُ بَنِي آدَمَ لَا يَتِمُّ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ إلَّا بِالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ: بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَنْ تَوَلَّى عَنْ الْجِهَادِ بِنَفْسِهِ أَبْدَلَ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ؛ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إلَّا قَلِيلٌ} {إلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. وَقَالَ تَعَالَى: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}.
وَبِالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَضَّلَ السَّابِقِينَ فَقَالَ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}. وَقَدْ ذَكَرَ الْجِهَادَ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ فِي سَبِيلِهِ؛ وَمَدَحَهُ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ؛ وَذَلِكَ هُوَ الشَّجَاعَةُ وَالسَّمَاحَةُ فِي طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ فَقَالَ: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. وَالشَّجَاعَةُ لَيْسَتْ هِيَ قُوَّةُ الْبَدَنِ وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ قَوِيَّ الْبَدَنِ ضَعِيفَ الْقَلْبِ؛ وَإِنَّمَا هِيَ قُوَّةُ الْقَلْبِ وَثَبَاتُهُ. فَإِنَّ الْقِتَالَ مَدَارُهُ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ وَصَنْعَتِهِ لِلْقِتَالِ؛ وَعَلَى قُوَّةِ الْقَلْبِ وَخِبْرَتِهِ بِهِ. وَالْمَحْمُودُ مِنْهُمَا مَا كَانَ بِعِلْمِ وَمَعْرِفَةٍ؛ دُونَ التَّهَوُّرِ الَّذِي لَا يُفَكِّرُ صَاحِبُهُ وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَحْمُودِ وَالْمَذْمُومِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ. حَتَّى يَفْعَلَ مَا يَصْلُحُ. فَأَمَّا الْمَغْلُوبُ حِينَ غَضَبِهِ فَلَيْسَ بِشُجَاعِ وَلَا شَدِيدٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جِمَاعَ ذَلِكَ هُوَ الصَّبْرُ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَالصَّبْرُ صَبْرَانِ: صَبْرٌ عِنْدَ الْغَضَبِ؛ وَصَبْرٌ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. كَمَا قَالَ الْحَسَنُ: مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ جُرْعَةً أَعْظَمَ مِنْ جُرْعَةِ حِلْمٍ عِنْدَ الْغَضَبِ؛ وَجُرْعَةِ صَبْرٍ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْمُؤْلِمِ. وَهَذَا هُوَ الشُّجَاعُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَصْبِرُ عَلَى الْمُؤْلِمِ. وَالْمُؤْلِمُ إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ دَفْعُهُ أَثَارَ الْغَضَبَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ أَثَارَ الْحُزْنَ؛ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ الْوَجْهُ عِنْدَ الْغَضَبِ لِثَوَرَانِ الدَّمِ عِنْدَ اسْتِشْعَارِ الْقُدْرَةِ وَيَصْفَرُّ عِنْدَ الْحُزْنِ لِغَوْرِ الدَّمِ عِنْدَ اسْتِشْعَارِ الْعَجْزِ؛ وَلِهَذَا جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: الرَّقُوبُ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِالرَّقُوبِ؛ وَلَكِنَّ الرَّقُوبَ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟ قُلْنَا: الَّذِي لَا تَصْرَعُهُ الرِّجَالُ فَقَالَ: لَيْسَ بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الصُّرَعَةُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ} فَذَكَرَ مَا يَتَضَمَّنُ الصَّبْرَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالصَّبْرَ عِنْدَ الْغَضَبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُصِيبَةِ: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} {الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى فِي الْغَضَبِ: {وَمَا يُلَقَّاهَا إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}. وَهَذَا الْجَمْعُ بَيْنَ صَبْرِ الْمُصِيبَةِ وَصَبْرِ الْغَضَبِ نَظِيرُ الْجَمْعِ بَيْنَ صَبْرِ النِّعْمَةِ وَصَبْرِ الْمُصِيبَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} {إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}. وَقَالَ: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}. وَبِهَذَا وَصَفَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ مَنْ وَصَفَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمُهَاجِرِينَ حَيْثُ قَالَ:
لَا يَفْرَحُونَ إذَا نَالَتْ سُيُوفُهُمْ * * * قَوْمًا وَلَيْسُوا مجازيعا إذَا نِيلُوا
وَكَذَلِكَ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي صِفَةِ الْأَنْصَارِ:
لَا فَخْرَ إنْ هُمْ أَصَابُوا مِنْ عَدُوِّهِمْ * * * وَإِنْ أُصِيبُوا فَلَا خَوْرَ وَلَا هَلَعَ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْلِبُ فَلَا يَبْطَرُ؛ وَيَغْلِبُ فَلَا يَضْجَرُ. وَلَمَّا كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُو النَّاسَ عِنْدَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ إلَى تَعَدِّي الْحُدُودِ بِقُلُوبِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ: {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَمَّا قِيلَ لَهُ: وَقَدْ بَكَى لَمَّا رَأَى إبْرَاهِيمَ فِي النَّزْعِ أَتَبْكِي؟ أَوَلَمْ تَنْهَ عَنْ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْت عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٌ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرَ شَيْطَانٍ. وَصَوْتٌ عِنْدَ مُصِيبَةِ لَطْمِ خُدُودٍ وَشَقِّ جُيُوبٍ وَدُعَاءٍ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ} فَجَمَعَ بَيْنَ الصَّوْتَيْنِ.
وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَصَائِبِ فَمِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ}. وَقَالَ: {أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْحَالِقَةِ وَالصَّالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ}. وَقَالَ: {مَا كَانَ مِنْ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنْ الشَّيْطَانِ}. وَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ عَلَى دَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا حُزْنِ الْقَلْبِ؛ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ - وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ وَقَالَ: مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ}. وَاشْتَرَطَ عَلَى النِّسَاءِ فِي الْبَيْعَةِ أَنْ لَا يَنُحْنَ وَقَالَ: {إنَّ النَّائِحَةَ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا فَإِنَّهَا تَلْبَسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دِرْعًا مَنْ جَرَبٍ وَسِرْبَالًا مِنْ قَطِرَانٍ}. وَقَالَ فِي الْغَلَبَةِ وَالْمَصَائِبِ وَالْفَرَحِ: {إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ؛ وَلْيَحُدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ}. وَقَالَ: {إنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ}. وَقَالَ: {لَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا}. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ فِي الْجِهَادِ مِنْ الْعَدْلِ وَتَرْكِ الْعُدْوَانِ؛ اتِّبَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. وَنَهَى عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَتَخَتُّمِ الذَّهَبِ؛ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ وَإِطَالَةِ الثِّيَابِ؛ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ فِي النِّعَمِ وَذَمِّ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَجَعَلَ فِيهِمْ الْخَسْفَ وَالْمَسْخَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}. وَقَالَ عَنْ قَارُونَ: {إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}. وَهَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ مَعَ الصَّبْرِ عَنْ الِاعْتِدَاءِ فِي الشَّهْوَةِ هِيَ جَوَامِعُ هَذَا الْبَابِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ وَيَشْتَهِيهِ: وَبَيْنَ مَا يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فَهُوَ يَطْلُبُ الْأَوَّلَ بِمَحَبَّتِهِ وَشَهْوَتِهِ وَيَدْفَعُ الثَّانِيَ بِبُغْضِهِ وَنُفْرَتِهِ. وَإِذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ أَوْ انْدَفَعَ الثَّانِي أَوْجَبَ لَهُ فَرَحًا وَسُرُورًا وَإِنْ حَصَلَ الثَّانِي أَوْ انْدَفَعَ الْأَوَّلُ حَصَلَ لَهُ حُزْنٌ فَهُوَ مُحْتَاجٌ عِنْدَ الْمَحَبَّةِ وَالشَّهْوَةِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ عُدْوَانِهِمَا؛ وَعِنْدَ الْغَضَبِ وَالنُّفْرَةِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
عُدْوَانِهِمَا؛ وَعِنْدَ الْفَرَحِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ عُدْوَانِهِ؛ وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ أَنْ يَصْبِرَ عَنْ الْجَزَعِ مِنْهَا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الصَّوْتَيْنِ الْأَحْمَقَيْنِ الْفَاجِرَيْنِ: الصَّوْتُ الَّذِي يُوجِبُ الِاعْتِدَاءَ فِي الْفَرَحِ حَتَّى يَصِيرَ الْإِنْسَانُ فَرِحًا فَخُورًا؛ وَالصَّوْتُ الَّذِي يُوجِبُ الْجَزَعَ. وَأَمَّا الصَّوْتُ الَّذِي يُثِيرُ الْغَضَبَ لِلَّهِ: كَالْأَصْوَاتِ الَّتِي تُقَالُ فِي الْجِهَادِ مِنْ الْأَشْعَارِ الْمُنْشَدَةِ: فَتِلْكَ لَمْ تَكُنْ بِآلَاتِ وَكَذَلِكَ أَصْوَاتُ الشَّهْوَةِ فِي الْفَرَحِ؛ فَرَخَّصَ مِنْهَا فِيمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْأَفْرَاحِ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. وَعَامَّةِ الْأَشْعَارِ الَّتِي تُنْشَدُ بِالْأَصْوَاتِ لِتَحْرِيكِ النُّفُوسِ هِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبِعَةِ وَهِيَ التَّشْبِيبُ؛ وَأَشْعَارُ الْغَضَبِ وَالْحَمِيَّةِ؛ وَهِيَ الْحَمَاسَةُ وَالْهِجَاءُ. وَأَشْعَارُ الْمَصَائِبِ كَالْمَرَاثِي وَأَشْعَارِ النِّعَمِ وَالْفَرَحِ وَهِيَ الْمَدَائِحُ. وَالشُّعَرَاءُ جَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنْ يَمْشُوا مَعَ الطَّبْعِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} وَلِهَذَا أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَتْبَعُهُمْ الْغَاوُونَ وَالْغَاوِي: هُوَ الَّذِي يَتْبَعُ هَوَاهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ وَهَذَا هُوَ الْغَيُّ؛ وَهُوَ خِلَافُ الرُّشْدِ. كَمَا أَنَّ الضَّالَّ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَصْلَحَتَهُ هُوَ خِلَافُ الْمُهْتَدِي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى} {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي}. فَلِهَذَا تَجِدُهُمْ يَمْدَحُونَ جِنْسَ الشُّجَاعَةِ وَجِنْسَ السَّمَاحَةِ؛ إذْ كَانَ عَدَمُ هَذَيْنِ مَذْمُومًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا وُجُودُهُمَا فَبِهِ تَحْصُلُ مَقَاصِدُ النُّفُوسِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لَكِنَّ الْعَاقِبَةَ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَّقِينَ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَّقِينَ فَلَهُمْ عَاجِلَةٌ لَا عَاقِبَةٌ وَالْعَاقِبَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْآخِرَةِ فَتَكُونُ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ قِصَّةَ نُوحٍ وَنَجَاتَهُ بِالسَّفِينَةِ: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} إلَى قَوْلِهِ: {فَاصْبِرْ إنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}. وَقَالَ:
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}. وَالْفُرْقَانُ: أَنْ يَحْمَدَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَمِدَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي حَمْدُهُ زَيْنٌ وَذَمُّهُ شَيْنٌ؛ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الشُّعَرَاءِ وَالْخُطَبَاءِ وَغَيْرِهِمْ؛ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ الْقَائِلُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ حَمْدِي زَيْنٌ وَذَمِّي شَيْنٌ قَالَ لَهُ: " ذَاكَ اللَّهُ ". وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ حَمِدَ الشَّجَاعَةَ وَالسَّمَاحَةَ فِي سَبِيلِهِ؛ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ {أَبِي مُوسَى قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلَ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً؛ وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً؛ وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْمَقْصُودُ الَّذِي خُلِقَ الْخَلْقُ لَهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} فَكُلُّ مَا كَانَ لِأَجْلِ الْغَايَةِ الَّتِي خُلِقَ لَهَا الْخَلْقُ كَانَ مَحْمُودًا عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى لِصَاحِبِهِ وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ. وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ: مَنْ يَعْمَلْ لِلَّهِ بِشَجَاعَةِ وَسَمَاحَةٍ؛ فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْجَنَّةِ. وَمَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللَّهِ بِشَجَاعَةِ وَسَمَاحَةٍ؛ فَهَذَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ. وَمَنْ يَعْمَلْ لِلَّهِ لَكِنْ لَا بِشَجَاعَةِ وَلَا سَمَاحَةٍ؛ فَهَذَا فِيهِ مِنْ النِّفَاقِ وَنَقْصِ الْإِيمَانِ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَمَنْ لَا يَعْمَلْ لِلَّهِ وَلَيْسَ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَلَا سَمَاحَةٌ؛ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ دُنْيَا وَلَا آخِرَةٌ. فَهَذِهِ الْأَخْلَاقُ وَالْأَفْعَالُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُؤْمِنُ عُمُومًا وَخُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ الشَّدِيدَةِ؛ فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى صَلَاحِ نُفُوسِهِمْ وَدَفْعِ الذُّنُوبِ عَنْ نُفُوسِهِمْ عِنْدَ الْمُقْتَضِي لِلْفِتْنَةِ عِنْدَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ أَيْضًا إلَى أَمْرِ غَيْرِهِمْ وَنَهْيِهِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِمْ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ مِنْ الصُّعُوبَةِ مَا فِيهِ؛ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَمَرَهُمْ بِدَعْوَةِ النَّاسِ وَجِهَادِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} {الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}. وَكَمَا قَالَ: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وَكَمَا قَالَ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. وَكَمَا قَالَ: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}.
مسألة: ما هي آثار أخلاق النفس على البدن؟
مجموع الفتاوى - (ج 5 / ص 570)
الْغَضَبُ - وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: إنَّهُ غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ فَهُوَ - صِفَةٌ تَقُومُ بِنَفْسِ الْغَضْبَانِ غَيْرُ غَلَيَانِ دَمِ الْقَلْبِ؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَثَرُهُ؛ فَإِنَّ حَرَارَةَ الْغَضَبِ تُسَخِّنُ الدَّمَ حَتَّى يَغْلِيَ. فَإِنَّ مَبْدَأَ الْغَضَبِ مِنْ النَّفْسِ هِيَ الَّتِي تَتَّصِفُ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْرِي ذَلِكَ إلَى الْجِسْمِ وَكَذَلِكَ الْحُزْنُ وَالْفَرَحُ وَسَائِرُ الْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ. وَالْحُزْنُ يُوجِبُ دُخُولَ الدَّمِ؛ وَلِهَذَا يَصْفَرُّ لَوْنُ الْحَزِينِ وَهُوَ مِنْ الْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ؛ لَكِنَّ الْحَزِينَ يَسْتَشْعِرُ الْعَجْزَ عَنْ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي أَصَابَهُ وَيَيْأَسُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَيَغُورُ دَمُهُ وَالْغَضْبَانُ يَسْتَشْعِرُ قُدْرَتَهُ عَلَى الدَّفْعِ أَوْ الْمُعَاقَبَةِ؛ فَيَنْبَسِطُ دَمُهُ. وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالطُّمَأْنِينَةُ الَّتِي تُوصَفُ بِهَا النَّفْسُ لَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لِمَا يُوصَفُ بِهِ الْجِسْمُ قَالَ تَعَالَى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وَالِاطْمِئْنَانُ هُوَ السُّكُونُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اطْمَأَنَّ الرَّجُلُ اطْمِئْنَانًا وَطُمَأْنِينَةً: أَيْ سَكَنَ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} {ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} وَكَذَلِكَ لِلْقُلُوبِ سَكِينَةٌ تُنَاسِبُهَا. قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
(يُتْبَعُ)
(/)
لِيَزْدَادُوا إيمَانًا مَعَ إيمَانِهِمْ}. وَكَذَلِكَ " الرَّيْبُ " حَرَكَةُ النَّفْسِ لِلشَّكِّ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِظَبْيٍ حَاقِفٍ فَقَالَ لَا يُرِيبُهُ أَحَدٌ} وَيُقَالُ: رَابَنِي مِنْهُ رَيْبٌ و {دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك} وَقَالَ: {الْكَذِبُ رِيبَةٌ وَالصِّدْقُ طُمَأْنِينَةٌ} فَجَعَلَ الطُّمَأْنِينَةَ ضِدَّ الرِّيبَةِ وَكَذَلِكَ الْيَقِينُ ضِدُّ الرَّيْبِ.
مسألة: هل تتألم النفس و تتلذ؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 325)
سَوَاءٌ قِيلَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادَاتِ أَوْ مِنْ بَابِ الْإِرَادَاتِ أَوْ قِيلَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ الْآلَامِ الَّتِي تَلْحَقُ النَّفْسَ بِسَبَبِ فِعْلِ مَا يَضُرُّهَا؛ فَإِذَا اسْتَشْعَرَ الْقَلْبُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا يَضُرُّهُ حَصَلَ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ كَانَ مِنْ السَّيِّئَاتِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادَاتِ، وَكَرَاهِيَةٌ لِمَا كَانَ فَعَلَهُ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْإِرَادَاتِ؛ وَحَصَلَ لَهُ أَذًى وَغَمٌّ لِمَا كَانَ فَعَلَهُ؛ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْآلَامِ كَالْغُمُومِ وَالْأَحْزَانِ كَمَا أَنَّ الْفَرَحَ وَالسُّرُورَ هُوَ مِنْ بَابِ اللَّذَّاتِ لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْإِرَادَاتِ. وَمَنْ قَالَ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ: إنَّ اللَّذَّةَ هِيَ إدْرَاكُ الْمُلَائِمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُلَائِمٌ، وَأَنَّ الْأَلَمَ هُوَ إدْرَاكُ الْمُنَافِرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُنَافِرٌ، فَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللَّذَّةَ وَالْأَلَمَ حَالَانِ يَتَعَقَّبَانِ إدْرَاكَ الْمُلَائِمِ وَالْمُنَافِرِ، فَإِنَّ الْحُبَّ لِمَا يُلَائِمُهُ كَالطَّعَامِ الْمُشْتَهَى مَثَلًا لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: (أَحَدُهَا) الْحُبُّ كَالشَّهْوَةِ لِلطَّعَامِ.
وَالثَّانِي: إدْرَاكُ الْمَحْبُوبِ كَأَكْلِ الطَّعَامِ.
وَالثَّالِثُ: اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِذَلِكَ وَاللَّذَّةُ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِلشَّهْوَةِ وَلِذَوْقِ الْمُشْتَهِي؛ بَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ لِذَوْقِ الْمُشْتَهِي؛ لَيْسَتْ نَفْسَ ذَوْقِ الْمُشْتَهِي. وَكَذَلِكَ " الْمَكْرُوهُ " كَالضَّرْبِ مَثَلًا. فَإِنَّ كَرَاهَتَهُ شَيْءٌ وَحُصُولَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَالْأَلَمُ الْحَاصِلُ بِهِ ثَالِثٌ.
مسألة: كيف تطمئن القلوب؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 249)
وَقَالَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ -::
{كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ فَطَرَ الْقُلُوبَ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي مَحْبُوبَاتِهَا وَمُرَادَاتِهَا مَا تَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَتَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا اللَّهُ؛ وَإِلَّا فَكُلَّمَا أَحَبَّهُ الْمُحِبُّ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ قَلْبَهُ يَطْلُبُ سِوَاهُ وَيُحِبُّ أَمْرًا غَيْرَهُ يتألهه وَيَصْمُدُ إلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّ إلَيْهِ وَيَرَى مَا يُشْبِهُهُ مِنْ أَجْنَاسِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
مسألة: بم تسعد النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 206)
سَعَادَتَهَا أَنْ تَحْيَا الْحَيَاةَ النَّافِعَةَ فَتَعْبُدَ اللَّهَ، وَمَتَى لَمْ تَحْيَا هَذِهِ الْحَيَاةَ كَانَتْ مَيِّتَةً، وَكَانَ مَا لَهَا مِنْ الْحَيَاةِ الطَّبِيعِيَّةِ مُوجِبًا لِعَذَابِهَا، فَلَا هِيَ حَيَّةٌ مُتَنَعِّمَةٌ بِالْحَيَاةِ، وَلَا مَيِّتَةٌ مُسْتَرِيحَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ لَمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ بِحَيِّ الْحَيَاةَ النَّافِعَةَ وَلَا مَيِّتًا عَدِيمَ الْإِحْسَاسِ، كَانَ فِي الْآخِرَةِ كَذَلِكَ، وَالنَّفْسُ إنْ عَلِمَتْ الْحَقَّ وَأَرَادَتْهُ فَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ إنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ بِطَبْعِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُرَادٍ مَعْبُودٍ غَيْرِ اللَّهِ؛ وَمُرَادَاتٍ سَيِّئَةٍ؛ فَهَذَا تَرَكَّبَ مِنْ كَوْنِهَا لَمْ تَعْرِفْ اللَّهَ وَلَمْ تَعْبُدْهُ وَهَذَا
(يُتْبَعُ)
(/)
عَدَمٌ. وَالْقَدَرِيَّةُ يَعْتَرِفُونَ بِهَذَا، وَبِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مُرِيدًا، لَكِنْ يَجْعَلُونَهُ مُرِيدًا بِالْقُوَّةِ وَالْقَبُولِ، أَيْ قَابِلًا لِأَنْ يُرِيدَ هَذَا وَهَذَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ مُرِيدًا لِهَذَا الْمُعَيَّنِ وَهَذَا الْمُعَيَّنِ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ، وَغَلِطُوا بَلْ اللَّهُ خَالِقُ هَذَا كُلِّهِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْهَمَ النَّفْسَ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا} إلَخْ " وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ إبْرَاهِيمَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ أَئِمَّةً يَدْعُونَ بِأَمْرِهِ، وَجَعَلَ آلَ فِرْعَوْنَ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّارِ
مسألة: هل الذكاء و الفطنة و الزهد و الأخلاق تكفي لسعادة النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 18 / ص 58)
لَا يَكْفِي فِي السَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَيَتَّخِذُوهُ إلَهًا دُونَ مَا سِوَاهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ: " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَكَيْفَ وَهُمْ فِي الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ مُعَطِّلُونَ جَاحِدُونَ لَا مُوَحِّدُونَ وَلَا مُخْلِصُونَ فَإِذَا كَانَ مَا تَحْصُلُ بِهِ السَّعَادَةُ وَالنَّجَاةُ مِنْ الشَّقَاوَةِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ أَصْلًا كَانَ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنْ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالسِّيَاسَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. وَالْقَوْمُ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ ذَكَاءٌ وَفِطْنَةٌ وَفِيهِمْ زُهْدٌ وَأَخْلَاقٌ فَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُوجِبُ السَّعَادَةَ وَالنَّجَاةَ مِنْ الْعَذَابِ إلَّا بِالْأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنَّمَا قُوَّةُ الذَّكَاءِ بِمَنْزِلَةِ قُوَّةِ الْبَدَنِ وَالْإِرَادَةِ فَاَلَّذِي يُؤْتَى فَضَائِلَ عِلْمِيَّةٍ وَإِرَادِيَّةٍ بِدُونِ هَذِهِ الْأُصُولِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُؤْتَى قُوَّةً فِي جِسْمِهِ وَبَدَنِهِ بِدُونِ هَذِهِ الْأُصُولِ وَأَهْلُ الرَّأْيِ وَالْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْمُلْكِ وَالْإِمَارَةِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَيُؤْمِنُ بِرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَلَمَّا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمُلْكِ وَالْعِلْمِ قَدْ يُعَارِضُونَ الرُّسُلَ، وَقَدْ يُتَابِعُونَهُمْ ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَذَكَرَ فِرْعَوْنَ؛ وَاَلَّذِي حَاجَّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ؛ وَالْمَلَأَ مِنْ قَوْمٍ نُوحٍ وَعَادٍ وَغَيْرَهُمْ وَذَكَرَ قَوْلَ عُلَمَائِهِمْ كَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} وَقَالَ: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} إلَى قَوْلِهِ: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} إلَى قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} الْآيَةَ. وَالسُّلْطَانُ: هُوَ الْوَحْيُ الْمُنَزَّلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: " حم غَافِرُ " مِنْ حَالِ مُخَالِفِي الرُّسُلِ مِنْ الْمُلُوكِ وَالْعُلَمَاءِ وَمُجَادَلَتِهِمْ مَا فِيهِ عِبْرَةٌ مِثْلَ قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إنْ فِي صُدُورِهِمْ إلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} وَمِثْلَ قَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}. وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَالْأَعْرَافِ وَعَامَّةِ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ وَطَائِفَةٍ مِنْ السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ؛
(يُتْبَعُ)
(/)
فَإِنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى خِطَابِ هَؤُلَاءِ وَضَرْبِ الْمَقَايِيسِ وَالْأَمْثَالِ لَهُمْ وَذِكْرِ قَصَصِهِمْ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ مَعَهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ - سُبْحَانَهُ -: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً}. . الْآيَةَ. فَأَخْبَرَ بِمَا مُكِّنُوا فِيهِ مِنْ أَصْنَافِ الْإِدْرَاكَاتِ وَالْحَرَكَاتِ وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا حَيْثُ جَحَدُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَالرِّسَالَةِ؛ وَلِهَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ الشَّيْخِ الْفَقِيه الْخُضَرِيّ (*) عَنْ وَالِدِهِ شَيْخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَمَنِهِ قَالَ: كَانَ فُقَهَاءُ بخارى يَقُولُونَ فِي ابْنِ سِينَا: {كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} الْآيَةَ وَالْقُوَّةُ تَعُمُّ قُوَّةَ الْإِدْرَاكِ النَّظَرِيَّةِ وَقُوَّةَ الْحَرَكَةِ الْعَمَلِيَّةِ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً} فَأَخْبَرَ بِفَضْلِهِمْ فِي الْكُمِّ وَالْكَيْفِ وَأَنَّهُمْ أَشَدَّ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي آثَارِهِمْ فِي الْأَرْضِ.
مسألة: بم تكمل النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 94)
تَفَرَّقَ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَقَامِ - الَّذِي هُوَ غَايَةُ مَطَالِبِ الْعِبَادِ - فَطَائِفَةٌ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ: يَظُنُّونَ أَنَّ كَمَالَ النَّفْسِ فِي مُجَرَّدِ الْعِلْمِ وَيَجْعَلُونَ الْعِلْمَ - الَّذِي بِهِ تَكْمُلُ مَا يَعْرِفُونَهُ هُمْ مِنْ - عِلْمِ مَا بَعْدَ الطَّبِيعَةِ وَيَجْعَلُونَ الْعِبَادَاتِ رِيَاضَةً لِأَخْلَاقِ النَّفْسِ حَتَّى تَسْتَعِدَّ لِلْعِلْمِ. فَتَصِيرُ النَّفْسُ عَالَمًا مُعْتَزِلًا مُوَازِيًا لِلْعَالَمِ الْمَوْجُودِ. وَهَؤُلَاءِ ضَالُّونَ؛ بَلْ كَافِرُونَ مِنْ وُجُوهٍ: - مِنْهَا: أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا الْكَمَالَ مِنْ مُجَرَّدِ الْعِلْمِ كَمَا اعْتَقَدَ جَهْمٌ والصالحي وَالْأَشْعَرِيُّ - فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلَيْهِ - وَأَكْثَرُ أَتْبَاعِهِ: أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ؛ لَكِنَّ الْمُتَفَلْسِفَةَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْجَهْمِيَّة؛ فَإِنَّ الْجَهْمِيَّة يَجْعَلُونَ الْإِيمَانَ هُوَ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ وَأُولَئِكَ يَجْعَلُونَ كَمَالَ النَّفْسِ: فِي أَنْ تَعْلَمَ الْوُجُودَ الْمُطْلَقَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وُجُودٌ وَالْمُطْلَقُ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ؛ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ وَالْمُطْلَقُ لَا بِشَرْطِ لَا يُوجَدُ أَيْضًا فِي الْخَارِجِ إلَّا مُعَيَّنًا. وَإِنْ عَلِمُوا الْوُجُودَ الْكُلِّيَّ الْمُنْقَسِمَ إلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ فَلَيْسَ لِمَعْلُومِ عِلْمِهِمْ وُجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَهَكَذَا مَنْ تَصَوَّفَ وَتَأَلَّهَ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَنَحْوِهِمَا. وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْجَهْمِيَّة يُقِرُّونَ بِالرُّسُلِ وَبِمَا جَاءُوا بِهِ فَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ؛ بِخِلَافِ الْمُتَفَلْسِفَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ: فَكَمَالُ النَّفْسِ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ الْعِلْمِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ فَهَذَا عَمَلُ النَّفْسِ وَإِرَادَتُهَا وَدَالُّ عِلْمِهَا وَمَعْرِفَتِهَا. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الْعِلْمَ الَّذِي تَكْمُلُ بِهِ النَّفْسُ هُوَ عِلْمُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُ جَهْلٌ لَا عِلْمٌ. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الْعِلْمَ الْإِلَهِيَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَهُوَ الْعِلْمُ الْأَعْلَى؛ الَّذِي تَكْمُلُ بِهِ النَّفْسُ مَعَ الْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُمْ ذَاكَ الْعِلْمُ: سَقَطَتْ عَنْهُمْ وَاجِبَاتُ الشَّرْعِ وَأُبِيحَتْ لَهُمْ مُحَرَّمَاتُهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَاطِنِيَّةِ
(يُتْبَعُ)
(/)
مِنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَغَيْرِهِمْ؛ مِثْلُ أَبِي يَعْقُوبَ السجستاني صَاحِبِ الْأَقَالِيدِ الملكوتية وَأَتْبَاعِهِ وَطَرِيقَةُ مَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ مَلَاحِدَةِ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} أَنَّك تَعْمَلُ حَتَّى يَحْصُلَ لَك الْعِلْمُ فَإِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ سَقَطَ عَنْك الْعَمَلُ وَقَدْ قِيلَ للجنيد إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: إنَّهُمْ يُصَلُّونَ مِنْ طَرِيقِ الْبِرِّ إلَى أَنْ تَسْقُطَ عَنْهُمْ الْفَرَائِضُ وَتُبَاحَ لَهُمْ الْمَحَارِمُ - أَوْ نَحْوُ هَذَا الْكَلَامِ - فَقَالَ: الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ: خَيْرٌ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَكُونُ طَلَبُهُ لِلْمُكَاشَفَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعِلْمِ: أَعْظَمَ مِنْ طَلَبِهِ لِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ أَسْأَلُك الْعِصْمَةَ فِي الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالْخُطُوَاتِ وَالْإِرَادَاتِ وَالْكَلِمَاتِ؛ مِنْ الشُّكُوكِ؛ وَالظُّنُونِ؛ وَالْإِرَادَةِ؛ وَالْأَوْهَامِ السَّاتِرَةِ لِلْقُلُوبِ عَنْ مُطَالَعَةِ الْغُيُوبِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْمُكْنَةَ الَّتِي هِيَ الْكَمَالُ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمُكْنَةِ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى: عِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَمَالَ فِي الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْوُجُودِ: نَفَاذُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ إمَّا بِالْمُلْكِ وَالْوِلَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِمَّا بِالْبَاطِنِ. وَتَكُونُ عِبَادَتُهُمْ وَمُجَاهَدَتُهُمْ - لِذَلِكَ وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَدْخُلُ فِي الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ فَيَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ؛ لِتُعِينَهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى مَقَاصِدِهِ وَهَؤُلَاءِ أَضَلُّ وَأَجْهَلُ مِنْ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ وَغَايَةُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ: يَطْلُبُ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا؛ وَلِهَذَا كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُرَى طَائِرًا وَمِنْهُمْ يُرَى مَاشِيًا وَمِنْهُمْ.
وَفِيهِمْ جُهَّالٌ ضُلَّالٌ. وَطَائِفَةٌ تَجْعَلُ الْكَمَالَ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ فَيَدْخُلُونَ فِي أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ مِنْ الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ لِيَسْتَعِينُوا بِالشَّيَاطِينِ عَلَى مَا يَطْلُبُونَهُ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَعَلَى مَا يَنْفُذُ بِهِ تَصَرُّفُهُمْ فِي الْعَالَمِ. وَالْحَقُّ الْمُبِينُ: أَنَّ كَمَالَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ عِلْمًا وَعَمَلًا كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ وَهَؤُلَاءِ هُمْ عِبَادُ اللَّهِ وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُسْلِمُونَ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُتَّقُونَ وَحِزْبُ اللَّهِ الْمُفْلِحُونَ وَجُنْدُ اللَّهِ الْغَالِبُونَ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَهُمْ الَّذِينَ زَكُّوا نُفُوسَهُمْ وَكَمَّلُوهَا كَمَّلُوا الْقُوَّةَ النَّظَرِيَّةَ الْعِلْمِيَّةَ وَالْقُوَّةَ الْإِرَادِيَّةَ الْعَمَلِيَّةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى} {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} {إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى} وَقَالَ تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} وَقَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
مسألة هل النفس تزكو و ترتاض بالغناء؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 571)
(يُتْبَعُ)
(/)
كَانَ الْفَارَابِيُّ قَدْ حَذَقَ فِي حُرُوفِ الْيُونَانِ الَّتِي هِيَ تَعَالِيمُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ الْمَشَّائِينَ وَفِي أَصْوَاتِهِمْ صِنَاعَةُ الْغِنَاءِ فَفِي هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ وَيَجْعَلُهُ مِمَّا تَزْكُو بِهِ النُّفُوسُ وَتَرْتَاضُ بِهِ وَتُهَذَّبُ بِهِ الْأَخْلَاقُ.
وَأَمَّا " الْحُنَفَاءُ " أَهْلُ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ إمَامًا وَأَهْلُ دِينِ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ دِينًا غَيْرَهُ الْمُتَّبِعُونَ لِشَرِيعَةِ خَاتَمِ الرُّسُلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَرْغَبُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَدْعُو إلَيْهِ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالسَّعْدِ وَالرَّشَادِ وَالنُّورِ وَالْفَلَّاحِ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ وَالْيَقِينِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْخَشْيَةِ لَهُ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ. وَلَكِنْ قَدْ حَضَرَهُ أَقْوَامٌ مِنْ أَهْلِ الْإِرَادَةِ وَمِمَّنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَحَبَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيكِ لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا غَائِلَتَهُ وَلَا عَرَفُوا مَغَبَّتَهُ كَمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُخَالِفِ لِدِينِ الْإِسْلَامِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ حَقٌّ مُوَافِقٌ وَلَمْ يَعْلَمُوا غَائِلَتَهُ وَلَا عَرَفُوا مَغَبَّتَهُ فَإِنَّ الْقِيَامَ بِحَقَائِقِ الدِّينِ عِلْمًا وَحَالًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا وَمَعْرِفَةً وَذَوْقًا وَخِبْرَةً لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَكِنَّ الدَّلِيلَ الْجَامِعَ هُوَ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}. قَالَ {عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطًّا وَخَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ وَهَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إلَيْهِ. ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}} فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ السَّابِقِينَ رِضًا مُطْلَقًا وَرَضِيَ عَمَّنْ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قَلْبَهُ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بَعْدَ قَلْبِهِ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْهُ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَرُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا قَوْمٌ اخْتَارَهُمْ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَاعْرِفُوا لَهُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
حَقَّهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِهَدْيِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ. وَمَنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِحَقَائِقِ الدِّينِ وَأَحْوَالِ الْقُلُوبِ وَمَعَارِفهَا وَأَذْوَاقِهَا وَمَوَاجِيدِهَا عَرَفَ أَنَّ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ لَا يَجْلِبُ لِلْقُلُوبِ مَنْفَعَةً وَلَا مَصْلَحَةً إلَّا وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ وَالْمَفْسَدَةِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَهُوَ لِلرُّوحِ كَالْخَمْرِ لِلْجَسَدِ يَفْعَلُ فِي النُّفُوسِ فِعْلَ حُمَّيَا الْكُؤُوسِ. وَلِهَذَا يُوَرِّثُ أَصْحَابَهُ سُكْرًا أَعْظَمَ مِنْ سُكْرِ الْخَمْرِ فَيَجِدُونَ لَذَّةً بِلَا تَمْيِيزٍ كَمَا يَجِدُ شَارِبُ الْخَمْرِ؛ بَلْ يَحْصُلُ لَهُمْ أَكْثَرُ وَأَكْبَرُ مِمَّا يَحْصُلُ لِشَارِبِ الْخَمْرِ وَيَصُدُّهُمْ ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ أَعْظَمَ مِمَّا يَصُدُّهُمْ الْخَمْرُ وَيُوقِعُ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ أَعْظَمَ مِنْ الْخَمْرِ حَتَّى يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ مَسٍّ بِيَدِ بَلْ بِمَا يَقْتَرِنُ بِهِمْ مِنْ الشَّيَاطِينِ؛ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمْ أَحْوَالٌ شَيْطَانِيَّةٌ بِحَيْثُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الشَّيَاطِينُ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَيَتَكَلَّمُونَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ كَمَا يَتَكَلَّمُ الْجِنِّيُّ عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ: إمَّا بِكَلَامٍ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ الْأَعَاجِمِ الَّذِينَ لَا يُفْقَهُ كَلَامُهُمْ كَلِسَانِ التُّرْكِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَكُونُ الْإِنْسَانُ الَّذِي لَبِسَهُ الشَّيْطَانُ عَرَبِيًّا لَا يُحْسِنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِذَلِكَ بَلْ يَكُونُ الْكَلَامُ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ مَنْ تَكُونُ تِلْكَ الشَّيَاطِينُ مِنْ إخْوَانِهِمْ. وَإِمَّا بِكَلَامٍ لَا يُعْقَلُ وَلَا يُفْهَمُ لَهُ مَعْنًى وَهَذَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْمُكَاشَفَةِ " شُهُودًا وَعِيَانًا ". وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ مَعَ خُرُوجِهِمْ عَنْ الشَّرِيعَةِ هُمْ مِنْ هَذَا النَّمَطِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تُلَابِسُ أَحَدَهُمْ بِحَيْثُ يَسْقُطُ إحْسَاسُ بَدَنِهِ حَتَّى إنَّ الْمَصْرُوعَ يُضْرَبُ ضَرْبًا عَظِيمًا وَهُوَ لَا يُحِسُّ بِذَلِكَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي جِلْدِهِ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ تَلْبِسُهُمْ الشَّيَاطِينُ وَتَدْخُلُ بِهِمْ النَّارَ وَقَدْ تَطَيَّرَ بِهِمْ فِي الْهَوَاءِ وَإِنَّمَا يَلْبَسُ أَحَدُهُمْ الشَّيْطَانَ مَعَ تَغَيُّبِ عَقْلِهِ كَمَا يَلْبَسُ الشَّيْطَانُ الْمَصْرُوعَ. وَبِأَرْضِ الْهِنْدِ وَالْمَغْرِبِ ضَرْبٌ مِنْ الزُّطِّ يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ: الْمُصْلَى فَإِنَّهُ يَصْلَى النَّارَ كَمَا يَصْلَى هَؤُلَاءِ وَتَلْبَسُهُ وَيُدْخِلُهَا وَيَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَيَقِفُ عَلَى رَأْسِ الزَّجِّ وَيَفْعَلُ أَشْيَاءَ أَبْلَغَ مِمَّا يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ وَهُمْ مِنْ الزُّطِّ الَّذِينَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ وَالْجِنُّ تَخْطَفُ كَثِيرًا مِنْ الْإِنْسِ وَتُغَيِّبُهُ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ وَتَطِيرُ بِهِمْ فِي الْهَوَاءِ وَقَدْ بَاشَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ هَذَا هَؤُلَاءِ الْمُتَوَلِّهُونَ وَالْمُنْتَسِبُونَ إلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذَا حَصَلَ لَهُ وَجْدٌ سَمَاعِيٌّ وَعِنْدَ سَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ مِنْهُمْ مَنْ يَصْعَدُ فِي الْهَوَاءِ وَيَقِفُ عَلَى زَجِّ الرُّمْحِ وَيَدْخُلُ النَّارَ وَيَأْخُذُ الْحَدِيدَ الْمُحْمَى بِالنَّارِ ثُمَّ يَضَعُهُ عَلَى بَدَنِهِ. وَأَنْوَاعٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلَا تَحْصُلُ لَهُ هَذِهِ الْحَالُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَلَا عِنْدَ الذِّكْرِ وَلَا عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَادَاتٌ شَرْعِيَّةٌ إيمَانِيَّةٌ إسْلَامِيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ تَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ وَتِلْكَ عِبَادَاتٌ بِدْعِيَّةٌ شَرِكِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ فَلْسَفِيَّةٌ تَسْتَجْلِبُ الشَّيَاطِينَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ
(يُتْبَعُ)
(/)
مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلَّا غَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السِّكِّينَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ} " وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {أَنَّ أسيد بْنَ حضير لَمَّا قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ تَنَزَّلَتْ الْمَلَائِكَةُ لِسَمَاعِهَا كَالظُّلَّةِ فِيهَا السُّرُجُ.} وَلِهَذَا كَانَ الْمُكَاءُ وَالتَّصْدِيَةُ يَدْعُو إلَى الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَيَصُدُّ عَنْ حَقِيقَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ كَمَا يَفْعَلُ الْخَمْرُ وَالسَّلَفُ يُسَمُّونَهُ تَغْبِيرًا؛ لِأَنَّ التَّغْبِيرَ هُوَ الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى جِلْدٍ مِنْ الْجُلُودِ وَهُوَ مَا يُغَبِّرُ صَوْتَ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّلْحِينِ فَقَدْ يُضَمُّ إلَى صَوْتِ الْإِنْسَانِ. إمَّا التَّصْفِيقُ بِأَحَدِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَإِمَّا الضَّرْبُ بِقَضِيبٍ عَلَى فَخِذٍ وَجِلْدٍ وَإِمَّا الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى أُخْتِهَا أَوْ غَيْرِهَا عَلَى دُفٍّ أَوْ طَبْلٍ كَنَاقُوسِ النَّصَارَى وَالنَّفْخِ فِي صَفَّارَةٍ كَبُوقِ الْيَهُودِ. فَمَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْمَلَاهِي عَلَى وَجْهِ الدِّيَانَةِ وَالتَّقَرُّبِ فَلَا رَيْبَ فِي ضَلَالَتِهِ وَجَهَالَتِهِ. وَأَمَّا إذَا فَعَلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَتُّعِ وَالتَّلَعُّبِ فَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ: أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِهِ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ يُمْسَخُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ}. و " الْمَعَازِفُ " هِيَ الْمَلَاهِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ. جَمْعُ مِعْزَفَةٍ وَهِيَ الْآلَةُ الَّتِي يُعْزَفُ بِهَا: أَيْ يُصَوَّتُ بِهَا. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ نِزَاعًا. إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ فِي الْيَرَاعِ وَجْهَيْنِ بِخِلَافِ الْأَوْتَارِ وَنَحْوِهَا؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا نِزَاعًا. وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ بِمَذْهَبِهِ وَأَتْبَعُ لَهُ فَلَمْ يَذْكُرُوا نِزَاعًا لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا بَلْ صَنَّفَ أَفْضَلُهُمْ فِي وَقْتِهِ أَبُو الطَّيِّبِ الطبري شَيْخُ أَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفًا مَعْرُوفًا. وَلَكِنْ تَكَلَّمُوا فِي الْغَنَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ آلَاتِ اللَّهْوِ: هَلْ هُوَ حَرَامٌ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ مُبَاحٌ؟ وَذَكَرَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرُوا عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا. وَذَكَرَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الساجي - وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمَائِلِينَ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ إلَّا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي وَأَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِي وَغَيْرُهُمَا: عَنْ مَالِكٌ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ فَغَلِطَ. وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ يَحْضُرُ السَّمَاعَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَيْسَ قَوْلَ أَئِمَّتِهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ؛ بَلْ قَالَ إسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطِّبَاعُ: سَأَلْت مَالِكًا عَمَّا يَتَرَخَّصُ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ الْغِنَاءِ فَقَالَ: إنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي كُتَّابِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُمْ أَعْلَمُ بِمَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ طَائِفَةٍ فِي
الْمَشْرِقِ لَا عِلْمَ لَهَا بِمَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ وَمَنْ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ ضَرَبَ بِعُودِ فَقَدْ افْتَرَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ فِيمَا جَمَعَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي وَمُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ المقدسي فِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ وَآثَارٌ يَظُنُّ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْعِلْمِ وَأَحْوَالِ السَّلَفِ أَنَّهَا صِدْقٌ.
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 594)
فَلَمَّا كَانَ هَذَا السَّمَاعُ لَا يُعْطِي بِنَفْسِهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْأَحْوَالِ وَالْمَعَارِفِ بَلْ قَدْ يَصُدُّ عَنْ ذَلِكَ وَيُعْطِي مَا لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا سَلَفُ الْأُمَّةِ وَلَا أَعْيَانُ مَشَايِخهَا. وَمِنْ نُكَتِهِ أَنَّ الصَّوْتَ يُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ بِحُسْنِهِ: فَتَارَةً يَفْرَحُ وَتَارَةً يَحْزَنُ وَتَارَةً يَغْضَبُ وَتَارَةً يَرْضَى وَإِذَا قَوِيَ أَسْكَرَ الرُّوحَ فَتَصِيرُ فِي لَذَّةٍ مُطْرِبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ. كَمَا يَحْصُلُ لِلنَّفْسِ إذَا سَكِرَتْ بِالرَّقْصِ وَلِلْجَسَدِ أَيْضًا إذَا سَكِرَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ السُّكْرَ هُوَ الطَّرَبُ الَّذِي يُؤَثِّرُ لَذَّةً بِلَا عَقْلٍ فَلَا تَقُومُ مَنْفَعَتُهُ بِتِلْكَ اللَّذَّةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ غَيْبَةِ الْعَقْلِ الَّتِي صَدَّتْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَأَوْقَعَتْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 02:28]ـ
أسئلة في الرؤيا
مسألة: ما هي مكاشفات و مشاهدات القلب و سماعه ومخاطباته و محادثاته؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 636)
قَدْ كَتَبْت فِيمَا تَقَدَّمَ: الْكَلَامَ فِي " الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ " وَأَنَّهَا عَلَى " ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ " فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. وَكَذَلِكَ " السَّمَاعُ وَالْمُخَاطَبَاتُ وَالْمُحَادَثَاتُ " ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ. فَإِنَّ " السَّامِعَ " إمَّا أَنْ يَسْمَعَ نَفْسَ الصَّوْتِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ الصَّوْتِيُّ أَوْ غَيْرُ كَلَامِهِ. كَمَا تَرَى عَيْنُهُ وَإِمَّا أَنْ يَسْمَعَ صَدَى الصَّوْتِ وَرَجْعَهُ كَمَا يَرَى تِمْثَالَهُ فِي مَاءٍ أَوْ مِرْآةٍ فَهَذِهِ رُؤْيَةٌ مُقَيَّدَةٌ وَسَمَاعٌ مُقَيَّدٌ كَمَا يُقَالُ: رَأَيْته فِي الْمِرْآةِ لَكِنَّ السَّمْعَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ. وَإِمَّا أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ: يَعْنِي كَلَامَهُ فِي أَصْوَاتٍ مَسْمُوعَةٍ كَمَا يَتَمَثَّلُ لَهُ فِي صُورَةٍ فَيَرَاهَا. مِثْلُ أَنْ يَنْقُرَ بِيَدِهِ نَقَرَاتٍ أَوْ يَضْرِبَ بِيَدِهِ أَوْتَارًا أَوْ يُظْهِرَ أَصْوَاتًا مُنْفَصِلَةً عَنْهُ يُبَيِّنُ فِيهَا مَقْصُودَهُ.
وَكَذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ: إمَّا أَنْ يَسْمَعَ فِي الْمَنَامِ أَوْ فِي الْيَقَظَةِ نَفْسَ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ. مِثْلُ الْمَلَائِكَةِ مَثَلًا كَمَا يَرَى بِقَلْبِهِ عَيْنَ مَا يُكْشَفُ لَهُ فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ. وَإِمَّا أَنْ يَسْمَعَ مِثَالَ كَلَامِهِ فِي نَفْسِهِ كَمَا يَرَى مِثَالَهُ فِي نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ الرُّؤْيَا الَّتِي يَكُونُ تَعْبِيرُهَا عَيْنَ مَا رُئِيَ وَإِمَّا أَنْ تَتَمَثَّلَ لَهُ الْمَعَانِي فِي صُورَةِ كَلَامٍ مَسْمُوعٍ يَحْتَاجُ إلَى تَعْبِيرٍ. كَمَا تَتَمَثَّلُ لَهُ الْأَعْيَانُ فِي صُورَةِ أَشْخَاصٍ مَرْئِيَّةٍ تَحْتَاجُ إلَى تَعْبِيرٍ. وَهَذَا غَالِبُ مَا يُرَى وَيُسْمَعُ فِي الْمَنَامِ. فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِعَارَةِ وَالْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ. فَهَذَا هَذَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
فِي الْكَوْنِ يَقَظَةً وَمَنَامًا: لَمَّا كَانَتْ الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ لِلْأَشْيَاءِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الشَّيْءَ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهِيَ الرُّؤْيَةُ الْمُطْلَقَةُ. مِثْلُ رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} " وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ هَلْ الرُّؤْيَةُ انْطِبَاعُ الْمَرْئِيِّ فِي الْعَيْنِ أَوْ لِانْعِكَاسِ شُعَاعِ الْبَصَرِ أَوْ لَا لِوَاحِدِ مِنْهُمَا. عَلَى أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ.
وَالثَّانِي: رُؤْيَةُ الْمِثَالِ؛ وَهِيَ الرُّؤْيَةُ فِي مَاءٍ وَمِرْآةٍ وَنَحْوِهِمَا. وَهِيَ رُؤْيَةٌ مُقَيَّدَةٌ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ لَوْ حَلَفَ لَا رَأَيْت زَيْدًا؛ فَرَأَى صُورَتَهُ فِي مَاءٍ أَوْ مِرْآةٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ مُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ وَهَذَا فِي الرُّؤْيَةِ. كَسَمَاعِ الصَّدَى فِي السَّمْعِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَرَى مَا يَمُرُّ وَرَاءَهُ مِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ الَّتِي تُوَاجِهُهُ فَتَنْجَلِي لَهُ فِيهَا حَقَائِقُ مَا وَرَاءَهُ فَمِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا قَدْ يَرَى بَيَانَ الْحَقِيقَةِ وَقَدْ تَتَمَثَّلُ لَهُ الْحَقِيقَةُ بِمِثَالِ يَحْتَاجُ إلَى تَحْقِيقٍ. كَمَا تَمَثَّلَ جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ وَهَكَذَا الْقَلْبُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُبْصِرَ فَإِنَّ بَصَرَهُ هُوَ الْبَصَرُ وَعَمَاهُ هُوَ الْعَمَى. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. فَتَارَةً يَرَى الشَّيْءَ نَفْسَهُ إذَا كُشِفَ لَهُ عَنْهُ وَتَارَةً يَرَاهُ مُتَمَثِّلًا فِي قَلْبِهِ الَّذِي
(يُتْبَعُ)
(/)
هُوَ مِرْآتُهُ وَالْقَلْبُ هُوَ الرَّائِي أَيْضًا. وَهَذَا يَكُونُ يَقَظَةً وَيَكُونُ مَنَامًا كَالرَّجُلِ يَرَى الشَّيْءَ فِي الْمَنَامِ ثُمَّ يَكُونُ إيَّاهُ فِي الْيَقَظَةِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ. وَلِلْقَلْبِ " حَالٌ ثَالِثَةٌ " كَمَا لِلْعَيْنِ نَظَرٌ فِي الْمَنَامِ: وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ لِغَالِبِ الْخَلْقِ. أَنْ يَرَى الرُّؤْيَا مَثَلًا مَضْرُوبًا لِلْحَقِيقَةِ لَا يَضْبُطُ رُؤْيَةَ الْحَقِيقَةِ بِنَفْسِهَا وَلَا بِوَاسِطَةِ مِرْآةِ قَلْبِهِ. وَلَكِنْ يَرَى مَا لَهُ تَعْبِيرٌ فَيَعْتَبِرُ بِهِ وَ " عِبَارَةُ الرُّؤْيَا " هُوَ الْعُبُورُ مِنْ الشَّيْءِ إلَى مِثَالِهِ وَنَظِيرِهِ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْمُقَايَسَةِ وَالِاعْتِبَارِ؛ فَإِنَّ إدْرَاكَ الشَّيْءِ بِالْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ الَّذِي أَلِفَهُ الْإِنْسَانُ وَاعْتَادَهُ أَيْسَرُ مِنْ إدْرَاكِ شَيْءٍ عَلَى الْبَدِيهَةِ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ مَعْرُوفٍ. ثُمَّ الْمَرْئِيُّ فِي هَذَا الْوَجْهِ: فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ وَفِي الْحَالِ الَّتِي قَبْلَهَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ وَنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مَثَلًا لِلْحَقِيقَةِ وَوَاسِطَةً لَهَا. وَالْمَرْئِيُّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: هُوَ عَيْنُ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ لَا مَرْئِيٌّ فِي الْقَلْبِ وَمِنْ الْعَامَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ مَنْ يَزْعُمُ: أَنَّ مَا يَسْمَعُهُ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ الْكَلَامِ وَيَرَوْنَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إنَّمَا وُجُودُهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَذَلِكَ مَبْلَغُ هَؤُلَاءِ مِنْ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ غَايَةُ مَا وَجَدُوهُ وَرَأَوْهُ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِمْ فَظَنُّوا أَنْ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ غَايَةٌ. وَقَدْ يُعَارِضُهُمْ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ مَا يُسْمَعُ وَيُرَى لَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ بَلْ جَمِيعُهُ مِنْ الْخَارِجِ. وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ؛ بَلْ مِنْهُ مَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ: مِثْلُ مَا يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ فِي الْمَنَامِ إمَّا مِثَالًا لَا تَعْبِيرَ لَهُ أَوْ لَهُ تَعْبِيرٌ. وَمِنْهُ مَا يَكُونُ فِي الْخَارِجِ: مِثْلُ رُؤْيَةِ مَرْيَمَ لِلرَّسُولِ إذْ تَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا وَرُؤْيَةِ الصَّحَابَةِ لِجِبْرِيلَ فِي صُورَةِ الْأَعْرَابِيِّ. فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ رُؤْيَةَ الْحَقَائِقِ بِالْعَيْنِ تُطَابِقُ لِرُؤْيَاهَا بِالْقَلْبِ كُلٌّ مِنْهُمَا " ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ " إدْرَاكُ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ بِعَيْنِهِ وَإِدْرَاكُهُ بِوَاسِطَةِ تَمَثُّلِهِ فِي مِرْآةٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ وَإِدْرَاكُهُ مُتَمَثِّلًا فِي غَيْرِ صُورَتِهِ إمَّا بَاطِنًا فِي الْقَلْبِ وَإِمَّا ظَاهِرًا فِي الْعَيْنِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. فَالْقِيَاسُ فِي الْحِسِّيَّاتِ كَالْقِيَاسِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَهَذَا الَّذِي كَتَبْته فِي الْمُكَاشَفَاتِ يَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْمُخَاطَبَاتِ فَإِنَّ الْبَصَرَ وَالسَّمْعَ يُظْهِرَانِ مَا يَتْلُوهُ.
مسألة ما أنواع الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه؟
مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 522)
{الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: رُؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا مِنْ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مَا يُحَدِّثُ بِهِ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فِي الْيَقَظَةِ فَيَرَاهُ فِي النَّوْمِ} وَقَدْ قِيلَ: إنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ سِيرِين لَكِنَّ تَقْسِيمَ الرُّؤْيَا إلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ مِنْ اللَّهِ وَنَوْعٌ مِنْ الشَّيْطَانِ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا رَيْبٍ. فَهَذَانِ النَّوْعَانِ: مِنْ وَسْوَاسِ النَّفْسِ وَمِنْ وَسْوَاسِ الشَّيْطَانِ وَكِلَاهُمَا مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَإِنَّ النَّائِمَ قَدْ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْهُ وَوَسْوَاسُ الشَّيْطَانِ يَغْشَى الْقَلْبَ كَطَيْفِ الْخَيَالِ فَيُنْسِيهِ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْمَى عَنْ الْحَقِّ فَيَقَعُ فِي الْبَاطِلِ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُتَّقِينَ كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَسَّهُمْ بِطَيْفٍ مِنْهُ يَغْشَى الْقَلْبَ وَقَدْ يَكُونُ لَطِيفًا وَقَدْ يَكُونُ كَثِيفًا إلَّا أَنَّهُ غِشَاوَةٌ عَلَى الْقَلْبِ تَمْنَعُهُ إبْصَارُ الْحَقِّ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ الْعَبْدَ إذَا أَذْنَبَ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ. فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ زَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الران الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}}. لَكِنَّ طَيْفَ الشَّيْطَانِ غَيْرُ رَيْنِ الذُّنُوبِ هَذَا جَزَاءٌ عَلَى الذَّنَبِ وَالْغَيْنِ أَلْطَفُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّهُ ليغان عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً} فَالشَّيْطَانُ يُلْقِي فِي النَّفْسِ الشَّرَّ وَالْمَلَكُ يُلْقِي الْخَيْرَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ. قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَإِيَّايَ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ وَفِي رِوَايَةٍ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ} أَيْ اسْتَسْلَمَ وَانْقَادَ. وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَة يَرْوِيه فَأَسْلَمَ بِالضَّمِّ وَيَقُولُ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَا يُسْلِمُ لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَهَذَا إسْلَامُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ خُضُوعِهِ وَذِلَّتِهِ لَا عَنْ إيمَانِهِ بِاَللَّهِ كَمَا يَقْهَرُ الرَّجُلُ عَدُوَّهُ الظَّاهِرَ وَيَأْسِرُهُ وَقَدْ عَرَفَ الْعَدُوَّ الْمَقْهُورَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَاهِرَ يَعْرِفُ مَا يُشِيرُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرِّ. فَلَا يَقْبَلُهُ بَلْ يُعَاقِبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ لِانْقِهَارِهِ مَعَهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُشِيرُ عَلَيْهِ إلَّا بِخَيْرٍ لِذِلَّتِهِ وَعَجْزِهِ لَا لِصَلَاحِهِ وَدِينِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ} وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَإِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ إيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ. وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ إيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبُ بِالْحَقِّ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أَيْ يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاؤُهُ بِمَا يَقْذِفُ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ الْوَسْوَسَةِ الْمُرْعِبَةِ كَشَيْطَانِ الْإِنْسِ الَّذِي يُخَوِّفُ مِنْ الْعَدُوِّ فَيَرْجُفُ وَيَخْذُلُ. وَعَكْسُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} وَقَالَ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} وَالتَّثَبُّتُ جَعَلَ الْإِنْسَانَ ثَابِتًا لِأَمْرِ تَابَا وَذَلِكَ بِإِلْقَاءِ مَا يُثْبِتُهُ مِنْ التَّصْدِيقِ بِالْحَقِّ وَالْوَعْدِ بِالْخَيْرِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَمَّةُ الْمَلَكِ وَعْدٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فمتى عَلِمَ الْقَلْبُ أَنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ حَقٌّ صَدَّقَهُ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَهُ بِالتَّصْدِيقِ وَثِقَ بِوَعْدِ اللَّهِ فَثَبَتَ فَهَذَا يَثْبُتُ بِالْكَلَامِ كَمَا يُثَبِّتُ الْإِنْسَانُ الْإِنْسَانَ فِي أَمْرٍ قَدْ
(يُتْبَعُ)
(/)
اضْطَرَبَ فِيهِ بِأَنْ يُخْبِرَهُ بِصِدْقِهِ وَيُخْبِرَهُ. بِمَا يُبَيِّنُ لَهُ أَنَّهُ مَنْصُورٌ فَيَثْبُتُ وَقَدْ يَكُونُ التَّثَبُّتُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يُمْسِكَ الْقَلْبَ حَتَّى يَثْبُتَ كَمَا يَمْسِكُ الْإِنْسَانُ الْإِنْسَانَ حَتَّى يَثْبُتَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ} فَهَذَا الْمَلَكُ يَجْعَلُهُ سَدِيدَ الْقَوْلِ بِمَا يُلْقِي فِي قَلْبِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ بِالْحَقِّ وَالْوَعْدِ بِالْخَيْرِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ سَبَبٌ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَقَدْ ذَكَرَ إخْرَاجَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ فِي غَيْرِ آيَةٍ. كَقَوْلِهِ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ} وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} وَقَالَ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} وَفِي الْحَدِيثِ {أَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الْخَيْرَ} وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا بِتَعْلِيمِهِ الْخَيْرَ يُخْرِجُ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ وَلِهَذَا كَانَ الرَّسُولُ أَحَقَّ النَّاسِ بِكَمَالِ هَذِهِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. وَالصَّلَاةُ هِيَ الدُّعَاءُ إمَّا بِخَيْرٍ يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ وَإِمَّا بِصِيغَةِ الدُّعَاءِ فَالْمَلَائِكَةُ يَدْعُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ} فَبَيَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ قَوْلُهُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَفِي الْأَثَرِ {إنَّ الرَّبَّ يُصَلِّي فَيَقُولُ: سَبَقَتْ - أَوْ غَلَبَتْ - رَحْمَتِي غَضَبِي}
وَهَذَا كَلَامُهُ سُبْحَانَهُ هُوَ خَبَرٌ وَإِنْشَاءٌ يَتَضَمَّنُ أَنَّ الرَّحْمَةَ تَسْبِقُ الْغَضَبَ وَتَغْلِبُهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَدْعُو غَيْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا يَدْعُوهُ الْمَلَائِكَةَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْخَلْقِ بَلْ طَلَبَهُ بِأَمْرِهِ وَقَوْلُهُ وَقَسَمِهِ كَقَوْلِهِ: لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. وَقَوْلُهُ: كُنْ فَيَكُونُ؛ وَقَوْلِهِ: لَأَفْعَلَنَّ كَذَا قَسَمٌ مِنْهُ كَقَوْلِهِ: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ} وَقَوْلِهِ: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} وَقَوْلِهِ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} وَقَوْلِهِ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} وَهَذَا وَعْدٌ مُؤَكَّدٌ بِالْقَسَمِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فَإِنَّ هَذَا وَعْدٌ وَخَبَرٌ لَيْسَ فِيهِ قَسَمٌ لَكِنَّهُ مُؤَكَّدٌ بِاللَّامِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ جَوَابَ قَسَمٍ وَقَوْلِهِ:
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} وَقَوْلِهِ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} وَنَحْوُ ذَلِكَ وَعْدٌ مُجَرَّدٌ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُوحِي إلَى الْبَشَرِ تَارَةً وَحْيًا مِنْهُ وَتَارَةً يُرْسِلُ رَسُولًا فَيُوحِي إلَى الرَّسُولِ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ.
وَالْمَلَائِكَةُ رُسُلُ اللَّهِ. وَلَفْظُ الْمَلَكِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الرِّسَالَةِ فَإِنَّ أَصْلَ الْكَلِمَةِ مَلْأَك عَلَى وَزْنِ مفعل لَكِنْ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ خُفِّفَتْ. بِأَنْ أُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا وَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ وَمَلَاك مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَأْلُك وَالْمَلْأَك بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى اللَّامِ وَاللَّامِ عَلَى الْهَمْزَةِ وَهُوَ الرِّسَالَةُ وَكَذَلِكَ الْأَلُوكَةُ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى اللَّامِ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبْلِغْ النُّعْمَانَ عَنِّي مَأْلُكًا * * * أَنَّهُ قَدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَارِي
وَهَذَا بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ. لَكِنَّ الْمَلَكَ هُوَ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْهَمْزَةِ وَهَذَا أَجْوَدُ فَإِنَّ نَظِيرَهُ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ لَاكَ يَلُوكُ إذَا لَاكَ الْكَلَامَ وَاللِّجَامَ وَالْهَمْزُ أَقْوَى مِنْ الْوَاوِ وَيَلِيهِ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَوْسَطِ: أَكَلَ يَأْكُلُ فَإِنَّ الْآكِلَ يَلُوكُ مِمَّا يَدْخُلُهُ فِي جَوْفِهِ مِنْ الْغِذَاءِ وَالْكَلَامِ وَالْعِلْمِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِنِ وَيُغَذِّي بِهِ صَاحِبَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ كُلَّ آدِبٍ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى مَأْدُبَتُهُ وَإِنَّ مَأْدُبَةَ اللَّهِ الْقُرْآنُ. وَالْآدِبُ الْمُضِيفُ وَالْمَأْدُبَةُ الضِّيَافَةُ وَهُوَ مَا يُجْعَلُ مِنْ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ. فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ ضَيَّفَ عِبَادَهُ بِالْكَلَامِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إلَيْهِمْ فَهُوَ غِذَاءُ قُلُوبِهِمْ وَقُوتِهَا وَهُوَ أَشَدُّ انْتِفَاعًا بِهِ وَاحْتِيَاجًا إلَيْهِ مِنْ الْجَسَدِ بِغِذَائِهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الرَّبَّانِيُّونَ هُمْ الَّذِينَ يُغَذُّونَ النَّاسَ بِالْحِكْمَةِ وَيُرَبُّونَهُمْ عَلَيْهَا وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنِّي أَبِيت عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي} وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقُرْآنَ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَالنَّاسُ إلَى الْغِذَاءِ أَحْوَجُ مِنْهُمْ إلَى الشِّفَاءِ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَشَرِبَ النَّاسُ وَسَقُوا وَزَرَعُوا وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً. فَذَلِكَ مِثْلُ مِنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ وَمَثَلُ مِنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْت بِهِ}. فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا بُعِثَ بِهِ لِلْقُلُوبِ كَالْمَاءِ لِلْأَرْضِ تَارَةً تَشْرَبُهُ فَتَنْبُتُ وَتَارَةً تَحْفَظُهُ وَتَارَةً لَا هَذَا وَلَا هَذَا وَالْأَرْضُ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَتُغْتَذَى بِهِ حَتَّى يَحْصُلَ الْخَيْرُ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ رُوحٌ تَحْيَا بِهِ الْقُلُوبُ فَقَالَ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى
(يُتْبَعُ)
(/)
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. وَإِذَا كَانَ مَا يُوحِيهِ إلَى عِبَادِهِ تَارَةً يَكُونُ بِوَسَاطَةِ مَلَكٍ وَتَارَةً بِغَيْرِ وَسَاطَةٍ فَهَذَا لِلْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ مُطْلَقًا لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} وَإِذَا كَانَ قَدْ قَالَ: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ} الْآيَةَ. فَذَكَرَ أَنَّهُ يُوحِي إلَيْهِمْ فَإِلَى الْإِنْسَانِ أَوْلَى وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُلْهِمُ الْفُجُورَ وَالتَّقْوَى لِلنَّفْسِ وَالْفُجُورُ يَكُونُ بِوَاسِطَةِ الشَّيْطَانِ وَهُوَ إلْهَامُ وَسْوَاسٍ وَالتَّقْوَى بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ وَهُوَ إلْهَامُ وَحْيٍ هَذَا أَمْرٌ بِالْفُجُورِ وَهَذَا أَمْرٌ بِالتَّقْوَى وَالْأَمْرُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ خَبَرٌ.
وَقَدْ صَارَ فِي الْعُرْفِ لَفْظُ الْإِلْهَامِ إذَا أُطْلِقَ لَا يُرَادُ بِهِ الْوَسْوَسَةُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ إلْهَامِ الْوَحْي وَبَيْنَ الْوَسْوَسَةِ. فَالْمَأْمُورُ بِهِ إنْ كَانَ تَقْوَى اللَّهِ فَهُوَ مِنْ إلْهَامِ الْوَحْيِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْفُجُورِ فَهُوَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ. فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِلْهَامِ الْمَحْمُودِ وَبَيْنَ الْوَسْوَسَةِ الْمَذْمُومَةِ هُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا أُلْقِيَ فِي النَّفْسِ مِمَّا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ تَقْوَى لِلَّهِ فَهُوَ مِنْ الْإِلْهَامِ الْمَحْمُودِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ فُجُورٌ فَهُوَ مِنْ الْوَسْوَاسِ الْمَذْمُومِ وَهَذَا الْفَرْقُ مُطَّرِدٌ لَا يَنْتَقِضُ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو حَازِمٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ وَسْوَسَةِ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ فَقَالَ: مَا كَرِهَتْهُ
نَفْسُك لِنَفْسِك فَهُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْهُ وَمَا أَحَبَّتْهُ نَفْسُك لِنَفْسِك فَهُوَ مِنْ نَفْسِك فَانْهَهَا عَنْهُ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ النُّظَّارُ فِي الْعِلْمِ الْحَاصِلِ فِي الْقَلْبِ عَقِبَ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فَذَكَرُوا فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ - فِي مُسْتَصْفَاهُ - وَغَيْرُهُ قَوْلُ الْجَهْمِيَّة وَقَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ وَقَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ. وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ لَا يَذْكُرُ إلَّا الْقَوْلَيْنِ: قَوْلَ الْجَهْمِيَّة وَقَوْلَ الْقَدَرِيَّةِ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي كُتُبِهِمْ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ أَقْوَالِ مَنْ يَعْرِفُونَهُ تَكَلَّمَ فِي هَذَا وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إلَّا هَؤُلَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ هِيَ مِنْ فُرُوعِ الْقَدَرِ فَإِنَّ الْحَاصِلَ فِي نَفْسٍ حَادِثٍ فِيهَا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْأَقْوَالِ فِي أَمْثَالِهِ. وَمَذْهَبُ جَهْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ كَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُثَبِّتَةِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ سَبَبًا وَلَا قُدْرَةً مُؤَثِّرَةً وَلَا حِكْمَةً لِفِعْلِ الرَّبِّ فَأَنْكَرَ الطَّبَائِعَ وَالْقُوَى الَّتِي فِي الْأَعْيَانِ وَأَنْكَرَ الْأَسْبَابَ وَالْحُكْمَ فَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلْ لِشَيْءِ سَبَبًا. بَلْ يَقُولُ هَذَا حَاصِلٌ بِخَلْقِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهُ سَبَبًا وَهُمْ صَادِقُونَ فِي
(يُتْبَعُ)
(/)
إضَافَتِهِ إلَى قَدَرِهِ وَأَنَّهُ خَالِقُهُ خِلَافًا لِلْقَدَرِيَّةِ لَكِنَّ مِنْ تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ إثْبَاتُ الْأَسْبَابِ وَمَعْرِفَتُهَا. وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: فَبَنَوْهُ عَلَى أَصْلِهِمْ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِ الْعَبْدِ فَهُوَ فِعْلُهُ لَا يُضَافُ إلَى غَيْرِهِ كَالشِّبَعِ وَالرِّيِّ وَزَهُوقِ الرُّوحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالُوا: هَذَا الْعِلْمُ مُتَوَلَّدٌ عَنْ نَظَرِ الْعَبْدِ أَوْ تَذَكُّرِ النَّظَرِ. والمتفلسفة بَنَوْهُ عَلَى أَصْلِهِمْ: فِي أَنَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الصُّوَرِ هُوَ مِنْ فَيْضِ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ عِنْدَ اسْتِعْدَادِ الْمَوَادِّ الْقَابِلَةِ فَقَالُوا: يَحْصُلُ فِي نُفُوسِ الْبَشَرِ مِنْ فَيْضِ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ عِنْدَ اسْتِعْدَادِ النَّفْسِ بِاسْتِحْضَارِ الْمُقْدِمَتَيْنِ وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا تَحْقِيقُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ. وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالْإِنْسِ مَلَائِكَةً وَشَيَاطِينَ يُلْقُونَ فِي قُلُوبِهِمْ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فَالْعِلْمُ الصَّادِقُ مِنْ الْخَيْرِ وَالْعَقَائِدِ الْبَاطِلَةِ مِنْ الشَّرِّ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَمَّةُ الْمَلَكِ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ تَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَكَمَا {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَاضِي: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ} وَكَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُوحِي إلَى الْبَشَرِ مَا تُوحِيهِ وَإِنْ كَانَ الْبَشَرُ لَا يَشْعُرُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَلَكِ كَمَا لَا يَشْعُرُ بِالشَّيْطَانِ الْمُوَسْوِسِ لَكِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُكَلِّمُ الْبَشَرَ وَحْيًا وَيُكَلِّمُهُ بِمَلَكِ يُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ وَالثَّالِثُ التَّكْلِيمُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ بِالْوَحْيِ هُنَا الْوَحْيُ فِي الْمَنَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْفَرَجِ غَيْرَهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. فَإِنَّ الْمَنَامَ تَارَةً يَكُونُ مِنْ اللَّهِ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ النَّفْسِ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَهَكَذَا مَا يُلْقَى فِي الْيَقَظَةِ. وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمَنَامِ. وَلِهَذَا كَانَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيًا كَمَا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَقَرَأَ قَوْلَهُ: {إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ رَأَى رُؤْيَا كَانَتْ وَحْيًا فَكَذَلِكَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَلْقِي فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ يَكُونُ وَحْيًا وَالْإِنْسَانُ قَدْ تَكُونُ نَفْسُهُ فِي يَقَظَتِهِ أَكْمَلَ مِنْهَا فِي نَوْمِهِ كَالْمُصَلِّي الَّذِي يُنَاجِي رَبَّهُ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ فِي حَالِ النَّوْمِ فَلِمَاذَا لَا يُوحَى إلَيْهِ فِي حَالِ الْيَقَظَةِ كَمَا أَوْحَى إلَى أُمِّ مُوسَى وَالْحَوَارِيِّينَ وَإِلَى النَّحْلِ لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُطْلِقَ الْقَوْلَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ وَحْيٌ لَا فِي يَقَظَةٍ وَلَا فِي الْمَنَامِ إلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَسْوَاسَ غَالِبٌ عَلَى النَّاسِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مسألة هل الكاذب في الرؤيا متنبئ كاذب؟
مجموع الفتاوى - (ج 12 / ص 25)
ذَكَرَ تَعَالَى حَالَ الْكَذَّابِ وَالْمُتَنَبِّئِ. فَقَالَ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} فَجَمَعَ فِي هَذَا بَيْنَ مَنْ أَضَافَ مَا يَفْتَرِيهِ إلَى اللَّهِ وَبَيْنَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ وَلَا يُعَيِّنُ مَنْ أَوْحَاهُ فَإِنَّ الَّذِي يَدَّعِي الْوَحْيَ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ. وَيَدْخُلُ فِي " الْقِسْمِ الثَّانِي " مَنْ يُرِي
(يُتْبَعُ)
(/)
عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَا تَرَيَا
مسألة: ما هي الأحوال التي تحصل للنفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 612)
إِذَا كَانَتْ " الرُّؤْيَا " عَلَى " ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ ":
رُؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ. وَرُؤْيَا مِنْ الشَّيْطَانِ فَكَذَلِكَ مَا يُلْقَى فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ فِي حَالِ يَقَظَتِهِ " ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ " وَلِهَذَا كَانَتْ الْأَحْوَالُ " ثَلَاثَةً " رَحْمَانِيٌّ وَنَفْسَانِيٌّ وَشَيْطَانِيٌّ. وَمَا يَحْصُلُ مِنْ نَوْعِ الْمُكَاشَفَةِ وَالتَّصَرُّفِ " ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ " مَلَكِيٌّ وَنَفْسِيٌّ وَشَيْطَانِيٌّ فَإِنَّ الْمَلَكَ لَهُ قُوَّةٌ وَالنَّفْسَ لَهَا قُوَّةٌ وَالشَّيْطَانَ لَهُ قُوَّةٌ وَقَلْبَ الْمُؤْمِنِ لَهُ قُوَّةٌ. فَمَا كَانَ مِنْ الْمَلَكِ وَمِنْ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ فَهُوَ حَقٌّ وَمَا كَانَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَةِ النَّفْسِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ اشْتَبَهَ هَذَا بِهَذَا عَلَى طَوَائِفَ كَثِيرَةٍ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَاءِ اللَّهِ بَلْ صَارُوا يَظُنُّونَ فِي مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ - أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ - أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ. وَالْكَلَامُ فِي هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
مسألة: ماذا تفيد الرؤيا؟
مجموع الفتاوى - (ج 12 / ص 278)
" الرُّؤْيَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ " رُؤْيَا بُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فِي الْيَقَظَةِ فَيَرَاهُ فِي الْمَنَامِ. وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا التَّقْسِيمُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
مسألة: إذا كانت الرؤيا في النوم و هو وفاة فما هي أنواع الوفاة؟ و كيف تحصل الرؤيا و كيف تصدق و كيف تكذب؟
مجموع الفتاوى - (ج 5 / ص 452)
اللَّهَ قَالَ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} فَذَكَرَ إمْسَاكَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتُ مِنْ هَذِهِ الْأَنْفُسِ الَّتِي تَوَفَّاهَا بِالنَّوْمِ وَأَمَّا الَّتِي تَوَفَّاهَا حِينَ مَوْتِهَا فَتِلْكَ لَمْ يَصِفْهَا بِإِمْسَاكِ وَلَا إرْسَالٍ وَلَا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْتِقَاءَ الْمَوْتَى بِالنِّيَامِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ تَوْفِيَتَيْنِ: تَوَفِّي الْمَوْتِ وَتَوَفِّي النَّوْمِ وَذَكَرَ إمْسَاكَ الْمُتَوَفَّاةِ وَإِرْسَالَ الْأُخْرَى. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُمْسِكُ كُلَّ مَيْتَةٍ سَوَاءٌ مَاتَتْ فِي النَّوْمِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ وَيُرْسِلُ مَنْ لَمْ تَمُتْ. وَقَوْلُهُ: {يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} يَتَنَاوَلُ مَا مَاتَتْ فِي الْيَقَظَةِ وَمَا مَاتَتْ فِي النَّوْمِ؛ فَلَمَّا ذَكَرَ التَّوْفِيَتَيْنِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُمْسِكُهَا فِي أَحَدِ التَّوْفِيَتَيْنِ وَيُرْسِلُهَا فِي الْأُخْرَى؛ وَهَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمَدْلُولُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ. وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْتِقَاءِ أَرْوَاحِ النِّيَامِ وَالْمَوْتَى لَا يُنَافِي مَا فِي الْآيَةِ؛ وَلَيْسَ فِي لَفْظِهَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ؛ لَكِنَّ قَوْلَهُ: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} يَقْتَضِي أَنَّهُ يُمْسِكُهَا لَا يُرْسِلُهَا كَمَا يُرْسِلُ النَّائِمَةَ؛ سَوَاءٌ تَوَفَّاهَا فِي الْيَقَظَةِ أَوْ فِي النَّوْمِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْت نَفْسِي وَأَنْتَ تَتَوَفَّاهَا؛ لَك مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا؛ فَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ} فَوَصَفَهَا بِأَنَّهَا فِي حَالِ تَوَفِّي النَّوْمِ إمَّا مُمْسَكَةٌ وَإِمَّا مُرْسَلَةٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثنا أَبِي ثنا عُمَرُ بْنُ
(يُتْبَعُ)
(/)
عُثْمَانَ؛ ثنا بَقِيَّةُ؛ ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْجَبُ مِنْ رُؤْيَا الرَّجُلِ أَنَّهُ يَبِيتُ فَيَرَى الشَّيْءَ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ عَلَى بَالٍ؛ فَتَكُونُ رُؤْيَاهُ كَأَخْذِ بِالْيَدِ وَيَرَى الرَّجُلُ الشَّيْءَ؛ فَلَا تَكُونُ رُؤْيَاهُ شَيْئًا؛ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَفَلَا أُخْبِرُك بِذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} فَاَللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ كُلَّهَا فَمَا رَأَتْ - وَهِيَ عِنْدَهُ فِي السَّمَاءِ - فَهُوَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَمَا رَأَتْ - إذَا أُرْسِلَتْ إلَى أَجْسَادِهَا - تَلَقَّتْهَا الشَّيَاطِينُ فِي الْهَوَاءِ فَكَذَّبَتْهَا فَأَخْبَرَتْهَا بِالْأَبَاطِيلِ وَكَذَبَتْ فِيهَا؛ فَعَجِبَ عُمَرُ مِنْ قَوْلِهِ. وَذَكَرَ هَذَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ منده فِي كِتَابِ " الرُّوحِ وَالنَّفْسِ " وَقَالَ: هَذَا خَبَرٌ مَشْهُورٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ وَلَفْظُهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} وَالْأَرْوَاحُ يُعْرَجُ بِهَا فِي مَنَامِهَا فَمَا رَأَتْ وَهِيَ فِي السَّمَاءِ فَهُوَ الْحَقُّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَى أَجْسَادِهَا تَلَقَّتْهَا الشَّيَاطِينُ فِي الْهَوَاءِ فَكَذَّبَتْهَا. فَمَا رَأَتْ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْبَاطِلُ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ منده: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ نُعَيْمٍ الرعيني عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الأصبحي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: إذَا نَامَ الْإِنْسَانُ عُرِجَ بِرُوحِهِ حَتَّى يُؤْتَى بِهَا الْعَرْشَ قَالَ: فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا أُذِنَ لَهَا بِالسُّجُودِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا لَمْ يُؤْذَنْ لَهَا بِالسُّجُودِ. رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ الحباب وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى ابْنُ منده حَدِيثَ عَلِيٍّ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا حَدَّثَنَا أَبُو إسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ ثَنَا ابْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي إسْمَاعِيلَ وَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا قُتَيْبَةُ وَالرَّازِي ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حميد ثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مغراء الدوسي ثَنَا الْأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأزدي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَان عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: {لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ رُبَّمَا شَهِدْت وَغِبْنَا وَرُبَّمَا شَهِدْنَا وَغِبْت ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ أَسْأَلُك عَنْهُنَّ فَهَلْ عِنْدَك مِنْهُنَّ عِلْمٌ؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ وَلَمْ يَرَ مِنْهُ خَيْرًا: وَالرَّجُلُ يُبْغِضُ الرَّجُلَ وَلَمْ يَرَ مِنْهُ شَرًّا. فَقَالَ: نَعَمْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّ الْأَرْوَاحَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ تَلْتَقِي فِي الْهَوَاءِ فتشام فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ قَالَ عُمَرُ: وَاحِدَةٌ. قَالَ عُمَرُ: وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ إذْ نَسِيَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ قَدْ نَسِيَهُ إذْ ذَكَرَهُ. فَقَالَ: نَعَمْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ الْقُلُوبِ قَلْبٌ إلَّا وَلَهُ سَحَابَةٌ كَسَحَابَةِ الْقَمَرِ فَبَيْنَمَا الْقَمَرُ يُضِيءُ إذْ تَجَلَّلَتْهُ سَحَابَةٌ فَأَظْلَمَ؛ إذْ تَجَلَّتْ عَنْهُ فَأَضَاءَ؛ وَبَيْنَمَا الْقَلْبُ يَتَحَدَّثُ إذْ تَجَلَّلَتْهُ فَنَسِيَ إذْ تَجَلَّتْ عَنْهُ فَذَكَرَ. قَالَ عُمَرُ: اثْنَتَانِ. قَالَ: وَالرَّجُلُ يَرَى الرُّؤْيَا: فَمِنْهَا مَا يَصْدُقُ وَمِنْهَا مَا يَكْذِبُ. فَقَالَ: نَعَمْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَنَامُ فَيَمْتَلِئُ نَوْمًا إلَّا عُرِجَ بِرُوحِهِ إلَى الْعَرْشِ فَاَلَّذِي لَا يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَتِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَصْدُقُ وَاَلَّذِي يَسْتَيْقِظُ دُونَ الْعَرْشِ فَهِيَ الرُّؤْيَا الَّتِي تَكْذِبُ. فَقَالَ عُمَرُ: ثَلَاثٌ كُنْت فِي طَلَبِهِنَّ؛ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَصَبْتهنَّ قَبْلَ الْمَوْتِ.} وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَأَلَ عَنْهُ عُمَرَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ ثَنَا آدَمَ بْنُ أَبِي إيَاسٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الخثعمي عَنْ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْقُرَشِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَشْيَاءُ أَسْأَلُك عَنْهَا؟ قَالَ: سَلْ عَمَّا شِئْت؛ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّ يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَمِمَّ يَنْسَى؟ وَمِمَّ تَصْدُقُ الرُّؤْيَا وَمِمَّ تَكْذِبُ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَمَّا قَوْلُك مِمَّ يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَمِمَّ يَنْسَى؛ فَإِنَّ عَلَى الْقَلْبِ طخاة مِثْلَ طخاة الْقَمَرِ فَإِذَا تَغَشَّتْ الْقَلْبَ نَسِيَ ابْنُ آدَمَ فَإِذَا تَجَلَّتْ عَنْ الْقَلْبِ ذَكَرَ مِمَّا كَانَ يَنْسَى. وَأَمَّا مِمَّ تَصْدُقُ الرُّؤْيَا وَمِمَّ تَكْذِبُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} فَمَنْ دَخَلَ مِنْهَا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ فَهِيَ الَّتِي تَصْدُقُ وَمَا كَانَ مِنْهَا دُونَ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ فَهِيَ الَّتِي تَكْذِبُ. قُلْت: وَفِي هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ ذَكَرَ أَنَّ الَّتِي تَكْذِبُ مَا لَمْ يَكْمُلْ وُصُولُهَا إلَى الْعُلُوِّ. وَفِي الْأَوَّلِ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِمَّا يَحْصُلُ بَعْدَ رُجُوعِهَا. وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مُمْكِنٌ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ أَوْ وُجُودِ مَانِعِهِ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ إذَا نَامَ الْإِنْسَانُ فَإِنَّ لَهُ سَبَبًا تَجْرِي فِيهِ الرُّوحُ وَأَصْلُهُ فِي الْجَسَدِ. فَتَبْلُغُ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ فَمَا دَامَ ذَاهِبًا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ نَائِمٌ. فَإِذَا رَجَعَ إلَى الْبَدَنِ انْتَبَهَ الْإِنْسَانُ؛ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ شُعَاعٍ هُوَ سَاقِطٌ بِالْأَرْضِ وَأَصْلُهُ مُتَّصِلٌ بِالشَّمْسِ. قَالَ ابْنُ منده: وَأُخْبِرْت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَلَهُ بَصَرٌ بِالطِّبِّ وَالتَّعْبِيرِ - قَالَ: إنَّ الْأَرْوَاحَ تَمْتَدُّ مِنْ مَنْخِرِ الْإِنْسَانِ وَمَرَاكِبُهَا وَأَصْلُهَا فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَلَوْ خَرَجَ الرُّوحُ لَمَاتَ كَمَا أَنَّ السِّرَاجَ لَوْ فَرَّقْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَتِيلَةِ لطفئت. أَلَا تَرَى أَنَّ تَرَكُّبَ النَّارِ فِي الْفَتِيلَةِ وضوءها وَشُعَاعَهَا مَلَأَ الْبَيْتَ فَكَذَلِكَ الرُّوحُ تَمْتَدُّ مِنْ مَنْخِرِ الْإِنْسَانِ فِي مَنَامِهِ حَتَّى تَأْتِيَ السَّمَاءَ وَتَجُولُ فِي الْبُلْدَانِ وَتَلْتَقِي مَعَ أَرْوَاحِ الْمَوْتَى. فَإِذَا رَآهَا الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِأَرْوَاحِ الْعِبَادِ أَرَاهُ مَا أَحَبَّ أَنْ يَرَاهُ وَكَانَ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْمَرْءُ فِي الْيَقَظَةِ عَاقِلًا ذَكِيًّا صَدُوقًا لَا يَلْتَفِتُ فِي الْيَقَظَةِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْبَاطِلِ رَجَعَ إلَيْهِ رُوحُهُ فَأَدَّى إلَى قَلْبِهِ الصِّدْقَ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَسَبِ صِدْقِهِ. وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا نَزِقًا يُحِبُّ الْبَاطِلَ وَالنَّظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا نَامَ وَأَرَاهُ اللَّهُ أَمْرًا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ رَجَعَ رُوحُهُ فَحَيْثُ مَا رَأَى شَيْئًا مِنْ مخاريق الشَّيْطَانِ أَوْ بَاطِلًا وَقَفَ عَلَيْهِ كَمَا يَقِفُ فِي يَقَظَتِهِ وَكَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى قَلْبِهِ فَلَا يَعْقِلُ مَا رَأَى لِأَنَّهُ خَلَطَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ؛ فَلَا يُمْكِنُ مُعَبِّرٌ يَعْبُرُ لَهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ منده: وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا الْكَلَامِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قُلْت: وَخَرَجَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ " تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا " قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْمَرْوَزِي أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا الْمُبَارَكُ {عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: أُنْبِئْت أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَامَ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي}. وَإِذَا كَانَتْ الرُّوحُ تَعْرُجُ إلَى السَّمَاءِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْبَدَنِ. عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عُرُوجُهَا مِنْ جِنْسِ عُرُوجِ الْبَدَنِ الَّذِي يَمْتَنِعُ هَذَا فِيهِ. وَعُرُوجُ الْمَلَائِكَةِ وَنُزُولُهَا مِنْ جِنْسِ عُرُوجِ الرُّوحِ وَنُزُولِهَا لَا مِنْ جِنْسِ عُرُوجِ الْبَدَنِ وَنُزُولِهِ. وَصُعُودُ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ هَذَا كُلِّهِ وَأَجَلُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى أَبْعَدُ عَنْ مُمَاثَلَةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ مِنْ مُمَاثَلَةِ مَخْلُوقٍ لِمَخْلُوقِ. وَإِذَا قِيلَ: الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ وَالْمَجِيءُ وَالْإِتْيَانُ أَنْوَاعٌ جِنْسُ الْحَرَكَةِ؛ قِيلَ: وَالْحَرَكَةُ أَيْضًا أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ فَلَيْسَتْ حَرَكَةُ الرُّوحِ كَحَرَكَةِ الْبَدَنِ وَلَا حَرَكَةُ الْمَلَائِكَةِ كَحَرَكَةِ الْبَدَنِ. وَالْحَرَكَةُ يُرَادُ بِهَا انْتِقَالُ الْبَدَنِ وَالْجِسْمِ مِنْ حَيِّزٍ وَيُرَادُ بِهَا أُمُورٌ أُخْرَى كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الطبائعية وَالْفَلَاسِفَةِ: مِنْهَا الْحَرَكَةُ فِي الْكَمِّ كَحَرَكَةِ النُّمُوِّ وَالْحَرَكَةُ فِي الْكَيْفِ كَحَرَكَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ جَهْلٍ إلَى عِلْمٍ وَحَرَكَةِ اللَّوْنِ أَوْ الثِّيَابِ مِنْ سَوَادٍ إلَى بَيَاضٍ وَالْحَرَكَةُ فِي الْأَيْنِ كَالْحَرَكَةِ تَكُونُ بِالْأَجْسَامِ النَّامِيَةِ مِنْ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ: فِي النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ أَوْ فِي الذُّبُولِ وَالنُّقْصَانِ؛ وَلَيْسَ هُنَاكَ انْتِقَالُ جِسْمٍ مِنْ حَيِّزٍ إلَى حَيِّزٍ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْجَوَاهِرَ الْمُفْرَدَةَ تَنْتَقِلُ؛ فَقَوْلُهُ غَلَطٌ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
مسألة: كيف تعبر الرؤيا؟
مجموع الفتاوى - (ج 20 / ص 82)
الِاعْتِبَارِ وَالتَّشْرِيكِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّنْظِيرِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَيُسْتَدَلُّ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا فَإِنَّ مَدَارَهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ وَالْمُشَابَهَةِ الَّتِي بَيْنَ الرُّؤْيَا وَتَأْوِيلِهَا.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 05:37]ـ
مسألة ما أنواع الرؤيا التي يراها الإنسان في منامه؟
هذا السؤال و جوابه مكرر بالخطأ
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 10:44]ـ
أسئلة في أمراض النفس
مسألة كيف تمرض النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 34)
الْإِنْسَانُ إذَا فَسَدَتْ نَفْسُهُ أَوْ مِزَاجُهُ يَشْتَهِي مَا يَضُرُّهُ وَيَلْتَذُّ بِهِ؛ بَلْ يَعْشَقُ ذَلِكَ عِشْقًا يُفْسِدُ عَقْلَهُ وَدِينَهُ وَخُلُقَهُ وَبَدَنَهُ وَمَالَهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 599)
طَالِبُ الرِّئَاسَةِ - وَلَوْ بِالْبَاطِلِ - تُرْضِيهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي فِيهَا تَعْظِيمُهُ وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلًا، وَتُغْضِبُهُ الْكَلِمَةُ الَّتِي فِيهَا ذَمُّهُ وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا.
وَالْمُؤْمِنُ تُرْضِيهِ كَلِمَةُ الْحَقِّ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَتُغْضِبُهُ كَلِمَةُ الْبَاطِلِ لَهُ وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْحَقَّ وَالصِّدْقَ وَالْعَدْلَ وَيُبْغِضُ الْكَذِبَ وَالظُّلْمَ. فَإِذَا قِيلَ: الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالْعَدْلُ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ أُحِبُّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُخَالَفَةُ هَوَاهُ. لِأَنَّ هَوَاهُ قَدْ صَارَ تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَإِذَا قِيلَ: الظُّلْمُ وَالْكَذِبُ فَاَللَّهُ يُبْغِضُهُ وَالْمُؤْمِنُ يُبْغِضُهُ وَلَوْ وَافَقَ هَوَاهُ. وَكَذَلِكَ طَالِبُ " الْمَالِ " - وَلَوْ بِالْبَاطِلِ - كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ} الْحَدِيثَ. فَكَيْفَ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْقَلْبِ مَا هُوَ أَعْظَمُ اسْتِعْبَادًا مِنْ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ مِنْ الشَّهَوَاتِ وَالْأَهْوَاءِ وَالْمَحْبُوبَاتِ الَّتِي تَجْذِبُ الْقَلْبَ عَنْ كَمَالِ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ وَعِبَادَتِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمُزَاحَمَةِ وَالشِّرْكِ بِالْمَخْلُوقَاتِ كَيْفَ تَدْفَعُ الْقَلْبَ وَتُزِيغُهُ عَنْ كَمَالِ مَحَبَّتِهِ لِرَبِّهِ وَعِبَادَتِهِ وَخَشْيَتِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَحْبُوبٍ يَجْذِبُ قَلْبَ مُحِبِّهِ إلَيْهِ وَيُزِيغُهُ عَنْ مَحَبَّةِ غَيْرِ مَحْبُوبِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَكْرُوهُ يَدْفَعُهُ وَيُزِيلُهُ وَيَشْغَلُهُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 10:51]ـ
انتهت فهرسة آل قاسم
و سأحاول أن أجمع أقوال ابن تيمية في الأحوال النفسانية و في ماوراء النفس المسمى باراسايكولوجي و الذي قسمه شيخ الإسلام في سؤال سابق إلى ثلاثة أحوال
(رحمانية و نفسانية و سيطانية)
و أسأل الله الإعانة
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 01:50]ـ
و بقي من فهرسة آل قاسم رحمهم الله
أسئلة في الروح و الحياة
مسألة: ما هي الروح المدبرة لجسم الإنسان؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 301)
النَّفْسُ - وَهِيَ الرُّوحُ الْمُدَبِّرَةُ لِبَدَنِ الْإِنْسَانِ - هِيَ مِنْ بَابِ مَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ الَّتِي تُسَمَّى جَوْهَرًا وَعَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ الَّتِي هِيَ صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِغَيْرِهَا. وَأَمَّا التَّعْبِيرُ عَنْهَا بِلَفْظِ " الْجَوْهَرِ " " وَالْجِسْمِ " فَفِيهِ نِزَاعٌ بَعْضُهُ اصْطِلَاحِيٌّ وَبَعْضُهُ مَعْنَوِيٌّ. فَمَنْ عَنَى بِالْجَوْهَرِ الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ فَهِيَ جَوْهَرٌ وَمَنْ عَنَى بِالْجِسْمِ مَا يُشَارُ إلَيْهِ وَقَالَ إنَّهُ يُشَارُ إلَيْهَا فَهِيَ عِنْدُهُ جِسْمٌ وَمَنْ عَنَى بِالْجِسْمِ الْمُرَكَّبَ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ أَوْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ فَبَعْضُ هَؤُلَاءِ قَالَ إنَّهَا جِسْمٌ أَيْضًا. وَمَنْ عَنَى بِالْجَوْهَرِ الْمُتَحَيِّزَ الْقَابِلَ لِلْقِسْمَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا جَوْهَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَكَّبَةً مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ وَلَا مِنْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَجْسَامِ الْمُتَحَيِّزَاتِ الْمَشْهُودَةِ الْمَعْهُودَةِ وَأَمَّا الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُشَارُ إلَيْهَا وَتَصْعَدُ وَتَنْزِلُ وَتَخْرُجُ مِنْ الْبَدَنِ وَتُسَلُّ مِنْهُ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ النُّصُوصُ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّوَاهِدُ الْعَقْلِيَّةُ.
مسألة: ما هو الذي تسميه الأطباء الروح الحيواني؟
مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 32)
(يُتْبَعُ)
(/)
الدَّمِ الَّذِي هُوَ الْبُخَارُ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْأَطِبَّاءُ الرُّوحَ الْحَيَوَانِيَّ الْمُنْبَعِثُ مِنْ الْقَلْبِ السَّارِي فِي الْبَدَنِ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْبَدَنِ
مسألة: هل للروح اختصاص بشيء من الجسد؟
مجموع الفتاوى - (ج 9 / ص 302)
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ أَيْنَ مَسْكَنُهَا مِنْ الْجَسَدِ؟ فَلَا اخْتِصَاصَ لِلرُّوحِ بِشَيْءِ مِنْ الْجَسَدِ بَلْ هِيَ سَارِيَةٌ فِي الْجَسَدِ كَمَا تَسْرِي الْحَيَاةُ الَّتِي هِيَ عَرَضٌ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ فَإِنَّ الْحَيَاةَ مَشْرُوطَةٌ بِالرُّوحِ فَإِذَا كَانَتْ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ وَإِذَا فَارَقَتْهُ الرُّوحُ فَارَقَتْهُ الْحَيَاةُ.
مسألة: مم خلق الإنسان و الملك و الجان؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 94)
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 95)
صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ؛ وَخَلَقَ إبْلِيسَ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ؛ وَخَلَقَ آدَمَ مِمَّا وَصَفَ لَكُمْ} وَلَيْسَ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى بَعْضٍ بِاعْتِبَارِ مَا خُلِقَتْ مِنْهُ فَقَطْ؛ بَلْ قَدْ يُخْلَقُ الْمُؤْمِنُ مِنْ كَافِرٍ؛ وَالْكَافِرُ مِنْ مُؤْمِنٍ؛ كَابْنِ نُوحٍ مِنْهُ وَكَإِبْرَاهِيمَ مِنْ آزَرَ؛ وَآدَمُ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ طِينٍ: فَلَمَّا سَوَّاهُ؛ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ؛ وَأَسْجَدَ لَهُ الْمَلَائِكَةَ؛ وَفَضَّلَهُ عَلَيْهِمْ بِتَعْلِيمِهِ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ وَبِأَنْ خَلَقَهُ بِيَدَيْهِ؛ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ. فَهُوَ وَصَالِحُو ذُرِّيَّتِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؛ وَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ مَخْلُوقِينَ مِنْ طِينٍ؛ وَهَؤُلَاءِ مِنْ نُورٍ. وَهَذِهِ " مَسْأَلَةٌ كَبِيرَةٌ " مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ فَإِنَّ فَضْلَ بَنِي آدَمَ هُوَ بِأَسْبَابِ يَطُولُ شَرْحُهَا هُنَا. وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فَضْلُهُمْ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْقَرَارِ: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}. وَالْآدَمِيُّ خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ؛ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ؛ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ انْتَقَلَ مَنْ صِغَرٍ إلَى كِبَرٍ ثُمَّ مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ فَلَا يَظْهَرُ فَضْلُهُ وَهُوَ فِي ابْتِدَاءِ أَحْوَالِهِ؛ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فَضْلُهُ عِنْدَ كَمَالِ أَحْوَالِهِ؛ بِخِلَافِ الْمَلَكِ الَّذِي تَشَابَهَ أَوَّلُ أَمْرِهِ وَآخِرِهِ. وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ فَضَّلَ الْمَلَائِكَةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَيْثُ نَظَرَ إلَى أَحْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ. وَهُمْ فِي أَثْنَاءِ الْأَحْوَالِ. قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إلَى مَا وُعِدُوا بِهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مِنْ نِهَايَاتِ الْكَمَالِ.
مسألة: و كيف يخلق الحيوان؟
مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 243)
وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيمَا يَخْلُقُهُ اللَّهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعْدِنِ وَالْمَطَرِ وَالنَّارِ الَّتِي تُورَى بِالزِّنَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ تَحْدُثُ أَعْيَانُ هَذِهِ الْأَجْسَامِ فَيُقْلَبُ هَذَا الْجِنْسُ إلَى جِنْسٍ آخَرَ. كَمَا يُقْلَبُ الْمَنِيُّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً أَوْ لَا تَحْدُثُ إلَّا أَعْرَاضٌ وَأَمَّا الْأَعْيَانُ الَّتِي هِيَ الْجَوَاهِرُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ بِغَيْرِ صِفَاتِهَا بِمَا يُحْدِثُهُ فِيهَا مِنْ الْأَكْوَانِ الْأَرْبِعَةِ: الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْأَجْسَامَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التجزي كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ. وَإِمَّا مِنْ جَوَاهِرَ لَا نِهَايَةَ لَهَا كَمَا يُحْكَى عَنْ النَّظَّامِ.
مسألة: من هم الشياطين؟
مجموع الفتاوى - (ج 15 / ص 7)
سُئِلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ قَوْله تَعَالَى {إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ. هَلْ ذَلِكَ عَامٌّ لَا يَرَاهُمْ أَحَدٌ أَمْ يَرَاهُمْ بَعْضُ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ؟ وَهَلْ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَدُ إبْلِيسَ أَمْ جِنْسَيْنِ: وَلَدُ إبْلِيسَ وَغَيْرُ وَلَدِهِ؟.
فَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ آمِينَ - فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْإِنْسَ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَاهُمْ الْإِنْسُ وَهَذَا حَقٌّ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْإِنْسَ فِي حَالٍ لَا يَرَاهُمْ الْإِنْسُ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ لَا يَرَاهُمْ أَحَدٌ مِنْ الْإِنْسِ بِحَالِ؛ بَلْ قَدْ يَرَاهُمْ الصَّالِحُونَ وَغَيْرُ الصَّالِحِينَ أَيْضًا؛ لَكِنْ لَا يَرَوْنَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ وَالشَّيَاطِينُ هُمْ مَرَدَةُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَجَمِيعُ الْجِنِّ وَلَدُ إبْلِيسَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 12:38]ـ
جمع موفق. . . بارك الله فيك!
(/)
سؤال عن بعض المداعبات بين الزوجين ..
ـ[أمير المغربي]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 11:29]ـ
لي سؤال ... عفوا
هل هناك دليل علي حرمة لعق الرجل لفرج المرأة ولعق المرأة لفرج الرجل
وهل هذه انتكاسة في الفطره؟
وما هو المعيار لتحديد اذا كان أمر ما يعتبر أنتكاسا للفطرة السليمه؟
أرجو أن تكون الاجابة بعيدا عن قضية التاثر بالثقافة الجنسية الغربية .....
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:18]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
" والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين "
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:22]ـ
/// تقدم مثل هذا الموضوع وطرح من قبل، على هذا الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=134468#post13 4468
(/)
ما حكم الختم في دعاء القنوت بقول (سبحان ربك رب العزة عما يصفون ... )؟
ـ[الرابية]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:34]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا مانسمع من بعض الأئمة وفقهم الله يختمون دعاء القنوت بقول (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين)
أنا في نفسي منها شيء من حيث محلها
هو يدعوا بالرحمة والمغفرة وتقبل الصيام والقيام ثم يختم بقول سبحان ربك رب العزة عما يصفون ...
المناسبة بين الدعاء وختمها بهذه الآية مختلف
أفيدني بارك الله فيكم إذا كان هنالك توجيه للختم بهذا الدعاء
بارك الله فيكم
ـ[أبوحاتم الألوكى]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 03:20]ـ
للرفع لعل أحد من المشايخ الفضلاء يتحفنا بالرد
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 06:31]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فقد قال الإمامُ أحمد في المسند:
1740 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ السَّلُولِىِّ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى قُنُوتِ الْوِتْرِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ». تحفة 3404 معتلى 2246
وقال:
1743 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ فِى الْوِتْرِ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ. تحفة 3404 معتلى 2246
وقال:
1745 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِى بُرَيْدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَذُكُرُ أَنِّى أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَلْقَيْتُهَا فِى فَمِى فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلُعَابِهَا فَأَلْقَاهَا فِى التَّمْرِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا عَلَيْكَ لَوْ أَكَلَ هَذِهِ التَّمْرَةَ. قَالَ «إِنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ». معتلى 2247 ل مجمع 3/ 90
1746 - قَالَ وَكَانَ يَقُولُ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ». تحفة 3405 معتلى 2248 ل
1747 - قَالَ وَكَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ - وَرُبَّمَا قَالَ - تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ». تحفة 3404 معتلى 2246 ل
قلت: حديثٌ صحيحٌ إن شاء الله تعالى
وقال:
1751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ بُرَيْدَ بْنَ أَبِى مَرْيَمَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّى أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلْتُهَا فِى فِىَّ - قَالَ - فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلُعَابِهَا فَجَعَلَهَا فِى التَّمْرِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ لِهَذَا الصَّبِىِّ. قَالَ «إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ». معتلى 2247
(يُتْبَعُ)
(/)
1752 - قَالَ وَكَانَ يَقُولُ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ». تحفة 3405 معتلى 2248
1753 - قَالَ وَكَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ - قَالَ شُعْبَةُ وَأَظُنُّهُ قَدْ قَالَ هَذِهِ أَيْضاً - تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». قَالَ شُعْبَةُ وَقَدْ حَدَّثَنِى مَنْ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ ثُمَّ إِنَّ شُعْبَةَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَخْرَجَهُ إِلَى الْمَهْدِىِّ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَلَمْ يَشُكَّ فِى «تَبَارَكْتَ وتَعَالَيْتَ». فَقُلْتُ لِشُعْبَةَ إِنَّكَ تَشُكُّ فِيهِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ. تحفة 3404 معتلى 2246
قلت: محمد بن جعفر من أثبت أصحاب شعبة! والحديث صحيحٌ إن شاء الله تعالى
وقال الدارمي رحمه الله:
1643 - أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حَمَلَنِى عَلَى عَاتِقِهِ فَأَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَدْخَلْتُهَا فِى فَمِى فَقَالَ «أَلْقِهَا أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ». تحفة 3405
1644 - قَالَ وَكَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ». تحفة 3404
1645 - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْقُنُوتِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. تحفة 3404
1646 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى قُنُوتِ الْوِتْرِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ». قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَبُو الْحَوْرَاءِ اسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ. تحفة 3404
وقال أبو داود في السنن: (كتاب الوتر، باب 5)
1425 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِى قُنُوتِ الْوِتْرِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». تحفة 3404
(يُتْبَعُ)
(/)
1426 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِىُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ فِى آخِرِهِ قَالَ هَذَا يَقُولُ فِى الْوِتْرِ فِى الْقُنُوتِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَقُولُهُنَّ فِى الْوِتْرِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو الْحَوْرَاءِ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ. تحفة 3404
وقال الترمذي- رحمه الله -في كتاب الصلاة، باب 229
466 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْوِتْرِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ».
قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ عَلِىٍّ. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِى الْحَوْرَاءِ السَّعْدِىِّ وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ. وَلاَ نَعْرِفُ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى الْقُنُوتِ فِى الْوِتْرِ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ هَذَا. تحفة 3404 - 464
وقال أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار من المجتبى
1745 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْوَتْرِ فِى الْقُنُوتِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». تحفة 3404 - 248/ 3
(قلت: أي مثل ما قال الترمذي)
1746 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِىٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ فِى الْوَتْرِ قَالَ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ مُحَمَّدٍ». تحفة 3404
وقال ابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة باب 117
1178 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى الْحَوْرَاءِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ عَلَّمَنِى جَدِّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى قُنُوتِ الْوِتْرِ «اللَّهُمَّ عَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَاهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ سُبْحَانَكَ رَبَّنَا تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ». تحفة 3404
ويراجع الإلزامات للدارقطني (الحديث الخامس والستون) ص113 ط/ دار الكتب العلمية بتحقيق مقبل بن هادي الوادعي
فهل عند أحد من علم بزيادة في دعاء القنوت مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
ـ[الرابية]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 10:26]ـ
جزاك الله خير ياأبا مريم على مانقلت
محور الحديث عن ختم الدعاء بقول (سبحان ربك رب العزة عما يصفون .... )
هل هو مناسب أم لا
بورك فيك
أبو حاتم جزاك الله خير
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 08:04]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
جزاك الله خير ياأبا مريم على مانقلت
محور الحديث عن ختم الدعاء بقول (سبحان ربك رب العزة عما يصفون .... )
هل هو مناسب أم لا
بورك فيك
أبو حاتم جزاك الله خير
وجزاك الله خيرا أبا حاتم!
ومحور الإجابة: هل ورد ما ذكرتَ أنتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا،
فأما الذي ورد، فقد سقت منه ما وفقني الله تعالى إليه، فهل رأيت شيئا غير ذلك يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قط أنه ختم الدعاء، بتلاوة خواتيم سورة الصافات؟
فأما أنا فأكتفي بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الرابية]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 02:38]ـ
أشكرك على الإستدرك!!
لكن هب أن ذلك في غير الصلاة
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 06:54]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
أشكرك على الإستدرك!!
لكن هب أن ذلك في غير الصلاة
أرأيت إن دعا رجل بدعاء في غير الصلاة، ثم ختمه بتلاوة خواتيم سورة الصافات:
هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا ربه ثم ختم الدعاء بتلاوة خواتيم سورة الصافات؟
فقد حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء كثيرا، لكن لم أر ما ذكرتَ، وفقك الله،
فمن وقف على ذلك صحيحا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فليبين لنا،
والله تعالى أجل وأعلم.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 07:20]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
/// الدعاء بابٌ واسعٌ، فللعبد أن يدعو الله بما شاء ما لم يشتمل على محظور شرعي، والأفضل الاهتداء بسنة النَّبيِّ (ص) في ذلك وإن لم يكن ذلك واجبًا، ومخالفته ليست ببدعةٍ ولا محظورةٍ.
/// أمَّا ختم الدعاء بما سأل عنه صاحب الموضوع، فالمناسبة فيه ظاهرةٌ؛ من جهة ختم الدعاء بالتسبيح لله وحمده، والتسليم على المرسلين.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 08:12]ـ
بارك الله فيكم .. أوافق الشيخ عدنان فيما ذهب اليه هنا ..
فلا اشكال في مسألة المناسبة، والضمير في ((عما يصفون)) يعود على الكفار بالمعهود الذهني كما هو معلوم ولا اشكال فيه، وهو تنزيه للرب تعالى عن كل ما يصف الكافرون والمبطلون في حقه جل وعلا. فمن جهة ختم الدعاء بالثناء على الله وتنزيهه والتسليم على سائر المرسلين، فهذا مشروع ويستحب الثناء على الله تعالى في أول الدعاء وآخره وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وان كان الذي ينبغي أن ينبه اليه هو ضرورة ألا يتخذ الامام ذلك الختم عادة يثبت عليها في كل دعاء ولا يغيرها، فتصبح بمنزلة الدعاء المأثور في ذلك المحل ويتوهم الناس أن من السنة أن يختم دعاء القنوت بتلاوة هذه الآية الكريمة في كل مرة، وليس الأمر كذلك .. والله تعالى أعلم وأحكم.
ـ[الرابية]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 10:18]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ عدنان على ما وضحته من المناسبه
وكذا أبا الفداءعلى الموافقة
أتحفتموني وفقكم الله
ـ[الرابية]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 10:40]ـ
بالمناسبة اليوم الشيخ عادل الكلباني ختم دعاء القنوت بقول (سبحان ربك رب العزة عما يصفون .... )
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 02:47]ـ
الإخوة الأفاضل, زيادة لفظ قنوت الوتر شاذة في الحديث كما بين ذلك الشيخ سليمان العلوان في رسالة قيام الليل, حيث أن شعبة أوثق من رواه عن بريد بن أبي مريم و لم يذكر فيه لفظ القنوت.
قال الترمذي بعد رواية الحديث {حديث حسن ولا نعرف في القنوت عن النبي صلى الله عليه و سلم شيئا أحسن من هذا} و شروط الحسن عند الترمذي معروفة لطلبة العلم فهو ليس الحسن عند المتأخرين.
قال الخلال {أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد الله {أحمد بن حنبل} في القنوت في الوتر؟ فقال: ليس يروى فيه عن النبي صلى الله عليه و سلم شئ ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة}
(/)
ارجوا توضيح هذا الكلام في رسالة عودوا الى خير الهدي للشيخ المقدم
ـ[باعث الخير]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:41]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجوا من اخواني ومشايخنا الفضلاء ان يوضحوا لي الكلام الموضوع تحته خط ازرق فانا لم اعي ما المصود بالحرف والحرفان اثناء البكاء في الصلاة
وجزاكم الله عنا كل خير
http://www4.0zz0.com/2008/09/08/12/983516718.jpg
http://www4.0zz0.com/2008/09/08/12/820045929.jpg
ـ[الرابية]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 12:22]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المراد والله أعلم الأحرف مثل أ ب ت ث ..................
يعني أذا بكاء فأخرج مع البكاء حرف أو حرفان
ويوضح ذلك قوله (لا يسمى كلاما في اللغة) كما هو موجود في الصفحة المنقولة
ـ[باعث الخير]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 12:37]ـ
جزاكم الله خيرا
لكن ما المقصود بقول ابي يوسف المنقول
(اذا كان على اكثر من حرفين او حرفين اصليين)
ارجوا توضيح اكثر
بارك الله فيكم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 04:45]ـ
انت كيف نسخت هذا الورق من ال pdf ?
(/)
خطأ في شرح السنة للبربهاري نبه عليه الراجحي
ـ[حبيب المؤمن]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 04:31]ـ
هذه فائدة منقولة من منتدى الملتقى العلمي للعقيدة، جزى الله كاتبته خيراً، تعليقًا على قول الإمام البربهاري في كتابه شرح السنة
(فمن أقر بما في هذا الكتاب وآمن به واتخذه إماما ولم يشك في حرف منه ولم يجحد حرفا منه فهو صاحب سنة وجماعة كامل قد اكتملت فيه السنة، ومن جحد حرفا مما في هذا الكتاب أوشك في حرف منه أو شك فيه أو وقف فهو صاحب هوى).
قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله معلقًا:
(بما في هذا الكتاب) كتابه شرح السنة.
(صاحب هوى) صاحب بدعة.
وهذا ليس بصحيح فكتابه هذا ليس تنزيل من حكيم حميد إنما هذا في كلام الله فمن أقر به واتخذه إماما ولم يشك في حرف منه ولم يجحد حرفا منه هذا هو المسلم، ومن جحد حرفا مما فيه أو شك في حرف منه هذا كافر.
أما ماكتبه البشر فهم مخطئون أو مصيبون. والإمام البربهاري مر أشياء في الكتاب أخطأ فيها، وأتى بأحاديث ضعيفة، ونحن نشك في الأحاديث الضعيفة التي ذكر، وفي الأشياء الموهمة؛ فقد مر أشياء بينا أن الصواب خلاف ماقرر رحمه الله.
ولاينبغي للمصنف أن يقول هذا، وأن يلزم الناس بكتابه هذا ليس بسديد، ولايُلزم أحد إلا بالكتاب والسنة. وهناك بعض الحروف والجمل والكلمات خلاف الصواب رحمه الله لكن الكتاب في الجملة يتمشى مع مذهب أهل السنة والجماعة.
هذا مما يؤخذ عليه رحمه الله. ولكن عذره في هذا كثرة أهل البدع في زمانه يريد أن يحذر منهم.* أهـ
*سلسلة ميراث الأنبياء، البرنامج العاشر
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 05:05]ـ
/// تقدم هذا الموضوع سابقًا، على هذا الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18810
(/)
هل يلزم المصحح لحديث أن يوجه مشكله ويعرف وجه الجمع بينه وبين غيره؟
ـ[حبيب المؤمن]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 05:13]ـ
قرأت في مشاركة للخت الفاضلة (بنت الخير) هذا الكلام
لا يلزم المصحح لحديث ما، أن يوجه مشكله، ويعرف وجه الجمع بينه وبين غيره.
بوركتم
فاعترضها الأخ الفاضل إسلام سالم بقوله
كيف هذا بالله عليكم؟!!!
إن هذا دورنا نحن من أجل خدمة السنة و دفع عن الحديث مشكله .. الذى قد يوحى للبعض بأنه ضعيف أو موضوع أو به علة بينما يمكن أن يكون صحيحاً و لكننا لا نفهمه
و أما إن لم يكن البيان أو الجمع منطقياً (أى لو كان متعسفاً) فحينها يجب البحث عما إذا كان يوجد علة ما ولو خفية فى الطرق و الروايات و الأسانيد لنعلم مصدر الخطأ
و كليهما (الطريقتين) لنعلم وجه الحق و صحيح العلم المترتب عليه صحيح الدين
ولأني أرى أن كلام بنت الخير صحيح، فقد رأيت أن تشاركوني أراءكم في بيان الصواب
ـ[بنت الخير]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 05:57]ـ
أحسنت أخي الكريم بفتحك موضوعاً مخصوصاً لهذا البحث، وقد كان ظني أن ما ذكرتُه من الْمُسَلّمات، باعتبار أن حديثي مع طلاب علم، لكني وجدت ما صدمني، ولو شئتُ أن أورد لهم من الاستدلالات على قولي ما يعجز أكثرهم عنه، لأتيتُ بفضل الله.
شكر الله لك
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 02:45]ـ
أخى الكريم حبيب المؤمن
أعتقد أن سبب إعتراضكما هو أن الفكرة جديدة و قد تكون مختلفة عما أتى به الأولون من العلماء و الله أعلم
فإذا كان الأمر كذلك فاسمح لى أن أقول أنه ليس سبباً كافياً لتقييم الفكرة و الحكم عليها بل علينا النظر لها فى حد ذاتها و ملاحظة ما فيها من حكمة و حرص على صحيح العلم و على سنته (ص)
و هذا هو التجديد الذى لا يخرج عن سياق تراثنا القديم أى إعمال العقل فيما تركه لنا العلماء , و هو أصح منهج علمى
و ما غير ذلك فيسمى ب"التقليد" , و هو لا يقل كثيراً فى خطورته عن الإبتداع و محاولات تقويض السنة المطهرة
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 07:19]ـ
أحب أن أضيف توضيحاً أنى أقيد المنهج الذى أدعو إليه بأن تكون الأحاديث المطلوب إزالة مشكلها تتعارض مع:
1) صريح القرآن
2) أو مع مثيلاتها مع بيان إمكانية الترجيح من عدمها
3) أو مع ثابت من الثوابت فى الشريعة أو العقيدة: حكماً شرعياً أو معتقد معلوم من الدين بالضرورة
4) كما يجب تتبع الأحاديث التى بها ما يشوه صورة أو ينتقص مقدس من المقدسات مثل النبي (ص) أو أحد الصحابة أو المقدسات (غير البشر) , ولو كان هذا بطريقة غير مباشرة , فإن غالباً تلك الأحاديث بها شبهة وضع من الزنادقة أو الروافض أو النواصب أو كذابي المبتدعة لعنهم الله جميعاً
فأنا لا أدعو بتطبيق هذا المنهج على كل حديث حين تصحيحه , ولكن يطبق بالضوابط المذكورة أعلاه
وفقكم الله للحق و رؤيته و إتباعه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[بنت الخير]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 12:59]ـ
بداية أنصحك أخي الكريم بقراءة كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة قراءة متأنية، ولعلك قرأته قبل ذلك على عجل.
.
ـ[حبيب المؤمن]ــــــــ[03 - Oct-2008, صباحاً 01:32]ـ
للرفع والمشاركة
(/)
مسألة عمة بها البلوى في المنتديات - أرجو التفصيل فيها والإهتمام بها
ـ[أم حبيب]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 05:31]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني طلبة العلم بارك الله فيكم جميعا
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى المبارك بإذن الله ولا ادري لما كانت البداية هكذا ولكن قدر الله وما شاء الله فعل
كنت اتصفح المنتدى هذا وغيره فوجدت شيئا يكاد يكون غالبا في جميع المنتديات
ولا أدري أهو جائز ام لا وهل الفتنة تؤمن فيه ام لا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولا أشك انه خَطرَ على بال كثيرين منكم ودار في خواطرهم لكن انا لم أرى من تعرض له مناقشة فقلت لعل هناك ما يخفي علي فأردت أن اطرح الموضوع هنا حتى يتضح لي الأمر
ولا أريد ان اطيل عليكم فالموضوع هو:
الحوار الذي يدور بين النساء والرجال في المنتديات وفي بعض الأحيان يكون فيه نوع من المزاح وكذا
ولا شك ان الشيطان يجرى من ابن ادم مجرى الدم ثم من المعلوم ان خطوات الشيطان تكون على شئ من الخفاء الذي بسببه يقع الكثيرون في مصائده
فهل هذا الامر مباح والفتنة تؤمن من تجاهه ام ماذا؟
ام هو من الأمور الملتبسه ومن الأمور المشتبهات على الإخوة والأخوات؟
إخواني هذا الموضوع مؤرق جدا أرجو ان يجد لديكم إهتمام وبحث
وجزاكم الله خيرا وأنا سعيدة جدا بوجودي بين الأفاضل وفي هذا المنتدى الرائع
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 06:06]ـ
/// تقدمت مواضيع في هذا الشأن:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=37296
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=5350&page=2
(/)
تنبيهات على كتاب: (مجالس التذكير من حديث البشير النذير) للشيخ عبد الحميد بن باديس ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 07:56]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيهات على كتاب: (مجالس التذكير من حديث البشير النذير) للشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله تعالى –
الحمد لله، والصلاة و السلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من تبع هداه، أما بعد:
فهذه بعض التنبيهات المختصرة على كتاب: (مجالس التذكير من حديث البشير النذير) للشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله تعالى – (من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية بالجزائر، ط. أولى سنة:1403هـ-1983م) كتبتها امتثالا لقول النبي – صلى الله عليه و سلم – ((الدين النصيحة))، فنصحًا لدين الله تعالى و تنزيهًا للعقيدة الإسلامية الصحيحة (عقيدة أهل السنة و الجماعة) من أن يُنسب إليها ما ليس منها، أسطر هذه التنبيهات – على وجه السرعة - راجيًا من الله – جل وعلا – التوفيق و السداد، وبالله التوفيق وهو نعم الرفيق.
التنبيه الأول:
[تجويزه التوسل البدعي بذات النبي – صلى الله عليه و سلم-]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (43): " .. الراجح هو الأول الذي يجيز السؤال بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم نظرا لمقامه العظيم عند ربه .. ".اهـ
وقال ص (47):" .. التوسل بذات النبي صلى الله عليه و آله وسلم جائز مرجوح".اهـ
أقول و الله التوفيق:
أجاز الشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله تعالى – التوسل بذات النبي - صلى الله عليه و سلم – وهو قول باطل مخالف لقول أهل السنة و الجماعة، بل التوسل بذات النبي – صلى الله عليه و سلم – من البدع المنكرة المفضية إلى الشرك – و العياذ بالله -، "ووجه كونه بدعة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر به، ولم يدع الناس إليه، ولم يعده من القربات، كما جعله المتأخرون من الصوفية ومن تابعهم من أعظم القربات. كما أن الصحابة لم يتوسلوا إلى الله بهذا النوع من التوسل ولا التابعين ولا تابعيهم. . . بل الثابت عنهم هو عدولهم عنه إلى التوسل المشروع، فلما لم يرد له ذكر في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا عمل الصحابة والتابعون به. دل على عدم مشروعيته وابتداعه.
هذا من حيث الإجمال. أما من حيث التفصيل، فإن السؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوسل بذاته وجاهه غير جائز. لأنه وإن كان مبنيا على أن للأنبياء جاها ومكانة عند الله- وهذا صحيح- إلا أن الله لم يجعل ذلك الجاه سببا مناسبًا لإجابة دعاء من توسل به. وإنما جعل الله الإيمان بهم وحبهم واتباعهم سببا لإجابة الدعاء، بخلاف السؤال والتوسل بذواتهم وجاههم ": [1]
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – كما في (قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة/ص:279): "عَلِم الصحابة أن التوسل به صلة الله عليه و سلم إنما هو التوسل بالإيمان به و بطاعته و محبته وموالاته، أو التوسل بدعائه و شفاعته، فلهذا لم يكونوا يتوسلون بذاته مجردة عن هذا و هذا، فلما لم يفعل الصحابة – رضوان الله عليهم – شيئا من ذلك، ولا دعوا بمثل هذه الأدعية، وهم أعلم منا، و أعلم بما يجب لله و رسوله، و اعلم بما أمر الله و رسوله من الأدعية، وما هو أقرب إلى الإجابة منا، بل توسلوا بالعباس – رضي الله عنه – وغيره ممن لي مثل النبي – صلى الله عليه و سلم – دلَّ عدولهم عن التوسل بالأفضل إلى التوسل بالمفضول أن التوسل المشروع بالفضل لم يكن ممكنا".اهـ
ـ وقال سليل الدعوة السَّلفية بنجد الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن معمر – رحمه الله تعالى – كما في (الدرر السنية: 2/ 162): "وأما التوسل بجاه المخلوقين، كمن يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد – صلى الله عليه و سلم – ونحو ذلك، فهذا لم ينقل عن النبي – صلى الله عليه و سلم – و أكثر العلماء على النهي عنه، وحكى ابن القيم رحمه الله تعالى: أنه بدعة إجماعاً، ولو كان الأنبياء و الصالحون لهم جاه عند الله سبحانه و تعالى، فلا يقتضي ذلك جواز التوسل بذواتهم و جاههم".اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وبما سبق يتبين بطلان قول ابن باديس – عفا الله عنه - في مسألة التوسل، ومن أراد التوسع لمعرفة الأدلة السَّلفية والردود الأثريَّة في رد شبه المخالفين المجيزين للتوسل البدعي فعليه بالمراجع التالية – على سبيل المثال لا الحصر- وهي:
- كتاب: (قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة) لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى –.
- كتاب: (التوصل إلى حقيقة التوسل) لفضيلة الشيخ محمد نسيب الرفاعي – رحمه الله تعالى – بتقديم الشيخ العلامة إسماعيل الأنصاري – رحمه الله تعالى -.
- كتاب: (التوسل، أنواعه و أحكامه) للشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى -.
التنبيه الثاني:
[تأويله صفة الحياء و الإعراض لله - جل وعلا -]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (68):"فاستحيا الله منه: ترك عقابه ولم يحرمه من ثواب، أعرض: التفت إلى جهة أخرى فذهب إليها. فأعرض الله عنه: حرمه من الثواب ".اهـ
أقول و بالله التوفيق:
"يوصف ربنا سبحانه وتعالى بالاستحياء و الإعراض كما في النصوص الشرعية على وجه لا نقص فيه؛ بل على الوجه اللائق من غير تكييف ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل. ولا يجوز تأويلهما بغير معناهما الظاهر من لوازمهما و غير ذلك، بل الواجب إثباتهما لله عز وجل على الوجه اللائق بجلاله و كماله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل" [2]:
قال فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك كما في (تعليقاته على المخالفات العقدية في فتح الباري): " قوله: (فاستحيا الله منه أي رحمه)، وقوله: (فأعرض الله عنه أي سخط عليه): في هذا التفسير للاستحياء والإعراض من الله عدول عن ظاهر اللفظ من غير موجب، والحامل على هذا التفسير عند من قال به هو اعتقاده أن الله لا يوصف بالحياء أو الإعراض حقيقة؛ لتوهم أن إثبات ذلك يستلزم التشبيه، وليس كذلك بل القول في الاستحياء والإعراض كالقول في سائر ما أثبته الله عز وجل لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات، والواجب في جميع ذلك هو الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات، وقد ورد في الحديث: (إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا) "أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه".
وفي ذكر الاستحياء والإعراض في هذا الحديث دليل على أن الجزاء من جنس العمل، وشواهده كثيرة ". اهـ
التنبيه الثالث:
[تكفير بكبائر الذنوب موافقا بذلك المعتزلة وغيرهم]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (126):" أما الذي يجاهر بمعصيته ويعلن بها، فهذا قد تعدى على مجتمع الناس بما أظهر من فساد، وما أوجد من قدوة سيئة، وما عمل بمجاهرته على شيوع الفاحشة فيهم، وقد تعدى على الشرع بما انتهك من حرمته، وجرأ من السفهاء عليه، وهو بمجاهرته قد دل على استخفافه بحق الله وحق عباده وعلى عناده للدين، وخلو قلبه من الخوف والحياء، وأي إيمان يبقى بعدهما".اهـ
أقول و بالله التوفيق:
يفهم من كلام ابن باديس أن المجاهر بالمعصية والمعلن بها دليل على استخفافه بحق الله و حق عباده وعناده للدين وبهذا لا يبقى إيمان في قلبه ولا خوف ولا حياء؛ وهذا تكفير بالمعاصي واضح منه – عفا الله عنه – وافق به مذهب الخوارج و المعتزلة، فمن عقيدة أهل السنة و الجماعة أنهم لا يكفرون بمطلق المعاصي ولا المجاهرة بها إلاَّ إذا استحلها استحلالا عقديا لا عمليا، كما هو مقرر في عقائد أهل السنة و الجماعة أتباع السلف الصالح:
ـ قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى و أجزل له الثواب – كما في كتابه (الكبائر): " ولهما – أي البخاري و مسلم - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملا بالليل، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه، وأصبح يكشف ستر الله عليه)) ".
كل أمتي معافى: من العافية وهو إما بمعنى عفا الله عنه وإما سلمه الله.
والمجاهر: الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها.
قال النووي: إن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به.
قال ابن بطال: وفي الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل أهلها وستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه، فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد الستر بها حياء من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه ".اهـ
أخي القاري؛ لم يظهر من كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – ونقولاته عن بعض الحفاظ من شُرَّاحِ الحديث كالنووي و ابن بطال؛ أن المجاهر بالمعصية باستخفافه يكفر ويخلو قلبه من الخوف والحياء، بله خلوه من الإيمان كما صرح ابن باديس عقب كلامه عن المجاهر بالمعصية في قوله: "وأي إيمان يبقى بعدهما " (!)، بل غاية ما قالوا أن الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم ومن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره .. إلى غير ذلك من الشرحات والمعاني والفوائد على الحديث التي لم يُذكر منها – فيما علمتُ- التكفير بالاستخفاف وخلو القلب من الإيمان و الحياء و الخوف كما ظهر من كلام ابن باديس - رحمه الله وغفر له زلاته - موافقا بذلك الخوارج و المعتزلة ونحوهم ممن كفر بكبائر الذنوب، فينبغي التنبه و التنبيه لذلك، والله أعلم.
التنبيه الرابع
[للعبادة خلقنا وليس للحياة .. ]
قال ص (145):"لا يا قوم، إننا أحياء، وإننا نريد الحياة، وللحياة خلقنا، وان الحياة لا تكون بالخبز وحده .. "
أقول و بالله التوفيق:
قول ابن باديس ((وللحياة خلقنا)): غلط وهو قول باطل مخالف لقول الله - جل وعلا -: ((وما خلقت الجن و الإنس إلاَّ ليعبدون))، وقد تسمح ابن باديس في إطلاقه – عفا الله عنه -:
ـ قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى – كما في تفسيره: " قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {إِلا لِيَعْبُدُونِ} أي: إلا ليقروا بعبادتي طوعا أو كرها وهذا اختيار ابن جرير. وقال ابن جُرَيْج: إلا ليعرفون. وقال الربيع بن أنس: {إِلا لِيَعْبُدُونِ} أي: إلا للعبادة. ".اهـ
ـ وقال فضيلة الشيخ أبي بكر جابر الجزائري كما في (أيسر التفاسير): " وقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإِنس إلا ليعبدون} أي لم يخلقهما للهو ولا للعب ولا لشيء وإنما خلقهما ليعبدوه بالإِذعان والتسليم لأمره ونهيه ".اهـ
التنبيه الخامس
[قوله في أحاديث الآحاد الصحيحة وأنها ظنية]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (161):"وخبر الآحاد- من حيث ذاته- يفيد الظن وإن كان صحيحا ".اهـ
أقول و بالله التوفيق:
لقد وافق ابن باديس – رحمه الله تعالى - أهل البدع من المعتزلة و المتكلمين الأشاعرة وغيرهم على أنَّ أخبار الآحاد – الصحيحة - لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن ولهذا رد الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة بحجة أنه يعارض القطعي من القرآن الكريم كما في صحيفة (54) و صحيفة (373) [3] من تفسيره (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)، وقد رد الكثير من علماء أهل السنة و الجماعة هذا القول:
ـ قال ابن أبي العز – رحمه الله تعالى - كما في (شرح العقيدة الطحاوية): " وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة وهو إحدى قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاع ". اهـ
ـ و قال الإمام الحافظ بن عبد الهادي- رحمه الله تعالى- كما في (الصارم المنكي في الرد على السبكي): " وأي تنقص فوق من عزل كلام الرسول عن إفادة اليقين".اهـ
ـ وقال الإمام الحافظ ابن القيم الجوزية – رحمه الله تعالى - كما في (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة): " خبر العدل الواحد المتلقي بالقبول لو لم يفد العلم لم تجز الشهادة على الله ورسوله بمضمونه ومن المعلوم المتيقن أن الأمة من عهد الصحابة إلى الآن لم تزل تشهد على الله وعلى رسوله بمضمون هذه الأخبار جازمين بالشهادة في تصانيفهم وخطابهم، فيقولون شرع الله كذا وكذا على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم- فلو لم يكونوا عالمين بصدق تلك الأخبار جازمين بها لكانوا قد شهدوا بغير علم وكانت شهادتهم زوراً وقولاً على الله ورسوله بغير علم ولعمر الله هذا حقيقة قولهم وهم أولى بشهادة الزور من سادات الأمة وعلمائها.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عمرو بن الصلاح: وقد ذكر الحديث الصحيح المتلقي بالقبول المتفق على صحته وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به خلافاً لقول من نفى ذلك محتجاً بأنه لا يفيد إلا الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ، قال: وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قوياً ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه هو الصحيح لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجة مقطوعاً بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك وهذه نكتة نفيسة نافعة)).اهـ
ختاما
"هذا ما تيسر لي التنبيه عليه الآن، وهناك مسائل أخرى تحتاج لبيان، عسى الله أن ييسر ذلك في وقت لا حق – إن شاء الله تعالى – والله أسأل أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه، و يرينا الحق حقا و يرزقنا اجتنابه، و الله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد". [4]
تمت بتاريخ:08/ رمضان/1429هـ
بدولة الجزائر
على يد كاتبها / عبد الحق آل أحمد الجلفاوي
عفا الله عنه وعن زوجه و والديه وجميع المؤمنين و المؤمنات.
-------------
الحواشي:
[1]:ينظر كتاب (محبة الرسول بين الاتباع والابتداع) لعبد الرءوف محمد عثمان، الطبعة: الأولى، الناشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة – الرياض، بتاريخ: 1414هـ.
[2]: مقتبس من كلام للشيخ الفاضل علي بن عبد العزيز الشبل ضمن كتابه (التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري) بتقديم مجموعة من العلماء.
[3] ينظر: (تعقيبات و ملاحظات على كتاب تفسير بن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) التعقيب الأول بعنوان (رده – أي ابن باديس- خبر الآحاد إذا خالف القطعي من القرآن) لراقم هذه الأسطر - عفا الله عنه وستر عيبه وغفر ذنبه – و كذا فصل: (موقف ابن باديس رحمه اللّه من مسألة والدي المصطفى عليه الصّلاة والسّلام وردّه لحديث الآحاد في العقيدة) من كتاب الأخت الفاضلة أم أيوب غاوي الجزائرية بعنوان (الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي)، والله الموفق.
[4] مقتبس من خاتمة مقال الأخ "مصطفى بلحاج" بعنوان: [تنبيهات على ((رسالة الشرك و مظاهره)) للشيخ مبارك الميلي رحمه الله] الموجود في مجلة (الإصلاح) الجزائرية. والله الموفق.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[06 - Oct-2008, مساء 06:23]ـ
[إضافة للتنبيه الثالث]
سؤال:
هل يكفر المستخف بهذه المعاصي بحيث لم يصرح باستحلالها إنما يستخف بها و يقع فيها مع علمه بحرمتها؟
الجواب:
إذا كان يعتقد حرمتها فإنه لا يكفر و أما استخفافه بها، فهذا دليل على ضعف إيمانه ولا يدل على كفره ما دام أنه يعتقد أنها حرام.
المصدر: (محاضرات في العقيدة و الدعوة، القسم الأخير: ص:412 - 413)
لفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله تعالى -
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[30 - Sep-2009, مساء 07:42]ـ
نبهني أحد المشايخ الفضلاء على مسائل متعلقة بالتنبيهات و غيرها، منها قولي: [تكفير بكبائر الذنوب موافقا بذلك المعتزلة وغيرهم] وما يندرج تحت العنوان من مضمون؛ بتعديله و زيادة البحث في أقوال الشيخ بن باديس -رحمه الله تعالى-المتعلقة بالمسألة، وقد أخذت ذلك بعين الإعتبار، لكن لمشاغل و صوارف سيأتي تعديل ذلك في وقته، والله وحده ولي التوفيق.
ـ[أبو المظَفَّر السِّنَّاري]ــــــــ[30 - Sep-2009, مساء 09:12]ـ
الرد الوافي على من زعم أن ابن باديس سلفي!
هذا من المضحكات المبكيات! وقد اطلعتُ على هذا الرد الوافي! فإذا للإنصاف مجافي!
نعم: لابن باديس أخطاء وهنات من مثل ما يسطره صاحب الموضوع هنا!
لكن هذا لا يخرج الرجل عن دائرة السلفية إلا عند من لا يعرفها! أو من لا يدري من هو عبد الحميد بعد ُ!
والله المستعان. فوالله إن القضية لأعظم من تُوصف بحال!
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[24 - May-2010, مساء 11:57]ـ
/// الأخ الكريم:
ومن المضحكات المبكيات ما تضمنه! كتاب " الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس"!
فإذا هو ينهى عن خلق ويأتي مثله!
ويصف الكاتبة الباحثة بصيغة رجل! ولا أدري ما الباعث على ذلك!
وطعنه في المستوى العلمي للكاتبة بأنه متدني وأنها ليست أهلا للكتابة .. الخ. مع أن الكاتبة شهد لها من جعله علم من أعلام السنة بأنها باحثة وسلفية فاضلة!
فالرجل تحامل عليها! وكان يكفيه رد الأخطاء التي ظهرت له بأسلوب علمي دون تشنيع أو تبديع وهو ينهى عن ذلك!!
أمَّا:
/// تكلفه في تبرير الكثير من الأخطاء ..
/// وبتره لبعض الكلمات كقانون الجمعية وكلام في الصفات ..
/// وتحميله كلام الكاتبه ما لا يحتمل ..
/// وإنكاره عليها كلاما يوهم تكفير "محمد عبده" وتنشيعه عليها به، وكأنها تنفرد بذلك والرجل هو من هو!
ومن المضحكات كالبكى! قوله كما في رده النفيس (ص: 155) في المطلب الثاني: (إيراد مثالب محمد عبده) وتبريره لبعض الطوام العقدية عند "عبده" خاصة في الحواشي، قال: " كان على الطاعن أن يقيم الدليل على أن ابن باديس تأثر به في بعض هذه الأقوال على الأقل، وهيهات (!) فإن آثاره شاهدة على خلاف ذلك ".اهـ. وهذا غرور ما بعده غرور .. وعند المقارنة يتبين المستوى العلمي الذي يتمتع به الشيخ صاحب "الرد النفيس"!
/// قريبا إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[25 - May-2010, صباحاً 01:04]ـ
الأخ الفاضل: جزاك الله خيرا
نحسن الظن فيك أخي، ونحسب أنك ناصح إن شاء الله
................
ولو تسمح أخي الكريم بعقيب على تعقيبك
وسأبدأ بالنقطة الخامسة التي قلت فيها:
قوله في أحاديث الآحاد الصحيحة وأنها ظنية.
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (161):"وخبر الآحاد- من حيث ذاته- يفيد الظن وإن كان صحيحا ".اهـ .................
أخي الفاضل أظن أن تعقيبك على ما أورده الشيخ فيه تعسف، فقد ذكرت:
أقول و بالله التوفيق:
لقد وافق ابن باديس – رحمه الله تعالى - أهل البدع من المعتزلة و المتكلمين الأشاعرة وغيرهم على أنَّ أخبار الآحاد – الصحيحة - لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن .................
جماهير العلماء يقولون بإفادته الظن، وليس الأمر متعلق بالأشاعرة والمعتزلة.
فابن عبد البر، والقاضي عبد الوهاب، والباجي، والطحاوي، وابن قدامة المقدسي، وجماهير أهل السنة
................
ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية!!
فينبغي التنبه
فإذا قرأت كتب أصول الفقه، تجد أنهم إذا حرروا محل النزاع، يقولون بأن الخبر إذا تقبلته الأمة بالقبول، وإذا احتفت به القرائن، فإنها ترفعه من الظن الراجح إلى مرتبة اليقين.
وأرجو أن لا تفعل أخي كما يفعل بعض أصحاب المقالات السريعة حين يقولون: أنتم تقولون بأنه يفيد الظن كي تنفوا الاحتجاج بأخبار الآحاد!!!
والحقيقة ليست كذلك، وإنما تحديد مراتب الإدراك للأدلة باب من أبواب الترجيح.
...............
أما ما نقلته من كلام ابن أبي العز، فأعد قراءته، فستجد أنه يقول:
وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة وهو إحدى قسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأمة في ذلك نزاع ". اهـ .................
فهو يؤكد على تلقي الأمة له بالقبول
وهذا مجمع عليه، يقول به جميع علماء الأصول حتى الأشاعرة والمعتزلة
................
ومثله قول ابن الصلاح، حين نقلت عنه:
ال أبو عمرو بن الصلاح: وقد ذكر الحديث الصحيح المتلقي بالقبول المتفق على صحته وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به ........................
أما تنبيهك الرابع الذي قلت فيه:
] [/ size][ للعبادة خلقنا وليس للحياة .. ]!!!!!
قال ص (145):"لا يا قوم، إننا أحياء، وإننا نريد الحياة، وللحياة خلقنا، وان الحياة لا تكون بالخبز وحده .. "
أقول و بالله التوفيق:
قول ابن باديس ((وللحياة خلقنا)): غلط وهو قول باطل مخالف لقول الله - جل وعلا -: ((وما خلقت الجن و الإنس إلاَّ ليعبدون))، وقد تسمح ابن باديس في إطلاقه – عفا الله عنه -:
........................
فأظنك جازفت أخي الفاضل
وكان عليك أن تنظر في سياق الحديث، ومقاصد الإمام منه.
فالخطبة، والبيئة، والظروف المحيطة ... هي من تفسره
وأسألك بربك، هل قصد الشيخ أن الخلق خُلقوا لغير العبادة حتى تذكرنا بالآية.
......................
أما تجويزه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
..........................
فأرجو منك أخي الفاضل، إذا أردت أن ترد على هذه المسألة أن تنقل أدلة لردك
فرغم أني لست أعتقد أن التوسل به صلى الله عليه وسلم جائز
إلا أني لا أرى في ردكم ما يفحم القائلين بجوازه
فأقصى ما فعلت، قلت بأنه بدعة، ثم نقلت كلام شيخ الإسلام، وكلام بعض المعاصرين
فسهل جدا على مخالفك أن يقول لك: لا تنقض القول بالقول، وآت بالدليل، ألست تقول بأنك تتبع الدليل؟!!
.....................
بالنسبة للتنبيه الثالث:
[تكفير بكبائر الذنوب موافقا بذلك المعتزلة وغيرهم]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (126):" أما الذي يجاهر بمعصيته ويعلن بها، فهذا قد تعدى على مجتمع الناس بما أظهر من فساد، وما أوجد من قدوة سيئة، وما عمل بمجاهرته على شيوع الفاحشة فيهم، وقد تعدى على الشرع بما انتهك من حرمته، وجرأ من السفهاء عليه، وهو بمجاهرته قد دل على استخفافه بحق الله وحق عباده وعلى عناده للدين، وخلو قلبه من الخوف والحياء، وأي إيمان يبقى بعدهما".اهـ .................
أخي الفاضل:
أين تكفيره بالذنب؟!!، وأين موافقته للمعتزلة؟
أرجو أن لا تضغط على الألفاظ حتى تولد منها أخطاء عظاما.
فإن قلت: لقد قال: وأي إيمان يبقى بعدهما
فقصده واضح
فالشيخ رحمه الله ابتدأ كلامه بقوله: "فمن يجاهر بالمعصية".
فبديهي أن المجاهرة بالمعاصي وإشاعته في المجتمع تذهب مظاهر الإيمان
..............
هذا الذي قصده الشيخ: مظاهر الإيمان، وليس الإيمان
....................
وقد قال صحابة كبار وأئمة عظام أقوالا صريحة في التكفير، والتمسنا لهم العذر
ألم يقل ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لمن سأله عن توبة القاتل، ليس له توبة.
ألم يقل أبو حنيفة: السماع للغناء فسق، والتلذذ به كفر!
وفي أقوال مالك والشافعي وأحمد وأصحابه كلام كثير من هذا القبيل، لا يحظرني الساعة.
...................
اعلم أخي إن كنت طالبا للعلم أن بعض الأقوال التي تصدر من الأئمة قد يفسرها سياقها
فالتمس لأخيك سبعون عذرا
فإن لم تجد، فتحسر على نفسك .... التي لم تجد له عذر
................
واخف عيوب المسلمين، ناهيك عن العلماء .... فإن الدين يهن بوهنهم
................
وفقك الله لما تحبه وترضاه.
................
أما القول: بأن الإمام ليس سلفي
فإن كانت السلفية بالمنظور الحِزبي الضيق الذي يستوجب على الفرد أن تأتيه التزكية والشهادة من وراء البحر حتى يكون سلفيا
فنعم ........... ليس بسلفي/ ولن نرضى أن يكون كذلك
وقد برأه الله منها إذ قدر عليه العيش قبل خروجها
...............
أما إن قصدت السلفية الحقة، البعيدة عن المهاترات والردود العنيفة
فالشيخ إمامها
وحق لمن كانت السلفية منهجه أن يفتخر به
.................
نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - May-2010, مساء 08:28]ـ
/// سؤال إلى أخي الكريم/ "الباتني"-حفظه الله-: هل أحاديث الصحيحين تفيد الظن؟!
وبعد الإجابة نكمل {النقاش العلمي} إن شاء الله تعالى ..
ـ تذكير لأخي -الفاضل-: حبذا أخي أن لا يخرج بنا النقاش إلى التراشق والسباب، أو من مناقشة المسائل العلمية إلى الدفاع عن الاشخاص، واعلم -بارك الله فيك- أنني أعتقد -اعتقادا جازما- أن العلامة ابن باديس-رحمه الله تعالى-من أهل السنة و الجماعة في مقابل الصوفية وأهل البدع في بلد مثل الجزائر وزمان مثل زمانه!
ـ تنبيه: ماسبق ذكره في التنبيهات على أخطاء الشيخ عبد الحميد بن باديس- رحمه الله تعالى - مقامه مقالة! وكان على وجه العجلة والسرعة! لما رأيتُ من غلو في الشيخ بن باديس-رحمه الله - والتكلف في تبرير الأخطاء دون أدنى إشارة لزلاته، أمَّا التوسع في الاستدلال ونقض الشبه فمحله الرَّد المفصَّل إن شاء الله عز وجل.
/// والله ولي التوفيق.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[25 - May-2010, مساء 08:40]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
/// سؤال إلى أخي الكريم/ "الباتني"-حفظه الله-: هل أحاديث الصحيحين تفيد الظن؟!
الجواب:
أحاديث الصحيحين فيها:
بعض المتواتر، وهو يفيد القطع واليقين، وهو قليل جدا فيهما.
وفيها ما بلغ حد الشهرة عند الحنفية، وهو يفيد القطع أيضا.
وفيها ما تلقته الأمة بالقبول، وشهدت له القرائن، وهو كذلك.
أما أكثره فهو أخبار آحاد، وهي عند جماهير العلماء تفيد الظن الراجح.
.................
لأرجو أخي الفاضل أن تعي جيدا ما يقصده العلماء بالظن الراجح، حتى لا ن>هب إلى استلزامات نحن في غنى عن الإجابة عنها.
................
أما فيما يخص تنبيهك:
ـ تذكير لأخي -الفاضل-: حبذا أخي أن لا يخرج بنا النقاش إلى التراشق والسباب، أو من مناقشة المسائل العلمية إلى الدفاع عن الاشخاص، واعلم -بارك الله فيك- أنني أعتقد -اعتقادا جازما- أن العلامة ابن باديس-رحمه الله تعالى-من أهل السنة و الجماعة في مقابل الصوفية وأهل البدع في بلد مثل الجزائر وزمان مثل زمانه!
/// والله ولي التوفيق.
فاعلم أيها الفاضل أنني لست ممن يصل به الأمر للسباب والشتائم
...................
وأتمنى إن حاولت الإجابة على ما طرحته أن تأتي على المسائل واحدة بواحدة، حتى نستفيد جميعا.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - May-2010, مساء 09:30]ـ
///أحسن الله إليكم أخي الكريم وبارك الله فيك:
ـ نبدا أولا بمسألة {الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله تعالى -وخبر الواحد}:
/// أولا/ أقوال بن باديس -رحمه الله-:
1.قال صفحة (54):"السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان: ولهذا يرد خبر الواحد إذا خالف القطعي من القرآن".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2.قال صفحة (142 - 143):"المجتهد إذا أفتى مستندا إلى ما يفيد الظن من أخبار الآحاد أو الأقيسة أو النصوص الأخرى الظنية الدلالة، هل هو متبع لغير العلم؟ الجواب: لا، بل هو متبع للعلم، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن كل دليل يكون ظنيا بمفرده-يصير يقينا إذا عرض على كليات الشرع ومقاصده وشهدت له بالصواب. وهذا هو شان المجتهدين في الأدلة الفردية.
الوجه الثاني: أن المجتهد يعتمد في الأخذ بالأدلة الظنية لما له من العلم بالأدلة الشرعية الدالة على اعتبارها.
الوجه الثالث: أن تلك الأدلة بمفردها تفيد الظن القوي الذي يكون جزما ويسمى-كما تقدم علما، فما اتبع المجتهد إلا العلم ".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
3.قال صفحة (161): "والعمومات إذا تكاثرت أفادت القطع، ولهذا جعلنا هذا الطريق من الاستدلال بالحديث الذي هو خبر آحاد وخبر الآحاد من حيث ذاته يفيد الظن وإن كان صحيحا. وحيث تواردت تلك العمومات وثبت هذا الحديث فقد بلغ الدليل بنصه وقطعيته غاية القوة والبيان".اهـ من (مجالس التذكير من حديث البشير النذير).
4. صفحة (373): "لما كان العرب بم يأتهم نذير قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنص الىية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} و {أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ}.وغيرهما، وكلها آيات قواطع في نجاة أهلالفترة ولا يستثنى من ذلك إلا من جاء فيهم نص ثابت خاص كعمر بن لحي أول من سيب السوائب وبدل في شريعة إبراهيم وغير وحلل للعرب وحرم. فأبوا النبي صلى الله عليه وسلم ناجيان بعموم هذه الأدلة ولا يعارض تلك القواطع حديث مسلم عن أنس رضي الله عنه [أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اين أبي؟ قال: في النار، فلما قفا الرجل دعاه فقال: إن إبي واباك في النار] لأنه خبر آحاد، فلا يعارض القواطع وهو قابل للتأويل بحمل الأب على العم مجازا يحسنه المشاكلة اللفظية ومناسبته لجبر خاطر الرجل وذلك من رحمته صلى الله عليه وسلم وكريم أخلاقه".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
/// أخي الكريم هل بالإمكان تلخيص ما فهمته من أقوال الشيخ ابن باديس -السابقة-، وهذا من باب التفاعل مع الموضوع ..
/// ثم نكمل بإذن الله تعالى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ايوب الجزائري]ــــــــ[26 - May-2010, مساء 04:15]ـ
ويصف الكاتبة الباحثة بصيغة رجل! ولا أدري ما الباعث على ذلك!
وطعنه في المستوى العلمي للكاتبة بأنه متدني وأنها ليست أهلا للكتابة .. الخ. مع أن الكاتبة شهد لها من جعله علم من أعلام السنة بأنها باحثة وسلفية فاضلة!
بارك الله فيك اخي الكريم ومتابع لكم ولنقاشك مع الاخ الباتني وعندي سؤال لو تكرمت
من شهد للكاتبة انها باحثة وسلفية؟؟
اذا تكرمت وذكرت لنا من زكاها؟؟
رحم الله الامام العلامة ابن باديس وغفر له زلاته
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[26 - May-2010, مساء 07:08]ـ
/// الأخ الكريم/ "أيوب الجزائري"-حفظك الله وبارك فيك-:
/// أولاً/ أحسن الله إليك أخي، ويمكنك الإفادة في الموضوع ..
/// أما بخصوص الأخت الفاضلة {أم أيوب نورة بنت أحسن غاوي} فلا أعرف شخصها، ولكن من خلال ما كتبت نعم!؛ كـ:
ـ كتابها: (النصائح الوفية إلى المرأة الجزائرية).-لعله كذا نسيت العنوان لأن الكتاب ليس عندي الآن-.
ـ وكتبها: (الأضواء السلفية على الجماعة الإخوانية) بتقديم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ووصفها بـ: "السلفية الفاضلة "واعتبر نصائحها للجماعة " مخلصة! " ..
ـ وكتابها: (ملاحظات ومآخذ على دعوة عمرو خالد) بتقديم الشيخ صالح السحيمي ووصفها بـ: "الأخت الباحثة" وقال عن بحثها أنه:"بحث قيم .. وقد قامة الباحثة بدحض تلك الشبه وبيان الحق" إلى أن في خلاصة تقديمه لها: " وخلاصة القول أن هذا البحث بحث علمي نفيس لا غنى لطلبة العلم عنه .. " ..
/// والأخت سبق لها وأن أسهمت في باب التأليف؛ ككتابها (تنبيه المنصفين إلى سر تأخر العرب والمسلمين) في الرد على كتاب الشيخ محمد الغزالي-رحمه الله-، وبحثا في الدفاع عن العلامة الألباني-رحمه الله تعالى-بعنوان: (الكلمات والمعاني في الدفاع عن الشيخ الألباني) ذكرت في حاشية كتابها (الأضواء .. ) أن الكتاب طبع طباعة متواضعة عام 1409هـ الموافق لـ:1989م! وهذا يلفت الانتباه إلى أن الأخت لها سابقة في العلم والدعوة! ولا أدري حينئذ أين كان هؤلاء الواصفين لها بالتعالم! بله الوصف لها بالجهل وعدم التأهل للكتابة والمستوى المتدني!
/// والله وحده الهادي.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[29 - May-2010, مساء 10:13]ـ
///أحسن الله إليكم أخي الكريم وبارك الله فيك:
ـ نبدا أولا بمسألة {الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله تعالى -وخبر الواحد}:
/// أولا/ أقوال بن باديس -رحمه الله-:
1.قال صفحة (54):"السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان: ولهذا يرد خبر الواحد إذا خالف القطعي من القرآن".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2.قال صفحة (142 - 143):"المجتهد إذا أفتى مستندا إلى ما يفيد الظن من أخبار الآحاد أو الأقيسة أو النصوص الأخرى الظنية الدلالة، هل هو متبع لغير العلم؟ الجواب: لا، بل هو متبع للعلم، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن كل دليل يكون ظنيا بمفرده-يصير يقينا إذا عرض على كليات الشرع ومقاصده وشهدت له بالصواب. وهذا هو شان المجتهدين في الأدلة الفردية.
الوجه الثاني: أن المجتهد يعتمد في الأخذ بالأدلة الظنية لما له من العلم بالأدلة الشرعية الدالة على اعتبارها.
الوجه الثالث: أن تلك الأدلة بمفردها تفيد الظن القوي الذي يكون جزما ويسمى-كما تقدم علما، فما اتبع المجتهد إلا العلم ".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
3.قال صفحة (161): "والعمومات إذا تكاثرت أفادت القطع، ولهذا جعلنا هذا الطريق من الاستدلال بالحديث الذي هو خبر آحاد وخبر الآحاد من حيث ذاته يفيد الظن وإن كان صحيحا. وحيث تواردت تلك العمومات وثبت هذا الحديث فقد بلغ الدليل بنصه وقطعيته غاية القوة والبيان".اهـ من (مجالس التذكير من حديث البشير النذير).
(يُتْبَعُ)
(/)
4. صفحة (373): "لما كان العرب بم يأتهم نذير قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنص الىية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} و {أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ}.وغيرهما، وكلها آيات قواطع في نجاة أهلالفترة ولا يستثنى من ذلك إلا من جاء فيهم نص ثابت خاص كعمر بن لحي أول من سيب السوائب وبدل في شريعة إبراهيم وغير وحلل للعرب وحرم. فأبوا النبي صلى الله عليه وسلم ناجيان بعموم هذه الأدلة ولا يعارض تلك القواطع حديث مسلم عن أنس رضي الله عنه [أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اين أبي؟ قال: في النار، فلما قفا الرجل دعاه فقال: إن إبي واباك في النار] لأنه خبر آحاد، فلا يعارض القواطع وهو قابل للتأويل بحمل الأب على العم مجازا يحسنه المشاكلة اللفظية ومناسبته لجبر خاطر الرجل وذلك من رحمته صلى الله عليه وسلم وكريم أخلاقه".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
/// أخي الكريم هل بالإمكان تلخيص ما فهمته من أقوال الشيخ ابن باديس -السابقة-، وهذا من باب التفاعل مع الموضوع ..
/// ثم نكمل بإذن الله تعالى ..
جزاك الله خيرا
كلام الشيخ في منتهى الدقة، ودليل على أنه إمام في أصول الفقه
وخلاصته أن خبر الآحاد المجرد عن القرائن، يفيد الظن الراجح
والمقصود بالظن الراجح: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر
ومعنى تجويز أمرين:
أن نضع في الحسبان كفتين إحداهما أرجح من الأخرى
الأولى: الصحة، وهي الكفة الراجحة
والثانية: احتمال ورود الخطأ والسهو
وقد دخل الظن في أخبار الآحاد من حيث النقل، أو المتن
فما نقله الأفراد، قد يحتمل و يجوز فيه ما قلنا -أقصد نوع سهو أو خطأ-
ومتنه قد يكون بالمعنى، فيغير شيئا من معناه.
................
والشيخ عندما قال/ بأن القطعي من القرآن إذا خالف ظاهر الحديث، قدم النص القرآني
ولم يأت ببدع من القول
بل سلفه في الأمر أئمة من الصحابة، ومن التابعين، وتابعي التابعين
وورث هذه المدرسة الإمام مالك، وأبو حنيفة رضي الله عنهما
فلا تثريب عليه
ولو كنت أخي الفاضل في حلّ من أمري لنقلت لك أمثلة عن الصحابة وعن التابعين، وعن الأئمة المذكورين.
ولكن ضيق الوقت حال بيني وبين ذلك
..............
وربما قلت كلاما سريعا، فنأمل منكم حمله على أحسن وجه، ولا أظن فيكم إلا خيرا.
...................
أما مسألة أبوي رسول الله (ص) فهي مسألة خلافية، اجتهد فيها العلماء منذ زمن، وكل له في ذهب إليه حظ من النظر.
.................
ملاحظة:
أرجو أخي الكريم أن ننطلق في حوارنا هذا من الكلام الذي عقبت عليه في مشاركتي الأولى في موضوعكم، لأنه نقد مباشر لما طرحتموه.
وفقكم الله وإياكم لطلب الحق.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[30 - May-2010, صباحاً 01:09]ـ
/// الأخ الكريم/ "الباتني" -حفظك الله وبارك فيك-:
/// السلف الصالح -رضي الله عنهم- أثبتوا العقائد بالنصوص الشرعية من القرآن والأحاديث النبوية، دون تفريق منهم بين المتواتر والآحاد، وهذا التقسيم غير مطرد، ولامنعكس، ولا عليه دليل. ينظر كلام العلامة ابن القيم-رحمه الله-في (مختصر الصواعق).
/// جماهير أهل العلم نصوا على أن خبر الواحد يفيد العلم: كمالك، والشافعي، وأصحاب أبي حنيفة، وداود بن علي، وأصحابه كأبي محمد بن حزم .. ينظر: (مختصر الصواعق).
/// جمهور علماء المذاهب على خلاف ما زعمتَ:
ـ مذهب الإمام أحمد: ينظر: المسودة لآل ابن تيمية، والصواعق المرسلة لإبن القيم. وفي الأخير رد على من نسب غير ذلك للإمام أحمد.
ـ مذهب الإمام الشافعي: قال ابن القيم-رحمه الله تعالى- كما في (الصواعق .. ): " وقد صرح الشافعي بأن خبر الواحد يفيد العلم .. ".اهـ، وللشيخ الألباني-رحمه الله تعالى-رد على من استدل بعمومات للشافعي فُهم منها أن خبر الواحد لا يفيد العلم عنده.
ـ مذهب الإمام مالك: ينقل أن ابن حزم وابن تيمية وابن القيم وغيرهم نقل عن الفقيه المالكي ابن خواز منداد ذكر في كتابه أصول الفقه أن مالكا صرح بأنه يرى أن أحاديث الآحاد تفيد العلم. ينظر: (الأحكام في أصول الأحكام)، و (المسودة). و (الصواعق المرسلة).
/// أن القائلين بهذا القول هم فرقة قليلة من العلماء خرقوا به إجماع الأمة، قال ابن القيم كما في (الصواعق المرسلة .. ):"فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة وإجماع التابعين، وإجماع ائمة الإسلام، ووافقوا المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة، وتبعوا بعض الأصوليين ".اهـ
/// راجع أخي الكريم كتاب قيّم في الباب بعنوان: {أصل الاعتقاد} للشيخ عمر سليمان الأشقر. والله أعلم.
ـ {يتبع} ـ إن شاء الله تعالى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[30 - May-2010, مساء 11:29]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل.
أرجو أخي أن تتأمل جيدا في الكلام الذي سأكتبه، وأجرك على الله
.......................
ما لا حظته أخي الكريم أن مشاركتك الأخيرة خرجت فيه -شيئا ما- عن صلب الموضوع، وبيان ذلك:
أنك في البداية اعترضت على الشيخ عبد الحميد بن باديس، وقلت في تنبيهك الخامس بأن الشيخ وافق أهل البدع
.....................
فتدخلت في مشاركتي الأولى في موضوعك لأقول: بأن جماهير العلماء يقولون بهذا القول، وليس الأمر متعلق بمن ذكرت
.....................
فنقلت لي كلاما كثيرا من كتاب الشيخ، وسألتني أن أكتب لك ملخصا عما فهمته من كلامه.
....................
فكانت خلاصتي أن الشيخ لم يخالف السلف الصالح
.................
ولكني تعجبت في مشاركتك الأخيرة عندما كتبت لي ما سأقتبسه لك:
/// السلف الصالح -رضي الله عنهم- أثبتوا العقائد بالنصوص الشرعية من القرآن والأحاديث النبوية، دون تفريق منهم بين المتواتر والآحاد، وهذا التقسيم غير مطرد، ولامنعكس، ولا عليه دليل. ينظر كلام العلامة ابن القيم-رحمه الله-في (مختصر الصواعق).
ولا أدري من تكلم عن العقائد.
فخبر الواحد موجب للعمل عند جماهير العلماء، سواء أهل سنة أو غيرهم.
ولم يخالف إلا بعض المعتزلة: كالجبائي، وابن علية، وبعض الرافضة.
........................
فيجب أخي الفاضل أن نفرق بين مسألة العمل بأخبار الآحاد، ومسألة إفادتها للظن.
.......................
من أجل ذلك قلت بداية أن كثيرا من أصحاب المقالات الجاهزة، والردود السريعة، يخلطون بين المسألتين.
......................
أما قولك:
/// جماهير أهل العلم نصوا على أن خبر الواحد يفيد العلم: كمالك، والشافعي، وأصحاب أبي حنيفة، وداود بن علي، وأصحابه كأبي محمد بن حزم .. ينظر: (مختصر الصواعق).
أخي الفاضل، نقلك هذا فيه نظر
وقد نقلت لك أن جماهير العلماء يقولون بأنه يفيد الظن، ولست أخي الحبيب ممن يُلق الكلام على عواهله.
وألق نظرة على كتب الأصول باختلاف مشارب أصحابها، وسترى ذلك.
..........................
قولك:
ـ مذهب الإمام أحمد: ينظر: المسودة لآل ابن تيمية، والصواعق المرسلة لإبن القيم. وفي الأخير رد على من نسب غير ذلك للإمام أحمد.
قول الإمام أحمد الذي نقلته من هذه المراجع هو رواية عن الإمام أحمد وصفها أئمة الحنابلة في الأصول بأنها ضعيفة
...................
قال صاحب روضة الناظر "1/ 362":
اختلفت الرواية عن إمامنا رحمه الله في حصول العلم بخبر الواحد، فرُوي أنه لا يحصل به -أي العلم- وهو قول الأكثرين والمتأخرين من أصحابنا".
.................
وانظر نفس الكلام عند أبي يعلى في العدة "3/ 398"، وعند أبو الخطاب في التمهيد "3/ 78".
والرواية التي نقلت عن الإمام في أن الخبر يفيد العلم خاصة بأخبار رؤية الله عز وجل يوم القيامة، حيث قال فيها: "يقطع على العلم بها"
فلا يصلح أخي الفاضل أن نفهم من كلامه هذا أنه يرى بأن كل الأخبار تفيد العلم!!.
.......................
أما عن مذهب الشافعي:
ـ مذهب الإمام الشافعي: قال ابن القيم-رحمه الله تعالى- كما في (الصواعق .. ): " وقد صرح الشافعي بأن خبر الواحد يفيد العلم .. ".اهـ، وللشيخ الألباني-رحمه الله تعالى-رد على من استدل بعمومات للشافعي فُهم منها أن خبر الواحد لا يفيد العلم عنده.
في المنهجية العلمية أخي الفاضل، لا ينقل كلام الشافعي من كتاب الصواعق المرسلة، هذا لمن أراد أن يتحصل على نتائج مرضية لبحثه.
خصوصا وأن الشافعي عنده كتاب في أصول الفقه، اسمه الرسالة
وفيه باب بعنوان: خبر الآحاد.
فحبذا لو تطلع عليه.
ثم تنظر في كتب أئمة الشافعية المعروفين في أصول الفقه.
للمساعدة/ أنظر البرهان للجويني، والمستصفى للغزالي، والمحصول للرازي.
أما قول مالك، الذي قلت عنه:
ـ مذهب الإمام مالك: ينقل أن ابن حزم وابن تيمية وابن القيم وغيرهم نقل عن الفقيه المالكي ابن خواز منداد ذكر في كتابه أصول الفقه أن مالكا صرح بأنه يرى أن أحاديث الآحاد تفيد العلم. ينظر: (الأحكام في أصول الأحكام)، و (المسودة). و (الصواعق المرسلة).
الرواية التي اعتمدت عليها هي رواية شاذة.
قال أبو الوليد الباجي في إحكام الفصول: "محمد بن خويز منداد عنده شواذ عن مالك، وله اختيارات وتأويلات على المذهب خالف فيها المذهب في الفقه والأصول، ولم يعرج عليها حذاق المذهب، ومن شواذه، قوله: أن خبر الواحد يفيد العلم".
وقال أيضا: "إني لم أسمع له في علماء العراق بذكر".
أما قولك:
///أن القائلين بهذا القول هم فرقة قليلة من العلماء خرقوا به إجماع الأمة، قال ابن القيم كما في (الصواعق المرسلة .. ):"فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة وإجماع التابعين، وإجماع ائمة الإسلام، ووافقوا المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة، وتبعوا بعض الأصوليين ".اهـ
ادعاءك للإجماع تقليد لبعض من يطلق الكلام إطلاقا، ويحتاج هذا الإطلاق إلى إثبات.
وقد أخبرتك أخي الفاضل أن الوقت لا يسمح، وإلا لسردت لك أمثلة عن الصحابة، والتابعين، وعن المذاهب الأربعة.
.............................
هذا أخي إن اطمئنت نفسك للكلام الذي نقلته لك، وحدثتك بأن هذا هو الحق
فأحب أخي أن ننتقل إلى تعليقي على التنبيه الثاني
....................
ولك مني خالص التهاني
فإن كنا اختلفنا في مسائل
فنحن يجمعنا دين واحد، ومنهج واحد، ومجلس علمي واحد
وعلاوة على كل هذا:
فالوطن أيضا يجمعنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[31 - May-2010, مساء 08:55]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
{الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله تعالى -وخبر الواحد الصحيح إذا تعارض مع القطعي}
/// أولا / أقوال بن باديس -رحمه الله-:
1.قال صفحة (54):"السنة النبوية والقرآن لا يتعارضان: ولهذا يرد خبر الواحدإذا خالف القطعي منالقرآن".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2.قال صفحة (142 - 143):"المجتهد إذا أفتى مستندا إلى ما يفيدالظن من أخبار الآحاد أو الأقيسة أو النصوص الأخرى الظنية الدلالة، هل هو متبع لغير العلم؟ الجواب: لا، بل هو متبع للعلم، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن كل دليل يكون ظنيابمفرده-يصير يقينا إذا عرض على كليات الشرع ومقاصده وشهدت له بالصواب. وهذا هو شان المجتهدين في الأدلة الفردية.
الوجه الثاني: أن المجتهد يعتمد في الأخذ بالأدلة الظنية لما له من العلم بالأدلة الشرعية الدالة على اعتبارها.
الوجه الثالث: أن تلك الأدلة بمفردهاتفيد الظن القوي الذي يكون جزما ويسمى-كما تقدم علما، فما اتبع المجتهد إلا العلم ".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
3.قال صفحة (161): "والعمومات إذا تكاثرت أفادت القطع، ولهذا جعلنا هذا الطريق من الاستدلال بالحديث الذي هو خبر آحاد وخبر الآحاد من حيث ذاتهيفيد الظنوإن كان صحيحا. وحيث تواردت تلك العمومات وثبت هذا الحديث فقد بلغ الدليل بنصه وقطعيته غاية القوة والبيان".اهـ من (مجالس التذكير من حديث البشير النذير).
4. صفحة (373): "لما كان العرب بم يأتهم نذير قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنص الىية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} و {أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ}.وغيرهما، وكلها آيات قواطع في نجاة أهلالفترة ولا يستثنى من ذلك إلا من جاء فيهم نص ثابت خاص كعمر بن لحي أول من سيب السوائب وبدل في شريعة إبراهيم وغير وحلل للعرب وحرم. فأبوا النبي صلى الله عليه وسلم ناجيان بعمومهذه الأدلة ولا يعارض تلك القواطع حديثمسلم عن أنس رضي الله عنه [أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اين أبي؟ قال: في النار، فلما قفا الرجل دعاه فقال: إن إبي واباك في النار] لأنه خبر آحاد، فلا يعارضالقواطع وهو قابل للتأويل بحمل الأب على العم مجازا يحسنه المشاكلةاللفظية ومناسبته لجبر خاطر الرجل وذلك من رحمته صلى الله عليه وسلم وكريمأخلاقه".اهـ من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
/// ثانيا/ ملخص أَقوال "بن باديس" السابقة:
- يرد خبر الواحدإذا خالف القطعي منالقرآن.
- خبر الآحاد من حيث ذاته يفيد الظنوإن كان صحيحا.
- الأدلة بمفردهاتفيد الظن القوي.
- خبر الآحاد لا يعارضالقواطع ويحمل على التأويل بحمله على المجاز إن قبل ذلك.
/// ثالثا/ خلاصة مذهب بن باديس –رحمه الله- في المسألة:
خبر الواحد وإن أفاد الظن القوي وكان صحيحا فلا يعارض القطعي من القرآن، ولذا يرد عند وجود التعارض أو يحمل على التأويل مجازا إن قبل التأويل.
/// رابعا/ مناقشة هذا القول من وجوه:
ـ الأول/ بن باديس جنح إلى القول برد حديث الآحاد إذا تعارض مع القطعي من القرآن -وإن كان صحيحا-، أو حمله على التأويل مجازا؛ بناء على إفادته الظن القوي لا اليقين عنده. ومعلوم أن " خبر الواحد العدل الذي تتلقاه الأمة بالقبول تصديقًا وعملا به -وأكثر أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب- فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة من الأولين والآخرين، فهذا محصل للعلم مفيد لليقين، أما السلف فلم يكن بينهم نزاع بل هم متفقون، وأما الخلف فهو مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة، والأئمة الأربعة وهذا القسم من الأخبار يوجب العلم عند جمهور العقلاء. وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وقرره ونصره ابن القيم والحافظ ابن الصلاح والحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر والحافظ العراقي وهو قول ابن حزم واختيار أحمد شاكر وهو الصواب. [من كلام العلامة عبد العزيز بن عبد الله الراجحي بتصرف يسير]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ الثاني/ الخبر الصحيح لا تناقضه أو تعارضه الأدلة القطعية، فإذا جاء خبر آحاد صحيح كما في مسلم من حديث حماد عن ثابت عن أنس عندما جاء أعرابي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: أين أبي؟ فقال: أباك في النار. فعندما أدبر وقد أخذ بنفسه ناداه، وقال له عليه الصلاة والسلام: إن أبي وأباك في النار. الحديث. فهل يسوغ لقائل أن يقول هذا الخبر الصحيح مردود أو يحمل على التأويل مجازا لأنه يعارض قوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}.الآية؟. وهذا الخبر صحيح في غاية الصحة وهو من أحاديث صحيح مسلم، وأفاد حكما، فلذا لا يسوغ نصب التعارض مع إمكان الجمع، فكيف بمن يرد الحديث لمجرد أنه آحاد (ظني)؟ أو يسلك مسالك أهل الابتداع بتأويله وحمله على المجاز؟ [ينظر "أضواء البيان" للعلامة محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله تعالى-]
ـ ثالثا/ حديث أنس لا يحتاج إلى تأويل، لأن التأويل يصار إليه إذا تعذر حمل الكلام على الحقيقة، ولا تعذّر هنا، فهو يدل على عدم نجاة من بلغته الدعوة من أهل الفترة فلم يؤمن، وكون الرسول –صلى الله عليه وسلم-يخبر بنفسه أنَّ أباه وأبا الرجل في النار دليل كاف لمعرفة أنهما بلغتهما الدعوة فلم يؤمنا.
وعلى احتمال أنَّ أباه –صلى الله عليه وسلم-ممن لم تبلغهم الدعوة من أهل الفترة، فمآله الامتحان كما في حديث الأسود بن سريع، وإخباره صلى الله عليه وسلم عنه أنه في النار دليل أنه ممن لا يجيب، فلا تعارض ولا منافاة إن شاء الله. [ينظر تعليق الشيخ محمود الجزائري على تفسير ابن باديس]
/// أخيرا أخي الكريم:
ما قررته في التنبيه على مسألة خبر الواحد من أن الشيخ بن باديس –رحمه الله-وافق بقوله ذاك بعض أهل البدع لا إشكال فيه، وإن قال بذلك بعض أهل السنة –في الجملة-، ولعلك تفهمه –بارك الله فيك- من قولي " .. وغيرهم".
وبما أنني لم أخرج عما قرره أهل العلم من السلف -في ذاك القول-، وأقره وقرره بعض أهل السنة من المعاصرين كالشيخ الفاضل سليمان الخراشي والشيخ محمد علي فركوس (الفتوى رقم: 754، الصنف: فتاوى أصول الفقه والقواعد الفقهية) والشيخ محمود الجزائري (تعليقات على تفسير بن باديس طبعة الرشيد بالجزائر) والشيخ علي الحلبي كما في عليقهضمن كتاب (الدررالغالية في آداب الدعوة و الداعية: ص56)، وغيرهم ..
فهذا ما أعتقده وأدين الله به؛ أنَّ الشيخ بن باديس-رحمه الله-أخطأ وغلط في هذه المسألة.
فإن ظهر لك أن هذا هو الصواب –فالحمد لله-وإلاَّ فلننتقل إلى المسائل الأخرى من باب الإفادة والاستفادة، ولنتذكر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى-كما في (اقتضاء الصراط المستقيم): " أهل التوحيد ... وإن حصل بينهم تنازع في شيء مما يسوغ فيه الاجتهاد لم يوجب ذلك لهم تفرقاً ولا اختلافاً بل هم يعلمون أن المصيب منهم له أجران وأن المجتهد المخطئ له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور له".اهـ
ومع إعجابي بكلامك الأخير، أنقل لأخي الودود من باب الإحسان كلمة للعلامة ابن الوزير-رحمه الله تعالى- وجدتها أثناء القراءة في أحد الكتب، أختم بها، وأسأل الله تعالى أن يوفقني-وإياك- للعمل بما تضمنته من حق، قال العلامة ابن الوزير-رحمه الله- كما في (العواصم من القواصم): " وَالقَاصِدُ لِوَجْهِ اللهِ لَا يَخَافُ أَنْ يُنْقَدَعَلَيْهِ خَلَلٌ فِي كَلَامِهِ، وَلَا يَهابُ أَنْ يُدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِ، بَل يُحِبُّ الحَقَّ مِنْ حَيْثُ أَتَاهُ، وَيَقْبَلُ الهُدَى مِمَّن أَهْدَاهُ، بَلْ المُخَاشَنَةُ بِالحَقِّ وَ النَّصِيحَةِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ المُدَاهنَةِ عَلَى الأَقْوَالِ القَبِيحَةِ، وصَدِيقُكَ مَنْ أَصْدَقَكَ لا َمَنْ صَدّقَك، وَ في نَوَابِغِ الكَلِمْ و َبدَائِعِ الحِكَم: (عليك بمَن يُنذِر الإبْسَالَ والِإبْلاَسَ وإيّاك ومَن يَقولُ: لَا بَاسْ ولَا تَاسْ) ".اهـ بالواسطة.
{فجزاك الله خيرا أيها الأخ "الباتني" على سعة صدرك، وعلوّ أخلاقك وأدبك، وإفادتك. وإن رأيت الانتقال للنقطة الثانية فلا مانع، وحبذا تحديد نقطة النقاش حتى لا يخرج بنا الموضوع إلى مسائل فرعية أو مسائل خارجة عن محل النزاع}.
/// والله ولي التوفيق.
ـ[الأخ ابراهيم]ــــــــ[01 - Jun-2010, صباحاً 01:10]ـ
اللهم ارحم و اغفر لشيخنا ابن باديس , و اهد واصلح أمر من تتبع زلاته التي الأمة الجزائرية في غنى عن اظهارها وكشفها للناس عامة الذين لا يقرؤون له ولا يتبعونه , أظن أن تترك ابن باديس رمز للتجديد و الدعوة الاسلامية في الجزائر خير لك من اشهار سيف الجرح في كل جملة ضالة في مقالاته.
واعذرني أخي على تدخلي في مناقشتكم و اتمنى أن يرجع كل واحد منكما إلى الحق لأن الحق واحد و أن لا ينتصر كل واحد منكما لقوله بكل الوسائل.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[01 - Jun-2010, صباحاً 01:44]ـ
/// الأخ الكريم/ " إبراهيم " - بارك الله فيك -:
ـ اعلم - بارك الله فيك - أن غاية ما هنالك الإقتداء بمثل ما قاله العلامة الحافظ شيخ الإسلام في المقام الثاني و العالم الرباني ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى-كما في (مدارج السالكين):"ولولا أن الحق لله و رسوله، وأن كل ما عدا الله و رسوله فمأخوذ من قوله و متروك وهو عرضة الوهم و الخطأ، لما اعترضنا على من لا نلحق غبارهم، ولا نجري معهم في مضمارهم، ونراهم فوقنا في مقامات الإيمان و منازل السائرين، كالنجوم الدراري، ومن كان عنده علم فليرشدنا إليه، ومن رأى في كلامنا زيغا أو نقصا أو خطأ فليهد إلينا الصواب، نشكر له سعيه ونقابله بالقبول و الإذعان، والانقياد و التسليم، والله أعلم وهو الموفق ".اهـ.
ـ ثم ماذا عن رمز السيادة الوطنية والأمة الجزائرية والكفاح والنضال و .. و .. "الأمير عبد القادر الجزائري"؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوعبدالله العاصمي]ــــــــ[01 - Jun-2010, صباحاً 02:02]ـ
التنبيه الثاني:
[تأويله صفة الحياء و الإعراض لله - جل وعلا -]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (68):"فاستحيا الله منه: ترك عقابه ولم يحرمه من ثواب، أعرض: التفت إلى جهة أخرى فذهب إليها. فأعرض الله عنه: حرمه من الثواب ".اهـ
أخي الكريم الشيخ لم يؤول الصفة كل ما في الأمر أنه أتى بلازم الصفة وأنت كما تعلم لكل صفة لازم. فلا يمكن لك أن تحكم على الشيخ من خلال نص واحد. والله أعلم
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[03 - Jun-2010, صباحاً 12:42]ـ
الأخ الفاضل عبد الحق آل أحمد
قرأت كلامكم الأخير ....
ويؤسفني أيها الفاضل أن أصارحك بأنك كررت فيه كلاما حسبتك فرغت منه.
........................
وأعدت تلخيص قول الإمام المجاهد عبد الحميد بن باديس، ورغم أني بينت لك أن النقل الذي اعتمده الإمام ابن القيم في إفادة خبر الواحد عن الأئمة الأربعة فيه نظر
.......................
وقد حضَّرت كلاما كثيرا، مدعما بالأدلة عن مذاهب الأئمة الأربعة
واستخرت الله عز وجل أن أكتبه، فوجدت نفسي تأبى أن أدونه
امنحني وقتا آخر
فربما نشرته كموضوع مستقل في مجلسنا هذا.
...................
على أن أشوش خاطرك ببعض الأسئلة التي لا أطلب منك الإجابة عنها:
/// أما سألت نفسك لماذا ينقل الإمام ابن القيم رواية واحدة -شاذة- عن محمد بن خويزمنداد لقول مالك، ولا ينقل ما قاله أئمة الأصول عند المالكية
ماذا روى أتباع مالك: كالقاضي عياض، والباجي، وابن عبد البر، والقاضي عبد الوهاب، والمازري، وإمام السنة الشاطبي في موافقاته؟؟؟.
/// صرحت بأن للإمام أحمد رواية، فماذا عن الرواية الأخرى؟.
/// لا تشير إطلاقا لما روي عن الإمام أبي حنيفة؟
/// تقول: هو قول الشافعي دون أن تثبت الرواية؟
.............................. .
أقول قولي هذا، واستغفر الله.
كما لا يفوتني أخي الحبيب، أن أقدم لك نصيحة أخوية: إن كنت مقلدا فاختر لنفسك من تقلد؟
فعلم أصول الفقه لا يعرف اسم: علي حسن الحلبي، ولا محمود الجزائري، ولا عبد العزيز الراجحي، ولا ....
.............................
دمت أخا طيبا.
ورزقنا الله وإياك اتباع الحق.
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[03 - Jun-2010, صباحاً 12:51]ـ
أما مسألة: والدا رسول الله (ص).
فهذه مسألة اختلف فيها الأئمة
والخلاف فيها له حظ من النظر.
...................
وأجد المسألة لا يترتب عليها عمل، لذلك لا أحب النقاش فيها
فلو قلت بأنهما في النار
وأصبت: ما كنت لأدخل باجتهادي هذا إلى الجنة
ولو أخطأت، فأخشى على نفسي.
..................
أرجو أخي إن أحببت مواصلة النقاش، فأرجو أن تعود إلى المشاركة رقم 6، وتنظر في التعليق الثاني الذي قدمته، والذي عقبت فيه على قولكم:
[للعبادة خلقنا وليس للحياة .. ]!!!!!
وأجرك على الله.
(/)
لطيفة من تفسير ابن كثير في دعاء الصائم.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 01:09]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
وردت عدة أحاديث في استجابة دعاء الصائم،، وقد ضعفها بعض العلماء، وهنا لطيفة من لطائف الحافظ ابنُ كثير في التفسير، وهي فريدة من نوعها، فلله دره! ورحمه الله على هذا الاستنباط!
قال رحمه الله عند قوله تعالى " وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " [البقرة 186].
قال: "وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام؛ إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر "ا. هـ. (1/ 396) [1]
ثم أشار - رحمه الله - بعدها إلى عدد من الأحاديث التي وردت في إجابة دعوة الصائم، وقد أشرت بداية إلى تضعيفها عن بعض الأئمة.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــ
[1] طبعة دار ابن حزم، وهي سيئة ردئية، لا أنصح باقتنائها.
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 02:37]ـ
فعلا لطيفة رحم الله المفسر الكبير وجزاك خيرا اخى الفاضل وتقبل الله منا ومنكم
ـ[أبو جابر الشمالي]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 05:19]ـ
جزاك الله خيراً. .
الطبعة السيئة هل هي بتحقيق البنا. .
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 08:33]ـ
فعلا لطيفة رحم الله المفسر الكبير وجزاك خيرا اخى الفاضل وتقبل الله منا ومنكم
وإياك؛ بارك الله فيك.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 08:34]ـ
جزاك الله خيراً. .
الطبعة السيئة هل هي بتحقيق البنا. .
وإياك؛ لا؛ بل طُبعت بلا تحقيق.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 08:35]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
وفيك بارك الله.
ـ[الزبير بن العوام]ــــــــ[04 - Sep-2009, مساء 06:35]ـ
السلام عليكم
اولا نتمنى بان نستفيد بما هو معروض ولكن كل ما افتح موضوع لا يفتح معنا مابعرف السبب والله
وكل سنة وانتم طيبين بمناسبة الشهر المبارك
(/)
ما حكم كلمة " رمضان كريم " ? الجواب: غير صحيحة.
ـ[محب التوحيد]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 10:07]ـ
السؤال: حينما يقع الصائم في معصية من المعاصي ويُنهى عنها يقول: (رمضان كريم)، فما حكم هذه الكلمة؟ وما حكم هذا التصرف؟
الجواب:
حكم ذلك أن هذه الكلمة [رمضان كريم] غير صحيحة، وإنما يقال: رمضان مبارك وما أشبه ذلك، لأن رمضان ليس هو الذي يعطي حتى يكون كريمًا، وإنما الله - تعالى - هو الذي وضع فيه الفضل، وجعله شهرًا فاضلاً، ووقتًا لأداء ركن من أركان الإسلام، وكأن هذا القائل يظن أنه لشرف الزمان يجوز فيه فعل المعاصي، وهذا خلاف ما قاله أهل العلم بأن السيئات تعظم في الزمان والمكان الفاضل، عكس ما يتصوره هذا القائل، وقالوا: يجب على الإنسان أن يتقي الله - عز وجل - في كل وقت وفي كل مكان، لاسيما في الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة، وقد قال الله - عز وجل:- ? ي?أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? (البقرة، 183) فالحكمة من فرض الصوم تقوى الله - عز وجل - بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فالصيام عبادة لله، وتربية للنفس وصيانة لها عن محارم الله، وليس كما قال هذا الجاهل: إن هذا الشهر لشرفه وبركته يسوغ فيه فعل المعاصي.
فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين "مجموع فتاوى ورسائل": (20/ أجوبة: كتاب الصيام).
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 04:00]ـ
اخى الحبيب قول رمضان كريم ليس مقصودا به استباحة المعاصى فيه من قال هذا؟
بل يقصد العوام مثلى ان نذكر بعضنا بعضا بعدم جواز هذا المنكر او ذاك خاصة ونحن فى ايام الشهر الكريم وفيه تعظم السيئة كما هو مفهوم من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله
ثم ان اطلاق لفظ كريم على رمضان ليس معناه انه يعطى بنفسه (وهل يعتقد هذا مؤمن سليم العقيدة)
المقصود انه كريم بما فضله الله وجعل فيه من فضائل واجاز العلماء وصف المخلوق بلفظ كريم ففى التنزيل (ولها عرش كريم)
(لا إله إلا هو رب العرش الكريم)
والله تعالى اعلم
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 04:17]ـ
ففى التنزيل (ولها عرش كريم)
والله تعالى اعلم
ولها عرش عظيم
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 06:39]ـ
اقتباس
ولها عرش عظيم
جزاك الله خيرا
فى نفس السورة
(أُلقى إلىّ كتاب كريم)
وفى لقمان (فأنبتنا فيها من كل زوج كريم)
وفى يس (وأجر كريم)
وفى السنة
الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم
يوسف ابن يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم
والله تعالى اعلم
(/)
حكم إلقاء الدرس بين التراويح
ـ[علي ونيس]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 12:02]ـ
يدور كثير من الكلام على ألسنة الناس في وصف بعض الأعمال بالبدعية، وهذا أمر خطير جدا؛ لأن الحكم بالبدعية على فعل ما لا بد أن يسبقه البحث الجاد والتحري التام، وهذا لا يحصل في الغالب إلا من نزر يسير ممن وفقه الله تعالى، وقد يحصل البحث من الطالب لكنه مع هذا تضطرب قاعدته في الحكم على الفعل بالبدعية، فينتج هذا والذي قبله عجائب وغرائب، ومما تكلم فيه البعض ووصفوه بالبدعية إلقاء درس بين ركعات التراويح أو بعدها، ولكي تتضح هذه المسألة نذكر على وجه الإجمال مقدمة لها ثم نثني بحكمها.
عرف محمد الخادمي الحنفي البدع بقوله: جمع بدعة خلاف السنة اعتقاداً وعملاً وقولاً، وهذا معنى ما قالوا: البدعة في الشريعة إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر أيضاً: أن المعنى الشرعي للبدعة هو: الزيادة في الدين أو النقصان منه الحادثان بعد الصحابة بغير إذن من الشرع.
وبهذا التعريف يعلم أنه لا اختلاف بين تعريف الحنفية للبدعة، وتعريف غيرهم من العلماء من أهل المذاهب الأخرى، فالشاطبي عرف البدعة بقوله: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه.
وقوله (تضاهي الشرعية) أي: تشبه الطريقة الشرعية لكنها في الحقيقة مضادة لها، وقد مثل الشاطبي للبدعة بقوله: ومنها: التزام الكيفيات والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وما أشبه ذلك.
ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شبعان وقيام ليلته. انتهى
ومن الضوابط التي وضعها العلماء للبدعة قولهم: كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له، وعدم المانع من فعله، ففعله بعد ذلك بدعة، وهذا يخرج صلاة التراويح وجمع القرآن من البدعة، لأن صلاة التراويح لم يستمر النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها (جماعة) لوجود المانع، وهو الخوف من أن تفرض.
وأما جمع القرآن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لعدم وجود المقتضي لذلك، فلما كثر الناس واتسعت الفتوحات وخاف الصحابة من دخول العجمة جمعوا القرآن.
وليعلم المسلم أن البدعة خطرها عظيم على صاحبها وعلى الناس وعلى الدين، وهي مردودة على صاحبها يوم القيامة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد" رواه البخاري ومسلم.
وعند مسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد"، وقوله: في أمرنا أي: في ديننا، وقوله: رد أي: مردود على صاحبه كائناً من كان.
وأيضاً: البدعة ضلالة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" رواه النسائي.
ولم يرد فيما اطلعنا عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الاستراحة بين كل ترويحتين شيء؛ إلا ما أخرجه الإمام البيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربع ركعات في الليل، ثم يتروح، فأطال حتى رحمته، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أكون عبداً شكوراً.
قال البيهقي: (تفرد به المغيرة بن زياد وليس بالقوي. وقوله: ثم يتروح، إن ثبت فهو أصل في تروح الإمام في صلاة التراويح. والله أعلم) انتهى
لكن المنقول عن السلف من الصحابة وغيرهم أنهم كانوا يجلسون بين كل ترويحتين دون نكير من أحد، وهو أعون على النشاط، أما وجوب ذلك فلا دليل عليه ولا قائل به فيما نعلم. وللعلماء في هذا الجلوس مذاهب: فمنهم من ينص على استحبابها وهم الحنفية، قال الإمام السرخسي في المبسوط 2/ 146 (الفصل الرابع في الانتظار بعد كل ترويحتين: وهو مستحب هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، لأنها إنما سميت بهذا الاسم لمعنى الاستراحة، وأنها مأخوذة عن السلف وأهل الحرمين فإن أهل مكة يطوفون سبعاً بين كل ترويحتين كما حكينا عن مالك رحمه الله تعالى، وقال: والصحيح هو الانتظار والاستراحة بين كل ترويحتين على ما حكينا).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الكاساني في البدائع 1/ 291: (ومنها: أن الإمام كلما صلى ترويحة قعد بين الترويحتين قدر ترويحة يسبح ويهلل ويكبر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو. وينتظر أيضاً بعد الخامسة قدر ترويحة، لأنه متوارث من السلف. وأما الاستراحة بعد خمس تسليمات فهل تستحب؟ قال بعضهم: نعم، وقال بعضهم: لا تستحب وهو الصحيح، لأنه خلاف عمل السلف والله الموفق).
ومنهم من يجعل فعلها أولى من تركها وهم الحنابلة، قال المرداوي في الإنصاف 2/ 182: (ومنها: يستريح بعد كل أربع ركعات بجلسة يسيرة .. فعله السلف، ولا بأس بتركه).
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى 1/ 564: (ويستراح بين كل أربع ركعات بجلسة يسيرة، ولا بأس بترك استراحة بينها).
ومنهم من يذكرها في صفة التراويح دون تنصيص على استحبابها وهم المالكية والشافعية.
قال الزرقاني في شرح الموطأ 1/ 339: (وتسمى التراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام، سميت الصلاة جماعة في ليالي رمضان تراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، قال الليث: قدر ما يصلي الرجل كذا وكذا ركعة).
وقال الإمام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب1/ 200: (وسميت كل أربع منها ترويحة، لأنهم كانوا يتروحون عقبها، أي يستريحون).
وجاء في الموسوعة الكويتية 27/ 144: (اتفق الفقهاء على مشروعية الاستراحة بعد كل أربع ركعات، لأنه المتوارث عن السلف، فقد كانوا يطيلون القيام في التراويح، ويجلس الإمام والمأمومون بعد كل أربع ركعات للاستراحة).
وقال الحافظ في الفتح 4/ 250: (والتراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام، وسميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين).
حكم إلقاء موعظة بين صلاة التراويح في رمضان
فتاوى بعض العلماء في ذلك:
** السؤال: عندنا في الكويت موعظة بعد أربع ركعات في صلاة القيام هل تجوز هذه، وإذا جاز كيف تكون هذه الموعظة؟
الجواب (ابن عثيمين)
الذي أرى ألا تفعل، أولاً: أنها ليست من هدي السلف.
ثانياً: أن بعض الناس قد يحب أن يأتي بالتهجد وينصرف إلى بيته، وفي هذا إعاقة وإملال لهم، وإكراه على هذه الموعظة، والموعظة إذا لم تكن متقبلة فضررها أكثر من نفعها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم يتخول أصحابه بالموعظة ولا يثقل عليهم ويكرر، فأرى أن تركها أولى، وإذا أراد الإمام أن يعظ الناس فليجعله في آخر شيء، إذا انتهت الصلاة نهائياً.
** وسئل الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله في (لقاء الباب المفتوح [118]) عن ذلك:
السؤال: ما حكم الموعظة بين صلاة التراويح أو في وسطها ويكون هذا دائماً؟
فأجاب الشيخ: " ... أما الموعظة فلا، لأن هذا ليس من هدي السلف , لكن يعظهم إذا دعت الحاجة أو شاء بعد التراويح، وإذا قصد بهذا التعبد فهو بدعة, وعلامة قصد التعبد أن يداوم عليها كل ليلة, ثم نقول: لماذا يا أخي تعظ الناس؟ قد يكون لبعض الناس شغل يحب أن ينتهي من التراويح وينصرف ليدرك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وإذا كنت أنت تحب الموعظة ويحبها أيضاً نصف الناس بل يحبها ثلاثة أرباع الناس فلا تسجن الربع الأخير من أجل محبة ثلاثة أرباع, أليس الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف فإن من ورائه ضعيف والمريض وذي الحاجة) أو كما عليه الصلاة والسلام, يعني: لا تقس الناس بنفسك أو بنفس الآخرين الذين يحبون الكلام والموعظة, قس الناس بما يريحهم, صلِّ بهم التراويح وإذا انتهيت من ذلك وانصرفت من صلاتك وانصرف الناس فقل ما شئت من القول. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأبشروا بالخير بالحضور إلى هذا المكان لأن: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين." انتهى.
** هل يجوز لإمام مسجد في صلاة التراويح أن يلقي بين الركعات موعظة.؟
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
الجواب: يجوز ولا يجوز، إذا كان التنبيه والتحذير والأمر والنهي لأمر عارض فهذا أمر واجب , أما إذا كان يتخذ نظاما عادة ... فهذا خلاف السنة
(يُتْبَعُ)
(/)
سلسلة الهدى والنور-656
** وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:
"قيام رمضان شُرع فقط لزيادة التقرب إلى الله عز وجل بصلاة القيام , ولذلك فلا نرى نحن أن نجعل صلاة التراويح يخالطها شيء من العلم والتعليم ونحو ذلك , وإنما ينبغي أن تكون صلاة القيام محض العبادة , أما العلم فله زمن , لا يحدد بزمن , وإنما يراعي فيه مصلحة المتعلمين , وهذا هو الأصل وأريد من هذا أن من إتخذ عادة أن يعلم الناس ما بين كل أربع ركعات مثلا في صلاة القيام , إتخذ ذلك عادة , فتلك محدثة مخالفة للسنة ".
مفرغ من شريط سلسلة الهدى والنور رقم 693 ـ الدقيقة 28 ـ
للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
** السؤال:- ما الحكمة في تسمية قيام رمضان بالتراويح؟ وهل ترون أن من الأفضل استغلال وقت التوقف في صلاة التراويح بإلقاء كلمة، أو موعظة؟
الجواب:- (ابن جبرين)
ذُكر في المناهل الحسان (عن الاعرج)، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف، (وعن عبدالله بن بكر) قال: سمعت أبي يقول: "كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور". (وعن السائب بن يزيد) قال: أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب وتميماً الداري -رضي الله عنهم- أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر، وقال ابن محمود في كتاب الصيام: "وسُميت تراويح من أجل أنهم يستريحون بعد كل أربع ركعات لكونهم يعتمدون على العصي من طول القيام، ولا ينصرفون إلا في فروع الفجر". وحيث إنَّ الناس في هذه الأزمنة يخففون الصلاة، فيفعلونها في ساعة أو أقل، فإنه لا حاجة بهم إلى هذه الاستراحة، حيث لا يجدون تعباً ولا مشقة، لكن إن فصل بعض الأئمة بين ركعات التراويح بجلوس، أو وقفة يسيرة للاستجمام، أو الارتياح، فالأولى قطع هذا الجلوس بنصيحة أو تذكير، أو قراءة في كتاب مفيد، أو تفسير آية يمرّ بها القارئ، أو موعظة، أو ذكر حكم من الأحكام، حتى لا يخرجوا أو لا يملّوا، والله أعلم.
** سؤال رقم 38025 - إلقاء كلمة بعد أربع ركعات من صلاة التراويح
هو ما حكم الشرع في الدرس الذي يكون بعد الركعات الأربع في صلاة التراويح؟. (موقع الإسلام سؤال وجواب للمنجد)
الحمد لله
الدرس الذي يلقيه بعض الأئمة والوعاظ بين ركعات صلاة التراويح لا بأس به إن شاء الله، والأحسن أن لا يداوَم عليه، خشية أن يعتقد الناس أنه جزء من الصلاة، وخشية من اعتقادهم وجوبه حتى إنهم قد ينكرون على من لم يفعله.
وللإمام أو للمدرس والواعظ أن ينبه الناس على ما يتيسر من أحكام الشرع وخاصة مما يحتاجونه في هذا الشهر من مسائل على أن يتركه أحياناً لما سبق ذكره.
ولا شك أن مثل هذه الكلمات والمواعظ أنفع من الخروج أو من الحديث الدنيوي ورفع الصوت وخير من الذكر المبتدع الذي يحدثه بعض الأئمة بعد الأربع ركعات.
قال الشيخ عبد الله الجبرين:
... وحيث إنَّ الناس في هذه الأزمنة يخففون الصلاة، فيفعلونها في ساعة أو أقل: فإنه لا حاجة بهم إلى هذه الاستراحة، حيث لا يجدون
تعباً ولا مشقة، لكن إن فصل بعض الأئمة بين ركعات التراويح بجلوس، أو وقفة يسيرة للاستجمام، أو الارتياح: فالأولى قطع هذا الجلوس بنصيحة أو تذكير، أو
قراءة في كتاب مفيد، أو تفسير آية يمرّ بها القارئ، أو موعظة، أو ذكر حكم من الأحكام، حتى لا يخرجوا أو لا يملّوا، والله أعلم.
** رقم الفتوى 37211 الترويح والترويحة بين ركعاته
تاريخ الفتوى: 14 رجب 1424
السؤال
ماهي كيفية صلاة التراويح، وهل يوجد حديث بعد الركعات الأربع الأولى؟
الفتوى (الشبكة الإسلامية)
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد مضى بيان كيفية صلاة التراويح مع ذكر الخلاف الوارد في عددها، وبيان الراجح منه في الفتوى رقم: 11872. كما بينا خلاف العلماء في الترويحة التي تكون بين ركعات التراويح وموضعها من ركعات الصلاة، وذلك في الفتوى رقم: 28365. وخلاصة الأمر أن الجلوس للراحة بين ركعات صلاة التراويح أمر مشروع في الجملة، متوارث عن السلف الكرام، وشغل هذا الوقت بالذكر وتعلم العلم وتعليمه لا بأس به، بشرط ألا يُتخذ ذلك عادة دائمة فيحسبه الناس سنة من السنن. والله أعلم.
نصوص بعض الفقهاء في استثمار هذه الاستراحة للفائدة:
قال شيخي زاده في مجمع الأنهر: " (وجلسة بعد كل أربع بقدرها) أي بقدر أربعة من ركعاتها ولو قال: وانتظار بقدرها لكان أولى فإن بعض أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين وأهل المدينة يصلون بدل ذلك أربع ركعات وأهل كل بلدة بالخيار يسبحون أو يهللون أو ينتظرون سكوتا وإنما يستحب الانتظار لأن التراويح مأخوذ من الراحة فيفعل ما قلنا تحقيقا للمسمى " انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: " ومنها: يستريح بعد كل أربع ركعات بجلسة يسيرة فعله السلف , ولا بأس بتركه , ولا يدعو إذا استراح , على الصحيح من المذهب , وقيل: ينحرف إلى المصلين ويدعو , وكره ابن عقيل الدعاء " انتهى.
وذكر ابن قدامة في كتاب التوابين قصة وفيها: " .. قدم أبو عامر البناني واعظ أهل الحجاز ووافق قدومه رمضان فسأله إخوانه أن يجلس لهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأجابهم وجلس ليلة الجمعة بعد انقضاء التراويح واجتمع الناس وجاء الفتى فجلس مع القوم فلم يزل أبو عامر يعظ وينذر ويبشر إلى أن ماتت القلوب فرقا واشتاقت النفوس إلى الجنة .. " انتهى.
بعض النصوص المبينة والضابطة لحكم توقيت الوعظ، وتعليق بعض العلماء عليها:
روى البخاري في صحيحه في: (باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِى الدُّعَاءِ)
عن ابْن عَبَّاس، أنَّهُ قَالَ لعكرمة: حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلاثَ مِرَارٍ، وَلا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ، وَلا أُلْفِيَنَّكَ تَأْتِى الْقَوْمَ، وَهُمْ فِى حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ، فَتُمِلُّهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ، فَإِذَا أَمَرُوكَ، فَحَدِّثْهُمْ، وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ، وَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ، فَاجْتَنِبْهُ، فَإِنِّى عَهِدْتُ النَّبِىّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ لا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.
قال ابن الجوزي في كشف الْمُشكِل: " أعلم أن كل شيء يكثر على النفس تمله خصوصا المواعظ التي لاحظ للطبع فيها إلا أن يكون مجرد السماع وقد كان النبي {صلى الله عليه وسلم} يتخولهم بالموعظة مخافة السآمة " انتهى.
وفي البخاري أيضا من باب: (من جعل لأهل العلم أياما معلومة)
عن أبي وائل قال: "كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم؟ قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى الله عليه و سلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا"
وأخرجه مسلم في: صفات المنافقين وأحكامهم (باب الاقتصاد في الموعظة)، رقم 2821
قال النووي في شرح مسلم: " ومعنى يتخولنا يتعاهدنا هذا هو المشهور فى تفسيرها قال القاضي وقيل يصلحنا وقال بن الأعرابى معناه يتخذنا خولا وقيل يفاجئنا بها وقال أبو عبيد يدللنا وقيل يحبسنا كما يحبس الانسان خوله وهو يتخولنا بالخاء المعجمة عند جميعهم إلا أبا عمرو فقال هي بالمهملة أى يطلب حالاتهم واوقات نشاطهم وفى هذا الحديث الاقتصاد فى الموعظة لئلا تملها القلوب فيفوت مقصودها " انتهى.
وقال ابن حجر في الفتح: " وفيه رفق النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه وحسن التوصل إلى تعليمهم وتفهيمهم ليأخذوا عنه بنشاط لا عن ضجر ولا ملل ويقتدي به في ذلك فان التعليم بالتدريج اخف مؤنة وادعى إلى الثبات من اخذه بالكد والمغالبة " انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: " ومن ذلك (أي الأمور التي استحسنها العلماء للمصلحة) القصص وقد سبق قول غضيف بن الحارث إنه بدعة وقال الحسن إنه بدعة ونعمت البدعة كم من دعوة مستجابة وحاجة مقضية وأخ مستفاد وإنما عني هؤلاء بأنه بدعة الهيئة الاجتماعية عليه في وقت معين فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له وقت معين يقص على أصحابه فيه غير خطبته الراتبة في الجمع والأعياد وإنما كان يذكرهم أحيانا أو عند حدوث أمر يحتاج إلى التذكير عنده ثم إن الصحابة رضي الله عنهم اجتمعوا على تعيين وقت له كما سبق عن ابن مسعود أنه كان يذكر أصحابه كل يوم خميس وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حدث الناس في كل جمعة مرة فإن أبيت فمرتين فإن أكثرت فثلاثا ولا تمل الناس وفي المسند عن عائشة رضي الله عنها أنها وصت قاص أهل المدينة بمثل ذلك وروى عنها أنها قالت لسعيد بن عمير حدث الناس يوما ودع الناس يوما وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر القاص أن يقص كل ثلاثة أيام مرة وروى عنه أنه قال رَوِّح الناس ولا تثقل عليهم ودع القصص يوم السبت ويوم الثلاثاء " انتهى.
الخلاصة:
مما سبق يتبين لنا أن الجلوس بين ركعات التراويح مشروع في الجملة، وأن هذا الوقت كان مستثمرا من قبل السلف فيما هو نافع، ولا تحديد لشيئ معين يفعل فيها لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
وبحسب القاعدة العامة في تحديد وقتٍ لوعظِ الناس وتذكيرهم؛ بناء على ما ورد عن الصحابة ومن بعدهم؛ فلا مانع شرعا من استثمار ما بين ركعات التراويح لوعظ الناس وتذكيرهم وذلك بشروط:
1 ـ أن يغلب على الظن انتفاع الناس بذلك.
2 ـ ألا يعتقد التقرب إلى الله بتحديد هذا الوقت للموعظة.
3 ـ ألا يصل به إلى حد إملال الناس وتزهيدهم في العلم.
4 ـ الأفضل ألا يفعله بصورة يومية دائمة ولا في وقت واحد ثابت، بل يفعله ويتركه، ويقدمه ويؤخره، خروجا من خلاف من أطلق البدعية.
5 ـ الأولى أن يكون بعد التراويح لئلا يشق على من أراد الانصراف مبكرا.
ملحوظة:
كُتبت هذه السطور على عجل رجاء المنفعة وطرحها للنقاش بين الإخوة، راجيا من الله تعالى أن يعين على إتمامها في المستقبل.
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 03:45]ـ
اقتباس
كُتبت هذه السطور على عجل رجاء المنفعة وطرحها للنقاش بين الإخوة، راجيا من الله تعالى أن يعين على إتمامها في المستقبل.
وهل تركت شيئا؟ لقد اوجزت واحسنت فجزاكم الله خيرا وتقبل منا ومنكم
ـ[المستفيد]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 05:27]ـ
بارك الله فيك
كنت في حاجة ماسة لها
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 06:28]ـ
بارك الله فيك يا أخى الكريم ونفعنا الله وإياك بما سطرته يداك ونسال الله القبول وأن يهدى إخواننا من المتسرعين بإصدار كلمة بدعة على كل شىء يظنون أنه مخالف للشرع دون تدقيق وترو وفهم للمظان والنصوص
ـ[بنت الخير]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 06:41]ـ
بحث على عجل!!!
وُفقت في أكثره، وفقك الله، ونفع بك
ـ[ناجية أحمد]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 11:48]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 11:53]ـ
جزاكم الله خيرًا، ونفع بكم
وزيادة في الخير:
سئل العلامة الألباني -رحمه الله- كما في سلسلة "فتاوي جدة" – الشريط رقم (32) – وجه (ب) آخر سؤال في الشريط:
هل ما يفعله بعض الدعاة في بعض البلاد الإسلامية من تذكير الناس بأيام الله بعدما ينتهي الإمام من صلاة الجمعة؛ هل هذا يتنافى مع قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}؟!، وما حكم فعل ذلك أيضًا في صلاة التراويح عند الانتهاء من كل أربع ركعات؟
فأجاب:
«المسألة الأولى تختلف عن الأخرى، والأخرى عن الأولى.
(يُتْبَعُ)
(/)
المسألة الأولى: لا تنافي ولا تعارض بين قيام رجلٍ عقِب صلاة الجمعة يذكّر ويعظ وربما يُعلّم وبين قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ذلك لأن الآية وإن كانت صريحة في الأمرِ فإن هذا الأمرَ ليس للوجوب باتفاق العلماء، فهو أمرُ إباحةٍ ورفعٍ لحظرِ سابقٍ في نفس الآية في نفس السورة حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}؛ فلمّا أراد الله -عز وجل- أن يُعيد الحكم السابق قبل أن يأمرهم بقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} قال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} بالبيع والشراء ونحو ذلك، وهذه الآية من أدلّة علماء الأصول على أن الأمر لا يستلزم أن يكون للوجوب دائمًا وإن كانوا اختلفوا في الأصل، هل الأصل في الأمر الوجوب وهذا هو الراجح عند جمهور علماء الأصول، ... فلما جاءت الآية: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} فمعنى ذلك رفع الأمر السابق (ذروا البيع) اتركوا البيع، الآن جاء الأمر بالسعي وراء الرزق فرفع ذلك الحظر، فالأمر بالشيء بعد النهي عنه إنما يفيد الإباحة ولا يفيد الوجوب، إذ الأمر كذلك فالواعظ الذي يعظ الناس يوم الجمعة بعد الصلاة ليس مخالفًا لهذا الحديث؛ لأن الحديث لا يوجب الانصراف فورًا، كما يوجب الانصراف من الصلاة بالسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) شتان ما بين هذا وذاك، هذا بالنسبة للواعظ يوم الجمعة.
أمّا بالنسبة للواعظ بعد أربع ركعات التراويح فيختلف الأمر عندي تمامًا، ومع أنّه لا أمر هنا يُفيد الإباحة كما هو الأمر في الآية السابقة، فأنا أرى أن صلاة القيام هو وضع خاص المقصود به ليس العلم والتعليم، وإنما المقصود به تزكية النفوس بالإقبالِ إلى الله -تبارك وتعالى- بالصلاة والقيام والركوع والسجود وذكر الله -عز وجل- بعد الصلاة فهذا [الجزء] لا يجوز إشغاله بشيء آخر، ولو كان هذا الشيء الآخر عبادة بل وهو أفضل من العبادة كما قال عليه الصلاة والسلام: (فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع) أي نافلة العلم خير عند الله -عز وجل- من نافلة العبادة، وخير الدين الورع.
فطلب العلم والسير فيه أفضل من النافلة، ولكن قد يكون المفضولُ في بعض الأحيان خير من الفاضل في أحيان أخرى. مثلاً أنتم تعلمون قوله -عليه السلام- أو نهيه -عليه السلام- عن قراءة القرآن في الركوع وفي السجود، نحن نقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى في الركوع والسجود وغير ذلك من الأدعية المعروفة، فهل ذلك أفضل من القرآن؟ الجواب: لا، لكن نقول: بلى هنا في هذا المكان هذا الوِرد أفضل من القرآن. ليس كأصل وإنما كفرع يتعلق بهذا المكان، إذا جلسنا للتشهد في الصلاة ما نقرأ الفاتحة وإنما نقرأ التحيات لله، آلتحيات لله أفضل من القرآن من الفاتحة فاتحة الكتاب؟ الجواب: لا، لكننا إذا قرأنا الفاتحة في التشهد عصينا، وإذا قرأنا التشهد اتبعنا.
فإذن الحكمة وضع كل شيء في محلّه، فلما شرع النبي (ص) أو سنَّ النبي (ص) عن ربه صلاة القيام في رمضان هل كان يُذكِّر؟ هل كان يُعلِّم؟ الجواب: لا، إنما هو العبادة المحضة، فلذلك يختلف الأمر عندي في التذكير في أثناء التراويح فهذا لا يُشرع، اللهم إلا في حالة واحدة إذا جاءت مناسبة كأن يرى مثلاً الإمام رجلٌ لا يحسن الصلاة صلاة القيام فيعلّمه، أما أن يتخذ وِردًا من جملة الأوراد في صلاة القيام في رمضان التذكير فهذا هو من الابتداع في الدين و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، والحمد لله ربّ العالمين» اهـ.
ـ[محمود رمضان السعيد]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 03:45]ـ
بارك الله فيكم، هل من مزيد نقولات؟
ـ[وئام الحوشي]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 04:42]ـ
شيخنا الفاضل/ علي ونيس، بارك الله فيك وزادك علما وتدقيقا، فقد كنت أتناقش مع بعض إخواننا بالأمس في مدى مشروعية هذه الموعظة، ورأيت في بحثكم ما يثلج الصدر، فوفرت علينا مشقة البحث فليتكم تطبعونها في مطوية صغيرة ليستفيد منها من لا يتعامل مع الشبكة، وإن رأيتم الزيادة أو التوضيح بالمزيد من النقولات القديمة فذلك أنفع بإذن الله.
ـ[علي ونيس]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 10:44]ـ
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم، ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
هذه الجمل التي نقلتها في المسألة إنما هي فائدة في عجالة، ولعل الأمر يأخذ حظه من البحث قريبا إن شاء الله.
ـ[علي ونيس]ــــــــ[08 - Oct-2008, مساء 05:37]ـ
بارك الله فيك اخانا وئام الحوشي
وأسأل الله أن ينفع بك أينما كنت وحللت
وأن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الطالب الصغير]ــــــــ[31 - Aug-2009, مساء 11:35]ـ
جزاكم الله خيرا و زادكم علما وفقها
(/)
رأي الشيخين أبي عبيدة مشهور حسن آل سلمان وعبد الكريم الخضير في كتاب {مفاتيح الغيب}
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 03:18]ـ
كلام الشيخ مشهور حسن آل سلمان
حفظه الله تعالى
الجواب: كتاب مفاتيح الغيب تفسير الرازي، فسر فيه القرآن، خرج فيه عن منهج السلف في الأسماء والصفات فأول، واختار مذهب الأشاعرة بقوة، ورد كثيراً من الآيات والأحاديث، واستطرد في ذكر الشبه، حتى أنهم قالوا فيه: يذكر الشبهة نقداً، ويجيب عليها نسيئة، يذكر الشبهة ويفصل فيها، ثم يقول الجواب عن هذه الشبهة يأتي فيما بعد، وقد يأتي بعد عشرة أجزاء، فتعلق الشبهة في النفس والجواب لا يبقى على البال، وقد يفصل كثيراً في الشبهة ويردها بكلام موجز، لا يسمن ولا يغني من جوع، استطرد كثيراً في العلوم العقلية، حتى قيل في تفسيره أنه حوى كل شيء إلا التفسير، فبإيجاز هو نافع لطالب علم شبعان ريان من علم الشريعة يعرف الأصيل من الدخيل، ويعرف الجيد من الرديء، ويعرف الصحيح من السقيم، أما أن ينشأ عليه طالب العلم المبتدىء في التفسير فلا، والله أعلم ..
http://almenhaj.net/makal.php?linkid=792
كلام العلامة الشيخ عبد الكريم الخضير
حفظه الله تعالى
يقول: يقال إن تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد هو من تقسيم المعتزلة كالرازي المفسّر، هل هذا صحيح؟
أولاً الرازي أشعري وليس بمعتزلي، ومن أشد الناس على المعتزلة -وإن كان يوافقهم في كثير من أمور العقيدة- هو أشعري من جهة، وجبري في باب القضاء والقدر، وعليه ملاحظات وطوام، وتفسيره لا ينبغي لطالب العلم المتوسط -فضلاً عن المبتدئ- أن يقرأ فيه؛ لأنه مشحون بالشبه، مع ضعف الرد على هذه الشبه، وهو من أشد الناس في بدعته، وتكلم في أهل السنة بكلامٍ قبيح، ومع ذلكم لما سئل شيخ الإسلام عنه وعن غيره من رؤوس المبتدعة قال: وأما أبو عبد الله الرازي فكثير من الناس يطعن في قصده، والذي أراه أنه ينثر ما يراه حقاً.
وليس معنى هذا أننا نقلل من الشر الذي تضمنته كتب الرازي، لا، لكن لا بد من الاعتدال والإنصاف، لا بد من الاعتدال والإنصاف، ولذا لا ينصح طالب العلم أن يقرأ في تفسيره، ويقول عن كتاب التوحيد لابن خزيمة: (كتاب الشرك)، ورمى إمام الأئمة ابن خزيمة بعظائم الأمور، تهجّم على غيره من أئمة السنة، لكن يبقى أن الميزان له كفتان، والله المستعان، وكلام شيخ الإسلام مثل ما سمعتم، لكن على طالب العلم أن يجتنب مثل هذه الكتب المشتملة على البدعة التي تقرر البدع وتذب عنها وتورث الشبه التي قد لا يستطيع الإنسان اجتثاثها. http://www.khudheir.com/ref/1192/****
(/)
رأي العلامة عبد الكريم في الإمام النظار محمد الأمين الشنقيطي وكتابه {أضواء البيان}
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 04:28]ـ
تفسير أضواء البيان
تفسير أضواء البيان في أحكام القرآن غالباً، وفيه مباحث لغويَّة وبيانيَّة وغيرها من المباحث التي يحتاجُها المُفسِّر؛ لكن هو معدود في كتب أحكام القرآن يعني الاستنباط من القرآن على طريقة الفقهاء المجتهدين، والشيخ نحسبه من أهل الاجتهاد، فليس من قبيل التفسير بالرأي؛ إنما هو استنباط من القران في جُملته، وهو معتمد على كتب الأئمة المُتقدمين يُفاضل ويُرجِّح بين أقوالهم ويُوجِّه ويختار ويرد ويُفنِّد، وكثير منه مأخوذ من تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ويستقل -رحمه الله- بالتَّوجيه والاختيار المُوفَّق الذي غالباً ما يقوله فيه قال مُقيِّدُهُ -عفا الله عنهُ- هذه اختيارات الشيخ، والشيخ من أهل النَّظر في هذا الباب وهو مُجتهد إنْ أصاب فله أجران وإنْ لم يُحالفهُ الصَّواب لهُ أجرٌ واحد والآلة مُكتملةٌ عندهُ، ومثلي لا يسأل عن الشيخ -رحمه الله-.
(/)
ترجمة الشيخ العلامة فيصل آل مبارك
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[10 - Sep-2008, صباحاً 04:31]ـ
ترجمة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
هو الشيخ العالم الورع الزاهد فيصل بن عبدالعزيز بن فيصل بن حمد المبارك الراشد الربَّاعي العنزي، العلاَّمة المحدث الفقيه المفسِّر الأصولي النحوي الفرضي.
ـ ولد رحمه الله في حريملاء عام 1313هـ، فحفظ القرآن صغيراً، ثمَّ طلب العلم على علماء حريملاء في وقته،
1ـ ومنهم جدِّه لأُّمِّه الشيخ العالم الورع ناصر بن محمد الراشد.
2ـ و عمِّه العلاَّمة الشيخ محمد بن فيصل المبارك.
ثمَّ طلب العلم بعد ذلك على علماء الرياض، ثمَّ غيرها من البلدان.
مكانته العلمية ونبوغه المبكر:
ـ تصف المراجع العلمية الشيخ فيصل بأنه العالم الجليل والفقيه المحقق، والعلاّمة المدقق، وتتجلّى منزلة الشيخ فيصل العلمية في كثرة وعلو مشايخه الذين تلقى العلم على يديهم، حيث أنَّه قرأ على كثيرٍ من أفذاذ العلماء و أساطين العلم في ذلك الوقت، بل كاد أن يستوعبهم، رحمهم الله أجمعين.
3ـ فقد أخذ عن عالم عصره و فريد دهره الشيخ عبدالله بن عبداللطيف.
4ـ و أخذ الفرائض عن أفرض أهل زمانه الشيخ عبدالله بن راشد الجلعود
5ـ و أخذ علم النحو عن سيبويه العصر الشيخ حمد بن فارس.
6ـ و أخذ علم الحديث عن محدث الديار النجديَّة الشيخ المحدث سعد بن حمد بن عتيق.
7ـ و كذلك عن الشيخ المحدِّث الرُّحَلَة محمد بن ناصر المبارك الحمد.
8ـ و أخذ أيضاً عن الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري.
9ـ و الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع رحمهما الله.
10ـ و ممَّا يدلُّ على علو كعب الشيخ فيصل في العلوم الشرعية أنَّ الشيخ عبدالعزيز النمر أجازه إجازة الفتوى عام 1333هـ و كان الشيخ فيصل حينذاك في العشرين من عمره.
ـ وقد ترجم له الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف في كتابه " مشاهير علماء نجد" ـ و الذي اقتصر فيه على كبار علماء نجد ـ ترجمة حافلة تليق بمكانته العلميَّة.
ـ وكذلك تتجلى مكانته العلمية في آثاره الجليلة والكثيرة التي سطَّرها، قال الشيخ عبدالمحسن أبا بطين - رحمه الله -: "وقد ألف كتباً كثيرة صار لها رواجٌ في جميع أقطار المملكة العربية السعودية".
ـ و كذلك فإنَّ للشيخ رحمه الله تلامذة نابغين في كثيرٍ من الأقطار التي أقام بها، و بعضهم اقتصر في تحصيله العلمي على استفادته من الشيخ رحمه الله، و البعض منهم وصل إلى درجاتٍ علميَّة متميِّزة، كعضوية هيئة كبار العلماء،و هيئة التمييز، وكثيرٌ منهم قد تأهَّل للقضاء.
إجازاته العلميَّة:
أ ـ أجازَهُ الشيخُ سعدُ بنُ حَمَدٍ بنِ عَتِيقٍ محدث الديار النجدية:
ـ بتدريس أمهات كتب الحديث.
ـ و كذلك تدريس أمهات كتب مذهب الإمام أحمد.
ـ ثمَّ أجازه الشيخ سعد إجازة خاصَّة في علم التفسير.
ب ـ وكذلك أجازه الشيخ عبدالله بن عبدالعزيزالعنقري بجميع مرويَّاته.
ج ـ و قد أجازه الشيخ عبدالعزيز النمر إجازةَ الفتوى عام 1333 هـ.
تلاميذه:
تخرَّج على يدي الشيخ رحمه الله أجيالٌ من طلبة العلم، وليَ كثيرٌ منهم القضاء في عدَّة جهات
من أبرزهم:
1ـ الشيخ إبراهيم بن سليمان الراشد - رحمه الله - قاضي الرياض ووادي الدواسر.
2ـ الشيخ عبدالرحمن بن سعد بن يحيى - رحمه الله - قاضي الرياض وحريملاء.
3ـ الشيخ فيصل بن محمد المبارك - رحمه الله - رئيس هيئة الحسبة وعضو مجلس الشورى بجدة.
4ـ الشيخ سعد بن محمد بن فيصل المبارك - رحمه الله - قاضي وادي الدواسر ثم الوشم.
5ـ الشيخ محمد بن مهيزع رحمه الله قاضي الرياض.
6ـ الشيخ ناصر بن حمد الراشد رحمه الله رئيس ديوان المظالم.
مؤلفاته:
أـ في العقيدة:
1ـ (القصد السديد شرح كتاب التوحيد).
2ـ (التعليقات السنية على العقيدة الواسطية) كلاهما مطبوعان بتحقيق الأخ الشيخ عبد الإله الشايع وفَّقه الله.
ب ـ في التفسير:
3ـ (توفيق الرحمن في دروس القرآن) في أربعة أجزاء، طبُع بعناية وتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الزير.
4ـ (القول في الكرة الجسيمة الموافق للفطرة السليمة)، مخطوط، في مجلد.
ج ـ في علم الحديث.
5ـ (لذة القارئ مختصر فتح الباري) في ثمانية مجلدات، مفقود.
(يُتْبَعُ)
(/)
6ـ (نَقْعُ الأُوام بشرح أحاديث عمدة الأحكام)، خمسة أجزاء كبار، في إحدى عشرة مجلَّدة، مخطوط في مكتبة الملك فهد الوطنية ـ تصنيف مكتبة حريملاء.
7ـ (أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام) خ في مجلدين ضخمين، وهو مختصرٌ عن سابقِه، و هو رهن التحقيق.
8 ـ (خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام) للمقدسي، مجلد في أربعمائة صفحة، طبع مراراً.
9 ـ (مختصر الكلام شرح بلوغ المرام) مطبوع.
10ـ (بستان الأحبار باختصار نيل الأوطار) للشوكاني، في مجلدين، مطبوع
11ـ (تجارة المؤمنين في المرابحة مع رب العالمين) مجلد، طبع مرتين.
12 - (تطريز رياض الصالحين)، في مجلَّدِ ضخم، طبع بتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيز الزير.
13ـ (محاسن الدين بشرح الأربعين النووية) مطبوع
14ـ (تعليم الأحبّ أحاديث النووي وابن رجب) مطبوع.
15ـ (نصيحة المسلمين).
16 - (وصية لطلبة العلم) كلاهما مطبوعان بتحقيق الدكتور عبدالعزيز الزير عام 1424هـ.
17ـ (غِذاءُ القلوب ومفرِّجُ الكروب)، مطبوع.
د ـ في الفقه:
18 ـ (كلمات السداد على متن زاد المستقنع)، مطبوع، و قد صدر محققا عام 1427هـ عن دار اشبيليا.
19ـ (المرتع المشبع شرح مواضع من الروض المربع) و هو تحت الطبع.
20 - (مختصر المرتع المشبع) مخطوط في مجلد، و لم يكمله.
21 - (مجمَع الجوادِّ حاشية شرح الزاد) مخطوط، وصلنا منه شرحُ "كتاب البيوع".
22ـ: (زبدة المراد فهرس مجمع الجواد) مخطوط.
23ـ رسالة فقهية بعنوان: (القول الصائب في حكم بيع اللحم بالتمر الغائب)، تحت الطبع.
24 ـ كما ألَّف الشيخ رحمه الله ـ في علم أصول الفقه ـ رسالةً قيِّمةً بعنوان: (مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد)، و هي مطبوعة.
25 ـ و كذلك ألَّف الشيخ رحمه الله في الفقه الحديثي: (الغرر النقية شرح الدرر البهيَّة) مطبوعة.
ـ أمَّا في علم الفرائض فقد ألَّف الشيخ فيصل رحمه الله في هذا الباب من علم الفقه رسالتين هما:
26 ـ (الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة)، مطبوعة.
27ـ (السبيكة الذهبية على متن الرحبية)، مطبوعة.
في علم النحو:
28ــ (صلة الأحباب شرح ملحة الإعراب)، مفقود.
29 ـ (مفاتيح العربية (على متن الآجرومية) طبع بتحقيق عبدالعزيز بن سعد الدغيثر.
30 ـ رسالة مختصرة بعنوان: (لُباب الإعراب في تيسير علم النحو لعامَّة الطلاب)، مطبوع.
وفاته:
ولي الشيخ فيصل القضاء في عِدَّة بلدان، كان آخِرها منطقة الجوف، و التي توفي بها في السادس عشر من ذي القعدة من عام 1376هـ، عن ثلاثةٍ وستين عاماً قضاها في الدعوة إلى الله، و في العلم والتعليم و التصنيف رحمه الله. [1]
------------------------------
[1]ـ انظر في مصادر ترجمة الشيخ فيصل ـ رحِمه الله ـ:
أ ـ (علماء نجد خلال ثمانية قرون) للشيخ عبدالله البسام رحمه الله ـ جـ 5 صـ 392 إلى 402.
ب ـ الأعلام للزركلي:جـ 5 / صـ 168.
ج ـ (مشاهير علماء نجد) للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ / الطبعة الثانية.
د ـ (روضة الناظرين) للقاضي / ج2 / ص 178 ـ 181.
هـ ـ (العلامة المحقق و السلفي المدقق: الشيخ فيصل المبارك) لفيصل بن عبدالعزيز البديوي.
و ـ (المتدارك من تاريخ الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك) لمحمد بن حسن المبارك.
ز ـ (معالم الوسطية و التيسير و الاعتدال في سيرة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك) لمحمد بن حسن المبارك.
ـ[خلوصي]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 03:15]ـ
ما شاء الله!
جعلكم المولى الكريم ممن يمشي على قدمه.
ـ[خلوصي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 01:12]ـ
ما شاء الله!
جعلكم المولى الكريم ممن يمشي على قدمه.
قل آمين!:)
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 12:32]ـ
ما شاء الله!
جعلكم المولى الكريم ممن يمشي على قدمه.
لم أطلع على هذا الدعاء الطيب إلا الآن.
آآآآآآآآآآآمين.
و أسأل المولى تبارك وتعالى أن يجعلك أخي - الخلوصي - مباركا أينما كنت.
قل
آمين
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 05:40]ـ
بارك الله فيكم
و نفع بكم
(/)
مناظرة بين مؤيدي التعبير و رافضيه ....
ـ[علي سليم]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 03:07]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف اضع امامكم أدلة القائلين .. الرافضين لمبدأ تعبير الرؤى ... و ستكون على حلقات ان شاء الله ... و نضع المناظرة التي جرت بين كاتب هذه السطور و احد الاخوة الذين تبنو مبدأ الرفض ...
كشف المرام من أضغاث الأحلام
فواز الجبر مشرف
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 225
قرر العبد الفقير إلى الله (داعيكم) أن يصدر كتابا تحت العنوان المذكور أعلاه باعتبار أنها صارت
بضاعة رائجة يسلكها البعض للتكسب والبعض الآخر للشهرة وآخرون يضلون به عباد الله
وآخرون لهم مآرب أخرى. ولكنني وبعد تردد كبير عزمت الرأي أن أخوض في الموضوع
لأبدي ما أرى فيه. هذا والله أعلم. لماذا يلجأبعض الناس إلى تفسير أحلامهم؟
أمن نقص في عقولهم أم من كثرة إيمانهم؟ (الله أعلم)
ثم إذا أردت أن أفسر حلما أو مناما أو رؤيا أو ..... إلى من ألجأ؟ إلى مفسر بالقرآن؟
أم إلى (ماغي فرح) أم إلى (أنطونيو)؟ وكلهم يفسرون. ورأي من آخذ؟ وكل منهم يقول رأيه هو الصح.
الذي يفسر بالقرآن يقول: لي، إذا كنت مسلما يجب أن تأخذ برأيي، فأنا آتيك بمدلولات مارأيت من القرآن والسنة.
فماذا أقول له؟ وأنا أعلم تمام العلم أنه كاذب وحمل النص ما لم يحتمل وأول الكلمات (القرآن والسنة) كما تشتهي
نفسه وكما يهوى. المشكلة أنه يعيب على الآخرين من الطوائف الأخرى أنهم يحملون النص مالا يحتمل،
ويلجأ هو إلى ذلك.
والآخرون يقولون نحن نستند إلى حصيلة العلم وخبرة وتجارب الكثير من العلماء والمفكرين والباحثين عبر
التاريخ. وحصلنا في ذلك أعلى الدرجات العلمية. وأنا دكتور في ذلك. وأنا خبير في ذلك.
ويمكنك أن تسأل عني. فلقد فسرت الكثير من الأحلام التي جاءت كما بينت. فأقول له: أنت أيضا كاذب.
لأنك لاتختلف عن قارئ الطالع. الذي يلعب بعقول السذج. ويكلمهم بالعموميات التي تنطبق على الكثير من البشر.
والتي تحدث معهم يوميا. والكثير منها صائب ويحدث حتى لو لم يحدثك بمنام. وحتى لو لم تفسر له.
يقول قائل: لماذا تكذب ذلك؟ وهذا ثابت في القرآن من خلال قصة الملك والبقرات العجاف والبقرات السمان.
والسنبلات الخضر واليابسات؟ فأقول: نعم أسلم بهذا. لأن هناك شبه إجماع من العلماء
أن رؤيا الملك كانت تتكرر نفسها معه. ولم يحدث بها إلا بعد أن تكررت بنفس التفاصيل عدة مرات.
فهل حلمك يتكرر نفسه بنفس التفاصيل الدقيقة ولعدة مرات حتى يتبين لك أنه ليس أضغاث أحلام؟
إن كان كذلك فاذهب وانشد مفسرا لحلمك. وإن كان مناما عابرا، فاقبعمكانك واستح من نفسك،
ولاتحدث به أحدا وخصوصا إن كان حلما مزعجا (أليس هذا من توجيه الرسول عليه الصلاة والسلام؟)
يقول قائل: إن الرسول عليه الصلاة والسلام بين أن الرؤيا الصادقة جزءا من تسعين جزءا من النبوة.
أقول نعم هي جزء من النبوة. وهل أنت تتوقع النبوة حتى تكون بدايتها رؤيا. إذا أنت متنبي.
والرسول عليه الصلاة والسلام قاللا نبي بعدي).
ثم الحلم يكون لكل البشر فهل يجوز لمفسر أحلام مسلم أن يفسر حلما لنصراني أو ليهودي؟
لم لا؟ فالكل يحلم وهناك أمور مشتركة في الأحلام.
إذا كان نعم يصح هذا، فلماذا نحشر هذا الموضوع في قسم إسلاميات. أليس الأجدر أن يكون له زاوية خاصة به
ولتكن مثلا تحت عنوان (خرافات).
أعرف قنوات كانت تعتني بالطرب والموسيقى. ثم ولأسباب مادية حولت إلى قنوات تفسير أحلام.
وبعضها لم يحقق الربح المطلوب كما كان يتوقع فتحول إلى قنوات سحر وفك السحر.
فهل نحن في هذا المنتدى سنرى يوما زاوية للسحر ولفك السحر؟
سبحان الله لقد وصل بنا العلم إلى أقصى حدودة حتى بتنا ننتقص من الأزهريين.
لماذا؟ لماذا؟
أيها الأخوة! لا اعتراض على طرح ماتريدون طرحه. ولكن الاعتراض أن نضعه تحت عنوان إسلاميات.
والاعتراض على تحميل النص مالايحتمل.
والاعتراض على الاستخفاف بعقول الناس.
والعجب كل العجب من بعض المثقفين الذين يلجأون لذلك.
أخواني هذه مقدمة الكتاب وأعتقد أن كتابي سيثير زوبعة ليست صغيرة. ربما تكون أكبر من إعصار غونو
ولكنني أظن أنني سأمضي في ذلك وليعينني الله إن كنت على حق.
هذه مقدمة الكتاب
وربما أغير العنوان إلى ( ............ )
لكم مودتي
(يُتْبَعُ)
(/)
__________________
فواز الجبر
ـ[علي سليم]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 03:10]ـ
و هذا بدداية ردي عليه ....
علي سليم
مشرف
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: لبنان
المشاركات: 763
اخي الفاضل .... بين طيات كلامك مغالطات .... يدركها كل ذي طالب علم ....
و اود سؤلك:
هل تعبير لما يراه النائم في نومه امرا دينيا؟؟؟؟ ارجو الاجابة بنعم او لا ... لنتدرج في الاسئلة
ـ[علي سليم]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 06:09]ـ
فواز الجبر مشرف
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 225
بسم الله الرحمن الرحيم
انا لا أحبذ طريقة التدرج في الأسئلة. ففي طياتها نوع من الاستدراج والتصيد.
ولكنني اعتدت أن أكون واضحا جليا. وكتابا مفتوحا لمن شاء أن يقرأ.
كل شخص يسأل أمام الله تعالى عن معتقده وأعماله وأقواله.
وبالنسبة لي فإن معتقدي كمسلم يؤمن برسالة محمد عليه الصلاة والسلام،
معتقدي هو أن الرسالة اكتملت وهذا ما أخبرنا به الله تعالى. وما أعلمه أن الاسلام
جاء يخاطب الإنسان العاقل الواعي والمستيقظ. وكلنا يعلم أن القلم رفع عن ثلاث
ومنهم النائم حتى يصحو. إذا النائم غير مكلف ولا يسأل عما يأتيه من خيالات أثناء النوم.
ولايترتب عليها شيئا. وإلا لكان الله تعالى أرسل رسولا واحدا وكلفه بإبلاغ البشر أن الله تعالى سيبلغ
كل إنسان بمفرده بما يريد منه في منامه وعندئذ يتصرف حسب مايبلغ.
ثم إن الخيالات تأتي للمسلم وغير المسلم. أما بالنسبة للمسلم فيرى كما يرى بقية الناس.
وأحيانا يقال له هذه رؤيا وأحيانا يقال له هذه أضغاث. فما المعيار في ذلك؟
ولو ذهب المسلم إلى أكثر من مفسر (مسلم) لأعطاه كل واحد تفسير مختلف.
وهذا برهان على كذب الجميع. وأحيانا تأتي التفسيرات متناقضة، مما يؤكد الأباطيل.
بناء على ماسلف يمكن القول أن مايراه النائم مهما كان لاعلاقة له بالدين.
فلو رأى المرء أنه يذح ابنه هل يذهب ويفعل كما فعل نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟
ثم إن مايراه المرء من يفسره له؟ اين النبي يوسف ليفعل ذلك؟
اطرح رأيك مباشرة دون مقدمات ودون أسئلة.
شكرا لتفاعلك
واعلم أن هذا رأي سيحاسب عليه كلانا أمام الله تعالى
ـ[علي سليم]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 06:10]ـ
مشرف
تاريخ التسجيل: Apr 2007
الدولة: لبنان
المشاركات: 763
اخي الفاضل ... ارجو ان يتسع صدرك و ما اخالك الا كذلك ....
سألتك سؤالا كان بالامكان ان تقتصر ما هو مؤاخذ عليك من ردك الاخير ...
و عدم الاجابة سببه كما ذكرتَ انت هو الاستدراج و التصيد ... سامحك الله .... حكمتَ عليّ من دون ادنى برهان!!!
و اجمل ما في ردك ما هو حجة عليك .... الرسالة اكتملت .... هل تعبير الرؤى كان وقتها!!!! الم يعبّر صلى الله عليه و سلم .... الم يعبّر ابو بكر .... و غيرهم .... ثم من هم في القرون الثلاثة حيث الخيرية!!!!
الا يعني هذا ان التعبير هو من الرسالة التي اكتملت؟؟؟؟
ربما لم تجاوب حيث لا يوجد امامك الاّ جوابا واحدا و هو قولك بنعم ....
و من قال لك ايها الفاضل ان الاحكام تؤخذ من رؤيا النائم .... !!!! حتى ترد ما خطته اناملك .... فهو امر مفرغ منه لا حاجة لذكره ......
ثم قولك ((هذا برهان على كذب الجميع .. )).و الجميع تفيد العموم من دون استثناء و يدخل ضمنها صديق الامة رضي الله عنه .... عفى الله عنه ... انتبه يا رعاك الله
ففي صحيح البخاري في حديث طويل ارجع اليه ان شئت ... و خلاصته طلب الصديق من الرسول تعبير رؤيا احد الحاضرين ....
فقال له صلى الله عليه و سلم اصبت في بعض و اخطأت في بعض ....
لم يقل له كذبت!!!
يعني هذا ان المعبر كالمجتهد يدور بين الخطأ و الصواب فافهم هذا هداك الله ....
ثم اظنك لا تفرّق بين رؤيا الانبياء و من هم دونهم و من هنا حدث لك الخلل ...
ثم قلت (ثم إن مايراه المرء من يفسره له؟ اين النبي يوسف ليفعل ذلك؟) الم يأتي بعد الكريم يوسف من عبّر؟؟؟؟
لا تضع حقبة من الزمن يكون التعبير فيه مقتصرا عليه ... لان هذا ليس لصالحك و انما اصغر مسلم يعلم ان هناك كثير من الكواف عبّر بعد يوسف و على رأسهم رسولنا صلى الله عليه و سلم ...
و ما زلت اكرر عليك السؤال السابق ان كنت تريد الهداية وفقك الله و اياي ...
هل تعبير لما يراه النائم في نومه امرا دينيا؟؟؟؟ ارجو الاجابة بنعم او لا
(/)
هل هذا مما تفرّد به شيخ الاسلام؟
ـ[مؤيد الحق]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 10:42]ـ
مرّ معي ان شيخ الاسلام ابن تيمية يرى بأن المرتد الذي ارتد بسبب تركه الصلاة بالكلية يكون رجوعه للاسلام بعودته للصلاة فقط إن كانت ردته بسبب ذلك فقط، ويُعتبر مسلماً ..
هل الجمهور على ذلك؟
أو هذا ماتفرد به شيخ الاسلام.
ثم إذا تقررت لدينا ردته ولو بذلك السبب فقط
أليس الرجوع للاسلام يتطلب إعادة النطق بالشهادتين، بدون النظر في مسألة الاغتسال والخلاف في ذلك.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 01:06]ـ
/// المسألة ليست من تفرُّدات ابن تيميَّة، بل الخلاف فيها قديم.
/// وللحديث بقية ..
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 01:48]ـ
من خرج من الإسلام بشيء فإن دخوله في الإسلام يكون بترك هذا الشيء، وهذا ما عليه أهل العلم.
فمن خرج من الإسلام لأنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أن يكون دخوله الإسلام إلا بالتزامه الامتناع عن هذا السب، وإلا فلو تلفظ بالشهادتين مع إصراره على السب فإنه كافر اتفاقا.
ومن خرج من الإسلام لأنه ألقى المصحف في المزبلة فإنه لا يصير مسلما إلا بالامتناع عن هذا الفعل بعد الإقلاع والتوبة، وإلا فلو تلفظ بالشهادتين والتزم بجميع شرائع الإسلام وهو مصر على امتهان المصحف فإنه لا يكون مسلما بذلك.
والخلاصة أن الدخول في الإسلام له لوازم ونواقض، ولا يمكن أن يصح إسلامه إلا بالالتزام بهذه اللوازم والامتناع عن هذه النواقض.
وقد سبق مناقشة نحو هذه المسألة في موضوع المناظرة المروية بين الإمام الشافعي والإمام أحمد ولا تصح.
ـ[مؤيد الحق]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 02:22]ـ
أشكرك أخي عدنان وفي انتظارك
-----
الشكر موصول أيضاً لك أبا مالك لكن يبقى الاشكال فيمن يتوب من ردته التي كانت بسبب ترك الصلاة بالكلية هل يكفي أن يتوب أو لابد قبل توبته أن ينطق بالشهادتين دخولاً في الاسلام.
(/)
الاستغفار
ـ[عبدالله الفارس]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 11:23]ـ
الاستغفار
فضله – أوقاته – صِيَغة
(ومَا كَانَ اللهُ مُعذِّبهُم وهُم يَسْتَغفِرُون)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه. هذه تذكرة أبعثها لك أخي المسلم، وأختي المسلمة، عن فضل الاستغفار، وما جاء فيه من نصوص، وأجر عظيم، وأثر نافع في الدنيا والآخرة؛ لعل لسانك يكون رطبًا به، مع قلبٍ حاضرٍ غير لاهٍ عنه.
* الآيات الواردة في الاستغفار؛ وهي كثيرة، منها:
قوله تعالى:} و استغفر لذنبك و سبح بحمد ربك بالعشي و الإبكار {[غافر: 55] وقوله:} و استغفر لذنبك وللمؤمنين و المؤمنات {[محمد: 19] وقوله:} و استغفر الله إن الله كان غفورا رحيما {[النساء: 106] وقوله:} للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و أزواجا مطهرة و رضوان من الله و الله بصير بالعباد * الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا و قنا عذاب النار * الصابرين و الصادقين و القانتين و المنفقين و المستغفرين بالأسحار {[آل عمران: 15ـ17] وقوله:} و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون {[الأنفال: 33] وقوله:} و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب إلا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون {[آل عمران: 135] وقوله:} و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما {[النساء: 110] وقوله:} و أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه {الآية [هود: 3]، وقوله تعالى إخباراً عن نوح صلى اللّه عليه وسلم:} فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا {[نوح: 10] وقوله تعالى حكاية عن هود صلى اللّه عليه وسلم:} و يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه {[هود: 52].
* وأما الأحاديث الصحيحة الواردة في الاستغفار، فمنها:
1 - عن الأغرّ المزنيّ الصحابيّ رضي اللّه تعالى عنه: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " إنَّهُ لَيُغانُ على قَلْبِي، وإني لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ في اليَوْمِ مِئَة مَرَّةٍ ".
2 - عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: سمعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " واللّه إنّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأتُوبُ إلَيهِ فِي اليَوْمِ أكثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّة ".
3 - عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " سَيِّدُ الاسْتغْفارِ أنْ يقُولَ العَبْدُ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبّي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا على عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ مَا صَنَعْتُ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عليَّ وأبُوءُ بِذَنْبي، فاغْفِرْ لي فإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ؛ مَنْ قَالَهَا بالنَّهارِ مُوقِناً بِها فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ موقِن بها فَمَاتَ قَبْلَ أنْ يُصْبحَ فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ ".
أبوء بضم الباء وبعد الواو همزة ممدودة، ومعناه: أقرّ وأعترف.
4 - عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما، قال: كنّا نعدُّ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المجلس الواحد مِئَةَ مرّة: " ربّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أنْتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ "
5 - عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَمِنْ كُلّ هَمٍّ فَرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ".
6 - عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعالى فَيَغفِرُ لَهُمْ ".
7 - عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه تعالى عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يُعجبه أن يدعوَ ثلاثاً، ويستغفرَ ثلاثاً.
8 - عن مولى لأبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " ما أصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإنْ عادَ في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً "
9 - عن أنس رضي اللّه تعالى عنه قال: سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " قالَ اللَّهُ تَعالى: يا بْنَ آدَمَ! إَّنكَ ما دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ما كانَ منْكَ وَلا أُبالي، يا بْنَ آدَمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يا ابْنَ آدَمَ! لَوْ أتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطايَا ثُمَّ أتَيْتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِها مَغْفِرَةً "
عنان السماء بفتح العين: هو السحاب، واحدتها عنانة.
وأما قراب الأرض فروي بضم القاف وكسرها، والضم هو المشهور، ومعناه: ما يُقارب مِلْئَها
10 - عن عبد اللّه بن بُسْرٍ ـ بضم الباء وبالسين المهملة ـ رضي اللّه تعالى عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ في صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفاراً كَثِيراً ".
11 - عن ابن مسعود رضي اللّه تعالى عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " مَنْ قالَ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وأتُوبُ إِليْهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ "
12 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم
صلاة بعد أن نزلت (إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) إلا يقول فيها: سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي "
13 - وكان يكثر عليه الصلاة والسلام في ركوعه وسجوده من قوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي؛ يتأول القرآن.
14 - عن عليِ بن أبي طالبِ قال: كان الرجل يحدثني فأستحلفه على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدثني أبو بكرِ - رضي الله عنه - وصدق أبو بكرِ قال أبو بكرِ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما من رجلِ يذنب ذنباَ ثم يقوم فيتطهر فيحسن الوضوء، ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله - عز وجل - إلا غفر له ثم تلا - عليه الصلاة والسلام - قول الحق جل وعلا: (والذين إذا فعلوا فاحشةَ أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون))
15 - ورد في حديث أبي سعيدِ الخدري - رضي الله عنه - وهو عند الحاكم والطبراني بسندِ حسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
" يقول إبليس لله - عز وجل - بعزتك وجلالك لا أبرح أغويهم ما رأيت الأرواح فيهم ".
فيقول الحق جل وعلا: " فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني ".
* ثمار الاستغفار:
1 - غفران الذنوب جميعها، ويشمل ذلك ذنوب العبد التي لم يحصها أو نسيها وقد أحصاها الله عليه مهما صغرت أو مضت عليه السنون.
2 - التواضع باطنا وظاهرا، والدخول على الله من باب الخضوع والخشية والإخبات، وهذا هو عين التواضع.
3 - الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم.
4 - الاعتراف بالتقصير في الطاعات والخوف من الذنوب، هو مطية الإقبال على التزود من النوافل وعمل الصالحات، والاستكثار من الحسنات.
5 - المحافظة على سلامة القلب وصفائه من آثار الذنوب، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب: صقل قلبه.
* فضائل الاستغفار:
1 - أنه طاعة لله عز وجل.
2 - أنه سبب لمغفرة الذنوب: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً). [نوح:10].
3 - نزول الأمطار (يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً). [نوح:11].
4 - الإمداد بالأموال والبنين (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ). [نوح:12].
5 - دخول الجنات (وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ). [نوح:12].
6 - زيادة القوة بكل معانيها (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ). [هود:52].
7 - المتاع الحسن (يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً). [هود:3].
8 - دفع البلاء (وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). [الأنفال:33].
9 - وهو سبب لإيتاء كل ذي فضل فضله (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ). [هود:3].
(يُتْبَعُ)
(/)
10 - العباد أحوج ما يكونون إلى الاستغفار، لأنهم يخطئون بالليل والنهار، فإذا استغفروا الله غفر الله لهم.
11 - الاستغفار سبب لنزول الرحمة (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). [النمل:46].
12 - وهو كفارة للمجلس.
13 - وهو تأسٍ بالنبي صلى الله عليه و سلم؛ لأنه كان يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة.
* أقوال في الاستغفار:
1 - يروى عن لقمان عليه السلام أنه قال لابنه: (يا بني، عوِّد لسانك: اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً).
2 - قالت عائشة رضي الله عنها: (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً).
3 - قال قتادة: (إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دوائكم فالاستغفار).
4 - قال أبو المنهال: (ما جاور عبد في قبره من جار أحب من الاستغفار).
5 - قال الحسن: (أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقاتكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة).
6 - قال أعرابي: (من أقام في أرضنا فليكثر من الاستغفار، فإن مع الاستغفار القطار)، والقطار: السحاب العظيم القطر.
7 - قال الفُضيل بن عياض رحمه الله: (استغفارٌ بلا إقلاع توبةُ الكذّابين).
8 - عن رابعة العدوية رحمها الله قالت: (استغفارُنا يحتاجُ إلى استغفار كثير).
9 - عن بعضِ الأعراب أنه تعلَّقَ بأستار الكعبة وهو يقول: (اللَّهمّ إن استغفاري مع إصراري لؤم، وإن تركي الاستغفارَ مع علمي بسَعَة عفوك لعجز، فكم تَتَحَبَّبُ إليّ بالنعم مع غِناكَ عني، وأَتَبَغَّضُ إليك بالمعاصي مع فقري إليك، يا مَن إذا وَعدَ وَفَّى، وإذا توعَّدَ تجاوز وعفا، أدخلْ عظيمَ جُرمي في عظيم عفوكَ يا أرحم الراحمين).
10 - قال الشاعر:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرضا وجميل عفوك ثم أني مسلم
11 - جاء رجلُ إلى الحسن البصري يشكو إليه الجذب والقحط فأجابه قائلاً: "استغفر الله "، ثم جاءه رجلُ آخر يشكو الحاجة والفقر فقال له: " استغفر الله "، ثم جاءه ثالثُ يشكو قلة الولد فقال له: " استغفر الله "، فعجب القوم من إجابته، فأرشدهم إلى الفقه الإيماني والفهم القرآني والهدي النبوي وتلا قول الحق جل وعلا: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموالِ وبنين يجعل لكم جناتِ ويجعل لكم أنهاراً).
* أوقات الاستغفار:
الاستغفار مشروع في كل وقت، ولكنه يجب عند فعل الذنوب، ويستحب بعد الأعمال الصالحة، كالاستغفار ثلاثاً بعد الصلاة، وكالاستغفار بعد الحج وغير ذلك.
ويستحب أيضاً في الأسحار، لأن الله تعالى أثنى على المستغفرين في الأسحار.
* صيغ الاستغفار:
1 - سيد الاستغفار وهو أفضلها، وهو أن يقول العبد: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
2 - أستغفر الله.
3 - رب اغفر لي.
4 - (اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
5 - (رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور، أو التواب الرحيم).
6 - (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا الله، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم).
7 - (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه).
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 11:37]ـ
بارك الله فيك
(/)
ماذا كان جواب د. خالد السبت حينما سألته عن (النكت على فقه الرد)؟
ـ[ولد ناصر]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 12:48]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
ماذا كان جواب د. خالد السبت حينما سئل عن
(النكت على فقه الرد)؟
ذكر الشيخ خالد جملة من الأمور يمكن أن أُوْرِد حاصلها في النقاط الآتية:
1. شَكَرَ الدكتور بسام على حِرْصِه ونُصْحِه وما بذل من جهد لنفع المؤلف وغيره من طلاب العلم، فهو عمل مشكور يؤجر عليه إن شاء الله.
2. ذكر أن فكرة تأليف الكتاب لم تكن ناتجة عن رغبة في التأليف أو التكثُّر بالكُتُب أو طلب عَرَض من الدنيا؛ فإنه لم يأخذ على ذلك شيئا، حتى النسخ المَخصَّصة له تنازل عنها من أجل أن ينزل سعر الكتاب. وإنما ذلك, كان بناءً على طلب من بعض المشايخ نظراً لما وُجِد في الآونة الأخيرة من فوضى عارمة في بعض القنوات الفضائية أو المواقع الإلكترونية، فتصدر للرد من ليس بأهل.
3. لم يكن هناك تسرُّع في إخراج الكتاب، حيث ذكر أنه قد تتبع كلام أهل العلم في هذا الباب قديماً في حدود سنة 1404هـ، ثم مرة ثانية في حدود سنة 1412هـ، ثم بدأ بتأليف الكتاب سنة 1419هـ حتى سنة 1424هـ. وكان بعض المشايخ وطلاب العلم يلومه على تأخره في إخراجه ويرى أن ذلك قد يكون من المبالغة في التحري.
4. ذكر أنه تم عرض الكتاب قبل طباعته على جمع كثير من أهل العلم، منهم:
1 - د. عابد السفياني.
2 - د. عبدالله الدميجي.
3 - د. محمد بن مطر الزهراني (رحمه الله).
4 - الشيخ علوي السقاف.
5 - د. محمد الجيزاني.
6 - د. عبدالرحمن المحمود.
7 - الشيخ سلطان العويد.
8 - د. بسام الغانم.
9 - د. عبدالعزيز قارئ.
10 - د. عبدالعزيز العبداللطيف.
وغير هؤلاء، ثم إن دار المصادر لديها لجنة علمية يقوم عليها بعض هؤلاء المشايخ، وقد أقرته اللجنة، ورغبوا أن يكون أول إصدارات الدار.
ولم يذكر أحد منهم هذه الملحوظات – وقد تكون فاتتهم – لكن الدكتور بسام حفظه الله ورعاه كان من الذين عُرض عليهم الكتاب، وكتب ملحوظاته، يقول د. خالد بأنه قرأها مرات متعددة قبل الشروع في طباعة الكتاب، واستفاد من بعضها، واحتفظ بهذه الملحوظات لينظر فيها حيناً بعد حين، لكنه لا يتفق مع الدكتور بسام في جملة من الملحوظات – وهي عامة التي في النكت -.
5. كان المُقترح أن يكون اسم الكتاب: منهج أهل السنة والجماعة في الرد على المخالف.
يقول الدكتور خالد، لكني لم أرغب بهذا العنوان لئلا أقع في خطأ في الفهم وأنسبه إلى أهل السنة، فأسميته (فقه الرد على المخالف).
6. ذكر الدكتور خالد أنه ليس بصدد الكلام على التفاصيل، لكن ذكر بعض الأمور موجزة، مثل:
أ - من عادته حينما يكتب أن يستقصي قدر الإمكان في تتبع المسألة التي يكتب فيها، كما يحرص على نفع القارئ قدر الإمكان فيحيله إلى من تطرق إلى هذه الجزئية، وذلك لا يعني أن ما ذُكر هناك يكفي عما أورده. وكان بالإمكان الاستغناء عن هذا.
ب - من الواضح في أول الكتاب وفي ثناياه أن المقصود بالرد ما هو أوسع من المجادلة أو المناظرة. وإنما ما يتبادر من إطلاق هذه العبارة، وذلك بالكتابة أو المشافهة، وهذا الذي جاء الكتاب لبيانه، وهو سبب تأليفه، فتجد الكلام فيه على حكم الرد، ومتى نرد، ومن المؤهل للرد، وكيف نرد.
وليس المقصود الرد بالسكوت أو بعراجين عمر رضي الله عنه، أو بالقتل، أو الزجر.
ت - أن المردود عليه أو المخالف لا يلزم أن يكون من أهل الأهواء، وهذا مذكور في أنواع أصحاب المخالفات وفي أنواع المخالفات، فقد يكون من أهل السنة لكنه وقع في خطأ، ومن هنا ذكر أن الرد يعارض الأُلفة.
ث - قد تُذكر بعض الآثار عن السلف أو مواقفهم لبيان أصل المسألة، كتفريقهم بين الأحوال أو الأمكنة أو الأشخاص، فتُذكر من أجل هذا، وإن كان الأثر المعين قد لا يرتبط بموضوع الرد بخصوصه.
ج - وهكذا حين يُذكر موقف بعض المتقدمين كالإمام أحمد، ثم موقف بعض من جاء بعدهم كشيخ الإسلام، فإن ذلك يُذكر لتقرير مراعاتهم الأحوال، والمصالح والمفاسد، فكلهم أهل سنة، وليس بلازم أن يكون الموقف المعين لواحد بعينه كان له فيه مسلك ثم المسلك تغير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ح - ذكر أن الدكتور بسام أشاد بكتابين في الموضوع، أما الدكتور خالد فذكر أنه قرأهما، أما أحدهما فقرأه قبل أن يطبع عام 1413هـ لكن له وجهة نظر أُخرى في الكتابين.
إلى غير ذلك مما ذكر.
يقول الدكتور خالد: بأنه مطمئن بأن ما ينفع الناس فسيمكث في الأرض، فإن كان الكتاب كذلك فسيبقى، وأما إن كان غير ذلك فسيذهب ويضمحل لأن الله يقول {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} [الرعد:17] كما نشاهد كثيراً من الكتب التي تخرجها المطابع.
وأشار إلى أنه ودَّ لو أنه طبع النكت مفرقة في مواضعها في كتابه فقه الرد من أجل أن يستفيد القارئ من هذه الملحوظات فقد يكون الحق في شيء منها فلا يفوت على القارئ.
وقال: لا أزعم أن كل ما كتبته صحيح، بل تختلف وجهات النظر فالإنسان يغير رأيه حيناً بعد حين.
كما لم يُرد تدبيج الكتاب بالمقدمات التي تطريه لئلا يَتَكَثََّر بالثناء، وإنما العبرة بالمحتوى والمادة والنية.
نماذج ومقتطفات من خطابات بعض المشايخ بعد قراءتهم الكتاب (قبل طبعه):
بسم الله الرحمن الرحيم
المكرم/ د. خالد السبت حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد سعدت بالكتاب الفذ (فقه الرد) وكم طربت فرحاً باكتماله، وهو كتاب فريد في بابه، نافع في موضوعه، عال في أسلوبه، ناضج في فكره، متين في مضمونه.
وإذا كان لابد من الاستدراك والتنبيه فما عندي سوى وجهات نظر تتعلق بالناحية المنهجية البحثية ... الخ.
من أخيكم ومحبكم: محمد بن حسين الجيزاني
22/ 04/1426هـ
~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ أبي عبدالرحمن حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فهذه بعض الملحوظات التي وقفت عليها في النسخة التي أرسلتها إليَّ من كتابكم
(فقه الرد) .....
اقترح أكثر من قرأ الكتاب أو اطلع على هذا البحث أن يكون له طبعتان:
الأولى: هذه كما هي، وهي مفيدة وقوية، ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك يوم تلقاه.
الثانية: مختصرة منها في رسالة صغيرة تصلح لعامة المثقفين غير المختصين.
أبو ياسر
د. محمد بن مطر الزهراني
(رحمه الله)
~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ الفاضل .................... سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد أكرمتني بقراءة كتاب " فقه الرد" لأخينا الشيخ الكريم أبي عبدالرحمن خالد بن عثمان السبت سدده الله ...
لقد انتفعت بهذا الكتاب، فاستفدت من غزارة معلوماته، وجودة ترتيبه، وحُسن عرضه، فجزى الله شيخنا كل خير على هذا الكتاب الماتع.
أخي ...... ليس عندي ملحوظات ذات بال .. لكني أقترح ......... الخ.
جزى الله أبا عبدالرحمن كل خير على كتابه فقه الرد وجعله في ميزان حسناته.
ملحوظة: حبذا أن يكون عنوان الكتاب أكثر حيوية وتشويقاً .. فغالب الكتب المعاصرة تكون عناوينها دون مضمونها .. بعكس الكتاب الذي بين أيدينا.
عبدالعزيز آل عبداللطيف
~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الشيخ الفاضل الأخ العزيز / خالد السبت وفقه الله وسدده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
1 - فأسأل الله تعالى أن يثيبكم على هذا السفر النفيس، والجمع الطيب المركز.
2 - دونت بعض الملاحظات التي هي من قبيل وجهة نظر فقط، وأنتم تتأملون ذلك وفقكم الله وأثابكم.
3 - هناك ملحوظة واقتراح:
* أما الملحوظة: فكثرة تداخل الفقرات وأقترح التقسيم إلى فصول ومطالب ومباحث –ونحوها- لتمييز بعضها عن بعض.
* أما الاقتراح فمن شقين:
أحدهما: إدخال الحواشي المشتملة على النصوص والروايات والآثار – إلى صلب البحث. حتى يكون بحثاً مطولاً متناسقاً في أفكاره ودلائله – ويطبع-.
والثاني: أن يختصر منه كتاب يحتوي على زبدة يسهل تداولها وقراءتها.
وفقكم الله وأعانكم ومعذرة للتأخر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
عبدالرحمن المحمود
04/ 11/1426هـ
ـ[الرابية]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 06:03]ـ
بارك الله فيك
وفي الشيخ المفسر خالد السبت حفظه الله
ـ[صالح العواد]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 01:26]ـ
جزى الله الشيخ خالد و الشيخ بسام خيرا ,
فقد عرفتهما من أهل العلم و الفضل , و هذا الذي جرى بينهما من ردود هو عند أهل العلم من قديم ولا يظن البعض أن هذا يورث الشحناء والبغضاء , بل هو من التعاون على البر و التقوى , فالتناصح و قبول النصيحة هو ديدن أئمة الإسلام والهدى من السلف , و ها نحن نراه واقعا بينهما. أسأل الله لهما السداد والتوفيق.
ـ[ممعن النظر]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 06:22]ـ
سمعت شيخنا العلامة عبدالكريم الخضير يثني على الشيخ د. خالد السبت.
ـ[ولد ناصر]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 05:49]ـ
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
هذا المقال م - - - - - - - - ننقول هذا المقال م - - - - - - - - - قو ل
(/)
أسرع رجل عرفه التاريخ كان صحابياً!!!
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 02:19]ـ
روى الإمام مسلم في حديث طويل قد تمّ اختصاره من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال:
ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِى بَعْضٍ وَاصْطلَحْنَا. قَالَ وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ
عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِى فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدُمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ وَتَرَكْتُ أَهْلِى وَمَالِى مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً
فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ فِى أَصْلِهَا - قَالَ - فَأَتَانِى أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَجَعَلُوا
يَقَعُونَ فِى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى وَعَلَّقُوا
سِلاَحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِى يَا لَلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ.
قَالَ فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِى ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ فَأَخَذْتُ سِلاَحَهُمْ. فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِى
يَدِى قَالَ ثُمَّ قُلْتُ وَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلاَّ ضَرَبْتُ الَّذِى فِيهِ عَيْنَاهُ.
قَالَ ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- - قَالَ - وَجَاءَ عَمِّى عَامِرٌ بِرَجُلٍ
مِنَ الْعَبَلاَتِ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ. يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ فِى
سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ
الْفُجُورِ وَثِنَاهُ» فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ
عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) الآيَةَ كُلَّهَا.
قالَ ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِى لَحْيَانَ جَبَلٌ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَغْفَرَ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَنْ رَقِىَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه
وسلم- وَأَصْحَابِهِ - قَالَ سَلَمَةُ - فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا مَعَهُ وَخَرَجْتُ
مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِىُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ وَقَتَلَ رَاعِيَهُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ
بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ - قَالَ -
ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيْتُ ثَلاَثًا يَا صَبَاحَاهْ. ثُمَّ خَرَجْتُ فِى آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ
بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَألْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّ سَهْمًا فِى رَحْلِهِ حَتَّى
خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ - قَالَ - قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَع وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ
أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ فَإِذَا رَجَعَ إِلَىَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَستُ فِى أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ حَتَّى إِذَا
(يُتْبَعُ)
(/)
تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِى تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهمْ بِالْحِجَارَةِ - قَالَ - فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ
أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ
ظَهْرِى وَخَلَّوْا بَيْنِى وَبَيْنَهُ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً وَثَلاَثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ
وَلاَ يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
وَأَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلاَنُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِىُّ فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ -
يَعْنِى يَتَغَدَّوْنَ - وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ قَالَ الْفَزَارِىُّ مَا هَذَا الَّذِى أَرَى قَالُوا لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ وَاللَّهِ
مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَىْءٍ فِى أَيْدِينَا. قَالَ فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قَالَ
فَصَعِدَ إِلَىَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِى الْجَبَلِ - قَالَ - فَلَمَّا أَمْكَنُونِى مِنَ الْكَلاَمِ - قَالَ - قُلْتُ هَلْ تَعْرِفُونِى قَالُوا لاَ
وَمَنْ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ أَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ وَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمّدٍ -صلى الله عليه وسلم- لاَ أَطْلُبُ رَجُلاً
مِنْكُمْ إِلاَّ أَدْرَكْتُهُ وَلاَ يَطْلُبُنِى رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَيُدْرِكَنِى قَالَ أَحَدُهُمْ أَنَا أَظُنُّ. قَالَ فَرَجَعُوا فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِى
حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ - قَالَ - فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ
الأَسَدِىُّ عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِىُّ وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِىُّ - قَالَ - فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ
الأَخْرَمِ - قَالَ - فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ قُلْتُ يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ لاَ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ. قَالَ يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ
فَلاَ تَحُلْ بَيْنِى وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ. قَالَ فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ - قَالَ - فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ
وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَوَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو
عَلَى رِجْلَىَّ حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِى مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ غُبَارِهِمْ شَيْئًا حَتَّى
يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ ليَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ - قَالَ -
فَنَظَرُوا إِلَىَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ - يَعْنِى أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ - فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً - قَالَ - وَيَخْرُجُونَ
فَيَشْتَدُّونَ فِى ثَنِيَّةٍ - قَالَ - فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِى نُغْضِ كَتِفِهِ. قَالَ قُلْتُ خُذْهَا
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوعُهُ بُكْرَةَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ
- قَالَ - وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ قَالَ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- -
قَالَ - وَلَحِقَنِى عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِى حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله
(يُتْبَعُ)
(/)
عليه وسلم- قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ وَكُلَّ شَىْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ وَإِذَا بِلاَلٌ نَحَرَ
نَاقَةً مِنَ الإِبِلِ الَّذِى اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْمِ وَإِذَا هُوَ يَشْوِى لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ
كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا - قَالَ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِى فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فَلاَ يَبْقَى
مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ - قَالَ - فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِى ضَوْءِ
النَّارِ فَقَالَ «يَا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلاً». قُلْتُ نَعَمْ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ. فَقَالَ «إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِى أَرْضِ
غَطَفَانَ». قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ نَحَرَ لَهُمْ فُلاَنٌ جَزُورًا فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا فَقَالُوا
أَتَاكُمُ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا هَارِبِينَ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كَانَ خَيْرَ
فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ». قَالَ ثُمَّ أعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
سَهْمَيْنِ سَهْمُ الْفَارِسِ وَسَهْمُ الرَّاجِلِ فَجَمَعَهُمَا لِى جَمِيعًا ثُمَّ أَرْدَفَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ - فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
لاَ يُسْبَقُ شَدًّا - قَالَ - فَجَعَلَ يَقُولُ أَلاَ مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ - قَالَ -
فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلاَمَهُ قُلْتُ أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا قَالَ لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى وَأُمِّى ذَرْنِى فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ قَالَ «إِنْ شِئْتَ». قَالَ قُلْتُ
اذْهَبْ إِلَيْكَ وَثَنَيْتُ رِجْلَىَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ - قَالَ - فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ أَسْتَبْقِى نَفَسِى ثُمَّ
عَدَوْتُ فِى إِثْرِهِ فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ثُمَّ إِنِّى رَفَعْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ - قَالَ - فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ -
قَالَ - قُلْتُ قَدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ قَالَ أَنَا أَظُنُّ. قَالَ فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.
أعتذر للإطالة
(/)
خير التابعين بشهادة المبلِّغ عن ربه الرسول الأمين
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 02:32]ـ
التابعي الجليل أُويس القرني
أسلم في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يره, قال فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم-:
((أنّ خير التابعين رجل يقال له أُويس)) رواه مسلم
وقال فيه: ((إنّ رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له, قد كان به بياض فدعا
الله فأذهبه عنه, ألاّ موضع الدينار أو الدرهم فمن لقيه منكم فليستغفر لكم)). رواه مسلم
لهذا كان الفاروق - رضي الله عنه وأرضاه- يبحث عنه بين وفود اليمن , حتى لقيه وأصرّ عمر أن يرى
موضع البياض, وطلب منه أن يستغفر له ففعل, وما رُؤيَ بعد ذلك خوفاً من الشهرة.
كان أويساً لا يظهر للناس بسبب العري حتى كساه أحدهم.
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 02:46]ـ
التابعي الجليل أُويس القرني
كان أويساً لا يظهر للناس بسبب العري حتى كساه أحدهم.
لم أفهم هذه الجزئيه هل تتكرم بايضاحها انت او من يعلم
جزاكم الله خير
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 07:54]ـ
من شدّةِ الفقر لم يكن لديه أي ثياب يخرج بها للناس
(/)
موقف في انتصاره عليه السلام لعائشة رضي الله عنها
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 02:43]ـ
موقف في إنتصاره عليه السلام لعائشة
كتاب قرأته واستفدت منه كثيراً وهو في الحقيقة من أروع ما قرأت في موضوعه
"الإنتصار لحقوق المؤمنات "
تأليف الأخت أم سلمة السلفية
وقدم له المحدث العلامة الحافظ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي
محدث الديار اليمنيّة رحمه الله رحمة واسعة
وأنصح الجميع لاقتنائه
فأحببت أن أشارككم في بعض ما فيه من العلم الوافر
-------------------------------------
روى البخاري رحمه الله في صحيحه (4750) في حديث الإفك:
-قالت أم رومان - أم عائشة رضي الله عنها - لعائشة: يا بنية، هوني عليك فوالله
لقلّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلّا أكثرن عليها.
وعن عروة بن الزبير قال: قالت عائشة رضي الله عنها:
ما علمتُ حتى دَخَلَتْ عليّ زينب بغير إذن وهي غَضْبَى ثمّ قالت: يا رسول الله،
أحسَبُكَ إذا قَلَبَت لك بُنيّة أبي بكر ذُرَيعَتَيها. ثمّ أقبلتْ عليَّ فأعرضتُ عنها حتى
قالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((دونكِ فانتصري))
فأقبلتُ عليها حتى رأيتُها وقد يبس ريقها في فيها ما تردّ عليّ شيئاً، فرأيت النبي
صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه.
-------------------------
رواه ابن ماجه بإسناد صحيح
وهو في "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين" (2/ 462).
(/)
معنى قول رسول الله في حجته: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)
ـ[حمد]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 06:31]ـ
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الخامس والعشرون
http://209.85.135.104/search?q=cache:HumBHCff0k0J:ww w.al-eman.com/islamLib/viewchp.asp%3FBID%3D252%26CID% 3D488+%22%D9%88%D9%82%D8%AF+%D 8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D 8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85% D8%A7%D9%86+%D9%83%D9%85%D8%A7 +%D9%83%D8%A7%D9%86%22&hl=ar&ct=clnk&cd=3&gl=sa
.. فإنه قد كانت العرب في جاهليتها قد غيرت ملة إبراهيم بالنسيء الذي ابتدعته، فزادت به في السنة شهرًا جعلتها كبيسًا؛ لأغراض لهم، وغيروا به ميقات الحج والأشهر الحرم، حتى كانوا يحجون تارة في المحرم، وتارة في صفر، حتى يعود الحج إلى ذي الحجة، حتى بعث الله المقيم لملة إبراهيم فوافى حجه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وقد استدار الزمان كما كان، ووقعت حجته في ذي الحجة، فقال في خطبته المشهورة في الصحيحين وغيرهما: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان). وكان قبل ذلك الحج لا يقع في ذي الحجة، حتى حجة أبي بكر سنة تسع كان في ذي القعدة، وهذا من أسباب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم الحج، وأنزل الله ـ تعالى ـ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [التوبة: 36].
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 10:24]ـ
جزاك الله خيراً
و أنا أحاول أن أجمع موضوعاً في علم الفلك عند ابن تيمية لعله يخرج قريباً في المنتدى
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 06:55]ـ
جزاك الله خيراً
و أنا أحاول أن أجمع موضوعاً في علم الفلك عند ابن تيمية لعله يخرج قريباً في المنتدى
لعلك لم تخطيء هذا الموضع:
سئل: - عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان "؟ فقال أحدهما كريان؛ وأنكر الآخر هذه المقالة وقال: ليس لها أصل وردها فما الصواب؟
فأجاب: السموات مستديرة عند علماء المسلمين وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام: مثل أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف. وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية. وإن كان قد أقيم على ذلك أيضا دلائل حسابية. ولا أعلم في علماء المسلمين المعروفين من أنكر ذلك؛ إلا فرقة يسيرة من أهل الجدل لما ناظروا المنجمين فأفسدوا عليهم فاسد مذهبهم في الأحوال والتأثير خلطوا الكلام معهم بالمناظرة في الحساب وقالوا على سبيل التجويز يجوز أن تكون مربعة أو مسدسة أو غير ذلك؛ ولم ينفوا أن تكون مستديرة لكن جوزوا ضد ذلك. وما علمت من قال إنها غير مستديرة - وجزم بذلك - إلا من لا يؤبه له من الجهال. ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} وقال تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون}. قال ابن عباس وغيره من السلف: في فلكة مثل فلكة المغزل. وهذا صريح بالاستدارة والدوران وأصل ذلك: أن " الفلك في اللغة " هو الشيء المستدير يقال تفلك ثدي الجارية إذا استدار ويقال لفلكة المغزل المستديرة فلكة؛ لاستدارتها. فقد اتفق أهل التفسير واللغة على أن " الفلك " هو المستدير والمعرفة لمعاني كتاب الله إنما تؤخذ من هذين الطريقين: من أهل التفسير الموثوق بهم من السلف ومن اللغة: التي نزل القرآن بها وهي لغة العرب. وقال تعالى: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قالوا: و " التكوير " التدوير يقال: كورت العمامة وكورتها: إذا دورتها ويقال: للمستدير كارة وأصله " كورة " تحركت
(يُتْبَعُ)
(/)
الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا. ويقال أيضا: " كرة " وأصله كورة وإنما حذفت عين الكلمة كما قيل في ثبة وقلة. والليل والنهار. وسائر أحوال الزمان تابعة للحركة؛ فإن الزمان مقدار الحركة؛ والحركة قائمة بالجسم المتحرك فإذا كان الزمان التابع للحركة التابعة للجسم موصوفا بالاستدارة كان الجسم أولى بالاستدارة. وقال تعالى: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} وليس في السماء إلا أجسام ما هو متشابه - فأما التثليث والتربيع والتخميس والتسديس وغير ذلك: ففيها تفاوت واختلاف بالزوايا والأضلاع - لا خلاف فيه ولا تفاوت؛ إذ الاستدارة التي هي الجوانب. وفي الحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره {عن جبير بن مطعم أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وهلك المال؛ وجاع العيال فاستسق لنا؛ فإنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله: فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه وقال: ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك إن عرشه على سمواته هكذا وقال بيده مثل القبة وأنه يئط به أطيط الرحل الجديد براكبه}. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العرش على السموات مثل القبة وهذا إشارة إلى العلو والإدارة. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفه عرش الرحمن} والأوسط لا يكون أوسط إلا في المستدير وقد قال إياس بن معاوية السماء على الأرض مثل القبة والآثار في ذلك لا تحتملها الفتوى؛ وإنما كتبت هذا على عجل. والحس مع العقل يدل على ذلك فإنه مع تأمل دوران الكواكب القريبة من القطب في مدار ضيق حول القطب الشمالي ثم دوران الكواكب المتوسطة في السماء في مدار واسع وكيف يكون في أول الليل وفي آخره؟ يعلم ذلك. وكذلك من رأى حال الشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها في الأوقات الثلاثة على بعد واحد وشكل واحد ممن يكون على ظهر الأرض علم أنها تجري في فلك مستدير وأنه لو كان مربعا لكانت وقت الاستواء أقرب إلى من تحاذيه منها وقت الطلوع والغروب ودلائل هذا متعددة. وأما من ادعى ما يخالف الكتاب والسنة فهو مبطل في ذلك وإن زعم أن معه دليلا حسابيا؛ وهذا كثير فيمن ينظر في " الفلك وأحواله " كدعوى جماعة من الجهال أنه يغلب وقت طلوع الهلال لمعرفة وقت ظهوره بعد استسراره بمعرفة بعده عن الشمس بعد مفارقتها وقت الغروب وضبطهم " قوس الرؤية " وهو الخط المعروض مستديرا - قطعة من دائرة - وقت الاستهلال؛ فإن هذه دعوى باطلة اتفق علماء الشريعة الأعلام على تحريم العمل بذلك في الهلال. واتفق أهل الحساب العقلاء على أن معرفة ظهور الهلال لا يضبط بالحساب ضبطا تاما قط؛ ولذلك لم يتكلم فيه حذاق الحساب؛ بل أنكروه؛ وإنما تكلم فيه قوم من متأخريهم تقريبا وذلك ضلال عن دين الله وتغيير له شبيه بضلال اليهود والنصارى عما أمروا به من الهلال إلى غاية الشمس وقت اجتماع القرصين الذي هو الاستسرار؛ وليس بالشهور الهلالية ونحو ذلك. و (النسيء الذي كان في العرب: الذي هو زيادة في الكفر - الذي يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما - ما ذكر ذلك علماء الحديث والسير والتفسير وغيرهم. وقد ثبت في الصحيحين عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته}. فمن أخذ علم الهلال الذي جعله الله مواقيت للناس والحج بالكتاب والحساب فهو فاسد العقل والدين. والحساب إذا صح حسابه أكثر ما يمكنه ضبط المسافة التي بين الشمس والقمر وقت الغروب مثلا وهو الذي يسمى بعد القمر عن الشمس لكن كونه يرى لا محالة أو لا يرى بحال لا يعلم بذلك. فإن " الرؤية " تختلف بعلو الأرض وانخفاضها وصفاء الجو وكدره وكذلك البصر وحدته ودوام التحديق وقصره وتصويب التحديق وخطؤه وكثرة المترائين وقلتهم وغلظ الهلال وقد لا يرى وقت الغروب. ثم بعد ذلك يزداد بعده عن الشمس فيزداد نورا ويخلص من الشعاع المانع من رؤيته؛ فيرى حينئذ. وكذلك لم يتفقوا على قوس واحد لرؤيته بل اضطربوا فيه كثيرا ولا أصل له وإنما مرجعه إلى العادة وليس لها ضابط حسابي. فمنهم من ينقصه عن عشر درجات. ومنهم: من يزيد. وفي الزيادة والنقص أقوال متقابلة من جنس أقوال من رام ضبط عدد التواتر الموجب لحصول العلم بالمخبر وليس له ضابط عددي إذ للعلم أسباب وراء العدد كما للرؤية. وهذا كله إذا فسر الهلال بما طلع في السماء وجعل وقت الغيم المطبق شكا أما إذا فسر الهلال بما استهله الناس وأدركوه وظهر لهم وأظهروا الصوت به: اندفع هذا بكل تقدير. والخلاف في ذلك مشهور بين العلماء في مذهب الإمام أحمد وغيره والثاني قول الشافعي وغيره. والله أعلم.
============================
منقول عن موقع الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 07:42]ـ
جزاك الله خيراً يا أخ عبد الله الشهري
و المواضع التي تكلم فيها شيخ الإسلام في الفلك موجودة في فهرسة مجموع الفتاوى لآل قاسم، و لعل منها هذا الموضع
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 01:42]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_ في مجموعة الفتاوى: (اعلم أن الأرض قد اتفقوا على أنها كروية الشكل، وهي في الماء المحيط بأكثرها؛ إذ اليابس السدس وزيادة بقليل، والماء ـ أيضًا ـ مقبب من كل جانب للأرض، والماء الذي فوقها بينه وبين السماء كما بيننا وبينها مما يلى رؤوسنا، وليس تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز؛ فلا يكون لنا جهة بينة إلا جهتان: العلو والسفل، وإنما تختلف الجهات باختلاف الإنسان.
فعلو الأرض وجهها من كل جانب، وأسفلها ما تحت وجهها ـ ونهاية المركز ـ هو الذي يسمى محط الأثقال، فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة إلى المركز يكون هبوطًا، ومنه إلى وجهها صعودًا، وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كُرِّية، وكذا الباقي. والكرسي فوق الأفلاك كلها، والعرش فوق الكرسي، ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فَلاة، والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة.
والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والإجماع، فإن لفظ [الفلك] يدل على الاستدارة، ومنه قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]؛ قال ابن عباس: في فلكة كفلكة المغزل، ومنه قولهم: تَفَلَّكَ ثدى الجارية: إذا استدار، وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك.
وأما [العرش] فإنه مقبب، لما روى في السنن لأبي داود عن جبير بن مطعم قال: أتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يارسول اللّه، جهدت الأنفس، وجاع العيال، وذكر الحديث إلى أن قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (إن اللّه على عرشه، وإن عرشه على سمواته وأرضه كهكذا) وقال بإصبعه مثل القبة.
ولم يثبت أنه فلك مستدير مطلقًا، بل ثبت أنه فوق الأفلاك وأن له قوائم، كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد قال: جاء رجل من إليهود إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد لُطِم وجهُه فقال: يامحمد، إن رجلا من أصحابك لَطم وجهى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ادعوه) فدعوه. فقال: (لم لطمتَ وجهَه؟) فقال: يارسول اللّه، إني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفي موسى على البشر، فقلت: يا خبيث، وعلى محمد، فأخذتني غضبة فلطمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يُصعَقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جُوزِى بِصَعْقَة الطور؟).
وفي [علوه] قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلاها، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة).
فقد تبين بهذه الأحاديث أنه أعلى المخلوقات وسقفها، وأنه مقبب وأن له قوائم، وعلى كل تقدير فهو فوق، سواء كان محيطًا بالأفلاك أو غير ذلك، فيجب أن يعلم أن العالم العلوي والسفلى بالنسبة إلى الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ في غاية الصغر؛ لقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية [الأنعام: 91، الزمر: 67].
هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33]، وقال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] قال ابن عباس: في فلكة مثل فلكة المغزل، وهكذا هو في لسان العرب: الفلك: الشيء المستدير، ومنه يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار، قال تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: 5]، والتكوير هو التدوير، ومنه قيل: كار العمامة وكورها، إذا أدارها، ومنه قيل: للكرة: كرة، وهي الجسم المستدير؛
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا يقال للأفلاك: كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقبلت ألفا، وكورت الكارة، إذا دورتها، ومنه الحديث: (إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم)، وقال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5]، مثل حسبان الرحا، وقال: {مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} [الملك: 3]، وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث، أو المربع، أو غيرهما، فإنه يتفاوت؛ لأن زواياه مخالفة لقوائمه، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي، ليس بعضه مخالفا لبعض.)
وقال أيضا (وهذا هو الذي أوقع الاتحادية في قولهم: هو نفس الموجودات؛ إذ لم تجد قلوبهم موجودًا إلا هذه الموجودات، إذا لم يكن فوقها شيء آخر، وهذا من المعارف الفطرية الشهودية الوجودية: أنه ليس إلا هذا الوجود المخلوق، أو وجود آخر مباين له متميز عنه، لاسيما إذا علموا أن الأفلاك مستديرة وأن الأعلى هو المحيط؛ فإنهم يعلمون أنه ليس إلا هذا الوجود المخلوق، أو موجود فوقه.)
وقال (إنه لقائل أن يقول: لم يثبت بدليل يعتمد عليه أن العرش فلك من الأفلاك المستديرة الكرية الشكل، لا بدليل شرعي، ولا بدليل عقلي.
وإنما ذكر هذا طائفة من المتأخرين، الذين نظروا في علم الهيئة وغيرها من أجزاء الفلسفة، فرأوا أن الأفلاك تسعة، وأن التاسع ـ وهو الأطلس ـ محيط بها، مستدير كاستدارتها، وهو الذي يحركها الحركة المشرقية، وإن كان لكل فلك حركة تخصه غير هذه الحركة العامة، ثم سمعوا في أخبار الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ ذكر عرش الله، وذكر كرسيه، وذكر السموات السبع، فقالوا بطريق الظن: إن العرش هو: الفلك التاسع، لاعتقادهم أنه ليس وراء التاسع شىء، إما مطلقًا وإما أنه ليس وراءه مخلوق.)
وقال رحمه الله (والشمس والقمر في الفلك، كما أخبر الله ـ تعالى ـ لا تنتقل من سماء إلى سماء.
وليست السموات متصلة بالأرض، لا على جبل قاف ولا غيره، بل الأفلاك مستديرة، كما أخبر الله ورسوله، وكما ذكر ذلك علماء المسلمين وغيرهم، فذكر أبو الحسين ابن المنادي، وأبو محمد بن حزم، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهم إجماع المسلمين على أن الأفلاك مستديرة، وقال ابن عباس في قوله: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} قال: في فلكة مثل فلكة المغزل، والفلك في لغة العرب الشىء المستدير، يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار.)
وقال أيضا (ولما كانت الأفلاك مستديرة، ولم يمكن معرفة حسابها إلا بمعرفة الهندسة وأحكام الخطوط المستقيمة والمنحنية، تكلموا في [الهندسة] لذلك ولعمارة الدنيا؛ فلهذا صاروا يتوسعون في ذلك، وإلا فلو لم يتعلق بذلك غرض إلا مجرد تصور الأعداد والمقادير، لم تكن هذه الغاية مما يوجب طلبها بالسعي المذكور، وربما كانت هذه غاية لبعض الناس الذين يتلذذون بذلك، فإن لذات النفوس أنواع، ومنهم من يلتذ بالشطرنج والنرد والقمار، حتى يشغله ذلك عما هو أنفع له منه.
ورأى الطالب أن هذا مرتبته فوق مرتبة الفقهاء الذين إنما يعرفون الشرع الظاهر، وفوق مرتبة المحدث الذي غايته أن ينقل ألفاظًا لا يعلم معانيها، وكذلك المقرى والمفسر، ورأى من يعظمه من أهل الكلام، إما موافق لهم وإما خائف منهم، ورأى بحوث المتكلمين معهم في مواضع كثيرة لم يأتوا بتحقيق يبين فساد قولهم، بل تارة يوافقونهم على أصول لهم تكون فاسدة، وتارة يخالفونهم في أمر قالته الفلاسفة ويكون حقًا، مثل من يرى كثيرًا من المتكلمين يخالفهم في أمور طبيعية ورياضية ظانًا أنه ينصر الشرع، ويكون الشرع موافقًا لما اعلم بالعقل، مثل استدارة الأفلاك، فإنه لم يُعْلَمْ بين السلف خِلاَفٌ في أنها مستديرة والآثار بذلك معروفة، والكتاب والسنة قد دلا على ذلك. وكذلك استحالة الأجسام بعضها إلى بعض، هو مما اتفق عليه الفقهاء، كما قال هؤلاء، إلى أمور أخر.)
وقال رضي الله عنه (فأما قوله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: 96]، وقوله: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5]، فقد قيل: هو من الحساب. وقيل: بحسبان كحسبان الرحا، وهو دوران الفلك، فإن هذا مما لا خلاف فيه، بل قد دل الكتاب والسنة وأجمع علماء الأمة على مثل ما عليه أهل المعرفة من أهل الحساب من أن الأفلاك مستديرة لا مسطحة.)
(/)
لو ألقيَ في النار ما احترق!!!!!
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 08:10]ـ
روى الامام مسلم رحمه الله في صحيحه, وهو جزء من حديث طويل:
إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ.
قال بن كثير رحمه الله:
اي لو غسل الماء المحل المكتوب فيه لما احتيج الى ذلك المحل.
وفي الحديث الاخر الذي رواه الدارمي في سننه:
عن بن عامر قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لو جعل القرآن في إهاب ثم أُلقيَ في النار ما احترق.
قال بن كثير رحمه الله:
لانه محفوظ في الصدور,
ميسَّر على الألسنة ,
مهيمن على القلوب ,
معجز لفظا و معنى.
فان دماغ و صدر حامل القران الكريم يصبح وعاء يحفظ الله عز وجل به كتابه الكريم
قال تعالى في سورة العنكبوت:
(بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49))
اللهم اجعلنا من اهل القران الذين هم اهلك وخاصتك
وفقهنا في ديننا واحفظنا بحفطك
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 05:31]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 07:22]ـ
وفيك بارك الله
(/)
لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا!!!
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 08:41]ـ
هذه سنة من سنن المصطفى قد أماتها الناس
قال صلى الله عليه وسلم:
" حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار ".
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" 1/ 25:
رواه الطبراني (1/ 19 / 1) حدثنا علي بن عبد العزيز أنبأنا محمد بن أبي نعيم
الواسطي أنبأنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال:
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي كان يصل الرحم و كان
و كان فأين هو؟ قال: في النار، فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال: يا رسول
الله فأين أبوك؟ قال: فذكره \وفي رواية مسلم فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ
قال: فأسلم الأعرابي بعد ذلك، فقال: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعبا: ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
و في هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه، ألا و هي مشروعية تبشيرالكافر
بالنار إذا مر بقبره. و لا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن
و تذكيره بخطورة جرم هذا الكافر حيث ارتكب ذنبا عظيما تهون ذنوب الدنيا كلها
تجاهه و لو اجتمعت، و هو الكفر بالله عز و جل و الإشراك به الذي أبان الله
تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه من المغفرة فقال: (إن الله لا يغفر أن
يشرك به، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، و لهذا قال صلى الله عليه وسلم:
" أكبر الكبائر أن تجعل لله ندا و قد خلقك " متفق عليه.
ـ[أنس ع ح]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 09:16]ـ
يعني إذا مررت بقبر كافر أخاطبه وأقول أبشرك أنك أنت في النار ... !!؟
ـ[حمد]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 01:43]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2176
ـ[أبو فايزة]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 03:33]ـ
جزاك الله خيرا يا اخ ايمن عبدالله عبدالفتاح
واقول للاخ انس ع ح: الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاك به وفضلنا على كثير من عباده تفضيلا
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 07:26]ـ
بكلِّ بساطة تشير السبابة وتقول له/لهم أبشر بالنار, أبشر بالنار, أبشر بالنار
ـ[أنس ع ح]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 11:37]ـ
/// جزاك الله خيراً أخي حمد على هذه الإحالة , وكما يظهر فإن صحة الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم تحتاج لمزيد تأمّل ,
<حيث أنه روي من طريقين:
أحدهما: طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلاً ,
وثانيهما: الطريق الذي ذكر هنا وهو طريق: إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد حكم على أن الطريق المرسل أنه الأصح:
1 - أبو حاتم الرازي في العلل (2/ 256).
2 - الدارقطني في العلل (4/ 334) وذكر في الأفراد (1/ 324) أن إبراهيم بن سعد تفرد به.>
فالله أعلم ... ولأمانة العلمية فإني نقلت ما مضى <ما بين القوسين> من الرابط الذي وضعه الأخ حمد وهو: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2176
/// أخي أبو فايزة أثابك الله , فإني أعلم أن هذا الدعاء يقال عندما ترى مريضاً والله أعلم , وإني أنصح نفسي وأنصحك أن تتفهم قصد الكاتب عن كتابته وقصد المتحدث عن حديثه , وأعتقد أن الأخ أيمن عبدألله عبدألفتاح جزاه الله خيراً , فهم قصدي , وهو / ما طريقة العمل بهذا الحديث إن صحّ؟ فأجابني ... فجزاه الله خيراً ...
* والحمد لله أولاً وآخراً.
(/)
(منقول) الصيام والحياة الإيجابية للدكتور غازي بن مرشد العتيبي
ـ[مؤيد الحق]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 06:15]ـ
http://www.lojainiat.com/index.php?action=showMaqal&id=5484
كيف يمكن للصائم أن يحيا في رمضان حياة إيجابية
؟ وهل هناك طريقة عملية تعين على هذه الحياة الإيجابية؟
- هذا سؤال مهم جدا لا يعرف قدره إلا من وفقه الله ونوَّر بصيرته؛ لأن من عاش الحياة الطيبة في الدنيا عاش الحياة الطيبة في الآخرة , كما قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل97.
ويمكن تلخيص جواب هذا السؤال في العناصر التالية:
1 - أول أركان الحياة الإيجابية في رمضان (وفي غيره) الإخلاص لله تعالى , وذلك بأن تنوي بصيامك وجه الله تعالى , وتحتسب الأجر عنده , وقد نبه الني صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه " رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2 - احرص على التخلص من العادات السيئة إذا كانت موجودة لديك؛ كالتدخين , والجلوس في الاستراحات والكازينوهات على الأمور المحرمة أو التي أقل أحوالها أنها تقتل الأوقات , وكالسب والشتم والحسد والكذب ....... , واستبدال هذه العادات بأضدادها , وتذكر أن الله تعالى قال في أهل الجنة: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} الحج24.
3 - اغتنم كل دقيقة من رمضان , ولا تجعل لحظة منه تذهب في غير ما فائدة , واحذر من تضييع زمانك فإن كل لحظة تذهب منه لا عوض لها.
وما أحسن قول البخاري:
اغتنم في الفراغ فضل ركوع
فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيح مات من غير سقم
ذهبت نفسه الصحيحة فلته.
ومن مظاهر تضييع الأوقات في رمضان: كثرة النوم في النهار , ولعب الكرة لساعات طويلة حتى في العشر الأواخر!! , وكثرة الذهاب للأسواق , وبقاء المرأة في المطبخ سحابة يومها ...... .
4 - اجعل رمضان فرصة للمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد , وحاول أن يؤذن المؤذن وأنت في المسجد , واستغل ما بين الأذان والإقامة في القراءة والدعاء واللجوء إلى الله.
واحذر أن تفوتك صلاة الجماعة في المسجد.
5 - اجعل لك ورداً من القرآن لا تُخِلَّ به , واحرص على تأمل معاني الآيات , وترديد الآيات التي تجد أنها تؤثر على قلبك , والبكاء أو التباكي عند قراءة القرآن , وستجد أثر ذلك على قلبك حتى بعد رمضان.
6 - واظب على صلاة التراويح , واستعد لها بالتطيب والسواك , وأكملها مع الإمام حتى يُكتب لك قيام ليلة كاملة من غروب الشمس إلى طلوعها , يقول صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة " فما أعظم رحمة الله وفضله!! قيام ساعة أو أقل يكتب به قيام ليلة كاملة!!.
7 - إن استطعت أن يكون معك دراهم للصدقة , بحيث تتصدق كل يوم ولو بريال أو أقل فافعل؛ فإن الصدقة تطفئ الخطيئة وتدفع ميتة السوء.
8 - من الصدقة تفطير الصائمين على الوجه المشروع , أما الإسراف بدعوى تفطير الصائمين ثم وضع ما زاد في المزابل فذلك مجلبة للإثم!
9 - بادر في العمرة في رمضان فإنها تعدل في الأجر حجةً مع أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم , واحرص على أن تكون مع صحبة طيبة تُعينك على الخير إذا كسلت , وتُعلِّمك إذا جهلت.
وقبل الدخول في العمرة ينبغي لك أن تتعلم أحكامها؛ إما بسؤال أهل العلم , وإما بقراءة كتاب موثوق ككتاب التحقيق والإيضاح لأحكام الحج والعمرة للعلاَّمة ابن باز رحمه الله.
وإذا أشكل عليك شيء فبادر بالسؤال , ولا تكن كمن يقع في محظور أو يحتاج لمعرفة بعض الأمور ثم لا يسأل إلا بعد بضع سنين!!
10 - جاهد النفسَ على الخير , ورابط على الطاعة , وكن في يومك خير من أمسك , واعلم أن المحبوبات لا تُنال إلا باحتمال المكروهات , والسيادة في الدنيا والسعادة في العقبى لا تكون إلا على جسر التعب.
برنامج عملي
يصعب وضع برنامج موحد لكل الناس؛ لأن ظروفهم وأحوالهم تختلف من شخص لآخر , لكن هناك أمور ينبغي مراعاتها , وهي:
1 - صلاة الفجر في المسجد مع الجماعة.
2 - الاشتغال بقراءة القرآن وذكر الله بعد الصلاة حتى يخرج وقت النهي (يخرج إذا ارتفعت الشمس بمقدار رمح في نظر الناظر).
3 - صلاة ركعتي الإشراق.
4 - الحرص على الاستفادة من بقية الوقت فيما ينفع مع أخذ قسط من الراحة للاستعانة بها على الطاعة , ومن نام محتسباً ذلك عند الله (أي يقصد بنومه أن ينشط للعبادة ويقوى عليها) كتب الله أجر قومته وأجر نومته.
5 - الالتجاء إلى الله قُبَيل الإفطار بالدعاء والإلحاح في السؤال فإن هذا الموضع مظنَّة للإجابة.
6 - بعد الإفطار ينبغي الاشتغال بقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستعداد لصلاة العشاء والتراويح.
7 - لا مانع من الترفيه عن النفس ببعض الأمور المباحة حتى لا تمل النفس (لمن احتاج لذلك).
8 - اخذ قسط من الراحة في الليل.
9 - التسحر , ويستحب تأخيره , ثم انطلق للمسجد انتظارا لصلاة الفجر , ولا ترجع للفراش بعد السحور حتى لا تفوت عليك الصلاة.
فمن واظب على ذلك يُرجى له أن يحيى حياة طيبة إن شاء الله.
وبالله التوفيق .........
(/)
فليحذر المسلم من: ((سنطيعكم في بعض الأمر)) .. لفتة طيبة للشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 08:53]ـ
فليحذر المسلم من: ((سنطيعكم في بعض الأمر)) ..
قال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله تعالى - كما في (المدخل المفصل .. :1/ 9): "ومن تعظيمه – سبحانه – لشريعته: أن من خرج على نظامها الفطري الصافي من الدخل، ولم يحكمها، فقد حكم الله عليه، بأنه: كافر. ظالم. فاسق. في ثلاث آيات من [سورة المائدة:44 - 45 - 47].
وانظر إلى هذه الآيات من سورة محمد، كأنما أنزلت الساعة – والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب – قال الله – تعالى -: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} [الآيات:25 - 26 - 27 - 28].
فليحذر المسلم من: ((سنطيعكم في بعض الأمر)).
وليلتفت المسلم إلى هذا العقاب الكبير: ((إحباط الأعمال)) لمن اتبع ما يسخط الله، مثل: طاعة الكافرين، في تحكيم القوانين الوضعية، فإنه محبط للأعمال!
إلى غير ذلك من: نواقض الإسلام، و نواقض الإيمان، وكل هذا من تعظيم هذا الدين، وتعظيم شعائره، ورعاية حرمته، وحفظه من العاديات عليه".اهـ
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 03:53]ـ
جزاك و جزاه الله خيراً
و كأني رأيت لشيخه الشنقيطي هذا الاستدلال
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 08:16]ـ
جزاك و جزاه الله خيراً
و كأني رأيت لشيخه الشنقيطي هذا الاستدلال
و إياكم أخي الكريم ..
وهل بالإمكان البحث عنه و نقله هنا - إن وجد -وأنا شاكر لك ..
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 05:59]ـ
الشنقيطي رحمه الله استدل بهذه الآيات
و لعلي كنت قرأت (و إن أطعنموهم إنكم لمشركون) و ليس (سنطيعكم في بعض الأمر) و كلها في الطاعة
قال: مسألة
اعلم أن الله جل وعلا بين في آيات كثيرة، صفات من يستحق أن يكون الحكم له، فعلى كل عاقل أن يتأمل الصفات المذكورة، التي سنوضحها الآن إن شاء الله، ويقابلها مع صفات البشر المشرعين للقوانين الوضعية، فينظر هل تنطبق عليهم صفات من له التشريع.
سبحان الله وتعالى عن ذلك.
فإن كانت تنطبق عليهم ولن تكون، فليتبع تشريعهم.
وإن ظهر يقينا أنهم أحقر وأخس وأذل وأصغر من ذلك، فليقف بهم عند حدهم، ولا يجاوزه بهم إلى مقام الربوبية.
سبحانه وتعالى أن يكون له شريك في عبادته، أو حكمه أو ملكه.
فمن الآيات القرآنية التي أوضح بها تعالى صفات من له الحكم والتشريع قوله هنا:) وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله (، ثم قال مبينا صفات من له الحكم) ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير له مقليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إنه بكل شيء عليم (.
فهل في الكفرة الفجرة المشرعين للنظم الشيطانية، من يستحق أن يوصف بأنه الرب الذي تفوض إليه الأمور، ويتوكل عليه، وأنه فاطر السماوات والأرض أي خالقهما ومخترعهما، على غير مثال سابق، وأنه هو الذي خلق للبشر أزواجا، وخلق لهم أزواج الأنعام الثمانية المذكورة في قوله تعالى:) ثمانية أزواج من الضأن اثنين (، وأنه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير وأنه له مقاليد السماوات والأرض، وأنه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي يضيقه على من يشاء) وهو بكل شيء عليم (.
فعليكم أيها المسلمون أن تتفهموا صفات من يستحق أن يشرع ويحلل ويحرم، ولا تقبلوا تشريعا من كافر خسيس حقير جاهل.
ونظير هذه الآية الكريمة قوله تعالى) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (، فقوله فيها:) فردوه إلى الله (كقوله في هذه) فحكمه إلى الله (.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد عجب نبيه صلى الله عليه وسلم بعد قوله:) فردوه إلى الله (من الذين يدعون الإيمان مع أنهم يريدون المحاكمة، إلى من لم يتصف بصفات من له الحكم، المعبر عنه في الآية بالطاغوت، وكل تحاكم إلى غير شرع الله فهو تحاكم إلى الطاغوت، وذلك في قوله تعالى:) ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا (.
فالكفر بالطاغوت، الذي صرح الله بأنه أمرهم به في هذه الآية، شرط في الإيمان كما بينه تعالى في قوله:) فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى (.
فيفهم منه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يتمسك بالعروة الوثقى، ومن لم يستمسك بها فهو مترد مع الهالكين.
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:) له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك فى حكمه أحدا (.
فهل في الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأن له غيب السماوات والأرض؟ وأن يبالغ في سمعه وبصره لإحاطة سمعه بكل المسموعات وبصره بكل المبصرات؟
وأنه ليس لأحد دونه من ولي؟
سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا؟
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:) ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون (.
فهل في الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأنه الإله الواحد؟ وأن كل شيء هالك إلا وجهه؟ وأن الخلائق يرجعون إليه؟
تبارك ربنا وتعاظم وتقدس أن يوصف أخس خلقه بصفاته.
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:) ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (.
فهل في الكفرة الفجرة المشرعين النظم الشيطانية، من يستحق أن يوصف في أعظم كتاب سماوي، بأنه العلي الكبير؟
سبحانك ربنا وتعاليت عن كل ما لا يليق بكمالك وجلالك.
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:) وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضيآء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (.
فهل في مشرعي القوانين الوضعية، من يستحق أن يوصف بأن له الحمد في الأولى والآخرة، وأنه هو الذي يصرف الليل والنهار مبينا بذلك كمال قدرته، وعظمة إنعامه على خلقه.
سبحان خالق السماوات والأرض، جل وعلا أن يكون له شريك في حكمه أو عبادته، أو ملكه.
ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:) إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (.
فهل في أولئك من يستحق أن يوصف بأنه هو الإله المعبود وحده، وأن عبادته وحده هي الدين القيم؟
سبحان الله وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
ومنها قوله تعالى:) إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون (.
فهل فيهم من يستحق أن يتوكل عليه، وتفوض الأمور إليه؟
ومنها قوله تعالى:) وأن احكم بينهم بمآ أنزل الله ولا تتبع أهوآءهم واحذرهم أن
يفتنوك عن بعض مآ أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (.
فهل في أولئك المشرعين من يستحق أن يوصف بأن حكمه بما أنزل الله وأنه مخالف لاتباع الهوى؟ وأن من تولى عنه أصابه الله ببعض ذنوبه؟ لأن الذنوب لا يؤاخذ بجميعها إلا في الآخرة؟ وأنه لا حكم أحسن من حكمه لقوم يوقنون؟
سبحان ربنا وتعالى عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله.
ومنها قوله تعالى:) إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين (.
فهل فيهم من يستحق أن يوصف بأنه يقص الحق، وأنه خير الفاصلين؟
ومنها قوله تعالى:) أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا (.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهل في أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذي أنزل هذا الكتاب مفصلا، الذي يشهد أهل الكتاب أنه منزل من ربك بالحق، وبأنه تمت كلماته صدقا وعدلا أي صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام، وأنه لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم؟
سبحان ربنا ما أعظمه وما أجل شأنه.
ومنها قوله تعالى:) قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون (.
فهل في أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذي ينزل الرزق للخلائق، وأنه لا يمكن أن يكون تحليل ولا تحريم إلا بإذنه؟ لأن من الضروري أن من خلق الرزق وأنزله هو الذي له التصرف فيه بالتحليل والتحريم؟
سبحانه جل وعلا أن يكون له شريك في التحليل والتحريم.
ومنها قوله تعالى:) ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الكافرون (.
فهل فيهم من يستحق الوصف بذلك؟
سبحان ربنا وتعالى عن ذلك.
ومنها قوله تعالى:) ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم (.
فقد أوضحت الآية أن المشرعين غير ما شرعه الله إنما تصف ألسنتهم الكذب، لأجل أن يفتروه على الله، وأنهم لا يفلحون وأنهم يمتعون قليلا ثم يعذبون العذاب الأليم، وذلك واضح في بعد صفاتهم من صفات من له أن يحلل ويحرم.
ومنها قوله تعالى:) قل هلم شهدآءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم (.
فقوله:) هلم شهداءكم (صيغة تعجيز، فهم عاجزون عن بيان مستند التحريم. وذلك واضح في أن غير الله لا يتصف بصفات التحليل ولا التحريم. ولما كان التشريع وجميع الأحكام، شرعية كانت أو كونية قدرية، من خصائص الربوبية. كما دلت عليه الآيات المذكورة كان كل من اتبع تشريعا غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرع ربا، وأشركه مع الله.
والآيات الدالة على هذا كثيرة، وقد قدمناها مرارا وسنعيد منها ما فيه كفاية، فمن ذلك وهو من أوضحه وأصرحه، أنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقعت مناظرة بين حزب الرحمن، وحزب الشيطان، في حكم من أحكام التحريم والتحليل وحزب الرحمن يتبعون تشريع الرحمن، في وحيه في تحريمه، وحزب الشيطان يتبعون وحي الشيطان في تحليله.
وقد حكم الله بينهما وأفتى فيما تنازعوا فيه فتوى سماوية قرآنية تتلى في سورة الأنعام.
وذلك أن الشيطان لما أوحى إلى أوليائه فقال لهم في وحيه: سلوا محمدا عن الشاة تصبح ميتة من هو الذي قتلها؟ فأجابوهم أن الله هو الذي قتلها.
فقالوا: الميتة إذا ذبيحة الله، وما ذبحه الله كيف تقولون إنه حرام؟ مع أنكم تقولون
إنما ذبحتموه بأيديكم حلال، فأنتم إذا أحسن من الله وأحل ذبيحة.
فأنزل الله بإجماع من يعتد به من أهل العلم قوله تعالى:) ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه (يعني الميتة أي وإن زعم الكفار أن الله ذكاها بيده الكريمة بسكين من ذهب:) وإنه لفسق (والضمير عائد إلى الأكل المفهوم من قوله:) ولا تأكلوا (وقوله:) لفسق (أي خروج عن طاعة الله، واتباع لتشريع الشيطان:) وإن الشياطين ليوحون إلى أوليآئهم ليجادلوكم (. أي بقولهم: ما ذبحتموه حلال وما ذبحه الله حرام، فأنتم إذا أحسن من الله، وأحل تذكية، ثم بين الفتوى السماوية من رب العالمين، في الحكم بين الفريقين في قوله تعالى:) وإن أطعتموهم إنكم لمشركون (فهي فتوى سماوية من الخالق جل وعلا صرح فيها بأن متبع تشريع الشيطان المخالف لتشريع الرحمن مشرك بالله.
وهذه الآية الكريمة مثل بها بعض علماء العربية لحذف اللام الموطئة للقسم، والدليل على اللام الموطئة المحذوفة عدم اقتران جملة إنكم لمشركون بالفاء، لأنه لو كان شرطا لم يسبقه قسم لقيل: فإنكم لمشركون على حد قوله في الخلاصة: وهذه الآية الكريمة مثل بها بعض علماء العربية لحذف اللام الموطئة للقسم، والدليل على اللام الموطئة المحذوفة عدم اقتران جملة إنكم لمشركون بالفاء، لأنه لو كان شرطا لم يسبقه قسم لقيل: فإنكم لمشركون على حد قوله في الخلاصة: واقرن بفا حتما جوابا لو جعل
شرطا لأن أو غيرها لم ينجعل
وهو مذهب سيبويه، وهو الصحيح، وحذف الفاء في مثل ذلك من ضرورة الشعر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما زعمه بعضهم من أنه يجوز مطلقا، وأن ذلك دلت عليه آيتان من كتاب الله.
إحداهما قوله تعالى:) وإن أطعتموهم إنكم لمشركون (.
والثانية قوله تعالى:) ومآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم (بحذف الفاء في قراءة نافع وابن عامر من السبعة خلاف التحقيق.
بل المسوغ لحذف الفاء في آية:) إنكم لمشركون (تقدير القسم المحذوف قبل الشرط المدلول عليه بحذف الفاء على حد قوله في الخلاصة: بل المسوغ لحذف الفاء في آية:) إنكم لمشركون (تقدير القسم المحذوف قبل الشرط المدلول عليه بحذف الفاء على حد قوله في الخلاصة: واحذف لدى اجتماع شرط وقسم
جواب ما أحرت فهو ملتزم
وعليه: فجملة إنكم لمشركون جواب القسم المقدر، وجواب الشرط محذوف فلا دليل في الآية لحذف الفاء المذكور.
والمسوغ له في آية) بما كسبت أيديكم (أن) ما (في قراءة نافع وابن عامر موصولة كما جزم به غير واحد من المحققين، أي والذي أصابكم من مصيبة كائن وواقع بسبب ما كسبت أيديكم.
وأما على قراءة الجمهور: فما موصولة أيضا، ودخول الفاء في خبر الموصول جائز كما أن عدمه جائز فكلتا القراءتين جارية على أمر جائز.
ومثال دخول الفاء في خبر الموصول قوله تعالى:) الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (وهو كثير في القرآن وقال بعضهم: إن) ما (في قراء الجمهور شرطية، وعليه فاقتران الجزاء بالفاء واجب أما على قراءة نافع وابن عامر، فهي موصولة ليس إلا كما هو التحقيق إن شاء الله.
وكون) ما (شرطية على قراءة وموصولة على قراءة لا إشكال فيه. لما قدمنا من أن القراءتين في الآية الواحدة كالآيتين.
ومن الآيات الدالة على نحو ما دلت عليه آية الأنعام المذكورة قوله تعالى:) إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون (، فصرح بتوليهم للشيطان أي باتباع ما يزين لهم من الكفر والمعاصي مخالفا لما جاءت به الرسل، ثم صرح بأن ذلك إشراك به في قوله تعالى:) والذين هم به مشركون (وصرح أن الطاعة في ذلك الذي يشرعه الشيطان لهم ويزينه عبادة للشيطان.
ومعلوم أن من عبد الشيطان فقد أشرك بالرحمان قال تعالى:) ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا (، ويدخل فيهم متبعوا نظام الشيطان دخولا أولياء) أفلم تكونوا تعقلون (.
ثم بين المصير الأخير لمن كان يعبد الشيطان في دار الدنيا، في قوله تعالى:) هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون اليوم نختم على أفواههم وتكلمنآ أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون (وقال تعالى: عن نبيه إبراهيم) يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا (فقوله:
) لا تعبد الشيطان (: أي باتباع ما يشرعه من الكفر والمعاصي، مخالفا لما شرعه الله.
وقال تعالى:) إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا (فقوله:) وإن يدعون إلا شيطانا (يعني ما يعبدون إلا شيطانا مريدا.
وقوله تعالى:) ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون (.
فقوله تعالى:) بل كانوا يعبدون الجن (أي يتبعون الشياطين ويطيعونهم فيما يشرعون ويزينون لهم، من الكفر والمعاصي على أصح التفسيرين.
والشيطان عالم بأن طاعتهم له المذكورة إشراك به كما صرح بذلك وتبرأ منهم في الآخرة، كما نص الله عليه في سورة إبراهيم في قوله تعالى:) وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم (إلى قوله:) إني كفرت بمآ أشركتمون من قبل (فقد اعترف بأنهم كانوا مشركين به من قبل أي في دار الدنيا، ولم يكفر بشركهم ذلك إلا يوم القيامة.
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى الذي بيننا في الحديث لما سأله عدي بن حاتم رضي الله عنه عن قوله:) اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا (كيف اتخذوهم أربابا؟ وأجابه صلى الله عليه وسلم (أنهم أحلوا لهم ما حرم الله وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم، وبذلك الاتباع اتخذوهم أربابا).
ومن أصرح الأدلة في هذا أن الكفار إذا أحلوا شيئا، يعلمون أن الله حرمه وحرموا شيئا يعلمون أن الله أحله، فإنهم يزدادون كفرا جديدا بذلك، مع كفرهم الأول، وذلك في قوله تعالى:) إنما النسيء زيادة في الكفر (إلى قوله:) والله لا يهدي القوم الكافرين (.
وعلى كل حال فلا شك أن كل من أطاع غير الله، في تشريع مخالف لما شرعه الله، فقد أشرك به مع الله كما يدل لذلك قوله:) وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركآؤهم (فسماهم شركاء لما أطاعوهم في قتل الأولاد.
وقوله تعالى:) أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله (فقد سمى تعالى الذين يشرعون من الدين ما لم يأذن به الله شركاء، ومما يزيد ذلك إيضاحا، أن ما ذكره الله عن الشيطان يوم القيامة، من أنه يقول للذين كانوا يشركون به في دار الدنيا، إني كفرت بما أشركتمون من قبل، أن ذلك الإشراك المذكور ليس فيه شيء زائد على أنه دعاهم إلى طاعته فاستجابوا له كما صرح بذلك في قوله تعالى عنه:) وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي (، وهو واضح كما ترى.
أضواء البيان ج 7 ص 49 - 57
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 07:13]ـ
جزاك الله خيرا على ما نقلت من كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى -.
ـ[مصطفى الراقي]ــــــــ[01 - Aug-2010, صباحاً 11:25]ـ
جزى الله أديب البلغاء خير الجزاء، وجعل مثواة الجنة مع الصديقين والأنبياء. وبارك فيك أخي عبدالحق على هذا النقل الموفق
ـ[السليماني]ــــــــ[01 - Aug-2010, صباحاً 11:47]ـ
جزاك الله خيراً
(/)
فوائد من كتاب (المدخل المفصل لمذهب أحمد بن حنبل) للشيخ بكر أبو زيد-رحمه الله تعالى-
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 09:06]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد من كتاب (المدخل المفصل لمذهب أحمد بن حنبل)
للشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد
- رحمه الله تعالى -
فائدة/01:
العلماء المتقدمين لم يكونوا يضعون حرف: ((هـ)) بعد التاريخ، رمزاً للتاريخ الهجري؛ لوحدة التاريخ لديهم، وعلمهم به، و لأنه ليس قسيما لغيره كالتاريخ الميلادي، وكان آخر من قفى عمل المسلمين بعدم وضع رمز ((هـ)) وعدم مقابلته بالتاريخ الميلادي هو الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى – ولهذا لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما وضعت هذا الرمز؛ لأنه ليس لدينا – معشر المسلمين – تاريخ سواه. اهـ (المدخل:1/ 12 - الحاشية الأولى)
فائدة/02:
قال محمد بن إبراهيم الماستوي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((كنت – وفي بعضها: كتبت، وفي بعضها: مكثت – في كتاب الحيض تسع سنين، حتى فهمته)) انتهى من ((ذيل الطبقات 1/ 135)). اهـ (المدخل:2/ 832)
فائدة/03:
و في ((الفقيه و المتفقه)) للخطيب: (2/ 44 - 46): و ((الطبقات)) لأبي يعلى: عن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ت سنة (241هـ) – رحمه الله تعالى –أنه قال: ((أصول الإيمان ثلاثة: دالٌّ، ودليلٌ، ومُسْتَدَلٌ، الدَّالُّ: هو الله، والدليل: القرآن، والمبلِّغ: رسول الله – صلى الله عليه و سلم -، والمستدلون: هم العلماء، فمن طعن على الله وعلى كتابه و رسوله فقد كفر)).اهـ (المدخل:1/ 11)
فائدة/04:
ما أجمل ما قال ابن قتيبة المتوفى سنة (276هـ) – رحمه الله تعالى – في وصف حالة صدر هذه الأمة، وسلفها، في طلب العلم، إذ قال: ((كان طالب العلم فيما مضى، يسمع ليعلم، ويعلم ليعمل، ويتفقه في دين الله لينتفع و ينفع. وقد صار الآن: يسمع ليجمع، ويجمع؛ ليُذكَر، ويحفظ؛ ليغلب و يفخر)) اهـ (المدخل:1/ 13)
فائدة/05:
ومن تعظيمه – سبحانه – لشريعته: أن من خرج على نظامها الفطري الصافي من الدخل، ولم يحكمها، فقد حكم الله عليه، بأنه: كافر. ظالم. فاسق. في ثلاث آيات من [سورة المائدة:44 - 45 - 47].
وانظر إلى هذه الآيات من سورة محمد، كأنما أنزلت الساعة – والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب – قال الله – تعالى -: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} [الآيات:25 - 26 - 27 - 28].
فليحذر المسلم من: ((سنطيعكم في بعض الأمر)).
وليلتفت المسلم إلى هذا العقاب الكبير: ((إحباط الأعمال)) لمن اتبع ما يسخط الله، مثل: طاعة الكافرين، في تحكيم القوانين الوضعية، فإنه محبط للأعمال!
إلى غير ذلك من: نواقض الإسلام، و نواقض الإيمان، وكل هذا من تعظيم هذا الدين، وتعظيم شعائره، ورعاية حرمته، وحفظه من العاديات عليه. (المدخل:1/ 9)
فائدة/06:
غلط من ألف في ((التوحيد)) من نصوص الكتاب و السنة، بما جرى عليه الصحابة – رضي الله عنهم – فمن بعدهم من سلف هذه الأمة، ثم سَمَّى مؤلفه في ((العقيدة الإسلامية)) و ((التوحيد)) بقوله: ((عقيدتنا)) أو ((عقيدة فلان))؛ لأنه لا اختصاص، بل هي ((العقيدة الإسلامية)) التي أجمع عليها سلف الأمة وصالحها، وفلان من الأئمة مبلغ لها. نعم إذا ألف مخالف لها، صحَّ أن يقصرها على نفسه من تابع أو متبوع، لأنها ليست ((العقيدة الإسلامية)) بصفائها، بل لو سماها ((العقيدة الإسلامية)) وفيها ما فيها من مخالفات، لكانت تسمية ينازع فيها؛ لما فيها من تدليس و لبس، وانظر: ((الفتاوى:3/ 169 - 219 - 415)). وأما من كتب في: ((العقيدة الإسلامية)) و سماها: ((مفاهيم)) فهو غلط من وجهين، الوجه المذكور، والثاني: أن أسس العقيدة ليس مفاهيم، بل هي نصوص قطعية الدلالة كقطعيتها في الثبوت، والله أعلم. (المدخل:1/ 45 - حاشية:1)
فائدة/07:
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم يختلف المسلمون - و لله الحمد – من الصحابة - رضي الله عنهم – فمن سار على نهجهم في شيء من أمور العقيدة إلاَّ في ((مسألة واحدة)) هي: ((مسألة اللفظ)) كما استقرأه ابن قتيبة – رحمه الله تعالى – وبينه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- في مواضع وهم لا يختلفون بأن كلام الله غير مخلوق و أنهم بريئون من الأقوال المبتدعة. (المدخل:1/ 46)
فائدة/08:
ألفاظ الوحيين في الحقائق الشرعية، مثل: الصلاة، الزكاة ... لا يطلق عليها لفظ ((الاصطلاح)) وإنما يقال: حقيقتها شرعاً. وأما ما تواضع عليه أهل كل فنٍّ، فيطلق عليه اللفظان: اصطلاحاً، و شرعاً. (المدخل:1/ 161)
فائدة/09:
تاريخ ابن عيسى، الشيخ: إبراهيم بن صالح بن عيسى. ت سنة (1343هـ). مخطوط في مجلدين. وهو عمدة ابن بسام في كتاب ((علماء نجد)) وقد أشار إلى ذلك إشارة خاطفة في مقدمته، ولو ساق تراجمه بكاملها ثم زاد ما لديه – إن كان لكان أولى -، ولو طبع تاريخ ابن عيسى لكان أتم، ولكن لله الأمر، والإنصاف عزيز. (المدخل:1/ 442 - 443)
فائدة/10:
((أخبار و مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني)) للشطنوني.
قال ابن رجب: ((في ثلاث مجلدات، وكتب فيها الطَّم و الرَّم، وكفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع)) انتهى. (المدخل:1/ 446)
فائدة/11:
الأفندي: قيل: لفظ رومي، بمعنى: السيد الكبير، وقيل: لفظ عربي مشتق من: الفِنْدة: العُودُ التام تصنع من القوس، و جاؤا من كل فند، أي من كل فنٍّ و نوع، فصار الأفندي صاحب الفنون، زاد ألفا في أوله لكثرة الاستعمال. تاج العروس 8/ 509. (المدخل:1/ 441)
فائدة/12:
[الخلاف] أنواعه: خمسة هي:
(أ) اختلاف فهوم المجتهدين في تطبيق معايير القبول والرد على المروي فيحصل الخلاف في ثبوته.
(ب) اختلاف فهوم المجتهدين في فقه النص المحتمل لأكثر من وجه من جهات كثيرة تتعلق بالمبنى و المعنى، من حيث مدلولات الألفاظ واختلاف حقائقها لغة و شرعا و عرفا.
ومن حيث التكييف الفقهي في الأصل الذي تردُّ إليه المسألة الفرعية، ومن هنا جاء بيان الفقهاء لما يسمونه: ((ثمرة الخلاف)) أو ((أثر الخلاف)) وبيان ((أثر الخلاف في تكييف الأحكام الفقهية)) من المهمات العلمية الموجودة في تفاريق كلامهم، ولابن خلدون لفتة نفيسة عنه في مقدمته: في الفصل الخامس عشر من الباب السادس: (2/ 140).
من حيث التعارض، و المرجحات، و الإطلاق و التقييد، العموم و الخصوص، والناسخ و المنسوخ.
(جـ) اختلاف لسبب خارج عن النص وهو الاختلاف في فهم الواقع.
(د) اختلاف بسبب اختلاف حال المكلف، فقد يكون السبب خارجا من اختلاف الفهم من فقيه إلى فقيه، وإنما لاختلاف أحوال الإنسان – ذاته – المتلبس بالواقعة الذي يتراوح حاله بين الضرورة و الحاجة، و التوسع و الرفاهية، فيحف بهذا من الأحوال ما لا يحف بالآخر، فيتفاوت الحكم من مراتب التكليف في حق كل منهما.
(هـ) ومن وراء هذه الأنواع: اختلاف المفاهيم في أي القولين أولى بالصواب، مع الاتفاق على أصل المشروعية، وهذا كثير، وقد بسطه الدهلوي في: ((حجة الله البالغة: 158 - 160)). (المدخل:1/ 96 - 97)
فائدة/13:
حصل من بعض المعاصرين خطأ في قوله: تغير الأحكام؛ فالحكم ثابت لا يتغير، وإنما الفتوى به حسب المقتضى الشرعي، كما في سهم المؤلفة قلوبهم. والله أعلم. (المدخل:1/ 84 - حاشية)
فائدة/14:
وما الأخذ بالدليل إلاَّ تقليد في صورة ترك التقليد، لقول كل إمام: ((إذا صحَّ الحديث فهم مذهبي)). (المدخل:1/ 79)
فائدة/15:
تلك المسألة التي عُدَّت من مفردات الحنابلة، وطالت فيها مطارحات العلماء، وبلغت المؤلفات فيها مبلغا، كما تراها في: ((كتاب الصيام)) من: ((المدخل الثامن)) هي مسألة: ((وجوب صيام يوم الشك)) فليس الواجب رواية عن أحمد، ولا هو قياس مذهبه وإنما هو من فقه بعض متقدمي الأصحاب، ومع كثرة القائلين به منهم، وشهرتهم، وتطاول الزمن، عُدَّ مذهبا لأحمد، وصوابه: أنه من فقه بعض الأصحاب، كما نَبَّه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى – وغيره. (المدخل:1/ 52)
فائدة/16
: بينت في: ((معجم الناهي اللفظية)) الغلط في تقسيم الأحكام إلى أصول و فروع، وأن هذا نفثة اعتزالية، وأنه ليس هناك حد فاصل لدى من قال بالتقسيم، فليراجع. (المدخل:1/ 47 - حاشية)
فائدة/17:
ولبعضهم:
(يُتْبَعُ)
(/)
مَتْنُ زَادٍ وَ بُلُوغْ ... كَافِيَانِ فيِ نُبُوغْ
أي: زاد المستقنع في الفقه، وبلوغ المرام في الحديث. (المدخل:2/ 770)
فائدة/18:
((حاشية الشيخ العنقري)) [على الزاد]. ت سنة (1373هـ) مطبوعة. وحقيقة هذه الحاشية أنها لتلميذه الفقيه القاضي الورع محمد بن عبد المحسن الخيال. ت بالرياض سنة (1410هـ) فقد كان يحضر هذه النقولات، وينتخبها من كتب المذهب، ويثبتها بالتحشية على: ((الروض المربع)) و يعرضها على شيخه العنقري – رحمه الله تعالى – وكان كفيف البصر - فيقره عليها، وقد أبى الشيخ محمد الخيال من نسبتها إليه، فصارت بين طلبة العلم منسوبة لشيخه لعرضها عليه، وهذا ن تواضع العلماء، مع أشياخهم، وجزى الله الشيخين خير الجزاء و أوفاه.
أخبرني بذلك ابن أخيه الشيخ الفقيه عبد المحسن بن عبد الله الخيال رئيس محاكم جده حال كتابة هذا: ((المدخل)) عام 1415هـ. (المدخل:2/ 773)
فائدة/19:
[الإمام أحمد بن حنبل] له ((رسالة في المسيء صلاته)) وسببها لمَّا صلى خلف إمام أساء صلاته.
وهي ثابتة من رواية تلميذه: مهنا بن يحي عنه، ولا عبرة بمن شكك في نسبتها، بدءاً بالإمام الذهبي – رحمه الله تعالى – في: ((السير)) ونهاية إلى بعض أهل عصرنا، وقد فَنَّدَ ذلك في رسالة مطبوعة، الشيخ حمود بن عبد الله التويجري باسم: ((التنبيهات على رسالة الألباني في الصلاة)).
طبعة رسالة الإمام أحمد، مرارا، باسم: ((الصلاة)) وهي مسوقة بتمامها في ترجمته من: ((الطبقات)): (1/ 348 - 380). (المدخل:2/ 617 - 618)
فائدة/20:
وصدق الشوكاني – رحمه الله تعالى - في قوله: لو أن رجلا في الإسلام ليس عند من الكتب إلاَّ كتب هذين الشيخين لكفتاه. (المدخل:2/ 696). [يقصد بالشيخين ابن تيمية و ابن القيم - رحمهما الله تعالى - ولا شك أن كتب هذين الشيخين مفيدة بعد كتاب الله – جل وعلا - و ما صح من سنة رسوله - صلى الله عليه و سلم – وهذا لا ينفيه الشوكاني – رحمه الله تعالى - ولا غيره من أهل العلم ولكن للإيضاح فقط / عبد الحق آل أحمد]
فائدة/21
: [كتاب] ((التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية)) لصالح بن فوزان الفوزان. وقد سرقه مرعي الأستاذ بجامعة الأزهر، وطبعه مع تحويل قليل باسم: ((بحوث في المواريث)) و اكتشفت هذه السرقة – نسأل الله السلامة و العافية -. (المدخل:2/ 873)
فائدة/22:
[كتاب] ((الواضح في أصول الفقه)) لمحمد بن سليمان الأشقر. مطبوع. وهو مهم. (المدخل:2/ 957)
هذا آخر ما أردت نقله من الفوائد حسب ما اقتضاه الحال، والحمد لله رب العالمين ذي الجلال و الإكرام الكبير المتعال، وصلى الله و سلم على نبينا محمد وعلى جميع الصحب و الآل.
ـ[أبو حازم البصري]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 12:03]ـ
بارك الله فيك أخي عبد الحق، انتقاء ممتع ومفيد.
ورحم الله الشيخ بكرًا.
ـ[ابو يمامة]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 12:17]ـ
جزاك الله خيرا الاخ عبد الحق، ولي سؤال لك وللاخوة الافاضل: هل كتاب الشيخ بكر - رحمه الله - موجود على الشبكة؟
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 12:27]ـ
أخي الكريم: عبد الحق: بارك الله فيك وفي جهدك،،،
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 08:10]ـ
بارك الله فيك أخي عبد الحق، انتقاء ممتع ومفيد.
ورحم الله الشيخ بكرًا.
وفيكم بارك الله أخي الكر يم ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 08:11]ـ
جزاك الله خيرا الاخ عبد الحق، ولي سؤال لك وللاخوة الافاضل: هل كتاب الشيخ بكر - رحمه الله - موجود على الشبكة؟
وإياكم أخي الكريم .. والكتاب موجود في موقع أهل الحديث قسم خزانة الكتب و الأبحاث من رفع أحد الإخوة ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 08:13]ـ
أخي الكريم: عبد الحق: بارك الله فيك وفي جهدك،،،
وفيكم بارك الله أخي المفضال الكريم "فريد المرادي" ..
(/)
فائدة حول معنى شيخ الإسلام وأول من تلقب به
ـ[سعد الحسيني]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 02:50]ـ
______________________________ __________
السلام عليكم الحمد لله والصلاة ورحمة الله وبركاته: والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم: أما بعد فهذه فائدة من شرح الشيخ عبدالعزيز السدحان حفظه الله على مقدمة التفسير لشيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله, وقد تناول الشيخ حفظه الله لشرح معنى كلمة شيخ الإسلام وأول من تلقب به , قال الشيخ حفظه الله كما في الوجه الأول من الشريط: أولا: تلقب بهذا اللقب قبله ناس ومن بعده ناس, ومن أول ما وقفت عليه تأريخا أنه تلقب بهذا اللقب رجلان هما الصديق والفاروق رضي الله عنهما, فقد ذكر السيوطي رحمه الله في كتابه "تاريخ الخلفاء"أثرا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه ذكر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال"هما شيخا الإسلام",ولكن في القرن السابع والثامن غلب هذا اللقب على إبن تيمية رحمه الله, وأما معنى كلمة شيخ الإسلام فيقول الشيخ حفظه الله: من أحسن ما تكلم حول هذا المصطلح حسب علمي القاصر, الإمام إبن ناصر الدين في كتابه "الرد الوافر",وقد عقد في أول كتابه معاني هذا اللقب, فذكر حوالي أربعة تعاريف ذكر منها: التعريف الأول: أن شيخ الإسلام معناه من شاب في الإسلام, وهذا تعريف واسع, يدخل فيه كل من شاب, فلا ينضبط, وذكر التعريف الآخر وعليه مأخذ وهو لعله عند بعض الفرق التي عندها خلل في مسألة التبرك أن شيخ الإسلام من أصبح له منزلة يتبرك بها عند الناس, وهذا التعريف فيه قادح وخلل, وذكر تعريفا آخر أن شيخ الإسلام من شاب رأسه في الإسلام ولم يمر بفترة صبوة ولا شرخ شباب من السفه والطيش, والتعريف الرابع وهو الأصح وهو المعتمد أنه من جمع وحصل كثيرا من العلوم النقلية وله حظ في العلوم العقلية, وكان مقتفيا لآثار من سلف من الصحابة والتابعين في عقيدته وفي عبادته وفي معاملاته وسلوكه, وقد أشار إلى قريب من هذا التعريف الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله في حاشيته على الروض المربع وبالتحديد في مبحث "اللحية" لما تكلم عن اللحية نقل الماتن صاحب الروض أثرا أو حكما عن شيخ الإسلام ثم عرف الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله في الحاشية تعريفا قريبا مما ذكره الإمام إبن ناصر الدين الدمشقي انتهى والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 03:35]ـ
فائدة جيدة بارك الله فيك
ـ[التبريزي]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 08:12]ـ
شيخ الإسلام لقب لعلماء بارزين، فعند الحنابلة عندما يقال شيخ الإسلام من غير إسم فإنما يقصد به ابن تيمية، فإذا قالت الشافعية: وقد قال بذلك شيخ الإسلام وأقره، فإنهم يقصدون السبكي وهكذا ...
ـ[أبوعلي العنزي]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 01:35]ـ
السلام عليكم
أول من لقب بشيخ الاسلام هو الامام الانصاري والله أعلم
ـ[أم الفضل]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 05:53]ـ
أيضا ذكر هذه الفائدة الشيخ عبدالعزيز السدحان في شرح لامية ابن تيمية.
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 09:59]ـ
ومن المالكية لقب ابن عبد البر - رضي الله عنه- بشيخ الإسلام ....
بارك الله فيك أخي الكريم ....
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 10:01]ـ
أول من لُقِّب بشيخ الإسلام بعد أبي بكر الصديق وعمر – رضي الله عنهما - اثنان:
الأول:
قال ابن عبد الهادي في كتابه (بحر الدم):
[قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل، وسأله رجل: عمن أكتب؟ قال: ارحل إلى أحمد بن يونس، فإنه شيخ الإسلام] اهـ.
قلت: وهو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي مات سنة 227 هـ.
الثاني:
وقال أيضا في (بحر الدم):
[هشام بن عبد الملك، أبو الوليد الطيالسي: قال أحمد: أبو الوليد متقن، وهو أكبر من ابن مهدي بثلاث سنين، وأبو الوليد اليوم شيخ الإسلام، ما أقدم عليه اليوم أحدا من المحدثين] اهـ.
هو هشام بن عبد الملك الباهلي وتوفي أيضا سنة 227 هـ.
ـ[ابن عبدالباقى السلفى]ــــــــ[03 - Feb-2009, مساء 05:31]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[03 - Feb-2009, مساء 05:54]ـ
قال العلامة بكر أبو زيد - رحمه الله - في (معجم المناهي) (
شيخ الإسلام
فيه عدة أبحاث وفوائد:
(يُتْبَعُ)
(/)
في أول من لقب به: أثر أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين سمعتك تقول على المنبر: اللهم أصلحني بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين، فمن هم؟ قال فاغرورقت عيناه، وأهملهما، ثم قال: أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -: إماما الهدى وشيخا الإسلام .. إلخ. ذكره المحب الطبري في ((الرياض النضرة)) بلا إسناد، وعنه: السخاوي في ((الجواهر والدرر)) وعنه الكتاني في ((التراتيب الإدارية)) لكنه لا يصح.
والذهبي - رحمه الله تعالى - في ((السير: 3/ 204)) قال عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((شيخ الإسلام)) ولعله الصحابي الوحيد الذي نعتهُ الذهبي بذلك. والله أعلم.
لقب بهذا جماعات من أهل العلم منهم: أحمد بن عبدالله بن يونس اليربوعي م سنة 227 هـ. - رحمه الله تعالى - قال الإمام أحمد بن حنبل لرجل سأله: عمن أكتب؟ قال: اخرج إلى أحمد بن يونس اليربوعي، فإنه شيخ الإسلام. ا هـ.
ومنهم شيخ الإسلام الصابوني م سنة 449 هـ - رحمه الله تعالى -.
ومنهم أبو إسماعيل الهروي الحنبلي م سنة 481 هـ - رحمه الله تعالى - في جماعة آخرين ذكر منهم السخاوي جملة في ((الجواهر والدرر))
معجم المناهي اللفظية - (ج 1 / ص 290)
في ترجمة الإمام شيخ الإسلام عبدالله بن المبارك م سنة 181 هـ - رحمه الله تعالى - قال الذهبي - رحمه الله تعالى -:
(وناهيك به شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام إنما هو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي ثبت الزكاة، وقاتل أهل الردة فاعرفه) ا هـ.
وفي ترجمة الهكاري من ((وفيات الأعيان)) أن بعض الأكابر قال له: أنت شيخ الإسلام، فقال: بل أنا شيخ في الإسلام. ا هـ.
لا نعرف في علماء الإسلام من فاقت شهرته بهذا اللقب بحيث ينصرف إليه، ولو لم يقرن باسمه، سوى: شيخ الإسلام ابن تيمية: أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام النميري الحنبلي السلفي المجتهد المطلق م سنة 728 هـ - رحمه الله تعالى - وقد جفا في حقه أقوام على تتابع القرون سيراً في خط المقاومة الخلفية للعقيدة السلفية، فكفَّروا من لقبه بشيخ الإسلام، حتى ألف الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي كتابه النافع العظيم ((الرد الوافر على من زعم أن من لقب ابن تيمية بشيخ الإسلام فهو كافر)) فساق فيه من أقوال أهل المذاهب، والفرق، من لقبه بذلك، وقد أبطل الله مناوآتهم، وكشف سريرتهم، ورفع شأن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -، وكان أرأس المجتهدين في القرون بعد.
واعلم أن لأعدائه منهجاً مريضاً في التستر من أنصاره، وإرضاء ما ينطوون عليه من مشارب محاها الإسلام فيقولون عند ذكره: قال الإمام الشيخ ابن تيمية، فإمام في هدى أو ضلالة؟ و ((الشيخ)) من كلمات التضعيف أحياناً!! وقد شافهني بعضهم عن رصيف له في هذا: ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه
وللكنوي - رحمه الله تعالى - له بحث ماتع في: الفوائد البهية ص/ 241 - 242، ومما قاله نقلاً عن السخاوي:
(ولم تكن هذه اللفظة مشهورة بين القدماء بعد الشيخين: الصديق والفاروق، فإنه ورد في وصفهما بذلك، ثم اشتهر بها جماعة من علماء السلف حتى ابتذلت على رأس المائة الثامنة، فوصف بها من لا يحصى وصارت لقباً لمن ولي القضاء الأكبر، ولو عري عن العلم والسن، فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهي كلام السخاوي.
قلت: ثم صارت الآن لقباً لمن تولى منصب الفتوى، وإن عري عن لباس العلم والتقوى) ا هـ.
ولهذا الأمر السادس أدخلت ((شيخ الإسلام)) في المناهي اللفظية. والله أعلم)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[03 - Feb-2009, مساء 05:56]ـ
بارك الله فيكم
ينبغي التنبه إلى أن معنى هذه المصطلح يختلف من زمن إلى زمن
فهل لما قيل في حق أبي بكر وعمر كان المقصود به المعنى نفسه لما قيل في حق أحمد بن يونس؟
وهل معناه في حق أحمد بن يونس نفس معناه في عند المتاخرين في حق ابن تيمية والسبكي وابن دقيق العيد ومن بعدهم؟
ـ[أم معاذة]ــــــــ[03 - Feb-2009, مساء 06:50]ـ
شكرا لكم ... بارك الله فيكم ...
(/)
صيام المسلمين في غزوة بدر
ـ[بومحمد العبيدلي]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 08:25]ـ
السلام عليكم يا اخوان
معروف ان الصيام فرض في السنة الثانية للهجرة وغزوة بدر قامت في نفس السنة
والسؤال هو هل صام المسلمون في غزوة بدر أم لا؟
وبشكل آخر هل صام المسلمون في المعارك التي حدثت في شهر رمضان؟
وشكرا ..
(/)
الطب النبوي (عند ابن تيمية)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[12 - Sep-2008, صباحاً 09:35]ـ
مسألة: ما أصل أخذ الطب؟
مجموع الفتاوى - (ج 35 / ص 181)
الْحِسَابُ فَهُوَ مَعْرِفَةُ أَقْدَارِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ. وَصِفَاتِهَا وَمَقَادِيرِ حَرَكَاتِهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ فَهَذَا فِي الْأَصْلِ عِلْمٌ صَحِيحٌ لَا رَيْبَ فِيهِ كَمَعْرِفَةِ الْأَرْضِ وَصِفَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ التَّدْقِيقِ مِنْهُ كَثِيرُ التَّعَبِ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ؛ كَالْعَالِمِ مَثَلًا بِمَقَادِيرِ الدَّقَائِقِ وَالثَّوَانِي وَالثَّوَالِثِ فِي حَرَكَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ {بِالْخُنَّسِ} {الْجَوَارِي الْكُنَّسِ}. فَإِنْ كَانَ أَصْلُ هَذَا مَأْخُوذًا عَنْ إدْرِيسَ فَهَذَا مُمْكِنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ نَاسٌ إنَّ أَصْلَ الطِّبِّ مَأْخُوذٌ عَنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ
مسألة: كيف وصل إلى المسلمين؟
مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 84)
عَرَّبَ بَعْضَ كُتُبِ الْأَعَاجِمِ الْفَلَاسِفَةُ مِنْ الرُّومِ وَالْفُرْسِ وَالْهِنْدِ فِي أَثْنَاءِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ. ثُمَّ طُلِبَتْ كُتُبُهُمْ فِي دَوْلَةِ الْمَأْمُونِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ فَعُرِّبَتْ وَدَرَسَهَا النَّاسُ وَظَهَرَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ مَا ظَهَرَ وَكَانَ أَكْثَرُ مَا ظَهَرَ مِنْ عُلُومِهِمْ الرِّيَاضِيَّةُ كَالْحِسَابِ وَالْهَيْئَةِ أَوْ الطَّبِيعَةِ كَالطِّبِّ أَوْ الْمَنْطِقِيَّةِ
مسألة: ما حكم أخذ الطب عن المشركين و أهل الكتاب؟
مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 114)
ذَكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ مِثْلَ مَسَائِلِ " الطِّبِّ " وَ " الْحِسَابِ " الْمَحْضِ الَّتِي يَذْكُرُونَ فِيهَا ذَلِكَ وَكَتَبَ مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ مِثْلُ: مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الرَّازِي وَابْنُ سِينَا وَنَحْوِهِمَا مِنْ الزَّنَادِقَةِ الْأَطِبَّاءِ مَا غَايَتُهُ: انْتِفَاعٌ بِآثَارِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَهَذَا جَائِزٌ. كَمَا يَجُوزُ السُّكْنَى فِي دِيَارِهِمْ وَلُبْسُ ثِيَابِهِمْ وَسِلَاحِهِمْ وَكَمَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُمْ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَكَمَا اسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا خَرَجَا مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرَيْنِ " ابْنَ أريقط " - رَجُلًا مِنْ بَنِي الديل - هَادِيًا خِرِّيتًا وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ وَائْتَمَنَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَدَوَابِّهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرِ صُبْحَ ثَالِثَةٍ وَكَانَتْ خُزَاعَةُ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ وَكَانَ يَقْبَلُ نُصْحَهُمْ. وَكُلُّ هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَنْصُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَذُبُّ عَنْهُ مَعَ شِرْكِهِ وَهَذَا كَثِيرٌ. فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ فِيهِمْ الْمُؤْتَمَنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ إلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} وَلِهَذَا جَازَ ائْتِمَانُ أَحَدِهِمْ عَلَى الْمَالِ وَجَازَ أَنْ يَسْتَطِبَّ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ إذَا كَانَ ثِقَةً نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ إذْ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِ خَبَرِهِمْ فِيمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَائْتِمَانٌ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ مِثْلُ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَعُلُوِّهِ عَلَيْهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَأُخِذَ عِلْمُ الطِّبِّ مِنْ كُتُبِهِمْ مِثْلُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْكَافِرِ عَلَى الطَّرِيقِ وَاسْتِطْبَابُهُ بَلْ هَذَا أَحْسَنُ. لِأَنَّ كُتُبَهُمْ لَمْ يَكْتُبُوهَا لِمُعَيَّنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَدْخُلَ فِيهَا
(يُتْبَعُ)
(/)
الْخِيَانَةُ لَيْسَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِالْخِيَانَةِ بَلْ هِيَ مُجَرَّدُ انْتِفَاعٍ بِآثَارِهِمْ كَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَزَارِعِ وَالسِّلَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَتَعَلَّقُ " بِالدِّينِ " فَإِنْ نَقَلُوهُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا فِيهِ كَأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَسْوَأِ حَالًا وَإِنْ أَحَالُوا مَعْرِفَتَهُ عَلَى الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ فَإِنْ وَافَقَ مَا فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حَقٌّ وَإِنْ خَالَفَهُ فَفِي الْقُرْآنِ بَيَانُ بُطْلَانِهِ بِالْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} فَفِي الْقُرْآنِ الْحَقُّ وَالْقِيَاسُ الْبَيِّنُ الَّذِي يُبَيِّنُ بُطْلَانَ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ مَا يَذْكُرُونَهُ مُجْمَلًا فِيهِ الْحَقُّ - وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى الصَّابِئَةِ الْمُبَدِّلِينَ مِثْلُ " أَرِسْطُو " وَأَتْبَاعِهِ وَعَلَى مَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْآخَرِينَ - قَبْلَ الْحَقِّ وَرَدِّ الْبَاطِلِ وَالْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيَانُ صِفَةِ الْحَقِّ فِيهِ كَبَيَانِ صِفَةِ الْحَقِّ فِي الْقُرْآنِ. فَالْأَمْرُ فِي هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ وَتَفْسِيرِهِ وَتَرْجَمَتِهِ.
مسألة: من هو الطبيب؟
مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 87)
الطَّبِيبَ إنَّمَا هُوَ طَبِيبٌ يَنْظُرُ فِي بَدَنِ الْحَيَوَانِ وَأَخْلَاطِهِ وَأَعْضَائِهِ لِيَحْفَظَهُ صِحَّتَهُ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَيُعِيدُهَا إلَيْهِ إنْ كَانَتْ مَفْقُودَةً وَبَدَنُ الْحَيَوَانِ جُزْءٌ مِنْ الْمُوَلِّدَاتِ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ أَخْلَاطُهُ
مسألة: كيف تحفظ الصحة و يدفع المرض في القلب؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 136)
وَهَكَذَا أَمْرَاضُ الْأَبْدَانِ: الصِّحَّةَ تُحْفَظُ بِالْمِثْلِ وَالْمَرَضُ يُدْفَعُ بِالضِّدِّ فَصِحَّةُ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ تُحْفَظُ بِالْمِثْلِ وَهُوَ مَا يُورِثُ الْقَلْبَ إيمَانًا مِنْ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَتِلْكَ أَغْذِيَةٌ لَهُ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا {إنَّ كُلَّ آدِبٍ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى مَأْدُبَتُهُ وَأَنَّ مَأْدُبَةَ اللَّهِ هِيَ الْقُرْآنُ} وَالْآدِبُ الْمُضِيفُ فَهُوَ ضِيَافَةُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ. . . (1).
مِثْلُ آخِرِ اللَّيْلِ وَأَوْقَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَفِي سُجُودِهِ وَفِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَيُضَمُّ إلَى ذَلِكَ الِاسْتِغْفَارُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثُمَّ تَابَ إلَيْهِ مَتَّعَهُ مَتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَلْيَتَّخِذْ وِرْدًا مِنْ " الْأَذْكَارِ " فِي النَّهَارِ وَوَقْتِ النَّوْمِ وَلْيَصْبِرْ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الْمَوَانِعِ والصوارف فَإِنَّهُ لَا يَلْبَثُ أَنْ يُؤَيِّدَهُ اللَّهُ بِرُوحِ مِنْهُ وَيَكْتُبَ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ. وَلْيَحْرِصْ عَلَى إكْمَالِ الْفَرَائِضِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بَاطِنَةً وَظَاهِرَةً فَإِنَّهَا عَمُودُ الدِّينِ وَلْيَكُنْ هَجِيرَاهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَإِنَّهَا بِهَا تُحْمَلُ الْأَثْقَالُ وَتُكَابَدُ الْأَهْوَالُ وَيُنَالُ رَفِيعُ الْأَحْوَالِ. وَلَا يَسْأَمُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالطَّلَبِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُسْتَجَابُ لَهُ مَا لَمْ يُعَجِّلْ فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْت وَدَعَوْت فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي وَلْيَعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا وَلَمْ يَنَلْ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ خَتْمِ الْخَيْرِ نَبِيٌّ فَمَنْ دُونَهُ إلَّا بِالصَّبْرِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ حَمْدًا يُكَافِئُ نِعَمَهُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ. وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
مسألة: كيف يحصل المرض و بم يدفع؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 91)
مَرَضِ الْقُلُوبِ وَشِفَائِهَا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْمُنَافِقِينَ: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} وَقَالَ تَعَالَى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} وَقَالَ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا} وَقَالَ: {وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} وَقَالَ: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلَّا خَسَارًا} وَقَالَ: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}.
وَ " مَرَضُ الْبَدَنِ " خِلَافُ صِحَّتِهِ وَصَلَاحِهِ وَهُوَ فَسَادٌ يَكُونُ فِيهِ يَفْسُدُ بِهِ إدْرَاكُهُ وَحَرَكَتُهُ الطَّبِيعِيَّةُ فَإِدْرَاكُهُ إمَّا أَنْ يَذْهَبَ كَالْعَمَى وَالصَّمَمِ. وَإِمَّا أَنْ يُدْرِكَ الْأَشْيَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ كَمَا يُدْرِكُ الْحُلْوَ مُرًّا وَكَمَا يُخَيِّلُ إلَيْهِ أَشْيَاءَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي الْخَارِجِ. وَأَمَّا فَسَادُ حَرَكَتِهِ الطَّبِيعِيَّةِ فَمِثْلُ أَنْ تَضْعُفَ قُوَّتُهُ عَنْ الْهَضْمِ أَوْ مِثْلُ أَنْ يُبْغِضَ الْأَغْذِيَةَ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَيُحِبَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَضُرُّهُ وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْآلَامِ بِحَسَبِ ذَلِكَ؛ وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَمْ يَمُتْ وَلَمْ يَهْلَكْ؛ بَلْ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ عَلَى إدْرَاكِ الْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ أَلَمٌ يَحْصُلُ فِي الْبَدَنِ إمَّا بِسَبَبِ فَسَادِ الْكَمِّيَّةِ أَوْ الْكَيْفِيَّةِ: فَالْأَوَّلُ أَمَّا نَقْصُ الْمَادَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى غِذَاءٍ وَأَمَّا بِسَبَبِ زِيَادَاتِهَا فَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِفْرَاغٍ.
وَالثَّانِي كَقُوَّةِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ خَارِجٍ عَنْ الِاعْتِدَالِ فَيُدَاوَى.
مسألة: ما الغذاء المختار لحفظ الصحة؟
مجموع الفتاوى - (ج 20 / ص 418)
كَانُوا يَخْتَارُونَ فِي الْحَرِّ مِنْ الْمَأْكَلِ الْخَفِيفِ وَالْفَاكِهَةِ مَا يَخِفُّ هَضْمُهُ لِبَرْدِ بَوَاطِنِهِمْ وَضَعْفِ الْقُوَى الْهَاضِمَةِ وَفِي الشِّتَاءِ وَالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ. يَخْتَارُونَ مِنْ الْمَآكِلِ الْغَلِيظَةِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْحَرَارَةِ الْهَاضِمَةِ فِي بَوَاطِنِهِمْ أَوْ كَانَ زَمَنَ الشِّتَاءِ تَسْخُنُ فِيهِ الْأَجْوَافُ وَتَبْرُدُ الظَّوَاهِرُ مِنْ الْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِكَوْنِ الْهَوَاءِ يَبْرُدُ فِي الشِّتَاءِ وَشَبِيهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إلَيْهِ فَيَنْجَذِبُ إلَيْهِ الْبَرْدُ فَتَسْخُنُ الْأَجْوَافُ وَفِي الْحَرِّ يَسْخُنُ الْهَوَاءُ فَتَنْجَذِبُ إلَيْهِ الْحَرَارَةُ فَتَبْرُدُ الْأَجْوَافُ فَتَكُونُ الْيَنَابِيعُ فِي الصَّيْفِ بَارِدَةً لِبَرْدِ جَوْفِ الْأَرْضِ وَفِي الشِّتَاءِ تَسْخُنُ لِسُخُونَةِ جَوْفِ الْأَرْضِ.
مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 486)
لِقُوَّةِ الْحَرَارَةِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ يَأْكُلُ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْكُلُ فِي الصَّيْفِ وَفِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَرَارَةَ تَطْبُخُ الطَّعَامَ وَتُصَرِّفُهُ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ فِي الشِّتَاءِ سُخْنًا لِسُخُونَةِ جَوْفِ الْأَرْضِ وَالدَّمُ سُخْنٌ فَيَكُونُ فِي جَوْفِ الْعُرُوقِ لَا فِي سَطْحِ الْجِلْدِ فَلَوْ احْتَجَمَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ وَفِي الصَّيْف وَالْبِلَادِ الْحَارَّةِ تَسْخَنُ الظَّوَاهِرُ فَتَكُونُ الْبَوَاطِنُ بَارِدَةً فَلَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهَا كَمَا يَنْهَضِمُ فِي الشِّتَاءِ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ بَارِدًا لِبُرُودَةِ بَاطِنِ الْأَرْضِ وَتَظْهَرُ الْحَيَوَانَاتُ إلَى الْبَرَارِي لِسُخُونَةِ الْهَوَاءِ
مسألة: كيف يكون مرض الجسم و القلب؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 143)
مَرَضُ الْجِسْمِ يَكُونُ بِخُرُوجِ الشَّهْوَةِ وَالنَّفْرَةِ الطَّبِيعِيَّةِ عَنْ الِاعْتِدَالِ: أَمَّا شَهْوَةُ مَا لَا يَحْصُلُ أَوْ يَفْقِدُ الشَّهْوَةَ النَّافِعَةَ وَيَنْفِرُ بِهِ عَمَّا يَصْلُحُ وَيَفْقِدُ النَّفْرَةَ عَمَّا يَضُرُّ وَيَكُونُ بِضَعْفِ قُوَّةِ الْإِدْرَاكِ وَالْحَرَكَةِ كَذَلِكَ مَرَضُ الْقَلْبِ يَكُونُ بِالْحُبِّ وَالْبُغْضِ الْخَارِجَيْنِ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَهِيَ الْأَهْوَاءُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}. وَقَالَ: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}. كَمَا يَكُونُ الْجَسَدُ خَارِجًا عَنْ الِاعْتِدَالِ إذَا فَعَلَ مَا يَشْتَهِيهِ الْجِسْمُ بِلَا قَوْلِ الطَّبِيبِ وَيَكُونُ لِضَعْفِ إدْرَاكِ الْقَلْبِ وَقُوَّتِهِ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ أَنْ يَعْلَمَ وَيُرِيدَ مَا يَنْفَعُهُ وَيَصْلُحُ لَهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسماء]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 12:04]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك على المعلومات القيمة
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 11:33]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
و جزاك الله خيراً و لا زال للموضوع بقية
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 03:42]ـ
أسئلة في التداوي
مسألة ما حكم التداوي؟
مجموع الفتاوى - (ج 18 / ص 12)
التَّحْقِيقُ: أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُبَاحٌ؛ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَقَدْ يَكُونُ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَهُوَ: مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ بَقَاءُ النَّفْسِ لَا بِغَيْرِهِ كَمَا يَجِبُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عِنْد الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ قَالَ مَسْرُوقٌ. مَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَقَدْ يَحْصُلُ أَحْيَانًا لِلْإِنْسَانِ إذَا اسْتَحَرَّ الْمَرَضَ مَا إنْ لَمْ يَتَعَالَجْ مَعَهُ مَاتَ وَالْعِلَاجُ الْمُعْتَادُ تَحْصُلُ مَعَهُ الْحَيَاةُ كَالتَّغْذِيَةِ لِلضَّعِيفِ وَكَاسْتِخْرَاجِ الدَّمِ أَحْيَانًا.
مسألة: ماحكم التداوي بالمحرمات؟
مجموع الفتاوى - (ج 21 / ص 82)
مَا حُرِّمَ لِخُبْثِ جِنْسِهِ أَشَدُّ مِمَّا حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ؛ فَإِنَّ هَذَا يُحَرِّمُ الْقَدْرَ الَّذِي يَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْهُ وَيُبَاحُ لِلْحَاجَةِ؛ كَمَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى التَّزَيُّنِ؛ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ وَأُبِيحَ لِلرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ الْيَسِيرُ كَالْعِلْمِ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ جَوَازُ التَّدَاوِي بِهَذَا الضَّرْبِ دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا {رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ مِنْ حَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا}. وَنَهَى عَنْ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَقَالَ: {إنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءِ} وَنَهَى عَنْ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ؛ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ لِأَجْلِ التَّدَاوِي بِهَا وَقَالَ: {إنَّ نَقْنَقَتَهَا تَسْبِيحٌ} وَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا} وَلِهَذَا اُسْتُدِلَّ بِإِذْنِهِ للعرنيين فِي التَّدَاوِي بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْخَبَائِثِ الْمُحَرَّمَةِ النَّجِسَةِ
مسألة: ما الذي أخبر صلى الله عليه و سلم أنه شفاء أمته؟
مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 486)
قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {شِفَاءُ أُمَّتِي فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارِ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ} كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحِجَامَةِ إخْرَاجُ الدَّمِ الزَّائِدِ الَّذِي يَضُرُّ الْبَدَنَ فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَخَصَّ الْحِجَامَةَ لِأَنَّ الْبِلَادَ الْحَارَّةَ يَخْرُجُ الدَّمُ فِيهَا إلَى سَطْحِ الْبَدَنِ فَيَخْرُجُ بِالْحِجَامَةِ فَلِهَذَا كَانَتْ الْحِجَامَةُ فِي الْحِجَازِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُ اسْتِفْرَاغِ الدَّمِ وَأَمَّا الْبِلَادُ الْبَارِدَةُ فَالدَّمُ يَغُورُ فِيهَا إلَى الْعُرُوقِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى قَطْعِ الْعُرُوقِ بِالْفِصَادِ وَهَذَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ بِالْحِسِّ وَالتَّجْرِبَةِ فَإِنَّهُ فِي زَمَانِ الْبَرْدِ تَسْخَنُ الْأَجْوَافُ وَتَبْرُدُ الظَّوَاهِرُ لِأَنَّ شَبِيهَ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إلَيْهِ فَإِذَا بَرَدَ الْهَوَاءُ بَرَدَ مَا يُلَاقِيهِ مِنْ الْأَبْدَانِ وَالْأَرْضِ فَيَهْرُبُ الْحَرُّ الَّذِي فِيهَا مِنْ الْبَرْدِ الْمُضَادِّ لَهُ إلَى الْأَجْوَافِ فَيَسْخَنُ بَاطِنُ الْأَرْضِ. وَأَجْوَافُ الْحَيَوَانِ وَيَأْوِي الْحَيَوَانُ إلَى
(يُتْبَعُ)
(/)
الْأَكْنَانِ الدَّافِئَةِ. وَلِقُوَّةِ الْحَرَارَةِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ يَأْكُلُ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْكُلُ فِي الصَّيْفِ وَفِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَرَارَةَ تَطْبُخُ الطَّعَامَ وَتُصَرِّفُهُ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ فِي الشِّتَاءِ سُخْنًا لِسُخُونَةِ جَوْفِ الْأَرْضِ وَالدَّمُ سُخْنٌ فَيَكُونُ فِي جَوْفِ الْعُرُوقِ لَا فِي سَطْحِ الْجِلْدِ فَلَوْ احْتَجَمَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ وَفِي الصَّيْفِ وَالْبِلَادِ الْحَارَّةِ تَسْخَنُ الظَّوَاهِرُ فَتَكُونُ الْبَوَاطِنُ بَارِدَةً فَلَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهَا كَمَا يَنْهَضِمُ فِي الشِّتَاءِ وَيَكُونُ الْمَاءُ النَّابِعُ بَارِدًا لِبُرُودَةِ بَاطِنِ الْأَرْضِ وَتَظْهَرُ الْحَيَوَانَاتُ إلَى الْبَرَارِي لِسُخُونَةِ الْهَوَاءِ فَهَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَنْفَعُهُمْ الْفِصَادُ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُمْ وَالْحِجَامَةُ أَنْفَعُ لَهُمْ. وَقَوْلُهُ: " شِفَاءُ أُمَّتِي " إشَارَةٌ إلَى مَنْ كَانَ حِينَئِذٍ مِنْ أُمَّتِهِ وَهُمْ كَانُوا بِالْحِجَازِ
مسألة: ما حكم التداوي بمرارة المذبوح؟
مجموع الفتاوى - (ج 24 / ص 265)
وَسُئِلَ: عَنْ مَرَارَةِ مَا يُذْبَحُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ أَوْ يَحْرُمُ هَلْ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِمَرَارَتِهِ؟ أَمْ لَا؟.
فَأَجَابَ:الْحَمْدُ لِلَّهِ، إنْ كَانَ الْمَذْبُوحُ مِمَّا يُبَاحُ أَكْلُهُ جَازَ التَّدَاوِي بِمَرَارَتِهِ وَإِلَّا فَلَا.
مسألة: ما حكم التداوي بالتلطخ بشحم الخنزير؟
مجموع الفتاوى - (ج 24 / ص 270)
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:عَنْ رَجُلٍ وُصِفَ لَهُ شَحْمُ الْخِنْزِيرِ لِمَرَضٍ بِهِ: هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟ أَمْ لَا؟.
فَأَجَابَ: وَأَمَّا التَّدَاوِي بِأَكْلِ شَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَلَا يَجُوزُ. وَأَمَّا التَّدَاوِي بِالتَّلَطُّخِ بِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى جَوَازِ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ. كَمَا يَجُوزُ اسْتِنْجَاءُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ. وَمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ جَازَ التَّدَاوِي بِهِ. كَمَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِلُبْسِ الْحَرِيرِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَطَاعِمِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهَا. كَمَا لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِشُرْبِ الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ فِي طَلْيِ السُّفُنِ وَدَهْنِ الْجُلُودِ وَالِاسْتِصْبَاحِ بِهِ وَأَقَرَّهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ. وَإِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ ثَمَنِهِ. وَلِهَذَا رَخَّصَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِطَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْيَابِسَاتِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَفِي الْمَائِعَاتِ الَّتِي لَا تُنَجِّسُهَا.
مسألة: ما حكم التداوي بأكل لحمه؟
مجموع الفتاوى - (ج 24 / ص 271)
وَسُئِلَ: عَمَّنْ يَتَدَاوَى بِالْخَمْرِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ: هَلْ يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ} فِي إبَاحَةِ مَا ذُكِرَ؟ أَمْ لَا؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
فَأَجَابَ: لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِذَلِكَ بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ يُتَدَاوَى بِهَا فَقَالَ: إنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءِ} وَفِي السُّنَنِ {عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الدَّوَاءِ بِالْخَبِيثِ وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا}. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِضَرُورَةِ فَإِنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ الشِّفَاءُ بِهَا كَمَا يُتَيَقَّنُ الشِّبَعُ بِاللَّحْمِ الْمُحَرَّمِ؛ وَلِأَنَّ الشِّفَاءَ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ طَرِيقٌ بَلْ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَخْمَصَةِ فَإِنَّهَا لَا تَزُولُ إلَّا بِالْأَكْلِ.
مسألة: هل الدم قيل ظهوره نجس؟
مجموع الفتاوى - (ج 21 / ص 598)
لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الدَّمَ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَبُرُوزِهِ يَكُونُ نَجِسًا فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى تَنْجِيسِهِ وَلَا يُغْنِي الْقِيَاسُ عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ وَبَرَزَ بِاتِّفَاقِ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لِلدَّلِيلِ عَلَى طَهَارَتِهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ النَّجِسَ هُوَ الْمُسْتَقْذَرُ الْمُسْتَخْبَثُ وَهَذَا الْوَصْفُ لَا يَثْبُتُ لِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ إلَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا مَوَاضِعَ خَلْقِهَا فَوَصْفُهَا بِالنَّجَاسَةِ فِيهَا وَصْفٌ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ خَاصَّةَ النَّجِسِ وُجُوبُ مُجَانَبَتِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَهَذَا مَفْقُودٌ فِيهَا فِي الْبَدَنِ مِنْ الدِّمَاءِ وَغَيْرِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَلَّى حَامِلًا وِعَاءً مَسْدُودًا قَدْ أُوعِيَ دَمًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَلَئِنْ قُلْت: عُفِيَ عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ. قُلْت: بَلْ جُعِلَ طَاهِرًا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ. فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّلُ طَهَارَةَ الْهِرَّةِ بِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ حَيْثُ يَقُولُ: {إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ}؟. بَلْ أَقُولُ: قَدْ رَأَيْنَا جِنْسَ الْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ مُؤَثِّرًا فِي جِنْسِ التَّخْفِيفِ. فَإِنْ كَانَ الِاحْتِرَازُ مِنْ جَمِيعِ الْجِنْسِ مشقا عُفِيَ عَنْ جَمِيعِهِ فَحُكِمَ بِالطَّهَارَةِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ بَعْضِهِ عُفِيَ عَنْ الْقَدْرِ المشق وَهُنَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي دَاخِلِ الْأَبْدَانِ فَيُحْكَمُ لِنَوْعِهِ بِالطَّهَارَةِ كَالْهِرِّ وَمَا دُونَهَا وَهَذَا وَجْهٌ ثَالِثٌ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الدِّمَاءَ الْمُسْتَخْبَثَةَ فِي الْأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْحَيَوَانِ الَّتِي لَا تَقُومُ حَيَاتُهُ إلَّا بِهَا حَتَّى سُمِّيَتْ نَفْسًا فَالْحُكْمُ بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ أَحَدَ أَرْكَانِ عِبَادِهِ مِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ نَوْعًا نَجِسًا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ فَلَا تَثْبُتُ النَّجَاسَةُ إلَّا بِدَلِيلِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الدِّمَاءِ الْمُسْتَخْبَثَةِ شَيْءٌ مِنْ أَدِلَّةِ النَّجَاسَةِ وَخَصَائِصِهَا. الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَعْيَانَ تَفْتَرِقُ حَالُهَا: بَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ فِي مَوْضِعِ عَمَلِهَا وَمَنْفَعَتِهَا وَبَيْنَ مَا إذَا فَارَقَتْ ذَلِكَ. فَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ مَا دَامَ جَارِيًا فِي أَعْضَاءِ الْمُتَطَهِّرِ فَهُوَ طَهُورٌ فَإِذَا انْفَصَلَ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ. وَالْمَاءُ فِي الْمَحَلِّ النَّجِسِ مَا دَامَ عَلَيْهِ فَعَمَلُهُ بَاقٍ وَتَطْهِيرُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ فَإِذَا فَارَقَ مَحَلَّ عَمَلِهِ فَهُوَ إمَّا نَجِسٌ أَوْ غَيْرُ مُطَهِّرٍ؛ وَهَذَا مَعَ تَغَيُّرِ الْأَمْوَاهِ فِي مَوَارِدِ التَّطْهِيرِ تَارَةً بِالطَّاهِرَاتِ وَتَارَةً بِالنَّجَاسَاتِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَطَةُ الَّتِي هِيَ أَشَدُّ أَسْبَابِ التَّغْيِيرِ لَا
(يُتْبَعُ)
(/)
تُؤَثِّرُ فِي مَحَلِّ عَمَلِنَا وَانْتِفَاعِنَا فَمَا ظَنُّك بِالْجِسْمِ الْمُفْرَدِ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ بِخَلْقِ اللَّهِ وَتَدْبِيرِهِ فَافْهَمْ هَذَا فَإِنَّهُ لُبَابُ الْفِقْهِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ عَنْ أَصْلِ الدَّلِيلِ: أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الدَّمَ نَجِسٌ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَالَ وَتَبَدَّلَ. وَقَوْلُهُمْ: الِاسْتِحَالَةُ لَا تُطَهِّرُ. قُلْنَا: مَنْ أَفْتَى بِهَذِهِ الْفَتْوَى الطَّوِيلَةِ الْعَرِيضَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلْإِجْمَاعِ
مسألة: إذا قال الطبيب للمريض ما لك دواء إلا لحكم الكلب أو الخنزير؟
مجموع الفتاوى - (ج 24 / ص 272)
وَسُئِلَ: عَنْ الْمَرِيضِ إذَا قَالَتْ لَهُ الْأَطِبَّاءُ: مَا لَك دَوَاءٌ غَيْرَ أَكْلِ لَحْمِ الْكَلْبِ أَوْ الْخِنْزِيرِ. فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ مَعَ قَوْله تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا}؟ وَإِذَا وَصَفَ لَهُ الْخَمْرَ أَوْ النَّبِيذَ: هَلْ يَجُوزُ شُرْبُهُ مَعَ هَذِهِ النُّصُوصِ؟ أَمْ لَا؟.
فَأَجَابَ: لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْخَبَائِثِ لِمَا رَوَاهُ وَائِلُ بْنُ حجر {أَنَّ طَارِقَ بْنَ سويد الجعفي. سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ عَنْهَا فَقَالَ: إنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءِ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ} رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ وَأَنْزَلَ الدَّاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَتَدَاوَوْا بِحَرَامِ}. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: {نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّوَاءِ بِالْخَبِيثِ} وَفِي لَفْظٍ يَعْنِي السُّمَّ رَوَاهُ أَحْمَد وَابْنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِي. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: {ذَكَرَ طَبِيبٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَوَاءً وَذَكَرَ الضُّفْدَعَ تُجْعَلُ فِيهِ فَنَهَى رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهِ عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ} رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِي. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي السُّكْرِ: " إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذِهِ النُّصُوصُ وَأَمْثَالُهَا صَرِيحَةٌ فِي النَّهْيِ عَنْ التَّدَاوِي بِالْخَبَائِثِ مُصَرِّحَةٌ بِتَحْرِيمِ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ إذْ هِيَ أُمُّ الْخَبَائِثِ وَجِمَاعُ كُلِّ إثْمٍ. وَالْخَمْرُ اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ كَمَا ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ} وَفِي رِوَايَةٍ {كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ: الْبِتْعِ وَهُوَ مِنْ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَالْمِزْرِ: وَهُوَ مِنْ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ؟ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ}. وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْبِتْعِ. وَهُوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ - وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ فَقَالَ: كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ} وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِي وَغَيْرُهُمَا: عَنْ جَابِرٍ {أَنَّ رَجُلًا مِنْ حُبْشَانَ مِنْ الْيَمَنِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ فَقَالَ: أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ} الْحَدِيثَ. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ صَرِيحَةٌ بِأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَأَنَّهُ خَمْرٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ: إنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ إلَّا بِهَذَا الدَّوَاءِ الْمُعَيَّنِ. فَهَذَا قَوْلُ جَاهِلٍ لَا يَقُولُهُ مَنْ يَعْلَمُ الطِّبَّ أَصْلًا فَضْلًا عَمَّنْ يَعْرِفُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ الشِّفَاءَ لَيْسَ فِي سَبَبٍ مُعَيَّنٍ يُوجِبُهُ فِي الْعَادَةِ كَمَا لِلشِّبَعِ سَبَبٌ مُعَيَّنٌ يُوجِبُهُ فِي الْعَادَةِ إذْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْفِيهِ اللَّهُ بِلَا دَوَاءٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْفِيهِ اللَّهُ بِالْأَدْوِيَةِ الْجُثْمَانِيَّةِ حَلَالِهَا وَحَرَامِهَا وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فَلَا يَحْصُلُ الشِّفَاءُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلشِّبَعِ؛ وَلِهَذَا أَبَاحَ اللَّهُ لِلْمُضْطَرِّ الْخَبَائِثَ أَنْ يَأْكُلَهَا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا فِي الْمَخْمَصَةِ فَإِنَّ الْجُوعَ يَزُولُ بِهَا وَلَا يَزُولُ بِغَيْرِهَا بَلْ يَمُوتُ أَوْ يَمْرَضُ مِنْ الْجُوعِ فَلَمَّا تَعَيَّنَتْ طَرِيقًا إلَى الْمَقْصُودِ أَبَاحَهَا اللَّهُ بِخِلَافِ الْأَدْوِيَةِ الْخَبِيثَةِ. بَلْ قَدْ قِيلَ: مَنْ اسْتَشْفَى بِالْأَدْوِيَةِ الْخَبِيثَةِ كَانَ دَلِيلًا عَلَى مَرَضٍ فِي قَلْبِهِ وَذَلِكَ فِي إيمَانِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمُؤْمِنِينَ لَمَا جَعَلَ اللَّهُ شِفَاءَهُ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَمَّا التَّدَاوِي فَلَا يَجِبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ بِالْحَلَالِ وَتَنَازَعُوا: هَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهُ؟ أَوْ تَرْكُهُ عَلَى طَرِيقِ التَّوَكُّلِ؟. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَغَيْرَهَا لَمْ يُبِحْ ذَلِكَ إلَّا لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَدَاوِيَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهَا فَعُلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ. وَأَمَّا مَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ لَا لِمُجَرَّدِ الضَّرُورَةِ: كَلِبَاسِ الْحَرِيرِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا} وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الْحَرِيرِ إنَّمَا حُرِّمَ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَلِهَذَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى التَّزَيُّنِ بِهِ وَأُبِيحَ لَهُنَّ التَّسَتُّرُ بِهِ مُطْلَقًا فَالْحَاجَةُ إلَى التَّدَاوِي بِهِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَهَذِهِ حُرِّمَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَالْفَخْرِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لُبْسُهَا لِلْبَرْدِ: أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ غَيْرُهَا.
مسألة: ما الذي يجوز من الرقى و ما الذي لا يجوز؟
(يُتْبَعُ)
(/)
مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 13)
الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ جَمِيعَ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ يُقِرُّونَ بِوُجُودِ الْجِنِّ وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْكُفَّارِ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الهذيل وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ حَامٍ وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْكَنْعَانِيِّينَ واليونانيين وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يافث. فَجَمَاهِيرُ الطَّوَائِفِ تُقِرُّ بِوُجُودِ الْجِنِّ بَلْ يُقِرُّونَ بِمَا يَسْتَجْلِبُونَ بِهِ مُعَاوَنَةَ الْجِنِّ مِنْ الْعَزَائِمِ وَالطَّلَاسِمِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ سَائِغًا عِنْدَ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَوْ كَانَ شِرْكًا فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَقْرَءُونَ مِنْ الْعَزَائِمِ وَالطَّلَاسِمِ وَالرُّقَى مَا فِيهِ عِبَادَةٌ لِلْجِنِّ وَتَعْظِيمٌ لَهُمْ وَعَامَّةُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْ الْعَزَائِمِ وَالطَّلَاسِمِ وَالرُّقَى الَّتِي لَا تُفْقَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيهَا مَا هُوَ شِرْكٌ بِالْجِنِّ. وَلِهَذَا نَهَى عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الرُّقَى الَّتِي لَا يُفْقَهُ مَعْنَاهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الشِّرْكِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الرَّاقِي أَنَّهَا شِرْكٌ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ {عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأشجعي. قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ}. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ قَالَ: {نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ وَإِنَّك نَهَيْت عَنْ الرُّقَى قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا أَرَى بَأْسًا مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ}
مسألة ما حكم الرقى المكتوبة التي تغسل ويسقاها المريض؟
مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 64)
فَصْلٌ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ لِلْمُصَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَرْضَى شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَذِكْرُهُ بِالْمِدَادِ الْمُبَاحِ وَيُغْسَلُ وَيُسْقَى كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد: قَرَأْت عَلَى أَبِي ثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ؛ ثَنَا سُفْيَانُ؛ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ؛ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا عَسِرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتُهَا فَلْيَكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}. قَالَ أَبِي: ثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: يُكْتَبُ فِي إنَاءٍ نَظِيفٍ فَيُسْقَى قَالَ أَبِي: وَزَادَ فِيهِ وَكِيعٌ فَتُسْقَى وَيُنْضَحُ مَا دُونَ سُرَّتِهَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي يَكْتُبُ لِلْمَرْأَةِ فِي جَامٍ أَوْ شَيْءٍ نَظِيفٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَمْدَانَ الحيري: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ النسوي؛ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ شبوية؛ ثنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ؛ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ؛ عَنْ سُفْيَانَ؛ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ عَنْ الْحَكَمِ؛ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا عَسِرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وِلَادُهَا فَلْيَكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ؛ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ؛ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}. قَالَ عَلِيٌّ: يُكْتَبُ فِي كاغدة فَيُعَلَّقُ عَلَى عَضُدِ الْمَرْأَةِ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ جَرَّبْنَاهُ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا أَعْجَبَ مِنْهُ فَإِذَا وَضَعَتْ تُحِلُّهُ سَرِيعًا ثُمَّ تَجْعَلُهُ فِي خِرْقَةٍ أَوْ تُحْرِقُهُ.
مسألة: هل تدخل الجن بدن المصروع؟
مجموع الفتاوى - (ج 24 / ص 276)
وُجُودُ الْجِنِّ ثَابِتٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا. وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ}. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ قُلْت لِأَبِي: إنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ: إنَّ الْجِنِّيَّ لَا يَدْخُلُ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ يَكْذِبُونَ هَذَا يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فَإِنَّهُ يَصْرَعُ الرَّجُلَ فَيَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لَا يَعْرِف مَعْنَاهُ وَيُضْرَبُ عَلَى بَدَنِهِ ضَرْبًا عَظِيمًا لَوْ ضُرِبَ بِهِ جَمَلٌ لَأَثَّرَ بِهِ أَثَرًا عَظِيمًا. وَالْمَصْرُوعُ مَعَ هَذَا لَا يُحِسُّ بِالضَّرْبِ وَلَا بِالْكَلَامِ الَّذِي يَقُولُهُ وَقَدْ يَجُرُّ الْمَصْرُوعَ وَغَيْرَ الْمَصْرُوعِ وَيَجُرُّ الْبِسَاطَ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَيُحَوِّلُ آلَاتٍ وَيَنْقُلُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ وَيُجْرِي غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ مَنْ شَاهَدَهَا أَفَادَتْهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِأَنَّ النَّاطِقَ عَلَى لِسَانِ الْإِنْسِيِّ وَالْمُحَرِّكَ لِهَذِهِ الْأَجْسَامِ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الْإِنْسَانِ. وَلَيْسَ فِي أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُنْكِرُ دُخُولَ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الشَّرْعَ يُكَذِّبُ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الشَّرْعِ وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ.
مسألة: ما أسباب صرع الجن للإنس؟
مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 82)
صَرْعُ الْجِنِّ لِلْإِنْسِ هُوَ لِأَسْبَابِ ثَلَاثَةٍ: تَارَةً يَكُونُ الْجِنِّيُّ يُحِبُّ الْمَصْرُوعَ فَيَصْرَعُهُ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ وَهَذَا الصَّرْعُ يَكُونُ أَرْفَقَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَسْهَلَ وَتَارَةً يَكُونُ الْإِنْسِيُّ آذَاهُمْ إذَا بَالَ عَلَيْهِمْ أَوْ صَبَّ عَلَيْهِمْ مَاءً حَارًّا أَوْ يَكُونُ قَتَلَ بَعْضَهُمْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى وَهَذَا أَشَدُّ الصَّرْعِ وَكَثِيرًا مَا يَقْتُلُونَ الْمَصْرُوعَ وَتَارَةً يَكُونُ بِطَرِيقِ الْعَبَثِ بِهِ كَمَا يَعْبَثُ سُفَهَاءُ الْإِنْسِ بِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ.
مسألة: كيف يعالج المصروع؟
مجموع الفتاوى - (ج 24 / ص 277)
وَأَمَّا مُعَالَجَةُ الْمَصْرُوعِ بِالرُّقَى وَالتَّعَوُّذَاتِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: فَإِنْ كَانَتْ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذُ مِمَّا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا وَمِمَّا يَجُوزُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا الرَّجُلُ دَاعِيًا اللَّهَ ذَاكِرًا لَهُ وَمُخَاطِبًا لِخَلْقِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْقَى بِهَا الْمَصْرُوعُ وَيُعَوَّذَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ أَذِنَ فِي الرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا}. {وَقَالَ: مَنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ}. وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ كَلِمَاتٌ مُحَرَّمَةٌ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شِرْكٌ أَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْمَعْنَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا كُفْرٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَ بِهَا وَلَا يُعَزِّمَ وَلَا يُقْسِمَ وَإِنْ كَانَ الْجِنِّيُّ قَدْ يَنْصَرِفُ عَنْ الْمَصْرُوعِ بِهَا فَإِنَّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ كَالسِّيمَيا وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ فَإِنَّ السَّاحِرَ السيماوي وَإِنْ كَانَ يَنَالُ بِذَلِكَ بَعْضَ أَغْرَاضِهِ كَمَا يَنَالُ السَّارِقُ بِالسَّرِقَةِ بَعْضَ أَغْرَاضِهِ وَكَمَا يَنَالُ الْكَاذِبُ بِكَذِبِهِ وَبِالْخِيَانَةِ بَعْضَ أَغْرَاضِهِ وَكَمَا يَنَالُ الْمُشْرِكُ بِشِرْكِهِ وَكُفْرِهِ بَعْضَ أَغْرَاضِهِ وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ نَالُوا بَعْضَ أَغْرَاضِهِمْ بِهَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهَا تَعْقُبُهُمْ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَعْظَمُ مِمَّا حَصَّلُوهُ مِنْ أَغْرَاضِهِمْ. فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ الرُّسُلَ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا فَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَمَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَفْسَدَتِهِ وَمَنْفَعَتُهُ رَاجِحَةٌ عَلَى الْمَضَرَّةِ. وَإِنْ كَرِهَتْهُ النُّفُوسُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الْآيَةَ. فَأَمَرَ بِالْجِهَادِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلنُّفُوسِ لَكِنَّ مَصْلَحَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِلنُّفُوسِ مِنْ أَلَمِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَشْرَبُ الدَّوَاءَ الْكَرِيهَ لِتَحْصُلَ لَهُ الْعَافِيَةُ فَإِنَّ مَصْلَحَةَ حُصُولِ الْعَافِيَةِ لَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى أَلَمِ شُرْبِ الدَّوَاءِ. وَكَذَلِكَ التَّاجِرُ الَّذِي يَتَغَرَّبُ عَنْ وَطَنِهِ وَيَسْهَرُ وَيَخَافُ وَيَتَحَمَّلُ هَذِهِ الْمَكْرُوهَاتِ مَصْلَحَةُ الرِّبْحِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَكَارِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ}. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ السَّاحِرِ: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَعْلَمُونَ أَنَّ السَّاحِرَ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. وَإِنَّمَا يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ بَعْضَ أَغْرَاضِهِمْ فِي الدُّنْيَا {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} آمَنُوا وَاتَّقَوْا بِفِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَتَرْكِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ لَكَانَ مَا يَأْتِيهِمْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُمْ بِالسِّحْرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}. وَقَالَ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}. وَقَالَ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}
(يُتْبَعُ)
(/)
الْآيَتَيْنِ. وَقَالَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا}. وَالْأَحَادِيثُ فِيمَا يُثِيبُ اللَّهُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَدْفَعَ كُلَّ ضَرَرٍ بِمَا شَاءَ وَلَا يَجْلِبُ كُلَّ نَفْعٍ بِمَا شَاءَ بَلْ لَا يَجْلِبُ النَّفْعَ إلَّا بِمَا فِيهِ تَقْوَى اللَّهِ وَلَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ إلَّا بِمَا فِيهِ تَقْوَى اللَّهِ فَإِنْ كَانَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْعَزَائِمِ وَالْأَقْسَامِ وَالدُّعَاءِ وَالْخَلْوَةِ وَالسَّهَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ لَمْ يَفْعَلْهُ. فَمَنْ كَذَّبَ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ مِنْ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَالسِّحْرِ وَمَا يَأْتُونَ بِهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ - كَدُعَاءِ الْكَوَاكِبِ وَتَخْرِيجِ الْقُوَى الْفَعَّالَةِ السَّمَاوِيَّةِ بِالْقُوَى الْمُنْفَعِلَةِ الْأَرْضِيَّةِ وَمَا يَنْزِلُ مِنْ الشَّيَاطِينِ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ فَالشَّيَاطِينُ الَّتِي تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ وَيُسَمُّونَهَا رُوحَانِيَّةَ الْكَوَاكِبِ - وَأَنْكَرُوا دُخُولَ الْجِنِّ فِي أَبْدَانِ الْإِنْسِ وَحُضُورَهَا بِمَا يَسْتَحْضِرُونَ بِهِ مِنْ الْعَزَائِمِ وَالْأَقْسَامِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمًا. وَمَنْ جَوَّزَ أَنْ يَفْعَلَ الْإِنْسَانُ بِمَا رَآهُ مُؤَثِّرًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِنَ ذَلِكَ بِشَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ - فَيَفْعَلُ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَيَتْرُكُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ - وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إمَّا مِنْ الْكُفْرِ وَإِمَّا مِنْ الْفُسُوقِ وَإِمَّا الْعِصْيَانِ بَلْ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَيَتْرُكَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ. وَمِمَّا شَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ التَّعَوُّذِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ. وَلَمْ يَقْرَبْهُ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ} وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: {أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ}. {وَلَمَّا جَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ بِلَهَبٍ مِنْ نَارٍ أَمَرَ بِهَذَا التَّعَوُّذِ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ}. فَقَدْ جَمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الَّتِي يَقُولُهَا الْعَبْدُ إذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى وَإِذَا نَامَ وَإِذَا خَافَ شَيْئًا وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ مَا فِيهِ بَلَاغٌ. فَمَنْ سَلَكَ مِثْلَ هَذِهِ السَّبِيلِ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وَمَنْ دَخَلَ فِي سَبِيلِ أَهْلِ الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ الدَّاخِلَةِ فِي الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ فَقَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ وَبِذَلِكَ ذَمَّ اللَّهُ مَنْ ذَمَّهُ مِنْ مُبَدِّلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ. حَيْثُ قَالَ: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى} - إلَى قَوْلِهِ - {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مسألة: إذا احتيج إلى ضرب المصروع ما لم يفق فهل يضرب؟
مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 60)
قَدْ يَحْتَاجُ فِي إبْرَاءِ الْمَصْرُوعِ وَدَفْعِ الْجِنِّ عَنْهُ إلَى الضَّرْبِ فَيُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا جِدًّا وَالضَّرْبُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْجِنِّيِّ وَلَا يَحُسُّ بِهِ الْمَصْرُوعُ حَتَّى يَفِيقَ الْمَصْرُوعُ وَيُخْبِرَ أَنَّهُ لَمْ يَحُسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِهِ وَيَكُونُ قَدْ ضُرِبَ بِعَصَا قَوِيَّةٍ عَلَى رِجْلَيْهِ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعِمِائَةِ ضَرْبَةً وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ عَلَى الْإِنْسِيِّ لَقَتَلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْجِنِّيِّ وَالْجِنِّيُّ يَصِيحُ وَيَصْرُخُ وَيُحَدِّثُ الْحَاضِرِينَ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا قَدْ فَعَلْنَا نَحْنُ هَذَا وَجَرَّبْنَاهُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً يَطُولُ وَصْفُهَا بِحَضْرَةِ خَلْقٍ كَثِيرِينَ.
مسألة: من الذي يعالج المصروع بالأحوال الشيطانية؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 611)
يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ تَقْتَرِنُ بِهِمْ الشَّيَاطِينُ مِنْ إخْوَانِهِمْ الَّذِينَ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَطْلُبُهُمْ النَّاسُ لِعِلَاجِ الْمَصْرُوعِ وَهُمْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ عِنْدَ النَّاسِ فَإِذَا طَلَبُوا تَحَلَّوْا بِحِلْيَةِ الْمُقَاتِلَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْجِنُّ فَيُحَارِبُ مِثْلَ الْجِنِّ الدَّاخِلِ فِي الْمَصْرُوعِ وَيَسْمَعُ النَّاسُ أَصْوَاتًا وَيَرَوْنَ حِجَارَةً يُرْمَى بِهَا وَلَا يَرَوْنَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَرَى الْإِنْسِيَّ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِ الرُّمْحِ الطَّوِيلِ. وَإِنَّمَا الْوَاقِفُ هُوَ الشَّيْطَانُ وَيَرَى النَّاسُ نَارًا تُحْمَى. وَيَضَعُ فِيهَا الْفُؤُوسَ وَالْمَسَاحِيَ ثُمَّ إنَّ الْإِنْسِيَّ يَلْحَسُهَا بِلِسَانِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ وَيَرَى النَّاسُ هَؤُلَاءِ يُبَاشِرُونَ الْحَيَّاتِ وَالْأَفَاعِيَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيَفْعَلُونَ مِنْ الْأُمُورِ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِمَّا يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعُونَ الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ الْمُلَبِّسُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ أَعَادِيهِ الْمُضَيِّعِينَ لِفَرَائِضِهِ الْمُتَعَدِّينَ لِحُدُودِهِ. وَالْجُهَّالِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ يَظُنُّوهُمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ؛ وَإِنَّمَا هَذِهِ الْأَحْوَالُ مِنْ جِنْسِ أَحْوَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَافِرِينَ وَالْفَاسِقِينَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَلَا فِعْلِ الْمَحْظُورِ وَلَا إقَامَةِ مَشْيَخَةٍ تُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَلَا أَنْ يُعْطِيَ رِزْقَهُ عَلَى مَشْيَخَةٍ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّمَا يُعَانُ بِالْأَرْزَاقِ مَنْ قَامَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَدَعَا إلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 12:40]ـ
سلسلة موفقة. . . جزاكم الله خيرا.
(/)
هل هذه العباره صحيحه؟
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 02:00]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطيب الجمعه يقول في استفتاحيته:
يا رب إن ذنوبنا في الورى كثرت .. وليس لنا عملٌ في الحشر ينجينا
و جئناك بالتوحيد يصحبه حب النبي .. وهذا القدر يكفينا
وصلى الله على حبيبنا محمد و آله أجمعين إلي يوم الدين
ويقول ايضا اللهم صلي على محمد بعدد حروف القران حرفا حرفا وبكل حرف الفا الفا .. وبعدد الملائكة صفا صفا وبكل صف الفا الفا ..
فما رايكم بهذه العبارتين وبالاخص الاولى؟
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 08:53]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اغيثوني (ابتسامة)
ـ[العرب]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 11:27]ـ
اذا كانت المعاني صحيحة فلا اشكال وهي كذلك فيما يظهر لي
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 06:52]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا
يقول في هذه الابيات ان ليس له عمل ينجيه من النار سوى التوحيد وحب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم .. ،
اين بقية الاركان؟؟ اين العمل؟
هذا سؤالي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(/)
من ثقافة المحاججة إلى ثقافة المرحمة .. الطريق الطويلة!
ـ[خلوصي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 03:21]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
هذه دعوة من خلوصي " الطيب! زعموا:) " لإخوانه و أخواته في الله ... تأتي بعد عقود مرت عليه و هو في ثقافة المحاججة و لا يزال؟! مع نفسه أولاً - و هو خير عجيب - ثم مع الناس - و هو .. ؟! -!:
أن تعالوا نعن بعضنا بعضاً على ما نحن مقتنعون به من تأثير التراحم و الرحمة على تبليغ الدعوة ... و لكننا نتخلف عن التحقق به في ميدان النفوس ... ؟! آه من النفوس!!
يقول جلال الدين الرومي ما معناه أنك لو جلبت الحجج على خصمك فكأنك تهوي بالمطرقة على رأسه إذا لم يستشعر معها برحمتك عليه .. ! فلا غرو أن لا يقبل منك؟!
نحن نسود الصفحات الطوال الطوال .. بل الوِساع - نسبة للموسوعات:) - في المحاججة العقلية ... و لا نجد بين ثناياها من هذه العاطفة الغالية العزيزة العجيبة إلا أشعة باهتة متناثرة؟!
فهل نحن منتهون؟!
..... بانتظار قلوبكم الطاهرة بالإيمان ... و الشفقة على أهل الإيمان ... و من ورائهم هذا ...
.. ؟
.. ؟
.. ؟
هذا الإنسان؟!
الذي سيأتي يوم القيامة رافعا صوته عالياً: " ربنا هؤلاء غفلوا عنا ... و زعموا أنهم كانوا ينصرون دينك!! "
فاللهمّ رحمتك ... في شهر الرحمة هذا.
اللهمّ إني ما كتبت هذا لغيري .. ! بل لنفسي الأمارة الغافلة التي ما أسرع ما تنساق إلى النسيان و الحدة!؟ و لا أعرف مبلغ ما فيها لله؟!
...
ـ[خلوصي]ــــــــ[04 - Dec-2008, صباحاً 02:26]ـ
اللهمّ إني ما كتبت هذا لغيري .. ! بل لنفسي الأمارة الغافلة التي ما أسرع ما تنساق إلى النسيان و الحدة!؟ و لا أعرف مبلغ ما فيها لله؟!
إي و الله؟!!
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[04 - Dec-2008, صباحاً 03:01]ـ
يقول جلال الدين الرومي
" إيه اطلاااااااااع من هالابواب أحسنلك هاه "
:):):)
ـ[خلوصي]ــــــــ[04 - Dec-2008, صباحاً 03:45]ـ
آه منك أيها الأستاذ الجميل؟!! أضحكني الله و إياكم و الإخوة جميعاً .... " على سرر متقابلين "
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[04 - Dec-2008, صباحاً 04:46]ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنصر أخاك ظالما أو مظلوما .. قيل يا رسول الله، ننصره مظلوما فما نصره ظالما؟ قال أن تمنعه من ظلمه .. أو كما قال عليه السلام ..
والواقع والحس والعقل يشهدون بأن المحاججة - بالحسنى لا بغيرها - سبيل العقلاء جميعا للتناصح واالاصلاح وتغيير ظلم القول والفعل والاعتقاد عند من وقع فيه من المسلمين قبل غيرهم! وما هو الا من التراحم بين المسلمين أن يسعى من يعلم منهم في دعوة من لا يعلم بالمحاججة والمناقشة بالتي هي أحسن! فلا نقبل منك جعل "المحاججة" - هكذا باطلاقها - في موضع المقابلة من "التراحم"!!! ليس العيب في أن تقيم حجة الحق، - بل انه الخير كل الخير ولا شك وهو سبيل الأنبياء جميعا في دعواهم - ولكن العيب في أن تنفر منها من تدعوه اليها بسبب قلة فقهك وفساد نيتك وقصدك ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - Dec-2008, صباحاً 09:59]ـ
بوركت وسلمت يمينك ..
والقاعدة ألا تخلو المحاججة عن المرحمة فإن افترقتا فهذا من تقصير الإنسان ..
والله يقول: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ..
ـ[خلوصي]ــــــــ[04 - Dec-2008, مساء 12:29]ـ
بوركت وسلمت يمينك ..
والقاعدة ألا تخلو المحاججة عن المرحمة فإن افترقتا فهذا من تقصير الإنسان ..
والله يقول: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ..
و إياكم أخي العزيز ... أهلاً بكم و سهلاً ..
و ما قلتَه صحيح سيدي ... و لكن تطبيقه هو المشكلة؟!
فهل أنا مستعد قلبيا ل " وجادلهم بالتي هي أحسن .. "؟!
فإن لم أكن كذلك فعلي تأجيل الحوار حتى أؤمن الحد الأدنى من الإيمان الذي يمنع نفسي الأمارة بالسوء من الطغيان و الحال أنني أتكلم باسم الدين!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[04 - Dec-2008, مساء 05:41]ـ
"فإن لم أكن كذلك فعلي تأجيل الحوار حتى أؤمن الحد الأدنى من الإيمان الذي يمنع نفسي الأمارة بالسوء من الطغيان و الحال أنني أتكلم باسم الدين! "
(يُتْبَعُ)
(/)
سبحان الله! يا خلوصي لا نخالفك في أن هناك آفات في قلوبنا جميعا .. ولكن ما سبيل علاجها ومدافعتها، وما محل ذلك من غيره من واجبات الدين (على التعيين والكفاية) ومستحباته؟ هذا هو ما نريد منك اجابتنا عليه حتى نفهم محل بحثك الذي لم تحد عنه - ولم تتمكن من بيانه لاخوانك!! - منذ أن اشتركت بيننا والى يومنا هذا!!
كيف يتبين لك يا خلوصي أنك قد بلغت الحد الأدنى من "اليقين" والذي زالت به أمراض قلبك والذي اذا ما أصبته وتبينته من نفسك، رحت حينئذ تتحاور وتتناقش وتطلب العلوم بأدلتها وتتعلم ما يجب عليك تعلمه وأنت حينئذ في مأمن من أن "تطغى عليك نفسك"؟؟؟ أخبرني يا خلوصي الى متى يظل هروب الواحد من أصحابك هؤلاء من تعلم منهج السلف في ضبط المعتقد وتنقيح كلام الناس فيه وتصفيته من الباطل والبدعة ورد البدعة على أصحابها بالحجة والبرهان العلمي، وما هو الحد الفاصل الذي يمكن للمسلم عنده أن يقول: أنا الآن عندي يقين وقد طهر قلبي من "الأخفى الأخفوي" وأصبح بوسعي أن أخوض في تلك الحوارات دون خوف من طغيان أمراض القلب؟؟؟؟
هل أجل المجاهدون من الصحابة جهادهم حتى تحقق عندهم ما به أمنوا جميعا من أمراض النفوس؟؟؟ هل أجل العلماء منهم طلب العلم ونشره حتى أمنوا جميعا من أمراض النفوس؟ يا أخي لا يزال الرجل يجاهد نفسه ويغالب أمراضها حتى يتوفاه ربه، ولا يصل أبدا الى حال يمكنه أن يأمن معها من غفلة تطغي عليه مرضا من أمراض نفسه، مهما حصل من الايمان واليقين!! فعن أي "حد أدنى تتكلم وما ضابطه وما معياره وأهم من ذلك: ما علامة تحقيقه وبلوغه؟؟
هل أنتظر حتى يتدفق النور من صدري بعد قراءة فاتحة الكتاب خمسين ألف مرة، أم أجرب المشي على الماء حتى ان وجدتني قادرا عليه فقد بلغت اليقين، أم أنتظر شهادة وعهدا من شيخ طريقتي النوراني الذي رأوه يطير في الهواء ويمشي على الماء فشهدوا له باليقين، أن يشهد لي بأني قد صرت من الخواص؟ أم أنتظر حتى تحدثني الملائكة على الطريق ويأتيني الأنبياء والأولياء في المنام واليقظة يدعونني الى مأدباتهم ومحافلهم المزعومة؟؟؟
من من الصحابة وتابعيهم أرجأ من الواجبات الشرعية شيئا واحدا بحجة أنه ينتظر الى أن يتبين له بالكرامات والخوارق أنه قد "بلغ اليقين"؟؟
يا أخي هداك الله، مجاهدة النفس ومقاومتها ومعالجتها كان السلف رضوان الله عليهم يبذلونه طيلة أعمارهم بفقه وعلم، في خشية ووجل، جنبا الى جنب مع طلب العلم والدعوة الى الله ومحاججة المبتدعة والمخالفين ومحاورتهم، فكانت المرحمة، مع الصبر واليقين، مع المحاججة بالعلم والموعظة الحسنة، كل ذلك في قالب واحد لا يتجزأ، ولا يرجأ فيه شيء بعد الآخر!! بل علينا بالدخول في السلم كافة! لا أقول أصلح قلبي أولا ثم أعمل على اصلاح جوارحي، أو العكس، بل كل ما يأتيك خبره وتتعلمه تعمل به، اصلاحا لقلبك وجوارحك وأقوالك وكل شيء!!
بالمناسبة، وقبل أن تستدل به، فقوله تعالى ((واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) المراد باليقين هنا الموت، وليس الكرامات!!!
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[05 - Dec-2008, مساء 03:39]ـ
وسأله آخر فقال يا أبا عبد الله أجبني، فقال: ويحك! أتريد أن تجعلني حُجَّةً بينك وبين الله؟ فأحتاج أنا أولاً أنْ أنظر كيف خلاصي، ثم أخلصك!
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=167452&postcount=128
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[05 - Dec-2008, مساء 03:47]ـ
نقل سديد يا ابن الرومية، ولا خلاف عليه .. وان كنت انا الآن من أقول لك أنه خارج محل البحث!
ليت اخواننا يقرون بأن الشروع في العمل قبل ضبط العلم اللازم له = مهلكة لصاحبه!!
وليتهم يفهمون كذلك أننا لا نغفل عن وجود الآفة في القلوب وعن تشخيصها وانما تناقشهم في الطريق الصحيح الى علاجها، وطبيعة المعارف اللازمة لذلك وكيفية التربية عليها!
وبس.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[05 - Dec-2008, مساء 04:38]ـ
وكنتما كندماني جذيمة:)
ـ[خلوصي]ــــــــ[06 - Dec-2008, صباحاً 08:57]ـ
حسناً يا أستاذي ابن الرومية الخطير:
صحيح أنك أستاذي - دون مجاملة - و لك احترامك اللائق بك .. و قدرك في فكري و قلبي ..
لكن و لثقتي بتواضعك و من منطلق الولاية بين المسلمين ... و لأنك بتحبني .. و لتضلعك بالتاريخ .. و لأنك ما بتصنفني ..
فأنا أكلفك - على استحياء من مقامك عندي -
أن تذكر لنا من حياة الصحابة أنفسهم .. كيف تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الإيمان .. و كم لبثوا عنده ... ثم انطلقوا إلى أقوامهم!!
يا زلمة بعرف واحد كان نصراني .. أسلم .. صارلو 10 سنين عم يدرس "علم العقيدة" في بلاد المسلمين .. ؟؟!!
إلتلّوا ولك شو هااد ... ؟ أهلك و ناسك عم يلعنوك ليل نهار .. و إنته لساتك هون؟؟
ألّي كلما تعمقت أكثر في العقيدة أرى نفسي جاهلا أريد المزيد!!! و لك يا زلمة إيه النبي صلى الله عليه و سلم راح للجهاد مع ناس عندون بعض صور من الخلل في توحيد الألوهية .. حديثي عهد بإسلام؟! " عن الرسائل الشمولية "
و لسّاتو صاحبنا هونيك .. و مفكر حالو على مذهب السلف؟!
ولك أنهي سلف؟ اصحى يا نايم .. وحّد الدايم!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[06 - Dec-2008, صباحاً 08:59]ـ
سبحان الله أنا نسيت إننا في موضوع إلى ثقافة المرحمة؟؟!!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[06 - Dec-2008, مساء 03:02]ـ
"أن تذكر لنا من حياة الصحابة أنفسهم .. كيف تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الإيمان .. و كم لبثوا عنده "
يا خلوصي أنا أسألك - وأعلم أنك لن تجيب، ولكنه لزوم البيان للناس -: ما هي أول كلمة لقي بها النبي عليه السلام من كان يدعوهم، وأعلنها في قومه ونافح عنها، وكيف كان سبيله لاقناعهم بها؟؟؟ أليس أول ما يبدأ به الرسول هو أول الأمر ورأسه؟؟ فبم بدأ عليه السلام؟؟ ان قلت بدأ بالمعجزات والكرامات، قلت لك كذبت! لم يبدأ بها وما بدأ بها رسول دعوته أبدا! وانما بدأ المرسلون جميعا ببيان الحق الواضح بدليله للناس، فلما كذب منهم من كذب وقالوا له ما بعث الله بشرا رسولا، نزلت الخوارق لتقيم حجة أخيرة على القوم، فبقي منهم الكافر الذي لم تثمر دعوة الحق في قلبه شيئا، بقي على كفره يدعي أنها ليست الا سحرا، بينما كان الذي في نفسه تأهل لقبول الحق - اما لقربه الأصلي من الفطرة واما لوقوع تأثير الدعوة النبوية الواضحة في قلبه - يقبل تلك الخوارق كزيادة دلالة على معنى الحق الذي مس شغاف قلبه من قبل، فزادته ايمانا!
فهل عندكم يا خلوصي فيما بينكم أنبياء يستعينون بالخوارق للدعوة؟؟؟
أعلم بم ستجيبني ان كنت فاعلا،
ستقول: بل عندنا كرامات الأولياء وأرباب اليقين!!
أعلم أن هذا هو بيت القصيد من دعواك، ومنتهى قصدك، فلنفتح اذا الكلام في هذا الباب واضحا ولتأتنا بما عندك ولنتدارسه بالدليل والبينة حتى ترتاح وتريحنا!!
تسأل عما بدأ به النبي عليه السلام ونقول لك: انما بدأ بأن يقنع الناس ببطلان ما هم عليه من الاعتقاد أولا ليغرس التوحيد في مكانه!
لما بعث النبي عليه السلام معاذا الى الشام بم أمره؟ هل قال له ابدأ بدعوتهم الى "الايمان" أو "اليقين" - هكذا بذاك الابهام الذي تتكلم أنت به -، أو قال له امش أمامهم على الماء أو طر في الهواء ليصدقوك؟؟ أبدا!! انما قال له "فليكن أول ما تدعوهم اليه شهادة أن لا اله الا الله، فان هم قبلوا فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ... " الى آخر الحديث! وهذا هو ما بدأ به النبي عليه السلام مع من دعاهم، وكانت سنوات التربية في مكة قبل الهجرة سنوات تزكية للقلوب وتربية لها على لا اله الا الله بسائر لوازمها ومقتضياتها على بصيرة العلم من القرءان والحكمة!! وهذه اللوازم والمقتضيات هي نفسها التي صنف العلماء فيما بعد في تفصيلها الى أقسام وأبواب وكذا، في كتب أسموها بكتب التوحيد!!
فماذا تنقم أنت من تلك الكتب؟؟؟ سبحانك ربي هذا جهل مبين!!
لا اله الا الله هي أصل الايمان ويجب على الداعية استعمال كل ما يلزم لزرعها في القلوب على حقيقتها الطاهرة الكاملة الصافية بلا شائبة .. ورأس ذلك ومقدمه ولا شك: ابطال ما عليه القوم من باطل بالدليل الواضح الساطع! فلو كانوا أهل كتاب، دعوناهم بابطال باطلهم واظهار الحق أمامهم، وان كانوا وثنيين فلهم مداخلهم وأباطيلهم التي زينها الشيطان لهم والتي يجب على الداعية أن يتعلم كيف يزيلها ويكتسحها بالخطاب اللين الحسن، لاظهار "لا اله الا الله" الكلمة الواضحة السهلة التي يحجب الشيطان نورها بطبقات وطبقات من الباطل يجب هدمها أولا!! وكذا جميع أهل الطوائف المبتدعة الضالة من أمة المسلمين! لا يبدأ الداعي معهم الا بالدعوة الى لا اله الا الله على وجهها الصحيح، جنبا الى جنب مع الترغيب والترهيب وغيره مما تزكو به القلوب ((فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى))! وهذا يلزم منه أن يقيم أمامهم براهين الحق الساطعة والتي تنقض بدعتهم وتثبت لهم بطلانها، كل بدعة بحسبها!! فالرافضة لا يُدعَون الى تحقيق "لا اله الا الله" في قلوبهم وجوارحهم، بمثل ما يدعى به الصوفية الطرقية!! وأهل التعطيل لا يخاطبون بما يخاطب به أهل التأويل، وكل طائفة لها خطابها بحسب بدعتها العقدية التي اتخذتها رأسا لدينها!! ولا شك في أن الأمر في الدعوة متكامل، لا يعني قولنا بابطال الباطل واتخاذه مدخلا للدعوة أننا نهمل جانب تزكية القلب وتمهيده للقبول!! انما نضع كل شيء في مكانه كما وضعه النبي عليه السلام!
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد لبث أكابر الصحابة مع الرسول عليه السلام ثلاثة عشر عاما يتعلمون التوحيد من القرءان ومن التلقي المباشر من النبي صلى الله عليه وسلم! أما قرأت قصار السور المكية يا خلوصي؟ فعلى أي موضوع تدور تلك السور؟؟ انه التوحيد! ليس توحيد الربوبية فحسب، بمعنى الاقرار بأنه سبحانه خالق كل شيء ومدبر كل شيء ورازق الخلق جميعا وغير ذلك من صفات الربوبية، فهذا كان مشركو قريش يؤمنون به أصلا! ولكن الاقرار بأنه وحده المستحق للعبادة بلا شريك، واقامة البراهين الساطعة على صدق ذلك المعتقد أمامهم بالدليل العقلي الواضح السهل الذي لا يخطئه عاقل! وكان التخويف من الآخرة والترغيب في الجنة بالوعظ والتذكرة لا يفارق اصلاح المعتقد في القلوب واقامة بنيان التوحيد فيها بجميع ما يلزم من الطرق لاقامة ذلك البنيان اقامة صحيحة!! ولكن ما كانت هذه التربية لهم والمعاهدة على زيادة الايمان وتشييده في قلوبهم الا من بعد ما قبلوا وصدقوا بالفعل بأن كلمة لا اله الا الله هي - ولابد - الحق الواضح الذي لا يقبل العقل سواه! والا لما مكثوا معه أصلا وما صبروا وما سمعوا منه شيئا، عليه السلام!!! فهي أساس البنيان! فلولا أن قبلت عقولهم وأقرت ببطلان دين الآباء ابتداءا، ودخلت اليها قناعة بصحة دعوى النبي عليه السلام ومذهبه، لما تأهلت لمزيد من التلقي والسماع والتربية الايمانية طوال تلك السنوات!!
نعم لم يكن عندهم كتب مصنفة في علم التوحيد كما عندنا اليوم، ولكن هذا لا يعني أن الثمرة التي تغرسها تلك العلوم التي يأخذها الناس اليوم من هذه الكتب، تختلف عما كان النبي عليه السلام يأسس قلوب الصحابة عليه في مستهل دعوته!! فكل آية في كتاب الله تأمر بعبادة الله وحده وتنهى عن اشراك غيره معه - وهي غاية الدعوة النبوية لسائر الأنبياء - كان فهمها وبيانها وتطبيقها والعمل بها يتعلمه الصحابة على يد النبي صلى الله عليه وسلم! فما الايمان اذا؟ انه جملة ما يزرعه النبي عليه السلام في قلوبهم من اصلاح للتوحيد بفهم القرءان على مراد الله منه، مضافا اليه ترغيب وترهيب القلوب وتخليتها من رواسب الجاهلية وسائر ما به تزكو النفوس وتطهر وتتجهز لتلقي الدين صافيا لا شائبة فيه، مضافا اليه دلالتهم على ما عليهم فعله بالجوارح واللسان وهو علامة صحة الايمان، وهو جماع الدين كله!
فكونك يا خلوصي لا ترى عند الصحابة كتبا مصنفة في علم التوحيد، هذا لا يعني أن تلك الكتب ليست هي الطريق الصحيح في زماننا هذا لاصلاح العقائد وتحصيل رأس العلوم التي حولها مدار الدعوة كلها، والتي هي عمود الايمان والدين، والتي علمها النبي عليه السلام لصحابته تعليما مباشرا من الوحي: علوم التوحيد!!
لقد رد القرءان على باطل مشركي قريش وأثبت لهم فساده بأسلوب مهيب مع وضوحه وسهولته، فيما خلاصته: ان كنتم تؤمنون بأن الله حقا هو الذي فعل كذا وكذا، فكيف تعبدون غيره؟؟ كيف وهو المتصف بكذا وكذا، والذي فعل كذا وكذا والذي له الأسماء والصفات الحسنى التي لا شريك له فيها ... ؟
فبهذا خاطب الرسول عليه السلام عقول وقلوب الناس فلم يجدوا بدا من قبول القرءان لوضوح حجته وجلائها! ولكن أتحسب يا خلوصي أن الرسول عليه السلام لو جادله مشرك من مشركي قريش ورمى عليه شبهة عقلية فاسدة، والصحابة بين يديه، اتحسب أنه كان يتركه دون جواب عقلي دامغ وحجة بينة؟؟ كلا ولا شك! أتحسب ان يقول له أمهلني آتيك بمعجزة تثبت أنني رسول من الله حقا؟ كلا ولا شك! لو فعل لما قبل منه المشرك ذلك ولقال له أنت ساحر كذاب! لماذا؟ لأن عقله وقلبه مقيم على ذلك الباطل أصلا! لم يسمع بعد ما يمكن أن يقنعه ببطلان ما هو عليه، فوالله لو أنه رأى جبلا يمشي أمامه لما قال الا أن هذا الداعي ساحر كذاب!!
((كذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين))
هذا وقد بينت لك أنه لا تعارض بين وجوب التراحم بين المسلمين، وضرورة مخاطبة المتورطين منهم بالضلالات بما به تزول الشبهات وتذهب الأباطيل وتزول الضلالات وينجلي لهم الحق المبين، الذي فيه نجاتهم وصفاء دينهم! لا تعارض عند من فقه هدي الرسول عليه السلام وصحابته! وهذا - يا خلوصي - هو فهم السلف رضي الله عنهم!
"بعرف واحد كان نصراني .. أسلم .. صارلو 10 سنين عم يدرس "علم العقيدة" في بلاد المسلمين .. ؟؟!!
إلتلّوا ولك شو هااد ... ؟ أهلك و ناسك عم يلعنوك ليل نهار .. و إنته لساتك هون؟؟ "
قلت انا لله وانا اليه راجعون! والله ان هذا لهو الجهل بعينه!! ان كان الرجل مفرطا في دعوة أهله واصلاحهم فهذا تفريط منه في امر يجب عليه ولا شك، ولكن هل يلزم لاصلاح هذا التفريط أن يترك الرجل دعوة الخلق وتعليمهم رأس دينهم وسبيل نجاتهم، والذي ما نجاه الله الا به أصلا؟؟؟؟ سبحان الله العظيم!! يا أخي ألا تعي ما تقول؟؟؟؟
"ألّي كلما تعمقت أكثر في العقيدة أرى نفسي جاهلا أريد المزيد!!! و لك يا زلمة إيه النبي صلى الله عليه و سلم راح للجهاد مع ناس عندون بعض صور من الخلل في توحيد الألوهية .. حديثي عهد بإسلام؟! "
الآن صارت الرغبة في الزيادة من علوم العقيدة أمرا يذم به صاحبه، ويتهم فيه بأنه على خلاف ما كان عليه السلف!!! وما يضيرك في كون الرجل يريد أن يكون من الذين قال الله فيهم: ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)) [التوبة: 122]؟؟؟ هل تدعوه الى ترك الناس على هذا القصور في "توحيد الألوهية" الذي تدعي أن النبي عليه السلام ما كان يعنيه أن يكون موجودا فيهم اذ يأخذهم معه الى الجهاد؟؟؟؟ اذا لحبط عملهم والله وهم لا يشعرون!! أتفهم معنى توحيد الألوهية أصلا يا خلوصي أم أنك تتكلم بما لا تعي؟؟؟
سبحان الله العظيم!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[06 - Dec-2008, مساء 08:19]ـ
يا أستاذ بالله عليك تعال شوف .... كرمال النبي صلى الله عليه و سلم ...
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[06 - Dec-2008, مساء 08:27]ـ
نرجوا منك يا خلوصي أن تكتب بالفصحى بارك الله فيك ...
ـ[خلوصي]ــــــــ[07 - Dec-2008, صباحاً 05:35]ـ
يا سيدي انا أكتب بأفصح الفصحى و لله الحمد ... أما ما يأتي أحيانا من العامية فهو من بلاغة الحال!؟ بسمة! فتجاوز يتجاوز الله عنكم.
ـ[خلوصي]ــــــــ[07 - Dec-2008, صباحاً 07:03]ـ
"سبحان الله! يا خلوصي لا نخالفك في أن هناك آفات في قلوبنا جميعا .. ولكن ما سبيل علاجها ومدافعتها،
كيف يتبين لك يا خلوصي أنك قد بلغت الحد الأدنى من "اليقين" والذي زالت به أمراض قلبك
والذي اذا ما أصبته وتبينته من نفسك، رحت حينئذ تتحاور وتتناقش وتطلب العلوم بأدلتها وتتعلم ما يجب عليك تعلمه وأنت حينئذ في مأمن من أن "تطغى عليك نفسك"؟؟؟
؟؟!! انظر ردك الآخر تعرف!
أخبرني يا خلوصي الى متى يظل هروب الواحد من أصحابك هؤلاء من تعلم منهج السلف
مؤدّاه التحقق بحال الصحابة!
في ضبط المعتقد وتنقيح كلام الناس فيه وتصفيته من الباطل والبدعة ورد البدعة على أصحابها بالحجة والبرهان العلمي،
هذا للمتخصصين ...
أما إلزام العوام به فهو من تكليف ما لا يطاق و هو بدعة عند التحقيق .. ! فانتبه أن تكون مبتدعا من حيث لا تشعر! فضلا عن إشغال العوام عن دوران الزمان كهيئته ............... يوم انطلقوا في العالمين بعلماء التقوى لا الفتوى!!؟؟
هل أجل المجاهدون من الصحابة جهادهم حتى تحقق عندهم ما به أمنوا جميعا من أمراض النفوس؟؟؟ هل أجل العلماء منهم طلب العلم ونشره حتى أمنوا جميعا من أمراض النفوس؟ يا أخي لا يزال الرجل يجاهد نفسه ويغالب أمراضها حتى يتوفاه ربه، ولا يصل أبدا الى حال يمكنه أن يأمن معها من غفلة تطغي عليه مرضا من أمراض نفسه، مهما حصل من الايمان واليقين!! فعن أي "حد أدنى تتكلم وما ضابطه وما معياره وأهم من ذلك: ما علامة تحقيقه وبلوغه؟؟
المطلوب أن لا يكلف الإنسان نفسه ما لا يطيق ..
انظر لقد طلبوا منك تدريس العلم الشرعي الذي أتقنته لخمسة أشخاص ... ؟!
فبدأت ... و جرت الأمور على مقدار ما جاهدت نفسك عليه مما ينسجم مع هذا العدد ... ؟!
ثم فجأة يرفع الستار و إذ بدرسك هذا يحضره الملايين على قناة فضائية مشهورة ... ؟! حقق و دقق!!
هل أنتظر حتى يتدفق النور من صدري بعد قراءة فاتحة الكتاب خمسين ألف مرة، أم أجرب المشي على الماء حتى ان وجدتني قادرا عليه فقد بلغت اليقين، أم أنتظر شهادة وعهدا من شيخ طريقتي النوراني الذي رأوه يطير في الهواء ويمشي على الماء فشهدوا له باليقين، أن يشهد لي بأني قد صرت من الخواص؟ أم أنتظر حتى تحدثني الملائكة على الطريق ويأتيني الأنبياء والأولياء في المنام واليقظة يدعونني الى مأدباتهم ومحافلهم المزعومة؟؟؟
من من الصحابة وتابعيهم أرجأ من الواجبات الشرعية شيئا واحدا بحجة أنه ينتظر الى أن يتبين له بالكرامات والخوارق أنه قد "بلغ اليقين"؟؟
هذا شأنك دوما في توهماتك ... تتخيل ما تشاء من الإلزامات ثم تمضي تسوّد الصفحات الطوال ... ثم تقول أنني أنا الذي أتهرب من الجواب .... أتذكر ال 18 سؤالا ... مما لا محل له من الإعراب عند علماء الحوار!!؟؟
يا أخي هداك الله، مجاهدة النفس ومقاومتها ومعالجتها كان السلف رضوان الله عليهم يبذلونه طيلة أعمارهم بفقه وعلم، في خشية ووجل، جنبا الى جنب مع طلب العلم والدعوة الى الله ومحاججة المبتدعة والمخالفين ومحاورتهم، فكانت المرحمة، مع الصبر واليقين، مع المحاججة بالعلم والموعظة الحسنة، كل ذلك في قالب واحد لا يتجزأ، ولا يرجأ فيه شيء بعد الآخر!! بل علينا بالدخول في السلم كافة! لا أقول أصلح قلبي أولا ثم أعمل على اصلاح جوارحي، أو العكس، بل كل ما يأتيك خبره وتتعلمه تعمل به، اصلاحا لقلبك وجوارحك وأقوالك وكل شيء!!
إذا لم تترسخ أساسيات الإيمان و الرقابة الإلهية على النفس فسيحدث ما يشبه ردودك التي تزرع الضغينة فتحلق دينك أنت قبل غيرك؟؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
أم تحسب نفسك مثل السلف الصالح الذين تطهروا في البيئات الإيمانية .... كان يحضر مجلس الإمام أحمد الآلاف ... و لا يكتب إلا 500؟؟! فهل جالست من العلماء الصالحين من تفعل فيك رؤيته فحسب عشر ذلك؟؟!!
بالمناسبة، وقبل أن تستدل به، فقوله تعالى ((واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) المراد باليقين هنا الموت، وليس الكرامات!!!
كالعادة
و انظر ردك هذا لتعلم قدر التحقق بما تقول ... علما و تقيدا بالمحل و عدم هروب و تشويش بالإلزامات الصاروخية الطائرة عن المحل ... و أدبا يحفظ الأخوة ... و و و و و
و و و و و
"أن تذكر لنا من حياة الصحابة أنفسهم .. كيف تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الإيمان .. و كم لبثوا عنده "
يا خلوصي أنا أسألك - وأعلم أنك لن تجيب، ولكنه لزوم البيان للناس -: ما هي أول كلمة لقي بها النبي عليه السلام من كان يدعوهم، وأعلنها في قومه ونافح عنها، وكيف كان سبيله لاقناعهم بها؟؟؟ أليس أول ما يبدأ به الرسول هو أول الأمر ورأسه؟؟ فبم بدأ عليه السلام؟؟ ان قلت بدأ بالمعجزات والكرامات، قلت لك كذبت! لم يبدأ بها وما بدأ بها رسول دعوته أبدا! وانما بدأ المرسلون جميعا ببيان الحق الواضح بدليله للناس، فلما كذب منهم من كذب وقالوا له ما بعث الله بشرا رسولا، نزلت الخوارق لتقيم حجة أخيرة على القوم، فبقي منهم الكافر الذي لم تثمر دعوة الحق في قلبه شيئا، بقي على كفره يدعي أنها ليست الا سحرا، بينما كان الذي في نفسه تأهل لقبول الحق - اما لقربه الأصلي من الفطرة واما لوقوع تأثير الدعوة النبوية الواضحة في قلبه - يقبل تلك الخوارق كزيادة دلالة على معنى الحق الذي مس شغاف قلبه من قبل، فزادته ايمانا!
فهل عندكم يا خلوصي فيما بينكم أنبياء يستعينون بالخوارق للدعوة؟؟؟
أعلم بم ستجيبني ان كنت فاعلا،
ستقول: بل عندنا كرامات الأولياء وأرباب اليقين!!
أعلم أن هذا هو بيت القصيد من دعواك، ومنتهى قصدك، فلنفتح اذا الكلام في هذا الباب واضحا ولتأتنا بما عندك ولنتدارسه بالدليل والبينة حتى ترتاح وتريحنا!!
كلام طويل ممل لمن يبحث عن محل البحث ...
تسأل عما بدأ به النبي عليه السلام ونقول لك: انما بدأ بأن يقنع الناس ببطلان ما هم عليه من الاعتقاد أولا ليغرس التوحيد في مكانه!
لما بعث النبي عليه السلام معاذا الى الشام بم أمره؟ هل قال له ابدأ بدعوتهم الى "الايمان" أو "اليقين" - هكذا بذاك الابهام الذي تتكلم أنت به -، أو قال له امش أمامهم على الماء أو طر في الهواء ليصدقوك؟؟ أبدا!! انما قال له "فليكن أول ما تدعوهم اليه شهادة أن لا اله الا الله، فان هم قبلوا فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ... " الى آخر الحديث! وهذا هو ما بدأ به النبي عليه السلام مع من دعاهم، وكانت سنوات التربية في مكة قبل الهجرة سنوات تزكية للقلوب وتربية لها على لا اله الا الله بسائر لوازمها ومقتضياتها على بصيرة العلم من القرءان والحكمة!! وهذه اللوازم والمقتضيات هي نفسها التي صنف العلماء فيما بعد في تفصيلها الى أقسام وأبواب وكذا، في كتب أسموها بكتب التوحيد!!
فماذا تنقم أنت من تلك الكتب؟؟؟ سبحانك ربي هذا جهل مبين!!
لا اله الا الله هي أصل الايمان ويجب على الداعية استعمال كل ما يلزم لزرعها في القلوب على حقيقتها الطاهرة الكاملة الصافية بلا شائبة .. ورأس ذلك ومقدمه ولا شك: ابطال ما عليه القوم من باطل بالدليل الواضح الساطع! فلو كانوا أهل كتاب، دعوناهم بابطال باطلهم واظهار الحق أمامهم، وان كانوا وثنيين فلهم مداخلهم وأباطيلهم التي زينها الشيطان لهم والتي يجب على الداعية أن يتعلم كيف يزيلها ويكتسحها بالخطاب اللين الحسن، لاظهار "لا اله الا الله" الكلمة الواضحة السهلة التي يحجب الشيطان نورها بطبقات وطبقات من الباطل يجب هدمها أولا!! وكذا جميع أهل الطوائف المبتدعة الضالة من أمة المسلمين! لا يبدأ الداعي معهم الا بالدعوة الى لا اله الا الله على وجهها الصحيح، جنبا الى جنب مع الترغيب والترهيب وغيره مما تزكو به القلوب ((فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى))! وهذا يلزم منه أن يقيم أمامهم براهين الحق الساطعة والتي تنقض بدعتهم وتثبت لهم بطلانها، كل بدعة بحسبها!! فالرافضة لا يُدعَون الى تحقيق "لا اله الا الله" في قلوبهم
(يُتْبَعُ)
(/)
وجوارحهم، بمثل ما يدعى به الصوفية الطرقية!! وأهل التعطيل لا يخاطبون بما يخاطب به أهل التأويل، وكل طائفة لها خطابها بحسب بدعتها العقدية التي اتخذتها رأسا لدينها!!
هذا للذين لم يفهموا بعد ما هي دعوة التكبير العامة " و ربك فكبر " و أثرها الفطري الصادق السحري في اقتلاع جذور العلل كلها .... و يستطيعها كل العوام الذين تدربوا في بيئة الدعوة السهلة و تحت إشراف أهل الخبرة ... الربانيين و الله!!؟
و لا يريدون أن يفهموا ..
ألم أنبئك عن البكاء الذي أرجع 4000 شيعي سعودي إلى الحق فأغمضت عينك و سددت سمعك .... و تقول لي لا أرد عليك ...
أنت و صحبك و الله واقعون في شرك النفس و لكن لا تشعرون .. أفيقوا من السكرة قبل السكرة فإني بكم شفيق ..
ولا شك في أن الأمر في الدعوة متكامل، لا يعني قولنا بابطال الباطل واتخاذه مدخلا للدعوة أننا نهمل جانب تزكية القلب وتمهيده للقبول!! انما نضع كل شيء في مكانه كما وضعه النبي عليه السلام!
لقد لبث أكابر الصحابة مع الرسول عليه السلام ثلاثة عشر عاما يتعلمون التوحيد من القرءان ومن التلقي المباشر من النبي صلى الله عليه وسلم!
لا و الله ما عرفتَ كيف تعلموا التوحيد .... راجع معلوماتك و كفى إشغال نفسك بالردود الفضائية المحلقة؟!!
أما قرأت قصار السور المكية يا خلوصي؟ فعلى أي موضوع تدور تلك السور؟؟ انه التوحيد! ليس توحيد الربوبية فحسب، بمعنى الاقرار بأنه سبحانه خالق كل شيء ومدبر كل شيء ورازق الخلق جميعا وغير ذلك من صفات الربوبية، فهذا كان مشركو قريش يؤمنون به أصلا!
يعني توحيد الربوبية لا يزيد و لا ينقص؟؟!! .... حسنا أنفق نصف مالك لله و ليكن توحيد الربوبية عندك كما كان عند عمر رضي الله عنه!!!!!
فكونك يا خلوصي لا ترى عند الصحابة كتبا مصنفة في علم التوحيد، هذا لا يعني أن تلك الكتب ليست هي الطريق الصحيح في زماننا هذا لاصلاح العقائد وتحصيل رأس العلوم التي حولها مدار الدعوة كلها، والتي هي عمود الايمان والدين، والتي علمها النبي عليه السلام لصحابته تعليما مباشرا من الوحي: علوم التوحيد!!
لقد رد القرءان على باطل مشركي قريش وأثبت لهم فساده بأسلوب مهيب مع وضوحه وسهولته، فيما خلاصته: ان كنتم تؤمنون بأن الله حقا هو الذي فعل كذا وكذا، فكيف تعبدون غيره؟؟ كيف وهو المتصف بكذا وكذا، والذي فعل كذا وكذا والذي له الأسماء والصفات الحسنى التي لا شريك له فيها ... ؟
فبهذا خاطب الرسول عليه السلام عقول وقلوب الناس فلم يجدوا بدا من قبول القرءان لوضوح حجته وجلائها!
نعم هذا ما نريده بالسهولة و البساطة في ثلاثة أيام أو خمسة ..
و لكن العزيمة الكبرى هي عندما تمشي بذلك في الناس و البلاد فتعاني فتعرف عندئذ بقلبك من هو الله المنجي المغيث المعين؟؟!!
"بعرف واحد كان نصراني .. أسلم .. صارلو 10 سنين عم يدرس "علم العقيدة" في بلاد المسلمين .. ؟؟!!
إلتلّوا ولك شو هااد ... ؟ أهلك و ناسك عم يلعنوك ليل نهار .. و إنته لساتك هون؟؟ "
قلت انا لله وانا اليه راجعون! والله ان هذا لهو الجهل بعينه!! ان كان الرجل مفرطا في دعوة أهله واصلاحهم فهذا تفريط منه في امر يجب عليه ولا شك، ولكن هل يلزم لاصلاح هذا التفريط أن يترك الرجل دعوة الخلق وتعليمهم رأس دينهم وسبيل نجاتهم، والذي ما نجاه الله الا به أصلا؟؟؟؟ سبحان الله العظيم!! يا أخي ألا تعي ما تقول؟؟؟؟
"ألّي كلما تعمقت أكثر في العقيدة أرى نفسي جاهلا أريد المزيد!!! و لك يا زلمة إيه النبي صلى الله عليه و سلم راح للجهاد مع ناس عندون بعض صور من الخلل في توحيد الألوهية .. حديثي عهد بإسلام؟! "
الآن صارت الرغبة في الزيادة من علوم العقيدة أمرا يذم به صاحبه، ويتهم فيه بأنه على خلاف ما كان عليه السلف!!! وما يضيرك في كون الرجل يريد أن يكون من الذين قال الله فيهم: ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)) [التوبة: 122]؟؟؟ هل تدعوه الى ترك الناس على هذا القصور في "توحيد الألوهية" الذي تدعي أن النبي عليه السلام ما كان يعنيه أن يكون موجودا فيهم اذ يأخذهم معه الى الجهاد؟؟؟؟ اذا لحبط عملهم والله وهم لا يشعرون!! أتفهم معنى توحيد الألوهية أصلا يا خلوصي أم أنك تتكلم بما لا تعي؟؟؟
سبحان الله العظيم!
و الله العظيم كنت أستطيع الرد التفصيلي كهذا على كل لخبطاتك الحوارية ... و لكن كان يمنعني غبن الوقت في شيء كهذا مع قسمي الذي حدد لي وقتا محددا مع الألوكة!!
و أكرر مرة أخرى أنك و صحبك بإصراركم على طريقتكم في دخول مواضيعي و نقاشكم العقيم المعاند السبابي الشخصي ..... لستم على أمر الله!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[07 - Dec-2008, صباحاً 07:13]ـ
أما ما يأتي أحيانا من العامية فهو من بلاغة الحال!؟
أضحك الله سنك شيخنا .. و بين يدي النقاش أضع بعض ما قد يتبين به ما قلت لكم سابقا .. أن كل واحد فرح بما لديه من الحق و منكر لما لدى غيره منه ..
فروى امامنا مالك بسنده عن أبي سعيد قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرءون القرآن ولا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية تنظر في النصل فلا ترى شيئا وتنظر في القدح فلا ترى شيئا وتنظر في الريش فلا ترى شيئا وتتمارى في الفوق
و عنه رضي الله عنه أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها
و روى سيدي الامام البخاري في صحيحه بسنده عن مالك بن الحويرث قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ...
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[07 - Dec-2008, صباحاً 07:26]ـ
و لأنك بتحبني و لك هذه الكلمة لتوي انتبهت لها و لتوقيتها و لتلوينها ...
و حسب ما أذكر ليست من كيسي فمن أين لك بها يا ماكر؟؟
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[07 - Dec-2008, مساء 08:24]ـ
الحمد لله الذي أنطق كل شيء!
هذا تعقيبي على تعقيبات أخي خلوصي، هداه الله وغفر له.
قلتُ أنا "كيف يتبين لك يا خلوصي أنك قد بلغت الحد الأدنى من "اليقين" والذي زالت به أمراض قلبك والذي اذا ما أصبته وتبينته من نفسك، رحت حينئذ تتحاور وتتناقش وتطلب العلوم بأدلتها وتتعلم ما يجب عليك تعلمه وأنت حينئذ في مأمن من أن "تطغى عليك نفسك"؟؟؟ "
فقلتَ أنت:؟؟!! انظر ردك الآخر تعرف!
فأقول: أعرف ماذا؟؟؟ تأتي لتقرر أنت أن علينا ألا نحاور ولا نجادل ولا نتعلم أصلا حتى يتبين لنا أن في قلوبنا ما يحصنها من أن تطغى أمراض النفس عليها في الحوار! فأتني بكلام واحد من الأئمة فضلا عن الصحابة والسلف يدعو الناس الى أن يؤجلوا التعلم والمدارسة ونحوه من صنوف العمل بمراتبها المتدرجة، حتى "يتحققوا بحال الصحابة" أولا ويتأكدوا من أن نفوسهم قد صلحت صلاحا تاما!!!!!!! ثم تتهمني بأن ردي الثاني دليل على أني قد وقعت فيما تدعو الناس لترك العلم من أجله! ألأني أدعوك للتراجع عن تلك الدعوة المقيتة الى نبذ العلم الشرعي – سيما علم التوحيد - والذي شئت أنت أم أبيت، يجب وجوبا عينيا على كل مسلم تحصيل قدر ضروري منه؟؟؟؟ ألأني لم أزل أطالبك بالافصاح عن حقيقة ذلك الطريق الغامض الذي لا زلت تدندن حوله والذي تدعي أنه سبيل "التحقق بحال الصحابة" وتحقيق "اليقين"، والذي أفصحت بالفعل عن أن مدخله "كرامات" "أرباب اليقين"؟؟؟؟؟؟ أبهذه السهولة يكون اتهام النوايا عندك يا من تدعونا ليل نهار الى مراقبة خفايا النفس؟؟؟
الله المستعان!
وقلت أنا: "أخبرني يا خلوصي الى متى يظل هروب الواحد من أصحابك هؤلاء من تعلم منهج السلف"
فقلت أنت: مؤدّاه التحقق بحال الصحابة!
فأقول: اللهم ألهمنا الصبر من عندك يا رب العالمين!!! قلنا لك بين ما تقصد بكلمة "التحقق" – على الأقل كاصطلاح في عبارة واحدة أو عبارتين - فتركتنا غير عابئ بالحاحنا واتهمتنا بالتشويش عليك بل ولم تعبأ حتى بانذارنا اياك من الوعيد في حق كاتم العلم اذا ما سئل عنه، ولم تزل ترمينا بكلام غامض ولا تبين ما تريد!! ثم اذا ما أدى ذلك كله – ولا عجب – الى نفاد صبر اخوانك واتهامهم اياك بأقوال خرجت منك – لا بلوازم أقوالك كما تدعي -، رحت تتهمهم في دخيلة نفوسهم وكأنك فرح بأن تمكنت أخيرا من اغضابهم واستفزازهم، واظهارهم على أنهم جراحون غلاة يعادون ويرفضون أي قدر من الخير يمكن أن يكون قد خرج في كلامك!!! كأنك ما تريد الا أن تغضبهم حتى اذا ما كثر ذلك منهم رحت تتخذ من ذلك دليلا على أن في قلوبهم أمراضا لا علاج لها الا عند أصحابك "أرباب اليقين"!!!! أما علمت أنهم ما غضبوا الا لموقفك أنت من أسئلتهم والتي يعلم الله أنها ما كانت تخرج
(يُتْبَعُ)
(/)
في بادئ الأمر – من جانبي أنا على الأقل – الا من منطلق حسن ظن وحرص على التعاون على البر والخير؟؟؟
فهل هذا ما تريد يا خلوصي؟؟؟؟ هل هذه غايتك؟؟؟ أن توهم الناس بأن مجادليك قوم مرضى ما وقعوا فيما بدا متزابدا في كلامهم من حدة وغلظة عليك الا لأمراض في نفوسهم لا علاج لها الا عند أصحابك المتصوفة (وأنت الى الآن لما تخبرنا بعد من أصحابك هؤلاء أصلا، وعلى أي طريقة هم، وان كنت قد أشرت اليهم كثيرا، فالى الله المشتكى)؟؟؟؟
أخبرني يا خلوصي، عندما أصف أصحابك هؤلاء بالمتصوفة، هل تدخلني بذلك تلقائيا في جملة "المصنفين" "الجراحين" الذين يعدونكم من أهل البدع هكذا دون استفصال عن حقيقة ما تفعلون وما تدعون اليه الناس؟؟؟ فلماذا أنت هنا أصلا ان لم يكن لعرض ما عندك من بضاعة تصر على أنها طريق تحقيق اليقين وما كان عليه الصحابة؟؟؟ وهل تحسب القوم هنا عوام جهلاء سيتركونك تعرض كلاما دون أن يناقشوك فيه مناقشة علمية؟؟؟ ان كنت لا تدري ما المنتدى، وما يكون في منتديات طلبة العلم فهذا ليس ذنبنا!! بينا لك أنه لا سبيل في أمثال هذه المواقع لرجل أن يدخل ليضع المقالات الطوال ثم يطالب الناس بألا يعلقوا على موضوعه ولا يناقشوه في شيء مما يكتب وان شاءوا فليفتحوا موضوعاتهم الخاصة!!! يا أخي هذه ليست مجلة حائط!! فلماذا تصر على أننا نعتدي على حقك في صفحتك، وما زدنا على أن طالبناك ببيان ما عندك وما تدعو الناس اليه، من بعد ما تبين لنا كلام منك كرهناه وأردنا أن نبين لك سبب كراهيتنا له فما التفت ولا عبأت وأصررت على اتهامنا بالخروج عن محل البحث؟؟؟
الاخوة القراء الكرام، انني أترك لأولي الأبصار والألباب منكم الحكم بانصاف، ودونكم كل كلمة كتبتها يميني في هذا المجلس في موضوعات خلوصي، فتأملوها وراجعوها وان وجدتم فيها ما يستنكر علي، فنبهوني لذلك وأنكروا علي بالدليل والبينة، في موضوع مخصوص ان شئتم، وأنا أرجع عنه باذن الله وأبرأ الى الله واقبل رأس خلوصي اعتذارا عنه!!
وقلت أنا: "في ضبط المعتقد وتنقيح كلام الناس فيه وتصفيته من الباطل والبدعة ورد البدعة على أصحابها بالحجة والبرهان العلمي،
فقلت أنت: هذا للمتخصصين ...
أما إلزام العوام به فهو من تكليف ما لا يطاق و هو بدعة عند التحقيق .. ! فانتبه أن تكون مبتدعا من حيث لا تشعر! فضلا عن إشغال العوام عن دوران الزمان كهيئته ............... يوم انطلقوا في العالمين بعلماء التقوى لا الفتوى!!؟؟
فأقول: أي بدعة هذه؟؟؟ ألا تدري أن هناك فرض عين في العلم وفرض كفاية؟؟ أنا ما قلت اجعلوا جميع المسلمين علماء في التوحيد متخصصين في الرد على الفلاسفة وغيرهم!!! وانما قلت وكررت مرارا – ولكنك لا تريد أن تسمع! - علموهم القدر الواجب المتعين على كل واحد منهم، وهذا يختلف زيادة ونقصانا بحسب ما هو شائع في بلد كل واحد منهم وما هو متعرض له من شبهات وخرافات وضلالات!! فهل هذا القدر تخالف انت في ضرورته وجوب تعلمه على العوام؟؟؟؟
ثم تقول دوران الزمان كهيئته! فهلا أفهمتني معناها عندك وما تقصد بها؟؟ جئت بهذه العبارة من قبل في موضوع لك سابق ولم يتبين دخلها وعلاقتها به – لي أنا على الأقل – فطلبت منك بيان مرادك منها بوضوح حتى انتفع وأستفيد بما تطرح ان كان فيه نفع أو أنبهك الى الخطأ ان كان فيه خطأ، فأهملتني ولم تبال، والآن أكرر طلبي وستهلمني مجددا كعادتك، فهل أنا مطالب بتقبيل الأيادي والرأس الشريف والتذلل والانكسار بين يدي فضيلتكم حتى تتفضل علي بتوضيح كلامك؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم تعجب وتتهمنا بغلبة أمراض النفوس علينا ان وجدت في كلامنا حدة وغلظة معك؟؟؟؟؟؟؟ اللهم ألهمنا الصبر من عندك يا رب!!
وانظر: علماء التقوى لا الفتوى!! ولماذا لا يكون علماء التقوى هم أنفسهم علماء الفتوى؟؟؟ أنا لا أفهم هذا التمييز فتفضل علينا وأفهمنا! هل "علماء التقوى" هؤلاء هم مشايخ الطرق الصوفية؟ ان كانوا عندك كذلك، فما الاشكال في الافصاح عن ذلك؟ أتخشى أن أرميك بالبدعة بمجرد أن تجيبني بالايجاب عن هذا السؤال ونحوه؟؟ يا أخي ان كانت هذه دعواك وهي هجيراك وغايتك، أن تدعونا لقبول دعوى مشايخ الطرق، فهلا وفرت علينا كل هذا الوقت والجهد والإلغاز والإبهام والاتهام في النوايا والأفهام، وصارحتنا لنتناقش في موقع تلك الدعوة من الكتاب والسنة؟ ما يدريك يا
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي لعلنا ان أقنعتنا قبلناها منك!!!!! أنا لا أفهم سر اصرارك ودأبك على التمييز بين من هم عندك علماء في التقوى ومن هم علماء في "الفتوى" – هكذا – دون أن تبين مرادك بهذا وذاك! فهلا أفهمتني؟ ان كان ابن الرومية يفهم فانا وكثير من طلبة العلم هنا لا يفهمون! فهلا أفهمتنا؟ أم أنك تتعمد تحديث الناس بكلام لا تبلغه عقولهم حتى تفتنهم؟؟؟ ثم تتساءل ما الذي حذف بأفكارنا الى تلك الظنون بك، وتنسب ذلك الى أمراض قلوبنا؟؟ سبحان الله!
وقلت أنا: هل أجل المجاهدون من الصحابة جهادهم حتى تحقق عندهم ما به أمنوا جميعا من أمراض النفوس؟؟؟ هل أجل العلماء منهم طلب العلم ونشره حتى أمنوا جميعا من أمراض النفوس؟ يا أخي لا يزال الرجل يجاهد نفسه ويغالب أمراضها حتى يتوفاه ربه، ولا يصل أبدا الى حال يمكنه أن يأمن معها من غفلة تطغي عليه مرضا من أمراض نفسه، مهما حصل من الايمان واليقين!! فعن أي "حد أدنى تتكلم وما ضابطه وما معياره وأهم من ذلك: ما علامة تحقيقه وبلوغه؟؟
فقلت أنت: المطلوب أن لا يكلف الإنسان نفسه ما لا يطيق ..
انظر لقد طلبوا منك تدريس العلم الشرعي الذي أتقنته لخمسة أشخاص ... ؟!
فبدأت ... و جرت الأمور على مقدار ما جاهدت نفسك عليه مما ينسجم مع هذا العدد ... ؟!
ثم فجأة يرفع الستار و إذ بدرسك هذا يحضره الملايين على قناة فضائية مشهورة ... ؟! حقق و دقق!!
وأقول: فمن الذي كلفهم بما لا يطيقون؟؟ دعنا اذا نتناقش بوضوح فيما نروم تكليفهم به، وما تريد أنت أن يتكلفوه، ونرجع ذلك كله الى الكتاب والسنة! لو راجعت مشاركاتي كلها لما وجدتها الا حثا لك والحاحا في الطلب منك أن تلتفت الي كلامي وتبين لي ما تريد!! ألأني أريد أن أصد الناس عما عندك؟؟ كلا والله حتى أعلم حقيقة هذا الذي عندك، فلعله ان يكون أولى مما أدعو انا الناس اليه، فأقر لك بذلك!!! ولكن أنت مصر على اهمال مطالبي، ثم اتهامي في سريرتي اذا ما أغلظت عليك لطريقتك قي الرد علي!!
تقول أن هناك فرقا في ضرورة مجاهدة النفس في حق من يدرس خمسة أشخاص ومن ينطلق على الفضائيات ليدرس الملايين، وأقول لك نعم ولا شك! فالفتنة على هذا أشد بكثير، نسأل الله السلامة، فهل خالفناك في هذا المعنى؟ انما نريد أن نتبين منك ما السبيل عندك الى هذا "التحقق" الذي تدعو الناس اليه! أم أنه سر وعلم باطني لا يخرجه أصحابك الا لمن سلم نفسه ورقبته لمشايخ الطريقة وهو خاضع بلا جدال ولا مناقشة؟؟؟
وقلت أنا: "هل أنتظر حتى يتدفق النور من صدري بعد قراءة فاتحة الكتاب خمسين ألف مرة، أم أجرب المشي على الماء حتى ان وجدتني قادرا عليه فقد بلغت اليقين، أم أنتظر شهادة وعهدا من شيخ طريقتي النوراني الذي رأوه يطير في الهواء ويمشي على الماء فشهدوا له باليقين، أن يشهد لي بأني قد صرت من الخواص؟ أم أنتظر حتى تحدثني الملائكة على الطريق ويأتيني الأنبياء والأولياء في المنام واليقظة يدعونني الى مأدباتهم ومحافلهم المزعومة؟؟؟
من من الصحابة وتابعيهم أرجأ من الواجبات الشرعية شيئا واحدا بحجة أنه ينتظر الى أن يتبين له بالكرامات والخوارق أنه قد "بلغ اليقين"؟؟
فقلت أنت: هذا شأنك دوما في توهماتك ... تتخيل ما تشاء من الإلزامات ثم تمضي تسوّد الصفحات الطوال ... ثم تقول أنني أنا الذي أتهرب من الجواب .... أتذكر ال 18 سؤالا ... مما لا محل له من الإعراب عند علماء الحوار!!؟؟
فأقول: وماذا تتوقع ممن تصر على اهمال الرد على استفصاله واستفهامه، وقد وجد في كلامك ما يجعل الضرورة ماسة الى استخراج الجواب منك عنها؟؟؟؟ هذه الثمان عشرة سؤالا كلها يكفي الاجابة على رأسها وأمها فينفتح النقاش العلمي الهادئ ويتبين لنا ما تقصد رويدا رويدا! وكثرة الأسئلة المراد منها بيان شدة الابهام والغموض في كلامك، فتأمل!
ولا والله يا خلوصي ليست توهمات ولا الزامات، وانما سؤال في صلب ما أنت طارح من أطروحات، سؤال يجب أن تتوقع أن يأتيك به هؤلاء القوم في هذا المكان الذي جئت لتضعها فيه بين أيديهم! فان كان يسوؤك هذا منهم فلماذا أنت هنا؟؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وقلت أنا: يا أخي هداك الله، مجاهدة النفس ومقاومتها ومعالجتها كان السلف رضوان الله عليهم يبذلونه طيلة أعمارهم بفقه وعلم، في خشية ووجل، جنبا الى جنب مع طلب العلم والدعوة الى الله ومحاججة المبتدعة والمخالفين ومحاورتهم، فكانت المرحمة، مع الصبر واليقين، مع المحاججة بالعلم والموعظة الحسنة، كل ذلك في قالب واحد لا يتجزأ، ولا يرجأ فيه شيء بعد الآخر!! بل علينا بالدخول في السلم كافة! لا أقول أصلح قلبي أولا ثم أعمل على اصلاح جوارحي، أو العكس، بل كل ما يأتيك خبره وتتعلمه تعمل به، اصلاحا لقلبك وجوارحك وأقوالك وكل شيء!!
فقلت أنت: إذا لم تترسخ أساسيات الإيمان و الرقابة الإلهية على النفس فسيحدث ما يشبه ردودك التي تزرع الضغينة فتحلق دينك أنت قبل غيرك؟؟!!
أم تحسب نفسك مثل السلف الصالح الذين تطهروا في البيئات الإيمانية .... كان يحضر مجلس الإمام أحمد الآلاف ... و لا يكتب إلا 500؟؟! فهل جالست من العلماء الصالحين من تفعل فيك رؤيته فحسب عشر ذلك؟؟!!
وأقول: وهل أنا صددت الناس عما به تتأسس وتترسخ أسس الايمان والمراقبة ونحوها؟؟؟
أي ضغينة؟ هل تظن أني اذ أحتد على اخ لي في الله في مناقشتي معه فاني بذلك أبغضه وأزرع الضغينة ضده؟؟؟ أما سمعت كلام اهل العلم من أئمة السلف الذين هم خير مني ومنك ومن ألف من أمثالنا، كيف كانوا يحتد الواحد منهم على الآخر في مناقشة مسائل العلم، ثم يخرجون من ذلك اخوانا لا ضغينة ولا بغضاء في نفوسهم؟؟؟ أنا ما أريد أن أحرض الناس ضدك وما أريد الا أن تتنزل من مقامك الرفيع لتناقشنا كما نتناقش جميعا في هذا المكان!!! أفهمنا يا سيدنا ما هي البيئات الايمانية هذه التي تطهر فيها السلف الصالح والتي ترى أنها مفقودة في هذا المكان، ودلنا الى طريق تحصيلها! ألست هنا من أجل هذا؟؟؟ أليست هذه غايتك؟؟؟
وتقول: " و انظر ردك هذا لتعلم قدر التحقق بما تقول ... علما و تقيدا بالمحل و عدم هروب و تشويش بالإلزامات الصاروخية الطائرة عن المحل ... و أدبا يحفظ الأخوة ... و و و و و
و و و و و"
قلت "علما" فأما العلم، فان نسبتني الى الجهل فلن أعتبرها اهانة أو سوء خلق في الخطاب شريطة أن تأتيني بالدليل على فساد كلامي! ولك علي يا خلوصي أن أخصص موضوعا مستقلا للاعتذار لك على رؤوس الأشهاد، والاعتراف بجهلي وبفساد كلامي .. ولكن أظهر لي هذا الفساد وأقنعني به!!!
وأما "تقيدا بالمحل" فأما هذا فوالله ما أردت الا أن أتبين منك ما هو هذا المحل ابتداءا، ولم أكن وحدي في هذه الشكوى من غموض ذلك المحل، فان كنت ترى أن جميع من عتبوا عليك ابهام ذلك المحل = جهلاء، فعلمهم يا أخي!!!! بين لهم وأفهمهم بعلم وحلم واصبر على جهلهم ان كنت فاعلا!
أما "عدم الهروب" فوالله قد تعلمنا منك دروسا يا خلوصي تدرس في الجامعات في كيفية التهرب من المحاورين، على مدى شهور كاملة، فالى الله المشتكى!
وأما "التشويش بالازامات" فلا يظهر لي انك تفهم حقيقة الالزام من جهة الامصطلح عند اهل تلك الصنعة! فأنا ما ألزمتك بشيء أصلا وانما دأبت أسألك عن حقيقة ما تريد، وأستوضح منك كلاما ظهر فساده حتى لابن الرومية الذي تحبه وتحترم رأيه!! فعن أي الزامات وأي تشويش تتكلم هداك الله؟؟
أما عن "الأدب الذي يحفظ الأخوة" فأكرر التحدي لك بأن تخرج من كلامي ما فيه سوء أدب في محاورتك في أي من مداخلاتي التي كتبتها لك منذ أن عرفتك والى يومنا هذا!! فان كان ما أبرزته أنت باللون الأحمر في ردي الثاني عليك، هو مفهومك عن سوء الأدب، فعليك مراجعة ذلك حيث تعلمته لأنه يا أخي الكريم: ليس كذلك! وأنا في جميع ردودي عليك كنت ولم أزل أخاطبك بأخي وأخي الكريم وأخي خلوصي ونحوها، مؤكدا على أن مقام الأخوة محفوظ عندي ولم يزُل!! ولم أزل أنكر فيها على كل من قفز الى الهجوم عليك دون تبين من حقيقة مرادك، والمنصفون يشهدون بذلك .. فراجعها ان شئت!
ودعني أضرب مثالا على تلك العبارات في ردي الثاني والتي اتخذت منها ذريعة لاتهامي في سريرتي ولاتهامي بسوء الأدب في محاورتك، هداك الله!
وقلت لك: " ان قلت بدأ بالمعجزات والكرامات، قلت لك كذبت! "
(يُتْبَعُ)
(/)
فرأيت أنت أن كلمة "كذبت" تدل على "سوء الأدب"! فهل تعلم يا شيخنا أن كذبت هذه في لغة العرب معناها أوسع من الاتهام بقصد الباطل وارادته مع العلم ببطلانه؟ وهل تعلم أنه قد قالها من هم أعظم وأتقى لله مني ومنك لبعضهم البعض في مسائل كانوا يُستفتون فيها كما ثبت في السنة عن الصحابة في مواضع كثيرة، يوجهونها الى بعضهم البعض؟؟؟؟ فهل كان هذا سوء أدب منهم أيضا؟؟؟؟
ثم تقول " كلام طويل ممل لمن يبحث عن محل البحث ... "
قلت كثير من الاخوة لا يرونه كذلك ولله الحمد، والله أسأل أن ينفع به قارئه المنصف المخلص في ارادة الحق! والمدار في ذلك على الدليل والحجة على أي حال، لا على اصابتك أنت بالملل مما أكتب، ومن ثم اعراضك عن الرد عليه!!! ثم يا أخ خلوصي، لست – ولا غيري من القراء – مطالبين "بالبحث" عن محل بحثك!! وانما أنت المطالب ببيانه بوضوح ليفهمه الناس! وكل كاتب مطالب بأن يتأكد من وصول كلامه الى القراء على نحو صحيح، والا فليتق الله فيما يكتب ولينصرف الى ما يحسن!!
أما عن اتهامي لك بالتهوين من شأن علوم التوحيد وضرورتها للناس، ووصفي اياك في ذلك بأنك على جهل مبين، فهذه ليست من سوء الأدب في شيء! وقد ذكرت لك أني لا أمانع من أن ترميني بالجهل شريطة أن تبين لي بالدليل وتعلمني هذا الذي جهلته وتدلني على مظنة تعلمه، فما منا الا راد ومردود عليه، وما منا الا جاء الى هنا لينفع الناس وينتفع بما عندهم!! والا فصفة الجهل لا تكون نقيصة في حق صاحبها الا ان أصر عليه ونافح عنه وأبى أن يتعلم، فتأمل!!
وتأمل على أي شيء ترد بقولك: " هذا للذين لم يفهموا بعد ما هي دعوة التكبير العامة " و ربك فكبر"!!! فهل أنكرنا نحن ضرورة مخاطبة فطر الناس ومخاطبتهم على قدر عقولهم والوصول اليهم بمثل ذلك؟؟؟؟ كلا والله وقد أكدت على ذلك مرارا! فاذا بالأخ خلوصي يقول بعد هذا مباشرة:
" ألم أنبئك عن البكاء الذي أرجع 4000 شيعي سعودي إلى الحق فأغمضت عينك و سددت سمعك .... و تقول لي لا أرد عليك ...
قلت أين كان هذا يا خلوصي؟ ألا تتقي الله؟ والله ما أذكر أني قرأت منك مثل هذا الكلام من قبل أبدا، ولا قلت لك أبدا في الجواب عليه "لا أرد عليك"!!!!!! فأين وقع ذلك مني؟؟ سبحانك ربي!
ثم كيف رجع الشيعة هؤلاء الى الحق من دون أن يتبين لهم بالحجة والبينة ما هو الحق ابتداءا؟؟؟؟ جاءهم بوحي من السماء من دون تعلم ولا سماع؟؟؟ ما هو الحق هذا الذي رجعوا اليه وكيف تبينوه ليرجعوا اليه؟؟؟ البكاء قد يكون علامة صدق في ارادة الحق، ولكن من أين ياتيهم الحق نفسه ان لم يكن من أدلة الكتاب والسنة، التي لا زلت أنت تنفر الناس من الخوض فيها؟؟؟؟؟؟
ثم ترميني بهذه:
أنت و صحبك و الله واقعون في شرك النفس و لكن لا تشعرون .. أفيقوا من السكرة قبل السكرة فإني بكم شفيق ..
وأقول حسبنا الله ونعم الوكيل! ما أجرأك على الله يا خلوصي! وما أجرأك على سرائر اخوانك! هذه مظلمة لي قد أحللتك منها يوم القيامة ... ولكن يا أخي أحذرك من الرجم بالغيب وأذكرك بقوله تعالى:
((ستكتب شهادتهم ويسألون))!
أما قولك: " لا و الله ما عرفتَ كيف تعلموا التوحيد .... راجع معلوماتك و كفى إشغال نفسك بالردود الفضائية المحلقة؟!! "
فأقول قد راجعت معلوماتي وكتبي وهذا ما وجدته يا خلوصي، فهلا صوبتني وأحلتني الى ما به أصوب خطأي وفساد تصوري؟ ان كانوا قد تعلموا التوحيد من غير هذه الطريق، فهلا علمتني اذا من أي طريق غيرها تعلموا التوحيد؟
ثم تقول:" يعني توحيد الربوبية لا يزيد و لا ينقص؟؟!! .... حسنا أنفق نصف مالك لله و ليكن توحيد الربوبية عندك كما كان عند عمر رضي الله عنه!!!!! "
قلت سبحان الله! أين في كلامي ما يفهم منه أن توحيد الربوبية لا يزيد ولا ينقص؟ انما أريد أن أفهمك ان المشركين في قريش كانت عندهم أصول توحيد الربوبية راسخة ولكنهم اعتقدوا في أن الأصنام تقربهم الى الله زلفى لأنها ذات مكانة ومنزلة عنده! فان ناقشتهم وجدتهم ينسبون كل شيء الى الله، الخلق والرزق والنفع والضر وكل شيء، ولكنهم يوجهون التأله والعبادة الى غيره معتقدين صحة ذلك، وقبول الله ذلك منهم!! فما علاقة هذا باخلاج عمر رضي الله عنه نصف ماله لله؟ هذا العمل في أمثال عمر دليل على صحة التوحيد على كافة مستوياته، ولا شك، ولكن كيف عرفت أنا هذا؟ من مجرد أنه
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرج نصف ماله؟ كلا! والا فكم من رافضي مشرك من أئمة الرفض، بل ومن اليهود والنصارى، من يخرج أكثر من هذا وهو يحسب أنه في سبيل الله!!!
وتقول: " نعم هذا ما نريده بالسهولة و البساطة في ثلاثة أيام أو خمسة ..
و لكن العزيمة الكبرى هي عندما تمشي بذلك في الناس و البلاد فتعاني فتعرف عندئذ بقلبك من هو الله المنجي المغيث المعين؟؟!! "
قلت مرارا أننا لا ننفي أن عند التبليغيين من العزيمة ما الله به عليم، وقلنا أن المرء اذا صح اعتقاده في ربه، فانه يرى في كل موقف من مواقف حياته آيات نصر الله ورزقه واغاثته واعانته، فما وجه هذا التعليق؟؟
وتقول " و الله العظيم كنت أستطيع الرد التفصيلي كهذا على كل لخبطاتك الحوارية ... "
قلت فهذا ما تسميه ردا تفصيليا؟؟ ما شاء الله!
وتقول " و أكرر مرة أخرى أنك و صحبك بإصراركم على طريقتكم في دخول مواضيعي و نقاشكم العقيم المعاند السبابي الشخصي ..... لستم على أمر الله!! "
وأنا أكرر مرة أخرى أني ما أتكلم الا عن نفسي ولا دخل لي بغيري، فلا تخاطبني بهذه الطريقة "أنت وصحبك" مشيرا الى كثير من اخواننا الذين جادلوك في مواضيعك!
أما النقاش فأنا لا أعاند انما أطالبك بما أنت تعاند وتصر على اهماله وتجاهله! وأما العقم في كلامي فلا يعنيني أن تراه أنت كذلك، وأنا أحتسب عند الله أن ينفع به كثيرا من المسلمين، وأسأل الله الاخلاص والسداد فيه!
أما السباب فان كان هذا الذي أبرزتَه باللون الأحمر في كلامي هو جنس ما تصفه أنت بالسباب، فلا تعجب اذا ما نسبتك الى الجهل، مع وافر الاحترام لشخصك!
أما طريقتنا في دخول مواضيعك فهي طريقة كل عضو في كل منتدى شرعي أو غير شرعي في مناقشة كل صاحب موضوع في موضوعه! فان كنت ترضى بهذا فمرحبا بك، والا فابحث لك عن مجلة تنشر فيها وتسلم فيها من مناقشة الناس ونقدهم!!! أما أمر الله فلست تملك أن تطرد مجادليك منه، الا أن يكون ذلك ببينة واضحة من الكتاب والسنة، وما أتيتنا لا ببينة ولا غيره، فاتق الله يا خلوصي!
أسأل الله لي ولك الهداية والمغفرة، ولا حول ولا قوة الا بالله!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[07 - Dec-2008, مساء 08:29]ـ
أخي ابن الرومية، تقول:
"أضحك الله سنك شيخنا .. و بين يدي النقاش أضع بعض ما قد يتبين به ما قلت لكم سابقا .. أن كل واحد فرح بما لديه من الحق و منكر لما لدى غيره منه .. "
فأقول اتق الله يا ابن الرومية وأنصف وأقسط ولو على نفسك! بالله أين وجدت في كلامي أنني أنكر ما عند خلوصي من الخير - هكذا؟؟ أنا أنكرت عليه فسادا ظهر في بعض أقواله حتى أنت نفسك رأيته وأنكرته عليه، وطالبته ببيان قصده من كلام غامض مبهم كثير يجب أن نتبينه منه وهو في مقام الدعوة اليه، وأسهبت أنا في بيان ما عندي واستطردت كثيرا، ولم أزل الى الآن أطالبه هو ببيان ما عنده بوضوح ودون مرواغة، ولم يزل يراوغ ويتهرب، ويستنكر رد فعل محاوره ازاء موقفه هذا!! فأين العدل والاقساط يا ابن الرومية في مساواتك بين الفريقين في أن كلا منهما "فرح بما عنده منكر لما عند غيره"؟؟؟؟
سامحك الله يا أخي!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[07 - Dec-2008, مساء 09:16]ـ
أخي خلوصي، على هامش محل بحثك:
تقبل الله مني ومنك صالح الأعمال ... كل عام أنت باذن الله بخير.
أصلح الله قلبي وقلبك وهداني واياك الى الحق والسنة وصرفني واياك عن كل سوء .. آمين.
اللهم ان كنت ترى في خطابي الى عبدك خلوصي شيئا من الظلم له أو البغي والعدوان عليه، فاغفر لي ذلك واجعله له كفارة لذنوبه ورفعة لدرجاته عندك، فضلا من عندك ومنة .. وان كنت رأيت منه ظلما لي فاني أتصدق به عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولا أطلبه يومئذ في شيء لنفسي ..
اللهم انه لا يعلم غيب النفوس وما تخفيه الا أنت .. فان كنت ترى في نفسي اذ أكتب له ما أكتب، شيئا غير الذب عن دينك والنصح لعبادك، فاغفره لي وأعني على مجاهدته في نفسي ولا تخزني به يوم القيامة، وان كنت ترى من ذلك شيئا في قلب عبدك خلوصي فاغفر له وأعنه عليه وخلصه منه، ولا تجعل أحدنا عونا للشيطان على أخيه ...
آمين.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[08 - Dec-2008, صباحاً 01:55]ـ
اللهم اجعلنا من المتقين ... أصل ذلك أن أحدكما يدعو الى العلم المجمل المقذوف و اللدني و الممنوح و الموهوب و الذي قد يناله المرء بالتقوى و الصدق في أيام بل في ساعات ... و الآخر يدعو الى العلم المفصل المكتسب و المتعلم و الذي قد يناله المرء في سنين بل في عقود ... وهذا لحن قوله يلمز بالاجمال في أهل الأصول و الفقه بعامة ... و ذاك صريح قوله يلمز باجمال في الصوفية و العارفين بعامة ... و الأعجب أن كليكما حين الكلام عن كلا الايمانين مطلقا يتبرأ من أن يهون من الحق الذي عند صاحبه ... و لكن ما ان يلبس هذا الحق لباس الأشخاص و الجماعات من اهل الفقه و التصوف و الدعوة حتى ترى لسان الحال يغلب لسان المقال بانكار ما زعم الأول أنه يقبله من حيث هو حق .... و النيجة ان لا تنتهي المحاججة و أن أتهم من كلا الطرفين بقلة الانصاف:)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[08 - Dec-2008, صباحاً 09:42]ـ
إذا خرج الأستاذ عن محل البحث فلا عتب على الآخرين:
أضحك الله سنك شيخنا .. و بين يدي النقاش أضع بعض ما قد يتبين به ما قلت لكم سابقا .. أن كل واحد فرح بما لديه من الحق و منكر لما لدى غيره منه ..
فروى امامنا مالك بسنده عن أبي سعيد قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرءون القرآن ولا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية تنظر في النصل فلا ترى شيئا وتنظر في القدح فلا ترى شيئا وتنظر في الريش فلا ترى شيئا وتتمارى في الفوق
و عنه رضي الله عنه أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها
و روى سيدي الامام البخاري في صحيحه بسنده عن مالك بن الحويرث قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ...
و لك هذه الكلمة لتوي انتبهت لها و لتوقيتها و لتلوينها ...
و حسب ما أذكر ليست من كيسي فمن أين لك بها يا ماكر؟؟
هذا يا سيدي من حكاية الحال؟!!
اللهم اجعلنا من المتقين ... أصل ذلك أن أحدكما يدعو الى العلم المجمل المقذوف و اللدني و الممنوح و الموهوب و الذي قد يناله المرء بالتقوى و الصدق في أيام بل في ساعات ... و الآخر يدعو الى العلم المفصل المكتسب و المتعلم و الذي قد يناله المرء في سنين بل في عقود ... وهذا لحن قوله يلمز بالاجمال في أهل الأصول و الفقه بعامة ... و ذاك صريح قوله يلمز باجمال في الصوفية و العارفين بعامة ... و الأعجب أن كليكما حين الكلام عن كلا الايمانين مطلقا يتبرأ من أن يهون من الحق الذي عند صاحبه ... و لكن ما ان يلبس هذا الحق لباس الأشخاص و الجماعات من اهل الفقه و التصوف و الدعوة حتى ترى لسان الحال يغلب لسان المقال بانكار ما زعم الأول أنه يقبله من حيث هو حق .... و النيجة ان لا تنتهي المحاججة و أن أتهم من كلا الطرفين بقلة الانصاف:)
إذا كنت أصر على تحديد محل البحث ..
و سياق البحث ...
و مع الاعتراف دوما بأن ما أدعو إليه لا ينفي ما يراه الآخرون ضرورة تقدر بقدرها!؟
أما تذكر دوما كلامي و دعوتي لهم بأن يشمروا عن ساعدهم لردم الحفر .. ؟!
يا سيدي كان الخلاف دوماً حول ما أدعو إليه و إلغائه
فنعم يا أستاذ: ما أنصفت!! و لكني على ثقة أن التعاون على حصر المحل و حصر سياقه سيجمعنا ... ؟!
أستاذي الحبيب:
من أكبر الأخطاء التي تحدث في حواراتنا و معالجات الدعاة للمشاكل هو مناقشتها في ذاتها من دون النظر إلى حال المتلقي و حال الناس ... و هذا حديث يطول جدا ً!
و على كل فشكراً جزيلاً لكم و بارك الله فيكم ... سأقوم بنفسي بالاستدلال على ما أريد مما طلبته منكم ...
ـ[خلوصي]ــــــــ[08 - Dec-2008, صباحاً 09:47]ـ
" والا فكم من رافضي مشرك من أئمة الرفض، بل ومن اليهود والنصارى، من يخرج أكثر من هذا وهو يحسب أنه في سبيل الله!!!
وتقول: " نعم هذا ما نريده بالسهولة و البساطة في ثلاثة أيام أو خمسة .. "
أطلب منك فقط أن تذهب لعالم بالمنطق و تذكر له هذا الرد لترى ماذا يسمون هذا في المنطق ...
أو اقرأ ضوابط المعرفة لفضيلة الشيخ الجليل عبدالرحمن حبنكة الميداني ..
و على فكرة هذا يتكرر جدا في كثيييييييير من المناقشات!!؟؟
ـ[خلوصي]ــــــــ[08 - Dec-2008, صباحاً 09:48]ـ
أخي خلوصي، على هامش محل بحثك:
تقبل الله مني ومنك صالح الأعمال ... كل عام أنت باذن الله بخير.
أصلح الله قلبي وقلبك وهداني واياك الى الحق والسنة وصرفني واياك عن كل سوء .. آمين.
اللهم ان كنت ترى في خطابي الى عبدك خلوصي شيئا من الظلم له أو البغي والعدوان عليه، فاغفر لي ذلك واجعله له كفارة لذنوبه ورفعة لدرجاته عندك، فضلا من عندك ومنة .. وان كنت رأيت منه ظلما لي فاني أتصدق به عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولا أطلبه يومئذ في شيء لنفسي ..
(يُتْبَعُ)
(/)
اللهم انه لا يعلم غيب النفوس وما تخفيه الا أنت .. فان كنت ترى في نفسي اذ أكتب له ما أكتب، شيئا غير الذب عن دينك والنصح لعبادك، فاغفره لي وأعني على مجاهدته في نفسي ولا تخزني به يوم القيامة، وان كنت ترى من ذلك شيئا في قلب عبدك خلوصي فاغفر له وأعنه عليه وخلصه منه، ولا تجعل أحدنا عونا للشيطان على أخيه ...
آمين.
آمين آمين آمين على شرط أن تكرر هذا الدعاء في جوف الليل:):):)
و كل عام و أنتم بخير.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[08 - Dec-2008, صباحاً 10:28]ـ
عفا الله عنا وعنك يا ابن الرومية، كنت أظنك أعقل وأفهم وأوعب لكلامي ولمآخذي على كلام صاحبنا خلوصي من هذا!!!
فانا لله وانا اليه راجعون!
تقول: "أصل ذلك أن أحدكما يدعو الى العلم المجمل المقذوف و اللدني و الممنوح و الموهوب و الذي قد يناله المرء بالتقوى و الصدق في أيام بل في ساعات"
وأقول ان حقيقة هذا العلم اللدني المجمل الذي تتكلم أنت الآن عنه والموقف الصحيح منه انما تتحدد وتتبين ببيان مصادر التلقي التي يؤخذ منها وينبني عليها في قلب صاحبه ابتداءا، وهذا ما لم يزل أخونا خلوصي يأبى أن يبينه لنا، وأنت لم تزل تقبل منه كلامه عنه دون أدنى استفصال منه عن هذا الأمر الخطير!!!
فهل من العدل والاقساط والتحقيق العلمي يا ابن الرومية أن تقبل دعوى رجل من قبل أن تتبين حقيقتها؟؟ أوقد علمت حجم ما ينطوي عليه هذا الاصطلاح "العلم اللدني" عند أكثر المتكلمين به في زماننا - ان لم يكن عندهم جميعا - من ضلال مبين؟؟؟ أوقد رأيت في كلامه الغامض ما يدل على أنه غير ذي عناية بتحقيق المعتقد الصحيح في أسماء الله وصفاته (ويرى أنه على عقيدة الصحابة وعلى الفطرة في ذلك!) وأنه شديد التهوين من ضرورة تحصيل القدر الواجب من علم التوحيد لعوام المسلمين، والذي ينبغي أن يكون هو منبع ذلك العلم اللدني نفسه ومصدره في القلوب؟؟ ان لم يكن صاحبنا متحققا من مصادر التعلم التي بها يتبين الحق من الباطل مما يكون في قلوب الخلق تفعيلا لحقائق التوحيد والايمان، فمن أين يأتي بالمصادر التي يبني عليها علمه اللدني هذا أصلا؟
ألا يعنيك السؤال عن هذا يا ابن الرومية، قبل أن تحكم بهذا الحكم الذي تعده من الاقساط والانصاف؟؟؟
الا أن تكون ممن لا يرى نكارة في ادعاء بعضهم أن هناك علما قد تلقوه من الخضر أو من النبي عليه السلام وهو ما يسمونه بعلم الحقيقة ويقولون أنه لا يبلغه الا خاصة المتصوفة العارفين، وادعاء بعضهم أن قلبه يحدثه عن ربه، وأنه قد جاءه هاتف من السماء يقول له افعل كذا ولا تفعل كذا، وأنه يتصل "بأرواح الصالحين" فترفعه في مدارج تلك العلوم درجات ودرجات، ويرى الأنبياء ويجالسهم ويأتيه الخبر الذي لا يأتي الا للخاصة من الخلق بزعمهم!!! كل هذا يسميه أصحابه علما لدنيا، وهو "علم لدني" أنكره أنا فان كنت أنت لا تنكره فيا أخي قد اتخذت لنفسك موقفا فاسدا فتنبه!!
أما ان كنت تتكلم عن استنباطات المؤمنين صحاح المعتقد لأحوال قلوبهم وقلوب الناس، وما يعتري نفوسهم من أحوال في ضوء توحيد مصدر التلقي والفهم في دين الله على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة دونما ابتداع ولا اختراع ولا خرافة، فهذا لا ينكره مؤمن، وأنعم به وأكرم من علم ضروري لن ترى في صفحات التاريخ قوما كانوا أقوم به على نفوسهم وقلوبهم من السلف الصالح رحمهم الله، ومآثرهم في تربية نفوسهم وقلوبهم لا تزال تتعلم منها أجيال المسلمين، خالصة لا خرافة فيها ولا ابتداع!
تقول أن هذا العلم قد يناله المرء بالتقوى في ساعات، وأقول لك بل عند بعضهم أنه قد يناله في لحظات! تتجلى له صورة شيطان يتمثل بواحد من الأقطاب العارفين يدعوه الى كذا وكذا، أو في منام يرى فيه من يحسبه - لجهله - النبي عليه السلام، يقول له افعل كذا وكذا واسمع من فلان وفلان ولا تسمع من فلان، أو عليك بفلان من الموتى فهو سبيلك الى يقين العارفين أو نحو ذلك، وما هو الا شيطان أتاه من قبل جهله، فأهلكه وأضله وهو يحسب أنه قد انكشفت له كشوف العارفين!
(يُتْبَعُ)
(/)
فدعنا ان شئت نستفصل من أخينا صاحب هذا الطرح أهم ما فيه: مصادر تلقي ذلك العلم "اللدني" نفسه، وأصوله التي ينبني عليها عند صاحبه، قبل أن نقره على اصطلاح مجمل يدعو اليه هكذا دون استبيان، وقد علمنا ما تضعه أقوام من الخلق تحت ذاك المصطلح من باطل وخرافة وضلال مبين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!!
وتقول: "ذاك صريح قوله يلمز باجمال في الصوفية و العارفين بعامة"
قلت ما هكذا تورد الإبل يا ابن الرومية!! أفبعد كل ما وضحته في نقاشات طويلة بيني وبينك من موقفي مما يصطلح عليه أصحابه بالتصوف، وضرورة تبين ذلك منهم وتبين ما اذا كان موافقا للسنة أو مخالفا لها مزايدا عليها، تأتي الآن لترميني بهذا الكلام؟؟ هداك الله وغفر لك!
يا أخي اعلم أن الاصطلاح قد يختلف وجهه من زمان الى زمان بحسب المعنى الذي يغلب على أهله ارادته منه! واليوم ان قلت على فلان أن فيه تشيعا، لم ينقدح في ذهنك مثل ما تفهم من كلام بعض المتقدمين على بعض أقرانهم من الأئمة بأن "فيه تشيعا"!!
فاليوم قد استحكمت طرق التصوف وتأصلت على جملة من الكتب التي لا أخالك تجهلها، والخلاف ينزل الى مصادر التلقي نفسها، والخرافة تكتسح ولها سوقها العريض في عامة الجهلاء ومن ترأسوا عليهم! فاليوم مصطلح التصوف وعلومه أصبح غالبا غلبة تامة على طوائف بعينها تنتحل فكرا بعينه وعقائد بعينها يعدها أصحابها اجتهادا سائغا تحت عباءة التصوف، وهي الضلال بعينه!!! فليس المصطلح اليوم كما كان في زمان شيخ الاسلام من حيث ما يرتبط به وما تجده تحته، فتنبه يا أخي الكريم!!
واذا كان شيخ الاسلام منهجه تفحص المصطلحات وتحري ما وراءها من الحقائق والمعاني، وهو في زمانه كان الأمر كما كان، أفلا يكون مثل هذا التمحيص في زماننا والحال كما ترى، أولى وأوجب؟ ان جاءنا اليوم من يقول أنا على تصوف سني، وقد علمنا ما اتفقت عليه مشارب القوم فيما يوصف بالتصوف، وصار يُدرس في المعاهد والجامعات الشرعية في أكثر بلاد المسلمين على نحو ما تعلم، أفلا يكون أول وأهم ما نسأل عنه نحن هو: ما حقيقة تصوفك هذا الذي تنسبه الى السنة وتروجه بين الناس، وما دليل سنيته؟؟
لقد درسنا جميعا وتتلمذنا على كتب الامام ابن القيم وغيره رحمه الله من أئمة الرقائق وعلوم القلوب وأدوائها وعلى سيرة السلف ونهجهم، ولم نكن في حاجة الى أن يطلق شيوخنا على هذا العلم "علم التصوف" أو "التصوف السني" أو نحو ذلك، حتى نتمكن من فهمه والعمل به كل منا بما وفقه الله ومن عليه!! فلماذا التشبث بهذا المصطلح المخروم وغالب حملته غارقون فيما تعلمون؟
أنا أعرف من شيوخ السلفية من يحرصون أشد الحرص على التصفية والتخلية، وتربية طلبتهم على التقوى والورع والزهد والصبر على طول القيام والعبادة ومجاهدة النفس وحسن مراقبتها، حتى ان أكثر العباد نشاطا وهمة في العبادة في بلدي أنا حيث أعيش، انما هم تلامذة شيوخ من أعلام الدعوة السلفية، لا يسمون أنفسهم بالمتصوفة ولا يقولون بأنهم يدعون الى تصوف سني ولا نحو ذلك!! انما يدعون الى ما كان عليه الصحابة والتابعون رضي الله عنهم بلا مزايدة! ودعني – وان كنت لا أحب ذلك حتى لا يفهم أنه تحيز لفئة - أذكر لك اسما بعينه من مشايخ مصر تميز واشتهر في هذا المقام - وان كانت الأسماء كثير -: الشيخ الدكتور أسامة بن عبد العظيم، حفظه الله! لو تابعت المنهج الذي يربي – وأقول يربي وليس فقط يعلم – هذا الشبخ طلبته عليه لوجدته يعلمهم دينهم ويربيهم على العمل به، سيما في العبادات والزهد وغيره! ولو أنك دخلت مسجده لرأيت ذلك بعينيك! ولو سمعت كلامه لوجدته ينصب في أكثره في الحث على التزهيد البالغ في الدنيا وما فيها، والتعليق بالآخرة وتزكية القلوب ومراقبة عللها ومعاهدتها بالاصلاح، ولوجدت فيه إلهامات وفتوحات ربانية كبيرة من "العلم اللدني" في استنباط علل القلوب وتتبعها وانزالها على واقع الناس بعلم وحلم! ولن أحدثك عن حال طلبته في العبادة والزهد والورع فهي حال يعرفها من خالطهم ورأى أحوالهم!! والرجل في ذلك كله، عالم سلفي صميم، لا يفرط في تعليم طلبته أصول منهج أهل السنة والتحذير من البدعة والرد على المخالفين والذب عن حياض الدين، ولا يقبل المزايدة أو المساومة على منهجه!
(يُتْبَعُ)
(/)
وحتى لا يرميني بعضهم بالتعصب لهذا الشيخ، فأنا والله لا تربطني به أي صلة أصلا، لا من قريب ولا من بعيد، الا ما كان من سابق معرفة ببعض تلامذته وفقط!
وكما أسلفت فهناك غيره كثيرون من العلماء والدعاة ممن دأبهم تربية طلبتهم تلك التربية القلبية العلمية الربانية السلفية الشاملة! فان شئت أن تسمي مثل هذا النهج التربوي بالتصوف السني، على اعتبار أن ذلك الزهد والورع والمراقبة وكثرة الذكر والاشتغال بالنفس، هذا ما يصطلح عليه بعضهم بالتصوف، قلنا وما الداعي الى ذلك وفيه من التلبيس على العامة ما فيه، اذ نرى أكثر من ينتحل تلك الصفة "صفة التصوف السني" ويدعون اليها في زماننا هذا، هم ممن لا خلاق لهم بالسنة أصلا، ولا ينسب عالم أو داعية سلفي نفسه اليها الا فيما يندر جدا؟؟
أما ما كتبه بعض أئمة التصوف من كلام صحيح في نفسه مفيد للناس في أحوال النفس والقلب وعللها، فلا نرى غضاضة أبدا في اخراجه ومدارسته بلغة واضحة وبكلام لا التباس فيه ولا ابهام ولا ايهام! ولكن هذا لا يكون للعامة وانما للمحققة من طلبة العلم الذين لا يخشى عليهم من الافتتان بما في تلك الكتب من خرافات وشطحات! يعني لا نقول لعامي اقرأ كتاب الاحياء للغزالي رحمه الله مثلا، بحجة أن فيه خيرا كثيرا! نعم فيه خير ولكنه خير لا يحسن اخراجه وتصفيته للناس الا من يأمن على نفسه من الافتتان بما في الكتاب نفسها من مهلكات!! هذا منهج علمي منضبط، يقدم الأهم فالأهم، ويضع الأمور في نصابها الصحيح!
فأرجو يا ابن الرومية أن يكون قد تبين لك لماذا أدعو وأكرر وأصر على تمحيص دعوى أخينا خلوصي الى ما يسميه بالتصوف، قبل أن تندفع – هداك الله – في قبول مبهماتها ومجملاتها منه على هذا النحو، واتهامي في ازائها بعدم الانصاف!! وأرجو أن يكون قد تبين لك أنه لا يمكن الحكم على الموقف من فرقتين من الناس بعينهما حتى يقدم كلا الفريقين ما عنده كاملا غير منقوص، ويبدأ في ذلك بالأصول والمصادر قبل الكلام على ما تفرع عنها، ويعرض ذلك كله على الكتاب والسنة! هكذا يا أخي يكون الانصاف والعدل في الحكم على كلا الفريقين، فانتبه!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[08 - Dec-2008, صباحاً 10:43]ـ
"أطلب منك فقط أن تذهب لعالم بالمنطق و تذكر له هذا الرد لترى ماذا يسمون هذا في المنطق ...
أو اقرأ ضوابط المعرفة لفضيلة الشيخ الجليل عبدالرحمن حبنكة الميداني .. "
وأنا أطلب منك أن تتكرم علي وتتفضل وتبين لي بوضوح وبدقة محل ما تراه من الفساد في "منطق" هذا الكلام تحديدا!
سبحان الله ..
هذا ليس أسلوب محاورة بين طلبة علم يا أخ خلوصي هداك الله!
أنا ما قلت لك أبدا اذهب وتعلم واقرأ لفلان وفلان ثم تعال لتحاورني!!! والا ما كان أهون ولا أسهل علي من هذا الأسلوب أن أسلكه طريقا في مناقشتك!!! صفني بالجهل ان شئت ولك ذلك، ما دمت ستبين لي وتفصل بالدليل سبب رميك اياي بالجهل، لا أن تقول "اذهب واقرأ كتاب الشيخ فلان لعلك تفهم"!!!
هذا الأسلوب في الكلام ان كنت لا تراه يوهم محاورك بالتعالي عليه والترفع عن مناقشته، فلا أدري والله كيف تأتينا لتكلمنا في خفايا نفوسنا والحذر منها!!!
أنا أخاطبك بوصفك داعية وطالب علم يتدارس قضية دعوية مع اخوته في منتد شرعي، ويريد اقناعهم بما عنده .. فهل أنت هنا لهذه الغاية، وهل أنت أهل لها؟
أما عما يسمى به هذا الأسلوب فهو "ابطال الدلالة" فأنت تستدل على ما تريد بدليل أثبت أنا لك أنه لا يصح دليلا عليه، لأنك ترى تلك الصورة التي تستدل بها واقعة بعينها، بل وأكثر منها، حتى في أشد الناس عتوا في الشرك وفساد التوحيد، فبأي عقل يقال أنها - في ذاتها وبانفرادها - دليل على صحة التوحيد؟؟!! أنت في هذا كالذي يقول: "رأيت فلانا يلبس البنطلون، فهذا علامة عندي على أنه من بلاد الافرنج"! - مثلا! فهذا استدلال مردود لأن سائر بلاد العالم اليوم - وليس بلاد الغرب وحدها - يلبس الناس فيها البنطلون! فلا دلالة أصلا!
فان شئت أن ترد علي بنقل من كتب المناطقة تهدم به أسلوبي هذا في نقض دليلك، فافعل وتفضل على أخيك هذا باصلاح فساد تصوره، أخرج ما عندك ولنتناقش لعلك تقنعني! وأنا أشهد الله على أني سأتراجع عن كلامي ان ثبت لي بطلانه، والله المستعان ..
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[08 - Dec-2008, مساء 03:14]ـ
أحيانا يبدو لي انكما متفقان كما لو كنتما الشخص نفسه فلا أدري لم أدخل بينكما بجهلي ... :)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[08 - Dec-2008, مساء 03:16]ـ
هذا يا سيدي من حكاية الحال؟!!
انما أردت ممازحتكم شيخنا و تلطيف الأجواء فقد فاجأني الاتفاق الزمني لتلك الكلمة لا غير
ـ[خلوصي]ــــــــ[09 - Dec-2008, مساء 12:52]ـ
أحيانا يبدو لي انكما متفقان كما لو كنتما الشخص نفسه فلا أدري لم أدخل بينكما بجهلي ... :)
أنا أظن أنني و إياكم متفقان أستاذي .. !
خذ هذه:
قلت لرجل مرة كان معاديا للإمام ابن تيمية صوفي محترق ... و لكنه كان ممن إذا تبين له الحق تراجع بسهولة!!:
" أنا أعتقد أن قواعد المنطق في الأذهان واحدة و صحيحة ... !؟ و لكن لم َ ينشأ الاختلاف بينهم من أرسطو إلى فلان إلى الإمام إلى حجة الأسلام ... ؟!
ذلك كله بسبب أن المعطيات التي يدخلونها في هذه القناة الضابطة الفطرية أصلا في أصولها ... مختلفة في نوعها و كمها .. !! فلو وضحت المعطيات لتوحدت النتائج!!؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[09 - Dec-2008, مساء 01:28]ـ
فلو وضحت المعطيات لتوحدت النتائج!!؟؟
هذه ليست قاعدة ولا يصح اطلاقها، والا لتساوى المسلمون مع غيرهم من أهل الملل في حقيقة دينهم ولعرفوا ذلك بمجرد "وضوح المعطيات" للجميع! وهذا لا يقول به من يعي الفرق بين الحق والباطل ..
وعلى أي حال، فقد وضحت أنا معطياتي وبالغت في ذلك .. فوضح أنت معطياتك!
ولعل صواب هذه القاعدة أن نقول:
"لو صحت المعطيات، لتساوت المخرجات وتوحدت النتائج عند الجميع"
"لو صحت" لا تساوي "لو وضحت" فتنبه ..
اون كان اختلاف أفهام وعقول الخلق ومعالجتها لما تتلقى لن يسمح باطلاق هذه القاعدة أيضا، ولكن المبدأ في ذاته صحيح ..
ولا زلت في انتظار جوابك عن مشاركتي الآنفة ..
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[09 - Dec-2008, مساء 02:28]ـ
أنا أظن أنني و إياكم متفقان أستاذي .. !
خذ هذه:
قلت لرجل مرة كان معاديا للإمام ابن تيمية صوفي محترق ... و لكنه كان ممن إذا تبين له الحق تراجع بسهولة!!:
" أنا أعتقد أن قواعد المنطق في الأذهان واحدة و صحيحة ... !؟ و لكن لم َ ينشأ الاختلاف بينهم من أرسطو إلى فلان إلى الإمام إلى حجة الأسلام ... ؟!
ذلك كله بسبب أن المعطيات التي يدخلونها في هذه القناة الضابطة الفطرية أصلا في أصولها ... مختلفة في نوعها و كمها .. !! فلو وضحت المعطيات لتوحدت النتائج!!؟؟
لا يمكنني الا ان أتفق معك في هذه شيخنا و هو الذي يقوي حدسي من انطواءكم على علم جم لولا ما عكرته علي من كلامكم السابق ... و كلامكم بان أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء هو مقتضى كلام الامام أحمد في تشابه الألفاظ و في قوله "أكثر ما يخطئ الناس من جهة المجمل والقياس" أو "من جهة التأويل و القياس"و هو ما انتهى اليه كبار فضلاء الفلاسفة حين قالوا: إن أكثر اختلاف العقلاء من جهة الاشتراك في الأسماء" و ما انتهى اليه عقلاء الوضعيين و مدرسة فرانكفورت حين حاولوا تحليل و فك هذا المنطق الذي تتحدث عنه شيخنا و الذي يجمع كافة طرائق التفكير في مختلف العلوم و علاقة اللفظ بالمعنى و اللغة بالفكر .. و سدرة المنتهى هذه التي انتهى اليها و ينتهي اليها كل متعطش للحق صادق في تتبعه من الفلاسفة و النظار و أحبار الملل المدخولة و رؤوس الحنفيين و الصابئة و المتزهدين والسالكين و الناس بعامتهم ... هي في الغالب أوان مهبط الأمانة على قلوب الرجال (والنساء طبعا:)) و تمكن الايمان الأول و العلم الفطري الأول و هو ساحل البحر الذي أتى به الأنبياء و الفرقان المبين و الايمان الثاني المتضمن للسبع المثاني و التي فيها ضوابط الأسماء التي علمها آدم و تفصيل كل شيء ... كل شيء .. فهمها من فهمها و حرمها من حرمها كما قال الامام الشافعي .... أولم يتبين الآن (بعد ان يعترض الملحد الكافر على هذه الآيات أنه لا يجد فيها كل شيء و يعترض المومن الظالم لنفسه أن هذه الآيات لا تفي بعشر معشار الشريعة) ما المقصود "بكل شيء" شيخنا؟؟؟ فهمت لم كان معنى الايمانين: ان لا ملجأ منه و لا منجا منه سبحانه الا اليه؟؟؟:)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[09 - Dec-2008, مساء 03:02]ـ
عجبا ممن يتكلم في الفلسفة ومصطلحاتها و "المنطق" ولا يفطن للفرق الدقيق بين قول القائل "لو وضحت" - هكذا - وقوله "لو صحت"!!!
فأجبني أنت اذا يا ابن الرومية عما كتبته في مشاركتي السابقتين، ان كنت تقبل كل ما قاله خلوصي في هذه الصفحة وترى كما يرى هو أنني انما أوتيت من قبل جهلي اذ عجزت عن فهم كلامه! فان كان هو أرفع شأنا وقدرا من أن يتنزل ويجيبني على قدر عقلي، فهلا أجبتني أنت؟
وليتك توضح لنا من هم "كبار فضلاء الفلاسفة" هؤلاء والى أي الملل ينتسبون .. والا فصفة الفيلسوف هذه مذمة كان السلف يذمون أصحابها فتنبه قبل أن تجرفك الحماسة الى المهاوي!!
يسعدني أنك ترى بوضوح أن أكثر اختلاف العقلاء انما هو من جهة اشتراك الأسماء، والذي هو سبب تشابه المتشابه من النصوص في اصطلاحنا، ولكن ما علاج ذلك؟ علاجه أن يبين المعنى الحق - ارجاعا الى المحكمات، ويضحد المعنى الباطل بالدليل الواضح، حتى تستقيم المدخلات ويتمكن هؤلاء العقلاء و "فضلاء الفلاسفة" من وضع أداتهم العقلية تلك على الطريق الصحيح وحتى يصل بهم فكرهم الى الاتفاق على المخرجات الحق، لا على اصطلاحات يتخذها كل واحد منهم طريقا الى اثبات معان مخالفة لما عند نظيره، فيكون بعضهم على الحق وبعضهم على الباطل، وهم يحسبون أنهم متفقون!
فهل توافقنا أنت وخلوصي على هذه الضرورة العقلية أصلا أم لا؟؟؟
لقد سئمت والله من هذا الكلام الفلسفي المرسل المشتبه - في نفسه - والذي لا يحق حقا ولا يبطل باطلا، ولا يصح السكوت عليه دونما بيان واضح لمراميه وقد علم الكاتب تخلف كثير من المقاصد والمعاني فيه عن فهم القراء، وان مؤداه التلبيس وفتنة الخلق!!!
يتكلم بمثل هذه المشتبهات اللفظية الكثيرة - وقد علم بقاءها على الاشتباه والاشتراك - ويوافق خلوصيا على مشتبهاته هو أيضا دونما استبيان، ثم تراه الآن يشكو من أن أكثر اختلاف الناس انما جاء بسبب هذا الاشتباه والاشتراك نفسه، فعجبا لكم يا هواة الفلسفة والله عجبا!!! أتريدون بيان الحق حقا؟؟؟
ثم بعد قليل يأتي أخونا خلوصي ليقبل رأس ابن الرومية ويثني على كلامه ولا يعده خروجا عن محل البحث، لمجرد أنه يعجبه الكلام!
فالى الله المشتكى، وانا لله وانا اليه راجعون!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[09 - Dec-2008, مساء 05:20]ـ
"لو وضحت" - هكذا - وقوله "لو صحت"!!!
لوتريثت قليلا لتنبهت أننا نتكلم عن مفاهيم قد تعني حقا و باطلا لا عن مفاهيم و مصطلحات خالصة و صافية فان وضحت عرف متى يمكن أن يقال عنها انها صحت و متى لا يقال لها لم تصح ... فلا يكون هناك معنى لمسارعتك بالانكار
ان كنت تقبل كل ما قاله خلوصي في هذه الصفحة وترى كما يرى هو أنني انما أوتيت من قبل جهلي اذ عجزت عن فهم كلامه!
و هذا أيضا لم أقله و نبهت مرة أني لا ألتزمه لا كل ما في الصفحة و لا كل ما يقوله ... و لم أنسبك قط الى الجهل بمعرفة كلامك ... و لاادري ما الداعي الى هذه السرعة في الالزام و الدفع بي الى التزامه ... و ما ينتج عنه من ظلم لمقابلك لمجرد انه يقابلك ... و هو حجة عليك من خصمك في عدم تحملك للمخالفة و طول طريقك من المحاججة الى المرحمة ...
وليتك توضح لنا من هم "كبار فضلاء الفلاسفة" هؤلاء والى أي الملل ينتسبون .. والا فصفة الفيلسوف هذه مذمة كان السلف يذمون أصحابها فتنبه قبل أن تجرفك الحماسة الى المهاوي!!
فأحيلك على من أخذت عنه هذه الحماسة الجارفة الى المهاوي
من المجموع
وَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَلَا. وَعَلَى هَذَا يَدُورُ كَلَامُ أَصْحَابِ " رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا " وَسَائِرِ فُضَلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ
وَلِهَذَا يُوجَدُ فُضَلَاءُ الْقَرَامِطَةِ فِي الْبَاطِنِ مُتَفَلْسِفَةٌ
من الدرء
وكان ابن أبي الحديد البغدادي من فضلاء الشيعة المعتزلة المتفلسفة .. و غيرها كثير ... فاعذر حماسنا المتهور ...
ويوافق خلوصيا على مشتبهاته هو أيضا دونما استبيان،
هل تحب ان أبين لك استبياناتي ... أم تحب ان أضيق عليك الخناق و أطالبك بأن تأتيني بموافقاتي أولا؟؟؟؟ .. و نبقى في بنيات الطريق لمجرد أنك لا تريد النظر الى داخلك؟؟ و هذا هو الذي يعطيه الأفضلية عليك لأنه فعلا لو تريتث قليلا و لم تتعجل لرأيته صرح في مشاركاته فوق أني خرجت عن محل بحثه و أبدى انه لا يعجبه كلامي أيضا و هو خلاف قولك
ولا يعده خروجا عن محل البحث، لمجرد أنه يعجبه الكلام!
الا أنه أملك لعجلته و أكثر تحليا بسياسة العلم و المرحمة ما يجعله يركز اكثر على صلب الحوار ... فلا تظنن ان أعرض أحد عن الرد أنه ليست به قدرة عليه و انما صونا لنفسه عن الانشغال في بنيات الطريق و تركا للمراء ولو كان محقا ... ترفض "لا تعترض فتنطرد " و تنسى "الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض"
فالأولى أن يشكو المرء نفسه و يترك ادعاء الصبر على غيره و هو متعجل عليهم بدل أن يعجل على نفسه و لا يصبر عليها
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[09 - Dec-2008, مساء 07:04]ـ
تقول "لوتريثت قليلا لتنبهت أننا نتكلم عن مفاهيم قد تعني حقا و باطلا لا عن مفاهيم و مصطلحات خالصة و صافية فان وضحت عرف متى يمكن أن يقال عنها انها صحت و متى لا يقال لها لم تصح ... فلا يكون هناك معنى لمسارعتك بالانكار"
قلت اللهم رحماك! أنا أنكر على طول الابهام والغموض فيما تدور أنت وهو حوله، وها أنت تقر بأنه محتمل وغامض، فما معنى تأخير البيان والتفصيل ومواصلة اللف والدوران بمثل ما رددت أنت به في جوابك الأخير عليه؟؟؟؟ يا أخي القضية ليست قضية ضيق عطن ولا صبر من عدمه، القضية قضية تلبيس يجب - وأكرر يجب - درؤه بالبيان واللفظ الواضح وأنتما تتخلفان عن هذا عمدا!!!! فأخبرني يا عبد الله بربك ما الفائدة ومتى يأتينا أحدكما ببيان واضح لمراده من تلك المصطلحات المتشابهة الكثيرة؟؟؟؟
يا أخي انك الى الآن تتلكم مع الرجل عن الايمان الأول والايمان الثاني وتعضد كلامه في هذا دون أن تعير أدني اهتمام ولا التفات الى أن الناس هنا ربما لا تدري ما قصدك بالايمان الأول والثاني وربما لا تدري أنت نفسك ان كان محاورك يوافقك على هذا التقسيم ان تبين حقيقته منك أم لا!!!! فما الثمرة المرجوة من تسويد صفحات طويلة من الكلام الفلسفي بينكما والذي لا يخلو من اشتباه واضح واشتراك لفظي واضح مع أهل الفلسفة والضلالة قد يفتتن بسببه من قرائكما في هذا المكان من المسلمين ما الله به عليم؟؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وتقول "و هذا أيضا لم أقله و نبهت مرة أني لا ألتزمه لا كل ما في الصفحة و لا كل ما يقوله ... و لم أنسبك قط الى الجهل بمعرفة كلامك ... و لاادري ما الداعي الى هذه السرعة في الالزام و الدفع بي الى التزامه ... و ما ينتج عنه من ظلم لمقابلك لمجرد انه يقابلك ... و هو حجة عليك من خصمك في عدم تحملك للمخالفة و طول طريقك من المحاججة الى المرحمة ... "
قلت يا أخي هداك الله أنت ما تريد أصلا أن تبين موافقة ولا مخالفة ولا غير ذلك!!!! وكأنه لا يعنيك الاجمال الغامض والاشتباه الذي تراه غالبا على كلام صاحبنا هداه الله، ولا ترى فيه اشكالا!!! أما عن احتمال المخالف فأنا أتحمل المخالف وأطيل النفس معه طالما كان الكلام معه بالدليل وبغية اظهار الحق للرجوع اليه - سواء كان الحق معي أو مع مخالفي - وطالما كان هو حريصا على اظهار الحق لي وله وللناس، أما أن أمضي شهرين كاملين في محاولة استنطاق الرجل لكلمة واحدة يبين بها مبهمات ومجملات كلامه الغامض الكثير والذي ما فعلت أنت الا أن زدته غموضا على غموض في كثير من مواضعه، ثم تتهمني بأني لا أتحمل المخالف والمخالفة، فلا أدري بم أجيبك على هذا يا أخي الفاضل، غفر الله لي ولك!!!
يا أخي الضرورة ألحت على أخينا خلوصي لبيان معاني مفرداته المجملة والمشتبهة في كلامه مرارا ومنذ زمن بعيد، وأنا لم أزل أسأله كلما وضع كلاما محتملا مشتبها أن يبين قصده منه، لا لشيء - والله - الا لأفهم لعلي أخرج بفائدة تنفعني في ديني ودنياي، ثم لتبرئته مما صار عالقا بأذهان أقوام كثيرين في هذا المجلس بشأن حقيقة دعواه، وأخيرا لمناقشته فيما فسد من أقواله - في ظني - لعله يصلح لي تصوري فيها أو أصلح له تصوره، ونجتمع على الحق بدليله! ولكنه لا يزال يتجنب ذلك ويتهمني بأني من الجراحين والغلاة و .... والله المستعان!
يا أخي عندما تقول لأخيك: انتبه فهذا الذي تقول قد يفهم منه كذا وكذا وكذا، وقد يلزم منه كذا وكذا، وتحذره من لوازم كثيرة قد تفهم من كلامه، بمثل قولك: (ان كنت تقصد كذا فهذا غير صحيح، وان كنت تقصد كذا فهذا مؤداه كذا، فانتبه) فان هذا انما يكون من رحمتك به وحرصك عليه، بل من الظلم تأخير ذلك عن وقت الحاجة، وراجع - غير مأمور - كلامي في أول هذه الصفحة عن العلاقة بين المحاججة والمرحمة بين المسلمين! فليته يفهم ويحسن الظن بدافعي لهذه المداخلات الكثيرة، ولا يندفع الى رمي سريرتي ودخيلة نفسي بشرك النفس، غفر الله لي وله!!
ولما قلت أنا: "وليتك توضح لنا من هم "كبار فضلاء الفلاسفة" هؤلاء والى أي الملل ينتسبون .. والا فصفة الفيلسوف هذه مذمة كان السلف يذمون أصحابها فتنبه قبل أن تجرفك الحماسة الى المهاوي!! "
فانما كنت أستشهد من كلامك على بعض ما قد يقع التلبيس بسببه عند سامعيك، سيما وأنت تعلم ما يرادفه لفظ الفيلسوف - سيما عبارة فضلاء الفلاسفة وسادتهم - عند أصحاب التصوف ودعاته من معان، ولم يتبين لك بعد مردود هذه العبارة على مناقشك ومفهومها عنده! فلا تأتني بكلام تنزعه من كتاب واحد او اثنين من الأئمة اذا ما نبهتك الى خطورة هذا المسلك، لتضعه بين يدي وتدلل به على جواز استعمال تلك اللفظة في ذاتها وأن هناك من سبقك اليها منهم!!! ثم ان الامام النووي رحمه الله ليس بمعصوم في ذلك أصلا وليس مجرد استعماله هو لهذه التركيبة في ذاك المحل من كلامه بما تقوم به الحجة على صحتها باطلاق أو بتقييد، وظني أنك تعلم ما في الانتساب الى الفلاسفة من مذمة، رحمك الله وغفر لي ولك!!
وتقول - كأنك هو: "ونبقى في بنيات الطريق لمجرد أنك لا تريد النظر الى داخلك؟؟ "
فيا أخي دع عنك داخلي وسريرتي هداك الله، فأنا لا دخل لي بسريرتك وسريرته، وخلنا في تلك الألفاظ والكلمات التي عددت أنت الوقوف عليها - لا لشيء الا لاستبيان حقيقة معناها وازالة الاشتباه عنها - من بنيات الطريق!! أي طريق هداك الله والى أين هو ذاهب أصلا هذا الطريق؟ أم أنك تريد أن يكون الحوار خاصا بينكما لا يزعجكما فيه أحد مهما كان لا يظهر له حقيقة ما اصطلحتما عليه من الألفاظ فيما بينكما؟؟؟ فان كان كذلك فهلا جعلتماه على الخاص أو على البريد الالكتروني فيما بينكما، وكفيتما المسلمين خطورة التعرض لما قد يفتنهم في دينهم؟؟؟؟؟ أي بنيات للطريق والطريق نفسه لا تكاد تظهر ملامحه لأحد سواكما أنت وهو؟؟؟؟
ثم يا أخي أنا لم أفرح والله بأنه أبدى مخالفته لك في بعض ما تقول، ان كان هذا ما تتصور أني أسعى وراءه! انما أريد أن يكون الكلام محررا واضحا لا اشتباه فيه، فهل هذا مطلب يصعب عليكما الاستجابة له؟؟؟ ما أريد منه الا أن يوضح مراده بطرحه في كل موضوع يكتبه، بطريقة يفهمها الاخوة الأعضاء فضلا عن عامة الزوار، دونما لبس أو اشتراك أو اشتباه .. فهل هذا مما يشق عليكما التزامه؟؟؟
تقول "ما يجعله يركز أكثر على صلب الحوار"
قلت فراجع هداك الله عدد المرات التي داخله الاخوة فيها في موضوعاته يطالبونه - فقط - ببيان مراده وحقيقة "صلب الموضوع" هذا الذي أعيانا جميعا فهمه!!! نقول له بين قصدك، يقول أنتم خارجون عن محل البحث!! ما يريد منا الا أن نكتم أفواهنا ونفتح آذاننا ونسمع ما يقول دونما مناقشة او حتى استيضاح، وأمثلة ذلك كثيرة في موضوعاته التي أغلقت! يتهمني بأنني أسأله أسئلة كثيرة، وهذا في ذاته خارج عن "أدب المحاورة"!! فهل هذا المفهوم منه لأدب المحاورة تقره أنت عليه؟ أولو كانت هذه الأسئلة في صلب الموضوع - وفقا لعنوانه وما هو مكتوب تحته - ولبه ومخ عظمه؟؟؟
تقول: "ترفض "لا تعترض فتنطرد " و تنسى "الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض"
قلت فأخرج لي اذا من كلامي - هداك الله - ما رأيته انتهاضا لمجرد الاعتراض بلا مبرر"!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[10 - Dec-2008, صباحاً 03:26]ـ
ولما قلت أنا: "وليتك توضح لنا من هم "كبار فضلاء الفلاسفة" هؤلاء والى أي الملل ينتسبون .. والا فصفة الفيلسوف هذه مذمة كان السلف يذمون أصحابها فتنبه قبل أن تجرفك الحماسة الى المهاوي!! "
فانما كنت أستشهد من كلامك على بعض ما قد يقع التلبيس بسببه عند سامعيك، سيما وأنت تعلم ما يرادفه لفظ الفيلسوف - سيما عبارة فضلاء الفلاسفة وسادتهم - عند أصحاب التصوف ودعاته من معان، ولم يتبين لك بعد مردود هذه العبارة على مناقشك ومفهومها عنده! فلا تأتني بكلام تنزعه من كتاب واحد او اثنين من الأئمة اذا ما نبهتك الى خطورة هذا المسلك، لتضعه بين يدي وتدلل به على جواز استعمال تلك اللفظة في ذاتها وأن هناك من سبقك اليها منهم!!! ثم ان الامام النووي رحمه الله ليس بمعصوم في ذلك أصلا وليس مجرد استعماله هو لهذه التركيبة في ذاك المحل من كلامه بما تقوم به الحجة على صحتها باطلاق أو بتقييد، وظني أنك تعلم ما في الانتساب الى الفلاسفة من مذمة، رحمك الله وغفر لي ولك!!
أوضحه هذا و هو كلام شيخ الاسلام ... و ان شئت أن أغرقك بكلامه الذي استخدم فيه هذا المصطلح دع عنك غيره من كبار الأئمة كالذهبي و ابن القيم و غيره لأتيتك به فكل ما تعترض به يوجه اليه أيضا و الى جميع من نطق باللفظ من غير نكير أحد معروف سبقك اليه ... و لكن لالالا .. النفس لا تريد أن تقر بخطئها و تفضل أن تبحث عن أي طرق ملتوية لتبريره من ان تدع اللجاج و الخصومة و المراء .. فلست أنا الذي على باطل ... و لست أنا من لديه جهل و يكتفي بالانكار لجهله ... بل أنت من ينتزع الكلام من كتب الناس و فلان و فلان و فلان ليسوا بمعصومين بل أنا الذي لا أخطئ و ان لم يسبقني أحد الى انكار ذلك ... و أتعدى ذلك الى اتهامك بهواية الفلسفة و الترويج لها و تصحيح النسبة اليها ... و تقويلك كل ما لم تقل حتى يظهر للناس لا لغيرهم أنك أنت المخطئ و لست أنا وأفضل شيء بعدها أن تختم هذه النفس كل الكلام برفع اللافتة التي تضمن لها البراءة أمام القضاة-الناس-و تقول و كأن شيئا من ما كان لم يكن: انما أنشد الحق ... و لا يضرني ان يظهر على لسانك او لساني ... فيكون ماذا؟؟؟ أن أرد عليك و أتتبع مواطن الزلل في كلامك بعيدا عن صلب الموضوع و أفرح بها كأن أقول لك هذا دليل عجلتك و قلة رويتك و ان هذا كلام شيخ الاسلام و ليس النووي فترد علي بل هو دليل تلبيسك و قلة أمانتك أنت من أوهمتني اذ أن المقصود بالمجموع عند الاطلاق هو كتاب النووي فأرد عليك و ترد علي و هذا و نحن و الله يعلم قد نكون متفقان في 99 % من مسائل الأصول و يصير المكان كالمنتديات الشعبية الكبرى تجد الموضع فيه 6 أو 7 أو حتى 20 صفحة فان دخلته لا تجده مليئا الا بأنت قلت كذا و انت قلت كذا و قلت أنا و قلت انت بلا فائدة علمية و لاتحقيق و لا أثرة من تقوى .. الا أن هذا يحارب لهواه و انتصارا لنفسه و ذاك كذلك ... فعلى أي ان كان هذا هو المطلوب يا سيدي فعذرا .. أنا المخطئ .... و السلام عليكم و رحمة الله
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[10 - Dec-2008, صباحاً 07:12]ـ
"ان شئت أن أغرقك بكلامه الذي استخدم فيه هذا المصطلح دع عنك غيره من كبار الأئمة كالذهبي و ابن القيم و غيره لأتيتك به فكل ما تعترض به يوجه اليه أيضا و الى جميع من نطق باللفظ من غير نكير أحد معروف سبقك اليه"
لا يا أخي لم أشأ - وان كان مجرد ذلك الاغراق لن نعدم منه فائدة أنا والقراء ان شاء الله - وقد بينت لك بوضوح أني لم أعترض على مطلق قول القائل "فضلاء المتفلسفة"، ولكني مثلت به من كلامك على ما قصدتُه، وهو عدم تمهلك فيما تأتي به من مصطلحات حتى تتحقق من استقامة مفهومه عند المخاطب به وبراءته من التلبيس على القراء! وفرق واضح بين الفاضل الواقع في "التفلسف" وبين من يقال عنه أنه "فيلسوف" ثم هو ينسب مع ذلك الى الفضل، فمن فينا الذي يتعجل يا رعاك الله؟؟؟!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
أنت من لم يصب في فهم مأخذي واندفعتَ الى ما كتبتَ ... ربما لأنه ساءك أن أقدم لكلامي باتهامك بالتفلسف؟ فيا أخي أعتذر لك عن هذا ... مع أنك قررت بأنك ترى أن من "الفلاسفة" فضلاء - هكذا - وليس من "المتفلسفة" كما جاء في نقلك، فسبحان الله! أخي أنت من صار الآن لا يريد الا ثبات أنني أتسرع وأنتهض للنكير والاعتراض بلا روية ولا دراية أصلا، لمرض في نفسي ولكراهتي أن أعترف بأنني مخطئ، فانظر كيف أغشاك فرحك بهذا عن أن تتروى أنت وتراجع مقصدي الواضح مما أقول، لعلك تعذرني حتى وان كنت تراني لم أصب في الاستدلال بهذه الجزئية بالذات من كلامك!!
سامحك الله وغفر لك!
أخي ابن الرومية أنت قادر على اجتناب الكلام المتشابه وتحرير ما تسميه أنت وخلوصي بصلب الموضوع .. وهكذا في كل موضوع .. وهذا - والله - هو كل ما أريده أنا، فأكرر توجيه السؤال اليك: ما الذي يضيرك في المبادرة بذلك، ودفع الاشتباه الذي لا تنكر أنه وقع في كثير من الموضوعات حتى في بيان المعنى المراد طرحه في الموضوع نفسه؟؟؟؟؟ أليس من صحة المنهج في الحوار عند غموض واشتباه المصطلحات، وتبين المحاور أن محاوره قد يحمل تلك المصطلحات على محمل مخالف له في الحقيقة، أن يحرصا على ألا يخلو الكلام من تحرير المراد من تلك المصطلحات أولا، ليتبين لهما هل "اصطلحا" عليها حقيقة كما يتصوران أم لا؟ فلماذا تتضرر من كثرة مطالبتي والحاحي عليكما بهذا؟
ثم يا أخي ما الضير في أن تجد عددا من المشاركات في صفحات الموضوع قد خصص للمناقشة الجانبية حول اصطلاح بعينه - له تعلق بالموضوع بوجه ما - كيف ورد في كلام الأئمة، يتنازع اثنان من الفضلاء في مدلوله عندهم، وغالبا - ان لم يكن دائما - ما يكون السبب في المنازعة سوء فهم أحدهما، فاما اتفقا بعد تجلي سبب الالتباس والخلط، واما بقيا مختلفين وقد تبين لكل منهما ما يقصده أخوه؟ أنا لا أستقبح مثل هذا عندما أجده من اخوة مؤهلين له، فلا أعدم منه فائدة أبدا، وان كان في ذاته خروجا عن محل البحث في صفحته، وما أكثر ما يقع ذلك في أكثر الملتقيات والمنتديات وقارا واحتراما، وهذا منها، سيما عندما يكون النزاع بغرض استيضاح المصطلحات المشتبهة الواقعة فيما يسميه صاحب الموضوع بمحل البحث ابتداءا!! فلماذا تجعلان - أنت وخلوصي - مجرد وقوع مثل هذا دليلا على خلل في النوايا ومرض في النفوس وتسرع في النكير و .... ؟؟؟؟ لعلك لو واصلت مناقشة أخيك هذا بحلم - أو حتى بغلظة، وما أكثر وقوعها بين طلبة العلم في مدارساتهم - لتبين لك أنك ظلمته، وأنه كان محقا، أو العكس، فما معنى هذه القرصنة الفكرية وقطع الطريق على محاورك بدعوى أنه ستطول صفحات الموضوع بسبب كلامه هذا بلا فائدة وبعيدا عن محل البحث، وبدعوى أنه يصر على خطئه من بعد ما تبين له ولا يريد الاعتراف به؟؟؟؟
يا أخي دعك من هذا الاصطلاح تحديدا ان كنت لا تريد اطالة الطريق، وتأمل مرادي من الاستشهاد به أو بغيره بعامة، والذي لم أعد أدري كيف أزيده وضوحا عن هذا، وبين لي خطئي في مرادي هذا ان كنت فاعلا، أنتفع أنا وينتفع الناس!!
أنا لا أرى أن مطلبي هذا نابع عندي من الرغبة في المراء واللجج! فان كنت تراه مطلبا لا قيمة له ولن يفضي الا الى السوء، فاصبر على محاورة أخيك وبين له بدليل يفهمه ولا تستنكف من طول المحاورة في ذلك، فكما بينت من قبل - ولما أسمع منك موقفك من هذا بعد - أنه ليس الضير في كثرة المحاججة وطول الحاورة لمجردهما، ولكن الضير في تخلف المرحمة والرفق في ذلك لغلبة نقائص النفس أو لسوء التربية والخلق والمعدن أصلا عند بعض المتحاورين، وتضجر بعض الاخوة ممن يحاورهم ويناقشهم وقفزهم الى اتهام النوايا وسوء الأدب والطعن غير المبرر في المخالف وكراهة الاعتراف بالخطأ في أحيان كثيرة - كما وقع بعض ذلك غفلة منك ومني أنا أيضا من قبل في غير هذا المحل وأنا أعترف به، غفر الله لي ولك - والا فكم من محاورات ومحاججات طالت لصفحات وصفحات، لم تخل مشاركة واحدة فيها من فائدة يستفيد قارئها منها ومن تداعي الموضوعات في تلكم الصفحات ومن صفة مسير الحوار وطرق اظهار الحجة وتحرير النزاع! حتى وان كان لن يزيد انتفاع القارئ منه على اجتناب ما أخطأ فيه غيره في ذلك فهو خير ان شاء الله! الضير والسوء يا أخي هو في تصور بعض الاخوة أن مجرد المحاججة في ذاتها - ليس فقط طولها وتشعبها وخروجها عن المحل وكذا - سيما في كبرى القضايا العقدية وأصول الدين، هي مما يفسد على الناس قلوبهم ويفسد الأخوة ويدعو الى التشاحن والبغضاء هكذا باطلاق، بغض النظر عن حال المتحاورين وفقههما وسعة أفقهما وحكمتهما وأدبهما وصحة تقديرهما للأمور ووضعهما للنزاع في حجمه الصحيح! وانا أقول أنه من أرجى السبل والطرق للحفاظ على المرحمة والرفق وتخفيف حدة النزاع بل ورما اذابته من أصله بين المتحاورين والمتحاججين، في أيما محفل كان ذلك = أن يحرص كلا الطرفين على كتابة تحرير واضح لمصطلحاتهما ومقاصدهما، بلا لبس ولا اشتباه، اذا ما غلب على الظن اشتباهها واشتراكها، وخصوصا اذا ما كثرت المداخلات التي تنبههما الى ضرورة ذلك!
فان لم يكن هذا الكلام وهذا المطلب منصبا في صلب هذا الموضوع الذي بين أيدينا نفسه، فما هو صلب الموضوع؟؟؟
وختاما أخي ابن الرومية، أنصحك - كما أنصح نفسي الآن والله - بأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتراجع ما في نفسك قبل أن تجلس الى لوحة المفاتيح لتكتب جوابا على هذا التعقيب ... أعاذني الله واياك من شرور أنفسنا، ورزقني واياك الاخلاص في القول والعمل ..
آمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[10 - Dec-2008, صباحاً 08:15]ـ
وفي استطراد مهم أضيفه هنا، ردا على شكوى اخواننا من كثرة الخروج عن "محل البحث" أقول:
لقد راجعت هذه الصفحة من أولها ولو أنكما تأملتما بقليل من الروية والانصاف لوجدتما أنني ربما كنت أكثر المشاركين كلاما في صلب الموضوع ومحل البحث وصولا الى المشاركة رقم 10، حيث خرج خلوصي نفسه عن الموضوع وأتى بكلام أنكرت أنا منه بعضه للضرورة واستفصلت منه عن بعض، ولا أظن أن ما كتبتُه في ذلك كان خاليا من أي فائدة وان كان خارجا عن محل البحث، وان خالفتني أنت أو هو في بعضه!! ولكن تداعى الموضوع بعد ذلك ودخل خلوصي بكلام لا يصح بحال في نقض أصول المنطق عندي، وخاطبني بأسلوب فيه عوج لا يخفى، فرددت عليه ورجعت الى مطالبته بأصول ضرورية في الحوار: اخراج الدليل للمخالف من مظانه لاقناعه، لا اسكاته بقولك اذهب لتتعلم أولا أو اقرأ كتاب فلان وفلان ثم تعال لتحاورنا، وأهم من ذلك: تحرير المصطلحات والألفاظ المشتبهة .. هذا هو خلاصة ما كان مني هنا! فهل حقا جعلت أنا هذه الصفحة صفحة لجاج ومراء لا قيمة له حتى صارت لا فائدة في شيء منها لمن يطالعها؟؟
سامحكما الله!
على أي حال يا أخ خلوصي ويا أخ ابن الرومية، غفر الله لي ولكما، وهداني واياكما الى سواء السبيل .. يكفيني ما نالني منكما في هذه الصفحة من الأذى واتهام النوايا، والوقت أثمن من اضاعته في محاولة اقناعكما بأمر لا تريدان الاقتناع به أصلا على شدة وضوحه، وحسبي ما كتبت وما حررت للقراء ... سائلا ربي أن ينفع به قارئه،
وأن يغفر لي ولكما وللمسلمين،
والسلام
(/)
الشيخ سليمان العلوان وحكم السعي في المسعى الجديد.
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 04:49]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد يسر الله لي يوم امس الخميس السلام والاستماع الى الامام في اخلاقه وعلمه الشيخ سليمان بن ناصر العلوان* وسئل عن المسعى الجديد فقال:
لا يجوز السعي الا في حدود ما ذكره الفاكهي والكردي في عهد الملك سعود وهو عشرون مترا , وقد نقل القرطبي في تفسيره والشوكاني في تفسيره الاجماع ان المسعى توقيفي.
ــــــــــــ
* ذكر الشيخ انهم اخبروه انه سيرجع الى السجن بعد يومين , ((جعلها الله الكريم بلا رجعة))
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 07:17]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبو الفيصل]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 07:29]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن لي أن اكتب هذا الموضوع لولا رسالة جوال خرقت سكون هذه الليلة قبل قليل من أحد المعارف يقول فيها:
[الشيخ سليمان العلون - حفظه الله- يحرم السعي بالمسعى الجديد]
الحقيقة أن بعض شبابنا مُصاب بداء تجيير الأقوال ولي أعناقها لمآرب ومصالح تشط عن الصواب.
فقد كنت ممن تشرف بزيارة الإمام ابن علوان عصر الخميس والجلوس بين يديهِ لبضعِ دقائق , وقد سأله بعض الحاضرين عن المسعى الجديد ورأيهُ فيهِ فقال الشيخ:
أن المسعى شأنه توقيفي وليس اجتهاديًا , وأن تحديده في القرن الرابع الهجري بعرض20 مترًا لا يزيد في هذا قاله أهل العلم , ولو جاز لنا أن نوسع في المسعى لفعلنا هذا في منى عرفات ومزدلفة , ومعلوم أن هذه أشياء توقيفية وليست اجتهادية. وأضاف الشيخ حفظه الله أن المسألة تحتاج لنظر وأنا الآن منشغل والوقت ضيق , ويجب أن تجمع آراء القائلين بالجواز و أراها وأن أتدبرها جيداً ..
وأضاف: إن قال بالجواز إمام مجتهد ثبت محقق ففي هذا سعة ..
وفي النهاية قال الشيخ حفظه الله:أن البيان الكافي ورأينا في المسألة سيكون بإذن الله بعد أن أخرج من السجن وأكون قد أحطت بالمسألة جيداً.
أحببت أن أطرح الذي لدي وما شهدته بنفسي قبل أن تستشري هذه الإشاعة , وأن يُقول الشيخ ما لم يقله , وأن يُحرم على لسانه ِ بما لم يره.
علمًا أن الشيخ سيجلس للناس بعد صلاة الجمعة , وبعد صلاة العصر وهي آخر جلساته قبل أن يعود للسجن فمن لديه استشكال فليذهب إليه , نسأل الله أن يفك أسره وأن يمن علينا برؤيته سالمًا غانمًا صامدًا قويًا كما هو الشيخ سليمان حفظه الله.
*
أتسائل لماذا هذه الحشود؟
لماذا كبار السن والشباب بعض من يسلم على الشيخ يسلم وأعينهم تفيض من الدمع فرحًا برؤيته , والله رأيت كهلاً من الرجال يبكي وهو يقبل الشيخ هذا الرجل النحيل , والله ما هي إلا محبةٌ أُلقيت في صدور الناس لهذا الشيخ الجليل.
ختامًا يجب أن يتثبت الجميع بما ينقل من كلام الشيخ أو غيره وألا تجتره العواطف أو المصالح لتحريف الأقوال أو تأويلها بما ليست عليه من الصواب , والشيخ بإذن الله إن خرج فسيكون له الجواب الكافي فلا يتكلمن أحد إلا عن بينة , ولا يروج إلا إذا استقر رأي الشيخ وفقه الله لما فيه الخير وأقر العيون برؤيتهِ طليقًا.
محبكم
أبومحمد
منقول من منتدى بريدة ستي
http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=125741
(/)
جواهر الفوائد
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 05:51]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه فوائد اعتقد انها لم تمر على كثير من طلبة العلم فأقول مستعينا بالله:
في ايجاب الدم على من ترك واجبا:
قال صالح بن الامام احمد في مسائله لابيه:قال حدثني أبي قال حدثنا عبدالرزاق قال سمعت عبيدالله يحدث عن هشام بن حسان عن نافع عن ابن عمر قال إذا رمى الرجل قبل الزوال أعاد الرمي وإذا نفر قبل الزوال أهراق دما.
في من اعتمر من الصحابة رضي الله عنهم في رمضان:
قال ابن ابي شيبة في المصنف:
ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن محمد بن عباد عن عبد الله بن السائب قال كنت أصلي بالناس في رمضان فبينا أنا أصلي إذ سمعت تكبير عمر على باب المسجد قدم معتمرا فدخل فصلى خلفي.
وكذلك يذكر الاثر السابق في من صلى التراويح في السفر من السلف.
يتبع ان شاء الله
(/)
هل يصح هذا الخبر: " ان كرسيه تعالى وسع السماوات والارض، وانه ليقعد عليه محمدًا" .. الخ
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 11:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الإخوة، هل يصح هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم:
" ان كرسيه -تعالى - وسع السماوات والارض، وانه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار اربع اصابع، وان له اطيطا كاطيط الرحل الجديد اذا ركب من ثقله"؟
و هل يفهم منه أن لذاته تعالى حد لا يتجاوز حد العرش إلا بقليل؟
. و هل تصح عزو هذا القول لشيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة؟
و قصدي الرد على أحد المنحرفين عندنا يطعن في شيخ الإسلام ... وجزاكم الله خيرا و أشكركم مسبقا على تفاعلكم مع الموضوع إن شاء الله.
وكنت قرأت للشيخ العثيمين في شرحه على الواسطية أن ذات الله لا تحد بحد ... أفيدونا أفادكم الله
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 12:20]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_ في مجموعة الفتاوى (وكذلك ما يجمعه عبد الرحمن بن مَنْدَه [هو أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده العبدي الأصبهاني، حافظ مؤرخ، جليل القدر، واسع الرواية، وصنف كتبًا كثيرة، ولد عام 383 وتوفي 470هـ بأصبهان. قال الذهبى: له محاسن، وقالوا: إنه حاطب ليل يروى الغث والثمين] مع أنه من أكثر الناس حديثًا، لكن يروى شيئًا كثيرًا من الأحاديث الضعيفة، ولا يميز بين الصحيح والضعيف. وربما جمع بابًا وكل أحاديثه ضعيفة، كأحاديث أكل الطين وغيرها. وهو يروى عن أبي علي الأهوازي.
وقد وقع ما رواه من الغرائب الموضوعة إلى حسن بن عدى فبنى على ذلك عقائد باطلة، وادعى أن الله يرى في الدنيا عيانًا. ثم الذين يقولون بهذا من أتباعه يكفرون من خالفهم. وهذا كما تقدم من فعل أهل البدع، كما فعلت الخوارج.
ومن ذلك: حديث عبد الله بن خليفة المشهور، الذي يروى عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسى في [مختاره].
وطائفة من أهل الحديث ترده لاضطرابه، كما فعل ذلك أبو بكر الإسماعيلي، وابن الجوزي، وغيرهم. لكن أكثر أهل السنة قبلوه.
وفيه قال: [إن عرشه أو كرسيه وسع السموات والأرض، وإنه يجلس عليه فما يفضل منه قدر أربعة أصابع ـ أو فما يفضل منه إلا قدر أربعة أصابع ـ وإنه لَىَئِط به أطيط الرَّحْل الجديد براكبه].
ولفظ [الأطيط] قد جاء في حديث جبير بن مطعم الذي رواه أبو داود في السنن. وابن عساكر عمل فيه جزءًا، وجعل عمدة الطعن في ابن إسحاق. . والحديث قد رواه علماء السنة كأحمد، وأبي داود وغيرهما، وليس فيه إلا ما له شاهد من رواية أخرى. ولفظ [الأطيط] قد جاء في غيره.
وحديث ابن خليفة رواه الإمام أحمد وغيره مختصرًا، وذكر أنه حدث به وكيع.
لكن كثير ممن رواه رووه بقوله: [إنه ما يفضل منه إلا أربع أصابع، فجعل العرش يفضل منه أربع أصابع] واعتقد القاضي، وابن الزَّاغُوني، ونحوهما، صحة هذا اللفظ، فأمروه وتكلموا على معناه بأن ذلك القدر لا يحصل عليه الاستواء. وذكر عن ابن العايذ أنه قال: هو موضع جلوس محمد صلى الله عليه وسلم.
والحديث قد رواه ابن جرير الطبري في تفسيره وغيره، ولفظه: [وإنه ليجلس عليه، فما يفضل منه قدر أربع أصابع] بالنفي.
فلو لم يكن في الحديث إلا اختلاف الروايتين ـ هذه تنفي ما أثبتت هذه. ولا يمكن مع ذلك الجزم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الإثبات، وأنه يفضل من العرش أربع أصابع لا يستوى عليها الرب. وهذا معنى غريب ليس له قط شاهد في شيء من الروايات. بل هو يقتضي أن يكون العرش أعظم من الرب وأكبر. وهذا باطل، مخالف للكتاب والسنة، وللعقل.
ويقتضي ـ أيضًا ـ أنه إنما عرف عظمة الرب بتعظيم العرش المخلوق وقد جعل العرش أعظم منه. فما عظم الرب إلا بالمقايسة بمخلوق، وهو أعظم من الرب. وهذا معنى فاسد، مخالف لما علم من الكتاب والسنة والعقل.
فإن طريقة القرآن في ذلك؛ أن يبين عظمة الرب، فإنه أعظم من كل ما يعلم عظمته. فيذكر عظمة المخلوقات ويبين أن الرب أعظم منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما في الحديث الآخر الذي في سنن أبي داود، والترمذي، وغيرهما ـ حديث الأطيط ـ لما قال الأعرأبي: إنا نستشفع بالله عليك، ونستشفع بك على الله ـ تعالى ـ فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: [ويحك! أتدرى ماتقول؟ أتدرى ما الله؟ شأن الله أعظم من ذلك. إن عرشه على سمواته هكذا]ـ وقال بيده مثل القبة ـ: [وإنه لىئط به أطيط الرحل الجديد براكبه].
فبين عظمة العرش، وأنه فوق السموات مثل القبة. ثم بين تصاغره لعظمة الله، وأنه يئط به أطيط الرحل الجديد براكبه. فهذا فيه تعظيم العرش، وفيه أن الرب أعظم من ذلك. كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير منى]. وقال: [لا أحد أغير من الله. من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن] ومثل هذا كثير.
وهذا وغيره يدل على أن الصواب في روايته النفي، وأنه ذكر عظمة العرش، وأنه مع هذه العظمة فالرب مستو عليه كله لا يفضل منه قدر أربعة أصابع. وهذه غاية ما يقدر به في المساحة من أعضاء الإنسان، كما يقدر في الميزان قدره فيقال: ما في السماء قدر كف سحابًا. فإن الناس يقدرون الممسوح بالباع والذراع، وأصغر ما عندهم الكف. فإذا أرادوا نفي القليل والكثير قدروا به، فقالوا: ما في السماء قدر كف سحابًا، كما يقولون في النفي العام: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]، و {مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13]، ونحو ذلك.
فبين الرسول أنه لا يفضل من العرش شيء، ولا هذا القدر اليسير الذي هو أيسر ما يقدر به، وهو أربع أصابع. وهذا معنى صحيح موافق للغة العرب، وموافق لما دل عليه الكتاب والسنة، وموافق لطريقة بيان الرسول، له شواهد. فهو الذي يجزم بأنه في الحديث.
ومن قال: [ما يفضل إلا مقدار أربع أصابع]، فما فهموا هذا المعنى، فظنوا أنه استثنى، فاستثنوا، فغلطوا. وإنما هو توكيد للنفي وتحقيق للنفي العام. وإلا فأي حكمة في كون العرش يبقى منه قدر أربع أصابع خالية، وتلك الأصابع أصابع من الناس، والمفهوم من هذا أصابع الإنسان. فما بال هذا القدر اليسير لم يستو الرب عليه؟
والعرش صغير في عظمة الله ـ تعالى. وقد جاء حديث رواه ابن أبي حاتم في قوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، لمعناه شواهد تدل على هذا. فينبغي أنا نعتبر الحديث، فنطابق بين الكتاب والسنة. فهذا هذا والله أعلم.
قال: حدثنا أبو زُرْعة، ثنا مِنْجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدرى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]، قال: (لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة ـ منذ خلقوا إلى أن فنوا ـ صفوا صفًا واحدًا ما أحاطوا بالله أبدًا).
وهذا له شواهد، مثل ما في الصحاح في تفسير قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]، قال ابن عباس: ما السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.
ومعلوم أن العرش لا يبلغ هذا، فإن له حملة وله حول، قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} [غافر: 7].
وهذا قد بسط في موضع آخر في [مسألة الإحاطة] وغيرها. والله أعلم.)
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 02:02]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
و هل بإمكانك أن تذكر المصدر مشكورا ... و أشكرك جزيل و لك مني كل تقدير و الدعاء إن شاء الله تعالى.
و هل من مزيد عن مسألة الإحاطة فقد شوقتني إليها؟ و جزاك الله خيرا
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 03:37]ـ
حبا وكرامة يا شيخ عبدالله
الله يحفظك ...
المصدر هو:
مجموعة الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه ورحمه (16/ 434_439) جلد التفسير (تفسير سورة العلق)
ولك خالص الود وصادق الدعاء.
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 03:58]ـ
حبا وكرامة يا شيخ عبدالله
الله يحفظك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
المصدر هو:
مجموعة الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه ورحمه (16/ 434_439) جلد التفسير (تفسير سورة العلق)
ولك خالص الود وصادق الدعاء.
ابتسامة ... أحبك الذي أحببتني فيه أخي الفاضل و جزاك الله خيرالجزاء
و في انتظار نقلكم الكريم أسأل الله تعالى أن يبارك لي و لك في ما تبقى من هذا الشهر المبارك
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 05:50]ـ
الله المستعان
الله يغفر لك يا شيخ عبدالله
كنت أبي أنحاش من نقل الكلام في (الإحاطة) لكني نشبت،فأنت تنتظر وحق لك الإجابة ...
بسم الله
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه (وكذلك قوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]. إنما نفي الإدراك الذي هو الإحاطة، كما قاله أكثر العلماء ولم ينف مجرد الرؤية، لأن المعدوم لا يرى وليس في كونه لا يرى مدح، إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوحًا وإنما المدح في كونه لا يحاط به وإن رئي، كما أنه لا يحاط به، وإن علم فكما أنه إذا علم لا يحاط به علمًا: فكذلك إذا رئي لا يحاط به رؤية، فكان في نفي الإدراك من إثبات عظمته ما يكون مدحًا وصفة كمال، وكان ذلك دليلًا على إثبات الرؤية لا على نفيها لكنه دليل على إثبات الرؤية مع عدم الإحاطة، وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، وإذا تأملت ذلك وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتًا هو مما لم يصف الله به نفسه، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب: لم يثبتوا في الحقيقة إلهًا محمودًا، بل ولا موجودًا وكذلك من شاركهم في بعض ذلك، كالذين قالوا لا يتكلم، أو لا يرى، أو ليس فوق العالم، أو لم يستو على العرش، ويقولون: ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا مباينًا للعالم ولا محايثًا له، إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم، وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت، ولهذا قال [محمود بن سبكتكين] لمن ادعى ذلك في الخالق: ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم. وكذلك كونه لا يتكلم، أو لا ينزل ليس في ذلك صفة مدح ولا كمال، بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات، فهذه الصفات منها ما لا يتصف به إلا المعدوم، ومنها ما لا يتصف به إلا الجمادات والناقص، فمن قال: لا هو مباين للعالم، ولا مداخل للعالم فهو بمنزلة من قال: لا هو قائم بنفسه، ولا بغيره، ولا قديم، ولا محدث، ولا متقدم، على العالم، ولا مقارن له، ومن قال: إنه ليس بحي ولا ميت، ولا سميع ولا بصير، ولا متكلم، لزمه أن يكون ميتًا أصم أعمى أبكم. .. )
وقال رضي الله عنه (ونحن نقول في قوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] أنه معهم بالعلم بما هم عليه، كما تقول لرجل وجهته إلى بلد شاسع، ووكلته بأمر من أمرك: احذر التقصير والإغفال لشيء مما تقدمت فيه إليك، فإني معك؛ يريد: أنه لا يخفي علىّ تقصيرك أو جدك بالإشراف عليك، والبحث عن أمورك، فإذا جاز هذا في المخلوق والذي لا يعلم الغيب، فهو في الخالق الذي يعلم الغيب أجوز.
وكذلك هو بكل مكان يراك، لا يخفي عليه شيء مما في الأماكن، هو فيها بالعلم بها والإحاطة، فكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه بكل مكان على الحلول، مع قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] أي: استقر، قال اللّه تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 28] أي: استقررت، ومع قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].)
وقال رحمه الله (وكذلك احتجاجهم على نفي الرؤية بقوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]، فإنها تدل على إثبات الرؤية ونفي الإحاطة وكذلك الاحتجاج بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]. ونحو ذلك.)
وقال أيضا (وقد قال غير واحد من السلف والعلماء: إن [الإدراك] هو الإحاطة؛ فالعباد يرون الله تعالى عيانًا ولا يحيطون به، فهذا وأمثاله مما أخبر الله به ورسوله.)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال قدس الله سره (قول هؤلاء: إن اللّه يري من غير معاينة ومواجهة. قول انفردوا به دون سائر طوائف الأمة، وجمهور العقلاء على أن فساد هذا معلوم بالضرورة.
والأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ترد عليهم، كقوله في الأحاديث الصحيحة: (إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضارون في رؤيته)، وقوله ـ لما سأله الناس ـ: هل نري ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل ترون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب؟) قالوا: نعم. (وهل ترون القمر صحوًا ليس دونه سحاب؟) قالوا: نعم. قال: (فإنكم ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر).
فشبه الرؤية بالرؤية، ولم يشبه المرئي بالمرئي؛ فإن الكاف ـ حرف التشبيه ـ دخل على الرؤية. وفي لفظ للبخاري: (يرونه عيانًا). ومعلوم أنا نري الشمس والقمر عيانًا مواجهة، فيجب أن نراه كذلك، وأما رؤية ما لا نعاين ولا نواجهه فهذه غير متصورة في العقل، فضلا عن أن تكون كرؤية الشمس والقمر.
ولهذا، صار حُذَّاقُهم إلى إنكار الرؤية، وقالوا: قولنا هو قول المعتزلة في الباطن؛ فإنهم فسروا الرؤية بزيادة انكشاف ونحو ذلك مما لا ننازع فيه المعتزلة.
وأما قوله: إن الخبر يدل على أنهم يرونه لا في جهة، وقوله: (لا تضامون)؛ معناه: لا تضمكم جهة واحدة في رؤيته، فإنه لا في جهة، فهذا تفسير للحديث بما لا يدل عليه، ولا قاله أحد من أئمة العلم، بل هو تفسير منكر عقلا وشرعا ولغة.
فإن قوله: (لا تضامون)، يروي بالتخفيف، أي: لا يلحقكم ضيم في رؤيته، كما يلحق الناس عند رؤية الشيء الحسن كالهلال، فإنه قد يلحقهم ضيم في طلب رؤيته حين يري، وهو ـ سبحانه ـ يتجلي تجليًا ظاهرًا، فيرونه كما تري الشمس والقمر بلا ضيم يلحقكم في رؤيته، وهذه الرواية المشهورة.
وقيل: (لا تضامُّون)، بالتشديد، أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض، كما يتضام الناس عند رؤية الشيء الخفي كالهلال. وكذلك: (تضارون)، و (تضارُّون).
فإما أن يروي بالتشديد ويقال: (لا تضامَّون)، أي لا تضمكم جهة واحدة، فهذا باطل؛ لأن التضام انضمام بعضهم إلى بعض، فهو [تفاعل]، كالتماس، والتراد، ونحو ذلك. وقد يروي: (لا تضامُّون) بالضم والتشديد، أي: لا يضام بعضكم بعضًا.
وبكل حال، فهو من [التضام] الذي هو مضامة بعضهم بعضًا، ليس هو أن شيئًا آخر لا يضمكم، فإن هذا المعني لا يقال فيه: (لا تضامون)، فإنه لم يقل: لا يضمكم شيء.
ثم يقال: الراؤون كلهم في جهة واحدة على الأرض، وإن قدر أن المرئي ليس في جهة، فكيف يجوز أن يقال: لا تضمكم جهة واحدة، وهم كلهم على الأرض ـ أرض القيامة ـ أو في الجنة، وكل ذلك جهة، ووجودهم نفسهم لا في جهة ومكان ممتنع حسا وعقلا.
وأما قوله: هو يري لا في جهة فكذلك يراه غيره. فهذا تمثيل باطل، فإن الإنسان يمكن أن يري بدنه، ولا يمكن أن يري غيره، إلا أن يكون بجهة منه، وهو أن يكون أمامه، سواء كان عاليًا أو سافلًا.
وقد تُخْرَق له العادة فيرى من خلفه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأراكم من بعدي)، وفي رواية: (من بعد ظهري)، وفي لفظ للبخاري: (إني لأراكم من ورائي)، وفي لفظ في الصحيحين: (إني واللّه لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي)، لكن هم بجهة منه، وهم خلفه، فكيف تقاس رؤية الرائي لغيره على رؤيته لنفسه؟
ثم تشبيه رؤيته هو برؤيتنا نحن تشبيه باطل، فإن بصره يحيط بما رآه بخلاف أبصارنا.
وهؤلاء القوم، أثبتوا ما لا يمكن رؤيته، وأحبوا نصر مذهب أهل السنة والجماعة والحديث، فجمعوا بين أمرين متناقضين، فإن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه يمتنع أن يري بالعين لو كان وجوده في الخارج ممكنًا، فكيف وهو ممتنع؟ وإنما يقدر في الأذهان من غير أن يكون له وجود في الأعيان، فهو من باب الوهم والخيال الباطل.
ولهذا فسروا [الإدراك] بالرؤية في قوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، كما فَسَّرَتْها المعتزلة، لكن عند المعتزلة: هذا خرج مخرج المدح فلا يري بحال، وهؤلاء قالوا: لا يرَي في الدنيا دون الآخرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والآية تنفي الإدراك مطلقًا دون الرؤية كما قال ابن كلاب، وهذا أصح. وحينئذ، فتكون الآية دالة على إثبات الرؤية، وهو أنه يرَي ولا يدْرَك، فيري من غير إحاطة ولا حصر، وبهذا يحصل المدح، فإنه وصف لعظمته أنه لا تدركه أبصار العباد وإن رأته، وهو يدرك أبصارهم. قال ابن عباس ـ وعكرمة بحضرته ـ لمن عارض بهذه الآية: (ألست تري السماء؟)، قال: (بلي)، قال: (أفكلها تري؟).
وكذلك قال: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} [البقرة: 255]، وهؤلاء يقولون: علمه شيء واحد لا يمكن أن يحاط بشيء منه دون شيء، فقالوا: ولا يحيطون بشيء من معلومه. وليس الأمر كذلك، بل نفس العلم جنس يحيطون منه بما شاء، وسائره لا يحيطون به.
وقال: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]، والراجح من القولين أن الضمير عائد إلى: {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}، وإذا لم يحيطوا بهذا علمًا، وهو بعض مخلوقات الرب، فإن لا يحيطوا علما بالخالق أولي وأحري. قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: 13]، وقال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} الآية [إبراهيم: 9].
فإذا قيل: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، أي: لا تحيط به، دل على أنه يوصف بنفي الإحاطة به مع إثبات الرؤية. وهذا ممتنع على قول هؤلاء، فإن هذا إنما يكون بزعمهم فيما ينقسم، فيري بعضه من بعض، فتكون هناك رؤية بلا إدراك وإحاطة، وعندهم: لا يتصور أن يري إلا رؤية واحدة متماثلة، كما يقولونه في كلامه: إنه شيء واحد لا يتبعض ولا يتعدد. وفي الإيمان به: إنه شيء واحد لا يقبل الزيادة والنقصان.
وأما الإدراك والإحاطة الزائد على مطلق الرؤية، فليس انتفاؤه لعظمة الرب عندهم، بل لأن ذاته لا تقبل ذاك كما قالت المعتزلة: إنها لا تقبل الرؤية.
وأيضًا، فهم والمعتزلة لا يريدون أن يجعلوا للإبصار إدراكًا غير الرؤية، سواء أثبتت الرؤية أو نفيت، فإن هذا يبطل قول المعتزلة بنفي الرؤية، ويبطل قول هؤلاء بإثبات رؤية بلا معاينة ومواجهة.)
وقال أيضا (قال: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: 255] أي: لايكرثه ولايثقله. وهذا النفي تضمن كمال قدرته، فإنه مع حفظه للسموات والأرض لايثقل ذلك عليه كمايثقل على من في قوته ضعف، وهذا كقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38]، فنزه نفسه عن مس اللغوب. قال أهل اللغة: اللغوب: الإعياء والتعب. وكذلك قوله: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، الإدراك عند السلف ـ والأكثرين ـ هو: الإحاطة. وقال طائفة: هو الرؤية، وهو ضعيف؛ لأن نفي الرؤية عنه لا مدح فيه، فإن العدم لا يرى، وكل وصفيشترك فيه الوجود والعدم لايستلزم أمرًا ثبوتيا، فلايكون فيه مدح؛ إذ هو عدم محض، بخلاف ما إذا قيل: لايحاط به، فإنهيدل على عظمة الرب جل جلاله، وإن العباد مع رؤيتهم له لايحيطون به رؤية، كما أنهم مع معرفته لايحيطون به علمًا، وكما أنهم مع مدحه والثناء عليه لايحيطون ثناء عليه، بل هو كما أثني على نفسه المقدسة؛ ولهذا قال أفضل الخلق وأعلمهم: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك). وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر.)
وقال رضي الله عنه:
(فصل:
في الغلط في ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن كثيرًا من أهل التوجه إلى الله إذا أقبلوا على ذكره وعبادته والإنابة إليه، شهدوا بقلوبهم هذه الربوبية الجامعة، وهذه الإحاطة العامة، فإنه بكل شيء محيط، وهو ـ سبحانه ـ الحق الذي خلق السموات والأرض، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره، والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق، وهو ـ سبحانه ـ نور السموات والأرض {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} الآية [النور: 35]
وهو ـ سبحانه ـ ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه. هكذا قال عبدالله بن مسعود: (لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، أو النار، لو كشفها لأحرقت سبُحَات وجهه ما أدركه بصره من خلقه)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى.
فقد يشهد العبد القدر المشترك بين المصنوعات، وهو الحق الموجود فيها، الذي هو شامل لها، فيظن أنه الخالق، لمطابقته له في نوع من العموم، وإنما هو صنعه وخلقه، ثم قد يرتقي إلى حجاب من حجبه النورية أو النارية، فيظن أنه هو، ثم يرتقي إلى نوره، وما يظهر من أثر صفاته، فقد يقع بعض هؤلاء في نحو من مذهب أهل الاتحاد المطلق العام، فإن تداركهم الله برحمته فاعتصموا بحبل الله واتبعوا هدى الله، علموا أن هذا كله مخلوق لله، وأن الخالق ليس هو المخلوق، وأن جميعهم عباد لله، وربما قد يقع هذا في نوع من الفناء أو السكر، فيكون مخطئا غالطا، وإن كان ذلك مغفورا له، إذا كان بسبب غير محظور، كما ذكرنا نظيره في الاتحاد المعين.)
ولشيخ الإسلام كلام آخر عن الإحاطة في غير موضع من الفتاوى وغيرها من رسائله رحمه الله ...
********
قال ابن القيم رحمه الله تعالى (فارشدهم بهذه الآية {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]. الى بطلانِ التسلسل الباطل ببديهة العقل، وان سلسلةَ المخلوقات في ابتدائها تنتهى الى اولٍ ليس قَبلَه شئ، كما تنتهى في اخرِها الى اخر ليس بعَده شئ، كما ان ظهورَه هو العلوُّ الذي ليس فوقَه شئ، وبُطونَه هو الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شئ، ولو كان قبله شئ يكون مؤثراً فيه، لكان ذلك هو الربَّ الخلاق، ولا بدَّ ان ينتهىَ الأمر الى خالقٍ غيرِ مخلوقٍ، وغنى عن غيره، وكلُّ شىء فقير اليه، قائم بنفسه، وكل شئ قائم به، موجود بذاته، وكل شئ موجود به. قديمٌ لا اول له، وكُلُّ ما سواه فوجودهُ بعد عدمه، باقٍ بذاته، وبقاءُ كل شىء به، فهو الأوَّلُ الذي ليس قبله شىء، والآخر الذي ليس بعده شئ، الظاهر الذي ليس فوقَه شئ، الباطنُ الذي ليس دونه شئ.)
*********
سئل الشيخ: عبد الله أبا بطين، عن حديث ((لو أن أحدكم أدلى بحبل لهبط على الله))؟.
فأجاب: حديث ((لو أن أحدكم أدلى بحبل لهبط على الله)) رواه الترمذي، من رواية الحسن، عن أبي هريرة.
وللشيخ: تقي الدين رحمه الله، على هذا الحديث كلام طويل، قال: فإن كان ثابتاً، فقوله: ((لو أن أحدكم أدلى بحبل لهبط على الله)) إنما هو تقدير مفروض، أي: لو وقع الإِدلاء،لوقع عليه، لكنه لا يمكن أن يدلي أحد، على الله سبحانه وتعالى شيئاً، لأنه عال بالذات، وإذا هبط شيء إلى جهة الأرض، وقف في المركز من الجزء – إلى أن قال – فكما أن ما يهبط إلى جوف الأرض، يمتنع صعوده إلى تلك الناحية، لأنها عالية، فترد الهابط بعلوها، كما أن الجهة العليا من عندنا، ترد ما يصعد إليها من الثقيل، فلا يصعد الثقيل إلا برافع يرفعه، يدافع به ما في قوته من الهبوط، فكذلك ما يهبط من أعلى الأرض إلى أسفلها، وهو المركز، لا يصعد من هناك إلى ذلك الوجه، إلا برافع يرفعه، يدافع به ما في قوته من الهبوط إلى المركز، فإن قدر: أن الرافع أقوى، كان صاعداً به إلى الفلك من تلك الناحية، وصعد به إلى الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما يسمى هبوطاً: باعتبار ما في أذهان المخاطبين، من أن ما يحاذي أرجلهم، يكون هابطاً، ويسمى هبوطاً، مع تسمية إهباطه إدلاء، وهو إنما يكون إدلاء حقيقيّاً إلى المركز، ومن هناك إنما يكون مداً للحبل، والدلو لا إدلاء له، ولكن الجزاء والشرط مقدران، لا محققان؛ فإنه قال: لو أدلى لهبط؛ أي: لو فرض أن هناك إدلاء، لفرض أن هناك هبوطاً، وهو يكون إدلاء وهبوطاً، إذا قدر أن السماوات تحت الأرض، وهذا منتف، ولكن فائدته: بيان الإِحاطة، والعلو من كل جانب.
وهذا المفروض: ممتنع في حقنا، لا نقدر عليه، فلا يتصور أن ندلي، فلا يتصور أن يهبط على الله شيء؛ لكن الله قادر، على أن يخرق من هناك بحبل، لكن لا يكون في حقه إدلاء، فلا يكون في حقه هبوطاً عليه، كما لو خرق بحبل من القطب إلى القطب، أو من مشرق الشمس إلى مغربها، وقدرنا أن الحبل مر في وسط الأرض، فإن الله قادر على ذلك كله – إلى أن قال – فعلى كل تقدير: قد خرق بالحبل من جانبا لمحيط إلى جانب الآخر، مع خرق المركز؛ وبتقدير إحاطة قبضته بالسماوات والأرض، فالحبل الذي قدر أنه خرق به العالم، وصل إليه، ولا يسمى شيئاً بالنسبة إليه، لا إدلاء، ولا هبوطاً، وأما بالنسبة إلينا: فإنما تحت أرجلنا، تحت لنا، وما فوق رؤوسنا، فوق لنا؛ وما ندليه من ناحية رؤوسنا، إلى ناحية أرجلنا، نتخيل أنه هابط، فإذا قدر: أن أحدنا أدلى بحبل، كان هابطاً على ما هناك، لكن هذا التقدير ممتنع في حقنا؛ والمقصود به: بيان إحاطة الخالق تعالى، كما بين أنه يقبض السماوات، ويطوي الأرض، ونحو ذلك، مما فيه بيان إحاطته بالمخلوقات.
ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) [الحديد: 3] وهذا كله: كلام على تقدير صحته، فإن الترمزي لما رواه، قال: وفسر بعض أهل العلم بأنه هبط على علم الله؛ ثم قال الشيخ: وتأويله بالعلم، تأويل ظاهر الفساد؛ قال وبتقدير ثبوته، يكون دالاً على الإحاطة، والإحاطة: قد علم أن الله قادر عليها، وعلم أنها تكون يوم القيامة، بالكتاب، والسنة؛ فليس في إثباتها في الجملة، ما يخالف العقل، ولا الشرع، لكن: لا نتكلم إلا بما نعلمه، وما لا نعلم أمسكنا عنه.
***********
وكتب الشيخ: سليمان بن سحمان، للشيخ: عبد الله بن عبد العزيز العنقري:
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم: أنه جرى بيننا البحث، فيما ذكره ابن القيم في ((سفر الهجرتين)) على قوله ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء)) قال: فقوله، والباطن الذي ليس دونه شيء، يدلان العبد، على معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم، وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع، والأرضين السبع، في يده كخردلة في يد العبد، قال تعالى: (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) [الإسراء: 60] وقال: (والله من ورائهم محيط) [البروج: 20] ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين، الدالين على هذين المعنيين، اسم ((العلو)) الدال على أنه الظاهر، وأنه لا شيء فوقه؛ واسم ((العظمة)) الدال على الإحاطة، وأنه لا شيء دونه، كما قال تعالى: (وهو العلي الكبير) [سبأ: 23] وقال: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم) [البقرة: 115].وهو تبارك وتعالى، كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس في قبضة نفسه، فهذا قرب الإحاطة العامة، انتهى.
وقد ذكرت لي: أنى إذا ظفرت بشيء يبين حقيقة ما ذكره الشيخ، ويوضحه، أني أذكر لك ذلك، فاعلم: أني تأملت كلامه، ووضح لي مقصوده ومرامه، ورأيت ما يوضح ذلك، في كتابه ((الصواعق المرسلة)) في بحث الإحاطة، وأحببت أن أكتب إليك بذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله: ((الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء)) يدلان العبد: على معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم، وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع، والأرضين السبع، في يده كخردلة في يد العبد؛ فإذا كان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، وضرورة العقل، أنه: الأول بذاته قبل كل شيء، وأنه الآخر بذاته بعد كل شيء، والظاهر بذاته فوق كل شيء، فكذلك، هو الباطن بذاته دون كل شيء، ولا نفرق بين أسمائه، بآرائنا القاصرة، وأفهامنا الباردة، لأنه لم يقل في الحديث، والباطن الذي هو تحت كل شيء، لأن ذلك ينافي قوله: ((و الظاهر الذي ليس فوقه شيء)) بل قال: ((والباطن الذي ليس دونه شيء)) لأنه لا تواري منه سماءٌ سماء، ولا أرض أرضاً، ولا يحجب عنه ظاهر باطناً، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية.
وقد بين رحمه الله معنى ((البطون)) بقوله: وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس في قبضة نفسه؛ فهذا قرب الإحاطة العامة؛ فبين رحمه الله معنى قوله: ((وانت الباطن فليس دونك شيء)) بقوله: وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به، حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس في قبضة نفسه، يوضح ذلك، قوله: وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع، والأرضين السبع في يده، كخردلة في يد العبد، فكانت جميع العوالم، والسماوات والأرض، في قبضته كخردلة في يد العبد.
**********
وقال شيخ الإسلام محمدبن عبد الوهاب في تفسيره لقوله تعالى {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة115 (فذكر في أول الآية إحاطة ملكه في قوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [سورة البقرة آية: 115] منبها بذلك على ملكه لما بينهما، ثم ذكر عظمته سبحانه، وأنه أكبر وأعظم من كل شيء، فأينما ولى العبد وجهه فثم وجه الله، ثم ختم باسمين دالين على السعة والإحاطة، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة آية: 115] فذكر اسمه الواسع عقب قوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [سورة البقرة آية: 115] كالتفسير والبيان والتقرير له، فتأمله.)
هذا ما تيسر نقله ...
والله أعلم ...
وأستغفر الله لي ولكم ...
والحمدلله رب العالمين .....
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 09:51]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي عذرا على الإكثار، و لكني لم أستوعب المسألة و لا فهمتها كما ينبغي، فهلا تفضلت علي في هذا الشهر المبارك بشرح ما سبق ذكره و خاصة النقول الآتية:
" (فصل:
في الغلط في ذلك
ثم إن كثيرًا من أهل التوجه إلى الله إذا أقبلوا على ذكره وعبادته والإنابة إليه، شهدوا بقلوبهم هذه الربوبية الجامعة، وهذه الإحاطة العامة، فإنه بكل شيء محيط، وهو ـ سبحانه ـ الحق الذي خلق السموات والأرض، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره، والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق، وهو ـ سبحانه ـ نور السموات والأرض {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} الآية [النور: 35]
وهو ـ سبحانه ـ ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه. هكذا قال عبدالله بن مسعود: (لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، أو النار، لو كشفها لأحرقت سبُحَات وجهه ما أدركه بصره من خلقه)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى.
فقد يشهد العبد القدر المشترك بين المصنوعات، وهو الحق الموجود فيها، الذي هو شامل لها، فيظن أنه الخالق، لمطابقته له في نوع من العموم، وإنما هو صنعه وخلقه، ثم قد يرتقي إلى حجاب من حجبه النورية أو النارية، فيظن أنه هو، ثم يرتقي إلى نوره، وما يظهر من أثر صفاته، فقد يقع بعض هؤلاء في نحو من مذهب أهل الاتحاد المطلق العام، فإن تداركهم الله برحمته فاعتصموا بحبل الله واتبعوا هدى الله، علموا أن هذا كله مخلوق لله، وأن الخالق ليس هو المخلوق، وأن جميعهم عباد لله، وربما قد يقع هذا في نوع من الفناء أو السكر، فيكون مخطئا غالطا، وإن كان ذلك مغفورا له، إذا كان بسبب غير محظور، كما ذكرنا نظيره في الاتحاد المعين.)
و كذلك كلام ابن القيم و الشيخ سليمان و ما تقله الأخير عن الشيخ محمد و رحم الله الجميع.
و إشكالي فيما يتعلق بالإحاطة فقط ... وجزاك الله خيرا أخي الفاضل
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 10:16]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شرح كلام الكبار مرتقآ صعب علي
ومن ذالك نويت الهروب في أول الأمر ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 04:35]ـ
لعل شيخي العزيز عبدالله الجنوبي ينظر في الرسائل الخاصة قريبا فيجد ما تطيب به نفسه إن شاء الله
وأعتذر مقدما عن تأخري ....
محبك محب الإمام ابن تيمية
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 06:04]ـ
جزاك الله أخي الفاضل و جعله الله في ميزان حسناتك ... و أحبك الله الذي أحببتني فيه.
و أسأل الله أن يكون في عونك كما كنت أنت في عوني
أخوك و محبك عبدالله الجنوبي
ـ[الليبي الطرابلسي]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 07:17]ـ
أخي الحديث قال عنه العلامة الالباني منكر
ـ[محب الإمام ابن تيمية]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 09:43]ـ
أخي العزيز وشيخي الفاضل
عبدالله الجنوبي
أرجو منكم التكرم بالنظر في الرسائل الخاصة
مع فائق التقدير وخالص الدعاء ..
(/)
افيدوني جعلني الله وإياكم من عتقاء الرحمان في هذا الشهر الكريم
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 01:46]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال وأرجوا منكم إفادتي ..
أخت تعيش في أوربا ... واشترت منزلا بالربا .... ولم تكن تعلم بحرمة ذلك .. فلما من الله عليها بالاستقامة .. أرادت بيع المنزل ... ولاتريد بيعه لمسلم لإنه سيضطر أن يتعامل بالربا .. هو أيضا .. فماحكم بيعها لغير المسلم؟؟
وسؤال اخر ..
هل يخرج الأب الزكاة عن ولده الذي يعيش معه وهو متزوج .. (عقد النكاح) وأيضا عن أخت زوجته التي تعيش معهم خاصة وأن لها أخا مسؤولا عليها ...
..
افيدونا بارك الله فيكم فالأمر ضروري ..
ـ[محمد بن مسلمة]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 05:24]ـ
وسؤال اخر ..
هل يخرج الأب الزكاة عن ولده الذي يعيش معه وهو متزوج .. (عقد النكاح) وأيضا عن أخت زوجته التي تعيش معهم خاصة وأن لها أخا مسؤولا عليها ...
الجواب ,بإختصار اخي الكريم: نعم يجوز .. أن يخرج عنهم.
ـ[التبريزي]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 06:11]ـ
أخت تعيش في أوربا ... واشترت منزلا بالربا .... ولم تكن تعلم بحرمة ذلك .. فلما من الله عليها بالاستقامة .. أرادت بيع المنزل ... ولاتريد بيعه لمسلم لإنه سيضطر أن يتعامل بالربا .. هو أيضا .. فماحكم بيعها لغير المسلم؟؟
..
الأخت كانت معذورة بجهلها الحكم الشرعي، وعدم رغبتها البيع لمسلم دلالة استقامتها، والبيع لغير مسلم لا بأس به، فليس بعد الكفر ذنب .... والله أعلم.
(/)
أريد نقلاً عن أحد الصحابة أو التابعين في المسح على الجرح المكشوف بدل التيمم عنه
ـ[حمد]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 06:26]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
نقل ابن القيم في مسألة (الجرح المكشوف هل يمسح عليه أم يتيمم عنه) أنّ المحفوظ عن الصحابة والتابعين هو: المسح عليه.
ولكنني بحثت في المظانّ، ولم أجد!
بدائع الفوائد ج4/ص868
وسألوه عن الجرح يكون بالإنسان يخاف عليه كيف يمسح عليه؟
قال: ينزع الخرقة ثم يمسح على الجرح نفسه
قلت: هذا النص خلاف المشهور عند الأصحاب فإنهم يقولون إذا كان مكشوفا لم يمسح عليه حتى يستره فإن لم يكن مستورا له، ونص أحمد صريح في أنه يكشف الخرقة ثم يباشر الجرح بالمسح، وهذا يدل على أن مسح الجرح البارز أولى من مسح الجبيرة وأنه خير من التيمم، وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي العدول عنه
وهو المحفوظ عن السلف من الصحابة والتابعين ولا ريب أنه بمقتضى القياس فإن مباشرة العضو بالمسح الذي هو بعض الغسل المأمور به أولى من مباشرة غير ذلك العضو بالتراب ولم أزل أستبعد هذا حتى رأيت نص أحمد هذا بخلافه ومعلوم أن المسح على الحائل إنما جاء لضرورة المشقة بكشفة فكيف يكون أولى من المسح على الجرح نفسه بغير حائل فالقياس والآثار تشهد بصحة هذا النص والله أعلم
وقد ذكرت في الكتاب الكبير الجامع بين السنن والآثار من قال بذلك من السلف وذكرت الآثار عنهم بذلك وكان شيخنا ابو العباس بن تيمية رحمة الله يذهب إلى هذا ويضعف القول بالتيمم بدل المسح.
انتهى
أفيدوني جزاكم الله خيراً
ـ[أبو طلحة الثاني]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 08:00]ـ
إذا كان به جراح أو مرض, وخاف من استعمال الماء زيدة المرض, أو تأخر الشفاء, سواء عرف ذلك بالتجربة, أو إخبار الثقة من الأطباء, لحديث جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر, فأصاب رجل منا حجر, فشجه في رأسه. ثم احتلم, فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة, وأنت تقدر على الماء. فاغتسل, فمات, فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم, أخبر بذلك, فقال:"قتلوه, قتلهم الله, ألا سألوا إن لم يعلموا, فإنما شفاء العي السؤال, إنما كان يكفيه أن يتيمم, ويعصر, أو يعصب على جرحه خرقة , ثم يمسح عليه, ويغسل سائر جسده" رواه أبو داود, وابن ماجة, والدارقطني, وصححه بن السكن.
(/)
الخشوع
ـ[أبو حجّاج]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 10:25]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تكلم ابن القيم رحمه الله عن الخشوع الصادق وذكر أن له درجات ثلاث:
1/ التذلل لأمر الله بأن يتلقاه العبد بذلة الانقياد والقبول والامتثال والاستسلام لحكم الله الشرعي والقدري فلا يتلقى الحكم الشرعي معارضاً له بهوى أو شهوة ولايتلقى الحكم القدري بكراهة واعتراض.
2/ ترقب آفات النفس والعمل وتوقع ظهورها والخوف على العمل من هذه الآفات من كبر أو عجب أو رياء أو ضعف في الصدق وقلة في اليقين والحذر من رؤية فضل النفس على الناس بل ينسب الفضل كله لله.
3/ ضبط النفس عن الإدلال على الله بالعمل أو الظن بأن لها على الله حقاً مع حرصه على ألا يرى الخلق أحواله مع الخالق لئلا يعجبه إطلاعهم عليها وهذه الدرجات لابد من توطين النفس للصعود إليها وتدريبها على الترقي فيها وتظل الصلاة خير مضمار لترويض النفس على هذه الأعمال لأن فيها وحدها فرصة التفرغ التام للوقوف بين يدي الله عز وجل مع تكرار ذلك آناء الليل وأطراف النهار.
(/)
(أكرموا الخبز)
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 04:29]ـ
(أكرموا الخبز)
بسم الله والصلاة على رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد:ا
لملاحظ إسراف كثير من الناس في شهر رمضان وفي غيره بانواع الاطعمه وربما يُلقى كثير منها في المزابل وهذا يُعد عين الاسراف فاحببتُ أن اُ ذكر نفسي وإخواني بقيمة نعمه واحده وهي نعمة الخبز التي أمرنا نبينُاصلى الله عليه وسلم بإكرامه.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم –
قال: (أكرموا الخبز)
رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ورواه البيهقي في شعب الإيمان وصححه السيوطي في الجامع الصغير وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير 1/ 265.
وقد اعتبر العلماء أن من آداب الطعام إكرام الخبز،
وقال العلامة المناوي:
[(أكرموا الخبز) سائر أنواعه لأن في إكرامه الرضى بالموجود من الرزق وعدم الاجتهاد في التنعم وطلب الزيادة. ومن كلام الحكماء: [الخبز يُباس ولا يُداس] فيض القدير 2/ 116.
وقال العلامة المناوي أيضاً:
[وإكرامه - الخبز - أن لا يوطأ ولا يمتهن كأن يستنجى به أو يوضع في القاذورة والمزابل أو ينظر إليه بعين الاحتقار] المصدر السابق 2/ 117.
وقال المناوي في فيض القدير:
(أكرموا الخبز) بسائر أنواعه لأن في إكرامه الرضى بالموجود من الرزق وعدم الاجتهاد في التنعم وطلب الزيادة
الخبز غذاء البدن والغذاء قوام الأرواح وقد شرفه الله وجعله من أشرف الأرزاق وأنزله من بركات السماء نعمة منه فمن رمى به أو طرحه مطرح الرفض والهوان فقد سخط النعمة وكفرها وإذا جفا العبد نعمة نفرت منه وإذا نفرت منه لم تكد ترجع.
قال صاحب:التيسير بشرح الجامع الصغير (
أكرموا الخبز) بالضم بالنظر إليه بعين الإجلال والتعظيم والاعتراف بأنه من فيض الفضل العميم إذ به حياة الأشباح وبعموم وجوده حصول الروح والارتياح وزعم أن المراد بإكرامه التقنع به وحده لما فيه من الرضا بالموجود من الزرق وعدم التعمق في التنعم وطلب المزيد يردّه الأمر بالائتدام والنهي عن أكله غير مأدوم (ك هب عن عائشة)
وصححه الحاكم وأقروه
قال السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَمِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ تَضَعَ عَلَى الْمَائِدَةِ مِنْ أَلْوَانِ الطَّعَامِ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْآكِلُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مِقْدَارِ حَاجَتِهِ فِيهِ كَانَ حَقَّ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَدْعُوَ الْأَضْيَافَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ إلَى أَنْ يَأْتُوا عَلَى آخِرِ الطَّعَامِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ، وَمِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ يَأْكُلَ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ حَوَاشِيَهُ أَوْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ مِنْ الْخُبْزِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ أَلَذُّ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَا تَرَكَ هُوَ مِنْ حَوَاشِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرُهُ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ كَأَنْ يَخْتَارَ لِتَنَاوُلِهِ رَغِيفًا دُونَ رَغِيفٍ، وَمِنْ الْإِسْرَافِ التَّمَسُّحُ بِالْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْكُلَ مَا يَمْسَحُ بِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ يَتَقَذَّرُ ذَلِكَ فَلَا يَأْكُلُهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ يَأْكُلُ مَا يَمْسَحُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَمِنْ الْإِسْرَافِ إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ لُقْمَةٌ أَنْ يَتْرُكَهَا بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِتِلْكَ اللُّقْمَةِ فَيَأْكُلَهَا؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا بِالطَّعَامِ، وَفِي التَّنَاوُلِ إكْرَامًا، وَقَدْ أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الْخُبْزِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَكْرِمُوا الْخُبْزَ}،، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَنْدُوبٌ إلَى شُكْرِ النِّعْمَةِ وَالتَّحَرُّزِعَنْ كُفْرَانِ النِّعْمَةِ، وَفِي تَرْكِ اللُّقْمَةِ الَّتِي سَقَطَتْ مَعْنَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ،
وكذا يكره اكل وجه الخبز او جوفه ورمى باقية لما فى كل ذلك من الاستحقاق بالخبز والاستخفاف بالخبز يورث الغلاء والقحط كذا فى شرح النقاية والعوارف
وخلاصة الأمر أنه لا يجوز دوس الخبز بالقدم وأن ذلك من كفر نعمة الله
لا شك أن الخبز نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى ونعم الله ينبغي أن تصان عن الامتهان والاحتقار ودوس الخبز بالقدم عمداً يدخل في كفران نعمة الله جل جلاله. وليس صحيحاً أنه لا كرامة للخبز بل له كرامة كما ورد في الحديث.
ـ[علي سليم]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 05:44]ـ
يرفع لاهمية الموضوع و ندرة معرفته عند العامة ...
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 08:40]ـ
للعلامة أحمد بن المحجوب المراكشي رحمه الله كتيب صغير في الموضوع بعنوان "الستر العام فيما يتعلق بتعظيم الطعام" تقديم كاتب هذه السطور {الدكتور عزالدين المعيار} وتعليق: الأستاذ أحمد متفكر - منشورات المجلس العلمي لمراكش - المغرب - الطبعة:1/ 1428هـ = 2007م
مما جاء فيه:"و من إكرام الخبز أن يلتقط الكسر من الأرض و إن قلت ... و لا يضع القصعة على الخبز ولا غيرها إلا ما يؤكل من الإدام، و يكره مسح الأصابع و السكين بالخبز إلا إذا أكله بعده و كذا يكره وضع الخبز جنب القصعة لتستوي، وكذا يكره أكل وجه الخبز أو جوفه و رمي باقيه لما في ذلك من الاستخفاف بالخبز، والاستخفاف به يورث الغلاء والقحط، كذا في شرح النقاية والعوارف ...
و أخرج ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي (ص) فرأى كسرة ملقاة فأخذها و مسحها ثم أكلها فقال: يا عائشة أكرمي نعم الله فإن النعمة ما نفرت عن قوم فعادت إليهم"
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 08:42]ـ
ماشاء الله تبارك على الدرر ....
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 10:54]ـ
ومماجاء في كتاب "الستر العام فيما يتعلق بتعظيم الطعام ":
"كان ابن عرفة رحمه الله يقول في الطعام المبدد في الشوارع إن قل و لم يكن في طين يلزم لقطه.
وقال - ابن الحاج - في المدخل:" و ينبغي للمار في الأسواق أن ينوي ... أنه إن وجد خبزا أو غيره مما له حرمة مما يوكل فإنه يزيله عن المهانةإلى موضع طاهر و لا يضعه على رأسه و لا يقبيه تحرزا من البدعة " ...
وهذا الباب مجرب، كل من عظم نعم الله لطف به و أكرمه و إن وقعت الشدة بالناس جعل الله لمن هذه صفته فرجا و مخرجا ...
(/)
سكون الأرض وجريان الشمس
ـ[محمد بن عبد الله2]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 04:36]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد.
سأنقل إن شاء الله بعض النصوص وكلام أهل العلم في سكون الأرض وجريان الشمس. لأني رأيت مع الأسف بعض الإخوة ينكرون هذا. ولا شك أن المسألة خطيرة. كما يقول العلامة بن باز في من يزعم أن الشمس ثابتة وجارية حول نفسها، قال رحمه الله: "وما كفر صاحبه ببعيد." أنظر كلامه في مقالته:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=17587
ولا شك ان الحق مع القرآن العظيم وأن ما يزعمه الكفرة باطل. ومن تأمل ونظر علم أنه ليس معهم إلا الظن، ولكن كثير من الناس للغرب مقلدون.
والله الموفق.
سكون الأرض
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (6/ 557 - 558): " (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا) أي: أن تضطربا عن أماكنهما، كما قال: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ)، وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ). (وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) أي: لا يقدر على دوامهما وإبقائهما إلا هو، وهو مع ذلك حليم غفور، أي: يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه، وهو يحلم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يَعْجَل، ويستر آخرين ويغفر؛ ولهذا قال: (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) ....
وقد قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: جاء رجل إلى عبد الله - هو ابن مسعود - فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: مَنْ لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال: ما حدثك كعب؟ قال: حدثني أن السموات تدور على مِنْكَب مَلَك. قال: أفصدقته أو كذبته؟ قال: ما صدقته ولا كذبته. قال: لوددت أنك افتديت مَن رحلتك إليه براحلتك ورَحْلِها، كَذَب كعب. إن الله تعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ). وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود. ثم رواه ابن جرير عن ابن حميد، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: ذهب جُنْدب البَجَلي إلى كعب بالشام، فذكر نحوه.
وقد رأيت في مصنف الفقيه يحيى بن إبراهيم بن مُزَين الطليطلي، سماه "سير الفقهاء"، أورد هذا الأثر عن محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع، عن وَكِيع، عن الأعمش، به. ثم قال: وأخبرنا زونان - يعني عبد الملك بن الحسن - عن ابن وهب، عن مالك أنه قال: السماء لا تدور. واحتج بهذه الآية، وبحديث: "إن بالمغرب بابا للتوبة لا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس منه". اهـ.
وقال الألوسي في "روح المعاني" عند كلامه على الآية: "والمنصور عند السلف أن السماوات لا تدور وأنها غير الأفلاك. وكثير من الإسلاميين ذهبوا إلى أنها تدور وأنها ليست غير الأفلاك. وأما الأرض فلا خلاف بين المسلمين في سكونها." (22/ 204)
وقال أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي المتوفى في عام 429هـ في كتابه "الفرق بين الفرق" ص195: "وأجمعوا - يعني اهل السنة - على وقوف الأرض وسكونها وأن حركتها إنما تكون بعارض يعرض لها من زلزلة ونحوها خلاف قول من زعم من الدهرية أن الأرض تهوى أبدا ولو كانت كذلك لوجب ألا يلحق الحجر الذى نلقيه من أيدينا الأرض أبدا لأن الخفيف لا يلحق ما هو أثقل منه فى انحداره." اهـ.
وذكر في كتابه "أصول الدين" ص 6 في المسئلة الثانية عشرة من الأصل الثاني في بيان وقوف الارض ونهايتها: قال: "اختلفوا في هذه المسئلة - أي المسلمون مع غيرهم - فقال: المسلمون وأهل الكتاب بوقوف الأرض وسكونها وأن حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها."
ونقل القرطبي في تفسيره أن سكون الأرض هو الذي عليه المسلمون وأهل الكتاب.
جريان الشمس
قال ربنا جل وعلا: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
(يُتْبَعُ)
(/)
روى مسلم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا ثُمَّ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً وَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسَ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَاكَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ لَهَا ارْتَفِعِي أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ ذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الفتاوى": "وهكذا تسير الشمس والقمر في فلكيهما في انتظام باهر وسير محكم، كل يجري إلى أجل مسمى، إلى أن يأذن الله بخراب هذا العالم، فتخرج الشمس من مغربها كما في صحيح البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غربت الشمس: " أتدري أين تذهب؟ " قلت: الله ورسوله أعلم قال: " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها وتوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها: ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ". وفي هذا الحديث دليل ظاهر على أن الشمس تسير بنفسها، كما يدل على ذلك قوله تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها) وقوله: (كل يجري إلى أجل مسمى) وقوله: (وكل في فلك يسبحون) فهذه الأدلة تكذب ما يقال من أن الشمس ثابتة لا تدور، وتدل على أنه قول باطل يجب رده وتكذيبه." (6/ 195).
وروى الإمام أحمد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: جَلَسَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ فِي الْآيَاتِ أَنَّ أَوَّلَهَا خُرُوجُ الدَّجَّالِ قَالَ فَانْصَرَفَ النَّفَرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَحَدَّثُوهُ بِالَّذِي سَمِعُوهُ مِنْ مَرْوَانَ فِي الْآيَاتِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَقُلْ مَرْوَانُ شَيْئًا قَدْ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ ضُحًى فَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ وَأَظُنُّ أُولَاهَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَذَلِكَ أَنَّهَا كُلَّمَا غَرَبَتْ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ فَأُذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ حَتَّى إِذَا بَدَا لِلَّهِ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا فَعَلَتْ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ فَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ وَعَرَفَتْ أَنَّهُ إِنْ أُذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ لَمْ تُدْرِكْ الْمَشْرِقَ قَالَتْ رَبِّ مَا أَبْعَدَ الْمَشْرِقَ مَنْ لِي بِالنَّاسِ حَتَّى إِذَا صَارَ الْأُفُقُ كَأَنَّهُ طَوْقٌ اسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ فَيُقَالُ لَهَا مِنْ مَكَانِكِ فَاطْلُعِي فَطَلَعَتْ عَلَى النَّاسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ثُمَّ تَلَا عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ
(يُتْبَعُ)
(/)
آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا.
وروى البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا.
قال الحافظ: "وهذا النبي هو يوشع بن نون كما رواه الحاكم من طريق كعب الأحبار وبين تسمية القرية كما سيأتي. وقد ورد أصله من طريق مرفوعة صحيحة أخرجها أحمد من طريق هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس."" اهـ.
وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد وَسَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَّقَ أُمَيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ فَقَالَ:
رَجُلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ
وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ.
وَقَالَ:
وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ
حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ
تَأْبَى فَمَا تَطْلُعْ لَنَا فِي رِسْلِهَا
إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ.
قال ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية": "حديث صحيح الإسناد رجاله ثقات."
هذا والحمد لله.
ـ[محمد بن عبد الله2]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 06:15]ـ
الحمد لله.
الحديث الأخير: ذكر في مجمع الزوائد: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس."
وقد صرح ابن اسحاق بالتحديث عند ابن خزيمة في كتابه "التوحيد". ورواه ايضا من طريق آخر: عن عمارة بن ابي حفصة عن عكرمة، عن ابن عباس فذكر القصة.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 08:17]ـ
لا أحد بعد نموذج كوبرنيكس المعدل قال بثبات الشمس و عدم جريانها لا من القائلين بحركة الأرض و لا من القائلين بثباتها ...
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=72769&highlight=%D3%CA%ED%DD%E4
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 01:55]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ليس معنى الزوال: مطلق التحرك حتى يقال أن آية فاطر دليل على سكون الأرض، قال ابن عاشور: والزوال يطلق على العدم، ويطلق على التحول من مكان إلى مكان، ومنه زوال الشمس عن كبد السماء، وقد اختير هذا الفعل دون غيره لأن المقصود معناه المشترك فإن الله يُمسكهما من أن يُعْدما، ويمسكهما من أن يتحول نظام حركتهما، كما قال تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} [يس: 40]. فالله مريد استمرار انتظام حركة الكواكب والأرض على هذا النظام المشاهد المسمى بالنظام الشمسي وكذلك نظام الكواكب الأخرى الخارجة عنه إلى فلك الثوابت، أي إذا أراد الله انقراض تلك العوالم أو بعضِها قيّض فيها طوارىء الخلل والفساد والخَرْق بعد الالتئام والفتق بعد الرتق، فتفككت وانتشرت إلى ما لا يَعلم مصيره إلا الله تعالى وحينئذٍ لا يستطيع غيره مدافعة ذلك ولا إرجاعها إلى نظامها السابق فربما اضمحلت أو اضمحل بعضها، وربما أخذت مسالك جديدة من البقاء.
وفي هذا إيقاظ للبصائر لتَعلم ذلك علماً إجمالياً وتتدبر في انتساق هذا النظام البديع.أ. هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 02:48]ـ
/// اقتباس من موضوعٍ قديمٍ لي:
/// .... الفصل الأول: بحث تاريخي موجز بين يدي البحث:
قد اختلف أهل الهيئة الفلكيُّون في مسألة دوران الشمس حول الأرض، أو دوران الأرض عليها؛ أيها الصحيح والصواب منهما، على قولين:
1 - القول الأول: أنَّ الأرض هي المركز الثابت، وأنَّ الشمس والقمر وسائر الكواكب تدور على الأرض.
• القائلون به: وقد ذهب إلى هذا القول كبير فلاسفة اليونان ومقدَّمهم في زمانه (كُلُوْديُوس بطلْميوس)، الهالك بعد ميلاد المسيح عليه السلام بنحو مائة وخمسين عاماً، وهو صاحب كتاب (المجسطي) أقدم كتب الفلك، والذي عرَّبه حنين بن إسحاق النصراني للخليفة المأمون.
• وقد كان عامة أهل الفلك القدماء يقولون بهذا القول حتى ظهر من أظهر القول الآخر وشهَّره، وتبعه عليه الناس قاطبة؛ إلاَّ ما شاء الله.
ثم جاء بعض فلكيي هذا العصر فأثبت صحَّة ما ارتآه (بطيلموس) هذا، وأقام الأدلَّة على ما ذهب إليه.
ألا وهو الفرنسي (دورمون)؛ الذي نشر مقالةً وبحثاً مطوَّلاً في جريدة (ليبربارول) الباريسية قال في ضمنه: ((لم يقم الدليل إلى الآن على صحَّة دوران الأرض؛ كما زعم غاليليو ... ولا أنها مركز العالم الشمسي)).
وكذا قال بنحوه فرنسي آخر؛ أحد أكبر علماء الفلك والطبيعة الفرنسيين في ذاك الزمن؛ إذ قال: ((لا يمكن إثباته ولا نفيه بالأدلَّة المحسوسة!)).
ثم صدر كتاب عام (1926م) بالفرنسية من تأليف أحد أكابر هؤلاء الفلكيين، وهو: ب. رايوفيتش؛ ذكر فيه براهين علمية على ثبات الأرض، وختمه بقوله: ((فيبرهن على أنَّ الشمس تدور حول الأرض، وكذا القمر يدور حولها، وعلى عدم دوران الأرض)) اهـ.
• ولكن ومع هذا .. فهيهات هيهات التصديق والقبول، فهذا القول عند الفرنجة ومن انتحل علومهم على جهالة = قول منكرٌ مردود.
• وهذا نظيره ما في كثير من العلوم؛ حين يشهَّر قولٌ باطلٌ؛ لعظيمٍ قاله، ثم يتبعه الناس عليه دونما تحقيق أونظر، هيبةً لقائله وتابعيه.
• فإذا ابتعث الله - بعد زمن - من يكذِّب هذا الترجيح، وجاء ليصحِّح أويثبت الحق في نفس الأمر = رُمي بالمخالفة والشذوذ والمروق!
2 - القول الثاني، وهو الباطل عقلاً ونقلاً: أنَّ الشمس هي المركز الثابت، الذي تدور عليه السيَّارات من الكواكب، وأنَّ الأرض من جملة الكواكب السيَّارة، التي تدور حول نفسها، ثم تدور حول الشمس.
• القائلون به: قال به الفيلسوف اليوناني (فيثاغورس)، الهالك قبل ميلاد المسيح عليه السلام بنحو خمسمائة أو ستمائة عام، وأرسطرخس، الهالك في القرن الثالث الميلادي.
• وقد كان هذا القول مهجوراً زماناً طويلاً قرابة ألف وثمانمائة عام؛ حتى ظهر الفلكي البولندي (نيقولا كوبرنِيْك) أو (كوبرنِيْكُوس) الهالك سنة (1543م)، فقرَّر رأي (فيثاغورس) و (أرسطرخس)، وأيَّده بالأدلة والبراهين الرياضية - زعم! - وشهَّره، وعلى أساسه بُني علم الفلك الحديث.
• وهو الذي زُعِم أنه واضع لنظرية دوران الأرض والكواكب حول الشمس، وقد زعموا أنه أهدى بحثه في هذه النظرية إلى البابا بول الثالث؛ مفتخراً بما وصل إليه.
• ثم تبعه على ذلك الفلكيان الإنجليزي الشهيران (وليم هرشل) الهالك سنة (1822)، وابنه (جون) الهالك سنة (1871م).
• وقد صار ت هذه النظرية هي المعتمدة عند كثير من فلكيي الفرنجة في هذا العصر، ثم تبعهم عليه أكثر المسلمين.
• وممن قال بهذا القول الباطل الفيلسوف الإيطالي الشهير (غاليليو) الهالك سنة (1642م)، وكان فلكياً رياضياً صاحب نظريات مشهورة، ومنها نظريَّاته العديدة التي نقض فيها جملة من نظريات (أرسطو طاليس).
• وقد زعم الفرنجة أنَّ (غاليليو) هُدِّد واستتيب من رجال الدين النصارى - آنئذٍ -ليرجع عن هذه الهرطقة، والمخالفة لما عهدوه من كتبهم ودينهم المحرَّف، فأبى المسكين الرجوع فأُحْرِقَ؛ على الطريقة المعتادة في إحراق المهرطقين والسحرة المارقين على الكنيسة! وكان ذلك سنة (1642م).
• فمن يحكي في الأمر إجماعاً عند الفلكيين أقل ما يقال له: إنه إجماعٌ باطل، فلم النكير في مسائل الاجتهاد ..
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3794
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 03:27]ـ
سأنقل إن شاء الله بعض النصوص وكلام أهل العلم في سكون الأرض وجريان الشمس. لأني رأيت مع الأسف بعض الإخوة ينكرون هذا. ولا شك أن المسألة خطيرة. كما يقول العلامة بن باز في من يزعم أن الشمس ثابتة وجارية حول نفسها، قال رحمه الله: "وما كفر صاحبه ببعيد.".
موضوع قديم وغير موفق!!
خلاصته أن الأرض ساكنة لا تدور وغير مكورة!! والله سبحانه يقول: "وكل في فلك يسبحون"
وهذا موضوع يضر ولا ينفع، والشرع الحنيف والعقل السليم منه براء ..
أهل الذكر في هذا الموضوع هم علماء الفلك المسلمين ومن رزقهم الله علما وفقها،،
ففي هذا الموضوع أثق في كلام أهل الذكر مثل الشيخ الزنداني والشيخ زغلول أكثر من غيرهما!! ومع ذلك يأخذ بالدوران والكروية فقهاء الأمة وهو شبه مجمع عليه اليوم ... ولإبن تيمية وابن حزم الأندلسي كلام في ذلك ..
أعاذنا الله من الكفر!!
وهل بقي الشيخ رحمه الله على كلامه أم تراجع عنه؟
يقول الألباني رحمه الله:
(وهذه الآيات التي جاءت حول الأرض هل هي متحركة أو كروية أم هي ثابتة؛ ليس هناك نص قاطع يؤيد أحد الوجهين المختلفين، ولهذا قلنا أن هذه ليست مسألة اعتقادية لابد أن يكون فيها رأي موحد كما نعتقد بعقيدة السلف.
بعض الآيات من القرآن الكريم التي تتعلق بهذا الموضوع يمكن أن يفهم منها ثبات الأرض وسطحيتها، والبعض الآخر يمكن أن يفهم منها حركتها ودورانها، وهذا الرأي هو الذي يترجح عندنا ويطابق الواقع الطبيعي الذي يشعر به كل فرد من أفراد الناس سواء كان مسلما أو كافرا.
ويكفي في أن نعرف أن المسألة ليس فيها دليل قاطع مع الذين يلحون على مخالفة ما ثبت علميا اليوم أن الأرض متحركة وأنها تدور حول الشمس، يكفي لمعرفة أنه لا نص صريح يخالف هذه الفكرة أو هذا الرأي الفلكي أن كثيرا من علماء المسلمين الذين يعترف كل المسلمين بعلمهم وفضلهم وبخاصة نحن معشر السلفيين نعتقد بإمامية شيخ الإسلام ابن تيمية في معرفة الكتاب والسنة وابن قيم الجوزية فضلا عن غيرهما بأنهم كانوا يرون خلاف ما يذاع الآن بناء على بعض الظواهر القرآنية كآية (والجبال أرساها) مثلا و (والأرض بعد ذلك دحاها) ونحو ذلك من الآيات.
ما فهموا منها هذا الرأي الجامد المخالف أولا لظواهر النصوص الأخرى، وثانيا للحقيقة العلمية الفلكية) ..
الشيخ ابن باز كان يقول إن الأرض ليست كروية، فأقنعه الشيخ محمود الصواف بدليل السفن في البحر، فالسفينة مهما كانت مرتفعة فإنها كلما ابتعدت كلما اختفى الجزء الأسفل منها حتى لا يبقى من رؤيتها شيء ولو أتيت بأقوى تلسكوب فضائي في العالم.
-------------
الإتصالات والأقمار الصناعية تعتمد على كروية الأرض وعلى الدوران يقول الشيخ الزنداني:
(وجدوا أن القمر يسير بسرعة 18 كيلو مترا في الثانية والواحدة والأرض 15 كيلومترا في الثانية والشمس 12 كيلومترا في الثانية .. الشمس تجري والأرض تجري والقمر يجري قال الله تعالى (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) عليّ يجري ومحمد يسير بمنازل وعليّ لا يدرك محمدا ما معنى هذا؟ معناه أن عليّا يجري ومحمد يجري ولكن عليّا لا يدرك محمدا الذي يجري الله يقول: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا) ثم قال: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ) يكون القمر قبلها أم لا؟ .. القمر قبلها وهي تجري ولا تدركه وتجري ولا تدركه لأن سرعة القمر 18 كيلومترا والأرض 15 كيلو مترا والشمس 12 كيلومترا فمهما جرت الشمس فإنها لا تدرك القمر ولكن ما الذي يجعل القمر يحافظ على منازله؟ وكان من الممكن أن يمشي ويتركها؟ وجدوا أن القمر يجري في تعرج يلف ولا يجري في خط مستقيم هكذا ولكنه جري بهذا الشكل حتى يبقى محافظا على منازله ومواقعه تأملوا فقط في هذه الحركة القمر , الشمس , الأرض , النجوم تجري لو اختلف تقدير سرعاتها .. كان اليوم الثاني يأتي فنقول: أين الشمس؟ نقول والله تأخرت عنا عشرين مرحلة! ويجئ بعد سنة من يقول
(يُتْبَعُ)
(/)
: أين الشمس؟ نقول: والله ضاعت .. ! من أجرى كل كوكب؟ (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يسبح ويحافظ على مداره ويحافظ على سرعته ويحافظ على موقعه صنع من؟ ذلك تقدير العزيز العليم! هل هذا تقدير أم لا؟ وهل يكون التقدير صدفة؟ .. لا إن التقدير يكون من إرادة مريد .. هذا التقدير من قويّ .. من قادر سبحانه وتعالى وضع كل شيء في مكانه وأجراه في مكانه).انتهى
إذن العلماء المسلمون يؤمنون بدوران الأرض شرعا وعقلا والقول بعدم الدوران لا يوافق الشرع ولا العقل ..
وأما القول أن اهم الأدلة التي تثبت سكون الأرض وقرارها هي: ((الله الذي جعل لكم الأرض قرارا)) والأية: ((أمن جعل الارض قرارا)) فهذا تقول على الله بغير علم، وويل لمن يفسر القرآن برأيه، فالقرار لا يتنافى مع دوران الأرض ولا مع كرويتها، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(خلاصة رأينا حول دوران الأرض أنه من الأمور التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات لا في الكتاب ولا في السنة، وذلك لأن قوله تعالى:) وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم)، ليس بصريح في دورانها، وإن كان بعض الناس قد استدل بها عليه محتجاً بأن قوله: (أن تميد بكم)، يدل على أن للأرض حركة، لولا هذه الرواسي لاضطربت بمن عليها.
وقوله: (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً) ليس بصريح في انتفاء دورانها، لأنها إذا كانت محفوظة من الميدان في دورانها بما ألقى الله فيها من الرواسي صارت قراراً وإن كانت تدور.) انتهى
والخلاصة:
... (وكل في فلك يسبحون) ...
... الموضوع ليس عقائديا كما صرح بذلك علماء السلف والخلف ..
... الموضوع قال به علماء الفلك المسلمين، وتراجع عنه بعض من أنكره سابقا، وكلام الشيخين ابن عثيمين والألباني فيهما إقرار وكفاية ..
... الدوران والكروية يشهد له الإتصالات والأقمار الصناعية والصور الجوية وتعاقب الليل والنهار وحجم الأرض الصغير جدا مقارنة بالشمس الأم ..
... للأسف: مثل هذه المواضيع مواد دسمة للبراليين والعلمانيين والملاحدة والنصارى في الطعن في القرآن، وحتى الرافضة يتناقلون مثل هذه الأقوال ويستغلونها ضد أهل السنة.
... أنصحك لله وكل من يتبنى هذا الرأي ألا يكون سببا في كفر مسلم جاهل يقع فريسة منصر أو ملحد يستشهد بأقوالكم هذه ..
ـ[محمد بن عبد الله2]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 06:23]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله.
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وكروية الأرض:
http://www.binbaz.org.sa/mat/18030
http://www.binbaz.org.sa/mat/8570
http://www.binbaz.org.sa/mat/8640
وسئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله في شرح الوسطية:
س: وهذا يسأل عن كروية الأرض؟.
ج: الأرض كروية بمعنى أنها مستديرة، لو ذهبت إلى جهة المغرب، وقدر لك أن تسير على خط مستقيم رجعت إلى النقطة التي بدأت منها، هذه صحيحة، ونص عليها العلماء، كما ذكر شيخ الإسلام، ونقل في ذلك الإجماع، لكن المنكر هو القول بأنها تدور، أما القول بأنها كروية فهذا صحيح. انتهى.
والأفلاك مستديرة وتدور حول الأرض:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته في الهلال: "وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: 37]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33]، وقال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] قال ابن عباس: في فلكة مثل فلكة المغزل، وهكذا هو في لسان العرب: الفلك: الشيء المستدير، ومنه يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار، قال تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: 5]، والتكوير هو التدوير، ومنه قيل: كار العمامة وكورها، إذا أدارها، ومنه قيل: للكرة: كرة، وهي الجسم المستدير؛ ولهذا يقال للأفلاك: كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقبلت ألفا، وكورت الكارة، إذا دورتها، ومنه الحديث: " إن الشمس والقمر يكوران يوم
(يُتْبَعُ)
(/)
القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم "، وقال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5]، مثل حسبان الرحا، وقال: {مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} [الملك: 3]، وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث، أو المربع، أو غيرهما، فإنه يتفاوت؛ لأن زواياه مخالفة لقوائمه، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي، ليس بعضه مخالفا لبعض.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: إنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك. فقال: " ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه، إن شأنه أعظم من ذلك، إن عرشه على سمواته هكذا " وقال بيده مثل القبة: " وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه " رواه أبو داود وغيره من حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنها أعلى الجنة، وأوسط الجنة، وسقفها عرش الرحمن "، فقد أخبر أن الفردوس هي الأعلى والأوسط، وهذا لا يكون إلا في الصورة المستديرة، فأما المربع ونحوه فليس أوسطه أعلاه، بل هو متساوٍ.
وأما إجماع العلماء، فقال إياسُ بنُ معاوية الإمام المشهور قاضي البصرة من التابعين: السماء على الأرض مثل القبة.
وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد: لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين، غير متحركين: أحدهما في ناحية الشمال، والآخر في ناحية الجنوب. قال: ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد في حركاتها، ومقادير أجزائها إلى أن تتوسط السماء، ثم تنحدر على ذلك الترتيب، كأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دوراً واحداً. قال: وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة. قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب. قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء، كالنقطة في الدائرة، يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحى السماء على قدر واحد، فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد، فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء ... "
ثم قال ابن تيمية رحمه الله: "ومن علم أن الأفلاك مستديرة، وأن المحيط الذي هو السقف هو أعلى عليين، وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه، وهو قعر الأرض، هو سجين و أسفل سافلين علم من مقابلة الله بين أعلى عليين، وبين سجين." انتهى.
الشيخ صالح الفوزان حفظه الله يقول الأرض مركز وثابتة، والأفلاك تدور حول الأرض:
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds.aspx?url=/AlFawzan/sounds/00651-32.ra
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds.aspx?url=/AlFawzan/sounds/00804-31.ra
ولو كانت الأرض تدور حول الشمس لصارت الشمس مركز كما يزعمون.
وكذلك ما رأيت أحدا أتى بجواب على حديث أبي الدرداء وحديث طلوع الشمس من مغربها وحديث حبس الشمس وحديث شعر أمية.
وهناك أدلة أخرى، نعم من الكتاب والسنة!
ولكن الشبهات كثيرة.
نعوذ بالله من تكذيب الوحي!
قال ابن تيمية رحمه الله: "وأما من ادعى ما يخالف الكتاب والسنة فهو مبطل في ذلك، وإن زعم أن معه دليلاً حسابيًا، وهذا كثير فيمن ينظر في الفلك وأحواله." (مجموع الفتاوى 6/ 589)
وعلى الإخوة أن يردوا على من خالف القرآن، وسيحفظكم الله.
والحمد لله.
والله أعلم.
(/)
ما الحكم الشرعي في هذه التجارة؟ أرجو البيان بسرعة
ـ[حمد الإدريسي]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 09:16]ـ
رجل يريد شراء بضاعة " حجارة خامة " ولا يملك ثمنها فذهب الى صاحب مال وطلب منه أن يشتري له البضاعة على أن يربحه في كل كمية من الحجارة مبلغا مقطوعا من المال ولا يخسر شيئا فالربح لصاحب المال مضمون
فهل هذا جائزأم لا؟
أفتوني مأجورين بارك الله فيكم
ـ[التبريزي]ــــــــ[14 - Sep-2008, مساء 05:10]ـ
ضمان الربح لصاحب المال غير جائز شرعا، فقيام صاحب المال بدعم من يريد أن يتجر في الحجارة الخامة هو من قبيل شركة المضاربة، فيدفع صاحب المال ماله بعد تحديد نسبة الربح بينهما حسب الإتفاق، فإذا خسرت التجارة لا يعطى صاحب المال ربحا ..
(/)
رمضان عبر وعبرات .. !!
ـ[الشيخ ياسين الأسطل]ــــــــ[14 - Sep-2008, صباحاً 11:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
دروس رمضان
بقلم / الشيخ ياسين بن خالد الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في الخميس 11/ رمضان /1429 هـ الموافق 11/ 9/ 2008 إفرنجية ..
دروس رمضان عظيمة القدر، جليلة الرتبة، غزيرة الفائدة، ومنها الصيام:
الصيام حقاً إن الصيام سبيل إلى صفاء النفس، ونقاء القلب، ورقي العبد في مدارج السمو، ومعارج القبول، ففيه التجرد من أسر الشهوات، والتخلص من ضغط الملذات، فيكون الصائم بحق في طاعة ربه، ورضا خالقه، سواءً في استيقاظه أو منامه، وقيامه أو قعوده، وصمته أو كلامه، وهذا يتجلى في قوله تعالى:
} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة (183).
فجاءت كلمة (لعلَّ) التي تفيد تعليق ما بعدها على ما قبلها ولتفيد رجاء حصول التقوى للصائمين، فهي مقصود الصيام العظيم، وفي الحديث: " قَالَ رَسُول ُ الله صلى الله عليه وسلم:
" الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ".
انظر يا أخي المسلم كيف يتولى الله عز وجل الجزاء للصائمين، ويؤخر بيانه إلى يوم الدين، وانظر يا أخي المسلم كيف ينسب رب العزة والجلال عمل ابن آدم له إلا الصيام فيختاره لنفسه رب العالمين، ففي الحديث القدسي: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ "
سبحان الله العظيم ما أعظمها من عبادة، سبحان الله العظيم ما أكرمها من زيادة، سبحان الله العظيم ما أحلاها من منة، يتذَوَّق فيها الصائمون لذة الشوق، كما يتذوقون لذة التعبد، فللصائم فرحتان كما في الحديث فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه.
لهذا يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة الحرص الحرص، والإخلاص الإخلاص، والاقتفاء الاقتفاء للأثر النبوي الكريم، والنهج السلفي القويم في كل العبادات على العموم وفي هذه العبادة على الخصوص حتى نتذوق كما ذاقوا، ونستلذ كما استلذوا، ونجنتي كما اجتنوا، وإيانا جميعاً وتخرصات الخالفين، وابتداعات المتنطعين، التي تذهب برونق العبادة، وبهاء العمل.
من دروس رمضان: الصدقة،حيث كان رسول الله (ص) أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فرسول الله (ص) أجود بالخير من الريح المرسلة،حيث إن الصدقة هي دليل الصدق فمن كان صادقاً كان سخياً كريماً، جواداً رحيماً يجود بالخير، كما يجود بالعلم، كما يجود بالمال، بل وبكل ما يحب وكما قال الله تعالى:} لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ {آل عمران (92) وفي حديث النبي (ص) " الصدقة برهان "
لهذا يندب للصائم أن يتصدق ولو بشق تمرة فلم يجد فبكلمة طيبة فمن لم يجد يحجز نفسه عن الشر فهذه صدقة منه على نفسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا المعنى الكبير، شرعت زكاة الفطر، وكانت نهاية عظيمة للعبادة العظيمة (الصيام)، فالصيام تهذيب للطبع، والصدقة بركة للمال وطهارة للعمل، وحق لأصحابها المبذولة إليهم، وقد قال الله تعالى:} قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {الأعلى (14،15)، فصدقة الفطر وصلاة العيد من صور تحضيض النبي (ص) على الصدقات في رمضان دعوته الى تفطير الصائم في قوله (ص): " مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ". رواه الترمذي
ومن دروس رمضان: الذكر وقراءة القرآن ومدارسته،حيث جاء عن النبي (ص) أنه كان يتلو كتاب الله عز وجل، ويدارسه إياه جبريل، وهكذا كان السلف من بعده من الصحابة والتابعين، فالقرآن الكريم أنزل في رمضان فقد إبتدأ نزوله في ليلة القدر التي هي أعظم من ألف شهر، كما قال تعالى:} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) {القدر، كما قال سبحانه:} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ {الدخان (3).
والقرآن الكريم روح من الله تعالى يهدي به الأمم التائهة، والنفوس الضعيفة الميته، فتعز الهمم بعد ذل، وتغتني بعد فقر، وتنتصر بعد هزيمة، وترتفع بعد ضِعة، كيف لا والقرآن الكريم فيه الهداية من الضلال، والثبات واليقين من التردد والشك، ولهذا كانت عناية الرسول (ص) بالقرآن ظاهرة مشهورة وكان أصحابه رضي الله عنهم يحرصون على تعلمه وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، وهكذا من بعدهم إلى عصرنا هذا.
ومن دروس رمضان: القيام، حيث إن قيام الليل من آكد السنن، فهو شعار الصالحين، ودثار المتقين، ونهج السالكين، وكما قيل: لأهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، حيث يخلو العبد لربه، فيخرج من حجب الشهوات، وشواغل المشكلات وصوارف التقاليد والعادات، إلى مناجاة رب الأرض والسموات، يقف بين يديه متذللاً، ويشرق وجه بالذكر متهللا، ويتصل لسانه بقلبه ذاكراً متبتلاً، فالعبد في النهار لمولاه صائم لا يفطر، وفي الليل في حب سيده وفي رضاه قائم لا يفتر، واستحق القائمون المغفرة من الله عزوجل كما جاء عن النبي (ص): " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " رواه البخاري.
إن القيام بين يدي الله عزوجل في الدنيا يقرب اليه سبحانه في الآخرة وهو يهيئ العبد للتكاليف الجليلة، المنوطة بالرجال} صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {الأحزاب (23).
ومن دروس رمضان: الجهاد في سبيل الله تعالى، وتفكر معي أخي المسلم هل كانت معارك الإسلام الكبرى أو مواجهاته الفاصلة إلا في رمضان، فهذه بدر وهذا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان على ماء بدر، وهذا فتح مكة ودخول البيت الحرام، وهذا يوم حطين وآخر هذه السلسلة الخالدة لمواقف وبطولات المسلمين كانت أخيراً حرب رمضان والتي ما أخذت بحراها إذن لكان شأن آخر عن ما هو عليه الأمر الآن.
ولا يمكن أن تتم للإسلام ذروة سنامه (الجهاد) إلا بعد تمام قواعده وأسسه، كما في الحديث " رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ " رواه الترمذي.
ولنا في الأمم السالفة الاعتبار فهذا طالوت الملك الذي أرسله على قومه نبي بني اسرائيل في زمانهم لما قالوا له} ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ {البقرة (246)، أراد اختبار قومه وتحملهم وذلك بقوله لهم:} إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ {البقرة (249)، قال الله تعالى:} فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ {البقرة (249) فمن لم يصبر على شربة ماء كيف يصبر على سفك الدماء!!
(/)
علم الخوارق (باراسايكولوجي) الشرعي عند ابن تيمية
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 04:38]ـ
من فهرسة الشيخ ابن قاسم رحمه الله
أسئلة في الأحوال الشيطانية
مسألة: ما هي الأحوال التي تحصل للنفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 278)
يَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَحْوَالِ الْإِيمَانِيَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ.
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 443)
إِنَّ الْأَحْوَالَ تَنْقَسِمُ إلَى: حَالٍ رَحْمَانِيٍّ وَحَالٍ شَيْطَانِيٍّ
مسألة: هل من ظهرت له أحوال يتبع؟
مجموع الفتاوى - (ج 25 / ص 314)
اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ طَارَ فِي الْهَوَاءِ أَوْ مَشَى عَلَى الْمَاءِ لَمْ يُتَّبَعْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ رَأَى مِنْ رَجُلٍ مُكَاشَفَةً أَوْ تَأْثِيرًا فَاتَّبَعَهُ فِي خِلَافِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَانَ مِنْ جِنْسِ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ فَإِنَّ الدَّجَّالَ يَقُولُ لِلسَّمَاءِ: أَمْطِرِي فَتُمْطِرُ وَيَقُولُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي فَتُنْبِتُ وَيَقُولُ لِلْخَرِبَةِ أَخْرِجِي كُنُوزَك فَيَخْرُجُ مَعَهُ كُنُوزُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَقُومَ فَيَقُومُ وَهُوَ مَعَ هَذَا كَافِرٌ مَلْعُونٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا قَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ: وَأَنَا أُنْذِرُكُمُوهُ إنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ - ك ف ر - يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٌ وَغَيْرُ قَارِئٍ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ}. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ}. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ كَذَّابُونَ دَجَّالُونَ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ}. وَهَؤُلَاءِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ الشَّيَاطِينُ وَتُوحِي إلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} وَمِنْ أَوَّلِ مَنْ ظَهَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ. وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ الرَّحْمَانِيَّةِ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَوَّى بَيْنَ مُحَمَّدِ رَسُولِ اللَّهِ وَبَيْنَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّ مُسَيْلِمَةَ كَانَ لَهُ شَيْطَانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَيُوحِي إلَيْهِ.
وَمِنْ عَلَامَاتِ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْأَحْوَالَ إذَا تَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمْ وَقْتَ سَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ أَزْبَدُوا وَأَرْعَدُوا - كَالْمَصْرُوعِ - وَتَكَلَّمُوا بِكَلَامِ لَا يُفْقَهُ مَعْنَاهُ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَتَكَلَّمُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ كَمَا تَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنْ يَعْلَمَ الرَّجُلُ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ هُمْ الَّذِينَ نَعَتَهُمْ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ: {أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} فَكُلُّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا تَقِيًّا كَانَ لِلَّهِ وَلِيًّا. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَمْ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا. فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ و لَإِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ وَمَا تَرَدَّدْت فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ}.
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 666)
وَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ - كَأَبِي يَزِيدَ البسطامي وَغَيْرِهِ -: لَوْ رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ أَوْ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَنْظُرُوا وُقُوفَهُ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ رَأَيْتُمْ صَاحِبَ بِدْعَةٍ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ. فَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُتَّقُونَ هُمْ الْمُتَّبِعُونَ لِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} وَطَرِيقُهُمْ طَرِيقُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْمُرْسَلِينَ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَحِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ. وَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْفُجُورِ فَأَحْوَالُهُمْ مِنْ جِنْسِ أَحْوَالِ " مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ " وَ " الْأَسْوَدِ العنسي " الَّذِينَ ادَّعَيَا النُّبُوَّةَ فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِكُلِّ مِنْهُمَا شَيَاطِينُ تُخْبِرُهُ وَتُعِينُهُ. وَكَانَ " العنسي " قَدْ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِ الْيَمَنِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَتَلَهُ اللَّهُ عَلَى أَيْدِي عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَ قَدْ طَلَبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ الخولاني أَنْ يُتَابِعَهُ فَامْتَنَعَ فَأَلْقَاهُ فِي النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا جَرَى لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَعَ صَلَاتِهِ وَذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ لِلَّهِ مَعَ سَكِينَةٍ وَوَقَارٍ. وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ لَا تَصِيرُ النَّارُ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا. بَلْ قَدْ يَطْفُونَهَا كَمَا يطفيها النَّاسُ وَذَلِكَ فِي حَالِ اخْتِلَاطِ عُقُولِهِمْ وَهَيْجِ شَيَاطِينِهِمْ وَارْتِفَاعِ أَصْوَاتِهِمْ هَذَا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ حَالٌ شَيْطَانِيٌّ. وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ؛ بَلْ يَدْخُلُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْمَكْرِ وَالْمُحَالِ فَيَتَّخِذُ حَجَرَ الطَّلَقِ أَوْ دُهْنَ الضَّفَادِعِ وَأَنْوَاعًا مِنْ الْأَدْوِيَةِ. كَمَا يَصْنَعُونَ مِنْ جِنْسِ مَا تَصْنَعُهُ الْمُشَعْبِذُونَ إخْفَاءَ اللَّاذَنِ وَالسُّكَّرِ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ فَإِنَّهُمْ نَوْعَانِ: خَاصَّتُهُمْ أَهْلُ حَالٍ شَيْطَانِيٍّ وَعَامَّتُهُمْ أَهْلُ مُحَالٍ بهتاني.
مسألة كيف يستطيع أصحاب الأحوال الشيطانية خرق العادة؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 459)
(يُتْبَعُ)
(/)
أَنَا مَا امْتَحَنْت هَؤُلَاءِ لَكِنْ هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ لَهُمْ أَحْوَالًا يَدْخُلُونَ بِهَا النَّارَ وَأَنَّ أَهْلَ الشَّرِيعَةِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيَقُولُونَ لَنَا هَذِهِ الْأَحْوَالُ الَّتِي يَعْجَزُ عَنْهَا أَهْلُ الشَّرْعِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْتَرِضُوا عَلَيْنَا بَلْ يُسَلَّمُ إلَيْنَا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ - سَوَاءٌ وَافَقَ الشَّرْعَ أَوْ خَالَفَهُ - وَأَنَا قَدْ اسْتَخَرْت اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ إنْ دَخَلُوا النَّارَ أَدْخُلُ أَنَا وَهُمْ وَمَنْ احْتَرَقَ مِنَّا وَمِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَكَانَ مَغْلُوبًا وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ نَغْسِلَ جُسُومَنَا بِالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ. فَقَالَ الْأَمِيرُ وَلِمَ ذَاكَ؟ قُلْت: لِأَنَّهُمْ يَطْلُونَ جُسُومَهُمْ بِأَدْوِيَةِ يَصْنَعُونَهَا مِنْ دُهْنِ الضَّفَادِعِ وَبَاطِنِ قِشْرِ النَّارِنْجِ وَحَجَرِ الطَّلْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحِيَلِ الْمَعْرُوفَةِ لَهُمْ وَأَنَا لَا أَطْلِي جِلْدِي بِشَيْءِ فَإِذَا اغْتَسَلْت أَنَا وَهُمْ بِالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ بَطَلَتْ الْحِيلَةُ وَظَهَرَ الْحَقُّ فَاسْتَعْظَمَ الْأَمِيرُ هُجُومِي عَلَى النَّارِ وَقَالَ: أَتَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقُلْت لَهُ: نَعَمْ قَدْ اسْتَخَرْت اللَّهَ فِي ذَلِكَ وَأَلْقَى فِي قَلْبِي أَنْ أَفْعَلَهُ وَنَحْنُ لَا نَرَى هَذَا وَأَمْثَالَهُ ابْتِدَاءً؛ فَإِنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ إنَّمَا تَكُونُ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا لِحُجَّةِ أَوْ حَاجَةٍ فَالْحُجَّةُ لِإِقَامَةِ دِينِ اللَّهِ وَالْحَاجَةُ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ النَّصْرِ وَالرِّزْقِ الَّذِي بِهِ يَقُومُ دِينُ اللَّهِ وَهَؤُلَاءِ إذَا أَظْهَرُوا مَا يُسَمُّونَهُ إشَارَاتِهِمْ وَبَرَاهِينَهُمْ الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُبْطِلُ دِينَ اللَّهِ وَشَرْعَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَنْصُرَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَقُومَ فِي نَصْرِ دِينِ اللَّهِ وَشَرِيعَتِهِ بِمَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَرْوَاحِنَا وَجُسُومِنَا وَأَمْوَالِنَا فَلَنَا حِينَئِذٍ أَنْ نُعَارِضَ مَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ هَذِهِ المخاريق بِمَا يُؤَيِّدُنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ الْآيَاتِ. وَلِيُعْلَمَ أَنَّ هَذَا مِثْلُ مُعَارَضَةِ مُوسَى لِلسَّحَرَةِ لَمَّا أَظْهَرُوا سِحْرَهُمْ أَيَّدَ اللَّهُ مُوسَى بِالْعَصَا الَّتِي ابْتَلَعَتْ سِحْرَهُمْ.
مسألة و إذا ادعوا الأحوال الخارقة؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 465)
قُلْت - وَرَفَعْت صَوْتِي وَغَضِبْت - أَنَا أُخَاطِبُ كُلَّ أَحْمَدِيٍّ مِنْ مَشْرِقِ الْأَرْضِ إلَى مَغْرِبِهَا أَيُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي النَّارِ فَأَنَا أَصْنَعُ مِثْلَ مَا تَصْنَعُونَ وَمَنْ احْتَرَقَ فَهُوَ مَغْلُوبٌ؛ وَرُبَّمَا قُلْت فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ؛ وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ نَغْسِلَ جُسُومَنَا بِالْخَلِّ وَالْمَاءِ الْحَارِّ؛ فَسَأَلَنِي الْأُمَرَاءُ وَالنَّاسُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْت: لِأَنَّ لَهُمْ حِيَلًا فِي الِاتِّصَالِ بِالنَّارِ يَصْنَعُونَهَا مِنْ أَشْيَاءَ: مِنْ دُهْنِ الضَّفَادِعِ. وَقِشْرِ النَّارِنْجِ. وَحَجَرِ الطَّلَقِ. فَضَجَّ النَّاسُ بِذَلِكَ فَأَخَذَ يُظْهِرُ الْقُدْرَةَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: أَنَا وَأَنْتَ نُلَفُّ فِي بَارِيَةٍ بَعْدَ أَنْ تُطْلَى جُسُومُنَا بِالْكِبْرِيتِ. (فَقُلْت فَقُمْ؛ وَأَخَذْت أُكَرِّرُ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ إلَى ذَلِكَ فَمَدَّ يَدَهُ يُظْهِرُ خَلْعَ الْقَمِيصِ فَقُلْت: لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْخَلِّ فَأَظْهَرَ الْوَهْمَ عَلَى عَادَتِهِمْ فَقَالَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْأَمِيرَ فَلْيُحْضِرْ خَشَبًا أَوْ قَالَ حُزْمَةً حَطَب. فَقُلْت هَذَا تَطْوِيلٌ وَتَفْرِيقٌ لِلْجَمْعِ؛ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودٌ؛ بَلْ قِنْدِيلٌ يُوقَدُ وَأُدْخِلُ إصْبَعِي وَإِصْبَعَك فِيهِ بَعْدَ الْغَسْلِ؛ وَمَنْ احْتَرَقَتْ إصْبَعُهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ؛ أَوْ قُلْت:
(يُتْبَعُ)
(/)
فَهُوَ مَغْلُوبٌ. فَلَمَّا قُلْت ذَلِكَ تَغَيَّرَ وَذَلَّ. وَذُكِرَ لِي أَنَّ وَجْهَهُ اصْفَرَّ. ثُمَّ قُلْت لَهُمْ: وَمَعَ هَذَا فَلَوْ دَخَلْتُمْ النَّارَ وَخَرَجْتُمْ مِنْهَا سَالِمِينَ حَقِيقَةً وَلَوْ طِرْتُمْ فِي الْهَوَاءِ؛ وَمَشَيْتُمْ عَلَى الْمَاءِ؛ وَلَوْ فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَدَّعُونَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ. وَلَا عَلَى إبْطَالِ الشَّرْعِ؛ فَإِنَّ الدَّجَّالَ الْأَكْبَرَ يَقُولُ لِلسَّمَاءِ أَمْطِرِي فَتُمْطِرُ؛ وَلِلْأَرْضِ أَنْبِتِي فَتُنْبِتُ وَلِلْخَرِبَةِ أَخْرِجِي كُنُوزَك فَتُخْرِجُ كُنُوزَهَا تَتَّبِعُهُ؛ وَيَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يَمْشِي بَيْنَ شِقَّيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ قُمْ فَيَقُومُ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ دَجَّالٌ كَذَّابٌ مَلْعُونٌ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَفَعْت صَوْتِي بِذَلِكَ فَكَانَ لِذَلِكَ وَقْعٌ عَظِيمٌ فِي الْقُلُوبِ. وَذَكَرْت قَوْلَ أَبِي يَزِيدَ البسطامي: لَوْ رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَيَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَنْظُرُوا كَيْفَ وُقُوفُهُ عِنْدَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَذَكَرْت عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى أَنَّهُ قَالَ لِلشَّافِعِيِّ أَتَدْرِي مَا قَالَ صَاحِبُنَا يَعْنِي اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ؟ قَالَ: لَوْ رَأَيْت صَاحِبَ هَوًى يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ. فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَقَدْ قَصَرَ اللَّيْثُ لَوْ رَأَيْت صَاحِبَ هَوًى يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ؛ وَتَكَلَّمْت فِي هَذَا وَنَحْوِهِ بِكَلَامِ بَعُدَ عَهْدِي بِهِ. وَمَشَايِخُهُمْ الْكِبَارُ يَتَضَرَّعُونَ عِنْدَ الْأَمِيرِ فِي طَلَبِ الصُّلْحِ وَجَعَلْت أُلِحُّ عَلَيْهِ فِي إظْهَارِ مَا أَدْعُوهُ مِنْ النَّارِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يُجِيبُونَ وَقَدْ اجْتَمَعَ عَامَّةُ مَشَايِخِهِمْ الَّذِينَ فِي الْبَلَدِ وَالْفُقَرَاءُ الْمُوَلَّهُونَ مِنْهُمْ وَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَالنَّاسُ يَضِجُّونَ فِي الْمَيْدَانِ وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَشْيَاءَ لَا أَضْبِطُهَا. فَذَكَرَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا مَا مَضْمُونُهُ: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} وَذَكَرُوا أَيْضًا أَنَّ هَذَا الشَّيْخَ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ الْكَذَّابَ. وَأَنَّهُ الَّذِي قَصَدَك مَرَّةً فَأَعْطَيْته ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَقُلْت: ظَهَرَ لِي حِينَ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ وَذَهَبَ أَنَّهُ مُلْبَسٌ وَكَانَ قَدْ حَكَى حِكَايَةً عَنْ نَفْسِهِ مَضْمُونُهَا أَنَّهُ أَدْخَلَ النَّارَ فِي لِحْيَتِهِ قُدَّامَ صَاحِبِ حَمَاة وَلَمَّا فَارَقَنِي وَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ لِحْيَتَهُ مَدْهُونَةٌ. وَأَنَّهُ دَخَلَ إلَى الرُّومِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا ظَهَرَ لِلْحَاضِرِينَ عَجْزُهُمْ وَكَذِبُهُمْ وَتَلْبِيسُهُمْ وَتَبَيَّنَ لِلْأُمَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يَشُدُّونَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ مُبْطِلُونَ رَجَعُوا وَتَخَاطَبَ الْحَاجُّ بِهَادِرِ وَنَائِبُ السُّلْطَانِ وَغَيْرُهُمَا بِصُورَةِ الْحَالِ وَعَرَفُوا حَقِيقَةَ الْمُحَالِ
مسألة: الذين يعملون النار و الإشارات مثل النبل و الزعفران و غير ذلك هل هم أولياء؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 608)
أَمَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ " الْإِشَارَاتِ " كَالنَّبْلِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ وَالنَّارِ وَالْجُبَّةِ. فَلَيْسُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ؛ بَلْ هُمْ مِنْ أَحْزَابِ الشَّيَاطِينِ وَأَحْوَالُهُمْ شَيْطَانِيَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ كَرَامَاتِ الصَّالِحِينَ وَهُمْ يُفْسِدُونَ الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ وَالْأَعْرَاضَ وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ. وَلَا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِمْ إلَّا جَاهِلٌ عَظِيمُ الْجَهَالَةِ أَوْ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ التتر الْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة: الذي يأكل الثعابين هل هو صاحب كرامة؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 609)
الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَكْلُ الْخَبَائِثِ وَأَكْلُ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. فَمَنْ أَكَلَهَا مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. وَمَنْ اعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ وَأَكَلَهَا فَإِنَّهُ فَاسِقٌ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ رَجُلًا صَالِحًا وَلَوْ ذَكَّى الْحَيَّةَ لَكَانَ أَكْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَرَامًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: {خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.} فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ ذَلِكَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَسَمَّاهُنَّ فَوَاسِقَ؛ لِأَنَّهُنَّ يَفْسُقْنَ: أَيْ يَخْرُجْنَ عَلَى النَّاسِ وَيَعْتَدِينَ عَلَيْهِمْ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُنَّ كَمَا لَا يُحْتَرَزُ مِنْ السِّبَاعِ الْعَادِيَةِ فَيَكُونُ عُدْوَانُ هَذَا أَعْظَمَ مِنْ عُدْوَانِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَهُنَّ أَخْبَثُ وأحرم. وَأَمَّا الَّذِينَ يَأْكُلُونَ وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ " كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ " فَهُمْ أَشَرُّ حَالًا مِمَّنْ يَأْكُلُهَا مِنْ الْفُسَّاقِ؛ لِأَنَّ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تَكُونُ بِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ مِنْ أَكْلِ الْخَبَائِثِ كَمَا لَا تَكُونُ بِتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَإِنَّمَا هَذِهِ المخاريق الَّتِي يَفْعَلُهَا هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعُونَ: مِنْ الدُّخُولِ فِي النَّارِ وَأَخْذِ الْحَيَّاتِ وَإِخْرَاجِ اللَّاذَنِ وَالسُّكَّرِ وَالدَّمِ وَمَاءِ الْوَرْدِ. هِيَ نَوْعَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِحِيَلِ طَبْعِيَّةٍ. مِثْلِ أَدْهَانٍ مَعْرُوفَةٍ يَذْهَبُونَ وَيَمْشُونَ فِي النَّارِ وَمِثْلُ مَا يَشْرَبُهُ أَحَدُهُمْ مِمَّا يَمْنَعُ سُمَّ الْحَيَّةِ: مِثْلُ أَنْ يُمْسِكَهَا بعنقصتها حَتَّى لَا تَضُرَّهُ وَمِثْلُ أَنْ يُمْسِكَ الْحَيَّةَ الْمَائِيَّةَ وَمِثْلُ أَنْ يَسْلُخَ جِلْدَ الْحَيَّةِ وَيَحْشُوَهُ طَعَامًا وَكَمْ قَتَلَتْ الْحَيَّاتُ مِنْ أَتْبَاعِ هَؤُلَاءِ وَمِثْلُ أَنْ يَمْسَحَ جِلْدَهُ بِدَمِ أَخَوَيْنِ؛ فَإِذَا عَرِقَ فِي السَّمَاعِ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الدَّمَ وَيَصْنَعُ لَهُمْ أَنْوَاعًا مِنْ الْحِيَلِ وَالْمُخَادَعَاتِ. " النَّوْعُ الثَّانِي " وَهُمْ أَعْظَمُ: عِنْدَهُمْ أَحْوَالٌ شَيْطَانِيَّةٌ تَعْتَرِيهِمْ عِنْدَ السَّمَاعِ الشَّيْطَانِيِّ فَتَنْزِلُ الشَّيَاطِينُ عَلَيْهِمْ كَمَا تَدْخُلُ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ وَيَزِيدُ أَحَدُهُمْ كَمَا يَزِيدُ الْمَصْرُوعُ وَحِينَئِذٍ يُبَاشِرُ النَّارَ وَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَيَكُونُ الشَّيْطَانُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ تَقْتَرِنُ بِهِمْ الشَّيَاطِينُ مِنْ إخْوَانِهِمْ الَّذِينَ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَطْلُبُهُمْ النَّاسُ لِعِلَاجِ الْمَصْرُوعِ وَهُمْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ عِنْدَ النَّاسِ فَإِذَا طَلَبُوا تَحَلَّوْا بِحِلْيَةِ الْمُقَاتِلَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْجِنُّ فَيُحَارِبُ مِثْلَ الْجِنِّ الدَّاخِلِ فِي الْمَصْرُوعِ وَيَسْمَعُ النَّاسُ أَصْوَاتًا وَيَرَوْنَ حِجَارَةً يُرْمَى بِهَا وَلَا يَرَوْنَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَرَى الْإِنْسِيَّ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِ الرُّمْحِ الطَّوِيلِ. وَإِنَّمَا الْوَاقِفُ هُوَ الشَّيْطَانُ وَيَرَى النَّاسُ نَارًا تُحْمَى. وَيَضَعُ فِيهَا الْفُؤُوسَ وَالْمَسَاحِيَ ثُمَّ إنَّ الْإِنْسِيَّ يَلْحَسُهَا بِلِسَانِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ وَيَرَى النَّاسُ هَؤُلَاءِ يُبَاشِرُونَ الْحَيَّاتِ وَالْأَفَاعِيَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيَفْعَلُونَ مِنْ الْأُمُورِ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِمَّا يَفْعَلُهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعُونَ الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ الْمُلَبِّسُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُمْ مِنْ أَعَادِيهِ الْمُضَيِّعِينَ لِفَرَائِضِهِ الْمُتَعَدِّينَ لِحُدُودِهِ. وَالْجُهَّالِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ يَظُنُّوهُمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ؛ وَإِنَّمَا هَذِهِ الْأَحْوَالُ مِنْ جِنْسِ أَحْوَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَافِرِينَ وَالْفَاسِقِينَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ وَلَا فِعْلِ الْمَحْظُورِ وَلَا إقَامَةِ مَشْيَخَةٍ تُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَلَا أَنْ يُعْطِيَ رِزْقَهُ عَلَى مَشْيَخَةٍ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّمَا يُعَانُ بِالْأَرْزَاقِ مَنْ قَامَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَدَعَا إلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مسألة: هل السماع يؤثر في النفس؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 594)
لَمَّا كَانَ هَذَا السَّمَاعُ لَا يُعْطِي بِنَفْسِهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْأَحْوَالِ وَالْمَعَارِفِ بَلْ قَدْ يَصُدُّ عَنْ ذَلِكَ وَيُعْطِي مَا لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا سَلَفُ الْأُمَّةِ وَلَا أَعْيَانُ مَشَايِخهَا. وَمِنْ نُكَتِهِ أَنَّ الصَّوْتَ يُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ بِحُسْنِهِ: فَتَارَةً يَفْرَحُ وَتَارَةً يَحْزَنُ وَتَارَةً يَغْضَبُ وَتَارَةً يَرْضَى وَإِذَا قَوِيَ أَسْكَرَ الرُّوحَ فَتَصِيرُ فِي لَذَّةٍ مُطْرِبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ. كَمَا يَحْصُلُ لِلنَّفْسِ إذَا سَكِرَتْ بِالرَّقْصِ وَلِلْجَسَدِ أَيْضًا إذَا سَكِرَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ السُّكْرَ هُوَ الطَّرَبُ الَّذِي يُؤَثِّرُ لَذَّةً بِلَا عَقْلٍ فَلَا تَقُومُ مَنْفَعَتُهُ بِتِلْكَ اللَّذَّةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ غَيْبَةِ الْعَقْلِ الَّتِي صَدَّتْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَأَوْقَعَتْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ. وَ " بِالْجُمْلَةِ " فَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْلَمَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا يُقَرِّبُ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ وَلَا شَيْئًا يُبْعِدُ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ وَأَنَّ هَذَا السَّمَاعَ لَوْ كَانَ مَصْلَحَةً لَشَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وَإِذَا وَجَدَ فِيهِ مَنْفَعَةً لِقَلْبِهِ وَلَمْ يَجِدْ شَاهِدَ ذَلِكَ لَا مِنْ الْكِتَابِ وَلَا مِنْ السُّنَّةِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ. قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التستري: كُلُّ وَجْدٍ لَا يَشْهَدُ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الداراني: إنَّهُ لَتَلُمُّ بِقَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ الْقَوْمِ فَلَا أَقْبَلُهَا إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ: الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَيْضًا: لَيْسَ لِمَنْ أُلْهِمَ شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ أَنْ يَفْعَلَهُ حَتَّى يَجِدَ فِيهِ أَثَرًا فَإِذَا وَجَدَ فِيهِ أَثَرًا كَانَ نُورًا عَلَى نُورٍ. وَقَالَ الْجُنَيْد بْنُ مُحَمَّدٍ: عِلْمُنَا هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَكْتُبْ الْحَدِيثَ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي عِلْمِنَا. وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} قَالَ السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: " الْمُكَاءُ " كَالصَّفِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ التَّصْوِيتِ مِثْلِ الْغِنَاءِ. وَ " التَّصْدِيَةِ ": التَّصْفِيقُ بِالْيَدِ. فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ التَّصْدِيَةَ وَالْغِنَاءَ لَهُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
صَلَاةً وَعِبَادَةً وَقُرْبَةً يعتاضون بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ: فَصَلَاتُهُمْ وَعِبَادَتُهُمْ الْقُرْآنُ وَاسْتِمَاعُهُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَذِكْرُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَمَنْ اتَّخَذَ الْغِنَاءَ وَالتَّصْفِيقَ عِبَادَةً وَقُرْبَةً فَقَدْ ضَاهَى الْمُشْرِكِينَ فِي ذَلِكَ وَشَابَهَهُمْ فِيمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ: الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُهُ فِي بُيُوتِ اللَّهِ فَقَدْ زَادَ فِي مُشَابَهَتِهِ أَكْبَرَ وَأَكْبَرَ وَاشْتَغَلَ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ فَقَدْ عَظُمَتْ مُشَابَهَتُهُ لَهُمْ. وَصَارَ لَهُ كِفْلٌ عَظِيمٌ مِنْ الذَّمِّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} لَكِنْ قَدْ يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ لِاجْتِهَادِهِ أَوْ لِحَسَنَاتِ مَاحِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فِيمَا يُفَرِّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. لَكِنْ مُفَارَقَتُهُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي غَيْرِ هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا خَارِجًا عَنْ الشَّرِيعَةِ دَاخِلًا فِي الْبِدْعَةِ الَّتِي ضَاهَى بِهَا الْمُشْرِكِينَ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَفَطَّنَ لَهُ لِهَذَا وَيُفَرِّقَ بَيْنَ سَمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَسَمَاعِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ.
مسألة: كيف تحصل الأحوال الشيطانية مثلما حصل للحلاج؟
مجموع الفتاوى - (ج 35 / ص 111)
قَدْ جَزِعَ وَقْتَ الْقَتْلِ وَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ وَالسُّنَّةَ فَلَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ. وَلَوْ عَاشَ افْتَتَنَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْجُهَّالِ لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ خُزَعْبَلَاتِ بهتانية وَأَحْوَالٍ شَيْطَانِيَّةٍ. وَلِهَذَا إنَّمَا يُعَظِّمُهُ مَنْ يُعَظِّمُ الْأَحْوَالَ الشَّيْطَانِيَّةَ والنفسانية والبهتانية. وَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْعَالِمُونَ بِحَالِ الْحَلَّاجِ فَلَيْسَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ يُعَظِّمُهُ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ القشيري فِي مَشَايِخِ رِسَالَتِهِ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَ مِنْ كَلَامِهِ كَلِمَاتٍ اسْتَحْسَنَهَا. وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو يَعْقُوبَ النهرجوري قَدّ زَوَّجَهُ بِابْنَتِهِ فَلَمَّا اطَّلَعَ عَلَى زَنْدَقَتِهِ نَزَعَهَا مِنْهُ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَافِرٌ وَيَقُولُ: كُنْت مَعَهُ فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَالَ: أَقْدِرُ أَنْ أُصَنِّفَ مِثْلَ هَذَا الْقُرْآنَ. أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنْ الْكَلَامِ. وَكَانَ يُظْهِرُ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ مَا يَسْتَجْلِبُهُمْ بِهِ إلَى تَعْظِيمِهِ؛ فَيُظْهِرُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ سُنِّيٌّ وَعِنْدَ أَهْلِ الشِّيعَةِ أَنَّهُ شِيعِيٌّ وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الزُّهَّادِ تَارَةً وَلِبَاسَ الْأَجْنَادِ تَارَةً. وَكَانَ مِنْ " مخاريقه " أَنَّهُ بَعَثَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ إلَى مَكَانٍ فِي الْبَرِيَّةِ يُخَبِّئُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْفَاكِهَةِ وَالْحَلْوَى ثُمَّ يَجِيءُ بِجَمَاعَةِ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا إلَى قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَيَقُولُ لَهُمْ: مَا تَشْتَهُونَ أَنْ آتِيَكُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْبَرِيَّةِ؟ فَيَشْتَهِي أَحَدُهُمْ فَاكِهَةً أَوْ حَلَاوَةً فَيَقُولُ: اُمْكُثُوا؛ ثُمَّ يَذْهَبُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَأْتِي بِمَا خَبَّأَ أَوْ بِبَعْضِهِ فَيَظُنُّ الْحَاضِرُونَ أَنَّ هَذِهِ كَرَامَةٌ لَهُ وَكَانَ صَاحِبُ سِيمَا وَشَيَاطِينَ تَخْدِمُهُ أَحْيَانًا كَانُوا مَعَهُ عَلَى جَبَل أَبِي قبيس فَطَلَبُوا مِنْهُ حَلَاوَةً فَذَهَبَ إلَى مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهُمْ وَجَاءَ بِصَحْنِ حَلْوَى فَكَشَفُوا الْأَمْرَ فَوَجَدُوا ذَلِكَ قَدْ سُرِقَ مِنْ دُكَّانِ حلاوي بِالْيَمَنِ حَمَلَهُ
(يُتْبَعُ)
(/)
شَيْطَانٌ مِنْ تِلْكَ الْبُقْعَةِ. وَمِثْلُ هَذَا يَحْصُلُ كَثِيرًا لِغَيْرِ الْحَلَّاجِ مِمَّنْ لَهُ حَالٌ شَيْطَانِيٌّ وَنَحْنُ نَعْرِفُ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ فِي زَمَانِنَا وَغَيْرِ زَمَانِنَا: مِثْلَ شَخْصٍ هُوَ الْآنَ بِدِمَشْقَ كَانَ الشَّيْطَانُ يَحْمِلُهُ مِنْ جَبَلِ الصالحية إلَى قَرْيَةٍ حَوْلَ دِمَشْقَ فَيَجِيءُ مِنْ الْهَوَى إلَى طَاقَةِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ النَّاسُ فَيَدْخُلُ وَهُمْ يَرَوْنَهُ. وَيَجِيءُ بِاللَّيْلِ إلَى " بَابِ الصَّغِيرِ " فَيَعْبُرُ مِنْهُ هُوَ وَرُفْقَتُهُ وَهُوَ مِنْ أَفْجَرِ النَّاسِ. وَآخَرُ كَانَ بالشويك فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: " الشَّاهِدَةُ " يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ إلَى رَأْسِ الْجَبَلِ وَالنَّاسُ يَرَوْنَهُ وَكَانَ شَيْطَانٌ يَحْمِلُهُ وَكَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ. وَأَكْثَرُهُمْ شُيُوخُ الشَّرِّ يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ " الْبَوَّيْ " أَيْ الْمُخْبَثُ يَنْصِبُونَ لَهُ حَرَكَاتٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَيَصْنَعُونَ خُبْزًا عَلَى سَبِيلِ الْقُرُبَاتِ فَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ مَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ؛ ثُمَّ يَصْعَدُ ذَلِكَ الْبَوَاء فِي الْهَوَى وَهُمْ يَرَوْنَهُ. وَيَسْمَعُونَ خِطَابَهُ لِلشَّيْطَانِ وَخِطَابَ الشَّيْطَانِ لَهُ وَمَنْ ضَحِكَ أَوْ شَرَقَ بِالْخُبْزِ ضَرَبَهُ الدُّفُّ. وَلَا يَرَوْنَ مَنْ يَضْرِبُ بِهِ. ثُمَّ إنَّ الشَّيْطَانَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ مَا يَسْأَلُونَهُ عَنْهُ وَيَأْمُرُهُمْ بِأَنْ يُقَرِّبُوا لَهُ بَقَرًا وَخَيْلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَأَنْ يَخْنُقُوهَا خَنْقًا وَلَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِذَا فَعَلُوا قَضَى حَاجَتَهُمْ. وَشَيْخٌ آخَرُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ يَزْنِي بِالنِّسَاءِ ويتلوط بِالصِّبْيَانِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ " الْحِوَارَات " وَكَانَ يَقُولُ: يَأْتِينِي كَلْبٌ أَسْوَدُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ بَيْضَاوَانِ فَيَقُولُ لِي: فُلَانٌ إنَّ فُلَانًا نَذَرَ لَك نَذْرًا وَغَدًا يَأْتِيك بِهِ وَأَنَا قَضَيْت حَاجَتَهُ لِأَجْلِك فَيُصْبِحُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَأْتِيهِ بِذَلِكَ النَّذْرِ؛ وَيُكَاشِفُهُ هَذَا الشَّيْخُ الْكَافِرُ. قَالَ: وَكُنْت إذَا طَلَبَ مِنِّي تَغْيِيرَ مِثْلِ اللَّاذَنِ أَقُولُ حَتَّى أَغِيبَ عَنْ عَقْلِي؛ وَإِذْ بِاللَّاذَنِ فِي يَدِي أَوْ فِي فَمِي وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ وَضَعَهُ قَالَ: وَكُنْت أَمْشِي وَبَيْنَ يَدَيَّ عَمُودٌ أَسْوَدُ عَلَيْهِ نُورٌ. فَلَمَّا تَابَ هَذَا الشَّيْخُ وَصَارَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَجْتَنِبُ الْمَحَارِمَ: ذَهَبَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَذَهَبَ التَّغْيِيرُ؛ فَلَا يُؤْتَى بِلَاذَنِ وَلَا غَيْرِهِ. وَشَيْخٌ آخَرُ كَانَ لَهُ شَيَاطِينُ يُرْسِلُهُمْ يَصْرَعُونَ بَعْضَ النَّاسِ فَيَأْتِي أَهْلُ ذَلِكَ الْمَصْرُوعِ إلَى الشَّيْخِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ إبْرَاءَهُ فَيُرْسِلُ إلَى أَتْبَاعِهِ فَيُفَارِقُونَ ذَلِكَ الْمَصْرُوعَ وَيُعْطُونَ ذَلِكَ الشَّيْخَ دَرَاهِمَ كَثِيرَةً. وَكَانَ أَحْيَانًا تَأْتِيهِ الْجِنُّ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ تَسْرِقُهُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَانَ لَهُ تِينٌ فِي كوارة فَيَطْلُبُ الشَّيْخُ مِنْ شَيَاطِينِهِ تِينًا فَيُحْضِرُونَهُ لَهُ فَيَطْلُبُ أَصْحَابُ الْكُوَّارَةِ التِّينَ فَوَجَدُوهُ قَدْ ذَهَبَ. وَآخَرُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ فَجَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ أَغْرَتْهُ وَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ نُسْقِطُ عَنْك الصَّلَاةَ وَنُحْضِرُ لَك مَا تُرِيدُ. فَكَانُوا يَأْتُونَهُ بِالْحَلْوَى وَالْفَاكِهَةِ حَتَّى حَضَرَ عِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ فَاسْتَتَابَهُ وَأَعْطَى أَهْلَ الْحَلَاوَةِ ثَمَنَ حَلَاوَتِهِمْ الَّتِي أَكَلَهَا ذَلِكَ الْمَفْتُونُ بِالشَّيْطَانِ. فَكُلٌّ مَنْ خَرَجَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَانَ لَهُ حَالٌ: مِنْ مُكَاشَفَةٍ أَوْ تَأْثِيرٍ؛ فَإِنَّهُ صَاحِبُ حَالٍ نَفْسَانِيٍّ؛ أَوْ شَيْطَانِيٍّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَالٌ بَلْ هُوَ يَتَشَبَّهُ بِأَصْحَابِ الْأَحْوَالِ فَهُوَ صَاحِبُ حَالٍ بهتاني. وَعَامَّةُ أَصْحَابِ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْحَالِ الشَّيْطَانِيِّ وَالْحَالِ البهتاني كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}. و " الْحَلَّاجُ " كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَؤُلَاءِ: أَهْلُ الْحَالِ الشَّيْطَانِيِّ وَالْحَالِ البهتاني. وَهَؤُلَاءِ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ.
فَأَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ هُمْ شُيُوخُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ مِثْلَ الْكُهَّانِ وَالسَّحَرَةِ الَّذِينَ كَانُوا لِلْعَرَبِ الْمُشْرِكِينَ وَمِثْلَ الْكُهَّانِ الَّذِينَ هُمْ بِأَرْضِ الْهِنْدِ وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ إذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ يَجِيءُ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ فَيُكَلِّمُهُمْ وَيَقْضِي دُيُونَهُ وَيَرُدُّ وَدَائِعَهُ وَيُوصِيهِمْ بِوَصَايَا فَإِنَّهُمْ تَأْتِيهِمْ تِلْكَ الصُّورَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ شَيْطَانٌ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِهِ؛ فَيَظُنُّونَهُ إيَّاهُ. وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يَسْتَغِيثُ بِالْمَشَايِخِ فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي فُلَانٌ أَوْ يَا شَيْخُ فُلَانٍ اقْضِ حَاجَتِي. فَيَرَى صُورَةَ ذَلِكَ الشَّيْخِ تُخَاطِبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا أَقْضِي حَاجَتَك وَأُطَيِّبُ قَلْبَك فَيَقْضِي حَاجَتَهُ أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ عَدُوَّهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْطَانًا قَدْ تَمَثَّلَ فِي صُورَتِهِ لَمَّا أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَدَعَا غَيْرَهُ. وَأَنَا أَعْرِفُ مِنْ هَذَا وَقَائِعُ مُتَعَدِّدَةٌ؛ حَتَّى إنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِي ذَكَرُوا أَنَّهُمْ اسْتَغَاثُوا بِي فِي شَدَائِدَ أَصَابَتْهُمْ. أَحَدُهُمْ كَانَ خَائِفًا مِنْ الْأَرْمَنِ وَالْآخَرُ كَانَ خَائِفًا مِنْ التتر: فَذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَغَاثَ بِي رَآنِي فِي الْهَوَاءِ وَقَدْ دَفَعْت عَنْهُ عَدُوَّهُ. فَأَخْبَرْتهمْ أَنِّي لَمْ أَشْعُرْ بِهَذَا وَلَا دَفَعْت عَنْكُمْ شَيْئًا؛ وَإِنَّمَا هَذَا الشَّيْطَانُ تَمَثَّلَ لِأَحَدِهِمْ فَأَغْوَاهُ لَمَّا أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
مسألة: ما هي الأرواح التي تخاطبهم؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 238)
هَؤُلَاءِ تَأْتِيهِمْ أَرْوَاحٌ تُخَاطِبُهُمْ وَتَتَمَثَّلُ لَهُمْ وَهِيَ جِنٌّ وَشَيَاطِينُ فَيَظُنُّونَهَا مَلَائِكَةً كَالْأَرْوَاحِ الَّتِي تُخَاطِبُ مَنْ يَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ وَكَانَ مِنْ أَوَّلِ مَا ظَهَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الْإِسْلَامِ: الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " {سَيَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ} " وَكَانَ الْكَذَّابُ: الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ وَالْمُبِيرُ: الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ. فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَنْزِلُ إلَيْهِ فَقَالَا: صَدَقَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.
وَقَالَ الْآخَرُ وَقِيلَ لَهُ إنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ}. وَهَذِهِ الْأَرْوَاحُ الشَّيْطَانِيَّةُ هِيَ الرُّوحُ الَّذِي يَزْعُمُ صَاحِبُ " الْفُتُوحَاتِ " أَنَّهُ أُلْقِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابُ؛ وَلِهَذَا يَذْكُرُ أَنْوَاعًا مِنْ الْخَلَوَاتِ بِطَعَامِ مُعَيَّنٍ وَشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَهَذِهِ مِمَّا تَفْتَحُ لِصَاحِبِهَا اتِّصَالًا بِالْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ فَيَظُنُّونَ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْأَحْوَالِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الشَّيْطَانِيَّةِ وَأَعْرِفُ مِنْ هَؤُلَاءِ عَدَدًا وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَحْمِلُ فِي الْهَوَاءِ إلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ وَيَعُودُ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُؤْتَى بِمَالِ مَسْرُوقٍ تَسْرِقُهُ الشَّيَاطِينُ وَتَأْتِيه بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَتْ تَدُلُّهُ عَلَى السَّرِقَاتِ بِجُعْلِ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ النَّاسِ أَوْ بِعَطَاءِ يعطونه إذَا دَلَّهُمْ عَلَى سَرِقَاتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَتْ أَحْوَالُ هَؤُلَاءِ شَيْطَانِيَّةً كَانُوا مُنَاقِضِينَ لِلرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ كَمَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ صَاحِبِ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ " وَ " الْفُصُوصِ " وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يَمْدَحُ الْكُفَّارُ مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَهُودٍ وَفِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمْ وَيَتَنَقَّصُ الْأَنْبِيَاءُ: كَنُوحِ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَيَذُمُّ شُيُوخَ الْمُسْلِمِينَ الْمَحْمُودِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ: كالْجُنَيْد بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التستري وَيَمْدَحُ الْمَذْمُومِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ: كَالْحَلَّاجِ وَنَحْوِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَجَلِّيَاتِهِ الْخَيَالِيَّةِ الشَّيْطَانِيَّةِ
مسألة: كيف يخبرون بالمغيبات؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 283)
الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ مِثْلُ حَالِ {عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ الَّذِي ظَهَرَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ ظَنَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ الدَّجَّالُ وَتَوَقَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الدَّجَّالُ؛ لَكِنَّهُ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْكُهَّانِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَبَّأْت لَك خَبْئًا قَالَ: الدُّخُّ الدُّخُّ. وَقَدْ كَانَ خَبَّأَ لَهُ سُورَةَ الدُّخَانِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَك} " يَعْنِي إنَّمَا أَنْتَ مِنْ إخْوَانِ الْكُهَّانِ؛ وَالْكُهَّانُ كَانَ يَكُونُ لِأَحَدِهِمْ الْقَرِينُ مِنْ الشَّيَاطِينِ يُخْبِرُهُ بِكَثِيرِ مِنْ الْمُغَيَّبَاتِ بِمَا يَسْتَرِقُهُ مِنْ السَّمْعِ وَكَانُوا يَخْلِطُونَ الصِّدْقَ بِالْكَذِبِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قَالَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتُوحِيه إلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} "
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " {بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ إذْ رُمِيَ بِنَجْمِ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِمِثْلِ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا رَأَيْتُمُوهُ؟ قَالُوا كُنَّا نَقُولُ يَمُوتُ عَظِيمٌ أَوْ يُولَدُ عَظِيمٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ؛ وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ ثُمَّ يَسْأَلُ أَهْلُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مَاذَا قَالَ رَبُّنَا؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ ثُمَّ يَسْتَخْبِرُ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَتَخْطَفُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَيَرْمُونَ فَيَقْذِفُونَهُ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَكِنَّهُمْ يَزِيدُونَ} ". وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ
(يُتْبَعُ)
(/)
مُعَمَّرٌ قُلْت لِلزُّهْرِيِّ: أَكَانَ يُرْمَى بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنَّهَا غَلُظَتْ حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَ " الْأَسْوَدُ العنسي " الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ كَانَ لَهُ مِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يُخْبِرُهُ بِبَعْضِ الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَةِ فَلَمَّا قَاتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ كَانُوا يَخَافُونَ مِنْ الشَّيَاطِينِ أَنْ يُخْبِرُوهُ بِمَا يَقُولُونَ فِيهِ: حَتَّى أَعَانَتْهُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهَا كُفْرُهُ فَقَتَلُوهُ.
وَكَذَلِكَ " مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ " كَانَ مَعَهُ مِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يُخْبِرُهُ. بِالْمُغَيَّبَاتِ وَيُعِينُهُ عَلَى بَعْضِ الْأُمُورِ وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ كَثِيرُونَ مِثْلُ: الْحَارِثِ الدِّمَشْقِيِّ " الَّذِي خَرَجَ بِالشَّامِ زَمَنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَادَّعَى النُّبُوَّةَ وَكَانَتْ الشَّيَاطِينُ يُخْرِجُونَ رِجْلَيْهِ مِنْ الْقَيْدِ وَتَمْنَعُ السِّلَاحَ أَنْ يَنْفُذَ فِيهِ وَتُسَبِّحُ الرَّخَامَةُ إذَا مَسَحَهَا بِيَدِهِ وَكَانَ يَرَى النَّاسَ رِجَالًا وَرُكْبَانًا عَلَى خَيْلٍ فِي الْهَوَاءِ وَيَقُولُ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ وَإِنَّمَا كَانُوا جِنًّا وَلَمَّا أَمْسَكَهُ الْمُسْلِمُونَ لِيَقْتُلُوهُ طَعَنَهُ الطَّاعِنُ بِالرُّمْحِ فَلَمْ يَنْفُذْ فِيهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: إنَّك لَمْ تُسَمِّ اللَّهَ فَسَمَّى اللَّهَ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ.
مسألة: ما سبب الأحوال الشيطانية؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 287)
الْأَحْوَالُ الشَّيْطَانِيَّةُ " سَبَبُهَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} فَالْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَالشِّرْكُ وَالظُّلْمُ وَالْفَوَاحِشُ قَدْ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ فَلَا تَكُونُ سَبَبًا لِكَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَرَامَاتِ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَتْ لَا تَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَلْ تَحْصُلُ بِمَا يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ وَبِالْأُمُورِ الَّتِي فِيهَا شِرْكٌ كَالِاسْتِغَاثَةِ بِالْمَخْلُوقَاتِ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى ظُلْمِ الْخَلْقِ وَفِعْلِ الْفَوَاحِشِ فَهِيَ مِنْ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ لَا مِنْ الْكَرَامَاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ إذَا حَضَرَ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ شَيْطَانُهُ حَتَّى يَحْمِلَهُ فِي الْهَوَاءِ وَيُخْرِجَهُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَإِذَا حَصَلَ رَجُلٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى طَرْدَ شَيْطَانِهِ فَيَسْقُطُ كَمَا جَرَى هَذَا لِغَيْرِ وَاحِدٍ.
مسألة: ما حكم ما يعطى لهم في الحال الشيطاني؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 418)
بِتْنَا بِمَكَانِ وَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا سَمَاعًا وَأَنْ أَحْضُرَ مَعَهُمْ فَامْتَنَعْت مِنْ ذَلِكَ فَجَعَلُوا لِي مَكَانًا مُنْفَرِدًا قَعَدْت فِيهِ فَلَمَّا سَمِعُوا وَحَصَلَ الْوَجْدُ وَالْحَالُ صَارَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يَهْتِفُ بِي فِي حَالِ وَجْدِهِ وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ قَدْ جَاءَك نَصِيبٌ عَظِيمٌ تَعَالَ خُذْ نَصِيبَك فَقُلْت فِي نَفْسِي ثُمَّ أَظْهَرْته لَهُمْ لَمَّا اجْتَمَعْنَا: أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ هَذَا النَّصِيبِ فَكُلُّ نَصِيبٍ لَا يَأْتِي عَنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَا آكُلُ مِنْهُ شَيْئًا. وَتَبَيَّنَ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ فِيهِمْ مِمَّنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ وَعِلْمٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ الشَّيَاطِينُ وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ سَكْرَانُ بِالْخَمْرِ. وَاَلَّذِي قُلْته مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا النَّصِيبَ وَهَذِهِ الْعَطِيَّةَ وَالْمَوْهِبَةَ وَالْحَالَ سَبَبُهَا غَيْرُ
(يُتْبَعُ)
(/)
شَرْعِيٍّ لَيْسَ هُوَ طَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا شَرَعَهَا الرَّسُولُ فَهُوَ مِثْلُ مَنْ يَقُولُ: تَعَالَ اشْرَبْ مَعَنَا الْخَمْرَ وَنَحْنُ نُعْطِيك هَذَا الْمَالَ أَوْ عَظِّمْ هَذَا الصَّنَمَ وَنَحْنُ نُوَلِّيك هَذِهِ الْوِلَايَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ نَذْرًا لِغَيْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: مِثْلَ أَنْ يَنْذِرَ لِصَنَمِ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ قَبْرٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ شَيْخٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ النُّذُورِ الَّتِي فِيهَا شِرْكٌ فَإِذَا أَشْرَكَ بِالنَّذْرِ فَقَدْ يُعْطِيهِ الشَّيْطَانُ بَعْضَ حَوَائِجِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّحْرِ.
مسألة: هل هم مكلفون حال زوال عقلهم؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 442)
إنْ كَانَ زَوَالُ عَقْلِهِ بِسَبَبِ مُحَرَّمٍ: كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْحَشِيشَةِ أَوْ كَانَ يَحْضُرُ السَّمَاعَ الْمُلَحَّنَ فَيَسْتَمِعُ حَتَّى يَغِيبَ عَقْلُهُ أَوْ الَّذِي يَتَعَبَّدُ بِعِبَادَاتِ بِدْعِيَّةٍ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ بَعْضُ الشَّيَاطِينِ فَيُغَيِّرُوا عَقْلَهُ أَوْ يَأْكُلُ بَنْجًا يُزِيلُ عَقْلَهُ فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ عَلَى مَا أَزَالُوا بِهِ الْعُقُولَ. وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَسْتَجْلِبُ الْحَالَ الشَّيْطَانِيَّ بِأَنْ يَفْعَلَ مَا يُحِبُّهُ فَيَرْقُصَ رَقْصًا عَظِيمًا حَتَّى يَغِيبَ عَقْلُهُ أَوْ يَغُطَّ وَيَخُورَ حَتَّى يَجِيئَهُ الْحَالُ الشَّيْطَانِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقْصِدُ التَّوَلُّهَ حَتَّى يَصِيرَ مُولَهًا. فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مِنْ حِزْبِ الشَّيْطَانِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُمْ " مُكَلَّفُونَ " فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِمْ؟ وَالْأَصْلُ " مَسْأَلَةُ السَّكْرَانِ " وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ مُكَلَّفٌ حَالَ زَوَالِ عَقْلِهِ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ مُكَلَّفًا وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد أَنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ لَا يَقَعُ وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ. وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَالَ عَقْلُهُمْ بِمِثْلِ هَذَا يَكُونُونَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُوَحِّدِينَ الْمُقَرَّبِينَ وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ. وَمَنْ ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ عُقَلَاءِ الْمَجَانِينِ الَّذِينَ ذَكَرُوهُمْ بِخَيْرِ فَهُمْ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِينَ كَانَ فِيهِمْ خَيْرٌ ثُمَّ زَالَتْ عُقُولُهُمْ.
مسألة: أصحاب شهود القدر هل خرقهم للعادة شيطاني؟
مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 499)
مِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الْوُقُوفَ مَعَ إرَادَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ يَكُونُ فِي السُّلُوكِ وَالْبِدَايَةِ وَأَمَّا فِي النِّهَايَةِ فَلَا تَبْقَى إلَّا إرَادَةُ الْقَدَرِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَوْلٌ بِسُقُوطِ الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ؛ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ وَالطَّاعَةَ لَهُ وَلِرَسُولِهِ إنَّمَا تَكُونُ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ لَا فِي الْجَرْيِ مَعَ الْمَقْدُورِ وَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ فَسُوقًا أَوْ عِصْيَانًا وَمِنْ هُنَا صَارَ كَثِيرٌ مِنْ السَّالِكِينَ مِنْ أَعْوَانِ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ وَخُفَرَائِهِمْ حَيْثُ شَهِدُوا الْقَدَرَ مَعَهُمْ؛ وَلَمْ يَشْهَدُوا الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ الشَّرْعِيَّيْنِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ الْقَدَرَ سَقَطَ عَنْهُ الْمُلَامُ. وَيَقُولُونَ إنَّ الْخَضِرَ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْمُلَامُ لَمَّا شَهِدَ الْقَدَرَ. وَأَصْحَابُ شُهُودِ الْقَدَرِ قَدْ يُؤْتَى أَحَدُهُمْ مُلْكًا مِنْ جِهَةِ خَرْقِ الْعَادَةِ بِالْكَشْفِ وَالتَّصَرُّفِ فَيَظُنُّ ذَلِكَ كَمَالًا فِي الْوِلَايَةِ؛ وَتَكُونُ تِلْكَ " الْخَوَارِقُ " إنَّمَا حَصَلَتْ بِأَسْبَابِ شَيْطَانِيَّةٍ وَأَهْوَاءٍ نَفْسَانِيَّةٍ
مسألة: متى تنصرف عنهم الأحوال الشيطانية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 285)
أَهْلُ " الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ " تَنْصَرِفُ عَنْهُمْ شَيَاطِينُهُمْ إذَا ذُكِرَ عِنْدَهُمْ مَا يَطْرُدُهَا مِثْلُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {لَمَّا وَكَّلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فَسَرَقَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يُمْسِكُهُ فَيَتُوبَ فَيُطْلِقَهُ فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُك الْبَارِحَةَ فَيَقُولُ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ فَيَقُولُ كَذَبَك وَإِنَّهُ سَيَعُودُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ. قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أُعَلِّمَك مَا يَنْفَعُك: إذَا أَوَيْت إلَى فِرَاشِك فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إلَى آخِرِهَا فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ عَلَيْك مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُك شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَلَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَدَقَك وَهُوَ كَذُوبٌ} " وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ شَيْطَانٌ. وَلِهَذَا إذَا قَرَأَهَا الْإِنْسَانُ عِنْدَ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ بِصِدْقِ أَبْطَلَتْهَا مِثْلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ بِحَالِ شَيْطَانِيٍّ أَوْ يَحْضُرُ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ فَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ وَتَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ كَلَامًا لَا يُعْلَمُ وَرُبَّمَا لَا يُفْقَهُ وَرُبَّمَا كَاشَفَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ بِمَا فِي قَلْبِهِ وَرُبَّمَا تَكَلَّمَ بِأَلْسِنَةِ مُخْتَلِفَةٍ كَمَا يَتَكَلَّمُ الْجِنِّيُّ عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ وَالْإِنْسَانُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْحَالُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَصْرُوعِ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ وَلَبِسَهُ وَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ فَإِذَا أَفَاقَ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءِ مِمَّا قَالَ وَلِهَذَا قَدْ يُضْرَبُ الْمَصْرُوعُ وَذَلِكَ الضَّرْبُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِنْسِيِّ وَيُخْبِرُ إذَا أَفَاقَ أَنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءِ لِأَنَّ الضَّرْبَ كَانَ عَلَى الْجِنِّيِّ الَّذِي لَبِسَهُ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَأْتِيه الشَّيْطَانُ بِأَطْعِمَةِ وَفَوَاكِهَ وَحَلْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَطِيرُ بِهِمْ الْجِنِّيُّ إلَى مَكَّةَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ثُمَّ يُعِيدُهُ مِنْ لَيْلَتِهِ فَلَا يَحُجُّ حَجًّا شَرْعِيًّا؛ بَلْ يَذْهَبُ بِثِيَابِهِ وَلَا يُحْرِمُ إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ وَلَا يُلَبِّي وَلَا يَقِفُ بمزدلفة وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ؛ وَلَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا يَرْمِي الْجِمَارَ بَلْ يَقِفُ بِعَرَفَةَ بِثِيَابِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ مِنْ لَيْلَتِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِحَجِّ وَلِهَذَا رَأَى بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةَ تَكْتُبُ الْحُجَّاجَ فَقَالَ أَلَا تَكْتُبُونِي؟ فَقَالُوا لَسْت مِنْ الْحُجَّاجِ. يَعْنِي حَجًّا شَرْعِيًّا.
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 470)
بِأَيِّ شَيْءٍ تَبْطُلُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ. فَقُلْت: بِهَذِهِ السِّيَاطِ الشَّرْعِيَّةِ. فَأُعْجِبَ الْأَمِيرُ وَضَحِكَ وَقَالَ: أَيْ وَاَللَّهِ بِالسِّيَاطِ الشَّرْعِيَّةِ تَبْطُلُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ الشَّيْطَانِيَّةُ كَمَا قَدْ جَرَى مِثْلُ ذَلِكَ لِغَيْرِ وَاحِدٍ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ إلَى الدِّينِ بِالسِّيَاطِ الشَّرْعِيَّةِ فَبِالسُّيُوفِ الْمُحَمَّدِيَّةِ.
مسألة: هل يجب نهيهم؟
مجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 668)
هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ الَّذِينَ يَجِبُ نَهْيُهُمْ وَاسْتِتَابَتُهُمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَالشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْفُجُورِ وَأَمْرِهِمْ بِمَاَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخَافَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 12:34]ـ
جميل. . . بارك الله فيك!
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Sep-2008, صباحاً 12:57]ـ
الأخ نضال إن كان الموضوع جميلاً فاسمك جميل أيضاً و جزاك الله خيراً و للموضوع بقية إن شاء الله
لكن لا أدري ما وجه علامة التعجب
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[26 - Sep-2008, مساء 05:55]ـ
أحبك الله أخي الكريم. . إنها هناك علامة (الدعاء) وليست (التعجب)
ـ[أبو عمر الماردي]ــــــــ[03 - Oct-2008, مساء 05:08]ـ
جزاك الله خيرا ..
بسط شيخ الإسلام هذه المسألة في كتابه [النبوات] وأوضح رحمه الله تعالى الفرق بين معجزات الأنبياء و أتباعهم ومخاريق الشياطين و أتباعهم وهو أجود ما قرأت في هذا الباب ..
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[04 - Oct-2008, صباحاً 02:50]ـ
و إياك أيها الأخ الماردي
و بقي في الموضوع بقية و هي الأحوال الرحمانية و النفسانية لأني لم أذكر إلا الأحوال الشيطانية، لكني انشغلت و تكاسلت عن إكمال الموضوع، و لعلي أعود لإكماله
(/)
الْمِشْيَاتُ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ، لابن القيم
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 05:23]ـ
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ [/ SIZE] }
قال ابن كثير رحمه الله أي: امش مشيًا مقتصدا ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلا وسطًا بين بين، {قال عطاء: امش بالوقار والسَّكينة}. {قال ابن جبير: لا تختل في مشيتك}
و قوله: (يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا)
فيه أربعة أقاويل عن الحسن قال: علماء حلماء لا يجهلون. لثاني: أعفاء أتقياء، قاله الضحاك. الثالث: بالسكينة والوقار، قاله مجاهد. الرابع: متواضعين لا يتكبرون، قاله ابن زيد.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ:
الْمِشْيَاتُ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ،
(الْأَوَّلُ): أَحْسَنُهَا وَأَسْكَنُهَاوهي مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ} قال الألباني:
صحيح مختصر الشمائل (40) وَقَالَ مَرَّةً: {إذَا مَشَى تَقَلَّعَ}، وَالتَّقَلُّعُ الِارْتِفَاعُ مِنْ الْأَرْضِ بِجُمْلَتِهِ كَحَالِ الْمُنْحَطِّ فِي الصَّبَبِ، يَعْنِي يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ رَفْعًا بَائِنًا بِقُوَّةٍ، وَالتَّكَفُّؤُ التَّمَايُلُ إلَى قُدَّامَ، كَمَا تَتَكَفَّأُ السَّفِينَةُ فِي جَرْيِهَا، وَهُوَ أَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {مَا رَأَيْت أَحَدًا أَسْرَعَ مِشْيَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، كُنَّا إذَا مَشِينَا مَعَهُ نُجْهِدُ أَنْفُسَنَا، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ} رواهَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا مَشَى مَشَى مُجْتَمِعًا لَيْسَ فِيهِ كَسَلٌ} رَوَاه الْإِمَامُ أَحْمَدُ قال الالباني: سنده صحيح.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ: {وَإِذَا مَشَى لَكَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ} وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهُ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا
مَشَى تَقَطَّعَ كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ}.
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا لَمْ نَذْكُرْ أَنَّ مِشْيَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ بِمُمَاتَةٍ وَلَا بِمُهَانَةٍ، وَالصَّبَبُ: الْمَوْضِعُ الْمُنْحَدِرُ مِنْ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سُرْعَةِ مَشْيِهِ؛ لِأَنَّ الْمُنْحَدِرَ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ فِي مَشْيِهِ، وَالتَّقَطُّعُ الِانْحِدَارُ مِنْ الصَّبَبِ، وَالتَّقَطُّعُ مِنْ الْأَرْضِ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعْمِلُ التَّثَبُّتَ وَلَا يُبَيَّنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتِعْجَالٌ وَمُبَادَرَةٌ شَدِيدَةٌ، وَأَرَادَ بِهِ قُوَّةَ الْمَشْيِ، وَأَنَّهُ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ رَفْعًا قَوِيًّا لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيُقَارِبُ خَطْوَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَشْيِ النِّسَاءِ. فَأَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ مِشْيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْمَاشِيَ إنْ كَانَ يَتَمَاوَتُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَمْشِي قِطْعَةً وَاحِدَةً كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَحْمُولَةٌ فَمِشْيَةٌ قَبِيحَةٌ مَذْمُومَةٌ.
وقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ:
الثَّانِيَةُ مِنْ الْمِشْيَاتِ: أَنْ يَمْشِيَ بِانْزِعَاجٍ وَاضْطِرَابٍ، مَشْيَ الْجَمَلِ الْأَهْوَجِ، وَهِيَ مَذْمُومَةٌ أَيْضًا، وَهِيَ عَلَامَةٌ عَلَى خِفَّةِ عَقْلِ صَاحِبِهَا، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ يَمِينًا وَشِمَالًا.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمْشِيَ هَوْنًا وَهِيَ مِشْيَةُ عِبَادِ الرَّحْمَنِ. الرَّابِعَةُ: السَّعْيُ
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مِنْ غَيْرِ كِبْرٍ وَلَا تَمَاوُتٍ، وَهِيَ مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
. الْخَامِسَةُ: الرَّمَلُ وَتُسَمَّى الْخَبَبَ، وَهِيَ إسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَا بِخِلَافِ السَّعْيِ.
السَّادِسَةُ: السَّيَلَانُ، وَهُوَ الْعَدْوُ الْخَفِيفُ بِلَا انْزِعَاجٍ. السَّابِعَةُ: لْخَوْزَلَى، وَهِيَ مِشْيَةٌ فِيهَا تَكَبُّرٌ وَتَخَنُّثٌ.
الثَّامِنَةُ: الْقَهْقَرَى وَهِيَ الْمَشْيُ إلَى وَرَائِهِ. التَّاسِعَةُ: الْجَمَزَى يَثِبُ فِيهَا وَثْبًا.
الْعَاشِرَةُ: التَّمَايُلُ كَمِشْيَةِ النِّسْوَانِ. وَإِذَا مَشَى بِهَا الرَّجُلُ كَانَ مُتَبَخْتِرًا. وَأَعْلَاهَا مِشْيَةُ الْهَوْنِ وَالتَّكَفُّؤِ انْتَهَى. [/ SIZE]
(/)
ما الدليل على أن العمل في ليلة القدر يقدر بعمل ألف شهر؟؟!!
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[15 - Sep-2008, صباحاً 10:26]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ما الدليل على أن العمل في ليلة القدر يقدر بعمل ألف شهر؟؟!!
فالآية تقول " ليلة القدر خير من ألف شهر " ولم تتطرق الى موضوع العمل فيها،وهي كقوله صلى الله عليه وسلم " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة " ومعلوم أن ذلك لا يعني أن العمل الصالح في يوم الجمعة يكون خير منه في غير الجمعة، بل أحياناً على العكس من ذلك، فإفراد الجمعة بصيام مكروه أو محرم بينما في غير يوم الجمعة لا مكروه ولا محرم فلا ارتباط بين خيرية اليوم والليلة وثواب العمل فيها.
فليلة القدر ليلة مشهودة وتتنزل فيها الملائكة وتكثر فيها رحمة الله وفضله ومن قامها إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه كما صح الحديث، أما أن العبادة والعمل فيها بعبادة ألف شهر أي 83 سنة فبأي دليل يقال ذلك.
ملحوظة: (أنا مستفهم فقط ولست منكرا سوى الاستدلال بالآية على هذا المعنى)
ـ[حسن عبد الله]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 12:59]ـ
للفائدة ينظر اختلاف أهل التفسير في ذلك (تفسير الطبري 30/ 259)
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 01:08]ـ
اقتباس
خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة " ومعلوم أن ذلك لا يعني أن العمل الصالح في يوم الجمعة يكون خير منه في غير الجمعة،
بل ثبت هذا فى احاديث كثيرة اخى الفاضل مثلا
الاخبار ان فيه ساعة اجابة وبالتالى الاجتهاد فى الطاعه والدعاء
والاحاديث فى فضل الاغتسال للصلاة والتطيب والتبكير وحسن الانصات للخطبة وغيره وعد رسول الله من يفعل ذلك بان تكون
الجمعة للجمعة كفارة لما بينهما فهذه الاعمال طيبة ومرغوبه فى غير الجمعة ولكن لم يأت الوعد بالمثوبة عليها كما جاء فى فعلها فى الجمعة
ثانيا
فيما يخص ليلة القدر وانها خير من الف شهر
خيرية العمل فيها وانه خير من ألف شهر هو فهم ائمة الدين سلفا وخلفا بما يشبه الاجماع واستأنسوا ببعض الآثار التى لاتخلو من مقال ولكن مايدعم هذا الفهم ماجاء فى صحيح البخارى ومسلم وغيرهما ان من قام ليلة القدر غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر
نعم لاذكر للالف شهر فى الحديث ولكن اقول هذا الحديث يقوى المرويات الصريحة والتى قلت لاتخلو من مقال
مشاركتى ليست فتوى بل هى مدارسة بين اخوة كرام اجتمعوا على محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 02:03]ـ
(ليلة القدر خير من ألف شهر)، خير في ماذا؟ إن قلنا لم تتعرض الآية لذلك كما تقول، فقد يقال: إنها تشمل جميع أوجه الخيرية، ولا شك أن أقرب أوجه الخيرية هي الخيرية في العمل؛ لا سيما وهذا هو المتبادر من العبارة، وكذلك فهو المعروف في النصوص الأخرى، كما في النصوص التي فيها تفضيل بعض القرآن على بعض، أو بعض الأوقات على بعض، أو بعض الأماكن على بعض، فكل هذا خيرية في الأجر ولا شك، ولا يمنع هذا من وجود جوانب أخرى للخيرية.
- ما معنى أن أفضل المساجد المسجد الحرام؟
- ما معنى أفضل البقاع مكة؟
- ما معنى أن أفضل الشهور رمضان؟
- ما معنى أن أفضل الصلاة طول القنوت؟
- ما معنى أن أفضل الأيام يوم الجمعة؟
- ما معنى أن أفضل الليل الثلث الآخر؟
- ما معنى أن أفضل الرقاب كذا وكذا
... إلخ إلخ.
فلا شك أن هذه النصوص وما جرى مجراها تحمل على الأفضلة في الثواب والأجر، ولا مانع من وجود جوانب أخرى للتفضيل.
وأما الاعتراض بأن إفراد يوم الجمعة بصيام أو قيام منهي عنه، فهو اعتراض في غير محله، لماذا؟
- أولا: لأن الأعمال الصالحة لا تقف عند الإفراد بصيام وقيام، فإنك تستطيع أن تصومه وتقومه من غير إفراد، وكذلك تستطيع أن تفعل غير الصيام والقيام من الأعمال الصالحة، وكذلك النهي عن الصيام إذا انتصف شعبان -إن صح- لا يمنع من أفضلية صيام شعبان لمن كان له عادة، وغير ذلك.
- ثانيا: أن النهي عن إفراد شيء بشيء هذا حكم شرعي كأي حكم تفصيلي فيه النهي عن تفاصيل معينة، كالنهي عن لبس أشياء معينة في الحج، وفعل أشياء معينة في الصوم وغير ذلك، وليس لهذا علاقة بأفضلية الحج أو الصوم أو غيرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وينبغي أن نسأل أنفسنا: لقد أخبرنا الله عز وجل بأن (ليلة القدر خير من ألف شهر) وجاء في النصوص تحري ليلة القدر في السبع الأواخر، ورأينا أهل العلم سلفا وخلفا يتحرون هذه الليلة، حتى لو قال قائل: (إن فهم أفضلية هذه الليلة من هذه الآية أمر بديهي) لما أبعد.
والله أعلم.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 10:38]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
فجزى الله خيراً كل من شارك، ولكني لم أجد دليلاً قوياً فيما قيل على المطلوب
فبصرف النظر عن أقوال المفسرين، لا يوجد - على حد علمي وليصحح لي إن اخطأت - نصوص في هذا الموضوع إلا:
قوله تعالى: ليلة القدر خير من ألف شهر
قوله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه 0000البخاري ومسلم
قوله صلى الله عليه وسلم: فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم 00000صححه الألباني
وليس فيها سوى ذكر الخيرية فقط والدعوة الى تحريها والاجتهاد فيها ما لا يجتهد في غيرها والبشارة بالمغفرة والرحمة والفضل لأهل العبادة فيها - وهذا لا يماري فيه أحد وليس هو موضوع النقاش.
وأتساءل مرة اخرى وأريد إجابة مختصرة ومحددة 00
هل فعل التسبيح والصدقة والعمرة وإصلاح ذات البين وصلة الرحم في يوم الجمعة أفضل من فعلها في أي يوم آخر بناءً على قوله صلى الله عليه وسلم " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة "؟
لا أظن مجيباً بالموافقة على ذلك
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين منبع خيرية يوم الجمعة -بعيداً عن مسألة العمل - فقال فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه ساعة لا يوافقها 0000 وهكذا.
والأمر في ليلة القدر ينبغي ان نقف فيه عند حدود النصوص فليلة القدر خير من ألف شهر نزل فيها القرآن، وتتنزل فيها الملائكة ويرجى فيها الرحمة والمغفرة ما لا يرجى في غيرها.
ويؤكد ذلك - وليرجع الى كتب التفسير من يحب موافقتهم - أن الكثيرين منهم قالوا ان عدد الألف شهر لا يقصد به التحديد ولكن التكثير، فهو كقوله تعالى " يود احدهم لو يعمر ألف سنة " فالعرب تذكر الألف للدلالة على الكثرة ويقولون "رجل بألف " ولا يقصدون عدد الألف ذاته، وهو يهدم القول بأن عبادة ليلة القدر و قيامها يعدل عبادة ثمانين سنة وقيامها 00والله أعلم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 05:16]ـ
لكن بعض المفسرين قال انها تساوى لا خير من الف شهر فما رأيكم فى هذا لعله خطأ مطبعى
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[21 - Sep-2008, صباحاً 10:37]ـ
لكن بعض المفسرين قال انها تساوى لا خير من الف شهر فما رأيكم فى هذا لعله خطأ مطبعى
هذا لا يقال إلا بناءً على ان المقصود من الألف شهر زمن محدود لا على أن المقصود التكثير كما سبق ذكره، وإلا فإن الليلة خير من آلاف الشهور في حياة البشر " فكم من آلاف السنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة السعيدة من آثار وتحولات "
(/)
كلمات رائقة عن صوم رمضان للعلامة الأديب البشير الإبراهيمي
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 01:21]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ كلمات رائقة عن صوم رمضان للعلامة الأديب البشير الإبراهيمي ‘‘
قال العلامة السلفي والأديب الألمعي الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الجزائري - رحمه الله -:
(صوم رمضان محك للإرادات النفسية، وقمع للشهوات الجسمية، ورمز للتعبد في صورته العليا، ورياضة شاقة على هجر اللذائذ والطيبات، وتدريب منظّم على حمل المكروه من جوع وعطش وسكوت، ودرس مفيد في سياسة المرء لنفسه، وتحكُّمه في أهوائها، وضبطه بالجد لنوازع الهزل واللغو والعبث فيها، وتربية عملية لخُلق الرحمة بالعاجز المعدم؛ فلولا الصوم لما ذاق الأغنياء الواجدون ألم الجوع، ولما تصوَّروا ما يفعله الجوع بالجائعين؛ وفي الإدراكات النفسية جوانب لا يُغني فيها السماع عن الوجدان، ومنها هذا؛ فلو أن جائعا ظلّ وبات على الطوى خمسا، ووقف خمسا أخرى يصور للأغنياء البطان ما فعل الجوع بأمعائه وأعصابه، وكان حالُه أبلغ في التعبير من مقاله، لَما بلغ في التأثير فيهم ما تبلغه جوعة واحدة في نفس غني مترف.
لذلك كان نبيّنا إمام الأنبياء، وسيّد الحكماء، أجود ما يكون في رمضان.
ورمضان نفحة إلهية تهُبّ على العالم الأرضي في كل عام قمريّ مرة، وصفحة سماوية تتجلّى على أهل هذه الأرض فتجلو لهم من صفات الله عطفه وبرّه، ومن لطائف الإسلام حكمته وسرّه؛ فينظر المسلمون أين حظهم من تلك النفحة، وأين مكانهم في تلك الصفحة.
ورمضان " مستشفى " زماني يجد فيه كل مريض دواءَ دائه؛ يستشفي فيه مرضى البخل بالإحسان، ومرضى البطنة والنعيم بالجوع والعطش، ومرضى الجوع والخصاصة بالشبع والكفاية.
ورمضان جبّار الشهور، في الدهور، مرهوب الصولة والدولة، لا يقبل التساهل ولا التجاهل، ومن غرائب شؤونه أن معظم صائميه من الأغفال، وأن معظم جنده من الأطفال، يستعجلون صومه وهم صغار، ويستقصرون أيامه وهي طوال، فإذا انتهك حرمته منتهك بثّوا حوله الأرصاد، وكانوا له بالمرصاد، ورشقوه ونضحوه، و (بهدلوه) وفضحوه؛ لا ينجو منهم مختفٍ في خان، ولا مختبئ في حان، ولا ماكر يغِشّ، ولا آو إلى عشّ، ولا متستّر بحُشّ، ولا من يغيّر الشكل، لأجل الأكل، ولا من يتنكّر بحجاب الوجه، ولا بسفور الرأس، ولا برطانة اللسان؛ كأنما لكل شيء في خياشيمهم رائحة، حتى الهيئات والكلمات؛ وهم قوم جريحهم جُبار الجرح، وقتيلهم هدر الدم.
سبحان من ضيّق إحصارَه * وصيّر الأطفال أنصارَه
وحرّك الريحيْن بشرى به * رُخاءَه الهيْنَ وإعصارَه
ورمضان - مع ذلك كله - مجلى أوصاف للوُصاف: حرم أهل المجون مما يرجون، وحبس لهم من مطايا اللهو ما يُزجون؛ وأحال - لغمّهم - أيام الدجون، كالليالي الجون؛ فترِحوا لتجلّيه، وفرحوا بتولّيه، ونظموا ونثروا، وقالوا فيه فأكثروا، وأطلّ على الشعراء بالغارة الشعواء فهاموا وجنُّوا، وقالوا فافتنّوا؛ قال إمامهم الحكمي: إن أفضل يوم عنده أول شوال، وقال الغالون منهم والقالون ما هو أشبه بهم. ولو لم يكن لآخرهم " شوقي " إلا: (رمضان ولَّى ... ) لكفته ضلّة، ودخنا في اليقين وعلّة، والرجل جديد، وله في العروبة باع مديد، وفي الإسلام رأي سديد، وفي الدفاع عنه لسان حديد، ونحن نعرفه، فلا نَفْرقه.
أما المعتدلون والمراءون فمنهم القائل:
شهر الصيام مبارك * ما لم يكن في شهر آب
خفت العذاب فصمته * فوقعت في عين العذاب
ومنهم القائل:
يا أخا الحارث بن عمرو بن بكر * أشهورا نصوم أم أعواما
طال هذا الشهر المبارك حتى * قد خشينا بأن يكون لزاما
أما الوصف العبقريّ، والوادي الذي طم على القَريّ؛ فهو قول الحديث الموحى: " الصوم لي وأنا أجزي به "، وحديث الصادق: " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "، وحديث الصحيح: " للصائم فرحتان "، وقول الكتاب المكنون: ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) [البقرة: 183]) اهـ.
[جريدة " البصائر " (العدد 43، 12 يوليو 1948م)، عن " آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي " (3/ 476 - 478)].
وقال - رحمه الله رحمة واسعة -:
(يُتْبَعُ)
(/)
(يسمي الناس هذا الشهر العظيم بشهر الصوم، أو شهر الإمساك فيقتصرون على الظاهر من أمره، فيبتدئ التقصير منهم في جَنْبِه من تسميته بأهون خصائصه، ووصفه بأيسر صفاته، ووزنه بأخفّ الموازين؛ وشيوع هذه المعاني السطحية بين الناس يُفضي بالنفوس إلى تأثّرات باطنية، تبعدُها عن الحقائق العليا، وتنزل بها إلى المراتب الدنيا، وقد توجّهها إلى جهات معاكسة للوجهة المؤدية إلى الله، ومن نتائج ذلك أن الناس أصبحوا يتعاملون مع الله على نحو من معاملة بعضهم بعضا ...
ما مسخ العبادات عندنا وصيّرها عادمة التأثير؛ إلا تفسيرُها بمعاني الدنيا، وتفصيلُها على مقاييسها، فالخوف من الله كالخوف من المخلوق، والرجاء في الله على وزن الرجاء في غيره، ودعاؤه كدعاء الناس، والتوكّل كالتوكّل، والقرب كالقرب، والعلاقات كالعلاقات، وعلى هذه الأقيسة دخلت في المعاملات مع الله معاني التحيّل والمواربة والخلابة، فدخلت معها معاني الإشراك، فذهبت آثار العبادات وبقيت صُوَرُها، فلم تنهَ الصلاة عن الفحشاء والمنكر، ولم
يهذّب الصوم النفوس، ولم يكفكف من ضراوتها، ولم يزرع فيها الرحمة، ولم يغرها بالإحسان.
ولو أن المسلمين فقهوا توحيد الله من بيان القرآن، وآيات الأكوان؛ لما ضلّوا هذا الضلال البعيد في فهم المعاملات الفرعية مع الله - وهي العبادات -، وتوحيد الله هو نقطة البدء في طريق الاتصال به، ومنه تبدأ الاستقامة أو الانحراف؛ فمن وحّد الله حق توحيده؛ قدره حق قدره، فعرفه عن علم، وعبده عن فهم، ولم تلتبس عليه معاني الدين بمعاني الدنيا، وإن كانت الألفاظ واحدة ...
أما شهر رمضان عند الأيقاظ المتذكّرين، فهو شهر التجليات الرحمانية على القلوب المؤمنة، ينضحها بالرحمة، وينفح عليها بالرّوح، ويخزها بالمواعظ، فإذا هي كأعواد الربيع جدّةً ونضرة، وطراوة وخضرة، ولحكمة ما كان قمريًا لا شمسيًا؛ ليكون ربيعًا للنفوس، متنقلاً على الفصول، فيروّض النفوس على الشدة في الاعتدال، وعلى الاعتدال في الشدة.
إن رمضان يحرّك النفوس إلى الخير، ويسكنها عن الشر، فتكون أجود بالخير من الريح المرسلة، وأبعد عن الشر من الطفولة البلهاء، ويطلقها من أسر العادات، ويحرّرها من رقّ الشهوات، ويجتثّ منها فساد الطباع، ورعونة الغرائز، ويطوف عليها في أيّامه بمحكمات الصبر، ومثبّتات العزيمة، وفي لياليه بأسباب الاتصال بالله والقرب منه.
هو مستشفى زمانيّ، يستطبّ فيه المؤمن لروحه بتقوية المعاني الملكية في نفسه، ولبدنه بالتخفّف من المعاني الحيوانية).
(وفي التعريف الفقهي للصوم بأنه إمساك عن شهوتين؛ اقتصارٌ على ما يحقّق معناه الظاهري الذي تُناط به الأحكام بين الناس، وتظهر الفروق، فيقول الفقيه: هذا مجزئ، وهذا غير مجزئ، ويقول العامي: هذا مفطر، وهذا صائم، وأما حقيقة الصوم الكامل التي يُناط بها القبول عند الله؛ فهو إمساك أشدّ وأشقّ لأنه يتناول الإمساك عن شهوات اللسان أيضا؛ من كذب وغيبة ونميمة وشهادة زور وأيْمان غموس وخوض في الأعراض، وغير ذلك مما يسمّى حصائد الألسنة. فالصائم الموفّق هو الذي يفطم لسانه عن هذه الشهوات الموبقة، وأشدّها ضررًا الغيبة وإشاعة الفاحشة.
وهذا النوع من الإمساك يدخل في معنى الصوم لغة، وفي مفهومه شرعًا، ونصوص الدين تدل على أنه شرط في القبول، مثل: " رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش "، ومن اللطائف القرآنية أن الله - تعالى - وصف المغتاب بأنه: (يأكل لحم أخيه)، وهذه الكناية البديعة تصوّر هذا النوع من الإفطار الخفيّ أبشع تصوير، يستشعر السامع منه أن المأكول لحم إنسان، وكفى به شناعة، وبأنه ميت، والميت يذكّر بالميتة، وذلك أشنع وأبلغ في التنفير.
أما هذه الحالات التي أصبحت لازمةً للصوم بين المسلمين، ويعتذرون لفاعلها بأنه صائم؛ مثل سرعة الغضب والانفعال، واللجاج في الخصومة على التوافه، والاندفاع في السباب لأيسر الأسباب - فكله رذائل في غير رمضان؛ فهي فيه أرذل، لأنها تذهب بجمال الصوم وبأجره، وكل قبيح اقترن بجميلٍ شانه، وأذهب بهاءه ورونقه، وكم رأينا من آثار سيئة ترتّبت على ذلك، والجاهلون بسرّ الصوم وحكمه يعتقدون أن ذلك كلّه من آثار الصوم وعوارضه، وكذبوا وأخطأوا .. فإن الصوم يؤثر في نفوس المؤمنين الضابطبن لنزواتهم عكسَ تلك الآثار: هدوء واطمئنان، وتسامح وتحمّل، وورَد لدفع ذلك من آداب النبوّة أمرُ الصائم إذا شارّه غيره أن يقول: إني صائم.
فعلى الدعاة إلى لحق والوعّاظ المذكّرين وخطباء المنابر أن يُحيوا آداب الصوم في نفوسهم، ثم يذكّروا الناس بها حتى تحيا في نفوس الناس، ومن صبر على الصوم المديد، في الحر الشديد، ابتغاء القرب من الله فليصبر على ما هو أهون .. ليصبر على الأذى المفضي إلى اللجاج المبعد عن الله) اهـ.
[جريدة " البصائر " (العدد 232، 5 يونيو 1953م)، عن " آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي " (4/ 195 - 196، 198 - 199)].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو شهاب التلمساني]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 03:44]ـ
بارك الله فيك أخي فريد على نقولاتك الجميلة التي عودتنا عليها
و رحم الله الشيخ البشير الإبراهيمي
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 12:26]ـ
وفيك بارك الله أخي أبا شهاب وزادك توفيقا وسداد ...
إذا لم يكن في السمع مني تصاوُن ... وفي بصري غض وفي منطقي صمتُ
فحظي من صومي الجوع والصدى ... وإن قلت: إني صمتُ يوما فما صمتُ
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 08:03]ـ
وقال الإمام محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - كذلك:
(أيها المسلمون: هذا شهر رمضان وهو المدرسة الإلهية التي تعلم الجهاد في النفس، وهو الميدان الذي تجري فيه التمرينات القاسية والإعداد الكامل والامتحان الشامل، فإما نجاح في جهاد النفس يخرج صاحبه بشهادة " قوة الإرادة " و " صدق العزيمة "، وإما إخفاق يحمل صاحبه شارة العبودية والهزيمة.
إن قوة الإرادة هي التي ملكت زمام العالم فيما ترون وتسمعون، وإن قوي الإرادة هو الذي لا يدع المجال لشهوات النفس وملذاتها الزائلة أن تنزل به عن مقامات العزة والسيادة والشرف، إلى مواطن الذل والعبودية والضعة.
وإن صوم رمضان جهاد أي جهاد في النفس التي هي مصدر الملكات كلها؛ لأنه هجر للشهوات المستولية على البطون والفروج والألسنة، وقمع لأضرى الغرائز الحيوانية، وترويض على الإحسان والبر والرحمة، واشتراكية سلبية بين الأغنياء والفقراء في أخصّ خصائص الفقر وهو الجوع، وتجويع جبري يذوق به الناعم طعم الخشونة، والواجد طعم العدم، والمبطان ألم الجوع، ليعرف من هذا الدرس العملي السنوي ما يقاسيه الجياع الطاوون. ولو أن مواعظ الوعّاظ كلها سبكت في أذن الغني المنعم الذي لم يجع في حياته، واصفة له الجوع وآلامه وما يلقاه الجائع المحروم من ذلك، لما بلغت من نفسه عشر ما تبلغه جوعة يوم طويل؛ لأن كلام الوعّلظ مهما يبلغ من التأثير لا يَعْدُ أن يكون تصويرًا ينتج التصوّر، أما الجوع الحقيقي فإنه تطبيق وتصديق، ومن لم يذق لم يعرف.
ليس لله حاجة في أن ندع الطعام والشراب في هذا الشهر وإنما له في ذلك حكمة عالية، وهي أن نجاهد أنفسنا ونروّضها على تحمّل المكاره، ونرغمها بهجر شهواتها المألوفة، وقمع نزواتها الطاغية لترقى من كثافة المادة إلى لطافة الروح، وأن نقوّي بذلك إرادتنا في شهر لنستعملها قوية في جميع الشهور.
إن الصوم يقوّي الروحانية ويغذّي الفضائل ويشدّ العزئم، ويغري الفكر بالسداد والإصابة، ويربّي الإرادات على الحزم والتصميم. وإن حياتكم اليوم حرب لا تنتصر فيها إلا الأخلاق المتينة، فاجعلوا من رمضان ميدانًا زمنيًّا للتدريب على المغالبة بالأخلاق تنتصروا على عدوّكم، فتخرجوا هيبته من قلوبكم، ووسوسته من صدوركم، وجيوشه من بلادكم.
إن عدوّكم يعتمد على متانة الأخلاق قبل اعتماده على الحديد والنار، فأعدّوا له أخلاقًا أمتن تفلوا حديده وتطفؤا ناره.
إن عبيد الشهوات لا يتحررون أبدًا، فلا تصدّقوا أن من تغلبه شهواته يستطيع أن يغلب عدوًا في موقف.
ابدأوا بتحرير أنفسكم من نفوسكم وشهواتها ورذائلها، فإذا انتصرتم في هذا الميدان فأنتم منتصرون في كل ميدان) اهـ.
[مجلة " المسلمون " (السنة الثالثة، العدد 7، رمضان 1373هـ / مايو 1954م)، عن " آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي " (4/ 307 - 308)].
ـ[ابو البراء]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 02:23]ـ
جزاك الله خيرا اخي الحبيب و أستأذنك في رفعه على موقع ميراث السنة ليتعمّ الفائدة ان شاء الله
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 07:28]ـ
وإياك أخي الكريم، وبارك الله في موقع " ميراث السنة " ونفع بجهودكم ...
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 08:20]ـ
الأخ الكريم: "فرد المرادي" بارك الله فيكم ..
ومن باب الإفادة أنقل بعض الكلمات الطيبات حول هذا الشهر الكريم للشيخ العلامة الطيب العقبي الجزائري – رحمه الله تعالى – ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فمما قال كما في [جريدة (البصائر) للسنة الأولى عدد45، بتاريخ: 12 رمضان1355هـ]: " أنزل الإله القرآن في الليلة المباركة وهي ليلة القدر من ليالي رمضان، وأخبر عز وجل في معرض التنويه بهذا الشهر و بيان مشروعية الصوم فيه ووجوبه على المؤمنين- أنزل فيه القرآن هدى للناس فكان شهر كله مباركا ببركة القرآن و كتب على الذين آمنوا صومه كما كتبه على الذين من قبلهم ليتفرغوا مزيد تفرغ إلى العناية بالقرآن و يطبقوا على أنفسهم ومن إليهم أحكام القرآن و تعليمه ولعلهم يتقون.
لا يكفي المؤمن أن يعتقد أو يقول أنه مؤمن فحسب، و لا يجديه نفعا أن يتلقب بلقب المؤمنين؛ أو يلبس شعار المسلمين دون أن يكون في زمرة المتقين، وعداد الخاشعين المنيبين. لذلك كانت التقوى وكانت الأعمال الصالحة جزءا لا يتجزأ من الإيمان و مأخوذة لدى العالمين العارفين في مفهوم الإيمان؛ إذ هي مظهر التحقق به كما هي سقاؤه و غذاؤه الذي لا حياة ولا نمو له بدونها. وبها لا بغيرها تتزكى النفوس المؤمنة و تنال الفوز و الفلاح، وإن من أجل مظاهر التقوى و أعظمها دلالة على قوة الإيمان و تمكنه من قرارة النفس و سويداء القلب عملا صالحا يغالب به المؤمن الموقن حظوظ النفس و شهواتها الخاصة فيغلبها و يحمله في اثناء هذه المغالبة على مراقبة الله و الخوف منه و ذلك بتذكر آلآءه المطموع فيها و المرجو دوامها و استحضار عظمة جلاله المرعوب من سطوتها.
وفي عبادة الصوم ما يجلي هذا الموقف ويحمل المؤمن على مراقبة الله فيخافه و يرجوه، ويتذكر كلما غفل عن ذكره الغافلون أو نسوه، كيف لا وحاجته إلى ما صام عنه (إيمانا واحتسابا) من طعام و شراب وملامسة نساء- ضرورية و متجددة في كل وقت و عارضة له بعروض أسبابها والداعي إليها وهو كلما ذكرها ذكر ذكر أمر الله له بالصوم عنها ونهيه له عن نيل وطره وقضاء شهوته منها؛ وفي هذا التذكر بحكم الضرورة و الطبع و ذكر الله عند أمره و نهيه بهذه المناسبة – ما يغذي شجرة الإيمان و يسقي فروعها العالية .. ".اهـ
و قال – رحمه الله تعالى -: " أما فوائد الصوم المشروع و نتائجه التي يظفر بها من يكون صومه لله وكما أمر الله فهي على سبيل الإجمال تقوى الله كما اشار إلى ذلك قول الله عز وجل: ((لعلكم تتقون)) و التقوى هي كل شيء في الدين، وهي جماعه و إليها ترجع كل الفضائل؛ وهي غاية الغايات منه ومنتهى ما يصل إليه الواصل، بل قصارى ما يتطلبه السالك وتسمو إليه همم العرفين بطرق السلوك وما هنالك ((ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أجرا)) ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب)).
وآيات القرآن في شرح معنى التقوى و جزاء المتقين و فلاحهم و تحقيق فوزهم بحسن العاقبة أكثر من أن يستوفي الكلام عليها في مثل هذه العجالة.
فما أجل العبادة التي توصل إلى هذه المرتبة، وتدني من نيل هذه الكرامة! وما أعظم فضل الله ومنته على المؤمنين بمشروعيتها لهم- مطهرة للنفوس و مزكية؛ وصاقلة للأرواح و مرقية! وما أكثر بركة هذا الشهر الذي جعله الله ظرفا لها كما أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان!.
فحمدا لله و شكرا لآلآئه، وإكبارا لسمو تعاليه وجلاله، وتمجيدا و تقديسا لعظمته و كماله، على ما شرعه لنا من عبادة تعد نفوسنا لتقواها، وتهيؤها إلى نيل ما أعده من جزاء عبادة المتقين. والله أكبر! ".اهـ
ولعلي أنشط أخي الفاضل لنقل بعض المقالات الرائقة أو الرائقات كم عبرتم في مقالكم- وقد أعجبني تعبيرك - لبعض رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين - رحمه الله تعالى و غفر له م -
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 12:33]ـ
الأخ الكريم عبد الحق آل أحمد: بارك الله فيك على إضافتك القيمة، لا حرمنا فوائدك ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[07 - Aug-2010, مساء 03:35]ـ
للفائدة ...
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - Aug-2010, صباحاً 01:36]ـ
الأخ الحبيب/ " فريد المرادي " كما يقال عندكم في العاصمة " هذي غيبة يا خو! .. "خير إن شاء الله ... (إبتسامة).
(/)
(حكم السعي في المسعى الجديد) للشيخ علوي السقاف قرأه الشيخ عبدالرحمن البراك
ـ[موقع الدرر السنية]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 05:24]ـ
حكمُ السَّعْيِ في المسْعى الجديد
بقلم المشرف على موقع الدرر السنية
الشيخ علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
aasaggaf@dorar.net
12/9/1429 هـ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على رسوله الأمين أما بعد
فقد كنتُ كتبتُ قبلَ خمسةِ أشهرٍ بتاريخ 16/ 4/1429هـ مقالاً بعنوان (وقفاتٌ مع موضوعِ المسعى الجديد) تساءلتُ فيه عن موقفِ المسلم من هذه التغييرات الجديدة التي طرأت على المسعى، وعن تأثيرها على بعض أحكامِ الحجِّ والعمرةِ، ولم يكن من المناسبِ آنذاك الحديثُ عن إجابة محدَّدةٍ عن هذه التساؤلات، فلذا اكتفيتُ بإيرادِ أقوى الاحتمالاتِ التي يمكنُ أن يؤولَ الأمرُ إليها، فذكرتُ منها آنذاك: (الأول: أن يكون المسعى الجديد في اتجاهٍ واحدٍ من الصفا إلى المروة، والقديم في اتجاهٍ واحدٍ أيضاً من المروة إلى الصفا، وهذا هو ما صُمِّمَ له حسب اطلاعي على المخططات ... الثاني: أن يكون كلٌّ من المسعيين القديمِ والجديدِ باتجاهين، فيكون السَّعيُ في مبنى المسعى الجديد من بابِ الاختيار لا الإجبار).
ولما لم يُحسم الأمرُ في ذلك الحين، وأملاً في تغيرِ الأحوال، أمسكتُ عن ذكرِ رأيٍ أو بيانِ حكمٍ فيما يتعلق بالسَّعي، أمَّا الآن وقد أسفرتِ الأمورُ عما كان الكثيرُ منا يخشاه- ولا حول ولا قوة إلا بالله - فلا بُدَّ من الحديث عن هذه القضية؛ أعني كيفية أداءِ العمرةِ في ظلِّ هذا التغيير، وهو الذي تمَّ بِمُوجبه دمجُ المسعيين الجديد والقديم (بعد إعادة بنائه)، حتى أصبح المسعى الجديدُ كلُّه باتجاه (الصفا - المروة)، والقديمُ كلُّه (بعد إعادة بنائه) بالاتجاه الآخر (المروة - الصفا). خاصَّةً وقد ظهرتْ خِلالَ هذه المدةِ فتاوى وبياناتٌ من عددٍ من كبارِ العلماءِ: كالشيخ صالح اللحيدان والشيخ عبدالرحمن البراك والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد وغيرهم- وبحوثٌ علميةٌ مؤصَّلةٌ، منها:
1 - (حسنُ المسعى في الردِّ على القولِ المحدثِ في عرضِ المسعى) للشريف محمد الصَّمداني
2 - (كلمةُ حقٍّ في توسعة المسْعى) للدكتور صالح سندي
3 - (السَّعْيُ في المسْعى الجديد) للصادق بن عبدالرحمن الغرياني
وهذه الفتاوى والبيانات والبحوث أجْلَتِ الأمرَ، وأظهرت بالأدلةِ الشرعيَّةِ والتاريخيَّةِ واللغويَّةِ أنَّ موضع المسعى الجديد خارج حدودِ الصفا والمروة عرضاً، وردَّت على جميع الشُّبهات التي استند إليها المجوِّزون، وعليه فلا عذرَ لأحدٍ أن يسعى في المسعى الجديد (المُحْدَث) إلا أن يكون عاميٍّا قلَّد غيره فهو على ذمةِ من قلَّده.
وأُحِبُّ قبل ذلك أن أذكِّر إخواني المسلمين لاسيما من فريق المانعين، أنَّ ما يجري الآن لا يعدو أن يكون نازلةً، والنوازلُ لا تدوم، فكمْ من نازلةٍ نزلت بالمسلمين ثم رفعها الله عنهم، فظفرَ الصابرون، وكُتب أجرُهم عند الله، وخلَّد ذكرَهم التاريخُ، فنسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يعجِّلَ بالفرجِ ويكشفَ الكَرْبَ، وفي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1252) بسنده عن حنظلة الأسلمي قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا) (أي: يقرن بينهما)؛ما يَدِلُّ على أنَّ نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام سينزلُ من السماءِ ويطوفُ ويسعى، ونحنُ على يقينٍ أنه سيسعى في مسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يسعى في مسعًى مُحْدَثٍ خارجَ حدودِ الصفا.
ثم ليُعلم أنَّ كثرةَ القائلينَ بالجواز، وتراجع بعض من كان يقول بالمنع، لا ينبغي أن يؤثِّرَ على الحكمِ الشرعي؛ إذ إنَّ مناطَ صحةِ الأحكامِ موافقتُها للأدلةِ من الكتابِ والسُّنةِ وإجماعِ الأمَّةِ، وحيث إنَّه قد ثبتَ تتابع عملِ المسلمين، تبعاً لمنصوصِ علمائهم، قرناً بعد قرن، على أنَّ ما عُرفَ بالمسعى القديم (النبوي)، هو المساحةُ المستغرقةُ لشعيرةِ الصفا والمروة، فلا يسوغ إحداثُ تغييرٍ يأتي على ما استقرَّ في هذه الشعيرةِ بالنقض، إلا بيقينٍ، لاسيما أنه تأيَّد بعددٍ من القواعدِ الشرعيَّةِ؛ فالأصلُ استصحابُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحالِ، والخروجُ من الخلاف، وطرحُ الشكِّ، ولاسيما في هذه الشعيرةِ التي يتعلَّقُ بها ركنٌ من أركانِ الإسلام، يؤدِّيهِ ملايينُ البشر، وربما جرى عليه عملُ الأجيالِ القادمة.
ولهذا فإنَّ القولَ الصَّوابَ المؤيَّدَ بالدليل وأقوالِ العلماء لمن عزمَ على أداء العمرة أن يشترطَ على ربه عند عقدِ الإحرامِ قائلاً: إن حَبَسَنِي حابسٌ فَمَحِلِّي حيث حَبَسْتَنِي، ثم يتجِهُ إلى مكَّةَ ويَشْرَعُ في أداءِ العمرةِ؛ فإن استطاعَ أنْ يُتِمَّ كاملَ سعيهِ في المسعى القديم دونَ أن يُحْدِثَ ضرراً لنفسهِ، أو لغيره، ولم يمنعه أحدٌ من ذلك -وقد تيسَّر هذا لعددٍ من العمَّار- فليتِمَّ عمرتَه والحمد لله، فإنْ لم يستطعِ السعيَ، ولم يستطعِ البقاءَ لوقتٍ يتمكنُ فيه من إتمامِ نُسُكِهِ فهو مُحْصَرٌ حِيلَ بينه وبين إتمامِ النُّسُك، فيتحلَّل من عمرتهِ مجَّاناً لاشتراطهِ، ولا شيء عليه، كما دلَّ عليه حديثُ ضُبَاعَةَبنتِ الزُّبير رضي الله عنها، فإن لم يشترط فعليه دمٌ للإحصار يذبحه قبل أن يتحلَّل، ويوزعه على فقراء الحرم، ثم يحلق أو يقصِّر، هذا كلُّه على القولِ المعروفِ المشهورِ -وهو قولُ الجمهورِ-، وهو أنَّ السَّعيَ ركنٌ، ومن العلماءِ من يرى أنَّ السَّعيَ واجبٌ يسقطُ بالعجزِ، أو يُجبَرُ تركُهُ بدمٍ، لقولِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما المشهورِ، ومن سعى في المسعى الجديد (المُحْدَث) من العامَّةِ، إنْ كان قد أُفْتِيَ بذلك فهو على ذمَّةِ من أفتاه، وإلا فوجود المسعى وسعي جمهورِ الناسِ فيه أبلغُ من الفتوى بالقول، فيعذرُ على كلِّ حال.
هذا واللهَ أسألُ أنْ يوفِّق القائمينَ على شؤونِ المسجدِ الحرامِ للحقِّ والصوابِ، وأنْ يشرحَ صدورَهم لما قرَّرتْهُ هيئةُ كبارِ العلماءِ في هذه البلاد، وأن يرفعوا الحرجَ عن كثيرٍ من المسلمين الذين ترجَّحَ لديهم عدمُ جوازِ السَّعيِ في المسعى الجديد.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم
قرأ هذا المقال كاملاً قبل نشره الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر
على فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك وقد استحسنه الشيخ
وأضاف إضافاتٍ قيمة أفدتُ منها وضمنتها المقال، فجزاه الله خيراً.
ـ[أبو عائدة الشامي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 07:25]ـ
بارك الله فيكم وجزى الله الشيخ علوي السقاف خيراً عن الإسلام والمسلمين، هو وكل العلماء الراسخين ..
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 02:24]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبولبابةالمصرى]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 03:21]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ومرحبا بكم فى هذا المجلس المبارك
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 03:02]ـ
ابتلاء هذا نسأل الله العافية السؤال هو من يريد الحج وهو يرى ان السعي ركن ماذا يفعل؟
(/)
إلى أهل الخبرة
ـ[البلوشي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 11:30]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:-
طلب من الأخوة الأفاضل وأهل الخبرة في المواقع تحويل موقع الإسلام بالكامل إلى chm وهذا الرابط ( http://www.al-islam.com/arb/)
بارك الله فيكم
(/)
يكتفى بالفريضة ولايصلى نافلة ابدا فهل للعلماء قول فيه؟
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 11:42]ـ
منذ عشرين عاما يكتفى بالفريضة ولايصلى أى نافلة سواء كانت سننا راتبة قبلية او بعدية او نوافل مطلقة او لها سبب كسنة الوضوء وتحية المسجد ونحوه وقد زجرناه كثيرا ولكنه مصر على ذلك ليس انكارا للسنة ولكن تراخيا وكسلا معتمدا على معرفته ان السنن يثاب فاعلها ولايعاقب تاركها حتى التراويح فى رمضان فهل عند احد الافاضل كلاما لاحد اهل العلم سلفا او خلفا فى مثل حال صاحبنا
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد سعيد 1]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 12:09]ـ
عن أبي عبدالله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما، أن رجلا سأل رسول الله عليه وسلم فقال: " أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا، أأدخل الجنة؟ "، قال: (نعم). رواه مسلم.
ومعنى حرّمت الحرام: اجتنبته،
ومعنى أحللت الحلال: فعلته معتقدا حلّه.
الشرح
لما أرسل الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، جعل الغاية من ابتعاثه الرحمة بالخلق، والإرشاد إلى أقصر الطرق الموصلة إلى رضى الربّ، وإذا رأينا قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الحج: 107)، تداعى إلى أذهاننا الكثير من الصور التي تؤكّد هذا المعنى، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يدّخر جهدا في إنقاذ البشرية من الضلال، وتبصيرهم بالهدى والحق.
وتحقيق هذا الهدف يتطلّب الإدراك التام لما عليه البشر من تنوّع في القدرات والطاقات، إذ من المعلوم أن الناس ليسوا على شاكلة واحدة في ذلك، بل يتفاوتون تفاوتا كبيرا، فلئن كان في الصحابة من أمثال الصدّيق و الفاروق وغيرهم من قادات الأمة الذين جاوزت همتهم قمم الجبال وأعالي السحاب، فإن منهم – في المقابل – الأعرابي في البادية، والمرأة الضعيفة، وكبير السنّ، وغيرهم ممن هم أدنى همّة وأقل طموحا من أولئك الصفوة.
ولذلك نرى – في الحديث الذي نتناوله – هذا الصحابي، وقد أتى ليسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، سؤال المشتاق إلى ما أعده الله تعالى لعباده المتقين في الجنة، ومسترشدا عن أقصر الطرق التي تبلغه منازلها، فقال: " أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا، أأدخل الجنة؟ ".
إن هذا السؤال قد ورد على ألسنة عدد من الصحابة رضوان الله عليهم بأشكال متعددة، وعبارات متنوعة، فقد ورد في صحيح البخاري و مسلم، أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس صلوات في اليوم والليلة)، فقال: هل علي غيرها؟، قال: (لا، إلا أن تطوع)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وصيام رمضان)، قال: هل علي غيره؟، قال: (لا، إلا أن تطوع)، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟، قال: (لا، إلا أن تطوع)، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفلح إن صدق)، وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم) رواه البخاري.
ومما لا ريب فيه أن السائل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي نحن بصدده – كان دقيقا في اختياره للمنهج الذي رسمه لنفسه؛ فإنه قد ذكر الصلوات المكتوبات، وهي أعظم أمور الدين بعد الشهادتين، بل إن تاركها بالكلية خارج عن ملة الإسلام، كما جاء في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
وبعد الصلاة ذكر صوم رمضان، وهو أحد أركان الإسلام العظام، و مما أجمع عليه المسلمون، وقد رتّب الله عليه أجراً كبيراً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم أكّد التزامه التام بالوقوف عند حدود الله وشرائعه، متمثلا بتحليل ما أحله الله في كتابه، وبيّنه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، واجتناب ما ورد في هذين المصدرين من المحرمات، مكتفيا بما سبق، غير مستزيد من الفضائل والمستحبات الواردة.
ولسائل أن يسأل: لماذا لم يرد ذكر للحج والزكاة في الحديث، على الرغم من كونهما من أركان الإسلام، ولا يقلان أهمية عن غيرهما؟ والحقيقة أن الجواب على ذلك يحتاج منا إلى أن نعرف الفرق بين الحج والزكاة وبين غيرهما من العبادات، فإن فرضيتهما لا تتناول جميع المكلفين، فالحج لا يجب إلا على المستطيع، كما قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} (آل عمران: 97)، كذلك الزكاة لا تجب إلا على من ملك النصاب، ونستطيع أن نقول أيضاً: إن هذا الحديث ربما ورد قبل أن تفرض الزكاة أو الحج؛ فإن الحج قد فُرض في السنة الثامنة، والزكاة وإن كانت قد فُرضت في مكة فإنها كانت عامة من غير تحديد النصاب، ولم يأتي بيان النصاب إلا في المدينة، ولعل هذا هو السر في عدم ذكرهما في الحديث.
وهنا تأتي البشرى من النبي صلى الله عليه وسلم، ليبين أن الالتزام بهذا المنهج الواضح، كاف لدخول الجنة، وهذا يعكس ما عليه الإسلام من يسر وسماحة، وبعدٍ عن المشقّة والعنت، فهو يسرٌ في عقيدته، يسرٌ في عباداته وتكاليفه، واقع ضمن حدود وطاقات البشر، وهذا مما اختص الله تعالى به هذه الأمة دون سائر الأمم.
لكن ثمة أمر ينبغي ألا نُغفل ذكره، وهو أن التزام العبد بالطاعات وفق ما أمر الله به، واجتناب المحرمات وتركها، يحتاج إلى عزيمة صادقة، ومجاهدة حقيقية للنفس، وليس اتكالا على سلامة القلب، وصفاء النية، وليس اعتمادا على سعة رحمة الله فحسب، لأن للجنة ثمنا، وثمنها هو العمل الصالح كما قال الله تعالى: {وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} (الزخرف: 72)، فإذا صدقت نية العبد، أورثته العمل ولابد.
وعلى أية حال فإنه يجب على الدعاة إلى الله أن يفهموا طبيعة هذا الدين؛ حتى يتمكّنوا من تربية الناس على مبادئه، نسأل الله تعالى أن يلهمنا الخير والصواب، والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 12:22]ـ
اخى محمد سعيد شكرا لمرورك الكريم
معلوم ان المسلمين تختلف قدراتهم وربما كان صاحب همة فى باب ومفرط فى آخر وهذا ينشط فى هذه وهذا فى تلك
ولكن ربما لم احسن طرح الموضوع
وبتوضيح اكثر مامنا الا واصيب بفتور وترك بعض السنن والنوافل اظن لم يسلم احد من هذا
(لكن مايثير قلقى على صاحبى هذا الاصرار العجيب على ترك السنن والنوافل طوال هذه الفترة الطويلة)
فسؤالى
الا يضيره هذا (الاصرار)
الم يقف احد لكلام لاهل العلم فى هذا
بارك الله فيكم
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 02:29]ـ
أظن الشاطبي تكلم عليها في الموافقات في الفرق بين ترك السنة الكلي و و ترك أفراد السنة
و أظن هذا هو السبب الذي جعل الإمام أحمد يقول فيمن لا يصلي الرواتب دائماً رجل سوء لا تقبل شهادته
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 06:50]ـ
أظن الشاطبي تكلم عليها في الموافقات في الفرق بين ترك السنة الكلي و و ترك أفراد السنة
و أظن هذا هو السبب الذي جعل الإمام أحمد يقول فيمن لا يصلي الرواتب دائماً رجل سوء لا تقبل شهادته
بارك الله فيك اخى
نعم هذا ما اريده اقوال اهل العلم سلفا وخلفا فى مثل حال صاحبنا الذى هجر السنن نهائيا
وسوف ارجع للموافقات لنقل ماقاله الشاطبى ان شاء الله
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 01:09]ـ
[ quote
و أظن هذا هو السبب الذي جعل الإمام أحمد يقول فيمن لا يصلي الرواتب دائماً رجل سوء لا تقبل شهادته [/ quote]
فعلا انا قرأت ان هذا هو سبب قول الامام أحمد
وقال العثيمين لاينكر على تارك السنة الا لو علم أنه ناوى تركها باستدامة ومثل بالزواج
من ترك الاداب يوشك ان يترك السنن ومن ترك السنن يوشك ان يترك الفرائظ ومن ترك الفرائض يوشك أن يقع فى الكبائر ومن وقع فى الكبائر وقع فى الكفر لأنه مستهين
ـ[جولدن توربان]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 01:41]ـ
و أظن هذا هو السبب الذي جعل الإمام أحمد يقول فيمن لا يصلي الرواتب دائماً رجل سوء لا تقبل شهادته
الأخ الكريم "صاحب النقب"
لو تفضلت -مشكورا- ذكر مكان العزو (ورقم الصفحة) عن الإمام أحمد حتى يمكن متابعة كلامه وفهم رأيه حول الموضوع؟ جزاك الله خيراً.
فلم أفهم صراحة جملتكَ: رجل يحافظ على الفرائض كلها ويذهب للمسجد ليصلي الصلاواة الخمس. بل ويصلي السُنن أيضا ولكنه لايداوم عليها: كماقلتَ بعبارتك: "لا يصلي الرواتب دائماً " ... ويكون بعد هذا رجل سوء لاتقبل شهادته عند الإمام أحمد - رحمه الله-؟!! لم أفهم هذا بارك الله فيك.
والحديث صحيح وصريح وقطعي الدلالة ولايحتمل التأويل ولاصرفه لمعنً آخر, بل وتواتر كسؤال موجه من بعض الصحابة لرسول الله (ص) والرسول (ص) يجيب بنفس الإجابة كلّ مرّة, وهذا أعرابيٌّ يحلِف أمام رسول الله (ص): "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص" أي أحافظ على الفرائض ولاأزيد عليها شيئاً. والرسول (ص) يصدق على كلامه كله ويبشره بأنه من المفلحين إن صدق. ومن أفلح يوم القيامة فقد تجاوز القنطرة ودخل الجنة.
والأخ الكريم الناقل عن الشيخ العثيمين - رحمه الله - قوله: "لاينكر على تارك السنة الا لو علم أنه ناوى تركها باستدامة ومثَّل بالزواج ".
ألم يعقد الأعرابيُّ العزمَ -بالأيمان المغلَّظة- على أن لا يفعل شيئاً من السُّنن إلا ما كان فريضة؟ فلِم يا أخي تقبل قول الشيخ العثيمين فيه وترفض قول الرسول (ص): "أفلح إن صدق"؟
ومع ذلك فحكم الشيخ العثيمين عليه بالمؤاخذه لاينفي كونه من المفلحين يوم القيامة إن كان من المحافظين على الفريضة.
فلِم التردد -بارك الله فيكم- في قبول هذا الحديث؟ والبحث في أقوال الرجال عن مايروي الغليل؟ لابد من الاعتقاد بهذا الحديث أيضا وإلا: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم".
هذا رأيي والله أجلُّ وأعلم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 03:44]ـ
COLOR="Red"] لاينكر على تارك السنة الا لو علم أنه ناوى تركها باستدامة ومثَّل بالزواج [/ COLOR] ".
ألم يعقد الأعرابيُّ العزمَ -بالأيمان المغلَّظة- على أن لا يفعل شيئاً من السُّنن إلا ما كان فريضة؟ فلِم يا أخي تقبل قول الشيخ العثيمين فيه وترفض قول الرسول (ص): "أفلح إن صدق"؟
ومع ذلك فحكم الشيخ العثيمين عليه بالمؤاخذه لاينفي كونه من المفلحين يوم القيامة إن كان من المحافظين على الفريضة.
فلِم التردد -بارك الله فيكم- في قبول هذا الحديث؟ والبحث في أقوال الرجال عن مايروي الغليل؟ لابد من الاعتقاد بهذا الحديث أيضا وإلا: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم".
هذا رأيي والله أجلُّ وأعلم؟ [/
السؤال
UOTE]
هذا هو الواجب على غير المجتهد أن يقبل كلام العلماء دون النظر فى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
اما كلام الامام احمد فثابت انا سمعته اكثر من مرة وتوجيه كلامه كما هو هنا قرأته فى موقع المسلم
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 06:30]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً
الأخ جولدن حفظه الله أنا أعني الذي يتركها دائماً هذا ما فهمته مما ينقل عن الإمام أحمد و هو منقول في كتب الحنابلة لكن لا أذكر الآن موضعها
و كأني رأيت من ينقل عن الشاطبي أنه استدل بحديث " من رغب عن سنتي فليس مني " أي أنه يفرق بين من ترك السنة رغبة عنها، و من تركها من غير رغبة عنها، و فرق في السنة من حيث النظر الكلي و من حيث النظر الجزئي و أيضاً هنا لا أذكر الموضع الذي ذكر ذلك فيه في الموافقات
و في الحقيقة أنا آسف أنني أذكر قول الإمام أحمد و قول الشاطبي لكن لا أعرف الموضع الذي ذكروه فيه، لهذا كنت متردداً في المشاركة في الموضوع، لكن قررت أخيراً أن أطرح ما عندي من باب التذكير و لعل غيري يعرف الموضع فأرجو المعذرة
و لعله من راجع حديث " من رغب عن سنتي فليس مني " سيجد أقوال العلماء في الفرق بين من ترك السنة رغبة عنها و من تركها لا رغبة عنها
وفق الله الجميع
و بعد إكمالي لهذه المشاركة وجدت كلام الشاطبي فأدخلته
فصل
إذا كان الفعل مندوبا بالجزء كان واجبا بالكل كالأذان في المساجد الجوامع أو غيرها وصلاة الجماعة وصلاة العيدين وصدقة التطوع والنكاح والوتر والفجر والعمرة وسائر النوافل الرواتبفإنها مندوب إليها بالجزء ولو فرض تركها جملة لجرح التارك لها ألا ترى أن في الأذان إظهارا لشعائر الإسلام ولذلك يستحق أهل المصر القتال إذا تركوه وكذلك صلاة الجماعة من داوم على تركها يجرح فلا تقبل شهادته لأن في تركها مضادة لإظهار شعائر الدين وقد توعد الرسول عليه السلام من داوم على ترك الجماعة فهم أن يحرق عليهم بيوتهم كما كان عليه السلام لا يغير على قوم حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار والنكاح لا يخفى ما فيه مما هو مقصود للشارع من تكثير النسل وإبقاء النوع الإنساني وما أشبه ذلك فالترك لها جملة مؤثر فى أوضاع الدين إذا كان دائما أما إذا كان فى بعض الأوقات فلا تأثير له فلا محظور فى الترك
الموافقات ج 1 ص 132 - 133
فصل
إذا كان الفعل مكروها بالجزء كان ممنوعا بالكل كاللعب بالشطرنج والنرد بغير مقامرة وسماع الغناء (قلت يريد بالغناء الشعر الملحن بلا آلة، و قد إشترط أهل العلم لسماعه شروطاً) المكروه فإن مثل هذه الأشياء إذا وقعت على غير مداومة لم تقدح فى العدالة فإن داوم عليها قدحت فى عدالته وذلك دليل على المنع بناء على أصل الغزالي قال محمد بن عبد الحكم في اللعب بالنرد والشطرنج إن كان يكثر منه حتى يشغله عن الجماعة لم تقبل شهادته وكذلك اللعب الذى يخرج به عن هيئة أهل المروءة والحلول بمواطن التهم لغير عذر وما أشبه ذلك
الموافقات ج 1 ص 133
ـ[غازى بدر]ــــــــ[28 - Jan-2009, مساء 08:35]ـ
ممكن سؤال: لماذا لم ينبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعرابى فى الحديث الى ان يصلى الرواتب بين الحين والاخر فهل
نسى الرسول وذكر الفقهاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(/)
أجوبة العلامة عبد الكريم الخضير على أسئلة طلاب كتاب الورقات في أصول الفقه
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 02:32]ـ
السؤال الأول
كتاب {الورقات في أصول الفقه} أفضل كتاب أصولي بالنسبة لطالب علم أصول الفقه المبتدىء
يقول هذا: بعض طلاب العلم يقولون: إن متن الورقات لا يصلح للحفظ؛ لأنه يوجد فيه أخطاء في التعاريف، ويقول: الحل في ذلك أن نأخذ تعاريف الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وتُحفظ، هل هذا الكلام صحيح؟
أقول: كتب العلماء التي هي الجادة في التحصيل عند أهل العلم لا بد من العناية بها، وما فيها من أخطاء لا تعدو أن تكون وجهات نظر، يصوبها البعض ويحكم عليها البعض الآخر بأنها خلاف الصواب، ومن يشرح هذه الكتب عليه أن يبيّن الخطأ من الصواب، ويبقى أيضاً أن هذا من وجهة نظره هو.
ولذا نجد في شراح الورقات وفي غيرها من الكتب التي ألفها أهل العلم، وليسو من أهل العصمة، فيها ما فيها، كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول -عليه الصلاة والسلام- فالجادة التي اعتمدها أهل العلم وسلكها الأئمة المتقدمون في تربية أولادهم أو أبنائهم الطلاب وتنشئتهم على التحصيل العلمي لا بد من سلوكها، فيؤخذ مثل هذا المتن؛ لأنه أخصر متن في أصول الفقه، وألفاظه سهلة ميسرة.
وأما ما يكتبه المتأخرون وهم يكتبون بلغة العصر لا شك أنها كتب نافعة وجليلة ومفيدة، لكن ليتنبه طالب العلم أنه كلما قوي الأسلوب وصعب على الطالب أنه هو الذي يربي فيه ملكة الأخذ والرد والنقاش، وهو الذي يفتّق ذهنه، أما ما يكتبه المعاصرون فهم يكتبون بلغة العصر، وهذه ليس فيها إشكال في الجملة، كتب واضحة ومبسطة، فهذه في الغالب لا تحتاج إلى شرح، يفهمها الطالب بمفرده.
فعلى طالب العلم أن يتمرّن على كتب المتقدمين؛ لأنه إذا سار على الدرب والطريق والجادة المسلوكة، وحصل من العلم ما يؤهله لتعليم الناس، أو للقضاء وفصل الخصومات بينهم، أو لإفتائهم لا يأمن أن يعيّن في بلدٍ ليس فيه غيره ممن ينتسب إلى العلم، فقد يحتاج إلى مراجعة هذه الكتب، وهو لم يتعود على أساليب المتقدمين فيصعب عليه الإفادة منها، بخلاف كتب المتأخرين، وهذا واضح وظاهر في الدراسة النظامية؛ نجد كثير من الطلاب الذين اعتمدوا على المذكرات التي يكتبها الأساتذة يصعب عليهم كل شيء من العلم، ولا يستطيعون التعامل مع كتب أهل العلم، بينما الذين تربوا على الكتب التي ألفها المتقدمون بأساليب قوية متينة هم الذين في الغالب حصلوا واستفادوا؛ لأنه من اليسير جداً أن تنزل من الصعب إلى السهل، لكن العكس هذا صعب.
على كل حال ما كتبه الشيخ -رحمة الله عليه- جدير بالعناية والإفادة منه، لكن ما سلكه أهل العلم في تربية الناشئة على أسلوبٍ معين في التحصيل أمر لا بد منه.
السؤال الثاني
هناك نسخ للورقات فيها الحمدلة و الثناء على الله، ونسخ لا
يقول: جاء في بعض النسخ المطبوعة حديثاً ومقابلة على نسخٍ خطية ذكر الحمد والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.
هذا موجود في بعض النسخ، هذا موجود في بعض النسخ الخطية، لكن أكثر النسخ مجردة من الحمد والشهادة والصلاة، حتى مجردة من (أما بعد)، ليس فيها إلا ذكر البسملة.
السؤال الثالث
أول مايبدأ به طالب علم أصول الفقه
يقول: بماذا ينصح طالب العلم المبتدئ أن يقرأ في علم أصول الفقه؟
يقرأ في هذا الكتاب وما كتب حوله والمناقشات التي نوقش فيها المؤلف وما كتب على الكتاب، ثم ينتقل إلى ما هو أعلى منه، إما مختصر التحرير مع شرحه أو مختصر الروضة مع شرحه.
السؤال الرابع
مراحل التدرج في طلب علم أصول الفقه
يقول: قلتم: إنه لا ينبغي الإفراط في تعلم أصول الفقه، فما المراحل التي ينبغي أن يسلكها في هذا العلم؟
ذكرنا أن المبتدئ يبتدئ بمثل هذا الكتاب ثم ينتقل بعده إلى مختصر الروضة مع شرحه أو مختصر التحرير مع شرحه، ثم إذا فهم هذه الكتب يبقى المسألة مراجعات، عند الحاجة يراجع الكتب المبسوطة.
السؤال الخامس
ماذا تفعل إذا صعب عليك فهم علم من علوم شريعة
هذا يقول: أعتقد والله أعلم أن هذا الدرس صعب، ولا أستطيع أن أفهمه فماذا أفعل؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: العلم الأصل فيه أنه يحتاج إلى معاناة، فالذي لا يُفهم من أول مرة، في المرة الثانية والثالثة وهكذا، الذي لا يفهم من خلال كتاب، يفهم من خلال كتابٍ آخر، فإذا لم تفهم المتون التي ألفها المتقدمون، فارجع إلى المختصرات التي كتبها المتأخرون؛ لأنها كتبت بلغتك، وهي توطئ وتسهل الطريق لك حتى تفهم كلام المتقدمين، وكتب المتقدمين لا غنى عنها لطالب العلم.
وبالنسبة للفهم الناس يتفاوتون فيه، منهم سريع الفهم، ومنهم البطيء في فهمه، فالبطيء في فهمه عليه أن يكرر، والسريع في فهمه عليه أن يتجاوز ما فهمه، والله المستعان، وعليك أن تلجأ بصدق وتنكسر بين يدي ربك أن يعينك على فهم العلم الشرعي، والعمل به.
السؤال السادس
حكم التلفيق بين المذاهب الفقهية
يقول: إذا عامد -يعني متعمد- عمل ما هو مكروه في مذهبٍ واحد، حرام في مذهبٍ آخر، فكيف يكون عمل الإنسان على هذين المذهبين؟
يعمل بالراجح عنده، وما يدين الله به، إذا كان من أهل النظر، وإذا لم يكن من أهل النظر بأن كان عامياً أو في حكم العامي من المبتدئين، فإنه تبرأ بذمته إذا قلّد من جمع بين العلم والعمل والتقوى والورع، والله المستعان:
وليس في فتتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع
السؤال السابع
ماحكم الشيئ إذا كانت جهته منفكة
يقول: اجتماع الواجب والمحظور في عملٍ واحد كالصلاة في المسجد المزخرف، هل الصلاة في المسجد المزخرف جائزة؟
على كل حال الجهة منفكة، والنهي عاد لأمرٍ خارج عن الصلاة وعن شرطها، فالصلاة صحيحة.
السؤال الثامن
معنى مصطلح {مايتعلق به النفوذ}
يقول: ما معنى يعتد به ويتعلق به النفوذ الذي جاء في تعريف الصحيح؟
الذي يعتد به: بمعنى أنه لا يؤمر بإعادته، إذا كان عبادة فتبرأ ذمته بفعله، وذلك إذا كان مستوفياً للشروط والأركان والواجبات، أما إذا اختل شرط من الشروط أو ركن من الأركان مع القدرة عليه فإنه حينئذٍ لا يعتد به ولا يعد صحيحاً، ولا تترتب آثاره عليه، ومثله في المعاملات، وهذه العبارة مألوفة، إذا قيل: تعتد بهذه الركعة أو لا تعتد بها: يعني أنها صحيحة مجزئة أو غير صحيحة.
السؤال التاسع
الفرق بن الكراهتين الواردة في النصوص
إذا كانت الكراهة عند السلف تعني التحريم، فهل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يكره الحديث بعد صلاة العشاء يفيد التحريم؟
الكراهة هنا للتنزيه، والصارف عن التحريم .. ، أولاً الكراهة لفظ مشترك، وليست نص في التحريم، ولا في كراهة التنزيه، لفظ مشترك ليست مثل الأمر أو النهي، يعني لو قال: لا تتحدثوا بعد صلاة العشاء، قلنا: الأصل في النهي التحريم، ويصرفه عن التحريم كونه -عليه الصلاة والسلام- سمر في بعض الليالي.
وعلى كل حال السهر داء ابتلي به الناس، لكن إن كان على علم أو إصلاحٍ بين الناس أو مدارسة خير أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو عبادة أو تأليف أو ما أشبه ذلك فهو خير -إن شاء الله تعالى- لكنه خلاف الأصل.
السؤال العاشر
مفهوم قاعدة {الحلال ما أحله الله، و الحرام ما حرمه الله}
يقول: هل يلزم من قولهم: الحرام ما حرمه الله، والحلال ما أحله الله إذا لم يكن هناك نص، أن يكون الدخان حلالاً؛ حيث أنه لم يأتِ نص على تحريمه؟
أولاً: الجملتان ليستا بمتفقتين، بل هذه لها دلالة وتلك لها دلالة أخرى، وقال بهذه أقوام، وقال بتلك أقوام، فالحرام ما حرمه الله يعني: أن ما عداه حلال، ما لم ينص عليه فهو حلال، والذي يقول: إن الحلال ما أحله الله فمعناه أن الذي لم ينص على حله فهو حرام.
أما بالنسبة للدخان فجاءت النصوص التي تومئ إلى منعه، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف]، والمعتمد عند أهل العلم من المحققين أنه حرام، وهو ضار أيضاً.
السؤال الحادي عشر
من قلد عالما لقي الله سالما
يقول: ما رأيكم في القول الذي يقول: من قلد عالماً لقي الله سالماً؟
أقول: إذا كان لديه أهلية النظر في النصوص وعنده الآلة التي يستطيع بها الاستنباط من الكتاب والسنة فإنه لا يسوغ له التقليد، بل حرمه جمع غفير من أهل العلم، والمقلد عند عامة أهل العلم ليس من أهل العلم، على ما سيأتي في الاجتهاد والتقليد -إن شاء الله تعالى- أما بالنسبة للعامي ومن في حكمه ممن ليست لديه أهلية النظر فإن فرضه التقليد، لكن من يقلد، يقلد من تبرأ ذمته بتقليده.
السؤال الثاني عشر
استحباب النظم على النثر في الحفظ
يقول: هل ينصح من أراد الحفظ أن يحفظ النثر –الورقات- أو يحفظ النظم؟
النظم أثبت، ولذا يحرص كثير من أهل العلم على تحفيظ طلابه النظم؛ لأنه يثبت، أما النثر فهو ينسى.
السؤال الثالث عشر
الفرق بين المكروه وخلاف الأولى
يقول: هل هناك فرق بين المكروه وخلاف الأولى أو هما سواء؟
لا، هناك فرق؛ المكروه فيه مخالفة للدليل الذي يدل على المنع لولا وجود الصارف من التحريم إلى الكراهة، وخلاف الأولى هو ما هو في أمرين مباحين أحدهما أولى من الآخر، ففعل المفضول خلاف الأولى، وفعل الفاضل هو الأولى.
السؤال الرابع عشر
حجة من قال، أن المباح ليس حكما تكليفيا
يقول: ما حجة من قال: إن المباح ليس حكماً تكليفياً؟
حجته أن الإباحة ليس فيها كلفة ولا مشقة؛ لأنها مردودة إلى اختيار المكلف إن شاء فعل وإن شاء ترك، فمن هذه الحيثية ليس فيها تكليف، في الأمر المباح إن شئت فعلته وإن شئت تركته لذاته، لا لما يترتب عليه من آثار، هذا المباح إن حصل به إعانة على فعل واجب أو مستحب صار له حكماً، وإن حصل بسببه تفريط وتضييع للواجبات صار حراماً وهكذا، لكن هو في الأصل مباح، وليس فيه تكليف؛ لأن ما يرد فيه إلى اختيار المكلف ليس فيه تكليف، هذه وجهة نظر من يقول: إن المباح ليس حكماً تكليفياً، وإنما ذكر من باب تتميم القسمة، أما من يقول: إنه حكم تكليفي فيرى أن الحكم هو خطاب الله والإباحة حصلت بخطاب الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 02:34]ـ
الخامس عشر
قيمة كتاب {مراقي السعود لمبتغي الرقي و الصعود}
يقول: ما رأيكم بمراقي أبي السعود؟
أيش أبو السعود هذه؟ مراقي السعود، هذا نظم في أصول الفقه مشهور عند المالكية وانتشر عندنا أخيراً، تبنّاه بعض الإخوان الآخذين عن بعض الشناقطة، وهو نظم جيد وشامل يعتني به الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- في مصنفاته، وهو الذي شهره بيننا، وإلا ما كان معروفاً على صعوبةٍ في أبياته، أبياته ليست سهلة ميسرة، لكنه نظم طيب، الذي تسعفه الحافظ بحفظه لا بأس جيد.
الأسئلة كثيرة جداً، والوقت قصير:
السؤال السادس عشر
مسألة خبر الواحد هل يفيد الظن؟
ما الدليل على أن الظن يفيد العمل ولا يفيد العلم والمعروف أن العمل ثم العلم و ..... ؟
مسألة إفادة خبر الواحد الظن وتقريره وبسطه، تقرير هذه المسألة وبسطها وما يرد عليها وتنظيرها، والاحتجاج لها ومن قال بها ومن خالف، مبسوط هذا كله في شرح النخبة، في آخر شرح من شروح النخبة ويصدر قريباً، وسوف تقوم الراية بتوزيعه إن شاء الله تعالى.
السؤال السابع عشر
حكم تقسيم الآخبار إلى آحاد ومتواتر
يقول: يقال إن تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد هو من تقسيم المعتزلة كالرازي المفسّر، هل هذا صحيح؟
أولاً الرازي أشعري وليس بمعتزلي، ومن أشد الناس على المعتزلة -وإن كان يوافقهم في كثير من أمور العقيدة- هو أشعري من جهة، وجبري في باب القضاء والقدر، وعليه ملاحظات وطوام، وتفسيره لا ينبغي لطالب العلم المتوسط -فضلاً عن المبتدئ- أن يقرأ فيه؛ لأنه مشحون بالشبه، مع ضعف الرد على هذه الشبه، وهو من أشد الناس في بدعته، وتكلم في أهل السنة بكلامٍ قبيح، ومع ذلكم لما سئل شيخ الإسلام عنه وعن غيره من رؤوس المبتدعة قال: وأما أبو عبد الله الرازي فكثير من الناس يطعن في قصده، والذي أراه أنه ينثر ما يراه حقاً.
وليس معنى هذا أننا نقلل من الشر الذي تضمنته كتب الرازي، لا، لكن لا بد من الاعتدال والإنصاف، لا بد من الاعتدال والإنصاف، ولذا لا ينصح طالب العلم أن يقرأ في تفسيره، ويقول عن كتاب التوحيد لابن خزيمة: (كتاب الشرك)، ورمى إمام الأئمة ابن خزيمة بعظائم الأمور، تهجّم على غيره من أئمة السنة، لكن يبقى أن الميزان له كفتان، والله المستعان، وكلام شيخ الإسلام مثل ما سمعتم، لكن على طالب العلم أن يجتنب مثل هذه الكتب المشتملة على البدعة التي تقرر البدع وتذب عنها وتورث الشبه التي قد لا يستطيع الإنسان اجتثاثها.
أما تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد فهو كغيره من الاصطلاحات، الصحيح والضعيف والحسن، بالنسبة لعلوم الحديث، والعام والخاص والمطلق والمقيد والمنطوق والمفهوم بالنسبة لأصول الفقه، وكذلكم ما يتعلق بقواعد التفسير وعلوم القرآن، المصطلحات بهذه التسميات كلها حادثة، لا توجد في عصر السلف من الصحابة والتابعين، أما كونه منسوب إلى المعتزلة فشيخ الإسلام يقول به، ويقسم الأخبار إلى متواتر وآحاد، ويقسم المتواتر إلى لفظي ومعنوي، ويمثل للمتواتر اللفظي بحديث: ((من كذب .. )) كما يمثل به غيره من أهل العلم، ويمثل للتواتر المعنوي في كل كتابٍ من كتبه بما يناسب المقام، مثّل للتواتر المعنوي في منهاج السنة بفضائل أبي بكرٍ وعمر، وفي كل كتابٍ من كتبه يمثل بما يليق بالمقام -رحمة الله عليه- لا شك أن هذا اصطلاح لا يوجد عند الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، لكنه مجرد اصطلاح يوضح ويقرب للطالب المشهور والعزيز و .. ، كلها لست موجودة عند سلف الأمة.
المقصود أن هذه الاصطلاحات وإن وجدت أسماؤها فحقائقها موجودة؛ إذ لا يختلف اثنان أن الأخبار متفاوتة في دلالاتها، والرواة متفاوتون في الثقة والضبط والإتقان والحفظ والعدالة، وتبعاً لتفاوتهم في ذلك تتفاوت أخبارهم، فلا نقول: إن خبر زيد يساوي مائة بالمائة لخبر عمرو؛ الأخبار متفاوتة، وهذا التفاوت يتطلب أسماء لهذه الأخبار المتفاوتة، واصطلح أهل العلم على هذه التسمية ولا مشاحة في الاصطلاح.
(يُتْبَعُ)
(/)
اللوازم التي يلتزمها المبتدعة لهذا التقسيم لا نلتزم بها، ولذا الشيخ أحمد شاكر لما قسم هذا التقسيم وأقره قال بعد ذلك: لا يغرنك ما يقوله المبتدعة من لوازم لهذا التقسيم، هم يقصدون بخبر الواحد وأنه لا يفيد إلا الظن أنه لا يحتج به في العقائد، ونحن نقول: لا فرق بين العقائد والأحكام، ما تثبت به الأحكام تثبت به العقائد والكل شرع، وهذا مبسوط في شرح النخبة كما ذكرنا آنفاً.
السؤال الثامن عشر
الترادف اللغوي
هذا يسأل .. ، وهذا سؤال له علاقة بالأصول وهو الترادف بين الكلمات، الترادف مثل: قعد وجلس، هل نقول: إن معنى الكلمتين واحد تماماً بحيث لا يزيد أحدهما عن الآخر -بين قعد وجلس-؟
من أهل العلم من يقول ذلك، يوجد في اللغة كلمات مترادفة، لكن المحققين من اللغويين وعلماء الشرع يثبتون أن هناك فروق بين الكلمات -فروق دقيقة جداً- وكتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري أكبر مثال على ذلك، يأتي بالكلمتين التين يظن بهما الترادف فيبيّن ما بينهما من فروقٍ دقيقة، فعلى سبيل المثال: الصنف والضرب والنوع والقِسْم، بينها فروق في غاية الدقة، وهناك أيضاً ما بين القعود والجلوس، هناك أيضاً ما بين القيام والوقوف، وهكذا من الفروق.
السؤال التاسع عشر
الترك المجرد عن النبية
يقول: المحظور يثاب على تركه ويعاقب على فعله، سؤالي: نحن في كل وقت تاركون، هل نجد الثواب مثلاً في هذا الوقت، نحن تاركون السرقة مثلاً؟
إذا تركت المحظور فلا تخلو إما أن تكون تركته عجزاً عنه، أو تكون تركته خشية لله -عز وجل- أو تركته غفلةً وذهولاً، ولكل واحد من هذه الصور حكمها، لكن المسلم إذا استصحب أنه ممتثل لأمر الله -عز وجل- وأنه منتهٍ عما حرمه الله عليه، وأنه لو أتيحت له فرصة للسرقة مثلاً ما سرق -نوى ذلك وبيّت ذلك- يثاب عليه -إن شاء الله- ولو عزب عن ذهنه.
هذه أسئلة كثيرة عن المجاز، وهل يدخل في الصفات أو لا يدخل؟ لكن ...
السؤال رقم (20)
أذا تعارض أمر ونهي في النصوص أيهما يقدم على الآخر
يقول: وهل الأمر مقدم أم النهي في النصوص إذا تعارضت؟
معروف قول الأكثر: تقديم النهي على الأمر؛ ((إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه))، محسوم، أما ((إذا أمرتكم فأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم))، وهذا قول الأكثر.
شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- يرى العكس -أن الأمر مقدم ومخالفة الأمر أعظم من ارتكاب المحظور- ويستدل بأن معصية آدم ارتكاب محظور، ومعصية إبليس مخالفة أمر، ومعصية إبليس أعظم.
لكن ما الذي خفف معصية آدم، وما الذي جعل معصية إبليس عظيمة؟
ما صاحب المعصيتين من غرور واستكبار واستنكاف من إبليس، ومن ندم واستصغار من آدم عليه السلام.
وعلى كل حال في مثل هذه المسألة لا يجاب بقولٍ مطلق، بل يرجع فيه إلى مقدار هذا الأمر وعظم هذا الأمر المتروك المقرون بالنهي، كما أنه ينظر فيه إلى عظم ارتكاب المحظور بالنسبة للمأمور.
فلو تصورنا شخصاً مطالباً بصلاة الجماعة، وفي طريقه إلى المسجد نساء متبرجات، نقول يلزمك حضور صلاة الجماعة، وغض بصرك، لكن هو مطالب بصلاة الجمعة في المسجد وفي طريقه بغي، ومن وراء هذا البغي ظالم يجبر الناس على مقارفة الفاحشة معها؟ نقول: ترك المأمور أو ارتكاب المحظور؟
طالب: .......
ترك المأمور أسهل من ارتكاب المحظور، وعلى هذا كل مسألة تقدر بقدرها، فلا يقال بحكمٍ عام مطَّرد في مثل هذا، بل ينظر إلى كل مسألتين متقابلتين من هذا النوع على حده.
السؤال رقم (21)
الفرق بين الإجماع و الإتفاق
يقول: هذا أكثر من سؤال فيه طلب الفرق بين الإجماع والاتفاق؟
الأصل أن لا فرق، ويراد بهاتين الكلمتين نفي الخلاف، إذا قيل: لا خلاف، أو اتفق العلماء، أو أجمعوا على كذا هذا الأصل، لكن يبقى أن لبعض أهل العلم اصطلاحات خاصة، فإذا قال: أجمعوا غير قوله: اتفقوا، صاحب الإفصاح هو ممن ينقل الاتفاق ويريد به اتفاق الأئمة الأربعة، وأما إذا أطلق الإجماع فمرادهم به إجماع جميع المجتهدين من علماء الأمة، جميع المجتهدين، هذا قول عامة أهل العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
أبو جعفر بن جرير الطبري يرى أن الإجماع قول الأكثر، لذا تراه في تفسيره يقول: واختلف العلماء في كذا، إما في قراءة آية، يذكر الخلاف، أو في حكم مستنبط من الآية يذكر الخلاف، يقول: اختلفوا في كذا، ثم يذكر قول الأكثر ويذكر من خالف، ثم يقول: والصواب في ذلك عندنا كذا؛ لإجماع القراءة على ذلك، أو لإجماع العلماء على ذلك، وهو بنفسه ساق الخلاف.
على كل حال مسائل الإجماع والاختلاف فيها مصنفات، أما الاتفاق فهو أقل عند بعض أهل العلم مما في الإجماع، وهو نفي الخلاف؛ الأصل فيه أنه مثل نقل الإجماع، أو مثل نقل الاتفاق، إلا أنه يبقى أنه مقرون بعلم الناقل، نفي الخلاف حسب علمه، فيكون حينئذٍ أقل من التصريح بالإجماع.
وقد وقع من كبار الأئمة شيء من هذا، الإمام مالك يقول: "لا أعلم أحداً قال برد اليمين"، مع أن قضاة عصره ابن أبي ليلى وابن شبرمة يقولون به.
والإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: "لا أعلم أحداً قال بوجوب الزكاة في أقل من ثلاثين من البقر"، مع أن القول معروف عن عثمان وابن عباس في العشر.
المقصود أن مثل هذا مرده إلى علم الناقل، أما الإجماع فلا يكاد يصرّح به أحد إلا وهو لا يعرف مخالفاً، اللهم إلا إذا كان ممن يتساهل في نقل الإجماع، يتساهل في نقل الإجماع كالنووي مثلاً، متساهل في نقل الإجماع؛ ادعى الإجماع في مسائل كثيرة الخلاف فيها معروف، بل قد يسوق الخلاف بنفسه، وهذا هو ما جعل الشوكاني يقول: "ونقل هذه الإجماعات تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع".
وعلى كل حال الإحاطة بقول جميع المجتهدين فيه عسر، والله المستعان.
رسالة طويلة جداً تحتاج في قراءتها إلى وقت؛ يمكن أكثر من عشرين سطر ..
على كل حال لو صاحبها يتصل ويجاب بالهاتف أو يحضر للإجابة؛ لأنها تأخذ وقتاً طويلاً
السؤال رقم (22)
الفرق بين الخاص و العام و المطلق و المقيد
يقول: ما الفرق بين كلٍ من العام والخاص والمطلق والمقيد؟ والعموم والخصوص؟
هذه هي المسائل التي نبحثها الآن، لكن قد لا يدرك السائل جواب هذا السؤال؛ لأنه قد يكون في دروسٍ لاحقة، نقول: العام والخاص، والمطلق والمقيد، العام: يأتي ذكره أنه ما يشمل شيئين فصاعداً، وأما الخاص: فهو يشمل شيئاً واحداً أو أشياء محصورة.
والمطلق: إذا عرفنا الفرق بين العموم والإطلاق والتقييد والتخصيص انحل لنا كثير من الإشكالات، فالتخصيص: تقليل لأفراد العام والتقييد: تقليل لأوصاف المطلق، وهذا سيأتي كله -إن شاء الله تعالى- بأمثلته وصوره.
شخص سرق من أموال الناس قبل بلوغه، فهل يردها بعد بلوغه؟
نعم، يلزمه ردها؛ لأن هذا ليس من باب التكليف نقول هو ما كلف، هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، وجنايات الصبي والمجنون مضنونة
ـ[حسن عبد الله]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 01:18]ـ
جزاك الله خيراً
(/)
قال الله تعالى"اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله"
ـ[أبو طلحة الثاني]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 06:06]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى"اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله"
أطلب لمن له دراية أن يتكرم علينا و يأتينا بأقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية
وما هي الأحكام المستنبطة منها
أرجو منكم الإفادة بارك الله فيكم
ـ[أبو طلحة الثاني]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 08:32]ـ
هل من مجيب بارك الله فيكم
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 09:29]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي انظر في المعتصر شرح كتاب التوحيد للشيخ علي الخضير-فك الله أسره- لعله يفيدك إن شاء الله تعالى، وإليك رابط الكتاب:
http://www.saaid.net/book/9/2731.zip
ـ[أبو طلحة الثاني]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 11:27]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل "عبد الله الجنوبي"
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[16 - Sep-2008, مساء 11:52]ـ
السلام عليكم،
يقول ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى: 7/ 67]:
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}. وَفِي حَدِيثِ {عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ طَوِيلٌ رَوَاهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا - وَكَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ، فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ: فَقُلْت لَهُ: إنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ؛ قَالَ: أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتُحِلُّونَهُ؟ قَالَ: فَقُلْت: بَلَى. قَالَ: فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ} وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو البختري: أَمَا إنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا لَهُمْ، وَلَوْ أَمَرُوهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا أَطَاعُوهُمْ، وَلَكِنْ أَمَرُوهُمْ، فَجَعَلُوا حَلَالَ اللَّهِ حَرَامَهُ، وَحَرَامَهُ حَلَالَهُ؛ فَأَطَاعُوهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ الرُّبُوبِيَّةَ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: قُلْت لِأَبِي الْعَالِيَةِ: كَيْفَ كَانَتْ تِلْكَ الرُّبُوبِيَّةُ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ؟ قَالَ: كَانَتْ الرُّبُوبِيَّةُ أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ، فَقَالُوا: لَنْ نَسْبِقَ أَحْبَارَنَا بِشَيْءِ؛ فَمَا أَمَرُونَا بِهِ ائْتَمَرْنَا، وَمَا نَهَوْنَا عَنْهُ انْتَهَيْنَا لِقَوْلِهِمْ، فَاسْتَنْصَحُوا الرِّجَالَ، وَنَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ. فَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عِبَادَتَهُمْ إيَّاهُمْ كَانَتْ فِي تَحْلِيلِ الْحَرَامِ وَتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، لَا أَنَّهُمْ صَلَّوْا لَهُمْ وَصَامُوا لَهُمْ وَدَعَوْهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَهَذِهِ عِبَادَةٌ لِلرِّجَالِ، وَتِلْكَ عِبَادَةٌ لِلْأَمْوَالِ؛ وَقَدْ بَيَّنَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ شِرْكٌ، بِقَوْلِهِ: {لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
وقال في [مجموع الفتاوى: 7/ 70]:
وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا، حَيْثُ أَطَاعُوهُمْ فِي تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَتَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ؛ يَكُونُونَ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا): أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ بَدَّلُوا دِينَ اللَّهِ، فَيَتْبَعُونَهُمْ عَلَى التَّبْدِيلِ، فَيَعْتَقِدُونَ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَتَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، اتِّبَاعًا لِرُؤَسَائِهِمْ، مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ خَالَفُوا دِينَ الرُّسُلِ، فَهَذَا كُفْرٌ؛ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ شِرْكًا - وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ لَهُمْ وَيَسْجُدُونَ لَهُمْ -. فَكَانَ مَنْ اتَّبَعَ غَيْرَهُ فِي خِلَافِ الدِّينِ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِلَافُ الدِّينِ، وَاعْتَقَدَ مَا قَالَهُ ذَلِكَ دُونَ مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ مُشْرِكًا مِثْلَ هَؤُلَاءِ.
وَ (الثَّانِي): أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُمْ وَإِيمَانُهُمْ بِتَحْلِيلِ الْحَلَالِ وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ ثَابِتًا، لَكِنَّهُمْ أَطَاعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْلِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْمَعَاصِي، الَّتِي يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَعَاصٍ؛ فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حُكْمُ أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ. كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: {إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ}، وَقَالَ: {عَلَى الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةِ}.
فجملة القول هي:
من أطاع أحداً في معصية الله تعالى، معتقداً صحّة ذلك، وأن كلامه مقدم على كلام الله .. فهذا مشرك كافر.
ومن أطاعه معتقداً لبطلان أمره، ومعترفاً على نفسه بالخطأ والإثم واستحقاق عقاب الله تعالى، ولكن لهوى في نفسه غلبه فاتبعه، فهذا حاله كحال أصحاب الذنوب والمعاصي الذين يطيعون الشيطان والهوى ..
هذا، والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 12:37]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام سوف أضع لكم الردود على كل الشبهات التي أثيرت حول هذه الآية الكريمة من قبل المرجئة والجهمية
وهذه الردود كتبها الشيخ الفاضل عبد المجيد الشاذلي حفظه الله في كتابه (البلاغ المبين)
يقول الشيخ عبد المجيد الشاذلي حفظه الله: (رابعًا: تلبيس المرجئة بخصوص طاعة الأحبار والرهبان وتفسيرها بالطاعة في الاعتقاد، وقد وقعوا في عدة سقطات في هذه القضية:
• السقطة الأولي:
أن الإيمان والكفر والتوحيد والشرك ينعكسان بمعنى أن ما لا يتحقق الإيمان بالله ـ وهو الحق ـ إلا به لا يتحقق الإيمان بالباطل ومن ثم الكفر إلا به، وأن ما لا تتحقق عبادة الله إلا به لا تتحقق عبادة الشياطين والطواغيت والأصنام والملائكة والبشر والأحبار والرهبان والجنّ وظواهر الطبيعة إلا به. وهذه سقطة كبيرة حيث يعكس المعترض على تقرير عقيدة التوحيد في كتاب ”حد الاسلام“.
أقول: يعكس أي قضية فيها خروج عن دين الله بالكفر والشرك ـ والعياذ بالله ـ إلى ما يتحقق به الإيمان، وهذا أمر لا يصح أن يخطئ فيه صبيان الكتاتيب، لأن الإيمان لا يتحقق إلا: بالإقرار والتصديق بخبر الله والالتزام بشرع الله. فلا يصح أن نقول أن الكفر لا يتحقق إلا إذا انضاف الالتزام بالشرائع الكفرية إلى الإقرار بصحتها والتصديق بخبرها، لأن الكفر يتحقق بمجرد الشك أو التكذيب أو الجحد منفردًا أو الامتناع عن القبول والرد منفردًا، وقد قال العلماء أن من تكلم بالإيمان ولم يمض فيه عزيمة لا يؤمن، ومن تكلم بالكفر ولم يمض فيه عزيمة كفر بذلك، فالأمر لا ينعكس أبدًا. فقد قرر الكاتب في اعتراضه قضية الانعكاس هذه مرارًا وهى خطأ فاحش، فوقع في نفس الخطأ عندما قاس عبادة غير الله على عبادة الله عزَّ وجلّ، وأن ما لا يتحقق الإيمان أو العبادة إلا به إذا كان لله عزَّ وجلّ لا يتحقق الكفر إلا به إذا كان لغير الله عزَّ وجلّ وهو خطأ فاحش، فالمشركون أقروا بأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ولا تهدي، وإنما يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفي، وسميت عبادتهم لها عبادة، فهل إذا فعل المسلم ذلك مع الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا تسمي عبادته له عبادة.
وكما قلنا أن الأمر لا ينعكس بين الإيمان والكفر، فهو كذلك لا ينعكس بين الإسلام والشرك، فكما قال العلماء أن من تكلم بالإيمان ولم يمض فيه عزيمة لا يكون مسلمًا ومن تكلم بالكفر ولم يمض فيه عزيمة كفر بذلك. والمفروض على حسب قاعدة الانعكاس ألا يكفر إلا بإمضاء العزيمة فيه. وهو خطأ فَعُلِمَ بطلان هذه القاعدة. فعبادة الله عزَّ وجلّ لابد فيها من الحب والخوف والرجاء والتعظيم والطاعة، وعبادة غير الله تقع بواحد من ذلك فقط، فيكون الشرك في الحب أو في الطاعة أو في التعظيم أو في صرف حق الله الخالص إلى غيره أو في مطلق القصد.) إهـ كتاب البلاغ المبين.
يتبع إن شاء الله تعالى.
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 12:48]ـ
• السقطة الثانية:
قولهم عن آية التوبة في طاعة الأحبار والرهبان أنها تحكي عن انحراف قوم، وليست قاعدة مقررة لأصل من أصول الدين.
ونقول: الآية في معرض التقرير لأصل الدين لأنها دخلت في جميع التفاسير في تفسير آية آل عمران: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) سورة آل عمران الآية: 64.
وهى الآية التي أرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه بها إلى الإسلام، فهى داخلة في صلب عقيدة التوحيد، وآية آل عمران في توحيد العبادة الذي هو مستلزم لتوحيد الاعتقاد وقوله: (ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً).
(يُتْبَعُ)
(/)
عطف للخاص على العام في النهي عن شرك العبادة، فآية التوبة والحديث المفسِّر لها في بيان شرك العبادة وليس شرك الاعتقاد في طاعة الأحبار والرهبان في التحليل والتحريم، وهكذا ذكرها العلماء دومًا في الاستدلال على شرك الطاعة أو على شرك الانقياد أو شرك العبادة المنافي لحقيقة الإسلام، وليس في بيان شرك الاعتقاد أو فساد الاعتقاد المنافي لحقيقة الإيمان. ودائمًا حقيقة الإيمان بمعناه الخاص هى: تصديق الخبر والمخبر، وحقيقة الإسلام بمعناه الخاص: قبول الحكم، والإسلام مستلزم للإيمان والإيمان مستلزم للإسلام، ومن حيث استلزام الإيمان للإسلام واستلزام الإسلام للإيمان دخل الإسلام في معنى الإيمان عند الإطلاق، فشمل معنى الإيمان تصديق الخبر وقبول الحكم، فقبول الحكم من غير الله شرك ينافي حقيقة الإسلام أي ينافي إفراد الله عزَّ وجلّ بالطاعة والعبادة وليس تكذيبًا ينافي حقيقة الإيمان بمعناه الخاص وهو لا ينافي حقيقة الإيمان إلا من حيث دخول حقيقة الإسلام في حقيقة الإيمان لاستلزامها إياها وعندئذٍ يكون المعنى الشرعي للإيمان هو إذعان لحكم المخبر وقبوله.
يقول القسطلاني عن الإيمان الذي هو ملاك الأمر كله وبه تقبل وتصح الأعمال وهو أول ما يجب على المكلف يقول عنه: «هو لغة التصديق وهو كما قاله التفتازاني إذعان لحكم المخبر وقبوله، فليس حقيقة التصديق أن تقع في القلب نسبة التصديق إلى الخبر أو المخبر من غير إذعان أو قبول لذلك، بل لابد فيه من الإذعان والقبول بحيث يقع عليه اسم التسليم على ما صرَّح به الإمام الغزالي. والإسلام لغة الانقياد والخضوع ولا يتحقق ذلك إلا بقبول الأحكام والإذعان وذلك حقيقة التصديق كما سبق.
قال تعالى: (فأ خرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) الآية: 35/ 36.
فالإيمان لا ينفك عن الإسلام فهما متحدان في التصديق وإن تغايرا بحسب المفهوم، إذ مفهوم الإيمان تصديق القلب ومفهوم الإسلام أعمال الجوارح». أهـ.
فقبول حكم غير الله ترك لحكم الله وردّ له وبديل عنه ورغبة عن شرع الله إلى غيره أو عَدْله به، فإذا خوطب أحد بذلك وأُلزم به هل يرضى بذلك ويتابع عليه ولا حرج عليه في ذلك إذا كان اعتقاده صحيحًا؟! أم لابد أن يرفض ولا يقبل وإذا عجز عن ردِّ ذلك عن نفسه للاستضعاف فهل ينشرح صدره بذلك ويركن ويستكين؟! أم هل يكره بقلبه ويعتزل من أكرهه على ذلك ولا يشايعه بالعمل. فالقضية قضية القبول الذي هو معنى العبادة والإسلام لله وحده أو لغيره معه أو من دونه وليست قضية الاعتقاد، وهذا هو معنى شرك العبادة وشرك الطاعة في آية التوبة وحديث عديّ بن حاتم المفسِّر لها، فالإسلام والعبادة معناهما قبول الأحكام والإذعان أو كما قال القسطلاني معناهما الانقياد والخضوع الذي لا يتحقق إلا بقبول الأحكام. والإذعان والإسلام والعبادة لابد وأن يكون لله وحده، كما قال ابن تيمية: «من استسلم لله ولغيره فهو مشرك ومن ردَّ الاستسلام فهو مستكبر وكلاهما كافر. والإسلام لله وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده»
وإذا كان الإسلام والطاعة لابد أن يكونا لله وحده فالقبول للأحكام والإذعان لابد وأن يكون لله وحده، فمن قبل الأحكام من غيره فهو مشرك في العبادة والإسلام ولذلك وجب على من خوطب بأحكام بديلة عن شرع الله أن يرفض ولا يتابع على التبديل، فإذا لم يسعه رد ذلك عن نفسه للاستضعاف فليكره بقلبه ويعتزل المكرِه ولا يشايعه بالعمل، وبهذا يتحقق الرفض في أدني درجاته وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. ومن هذا يتضح أن قول العلماء عمن أطاع في معصية واعتقاده ثابت في التحريم والتحليل الذي جاء به الشرع أنه لا يكفر تمييزًا له عمن أطاع في التبديل بقبول الأحكام البديلة عن شرع الله، والمعصية لا يكفر مرتكبها إلا إذا استحل بتغير الاعتقاد أو بالامتناع عن قبول حكم الله بالتحريم، وقبول حكم غيره البديل عن حكمه امتناع عن حكمه أو عدل به وكلاهما كفرٌ والعياذ بالله بأي منها وبه يتحقق الاستحلال.
(يُتْبَعُ)
(/)
والتشريع أمر منفصل عن المعصية قد تقترن به وقد تنفصل عنه، ويكون نفس التشريع هو الممنوع حتى لو لم تقترن به معصية، فإذا كان شوب تشريع فإن اتباعه بدعة، وإذا كان تشريعًا مطلقًا فإن الإتيان به أو قبوله من الغير والرضى به والمتابعة على ذلك كفرٌ يخرج عن الملة بالشرك في العبادة والإسلام.
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (ثبت في الأصول الشرعية أنه لابد في كل عادي من شائبة التعبد، لأن ما لم يعقل معناه على التفصيل من المأمور به أو المنهي عنه فهو المراد بالتعبدي، وما عقل معناه وعرفت مصلحته أو مفسدته فهو المراد بالعادي، فالطهارات والصلوات والصيام والحج كلها تعبدي، والبيع والنكاح والشراء والطلاق والإجارات والجنايات كلها عادي، لأن أحكامها معقولة المعنى ولابد فيها من التعبد إذ هى مقيدة بأمور شرعية لا خيرة للمكلف فيها كانت اقتضاءًا أو تخييرًا، فإن التخيير في التعبدات إلزام كما أن الاقتضاء إلزام حسبما تقرر برهانه في كتاب ”الموافقات“ وإذا كان كذلك فقد ظهر اشتراك القسمين في معنى التعبد، فإن جاء الابتداع في الأمور العادية من ذلك الوجه صحّ دخوله في العاديات كالعبادات وإلا فلا.
وهذه هى النكتة التي يدور عليها حكم الباب ويتبيّن ذلك بالأمثلة فمما أتي به القرافي وضع المكوس في معاملات الناس فلا يخلو هذا الوضع المحرم أن يكون على قصد حجر التصرفات وقتًا ما أو في حالة ما لنيل حطام الدنيا على هيئة غصب الغاصب وسرقة السارق وقطع القاطع للطريق وما أشبه ذلك أو يكون على قصد وضعه على الناس كالدين الموضوع والأمر المحتوم عليهم دائمًا أو في أوقات محدودة على كيفيات مضروبة بحيث تضاهي المشروع الدائم الذي يحمل عليه العامة ويؤخذون به وتوجه على الممتنع منه العقوبة كما في أخذ زكاة المواشي والحرث وما أشبه ذلك. فأما الثاني فظاهر أنه بدعة إذ هو تشريع زائد وإلزام للمكلفين يضاهي إلزامهم الزكاة المفروضة والدِّيات المضروبة والغرامات المحكوم بها في أموال الغصاب والمتعدين بل صار في حقهم كالعبادات المفروضة واللوازم المحتومة أو ما أشبه ذلك، فمن هذه الجهة يصير بدعة بلاشك لأنه شرع مستدرك وسنٌّ في التكليف مهيع، فتصير المكوس على هذا الفرض لها نظران: نظر من جهة كونها محرمة على الفاعل أن يفعلها كسائر أنواع الظلم. ونظر من جهة كونها اختراعًا لتشريع يؤخذ به الناس إلى الموت، كما يؤخذون بسائر التكاليف. فاجتمع فيها نهيان: نهيٌ عن المعصية، ونهيٌ عن البدعة. وليس ذلك موجودًا في البدع في القسم الأول ـ العبادات ـ وإنما يوجد به النهي من جهة كونها تشريعًا موضوعًا على الناس أمر وجوب أو ندب إذ ليس فيه جهة أخرى يكون بها معصية بل نفس التشريع هو نفس الممنوع). أهـ الإعتصام (2/ 79 _ 81).
وواضح الآن أن طاعة الأحبار والرهبان أو غيرهم، قد يكون فيها وجهان وقد يكون فيها وجه واحد. وجهان من حيث هى معصية وتشريع مطلق بديل عن شرع الله، ووجه واحد من حيث هى تشريع مطلق بديل عن شرع الله فقط، ولا يكون فيه جهة أخرى يكون بها معصية. فمن حيث هى معصية فقط فإن مرتكب المعصية لا يكفر إلا بتغير الاعتقاد أو بالامتناع عن قبول حكم الله: إما بالتحريم أو الوجوب استحلالاً أو إباءً من قبول الفرائض، فمن وقع في المعصية فقط ولم يقبل الشرع البديل فهذا شأنه.
وقد لا يكون فيها معصية بل يكون نفس التشريع هو نفس الممنوع، فمن هذا الوجه فإن قبول التشريع المطلق البديل عن شرع الله كفر يخرج عن الملة، وقد يقع في الوجهين فيكون للمعصية حكمها ولقبول الشرع البديل حكمه.) إهـ كتاب (البلاغ المبين).
يتبع إن شاء الله تعالى.
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 12:50]ـ
• وبهذا تتبين السقطة الثالثة للمرجئة في هذا الموضوع وهى: عدم قدرتهم على تمييز وصف المعصية من وصف المتابعة على التبديل إذا تداخلا في فعل واحد، وظنهم أن المتابعة على التبديل معصية لا يكفر صاحبها إلا بالاستحلال شأن سائر المعاصي، وعدم إدراكهم أنها من الشرك الذي يكفر مرتكبه. قال البخاري: «المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر مرتكبها إلا بالشرك») إهـ. كتاب (البلاغ المبين).
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 01:37]ـ
• السقطة الرابعة:
(يُتْبَعُ)
(/)
عدم إدراكهم أو فهمهم لأصل الدين وعلاقة الآية به ولذلك عزلوها عنه، وأصل الدين كما سبق أن بيَّناه في كلام القسطلاني: (هو الإيمان الذي هو أول ما يجب على المكلف وبه تقبل وتصح الأعمال، ومعناه التصديق الذي هو ليس نسبة الصدق إلى الخبر أو المخبر فقط، بل لابد فيه من إذعان لحكم المخبر وقبوله، بحيث يقع عليه اسم التسليم كما صرَّح به الغزالي. والإسلام لغة الانقياد والخضوع، ولا يتحقق ذلك إلا بقبول الأحكام وذلك حقيقة التصديق قال تعالى: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) سورة الذاريات آيتان 35/ 36.
فالإيمان لا ينفك عن الإسلام حكمًا فهما يتحدان في التصديق وإن تغايرا بحسب المفهوم، إذ مفهوم الإيمان تصديق القلب ومفهوم الإسلام أعمال الجوارح) إهـ.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أصل الدين في " الصارم المسلول صـ457" وفي " إقتضاء الصراط المستقيم": (الثاني أن الإيمان وإن كان يتضمن التصديق فليس هو مجرد التصديق، وإنما هو الإقرار والطمأنينة وذلك لأن التصديق إنما يعرض للخبر فقط، أما الأمر فليس فيه تصديق من حيث هو أمر. وكلام الله خبرٌ وأمرٌ، فالخبر يستوجب التصديق للمخبر، والأمر يستوجب الانقياد له والاستسلام لله. إلى أن يقول: فإن الإيمان بحسب كلام الله ورسالته وكلام الله ورسالته يتضمن أخباره وأوامره، فيصدق القلب أخباره تصديقًا يوجب حالاً في القلب بحسب المصدَّق به، والتصديق هو من نوع العلم والقول، وينقاد لأمره ويستسلم وهذا الانقياد والاستسلام هو من نوع الإرادة والعمل، ولا يكون مؤمنًا إلا بمجموع الأمرين فمن ترك الانقياد كان مستكبرًا فصار من الكافرين وإن كان مصدقًا.
فالكفر أعم من التكذيب يكون: تكذيبًا وجهلاً، ويكون استكبارًا وظلمًا. ولهذا لم يوصف إبليس إلا بالكفر والاستكبار دون التكذيب، ولهذا كان كفر من يعلم مثل اليهود ونحوهم من جنس كفر إبليس، وكان كفر من يجهل مثل النصارى ونحوهم ضلالاً وهو الجهل. ألا تري أن نفرًا من اليهود جاءوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وسألوه عن أشياء فأخبرهم فقالوا نشهدُ أنَّك نبيٌّ ولم يتبعوه، وكذلك هرقل وغيره فلم ينفعهم هذا العلم وهذا التصديق. ألا تري أن من صدَّق الرسولَ بأن ما جاء به هو رسالة الله وقد تضمنت خبرًا وأمرًا، فإنه يحتاج إلى مقام ثان: وهو تصديقه خبر الله وانقياده لأمر الله. فإذا قال أشهد أن لا إله إلا الله فهذه الشهادة تتضمن تصديق خبره والانقياد لأمره، وأشهد أن محمدًا رسول الله تضمنت تصديق الرسول فيما جاء به من عند الله. فبمجموع هاتين الشهادتين يتم الإقرار، فلما كان التصديق لابد منه في كلا الشهادتين ـ وهو الذي يتلقي الرسالة بالقبول ـ ظنَّ مَنْ ظنَّ أنه أصل لجميع الإيمان وغفل عن أن الأصل الآخر لابد منه وهو الانقياد) إهـ.
ويقول في أقتضاء الصراط المستقيم "451": (والشهادة بأن محمدًا رسول الله تتضمن: تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر. إلى أن يقول: وعليهم أن يفعلوا ما أمرهم به وأن ينتهوا عما نهاهم عنه، ويحللوا ما أحله ويحرموا ما حرَّمه، فلا حرام إلا ما حرَّم الله ورسوله ولا دين إلا ما شرَّعه اللهُ ورسولُهُ. ولهذا ذمَّ المشركين في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما لكونهم حرَّموا ما لم يحرِّمه اللهُ، ولكونهم شرَّعوا دينًا لم يأذن به اللهُ كما في قوله تعالى: " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً " إلى آخر السورة.
وما ذكر الله في صدر سورة الأعراف وكذلك قوله تعالى:" أم لهم شركؤا شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ". إلى أن يقول: كما قال عزوجل: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون" وكان من شركهم أنهم أحلُّوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرَّموا عليهم الحلال فأطاعوهم وقد قال تعالى: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أُوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ".
(يُتْبَعُ)
(/)
فقرن بعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر أنهم لا يحرمون ما حرَّمه اللهُ ورسولُه ولا يدينون دينَ الحقِّ، والمؤمنون صدقوا الرسول فيما أخبر به عن الله وعن اليوم الآخر فآمنوا بالله واليوم الآخر، وأطاعوه فيما أمر ونهي وحلَّل وحرَّم فحرموا ما حرَّم اللهُ ورسوله ودانوا دين الحقِّ. إلى أن يقول: ولفظ الإسلام يتضمن الاستسلام والانقياد، ويتضمن الإخلاص مأخوذ من قوله تعالى: " ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل ".
فلابد في الإسلام من الاستسلام لله وحده وترك الاستسلام لما سواه، وهذا حقيقة قولنا «لا إله إلا الله» فمن استسلم لله ولغير الله فهو مشرك واللهُ لا يغفر أن يشرك به، ومن لم يستسلم له فهو مستكبر عن عبادته وقد قال تعالى: " إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " .. إلى أن يقول: فاليهود موصوفون بالكبر، والنصارى موصوفون بالشرك قال الله تعالى في نعت اليهود: " أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ".
وقال في النصارى: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون". إلى أن يقول: ولما كان أصل الدين الذي هو دين الإسلام واحدًا وإن تنوعت شرائعه قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إنَّا معاشر الأنبياء ديننا واحدٌ» و «الأنبياء أخوة لعلات» فدينهم واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو يعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت وذلك هو دين الإسلام في ذلك الوقت. وتنوع الشرائع في الناسخ والمنسوخ من المشروع كتنوع الشريعة الواحدة، فكما أن دين الإسلام الذي بعث اللهُ به محمدًا صلى الله عليه وسلم هو دين واحد مع أنه قد كان في وقت يجب استقبال بيت المقدس في الصلاة وبعد ذلك يجب استقبال الكعبة ويحرم استقبال الصخرة، فالدين واحد وإن تنوعت القبلة في وقتين من أوقاته. ولهذا شرع اللهُ لبني إسرائيل السبت، ثم نسخ ذلك وشرع لنا الجمعة، فكان الاجتماع يوم السبت واجبًا إذ ذاك، ثم صار الواجب هو الاجتماع يوم الجمعة وحرم الاجتماع يوم السبت، فمن خرج عن شريعة موسى قبل النسخ لم يكن مسلمًا، ومن لم يدخل في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد النسخ لم يكن مسلمًا» انتهى بتصرف يسير.
فالأمر كما سبق أن قلنا أنه لا يسع أحدٌ الخروج عن شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الدين المنسوخ أو المبدل أو إلى الشريعة المنسوخة أو المبدلة، فلا يسع أحدٌ الخروج عن الكعبة إلى الصخرة ولا عن الجمعة إلى السبت فيما يعبد به الله عزَّ وجلّ، ولا يسع أحدٌ الخروج عن قطع يد السارق إلى عقوبة أخرى أو عن رجم الزاني المحصن إلى الجلد والتحميم أو إلى اعتبار الزنا ليس جريمة إلا إذا كان إغواءً لقاصر أو اغتصابًا أو إتجارًا ـ دعارة ـ أو خيانة زوجية ووراء ذلك يكون مباحًا لا جريمة فيه ولا عقوبة عليه فمن خرج عن هذا إلى هذا كفر. والخروج الأول فردي فيما يعبد به الله وهو عيني، والخروج الآخر جماعي فيما يقيم القسط بين الناس. وكلا الأمرين خروج كما فعل اليهود عندما قالوا تعالوا نجتمع على أمر نجعله في الشريف والوضيع فينا فاجتمعوا على الجلد والتحميم، فمن خوطب بذلك ممن لهم الأمر والنهي عليه فقبل ذلك منهم وتابع عليه ورضى به فهو منهم وإن لم يحضر اتفاقهم، ومن دخل في اتفاقهم فهو منهم من باب أولي. ومن خوطب بذلك فكرهه ولم يرضه وإن خضع له بحكم استضعافه ـ لتعذر الانتقال وعدم استطاعة تغيير الحال ـ فهو لم يقبل شرعًا غير شرع الله ولم يطع أحدًا في تحليل ما حرَّم الله وتحريم ما أحلَّه اللهُ عزَّ وجلّ فهو على إيمانه. والأمر هنا ليس فيه معصية زنا أو أي نوع من أنواع المعصية الأخرى وإنما نفس التشريع هو نفس الممنوع كبديل عن شرع الله، ونفس القبول للبديل هو الممنوع وإن لم يتضمن أمرًا لمعصية معينة حتى يقال أن فعل المعصية ينقسم. والخروج عن الشريعة في الفعل العيني أو في الفرض العيني راجع إلى فعل الإنسان فيما يقدر عليه، والخروج عن الشريعة في الفرض الكفائي راجع إلى قبول الإنسان من الغير هذا الخروج، وإقامة النظام الذي يحققه. فشرع غير الله عزَّ وجل يضع للناس أحكامًا وتكاليف يخرجهم بها عن شرع الله وتكاليفه، فمن قبل فقد كفر ومن خضع مكرهًا
(يُتْبَعُ)
(/)
فَقَدْ عجز عن إقامة الفرض الكفائي الذي أمره الله به مع غيره لقطع يد السارق ورجم الزاني لأنه مخاطب به من الله مع غيره من المؤمنين كفرض كفائي عليهم حيث وجَّه اللهُ سبحانه وتعالى الخطاب إلى المؤمنين كفرض كفائي عليهم ولم يوجهه إلى الإمام أو الأمير حسبما دلت عليه النصوص الآمرة بذلك. وإذا كان قد فُرِضَ عليه الخروج عن الشرع فهو كاره لذلك منكر له كإنكاره لمن يفرض عليه التوجه إلى الصخرة بعد نسخها أو الاجتماع في السبت بعد نسخه، ولكن الأخير في مقدوره الامتناع عنه لأنه عيني وإن كلفه ذلك حياته، والآخر ليس في مقدوره الامتناع عنه لأنه كفائي. أما أن يقال أن الإنسان لا يكتفي بالخضوع المُكْرَهِ عليه ولكن قد يفعل ذلك غير كاره ولا منكر ويكون مسلمًا إذا اعتقد بطلان ما يفعله ولم يستحله فهذا هو التلبيس والضلال الذي ليس بعده ضلال.
وفي هذا الكفائي يأتي قول الله عزوجل: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أُوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ".
وقوله تعالى: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون".
وقوله تعالى: " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " وغير ذلك من الآيات.
فالمسلم لا يرد أمر الله عليه ولا يأتي بتبديل الشرائع من نفسه أي لا يرجع عن الشرع المحكم إلى الشرع المبدل أو المنسوخ ولا يُخاطب بذلك من غيره فيقبله ويعمل به عن رضى وطواعية دون كره لذلك وإنكار. وقبول الدين المبدل أو المنسوخ أو الشرع المبدل أو المنسوخ من الغير هو تفسير الآية: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً " الآية.
وإذا كانت الآية متصلة بأصل الدين كما وضحنا، فإن القول بأن العبادة هى الطاعة في الاعتقاد أمر واضح البطلان، لأنه لو كان كذلك لكان تفسير الآية بطاعة الأحبار والرهبان في قولهم بشأن عيسى وأمه أولي من طاعتهم في اعتقاد حل صيد أو ذبيحة أو طعام أو شراب وأين هذا من ذاك. وإذا فرضنا جدلاً تفسير الآية بالطاعة في الاعتقاد في شأن الحلال والحرام من الطعام والشراب وغيره لكان المفروض أن تصفهم آيات القرآن بعبادة الأحبار والرهبان في كل المناسبات التي فيها طاعة في الاعتقاد في كل ما ضلُّوا فيه بشأن عيسى عليه السلام من قولهم أنه الله وأنه ابن الله وأنه ثالث ثلاثة وأنه وأمه إلهين من دون الله، وقد تكرر ذكر هذا الضلال في القرآن كثيرًا، ولم يقل أن الإتباع فيه عبادة بل وصفه دائمًا بوصف الضلال: " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ".
ولم يذكر مرة واحدة أن إتباع القوم لأحبارهم في هذا الضلال عبادة، كما لم يذكر مرة واحدة أن إتباع المشركين لآبائهم في عبادة الأصنام وإنكار البعث عبادة للآباء مع ذكر هذا الإتباع في القرآن مرارًا.
والذي ذكر في الحديث هو الاستحلال، والاستحلال لا يقتصر على الاعتقاد، بل الاستحلال كما عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية يكون لخلل في الربوبية، ويكون لخلل في الألوهية مع صحة الاعتقاد، وقوله مشهور في كتابه " الصارم المسلول" يقول: (وبيان هذا أن من فعل المحارم مستحلاً لها فهو كافر باتفاق. فإنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه، وكذلك لو استحلها من غير فعل، والاستحلال اعتقاد أن الله لم يحرمها وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرَّمها وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية ولخلل في الإيمان بالرسالة، ويكون جحدًا محضًا غير مبني على مقدمة، وتارة يعلم أن الله حرَّمها ويعلم أن الرسول إنَّما حرَّم ما حرَّمه الله ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم ويعاند المحرم فهو أشد كفرًا ممن قبله. وقد يكون هذا مع علمه أن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذَّبه، ثم إنَّ هذا الامتناع والإباء إما لخلل في اعتقاد حكمة الآمر وقدرته فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته، وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمردًا أو اتباعًا لغرض النفس وحقيقته كفر. هذا لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ويصدق بكل ما يصدق به
(يُتْبَعُ)
(/)
المؤمنون لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه ... إلخ) إهـ الصارم المسلول (459).
والاستحلال منه ما يتعلق بالخلل في الاعتقاد، ومنه ما يتعلق بالخلل في العبادة. وصورة الامتناع عن التزام التحريم هى الصورة المتعلقة بالخلل في العبادة، والوصف المذكور في الحديث المفسر للآية هو وصف العبادة «فتلك عبادتكم إياهم». فواضح جدًا أن يكون المراد من معنى العبادة لهم هى صورة الاستحلال المتعلقة بلفظ العبادة وهى الامتناع عن التزام حكم الله بالتحريم أو بالتحليل بالتزام حكم غيره على خلاف حكمه، وإذا كانت صور الاستحلال الأخرى داخلة في معنى العبادة فهى تدخل فيها بالتلازم وليس بالمطابقة، فلا يصح أن يخرج عن لفظ العبادة معناها بالمطابقة إذا دخل فيها معنى الاعتقاد باللزوم، وما يقال عن الاعتقاد أنه عبادة خطأ لتغاير المعنى، فالعبادة أمر إرادي قصدي طلبي، والاعتقاد أمر خبري علمي معرفي. وإنما يقال عن الاعتقاد: العبودية المتعلقة بالربوبية، ويقال عن العبادة: العبودية المتعلقة بالألوهية. وذكر الأرباب في الآية ليس مناقضًا لتفسير الرسول الكريم لفعلهم بالعبادة، بل المقصود أنه لا يُعبد إلا من كان ربًّا، فمن عبد ما ليس بربٍّ فكأنما أعطاه صفة الربوبية كما قال القرطبي: «أنزلوهم منزلة الأرباب بقبول أوامرهم ونواهيهم».
وما يذكر عن أوصاف أخرى لفعل القوم مع الأحبار والرهبان يراد تعليق الحكم بها فهو خطأ لأنها أوصاف منفية أو ملغاة كالذي شقَّ ثوبه وجعل التراب على رأسه يصيح يقول واقعت امرأتي في نهار رمضان فقال له الرسول الكريم: عليك الكفارة. فالمناط هو الطاعة في تبديل الشرائع كما قال ابن تيمية وليس في الاعتقاد ولا في المعاصي سواء كانت هذه الطاعة لمن لهم صفة السلطان الديني أو الدنيوي والمتابعة على هذا التبديل. فإباحة المشرع الوضعي للخمر مثلاً تتضمن الخروج من كل مقتضيات الحظر التي بقيت ـ موافقة للشريعة الإسلامية ـ للمخدرات إلى مقتضيات الإباحة والذي يبيح الخمر يحرم عليك:
1 - تحريمها على الناس ويعتبر ذلك تغييرًا لدستور الدولة بالقوة.
2 - ويحرم عليك إهدارها واعتبارها مالاً غير متقوم.
3 - ويحرم عليك تحريق أماكن تعاطيها.
4 - ويحرم عليك تغيير المنكر باليد فيها.
5 - ويحرم عليك الإخلال بالتزاماتك القانونية تجاه سلعة أباح القانون تداولها وتعاطيها.
6 - ويحرم عليك التسبب في إخلال الغير بالتزاماته التعاقدية إزاءها.
وهذه كلها مقتضيات الإباحة فلا يمكن للإنسان أن يقول أنا أحرمها في مجال القاعدة الدينية ولا أطيع أحدًا في إباحتها دينًا سواء شربتها أم امتنعت عن ذلك تدينًا، ولا شأن لي بما سوي ذلك لأنَّا نقول إن الذي يبيحها في مجال القاعدة القانونية قد يكون هو نفسه محرمًا لها في مجال القاعدة الدينية، وقد لا يشربها تدينًا بينما يحرم المخدرات في مجال القاعدة الدينية والقانونية معًا. فلا يحرم تحريمها ولا يحرم إهدارها واعتبارها مالاً غير متقوم ولا يحرم تغيير المنكر باليد فيها ولا يحرم تحريق أماكن تعاطيها ومطاردة أهلها ولا يبيح زراعتها ولا صنعها ولا نقلها ولا بيعها ولا استيرادها ولا تصديرها ولا شحنها ولا التخليص عليها ولا نقلها برًا أو بحرًا استيرادًا أو تصديرًا بإجراءات نقل جوي أو بحري أو بري وإجراءات جمارك وتخليص وخلافه، ولا يلزم أحدًا بالتزامات قانونية تجاه هذه الإباحة بل يحرم المعاونة على ذلك ويعاقب عليه ولا يحرم عليك التسبب في إخلال الغير بالتزاماته التعاقدية تجاهها، والذي يفعلونه كمقتضيات لحظر المخدرات هو نفسه وبعينه مقتضيات الحظر للخمر في الشريعة الإسلامية سواء بسواء التي أخرجنا عنها المشرع الوضعي إلى مقتضيات الإباحة. وبقيت المخدرات في مقتضيات الحظر التي كانت لها في الشريعة الإسلامية لتكون شاهدًا على التبديل بالمقارنة، فمن يقول أن طاعة المشرع الوضعي في إباحة الخمر وأن قبول تحريم تحريمها وتحريم إهدارها وتحريم اعتبارها مالاً غير متقوم وتحريم تحريق أماكن تعاطيها وتحريم تغيير المنكر باليد فيها وتحريم الإخلال بالالتزامات القانونية تجاهها وتحريم التسبب في إخلال الغير بالتزاماته التعاقدية تجاهها لا يكون استحلالاً لها ولا عبادة لغير الله في التحليل والتحريم فيها، ومن ثم لايكون شركًا مخرجًا من الملة، إنما
(يُتْبَعُ)
(/)
هو يقصر تحريم الخمر في الحقيقة على مجال القاعدة الدينية فقط وهو إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة وافتراء الكذب على الله عزَّ وجلَّ حيث عُلِمَ بالضرورة تحريمها في المجالين معًا إذا صحَّ التعبير، وعلم بالضرورة أن إخراجها من الحظر إلى الإباحة في مجال القاعدة القانونية إباحة لها، وقبول هذه الإباحة ممن أباحها بلوازم التحريم التي تلزم عن الإباحة قبول للإباحة، وهو قبول لتبديل الشرع ومتابعة عليه وليس طاعة في معصية، وشرب الخمر معصية وقبول الإباحة بلوازمها قبول للإباحة كقبول الإباحة في مجال القاعدة الدينية سواءً بسواء وهو من هذه الجهة شركٌ وكفرٌ مخرجٌ من الملة، فمن خوطب بهذه الإباحة فعليه أن يكره وينكر وإن كان مستضعفًا لا يقدر إلا أن يخضع «ولكن من كره فقد برئ ومن أنكر فقد سَلِمَ ولكن من رضى وتابع». وهل هناك بعد هذا البيان فرقٌ بين قبولِ الإباحةِ ممن أباحها بلوازمها من التحريم في مجال القاعدة الدينية عن مجال القاعدة القانونية أو فرَّق بين سلطة دينية وأخرى دنيوية أو اعتقاد قداسة أو عدم اعتقاد قداسة أليس الكل تبديلاً ومتابعة على التبديل، وهل مازلنا نقول أن من قبلها في مجال القاعدة القانونية أو أباحها لغيره يبقي مسلمًا إن اعتقد تحريمها في مجال القاعدة الدينية؟؟!!.
وما قيل عن النسخ ليس طاعة في الاعتقاد لأن الاعتقاد ليس فيه طاعة ـ كما بينَّا وكما سنبين ـ وإنما هو اعتقاد في حقهم في الطاعة، والفرق كبير بين الأمرين. واليهود ليس عندهم نسخٌ في الدين أبدًا، وإن جاءت بعض عبارات العلماء بذلك عنهم فهو خطأ في النقل عنهم، وإنما الذي وقع منهم الاستعاضة عن حكم ديني بآخر دنيوي مراعاة لمصالح طرأت لهم ومثال ذلك لما استعاضوا عن الرجم وهو حكم التوراة بالجلد والتحميم حيث كثر فيهم الزنا فخافوا من القتل، ولما وقع في أشرافهم ولم يستطيعوا إقامة الحد عليهم فأبي سوقتهم وضعفاؤهم من إقامته على أبنائهم حتى يقام على أبناء الشرفاء والملوك فخافوا الفتنة والتفرقة فقالوا تعالوا نجتمع على أمر نجعله في الشريف والوضيع فينا فاجتمعوا على الجلد والتحميم، ولم يكن هذا نسخًا ولا تحريفًا للتوراة وإنما تولٍٍ عن حكمها وإعراض عنه إلى غيره من الشرائع الوضعية وهى الشريعة المبدلة وليست المنسوخة ولا الناسخة بحق الأحبار في النسخ، وهذا واضح جدًا في القرآن وأسباب نزوله والآية تجمع اليهود والنصارى فليست مختصة بالنسخ ثم قالوا لن نسبق علماءنا لما وقع ذلك فيهم وعملوا به على المخالفة لحكم التوراة وليس على النسخ لها، وكانوا متحرجين من ذلك ولكن دواعي المصلحة وموافقة الكبراء حملتهم على الاستمرار على المخالفة، وهذا هو معنى النبذ وراء الظهور الذي تكلم عنه القرآن، وترك العمل الذي يتحقق به ذهاب العلم الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ونقضهم الميثاق وترك إقامة التوراة والإنجيل الذي ذكره القرآن وقال أنهم ليسوا على شيء حتى يقيموهما ـ استعاضوا بهذا الدنيوي عن هذا الديني وليس نسخًا لديني بديني آخر ـ وشيخ الإسلام في تفسيره لطاعة الأحبار والرهبان لم يقرر أن المناط المكفر هو الطاعة في الاعتقاد، وإنما قال المتابعة على التبديل، لماذا نغفل ذكر التبديل وقد ركز عليه في التفسير تركيزًا شديدًا.
ومناط الحكم في الآية والحديث ليس هو اعتقاد أو الإقرار بحقهم في التشريع والطاعة، وإنما هو المتابعة على التبديل والاتباع للشريعة البديلة عن شرع الله، وهذا يتضمن اعتقاد والإقرار لهم بحق التشريع كوصف تابع أو متضمن، ولكن المناط المحدد في النص للحكم والذي يتعلق به الحكم ـ وهو شرك العبادة ـ المناط المحدد في النص لهذا الشرك في العبادة هو الاتباع في التشريع. وإطلاق القول بأن العبادة هى الطاعة في الاعتقاد خطأ لأن العبادة أمر قصدي طلبي إرادي، والاعتقاد أمر خبري علمي معرفي. ونحن ننقل عن العلماء أن التوحيد نوعان: توحيد عبادة وتوحيد اعتقاد، والشرك نوعان: شركٌ في العبادة وشرك في الاعتقاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونقول أنه لابد في الإيمان من مجموعهما: الاعتقاد والانقياد، فكيف نجعل الشيئين شيئًا واحدًا والعلماء دائمًا يقولون نصدقه فيما أخبر ـ لم يقل أحد نطيعه فيما أخبر؟! ـ ونطيعه فيما أمر ـ لم يقل أحد نصدقه فيما أمر؟! ـ أرأيت كيف يختص كل أمر بأمره، لكنهم إذا اعتقدوا تبديل الأحكام في دينهم بنسخ الأحبار والرهبان فعبادتهم بقبولهم هذا التبديل، وفسادُ اعتقادهم باعتقادهم بحقهم في النسخ وبكون ما بدلوه يكون ناسخًا لحكم الإنجيل أو التوراة، وفي تغير اعتقادهم بالنسبة للتحليل والتحريم فيرجع الخلل في الأولي إلى الألوهية وفي الثانية إلى الربوبية كما ذكر شيخ الإسلام في ”الصارم المسلول“ عن الاستحلال عندما يكون الخلل في الألوهية والربوبية في وقت واحد، الأولي عبادة والثانية ضلال. ولو أنهم قبلوا ما بدله الأحبار والرهبان كمبلغين عن الله عزَّ وجلّ فقط لم يوصفوا بوصف العبادة، ولكان الخلل في الربوبية فقط ووصفوا بوصف الضلال دون غيره ولكنهم قبلوا التبديل منهم كمشرعين، ومن هنا جاء وصف العبادة وكان الخلل في الاثنين معًا الربوبية والألوهية، ولو أنهم قبلوا منهم التبديل استعاضة بالدنيوي عن الديني لمصلحة طرأت مع بقاء الاعتقاد في الديني ثابتًا لوصفوا بوصف العبادة فقط دون وصف الضلال وفساد الاعتقاد. وإذا تتبعنا آيات القرآن فيما أضل به المضِللون غيرهم من المُضَللين من أهل الكتاب لا نجد أبدًا إشارة إلى العبادة إطلاقًا، وإنما ضلُّوا وأضلوا فقط لأن الضلال في موضع البدعة وفساد الاعتقاد، ولأن الاعتقاد تصديق خبر، والعبادة قبول حكم، هذه هى استعمالات القرآن والسنة ولو كانت الطاعة في الاعتقاد هى المرادة لكان أولي أن يوصفوا بذلك في شأن عقيدتهم في المسيح وأنه ثالث ثلاثة لا في التحريم والتحليل في صيد أو ذبيحة أو طعام وأين هذا من ذاك؟!!
ونشأة اعتقاد مخالف لما عرف عن حكم أي مسألة في الدين إذا كان تحريمًا قطعيًا مثلاً كتحريم الخمر لا يكون إلا بالشك في التحريم أو اعتقاد الحل أي تكذيب التحريم فيتغير علمه فيصدق ما كان مكذبًا ويكذب ما كان مصدقًا أو يشك فهى مسألة تغير اعتقاد وليست طاعة في الاعتقاد لأن الطاعة لا تكون طاعة إلا فيما يحب الإنسان وما يكره وما ينشط إليه وما يتثاقل عنه، وكذلك في الاعتقاد لا تكون طاعة إلا إذا كانت فيما يصدق وفيما يكذب امتثالاً لأمر الآمر ولو كان على غير ما يعلم وهذا أمر مستحيل، وإنما هو تصديق لخبر وتكذيب لآخر أي تغير العلم وهذا لا يطيع أحدٌ فيه أحدًا وإنما يثق في خبره: " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ".
فيتغير ثقته من خبر إلى خبر ومن مخبر إلى مخبر ومن علم إلى علم لا يطيع في اعتقاد جديد مخالف لما كان عليه وهو يعلم صحة الاعتقاد الأول بل لابد أن يعلم فساد الاعتقاد الأول، ولكن قد يتغير اعتقادهم في التحريم والتحليل الذي جاء في كتبهم لاعتقادهم بحق الأحبار والرهبان في نسخ هذه الأحكام علمًا بأن النسخ إنَّما يكون في الأحكام دون الأخبار ـ فيكون قد صدَّقوهم بكذبهم وأعانوهم على ظلمهم ـ بقبولهم الأحكام البديلة منهم، فهما وصفان منفصلان التصديق للخبر الكاذب وطاعة الأمر الفاسد، ومناط الحكم في الآية هو الطاعة للأمر، وإن كان التصديق واقعًا منهم، وإن كانت الطاعة متضمنة لاعتقاد حقهم في التشريع والإقرار لهم بحق الطاعة فهذا أيضًا لا يخرج المناط عن كونه طاعة الأمر بقبول الحكم.
وعندما قلنا أن التبديل فيما هو ديني وما هو دنيوي وليس فيما هو ديني فقط فمردنا في ذلك إلى قاعدة الدين الأساسية وهى:
جماع الدين أصلان:
الأول: أن يعبد الله عزَّ وجل وحده.
والثاني: أن يُعبَد بما شرع على ألسنة رسله في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت. ومن ثم كان لابد من الرجوع إلى الشرع فيما هو عبادي عيني أو كفائي، وما هو عادي عيني أو كفائي فهم أربعة. والعيني ما يقدر عليه الإنسان من نفسه في العبادي كأداء الصلاة، والكفائي ما لا يقدر عليه الإنسان من نفسه ولا يمكنه تحقيقه إلا بإقامة سلطة شرعية تحققه وذلك من خلال إقامته مع غيره للجماعة التي تقيم هذه السلطة وهو في العبادي كإقامة الصلاة: " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة " الآية، والعيني في العادي كبٍّر الوالدين يقدر عليه الإنسان من نفسه، والكفائي كقطع يد السارق ورجم الزانى وجهاد العدو وإقامة الحدود ... إلخ، والمؤمن يقوم بالتكليف المتعلق به من خلال إقامته للسلطة الشرعية التي تقيمه.
والخروج عن الشرع رد للرسالة وكفر بها، ومن جهة أخرى انقياد لغير الله فهو عبادة لغير الله، ومن ثم كان له أيضًا وصف الشرك، والخروج عن الشرع مثل الرجوع إلى الشرع تمامًا يكون فيما هو عادي عيني أو كفائي، ويكون فيما هو عبادي عيني أو كفائي، ومن ثم كانت الاستعاضة بالشرع البديل عن شرع الله أي التبديل كفر وشرك سواء كانت في تبديل ديني بديني أو ديني بدنيوي فيما يقدر عليه الإنسان من نفسه أو يصطلح عليه مع غيره أو يخاطب به من غيره فيقبله ويرضى به ويتابع عليه، لأنه خروج عن الشرع المحكم ورجوع إلى ما سواه. ومن ثم قال ابن كثير عن الياسق: (أن مَنْ ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين) إهـ.
والنكتة هنا هى تبديل ديني بدنيوي وليس ديني بديني ـ مع بقاء صحة الاعتقاد في الدين وفي لزومه ووجوبه دون الدنيوي ـ وما يقوله ابن كثير في التحاكم هو نفس ما تدل عليه آية: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ". من الخروج عن شرع الله المحكم والعدول عنه إلى ما سواه من شريعة الأحبار.
فالآية تفسير للقاعدة وآيات التحاكم والحكم أيضًا تفسير لنفس القاعدة في جوانب من جوانبها.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.) إهـ. كتاب (البلاغ المبين).
يتبع إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 02:01]ـ
وقبل أن نفرغ من الموضوع لابد من تنبيهات لرفع التباسات تدخلها المرجئة على الناس لتلبس عليهم دينهم.
أولاً: لا ينبغي التلبيس بين الشريعة أو الشرع المبدل أو المنسوخ وبين غيرها، فالقانون قاعدة عامة ومجردة يصدرها ذو سلطان تسري على من تتوافر شروط سريانها فيه، ومن هنا تختلف عن السياسات أو الخطط أو الأوامر الإدارية والتصرفات الشخصية أو الجماعية في الحياة اليومية.
ثانيًا: تنظيم المباح أموره لا تقع منفصلة ولا يصح فصل هذه الأمور عن نطاق النظام الذي تقع فيه، فالعبرة بقبول النظام العام الذي تقع هذه الأمور في نطاقه، وقبول نظام يقوم على الإقرار لغير الله بالتشريع وفصل الدين عن الدولة، وقبول نظام يقوم على أساس قبول الشرع المبدل أو المنسوخ بديلاً عن الشرع المحكم. فإذا كان هذا واقعًا أخذ حكمه وإن لم يكن واقعًا لم يأخذ حكمه، فهى لا تنفصل ولا تقع منفصلة عن نطاق النظام الذي تقع فيه.
ثالثًا: الخضوع مع الاستضعاف ليس قبولاً لشرع غير شرع الله إذا كان مع كره القلب بدلالة من الاعتزال وعدم المشايعة بالعمل. أكدنا ذلك مرارًا وتكرارًا، ومشايعةُ المكرِه على التبديل مع ادعاء كره القلب دليل على عدم صدق هذا الادعاء، ولا يحدث هذا إلا ممن انشرح صدره لهذا الخضوع وركن واستنام واستكان لهذا الأمر.
رابعًا: العمل أو الوظائف لا شأن لها بقبول شرع غير الله لأن ترك العمل لا يعني عدم الخضوع لهذه الشرائع فهو مخاطب بها وإن أغلق عليه بابه، والعبرة بكره القلب مع ترك المشايعة. والأرزاق وإن شابها الحرام فحالة الاستضعاف لتعذر الانتقال وعدم استطاعة تغيير الحال ترفع الحرج ـ هكذا قال الفقهاء وهو أمر معلوم مشهور ـ وبقاؤنا في أعمالنا دليل على إصرارنا على امتلاك مقدرات حياتنا واسترداد حقنا الشرعي في عودة الحياة إلى الأصول والتمكين لدين الله في الأرض.
خامسًا: العقود ليست قبولاً لشرع غير شرع الله. العقود شروط، والشروط ليست بدلاً عن شرع الله حتى تكون من الدين المبدل أو المنسوخ، وقد أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بإبطال كل شرط ليس في كتاب الله، وإن كان مئة شرط وشرط، والمقصود أن العقد وإن كان ملزمًا لطرفيه أو أطرافه فإن ذلك مشروط بعدم مخالفته للقواعد الآمرة من النظام القانوني العام هذا في الشرائع الوضعية. ونفس الشيء في الشرع الإسلامي فالشرع يبطل أي شرط أو عقد يخالف الشرع، فأما إن لم يكن مخالفًا للشرع فهو ملزم لطرفيه أو أطرافه، وكيف يخفى هذا المعنى وهو مشروح بإسهاب في " أعلام الموقعين" وفي " الموافقات" وهو معنى مستقر في الفقه الإسلامي وواضح غاية الوضوح، والشروط الفاسدة في البيع وغيره، إمَّا أن تصح ويصحّ العقد وهذا فيما يدق ويعسر التحرز منه، أو تبطل ويصح العقد، أو يبطل الشرط والعقد معًا ولا نري الاسترسال في بيان هذا المعنى لوضوحه.
سادسًا: قبول شرع غير الله مستلزم بالضرورة رد شرع الله، فاليهود لما استحلوا القتل رفضوا حكم الله بتحريم قتال بني إسرائيل، ولما أوجبوا الفداء قبلوا حكم الله بفك إسار بني إسرائيل وفدائهم، وقبولهم للجلد والتحميم رفض للرجم، فمن قبل حكم الله في جزئية فقد رفض حكم غيره في هذه الجزئية، ومن قبل حكم غير الله في جزئية فقد رفض حكم الله في هذه الجزئية، فمن قبل حكم الله عزَّ وجلّ في بعض الجزئيات وقبل حكم غيره في جزئيات أخرى يكون قد اجتمع له قبول لبعض شرع الله ورفض للبعض الآخر فآمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما وصف الله اليهود بذلك، ومن فعل ذلك فقد كفر وخرج من ملة الإسلام بنص الآية.
سابعًا: يقولون قد يكون رد شرع الله راجعًا إلى جلب المصالح ودرء المفاسد فلا حرج في ذلك. ونقول: هذا هو موقف المنافقين من شرع الله ومن موالاة الكافرين حيث قال الله سبحانه وتعالى عنهم في سورة النور: " ويقولون ءامنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أؤلئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم أرتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أؤلئك هم الظالمون إنما كان قول الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأؤلئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله
(يُتْبَعُ)
(/)
ويخش الله ويتقه فأؤلئك هم الفائزون ".
يقول البيضاوي في التفسير: (نزلت في بشر المنافق خاصم يهوديًا فدعاه إلى كعب بن الأشرف وهو يدعوه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم: " ويقولون ءامنا بالله وبالرسول وأطعنا " وأطعنا لهما " ثم يتولى " بالامتناع عن قبول حكمه " فريق منهم من بعد ذلك " بعد قولهم هذا: " وما أؤلئك بالمؤمنين ". إشارة إلى القائلين بأسرهم ـ أو إلى الفريق المتولي منهم ـ وسلب الإيمان عنهم لتوليهم والتعريف فيه للدلالة على أنهم ليسوا بالمؤمنين الذين عرفتهم وهم المخلصون في الإيمان والثابتون عليه: " وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم " أي ليحكم النبيُّ صلى الله عليه وسلم فإنه الحاكم ظاهرًا أو المدعو إليه وذكر الله لتعظيمه والدلالة على أن حكمه في الحقيقة حكم الله: " وإذا فريق منهم معرضون " وهو شرحٌ للتولي ومبالغة فيه: " وإن يكن لهم الحق " أي الحكم لا عليهم:" يأتوا إليه مذعنين " منقادين لعلمهم أنه يحكم لهم: " أفي قلوبهم مرض أم أرتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أؤلئك هم الظالمون ". إضراب عن القسمين الأخيرين لتحقيق القسم الأول ووجه التقسيم أن امتناعهم إما لخلل فيهم أو في الحاكم والثاني إما أن يكون محققًا عندهم أو متوقعًا وكلاهما باطل لأن منصب نبوته وفرط أمانته يمنعه فتعين الأول وظلمهم يعم خلل عقيدتهم وميل نفوسهم إلى الحيف: " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأؤلئك هم المفلحون " على عادته تعالى في إتْباع ذكر المحق المبطل والتنبيه على ما ينبغي بعد إنكاره لما لا ينبغي: " وأقسموا بالله جهد إيمانهم ". إنكارًا للامتناع عن حكمه: " لئن أمرتهم ليخرجن ". إن أمرتهم بالخروج من ديارهم أو أموالهم ليخرجن: " قل لا تقسموا " على الكذب: " طاعة معروفة " أي المطلوب منكم طاعة معروفة لا اليمين والطاعة النفاقية المنكرة: " وإن تطيعوه ". في حكمه تهتدوا: " وما على الرسول إلا البلاغ المبين ". وقد أدي فإن أديتم فلكم وإن توليتم فعليكم) إهـ تفسير البيضاوي (1/ 197).
هنا الإقرار بالشريعة متحقق بل متكرر والإعراض عنها للمصلحة، فكيف يقال أن الإعراض عن الشريعة إذا كان جلبًا لمصلحة أو درءًا لمفسدة فلا بأس؟؟!!.
ونقول: هل قبول شرع الله ورفض ما سواه والدخول في ولاية الإسلام ولاية لله ورسوله والمؤمنين مسألة خاضعة لاعتبارات المصالح، وهل كان هذا إلا موقف المنافقين واتهموا المؤمنين بالسفه لوقوفهم عند أمر الله وامتثالهم له معبرًا عن حسابات المصالح الدنيوية وحسابات وموازنات القوى!!.
ويقولون قد يكون ردَّه إلى المداراة واتقاء الفتنة. ونقول: أن الخضوع في حالة الاستضعاف لتعذر الانتقال وعدم استطاعته تغيير الحال مع كره القلب وترك المشايعة لا يسمي قبولاً لشرع غير شرع الله، بل هو درجة من درجات الرفض لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضى وتابع» وقال عبد الله بن مسعود عن حكايته في تبديل الملوك لدين المسيح «إذا حدث ذلك فيكم فليعلم اللهُ من قلبك أنَّك كارهٌ» ولكن الذي يعلن قبوله ومعايشته أو معايشته دون قبوله لشرع غير الله في الأرض لقوة ظاهرة تساند ذلك الشرع المبدل وينشرح صدره لموقفه هذا لاطمئنانه إلى سلامته من بطش هذه القوة الظاهرة واطمئنانه على مصالحه في ركونه واستنامته واستكانته إليها فهذا موقف مداهنة وإن ادعي الإكراه ورحم الله من قال:
وثمودُ لو لم يُدْهِنوا في ربِّهم لم تَدْمَ ناقتهم بسيف قَدَارِ
ومن نسب الله عزَّ وجل إليهم العَقْر ليس بسبب مشاركتهم ولكن بسبب مداهنتهم، والذي عقرها هو أشقاها. والآيات في سورة النور التي سبق ذكرها قال عنها بعض المفسرين الإعراض من بعضهم والرضى من كلهم، فهلك الفاعل والراضي. واللهُ تعالى أعلم وهو أعزُّ وأكرم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثامنًا: وقالوا هذا تكفير للناس بالعموم. ونقول: القول بهذا افتراء للكذب على أهل الحق لنصرة التلبيس والإرجاء والبدعة والتفريط وكتمان الحق وتضليل الناس. وقد قلنا بملء الفم أنه لا تكفير بالعموم في مجتمعات المسلمين في ديارهم التي عليها أحكام الكفر، لأن التكفير بالعموم لا يأتي إلا بعد أن تتغير التبعية، وهذه المجتمعات لم تتغير تبعيتها بعلو أحكام الكفر على الديار للأسباب الآتية:
1 - أمر المتبوع غير أمر التابع أو بعبارة أدق وأصح أمر التابع غير أمر المتبوع.
2 - الذين دخلوا في ظاهرة الشرك منهم لم يتحيزوا أو يتميزوا عن غيرهم تميز الفسطاط أو تميز انتساب، والذين نجوا من ظاهرة الشرك منهم لم يتميزوا أو يتحيزوا عنهم أو باينوهم، فالناس أخلاطٌ شتي غير متمايزة أو متباينة.
3 - الذين دخلوا في ظاهرة الشرك منهم غير قادرين على توريث أبنائهم ما هم عليه كنِحلة أو دين.
4 - أمر الناس لا يتبين إلا بالوقوف على المقاصد والاطلاع على البواطن «من كَرِهَ فقد برئ ومَنْ أنكَرَ فقد سَلِمَ ولكن مَنْ رَضِى وتابع» ومن ثم لا يثبت الكفر بالاسم الظاهر أو الشارة الظاهرة بحيث يغني الاسم عن معرفة المسمي، كما نقول بهائي أو درزي أو نصيري أو قدياني أو بهرة أو باطني أو نصراني أو يهودي. هل تحتاج حينئذ أن تسأل هل كره فبرئ أم رضى وتابع فهلك؟؟ ولكن عندما تقول مصري أو سوري أو عراقي تحتاج أن تسأل لتعرف حقيقة موقفه من علو أحكام الكفر على بلاده وهذا هو الفرق.
وهذه الأربعة هى التي يتحدد بها بقاء تبعية الإسلام أو تغير التبعية، وبالعكس فالتبعية تتغير إلى كفر أصلي بأربعة الأمور وهى:
1 - تميز الانتساب أو تميز الفسطاط.
2 - ثبوت وصف الكفر بالاسم الظاهر أو الشارة الظاهرة دون حاجة إلى اطلاع على البواطن والمقاصد.
2 - أن يكونوا قادرين على توريث أبنائهم ماهم عليه.
3 - أن يكون أمر التابع كأمر المتبوع.
وهذا لم يحدث في هذه المجتمعات ومن ثَمَّ فتبعية الإسلام باقية ومن ثَمَّ فإننا نثبت حكم الإسلام للوليد بتبعية أبويه أو أفضلهما دينًا، وللقيط بتبعية الدار، كما يثبت حكم الإسلام للمجنون ومجهول الحال. وهذا لا ينفي إثبات ظواهر الشرك في الحكم والولاء والنسك وفساد الاعتقادات وتفشي هذه الظواهر، ولا ينفي كون الناس أخلاطًا شتى، ولا ينفي الاستبراء للدين والعرض في هذه الظروف، وثبوت هذه الظواهر لا يلزم منه التعيين، وعدم القدرة على التعيين لا تنفي ثبوت الظاهرة.
ومن هنا قال الفقهاء عن حكم هذا الواقع عندما نَشأ في عدن والهند منذ أكثر من قرنين من الزمان قالوا عن هذه الديار: لها صفة دار الكفر وحكم دار الإسلام. حكم دار الإسلام لبقاء التبعية الإسلامية، وصفة دار الكفر لعلو أحكام الكفر على الديار. وصفة دار الكفر للدار تستلزم إسقاط شرعية الأنظمة التي فصلت الدين عن الدولة، وقيام شرعية بديلة تتمثل في جماعات العلماء، واعطائها شرعية قتال، ووجوب الاسترداد للدار لوصف الردة الطارئ، ولو تحولت لحكم الكفر الأصلي لسقط حق الاسترداد للدار مع التقادم. وبقول هؤلاء العلماء نقول في مثل الواقع الذي قالوا فيه) إهـ كتاب (البلاغ المبين) للشيخ عبد المجيد الشاذلي.
ـ[أبو طلحة الثاني]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 04:45]ـ
الأخ "أبو شعيب" و "الإمام الدهلوي" بورك فيكم على هذه الردود
ـ[ام الزبير]ــــــــ[02 - Dec-2008, مساء 09:15]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد فهم من كلام ابن تيمية في عدة اشياء غير تفسير هده الاية ما هو بريء منه الى يوم القيامة
ـ[عابد عزي]ــــــــ[10 - Dec-2008, مساء 09:54]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد فهم من كلام ابن تيمية في عدة اشياء غير تفسير هده الاية ما هو بريء منه الى يوم القيامة
الأخت أم الزبير من فضلك نرجو التوضيح لما كتبتيه في ردك هذا و أن تفهمينا كيف أن بن تيمية بريئ منه الى يوم القيامة يعني بمعنى آخر هل هذا الكلام فيه غلو و تشدد أم تفريط و ارجاء و بارك الله فيك
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[10 - Dec-2008, مساء 09:59]ـ
هذه الآية أشبه بالنص على بيان أن من يشرع للناس غير ما شرعه الله تعالى
ويستعيض عن الكتاب والسنة بأشياء أخرى .. فهو كافر كفرا أصليا
دون اشتراط انعقاد قلب ولا بطيخ
ـ[عابد عزي]ــــــــ[10 - Dec-2008, مساء 10:12]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عابد عزي]ــــــــ[10 - Dec-2008, مساء 10:22]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم بارك الله فيك أخي أبا القاسم من يشرع للناس غير ما شرعه الله لعباده و يستعيض عن الكتاب و السنه الى أحكام وضعية فهو كافر أصلي دون اشتراط انعقاد قلب لم يدخل في الاسلام ابتداء و لم يفهم دين الله و لكن أنصحك يا أخي أن لا تقول و لا بطيخ فالبطيخ أكل و لا يليق بأن يدخل في العبارة و لا يحتج بهذه العبارة لتبيين الحق و ليس من منهج السلف أن يقولوا هكذا لأن السلف كان كلامهم قليلا و لكن مباركا أما نحن فقد ابتلينا بالكلام الكثير و البركة القليلة و لهذا لم تنتفع المخالف بكلامنا فالواجب أن لا نضيف هته العبارات لأن عبارة بطيخ لا تلين القلب و تجعله يستنير بل بالعكس تجعله ينفر و الواجب أن نكثر من التضرع الى الله أن ينور قلوبنا و يهدينا و يهدي مخالفينا الى أقرب من هذا رشدا و صلى الله على محمد و آله و صحبه و سلم كثيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[10 - Dec-2008, مساء 10:35]ـ
شكر الله لك النصح .. وقولي "ولا بطيخ" هو من التهكم بأصحاب القول الآخر ..
وهي كلمة دارجة في لهجتنا .. فهي أشبه بأسلوب من أساليب توكيد البيان
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[10 - Dec-2008, مساء 11:19]ـ
أخي أبو القاسم وفقك الله تعالى:
عندي ملاحظات على مشاركتك السابقة وهي كما يلي:
أولاً: لا شك أن التشريع حق خالص لله تعالى لا يشاركه فيه أحد .. هذا من حيث الجملة.
ثانياً: من وضع تشريع من عنده لا يصح أن نحكم عليه بالكفر قبل النظر في الشروط والموانع .. وقصدي بذلك: أن يكون التشريع في ذاته كفر مجرد مصادم للكتاب والسنة مصادمة صريحة (وهذا شرط في الفعل أن يكون كفر بواح) ويخرج بذلك بعض التشريعات الباطلة التي تستند إلى تأويلات فاسدة فمثل هذه لا يجوز الحكم على مشرعها بالكفر ابتداءً.
وقد قال الشاطبي رحمه الله في كتابه الإعتصام: أن كل بدعة هي في حقيقتها تشريع قل أو كثر .. ثم قسم البدع إلى أقسام قد تكون كفر وقد تكون محرمة ... إلخ.
ويخرج من ذلك أيضاً التشريعات الإدارية التي لا تصادم الكتاب والسنة ولا تعارضهما فهذا النوع لا شيئ فيه كما قال الإمام محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره (أضواء البيان).
وأما الشرط الأخر فهو النظر في حال هذا المشرع .. فلابد قبل تكفيره عيناً أن يكون عالماً أن تشريعه مخالف للنصوص القطعية من الكتاب والسنة مخالفة صريحة .. ويخرج من ذلك الجاهل فلا يصح تكفيره ابتداءً فإن الرجل الذي كان على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء بحكم من عند نفسه مخالف للقرآن والسنة لم يكفره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الفعل ابتداءً لأنه كان جاهل.
فقد جاء في المسند حدثنا عبد الله حدثنا أبي حدثنا عبد الرازق حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رجلاً جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «إنَّ ابني كان عسيفًا على هذا فزني بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بوليدة ومائة شاه ثم أخبرني أهل العلم أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإن على امرأة هذا الرجم. حسبت أنه قال فاقض بيننا بكتاب الله فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما الغنم والوليدة فردٌّ عليك، وأما ابنك فعليه جلد مائة وتغريب عام ثم قال لرجلٍ من أسلم يقال له أنيس قم يا أنيس فاسأل امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها».
يقول الشيخ عند المجيد الشاذلي حفظه الله معقباً: (فالرجل الذي عرض مائة من الإبل ووليدة كان يظن أن ولي العرض إذا جاز التعبير له الحق مثل ولي الدم في الدية وإن العقوبة ليست حقًا لله في الزنا، إنما هي من حق العبد كما هو الحال في القتل فعرض هذا الفداء ثم طلب حكم الله ولم يعد عنه فلو علم أن هذا الفداء ليس حكم الله ما عرضه على صاحبه فلا توجد هنا رغبة عن شرع الله إلى غيره ولا عدل بشرع الله غيره.) إهـ
فهذا الفعل في حقيقته تشريع وحكم مخالف للشريعة ولكن الرجل لم يكفر لأنه كان جاهل لم يبلغه حكم الله في المسألة.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله: (ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله كسواليف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة، وهذا هو الكفر.
فإن كثيراً من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله، فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهالاً) إهـ منهاج النبوة.
ويقول أيضاً: - (ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذي يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله) إهـ مجموعة الفتاوى 35/ 407.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: أنك جعلت المشرع كافر كفراً أصلياً .. فهل تقصد بقولك: كفراً أصلياً أنه ناقل عن الملة الإسلامية .. فإن كنت تقصد هذا فالأمر كما فصلنا سابقاً .. أما إن كنت تقصد بذلك أنه يصير كافر أصلي وليس مرتد .. فهذا لا بد فيه من تفصيل ولا يصح هذا الإطلاق .. فإن كان المشرع قد اتفقنا على تكفيره بعد ثبوت الشروط وانتفاء الموانع فلا يخلو حاله من أمران: إما أن يكون كافر أصلي لا ينتسب إلى الإسلام فهذا كافر أصلي ولا إشكال في ذلك .. وإما أن يكون ينتسب إلى الإسلام ويظهر الإسلام الحكمي أو الظاهر فهذا يكون مرتد وليس بكافر أصلي وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء في المسألة.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله عن جهلة عباد القبور: (… فهؤلاء تكلم الناس في كفرهم وشركهم وضلالهم، والمعروف المتفق عليه عند أهل العلم أن من فعل ذلك ممن يأتي بالشهادتين يحكم عليه بعد بلوغ الحجة بالكفر والردة، ولم يجعلوه كافراً أصلياً وما رأيت ذلك لأحد سوى محمد بن إسماعيل في رسالته تجريد التوحيد المسمى "بتطهير الاعتقاد" وعلل هذا القول بأنهم لم يعرفوا ما دلت عليه كلمة الإخلاص، فلم يدخلوا بها في الإسلام مع عدم العلم بمدلولها، وشيخنا لا يوافقه على ذلك) إهـ مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام.
ويقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في تكفير الباطنية: ( .. فإن قيل ولماذا حكمتم بإلحاقهم بالمرتدين والمرتد من التزم بالدين الحق وتطوقه ثم نزع عنه مرتدا ومنكرا له وهؤلاء لم يلزموا الحق قط بل وقع نشوؤهم على هذا المعتقد فهلا ألحقتموهم بالكافر الاصلي؟
قلنا: ما ذكرناه واضح في الذين انتحلوا أديانهم وتحولوا اليها معتقدين لها بعد اعتقاد نقيضها أو بعد الانفكاك عنها، وأما الذين نشئوا على هذا المعتقد سماعاً من آبائهم فهم أولاد المرتدين، لأن آباءهم وآباء آبائهم لابد أن يفرض في حقهم تنحل هذا الدين بعد الانفكاك عنه، فإنه ليس معتقدا يستند إلى نبي وكتاب منزل كاعتقاد اليهود والنصارى، بل هي البدع المحدثة من جهة طوائف من الملحدة والزنادقة في هذه الاعصار القريبة المتراخية، وحكم الزنديق أيضا حكم المرتد لا يفارقه في شيء أصلا.
وانما يبقى النظر في أولاد المرتدين، وقد قيل فيهم: إنهم أتباع في الردة كأولاد الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة وعلى هذا فأن بلغ طولب بالإسلام وإلا قتل ولم يرض منه بالجزية ولا الرق، وقيل: إنهم كالكفار الأصليين إذ ولدوا على الكفر فإذا بلغوا وآثروا الاستمرار على كفر آبائهم جاز تقريرهم بالجزية وضرب الرق عليهم، وقيل: إنه يحكم بإسلامهم لأن المرتد مؤاخذ بعلائق الإسلام فإذا بلغ ساكتاً فحكم الإسلام يستمرإلى أن يعرض عليه الإسلام فأن نطق به فذاك وأن أظهر كفر أبويه عند ذلك حكمنا بردته في الحال وهذا هو المختار عندنا في صبيان الباطنية فإن علقة من علائق الإسلام كافية للحكم بإسلام الصبيان وعلقة الإسلام باقية على كل مرتد فإنه مؤاخذ بأحكام الإسلام في حال ردته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه).
فيحكم بإسلام هؤلاء ثم إذا بلغوا كشف لهم عن وجه الحق ونهوا عن فضائح مذهب الباطنية وذلك بكشف للمصغى إليه في أوحى ما يقدر وأسرع ما ينتظر فأنأبى إلا دين آبائه فعند ذلك يحكم بردته من وقته ويسلك به مسلك المرتدين) إهـ فضائح الباطنية.
والله أعلى واعلم.
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[11 - Dec-2008, صباحاً 01:49]ـ
أخي الدهلوي غفر الله له .. ووفقه للحق
ملاحظتك ليست سديدة
لأن انتفاء الموانع والشروط ..
يقال فيما هو أعظم من شرك التشريع .. فالمرادتقرير الحكم
كما قال أبو حنيفة: من قال إن الله ليس فوق عرشه فهو كافر
وأما اشتراطك أن يكون مصادما للشريعة .. فعجب وليت شعري كيف سقته؟
لأن القسمة ثنائية ..
إما أن يأتي بشرع من عنده أرضي .. وحينئذ لن يكون موافقا للشرع قطعا
وإما أن يأتي بشرع الله .. وهنا لا يقال إنه أشرك في التشريع ..
فتصورك للخلاف ثم إنشاء كل هذا الرد من أجله غير صحيح ألبتة
ولو تصورنا جدلا-وهو محال-أنه جاء بشرع من رأسه فجاء موافقا للشرع
فهو كافر بذلك .. لأنه وإن وافق الشرع في المآل .. لكنه قصد التشريع من كيسه
(يُتْبَعُ)
(/)
وشرك التشريع في كتاب الله واضح جدا .. وظهور من يخالف فيه من المتأخرين
من أعجب الأشياء ..
وأرجو أن يتوقف الجدال .. لأني لست مولعا بالنقاش المطول في البدهيات
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[11 - Dec-2008, صباحاً 09:55]ـ
وهذه فائدة:
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (ثبت في الأصول الشرعية أنه لابد في كل عادي من شائبة التعبد، لأن ما لم يعقل معناه على التفصيل من المأمور به أو المنهي عنه فهو المراد بالتعبدي، وما عقل معناه وعرفت مصلحته أو مفسدته فهو المراد بالعادي، فالطهارات والصلوات والصيام والحج كلها تعبدي، والبيع والنكاح والشراء والطلاق والإجارات والجنايات كلها عادي، لأن أحكامها معقولة المعنى ولابد فيها من التعبد إذ هى مقيدة بأمور شرعية لا خيرة للمكلف فيها كانت اقتضاءًا أو تخييرًا، فإن التخيير في التعبدات إلزام كما أن الاقتضاء إلزام حسبما تقرر برهانه في كتاب ”الموافقات“ وإذا كان كذلك فقد ظهر اشتراك القسمين في معنى التعبد، فإن جاء الابتداع في الأمور العادية من ذلك الوجه صحّ دخوله في العاديات كالعبادات وإلا فلا.
وهذه هى النكتة التي يدور عليها حكم الباب ويتبيّن ذلك بالأمثلة فمما أتي به القرافي وضع المكوس في معاملات الناس فلا يخلو هذا الوضع المحرم أن يكون على قصد حجر التصرفات وقتًا ما أو في حالة ما لنيل حطام الدنيا على هيئة غصب الغاصب وسرقة السارق وقطع القاطع للطريق وما أشبه ذلك أو يكون على قصد وضعه على الناس كالدين الموضوع والأمر المحتوم عليهم دائمًا أو في أوقات محدودة على كيفيات مضروبة بحيث تضاهي المشروع الدائم الذي يحمل عليه العامة ويؤخذون به وتوجه على الممتنع منه العقوبة كما في أخذ زكاة المواشي والحرث وما أشبه ذلك. فأما الثاني فظاهر أنه بدعة إذ هو تشريع زائد وإلزام للمكلفين يضاهي إلزامهم الزكاة المفروضة والدِّيات المضروبة والغرامات المحكوم بها في أموال الغصاب والمتعدين بل صار في حقهم كالعبادات المفروضة واللوازم المحتومة أو ما أشبه ذلك، فمن هذه الجهة يصير بدعة بلاشك لأنه شرع مستدرك وسنٌّ في التكليف مهيع، فتصير المكوس على هذا الفرض لها نظران: نظر من جهة كونها محرمة على الفاعل أن يفعلها كسائر أنواع الظلم. ونظر من جهة كونها اختراعًا لتشريع يؤخذ به الناس إلى الموت، كما يؤخذون بسائر التكاليف. فاجتمع فيها نهيان: نهيٌ عن المعصية، ونهيٌ عن البدعة. وليس ذلك موجودًا في البدع في القسم الأول ـ العبادات ـ وإنما يوجد به النهي من جهة كونها تشريعًا موضوعًا على الناس أمر وجوب أو ندب إذ ليس فيه جهة أخرى يكون بها معصية بل نفس التشريع هو نفس الممنوع) إهـ الإعتصام (2/ 79).
ـ[أحمد الغزي]ــــــــ[11 - Dec-2008, مساء 09:18]ـ
أولاً: لا شك أن التشريع حق خالص لله تعالى لا يشاركه فيه أحد .. هذا من حيث الجملة.
ثانياً: من وضع تشريع من عنده لا يصح أن نحكم عليه بالكفر قبل النظر في الشروط والموانع .. وقصدي بذلك: أن يكون التشريع في ذاته كفر مجرد مصادم للكتاب والسنة مصادمة صريحة (وهذا شرط في الفعل أن يكون كفر بواح) ويخرج بذلك بعض التشريعات الباطلة التي تستند إلى تأويلات فاسدة فمثل هذه لا يجوز الحكم على مشرعها بالكفر ابتداءً.
.
خلطت الحق بالباطل ...
فقولك أن التشريع حق خالص لله تعالى ولا يشاركه فيه أحد .. فهذا حق
أما أن تشترط مصادمة التشريع للكتاب والسنة فهذا هو الباطل
فالتشريع هو تعدي على اخص خصائص الألوهية .. وإن وافق الكتاب والسنة في الحكم فهو تشريع وضعي لا يجوز التحاكم إليه وقد أجمع العلماء على أن المشرع من دون الله طاغوت
فالتشريع من دون الله كفر في ذاته ولا دخل للحكم به
ـ[أحمد الغزي]ــــــــ[11 - Dec-2008, مساء 09:28]ـ
فجملة القول هي:
من أطاع أحداً في معصية الله تعالى، معتقداً صحّة ذلك، وأن كلامه مقدم على كلام الله .. فهذا مشرك كافر.
ومن أطاعه معتقداً لبطلان أمره، ومعترفاً على نفسه بالخطأ والإثم واستحقاق عقاب الله تعالى، ولكن لهوى في نفسه غلبه فاتبعه، فهذا حاله كحال أصحاب الذنوب والمعاصي الذين يطيعون الشيطان والهوى ..
هذا، والله أعلم
الحديث عن الطاعة في التشريع ..
وقد نص حديث الرسول عليه الصلاة والسلام على كفر من أطاعة في التشريع وسماها عبادة
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا علاقة بالاعتقاد لأنها كفر عمل ونص الحديث واضح
مجرد الطاعة في التشريع هو كفر
فلا داعي لتمييع المسألة وخلق عذر لمن لم يعذره الله ورسوله وسماها عابدا للأحبار والرهبان
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[16 - Dec-2008, مساء 08:32]ـ
أخي أبو شعيب وفقك الله تعالى
----------------
قولك: (فجملة القول هي: من أطاع أحداً في معصية الله تعالى، معتقداً صحّة ذلك، وأن كلامه مقدم على كلام الله .. فهذا مشرك كافر.
ومن أطاعه معتقداً لبطلان أمره، ومعترفاً على نفسه بالخطأ والإثم واستحقاق عقاب الله تعالى، ولكن لهوى في نفسه غلبه فاتبعه، فهذا حاله كحال أصحاب الذنوب والمعاصي الذين يطيعون الشيطان والهوى .. هذا، والله أعلم) إهـ
أقول: هذا الكلام من حيث الجملة صحيح .. وهناك فرق كبير بين المتابعة في التشريع والتبديل وبين المتابعة في العمل فقط، ولا يجوز الخلط بينهما.
يقول الشيخ أبو قتادة الفلسطيني حفظه الله في رده على أحد غلاة المكفرة: (وها هنا مسألة مهمة وهي:
ذكر صاحب الكتاب قولاً غالياً لا يعد من أقوال أهل السنة، وهو تكفير المتابع عملاً دون الإستحلال في المعصية لمن فعلها استحلا لاً، أو قال بها تشريعاً، وصورتها هي واقع المسلمين العصاة اليوم في بلادهم وتحت أنظمة حكامهم.
والصورة هي أن الدولة كفرت لما شرعت للناس المحرم، فقالت بحل الخمر والربا والكثير من المعاصي المحرمة إجماعاً عن طريق القوانين، والناس يفعلون هذه الأعمال متابعة للدولة في العمل، فترى المسلم يرابي ويشرب الخمر، ولكنه لا يتابع المبدل في استحلال المعصية، وإنما يتابعها في عمله من غير استحلال لها، فالدولة (والتي هي طائفة متمكنة) تكفر اجماعاً بهذا، لقولها بتشريع على خلاف الشرع، لكن القول بتكفير المرء المتابع في عمله في غير المكفرات دون الإستحلال ليس هو مذهب أهل السنة والجماعة، بل هذا القول هو قول الغلاة من أهل البدع الذين حكموا على الناس جملة هذه الأيام بالكفر أو بالتوقف فيمن أظهر الإسلام حتى يعلم براءته من المتابعة في العمل، وهذا الخطأ نبه عليه ابن تيمية رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" فقال:
وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم، حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين:
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعوهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركا، وأن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه انه خلاف الدين، واعتقد ما قال ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا مثل هؤلاء.
والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحلال ثابتا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الطاعة في المعروف" وقال: "على المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية"، وقال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وقال: " من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه ". (مجموع الفتاوى7/ 70).
ففرق بين المتابعة في التشريع والتبديل وبين المتابعة في العمل، ولا يجوز الخلط بينهما.
ومن المتابعة في التشريع الدخول في العقود الكفرية كالدخول في عقد مع الأمم المتحدة سواء التزم عملاً بقوانينها أو لم يلتزم، لكن من أين لكاتب هذا الكتاب أن مجرد وجود ما ذكر هو دخول في العقد الكفري، بل هو يقول:
تراعى تلك الأنظمة قواعد القانون والعرف الدولي فيما يتعلق برفع العلم الأجنبي على المباني الخاصة بالممثليات السياسية والقنصلية للدول الأجنبية في أراضيها وكذلك الأمم المتحدة والهيئات الدولية والإقليمية أو رفعه على السيارات الخاصة بموظفيها ". ص 42
فهو كما ترى أخي المسلم السني يجعل المتابعة في العمل كفراً دون النظر في أحكام هذه الأعمال في أصلها دون استحلال، ودون أن يثبت وجود عقد الإلتزام.
فهما أمران ليثبت الكفر، ولا يشترط اجتماعهما:
أولاً: وجود عقد التزام على عمل غير شرعي سواء كان كفراً بذاته أم مجرد معصية، فإن عقد الإلتزام مكفر بذاته، لأنه دخول في التشريع.
ثانيهما: تحرير حقيقة العمل في دين الله في الفعل المجرد من غير التزام، هل هو كفر أم لا، فإن كان كفرا فهو وذاك، وإلا فلا.) إهـ كتاب " جؤنة المطيبين (62).
هذا كلام جيد وموفق.
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[17 - Dec-2008, مساء 04:50]ـ
أخي الكريم (الإمام الدهلوي)،
جزاك الله خيراً على النقل الطيب عن الشيخ الأسير أبي قتادة - حفظه الله وفك أسره - .. وهو كلام صحيح ومتفق معه فيه، والحمد لله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[17 - Dec-2008, مساء 05:04]ـ
http://ia350613.us.archive.org/0/items/takhlis/takhlis-alibad.pdf
ـ[عبد فقير]ــــــــ[18 - Dec-2008, صباحاً 03:59]ـ
ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذي يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله) إهـ مجموعة الفتاوى 35/ 407.
ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذي يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله) إهـ مجموعة الفتاوى 35/ 407.
ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذي يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله) إهـ مجموعة الفتاوى 35/ 407.
ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذي يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله) إهـ مجموعة الفتاوى 35/ 407. ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذي يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله) إهـ مجموعة الفتاوى 35/ 407.
ـ[عبد فقير]ــــــــ[18 - Dec-2008, مساء 10:36]ـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فى مجموع الفتاوى (35/ 372):متى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان كافرًا مرتدًا.
(/)
ما معنى كلام ابن تيمية: "لايؤثمون مجتهدا مخطئا في المسائل الاصولية ولا في الفرعية"؟
ـ[بندر العنزي]ــــــــ[17 - Sep-2008, صباحاً 08:09]ـ
يقول رحمه الله في المجلد التاسع عشر من فتاواه صفحة 207 والقول المحكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري هذا معناه: أنه كان لايؤثم المخطئ من المجتهدين من هذه الامة لا في الاصول ولا في الفروع .................... الى أن قال:هذا قول السلف وأئمة الفتوى كابي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم لايؤثمون مجتهدا مخطئا في المسائل الاصولية ولا في الفرعية. فهل معنى هذا الكلام ان المبتدعة مأجورين على اجتهادهم؛ وما علاقة هذا الكلام بمسألة تصويب المجتهدين
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 04:08]ـ
السلام عليكم،
قال ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى: 3/ 229 - 231]:
هَذَا مَعَ أَنِّي دَائِمًا وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية، الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً، وَفَاسِقًا أُخْرَى، وَعَاصِيًا أُخْرَى. وَإِنِّي أُقَرِّرُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَطَأَهَا: وَذَلِكَ يَعُمُّ الْخَطَأَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الْقَوْلِيَّةِ، وَالْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ. وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَتَنَازَعُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ، لَا بِكُفْرِ، وَلَا بِفِسْقِ، وَلَا مَعْصِيَةٍ؛ كَمَا أَنْكَرَ شريح قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِي فَقَالَ: إنَّمَا شريح شَاعِرٌ يُعْجِبُهُ عِلْمُهُ. كَانَ عَبْدُاللَّهِ أَعْلَمَ مِنْهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ {بَلْ عَجِبْتَ}. وَكَمَا نَازَعَتْ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الصَّحَابَةِ فِي رُؤْيَةِ مُحَمَّدٍ رَبَّهُ، وَقَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ؛ وَمَعَ هَذَا لَا نَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُنَازِعِينَ لَهَا: إنَّهُ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ. وَكَمَا نَازَعَتْ فِي سَمَاعِ الْمَيِّتِ كَلَامَ الْحَيِّ، وَفِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ آلَ الشَّرُّ بَيْنَ السَّلَفِ إلَى الِاقْتِتَالِ. مَعَ اتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّة عَلَى أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا مُؤْمِنَتَانِ، وَأَنَّ الِاقْتِتَالَ لَا يَمْنَعُ الْعَدَالَةَ الثَّابِتَةَ لَهُمْ، لِأَنَّ الْمُقَاتِلَ وَإِنْ كَانَ بَاغِيًا فَهُوَ مُتَأَوِّلٌ وَالتَّأْوِيلُ يَمْنَعُ الْفُسُوقَ. وَكُنْت أُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّمَا نُقِلَ لَهُمْ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ أَيْضًا حَقٌّ، لَكِنْ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّعْيِينِ. وَهَذِهِ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ تَنَازَعَتْ فِيهَا الْأُمَّةُ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ الْكِبَارِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ " الْوَعِيدِ "؛ فَإِنَّ نُصُوصَ الْقُرْآنِ فِي الْوَعِيدِ مُطْلَقَةٌ كَقَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} الْآيَةَ؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا وَرَدَ: مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا. فَإِنَّ هَذِهِ مُطْلَقَةٌ عَامَّةٌ. وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ مَنْ قَالَ كَذَا: فَهُوَ كَذَا. ثُمَّ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ يلتغي حُكْمُ الْوَعِيدِ فِيهِ: بِتَوْبَةِ، أَوْ حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ، أَوْ مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ، أَوْ شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ. وَالتَّكْفِيرُ هُوَ مِنْ الْوَعِيدِ. فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ تَكْذِيبًا لِمَا قَالَهُ الرَّسُولُ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةِ بَعِيدَةٍ. وَمِثْلُ هَذَا
(يُتْبَعُ)
(/)
لَا يَكْفُرُ بِجَحْدِ مَا يَجْحَدُهُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ. وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ لَا يَسْمَعُ تِلْكَ النُّصُوصَ، أَوْ سَمِعَهَا وَلَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ، أَوْ عَارَضَهَا عِنْدَهُ مُعَارِضٌ آخَرُ أَوْجَبَ تَأْوِيلَهَا، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا. وَكُنْت دَائِمًا أَذْكُرُ الْحَدِيثَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ: {إذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ ذروني فِي الْيَمِّ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: مَا حَمَلَك عَلَى مَا فَعَلْت. قَالَ خَشْيَتُك: فَغَفَرَ لَهُ}. فَهَذَا رَجُلٌ شَكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ، وَفِي إعَادَتِهِ إذَا ذُرِّيَ، بَلْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يُعَادُ، وَهَذَا كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ كَانَ جَاهِلًا لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَكَانَ مُؤْمِنًا يَخَافُ اللَّهَ أَنْ يُعَاقِبَهُ، فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ. وَالْمُتَأَوِّلُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، الْحَرِيصُ عَلَى مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ، أَوْلَى بِالْمَغْفِرَةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا.
وقال في [مجموع الفتاوى: 19/ 209 - 211]:
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمَسَائِلُ الْأُصُولِيَّةُ هِيَ مَا كَانَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ؛ وَالْفَرْعِيَّةُ مَا لَيْسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ. قَالَ أُولَئِكَ: وَهَذَا الْفَرْقُ خَطَأٌ أَيْضًا؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ عَلَيْهَا أَدِلَّةٌ قَطْعِيَّةٌ عِنْدَ مَنْ عَرَفَهَا، وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَعْرِفْهَا، وَفِيهَا مَا هُوَ قَطْعِيٌّ بِالْإِجْمَاعِ؛ كَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ، ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَهَا الرَّجُلُ بِجَهْلِ وَتَأْوِيلٍ لَمْ يُكَفَّرْ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، كَمَا أَنَّ جَمَاعَةً اسْتَحَلُّوا شُرْبَ الْخَمْرِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، مِنْهُمْ قدامة، وَرَأَوْا أَنَّهَا حَلَالٌ لَهُمْ؛ وَلَمْ تُكَفِّرْهُمْ الصَّحَابَةُ حَتَّى بَيَّنُوا لَهُمْ خَطَأَهُمْ فَتَابُوا وَرَجَعُوا. وَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَائِفَةٌ أَكَلُوا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ؛ وَلَمْ يؤثمهم النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضْلًا عَنْ تَكْفِيرِهِمْ وَخَطَؤُهُمْ قَطْعِيٌّ. وَكَذَلِكَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ قَتَلَ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ وَكَانَ خَطَؤُهُ قَطْعِيًّا، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ وَجَدُوا رَجُلًا فِي غَنَمٍ لَهُ فَقَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ، كَانَ خَطَؤُهُمْ قَطْعِيًّا. وَكَذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَتَلَ بَنِي جذيمة وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ كَانَ مُخْطِئًا قَطْعًا. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ تَيَمَّمُوا إلَى الْآبَاطِ، وَعَمَّارٌ الَّذِي تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ لِلْجَنَابَةِ، كَمَا تَمَعَّكَ الدَّابَّةُ، بَلْ وَاَلَّذِينَ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَةٌ فَلَمْ يَتَيَمَّمُوا وَلَمْ يُصَلُّوا، كَانُوا مُخْطِئِينَ قَطْعًا. وَفِي زَمَانِنَا لَوْ أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي بَعْضِ الْأَطْرَافِ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِوُجُوبِ الْحَجِّ، أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَحْرِيمَ الْخَمْرِ، لَمْ يُحَدُّوا عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَشَئُوا بِمَكَانٍ جُهِلَ. وَقَدْ زَنَتْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ امْرَأَةٌ فَلَمَّا أَقَرَّتْ بِهِ قَالَ عُثْمَانُ: إنَّهَا لَتَسْتَهِلُّ بِهِ اسْتِهْلَالَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ. فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلصَّحَابَةِ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْ التَّحْرِيمَ لَمْ يَحُدُّوهَا، وَاسْتِحْلَالُ الزِّنَا خَطَأٌ قَطْعًا. وَالرَّجُلُ إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ، كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَمَنْ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا، إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَفِي الْقَضَاءِ نِزَاعٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " قَدْ فَعَلْت " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْخَطَأِ الْقَطْعِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ. وَالظَّنِّيُّ مَا لَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ خَطَأٌ إلَّا إذَا كَانَ أَخْطَأَ قَطْعًا، قَالُوا: فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُخْطِئَ فِي مَسْأَلَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ يَأْثَمُ، فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ الْقَدِيمَ.
وأوصيك بقراءة الكتاب النفيس "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" ففيه يوضح ابن تيمية - رحمه الله - هذه القضية بجلاء.
وهذا رابط الكتاب إن شئت قراءته: http://www.saaid.net/book/1/348.zip
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 09:49]ـ
أخي الكريم بالنسبة إلى كلام عبيد الله العنبري فهو بلا شك ضلال مبين وبدعة منكرة حتى كفره بعض أهل العلم بسبب ذلك القول وقد قيل أنه تاب ورجع إلى الحق.
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (وعبيد الله بن الحسن العنبري كان من ثقة أهل الحديث، ومن كبار العلماء العارفين بالسنة، إلا أن الناس رموه بالبدعة بسبب قول حكى عنه من أنه كان يقول: بأن كل مجتهد من أهل الأديان مصيب، حتى كفَّره القاضي أبو بكر وغيره، وحكى القتيبي عنه كان يقول: إنَّ القرآن يدل على الاختلاف فالقول بالقدر صحيح وله أصل في الكتاب والقول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب، ومن قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين وسئل يومًا عن أهل القدر وأهل الإجبار؟ قال: كلٌّ مصيب، هؤلاء قومٌ عظَّموا الله، وهؤلاء قومٌ نزهوا الله فقال: وكذلك القول في الأسماء، فكل من سمَّى الزاني مؤمنًا فقد أصاب، ومن سماه كافرًا فقد أصاب. ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب، ومن قال هو كافر وليس بمشرك فقد أصاب لأن القرآن يدل على كل هذه المعاني. قال: وكذلك السنن المختلفة كالقول بالقرعة وخلافه، والقول بالسعاية وخلافه، وقتل المؤمن بالكافر، ولا يقتل مؤمن بكافر، وبأي ذلك أخذ الفقيه فهو مصيب. قال: ولو قال قائل: إن القاتل في النار كان مصيبًا، ولو قال: في الجنة كان مصيبًا، ولو وقف وأرجأ أمره كان مصيبًا إذا كان إنما يريد بقوله إنَّ الله تعبده بذلك وليس عليه علم الغيب.
قال ابن أبي خيثمة: أخبرني سليمان بن أبي شيخ قال كان عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن أبي الحريقي العنبري البصري اتهم بأمر عظيم، وروى عنه كلام ردئ.
قال بعض المتأخرين: هذا الذي ذكره ابن أبي شيخ عنه قد روى أنه رجع عنه لما تبين له الصواب، وقال: إذًا أرجع وأنا من الأصاغر ولأن أكون ذنبًا في الحق، أحبُّ إليَّ أن أكون رأسًا في الباطل.
فإن ثبت عنه ما قيل فيه فهو على جهة الزلة من العالم، وقد رجع عنها رجوع الأفاضل إلى الحق، لأنه بحسب ظاهر حاله فيما نقل منه إنما اتبع ظواهر الأدلة الشرعية فيما ذهب إليه، ولم يتبع عقله، ولا صادم الشرع بنظره، فهو أقرب من مخالفة الهوى، ومن ذلك الطريق _ والله أعلم _ وفق إلى الرجوع إلى الحق.) إهـ الإعتصام (1/ 146).
ويقول القاضي عياض رحمه الله: (وذهب عبيد الله بن الحسن العنبري إلى تصويب أقوال المجتهدين في أصول الدين فيما كان عرضه للتأويل، و فارق في ذلك فرق الأمة، إذ أجمعوا سواه على أن الحق في أصول الدين في واحد، و المخطئ فيه آثم عاص فاسق، و إنما الخلاف في تكفيره.
و قد حكى القاضي أبو بكر الباقلاني مثل قول عبيد الله عن داود الأصبهاني،
قال: و حكى قوم عنهما أنهما قالا ذلك في كل من علم الله سبحانه من حاله استفراغ الوسع في طلب الحق من أهل ملتنا أو من غيرهم.
وقال نحو هذا القول الجاحظ، و ثمامة، في أن كثيراً من العامة و النساء و البله و مقلدة النصارى و اليهود و غيرهم لا حجة لله عليهم، إذ لم تكن لهم طباع يمكن معها الاستدلال.
و قد نحا الغزالي من هذا المنحى في كتاب التفرقة.
و قائل هذا كله كافر بالإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى و اليهود و كل من فارق دين المسلمين، أو وقف في تكفيرهم، أو شك.
قال القاضي أبو بكر: لأن التوقيف و الإجماع على كفرهم، فمن وقف في ذلك فقد كذب النص، و التوقيف، أو شك فيه. و التكذيب أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر.) إهـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى.
وكلام القاضي عياض رحمه الله كما ترى واضح لايحتاج إلى تعليق .. فالمبتدعة ليسوا مأجورين لا أجر ولا أجرين بل هم مذمومين معاقبون .. فالأملا لا يقتصر على رفع العذر و عدم إثبات الاجتهاد أو الأجر لهم بل يتعداه أحياناً إلى تكفيرهم وتفسيقهم ... وكما يقول شيخ الإسلام رحمه الله: (كل بدعة كفرنا فيها الداعية فإنَّا نفسق المقلد فيها كمن يقول بخلق القرآن أو أن علم الله مخلوق أو أن أسماءه مخلوقه أو أنه لا يرى في الآخرة أو يسبِّ الصحابة تدينًا أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد وما أشبه ذلك فمن كان عالمًا في شيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر عليه فهو محكوم بكفره نصَّ أحمد على ذلك في مواضع) إهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يقتصر الأمر على التكفير أو التفسيق بل يجب في حقهم القتل والقتال أحياناً .. وقد رتب الشارع القتل على المروق كما في أحاديث الخوارج وهي ليست خاصة بهم بل هي عامة في كل المارقين .. والمروق يكون بالإعراض عن المصادر المعصومة - وهي الكتاب والسنة وإجماع الأمة - والخروج عليها ويكون القتال في الحالات التالية:
• إذا أدى المروق إلى الكفر، تصريحًا أو مآلاً.
• أو الإخلال بأصل أو أصول كلية من الدين مع المباينة دون إشهار السيف وذلك لما في ذلك من تفريق الأمة وإفساد الدين.
• أو إذا كان الإخلال في أصل أو أصول كلية من الدين مع إشهار السيف مع وضوح المباينة أو عدم وضوحها.
• أو إذا كان ذلك مع رفض الالتزام بالشرع والخروج عن الطاعة أو لدفع الصيال على الدين من الدعاة والزنادقة الذين يتعرضون لإفساده.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (قال الحافظ أبو القاسم اللالكائي في كتابه المشهور في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لما ذكر عقوبات الأئمة لأهل البدع قال: واستتاب أمير المؤمنين القادر بالله حرس الله مهجته وأمدَّ بالتوفيق أموره ووفقه من القول والعمل لما يرضي مليكه فقهاء المعتزلة الحنفية في سنة ثمان وأربعمائة فأظهروا الرجوع وتبرءوا من الاعتزال ثم نهاهم عن الكلام والتدريس والمناظرة في الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام لوالسنة وأخذ خطوطهم بذلك وأنهم مهما خالفوه حلَّ بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به وامتثل أمين الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود يعني بن سبكتكين أعزَّ الله نصرَه أمر أمير المؤمنين القادر بالله واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة وصلبهم وحبسهم ونفاهم والأمر باللعن عليهم على منابر المسلمين وإبعاد كل طائفة من أهل البدع وطردهم عن ديارهم وصار ذلك في الإسلام إلى أن يرث الله الأرضَ ومَنْ عليها وهو خيرُ الوارثين) إهـ.
ويقول صاحب " الأطلس " عن السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوى: (في كل ناحية كان محمود يفتحها كان يزيل كل المذاهب الخارجة عن أهل السنة والجماعة ومن هنا فقد قضي على كل أثر للتشيع أو الاعتزال وغيره في كل البلاد التي دخلها وكذلك أزال مذاهب الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية ومن إليهم) إهـ
يتبع إن شاء الله تعالى.
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 09:55]ـ
يقول الشيخ عبد المجيد الشاذلي حفظه الله في كتابه " البلاغ المبين ": (والمصادر المعصومة ثلاثة: الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو ما نقل عن الصحابة فمن خرج عن ذلك لم يكن معذورًا في خطئه ولا مثابًا في اجتهاده، ولذلك يقول أحمد: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن خرج عن ذلك خرج من السنة إلى البدعة ومن المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والهالك ليس مثابًا على اجتهاده ولا معذورًا في خطئه. ولننظر إلى الفروع العملية، كيف اختلفت فيها أقوال أهل السنة والأثر في دائرة المشروع، وكيف اتفقت مذاهبهم في الأصول، بل للحق والدقة أنه ليس لهم مذاهب في الأصول بل هو مذهب واحد إجمالاً وتفصيلاً وهذه أمثلة ولنبدأ أولا بالفروع العملية:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ومثل طوائف الفقه من الحنفية والمالكية والسفيانية والأوزاعية والشافعية والحنبلية والداوودية وغيرهم مع تعظيم الأقوال المشهورة عن أهل السنة والجماعة لايوجد لطائفة منهم قول انفردوا به عن سائر الأمة وهو صواب بل ما مع كل طائفة منهم من الصواب يوجد عند غيرها من الطوائف وقد ينفردون بخطأ لايوجد عند غيرهم، لكن قد تنفرد طائفة بالصواب عمن يناظرها من الطوائف كأهل المذاهب الأربعة قد يوجد لكل منهم أقوال انفرد بها، وكان الصواب الموافق للسنة معه دون الثلاثة لكن يكون قوله قد قاله غيره من الصحابة والتابعين وسائر علماء الأمة بخلاف ما انفردوا به ولم ينقل عن غيرهم فهذا لايكون إلا خطأ، وكذلك أهل الظاهر كل قول انفردوا به عن سائر الأمة فهو خطأ، وأما ما انفردوا به عن الأربعة وهو صواب فقد قاله غيرهم من السلف. وأما الصواب الذي ينفرد به كل طائفة من الثلاثة فهو كثير لكن الغالب أن يوافقه عليه بعض أتباع الثلاثة وذلك كقول أبي
(يُتْبَعُ)
(/)
حنيفة بأن المحرم يجوز له أن يلبس الخف المقطوع وما أشبهه كالجمجم والمداس وهو وجه في مذهب الشافعي وغيره، وكقوله بأن طهارة المسح يشترط لها دوام الطهارة دون ابتدائها، وقوله أن النجاسة تزول بكل ما يزيلها وهذا أحد الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد ومذهب مالك، وكذلك قوله بأنها تطهر بالاستحالة، ومثل قول مالك بأن الخمس مصارفه مصرف الفئ وهو قول في مذهب أحمد فإنه عنه روايتان في خمس الركاز هل يصرف مصرف الفئ أو مصرف الزكاة، وإذا صرف مصرف الفيء فإنما هو تابع لخمس الغنيمة، ومثل قوله بجواز أخذ الجزية من كل كافر جازت معاهدته لا فرق بين العرب والعجم ولا بين أهل الكتاب وغيرهم فلا يعتبر قط أمر النسب بل الدين في الذمة والاسترقاق وحل الذبائح والمناكح وهذا أصح الأقوال في هذا الباب، وهو أحد القولين في مذهب أحمد فإنه لا يخالفه إلا في أخذ الجزية من مشركي العرب ولم يبق من مشركي العرب أحد بعد نزول آية الجزية، بل كان جميع مشركي العرب قد أسلموا. ومثل قول مالك أن أهل مكة يقصرون الصلاة بمني وعرفة وهو قول في مذهب أحمد وغيره، ومثل مذهبه في الحكم بالدلائل والشواهد وفي إقامة الحدود ورعاية مقاصد الشريعة وهذا من محاسن مذهبه ومذهب أحمد قريب من مذهبه في أكثر ذلك. ومثل قول الشافعي أن الصبي إذا صلى في أول الوقت ثم بلغ لم يُعد الصلاة وكثير من الناس يعيب هذا على الشافعي وغلطوا في ذلك، بل الصواب قوله وهو وجه في مذهب أحمد وقوله تفعل ذوات الأسباب في وقت النهي وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وكذلك قوله بطهارة المني كقول أحمد في أظهر الروايتين، ومثل قول أحمد في نكاح البغي لا يجوز حتى تتوب، وقوله أن الصيد إذا جرح ثم غاب أنه يؤكل ما لم يوجد فيه أثر آخر وهو قول في مذهب الشافعي، وقوله بأن صوم النذر يصام عن الميت بل وكل المنذورات تفعل عن الميت، ورمضان يطعم عنه وبعض الناس يضعف هذا القول وهو قول الصحابة ابن عباس وغيره ولم يفهموا غوره، وقوله أن المحرم إذا لم يجد النعلين والإزار لبس الخفين والسراويل بلا قطع ولا فتق فإن هذا كان آخر الأمرين من النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقوله بأن مرور المرأة والكلب الأسود والحمار يقطع الصلاة، وقوله بأن الجدة ترث وابنها حي، وقوله بصحة المساقاة والمزارعة وما أشبه ذلك وإن كان البذر من العامل على إحدى الروايتين عنه وكذلك طائفة من أصحاب الشافعي، وقوله في إحدى الروايتين أن طلاق السكران لا يقع وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة والشافعي، وقوله أن الوقف إذا تعطل نفعه بيع واشترى به ما يقوم مقامه وفي مذهب أبي حنيفة ما هو أقرب إلى مذهب أحمد من غيره وكذلك في مذهب مالك، وكذلك قوله في إبدال الوقف كإبدال المسجد بغيره ويجعل الأول غير مسجد كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي مذهب أبي حنيفة ومالك يجوز الإبدال للحاجة في مواضع، وقوله بقبول شهادة العبد، وقوله بأن صلاة المنفرد خلف الصف يجب عليه فيها الإعادة، وقوله في أن فسخ الحج إلى العمرة جائز مشروع بل هو أفضل، وقوله بأن القارن إذا ساق الهدي فقرانه أفضل من التمتع والإفراد كما فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم ومثل قوله إن صلاة الجماعة فرض على الأعيان) إهـ منهاج السنة النبوية ج3، ص 44 - 46.
وبعض هؤلاء الأئمة يأخذ بقول الصحابي والتابعي في الفروع العملية ويجعل أقوال الصحابة والتابعين وإن تعددت أقوالاً أو أوجهًا في مذهبه، والبعض الآخر لا يأخذ ولا حرج في ذلك، فلا حرج في خلاف الصحابي والتابعي هنا إذا كان الاعتماد على نصوص الكتاب والسنة ومن قرأ في الفروع العملية علم أن أقوال الصحابة والتابعين متعددة ليست قولاً واحدًا. وأما الأصول الاعتقادية فقولهم قول واحد فالخروج عنه أو مخالفته بدعة. ما ينفرد به أبو حنيفة ويكون وجهًا في مذهب الشافعي وهو صواب هل يكون الوجه الآخر في مذهب الشافعي باطل أم خطأ كلا قد يكون راجحًا أيضًا، وقد يكون مرجوحًا وما ينفرد به أبو حنيفة وهو صواب وهو أحد الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد ومالك هل يكون القولان الآخران في مذهب أحمد ومالك باطلان أم خطأ كلا بل ربما كانا أرجح أو متساويين في الرجحان أو مرجوحين عن القول الذي وافق قول أبي حنيفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك ما يقوله مالك وهو أحد القولين في مذهب أحمد أو هو قول في مذهب أحمد، وكذلك ما يقوله الشافعي وهو وجه في مذهب أحمد أو إحدى الروايتين عن أحمد أو كقول أحمد في أظهر الروايتين عنه الأقوال الأخرى في مذهب أحمد كلها حق وصواب قد تكون أرجح أو متساوية في الرجحان أو أقل في الرجحان فتكون مرجوحة ولكنها ليست باطلة ولا خطأ، وكذلك ما يقوله أحمد في إحدى الروايتين عنه وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة والشافعي أو قالت به طائفة من أصحاب الشافعي أو هو قول في مذهب الشافعي، فإن الرواية الأخرى في مذهب أحمد والأقوال والأوجه الأخرى في مذهب الشافعي أو أبي حنيفة أو مالك صحيحة مقبولة شرعية، وإذا كان ثَمَّ راجح أو مرجوح، وقد يصير الراجح مرجوحًا والمرجوح راجحًا لبعض الظروف والملابسات وباعتبار المآلات والنظر إلى مقاصد الشريعة، وقد يكون الحكمان باقيان يُعمل بكل في مناسبته ليس ثمة خطأ وإذا كان ثمة خطأ فليس ثمة بدعة، وإذا كانت ثمة زلة لعالم فلا يثبت عليها ولا ينافح عنها ولا يطلبون من غيرهم المتابعة عليها، فإذا تنبهوا رجعوا وإن لم يتنبهوا إليها غفرها الله لهم لأنهم كلهم قد قال بلسان الحال أو المقال إذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا بقولي هذا عرض الحائط، فإذا كان صوابًا فمن الله ورسوله وإذا كان خطأ فهو من الشيطان، وهذا هو شأن الفروع العملية بخلاف الأصول الاعتقادية، فإنها قول واحد ومذهب واحد ليس فيها أقوال ولا مذاهب ولا راجح ولا مرجوح ولا تغير في الأحكام لتجدد القضايا وتغير الزمان.
يقول الشاطبي عن الاختلاف المرحوم: (ثم إن هؤلاء المتفقين قد يعرض لهم الاختلاف بحسب القصد الثاني لا القصد الأول، فإن الله تعالى حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالاً للظنون، وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف، لكن في الفروع دون الأصول وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف.
وقد نقل المفسرون عن الحسن في هذه الآية أنه قال: أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافًا يضرهم. يعني لأنه في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها بقطع العذر، بل لهم فيه أعظم العذر، ومع أن الشارع لما علم أن هذا النوع من الاختلاف واقع، أتي فيه بأصل يُرجَعُ إليه، وهو قول الله تعالى: " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " الآية. فكل اختلاف من هذا القبيل حكم الله فيه أن يرد إلى الله، وذلك رده إلى كتابه، وإلي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك رده إليه إذا كان حيًّا وإلي سنته بعد موته، وكذلك فعل العلماء رضي الله عنهم إلا أن لقائل أن يقول: هل هم داخلون تحت قوله تعالى: " ولا يزالون مختلفين " أم لا؟. والجواب: أنه لا يصح أن يدخل تحت مقتضاها أهل هذا الاختلاف من أوجه:
الأول: أن الآية اقتضت أن أهل الاختلاف المذكورين مباينون لأهل الرحمة لقوله: " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك " فإنها اقتضت قسمين: أهل الاختلاف، والمرحومين، فظاهر التقسيم أن أهل الرحمة ليسوا من أهل الاختلاف وإلا كان قسم الشيء قسيمًا له ولم يستقم معنى الاستثناء.
والثاني: أنه قال فيها:" ولا يزالون مختلفين " فظاهر هذا أن وصف الاختلاف لازم لهم حتى أطلق عليهم لفظ اسم الفاعل المشعر بالثبوت، وأهل الرحمة مبرءون من ذلك، لأن وصف الرحمة ينافي الثبوت على المخالفة، بل إن خالف أحدهم في مسألة فإنما يخالف فيها تحريًا لقصد الشارع فيها، حتى إذا تبين له الخطأ فيها راجع نفسه وتلافي أمره، فخلافه في المسألة بالعرض لا بالقصد الأول، فلم يكن وصف الاختلاف لازمًا ولا ثابتًا، فكان التعبير عنه بالفعل الذي يقتضي العلاج والانقطاع أليق في الموضع.
والثالث: أنا نقطع بأن الخلاف في مسائل الاجتهاد واقع ممن حصل له محض الرحمة وهم الصحابة ومن اتبعهم بإحسان رضي الله عنهم، بحيث لا يصح إدخالهم في قسم المختلفين بوجه، فلو كان المخالف منهم في بعض المسائل معدودًا من أهل الاختلاف ـ ولو بوجه ما ـ لم يصح إطلاق القول في حقه: أنه من أهل الرحمة وذلك باطل بإجماع أهل السنة.
والرابع: أن جماعة من السلف الصالح جعلوا اختلاف الأمة في الفروع ضربًا من ضروب الرحمة، وإذا كان من جملة الرحمة، فلا يمكن أن يكون صاحبه خارجًا من قسم أهل الرحمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبيان كون الاختلاف المذكور رحمة ما روى عن القاسم بن محمد قال: لقد نفع الله باختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمل، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة. وعن ضمرة بن رجاء قال: اجتمع عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد فجعلا يتذاكران الحديث ـ قال ـ فجعل عمر يجيءُ بالشيء يخالف فيه القاسم ـ قال ـ وجعل القاسم يشق ذلك عليه حتى يتبين ذلك فيه فقال له عمر: لا تفعل فما يسرني باختلافهم حمر النعم وروى ابن وهب عن القاسم أيضًا قال: لقد أعجبني قول عمر بن عبد العزيز: ما أحب أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يختلفون، لأنه لو كان قولاً واحدًا لكان الناس في ضيق، وإنهم أئمة يقتدي بهم، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان سنة ومعنى هذا أنهم فتحوا للناس باب الاجتهاد وجواز الاختلاف فيه، لأنهم لو لم يفتحوه لكان المجتهدون في ضيق، لأن مجال الاجتهاد ومجالات الظنون لا تتفق عادة ـ كما تقدم ـ فيصير أهل الاجتهاد مع تكليفهم باتباع ما غلب على ظنونهم مكلفين باتباع خلافهم، وهو نوع من تكليف ما لا يطاق وذلك من أعظم الضيق. فوسع الله على الأمة بوجود الخلاف الفروعي فيهم، فكان فتح باب للأمة، للدخول في هذه الرحمة، فكيف لا يدخلون في قسم " من رحم ربك " فاختلافهم في الفروع كاتفاقهم فيها والحمد لله.
وبين هاتين الطريقين- أي الإختلاف في أصل الدين والإختلاف في الفروع العلمية - واسطة أدنى من الرتبة الأولى وأعلى من الرتبة الثانية، وهى أن يقع الاتفاق في أصل الدين ويقع الاختلاف في بعض قواعده الكلية، وهو المؤدي إلى التفرق شيعًا. فيمكن أن تكون الآية تنتظم هذا القسم من الاختلاف، ولذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم أن أمته تفترق على بضع وسبعين فرقة، وأخبر أن هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، وشمل ذلك الاختلاف الواقع في الأمم قبلنا، ويرشحه وصف أهل البدع بالضلالة وإيعادهم بالنار، وذلك بعيد من تمام الرحمة) إهـ الإعتصام (2/ 168).
ويقول الإمام الشاطبي: (وقد ذهب جماعة من المفسرين إلى أن المراد بالمختلفين في الآية أهل البدع، وأن من رحم ربك أهل السنة، ولكن لهذا الكتاب أصل يرجع إلى سابق القدر لا مطلقًا، بل مع إنزال القرآن محتمل العبارة للتأويل، وهذا لابد من بسطه فاعلموا أن الاختلاف في بعض القواعد الكلية لا يقع في العاديات الجارية بين المتبحرين في علم الشريعة الخائضين في لجتها العظمى العالمين بمواردها ومصادرها.
والدليل على ذلك اتفاق العصر الأول وعامة العصر الثاني على ذلك، وإنما وقع اختلافهم في القسم المفروغ منه آنفًا، بل كل خلاف على الوصف المذكور وقع بعد ذلك فله أسباب ثلاثة قد تجتمع وقد تفترق).
يلخصها الشاطبي في الجهل واتباع الهوى والتصميم على اتباع العوائد ولزم فيها تفصيلات أخرى سنذكرها كما وقعت تاريخيًا والغالب على البدع أنها مقصورة على المخالفات في الأصول الاعتقادية والمسائل التعبدية ولا تدخل في المسائل العملية الفروعية إلا من هذه الأوجه:
1 - إذا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلوا ”اتباع الجهال“
2 - أخذ الشريعة على تشهي الأغراض، والأخذ بالحيل واتباع المتشابه.
3 - التقليد المذموم.
4 - رد أحاديث الآحاد وعليها جملة الشريعة.
5 - القول في الشرع بالاستحسان والظنون والاشتغال بالمعضلات ورد الفروع بعضها إلى بعض دون ردها إلى أصولها فاستعمل فيها الرأي قبل أن تنزل وفي الاشتغال بهذا تعطيل السنن والتذرع إلى جهلها مع التعمق في القياس والإعراض عن السنن.
6 - شيوع المعاصي واختلال القيم ووضع المعاصي على مضاهاة التشريع فإن المعصية إذا وضعت على مضاهاة التشريع صارت بدعة.
فإن دخول شوب التشريع يجعل المعصية بدعة والتشريع المطلق كفر ممن شرعه وممن أمضاه وممن رضيه وقبله وتابع عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا تأملت هذه الأمور الستة المذكورة وجدتها راجعة إلى خلل في أصول الفقه أو أصول الاعتقاد فعادت إلى الأصول مرة ثانية، وأصول الفقه هى الأصول العملية، وأصول الاعتقاد هى الأصول الاعتقادية. ومن هذه الأوجه أدخل فيها الإمام الشاطبي الابتداع وبدون هذه الأوجه لا يدخلها الابتداع بمجرد خلاف الصحابة أو عدم الأخذ برأي الصحابي أو التابعي في الاجتهاد إذا كان المجتهد يجتهد على نصوص الكتاب والسنة على وفق أصول الاجتهاد، أما الأصول والعبادات فالخروج فيها عما كان عليه السلف الصالح بدعة لمجرد المخالفة، لأن الفروع العملية معقولة المعنى تدخلها المصالح المرسلة والمسائل الاعتقادية والعبادية لا تدخلها المصالح المرسلة ولا حاجة فيها تدعو إلى اعتقاد البدعة أو العمل بها فالمخالفة فيها بدعة.
يقول الشاطبي: (الثاني: أن البدع تنقسم إلى ما هى كلية في الشريعة وإلي جزئية، ومعنى ذلك أن يكون الخلل الواقع بسبب البدعة كليا في الشريعة كبدعة التحسين والتقبيح العقليين وبدعة إنكار الأخبار السنية اقتصارًا على القرآن وبدعة الخوارج في قولهم لا حكم إلا لله وما أشبه ذلك من البدع التي لا تختص فرعًا من فروع الشريعة دون فرع بل تجدها تنتظم ما لا ينحصر من الفروع الجزئية) إهـ. الإعتصام (2/ 59).
ويقول: (وأما الراسخون في العلم فليسوا كذلك، وماذاك إلا باتباعهم أم الكتاب وتركهم الاتباع للمتشابه. وأم الكتاب يعم ما هو من الأصول الاعتقادية أو العملية، إذ لم يخص الكتاب ذلك ولا السنة، بل ثبت في الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" وفي الترمذي تفسير هذا بإسناد غريب عن غير أبي هريرة، فقال في حديثه " وأن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاثة وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا: من هى يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي". والذي عليه النبيّ وأصحابه ظاهر في الأصول الاعتقادية والعملية على الجملة لم يخص من ذلك شيء دون شيء، وفي أبي داود " وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهى الجماعة " وهى بمعنى الرواية التي قبلها، وقد روى ما يُبين هذا المعنى ذكره ابن عبد البر بسند لم يرضه وإن كان غيره قد هون الأمر فيه أنه قال: " ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال". فهذا نصٌ على دخول الأصول العملية تحت قوله " ما أنا عليه وأصحابي» وهو ظاهر فإن المخالف في أصل من أصول الشريعة العملية لا يقصر عن المخالف في أصل من الأصول الاعتقادية في هدم القواعد الشرعية) إهـ الموافقات، ج4، ص 177.
وليس معنى هذا تصويب المجتهدين في الفروع، بل الشريعة على قول واحد في الأصول الاعتقادية والفروع العملية، وإن كانت هناك مسائل يدق فيها النظر وتتجاذبها أصول تتردد بينها فمن قوي عنده من المجتهدين إلحاقها بأحد الجانبين ألحقها به، ومن قوى عنده إلحاقها بالجانب الآخر ألحقها به، ومن ذلك ما يقوله ابن رشد في ”بداية المجتهد“ في بيوع الشروط والثنيا: (واختلف العلماء من هذا الباب في بيع وإجارة معًا في عقد واحد فأجازه مالك وأصحابه، ولم يجزه الكوفيون ولا الشافعي لأن الثمن يرون أنه يكون حينئذ مجهولاً. ومالك يقول: إذا كانت الإجارة معلومة لم يكن الثمن مجهولاً وربما رآه الذين منعوه من باب بيعتين في بيعة وأجمعوا على أنه لا يجوز السلف والبيع كما قلنا، واختلف قول مالك في إجازة السلف والشركة فمرة أجاز ذلك ومرة منع؛ وهذه كلها اختلف العلماء فيها لاختلافها بالأقل والأكثر في وجود علل المنع فيها المنصوص عليها فمن قويت عنده علة المنع في مسألة منعها ومن لم تقو عنده أجازها وذلك راجع إلى ذوق المجتهد لأن هذه المواد يتجاذب القول فيها إلى الضدين على السواء عند النظر فيها، ولعل في أمثال هذه المواد يكون القول بتصويب كل مجتهد صوابًا لهذا ذهب بعض العلماء في أمثال هذه المسائل إلى التخيير). أهـ.
هذا شأن الفروع العملية فكيف يكون شأن الأصول الاعتقادية.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن محنة الإمام أحمد في موضوع خلق القرآن: (مذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعًا عند أهل السنة والجماعة، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة ومتنازعون في إجماع من بعدهم، وأحمد بن حنبل وإن كان قد اشتهر بإمامة السنة والصبر في المحنة فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولاً، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها وصبر على ما امتحن به ليفارقها، وكان الأئمة قبل قد ماتوا قبل المحنة فلما وقعت محنة الجهمية نفاة الصفات في أوائل المائة الثالثة على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال صفات الله وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخروا الرافضة، وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من ولاة الأمر فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة حتى هددوا بعضهم بالقتل وقيدوا بعضهم وعاقبوهم بالرهبة والرغبة، وثبت أحمد بن حنبل على ذلك الأمر حتى حبسوه مدة ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته فانقطعوا معه في المناظرة يومًا بعد يوم، ولما لم يأتوا بما يوجب موافقته لهم وبين خطأهم فيما ذكروا من الأدلة وكانوا قد طلبوا أئمة الكلام من أهل البصرة وغيرهم مثل أبي عيسي محمد بن عيسي برغوث صاحب حسين النجار وأمثاله ولم تكن المناظرة مع المعتزلة فقط بل كانت مع جنس الجهمية من المعتزلة والنجارية والضرارية وأنواع المرجئة، فكل معتزلي جهمي وليس كل جهمي معتزلي لكن جهم أشد تعطيلاً لأنه ينفي الأسماء والصفات، والمعتزلة تنفي الصفات وبشر المريسي كان من المرجئة لم يكن من المعتزلة بل كان من كبار الجهمية، وظهر للخليفة المعتصم أمرهم وعزم على رفع المحنة حتى ألحَّ عليه ابن أبي دؤاد يشير عليه أنك إن لم تضربه وإلا انكسر ناموس الخلافة، فضربه فعظمت الشناعة من العامة والخاصة فأطلقوه، ثم صارت هذه الأمور سببًا في البحث عن مسائل الصفات وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات من جانبي المثبتة والنفاة وصنفت الناس في ذلك مصنفات وأحمد وغيره من علماء أهل السنة والحديث مازالوا يعرفون فساد مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة لكن بسبب المحنة كثر الكلام ورفع الله قدر هذا الإمام فصار إمامًا من أئمة أهل السنة وعلمًا من أعلامها لقيامه بإعلامها وإظهارها واطلاعه على نصوصها وآثارها وبيان خفي أسرارها لا أنه أحدث مقالة ولا ابتدع رأيًا ولهذا قال بعض شيوخ الغرب المذهب لمالك والشافعي والظهور لأحمد يعني أن مذاهب الأئمة في الأصول مذهب واحد وهو كما قال) إهـ منهاج السنة النبوية (1/ 256).
أقول:
انظروا: مذهب الأئمة في الأصول مذهب واحد.
يعنى هنا أصول وفروع والأصول المذهب فيها واحد والفروع المذاهب أربعة وأكثر من ذلك.
ليس هنا – أي في الأصول - وجه ولا قول ولا أقوال وهذا يوجد كثيرًا في الفروع داخل المذهب الواحد ثم هناك مذاهب متعددة.
هنا مجرد الخلاف بدعة من خالف مذهب أهل السنة مبتدع لماذا لأن هذا المذهب أجمعت عليه الصحابة فليس عليه خلاف بين الصحابة فهو مذهب الصحابة، والخروج عن مذهب الصحابة مروق من الدين، وهذا هو معنى يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية المذكور في حديث الخوارج ومقصود به كل من خالف الفرقة الناجية وهى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" هل يصلح هنا أن يقال كما قال عمر بن عبد العزيز في الفروع العملية ”ما يسرني باختلافهم حمر النعم“ وقوله ”ما أحب أن أصحاب محمد لا يختلفون لأنه لو كان قولاً واحدًا لكان الناس في ضيق وأنهم أئمة يقتدى بهم فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان سنة“؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ”درء تعارض النقل والعقل“ في مسألة الصفات: (والتفاسير المأثورة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين مثل تفسير محمد بن جرير الطبري وتفسير عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم وتفسير عبد الرحمن بن أبي حاتم وتفسير ابن المنذر وتفسير أبي بكر عبد العزيز وتفسير أبي الشيخ الأصبهاني وتفسير أبي بكر بن مردويه وما قبل هؤلاء من التفاسير مثل تفسير أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم وبقيّ بن مخلد وغيرهم ومن قبلهم مثل تفسير عبد بن حميد وتفسير عبد الرزاق ووكيع بن الجراح فيها من هذا الباب الموافق لقول المثبتين ما لا يكاد يحصى، وكذلك الكتب المصنفة في السنة التي فيها آثار النبيّ والصحابة والتابعين. وقال أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني في مسائله المعروفة التي نقلها عن أحمد وإسحق وغيرهما وذكر معها من الآثار عن النبيّ صلى الله عليه وسلم والصحابة وغيرهم ما ذكر وهو كتاب كبير صنَّفه على طريقة الموطأ ونحوه من المصنفات قال في آخره في الجامع باب القول في المذهب هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج أهل السنة وسبيل الحق وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم وبقي بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم، وذكر الكلام في الإيمان والقدر والوعيد والإمامة، وما أخبر به الرسول من أشراط الساعة وأمر البرزخ والقيامة وغير ذلك.
إلى أن قال: وهو سبحانه بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان ولله عرش وللعرش حملة يحملونه، وله حد الله أعلم بحده والله على عرشه عزَّ ذكره وتعالى جده ولا إله غيره والله تعالى سميعٌ لا يشك بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسي، يقظان لا يسهو، رقيب لا يغفل، يتكلم ويتحرك، يسمع ويبصر وينظر ويقبض ويبسط ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضي ويسخط ويغضب ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنع وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. إلى أن قال: ولم يزل الله متكلمًا عالمًا فتبارك الله أحسن الخالقين) إهـ منهاج السنة، ج2، ص 12.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقال الشيخ أبو الحسن بن عبد الملك الكرخي الشافعي في كتابه الذي سماه ”الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول“ وذكر اثني عشر إمامًا، الشافعي ومالك والثوري وأحمد وابن عيينه وابن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحق بن راهويه والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم. قال فيه: سمعت الإمام أبا منصور محمد بن أحمد يقول سمعت الإمام أبا بكر عبد الله بن أحمد يقول سمعت الشيخ أبا حامد الإسفراييني يقول: مذهبي ومذهب الشافعي وفقهاء الأمصار أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر، والقرآن حمله جبريل مسموعًا من الله تعالى والنبيّ صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل، والصحابة سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي نتلوه نحن بألسنتنا وفيما بين الدفتين وما في صدورنا مسموعًا ومكتوبًا ومحفوظًا ومنقوشًا، وكل حرف منه كالباء والتاء كله كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر عليه لعائن الله والملائكة والناس أجمعين) إهـ منهاج السنة، ج2، ص 12. .
ويقول شيخ الإسلام: (قال الحاكم سمعت أبا عبد الرحمن بن أحمد المقري يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحق يقول: الذي أقول به أن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال أن القرآن أو شيئًا منه ومن وحيه وتنزيله مخلوق، أو يقول أن الله لا يتكلم بعد ما كان تكلم به في الأزل، أو يقول أن أفعال الله مخلوقة، أو يقول أن القرآن محدث، أو يقول أن شيئًا من صفات الله صفات الذات أو اسمًا من أسماء الله مخلوق، فهو عندي جهمي يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه هذا مذهبي ومذهب من رأيت من أهل الشرق والغرب من أهل العلم، ومن حكى عني خلاف هذا فهو كاذب باهت) إهـ درء التعارض، بحاشية منهاج السنة، ج2، ص 39.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية فيما ينقل عن الإمام أحمد في ”درء التعارض ج2، ص 20. “: (وقال الخلال في السنة أخبرني عليٌ بن عيسي أن حنبلاً حدثهم قال سمعت أبا عبد الله يقول: من زعم أن الله لم يكلم موسي فقد كفر بالله وكذَّب القرآن وردَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره يستتاب من هذه المقالة فإن تاب وإلا ضربت عنقه. إلى أن يقول: وقال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن قوم يقولون لمَّا كلم الله موسي لم يتكلم بصوت فقال أبي: بلي، تكلم تبارك وتعالى بصوت وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت وحديث ابن مسعود إذا تكلم الله بالوحي سُمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان قال أبي: والجهمية تنكره قال أبي: وهؤلاء كفار يريدون أن يموهوا على الناس من زعم أن الله لم يتكلم فهو كافر) إهـ درء التعارض، ج2، ص 21.) إنتهى كلام الشيخ الشاذلي من كتابه البلاغ المبين.
يتبع إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو موسى]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 10:02]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي الإمام الدهلوي على هذه النقولات النفيسة
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 10:11]ـ
(الإمام الدهلوي)،
جزاك الله خيراً .. لكن انظر ما يقول ابن تيمية - رحمه الله -.
يقول:
وَالْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ هَذَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤَثِّمُ الْمُخْطِئَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، لَا فِي الْأُصُولِ، وَلَا فِي الْفُرُوعِ؛ وَأَنْكَرَ جُمْهُورُ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ هَذَا الْقَوْلَ؛ وَأَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَيَقُولُ: هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، ودَاوُد بْنِ عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِمْ؛ لَا يؤثمون مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ، وَلَا فِي الفروعية، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا يَقْبَلُونَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَابِيَّة، وَيُصَحِّحُونَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ. وَالْكَافِرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ
فابن تيمية أولاً يورد كلام العنبري في المسلمين، وليس في النصارى واليهود .. ثم هو يقول إن ابن حزم وغيره روى عن الأئمة الفقهاء هذا القول ..
وكما ترى في النقول التي أدرجتها في المشاركة الأولى، أنه يعذر في المسائل الأصولية القطعية بالخطأ والاجتهاد .. وقطعاً هو لا يعني مسائل أصل الدين.
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 10:56]ـ
الأخ المكرم أبو شعيب جزاك الله خير ... وواضح جداً من كلام شيخ الإسلام رحمه الله أنه حمل كلام العنبري على المنتسبين إلى الإسلام ... ولكن في كلام الشاطبي رحمه الله نجد أنه يقول: (وعبيد الله بن الحسن العنبري كان من ثقة أهل الحديث، ومن كبار العلماء العارفين بالسنة، إلا أن الناس رموه بالبدعة بسبب قول حكى عنه من أنه كان يقول: بأن كل مجتهد من أهل الأديان مصيب ... ) إهـ
ولاحظ قوله: (بأن كل مجتهد من أهل الأديان مصيب ... ) إهـ
وقبله قال القاضي عياض رحمه الله: (وذهب عبيد الله بن الحسن العنبري إلى تصويب أقوال المجتهدين في أصول الدين فيما كان عرضه للتأويل، و فارق في ذلك فرق الأمة، إذ أجمعوا سواه على أن الحق في أصول الدين في واحد، و المخطئ فيه آثم عاص فاسق، و إنما الخلاف في تكفيره.) إهـ. الشفا.
ولاحظ هنا أن القاضي رحمه الله قال أن العنبري يصوب أقوال المجتهدين في أصول الدين وهو بهذا القول فارق فرق الإمة كلها بهذا القول الشنيع فكيف يكون هذا القول مروي عن الأئمة الفقهاء كما نقل ابن حزم رحمه الله
هذا سؤال يحتاج إلى جواب واضح؟!.
وهناك سؤال أخر
فقد قال الشاطبي رحمه الله عن العنبري: (وحكى القتيبي عنه كان يقول: إنَّ القرآن يدل على الاختلاف فالقول بالقدر صحيح وله أصل في الكتاب والقول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب، ومن قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين وسئل يومًا عن أهل القدر وأهل الإجبار؟ قال: كلٌّ مصيب، هؤلاء قومٌ عظَّموا الله، وهؤلاء قومٌ نزهوا الله فقال: وكذلك القول في الأسماء، فكل من سمَّى الزاني مؤمنًا فقد أصاب، ومن سماه كافرًا فقد أصاب. ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب، ومن قال هو كافر وليس بمشرك فقد أصاب لأن القرآن يدل على كل هذه المعاني. قال: وكذلك السنن المختلفة كالقول بالقرعة وخلافه، والقول بالسعاية وخلافه، وقتل المؤمن بالكافر، ولا يقتل مؤمن بكافر، وبأي ذلك أخذ الفقيه فهو مصيب. قال: ولو قال قائل: إن القاتل في النار كان مصيبًا، ولو قال: في الجنة كان مصيبًا، ولو وقف وأرجأ أمره كان مصيبًا إذا كان إنما يريد بقوله إنَّ الله تعبده بذلك وليس عليه علم الغيب.) إهـ.
والسؤال هو أن من يقرأ هذا الكلام يعرف أن السلف والأئمة رحمهم الله لا يقولون بهذا القول ولا يرضونه فهم بلا شك يذمون أصحاب هذه المقالات ولا يعدو نهم مجتهدين مخطئين وحسب بل هم مبتدعون مذمومين معاقبون بسبب هذه البدع الشنيعة .. فالأمر لا يتوقف عند رفع العذر و عدم إثبات الاجتهاد أو الأجر لهم بل يتعداه أحياناً إلى تكفيرهم وتفسيقهم كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله: (كل بدعة كفرنا فيها الداعية فإنَّا نفسق المقلد فيها كمن يقول بخلق القرآن أو أن علم الله مخلوق أو أن أسماءه مخلوقه أو أنه لا يرى في الآخرة أو يسبِّ الصحابة تدينًا أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد وما أشبه ذلك فمن كان عالمًا في شيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر عليه فهو محكوم بكفره نصَّ أحمد على ذلك في مواضع) إهـ.
ولا يقتصر الأمر على التكفير أو التفسيق بل يجب في حقهم القتل والقتال أحياناً .. وقد رتب الشارع القتل على المروق كما في أحاديث الخوارج وهي ليست خاصة بهم بل هي عامة في كل المارقين.
فلا أتصور أن قول العنبري هو قول الإئمة والسلف وحاشاهم من ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[18 - Sep-2008, صباحاً 05:39]ـ
أخي الكريم، بارك الله فيك ..
لاحظ في كلام شيخ الإسلام هو ينسب للعنبري القول بإعذار المجتهدين من هذه الأمة ورفع التأثيم عنهم ..
بينما القاضي عياض ينسب للعنبري القول بتصويب المجتهدين .. وهذا لا شكّ في بطلانه عند جموع الأمة، بل والأحمق يعلم أنه باطل ..
ففرق بين الإعذار وبين التصويب ..
فعليه يكون السؤال ..
هل من اجتهد من هذه الأمة في أصول الدين، وأراد الحقّ فعزب عنه وأخطأ، هل يأثم؟ ..
ـ[أبو خالد الكمالي]ــــــــ[18 - Jul-2009, مساء 11:28]ـ
شيخ الإسلام ينقل مقولة عبيد الله بن الحسن العنبري.
ثم يصوبها.
ثم يقول بأن هذا قول الشافعي و أبي حنيفة و غيرهم من أئمة السلف.
والكلام ليس عن غير المسلمين، فهو يقول من مجتهدي هذه الأمة.
نسألكم التوضيح .. بارك الله فيكم
ـ[ابو قتادة السلفي]ــــــــ[20 - Jul-2009, مساء 04:41]ـ
السلام عليكم
فكلام شيخ الاسلام ابن تيمية واضح جدا فهو ان المجتهد اذا اجتهد في مسالة شرعية سواء كانت علميا او عمليا فإنه لا يأثم اذا بذل جهده في معرفة الحق بل قال شيخ الاسلام انه يؤجر على اجتهاده هذا.
ولهذا اخي الفاضل لو تقرا كلام شيخ الاسلام كله حتى تفهم مراده رحمه الله لان انكر حتى القول ان مسائل الاعتقاد هي الاصول وان المسائل العملية هي الفرعية وذكر كلاما مفيدا رحمه الله وقال ان اول من عُرف عنه هذا هم المعتزلة والصحيح الذي اختاره رحمه الله ان يُقال المسائل العلمية والمسائل العملية. وثانيا يقول رحمه الله ان قول النبي صلى الله عليه وسلم: اذا اجتهد الحاكم اخطأ فله اجر وان اصاب فله اجران. عام يشمل المسائل العملية والعملية ومن قال ان الحديث في المسائل العملية دون العلمية احتاج الى دليل على هذا التخصيص.
اما من وصله الدليل وقال برأيه فهذا لا يُعذر سواء كانت المسالة العلمية او عملية وانما الكلام على من لم يصله الدليل فاجتهد وقال بما ظن انه هو الحق فعهذا لا يأثم اصلا بل يؤجر على قوله.
ولهذا عند اهل السنة ان المرء يُعذر بجهاه فمثلا انكار عائشة رضي الله عنها على اليهودية التي اثبتت عذاب القبر هل نقول ان عائشة تأثم لا لانها لم يصلها نص على اثبات عذاب القبر فلما اقر النبي صلى الله عليه وسلم اليهودية وصوب قولها اذعنت عائشة رضي الله عنها لذلك. وايضا من قال ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه يقظة ولم يصله حديث: هو نور انى رآه) بلا شك انه يُعذر.
اما من جاء بكلام بعض اهل العلم وتكفيرهم للعنبري فلقوله ان كل مجتهد مصيب وليس انه لا يأثم المجتهد اذا اخطأ في الاصول كما اذا اخطأ في الفروع. والله اعلم
ـ[أبو خالد الكمالي]ــــــــ[21 - Jul-2009, صباحاً 05:50]ـ
بارك الله فيك.
هكذا نعم الأمر واضح.
الإشكال وقع من نقل الأخ الفاضل الإمام الدهلوي ( http://majles.alukah.net/member.php?u=1768) .
فهو لا يختص بهذه المقولة التي نقلها شيخ الإسلام و صوبها.
(/)
التفريق بين الرجل والمرأة في كيفية الصلاة
ـ[رشيد]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 04:06]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أرجو مساعدتكم لي في هذا الموضوع هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=148668
[ منتدى الفقه]
أو هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=148667
[ منتدى التخريج]
ـ[رشيد]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 08:15]ـ
للرفع
(/)
سؤال عن أذكار ما بعد الصلاة
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 06:43]ـ
أرى اهل العلم اذا كان يقول أذكار ما بعد الصلاة وأتاه آت ليحدثه أشار بيده أن انتظر الى ان أفرغ من الاذكار ولا يحدثه بلسانه
فهخل ثم فضل معين فو الموالاة بين الاذكار والصلاة
وهل يطلق عليها ختم الصلاة
(/)
رجاء اقرؤوا هذا المقال في بيوتكم ... لأزواجكم و أولادكم؟ كما فعلت فاستفدت خيرا عظيما
ـ[خلوصي]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 07:21]ـ
في بيوتكم لاهليكم:
هذا المقال:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20069
ـ[خلوصي]ــــــــ[17 - Sep-2008, مساء 07:23]ـ
بل كذلكم لآبائكم و إخوانكم و أخواتكم.
(/)
سؤال عاجل وهام @ حكم التنقيب عن الأثار واستخراجها وبيعها
ـ[أبو وسام السلفى]ــــــــ[18 - Sep-2008, صباحاً 03:45]ـ
الحمد لله وبعد
فهذا السؤال عرض على واريد معرفة المزيد عن حكمه الشرعى قبل الجواب
وهذه بعض التفاصيل عنه قد تخدم فى الموضوع
1 - البدء بالتنقيب عن الأماكن التى توجد فيها مقابر الفراعنة
2 - الإستعانة فى ذلك بالجن عن طريق ساحر وقد يكون نصرانى أو يهودى
3 - التقرب للجن حارس المقبرة إما بالقرآن أو بأشياء كفرية (حسب حالة الجنى والساحر)
4 - يوجد بهذه المقابر ذهب خام وبازلت وزيبق واحجار جرانيت غالية الثمن قد تصل للمليارات
5 - يباع هذا الزيبق للسحرة لأستخدامه فى أعمال السحر ولاعطاء الجان قوه (على حد قول السائل)
والسؤال
ماحكم هذا العمل (أقصد التنقيب عن المقابر)
وما حكم المتاجرة فقط (بيع هذه الأشياء وشراؤها)
صاحب البيت الذى توجد فيه المقبرة له حصة من الخارج ما حكم هذا المال
وأحيانا يعرض عليه بيع البيت أو إيجاره لمدة محددة وهى مدة استخراج ما فى المقبرة فما حكم هذا المال
ملحوظة
ماذكرته حقيقى وواقع وليس خيال ,اريد الحكم الشرعى فيه بشيئ من التفصيل إن أمكن
وجزاكم الله خيرا
__________________
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[18 - Sep-2008, صباحاً 05:21]ـ
أخي الكريم استخراج الكنوز بالطريقة التي ذكرتها لا يجوز لما في ذلك من استعمال السحر و الإستعانة بالجان, و انت قد ذكرت أنهم يقومون بأشياء كفرية و هذا وحده كاف في الدلالة على التحريم.
أما إن تم إخراج الكنز بطريقة شرعية {اقصد بالشرعية غير مخالفة للشرع} فهذا يأخذ عموما حكم الركاز أو اللقطة.
جاء في موقع الإسلام سؤال و جواب بإشراف الشيخ المنجد
ما هي الطرق الشرعية لاستخراج كنوز الأرض – الركاز -؟.
الحمد لله
أولاً:
الرِّكاز هو ما وجد مدفوناً في الأرض من مال الجاهلية، وأهل الجاهلية هم من كانوا موجودين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم على أي دين كانوا، وقد أوجب الشرع فيه عند استخراجه الخُمس، زكاةً عند بعض العلماء، وفيئاً عند آخرين، والباقي لمن استخرجه إن كان استخراجه من أرضٍ يملكها، أو من خرِبة أو من أرض مشتركة كالشارع وغيره.
قال ابن قدامة المقدسي – رحمه الله -:
" الركاز: المدفون في الأرض، واشتقاقه من: ركَز يركِز، مثل: غرز يغرز، إذا خفي، يقال " ركز الرمح " إذا غرز أسفله في الأرض، ومنه الرِّكز وهو الصوت الخفي، قال الله تعالى: (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً).
والأصل في صدقة الركاز ما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العَجْمَاءُ جُبَار، وفي الرِّكازِ الخُمْس) متفق عليه.
وهو أيضاً مجمع عليه، قال ابن المنذر: لا نعلم أحدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه فرَّق بين ما يوجد في أرض الحرب وأرض العرب، فقال فيما يوجد في أرض الحرب: الخمس، وفيما يوجد في أرض العرب الزكاة. " المغني " (2/ 610).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
" ليس كل مدفون يكون ركازاً، بل كل ما كان من دِفْن الجاهلية، أي: من مدفون الجاهلية.
ومعنى الجاهلية: ما قبل الإسلام، وذلك بأن نجد في الأرض كنزاً مدفوناً، فإذا استخرجناه ووجدنا علامات الجاهلية فيه، مثل أن يكون نقوداً قد علم أنها قبل الإسلام، أو يكون عليها تاريخ قبل الإسلام، أو ما أشبه ذلك.
وقوله: " ففيه الخمس في قليله وكثيره " فلا يشترط فيه النصاب؛ لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: " وفي الركاز الخمس ".
ثم اختلف العلماء في الخمس، هل هو زكاة أو فيء؟ بناء على اختلافهم في " أل " في قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث: " الخمس " هل هي لبيان الحقيقة أو هي للعهد؟.
فقال بعض العلماء: إنه زكاة فتكون " أل " لبيان الحقيقة.
ويترتب على هذا القول ما يأتي:
1 - أن تكون زكاة الركاز أعلى ما يجب في الأموال الزكوية؛ لأن نصف العشر، والعشر، وربع العشر، وشاة من أربعين: أقل من الخمس.
2 - أنه لا يشترط فيه النصاب، فتجب في قليله وكثيره.
3 - أنه لا يشترط أن يكون من مال معيَّن، فيجب فيه الخمس سواء كان من الذهب أو الفضة أو المعادن الأخرى، بخلاف زكاة غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمذهب عند أصحابنا - يرحمهم الله -: أنه فيء، فتكون " أل " في الخُمس للعهد الذهني، وليست لبيان الحقيقة، أي: الخمس المعهود في الإسلام، وهو خُمس خمس الغنيمة الذي يكون فيئاً يصرف في مصالح المسلمين العامة، وهذا هو الراجح؛ لأن جعله زكاة يخالف المعهود في باب الزكاة، كما سبق بيانه في الأوجه الثلاثة المتقدمة. .
" الشرح الممتع " (6/ 88، 89).
ومن وجدَ كنزاً وليس عليه علامات تدل أنه من دفن الجاهلية: فهو في حكم اللقطة، ينتظر عليه سنةً كاملة، ثم يحل له تملكه بعدها إلا أن يُعرف صاحبه قطعاً فيجب دفعه له، أو تعويضه بقيمته في وقت التصرف به.
ولا يجوز البحث عن الكنوز في أراضٍ مملوكة لأحدٍ؛ لأن هذا من التصرف في مال غيره بغير حق، ومن وجد مالاً في أرضِ غيره فيجب أن يدفعه لصاحب الأرض.
وينبغي للعقلاء أن لا يضيعوا أعمارهم في البحث عن مثل هذه الكنوز؛ فإنها مضيعة للأوقات والأعمار والأموال، مع ما يترتب عليها من عقوبات من الدولة، وقد يعيش المرء دهره كله ولا يجد قطعة نقدية واحدة، وقد يشتغل المرء في الزراعة فيحرث أرضه ويوفقه الله لوجود ما يغتني به عمره كله.
ثانياً:
يسلك كثيرٌ من الناس طرُقاً غير شرعيَّة لاستخراج هذه الكنوز، فبعضهم يستعين بالسحرة والكهنة والمشعوذين، وآخرون يعتمدون على اتصالهم بالجن، وكل هذه الطرق غير شرعية، وهي توجب استحقاق الإثم العظيم على فاعله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
هناك من يحضِّر الجن بطلاسم يقولها، ويجعلهم يخرجون له كنوزاً مدفونة في أرض القرية منذ زمن بعيد، فما حكم هذا العمل؟.
فأجاب:
هذا العمل ليس بجائز؛ فإن هذه الطلاسم التي يحضِّرون بها الجن ويستخدمونهم بها لا تخلو من شرك - في الغالب -، والشرك أمره خطير قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)، والذي يذهب إليهم يغريهم ويغرهم، يغريهم بأنفسهم وأنهم على حق، ويغرهم بما يعطيهم من الأموال.
فالواجب مقاطعة هؤلاء، وأن يدع الإنسان الذهاب إليهم، وأن يحذِّر إخوانه المسلمين من الذهاب إليهم، والغالب في أمثال هؤلاء أنهم يحتالون على الناس ويبتزون أموالهم بغير حق ويقولون القول تخرصا، ثم إن وافق القدر أخذوا ينشرونه بين الناس، ويقولون: نحن قلنا وصار كذا، ونحن قلنا وصار كذا، وإن لم يوافق ادعوا دعاوى باطلة، أنها هي التي منعت هذا الشيء.
وإني أوجه النصيحة إلى من ابتلي بهذا الأمر وأقول لهم: احذروا أن تمتطوا الكذب على الناس والشرك بالله عز وجل وأخذ أموال الناس بالباطل، فإن أمد الدنيا قريب، والحساب يوم القيامة عسير، وعليكم أن تتوبوا إلى الله تعالى من هذا العمل، وأن تصححوا أعمالكم، وتطيبوا أموالكم، والله الموفق.
" فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (2 / السؤال رقم 116).
واعلم أيها السائل الكريم أن الذي يحمل كثيرا من الناس على الجري خلف تلك الأوهام، وطلبها من السحرة والمشعوذين وأمثالهم، أن نفوسهم امتلأت بحب الترف، والتعلق بأوهام الغني، من غير أسبابه، وطلب المال من غير بابه، مع ما تركب في كثير من تلك النفوس من غلبة الكسل والركون إلى البطالة.
قال ابن خلدون – رحمه الله -:
والذي يحمل على ذلك في الغالب زيادة على ضعف العقل: إنما هو العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية للكسب من التجارة والفلح والصناعة؛ فيطلبونه بالوجوه المنحرفة، وعلى غير المجرى الطبيعي من هذا وأمثاله، عجزاً عن السعي في المكاسب، وركوناً إلى تناول الرّزق من غير تعب ولا نصب في تحصيله واكتسابه، ولا يعلمون أنَّهم يوقعون أنفسهم بابتغاء ذلك من غير وجهه في نصبٍ ومتاعبَ وجُهدٍ شديد أشدَّ من الأول، ويعرِّضون أنفسهم مع ذلك لمنال العقوبات، وربما يحمل على ذلك في الأكثر زيادة الترف وعوائده وخروجها عن حدّ النهاية حتى تُقتصر عنها وجوه الكسب ومذاهبه ولا تفي بمطالبها، فإذا عجز عن الكسب بالمجرى الطبيعي لم يجد وليجةً في نفسه إلا التمني لوجود المال العظيم دفعةً من غير كلفة، ليفي ذلك له بالعوائد التي حصل في أسرها؛ فيحرص على ابتغاء ذلك ويسعى فيه جهده، ولهذا فأكثر من تراهم يحرصون على ذلك هم المترفون من أهل الدولة ومن سكان الأمصار الكثيرة الترف المتسعة الأحوال، مثل مصر وما في معناها، فنجد الكثير منهم مغرمين بابتغاء ذلك وتحصيله، ومساءلة الركبان عن شواذه.
" مقدمة ابن خلدون " (ص 385، 386).
وقد كتب ابن خلدون فصلاً نفيساً في " المقدمة " من (ص 384 – 389) فليُنظر.
أما إذا تجنب المسلم الطرق المحرمة، من الطلاسم والاستعانة بالجن والسحرة والكهنة، أو العدوان على ملك غيره، من أرض أو دار أو غير ذلك؛ فلا حرج عليه فيما يجده من ذلك الركاز، ولا حرج عليه في طلبه ـ أيضا ـ والبحث عنه، إن كان له معرفة بالوسائل المادية الموصلة إلى ذلك، ولم يكن يضيع عمره في الجري خلف سراب الغنى، وأوهام الكنوز، كحال الذين كانوا يطلبون المال في السابق عن طريق تعلم الكيمياء التي تعينهم على قلب المعادن ذهبا، فقالوا فيهم: من طلب المال بالكيمياء أفلس!!
وأما أن هذا له طريقة معينة في طلبه والبحث عنه في الشرع، فإن الشرع لم يجيء بمثل ذلك، وإنما جاء ببيان ما يشرع في حقه أو يحرم عليه.
فمهما اخترع الناس من آلة أو وسيلة تعينهم على تعرف ذلك، بعلاماته المادية، أو الدلائل عليه، فإن ذلك مباح لمن علمه واستعمله.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو وسام السلفى]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 10:52]ـ
جزاكم الله خيرا فقد شفيت قلبى
(/)
مسائل الاعتكاف بقلم أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 12:11]ـ
صح أن أفضل الأعمال ما دووم عليه وإن قل , وأفضل ذلك ما داوم عليه رسول الله صلى الله عليه سلم.
وما صح أن رسول الله صلى الله وسلم داوم على العمرة في كل عام , ولا أنه تقصَّدها في رمضان وفي العشر الأواخر بالذات.
قال أبو عبد الرحمن الظاهري: إلا أن المسجد الحرام تُشَدُّ إليه الرحال بالنص , وعبادة فيه مضاعفة , فإذا اجتمع فضل المكان والزمان فلا يحصي مضاعفة الأجر إلا الخالق جل جلاله. ومن سهل عليه السفر والنفقة وخفت عوائقه فلا حرج عليه أن يشتاق لبيت الله ويشد الرحال , وتدخل العمرة حينئذ بالتبع.
قال أبو عبد الرحمن الظاهري: إلا أن الناس اليوم ـ في الأعم الأغلب ـ يقصدون العمرة قصداََ في العشر الأواخر من رمضان , وليس هذا من السنّة المؤكدة بل هو من فعل الخير الجائز ما لم يعتقد أن العمرة في العشر الأواخر من رمضان سنة , فليس الأمر كذلك.
وهم مع هذا يهجرون السنّة المؤكدة , وهي الاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر , فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وداوم عليه , وتابعه أزواجه وأصحابه رضي الله عنهم وحشرنا في زمرتهم.
والاعتكاف اليوم من السنن المهجورة , وهو غير شاق , ولكن الناس يتهيبون مخالفة الناس لما كان الاعتكاف عندهم معطلا
قال أبو عبد الرحمن الظاهري: من ترك فعل شيء من الخير خشية أن يتهم بالرياء: فحكمه حكم من فعل الخير رياء.
واليوم توجد مساجد فخمة مهيأة بالمرافق والتكييف والفرش الوثيرة إلا أنها تغلق أبوابها في غير أوقات الصلوات وما قبيلها وما بعيدها.
وحق على القائمين على المساجد من أئمة ومؤذنين وسدنة أن يشرعوا أبواب المساجد وأن يذكروا الناس بالسنة المهجورة , وأن يشوقوهم إليها , وأن يصمم على الاعتكاف من يقتدى بهم من أهل الخير.
قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم في فضائل الأعمال أفضل من إحياء سنة مهجورة , وقد كنت في قريتي الشقراء منذ خمسة وثلاثين عاما أعي نُزَّاعاً يؤثر عنهم الاعتكاف.
وإليكم بعض مسائل الاعتكاف:
المسألة الأولى: قال الإِمام ابن فارس في مقاييس اللغة: العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس , وذلك إقبالك على الشيء لا تنصرف عنه.
والمعكوف المحبوس قال الله تعالى: (والهدي معكوفاً أن يبلغ محله).
وبمثل هذا قال الراغب الأصفهاني في المفردات إلا أنه زاد بقوله: " العكوف الإِقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له ".
قال أبو عبد الرحمن: جملة " على سبيل التعظيم له " لا تشترطها لغة العرب , وإنما هي من الدوافع أحياناَ , وقد يكون المعتكف أراد حفظ ما اعتكف عليه , أو مراقبة آثاره.
وأما الاعتكاف الشرعي فقال عنه الراغب: ((هو الاحتباس في المسجد على سبيل القربة)). قال أبو عبد الرحمن الظاهري: هذا تعريف حسن. وقبله الإمام الحبر أبو محمد ابن حزم قال:
" الاعتكاف هو الإِقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل ساعة فما فوقها ليلا أو نهاراً ".
المسألة الثانية: مشروعية وجواز وسنية الاعتكاف في أي وقت كان قصر أم طال هو الصحيح إن شاء الله على. معهود الأصل الشرعي.
قال سويد بن غفلة: من جلس في المسجد وهو طاهر فهو عاكف فيه ما لم يحدث.
وقال يعلى بن أمية ـ من الصحابة رضوان الله عليهم ـ: إني لأمكث في المسجد ساعة وما أمكث إلا لاعتكف.
وقال عطاء: هو اعتكاف ما مكث فيه , وإن جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف , وإلا فلا.
قال أبو عبد الرحمن الظاهري: والبرهان على ذلك من وجوه:
أولها: أن الله شرع لنا بالقرآن الكريم الاعتكاف في المساجد. قال أبو محمد بن حزم: " فلم يخص تعالى مدة من مدة وما كان ربك نسيا ".
قال أبو عبد الرحمن: فنحن على هذا المعهود الشرعي العمومي لا نخرج عنه إلا بدليل , ولا دليل.
وثانيها: أن الاعتكاف فعل خير , فلا يجوز المنع من قليله إلا بدليل , ولا دليل.
وهذا البرهان نتيجة للمعهود الشرعي الآنف الذكر.
وثالثها: في صحيح مسلم أن عمر رضي الله عنه نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عبد الرحمن: لا وفاء بالنذر إلا في طاعة مشروعة , ولو كان الاعتكاف لا يجوز إلا في أكثر من يوم وليلة لرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجائز.
المسألة الثالثة: أفعال الخير تتفاضل , والاعتكاف كله فضيلة , ولكن أفضله وآكده ما داوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الاعتكاف في العشر الأواخر , وإنما اعتكف مرة في شوال قضاء.
المسألة الرابعة: من دخل في الاعتكاف وهو ينوي مدة معينة فلا يحل له أن يقطع الاعتكاف لغير عذر موجب , فإن فعل لعذر فالسنة المؤكدة أن يقضي.
وقد رأى بعضهم وجوب القضاء , ولا يطرد هذا المذهب مع أصول الظاهر في أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم فعل القضاء ولم يأمر به.
وأحكام الشريعة تفرق بين أحكام الدخول في العبادة وأحكام إتمامها.
ولا يقطع ما نوى من العبادة بغير عذر إلا مالٌّ أو عابث , ولا خير في ذينك.
المسألة الخامسة: أختلف الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم في اشتراط الصوم للاعتكاف فجمهورهم لم يشترطوه منهم علي وابن مسعود وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعطاء وإبراهيم النخعي والحسن والشافعي وإسحاق وأبو سليمان داود وفقهاء أهل الظاهر رضي الله عنهم.
وذهب آخرون إلى اشتراط الصوم منهم ابن عمر , وعائشة والزهري ومالك وأبو حنيفة والليث والثوري والحسن بن حي وعروة بن الزبير رضي الله عنهم. وآخرون روي عنهم القولان وصحا عنهم , وهم ابن عباس , وطاووس , وأحمد بن حنبل رضي الله عن جميعهم.
قال أبو عبد الرحمن: واختلافهم اجتهادي وليس عن حضور نص أو غيابه بدليل ما أسنده سعيد بن منصور إلى أبي سهيل بن مالك.
قال أبو سهيل لعمر بن عبد العزيز: كان على امرأة من أهلي اعتكاف.
فقال عمر: ليس عليها صيام إلا أن تجعله على نفسها.
فقال الزهري لعمر: لا اعتكاف إلا بصوم.
فقال له عمر: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟.
قال: لا.
قال: فعن أبي بكر؟
قال: لا.
وهكذا ذكر عمر وعثمان رضي الله عنهم.
واحتج من اشترط الصيام بما رواه أبو داود الطيالسي بإسناده عن عبد الله بن بديل عن عمرو بن دينار: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: اعتكف وصم.
قال أبو عبد الرحمن: ضعفه ابن حزم والحافظ ابن حجر , وقال أبو بكر النيسابوري: هذا حديث منكر.
ووجه ضعفه أن مداره على ابن بديل , وله ما ينكر عليه من زيادة في المتن والإسناد , ومسند عمرو بن دينار لدى الثقات ليس فيه هذا النص , وهو مخالف لما في صحيح البخاري من أنه أمره بالاعتكاف فحسب.
والعدل قد يكون غير ثقة في ضبطه وحفظه , فليس حديث ابن بديل من زيادة الثقة.
واحتجوا بأن الله ذكر الاعتكاف بعد الصوم , وليس هذا الاستدلال بشيء , لأن عطف شريعة على شريعة لا يعني تلازمهما , ولو قيل بالتلازم لوجب أن الصوم لا يصح إلا بالاعتكاف ولا قائل بذلك.
واحتجوا بأن الاعتكاف لبث في المسجد فالصوم فيه يقاس على الإحرام في عرفة.
قال أبو عبد الرحمن: أحذر طلبة العلم في هذه الصحوة الإسلامية المباركة من الاعتقاد لمثل هذه المقاييس.
ولو كان القياس حقا لقيس لبث في المسجد على لبث في عرفة من ناحية عدم اشتراط الصوم.
قال أبو عبد الرحمن: من لا يشق الصيام عليه فصيامه أفضل , لأنه زيادة خير لقادر عليه , وقد أمرنا بالمسارعة إلى الخير.
ومن شق عليه الصوم فالاعتكاف بلا صوم أفضل , لأنه كلف من الأمر ما يطيق.
والبرهان على أن الصوم ليس شرطا أمور:
أولها: أنه ورد الأمر بالاعتكاف في المسجد لذاته , فكان عبادة مفردة.
فاشتراط الصوم لصحة الاعتكاف دعوى تحتاج إلى دليل , ولا دليل.
وثانيها: لم يرد نص أن المعتكف ينوي الاعتكاف بنية الصوم.
ولو كان الصوم شرطا ما صح الاعتكاف إلا بنيته.
أعني نية العمل المقصود.
وثالثها: أن الاعتكاف جائز ليلة واحدة , ولا صيام في الليل.
ومن قال الاعتكاف بالليل تبع للنهار عكس ذلك عليه وقيل: وما يدريك؟ فقد يكون النهار تبعا لليل , وقد يكون لا تبعية بحكم الشرع.
ورابعها: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأول من شوال وفيهن يوم العيد ولا صوم فيه.
المسألة السادسة: محمد بن عمر لبابة من فقهاء المالكية المغاربة رحمه الله , وقد تفرد بالقول بأن الاعتكاف جائز في كل مكان وإن لم يكن مسجداً.
قال أبو عبدالرحمن: لا ننكر أن العزلة فيما فضل من أحوال الاختلاط الواجبة من أفضل القرب والعبادات.
ولكننا لا نجعل هذه القربة هي المعنى الشرعي للاعتكاف الذي يترتب عليه أحكام كعدم وطء النساء.
فلا نعهد في مدلول النص الشرعي، ولا نعهد في السيرة العملية إلا الاعتكاف في المسجد، وما عدا ذلك فعكوف لغوي لا شرعي.
قال أبو عبدالرحمن: واقتراف المعصية عمداً بلا سهو أو جهل عكوف على المعصية، والمأمور به عكوف للطاعة واحتباس عن المعصية، والله المستعان.
وكتب لكم:
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري
ـ عفا الله عنه ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 07:02]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ ابو محمد ...
ـ[هشيم بن بشير]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 04:12]ـ
جزاك الله خير.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[21 - Sep-2008, مساء 10:32]ـ
جزاك الله خير.
وجزاكم أخى الفاضل
(/)
أرجو المساعدة ماتت أم قبل والديها تاركة أبناء هل يرث أبناؤها من المورث أم لا؟
ـ[محمد1234]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 03:41]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و سائر العبادات، أخوكم محمد الجزائري يكتب لأول مرة يرجو منكم المساعدة فيما يخص مسألة فقهية في الفرائض و الميراث و هي كالتالي:
ماتت أم قبل والديها تاركة أبناء هل يرث أبناؤها من المورث أم لا؟
و شكرا، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[محمد1234]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 02:13]ـ
هل من مجيب؟
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 02:37]ـ
تقصد من موروث الأم أو الجدة؟
ـ[محمد1234]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 03:01]ـ
أقصد أنهم يرثون الجدة
ـ[أبوعبيدة الغريب]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 08:25]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إذا كان للجدة أبناء -ذكور - لم يرث الأحفاد قولا واحدا في جميع المذاهب كما نقل بعض أهل العلم.
أما اذا كانوا إناثا أو عدموا ورث الأحفاد.
وقد ذكر أهل العلم في هذا الباب استحباب الوصية للأحفاد إن لم يكونوا وارثين ومنهم من أوجبها.
والله أعلم.
ـ[محمد1234]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 01:04]ـ
بارك الله فيكم و في علمكم هل ذكرتم لي و لو كتابا يكون مرجعا لي في المسألة.
ـ[أبوعبيدة الغريب]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 02:25]ـ
شرح سبط المارديني عل الرحبية مع حاشية البقري خرجها وعلق عليها الشيخ مصطفى ديب البغا.
تجد الكلام في الحفيد في باب التعصيب وفي بنات الابن في باب الحجب.
وإن كنت تبحث عن كتب على الشبكة فعليك بموقع الشاملة قسم الفقه العام.
ـ[محمد1234]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 05:38]ـ
شكرا لكم إخواني و بارك اله فيكم.
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 06:04]ـ
السؤال س: امرأة لها ثلاثة أولاد ذكور وبنت واحدة، توفي أحد الأبناء الذكور في حياة والدته وله ابن وبنتان، ثم توفيت المرأة -الْجَدَّة- فهل يرث أبناء الابن المتوفى؟
الاجابة وبعد، لا يرث أولاد الابن المتوفى من جدتهم أو أبيهم، بل يكون ميراثها لبقية أولادها، وهم: ابنان وبنت، أما ابن المتوفى وبنتاه فلهم تركة أبيهم، وليس لهم من جدتهم شيء. والله أعلم.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
ـ[محمد1234]ــــــــ[21 - Sep-2008, مساء 11:35]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا البراء.
(/)
إحياء المَوَاتْ ..................... ممّا فات من سِنِيّ الحياةْ؟!
ـ[خلوصي]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 03:42]ـ
هذا عنوان كتاب كنت أفكر بإعداده لنفسي و أسرتي أولا .. تعويضا عن العمر الذي فات بذنوبه و تقصيراته و غفلاته عن معاني الطاعة و الجندية لله عز و جل! فعسى أن يقلب الندم و العزم سيئاتنا حسنات!! فيا للتجارة الرابحة!؟
و لكن هموم الحياة و ضعف البيئة الإيمانية و الصحبة الصالحة جعلته طي النسيان! ..... و كانت النية أن أجعله على هيئة برنامج عملي؟
و لأن المؤمن كثير بإخوانه ... و هذه الألوكة بارك الله فيها خير بيئة مشجعة ... و هي صالحة بإذن الله لإنجاز الكتاب بالتعاون ليصدر باسمها متقنا صالحا جامعا ... فها أنذا أدعو الإخوة و الأخوات و المشايخ الفضلاء لهذا المشروع المبارك بإذن الله .. تناصحا و تحريرا و مراجعة و ....
حياكم الله.
خادمكم ذو الآثام و الآلام ... خلوصي.
.
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 - Sep-2008, مساء 10:36]ـ
لم أسمع آراءكم القيمة أيها الأفاضل؟
ـ[خلوصي]ــــــــ[04 - Oct-2008, صباحاً 02:03]ـ
و لأن المؤمن كثير بإخوانه ...
حياكم الله.
خادمكم ذو الآثام و الآلام ... خلوصي.
.
كثير بإخوانه ....
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[04 - Oct-2008, مساء 05:03]ـ
طيب ممكن .. تشرح لنا أكثر , يا أستاذنا؟!
ـ[خلوصي]ــــــــ[04 - Oct-2008, مساء 07:25]ـ
طيب ممكن .. تشرح لنا أكثر , يا أستاذنا؟!
يا استاذي الكريم:
هاك مثالاً مما طبقته يوما ثم تكاسلت ..
قلت في نفسي كم و كم وكم .... من الصلوات صليتها فيما مضى من السنوات الطوال ... و أنا غافل ساه لاه. و ما زلت!
ترى كيف أعوّضها؟!
صرت بمجرد الأذان أؤذن في البيت و أقيم الصلاة مباشرة مع الأهل .. ثم أذهب للمسجد و أعيد الصلاة مع الجماعة .. ؟ فأحقق بذلك عدة أهداف:
1 - صلاتي و أهلي على وقتها.
2 - كسب صلاة إضافية.
3 - اصطناع جو من التعويض عما فات ..
؟؟
و الكيفيات لا تنتهي؟!
و هذا مجرد مثال.
ـ[خلوصي]ــــــــ[05 - Oct-2008, مساء 10:01]ـ
شكلك تريد مثالا آخر:
كم فرطنا في الدعاء الذي هو العبادة!!
فحتى نعوّض ما فات و مات نضع مثلا خطة أن لا ينقص الدعاء بعد كل صلاة عن دقيقة أو 2 - 3 - 4 إلخ و هكذا نزيد ببطء حسب التدريب مستذكرين ما مات من أعمارنا لرفع الهمة!!
ما رأيكم دام فضلكم!!
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[05 - Oct-2008, مساء 10:03]ـ
وهل تريد منّا أمثلة أخرى لإثراء الموضوع؟
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[05 - Oct-2008, مساء 10:25]ـ
وعندي طلب!
ممكن بريدكم؟!
وهل؟
أستطيع؟
أن؟
.. ؟
؟
؟
أتحث معكم على " الماسنجر "؟!
وحياكم الله
ـ[خلوصي]ــــــــ[06 - Oct-2008, صباحاً 11:11]ـ
وهل تريد منّا أمثلة أخرى لإثراء الموضوع؟
بل أريد أمثلة و منهجية لتأليف الكتاب باسم الألوكة الجميلة هذه ... و يحرر الكتاب المشرفون حفظهم الله من مجموع المشاركات.
وعندي طلب!
ممكن بريدكم؟!
وهل؟
أستطيع؟
أن؟
؟
أتحث معكم على " الماسنجر "؟!
وحياكم الله
و الله يا أخي الحبيب أنا أستمتع بالتواصل مع الفضلاء من أمثالكم .. و أتشرف.
و سأعمل بريدا على هتميل حتى نستطيع التواصل على المسنجر
جزاكم الله خيرا.
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 - Oct-2008, صباحاً 02:58]ـ
لإحياء الموات ترفع هذه الكلمات!!
ـ[خلوصي]ــــــــ[16 - Jan-2009, مساء 02:48]ـ
لعل الظروف الآن مناسبة محرضة على الانعتاق التام من الغفلات!؟
ـ[صالح الطريف]ــــــــ[23 - Jun-2010, صباحاً 09:17]ـ
عجيب
ـ[الروض الأنف]ــــــــ[24 - Jun-2010, صباحاً 12:08]ـ
ومن ذلك الاجتهاد في الأوقات والأماكن الفاضلة
ـ[الروض الأنف]ــــــــ[24 - Jun-2010, صباحاً 11:33]ـ
ومنه أيضا: الاهتمامُ بنوعِ العبادةِ فمثلاً قولُك: (سبحانَ اللهِ وبحمدِه عددَ خلقِه، ورِضا نفسِه، وزنةَ عرشِه، ومدادَ كلماتِه) أفضلُ من تكرارِ "سبحانَ اللهِ وبحمدِه".
وأيضاً: لوكان عندَك صدقةٌ فضعْها في الأقربينَ تحصلُ على أجرٍ أكثرَ.
ومنه: الحرصُ على الصلاةِ في البيتِ إلا المكتوبةَ
وأفضلُ من ذلك كلِّه: تصحيحُ القلبِ فـ"ربَّ عملٍ كبيرٍ تصغّرُه النيةُ، ورُبَّ عملٍ صغيرٍ تكبّرُه النيةُ" ..
قالَ بكرُ بنُ عبدُ اللهِ المزنيُّ "ما سبقهم أبو بكرٍ بكثيرِ صلاةٍ ولا صيامٍ ولكن بشيءٍ وقرَ في قلبِه"
وفي الحديثِ "ما أعددْتَ لها؟ قالَ: ما أعددْتُ لها كثيرَ صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكني أحبُّ اللهَ ورسولَه .. "
دمتُم في حفظِ اللهِ
ـ[أبو سعيد الباتني]ــــــــ[24 - Jun-2010, مساء 12:45]ـ
الأخ الكريم: خلوصي
بارك الله فيك
لم أفهم قصدك
هل تقصد مسألة إحياء الموات التي درسها الفقهاء؟
أم تقصد شيئا آخر
الأمثلة التي طرحتموها شوشت علي فهم فكرتكم.
وفقكم الله.
ـ[خلوصي]ــــــــ[25 - Jun-2010, صباحاً 10:13]ـ
عجيب
جداً:)
ومن ذلك الاجتهاد في الأوقات والأماكن الفاضلة
ومنه أيضا:
وأيضاً:
ومنه:
وأفضلُ من ذلك كلِّه: تصحيحُ القلبِ فـ"ربَّ عملٍ كبيرٍ تصغّرُه النيةُ، ورُبَّ عملٍ صغيرٍ تكبّرُه النيةُ" ..
قالَ بكرُ بنُ عبدُ اللهِ المزنيُّ "ما سبقهم أبو بكرٍ بكثيرِ صلاةٍ ولا صيامٍ ولكن بشيءٍ وقرَ في قلبِه"
وفي الحديثِ "ما أعددْتَ لها؟ قالَ: ما أعددْتُ لها كثيرَ صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكني أحبُّ اللهَ ورسولَه .. "
دمتُم في حفظِ اللهِ
امكث معنا أيها العزيز .. ألم تجد كم مر على الموضوع و صاحبه دون عمل؟ قد ترك و الله تلك العادات الحسنة لأنه لم يجد من يناصره برغم الكثرة الكاثرة من الإخوان هنا!! أليس هذا بعجيب؟!
الأخ الكريم: خلوصي
بارك الله فيك
لم أفهم قصدك
هل تقصد مسألة إحياء الموات التي درسها الفقهاء؟
أم تقصد شيئا آخر
الأمثلة التي طرحتموها شوشت علي فهم فكرتكم.
وفقكم الله.
أهلاً بالأخ الحبيب .. أين أنت بل أين أنا:)
إنما قصدت مسألة إحياء الموات التي درسها فقهاء القلوب:)؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[13 - Sep-2010, صباحاً 02:13]ـ
من يجدد البيعة:)؟
إنما أقصد التواصي بالحق و التعاون و التناصر!
(/)
تعليقة على حديث الافتراق وتحقيق القول في بعض ما تدل عليه أحرفه للشيخ يوسف الغفيص ..
ـ[الخالدي]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 04:27]ـ
تعليقة على حديث الافتراق وتحقيق القول في جملة دلائله للشيخ يوسف الغفيص ..
قال جامع الفتاوى رحمه الله: [وسُئِلَ شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -قدس الله روحه- عن قوله صلى الله عليه وسلم: (تفترق أمتي ثلاثة وسبعين فرقة)، ما الفِرَق؟ وما معتقد كل فرقة من هذه الصنوف؟ فأجاب: الحمد لله، الحديث صحيحٌ مشهور في السنن والمساند؛ كسنن أبي داود و الترمذي و النسائي وغيرهم، ولفظه: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة). وفي لفظ: (على ثلاث وسبعين ملة) وفي رواية: (قالوا: يا رسول الله! من الفرقة الناجية؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) وفي رواية: (قال: هي الجماعة، يد الله على الجماعة)]. ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في مبتدأ كلامه عن الحديث المذكور جملةً من ألفاظ روايته، وهذا بعد قوله: "الحديث صحيح مشهور في السنن والمسانيد".
مدى صحة حديث الافتراق
هذا الحديث هو حديث الافتراق، وهو ليس من الأحاديث الصحاح البينة الصحة مما خرِّج في الصحيحين، أو مما ظهرت واستفاضت صحته عند الأئمة، وإن كان قد روى هذا الحديث الإمام أحمد في مسنده وأهل السنن وغيرهم، وصححه جماعة من الحفاظ، واعتبره جماعة من أصحاب السنة فيما صنفوه في مسائل الافتراق ومسائل أهل البدع، وبيان مخالفتهم للسلف. فإن هذا الحديث ثمة خلافٌ بين الحفاظ في ثبوته، فمنهم من يذهب إلى تضعيفه بأوجهه، ومنهم من يذهب إلى تقويته، وهذا هو المشهور والأظهر عند المتأخرين من الحفاظ. وهنا مسألة لابد أن تعتبر في مثل هذا النوع من البحوث، وهو أنه ليس مهماً -فيما يظهر- أن يتوصل إلى جزمٍ بصحة هذا الحديث أو عدم صحته، فإن الوصول إلى هذا الجزم ليس له نتيجة محققة في تقرير المسائل المقصودة في هذا الباب، فإن هذا الحديث قد جاء من رواية أبي هريرة و أنس بن مالك و عبد الله بن عمر -أي: من رواية جماعة من الصحابة- عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أسلفت قد اختلف الحفاظ في ثبوته وعدمه، فذهب ابن حزم إلى الطعن فيه، وهذا قول جماعة، وذهب شيخ الإسلام وجماعة إلى تقويته. لكن هذا الحديث لا يقال فيه: إن صحته تدل على جملة من المسائل المعتبرة في منهج التقرير لعقيدة السلف أو منهجهم أو أحكام المخالفين، فإن ما تضمنه من المعاني المعتبرة هي ثابتةٌ في الشرع بأدلةٍ أخرى، ولهذا ما يذهب إليه بعض المعاصرين من أن تفريق الأمة بهذا الحديث، أو إن ثبوت اختلاف الأمة مبني على صحة الحديث، وإن الحديث ليس بصحيح، هذا ليس فيه نتيجة محققة، لوجهين: الوجه الأول: أن افتراق أهل القبلة -أي: اختلاف المسلمين في مسائل أصول الدين- أمر بيّن من جهة الوقوع، فإنه بيِّن وقوعاً من قرون ماضية، بل من آخر عهد الخلفاء الأربعة الراشدين، لما ظهرت الخوارج، والشيعة، ثم بعد ذلك القدرية ... إلخ. إذاً الافتراق في أهل القبلة افتراق واقع، لا مجال لرفعه أو التكلف بأنه ليس له وجود، حتى لو لم يحدث به الرسول صلى الله عليه وسلم، فما دام أنه وقع فيجب أن يعلم أنه وقع؛ لأن العلم بالواقع علمٌ ضروري يمتنع رفعه. الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد انضبط إليه من جهة الرواية ثبوت الافتراق في هذه الأمة، فإنه تواتر عنه عليه الصلاة والسلام في الصحيحين وغيرهما أنه قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله) وفي وجه في الصحيح: (حتى تقوم الساعة) فهذا الحديث حديث ثابت متواتر من جهة استفاضة ثبوته عند الأئمة، ومخرج -كما تقدم- في الصحيحين من غير وجه وفي غيرهما. وهذا الحديث فيه تقرير لكون الأمة سيدخلها افتراق واختلاف في مسائل أصول الدين، ولهذا وصف عليه الصلاة والسلام هذه الطائفة بأنها الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، وأنهم على أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وعليه: فتقرير افتراق الأمة ثابت بهذا الحديث المتواتر الصحة. إذاً: قوله في مبدأ هذا الحديث: (وستفترق هذه الأمة). يقال
(يُتْبَعُ)
(/)
فيه: إن العلم بهذا الافتراق ليس معلوماً من هذا الحرف من الحديث فقط، بل هو علم ضروري من جهة الوقوع، ومن جهة الخبر النبوي الآخر أيضاً.
ما اختص به حديث الافتراق
أما قوله: (على ثلاثٍ وسبعين فرقة) فهذا التحديد للعدد هو الذي اختص به هذا الحديث، فإن كان الحديث غير ثابت، فلا يجوز أن يقال: إن الأمة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين، أو افترقت على ثلاثٍ وسبعين. إذاً: في هذا الحديث امتياز ذكر عدد الطوائف المخالفة، وأنهم ثلاثٌ وسبعون فرقة، وهذا الامتياز ليس تحته حقيقة كثيرة؛ لأنه علم كلي. ومعنى أنه علم كلي أي: أنه لا يستطيع أحدٌ لا من السلف ولا من الخلف أن يحدد هذه الفرق الثلاث والسبعين على القول بصحة الحديث، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: "إنه لم يكن من طريقة السلف الجزم بتعيين هذه الفرق، وإن عينوا أصولها كقولهم: أصول البدع أربع: المرجئة، والقدرية، والجهمية، والشيعة، أو ما إلى ذلك من جمل السلف"، فهم قد يعينون أصول البدع. أما أنهم اشتغلوا بتسمية الفرق المخالفة للسلف -وهم ثنتان وسبعون فرقة- فإن هذا الاشتغال لم يقع من أحد من السلف، وإنما اشتغل به بعض المتأخرين، وأصل الاشتغال به من طريقة متكلمة أهل الإثبات كأصحاب أبي الحسن الأشعري المنتسبين إلى السنة والجماعة، فإنهم سموا الطوائف الثلاث والسبعين، واستعمل هذا أيضاً بعض الفقهاء من أصحاب الأئمة رحمهم الله الذين يجانبون طريقة المتكلمين. لكن هذا الاشتغال ليس اشتغالاً سلفياً، بل هو من القول على الله بغير علم؛ لأنه إن اعتبرت أسماء الطوائف التي ظهرت في تاريخ المسلمين فإن العدد لا يمكن أن ينضبط عليها، بل قد يزيد عنها إذا اعتبر تفرق الطوائف، كأن يقال الخوارج: خمس عشرة طائفة .. المرجئة: ثنتا عشرة طائفة، إذا اعتبر هذا التقرير كما هي طريقة أهل المقالات فإن الفرق تزيد كثيراً عن ثلاث وسبعين. وإذا اعتبرت أصول الطوائف فإن الفرق تقل عن ثلاث وسبعين؛ ولذلك إن صح هذا الحرف عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حرفٌ يعلم علماً مجملاً، كلياً، فيعلم أن الفرق ستكثر، وكأن المراد من كلمته صلى الله عليه وسلم: أن البدع ستكثر، وأنه سيكون لها أوجهاً متعددة. وأما أن المكلفين يعلمون أسماء هذه الفرق فهذا ليس بصحيح، وقد أوضحنا في شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد أنه لم يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سمى طائفةً بدعيةً باسمها، كاسم المرجئة أو القدرية أو الشيعة، أو ما إلى ذلك، بل كل ما روي مرفوعاً إليه لا يصح، وإنما صح كلامه صلى الله عليه وسلم في الخوارج. إذاً قوله: (على ثلاث وسبعين فرقة) هذا التحديد هو الذي أفاده هذا الحديث. فإن صح قيل: هذا من العلم المجمل الكلي، وإن لم يصح فالاعتبار بثبوت الافتراق وليس بماهية العدد.
الجمل المذكورة في حديث الافتراق
هذا الحديث فيه سبع جمل:- الجملة الأولى: (افترقت اليهود)، وافتراق اليهود معلوم من الكتاب والسنة. الجملة الثانية: (على إحدى وسبعين فرقة) فإن صح هذا الحديث عُلم عدد فرق اليهود علماً مجملاً، وإن لم يصح علم افتراق اليهود من الكتاب والسنة. الجملة الثالثة: (وافترقت النصارى) وافتراق النصارى معلوم من الكتاب والسنة. الجملة الرابعة: (على اثنتين وسبعين فرقة) فإن صح هذا الحديث علم عدد فرق النصارى علماً مجملاً، وإن لم يصح علم افتراق النصارى من الكتاب والسنة. وبقي في الحديث ثلاث جمل تتعلق بهذه الأمة: الجملة الأولى: (وستفترق هذه الأمة) وهذا معلوم من جهة متواتر الشرع، ومن جهة الوقوع. الجملة الثانية: (على ثلاث وسبعين) تحديد العدد أفاده هذا الحديث، فإن صح فهذه الإفادة إفادة كلية مجملة ليس تحتها تعيين ممكن. الجملة الثالثة: (كلها في النار إلا واحدة) هذه جملة مهمة، لكن نقول: هذه الجملة -وقد ذكرت في هذه الأمة، وذكرت في اليهود والنصارى- أفادتها دلائل الشريعة من الكتاب والسنة ولم يختص بذكرها هذا الحديث، فهي ليست كالجملة الثانية التي قلنا: إن هذا الحديث أفادها؛ فثبوتها مبني على ثبوته، لكنها كالجملة الأولى.
حكم الفرق المخالفة لأهل السنة
(يُتْبَعُ)
(/)
بهذا يتبين أن هذا الحديث ليس فيه زيادة في حكم المخالفين للسلف؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: (كلها في النار إلا واحدة) لا يراد به عند السلف أن جميع من خالفهم يكون من أهل النار أو من أهل الوعيد جزماً، وإنما هذا من أحاديث الوعيد العامة، كقوله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا [النساء:14]، وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10] وقوله عليه الصلاة والسلام: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار) وقوله في حديث ابن مسعود: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر) وغيرها من النصوص. فهذا الحديث فيه بيان لكون المفارقة للسنة والجماعة من موجبات الوعيد، فإن من فارق السنة والجماعة لابد أن تكون مفارقته في الجملة عن تفريط منه، ولا شك أن المفرط يكون تاركاً لواجب من الواجبات، ومن ترك واجباً من الواجبات أو قصر فيه فإنه يكون معرضاً لوعيده سبحانه وتعالى، وهذا لا يمنع أن يكون بعض من انتحل البدع وطرق أهل الأهواء على قدر من الزندقة والكفر والخروج من الملة، وهذا مقام آخر. المقصود: أن حكمه عليه الصلاة والسلام -إن ثبت هذا الحرف عنه- على جميع هذه الفرق أنها في النار إلا واحدة، وهي الفرقة الناجية، لا يراد به التعيين، لا للطوائف ولا التعيين -من باب أولى- للأعيان. بل يقال: هذا وعيد؛ لأن من فارق السنة والجماعة لابد أن تكون مفارقته بسبب قدر من التفريط في الجملة، والمفرط تارك لواجب، والتارك للواجب العلمي من جنس التارك للواجب العملي، بل تركه للواجب العلمي أشد من ترك الواجب العملي، ولهذا كان السلف يعدون جنس البدع أعظم من جنس المعاصي والكبائر العملية. هذا هو المراد من هذا الحرف، وهو مرادٌ لا ينبغي أن يختلف فيه، ومن فسر الحديث بأن هذا حكم على أصحاب هذه الطوائف بأنهم من أهل النار وأنهم كفار، أو أنهم من أهل التخليد في النار، أو عيّن طائفة الخوارج، أو طائفة المعتزلة، أو الأشعرية أو غيرها بأنها من أهل النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلها في النار) فهذا فهم غلط لكلامه صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يمنع أن أهل البدع المغلظة، قد يقع في أعيانهم من هو من أهل الكفر، والزندقة والخروج من الملة، فهذا مقام آخر له قدر من الثبوت كما ذكره الأئمة رحمهم الله، وكما هو المعروف في الواقع التاريخي لبعض غلاة أهل البدع. إذاً: هذا هو الذي يراد بهذا الحديث، وعليه ترى أن الجملة الثالثة ليست مما اختص به هذا الحديث، فهي معلومة بكليات وبمفصل دلائل الشريعة، فقد دلت دلائل الشريعة على أن أصحاب الكبائر العلمية من جنس أصحاب الكبائر العملية، بل هم أولى في الوعيد من أصحاب الكبائر العملية.
ـ[قسوره]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 07:59]ـ
الله أكبر ...
ما أجمل كلام الشيخ الغفيص ...
كأنك تقرأ لشيخ الإسلام ...
لله درك .. ونفعنا الله بعلمك ...
أشكرك أخي الخالدي ... هلا ذكرت لنا المصدر بارك الله فيك؟؟؟
ـ[القضاعي]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 05:10]ـ
لم يأتي الشيخ وفقه الله بجديد إلا تسويغ التشكيك في صحة الحديث!
إلا أنه سد هذا الباب بعد أن فتحه بأن قرر ثبوت معاني الحديث وأن عباراته من المسلمات في الواقع وفي الشريعة.
وأما قوله (ومن فسر الحديث بأن هذا حكم على أصحاب هذه الطوائف بأنهم من أهل النار وأنهم كفار، أو أنهم من أهل التخليد في النار، أو عيّن طائفة الخوارج، أو طائفة المعتزلة، أو الأشعرية أو غيرها بأنها من أهل النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلها في النار) فهذا فهم غلط لكلامه صلى الله عليه وسلم)
في هذه العبارة حق وباطل!
الحق أن قوله عليه الصلاة والسلام: (كلها في النار) وعيد بدخول النار لمن فارق منهج أهل السنة والجماعة , غير أنه لا يلزم منه الحكم على كل مخالف تعيينا بتحقق هذا الوعيد فيه.
وأما الباطل فقوله عفا الله عني وعنه (أو عيّن طائفة الخوارج، أو طائفة المعتزلة، أو الأشعرية أو غيرها بأنها من أهل النار)؟!!
بل أقول لا شك ولا ريب من صحة فهم من فهم تعيين هذه الفرق وغيرها بأنها فرق نارية وقد صرح بهذا الوحي الشريف على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم كقوله في الخوارج: (كلاب النار) فكل طائفة تفارق السنة والجماعة كما فعلت الخوارج استحقت هذا التعيين ومن خالف فهو الذي اخطأ في الفهم , والله الموفق
ـ[الخالدي]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 06:26]ـ
الله أكبر ...
ما أجمل كلام الشيخ الغفيص ...
كأنك تقرأ لشيخ الإسلام ...
لله درك .. ونفعنا الله بعلمك ...
أشكرك أخي الخالدي ... هلا ذكرت لنا المصدر بارك الله فيك؟؟؟
العفو أخي الغالي ...
هذه التعليقة هي من مقدمة شرحه على حديث الافتراق و هو مفرغ على موقع الشبكة الإسلامية بارك الله فيهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 11:40]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[الخالدي]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 09:56]ـ
لم يأتي الشيخ وفقه الله بجديد إلا تسويغ التشكيك في صحة الحديث!
إلا أنه سد هذا الباب بعد أن فتحه بأن قرر ثبوت معاني الحديث وأن عباراته من المسلمات في الواقع وفي الشريعة.
وأما قوله (ومن فسر الحديث بأن هذا حكم على أصحاب هذه الطوائف بأنهم من أهل النار وأنهم كفار، أو أنهم من أهل التخليد في النار، أو عيّن طائفة الخوارج، أو طائفة المعتزلة، أو الأشعرية أو غيرها بأنها من أهل النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلها في النار) فهذا فهم غلط لكلامه صلى الله عليه وسلم)
في هذه العبارة حق وباطل!
الحق أن قوله عليه الصلاة والسلام: (كلها في النار) وعيد بدخول النار لمن فارق منهج أهل السنة والجماعة , غير أنه لا يلزم منه الحكم على كل مخالف تعيينا بتحقق هذا الوعيد فيه.
وأما الباطل فقوله عفا الله عني وعنه (أو عيّن طائفة الخوارج، أو طائفة المعتزلة، أو الأشعرية أو غيرها بأنها من أهل النار)؟!!
بل أقول لا شك ولا ريب من صحة فهم من فهم تعيين هذه الفرق وغيرها بأنها فرق نارية وقد صرح بهذا الوحي الشريف على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم كقوله في الخوارج: (كلاب النار) فكل طائفة تفارق السنة والجماعة كما فعلت الخوارج استحقت هذا التعيين ومن خالف فهو الذي اخطأ في الفهم , والله الموفق
كلام الشيخ يوسف أوجه مما تتذكره حفظك الله و خلاصة كلام الشيخ هنا أضعها للقارئ المستبصر لأن نقلك لم يكن مستوفيا ً:
(المقصود: أن حكمه عليه الصلاة والسلام -إن ثبت هذا الحرف عنه- على جميع هذه الفرق أنها في النار إلا واحدة، وهي الفرقة الناجية، لا يراد به التعيين، لا للطوائف ولا التعيين -من باب أولى- للأعيان. بل يقال: هذا وعيد؛ لأن من فارق السنة والجماعة لابد أن تكون مفارقته بسبب قدر من التفريط في الجملة، والمفرط تارك لواجب، والتارك للواجب العلمي من جنس التارك للواجب العملي، بل تركه للواجب العلمي أشد من ترك الواجب العملي، ولهذا كان السلف يعدون جنس البدع أعظم من جنس المعاصي والكبائر العملية. هذا هو المراد من هذا الحرف، وهو مرادٌ لا ينبغي أن يختلف فيه، ومن فسر الحديث بأن هذا حكم على أصحاب هذه الطوائف بأنهم من أهل النار وأنهم كفار، أو أنهم من أهل التخليد في النار، أو عيّن طائفة الخوارج، أو طائفة المعتزلة، أو الأشعرية أو غيرها بأنها من أهل النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلها في النار) فهذا فهم غلط لكلامه صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يمنع أن أهل البدع المغلظة، قد يقع في أعيانهم من هو من أهل الكفر، والزندقة والخروج من الملة، فهذا مقام آخر له قدر من الثبوت كما ذكره الأئمة رحمهم الله، وكما هو المعروف في الواقع التاريخي لبعض غلاة أهل البدع. إذاً: هذا هو الذي يراد بهذا الحديث، وعليه ترى أن الجملة الثالثة ليست مما اختص به هذا الحديث، فهي معلومة بكليات وبمفصل دلائل الشريعة، فقد دلت دلائل الشريعة على أن أصحاب الكبائر العلمية من جنس أصحاب الكبائر العملية، بل هم أولى في الوعيد من أصحاب الكبائر العملية)
(/)
أبو حذيفة لم يمت (كلمة وفاء في حق الشيخ إبراهيم الدحيم رحمه الله) للدكتور عمر المقبل
ـ[كوير التميمي]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 07:40]ـ
أبو حذيفة لم يمت!! كلمة وفاء في حق فارس من فرسان الدعوة
د. عمر بن عبد الله المقبل | 18/ 9/1429
في ليلة اكتمل فيها بدر السماء هوى بدرٌ من بدور الأرض، وغيّب الموت داعيةً من خيرة الدعاة الصامتين، الصادقين، الأخفياء، الأولياء ـ أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكيه على الله ـ: إنه رفيق الدرب، وزميلي في حلقة القرآن، وشريك من شركاء الدعوة والمنهج، الشيخ المسدد، والمربي الفاضل: إبراهيم بن صالح بن علي الدحيم، وذلك ليلة الخامس عشر من شهر رمضان من عام ألف وأربعمائة وتسعة وعشرين.
كنتُ قرأت عن بعض السلف أنه بلغه موتُ أحد إخوانه، فقال: والله لكأن ركناً من أركاني قد انهدّ!
ولعمر الله! ما كنت إلا ذلك الرجل حين جاءني الخبر:
طَوَى الجَزِيرَةَ حتى جاءَني خَبَرٌ ... فَزِعْتُ فيهِ بآمالي إلى الكَذِبِ
حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدْقُهُ أمَلاً ... شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي
وما كنتُ أظن أنني سأرثيه، خاصة في هذه السن، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها.
إنني أكتب هذه الأحرف وأنا أتجرع مرارة المصيبة، وأكابد لوعة الفراق، وألوذ بالصبر، وأتعزى بعزاء الله: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه}، وأرجو موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ـ "يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة".
وليست هذه الأحرف ترجمة للشيخ، ولا حديثاً عن سيرته، فهذا له وقته ـ إن شاء الله ـ بعد اكتمال ما يتعلق بتلك السيرة الطيبة، ولكنها كلمات وفاء عاجلة، لعل أحداً يقرأ هذه الأحرف فيرفع كفيه ليدعو لهذا الشيخ الذي نذر نفسه للدعوة، ومات وهو يعيش همها، بل مات وهو يمارسها!
لقد كانت وفاته ـ وهو متجه إلى بيت الله الحرام ومعه مجموعة من الطلاب الناشئين في طريق الخير والهداية ـ ترجمةً عملية لهمّ الدعوة الذي يملأ جوانح قلبه، إنها تطبيق عملي لكلمات سطرها ـ رحمه الله ـ بحبره، حين صدر رسالته (فارس الدعوة) ـ وهو يصف هذا الفارس ـ بقوله: "هو فارس لا يترجل، أَلِفَ صهوة الخيل فلا غير، عشق القمم فما عاد يعرف للأودية سبيلاً ولا إليها طريقاً .. سارت هموم الناس في أفلاك شهواتهم، وسار نجم همه في أفلاك دعوته, فهو آخذ بزمام فرسه، طائر على جناح السرعة، قد نصب خيمته في صحراء التائهين، وأوقد ناره عندها كي يراه المنقطعون فيقصدونه, فيستنقذ منهم غافلاً ويعلم فيهم جاهلاً ويرشد فيهم حائرًا" انتهى كلامه رحمه الله.
إذن هي ومضات سريعة فحسب، وإطلالة خاطفة على حياة هذا الداعية المبارك، والمربي الفاضل، وإلا فسيرته تحتمل مجلداً لطيفاً، خصوصاً أن تجربته في الدعوة وخبرته فيها تقترب من العشرين عاماً.
لقد عرفتُ الشيخ ـ رحمه الله ـ قبل أكثر من عشرين عاماً، بحكم ما بيننا من مصاهرة، وعرفته زميلاً في المرحلة المتوسطة، في حلقة القرآن عند شيخنا محمد أويس الهزاوري ـ حفظه الله ـ ثم زميلاً في جمعية التوعية الإسلامية بصحبة شيخنا المربي القدير فضيلة الشيخ عبدالكريم الجارالله ـ متعنا الله بحياته على حسن عمل ـ ثم جمعتنا بعض المحاضن التربوية، وكثيرٌ من الرحلات التربوية مع بعض المربين الكرام ـ جزاهم الله عنا أحسن الجزاء ـ ثم جمعنا طريق الطلب في كلية الشريعة وأصول الدين (فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم سابقاً)، ثم افترقت الأبدان ـ مع اتصال القلوب والأرواح ـ فتعين في عدة قرى ومدن، ولم يترك مكاناً تعيّن فيه إلا وترك فيه بصمةً واضحة، فاسأل ـ إن شئتَ ـ أهل البجادية، وبعض قرى عقلة الصقور، وغيرها إلى أن حطّ رحاله في بلده ومسقط رأسه (محافظة المذنب) فكان هذا تحولاً نوعياً في برامجه العلمية والدعوية، وانطلاقة متميزة في طريق الدعوة، علماً أنه استمر في تواصله مع طلابه ومحبيه في تلك المدن والقرى التي غرس فيها غرسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
عذراً، فلستُ أترجم لشقيق روحي ـ فهذا له أوانه لاحقاً إن شاء الله ـ ولكن أردتُ بهذا الإجمال الشديد، أن ألج إلى الحديث عن أبرز معالم التميز في حياته ـ رحمه الله ـ إذ هي بيتُ القصيد في هذه العجالة، وذلك فيما يلي:
1 ـ سلامة صدره لإخوانه، فهو لا يحمل إلا الحب والمودة، بل لو أردته أن يحمل غير ذلك ما قدر، ولا يجد في نفسه خصاصة، ولا حسداً، بل ـ والله ـ إنه لأعظم الناس فرحاً بما يكتبه الله على يد أحد إخوانه من خير في العلم والدعوة.
2 ـ حدبه على الدعوة، ونشاطه الكبير فيها، وحرقته على هداية الناس ـ والشباب خصوصاً ـ وأكثر ما تراه ضائق الصدر إذا علم بانتكاسةِ شابٍ أو انحرافِ مهتدٍ، وكان كثيراً ما يردد: نسأل الله الثبات، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، خصوصاً إذا جاء الحديث عن بعض الشباب الذين أصابتهم لوثة من شبهة أو شهوة.
وهذا الموضوع ـ أعني بذله لنفسه في الدعوة ـ يحتاج إلى بسط يليق بسيرته الحافلة ـ ليس هذا مقامه ـ، ولكني أشهد الله أنني لا أعرف أحداً من أصحابنا وفي بلدنا ـ على مرّ ثلاثين سنة ماضية ـ من يجتهدُ جهدَه، ولو شئتَ لقلتَ فصدقتَ: إن العين لم تخطئ هذا الرجل في أي ميدان من ميادين الدعوة المتاحة له: خطيباً، أو معلماً في درس العلم، أو مواسياً للمحتاج، أو مشاركاً في لجنة خيرية، أو منشطٍ دعوي.
3 ـ احتسابه على المنكرات بالحكمة والموعظة الحسنة، ووقوفه مع الإخوة الذين يتواصلون معه بهذا الخصوص.
4 ـ حرصهُ على الإخلاص، وإخفاء ما يستطيع من أعماله، لذا عرف بين إخوانه بأنه داعية خفيٌّ ـ ولا أزكيه على الله ـ ولعل جنازته كشفت عن شيء من ذلك، والأيام حبلى وستظهر بعض سيرته وخفايا أعماله، من خلال ما يجتمع لديّ من أخبار طلابه ومحبيه المقربين منه، خصوصاً في سنواته الأخيرة.
5 ـ صبره على تربية الشباب وتحمله مشاق هذا النوع من التربية، ولا يدرك هذا إلا من جرّبه وعاناه.
لقد كان الشيخ ـ رحمه الله ـ طيلة العقدين الماضيين حريصاً ـ مع بعض إخوانه ـ على الحج بالشباب الذين لم يسبق لهم أداء الفريضة، ولم تكن تلك الرحلة مجرد رحلة لأداء الفريضة فحسب، بل كانت رحلةً إيمانية، تربوية، تتجلى فيها معاشرة الشيخ الطيبة، وطيب أرومته، ولين عريكته، رحمه الله.
وأعرف عنه يقيناً لا أشك فيه، أنه كان ـ حتى آخر لحظة من حياته ـ يصرف من ماله كثيراً في سبيل الدعوة منذ أن وضع قدمه على هذا الطريق منذ عشرين عاماً تقريباً، مع قلة ذات يده في أوائل أمره، وبالذات قبل أن يستقر في سلك التعليم، بل كتب إليّ بعض المقربين أن سياراته التي كان يملكها إلى وقت قريب (هايلكس م 99) كانت تذهب إلى مكة والمدينة وغيرها من المناطق بدونه أكثر من ذهابها وهو يقودها بنفسه، فأي بذلٍ هذا؟! فضلاً عن صور أخرى لعلها تذكر في الترجمة المطولة.
6 ـ تواضعه الجم، وهضمه لنفسه في ذات الله تعالى، ظهر هذا لي بيقين في مواقف شتى، لعل الترجمة المطولة تتسع لذكر شيءٍ من ذلك ـ إن شاء الله ـ.
7 ـ زهده، ومعرفته بحقيقة الدنيا، فالشهرة لم تكن تعني له شيئاً أبداً، ولم يكن يبالي بكثير من المظاهر التي تستهوي الكثيرين من لداته وأترابه.
هذه الصفات والمعالم ـ وغيرها مما قد يخفى عليّ ـ أكسبته حبّ عشيرته، وزملائه في العمل وشركائه في الدعوة، وأهل بلده وغيرهم ممن عرفوه داعيةً، ناصحاً، باذلاً.
ووالله إني لا أحصي كم هي رسائل التعازي، والبريد الالكتروني، والمكالمات التي وصلتني تعزيني فيه ـ رحمة الله عليه ـ من أناس أعرفهم، وأكثرهم لا أعرفهم.
وسبحان الله! منذ أن جاءني خبر نعيه، وهذه الآية تلوح أمام ناظري: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب/23]، وليس هذا بعجيب، بل الأعجب أن كثيراً من الزملاء من طلاب العلم ذكروا لي هذا الشعور، فتعجبت من هذا التوارد!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل جنازته المهيبة ـ التي لا أذكر أنني رأيت مثلها في بلدنا ـ كشفتْ لكل الحاضرين شيئاً من حب الناس له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه ـ: "أنتم شهداء الله في الأرض"، حتى إن كثيراً ـ الذين جاءوا من خارج المحافظة ـ، تعجبوا من ظهور التفجع على أوجه الجميع ـ كما حدثني بذلك بعضهم ـ، وما هذا إلا قرينة على ما وضعه الله لهذا الشيخ المبارك من القبول والمحبة، وإنا لنرجو ـ إن شاء الله ـ أن تكون علامة قبول في السماء!
الله أكبر .. إنها المحبة والمودة التي لا يمكن أن تشترى، ولا أن يجامل الناس فيها، ولذا اشتهرت كلمة الإمام أحمد: قولوا لأهل البدع، بيننا وبينكم يوم الجنائز!
ومن أراد أن يطلع على شيء من مكانة الشيخ عند محبيه والذين عرفوه، فليقرأ التعليقات التي كتبت على آخر مقالٍ له، والذي نشر في موقع المسلم بعنوان: "صوم مودع" والذي نشر في 3/ 9/1429هـ.
بكيتك يا أُخَيَّ بدمع عيني ... فلم يغن البكاء عليك شيئاً
وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليومَ أوعظَ منك حياًومما يسلي النفس ـ وهي تودع حبيبها ـ أن الشيخ أبا حذيفة ـ رحمه الله ـ مات جسده، وبقي بدعوته، وآثاره الحسنة، وبصماته المتميزة.
ومن جميل صنع الله له، أن بادر ـ رحمه الله ـ إلى طبعِ جملةٍ من المقالات في كتاب أسماه: [أبواب في العلم والدعوة والتربية] وقد نشرته مكتبة طيبة، فضلاً عن عدد مبارك من المقالات التي نشرت في مجلة البيان ـ كان آخرها الذي نشر في مجلة البيان بعنوان: (معالم في طريق التوبة) في عدد رمضان الحالي ـ، ومقالاتٍ في موقع المسلم، وغيرها ذلك كثير.
كما أن للشيخ ـ رحمه الله ـ عدداً من الطلاب الذين أفادوا من علمه، وزرع فيهم مع العلم: الأدب والخلق، يرجى أن يخرج الله منهم عشرات يحملون همّ الدعوة إلى الله كما حمّلهم شيخهم هذا الهم قولاً وعملاً.
وإني لأرجو الله ـ وهو أهلُ الجود والكرم، وأنه عند حسن ظن عبده به ـ أن يكون لأبي حذيفة ـ رحمه الله ـ نصيبٌ مما تمناه وعبّر عنه في رسالته "أوراق دعوية" حيث قال: "فلله! كم للدعاة من أجر يتتابع عليهم في حياتهم وبعد مماتهم؟! يأتون يوم القيامة، فإذا حسنات كالجبال لايذكرون أنهم فعلوها، لكنهم كانوا السبب فيها" اهـ.
نعم أبا حذيفة .. لن تنساك عقلة الصقور .. ولا البجادية .. ولا بلدك التي كنت باراً بها تمام البر، فوالله لو نطقت جميعة تحفيظ القرآن، أو معهد معلمات القرآن، والمراكز الصيفية لشهدت لك بأنك كنت عضواً فاعلاً فيها.
وأهمس ـ في ختام هذه الأسطر ـ في آذان إخوتي من محبي الشيخ من زملاء وطلاب، وأذكرهم بأن من عظمة هذا الدين أنه لم يربط أتباعه، ولم يعلق انتصاره بأشخاص مهما عظمت مكانتهم، حتى لو كان ذلك الشخص هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران/144].
يقول العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ معلقاً على هذه الآية: (وفي هذه الآية الكريمة إرشادٌ من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه، فقدُ رئيس ولو عظم، وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه، إذا فقد أحدهم قام به غيره، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس، فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم) انتهى كلامه رحمه الله.
أرجو أن يكون في هذه الأسطر ما يكشف شيئاً من سيرة صديقنا وحبيبنا وأخينا الداعية الصادق، والمربي الفاضل أبي حذيفة: إبراهيم بن صالح الدحيم رحمه الله، ولعل الله تعالى أن ينسأ في الأجل لكتابة مطولة كما وعدت بذلك في أول المقال.
اللهم اغفر لأبي حذيفة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه.
سلام عليك أبا حذيفة يوم ولدت، وسلام عليك يوم مت، وسلام عليك يوم تبعث حياً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيد الدعاة والمصلحين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: http://www.almoslim.net/node/99442.
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 05:51]ـ
رحمه الله رحمة واسعة
ـ[قسوره]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 07:16]ـ
رحمك يا شيخنا وأسكنك فسيح جناته ...
سيفقدك طلابك .. وسيفقدك جامعك .. وسيفقدك أهل المذنب كلهم ...
فرحمك الله ومن معك من طلابك ...
آمين ...
(/)
من يمدنا بموضوع رساله ما جستير لم يسبق اليها ?
ـ[بين المحبرة والكاغد]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 10:54]ـ
من يمدنا بموضوع رساله ما جستير لم يطرق من قبل والحاجه اليه ماسه
بارك الله فيكم جميعا
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 11:56]ـ
في أي تخصص وفقك الله؟
ـ[بين المحبرة والكاغد]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 12:46]ـ
في أي تخصص وفقك الله؟
بورك فيك
في اي تخصص شرعي
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 02:34]ـ
(فقه)
- الأحكام الشرعية المتعلقة بشبكة الإنترنت واستعمالها.
- شروط الاجتهاد بين التقعيد النظري والثقافة المعاصرة.
- التجديد في طرق الدعوة في الفضائيات ومدى توافقه مع التأصيل الشرعي.
- أثر التطور التقني (التكنولوجي) في اجتهادات المعاصرين.
(أصول)
- الظن والقطع عند الأصوليين ومدى توافقه مع مفهوم السلف.
- تحقيق مذهب الحنابلة متقدمهم ومتأخرهم في الاحتجاج بالحديث الضعيف.
- الروايات الضعيفة في المذهب وعلاقتها بالمفردات.
(حديث)
- جهود الحنابلة المتأخرين في الصناعة الحديثية.
(تفسير)
- المعتمد عند متأخري الحنابلة في تفسير آيات الأحكام.
ـ[بين المحبرة والكاغد]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 03:02]ـ
بورك فيك
وهل جميعها لم تطرق
اظن البحث الخاصه بالشبكه واحكامها بحث من قبل
مارايك ياشيخ هل سمعت به
وهل هناك موضوع في البيوع الحديثه لم يطرق
او في الطب
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 03:12]ـ
حتى لو طرقت يا أخي الفاضل، فإن مجال الإنترنت يزداد اتساعًا يوما بعد يوم، ويمكنك دوما أن تجد روافد جديدة للبحث.
وأما مجال البيوع فيمكنك أن تبحث في البدائل الشرعية للمعاملات المعاصرة.
قد تجد شيئا في هذا الباب، ولكنه لن يشمل كل المعاملات المعاصرة.
ـ[خلوصي]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 05:37]ـ
"الإيمان و فقه التغيير "
دراسة ميدانية عبر الجماعات الإيمانية!؟
بتقديم:
خلوصي الفقير العاجز
:)
.
(/)
نقاش: حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه ودلالته على كفر مشرع القوانين الوضعية
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[19 - Sep-2008, صباحاً 02:05]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام نريد منكم أن تناقشوا هذه المسالة وهي (حديث الرجل الذي تزوج امرأة أبيه وما صحة الإستدلال به على كفر المشرع للقوانين الوضعية)
وسوف أضع لكم ما عندي حول هذه المسالة
فأقول مستعيناً بالله تعالى: هو حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال:- مر بي عمي الحارث بن عمرو ومعه لواء قد عقده له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فسألته، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب عنق رجل تزوج امرأة أبيه) إهـ.
يقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه نواقض الإيمان القولية والعملية عن هذا الحديث: ( .. أخرجه أحمد 4/ 292، وأبو داود ح (4456)، والنسائي (6/ 90)، وابن ماجه 2/ 869، وحسنه ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود 6/ 226، وصححه الألباني في إرواء الغليل 8/ 18،
وانظر: مجمع الزوائد 6/ 269.) إهـ.
ثانياً: يقول ابن جرير في شرح حديث البراء: ( .. وكان الذي عرس بزوجة أبيه متخطياً بفعله حرمتين، وجامعاً بين كبيرتين من معاصي الله، إحداهما: عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله:- {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء، آية 22]. والثانية:- إتيانه فرجاً محرماً عليه إتيانه، وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه عقده عليه بنص كتابه الذي لا شبهة في تحريمها عليه وهو حاضره، فكان فعله ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما آتاه به عن الله تعالى ذكره، وجحوده آية محكمة في تنزيله … فكان بذلك من فعله حكم القتل وضرب العنق، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وضرب عنقه؛ لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام) إهـ تهذيب الآثار 2/ 148
ويقول الإمام الطحاوي في شرح هذا الحديث: ( .. إن ذلك المتزوج فعل ما فعل على الاستحلال، كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتداً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد.) إهـ شرح معاني الآثار 3/ 149
ويقول ابن كثير رحمه الله عن هذا النكاح: ( .. فمن تعاطاه بعد هذا فقد ارتد عن دينه، فيقتل ويصير ماله فيئاً لبيت المال.) إهـ تفسير ابن كثير 1/ 444،
وقال الشوكاني رحمه الله: ( .. والحديث فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعياً من قطعيات الشريعة كهذه المسألة، فإن الله تعالى يقول: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء، آية 22]، ولكنه لا بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وسلم بقتله عالم بالتحريم وفعله مستحلاً، وذلك من موجبات الكفر) إهـ نيل الأوطار 8/ 322
ويقول القاضي أبو العباس الهنتاني رحمه الله في كتابه مطالع التمام ونصائح الانام معلقاً على حديث الرجل الذي عرس بزوجت أبيه: ( .. السادس: الحديث: "أصبت عمي ومعه راية ... "
قال: خرج النسائي فيما نقل عنه ابن بزيزة في شرح الأحكام عن البراء بن عازب قال:"أصبت عمي ومعه راية، فقلت: أين تريد، فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله. فقال ابن بزيزة: هذا الحديث يدل على أن للإمام أن يجتهد ويعاقب بحسب ما يراه في الدماء والأموال.
أقول: الكلام عليه من وجوه
الأول: إن النسائي ذكر عقوبة من أتى ذات محرم وذكر اختلاف الناقلين لخبر البراء بن عازب فيه، فذكره من رواية أبي الجهم عن البراء، ومن رواية عدي بن ثابت عن البراء. ونص الأول: أنا هناد بن السري عن أبي زيد عن مطرف عن أبي الجهم عن البراء، وذكر كلمة معناها: "إني لأطوف في تلك الأحياء على إبل لي ضلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رهط معهم لواؤهم، فجعل الأعراب يلوذون بي، لمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخرجوا رجلا فضربوا عنقه، فسألت عن قصته فقيل: عرس بامرأة أبيه
(يُتْبَعُ)
(/)
ونص الثاني: أنا يحيى بن حكيم البصري قال: فأحمد بن جعفر قال: ناشعبة عن الربيع بن البراء بن الربيع عن عدي بن ثابت قال: "مر بنا ناس ينطلقون فقلنا لهم: أين تريدون؟، قالوا: بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يأتي امرأة أبيه أن نقتله.
أنا أحمد بن عثمان بن حكيم الكرمي قال: حدثنا أبو نعيم قال: نا الحسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت قال:"لقيت خالي ومعه الراية، فقلت، أين تريد؟، قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله. وفي مثله وفي مسند ابن أبي شيبة على ما نقله الشيخ أبو عبد الله محمد بن فرج بن الطلاع في كتاب الأقضية.
وفي النسائي أيضا: أخبرنا محمد بن رافع قال: نا عبد الرزاق قال: نا معمر عن أشعث عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: "لقيني عمي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟، فقال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه فأمرني أن أقلته وهذا جميع مانقلته في هذا الفصل عن البراء، وليس فيه ذكر أخذه ماله بوجه.
وكذلك خرجه الترمذي في كتاب الأقضية: عن سعيد بن الأشج نا خفص بن غياث عن أشعث عن عدي بن ثابت عن البراء قال:"مر بي خالي أبو بردة ومعه لواء، فقلت: أين تريد، فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن آتيه برٍأسه"، فلم يذكر أيضا الترمذي أخذ ماله بوجه. قال أبو عيسى: حديث البراء حسن غريب. وقد روى محمد بن اسحاق عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن البراء عن أبيه، وروي عن أشعت عن يزيد بن البراء عن خاله.
الثاني: إن الحديث في سنن أبي داود قال حدثنا احمد بن قسيط الرضى قال: نا عبد الله بن عمرو عن يزيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: لقيت عمي ومعه ثلاثة فقلت: أين تريد؟، فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله"
نعم، في النسائي: أخبرنا العباس بن محمد الدوري قال: نا يوسف بن منزل قال: نا عبد الله بن ادريس قال: نا خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله قال ابن الطلاع: وفي غير الكتابين، يعني لنسائي ومسند أبي شيبة: "أن أجيء برأسه وأستفيء ماله". قال: وفي كتاب الصحابة لابن السكن، وذكره أيضا ابن أبي خيثمة: أن خالد بن أبي كريمة حدث عن معاوية بن قرة عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله"، قال يحيى بن معين: هذا حديث صحيح
الثالث: الحديث ذكره عبد الحق عن النسائي وابن بزيزة شارح كتابه، فلا معنى لنقله عن ابن بزيزة وهو موجود في الأم.
الرابع: إنه لاحجة في هذا الحديث على العقوبة بالمال لوجوه:
الأول: لو يقل بظاهر الحديث إلا أهل الظاهر وأحمد، وأما غيرهم فمن قائل بالحد المعروف مالك والشافعي وأبي حنيفة وسفيان والحسن البصري وأبي يوسف ومحمد ابن الحسن، ولايرون العقوبة شبهة تدرأ عنه الحد. وقال سفيان يدرأ عنه الحد إذا كان التزويج بشهوده. وقال ابو حنيفة يعزر ولايحد. فهذا يمنع الاستدلال على إثبات العقوبة بالمال في هذا الحديث على أن يجعل مذهبا لمالك ومن ذكر معه.
الثاني: إن هذا على خلاف القاعدة المعلومة من حد الزاني إجماعا. إن الزاني كان غير محصن فحده الجلد إجماعا، وإن كان محصنا فحده الرجم إجماعا، قال أبو عمر بن عبد البر: والسنة أن الزاني إذا لم يحصن حده الجلد، وأجمعوا أن المحصن من الزناة حده الرجم. قاله في حديث العسيف. وقال أيضا فيه، ونقل ابن القطان أن الإجماع في حد الزنا إذا لم يحصن الجلد دون
الرجم، ولا خلاف بين الأئمة فيه، قال الله تعالى:"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وأجمعوا أن هذا الخطاب يدخل فيه الأبكار.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الإشراف لابن المنذر نقله عنه ابن القطان أيضا: وثبتت الأخبار عن رسوله الله صلى عليه وسلم أنه أمر بالرجم ورجم. فالرجم ثابت بسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم باتفاق عوام أهل العلم، مالك وأهل المدينة والاوزاعي وأهل الشام والثوري وأهل العراق، وهو قول عوام أهل القياس وعلماء الامصار وفي الاستذكار أيضا، ونقله ابن القطان: وأجمع الجمهور من الصحابة ومن بعدهم أن المحصن حده الرجم، واختلفوا هل الجلد معه، وأما المبتدعة كالخوارج والمعتزلة فلا يرون رجم الزاني وأن أحصن ذلك، وإنما حده الجلد. ولايعرج عليهم، ولا يعتبر خلافهم وإذا ثبت الإجماع على أن البكر تجلد فقط، والثيب المحصن ترجم، فهذا الحد الوارد في الحديث على خلاف هذا الإجماع، فهو متروك العمل، فلا يكون حجة، لان ضرب العنق هو الذي ثبت فيه.
الثالث: إن الظاهر أن هذا كان مستحيلا لذلك، فيكون باستحلاله مرتدا. والدليل عليه أنه مذهب أهل الجاهلية. كان أحدهم يرى أنه أولى بامرأة أبيه من الأجنبي فيرثها كما يرث ماله، فقتل للردة وأخذ ماله، لأنه لا يرثه ورتثه. وأيضا بمخالفة حد الزنا فيه من الجلد والرجم دليل على ذلك. وأيضا فقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على جماعة، وإقامة الصحابة بعده، ولم يأخذوا شيئا من أموالهم، ولا أقامه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أقاموه في الزنا قط بضرب العنق، فدل هذا على أنه أمر وراء الزنا.
الرابع: أن هذا لو كان حدا للزنا لا للردة، لكان الزنا الصرف الذي لا عقد نكاح فيه أولى مما فيه عقد النكاح، ولو كان على محرم، والدليل على هذه الأولوية أن من العلماء من لم ير إقامة الحد في نكاح ذات المحرم، قال أبو حنيفة: يعزر و لايحد، وقال سفيان: إذا كان شهود لا يحد. فهذا قد اختلف العلماء في أنه زنا أولا. فإذا وقع التغليط في ذلك بضرب العنق وأخذ المال، فما كان من زنا مجمعا عليه لا عقد فيه يوجب الشبهة عند قائل أولى أن يؤخذ فيه بذلك، ولم يقل أحد بذلك.
لايقال: أن هذه الحرمة زوجة الأب، وقوة ذلك عما سواه من الزنا بالأجنبية لتأكد الحرمة.
لأنا نقول: ولنفرض ذلك فيما إذا زنى بأمه، فإن من قال بضرب العنق وأخذ المال هو أحمد وإسحاق، وما قالا بذلك إلا في نكاح ذات المحرم، اتباعا للظاهر وقصر الحكم عل موردها.
لايقال: أن النكاح الوارد في الحديث المراد به الوطء لا العقد.
لأنا نقول: ذلك مردود، لأن من طرق حديث البراء ما رواه أبو داود قال: نا مسدد قال: حدثنا خالد بن عبد الله نا مطرف عن أبي الجهم عن البراء بن عازب قال: بينما أنا أطوف على ابل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معه لواء، فجعل الاعراب يطيفون بي لمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلا فضربوا عنقه. فسألت فذكروا أنه عرس بامرأة أبيه. قال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن: أن قوله في الحديث عرس كناية عن النكاح والبناء على الأهل، وحقيقته الإلمام بالعروس بليل، ويدل على أن المراد بالنكاح العقد. أن أحمد بن هشام الحميدي نا أحمد بن عبد الجبار العطاردي نا حفص بن غياث عن أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: مر بي خالي ومعه لواء فقلت: أين تذهب؟ قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه آتيه برأسه. قال: فهذا قد جاء بلفظ التزويج كما ترى لذلك أتى أيضا في الترمذي بلفظ التزويج كما سبق.
لايقال: لو جاز تأويل القتل بالاستحلال لجاز تأويل الرجم بالاستحلال، فقد كان أهل الجاهلية يستحلون الزنا.
لانا نقول: علم من الكتاب والسنة والإجماع أن الرجم على من أحصن من المسلمين، ولرجم من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان والتوبة التي أحد مقامات اليقين، فلا محوج إلى التأويل، ثم لا مصحح له، لو تأول لما صح وثبت بالوجوه السابقة من رجم من أحصن من المسلمين.
السادس: مما يدل على استحلاله أنه عقد النكاح وبنى بامرأة أبيه، ولو كان غير مستحل لقدم على هذه المعصية كما يقدم سائر العصاة على المعاصي في تستر وتخف، لا بإشهاد على ما راموه من ذلك الإشهار له، والعقد ليس مما يخفى.
(يُتْبَعُ)
(/)
السابع: إن في أحد الحديث: وأستفيء ماله، فلو كان مسلما لم يسم ماله فينا قال الله تعالى:"وما أفاء الله على رسوله منهم"الآية ولا تجد في كتاب الله ولا سنة رسوله تسمية مال المومن فينا، وذلك لمعنى صحيح وهو أن معنى أفاء في اللغة: رجع، وأفاء: أرجع، فما أخذ من مال الكفار يسمى فيئا، لأنه برجوعه إلى المؤمنين رجع إلى مقره وأصله ومحل ملكه. والدليل عليه قوله تعالى:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الزرق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا، ووجه الدلالة أن المراد بالعباد المخرج ذلك الرزق والزينة لهم المومنون، بدليل قوله: "قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا"، واللازم لام التمليك، فدل أيضا على أن تلك الزينة وطيبات الرزق مقرون بالإيمان، فما حصل بأيدي الكفار لم يحصل على وجه الإذن الشرعي، إنما هو بالتقدير والقضاء، كما يقع غير ذلك مما هو جار على المنهاج الشرعي، ولما أراد الله من عمارة العالم وابتلاء البعض بالبعض، فّإذا انفصل شيء من أموال الكفار عن أمر منهم إلى المسلمين، فقد رجع الملك إليهم فيسمى فيئا، أي راجعا لهذا المعنى. أنا المؤمن فما بيده من مال مأذون له فيه شرعا، ما لم يكتسبه من وجه غير جائز، فإذا أخرج من يده، فلا معنى لتسميته فيئا، ولذلك لا يطلق هذا الاسم على المواريث، بل ولا على الأموال الضائعة التي لا يعلم مالكها من أهل الإسلام، كأموال المستغرقين. وإنما اختلف العلماء هل يكون حكمها حكم الصدقات أو حكم الفيء، أما إطلاق الفيء على ذلك، فلم يقل به أحد من الناس.
الثامن: إن في حديث معاوية بن قرة عن أبيه جد معاوية ضرب عنقه وخمس ماله، والخمس مخصوص بما أغنم من أموال الكفار لا ما أخذ من أموال المسلمين، ورجال الحديث مشهورون، وهذا أيضا يدل على أن الفاعل لذلك مستحل كافر.
فان قلت: هي قصة واحدة وهما قصتان، فإن كانا قصة واحدة فما الجمع بين مختلف الحديثين؟، وإن كانا قصتين، فما وجه التفريق بين حكميهما والجناية واحدة؟.
قلت: يحتمل أن تكون القصة واحدة، ولكون جد معاوية مرسل مع البراء، وهما مأموران معا، فقد كانوا جميعا وعقدوا الراية، فلا تنافي حينئذ بين أمر البراء وجد معاوية. وأما قول البراء: وأخذ ماله، ومرة قال: وأستفيء ماله، وقول معاوية: وخمس ماله، أطلق مجازا على أخذ المال، على أن المأخوذ منه المال كافر، وهو وإن مرة يؤخذ على وجه الفيء، ومرة على وجه الغنيمة التي تخمس، فذلك لا يمنع إطلاق اسم أحدهما على الآخر، فتكون الحقيقة: أخذه فيئا ثم استعير له اسم الغنيمة، ولم يصرح بتلك الاستعارة، وإنما كنى عنها بقوله: وخمس ماله. وهذا بناء على أن ما أخذ من مال المرتدين ولو تحيزوا بدراهم على وجه القتال والإيجاف بالخيل والركاب يكون فيئا، ولايغنمون كما لايسبون ولايسترقون، ويحتمل العكس، وهو أن يكون قول البراء: وآخذ ماله، وأستفيئ ماله المراد به أخذه على وجه الغنيمة، كما يفعل بأهل الحرب غير المرتدين، فيرجع بهذا التأويل إلى قول معاوية بن قرة: وخمس ماله.
وهذا بناء على أموالهم تغنم ويسبون، وتكون أرضهم فيئا كعبدة الأوثان من العرب، لأن دراهم صارت بالردة دار حرب، والقولان للعلماء في هذه المسألة. وهذا بناء على أن أخذ مال هذا المستحيل احتاج للإيجاف، بقرينة الجمع له والراية التي تدل على نصب القتال. ويحتمل أن تكونا قصتين، وأن قصة البراء: آخذ فيها جميع المال، لأن المأخوذ عنه ذلك مرتد لم يحتج إلى قتال، فكان ماله فيئا لا يفتقر إلى خمس، كأموال المرتدين، غيره، وقصة جد معاوية بن قرة افتقر فيها إلى نصب قتال وكان المأخوذ غنيمة فخمس.
إنا قد جمعنا لك الألفاظ التي قد ورد الحديث بها فيما وجدناه واحتج به هذا المحتج، وليس في شيء منها أن الرجل المبعوث إليه كان مسلما. ولعله كان من الأعراب الذين لم يسلموا بعد، أو هو بنفسه ظهر أنه لم يلتزم شرائع الإسلام من قبل بما أظهر من هذا الفعل الجاهلي، وهو نكاح امرأة أبيه، فلم يكن عنده عهد يمنعه، ولا إسلام يعصمه فأبيح دمع وماله. بل نقول: إنه الظاهر من الوجوه التي سلفت، وكونه أعرابيا أقدم على هذا الصنع خرج عن صنائع أهل الإسلام، وحملت الراية في الخروج إليه، وضربت عنقه، ولم يجد حد الإسلام، وأخذ ماله، وما صنع ذلك بمسلم واتبع معصية الزنا في ذات محرم ولا غير هذا.) إنتهى
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[25 - Sep-2008, صباحاً 06:10]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هذا الحديث مما يمكن أن يستدل به على كفر من أجاز المنكرات في بلاده حسب دستور الدولة.
فمثلاً .. الحاكم الذي يُلزم المؤسسات أو الأفراد بأخذ تصريح من الدولة حتى تجيز لهم فتح الخمارات أو المصارف الربوية، فهذا يجعل الحرام حلالاً وفق الدستور .. لذلك تسمى هذه المؤسسات: مؤسسات شرعية، وهي محمية بنص الدستور، وأخذت شرعيتها منه.
وهذا ما فعله الذي نكح امرأة أبيه .. فإنه قد جعل الحرام المجمع عليه حلالاً عندما عقد عليها، حيث إنه في الإسلام لا يحل فرج المرأة إلا بعقد النكاح .. فمن عقد على من لا تحل له بحال، فقد أحلّ حراماً مجمعاً عليه .. فكفر بذلك.
هذا، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Sep-2008, صباحاً 01:21]ـ
راجع نواقض الإسلام للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب
من ظن أن حكم غير محمد صلى الله عليه و سلم خير من حكمه أو أن هديه خير من هدية
هذا ظن أن هدي غير الرسول صلى الله عليه و سلم خير من هديه فارتد بذلك و لم يعذر بالجهل لأنه معلوم من الدين بالضرورة
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[26 - Sep-2008, صباحاً 04:48]ـ
بارك الله في الإخوة الموحدين و جازاكم الله خيرا
المشرع كافر ابتداءا حيث أنه ادعى خاصية من خصوصية الله عز وجل وهي التشريع, فعموما تجد المشرع يعترف أنه مشرع بل هو مقتنع بذلك و يحارب من أجل ذلك بلسان الحال.
ثم إن ما يسمى بالديمقراطية {وهي الوثنية المعاصرة} كفرها واضح ابتداءا من اسمها الإغريقي ومن تعريف أرباب السياسة لها وهي حكم الشعب, فأي كفر فوق هذا الكفر أن تنسب السيادة للشعب, ثم يأتي البعض من العصرانيين و غيرهم و يلبسون الديمقراطية لباس إسلاميا و يسمونها شورى, سبحان الله. و يكأننا سذج و أغبياء لا نفهم المصطلحات و المعاني.
نسأل الله أن ينصر الإسلام و المسلمين في كل مكان و أن يأخذ أعداء الدين من اليهود و الصليبيين و الشيوعيين و الديمقراطيين و غيرهم من ملل الكفر أجمعين.
(/)
ما توجيه السادة العلماء لهذا الكلام؟
ـ[حرملة]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 02:18]ـ
ما توجيه السادة العلماء لما نقله الذهبي في السير من أن الحافظ صالح جزرة قال وقد اشتدت عليه الحمى: بأبي أنت يارسول الله ما كان أقل بصرك بالطب!؟ ولم يرق لبعض الشيعة ما اعتذر له الذهبي فقالوا وهل كل من أساء التطبب واشتدت حماه قال كلمة كهذه في حق الرسول.
(/)
أيها الحبيب .. ترفق .. لا ترحل .. أما تسمع أنين المحبين لك؟!
ـ[بنت خير الأديان]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 03:57]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
أيها الحبيب .. ترفق .. لا ترحل .. أما تسمع أنين المحبين لك؟!
جمع وإعداد الفقير إلى الله أبو مسلم وليد برجاس
http://download.media.islamway.com/several/194/03.rm
http://www.al-awl.com/vcard/images/thm_2006-09-19_230019.gif
يا شهر رمضان ترفق دموع المحبين تدفق.
قلوبهم من ألم الفراق تشقق.
عسى وقفة للوداع تطفي من نار الشوق ما أحرق.
عسى توبة ساعة و إقلاع ترقع من الصيام ما تخرق.
عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق.
عسى أسير الأوزار يطلق.
عسى من استوجب النار يعتق.
فيجبر مكسور ويقبل تائب ويعتق خطاء ويسعد من شقي
رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟!
كنا بين قارئ وصائم ومنفق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع.
رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تغفر،
كنت للمتقين روضةً وأنساً، وللغافلين قيداً وحبساً،
كيف ترحل عنا وقد ألفناك وأحببناك؟!
رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
ذرِ الدموعَ نحيباً و ابكِ من أسفٍ ... على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ
على ليالٍ لشهرِ الصومِ ما جُعلَتْ ... إلا لتمحيصِ آثامٍ و أوزارِ
يا لائمي في البُكا زدني به كَلفاً ... و اسمع غريبَ أحاديثٍ و أخبارِ
ما كان أحسنُنا و الشملُ مجتمعٌ ... منَّا المصلِّي و منَّا القانتُ القارِي
أياما معدودات
قال عز وجل {يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} (النور 44)،
فبالأمس القريب كنا نتلقى التهاني بقدومه ونسأل الله بلوغه،
واليوم نودعه بكل أسىً، ونتلقى التعازي برحيله،
فما أسرع مرور الليالي والأيام، وكر الشهور والأعوام،
والعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت، فهيهات أن تعود مرة أخرى.
قال عمر بن عبد العزيز: " إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما "
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي "
سوق قام ثم انفض؟!!
قال الحسن البصري: (إن الله جعل رمضان مضمار لخلقه؛ يتسابقون فيه بطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون و يخسر المبطلون)
رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، فلله كم سجد فيه من ساجد؟ وكم ذكر فيه من ذاكر؟
وكم شكر فيه من شاكر؟ وكم خشع فيه من خاشع؟ وكم فرط فيه من مفرط؟ وكم عصى فيه من عاص؟.
إذا ارتحل رمضان، فما أسعد نفوس الفائزين، وما ألذ عيش المقبولين، وما أذل نفوس العصاة المذنبين، وما أقبح حال المسيئين المفرطين!!.
كان سلفنا الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم، ثم يدعونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فتكون سنتهم كلها في ذكر هذا الشهر
سَلامٌ مِنَ الرَّحمنِ كُلَّ أَوَانِ ... عَلَى خَيرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ
سَلامٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيامِ فَإنَّهُ ... أَمَانٌ مِنَ الرَّحمنِ أيُّ أَمَانِ
تَرَحَّلْتَ يَا شَهْرَ الصِّيَامِ بِصَومِنَا ... وَقَد كُنتَ أَنوَارَاً بِكُلِّ مَكَانِ
لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الزُّهْرُ بَغْتَةً ... فَمَا الحُزْنُ مِن قَلْبِي عَلَيكَ بِفَانِ
عَلَيكَ سَلامُ اللهِ كُن شَاهِدَاً لَنَا ... بِخَيرٍ رَعَاكَ اللهُ مِن رَمَضَانِ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسرولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له كل مايلتذ به من المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة).
العبرة بالخواتيم
كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يحملون همّ قبول العمل أكثر من همّ القيام بالعمل نفسه.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ( http://java******<b></b>:ShowAyah('arb','23','60')) }( المؤمنون 60)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال عبد العزيز بن أبي رواد:
أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوا وقع عليهم الهم! أيقبل منهم أم لا؟
و قال علي رضي الله تعالى عنه:
[كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل،
ألم تسمعوا لقول الحق عز وجل: " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ " [المائدة:27]].
و قال مالك بن دينار:
[الخوف على العمل ألا يتقبل .. أشدّ من العمل].
أيها المقبول هنيئاً لك،
أيها المردود جبر الله مصيبتك
http://img166.imageshack.us/img166/8462/ramm42on8.jpg
عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال:
[من هذا المقبول منا فنهنيه؟ ومن هذا المحروم منا فنعزيه؟].
أيها المقبول هنيئاً لك! أيها المردود جبر الله مصيبتك!
ليت شعري من فيه يقبل منا فيهنأ .. يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول أرغم الله أنفه بخزي شديد
فالعبرة بالخواتيم،
قال تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً} (سورة النصر)،
وأمر بذلك الحجيج بعد قضاء مناسكهم وانتهاء أعمال حجهم فقال سبحانه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( http://java******<b></b>:ShowAyah('arb','2','199'))} ( البقرة 199).
فإن من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها،
ومن علامات ردها العودة إلى المعاصي بعد الطاعات،
وقد ضرب الله عز وجل في كتابه مثلاً لمن حسن عملُه
ثم انقلب على عقبه بعد ذلك،
وبدل الحسنات بالسيئات عياذاً بالله،
قال سبحانه: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ( http://java******<b></b>:ShowAyah('arb','2','266'))} ( البقرة 266)،
فمثله كمثل شيخ كَبُرَ سِنُّه وضعف جسمه ولم يعد قادراً على العمل والتكسب ولديه صبية ضعفاء يحتاجون إلى رعايته، ولا يملك سببا للرزق إلا بستاناً من أجمل البساتين خضرة وبهاء،
وفيه من النخيل والأعناب والثمرات والماء الجاري وغير ذلك مما يُمتع الأنظار، وتُسرُّ له النفوس، وفي الوقت الذي اشتدت حاجته إليه وتعلق قلبه به أتى بستانه إعصار فيه نار فأحرق ما به من زرع وثمار،
قال ابن عباس: " ضُربت لرجل غني يعمل بطاعة الله، ثم بعث الله له الشيطان، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله " رواه البخاري.
إن من خالط الإيمان بشاشة قلبه لا يمكن أن يهجر الطاعات، بعد أن ذاق حلاوتها وشعر بأنسها ولذتها،
ولما سأل هرقل أبا سفيان عن المسلمين، هل يرجعون عن دينهم بعد أن دخلوا فيه؟،
قال أبو سفيان: لا،
قال هرقل: وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
فيا من أَلِف الحق .. تمسك به هُديت .. ، واستمر عليه
علامة قبول رمضان
أن تصل بعد الطاعة إلى رضا المعبود،
و علامة الصدود أن تبعد - بالمعصية - عن المقصود.
من علامات قبول العمل المواصلة فيه، والاستمرار عليه .. فاحكم أنت على صيامك ..
أمقبولٌ أم مردود؟!!!
وقد سئلت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: " كان عمله ديمة "
أي مستمراً، كالمطر الدائم الذي لا ينقطع،
وتذكر أن عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله،
وللحسنة أولاد .. وللسيئة أولاد
ما أحسن الحسنة بعد الحسنة و أقبح السيئة بعد الحسنة.
ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها.
النكسة أصعب من المرض الأول.
ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة
وما أفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة.
{فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
من تكرر منه نقض العهد أيوثق بمعاهدته؟!
قال الحسن البصري رحمه الله: " إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ قوله عز وجل: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} (الحجر 99).
• القلب ينشط للقبيح ... وكم ينام عن الحسن
(يُتْبَعُ)
(/)
يا نفس ويحك ما الذي ... يرضيك في دنيا العفن؟!
أولى بنا سفح الدموع ... و أن يجلبنا الحزن
أولى بنا أن نرعوي ... أولى بنا لبس (الكفن)
أولى بنا قتل (الهوى) ... في الصدر أصبح كالوثن
فأمامنا سفر طويل ... بعده يأتي السكن
إما إلى (نار الجحيم) ... أو الجنان: (جنان عدن)
أقسمت ما هذي الحياة ... بها المقام أو (الوطن)
فلم التلوّن و الخداع؟ ... لم الدخول على (الفتن)؟!
يكفي مصانعة الرعاع ... مع التقلب في المحن
تبا لهم من معشر ... ألفوا معاقرة (النتن)
بينا يدبّر للأمين ... أخو الخيانة (مؤتمن)!
تبا لمن يتملقون ... و ينطوون على (دخن)
تبا لهم فنفاقهم ... قد لطّخ (الوجه الحسن)
تبا لمن باع (الجنان) ... لأجل (خضراء الدمن)
الخاسرون فى رمضان
في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال:
(آمين .. آمين .. آمين .. قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين. آمين. آمين. قال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له؛ فدخل النار فأبعده الله - فكم هم أولئك المبعدين عن رحمة الله؟ - قل: آمين. فقلت: آمين ... ) الحديث.
متى يزرع من فرط في وقت البذار، فلم يحصد غير الندم والخسار؟!
مساكين هؤلاء! فاتهم رمضان وفاتهم خير رمضان؛ فأصابهم الحرمان وحلت عليهم الخيبة والخسران،
قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، لا صيام ينفع ولا قيام يشفع، قلوب كالحجارة أو أشد قسوة، حالها في رمضان كحال أهل الشقوة،
لا الشاب منهم ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينزجر فيلحق بالصفوة.
أيها الخاسر! رحل رمضان وهو يشهد عليك بالخسران؛
فأصبح لك خصماً يوم القيامة!
رحل رمضان وهو يشهد عليك بهجر القرآن؛ فيا ويل من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان! فيا من فرط في عمره وأضاعه!
كيف ترجو الشفاعة؟ أتعتذر برحمة الله؟
أتقول لنا: إن الله غفور رحيم؟
نعم.
لكن " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ " [الأعراف:56]
العاملين بالأسباب .. الخائفين المشفقين.
سئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولا يشهد الجمعة والجماعات، فقال رضي الله تعالى عنه: [هو في النار].
فيا أيها الخاسر! نعم. رحل رمضان وربما خسرت خسارةً عظيمة، ولكن الحمد لله، فما زال الباب مفتوحاً والخير مفسوحاً، وقبل غرغرة الروح، ابكِ على نفسك وأكثر النوح، وقل لها:
ترحل الشهر وا لهفاه وانصرما ... واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً ... مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار ... فما تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته ... في شهره وبحبل الله معتصما
لا تكن كنتيا
يروى أن الإمام الصنعاني عبد الرزاق سأل يوماً معلمه معمر بن راشد الأزدي عن (الكنتي)
فقال معمر: الرجل يكون صالحا ثم يتحول رجل سوء.
قال أبو عمرو: يقال للرجل إذا شاخ (كنتي) كأنه نسب إلى قوله: كنت في شبابي كذا. قال:
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا ... وشر خصال المرء كنت وعاجن
عجن الرجل إذا قام معتمداً على الأرض من الكبر.
وقد صح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه كان يستعيذ بالله من (الحور بعد الكور) في دعاء سفره
وقد فسره الإمام الترمذي بـ (إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية، إنما يعني الرجوع من شيء إلى شيء من الشر).
قال ابن الأثير: يعني: أعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات
قال أبو عمر بن عبد البر (يعني رجع عما كان عليه من الخير)
كن ربانيا ... ولا تكن رمضانيا
فقد قيل لأحد الصالحين أيهما أفضل: رجب أم شعبان؟
فقال: كن ربانيا ولا تكن شعبانيا!!
اثبت و تصطبر ورب نفسك وألزمها الصواب. املك زمام المبادرة.
رب رمضان رب الشهور كلها
لا نقول: كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد والحرص على الخيرات،
فالنفس لا تطيق ذلك، ورمضان له فضائل وخصائص
و لكنا نقول:
لا للانقطاع عن الأعمال الصالحة،
(*) باع قوم من السلف جارية، فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها ..
فسألتهم .. فقالوا: نتهيأ لصيام رمضان.
فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان!، لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، رودني إليهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
كان الحسن يقول: عجبت لأقوام أمروا بالزاد، ونودي فيهم بالرحيل، وجلس أولهم على آخرهم و يلعبون!!
وكان يقول: يا ابن آدم، السكين تشحذ، والتنور يسجر، والكبش يعتلف.
وكان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أحدكم درهمٌ لظل يومه يقول: إنا لله .. ذهب درهمي، وهو يذهب عمره
ولا يقول: ذهب عمري،
كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات.
وقال ثابت البُناني: ما تركت في المسجد سادنة إلا وختمت القرآن عندها.
وقيل لعمرو بن هاني: لا نري لسانك يفتر من الذكر فكم تسبح كل يوم؟
قال: مائة ألف، إلا ما تخُطى الأصابع.
وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة، وقام ليلها وكان الليل كله يبكي، فتقول له أمه: يا بني، قتلت قتيلاً؟ فيقول: أنا أعلمُ بما صنعتُ بنفسي.
قال الجماني: لما حضرت أبو بكر بن عياش الوفاة بكت أخته، فقال: لا تبك، وأشار إلى زواية في البيت، إنه قد ختم أخوك في هذا الزواية ثمانية عشر ألف ختمة.
كان بعض السلف يقول: صم الدنيا واجعل فطرك الموت،
الدنيا كلها شهر صيام المتقين يصومون فيه عن الشهوات المحرمات، فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم واستهلوا عيد فطرهم.
وقَد صُمتُ عَن لذاتِ دَهرِي كُلَّه ... ويَومَ لِقاكُم ذَاكَ فِطرُ صِيامِي.
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته، ومن تعجل ما حُرَّمَ عليه قبل وفاته؛ عوقب بحرمانه في لآخرة وفواته،
قال الله تعالى: {أَذهَبتُم طَيّبَاتِكُم فِى حَيَاتِكُمُ الدُّّّنياَ وَاستَمتَعتُم بِهَا} (الأحقاف: 20)
يقول كعب: (من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا خرج رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود).
ترحَّلَ الشَّهرُ – وا لهفاهُ – وانصَرَمَا ... واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّاتِ من خَدَمَا
وأصبحَ الغَافِلُ المسكينُ منكسراً ... مثلي! فيَا وَيحَهُ يا عُظمَ مَا حُرِمَا!
من فاتَهُ الزَّرعُ في وقتِ البذارِ فَمَا ... تراهُ يحصُدُ إلاَّ الهمَّ والنَّدَمَا
طُوبى لِمَن كانتِ التَّقوى بضاعتَه ... في شهرِهِ وبحبلِ اللهِ مُعتَصِمَا
...
**
*
يتبع بإذن المولى عز وجل ..
ـ[بنت خير الأديان]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 04:04]ـ
لا للانقطاع
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ). متفق عليه
تقول عائشة رضي الله تعالى عنها. كان عمله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ديمة]
لما سئل بشر الحافي - رحمه الله - عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا قال: (بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان).
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون , فأن الله لا يمل حتى تملوا , وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل " [رواه البخاري ومسلم]
وليس في سياط التأديب للنفس أجود من سوط عزم , وإلا وَنَت وأَبَت ,لأن فساد الأمر في التردد.
والنفس من أعجب الأشياء مجاهدة
لأن أقواماً أطلقوها فيما تحب , فأوقعتهم فيما كرهوا.
وآخرين بالغوا في خلافها حتى منعوها حقها , وإنما الحازم من تَعلمَ منه نفسُه الجد وحفظ الأصول ,
فإذا ما أفسح لها في مباحٍ ,لم تتجاسر أن تتعداه ,لأن تفقد النفس حياة , وإغفالها لون من ألوان القتل صبراً.
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.
فلنحرص ولو على القليل من صيام النفل، ولنداوم ولو على القليل من القيام، ولنقرأ كل يوم ولو القليل من القرآن،
ولنتصدق ولو بالقليل من المال والطعام، وهكذا في سائر الأعمال، ولنحيي بيوتنا ولنشجع أولادنا وأزواجنا.
* قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا عبد الله ,لا تكن مثل فلان , كان يقوم الليل فترك قيم الليل " [متفق عليه].
ومن أراد أن يرى التلطف بالنفس , فليداوم النظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
وليستمع إلى قوله: " إن هذا الدين متين , فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولاظهراً أبقى " [رواه أحمد]
وعند البخاري في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدين يسر , ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ".
وقفة محاسبة قبل الرحيل
(يُتْبَعُ)
(/)
العاقل اللبيب من جعل رمضان مدرسة لبقية الشهور بالاستمرار والمداومة على الطاعات والواجبات، ولو كانت قليلة؛ فقليل دائم خير من كثير منقطع.
العبادات فرضت فى الإسلام ليس للأداء بل لحكمة وهو تحقيق التقوى
ومن أعظم ثمار الصيام، تربية القلوب على مراقبة الله وتعويدها على الخوف والحياء منه.
ويقول القسطلاني - رحمه الله - معدداً ثمرات الصوم:
" ومنها رقة القلب وغزارة الدمع، وذلك من أسباب السعادة، فإن الشبع مما يذهب نور العرفان، ويقضى بالقسوة والحرمان "
وغاية الصيام التقوى؛ يتمثل فيها الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
تقوى صادقة دقيقة يترك فيها الصائم ما يهوى حذرًا مما يخشى. ولئن كانت فرائض الإسلام وأحكامه وأوامره ونواهيه كلها سبيل التقوى، فإن خصوصية الارتباط بين الصيام والتقوى شيء عجيب.
فهل حققنا تقوى الله في أنفسنا؟
ما الذي جنيناه من ثمار الطاعات هذا الشهر المبارك؟
يا خادم الجسم كم تسعي لخدمته ... أتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها ... فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
هل قرأنا القرآن وتدبرناه وعملنا به؟
هل تعلمنا فيه الصبر والمصابرة على الطاعة وعن المعصية؟
وما أحسن قول القائل:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها
ومن أراد السعادة فليلزم عتبة العبادة، وليجتنب الإساءة.
.يقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه:
(لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله عز وجل)
و يقول الحسن البصري رحمه الله:
(إذا لم تقدر على قيام الليل، ولا صيام النهار، فاعلم أنكم حروم، قد كبلتك الخطايا والذنوب)
هل ربينا أنفسنا على الجهاد بأنواعه؟
http://www.alkhateeb.net/ALKhtebAdmin/img_affair/c75a4bfe-d6e4-4ea9-9bde-c67d28c3830c.jpg (http://www.alkhateeb.net/spicial_details.aspx?id=31)
هنا مصنع الأبطال يصنع أمةً ... وينفخ فيها قوة الروح والفكر.
ويخلع عنها كل قيد يعوقها ... ويعلي منار الحق والصدق والصبر.
فقد حصل فيه من الأحداث التي غيرت مسار التاريخ، وقلبت ظهر المجن،
فنقلت الأمة من مواقع الغبراء، إلى مواكب الجوزاء، ورفعتها من مؤخرة الركب، لتكون في محلا لصدارة والريادة
ففي معركة بدر الكبرى التقى جيشان عظيمان، جيش محمد صلى الله عليه وسلم، وجيش الكفر بقيادة أبي جهل في السنة الثانية من الهجرة وذلك في اليوم السابع عشر من رمضان، وانتصر فيها جيش الإيمان على جيش الطغيان،
ومن تلك المعركة بدأ نجم الإسلام في صعود، ونجم الكفر في أفول، وأصبحت العزة لله ولرسوله وللمؤمنين،
يقول الله تعالى {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍوَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران:123].
أبطال بدر ياجباهاً شُرعت ... للشمس تحكي وجهها المصقولا
حطمتم الشرك المصغر خده ... فارتد مشلول الخطى مخذولا.
وفي سنة ستمائة وثمانيةً وخمسين، فعل التتار بأهل الشام مقتلة عظيمة، وتشرد من المسلمين من تشرد، وخربت الديار،
فقام الملك المظفر قطز، بتجهيز الجيوش، لقتال التتار، حتى حان اللقاء في يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان
وأمر ألا يقاتلوا حتى تزول الشمس،وتفيء الظلال، وتهب الرياح، ويدعوا الخطباء والناس في صلاتهم، ثم تقابل الصفان،
واقتتل الجيشان، وحصلت معركة عظيمة، سالت فيها دماء، وتقطعت أشلاء، ثم صارت الدائرة على القوم الكافرين، وقطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.
هل ربينا أنفسنا على كظم الغيظ وعدم الانتقام لأنفسنا وعدم الغضب إلا لله؟
وليكن شعارك الدائم: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134]
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ "
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه،دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء " رواه الترمذي.
(يُتْبَعُ)
(/)
فليكن هذا الشهر بداية لأن يكون الصبر شعارنا، والحلم والأناة دثارنا
.هل تغلبنا على أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها؟
خل الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماشٍ فوق أرض ... الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرةً إن ... الجبالَ من الحصى
هل تعلمنا معنى العبودية والاستسلام لله جل وعلا في كل الأمور؟
هل سعينا إلى الأخذ بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار؟
يا قوم تصبروا و تشددوا فإنما هي ليالٍ تعد و إنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب
فيذهب به و لا يلتفت فانقلبوا بصالح الأعمال.
إن هذا الحق قد أجهد الناس و حال بينهم وبين شهواتهم
و إنما صبر على الحق: من عرف فضله و رجا عاقبته.
فرحة العيد
http://www.imagegratis.com/hosting/uploads/e5e9753a27.jpg
ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن إيمانه يزيد،
وخاف يوم الوعيد، واتقى ذا العرش المجيد.
الصوم يمنحنا مشاعر رحمة ... وتعاون وتعفف وسماح
تذكروا ذلكم الطفل اليتيم .. الذي ما وجد والداً يبارك له بالعيد .. ، ولا يُقبَّله، ولا يمسح على رأسه .. قتل أبوه في جرح من جراحِ هذه الأمة ..
قال صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسدإذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " رواه مسلم (2586).
نقول لبعضنا: عيد سعيد، وإخوان لنا عراة في الجليد، ودماء وجروح وصديد،
طفل شريد، وأب فقيد، وأم تئن تحت فاجر عنيد، صراخ وتهديد ووعيد،
وتذكروا تلكم الطفلة الصغيرة .. حينما ترى بنات جيرانها يرتدين الجديد .. ، وهي يتيمة الأب
إنها تخاطب فيكم مشاعركم .. ، وأحاسيسكم .. إنها تقول لكم:
أنا طفلة صغيرة .. ، أليس من حقي أن أفرح بهذا العيد .. من حقي أن ارتدي ثوباً حسناً لائقاً بيوم العيد .. من حقي .. أن أجد الحنان والعطف ..
أريد قبلة من والدي .. ، ومسحة حانية على رأسي .. أريد حلوى .. ، ولكن السؤال المرّ .. الذي لم أجد له جواباً حتى الآن هو .. أين والدي؟ أين والدتي؟!!
خاتمة
إن كان قد آن لثياب العصيان، أن تخلع في رمضان،
ليُلْبس الله العبد بعده ثياب الرضوان،
ويجودعليه بتوبة تمحو ما كان من الذنب والبهتان
فاللهم تقبل منا رمضان
هاهو رمضان، رحل عنا بعد أن انقضت أيامه وتصرمت لياليه، ولسان حال الصائم منا يقو ل:
فيا شهر الصيام فدتك نفسي ... تمهل بالرحيل والانتقال.
فما أدري إذا ما الحول ولّى ... وعدت بقابل في خير حال.
أتلقاني مع الأحياء حياً أو ... أنك تلقني في اللحد بالي.
من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد رحل ... ومن كان يعبد الله؛ فإن الله باق لا يرحل.
أيها المعرض عنا ... إن إعراضك منا
لو أردناك جعلنا ... كلَّ ما فيك يردنا
عباد أعرضوا عنا ... بلا جرم ولا معنى
أساؤا ظنهم فينا ... فهلا أحسنوا الظن
فإن خانوا فما خنا ... وإن عادوا فقد عدنا
وإن كانوا قد استغنوا ... فإنا عنهم أغنى
الَّلهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا رَمَضَانَ، واجعلنا من المقبولين الفائزين
اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهدى
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح
جمع وإعداد الفقير إلى الله أبو مسلم وليد برجاس
***********************
http://saaid.net/mktarat/ramadan/flash/5.htm (http://saaid.net/mktarat/ramadan/flash/5.htm)
منقول من:
شبكة أنا المسلم
للأخ الكاتب:
أبو مسلم وليد برجاس
ولا تنسونا من الدعوات الصالحة
ـ[علي سليم]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 05:25]ـ
سلمت أناملك اختنا الفاضلة بنت خير الأديان
و الى المزيد من ذا العطاء يرحكم الله تعالى ..
ـ[بنت خير الأديان]ــــــــ[23 - Sep-2008, مساء 06:06]ـ
سلمت أناملك اختنا الفاضلة بنت خير الأديان
و الى المزيد من ذا العطاء يرحكم الله تعالى ..
آمين وإياكم أخانا
تشريف مفاجئ .. رزقكم الله فردوسا أعلى
(/)
هل للصلاة في المساجد القديمة فضيلة أكثر من المساجد الحديثة؟
ـ[نديم الخير]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 07:47]ـ
هل للصلاة في المساجد القديمة فضيلة أكثر من المساجد الحديثة؟
وهل ورد في كتاب الله أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل دلالة واضحة على تفضيل الصلاة في المسجد القديم؟
أم سبب التفضيل اجتهادات وأسباب تلمسها العلماء (ككونه سبق فيه إلى العبادة) وليس في ذلك نص صريح؟
وجزيتم خيرا.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 08:41]ـ
استدل بعضهم بقول الله تعالى: {لمَسجدٌ أُسِّس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه}، فأثبت الله تعالى الأحقية للأقدم.
وعللوا لذلك بسبق الطاعة فيه وأنه أكثر شهوداً للخير.
والمسألة خلافية على كل حال. وبالله التوفيق
ـ[نديم الخير]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 10:46]ـ
شكر الله لك أبا يوسف وتاب علينا ربنا التواب.
لك تحياتي.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[21 - Sep-2008, صباحاً 08:22]ـ
وشكر لك: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}.
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[21 - Sep-2008, مساء 05:59]ـ
اتفقوا على ان المساجد الثلاثة الحرام والمدنى والاقصى افضل بهذا الترتيب
وكل المساجد بعدهم سواء
لكن للعلماء اجتهادات فى تفضيل بقية المساجد بعضها على بعض
كالمسجد الجامع والابعد ممشى ومسجد فيه اخوانه ولطلب العلم ونحوه
(/)
فوائد من كتاب (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة) للعلامة: تقي الدين الهلالي-رحمه الله-
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 12:55]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد متنوعة من كتاب (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة)
للشيخ العلامة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي
– رحمه الله تعالى –
الفائدة (01)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –: " أيها الداعي قدم مراد الله يقدم مرادك. ما من داع يدعوا إلى أمر بجد و إخلاص إلا و يحصل على شيء ما سواء أكان محقا أم مبطلا لكن المبطل عاقبته خسران عاجل أو آجل, و المحق له العاقبة الحسنى في العاجل والآجل {فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} [سورة الرعد:17] , كل من قرأ تاريخ الدعوات الباطلة من دعوات الخوارج و الشيعة والباطنية و ما تفرع منها يعلم يقينا صحة ما أشرت إليه أعلاه, و لا بد أن يكون الداعي مع إخلاصه عنده شيء من العلم بما يدعوا إليه و شيء من العلم بقواعد الدعوة".اهـ
الفائدة (03)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة): " اعلم أن الدعاة إلى الله يمتحنون على قدر إيمانهم و صبرهم و تجلدهم ".اهـ
الفائدة (04)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" ففرحت أنا بهذا السراب الذي خيل لي أنه شراب".اهـ
الفائدة (05)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" عقدت العزم على أن لا أداهن و لا أداجي في دين الله ما دمت حيا بل أقول الحق من أول وهلة, للربح أو للخسارة, و ما لقيت إلا الربح إلى حد الآن".اهـ
الفائدة (06)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" من طباع المصريين المحمودة ـ و ما أكثرها ـ أن المرؤوس إذا ظهر له الحق لا يفكر في مذهب الرئيس و اعتقاده بل يتلقى الحق بالقبول و إن خاف رئيسه".اهـ
الفائدة (07)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" قدم مراد الله يقدم الله مرادك".اهـ
الفائدة (08)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" .. الداعي إلى الله لا ينبغي له أن يعتمد على التأويل و لا يكون له عليه تعويل, بل يجب عليه أن يكون قدوة حسنة في أقواله و أفعاله و سيرته .. ".اهـ
الفائدة (09)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" أنا أدعوا الناس إلى أمرين في كل مكان دعوة فيه إلى الله في الشرق و الغرب و في أوروبا.
…أولهما: تحقيق معنا لا إله إلا الله بجعل جميع أنواع العبادة, من دعاء و استغاثة, و استعانة فيما يخرج عن الأسباب, و نذر, و حلف, و توكل, و استعاذة, و استمداد و عبودية, و خوف, و رجاء, و جعل شيء من الأحكام الخمسة, و صلاة, و صيام, و صدقة, و حج, و سفر يراد به التقرب إلى الله, و ما أشبه ذلك, لله وحده لا شريك له لا يجعل شيء منه و لا مثقال ذرة لملك مقرب و لا لنبي مرسل و لا غير مرسل و لا لصديق و لا لصالح و لا لأحد من الجن و الإنس فهذا مجمل الأمر الأول.
الأمر الثاني: تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم بامتثال ما أمر و اجتناب ما نهى عنه و زجر, و أن لا يحول دون اتباعه حب شيء من المحبوبات الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و إخونكم و أزوجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين} التوبة 24. و يدخل في العشيرة المذهب و الطريقة و الحزب, و من يعد هذين الأصلين الذين قامت عليهما الحنيفية السمحة ملة إبراهيم و خير أبنائه بل خير خلق الله على الإطلاق محمد رسول الله صلى الله عيله و سلم, و من يعد ذلك شقاقا و تفريقا بين المسلمين إلا شيطان رجيم أفاك أثيم؟! ".اهـ
الفائدة (10)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" و ضعت حاشية على كتاب كشف الشبهات لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب و طبعتها و نشرتها, و لكني استعملت في ذكر اسمه ما يسمى في مصطلح الحديث بتدليس الشيوخ, و هو جائز بل مستحسن إذا أريد به الإصلاح, و ذلك أن الشيخ يكون له اسمان اشتهر بأحدهما و لم يشتهر بالآخر قيذكره الراوي عنه بالاسم الذي لم يشتهر به لمصلحة في ذلك, أما إذا فعل ذلك ليوهم الناس علو سنده و ترفعه عن الرواية عنه ليوهم الناس أنه لا يتنزل للرواية عن مثله لصغر سنه أو عدم شهرته و غير ذلك من حظوظ النفس الأمارةفهو مذموم, و قد سميت الشيخ محمد بن عبد الوهاب محمد بن سليمان الدرعي فنسبته إلى جده ثم نسبته إلى الدرعية و ذلك حق فهي بلدته و لكن لم يشتهر بذلك, و زاد الأمر غموضا أن في المغرب كورة تسمى (درعة) و النسبة إليها درعي, فنجحت فيما قصدته من ترويج الكتاب, فقد طبعت ألف نسخة فبيعت في وقت قصير, و لم يتفطن أحد لذلك حتى الشيخ أحمد بن الصديق مع سعة اطلاعه و علو همته في البحث و كثرة ما في خزائنه من الكتب بقي في حيرة لأنه بحث في تاريخ المنسوبين إلى درعة فلم يجد أحدا منهم بذلك و لا أثر عنه هذا الكتاب, فبعث إلي يسألني عن هذا المؤلف من هو فأخبرته بالحقيقة, و لما اطلع العالم الأجل مفتي المملكة العربية السعودية و شيخ شيوخها محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه على هذا العمل استحسنه كل الاستحسان. و إنما فعلت ذلك لأن المتأخرين من رجال الدولة العثمانية حرضوا شرار العلماء في جميع البلاد الإسلامية على تشويه سمعة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و كذبوا عليه, و أوهموا أتباعهم أنه جاء بدين جديد, و أنه يتنقص جانب النبي الكريم و يكفر المسلمين, إلى غير ذلك من الأكاذيب. و قد تبين لأكثر الناس بطلان تلك الدعوى و علوا علم اليقين أن محمد بن عبد الوهاب من كبار المصلحين الذين فتح الله بدعوتهم عيونا عميا و آذانا صما, و أنه أحيا العمل بكتاب الله و سنة رسوله في ججزيرة العرب بعدما كاد يندثر. و إلى الآن لا يزال بعض الغربان ينعقون بسبه كالغراب الذي تقدم ذكره, و ذلك لا يضره: إن كانوا مسلمين فإن سبهم له يجعل حسناتهم في صحيفته و إن كانوا مشركين فإن الله يزيدهم عذابا.
…و لما طبع هذا الكتاب غضب عباد القبور و أصحاب الطرائق و خطب كثير من أئمة المساجد خطبة الجمعة و نبهوا المستمعين إلى ما في هذا الكتاب من لضلال بزعمهم, لأن توحيد الله عندهم أعظم الضلال و لكن لم يستمع لهم أحد, أما العلماء المحققون, كالأستاذ محمد الطنجي و الأستاذ المجاهد عبد السلام المرابط و الأستاذ العبقري عبد الله كنون فإنهم رحبوا بطبع هذا الكتاب و أثنو عليه و على مؤلفه و ناشره, و لا يضر السحاب نبح الكلاب.
…ما ضر بدر السما في الأفق تنبحه……سود الكلاب و قد مشى على مهل
…ثم طبعت رسالة زيارة القبور مع حواشي قليلة لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية و سميته أحمد بن عبد الحليم الحراني, و لم أذكر لفظ بن تيمية للعلة السابقة الذكر, فراح الكتاب و انتشر و نفع الله به المسلمين, و لما بعثت من كل من الكتابين نسخة إلى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه فرح بنشرهما و استحسن الطريقة التي سلكتها لبعد نظره و وفور عقله و حكمته.
…و قد جربت في بلاد المغرب في الشمال و الجنوب أن نشر كتب التوحيد و اتباع السنة يتوقف على نجاح الدعوة إلى الله في المساجد فإذا درس الداعي كتابا من كتب التوحيد و بين للمستمعين ما فيه من كنوز العلم و الحكمة يرغب المستمعون في اقتناء ذلك الكتاب, و بقراءته تتسع معرفتهم للحق و يزدادون اطمئنانا و يقوى إيمانهم و تندفع عنهم الشبهات. فمن ذلك: أنني درست في الجامع الكبير كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب و ختمته في ذلك المسجد مرتين, فانتشر هذا الكتاب انتشارا عظيما حتى أني طلبت من جلالة الملك فيصل جزاه الله عنا و عن المسلمين أحسن الجزاء, بواسطة الشيخ عبد الملك بن إبراهيم بارك الله في حياته أن يمدني بنسخ من فتح المجيد, فأمر بإرسال ثلاثمائة و ثلاث و أربعين نسخة بالبريد الجوي, فبدا لي أن لا أوزعها مجانا لأمرين: أحدهما: أنني لا آمن أن تقع بعض النسخ في
(يُتْبَعُ)
(/)
أيدي أعداء التوحيد فيحرقوها, و قد رأيناهم يفعلون ذلك في المشرق و المغرب فإذا فرضنا أن شخصا أو أشخاصا بلغ بهم التعصب إلى أن يشتروا الكتاب و يحرقوه فإن ذلك لا يضرنا, لأننا نجمع دراهمه و نطبعه مرة أخرى و لا شك أنه لا يفل ذلك منهم إلا قليل, لأن الناس مجبولون على حب المال و البخل به و لا يبدلونه إلا فيما هو أحب منه إليهم, الأمر الثاني: ما قاله المؤلف الإنكليزي الطائر الصيت (برناردشو) أن الكتاب الذي لا يدفع ثمنه لا يقرأ.
…فبيعت تلك النسخ كلهاإلا قليلا منها منحته للمستحقين و لم آخذ منهم ثمنا لعلمي بفقرهم و صدقهم. بيعت في مدة قصيرة و صار الكتاب في حكم المفقود, و كنت أبيع النسخة بستة دراهم فقط, و لم يكن يروج إلا في البلدان التي تلقى فيها دروس التوحيد كمكناس و تطوان و أرفود, أما مكناس و أرفود فإنني ألقي فيهما دروسا في التوحيد و أما تطوان فقد تقدم أني دعوت إلى التوحيد فيها, و في هذا الزمان يوجد فيها داع و هو أخي الأستاذ محمد العربي الهلالي, و صار الناس في هذه النواحي يبحثون عن هذا الكتاب ليشتروه بضعف ثمنه فلم يجدوا منه شيئا, و لما ذكرت ذلك لصاحب السماحة الأستاذ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أمتع الله المسلمين بطول بقائه و أخبرته أني جمعت من بيع تلك النسخ ألفا و ثمانمائة ريال سعوديا قال لي: و أنا أنبرع بستمائة ريالتضاف على ذلك ونشترك في طبعه من جديد, و الكتاب الآن تحت الطبع, و ذكرت ذلك أيضا للعام الجليل بقية السلف الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ أمتع الله المسلمين بطول بقائهفوعدني بتحصيل ألف نسخة, وهو كريم لا شك أن يفي بوعده, و هذا الكتاب مع وجود الداعي الناجح في دعوته يساعد على نشر الدعوة مساعدة عظيمة لا ينقضي منها العجب. أما البلد الذي ليس فيه داع فإنه لا يروج فيه أصلا, فقد بعثت خمس نسخ إلى مدينة مشهورة في المغرب فبيع منها في سنة ثلاث نسخ فقط. ".اهـ
الفائدة (11)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" الكتاب الذي لا يدفع ثمنه لا يقرأ ".اهـ
الفائدة (12)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" أنا لا أروي شيئا عن طُرقي".اهـ
الفائدة (13)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" و قرض الشعر أمر محمود إذا كان صاحبه لا يظلم الناس و لا يكذب في مدحهم و ذمهم".اهـ
الفائدة (14)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" فيا أيها المسلم الموفق حقق التوحيد و الاتباع ترى العجب العجاب قال تعالى في سورة غافر: {إنا لننصر رسلنا و الذين ءامنوا في الحياة الدنيا و يوم يقوم الأشهاد}.غافر:51.
".اهـ
الفائدة (15)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" نظم الشعر المؤلف من عدة لغات من المستملحات عند أهل الأدب, وقد نظم العالم الأديب المشهور الحسن اليوسي المغربي بيتا من هذا القبيل فقال عند وفاته:
… (أتدرا تنومن) العلوم التي (ديكم) قد اندرست حقا و صارت إلى (ير كي) و معنا هذا البيت: يا داري أين العلوم التي فيك؟ قد اندرست حقا و صارت إلى الله. و هذا البيت مؤلف من ثلاث لغات: البربرية, و العربية و الفلاتية من لغات السودان لأن (ير كي) هو اسم الله تعالى بهذه اللغة. يريد بذلك أن العلوم التي كات في داره قد اندرست بوفاته".اهـ
الفائدة (16)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" كلمة (تِطْوَانْ) محرفة عن (تِطَّاوِنْ) بكسر التاء و تشديد الطاء و كسر الواو و هي كلمة بربرية معناها العيون, و لا يزال جزء من تطوان إلى الآن يسمى بالعيون".اهـ
الفائدة (17)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" هجو المشركين من أعظم القربات".اهـ
الفائدة (18)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" …قال لي [بعض] الإخوان: إن الله قد هدانا بدعوتك إلى توحيده و اتباع رسوله صلى الله عليه و سلم, و نحن ضعفاء في العلم لا نستطيع أن نغوص في بحور كتب السنة على دلائل المسائل و معرفة ما يوافق السنة لنتجنب مخالفتها, و لا نأمن أن تفارقنا بالموت أو بحادث آخر, فنرجو من فضلك أن تؤلف لنا كتابا يحتوي على مسائل العقائد و العبادات مجردا عن الأدلة مطابقا للسنة المحمدية, فأجبتهم إلى ذلك و صرنا نجتمع في بيتي كل ليلة إلى منتصف الليل أحدهم يكتب و أنا أملي و الباقون يطالعون, كل واحد في يده كتاب من كتب الحديث حتى أتممنا في مدة قصيرة كتاب (مختصر هدي الخليل في العقائد و عبادة الجليل) و تبرعنا جميعا بالدراهم اللازمة لطبعه حتى تبرعت النساء المحتجبات في بيوتهن دون أن تذكر أسماؤهن, و هكذا تكون الدعوة الكاملة الصافية الخالية من الأغراض الدنيوية فتخالط بسببها بشاشة الإيمان قلوب المستجيبين لها".اهـ
الفائدة (19)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" كنت في برلين قد دفعت أجرة مائة ساعة لتعلم اللغة الإسبانية فحضرت منها ستين ساعة".اهـ
الفائدة (20)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" .. و كنت [في العراق] أسكن بقرب المسجد المنسوب إلى أبي حنيفة و يسمى عندهم جامع الإمام الأعظم ـ و هذا اللفظ أطلقه الأتراك في زمان حكمهم على أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ و لا شك في إمامته و لا في عظمته, و لكن هذا اللفظ مبتدع يشبه ملك الملوك و (شاه شاه) و قاضي القضاة. و جاء في الحديث الصحيح: {أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك} و كره الأئمة كل ما كان قريبا من هذا المعنى".اهـ
الفائدة (21)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" الأذن الأول [لصلاة الجمعة] و هو محدث لم يكن على عهد النبي صلى اغلله عليه و سلم و لا على عهد الخليفتين بعده و هم أولى بالتباع, و لما كان زمان عثمان و كثر الناس في المدينة أمر عثمان مناديا ينبه أهل السوق بقرب صلاة الجمعة ليستعدوا لذلك و يؤموا المسجد و لم يكن ذلك أذانا حقيقيا و لا كان في المسجد فلما كان زمان عبد الملك بن مروان جعله أذانا لازما و جعله في جوف المسجد (انظر كتاب المدخل لابن الحاج و فتح الباري) , و كيفما كان الأمر فسنة النبي صلى الله عليه و سلم و صاحبيه الذين قال فيهما (اقتدوا بالذين من بعدي) أولى بالإتباع".اهـ
الفائدة (22)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" .. ألفت كتابا سميته (الأنوار المتبعة في سنة الجمعة) و أقمت فيه البرهان على أن صلاة الجمعة ليست لها سنة قبلية و إنما سنة بعدية و نقلت كلاما لأبي شامة في كتاب البدع له و كلام غيره".اهـ
الفائدة (23)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" [لما كنت إماما في جامع الدهان بالعراق] ذهب أعداؤنا إلى القصر الملكي و بلغوا خبرا كاذبا على سبيل الوشاية قالوا: إن الهلالي منذ زمان عين إماما و خطيبا في جامع الدهان بدون إرادة ملكية و طرد الإمام الشرعي و أعانه على ذلك صاحب المسجد, و هو يبث المذهب الوهابي و لا يدعوا للملك في خطبة الجمعة لأنه عدو للبيت الهاشمي فجاءني أحد إخواننا و أخبرني بذلك فقلت له: إن الله الذي خيبهم في الأولى سيخيبهم في الثانية, فبعث الوصي من حضر صلاة الجمعة فوجد الخبر غير صحيح و خاب سعيهم و كنت دائما أختم الخطبة الثانية بالألفاظ التالية على عادة المقتصدين غير عالمتزلفين من الخطباء في بغداد فأقول: اللهم و فق و سدد ملك العراق فيصل الثاني و ولي عهده عبد الإله و سائر ملوك المسلمين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
…فإن قلت: هذه بدعة كنت ترتكبها مع زعمك أنك تحارب البدع أقول: إنني اجتهدت فرأيت أنني لو لم أفعل ذلك لم أستطع أن أكون إماما في صلاة الجمعة و لا مدرسا و واعظا في ذلك المسجد, و أن ما يحصل من الخير بنشر التوحيد و اتباع السنة يربوا على تلك البدعة أضعافا مضاعفة على أن الدعاء لشخص معين في خطبة الجمعة لا بأس به و لكن المداومة عليه فيها ما فيها".اهـ
الفائدة (24)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" في ذات جمعة دعوت الناس إلى أن يجمعوا تبرعات للمجاهدين في الجزائر و قلت لهم: كل متبرع يعد ما يتبرع به و سيأتي في الجمعة التالية ممثل الجزائر السيد محمد الروابحية و يتسلم التبرعات فاهتم بذلك رجال المباحث و لكنهم اقتصروا على استنطاق المصلين و لم يتعرضوا لنا بسوء ".اهـ
الفائدة (25)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" قال ابن الجوزي في كتابه (تلبيس ابليس):"قال الشافعي: رحمه الله لو أن رجلا صحب الصوفية من الصبح إلى الظهر لم يبق له عقل".
…قال محمد تقي الدين: و أنا أصدقه و أزيد عليه: و لا دين. و نحن إنما نذم الصوفية المبتدعين و المشركين و الملاحدة كابن عربي الحاتمي و ابن الفارض, و إذا كان الصوفية في زمان الشافعي رحمه الله موصوفين بأن من صاحبهم يفقد عقله فما بالك بصوفية الأزمنة المتأخرة؟! ".اهـ
الفائدة (26)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" قال لي الشيخ عبد الله بن حسن رحمة الله عليه ما رأيك في أن تكون إماما و خطيبا في المسجد النبوي؟ فقلت له: أقبل بشرط أن لا أنقص عن عشر تسبيحات في السجود و الركوع فقال لي: هذا كثير على الناس لا يتحملونه فقلت: و أنا لا أقبل إلا بهذا الشرط, فقال لي: إذا نعطيك عملا آخر و هو مراقبة المدرسين في المسجد النبوي فقلت: قبلت, هذا مع أن الشيخ عبد الله بن حسن رحمة الله عليه حين سافرنا إلى المدينة كان يقدمني دائما إماما في الصلاة فهو رحمة الله عليه كان يستحسن ما اخترته من إمام الركوع و السجود و الاعتدال إلا أنه رأى أن عامة المصلين يشق عليهم ذلك فالله يجزل ثوابه و يرحمه رحمة واسعة".اهـ
الفائدة (27)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" …كان في صحن المسجد النبوي بئر و نخلة و شجيرات و كان الجهال يسمون ذلك بستان فاطمة و يتبركون بالنخلة و تمرها و بالشجيرات و البئر و يعتقدون أن بئر زمزم تجري تحت الأرض حتى تتصل بذلك البئر يوم عاشوراء من كل سنة, فيقبل الناس في يوم عاشوراء على تلك البئر و يأخذون منها ماء كثيرا للتبرك به فاستشارنا الشيخ عبد الله بن حسن رحمة الله عليه في طمس البئر و إزالة البستان فلم نتردد في الموافقة على ذلك, لأن المسجد كله و قف للصلاة و لا يجوز أن يشغل بغيرها, و لأن الجهال يفتتنون بماء البئر و النخلة و الشجيرات فكتب رحمه الله إلى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله يخبره بما رأينا و يستأذنه في تنفيذه, فجاء الإذن فأمر الشيخ بطم البئر و قلع تلك الأشجار و تسوية الأرض فكانت من حسناته رحمة الله عليه, و لما قلعة النخلة و الأشجار و قطعت و حملت على خارج المدينة انتظر المفتونون بها مجيء الليل بظلامه فأخذوها كلها و لم يبقوا شيئا, و لابد أن يكونوا قد اقتتلوا عليها لينال كل واحد منهم قطعة صغيرة من الأشجار و أوراقها.
…و هنا نذكر شجرة ذات أنواط التي كانت للمشركين في الجاهلية ينوطون بها أسلحتهم و يتبركون بها, قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: باب من تبرك بشجر أو حجر و نحوهما و مضى إلى أن قال: و عن أبي واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى حنين و نحن حدثاء عهد بكفر و للمشركين سدرة يعكفون عندها و ينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"الله أكبر إنها السنن قلتم و الذي نفسي بيده كما قالت بنوا غ7سرائيل لموسى {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} لتركبن
(يُتْبَعُ)
(/)
سنن من كان قبلكم"رواه الترمذي و صححه قال شارحه الشيخ سليما بن عبد الله رحمة الله عليه في شرح هذا الحديث ص150 ما نصه" فإذا كان اتخاذ شجرة لتعليق الأسلحة و العكوف عندها اتخاذ إله مع الله مع أنهم لا يعبدونها و لا يسألونها فما الظن بما حدث من عباد القبور من دعاء الموات و الاستغاثة بهم و الذبح و النذر لهم و الطواف بقبورهم و تقبيلها و تقبيل أعتابها و جدرانها و التمسح بها و العكوف عندها و جعل السدنة و الحجاب بها؟! و أي نسبة بين هذا و بين تعليق الأسلحة على شجرة تبركا؟! قال الإمام أبو بكر الطرطوشي من أئمة المالكية: (فانظروا رحمكم الله أينما و جدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس و يعظمونها و يضربون بها المسامير و الخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها).
…و قال الحافظ أبو محمد غبد الرحمن بن إسماعيل الشافعي في كتاب البدع و الحوادث: (و من هذا القسم أيضا ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشياطين للعامة تخليق الحيطان و العمد و سرج مواضع مخصوصة في كل بلد يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحدا ممن شهر بالصلاح و الولاية فيفعلون ذلك و يحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى و سننه و يظنون أنهم متقربون بذلك, ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها و يرجون الشفاء لمرضاهم و قضاء حوائجهم بالنذر لهم و هي من بين عين و شجر و حائط و حجر. و في مدينة دمشق صانها الله من ذلك مواضع متعددة كعونية الحما خارج باب توما و العمو المخلق خارج باب الصغير و الشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق, سهل الله قطعها و اجتثاثها من اصلها فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث) اهـ.
…فماذا يقول أعداء التوحيد الذي يبغضون الوحدين و يسمونهم بالوهابية فهل كان أبو بكر الطرطوشي [المالكي] و عبد الرحمن أبو شامة و هابيين؟! ".اهـ
الفائدة (28)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" كانت عندي نسخة من عون المعبود شرح سنن أبي داود تأليف جماعة من علماء أهل الحديث منهم شيخنا عبد الرحمن بن عبد الرحيم المبارك فوري كما أخبرني هو رحمه الله بذلك, و لا تصح نسبته إلى شخص واحد و إن كان الشيخ شمس الحق العظيم آبادي هو الذي كان ينفق على أولئك الجماعة زمان تأليفه و يشاركهم في العمل ".اهـ
الفائدة (29)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" كان عبد الرزاق المليح آبادي زنديقا و كان يعظم جمال الدين الأفغاني و يزعم أنه كان ملحدا و لا يعظم رفيقه محمد عبده و لا صاحبه السيد رشيد رضا, لأنهما بزعمه لم يفهما فلسفته لأنها أعلى من مستواهما و قد جادلته في ذلك و كثير من الناس في هذا الزمان يرون هذا الرأي و لكن أقرب الناس إليه محمد عبده و رشيد رضا يشهدان بأنه مؤمن و كتبه التي ألفها و خصوصا رسالته في الرد على الدهرية لا تبقي شكا في أنه كان من المؤمنين.
…و من أعجب ما سمعته من عبد الرزاق المليح آبادي أننا كنا نتجادل في تارك الصلاة أهو مسلم أم كافر و استعرضنا أدلة العلماء و خلافهم في ذلك, فقال لي: عندي دليل قاطع لا يعرفه العلماء الذين ذكرت على أن تارك الصلاة مؤمن فقلت: و ما هو؟ قال لي: هو أنا, لأنني لا أصلي و مع ذلك فإنني أشك في أنني مسلم. ".اهـ
الفائدة (30)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" إن من عادتي أن لا أعظم غنيا إلا إذا كنت أستفيد من غناه بخلاف ما عليه أكثر الناس الذين يعظمون الأغنياء و إن كانوا يعلمون أنهم لا ينفعونهم بشيء كما قال ابن دريد في المقصورة:
……عبيد ذي المال إن لم يطمعوا……من ماله في شربة تروي الصدى
…و قال غيره:
……إن الغني إذا تكلم بالخطأ……قالوا أصبت و صدقوا ما قالا
……و إذا الفقير أصاب قالوا كلهم……أخطأت يا هذا و قلت ضلالا
……إن الدراهم في الأماكن كلها……تكسوا الرجال مهابة و جمالا
……فهي اللسان لمن أراد فصاحة……و هي السلاح لمن أراد قتالا
…و قال غيره:
……يمشي الفقير و كل شيء ضده……و الناس تغلق دونه أبوابها
……و تراه ممقوتا و ليس بمذنب……يرى العداوة لا يرى أسبابها
……حتى الكلاب إذا رأت ذا غنية……أصغت إليه و حركت أذنابها
(يُتْبَعُ)
(/)
……و إذا رأت يوما فقيرا ماشيا ……نبحت عليه و كشرت أنيابها".اهـ
الفائدة (31)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" و من المزايا التي يختص بها شعر شوقي أنه جمع بين الأفكار الأوربية و الأفكار العربية و نسق هذه الأفكار كلها و وحدها حتى امتزجت إلى حد أنه لا يستطيع التمييز بينها إلا من خالط العالم العربي و الأوروبي, هذا مع المحافظة التامة على الأسلوب العربي البليغ الذي لا تشوبه شائبة من ركاكة المقتبسات الأعجمية و إذا قارنت بين شعر أحمد شوقي و بين شعر معروف الرصافي و هو لا يقل عن شوقي في بلاغة شعره تجد الفرق بينهما واضحا فإن شعر الرصافي ليس فيه إلا أفكار عربية شرقية بخلاف شعر معاصره أحمد شوقي.
".اهـ
الفائدة (32)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" معنى غلام حسين أي عبد الحسين و الشيعة يسمون عبد علي و كلب علي و عبد الزهراء و عبد الأمير و أمثال ذلك من الأسماء الشركية".اهـ
الفائدة (33)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" و التعبير المعتاد هيئة الأمر بالمعروف, و قد تركت هذا التعبير لأنه فاسد لأن الهيئة هي الشكل كما قال تعالى: {أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير} آل عمران:49 ".اهـ
الفائدة (34)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" أهل نجد يسمون الغلام ورعا ".اهـ
الفائدة (35)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" أقمت في الحجاز أكثر من ثلاث سنين و أنا لا أزل في عنفوان الشباب و رأيت حتى في ذلك الزمان أن العالم بلا شهادة كالمسافر بدون جواز سفر ليس له مكان في المدارس العليا, و إذا ألف كتابا أو أنشأ مقالا فأول سؤال يسأله الناس: هل عنده شهادة عالمية؟ فيجيء الجواب لا. هل يعرف لغة أجنبية؟ فيكون الجواب: لا. هل درس في أوروبا؟ فيكون الجواب: لا. فيقال حينئذ: (سيبك منه) يعني دعه و لا تلتفت إليه, و تاقت نفسي إلى الحصول على شهادية عالمية ".اهـ
الفائدة (36)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" الأسلوب الصحيح لتعلم اللغات و هو تكرر السماع على أذني المتعلم يعقبه النطق الصحيح, و الكبير أحوج إلى هذا الأسلوب و أكثر انتفاعا به لكمل إدراكه و كم رأينا من رجل غريب حل بأرض قوم و هو لا يعرف من لغتهم شيئا و في بضع سنين صار فصيحا في لغتهم دون استعمال ترجمة ".اهـ
الفائدة (37)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" من نصائح العالم الجرماني برلتس لمن يريد أن يعلم الناس لغة أن يبدأ بالمرئيات فيأخذ الكتاب مثلا و يشير إليه و ينطق بلفظ (كتاب) فيسمعه المتعلم فينطق مثله و يكرر ذلك حتى يرسخ اسم الكتاب في ذهنه, ثم ينتقل إلى القلم و القرطاس و المسطرة و هكذا دواليك. أما في الأفعال فيقوم المعلم و ينطق بلفظ أقوم, و يجلس و ينطق بلفظ (أجلس) و يمشي و ينطق بلفظ (أمشي) , و هكذا إلى أن يتعلم الطالب ما يكفي السؤال و الجواب فينتقل معه إلى طريقة السؤال و الجواب, و هي أحسن الطرق في تعليم اللغات و قد شاع هذا الأسلوب في هذا الزمان. استعملت هذا الأسلوب و لقيت صعوبة في أول الأمر لأني كنت أدرس كتب النهايات و بعد شهرين زالت الصعوبة و صار الطلبة يفهمون. ".اهـ
الفائدة (38)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" كل قاصد لأمر عظيم لا بد له من امتحان فإذا صبر ظفر و انتصر و إذا زَجَعَ و مَلَّ خابَ و انكسرَ ".اهـ
الفائدة (39)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" اسشرت العالم السلفي المحقق المتفنن في علوم كثيرة الشيخ محمد بن أمين الشنقيطي نزيل الزبير بلدة قرب البصرة, استشرته و طلبته أن يساعدني على اختيار زوجة و لم أكن أعلم أن له بنتا بلغت سن الزواج, فلما أخبرت بذلك خطبت إليه ابنته فقال لي رحمه الله: أنا لا أجد لها أحدا أفضل منك و لكن أمرها يبدأ منها فأنا أكون واسطة بينكما, فقلت: إني مستعد لإرضائها فلتطلب من المهر ما شاءت فطلبت مهرا عاليا فأجبتها إلى طلبها. ".اهـ
الفائدة (40)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" .. زار أفغانستان رجلان ممن ينتمون إلى العلم و الأدب أحدهما عراقي و الآخر شامي أقول، ولا أقول سوري لأنه معرب سرياني كما أن سوريا معناه بلاد السريانيين و العرب لا تعرف بين العراق و مصر إلا الشام كما قال شاعرها:
……أزمان سلمى لا يرى مثلها……الراؤون في شام و لا في عراق
".اهـ
الفائدة (41)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" …كنت في زمان الجهل أكتب للمحموم في قشرة لوز (فرعون) و في أخرى (قارون) و في أخرى (هامان) كلهم في النار, فآمر المحموم أن يتبخر بالقشرات الثلاث في كل يوم حين تجيئه الحمى فقلت في نفسي و قد ضعف عقلي و جسمي: دعني أجرب هذا العلاج, ثم قلت: ليس عندي دليل شرعي على أن هذا يجوز و لكن غلبني الضعف و قلت لمحمد عمر: ائتني بشيء من اللوز لأكتب على قشوره فلم يجد شيئا فقلت له: أكتب على قطع من القرطاس بدلا من قشور اللوز ما تقدم ذكره فكتب ذلك, و لما جاءتني الحمى و بدأ غليانها يشتد تبخرت بتلك القطع فخفت عني الحمى إلى حد أني لم أفقد عقلي في ذلك ... فتعجبت من تأثير ذلك العلاج العجيب و لم استطع تعليله إلى الآن و خطر ببالي أنه ربما كان حر الجمر و الدخان الذي كنت أتبخر به سبا في زوال الحمى, و قد خبرني بعض الأطباء الأوروبيين الذين هم معجبون بطب العرب أن العرب كانوا يداوون الشيء بجنسه لا بضده, كما يفعل اليونانيون فيداوون الحرارة بحرارة من نوع آخر و البرودة ببرودة من نوع آخر و هكذا, فإن صح ما قاله هذا الطبيب فلعل حرارة النار أذهبت حرارة الحمى بإذن الله و الله أعلم".اهـ
الفائدة (42)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" (بوزدوزخ) و معناه بالفارسية تيس جهنم ".اهـ
الفائدة (43)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" نهمة القارء كنهمة الطعام فكما أن الطاعم لا يصبر على طعام واحد فكذلك القارئ ".اهـ
الفائدة (44)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" و قد علمتني التجارب أن كل من أصيب بهذا المرض [مرض الربو] في بلاد رطبة الهواء كشواطئ البحار فداوؤه أن يفر إلى الأراضي الجافة الهواء كالصحاري, أما من أصيب به في بلد يابس الهواء فدواؤه شواطئ البحر".اهـ
الفائدة (45)
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى –كما في (الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة):" و من عادة سكان المدن المغربية أن يصلوا الصبح على حساب المنجمين و لا يكلف أحدا منه نفسه أن ينظر إلى الفجر أطلع أم لم يطلع فكانوا يصلون الصبح قبل طلوع الفجر الذي يرى بالبصر بنحو نصف ساعة, فنهيت جماعتنا عن مشاركتهم في هذه الصلاة الباطلة فكنا نؤخر الصلاة إلى ان يتحقق طلوع الفجر ".اهـ
قال عبد الحق آل أحمد الجلفاوي تم بحمد الله - جل وعلا - تدوين هذه الفوائد ونقلها بالجزائر بعد صلاة التراويح من يوم: 16 رمضان لعام 1429هـ.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - Mar-2010, صباحاً 03:15]ـ
قال-رحمه الله-: فيا أيها المسلم الموفق حقق التوحيد و الاتباع ترى العجب العجاب قال تعالى في سورة غافر: {إنا لننصر رسلنا و الذين ءامنوا في الحياة الدنيا و يوم يقوم الأشهاد}.غافر:51.
ـ[قلبـ مملكه ـي وربي يملكه]ــــــــ[12 - Mar-2010, صباحاً 03:19]ـ
فوائد مميزه رحم الله الشيخ وبارك الله فيكم
ـ[ابن موسى الحنبلي]ــــــــ[12 - Mar-2010, مساء 07:40]ـ
انتقاء مميز .. تشكر عليه وفقك الله
ولكن .. أين نجد ذلك الكتاب الممتع؟
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[15 - Mar-2010, مساء 02:29]ـ
بارك الله فيك و رحم الله الشيخ الهلالي
ـ[أبو سهل الحزين]ــــــــ[20 - Apr-2010, مساء 06:12]ـ
جزاكم الله خيرا؛ هلا أرشدتنا إلى كيفية الحصول على هذا الكتاب النافع.
بارك الله فيك!
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[24 - May-2010, مساء 10:33]ـ
الإخوة الكرام؛ وفيكم بارك الله ..
والكتاب موجود في النَّت، ابحث تجد!
إن شاء الله تعالى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[برهان الدين اليماني]ــــــــ[26 - May-2010, صباحاً 10:53]ـ
بارك الله فيك ورحمه الله الشيخ
بس
أين الفائدة الثانية
هل حذفت أو سقطت
ـ[أبو الطيب المتنبي]ــــــــ[03 - Jul-2010, صباحاً 06:53]ـ
أحسنتم أيها الجليل، نعم الاختيار، أحسن الله إليك ونفع بك
(/)
من يساعدنا في هذه حل هذه المشكلة ..... وندعوا له بالفردوس الأعلى في هذه العشر الأواخر ..
ـ[الطاهر الجزائري]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 02:56]ـ
مشكلتنا أحبتي في الله ....
تتمثل في أننا نصلي في أحد المساجد منذ سنين طويلة ... وقبل مدة جاء أحد الإخوة وقال: أن القبلة منحرفة إنحراف فاحش .... ولا يجوز الصلاة في هذا المسجد .... بناءً على قياس ببوصلة كانت معه ....
وفعلاً تأثر الكثير من الاخوة بفتواه وصاروا يتخلفون عن صلاة الجماعة .... والعديد منهم يصلي في بيته ....
علما أن بعضهم اتصل بالمكلفين بالمسجد .... وأبدو استعدادا لتغيير الامر .... لكن الامر بقي مجرد وعود ....
لكنني بعد القياس عن طريق (قوقل آرث) تيبين لي أننا ننحرف عن القبلة بحوالي 30 درجة ....
http://up107.arabsh.com/s/rilk2450yq.jpg
الخط الاحمر اتجاهنا في الصلاة.
الخط الاصفر الاتجاه الصحيح للقبلة.
فهل صلاتنا بهذا المسجد صلاة باطلة؟ ....
وهل هذا الانحراف مبرر لنا لنتخلف عن صلاة الجماعة؟ ....
اخوكم: الطاهر الجزائري
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 03:23]ـ
اكتشفوا أن مسجدهم ينحرف عن القبلة بمقدار 17 درجة
لدينا في القرية جامع بناؤه قديم وتمت الصلاة فيه لأكثر من عام، ولكن قبل فترة عندما قامت الأوقاف بالكشف على الجامع اتضح أن المسجد منحرف عن اتجاه القبلة ما يعادل 17 درجة، فانقسم أهل القرية إلى قسمين منهم من قال إنه يجب وضع خيط لتعديل اتجاه القبلة، ومنهم من قال بأن ما بين المشرق والمغرب قبلة والانحراف قليل وتصح الصلاة بدون تشويه صفوف المصلين، فما رأيكم؟ وهل يجوز الصلاة خلف الإمام ونحن منحرفون بمقدار 17 درجة؟ ثم هل يجوز هجر المسجد وهل يجوز تخطي المساجد؟ نريد الإجابة بتفصيل وبشكل قاطع لأن أهل البلدة معتمدون على الله ثم على فضيلتكم بالإفتاء القاطع، وسوف نعلق الفتوى في المسجد لحل الخلاف بين الفريقين.
الحمد لله
أولا:
استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة؛ لقوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) البقرة/144.
وفرض القريب من الكعبة أن يستقبل عينها، وأما البعيد عنها ففرضه أن يستقبل جهتها، عند جمهور العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": " استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة , ولا فرق بين الفريضة والنافلة. . .
والواجب على من بَعُد من مكة طلب جهة الكعبة , دون إصابة العين.
قال أحمد: ما بين المشرق والمغرب قبلة , فإن انحرف عن القبلة قليلا لم يُعِدْ , ولكن يتحرى الوسط. وبهذا قال أبو حنيفة. . . لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) رواه الترمذي " انتهى باختصار.
وفي كلام الإمام أحمد رحمه الله المتقدم فائدتان:
الأولى: تتعلق بصلاتكم الماضية، فهي صحيحة ولا يلزمكم إعادتها.
الثانية: تتعلق بصلاتكم في المستقبل، فعليكم تعديل الصفوف، ولا ينبغي لكم تعمد الانحراف عن القبلة.
وهذا هو قول جمهور العلماء، أما الإمام الشافعي رحمه الله فقد ذهب إلى أنه يجب إصابة عين الكعبة حتى على البعيد، وتبطل الصلاة عنده بمثل هذا الانحراف عن القبلة.
وانظر: "المجموع" (3/ 208).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " استقبال القبلة يكون إما إلى عين القبلة وهي الكعبة، وإما إلى جهتها. فإن كان الإنسان قريبا من الكعبة يمكنه مشاهدتها ففرضه أن يستقبل عين الكعبة لأنها هي الأصل. وأما إذا كان بعيدا لا يمكنه مشاهدة الكعبة فإن الواجب عليه أن يستقبل الجهة، وكلما بعد الإنسان عن مكة كانت الجهة في حقه أوسع، لأن الدائرة كلما تباعدت اتسعت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) هذا بالنسبة لأهل المدينة، وذكر أهل العلم رحمهم الله أن الانحراف اليسير في الجهة لا يضر.
والجهات معروف أنها أربع: الشمال والجنوب والشرق والغرب، فإذا كان الإنسان عن الكعبة شرقا أو غربا كانت القبلة في حقه ما بين الشمال والجنوب، وإذا كان عن الكعبة شمالا أو جنوبا صارت القبلة في حقه ما بين المشرق والمغرب لأن الواجب استقبال الجهة ... " انتهى من "فقه العبادات" ص (154).
ثانياً:
لا حرج في وضع خيط ونحوه ليستقيم الصف على اتجاه القبلة، وهذا أولى من الصلاة مع الانحراف.
ثالثاً:
الأفضل أن يصلي الإنسان في مسجد حيه أو المسجد القريب من بيته، ولا يتخطاه إلى غيره من المساجد إلا لسبب شرعي، والمرجو من القائمين على المسجد أن يقوموا بتعديل الصفوف وعدم الانحراف عن القبلة يميناً أو شمالاً، احتياطاً للصلاة، فإن بعض الأئمة كما سبق يبطل الصلاة بمثل هذا الانحراف.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وجمع كلمتهم على البر والتقوى.
والله أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحلم والأناة]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 03:26]ـ
راجع هذا الرابط
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1474
وهذا
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=19114
(/)
ما معنى: "كان رسول الله يتقلب ظهرا لبطن من شدة الجوع"؟
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 03:53]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا إخوان، ما معنى عبارة: " كان رسول الله يتقلب ظهرا لبطن من شدة الجوع "؟
أرجو الإفادة لتتم ترجمتها على أكمل وجه و جزاكم الله خيرا
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 08:34]ـ
يعني: يتلوى من الجوع. انظر حاشية السندي على سنن ابن ماجه
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 10:45]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 01:21]ـ
وفيك .. حفظك الله
(/)
هل يجوز إعطاء زكاة الفطر لعائلات الأسرى؟
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 05:44]ـ
الإخوة الكرام في المجلس لدي سؤال بخصوص زكاة الفطر,
هل يجوز إعطاء زكاة الفطر لعائلات الأسرى لكي يعطوا هذه الزكاة لأبنائهم في السجن؟
فمثلا إذا قدمنا لعائلة ما هذه الزكاة تقوم عائلته بطبخ طعام للأسير و تقديمه له أثناء زيارته.
فعل هذا مشروع؟
(/)
موضوعات في القراءات ..... منقولة
ـ[أبو المعتصم]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 03:43]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سأحاول معكم هنا جمع موضوعات من المجلس العلمي وموقع الألوكة تخص علم القراءات
أرجوكم .... .... ساعدوني
1 - كيف يقرأ القراء العشرة هذه الآيات من سورة سبأ ... للشيخ أحمد محمد سليمان
http://www.alukah.net/articles/1/3741.aspx
2 - أوجه القراءة في رواية حفص عن عاصم بقصر المنفصل من طريق المصباح .... للشيخ يسري حسين محمد سعد
http://www.alukah.net/articles/1/166.aspx?cid=61
3- قراءة الإمام بقراءة أخرى .... للشيخ يسري حسين محمد سعد
http://www.alukah.net/Counsels/CounselDetails.aspx?CategoryID =4&CounselID=209
4- تقليل رؤوس الآي في السور الإحدى عشرة ..... للشيخ أحمد محمد سليمان
http://www.alukah.net/Counsels/CounselDetails.aspx?CategoryID =4&CounselID=204
ـ[تلميذ المنيسي]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 05:18]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الطيب.
وجزى الله الشيخين: أحمد محمد سليمان، ويسري حسين محمد سعد خير الجزاء
ونحن متابعون إن شاء الله لهذا الموضوع الذي يجمع شمل موضوعات هذا العلم في المجلس والموقع
ـ[أبو المعتصم]ــــــــ[22 - Sep-2008, مساء 03:49]ـ
السلام عليكم
الموضوعات أمامي كثيرة، لكني أريد مشاركتكم لأن دخولي على الشبكة قليل.
وإليكم من ملتقى أهل التفسير:
هل يجوز هذا الوقف عند أحد من العلماء؟
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=61870#post618 70
ومن مجلسنا:
* اللحن الخفي واللحن الجلي في سورة الفاتحة، وأخطاء أئمة المساجد المشهورين!!
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=19960
* كيف تواردوا على هذا السهو في كلمة قرآنية؟!
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=19735
* هل يمتنع مد الهمزة الثانية من (أألد) للأزرق أم لا؟
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=19467
* اللهم وفّق قرَّاءنا الكبار الذين نتعلَّم منهم
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16498
والرجاء التعاون معي في جمع موضوعات هذا العلم هنا
ـ[أبو المعتصم]ــــــــ[14 - Dec-2008, مساء 06:27]ـ
السلام عليكم
هذا موضوع جديد ظهر اليوم فقط على موقع الألوكة
نظم في أسماء كتب القراءات وشرحه ( http://www.alukah.net/articles/1/4543.aspx)
(/)
فلاح المؤمن
ـ[الازور]ــــــــ[20 - Sep-2008, مساء 04:30]ـ
فلاح المؤمن
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه رواه مسلم.
******
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قد أفلح من أسلم في بعض الروايات من هدي للإسلام والمعنى: من أسلم وكان رزقه أو كان عيشه كفافا، وقنعه الله بما آتاه، الفلاح هو: الظفر بالمطلوب والنجاة والسلامة من المرهوب، ومن هم أصحاب هذا؟ هم الذين قال الله فيهم: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ إلى قوله: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ هذا غاية الفلاح وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ والآيات في هذا كثيرة.
الفلاح: الفوز والظفر بالمطلوب، يعني: الفلاح هو السعادة، من فاز بالمطلوب ونجى من المرهوب أليس هو السعيد؟ وسبيل هذا الفلاح هو الإيمان بالله ورسوله والاستقامة على دينه، هذا هو سبيل الفلاح، الإيمان بالله ورسوله ثم الاستقامة على أمر الله ظاهرا وباطنا وهذا يتضمن أداء الحقوق - حقوق الله وحقوق العباد - بهذا ينال الفلاح وتنال السعادة.
قد أفلح من أسلم أسلم: ليس المراد مطلق إسلام، - يعني - لا الفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب والسلامة من كل مرهوب يحتاج إلى تحقيق الإسلام والتحقق بالإسلام فإنه - يعني - التحقق بالإسلام، والانتماء إلى الإسلام يتفاضل ويختلف " قد أفلح من هدي للإسلام "، قد أفلح من أسلم أسلم لله وانقاد لأمره، أسلم وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ في إبراهيم إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ إسلام قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ إلى قوله وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ الإسلام هو دين الله الذي بعث به رسله من أولهم إلى آخرهم، هو حبل النجاة، هو حبل الله المتين من تمسك به نجا ومن أفلته وانقطع منه هلك، " من أسلم " هو سبب سعادة الدنيا والآخرة: الإسلام، قال هذا الأصل هذا أساس الفلاح هو الإسلام.
ولكن من متممات الفلاح أن يكون رزق الإنسان كفافا: وسطا لا فقر يلجئه ويحوجه للناس ويلجئه - يعني - إلى لمسألة والنظر إلى ما في أيدي الناس، ولا غنى وثراء يوجب له الاغترار وإيثار الدنيا والانشغال بها وبحظوظها ومتعها عن أمر دينه، وكان رزقه كفافا.
الكفاف: هو الذي يصبح وسطا لا غنى يطغيه ولا فقرا ينسيه، هذا من كمال - يعني - السعادة؛ لأن - يعني - باعتبار أكثر الناس، الغنى يشغل صاحبه يفوت عليه فضائل؛ لكن قد يكون الغنى سببا لمزيد من السعادة أحيانا مثل الذين قال فيهم الفقراء: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ... إلى آخره، ويتصدقون بفضول أموالهم - يعني - يشاركون إخوانهم الفقراء في الأعمال القاصرة صلاة ذكر وتسبيح وتلاوة قرآن، ولكنهم يتفوقون عليهم بالبذل وعتق الرقاب ومواساة الفقراء والصدقات والمواساة هذا نوع آخر، لكن الغالب أن الغنى يشغل، وليس كل من أوتي المال يبذله - يبذل الفضل - وكان رزقه كفافا هذا من متممات - يعني - مما يعين
(يُتْبَعُ)
(/)