ـ[أبو الفداء]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 04:05]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم. وفي الحقيقة فاني بقولي أنه مستقذر، لا أقيم بذلك دليلا على تحريمه، ليس كذلك، ولكن مجرد فكرة أن تستحلب المرأة في فمها مذي الرجل، وهو من النجاسات كما هو معلوم، هذه فيها ما يستقذر! وكفى أن يوضع ذلك العضو المهين الذي يتبول منه الرجل، في فم المرأة! والا فان كانت هي لا تستقذر ذلك بل تتلذذ به، فلا يوجد نص يمنعها منه!
وأما قولي بأننا متأثرون في ذلك بالكفار، فلا يعارضه قولك بأنه قد قال بوجوده في العرب بعض المتقدمين، بل لعلك لو بحثت لوجدت ما هو أشد غرابة واستقباحا من عوائد الناس في الجماع، موجودا اليوم عند الكفار وموجود مثله كذلك في سائر العصور في هذه الأمة، بما في ذلك وطء حلقة الدبر والتلذذ بها!! وهذا ليس حجة لي ولا لك، وفقني الله واياك.
فأنا أقول أننا في زماننا هذا أكثر المقبلين منا على مثل هذه الممارسات مع نسائهم والمستسيغين لها انما أتوا بها من مشاهدة الأفلام الاباحية عند الكفار، فهم الذين جعلوا .. مثل هذا .. مدخلا مهما للمداعبة الجنسية، بل وجعلوه في حد ذاته مطلبا قد يكتفي به الرجل من المرأة، فكأنما يحيد عن موضع الولد منها الى فمها، والله المستعان!!
والا فأنا لا أظن أن المرأة تتلذذ أصلا بمصها فرج زوجها، - وان كان الرجل على العكس قد يتلذذ بمص فرج امرأته - بل أظنها لو استقامت فطرتها فستنفر منه، والله أعلم!!
أما تفريقي بين مص المرأة ولحسها لفرج زوجها فلأنه قد يقع اللحس للذكر دون أن تتعرض للعق المذي الخارج منه، فربما أمكنها تجنب ذلك ان أرادت، بخلاف المص الذي يصب كل شيء في فمها صبا، ولعله في كلا الحالتين لا يمكن الاحتراز منه، فيتساويان في ذلك (أعني المص واللحس) ولا يكون لهذا الكلام وجه.
وأما كون هذا الأمر لا يسبب المرض فهذا لا يرفع عنه صفة الاستقذار عند عامة ذوي الفطرة السوية!
وأعود فأؤكد على أني لا أرمي الى التحريم والحظر، فليس لي هذا .. وانما غاية الأمر أن يكون فيه كراهة! والا فالشرع قد يبيح أمورا مع كونها قد تعافها النفوس أو تستقذرها، لرجحان المصلحة على المفسدة في اطلاق الحكم باباحتها، كما أباح أكل البصل والثوم مع وصف النبي لهما بأنهما خبيثان، والله أعلم.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 04:18]ـ
هل استمناء الرجل بيده محرم إذا كان مع زوجته؟
ما دليل ذلك بارك الله فيكم
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 11:55]ـ
هل استمناء الرجل بيده محرم إذا كان مع زوجته؟
ما دليل ذلك بارك الله فيكم
الأظهر .. جواز ذلك مطلقا .. مالم يكن فيه ضرر ..
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[16 - Aug-2008, صباحاً 05:59]ـ
سئل العلامة الألباني - رحمه الله تعالى - عن مسألة اللحس هذه؟
فقال: ((هذا تفعله الحيوانات)).
وفتواه في " سلسلة الهدى والنور".
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[16 - Aug-2008, صباحاً 06:07]ـ
لو قيل بالتفريق بين الرجل والمرأة لكان له وجه حيث يجوز للمرأة أن تمص ذكر الرجل ويمكن التحرز من المذي وإذا لم يوجد مذي فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث طلق بن على: إنما هو بضعة منك. أي كغيره من أعضاء الجسم.
ـ[أمير المغربي]ــــــــ[25 - Nov-2008, صباحاً 02:52]ـ
حيا الله الاخوة جميعا واسال الله أن يبارك في جهودكم وينفع بكم
صراحة لم أجد رد واضح للمبيحين علي قضية النجاسة فمص ذكر الرجل سيجعل المذي يدخل في فمها يقينا والقول بالاحتراز من المذي بعيد فالرجل علي الاغلب لا يشعر به والمذي نجس ....
وبالنسبه للعق فرج المرأة فرطوبة فرج المرأة نجس
فما الجواب مع العلم اني لا أرجح القول بالتحريم لكن أريد جواب واضح شافي كافي علي النقطتين
ـ[أبوهلا]ــــــــ[25 - Nov-2008, صباحاً 07:43]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك شيء اسمه المروءة، أرى ترك مثل هذه الأفعال مروءة، واحتراما لزوجتك.
إلى أين سنصل أيها الإخوة؟؟؟ إلى أفعال الحيوانات؟؟؟
أصلحكم الله
ـ[أمير المغربي]ــــــــ[25 - Nov-2008, مساء 07:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخي ابو هلا
لكن يا أخي لا تخرجنا من تحرير المسألة الفقهيه الي الكلام عن المروءة
لازلت أرد جواب المبيحين علي ما ذكرته سابقا
علي قضية النجاسة فمص ذكر الرجل سيجعل المذي يدخل في فمها يقينا والقول بالاحتراز من المذي بعيد فالرجل علي الاغلب لا يشعر به والمذي نجس ....
وبالنسبه للعق فرج المرأة فرطوبة فرج المرأة نجس
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[25 - Nov-2008, مساء 10:25]ـ
للمتابعة
ـ[صبر الرمال]ــــــــ[26 - Nov-2008, صباحاً 12:44]ـ
يعيش المرء ما استحيا بخير. .
ـ[أمير المغربي]ــــــــ[26 - Nov-2008, صباحاً 04:13]ـ
ارجو الرد من طلبة العلم علي ما ذكرت ... للمتابعة
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[26 - Nov-2008, صباحاً 08:22]ـ
المسألة شرعية بحتة ناقشها من هم أفضل منا، ....
كفى من التورع البارد(/)
سؤال عن ادب شرب الماء
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 02:50]ـ
قال الشيخ محمد اسماعيل فى تفسير لقوله تعالى (يتنازعون فيها كأسا)
قول الأخطل: وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار نازعته طيب الراح الشمول وقد صاح الدجاج وحانت وقعة الساري قوله: (وشارب مربح) المربح هو: الذي ينحر لضيفانه الربح وهي الفصلان. وقوله: (بالكأس نادمني لا بالحصور) يعني: ليس بخيلاً ضيقاً كالحصير. وقوله: (ولا فيها بسوار) السوار هو: المعربد الوثاب، يعني: أنهم يعيبونه بأنه إذا شرب ترك بقية في قعر الإناء.
فهل للناس الان الأخذ بهذا الادب ام المسألة خاضعة للعرف؟(/)
تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 03:36]ـ
هذا الحديث مشهور جدا ... لكن ما مدى صحة إسناده أو أسانيده .. ؟؟؟؟
الحديث رواه:
الإمام مالك بن أنس في الموطأ معضلا.
قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 331):
((معروف مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد)).
وقال ابن حجر في هداية الرواة (1/ 140): ((معضلا بلاغا)).
ووصله ابن عبد البر فقال:
وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا محمّد ابن إبراهيم الديلي، قال: الديلي عليّ بن زيد الفرائضي، قال: حدثنا الحنيني، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)
وبناء على هذا السند فقد قال ابن حجر في أطرافه:
((فالظاهر أن مالكا أخذه عن كثير))
نقل هذا السيوطي في اللآلي المصنوعة (1/ 85).
يقول الشخ حاتم الشريف في أجوبته في موقع الإسلام اليوم:
((الحديث المذكور أورده الإمام مالك في الموطأ بلاغاً (معلقاً) غير متصل، رقم (2618)، ووصله بعض أهل العلم من طرق لا تصح، وليس في طرقه ما يُقوي بعضها، هذا ما يترجح لديّ وإن كان من أهل العلم من صحح أو قبل بعضها، بل منهم من اعتبره مستغنياً بشهرته عن الإسناد، كابن عبد البر في التمهيد (24/ 331))).
لكن صح غيره في وجوب التمسك بالسنة و هدي السلف الصالخ ...
قال الشريف حاتم العوني:"ومع ذلك: فمعنى الحديث ثابت بالكتاب وصحيح السنة، فالآيات الآمرة بطاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- والمحذرة من معصيته والحاثة على الاقتداء به والرجوع إلى سنته أكثر من أن تحصى، وكذلك أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- الثابتة عنه."(/)
رسالة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي إلى الشيخ رشيد رضا وجوابها
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 07:38]ـ
من عنيزة إلى قاهرة مصر
في رجب سنة 1346
بسم الله الرحمن الرحيم
أبعث جزيل التحيات، ووافر السلام والتشكرات، لحضرة الشيخ الفاضل السيد محمد رشيد رضا المحترم حرسه الله تعالى من جميع الشرور، ووفقه وسدده في كل أحواله آمين، أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فالداعي لذلك ما اقتضاه الحب ودفعه الود المبني على ما لكم من المآثر الطيبة التي تستحقون بها الشكر من جميع المسلمين التي من أعظمها تصديكم في مناركم الأغر لنصر الإسلام والمسلمين، ودفع باطل الجاهلين والمعاندين، رفع الله قدركم وأعلى مقامكم، وزادكم من العلم والإيمان ما تستوجبون خير الدنيا والآخرة، وأنعم عليكم بنعمه الظاهرة والباطنية، ثم إننا نقترح على جنابكم أن تجعلوا في مناركم المنير بحثًا واسعًا لأمر نراه أهم البحوث التي عليها تعولون وأنفعها لشدة الحاجة بل دعاء الضرورة إليه ألا وهو ما وقع فيه كثير من فضلاء المصريين وراج عليهم من أصول الملاحدة والزنادقة من أهل وحدة الوجود والفلاسفة بسبب روجان كثير من الكتب المتضمنة لهذه الأمور ممن يحسنون بهم الظن ككتب ابن سينا وابن رشد وابن عربي ورسائل إخوان الصفا بل وبعض الكتب التي تنسب للغزالي وما أشبهها من الكتب المشتملة على الكفر برب العالمين والكفر برسله وكتبه واليوم الآخر، وإنكار ما عُلِمَ بالضرورة من دين الإسلام، فبعض هذه الأصول انتشرت في كثير من الصحف المصرية بل رأيت تفسيرًا طبع أخيرًا منسوبًا للطنطاوي قد ذكر في مواضع كثيرة في تفسير سورة البقرة شيئًا من ذلك ككلامه على استخلاف آدم وعلى قصة البقرة والطيور ونحوها بكلام ذكر فيه من أصول وحدة الوجود وأصول الفلسفة المبنية على أن الشرائع إنما هي تخييلات وضرب أمثال لا حقيقة لها، وأنه يمكن لآحاد الخلق ما يحصل للأنبياء ما يجزم المؤمن البصير أنه مناقض لدين الإسلام وتكذيب لله ورسوله، وذهاب إلى معانٍ يُعلم بالضرورة أن الله ما أرادها وأن الله بريء منها ورسوله، ثم مع ذلك يحث الناس والمسلمين على تعلمها وفهمها، ويلومهم على إهمالها وينسب ما حصل للمسلمين من الوهن والضعف بسبب إهمال علمها وعملها.
وَيْح من قال ذلك، لقد علم كل من عرف الحقائق أن هذه العلوم هي التي أوهنت قوى المسلمين وسلطت عليهم الأعداء وأضعفتهم لزنادقة الفرنج وملاحدة الفلاسفة، وكذلك يبحث كثير منهم في الملائكة والجن والشياطين ويتأولون ما في الكتاب والسنة من ذلك بتأويلات تشبه تأويلات القرامطة الذين يتأولون العقائد والشرائع فيزعمون أن الملائكة هي القوى الخيرية التي في الإنسان فعبَّر عنها الشرع بالملائكة كما أن الشياطين هي القوى الشريرة التي في الإنسان فعبَّر عنها الشرع بذلك، ولا يخفى أن هذا تكذيب لله ولرسله أجمعين، ويتأولون قصة آدم وإبراهيم بتأويل حاصله أن ما ذكر الله في كتابه عن آدم وإبراهيم ونحوهما لا حقيقة له، وإنما قصد به ضرب الأمثال، وقد ذكر لي بعض أصحابي أن مناركم فيه شيء من ذلك وإلى الآن ما تيسر لي مطالعته ولكن الظن بكم أنكم ما تبحثون عن مثل هذه الأمور إلا على وجه الرد لها والإبطال كما هي عادتكم في رد ما هو دونها بكثير، وهذه الأمور يكفي في ردها في حق المسلم المصدق للقرآن والرسول مجرد تصورها، فإنه إذا تصورها كما هي يجزم ببطلانها ومناقضتها للشرع، وأنه لا يجتمع التصديق بالقرآن وتصديقها أبدًا، وإن كان غير مصدق للقرآن ولا للرسول صار الكلام معه كالكلام مع سائر الكفار في أصل الرسالة وحقيقة القرآن.
وقد ثبت عندنا أن زنادقة الفلاسفة والملحدين يتأولون جميع الدين الإسلامي: التوحيد والرسالة والمعاد والأمر والنهي بتأويل يرجع إلى أن القرآن والسنة كلها تخييلات وتمويهات لا حقيقة لها بالكلية ويلبسون على الناس بذلك ويتسترون بالإسلام، وهم أبعد الناس عنه كما ثبت أيضًا عندنا أنه يوجد ممن كان يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ويعظم الرسول وينقاد لشرعه وينكر على هؤلاء الفلاسفة ويكفرهم في أقوالهم أنه يدخل عليه شيء من هذه التأويلات من غير قصد ولا شعور لعدم علمه بما تؤول إليه ولرسوخ كثير من أصول الفلسفة في قلبه، ولتقليد من يعظمه وخضوعًا أيضًا، ومراعاة لزنادقة علماء الفرنج الذين يتهكمون بمن لم يوافقهم على كثير من أصولهم ويخافون من نسبتهم للبلادة وإنكار ما علم محسوسًا بزعمهم فبسبب هذه الأشياء وغيرها دخل عليهم ما دخل، فالأمل قد تعلق بأمثالكم لتحقيق هذه الأمور وإبطالها فإنها فشت وانتشرت وعمت المصيبة بها الفضلاء فضلاً عمن دونهم، ولكن لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة يهتدي به الضالون، وتقوم به الحجة على المعاندين، وقد ذكرت لحضرتكم هذه الأشياء على وجه التنبيه والإشارة؛ لأن مثلكم يتنبه بأدنى تنبيه، ولعلكم تجعلونه أهم المهمات عندكم؛ لأن فيه الخطر العظيم على المسلمين، وإذا لم ير الناس لكم فيه كلامًا كثيرًا وتحقيقًا تامًا فمن الذي يعلق به الأمل من علماء الأمصار؟ والرجاء بالله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه ويجعلنا وإياكم من الهادين المهتدين إنه جواد كريم، وصلى الله على محمد وسلم.
محبكم الداعي
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 07:43]ـ
(المنار)
إننا لا نألو جهدًا في الرد على كل ما نطلع عليه من البدع المخالفة لكتاب الله والصحيح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي الدعوة إليهما على الوجه الذي كان عليه جمهور السلف الصالح، وفي الرد على خصومهما كما يرى في مقالة أعداء الإسلام من هذا الجزء، والذي نعلمه أن بدعة وحدة الوجود وفلسفة اليونان في الإلهيات والرسالة التي فتن الناس بها الباطنية وغيرهم في عصرهم قد نسخت وزالت في هذا العصر فلم يبق لهم دعاة، وإن كان لها اتباع قليلون وتفسير الشيخ طنطاوي جوهري لم نطلع عليه وإنما رأينا جزءًا واحدًا منه عند أحد أصدقائنا فتصفحت قليلاً منه في بضع دقائق فرأيت أن همه منه حث المسلمين على علوم الكون وشرح الكثير من مسائلها بمناسبة الآيات التي ترشد الناس إلى آياته تعالى في خلقه ونعمه على عباده كما جرى عليه في كتب أخرى له، وما نعرفه إلا مسلمًا يغار على الإسلام ويحب أن يجمع المسلمون بين الاهتداء به والانتفاع بعلوم الكون التي تتوقف عليها قوة الدول وثروة الأمم في هذا العصر، ونحن قد سبقناه بالدعوة إلى هذا، وبيناه بالدلائل في مواضع كثيرة من تفسيرنا من المنار وإن كنا أشرنا إلى الانتقاد على خطة الأستاذ المذكور في تفسيره فيما بيناه من أساليب المفسرين في فاتحة الجزء الأول من تفسيره ومراجعة ما كتبه من الآيات التي ذكرتموها.
ويجب عليكم أن تفرقوا بين علوم الكون التي ندعو إليها وبين الفلسفة قديمها وحديثها، فالفلسفة آراء ونظريات فكرية، وعلوم الكون عبارة عن العلم بما أودع الله تعالى في خلقه من المنافع كمنافع الماء وبخاره والهواء وما تركبا منه ومنافع الكهرباء التي منها التلغراف والتليفون وغيرهما بجميع الصناعات العجيبة والآلات الحربية من برية وبحرية وهوائية وجميع العقاقير الطبية مأخوذة من هذه العلوم فهي حقائق قطعية ثابتة بالحس، فمن يزعم أنها تخالف ما بعث به الله رسله فقد طعن في دين الله وصد العلماء بها عنه؛ لأنهم لا يستطيعون أن يكذبوا حواسهم.
وأما كفر من يكفرون في هذا العصر فأكثره من تأثير فلسفة الإفرنج المخالفة لفلسفة اليونانيين ومن جرى على طريقتهم كالعرب، وإن خالفهم في بعض النظريات كابن سينا وابن رشد وغيرهما، والرد على هؤلاء بما يرجى أن ينفعهم أو يقي كثيرًا من الناظرين في فلسفة العصر من إضلالهم يتوقف أحيانًا على تأويل بعض الآيات والأحاديث تأويلاً ينطبق على مدلولات اللغة في مفرداتها وأساليبها ويتفق مع العلم والعقل.
وليعلم أخونا صاحب هذه الرسالة أن الملاحدة والمعطلين في مصر وأمثالها قد يصرَّحون بكفرهم ولا يخشون عقابًا ولا إهانة فهم لا يحتاجون إلى التستر بالإسلام كزنادقة الباطنية المتقدمين، وقصارى ما يلقونه من النقد إذا صرَّحوا بكفرهم في الكتب أو الجرائد أن يرد عليهم بعض المسلمين بالكتابة والناس أحرار فيها، فإذا ادعى بعضهم مع نشر الكفر أنه مؤمن وجد من ينصره ويقول: إن ما كتبه لا ينافي الإيمان ولا يصادم الإسلام، ولم يصرح أحد من المصريين في هذا العهد بالطعن في الإسلام وتكذيب القرآن بمثل ما صرَّح به الدكتور طه حسين المشتغل بالجامعة المصرية تدريسًا وتأليفًا ولم يلق أحد من التكفير والتجهيل والطعن على ذلك مثل ما لقي من الكُتَّاب والمؤلفين من علماء الدين وعلماء الدنيا حتى اقترح بعض أعضاء مجلس النواب عزله من الجامعة فلم تعزله الحكومة؛ لأن أنصاره فيها كانوا أقوى من خصومه وكان منهم عدلي باشا رئيس الوزارة وثروت باشا وزير الخارجية الذي طرز الدكتور طرة كتاب الطعن باسمه، وعلي باشا الشمسي وزير المعارف وأحمد لطفي السيد مدير الجامعة.
وقد بيَّنا في فاتحة تفسيرنا وفي مواضع أخرى منه مسألة التأويل فذكرنا أننا نلم بتأويل بعض الآيات لأجل الدفاع عن القرآن، ورد بعض الشبهات التي يوردها الفلاسفة أو غيرهم عليها حتى لا يكون لهم حجة مقبولة عليها مع تصريحنا بأن اعتقادنا الذي ندعو إليه ونرجو أن نموت كما نحيا عليه هو اتباع مذهب السلف في كل ما يتعلق بعالم الغيب من الإيمان بالله وصفاته وملائكته وجنته وناره.
والتأويل قد يكون المنقذ الوحيد لبعض الناس من الكفر وتكذيب القرآن؛ إذ من المعلوم أن الموقن بصدق القرآن لا يخرج من الملة بفهم بعض آياته فهمًا مخالفًا لفهم غيره إذا لم يكن في فهمه هذا جحد لشيء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، ونرجو أن يقرأ أخونا صاحب هذه الرسالة الجزء الأول من تفسير المنار المشتمل على هذا البحث ويكتب إلينا بما يراه فيه، فإنني كنت منذ سنين كثيرة أتمنى لو يطلع بعض علماء نجد على المنار ويفتح بيني وبينهم البحث والمناظرة العلمية الدينية فيما يرونه منتقدًا لينجلي وجه الصواب فيها، وقد كنت كتبت إلى إمامهم بذلك، وإنني سأرسل إليه عشر نسخ من كل جزء ليوزعها على أشهرهم، وفعلت ذلك عدة سنين ولكن لم يأتني منه جواب، ثم ترجَّح عندي أن تلك النسخ كانت تختزل من البريد البريطاني في سني الحرب وما بعدها.
مجلة المنار، الجزء التاسع والعشرون، الصفحة 143
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 11:40]ـ
جزاك الله خيرا
وأكيد كان الشيخ السعدى من طبقة تلامذة الشيخ رشيد رضا
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 11:46]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أولاً: كنت أتمنى لو ساويت في العنوان - على الأقل - بين تقديمك للشيخين، بدلاً من ان تنعت الأول بالشيخ العلامة والآخر بالشيخ فقط، ولو راجعت مقدمة المقال التي ذكرها الشيخ السعدي وعظيم إطرائه للشيخ رشيد رضا، لتبين لك وجه أمنيتي.
ثانياً: الموضوع المطروح (السؤال والجواب) في منتهى الأهمية - في نظري - نظراً لأنها تكشف عن سلوك متحضر قويم من الشيخين:
فالأول يعرف فضل الثاني ويقر له به ويحكي له ما يجول في خاطره من انتشار وتسرب بعض التأويلات الفاسدة في كتب المفكرين المعاصرين عن بعض الأنبياء ثم يحكي له ما سمعه من بعص أصحابه ان المنار به بعضاً من هذه الأشياء، معتبراً رسالته هذه للاشارة والتنبيه ليتصدي الشيخ رشيد للرد والتوضيح.
والثاني لا يتعصب لرأيه ويقبل ما وجه اليه بل يطلب من الأول قراءة المجلد الأول حتى يتم التناظر والمباحثة العلمية ليتبين وجه الصواب فيما فيه الانتقاد، ويذكر له أنه كان يبعث بالنسخ من المجلدات لكي يقرأها علماء نجد وتبين له بعد ذلك عدم وصولها.
رحم الله الشيخين، وأورثنا من أدبهم قبل علمهم - وجزى الله أخانا الشامي خيراً.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 08:24]ـ
أولاً: كنت أتمنى لو ساويت في العنوان - على الأقل - بين تقديمك للشيخين، بدلاً من ان تنعت الأول بالشيخ العلامة والآخر بالشيخ فقط، ولو راجعت مقدمة المقال التي ذكرها الشيخ السعدي وعظيم إطرائه للشيخ رشيد رضا، لتبين لك وجه أمنيتي.
بارك الله بكم على التعليق أخي شريف، ولم يخطر ببالي أبدا، حين عنونة الموضوع، الحط من قدر "بلديّنا" الشيخ العلامة المفسّر المحدّث المصلح رشيد رضا رحمه الله وطيّب ثراه ...
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 10:23]ـ
وأكيد كان الشيخ السعدى من طبقة تلامذة الشيخ رشيد رضا
؟؟؟؟؟؟؟؟
ما هذا
؟؟!!!!
ـ[أبو الطيب المتنبي]ــــــــ[24 - Feb-2009, مساء 09:47]ـ
الشيخ عبد الرحمن السعدي ما كان من طبقة تلامذة الشيخ رشيد،بل كان عالم القصيم ويدرى هذا
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[03 - May-2010, مساء 07:47]ـ
الموقع الرسمي للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله.
http://www.binsaadi.com/ (http://www.binsaadi.com/)
ـ[أبو جابر علي محمد]ــــــــ[03 - May-2010, مساء 10:27]ـ
رسالة جميلة ونافعة, فيها الذب عن التوحيد وحماية العقيدة كما هو دأبه رحمه الله
جزاك الله خيرا
ـ[أبو فؤاد الليبي]ــــــــ[04 - May-2010, صباحاً 03:08]ـ
أروع مافي الرسالتين الأدب الجم
رحمة الله عليهما , وأشكر الكاتب أن أطلعنا على هاتين الرسالتين.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[04 - May-2010, صباحاً 04:02]ـ
بارك الله فيكم .. و هل يعرف ما كان مآل الاتصال بين سلفيي نجد و سلفيي مصر؟؟ و ما آل اليه أمر هذه المراسلات؟؟
ـ[عمر بن سليمان]ــــــــ[04 - May-2010, صباحاً 05:59]ـ
مصدر الرسالتين ((لمن ينشد التوثيق))
من فضلك
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[04 - May-2010, مساء 08:35]ـ
(المنار)
مجلة المنار، الجزء التاسع والعشرون، الصفحة 143
يبدو أنك لم تدقق النظر أخي الكريم ...
ـ[عمر بن سليمان]ــــــــ[05 - May-2010, صباحاً 05:34]ـ
يبدو أنك لم تدقق النظر أخي الكريم ...
بارك الله فيك اخي ونفع بك
انتبهت لكتابتك المجله
لكن اذا كان الكتاب المطبوع المعلوم الاسم المتوفر بالاسواق يتعذر علي حيث انا
كيف والحال مجلة تصدر بعدد ويتلاشى ليحل محله عدد جديد
كنت ظننت انها في كتاب قلت لعلي ابحث عنه في الكتب المصورة في الانترنت
بكل حال شكر الله لك اخي
ـ[أبو الطيب المتنبي]ــــــــ[05 - May-2010, صباحاً 05:53]ـ
المجلة في المكتبة الشاملة وهي موافقة للمطبوع، وتباع أيضاً في مجلدات رزقنا الله بها وإياك
ـ[عمر بن سليمان]ــــــــ[05 - May-2010, مساء 07:21]ـ
المجلة في المكتبة الشاملة وهي موافقة للمطبوع، وتباع أيضاً في مجلدات رزقنا الله بها وإياك
شكر الله لك اخي
الجاهل اعمى كما يقال
نور الله بصيرتك(/)
تخصيص موضوع في المنتديات للدعاء لأحد الأعضاء
ـ[أسماء]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 09:14]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه فتوى قرأتها و أحب نقلها للفائدة ..............
:تخصيص موضوع في المنتديات للدعاء لأحد الأعضاء
سؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ بارك الله فيك
ما حكم تخصيص موضوع في المنتديات للدعاء لأحد الأعضاء،،،
وكل من يمر على الموضوع من الأعضاء يدعو للعضو،،،
كهذا مثلاً:
اخواني واخواتي
كنت اتصفح مكان الاهداء الخاص بالمنتدى
فوجدت للبعض حاجات ..... وللبعض الاخر حلو التعبيرات
تراحيب ... تسابيح .....
لكن لفت نظري واجب اسلامي اصيل ومثبت عن رسول الله عليه السلام وهو واجب الدعاء للمسلمين
وها انا انقل لكم ما طلبه منكم اخ لكم في ساحة الاهداء حيث قال:
بالله عليكم أخواني لا تنسوني من دعائكم هذا الاسبوع بالله لا تنسوا لا تنسوني من الدعاء
فماذا فعلتم لذلك؟؟
انا اعلم انكم دعوتم وتوجهتم بقلوب مخلصه لله بالدعاء لكن ما رأيكم ان نفعل ذلك بشكل جماعي ونجعلها بداية للتواصل فيما بيننا "التواصل العلني بلا حدود"
دعونا ندعو ونرجو الله عل الله يخفف عنا وعن امتنا ما هي فيه من ذل وهوان
ونبدأبالدعاء لاخينا بأفضل ما لدينا مما تعلمناه عن رسولنا الكريم عسى هذه اللحظات ان تكون الوقت الذي يغفر لنا به ذنوبنا
فهل يكون من الذكر الجماعي أم لا ... ؟؟؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
الدعاء لأحد من المسلمين لا يكون جماعيا إلاّ في حال شُرِع فيه الاجتماع، كَخُطْبة الجمعة وصلاة القيام في رمضان.
وما عدا ذلك فلا يُشرع فيه الدعاء الجماعي.
وسواء كان ذلك في المنتديات أو في غيرها.
وقد نصّ العلماء على أن الدعاء جماعة أ وفُرادى بعد الصلوات المكتوبة مِن البِدَع.
ولا يُتقرّب إلى الله عزّ وَجَلّ بِما لم يأذن به.
والله تعالى أعلم.
عبد الرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
منقول من موقع الارشاد من هنا
والله المستعان
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته(/)
الشيخ العلامة أبو حفص المدني الفاسي ـ فك الله أسره ـ .. آراء و تصورات ..
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 10:20]ـ
الحمد لله رب العالمين, و صلى الله على رسول الله و آله و سلم .....
التجديد بين الرفض والقبول
** يجري الحديث اليوم بإلحاح عن تجديد الخطاب الديني، وحاجة الأمة إلى بسط خطاب الدين بشكل يواكب العصر ويستجيب للتحولات التي فرضها عصر العولمة، كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟ هل تؤمنون بضرورة تجديد الخطاب الديني؟ أم تعتبرون القضية مجرد تبرير وتأصيل للقيم الوافدة باسم تجديد الخطاب الديني؟.
- بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قبل الحديث عن التجديد المشروع والتجديد الممنوع، والتعريج على مغازي إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات، لا بد أولا أن نحدد المقصود بهذا الخطاب الذي يراد تجديده؛ لأن التعميم آفة الدعاوى، ومزلة الأقدام، ومظنة اللبس، والتخصيص والتمييز والتحديد أمارات الصدق والدقة وحسن البيان.
فتحديد المصطلحات بدقة، وتجلية معانيها هو الذي يمكِّن من اتخاذ الموقف الشرعي الصحيح منها, فالحكم فرع عن التصور، والتصور لابد أن يكون دقيقا، فعن أي خطاب ديني نتحدث؟ وأي تجديد يراد؟.
فإن كان المقصود بهذا الخطاب حقيقة الدين المتمثلة في الوحي المقدس، من نصوص صحيحة لا تحتمل التأويل, ومعلوم من الدين بالضرورة, وثوابت مطلقة, ومواضع أجمعت عليها الأمة, فمثل هذا الخطاب لا تجديد فيه ولا مراجعة، ولا تغيير ولا إصلاح, فهو خطاب إلهي, من الحكيم الخبير، المطلع على أحوال العباد, العليم بما يصلح معاشهم ومعادهم، بل هو الدين والرسالة المحمدية التي تتجاوز كل زمان ومكان, وليس لنا من موقف إزاءه سوى تمام التسليم والانقياد (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
** وماذا عن الجانب النسبي في الدين والذي يعتبر محل اجتهاد؟
- إن قصد بهذا الخطاب اجتهادات العلماء وتنزيلاتهم وترجيحاتهم في مواطن الخلاف, وفتاواهم المبنية على الأعراف السائدة والأوصاف المتغيرة الدائرة مع العلل وجودا وعدما, وإلحاقاتهم للفروع والنوازل الحادثة بالأحكام الأصلية، وصيغهم وأساليبهم في البلاغ والبيان، فهذا خطاب بشري قابل للمراجعة والنقد في الصيغة والمضمون, بضوابط علمية, وممن له الحق في ذلك؛ لأنه خطاب نسبي قابل للصواب والخطأ والتبديل والتغيير، بخلاف الأول فهو خطاب مطلق قطعي.
ولذلك فإذا كان الحديث عن التجديد هو حديث عن هذا الخطاب النسبي فلا ضير في نقده أو مراجعته.
** كل الذين تناولوا قضية تجديد الخطاب الديني جعلوا حديث تجديد أمر الدين على رأس كل سنة دليلهم ومستندهم، كيف تقرأ هذا الحديث؟
- هذا الحديث العظيم يدل على أن الله تعالى من رحمته بهذه الأمة، أنها كلما ابتعدت عن الهدي النبوي, وحادت عن السنن الربانية, وتلفعت بمرط الجاهلية, وكلما تخلت عن دورها القيادي الذي هيئت له، ومنحت من وسائل الدعم ما يكفل لها القيام بذلك، وكلما تعطلت آلة الإنتاج الفكري عندها، وغلب عليها الجمود والتقليد، والعصبية والحزبية, وكلما تعرضت هويتها للذوبان, وأصولها وجذورها للعدوان, إلا وهيأ الله لها من نذر نفسه لحمل همها, وثقل أمانتها، مضحيا بكل غال ونفيس، راكبا كل صعب وذلول، يبتعث ما مات من قيمها, ويجدد ما اندرس من دينها, ويقوم ما اعوج من مسارها, ويردها إلى وسطيتها, غير آبه بخذلان الخاذلين, ولا تثبيط المثبطين.
ومهما اختلفت عبارات العلماء في بيان معنى التجديد في الحديث، فمن قائل: إماتة ما ظهر من البدع والمحدثات, وقائل: نشر العدل, وقائل: فتح البلاد والأمصار، وقائل: تعليم الناس السنن، ونفي الكذب عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: تمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها، وقائل: إظهار كل سنَّة وإماتة كل بدعة، وقائل: إظهار السنة وإخفاء البدعة، وقائل: إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما، وإماتة ما ظهر من البدع المحدثات، وقائل: تبيين السنَّة من البدعة، وتكثير العلم وإعزاز أهله، وقمع البدعة وكسر أهلها، وقائل: إحياء السنن ونشرها ونصرها، وإماتة البدع ومحدثات الأمور ومحوها وكسر أهلها باللسان، أو تصنيف الكتب والتدريس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا تعارض بين هذه الأقوال, إذ تصب جميعا في كون التجديد حركة علمية فكرية جهادية إحيائية تنفي عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
أبرز المجددين وإنجازاتهم
** علماء السلف تكلموا في مجددي الأمة، وحاول بعضهم أن يجعل لكل مائة سنة مجددا بعينه إلى أن أوصلها إلى المائة العاشرة، وبعض المعاصرين أوصلها إلى عصرنا، فجعل من حسن البنا مجدد القرن العشرين. كيف تنظر إلى مسألة مجددي الأمة؟ وهل يصلح هذا الحديث للبناء عليه والحديث عن مجدد بعينه لكل مائة سنة؟.
- تصديقا لهذا الخبر النبوي، فقد عرف تاريخ الإسلام نماذج من المجددين الذين ابتعثوا ليصلحوا ما أفسد غيرهم، ويحيوا ما أمات سلفهم, فكانوا علامات منيرة, وشامات مضيئة, أعادوا للإسلام رونقه وبهائه, واستعادوا وهجه ونضارته.
وهكذا كلما ضعفت الأمة ووهنت، وحادت عن منهجها الصحيح، إلا ويسر الله من يحيي ما اندرس من الدين, ويقوم المسار الذي اعوج، حتى تضعف الأمة مرة أخرى وتحيد، فيكون التجديد.
والذي عليه جمع من أئمة الإسلام، أن المجدد على رأس المائة الأولى هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه - الذي تولى الحكم بعد أن انحرف مسار الحكم من الخلافة الشورية إلى الملك العضوض, ووقعت الأثرة في الأموال، وعم الاستبداد والظلم, وتغيرت الأخلاق والسلوكيات، فأرسل الله تعالى عمر بن عبد العزيز ليصلح ما أفسد أهله وسلفه, فكان أول ما جدد أن أعاد الأمر شورى، وعرض نفسه على الناس، فلما أبوا إلا أن يكون خليفتهم، بدأ مسيرة الإصلاح و التجديد, فتخلى عن أثواب الحرير، ومراكب الفضة, ومجالس الزهو، واسترد كل ما اغتصب أهله من أموال, ونزع عنهم كل ما خصوا به من امتيازات, بدأ ذلك بزوجه فاطمة, فوضع حليها في بيت المال.
ثم أحدث عمر بن عبد العزيز حركة تغييرية واسعة في المناصب والمسؤوليات، فقرب أهل الخير والعلم، وولى أهل القوة والأمانة، واستشار الصادقين المخلصين، وأزاح المتملقين والوصوليين، وأعاد تدبير أموال الدولة، فألغى المكوس، وصرف الزكاة لمستحقيها, حتى إن المال لا يقبله أحد، وزكى النفوس، وهذب السلوك، حتى أصبح الناس لا حديث لهم إلا عن الموت والآخرة، بعد أن كانوا لا حديث لهم إلا عن القيان والعمران، وقضى على العصبية, ومنع سب بني هاشم، وأنصف أهل الذمة، وقضى على البدع, وشجع العلم, فأمر بتدوين السنة وحفظها، وهكذا استحق أن يكون مجدد الإسلام الأول.
ويكاد يتفق العلماء على أن المجدد على رأس المائة الثانية هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، ومن درس سيرة الرجل عرف مدى سداد هذا القول وقيمته، فالرجل معلم من معالم هذه الأمة، وعبقري من عباقرة الكون، فتح عينه على واقع أمته، فرأى عصبية مقيتة, ومجادلات عقيمة, وتناطحا وتناوشا بين مدرسة أهل الحديث ومدرسة أهل الرأي, دون أن يكون ذلك مبنيا على أسس سليمة، وقواعد متينة، فأحيى المنهج الصحيح في التلقي، ووضع القواعد، وصاغ الضوابط، مستعينا بما وهبه الله تعالى من فصاحة اللسان, وقوة البيان، ودقة الاستنباط، وقوة العارضة, ونور البصيرة, وتوقد القريحة, وقدرة خارقة على إقامة الحجة، وإفحام المناظر, فأعاد الأمة إلى جادة السنة, وقعَّد و نظَّر, وخلَّد ذلك في رسالته الرائعة, التي أسست علم أصول الفقه، ووضعت مبادئه و أصوله.
** ذكرتَ نموذجين اثنين، كان الأول نموذجا للرشد في الحكم والسياسة وعرف الثاني بالرشد في الفقه والنظر الأصولي، فما قولك في ابن تيمية؟.
- لقد عرف تاريخ الإسلام بعد الشافعي نماذج أخرى من المجددين، لكني سأقفز عبر التاريخ لأتحدث عن مجدد عظيم عرفه القرن الثامن الهجري، هذا المجدد الذي تناولته السهام ولا تزال تتناوله رغم دوره العظيم في صياغة تاريخ هذه الأمة، أقصد بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني, الذي نشأ في عصر سادت فيه الفتن, حيث توالت هجمات التتر الوحشية, حتى احتلوا بغداد وحاصروا دمشق, وفشت البدع والخرافات والانحرافات العقدية والسلوكية، وعرف الناس العقيدة على طريقة أهل الكلام، وعم التقليد, وأقبر الاجتهاد, وغلب التعصب، فهيأ الله شيخ الإسلام، ليحيي به الأمة بعد مواتها, فنقد المناهج الفلسفية والكلامية, وأصل المنهج الصحيح للتلقي, وعمل على تنقية الدين مما قد دخله من شوائب وخرافات، ونقد المناهج المنحرفة
(يُتْبَعُ)
(/)
في ذلك بقوة بيان, ونصاعة حجة, وأفحم النصارى بحججه وبراهينه, وأحيا الاجتهاد, وتمرد على التقليد، وحاكم الناس إلى الدليل, وعاش قضايا عصره منظرا وموجها ومفتيا، حتى إنه قاد الأمة بنفسه، ودافع عن مصالحها، وحفظ حقوقها، ودفع عنها عدوها، ولا يشك أحد في أن شيخ الإسلام بمواقفه الخالدة، وتراثه الغني، يستحق أن يكون أحد مجددي الإسلام العظام.
** لو انتقلنا إلى العصر الحديث، هل توافق بعض الرموز الحركية التي ذهبت إلى أن حسن البنا هو بحق مجدد القرن العشرين؟
- لا يفوتني وأنا أمثل لبعض المجددين في الإسلام، أن أمثل لبعض رواد التجديد في الزمن القريب, ومن أبرزهم الإمام الشهيد حسن البنا – رحمه الله -، فمع هدم الخلافة الإسلامية، على يد الطاغية أتاتورك، كانت أوضاع المسلمين قد بلغت الحضيض، حيث غلب الجمود والتعصب، وانتشر الفساد، وقوي النشاط الصليبي، وأثار المستشرقون الشبه، ونفثوها في عقول أبناء الأمة، فكان لابد من مجدد يحيي ما مات، فبعث الله حسن البنا لينشأ بذرة الحركات الإسلامية، وليقود حركة علمية فكرية جهادية تصحيحية، فخرج يدعو الناس إلى الإسلام في الشوارع والمقاهي والحانات، ويراسل ويكاتب، ويربي ويوجه، ويجاهد من أجل طرد الإنجليز من مصر واليهود من فلسطين، وينشئ جيلا يصحح مسار الأمة، ويعرفها بقضاياها الحقيقية، من غير كلل ولا تعب، حتى أدى ضريبة دوره وقيمته, فسقط مضرجا في دمائه الزكية، شهيد الإسلام والدين والدعوة.
** إذا جارينا هذا المنطق في التفسير، فستكون دلالة الحديث منصرفة على الفرد وليس إلى الجماعة، وهو ما لم يقل به كثير من أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم، فهل ترون التجديد زعامة فكرية لفرد يستطيع أن يعبئ أمة، أم أن التجديد هو جهد جماعات ومؤسسات وحركات إحياء علمية واسعة يشارك فيها الجميع؟.
- من حيث اللغة، الاسم الموصول (من) الوارد في الحديث يصلح للمفرد والجمع، وبالتالي فقوله صلى الله عليه وسلم: (من يجدد لها دينها) يحتمل أن يكون المقصود إماما مجددا أو أئمة مجددين أو حركة تجديدية.
وقد ذهب بعض العلماء إلى اعتبار المجدد فردا واحدا، إلا أن الذي يظهر لي أنه إن صدق هذا في عمر بن عبد العزيز أو الشافعي، فإنه يصعب إسقاط ذلك على من جاء بعدهم بإطلاق، أي أن الرجل قد يكون مجددا في باب دون غيره، وقد يقوم بالتجديد جماعة يتعاونون كل من جهته على القيام بهذا الدور، خاصة مع فشو الفساد وكثرة الشر، واتساع أمصار المسلمين، وتناقص الخيرية، حتى يصعب أن تجد شخصا تجمع عليه الأمة، جمع كل شروط التجديد، وحاز كل الفضل.
على أننا رأينا أن التجديد في العصور المتأخرة قامت به جماعات وحركات إحيائية، وتقلص دور الأفراد لصالح الجماعة. ومما يعضد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله)، ففيه إشارة إلى أن القائم بالحق عند وهن الأمة وضعفها جماعة من الناس يناوئون عنه ويذبون، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.
وهذه الطائفة كما ذكر النووي وغيره فيها أهل الفقه وأهل الجهاد وأهل الزهد وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرهم من القائمين بالدين، مما يشير إلى أن القائم بالتجديد جماعة لا فرد، ربما اجتمعوا في المكان الواحد، وربما فرقتهم الأمصار، وهذا الرأي هو الذي ذهب إليه كثير من المحققين من أهل العلم.
التجديد بين الذاتية والإكراه
** هناك انتقادات كثيرة تتوجه إلى دعاة تجديد الخطاب الديني في هذا العصر، منها أنهم يستجيبون فقط للتحديات الخارجية والإكراهات المفروضة عليهم، ولا يعتبرون التجديد خيارا ذاتيا في الأمة، كيف تنظرون إلى التجديد في ظل هذه الانتقادات؟.
- لا بد أن نؤكد بأن التجديد هو سنة كونية وشرعية، أما كونه سنة كونية فإن جسم الإنسان تتجدد خلاياه باستمرار، فتنشأ خلايا جديدة، وتموت أخرى قديمة، في عملية تجديدية مستمرة بإذن الحكيم الخبير، ولأن النظر إلى تاريخ الأمم يقنع بأن التجديد مظهر حضاري وسلوك صحي، وعامل من عوامل التقدم والرقي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما كونه سنة شرعية فلما دلت عليه النصوص ودل عليه النظر الشرعي الصحيح، من ذلك قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد)، ففي الآية حث على مراجعة النفس ونقد الذات وتجديد المسار وتصحيح الأخطاء قبل العرض والمثول بين يدي الله تعالى.
وفي القرآن الكريم تغيير للخطاب حسب المخاطب والظروف والأحوال، فالخطاب المكي غير الخطاب المدني، وخطاب المؤمنين غير خطاب المشركين وأهل الكتاب، وهكذا تنوعت أساليب القرآن حسب ما يقتضيه السياق.
ومن ذلك أيضا قول عمر- رضي الله عنه-: (رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي)، وفيه دعوة إلى النقد والمراجعة عند الاقتضاء، وقول علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله؟)، وفيه ضرورة مراعاة المخاطِب للمخاطَب، واختيار الأسلوب المناسب في البلاغ والبيان، وقول ابن مسعود- رضي الله عنه-: (ما أنت حدثت قوما بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)، وفيه ضرورة مراعاة المتلقي واعتبار حاله، فكم من حق كان فتنة للسامع وبلاء عليه.
هذا فضلا عما نص عليه ما الفقهاء من أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والنية. فإذا كان هذا في الفتوى التي هي حكم شرعي فكيف بأساليب البيان والبلاغ؟.
ثم إن من طبيعة العقائد والشرائع، أنها كلما بعد عهد الناس بها، إلا حصل الانحراف والشطط، وعظم الزيغ والميل، فإذا كان الانحراف يقع في عهد الرسل والأنبياء، وفي مسائل التوحيد والاعتقاد، وكان المنافقون بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم يجدون من يسمع شبههم ويروجها، فكيف إذا طال العهد، والتبس الحق بالباطل، وتفرقت السبل، وعظمت الأهواء؟ فلابد حينئذ من قيادة ربانية تجدد أمر الدين وتحيي ما اندرس منه.
** لكن السؤال الذي يظل إشكاليا هو: من يحق له أن يجدد ومن لا يحق؟ فهل التجديد مقصور على طائفة دون أخرى؟ أم أنه يتطلب توفر مجموعة من الشروط بما يعني تحديد الفئة التي يتعين عليها الاجتهاد؟.
- إذا كان التجديد سنة كونية وقدرية، وأمرا مطلوبا فعله، فإننا لا نقبل هذه الدعوة من أبناء الحداثة المزيفة، وتلامذة المستشرقين وأذنابهم، ممن يريدون المس بالخطاب الأول، أي المقدس والثابت والمطلق، بدعوى أنه سبب التخلف والانحطاط الذي لحق الأمة، ولا ممن يدعون إلى مراجعات في قطعيات الشريعة كوجوب الحجاب وحرمة الربا، ولا ممن يتطاول على أئمة الإسلام، ويسفه كلامهم بغير منهج علمي ولا نظر في موارد الأدلة ودلالات النصوص.
وكما أننا لا نقبل أن تكون دعوات التجديد صادرة عن هؤلاء، فمن باب أولى وأحرى، ألا نقبلها إذا كانت إملاء أمريكيا مبنيا على ما يسمى بأجندة باول، وفق تصور نادى به توماس فريدمان حيث قال: (إن المطلوب استنساخ عقل إسلامي على الطريقة الأمريكية في غضون عشر سنوات).
تصور يقوم على إعادة هيكلة الفكر والعقل المسلم بما يتماشى مع السياسات الأمريكية ومشاريعها الاحتلالية.
تصور يرمي في نظر أمريكا إلى استنقاذ الإسلام من خاطفيه المتطرفين، عبر تغيير المناهج التعليمية، والبرامج التربوية، وإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية، بما يتوافق مع الأمن القومي الأمريكي، والمصالح الأمريكية في المنطقة.
تصور يرمي إلى تغيير المفاهيم الدينية والحضارية والثقافية لهذه الأمة، حيث الانهزامية تعني العقلانية، والجهاد والمقاومة يرادفان الإرهاب، والتمسك بالذات والهوية يعني الرجعية، والحجاب والستر يعني التطرف، والانحلال والميوعة تعني الحداثة، وهكذا دواليك، فهذا ليس بتجديد، بل هو تخريب وقتل للذات، وتعطيل لطاقة الصمود والمقاومة.
إن الذي يملك الحق في الدعوة للتجديد هم علماء الأمة الصادقون، ودعاتها المخلصون، الغيورون على دينهم، الصائنون لقيمهم، الذابُّون عن أعراضهم، ويملك هذا الحق أبناء هذه الأمة، الذين يحمون حياضها، ويذودون عن حماها، ويبذلون دونها الغالي والنفيس، فهؤلاء أهل الدار وأحرص الناس عليها وعلى مصالحها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والذي يملك حق التجديد ليس كتبة الفكر وأرباب الثقافة، وإنما علماء الأمة ومجتهدوها، الملتزمون بالكتاب والسنة، المنضبطون بالمناهج العلمية في النقد والتجديد والمراجعة، المتمكنون من أدوات فهم الخطاب، وطرائق الاستنباط والترجيح، المحيطون بعلم الدراية والرواية، فهؤلاء حق لهم أن ينقدوا وأن يراجعوا وأن يصححوا، بل ذلك دورهم وواجبهم.
التجديد في العقيدة والفقه
** لو ننتقل إلى مجال جد متخصص، ونتحدث عن المجالات التي يدخلها التجديد، ولنبدأ بالعقائد؛ لأن كثيرا من الناس يعتقد أن هذا المجال هو مما لا يقبل التجديد باعتبار ثباته واستقراره، كيف ترون هذا الرأي؟
- إن التجديد المطلوب يشمل كافة مجالات الدين وعلومه، حتى يكون تجديدا عاما وفير الثمرة، ظاهر الأثر، سواء على مستوى التنظير أو مستوى الفعل والتنفيذ. وفيما يخص العقائد فقد سبق أن نبهت إلى أن الخطاب الديني الذي يمكن مراجعته هو الجهد البشري في التنزيل والإسقاط والاجتهاد، أما العقائد فهي ثابت لا يتحول.
لكن حين نطرح قضية التجديد في العقائد فنقصد بذلك التجديد في ترتيب الأولويات، وطرق الدعوة، وإصلاح عقائد الناس، وأساليب البيان.
والتجديد في العقيدة يكون بتنقية عقائد الناس من الخرافات والبدع والاعتقادات الشركية، وتحريرهم من أغلال الدجل والشعوذة، وتربيتهم على إقامة العبودية التامة لله وحده دون غيره، وتطهير علم العقيدة من آثار المتكلمين وتعقيداتهم، حتى يكون علما سلسا يعقله الصغير قبل الكبير، والعامي قبل العالم.
وتنقية علم العقيدة من الإضافات البشرية، والآراء الفلسفية، وربطه مباشرة بنصوص الوحي من كتاب وسنة، والتركيز على تأثير العقيدة على السلوك، فالعقيدة ليست علما نظريا يسطر في الكتب، ويدرس في الحلقات، بل هي مدرسة تورث الخوف من الله، وتربي على دوام الالتجاء عليه، هي صدق وإيمان وأعمال قلبية من خوف وخضوع وخشوع وإنابة وتوكل وحب وبغض ورغبة ورهبة .... ، ولا يمكن معالجة الانحرافات السلوكية إلا بإعمار القلوب، وتعميق صلتها بالله، فالعقيدة تصديق قلبي، يعقبه خوف عملي، (والذين يصدقون بيوم الدين. والذين هم من عذاب ربهم مشفقون).
وأكثر ما ينبغي أن نستوعبه بهذا الخصوص هو أن نعي بأن العقيدة ليست اجترارا لبعض القضايا العقدية القديمة، والمعارك التاريخية التي أملتها ظروف سابقة, كقضية خلق القرآن، والأسماء والصفات، فمثل هذه القضايا يعرف فيها الحق، لكن لا نحيي معارك تجاوزها الزمن ولا مبرر لها، وفي المقابل لا بد من إثارة القضايا الحية، كالتأكيد على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، والتأكيد على أن يكون الإسلام أساس التوجيه والحكم، والتحذير من المشاريع الأمريكية التي تستهدف قيمنا وأصولنا, فهذه هي معارك الساعة، وقضايا العصر.
على أن كل الذي ذكرته لا يمكن أن يتم دون تيسير هذا العلم على عوام الناس، وإعادة كتابته بأسلوب عصري ميسر، يحبب الناس فيه ويقربهم منه.
** وماذا عن الفقه؟ كيف يمكن التعامل مع تراث الفقهاء المتقدمين خاصة وأن كثيرا من اجتهاداتهم باتت تنال التقديس أكثر مما يناله النص الشرعي نفسه؟.
- لقد خلف سلفنا الصالح تراثا فقهيا ضخما، يحوي علوما جمة، وأفهاما عميقة، واستنباطات دقيقة، وعلاجا لحوادث ونوازل وقضايا، فاستحقوا منا تمام الإعجاب وكمال التقدير، لكن هذا لا يعني لهم العصمة من الخطأ، ولا وجوب التسليم بكل ما جاء عنهم، بل هو جهد بشري، فيه ما هو محكم، وفيه ما هو خاضع للظروف والأحوال، وما كان جوابا على حوادث عينية، وقضايا خاصة، فكان لابد من التجديد حتى يكون هذا العلم الجليل مواكبا لتطورات الحياة، مسايرا للمراحل الراهنة.
وأرى أن تجديد الفقه يكون بترسيخ المنهج الصحيح في التعامل مع كل القضايا الفقهية، بتربية الأمة على الرجوع إلى الدليل، واعتماد الحجة، بدل التقليد الأعمى، بالضوابط والآليات المعينة على ذلك، واعتبار المذاهب الفقهية جميعا مصدر غناء لهذه الأمة، وعامل تنوع وثراء، والاستفادة منها جميعا في حل النوازل والقضايا الراهنة، دون تقليد أو تعصب، أو جرأة أو تطاول، وتربية الناس على معرفة مراتبهم ومنازلهم، ما بين مجتهد ومتبع ومقلد، والأحكام المتعلقة بكل مرتبة ضبطا لهذا الباب، ودرءا للفوضى، وقطعا للطريق على الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم، فيَضِلون
(يُتْبَعُ)
(/)
ويُضِلون، وصياغة المنهج الشرعي في التفقه، مع مراعاة الأحوال الراهنة، والمستجدات المعاصرة، بوسطية واعتدال، دون تشدد مخل، أو تساهل مميع، وتنقية التراث الفقهي من الأقوال المبنية على غير دليل، والتي يكون مآلها التشديد على الناس من غير سند شرعي، وإن كان ذلك مع حسن المقصد، وسلامة النية، لكن الفقيه هو من يسر على الناس بحجة صحيحة، أما التشدد فيحسنه كل أحد.
على أن كل هذا لا يمكن أن يكون إلا بتربية الأمة على التفريق بين الأحكام الأصلية التي لا تتغير بتغير الأزمان والأحوال، والأحكام التي كان مبناها العرف أو المصلحة، فتتغير بتغير الأماكن و الأزمان، فهذا التفريق يضيق دائرة الخلاف في الأمة، وتربيتها على فقه الاختلاف، وأدب الخلاف، وتوسيع دائرة العذر، والتغافر في موارد الاجتهاد، مع البيان والتناصح، دون أن يعقد ولاء أو براء على ذلك، أو يكون سببا في النزاعات والخصومات بين أبناء الأمة.
قضية تجديد الفقه ينبغي أن تضع ضمن أولوياتها إحياء حركة علمية، تعنى بدراسة النوازل والقضايا البشرية الجديدة دراسة معمقة، في استقلالية تامة، واعتمادا على الحجة والدليل، حتى يكون الفقه الإسلامي مواكبا لكل التطورات، حاضرا في كل القضايا، مستجيبا لكل التطلعات، جاهزا لحل كل مشكلات الحياة اليومية، رغم تعقيداتها وعوائقها، حتى لا يتهم الفقه بالعقم، وتتهم الشريعة بالعجز، وتيسير الفقه على الناس، وصياغته بأسلوب عصري ميسر، يصل إلى الأفهام، ويحقق المقصود.
إن كتب المتون والشروح والتعليقات والحواشي، رغم ما فيها من خير عظيم، وبركة كثيرة، فهي مصاغة بالأسلوب الذي يوافق عصر تأليفها، مما يزهد كثيرا من الناس فيها، فلا بد من الاستفادة منها من أجل صياغة فقه عصري، يسهل على عامة الناس الرجوع إليه من جهة، ويعتني بطرح المسائل المعاصرة.
وإذا كانت هذه التدابير والاقتراحات هي محل عناية من علماء الأمة، إلا أن التجديد يحتاج إلى حركة عامة، وإلى جهد أعظم، حتى تكون الثمرة في المستوى المطلوب.
** تجديد علم الأصول أو التجديد في الحقل المقاصدي هو الإضافة النوعية التي تنتظر من الحركة الإسلامية، لكن هذه الحركة لم تتعد في خطابها عموميات بهذا الشأن، كيف تتصور التجديد في هذا المجال؟
- لا يخفى على أحد أهمية أصول الفقه عند المسلمين، فهذا العلم هو عصب الشريعة، وضامن استمراريتها، وما كان لنا أن نرفع عقيرتنا بأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، لولا هذا العلم، الذي ضبط أصول الاستدلال، ووضح مناهج الاستفادة من هذه الأدلة، ووضع القواعد المجملة، والأصول العامة، وضبط لنا حركة التفاعل بين العقل والخطاب الشرعي زمانا ومكانا، مما يسر سبيل الاجتهاد، وأعطى لكل حادثة جديدة ما يناسبها من الحكم، وقنن الفتوى، ووضع شروطها وآدابها، وضبط قواعد الحوار والمناظرة، فبه نتربى على اتباع الدليل والحجة، وبه نقف على أسباب خلاف العلماء فنلتمس لهم الأعذار، وبه نصون عقائدنا بحماية أصول الاستدلال والرد على شبه المنحرفين، وبه نسلك بفقهنا سبيل الوسطية والاعتدال، ما بين فقه مائع يدعو إلى وضع مصادر جديدة للتشريع، وفقه جامد متحجر يغلق باب الاجتهاد والإبداع، وبه نقف على سماحة الشريعة ويسرها، ونطلع على محاسن هذا الدين وقيمه العليا، وبه ندرك الأسس التي بنيت عليها الأحكام الشرعية، ومقاصدها وغاياتها، فلا عجب إذن أن يتعرض هذا العلم لهجمات شرسة، من أجل خلخلته وتفريغه من محتواه، ولهذا ينبغي الحذر من دعوات تجديد هذا العلم، سواء كانت بحسن نية أو سوءها؛ لأن مآل ذلك التجرؤ على القطعيات، والمس بالثوابت.
وهذا لا يعني أني لست مع التجديد في أصول الفقه، بل أنا مع التجديد، لكن ليس بمعنى التجرؤ على مصادر التشريع الأصلية، أو اتخاذ المصلحة التي قد تبدو لنا الأصل في كل تشريع، سواء وافقت النص أو خالفته، أو الدعوة إلى مشاركة كل أفراد الشعب في الاجتهاد، أو الدعوة إلى التسليم بكل كل الأقوال الفقهية، مهما كان مصدرها وقائلها، ومهما كانت أدلتها، معتبرة كانت أو شاذة، قوية كانت أو ضعيفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما أرى أن التجديد في أصول الفقه يكون بتنقية علم الأصول مما لحقه من مباحث كلامية، أثرت على صفائه وسلاسته، حتى نفر منه كثير من الناس، بسبب التعقيد وصعوبة العبارة، ولمخالفة بعض هذه القواعد لمعتقد أهل السنة والجماعة.
ويكون بربط القواعد الأصولية بأدلتها، من آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وآثار عن الصحابة والتابعين، وأدلة عقلية، وشواهد لغوية، ومقاصد شرعية، حتى يكون البناء متينا، والقاعدة صلبة.
ولا بد في هذا التجديد من صياغة علم أصول الفقه بأسلوب ميسر، يجعل الباحثين والطلبة يقبلون عليه بنهم، ويستمتعون بالخوض في مباحثه، خاصة أنه إذا عري عن المباحث الكلامية، وجد طالب العلم لذة في تحصيله، ومتعة في دراسته.
ولا يستغنى عن تحرير القواعد الأصولية وتهذيبها، بحيث تحذف القواعد التي لا أصل لها في الشرع، ويقتصر على ما قامت عليه الأدلة، كما تحذف القواعد التي لا ثمرة لها، ويقتصر على ما كان له أثر في الواقع، حتى لا نشغل الأمة بقضايا هي من قبيل الترف الفكري.
ويضاف إلى التحرير والتهذيب ربط القواعد بالفروع، والتنظير بالتطبيقات والأمثلة، خاصة القضايا المعاصرة، حتى يستشعر المطلع أهمية هذا العلم وضرورته.
وما زهد البعض في كثير من كتب الأصول على ما فيها من علم جم، إلا لجفاء أسلوبها، وقلة ورود الأمثلة والتطبيقات فيها.
لكن رأس الأمر كله في التجديد الأصولي هو الاعتناء بمقاصد الشريعة، ومآلات الأفعال، وغايات التشريع، وعلل الأحكام، وفقه المصالح المرسلة، ومعرفة أن الشريعة قامت على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وتقديم خير الخيرين، وتأخير شر الشرين، ومعرفة هذه الأحكام من شأنها ضبط الاجتهاد، والتوسعة على الأمة، وإعانة المجتهد على تصور الأحكام تصورا متكاملا، حتى يوازن بين المصالح والمفاسد، ويضع الأمور اللائقة بها عقلا وشرعا، وتلك غاية الشريعة وحكمتها.
ويتفرع عن المقاصد مراعاة فقه الأولويات، ومراتب الأعمال، ومعرفة الفاضل من المفضول، والراجح من المرجوح، والواجب من المندوب، والحرام من المكروه, والكبيرة من الصغيرة، والضروري من الحاجي والتحسيني، وما حرم لذاته مما حرم سدا للذريعة، وهذا لا يكون إلا ممن أورثه علم أصول الفقه ملكة تمكنه من التمييز بين هذه الأحكام. د ووقوع الخلل في هذا الباب يؤدي إلى خلاف مقصود الشارع، وإلى الإفساد بدل الإصلاح.
التجديد في الدعوة والحركة
** تتميز الحركات الإسلامية عن غيرها بأنها حركة تغييرية ودعوية، إلا أنها تختلف في طرائق الدعوة وفي مناهج التغيير، ما هو تصورك لمنهج الدعوة الذي ينبغي أن تعتمد الحركات الإسلامية حتى تتسم بالتجديد في طريقة اشتغالها الدعوة؟
- الدعوة هي غاية الرسالة، ومفتاح التغيير، والحركة التجديدية حركة دعوية بالأساس، ولا يتصور أي تجديد دون الاعتناء بالدعوة، فقها وتنظيرا، وعملا وتطبيقا، لكن التجديد في هذا الباب لا يعني تجديد الأصول والمرتكزات، ولكن تجديد الصيغ والأساليب، والموازنات والأولويات، وهو أمر لا بد منهلأن الدعوة لابد لها أن تتفاعل مع كل المتغيرات النفسية والفكرية والسياسية والاقتصادية، وإلا كانت كمن يصب ماء في رمل أو ينفخ في ريح.
والتجديد في الدعوة يكون بالتركيز على اعتماد الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح في حل وتناول القضايا المعاصرة، وهذا لا يعني التماس الحلول الجاهزة لمشكلاتنا التي غدت أكثر تعقيدا من آثار السلف حرفيا، وإنما المقصود سلوك المنهجية التأصيلية العلمية للسلف في تعاملهم مع النوازل والطوارئ، وتفعيل دور العلماء، وإنزالهم المنازل التي تليق بهم، وخلق التقارب بينهم وبين شباب الأمة، وتربية الشباب على معرفة مكانتهم، حتى يتمكنوا من حمايتهم من الوقوع في براثن الغلو والتشدد، والعمل على تكوين مرجعية عامة ترجع الأمة إليها عند النوازل والمعضلات، والاعتناء بالتأصيل العلمي للمناهج الدعوية، حتى يظهر التزامها بالأصول العامة للدين، وحتى تكون كل الخطوات لها من الحصانة العلمية ما يفعل ثمرتها، والعمل على التوفيق بين كل التيارات الإسلامية، والتأكيد على ضرورة الاعتصام، ونبذ الحزبية والعصبية، مع التناصح والتآلف والتعاضد، والتغافر في موارد الاجتهاد، والاعتذار عند الزلل، واعتبار كثير من الخلاف خلاف تنوع لا خلاف تضاد، وتفعيل
(يُتْبَعُ)
(/)
المبادرات الإصلاحية، التي تذيب الفوارق الفكرية والنفسية، وتربية الأمة على التفريق بين الثوابت والمتغيرات، والشرع المنزل والشرع المؤول، أي التفريق بين مواطن الإجماع وقطعيات النصوص التي لا تحل المنازعة فيها، وبين موارد الاجتهاد، وظنيات النصوص، التي يسع فيها الخلاف، وتختلف فيها الأنظار، فلا نرفع قضية من المتشابه أو المتغير إلى مصاف المحكم والثابت، وفي المقابل، لا نهون من قضية قطعية فنجعلها في مصاف المتشابه والمتغير.
ففي الوعي بهذه القضية حل لكثير من النزاعات التي تعطل مسيرة الأمة وتقدمها، ووضع خطط جاهزة لمواجهة الطوارئ والنوازل بدل الاعتماد على ردود الأفعال، والخطط الارتجالية، وتربية الأفراد والجماعات على نقد الذات، ومراجعة النفس، والتحلي بالشجاعة في الرجوع عن الخطأ، والاستماع للآخر، والخضوع للدليل، وهذا لا يكون إلا بإخلاص النيات، وصفاء المقاصد، وإعداد خطط مدروسة لمواجهة التغيرات الراهنة، والتي تمس هذه الحركات الدعوية بشكل مباشر، مثل الحرب على "الإرهاب"، والهجمة الشرسة على ثوابت الإسلام، ومحولة إجهاض المقاومة في العراق وفلسطين وغيرها من البلاد المحتلة.
على أنه لا بد من الإشارة إلى جوانب مهمة في الدعوة تنصرف إلى البعد المنهجي من ذلك:
- العناية بفقه الأولويات في مجال الدعوة، فمن غير المقبول شرعا وعقلا التركيز على معارك قديمة، أو جزئيات فقهية فرعية، واستنزاف الجهود فيها، وبذل الأوقات النفيسة، في الوقت الذي تعيش فيه الأمة أزمات عصيبة، وهموما عظيمة، فالفقه أن تعرف خير الخيرين وشر الشرين.
- نهج سياسة إعلامية مواكبة للتطورات في هذه المجال، واستغلال كل الوسائل المتاحة، من إعلام سمعي ومرئي ومكتوب وإنترنت، من أجل التعبير عن صوت الأمة، ودحض الشبه، وتبليغ الحق، في ظل هجمة إعلامية شرسة على الإسلام وأهله.
- تربية أبناء الدعوة على أن هذا الدين دين أمة، وليس دين حزب معين، أو تيار ما، أو جماعة معلومة، فالولاء لا يجوز أن يكون لهذه التجمعات الدعوية، مهما كان خيرها ونفعها، فلا ولاء إلا للإسلام، ولا بد من سلامة الصدر لكل من يعمل من أجل هذا الدين، حسب موقعه وطاقته، مع الإعذار والتناصح، حتى نتجاوز التهارج والفتن التي تعطل الدعوة وتعيق مسيرتها.
- الحذر من الوقوع في مزالق التكفير والتبديع والتفسيق من غير حدود مرعية، ولا ضوابط شرعية، فأعراض المسلمين مصونة، والحذر في جانب الأحكام واجب، خوف الافتئات على المولى تبارك وتعالى، ونحن في أمس الحاجة إلى الاجتماع والتآلف، وليس إلى التنافر والتخالف.
التجديد في الجهاد
** لو انتقلنا إلى البعد التغييري، وبالضبط إلى مفهوم الجهاد، فقد كثرت التأويلات لهذا المفهوم من مفهوم هجومي تحريري للأرض إلى مفهوم دفاعي، إلى أن أصبح في كثير من التأويلات منصرفا فقط إلى الجانب الفكري والعلمي، كيف تنظرون إلى هذه القضية الشائكة؟.
- الجهاد ذروة سنام هذا الدين، وفريضة من أعظم فرائض الإسلام، وشعيرة من أسمى شعائر الإيمان، ولا يجوز أن تمنعنا الإكراهات الدولية، والحرب على "الإرهاب"، من تقرير هذه الحقيقة الشرعية، أو تدفعنا إلى تأويلات من جنس تأويلات الباطنية، فدفع المحتل، ومقاومة المعتدين، حق من حقوق الأمم، شرعا وعقلا وعرفا، ولا تجديد في هذا الباب، فالجهاد هو الجهاد، ونسبة بعض العمليات التي غلبت مفاسدها على مصالحها، أو استهدفت الأبرياء، إلى الجهاد لا يلغي قدسية هذه الفريضة، ومكانتها عند المسلمين.
فمقاومة اليهود في فلسطين، وجهاد الأمريكان على أرض العراق وأفغانستان، على الإجمال دون تفصيل في نوعية العمليات، مما أجمعت الأمة على مشروعيته، فليس من تجديد الخطاب خذلان المجاهدين في فلسطين، أو التنديد بالمقاومة الراشدة في بلاد الرافدين.
والحركة التجديدية لا بد أن يكون منها مجاهدون بذلوا أنفسهم لطرد المحتل، ونذروا مهجهم لحماية بيضة الإسلام، والدفع عن المستضعفين، وهذا واقع ولله الحمد، لكن التجديد المطلوب في هذا الباب، هو ترشيد هذا الجهاد المشروع، وتسديده بما يتوافق مع المقاصد العامة للجهاد والإسلام، وبما يمنحهم قبولا عند الأمة، ودعما منها.
** إذا كان الجهاد بهذا المفهوم الذي تفضلت به، فكيف يمكن أن نتصور التجديد في مجال الجهاد؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- التجديد في الجهاد يكون بالوعي بأن الجهاد الذي ينبغي أن تصرف له جهود الأمة اليوم، هو الجهاد الذي تجتمع عليه آراء المسلمين، وتتوحد حوله مواقفهم، ويزكيه أهل العلم، وله قبول عند الأمة، ويسانده المنصفون من عقلاء العالم من غير المسلمين، ولا يقال بأن هذه الشروط تعجيزية، أو أن المراد منها قتل روح الجهاد، بل بالعكس، المراد منها تسديد وترشيد مسيرة الجهاد والمقاومة، والجهاد في فلسطين والعراق قد استوفى هذه الشروط وزاد.
ومن أولى الأولويات في هذا المجال هو تربية أهل الجهاد على فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد، فالشريعة كما ذكرنا سابقا جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وتقديم خير الخيرين، وتأخير شر الشرين، وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما، وبتقديم أعظم الواجبين عند ازدحامهما، وفعل أدنى المحرمين عند اجتماعهما ولا يمكن تركهما.
فلا بد من تجديد هذه المفاهيم وإحياءها عند مواجهة المحتل، لكي يكون الجهاد رشيدا سديدا، مؤديا لغاياته وأهدافه، بل إن هذه المعاني لابد منها لكل من يعمل للإسلام، في أي موقع كان، حتى تكون الدعوة راشدة والثمرة يانعة، فالتمسك الحرفي الظاهري بالنص ليس هو مقصد الشريعة ولا غايتها، مع تعظيمنا للنص ووجوب المصير إليه، لكن الفقه وحده لا يكفي لحل كل مشكلاتنا وأزماتنا، فلا بد لنا أيضا من فقه الفقه.
ولا بد من الوعي بأن الإسلام ليس جهادا فقط، بل عقيدة وشريعة ودعوة وعلم وعبادات ومعاملات، وهذا لا ينفي ترتيب الأولويات، لكن معركة الإسلام - خاصة في هذا العصر- يشارك فيها العالم والداعية والمقاتل والعابد والأديب والشاعر والإعلامي و ... و ... كل حسب موقعه واختصاصه، فلا نغمط حق الآخرين، ولا نبخس تعبدهم.
ولا يتصور تحصيل هذه المعاني وهذه المطالب بدون تفعيل دور العلماء وأهل الحل والعقد، ممن لهم قبول عند الأمة، فالأمة قد أوكلت أمرها إليهم، ورضاهم يكسب الجهاد مشروعية وفعالية، وآراؤهم وتوجيهاتهم تكسبه الصواب والسداد.
ولا يمكن الزعم بأن الأمة عدمت العلماء الربانيين الصادقين، وأهل الرأي من المخلصين، بل لا زال في الأمة خير، ولا يزال العلماء الصادقون، الذين لا يترددون في نصرة إخوانهم المرابطين على الثغور، وهيئة علماء المسلمين بالعراق أوضح نموذج لما أقول.
ولا بد من العناية بالتأصيل الشرعي الذي أخذ حقه من الدراسة، واستوفى شروطه، ممن هو أهل لذلك، سواء من حيث اعتماد النصوص الصحيحة الصريحة، وتنزيلها المنزل الصحيح، أو من حيث الموازنة بين المصالح والمفاسد.
وأوجب ما يلزم الالتفات إليه هو الإيمان بأن الجهاد ليس انتحارا ولا مجرد دفع بالنفس إلى القتل، بل هو معركة خاضعة للسنن والأسباب، والغاية فيها تحقيق أكبر قدر من المصالح، ودفع أكبر قدر من المفاسد، هذا مع التوكل على الله، واعتماد الأسباب الربانية، والحرص على أن يكون للأعمال التي يقوم بها المجاهدون قبول عند الأمة، بالتركيز على العدو المحتل الظاهر؛ لأن الجهاد من الأمور العامة، التي يعود خيرها أو نفعها على سائر الأمة، وعلى المجاهدين تجنب العمليات المختلف في مشروعيتها، أو التي تستهدف غير العدو الأصلي؛ لأنها تفتح الباب أمام خصوم الجهاد لوصفه بالإرهاب والتطرف، وتنفير عامة الأمة منه، ولا يقال بأن أهل الجهاد سيوصمون بالتطرف والإرهاب في جميع الأحوال، فهذه العمليات ستزيد من تأكيد هذا الوصف، والمطلوب قطع الطريق على من يريد الربط بين الجهاد والإرهاب، إضافة إلى أن هذا أصل شرعي، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه)، ثم الحرص على دفع العدو المحتل بأقل الخسائر الممكنة، فلا بد من تأمين النساء والولدان، والدقة في تحديد الزمان والمكان، وغلبة الظن بالظفر، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الإثخان، والتحرز والاحتياط في الدماء، وعدم العجلة إلى سفكها، إذ لا يخفى ما في الاعتداء على الأنفس المعصومة من خطر عظيم، يعود بالشر والوبال على الجهاد نفسه، ولا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، ولزوال الدنيا جميعا أهون على الله من دم يسفك بغير حق، فالله الله في دماء المسلمين، فلا يحل أن تزهق بشبهة، أو تأصيل لم يأخذ حقه من الدراسة الشرعية، أو أن تستهدف
(يُتْبَعُ)
(/)
الأماكن العامة التي يغلب على الظن وجود الأنفس المعصومة بها، فحرمة الدماء مصونة في الإسلام، وجهاد المحتل على أرض فلسطين أو العراق لا يعني الخوض في الدماء بحق وبغير حق، رغم سلامة المقصد والنية، إذ لابد من الصواب والمتابعة.
ولا بد أيضا من الحرص على التركيز على جبهة واحدة، وعدم تكثير الأعداء، واستعداء أكبر عدد من الخصوم، فإن الجهاد الراشد لا بد فيه من سلوك السياسة الشرعية، فيركز على هذا الخصم، ويؤجل ذاك، ويتآلف مع هذا، ويخطب ود الآخر، وقد يتحالف مع جهة معينة إذا اقتضتها المصلحة، وتوفرت الشروط الشرعية، فهكذا كانت سياسة النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه، وكذا سياسة خلفائه الراشدين.
ومن شرط نجاح الجهاد الحرص على الحصول على أكبر عدد من المؤيدين والمتعاطفين من المسلمين وغير المسلمين، أفرادا وشعوبا، فذلك مما يعضد شوكة أهل الجهاد، ويقوي أزرهم، ولا يضيع هذا التعاطف بعمليات لا تترتب عليها مصالح كثيرة، حتى لو كانت مشروعة، مقابل تضييع هذا المكسب، ولا يقال بأن المجاهدين لا يهمهم رضي عنهم من رضي وسخط عنهم من سخط، فالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو المؤيد من السماء، كان أحرص ما يكون على الحصول على أكبر قدر من التأييد، ولا يقال بأن غير المسلمين كلهم سواء، بل لا زال فيهم عقلاء ومنصفون، وهذه شعوب أوربا خرجت عن بكرة أبيها تندد بالاحتلال الأمريكي لبلاد المسلمين، فليس من المقبول عقلا ولا شرعا تضييع هذا التأييد، واستفزاز هذه الشعوب.
علما أن الجهاد في سبيل الله قبل أن يكون قتالا فهو دعوة إلى الله، بل الدعوة هي المقصد الأصلي منه، فلا بد أن نبين به وضاءة الإسلام، ونبل أخلاقه، وسمو قيمه، فكم من البلاد دخلها الإسلام، ليس رهبة من الفاتحين ولا خوفا منهم، وإنما تأثرا بأخلاقهم، وإعجابا بنبل قيمهم، فلا بد من مراعاة هذا الأمر، حفاظا على سمعة الجهاد وهيبته.
لكن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن العمل الجهادي لا يغني وحده، فلا بد من العمل على طرح برنامج سياسي، مواز للعمل العسكري، منضبط بالضوابط الشرعية، مراع للمتغيرات المحلية والخارجية، مستحضر للظروف التاريخية والجغرافية، والإمكانات المتاحة، متسم بالإقناع والفعالية، فهذا مما يكسب المقاومة احتراما وتأييدا ومساندة، ولا من تقوية الجانب الإعلامي، والحضور المستمر، وإقناع العالم بمشروعية الجهاد، وتقديم الصورة الحقيقية للمجاهدين، ودرء الشبه عنهم، والتبرؤ من الأعمال المنسوبة للجهاد، والتي يفتعلها العدو لتشويه صورة المجاهدين، مع الحذر من أن يؤدي الخروج الإعلامي إلى عكس مقصوده، فيفرق الأمة في نصرتها للجهاد، أو يستفز المتلقي بصور مستبشعة عند عامة الناس، فتكون المفسدة راجحة على المصلحة.
** قضية التجديد والاجتهاد وإحياء المعاني التي اندرست قد يتم توظيفها في اتجاهين اثنين متقابلين، اتجاه متسيب قد يخرج عن النصوص كلية، واتجاه مغالٍ يخل بمقاصد الشرع وينفر الأمة من التدين، كيف يمكن أن نحصن التجديد من هذين التيارين؟
- إن الأمة بقدر حاجتها إلى تجديد خطابها، بما يتوافق ورهانات المرحلة، وإمكانيات الذات، والمتغيرات الداخلية والخارجية، هي محتاجة إلى الحذر من أن تكون هذه الدعوة دعوة حق يراد بها باطل:
دعوة تستغل الضغوط الواقعية، والتغييرات الاجتماعية والدولية، لإقناع دعاة الإسلام بالتخلي عن بعض المسلمات الشرعية، والقضايا المجمع عليها منذ عصر الجيل الأول للإسلام وإلى اليوم.
دعوة يراد بها تسويغ الواقع بعجره وبجره، وإقراره بحسناته وسيئاته، دعوة يراد بها إخضاع الدين للتغيير مضمونا ومحتوى، لا صياغة وأسلوبا، كلما تغير الواقع وتبدل، فلا ثابت ولا مطلق ولا مقدس، ويصبح الدين المنزل عرضة للأهواء وتغيرات الواقع التي لا تنتهي ولا تحد.
دعوة يراد بها مسخ هذه الأمة وتجريدها من مقوماتها ومصادر قوتها، فدينها ليس فيه شيء مطلق، وما كان عند الأولين دينا، لا يكون اليوم دينا، ولغتها لغة ميتة، أولى بها رفوف المكتبات وواجهات المتاحف، وتاريخها تاريخ أسود، ليس فيه إلا الاستبداد والمؤامرات والدسائس، وثقافتها ثقافة متخلفة رجعية حبيسة قرون ولت وانصرمت، وفكرها يجب أن ينصهر في منظومة القيم الغربية بلا حدود ولا ضوابط، فماذا بقي إذن من هوية هذه الأمة؟.
دعوة يراد بها تمرير المشاريع الاستعمارية عبر تغيير المناهج التعليمية والتربوية، وتغيير منظومة القيم، ليصل الأمر إلى نهب ثورات بلاد المسلمين، واستغلال خيراتهم.
دعوة يراد بها قتل روح المقاومة، وتكريس مزيد من الخضوع والخنوع لقوى الاستكبار العالمي، حتى تظل جيوب المقاومة بفلسطين والعراق وغيرهما معزولة، فيسهل القضاء عليها.
دعوة لا يراد بها تقنين التعامل مع فقه السلف وتراثهم، وإنما يراد إيجاد قطيعة و انفصام بين حاضر الأمة وماضيها، لأن استلهام الماضي يدفع نحو آفاق أرحب في المستقبل، مما يهدد الوجود الفكري والسياسي لقوى الاستكبار.
خلاصة القول: إن الأمة في أمس الحاجة إلى حركة تجديدية يشارك فيها كل العاملين للإسلام، كل حسب موقعه وطاقته، حركة ملتزمة بالقواعد الشرعية، والحدود المنهجية، تمكن هذه الأمة من خوض التحديات التي تواجهها، فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، على أن يكون هذا التجديد من علماء الأمة وأهل الرأي فيها، وأن يشمل كل مجالات الدين والحياة، وألا ينحرف إلى مسارات تؤول به إلى الإماتة لا إلى التجديد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 10:34]ـ
لست أدري ماذا أقول ...
اتق الله ياأخانا .. فقد هيجت فينا صبابات وأشجانا ..
شيخنا الحبيب وقرة أعيننا أبو حفص رفيقي .. فك الله اسره.السجين ظلما وعدوانا ... الصابر المحتسب .. نحسبه كذلك والله حسيبه ..
إني لأكتب والدموع تخنقي .. ولاأملك سوابق عبرتي ... عن رجل .. بذل وقته وماله وجهده في سبيل خدمة هذا الدين ...
الكريم ابن الكريم ابن الكرماء .. سليل الحسب والنسب ... درس على أفاضل العلماء في المغرب والحجاز والتقى بالكثير من عمالقة الدعوة إلى الله عزوجل ... على رأسهم صاعقة المنابر .. الشيخ عبد الحميد كشك -قدس الله روحه-وغيره من كبار العلماء والدعاة إلى الله ..
إن الحديث عن الشيخ أبي حفص .. حديث ذو شجون .. وذو سجون (ابتسامة)
نسأل الله أن يفك أسره ويقر أعيننا به عاجلا غير اجل ...
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 11:27]ـ
يقول العلامة أبو حفص المدني ـ فك الله أسره ـ:"له، نشأت وتربيت في بيت دين وعلم وأدب، فتحت عيني على الحياة وأنا أرى الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي يحل ضيفا على دارنا، وأصحب والدي إلى بيت الدكتور متعلما ومتأدبا ومتبركا، وحضرت مع والدتي دروس الشيخ عبد الباري الزمزمي، وقبل ذلك دروس والده الشيخ محمد الزمزمي، وتأثرت أيما تأثر بالشيخ محمد زحل في فصاحة خطبه، والشيخ القاضي برهون في أدبه وعلمه، وبكل مشايخ الصحوة أيام الثمانينات: إدريس الجاي وعمر محسن والزبير والصمدي والضعيف وأسنغور ..... ،وتشرفت بلقاء العلامة البشير توفيق، وأتممت حفظ القرآن في العاشرة بمدينة فاس، وجلست في مجالس الشيخ المكي بنكيران وعبد الكريم الداودي والأزرق وغيرهم، وبعد الباكلوريا التحقت بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فدرست على كبار مشايخها كعبد المحسن العباد وعطية سالم وعلي ناصر فقيهي وعمر فلاتة وحسين الجيزاني ومحمد خليفة التميمي وعبد الله بن الأمين الشنقيطي، وفي المدينة المنورة تتلمذت وتأدبت وتربيت على يد قرة مشايخي، العلامة محمد المختار الشنقيطي، كما أني استغللت الفرصة لحضور مجالس كبار علماء عصرهم ابن باز وابن عثيمين وحماد الأنصاري ... ،ثم عدت إلى المغرب والتحقت بكلية الآداب بفاس في قسم الدراسات العليا، وتتلمذت على يد شيخي الأستاذ محمد الروكي، واستفدت من أساتذتي لحسن حريفي والجيلالي المريني وإدريس الفاسي، وتأدبت بآداب الأستاذ إدريس حنفي، وجلست أحد مجالس علامة فاس وأصوليها الشيخ التاويل، فهذه أسرتي، وهذا معدني، ولا زلت أطلب العلم حسب ما تيسر لي، وأرجو ان أمثل امتدادا لهذه الحركة العلمية الرائدة، فمن بحث لي عن عنوان فهذا عنواني، ومن أراد أن ينسبني فهذه نسبتي"
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[14 - Aug-2008, صباحاً 01:21]ـ
و يقول العلامة أبو حفص الفاسي ـ فك الله أسره ـ:"ولازال أئمة السلف يقولون اليوم قولا ويعودون عنه غدا، ولا زالت كتبهم حافلة بأقوالهم القديمة وأقوالهم الجديدة، فعلى المخلص في إسلامه ألا يجد أي حرج في إعلان رجوعه عن قول أو فكر أو نظر، إذا كان مخلصا في رجوعه، سليم الذمة بينه وبين ربه ومولاه، ولا يلتفت إلى ما يمكن أن تصيبه من السهام، فدينه وموقفه بين يدي ربه أعظم من حرصه على سمعته أو ثناء الناس عليه، وليس من الثبات المحمود شرعا تمسك الرجل بأقوال بدا له خلافها بالأدلة الشرعية، بل هذا من المهلكة في الدنيا والآخرة والعياذ بالله، فلنكن شجعانا في تبني هذا المبدإ، وكفى من العجب بالنفس، واعتقاد احتكار الحق، والإصرار على القديم، والمعاندة بالهوى والعصبية، ولنقبل على الله تعالى منيبين صاغرين أمام الحق ندور معه حيث دار، فذلك هو الثبات، وهو المستحق للمدح والثناء."
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[14 - Aug-2008, صباحاً 01:26]ـ
لله دره ..
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - Aug-2008, صباحاً 03:25]ـ
فك الله أسره و يشهد الله أني أحبه في الله(/)
إتحاف الطالب بمنازل الطلب
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[14 - Aug-2008, صباحاً 01:37]ـ
بقلم:
الشيخ العلامة
أبي الفضل عمر الحدوشي
فرج الله كربته
سأبدأ على بركة الله في وضع الفوائد التي استفدتها من هذا الكتاب
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[14 - Aug-2008, صباحاً 01:41]ـ
اعجبتني المقدمة ... يقول الشيخ فك الله أسره
شكر وتقدير
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
إلهي لا تجعلنا مغرورين فنحجب نواظرنا عن أخطائنا، ونصم آذاننا عن النصائح، ونغلق تفكيرنا أمام تجارب الآخرين وجهودهم، ولا تجعلنا مخدوعين، فنندفع في الباطل ونبتعد عن الحق، ونثق بمن لا يستحق شرف الثقة، ولا تجعلنا متكبرين فنعطي أنفسنا ما ليس لها، ونتعالى بها عن أقرانها، ونفترض لها الحق دائماً والكمال أبداً، ولا تجعلنا ظالمين فنأنس إلى القسوة ونغتصب ما ليس لنا، ونسلب غيرنا حقه المشروعَ في الكرامة والحرية، ولا تجعلنا فاشلين فنقضي حياتنا بلا غاية، وأيامنا بلا رسالة، وساعاتنا بلا كفاح.
ولا تجعلنا جبناء فنضعف عن قولة الحق، ونتخاذل عن مقاومة الباطل، ونتراجع حيث ينبغي لنا أن نتقدم ولا تجعلنا حاسدين فنتعذب لنعم الله على غيرنا، ونتعامى عن خيره علينا، ونقضي أيامنا بين شر واقع وآخر مقبول.
إلهي إن كنا قد عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل حيث علمنا أن لنا ربّاً يغفر لنا ولا يبالي. إلهي إن كنا قد فرطنا في طاعتك فقد تمسكنا بأحبها إليك وهي شهادة أن لا إله إلا أنت وأن رسلك جاءت بالحق من عندك. إلهي إن كنا قد عصيناك بارتكاب الموبقات فقد تركنا أبغضها إليك وهي الإشراك بك. وأخيراً يا إلهي حقق فيك رجاءنا وأجب بفضلك دعاءنا.
... يتبع ...
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[14 - Aug-2008, صباحاً 02:12]ـ
أما بعد:
فقد تلقيت بعض الأسئلة العلمية المهمة من بعض الإخوة الأفاضل في مواضع متنوعة (على موقعي في الأنترنيت) منها ما يتعلق بـ (غربة الإسلام وأهله، وآداب طالب العلم، وحكم حلق اللحية من أجل الدعوة!!، وطلبهم منا الإجازة في العلوم الشرعية ... )، وإن كنت لست أهلاً لكل ما جاء في رسالتهم الميمونة، ولكن لحسن ظنهم بي استسمنوا ذا ورم فما عليَّ إلا أن أتمثل بقول القائل:
إذا غاب مُلاح السفينة وارتمت * بها الريح يوماً دبرتها الضفادع
وهنا يحسن قول المعري: (فيا موت زُر إن الحياة ذميمة). ومن باب: (رعي الهشيم). ومن باب: (إذا فقد الماء وجب التيمم).
وحسبي أن أنقل لهم ما جاء في كتب السلف الصالح من الآيات والأحاديث والآثار الصحيحة، وناقل الفتوى لا يعتبر مفتياً.
على أن من دواعي الشرف والسرور أن نرى ونسمع عن كوكبة وثلة من خيرة شباب المسلم، شباب شديد الأزر في وجه الأتي والسيل العارم: (محاربة الإسلام) تحت عنوان: (محاربة الإرهاب). لم تثنهم التهديدات الظالمة، ولا صرخات الصليبية، بل: زادتهم همة عالية، ومواقف غالية، وبطولات جليلة، وغيّرة جليّة، وخدمات للإسلام ساميّة، وفيهم أقول:
فَفِي ذَاكَ الْفَلاَحُ لَهُمْ جَمِيعاً * سَوَاءٌ لِلْخَدِيمِ وَلِلسَّرِيِّ
فَأَدْنَى الْخَلْقِ لِلْبَارِي تُقَاةٌ * شِدَادُ الأزْرِ فِي وَجْهِ الأَتِيِّ
لقد غاظهم تكالب الكافرين على محاربة الإسلام حتى هاضهم، وأحنقهم حتى أخنقهم، قبائح هيجت بالهم، ورذائل نهشت أحشاءهم، وظلم للمسلمين أقلق راحتهم، ومذابح جماعية-بالشيشان، وطاجكستان، وأفغانستان، وفلسطين، والسودان، وباكستان، والعراق-فتت أكبادهم، في: "زماننا الذي التبست فيه الأصحاب بالذئاب، وتبدلت الأحباب والأصحاب، من قبح البواطن والسرائر، والإظهار بخلاف ما أُضمرت عليه الضمائر" [1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn1). أما حكامهم فكما قال القائل:
كفى حزناً أن المروءة عُطلت * وأن ذوي الألباب في الناس ضيع
وأن ملوكاً ليس يحظى لديهمُ *من الناس إلا من يغني ويُصفَع [2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn2)
(يُتْبَعُ)
(/)
مؤتمرات ومؤامرات [3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn3)، مظاهرات ومغامرات-لا لها عند الله عدد ولا مقدار [4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn4)- هدم بلا بناء، وصفة بلا معنى [5] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn5)، وهذا معلوم لا يحتاج إلى برهان، فهم كأنما رباهم نبي، وغيرهم رباهم غبي، فهذه ميزة تكاد تنطبق على كافة آرائهم، وعلماء البلاط يصفقون لهم، ويستمطرون بذكرهم-عفواً بدارهمهم-الرحمات [6] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn6)، فآراؤهم تحمل دائماً عوامل النصر، ورؤية حقيقية من أجل مجتمع أفضل ومرجعية علمانية موحدة، نكون أو: لا نكون، يتحدثون عن المسلمين بلغة التشاؤم، وسوء الخاتمة، لأن بدايتهم مشرقة، وبداية غيرهم محرقة، سفراء الوحي وحراس العقيدة-بالحاء بدل العين-خضعوا لإملآت الإدارة الأمريكية الصليبية حين قررت أن الإسلام يساوي الإرهاب [7] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn7)، وأعلنوا النفير العام بأجهزتهم و (علمائهم!) على الإسلام باسم محاربة الإرهاب، وعلى المسلمين باسم محاربة التطرف، فكانوا أكثر أمريكية من الأمريكيين، مع همجية وعشوائية وشائعات وإشاعات، وانتهاكات لا نظير لها في تاريخ الإنسانية كلها سواء ما تم باكونتانمو تمارة، أو: المعارف، أو: بسجن عين برجة، أو: بسجن سلا، أو: بسجن المركزي بالقنيطرة، أو: غيرها، مصائبهم لا تمحوها مياه البحار، ولا يحصيها الرجل الفصيح في الكلام، ولا تُنسى بمرور الزمان، أيام حزينة، وأحكام بلا جريمة، وتهم جاهزة بلا بينة، وحضارة خليعة، وعدالة معطلة، وأقلام حاقدة، وتبعية خانعة، والعري (أبْكى العيون، وأنكأ القلوب، وَفَتَّ في الأعضاد، وفتت الأكباد) [8] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn8) والصالح في البلاد من يقارع الفساد، فساد لو كتب على آماق البصر، لكان عبرة لمن اعتبر. و (من لم يعتبر فقد خسر .. من سلك الجدد أمن العثار. من مأمنه يؤتى الحذر. ويل للسجيّ من الخليّ) [9] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn9).
وأقلام الصحافيين معطلة، وخصومة الأراذل، ونوم الأكابر، وتهريج في بعض القنوات الفضائية (الأولى، والثانية)، وهدم في بعض الصحف بشكل عشوائي: (فبشر إذاً أهل المقابر بالحشر). فهنا يحسن قول القائل:
وليبك على الإسلام من كان باكياً * فقد حطم الأعداء ما كان باقياً
للأسف نحن في زمان صار فيه الفساد قاعدة، وأهل الفساد في بلادنا محفوظون محظوظون ملحوظون، وأهل الشرف والعفاف منبوذون مضطهدون مُحََارَبون، ولله در القائل:
أينما نظّمت عقول ضعافٍ * من نظام المهيمن الديان
إيهٍ عصرَ العشرين ظنوك عصراً * نَير الوجه مُسعد الإنسان
لست نوراً بل: أنت نار وظلم * مُذ جَعلت الإنسان كالحيوان
فالشباب المسلم المتمسك بدينه، والمستمسك بكتاب الله عز وجل وسنة المصطفى-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-في هذا الزمان الذي أجمعت فيه قوى الشر-من الصليبيين والصهيونيين والملحدين والمصفقين لهم-على محاربة كل ما له صلة بالإسلام لمن أعظم أولياء الله الصالحين. وفيهم أقول:
فَازَ ذَوُو الإيمَانِ بِالْوِلاَيَهْ لِلَّه بِالْعِلْمِ وَبِالدِّرايَهْ
وأكْرَمُ التُّقَاةِ عِنْدَ اللهِ أَطوَعُهم لَهُ بلاَ تَبَاهِ
فَقِيمَةُ الْوَليِّ فِي كرَامتِهْ تدُلُّ بِالْفَْضْلِ عَلى مَكَانَتِهْ
أقلام الظالمين تتكلم، وقلوب المظلومين تتألم، وشياطن الصهاينة والصليبية تتظلم، أقلام كتابنا تحب رشق الإسلام بالألسنة، ومشق أهله بالأسنة، لغتهم مقبوحة منبوحة مشقوحة، مقالات تطعن الإسلام وأهله باسم محاربة (التطرف). (مصيبة لا لَعَا لها. ومعضلة لا أبا الحسن لها). مؤلفات ومقالات لو وزنت بالفحم أو: كتبت به كان كثيراً في حقها.
مقالات في جرائدنا تجرح الإسلام باسم الدفاع عن الإسلام، لا يحسن مثلها الشيطان. (يخط في الرق خطاً كأنه خط شيطان). (لا لها عند الله عدد ولا مقدار) [10] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn10) .
(يُتْبَعُ)
(/)
لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء. يطحنون الدقيق، ويجرحون الإسلام باسم التحقيق، صح لهم ما لم يصح لإبليس، اجتمع فيهم من الضلال ما تفرق في غيرهم و (الأحداث) [11] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn11) شاهدة، كاتب واحد من كتابها أمة في الجهل والضلال، قطفوا الأزهار من محنة الأخيار، تكاشف في هذه الفتنة الأشرار.
وكأن أيمن بن خُريم عناهم بقوله:
إِنَّمَا يُسَعّرهَا جاهِلُهَا حطب النار فَدَعْها تشتعل [12] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn12)
أعمى البصر والبصيرة يريد أن يقودنا، إعلام فاسد، وإبليس حاسد، وفكر كاسد، ومكر حاقد.
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم **قد ضل من كانت العميان تهديه
أعطوا غباءً لا ذكاءً. وحتى لو أعطوا ذكاء فـ (لَعَنَ اللهُ الذكاءَ بلا إِيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى) [13] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn13) .
حُزْنِي عَلى مَا قَدْ جَرَى فَتَّ الْكَبِدَ وَالْقَلْبُ مِنْ آلامِهِ مُستَأْصلاَ
يَا رَبِّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِنْ غُرْبَتِي يَوْمَ الِلّقَاءِ القَادِمِ أَنْ أُسْأَلاَ
رَبّاهُ ذُو الفَضْلِ الذِي عمَّ الْوَرَى أَنْزِلْ أَبَا الْفَضْلِ بِخَيْرٍ مِنْزِلاَ
أسلوبهم يشبه مضغ الماء، ليس له طعم ولا معنى، جرائدهم ظالمة، وبيوتهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشة في فجاجهم عالية، والسفيه يتكلم في أمر العامة. وكأن ابن كثير عناهم حين قال: (زلة شنعاء، وعظيمة صلعاء، وداهية دهياء).
(لا نريد أن نرد النهر إلى مصبّه، والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين) [14] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn14) .
يقولون الزمان به فساد * وهم فسدوا وما فسد الزمان
فمتى يرجع المسلمون إلى إسلامهم الصحيح؟ ومتى يتنبه المسلمون لمكايد أعدائهم؟ متى يعرف المسلمون قيمة كتابهم وسنة نبيهم؟ إلى متى لا يعرفون نجاسة ما استوردوه من الغرب؟ إلى متى لا يعرف المسلم عدوه من صديقه؟ إلى متى يصبح المسلمون مسلمين حقاً؟ ومتى يعملون بإسلامهم؟ بل: وكيف يصبحون مسلمين حقاً؟ ومتى يصبحون صادقين مع ربهم صادقين مع دينهم؟ فالذي نقرؤه عن الإسلام غير الذي نراه؟ نرى مسلمين بدون إسلام صحيح؟ أو: العكس؟.
وصدق من قال: (بلاد المسلمين حبلى وستلد الإلحاد يوماً ما وبلاد الكافرين حبلى وستلد الإسلام يوماً ما).
وانطلاقاً من قوله تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) [15] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn15) .
وقوله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) [16] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn16) .
أتقدم وأتوجه بجزيل وخالص الشكر والتقدير وفائق الاحترام لفضيلة شيخنا العلامة أبي أويس محمد بوخبزة الحسَنِي-حفظه الله- فهو ذو أفضال كثيرة عليّ، فهو بالنسبة لي-كما قال الإمام أحمد عن شيخه الشافعي-: (كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف؟ أو: منهما من عوض؟).
كما أتقدم بخالص شكر وفائق احترامي إلى والدي العزيز الذي رباني أحسن تربية، فجزاه الله عني أحسن الجزاء-وشفاه من كل داء-وحفظه من كل سوء.
كما أسأله تعالى أن يرحم والدتي العزيزة-وأختي الفاضلة الورعة أم مريم ميَلِكَة الحدوشي، وسائر المسلمين-آمين يا رب العالمين-.
كما أتقدم بخالص شكري وفائق احترامي إلى أخي الكبير (أبي محمد) علي الحدوشي الذي لم يدخر جهداً في إبداء توجيهاته وملاحظاته السديدة ورعايته الدائبة فجزاه الله خير الجزاء.
كما أتقدم بجزيل الشكر لزوجتي الداعية الفاضلة أم الفضل، فهي صاحبة الفضل عليّ في محنتي-بعد الله تعالى-حفظها الله وأصلحها وأبناءها-.
كما أتقدم بجزيل الشكر لأبويها: (محمد المساوي)، و (ارحيموا محمادي)، وأخي أبي محمد عبد الخالق، وحرمه الفاضلة أم محمد اعشوشة، وأخي أبي يحيى محمد، وسائر من قدم لي يد المساعدة من خارج السجن أو: من داخله.
كما أتقدم بجزيل وخالص شكري إلى كل من الإخوة الأساتذة الأفاضل: عبد الله الشمالي، ومسلم مجاهد، وعبد الله الأسد، وأبي عاصم المغربي، وأصحاب موقع:
(يُتْبَعُ)
(/)
( alhadochi.110mb.com) فهؤلاء الإخوة قاموا بنشر كتبنا وأشرطتنا في كثير من المواقع والمنتديات-على أنني لا أعرف أحداً منهم-ولكن أياديهم معروفة وشاهدة على فضلهم ونبل أخلاقهم وتضحياتهم.
والله أسأل أن يجزي الجميع خير الجزاء وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم إنه سميع مجيب والله من وراء القصد.
فدونك-أيها القارئ الكريم-جهد المقل فإن أصابت منك القبول والرضا فهذا فضل الله ومنته وتوفيقه، وإن كانت الأخرى فمني ومن الشيطان، والله أسأل أن يجنبنا حظ نفوسنا، ويدفع عنّا الرياء والعجب والسمعة، وألا يجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا آمين يا رب العالمين.
وقبل الشروع في الجواب أريد أن أهمس في آذانكم بأنني لن أتكلم كلمة واحدة من عندياتي " وما مثلي إلا كمثل إنسان رأى جواهر ولآلئ ودرراً ثمينة مبعثرة هنا وهناك فجمعها ونظمها في عقدٍ واحدٍ، أو: كمثل شخص دخل حديقة غناء فيها من أحاسن الأثمار والورود والأزهار ما يدهش الأبصار، فامتدت يده برفق إليها فجعلها في باقة [17] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn17) واحدة، ووضعها في كأس، فكانت بهجة للقلب وفتنة للعين" [18] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn18) ومن هنا سأترك يراعي للأئمة يتكلمون، والسلف ومن نسج على منوالهم يتحدثون. فهم حماة هذا الدين وُحَّراسُه، فبهم وبإخلاصهم وتضحيتهم ودعوتهم قام هذا الدين العظيم. ولولا حفظ الله لدينه ثم هؤلاء الأئمة لاندرس هذا الشامخ، ولكن هيهات هيهات فإن الله تعالى تعهد بحفظ دينه وسنة نبيه-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون). (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون).
(تنبيه مهم): في هذه الأيام الغريبة أصبح الحديث عن التطرف أمراً لا بد منه في وسائل الإعلام بجميع أنواعها وأشكالها-بل: أصبح الحديث عن محاربة الإسلام باسم محاربة الإرهاب: موضة سياسية-لا يوجد إعلام عربي جيد وناجح ما دام يتحرك بتعليمات خسيسة، ودريهمات بَئِيسة، وتمارس عليه رقاب أمريكية وبلاطية في الكواليس وفي بعض الأحيان في العلن، حتى أصبح الصهاينة المتطرفون والصليبيون الإرهابيون يتحدثون ويقترحون على علماء البلاط الحديث حول التطرف والتعايش والرفق واللين، وصرف في ذلك أموال لو أنفقت على المحتاجين لما بقي في العالم فقير واحد، أما الحديث عن الجهاد في سبيل الله-بنوعيه: الدفاع، والطلب- لإعلاء كلمة الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحكم قطع يد السارق، وحكم الحرابة، وحكم الردة، وحد الزنا، وحد القذف، وحد الخمر، فهذه منطقة محظورة والحديث عنها حرام، ... واللائحة طويلة والحبل إلى جرائمهم وضلالهم وإضلالهم جرار. ونحن لا نحب التطرف في جميع الأمور.
قال شيخنا العلامة الأديب محمد قطب في كتابه القيم: (واقعنا المعاصر) (496) وما بعدها، تحت عنوان: (التطرف):
(بطبيعتي لا أحب التطرف! لا في أمر بعينه، ولكن في جميع الأمور! ولكن هناك أكثر من كلمة ينبغي أن تقال في هذا الشأن!
الكلمة الأولى: أنه قد يقع بالفعل تطرف من بعض الشباب، أو: بعض الجماعات القائمة بالعمل في الساحة الإسلامية .. ولكن حجمه أقل بكثير جداً مما يهول المهولون الذين يرمون الساحة كلها بالتطرف لأمر يراد!
إن الذين يهولون في تصوير التطرف، للتنفير أو: التحريض أو: الإثارة، يَصِمون بالتطرف كل شاب أطلق لحيته، أو: كل فتاة تحجبت، أو: كل مطالب طالب بتحكيم شريعة الله. وقد يكون من بين كل ألف شاب أطلق لحيته، أو: بين كل ألف فتاة تحجبت أو: بين كل ألف مطالب بتحكيم شريعة الله واحد متطرف أو: واحدة متطرفة ولكن وصم الألف كلهم بالتطرف أمر مقصود لإيجاد حائل من النفور بين الحركات الإسلامية كلها وبين (الجماهير) لعل ذلك يوقف المد الإسلامي المتدفق ويعوق الحركة الإسلامية عن المسير! وكذلك لضرب الحركات الإسلامية كلها بتهمة التطرف، إذا عجز الطغاة عن تدبير تهمة أخرى (تبرر) في نظر الناس ضرب المسلمين الداعين إلى تحكيم شريعة الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلينظر كل كاتب إسلامي يكتب ضد التطرف إلى أين تنتهي كلماته، وكيف تستغل لمحاربة الحركة الإسلامية كلها، حتى أشد "المتساهلين" فيها! قال تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم)، فنهى سبحانه عن سب الآلهة التي تعبد من دون الله، مع أنها كلها باطل لا ذرة فيها من الحق، إذا كان سبها يؤدي إلى استعداء أعداء الله على مقدسات الإسلام.
فكيف نعين بأقلامنا أهل الباطل. لمجرد أننا نكره التطرف، أو: لننفي عن أنفسنا تهمة التطرف-فنعطيهم سلاحاً يستخدمونه ضدنا كلنا في النهاية، كما تقول الحكمة القديمة: (أكلت يوم أكل الثور الأبيض!).
والكلمة الثانية: أن الذين يحاربون ما يسمونه تطرفاً بحجة أنه تطرف! وأنه ينبغي الرجوع إلى القصد والاعتدال! لا يحاربونه في الحقيقة لهذا السبب! ولا يقصدون رده إلى الاعتدال الحقيقي بميزان الله الحق! إنما يحاربونه لأنه يشجع الشباب على الإصرار في مطالبة الحكام بتحكيم شريعة الله، وعدم قبول أي حل إلا تحكيم شريعة الله! وهذا هو الذي لا يريدونه ولا يقبلونه! فالمحارَب في الحقيقة هو الإسلام ذاته وليس التطرف! والممنوع في الحقيقة هو المطالبة بتحويل الإسلام إلى واقع في حياة الناس، لأن المطلوب هو إبقاؤه هكذا! إسلاماً بلا إسلام! ومهما تخفى الذين يحاربون الإسلام وراء ستار محاربة التطرف، فستظل الحقيقة واضحة وراء كل ستار: أن الذي يحارب حقيقة هو الإسلام، وأن الذين يراد إبادتهم أو: نفيهم من الأرض هم مسلمون: (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا: أخرجوه من قريتكم) [19] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn19) .
والكلمة الأخيرة: أن الذي أوجد التطرف في الحقيقة، والذي ما زال يغذيه، هو الحكومات التي لا تحكم بما أنزل الله، ثم يقوم بتذبيح المسلمين وتقتيلهم حين يطالبون بتحكيم شريعة الله. وإلا .. فلو أن هذه الحكومات حكمت بما أنزل الله كما أوجب الله عليها، فمن أين كان ينشأ التطرف؟
ولو كانت هذه الحكومات-على أقل تقدير-وهي لا تحكم بما أنزل الله-تعامل المطالبين بتحكيم شريعة الله-وهو واجب على كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله-كما تعامل "المجرمين" العاديين، فتتيح لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، ولا تستخدم الوسائل الإجرامية في إكراههم على "الاعتراف" بما فعلوا وما لم يفعلوا، وحكمت عليهم بمقتضى القوانين العادية رغم جورها وعدم شرعيتها .. لو فعلت ذلك-على أقل تقدير-فمن أين كان ينشأ التطرف؟!
يجب أن يستقر في أذهاننا بوضوح أن المتسبب الأول، والمتسبب الأكبر في نشر التطرف وتغذيته هو الحكومات التي لا تحكم بما أنزل الله، وتقوم بتعذيب المطالبين بتحكيم شريعة الله تعذيباً وحشياً لا مثيل له في التاريخ-والله كأن شيخنا يتحدث عما وقع لنا بالمعارف، واتمارة، وسجن عين برجة، وسلا، والمركزي بالقنيطرة، وأطيطة-وأن هذه الحكومات ترتكب ثلاث جرائم في وقت واحد: الإعراض عن أمر الله القاضي بتحكيم شريعته دون سواها، والقيام بجرائم القتل والتعذيب الجماعي التي لا تقرها حتى شريعة الغاب، وتغذية روح التطرف بين الشباب كرد فعل للجريمتين الأوليين.
كما يجب أن يستقر في أذهاننا بوضوح كذلك أنه لا يمكن القضاء على التطرف إلا بإزالة أسبابه الحقيقية الدافعة إليه. أي: باستجابة الحكام لأمر الله لهم أن يحكموا بما أنزل الله، أو: في أقل القليل-الكف عن المعاملة الوحشية التي يعاملون بها الذين يطالبون بتحكيم شريعة الله. وأن كل مذبحة تقام للمسلمين في الأرض هي وقود جديد للتطرف، يمتد إلى ما شاء الله. فلينظر الذين يشكون حقيقة من التطرف، ويرغبون حقيقة في علاجه أي طريق يسلكون؟!). ونظراً لأهمية هذا الكلام ومسيس الحاجة إليه نقلته كاملاً بلفظه دون تصرف أو: زيادة عليه.
وهذا نص الرسالة كما وردت علينا:
النداء العاجل للشيخ الحدوشي الفاضل:
الحمد لله الذي جعل لنا الإسلام ديناً، وجعل هدي المصطفى واضحاً وبيناً ...
أما بعد:
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن من سنن الله تعالى في الأرض أن يمتحن (أهله) وخاصته من عباده الموحدين ويجعل العاقبة للمتقين، وليميز سبحانه الخبيث من الطيب، فكان ذلك التمييز مبيناً لأهل السنة الصادقين الذين يقدمون أنفسهم وأموالهم-وكل ما يملكون-قربة لله تعالى، ونصرة لدينه وكلمته، أما أهل البدعة والحزبية فسرعان ما يتنازلون عن كثير من أمور دينهم-نسأل الله تعالى العافية والثبات-.
كما هو مشاهد اليوم في جل أمصار الإسلام، فكان مما قدره الله تعالى: أن يُسجن شيخ من شيوخ أهل السنة والجماعة ورمز من رموزها الشيخ [20] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn20) الفاضل واللبيب العاقل العلامة [21] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn21) أبي الفضل عمر بن مسعود ابن عمر بن حدوش الحدوشي-فك الله أسره، وكسر قيده-هذا الإمام [22] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn22) الذي لم يرض أن يتنازل قيد شبر عن عقيدته وثوابته أمام هذا السيل العارم من التنازلات وأنشد-حفظه الله-قائلاً في قصيدة طويلة بالسجن المركزي بالقنيطرة تحت عنوان: (صَيْحةُ نَذِير ٍ مِنْ وَرَاءِ القُضْبَان)، وهذه بعض أبياتها:
كُنْ يَا أَخِي صَلْداً حَدِيداً فِي عُلاَ * كُنْ مُسْلِماً نَبْلاً وَقَوراً مُقْبِلاَ
سَمْحاً كَرِيماً فَاضِلاً لاَ مُهْمِلاَ * رَأْياً جَدِيداً صَالِحاً قَدْ جَمَّلاَ
إِنْ تَصْبِرُوا فَاليسْرُ آتٍ مُرسَلاَ * أَوْ تَسْخَطُوا فَالسُّخْطُ ذُلٌّ بَاطِلاَ
دِينِي وَرَبِّي دَائِماً لَنْ يَقْبَلاَ * ذُلاًّ وَشَكوَى مِنْ بَلاَءٍ حَاصِلاَ
إلى آخر القصيدة.
لكن رغم ما تعرض له من تعذيب جسدي ونفسي تردنا عنه أخبار سارة عن نشاطه وجده ومثابرته في زنزانته الانفرادية، وقد وصلنا من ذلك كتب جليلة القدر غزيرة الفوائد منها على سبيل المثال:
1 - (نشر العبير) ط: دار الكتب العلمية، بيروت.
2 - و (قناص الشوارد الغالية، وإبراز الفوائد والفرائد الحديثية-وفيه 200 فائدة حديثية)، تحت الطبع.
3 - و (ذاكرة سجين مكافح)، في ثلاثة أجزاء. (مخطوط).
4 - و (القول المقبول فيمن قال فيه الحافظ: فلان مقبول)، سيقدم للمطبعة قريباً إن شاء الله تعالى.
5 - و (القول الحثيث فيمن قال فيه البخاري: فلان منكر الحديث). (مخطوط).
6 - و (إعادة النظر فيمن قال فيه البخاري: فلان فيه نظر). (مخطوط).
7 - و (القول الحصيف فيمن يعتد بالتجحيف)، أو: (تنبيه العقلاء إلى ما في كتاب الصغاني من الضعفاء)، تحت الطبع.
8 - و (إمداد السقاة بدلو الرواة)، أو: (إخبار المُنْتَوَى [23] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn23) بحقيقة من روى)، تحت الطبع.
9 - و (القول الرزين في صفات رب العالمين-نظم متن العقيدة الطحاوية)، تحت الطبع.
10 - و (أنيس الأسير في نظم قواعد التكفير). تحت الطبع
11 - و (النظم المفيد لشروط كلمة التوحيد). تحت الطبع.
12 - و (توفيق العلام على نظم نواقض الإسلام). تحت الطبع.
13 - و (تعريف الكفر الأكبر وأنواعه). تحت الطبع.
14 - و (الكفر الأصغر وبعض أنواعه). تحت الطبع.
15 - و (الشرك الأصغر وبعض أنواعه). تحت الطبع.
16 - و (إخبار الرفاق بأخطار النفاق). تحت الطبع.
17 - و (التوضيحات لما في بردة وهمزية البوصيري من الزلقات).بقلم: العلامة محمد بوخبزة، خرج أحاديثه وكتب حواشيه تلميذه الشيخ: أبو عاصم عمر بن مسعود الحدوشي. (تحت الطبع).
18 - و (البيان المشرق لسبب صيام المغرب برؤية المشرق) بقلم: العلامة عبد الله الغماري، خرج أحاديثه وكتب حواشيه تلميذه الشيخ: أبو عاصم عمر بن مسعود الحدوشي. (تحت الطبع).
19 - و (بيان الفجر الصادق) بقلم العلامة تقي الدين الهلالي، خرج أحاديثه وكتب حواشيه الشيخ: أبو عاصم عمر بن مسعود الحدوشي. (يطبع مرة ثانية).
ومعظم هذه الرسائل تطبع حالياً تحت عنوان: (مجموعة الرسائل في أهم المسائل).
20 - و (حكم رؤية الله في المنام) بقلم: العلامة محمد بوخبزة، خرج أحاديثه وكتب حواشيه تلميذه الشيخ: أبو عاصم عمر بن مسعود الحدوشي. (يطبع مرة ثانية).
هذا، ونظراً لواقعنا الأليم والفرقة التي أرخت سدولها على الإخوان في هذه المدينة المباركة (تطوان) [24] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftn24) .
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - ألتمس من فضيلتكم أن تكتبوا لنا بعض النصائح يكون بيت قصيدها الواقع وكيف يمكن للمرء أن يتعامل مع غربته في هذا المجتمع ....
2 - وأتمنى (من) الشيخ أن ينسج بقلمه السيال ديباجة لطالب العلم تكون عبارة عن نصائح وتوجيهات خلال مراحل طلبه.
3 - كذلك أرجو من الشيخ أن يكتب لنا في نازلة حلَّت بأهل بُوجراح خاصة، وهي حلق اللحية وتقصيرها تقصيراً فاحشاً بدعوى أن هذه " استراتيجية جديدة ".
وأقول لشيخي الحبيب: إن الليل مهما طال سيأتي الصباح، وكل الإخوان قلوبهم معك يا أيها الغالي، والله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقك الشهادة في سبيله-.
وأن يفك أسرك إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلِّ اللهم وسلم وزد وبارك على نبينا ومولانا محمد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
هذا وأرجو من الشيخ كتابة رسالة شكر إلى كل من عبد الله الشمالي، ومسلم مجاهد، وعبد الله الأسد، وأبو عاصم المغربي، وأصحاب موقع: ( alhadochi.110mb.com) فهؤلاء الإخوة قاموا بنشر كتبك وأشرطتك في كثير من المواقع والمنتديات فجزى الله الجميع خيرا.
وكذلك طلب مني بعض الإخوة-والله لولا الأمانة التي حملوني ما كنت لأقول هذا-أن أطلب منكم لو تفضلتم بإعطائهم إجازة وهم كالتالي:
1 - أبو عاصم-إجازة عامة.
2 - مالك الطيبي-إجازة عامة.
3 - أبو تراب البغدادي-إجازة في كتابكم: (النظم المفيد لشروط كلمة التوحيد).
وكتب هذه الورقة أحمد بن علي، وأبو قتادة المكي، وإخوانك ومناصروك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 1)- انظر: (الكشكول) (1/ 5) ليوسف البحراني الرافضي.
[2] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 2)- انظر: (السير) (16/ 170).
[3] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 3)- والظلم مفرق في هذه المؤامرات والمؤتمرات. اقتباس من قول الذهبي: (العلم مفرق في الأمة) (السير) (16/ 170).
[4] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 4)- انظر: (السير) (10/ 546).
[5] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 5)- وكلام قائم قاعد. (السير) (5/ 169)، و (6/ 36).
[6] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 6)- والله لو كانوا يخشعون بين يدي الله عز وجل كما يخشعون بين يدي من لا يملك رزقاً ولا عنقاً لدخلوا الجنة بغير حساب ولا عقاب. ونحن نعلن من هذا المنبر أننا لا نعبد ولا نخاف إلا رباً واحداً، ولا نركع ونسجد ونخضع إلا لرب واحد، ولو فُصِلت أعناقنا عن أجسادنا ما تركنا ديننا ولا تنازلنا عنه قيد شبر، ولو كنا نعلم أن في أيديهم الأعناق والأرزاق لعبدناهم.
[7] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 7)- أما ما تمارسه أميركا على أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، وأفغانستان والعراق وسائر بلاد المسلمين فهو من صميم (حقوق الإنسان)، بل: (حروق وعقوق الإنسان)، أما الشيطان الأكبر والإرهابي العالمي فقد أعلنها صليبية وحذر حكام العرب أن يقفوا بمعزل من هذه الحرب المقدسة-عفواً: الدنسة-حين قال: (من لم يكن معنا فهو مع الإرهاب)، ولم يقف في وجهه إلا الشيخ أسامة بن لادن، والطالبان رضي الله عنهم، وغضب عن الصليبيين والخنازير من الصهاينة ومن معهم من الحلفاء.
[8] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 8) - انظر: (السير 19/ 519).
[9] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 9) - هذا من كلام أكثم بن صيفي. انظر: (الإصابة) (1/ 113) و (جمهرة الأنساب) (200) والأعلام 2/ 6)
[10] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 10) - انظر: (سير أعلام النبلاء) (10/ 546).
[11] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 11) - نقصد الجريدة اليومية (الأحداث المغربية) التي تصدر بالمغرب، والشهيرة بحربها وعدائها للإسلام وأهله.
-[12] انظر: (الأعلام) (2/ 35) لخير الدين الزركلي.
[13] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 13) - انظر: (السير 1/ 62).
[14] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 14)- انظر: (نشر العبير في منظومة قواعد التفسير) (ص:29/ 30). ط: دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
(يُتْبَعُ)
(/)
[15] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 15)- سورة إبراهيم، رقم الآية: (9).
[16] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 16)- رواه أحمد في (مسنده) (2/ 295 - وصححه أحمد شاكر)، ومحققو (المسند) ط: مؤسسة الرسالة، والألباني في (صحيح سنن أبي داود) (رقم:4811).
[17] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 17)- الباقة: الحزمة من البقل، وكثيراً ما تستخدم خطأ للحزم من الورود والريحان وغيرهما من الورود، والصواب في الثانية: (الطاقة). فصوابه أن نقول: في (طاقة واحدة). انظر: حاشية (السير) (13/ 508)، وكتابي: (ذاكرة سجين مكافح) (1/ 9).
[18] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 18)- انظر: مقدمة الصابوني لكتابه القيم "روائع البيان" (ص:12) ورسالة بعنوان "اللباب في فرضية النقاب" (ص:37)، وكتابي: (القول السديد في معالم التوحيد) (ص:7).
[19] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 19)- سورة الأعراف، رقم الآية: (81).
[20] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 20)- لعلك تقصد أن أخاك الحدوشي عمر شيخ شيخه الزمان، ولم يشيخه السلطان، ولا الشيطان، ولا القرآن، ولا العلم-تأمله.
[21] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 21)- وهذه الألقاب لا تغرني ولا تسرني فالمأسور مجرد طويلب علم ليس إلا.
[22] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 22)- لعلك تقصد بقولك: (الإمام) سابقاً لصلاة الجمعة، أما ما خطر ببالك من الإمامة في العلم فلست هنالك، فأنا أعرف بنفسي منك. نعم طويلب علم-إن شاء الله تعالى-.
[23] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 23)- المنتوى: المقصود.
[24] ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18967#_ftnref 24)- وقد كنت قلت أبياتاً في مدح تطوان ونسيم بساتينها بزنزانتي الانفرادية بالسجن المحلي بتطوان (23 - صفر 1428هـ) في قصيدة هذا مطلعها:
قد تَيمتْ قلبي وأعيتْ صبرَهُ * آهٍ، فليس كحزنه أحزان!
كانت بأمسي جنةً فَيْنَانَةً * واليومَ إعْصَاراً له نيرانُ!
مُذْ غَابَ عن عيني الحبيبُ فليس لي * إلا زَنَازِنُ قُربَها سَجَّانُ!
من أين يأتيني نسيمُ حدائقٍ * وأنا الحبيسُ، تَضُمُّني جُدرانُ؟!
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 04:24]ـ
الفصل الأول: غربة الإسلام مرحلية وليست دائمة.
كيف يتعامل مع الغربة في هذا المجتمع؟
ـ[الحُميدي]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 05:43]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب ..
وفك الله أسر الشيخ العلامة أبو الفضل ..
ـ[ندى الشمرية]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 09:44]ـ
جزاك الله خيرا, وفك الله كربته وكربة كل مسلم(/)
أقوال العلماء في حكم تتبع الرخص
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 01:52]ـ
أقوال العلماء في حكم تتبع الرخص
قال سليمان التيمي: " إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله " قال أبو عمر ابن عبد البر: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً "
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2/ 92، والإحكام لابن حزم 6/ 317، وسير أعلام النبلاء للذهبي 6/ 198، وحلية الأولياء لأبي نعيم 3/ 32، وتذكرة الحفاظ 1للذهبي 1/ 151، وتهذيب الكمال 12/ 11
، وإعلام الموقعين ج3/ص285.
وقال الأوزاعي: " من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام "
سنن البيهقي الكبرى رقم (20707) 10/ 211، وتذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 180، تاريخ الإسلام للذهبي 9/ص491، 7/ 125، وإرشاد الفحول للشوكاني ص454.
وقال الأوزاعي: " من أخذ بنوادر العلماء فبفيه الحجر "
شعب الإيمان رقم (1923) 2/ 315،
وعن ابن مبارك أخبرني المعتمر بن سليمان قال رآني أبي وأنا أنشد الشعر فقال لي يا بني لا تنشد الشعر فقلت له يا أبت كان الحسن ينشد وكان ابن سيرين ينشد فقال لي أي بني إن أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله. الموافقات للشاطبي 4/ص169.
وقال بعض العلماء: "من تتبع الرخص فقد تزندق"
وقال الإمام أحمد: لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع (يعني الغناء) وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأبي بكر بن الخلال رقم (171) ص 206)، وإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني ص 161)، وعون المعبود 13/ 187، وشرح قصيدة ابن القيم 2/ 524.
وقال الشاطبي: " فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيها هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه ".
الموافقات للشاطبي 2/ 386 – 387.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 02:38]ـ
قال الشيخ وهبة الزحيلي ويمكن القول بوجود آراء ثلاثة في الموضوع هي الأشهر وهي التي نعتمدها بحثاً.
1 - قال الحنابلة، والمالكية في الأصح عندهم، والغزالي: يمتنع تتبع الرخص في المذاهب، لأنه ميل مع أهواء النفوس، والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى، قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء:59/ 4]، فلا يصح رد المتنازع فيه إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة.
ونقل عن ابن عبد البر: أنه لايجوز للعامي تتبع الرخص إجماعاً. وعبارة الحنابلة في ذلك: إن استوى المجتهدان عند المستفتي في الفضيلة واختلفا عليه في الجواب اختار الأشد منهما، لما روى الترمذي من حديث عائشة قالت: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ماخير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما» وفي لفظ «أرشدهما» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. ورواه أيضاً النسائي وابن ماجه. فثبت بهذين اللفظين للحديث أن الرشد في الأخذ بالأشد، والأولى أن يعتبر ـ أي المستفتي ـ القولين ساقطين، لتعارضهما، ويرجع إلى استفتاء آخر.
وعبارة المالكية: الأصح أنه يمتنع تتبع الرخص في المذاهب، بأن يأخذ منها ماهو الأهون فيما يقع من المسائل. وقيل: لايمتنع. وصرح بعضهم بتفسيق متتبع الرخص. والأولى الاحتياط بالخروج من الخلاف بالتزام الأشد الأقوى، فإن من عز عليه دينه تورع، ومن هان عليه دينه تبدع.
وعبارة الغزالي: ليس للعامي أن ينتقي من المذاهب في كل مسألة أطيبها عنده، فيتوسع، بل هذا الترجيح عنده كترجيح الدليلين المتعارضين عند المفتي، فإنه يتبع ظنه في الترجيح، فكذلك ههنا.
2 - قال القرافي المالكي، وأكثر أصحاب الشافعي، والراجح عند الحنفية منهم ابن الهمام وصاحب مسلم الثبوت: يجوز تتبع رخص المذاهب، لأنه لم يوجد في الشرع مايمنع من ذلك، إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل، بأن لم يكن عمل بآخر، بدليل أن سنة الرسول صلّى الله عليه وسلم الفعلية والقولية تقتضي جوازه، فإنه عليه الصلاة والسلام «ماخير بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما مالم يكن مأثماً» وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يحب ماخفف عن أمته».
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال صلّى الله عليه وسلم: «بعثت بالحنيفية السمحة» وقال أيضاً: «إن هذا الدين يسر، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه». وقال عليه السلام أيضاً: «إن الله قد فرض فرائض وسن سننًا وحد حدوداً وأحل حراماً وحرم حلالاً، وشرع الدين فجعله سهلاً سمحاً واسعاً ولم يجعله ضيقاً».
وقال الشعبي: «ماخير رجل بين أمرين، فاختار أيسرهما إلا كان ذلك أحبهما إلى الله تعالى».
وقال القرافي في هذه المسألة: يجوز تتبع الرخص بشرط ألا يترتب عليه العمل بما هو باطل عند جميع من قلدهم، أي أن شرط جواز تقليد مذهب الغير ألا يؤدي إلى التلفيق أي ألا يكون موقعاً في أمر يجتمع على إبطاله الإمام الذي كان على مذهبه، والإمام الذي انتقل إليه، كما إذا قلد الإمام مالك في عدم نقض الوضوء بلمس المرأة بغير شهوة، وقلد الإمام الشافعي في عدم وجوب ذلك
ويلاحظ أن هذا القيد الذي ذكره القرافي وهو: (ألا يترتب على تتبع الرخص العمل بما هو باطل لدى جميع من قلدهم) لادليل عليه من نص أو إجماع، وإنما هو قيد متأخر، كما قرر الكمال بن الهمام في (التحرير). فإذا جاز للشخص مخالفة بعض المجتهدين في كل ماذهب إليه، كما بينا، جازت مخالفته في بعض ماذهب إليه من باب أولى، كما قال صاحب تيسير التحرير. ثم قال: وليس هناك دليل من نص أو إجماع يدل على أن الفعل إذا كانت له شروط، فإنه يجب على المقلد أن يتبع مجتهداً واحداً في هذه الشروط التي يتوقف عليها هذا الفعل، ومن ادعى دليلاً على ذلك فعليه الإتيان به.
وأما مانقل عن ابن عبد البر، من أنه «لايجوز للعامي تتبع الرخص إجماعاً، فلا نسلم صحة هذا النقل عنه، ولو سلم فلا يسلم صحة الإجماع، إذ في تفسيق متتبع الرخص عن أحمد روايتان. وحمل القاضي أبو يعلى الرواية المفسقة على غير متأول ولامقلد. وقال ابن أمير الحاج في التقرير على التحرير: وذكر بعض الحنابلة: أنه إنْ قوي الدليل، أو كان عامياً، لايفسق. وفي روضة النووي حكاية عن ابن أبي هريرة: لايفسق.
والخلاصة: أن مبدأ الأخذ بالرخص أمر محبوب، ودين الله يسر، وماجعل عليكم في الدين من حرج، والمفروض أن المقلد لم يقصد تتبع الرخص في كل الوقائع وإنما في بعض المسائل، وكثيراً ماقال العلماء: «من قلد عالماً فقد برئ مع الله» «اختلاف العلماء رحمة» وربما قال بعضهم: «حجَّرت واسعاً» إذا التزم العمل بالقول المشهور في جميع تصرفاته.
3 - رأي الشاطبي:
يرى الشاطبي رأي ابن السمعاني: وهو أنه يجب على المقلد الترجيح بين أقوال المذاهب بالأعلمية وغيرها، واتباع الدليل الأقوى، لأن أقوال المجتهدين بالنسبة للمقلدين كالأدلة المتعارضة بالنسبة إلى المجتهد، فكما يجب على المجتهد الترجيح أو التوقف عند تعادل الأدلة، كذلك المقلد. ولأن الشريعة ترجع في الواقع إلى قول واحد، فليس للمقلد أن يتخير بين الأقوال. وإلا كان متبعاً غرضه وشهوته، والله تعالى يمنع اتباع الهوى جملة وهو قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء:59/ 4].
ثم أبان الشاطبي في كلام مسهب مايترتب على مبدأ الأخذ بالأيسر من مفاسد:
أولها ـ الضلال في الفتوى بمحاباة القريب أو الصديق في تتبع رخص المذاهب اتباعاً للغرض والشهوة.
ثانيها ـ الادعاء بأن الاختلاف حجة على الجواز أو الإباحة، حتى شاع بين الناس الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفاً فيه بين أهل العلم.
ثالثها ـ اتباع رخص المذاهب اعتماداً على مبدأ جواز الانتقال الكلي من مذهب إلى مذهب، وأخذاً بمبدأ اليسر الذي قامت عليه الشريعة مع (أن الحنيفية السمحة أتى فيها السماح مقيداً بما هو جار على أصولها، وليس تتبع الرخص ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت من أصولها). ثم ذكر بعض مفاسد اتباع رخص المذاهب كالانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف، وكالاستهانة بالدين إذ يصير سيَّالاً لاينضبط، وكترك ماهو معلوم إلى ماليس بمعلوم، للجهل بأحكام المذاهب الأخرى، وكانخرام قانون السياسة الشرعية بترك انضباط معيار العدالة بين الناس وشيوع الفوضى والمظالم وضياع الحقوق وتعطيل الحدود واجتراء أهل الفساد، وكإفضاء ذلك إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم، وغير ذلك من المفاسد التي يكثر تعدادها.
رابعها ـ التخلص من الأحكام الشرعية وإسقاطها جملة، عملاً بمبدأ الأخذ بأخف القولين، لابأثقلهما، مع أن التكاليف كلها شاقة ثقيلة.
ثم رد الشاطبي على القائل بجواز تتبع الرخص في حالات للضرورة أو الحاجة عملاً بالقاعدة الشرعية (الضرورات تبيح المحظورات) بأن حاصل فعله هو الأخذ بما يوافق الهوى، أو تجاوز حدود الضرورة أو الحاجة المقررة في الشرع. كما أنه رد على المتمسك بمبدأ (مراعاة الخلاف بين الأقوال) لتسويغ الأخذ بالأيسر بأن مراعاة الخلاف لايترتب عليه الجمع بين قولين متنافيين أو القول بهما معاً، وإنما هما لمسألتين مختلفتين. وفي تقديري أن السبب الذي حمل الشاطبي على منع تتبع الرخص والتلفيق هو غيرته على نظام الأحكام الشرعية حتى لايتخطاها أحد عملاً بمبدأ التيسير على الناس،،ولكنه ـ كما يلاحظ من كلامه ـ متأثر بالعصبية المذهبية، ويخشى ـ رغم تحرره الفكري ـ مخالفة مذهب الإمام مالك، ويحرص على التقليد ومنع الاجتهاد.
ونحن معه في هذه الغيرة على أحكام الشريعة، لكن التقليد أو التلفيق الجائز مجاله محصور فيما لم يتضمن الإعراض عما أنزل الله، أو الذي لم يتضح فيه رجحان الحق والدليل على صحة قول المجتهد المقلَّد، وحينئذ ينهدم رأي الشاطبي من أساسه، لأنه يطالب بضرورة العمل بالدليل الراجح، والتزام أصول الشريعة، وهذا أمر مفترض في كل تقليد محمود أو أخذ بأيسر المذاهب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 02:43]ـ
جزاكم الله خير
وهذه فرصة لألقى ما فى ذهنى من سؤال قديم
سمعت المفتى على يونس مفتى الشبكة الكويتية او الاسلامية والشك منى يقول فى برنامج الفتاوى على قناة الخليجية ومقدمه ابن الشيخ محمد يعقوب يقول القاعدة 0 من ابتلى فليقلد من أجاز) وسياق الكلام فى اجابة سؤال وذكر قولا من الاقوال وقال انه شاذ وساق القاعدة
وهذا كلام الشيخ المنجد فى الفتوى المحال اليها
والكلام التالى المقتبس من فتوى للشيخ محمد صالح المنجد
وهذا مما ابتلي به كثير من الناس اليوم، يسأل من يثق في دينه، فإذا أفتاه بما يخالف هواه، ذهب فسأل غيره، حتى يحصل على مراده، وهذا حرام وفسق لا شك فيه.
وسؤالى اننى سمعت الشيخ العثيمين فى شرح مقدمة المجموع للنووى يقول انه لايجب على المستفتى اتباع المفتى اذا كان لايعتقد ان قوله الحق الواحدج بخلاف غيره انتهى بالمعنى
فمعنى الكلام انه ما دام لايلزمه اتباعه فيجوز له سؤال غيره بعده؟
ارجو الافادة مشكورين
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[19 - Jul-2009, مساء 01:37]ـ
قول الشيخ مبني على ثلاث قواعد يتبعها المقلد في حال إختلاف المفتين
أولها الخروج من الخلاف، فإن كان الخروج من الخلاف لا يشكل حرجا على المقلد فالأولى الاحتياط
ثانيها عدم إنكار الخلاف: فلا ينكر على أي من الطرفين.
ثالثها: في حال الاضطرار يأخد بأيسرهما و هذا ما أشار إليه المفتي بقوله من ابتلى فليقلد من أجاز.
و كل هذه القواعد تطبق في الخلاف المعتبر و الله أعلم(/)
مَثِّل لعقلك!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 02:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق وأن ذكرت في أحد المواضيع [أعظميات:: إن صحَّ التعبير] أهمية التأمل والتفكر لدى الإنسان , ولو نظرت في كتاب الله تعالى لوجدت أن هذا المعنى ذكر في أكثر من كلمة؛ فالتدبر والتفكر والتذكر والعقل ونحو تلك الكلمات , تجد أن المعني بها العقل بالدرجة الأولى؛ بل وجد في الشريعة ما يذم وينهى عن قبول الأشياء من دون تفكر وتأمل فمن قوله تعالى (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ) إلى التحذير من كون الإنسان إمعة إن أحسن الناس أحسن , وإن أساءوا أساء! فقد صح موقوفا عن ابن مسعود رضي الله عنه مثل هذا المعنى , ولا يعتبر هذا من لزوم الجماعة فقول الجاهل:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت = غويت وإن ترشد غزية أرشد!
إنما هو نوع تعصب , إذ إن الجماعة لا تلزم عند المخالفة الشرعية! بدليل قوله تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ)
بل إن باباً من أبواب علم الأصول – وهو القياس – استخداماته عقلية , والردود فيه غالباً ما تكون كذلك؛ زد على أنَّ القياس يعدُّ أحد الأصول المختلف فيها بعد الأصول المتفق عليها وهي الكتاب والسنة والإجماع عند أهل العلم!
إن من أشد وأكثر الأساليب استثارة للعقل والعصف به والتأثير فيه: ضرب الأمثال؛ وهو مع هذا يُوضِح المعنى المراد , ويعطي النفس مساحة وقوة لاتخاذ القرار!
لذا أول عتابٍ عند حصول الخطأ هو السؤال عن العقل؛ فتجد في عبارات بعضنا عند التصرف الخاطئ " يا أخي أين عقلك؟! "
والحديث عن العقل يطول , ويغني عن هذه الإطالة الإشارة إلى أن هذه المادة هي سرُّ التكريم وجوهرُ التميز عن بقية الخلق!
كنت قرأت مرة قوله تعالى (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ .. ) الآية , وفي آخرها يقول الله تعالى (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) مع أنه لم يضرب إلا مثلاً واحداً؛ فالإشارة لجميع الأمثال المضروبة في القرآن , وقد بحثت عن الأمثال في القرآن الكريم فوجدت أنها ذُكرتْ فيما يقارب خمسين موضعاً من كتاب الله؛ وهذا الموضع يعدُّ من أواخر ما ذُكِر , فهذا التكرار وتلك الإشارات تدلُّ على أهميةِ هذا الطريق!
كما أنه لا يخفى عليكم أنَّ في إخبار الله تعالى في كتابه الكريم عن قصص السابقين يُراد منه تسلية النبي صلى الله عليه وسلم – أي التخفيف عنه وليس المراد بها ذات المعنى المعروف في التسلية الذي هو المرح , فالتسلية أعم وأشمل- , ويُراد منها كذلك أخذ العظة والعبرة! وعندما تنظر في الأمثال سواء أكانت أدبية كالتي خرجت من حكايات وتجارب الآخرين في الحياة أو عقلية كالتي يراد منها إيصال معنى وإيضاحه وتقريره لدى الإنسان والأخير هو غالب ما في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم!
نعود إلى قوله تعالى (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فهي غاية ضرب المثل! ومن المعلوم أن الأمثال ليست توقيفية , إنما قبولها متوقفٌ على موافقة الشرع لها وحصول الغاية؛ ولو بحثتَ فيما حولك مما تستخدمه لوجدت أنها تدور حول هذا المعنى – التقرير والإيضاح – فمثلاً قولك " مثلاً " إنما هو لإيضاح ما تريد وتقرير ما تقول؛ حتى إنَّ حكايتك للطفل قصة من نسج خيالك , أو مما أخذته عن أسلافك لا تخرج عن محاولة استثارة ذلك العقل الصغير , وقم بتجربة هذا بطفل ما بين الثانية إلى الخامسة من عمره , أخبره بقصة يفهمها ستجد أنه يتفاعل معك , بل قد يوجه لك بعض الأسئلة الوجيهة , ولابد أن يكون أحد أسئلته السؤال عن نفسه , هل سيكون مصيره مصير من في حكايتك؟!
فضرب الأمثال له أثره في حياة الناس , فهو يختصر عليك مسافة طويلة في تقرير وإيصال ما تريد إيصاله!
أخيرا: أليس الكأس الزجاجي يتغير اسمه ولونه بتغير ما فيه فمرة يكون لبناً وأخرى يكون ماءً وتارة يكون عصيرا وأحيانا يكون فارغاً؟! إن كان الجواب ببلى , فاعلم أن عقلك كالكأس الزجاجي يتغير بتغير ما فيه!
أطلت الحديث لكنها إشارة لم أرد فيها الإحاطة ومن المولى السداد والتوفيق!(/)
تعليقات الشيخ ابن عثيمين على أسئلة وأجوبة في الصيام لشيخ الإسلام.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 03:06]ـ
كِتَابُ الصِّيَامِ
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ إذَا حَالَ دُونَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ عِدَّةُ أَقْوَالٍ وَهِيَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:
أَحَدُهَا: أَنَّ صَوْمَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. ثُمَّ هَلْ هُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ؟ أَوْ تَنْزِيهٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَاخْتَارَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ منده الْأَصْفَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ صِيَامَهُ وَاجِبٌ كَاخْتِيَارِ الْقَاضِي والخرقي وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَهَذَا يُقَالُ إنَّهُ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَد لَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْ أَحْمَد لِمَنْ عَرَفَ نُصُوصَهُ وَأَلْفَاظَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ صِيَامَ يَوْمِ الْغَيْمِ اتِّبَاعًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يُوجِبُهُ عَلَى النَّاسِ بَلْ كَانَ يَفْعَلُهُ احْتِيَاطًا وَكَانَ الصَّحَابَةُ فِيهِمْ مَنْ يَصُومُهُ احْتِيَاطًا وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَصُومُهُ مِثْلُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَنْهَى عَنْهُ. كَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِ فَأَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَصُومُهُ احْتِيَاطًا. وَأَمَّا إيجَابُ صَوْمِهِ فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي كَلَامِ أَحْمَد وَلَا كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ لَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اعْتَقَدُوا أَنَّ مَذْهَبَهُ إيجَابُ صَوْمِهِ وَنَصَرُوا ذَلِكَ الْقَوْلَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَيَجُوزُ فِطْرُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَوْ أَكْثَرِهِمْ.
وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِمْسَاكَ عِنْدَ الْحَائِلِ عَنْ رُؤْيَةِ الْفَجْرِ جَائِزٌ. فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ أَكَلَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ؟ أَمْ لَا؟ إنْ شَاءَ تَوَضَّأَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَتَوَضَّأْ.
وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ حَالَ حَوْلُ الزَّكَاةِ؟ أَوْ لَمْ يَحُلْ؟ وَإِذَا شَكَّ هَلْ الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ مِائَةٌ؟ أَوْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ؟ فَأَدَّى الزِّيَادَةَ.
هذه مسائل متعددة , منها إذا شك في طلوع الفجر أو لا؟ فله أن يأكل وله أن يمسك لأن الله قال {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فإن أمسك فقد بنى على أصل وهو أن الأصل بقاء الليل , فإن أكل فهو الموافق للآية {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} , لكن أحيانا يغلب على ظنه أنه طلع الفجر فيحتاط بالإمساك.
وكذلك إذا شك هل أحدث أم لا؟ الأصل أنه لا يتوضأ لكن لو توضأ فلا بأس إلا إذا خاف أن ينفتح عليه باب الوسواس فإنه لا يلتفت لهذا الشك ولا يعمل به ولا يحتاط له.
إذا شك هل حال حول الزكاة أو لم يحل؟ فهذا إن شاء أخرج الزكاة وإن شاء لم يخرج لأن الأصل عدم تمام الحول فله ألا يخرج الزكاة حتى يتيقن , وذلك أن الأصل بقاء ما كان على ما كان , لكن قد يقوى في ظن الإنسان أنه انتقل عن الأصل وقد يقوى أنه بقي على الأصل
(يُتْبَعُ)
(/)
وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ كُلُّهَا مُسْتَقِرَّةٌ عَلَى أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُحَرَّمٍ
ليس بواجب في باب ما يُفعل , ولا محرم في باب ما يُترك , وعلى هذا فإذا رأيت مثلا من كلام الإمام أحمد أو غيره من العلماء هذا أحوط فلا يعنون أنه واجب فيما يُفعل ولا أنه حرام في ما يترك بل هذا أرجح.
هناك قول لم يشر إليه المؤلف رحمه الله لكن أشار إليه غيره وهو أن الناس يتبعون الأمام في يوم الغيم والشك , إن صام صاموا وإلا فلا.
فإذا كانوا تحت ولاية يرى السلطان الأعظم يعني الرئيس الأعلى في الدولة أنه يجب صوم الغيم وجب على الناس أن يتبعوه لئلا يختلفوا وإلا فلا يصومون , وهذا رواية عن الإمام أحمد رحمه الله , والمسألة فيها سبعة أقوال لكن ذكر المؤلف رحمه الله الأقوال المشهورة وسكت عن الأقوال التي ليست مشهورة , لكن مسألة أنهم يتبعون الإمام قول مشهور معروف.
ثُمَّ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ مُطْلَقَةٍ أَوْ بِنِيَّةٍ مُعَلَّقَةٍ بِأَنْ يَنْوِيَ إنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ عَنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا فَلَا.
فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيهِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهِيَ الَّتِي نَقَلَهَا المروذي وَغَيْرُهُ وَهَذَا اخْتِيَارُ الخرقي فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ وَاخْتِيَارُ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَغَيْرِهِمَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ.
والصحيح القول الأول , وعلى هذا لو نام الإنسان ليلة ثلاثين من شعبان بنية أنه إن كان من رمضان فهو صائم وإلا فهو مفطر ثم لم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر وقيل له إن الناس قد صاموا فإنه يستمر في صومه ويجزئه عن صوم رمضان.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ الْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ وَمَنْ يَصُومُ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُنْسَبُ إلَى الْجَهْلِ. وَيُقَالُ لَهُ الْفِطْرُ أَفْضَلُ وَمَا هُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ: وَهَلْ إذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ مِنْ يَوْمِهِ يُفْطِرُ؟؟ وَهَلْ يُفْطِرُ السُّفَّارُ مِنْ الْمُكَارِيَةِ وَالتُّجَّارِ وَالْجَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ وَرَاكِبِ الْبَحْرِ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ سَفَرِ الطَّاعَةِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْفِطْرُ لِلْمُسَافِرِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْفَارِ الَّتِي لَا يَكْرَهُهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَتَنَازَعُوا فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَاَلَّذِي يُسَافِرُ لِيَقْطَعَ الطَّرِيقَ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ كَمَا تَنَازَعُوا فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ. فَأَمَّا السَّفَرُ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ مَعَ الْقَضَاءِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَيَجُوزُ الْفِطْرُ لِلْمُسَافِرِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا عَلَى الصِّيَامِ أَوْ عَاجِزًا وَسَوَاءٌ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ لَمْ يَشُقَّ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي الظِّلِّ وَالْمَاءِ وَمَعَهُ مَنْ يَخْدِمُهُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ وَالْقَصْرُ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْفِطْرَ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ عَجَزَ عَنْ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.
لإظهار هذه البدعة المنكرة التي تصادم النص , لأن النص صريح {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (185) سورة البقرة.
وَكَذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى الْمُفْطِرِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ مِنْ ذَلِكَ.
فإن تاب وإلا قتل وذلك لدرء مفسدته ودحض قوله الباطل , لكن هل يقتل كفرا أو يقتل تعزيرا؟ يحتمل كلام المؤلف رحمه الله أنه يقتل كفرا أو تعزيرا لكن المهم أن يعدم حتى لا يشيع رأيه الفاسد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُفْطِرَ عَلَيْهِ إثْمٌ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ [الْأَقْوَالَ] خِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ وَخِلَافُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِلَافُ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ. وَهَكَذَا السُّنَّةُ لِلْمُسَافِرِ أَنَّهُ يُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ التَّرْبِيعِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ: كَمَذْهَبِ مَالِكٌ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ. وَلَمْ تَتَنَازَعْ الْأُمَّةُ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ؛ بَلْ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الصِّيَامِ لِلْمُسَافِرِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّ الصَّائِمَ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ وَإِنَّهُ إذَا صَامَ لَمْ يَجْزِهِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ السَّلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ} لَكِنْ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ وَأَنْ يُفْطِرَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَا يَعِيبُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ} وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ} وَفِي الصَّحِيحِ {أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي رَجُلٌ أُكْثِرُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: إنْ أَفْطَرْت فَحَسَنٌ وَإِنْ صُمْت فَلَا بَأْسَ}. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ " {خِيَارُكُمْ الَّذِينَ فِي السَّفَرِ يَقْصُرُونَ وَيُفْطِرُونَ}. وَأَمَّا مِقْدَارُ السَّفَرِ الَّذِي يُقْصَرُ فِيهِ وَيُفْطَرُ: فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد أَنَّهُ مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ قَاصِدَيْنِ بِسَيْرِ الْإِبِلِ وَالْأَقْدَامِ وَهُوَ سِتَّةُ عَشَرَ فَرْسَخًا كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وعسفان وَمَكَّةَ وَجُدَّةَ.
بين مكة وجدة في عهد المؤلف والآن بينهما أقل بكثير من مسافة القصر , لكن الصحيح أنها لا تتحدد بمسافة وإنما يتحدد أعني السفر بالعرف , فما قال الناس أنه سفر فهو سفر , وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في موضع من كلامه: قد تكون المدة القصيرة سفرا لطول المسافة , وقد تكون المدة الطويلة سفرا مع قِصر المسافة.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: بَلْ يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمَيْنِ. وَهَذَا قَوْلٌ قَوِيٌّ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَخَلْفَهُ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ يُصَلُّونِ بِصَلَاتِهِ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ. وَإِذَا سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ. كَمَا ثَبَتَ فِي السُّنَنِ أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ يُفْطِرُ إذَا خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ وَيَذْكُرُ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ إنَّهُ دَعَا بِمَاءٍ فَأَفْطَرَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ}. وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّانِي: فَيُفْطِرُ فِيهِ بِلَا رَيْبٍ وَإِنْ كَانَ مِقْدَارُ سَفَرِهِ يَوْمَيْنِ فِي مَذْهَبِ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَّةِ. وَأَمَّا إذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فَفِي وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَيْهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؛ لَكِنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ سَوَاءً أَمْسَكَ أَوْ لَمْ يُمْسِكْ.
والصحيح أنه لا يلزمه الإمساك , فإذا قدم مفطرا يعني قدم إلى بلده مفطرا فإنه يبقى على فطره , وكذلك لو طهرت المرأة الحائض في أثناء النهار فإنه لايلزمها أن تمسك لأنه لافائدة في هذا الإمساك , ولم يوجب الله على عباده عملا لا فائدة منه , وأما قولهم: إن الزمن محترم لأنه نهار رمضان , فنقول: لكن هذا الزمن في حق هذا الرجل أصبح غير محترم لأن الله أباح له أن يأكل ويشرب في أوله , ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه "من أكل أول النهار فليأكل آخره " وهذا في من أفطر لعذر , وأما من تعمد الفطر فإنه لايحل له أن يستمر فيه , وبهذا تبطل حيلة المحتالين الذين قالوا: إذا أردت أن تجامع امرأتك و يلومك الكفارة في نهار رمضان فكل تمرا أولا ثم جامع ثانيا من أجل أن يصادف أكلُك وأنت على زعمهم مفطر , فنقول: هو وإن أفطر لكنه حُكما يلزمه الإمساك.
فالصواب أن كل من كان مفطرا في أول النهار لعذر فإنه لايلزمه الإمساك , بشرط أن يكون هذا العذر وجود مانع , أما إذا كان أكله لعدم وجود الموجِب فهنا إذا وجِد الموجب وجب الإمساك ويثاب عليه , فيُفرَّق بين زوال المانع ووجود الموجِب , زوال المانع كما ذكرنا مسافر قدم مفطرا نقل هذا زال المانع في حقه يعني مانع الوجوب وهو السفر , حائض طهرت هذه أيضا زال المانع في حقها أي مانع الوجوب وهو الحيض.
كافر أسلم يلزمه الإمساك على القول الراجح لماذا؟ لأن هذا تجدد الوجوب في حقه فهو كما لو قامت البينة في أثناء النهار فيلزمه الإمساك , وهل يلزمه القضاء؟ على قولين والصحيح أنه لايلزمه القضاء لأنه كان في أول النهار ليس من أهل الوجوب.
وكذلك صبي بلغ في أثناء النهار فإنه يلزمه الإمساك ولا يلزمه القضاء , فيجب أن نعرف الفرق بين زوال المانع ووجود الموجِب.
وَيُفْطِرُ مَنْ عَادَتُهُ السَّفَرُ إذَا كَانَ لَهُ بَلَدٌ يَأْوِي إلَيْهِ. كَالتَّاجِرِ الْجَلَّابِ الَّذِي يَجْلِبُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ السِّلَعِ وَكَالْمُكَارِي الَّذِي يُكْرِي دَوَابَّهُ مِنْ الْجُلَّابِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَالْبَرِيدِ الَّذِي يُسَافِرُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِمْ. وَكَذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي لَهُ مَكَانٌ فِي الْبَرِّ يَسْكُنُهُ. فَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ امْرَأَتُهُ وَجَمِيعُ مَصَالِحِهِ وَلَا يَزَالُ مُسَافِرًا فَهَذَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ. وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ: كَأَعْرَابِ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَادِ وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ يُشَتُّونَ فِي مَكَانٍ وَيُصَيِّفُونَ فِي مَكَانٍ إذَا كَانُوا فِي حَالِ ظَعْنِهِمْ مِنْ الْمَشْتَى إلَى الْمَصِيفِ وَمِنْ الْمَصِيفِ إلَى الْمَشْتَى: فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ. وَأَمَّا إذَا نَزَلُوا بِمَشْتَاهُمْ وَمَصِيفِهِمْ لَمْ يُفْطِرُوا وَلَمْ يَقْصُرُوا. وَإِنْ كَانُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمَرَاعِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
هذه مسألة مفيدة بعض الناس الآن يكون له رحلة الشتاء والصيف , فمثلا في أيام الصيف يذهب إلى البلاد الباردة وفي أيام الشتاء يذهب إلى البلاد الحارة فلا نقول إنه مسافر في البلدين لكن نقول هو مقيم في البلدين لكن المسافة التي بينهما يكون فيها مسافرا, يوجد مثلا عندنا أناس في أيام الصيف يذهبون إلى جنوب المملكة لأنه أبرد ويبقون فيه أربعة أشهر أو ستة أشهر حسب أحوالهم هؤلاء نقول لا يقصرون ولا يفطرون في رمضان ويرجعون في أيام الشتاء إلى أماكنهم فهؤلاء لا يقصرون ولا يفطرون لكن في المسافة بينهما كما قال الشيخ رحمه الله: يفطرون ويقصرون.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
(يُتْبَعُ)
(/)
عَمَّنْ يَكُونُ مُسَافِرًا فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يُصِبْهُ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ وَلَا تَعَبٌ: فَمَا الْأَفْضَلُ لَهُ الصِّيَامُ؟ أَمْ الْإِفْطَارُ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُفْطِرُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ وَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ.
فمن قال لا يفطر إلا من وجد مشقة ماذا نقول؟ يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وَإِنْ صَامَ جَازَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا يُجْزِئُهُ.
والحاصل الآن أن الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين , والصوم للمسافر فيه خلاف فأهل الظاهر وجماعة من الصحابة قالوا لايصوم , لكن الصواب أنه يجوز هذا وهذا , والصواب أيضا أن الصوم أفضل إذا تساوى عنده الأمران , فإن كان الفطر أيسر فهو أفضل وهذا الذي قلته: هو مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبي حنيفة أن الصوم أفضل , وقد سبق لنا تحرير القول في هذه المسألة وقلنا إن الأفضل أن يصوم إلا مع وجود مشقة ولو يسيرة فالفطر أفضل.
وَسُئِلَ:
عَنْ إمَامِ جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدِ مَذْهَبُهُ حَنَفِيٌّ ذَكَرَ لِجَمَاعَتِهِ أَنَّ عِنْدَهُ كِتَابًا فِيهِ أَنَّ الصِّيَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا لَمْ يَنْوِ بِالصِّيَامِ قَبْلَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ وَقْتِ السُّحُورِ وَإِلَّا فَمَالَهُ فِي صِيَامِهِ أَجْرٌ: فَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَعْتَقِدُ أَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ النِّيَّةُ فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ فَإِنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِالنِيَّةِ أَو لَم يَتَلَفَّظْ.
هذه قاعدة مفيدة: كل من علم ما يريد وهو مختار فلا بد أن ينويه بمجرد فعله ولا يحتاج إلى تَكَلُّم بالنية , حتى قال بعض العلماء لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق.
وَإِنَّ التَّكَلُّمُ بِالنِّيَّةِ لَيْسَ وَاجِبًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَعَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَصُومُونَ بِالنِّيَّةِ وَصَوْمُهُمْ صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ: هَلْ هُوَ وَاجِبٌ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَمَضَانَ فَإِنْ صَامَ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ مُعَلَّقَةٍ أَوْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَوْ النَّذْرِ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ كَالْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ.
بنية مطلقة بأن نوى الصيام ولم يطرأ على باله أنه عن رمضان أو غير رمضان , أو معلقة بأن قال إن كان غدا من رمضان فأنا صائم , أو بنية النفل أو النذر فالمسألتان الأخيرتان نوى غير رمضان , فعندنا ثلاث نيات في رمضان: معينة -مطلقة -معلقة.
أما إذا نوى غيره فلا شك أنه لايجزئه ولا يجزئه عن الغير الذي نواه أيضا فلو صامه عن نذر لم يجزئه ولو صامه عن رمضان الماضي لم يجزئه لأن هذا الوقت تَعَيَّن لرمضان فلو نوى غيره فيه لم يصح.
وَالثَّانِي: يُجْزِئُهُ مُطْلَقًا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ.
لعل هذا القول مأخذه أن الزمن يُعَيِّنُ العمل , وأنه لو نوى غيره لم يصح لأن هذا مكان خاص للزمن فلا ينعقد فيه إلا ماكان مخصوصا له.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ لَا بِنِيَّةِ تَعْيِينِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ أَحْمَد وَهِيَ اخْتِيَارُ الخرقي وَأَبِي الْبَرَكَاتِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو أوسطها وأعدلها أنه يجزئه بنية مطلقة يعني ينوي الصيام ولا حاجة للتعيين , لأنه إذا نوى الصيام في رمضان لو سألت أي واحد أَيَّ صيامٍ أردت؟ لقال رمضان , قريب من هذا لو أن إنسانا دخل لصلاة الظهر وغاب عن ذهنه أنها صلاة ظهر , لكن في ذهنه أنها الصلاة المفروضة في هذا الوقت هل يجزئه؟ المذهب لايجزئه , وهذه تقع كثيرا خصوصا إذا جاء الإنسان والإمام راكع مع العجلة يغيب عن ذهنه أنه الظهر أو العصر أو المغرب أو ما أشبه ذلك , لكنه لاشك أنه ما جاء ليصلي إلا على أنها فريضة هذا الوقت , لكن عن أحمد رواية ثانية أن الصلاة تجزئ بنية الفريضة المطلقة ويعينها الوقت وهذا هو الذي لايسع الناس غيره في كثير من الأحيان
وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. فَإِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ أَدَاء الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْوَاجِبَ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهُنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ وَمَنْ أَوْجَبَ التَّعْيِينَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَقَدْ أَوْجَبَ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. فَإِذَا قِيلَ إنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَصَامَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ مُعَلَّقَةٍ أَجْزَأَهُ. وَأَمَّا إذَا قَصَدَ صَوْمَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَيْضًا
فيه نظر لأن ظاهر الحديث يخالفه "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى" لكنه ينطبق على رأي أبي حنيفة أنه لا يجب التعيين فعلى رأيه يصح لأنه يقول هذا الصوم وقع في وقت لا يصح فيه إلا صوم الفرض فكان فرضا , لكن الذي يظهر أنه إذا نوى تطوعا وتبين أنه من رمضان فإنه لا يجزئه.
لكن هل يستمر في صومه بنية التطوع؟ لا , نقول يجب عليه أن يفسخ النية إلى أنه من رمضان , ثم هل تجزئه عن رمضان أم لا؟ نقول أما على قول من يقول إنه إذا لم يعلم بالهلال إلا في أثناء النهار فإنه يمسك ويصح صومه فهذا لاشك أنه من باب أولى , وإذا قلنا لا يصح صومه فلا بد من القضاء , والقضاء أحوط.
كَمَنْ كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَقُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْطَائِهِ ثَانِيًا بَلْ يَقُولُ ذَلِكَ الَّذِي وَصَلَ إلَيْك هُوَ حَقٌّ كَانَ لَك عِنْدِي وَاَللَّهُ يَعْلَمُ حَقَائِقَ الْأُمُورِ. وَالرِّوَايَةُ الَّتِي تُرْوَى عَنْ أَحْمَد أَنَّ النَّاسَ فِيهِ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فِي نِيَّتِهِ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ بِحَسَبِ مَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ}.
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ:
مَا يَقُولُ سَيِّدُنَا فِي صَائِمِ رَمَضَانَ هَلْ يَفْتَقِرُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى نِيَّةٍ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
كُلُّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ صَوْمَهُ فَقَدْ نَوَى صَوْمَهُ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ. وَهَذَا فِعْلُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ كُلُّهُمْ يَنْوِي الصِّيَامَ.
هذا مافيه إشكال لا يحتاج إلى نية , فكل إنسان يقدم له السحور لاشك أنه نوى.
وَسُئِلَ:
عَنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ: هَلْ يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يُفْطِرَ بِمُجَرَّدِ غُرُوبِهَا؟
فَأَجَابَ:
إذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحُمْرَةِ الشَّدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ فِي الْأُفُقِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَإِذَا غَابَ جَمِيعُ الْقُرْصِ ظَهَرَ السَّوَادُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ}.
يظهر السواد في المشرق , أما الحمرة في المشرق فتظهر قبل أن يغيب القرص لكن إذا غاب القرص ظهر السواد في المشرق كما قال الشيخ.
وَسُئِلَ:
عَمَّا إذَا أَكَلَ بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ فِي رَمَضَانَ مَاذَا يَكُونُ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَمَا كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَمَا يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُونَ فِي دِمَشْقَ وَغَيْرِهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنِ يَسِيرٍ. وَإِنْ شَكَّ: هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ؟ أَوْ لَمْ يَطْلُعْ؟ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الطُّلُوعَ وَلَوْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ نِزَاعٌ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَالْقَضَاءُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الشيخ رحمه الله في الفتاوي جوابُهُ جوابٌ عام ليس فيه ذاك التحقيق والتحرير , وإلا لاشك أنه ثبت عن غير عمر , ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في حديث أسماء بنت أبي بكر أنهم أفطروا في يوم غيم ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي-صلى الله عليه وسلم- بالقضاء وهذا أشد مما إذا أكلوا ثم تبين أنه بعد طلوع الفجر.
وَسُئِلَ:
عَنْ رَجُلٍ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَيُزْبِدُ وَيَخْبِطُ فَيَبْقَى أَيَّامًا لَا يُفِيقُ حَتَّى يُتَّهَمَ أَنَّهُ جُنُونٌ. وَلَمْ يُتَحَقَّقْ ذَلِكَ مِنْهُ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، إنْ كَانَ الصَّوْمُ يُوجِبُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَقْضِي فَإِنْ كَانَ هَذَا يُصِيبُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ صَامَ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصِّيَامِ فَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ رَأَتْ شَيْئًا شِبْهَ الْحَيْضِ وَالدَّمُ مُوَاظِبُهَا وَذَكَرَ الْقَوَابِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُفْطِرُ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْجَنِينِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَرْأَةِ أَلَمٌ: فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
إنْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَخَافُ عَلَى جَنِينِهَا فَإِنَّهَا تُفْطِرُ وَتَقْضِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَوْمًا وَتُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رِطْلًا مِنْ خُبْزٍ بِأُدْمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الصحيح أنه لا يلزم الإطعام.
ـ[البريق الازرق]ــــــــ[08 - Nov-2008, مساء 04:04]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
مختصر كتاب الصيام من الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 03:26]ـ
أختصره أحد طلاب الشيخ.
كتاب الصيام
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ... أما بعد:
فهذا مختصر نرجو ألاّ يكون مخلاً لكتاب الصيام من كتاب: ?الشرح الممتع? لشيخنا العلامة: محمد العثيمين رحمه الله ووالدينا وجميع المسلمين، وجزاه الله خير الجزاء.
تعريف الصيام
لغة: مصدر صام يصوم، ومعناه: أمسك.
شرعاً: التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
يقول الشيخ: ويجب التفطن لإلحاق كلمة التعبد في التعريف، لأن كثيراً من الفقهاء لا يذكرونها، بل يقولون: الإمساك عن المفطرات ... ، ولكن ينبغي أن نزيد هذه الكلمة حتى لا يكون مجرد إمساك، بل تكون عبادة. [310]
حكم صيام رمضان
واجب بالنص والإجماع. ومرتبته في الدين الإسلامي: أنه أحد أركانه. [311]
مسألة: متى يجب صوم رمضان؟
يجب بأحد أمرين:
1 - رؤية هلاله، قال تعالى: ?فمن شهد منكم الشهر فليصمه?. وقوله?:?إذا رأيتموه فصوموا? [متفق عليه]
2 - إتمام شعبان ثلاثين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن يزيد عن ثلاثين يوماً، ولا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً. [313]
وعلم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب، لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس، وهو الرؤية.
مسألة: إن حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر (أي التراب الذي يأتي مع الرياح) ليلة الثلاثين من شعبان فما العمل؟
الراجح أنه يحرم صيام ذلك اليوم، ولكن إذا ثبت عند الإمام وجوب صوم ذلك اليوم وأمر الناس بصيامه فإنه لا ينابذ، ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره ذلك اليوم، وإنما يفطر سراً.
وأدلة القول بالتحريم:
1 - قوله?:?لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه?. [متفق عليه] وإن لم يكن يصوم صوماً فصام هذا اليوم الذي يشك فيه فقد تقدم رمضان بيوم.
2 - قوله?:?هلك المتنطعون? [رواه مسلم]. فإن هذا من باب التنطع في العبادة والاحتياط بها في غير محله.
3 - وقوله?:?الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين? [رواه البخاري]. فقوله: ?أكملوا العدة ثلاثين? أمر، والأصل في الأمر الوجوب، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً حرم الصوم.
مسألة: إذا رأى الهلال أهل بلد دون غيرهم، فهل يلزم الصوم كل الناس؟
(تنبيه: المراد هنا بالأهل: من يثبت الهلال برؤيته فهو عام أريد به خاص، فليس المراد جميع أهل البلد من كبير وصغير، وذكر وأنثى، ... )
في المسألة أقوال أربعة:
1 - يلزم الناس كلهم الصوم، وهذا هو المذهب.
2 - لا يجب إلا على من رآه أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال، فإن لم تتفق فلا يجب الصوم.
3 - أنه يلزم حكم الرؤية كل من أمكن وصول الخبر إليه في الليلة نفسها. وهذا في الحقيقة يشابه المذهب في الوقت الحاضر؛ لأنه يمكن أن يصل الخبر إلى جميع أقطار الدنيا في أقل من دقيقة، ولكن يختلف عن المذهب فيما إذا كانت وسائل الاتصالات مفقودة.
4 - أن الناس تبع للإمام؛ فإذا صام صاموا، وإذا أفطر افطروا، ولو كانت الخلافة عامة لجميع المسلمين فرآه الناس في بلد الخليفة، ثم حكم الخليفة بالثبوت لزم من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها أن يصوموا أو يفطروا. وعمل الناس اليوم على هذا. وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي، حتى لو صححنا القول الثاني الذي نحكم فيه باختلاف المطالع فيجب على من رأى أن المسألة مبنية على المطالع أن لا يظهر خلافاً لما عليه الناس. [320]
الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن رأى الهلال حتى يقبل قوله:
الشرط الأول: أن يكون عدلاً:
والعدل لغة: هو المستقيم، وضده المعوج. وفي الشرع: من قام بالواجبات ولم يفعل كبيرة، ولم يصر على صغيرة. والمراد بالقيام بالواجبات: أداء الفرائض كالصلوات الخمس.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكر الشيخ أن من الكبائر النميمة والغيبة. والغيبة ذكرك أخاك بما يكره من عيب خَلْقِي أو خُلُقِي، أو ديني، سواء في غيبته أو حضوره. كأن تقول: أن هذا الرجل أعور. أو عيب ديني كأن تقول: هذا متهاون في الصلاة، أو لا يبر والديه. أو عيب خُلُقِي كأن تقول: هذا سريع الغضب، عصبي.
والفقهاء يزيدون على ذلك: ولم يخالف المروءة، فإن خالفها فليس بعدل، ومثلوا على ذلك: بمن يأكل في الأسواق، وبمن يتمسخر بالناس (أي يقلد أصواتهم) وما أشبه ذلك.
- لكن ينبغي أن يقال: أن الشهادة في الأموال ليست كالشهادة في الأخبار الدينية، ففي الأموال يجب أن نشدد، أما الدينية فيبعد أن يكذب فيها.
الشرط الثاني: أن يكون قوي البصر. [323]
مسألة: هل تقبل شهادة الأنثى برؤية الهلال؟
قولان: 1 - لا تقبل استدلالاً بما جاء في السنة لقوله?:?فإن شهد شاهدان?والمرأة شاهدة لا شاهد. 2 - تقبل لأنه خبر ديني يستوي فيه الذكور والإناث (وهذا هو المذهب). [326]
مسألة: يثبت دخول شهر رمضان بشهادة واحد:
والدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخبرت النبي?برؤيته، فصام، وأمر الناس بصيامه. [صححه الألباني] [330]
مسألة: يثبت دخول شهر شوال، وغيره من الشهور بشهادة شاهدين. [330]
مسألة: إن صام الناس بشهادة واحد في دخول رمضان، ولم يروا هلال شوال:
فإنهم لا يفطرون، فيصومون واحداً وثلاثين يوماً؛ لأنه لا يثبت خروج الشهر إلا بشهادة رجلين، وهنا الصوم مبني على شهادة رجل، فهو مبني على سبب لا يثبت به خروج الشهر. وهو المشهور من المذهب.
وهذا الذي قالوه نوافقهم عليه؛ لأن صيامهم في أول الشهر ليس مبنياً على بينة، وإنما هو احتياط. [327]
مسألة: من رأى هلال رمضان وحده أي منفرداً إما بمكان أو برؤية:
فإنه يصوم سراً، وهذا من باب الاحتياط.
مسألة: ومن رأى هلال شوال وحده:
فإنه يصوم كذلك ولا يفطر تبعاً للجماعة، وهذا من باب الاحتياط كذلك. ولأنه لا تثبت رؤية هلال شوال إلا بشاهدين. [330]
شروط وجوب الصيام
يجب الصوم بشروط خمسة:
الشرط الأول: الإسلام، فالكافر لا يلزمه الصوم، ولا يصح منه.
الشرط الثاني: التكليف؛ بأن يكون بالغاً، عاقلاً.
الشرط الثالث: القدرة احترازاً من العاجز. والعجز قسمان: 1 - طارئ، وهو المذكور في قوله تعالى:?ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر?. 2 - الدائم، وهو المذكور في قوله تعالى:?وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين?، حيث فسرها ابن عباس رضي الله عنهما: بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً. ووجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى جعل الفدية عديلاً للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عديله وهو: الفدية، فصار العاجز عجزاً لا يرجى زواله: الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
الإطعام له طريقتان:
1 - أن يضع طعاماً يدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه، كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله لما كبر، ويؤخره إلى آخر يوم.
2 - أن يطعم كل يوم بيومه.
ولكن ماذا يطعم؟ يطعم بكل ما يسمى طعاماً؛ من تمر أو بر، أو أرز، أو غيره.
وكم يخرج؟ يرجع فيه إلى العرف، وما يحصل به الإطعام، وعلى هذا فإذا غدى المساكين أو عشاهم كفاه ذلك عن الفدية.
وإن أراد تمليك الطعام: فيطعمهم (مد بر) أو نصف صاع من غيره بصاع النبي?، وهو يساوي أربعة أمداد، وقيل نصف صاع من أي طعام كان؛ لأن النبي? قال لكعب بن عجرة في فدية الأذى: ?أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع? [البخاري ومسلم]. ويقدم معه إدام من لحم ونحوه. وصاعنا الحالي (في القصيم) يساوي خمسة أمداد.
مسألة: هل يقدم الإطعام على الصوم؟
لا. لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يجزئ أن يقدم الصوم في شعبان؟ الجواب: لا.
الشرط الرابع من شروط الصوم: الإقامة.
فلا يجب على المسافر؛ قال تعالى:?ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر? وأجمع العلماء على جواز فطر المسافر. [330]
مسألة: أيهما أفضل للمسافر: الصوم أو الفطر؟
الأفضل أن يفعل الأيسر.
إن كان في الصوم ضرر: كان الصوم حراماً؛ قال تعالى:?ولا تقتلوا أنفسكم?.
وإن كان الفطر والصيام سواء: فالصيام أولى للأدلة التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - أن هذا فعل النبي?حيث قال أبو الدرداء: (كنا مع النبي?في رمضان في يوم شديد الحر حتى أن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، ولا فينا صائم إلا رسول الله?وعبد الله بن رواحة). [متفق عليه]
2 - أنه أسرع إلى إبراء الذمة.
3 - أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد، كما هو مجرب ومعروف.
4 - أنه يدرك الزمن الفاضل، وهو رمضان؛ فإن رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب.
وإن كان يشق عليه الصيام: فالفطر أولى؛ والدليل ما أخرجه مسلم أن النبي? كان في سفر ولم يفطر إلا حين قيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وينتظرون ما ستفعل. فإنه في غزوة الفتح صام حتى بلغ كُراع الغَمِيم -مع علمهم أن الصائم مخير لكنهم يريدون التأسي بالنبي?- فدعا بقدح من الماء بعد العصر ورفعه على فخذه حتى رآه الناس فشرب والناس ينظرون إليه ليقتدوا به، فجيء إليه فقيل: إن بعض الناس قد صام فقال: ?أولئك العصاة، أولئك العصاة?. لأنهم صاموا مع المشقة. لذا نقول مع المشقة فالفطر أولى، أما المشقة الشديدة فيحرم الصوم معها كما سبق. [336]
وأجيب عن حديث:?ليس من البر الصوم في السفر? [البخاري ومسلم] الذي استدل به من قال بأن الأولى الفطر وبكراهة الصوم في السفر:
أن هذا الحديث خاص بالرجل الذي قد ضلل والناس حوله، فقال رسولنا?:?ما هذا؟ ?. فقالوا: هذا صائم. فقال:?ليس من البر ... ? فيقال ليس من البر الصوم في السفر لمن شق عليه كهذا الرجل، ولا يعم كل إنسان صام. [339]
الشرط الخامس من شروط الصوم: الخلو من الموانع
وهذا خاص بالنساء. والمانع هو الحيض أو النفاس، فلا يلزمهما الصوم، ولا يصح منهما إجماعاً؛ لقوله?:?أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم? [رواه البخاري ومسلم] [340]
مسائل في الصيام
مسألة: إذا قامت البينة أثناء النهار بدخول شهر رمضان، فهل يجب الإمساك والقضاء؟
مثال: أن يكون الذي رأى الهلال في مكان بعيد، وحضر إلى القاضي في النهار، وشهد بالرؤية.
في المسألة قولان: القول الأول: يجب الإمساك والقضاء.
أما وجوب الإمساك فلا شك فيه، ولا يعلم الشيخ فيه خلافاً، ودليله: أن النبي?حين وجب صوم عاشوراء أمر المسلمين بالإمساك عن الصيام في أثناء النهار فأمسكوا. [البخاري] ولأن هذا اليوم من رمضان فهو يوم له حرمته، ولا يمكن أن تنتهك بالفطر.
أما القضاء فإنه يلزم، لأن من شرط صيام الفرض: أن ينوي قبل الفجر لأنه إذا لم ينو في أثناء اليوم صار الصائم صائماً نصف يوم، وقد قال النبي?:?إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى? فلا يجزئ، وعلى هذا فيلزمه القضاء لهذه العلة.
القول الثاني يجب الإمساك دون القضاء قال به شيخ الإسلام وتعليله:
أن هؤلاء الذين يأكلون ويشربون قبل ثبوته بالبينة كانوا يأكلون ويشربون بإذن الله، فقد أحله الله لهم، فهم لم ينتهكوا له حرمة، بل هم جاهلون يدخلون في عموم قوله تعالى:?ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا?. وبناء على قوله: لو لم تكن البينة إلا بعد غروب شمس ذلك اليوم لا يلزمهم قضاؤه. فإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً فقد صاموا ثمانية وعشرين يوماً.
وأجاب شيخ الإسلام على قولنا: ويشترط أن ينوي من الفجر:
بأن النية تتبع العلم، والله لا يكلف أحداً أن ينوي ما لا يعلم، والعلم لم يحدث إلا أثناء النهار. أي: لو أخر النية بعد العلم لا يصح صومه، ولا يكلف أن ينوي قبل أن يعلم.
والقياس: أن من أكل ظاناً غروب الشمس فتبين له أنها لم تغرب، أو من أكل شاكاً في طلوع الفجر ثم تبين أنه قد خرج فإن صومه صحيح.
ولا شك أن تعليله قوي يرحمه الله، ولكن يقال: أن من أفطر قبل غروب الشمس ظاناً غروبها، أو من أكل بعد طلوع الفجر ظاناً أن الليل باق كان عنده نية، وهي نية الصوم، فأكل في آخر النهار ظاناً أن الوقت قد انقضى، أما هؤلاء فليس عندهم نية أصلاً، ولهذا كان الخلاف في المسألتين الأخيرتين أشهر من الخلاف في المسألة الأولى.
وكون الإنسان يقضي يوماً ويبرئ ذمته عن يقين خير له من كونه يأخذ برأي شيخ الإسلام رحمه الله وإن كان له حظ من النظر. [341]
مسألة: ما الذي يلزم الحائض والنفساء إذا طهرتا أثناء رمضان، والمسافر المفطر إذا قدم أثناء النهار؟
(يُتْبَعُ)
(/)
في المسألة قولان: الأول: أنه يلزمهم الإمساك والقضاء. أما الإمساك فلزوال المانع، وأما القضاء فلعدم توفر النية من أول النهار. الثاني: أنه يلزمهم القضاء دون الإمساك؛ لأن النهار في حق الحائض والنفساء غير محترم؛ إذ يجوز لهما الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً. وكذلك فإن الإمساك لا تستفيدان منه شيئاً، ولكنه مجرد حرمان لهما.
وأيضاً المسافر لأنه يجوز له الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً، وهذا هو الراجح.
وكذلك يلحق بهذه المسألة: المريض إذا برئ أثناء النهار. [343]
مسألة:إذا تجدد سبب الوجوب. مثلا: إذا بلغ أثناء النهار، أو عقل أثناءه، أو اسلم كافر:
فإنه يجب عليه إمساك بقية اليوم، ولا يجب عليه القضاء.
مسألة: إذا أفطر الإنسان لكبر أو مرض لا يرجى برؤه:
الحكم: أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. (أما كيفية الإطعام وكميته فراجع ص:4) [347]
أحوال المريض، ومتى يجوز له الفطر، ومتى لا يجوز:
1 - إذا كان الصوم يشق عليه ويضره، كالمصاب بالكلى والسكر، فالصوم في حقه: حرام لقوله تعالى: ?ولا تقتلوا أنفسكم?.
2 - إذا كان الصوم يشق عليه ولا يضره: فهذا يكره صومه، ويسن فطره.
3 - إذا كان لا يتأثر بالصوم، مثل: الزكام اليسير، والصداع، وما أشبه ذلك؛ فهذا لا يحل له الفطر. [352]
مسألة:لو سافر من لا يستطيع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه؟
هو كالمقيم تجب عليه الفدية، فيطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن الفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر. [356]
مسألة: إن نوى حاضر صيام يوم ثم سافر في أثنائه:
له الفطر؛ استدلالاً بعموم قوله تعالى:?ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر? يعني فأفطر فعدة من أيام أخر، وهذا الآن سافر وصار على سفر فيصدق عليه أنه ممن رخص له بالفطر فيفطر.
وقد جاءت السنة بهذا من حديث جابر رضي الله عنه: أن رسول الله?خرج إلى غزوة الفتح فصام حتى بلغ كُرَاع الغَمِيم ... فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه. [رواه مسلم]
والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم كثيرة في هذا الباب. [357]
مسألة: هل يشترط أن يفارق قريته، أو له الفطر قبل أن يفارقها؟
الصحيح: انه لا يفطر حتى يفارق قريته، لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناو للسفر، ولذلك لا يجوز له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد.
وله أن يفطر بأي مفطر شاء من أكل، وشرب، وجماع ... [357]
مسألة: ما الحكم لو أفطرتا الحامل والمرضع خوفاً على نفسيهما فقط؟
الحامل إذا خافت على نفسها ولو لو تكن مريضة، وكذلك المرضع فإنه يجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء. والدليل: لأن الله فرض الصيام على كل مسلم، وقال تعالى في المريض والمسافر:?فعدة من أيام أخر? مع أنهما مفطرتان بعذر. فإذا لم يسقط القضاء عمن أفطر لعذر من مرض أو سفر فعدم سقوطه عمن أفطرت لمجرد الراحة من باب أولى.
مسألة: ما الحكم لو أفطرت الحامل والمرضع خوفاً على ولديهما فقط؟
عليهما القضاء والإطعام. أما القضاء فلأنهما أفطرتا، وأما الإطعام فلأنهما أفطرتا لمصلحة غيرهما، فلزمهما الإطعام. قال ابن عباس رضي الله عنه:?المرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا? [رواه أبو داود]
مسألة: ما الحكم لو أفطرت الحامل والمرضع خوفاً على نفسيهما وولديهما؟
يلزمهما القضاء دون الإطعام.
لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر فقط، وتغليباً لجانب الأم. [359]
مسألة: ما الحكم لو أفطر شخص لمصلحة الغير في غير مسألة الحامل والمرضع؟
مثل: أن يفطر لإنقاذ غريق، أو إطفاء حريق. فيه قولان:
الأول: يلزمه القضاء والإطعام قياساً على الحامل والمرضع.
الثاني: يلزمه القضاء فقط لأن النص إنما ورد في الحبلى والمرضع دون غيرهما.
ولكن قال أصحاب القول الأول: وإن ورد النص بذلك لكن القياس في هذه المسألة تام، وهو أنه افطر لمصلحة الغير.
في هذه الحال مثلا لأجل إنقاذ غريق هل له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟
نعم. لأن هذا الرجل أُذن له في فطر هذا اليوم، وإذا أُذن له في فطر هذا اليوم صار هذا اليوم في حقه من الأيام التي لا يجب إمساكها.
وكذلك لو أن شخصاً احتيج إلى دمه، ولولم يتدارك هذا المريض بالدم لمات فله أن يأذن في استخراج دمه، وفي هذه الحال يفطر. [362]
مسألة: إذا لزم الحامل والمرضع الإطعام فعلى من يجب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الإطعام واجب على من تلزمه النفقة. فمثلاً: إذا كان الأب موجوداً فالذي يطعم الأب؛ لأنه هو الذي تلزمه النفقة على ولده دون الأم. [364]
مسألة: إذا جن الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس: لا يصح صومه، ولا يلزمه القضاء، لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومن شرط الوجوب الصحة والعقل. [365]
مسألة: إذا أغمي على الإنسان جميع النهار: فلا يصح صومه، لأنه ليس بعاقل، ويلزمه القضاء، لأنه مكلف. [365]
مسألة: إذا نام الإنسان قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا بعد الغروب، وكان ناوياً للصوم: صح صومه ولا قضاء. [366]
مسألة: يجب في صيام الفرض تبييت النية قبل طلوع الفجر:وهذا لحديث عائشة مرفوعاً: ?من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له? [أخرجه الدار قطني والبيهقي]
وما يشترط فيه التتابع كصيام رمضان أو صيام شهرين متتابعين (كفارة) فإنه تكفي فيه النية من أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية، كمن سافر فإنه إذا عاد يجدد النية. [366]
مسألة: ما الحكم لو قال قائل: أنا صائم غداً إن شاء الله؟
إن قالها متردداً فسدت نيته.
وإن قالها متبركاً (أي مستعيناً بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده): صح صومه. [371]
مسألة: صيام النفل يصح، ولو بنية من النهار. بشرط أن لا يأتي مفطراً بعد طلوع الفجر. والدليل: ?أنه ?دخل ذات يوم على أهله فقال: هل عندكم من شيء، فقالوا: لا، قال: إني إذن صائم?. [رواه مسلم] [372]
مسألة: ما الحكم لو قال: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فرضي، وإن لم يكن فلا؟
في المسألة: قولان: الأول: لا يصح صومه؛ لأن قوله: (فهو فرضي) وقع على وجه التردد، والنية لا بد فيها من الجزم. الثاني:-وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- أن صومه صحيح، ولعل هذا يدخل في عموم قول النبي?:?حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيتي?. [منفق عليه]. ولأن تردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية.
وعلى هذا ينبغي لنا إذا نمنا قبل أن يأتي الخبر في ليلة الثلاثين من شعبان أن ننوي بأنفسنا أنه إن كان غداً رمضان فنحن صائمون. [374]
مسألة: من نوى الإفطار أثناء الصوم هل يفطر؟
نعم. والدليل قوله?:?إنما الإعمال بالنيات?كما لو نوى قطع الصلاة فإنها تقطع. [376]
باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
المفطرات أصولها ثلاثة، مذكورة في قوله تعالى:?فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل?
وقد أجمع العلماء على مدلول هذه الثلاثة. [378]
أولا: الأكل:
وهو: إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الفم. ويشمل ما ينفع (كالخبز) وما يضر (كالحشيشة) ومالا نفع فيه ولا ضرر (كالخرزة). ووجه العموم إطلاق الآية:?كلوا?وهذا يسمى أكلاً. [378]
ثانياً: الشرب:
وهو كالأكل يشمل ما ينفع، وما يضر، وما لاينفع ولا يضر. [379]
ثالثاً: السعوط:
وهو: ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف. لأن الأنف منفذ يصل إلى المعدة، فيعتبر مفطراً. والدليل: قوله?:?وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً? [أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح] [379]
رابعاً: الاحتقان:
وهو إدخال الأدوية عن طريق الدبر. والراجح أنها لا تفطر لأنه:
- لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً.
- وليس هناك دليل في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول شيء إلى الجوف.
- والكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب.
ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم: أننا إذا شككنا في شيء مفطر أم لا فالأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن نفسد عبادة متعبد لله إلا بدليل واضح يكون لنا حجة عند الله تعالى. [381]
خامساً: الاكتحال (بما يصل إلى الحلق):
والراجح أنه لا يفطر، ولو وصل إلى الحلق؛ لأنه:
- ليس أكل ولا شرب، ولا في معنى الأكل والشرب. ولا يحصل به ما يحصل بهما.
- وليس عن النبي?حديث صحيح صريح يدل على أنه مفطر.
- والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها.
ويدخل في حكمه: القطرة في العين. [382]
مسألة: إذا أدخل المنظار إلى المعدة حتى وصل إليها هل يفطر؟
الصحيح أنه لا يفطر، إلا أن يكون في هذا المنظار دهن يصل إلى المعدة فإنه يكون مفطراً. [383]
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة: لو أدخل عن طريق الذكر خيط فيه طعم دواء هل يفطر؟
الصحيح أنه لا يفطر لأنه لا يسمى أكلاً ولا شرباً. [384]
سادساً: تعمد القيء:
يعتبر مفطراً، ولا فرق بين أن يكون القيء قليلاً، أو كثيراً؛ لقوله?:?من استقاء عمداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه?. [أخرجه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب]
أما إذا استقاء فلم يخرج القيء: فصومه صحيح. ولا يفطر إلا ما خرج من المعدة، أما ما خرج بالتعتعة من الحلق فلا. [384]
سابعا: الاستمناء:
وهو طلب خروج المني بأي وسيلة، فإذا أنزل المني فسد صومه. ودليله:
1 - قوله ?في الحديث القدسي:?يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي? [رواه البخاري ومسلم] والاستمناء شهوة وخروج المني شهوة.
2 - القياس: فكما أن المستقيء والمحتجم يفطران لأنهما بفعلهما هذا يضعف بدنهما، فكذلك الاستمناء، ولهذا أُمر بالاغتسال ليعود إليه النشاط. [386]
مسألة: لو باشر الرجل زوجته باليد أو التقبيل فأمذى ما الحكم؟
لا يفسد صومه بل هو صحيح. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والحجة: عدم الحجة؛ لأن هذا الصوم عبادة شرع فيها الصوم على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل.
مسألة: ما الحكم لو كرر النظر فأنزل؟ فسد صومه. أما إن نظر نظرة واحدة فأنزل فلا يفسد صومه لعموم قوله?:?لك الأولى وليست لك الثانية? [رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن غريب] [390]
مسألة: ما الحكم لو فكر فأنزل؟ لا يفسد صومه لعموم قوله?:?إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم?. [متفق عليه] [390]
ثامناً: الاحتجام:
يشترط فيه خروج الدم. فمن احتجم فلم يخرج دمه لم يفطر سواء كان الدم قليلاً أو كثيراً. وسواء كانت الحجامة في الرأس أو في غيره. والدليل على ذلك:?أفطر الحاجم والمحجوم?. وهذا الحديث ضعفه البعض وقالوا لا يصح، وصححه البعض كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وغيرهما، وعلى هذا يكون الحديث حجة عند من صححه.
ما الحكمة من فساد الصوم بالاحتجام؟ قال الفقهاء إنها تعبدية. وقال شيخ الإسلام: لذلك حكمة: أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثر ذلك عليه في المستقبل. أما الحاجم: فلئلا يصل الدم إلى جوفه أثناء مصه لدم المحجوم.
ولو حجم بآلة منفصلة؟ بمعنى أنه لا يمص الدم:
فيه قولان: الراجح عند الشيخ أنه لا يفطر؛ لعدم وجود العلة. [391]
مسألة: هل يلحق بالحجامة الفصد، والشرط، والإرعاف المعتمد؟
(الفصد: شق العرق عرضاً. والشرط: شق العرق طولاً)
قولان: الأول: لا يلحق لأن العلة في الحجامة تعبدية، والتعبدي لا يقاس عليه.
الثاني وهو قول شيخ الإسلام: يلحق للحكمة السابقة. [396]
مسألة: خروج الدم القليل أثناء الاستياك، والحك، أو الرعاف بدون اختيار، أو قلع ضرسه:
قلع الضرس، ولو خرج دم لا يفطر؛ لأنه لم يقصد إخراج الدم، بل خروج الدم جاء تبعاً. وكذلك الحك وغيره لا يضر خروج الدم معه. [397]
مسالة: يشترط لفساد الصوم: أن يكون عامداً ذاكراً عالما:
دليل الأول: قوله تعالى: ?وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم?.
دليل الثاني: قوله?:?من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه? [أخرجه البخاري ومسلم]
دليل الثالث: قوله تعالى:?ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا?. [391]
مسألة: لو أكل ناسياً ثم ذكر أنه صائم واللقمة في فمه: فإنه يلزمه أن يلفظها لأنها في حكم الظاهر إذ الفم في حكم الظاهر. أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لا يلزمه إخراجها، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه من جهة التقيؤ. [399]
مسألة: الاحتلام لا يفسد الصوم لأن النائم غير قاصد، وقد رفع عنه القلم. [405]
مسألة: لو تمضمض فدخل الماء إلى حلقه حتى وصل إلى معدته فإنه لا يفطر لعدم القصد. [406]
مسألة: هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون؟ يجوز، لكن الأولى ألاّ يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل. [407]
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة: من أكل وشرب، وهو شاك في طلوع الفجر: فصومه صحيح لقوله تعالى:?حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر?. وضد التبين الشك، فما دمنا لم يتبين له فلنا أن نأكل ونشرب حتى لو تبين لنا فيما بعد أن الفجر قد طلع فصومه صحيح.
فائدة: روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت. وروي عن ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحي قال: سأل رجل ابن عباس عن السحور، فقال له رجل من جلسائه كل حتى لا تشك فقال ابن عباس إن هذا لا يقول شيئاً، كل ما شككت حتى لا تشك. قال ابن المنذر: وعلى هذا القول صار أكثر العلماء. [فتح الباري ج4 ص161]
مسألة: من أكل شاكاً في غروب الشمس: فصومه غير صحيح لأن الأصل بقاء النهار، وعليه القضاء. [408]
مسألة: من غلب على ظنه غروب الشمس فأكل: فصومه صحيح ولا قضاء، سواء تبين أنها غربت أو تبين أنها لم تغرب. والدليل على جواز الفطر مع غلبة الظن مع أن الأصل بقاء النهار حديث أسماء قالت:أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي?. وإفطارهم بناء على ظن قطعاً، فدل ذلك على أنه يجوز الفطر بالظن.
مسألة: من أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً: (أي اعتقد أن الفجر لم يطلع، وكذلك من أكل معتقداً غروب الشمس) الراجح: لا قضاء عليه. [409]
فصل في الجماع على أنه من أعظم المفطرات تحريماً
شروط من تلزمه الكفارة والقضاء إذا جامع:
1 - أن يكون ممن يلزمه الصوم، أما الصغير فلا قضاء عليه ولا كفارة.
2 - أن لا يكون هناك مسقط للصوم، كالمسافر مثلاً فإن عليه قضاء هذا اليوم دون كفارة. [412]
مسألة: رجل مريض صائم، وهو ممن يباح له الفطر بالمرض، لكنه تكلف وصام، ثم جامع، ما الحكم؟
ليس عليه كفارة لأنه ممن يحل له الفطر. [413]
مسألة: تجب الكفارة في أي جماع سواء أكان حلالاً أم حراماً، وحتى في الدبر. [413]
مسألة: وجوب الكفارة احتراماً للزمن:
وبناء على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان فالقضاء واجب وعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه، وليس عليه كفارة لأنه خارج شهر رمضان، بخلاف ما إذا كان في الشهر. [413]
مسألة: إن كانت المرأة مطاوعة فعليها القضاء والكفارة. [414]
مسألة: المعذور بالجهل أو نسيان أو إكراه –سواء الرجل أو المرأة-: لا يجب عليهما الكفارة، ولا القضاء.
مسألة: دليل وجوب الكفارة على من جامع: حديث أبي هريرة المتفق عليه: أن رجلا أتى رسول الله?فقال:هلكت، قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم. فسأله النبي?هل تجد رقبة؟ فقال: لا. قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. ثم جلس الرجل فجيء إلى النبي?بتمر فقال: خذ هذا وتصدق به. قال: على أفقر مني يا رسول الله، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فضحك النبي?ثم قال: أطعمه أهلك فرجع إلى أهله بالتمر. وهذا الرجل ليس جاهلاً بحكم الجماع، وإنما جاهل بما يجب عليه بعد الجماع. [414]
مسألة: من جامع في يومين: مثلاً في اليوم الأول، واليوم الثاني: فإنه يلزمه كفارتان، وذلك لأن كل يوم عبادة مستقلة، ولهذا لا يفسد صيام الأول بفساد الثاني، وهذا قول. وقيل: لا تلزمه إلا كفارة واحدة، كما لو حنث في أيمان، ولم يكفر عن واحدة منهن فإنه تلزمه كفارة واحدة.
وقال الشيخ: وهذا القول وإن كان له حظ من النظر والقوة، لكن لا ينبغي الفتيا به؛ لأنه لو أفتي به لانتهك الناس حرمات الشهر كله. [418]
مسألة: إذا جامع في يوم واحد مرتين:قولان:
الأول: إن كفر عن الأول لزمه كفارة عن الثاني، وإن لم يكفر عن الأول أجزأه كفارة واحدة؛ لأن الموجب واحد واليوم واحد. الثاني: لا يلزمه كفارة عن الثاني لأن يومه فسد بالجماع الأول، وإن كان يلزمه الإمساك، لكن ليس هذا الإمساك مجزياً عن الصوم، ولأن الكفارة تلزم إذا أفسد صوماً صحيحاً، وهذا القول له وجه من النظر. [419]
مسألة: مسافر وكان مفطراً فقدم إلى بلاده: على القول الراجح: يجوز له الجماع لأن هذا اليوم في حقه غير محترم. وكذلك المريض إذا شفي والحائض إذا طهرت. [420]
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة: من جامع وهو معافى ثم مرض أو جن، ومن جامع وهو مقيم ثم سافر: لم تسقط عنهما الكفارة مع إباحة الفطر لهما آخر النهار؛ لأنه حين الجماع كان ممن لم يؤذن له بالفطر فلزمته الكفارة. [421]
مسألة: لا تجب الكفارة في جماع صيام غير رمضان (كالنفل ونذر وكفارة يمين).
مسألة: الكفارة تجب بالجماع ولو لم يحدث الإنزال، ما دام أولج الحشفة في القبل. [422]
باب ما يكره وما يستحب من الصائم وحكم قضاء رمضان
مسألة: ما حكم جمع الريق ثم بلعه؟ ليس بمكروه، ولا يقال إن الصوم نقص بذلك (على الراجح)، لكن لو بقي طعم طعام (كحلاوة تمر أو ما أشبه ذلك) فهذا لا بد أن يتفله، ولا يبلعه. [426]
مسألة: ما حكم بلع النخامة؟ حرام على الصائم وغير لأنها مستقذرة، وربما تحمل أمراضاً، ولكنها على الراجح: لا تفطر ولو وصلت إلى فمه لأنها لم تخرج من الفم، ولا يعد بلعها أكلاً، ولا شرباً. [428]
مسألة: إذا ظهر دم من لسانه أو أسنانه، هل يجوز بلعه؟ لا يجوز لا للصائم ولا لغيره لقوله تعالى:?حرمت عليكم الميتة والدم?. وإذا وقع للصائم فإنه يفطر. [429]
مسألة: حكم ذوق الطعام لغير حاجة: مكروه لأنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم أما لحاجة فليس بمكروه. [428]
مسألة: يكره مضغ العلك القوي الذي لا يتفتت لثلاث علل:
لأنه ربما تسرب إلى بطنه شيء من طعمه إن كان له طعم. لأنه يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس. ولأنه يجلب له البلغم، ويجمع الريق، ويذهب العطش. [430]
وعليه فالعلك المتحلل يحرم على الصائم. لأنه إذا علكه لا بد أن ينزل منه شيء لأنه متحلل يمشي مع الريق. وما كان وسيلة لفساد الصوم فإنه يكون حراماً. [431]
مسألة: حكم القبلة وغيرها من دواعي الوطء:
إذا كان هذا يحرك الشهوة مع أمن إفساد الصوم بإنزال فهذا لا بأس به، والدليل: أن النبي?كان يقبل وهو صائم. [متفق عليه]
وإذا كانت تحرك الشهوة مع خشية فساد الصوم بالإنزال بأن يكون شاباً قوياً شديد الشهوة، وشديد المحبة لأهله في هذه الحالة: يكون فعله هذا محرماً لأنه يعرض صومه للفساد. [432]
فوائد:
1 - إذا سب الصائم أحد فإنه لا يرد عليه بمثل ما قال، بل يقول: (إني صائم) جهراً؛ للحديث المتفق عليه، قال: رسول الله?:?إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يصخب ولا يرفث، وإن سابه أو قاتله أحد فليقل إني صائم?. [436]
2 - ويسن تأخير السحور، لما ورد في البخاري أن النبي?كان يؤخر السحور حتى أنه لم يكن بين سحوره، وبين إقامة الصلاة إلا نحو خمسين آية. [437]
3 - ويسن تعجيل الفطور لقوله?:?لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر?. [رواه البخاري ومسلم] [439]
4 - ويسن الفطر على رطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء؛ لما رواه الترمذي وهو حسن صحيح قوله?:?إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور?. [441]
ويسمي عند فطره وجوباً، ويحمد الله عند الانتهاء، ويسن قول ما وردت به الآثار، وإن كان فيها ما فيها، لكن إذا قالها فلا بأس: (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم). [أخرجه ابن السني، وفي سنده عبد الملك بن هارون ضعفه أحمد والدار قطني، وقال ابن القيم: لا يثبت]. وقوله: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) [صححه الحاكم على شرطهما، وحسنه الألباني في الإرواء]
مسألة: يستحب تتابع القضاء:
1 - لأنه أقرب لمشابهة الأداء. 2 - لأنه أسرع في إبراء الذمة. 3 - لأنه أحوط. وينبغي أن يبادر به بعد يوم العيد مباشرة. [445]
مسألة: ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الآخر من غير عذر:
1 - لحديث عائشة: كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان. [رواه البخاري]. فقولها: (ما استطيع) دليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان.
2 - ولأنه صار كمن أخر صلاة الفريضة إلى وقت ما بعدها، وهذا لا يجوز. ودليل جواز التأخير قبل رمضان، قوله تعالى:?فعدة من ايام أخر?. فلم يقيدها بالتتابع، ولو قيدت للزم من ذلك الفورية. [446]
أما إن كان لعذر كمن استمر به المرض إلى رمضان آخر: جاز له أن يفطر لأنه إذا جاز أن يفطر في رمضان، وهو أداء؛ فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى.
مسألة:هل يصح التطوع بالصيام قبل قضاء الفرض؟
(يُتْبَعُ)
(/)
يصح لأن الوقت موسع ما لم يضيق الوقت، لكن الأولى أن يبدأ بالصيام للقضاء.
لكن ستة شوال لا تقدم على قضاء رمضان، ولو قدمها لصار نفلاً مطلقاً، ولم يحصل على ثوابها الوارد عند مسلم في قوله?:?من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر?. فالحديث نص على من صام رمضان، ومن كان عليه قضاء فإنه لا يصدق عليه أنه صام رمضان. [447]
مسألة: من أخر صيام القضاء إلى رمضان آخر دون عذر: لا يلزمه إلا القضاء فقط مع الإثم، هذا هو الراجح. وهناك قولان آخران:
1 - أنه يجب عليه القضاء والإطعام لحديث مرفوع ضعيف جداً لا تقوم به الحجة، ولأثر عن ابن عباس وأبي هريرة في هذا، وما ذكر عنهما فإنه ليس بحجة؛ لأن الحجة لا تثبت إلا بالكتاب والسنة، أما أقوال الصحابة فإن في حجتها نظر إذا خالفت ظاهر القرآن.
2 - أنه لا يجب عليه إلا الإطعام فقط، ولا يصح منه الصيام بناء على أنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ولا رسوله?. [449]
مسألة: إذا مر رمضان على إنسان مريض ففيه تفصيل:
1 - إذا كان يرجى برؤه بقي الصوم واجباً عليه حتى يشفى، ولكن لو استمر به المرض حتى مات فهذا لا شيء عليه لأن الواجب عليه القضاء، ولم يدركه.
2 - إذا كان يُرجى زواله، ثم عوفي، ثم مات قبل أن يقضي، هذا يُطْعَم عنه عن كل يوم مسكيناً بعد موته.
3 - إذا كان لا يُرجى زواله، فهذا عليه الإطعام ابتداء. ولو فرض أن الله عافاه: فلا يلزمه الصوم، لأنه يجب عليه الإطعام، وقد أطعم فبرئت ذمته. [452]
مسألة: من مات وعليه صوم: صام عنه وليه بالنص، وهو قوله ?:?من مات وعليه صوم صام عنه وليه? [متفق عليه] وصوم نكرة غير مقيدة بصوم معين. والمقصود هنا: من أمكنه القضاء ولم يفعل فإذا مات: صام عنه وليه. (وهو الوارث) وذلك استحباباً، والذي صرف الأمر للاستحباب قوله تعالى:?ولا تزر وازرة وزر أخرى?فإن لم يفعل قلنا أطعم عن كل يوم مسكيناً، قياساً على صومه الفريضة. [455]
مسألة: يجوز أن يصوم واحد من الورثة، ويجوز أن تفرق الأيام عليهم: بشرط ألاّ يشترط التتابع، فإن كان مما يشترط فيه التتابع (ككفارة الظهار) لزم أن يصومه واحد من الورثة فقط. [457]
باب صوم التطوع
من رحمة الله أن جعل للفرائض ما يماثلها من التطوع، وذلك من أجل ترقيع الخلل الذي يحصل في الفرض من وجه، ومن أجل زيادة الأجر من وجه آخر.
وصيام التطوع ينقسم إلى قسمين: 1 - تطوع مطلق. 2 - وتطوع مقيد.
والمقيد أوكد من المطلق، كالصلاة فإن التطوع المقيد أفضل من التطوع المطلق. [461]
الأيام البيض:
وهي: (15،14،13) لحديث أبي ذر الذي حسنه الترمذي قال: قال رسول الله?:?إذا صمت من الشهر ثلاثاً فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة?.
ويستحب صيام ثلاثة ايام من كل شهر، ولكن الأفضل أن تكون البيض. [462]
الاثنين والخميس:
لقوله?:?بأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله عز وجل، فأحب أن تعرض أعمالي وأنا صائم? [أحمد وأبو داود والترمذي، صححه الألباني]. وصوم الاثنين أوكد؛ لأنه عندما سئل عنه النبي?قال:?ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل علي فيه?. [رواه مسلم]
أما الجمعة: فيكره إفرادها لما رواه مسلم، قال: قال الرسول?:?لا تصوموا الجمعة إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوماً بعده? أما السبت: فالصحيح أنه يجوز صومه بدون إفراد، والدليل قوله?لزوجته:?أتصومين غداً? (أي السبت). أما حديث أبي داود:?لا تصوموا يوم السبت إلا فيما فرض عليكم? فهو حديث مختلف في صحته، ونسخه، وشذوذه، وهل المراد إفراده أم لا. أما الأحد فقد كره بعض العلماء صومه لأن في صومه تعظيم لما يعظمه الكفار.
إذاً الجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها، أما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس. أما الثلاثاء والأربعاء فجائز صومهما. [464]
ست شوال:والأفضل أن تكون بعد العيد مباشرة، لما فيه من السبق إلى الخيرات، والأفضل أن تكون متتابعة؛ لأنه أسهل غالباً. [467]
تنبيه: اليوم الثامن من شوال يسميه العامة عندنا: عيد الأبرار (أي الذين صاموا ستة أيام من شوال) وهذه التسمية بدعة، ومن مقتضاها أن من لم يصم ستة من شوال ليس من الأبرار وهذا خطأ.
شهر محرم:
(يُتْبَعُ)
(/)
لما أخرجه مسلم قال: قال النبي?:?أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم?. وآكده العاشر ثم التاسع؛ لما أخرجه مسلم أن النبي?سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال:?احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله?، ولقوله?:?لأن بقيت أو لأن عشت إلى قابل لأصومن التاسع?.
قال شيخ الإسلام: ولا يكره إفراده بالصوم (يعني العاشر).
[قال في الحاشية: وقال ابن القيم: فمراتب صومه ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم. ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أغلب الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر بالصوم].
وهو اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه. [468]
تسع ذي الحجة:
وآكدها عرفة لغير الحاج؛ لقوله?:?ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر?. [أخرجه اليخاري]. والصوم من العمل الصالح. [473]
وأفضل صيام التطوع: صيام يوم وإفطار يوم، إذا لم يضيع ما أوجب الله عليه، ودليل ذلك: أن عبد الله بن عمرو قال: لأصومن النهار ولا أفطر، ولأقومن الليل ولا أنام، فبلغ ذلك النبي?فسأله أنت الذي قلت كذا ... قال نعم. فقال له النبي?صم كذا، صم كذا، قال: إني أطيق أكبر من ذلك حتى قال له: صم يوماً وأفطر يوماً فذلك أفضل الصيام، وهو صيام داود عليه السلام [رواه أحمد وغيره] [473]
* ويكره: إفراد رجب بالصوم لأنه من شعائر الجاهلية. [476]
ويحرم صوم:
- العيدين؛ لنهيه?: (نهى عن صوم يومي العيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى) [البخاري]
- صيام أيام التشريق: لما أخرجه مسلم عن النبي?قال:?أيام أكل وشرب، وذكر لله عز وجل?. إلا أن تصام عن دم متعة أوقران، ودليل ذلك حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي). [رواه البخاري]
مسألة: من دخل في فرض موسع حرم عليه قطعه إلا لعذر شرعي من صلاة أو صيام، وإذا لم يبق في الوقت إلا قليل (أي كان الوقت ضيقاً) فمن باب أولى. ولا يلزم ذلك في النفل لما رواه مسلم أن النبي?دخل على أهله ذات يوم فقال:?هل عندكم من شيء?؟ قالوا: نعم، عندنا حيس، قال أرينيه –يقول لعائشة- فلقد أصبحت صائماً، فأرته إياه فأكل. ولكن الأفضل ألا يقطع النفل لآية:?ولا تبطلوا أعمالكم? ولقوله?لعبد الله بن عمرو:?لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل?. [البخاري ومسلم]. فإذا كان انتقده لترك قيام الليل فكيف بمن تلبس بالنافلة! فلا يقطعها إلا لغرض صحيح. [484]
مسألة: لا يلزمه قضاء النافلة إذا فسدت إلا الحج والعمرة لقوله تعالى:?وأتموا الحج والعمرة لله?. [486]
ليلة القدر
هل هي باقية أم رفعت؟
الصحيح بلا شك أنها باقية، وحديث: ?أن النبي?رآها ثم خرج ليخبر بها أصحابه فتلاحى رجلان فرفعت? [رواه البخاري ومسلم]. فالمراد رفع علم عينها في تلك السنة. [491]
مسألة: لا شك أن ليلة القدر في رمضان: لأنه تعالى قال: ?شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن? وقال في موطن آخر:?إنا أنزلناه في ليلة القدر? فإذا ضممت هذه الآية إلى تلك تبين لك ذلك. [491]
مسألة: تحديد ليلة القدر:
القرآن لا بيان فيه لتعيين ليلة القدر؛ لكن أتثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخر لما أخرجه البخاري: أن رسول الله?اعتكف العشر الأولى من رمضان يريد ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل إنها في العشر الأواخر. وأريها رسول الله?وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان كان معتكفاً?فأمطرت السماء فوكف المسجد (أي سال سقفه) وكان مسجد النبي?سقفه من عريش، فصلى الفجر بأصحابه ثم سجد على الأرض. قال أنس فرأيت الماء والطين على جبهته فسجد في ماء وطين. [متفق عليه]
ورأى أصحاب رسول الله?ليلة القدر في السبع الأواخر فقال?:?أرى رؤياكم قد تواترت في هذه السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر? [البخاري ومسلم]
وعلى هذا: السبع الأواخر أرجى إن لم يكن المراد بقوله?:?أرى رؤياكم? خاص بتلك السنة. [492]
مسألة: وليلة القدر تتنقل: فتكون عاماً مثلاً في ليلة إحدى وعشرين، وعاماً في ثلاث وعشرين، وهكذا. والحكمة في ذلك: لينشط الإنسان في العبادة طيلة هذه العشر. [493]
مسألة: وسبب تسميتها ليلة القدر:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - قيل إنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، قال تعالى:?فيها يفرق كل أمر حكيم?.
2 - وقيل: من القدر، وهو الشرف، قال تعالى:?وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر?
3 - وقيل: لأن للعبادة فيها قدر عظيم؛ لقوله?: ?من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه? [البخاري ومسلم]. [493]
مسألة: وأوتار العشر أبلغ، وليس معنى ذلك أنها لا تكون إلا في الأوتار.
مسألة: من البدع تخصيص ليلة القدر بعمرة.
مسألة: وليلة سبع وعشرين آكد.
مسألة: وينال أجر ليلة القدر من قامها ولو لم يعلم أنها ليلة القدر. [496]
ولليلة القدر علامات:
1 - قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، ولا يحس بهذا إلا من كان بعيداً عن الأنوار.
2 - زيادة النور في تلك الليلة.
3 - طمأنينة، وانشراح صدر المؤمن أكثر مما يجده في باقي الليالي.
4 - الرياح تكون ساكنة، [لما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان]
5 - قد يري اللهُ سبحانه الإنسانَ الليلة في المنام.
6 - أن الإنسان يجد لذة في القيام أكثر مما يجده في بقية الليالي.
7 - أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية، ليس كعادتها في باقي الأيام، لما ورد عند مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه: (أخبرنا رسول الله?أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها).
ولا يصح قول من قال إنها لا تنبح فيها الكلاب. [480]
ويدعى فيها بما ورد عند الترمذي وقال حسن صحيح: ?اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني? [500]
باب الاعتكاف
تعريفه: لزوم مسجد لطاعة الله عز وجل. [501]
مسألة: لو اعتكف في مصلى أو بيت أو مدرسة فهل يصح؟
لا لأن الله جعل محل الاعتكاف المسجد، قال تعالى: ?ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد? [502]
مسألة: هل ينافي روح الاعتكاف أن تعتكف في المسجد لطلب العلم؟
طلب العلم من طاعة الله، لكن الاعتكاف يكون في الطاعات الخاصة: كالصلاة والذكر ... ولا بأس بحضور درس أو درسين في يوم أوليلة ولو كنت معتكفا؛ لأن هذا لا يؤثر على الاعتكاف، لكن إن دامت مجالس العلم، وصار المعتكف يطالع دروسه، ويحضر الجلسات التي تشغله عن العبادة الخاصة فهذا فيه نقص، أما القليل فلا بأس. [503]
مسألة: الاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل؛ لأن الصلاة فيها أفضل. [504]
مسألة: هل يجوز الاعتكاف في غير رمضان؟
بعض أهل العلم على أنه لا يصح لأننا نقول: الأحكام الشرعية تتلقى من فعل النبي?، ولم يعتكف الرسول?في غير رمضان إلا قضاء، وكذلك ما علمنا أحداً من أصحابه اعتكفوا في غير رمضان إلا قضاء. ولما استفتاه عمر بأنه نذر أن يعتكف ليلةً أو يوماً وليلة في المسجد الحرام فقال:?أوف بنذرك? [متفق عليه]. لكنه لم يشرع ذلك لأمته شرعاً عاماً بحيث يقال للناس: اعتكفوا في رمضان وفي غيره فإنه سنة.
والذي يظهر للشيخ: أن من اعتكف في غير رمضان فإنه لا ينكر عليه لإذنه?لعمر، ولو كان هذا النذر مكروهاً أو حراماً لما أذن له. لكن لا نطلب من الناس أن يعتكفوا في كل وقت، بل نقول: هدي النبي?خير الهدي، ولو كان يعلم أن الاعتكاف في غير رمضان بل العشر الأواخر له مزية وأجر لبينه لأمته.
ثم إنه اعتكف العشر الأول، ثم العشر الأوسط، ثم لما قيل له إنها في الأواخر لم يعتكف في السنة التي تليها إلا في العشر الأواخر. لذا فمن اعتكف في غير رمضان فإنه لا يُبَدَّع ولا ننهاه عن ذلك، بل هو مستأنس بما ورد من إذنه? لعمر. [506]
مسألة: هل يصح الاعتكاف بلا صوم؟ قولان:
الأول: لا، لأنه?لم يعتكف إلا بصوم إلا ما كان قضاء. الثاني: يصح لحديث عمر بن الخطاب. ولأنها عبادتان منفصلتان فلا يشترط للواحدة وجود الأخرى. وهو الراجح.
لكن يجب الجمع بينهما إذا نذرهما معاً (أي نذر الصوم مع الاعتكاف). [508]
مسألة: لا بد أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجماعة؛ لأنه إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة: فإنه إما أن يترك الجماعة، وإما أن يكثر الخروج من المسجد، وهذا ينافي الاعتكاف. إلا إذا كان الاعتكاف بين الصلاتين فلا يشترط هذا. [511]
مسألة: المرأة، ومن لا تجب عليه الجماعة: لا يشترط أن يكون اعتكافهم في مسجد تقام فيه الجماعة. واعتكاف المرأة مقيد بأن لا يكون اعتكافها فتنة. [513]
مسألة: لا يصح اعتكاف المرأة في مصلى بيتها لأنه ليس بمسجد. [513]
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة: من نذر أن يعتكف في مسجد من المساجد في أي بلد: لم يلزمه أن يعتكف فيه، وكذلك الصلاة إلا المساجد الثلاثة. إلا إذا كان ما عينه فيه مزية شرعية على غيره لأن النذر يجب الوفاء به، ولا يجوز العدول إلى ما دونه. فمثلاً: نذر أن يعتكف في جامع لا يجوز العدول عنه إلى غير جامع، لكن مثلاً لو نذر أن يعتكف في المسجد الحرام لم يجز له العدول عنه إلى مسجد المدينة لأنه أفضل. ومن نذر الاعتكاف في المسجد النبوي، جاز له الاعتكاف في المسجد الحرام، ولم يجز في الأقصى وهكذا. [514]
مسألة: متى يدخل المعتكف، ومتى يخرج منه؟
يدخل المعتكف ليلته الأولى، ويخرج منه بعد غروب شمس آخر يوم. مثلاً: الاعتكاف في العشر الأواخر: يدخل بعد غروب شمس ليلة عشرين، ويخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم. [523]
مسألة: لا يلزم تتابع الاعتكاف إلا إذا نذر معيناً، مثال: قال: الأسبوع القادم علي نذر أن أعتكفه، لزم التتابع، أما إن قال: عشرة أيام مثلاً لم يلزم. [522]
متى يجوز أن يخرج من معتكفه؟
إذا كان هناك حاجة ملحة لا بد منها (الأكل، الشرب، قضاء الحاجة).
أما ما لا يجوز الخروج لأجله: كعيادة المريض، وشهود الجنازة، فلا يخرج إليها إلا إذا اشترط ذلك ابتداء، وهذا قياساً على قوله?:?حجي واشترطي?. [متفق عليه]
أما إن كان هذا المريض له حق عليه ويتوقع موته مثلاً، وتعتبر عدم زيارته له من قطيعة الرحم؛ صار هذا لابد منه. [523]
مسألة: يفسد اعتكافه بوطئه لزوجته في فرجها: لقوله تعالى:?ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد?. أما إن وطئ في غير الفرج فلا يفسد إلا أن ينزل. [525]
مسألة: لو اشترط عند دخوله المعتكف أن يجامع أهله فلا يصح؛ لأنه محلل لما حرم الله، وكل شرط أحل ما حرم الله فهو باطل. [525]
ويستحب للمعتكف:
1 - اشتغاله بالقرب لا بالعلم إلا شيئاً نادراً يفوته إن لم يبادر في هذا الوقت فيكون الاشتغال به أفضل من الاعتكاف حينئذ.
2 - اجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل؛ لقوله?:?من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه?. [الترمذي وابن ماجة والحديث صحيح بشواهده]
مسألة: هل يجوز أن يزور المعتكف أحد من أقاربه يتحدث إليه ساعة من زمان؟
نعم، لما ورد في البخاري ومسلم أن صفية بنت حيي زارت النبي?في معتكفه، وتحدثت إليه ساعة. ولما يحصل به من الألفة. وهذا من مقاصد الشرع. [503]
مسائل لم ترد في الشرح الممتع تكثر الحاجة إليها
مسألة: هل يجوز الفطر في رمضان من أجل المذاكرة للامتحان؟
لا يجوز لأنه بإمكانه أن يراجع بالليل، فمن أفطر من أجل ذلك فعليه التوبة والقضاء.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج1/ 492]
مسألة: من غربت عليه الشمس وأذن المؤذن وهو في أرض المطار فأفطر، وبعد إقلاع الطائرة رأى الشمس فهل يمسك؟
جوابنا على هذا أنه لا يلزم الإمساك؛ لأنه حان وقت الإفطار وهم في الأرض فقد غربت الشمس وهم في مكان غربت منه؛ وقد قال رسول الله?:?إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد افطر الصائم? [البخاري] وقد انتهى يومه، فإذا انتهى يومه فإنه لا يلزمه الإمساك إلا في اليوم التالي.
وعلى هذا فلا يلزم الإمساك في هذه الحال؛ لأن الفطر كان بمقتضى دليل شرعي فلا يلزم الإمساك إلا بدليل شرعي.
[فتاوى أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين ص493]
مسألة: من سقط تمييزه، وبلغ حد الخرف: فلا يجب عليه ولا على أهله شيء؛ لسقوط التكليف، فإن كان يميز أحياناً، ويهذي أحياناً وجب عليه الصوم حال تمييزه، ولم يجب حال هذيانه.
[مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين ص28]
مسألة: هل يجوز استعمال حبوب منع الحيض للمرأة في رمضان؟
الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره؛ لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مضرة جداً على المرأة، وكل مضر منهي عنه؛ لقوله?:?لا ضرر ولا ضرار?.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1/ 496]
مسالة: استعمال بخاخ ضيق التنفس للصائم هل يفطر؟
لا، لأنه يتبخر ولا يصل إلى المعدة.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1/ 500]
مسألة: هل يبطل الصيام باستعمال دواء الغرغرة؟
لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه، ولكن لا يفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه.
[فتاوى الصيام للشيخ ابن عثيمين: ص93]
مسألة: استعمال الصائم الروائح العطرية في نهار رمضان:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان، وإن استنشقها إلا البخور لا يستنشقه لأن له جرماً يصل إلى المعدة، وهو الدخان.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1/ 503]
مسألة: هل الأبر والحقن العلاجية في نهار رمضان تؤثر على الصائم؟
الإبر العلاجية قسمان: أحدهما: ما يقصد به التغذية، ويستغنى به عن الأكل والشرب لأنها بمعناه فتكون مفطرة. القسم الثاني: الإبر التي لا تغذي فهذه لا تفطر لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1/ 518]
مسألة: ما حكم الكحل، والقطرة للصائم؟
لا بأس على الصائم أن يكتحل وأن يقطر في عينيه، وأن يقطر كذلك في أذنه، وإن وجد طعمه في حلقه فإنه لا يفطر به؛ لأنه ليس بأكل ولا بشرب، ولا بمعنى الأكل والشرب، والدليل إنما جاء في معنى الأكل والشرب، فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصواب، أما لو قطر في أنفه فدخل في جوفه فإنه يفطر إن قصد ذلك؛ لقول النبي?:?بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً?. [أبو داود والترمذي]
[فتاوى أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين: ص:468]
مسألة: هل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره؟
تجيب المؤذن، بل إنه يتأكد عليك أكثر لأنك تتمتع الآن بنعمة الله.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1/ 531]
مسألة: هل يضاعف الصوم في الحرم كما في الصلاة؟
الصلاة في مكة أفضل من الصلاة في غيرها، ونقول إن الصلاة في المسجد الحرام نفسه تتضاعف فتكون مائة ألف صلاة فيما عداه، وقد أخذ أهل العلم من ذلك أن الصيام يتضاعف في مكة لشرف المكان.
[فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1/ 558]
مسألة: غسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لغسله ثم رجوعه مرة أخرى، لا يفطر.
[فتاوى للشيخ ابن عثيمين نقلا عن: 70 ساعة في الصيام للشيخ المنجد]
مسألة: هل يجوز للمعتكف أن يخرج ليتصل بأهله بالهاتف؟ لا يجوز.
[شريط العشر الأواخر للشيخ محمد العثيمين]
مسألة: ما حكم من لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة؟
الاعتكاف سنة، وبر الوالدين واجب، والسنة لا يسقط بها الواجب، ولا تعارض الواجب أصلاً؛ لأن الواجب مقدم عليها، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي:?ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه?؛ فإذا كان أبوك يأمرك بترك الاعتكاف ويذكر أشياء تقتضي ألا تعتكف؛ لأنه محتاج إليك فيها، فإن ميزان ذلك عنده وليس عندك؛ لأنه قد يكون الميزان عندك غير مستقيم وغير عدل؛ لأنك تهوى الاعتكاف فتظن أن هذه المبررات ليست مبرراً، وأبوك يرى أنها مبرر. فالذي أنصحك به ألا تعتكف، نعم لو قال أبوك: لا تعتكف ولم يذكر مبررات لذلك فإنه لا يلزمك طاعته في هذه الحال؛ لأنه لا يلزمك أن تطيعه في أمر ليس فيه ضرر عليه في مخالفتك إياه وفيه تفويت منفعة لك.
[من أحكام الصيام للشيخ ابن عثيمين: ص31]
ـ[حمد]ــــــــ[08 - Aug-2009, صباحاً 07:12]ـ
أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثر ذلك عليه في المستقبل.
فائدة جميلة، جزاكم الله خيراً.
ـ[ولد محمد]ــــــــ[10 - Aug-2009, مساء 12:59]ـ
جزاك الله خيرا
وهل بالإمكان وضعه على ملف وورد
لأن نسخه من المنتدى لا يظهر بشكل جيد
والأمر الآخر ما هي منهجية المختصر في اختصاره
وفقك الله لرضاه(/)
رجاء التكرم على أخيكم!!
ـ[عمر العدوى]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 05:15]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أهل المجلس المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد.,
أرجو الله من الإخوة الكرام أن يمدونى بالعنوان البريدى الخاص باللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية ..
حيث أنى أريد أن أبعث بكتاب لتقييمه وما إذا كان على منهج أهل السنة والجماعة فى مسائل الكفر والإيمان؟
وهل تقبل اللجنة الكتاب ورقى؟ أم أنه من الممكن أن يقبلوه مصورا على اسطوانة؟
وهل من الممكن أن يكون من رواد الملتقى من تكون اللجنة منه قريبة فأراسله على الخاص وأبعث الكتاب ونص السؤال ويقوم هو بالذهاب إلى مقر اللجنة وجزاه الله خيرااااااا؟؟؟؟
وأخيرا
أرجو الرد
اللهم بلغنا رمضان
ـ[محمود الغزي]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 10:17]ـ
دخلت لحبي لمساعدتك، ولكن ........... كما يُقال" ليس باليد حيلة "!!، فأنا من غزة.
أرجو ممن يستطيع ألا يبخل.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[16 - Aug-2008, صباحاً 06:42]ـ
http://www.alifta.net
لا أدري هل عنوانهم البريدي على الموقع أولا، لأن الموقع متعطل مؤقتاً، لكن أدخله لاحقاً
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[18 - May-2009, مساء 08:23]ـ
http://www.alifta.net/MailList/SendFatwaByMail.aspx
لكنه معطل لأسباب فنية(/)
((النَّصِيحَةُ إلى إِخوَانِي النُّبَلَاءِ, وَأَبْنَائِي الفُضَلَاءِ)).
ـ[محمود الغزي]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 07:51]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إلى إخوانِي النُّبَلَاءِ, وأبنَائِي الفُضلاءِ, مِنْ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ, الدَّاعِينَ إلى اللهِ على مِنهاجِ النُّبوةِ.
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
أمَّا بعدُ:
فإنِّي أَحْمَدُ إليكم اللهَ الذي أكرمنا بمعرفةِ الحقِّ, وأنعمَ علينا باتِّباعِهِ, فكم ممَّن عَرَفَ الحقَّ صَدَفَ عنه, فاستحوذَ عليه الشيطانُ فكان مِنْ أتباعِهِ.
وأسألُهُ - تعالى - لي ولكم: الثباتَ على الهُدَى, والسَّلامةَ من الرَّدَى, والحفظَ من الأذى, والاستقامةَ على النَّهجِ الذي زاغَ أهلُ الأهواءِ عن اجتماعِهِ.
وتعلمون - أدامكم اللهُ على الحقِّ دُعاةً إليه على مِنهاجِ النُّبوةِ - أنَّ أهلَ الأهواءِ مازالت أفراخُهُم ينجُم ناجِمُهَا, ويَرْجُمُ أهلَ الحقِّ - بالافتراءِ - راجمُهَا, منذ خرجَ على الأمَّةِ شيوخُهُم القُدَامى: ابنُ سبأٍ, وذو الخويصرةِ, وغَيلان القدريُّ, ومَعبدٌ الجهنيُّ, وبِشرٌ المريسيُّ, وابنُ أبي دؤاد, وغيرُهُم ممَّن ترى إلى اليومِ أشباهَهُم ينعِقُونَ ببدعِهِم في كلِّ وادٍ نعيقَ الغِربانِ على الخرائبِ, ويسلكون فيها مسالِكَ الضِّبَاعِ تستمرئُ الجِيَفَ غَرْثَى سَوَاغِب.
وتعلمون - ثَبَّتكم اللهُ على مِنهاجِ النُّبوةِ الذي دَلَّكم عليه وأرشدَكم إليه - أنَّ أهلَ الغلوِّ وإخوانَ الضَّلالةِ لا يفرحونَ بشيءٍ فَرَحَهُم بالانزلاقِ في جدالِهم؛ لأنَّهم أهلُ المِرَاءِ والحَيْدَةِ, وأنَّهم ينصبون شباكَهم لِيَعْلَقَ فيها مَنْ خَدَعَتْهُ حِيَلُهم فَدَخَلَ نَافِقَاءَهم فأحكموا صَيْدَه.
ولقد مضت سُنَّةُ الأئمةِ على سَنَنِ الهُدَى أَلَّا يجادلوا أهلَ الجهلِ من أهلِ الهوى, فقال الإمامُ أحمدُ رحمه الله عندما طُلِبَ منه أنْ يُنَاظِرَ ابنَ أبي دؤاد: «لا أعرفه مِنْ أهلِ العلمِ فأناظره».
واكتفى الإمامُ في ذلك المقامِ ببيانِ الحقِّ ومضى راشدًا.
وحملت الأيامُ والليالي - بعدُ - خَبَثَ القومِ, وجِيَفَ أفكارِهِم فألقته حيث ألقت رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ.
ومازالت الضِّبَاعُ القَرِمَةُ - في كلِّ عصرٍ - عن تلك الجِيَفِ نابشة, تزكُمُ الأنوفَ بنتن ريحِها, ونَجِسِ خَبَثِهَا, حتى يخرج آخرُهم مع الدَّجَّال.
ومَنْ له إلمامٌ بطرفٍ من تاريخِ أهلِ الأهواءِ والزيغِ, ومَنْ له معرفةٌ بمسالِكِ فكرِهم, وطريقةِ تفكيرِهم يعلمُ أنَّ أعدلَ ما سَلَكَهُ من السُّبُلِ في معالجةِ زيغِهم وضلالِهم: أنْ يُظْهِرَ الحقَّ بدليلِهِ, ويلزمَ أعلامَ الهُدَى بسبيلِهِ.
قال الراغبُ: «إذا ابتُليتَ بمُهَارِشٍ مُمَاحِكٍ مُنَاوِشٍ, قَصْدُهُ اللَّجَاجُ لا الحِجَاجُ, ومرادُهُ مُنَاوَأَةُ العلماءِ, ومُمَارَاةُ السُّفََهَاءِ, كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تعلَّمَ العلمَ ليُبَاهيَ به العلماءَ, ويُمَارِيَ به السفهاءَ, ويَصْرِفَ به وجوهَ النَّاسِ, أدخَلَهُ اللهُ جهنَّم» (1).
قال الشاعرُ:
تَرَاهُ مُعِدًّا للخِلَافِ كأنَّهُ بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ
فحقُّك أنْ تَفِرَ منه فِرَارَك من الأساودِ والأسودِ, فإن لم تَجْد من مزاولتِهِ بُدًّا, فَكَابِرْ إنكارَهُ الحقَّ بإنكارِكَ الباطلَ, ودفاعَهُ الصدقَ بدفاعِكَ الكذبَ, معتبرًا في ذلك قولَه تعالى: {وَمَكَرْنَا مَكْراً} [النمل: 50] , وقولَه: {وَمَكَرَ اللّهُ} [آل عمران: 54] , وقولَه تعالى حكايةً عن المنافقين: {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 14 - 15] , وقولَه تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5].
وبَالِغْ في ذلك معه, وإيَّاك أنْ تعرِّجَ معه إلى بَثِّ الحكمةِ, وأنْ تذكر له شيئًا من الحقائقِ ما لم تتحقَّقْ له قلبًا طاهرًا لائقًا بالحكمةِ, وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلُ الملائكةُ بيتًا فيه كَلْبٌ» (2).
فإنَّ لكلِّ تربةٍ غَرْسًا, ولكلِّ بناءٍ أُسًّا, وما كلُّ الرءوسِ تستحقُ التيجان, ولا كلُّ طبيعةٍ تستحقُ إفادةَ البيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنْ كان لا بُدَّ فاقتصر معه على إقناعٍ يبلُغُهُ فهمُهُ, فقد قيل: كما أنَّ لُبَّ الثمارِ مباحٌ للنَّحْلِ, والتبنَ معدودٌ للأنعامِ, كذلك لُبُّ الحكمةِ مُعَدٌّ لذوي الألبابِ وقشورها مجعولةٌ للأنعام, وكما أنَّه من المُحالِ أنْ يَشُمَّ الأَخْشَمُ (3) رَيْحَانًا فمُحَالٌ أن يفيدَ الحمارُ بيانًا» (4).
ونصيحتي لإخوانِي النُّبلاءِ, وأبنائِي الفُضلاءِ, مِنْ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ الدَّاعين إلى اللهِ على مِنهاجِ النُّبوةِ:
أنْ يُيَمِّمُوا القَصْدَ جادِّينَ, وأنْ يَعْمُروا الأوقاتَ بالعلمِ والعملِ, وأنْ يَدَعُوا أهلَ الأهواءِ والخَطَلِ, على جِيَفِ طِباعِهم عاكفين.
وأنْ يُرَتِّلُوا كثيرًا قولَه تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} [الرعد: 17].
وأنْ ينظروا مُمْعِنين في قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «ما ضَلَّ قومٌ بَعْدَ هُدًى كانوا عليه إلَّا أُتوا الجَدَلَ. ثُمَّ تَلَا صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]» (5).
وفي قولِهِ صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبضِ الجنَّةِ لمن تركَ المِرَاءَ وإنْ كان مُحِقًّا, وببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لمن تركَ الكذبَ وإنْ كان مازحًا, وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حَسُنَ خُلُقُهُ» (6).
وليعلموا: «أنَّ المجادِلَ المدافعَ يقعُ في نفسِهِ عند الخوضِ في الجدالِ أَلَّا يقنعَ بشيءٍ, ومَنْ لا يُقْنعُهُ إلَّا أَلَّا يقنعَ, فما إلى إقناعِهِ سبيلٌ, ولو اتفقت عليه الحكماءُ بكلِّ بَيِّنَةٍ, بل لو اجتمعتْ عليه الأنبياءُ بكلِّ معجزةٍ كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111]» (7).
فليجتهد أبنائِي من طُلَّابِ العلمِ في الجِدِّ استعدادًا لاختبارات (معهد الفرقان) , وتهيُّؤًا لاستقبال رمضان.
وأمَّا أهلُ الغلوِّ فَذَرُوهم في طُغيانِهِم يعمهون, ودَعُوهم لأحقادِهم وفِرَاهُم يَعْلُكُون, ولَيَعْلَمُنَّ نبأَهُ بعد حين, إنْ شاءَ اللهُ ربُّ العالمين.
وكتب أبو عبد الله محمد سعيد رسلان
الخميس 13 من شعبان 1429هـ
14 من أغسطس 2008م
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ابن ماجه (260) , وحسَّنه الألبانيُّ رحمه الله.
(2) البخاري (3053) , ومسلم (2104).
(3) الأخشمُ: الذي لا يجدُ ريحَ طِيبٍ ولا نتنٍ.
(4) الذريعة ص 129.
(5) الترمذي (3253) , وابن ماجه (48) , وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (136) , وقال الترمذيُّ: (حسنٌ صحيح) , وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي, وحسَّنه الألبانيُّ.
(6) أبو داود (4800) , وانظر طرقه مجموعةً في السلسلة الصحيحة (273).
(7) الذريعة ص 127.
ـ[محمود الغزي]ــــــــ[17 - Nov-2008, صباحاً 08:58]ـ
للرفع، رفع الله قدر العلامة د. محمد رسلان.
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[17 - Nov-2008, صباحاً 09:07]ـ
شكرا لك
الواقعيه مطلوبة يا إخوان .. ورفع الموضوع من دون إضافة ما له داعي الله يصلحكم.(/)
ليس من الإسلام!! ..
ـ[الشيخ ياسين الأسطل]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 10:41]ـ
بينما كنت أتصفح بعض المواقع
وجدت مشاركة بعنوان (شباشب مصرية تحمل العلم الأمريكي للتعبيرعن الغضب) فأحببت أن أذكر المناسب في الشرع حسب علمي والله أعلم،فأقول:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:قال سبحانه:
(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام (108).
قال الإمام ابن كثير في التفسير:
(يقول تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو.
كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبك آلهتنا، أو لنهجون ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفار الله عدوا بغير علم، فأنزل الله: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}) اهـ.
أقول هذا يدل على أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة كما هو معلوم عند أهل العلم وطلبته، فكيف إذا لم تكن مصلحة بل مفسدة عظيمة، ولقد علمتم لما كان الحصار على العراق اثني عشر عاماً وكان بعض العراقيين رسموا صورة الرئيس الأميركي بوش وصورة العلم الأميركي على الأرض ليدوسوا عليها بالأقدام، فماذا كان؟! .. إن التفكير بهذه العقلية وهذا الأسلوب غير موفق، ولا يدل عليه الدين ولا العقل، وليس من سنة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ولا من جاء بعدهم من المسلمين إلا في عصر الانحطاط هذا، وبهذا ضاع المسلمون وضاعت بلادهم، .. أليس كذلك!! العدل العدل والإنصاف الإنصاف ولو مع أعدائنا كما قال تعالى:
{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} قال الإمام ابن كثير: ( .. أي: لا يحملنكم بغض قوم قد كانوا صدوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية، على أن تعتدوا [في] حكم الله فيكم فتقتصوا منهم ظلمًا وعدوانًا، بل احكموا بما أمركم الله به من العدل في كل أحد. وهذه الآية كما سيأتي من قوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] أي: لا يحملنكم بغض أقوام على ترك العدل، فإن العدل واجب على كل أحد، في كل أحد في كل حال.
وقال بعض السلف: ما عاملتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، والعدل به قامت السموات والأرض.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سَهْل بن عثمان حدثنا عبد الله بن جعفر، عن زيد بن أسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق، يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: نصد هؤلاء كما صدنا أصحابهم. فأنزل الله هذه الآية.
والشنآن هو: البغض. قاله ابن عباس وغيره) اهـ.هذا والله أعلم وأعز وأكرم(/)
ذكرياتي مع شيخنا محمد زحل
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[15 - Aug-2008, صباحاً 03:24]ـ
عرفت الشيخ محمد زحل قبل خمسة وعشرين عاما، كان والدي يصحبني معه إلى ذاك المسجد بطريق مديونة، قبل أن ينتقل الشيخ إلى مسجد الشهداء، حيث اشتهر بخطبه النارية، فقد كان خطيبا مصقعا، ذا فصاحة وبيان، وقوة في العرض، وحماسة في الطرح.
حضرت له بنفس المسجد دروس التفسير والحديث، وكان الشيخ من رواد نشر السنة في ذلك الوقت،إلى جانب جمع من العلماء الأخيار، الذين قادوا الصحوة في البيضاء أيام الثمانينات الميلادية، كنت معجبا جدا بجرأة الشيخ وشجاعته، لازلت أذكر استنكاره على الدولة اعتقال الشيخ عبد السلام ياسين، على منبر الخطبة، رغم أنه يخالفه في كثير من المسائل العقدية والمنهجية، وأذكر احتفاء مجلة المجتمع الكويتية بهذا الأمر، لا زلت أذكر دعوته إلى توحيد الصيام بين دول المسلمين، بل ودعوة المغاربة إلى الأخذ برؤية المشارقة ولو أدى ذلك إلى الصيام قبل المغاربة بيوم، والإفطار قبلهم، وذلك في خطبة جمعة خطبها دون مكبر الصوت، وشاع أن البعض قطع الصوت عمدا.
من حسن حظي أني عشت مع الشيخ مخيمين صيفين، أولهما بمنطقة الولجة بين الرباط وسلا، كان الشيخ هو المشرف على المخيم، ويؤمنا في الصلوات، ويوجهنا ويربينا على حسن الخلق والأدب، ويلقننا بعض الفوائد، وكان يزورنا جملة من المشايخ،كالقاضي برهون الشيخ المعروف، والأستاذ العياشي _رحمه الله_ الذي مات في حادثة سير بالمدينة المنورة، وكان برفقة الشيخ زحل، وغيرهما من المشايخ والدعاة، وقد اختتم المخيم بحفل بهيج نلت فيه جائزة تجويد القرآن الكريم.
المخيم الثاني كان بالمنطقة الشاطئية بين البيضاء والجديدة, وكان بعد الأول بعشر سنوات، حيث أصبحنا شبابا كبارا، وكنت مكلفا بقراءة فقرات من كتاب "مشارع الأشواق" لا بن النحاس الدمياطي.
من ذكرياتي مع الشيخ أيام الثمانينات الميلادية إصداره لمجلة "الفرقان"،وكان الشيخ يمدني بمئات النسخ أتولى بيعها تطوعا أمام أبواب المساجد، وكان الشيخ هو صاحب فكرة المجلة والمسئوول عنها ومديرها، قبل أن يزاح عنها شيئا فشيئا إلى أن آل الأمر بها إلى جماعة التوحيد والإصلاح.
من ذكرياتي معه أن مراسل مجلة "العالم' التي كانت تصدر بلندن حضرالمغرب ليعد تقريرا عن كيفية قضاء الناس لشهر رمضان بهذا البلد، فأحضره الشيخ إلى بيتنا ليصورني ويمثل بي على اعتناء المغاربة بتحفيظ أبنائهم كتاب الله تعالى، خاصة أني كنت أحفظه وأنا صغير، وفعلا صورني المراسل، وأذكر ان الشيخ مازحه قائلا: لولا أن يقال الشيخ زحل تشيع لتصورت معه، في إشارة منه إلى علاقة المجلة بإيران.
وقد حزنت كثيرا لما قام وزير الأوقاف المغربي السابق عبد الكبير العلوي المدغري بتوقيف جماعة من خطباء السنة دفعة واحدة، ومنعهم من الخطابة والتدريس، وكان على رأسهم شيخنا محمد زحل ومعه القاضي برهون وإدريس الجاي و غيرهم،وقد استمر التوقيف ما يقارب عشر سنوات، قبل أن يعود الشيخ للتدريس بمسجد عين الشق الكبير، ليتم التفسير وشرح صحيح البخاري.
وقد كنت كثير الزيارة للشيخ بمكتبته المعروفة "مكتبة شيخ الإسلام بن تيمية"،وكان يمدني بفوائد علمية وتاريخية، ويحكي لي بعض ماضيه مع تنظيم الشبيبة الإسلامية، وكان يسمي عبد الكريم مطيع زعيم التنظيم بالسامري، وكان سيء الرأي فيه.
كما أنني زرته ببيته بحي ليساسفة بالبيضاء، ودعاني لحضور حفل زفاف ابنته، وكان حفلا عظيما، حضره عشرات المشايخ والدعاة والرموز، كما أنه دعاني لحضور زفاف ابنه معاذ، وكانت الأيام قد فرقت بيني وبينه حتى التقيته بالمدينة المنورة، حيث حضر لتسجيل ابنه معاذ بالجامعة الإسلامية.
يذكر أن الشيخ من أهل حاحا، منطقة أمازيغية بين الصويرة واكادير، وتتلمذ كثيرا على الشيخ البشير توفيق _رحمه الله_والد الأستاذ عز الدين توفيق، قبل أن يدخل الدار البيضاء، ويلتحق بتنظيم الشبيبة الإسلامية جناح المعلمين، وبعد انفراط عقد التنظيم اشتغل بالدعوة إلى الله، والخطابة والتدريس إلى الآن.
وما أعتبه على الشيخ هو أنه على سعة علمه وقبوله عند الناس لم يتمكن من تكوين مدرسة علمية، ولا عرف له تلاميذ مشهورون نبغوا وأفادوا،وأذاعوا علمه بين الناس.
أعتب عليه أيضا قلة بل يمكن أن اقول عدم وجود أي مؤلف له،_وخلو الموقع دليل على ذلك_، مع قوته في البيان، وسلاسة قلمه كما هو واضح في مقالاته المتناثرة هنا وهناك، ولست أدري السبب في ذلك.
أعتب عليه أيضا انعزاله عن الحياة العامة، خاصة بعد التوقيف، بحيث لا يعرف له رأي فيما ينزل بالأمة من أحداث،وخاصة الأحداث الداخلية، وكان يمكنه_حفظه الله_التصدي للعلمانيين الذين صالوا وجالوا في البلاد، خاصة مع ما آتاه الله من قوة في الحجة وفصاحة في البيان.
حفظ الله الشيخ ونفع به.
ـ[العز بن عبدالسلام]ــــــــ[15 - Aug-2008, صباحاً 04:05]ـ
أشكرك شيخ أبا عائشة على تعريفك بالشيخ محمد زحل، وكم نحن بحاجة إلى معرفة مشايخ المغرب الإسلامي لبعدنا الجغرافي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحُميدي]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 01:21]ـ
بارك الله فيك اخي الفاضل ...
وللأسف انا من أهل البيضاء ولم يسبق لي لقيا هذا الشيخ الهمام،
ولمجلة البيان لقاء ماتع مع الشيخ زحل -حفظه الله-.
ـ[زبيدة 5]ــــــــ[02 - Oct-2009, مساء 05:04]ـ
الشيخ زحل حفظه الله من الشيوخ العظماء ولكن المغاربة لا يفعلون كما المشارقة الذين يتيحون الفرص لعلمائهم في المنابر والفضائيات وإحداث المواقع مستعينين بعد الله بالوضع المادي الذي أتاح فرص النشر والتأليف والتواصل على أوسع نطاق، هناك أيضا غلبة العلمانيةفي المغرب على المنابر بشكل عام إضافة إلى القوة التأطيرية التي يتمتعون بها.
أذكر أن بعض الخطباء رفضوا الرجوع إلى منابرهم بعدما طلب منهم ذلك وهذه حقيقة وجب ذكرها.
المطلوب من المشارقة أن يهتموا بعلماء المغرب الذين أوصلوا الإسلام إلى أوربا ذات يوم.
أما تأليف الكتب لدى العلماء فقد كان أحد اليهود الأساتذة في الكلية ينشر العديد من المؤلفات والترجمات وتبين أنه يشغل لذلك طلابه وتلاميذه وبحدد الفهارس والمواضيع، ونحن أولى أن نهتم بعلمائنا ونكفيهم هموم المعيشة وزحام الأوقات.(/)
هل يجوز شرعاً لي البدء في قراءة الكتب الفكرية وأنا حالي هكذا ...
ـ[أبو سعد البقمي]ــــــــ[15 - Aug-2008, صباحاً 08:35]ـ
أنا من المهتمين بالقضايا الفكرية المعاصرة، لكن أخشى من الانزلاق تجاه أحد التيارات الضالة، لأني لستُ محصِّناً نفسي بالسلاح الشرعي، فأخشى الانجراف من شبهة تَعرِض أثناء القراءة
وقد قررتُ أن أقرأ في ذلك، فهل يجوز لي ذلك وحالتي هذه؟
وكيف أعمل لأجل التأهل للقراءة؟.
أرجوكم ساعدوني.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 02:29]ـ
أقول من باب المدارسة (تورعا فقط) والا فانى على يقين
التفكير فريضة على كل العباد وما لايتم الواجب الابه فهو واجب
وما من طالب علم او عالم مؤثر الا وكان فى منهجه العلمى قسم كتب الفكر
لكن عليك الان أن لا تأخذ الاكتاب من كتب المفكرين الاسلاميين (بشهادة العلماء) لا من يدعى انه مفكر اسلامى وهو لا يفهم شئ ومن جهة أخرى لا تأخذ كتابا فكريا من الكتب الموثوق فيها (فى حالة ان فيها أخطاء) الا وتأخذ معه كتاب يصحح أخطائه والا فلا تقرأه أو على الاقل ان كنت فى حاجة ماسة له ولم تجد عليه كتاب يصححه فافعل الاتى اعرف أخطائه بالاجمال فلو مثلا فى الاسماء والصفات او المنهج فاقرأه والكلام الخاص بهذه الاببواب اقرأه واجعله محل نظر بمعنى أنك لاتعتمده
فمثلا من الكتب الفكرية المصححة كتاب الظلال لسيد قطب رحمه الله تعالى فتأخذ معه كتاب المورد العذب الزلال فى أخطاء الظلال وهكذا
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 02:41]ـ
أو على الاقل ان كنت فى حاجة ماسة له ولم تجد عليه كتاب يصححه فافعل الاتى اعرف أخطائه بالاجمال فلو مثلا فى الاسماء والصفات او المنهج فاقرأه والكلام الخاص بهذه الاببواب اقرأه واجعله محل نظر بمعنى أنك لاتعتمده
وهذا من اجتهادى وليس مسموعا من العلماء
ـ[أبوعمر السحيم]ــــــــ[15 - Aug-2008, مساء 11:05]ـ
أنت تسأل عن الناحية الشرعية، ولكني لا أتكلم عنها ألبتة ..
فكل شخص له حكمه الخاص به، ودينه الذي يدين الل به ..
إلا أني أذكر أني كتبت ورقةً لأحد طلبة العلم في هذا المجال حين طلب مني كتابتها، ومفادها: أن قارءة الكتب الفكرية والفلسفية مهمة جداً .. وكيف تعايش غيرك وأنت لم تقرأ في فكره ولم تعرف عنه شيئاً .. لا سيما أن بعض كتب الفكر تكشف لك مخبوءاً .. وتجعله لك مكشوفاً .. فتستبصر الواقع .. وتعرف درب الحاضر ..
وضرب علماء الأمة الأجلاء في ذلك مثلاً عالياً .. ذكر شيخنا العلامة د. عبد الرحمن المحمود أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ضرب منهج الفلاسفة بمنهج المتكلمين .. فلما قام منهج المتكلمين على منهج الفلاسفة: أسقطه بمنهج الإسلام كتاباً وسنة .. وأنه كان رحمه الله أعلم من كثير منهم بأصولهم ومنطلقاتهم ..
وغيره من علماء الإسلام الذين صارت لهم مناظرات ومكاتبات مع الفلاسفة والمتكلمين .. لو لم يقرأ في كتب فلسفتهم وكلامهم -الذي ضره أكثر من نفعه- لم يستطع الرد عليهم ..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا مجال مفتوح لكل أحد؟ أم أنه لا يؤهل له إلا أناس مخصوصون؟
الجواب على هذا السؤال وضاح جلي .. لا يختلف فيه عاقلان .. من أنه: لا يقرأ في هذه الكتب إلا من حصن نفسه بحصون العقيدة الصافية .. وسياج الديانة الواضحة .. وإلا فكيف يتعدى إلى تلك المناهج ولم يتقن منهج نفسه؟
حتى أن أهل العلم: يمنعون طالب العلم من قراءة كتاب (كشف الشبهات) للإمام: محمد بن عبد الوهاب، أو (التدمرية) لشيخ الإسلام ابن تيمية .. لأنها تعرض العقيدة الصافية: عبر الرد على الخصوم!! فما بالك بمن يقرأ كتب الشبهات والفلسفة والفكر من وجهة نظر كتابها وأصحابها ..
إلا أن الإنسان قد يوفق بمفكر إسلامي .. صاحب منهج واضح .. وعقيدة صافية .. يدرك هذا كله .. فيوصل إليك المعلومة من وجهة النظر الإسلامية .. مع نقد لتلك الأفكار الضالة المضلة .. التي قد تغلف بأغلفة براقة (ظاهر فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب) .. وشيخنا العلامة د. عبد الرحمن المحمود من أفضل من يفعل مع طلابه ذلك .. والشيخ د. إبراهيم الناصر .. والشيخ د. ناصر الحنيني .. وغيرهم .. ومجلة (البيان) تتطرق إلى ذلك في كثير من أعدادها ..
إلا أنه لا ينصح بهذه الخطوة -دراستها من وجهة النظر الإسلامية الناقدة- إلا بعد إتقان العقيدة الإسلامية الصافية .. حتى لا تختلط على المرء الأمور .. فيضل وينحرف .. ويزيغ ويهلك .. فإن الشبه خطافة .. والقلوب غير معصومة .. والله المستعان .. وعليه التكلان ..
فعليك بالعقيدة الصحيحة أولاً ..
ثم كتب المناقشة في العقيدة ثانياً ..
ثم انتقل للكتب التي تعرض مثل هذه الأفكار من الناحية الإسلامية عرضاً ونقداً ..
ثم تأتي مرحلة قراءة هذه الكتب مباشرة، وهي مرحلة بعيدة لا يصل إليها كل أحد ..
والله الأعلم بالصواب، والمرشد إليه؛؛
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[16 - Aug-2008, صباحاً 12:09]ـ
أظن الكتب الفكرية قسمين:
1 - التي تتكلم في قضايا شرعية و تأخذ الأحكام من الفكر هي مثل كتب المتكلمين السابقين الذين يخالفون أهل السنة لا يقرأها إلا طالب العلم
2 - أما التي تتكلم عن قضايا دنيوية من المصالح المرسلة و تأخذها من الفكر فلا بأس
مثلاً قضية الأقليات المسلمة، هذه قضية شرعية و ليست فكرية
فلا تقرأ كتاباً يتكلم عن الأقليات في الفكر الإسلامي، بل إقرأ كتاب عن أحكام الإقامة في دار الكفار في الفقه، لأن أحكام الأقليات تؤخذ من الذكر لا من الفكر
و مثال آخر مهارات التدريس أكثرها دنيوية ليست شرعية، أي مصالح مرسلة، فلا بأس أن يقرأ فيها و موضوعاتها مثل ترتيب مقاعد الطلاب، و تنظيم غرفة الصف، و ضبط النظام و هكذا، لأن المصالح المرسلة تؤخذ من الفكر، أما الأحكام الشرعية فتؤخذ من الذكر لا من الفكر، و إنما الفكر يستخدم لفهم الذكر و الإستنباط منه لا أكثر
و لا يمكن أن يستقل عن الذكر في الأحكام الشرعية
عكس ما يفعله المفكرون فيثبتون الحكم بالفكر، ثم يستدلون له بالذكر استدلالاً غير صحيح، لأنهم ليسوا علماء، و لا يستدل بالقرآن و السنة إستقلالاً إلا العلماء، أما العوام فيتابعون العلماء في استدلالاتهم
أما من يريد فهم الواقع فيمكن فهمه بدون هذه الكتب و إنما بالكتب التي تنقل الأخبار و توصف الواقع و لا علاقة لها بالحكم على الواقع الذي تصفه
و الله أعلم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[16 - Aug-2008, صباحاً 01:14]ـ
وانظر الى ما تحتاج من مسائل واسأل هل لمفكرينا الاسلاميين الافذاذ من اهل السنة كابو الحسن الندوى والمودودى وسيد قطب واخوه كتب فيها ام لا فان كان كتب فاسأل هل ثم ملاحظات على الكتاب وهكذا
والا فهل انتهيت من كتب هؤلاء الاعلام فان الشيخ المقدم كان يرثى حال الشباب بعدم قراءتهم لتراث ابو الحسن الندوى
ولا اظنك قد تحتاج لغيرهم وتجد الشيخ محمد رشيد رضا 0 لكنى لم أذكره لأننى لا اعرف هل كتاباته عادية أم مطولة وصعبة جدا لا أعرف اللهم الا اننى قرأت كم مقال فى مجلة المنار فوجدت الاسلوب سهل على وراقى ويجمع بين الفكر والشرع
وغيرهم من أئمتنا كثير
تجد مجدد العصر الحديث مصطفى حلمى مؤلفاته فكرية وأى كتاب له فى المنهج السلفى خذه وانت مغمض العينين (قاله الشيخ المقدم)
هؤلاء الاعلام هم الذين يحضرونى الان ممن اعلم والا فالافذاذ كثيرين وانا جاهل بهم وبقدرهم
وعندك الدكتور عبد الكريم بكار (يقول عنه الشيخ المقدم قمة افرست هذا العصر فى التنمية البشرية) اقرأ مقالاته وكتبه وقال عنه انه رجل مؤتمن لأنه متشرع (واقرأ موضوعى قمة افرست هذا العصر فى التنمية البشرية)
ولك أن تتابع موضوعى المسمى (عن شرايط شيخنا محمد اسماعيل المقدم) فانه يتعرض فيها للمسائل الفكرية وانا أكتب نبذة عن تلك الشرايط
فاطمئن أخى الأمر سهل ويسير والحمدلله
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[16 - Aug-2008, صباحاً 01:35]ـ
فعليك بالعقيدة الصحيحة أولاً ..
ثم كتب المناقشة في العقيدة ثانياً ..
ثم انتقل للكتب التي تعرض مثل هذه الأفكار من الناحية الإسلامية عرضاً ونقداً ..
ثم تأتي مرحلة قراءة هذه الكتب مباشرة، وهي مرحلة بعيدة لا يصل إليها كل أحد ..
والله الأعلم بالصواب، والمرشد إليه؛؛
ما شاء الله على فهمك أبا عمر.
هذا هو الطريق الصحيح في رأيي القاصر.
والشكر موصول لمن شارك بالموضوع.
جزاكم الله خيرًا جميعًا.
ـ[االباحث]ــــــــ[18 - Sep-2008, مساء 10:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف حالك إن شاء الله دائما بخير؟ الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين لااخى وحبيبى ابو سعد البقمى سؤالك يدل على اهتمامك والناظر في احوال المفكرين بجد انهم ماخلوا مشتبهات ووقووع فى منزلقات بياترى لم بسبب عدم التاصل الشرعى وبودى ان نتعون سويا لنعرف المنهج الصحيح فى ذلك ثم تنطلق للفكر
ا
ا وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته(/)
هل ثبت هذا , أم لا يثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم؟!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[16 - Aug-2008, مساء 03:09]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
السؤال / من المعلوم فضل الصلاة على الجنائز وإتباعها , ومن المعلوم أيضاً أنها أمر كفائي؛ لكن ما أود معرفته هنا: هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ولم يتبعها؟ وبصيغة أخرى هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع كل جنازة صلى عليها؟
وما المقدار الذي يعتبر في الإتباع , ولاسيما في عصرنا هذا من حمل الجنائز في السيارات والازدحام عند الخروج من المسجد ونحو ذلك؟
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[18 - Aug-2008, مساء 03:11]ـ
أيعقل!!
لا أحد يعرف! اللهم زدنا علما يا كريم!
ـ[حمد]ــــــــ[18 - Aug-2008, مساء 04:58]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وما المقدار الذي يعتبر في الإتباع , ولاسيما في عصرنا هذا من حمل الجنائز في السيارات والازدحام عند الخروج من المسجد ونحو ذلك؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ممكن أخي توضّح هذا السؤال قليلاً.
إن كنت تقصد أنّ الزحام يبعدك عن الجنازة، فلا شيء عليك.
فأنت متبع لها حتى توضع.
وإن تبعت سيارة النعش بسيارتك إلى المقابر، ثم تبعتها إذا أخرجوها من السيارة حتى توضَع فأنت متبع لها.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[19 - Aug-2008, مساء 12:03]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ممكن أخي توضّح هذا السؤال قليلاً.
إن كنت تقصد أنّ الزحام يبعدك عن الجنازة، فلا شيء عليك.
فأنت متبع لها حتى توضع.
وإن تبعت سيارة النعش بسيارتك إلى المقابر، ثم تبعتها إذا أخرجوها من السيارة حتى توضَع فأنت متبع لها.
شكر الله لك أخي حمد ونفع الله بك ,,
لعل عدم تفصيل المسألة أدى لعدم وضوح في المراد! ولعلي هنا أفردها بشكل أوضح:
س / هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة ولم يتبعها أم كل جنازة صلى الله عليها صلى الله عليه وسلم تبعها؟
س / في عصرنا هذا اختلفت الصلاة عما كانت عليه في السابق في بعض الأمصار فقد كانت الصلاة على الميت بجوار قبره ولا ينتظر فيه وقت صلاة حتى يصلى عليه بعدها؛ أما في عصرنا هذا فلا تكاد تجد جنازة يصلى عليها إلا بعد صلاة في المسجد!!
والسؤال في مثل صلاة الجمعة أو الجماعات الكبيرة , توضع الجنازة في مقدمة المسجد قريبا من الباب ويصلي عليها الإمام ثم تخرج , فيحدث عند الخروج من الباب زحام يأخذ ما بين دقيقة ودقيقتين - والبعض يصلي ركعتين حتى يخف الزحام - حتى تخرج وتكون الجنازة قد وصلت إلى المقبرة بالسيارة سواء سرت على قدميك أو بسيارتك!
فهل ذهابك للمقبرة مع أنك لم تسر مع الجنازة ولا بجوارها يعد اتباعا أم يشترط في الاتباع الرؤية؟ أم ما دامت لم تدفن يعد اتباعا بالنظر إلى نية الذاهب أم ماذا؟ - لعل الصورة اتضحت -
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[21 - Aug-2008, صباحاً 11:31]ـ
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وأصحابه .. (وقل ربي زدني علماً)(/)
«شرح رسالة فضل علم السَّلَفِ على الخلف، للعلّامة ابن جبرينٍ»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[16 - Aug-2008, مساء 04:45]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته،،، أسعد اللَّه أوقاتكم بكلّ خير.
«شرح رسالة فضل علم السَّلَفِ على الخلف للحافظ ابنِ رَجَبٍ ـ رحمه اللَّهُ تعالى ـ،
شَرْح
سَمَاحَةِ شَيْخِنَا العَلاَّمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ جِبْرِينٍ
ـ أثابه اللَّهُ تعالى ـ»
[الدَّرْسُ الأَوَّلُ]:
الجزء الأول:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf01.mp3
الجزء الثَّاني:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf01b.mp3
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[16 - Aug-2008, مساء 04:47]ـ
[الدَّرسُ الثَّانِيُّ]:
الجزء الأوَّل:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf02.mp3
الجزء الثَّاني:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf02b.mp3
[ الدَّرْسُ الثَّالِثُ]:
الجزء الأوَّل:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf03.mp3
الجزء الثَّاني:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf03b.mp3
[ الدَّرْسُ الرَّابِعُ]:
الجزء الأوَّل:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf04.mp3
الجزء الثَّاني:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf04b.mp3
[ الدَّرْسُ الخَامِسُ]:
الجزء الأوَّل:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf05.mp3
الجزء الثَّاني:
http://www.archive.org/download/FadlIlm/salaf05b.mp3
تمّ الشَّرح.
صفحة الشّرح:
http://www.archive.org/details/FadlIlm
أخُوكُم المُحبّ
سَلمَانُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ أبُوْ زَيْدٍ
غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ولِوَالدَيْهِ، ولِمَشَايخِهِ، ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ.(/)
سؤال حول الرشوة لدفع ظلم أو أخذ حق
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[16 - Aug-2008, مساء 09:35]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه فتوى الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي حول الرشوة لدفع ظلم أو أخذ حق
السؤال:
هل العمل في مهنة التخليص الجمركي حلال؟ حيث إنه لا ينفذ موظفي الجمارك إجراءات الإفراج عن البضائع إلا عندما يُدفع لهم المال، مع إن البضائع سليمة شرعاً وقانوناً؛ فهي حلال وأوراقها سليمة، لكن هذا هو العُرف السائد عند موظفي الجمارك -إلا من رحم ربي-؟ فهل عليَّ إثم لكوني أعمل مخلصاً جمركياً؛ مع أنني لا أستطيع أن أتم عملي إلا عندما أدفع لهم؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
المفتي: خالد عبد المنعم الرفاعي
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن المخلص الجمركي وكيل لصاحب البضائع -في مقابل ما يدفعه له من أجرة- وهي وكالة صحيحة، ولا حرج فيها، بشرط أن تكون البضائع مما يباح الاتِّجار فيه؛ قال ابن قدامة -رحمه الله- في (المغني): "يجوز التوكيل بجُعل وغير جُعل; فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكَّل أُنيساً في إقامة الحد، وعروة في شراء شاة، وعَمراً وأبا رافع في قبول النكاح بغير جُعل ... فإن كانت بجُعل، استحق الوكيل الجُعل بتسليم ما وكّل فيه إلى الموكل، إن كان مما يمكن تسليمه". أما دفع الرشوة للموظفين فإن الرشوة مال يُدفع ليتوصل به صاحبه إلى إحقاق باطل أو إبطال حق. وهي من كبائر الذنوب، وملعون صاحبها على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمُرتشي" (رواه أحمد وأبو داود، ورواه الترمذي وزاد: "في الحكم"، وقال: "حديث حسن صحيح"). وفي رواية: "والرائش"، وهو الساعي بينهما. وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188]. وقال تعالى في وصف اليهود: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [الأنعام: 41]. قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. أما دفع الرشوة لدفع ظلم أو ضرر، أو أخذ حق له مُنع منه وما شابه ذلك؛ فجائزة ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي والرائش، وهو مذهب الجمهور؛ واستدلوا بما رواه أحمد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحدهم ليسألني المسألة فأعطيها إياه فيخرج بها متأبطها، وما هي لهم إلا نار"، قال عمر: يا رسول الله، فلم تعطيهم؟ قال: "إنهم يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل"، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعطي هؤلاء المال مع أنه حرام عليهم، حتى يدفع عن نفسه مذمة البخل (الفتاوى الكبرى ج4/ص201). فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ وجاز للدافع أن يدفعها إليه كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها ناراً"، قيل: يا رسول الله فلم تعطيهم؟ قال: "يأبون إلا يسألوني ويأبى الله لي البخل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى): "فأما إذا أهدى له هدية؛ ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها ناراً"، قيل: يا رسول الله فلم تعطيهم؟ قال: "يأبون إلا يسألوني ويأبى الله لي البخل"، وقال: "ولهذا قال العلماء: يجوز رشوة العامل لدفع الظلم لا لمنع الحق"، وقال أيضاً: "ومن ذلك: لو أعطى الرجل شاعراً أو غير شاعر، لئلا يكذب عليه بهجو أو غيره، أو لئلا يقول في عرضه ما يحرم عليه قوله، كان بذله لذلك جائزاً وكان ما أخذه ذلك لئلا يظلمه حراماً عليه; لأنه يجب عليه ترك ظلمه". وقال تقي الدين السبكي -رحمه الله- في (الفتاوى): "والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها، وأما من يعطيها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز، وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز". وقال السيوطي في (الأشباه والنظائر): "القاعدة السابعة والعشرون: "ما حرم أخذه حرم إعطاؤه؛ كالربا، والرشوة، ويستثنى صور؛ منها: الرشوة للحاكم، ليصل إلى حقه، وفك الأسير، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه". وقال الحموي الحنفي في (غمز عيون البصائر): "القاعدة الرابعة عشرة: ما حرم أخذه حرم إعطاؤه كالربا، إلا في مسائل منها الرشوة لخوف على ماله أو نفسه، وهذا في جانب الدافع، أما في جانب المدفوع له فحرام". وفي (الأشباه) لابن نجيم الحنفي: وكذا في (المنثور) للزركشي الشافعي: "ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، كالربا والرشوة للحاكم إذا بذلها ليحكم له بغير الحق، إلا في مسائل: في الرشوة لخوف على نفسه أو ماله، أو لفك أسير، أو لمن يخاف هجوه ". وقال ابن الأثير: "فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله". والحاصل أنك إن استطعت إنهاء أعمالك من غير دفع للرشوة، حَرُم عليك دفعها، وإن لم تستطع إلا بدفع رشوة، جاز لك دفع الرشوة حينئذ، ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي، والله أعلم.
-------------------------------------
من فتاوى موقع الألوكة
قال الشيخ: والحاصل أنك إن استطعت إنهاء أعمالك من غير دفع للرشوة، حَرُم عليك دفعها، وإن لم تستطع إلا بدفع رشوة، جاز لك دفع الرشوة حينئذ، ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي، والله أعلم.
و سؤالي هو: هل يجوز البقاء في هذا العمل الذي يضطرني دائما على إعطاء الرشوة و مع علمي أن العمل لا يمر إلا بدفع رشوة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[16 - Aug-2008, مساء 10:45]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم يجوز لك البقاء ولا يعتبر في حقك أنك تعطي رشوة لكن يجب عليك أن تبلغ عن من يأخذ الرشوة.
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[17 - Aug-2008, صباحاً 01:23]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أخي بندر بارك الله فيك
لكني وجدت فتوى للشيخ محمد علي فركوس يقول فيها: لا يجوز الدوام على هذا العمل إن علم أنّ المظلمة لا ترتفع إلاّ به لما فيه من الإعانة على الظلم وأكل أموال النّاس بالباطل، فضلا عن أنّ الاستمرار فيه يوّرث الرضا بالمعصية، وينقلب المنكر معروفا والمعروف منكرا لا يمكن تغييره، ولو بأضعف الإيمان فيمنع هذا الطريق سدا للذريعة.
و هذه الفتوى:
الرابط: http://www.ferkous.com/rep/Bi13.php
الفتوى رقم: 96
الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية
إعطاء الرشوة من أجل دفع ضرر الضرائب
السؤال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الشرع في دفع مال لشخص معيّن حتى يقوم هذا الأخير بسحب وثيقة ما، وينجرّ عن بقائها في مستندات أو ملف شخص آخر معاملته معاملة قاسية من حيث الغرامة المالية، والضرائب الجبائية علما أنّ هذا الشخص المعيّن يعمل في المصلحة المختصة نفسها.؟
أفتونا مأجورين، وأجركم على الله، وجزاكم الله خيرا ورجائي أن يكون الجواب كتابيا -إن أمكن- وشكرا.
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وبعد:
فإنّ من حبس عن ماله – ابتداء– فبذل إلى غيره مالا للسعي إلى خلاصه، أو ليحكم له بحق، أو لدفع ظلم عنه ولم يجد وسيلة للوصول إليه سواه، وكان الساعي موظفا في مصالح محلّ سعيه حين وقوع المظلمة فسق الآخذ فقط دون المعطي لاضطراره إلى التوصل إلى حقه بأيّ طريق كان، وأصل تأثيمه ما أخرجه أبو داود والحاكم وصححه من حديث بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا -أي منحناه راتبا- فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" (1) ودليل تبرئة المعطي من الإثم حديث الملحِّينَ الذين لا يستحقون الصدقة فيعطيها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سؤالهم له قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ أحدكم ليخرج بصدقته من عندي متأبطها، وإنّما هي له نار"، فقال عمر: يا رسول الله كيف تعطيها و قد علمت أنّها له نار؟ قال:"ما أصنع؟ يأبون إلاّ مسألتي ويأبى الله عزّ وجلّ لي البخل" (2) غير أنّه لا يجوز الدوام على هذا العمل إن علم أنّ المظلمة لا ترتفع إلاّ به لما فيه من الإعانة على الظلم وأكل أموال النّاس بالباطل، فضلا عن أنّ الاستمرار فيه يوّرث الرضا بالمعصية، وينقلب المنكر معروفا والمعروف منكرا لا يمكن تغييره، ولو بأضعف الإيمان فيمنع هذا الطريق سدا للذريعة.
هذا، وأخيرا فإنّ الواجب يقتضي نصر المظلوم بإخراجه من الظلم، وذلك بعدم التعاون معه على الإثم والعدوان المنهي عنهما بنص الآية ففي صحيح البخاري: "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: " تمنعه من الظلم فذلك نصر له" (3).
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في: 21 رمضان 1417 هـ
الموافق لـ: 31 جانفي 1997 م
-----------------------------------------
1 - أخرجه أبو داود كتاب الخراج والإمارة والفيء باب في أرزاق العمال، من حديث بريدة رضي الله عنه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (5899)، وفي صحيح الترغيب والترهيب (779).
2 - أخرجه أحمد (11296)، وابن حبان رقم (840)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 498)، وفي غاية المرام ص: (266) رقم (463).
3 - أخرجه البخاري في «المظالم»، باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما: (2443)، والترمذي في «الفتن»: (2421)، وأحمد: (13421)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وأخرجه مسلم في «البر والصلة والآداب»، باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما (6582) من حديث جابر رضي الله عنه.
أرجو من الأخ الكريم و غيره من الإخوة بعض فتاوى أهل العلم
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[18 - Aug-2008, مساء 03:36]ـ
أرجو من الأخ الكريم و غيره من الإخوة بعض فتاوى أهل العلمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[19 - Aug-2008, مساء 05:25]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من مساعدة بارك الله فيكم
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 12:45]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من مساعدة بارك الله فيكم
شكرا لكم ... بارك الله فيكم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمد]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 01:21]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
http://www.islam-qa.com/ar/ref/25758
http://www.dar-quran.com/vb/showthread.php?t=1296
http://209.85.135.104/search?q=cache:StRRISiaGR0J:ww w.islamonline.net/fatwa/arabic/FatwaDisplay.asp%3FhFatwaID%3D 6447+%22%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8% B4%D9%88%D8%A9+%D9%84%D8%B1%D9 %81%D8%B9%22&hl=ar&ct=clnk&cd=9&gl=sa
http://www.ejabh.com/arabic_article_33041.html
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 09:59]ـ
يرفع
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 01:27]ـ
أرجو أن يعرض السؤال بعينه على أهل العلم
للإخوة القريبين من العلماء(/)
أمية النبي صلى الله عليه وسلم هي صفة كمال في حقه، كيف ذلك؟ ادخل واستفد
ـ[عبدالرحيم بن علي الجزائري]ــــــــ[17 - Aug-2008, مساء 05:54]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفت على كلام نفيس لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في شرحه لحديث: (إنا أمة امية لا نكتب ولا نحسب) يحمل فيه أمية النبي صلى الله عليه وسلم على وصف الكمال والمدح، فأحببت أن أنقل هذه الفائدة القيمة والنفيسة لإخواني وأخواتي في هذا المنتدى عسى الله عز وجل أن ينفعنا وإياكم بها، ولا تنسونا من دعائكم.
ودون إطالة أترككم مع كلام شيخ الاسلام ابن تيمية، يقول رحمه الله:
الأمة التي بعث فيها النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أميين عامة ليست فيهم مزية علم ولا كتاب ولا غيره، فلم يكن لهم كتاب منزل من عند الله كما لأهل الكتاب، ولا علوم قياسية مستنبطة كما للصائبة، وكان الخط فيهم قليلا جدا، ثم صاروا أهل كتاب وعلم، وزالت عنهم الأمية المذمومة الناقصة، فصارت هذه الأمية منها ما هو محرم ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو نقص وترك الأفضل.
فمن لم يقرأ الفاتحة أو شيئا من القرآن تسميه الفقهاء أميا ويقابلونه بالقارئ، فيقولون: لا يصح اقتداء القارئ بالأمي.
ومنها ما هو مذموم، كقوله تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون).
فهذه صفة من لا يفقه كلام الله ويعمل به وإنما يقتصر على مجرد تلاوته، ويتكلم في العلم بظاهر من القول ظنا، فهذا أمي مذموم، لنقص علمه الواجب سواء كان فرض عين أو كفاية.
وإن أمكن أن يُستغنى عن الخط والحساب بالكلية، بحيث ينال كمال العلوم والتعليم من غيرها وبدونها، كان هذا أفضل له وأكمل، وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل).
فأموته كانت من جهة أنه لا يكتب ولا يقرأ مكتوبا، كما قال الله فيه: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك).
وأما سائر الصحابة فالغالب على كبارهم الكتابة لاحتياجهم إليها، إذ لم يُؤت أحد منهم من الوحي ما أوتيه، فصارت أموته المختصة به كمالا في حقه من جهة الغنى بما هو أفضل منها وأكمل، ونقصا في حق غيره من جهة فقده الفضائل التي لا تتم إلا بالكتابة.
هذا آخر ما ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في هذا الباب، أرجو أن تكونوا قد استفدتم معنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
نصيحة و مقترح عملي للباحثين والباحثات
ـ[عبد الفتاح بن محمد]ــــــــ[17 - Aug-2008, مساء 10:37]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مقترح أرى و الله أعلم أنه عملي و ميسر لعملية البحث خصوصا عند الباحثين. ومضمون هذا الإقتراح أن يفهرس الطالب الباحث خزانته العلمية و يجعل لكل كتاب ضمن خزانته بطاقة تقنية سأقدم نموذجا لها.
و فائدة هذا العمل تكمن في توفير الوقت خصوصا أثناء إعداد فهرس المصادر و المراجع الملحق بآخر كل بحث أو رسالة، و ذلك لأنها تسهل ترتيب هذه المراجع وفق المراد سواء حسب الحروف الأعجمية أو حسب تاريخ وفاة المؤلف او نحو ذلك.
كما أن هذا العمل قد يساعد طالب العلم الشرعي على حماية كتبه من الضياع خصوصا عند الإعارة، وذلك بإخراج بطاقة كل كتاب معار من ضمن البطاقات الأخرى و يكتب على ظهرها معلومات الإعارة
و ينصح ألا يدخل طالب العلم أي كتاب اقتناه إلى مكتبته حتى يطلع - على الأقل - على مقدمته و فهرس موضوعاته ليتبين في العموم موضوع الكتاب و الفن الذي يندرج تحته، ثم يصنع له بطاقة تفاديا لعملية التراكم.
وهذا نموذج هذه البطاقة وهو - بطبيعة الحال -قابل للتعديل وفق ما تقتضيه حاجة كل إنسان
علم الرجال و أهميته
تأليف: المحدث العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
تحقيق وتعليق: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري.
دار الراية، الرياض، الطبعة الأولى 1417.
مثلا يمكن أن يكون مقاس هذه البطاقة 14/ 9
أرجو ان أكون قد أفدت إخواني بهذا المقترح الذي أنتظر من رواد هذا المنتدى المبارك تلقيحه بأفكارهم النيرة لتعم الفائدة و يتحقق المقصود(/)
محبرة الداعي .. نهاية طريق!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[18 - Aug-2008, مساء 03:19]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد عزمت أن يكون آخر المواضيع قبل رمضان هو موضوع (مَثِّل لعقلك) بيد أن ثمة أمور طرأت , استدعت أن يكون هذا هو آخرها , ولا أعرف سبب عودتي لهذا النوع من الكتابة مع أني توقفت عنه إلا مجرد أن تكون النهاية كما كانت البداية؛ فتقبل الله منا ومنكم وأعاننا وإياكم على الصيام والقيام!
** نقطة نظام **
كان من أعز الناس وأشرافهم فهو ابن الملك! فلان بن فلان .. جمع بين الحسب والنسب وتممها بواسطة العقد جمال الدين!
أراد في يوم من الأيام أن يسافر لوحده , فأمر من حوله بالبقاء وركب سيارته وخرج متجها نحو المدينة التي يريد!
لا يجهل هو مكانته ومنزلته؛ لما انتصف به الطريق تعطلت سيارته , وهو في منتصف النهار وفي وقت أشد ما تكون الشمس فيه حرارةً!
والطريق لا يسلكه في هذا الوقت إلا الريح وذرات الرمل , فلا ترى في هذا الطريق إلا السراب! نعم قد يمر بعض السيارة , لكنهم عنه غافلون , ولحطِّ رحالهم طالبون , ولراحتهم ينشدون , فلم يتوقف منهم أحد!
جلس في سيارته؛ أنهكته حرارة الشمس , نفد ما معه من الماء , أدركه العطش! ولا شبكة تصل إليه حتى يطلب نجدته!
قل بربك هل ينفعه في تلك الساعة قوله أنا فلان بن فلان؟! وهل سيبخل بماله لو ساومه أحد على ذلك مقابل مساعدته!
كلا والله لا ينفعه ولو ساومه لافتدى بماله وبأملاكه!
فكذلك المقام في الآخرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم محذراً ومنبهاً كما عند مسلم [2699] من حديث أبي هريرة رضي الله " ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه "!
** جزء من مقال **
كلنا قد علم بخبر خسوف القمر في الليلة قبل الماضية؛ لكن ثمة أناس لا يعلمون أو بالأصح غاب عنهم مثل هذا الخبر قبل حدوثه حتى سمعوا المنادي ينادي " الصلاة جامعة "!
انقسم الناس حينها إلى ثلاثة فرق:
فريق لبى النداء وأجاب الداعي فذهب للمسجد يصلي ويستغفر.
وفريق لم يأبه بما حدث!
وثالثهم تناول الموضوع من جهة أنه منظر جمالي جذاب يستحق المتابعة!
يقول الله جل جلاله في محكم كتابه (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ) أي لا أحد أظلم من إنسان أتته آيات ربه ونذارته – ولا شك أن الخسوف والكسوف من الآيات العظيمة التي يخوف الله بها عباده - (فَأَعْرَضَ عَنْهَا) وقال هذه أمور تحدث بفعل الطبيعة! لا تخويف ولا خراب ولا فساد تنذر به , بل أمر معتاد يحصل بين فينة وأخرى! كما أخبر الله عن حال أهل الكفر مع أهل الإيمان (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا) فبئس القدوة لهم!
(وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) من ذنوب وآثام ومن خطبة نبينا صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأمر ما أخرجه البخاري [1044] من حديث عائشة رضي الله عنها " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا وصلوا وتصدقوا. ثم قال: يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " فذكر الزنا في هذا المقام يدل على ارتباط بين فساد الكون وفساد الخلق!
ما نتيجة هؤلاء؟! يقول الله تعالى (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) وهذه المصيبة الكبرى التي لو وقعت لهلك الإنسان!
فهم غافلون ساهون لا يعقلون خطاباً , ولا يسمعون كلاماً , ولا يهتدون سبيلا! ومع ذلك يقول الله تعالى (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) فهو يغفر لمن تاب وأناب ويرحمه , بل من رحمته أنه لم يعجل بعقوبتهم مع أنهم يستحقونها! قال الله تعالى (لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا)!
فهل يتنبه الغافلون إلى حقائق الأمور , ويتخذون إلى الله مآبا (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا)
** طيور مهاجرة >>
بقي على رمضان أيام قلائل , ومن المعلوم أن هناك من الناس من أجله دون ذلك؛ وكم من قبر مفتوح , صاحبه فوق الأرض يلهو ويلعب!
فإن كنت ممن أدرك هذا الشهر , فاعلم أنك نلت فضلا عظيما حُرمَ منه خلقٌ كثير! فإياك والتفريط ,,
** نقطة توقف **
لحطِّ: إنزال متاعهم.
بطأ: من البطء وهو ضد السرعة! ومفهوم الحديث أن من أسرع به عمله لم يبطئ به نسبه!
فينة: أي وقت أو مدة.(/)
شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط
ـ[أبو محمد العائذي]ــــــــ[18 - Aug-2008, مساء 05:59]ـ
شرح قوله تعالى (الخبيثات للخبيثين) والتوفيق بينها وبين حال امرأتي نوح ولوط
السؤال: ما تفسير الآية التالية: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) سورة النور، وكيف نوفق بين الآية وبين ما نسمعه من أنه قد تكون الزوجة صالحة والزوج فاسقاً كأن لا يصلي أو يشرب الخمر؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) النور/26.
وقد اختلف المفسرون في معناها على أقوال متقاربة، لا يناقض بعضها بعضا.
فمن معاني " الخبيث " و " الطيب " في الآية:
1. الخبث والطيب في الأقوال.
فيكون معنى الآية: الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول.
وهذا قول عبد الله بن عباس، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، والشعبي، والحسن البصري، وحبيب بن أبي ثابت، والضحاك، واختاره ابن جرير الطبري.
قال النحاس في كتابه " معاني القرآن ":
وهذا من أحسن ما قيل في هذه الآية.
ودل على صحة هذا القول: قوله تعالى (أولئك مبرءون مما يقولون) أي: عائشة وصفوان مبرَّآن مما يقول الخبيثون والخبيثات.
قال الطبري – رحمه الله -:
وأولى هذه الأقوال في تأويل الآية: قول من قال: عنى بالخبيثات: الخبيثات من القول، وذلك قبيحه وسيئه، للخبيثين من الرجال والنساء، والخبيثون من الناس للخبيثات من القول، هم بها أولى؛ لأنهم أهلها، والطيبات من القول، وذلك حسنه وجميله، للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول ; لأنهم أهلها وأحقّ بها.
وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل الآية: لأن الآيات قبل ذلك إنما جاءت بتوبيخ الله للقائلين في عائشة الإفك، والرامين المحصنات الغافلات المؤمنات، وإخبارهم ما خصهم به على إفكهم، فكان ختم الخبر عن أولى الفريقين بالإفك من الرامي والمرمي به: أشبه من الخبر عن غيرهم.
وقوله: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ) يقول: الطيبون من الناس مبرّءون من خبيثات القول، إن قالوها فإن الله يصفح لهم عنها، ويغفرها لهم، وإن قيلت فيهم ضرّت قائلها ولم تضرّهم، كما لو قال الطيبَ من القول الخبيثُ من الناس لم ينفعه الله به؛ لأن الله لا يتقبله .. "
" ولو قيلت له لضرّته؛ لأنه يلحقه عارها في الدنيا، وذلها في الآخرة ".
" تفسير الطبري " (19/ 144، 145).
2. الخبيث والطيب من الأفعال:
ويكون معنى الآية: الأفعال الخبيثات للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من الأفعال، وكذا الأفعال الطيبات للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الأفعال.
وهو قول حبيب بن أبي ثابت، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، وروي عن هؤلاء الأئمة أنهم أضافوا الأقوال إلى الأفعال في معنى الآية؛ فجمعوا بين القولين السابقين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
قال جمهور السلف: الكلمات الخبيثة للخبيثين، ومن كلام بعضهم: الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين.
وقد قال تعالى (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة)، (ومثل كلمة خبيثة)، وقال الله: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل، فإذا كانت النفس متصفة بالسوء والخبث: لم يكن محلها ينفعه إلا ما يناسبها.
" مجموع الفتاوى " (14/ 343).
3. الخبث والطيب من الأشخاص في النكاح:
ويكون معنى الآية: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.
وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيِّباً، وكان أولى بأن يكون له الطيبة، وكانت عائشة الطيبة , وكانت أولى بأن يكون لها الطيب.
قال القرطبي – رحمه الله -:
وقيل: إن هذه الآية مبنية على قوله: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) النور/3، الآية، فالخبيثات: الزواني، والطيبات: العفائف، وكذا الطيبون، والطيبات.
واختار هذا القول النحاس أيضاً، وهو معنى قول ابن زيد.
" تفسير القرطبي " (12/ 211).
ثانياً:
لا إشكال في الآية، على القول الأول أو الثاني، ولا تعارض بينها وبين ما ذكر السائل، ويراه الناس، من أن الزوجة ربما كانت صالحة والزوج فاسقا، أو العكس.
وإنما الإشكال – عند بعض الناس – في القول الثالث في مسألتين:
1. ما يرونه من عموم تزوج طيب بفاسقة، وتزوج فاسق بطيبة.
2. ما ورد بخصوص زوجتي نوح ولوط عليهما السلام ووصف الله لهما بالخيانة، وما ورد في تزوج امرأة فرعون المؤمنة بفرعون الطاغية.
فيقال هنا: إن معنى الآية ـ على تقدير أن يكون المراد بالخبث والطيب: خبث الأزواج وطيبهم ـ: أنه لا يليق بالطيب أن يتزوج إلا طيبة مثله، ولا يليق بالخبيثة إلا خبيث مثلها، ومن رضي بالخبيثة مع علمه بحالها: فهو خبيث مثلها، ومن رضيت بخبيث مع علمها بحاله: فهي خبيثة مثله.
قال ابن كثير – رحمه الله -:
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء.
وهذا - أيضاً - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة؛ لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعاً ولا قَدَراً؛ ولهذا قال: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان.
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب.
(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي: عند الله في جنات النعيم.
وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة.
" تفسير ابن كثير " (6/ 35).
وفي الآية بيان براءة عائشة رضي الله عنها، حيث زكاها الله تعالى بوصفها بالطيبة لأنها كانت تحت الطيب، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الله تعالى ليختارها زوجة لنبيه صلى الله عليه وسلم لو كانت خبيثة! ومن هنا كان الطاعن في عرض عائشة طاعناً في النبي صلى الله عليه، ومستحقّاً للحكم بالردة والقتل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
قال أبو السائب القاضي: كنتُ يوماً بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطرستان، وكان يلبس الصوف، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويوجِّه في كل سنَة بعشرين ألف دينار إلى مدينة السلام يفرِّق على سائر ولد الصحابة، وكان بحضرته رجلٌ فذكَر عائشة بذكرٍ قبيحٍ من الفاحشة، فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (النور:26) فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث، فهو كافر، فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه، وأنا حاضر، رواه اللالكائي
" الصارم المسلول " (1/ 568).
والأثر في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " للالكائي (1958).
فلله دره من حاكم، ونسأل الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء، وأن يكرم نزله بما ذبَّ عن عرض نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأما ما كان من زوجتي لوط ونوح عليهما السلام، حيث وصفهما الله تعالى بالخيانة في قوله (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم/10، فالخيانة هنا هي خيانة في الإيمان.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن كثير – رحمه الله -:
(فَخَانَتَاهُمَا) أي: في الإيمان، لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدَّقاهما في الرسالة، فلم يُجْدِ ذلك كلَّه شيئاً، ولا دفع عنهما محذوراً؛ ولهذا قال: (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) أي: لكفرهما.
(وَقِيلَ) أي: للمرأتين: (ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).
وليس المراد (فَخَانَتَاهُمَا) في فاحشة، بل في الدين، فإنَّ نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة؛ لحرمة الأنبياء، كما قدمنا في " سورة النور ".
قال سفيان الثوري عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن قتة: سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية (فَخَانَتَاهُمَا) قال: ما زنتا، أما امرأة نوح: فكانت تخبر أنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط: فكانت تدل قومها على أضيافه.
وقال العَوفي عن ابن عباس قال: كانت خيانتهما أنهما كانتا على عَورتيهما، فكانت امرأة نُوح تَطَلع على سر نُوح، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء.
وهكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير، والضحاك، وغيرهم.
وقال الضحاك عن ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط، إنما كانت خيانتهما في الدين.
" تفسير ابن كثير " (8/ 171).
وهذه فتوى جامعة من علماء اللجنة الدائمة لكل ما سبق من المسائل نرجو أن تكون نافعة للسائل والقارئ، وفيها الجواب على القسم الثاني من الإشكال الثاني، وهو بخصوص تزوج امرأة فرعون المؤمنة من فرعون الطاغية.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
حدثت مناظرة بيني وبين شخص مسيحي، وقد فاجأني بقوله لي: هناك آية في القرآن تتضمن قول الله سبحانه وتعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) إلخ الآية، والآية الأخرى تتضمن قوله تعالى (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ)، (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)، وهناك آية أخرى وهي قوله تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) إلخ الآية، وأن هناك على حد زعمه تناقضاً، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ) إلخ الآية، بينما زوجات أنبياء الله نوح ولوط خبيثات، وفرعون كما جاء فيه في القرآن وزوجته طيبة، وحيث ليس لدي جواب مقنع آمل التكرم بإفتائي عن ذلك، جزاكم الله خيراً.
فأجابوا:
أولاً:
قال الله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) هذه الآية ذُكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيداً لبراءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين، زوراً وبهتاناً، وبياناً لنزاهتها، وعفتها في نفسها، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وللآية معنيان:
الأول: أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون، والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة، والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية، والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمعنى الثاني: أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها، وهو نزاهة عائشة رضي الله عنها عمَّا رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول من الفاحشة ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه واغتر بزخرف قوله.
ثانياً:
قال الله تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، ومعنى الآيتين:
أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح عليه السلام أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له (احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) فقال: (فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي)، وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحق الذي لا يخلف وأنت (أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)، (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أي: الذين وعدتك بإنجائهم؛ لأني إنما وعدتك بإنجاء مَن آمن مِن أهلك، بدليل الاستثناء في قوله تعالى (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ)؛ ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله: (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)، وبيَّن ذلك بقوله (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ)؛ لكفره بأبيه نوح عليه السلام؛ ومخالفته إياه، فليس من أهله ديناً، وإن كان ابناً له من النسب، قال ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم: " ما زنت امرأة نبي قط " وهذا هو الحق، فإن الله سبحانه أغْيَر مِن أن يمكِّن امرأة نبي من الفاحشة؛ ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بالفاحشة، وأنكر عليهم ذلك وبرَّأها مما قالوا فيها، وأنزل في ذلك قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة.
ثالثاً:
قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآيتين من سورة التحريم.
بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة عائشة وحفصة رضي الله عنهن جميعاً على ما بدَر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن يعتزلهن شهراً، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه عليه الصلاة والسلام، وأنذرهن بالطلاق وأن يبدله أزواجاً خيراً منهن: ختم سورة التحريم بمثلَين: مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين امرأة نوح وامرأة لوط، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين بآسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران؛ إيذاناً بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة، وحث العباد على التقوى، وأن يخشوا يوماً يرجعون فيه إلى الله، يوماً لا يجزي فيه والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً، يوم يفرُّ المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً، فبيَّن سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين، وكانتا تحت رسوليْن كريميْن من رسل الله، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على مَن آمن بزوجها، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه، إيذاء وخيانة لهما، وصدّاً للنَّاس عن اتباعهما، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئاً، وقيل لهاتين المرأتين: ادخلا النار مع الداخلين، جزاءً وفاقاً بكفرهما وخيانتهما؛ بدلالة امرأة نوح على من آمن به، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه، لا بالزنى، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى (فَخَانَتَاهُمَا) قال: " ما
(يُتْبَعُ)
(/)
زنتا "، وقال: " ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين "، وهكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم.
وبيَّن الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون، وكان أعتى الجبابرة في زمانه، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم، إذا دعت الضرورة إلى ذلك، ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى متمسكين بدينه، كما لم ينفع صلاحُ الرسولين: نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين، قال الله تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)، ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفرُ زوجها وجبروته، فإن الله حكم عدل لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره بل حماها وأحاطها بعنايته وحسن رعايته، واستجاب دعاءها وبنى لها بيتاً في الجنة، ونجَّاها من فرعون وكيده، وسائر القوم الظالمين
مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى، وأن عائشة رضي الله عنها برَّأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق، ومن انخدع بقوله من المؤمنين والمؤمنات، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن وإنما كانتا كافرتين، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوؤهما ويصد الناس عن اتباعهما، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحاً في الشرائع السابقة، وكذا زواج الكافر بالمؤمنة، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده وحفظ عليها دينها ونجاها من الظالمين: يتبين أن الآيات المذكورة متوافقة، لا متناقضة، وأن بعضها يؤيِّد بعضاً.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان
" فتاوى اللجنة الدائمة " (3/ 270 – 276).لإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/95733
والله أعلم
هذا الموضوع كتبه الشيخ إحسان العتيبي وفقه الله. في ملتقى أهل الحديث. وأعجبني.وأحببت نقله هنا.
ـ[أبو محمد العائذي]ــــــــ[19 - Aug-2008, مساء 10:19]ـ
للرفع للفائدة.(/)
نقصان الركن في الصلاة ........ ما الصحيح فيه.
ـ[أبو سعد البقمي]ــــــــ[19 - Aug-2008, صباحاً 01:44]ـ
قرأتُ في كتاب الفقه الميسر وهو موسوعة فقهية حديثية تتناول لأحكام الفقه الإسلامي بأسلوب واضح للمختصين والباحثين وغيرهم تأليف الشيخ عبد الله الطيار وعبد الله المطلق و محمد الموسى
إن كان غير تكبيرالإحرام فإن تركه عمدأًبطلت صلاته وإن تركه سهواًفله حالتان:
الحالة الأولى:أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية فهنا تلغى الركعة التي تركه منها وتقوم الثانية مقام الأولى
الحالة الثانية: إن لم يصل إلى موضعه في الركعة الثانية وجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به وبما بعده ثم يسجد للسهو وصلاته صحيحة
هل مجمع على هذا الكلام وإذا لم يكن كذلك فما الصحيح ..... ؟ أرجو الإفادة فالمسألة متعلقة بأعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين.
ـ[أبو سعد البقمي]ــــــــ[20 - Aug-2008, مساء 01:37]ـ
للرفع
ـ[أبو سعد البقمي]ــــــــ[18 - Sep-2008, صباحاً 02:08]ـ
للرفع(/)
أقوال العلماء في أكثر مدة الحمل
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[19 - Aug-2008, صباحاً 10:28]ـ
أقوال العلماء في أكثر مدة الحمل
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: أما أكثر أمد الحمل فلم يرد في تحديده شيء من كتاب ولا سنة والعلماء مختلفون فيه وكلهم يقول بحسب ما ظهر له من أحوال النساء فذهب الإمام أحمد والشافعي إلى أن أقصى أمد الحمل أربع سنين وهو إحدى الروايتين المشهورتين عن مالك والرواية المشهورة الأخرى عن مالك خمس سنين وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن أقصاه سنتان وهو رواية عن أحمد وهو مذهب الثوري وبه قالت عائشة رضي الله عنها وعن الليث ثلاث سنين وعن الزهري ست وسبع وعن محمد بن الحكم سنة لا أكثر وعن داود تسعة أشهر
وقال ابن عبد البر هذه مسألة لا أصل لها إلا الاجتهاد والرد إلى ما عرف من أمر النساء وقال القرطبي روى الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال قلت لمالك بن أنس إني حدثت عن عائشة أنها قالت لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل فقال سبحان الله من يقول هذا هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل وتضع في أربع سنين وكانت تسمى حاملة الفيل، وروي أيضاً بينما مالك بن دينار يوماً جالس إذ جاءه رجل فقال يا أبا يحيى ادع لامرأتي حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد فغضب مالك وأطبق المصحف ثم قال ما يرى هؤلاء القوم إلا أنا أنبياء ثم قرأ ثم دعا ثم قال اللهم هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجه عنها وإن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاماً فإنك تمحو وتثبت وعندك أم الكتاب ورفع مالك يده ورفع الناس أيديهم وجاء الرسول إلى الرجل فقال أدرك امرأتك فذهب الرجل فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط ابن أربع سنين قد استوت أسنانه ما قطعت سراره.
وروي أيضاً أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إني غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى فشاور عمر الناس في رجمها فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه يا أمير المؤمنين إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل فاتركها حتى تضع فتركها فوضعت غلاماً قد خرجت ثنيتاه فعرف الرجل الشبه فقال أبني ورب الكعبة فقال عمر عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر.
وقال الضحاك وضعتني أمي وقد حملت بي في بطنها سنتين فولدتني وقد خرجت سني، ويذكر عن مالك أنه حمل به في بطن أمه سنتان وقيل ثلاث سنين ويقال إن محمد بن عجلان مكث في بطن أمه ثلاث سنين فماتت به وهو يضطرب اضطراباً شديداً فشق بطنها وأخرج وقد نبتت أسنانه وقال حماد بن سلمة إنما سمي هرم بن حيان هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين.
وذكر الغزنوي أن الضحاك ولد لسنتين وقد طلعت سنه فسمي ضحاكاً
وعن عباد بن العوام قال ولدت جارة لنا لأربع سنين غلاماً شعره إلى منكبيه فمر به طير فقال له كش.
قال مقيده عفا الله عنه أظهر الأقوال دليلاً أنه لا حد لأكثر أمد الحمل وهو الرواية الثالثة عن مالك كما نقله عنه القرطبي لأن كل تحديد بزمن معين لا أصل له ولا دليل عليه وتحديد زمن بلا مستند صحيح لا يخفى سقوطه والعلم عند الله تعالى.
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 2/ 227(/)
الامام الفقيه أبو العباس الونشريسي الجزائري
ـ[روح سارة]ــــــــ[19 - Aug-2008, صباحاً 11:29]ـ
لعلامة الموسوعي الفقيه: أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي
اسمه و كنيته و مولده:
هو الإمام حافظ المذهب المالكي، حبر تلمسان و فاس، حجة المغاربة على الأقاليم أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي التلمساني الأصل والمنشأ الفاسي الدار والمدفن، ولد حوالي سنة 834 هـ / 1430 م بقرية من قرى ونشريس بناحية بجاية (الشرق الجزائري)
طلبه العلم و شيوخه:
حفظ القرآن الكريم في كتاب قريته، و تعلم مبادئ العربية على يد شيوخها، و لما لاحظ والده حبه للعلم و اجتهاده في طلبه، انتقل به الى مدينة تلمسان و كانت اذ ذاك حاضرة العلم و الثقافة، فأخذ عن علمائها و شيوخها و منهم:
شيخ شيوخ وقته في تلمسان، الفقيه المفسر، النحوي ابن العباس التلمساني، محمد بن العباس بن محمد بن عيسى العبادي، أبو عبد الله (ت 871 هـ).
أبو الفضل، قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني المغربي المالكي (ت 854 هـ) قال عنه أحمد بابا: " شيخ الإسلام ومفتي الأنام الفرد العلامة الحافظ القدوة العارف المجتهد المعمر " ابن سعيد بن محمد العقباني التلمساني قاضي بجاية، و تلمسان وله في ولاية القضاء مدة تزيد على أربعين سنة، و هو كبير عائلة العقبانيون العلماء.
و ابنه قاضي الجماعة بتلمسان ابو سالم ابراهيم بن قاسم بن سعيد العقباني (ت 880 هـ).
و حفيده القاضي محمد بن احمد بن قاسم بن سعيد العقباني (ت 871).
و محمد بن احمد بن عيسى ابن الجلاب (ت 875 هـ)
و محمد ابن مرزوق الكفيف (ت 914)، وقد وصفه الونشريسي في وفياته: " بالفقيه الحافظ المصقع،و بالمحدث المسند الراوية ".
أبو زكريا يحيى بن موسى (ابي عمران) ابن عيسى بن يحي المازوني (ت 833 هـ / 1478 م) " فقيه مالكي من اهل مازونة من اعمال وهران، ولي قضاء بلده، له " الدرر الكامنة في نوازل مازونة " و هي فتاوي ضخمة في ديوانين في فتاوى معاصريه من أهل تونس و بجاية و الجزائر و تلمسان و غيرهم، ومنه استمد الونشريسي مع نوازل البرزلي و غيرها، رحل إلى تلمسان حاضرة بني زيان، فأصبح احد ابرز وجوهها العلمية في الفقه المالكي.
قال عنه الونشريسي: " الصدر الأوحد العلامة العلم الفضال ذي الخلال السنية، سني الخصال شيخنا و مفيدنا و ملاذنا و سيدنا، ومولانا و بركة بلادنا أبي زكريا يحي و هو من العلماء الكبار الذين تناولوا الفتوى، و أصبحوا مرجعية فقهية، و لم يتوظف بعلمه عند السلطة ".
الشيخ العالم المحدث أبو عبد الله محمد بن الحسن بن مخلوف الراشدي (ت 868 هـ).
المعروف بابركان (يعني الأسود بالبربرية) , فقيه مالكي محدث من أهل تلمسان مؤلف: " الزند الواري في ضبط رجال البخاري " و " فتح المبهم في ضبط رجال مسلم." و " المشرع المهيأ في ضبط مشكل رجال الموطأ. " و غيرها.
محنته و سفره الى فاس:
في أول محرم سنة 874 هـ و كان قد بلغ الأربعين من عمره و ذاع صيته في تلمسان و المغرب العربي و اشتهر بعلمه و فقهه و شدته في قول الحق و انه قوال للحق لا تأخذه في الله لومة لائم و ذلك في تيئة انتشرت فيها الاضطرابات و المشاكل السياسية، فانتشرت
اللصوصية و الظلم و الضرار و تهريب السلاح و المصادمات الجماعية و الاوبئة و المجاعات و نحوها، و هي الدوافع التي ارغمت الناس على مغادرة منازلهم و اوطانهم، فالحروب و الغارات لم تسمح للفلاحين بالقيام بزراعة الاوض و توفير الانتاج، و انعدام الامن و تراخي قبضة السلطان جعلت الناس يفتقدون العدل في الحكم و يعتمدون على انفسهم في نيل حقوقهم، و هكذا اصبح العلماء و القضاة، هم الذين يقومون بالسهر على تنفيذ القانون و انى لهم ذلك في مجتمع يسوده الفساد و الاضطراب، و هكذا تعرض العلماء الى مضايقات الحكام و ظلمهم لصدعهم بكلمة الحق، و منهم مترجمنا الذي غضب عليه السلطان ابو ثابت الزياني فامر بنهب داره فخرج فارا بدينه و اهله الى مدينة فاس بالمغرب الأقصى
سنة 874 هـ،
إقامته بمدينة فاس المضيافة:
(يُتْبَعُ)
(/)
لما وصل فارا الى مدينة فاس استقبلته هذه البلدة الطيبة استقبالا رائعا، و لقي من أهلها كل ترحيب و تبجيل، فقد احتفى به علمائها و فقهائها، و أقبل عليه العلماء و طلبة العلم ينهلون من دروسه و فقهه ما جعله ينسى غربته، و يستقر فيها هو و أهله، حتى وفاته رحمه الله، و بمدينة فاس كان يحضر مجلس القاضي
محمد بن محمد بن عبد الله اليفرني الشهير بالقاضي المكناسي (ت 917 هـ)، كما أخذ العلم عن معاصره
- الامام المسند المحدث المقرئ ابن غازي المكناسي (ت 919)، و قد اجازه بجميع مروياته و فهرسته المسماة (التعلل برسوم الإسناد)
وقد قام بتحقيقها الاستاذ محمد الزاهي، و نشرتها دار المغرب الدار البيضاء: 1399هـ/1979هـ.
و قد ذكره تلميذه الونشريسي في فهرسته فقال عنه:
كان متقدما في الحديث حافظا له واقفا على أحوال رجاله وطبقاتهم ضابطا لذلك كله مقنيا به ذاكرا للسير والمغازي والتواريخ والأدب فاق في ذلك حلة أهل زمانه وألف في الحديث حاشية علي البخاري في أربعة كراريس وهي أنزل تواليفه واستنبط من حديث أبا عمير ما فعل التغير مائتي فائدة وله في التاريخ الروض الهتون وفهرسة شيوخه وكان يسمع في كل شهر رمضان صحيح البخاري قال وبالجملة فهو آخر المقرئين وخاتمة المحدثين" [عبد الحي الكتاني فهرس الفهارس: (2/ 892)].
و هكذا العالم الحقيقي فان كبر سنه و ما بلغه من علم و فقه لم يمنعاه من طلب العلم و الجلوس للأخذ و التلقى عن العلماء.
و أقبل عليه طلاب العلم يستفيدون من دروسه و مجالسه، فكان يدرس المدونة و مختصر ابن حاجب الفرعي،
و علوم العربية من نحو و صرف و بلاغة.
قال المنجور في فهرسته ص 50: " و كان مشاركا في فنون من العلم حسب ما تظمنت فهرسته ..... و كان فصيح اللسان و القلم، حتى كان بعض من يحضر تدريسه يقول: لو حضر سيبويه لأخذ النحو من فيه، أو عبارة نحو هذا ".
و اشتهر اكثر ما اشتهر بالفتوى و الفقه، فكان الناس يقصدونه من كل صوب يستفتونه، كما راسله العلماء يطلبون منه الافتاء و الرأي.
تلاميذه:
استفاد من علمه و فقهه و تخرج على يديه عدد من الفقهاء الذين بلغوا درجات عليا في التدريس و القضاء و الفتيا منهم:
- ولده عبد الواحد الونشريسيي، شهيد المحراب قاضي فاس و مفتيها (ت 955 هـ)
- محمد بن محمد ابن الغرديس التغلبي قاضي فاس و ابن قاضيها (ت 976 هـ)،
- محمد بن عبد الجبار الورتدغيري المحدث الفقيه (ت 956 هـ)،
- ابن هارون المطغري، أبو الحسن علي بن موسي بن علي ابن موسى بن هارون وبه عرف من مطغرة تلمسان " الإمام العلامة المؤرخ المتفنن مفتي فاس وخطيب جامع القرويين، توفي بفاس سنة 951 وقد ناف على الثمانين " و غيرهم خلق كثير.
آثاره:
- المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى إفريقية والمغرب.
- إيضاح المسالك الى قواعد الإمام مالك.
- القواعد في الفقه المالكي.
- تعليق على ابن الحاجب.
- المنهج الفائق، والمنهل الرائق في أحكام الوثائق.
- غنية المعاصر والتالي على وثائق الفشتالي.
- اضاءة الحلك في الرد على من أفتى بتضمين الراعي المشترك.
- الولايات في مناصب الحكومة الاسلامية والخطط الشرعية.
- المختصر من أحكام البرزلي.
- الفروق في مسائل الفقه.
و غيرها.
وفاته:
توفي رحمه الله يوم الثلاثاء موفى عشرين من صفر سنة 914 هـ، وقد ناف عن 80 عاما بمدينة فاس و دفن بها.
كلمة عن موسوعته الفقهية: " المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والمغرب"
هذه الموسوعة الفقهية تقع في 12 مجلدا، و قد حوت على اجتهادات فقهاء القيروان و بجاية و تلمسان و فاس و مراكش و سبتة و غرناطة و قرطبة و غيرها من عواصم الغرب الاسلامي طوال ثمانية قرون، و قد التزم فيها الونشريسي الأمانة العلمية و النقل الصادق فكان يثبت اسماء المفتيين و نصوص الاسئلة الا في حالات نادرة جدا يعتذر فيها عن عدم وقوفه على نص السؤال او يقول سئل فلان عن مسألة او مسائل تظهر من الجواب، و ياتي بنصوص الاسئلة كما هي و لو انها في الغالب محررة من طرف العوام او اشباه العوام، و لا تسمح له امانته العلمية بالتصرف فيها او تقويمها، فتنحرف احيانا عن الاسلوب الفصيح، فلذلك تجد الكلمات الدارجة و العبارات الملحونة
استغرق فيه نحو ربع قرن من نحو سنة 890 هـ الى سنة وفاته 914 هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ليس الونشريسي جامع فتاوي فقط بل هو ناقد بصير، يقبل و يرد، يرجح و يضعف، فتبدئ تعقيباته ب: " قلت " كما ان له فتاويه الخاصة اضافة الى تعقيباته
تتجلى مكانة المعيار في اهتمام الفقهاء به منذ عصر المؤلف الى يومنا هذا حتى انك لا تجد كتابا فقهيا الف بعده الا و فيه نقول منه اة احالات عليه و يزيد من قيمة المعيار اشتماله على تصوص من كتب فقهية اصيلة ضاعت فيما ضاع من كتب التراث في القرون الاخيرة ".
نموذجين من فتاويه - رحمه الله-
1 - في السماع الصوفي، والرقص، والتواجد:
قال الونشريسي: (حكى عياض عن التنيسي أنه قال: كنا عند مالك وأصحابه حوله، فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله، عندنا قوم يقال لهم الصوفية، يأكلون كثيراً، ثم يأخذون في القصائد، ثم يقومون فيرقصون.
فقال مالك: أصبيان هم؟
قال: لا.
قال مالك: أمجانين هم؟
قال: لا، قوم مشايخ، وغير ذلك عقلاء.
فقال مالك: ما سمعت أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا إلا أن يكون مجنوناً أوصبياً.
فهذا بين أنه ليس من شأن الإسلام، ثم يقال: فلو فعلوه على جهة اللعب كما يفعله الصبيان لكان أخف عليهم، مع ما فيه من إسقاط الحشمة، وإذهاب المروءة، وترك هدى أهل الإسلام، وأرباب العقول، لكنهم يفعلونه على جهة التقرب إلى الله والتعبد به، وأن فاعله أفضل من تاركه، هذا أدهى وأمر، حيث يعتقدون أن اللهو واللعب عبادة، وذلك من أعظم البدع المحرمات، الموقعة في الضلالة، الموجبة للنار، والعياذ بالله).
2 - إنتصاب الجاهل للفتوى و التدريس:
" و منها المناكر العظيمة القاصمة للظهور، المورثة للقبور، المنجرة بتعاطي الجهال العلم و انتصابهم للفتوى و الطلب و الإلقاء، فهذا أمر فاشي قد كثرت البلوى به و عمت المصيبة به، و هلكت بسببه الأديان و الأبدان، و ذلك لما ضاع العلم و قل القائم به و المناضل عنه، و ذهب أهل التحقيق و التمييز، فانهمك الناس، و تعاطى العلم جُهالهم، و أفْضُوا إلى ما حذر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في نزع الحقِ ( ... حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) [متفق عليه]
أعاذنا الله ان نكون منهم، ووقانا التبعات."
المعيار المعرب: في فتاوي افريقيا و المغرب (2/ 502)
المصادر و المراجع:
- المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى إفريقية والمغرب لأحمد الونشريسي – تحقيق مجموعة من الفقهاء باشراف د. محمد حجي – وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية المملكة المغربية 1981 م.
- شجرة النور الزكية لمحمد مخلوف.
- معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة ـ دمشق 1957.
- الأعلام خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين.
- ابو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائريالثقافي ج 1
- فهرس أحمد المنجور لابي العباس أحمد المنجور الفاسي، تحقيق محمد حجي، نشر دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط: 1396هـ/1976م.
- البستان في ذكر العلماء و الاولياء بتلمسان لابن مريم، تحقيق ابن شنب – المطبعة الثعالبية 1908 م.
- فهرسة ابن غازي (التعلل برسوم الإسناد) ص 36 - 37. تحقيق محمد الزاهي، مطبوعات دارالمغرب الدار البيضاء: 1399هـ/1979هـ.
- عبد الحي الكتاني فهرس الفهارس - دار الغرب الإسلامي 1982.
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 06:09]ـ
بارك الله فيك أختى الفاضلة فقد عرفتى بعلم عظيم من أعلام الغرب الإسلامى بعامة، اشتهر بموسوعته العظيمة المعيار أكثر من أى علم آخر غذ حوى بين دفتيها فتاوى لا حصر لها فحفظ رسائل بأكملها ونقل فتاوى عن علماء ضاعت من أصحابها وبقيت فى كتابه، كما أن كتابه إلى جانب كونه كتاب فقه فإنه يمس إلى حد كبير واقع مجتمع خبره فى عصره وقبله منذ عهد الإمام مالك وتلاميذه إذ ينقل عنهم تصويرهم لواقع المجتمع وهى فوائد جمة لا غنى لأى باحث فى تاريخ المغرب والأندلس عنها، وكم هى الفوائد التى استفدتها أنا فى أطروحتى للماجستير وأطروحة الدكتوراة أيضا، وكذا كل الباحثين العاملين فى حقل المغرب والأندلس فجزاك الله على تبصرة إخواننا بهذا العلم الفذ الناقد البصير صاحب التحقيق والتخريج.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:30]ـ
بارك الله فيكم ..
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 01:16]ـ
جزاك الله خيرا .. وبارك الله فيكم ..
ـ[هديل عماد]ــــــــ[21 - Jan-2010, مساء 12:54]ـ
شكرا اختي الغالية سارة
ـ[ابن الطيب]ــــــــ[25 - Jan-2010, مساء 11:16]ـ
له كتاب جيد و قيم في بابه سماه
أسنى المتاجر وبيان أحكام من غلب على وطنه النصاري ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر
رحمه الله رحمة واسعة وجزى الله خيرا من ترجم له هذه الترجمة(/)
حقيقة " سوق عكاظ " وحكم الاحتفال به
ـ[أبو حماد]ــــــــ[19 - Aug-2008, مساء 01:36]ـ
باحث شرعي
بسم الله الرحمن الرحيم
(سوق عكاظ)
من الأعياد الجاهلية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذا بحث مختصر عن (سوق عكاظ) تاريخه، وحكم إحيائه ... رأيت نشره لحاجة الناس إليه في هذا الزمن، ومن الله وحده أستمد العون والتوفيق.
سمي بهذا الاسم لأن العرب كانت تجتمع فيه فيتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون [1].
مكانه:
قال الأزر قي: وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة، على طريق صنعاء [2].
وقال ياقوت: قال الأصمعي: عكاظ: نخل في وادٍ بينه وبين الطائف ليلة، وبينه وبين مكة ثلاث ليال ٍ، وبه كانت تقام سوق العرب، بموضع منه يقال له (الأثيداء)، وبه كانت أيام الفجار [3].
وقد اختلفت آراء المؤرخين والجغرافيين في تحديد موضع (سوق عكاظ).
لكن حسم الخلاف في هذا الزمن بتحديده في مكان على طريق الطائف باتجاه الرياض على بعد 45كم تقريباً [4].
زمانه، ومدته:
يكاد يجمع من كتب في (سوق عكاظ) أنه يبدأ في أول شهر ذي القعدة إلى العشرين منه.
وذكر ابن عساكر عن حكيم بن حزام 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قوله: وكنت أحضر الأسواق، وكانت لنا ثلاثة أسواق: سوق بعكاظ يقوم صبح هلال ذي القعدة، فيقوم عشرين يوماً ..... أ. هـ[5].
مظاهره:
يعتبر (عكاظ) سوقاً لكل البضائع المادية والأدبية، فإضافة إلى البضائع المادية كالتمر والسمن والعسل والخمر والملابس والإبل .... فهو سوق للبضائع الأدبية، فيأتي الشعراء بقصائدهم لتعرض على محكمين من كبار الشعراء، معظمهم أو كلهم من قبيلة بني تميم.
وفي عكاظ المفاخرة والمنافرة بين الناس.
وربما قامت حروب بسبب منافرات قيلت في السوق كحرب الفٍجَار.
ومن الممكن أن يرى زائر السوق بعض الآباء يعرض بناته للتزويج.
وقد يحضر السوق بعض الخطباء المصاقع، كقس بن ساعدة الإيادي.
ودخله النبي (ص) يعرض نفسه على القبائل ليحموه فيبلغ دعوة ربه.
أما شعاره الديني: فكان في موقع (عكاظ) صنم (جهار) لهوازن، وكان سدنته آل عوف النصريون، وكانت معهم [محارب] فيه، وكان في سفح جبل (أطحل)، وكانت هناك أيضاً صخور يطوفون بها ويحجون إليها، وبها دماء البدن كالأرحاء العظام.
والعرب تهل له كما تهل للحج، ولهم تلبية خاصة حين ينسكون لجهار، وهي (لبيك اللهم لبيك، اجعل ذنوبنا جبار، واهدنا لأوضح المنار، ومتعنا وملّنا بجهار).
وعكاظ يعتبر موسماً من مواسم الحج في الجاهلية، فكانوا يذهبون إليه قبل منى.
قال الأزرقي: وكانوا يرون أن أفجر الفجور العمرة في أشهر الحج، تقول قريش وغيرها من العرب: لا تحضروا سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز إلا محرمين بالحج [6].
فتبين من ذلك أن (عكاظ) موسم من مواسم الحج عند العرب في جاهليتها يسبق الوقوف بعرفة، ولأجل هذا التجمع الكبير لهؤلاء الحجاج استغل سوقاً أدبياً وتجارياً [7].
نهاية (سوق عكاظ):
في المسألة قولان:
الأول:
قال الخليل بن أحمد (ت 175 هـ): عكاظ اسم سوق كان للعرب يجتمعون فيها كل سنة شهراً ويتناشدون ويتفاخرون، ثم يفترقون، فهدمه الإسلام [8].
وقال الجاحظ (ت255هـ): ... وكانوا بقرب سوق عكاظ وذي المجاز، وهما سوقان معروفان، ومازالا قائمين حتى جاء الإسلام [9].
وقال الجوهري (ت 393 هـ): عكاظ: اسم سوق للعرب بناحية مكة، كانوا يجتمعون بها في كل سنة فيقيمون شهراً ويتبايعون ويتناشدون شعراً ويتفاخرون، قال أبو ذؤيب:
إذا بني القباب على عكاظ وقام البيع واجتمع الألوفُ
أي بعكاظ، فلما جاء الإسلام هُدم ذلك [10].
وقال ابن منظور (ت 711 هـ): وهي بقرب مكة، كان العرب يجتمعون بها كل سنة فيقيمون شهراً يتبايعون ويتفاخرون ويتناشدون، فلما جاء الإسلام هدم ذلك [11].
والقول الثاني:
أن الأسواق الثلاثة (عكاظ ومجنة وذو المجاز) استمرت حتى خرج الحرورية فخربوها.
وممن قال بذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
الكلبي، حيث قال: وكانت هذه الأسواق بعكاظ ومجنة وذي المجاز قائمة في الإسلام حتى كان حديثاً من الدهر، فأما عكاظ فإنما تركت عام خرجت الحرورية بمكة مع أبي حمزة المختار بن عوف الأزدي الإباضي في سنة تسع وعشرين ومائة، فخاف الناس أن ينهبوا، وخافوا الفتنة، فتركت حتى الآن، ثم تركت مجنة وذو المجاز بعد ذلك واستغنوا بالأسواق بمكة ومنى وعرفة. [12]
وقال البكري: واتخذت سوقاً (أي عكاظ) بعد الفيل بخمس عشرة سنة، وتركت عام خرجت الحرورية بمكة مع المختار بن عوف سنة تسع وعشرين ومائة إلى هلم جرا [13].
وسبب اندثاره بالإسلام، أمران:
الأول:
أن الإسلام يمنع من إحياء مآثر الجاهلية، وسوق عكاظ كما تقدم عيدٌ من أعياد أهل الجاهلية.
وفي حديث ثابت بن الضحاك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال " نذر رجل على عهد رسول الله (ص) أن ينحر إبلاً ببوانة [14] فأتى النبي (ص) فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي (ص) (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال: فأوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله، ولا فيما لايملك ابن آدم [15]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فقول النبي (ص) (هل كان بها عيد من أعيادهم؟) يريد اجتماعاً معتاداً من اجتماعاتهم التي كانت عيداً، فلما قال: لا، قال له: (فأوف بنذرك)، وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال، ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها، أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك، إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه [16] "
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسائل كتاب التوحيد: السادسة: "المنع منه (أي النذر) إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله ".
قال الشيخ عبدالله الدويش رحمه الله في شرح هذه المسألة: " أي لقوله (فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية؟) ولو لم يكن ذلك مؤثراً لما حسن السؤال عنه، ولم يفرق بين كونه موجوداً الآن أو فيما مضى [17] "
قلت: وإحداث الاجتماع بعكاظ، مع اللعب، والغناء، والبيع، والشراء، كما هو معمول به في هذه الأعصار، أوضح في التشبه بأعياد المشركين، وإحياء أعيادهم الجاهلية التي محاها الإسلام.
فإن قال قائل: إن الذين يجتمعون الآن لا يتعبدون الله كما في حديث الذي نذر أن ينحر إبلاً ببوانة.
فالجواب: أن النبي (ص) سأله عن وجود عيد من أعياد الجاهلية، والأعياد تجمع العبادة واللعب والاجتماع، فإذا خلت من العبادة فلا تخلوا من الاجتماع واللعب، وهذا حاصل في سوق عكاظ الآن.
ثم إن النبي (ص) لما هاجر إلى المدينة وجدهم يلعبون في يومين، فقال (ماهذان اليومان؟ قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال (ص) قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر [18]).
ولم يذكر لأهل المدينة عبادة في هذين اليومين الجاهليين، فدل على أن العيد قد يجمع عبادة وعادة، وقد يختص بعادة دون عبادة.
الثاني:
هو أن الإسلام لما جاء اعتمد الشهور القمرية، فصارت الشهور تدور في الفصول الأربعة، وكانت العرب قبل ذلك يعملون على تثبيت تلك الأسواق في مواسم ثابتة من السنة لمصلحة مايجبى إلى السوق من محاصيل الزراعة والغلات والنتاج ووفاء الديون وما إلى ذلك [19].
وهذا هو النسيء الذي ذكره الله تعالى عنهم.
ويؤيد المقريزي هذا الرأي حيث يقول: وكان يقع حج العرب في أزمنة السنة كلها، وهو أبداً عاشر ذي الحجة من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فإذا انقضى موسم الحج تفرقت العرب طالبة أماكنها، وأقام أهل مكة بها، فلم يزالوا على ذلك دهراً طويلاً إلى أن غيروا دين إبراهيم وإسماعيل، فأحبوا أن يتوسعوا في معيشتهم، ويجعلوا حجهم في وقت إدراك شغلهم من الأدم والجلود والثمار ونحوها، وأن يثبت ذلك على حالة واحدة في أطيب الأزمنة وأخصبها، فتعلموا كبس الشهور من اليهود الذين نزلوا يثرب من عهد " شمويل " نبي بني إسرائيل، وعملوا النسيء قبل الهجرة بنحو مائتي سنة ... الخ [20].
(يُتْبَعُ)
(/)
نموذج من احتساب العلماء:
قال عاتق بن غيث البلادي:
وفي سنة 1395هـ قررت رعاية الشباب إحياء سوق عكاظ، ودعت كبار الأدباء والكتاب إلى مؤتمر عقد في الرياض، فقرروا الدعوة إلى مؤتمر في مكان حدد بأسفل (شرب) كما قدمناه، يشترك فيه أهل الأدب والفن والتجارة، على أن يقام كل صيف، ومن المؤمل أن يتم ذلك في السنة المقبلة 1396هـ باسم سوق عكاظ.
كان هذا القول أثناء تبييض هذا الجزء، ولكن حتى الآن سنة 1401هـ لم يتبين شيء، وقد اعترض بعض العلماء على الفكرة فجمدت، والفكرة ليست ذات فائدة كبيرة، وليست لها حاجة دنيوية ملحّة، أما من الناحية الدينية فقد تحمل بذوراً سيئة. [21]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] القاموس المحيط (2/ 411).
[2] أخبار مكة (1/ 283).
[3] معجم البلدان (4/ 142) وانظر الكامل لابن الأثير (1/ 359، 360).
[4] انظر: مواسم العرب، لعرفان محمد حمور (2/ 790).
[5] تهذيب تاريخ ابن عساكر (4/ 417).
[6] أخبار مكة (1/ 284،285).
[7] ينظر: أخبار مكة (1/ 280) ومعجم البلدان (4/ 142) وتهذيب تاريخ ابن عساكر (4/ 417) وشفاء الغرام للفاسي (2/ 341) وبلوغ الأرب للألوسي (1/ 267) وسوق عكاظ د. ناصر الرشيد، وأسواق العرب لسعيد الأفغاني (ص 277) والموسوعة العربية العالمية (2/ 138).
[8] كتاب العين (1/ 195).
[9] الحيوان (7/ 215).
[10] الصحاح (3/ 1174).
[11] لسان العرب (7/ 447).
[12] أخبار مكة للأزر قي (1/ 283).
[13] معجم ما استعجم (3/ 959).
[14] بوانة: هضبة وراء ينبع، وقيل غير ذلك، معجم البلدان (1/ 505).
[15] أخرجه أبو داود (تهذيب 4/ 382ح 3172) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: بسند صحيح، تلخيص الحبير (4/ 180).
[16] اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 442).
[17] التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد (ص 82).
[18] أخرجه أبو داود رقم (1134) والنسائي (3/ 179) بإسناد صحيح كما في بلوغ المرام ص 99.
[19] انظر: مواسم العرب (2/ 955).
[20] الخطط (2/ 60) وانظر: فتاوى شيخ الإسلام (25/ 140) وتاريخ الجبرتي (1/ 3).
[21] معجم معالم الحجاز (6/ 152).
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[19 - Aug-2008, مساء 01:46]ـ
أهلا بك أبا حماد
طالت غيبتك ..
ننتظر منك الجديد
ـ[سالم سليم أبوسليم]ــــــــ[20 - Aug-2008, مساء 10:55]ـ
بارك الله فيك بحث جميل وفي محله
ـ[أبو أحمد العنزي]ــــــــ[19 - Jul-2009, مساء 03:28]ـ
بارك الله فيك ..(/)
الحد الفاصل بين الخدعة والغدر والتقية والنفاق.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[19 - Aug-2008, مساء 09:05]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الجهاد في شريعة الإسلام شريف، فالعدو يعلم أحواله مع المسلمين من الحرب والسلم بكل وضوح دون أدنى لبس أو إيهام، فلا غدر ولا خيانة لأن المسلمين الأوائل كانوا متقين، موفوري الإيمان، عندهم ثقة بنصر الله، لأنهم يعلمون أحوالهم مع ربهم وأنهم نصروا الله وأن الله سينصرهم لأن الله لا يخلف الميعاد.
ثم خلفت خلوف تقتل من لا يجوز قتله من النساء والصبيان ومن غير المقاتلة من الرجال، وتدخل إلى بلاد الكفار بأمانهم ثم تغدر بهم وتُوقع بهم التفجير والتدمير بدعوى أن الحرب خدعة -زعموا-.
ثم نراهم يركبون أنواعا من المنكرات باختيارهم ودون إكراه، بدعوى التمويه على العدو والتعمية عليه، لإيهامه أنهم ليسوا من أهل الديانة، لئلا يكونوا تحت مراقبتهم الدقيقة، وليأنسوا منهم أمانا.
تحريم الغدر
لا شك أن المسلم يقاتل طاعة لله، لا هوى في نفسه، والمسلم كما أنه مأمور بتقوى الله في حال السلم، فهو كذلك مأمور بتقوى الله حال الحرب، بل إن الأمر بتقوى الله حال الحرب آكد، لأن النفوس لما أُذن لها في إزهاق نفوس الأعداء -وهذا أقصى ما يكون من إيصال الأذى للعدو- ربما هان عليها كل محرم بعد ذلك، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل جيشا أو سرية أمره بتقوى الله حتى تنضبط نفوس المقاتلين ولا تركب كل محرم.
فعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: «اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تُمثلوا ولا تقتلوا وليداً» (رواه مسلم).
ومن أذن الله في قتاله من الممانعين من الكفار فإن الله قد حرّم الاعتداء في قتلهم، قال الله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (البقرة: 190)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: «فإن الجهاد فيه البلاء للأعداء، والنفوس قد لا تقف عند حدود الله بل تتبع أهواءها في ذلك، فقال: (ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين)، فنهى عن العدوان، لأن ذلك أمر بالتقوى، والله مع المتقين، كما قال (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) (البقرة: 194)، وإذا كان الله معهم أيدهم على عدوهم» (قاعدة في الانغماس في العدو 63ـ62).
فلا يجوز لنا أن نركب كل طريق وكل سبيل ولو كان حراما، بحجة أن من فعَلْنا ذلك به عدو لنا ويخالفنا في الدين، فهذا من أخلاق اليهود وليس من أخلاق المسلمين، فإن اليهود كانوا يستحلون أموال العرب والمسلمين ولا يتورعون عن شيء من ذلك، كما قال تعالى عنهم: (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) (آل عمران: 75).
قال الحافظ ابن كثيرـ رحمه الله-: «إنما حملهم على جحود الحق أنهم يقولون ليس علينا في ديننا حرج في أكل أموال الأميين، وهم العرب، فإن الله قد أحلها لنا، قال الله تعالى: (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) (تفسير القرآن العظيم 2/ 61).
وسأل رجل ابن عباس - رضي الله عنهما-: فقال «إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة، قال ابن عباس - رضي الله عنهماـ: فتقولون ماذا؟ قال: نقول ليس علينا بذلك بأس، قال: هذا كما قال أهل الكتاب (ليس علينا في الأميين سبيل) إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم» (تفسير عبد الرزاق1/ 130).
والصحابة رضي الله عنهم لم يكن ينقصهم ذكاء ولا حيلة ولا فطنة، ولكن ديانتهم وتقواهم وخوفهم من الله حجزتهم عن الغدر حتى بالأعداء.
قال قيس بن سعد بن عبادة - رضي الله عنه-: «لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المكر والخديعة في النار لكنت من أمكر الناس)» رواه ابن عدي وقال ابن حجر: «إسناده لا بأس به» (فتح الباري 4/ 356).
(يُتْبَعُ)
(/)
والغادر لما توصل بالنيل من عدوه بالطرق الخفية المحرمة فإن الله يعاقبه يوم القيامة بنقيض قصده، ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُنصب لكل غادر لواء يوم القيامة، يُقال: هذه غدرة فلان بن فلان».
قال المهلب - رحمه الله-: «الغدر حرام بالمؤمنين وبأهل الذمة، وفاعله مستحق لاسم النفاق وللعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (شرح صحيح البخاري لابن بطال5/ 362).
وبهذا يتبين لك ذم من ينال من العدو بالغدر، في حين يراه من لا يزن الأمور بالميزان الشرعي بطلا ومجاهدا.
فشريعة الإسلام شريعة عدل، والله أمر بالعدل حتى مع الأعداء، ونهى أن تحملنا العداوة على استباحة كل حرام منهم، أو انتقاص حقوقهم، قال تعالى: (ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) (المائدة: 2)، وقال العلامة عبد الرحمن السعدي - رحمه الله-: «أي لا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم واعتداؤهم عليكم، حيث صدوكم عن المسجد، على الاعتداء عليهم، طلبا للاشتفاء منهم، فإن العبد عليه أن يلتزم أمر الله، ويسلك طريق العدل، ولو جُني عليه أو ظُلم واعتدي عليه، فلا يحل له أن يكذب على من كذب عليه، أو يخون من خانه» (تيسير الكريم الرحمن: 198).
لا يُقاتل مع أئمة الغدر
سبق أن ذكرنا أن الجهاد يكون مع كل أمير من أمراء المسلمين سواء كان برا أو فاجرا، وهذا إنما يريد به العلماء ما يكون من فجوره ومعاصيه في خاصة نفسه، ففجوره في نفسه لا يُوجب تعطيل الجهاد، أما إن كان الأمير فاجرا في قتاله يستبيح الدماء المعصومة من النساء والصبيان والمعاهدين فلا يُجاهد معه، قال اللخمي - رحمه الله: ـ «لا أرى أن يغزوا معهم إذا لم يوفوا بالعهد» (الذخيرة: 3/ 404).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: «يُغزى مع كل أمير برا كان أو فاجرا إذا كان الغزو الذي يفعله جائزا، فإذا قاتل الكفار أو المرتدين أو ناقضي العهد، أو الخوارج قتالا مشروعا قوتل معه، وإن قاتل قتالا غير جائز لم يُقاتل معه، فيعاون على البر والتقوى ولا يُعاون على الإثم والعدوان كما أن الرجل يسافر مع من يحج ويعتمر، وإن كان في القافلة من هو ظالم.
فالظالم لا يجوز أن يُعاون على الظلم، لأن الله تعالى يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة: 2)، وقال موسى عليه السلام (رب بما أنعمت عليَّ فلن أكون ظهيرا للمجرمين) (القصص: 17)، وقال تعالى (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) (هود: 113) -».
(منهاج السنة: 6/ 116ـ117).
نماذج من وفاء المسلمين
الوفاء بالعهود، والسلامة من الدماء المعصومة دليل وُفور الإيمان وتحقيق التقوى، والأولون قد حققوا كمال التقوى والإيمان، وهو الأسوة والقدوة في السلم والجهاد، ولذلك أعلى الله شأنهم، وأظهرهم على عدوهم.
وأول من يُقتدى به سيد الأولين والآخرين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإنه لما ارتد عبد الله بن سعد بن أبي سرح وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمسك عنه طويلا لعل أحدا من أصحابه يقتله، فقال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: هلاّ أومأت إليّ يا رسول الله؟ فقال عليه السلام: «ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين» (رواه أبو داود والنسائي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: «إسناد صحيح» وقصة ابن أبي سرح مما اتفق عليه أهل العلم واستفاضت استفاضة تُغني عن رواية الآحاد - الصارم المسلول: 109).
وقال ابن القيم شارحا قوله عليه السلام «لا ينبغي لنبي خائنة الأعين» ما نصه: «أي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخالف ظاهره باطنه، ولا سره علانيته، وإذا نفّذ حكم الله وأمره، لم يُوم به، بل صرح به وأعلنه وأظهره» (الهدي النبوي: 3/ 465).
والنبي -صلى الله عليه وسلم- له عهود مؤجلة بأجل معلوم مع الكفار، وأخرى مطلقة، فالمؤجل بأجل حفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- عهودهم إلى أجلها إذا لم يصدر منهم نقض العهد، وأصحاب العهود المطلقة أمهلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة أشهر إيذانا بانتهاء العهد ونبذه إليهم حتى لا يفجأهم بحرب ولا يغدر بهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله-: «وهذا من كمال إنصاف دين الإسلام، لأن التعاليم السماوية والكتب الإلهية في غاية العدالة والإنصاف، حتى مع الكفار نهى نبيه أن يحاربهم وهم في غفلة من ذلك، بل أمره أن يُعلمهم وينبذ إليهم العهد علنا حتى يستوي الجميع في العلم بالحال الواقعة ليستعدوا للحرب والقتال، ولئلا يؤخذوا على غرة، فهذه مكارم الأخلاق والعدالة الكاملة، ولا شك أن هذا التشريع تشريع ممن هو عالم بأن أولياءه لهم النصر والظفر لا حاجة له في استعداد الكفار وعلمهم وقوتهم، لأنه يعلم أنهم مغلوبون مقهورون، وأن الدائرة عليهم وهذا معنى قوله (فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) (الأنفال - 58)، (العذب النمير: 5/ 2027).
ومن وفاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بعهوده وفاؤه لعهوده مع اليهود، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما هاجر إلى المدينة صالح يهود بني قينقاع والنضير وبني قريظة، وغدرت بنو قينقاع أولا في السنة الثانية من الهجرة بعد غزوة بدر، فأجلاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وحفظ لبني النضير وبني قريظة عهودهم، ولم يحمله ذلك على تنزيل اليهود كلهم منزلة سواء، فلما غدرت بنو النضير بعد أحد عاملهم بما يستحقون من الغدرة، وبقي حافظا العهد لبني قريظة حتى غدروا بعد غزوة الخندق، فغزاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وظفر عليهم.
وإليك نموذج آخر مضيء من وفاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لعهودهم، قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه-: «ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حُسيل، قال: فأخذنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذ علينا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرناه الخبر، فقال: «انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم» (رواه مسلم).
الله أكبر كيف تحّرج حذيفة - رضي الله عنه - من القتال مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأي غزوة؟!! أول غزوة، غزوة بدر، وكيف وفى النبي صلى الله عليه وسلم للكفار عهدهم مع أنه في حالة حرب وعدد أصحابه قليل، أحوج ما يكون إلى كل رجل، فكيف إذا كان الرجل حذيفة -رضي الله عنه-؟!
ومن أمثلة وفاء المسلمين بعهودهم مع الكفار ما وقع من معاوية-رضي الله عنه- مع الروم، قال سليمان بن عامر: «كان معاوية يسير بأرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر، وفاء ولا غدر، إن رسول الله -صلى عليه وسلم- قال: من كان بينه وبين قوم عهد، فلا يُخلّن عقد ولا يشُدَّنّها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء، فبلغ ذلك معاوية فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسةـ رضي الله عنه -» (رواه أحمد: 4/ 11، وأبو داود: 3/ 190، والترمذي: 4/ 143، وقال: هذا حديث حسن صحيح).
ومن أمثلة وفاء المسلمين ما حصل معهم لأهل قبرص، وهي جزيرة في البحر، بين أهل الإسلام والروم، قد كان معاوية-رضي الله عنه- صالحهم وعاهدهم على خرج يؤدونه إلى المسلمين، وهم مع هذا يؤدون إلى الروم خرجاً أيضا، فهم ذمة للفريقين كليهما، فلم يزالوا على ذلك حتى إذا كان زمان عبد الملك بن صالح على الثغور، فكان منهم حدث أيضا أو من بعضهم، رأى عبد الملك أن ذلك نكث لعهدهم، والفقهاء يومئذ متوافرون، فكتب إلى عدة منهم يشاورهم في محاربتهم، فكان ممن كتب إليه الليث بن سعد، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة وموسى بن أعين، وإسماعيل بن عياش، ويحيى بن حمزة، وأبو إسحاق الفزاري، ومخلد بن حسين، فكلهم أجابه على كتابه.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: «فوجدت رسائلهم إليه قد استخرجت من ديوانه، فاختصرت منها المعنى الذي أرادوه وقصدوا له، وقد اختلفوا عليه في الرأي إلا أن من أمره بالكف عنهم والوفاء لهم وإن غدر بعضهم، أكثر ممن أشار بالمحاربة» (الأموال: 185).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك ما وقع سنة 587هـ حيث أغار لصوص للمسلمين على خيام العدو من الإفرنج، وسرقوا منهم حتى الرجال وخرجوا، وأخذوا ذات ليلة طفلا رضيعا له ثلاثة أشهر، فلما فقدته أمه باتت مستغيثة بالويل والثبور في طول تلك الليلة، حتى وصل خبرها إلى ملوكهم، فقالوا لها: «إنه - يعني سلطان المسلمين - رحيم القلب، وقد أذنّا لك في الخروج إليه، فاخرجي واطلبيه منه، فإنه يرده عليك، فخرجت تستغيث اليزك الإسلامي، وأخبرتهم بواقعتها، فأطلقوها وأنفذوها إلى السلطان فأتته وهو راكب على تل الخروبة، فبكت بكاء شديدا، ومرّغت وجهها في التراب، فسأل عن قصتها فأخبروه، فرقّ لها، ودمعت عينه، وأمر بإحضار الرضيع، فمضوا فوجدوه قد بيع في السوق، فأمر بدفع ثمنه إلى المشتري وأخذه منه، ولم يزل واقفا -رحمه الله -حتى أُحضر الطفل، وسُلم إليها فأخذته وبكت بكاء شديدا وضمته إلى صدرها، والناس ينظرون إليها ويبكون، فأرضعته ساعة ثم أمر بها، فحُملت على فرس، وألحقت بمعسكرهم مع طفلها» (الروضتين في أخبار الدولتين: 4/ 245).
وكذلك لما نزل التتر بساحة بلاد الشام وأسروا مسلمين ويهود ونصارى، ثم افتك التتر أسارى المسلمين فقط، فخاطب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - غازان وقطلوشاه من التتر، ووالي المسلمين ليفتك أسرى اليهود والنصارى لأنهم كانوا في ذمة المسلمين، قال شيخ الإسلام - رحمه الله-: «وقد عرف النصارى كلهم أني لما خاطبت التتار في إطلاق الأسرى، وأطلقهم غازان وقطلوشاه، وخاطب مولاي فيهم فسمح بإطلاق المسلمين، قال لي: لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس، فهؤلاء لا يُطلقون، فقلت له: بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا، فإنا نفتكهم ولا ندع أسيرا لا من أهل الملة، ولا من أهل الذمة، وأطلقنا من النصارى من شاء الله، فهذا عملنا وإحساننا، والجزاء على الله» (مجموع الفتاوى: 28/ 617ـ618).
الغدر سبب ظهور العدو
الغدر ضرره عظيم، وهو من كبائر الذنوب، وشريعة الإسلام شريعة عدل ووفاء، وربما زين الشيطان للبعض الغدر ومنّاهم أن هذا يوجب العلو والظهور على العدو، وهذا والله فيه حتفهم، فإن الله حرم الظلم وجعله محرما بين عباده، فالغدر عواقبه وخيمة، وهو سبب لوقوع الفتنة بين المسلمين أنفسهم، فعن عبد الله بن بريدة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقض القوم العهد قط إلا كان القتل بينهم» (رواه الحاكم وقال: على شرط مسلم ووافقه الذهبي).
والغدر سبب لظهور العدو، قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: «ما نقض قوم العهد إلا أُديل عليهم العدو» (ذكره مالك بلاغا ورواه الطبراني).
قال القاضي أبو بكر بن العربي - رحمه الله-: «كما أنهم إذا حكموا بغير الحق فاستطالوا على الناس، واستعدوا عليهم بالباطل، سلط عليهم من يفنيهم، كما أنهم إذا استعانوا على أعداء الله بنكث أيمان الله، قلب الله الحال وحكم بغلبة العدو لهم» (القبس في شرح الموطأ: 5/ 595).
وكان سبب ظهور التتر المغرّبة على ديار المسلمين، بسبب غدر ملك المسلمين خوازرم شاه ببعض تجار التتر الذين دخلوا ديار المسلمين للتجارة فقتلوهم وأخذوا أموالهم ظلما، فانتصر لهم التتر ومسحوا ديار المسلمين وملكوها في سنة واحدة. (انظر الكامل في التاريخ: 12/ 358ـ371).
وقال الحافظ الذهبي - رحمه الله-: «وكانت الخوارزمية فيهم ظلم وعسف وقبح سيرة» (دول الإسلام: 2/ 112).
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - مبينا ثمرات الوفاء، ومحذرا من عواقب الغدر ما نصه: «فهذان الأصلان العظيمان وهما القيام بالقسط الذي هو العدل التام على الأنفس والأقربين والأبعدين، والأصدقاء والمعادين، والوفاء بالعهود والمعاقدات كلها من أكبر أصول الدين ومصالحه، وبها يتم الدين ويستقيم طريق الجهاد الحقيقي وتحصل الهداية والإعانة من الله، والنصر والمدافعة، فما ارتفع أحد إلا بالعدل والوفاء، ولا سقط أحد إلا بالظلم والجور والغدر، وبهذين الأصلين حصل للدين الإسلامي من العز والشرف والرقي وقهر الأمم الطاغية ما لم يحصل لغيره، وبهذه الروح روح الرحمة والعدل والوفاء وصل إلى مشارق الأرض ومغاربها، ودانت له الأمم المتباينة طوعا وانقيادا ورغبة، وبتركه انتقص الأمر، ولم يزل الهبوط مستمرا، إلا أنه يحصل نفحات في بعض الأوقات بها ينتعش الدين إذا
(يُتْبَعُ)
(/)
تشبثوا بشيء من هذه المقومات النافعة، لهذا تجد القوات والحضارات الهائلة التي يزعم أهلها أنها راقية في كل أحوالها لما كانت مبنية على الظلم والجشع والطمع وعدم المبالاة في ظلم الأمم الضعيفة وكانت إذا قطعت عهودها ونفذت معاهداتها لم تبال بعد ذلك وفت أو غدرت، وإنما تلاحظ أطماعها الخاصة وأغراضها الردية، ولسان حالهم يقول: السياسة مبنية على المكر والخداع والختر والغدر، لما كانت مع قوتها الهائلة مبنية على هذه الأصول المنهارة كانت هذه المدنية المزعومة، والحضارة المدعاة مهددة كل وقت بالفناء، والهلاك والتدمير، والواقع أكبر شاهد على ذلك، فلو أنها بنيت على الدين والحق والعدل واتباع الحق والوفاء بالمعاقدات ونصر المظلومين لكانت مدنية آمنة، ولكنها في الحقيقة مادية محضة، والقوة المادية إذا لم تبن على الحق فإنها منهارة لا محالة» (وجوب التعاون بين المسلمين 195 - 196، بواسطة مصادر الدين الإسلامي، أ. د سليمان أبا الخيل).
خداع بلا غدر
فالذي لا مرية فيه أن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الفعلية تبين سنته القولية، وغزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة، وقد اجتهد صلوات الله وسلامه عليه بكل سبب للظفر على العدو في غزواته ومن ذلك مخادعته للعدو من غير غدر ولا نقض لعهد.
فمخادعته -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها، وكذلك ما حصل في غزوة الأحزاب فقد جاء نعيم بن مسعود وهو من غطفان إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان نعيم بن مسعود عشيرا لبني قريظة في الجاهلية، وكان قد علم أن بني قريظة أرسلت إلى أبي سفيان وإلى من معه من الأحزاب يوم الخندق أن اثبتوا، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فلعلنا نحن أمرناهم بذلك)، فقام نعيم بكلمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك من عند رسول الله ليحدث بها غطفان، وكان نعيم رجلا لا يملك الحديث، فلما ولى نعيم ذاهبا إلى غطفان أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أثر نعيم فدعاه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتك الذي سمعتني أذكر آنفا أسكت عنه، فلا تذكره لأحد)، فانصرف نعيم من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جاء عيينة بن حصين ومن معه من غطفان فقال لهم: هل علمتم أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- قال شيئا قط إلا حقا؟ قالوا: لا، قال: فإنه قال لي فيما أرسلت به إليكم بنو قريظة، فلعلنا نحن أمرناهم بذلك، ثم نهاني أن أذكره فيكم، فانطلق عيينة حتى لقي أبا سفيان بن حرب فأخبره بما أخبره نعيم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل أبو سفيان رسوله إلى بني قريظة وقال لهم: إنكم أرسلتم إلينا تأمروننا بالمكث، وتزعمون أنكم ستخالفون محمدا ومن معه، فإن كنتم صادقين فارهنونا بذلك من أبنائكم وصبحوهم غدا، قالت بنو قريظة: قد دخلت علينا ليلة السبت ولسنا نقضي في ليلة السبت، ولا في يومها أمرا، فأمهلوا حتى يذهب السبت، فرجع الرسول إلى أبي سفيان بذلك، فقال أبو سفيان ورؤوس الأحزاب معه: هذا مكر من بني قريظة فارتحلوا، فبعث الله عليهم الريح حتى ما كاد رجل منهم يهدي إلى رحله فكانت هزيمتهم. (زاد المعاد:3/ 272).
قال محمد بن جرير الطبري - رحمه الله-: «وإنما الذي أذن فيه من ذلك - يعني الكذب - كالذي فعله بالأحزاب عام الخندق إذ راسلت يهود قريظة أبا سفيان بن حرب ومن معه من مشركي قريش، للغدر بمن في الآطام من ذراري المسلمين ونسائهم» (تهذيب الآثار:1/ 113).
وقال أيضا: «ومن الخديعة التي أذن -صلى الله عليه وسلم- فيها في الحرب ما رُوي عن كعب بن مالك أنه كان إذا أراد غزوة قوم ورّى بغيرها» (تهذيب الآثار:1/ 116).
وقال الطبري أيضا: «والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال: إن الكذب الذي أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه في الحرب وفي الإصلاح بين الناس وعند المرأة يستصلح به، هو ما كان من تعريض بنجاته نحو الصدق، غير أنه مما يحتمل المعنى الذي فيه الخديعة للعدو إن كان ذلك في حرب أو مراد السامع إن كان في إصلاح بين الناس، أو مراد المرأة إن كان ذلك في استصلاحها وذلك كالذي ذكرنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله في خديعة الحرب لنعيم بن مسعود: «فلعلنا نحن أمرناهم بذلك» وكقول مالك بن عبد الله الخثعمي: إنا داربون غدا درب كذا ثم يُصبح من الغد فيدرب غيره من
(يُتْبَعُ)
(/)
الدروب، وذلك أنه لما لم يقل إنا داربون عند يومنا هذا فإنه متى أدرب بعد يومه، فقد أدرب غدا، لأن كل ما بعد يومه ذلك يُسمى غدا، وكذلك قول معاوية بن هشام: اللهم انصرنا على عمورية، وهو يريد غيرها من الكذب بمعزل، فما كان من تعريض على هذا الوجه فإنه جائز لا بأس به في الحرب» (تهذيب الآثار:1/ 1205).
وقال أبو زكريا بن النحاس - رحمه الله-: «ومعنى قوله «الحرب خدعة» أي ينفض أمرها بخدعة واحدة، كذا قال الكسائي وأبو زيد ويُقال: خُدْعة، بضم الخاء والفتح أفصح، كذا قال الجوهري وغيره.
ويُروى أن عمرو بن عبد وُد، لما بارز عليا - رضي الله عنه - وأقبل عليه، قال له علي: ما برزت لأقاتل اثنين، فالتفت عمرو فوثب عليه علي فضربه.
فقال عمرو: خدعتني، فقال: الحرب خدعة.
وقد فعل مثل هذا الهادي أمير المؤمنين لما حمل عليه الخارجي، وليس عنده أحد، ولا معه سلاح فلم يتحرك من مكانه إلى أن قرب منه، فصاح: اضرب عنقه، كأنه يأمر أحدا من وراء الخارجي، فالتفت الخارجي إلى خلفه لينظر المأمور، فوثب عليه الهادي وثبة صار على صدره، وأخذ منه السيف، وذبحه به» (مشارق الأشواق: 1070).
فهذا ما جرى من عمل المسلمين من الخدعة في الحرب، وليس معنى الخدعة في الحرب نقض العهود، وقتل من لا يجوز قتله من النساء والصبيان والرجال غير المقاتلين، قال الحافظ النووي - رحمه الله-: «واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب، وكيف أمكن الخداع، إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل» (شرح صحيح مسلم:12/ 45).
قال محمد بن عيسى بن أصبغ (ت: 620): «فالخديعة والمكر في الحرب بطريق الإدارة والتدبير من العمل المشهور والسنة الثابتة.
لكن ربما التبس على بعض من رأينا أحوال يظنها من باب الخديعة الجائزة في الحرب، وهي قد تكون مما يتضمن الأمان الذي لا يسوغ أن يُخفر، فرأينا أن ننبه على فرق بينهما فنقول: إنه لما ثبت وجوب الوفاء وحظر الغدر، وتقرر في حد الأمان الأوصاف المقيدة في فصل التأمين قبل هذا، وثبت مع ذلك من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في إباحة الخديعة في الحرب، وفعله في ذلك ما ذكرناه، انقدح وتبين أن الخديعة المباحة هي كل ما يرجع إلى إجادة النظر في تدابير غوامض ذلك، وإدارة الرأي فيه ما يوهم العدو الإعراض عنه أو الغفلة دونه، وما أشبه ذلك من التقدم بكل ما يقع به من توهين العدو، أو تُلتمس فيه غرته، وإصابة الفرصة منه، على وجه لا يوهم الأمان، ولا يتضمن الإشعار بالأنس إليه على حال، فيدخل في ذلك التورية والتبييت وتشتيت بينهم، ونصب الكمين والاستطراد حال القتال لانتهاز فرصة المكر وما أشبه ذلك مما يرجع الأمر فيه إلى ما حددناه، وليس من ذلك أن يظهر لهم أنه منهم، أو جاء لنصيحتهم فإذا وجد غفلة نال منهم، هذا داخل في بلاد الأمان، لأن العدو يستشعر منه الموادعة والمؤالفة فيسكن إليه، فالإيهام عليه بمثل هذا لا يجوز وهو خيانة كما تقدم.
ونكتة الفرق أن اطمئنانه في هذا وأمثاله مما قلنا أنه يكون من باب الأمان إنما سبيل استشعار المسالمة والمؤالفة، فهو يستنيم إلى ما يعتقده فيه من الوفاء في ذلك ثقة به وبما ظهر إليه مما يدل عليه فلم يؤت هذا من تقلبه، بل من الآخر فيما أظهر من المؤالفة، وارتكب من الخيانة وفي أبواب المكر والخديعة إنما كان اطمئنانه لغفلة من نفسه، أو جهل في استشعار الغفلة والتقصير من الآخر، وما أشبه ذلك مما ترجع الغفلة فيه عن سوء نظره من غير خيانة تلحق الآخر في أمره، وهذا بيًّن، والحمد لله.
ولنمثل مسألة تكون بظاهرها من باب الأمان تارة ومن المكيدة الجائز فعلها تارة، ولا فارق إلا اختلاف عوارض اطمئنان العدو على القانون الذي رسمناه، وذلك لو أن رجلا من المسلمين أبصر حربيا في جهة ما من بلاد العدو أو غيرها فتظاهر المسلم بإلقاء السلاح، وأقبل على جهة الحربي فظهر له أنه رآه فقصده مستسلما أو مستنيما إليه ونحو هذا فاطمأن الآخر إلى ذلك، حتى أصاب المسلم غرته، فهذا لا تجوز به الخديعة وهو أمان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو أنه عندما رآه فعل أيضا من إظهاره الاستنامة ووضع السلاح والإقبال إلى جهة ذلك الحربي مثل ما فعل في الأولى إلا أنه فقط يظهر أنه غافل عن الحربي ومعرض عن رؤيته بحيث لا يستشعر الحربي أنه رآه، فقصده مسالما لكن يوهم أنه ما شعر بمكانه، وأن فعله ذلك فعل المستريح من حالة حمل السلاح، إذا أمن في موضع ونحو ذلك، حتى اطمأن الحربي، لما توهم من غفلة عنه، لا لموادعة استشعر منه لكان هذا جائزا وهو تورية ومكيدة، لا تتعلق بها خيانة ولا للأمان حرمة، والله أعلم» (الإنجاد في أبواب الجهاد: 232ـ234).
الترخص بالتقية
ترخص البعض في هذه الأيام بركوب أنواع المنكرات باختياره ودون إكراه بدعوى التمويه على العدو، والتعمية عليه بحيث أن لا يظن فيمن كان هذا حاله أنه من أهل الديانة والتقوى، فلا ينصرف إليه من تركيز البحث والتحري والملاحقة ما ينصرف إلى من هو معلوم ظاهرا وباطنا أنه من أهل الديانة والطاعة، وهنا لا بد من بيان أن الفرق بين التقية والنفاق شعرة، وأن البعض قد وقع في النفاق حقا، وهو يتأوله على أنه تقية.
فمن أجل هذا لا بد من بيان الفرق بين التقية والنفاق، ومتى يجوز استعمال التقية؟ وشروط ذلك؟ وما حدود الأفعال المُرخص فيها؟
قال تعالى (إلا أن تتقوا منهم تقاة) (آل عمران: 28).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: «والتقاة ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي، فإن هذا نفاق ولكن أفعل ما أقدر عليه، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه، مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم، بل غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون، وامرأة فرعون، وهو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه، بل كان يكتم إيمانه.
وكتمان الدين شيء وإظهار الدين الباطل شيء آخر، فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أُكره، بحيث لو أبيح النطق بكلمة الكفر، والله تعالى قد فرق بين المنافق والمكره (منهاج السنة:6/ 425ـ424).
فما نراه من ممارسات البعض في هذه الأيام ليس بداخل في باب التقية والعذر، لأنه يُقدم على أمور محرمة باختياره وإرادته بدون إكراه، فواقعه الحقيقي هو أنه بادر بقتال الكفار والغدر بهم ابتداء وهو في حالة ضعف وركب من أجل ذلك أنواعا من المحرمات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: «وفرق بين الكذب وبين الكتمان، فكتمان ما في النفس يستعمله المؤمن حيث يعذره الله في الإظهار كمؤمن آل فرعون، وأما الذي يتكلم بالكفر فلا يعذره إلا إذا أُكره، والمنافق الكذاب لا يعذره الله بحال ولكن في المعاريض مندوحة عن الكذب» (منهاج السنة:6/ 425).
فإذاً الترخص بالتقية يكون في حال الإكراه، والترخص كذلك لا يكون عاما في كل فعل، بل هو مخصوص بالأقوال في حال الإكراه.
قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي زيد القيرواني - رحمه الله - (ت: 386هـ): «ومن كتاب ابن حبيب قال الله تعالى (إلا أن تتقوا منهم تقاة) وقال (إلا من أُكره) الآية، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمار: (إن عادوا فعد).
فمن ترك الرخصة وصبر على إظهار الإسلام فذلك له واسع فيما يعرض من القتل، وذلك أحظى له عند ربه إن صدق وقد جاءت به الآثار، قال: إنما الرخصة في القول والقلب مطمئن بالإيمان، وأما على أن يعمل عملا فيسجد لغير الله أو يصلى إلى غير القبلة أو يشرب الخمر، ويأكل الخنزير، أو يزني، أو يقتل مسلما، أو يضربه أو يأكل ماله وما أشبه ذلك فلا رخصة له، وإن خاف القتل.
قال ابن عباس - رض الله عنهما-: «التقية بالقول وليس بالفعل ولا باليد» (النوادر والزيادات3/ 312).
وقال أيضا: «ومن كتاب ابن سحنون: قال الأوزاعي: أبيح للمكره القول ولا يُصدق ذلك بعمل، قال: فإن أكره على ذلك مثل السجود للوثن أو صليب أو أكل خنزير وشرب خمر، فلا يفعل، وليختر القتل وقاله قتادة» النوادر والزيادات - 31/ 312).
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - (ت: 795هـ): «والقول الثاني أن التقية إنما تكون في الأقوال ولا تقية في الأفعال، ولا إكراه عليها، رُوي ذلك عن ابن عباس وأبي العالية، وأبي الشعثاء والربيع بن أنس، والضحاك وهو رواية عن أحمد، وروي عن سحنون أيضا» (جامع العلوم والحكم:2/ 372).
أسأل الله عز وجل أن تكون ظهرت الفروق الدقيقة بين «الخدعة» و «الغدر» و «التقية» و «النفاق» والله الهادي إلى سواء السبيل.
والحمد لله رب العالمين.
الشيخ الدكتور حمد العثمان.(/)
رسالة: فتح الكريم الواسع فى مسألة اختلاف المطالع
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[21 - Aug-2008, صباحاً 09:53]ـ
فتح الكريم الواسع فى مسألة اختلاف المطالع
ان الحمد لله .. نحمده تعالى ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. وأشهد ان لا اله الا الله
وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى أل محمد آما صليت على
ابراهيم وعلى أل ابراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى أل محمد آما بارآت على
ابراهيم وعلى أل ابراهيم انك حميد مجيد.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) آل عمران: 102
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كثِيراً
وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ آَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا)) ً النساء: 1
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) الأحزاب: 71
أما بعد فان أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وأله وسلم، وشر
الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار
وبعد .. فان مسألة اختلاف المطالع هى من المسائل التى دار الجدال حولها فى كل أعصار تلك الأمة
وأمصارها ولا يزال ولا يتوقف ..
والحق أن فى هذه المسألة خلاف معتبر عند أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين لا ينكره الا
مكابر ..
ففريق يقر باختلاف المطالع، ولا يجد فيه حرجا .. وفريق ينكره ويتمسك بتوحيد الرؤية فى الصيام
كما فى الحج سواءا بسواء ..
وهذا أمر مطرد بين أهل العلم .. ولا ينكر بعضهم على بعض فيه .. فقد جعل الله فيه سعة للمسلمين
بفصله ورحمته .. والحمد لله رب العالمين
غير أن من الطلبة والمتعلمين ونحوهم من لا يعترف بذلك الخلاف أصلا .. ربما لجهل بوجوده، أو
لتحيز لرأى دون رأى، فلا يتعامل معه وفقا لفقه الخلاف فى القضايا الفرعية .. فيندفع وراء مشاعر
الغربة بالدين، ومشاعر النقمة على ولاة الأمور، ومشاعر الحرص على توحيد صفوف المسلمين،
يدفعه ذلك كله الى التعصب الشديد للقول بتوحيد الرؤية فى الصوم والفطر، حتى انه لتثور الشجور
والجدالات والخلافات والمشاحنات والفتن فى كل عام فى مطلع رمضان فى كل بلاد المسلمين،
وعلى أيدى أناس هم من أشد المسلمين التزاما، الدعاة منهم وطلبة العلم سواءا بسواء .. ولا حول
ولا قوة الا بالله!
وبداية وقبل أن أكتب فى تلك القضية الشائكة، لابد أولا من أن نؤصل أصلا فى غاية الأهمية .. ألا
وهو أصل الولاء والبراء عند الخلاف. فالأصل أن الولاء والبراء انما يكون فى المسائل الأصلية،
المعلومة من الدين بالضرورة والتى عليها اجماع المسلمين .. أما القضايا الفرعية ففيها تفصيل،
فالمسائل التى اختلف أئمة الفقه الأعلام فى مذاهبهم الفقهية فى استنباط الحكم من الأدلة فيها،
فالأمر فيها ولله الحمد واسع .. فان عمل المسلم بقول مرجوح عندنا أو في مذهبنا، فاننا لا نبرأ منه ولا نبغضه أبدا .. وان شئنا فلنناقشه، فلعله على فقه واجتهاد فى تلك المسألة، ولعله يتبع فيها اماما مجتهدا .. فما دام الأمر لم يخالف اجماعا (وهو ثالث مصدر للتلقى عندنا)، فالأمر واسع والخلاف سائغ ولا ينكر صاحب قول على الذاهب الى القول المخالف.
وان المرأ ليجزع والله ويؤلمه أن يرى تفرقا بين الاخوة الملتزمين وطلبة العلم يقع بسبب أمثال
تلك المسائل التي لا يسوغ التخطيء والتبديع والاتهام للمخالف فيها ما دام قائلا بما له فيه دليل وسلف .. وليس أدل على تلك الظاهرة المرضية الخطيرة بين شباب الصحوة، مما يقع في كل عام
فى أخر بضعة أيام من شعبان .. والله المستعان.
وأقول ان هذه الأمور وان دلت على شئ فانما تدل على قلة فقه بقضايا هى من الأصول كقضية
الولاء والبراء، مع حماسة وحمية عمياء، تسبب فيها الشعور المتزايد بالنقص والانهزام والشتات
(يُتْبَعُ)
(/)
والغربة فى ديار المسلمين. وكثير من مبتدئة طلبة العلم – وكاتب هذا الكلام من أدناهم علما ومنزلة - فيهم ما فيهم من آثار الجاهلية ورواسبها، مع ما أوتوا من الورع والديانة وتلمس سبل الطلب .. نسأل الله لنا ولهم السلامة والعافية .. فلربما رأيتهم يتحيزون لما يوافق هواهم من الاجتهادات العلمية من حيث لا يشعرون، مع قصورهم عن الترجيح العلمي المنضبط .. ويسعون الى إلزام المخالفين بمواقفهم من المسائل على أنها حقائق ثابتة يقينية! مع أنهم فيما يذهبون اليه أكثرهم يقلدون في الحقيقة ويختارون من بين الأقوال لا بقوة الاستدلال وانما بشهادة الحال فيمن يفتي بهذا ومن يفتي بذاك .. ومع ذلك تراهم يتهمون الآخذين بقول من الأقوال المخالفة لهم اتهاما مسبقا، ربما لموافقة ذلك القول لهوى بعض أولياء الأمور أو ما الى ذلك، فاذا بهم ينتصرون للقول لا لشيء الا لكونه مخالفا لما قبله أتباع الهوى المشهورين بذلك، وعليه بعض مشايخهم الذين يقلدونهم!! فلا تراهم الا يفرون من اتباع الهوى الى اتباع الهوى المخالف من حيث لا يشعرون!
والقضايا العلمية لا يحكم فيها بالهوى أو العواطف أو الانفعالات .. أو ردود الأفعال .. وانما يحكم فيها بالأدلة والاستنباط والنظر المنضبط .. وما خرجت بدعة فى تاريخ الدين الا وكان وراءها عاطفة جوفاء تخلو من العلم القويم ولا تقوم الا على فهم عليل سقيم .. وسواءا كان صاحب البدعة يريد الحق ويتوهمه فيما يتأول من الدين وفيما يبتدع، أو كان مبطلا ماكرا متآمرا على المسلمين يتعمد اضلالهم، ففى جميع الأحوال فان بدعته لا تصير فرقة يلتف من حولها الناس ينسلون وينخلعون من جماعة المسلمين اليها، الا بسبب العاطفة الجوفاء ونواقص النفوس والجهل المبين ..
وعلى الرغم من أننا لسنا بصدد الكلام فى هذه الرسالة الموجزة عن بدعة فى الدين، أو مناظرة
المبتدعين، وانما نحن بصدد مناقشة ما فقهه بعض اخواننا فى مسألة شرعية فرعية خلافية، الا أننى آثرت أن أضرب المثل في هذه المقدمة بانشقاق أصحاب البدع عن جمهور المسلمين ومشايعتهم لأهل بدعتهم، على ما يقع بين شباب الملتزمين فى تلك القضية وغيرها من القضايا الخلافية، لما لمسته من تشابه بين الأمرين عند كثير من الأخوة الملتزمين .. فهذا ناقوس الخطر أبدأ هذه الرسالة بدقه ليفيق هؤلاء.
ومن هنا فانى أبدأ والله المستعان باعلان أنى أرى رجحان القول باعتبار اختلاف المطالع .. والله
تعالى أعلى وأعلم بالصواب ..
وأقول أنى قد تعضد عندى ذلك الظن بموجب ما اطلعت عليه من أدلة فى المسألة ومن اجتهادات
علمية فيها.
وللبيان أقول أن الأمر عند كثير من القائلين بوحدة الرؤية، أنهم لا يقولون بذلك فحسب وانما
يحددونه ويربطونه ربطا عجيبا بمكة بالذات .. فلا اعتبار عند كثير منهم بأى رؤية تقع فى أى مكان
على البسيطة الا رؤية أهل مكة دون غيرها! ولهم مع الأدلة أقوال واستنباطات نعرض لها فيما بعد ان شاء الله ..
وقبل أن أتناول الأدلة وما ذهب القوم اليه فى فهمها، أقول أن القائلين بوحدة الرؤية والمدافعين
عنها، ومع ما أحسبه فيهم من صدق فى ارادة الوحدة للمسلمين، الا أنهم فى الحقيقة لا يزيدون
الناس الا فرقة وشتاتا من حيث لا يشعرون!
ذلك أنك بدلا من أن ترى أمة فيها دول كاملة بكل قراها ومدنها وبيوتها، تصوم كل دولة منها على
رؤية غير رؤية أختها، وتنحصر تلك الفرقة التى يكرهونها فى اطار دول وبلاد كاملة داخل حيز
الأمة الكبير، فانك بما يذهب اليه هؤلاء، ترى الفرقة –قد وصلت الى حد أن البيت الواحد فى المدينة الواحدة فى البلد الواحد قد تجد فيه رجلين يتبع أحدهما رؤية البلد ويتبع الأخر رؤية مكة وربما يتبع ثالث فى نفس البيت، رؤية أخرى نما الى علمه أنها كانت سابقة عليهما! وأنبه الى أن هذه الحال وحتى مع وقوعها، فاني لا أسميها فرقة الا ان قام عليها ما يفرق بين المسلمين من الأقوال والأفعال، - وهو ما يكون من كثير من اخواننا بحسن نية وبكل أسف - أما مجرد الاختلاف في المذهب الفقهي فليس بفرقة!!
فالسؤال هنا هو:
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف ساغ لهم التصور بأن مذهبهم فى تلك المسألة يعالج الفرقة التي يتصورونها ويقضى عليها والحال هكذا؟ ان أهل البلد الواحد فى صيامهم على رؤية ثابتة عندهم، انما هم متوحدون مجتمعون فى الحقيقة على تلك الرؤية وان خالف اجتماعهم هذا اجتماع أهل بلد أخرى بعدت أو قربت .. وهم بذلك يوافقون قوله صلى الله عليه وأله وسلم "صومكم يوم تصومون وفطرآم يوم تفطرون" أى مع
الجماعة كما فهمه أهل العلم .. أما ذهاب الذاهبين الى الائتمام برؤية مكة دون غيرها أو برؤية بلد
أخر وان خالفوا بذلك صوم كافة المسلمين الذين يعيشون في وسطهم، ثم اصرارهم على ذلك،
واخفاؤهم له وكأنهم يخفون دينا غير الدين، وما يجري فوق ذلك من مواقف عجيبة من كثيرين منهم، وابطالهم لصوم وفطر أهليهم في بيوتهم وتشديدهم في ذلك على جهالتهم، انما هو ما يرزع الفتنة ويغرس الفرقة والتخبط بين الناس، وليس السبب هو أخذ كل بلد برؤيتها المستقلة كما يظنون!
وبئس الفتنة تلك أن يرى بعض العامة واحدا من الاخوة الملتزمين أو من الدعاة أو طلبة العلم
الموثوقين، مفطرا مثلا فى نهار رمضان، لأنه ليس رمضان عنده أو عند شيخه! أو أن يروه قد
تخلف عن التراويح أو امتنع عن الصلاة بالناس كما كان عهدهم به لذات السبب، وهو بينهم الداعية المفوه الحكيم، الداعى الى فضائل الأعمال والحاث عليها!
فان سألته قال لك "اتبع الحق لا تضيرك قلة السالكين ولا تغتر بكثرة الهالكين"!! .. وتسمع كلاما
من نحو ذلك فاذا به يكاد يهلك أمة كاملة بلسانه من حيث لا يشعر، وفى قضية هى أصلا محل
خلاف ونزاع علمى معتبر بين العلماء!!
اننا لا ننكر ما قد نبتلى به من الفتن من جراء اتباع الحق ونبذ الهوى وصد الناس عن سبل
الشيطان والمخالفات وانكار المنكر عليهم .. هذا أمر لا نمارى فيه ونسأل الله أن يثبتنا عليه .. ولكن
هل هذه القضية التى بين أيدينا هى قضية حكم قطعى يقينى وولاء وبراء وكذا؟ هل هى من قضايا الحق والباطل الذي اما أن ينجو به صاحبه موافقا للاجماع واما أن يهلك، والتى تستلزم المخالفة فيها الصبر على الأذى وعلى آل ما قد يقع من الفتن من جراء ذلك؟!
وان ناقشت أحدهم قال لك، هذه مسألة صيام وفطر فى فريضة هى من أركان الاسلام .. فلا يعقل أن
يكون فيها خلاف! قلت ومن الذى قال أنه لا يعقل أن يكون فيها خلاف؟ أليست الصلاة والتى هى
عمود الدين، قد ساغ الخلاف بين أهل العلم فى بعض المسائل الفرعية فيها، حتى في فاتحة الكتاب التي يعدها من يعدها من أركان الصلاة، ولا يراها غيره كذلك؟ هل ينكر بعضنا على بعض فى هذا؟ ان الخلاف فى هذه المسألة انما هو من جنس ذلك الخلاف .. ليس فى أصول الفريضة وانما فى فرع منها .. لسنا نختلف فى وجوب صوم رمضان مثلا، أو فى أنه يصام لرؤية الهلال دون غيرها، أو أن مدة الصوم هى من وقت الفجر الى الغروب ..
وكما أن النازل على يديه والنازل على ركبتيهفي الصلاة كل منهما نرجو أن تكون صلاته صحيحة، فان الصائم على رؤية بلده أو على رؤية أول بلد تثبت فيه الرؤية، فكلاهما صام لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته أيضا ونرجو من الله أن يكون كلاهما صومه صحيحا أيضا .. فلم يقع من أى من الفريقين مخالفة لنص أو لاجماع .. فسواءا أعتبرت باختلاف المطالع أو لم تعتبر فالأمر قد وسع الله فيه علينا ولله الحمد، كما وسع فى كثير من الأمور ..
مسألة مسافة القصر
يعترض أصحاب القول بوحدة الرؤية على مسألة اعتبار اختلاف المطالع بقضية خلافية أخرى
نشأت فى المسألة وهى قضية المسافة التى ينفصل بها بلد عن البلد الأخر وعلاقتها "بمسافة
القصر" وغير ذلك .. وهى مسألة لا يلزم من الخلاف فيها الطعن فى رجحان القول باعتبار اختلاف
المطالع.
فان القائل منهم يقول أن القول باختلاف المطالع بين البلاد انما يلزم منه وقوع اضطراب عند الحد
الفاصل بين تلك البلاد .. فلا يعلم الناس أين تنتهى بلد وتبدأ الأخرى وما هى حقيقة الحدود
الجغرافية وما علاقتها بتعيين الحكم الشرعى، ومن وقف عند ذلك الحد، وخلا شهر شعبان، فبأى
رؤية لهلال رمضان يعمل؟ ومعلوم أن الحدود بين البلدان لا ترتسم على الأرض رسما بخطوط
فاصلة، وأن ذلك انما هو من مصائب الاستعمار وما أحدثه فى بلاد المسلمين من تقسيم وتشتيت ..
ويجاب عن هذا والله أعلم بأن البلد فى العادة انما تتميز بقرية أم، وقرى تابعة لها متصلة بها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
والناس يعرفون نهاية القرية بانتهاء أخر مسكن من مساكنها، وبداية الأخرى ببداية ظهور
مساكنها .. أو بغير ذلك مما يتعارفون عليه، وكل منهم يعد نفسه واحدا من أهل قرية يعلم حدها واهلها .. ولم تكن تتميز القرى فى القديم بالحدود المرسومة على الأرض ونحو ذلك .. ونحن نميز
أننا دخلنا فى قرية من القرى بعد مسافة من السفر غالبا، اذا ما بدأت مساكنها تظهر أمامنا، ودخلنا فى وسط بيوت أهلها ومبانيهم .. ولو كان لهم سور وباب وولجنا من ذلك الباب فنحن حينئذ فى المدينة أو داخل القرية .. والمسألة على كل حال انما مدارها العرف .. فما تعارف الناس على أنه نهاية المدينة أو البلد فهو نهاية البلد .. فلا داعى للتكلف فى ذلك الأمر فوق ما يحتمله، سيما وأنه لن
يحدث أن يقف رجل فوق خط من تلك الحدود المرسومة المحدثة فى زماننا، يضع أحد قدميه فى بلد
والقدم الأخر فى بلد أخرى ثم يتساءل عن أى الرؤيتين يصوم ويفطر!!
وقضية الحدود هذه لا اعتبار بها لمن هو فى داخل مساكن البلد وبين أهلها .. ويعتبر حالا فيها .. ولا
فرق بالنسبة له بين بعد البلد المجاورة أو قربها فى تمييز ذلك الأمر .. والأمر مرده الى ولى الأمر
الشرعى فى كل الأحوال، وأهل كل بلدة يعلمون من هو ولى الأمر الشرعى فيهم .. فلا يخرجون
عليه ولا يسوغ لهم ذلك .. والمسألة خلافية من الأصل، والمسائل الخلافية يتبع فيها حكم القاضى
الشرعى أو ولى الأمر الشرعى ولا يلتفت معه الى غيره ..
فالأمر كما يظهر وان كان فيه خلاف، فان الخلاف فيه لا يلزم منه ترجيح أو رد قول القائلين
باعتبار اختلاف المطالع بين البلاد .. والله أعلم بالصواب.
علة الحكم باقرار الفريقين على عملهما فى حديث كريب
وقد ذهب البعض من المتأخرين والمعاصرين الى أنه فيما مضى انما كان يصعب ابلاغ الناس
بالرؤية حال ظهورها فى بلد من البلدان لأهل البلاد الأخرى .. أما اليوم فبوجود أجهزة الاتصال
صار الأمر سهلا ميسورا للغاية، ولا حاجة للاعتبار باختلاف المطالع ولا للكلام فى قضية المسافة
ولا غيرها .. ونجيب بأن ذلك مداره النظر فى علة القائلين بالاعتبار باختلاف المطالع ..
والحديث الحجة عند أصحاب القول باعتبار اختلاف المطالع انما هو حديث كريب فى صحيح مسلم
وغيره والذى جاء فيه، عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته الى معاوية بالشام، قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة فى أخر الشهر ..
فسألنى عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما عن ذكر الهلال، قال: متى رأيتم الهلال، فقلت: رأيناه
يوم الجمعة .. فقال أأنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكننا رأيناه
ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه .. فقلت: أولا تكتفى برؤية معاوية وصيامه؟
قال: لا .. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم" أهـ.
ولا يظهر من حديث كريب للمتأمل (وهو حجة القول باعتبار اختلاف المطالع) أن العلة فى اختلاف
ما ذهب اليه كل من كريب فى قومه وابن عباس فى قومه هى تعذر بلوغ خبر رؤية أى من
الفريقين الى الفريق الأخر .. وليس فى أدلة هذا الباب ما يشير الى ذلك المعنى أو الى غيره من
العلل التى اجتهد بعض أهل العلم فى استنباطها ..
فلا يسوغ قول القائل بأنه بما أننا صار عندنا تليفونات وصارت تبلغنا أخبار الرؤية من أقصى
الأرض الى أدناها من فور ثبوتها، فاننا ما عاد لنا اليوم حاجة فى أن يكتفى أهل كل بلد من بلادنا برؤيته! ذلك أنه لم يقم دليل صحيح على أن تعذر بلوغ الخبر بالرؤية هو العلة فى الأمر .. والعجيب أن كثيرا من اخواننا القائلين بهذا الكلام، والمعولين على المحمول والاتصالات في ذلك والقائلين بأن العلة كانت تعذر ذلك، تراهم ومع ذلك يتمسكون برفض الحساب الفلكي جملة وتفصيلا. مع أن هذا القائل بلعة تعذر نقل الخبر يلزمه أن يقبل كلام القائلين بأن اختراع الأقمار الصناعية صار اليوم يمكننا من التأكد بكل دقة من يوم الميلاد الفعلى للهلال ويمكننا من رؤية صورته بمنتهى الوضوح والجلاء، فيغنينا عن رؤيته بالعين المجردة! وهذا كلام لا نقبله لأن النص صريح فى أن الرؤية الملزمة بالصوم والفطر انما هى الرؤية العينية الطبيعية ولا دليل على جواز استبدال الحسابات الفلكية أو الأقمار الصناعية بها .. بل ان النبى صلى الله عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
وأله وسلم ثبت عنه أنه قال "انا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، والشهر عندنا هكذا وهكذا .. " فكيف ينكرون على هؤلاء كلامهم في طرح الرؤية الى الحساب، مع كون هذا هو مذهبهم فى علة الاعتبار باختلاف المطالع؟ انهم يريدون تعطيل الاعتبار باختلاف المطالع لوجود اختراع التليفونات، وهؤلاء يريدون
تعطيله وتعطيل الرؤية العينية معه لوجود اختراع القمر الصناعى! فهذه العلة كتلك مع زيادة عند أصحاب الحساب!
وابن عباس فى الحديث قد بلغه أن معاوية وأهل الشام رأوا الهلال فى ليلة الجمعة، فى حين أن ابن
عباس وأهل المدينة رأوه فى ليلة السبت .. فلو كان الحكم المستقر عند ابن عباس مؤداه أن الرؤية
الأسبق هى الأولى أينما كانت، كما يذهب عامة أنصار مذهب توحيد الرؤية، لأقر ابن عباس كريبا
على رؤيته (لأنها كانت أسبق ومن ثقات عدول) ولأوجب على أهل المدينة جميعا أن يقضوا ليلة الجمعة التى أفطروا فيها .. ولكنه لم يفعل، ولما سأله كريب "أولا تكتفى برؤية معاوية وصيامه" قال "لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم" ويكون وجه قوله "هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم" هو الاقرار لفعل كل من أهل الشام وأهل المدينة سواءا بسواء، وأن كلاهما يجزئ أهله وأنه سائغ مقبول ..
فالعلة ليست المشقة أو بعد المسافة أو تعذر بلوغ الخبر وانما العلة الظاهرة هى أن النبى أمر بذلك
ولم يأمر بخلافه .. ولو جاءنا تفصيل أمر النبى بنص مرفوع اليه صلى الله عليه وأله وسلم لعلمنا
العلة وأجريناها بلا خلاف، ولكن قضت حكمة الله ألا يصلنا فى ذلك الأمر لفظ عن النبى صلى الله
عليه وأله وسلم .. فلا تظهر لنا علة بعينها لثبوت كل منهما على ما ذهب اليه أهل البلد الذى كان
فيه سوى أن ذاك هو موجب أمر النبى .. ولو كان الحق خلاف ذلك لألزم ابن عباس كريبا بالرجوع
الى معاوية وابلاغه بأنه قد صام يوما زائدا لأن الرؤية ما كانت قد ظهرت فى المدينة بعد، أو للزم
ابن عباس الاكتفاء برؤية معاوية والعمل بها وهو ما يوجب عليه وعلى أهل المدينة حينئذ قضاء
يوم فاتهم من رمضان .. ولكن لم يحدث هذا ولا ذاك .. ولم ينكر أى منهما على الأخر .. ويلزم أي منهما الآخر بما كان من رؤية بلده، مع أن الأمر خطير للغاية، فهو يتعلق فى الحقيقة بصوم أهل بلد كامل وثبوت صحته من فساده .. فلا يمكن أن يسكت ابن عباس عن أمر كهذا لو علم فيه مخالفة لأمر النبى صلى الله عليه وأله وسلم .. والحاصل أنه رضى الله عنه انما بين أن استقرار وبقاء كل منهما على رؤية بلده انما هو عين ما أمر به النبى صلى الله عليه وأله وسلم ..
ولا أرى اعتبارا بقول الذين ذهبوا الى أن قوله "هكذا أمرنا" أراد به ابن عباس الاشارة الى قوله
السابق "لا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه" لأن تلك المسألة بعينها ليست هى مدار الحديث
أصلا وليست هى ما استعلم عنه كريب بالسؤال من البداية .. بل هى زيادة أضافها ابن عباس
تفصيلا منه ومزيد بيان .. أما القول بأن مراده رضى الله عنه كان قصر أمر النبى على ذلك المعنى
فهو تكلف لأمر ينتفى بالبداهة ..
فلو أنك قلت لى مثلا: الى أين أنت ذاهب الليلة، فقلت لك الى بيت زيد، فقلت لى وأين هو بيت زيد،
فقلت لك هو فى طريق كذا، فسألتنى عن الطريق فبينت لك أن لى فيه حاجة، ثم قلت لى ألا تذهب
من طريق كذا بدلا منه؟ فقلت لك، لا، انما هكذا أريد .. أتفهم من هذا الكلام أن مرادى بقولى "هكذا
أريد" هو الذهاب الى بيت زيد؟ أم أنه ارادتى لقضاء حاجة فى الطريق المعين الذى وقع عليه
اختيارى؟ الصحيح لا هذا فحسب ولا ذاك فحسب .. وانما الصحيح أنى أريد أولا معارضة اقتراحك
الأخير على بأن أخذ طريقا أخر، لأنى انما أريد طريقا بعينه لحاجة لى فيه، ليكون سبيلى لزيارة
بيت زيد، فلا يصلح لى العمل باقتراحك بسلوك طريق آخر اليه. هكذا يتوجه فهم كلامى ..
فالحاصل أن الكلام واضح فى أنه لما سأله "أولا تكتفى برؤية معاوية"، قال له لا، أى أنه لا
يكتفى، وأشار بأن موقفه هذا، مع ما فصله فيه من قبل، انما هو ما أمر به النبى صلى الله عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
وأله وسلم، فليس يسوغ صرف هذا الكلام الأخير على تلك الجزئية الدقيقة بعينها دون غيرها بلا قرينة ظاهرة، وليست تلك الجزئية هى مادة النزاع في الكلام أصلا، وانما هى مشتمل عليها ضمنا .. فالظاهر المفهوم هو أن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم أمر ابن عباس – أولا – بألا يكتفى برؤية تأتيه من بلد غير البلد التى هو فيها، وانما يعمل بما رأى أهل بلده، فيصوم معهم يوم يصومون حتى يروا هلال شوال والا أتموا ثلاثين يوما .. والله أعلى وأعلم
ولا أرى أيضا الاعتبار بقول بعضهم أن ابن عباس رضى الله عنه كان فى تلك المسألة مجتهدا،
فهو لم يقل "هكذا أرى" أو "هكذا أظن" مثلا وانما قال "هكذا أمرنا" وهى كلمة تعنى بكل
وضوح أن ما عمل به ابن عباس وما حكم به فى الأمر لم يكن من باب الاجتهاد الخاص به وانما
هو من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولا أحسب أن صحابيا حبرا عظيما كابن عباس رضى الله عنهما ما كان يحسن فى كلامه بيان الفرق بين ما هو ظن منه واجتهاد وما هو أمر صريح من النبى صلى الله عليه وأله وسلم، أو أنه قد يطلق معنى الأمر الملزم على ما هو اجتهاد منه فى الحقيقة .. كما أنه لا عبرة بقول من قالوا أنه رضى الله عنه كان يفهم – مستقلا بذلك الفهم - كلام النبى صلى الله عليه وأله وسلم فى قوله "صوموا لرؤيته" على أنه خطاب لأهل المحل دون غيرهم، وأن هذا هو سبب ذلك الحكم منه، وأنه كان بذلك مخالفا لمراد النبى صلى الله عليه وأله وسلم .. فكلامه كان في بيان أن الأمر ليس لازما فيه أن يأخذ أهل بلدة برؤية غيرهم .. ولا أظن ابن عباس رضى الله عنه يتهاون فى تحمل تبعة افطار أهل بلد كامل فى يوم من أيام رمضان، على
أساس من اجتهاده هو، اذ يجعله فى محل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. هذا أمر بعيد
للغاية ..
وقد ذهب بعض العلماء الى الكلام فى لفظة الاستفهام "أولا" وأنه لو كان هذا هو مراد ابن عباس
لكان من الأحرى أن يرد بقوله "لا .. ما هكذا أمرنا رسول الله" بدلا من "لا .. هكذا أمرنا .. ". وسواءا
كان الحديث ب"ما" أو بغيرها فان المعنى لا يخرج عن القول بأن النبى لم يأمرنا بالاكتفاء برؤية
بلد أخرى .. لأن ابن عباس رد ردا صريحا بقوله "لا" .. غير أنه يكون فى تلك الحالة (يعنى لو قال
ما هكذا أمرنا) أقل بلاغة من قوله "هكذا أمرنا" .. لأن قوله "هكذا أمرنا" انما يغطى بعمومه ما بينه قبل السؤال الأخير أيضا من أنه يلزمهم ان لم يروا الهلال أن يكملوا العدة ثلاثين يوما .. فهى بيان جامع لأن أمر النبى يشمل حقيقة أنه لا يكتفى برؤية بلد أخر، بالاضافة الى حقيقة أنه عليهم أن يصوموا حتى رؤية الهلال الجديد أو يكملوا صيامهم ثلاثين يوما ان غم عليهم ولم يروه .. كلتا الحقيقتين معا .. فكأنه يقول "كل ما بينت لك من قبل فهو أمر النبى صلى الله عليه وسلم" .. أما لو قال "ما هكذا" لكان الأقرب الى الذهن أنه يجيب بالنفى على السؤال الأخير فقط فينفى أن يكون النبى قد أمر بالاكتفاء برؤية بلد غير بلد المحل، ولكنه لا يدخل حينئذ فى ذلك المعنى ما كان من التفصيل الذى ذكره قبل ذلك .. ولا يبين دخول ذلك القول فى أمر النبى صلى الله عليه وأله وسلم .. فالمعنى الذى اختاره ابن عباس رضى الله عنه، أشمل وأوضح لمن أراد استخراج أمر النبى صلى الله عليه وأله وسلم المشار اليه من جملة ما قاله ابن عباس فى الحديث من الأقوال .. والله تعالى أعلى وأعلم ..
والخلاصة أنه قد التزم ابن عباس رضى الله عنه برؤية أهل المدينة ولم يلزم كريبا وأهل الشام
بها، ولم يخضع ابن عباس لما عمل به كريب فى الشام مع معاوية ولم يلزم أهل المدينة به أيضا ..
ولم ينكر أحدهما على الأخر .. بل صرح ابن عباس بأن هذا هو أمر رسول الله صلى الله عليه وأله
وسلم .. وهو دليل واضح لكل ذى نظر، على أن النبى صلى الله عليه وأله وسلم كان يقر باختلاف
المطالع فى رؤية الهلال ولم يكن يلزم بلدا برؤية بلد أخر ..
حديث الأعرابى
ويذهب أصحاب القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع الى الاستدلال بحديث الأعرابى:
قال سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما، تمارى الناس فى رؤية هلال رمضان، فقال بعضهم اليوم وقال بعضهم غدا ..
فجاء أعرابى الى النبى صلى الله عليه وأله وسلم فذكر أنه رآه .. فقال النبى صلى الله عليه وأله
(يُتْبَعُ)
(/)
وسلم: "أتشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله؟ " قال: نعم .. فأمر النبى بلالا فنادى فى
الناس: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا
قبله يوما."
وهذا الحديث قد استدل به القائلون بأن رؤية الفرد الواحد المسلم تلزم الناس بالصوم .. وهم
جمهور أهل العلم. وخلافنا هنا ليس فى هذا المعنى وانما هو في دائرة الشمول التى يدخل فيها
المخاطبون فى كل حالة .. فكل الناس مأمورون بالصوم لرؤيته، ولكن الخلاف هو فيما اذا كانت
الرؤية الواحدة فى مكان بعينه تلزم الأمة كلها من أولها الى أخرها أو غير ذلك .. ولا دليل في
الحديث على تقوية مذهب الذين لا يعتبرون باختلاف المطالع، لأن الذين يعتبرون به لا يخالفون
ذلك الأمر النبوي، وكل من الفريقين قد صام لرؤيته وأفطر لرؤيته، وبهذا جرى عمل الأمة في سائر الأمصار والأعصار من لدن القرون الأولى الى يوم الناس هذا، ولم يخرج من يحرج عليهم امر صومهم بسبب اختلاف الرؤى فيما بينهم .. ولعله مما يلفت النظر أن راوي هذا الحديث هو ابن عباس نفسه، رضي الله عنهما، ومذهبه معلوم في هذا من حديث كريب آنف الذكر، فكيف يكون مذهبه بخلاف ما يروي؟ هذا أمر بعيد!
حديث صومكم يوم تصومون
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم قال: صومكم يوم تصومون وأضحاكم يوم
تضحون
قال أصحاب القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع أن الخطاب فى تلك الرواية موجه الى جماعة
المسلمين العامة، أى الأمة كلها .. وقال الأخرون أنه موجه الى من سمع الخبر بالرؤية وبلغه أمرها
بلا اعتبار لمسافة أو غيره، وقال أخرون أنه فى حق كل جماعة من المسلمين فى البلد التى هم
حالون فيها، فالفرق حينئذ انما هو فى مفهوم الجماعة التى تخاطب فى ذلك الحديث .. والحديث
بظاهره يمكن أن يصح معه أى من تلك المعانى .. وليس فيه ما يمنع حمله على أى منها .. فالحديث
دليل على وجوب أن يلزم المسلم الجماعة التى هو فيها بالصوم، وأن تكون الجماعة متوافقة على
موعد صومها، يصومون معا ويفطرون معا. ذلك أنهم جميعا قد صاموا لرؤيته .. فهذا المعنى
مستقر بالحديث .. أما التفصيل فى كون الجماعة المخاطبة بالحديث فى عدة بلدان متفرقة، كل بلد
برؤيته التى يلتزم بها الناس فيها، أو كونها الجماعة العامة للمسلمين جميعا بحيث يلزم جميع
البلدان رؤية واحدة، فهذا لا يقوم بالحديث فرق فيه ولا بيان .. والله أعلم
بل ان الحديث يظهر منه حجة على الذين يتفرقون في البلد الواحد بل وفى البيت الواحد ليصوم
بعضهم مع مكة أو مع غيرها ويصوم بعضهم مع بلدهم .. فهذا انما هو مسلك مخالف لما يوصى به
هذا الحديث الشريف، وهو أن يلزم الناس الجماعة ولا يخالفوها .. فالواقع المتحقق فى زماننا اليوم
أن المسلمين فى دول بل ودويلات متفرقة لا يحكمهم ولي امر واحد واحد، ولا حول ولا قوة الا بالله .. ولكل من تلك الدول رؤية يصوم الناس عليها .. (وهذا أمر بعمومه لا جديد فيه في الأمة!) فان كانت الأولى نكرههاونذمها (أعنى حقيقة الفرقة فى دويلات متفرقة بدون خليفة وامام تجتمع عليه الأمة كلها) فان الثانية مسألة قد وسع الشارع فيها (أعنى مسألة أن يصوم كل من تلك
القرى والبلدان على حسب رؤيته) .. وقد وقع العمل بها فى الأمة بطول تاريخها وعرضه .. بل وقعت حتى فى ظل الخليفة الواحد الذى كان له الحق فى أن يلزم جميع أقطار الأمة برؤية واحدة .. فكيف تكون الاستجابة لأمر النبى صلى الله عليه وسلم والحال هكذا، الا بأن يلزم كل أهل جماعة "بلد" جماعتهم يصومون معها ويفطرون معها؟
ان المتأمل بهدوء وروية وتجرد من الهوى والهوى المضاد سيرى أنه من مصلحة المسلمين فى تلك الظروف التى نعيشها أن يلزموا أدنى وأخف الضررين "ان فرضنا تنزلا كون الاعتبار باختلاف المطالع ضررا وسببا للفرقة كما يدعون، وقد جعلوه كذلك حقا، هداهم الله" فيجعلوا الأمة فى صومها دولاوشعوبا كبيرة تختلف فيما بينها فى صومها وليس بيوتا بل وأفراد لأسرة واحدة
يختلفون فى صومهم فيما بينهم! فبالله أيهما أشد فرقة واختلافا يا أولى الألباب؟
قد وسع الله عليكم من أمركم فلماذا تحتظرون واسعا؟؟
الذين يوجبون الصيام مع أهل مكة
هذه طائفة من العلماء زادت على القول بتوحيد الرؤية قولهم بلزوم أن تكون تلك الرؤية الموحدة
(يُتْبَعُ)
(/)
هى رؤية مكة دون غيرها من البلدان. وهذا فى الحقيقة انما هو قول ضعيف لا تقوم لهم عليه حجة
كما نبين فيما يلى ان شاء الله تعالى ..
فقد استدلوا بجملة من الأدلة لعل أشهرها هو قوله تعالى:
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) البقرة: 189
قالوا، ان الله تعالى أشار بقوله ((والحج)) بعد قوله ((مواقيت للناس)) تخصيصا بعد العموم لا لشئ الا لبيان أن مكان الحج هو المكان المتصل بالتوقيت الزمانى أو أو أن التوقيت الزمانى – بالأهلة –
مرتبط بمكان واحد وهو مكان الحج لذلك فقد وجب على جميع البلاد موافقتها فيما تعمل به من
المواقيت!
والحق أن هذا التأويل يخرج بالنص عن ظاهره ويحمله من المعانى فوق ما يتحمل .. ولا يمكن أن
يؤخذ حكم خطير كحكم قصر الرؤية باطلاقها على ديار الحج "مكة" دون غيرها، من مجرد تأويل
بعيد كهذا!
فلو أراد الله عز وجل هذا المعنى لبينه بلفظه، أو لأوحى به الى نبيه صلى الله عليه وأله
وسلم بلفظ واضح صريح .. ولكن لا يوجد فى القرءان ولا فى السنة شئ بهذا المعنى.
وقوله سبحانه مواقيت للناس والحج انما هو من باب عطف الخاص على العام لتفرد الخاص بشئ
يميزه. فالحج يزيد كميقات زمانى على سائر مواقيت الناس بخاصية أنه مرتبط مكانيا بأرض الحج
أرض المناسك .. فكل من أراد الحج فيلزمه الأخذ بمواقيت بلاد الحج المكانية والزمانية على حد
سواء .. وهذا فرق جوهرى بين ميقات الحج وسائر المواقيت الأخرى التى خلق الله الأهلة من
أجلها كما تبين الأية الكريمة، لذلك والله أعلم جاء التخصيص بعد العموم.
أما ذهابهم الى أن هذا التخصيص هو للاشارة الى أن مواقيت بلاد الحج هى مواقيت ملزمة لكل
الناس فى كل شئ، ولا يصح لهم صوم الا بمواقيتها، فهذا حكم شرعى لا يصح الا بدليل ظاهر، ولا نرى ذلك الدليل فى هذه الأية الكريمة ..
والدليل الثانى الذى يذهب اليه أصحاب ذلك القول، هو فى قوله صلى الله عليه وأله وسلم "الصوم
يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون"
قال بعضهم أن ذلك الحديث انما كان فى حجة الوداع .. والله أعلم بصحة هذا الكلام .. وعلى أي حال
فانه حتى وان صح قولهم بذلك فهو لا يثبت ما بنوه عليه من استنباط. فقد بنوا على ذلك قولهم
بأنه ما دام الحديث كان خطابا من الرسول صلى الله عليه وأله وسلم الى الناس فى حجة الوداع،
فانه لما قال "يوم تصومون" و"يوم تفطرون" انما كان يخاطب بذلك أهل مكة على أرض الحج
تخصيصا، يأمر سائر الناس أن يأتموا بهم فى ذلك، بمعنى أن ينبنى الحكم فى كافة الأمة بالصوم
والفطر بناءا على صوم أهل مكة وفطرهم على وجه التخصيص. وهذا القول انما يزيد على مادة
الخلاف فى المسألة وجها أخر أشد بعدا وأشد غرابة. فالخلاف أصلا انما كان فى الخطاب بتلك
الأحاديث هل هو موجه لكل جماعة من الناس يعيشون فى بلد من البلدان يرون فيها الهلال، أم هو
موجه للأمة كلها مجتمعة فى أول رؤية تقع فى أى مكان. أما الذهاب بذلك الخطاب الى مثل هذا
التخصيص والقول بأن المراد منه انما هو حمل الأمة كلها على الائتمام برؤية أهل مكة دون غيرها
فهذه رمية بعيدة للغاية ..
وان سلمنا بأن الحديث كان فى حجة الوداع حقا، فأين الصارف الذى يصرف لفظ الحديث الى
التخصيص دون العموم؟ ما القرينة التى تخبر بأن المراد هو أن يقول للناس جميعا بأن صوم أهل
مكة هو الصوم للناس جميعا وفطرهم هو الفطر للناس جميعا في كل مكان؟ لابد من وجود قرائن تبين للمتلقى كون الخطاب موجها لجماعة دون جماعة أو موجها لعموم الناس، والا انهارت كثير من أحكام الدين. فقوله صلى الله عليه وأله وسلم مثلا "أصحابى أصحابى" فى حديث الحوض لا يمكن حمله على تخصيص صحابته، فالذين ذهبوا الى ذلك التأويل قد تجاهلوا روايات لذلك الحديث يفهم منها أن المراد هو عامة المسلمين من الأمة، والذين يدخلون كلهم فى معنى "انك لا تدرى ما أحدثوا من بعدك" .. كما أن القرءان والسنة تملؤهما الأدلة على عدالة الصحابة وعلى رضى الله عنهم ووعدهم بالجنة، فكل تلك القرائن انما دلت على استحالة أن ينصرف المراد بذلك اللفظ الى أن
(يُتْبَعُ)
(/)
يكون هو صحابة النبى صلى الله عليه وأله وسلم كما يزعم الرافضة ومن شايعهم.
وفى حالتنا هذه، فان هذه الرواية وان كانت لا تظهر فيها قرينة تخصيص أو تعميم، فان حديث
كريب كما سنبين، يقوم دليلا على خلاف ما يذهبون اليه فى تأويل المخاطب هنا .. وقد جاءت
روايات أخرى لهذا الحديث منها ما جاء بلفظ "صوموا يوم يصوم الناس وأفطروا يوم يفطر
الناس" .. ولفظ "صومكم يوم تصومون .. " ونحوه، فأين الدليل فى أى من تلك الألفاظ على أن المراد
هو الزام كافة الناس جميعا بصوم أهل مكة وفطرهم دون غيرهم؟
بل انه يظهر للمتأمل الفرق بين رواية أبى هريرة بلفظ "صومكم" والرواية عنه أيضا بلفظ"الصوم"
فى أن الأخيرة والتى استند اليها القوم فى مذهبهم وان كانت قد توحى بالاطلاق فى معنى الصوم،
أى أن كل الصوم على كل الناس انما هو يوم تصومون أنتم يا أهل مكة (كما فهموا منها) فان
الرواية الأولى الصحيحة عن أبى هريرة أيضا انما يظهر منها ما قد يحمل على خلاف ذلك المعنى
الذى توهموه، اذ أنها توحى بالتخصيص فى الخطاب وليس بالتعميم والاطلاق .. فلعله كان يريد
تخصيص أهل مكة برؤية مكة دون أن يلزم بها غيرهم .. وكذا تقرير معنى اجتماع كل جماعة
من المسلمين على رؤية واحدة يصومون لها فيكون صومهم جميعا باجتماعهم عليها ..
وسواء كانت هذه الرواية أو تلك، فانه لا يقوم بأى منها دليل على تخصيص أو تعميم!
ثم ان سلمنا لكم القول بأن المخاطب هو أهل مكة بالذات وأن ذلك الحديث كان فى حجة الوداع،
فكيف نميز فى بقية أحاديث حجة الوداع، بل وفى غيرها من الأحاديث، بين ما كان المخاطبون به
هم أهل مكة تحديدا وما كان موجها لعموم المسلمين فى كل مكان وزمان، بغير قرينة ظاهرة على
ذلك؟ ذلك أنه لو قلتم أن هذا اللفظ "الصوم يوم تصومون" موجه لأهل مكة بالذات، فما جوابكم على
من يذهب بكل الأحاديث التى جاءت فى حجة الوداع بما فيها من أوامر ونواهى ومواعظ الى
تخصيص أهل مكة بها دون غيرهم، كقوله مثلا "ألا ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا"؟؟ ألم يكن المخاطب هنا هو أهل مكة أيضا؟ فان
قلتم أن الخطاب فى حديث الباب كان موجها الى أهل مكة خصوصا قلنا لكم فاثبتوا لنا اذا أن هذا
الحديث من أحاديث حجة الوداع لم يكن موجها الى أهل مكة خصوصا فى يوم عرفة خصوصا أيضا وانما كان موجها لعموم الأمة جمعاء.
لعل هذا هو غاية ما يستند اليه القوم من أدلة فى هذا الحكم .. والحق أن أمرا خطيرا كهذا، يرتبط به
صحة صيام المسلمين فى سائر أقطار الأمة، ما كان الشارع ليتركه عرضة للوهم والترجيح البعيد الشاذ بهذه الصورة .. وما كان ليدعه غامضا ملتبسا يوؤخذ الحكم فيه بالتوهم والظن .. فما كان أسهل من أن يصرح صلى الله عليه وأله وسلم بقوله "الصوم يوم يصوم أهل مكة" مثلا أو "صوموا لرؤيته بمكة" أو نحو ذلك .. ولكنه لم يكن منه شئ من ذلك صلى الله عليه وأله وسلم. بل انه قد دل حديث كريب على أن صوم أهل الشام مع معاوية كان صحيحا، وكذلك صوم أهل المدينة مع
ابن عباس كان صحيحا أيضا، كل منهم يعمل برؤيته ولا ينكر أى منهم على الأخر .. ولو كان الصوم لا يصح الا مع مكة كما يقولون، لانهار حديث كريب ولكان دليلا على كذب ابن عباس أو على جهله بمسألة على هذا القدر من العظم والخطورة! فسواءا كان يقصد بقوله "لا، هكذا أمرنا" أن يقر أهل المدينة على رؤيتهم دون رؤية أهل الشام أو كان يقصد أن يقر كلا من البلدتين على رؤيتهما، فذلك كله مخالف لزعمهم هنا بأن الصوم لا يكون الا مع أهل مكة! لأنه لو كان كذلك، لكان كلام ابن عباس فاسدا على كل الأحوال، ولكان زعمه أن هذا هو أمر رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم رجما بالغيب وكذبا عليه! تنزه رضى الله عنه عن الوقوع فى مثل هذا.
ثم اننا نقول لأصحاب هذا القول، لنفرض أننا أخذنا بالقول بعدم اعتبار اختلاف المطالع، وكان
المسلمون جميعا فى كل البلدان تحت امام وخليفة واحد .. ثم جاءت سنة من السنوات ثبتت فيها
الرؤية عند جماعة من المسلمين فى اندونيسيا مثلا، قبل ثبوتها فى مكة .. فهل يحكم الامام حينئذ
عليهم بأن يهملوا تلك الرؤية، وأن يمكثوا لا يصومون حتى تثبت الرؤية فى مكة ليصوموا معها؟
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا القول انما يلزم منه أن يهمل رؤية صادقة قد وقعت وثبتت بشهادة العدول عند جماعة من المسلمين. فهو بذلك انما يأمرهم بمخالفة قول النبى صلى الله عليه وأله وسلم "صوموا لرؤيته" .. فهم قد رأوه يقينا ودخلوا بذلك فى حكم الحديث. فان قلتم أنه لا اعتبار برؤيتهم على الاطلاق، والرؤية هنا انما كان المراد بها الرؤية فى مكة دون غيرها، وكل ما سوى ذلك فى أى مكان فليس برؤية، قلنا لكم قدموا لنا الدليل الظاهر على ذلك .. بل الأدلة تهدم كلامكم .. وان قلتم أنه لا يعقل أن يظهر الهلال فى بلد غير مكة فى يوم ولا يظهر فيها فى نفس اليوم، قلنا لكم بل هو واقع حسا وبالمشاهدة، وقد يغم على قوم فلا يرونه فى يوم ثم يرونه فى اليوم الذى يليه .. والأمر مبناه فى الحكم انما هو وقوع الرؤية العينية للهلال بالعين المجردة (أو بالمنظار)، وليس الميلاد الفعلى الفلكى للهلال .. فيدخل فى تلك الرؤية بذلك عوامل كثيرة منها كروية الأرض ومنها حالة الجو من سحاب وغيم وغيره .. فمن رأى ذلك كله وتأمله تبينت له حكمة المولى عز وجل فى التوسعة على المسلمين فى ذلك الأمر ..
وختاما ..
فان الحاصل من كل ما تقدم أن مسألة اعتبار اختلاف المطالع فى الرؤية من عدمه انما هى مسألة
خلافية، الخلاف فيها سائغ معتبر ولله الحمد، ولا حجة لمن يقول بغير ذلك. والقول المختار هنا انما
هو القول باعتبار اختلاف المطالع، والله أعلم بالصواب. ولا حجة كما بينا لمن ذهب الى الزام
المسلمين جميعا برؤية مكة دون غيرها .. فنحن ان أخذنا بعدم اعتبار اختلاف المطالع، فانه يلزمنا
حينئذ أن نعمل بأول رؤية صادقة تثبت عند أى جماعة من المسلمين فى أى مكان فى الأرض، وأن
نلزم بها سائر المسلمين فى كل مكان من فورهم،- مع ما في ذلك من عنت وفتنة حتى مع توافر الأقمار الصناعية وسبل الاتصال - ما دامت قد تحققت فيها شروط الرؤية الصحيحة، ولا نلتفت لأية رؤية أخرى تقع فى أى مكان بعد ذلك سواءا فى ذلك مكة أو غيرها!!
أما قول الذين يتكلمون فى قضية الوحدة والفرقة ونحو ذلك، فانى أريد أن أجترئ فى هذا المقام
طلبا للحق وبيانا له وأتساءل وأقول، ما الضرر الشرعى أو الدنيوى الذى يلحق بالمسلمين فى حال
تفرق كل دولة من دولهم على اختلاف فى يوم أو يومين فى أول رمضان أو فى أخره، لاختلاف
الرؤية بينهم (وهو الحال في طول التاريخ وعرضه)؟ ما العلة وما الاشكال في ذلك، وما الذي يحول دون كون هؤلاء المختلفين جميعا مصيبين للعبادة المفروضة عليهم بلا شبهة فساد؟
ان البعض قد يتصور أنه لا يعقل الا أن يكون أول يوم فى رمضان يوما واحدا فى كل بلاد
المسلمين.، بسبب مسألة مولد القمر وكونه يوما واحدا بحسابات الفلك لا يعقل أن يتعدد! ونقول نعم هو يوم واحد، ولكن تاملوا كيف أن الشرع علق الصوم على رؤيته وليس على ميلاده! وهذه مسألة دقيقة تسبب ضيق الفهم فيها في تخبط كبير بين كثير من الفقهاء وأهل الفلك، في ضوابط قبول كلام الفلكيين من عدمه وكذا .. ونقول قد أغنانا الله عن هذا كله يا عباد الله! فالمناط في التكليف هو ((لرؤيته)) وليس "لمولده" أو "لاستقامته مع الشمس في الفضاء" مثلا!!! والأدلة متوافرة على أن الأمر يسير، أيسر بكثير من هذا الذي عقده اخواننا من حسابات ومن جعل الحسابات قرينة على الصدق والكذب، وغير ذلك .. وان كان مجرد جعلها قرينة تكذيب فيه نظر، وقد وقع فيه خلاف معتبر، الا أنه أيضا أمر زائد على مناط التشريع!! فالنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الأعرابي، لم يلجئ الصحابة لسؤال الفلكيين وأهل الحساب، عما اذا كان يثبت عندهم بالحساب أن الهلال قد ولد بالفعل أم لا!! بل أنكر مسألة الحساب وقال نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب! ولو أن اخواننا حملوا هذا القول على أنه مراده منه أن العلة كانت الجهل وعدم العلم وقد ارتفعت تلك العلة، قلنا لهم بل الحساب الفلكي كان موجودا من زمان الصحابة رضي الله عنهم، ومع ذلك لم نجدهم يوقفون الشاهد ويتوقفون في قبول شهادته حتى يسألوا أهل الحساب أولا!! هذا تعنت وتكلف ما أنزل الله به من سلطان!!
(يُتْبَعُ)
(/)
فالذين يقولون كيف نختلف في الصيام مع أن القمر يولد فلكيا في يوم واحد صرنا نعلمه بدقة ونراه بالقمر الصناعي وكذا .. قلنا لهم القمر الصناعي ليس رؤية عين، وليس مدار التكليف على مولده الحقيقي القطعي، وانما على النظر العيني وغلبة الظن به .. فيا اخوان .. الله يسر عليكم فلماذا تريدون التعنت والتعسير؟؟
فالحاصل أن هذا التصور غير صحيح، فالأهلة انما وكل الله العمل بها – من لدن القرون الأولى - لرؤية الناس بأعينهم .. وليس لحساباتهم أو لأقمارهم الصناعية أو لغيرها!
فما دام الأمر قد حمل على الرؤية واختلف العلماء خلافا معتبرا فى حكم الاعتبار باختلاف المطالع
من بلد الى أخرى، فلا ضرر شرعى يقع من وجود بلدتين تصوم كل منهما لرؤية غير التى تصوم
الأخرى لها ..
والبعض قد يقول بأنه ما دام يوم عرفة واحدا فلابد أن يكون أول رمضان واحدا أيضا .. قلنا لا، لا
يلزم ذلك ولا تلازم أصلا! .. لا يلزم عقلا من كون بلاد المسلمين تجتمع بالضرورة على رؤية ذى الحجة فى مكة وتتوحد وجوبا على يوم عرفة هناك، أن يقاس على ذلك كل الأهلة وكل المواقيت! فكما قدمنا ليس الحج كغيره من المواقيت .. وهذا هو تأويل تخصيص الله له فى أية الأهلة كما بينا .. فما الضير فى أن يكون هناك توحد فى رؤية الحج بين البلدان واختلاف بينها فى رؤية رمضان وشوال؟ أم أن التصور الفلكى الكونى هو الذى يدفعهم الى ذلك؟ الشهر فى الشريعة انما يبدأ برؤية الهلال لا بميلاد الهلال، وهذا فرق جوهرىأكرر التأكيد عليه وأقول أنه لابد أن نستصحبه فى دراسة ذلك الأمر حتى لا نقع في تصور علة باطلة نعلق عليها الحكم!
وقد يقول قائلهم أن ليلة القدر والتى تتنزل الملائكة والروح فيها انما هى ليلة واحدة فى الكون كله،
فكيف يختلف الناس فى الرؤية وهى ليلة واحدة يقينا؟ قلنا وما المشكلة فى ذلك؟ أليس الذى أخبرنا
بتلك الليلة وما يكون فيها فى الغيب، وما فيها من فضل لمن أصابها من المسلمين، هو سبحانه
الذى أوحى لنبيه بما أوحى اليه فى أمر الرؤية والأهلة؟
لقد اقتضت حكمة المولى عز وجل اخفاء تلك الليلة عن المسلمين لحكم شتى لا يعلمها الا الله ..
فلعل من تلك الحكم أن يتسع الأمر لهم فى مسألة اختلاف المطالع كما هو الحال، وكما كان عليه
عمل المسلمين منذ الصدر الأول الى اليوم. فلو جزم النبى بأن ليلة القدر هى ليلة السابع والعشرين
مثلا، للزم لاصابتها ألا يكون هناك نزاع فى مسألة اعتبار اختلاف المطالع فى رؤية الهلال بين العلماء، ولكان لزاما على الأمة كلها أن تعمل برؤية واحدة فى كل سنة تكون هى الحق الكونى الذى يوافق العد الذى يجعل ليلة القدر تصيب يوم السابع والعشرين تحديدا عند كل المسلمين فى كل مكان ..
.. فلو أن دولتين من بلاد المسليمن رأت احداهما الهلال فى يوم، والأخرى فى اليوم الذى
يليه، وكان راسخا عندنا بالدليل أن ليلة القدر هى ليلة السابع والعشرين تحديدا مثلا، فعلى قول أى
منهما تكون ليلة القدر حقيقة، وليلة السابع والعشرين أصلا ليست واحدة عند الجميع، مع كونهم جميعا هؤلاء وهؤلاء قد صاموا لرؤيته وتحروا ذلك؟
والحمد لله فقد أخفى الله تعيينها عنا، وقد تكاثرت النصوص الدالة على تحريها فى الليالى العشر
الأخارى. من تلك النصوص ما جاء فى الليالى الوترية تحديدا ومنها ما صح فى تحريها فى ليالى
بعينها، ومنها ما جاء يعد الليالى الوترية من أخر الشهر، وهو ما يجعلها ان عدت من أول الشهر
تكون فى الليالى الشفعية وليست الوترية .. والأمر فى ذلك واسع كما هو معلوم، وحاصله أنها قد
تكون فى أى ليلة من ليالى العشر الأواخر من رمضان .. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في الأيام العشر كلها ولا يفرق .. فمن اجتهد فى الليالى العشر جميعا
يتحراها ويطلب من الله بصدق أن يصيبه أجرها، فانه يصيبها باذن الله تعالى.
ولن يحرم الله عبدا بذل كل ما فى وسعه لتحريها في تلك العشر، صادقا مخلصا لله عز وجل، من
أن يصيبه الأجر بذلك، سواءا كانت الليلة بحسب رؤيته ليلة وترية أو شفعية .. فهى ليلة واحدة عند
الله ولكنها عند المسلمين قد تختلف بينهمفي عدها بحسب عدهم لليالى وفقا للرؤية التى يعملون بها .. وليس فى ذلك من بأس .. ولا فيه ما يوحي ببطلان القول باختلاف الرؤى .. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نص جماعة من السلف على أن ليلة القدر تتنقل، بمعنى أنه لا يلزم أن تكون كل سنة فى نفس
الليلة، وهو أمر يتناسب مع حكمة الله تعالى فى جعل مطالع الرؤية تختلف بين بلدان المسلمين،
وجعل الامر واسعا فى ذلك كما تقرر.
فلا تقوم ولله الحمد أية شبهة عقلية كما بينا، تتعارض مع العمل باختلاف المطالع فى رؤية الأهلة ..
فضلا عن الشبهات الشرعية ..
فما الذى يثير حفيظة وحمية أنصار توحيد الرؤية الى هذا الحد العجيب بسبب ذلك الأمر، حتى يصل بهم الغلو الى تسفيه أصحاب القول الأخر، ووصمهم بالجهالة أحيانا والعمالة والخيانة أحيانا
أخرى؟! ألم يصم كل منهم ثلاثين يوما؟ ألم يصم كل منهم لرؤية الهلال كما أمر رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ويفطر لرؤيته؟ ألم يصم كل منهم يوم صام القوم من حوله (الجماعة التى هو حال فيها)، وأفطر يوم أفطروا كما أمر صلى الله عليه وأله وسلم؟ ألم يلتزم كل منهم برؤية رجل مسلم أو اثنين أو أكثر صام الناس عليها كما فعل عليه السلام وصحابته؟ ألم يعتكف كل منهم العشر الأخارى من الشهر وتحرى ليلة القدر التى لا يعلم تعيينها الا الله؟ فما المشكلة وما الضرر الشرعى فى ذلك؟ ام ان الكلام لا تدفعه الا المشاعر المجردة من الفقه الصحيح؟
ثم ما النفع – الشرعى أيضا - الذى يتحقق للمسلمين لو صامت كل بلدان المسلمين من أقصى
الأرض الى أدناها فى نفس اليوم؟ للمسألة أحكام منضبطة فى كل الأحوال، فما النفع الذى قد يزيد
وما الضرر الذى قد يقع؟
يصل الأمر الى أن يقول البعض من اخوتنا سامحهم الله أن البيت الأبيض فى أمريكا انما يتصل بحكام بعض بلاد المسلمين ليملى عليهم متى تكون رؤية هؤلاء ومتى تكون رؤية هؤلاء حتى تتأصل "الفرقة" بين البلاد! اي والله الى هذا الحد!! فانا لله وانا اليه راجعون! هذا كلام مهزومين جهلاء، ولا يقوم الجزم به الا بدليل قطعى، ولا يؤخذ في مثله برواج الاشاعات والأحاديث منزوعة
السند والبرهان! ليس من مذهبنا معاشر أهل السنة اتباع الاشاعات بغير دليل!
ثم يا معاشر العقلاء، ما حاجة الأمريكان وغيرهم من أعدائنا فى أن يصوم كل بلد من بلاد
المسلمين فى يوم غير الذى يصوم فيه أهل البلد الأخر؟ وهل كانت أمريكا هى السبب فى وقوع ذلك
الأمر أيضا فى زمن معاوية يوم صام أهل الشام على غير الرؤية التى صام عليها أهل المدينة؟
ما دام القائمون على أمر الرؤية فى بلاد المسلمين هم من المسلمين، ويقررون أن الأمر مداره ثبوت الرؤية، والبلد بلد مسلم يتولى ذلك فيها دار افتاء مسلمة، فلا حاجة لنا فى مثل هذه الاشاعات والادعاءات التى تقض من مضاجع المسلمين وتشككهم فى صيامهم وفى عبادتهم! فمجرد خروج تلك الاشاعات ورواجها بين الناس انما هو عين الضرر والله! وما وجدتها تروج وبكل أسف الا بين البعض من اخوتنا الذين يلتزمون برؤية مكة ولا يعنيهم غيرها .. فتراهم يتبادلون الاتصالات والرسائل فيما بينهم ينتظرون قرار دار الافتاء بمكة، وكأنه لا عبرة بشيء آخر في سائر الأرض، ثم ينصحون اخوانهم بموافقتهم على ذلك وكأنه الحق الذي لا محيص عنه .. فلا حول ولا قوة الا بالله.
ان الضرر الحقيقى كما اسلفنا انما يقع يوم يجد الرجل فى بيته ومن بين أبنائه من لا يأكل معه على
مائدته لأنه صائم وهو أول يوم من رمضان عنده! هذا هو ما تخترق به جماعة المسلمين عندي على التحقيق! فان كنت ولابد آخذا بقول يجعلك تصوم على غير صيام أهلك وجماعتك – ولا أرى صحة ذلك كما قدمت – فاعمل يا عبد الله على كتمان هذا بكل الطرق حتى لا تكون فتنة .. وستكون – مع ذلك – فتنة مهما حاولت ولا حول ولا قوة الا بالله!
ان الضرر يقع يوم يشك الناس فى صحة صومهم ويتضاربون بذلك وما يكون ذلك الا من تشدد بعض اخواننا قليلي العلم والفقه في هذه المسألة. ويوم يجد المسلمون بينهم
من هو مفطر وهم صائمون، أو من هو صائم وهم مفطرون، فينظرون اليه فيرونه ممن يثقون في علمهم ودينهم – كان أهلا لذلك أو لم يكن – فيقع الشك في نفوسهم فيما هم عليه!! ..
فختاما أسأل الله أن يرفع الفتنة عن المسلمين، وأرجو بالله صادقا من الاخوة الأحباء أصحاب القول بتوحيد الرؤية فضلا عن القائلين بجعلها مع مكة بالتحديد، أن يراجعوا فقههم فى تلك المسألة وأن يتجردوا فيه طلبا للحق، وأن يمعنوا النظر بروية .. وان استقر مذهبهم بعد ذلك كله على ما يذبهون اليه فأنشدهم الله ألا ينكروا على العاملين بخلاف مذهبهم وألا يأخذوا الأمر قضية ولاء وبراء، وأن يتحلوا بفقه الخلاف ويتقوا الله فى أهلهم وذويهم ولا يوقعوا الفتنة والريبة والاضطراب فى قلوبهم .. عسى الله أن يوفقنا للحق وأن يرزقنا الاخلاص فى القول والعمل، انه ولى ذلك والقادر عليه
والحمد لله رب العالمين
كتبه أخوكم الظالم لنفسه الطامع فى عفو ربه
أبو الفداء
تحريرا فى السابع من شوال 1427_
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[21 - Aug-2008, صباحاً 10:35]ـ
جزاكم الله خيرا.
وحقيقة لم أقف على كل جزئيات الرسالة، وإنما قرأتها قراءة سريعة، ولي ملاحظة أرجو أن يتسع لها صدرك أخي الفاضل ألا وهي:
إن مسألة اختلاف المطالع واعتبارها إنما هو في حق البلاد التي تعتبر الرؤيا لا التي تسير على الحساب الفلكي وتعتبره قطعيا وترد الرؤية البصرية التي تعتبرها ظنية، ولا في حق البلاد التي تنظر للرؤيا بنظرة سياسية كما حدث منذ أعوام في مصر عندما توافق عيد الفطر مع عيد للنصارى فتاخر إعلان الهلال للغد حتى لا يجتمع العيدان معا مما يؤدي إلى تصادم بين المسلمين والنصارى في المتنزهات والأماكن العامة.
أخي هل ترى أن الخلاف يتسع لهؤلاء، ويا ترى على أي الصور واقع غالب البلاد ينطبق اعتبار الرؤية أم غيرها؟!
وفقكم الله وجزاكم خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 03:20]ـ
أخانا الكريم، بارك الله فيك
أجيبك بحول الله ولكن أرجو أن يتسع صدرك أنت أيضا للجواب .. وألا يسوء ظنك بأخيك هذا.
يا أخي الكريم، قد أخذت مصر مثالا .. فسأتكلم عنها. الجهة التي في مصر تعلن دخول شهر رمضان في كل سنة، أليست هي دار الافتاء؟ بلى. فكيف يكون الاعلان؟ هل يقولون للناس: لقد دلت النتيجة على أن أول رمضان غدا - مثلا - فسنصوم غدا؟ كلا! بل يقولون استطلعنا هلال شهر رمضان فثبتت الرؤية أو "لم تثبت فيكون اليوم هو المتمم"، ويتكلمون عن الرؤية واستطلاعها من عدمه، ويعلنون عن ذلك في الاعلام .. وهذا هو ما لنا في ذلك، وان كنا نعلم أنهم يؤمنون بأن الحساب الفلكي حجة الا أننا لم نرهم يقولون سنصوم هذا العام يوم كذا بناءا على الحساب أو على النتيجة، وانما يخرجون علينا ليقولوا نصوم بناءا على الرؤية التي ثبتت!! ومع كوننا نعلم أن الدولة حالها من تحكيم الشرع كما لا يخفى، الا أن قول الواحد منا بأن الدولة هذا العام قررت أن تؤجل العيد لمخالفة عيد النصارى، أو لموافقة كذا من أغراض السياسة أو طاعة للبيت الأبيض أو ما الى ذلك، معذرة أخي الكريم هذه اشاعات قد رأيت بعيني كيف تخرج من بعض اخواننا هكذا بلا بينة ولا دليل أبدا!! أنا لا أبرئ دار الافتاء وقيادتها يا أخي الفاضل، وانما أقول أن هذه الهيئة القائمة على أمور المسلمين في هذا البلد، هي المسؤولة أمام الله تبارك وتعالى عن صدقها من عدمه في دعوى أن الهلال قد رؤي وأن بداية الشهر عندهم سببها ثبوت الرؤية لا غيره! أما الناس فصيامهم صحيح باذن الله، سواءا وافقوا بذلك السعودية أم لم يوافقوا، وسواءا سبقهم الى رؤية الهلال بلد من البلاد أم لم يسبقهم، لحاصل ما ذكرته في هذا البحث الذي بين يديك!
اثبتوا لنا ببينة لا مرية فيها - وليس ظنون بعض الاخوة - أن تلك الدار، دار الافتاء المصرية، تكذب في مسألة الرؤية! ولكن أين البينة؟؟ الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأل أعرابيا هل تحرى فيه العدالة؟ بل سأل رجلا لا يعرفه يزعم أنه رأى الهلال، سأله أتشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله؟ فأجابه بنعم، فأمر بلالا أن يؤذن في الناس بالصيام! فاشتراط العدالة في حد ذاته محل نظر وكلام .. فلماذا التعنت وبث الفتنة وتشكيك الخلق في صيامهم على دعاوى لا يملك أحد منا دليلا ولا برهانا على أي منها؟
بارك الله فيكم وهدانا واياكم الى ما يحب ويرضى.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 07:36]ـ
تنبيه حتى لا يقع خلط في فهم كلامي الأخير: أن الأصل في المسلم العدالة ما لم يثبت قادح فيها .. وبالتالي فان ثبت بالدليل أن الشاهد فاسق فحينئذ على قول الذين اشترطوا اثبات العدالة - وليس مجرد الاسلام - فان شهادة هذا الشاهد ترد .. وعلى قول الذين اشترطوا مجرد الاسلام فانها تقبل .. ولعلي لو قلت بعدم ثبوت: "اشتراط العلم بالعدالة والضبط ونحوه مما يشترط في الرواة" وليس "اشتراط العدالة (والتي هي الأصل في كل مسلم ما لم يثبت ضدها) " لكان الكلام أكثر دقة. والله أعلم(/)
مسائل في المجاز .. (17) الأسد ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 02:21]ـ
إيه أيها الأسد المظلوم؛ألصق المجازيون بك بلايا كثيرة ...
قال أبو عبد الله البصري المعتزلي: ومثل ما نقل من موضوعه , قول القائل: رأيت الأسد , وهو يعني الرجل الشجاع. ا هـ ولعله كان أول من قال ذلك من المتكلمين , واتبعه الباقلاني, وأبو الحسين البصري المعتزلي , وعبد القاهر الجرجاني , وأبو حامد الغزالي , وابن عقيل الحنبلي, والرازي , والسكاكي , وابن الحاجب , والعز بن عبد السلام , والخطيب القزويني , وغيرهم كثير , حتى صار الأسد هو أول ما يذكره المتأخرون في الحقيقة والمجاز , يقولون: هو حقيقة في السبع , مجاز في الرجل , فهو يدل على السبع من غير قرينة , ولا يدل على الرجل إلا بقرينة.
هذا الباطل ... فأين الحق (؟؟)
1 - لفظ أسد ليس في القرآن.
2 - وروى البخاري , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر , وفر من المجزوم كما تفر من الأسد)) , وروى البخاري , أن أسامة بن زيد أرسل إلى علي لما خرج إلي صفين , يقول له: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه , ولكن هذا أمر لم أره ... الحديث , وروى الإمام أحمد , عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن , فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد , فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر , ثم تعلق رجل بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد , فانتدب له رجل بحربةٍ فقتله ... )) الحديث في قضاء على بينهم وإجازة النبي صلى الله عليه وسلم قضاءه , وروى الإمام أحمد حديثاً في نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان , وفيه: حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً , وروى ابن ماجة حديثاً طويلاً في ذكر الدجال , وفيه: الوليدة الأسد فلا
يضرها , والأسد في تلك الأحاديث كلها هو السبع المعروف.
أما الأسد في كلام العرب يراد به الحيوان المعروف =فكثير في كلامهم،ولم نستطع تبين أنهم أرادوا الحيوان المعروف إلا بالقرائن على ما ترى .. وسأضع تحت القرائن الدالة على إرادة الحيوان المعروف خطاً ..
1 - قال تعالى: ((كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة)).
2 - لذاك أهيب عندي إذ أكلمه ... وقيل إنك منسوب ومسؤول
من ضيغم من ضراء الأسد محذرة ... ببطن عثر غيل دونه غيل
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما ... لحم من القوم معفور خراذيل
إذا يساور قرناً لا يحل له ... أن يترك القرن إلا وهو مفلول
منه تظل حمير الوحش ضامزة ... ولا تمشي بواديه لأراجيل
يقول كعب بن زهير: إن رسول اله صلى الله عليه وسلم كان أهيب عنده من ذلك الأسد.
3 - ونَلْبَسُ للْعَدُوِّ جُلودَ أُسْدٍ ... إِذا نَلْقاهُمُ وجُلودَ نُمْرِ
4 - يذل له العزيز وكل ليث ... حديد الناب مسكنه العرين
5 - يمْشُونَ في حلَقِ الحديدِ كمَا مشَتْ ... أسُدُ الغَريفِ بكُلِّ نحْسٍ مُظْلِمِ.
6 - وشبابٌ كأنَّهُمْ أسدُ غيلٍ ... خالَطَتْ فَرْدَ حدِّهِمْ أحلامُ
7 - دربوا كما دربت أسود خفية ... غلب الرقاب من الأسود ضواري
8 - أريحيّاً أمضى على الهولِ منْ ... ليثٍ هموسِ السُّرى أبي أشبالِ
9 - أشدُّ حفيظةً من ليثِ غابٍ ... تخالُ زئيرهُ اللجبَ اللهاما
10 - أجرأُ مِنْ ذي لِبْدَةٍ هَمَّاسِ ... غَضَنْفَرٍ مضَبَّر رهَّاس
مَنَّاعِ أخْيَاس إلى أخْيَاس ... كأنَّمَا عيناهُ في مِراس
شعاعُ مِقْبَاسٍ إلى مِقباس
10 - ولأَنتَ أَشجَعُ حِينَ تتَّجِهُ ال ... أبطالُ مِنْ لَيْثٍ أبي أَجْر
والأسد في تلك الأشعار هو السبع , وقيل في وصفه أشعار أخرى غير ذلك , وكان أبو زيد الطائي يكثر وصفه , وروى الجمحي , عن أبي الغراف , أن أبا زبيد أنشد في مجلس عثمان بن عفان رضي الله عنه قصيدة له ووصف فيها الأسد , فقال له عثمان: تالله تذكر السد ما حييت , والله إني لأحسبك جباناً هداناً , فقال ك كلا يا أمير المؤمنين , ولكني رأيت منه منظراً أو شهدت منه مشهداً لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي , ومعذور أنا يا أمير المؤمنين غير ملوم , فقال عثمان: قطع الله لسانك , فقد رعبت قلوب المسلمين. ا هـ مختصراً , وروى أبو الفرج , عن شعبة , قال: قلت للطرماح بن حكيم: ما شأن أبي زبيد وشأن الأسد؟ فقال: أنه لقيه بالنجف , فلما رآه سلح من
(يُتْبَعُ)
(/)
فرقة , وقال مرة أخرى: فسلخه , فكان بعد ذلك يصفه كما رأيت
وأما الأسد في كلام العرب لا يريدون به الحيوان المعروف =فهو بين ظاهر في كلامهم ولم يُستدل على أنهم لم يريدوا الحيوان المعروف =إلا بالقرائن، كما أنه لم يُستدل على أنهم ارادوا الحيوان المعروف إلا بالقرائن ...
ومن الأمثلة الظاهرة المشهورة لهذا:
1 - وقال أبو بكر الصديق , لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه
2 - وروى الإمام أحمد وغيره من حديث الحسن البصري عن سمرة بن جندب , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم , ثم يكونون أسداً لا يفرون فيقتلون مقاتلكم , ويأكلون فيئكم)) وروى عن الحسن مرسلاً , وهو حديث ضعيف لا يحتج به في الدين , ولا يوثق بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه قد يقبل شاهداً في العربية , فهو يوثق بإسناده إلى الحسن البصري , والحسن كان بعض أئمة العربية يكتب كلامه ويستشهد به , فذلك الحديث ليس حجة في الدين , ولكنه قد يقبل شاهداً في العربية , والأسد في هذين الحديثين هو: الرجل الجريء الذي لا يفر.
3 - قال حسان: قد آن أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه .. ففي ذلك الحديث شبه حسان بن ثابت رضي الله عنه نفسه بالأسد الذي هو السبع , فقال: إلى هذا الأسد الضارب بذنبه , ولولا قوله: الضارب بذنبه , لم يتبين أنه أراد السبع , ولو قال: إلى هذا الأسد , وسكت , لكان يمدح نفسه بأنه أسد من الرجال , ولم يك في كلامه تشبيهاً.
وَلَقدْ خَشِيتُ بِأَنْ أمُوتَ، ولم تَكُنْ ... للحَرْبِ دائرةٌ على ابنَيْ ضَمضَيم
الشّاتِمَيْ عِرْضِي، ولم أشتِمْهُمَا، ... والنّاذِرَيْنِ إذا لم أَلْقَهُما دَمي
أُسْدٌ عَلَيَّ وفي العَدُوّ أَذِلّةٌ ... هذا لَعَمرُكَ فِعْلُ مولى الأَشْأَمِ
وقول الشاعر:
وتقولُ جعثنِ إذ رأتكَ مقنعاً ... قبّحتَ منْ أسدٍ أبي أشبالِ
وقول الشاعر:
إنّي أنا البحرُ غَمراً لستَ جاسرَهُ ... وسَبِّيَ النارَ دونَ البحر تستعِرُ
ما زلتَ تنتجعُ الأصواتَ مُعترضاً ... تروحُ في اللُّومِ مُشتقّاً وتبتكِرُ
حتى استثَرتَ أبا شِبلَينِ ذا لِبَدٍ ... وزُبْرَةٍ لم تُواطي خَلْقَها الزُّبَرُ
وأنا أعدل عن الأمثلة المشهورة التي قد يُمثل بها لهذه القضية إلى مثال دقيق من كلام العرب وهو من أروع الشعر وأدقه وأحلاه وهو قول زهير بن أبي سلمى:
لَعَمْري لَنِعْمَ الحيُّ جَرَّ عَلَيْهِمُ ... بما لا يُؤاتِيهِمْ حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمِ
وكانَ طَوَى كَشحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ... فَلاَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ
وَقَالَ: سَأَقضِي حَاجَتي ثُمَّ أَتَقَّي ... عَدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرائيَ مُلْجَمِ
فَشَدَّ وَلَمْ يَنْظُرْ بُيُوتاً كَثِيرَةًلَدَى ... حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ
لَدَى أَسَدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
جَرِيءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظُلْمِهِ ... سَريعاً وإلاّ يُبْدَ بالظُّلْمِ يَظْلِمِ
وقوله: شاكي السلاح , أي سلاحه شائكة , حديدة ذو شوكة , ومقاذف: مرامي , ويروى: مقذف , وهو الغليظ الكثير اللحم , واللبد: جمع لبدة: وهي زبرة الأسد , وهي شعر متراكب بين كتفي السد إذا أسن: والأظفار: السلاح , يقول: سلاحه تام حديد , وقال الأعلم والخطيب التبريزي: أراد بقوله: لدى أسدٍ , الجيش , وقال الزوزني: البيت كله صفة حصين بن ضمضم , ووافقه البغدادي في موضع من ((خزانة الأدب)) , فقال: وهو الصواب ثم خالفه في موضع آخر ,
فقال: والمراد بالأسد الحارث بن عوف المري , وسواء قاله في حصين أم الحارث أم الجيش كله ,
فالأسد فيه رجل أو رجال.
فالأسد هنا ورغم ذكر اللبد ليس المراد به الحيوان المعروف،وإنما المراد به الجيش الذي سيحاربهم يقوده حصين،أو هو حصين نفسه، وجعل الأسد لفظاً والمثل المراد منه الجيش له نظائر في كلام العرب ذكرها الشراح تحت هذا البيت ....
وقال زهير بن أبي سلمى في قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثه المري:
إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم طوال الرماح لا ضعاف ولا عزل
بخيل عليها جنة عبقرية جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلوا
عليها أسود ضاريات لبوسهم سوابع بيض لا تخرقها النبل
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عنترة بن شداد:
وخيل قد زحفت لها بخيل عليها الأسد تهتصر اهتصارا
وإنما عليها الرجال.
وقال امرؤ القيس:
قولا لدودان عبيد العصى ما غركم بالأسد الباسل
ودودان: قبيلة من بني أسد , أبوها دودان بن أسن بن خزيمة , وكان ابو امرئ القيس إذا غضب على أحد منهم أمر بضربه بالعصا , فسموا عبيد العصا , أي لا ينقادون إلا على الضرب والهوان , وأراد بالأسد الباسل أباه , وقيل: أراد نفسه. ا هـ
وقال سحيم بن وثبل الرياحي في قصيدة يفخر فيها بنفسه:
وهمام متى أحلل إليه يحل الليث في عيص أمين
ألف الجانبين به أسود منطلقة بأصلاب الجفون
وهمام هو عمه , والعيص: الشجر الكثيف الملتف , والجفون: جمع جفنٍ , وهو قراب السيف , ولعله أراد بأصلاب الجفون سيورها , وإنما ألف به رجال.
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في قصيدة , قيل: إنه قال أولها في الجاهلية , ثم وصلها بعد في الإسلام , يصف الخمر:
ونشربها فتتركنا ملوكا وأسداًما ينهنهنا اللقاء
وقالعروة بن أذينة الكناني:
لنا عز بكرٍ وأيامها ونصر قريش وأنصارها
وما عز من حان في حربهم بضغم الأسود وتهصارها
وقال عمر بن لجأ في قصيدة يرد بها على جرير:
ومجال معركة غنمنا مجدها لقي الأسود بها الغضاب أسوداً
وإنما لقي بها الرجال رجالاً.
وقال:
وأهون من عضب اللسان بنت له أسود وسادات بناء مشيداً
وإنما بنت الرجال.
وقال عبد الله بن أبي تغلب الهذلي , في قصيدة يرثى بها من أصيب بالطاعون من هذيل بمصر والشام:
فجعلنا بهم وبأمثالهم من أهل الغناء فأمسوا رماما
جماجم كانوا من أهل الحميم وفي البأس كانوا أسوداً جماما
وقال الفرزدق يهجو جريراً:
ود جرير اللؤم كان عانياً ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وإنما أراد بالأسود نفسه وقومه
وقال جرير في قصيدة يهجو بها الفرزدق:
نحن الملوك إذا أتوا في دارهم وإذا لقيت بنا رأيت بنا رأيت أسوداً
وقال في قصيدة يهجو بها عمر بن لجأ:
قد جربت عركي في كل معترك غلب الأسود فما بال الضغابيس
وإنما عاركته الرجال.
وقال جميل بثينة:
وكانت تحيد الأسد عني مخافتي فهل يقتلني ذو رعاثٍ مطرف
و ذو رعاثٍ: ذو قرط , ومطرف: مخضب اليدين والأصابع: وهو يريد بثينة , يقول: كانت تحيد عنه الأسد من مخافته , فهل يقتلنه حب بثينة , وإنما تحيد عنه أسد الرجال , والأسد في تلك الأشعار كلها هو الرجل الجريء الذي لا يفر.
وقال الفرزدق في قصيدته التي مدح بها زين العابدين بن الحسين بن علي:
مشتقة من رسول الله نبعته طابت عناصره والخيم والشيم
سهل الخليفة لا تخشى بوادره يزينه خلتان الخلق والكرم
من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء ومختوم به الكلم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ويسترب به الغحسان والنعم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير خلق الله قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا أزمة أزمت والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا يقبض العسر بسطاً من أكفهم سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
فشبه آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالغيوث في الأزمة , وبأسد الشرى في البأس , والشرى موضع تنسب إليه الأسد واكتفى به , لكان يمدحهم بأنهم أسد من الرجال , ولم يكن في كلامه تشبيهاً , فلما قال: والأسد أسد الشرى , بين بقوله أسد الشرى أي أسدٍ أراد. وأنه أراد التشبيه
وقال طرفة بن العبد:
وتشكي النفس ما أصاب بها فاصبري إنك من قومٍ صبر
إن تصادف منفساً لا تلفنا فرح الخير ولا نكبوا لضر
أسد غاب فإذا ما فزعوا غير انكاسٍ ولا هوج هذر
ويروي: أسد غيلٍ , وهو الشجر الملتف , والغاب والغيل هي مأوى الأسد , قال الأعلم: آسد ما يكون الأسد عندها , لأنه يحميها ويحمي أشباله ا هـ
فشبه حسان بن ثابت رضي الله عنه:
فطاروا شلالاً وقد أفزعوا وطرنا إليهم كأسد الأجم
والأجم: كذلك الشجر الكثيف الملتف.
وقال يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:
كأنهم في الوغى والموت مكتنع أسد ببيشة في أرساغها فدع
وبيشة: موضع تنسب إليه الأسد , فشبههم بالأسد التي تكون بذلك الموضع , وفي أرساغها فدع: فيها إعوجاج إلى ناحيةٍ , والأرساغ: جمع رسغ , والموت مكتنع قريب دانٍ.
وقال عروة بن أذينة الكناني:
صناديد غلب كأسد الغريف خضماً وهضماَ وضغماَ ضباثاَ
(يُتْبَعُ)
(/)
والغريف: الشجر الكثير الملتف
وقال الأحوص في قصيدة يمدح بها عمربن عبد العزيز رحمه الله.
حتى كأنك يتقى بك دوانهم من أسد بيشة خادر متبسل
وقال أنيف بن حكيم الطائي:
دعوا لنزار وانتمينا لطيءٍ كأسد الشرى إقدامها ونزالها
وقال كثير في قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان:
كأنهم آساد حلية أصبحت خوادر تحمى الخيل ممن دنا لها
وحلية مأسدة بناحية اليمن و والمأسدة: الأرض كثيرة الأسد.
وقال امرؤ القيس بن عمرو السكوني:
كأني غداة الروع من أسد زارة أبو أشبل عبل الذراع مجرب
وقال:
فلاقوا مصاعاً من أناسٍ كأنهم أسود العرين صادقاً لا يكذب
وزارة: موضع , والعرين: مأوى السد الذي يألفه.
وقال الأشهب بن رميلة:
أسود شرى لاقت أسود خفية تساقوا على لوحٍ دماء الأساود
وقال آخر:
أسود شرى لاقت أسود خفيةٍ تساقين سما كلهن خوادر
وقال آخر:
ونحن قتلنا الأسد أسد خفية فما شربوا بعداً على لذة خمراً
والخفية: غيضة ملتفة يتخذها الأسد عريناً , وهي: خفية الأسد.
وقال البريق بن عياضٍ الهذلي في قصيدة يرثى بها أخاه:
فما إن شابك من أسد ترج أبو شبلين قد منع الخدارا
بأجرأ جرأة منه وأدهى إذا ما كارب الموت استدارا
وشابك: قد اشتبكت أنيابه واختلفت , وترج: موضع باليمين قبل تبالة , وهي: بلدة خصبة.
وفي تلك الشعار كفاية , والتشبيه بالأسد الذي هو السبع , والتفضيل عليه في الجرأة والإقدام كثير من أشعار العرب , وفي تلك الأشعار كلها ذكر لفظ الأسد متبوعاً بما يدل على أنه السبع:
يقولون: أسد الشرى , وأسد غابٍ , وأسد غيل , وأسد خفيةٍ , وأسد بيشة , وأسد الأجم , وأسد ترج , وأسد الغريف , وأسد حلية , وأسد العرين , وأسد زارةٍ , وأسد أبو أشبال , وأبو شبلين , وما يشبه ذلك ويقاربه , وأكثر ما ينسبون إليه تلك الأسود: هو مواضعها التي تسكنها , ولم أجد شعراً عربياً يوثق به ذكر فيه لفظ الأسد إلا وفي الكلام ما يدل على ما أريد به , هل أريد به السبع أم أريد به الرجل الجريء الذي لا يفر , وذلك يدل على أن الأسد بلسان العرب ليس خاصاً بذلك السبع , ولو كان خاصاً به لم يحتج إلى أن يذكر معه ما يبين أي أسدٍ أريد به.
وقال قيس بن عيزارة أخو بني صاهلة في قصيدة يرثي بها أخاه الحارث بن خويلد:
وإذا جبان صدق روعة حبض القسي وضربة أخدود
ألفيته يحمي المضاف كأنه صبحاء تحمي شبلها وتحيد
صبحاء ملحمة جريمة واحدٍ أسدت ونازعها اللحام أسود
وحبض القسي: وقع الوتر , وضربة أخدود: كأنها شق في الأرض , والمضاف: الضعيف , وصبحاء: لبؤة لونها يضرب إلى البياض والحمرة , وتحيد: تروغ , وملحمة: تطعم ولدها اللحم , وجريمة واحدٍ: كباسة واحدٍ , كأنه يقول: ليس لها غير ذلك الشبل الواحد , وأسدت: كبلت وصارت أسداً , فهو يقول: إذا فزع الجبان وفر من وقع الرمي والضرب , وجدت أخاه الحارث بن خويلد يحمي الضعيف كأنه لبؤة صبحاء ليس لها إلا شبل واحد تحميه وتطعمه اللحم , فهي كلبة أسدة تنازع الأسود اللحم حتى تطعمه شبلها.
ويورى من شعر مغلس بن لقيط:
إذا رأيا لي غفلةً أسداً لها أعادي والأعداء كلبى كلابها
وقالت ليلي الأخيلية في قصيدة ترثي بها توبة بن الحمير الخفاجي:
طوت نفعها عنا كلاب وآسدت بنا أجهليها بين غاوٍ وشاعر
وقال عبيد بن الأبرص يصف ظبياً:
مرابضه القيعان فرداً كأنه إذا ما تماشيه الظباء تطيح
فهاج به حي غداة فآسدوا كلاباً فكل الضاريات شحيح
ويروى:
فهاج له حي غداة فأوسدوا كلاباً فكل الضاريات يسيح
وقال أبو زيد في ((نوادره)): يقال أغريت فلاناً بصاحبه إغراء , وآسدت بينهما إيساداً , إذا حملت كل واحدٍ منهما على صاحبه حتى غري به أي لزق به غرىً شديداً. ا هـ , وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)): يقال: آسدت بين القوم , وآسدت بين الناس , وآسدت بين الكلاب , إذا هارشت بينها , وقال أبو عبيد , آسدت الكلب إيساداً: إذا هيجته وأغريته وأشليته ودعوته , وقال رؤبة: ترمي بنا خندف يوم الإيساد. ا هـ , وقال الجوهري: وآسدت الكلب وأوسدته: أغريته بالصيد , والواو منقلبة عن الألف. ا هـ
وقال زهير بن مسعود يصف ثوراُ وحشياً طاردته كلاب صيدٍ:
فنال شيئاً ثم هاجت به مؤسدة فيهن تدريب
وقال الأزهري: والمؤسد: الكلاب الذي يشلي كلبه , يدعوه ويغريه بالصيد. ا هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال مهلهل بن ربيعة:
إني وجدت زهيراً في مآثرهم شبه الليوث إذا استأسدتهم أسدوا
يقول: إذا أغريتهم وهيجتهم كانوا أسداً , وقال الصنعاني:: استؤسد: هيج , وقال الأزهري: قال الليث: واستأسد فلان: أي صار في جرأته كالأسد. ا هـ , وكذلك قال أبو عبيد في ((غريب الحديث)) , يقال: قد أسد الرجل واستأسد بمعنى واحد. ا هـ ولا شاهد على ذلك من كلام العرب , وقول مهلهل بن ربيعة: وإذا استأسدتهم أسدوا , يدل على خطئه , والصواب: استأسد: هيج وأغرى , واستؤسد: هيج واغرى.
وقال عامر الخصفي المحاربي في قصيدة يرد بها على الحصين بن الحمام المري:
وكنا نجوما كلما انقض كوكب بدا زاهر منهن ليس بأقتما
بدا زاهر منهن تأوي نجومه إليه إذا مستأسد الشر أظلما
ومستأسد الشر: الذي يغري به ويهيجه , وهو يعني به في ذلك البيت الليل.
وقال أبو النجم يصف نباتاً:
حتى تحنى وهو لما يذبلِ
مستأسداً ذبانه في غيطلِ
يقول للرابدِ أعشبت انزلِ
ويروى: مستأسد بالرفع , وذبانه: ذبابه , وعيطل: غيضة , وهو الشجر الملتف , وقال الأزهري: قال أبو عبيد عن الأصمعي: إذا بلغ النبات والتف , قيل: قد استأسد , وأشد قول أبي النجم.
ا هـ وقد استأسد: قد أغرى وهيج , وهو في قول أبي النجم: مستأسد ذبانه , يقول: إن ذلك
النبات لما طال وانحنى ولما يذبل بعد أغرى الذباب وهيجه فلزق الذباب به وكثر عليه , وقال أبو العباس ثعلب في ((مجالسه)): استأسد الأسل , إذا ارتفع , وكل شيء استأسد فهو مرتفع , وأنشد قول أبي النجم (). ا هـ , والأسل: عيدان تنبت طوالاً دقاقاً , وليس في قولِ أبي النجم ولا غيره شاهداً على أن كل شيءٍ استأسد فهو مرتفع , ولكن استأسد: أغرى وهيج.
وقال الأخطل:
بمستأسدٍ يجري الندي في رياضةِ سقته أهاضيب الصبا فمديمها
قال السكري: المستأسد: الملتف من الكلأ المكتهل ا هـ , والكتهل: الذي تم طوله.
وقال ذو الرمة:
فاكتهل النور بها واستأسدا ولو نأى ساكنها فأبعدا
فاستأسد النبات: أغرى , وإنما يكون ذلك إذا تم واكتهل ولما يذبل بعد.
وقال ابن الأثير في ((غريب الحديث)): ومنه حديث لقمان بن عاد: خذ مني أخي ذا الأسد , والأسد مصدر أسد يأسد أسداً , أي: ذو القوة الأسدية.ا هـ , ونقله ابن منظور في ((لسان العرب)) , وذلك الحديث لم أجده بعد مسنداً , وكثير مما يستشهد به أصحاب الغريب ليس محفوظاً عند المحدثين , وفي ((لسان العرب)): وأسد آسد على المبالغة , وأسد بين الأسد نادر , ونسب بعض ذلك إلى ابن الأعرابي.
فالعرب يقولون: أسداً للرجل الجريء الذي لا يفر , ويقولون: أسداً للسبع المعروف , وما قبله وبعده من الكلام يبين أي أسدٍ أرادوا به , وأكثر ما ينسبون إليه األسد من السباع هي مواطنها التي تسكنها , وقد سمى العرب أبنائهم أسداً , وأسيداً , وأسيداً , وأسيداً , ومن قبائلهم أسد , وهم بنو أسد بن خزيمة , وحمزة بن عبد المطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أسد الله , ويقولون: أسد الرجل , وأسدت اللبؤة , وأسد الكلب , إذا أقدم وجرئ وكلب فصار أسداً , ويقولون: آسد بين الناس إيساداً , أغرى بينهم , وأسد وآسد وأوسد الكلب: أغراه بالصيد وهيجه وأشلاه , والواو في أوسد منقلبة عن الألف الثانية في آسد , وهو من اختلاف ألسنة العرب في نطق الهمزتين المتتاليتين في أول اللفظة , ويقولون: كلاب مؤسدة: آسدها المؤسد , ويقولون: استأسد القوم: أغراهم وهيجهم وأغضبهم , واستؤسد: هيج , وقالوا ليل مستأسد الشر , وقالوا للنبات إذا تم واكتمل فأغرى: مستأسد , واستأسد.
ولا حجة على أن العرب كانوا أولاً يقولون الأسد لذلك الأسد من السباع خاصة , ثم نقلوه بعد ذلك للرجل , واشتقوا من أسد وآسد وغيرها , ولسان العرب القديم الأول لم يحفظ لنا , ولا انزل الله كتابه به , ولا ندري أي شيء كان السد بذلك السان الأول , والذي حفظ لنا , وأنزل الله كتابه به , هو لسان العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم منهم , و أولئكم كانوا يقولون الأسد: للرجل والسبع , فقولهم: إنه وضع أولاً للسبع ثم نقل للرجل , هو زعم باطل , لا حجة له.
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 05:45]ـ
يا أستاذنا:
أين المسائل (15) و (16)؟!!
- بارك الله فيكم -
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[18 - Oct-2008, مساء 11:54]ـ
بارك الله في اليراع وصاحبه.
كأن هذا الموضوع هو جواب سؤالي هذا؟
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=133056&postcount=26
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[26 - Oct-2008, مساء 11:45]ـ
هو كذلك يا سيدنا
ـ[أبو شيماء الطالب]ــــــــ[27 - Oct-2008, صباحاً 06:01]ـ
ولا حجة على أن العرب كانوا أولاً يقولون الأسد لذلك الأسد من السباع خاصة , ثم نقلوه بعد ذلك للرجل , واشتقوا من أسد وآسد وغيرها , ولسان العرب القديم الأول لم يحفظ لنا , ولا انزل الله كتابه به , ولا ندري أي شيء كان السد بذلك السان الأول , والذي حفظ لنا , وأنزل الله كتابه به , هو لسان العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم منهم , و أولئكم كانوا يقولون الأسد: للرجل والسبع , فقولهم: إنه وضع أولاً للسبع ثم نقل للرجل , هو زعم باطل , لا حجة له.
أحسن الله إليك.
ولا حجة على أن العرب كانوا أولاً يقولون: العزال والظبية لتلك الحيوانات ثم نقلوها للمرأة الجميلة.
فقولهم: إنه وضع أولاً للحيوان ثم نقل للعذراء الجميلة , هو زعم باطل , لا حجة له!
ولا حجة على أن العرب كانوا أولاً يقولون: الثعلب لذلك الحيوان ثم نقلوه للماكر الخادع.
فقولهم: إنه وضع أولاً للحيوان ثم نقل للماكر الخادع , هو زعم باطل , لا حجة له!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - Jul-2009, مساء 11:28]ـ
للفائدة ..
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[21 - Jul-2009, صباحاً 09:47]ـ
يا أبا فهر اين المسائل 15 - 16؟
واقول لك بارك الله فيك وجزاك ألف خير: ما أذكر أنني قرأت لك يوما ولم أخرج بفائدة!
وإنما هذا من باب الإعتراف بالفضل والجميل ...
وأقترح عليك أن تجمع روابط كل ما كتبته عن المجاز في صفحة واحدة ,ليسهل الرجوع إليها , وأن تصنع مثل ذلك مع سلسلتك حول الجنايات على المنهج والعلم ..
وبارك الله فيك شيخنا الفاضل.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - Jul-2009, مساء 01:13]ـ
وفيك بارك الله وجزاك الله خيراً ..(/)
ثبوت هلال رمضان وشوال وذي الحجة ... حقيقة المطالع ... اختلاف الأمة ...
ـ[التبريزي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 03:25]ـ
1 من 3
حديث القمر:
إلى السماء ...
انظروا في ملكوت الله وعجائب صنعه وبديع نظامه ...
إلى الشفق البعيد في آخر يوم ....
بل آخر أيام من شعبان ...
انظروا لعلكم ترون هلال شهر رمضان ...
خاطبوا القمر في عليائه ...
عاتبوه وقولوا له:
لماذا صار قدومك محزنا لأفئدة ضناها فرقة المسلمين؟
لماذا صار قدومك علامة شقاق وخلاف وتفرقة بين أبناء الأمة الواحدة؟
فبالأمس بسببك صام مسلمون ...
وآخرون لم يصوموا إلا اليوم ...
والبقية سيبدأون صيامهم غدا!!
ولكن:
القمر له حديث آخر ..
سيدمغكم بالحجة ويقول:
أما علمتم أني خلق من خلق الله؟
أجري بحساب دقيق إلى أجل مسمى ...
شرفني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "هلال خير ورشد" ...
"اللهم أهله علينا باليمن والايمان والسلامة والاسلام , ربنا وربك الله" ...
ما شأني بخلافاتكم وتحزباتكم؟
فما أنا إلا آية من آيات الله ...
وإلى الله أبرأ من تفرقكم أيها المسلمون ...
*********************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
قبل البدأ:
سألت أحد المشائخ الكبار عن طريقة اثبات دخول هلال شهر رمضان وذي الحجة، وكان رده أن الطريقة بالعين المجردة، وأن لكل بلد مطلع خاص، ولا يجوز استخدام المنظار الفلكي، ولا يُعتد بالحساب الفلكي ...
سألته:
=هل الرؤية عن طريق المنظار للهلال يغير من حقيقة الموضوع شيئا؟
=هل تغير الرؤية عبر المنظار من ولادة القمر أو عدم ولادته؟؟!!
=لماذا تجيزون استخدام المايكروفون (مكبر الصوت)، ولا تجيزون استخدام التلسكوب (مكبر الصورة)؟؟!!
=هل تظن ان القمر اذا ولد في اندونيسيا بالمشرق لا تستمر ولادته اذا وصل القمر جزيرة العرب؟؟!!
=لو كانت الأردن وسورية مثلا دولة واحدة وتحت سلطان واحد، هل كانوا سيصومون اهل دمشق ويفطرون اهل عمان بناءا على اجتهاد كل من البلدين، أم أنهما سيصومان ويفطران سويا؟
=هل الحديث الشريف (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ..... ) موجه لكل اقليم على حده؟؟ ام ان المعنى والتوجيه اعم واشمل؟؟؟
=هل من المؤكد ان لكل بلد مطلع خاص؟؟، واذا كان لكل بلد مطلع خاص فما هو التقسيم الجغرافي لهذه المطالع؟؟؟
=واذا كان هناك فعلا مطالع مختلفة (!!)،، فهل البلد الواحد يقع في مطالع متعدده؟؟ وبالتالي لماذا يصومون في يوم واحد!! وكأن تقسيم المطالع اصبح حسب تقسيم البلاد من حيث الجغرافيا السياسية لا الطبيعية؟؟؟؟
كان فضيلته متكئا، لكنه اعتدل في جلسته قائلا:
أعد علي ما قلت .. ان لديك نقاط منطقية وجديرة بالدراسة اسمع بها لأول مرة!!
والموضوع نفسته ناقشته مع الشيخ عبدالله بن منيع فقال: " موضوع الرؤية يحتاج إلى إعادة نظر ونقاطك وجيهة وعلم الفلك من المعجزات والإستعانة بالمناظير لها وجه ... الموضوع يحتاج الى إعادة نظر ... ) ..
********************
عادة سنوية للخلاف:
ويعود الحديث مجددا عن هلال شهر رمضان وشوال وذي الحجة ... كعادة المسلمين كل سنة، كل ينفي أو يثبت دخول الشهر حسب أدلته وبراهينه، بل وحسب ما تقرره جهة الأختصاص في كل قطر، آخذين في الحسبان في بعض الدول وضع العلاقات الدولية، والمستجدات الآنية، فقد تصوم دولة مع دولة مجاورة أو غير مجاورة لعلاقة حسنة استجدت بين حكومة البلدين، وقد تخالف دويلة صغيرة جارتها الصغيرة بسبب خلاف حدودي أو خلاف مصلحي بين القطرين **** ...
*******************
اقحام القمر في الخلاف:
هذا القمر العجيب آية من آيات الله الكونية، اقحمه المسلمون في خلافاتهم المصطنعة، فمن مدع أن ولادته قد رؤيت في قطر معين، بينما يرى قطر آخر (وربما في القطر نفسه) أن القمر لم ير، فنسمع إعلان حلول شهر رمضان أو عيد الفطر تبعا للطريقة المتبعة في هذا البلد، بينما جارتها قد ارجأت الصوم الى غد لعدم ثبوته شرعا،، بينما دولة أخرى قد استفتحوا صيامهم بالأمس لأن شعبان ومن قبله رجب لم يكملا عدة الثلاثين،، وهكذا كل يدعي رؤية الهلال بناءا على المطالع الجغرافية لبلده وكأن الهلال يتشكل حسب رغبة الساسة والشعوب ....
*******************
تخيلوا عمق المأساة:
(يُتْبَعُ)
(/)
حدث في العام (1421هـ) أن اختلف المسلمون حول بدء صوم رمضان، فذهب فريق إلى اعتماد أقوال الفلكيين، وذهب فريق آخر إلى الأخذ برؤية البلدان الأخرى، وذهب فريق ثالث إلى التشكيك في رؤية بعض البلدان وذهب فريق رابع إلى الأخذ بالرؤية في داخل البلاد وعدم الاعتداد بما عداها.
ومن جَرَّاء هذا الاختلاف اختلف صوم المسلمين، فمنهم من صام:
1 - يوم الأحد
2 - ومنهم من صام يوم الإثنين
3 - ومنهم من صام يوم الثلاثاء.
فكان الذين صاموا يوم الأحد من الذين وصلتهم الأنباء بثبوت الرؤية في الصين وهونج كونج وليبيا وجزيرة فيجي في الباسيفيك ..
والذين صاموا يوم الإثنين لم يعتدوا برؤية من رآها في البلدان من المتقدمة وصام تبعا لرؤية غالبية الدول العربية والإسلامية وهو يوم الإثنين،
أما الفريق الثالث فهو الآخذ بالرؤية المحلية.
ومما زاد الأمر سوءا أن الاختلاف في عيد الفطر كان أشد مما كان عليه في بدء صوم رمضان، فقد كان عيد الفطر في العالم على أربعة أيام متوالية.
1 - يوم الإثنين .... وذلك في بعض الأنحاء في نيجيريا.
2 - يوم الثلاثاء .... وذلك في بعض الأنحاء في الصين وتايلند وفي ليبيا.
3 - يوم الأربعاء .... وذلك في معظم دول العالم العربي والإسلامي وليس في كل الدول كما يزعم البعض.
4 - يوم الخميس .... وذلك في موريشيوس وبروناي والهند وباكستان وبنجلاديش
وفي مقابلة أجرتها الجزيرة مع الفلكي الأردني محمد شوكت في برنامج (بلا حدود)، ذكر أن نسبة الخطأ في إعلان ثبوت الرؤية في الدول العربية بلغت حدا لا يمكن القبول به لا شرعا ولا عرفا، ومما ورد:
(هذه الدراسة مهمة أعدّها الفلكي، الباحث الفلكي عدنان قاضي. أي جميل أنه هو فلكي سعودي وقام بتقييم نسب الخطأ، يعني اللي استطاع الحصول عليه، رمضان فقط. نجد أنه من أصل 46 حالة هناك 29 حالة أعلنت السعودية ثبوت رؤية الهلال ولم يكن القمر أصلاً موجود في السماء، يعني نحن نتحدث عن 63 بالمائة حالات مستحيلة، لم يكن أصلاً القمر موجود، و11 حالة من أصل 46، يعني ما يمثّل 24 بالمائة كان القمر موجود ولكنه لا يُرى حتى باستخدام التليسكوبات، ولم يتبقَ إلا ست حالات فقط كان بالفعل يمكن رؤية الهلال في ذلك الوقت .. )
http://www.aljazeera.net/channel/archive/archive?ArchiveId=1087252
ـ[التبريزي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 03:35]ـ
2 من 3
مالذي سيحدث لو كانت دويلات العرب تحت سلطان واحد؟:
قبل سنين، ولد الهلال على أهل الأرض ولم يُرَ في بعض البلدان لأسباب مناخية، فصامت بعض البلدان وبقيت قليل منها لم تصم لأنهم لم يروه ولم يثقوا فيمن رأوه، فالمعتمد انتظار شاهد عيان متطوع من نفس البلد فيشهد بدخول الهلال، فإذا لم يحضر أحد فعندئذ لايجوز الصوم حتى لو رؤي في اصقاع الدنيا كلها بالعين المجردة وبالمناظير العادية أو الألكترونية، فصامت على الحدود مدن، وأفطرت مدن، أخرى والمسافة بين هذه المدن الحدودية كيلومترات معدودة .. أي أنهم جيران ينظر بعضهم الى بعض، مسلم صائم، وآخر مفطر ....
قولوا لي بربكم:
ماذا كان سيحدث لو أن مصر والسودان تحت سلطان واحد، ودولة واحدة، هل كان كل اقليم سيتحقق من رؤية الهلال بناءا على المطالع الجغرافية، فيصوم كل حسب رؤيته، أم أنهما سيصومان سوية، ويفطران سوية؟
******************
هل نظرية المطالع الجغرافية حقيقية؟:
(صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ..... ) حديث شريف ومعناه واضح لا غموض فيه، فالصوم يكون بناءا على الرؤية لا على الحسابات الفلكية، وهذا أمر محسوم، ولكن لماذا يكون موضوع رؤية الهلال مجال جدل واسع في كل عام؟؟؟!!!
اناس يرون ضرورة توحيد بداية الصوم في العالم كله وتوحيد يوم عيد الفطر،، بينما يعارض هؤلاء آخرون ويرون ان لكل بلد مطلع خاص،، فقد يرى الهلال في بلد ولا يرى في بلد آخر،، وتتنوع الأسئلة وتتعدد الأجوبة ويصيبك ضيق وأحباط من بعض الردود،، وهنا اضع جملة من الأسئلة:
1: هل الحديث الشريف موجه لكل اقليم على حده؟؟ ام ان المعنى والتوجيه اعم واشمل؟؟؟
2: هل من المؤكد ان لكل بلد مطلع خاص؟؟، واذا كان لكل بلد مطلع خاص فما هو التقسيم الجغرافي لهذه المطالع؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
3: واذا كان هناك فعلا مطالع مختلفة،، فهل البلد الواحد يقع في مطالع متعدده؟؟ وبالتالي لماذا يصومون في يوم واحد!! وكأن تقسيم المطالع اصبح حسب تقسيم البلاد من حيث الجغرافيا السياسية لا الطبيعية؟؟؟؟
4: وقبل هذا وذاك نريد تعريفا دقيقا للمطلع، ما حقيقته علميا؟ ...
ناقشت بعض المهتمين حول هذا الموضوع، ووجدت أن البعض يشترط للإثبات تحقق الرؤية بالعين المجردة فقط!، فقلت له:
وهل لو تمت الرؤية بالمنظار، هل سيغير المنظار في الشهر ويعيده من حالة الولادة الى حالته السابقة؟
أليس هذا الفكر متأثرا بالفكر الظاهري الجامد على النص؟
ان الخوض في مثل هذه الأسئلة والأجوبة في نظري تعتمد على السؤال التالي:
هل يولد الشهر في بلد ما ولا يولد في بلد آخر؟؟؟ بمعنى: هل يرى الهلال مولودا في تركيا مثلا ولا يرى في مصر وهما على خط طول واحد؟ وهل يرى في شرق السودان ولا يرى في غربها؟؟ أم أن الهلال إذا ولد في أقصى الشرق من الكرة الأرضية تستمر ولادته حتى يصل اقصى الغرب؟؟؟
هذا السؤال يجيب عليه فقط علماء الفلك المسلمون،، فإذا كان جوابهم ان الولادة واحدة فما المانع ان يوجد لجنة اسلامية مستقلة لتقصي رؤية الهلال في عدة بلدان، ومن ثم توحيد بداية الصيام ونهايته؟!
وإذا كان الجواب أن المطالع تختلف فكذلك يقتضي أن يحدد علماء الفلك هذه المطالع الجغرافية إن كانت حقيقية، (هي حقيقية بالنسبة لأوقات الصلاة)، ويخبروننا هل تعددها يسبب تتغييرا في الرؤية؟ أم أن ولادة القمر واحدة من المشرق ألى المغرب؟ وما المانع ان يتولى الفلكيون مراقبة القمر بمناظرهم ومعداتهم؟ اليس هذا أجدى من الإعلان للناس أن يتحروا الشهر حسب تحمس البعض واجتهاداتهم فقد يصيبوا وقد يخطئوا؟!
إن اختلاف المطالع حقيقة إذا كان يقصد بها مدى وضوح الرؤية من قطر إلى قطر، فوضوح الرؤية تتحقق أكثر كلما اتجهنا غربا، فإذا ولد الهلال شرقا كانت رؤيته غربا محققة وتزداد وضوحا، لكن أن يُرى الهلال في باكستان ولا يُرى في مصر مثلا فالقول باختلاف المطالع ليس هنا حقيقة لاستحالة ولادته شرقا ثم لا يُرى غربا ...
رؤية الهلال علميا:
يقول الفلكي محمد شوكت: (الإقتران أو المحاق أو تولّد الهلال لحظة عالمية واحدة، تحدث في لحظة واحدة ولكن تختلف المواقيت في كل دولة، ولا بد من توفر شرطين أساسيين تستحيل رؤية الهلال بغياب أحدهما:
أولاً: أن يكون القمر قد وصل مرحلة المحاق (الاقتران) قبل غروب الشمس؛ لأننا نبحث عن الهلال، و هو -أي الهلال- مرحلة تلي المحاق، فإن لم يكن القمر قد وصل مرحلة المحاق فلا جدوى إذن من البحث عن الهلال.
ثانياً: أن يغرب القمر بعد غروب الشمس؛ لأن تحري الهلال يبدأ فور بداية اليوم الهجري الجديد عند غروب الشمس، فإذا كان القمر سيغيب أصلاً قبل غروب الشمس أو معها؛ فهذا يعني أنه لا يوجد هلال في السماء نبحث عنه بعد الغروب.
فإذا لم يتوفر أحد الشرطين السابقين؛ فإن إمكانية رؤية الهلال تسمى "مستحيلة". ولكن حدوث الاقتران قبل غروب الشمس وغروب القمر بعد غروب الشمس غير كافٍ حتى تصبح رؤية الهلال ممكنة؛ فهل يمكن رؤية الهلال إذا غرب بعد دقائق معدودة من غروب الشمس مثلا؟ بالطبع لا، وذلك لأسباب عدة، منها:
أولاً: غروب القمر بعد فترة وجيزة جدا من غروب الشمس يعني أنه ما زال قريباً من قرص الشمس، وأن طور المحاق (الاقتران) قد حدث قبل فترة قصيرة من غروب الشمس؛ فعند الغروب لم يكن القمر قد ابتعد ظاهريا في السماء مسافة كافية عن الشمس حتى تبدأ حافته بعكس ضوء الشمس ليرى على شكل الهلال.
ثانياً: إذا نظرنا إلى جهة الغرب لحظة الغروب فسنلاحظ الوهج الشديد للغسق قرب المنطقة التي غربت عندها الشمس؛ فإذا ما وقع القمر في تلك المنطقة فإن إضاءة الغسق الشديدة ستحجب إضاءة الهلال النحيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: إن وقوع قرص القمر قرب قرص الشمس وقت الغروب يعني أن القمر قريب جدًّا من الأفق وقت رصده، ووقوع القمر قرب الأفق سيؤدي إلى خفوت إضاءته بشكل كبير جدًّا؛ فنحن لا نستطيع النظر إلى الشمس وقت الظهيرة، في حين أنه يمكن النظر إليها وقت الغروب بارتياح أحياناً؛ وذلك لأن أشعة الشمس وقت الغروب تسير مسافة أكبر في الغلاف الجوي؛ مما يؤدي إلى توهين وتشتّت أشعتها، ولا يصلنا منها إلا القليل. وهذا ما يحدث للهلال أيضاً فالغلاف الجوي عند الأفق كفيلٌ بأن يشتت جميع إضاءة الهلال فلا نعود نراه.
نستنتج مما سبق أن قرص القمر يجب أن يكون على ارتفاع مناسب عن الأفق الغربي، وأن يبتعد مسافة كافية عن قرص الشمس حتى تزداد نسبة إضاءته، ولكي يبتعد عن وهج الشمس وبالتالي يزداد سطوعه.
وإذا حدث الاقتران قبل غروب الشمس وغرب القمر بعد غروب الشمس، ولكنه لا يمكن رؤية الهلال لأحد الأسباب الثلاثة سالفة الذكر؛ فإن رؤية الهلال تسمى "غير ممكنة" .. )
ـ[التبريزي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 03:44]ـ
3 من 3
كيف يثبت دخول رمضان وشوال وذي الحجة:
1: اثبات رمضان ملزم شرعا بالرؤية الحسية للهلال، وعلق وجوب الصوم على تحقق الرؤية البصرية بعد غروب الشمس في آخر يوم من شهر شعبان، قال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فأن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) وهذا الخطاب لعموم المسلمين وليس مقيدا على كل قطر بعينه.
2: الحساب الفلكي حساب دقيق جدا، وهو معجزة من المعجزات في هذا الكون الشاسع الذي يشهد لخالقه سبحانه وتعالى بالتوحيد، ورغم انه لا يعتد به في اثبات دخول رمضان او ذي الحجة إلا أنه يجب الإستعانة به والإستئناس به للمساعدة في رؤية الهلال رؤية حسية بصرية.
3: الإستعانة بالمناظير الفلكية نعمة يجب استغلالها للتأكد من الرؤية، وللمتشددين المشترطين نقول: إن الرؤية من خلال المناظير لا تغير من حقيقة القمر شيئا، ولكم بعد رؤية الهلال من خلالها التأكد من ذلك بالعين المجردة، والإختلاف في هذا الموضوع يعتبر اختلافا بسيطا لاجوهريا.
4: إختلاف المطالع على الكرة الأرضية بحسب خطوط الطول والعرض الجغرافية لها أثرها في مواقيت الإمساك والإفطار وكذلك مواقيت الصلاة، ولكن على مستوى إثبات الأهلة ليس له ذلك الأثر، ومن هنا اختار كثير من أئمة الفقه في المذاهب الأربعة عدم التعويل على اختلاف المطالع في إثبات الهلال، وهو رأي قوي ونظر سديد، والحديث السابق خطاب للأمة الإسلامية الواحدة من المشرق الى المغرب فيكفي لإيجاب الصوم على أهل بلد أن تثبت رؤيته في بلد آخر، لأن الحديث الشريف لم يذكر فاعل المصدر الذي هو "رؤية"، بل اتى بهذا المصدر على طريقة الفعل المبني للمجهول، فكأنه يقول: (صوموا إذا رئي الهلال، أو: إذا تحققت رؤية الهلال).
5: الكرة الأرضية دائما نصفها ليل والنصف الآخر نهار، والقمر يولد ويشاهد بعد غروب اليوم التاسع والعشرين (اذا نقصت عدته) من شهر شعبان فوق بلد معين قد يكون في الشرق أو في الوسط أو في الغرب، وعلى هذا فيه تفصيل:
... البلد الذي يرى فيه الهلال يجب على أهله الصوم وعلى كل البلاد الواقعة غربه، إذ لا فرق بين قطر وقطر، فيما يرجع إلى ثبوت الهلال، كما أنه لا فرق بين بلد وبلد داخل القطر الواحد، ولا ينظر الى القول باختلاف المطالع لأن القمر إذا ولد في قطر فإنه لا شبهة في أن ذلك الهلال هلال جديد، وهو منذ اللحظة التي يولد فيها هلال جديد بالنظر الى أقطار الأرض جميعها، بل حتى الأقطار التي شرق القطر الذي رئي فيه الهلال يجب عليها الصوم إذا علمت بدخول الهلال ولم يدركها الفجر، أما الأقطار التي أدركها الفجر فلا تصوم ولايلزمها قضاء ذلك اليوم.
وللتقريب:
ا: إذا ثبتت رؤيته شرعا في اقصى المشرق وجب على كل سكان الأرض الصوم ...
ب: إذا ثبتت رؤيته في تونس مثلا، وجب على كل الأقطار الواقعة غربا الصوم وكذلك الأقطار الواقعة شرقا مالم يدركها الفجر كأندونيسيا فلا يلزمها الصوم ولا القضاء وذلك لانقضاء الليل ودخول النهار ...
ماهو واجب علماء المسلمين:
1: يجب ايجاد لجنة إسلامية عالمية ذات صفة مستقلة، وأعضاؤها من أهل الدين والثقة والصلاح، مقرها في عدة بلدان اسلامية بناءا على خطوط الطول الجغرافية لضمان التأكد من دخول هلال شهر رمضان وذي الحجة، أولها في اقصى المشرق الإسلامي ثم البلد الثاني الذي إذا رئي فيه الهلال امكن اهل البلد الأول الصيام لاشتراكهم في جزء من الليل وهكذا ..
2: أما المطالع السياسية فهي منكر من القول عظيم، إذ كيف تصوم عدة أقطار لثبوت رؤية الهلال عندهم وبينهم أقطار لم تصم ينتظرون من يشهد على رؤية الهلال، فإذا لم يأت من يشهد أكملت عدة شعبان ثلاثين يوما؟!
3: يجب على الأقطار التي لم يثبت عند الأقطار الواقعة شرقها ثبوت الهلال التحري وعدم التبعية إن صاموا صاموا وإن لم يصوموا فمعهم ..
وما ينطبق على هلال رمضان ينطبق على هلال شوال وذي الحجة ..
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .............
-------------------------------
* هذا المقال نشرته قديما وقد وضعته هنا مع بعض الإضافات والتعديلات
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 09:05]ـ
.
.
لماذا الاختلاف حول الحساب الفلكي؟
للشيخ مصطفى الزرقا
لا أجد في اختلاف علماء الشريعة العصريين ما يدعو إلى الاستغراب أغرب من اختلافهم الشديد فيما لا يجوز فيه الاختلاف حول اعتماد الحساب الفلكي في عصرنا هذا؛ لتحديد حلول الشهر القمري لترتيب أحكامه الشرعية. نعم أؤكد على قصدي عصرنا هذا بالذات، ذلك لأنني لا أستبعد الموقف السلبي لعلماء سلفنا من عدم تعويلهم على الحساب الفلكي في هذا الموضوع، بل إنني لو كنت في عصرهم لقلت بقولهم، ولكني أستبعد كل الاستبعاد موقف السلبيين من رجال الشريعة في هذا العصر؛ الذي ارتاد علماؤه آفاق الفضاء الكوني، وأصبح أصغر إنجازاتهم النزول إلى القمر، ثم وضع أقمار صناعية في مدارات فلكية محددة حول الأرض لأغراض شتى: علمية وعسكرية وتجسسية، ثم القيام برحلات فضائية متنوعة الأحداث، والخروج من مراكبها للسياحة في الفضاء خارج الغلاف الجوي الذي يغلف الأرض، وخارج نطاق الجاذبية الأرضية، ثم سحب بعض الأقمار الصناعية الدوارة لإصلاح ما يطرأ عليها من اختلال وهي في الفضاء.
إني على يقين أن علماء سلفنا الأولين، الذي لم يقبلوا اعتماد الحساب الفلكي للأسباب التي سأذكرها قريبًا -نقلاً عنهم- لو أنهم وُجدوا اليوم في عصرنا هذا، وشاهدوا ما وصل إليه علم الفلك من تطور وضبط مذهل لغيروا رأيهم، فإن الله قد آتاهم من سعة الأفق الفكري في فهم مقاصد الشريعة ما لم يؤت مثلَه أتباعُهم المتأخرون، فإذا كان الرصد الفلكي وحساباته في الزمن الماضي، لم يكن له من الدقة والصدق ما يكفي للثقة به والتعويل عليه، فهل يصح أن ينسحب ذلك الحكم عليه إلى يومنا هذا؟
ولعل قائلاً يقول: إن عدم قبول الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد أوائل الشهور القمرية، ليس سببه الشك في صحة الحساب الفلكي ودقته، وإنما سببه أن الشريعة الإسلامية بلسان رسولها -صلى الله عليه وسلم- قد ربطت ميلاد الأهلة وحلول الشهور القمرية بالرؤية البصرية، وذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الثابت عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "صوموا لرؤيته -أي الهلال- وأفطروا لرؤيته، فإذا غمَّ عليكم فاقدروا له". وفي رواية ثابتة أيضًا: "فإن غُمَّ عليكم فأكلموا العدة ثلاثين".
وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم: "فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين"، وهي تفسير لمعنى التقدير المطلق الوارد في الرواية الأولى.
وفي رواية أخرى عند البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فصوموا ثلاثين يومًا".
فجميع الروايات الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن قد ربط فيها الصوم والإفطار برؤية الهلال الجديد. وإن القدر أو التقدير عندما تمتنع الرؤية البصرية لعارض يحجبها من غيم أو ضباب أو مانع آخر، معناه: إكمال الشهر القائم -شعبان أو رمضان- ثلاثين يومًا، فلا يحكم بأنه تسعة وعشرون إلا بالرؤية. وهذا من شؤون العبادات التي تبنى فيها الأحكام على النص تعبدًا دون نظر إلى العلل، ولا إعمال للأقيسة.
هذه حجة من لا يقبلون الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد أوائل الشهور القمرية، ولو بلغ الحساب الفلكي من الصحة والدقة مبلغ اليقين بتقدم وسائله العلمية.
تحليل الموضوع وفهمه عقلاً وفقهًا
ونحن نقول بدورنا: إن كل ذلك مسلم به لدينا، وهو معروف في قواعد الشريعة وأصول فقهها بشأن العبادات، ولا مجال للجدل فيه، ولكنه مفروض في النصوص التي تلقى إلينا مطلقة غير معللة، فإذا ورد النص نفسه معللاً بعلة جاءت معه من مصدره، فإن الأمر حينئذ يختلف، ويكون للعلة تأثيرها في فهم النص وارتباط الحكم بها وجودًا وعدمًا في التطبيق، ولو كان الموضوع من صميم العبادات، ولكي تتضح لنا الرؤية الصحيحة في الموضوع نقول: "إن هذا الحديث النبوي الشريف الآنف الذكر ليس هو النص الوحيد في الموضوع، بل هناك روايات أخرى ثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- توضِّح علة أمره باعتماد رؤية الهلال البصرية للعلم بحلول الشهر الجديد؛ الذي نيطت به التكاليف والأحكام، من صيام وغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة -رضي الله عنها- في كتاب الصيام، باب الصوم لرؤية الهلال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا".
وأخرج أيضًا بعده عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة (أي: طواه) والشهر هكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين".
ومفاد هذا الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- أشار (أولاً) بكلتا يديه وبأصابعه العشر ثلاث مرات، وطوى في الثالثة إبهامه على راحته لتبقى الأصابع فيها تسعًا، لإفادة أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين يومًا، ثم كرر الإشارة ذاتها (ثانيًا) دون أن يطوي في المرة الثالثة شيئًا من أصابعه العشر، ليفيد أن الشهر قد يكون أيضًا ثلاثين يومًا؛ أي: أنه يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين.
هكذا نقل النسائي تفسير هذا الحديث عن شعبة عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر.
وكذلك ليس هذا هو كل شيء من الروايات الواردة في هذا الموضوع، فالرواية التي أكملت الصورة، وأوضحت العلة، فارتبطت أجزاء ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن بعضها ببعض، هي ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي (واللفظ للبخاري) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا" يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين، وكلهم أوردوا ذلك في كتاب الصوم. وقد أخرجه أحمد عن ابن عمر.
فهذا الحديث النبوي هو عماد الخيمة، وبيت القصيد في موضوعنا هذا، فقد علل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره باعتماد رؤية الهلال رؤية بصرية لبدء الصوم والإفطار بأنه من أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فما من سبيل لديها لمعرفة حلول الشهر ونهايته إلا رؤية الهلال الجديد، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين. وهذا ما فهمه شراح الحديث من هذا النص.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "لا نكتب ولا نحسب" (بالنون فيهما)، والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته في تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم؛ لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضًا إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير.
أضاف ابن حجر بعد ذلك قائلاً:
"واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً". [1]
والعيني في "عمدة القاري" قد علل تعليق الشارع الصوم بالرؤية أيضًا بعلة رفع الحرج في معاناة حساب التسيير كما نقلناه عن ابن حجر. ونقل العيني عن ابن بطال في هذا المقام قوله: "لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، إنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في عرفه ذلك الحساب وغيره". وذكر القسطلاني في "إرشاد الساري شرح البخاري" مثل ما قال ابن بطال.
وقال السندي في "حاشيته على سنن النسائي" يشرح كلمة (أمية) الواردة في الحديث بقوله: "أمية في عدم معرفة الكتابة والحساب، فلذلك ما كلفنا الله تعالى بحساب أهل النجوم، ولا بالشهور الشمسية الخفية، بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية ... ".
وواضح من هذا أن الأمر باعتماد رؤية الهلال ليس لأن رؤيته هي في ذاتها عبادة، أو أن فيها معنى التعبد، بل لأنها هي الوسيلة الممكنة الميسورة إذ ذاك، لمعرفة بدء الشهر القمري ونهايته لمن يكونون كذلك، أي: أميين لا علم لهم بالكتابة والحساب الفلكي.
ولازم هذا المفاد من مفهوم النص الشرعي نفسه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقومه العرب إذ ذاك لو كانوا من أهل العلم بالكتاب والحساب بحيث يستطيعون أن يرصدوا الأجرام الفلكية، ويضبطوا بالكتاب والحساب دوراتها المنتظمة التي نظمتها قدرة الله العليم القدير بصورة لا تختل، ولا تختلف، حتى يعرفوا مسبقًا بالحساب متى يهل بالهلال الجديد، فينتهي الشهر السابق ويبدأ اللاحق، لأمكنهم اعتماد الحساب الفلكي. وكذا كل من يصل لديهم هذا العلم من الدقة والانضباط إلى الدرجة التي يوثق بها ويطمئن إلى صحتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا حينئذ -ولا شك- أوثق وأضبط في إثبات الهلال من الاعتماد على شاهدين ليسا معصومين من الوهم وخداع البصر، ولا من الكذب لغرض أو مصلحة شخصية مستورة، مهما تحرينا للتحقق من عدالتهما الظاهرة التي توحي بصدقهما، وكذلك هو -أي طريق الحساب الفلكي- أوثق وأضبط من الاعتماد على شاهد واحد عندما يكون الجو غير صحو والرؤية عسيرة، كما عليه بعض المذاهب المعتبرة في هذا الحال.
وقد وجد من علماء السلف -حين كان الحساب الفلكي في حاله القديمة غير منضبط- من قال: إنَّ العالم بالحساب يعمل به لنفسه، قال بهذا مطرف بن عبد الله من التابعين، ونقله عنه الحطاب من المالكية في كتابه "مواهب الجليل".
وقال القشيري: إذا دلَّ الحساب على أن الهلال قد طلع من الأفق على وجه يرى لولا وجود المانع كالغيم مثلاً، فهذا يقتضي الوجوب لوجود السبب الشرعي، وأن حقيقة الرؤية ليست مشروطة في اللزوم، فقد اتفقوا على أنَّ المحبوس في المطمورة إذا علم بإتمام العدة، أو بطريق الاجتهاد أن اليوم من رمضان وجب عليه الصوم.
ونقل القليوبي من الشافعية عن العبادي قوله: "إذا دل الحساب القطعي على عدم رؤية الهلال لم يقبل قول العدول برؤيته، وترد شهادتهم"، ثم قال القليوبي: هذا ظاهر جلي، ولا يجوز الصوم حينئذ، وإن مخالفة ذلك معاندة ومكابرة.
وواضح أيضًا لكل ذي علم وفهم أن أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإتمام الشهر القائم ثلاثين حين يغم علينا الهلال بسبب ما حاجبٍ للرؤية من غيم أو ضباب أو غيرهما: ليس معناه أن الشهر القائم يكون في الواقع ثلاثين يومًا، بل قد يكون الهلال الجديد متولدًا وقابلاً للرؤية لو كان الجو صحوًا، وحينئذ: يكون اليوم التالي الذي اعتبرناه يوم الثلاثين الأخير من الشهر هو في الواقع أول يوم من الشهر الجديد الذي علينا أن نصومه أو نفطر فيه، ولكن لأننا لا نستطيع معرفة ذلك من طريق الرؤية البصرية التي حجبت، ولا نملك وسيلة سواها فإننا نكون معذورين شرعًا إذا أتممنا شعبان ثلاثين يومًا وكان هو في الواقع تسعة وعشرين، فلم نصم أول يوم من رمضان؛ إذ (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) بنص القرآن العظيم.
هذا تحليل الموضوع وفهمه عقلاً وفقهًا، وليس معنى إتمام الثلاثين حين انحجاب الرؤية أننا بهذا الإتمام نصل إلى معرفة واقع الأمر وحقيقته في نهاية الشهر السابق وبداية اللاحق، وأن نهاية السابق هي يوم الثلاثين.
وما دام من البدهيات أن رؤية الهلال الجديد ليست في ذاتها عبادة في الإسلام، وإنما هي وسيلة لمعرفة الوقت، وكانت الوسيلة الوحيدة الممكنة في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، وكانت أميتها هي العلة في الأمر بالاعتماد على العين الباصرة، وذلك بنص الحديث النبوي مصدر الحكم، فما الذي يمنع شرعًا أن نعتمد الحساب الفلكي اليقيني، الذي يعرفنا مسبقًا بموعد حلول الشهر الجديد، ولا يمكن أن يحجب علمنا حينئذٍ غيم ولا ضباب إلا ضباب العقول؟
يتبع ...
ـ[التبريزي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 09:08]ـ
سبب رفض المتقدمين اعتماد الحساب
من المسلم به أن الفقهاء وشراح الحديث يرفضون التعويل على الحساب لمعرفة بدايات الشهور القمرية ونهايتها للصيام والإفطار، ويقررون أن الشرع لم يكلفنا في مواقيت الصوم والعبادة بمعرفة حساب ولا كتابة، وإنما ربط التكليف في كل ذلك بعلامات واضحة يستوي في معرفتها الكاتبون والحاسبون وغيرهم، كما نقلناه سابقًا عن العيني والقسطلاني وابن بطال والسندي وسواهم. وأن الحكمة في هذا واضحة لاستمرار إمكان تطبيق الشريعة في كل زمان ومكان.
ولكن يحسن أن ننقل تعليلاتهم لهذا الرفض ليتبين سببه ومبناه، مما يظهر ارتباطه بما كانت عليه الحال في الماضي، ولا ينطبق على ما أصبح عليه أمر علم الفلك وحسابه في عصرنا هذا.
فقد نقل ابن حجر أيضًا عن ابن بزيزة أن اعتبار الحساب هو "مذهب باطل، فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنه حَدس وتخمين، وليس فيه قطع ولا ظن غالب".
ويظهر من كلام ابن حجر وابن بزيزة أن العلة في عدم اعتماد الحساب هي أن هذا العلم في ذاك الزمن مجرد حدس وتخمين لا قطع فيه، وأن نتائجه مختلفة بين أهله فيؤدي ذلك إلى الاختلاف والنزاع بين المكلفين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونقل الزرقاني في شرحه على الموطأ عن النووي قوله: "إن عدم البناء على حساب المنجمين لأنه حدس وتخمين، وإنما يعتبر منه ما يعرف به القبلة والوقت"؛ أي أن مواقيت الصلاة فقط يعتبر فيها الحساب.
وذكر ابن بطال ما يؤيد ذلك، فقال: "وهذا الحديث -أي: حديث "لا نكتب لا نحسب"- ناسخ لمراعاة النجوم بقوانين التعديل، وإنما المعول على رؤية الأهلة، وإنما لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانًا أو كالعيان، وأما ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون، وبكشف الهيئات الغائبة عن الأبصار فقد نهينا عنه وعن تكلفه".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في معرض احتجاجه لعدم جواز اعتماد الحساب: "إن الله سبحانه لم يجعل لمطلع الهلال حسابًا مستقيمًا .. ولم يضبطوا سيره إلا بالتعديل الذي يتفق الحساب على أنه غير مطرد، وإنما هو تقريب".
وقال في مكان آخر: "وهذا من الأسباب الموجبة لئلا يعمل بالكتاب والحساب في الأهلة".
وقد أكد هذا المعنى في مواطن عديدة من الفصل الذي عقده في هذا الموضوع.
هذا، ويبدو من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه يعتبر اعتماد الحساب لمعرفة أوائل الشهور القمرية من قبيل عمل العرافين، وعمل المنجمين؛ الذين يربطون الحوادث في الأرض وطوالع الحظوظ بحركات النجوم واقتراناتها. فقد قال في أواخر الفصل الطويل الذي عقده في هذا الموضوع: "فالقول بالأحكام النجومية باطل عقلاً ومحرم شرعًا، وذلك أن حركة الفلك -وإن كان لها أثر- ليست مستقلة، بل تأثير الأرواح وغيرها من الملائكة أشد من تأثيره، وكذلك تأثير الأجسام الطبيعية التي في الأرض ... ".
ثم قال: "والعراف يعم المنجم وغيره إما لفظًا وإما معنى، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من اقتبس علمًا من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر [2] "، فقد تبين تحريم الأخذ بأحكام النجوم، وقد بينا من جهة العقل أن ذلك أيضًا متعذر في الغالب، وحذاق المنجمين يوافقون على ذلك، فتبين لهم أن قولهم في رؤية الهلال وفي الأحكام [مراده أحكام النجوم، أي: تأثير حركاتها في الحوادث والحظوظ] من باب واحدة يعلم بأدلة العقول امتناع ضبط ذلك، ويعلم بأدلة الشريعة تحريم ذلك ... ".
وقد اشتد شيخ الإسلام -رحمه الله- على من يقول باعتماد الحساب في الأهلة وشنع عليه، وقال: "فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون اتبع غير سبيل المؤمنين".
الجزء الثالث:
.
.
.
لماذا الاختلاف حول الحساب الفلكي؟
.
الرأي الذي أراه في هذا الموضوع
يتضح من مجموع ما تقدم بيانه الأمور الأربعة التالية:
أولاً: أن النظر إلى جميع الأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في هذا الموضوع، وربط بعضها ببعض -وكلها واردة في الصوم والإفطار- يبرز العلة السببية في أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يعتمد المسلمون في بداية الشهر ونهايته رؤيته الهلال بالبصر لبداية شهر الصوم ونهايته، ويبيّن أن العلة هي كونهم أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، أي: ليس لديهم علم وحساب مضبوط يعرفون به متى يبدأ الشهر ومتى ينتهي، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين يومًا، وتارة ثلاثين.
وهذا يدل بمفهومه على أنه إذا توافر العلم بالنظام الفلكي المحكم؛ الذي أقامه الله تعالى بصورة لا تختلف، وأصبح هذا العلم يوصلنا إلى معرفة يقينية بمواعيد ميلاد الهلال في كل شهر، وفي أي وقت بعد ولادته تمكن رؤيته بالعين الباصرة السليمة؛ إذا انتفت العوارض الجوية التي قد تحجب الرؤية، فحينئذ لا يوجد مانع شرعي من اعتماد هذا الحساب، والخروج بالمسلمين من مشكلة إثبات الهلال، ومن الفوضى التي أصبحت مخجلة، بل مذهلة، حيث يبلغ فرق الإثبات للصوم بين مختلف الأقطار الإسلامية ثلاثة أيام، كما يحصل في بعض الأعوام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيًا: أن الفقهاء الأوائل الذين نصوا على عدم جواز اعتماد الحساب في تحديد بداية الشهر القمري للصوم والإفطار، وسموه حساب التسيير، قالوا: إنه قائم على قانون التعديل، وهو ظني مبني على الحدس والتخمين [3]، وكلهم قد بنوا على حالة هذا الحساب الذي كان في زمنهم، حيث لم يكن في وقتهم علم الفلك -الذي كان يسمى علم الهيئة، وعلم النجوم، أو علم التسيير أو التنجيم- قائمًا على رصد دقيق بوسائل محكمة؛ إذ لم تكن آنذاك المراصد المجهزة بالمكبرات من العدسات الزجاجية العظيمة التي تقرب الأبعاد الشاسعة إلى درجة يصعب على العقل تصورها، والتي تتبع حركات الكواكب والنجوم، وتسجلها بأجزاء من مئات أو آلاف الأجزاء من الثانية الواحدة، وتقارن بين دورتها بهذه الدقة؛ ولذا كانوا يسمونه علم التسيير الذي يقوم على قانون التعديل؛ حيث يأخذ المنجم الذي يحسب سير الكواكب عددًا من المواقيت السابقة، ويقوم بتعديلها بأخذ الوسطى منها، ويبني عليها حسابه، وهذا معنى قانون التعديل كما يشعر به كلامهم نفسه.
من هنا كان حسابهم حدسيًا وتخمينًا كما وصفه أولئك الفقهاء الذي نفوا جواز الاعتماد عليه، وإن كان بعضهم كالإمام النووي صرح بجواز اعتماد حسابهم لتحديد جهة القبلة ومواقيت الصلاة دون الصوم، مع أن الصلاة في حكم الإسلام أعظم خطورة من الصوم بإجماع الفقهاء، وأشد وجوبًا وتأكيدًا.
وقد نقلنا آنفًا كلام ابن بطال بأن "لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانًا أو كالعيان ... "، وهذا ما يتسم به ما وصل إليه علم الفلك في عصرنا هذا من الدقة المتناهية الانضباط.
ثالثًا: إن الفقهاء الأوائل واجهوا أيضًا مشكلة خطيرة في عصرهم، وهي الاختلاط والارتباط الوثيق إذ ذاك في الماضي بين العرافة والتنجيم والكهانة والسحر من جهة، وبين حساب النجوم (بمعنى علم الفلك) من جهة أخرى. فيبدو أن كثيرًا من أهل حساب النجوم كانوا أيضًا يشتغلون بتلك الأمور الباطلة، التي نهت عنها الشريعة أشد النهي، فكان للقول باعتماد الحساب في الأهلة مفسدتان:
الأولى: أنه ظني من باب الحدس والتخمين مبني على طريقة التعديل التي بينّا معناها، فلا يعقل أن تترك به الرؤية بالعين الباصرة رغم ما قد يعتريها من عوارض واشتباهات.
الثانية: وهي الأشد خطورة والأدهى، وهي انسياق الناس إلى التعويل على أولئك المنجمين والعرافين الذين يحترفون الضحك على عقول الناس بأكاذيبهم، وترهاتهم، وشعوذاتهم.
وهذه المفسدة الثانية هي التفسير لهذا النكير الشديد الذي أطلقه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على من يلجئون إلى الحساب، حساب النجوم في إهلال الأهلة بدلاً من الرؤية، واعتباره إياهم من الذين يتبعون غير سبيل المؤمنين، وذلك بدليل أنه صرح باعتبارهم من قبيل العرافين، والذين يربطون أحداث الأرض وطوالع الناس وحظوظهم بحركات النجوم، وسموا من أجل ذلك بالمنجمين، وذكر شاهدًا على ذلك الحديث النبوي الآنف الذكر، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "من اقتبس علمًا من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر".
فلا يعقل أن ينهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن علم يبين نظام الكون، وقدرة الله تعالى وحكمته وعلمه المحيط في إقامة الكون على نظام دقيق لا يختل، ويدخل في قوله تعالى في قرآنه العظيم: (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)، فليس لهذا الحديث النبوي محمل إلا على تلك الشعوذات والأمور الباطلة؛ التي خلط أولئك المنجمون بينها وبين الحساب الفلكي، الذي لم يكن قد نضج وبلغ في ذلك الوقت مرتبة العلم والثقة.
رابعًا: أما اليوم في عصرنا هذا الذي انفصل فيه منذ زمن طويل علم الفلك بمعناه الصحيح عن التنجيم بمعناه العرفي من الشعوذة، والكهانة، واستطلاع الحظوظ من حركات النجوم، وأصبح علم الفلك قائمًا على أسس من الرصد بالمراصد الحديثة، والأجهزة العملاقة التي تكتشف حركات الكواكب من مسافات السنين الضوئية، وبالحسابات الدقيقة المتيقنة التي تحدد تلك الحركات بجزء من مئات أو آلاف الأجزاء من الثانية، وأقيمت بناء عليه في الفضاء حول الأرض محطات ثابتة، وتستقبل مركبات تدور حول الأرض ... إلخ .. فهل يمكن أن يشك بعد ذلك بصحته ويقين حساباته، وأن يقاس على ما كان عليه من البساطة والظنية والتعديل في الماضي زمن أسلافنا -رحمهم الله-؟!
والله أعلم.
الشيخ مصطفى الزرقا ........................ ... انتهى
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 11:50]ـ
قال سماحة الشيخ عبدالله البسام - رحمه الله - في كتابه: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام في كتاب الصيام:
واختلفوا فيما إذا رُئي الهلال ببلد، فهل يلزم الناس جميعاً الصيام أم لا؟.
فالمشهور عن الإمام، "أحمد" وأتباعه، وجوب الصوم على عموم المسلمين في أقطار الأرض، لأن رمضان ثبت دخوله، وثبتت أحكامه، فوجب صيامه، وهو من مفردات مذهب أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة أيضاً.
وذهب بعضهم إلى عدم وجوبه، وأن لكل أهل بلد رؤيتهم، وهو مذهب القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وإسحاق.
لما روى كريب: قال قدمت الشام، واستهل رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة.
ثم قدمت المدينة في آخر الشهر. فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فأخبرته.
فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه.
فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟.
فقال: لا. "هكذا أمرنا رسول صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم.
وذهب الشافعي في المشهور عنه إلى التفصيل.
وهو أنه، إن اختلفت المطالع، فلكل قوم حكم مطلعهم. وإن اتفقت المطالع، فحكمهم واحد في الصيام والإفطار، وهذا اختيار شيخ الإسلام "ابن تيمية". وذكر الشيخ محمد بن عبد الواهب ابن المراكشي في كتابه "العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال" أنه إذا كان البعد بين البلدين أقل من 2226 من الكيلو مترات فهلالهما واحد، وإن كان أكثر فلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[22 - Aug-2008, صباحاً 01:01]ـ
واختلفوا فيما إذا رُئي الهلال ببلد، فهل يلزم الناس جميعاً الصيام أم لا؟.
فالمشهور عن الإمام، "أحمد" وأتباعه، وجوب الصوم على عموم المسلمين في أقطار الأرض، لأن رمضان ثبت دخوله، وثبتت أحكامه، فوجب صيامه، وهو من مفردات مذهب أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة أيضاً.
وذهب بعضهم إلى عدم وجوبه، وأن لكل أهل بلد رؤيتهم، وهو مذهب القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وإسحاق.
لما روى كريب: قال قدمت الشام، واستهل رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة.
ثم قدمت المدينة في آخر الشهر. فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فأخبرته.
فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه.
فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟.
فقال: لا. "هكذا أمرنا رسول صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم.
وذهب الشافعي في المشهور عنه إلى التفصيل.
شكرا على ردك ومداخلتك أخي الكريم، وهذه القصة يستدل بها القائلون على أن المطالع مختلفة، فيرون أن الهلال قد يرى في مكان، ولا يرى في آخر حسب اختلاف المطالع كما يظنون، وهذا قد يحدث في البلدان التي تقع على خطوط طول متقاربة أو واحدة حسب خطوط العرض، لكن لو ولد الهلال في أي قطر فإن رؤيته تصبح مؤكدة في البلدان الواقعة غربا، وتزداد الرؤية وضوحا كلما اتجهنا غربا ..
= رؤية كريب مع معاوية للهلال ليلة الجمعة تثبت دخول الهلال، بينما عدم رؤية ابن عباس للهلال إلا ليلة السبت لا يثبت أن الهلال لم يولد ليلة الجمعة، فقد يكون غم عليهم ولم يستطيعوا رؤيته لسبب ما، ولأهمية بداية الصوم قُبلت شهادة الواحد ...
= إذا انفرد صحابي بقول فليس بحجة، وهو ما ينطبق على قول ابن عباس هنا، وقوله: "لا ... هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، مشيرا إلى الحديث: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .... "، فتفسير ابن عباس هذا قد خالفه فيه جمهور العلماء ومنهم الحسن البصري، فاختلاف المطالع أثرها ينحصر في مواقيت الإمساك والإفطار وكذلك مواقيت الصلاة، ولكن على مستوى إثبات الأهلة ليس له ذلك الأثر، ومن هنا اختار كثير من أئمة الفقه في المذاهب الأربعة عدم التعويل على اختلاف المطالع في إثبات الهلال، والحديث الشريف الذي يأمر بالرؤية خطاب للأمة الإسلامية الواحدة من المشرق الى المغرب فيكفي لإيجاب الصوم على أهل بلد أن تثبت رؤيته في بلد آخر، فكأن معنى الحديث الشريف: (صوموا إذا رئي الهلال، أو: إذا تحققت رؤية الهلال).
= وعلى افتراض أن قول ابن عباس رضي الله عنه كان هو الصحيح، فإن المؤيدين لرأيه والقائلين به يرون اختلاف المطالع الجغرافية، لكنهم لم يحددوها تحديدا علميا صحيحا، وحوروها بعد ذلك إلى المطالع السياسية بدلا منها، فصاروا يلزمون كل بلد بالرؤية ضمن قرار الجهة الرسمية المخولة بإعلان بداية الصوم ونهايته.
=مسألة المطالع، وحسابات الفلك، ومنازل القمر .... علوم متقدمة لا يتقنها إلا علماء الفلك، والحديث عن صحة المطالع وأثرها في الرؤية أو عدم أثرها موضوع يتطلب من الفقهاء عدم الإنفراد بالحكم دون سماع أقوال علماء هذا الإختصاص.
السؤال البريء:
لماذا يُظن أن القمر تَسْهل ولادته على بلدان معينة، وتتعسر ولادته على بلدان أخرى؟
هل يُعقل أن يلد القمر فوق الهند في الشرق ثم يعود إلى ما قبل المخاض فوق الجزائر في الغرب؟
أصلح الله الأحوال ..
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[22 - Aug-2008, صباحاً 08:39]ـ
للمتابعة
وبارك الله في أخينا التبريزي، ونفع به؛ فقد جاء بما يجول في صدري منذ سنين.
ـ[التبريزي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 01:31]ـ
للمتابعة
وبارك الله في أخينا التبريزي، ونفع به؛ فقد جاء بما يجول في صدري منذ سنين.
وبارك فيك، وحياك الله أخي الكريم ..
ـ[التبريزي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 01:36]ـ
وإليكم رأي مفتي مصر الأسبق الشيخ د. نصر فريد
(السياسة والتدخل في الهلال:
الإسلام دين ودنيا، أي أن الدين هو الذي يتحكم في كافة الأمور السياسية أي لا بد أن تتوافق المواقف والقرارات السياسية مع أحكام الدين والشريعة الإسلامية.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالدين هو الذي يسوس الناس وينظم علاقات الأفراد بعضهم والجماعات والدول، على المستوى المحلي والدولي والعالمي .. لكن عندما تتدخل السياسة في القضايا الدينية، وإخضاع الدين وأحكامه للسياسة الوضعية، فهذا أمر محظور شرعًا.
إن المقولة التي تنادي بأنه لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، مقولة خاطئة ومرفوضة، فالإسلام هو نظام شامل، عقيدة وشريعة ينظم أمور الدين كما ينظم أمور الدنيا، لذلك فلا بد أن تتفق علاقات الأفراد مع بعضهم بعضًا على المستوى المحلي والعالمي مع الشرع والدين الذي نزل بها الوحي والسنة المحمدية، ومن هنا يكون تدخل السياسة في الدين من حيث الوضع أمر مرفوض بإجماع الفقهاء والعلماء المسلمين، فالإسلام هدفه توحيد الأمة الإسلامية وتحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية، كل في إطار الشرع الإسلامي الحنيف، وهذا لا يعني أن يكون المسلمون جميعًا دولة واحدة، لكن لا بد أن تكون بينهم وحدة دينية ووحدة مشاعر ومناسبات دينية. وفي نفس الوقت كل دولة لها سياستها الداخلية الخاصة بها، لكن في إطار سياسة عامة، بما لا يتعارض مع نصوص الفتوى العامة والخاصة، وأن ينحوا الأمور السياسية والخلافات المفتعلة جانبًا من علاقاتهم، وبالتالي لا يحدث تناحر وتنافر بينهم، كما نرى منذ سنوات في قضية رؤية هلال شهر رمضان المعظم وعيد الفطر المبارك.
فللأسف نتيجة لتدخل السياسة في الدين نجد تعارضًا واضحًا بين علماء المسلمين حول هذه القضية، وكل منهم يصر على رأيه، سواء أخذ بظاهر النص أو أخذ بفقه النص، مما يؤدي إلى تعدد الآراء في هذه القضية الجوهرية، لأن ذلك يؤدي على أن يصبح لكل دولة رأي منفرد، رغم أن المصلحة العامة تتطلب وحدة جميع المسلمين، فليس أقل من وحدة المطالع بينهم، وقد رأى جمهور العلماء في العالم الإسلام انه إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد من البلدان الإسلامية، وجب على جميع الدول الإسلامية التي تشترك معه في جزء من الليل أن تتفق مع هذه الرؤية ......... ومعنى ذلك أنه يتوجب على كل الدول الإسلامية إذا ظهر الهلال في أية دولة إسلامية أن يكون ذلك هلالاً لكل المسلمين، وبذلك تكون أمة واحدة صومها واحد، وعيدها واحد وشهورها العربية واحدة، وهذا بلا شك تترتب عليه آثار إيجابية عديدة، لكن شريطة مراعاة فروق التوقيت".
لم يعد الاختلاف في المطالع مقبولاً:
"وتساءل د. واصل: لماذا تعدد المطالع في الأعياد، والمناسبات الدينية الإسلامية في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الحالي؟ .. فكل دول العالم تستطيع أن تعرف المعلومة خلال دقائق معدودة فهل هذا التوحد يؤثر في السياسة؟ .. وأقول للعلماء جميعًا تأملوا فيما حديث العام الماضي، حيث تعددت الفروق في المطالع بين الدول الإسلامية ووصلت إلى 4 أيام على مستوى العالم الإسلامي. وفي دولة مثل العراق وصلت فروق المطالع إلى 3 أيام بين السنة والشيعة وبين الشيعة بعضهم بعضًا، فالمسلمون أنفسهم تفرقوا إلى شيع وأحزاب.
إن التمسك بالسياسية الوضعية يتعارض مع الدين على الإطلاق، فالإسلام عقيدة وشريعة ودين ويجب أن يؤثر في السياسة وليس العكس، فهذا خطأ كبير لا يقره الإسلام ولا يقبل به أي عالم من علماء المسلمين ووحدتهم والبحث عن أسباب وسبل هذه الوحدة التي لن تتحقق إذا تدخلت السياسة في الدين".
-----------------------------------
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 02:11]ـ
حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - واضح: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له)) متفق عليه، وفي رواية أخرى للشيخان: ((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً)).
فنبقى نحن على القاعدى الفقهية المعروفة: (بقاء ما كان على ما كان) فنبقي شعبان على أصله وهو ثلاثين يوماً
حتى نرى الهلال، فإن رأيناه صمنا، وإن لم نراه جعلنا شعبان ثلاثين يوماً
ولكن الاشكال هنا: إذا رؤي الهلال ببلد، هل يلزم جميع المسلمين الصوم؟
تقدم أن هذه المسألة خلافية: فمنهم من قال أنه يلزم جميع المسلمين أن يصوموا لأن الهلال قد ظهر
وفي هذا القول: سوف يتحد يوم صوم الناس وفطرهم.
ومنهم من قال: أن لكل بلد حكم مطلعهم، واستدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -
ولكن قول ابن عباس: (هكذا أمرنا رسول الله)، هل يريد به حديث: ((إذا رأيتموه فصوموا))؟
المعمول به في هذا الزمان، أن لكل قوم حكم مطلعهم.
ولكن كما ذكرت شيخنا الفاضل التبريزي أنه في عام 1421 هـ.، كان يوم الفطر في أربعة أيام متوالية.
وأيضاً: مسألة أخرى / أن يوم عرفة، المسلمون تبع للملكة في ذلك، لأن الحجاج يقفون بعرفة في ذلك اليوم،
فلا يمكن أن ايصوم الإنسان في يوم لم يقف الحجاج فيه لعرفة.
فكيف اتفقوا في هلال ذي الحجة، واختلفوا في هلال رمضان وشوال؟!
وفي هذا الزمن: انتشر الإعلام، فإذا رُؤي الهلال في بلدة، فيتم نشر ذلك عبر وسائل الإعلام مباشرة
فلو رُؤي الهلال في الشرق، فبالإعلام ينتشر الخبر ويعرف الذين في الغرب ظهور الهلال
أما في الزمن الماضي: فقد يكون ذلك الأمر مستحيلاً
فالمسألة خلافية، ولكل اجتهاده ودليله وفهمه للأحاديث، ولا يُلام من أخذ بأحد القولين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 02:14]ـ
رؤية كريب مع معاوية للهلال ليلة الجمعة تثبت دخول الهلال، بينما عدم رؤية ابن عباس للهلال إلا ليلة السبت لا يثبت أن الهلال لم يولد ليلة الجمعة، فقد يكون غم عليهم ولم يستطيعوا رؤيته لسبب ما، ولأهمية بداية الصوم قُبلت شهادة الواحد ...
قال - صلى الله عليه وسلم: ((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً)) متفق عليه
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 02:17]ـ
بالنسبة للرؤية بالمنظار: فليس فيها حرج، فهي رؤية بالعين إلا أنها مقربة مكبرة مثل المكبرات الصوتية
ـ[التبريزي]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 12:35]ـ
حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - واضح: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له)) متفق عليه، وفي رواية أخرى للشيخان: ((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً)).
فنبقى نحن على القاعدى الفقهية المعروفة: (بقاء ما كان على ما كان) فنبقي شعبان على أصله وهو ثلاثين يوماً
حتى نرى الهلال، فإن رأيناه صمنا، وإن لم نراه جعلنا شعبان ثلاثين يوماً.
بارك الله فيك أخي العزيز وشكرا على تعقيبك الكريم،، وأقول:
فإذا رأوا الهلال في باكستان والإمارات مثلا، ألا يشمل الخطاب من يسمع بالرؤية وقد اشتركوا بليل مع من رأوه؟
1: هل الحديث الشريف موجه لكل اقليم على حدة؟ أم أن المعنى والتوجيه أعم وأشمل؟ أليس الخطاب عاما للمسلمين وليس خاصا لقطرٍ عن قطر؟!
2: هل من المؤكد أن لكل بلد مطلع خاص؟!، وإذا كان لكل بلد مطلع خاص فما هو التقسيم الجغرافي لهذه المطالع؟!
3: وإذا كان هناك فعلا مطالع مختلفة،، فهل البلد الواحد يقع في مطالع متعددة؟ وبالتالي لماذا يصومون في يوم واحد! وكأن تقسيم المطالع اصبح حسب تقسيم البلاد من حيث الجغرافيا السياسية لا الطبيعية؟ أليس في هذا تناقض واضح للمتحمسين لنظرية المطالع!!
4: وقبل هذا وذاك نريد تعريفا دقيقا للمطلع، ما حقيقته علميا؟ أليس خير من يجيب هم علماء الفلك المسلمين؟
علماء الفلك يقولون أن الإقتران أو المحاق أو ولادة الهلال هي لحظة عالمية واحدة، تحدث في لحظة واحدة، فإذا ولد الهلال بقي على حاله مولودا ويزداد وضوحه كلما اتجهنا غربا.
------------------
ولكن الاشكال هنا: إذا رؤي الهلال ببلد، هل يلزم جميع المسلمين الصوم؟
تقدم أن هذه المسألة خلافية: فمنهم من قال أنه يلزم جميع المسلمين أن يصوموا لأن الهلال قد ظهر
وفي هذا القول: سوف يتحد يوم صوم الناس وفطرهم.
وما المانع يا أخي أن يصوموا كلهم في يوم واحد إذا اشتركوا بليل ولم يدرك بعضهم الفجر قبل الولادة؟
لو رؤي الهلال في أقصى الشرق، لزم المسلمين كلهم الصوم، فالأقطار التي تقع في الغرب قد دخل عليها رمضان لأن الهلال يزداد وضوحا كلما اتجهنا غربا ..
أما إذا رؤي الهلال وكانت ولادته فوق ليبيا مثلا، فلا يلزم أهل اندونيسيا الصوم لأنه أدركهم الفجر، أما من يشتركون مع ليبيا بليل فيلزمهم الصوم ..
--------------------------
ومنهم من قال: أن لكل بلد حكم مطلعهم، واستدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -
ولكن قول ابن عباس: (هكذا أمرنا رسول الله)، هل يريد به حديث: ((إذا رأيتموه فصوموا))؟
المعمول به في هذا الزمان، أن لكل قوم حكم مطلعهم.
ولكن كما ذكرت شيخنا الفاضل التبريزي أنه في عام 1421 هـ.، كان يوم الفطر في أربعة أيام متوالية.
أخي الكريم، لنكن واضحين فنقول: لكل قوم مطالعهم السياسية وليست مطالعهم الجغرافية،،،
المطالع حقيقتها في وضوح ولادة الهلال كلما اتجهت غربا، وليس معنى ذلك أن الهلال إذا ولد شرقا قد لا يولد غربا، هذا مستحيل، فإذا ولد الهلال فوق قطر معين أمكن الأقطار كلها والواقعة غربا رؤية الهلال ..
أما القول أن لكل بلد مطالعهم فنطالب بتحديد هذه المطالع إن صحت (ولن تصح)!!
هل ستكون مطالع جغرافية لا ينظر فيها إلى الحدود السياسية، وإذا كانت جغرافية فكيف نعمل بالقطر الكبير الواحد إذا قسم إلى أكثر من مطلع؟!! إن أربعة أيام مختلف فيها عام 1421 يثبت نظرية المطالع السياسية فقط، والمهزلة أن التوزيع الجغرافي للدول التي اختلفت في عام 1421 بعضها متلاصقة والبعض ممن اتفقوا في يوم العيد مناطقهم متباعدة!!
القمر إذا ولد فإنما يولد مرة واحدة فقط على الكرة الأرضية، وتصبح رؤيته حتمية لكل الأقطار الواقعة غرب مكان الرؤية ..
وهنا سؤال:
لو قلنا مثلا أن المنطقة الشرقية لها مطلع يخالف المنطقة الغربية من السعودية؟ فهل لو غم على أهل الشرقية ورأوه أهل مكة سيصوم أهل الغربية ويتم أهل الشرقية شعبان 30 يوما؟!!
--------------------
وفي هذا الزمن: انتشر الإعلام، فإذا رُؤي الهلال في بلدة، فيتم نشر ذلك عبر وسائل الإعلام مباشرة
فلو رُؤي الهلال في الشرق، فبالإعلام ينتشر الخبر ويعرف الذين في الغرب ظهور الهلال
أما في الزمن الماضي: فقد يكون ذلك الأمر مستحيلاً
أحسنت بارك الله فيك،، الإعلام حل مشكلة التبليغ، لكن بقيت مشكلة التنفيذ ..
-------------------
قال - صلى الله عليه وسلم: ((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً)) متفق عليه
،،،،،،،،،،،،
المقصد هنا بالإستشهاد أن عدم رؤية ابن عباس ليس معناها أن الهلال يستحيل رؤيته وأنه لم يولد!! بل معناه أن الهلال يحتمل الولادة أو عدمها شريطة أن يكون المكان الذي غم فيه شرق المكان الذي رؤي فيه، أما إذا كان المكان غربا فالولادة ترى بوضوح إذا تحققت ولادته شرقا ..
ثم الإستشهاد بهذه الحادثة لا تعطي دليلا قويا لضعف الإتصالات يومئذ، فرواية القصة قد تمت بعد رمضان بشهور، ولو أمكن التواصل مثلما هو اليوم لربما صام المسلمون سوية لأن الخطاب عام ٌ وليس مخصوص ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 05:45]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
إخواني لن يتحد المسلمون في صومهم وفطرهم إلا إن اعتمدوا الحساب الفلكي اليقيني، الذي لا يمكن لأحد أن يماري أو أن يجادل فيه، وهذا القول وإن كان عجيباً غريباً عند البعض، فإنني أكاد أجزم أنه خلال عشر سنوات من الآن سوف يتندر الناس بذكر من كانوا لا يرون مشروعية الاعتماد على الحساب الفلكي.
ملحوظة ينبغي اعتبارها: كلام الفقهاء سابقاً بشأن الحساب الفلكي يختلف عن عصرنا في أمرين جوهريين:
الأول: أن الحساب الان يقيني فهم يحددون مولد القمر بالثانية وكذلك خسوفه وغيره، بخلاف العصور السابقة.
ثانياً: أنهم يستطيعون التقاط صور للهلال في لحظاته الأولى ويتتتبعونه ساعة بعد ساعة من ولادته، فلم يقف الأمر عند الحسابات على الورق بل زادها يقيناً الصور الواقعية - راجعوا موقع المشروع الاسلامي لرصد الأهلة
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 06:10]ـ
أشكرك أخي الفاضل التبريزي على تعقيبك لكلامي،، وأسأل الله أن يبارك فيك
لو قلنا مثلا أن المنطقة الشرقية لها مطلع يخالف المنطقة الغربية من السعودية؟ فهل لو غم على أهل الشرقية ورأوه أهل مكة سيصوم أهل الغربية ويتم أهل الشرقية شعبان 30 يوما؟!!
إذا ظهر الهلال في المنطقة الشرقية في المملكة، فإن أهل المنطقة الغربية يتبعونهم في ذلك
لأنهم كلهم تحت حاكم واحد، وهذا ما قاله العلماء واستدلوا بذلك حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
ولكن الإشكال أن في الزمن الماضي كان نشر ظهور الهلال مستحيلاً
ولكن الآن بعد ظهور الإعلام، الخبر يمكن نشره مباشرة لجميع أقطار العالم
والسؤال هنا: إذا ظهر الهلال في بلدة معينة، وتم التقاط صورة له؟
هل يصوم جميع الناس؟
وفي هذا صار الإختلاف أكبر، فمنهم من قال يصوم جميع المسلمين لظهور الهلال
ومنهم من قال: أن لكل بلد حكم مطلعهم
والله أعلم
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 06:11]ـ
عموماً: المسألة خلافية، ولكل اجتهاده، والحاكم إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر .. والله أعلم
ـ[التبريزي]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 12:33]ـ
أشكرك أخي الفاضل التبريزي على تعقيبك لكلامي،، وأسأل الله أن يبارك فيك
إذا ظهر الهلال في المنطقة الشرقية في المملكة، فإن أهل المنطقة الغربية يتبعونهم في ذلك
لأنهم كلهم تحت حاكم واحد، وهذا ما قاله العلماء واستدلوا بذلك حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
ولكن الإشكال أن في الزمن الماضي كان نشر ظهور الهلال مستحيلاً
ولكن الآن بعد ظهور الإعلام، الخبر يمكن نشره مباشرة لجميع أقطار العالم
والسؤال هنا: إذا ظهر الهلال في بلدة معينة، وتم التقاط صورة له؟
هل يصوم جميع الناس؟
وفي هذا صار الإختلاف أكبر، فمنهم من قال يصوم جميع المسلمين لظهور الهلال
ومنهم من قال: أن لكل بلد حكم مطلعهم
والله أعلم
أخي الكريم بارك الله فيك:
أشكرلك ردودك، الصوم واجب عند ثبوت الرؤية، وفقهيا من رأى الهلال ولم يؤخذ بقوله وجب عليه الصوم حتى لو كان منفردا، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له)) متفق عليه، وفي رواية أخرى للشيخين: ((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً))، ولم يقيد ذلك بشرط أن يتبع كل مسلم من يحكمه، والقائلين بهذا يناقضون أنفسهم من جهتين:
الأولى إبطالهم المطالع التي يتحمسون لها بدعواهم هذه، فكيف الجمع بين اتباع الحاكم في الصوم وضرورة اتباع المطالع التي لم يستطع أحد تحديدها جغرافيا!! ..
الثانية استشهادهم بابن عباس، وابن عباس كلامه وفعله في قصة كريب مخالف لخليفة المسلمين في دمشق!!
البلاد والعباد يخضعون لحكم الإسلام وليس العكس، ولا يُفهم من كلامي هذا أن يتمرد كل مسلم على بلده فيصوم على هواه!! فليس الأمر متروكا للأفراد يصوم من يشاء ويفطر من يشاء، فتتفرق كلمة المسلمين في البلد الواحد ويكثر الخلاف والنزاع حتى في البيت الواحد ...
وأما المطالع، فكما ذكرتُ هي حقيقة بالنسبة لأوقات الصلاة لكنها غير حقيقية بالنسبة للصوم إلا من حيث وضوح الرؤية، إذ تتضح الرؤية أكثر في البلدان الواقعة غرب المكان الذي ولد فيه الهلال، وأذكر بقول جمهور اللفقهاء إلى أنه لا عبرة باختلاف المطالع، وقال الحنابلة " "بعدم اعتبار اختلاف المطالع، وألزموا جميع البلاد بالصوم إذا رئي الهلال في بلد" ..
ـ[التبريزي]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 12:34]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
إخواني لن يتحد المسلمون في صومهم وفطرهم إلا إن اعتمدوا الحساب الفلكي اليقيني، الذي لا يمكن لأحد أن يماري أو أن يجادل فيه، وهذا القول وإن كان عجيباً غريباً عند البعض، فإنني أكاد أجزم أنه خلال عشر سنوات من الآن سوف يتندر الناس بذكر من كانوا لا يرون مشروعية الاعتماد على الحساب الفلكي.
ملحوظة ينبغي اعتبارها: كلام الفقهاء سابقاً بشأن الحساب الفلكي يختلف عن عصرنا في أمرين جوهريين:
الأول: أن الحساب الان يقيني فهم يحددون مولد القمر بالثانية وكذلك خسوفه وغيره، بخلاف العصور السابقة.
ثانياً: أنهم يستطيعون التقاط صور للهلال في لحظاته الأولى ويتتتبعونه ساعة بعد ساعة من ولادته، فلم يقف الأمر عند الحسابات على الورق بل زادها يقيناً الصور الواقعية - راجعوا موقع المشروع الاسلامي لرصد الأهلة
بارك الله فيك أخي الكريم،، كلامك في محله، ومعه ننادي زيادة على الحساب الفلكي الدقيق التأكد بالرؤية عبر المناظير المكبرة، وليس هناك تناقض بين الرؤية والحساب كما ذكره وبسط البحث حوله الشيخ الفقيه مصطفى الزرقاء ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 11:01]ـ
الأخ الفاضل أبو عبد الله البطاطي ..
ردك الأخير يبدو أنه اختفى مع توقف المنتدى!!
كنت أريد الرد عليك لكني لم أحتفظ بردك ولا أذكره ... بارك الله فيك وزادك علما وتقى.
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 01:59]ـ
========================
=هل الحديث الشريف (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ..... ) موجه لكل اقليم على حده؟؟ ام ان المعنى والتوجيه اعم واشمل؟؟؟
=========================
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك أخى على طرح هذا المبحث (الموضوع فى هذا المقال) الهام الذى طالما أثار فى النفس حيرة , و ياليته يحُسم
ولكن علينا مراعاة التالى:
1) الرؤية أمر خاص يختلف بإختلاف المواقع ,, فما أراه أنا هنا قد لا تراه أنت فى مكان آخر
2) أنه (ص) يتحدث عن رؤية لكائن فى السماء و ليس على الأرض فمقاييس الرؤية قد تختلف لأن الأول يحكم ظهوره قوانين الفلك و الطبيعة , أما الآخر فأمره لا يخفى على أحد
فتصبح الإشكالية هنا: هل نعتبر رؤيته بالعين المجردة أصح؟ بالرغم من أنه يمكن أن يكون محجوباً بالسحب أو الغيوم أو أى ظواهر طبيعية
وهنا نجد سؤالاً هاماً يطل برأسه: هل كان (ص) يعنى بقوله أنه يجب الصيام بالرؤية لأنها هى المثبتة لتواجد الهلال فى سماء بلد ما فيجوز لأهلها الصيام؟ إذا كان الأمر كذلك فنحن نخطئ و نخرج الحديث عن سياقه إذا قلنا بوجوب رؤيته بالعين المجردة
أما إن كان المقصود مجرد ظهوره بغض النظر عن موقعه فى السماء فوق بلد ما (بتعبير علمى أدق: بغض النظر عن تواجده فى موقع فلكى مقابل و مواجه لموقع تلك البلد على الأرض و إن لم نراه) ... فحينها يجب إعتماد مسألة العين المجردة
و يتضح قصده (ص) بأمور منها:
أولاً: مراجعة كل ألفاظ الحديث فى جميع طرقه الصحيحة , و ملاحظة قدر الإختلاف بينها إذا وجد , فإذا كان الإختلاف واضحاً وجب الترجيح بين طرق رواياته و الوصول إلى أصحها و العمل بها على أساس أن رواتها هم الأكثر ضبطاً و نزاهة من حيث العدالة
ثانياً: معرفة موقف إجماع السلف (الصحابة بالذات) من عدمه من قضية الصيام بالرؤية (و ياليت ذلك يكون بالروايات أو الآثار الغير ضعيفة أو معلولة الواردة عنهم)
ثالثاً: آراء كبار العلماء قديماً والمقارنة بينها إذا إختلفت و عرضها على العلم و العقل
رابعاً: وهو أهم الأمور: هل تدخل العلم القرآنى المحكم بأى دلالة من ألفاظ الآيات التى تحدثت عن الصيام؟
بهذا المنهج يا أحِبَة نستطيع أن نحسم أمراً هاماً إن لم يكن الأشد أهمية فى تلك القضية وهو هل المقياس الأصح لمعرفة ظهور الهلال يكون بوسيلة شرعية فقط أم بوسيلة شرعية ذات طابع فلكى علمى؟!
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 11:15]ـ
الأخ الفاضل أبو عبد الله البطاطي ..
ردك الأخير يبدو أنه اختفى مع توقف المنتدى!!
كنت أريد الرد عليك لكني لم أحتفظ بردك ولا أذكره ... بارك الله فيك وزادك علما وتقى.
صحيح، ذهب الرد مع توقف المنتدى والله المستعان!
لعلي أعيد كتابة الرد على عجالة
ـ[رأفت المعيقلي]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 12:55]ـ
الرؤيا يختلفون فيه علماء الفلك
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 01:59]ـ
طيب مع احترامي لك يا أخ التبريزي
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصلاة أيضاً! فإذا غربت الشمس في بلد فليصلي جميع المسلمين المغرب! أليس وقت المغرب يبدأ بغروب الشمس!
فجبريل عندما علم الرسول صلى الله عليه و سلم أوقات الصلاة جعل بداية صلاة المغرب من غروب الشمس، و إذا قسناها على قول الفلكيين في الصوم فيجب على المسلمين إعتماد توقيت المدينة التي صلى فيها جبريل بالرسول صلى الله عليه و سلم صلاة المغرب! و جميع الصلوات و لا عليهم بالرؤية حتى لو كانوا يرون الشمس فوق رؤوسهم، فلماذا لا توحد الصلاة على تلك المدينة؟
توحدوا على التوحيد و يكفي و جزاكم الله خيراً
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 08:08]ـ
طيب مع احترامي لك يا أخ التبريزي
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصلاة أيضاً! فإذا غربت الشمس في بلد فليصلي جميع المسلمين المغرب! أليس وقت المغرب يبدأ بغروب الشمس!
فجبريل عندما علم الرسول صلى الله عليه و سلم أوقات الصلاة جعل بداية صلاة المغرب من غروب الشمس، و إذا قسناها على قول الفلكيين في الصوم فيجب على المسلمين إعتماد توقيت المدينة التي صلى فيها جبريل بالرسول صلى الله عليه و سلم صلاة المغرب! و جميع الصلوات و لا عليهم بالرؤية حتى لو كانوا يرون الشمس فوق رؤوسهم، فلماذا لا توحد الصلاة على تلك المدينة؟
توحدوا على التوحيد و يكفي و جزاكم الله خيراً
كلام جميل،،
عموماً أخي التبريزي لعلك تراجع كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عندما تحدث عن هذه المسألة
في الشرح الممتع المجلد السادس
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:45]ـ
طيب مع احترامي لك يا أخ التبريزي
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصلاة أيضاً! فإذا غربت الشمس في بلد فليصلي جميع المسلمين المغرب! أليس وقت المغرب يبدأ بغروب الشمس!
فجبريل عندما علم الرسول صلى الله عليه و سلم أوقات الصلاة جعل بداية صلاة المغرب من غروب الشمس، و إذا قسناها على قول الفلكيين في الصوم فيجب على المسلمين إعتماد توقيت المدينة التي صلى فيها جبريل بالرسول صلى الله عليه و سلم صلاة المغرب! و جميع الصلوات و لا عليهم بالرؤية حتى لو كانوا يرون الشمس فوق رؤوسهم، فلماذا لا توحد الصلاة على تلك المدينة؟
قبل الرد، أشكر الأخ أبو عبدالله البطاطي على تعليقاته وردوده ...
أما الرد المقتبس أعلاه، فمع كامل تقديري قياس لا يجوز ومثال لا يصح!!
وهل هناك عاقل يصلي الفجر في بلده بعد العصر ليوافق أهل المدينة؟!!
لو قرأت الموضوع لوجدت أنا قلنا إن المطالع حقيقة بالنسبة لأوقات الصلوات، وغير حقيقة بالنسبة للصوم إلا في باب الرؤية وباب الإمساك والإفطار!!، إذ أن الصوم وقت واحد وليس خمسة أوقات كالصلاة!!
هل يعقل أن يصوم أهل تبوك ويفطر أهل معان؟
هل يعقل أن تصوم البحرين وتفطر قطر!!
هل هذه مطالع جغرافية أم مطالع سياسية؟
نحن طرحنا نقاشا ولم نجد من لديه ردا مقنعا!!
اسألتنا البريئة:
هل يولد القمر على الهند في الشرق ثم يعود إلى حالة ما قبل المخاض إذا وصل مصر في الغرب؟
بمعنى:
هل يولد القمر عدة مرات؟
إذا رأوا الهلال في باكستان والإمارات مثلا، ألا يشمل الخطاب من يسمع بالرؤية وقد اشتركوا بليل مع من رأوه؟
1: هل الحديث الشريف موجه لكل اقليم على حدة؟ أم أن المعنى والتوجيه أعم وأشمل؟ أليس الخطاب عاما للمسلمين وليس خاصا لقطرٍ عن قطر؟!
2: هل من المؤكد أن لكل بلد مطلع خاص؟!، وإذا كان لكل بلد مطلع خاص فما هو التقسيم الجغرافي لهذه المطالع؟!
3: وإذا كان هناك مطالع مختلفة،، فهل البلد الواحد يقع في مطالع متعددة؟ وبالتالي لماذا يصومون في يوم واحد! وكأن تقسيم المطالع اصبح حسب تقسيم البلاد من حيث الجغرافيا السياسية لا الطبيعية؟ أليس في هذا تناقض واضح للمتحمسين لنظرية المطالع!!
علماء الفلك يقولون أن الإقتران أو المحاق أو ولادة الهلال هي لحظة عالمية واحدة، تحدث في لحظة واحدة، فإذا ولد الهلال بقي على حاله مولودا ويزداد وضوحه كلما اتجهنا غربا ..
الخلاصة:
القمر إذا هل هلاله حل وقت الصوم، ورؤيته مؤكدة لكل الأقاليم الواقعة غرب المكان الذي ولد فيه الهلال، فتصوم كل الأقطار الواقعة غربا، وكذلك الأقطار الواقعة شرقا شرط اشتراكها بليل، وهنا يبطل قياس وقت الصوم الواحد بأوقات الصلوات الخمس!!
ـ[التبريزي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 01:48]ـ
تصحيح:
الخطأ:
لو قرأت الموضوع لوجدت أنا قلنا إن المطالع حقيقة بالنسبة لأوقات الصلوات، وغير حقيقة بالنسبة للصوم إلا في باب الرؤية وباب الإمساك والإفطار!!، إذ أن الصوم وقت واحد وليس خمسة أوقات كالصلاة
الصحيح:
لو قرأت الموضوع لوجدت أنا قلنا إن المطالع حقيقة بالنسبة لأوقات الصلوات، وغير حقيقة بالنسبة للصوم إلا في باب وضوح الرؤية حسب خطوط الطول، وباب الإمساك والإفطار!!، إذ أن الصوم وقت واحد وليس خمسة أوقات كالصلاة!!
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 03:06]ـ
بارك الله في أخينا التبريزي، ونفع به؛ فقد اصاب في نقده (بيقين).
وأقول: إن الفكرة التي طرحها أخونا التبريزي -وفقه الله- صحيحة بنسبة مائة بالمائة؛ ولكن خطر لي شيء أضيفه للعلم؛ وهو:
أن المسلمين في العهود السابقة؛ لم يكونوا موحدين في الصوم (بيقين)؛ إذ كان من يرى الهلال في الشام مثلاً يصومون؛ بينما يمكن أن يكون أهل مصر لم يروه؛ فلا يصومون. وهذا لأنهم لم يعرفوا أن أهل الشام رأوه؛ فيعتمدون على رؤيتهم الخاصة؛ فيختلفون معهم في ذلك.
فيمكن أن تحمل الأحاديث على ذلك؛ إذ لم تكن وسائل الاتصال وقتئذٍ بالسرعة التي يمكن معها جمع البلاد الإسلامية جميعًا على صيام موحد؛ لتباعدها فيما بينها. ولذلك كانوا يصومون في أيام مختلفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الآن؛ فوسائل الاتصال متوفرة، ولحظية!؛ فعندما ترى أي دولة الهلال؛ فينبغي عليها أن تُعْلِمَ سائر الدول الأخرى بذلك؛ فيصومون جميعًا على رؤيتهم.
وهذا هو الأقرب للحق في نظري، والله أعلم.
ـ[التبريزي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 01:30]ـ
بارك الله في أخينا التبريزي، ونفع به؛ فقد اصاب في نقده (بيقين).
وأقول: إن الفكرة التي طرحها أخونا التبريزي -وفقه الله- صحيحة بنسبة مائة بالمائة؛ ولكن خطر لي شيء أضيفه للعلم؛ وهو:
أن المسلمين في العهود السابقة؛ لم يكونوا موحدين في الصوم (بيقين)؛ إذ كان من يرى الهلال في الشام مثلاً يصومون؛ بينما يمكن أن يكون أهل مصر لم يروه؛ فلا يصومون. وهذا لأنهم لم يعرفوا أن أهل الشام رأوه؛ فيعتمدون على رؤيتهم الخاصة؛ فيختلفون معهم في ذلك.
فيمكن أن تحمل الأحاديث على ذلك؛ إذ لم تكن وسائل الاتصال وقتئذٍ بالسرعة التي يمكن معها جمع البلاد الإسلامية جميعًا على صيام موحد؛ لتباعدها فيما بينها. ولذلك كانوا يصومون في أيام مختلفة.
أما الآن؛ فوسائل الاتصال متوفرة، ولحظية!؛ فعندما ترى أي دولة الهلال؛ فينبغي عليها أن تُعْلِمَ سائر الدول الأخرى بذلك؛ فيصومون جميعًا على رؤيتهم.
وهذا هو الأقرب للحق في نظري، والله أعلم.
بارك الله فيك أخي الكريم أبو رقية الذهبي ونفع بعلمك ...
الذين يستشهدون بحديث كريب شاهد عليهم لا لهم، فرؤية اهل الشام الهلال، وعدم رؤية ابن عباس ليس معناه أن الهلال لم يولد فقد يكون غم عليهم ولم يوفقوا لرؤيته، ثم إن وسيلة الإتصال البدائية وقتئذ تلزم كل قطر بل كل مدينة وقرية أن يتحروا الهلال بأنفسهم فيصومون لرؤيته ويفطرون لرؤيته ..
أما اليوم فليس هناك عذر مع تقدم الإتصالات ..
---------
أما من يقارن مطالع توقيت الصلوات الخمس بتوقيت بداية الصوم فأقول زيادة على ما سبق:
هناك أقاليم تشترك مطالعها في أوقات الصلوات الخمس، ومع ذلك بعضها يصوم وبعضها يفطر!!
فكيف اتفقت في أوقات الصلوات الخمس واختلفت في وقت الصوم الواحد؟
كيف يتفق جزء من السعودية مع الأردن واليمن وسوريا في أوقات الصلوات ويختلفون في وقت الصيام والقمر يظهر عليهم سوية؟
كيف يختلف شرق السودان عن مصر وهناك اتفاق في أوقات الصلوات الخمس واختلاف في الصوم؟
يا قوم!!
الأقاليم التي تقع على خطوط طول واحدة وخطوط عرض متقاربة تتقارب في أوقات الصلوات الخمس، فكيف تختلف في وقت الصوم؟
وهناك سؤال لم يفطن له البعض:
إذا ولد الهلال في الهند شرقا،، فهل تستمر ولادته غربا؟
بمعنى:
ألا يكفي رؤية الهلال المحققة لمن هم غرب الإقليم الذي رؤي فيه الهلال؟
بلى يكفي، لأن ولادة الهلال تحدث مرة واحدة فقط، وتستمر الولادة وتزداد وضوحا كلما اتجهنا غربا، وإذا ولد الهلال دخل شهر رمضان على أهل الأرض جميعا، فإذا ولد الهلال فوق أندونيسيا مثلا، أمكن لكل الدول رؤيته غرب أندونيسيا، فشرق السعودية مع قطر والبحرين والكويت وجزء من العراق والإمارات وعمان يمكنهم رؤية الهلال سوية لوقوعهم على خطوط طول متقاربة، وغرب السعودية مع اليمن والأردن وسورية وجزء من تركيا يمكنهم أيضا الرؤية لوقوعهم على خطوط طول متقاربة، وهكذا كلما كانت خطوط العرض أقرب كلما كان الوضوح أكبر ..
أما من يدعي أن أندونيسيا في الشرق لها مطلع خاص وللجزائر في الغرب مطلع خاص في باب ولادة الهلال فهذا كلام لا يقبله العلم والواقع، فالجزائر ملزمة برؤية أندونيسيا، لكن أندونيسيا ليست ملزمة برؤية الجزائر لعدم اشتراكهم بليل، بينما أندونيسيا ملزمة برؤية الهند لاشتراكهم بليل ولم يدركهم الفجر قبل معرفتهم وسماعهم بدخول رمضان ...
ـ[الفيصل الأخير]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 02:24]ـ
السلام عليكم
أخي أشكرك على ماذكرت وما أطلعت عليه
الشيخ أولآ
وهذا يعني بأن المشائخ وبالرغم من علمهم يبقون بشر
والسيء بهذا بالرغم من كثرتهم فأنهم يخطؤون حتى فقد الشخص العادي الثقة بهم
وذلك لأن النقط التي ذكرت بعضها أو على الأقل واحدة منها تتراود بخاطر الشخص العادي
وتتجاوز المشائخ لأنهم تمسكوا بما أعتقدوا أنه من الثوابت
وهذا دليل تخبط بكثير من الأمور
ونسئل الله ان يرجعوا ويعيدوا النظر بكثير من أمور ديننا
فخطاء الشخص العادي يغفره المجتمع (لأنه يضر الشخص وعصبته التي يعرف)
أما خطاء الشيخ المفتي المحدث فيعد كارثة أن لم يكن جريمة (لأنه يضر مجتمعات)
كثير من الناس وليس المشائخ فقط أذا تعلم علم أو ترائت له رؤئيه وأعتقد أنها صحيحة أراد أن يجبر الكل على اتباعها
السؤال
هل لأنه وثق بنفسه وعقله؟
الكل يثق بنفسه وعقله
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
فكرك جميل ناضج قوي .... أسئل الله لك التوفيق والثبات .. وكثر الله من أمثالك الذين يملكون تلك التأملات الصحيحة
لو فكرنا بعقولنا لما أصبحنا على مانحن عليه اليوم
قال سبحانه (أفلا يعقلون) (أفلا يتفكرون) أم على قلوب اقفالها
موضوع يحتاجه المنتديات كما تحتاجك ألأفكار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 02:35]ـ
الإخوة الذين يعتبرون بولادة الهلال
ما الحكم إذا ولد الهلال في بلد كفار؟ هل يلزم الصوم لأن الهلال ولد؟!!!
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 02:41]ـ
الذين يستشهدون بحديث كريب شاهد عليهم لا لهم، فرؤية اهل الشام الهلال، وعدم رؤية ابن عباس ليس معناه أن الهلال لم يولد فقد يكون غم عليهم ولم يوفقوا لرؤيته، ثم إن وسيلة الإتصال البدائية وقتئذ تلزم كل قطر بل كل مدينة وقرية أن يتحروا الهلال بأنفسهم فيصومون لرؤيته ويفطرون لرؤيته ..
أما اليوم فليس هناك عذر مع تقدم الإتصالات ..
أصبت والله؛ وكان هذا مقصدي بمشاركتي السابقة.
أما بخصوص باقي كلامك؛ فهو جيد جدًا، ولا أظن منصفًا يأباه؛ بل لا أظن عاقلاً! يأباه أيضًا.
فبارك الله فيكم، ونفع بكم، وأجزل لكم المثوبة في الدارين.
ـ[التبريزي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 02:48]ـ
الإخوة الذين يعتبرون بولادة الهلال
ما الحكم إذا ولد الهلال في بلد كفار؟ و لم يره إلا الكفار؟ هل يلزم الصوم لأن الهلال ولد؟!!!
بلاد الكفار تشترك مع بلاد المسلمين في خطوط الطول، لذلك لو رؤي في بلاد الكفار فحتما سيُرى في بلاد المسلمين!!
ثم:
بلاد الكفار ومنها أمريكا لديهم مجالس إسلامية يتحرون الهلال شأنهم شأن المسلمين في بريطانيا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وغيرها كثير!!
فلو رأى المسلمون الهلال في بلاد الكفار فحسن لأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والقمر آية من آيات الله عز وجل ... إذا ولد فوق أرض ٍ ما، استمرت ولادته وازداد وضوحا كلما اتجهنا غربا ... فنأخذ الشهادة من مسلمين لا من كفار، وإن كان الكفار قد خدموا المسلمين بتقدم الحساب الفلكي والمناظير العملاقة!!
المشكلة المستعصية على الأفهام أن الكثير يتوقع ولادة الهلال في الهند ولا يتوقعها فوق السعودية، ويتوقعها فوق مصر ولا يتوقعها فوق تونس، ويتوقعها فوق البحرين ولا يتوقعها فوق قطر ... يعني كأن القمر يخبط خبط عشواء!!
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 03:00]ـ
أحسنت يا أخانا، وزادك الله علمًا، ولا أحسبك إلا قضيت على شبهات القوم!، وألقمتهم الحجر!؛ فـ {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}!.
المشكلة المستعصية على الأفهام أن الكثير يتوقع ولادة الهلال في الهند ولا يتوقعها فوق السعودية، ويتوقعها فوق مصر ولا يتوقعها فوق تونس، ويتوقعها فوق البحرين ولا يتوقعها فوق قطر ... يعني كأن القمر يخبط خبط عشواء!!
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ ما يُضْحِك!؛ فَأَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا أخانا. وأسألُ الله أن يَهْدِيَ القوم!.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 02:55]ـ
أحسنت يا أخانا، وزادك الله علمًا، ولا أحسبك إلا قضيت على شبهات القوم!، وألقمتهم الحجر!؛ فـ {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}!.
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ ما يُضْحِك!؛ فَأَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا أخانا. وأسألُ الله أن يَهْدِيَ القوم!.
هل تعلم من هم القوم الذين فرقوا بين المطالع المختلفة؟
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 03:10]ـ
هل تعلم من هم القوم الذين فرقوا بين المطالع المختلفة؟
أعلم؛ ولكني قصدت (بكلامي) قومًا بأعينهم!؛ وهم أصحاب الشبهات الفارغة!؛ الذين ابتلينا بأفهامهم البليدة! في كل موضوع. واللبيب فهيم! يا صاحب النقب!.
أما المخالفون في هذه المسألة، ويستدلون استدلالاً سليمًا له وجه؛ فهؤلاء لا تثريب عليهم؛ إذ ليسوا المقصودين بكلامي؛ فأنا -والحمد لله- لستُ ممن يجهلون فقه الخلاف.
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=136729&postcount=14
فالمقصود بالكلام: الذين يتصنعون الاعتراضات حتى ولو كانت فارغة؛ لا معنى لها. فهم يعترضون لمجرد الاعتراض؛ الذي هو من جملة الأمراض!؛ والله المستعان.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 03:17]ـ
بلاد الكفار تشترك مع بلاد المسلمين في خطوط الطول، لذلك لو رؤي في بلاد الكفار فحتما سيُرى في بلاد المسلمين!!
ثم:
بلاد الكفار ومنها أمريكا لديهم مجالس إسلامية يتحرون الهلال شأنهم شأن المسلمين في بريطانيا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وغيرها كثير!!
فلو رأى المسلمون الهلال في بلاد الكفار فحسن لأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والقمر آية من آيات الله عز وجل ... إذا ولد فوق أرض ٍ ما، استمرت ولادته وازداد وضوحا كلما اتجهنا غربا ... فنأخذ الشهادة من مسلمين لا من كفار، وإن كان الكفار قد خدموا المسلمين بتقدم الحساب الفلكي والمناظير العملاقة!!
المشكلة المستعصية على الأفهام أن الكثير يتوقع ولادة الهلال في الهند ولا يتوقعها فوق السعودية، ويتوقعها فوق مصر ولا يتوقعها فوق تونس، ويتوقعها فوق البحرين ولا يتوقعها فوق قطر ... يعني كأن القمر يخبط خبط عشواء!!
إذن العبرة ليست بولادة الهلال بل بثبوت رؤيته، و ثبوت الرؤية يمكن الخلاف فيه حتى لو ولد الهلال فقد يولد و لا تثبت الرؤية.
و اختلف العلماء في كيفية ثبوت الرؤية على أقوال ذكرها الشيخ ابن عثيمين في الممتع:
1 - إذا رآه أهل بلد لزم الأمة الصوم للحديث " صوموا لرؤيته "
2 - يلزم عند الرؤية إن كان المطلع متفقاً لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} قالوا ومن اختلف مطلعه عن الرائي لم يشهد الشهر
3 - و قيل يلزم إذا أثبت الحاكم الرؤية لأنه أمر عام للحديث " الصوم يوم يصوم الناس "
و لا عبرة بولادة الهلال عند جميع هؤلاء ما لم تثبت رؤيته
وفق الله الجميع لما فيه الخير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 03:35]ـ
أعلم؛ ولكني قصدت (بكلامي) قومًا بأعينهم!؛ وهم أصحاب الشبهات الفارغة!؛ الذين ابتلينا بأفهامهم البليدة! في كل موضوع. واللبيب فهيم! يا صاحب النقب!.
أما المخالفون في هذه المسألة، ويستدلون استدلالاً سليمًا له وجه؛ فهؤلاء لا تثريب عليهم؛ إذ ليسوا المقصودين بكلامي.
فالمقصود بالكلام: الذين يتصنعون الاعتراضات حتى ولو كانت فارغة؛ لا معنى لها. فهم يعترضون لمجرد الاعتراض؛ وهذا من جملة الأمراض؛ والله المستعان.
جزاك الله خيراً على حسن ظنك بي و إعتباري لبيباً أفهم بالإشارة و اللبيب ليس ببليد قطعاً عند العقلاء
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 11:57]ـ
وإعتباري لبيباً أفهم بالإشارة
!!!!!!!!!!!
ـ[التبريزي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:42]ـ
إذن العبرة ليست بولادة الهلال بل بثبوت رؤيته، و ثبوت الرؤية يمكن الخلاف فيه حتى لو ولد الهلال فقد يولد و لا تثبت الرؤية.
وكيف يولد الهلال ويختلف في رؤيته؟!!
وكيف أن العبرة ليست بولادة الهلال بل بثبوت رؤيته؟!!
أليس إذا ولد الهلال تثبت الرؤية إذا استخدمنا تقنيات العصر من تلسكوبات فضائية بدلا من العيون التي فقدت قوة إبصارها في هذا العصر الذي يولد فيه بعض الأطفال ويُعطون نظارات طبية؟
كيف نختلف على ثبوت الرؤية إذا شهد شهود عدول ورأوه رؤية حقيقة في إحدى الأقطار شرقنا ثم لا نقتنع برؤيتهم؟
بل كيف نراه رؤيا حقيقة ثم نقول للأقطار التي غربنا تحروا الهلال فقد لا يولد فوقكم؟
علماء الفلك المسلمين مقصرون إذ يلزمهم عقد ندوات ودورات تعليمية لمن يظنون أن القمر يولد في مكانٍ ما ثم يعود إلى حالة ما قبل المخاض في مكانٍ آخر، ثم تتعسر ولادته في قُطرٍ آخر، فصار القمر الحزين يتشكل حسب رغبة الساسة والشعوب!!
هناك فقه ظاهري في عصرنا تفوق على فقه الإمام ابن حزم الأندلسي، فمن العجب رفض استخدام التلسكوب الفضائي والإقتصار على العين المجردة!!
حدث في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه بحضور الصحابة تحري هلال رمضان، فقال أحدهم، ها هو الهلال قد هل، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان .... لكن الصحابة الحاضرين لم يروا الهلال فنظروا إلى الرائي فوجدوا على عينه شعرة صغيرة فأبعدوها، ثم سألوه:
انظر ... هل تشاهد الهلال الآن؟
فقال: لا .........................
ـ[التبريزي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:45]ـ
السلام عليكم
أخي أشكرك على ماذكرت وما أطلعت عليه
الشيخ أولآ
وهذا يعني بأن المشائخ وبالرغم من علمهم يبقون بشر
والسيء بهذا بالرغم من كثرتهم فأنهم يخطؤون حتى فقد الشخص العادي الثقة بهم
وذلك لأن النقط التي ذكرت بعضها أو على الأقل واحدة منها تتراود بخاطر الشخص العادي
وتتجاوز المشائخ لأنهم تمسكوا بما أعتقدوا أنه من الثوابت
وهذا دليل تخبط بكثير من الأمور
ونسئل الله ان يرجعوا ويعيدوا النظر بكثير من أمور ديننا
فخطاء الشخص العادي يغفره المجتمع (لأنه يضر الشخص وعصبته التي يعرف)
أما خطاء الشيخ المفتي المحدث فيعد كارثة أن لم يكن جريمة (لأنه يضر مجتمعات)
كثير من الناس وليس المشائخ فقط أذا تعلم علم أو ترائت له رؤئيه وأعتقد أنها صحيحة أراد أن يجبر الكل على اتباعها
السؤال
هل لأنه وثق بنفسه وعقله؟
الكل يثق بنفسه وعقله
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
فكرك جميل ناضج قوي .... أسئل الله لك التوفيق والثبات .. وكثر الله من أمثالك الذين يملكون تلك التأملات الصحيحة
لو فكرنا بعقولنا لما أصبحنا على مانحن عليه اليوم
قال سبحانه (أفلا يعقلون) (أفلا يتفكرون) أم على قلوب اقفالها
موضوع يحتاجه المنتديات كما تحتاجك ألأفكار.
بارك الله فيك أخانا الكريم، ووفقنا وإياك إلى اتباع الحق ...
اللهم أصلح الأحوال ...
ـ[التبريزي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 02:02]ـ
أحسنت يا أخانا، وزادك الله علمًا، ولا أحسبك إلا قضيت على شبهات القوم!، وألقمتهم الحجر!؛ فـ {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}!.
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ ما يُضْحِك!؛ فَأَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا أخانا. وأسألُ الله أن يَهْدِيَ القوم!.
بارك الله فيك أخي الذهبي، وزادك حرصا وعلما وتقى ... نعم هناك مشكلة مستعصية على الفهم، فهناك بعض المشائخ من يعتقد جازما أن الهلال لو وُلِد فوق الهند شرقا وتحققت ولادته بناءا على شهادة عدول، فإنه قد يولد فوق السعودية أو قد لا يولد، ولو رأوه فوق السعودية وسوريا والكويت والسودان فقد يُرى فوق الجزائر واليمن وقطر وعمان وموريتانيا وقد لا يُرى!! فلا تدري على أي حالٍ يسير القمر!! وما علموا أن علم الفلك اليوم يرصد حركات القمر والكواكب بالمراصد الحديثة والأجهزة العملاقة بالحسابات الدقيقة المتيقنة التي تحدد الحركات بجزء من مئات أو آلاف الأجزاء من الثانية، فما تختلف ولا تتبدل، وكل شيء بميزان وذلك لأن الله خلق كل شيء في أحسن تقويم، فتبارك الله أحسن الخالقين، أفبعد هذا نسيء الظن في القمر فنجعله يسبح في الفضاء مرتبكا، مرة يلد ومرة لا يلد ومرة تتعسر ولادته ومرة يلد بعملية قيصرية؟ كيف يبتدأ المسلمون صيامهم في 3 أيام متفرقة!!؟ هل تصدقون أن أهل العراق وحدهم في سنة ماضية قد ابتدأوا صيامهم في 3 أيام متفرقة!!؟؟
فإذا قلت لهم هذا،، رجعوا إلى المطالع، لكن لا بأس من سؤالهم!!:
إذا كنتم تعتقدون بوجود المطالع الجغرافية، فكيف تقسمونها وتحددونها؟ ولماذا تحولت المطالع إلى مطالع قومية سياسية!!
فيأتيك الجواب: لا جواب!!
فإذا كان هذا تفكير بعض المشائخ، فكيف بغيرهم؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 05:42]ـ
!!!!!!!!!!!
لا تملني إذا أردت أن أحمل كلامك محمل كلام الأخ المسلم بل العاقل!
لأن العاقل لا يجتمع عنده الوصف باللبيب و البليد بقوله: ولكني قصدت (بكلامي) قومًا بأعينهم!؛ وهم أصحاب الشبهات الفارغة!؛ الذين ابتلينا بأفهامهم البليدة! في كل موضوع. واللبيب فهيم! يا صاحب النقب!.
فلا تلمني على حمل كلامك محمل كلام العاقل
ـ[التبريزي]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 12:43]ـ
ثمرة اتفاق دول المغرب العربي
بداية الصوم في:
ليبيا = يوم الأحد
الجزائر = يوم الإثنين
المغرب = يوم الثلاثاء
مسلمو أوروبا وخاصة أسبانيا انقسموا فريقين:
فريق صام مع الجزائر وفريق صام مع المغرب!!
الغريب:
ليبيا شرق الجزائر والمغرب!، فكيف ولد فوق ليبيا ولم تستمر ولادته فوق الجزائر والمغرب!!
والجزائر شرق المغرب، فكيف ولد فوق ليبيا والجزائر ولم تستمر ولادته عند وصوله المغرب؟!
المغرب غرب ليبيا والجزائر .... والدول الثلاث متلاصقة!! فكيف صار الهلال معكوسا؟!
هل هذه ثمرة نظرية المطالع السياسية؟!!
اتصل بي صديق مغربي فذكر لي اختلاف دول المغرب في الصوم، وذكر لي التعصب المقيت في بعض دول أوروبا خاصة في أسبانيا وبالتحديد في مدينة مدريد إذ تكثر فيها الجالية المغربية والجزائرية حيث انقسم المسلمون هناك بين صائم يوم الإثنين ومفطر، فمن صام الإثنين اتبع الجزائر، ومن صام الثلاثاء اتبع المغرب!!
حتى المغرب نفسه قال بأنه صام أناس كثيرون تبعا لمن صام يوم الإثنين ولم يصم معهم من اتبع الجهة الرسمية في المغرب بسبب انعدام الثقة، حتى أن العائلة الواحدة كان فيهم الصائم يوم الإثنين وفيهم المفطر!!
قلت:
عندما سافر القمر يوم السبت ليلة الأحد غربا وترك اندونيسيا وماليزيا والهند والدول العربية كان القمر في حالة ولادة، فما تيسرت الولادة إلا فوق الجماهيرية العظمى، ثم لما مر فوق الجزائر عاد القمر إلى ما قبل المخاض وتراجع عن الولادة،،،
وفي يوم الأحد ليلة الإثنين عاد القمر فولد فوق دول العالم حتى وصل الجزائر، ثم عاد إلى حالة ما قبل الولادة فوق المغرب، ولما عبر المحيط الأطلسي تمت ولادته مرة ثانية!!
وفي يوم الإثنين ليلة الثلاثاء ولد الهلال فوق العالم وتحققت ولادته فوق المغرب!!
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!
ـ[التبريزي]ــــــــ[29 - Sep-2008, مساء 07:55]ـ
سؤال فقهي:
يوجد في مكة المكرمة والمدينة المنورة آلاف المعتمرين القادمين من المغرب والذين بدأوا صيامهم يوم الثلاثاء، وبنهاية هذا اليوم يكونون قد أكملوا صيام 28 يوما، فهل يصومون غدا وهو يوم عيد عندنا ليكملوا رمضان شهرا (29) يوما، أم أن صيامهم غدا حرام ويلزمهم قضاء يوم من رمضان؟
بالمناسبة، 3 أعياد في مملكة البحرين العظمى:
سيكون في مملكة البحرين العظمى 3 أعياد، العيد الأول يوم غدٍ الثلاثاء لطائفة معينة، ويوم الأربعاء لطائفة أخرى، واحتمال كبير أن يكون يوم الخميس هو أول أيام العيد للذين انفردوا وصاموا يوم الثلاثاء!!
ـ[الباجي]ــــــــ[29 - Sep-2008, مساء 09:11]ـ
في نيجيريا العيد اليوم الإثنين ...
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[29 - Sep-2008, مساء 09:23]ـ
هناك فقه ظاهري في عصرنا تفوق على فقه الإمام ابن حزم الأندلسي، فمن العجب رفض استخدام التلسكوب الفضائي والإقتصار على العين المجردة!!
هذا ليس رأي الظاهرية
فالتليسكوب حسب مذهبهم تشمله الرؤية بعموم النص
وما ذكرته هو قول متأخري الحنابلة وليس الظاهرية!
ـ[التبريزي]ــــــــ[30 - Sep-2008, صباحاً 02:51]ـ
هذا ليس رأي الظاهرية
فالتليسكوب حسب مذهبهم تشمله الرؤية بعموم النص
وما ذكرته هو قول متأخري الحنابلة وليس الظاهرية!
أهلا بك ...
لا خلاف بيننا، أنا أقول إن الظاهرية يأخذون بظاهر النص لكنهم لا يعدمون بعضا من فقهه، وقد قلت في موضع آخر "لو كان ابن حزم بين أظهرنا وسمع بمن يمنع استخدام التلسكوب الفضائي لمساعدة العين على الرؤية لصب جام غضبه عليه واتهمه بكيت وكيت" ...
أما كلامك أن ما ذكرته هو قول متأخري الحنابلة صحيح، والغريب أن هناك من الحنابلة المتأخرين من ينكر على الظاهرية مذهبهم وهم أشد ظاهرية منهم ...
ـ[التبريزي]ــــــــ[30 - Sep-2008, صباحاً 03:17]ـ
في نيجيريا العيد اليوم الإثنين ...
بارك الله فيك على هذه المعلومة الجديدة، يعني:
الإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس بداية أعياد مختلفة لعيد واحد!!
http://arab.aljayyash.net/images/bahrain/1.jpg
مساحة مملكة البحرين 620 كم2 فقط أي حوالي 20 كم × 30 كم
والعيد سيكون على ثلاث مراحل:
عيد يبدأ يوم الثلاثاء، وعيد يبدأ يوم الأربعاء، وعيد يبدأ يوم الخميس!!
وهذه الأعياد المختلفة بناءا على اختلاف المطالع الجغرافية والمراصد الفلكية لمملكة البحرين وليست حسب المطالع السياسية والمذهبية!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المنادي]ــــــــ[01 - Oct-2008, صباحاً 07:46]ـ
السلام عليكم أخي التبريزي - حفظه الله -
قرأت موضوعك وما أفضت فيه من تعقيبات فاستفدت كثيرا شكر الله سعيك
لكن ليتك تبعد قليلاً عن الاسهاب في الاسلوب الخطابي واللغة الأدبية التي تصلح لكتابة المواضيع الوعظية ولاتصلح في مثل هذا المقام - حفظك الله - ومثلك لا يعلَّم ..
ولا داعي أيضاً إلى التهجم على المخالفين ونسبة الفرقة التي يعيشها المسلمون إلى هذا الرأي، وأنت من أكثر العارفين أن الاختلاف العقدي هو أس الشر في هذا الزمان وقبله، وليس لكون المسلمين يختلفون في يوم عيدهم أو فطرهم هذا القدر الذي حاولت - حفظك الله - إظهاره من أجل الانتصار للقول الذي تراه، فنحن نرى الرجل من المسلمين يقدم من بلد أهله لازالوا صائمين إلى بلد قد صار عندهم عيدا ولا يحمله ذلك على كرههم أو التنقص منهم بل يعيّد معهم شاكرا لنعمة الله عليه فإذا كان قد صام 28 يوما قضى فيما بعد والحمد لله ...
وقد أعجبتني عبارة ألأخ من صاحب النقب ((توحدوا على التوحيد و يكفي و جزاكم الله خيراً))
علما أنني لست أعترض على الجانب الفقهي لكلامك حفظك الله فما أوردته من إشكالات ومسائل هي محل نظر وإن كان للقول الذي تختاره إشكالات أيضا هي محل نظر وليست ضرباً من التعصب أو الظاهرية (هداك الله) فلا داعي بارك الله فيك لتحميل الكلام أكثر مما يحتمله ودع القاريء يتأمل وينتفع ولا داعي لشحن الموضوع بعبارات الترهيب والتخويف حتى يكاد القاريء يعتقد أن القائلين بخلاف رأيك هم جماعة من الماسونيين الذين يحاولون تفريق المسلمين وتفتيت وحدتهم ... (فتأمل)
أيضاً أخي العزيز مخالفة الروافض أو بعض الفرق المنحرفة ليس مرده إلى مسألة المطالع فقط بل أنت تعلم أن الاختلاف العقدي له حظه فلا تلم أهل السنة على مخالفة الرافظة لهم وأرجو أن توضح وتنقل بتحقق كيف قلت ((وهذه الأعياد المختلفة بناءا على اختلاف المطالع الجغرافية والمراصد الفلكية لمملكة البحرين وليست حسب المطالع السياسية والمذهبية!!))
هل لنا بتوضيح هذه العبارة بشكل جيد!!! (ومرة أخرى أقول لاداعي للأسلوب التهكمي في إيراد الاستدلال الفقهي))
أرجو من ألأخ التبريزي أن يسامحني إن كان في عباراتي ما قد يزعجه فما أردت إلا النصح فقط
ـ[التبريزي]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 01:59]ـ
السلام عليكم أخي التبريزي - حفظه الله -
قرأت موضوعك وما أفضت فيه من تعقيبات فاستفدت كثيرا شكر الله سعيك
لكن ليتك تبعد قليلاً عن الاسهاب في الاسلوب الخطابي واللغة الأدبية التي تصلح لكتابة المواضيع الوعظية ولاتصلح في مثل هذا المقام - حفظك الله - ومثلك لا يعلَّم ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأهلا بك، وأشكر لك ردك الكريم،،
الأسلوب الخطابي والأدبي كان في حديث القمر، ولا ضير في ذلك إن شاء الله، وأرجو أن تكون قرأت النص كاملا لتجد أن الموضوع يحتاج إلى دغدغة للعواطف والمشاعر التي عجز العلم أن يحرك ساكنها!! فتقبل ما يوافق الحق بعيدا عن لغة الإلزام أو التقليد الذي صار مهيمنا على العقول؟!
**********************
ولا داعي أيضاً إلى التهجم على المخالفين ونسبة الفرقة التي يعيشها المسلمون إلى هذا الرأي، وأنت من أكثر العارفين أن الاختلاف العقدي هو أس الشر في هذا الزمان وقبله، وليس لكون المسلمين يختلفون في يوم عيدهم أو فطرهم هذا القدر الذي حاولت - حفظك الله - إظهاره من أجل الانتصار للقول الذي تراه، فنحن نرى الرجل من المسلمين يقدم من بلد أهله لازالوا صائمين إلى بلد قد صار عندهم عيدا ولا يحمله ذلك على كرههم أو التنقص منهم بل يعيّد معهم شاكرا لنعمة الله عليه فإذا كان قد صام 28 يوما قضى فيما بعد والحمد لله ...
وقد أعجبتني عبارة ألأخ من صاحب النقب ((توحدوا على التوحيد و يكفي و جزاكم الله خيراً))
علما أنني لست أعترض على الجانب الفقهي لكلامك حفظك الله فما أوردته من إشكالات ومسائل هي محل نظر وإن كان للقول الذي تختاره إشكالات أيضا هي محل نظر وليست ضرباً من التعصب أو الظاهرية (هداك الله)
(يُتْبَعُ)
(/)
كلامك هنا أخي الكريم يحتاج إلى تفصيل والمقام لا يتسع، فمن صام 28 يوما فثق ثقة تامة أن أكثرهم لن يفطروا، وأنا كنت في مكة وكان لي أحاديث وجلسات مع المغاربة، فالأغلب يتبع السياسة ولا يتبع الفقه!! وكل ٌ يدعي أن بلده أصاب الهدف!!
فمن يتحمل جريرة ملايين المسلمين ممن يُفطّرونهم في رمضان أو يُصوّمونهم في شعبان أو شوال؟!!
أما عبارة التوحد على التوحيد وكفى فهي عبارة ناقصة كالذي يقول: لا يضر مع التوحيد شرك!!
فهل هناك من لا يدعو إلى التوحيد وهو الأساس في الإسلام؟
التوحيد توحيد في العقيدة، وتوحيد الأمة على أساس صحيح طريق إلى التوحيد الخالص ونبذ كل شريك يعبد من دون الله، وجعل شرع الله هو الموجّه وليست السياسة واختلاف الأهواء ..
أما مذهب الظاهرية والأخذ به فهو مشاهد معلوم، فمن يرفض استخدام المنظار الفلكي ليساعد العين المجردة، وينكر ذلك بشدة فقد تشدد في ظاهر النص بما لا يقبله حتى ابن حزم الأندلسي!!
**************************
أيضاً أخي العزيز مخالفة الروافض أو بعض الفرق المنحرفة ليس مرده إلى مسألة المطالع فقط بل أنت تعلم أن الاختلاف العقدي له حظه فلا تلم أهل السنة على مخالفة الرافظة لهم وأرجو أن توضح وتنقل بتحقق كيف قلت ((وهذه الأعياد المختلفة بناءا على اختلاف المطالع الجغرافية والمراصد الفلكية لمملكة البحرين وليست حسب المطالع السياسية والمذهبية!!))
هل لنا بتوضيح هذه العبارة بشكل جيد!!!
أخي الكريم!!
ردي الأخير وإيراد خارطة دولة البحرين الصغيرة جدا (620كم2) توضح أن مقصدي بالخلاف يعود إلى السياسة واختلاف المذاهب بناءا على الإختلاف العقدي وأوردتها بتلك الصيغة من باب التهكم الذي لم تقبلْه في أسلوبي!!، وفيه إشارة إلى المتعصبين والمتشددين القائلين بنظرية المطالع وعجزهم عن تحديدها لأنها غير صحيحة!! فهل يعقل أن تكون أرض مساحتها 20×30 كم تختلف في أوقات الصلوات الخمس؟ فكيف بالصوم تختلف فيه؟!
وأنا هنا لست أنادي الروافض إلى أن يتوحدوا في الصوم أو يتوحدوا مع أهل السنة، فليس بعد القول بالإمامة وتحريف القرآن وقذف أم المؤمنين ولعن الشيخين ذنب!! وإنما حديثي إلى أهل السنة في كل مكان، فلو كان الصوم عند أهل السنة موحدا حسب الإشتراك بليل ما اختلف أهل السنة في البحرين والعراق وصار بعضهم تبعا للروافض!! ..
وحتى لا يساء فهم الإشتراك بليل أذكر:
إذا رؤي الهلال فوق أي بقعة لزم كل من يقع غربها الصوم لأن الهلال تمت ولادته وتزداد وضحا كلما اتجهنا غربا، ويلزم كل بقعة تقع شرقا الصوم إذا اشتركت بليل ولم يدركها الفجر، فإن أدركها الفجر لم يلزمها الصوم ولا يلزمها القضاء ..
***********************
أرجو من ألأخ التبريزي أن يسامحني إن كان في عباراتي ما قد يزعجه فما أردت إلا النصح فقط
لا تثريب عليك أخي، وما دمت تبحث عن الحق فأريد أن اسألك:
**هل يولد القمر في الشهر أكثر من مرة؟
**لو ولد القمر فوق الهند شرقا، هل تستمر ولادته غربا فلا يرى فوق مصر مثلا؟ أم أن ولادته تستمر كلما اتجهنا غربا؟
**هل تؤثر الرؤيا عبر التلسكوبات الفضائية في حقيقة القمر؟ أم أنها كمكبرات الصوت؟
**لو رأى عدول الهلال فوق الإمارات بالعين المجردة وعبر المراصد ووفقا للحساب الفلكي، وغُمَّ على السعودية، فهل ترى أنه لا يلزم أهل السعودية الصوم؟ أم أنه يلزمهم؟
بارك الله فيك ..
ـ[صالح عبدربه]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 02:23]ـ
المشكلة تكمن اذا ما اثبت الفلكيون عدم ولادته في مكان ما وتاكدوا عدم ظهوره باجهزتهم ثم وجدنا من يشهد برؤيته بالعين المجردة
ـ[التبريزي]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 02:46]ـ
المشكلة تكمن اذا ما اثبت الفلكيون عدم ولادته في مكان ما وتاكدوا عدم ظهوره باجهزتهم ثم وجدنا من يشهد برؤيته بالعين المجردة
العلة أخي ليست في الأجهزة، فمن المحال أن يُرى حقيقة بالعين المجردة ثم تُكذّب الرؤيةَ المناظيرُ الفلكية، فمثلها مثل النظارات الطبية!!
لكن ما المانع أن نقول: لمَ لا يكون من شهد برؤية الهلال قد أخطأ؟
يروى أن جماعة فيهم أنس بن مالك الصحابي الجليل حضروا لرؤية هلال رمضان وكان أنس قد قارب المائة فقال أنس: قد رأيته هو ذاك وجعل يشير إليه فلا يرونه! وكان إياس القاضي المشهور بالذكاء والفراسة حاضرا فنظر إلى أنس وإذا شعرة بيضاء من حاجبه قد تدلت فوق عينه! فمسحها وسواها بحاجبه ثم قال انظر أبا حمزة فجعل ينظر ويقول: لا أراه.
ـ[صالح عبدربه]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 04:22]ـ
العلة أخي ليست في الأجهزة، فمن المحال أن يُرى حقيقة بالعين المجردة ثم تُكذّب الرؤيةَ المناظيرُ الفلكية، فمثلها مثل النظارات الطبية!!
لكن ما المانع أن نقول: لمَ لا يكون من شهد برؤية الهلال قد أخطأ؟
.
ولم لا تكون المصلحة السياسية تقتضي ان تتبنى الدولة استئجار شهود حتى يحضروا الى القاضي ويبني حكمه على شهادتهما وما اكثر الشهود من هذا النوع؟!!!
وبناء عليه فان القاضي معذور فلايستطيع رد شهادة من يرى عدالته الظاهرة والدولة ليست امينة حتى ننزهها ان تقوم بعمل كهذا ويبقى السؤال ما المصلحة من ذلك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 10:00]ـ
قال صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته.
يروى أن جماعة فيهم أنس بن مالك الصحابي الجليل حضروا لرؤية هلال رمضان وكان أنس قد قارب المائة فقال أنس: قد رأيته هو ذاك وجعل يشير إليه فلا يرونه! وكان إياس القاضي المشهور بالذكاء والفراسة حاضرا فنظر إلى أنس وإذا شعرة بيضاء من حاجبه قد تدلت فوق عينه! فمسحها وسواها بحاجبه ثم قال انظر أبا حمزة فجعل ينظر ويقول: لا أراه.
هل أستطيع الحصول على سند لهذا الخبر؟
ـ[التبريزي]ــــــــ[05 - Oct-2008, صباحاً 01:08]ـ
هل أستطيع الحصول على سند لهذا الخبر؟
وما المانع أخي الكريم أن يكون سند الخبر صحيحا؟
هناك خبر أقوى وقصة مشابهة حدثت في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وسأحاول إيراد مصدرها قريبا ..
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[05 - Oct-2008, صباحاً 08:08]ـ
وما المانع أخي الكريم أن يكون سند الخبر صحيحا؟
لا يمنع من ذلك مانع؛ إلا أن يكون به علة من علل الأسانيد المعروفة.
وسألتك عن سنده للتأكد من صحته.
وفقك الله.
ـ[التبريزي]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 01:55]ـ
كلُّ عامٍ أنتم بخير ...
ما كان لي نية العودة إلى هذا الموضوع، لكن وجدت تطورا جديدا ومهما في طلب تحري رؤية الهلال من الجهات المختصة في السعودية، وهو طلب التحري بالعين المجردة أو بواسطة المناظير، والمناظير لم تكن مقبولة في التحري!! ونقاشها كان يُعدّ من التنطع والممنوعات،، (وترجو المحكمة العليا ممن يراه بالعين المجردة أو بواسطة المناظير إبلاغ أقرب محكمة إليه وتسجيل شهادته لديها أو الاتصال بأقرب مركز لمساعدته في الوصول إلى أقرب محكمة) ومما لفت انتباهي أن بعض مشائخ السعودية صار يناقش مسألة الإعتماد على الحساب الفلكي لدقته المتناهية كما يقولون، ويسأل: هل العبرة بولادة القمر أم برؤيته لثبوت دخول الشهر وانقضائه؟!!
-------------------------
المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك
الرياض: واس
دعت المحكمة العليا إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء يوم الخميس الموافق 29 شعبان 1430 هـ ليلة الجمعة الثلاثين من شهر شعبان 1430 هـ حسب تقويم أم القرى الموافق 21 أغسطس 2009 م.
جاء ذلك في بيان للمحكمة العليا فيما يلي نصه:
الحمد لله وحده وبعد فنظراً لثبوت رؤية هلال شهر شعبان ليلة الخميس الموافق 1/ 8 / 1430هـ حسب تقويم أم القرى , فإن المحكمة العليا بالمملكة العربية السعودية بناءً على الأمر السامي البرقي رقم 6605 / ب وتاريخ 15/ 6 / 1430هـ , وعلى لائحة تحري رؤية هلال أوائل الشهور القمرية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 143 وتاريخ 22/ 8 / 1418هـ , ترغب من عموم المسلمين في جميع أنحاء المملكة تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك مساء يوم الخميس الموافق 29 / شعبان / 1430هـ , أي ليلة الجمعة الثلاثين من شهر شعبان لعام 1430هـ حسب تقوم أم القرى , الموافق 21 / أغسطس آب / 2009، وترجو المحكمة العليا ممن يراه بالعين المجردة أو بواسطة المناظير إبلاغ أقرب محكمة إليه وتسجيل شهادته لديها أو الاتصال بأقرب مركز لمساعدته في الوصول إلى أقرب محكمة، وتود المحكمة من جميع المترائين الانضمام إلى اللجان المشكلة في المناطق لهذا الغرض , وتأمل ممن لديه القدرة على الترائي الاهتمام بالأمر والمشاركة فيه والاحتساب , لما فيه من التعاون على البر والتقوى , والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[20 - Aug-2009, مساء 11:42]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39548
ـ[أبو صخر الغامدي]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 03:06]ـ
سلام عليكم
لابد أن تعرف أخي المقريزي أن المسألة خلاف بين العلماء الأكابر رحمهم الله
ولو كنا في خلافة إسلامية لاختار الإمام رأيا يعمل به , ولأمر الناس بذلك, ولوجب على الأمة كلها العمل بأمره , لأن الحاكم يرفع الخلاف, ولأن الصوم يوم يصوم الناس , كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم , ولأن اجتماع المسلمين أمر مأمور به شرعا.
لكن لا خلافة هذه الأيام , فالأمة ممزقة , وشملها مشتت والله المستعان
لكن هذا كله لا يلغي الخلاف في المسألة , وهذا الشغب الذي يحدث كل عام شغب لا مبرر له
فقد حدث هذا في عهد معاوية رضي الله عنه كما في قصة كريب , فصام أهل الشام قبل أهل المدينة , لكن القوم كانوا أعقل من أن يجعلوا من الحبة قبة!!
أخي التبريزي: لا تأخذ بحديث دون حديث , ولا تثرب على من أخذ رأيا مدعوما بالدليل.
ثم من قال أن قول ابن عباس رضي الله عنه (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) قول صحابي
أو أن ابن عباس يقصد حديث (صوموا لرؤيته ... )
بل الأمر على ظاهره, فقد صام معاوية وأهل الشام الجمعة بالشام , وصام ابن عباس وأهل المدينة السبت بالمدينة , فدل على أنه لا يلزم إن رؤي الهلال في بلد أن يصوم أهل بقية البلدان , فقال (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فالقصة تفسر قصد ابن عباس لا التبريزي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[21 - Aug-2009, صباحاً 09:11]ـ
الأخ أبو محمد،، بارك الله فيك،،،
تلك نظرة أهل الظاهر،، ولهم مؤيدون ومعارضون،،،
الأخ الغامدي،،
حبذا لو اطلعت على الموضوع من أصله والردود لترى وجهة النظر كما هي، ولترى أن رمضان لا يصح أن يُسيّس ...
كلُّ عام يحدث تطورٌ جديد في الرؤى، واستخدام المناظير والمراصد الفلكية كان ممنوعا والحديث عنها تنطعا، فكيف صار استخدامها مندوبا ومطلوبا؟!!
قراءة رد وتجاوز غيره لا يعطي الصورة الواضحة ...
أهلا بك ...(/)
عرّف الهلال؟
ـ[مهدي صالح]ــــــــ[21 - Aug-2008, مساء 11:51]ـ
السلام عليكم
أحبابي النبلاء
لدي يعض الأسئلة حول الصيام بعد قراءة شرح كتاب الصيام من زاد المستقنع لابن عثيمين - رحمه الله - فأرجو ممن لديه علم أن يفيدنا، و له الدعاء
1 / " هلال رمضان " الهلال عبارة عن ماذا؟
سؤال كان مفاجئاً جدا لي لكني لم أعرف الجواب
و بعبارة أخرى .. عرف الهلال؟ و كيف يُرى؟
فمن ترى يجيب
ـ[مهدي صالح]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:21]ـ
عشرة من القراء و لا مجيب و الكثير لم يفكروا أن يدخلوا إلى الموضوع أصلاً:)
نعم كما كنتُ أتوقع مع سذاجة السؤال إلا أنه لا أحد عرف الجواب إلى الآن؟
و لا زلتُ بانتظاركم
ـ[حمد]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:42]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
http://www.safwanews.com/index.php?show=news&action=article&id=1615
http://olom.info/ib3/ikonboard.cgi?act=SF;f=58(/)
سؤال يتعلق بحرب الفجار
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[22 - Aug-2008, صباحاً 01:43]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام هل ثبت بالسند الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شارك في قتال حرب الفجار، وإذا ثبت أنه قد شارك فما هو الهدي المستفاد من ذلك وجزاكم الله خير.(/)
لئن أدركت رمضان ليَرينَّ اللهُ ما أصنع!! (للشيخ عمر المقبل)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[22 - Aug-2008, صباحاً 11:12]ـ
لئن أدركت رمضان ليَرينَّ اللهُ ما أصنع!!
للشيخ: عمر بن عبدالله المقبل ـ حفظه الله تعالى ـ
أخذ صاحبي مكانه في مصلى العيد، وبدأ يناجي نفسه ويحادثها، ويسترجع معها شريط الذكريات لشهر كاملٍ ... شهرٍ مضى وكأنه يوم واحد ... جلس وهو يعتصر ألماً على تلك الليالي التي تصرمت، والأيام التي تقضت، ومما زاد ألمه أنه قارن نفسه ببعض من حوله، فإذا المسافة بينه وبينهم كبيرة .. لقد دخلوا الميدان في يوم واحد بل في ساعة واحدة، ولكنه تباطأ وسوّف؛ بل ونام كثيراً حتى سبقه السابقون، لقد حاول أن ينظر إليهم بمقرب الصور (الدربيل) فلم يستطع، فقد سبقوه سبقاً بعيداً، وظفروا بالجوائز الكبرى ..
استنجد صاحبي بذاكرته ليقلب من خلالها صفحات عمله في هذا الشهر الذي انصرم، لعله يجد فيها ما يرفع من معنويات نفسه المنكسرة، فبدأ يقلب صفحات البر التي تيسر له أن يقوم بشيء منها .. ففتح صفحة قراءة القرآن، فإذا هو لم يكد يصل إلى ختمة واحدة إلا بشق الأنفس! وهو يسمع ـ ليس في أخبار السلف السابقين ـ بل في أخبار أناس حوله من الصالحين بل ومن الشباب من ختم خمس مرات، ومن ختم ست بل وعشر مرات!!
حاول أن يخفف حسرته هذه ليفتح صفحة البذل والجود والعطاء لمن هم حوله أو لمن هم خارج بلاده من منكوبي المسلمين، خاصة وأنه يعلم أن الله تعالى قد أعطاه وأنعم الله عليه بالمال، وإذا هو لم يكن له النصيب الذي يليق بمثله من الصدقة والصلة والإحسان .. تنهد .. سكت قليلاً ... نظر فإذا صدقته وبذله لا يتناسب مع ما آتاه الله تعالى من المال .. فالسائل والمحروم ليس لهم من ماله في هذا الشهر نصيب إلا النزر اليسير، بل قد يكون بعض كرام النفوس الذين عافاهم الله تعالى من شح النفس ـ مع قلة ذات أيديهم ـ أكثر منه بذلاً ...
أشاح بوجهه عن هذه الصفحة، وحاول أن يخفي ألمه وحسرته، بتقليب صفحة أخرى لعله يجد نفسه سابقاً ولو في ميدان واحد، فإذا بصفحة صوم الجوارح تواجهه، وهنا أسقط في يده، لقد تذكر ليالٍ كثيرة أطلق لبصره ولسمعه وللسانه فيها العنان ...
تذكر تلك المجالس التي يجتمع فيها هو وأصحابه على مشاهدة البرامج التي يعدها قطاع الطريق في هذا الشهر المبارك ـ طريق الجنة ـ من الدعاة إلى أبواب جهنم ببرامجهم الفضائحية ... من أفلام ومسلسلات يستحي العاقل ـ فضلاً عن المؤمن المشفق على قلبه وعمله ـ أن يشاهدها في غير رمضان فكيف في شهر الرحمة والرضوان؟!
وتذكر صحابنا ـ والألم والحسرة يكادان يفلقان كبده ـ كم ضاع وقته في تتبع المسابقات الدنيوية في الصحف والقنوات التي أشغلته عن المسابقات الأخروية ... تذكرها وهو يبكي على ما أصيب به من خذلان: كيف أشغل نفسه بمسابقات دنيوية نسبة فوزه بها في أحيان كثيرة تصل إلى الواحد من 500.000 أو أكثر، يبذل فيها جهداً ومالاً ووقتاً، وفي النهاية لا يفوز إلا خمسة أو عشرة أو حتى مئة من ملايين المتسابقين! تذكرها وهو يعاتب نفسه كيف أعرضت عن مسابقات الفوز بها مضمون؟! وأي فوز هو؟ إن جائزة مسابقتنا هي الجنان، ورضا الرحمن، وأنهار، وأشجار، وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، ونسبة الفوز فيها لمن أخلص وتابع مضمونة 100%!! ولكنه حب الدنيا الذي زاد عن حده، واللهث وراءها!!
وبينما هو جالس في المصلى، التفت صاحبي في مصلى العيد فرأى بعض أصحابه في الاستراحة و الجلسة الليلية الرمضانية ... رآهم في أحسن حُلّة، وأجمل لباس، والابتسامات تتوزع هنا وهناك ...
ولما حوّل بصره إلى ناحية أخرى نظر فإذا جملة من العباد والصالحين في مقدمة الصفوف ممن عرفهم بأنواع الطاعات وأصناف القربان، رآهم والبشر والسرور يطفح على وجوههم، وكأن الواحد منهم ـ لولا خشية إفشاء العمل ـ لقال بلسان حاله: هاؤم اقرؤوا كتابيه .. لقد لبسوا الجديد كما لبسه أصحابه، ولكن شتان بين ابتسامة وابتسامة!! وشتان بين جديد وجديد ... ، هنا، أخذت الأحاسيس تتردد في نفسه، وبدأت الأسئلة تتدفق على ذهنه ... هؤلاء أصحابي الذين أمضيت ما أمضيت معهم من الوقت فيما لا فائدة فيه؛ بل فيما حرَّم الله أحياناً .. على ماذا يبتسمون يا ترى؟! أهم يبتسمون ويضحكون على التخلص من رمضان أم على ماذا؟ أم فرحا
(يُتْبَعُ)
(/)
بإطلاق العنان لشهوات النفس؟ أم على لبس الجديد أم على ماذا يا ترى؟ وتذكر لحظتها كلمة سمعها في خطبة العيد العام الماضي: ليس العيد لمن لبس الجديد، ولكنه لمن رضي عنه ربُّ العبيد، وأعتقه من العذاب الشديد ...
طافت به هذه التساؤلات وهو يقلب طرفه في أولئك الصالحين والعباد وهو يتذكر ما قرأه في بعض الكتب، وهو أن الصالحين يفرحون بالعيد لتمام نعمة الله عليهم ببلوغ الشهر وتمامه، والرجاء يحدوهم من الرب الكريم أن يقبله منهم! وتذكر تلك الكلمة التي سمعها من إمام المسجد، والتي كان الإمام يحيى بن أبي كثير يقولها إذا جاء شهر رمضان: اللهم سلمني لرمضان وسلم لي رمضان، وتسلمه مني مُتقبلا.
خرج صاحبنا من مصلى العيد، وهو يعد نفسه الوعود الصادقة، ويمنيها بالعزمات الأكيدة، ويقول في نفسه: لئن أحياني الله تعالى إلى رمضان القادم ليَرينَّ اللهُ ما أصنع!! ولأعيشنَّ هذه الفرحة التي عاشها الصالحون العاملون ...
هذه ـ أخي الحبيب ـ مشاعر نادم على التفريط، جالت في ذهنه وبسرعة وهو في مصلى العيد ينتظر الصلاة مع المسلمين في عيد الفطر الماضي ...
وهي بالتأكيد مشاعر كل مؤمن في قلبه حسٌ وإدراك لفضائل هذا الشهر الكريم، ومناقبه وعظيم منزلته عند الله ..
ودارت الأيام، وأقبل شهر رمضان، وهاهو اليوم ينقل لكم عزمه وتصميمه ـ بإذن الله ـ على استغلال أيام وليالي هذا الشهر المبارك بكل ما يستطيع!.
ومما زاد من عزمه وتصميمه أنه نظر من حوله، فإذا الموت قد أخذ واحداً من أفراد عائلته، وشخصاً من حيهم الذي يسكن فيه، كما أن زميله في العمل أو الدراسة قد وافته هو الآخر منيتُه .. كل ذلك جعله يحمد الله أن أمهله حتى وصل إلى هذا اليوم راجياً من ربه أن يبلغه الشهر الكريم، فقد تقطع قلبه شوقاً إليه ...
وما له لا يشتاق، وهو يسمع فضائله العظيمة، ومناقبه الكبيرة؟ أليس هو شهر القرآن، والرحمة والدعاء، والمغفرة، والرضوان؟!
ما له لا يشتاق، بل لو تقطع قلبه شوقاً لما كان ـ وربي ـ ملوماً، وهو يسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه "؟ "ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"؟ "ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"؟
أَيُلام هذا؟! وهو يعلم أن الذي يعده بهذه الكنوز ليس قناة فضائية ولا صحيفة سيارة، بل الذي يعده هو محمد -صلى الله عليه وسلم-؟!.
أًيُلام هذا على شوقه، وهو يسمع حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين " ...
لا تلوموه ـ يا أحبة ـ فهو يعلم أن أبواب الجنة ما فتحت، وأن أبواب النار لم تغلق من أجل الملائكة! ولا من أجل الجبال! ولا من أجل الشجر! ولا من أجل الدواب! بل فتحت أبواب الجنة من أجله هو وإخوانه المؤمنين إنسهم وجنهم ...
نعم! من أجله هو من بين مخلوقات السماوات والأرض! ولا أغلقت أبواب النار إلا لأجله هو ... أفَيُلامُ هذا على فرحه وسروره وغبطته وحبوره؟!
من ذا الذي يلومه؟! وهو يسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات" وقد علم أن القرآن ثلاثُمائة ألف حرف تقريباً، أي أنه في الختمة الواحدة له ثلاث ملايين حسنة! وفضل الله أوسع وأعظم ولسنا نعده ولا نحصيه، فإذا ضوعفت الحسنة إلى سبعمائة ضعف، فمن الذي يستطيع عد ذلك؟!.
فنسأل الله تعالى، وهو واسع الفضل والعطاء، ذو المن والجود والكرم والسخاء، نسأله أن يمن علينا وعلى أخينا الكريم باستغلال أيام العمر فيما يرضيه عنا، وأن لا يحرمنا فضله بذنوبنا، ولا نواله بسوء فعالنا، إن ربي لطيف لما يشاء، إنه هو العليم الحكيم.
منقول
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82687
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 02:02]ـ
بارك الله فيك وفي الشيخ الفاضل عمر ..
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[30 - Aug-2008, صباحاً 07:48]ـ
وفيك بارك
ـ[خلوصي]ــــــــ[30 - Aug-2008, مساء 06:08]ـ
بارك الله فيكم ... بديعة!
سأنشرها .... و أقرؤها كل يوم بإذن الله .. !!
فيا أخي الفاضل لا تنشغل بالرد علي و اجعل وقتك ذاك لنشرها أكثر و أكثر.
ـ[خلوصي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 10:53]ـ
كلما فترنا فلنتذكر هذه المقولة!!
ـ[خلوصي]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 06:36]ـ
كلما فترنا فلنتذكر هذه المقولة!!
نعم!
فبسببها اليوم لم أخرج من المسجد إلا بعد الإشراق ... و قد كان هذا حلما يراودني من قديم و أتكاسل عنه ... برغم فضله العظيم " عمرة تامة تامة تامة؟ "
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 10:50]ـ
وفقك الله أخي الكريم، وجعلنا جميعا ممن يغتنم أوقات هذا الشهر المبارك
ـ[خلوصي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 02:53]ـ
سأظل كلما تكاسلت أقرأ هذا العنوان و أرفعه .... فادعوا لي أن أنساه؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 12:38]ـ
بقي من رمضان 25 يوما تقريبا
ـ[خلوصي]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 01:05]ـ
البارحة حلفت ألا أخرج بعد الصلاة مباشرة ... !
و سبحان الله لو طبقت فقط هذه الطريقة و فقط لربع ساعة كل صلاة لتغير الوضع كثيراً ... في استغلال تلك الدقائق ... و كذلك في التخطيط لغيرها و كسر شوكة تثبيط النفس الأمارة!؟
ـ[خلوصي]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 05:09]ـ
للأهمية!!
ـ[خلوصي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 01:11]ـ
البارحة حلفت ألا أخرج بعد الصلاة مباشرة ... !
و سبحان الله لو طبقت فقط هذه الطريقة و فقط لربع ساعة كل صلاة لتغير الوضع كثيراً ... في استغلال تلك الدقائق ... و كذلك في التخطيط لغيرها و كسر شوكة تثبيط النفس الأمارة!؟
من يحلف كذلك؟؟:)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 05:20]ـ
ذهب النصف وبقي النصف
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[21 - Aug-2009, مساء 05:36]ـ
يرفع،، لرفع الهمم،،
رمضان 1430 هـ
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[10 - Aug-2010, مساء 07:30]ـ
يرفع،، لرفع الهمم،،
رمضان 1431 هـ
ـ[حارث البديع]ــــــــ[11 - Aug-2010, صباحاً 03:30]ـ
ليس بأن الكثيرين منا يعدّ فى زمرة طلبة العلم ومع
فريق الصالحين وإذا أُشير له قالوا هذا فلان طالب العلم حافظ القران وأخذوا
يسردون الألقاب ويحصون المدائح فيك تأخذنّ بك نفسك
فتنسى تقصيرها وزللها وإن مررت على تلكم القصة أعلاه قلتَ
يانفسي أنا كذا وكذا وملت مع هواك دون حسبان
فضع لوحة توقف واجعلها نصب عينيك
حكمة من آثار السلف
مُرادها
(من لم يتهم نفسه ففى نفسه خلل)(/)
كتاب قيّم: مسألة الإيمان في كفتي الميزان
ـ[الرابية]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 06:04]ـ
السلم عليكم
حياكم الله
مسألة الإيمان في كفتي الميزان
لأبي غزيز اليوبي الجزائري
كتاب قيم قدم له علمين من أعلام الأردن
1العلامة شقرة
2 الشيخ محمد أبو رحيم
ناقش فية المؤلف جنس العمل وأنه من الإيمان
رد فيه على بعض المتعالمين في مسألة الإيمان
وناقش العلامة الألباني بأدب وحترام
حقيقة الكتاب حري بأن يقتنى ويستفاد منه
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 06:54]ـ
هذا الكتاب من أسوأ ما كتب في مسألة الإيمان من جهة التزامه بأدب الحوار أو آداب البحث العلمي ..
أما حكاية أدبه مع الشيخ الألباني فتوشك أن تكون من الكذب الذي يُضحك الناس ...
ومن البين اللائح أنني لستُ ممن يوافق الشيخ الألباني على قوله .. ولكني أيضاً لست ممن يوافق على أن يسمى سوء الأدب والسب والشتم =بحثاً علمياً ..
ـ[الرابية]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 07:25]ـ
أخي العزيز أبو فهر السلفي
الأنصاف عزيز
وحسن الأدب مطلب جميل
وما أجملة ممن يريده
وكلنا ذاك
أين الأنصاف والأدب في عباراتك
(هذا الكتاب من أسوأ ما كتب في مسألة الإيمان من جهة التزامه بأدب الحوار أو آداب البحث العلمي)
أما من ناحيت الكتاب فقد أثنا عليه ممن هو ذو أدب وخلق وشهد له الكثير بذلك العلامة شقرة حيث قال
فلا أحسبني قرأت في الدفاع عن ال الشيخ ناصر رحمه الله في مسائل العقيدة أحسن مما كتب أبو العزيز ......................
إلى أن قال بالأدب النقي الذي يجمل به الكاتب كلامه ويطرز به حاشيته
أم أن شقرة دلس
وأنت تقول (أما حكاية أدبه مع الشيخ الألباني فتوشك أن تكون من الكذب الذي يُضحك الناس)
أما العبارات الشديدة التي في الكتاب فهي لأقوام نال كبار العلماء سوء أدبهم حيث اخرج بعضهم ردا على لجنة كبار العلما فهل لهم أدب حتى يرد عليهم بأدب
بورك فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 08:42]ـ
أنا لا أتكلم عن عبارات شديدة وإنما أتكلم عن سوء أدب ...
وسوء الأدب .. سوء أدب ولو كان في حق يهود ..
وإن شئتَ أدميتُ قلوب مطالعي المنتدى ببعض ما في هذا الكتاب من القيح ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 09:42]ـ
وهذه واحدة بمناسبة أدبه مع الألباني ...
((وأما الذي منع الألباني -رحمه الله-[أي من لقاء أبي رحيم] في نظري: استبداده برأيه، وهذا خلق ضعف سببه جفوة الاستعجام أمام العنصر العربي .... )).
ـ[صالح العواد]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 10:03]ـ
صحيح الكتاب يحتاج إلى شيء من تعديل الألفاظ .. و الله الهادي
ـ[الرابية]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 10:39]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا فهر على هذا
وأغفلت الكثير من عبارات المؤلف في ثنائه على الألباني
لكن احسن وتلطف في نقدك بارك الله فيك ولو كان مع يهود
كما تريد من المؤلف
وأصدقَ في العبارة صالح العواد جزاه الله خير
لكن من منا لايسلم من الخطاء
ـ[محمود الغزي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:32]ـ
سبحان الله ......... !! سلم منه الحداثيين والعلمانيين والقبوريين والصوفيين والتبليغين والإخوانيين وووو ............ إلخ
ولم يسلم منهم محي السنة في هذا الزمن الإمام الألباني _رغم أنوف_!!
إلى الله نشكو غربة السنة بين أهلها
أقلوا عليه .......... ... أو سدوا المكان الذي سد.
قال سعيد بن المسيب _رضي الله عنه _:
" ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه، وهب نقصه لفضله ".
وإن لم ينطبق هذا الأثر في هذا العصر على الإمام الألباني فلا أعلم على من ينطبق
وأقول للذين يستثقلون هذا الكلام .... !!
أرأيت لو رأيت رد علمي مؤدب بالأدلة والبراهين، لا من الاكاذيب والاختلاق والمين
على أحد رؤوس الحزبية = المفكريين الإسلاميين، فهل ستتقبله، لا أظن
فهذا يكون في حق من جدد الدين في هذا العصر (بشهادة الإمام ابن باز _ عليه الرحمة_) من باب أولى!!
وعند الله عند الله تجتمع الخصوم!!.
ولا أريد أن أزيد!!.
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 12:45]ـ
محمود الغزي .. نحن لانستنكر على صاحب الكتاب أصل الموضوع .. وإنما أسلوب النقاش والرد والتعقيب ..
فلاتأت لتعلق بكلام فيه تدليس وتلبيس ..
ثم تأتي لتحشر جماعة التبليغ والإخوان مع الليبراليين والعلمانيين .. اتق الله ياأخي .. لايجرنك حبك للإمام الألباني .. أن تسيء للإخوان والتبليغ ..
ونكرر .. لاينبغي عند النقاش العلمي الإساءة للمردود عليه في الخطاب كيفماكان .. فكيف لو كان إماما من أئمة المسلمين ...
ـ[بنت الخير]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 12:41]ـ
بعيدًا عن موضوع الكتاب وما فيه:
لعل أبا فهر سامحه الله يلتزم الأدب في مناقشاته، ولا يقع فيما ينكره على الغير من سوء الأدب
يقول:
ولكني أيضاً لست ممن يوافق على أن يسمى سوء الأدب والسب والشتم =بحثاً علمياً ..
ثم هو يلتزم الأدب، ويتجنب سوء الأدب والسب والشتم!!! فيقول:
هذا الكتاب من أسوأ ما كتب في مسألة الإيمان من جهة التزامه بأدب الحوار أو آداب البحث العلمي .. أما حكاية أدبه مع الشيخ الألباني فتوشك أن تكون من الكذب الذي يُضحك الناس ...
ثم يقول:
وسوء الأدب .. سوء أدب ولو كان في حق يهود ..
وإن شئتَ أدميتُ قلوب مطالعي المنتدى ببعض ما في هذا الكتاب من القيح ...
هذا هو أدب أبي فهر الذي يدعو الناس إليه ويعيب عليهم تركه!!!
اتق الله أبا فهر، وتعلم الفرق بين الأدب ... وسوء الأدب.
إنا لله وإنا إليه راجعون
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 03:51]ـ
جعلنا الله من المتقين ..
وليس من سوء الأدب وصف سوء الأدب بأنه سوء أدب ...
وفي الكتاب والسنة مستبشعات في الوصف .. هي عين العدل لأنها صادفت محلاً ..
أما من كذب فوصف الناس بما ليس فيهم .. فقد خرج من حد النصح إلى حد البهتان ..
أو ذكر ما يراه حقاً من صفات مستبشعة في البعض =في غير سياقه وموضعه فقد تعدى حد النصح إلى حد الغيبة والعياذ بالله ..
وكل ذلك سوء أدب ..
ولو نص صاحب الكتاب على أخطاء وضلالات من يرد عليهم كما نصصنا نحن على ما في كتابه من سوء أدب وقيح =لما عبناه ...
ولو تجاوزنا نحن وصفه بسوء الأدب وزدنا عليه أوصافاً نتهمه به هي كذب أو لا تليق بسياق الكلام لكنا مثله في سوء الأدب ...
يا أختاه ...
قد عرفناه فوصفناه ...
ذقنا الحنظل ...
فوصفنا الحنظل ...
أما صاحب الكتاب فقد جار وأساء الأدب ... هذه حاله ... شئتِ أم أبيتِ ... يصف لك حاله من يراه أصاب من الحق في المسألة أكثر مما أصابه مخالفوه .. فكانت شهادة غير مجروحة ..
والله يفصل بينه وبين مخالفيه بعدله سبحانه ...
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 04:06]ـ
وهذه واحدة بمناسبة أدبه مع الألباني ...
((وأما الذي منع الألباني -رحمه الله-[أي من لقاء أبي رحيم] في نظري: استبداده برأيه، وهذا خلق ضعف سببه جفوة الاستعجام أمام العنصر العربي .... )).
ما شاء الله يا أبناء الخير!!
كل هذه الردود على أخينا أبي فهر؛ لأنه غار على عرض العلماء؟!
كل هذه الردود للدفاع عن صاحب هذا «الهراء!»؟!
ثم تستهدفون أخانا أبا فهر، وتتهمونه بسوء الأدب، والجفاء .... ؟!
وكان الأولى بكم أن تشمئز نفوسكم من هذا الكلام الخبيث!؛ لا أن تدافعوا عن صاحبه!!.
أما بخصوص بحثه العلمي!؛ فلا تثريب على مجتهد؛ فالكل مأجور إما أجرًا واحدًا، وإما أجرين.
?وبمناسبة الأدب!؛ نسأل صاحبة الموضوع عن مرادها بقولها:
رَدَّ فيه على بعض ((المتعالمين))!
فمن قَصَدْتِّ بهؤلاء ((المتعالمين))! يا تُرَى؟ ............... (لا أظن قصدكِ يخفى على لبيب)
وإن المرء لَيَرَى القذى! في عين أخيه، ولا يرى الجذع!! في عينه.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 04:13]ـ
هذه التي اتهمتني بسوء الأدب .. رددتُ عليها -أولاً-محسناً الظن =ِأنها كغيرها من أعضاء المنتدى لها بعض الحق في ألا يُتجاهل كلامُها ..
ثم رأيت بعض تعليقاتها على مواضيعي ... فأسفتُ لردي عليها هاهنا ...
والحمد لله على الإسلام والسنة والعقل ...(/)
ما هو حكم العقيقة؟
ـ[معتوق]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 06:24]ـ
أيها الأخوة الفضلاء
بحثت عن حكم العقيقة في كتب الفقهاء ووجدت أقوالهم في حكمها لا تخرج عن كونها مشروعة فالشافعية والحنابلة يرون بأنها سنة مؤكدة بينما نص الحنفية على أنها مباحة عندهم وذهب المالكية على أنها مندوبة والمندوب عندهم أقل من المسنون ..
وقال ابن القيم رحمه الله: (فأما أهل الحديث قاطبة وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم فقالوا هي من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم ذكر أدلتهم ...
وذكر نصا صريحا عن الإمام أحمد بأنه لا يرى وجوبها: قيل لأبي عبد الله العقيقة واجبة هي فقال أما واجبة فلا أدري لا أقول واجبة ثم قال أشد شيء فيه أن الرجل مرتهن بعقيقته ...
سؤالي ما هو الراجح في حكمها؟
وهل العقيقة بشاة واحدة عن الذكر تجزيء ولا يكون مرتهن بعقيقته لحديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا)
أفيدونا وجزاكم الله خيرا
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 07:00]ـ
هذا الكتاب فيه كل ما تريد عن العقيقة:
المفصل في أحكام العقيقة
http://www.yasaloonak.net/books/Mofasal.zip
ـ[معتوق]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:44]ـ
هذا الكتاب فيه كل ما تريد عن العقيقة:
المفصل في أحكام العقيقة
http://www.yasaloonak.net/books/Mofasal.zip
شكرا لك على مشاركتك ..
ولكن لم أجد إجابات على تساؤلاتي ..
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 05:41]ـ
حكم العقيقة، وهل تسقط عن الفقير
رزقني الله بمولود، وقد سمعت بأن على زوجي أن يذبح له شاتين، عقيقة فإذا كانت ظروفه لا تسمح له بسبب ديونه الكثيرة فهل تسقط عنه؟.
الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء في حكم العقيقة على ثلاثة أقوال: فمنهم من ذهب إلى وجوبها، ومنهم من قال إنها مستحبة، وآخرون قالوا: إنها سنة مؤكدة، ولعله القول الراجح.
قال علماء اللجنة الدائمة:
العقيقة سنة مؤكدة، عن الغلام شاتان تجزئ كل منهما أضحية، وعن الجارية شاة واحدة، وتذبح يوم السابع، وإذا أخرها عن السابع جاز ذبحها في أي وقت، ولا يأثم في تأخيرها، والأفضل تقديمها ما أمكن.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/ 439).
لكنهم لم يختلفوا أنها لا تجب على الفقير فضلاً عن صاحب الدَّيْن، ولا يُقدَّم ما هو أعظم من العقيقة كالحج – مثلاً – على قضاء الدَّيْن.
لذا فالعقيقة غير لازمة عليكم لظروف زوجكِ الماليَّة.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
إذا رزقت بعدد من الأولاد، ولم أعق عن أحد منهم بسبب ضيق الرزق؛ لأني رجل موظف، وراتبي محدود ولا يكفي إلا المصروف الشهري، فما حكم عقائق أولادي عليَّ في الإسلام؟
فأجابوا:
إذا كان الواقع كما ذكرت من قلة ضيق اليد، وأن دخلك لا يكفي إلا نفقاتك على نفسك ومن تعول؛ فلا حرج عليك في عدم التقرب إلى الله بالعقيقة عن أولادك؛ لقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} البقرة / 286، وقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} الحج / 78، وقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم} التغابن / 16، ولما ثبت عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)، ومتى أيسرت شرع لك فعلها.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/ 436، 437).
وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
رجل أتى له أبناء ولم يعق عنهم؛ لأنه كان في حالة فقر، وبعد مدة من السنين أغناه الله من فضله، هل عليه عقيقة؟
فأجابوا:
إذا كان الواقع ما ذكر فالمشروع له أن يعق عنهم عن كل ابن شاتان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/ 441، 442).
وسئل الشيخ ابن عثيمين:
رجل له مجموعة من الأبناء والبنات ولم يعق لأحد منهم إما لجهل أو لتهاون، وبعضهم كبار الآن، فماذا عليه الآن؟
فأجاب:
إذا عق عنهم الآن فهو حسن إذا كان جاهلا، أو يقول غداٌ أعق حتى تمادى به الوقت، أما إذا كان فقيرا في حين مشروعية العقيقة فلا شيء عليه.
" لقاء الباب المفتوح " (2/ 17 – 18).
كما أنه لا يجب على أهله القيام بالذبح نيابة عنه وإن كان يجوز لهم ذلك كما عقَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن حفيديْه الحسن والحسين – كما رواه أبو داود (2841) والنسائي (4219) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود (2466) -.
ثانياً:
وإذا تعارض عندكم الحج مع العقيقة: فالمُقدَّم هو الحج قطعاً، فإن أردتم العق عن أولادكم فيجوز ولو كانوا كباراً، ولا يلزمكم أن تقولوا للمدعوِّين أنها عقيقة، ولا يجوز لهم أن يسخروا من فعلكم لأنكم فعلتم الصواب، ولا يشترط طبخ العقيقة ودعوة الناس إليها بل يجوز توزيع لحمها نيئاً كذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة:
العقيقة: هي ما يذبح في اليوم السابع من الولادة؛ شكراً لله على ما وهبه من الولد، ذكَراً كان أو أنثى، وهي سنة؛ لما ورد فيها من الأحاديث، ولمن عق عن ولده أن يدعو الناس لأكلها في بيته أو نحوه، وله أن يوزعها لحماً نيئاً وناضجاً على الفقراء وأقاربه وجيرانه والأصدقاء وغيرهم.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/ 442).
والله أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب(/)
إظهار اللطائف بأخبار الصوم في اليوم الصائف للشيخ طارق الحمودي.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 06:37]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
على عادة شيخنا الشيخ الأستاذ طارق الحمودي -حفظه الله-في إتحافنا ببحوث دقيقة و درر نفيسة، يزفها إلينا بحسن سبك،يأتي هذا البحث اللطيف -و القيم باعتبار زمانه- منه على طريقته الخاصة،ويسعدني ان أقدمه لإخواني عسى أن ينتفعوا به،وسائلا الله أن يبارك في شيخنا ويحفظه من كل سوء.
إظهار اللطائف بأخبار الصوم في اليوم الصائف.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
أما بعد
فلا يخفى فضل الصوم على أحد, خصوصا إن صاحبته شدة وتكلف. قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص551): (ومما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات الصيام, لما فيه من ظمأ الهواجر)
وقال (ص554): (لما صبر الصائمون لله في الحر على شدة العطش والظمأ, أفرد لهم بابا من أبواب الجنة وهو باب الريان, من دخله شرب , ومن شرب لم يظمأ بعدها أبدا.)
ومن أشده على الأبدان صوم الصيف. ونحن على عتبات شهر رمضان الذي اتفق أن يكون في أواخر الصيف ولعله يكون في وسط الصيف العام المقبل. وقد ورد في هذا أخبار وددت جمعها هنا تذكرة وعبرة.
*روى البخاري (1843) ومسلم (1122) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار (وفي لفظ مسلم:في شهر رمضان) حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر, وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة)
*وروى البخاري (2733) ومسلم (1119) عن أنس رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم, أكثرنا ظلا الذي يستظل بكسائه, وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا, وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب, وامتهنوا وعالجوا.فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(ذهب المفطرون اليوم بالأجر)
*وروى ابن المبارك في الزهد (ص461) وابن أبي الدنيا في الهواتف (ص23) وابن أبي شيبة (2/ 273) وعبد الرزاق (4/ 308) والروياني في مسنده (1/ 374) وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 260) عن واصل مولى أبي عيينة عن لقيط بن المغيرة عن أبي بردة أن أبا موسى سمع هاتفا في البحر يقول: (إن الله قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر كان حقيقا على الله أن يرويه يوم القيامة. فكان أبو موسى الأشعري يتبع اليوم المعمعاني الشديد الحر فيصومه)
*ورواه البزار [(مختصر زوائد البزار) للحافظ (1/ 404)] من طريق عبد الله بن المؤمل عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى بسرية في البحر ... )
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 183): (رواه البزار ورجاله موثقون).وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 51): (رواه البزار بإسناد حسن إن شاء الله). لكن فيه عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف.
*وروى أبو يعلى (2/ 420) حدثنا زهير حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي حدثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهر من ماء السماء, والناس صيام في يوم صائف وهم مشاة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته, فقال: اشربوا أيها الناس. قالوا: نشرب يا رسول الله. قال: فقال: إني لست مثلكم, إني أيسر منكم, إني راكب. قال:فأبوا. قال: فثنى نبي الله صلى الله عليه وسلم فخذه فنزل, فشرب وشرب الناس, وما كان يريد أن يشربه.)
والحديث أصله عند ابن حبان وابن خزيمة وصحح إسناد ابن خزيمة الأعظمي في تحقيقه.
*وروى البيهقي في شعب الإيمان (3/ 21) عن بحر بن كنيز عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ست خصال من الخير جهاد أعداء الله بالسيف والصوم في يوم الصيف وحسن الصبر عند المصيبة وترك المراء وأنت محق وتبكير الصلاة في يوم الغيم وحسن الوضوء في أيام الشتاء)
*وروى الديلمي في الفردوس (2/ 326) عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: (ست من كن فيه كان مؤمنا حقا إسباغ الوضوء ومبادرة الصلاة في يوم دجن وكثرة الصوم في شدة الحر وقتل الأعداء بالسيف والصبر على المصيبة وترك المراء وإن كنت محقا) وبحر بن كنيز السقا ضعيف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (443) حدثني أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني ثنا منصور بن بشير ثنا أبو معشر المدني عن يعقوب بن أبي زينب عن عمر بن شيبه قال: دخلوا على أبي سعيد الخدري فقالوا حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ليس فيه اختلاف فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ست من كن فيه بلغ حقيقة الإيمان ضرب أعداء الله بالسيف وابتدار الصلاة في اليوم الدجن وإسباغ الوضوء عند المكاره وصيام في الحر وصبر عند المصائب وترك المراء وأنت صادق)
قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (8/ 171): (وهذا إسناد ضعيف مجهول. عمر بن شيبة أظنه الذي في الجرح والتعديل (3/ 1/115):عمر بن شيبة بن أبي كثير مولى أشجع, روى عن نعيم المجمر وسعيد المقبري, روى عنه أبو أويس المدني, سألت أبي عنه فقال: مجهول) فإن كان هو هذا فهو منقطع, لأ بينه وبين أبي سعيد سعيد المقبري, ويعقوب بن أبي زينب مجهول أيضا, وابو معشر المدني واسمه نجيح ضعيف)
*وروى أحمد (4/ 63) وأبو داود وغيرهما (2365) عن مالك بن أنس عن سمي عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام في سفر عام الفتح وأمر أصحابه بالإفطار وقال اإكم تلقون عدوا لكم فتقووا فقيل يا رسول الله ان الناس قد صاموا لصيامك فلما أتى الكديد أفطر قال الذي حدثني فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم)
*وروى ابن أبي شيبة (2/ 299/ما ذكر في الصائم يتلذذ بالماء) حدثنا أزهر السمان عن بن عون قال: (كان بن سيرين لا يرى بأسا أن يبل الثوب ثم يلقيه على وجهه) وقال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عثمان بن أبي العاص (أنه كان يصب عليه الماء ويروح عنه وهو صائم عشية عرفة أو يوم عرفة) وقال: حدثنا حفص عن الحسن بن عبيد الله قال: (رأيت عبد الرحمن بن الأسود ينقع رجليه في الماء وهو صائم)
*وقال ابن رجب في لطائف المعارف (ص553): (كان الإمام أحمد يصوم حتى يكاد يغمى عليه, فيمسح على وجهه بالماء, وسئل عمن يصوم فيشتد عليه الحر, قال: لا بأس أن يبل ثوبا يتبرد به, ويصب عليه الماء)
*وروى أحمد في كتاب الزهد ا (ص112) حدثنا سليمان بن داود حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص قال: (ذكر لي أن أبا بكر كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء) وهذا معضل.
*وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 359) عن أبي الأحوص والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 22) عن جرير كلاهما عن ليث عن رجل من أهل المدينة (سماه جرير أبا منير) قال: أوصى عمر بن الخطاب عبد الله ابنه عند الموت فقال: يا بني عليك بخصال الإيمان قال وما هن يا أبت قال الصوم في شدة الصيف وقتل الأعداء بالسيف والصبر على المصيبة وإسباغ الوضوء في اليوم الشاتي وتعجيل الصلاة في يوم الغيم وترك ردغة الخبال قال فقال وما ردغة الخبال قال شرب الخمر)
وفيه مبهم والليث ضعيف.
*وذكر العجلوني في كشف الخفاء (1/ 407) حديثا مسلسلا فيه: (وقال علي رضي الله عنه وأنا يا رسول الله حبب إلي من الدنيا الصوم في الصيف وإقراء الضيف والضرب بين يديك بالسيف قال الطبري خرجه الجندي والعهدة عليه) ولا يصح.
*وروى البيهقي في الشعب (3/ 22) أخبرنا أبو عبد الله السابري أنا أحمد بن محمد بن الحسين البيهقي ثنا داود بن الحسين ثنا حميد بن زنجويه النسوي ثنا عبيد الله بن موسى أنا اسرائيل عن منصور عن طلحة عن أبي حازم عن أبي هريرة: (قال ثلاث من الإيمان, أن يحتلم الرجل في الليلة الباردة, فيقوم فيغتسل, لايراه إلا الله, والصوم في اليوم الحار, وصلاة الرجل في الأرض الفلاة, لايراه الا الله عز وجل) قال البيهقي: (هكذا جاء موقوفا)
*وأخرج البيهقي عن نافع قال خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ووضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي غنم فسلم فقال ابن عمر هلم يا راعي هلم فأصب من هذه السفرة فقال له إني صائم فقال ابن عمر أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم فقال له إني والله أبادر أيامي الخالية.
*وروى ابن أبي شيبة (2/ 280) والطبري في تهذيب الاثار (1/ 149) وأبو نعيم في الحلية (2/ 47) عن ابن عون عن القاسم بن محمد قال: (لقد رأيت أم المؤمنين تصوم فى السفر حتى أذلقها قال ابن عون أو قال أذرقها السموم)
(يُتْبَعُ)
(/)
*ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 70) حدثنا يونس قال أنا بشر بن بكر عن الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبى كثير قال: حدثني القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تصوم في السفر في الحر فقلت ما حملها على ذلك فقال انها كانت تبادر)
ومعنى السموم كما قال ابن قتيبة في غريب الحديث (2/ 469): (حر النهار والحرور حر الليل)
*وروى البخاري في التاريخ الكبير (5/ 147) وابن أبي شيبة (2/ 299) عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي عثمان رأى بن عمر رضي الله عنهما يبل ثوبا فيلقى عليه وهو صائم
*وروى أحمد في الزهد (ص148) حدثنا عبدالله بن محمد قال سمعت شيخا يقول: (بلغنا أن أبا ذر كان يقول يا أيها الناس إني لكم ناصح إني عليكم شفيق صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور صوموا في الدنيا لحر يوم النشور تصدقوا مخافة يوم عسير يا أيها الناس إني لكم ناصح إني عليكم شفيق)
*وروى الطبري في التاريخ (2/ 640) وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 8) عن سيف بن عمر عن محمد وطلحة أن عامر بن عبد قيس (كان يكون في السواحل وكان يلقى معاوية فيكثر ويكثر معاوية أن يقول حاجتك فيقول لا حاجة لي فلما أكثر عليه قال له ترد علي من حر البصرة لعل الصوم أن يشتد علي شيئا فإنه يخف علي في بلادكم)
وسيف بن عمر متروك.
*وروى أبو نعيم في حلية الأولياء (6/ 222) حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن الحسين حدثني أحمد بن ابراهيم حدثني محمد بن عمرو ثنا معاوية الكندي قال: (كان عطاء صائما فدخل الماء في يوم صائف فسكن عنه العطش, فقال: يا نفس إنما طلبت لك الراحة, لا دخلت بعد هذا اليوم الماء أبدا)
*وروى ابن أبي شيبة (7/ 151) وابن سعد في الطبقات (6/ 71) والفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 324) عن حنش عن رياح النخعي قال: (كان الأسود يصوم في السفر حتى يتغير لونه من العطش في اليوم الحار في غير رمضان) وقيل أن عينه ذهبت بذلك! فروى الدوري في تاريخ ابن معين) (3/ 390) حدثنا يحيى قال حدثنا يحيى بن اليمان قال حدثنا حنش بن الحارث قال رأيت الأسود بن يزيد قد سألت عينه على خده من ظمأ الهواجر.
وروى الدينوري في المجالسة (1/ 204) عن يحيى بن معين نا يحيى بن اليمان حدثني حنش بن الحارث قال رأيت الأسود بن يزيد قد سالت عيناه على خديه من ظمإ الهواجر
*ونقل ابن رجب في لطائف المعارف (ص552) عن الحسن أنه قال: (تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر الخمر في الجنة تعاطيه الكأس في أنعم عيشة, أتدري أي يوم زوجنيك الله؟ إنه نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين, وأنت في ظمأ هاجرة من جهد العطش, فباهى بك الملائكة وقال: انظروا إلى عبدي , ترك زوجته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي , رغبة فيما عندي, اشهدوا أني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجنيك)
*وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 224) أخبرنا أبو أسامة يعني حماد بن أسامة عن جرير بن حازم قال سمعت عثمان بن القاسم يحدث قال: (لما هاجرت أم أيمن أمست بالمنصرف دون الروحاء فعطشت وليس معها ماء وهي صائمة فجهدها العطش فدلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض فأخذته فشربت منه حتى رويت فكانت تقول ما أصابني بعد ذلك عطش ولقد تعرضت للعطش بالصوم في الهواجر فما عطشت بعد تلك الشربة وإن كنت لأصوم في اليوم الحار فما أعطش)
*وروى عباس بن محمد الدوري في تاريخ ابن معين (4/ 455) وعنه الدينوري في المجالسة (1/ 28) نا علي بن الحسن بن شقيق عن عبد الله بن المبارك عن سعيد بن سالم - وليس بالقدَّاح – قال: نزلَ رُوحُ بن زِنْباع منزلاً بين مكة والمدينة في يوم صائف وقُرِّبَ غداؤه فانحط عليه راعٍ من جبلٍ فقال يا راعي هلمّ إلى الغداء فقال إني صائم فقال: روح أو تصوم في هذا الحر الشديد؟ قال فقال الراعي: أفأدع أيامي تذهب باطلاً. قال فأنشأ روح بن زنباع يقول:
لقد ضَنَنْتَ بأيّامك يا راعي إذ جاد بها رَوْحُ بن زِنْبَاعِ
*وروى أبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 88) حدثنا أبي ثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن حدثني أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي ثنا يحيى بن سعيد ثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد كان يقول: (ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء)
*وروى ابن المبارك في الزهد (ص94) ومن طريقه أبو نعيم في حلية الأولياء (4/ 159) أخبرنا اسماعيل بن عياش عن عبيدالله الكلاعي عن بلال بن سعد عن معضد قال لولا ظمأ الهواجر وطول ليل الشتاء ولذاذة التهجد بكتاب الله عز وجل ما باليت أن أكون يعسوبا)
*وروى في حلية الأولياء (8/ 23) حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا عيسى بن خالد الحمصي عن أبي اليمان ثنا عبدالرحمن بن الضحاك عن إبراهيم بن أدهم قال: (لولا ثلاث ما باليت أن أكون يعسوبا ظمأ الهواجر وطول ليلة الشتاء والتهجد بكتاب الله عز وجل)
*زروى ابن المبارك (ص95) و البيهقي في شعب الإيمان (3/ 414) وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 40) عن قتادة أن عامر بن عبد قيس لما حضره الموت جعل يبكي فقيل له ما يبكيك قال ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وعلى قيام الليل في الشتاء
*وروى ابن أبي الدنيا في المحتضرين (ص157) وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 196) عن محمد بن عبيد الله بن المنادي نا روح ابن عبادة نا العوام بن حوشب عن عياش العامري عن سعيد بن جبير قال لما حضر ابن عمر الموت قال ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث ظمأ الهواجر ومكابدة الليل واني لم أقاتل هذه الفئة الباغية التي نزلت بنا يعني الحجاج
*ورواه وروى ابن أبي شيبة (7/ 230) قال:حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا أبو كدينة عن مطرف عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال لما أصيب بن عمر قال: (ما تركت خلفي شيئا من الدنيا آسى عليه غير ظمأ الهواجر وغير مشي إلى الصلاة)
*وقال ابن رجب في اللطائف (551ص): (كانت بعض الصالحات تتوخى أشد الايام حرا فتصومه, قيقال لها في ذلك, فتقول: إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد, تشير إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس , لشدته عليهم, وهذا من علو الهمة).
والحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحُميدي]ــــــــ[14 - Aug-2009, مساء 08:24]ـ
يرفع للفائدة .. ،(/)
[سلسلةُ فِقه الصِّيَامِ]، لفضيلةِ الشَّيخِ العلَّامَة د. سَعد بن ناصرٍ الشّثريّ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 07:37]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[سلسلةُ فِقه الصِّيَامِ]،
لفضيلةِ الشَّيخِ العلَّامَة د. سَعد بن ناصرٍ الشّثريّ
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء
ـ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ.
وصلة السّلسلة:
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=3068
ـ[أبو عبد الأعلى]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 10:59]ـ
أخ سلمان وفقه الله لم أستطع ارسال رسالة خاصة لك لتجاوز الحد الأقصى لصندوقك
بارك الله فيك
ـ[العرب]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 12:19]ـ
جزاك الله الجنة
ـ[الكردستاني]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 12:47]ـ
جزاك الله خيرأ، وشكراً لك ... وبارك الله فيك.
ـ[أبو محمد العائذي]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 01:59]ـ
بارك الله فيك ..
وحفظ الله شيخنا العلامة سعد الشثري , وأطال عمره على طاعته.
نتمنى لو يصدر كتاب شرح فقهي مثل الزاد أو منار السبيل للشيخنا.
ـ[أبو عبد الأعلى]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 03:22]ـ
أخ سلمان وفقه الله لم أستطع ارسال رسالة خاصة لك لتجاوز الحد الأقصى لصندوقك
بارك الله فيك
......
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 02:34]ـ
جَزَاكُم اللَّهُ خَيْرًا جَمِيعًا، وبَارَكَ فيكُم.(/)
كلمة نفيسة من قلم محدث العصر!!
ـ[أبوعمر السحيم]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 07:57]ـ
كلمة نفيسة من قلم الإمام العلامة؛ محدث العصر: محمد ناصر الدين الألباني [ت:1420هـ] رحمه الله:
((فها أنا ذا؛ وقد بذلت نضارة شبابي، ونشاط كهولتي، وما بقي عندي من القوة
في الشيخوخة، وجل فراغي ووقتي في خدمة هذا العلم الشريف، مع الحرص الشديد
على الاطلاع على المخطوطات والمصورات، فضلاً عن المطبوعات، لا يكاد يشغلني
عن ذلك شيء مما يشغل غيري من طلاب العلم وأهله -إلا ما لابد منه- ومع ذلك
فإني كلما تقادم العهد بي، وطال عمري، ازددت إيماناً بقول الله تبارك وتعالى: {وما
أوتيتم من العلم إلا قليلاً}، وبأن الإنسان كلما ازداد علماً مع الزمن ازداد معرفة
بجهله، ولذلك كان من أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه قال له -تعليماً لنا-
: {وقل رب زدني علماً}، ولذلك كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم انفعني
بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علماً)) [1] ...
فهل يعتبر -بما تقدم- أولئك الناشئون المحدَثون في هذا العلم؟ سواء كانوا شيوخاً أو شباباً؟
فلا يتهجمون على التصحيح والتضعيف، فضلاً عن النقد والتجري؛ إلا بعد أن يتمرسوا
ويقوى عودهم فيه؛ {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد})).
انتهى كلامه رحمه الله. نقلاً من مقدمته في تحقيق كتاب: ((الكلم الطيِّب)) لشيخ الإسلام ابن
تيمية رحم الله الجميع.
[1] قال الألباني عند هذا الحديث: صححه الحاكم والذهبي، وهو حسن كما بينته في: (الصحيحة:3151).
فهل يعتبر طلبة العلم بهذا الكلام العظيم؟؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 09:15]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك.
رابط قد يفيد:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=212(/)
إذا اجتمع (عالم السوء) مع (الحاكم بأمره) .. فلا تسل عن حال الأمة
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 10:22]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" عالم السوء والضلال " هو من يصد الناس عن سبيل الله، ويصرفهم عن السنة إلى البدعة أوالشرك أو الانحراف، ويُزين لهم ذلك، ويُدافع عنه، ويسعى لتمكينه في بلاد الإسلام؛ لمآرب متنوعة (إما لأجل المادة أو السيادة أو تقليد الأسلاف .. الخ الأسباب)، وهذا النوع من العلماء - تجوزًا - سماهم بعض العلماء: (قطاع طريق)؛ لأنهم يحولون بين الناس وإخلاص العبادة لله، الموصل إلى جنته ورضوانه. وهم من عناهم ابن المبارك - رحمه الله - بقوله:
وهل أفسد الدين إلا الملوك
وأحبارُ سوء ورهبانها
فكيف إذا اجتمع " عالم السوء "، مع " الحاكم بأمره "؟!
فلاتسل عن حال أهل الإسلام
ومن النماذج؛ ماذكره الأستاذ عبداللطيف علي سالم في كتابه " التوسل بالأولياء " (ص 50)، قال: (فقد أصدر وزير الأوقاف وقتئذ قراراً بإغلاق مقصورة الحسين؛ حتى لا يُصلي فيها الناس، فأحضر الرئيس جمال عبدالناصر الشيخ حسن الباقوري واستفتاه فيما يفعله الناس حول قبر الحسين من صلاةٍ في المقصورة، والتوسل بالحسين والاستغاثة به، والطواف حول ضريحه، والتمسح بجدران الضريح، فأجابه الشيخ بجواز ذلك!! قائلاً: لو كانت الصلاة في الأماكن التي تقوم فيها أضرحة ممنوعة ديناً؛ لكان المسلمون مخطئين على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان كانوا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه ضريحه مع صاحبيه أبي بكر وعمر!!
ويصرف النظر عما يحدث في مقصورة الحسين من شرك وبدع، فإن في احتجاج الشيخ بوجود قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده تزييف للتاريخ، وبطر للحق، ونصرة للباطل، ومعاداة لنواهي رسول الله في هذا الأمر. فإن بناء أضرحة المقبورين في المساجد بدعة لم يعرفها الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم، وإنما أحدثها الشيعة الفاطميون في القرن الرابع الهجري، قال الشيخ محمد علي عبدالرحيم: " إن بدعة وضع الأضرحة في المساجد، أو بناء المساجد من أجل القبور، لم يعهدها المسلمون في القرون الأولى، إلا في عهد الفاطميين في القرن الرابع الهجري، وهم الذين سنوا هذه السنة السيئة مغالاة في حب الصالحين "). انتهى كلام الأستاذ عبداللطيف - وفقه الله -.
ولتفصيل الرد على شبهة الباقوري يُنظر هذا الرابط:
http://www.islam-qa.com/ar/ref/65944
و هذا الرابط:
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/35.htm
وتُنظر فتاوى علماء الأزهر الفضلاء في بدع القبور في هذا الكتاب:
http://www.kabah.info/uploaders/aqeda/fatawa_azhar.pdf
قال الأستاذ المصري الفاضل: عبدالسلام البسيوني في كتابه " الألوهية في العقائد الشعبية على ضوء الكتاب والسنة " (ص 45):
(ويسوؤنا أن كثيراً من الموالد تقع على مرمى حجر من معاقل العلم في مصر؛كمولد الحسين رضي الله عنه، الملاصق لجامعة الأزهر، ومولد البدوي القريب من المعهد "الأحمدي" نسبة للبدوي، وهو معهد مشهور خرّج عدداً من العلماء الكبار؛كالشيخ الشعراوي والقرضاوي وغيرهما. ومع ذلك يضعف صوت المصححين لخرافات العامة ولمهازل الموالد، حتى بات الناس يقبلون بها وكأنها من شعائر الله التي لهم فيها خير وتقرب وزلفى).
وفق الله علماء المسلمين؛ لبذل الجهود العلمية والعملية في سبيل توضيح عقيدة التوحيد للعامة، وتحذيرهم من البدع والشركيات، والتصدي لشبهات علماء السوء، ومناصحة الحكام لما فيه صالح البلاد والعباد، والله الهادي ..
تنبيه:
1 - كان بإمكان جمال عبدالناصر تأييد رأي وزير الأوقاف، وإعانته على محاربة الشرك، ولكنه لم يفعل، واستفتى صاحبه الباقوري الذي خان جماعة الإخوان، وانضم لخصمهم، لعلمه - أي جمال - أن إلهاء الشعب بهذه البدع والخرافات يُشغلهم عن دنياه.
2 - الحديث عن مجال " العقيدة "؛ لأنها الأساس، وقس عليها ماتحتها، إذا ما اجتمع الصنفان ضد مصالح الأمة.
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 10:38]ـ
شكرا لك وجزاك الله خيرا وأعلى قدرك ووجمعني واياك في منازل الشهداء ........ آمين
ليتهم يفعلون
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 10:41]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الشيخ الفاضل سليمان الخراشي: جزاكم الله خيراً عن هذا المقال النافع ...
وهذا كلام نفيس للشيخ أحمد حمَّاني الجزائري - رحمه الله - في هذا الموضوع؛ حيث قال - كما في " فتاويه " (2/ 500 - 501) -: (وما ذكره الشوكاني [من انتشار الشرك بين المسلمين وصمت أكثر العلماء عن إنكار ذلك] معروف مشاهد – منذ أجيال – في كل بلاد المسلمين، وما رواه من تقاعس العلماء والمتعلمين والأمراء والوزراء دون الواقع بكثير، فإن الفتنة الكبرى والبلاء الأعظم جاء المسلمين من مشاركة بعض العلماء في الحج إلى هذه القبور ودعاء أصحابها، واعتقادهم في (الأولياء) من ساكنيها، فيوم أن زرت القاهرة في أواخر السبعينات وصادف إقامة (مولد سيدي أحمد البدوي) (والحج إليه) فذكرت الصحف أن عدد (الحجاج) زاد على مليونين اثنين، وكان في طليعتهم شيخ الجامع الأزهر، ووزير الأوقاف (الشؤون الدينية) وكلاهما من أشهر علماء الأزهر، والثاني مكث في الجزائر بضع سنوات، و أحيا فيها ما كانت قضت عليه الحركة الإصلاحية ودعوة عبد الحميد بن باديس وجمعية العلماء المسلمين، قبل حظر نشاط نظامها وعملها كمنظمة. فمسؤولية العلماء أعظم من مسؤولية الحكام والأمراء والوزراء، ذلك أن العامة قد لا تفتن بهم ولا تتخذهم قدوة في الدين، وإن كان من أوكد واجباتهم حماية وصيانة المسلمين في أموالهم وأرواحهم وأنفسهم ودينهم ودنياهم. غير أن كثيرا من علماء المسلمين - أزهريون وغير أزهريين - قدماء ومحدثين - أدوا واجبهم، وأحيوا سنة نبيهم، وبصروا المسلمين بما جاء به دينهم، وحذروهم من البدع والضلالات ومن فتنة القبور والمشاهد، وعلى رأس هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، وأبو إسحاق الشاطبي، وابن عبد الوهاب والشوكاني ... ).
إلى أن قال (ص 508): (بعض علماء الأزهر وهو الشيخ الشعراوي بث أثناء زيارته للجزائر كثيرا من الضلالات؛ منها تقديس القبور، والخضوع للقبوريين، وقد تولى من بعد الوزارة لشؤون الدين في مصر، فلم يحذف ما يقع في المواليد القبورية بل ذهب وزارها وعظمها).
بارك الله في جهودك، وألهمك الصبر على ما يصيبك، وهدى الله ضال المسلمين علماء وحكاماً، وردهم إلى دينه ردا جميلاً ...
ـ[الرابية]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 10:49]ـ
بارك الله فيك وفي كتاباتك
وأعانك الله وسدد خطاك
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 08:49]ـ
الأخ الكريم: علي الغامدي: آمين، ولك بمثل مادعوت وزيادة ..
ـ[الأصيل]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 08:49]ـ
رائعة من روائع الشيخ سليمان الخراشي
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[23 - Aug-2008, صباحاً 11:14]ـ
جزاكم الله خير يا أخواني على ما قدمتم ... فإن علماء السوء هم سبب بلاء الأمة في القديم والحديث طهر الله البلاد والعباد من شرهم ولكن ولا ينبغي أن نفرق أو ننسى أيضاً الدور المشين الذي لعبه علماء السوء في تضليل الأمة في باب شرك الحكم والتشريع والسياسة أو شرك القصور إن صح التعبير حيث يرون هذا الشرك الصراح والكفر البواح قد عم بلاد المسلمين فلا يحركون ساكناً بل تنطلق تلك الأبواق من قطاع الطريق في الدفع عن الطواغيت الذين نشروا المذاهب الهدامة الكفرية في مجتمعات المسلمين ونحوا شريعة الله عن الحكم بها في شؤون الحياة واستبداوا بدلاً منها الشرائع المبدلة ورضوا بحكم الطواغيت الدولية واعتبروها شرعية لا يجوز الخروج عنها ووقفوا في صف الكفار من اليهود والنصارى والوثنيين وظاهروهم على أهل الإسلام وعادوا أهل التوحيد واعتبروهم أرهابيين وخوارج فستحلوا دمائهم وأموالهم وأعراضهم وملئوا بهم السجون
وعلماء السوء يدافعون عنهم ويصدرون الفتاوى لترقيع كفرياتهم والعياذ بالله.
ـ[عبدالله المشيقح]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 12:53]ـ
جزاكم الله خيرا
موضوع مهم وفي وقته.
ـ[العرب]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 01:07]ـ
جزاكم الله خيراً عن هذا المقال النافع ...
ـ[أبوعبيدة الغريب]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 01:44]ـ
الشيخ الخراشي جزاكم الله خيرا
يقول الملك عبد العزيز رحمه الله
متى اتفق الأمراء و العلماء على أن يستر كل منهم على الآخر فيمنح الأمير الرواتب و العلماء يدلسون ضاعت حقوق الناس و فقدنا و العياذ بالله الآخرة و الأولى.
ـ[التبريزي]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 02:25]ـ
علماء السوء مع أصحاب السلطان يرتعون في كل عصر ومصر، فحيثما كان هناك علماء ربانيون هناك علماء سوء اتخذوا الدين مطية لمصالحهم وأهوائهم ... فالفتوى عندهم تدور مع الدولار حيثما دار ...
في سورية أمثلة لا يضاهيها أمثلة في أي قطر آخر، والتنزه عن ذكر بعض الأسماء خير من ذكرها،،،
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:11]ـ
الأخ الكريم: فريد المرادي .. بارك الله فيك وفي إضافتك، وقد عودتنا إثراء المقالات بالمفيد. لا حرمك الله الأجر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حاتم الرازي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:31]ـ
لا زال علمائنا من أعضاء هيئة كبار العلماء ومن شايعهم من علماء الأمة يضربون لنا أروع الأمثلة في اتباع الحق إن وافق السلطان وإن خالفه .. ولا نجدهم حفظهم الله يحابون أحداً ... نحسبهم كذلك و لانزكي على الله أحدا
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 11:01]ـ
لا زال علمائنا من أعضاء هيئة كبار العلماء ومن شايعهم من علماء الأمة يضربون لنا أروع الأمثلة في اتباع الحق إن وافق السلطان وإن خالفه .. ولا نجدهم حفظهم الله يحابون أحداً ... نحسبهم كذلك و لانزكي على الله أحدا
بارك الله فيكم ...
وكنت أطمع أن يستجيبوا لدعوة الشيخ الألباني رحمه الله في فصل الحجرة النبوية عن المسجد لئلا يتخذها القبوريون شبهة لوجود الأضرحة
وفق الله علماء الحرمين لحماية جناب التوحيد
ـ[عبدالحكم الأندلسي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 02:06]ـ
لافرق بين شرك النسك والشعائر, وشرك التحاكم, وشرك الولاية. فكلها شرك أكبر
قال الإمام سليمان بن سحمان – رحمهماالله
الطاغوت ثلاثة أنواع
1 - طاغوت حكم
2 - وطاغوت عبادة
3 - وطاغوت طاعة ومتابعة
اهـ. الدرر السنية 10/ 503
فوجب على العلماء أن يبينوا كافة أنواع الشرك وليس فقط شرك النسك, والشعائر التعبدية , فهذا خيانة لدين الله
ولاحول ولاقوة إلا بالله(/)
تَصحيحُ العنوان ... سَبيلُ الإطمئنان
ـ[علي سليم]ــــــــ[23 - Aug-2008, مساء 04:05]ـ
تَصحيحُ العنوان ... سَبيلُ الإطمئنان
الحمد لله تعالى الذي أنعم على عباده بالفؤاد و القلم و ما أكثر النّعم ....
و الصلاة و السّلام على أفصح من نطق فكان قدوةً بأبي و أمي صلى الله عليه و سلم ...
فخلق الله الإنسان على مراحلٍ و قبلها بكُنْ ...
و جعل التشريع على مراحل و التكليف كذلك, و منْ خالف سُنن الله تعالى فلنْ يُفلحَ و لوْ سوّلتْ له نفسه أو زيّن له شيطانه ....
فطالب العلم يلجُ العلم من بابه و يمكثُ دهراً ثمْ يُفتي بقية أيامه ...
و من طار و لم يُريّش أو كتبَ و لم ينطق فلا بدّ من نعيه في مأتمٍ و يجتمع النّاس للعزاء ....
و يُحسنُ الذّكر في ذا المقال حكمة من أوتي حُسن الحديث فكان قوله:
من تعلّم أدري سُئل حتى لا يدري و من تعلّم لا أدري تعلّم حتى يدري
فكم من خطيبٍ العامّة أفصح منه!!! و كم من كاتبٍ فالأمّيّ أجود خطّاً منه!!!
و داء ذا التّرفع عن مجالس أهل العلم تحت مظلّة (نحن رجال و هم رجال)
و دواء ذا التواضع و الجلوس بين ظهرانيّ أهل التوحيد و دعاته ....
فكنْ طالباً على الجادة فسروالك التّواضع و قميصك الحلم و خفّيك زدني علماً ...
و لا يعني ذا الصوم عن الكتابة لمن هم دونها .... ربّ مبلّغ أوعى من سامع ....
و لذا أقول مستعيناً بالله تعالى:
لا بدّ لمن وضع القلم بين السبّابة و الإبهام أن يخلص عمله لله تعالى لا شريك له ...
ثم يُدرك ما يكتب و لا يخرج عن موضوعه الاّ للضرورة و إن خرجَ قلا يزيدُ عمّن خرجَ ليُراقب مغيب الشمس ...
ثمّ ليضع العنوان المناسب .... و السّجع و التكلّف لا يجعله مناسباً دوماً .... فتارة ذا و تارة أخرى ...
و من تأمّل الى عناوين الكتّاب فسيجدهم ثلاثة لا رابع لهم ....
إمّا عنوانٌ لا معنى له غير أنّه عنوان!!!!
و إمّا عنوانٌ يتخلّله توسّل و يمينٌ أن اقرؤوه!!!
و عنوانٌ تجدُ المتعة فيه فتأتيه طوعاً أو كرهاً ....
و لا يشكر الله من لا يشكر النّاس ... فكثيرٌ هم الذين لم يُحسنوا العناوين فضلاً عن المضمون و قلّة هم الذين أحسنوا ....
و حتى تستقيم الرسالة ذه كان واجباً عليّ ذكرُ بعضاً ممّنْ أحسنوا و غضّ البصر عن ذكر ممّن طلّقوا الحُسن!!!!
إذ الهدف من ذي الرسالة لا التّشهير بأناسٍ أحسنوا على حساب ممّن لم يُحسنوا, و إنما هي عونٌ و مفتاحٌ لتصحيح الخطأ و تنوير الظّلام لا غير ....
ثمّ ليس المقام ذا مقام الحصر و إنما التمثيل لسببين اثنين:
أولاهما: أنني لا استطيعه ...
ثانيهما: عجز كاتب هذه السطور فهو أحوج الى منْ يقوّمه ...
مدخل:
اترك الخانة لكم ايها القراء ... عليكم باختار تلك العناوين ...(/)
شرح كتاب الصيام من الموطأ للطريفي
ـ[العرب]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 12:14]ـ
في جامع الصانع في السويدي شرح كتاب الصيام من الموطأ لشيخنا المحدث عبدالعزيز الطريفي يومي الثلاثا والأربعاء القادم بعد صلاتي العشاء والمغرب باذن الله تعالى
ـ[الرابية]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 12:28]ـ
جزاك الله خيرا على تذكرك
وبارك الله في الشيخ الطريفي
ونفع الله بعلمه
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 03:30]ـ
جزاكُم اللَّهُ خَيرًا، ونفع بالمُحَدِّثِ عبدِ العَزيزِ بنِ مرزوق الطّريفيِّ.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 02:04]ـ
، ونفع بالمُحَدِّثِ عبدِ العَزيزِ بنِ مرزوق الطّريفيِّ.
آمين.(/)
قصة الاسلام
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[24 - Aug-2008, صباحاً 08:50]ـ
http://www.islamstory.com/article.php?cat_id=108(/)
قاعدة "المثبِت مقدم على النافي" ليست على إطلاقها، وذكر بعض قيودها
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 01:54]ـ
طرد كثير ممن لم يمعن النظر في دقيق العلم هذه القاعدة وظن أنها على إطلاقها فذهب يدفع بها كثيرا من أدلة العلماء ويستدرك عليهم وليس هذا من الحزم في العلم
/// ولا يخفى هنا كلام العلماء في تقرير صحة هذه القاعدة وأشهرها قول البخاري وشيخه الحميدي في قصة الصلاة في الكعبة وقصة الشاهدين وهو في مواضع من الصحيح.
والخلاف فيها معروف في كتب الأصول وغيرها:
قال الزركشي في البحر 4/ 466:
رابعها: أن يكون أحدهما مثبتا والآخر نافيا وهما شرعيان قال فالصحيح تقديم المثبت ونقله إمام الحرمين عن جمهور الفقهاء لأن معه زيادة علم ولهذا قدموا خبر بلال في صلاته عليه الصلاة والسلام داخل البيت على خبر أسامة أنه لم يصل وقيل بل يقدم النافي وقيل بل هما سواء لاحتمال وقوعها في الحالين واختاره في المستصفى بناء على أن الفعلين لا يتعارضان وهو قول القاضي عبد الجبار قال الباجي وإليه ذهب شيخه أبو جعفر وهو الصحيح وقيل إلا في الطلاق والعتاق وفصل إمام الحرمين فقال .... الخ.
وقال الزيلعي في نصب الراية1/ 360:
مع أن المسألة مختلف فيها على ثلاثة أقوال: فالأكثرون على تقديم الإثبات، قالوا: لأن المثبت معه زيادة علم، وأيضا فالنفي يفيد التأكيد لدليل الأصل، والإثبات يفيد التأسيس، والتأسيس أولى، الثاني: أنهما سواء، قالوا: لأن النافي موافق للأصل، وأيضا فالظاهر تأخير النافي عن المثبت، إذ لو قدر مقدما عليه لكانت فائدته التأكيد، لدليل الأصل، وعلى تقدير تأخيره يكون تأسيسا، فالعمل به أولى، القول الثالث: أن النافي مقدم على المثبت، وإليه ذهب الآمدي وغيره.
وعليه فقول الحافظ في الفتح 5/ 251:
وأن المثبت مقدم على النافي وهو وفاق من أهل العلم إلا من شذ. ا.هـ
فيه نظر فالخلاف ليس بشاذ.
/// وينبغي قبل العمل بهذه القاعدة التأكد من صحة الإسناد إلى المثبت وهذا واضح
والتأكد من أن المَنفي هو نفس المُثبَت لا غيره أو أخص منه أو أعم منه، فكثيرا ما ينصب التعارض بينهما ويكون المنفي غير المثبت.
قال ابن فورك وإن كان النافي أخص من المثبت فالحكم للأخص. (البحر للزركشي4/ 467)
/// ورأيت بعض العلماء يجمعها مع قاعدة من حفظ حجة على من لم يحفظ أو يجعلها دليلا لها فيتبعها بها
ويظهر لي أن بينهما فرق أو خصوص وعموم من وجه
وعلى كل فإن قولهم من حفظ حجة على من لم يحفظ لا يصح في علم الرواية وقوانينها بل يصار في ذلك إلى القرائن كما بسطوا الكلام عليه في زيادة الثقة والشاذ والمنكر وتعارض الوصل والوقف
وهل يصح في باقي العلوم الظاهر نعم لكن هل يسلك فيها مسلك أهل الحديث في استعمال نفس القرائن التي ساروا عليها في الترجيح أم لكل علم قرائنه في الترجيح أم ثمت اشتراك بينهم في بعضها واختلاف في بعض آخر
أم يقال ما كان معتمدا على النقل حكم فيه بقرائن أهل الحديث وما كان معتمدا على العقل فلا
يحتاج إلى بحث وموضوع مستقل وقد تقدم طرف منه هنا:
أحكام العربية يقضى فيها على وفق ما ورد عن أهلها ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1136)
/// والقاعدة التي نحن بصدد الكلام عليها:
إما أن يقال: تخضع للقرائن في جميع الأحوال أو مقيدة بقيود وبينهما فرق فالأول أوسع والثاني أضيق فقد يكون للقاعدة قيد أو قيدين وفي ما عدا ذلك يطرد فيها الحكم
وهذا الفرق يؤثر على استخدام القاعدة في البحث عن القرائن ابتداء قبل استعمالها.
****************************** **********
من القرائن أو القيود التي تمنع من العمل بها:
/// أن يصحب نفي النافي تفصيلا يكون دليلا على أن المثبت ليس معه زيادة علم أو أن النافي هو الذي معه زيادة علم:
قال ابن حجر في الفتح1/ 27:
ولا يخفى ما فيه فإن المثبت مقدم على النافي إلا أن صحب النافي دليل نفيه فيقدم والله أعلم.
وقال الزركشي في البحر 4/ 466:
وحكى ابن المنير عن إمام الحرمين أنه فصل بين إمكان الاطلاع على النفي يقينا بضبط المجلس وتحقق السكوت أو لا فإن اطلع على النفي يقينا وادعى سببا يوصل لليقين تعارضا ولا يرجح الإثبات والنفي
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال إلكيا: إذا تعارض رواية النفي والإثبات وكانا جميعا شرعيين استفسر النافي فإن أخبر عن سبب علمه بالنفي صار هو والمثبت سواء ولهذا لم يرجح الشافعي رواية نفي الصلاة على شهداء أحد على رواية الإثبات لأن النفي اعتضد بمزيد ثقة وهو أن الراوي جابر وأنس والمقتول عم أحدهما ووالد الآخر ولا يخفى ذلك عليهما وإن قال النافي لم أعلم بما يزيله فعدم العلم لا يعارض الإثبات كرواية عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وأنكرته أم سلمة لأنها أخبرت عن علمها فلا يدفع حديث عائشة وكحديث الصلاة في الكعبة.
وحاصله إن كان النافي قد استند إلى العلم فهو مقدم على المثبت وفي كلام الشيخ عز الدين نحوه وهو حينئذ كالمثبت وهو نظير النفي المحصور وقد صرح أصحابنا بقبول الشهادة فيه وكذلك لو شهد اثنان بالقتل في وقت معين وآخران أنه لم يقتل في ذلك الوقت لأنه كان معنا ولم يغب عنا تعارضا وبحث فيه الرافعي ورده النووي وقال الصواب أن النفي إن كان محصورا يحصل العلم به قبلت الشهادة وما قاله النووي صحيح والنفي المحصور والإثبات سيان.
وقال العثيمين في الشرح الممتع في الكلام على الأحاديث النافية لرفع اليدين في تكبيرات السجود والمثبتة له:
وليس هذا من باب تعارض مثبت ومنفي؛ حتى نقول بالقاعدة المشهورة: إن المثبت مقدم على النافي؛ لأن النفي هنا في قوة الإثبات، فإنه رجل يحكي عن عمل واحد فصله، قال: هذا فيه كذا وأثبته، وهذا ليس فيه كذا ونفاه، وفرق بين النفي المطلق وبين النفي المقرون بالتفصيل، فإن النفي المقرون بالتفصيل دليل على أن صاحبه قد ضبط حتى وصل إلى هذه الحال، عرف ما ثبت فيه الرفع وما لم يثبت فيه الرفع.
/// أن يكون المنفي محصورا ويحيط به علم النافي:
تقدم في كلام الزركشي في البحر قريبا ومنه:
وقال (أي النووي): الصواب أن النفي إن كان محصورا يحصل العلم به قبلت الشهادة وما قاله النووي صحيح والنفي المحصور والإثبات سيان.
وقال ابن الملقن في البدر المنير2/ 248 في كلامه على نفي الصلاة على الشهيد:
فإن قيل: حديث جابر وأنس _السالفين_ في الاحتجاج بهما وقفة؛ لأنها نفي، وشهادة النفي مردودة مع ما عارضها من هذه الروايات التي فيها الإثبات، فالجواب ما قاله أصحابنا: أن شهادة النفي إنما ترد إذا لم يحط بها علم الشاهد ولم تكن محصورة، أما ما أحاط به علمه وكان محصورا فيقبل بالاتفاق، وهذه قصة معروفة أحاط بها جابر وأنس علما، وأما رواية الإثبات فضعيفة، فوجودها كالعدم.
وقال البدر الزركشي في النكت 3/ 412:
الثاني ما تمسك به في الرد من التعارض قد يعارض بأن المثبت مقدم على النافي لكن لما كان النافي هنا نفى ما يتعلق به في أمر يقرب من المحصور بمقتضى الغالب اقتضى أن يرجح النافي وكذلك في الشهادة على الشهادة كالقاضي إذا شهد عليه الشهود بحكم فأنكر حكمه خلافا لمالك ومحمد بن الحسن وغيرهما في صورة القاضي وهو الأقرب لتعلق حق الغير لا سيما مع الانتشار وكثرة الأحكام.
/// إذا وقع النفي والإثبات في محل واحد وانحصرا في ذلك وقد يدخل في الأول:
قال ابن دقيق في الإحكام: ص 157
و لا يقال: إذا وقع التعارض فالذي أثبت التطويل في القيام لا يعارضه من نفاه فإن المثبت مقدم على النافي.
لأنا نقول الرواية الأخرى تقتضي بنصها عدم التطويل في القيام وخروج تلك الحالة - أعني حالة القيام والقعود - عن بقية حالات أركان الصلاة فيكون النفي والإثبات إذا انحصرا في محل واحد تعارضا إلا أن يقال باختلاف هذه الأحوال بالنسبة إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبقى فيها انحصار في محل واحد بالنسبة إلى الصلاة.
وقال الزركشي وهو يلخص كلام العلماء السابق على مستثنيات القاعدة:
وتحصل أن المثبت يقدم إلا في صور أحدهما أن ينحصر النفي فيضاف الفعل إلى مجلس واحد لا تكرار فيه فحينئذ يتعارضان.
وقال الشنقيطي في المذكرة:
(يُتْبَعُ)
(/)
والظاهر أن المثبت والنافي إذا كانت رواية كل منهما في شيء معين في وقت معين واحد أنهما يتعارضان، فلو قال أحدهما: دخلت الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقت كذا ولم أفارقه ولم يغب عن عيني حتى خرج منها ولم يصل فيها، وقال الآخر رأيته في ذلك الوقت بعينه صلى فيها فانهما يتعارضان فيطلب الترجيح من جهة أخرى والله أعلم وهذا أصوب من قول من قدم المثبت مطلقا ومن قدم النافي مطلقا. ووجه تقديم رواية المثبت أن معه زيادة علم خفيت على صاحبه، وقد عرفت أن ذلك لا يلزم في جميع الصور مما ذكرناه آنفا.
/// أن يكون النافي أعلم من المثبت
كأن يكون أعلم منه في المسألة المختلف فيها خاصة أو في الباب الذي تندرج تحته هذه المسألة أو في العلم الذي تنتمي له هذه المسألة
أو جلالة النافي
كما نبهوا عليه في قاعدة الجرح المفسر مقدم على التعديل المجمل
أمثلة ذلك أن ينفي البخاري سماع فلان من فلان ويثبته ابن حبان أو البيهقي أو ابن القطان مثلا
ففي الغالب يكون البخاري أعلم بالمسألة خاصة
وأعلم بهذا الباب وهو سماع الرواة من بعضهم بعضا فإنه اعتنى بهه غاية الاعتناء
وهو أجل في هذا العلم
لكن هذا الأخير وهو جلالة النافي ليس اعتماده بمطرد
ومنها أن يكون المثبت فقيه مثلا والنافي لغوي والمسألة تنتمي لعلم اللغة.
قال الزركشي وهو يلخص كلام العلماء على مستثنيات القاعدة:
أن يكون راوي النفي له عناية به فيقدم على الإثبات كما قدم حديث جابر في ترك الصلاة على قتلى أحد على حديث عقبة بن عامر أنه صلى عليهم لأن أباه كان من جملة القتلى وكما قدم حديثه في الإفراد على حديث أنس في القران لأنه صرف همته إلى صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم منذ خرج من المدينة إلى آخره.
/// أن يكون النفي في معنى الإثبات وقد يدخل في الأول والثاني:
فصّل إمام الحرمين في القاعدة فقال:
النافي إن نقل لفظا معناه النفي كما إذا نقل أنه لا يحل ونقل الآخر أنه يحل فهما سواء لأن كل واحد منهما مثبت وإن لم يكن كذلك بل أثبت أحدهما فعلا أو قولا ونفاه الآخر بقوله ولم يقله أو لم يفعله فالإثبات مقدم لأن الغفلة تتطرق إلى المصغي والمستمع وإن كان محدثا، والذهول عن بعض ما يجري أقرب من تخيل شيء لم يجر له ذكر. (البرهان 2/ 780، الزركشي في البحر 4/ 466، الإبهاج للسبكي وابنه 3/ 236)
/// إذا كان النافي نافيا لحد والمثبت موجبا له فيقدم النافي لأن نفيه شبهة تدرأ بها الحدود:
أنظر: المحصول 5/ 590، الإبهاج للسبكي وابنه 3/ 236، التقرير والتحبير 3/ 32.
ومثال ذلك: الأحاديث الواردة في أنه لا تقطع اليد فيما هو أقل من ربع دينار، والأدلة الدالة على القطع بمطلق السرقة، أو بما هو أقل من ربع دينار من البيضة ونحوها، فعلى قول الجمهور ترجح أدلة عدم القطع فيما هو أقل من ربع دينار
/// وفي باب التراجم والتاريخ قال الذهبي في السير 4/ 5:
وقد أنكر بعضهم ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فما من لم يعلم حجة على من عنده علم، ولا المثبت كالنافي، لكن إذا كان المثبت لشئ شبه خرافة، والنافي ليس غرضه دفع الحق، فهنا النافي مقدم، وهنا تقع المكابرة وتسكب العبرة.
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 02:08]ـ
من القرائن التي تقوي العمل بهذه القاعدة وهي كثيرة لأنها الأصل
أن يصرح النافي بعدم علمه بوقوع الحادثة لا بعدم وقوعها
قال ابن فورك إن كان المثبت حكما شرعيا والنافي على حكم العادة فالمثبت أولى وإن كان الحكمان شرعيين فقد تساويا إلا أن يكون ما ورد بالنفي بين أنه لم يعلم ثبوت الحكم فيكون المثبت أولى كرواية عائشة في تقبيلها وهو صائم وأنكرته أم سلمة لأنها أخبرت عن عدم علمها وذلك لا يدفع حديث عائشة (البحر المحيط4/ 467)
وقال ابن حجر في الفتح 5/ 251:
وأن المثبت مقدم على النافي وهو وفاق من أهل العلم إلا من شذ ولا سيما إذا لم يتعرض إلا لنفي علمه.
من الأمثلة على القاعدة وهي كثيرة
حديث لم يجمع القرآن على عهد إلا .... وقول كثير من العلماء أن الخلفاء الأربعة ممن جمعه
وأحاديث لم يصل على أحد من شهداء أحد والذي يناقضه
وأحاديث الجهر بالبسملة وخلافه
وحديث الصلاة في الكعبة ونقيضه
وغيرها
والله أعلم
ـ[الحُميدي]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 02:29]ـ
بارك الله فيك،اخي الفاضل .. وجزاك الله خيرا على هذا البحث القيم ..
وعندي سؤال بارك الله فيك
/// ورأيت بعض العلماء يجمعها مع قاعدة من حفظ حجة على من لم يحفظ أو يجعلها دليلا لها فيتبعها بها
.
وهل هناك فرق بين قولهم من حفظ حجة على من يحفظ، ومن علم حجة على من يعلم .. ؟ أما أن الأولى في علم الحديث .. ،والثانية في العلوم الأخرى ..
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 02:32]ـ
وهل يصح في باقي العلوم الظاهر نعم لكن هل يسلك فيها مسلك أهل الحديث في استعمال نفس القرائن التي ساروا عليها في الترجيح أم لكل علم قرائنه في الترجيح أم ثمت اشتراك بينهم في بعضها واختلاف في بعض آخر
عفوا
أقصد: الظاهر لا ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[27 - Jan-2009, صباحاً 12:36]ـ
ومنها أن يكون النافي من أهل الاستقراء وأمثاله:
قال السبكي في الإبهاج355/ 1: وأجاب المصنف تبعا للإمام بأن ما ذكره ابن جني شهادة على النفي فلا تقبل وهو حيد عن سبيله الإنصاف إذ الواصل في فن إلى نهايته والبالغ فيه إلى أقصى غاياته يقبل قوله فيه نفيا وإثباتا.
وقال المرداوي في التحبير 671/ 2: ورد الرازي قول ابن جني: بأنها شهادة نفي فلا تقبل.
وأجاب عنه ابن دقيق العيد: بأنه ليس بشهادة نفي وإنما هو إخبار عن ظن غالب يستند إلى الاستقراء ممن هو أهل لذلك مطلع على لسان العرب كما في سائر الاستقراءات لا يقال فيها شهادة نفي وحينئذ فيتوقف مقابله على ثبوت ذلك من كلامهم.
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[27 - Jan-2009, صباحاً 12:43]ـ
وهل هناك فرق بين قولهم من حفظ حجة على من يحفظ، ومن علم حجة على من يعلم .. ؟ أما أن الأولى في علم الحديث .. ،والثانية في العلوم الأخرى ..
الأولى أخص لأن العلم أعم من الحفظ هذا نظريا
وعمليا فقد يكون اعتماد المثبت على وسيلة غير الحفظ
ـ[الحُميدي]ــــــــ[28 - Jan-2009, مساء 05:51]ـ
شكر الله لك أخي الفاضل .. ،
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[28 - Jan-2009, مساء 10:10]ـ
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد السلام عليكم أردت أن أنبهكم الى مسألتين هما:1/أن النبي صلى الله عليه و سلم حج قارنا حديث متواتر يوجب العلم بينما حجه مفردا من الآحاد و فيه تفصيل و 2/من الأمثلة المعروفة عندهم تقديم حديث ميمونة "نزوجني رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو حلال"الذي تفرد به مسلم و أبي رافع عند أحمد و غيره "تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو حلال و كنت السفير بينهما"و عثمان و غيرهم على حديث ابن عباس المتفق عليه"تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم ميمونة و هو حرام"و قد أخذ به الأحناف بينما أخذ بالأول الجمهور لأنهم قالوا صاحب القصة أو الحادثة أعقل لها من غيره و فيه تفصيل 3/ففي حالة الترجيح بين الإثبات و النفي معا يقدم قول الشيخين على غيرهما و قول من كانت صحبته طويلة على غيره و الفقيه على غير الفقيه كما هو مبسوط في باب الترجيح في كتب الأصول و الحقيقة أن الموضوع مطاط لأن حالاته تزيد على الخمسين فتقديمه في سطور صعب جدا لذلك كان صاحب المبادرة مشكورا مأجورا ان شاء الله(/)
المآخذ والملاحظات على كتاب مدارج السالكين
ـ[بين المحبرة والكاغد]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 02:32]ـ
الكتاب الماتع النافع مدارج السالكين
ذكر الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه ربي
انه لا يخلوا من مآخذ وملاحظات
ما ماهيه تلك المآخذ وهل عدها الشيخ او ذكرها في دروسه
وجزاكم ربي خيرا
ـ[خلوصي]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 11:31]ـ
أخي العزيز .. يا صاحب الاسم الجميل:
كيف حالك؟:)
إني عاتب عليك!؟
إن المعاني الشرعية العظيمة التي تفاعل معها الإمام ابن القيم و هي لباب الدين و جوهره و حقيقته الباطنة ... و التي دبجها يراعه البديع في هذا الكتاب .... لهي الحاجة الحقيقية اليوم للأمة .. !
و هي للأسف الشيء الأكثر هجرا من محبي الإمام؟!!
فكيف تأتينا بهذا الموضوع في غير مكانه و زمانه؟؟!!!
عفا الله عنك .. و لو كنت محبرة أو كاغداً لاستطعنا الإمساك بك لحبسك .. :)
و لكنك بينهما فلا سبيل إليك إلا بالمحبة:)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - Aug-2008, صباحاً 01:49]ـ
قال الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي شفاه الله وعافاه
مآخذ العلماء على كتاب منازل السائرين للهروي
ثم قال الذهبي رحمه الله في التعريف بالإمام الهروي صاحب الفاروق الذي سينقل لنا النص عن أبي حنيفة قال: "كان أبو إسماعيل آية في التفسير، رأساً في التذكير، عالماً بالحديث وطرقه، بصيراً باللغة، صاحب أحوال ومقامات في التصوف، فياليته ما ألف كتاب المنازل " نعم، ليته ما ألف كتاب منازل السائرين .. !
وليته إذ ألفه حذف ما فيه من مخالفات .. !
فلو أبقى فيه ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الصبر والتوكل واليقين، وأبقى فيه أيضاً كلام السلف مجرداً من مسألة المقامات والأحوال وما فيه من الطوام أحياناً لكان أفضل؛ يقول الذهبي: " ففيه أشياء منافية للسلف وشمائلهم ".
ثم يقول الذهبي رحمه الله بإنصاف علماء من أهل السنة كعادتهم: "قيل: إنه عقد على تفسير: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى [الأنبياء:101] ثلاثمائة وستين مجلساً" أي: سنة كاملة في بيان هذه الآية وشرحها وشرح ما تتضمنه وما تدل عليه، يقول الذهبي: "وقد هدد بالقتل مرات ليقصر من مبالغته في إثبات الصفات" لأنه كان في ظل دويلات منحرفة، وكان أهل البدع متمكنين فيها، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنه ما كان يعرض عليه أن يرجع ويسجن فحسب، بل كان يعرض عليه السيف ليسكت عن كلامه في إثبات الصفات، ومع ذلك فإنه يأبى إلا أن يثبت صفات الله سبحانه وتعالى، فالانحراف إنما دخل عليه من باب ما يسمى السلوك، لا من باب الصفات.
قال الذهبي: "وقد هدد بالقتل مرات ليقصر من مبالغته في إثبات الصفات، وليكف عن مخالفيه من علماء الكلام، فلم يرعو لتهديدهم ولا خاف من وعيدهم"؛ لأن الإمام الهروي -رحمه الله وغفر الله لنا وله- كانت له منزلة كبيرة عند الخاصة والعامة، ويعلق الشيخ الألباني على قول الذهبي رحمه الله: "ففيه أشياء منافية للسلف .. " يقول الألباني: "قلت: تجد أمثلة من ذلك في كتب ابن تيمية رحمه الله، ومنها رسالته في القضاء والقدر.
قال المؤلف في التذكرة (3/ 355): ورأيت أهل الاتحاد ... " والشيخ الألباني يقول: يعني الصوفية القائلين بوحدة الوجود، والعبارة الأدق: الصوفية القائلين بالاتحاد كما قال الذهبي؛ لأن هناك صوفية تقول بالاتحاد، وصوفية تقول بوحدة الوجود، وقد أوضحنا الفرق فيما سبق.
فالقائلون بوحدة الوجود يقولون: إن الله تعالى هو عين الموجودات، مثل ما قال ابن عربي في قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] قال: وما (العرش) وما (استوى) وما ثم إلا هو؟!!
وهذه العقيدة قد يذكرها بعض من يعتنقها بعبارة خبيثة؛ يقولون: لا موجود إلا الله ..
أما الاتحاديون فإنهم يثبتون ذاتين، ذاتاً للخالق وذاتاً للمخلوق، لكن الذاتين تتحدان، وهذا دين الهندوس. يقول الذهبي: "ورأيت أهل الاتحاد يعظمون كلامه في منازل السائرين، ويدَّعون أنه موافقهم، ذائق لوجدهم، ورامز لتصوفهم الفلسفي، وأنى يكون ذلك وهو من دعاة السنة، وعصبته آثار السلف؟! ولا ريب أن في منازل السائرين أشياء من محض المحو والفناء .. إلخ ".
والمقصود: أن الكتاب عليه مآخذ، ومن أعظم المآخذ على كتاب منازل السائرين الأبيات التي أوردها:
ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد
توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد
توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد
وهذه الأبيات من أشنع الأمور التي ذكرها، وقد علق عليها الإمام ابن القيم رحمه الله تعليقاً جيداً، وإن كان في بعض المواضع لم يكن تعليقه بالقوة التي تنبغي، فرضي الله عنهما و غفر لهما.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[30 - Aug-2008, مساء 09:37]ـ
الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله علق على المدارج وبالغ في التشنيع على ابن القيم رحمه الله، فرد عليه الشيخ عبد الكريم الحميد بكتاب أسماه (أضواء المسارج في جور التعليقات على المدارج).(/)
إليكم أيها الأحبة الفضلاء: (سلوة الفقراء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم)
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 07:32]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=135887
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[10 - Nov-2008, مساء 07:43]ـ
للرفع(/)
جثه فرعون والبحث الضائع
ـ[موزع ابتسامات]ــــــــ[24 - Aug-2008, مساء 11:48]ـ
من ان لاخر تكثر اقاويل حول العثور على جثه فرعون الذى غرق فى البحر فى عهد النبى موسى عليه وعلى نبينا افضل السلام فتاره يقولون ان رمسيس هو فرعون وتاره يقولون ليس هو واقاويل من هنا وهناك ولم اعرف سبب لهذا الجدل او الجدال وما الحكمه فى هذا الامر واتجهوا الى قوله تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية .. وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) وفسروا هذه الايه ان الله يحفظ لنا جثه فرعون والدليل على صدق هذا الكلام هذه الايه واستندوا الى عالم فى المومياوات المصريه اسمه بوريس بوكاى قام بالبحث حتى تيقن ان هذه المومياء المصريه هى مومياء فرعون الذى غرق فى البحر الاحمر وان هذا الرجل قد اعلن اسلامه تصديقا لهذه الايه فهل من سبيل لوقف هذه الحملات على كتاب الله وتحميل القران الكريم مالا يجب تحميله(/)
طريق سهلة للانكار على بعض المحلات التجارية؟؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - Aug-2008, صباحاً 12:22]ـ
اخواني الكرام هنا طريق سهلة لانكار المنكرات وهي
يوجد محلات تجارية تبيع امورا محرمة كمحلات الفيديو واستريوهات الاغاني ومحلات الشيش والجراك وصوالين الحلاقة والمجلات الخليعة وغيرها ويوجد رقم هاتف هذه المحلات على باب المحل فحبذا اخذه ومناصحة صاحب المحل وهذه طريق تفيد من قد يجبن عن مواجهة صاحب المنكربالانكار
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - Oct-2008, مساء 07:24]ـ
يرفع لفائدة
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[18 - May-2009, مساء 06:08]ـ
طريقة رائعة
نفع الله بكم يا أبا محمد
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[19 - May-2009, صباحاً 05:40]ـ
جزاكم الله جميعا خيرا ونفع بنا و بكم الإسلام والمسلمين
ـ[المفيدي]ــــــــ[19 - May-2009, صباحاً 08:59]ـ
وأضيف على ماذكره اخي ابو محمد الغامدي
ان هناك كروت تباع تابع لمركز المحتسب تسهل هليك الانكار حيث تعطي البائع ليوصلها لصاحب المحل
وهذا يريحك من الكتابة والكلام اما لضيق الوقت او لاستحيائك
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[19 - May-2009, مساء 04:39]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
هل هيأت نفسك للمرحلة القادمة؟
ـ[ولد ناصر]ــــــــ[25 - Aug-2008, صباحاً 09:21]ـ
تغيرات الأمور في بلادنا، جاءت سريعة للغاية، والذي مرّ في دول عربية خلال مائة عام يمر بنا في شهور وسنوات معدودات! وهذا الأمر لم يعد سراً بل يشاهده كل غيور على دينه وعرضه وبلده .. لكن ليس حديثي عن هذا، فهو معلوم للجميع.
والسؤال الذي يطرح نفسه:
ماذا أنت فاعلٌ حيال الأحداث المتسارعة لإفساد شعب عاش ردحاً من الزمن على الطهر والعفاف؟
وأقول إزاء هذا الأمر:
يجب على كل واحد منا أن يُعد نفسه لحمل راية الدفاع عن عقيدته ودينه وأخلاقه ومبادئه، فاليوم يوم الملحمة الفكرية لمقاومة أقلام اللبراليين الذين يزيّنون الفساد في أعين الناس!!
واليوم هو يوم القيام بالمشاريع الدعوية والإغاثية والاجتماعية والتي تحفظ للناس دينهم لتكون بديلاً قوياً ونافعاً أمام تيار التغريب الذي يريد إغراق سفينة المجتمع.
واليوم هو يوم استيعاب المعركة وفهمها تماماً ثم التخطيط والدراسة ثم العمل والتنفيذ لمقاومة شرذمة الليبراليين.
من كان منا سابقاً لم يحزم أمره وأضاع وقته بالقيل والقال .. فليتق الله وليعلم أن الأمر جدُّ خطير، وأن العاصفة تأكل الأخضر واليابس وتدمير الجميع إلا ما شاء الله!! فحاول جاهداً يا رعاك الله أن تطور نفسك بما تستطيع وأن تتعلم كي تفيد نفسك وتفيد أمتك فلا تزال الأمة بحاجة – والله- جدّ ماسّة لرجالٍ ينهضون بها إلى القمم السامقة فكن أنت من أولئك الرجال ..
سدد الله طريقك لكل خير وجعلك مباركاً أينما كنت وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتبه / د.محمد بن عبدالله الهبدان(/)
كتاب نافع للأئمة والدعاة في شهر رمضان
ـ[منهج الحياة]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 04:22]ـ
http://up3.m5zn.com/get-8-2008-ijkkvbg2bty.jpg (http://up3.m5zn.com/showimage-8-2008-ijkkvbg2bty.jpg)
للدكتور: أمين بن عبد الله الشقاوي
بشرى سارة الآن في المكتبات كتاب دروس يومية ((الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة)) 150 درسا للدعاة والخطباء وأئمة المساجد , للدكتور: أمين بن عبد الله الشقاوي , وقدم للكتاب جمع من المشايخ وطلبة العلم , والكتاب ينصح بقرائته في شهر رمضان المبارك على المصلين لطلب الكميات والتوزيع الخيري خصم 45% والكمية محدودة
جوال: 00966504420560(/)
فوائد كتاب - شراكنا باستخراج الفؤائد
ـ[ابوجهاد]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 08:20]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد بن عبد الله صلي الله على وسلم وعلى اله وصحبه ومن اتبعه الى يوم الدين
أما بعد
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم معي موضوع شيق وممتع وفيه من الفؤائد مايعلم بها الا الله
الموضوع متجدد وهو عبارة عن كتاب يتم انزاله فى الموضوع والاعضاء يقوموا بانزاله واستخراج الفؤائد منه ووضوعها فى الموضوع عبارة عن (رد)
شروط المشاركة
1 - ان تكون الفؤائد مستخرجة من الكتاب المحدد فى الموضوع لا يخرج عنه
2 - ان يعتمد المشاركة على الله أولاً ثم على نفسه ثانياً ولا يستخدم اي طرق مساعدة آخري
3 - مدة الموضوع أسبوع واحد فقط وبعدها يتم وضع موضوع مستغل بكتاب مختلف عن الكتاب الحالي ويتم الاتفاق على شخص لكل اسبوع لاختيار الكتاب
4 - أكثر فؤائد فى الموضوع الواحد ثلاث فؤائد فقط واذا زاد يضعها فى رد آخر واقل الفؤائد فائدة واحدة فقط
الغرض من هذه الطريقة
هي استخراج الفؤائد من الكتاب بطريقة مرحة وتصل الى الكثير من الاشخاص الذين لم يستخرجوا الفائدة عند قرئتهم الكتاب
الكتاب هذا الاسبوع
أسم الكتاب:- شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام
أسم المؤلف:- فضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله
تحميل الكتاب ( http://www.saaid.net/book/9/2876.zip)
ننتظر من الاعضاء استخراج الفؤائد
عَن أَبي الدَّردَاءِ رَضِي اللَّه عنْهُ أَنَّهُ سمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: (ما مِن عبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلكُ ولَكَ بمِثْلٍ) رواه مسلم
وعَنْهُ أَنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يقُولُ: (دَعْوةُ المرءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابةٌ، عِنْد رأْسِهِ ملَكٌ مُوكَّلٌ كلَّمَا دعا لأَخِيهِ بخيرٍ قَال المَلَكُ المُوكَّلُ بِهِ: آمِينَ، ولَكَ بمِثْلٍ) رواه مسلم
أسألكم الدعاء بظهر غيب حتى يفرج الله كربتي و يقضي حاجتي.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته(/)
هل يشترط المسجد لصلاة الجماعة؟
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 09:03]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعوة للبحث و المشاركة
هل يشترط المسجد لصلاة الجماعة؟
ـ[بندر العنزي]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 09:33]ـ
الذي أعرفه أن المذهب عند الحنابلة أنه لايشترط
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 09:35]ـ
في الحديث " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر "
إختلف أهل العلم في نفي الصلاة
هل هو نفي للصحة فتكون الصلاة في المسجد شرط
أو نفي للكمال الواجب فتكون الصلاة في المسجد واجبة
و الله أعلم
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[26 - Aug-2008, صباحاً 12:18]ـ
الذي أعرفه أن المذهب عند الحنابلة أنه لايشترط
في إحدى الروايتين
انظر: الكافي1/ 174 و المحرر 1/ 91 - 92 و المبدع 2/ 42 و الانصاف 2/ 213
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[05 - Jan-2009, صباحاً 10:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعوة للبحث و المشاركة
هل يشترط المسجد لصلاة الجماعة؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أظن أن السؤال ليس عن اشتراط الجماعة للصلاة، وإنما هو عن اشتراط المسجد للجماعة؛ وبينهما فرق.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[05 - Jan-2009, مساء 04:37]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اعتقد معنى السؤال هل تجب صلاة الجماعة في المسجد المذهب عند الحنابلة لا وذهب بعض العلماء إلى أن كونها في المسجد من فروض الكفايات وأنه إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين وجاز لمن سواهم أن يصلي في بيته جماعة وختار شيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم والشيخ عبدالرحمن السعدي وتلميذه ابن عثيمين إلى أنه يجب فعلها في المسجد على كل من تلزمه.(/)
هل يجوز للمسلم الصوم بدون سحور؟
ـ[في بحر التاريخ]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 09:53]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء المجلس الموقرين ...
سألتني عضوة في احد المنتديات عن جواز صوم المسلم بدون سحور، فأحببت ان أطرح السوال في مجلسكم الموقر، لعلي اجد الاجابه لديكم ....
هذا و أسال أن يوفقنا و إياكم لكل خير ...
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[26 - Aug-2008, صباحاً 12:24]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نقل ابن المنذر الإجماع على كونه مندوبا والذي أعرفه أنه واجب عند بعض الظاهرية.
ـ[عبدالله الإماراتي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 07:28]ـ
قال الحافظ البخاري في صحيحه: باب بركة السحور من غير إيجاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واصلوا ولم يذكروا السحور.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 01:17]ـ
هذا رابط فيه مناقشة مفيدة حول هذه المسألة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=6836&highlight=%C7%E1%D3%CD%E6%D1
ـ[في بحر التاريخ]ــــــــ[21 - Sep-2008, مساء 07:07]ـ
اشكركم جزيل الشكر ...
بارك الله فيكم ...
ـ[الطحاوي الأزدي]ــــــــ[22 - Sep-2008, صباحاً 01:14]ـ
السحور يا أخي سنة ومن تركه ترك السنة وصومه صحيح.(/)
أين هذا الحديث في مستدرك الحاكم " وعلى بركة الله "
ـ[محمد طلحة مكي]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 09:56]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا إخوان: حديث أعياني البحث عنه في " المستدرك " وهذا لفظه:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديثه في مسير النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر إلى بيت أبي الهيثم وأكلهم الرطب واللحم وشربهم الماء وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة " وأن ذلك كبر على أصحابه وأن رَسُوْل اللهِ صَلًَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمََ قال: " إذا أصبتم مثل هذا وضربتم بأيديكم فقولوا بسم الله وعلى بركة الله فإذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو أشبعنا وأروانا وأنعم علينا وأفضل فإن هذا كفاف هذا "
هكذا ورد لفظ الحديث في كتاب " سلاح المؤمن " لابن الإمام، وكتاب " الحصن الحصين " لابن الجزري. لاحظ أن لفظ الحديث: " وعلى بركة الله "
فأين هذا اللفظ من رواية أبي هريرة في " المستدرك "؟
ـ[أبو زيد الشيباني]ــــــــ[09 - Oct-2008, مساء 09:37]ـ
وقفت على موضوعك عرضا وبدون قصد، وأدلو بدلوي إن أذنت:
صحيح ما قلت أن هذا اللفظ غير موجود، بل لايوجد لفظ البسملة أصلا في الحديث 4/ 131 و 7258 من إخراج الوادعي
وإنما الموجود في المستدرك: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ... أتوا بيت أبي أيوب فلما أكلوا و شعبوا قال النبي صلى الله عليه و سلم: خبز و لحم و تمر و بسر و رطب إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيدكم فكلوا بسم الله و بركة الله
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه
تعليق الذهبي قي التلخيص: صحيح. 4/ 107 و 7163 من إخراج الوادعي.
ومثله في شعب الإيمان 4604: ... رواه أبو مجاهد عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس فذكر الحديث بزيادات و قال أبو أيوب بدل أبي الهيثم و مما زاد قال: فهذا النعيم الذي تسئلون عنه يوم القيامة فكبر ذلك على أصحابه فقال: بلى إذ أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم بسم الله و بركة الله فإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي هو أشبعنا و أروانا وأنعم علينا و أفضل فإن هذا كفاف هذا ... اهـ
فالله أعلم.
والذي أظن أن لفظة بركة الله ليست ذكرا هنا، وإنما الذكر البسملة المجردة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في مناسبات كثيرة: اغد على بركة الله، وسر على بركة الله، وسم على بركة الله، واحتجموا على بركة الله ...
وعلى كل حال فلا زال البحث جاريا ...(/)
مشاركة حول قول أحمد الغمارى بأن خالد بن سنان كان نبيا بين عيسى ونبينا عليه السلام
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 11:03]ـ
الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغمارى الحسنى كان واحدا من الأعلام بعلم الحديث وترك مصنفات فى موضوعات عدة، وله تخريجات ووجهود لا تنكر، لكن قبل عرض المسألة موضوع النقاش لابد أن نعترف بأن الرجل رحمه الله إلى جانب أنه كان صوفيا عنيدا كان يتشيع فى بعض الأحيان، وأنه وجه سهام الطعن فى معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه حتى أنه نسبه للكفر وحاشاه من ذلك.
لكن ليس هذا موضوعنا وإنما أنا أريد من إخواننا المشاركة بجدية حول ما ذكره الغمارى أحمد فى كتابه والذى وسمه باسم
إتحاف الأذكياء بإثبات نبوة خالد بن سنان بين عيسى وبين سيد الأنبياء، أو إعلام الأذكياء بنبوة خالد بن سنان بعد المسيح وقبل خاتم الأنبياء.
رجاء من إخواننا أنتكون المشاركة علمية وبعيدة عن العصب والسب فالمؤمن ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بزىء
وجزاكم الله خير
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 11:16]ـ
نبوة خالد بن سنان
د. نايف بن أحمد الحمد (*) 19/ 2/1427
19/ 03/2006
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطَّلعت على المقالة التي كتبها الأستاذ/ فهد بن عامر الأحمد في جريدة (الرياض) عدد (13775) في 12/ 2/1427هـ وتحدث فيها عن خالد بن سنان، وقرر من خلال عرضه أنه نبي عربي من نسل إسماعيل، وذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال عنه: (ذاك نبي ضيعه قومه)، وذكر بعض معجزاته!! ... إلخ.
كما أنني اطلعت على بعض المنتديات في الشبكة العنكبوتية، والتي تتحدث كذلك عن نبوته، ولم اطلع على من ردَّ على ذلك، لذا أحببت بيان الحق في هذه المسألة، فأقول مستعينا بالله تعالى:
لاشك أن هذا القول الذي ذكره أخونا الكاتب قد ذكره بعض المؤرخين، ولكن العبرة بثبوت هذا الخبر من عدمه، وهل كان هناك نبي بين عيسى -عليه السلام -ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث ذكر من ترجم لخالد بن سنان أنه بُعث قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن النبي - صلى الله عليه وسلم – رأى ابنته وسأل عنه، فقالوا: قد مات، فقال: (ذاك نبي ضيعه قومه)، ومن ذلك ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفىء عنكم نار الحدثان. قال: فقال له عمارة بن زياد -رجل من قومه -: والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها؟ قال: فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع، فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها، فقال: إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي. فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا. قال: فاستقبلها خالد فضربها بعصاه، وهو يقول: بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي. حتى دخل معها الشق قال: فأبطأ عليهم. قال: فقال عمارة بن زياد: والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد. قالوا: ادعوه باسمه. قال فقالوا: إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه، فدعوه باسمه، قال: فخرج إليهم وقد أخذ برأسه فقال: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا. قال: فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر، فقلنا: انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه. قال عمارة بن زياد: لا تحدث مضر إنا ننبش موتانا والله لا ننبشه أبدا. قال: وقد كان أخبرهم إن في عكن امرأته لوحين، فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه. وقال: لا يمسهما حائض. قال: فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض. قال: فذهب بما كان فيهما من علم. قال فقال أبو يونس قال سماك بن حرب سأل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ذاك نبي أضاعه قومه)، وقال أبو يونس قال سماك بن حرب أن ابن خالد بن سنان أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال: (مرحبا بابن أخي). رواه الحاكم (2/ 655)، و الطبراني في المعجم الكبير (11793)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة، وقد احتجا
(يُتْبَعُ)
(/)
جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة ا. هـ.
وقد تعقب العلماءُ الحاكمَ ولم يرتضوا قوله، وردوا تصحيحه، فقال الذهبي: " منكر " ا. هـ وقال الحافظ ابن حجر: قلت لكن معلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم الرازي ا. هـ الإصابة (2/ 371)، وقال الهيثمي: " رواه الطبراني موقوفا وفيه المعلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم، قال: يأتي أحيانا بالمناكير قلت: وهذا منها " ا. هـ مجمع الزوائد (8/ 213).
وعَنِ ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -قال: جَاءَتْ بنتُ خَالِدِ بن سِنَانَ إلى النبي -صلى اللَّهُ عليه وسلم- فَبَسَطَ لها ثَوْبَهُ وقال: (بِنْتُ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ). رواه الطبراني في المعجم الكبير (12250)، وابن عدي في الكامل (6/ 46)، والأصبهاني في التاريخ (2/ 149)، قال ابن عدي: " وهذا الحديث لم يوصله، فقال فيه عن ابن عباس غير قيس بن الربيع " ا. هـ وقال الذهبي: "قلت لا يصح هذا" ا. هـ ميزان الاعتدال (8/ 222)، وقال الحافظ ابن حجر: "وقيس ضعيف من قبل حفظه" ا. هـ الإصابة (2/ 373).
وقد رواه ابن شبة في أخبار المدينة (786) بإسناد مرسل. وقال الهيثمي: " وفيه قيس بن الربيع وقد وثقه شعبة والثوري، ولكن ضعفه أحمد مع ورعه وابن معين .... قال البزار: رواه الثوري عن سالم بن سعيد بن جبير مرسلا. ا. هـ المجمع (8/ 314)، وانظر: فتح الباري (13/ 79)، وفيض القدير (3/ 47)، وقد ذكر ابن شبة آثارًا في أخبار المدينة (1/ 235) لا تخلو من مقال.
كما أن هذه الآثار لا تصح رواية فكذلك لا تصح دراية:
أولا: قال تعالى: [وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ] {الصَّف:6}
وعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه –قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: (أنا أَوْلَى الناس بِعِيسَى الْأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلَّاتٍ وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيسَى نَبِيٌّ) رواه مسلم (2365).
قال ابن كثير -رحمه الله تعالى -: " وهذا فيه رد على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبي يقال له خالد بن سنان كما حكاه القضاعي وغيره ". تفسير ابن كثير (2/ 36).
وقال السيوطي – رحمه الله تعالى -: " هذا يبطل قول من قال إنه بعث بعد عيسى في زمن الفترة نبي أو نبيان أو ثلاثة، ولم يرد في ذلك حديث يعتمد عليه، وهذا الذي في مسلم نص قاطع للنزاع " ا. هـ الديباج على مسلم (5/ 349).
ثانيا: قال الحاكم بعد روايته: "قد سمعت أبا الأصبع عبد الملك بن نصر وغيره يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحرًا في وسط جبل لا يصعده أحد، وإن طريقها في البحر على الجبل، وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلاً عليه صوف أبيض، وهو مختب في صوف أبيض ورأسه على يديه كأنه نائم لم يتغير منه شيء، وإن جماعة أهل تلك الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان " ا. هـ قال الحافظ ابن حجر متعقبا الحاكم: "قلت وشهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة فأين بلاد بني عبس من جبال المغرب" ا. هـ الإصابة (2/ 373).
وفي الجملة لا يصح شيء من الأحاديث الوارد فيها ذِكْر خالد بن سنان، والصحيح المقطوع به أنه لا نبي بين عيسى ومحمد – صلى الله عليهما وسلم – وقد ذكر ابن كثير عددًا ممن قيل إنه نبي، ومنهم خالد بن سنان، فقال: "والظاهر أن هؤلاء كانوا قوماً صالحين يدعون إلى الخير" ا. هـ فيض القدير (3/ 47)، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
--------------------------------------------------------------------------------
(*) قاضي المحكمة العامة بمحافظة رماح
ـ[الناقد السلفي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 01:00]ـ
جزاك الله خيرا رد موفق إن شاء الله تعالى.
ـ[سالم الغزالي التغلبي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 02:06]ـ
و الذي أعرفه و الله أعلم أنه عاش أيام الشاعر عنترة بن شداد و قيل أن عنترة قد تاثر به و كان من الموحدين و بقايا الديانة الحنفية
ـ[الحُميدي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 02:45]ـ
يسر الله لكم .. ،
لا علم لي بكتاب الحافظ احمد ابن الصديق الغماري رحمه الله .. ، الذي ذكرته .. ،
الرجل كان صوفيا جلدا .. ،ورافضيا صرفا .. ، غفرالله له .. ،
مع انني معجب به فيما يتعلق بالفقه وعلم لحديث، ..
ولكنك تجده في التصوف والتشيع مقلدا صرفا .. ،وفي غيرذلك إمام مجتهد .. ،
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 04:41]ـ
أخى الحميدى بارك الله فيك يا أخى، الشيخ حقا كان علما من أعلام الفقه والحديث فهو رحمه الله كان لا يجارى، وكان ناقدا واعيا وفاهما للنصوص، زد على ذلك أنه كان ظاهريا صرفا توصلت لذلك من خلال مطالعتى لكتبه وتنبنيه لأقوال ابن حزم تبنيا واضحا وإن لم يصرح فى بعض الأحيان بأنها أقوال ابن حزم، كما أننى وجدت عند الرجل نزعة صوفية كانت تهلكة فى بعض الأحيان، ولطة شيعية نرجو الله أن يعفو عنا وعنه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحُميدي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 08:12]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل .. ،
جل آل ابن الصديق .. ،يعظمون ابن حزم رحمه الله .. ،وبالأخص العلامة الأصولي عبد الحي الغماري رحمه الله .. ،
والعجيب اخي الفاضل ان احمد ابن الصديق رغم انه كان ظاهريا ومعظما لابن حزم .. ،فقد كان ينتقده ويرد عليه بقسوة أحيانا .. ، غفر الله له.
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 02:31]ـ
يسر الله لكم .. ،
لا علم لي بكتاب الحافظ احمد ابن الصديق الغماري رحمه الله .. ، الذي ذكرته .. ،
الرجل كان صوفيا جلدا .. ،ورافضيا صرفا .. ، غفرالله له .. ،
مع انني معجب به فيما يتعلق بالفقه وعلم لحديث، ..
ولكنك تجده في التصوف والتشيع مقلدا صرفا .. ،وفي غيرذلك إمام مجتهد .. ،
أخي الحميدي ـ بارك الله فيك ـ أين وجدت الرفض في في منهج الامام الغماري ـ رحمه الله ـ, و ماذا تقصد بالرفض بارك الله فيك .... فلست أعلم أن الغماري يكفر الشيخين أو يسبهما ...
في الانتظار .... وفقك الله
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 03:14]ـ
الشيخ كان فيه تشيع ... ولم يكن رافضيا صرفا ... أخي الحبيب الحميدي ... ولو كان كذلك .. للزمنا تكفيره .. كما نكفر علماء الروافض ... والله أعلم ..
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 07:21]ـ
الشيخ أحمد كان يلعن و يسب سمرة بن جندب و معاوية و عمرو بن العاص و ابن الزبير علانية على ما حكي عنه تلميذاه الشيخين يوخبزة و التليدي حفظهما الله و صحح في جؤنة العطار و غيرها من كتبه أحاديث في كفر معاوية و جزم بأن المقصود بها معاوية رضي الله عنه و طفق يغمز و يتهم أكابر المحدثين بالخيانة لاخفائهم اسمه و البلادة لتعيينهم رجلا آخر بدله و من برأه بقوله أنه يفضل الشيخين على علي فكيف يكون متشيعا؟؟ فلم يفهم مقصد الشيخ فهو يقول بأفضليتهما عليه فقط في الحكم الظاهر أي في ترتيب الخلافة و ليس في استحقاقها كما شرح ذلك في كتابه في الخرق و انتساب الصوفية الى علي و هو كما ترى تحصيل حاصل و كلام في غير محل النزاع أما في الدين و الفضل و الامامة فضلا عن الباطن فهو يقدمه على كل الصحابة و هذا و ان لم يكن يجعله من الرافضة الخلص فلا يبعده عن ابوابهم
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 12:10]ـ
عفا الله عنه وغفر الله له ..
ـ[أبو الوليد المغربي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 05:54]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. الذي ذكره تلميذه الشيخ محمد بوخبزة أنه كان عنده غلو في التشيع ولم يصل إلى حد الرفض.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 09:59]ـ
عفوا إخواني الأفاضل ... ،
إني وإن كنت من صغار طلبة شيخنا محمد بن الأمين بوخبزة حفظه الله .. ،فإن الشيخ بوخبزة -حفظه الله -يقول بأنه كان رافضيا .. ،وقد حكى لي الشيخ بوخبزة في بعض مجالسي معه .. ،كيف أصبح الشيخ الغماري رحمه الله رافضيا .. ،
وكاد شيخنا بوخبزة حفظه الله -إن لم أقل صرح- بأنه مات كافرا .. ،وأنظروا "جريدة السوابق" .. ،
وجميع آل ابن الصديق كانوا روافض .. ،سوى محمد الزمزمي تاب من ذلك رحمه الله .. ، وكذا الشيخ عبد الله ابن الصديق تاب من الرفض والقول بوحدة والجود وغير ذلك بعد خروجه من السجن بمصر .. ،رحمه الله
ـ[الحُميدي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 03:07]ـ
ولقد اجملت القول بسبب دنو وقت الصلاة.،
ولعلي انقل بعضا مما يدل على ذلك من كلام شيخنا محمد بوخبزة حفظه الله .. ،فقد قال الشيخ -حفظه الله - في تقديمه لكتاب "التشيع والعلمانية والطعن في السنة النبوية" من تأليف حسن العلمي وتوفيق الغلبزوري .. ،:
"وقد ابتلي المغرب ببعض هؤلاء الذين درسوا بالأزهر وخالطوا الزيدية واستجازوا علمائهم وتلقوا عن أعلام الروافض واستجازوهم , كمحسن العاملي وعبد الحسين شرف الدين ومحمد الحسين آل كاشف الغطاء من الإمامية , ومحمد بن عقيل الحضرمي الزيدي.
ثم عاد إلى المغرب بعد أن تشبع بهذا الفكر المريض يحمل معه مآت الكتب الشيعية , وما زالت أذكر كيف كان يبشر بكتاب "النصائح الكافية لمن يتولى معاوية " لابن عقيل في طبعته الأولى الحجرية بسنغافورة ,ويحث على مطالعته , كما أذكر – والألم يملأ جوانحي –كيف كان يلقن جهلة الفقراء والمريدين لهم عدد من الصحابة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ووقع أناس في ذلك لفرط ثقتهم بذلك , ولكثرة سماعهم إملاء أحاديث المثالب التي كان يراها بعضهم أصح من الصحيح , ولا يفقه ما هناك .. ،"
وانظر الرابط
http://www.bokhabza.com/play-6.html
وقد حكى لي الشيخ بوخبزة حفظه الله .. ،عندما سألته ما السبب الذي أدى بالشيخ أحمد ابن الصديق الغماري إلى التشيع .. ؟
فقال -حفظه الله-:كان ذلك أيام دراسته بالأزهر .. ،وقد اتصل ببعض مشايخ المذهب الزيدي .. ،فأخذ في قراءة كتبهم .. ،وتاثر بهم واستجاز معظم مشايخهم .. ،واتصل بأئمة الزيدية باليمن واستجازهم أيضا ... ، ثم ترك الزيدية ... ، و تعرف على بعض مشايخ الجعفرية .. ،واستجازهم وكان يعظمهم ويثني عليهم .. ،وهم شر من اليهود والنصارى .. ، وفي المقابل تجده يتنقص من علماء اهل السنة والجماعة كابن تيمية وغيره .. "
فكيف يا إخواني الأفاضل ستكون حال رجل يعتز بأئمة الجعفرية الإمامية ويحفل بهم .. ؟ ... فهو سائر على نهجهم بلا ريب .. ،
واما ما نقلته عن الشيخ حفظه الله .. ،أنه يكاد يجزم بان شيخه الغماري مات كافرا .. ،
فبعد موت شيخه رحمه الله بالقاهرة .. ، حكى ابراهيم ابن الصديق الغماري رحمه الله لشيخنا حفظه ان أحمد ابن الصديق كان يستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ انفاسه الأخيرة عند احتضاره .. ،وكما أسلفت فلينظر في كتاب شيخنا حفظه الله الموسوم بـ"صحيفة سوابق وجريدة بوائق" .. ،
فالشيخ الغماري رحمه الله ولو كان بلديِّ .. ،فهذا ليس مسوغ لستر حقيقته .. ،
أقول هذا الكلام وانا من المعجبين بهذا الشيخ الذي يعد نادرة العصر ... ،ولو لا ما ذكرت عنه لكان له شأن آخر .. ، وعندما أقرأ بعض رسائله إلى بعض طلبته وكتبه .. ، أقلب كفي حيرة وتعجبا مما يأتي به ... ،ولا زلت أتعجب كيف انجب المغرب مثل هذا الرجل .. ،خصوصا في ذاك العصر .. ،
وقد قال لي الشيخ بوخبزة حفظه الله .. ، أن الشيخ عبد العزيز الغماري رحمه الله .. ،أبلى بلاء سيئا في نشر التشيع بعد وفاة اخيه الأكبر ..
قلت: لا عجب .. ،فقد كرع من كف أخيه .. ،
أسأل الله أن يرحمهم أجمعين .. ،فهم مشايخ مشايخنا.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 03:12]ـ
ونسيت عبدالله الكرفطي -التليدي- .. ،ولقد الف كتاب "فضائل الصحابة " طدار ابن حزم سنة2001 .. ،أراد من خلاله ان يعلن توبته من الرفض .. ،
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 01:23]ـ
أخى الحميدى بارك الله فيك وفى تعليقاتك التى أفدتنا بها من خلال شيخك العلامة بوخبزة نسال الله أن ينفعنا بما سطرته يداك
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 04:35]ـ
صحيح أن الشيخ عبد الله لم يكن غاليا في التشيع كحال أخويه احمد و عبد العزيز لكونه الصق بالأشاعرة منهما و لكن لم يخرج من ذلك بالكلية فمذهبه في المذكورين من الصحابة و خاصة معاوية عدم جواز الترضي عنهم كما لا يجوز سبهم و شتمهم أما في وحدة الوجود فما زال التراث السبعيني الحاتمي الفارضي يقرأ في زاويته دون نكير منه حتى مات و ان كان في كتبه كبدع التفاسير و غيرها لا يجازف كأخويه في نصرة أصولهم و يحكي ما انكر عليهم كحكايته للخلاف في الفروع
ـ[بنت الخير]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 12:59]ـ
بارك الله فيكم
لكن لو كنتم جعلتم الموضوع قاصراً على عنوانه، وقضية نبوة خالد بن سنان، ثم افتتحتم موضوعاً جديداً عن الغماريين وعقائدهم، وما لهم وما عليهم، لكان أفضل.
لا عدمنا الله فوائدكم، وبوركتم
والذي أذكره مما قرأته للشيخ أبي خبزة: أن عبد الله أحسن حالاً بكثير من أخويه، وأنه رجع عن كثير مما كان يقوله في أواخر حياته، وأنه وعد بتصنيف يرجع فيه إلى عقائد أهل السنة، لكنه ماطل في ذلك حتة مات، ولم ينكر ما يحدث في زاويته من البدع المنكرة.
ولعلي أعاود التعليق إن تذكرت المصدر
بوركتم
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 01:27]ـ
لكن مع كل ما ذكرتم عن الحافظ الغماري ـ رحمه الله ـ فهو ليس برافضي, و لا ينسبه إلى الرفض إلا رجل لا يعرف حقيقة الرفض ... و شيخ مشايخنا الغماري ـ غفر الله له ـ نتأول له زلاته كما تأولانا زلات غير كالشيخ ابن باز و ابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ و غيرهما ... هذا من الانصاف في مسائل الخلاف. و الله أعلم و نسبة العلم إليه أسلم ..
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 02:54]ـ
الأخ الفاضل (الشريف):
هذه مقارنة فاسدة الاعتبار , بين التأوّل للشيخ (بن باز) و (بن عثيمين) و .. (الغماريين).
فنحنُ في صدد قضية تشيّع - إن لم نقل رفض - و " وحدة وجود " و (سب ولعن .. وغيرها)!! وليس في " مسائل إجتهادية " أخطأ فيها الشيوخ الأفاضل - رحمة الله عليهم -
أما إن كنتَ تقصد (فتوى الخليج) فهذه لا تصل إلى مسألة إنحرافات عقدية لا يمكن تمريرها , بحال من الأحوال.
مع أن هذه الفتوى سيئة الذكر أفسدت العالم الإسلامي , وهيَ سبب ما نحنُ فيه الآن ولكنها كانت عن نظر في النصوص .. وليست هكذا هوى - معاذ الله أن يكون الشيخ بهذه الصفة -
المسألة - أخي -: تفرق , وأنت فيها كالشنقيطي عندما قارن بين (بن باز) و (السيستاني)!
- بارك الله فيك _
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحُميدي]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 03:25]ـ
ما قلتموه في حق عبدالله ابن الصديق صحيح -رحمه الله- .. ،وماذكرته (بنت الخير) .. ،موجود في صحيفة السوابق.
أخي الفاضل ابن الوزير .. ،كلامك فيه قدح للشيخ بوخبزة -حفظه الله- .. ،وأظن ان الشيخ حفظه الله .. ، أدرى منك بحقيقة الرفض .. ،
فناقش أخي الفاضل لب ولباب الموضوع .. ،ودعن عنك التعريض .. ،بارك الله فيك.
شكر الله لك أخي طالب الإيمان .. ،
ـ[الشريف ابن الوزير اليماني]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 04:48]ـ
الشيخ العلامة بو خبزة من مشايخي الكرامي و لي إجازة منه فكيف أقدح فيه ... ؟؟؟
أخي طالب الايمان أنا أقارن من حيث الاعتذار لهم جميعاو لم أقارن أخطاءهم, و عليك بمراجعة الدكتور حمزة في مسألة قول الغماري بوحدة الوجود ... أما فتوى دخول الأمريكان لبلاد الحرمين فهي أفسد مما قال به الغماريون لأن مقالة الغماريين ترد بالعلم و البيان و ماذا نفعل بفتويا قتلت الأبرياء إلى الآن كما قال إمام القاعدة الشيخ أسامة بن لادن ـ رضي الله عنه ـ ... إلى غير ذلك من التأويلات للحكام الحتكمين بغير ما أنزل الله و الإفتاء بقتل من نفذ عملية" الخبر" و معلوم أن كل القتلى من الأمريكان ... إلخ .. أما الغماريون فماقفهم معلومة ... و إن كنا لا نوافقهم على اجتهاداتهم ...
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 08:18]ـ
بارك الله فى كل من شارك فى هذا الموضوع فقد اثريتموه والله إثراء جما، ولكنى أضم صوتى إلى صوت الأخت بنت الخير بان نقصر المداخلات والنقاش على موضوع نبوة خالد بن سنان على أن نطرح موضوعا آخر حول الغماريين لعلى أجهزه قريبا ونجعل منه عدة مشاركات بغذن الله لأن القوم كانوا من أكابر أهل العلم فى عصرنا ومع ذلك كانت لهم زلات ليست بالهينة، فضلا عن تشعب افكارهم وتفكيرهم العقدى والفقهى ما بين سنة وشيعة واشاعرة، ومالكية وظاهرية وهكذا
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 11:18]ـ
الأخ (الشريف) - بارك الله فيك -
يظهر طغيان (المنهج الحركي) على (الأصل العقائدي) في تفكيرك , في الحكم على الواقع , إذ أن الولاء والبراء التي يترتب عليها النصرة لا شك أنها ترتكز على التوافق العقَدي , ولا شك أن (الإصلاح السياسي) له بُعدُه في التوافق الفكري المنتج للمفاهيم العلمية والتنفيذية المؤسساتية والتياراتية.
وإن كنتُ لستُ معكم في موافقة تيار (العنف) , الذي - حسب المنهج التجريبي - أثبت فشله في (مصر) و (الجزائر) و (السعودية) , فالإصلاح السياسي ينبني على مواقف عقدية و مفاهيم نصوصية.
أما عن الغماريين , فأثر (التشيع) على المنهج السياسي واضح , إذ أن التشيع منهج سياسي في التاريخ الحديث ينبني على فكر ديني معروف ,
يعني باختصار: أثر الدين على التوجهات السياسية والإصلاحية , وهذا ما دعاني بالتفريق بين (الشذوذات المنهجية) التي تنبني على أصول عقدية ومصالحية , وبين (الشذوذات الجزئية) التي حاصلها إجتهادات أصابت الأمة في مقتل .. ولسنا نبررها , لكن نفرق بين (الأصول)!!
والله أعلم , وحياكم الله.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 02:34]ـ
قال الشيخ العلامة بوخيزة في رسالته "ترجمتي بقلمي": (كما ندمت بالغ الندم وتُبت إلى الله منه لما طوّح بي إليه الشيخ من التشيع المقيت والرفض المُردي، فتورطت في الحملة على كثير من الصحابة ولعن بعضهم كمعاوية وأبيه وعمرو بن العاص وسمرة وابن الزبير وغيرهم، متأثرا بما كنت أسمعه مرارا وأقرؤه من أحاديث مما عملت أيدي الروافض، كان الشيخ يمليها علينا مبتهجا مصرحا أنها أصح من الصحيح، فكنا نثق به ونطمئن إلى أحكامه، ويحكم على كل ما يخالفها من الأحاديث بأنها من وضع النواصب، ومن الطريف في هذا الباب: أنه كان يُبغض الشام وأهله ويصفهم بالشؤم على الإسلام وأهله، ويبطل ما ورد في فضله من أحاديث صحيحة، وظل كذلك إلى أن فر من المغرب إلى مصر، ثم زار الشام فأكرمه أهلها، وأقام له صوفيتها المآدب، فكتب إلى أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن اعتقاده في الشام وأهله، وأن ما ورد في ذلك صحيح،)
أخل الفاضل ابن الوزير .. ، لا تدفعنك مغربيتك لتسويغ ما أتوا به من الفواقر .. ،وكن منصفا .. ،كما ترجو الإنصاف من غيرك.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 02:42]ـ
اخي الفاضل الدكتور عبدالباقي أعتذر عن إخراج الموضوع عن مقصده .. ، ولعل فيه خير.
ـ[الناقد السلفي]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 03:16]ـ
الذي ذكره تلميذه الشيخ محمد بوخبزة أنه كان عنده غلو في التشيع ولم يصل إلى حد الرفض.
وقد ذكر محقق توجيه الأنظار أنه كان شديد التشيع ولم يصل إلى حد الرفض، ونقل عن (بو خبزة) تراجعه في ذلك بأخر عمره والله أعلم بحاله ....
وفي تقديمه لكتاب ذم الأشاعرة قال إنه وقف على عتبة الرفض!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 05:44]ـ
الانصاف مطلوب و التسوية بين المختلفات ليس من الانصاف في شيء فكما ان مراعاة الحسنات عند التفييم من الانصاف فكذلك الشدة و الغلظة في التحذير من الفواقر من الانصاف كذلك ... و فتوى خاطئة راعى فيها المجتهد الجهة التي يأتي منها الدعم المادي اللامشروط لدعوة التوحيد و التنمية و الرعاية للحرمين و غيرها من المصالح العظمى مع أنه يسأل عن الفتوى لا عما جرى بعدها مما لا يجوزه صاحبها .. تسوية مثل هذه الفتوى بمقالة الالحاد و التعطيل و الدهرية و التي هي هي نفسها مقالة فرعون و النمرود و السامري والفريسيين و بولس و النضر بن الحارث و ملاحدة اليونان من برتاغوراس الى أبيقور و ملاحدة البراهمة من مهاويرا الى رامانا ماهارشي و ملاحدة العرب من ابن الراوندي و الحلاج الى ابن سبعين و حلوليي النصارى من قسطنطين الى الأكويني و ملاحدة العصر الحدبث من أكابر الدهريين من نيتشه و سبينوزا الى هايدغر و راسل .... مقالة اعداء الأنبياء و الديانات في كل عصر و أس عبادة الأصنام و الأوثان من دون الله و التي بعث كل الأنبياء على نقيضها بل و كل ما أرسلوا به ان تأمل هو لنقضها و اعدامها ... القول بها و تبريرها بل و التأصيل لها و تقعيد قواعدها خيرا مما يفعله أصحابها مصرحا غير ملمح بل و الدفاع عن أكابر مجرميها من المفتضحين المصرحين لا من المتسترين كالحلاج و ابن سبعين ... تسوية هذه المقالة الهادمة لكل شيء ... وليس للدين فقط ... بفتوى أكثر ما قد يقال عنها انها تمس باب الولاء و البراء و تسوية صاحبها ممن شهد له الموافق و المخالف بموافقته للصواب و الحكمة في عامة أقواله و أفعاله ... بآخر شهد له الموافق و المخالف بكثرة شذوذاته و اندفاعه و قلة صبره و كثرة اغتراره برأيه ...
هذه التسوية فعلا من الانصاف القول انها من أشد الاجحاف
ـ[ابن عبدالكريم]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 06:47]ـ
" الشريف بن الوزير اليماني " ...
# حرره المشرف # .. و مقارنتك الهالك " أحمد الغماري " بالشيخ " ابن باز " رحمه الله تدل على # حرره المشرف # وشدة تعصبك .. أسأل الله أن يهديك و # حرره المشرف # ..
لمن أراد أن يعرف حقيقة الغماري ...
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=90737&postcount=23
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=91692&postcount=25
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=92287&postcount=30
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=93117&postcount=36
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 07:46]ـ
ابن عبد الكريم إن لم يعجبك كلام الأخ ابن الوزير فناقشه بعلم وليس بهذا الأسلوب
تقبل الله صيامنا وصيامكم ...
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 08:00]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ "
"وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم"
"وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ "
باب أمر الصائم بحفظ لسانه و جوارحه عن المخالفات و المشاتمة و نحوها
عن ابي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب, فإن سابه أحد أو قاتله فليقل:إني صائم متفق عليه
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:» كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء صلوات الله وسلامهم عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون «متفق عليه
باب الحلم والأناة والرفق
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل «رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
باب حسن الخلق
(يُتْبَعُ)
(/)
جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:» إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون «رواه الترمذي، وقال: حديث حسن
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 06:11]ـ
/// السلام عليكم ..
/// الأخ الشريف ابن الوزير اليماني .. شرَّفه الله بالهداية للحق
شكونا إليهم فساد السواد /// /// /// فعابوا علينا شحوم البقر!
فكانوا كما قيل فيما مضى: /// /// /// أريها السُّها وتريني القمر!
/// هل دفاعك عن شخصٍ ما يسوِّغ لك التكلُّف في التهجم على الطرف الآخر ممن يخالفه في العقيدة؟!
/// مسألة الاستعانة بالأمريكان أوغيرهم من أمم الكفر مسألة فقهيَّة بحتة! فلم الخلط وإدخال شعبان في رمضان .. ومحاولة التشويش على الموضوع بقضايا عاطفية تصلح خطبة شعبية تستدر العواطف؟!
/// ولم يطالبك أحدٌ بالاعتذار لابن باز أوالعثيمين -الذين تتكلُّف تصيُّد الخطأ لهم - لأنَّهم لا يحتاجون لاعتذار إلا على وجه قبول الخلاف والتسليم به في تلكم المسألة.
/// وكذا القضية الأخرى التي أشرت إليها بعاطفية بعيدة عن التجرد للمسألة بعلمية -وأنت تلهج بذلك دومًا- وهي قضيَّة قتل من قتل المعاهدين أمريكان أويهود أوغيرهم في الخبر أوغيرها .. = الحاصل أنَّها فتوى ((فقهيَّة)) اجتهادية لها أرجحيَّة من جهة النصوص والفهم، وليست قضيَّة عقدية الحق فيها ظاهر.
/// ومخاطبة طلبة العلم بالخطب الحماسية لا تصلح كصلاحها كثيرًا مع عامة الناس ودهمائهم وتروج عندهم تلك البضاعة.
/// وممَّا ينبغي التنبيه له في المنهجية العلمية والموضوعية التي ينبغي التخلق بها في البحث والمناظرة أنه لا داعي عند انتقاد أحد علماء المغرب (حفظهم الله من كيد الفجرة) حشر علماء المشرق والتلويح بأخطائهم إن كانت! والعكس كذلك!
/// هذا أولًا ..
/// أمَّا ثانيًا .. فكون الغماري أخطأ في تلك الأقوال وشناعتها هذا مسلَّمٌ به عند من يقبل نقل الثقات عنه على الأقل، ولكن لا يعني أنَّه ليس معذورًا أوكذا، فقد تجد من يسوِّغ له ويعتذر عنه بكيت وكيت، لكنه خطأ شنيع، والله يسامح ويعفو.
/// والكلام في شخصٍ ما يفيدنا من جهة التحذير من الخطأ الواقع فيه، حتى لا يغتر بأقواله تلك من لا يحسن طلب الحق.
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 06:31]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
بارك الله فيكم
لكن لو كنتم جعلتم الموضوع قاصراً على عنوانه، وقضية نبوة خالد بن سنان، ثم افتتحتم موضوعاً جديداً عن الغماريين وعقائدهم، وما لهم وما عليهم، لكان أفضل.
صدقتِ وبررتِ! وفقك الله
ـ[بنت الخير]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 03:44]ـ
صدقتِ وبررتِ! وفقك الله
أحسن الله إليك، ورزقنا وإياك التوفيق في القول والعمل
ـ[طارق غافر]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 10:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود إن شاء الله تعالى التطرق إلى الموضوع من خلال زاويتين:
1 - الصناعة الحديثية.
2 - من جهة ما يتضمنه الحديث معنى وفهما.
أولا تصحيحات الحاكم فيها ما فيها من المجازفة خاصة وأنه واسع الخطو في التصحيح على شرط الشيخين أو أحدهما كما جاء في الرفع والتكميل والأجوبة الفاضلة لأبي الحسنات اللكنوي وقواعد في علوم الحديث للتهانوي وغيرهما. على أنه يجب النظر في مسألة هامة وهي أن الرجال الذين يخرج لهم وهم ممن تكلم فيهم ثم يقول هذا على شرط الشيخين أن ذلك ليس على إطلاقه لأن الشيخين إنما أخرجا لهم ما اتفق الناس على حديثهم كما نص على ذلك صاحب الصحيح نفسه مسلم بن الحجاج في مقدمة صحيحه حيث قال وأما من أخرجنا حديثهم ممن تكلم فيهم كقطن بن نسير وسويد بن سعسد وغيرهم إنما أخرجنا ما اتفق الناس على حديثهم ... اه بما معناه.
(يُتْبَعُ)
(/)
على أن ما أخرجه الشيخان لمن هذه صفته لم يسلم لهما في ذلك ألا ترى الحفاظ كالدارقطني وابن القطان الفاسي والعقيلي وغيرهم ينتقدون ما أخرجاه كقصة الغرانيق في البخاري قصة الإسراء في مسلم من رواية شريك عن أنس أنه شق صدره صلى الله عليه وسلم ... الحديث حتى قال الحافظ بن حزم والآفة من شريك فإنه خلط وخبط وما حفظ.
وهذا حال الحاكم فإنه يجد الرجل مخرجا له في الصحيحين فيعتقد أن ما أفاتاه له صحيح كذلك وليس الأمر كذلك ألا ترى البخاري صحح حديث ماء البحر عند الترمذي حيث قال الأخير سألت محمد بن إسماعيل عنه فقال هو عندي صحيح. لكن لم يخرجه في صحيحه.
الأمر الثاني: أن هذا الأمر من مسائل العقائد لأنه يتعلق بمعرفة نبي والإيمان به والإقرار به والتصديق له, وأمر كهذا لا يثبت بأخبار الآحاد فضلا عن أخبار المتكلم فيهم. ثم إن أمرا كهذا يجب أن يشتهر ويستفيض على قعدة الإمام ملك رضي الله عنه حيث يشترط شهرة الحديث للأخذبه وهو مذهب النعمان وتلميذه أبي يوسف فإنه قال من تتبع شاذ الحديث كذب, على أن القرآن لم يثبت أو ينف نبوة هذا الرجل إذ غاية ما جاء في الآيات نفي الرسالة لقول عيسى عليه السلام برسول ياتي من بعدي ... الآية. على أنه لو كان كما قيل حقا لادعى الكفار أن محمدا أخذ كتبه أو صحفه أو لقي أحدا من أتباعه أو شبيها منه, ألا ترى أنهم اتهموه بقس بن ساعدة وورقة بن نوفل في هولهم إنما يعلمه بشر ... الآية.
بقيت عندي إشارة سريعة تتعلق بآل الغماريين, والحقيقة أنني طالب علم آخذ عن كل من أودعه الله نفحة علم دون التفات إلى مذهبه, فرغم أنني أفدت منهم الكثير وحظيت بالشرف للتلمذة على يد رجلين من أجل تلامذتهما الأول سيدي التليدي والآخر الفقيه الصمدي حفظهما الله إلا أنني أخالف الغماريين في كثير من القضايا العقدية والسلوكية لكن هذا لم يمنع من الترحم عليهم والدعاء لهم عسى أن نكون من بركاتهم ويمحو الله ما سودوا به صحفهم من ترهات, أما تكفيرهم فهذا أشنع من مقالاتهم إذ التكفير يوجب تكفير أحد المكفرين, أما هم فغاية ما سودوه هو التشيع واتهام بعض الصحابة بل تفسيق بعضهم ورغم أن هذا أمر منكر إلا أن احدا لم يقل بتكفير صاحبه, على أن ما وصلوا إليه يبقى اجتهاد منهم وباب التأويل لهم مفتوح فعسى أن تخون العبارة وقصر اللسان. ثم إن تكفير ميت مسلم أمر لا نفع من وراءه فهم علماء جبال شهد لهم خصومهم كالألباني رحمه الله تعالى فعلى الإخوة ألا يكونوا ضيقي النظر والظفر بالحكمة سواء كانت سلفية أو صوفية مع عرضها على ميزان الشرع فما وافق الحق أقبله وما خالف الحق أرده وأدعو لصاحبه فعساني لم أفهم مراده, فهذا محمد ابن إسماعيل البخاري رحمه الله أخرج لجماعة من أهل البدع حتى قال الذهبي في ترجمة بعضهم شيعي جلد أو رافضي جلد لنا روايته وعليه بدعته وهذا غاية في التمام فافهم هداك الله إلى بلوغ المرام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[21 - Oct-2008, صباحاً 12:16]ـ
بارك الله فيك أخى طارق، ولا تحرمنا من مشاركاتك فقد استفدنا بحق من مشاركتك هذه بلا مجاملة
جزاكم الله خيرا(/)
طلب مساعدة في البحث عن ترجمة عن الامام (أحمد بن عوض المرداوى المقدسى الحنبلى).
ـ[فوزى محمد أمين ملطان]ــــــــ[30 - Aug-2008, مساء 07:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود ممن يعرف ترجمة عن الامام (أحمد بن عوض المرداوى المقدسى الحنبلى) أن يتحفنى بترجمته
فو الله لقد بحثت عنه كثيرا ولا اجابة فأعينونى أعانكم الله
وجزاكم الله كل خير
ـ[أبو عبدالله تثليث]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 02:11]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ العزيز لو بحثت في قوقل لوجدت بغيتك إن شاء الله ولعله الذي حقق الشيخ التركي كتابه مؤخراً وشكر اً
ـ[فوزى محمد أمين ملطان]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 12:55]ـ
الاخ أبو عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك .. واود أن أسال: أى كتاب هذا الذى حققه الشيخ التركى مؤخرا؟
جزاك الله خيرا وتقبل منك صيامك وقيامك.
ـ[المقدادي]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 06:04]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
الشيخ أحمد بن عوض المقدسي من تلامذة العلامة عثمان بن قائد النجدي الحنبلي - ت 1097 هـ - و كان من المعتنين بكتب شيخه و هو الذي نسخ عددا من كتبه و رسائله منها رسالة " نجاة الخلف في اعتقاد السلف " و له ثبت أسند فيه عن شيخه المذكور و هو على الشبكة , و لعلك تجد ترجمته في السحب الوابلة لابن حميد و كذلك في كتب التراجم التي ترجمت لرجالات القرن الثاني عشر الهجري
و هذا ثبته المسمى بالكواكب الزاهرة - و هو مخطوط لم يطبع الى الآن على حد علمي -:
http://www.wadod.com/open.php?cat=29&book=504
ـ[فوزى محمد أمين ملطان]ــــــــ[06 - Oct-2008, مساء 11:53]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
بشرى انطلاقة موقع العلامة المجدد تقي الدين الهلالي
ـ[ابو عبد الله عمر]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 01:44]ـ
الموقع هنا
http://www.alhilali.net
والموقع يضم معظم كتب الشيخ ورسائله ومحاضراته وعلى الاخوة الذين يتوفرون على محاضرات او كتب غير متوفر في الموقع ان يرسلوها لاصحاب الموقع للحفاظ على ثراتالشيخ رحمه الله
وهنا ترجمة الشيخ مشهور للشيخ تقي الدين الهلالي
الترجمة هنا
http://www.alhilali.net/?c=2&p=5&f=20&a=ard
قال الشيخ مشهور حفظه الله " لم أسمع و لم أر مثله إلا شيخنا (يعني الشيخ الألباني رحمه الله)، و بينه و بين شيخنا الإمام الألباني مشابهات كثيرة جدا، و كان عالما بالتوقيت و حريصا على التوقيت و كتب كتابا في أصول التوقيت و بيان أن أوقات الصلوات خطأ، و كان شيخنا يمدحه في هذا الباب، و التقى به و مدحه "
وقال ايضا ان الشيخ ابن باز قال: ان الشيخ تقي الدين الهلالي شيخي في التوحيد وذكر هذا ايضا
في مقدمته لكتاب سبيل الرشاد الذي قام بتحقيقه
هذه شهادات لبعض العلماء و المشايخ و طلبة العلم عن الشيخ رحمه الله ومنهم العلامة ابن باز رحمة الله عليه وفي المرفقات شريط الذي اعتبر فيه الشيخ بن باز الشيخ تقي الدين الهلالي، رحمهما الله، من المجددين و من دعاة الدعوة السلفية
http://www.alhilali.net/?c=2&p=5
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو عبد الرحمن السلفي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 02:12]ـ
بارك الله فيك و رحم الله الشيخ تقي الدين الهلالي.
ـ[ابو عبد الله عمر]ــــــــ[11 - Mar-2009, صباحاً 04:26]ـ
بارك الله فيك(/)
لئن قلتَ: عشراً = لن تَسمعَ واحدة ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 04:21]ـ
قال رجل للأحنف بن قيس يريد سبه وشتمه: لئن قلتَ واحدة لتسمعن عشراً ...
فقال له الأحنف: ولئن قلتَ: عشراً = لن تسمع واحدة ..
ـ[خلوصي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 04:46]ـ
بل قل أيها الحبيب:
" إن ميزان الحب في الله و البغض في الله قد اختل في التاريخ .... ضد كفة الحب "!!؟
فكيف نتواصى على تعديله؟!
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 04:50]ـ
صَدَقَ، وبررتَ؛ فهذا شأن العقلاء حقًا؛ لا الجهلاء! من «أبناء الشر»!!.
فأعانك الله على نفسك أبا فهر.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - Aug-2008, صباحاً 04:55]ـ
الفاضل خلوصي ..
لعل بعض ما هاهنا يعين:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=17145
الفاضل أبا رقية ..
حسب الحليم أن كل الناس ................. أنصاره على ( ... ) القاسي
ـ[سلطان التميمي]ــــــــ[08 - Dec-2008, مساء 02:05]ـ
كنت اظن القائل هو الحسن بن علي رضي الله عنه السبط
كنت قد قراتها في احدى الكتب
ـ[دمعة أمل]ــــــــ[08 - Dec-2008, مساء 08:33]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بالحلم ينال المبتغى
وتصل لما تريد
أما المسابة فهي من شيم السفيه
ومثل الحليم كمثل الشجر ترميه بالحجر ويرميك بالثمر
وتحضرني قصة الأحنف بن قيس
جاء رجل إلى الأحنف وهو بين أصحابه فلطمه على وجهه لطمة تأذى منها
فقال الأحنف بكل هدوء ما الذي حملك على ذلك يا ابن أخي؟
قال الرجل: لقد آليت -أقسمت -أن ألطم سيد العرب من بني تميم
فقال الأحنف لكني لست سيد العرب من بني تميم إنما سيدها الحارث بن قدامة بر بيمينك
فذهب الرجل إلى الحارث ولطمه فاخترط الحارث السيف وقطع يد الرجل
فوصل الخبر للأحنف فقال أنا والله الذي قطع يده وليس الحارث
وسلامتكم(/)
إخوتي: ليس الشأن مسألة الإيمان و لا إصلاح الزمان ........ ؟!!
ـ[خلوصي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 02:37]ـ
السلام عليكم أيها الإخوة و الأخوات الكرام ...
أرجو أن لا تغضبوا مني - إلا غضبا في الله - ... ؟
فهاكم شيئين على النفس و الفكر ثقيلين ... ؟
الأول منهما:
أن الشأن ليس مسائل الإيمان بقدر ما هو حال الإيمان؟! .. نعم فإن:
"
كان التوحيد في الصحابة حالاً .. ؟! للعيان منصوبة!
ثم لم تزل " الحال " تتناقص ..... و " الكلام " يزداد؟!
حتى غدت " ما أنا عليه و أصحابي " حالاً مرفوعة؟!! "
أما الثاني:
فشأن النفس أن تصلُح ... لا شأن الزمان أن يُصلح ... ؟!
نعم .. ! فإنه لسنا نحن الموكلون بإصلاح الناس و تصحيح أحوالهم .. ؟ .. نحن علينا الخدمة و البيان الذي يرتضيه رب الأرباب في هذه الأحوال الشرسة .... و البيان قد يكون سكوتا إذا لم أقوَ على فقهه الشامل و أدبه الكامل؟؟!
يقول أحد العلماء:
"عليك أن تقول الحق في كل ما تقول، ولكن ليس لك ان تذيع كل الحقائق. وعليك أن تصدق في كل ما تتكلمه، ولكن ليس صواباً ان تقول كل صدق
لان من كان على نية غير خالصة يحتمل ان يثير المقابل بنصائحه فيحصل عكس المراد."
و يقول خلوصي - هذا الضعيف - تشجيعاً للنفس أن يعتورها اليأس
نصرة الحق لأوليائه قائمة في كل لحظة و مع كل نفس ... ! حتى لو كانوا تحت الحصار .... و في مرمى قنابل الدمار! .... فمعية الله نصرة .. بل هي النصرة!! .. ماذا يضيرك قدر الأمة و هو بيد الله الحكيم الرحيم صاحب الأمر .. ؟ إذا كنت تحت الأمر .. .. و كان هاتف الرحمن إليك ... يطمئنك برضاه عليك .... فإذا حرمت النصرة العامة فإن باب الخاصة مفتوح إليك ........ فلا عليك ...... و لا عليك! ...
إن هذا الدين في حفظ الرحمن ..... وهذه الأمة مكلوءة بعناية الحنان .... فليس الشان أن " المستقبل لهذا الدين " ... ! تخدر به نفسك .. و تنسى به أمرك أنت و دورك .. ! .................. " إنما الشأن شأنك "!؟(/)
مجلس حديثي في قراءة كتاب (الأربعون في فضائل رمضانَ)، لشيخنا عبد اللَّه بن عقيل
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 03:03]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته،،، أسعد اللَّه أوقاتكم بكلّ خير.
مجلس حديثي في قراءة كتاب (الأربعون في فضائل رمضانَ)
لسماحةِ شَيخِنَا شيخ الحَنابِلَةِ العلَّامةِ عبد اللَّه بن عبد العزيز بن عَقِيل
ـ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالى ـ
وصلة الدرس:
http://www.archive.org/download/IbnAqeel/ibnaqeel.mp3
= = =
http://www.archive.org/details/IbnAqeel
أخُوكُم المُحبّ
سَلمَانُ بْنُ عَبْدِ القَادِرِ أبُوْ زَيْدٍ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Oct-2008, مساء 04:42]ـ
رفع اللَّهُ قدر العلَّامةِ ابنِ عقيل.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[17 - Oct-2008, مساء 08:34]ـ
حفظَ اللَّهُ شيخَنا الإمام ابن عَقِيل.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[13 - Aug-2009, مساء 12:58]ـ
جزى اللَّهُ شيخنا ابنَ عَقِيلٍ.(/)
إنما يعرف الهلال بالرؤية لا بالحساب ولا بالعدد للعلامة ابن عقيل الظاهري
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 03:58]ـ
قال أبوعبدالرحمن:
صح أن المشروع للأمة الإسلامية: أن تؤقت بالنسة القمرية، وصح: أن ذلك فضيلة ومنقبة، وهنا نريد أن نبين: أن هذاالهلال الذي يجب أن نؤقت به: إنما يترتب الحكم الشرعي على رؤيته ولا اعتباربالعدد والحساب وقد فرق الشوكاني في تفسيره (ج 2 ص 213 الطبعة لأخيرة) بين العدد والحساب، وبيَّن القلقشندي في صبحه وابن تميمية في الرسالة الهلالية بعضا من طرقه الحسابية والعددية، ولقد كان أبو الريحان البيروني:يستطلع كثيرا من الحوادث التاريخية بطرق حسابية تجدها في قانونه المسعودي،ولقد تعرض الشيخ أبو تراب الظاهري لمسألة من ذلك، وهي إنكار البيروني أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم دخل المدينة وهم يصومون يوم عاشوراء فكان في رده ـ حفظه اللّه ـ ما يقنع.
قال أبو عبد الرحمن: فلو لم ير الهلال ليلة الثلاثين لو جب إكمال عدة الشهر ثلاثين يوما بغض النظر عن تقويم أم القرى ـ مثلا ـ، وكذلك لو قال أحد المنجمين: الهلال الليلة فلا عبرة بقوله، وإنما العبرة بالرؤية وكذلك لو قيل: ثبت أن الشهور الثلاثة السابقة كانت كلها ناقصة فلا بد أن يكون الشهر تاماً.
قال بعضهم:
لا يتوالى النقص في أكثر من ... ثلاثة من الشهور يا فطن
كذا توالي خمسة مكملة ... هذا الصواب وسواه أبطله
وليس معنى عدم الاعتبار بالحساب: أنه لا يصح، فقد يكون الهلال صحيحا، ولكن الشرع إنما نصب لنا العلامة بالرؤية نصوم لرؤيته ونفطر لرؤيته، لا حرج علينا إذا أفطرنا والهلال طالع فعلا، لأننا لم نره، فلنا من ديننا سعة ويسر.
وقد ذهب مطرف بن عبد اللّه بن الشخيرـ وهو من كبار التابعين ـ وابن قتيبة: إلى أنه يعول على الحساب عند الغيم بتقدير المنازل واعتبار حسابها في صوم رمضان، وهو مذهب الروافض ودليلهما قوله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: فإن غُم عليكم فاقدروا له: أي استدلوا عليه بمنازله، وقدروا إتمام الشهر بحسابه، وذهب إلى هذا أيضاً بعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة، وقالوا: يعتبر في ذلك بقول المنجمين. قال ابن العربي: وقد زل بعض أصحابنا، فحكي عن الشافعي: أنه قال: يعول على الحساب، وهي عثرة لا لعا لها، وقال ابن رشد: والمعروف له المشهور عنه: أنه لا يصام إلا برؤية فاشية أو شهادة عادلة كالذي عليه الجمهور.
قال أبو عبد الرحمن: وفي الأم علق الهلال بالرؤية ولم يذكر الحساب فعزو هذا المذهب إليه غير ثابت. وقال أبو إسحاق الشيرازي: وإن غم عليهم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من شهر رمضان ففيه وجهان: قال أبو العباس ـ يعني ابن سريج ـ: يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه إذا عرف بالبينة.
قال أبو عبد الرحمن: ودليلنا على عدم جواز الصيام بالحساب:
1ـ قوله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له. رواه البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر، فصح بهذا: أن الصيام والإفطار منوطان بالرؤية، فإن كانت صحوا ولم يُِر أوحال دون رؤيته سحاب: قدر له.
ومعنى اقدروا له: شامل لكل ما يحصل به معرفة مقدار الشهر من حساب أو عدد، ولكن الروايات الأخرى (التي فيها: ثلاثون يوما). حددت المعنى المطلوب، فاتضح:أن قوله اقدروا له: بمعنى أكملوا عدته ثلاثين يوما. . والروايات الآنفة الذكر (وإن اختلفت ألفاظها): لا تحيل المعنى، ولا يستبعد: أنه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عبر بكل هذه الألفاظ، فكل ما ذكر له رمضان، أو كلما هل هلاله: ذكر أمته بهذا الحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو عبد الرحمن: ولا يعجبنا ما ذهب إليه الإمام أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار إذ يقول: إن أحسن ما قيل في قوله ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: " فاقدروا له ": أي اعرفو حسابه بمنازله، وإن هذا يخفى على أكثر الناس، فرد الأمر إلى ما يتساوون فيه، وهو إكمال العدة ثلاثين يوما فصار هذا ناسخا. قال أبو عبد الرحمن: كلا! فليس في الحديث ما يشعر بالنسخ ولم يعرف تاريخ الحديثين ليتميز المتقدم من المتأخر، فهي دعوى عارية من البرهان، وأرى أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لم يقصدإلا إكمال العدة ثلاثين يوما، لأن كلمة اقدروا له: محتملة ـ كما قلنا ـ عدة معان، فجاء النص بإكمال ثلاثين يوما، فتحدد المعنى المطلوب ولسنا ـ أيضاً ـ نذهب إلى قول ابن سريج: اقدروا له خطاب للخاصة الذين يعرفون الحساب. . وأكملوا العدة خطاب للعامة. أهـ قال أبو عبد الرحمن: لأنها دعوى بلا برهان، وهي تقسم المسلمين: طائفة تصوم وطائفة تفطر، وهذا يخالف قوله صلى اللّه عليه وسلم: صومكم يوم تصومون، ويخالف مقصد الشريعة في الحظ على الجماعة.
2ـ روى البخاري في صحيحه عن ابن عمرـ رضي اللّه عنهما ـ عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا، يعني: مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. وهذا الحديث يستدل به شيخ الإسلام ابن تيمية: على أن الحساب محرم منهي عنه.
(أ) لأنه أخبر أن الأمة التي اتبعته هي أمة الوسط، أمية لا تكتب ولا تحسب، فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين.
(ب) وليس المعنى: أن من كان هذه الأمة فلا ينبغي له أن يكتب ولا يحسب، لأنه غير ظاهر اللفظ، فإن ظاهره خبر والصرف عن الظاهر إنما يكون لدليل يحوج إلى ذلك.
(جـ) ولا يقال: إن الحساب غير منهي عنه بنص هذا الحديث، بل يدل على أنه ليس بواجب، وإلا فهو جائز، لأن ألأمية صفة نقص: فصاحبها بأن يكون معذورأ أولى من أن يكون ممدوحا، وإنما لا يقال ذلك، لأن من الأمية ما هو محرم، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو نقص، ومنها ما هو كمال والأمية هنا في الاستغناء بالرؤية عن الحساب صفة كمال ومدح من وجوه:
" من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب، بما هو أبين منه وأظهر، وهو الهلال. . ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما غلط. . ومن جهة أن فيهما تعبا كثيرا بلا فائدة، فإن ذلك شغل عن المصالح، إذ هذا مقصود لغيره لا لنفسه".
قال أبو عبد الرحمن: ولا يحسبن متسرع: أننا نسوق هذا الكلام (عن شيخ الإسلام) مهاجمين علم الهيئة، ومقللين من ثمراته الطيبة التي ارتقت في هذا العصر، فلنا أن نستفيد من هذا العلم (إلا في مسألة الصيام وما في حكمها!) لأنها أمور شرعية تعبدية. . والذي تعبدنا بالصيام ـ جل شأنه ـ اختار لنا أسهل الأمور: " وهو: أن نصوم إذا رأينا الهلال، ونفطر إذا رأيناه، فإن لم نره فعلينا أن نصوم ثلاثين يوما ".
ولو أن علم الهيئة: يرشدنا إلى أن الشهر يهل هذه الليلة ـ أخذا باليد! ـ: لم يكن من الجائز أن نعتبر (إلا الرؤية أو أكمال العدة) وإلا كنا معتسفين طريقا لم ‘يرد منا سلوكه، واللّه لا يعبد إلا بما شرع، والرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول: " كل عمل ليس عليه أمرنا فهورد! " وباللّه نتأيد.
قال أبو عبد الرحمن: سبق قول ابن سريج: أن من عرف الشهر بالحساب يلزمه الصيام لأنه عرفه بدليل. أهـ.
وجوابنا عليه: أن نقول: هبه عرفه بدليل، ولكن هذا الدليل لم يكن في أثر ما مناطا للحكم بل قال صلى اللّه عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. أهـ. فإن لم تكن الرؤية: فإكمال ثلاثين يوما. . وأقل ما في الأمر: أنهم يعتبرون في العبادة ما هو غير معتبر شرعا (1).
انظر مسائل الهلال (ص/ 45 ـ 54) للعلامة أبي عبدالرحمن بن عقبل الظاهري.
ـــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) قال أبوعبد الرحمن: إذا دل اللفظ على معنيين فأكثر سمي مشتركا، كالعين: لفظ واحد، يطلق على عدة معان والأضداد داخلة في المشترك اللفظي، (للفائدة يراجع المزهر للسيوطي ج 1 ص269 ـ 507) وللأصوليين خلاف طويل: في المعنى المراد من اللفظ المشترك أهو كل معانيه بمثابة اللفظ العام (كما يقول أصحاب الشافعي)، أم لا يمكن أن يشمل جميع معانيه ـ كما يقول أصحاب أبي حنيفة ـ أم انه يعم في النفي ولا يعم في الإثبات ـ كما قال آخرون ـ قال أبو عبد الرحمن: والذي نختاره: أن اللفظ المشترك لا يرد في كلام ويراد منه جميع معانيهإلا في عبارات يراد بها الإلغاز والتورية، شريطة: أن لا تتضاد المعاني، واللفظ المشترك يحمل على المعنى الظاهر الراجح: إما بحقيقة الوضع، وإما بقرينة ظاهرة صارفة، ومن ثم:فكلمة ـ اقدروا ـ شاملة للحساب والعدد وإكمال الثلاثين، ثم تعين الحمل على إكمال الثلاثين للروايات الأخرى، وباللّه التوفيق.
راجع:أصول الفقه للشيخ محمد أبي زهرة ص 160 ـ 162 ومباحث الآمدي ـ في أحكامه ـ في الفصل الرابع في الاسم ص 18 فما بعدها.
وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية جمع ابن قاسم ج 25 ص131 ـ 201 وفتح الباري للحافظ ابن حجر ط م الحلبي عام 1378 ج5 ص 23 ـ 29.
والمنتقى شرح الموطأ للإمام أبي الوليد الباجي الطبعة الأولى ط م السعادة عام 1331هـ ج2 ص 28 وبداية المجتهد لأبي الوليد ابن راشد ط م دار الفكر ج1 ص207.
الاستقامة ج1 ص 275 والفروق لشهاب الدين القرافي وتهذيب الفروق لمحمد علي حسين ط م دار الحياة الكتب العربية الطبعة الأولى عام 1344 ج2 ص 178 ـ 189 والمهذب لإبي إسحاق الشيرزي ط م الحلبي عام 1379 ج1 العلمية عام 1313هـ ج 1 ص 261وسبل السلام للصنعاني ط م الحلبي عام 1379 ج 2 ص 152 ونيل الأوطار للشوكاني ط م الحلبي 1371 ج 4 ص 201 ـ202 وزادالمعاد لابن قيم الجوزية ط م الحلبي عام 1369 ج1 ص 157 والمعتصر من المختصر من مشكل الآثار لأبي المحاسن الحنفي ط م آباد الدكن عام 1362 ج 1 ص138 ـ 139 والجواهر للحكيم طنطاوي جوهري ط م الحلبي عام 1350 ج 17 ص 202 ـ 203 ج18 ص199 ـ 200.
وأحكام القرآن للقاضي أبي بكر بن العربي ط م الحلبي عام 1378 ج1 ص 82 وتفسير الرازي ط م البهية الطبعة الأولى ج 5 ص 132 وتفسير المنار لمحمد رشيد ط م القاهرة عام 1380 ج 2 ص 202 وج 11 ص 303 والجامع لأحكام القرآن لأبي عبدالله محمد أحمد القرطبي ج2 ص 293 الطبعة الأخيرة مصورة.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 03:02]ـ
جزاك الله خيرا
استفسار بسيط
انظر مسائل الهلال (ص/ 45 ـ 54) للعلامة أبي عبدالرحمن بن عقبل الظاهري.
أين أجد هذا الكتاب ممكن معلومات كاملة عنه وهل يوجد نسخة الكترونية
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 04:09]ـ
جزاك الله خيرا
استفسار بسيط
انظر مسائل الهلال (ص/ 45 ـ 54) للعلامة أبي عبدالرحمن بن عقبل الظاهري.
أين أجد هذا الكتاب ممكن معلومات كاملة عنه وهل يوجد نسخة الكترونية
للأسف أخى الكريم ... ليس لدي الكتاب
والعبارات المنقولة نقلها شيخنا عبد العزيز الحنوط
نسأل الله الحصول على الكتاب قريباً وبإذن الله سأصوره وأنشره على الشبكة
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[01 - Oct-2008, مساء 04:22]ـ
وفقك الله
ليتك تنقل كلام الشيخ أبي تراب رحمه الله في الرد على البيروني
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[02 - Oct-2008, صباحاً 12:55]ـ
وفقك الله
ليتك تنقل كلام الشيخ أبي تراب رحمه الله في الرد على البيروني
جزاكم الله خيراً
أحسبك تقصد البيرونى عالم الرياضيات والفلك وله كتب:
الاستيعاب في تسطيح الكرة
التفهيم لاوائل صناعة التنجيم
الإرشاد في أحكام النجوم
الاستشهاد باختلاف الأرصاد
القانون المسعودي في الهيئة والنجوم
عموماً لم أجد رد أبي تراب عليه لكنى أحسبه عند شيخنا عبد العزيز الحنوط
أبشر إن شاء الله
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - Oct-2008, صباحاً 01:05]ـ
جزاكم الله خيراً
أحسبك تقصد البيرونى عالم الرياضيات والفلك وله كتب:
.....
القانون المسعودي في الهيئة والنجوم
عموماً لم أجد رد أبي تراب عليه لكنى أحسبه عند شيخنا عبد العزيز الحنوط
أبشر إن شاء الله
جزاك الله خيرا
نعم أقصده، وهو ما ذكرتَه في المشاركة الأولى:
ولقد كان أبو الريحان البيروني:يستطلع كثيرا من الحوادث التاريخية بطرق حسابية تجدها في قانونه المسعودي،ولقد تعرض الشيخ أبو تراب الظاهري لمسألة من ذلك، وهي إنكار البيروني أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم دخل المدينة وهم يصومون يوم عاشوراء فكان في رده ـ حفظه اللّه ـ ما يقنع.
وهناك فرق بين مسألة الرؤية والمسألة التي تعرض لها البيروني؛ لأن العلماء حينما قدموا الرؤية على الحساب، لم يقل أحد منهم: إن الحساب خاطئ ولا بد، ولكن قالوا: إن العبرة بالرؤية دون الحساب، بخلاف المسألة التي معنا؛ فلا يتصور فيها صحة الحساب والنقل إذا تعارضا، فلا بد من الخطأ في واحد منهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[09 - Oct-2008, صباحاً 10:14]ـ
تفضل أخى الفاضل
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20866(/)
الإمام الأشم ابن حزم .. ،يكشف حيلة:
ـ[الحُميدي]ــــــــ[31 - Aug-2008, مساء 09:54]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
هذه قصة طريفة يحكيها الإمام الأشم -رحمات ربي عليه- .. ،يكشف فيها حيلة لدجال كان يدعي أنه يأتي بالمخاريق والمعجزات، أنقلها من كتابه العجاب .. ،والذي لا اغب من مطالعته .. ،"الفِصل" .. ،ولو كان له سوى هذا الديوان .. ، لحُق له الفخر والشرف .. ،
ولكن ما يؤسفني أن هذا الكتاب أُهملَ ولا يعنى به كثير من الطلبة -حتى من الظاهرية- .. ،بخلاف غيره من الكتب .. ،رغم انه حوى من النكت اللغوية والتاريخية والحديثية وغيرها مالا تجده في غيره .. ،
قال -رحمه الله - في "المجلد 1 ص131و132":"وقد فضحت أنا حيلة (أبي محمد) المعروف بالمحرِّق في الكلام المسموع بحضرته ولا يُرى المتكلم، وسمُت بعض أصحابه ان يسمعني ذلك في مكان آخر، او بحيث الفضاء كون بنيان،فامتنع من ذلك، فظهرت الحيلة، وإنما هي قصبة مثقوبة توضع وراء الحائط على شق خفي، ويتكلم الذي طرَّف القصبة على فيه على حين غفلة ممن في المسجد كلمات يسيرة،الكلمتين والثلاث لا اكثر من ذلك،فلا يشك من في البيت مع المحرق الملعون في أن الكلام اندفع بحضرتهم،وكان المتكلم في ذلك (محمد بن عبدالله الكاتب) صاحبه."
شرح بعض المفردات:
سمت: ألزمت وكلفت.
طرَّف: جعل طرف القصبة على فيه.
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[05 - Oct-2008, مساء 04:10]ـ
بارك الله فيك يا مولانا الحميدي ....
والكتاب لايعتنى به لأسلوبه العالي ومن له أسلوب الإمام ودقة نظر الإمام ليقرأه كاملا!!!
ـ[الحُميدي]ــــــــ[07 - Oct-2008, صباحاً 02:14]ـ
شكرا على هذا الثناء العطر .. ، (ابتسامة)
ـ[هشيم بن بشير]ــــــــ[07 - Oct-2008, صباحاً 07:41]ـ
جزاك الله خير ورحم الله الإمام ابن حزم واسكنه فسيح جناته.
ـ[الحُميدي]ــــــــ[07 - Oct-2008, مساء 03:36]ـ
وانت من اهل النوال والجزاء اخي الفاضل .. ،
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[07 - Oct-2008, مساء 06:33]ـ
بارك الله فى الأخوة جميعا، وأنتما يا عبدالرحمن والحميدى أسال الله تعالى أن يجعلكما من أهل اللين والمحبة لبعضكما البعض، وكذا لإخواننا المسلمين جميعا.
ورحم الله العلامة ابن حزم فقد قدم طروحات مبتكرة فى جل كتبه، وكتابه الفصل من أجل الكتب عند أهل العلم، فهو تأصيل فى الفرق والعقيدة والتاريخ والكلام، ولا أعرف فى كتب الفرق أعظم منه ولقد تعايشت معه أكثر من خمس سنوات دراسة وتحليلا ونقدا، وسامح الله السبكى لما أهال التراب على مجهود ابن حزم فى كتابه هذا، خاصة وأن نصرانيا كالراهب ميجيل أسين بلاسيوس يقضىمن عمره خمس سنوات فى دراسة ابن حزم، ويترجم له كتابه الفصل لأنه وقف على عظمته، فغير المسلمين يعرضون بضاعتنا، ونحن المسلمين نخذل عنها، ونبغض الناس فيها
ـ[الحُميدي]ــــــــ[07 - Oct-2008, مساء 11:38]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب الدكتور عبد الباقي .. ،وجزاك الله خيرا على هذه الفوائد القيمة .. ،(/)
حمل نسخة النشرة العلمية الرابعة لملتقى المذاهب الفقهية
ـ[عمار مدني]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 02:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسر أسرة ملتقى المذاهب الفقهية، والدراسات العلمية أن تتحفكم بالإصدار الرابع من نشراتها الشهرية لهذا العام 1429هـ.
والنشرة العلمية: في ابتدائها؛ هي -كما سبق بيانه- عبارة عن ترشيح من هيئة الإشراف لأفضل موضوع متميز في كل شهر؛ ترى مناسبته للنشر.
وفي هذا الشهر: شعبان، كانت النشرة عبارة عن موضوع نائب المشرف العام: فؤاد يحيى هاشم "تحرير قول ابن تيمية في اعتباره لاتفاق المطالع في رؤية الهلال".
ونحن بانتظار بقية الأعضاء، وتنافسهم لإثراء هذا الصرح العلمي المتخصص بكل مفيد وجديد.
ورابط النشرة مرفق بهذا الموضوع؛ للاستفادة؛ ونشرها بين المنتديات، ولا مانع من طبعها وتوزيعها شريطة أن تكون بوضعها المرفق؛ لحفظ الحقوق؛ وردها لأصحابها.
وفي ذلك إسهام في نشر ملتقى المذاهب الفقهية ورسالته بين طلبة العلم والمعنيين به في كل مكان.
رابط النشرة العلمية الرابعة:
http://www.mmf-4.com/vb/attachment.php?attachmentid=29 9&d=1219957992
والله ولي التوفيق،،،
للاطلاع:
النشرة العلمية الأولى
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=724
النشرة العلمية الثانية
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=974
النشرة العلمية الثالثة
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1075
ـ[بنت الخير]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 10:50]ـ
بوووووووووووووووووركتم
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 11:20]ـ
جزاكم الله خيرا أخي(/)
يا أيها المسلمون .. اغتنموه قبل الرحيل .. إنه رمضان!!
ـ[الشيخ ياسين الأسطل]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 05:56]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها المسلمون .. اغتنموه قبل الرحيل .. إنه رمضان!!
بقلم / الشيخ ياسين بن خالد الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في الأحد 30/شعبان /1429 هـ الموافق 31/ 8/ 2008 إفرنجية ..
يا أيها المسلمون .. اغتنموه قبل الرحيل .. إنه رمضان، الشهر الكريم، شهر القرآن، فما نزل (اقرأ) إلا في رمضان،قال سبحانه: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)،
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ الله عَنْهُ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم:
" أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا بِمَحْلُوفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا دَخَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ، وَلاَ دَخَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ شَرٌّ لَهُمْ مِنْهُ، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِنَّ الله يَكْتُبُ أَجْرَهُ وَنَوَافِلَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ، وَيَكْتُبُ وِزْرَهُ وَشَقَاءَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْخِلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ لَهُ مِنَ النَّفَقَةِ لِلْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ، وَيُعِدُّ لَهُ الْمُنَافِقُ اتِّبَاعَ غَفَلاَتِ الْمُسْلِمِينَ، وَاتِّبَاعَ عَوَرَاتِهِمْ، فَهُوَ غنمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ويغتبنه، أَوْ قَالَ: نِقْمَةٌ لِلْفَاجِرِ.
رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ.
*وقد كان السلف رضي الله عنهم يحرصون على بلوغه أشد الحرص،
قال معلى بن الفضل (رحمه الله): (كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان! ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم!).
وقال يحيى بن أبي كثير (رحمه الله): (كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه من متقبلاً).
**إنه رمضان شهر الإسلام، وهل الإسلام سوى القرآن؟! .. شهر التوحيد والتمجيد والتحميد لله، وهل أبلغ من رمضان تعبداً وتوحيدا، وتمجيداً وتحميدا؟!،
شهر الجود ومدارسةالقرآن، شهر الرحمة والصلة والتوادد إلى عباد الله تعالى، ففي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ أخرجه البخاري.
** شهر انكسار النفس لله، شهر الإخلاص والتبتل والتعبد والتذلل، شهر الصبر والنصر، شهر المغفرة والرفعة، شهر التوبة والكف عن المحرمات
فعَن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ الطَّعَامُ، فَبَعَثْنَا إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَجَاءَ الرَّسُولُ، فَذَكَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ، فَوُضِعَ الطَّعَامُ لِيُؤْكَلَ، وَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ وَقَدْ كَادُوا يَفْرَغُونَ مِنْهُ، فَتَنَاوَلَ فَجَعَلَ يَأْكُلُ، فَنَظَرُوا إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلُوهُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، فَقَالَ: مَا تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، قَدْ وَالله أَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَائِمٌ! قَالَ: صَدَقَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ:سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ:
" صَوْمُ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ , فَأَنَا صَائِمٌ فِي تَضْعِيفِ الله , عَزَّ وَجَلَّ , وَمُفْطِرٌ فِي تَخْفِيفِهِ ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو يَعْلَى بِسَنَدِ الصَّحِيحِ.
وعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ الله عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ:
(يُتْبَعُ)
(/)
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، فَعَرَفَ حُدُودَهُ، وَحَفِظَ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مِنْهُ كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ حبانَ فِي صَحِيحِهِ.
** شهر تتفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، شهر تصفد فيه مردة الشياطين، ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطيِنُ أخرجه البخاري
**الله أكبر ما أعظم هذا الفضل، وما أكرم هذا العطاء، الله أكبر ما أرحم وما أقرب من الله من أحد، أيها الطائع عليك بالعزم على الزيادة، أيها العاصي إن الله يفتح لك باب التوبة في رمضان والعبادة
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ:
«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».رواه مسلم.
** أيها المقصر إنه موسم الربح فلا تكن من أهل اللهو والكسل بل قم وشمر عن ساق الجد والعمل،
وقد روى البزار عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: " آمين آمين آمين " فلما نزل سئل عن ذلك فقال: " أتاني جبريل فقال: رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له قل: آمين قلت: آمين ورغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقلت آمين ورغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفر له أو لا يدخلانه الجنة آمين قلت آمين "
وبنحوه روى مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال:
" صعد رسول الله صلى الله عليه و سلم المنبر فلما رقي عتبة قال: (آمين) ثم رقي عتبة أخرى فقال: (آمين) ثم رقي عتبة ثالثة فقال: (آمين) ثم قال: (أتاني جبريل فقال: يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت: آمين قال: ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله قلت: آمين فقال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين) رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه.
قال أبو حاتم: في هذا الخبر دليل على أن المرء قد استحب له ترك الانتصار لنفسه ولا سيما إذا كان المرء ممن يتأسى بفعله وذاك أن المصطفى صلى الله عليه و سلم لما قال له جبريل:
(من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله) بادر صلى الله عليه و سلم بأن قال: آمين وكذلك في قوله: (ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله) فلما قال له: (ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله) فلم يبادر إلى قوله: (آمين) عند وجود حظ النفس فيه حتى قال جبريل:
قل: آمين قال: قلت: (آمين)
أراد به صلى الله عليه و سلم التأسي به في ترك الانتصار للنفس بالنفس إذ الله جل وعلا هو ناصر أوليائه في الدارين وإن كرهوا نصرة الأنفس في الدنيا
قال الحسن البصري (رحمه الله):
(إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا،وتخلف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون! ويخسر فيه المبطلون!)
يا أخي مضى من العمر ما مضى، فاغتنم الشهر قبل الانقضا، تكن من أهل القبول والفوز والرضا، والمغفرة للذنب والخطا، وهل بعد هذا العطاء من عطا؟! ..
ـ[خلوصي]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 06:31]ـ
*وقد كان السلف رضي الله عنهم يحرصون على بلوغه أشد الحرص،
**إنه رمضان شهر الإسلام، وهل الإسلام سوى القرآن؟! .. شهر التوحيد والتمجيد والتحميد لله، وهل أبلغ من رمضان تعبداً وتوحيدا، وتمجيداً وتحميدا؟!،
شهر الجود ومدارسةالقرآن، شهر الرحمة والصلة والتوادد إلى عباد الله تعالى،
* شهر انكسار النفس لله، شهر الإخلاص والتبتل والتعبد والتذلل، شهر الصبر والنصر، شهر المغفرة والرفعة، شهر التوبة والكف عن المحرمات
**الله أكبر ما أعظم هذا الفضل، وما أكرم هذا العطاء، الله أكبر ما أرحم وما أقرب من الله من أحد، أيها الطائع عليك بالعزم على الزيادة، أيها العاصي إن الله يفتح لك باب التوبة في رمضان والعبادة
** أيها المقصر إنه موسم الربح فلا تكن من أهل اللهو والكسل بل قم وشمر عن ساق الجد والعمل،
قال الحسن البصري (رحمه الله):
(إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا،وتخلف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون! ويخسر فيه المبطلون!)
يا أخي مضى من العمر ما مضى، فاغتنم الشهر قبل الانقضا، تكن من أهل القبول والفوز والرضا، والمغفرة للذنب والخطا، وهل بعد هذا العطاء من عطا؟! ..
.............................. .............................. .....................
بوركتم.
بإذن الله لن أتوانى هذه المرة بصحبة هذا المجلس المبارك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الشيخ ياسين الأسطل]ــــــــ[01 - Sep-2008, صباحاً 11:13]ـ
الأخ الكريم خلوصي / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مبارك عليكم ولكم وبكم رمضان، ورزقنا الله وإياكم الإيمان والإحتساب في صيامه وقيامه، آمين، وشكر الله لك.
ـ[خلوصي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 09:51]ـ
الأخ الكريم خلوصي / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مبارك عليكم ولكم وبكم رمضان، ورزقنا الله وإياكم الإيمان والإحتساب في صيامه وقيامه، آمين، وشكر الله لك.
حفظكم المولى يا أهل الرباط و فرج كربكم و أغاظ عدوكم ... قلوبنا معكم.
و قد تذكرت الآن هذه الكلمات العجيبة التي تدفع دفعا إلى استغلال الوقت .. كانت زوجتي تبثها لأخت فلسطينية تسكن في كندا عبر المسنجر و قد تعلقت بها بشدة حتى كادت زوجتي تبكي و تلك الأخت لا تتركها تذهب طالبة منها المزيد!!
" في الانسان وجهان:
الاول: جهة الانانية المقصورة على الحياة الدنيا.
والآخر: جهةُ العبودية الممتدة الى الحياة الأبدية.
فهو على اعتبار الوجه الاول مخلوقٌ مسكينٌ. إذ رأسماله من الارادة الجزئية جزءٌ ضيئل كالشعرة، وله من الاقتدار كسبٌ ضعيف، وله من الحياة شعلةٌ لا تلبث أن تنطفئ، وله من العمر فترةٌ عابرة خاطفة، وله من الوجود جسمٌ يبلى بسرعة. ومع هذا فالانسان فردٌ لطيف رقيق ضعيف من بين الأفراد غير المحدودة والأنواع غير المعدودة المتراصة في طبقات الكائنات.
أما على اعتبار الوجه الثاني وخاصة من حيث العجز والضعف المتوجهين الى العبودية، فهو يتمتع بفسحة واسعة، وأهمية عظيمة جداً؛ لأن الفاطرَ الحكيم قد أودع في ماهيته المعنوية عجزاً عظيماً لا نهاية له، وفقراً جسيماً لا حد له، وذلك ليكون مرآةً واسعة جامعة جداً للتجليات غير المحدودة (للقدير الرحيم) الذي لا نهاية لقدرته ورحمته و (للغني الكريم) الذي لا منتهى لغناه وكرمه.
نعم، ان الانسان يشبه البذرة، فلقد وُهبت للبذرة اجهزةٌ معنوية من لدن (القُدرة) واُدرجت فيها خطةٌ دقيقة ومهمة جداً من لدن (القَدَر) لتتمكن من العمل داخل التربة، ومن النمو والترعرعِ والانتقالِ من ذلك العالم المظلم الضيق الى عالم الهواء الطليق والدنيا الفسيحة، وأخيراً التوسل والتضرع لخالقها بلسان الاستعداد والقابليات لكي تصير شجرةً، والوصولِ الى الكمال اللائق بها. فاذا قامت هذه البذرةُ بجلب المواد المضرة بها، وصرفِ أجهزتها المعنوية التي وُهبت لها الى تلك المواد التي لا تعنيها بشئ وذلك لسوء مزاجها وفساد ذوقها، فلاشك ان العاقبةَ تكون وخيمةً جداً؛ اذ لا تلبث أن تتعفن دون فائدة، وتبلى في ذلك المكان الضيق. أما اذا اخضَعتْ أجهزتَها المعنوية لتتمثل أمر] فالق الحبِّ والنَّوى [(الانعام:95) التكويني واحسنتْ استعمالَها، فانها ستنبثق من عالمها الضيق لتكتملَ شجرةً مثمرةً باسقة، ولتأخذ حقيقتُها الجزئية، وروحُها المعنوية الصغيرة صورتَها الحقيقية الكلية الكبيرة.
فكما ان البذرة هكذا فالانسانُ كذلك. فقد اُودعتْ في ماهيته اجهزةٌ مهمةٌ من لدن القدرة الإلهية، ومُنحَ برامجَ دقيقة وثمينة من لدن القَدَر الإلهي. فاذا أخطأ هذا الانسانُ التقديرَ والاختيار، وصَرَف اجهزتَه المعنوية تحت ثرى الحياة الدنيا وفي عالم الارض الضيق المحدود، الى هوى النفس، فسوف يتعفّنُ ويتفسّخ كتلك البذرة المتعفنة، لأجل لذةٍ جزئيةٍ ضمن عمرٍ قصيرٍ وفي مكانٍ محصور وفي وضع متأزم مؤلم، وستتحمل روحُه المسكينة تبعات المسؤولية المعنوية فيرحلُ من الدنيا خائباً خاسراً.
أما اذا ربّى الانسانُ بذرةَ استعداده وسقاها بماءِ الأسلام، وغذّاها بضياءِ الايمان تحت تراب العبودية موجهاً أجهزتَها المعنوية نحو غاياتها الحقيقية بامتثال الأوامر القرآنية. فلابد أنها ستنشقّ عن أوراقٍ وبراعم واغصانٍ تمتدّ فروعُها وتتفتّح أزاهيرُها في عالم البرزخ وتولّد في عالم الآخرة وفي الجنة نِعَماً وكمالاتٍ لا حد لها. فيصبح الانسان بذرةً قيّمةً حاوية على أجهزة جامعة لحقيقة دائمة ولشجرة باقية، ويغدو آلةً نفيسة ذات رونق وجمال، وثمرةً مباركة منورة لشجرة الكون.
نعم ان السموَّ والرقي الحقيقي انما هو بتوجيه القلب، والسرِ، والروح، والعقل، وحتى الخيال وسائر القوى الممنوحة للانسان، الى الحياة الأبدية الباقية، وأشتغال كلٍّ منها بما يخصّها ويناسبها من وظائف العبودية. أما ما يتوهمه أهلُ الضلالة من الانغماس في تفاهات الحياة والتلذّذِ بملذاتها الهابطة والإنكباب على جزئيات لذاتها الفانية دون الالتفات الى جمال الكليات ولذائذها الباقية الخالدة مسخّرين القلب والعقل وسائر اللطائف الانسانية تحت إمرةِ النفس الأمارة بالسوء وتسييرها جميعاً لخدمتها، فان هذا لا يعني رقياً قط، بل هو سقوطٌ وهبوط وانحطاط. "(/)
ما ضبطُ "شمر بن حمدويه" هل هو شِمْر أم شَمِر أم غير ذلك؟؟
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 12:37]ـ
قال ابن حجر في تبصير المنتبه 788/ 2:
"شمر: بالكسر وسكون الميم: ظاهر، وبفتحتين مثقلًا: شَمَّر بن عبد جذيمة بن زهير بن ثعلبة بن سلامان الطائي، وابنه قيس بن شمر صاحب امرئ القيس الشاعر، وشمر ذو الجناح الحميري، وفي حمير أيضًا: شمر بكسر الميم مخففاً".
ورأيت الشيخ عبد السلام هارون يضبطها في تحقيق تهذيب اللغة هكذا: شِمْر
وهذا الذي يظهر من عموم قول الحافظ
لكن رأيت الشيخ عبد الفتاح أبو غُدة ضبطه بفتح المعجمة وكسر الميم (شَمِر)
فهل وقف أحدكم على ضبطه منصوصا عليه
وهل عند أحدكم ما يرجح أحد هذه الأقوال
بارك الله فيكم
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 12:41]ـ
كان الأخ بندر الطائي جزاه الله خيرا شارك في هذا الموضوع _قبل أن يتبخر للخلل الذي طرأ على المجلس_ بهذه المشاركة:
قال الزبيدي في التاج 238/ 12:
(وشَمِرُ بنُ حَمْدَوَيْه لُغَوِيٌّ)، مثال كَتِفٍ، قال الصّاغانِيّ: والعامّة تقول شِمْرٌ.
(والشِّمْرُ، بالكسر: السَّخِيُّ) الشُّجَاع. ا. هـ
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 12:43]ـ
وكتف كفرح
وضبط الزبيدي هو المعتمد عندي إلى الآن:
http://www.mahaja.com/forum/showthread.php?t=4431
ـ[الحُميدي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 08:31]ـ
بارك الله فيكم .. ،(/)
نصيحة لائمة المساجد بخصوص دعاء القنوت
ـ[القضاعي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 02:46]ـ
نصيحة لائمة المساجد بخصوص دعاء القنوت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
إنّ مما لا شك فيه أنّ «الدعاء هو العبادة» كما صَحّ بذلك الخبر عن المصطفى من حديث النعمان بن بشير ?. ومادام أنّ الدعاء عبادة فإنه يشترط لقبوله شرطان:
الأول: الإخلاص، فلا يدعو العبد إلا وهو يبتغي وجه الله لا رياءً ولا سمعةً، والثاني: المتابعة: أي يقتفي فيه طريقة وهدي محمد ?، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين فإن العمل يكون باطلاً مردوداً على صاحبه كائناً من كان؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في «الصحيحين» قالت: قال عليه الصلاة
والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» ولمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
قال ابن مسعود ?: «كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غُيرَت قالوا: غُيرَت السنة» قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: «إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة [وتفقه لغير الدين]». رواه الدرامي (1/ 64) والحاكم (4/ 514 - 515) بسند صحيح.
فمن تلك الأمور المحدثة:
أولا: التغني بالدعاء والتطريب والتلحين:
وهو أمر مُحدَث , لأنّ الأصل في العبادات المنع والتوقف لقوله ? من حديث عائشة: «مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد» رواه البخاري، فليس المنع مقتصراً على أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ووقتها وعددها وزمنها ومكانها وهيئتها، ولا دليل على صفة التغني بالقنوت فكيف نتعبد الله بما لم يشرع لنا، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ونقل إلينا.
ثم إنّ الأمر بالتغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن لما روى البخاري في «صحيحه» عن أبي هريرة: «ليس مِنا من لم يتغن بالقرآن» فلم يقل: تغن بالدعاء، وإنما بالقرآن، وقال عليه الصلاة والسلام: «زينوا القرآن بأصواتكم» ولم يقل: زينوا الدعاء ...
وقد ذَكَرَ شيخ الإسلام أنّ إدخال الألحان في الصلوات هي من طريقة النصارى حيث قال في «الفتاوى» (28/ 611): (وكذلك إدخال الألحان في الصلوات لم يأمر بها المسيح ولا الحواريون) اهـ،
ولو أنك أخي الإمام سألت نفسك هل تتغنى بالدعاء على المنبر يوم الجمعة؟ لقلت: لا، ولو سألت المصلي هل يتغنى بالدعاء في سجوده؟ لقال: لا، ولو سألت المصلي الذي في المسجد ينتظر الصلاة: هل تتغنى بالدعاء؟ لقال: لا، إذاً فما الذي خَصَّ دعاء القنوت بهذا التغني والتلحين والترتيل الذي نسمعه اليوم دون بقية الحالات؟؟ فإنّ الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات.
ثم اعلم بأنّ التغني والتطريب بالدعاء من أسباب رده وعدم قبوله لأنه اعتداء في الدعاء، قال الكمال بن الهمام الحنفي: (ومما تعارف عليه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح و الإشتهار لتحريرات النغم إظهار للصناعة النغمية لا إقامة العبودية؛ فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الرد ... فاستبان أن ذلك من مقتضيات الخيبة والحرمان). «فيض القدير» للمناوي (1/ 229).
وقال: (ولا أرى أنّ تحرير النغم في الدعاء كما يفعله بعض القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى السؤال والدعاء وما ذاك إلا نوع لعبٍ، فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة أدى سؤاله بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغني نُسب البتة إلى السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة هو التضرع لا التغني) اهـ.
ولك أخي الكريم أن تتأمل وأنت تسمع بعضهم وهو يدعو وكأنه يقرأ القرآن بالمدود والقلقلة والإخفاء والإظهار، حتى إنك ترى بعض المصلين عند سماعه للقنوت لا يفرق بين القرآن وبين الدعاء.
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية 6/ 76 برقم (21263) وتاريخ20/ 12/1420هـ بما نصه: وعلى الداعي ألاّ يشبِّه الدعاء بالقرآن فيلتزمَ قواعد التجويد والتغني بالقرآن - في حال الدعاء - فإن ذلك لا يعرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم.
ثانياً: من الأمور المحدثة في الدعاء: السجع:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد كرهه السلف ونهوا عنه، قال ابن عباس رضي الله عنهما لمولاه عكرمة: «انظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الإجتناب .. » رواه البخاري.
وهو أيضا مِن أسباب عدم الإجابة؛ ولذلك قال القرطبي (7/ 226): (ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخير ألفاظاً مفقرة، وكلماتٍ مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها فيجعلها شعاره، ويترك ما دعا به رسول الله ?، وكل هذا يمنع استجابة الدعاء) اهـ.
ثالثاًً: من الأمور المحدثة: الإطالة في الدعاء:
فقد جاءت السنة في التحذير منه والحثّ على الإقتصار على الجوامع والكوامل من الدعاء وترك الأدعية المطولة، بل فهم السلف الصالح أن التطويل في الدعاء هو نوع من الإعتداء كما جاء في «سنن أبي داوود» أنّ سعد بن أبي وقاص سمع ابنا له يدعو ويقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله ? يقول: سيكون قوم يعتدون في الدعاء. فإياك أن تكون منهم إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر. صححه الالباني (2/ 77).
وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: «عليك بجمل الدعاء وجوامعه قولي: اللهم إني أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ... » الحديث رواه ابن ماجه والبيهقي وصححه الالباني (4047).
أفلا نستحب يا أُمّةَ محمد ما كان يحبه عليه الصلاة والسلام من الجوامع؟
أفلا نعمل بوصية رسول الله لعائشة ـ وهي أحب النساء إليه ـ بِجُمَلِ الدعاء؟
وتأمل أيها اللبيب قولها رضي الله عنها وهي تسأل الرسول عليه الصلاة والسلام فتقول: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: «قولي: اللهم إنكَ عفوٌ تُحب العفو فاعفُ عني». رواه الترمذي: «صحيح الجامع» (4423).
وإنك لَتَعجَب عندما تسمع بعض الأئمة في قنوتهم وهم يتكلفون الوصف في الدعاء حيث يقول مثلا: (اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان، وارتخت منا اليدان، وبردت منا القدمان، ودنا منا الأهل والأصحاب، وشخصت منا الأبصار، وغسلنا المغسلون، ... الخ) ويزداد عجبك عندما تسمع بُكاء الناس ونشيجهم وهم يُؤَمِّنُون على هذا الدعاء، بل ويتسابقون على التبكير إلى هذا المسجد والصلاة خلف هذا الإمام، وقد تسمع من بعض الأئمة وهو يدعو على الأعداء فيقول (اللهم لاتدع لهم طائرة إلا أسقطتها، ولا سفينة إلا أغرقتها، ولا دبابة إلا نسفتها، ولا فرقاطة إلا فجرتها، ولا مدرعة إلا دمرتها، ولا .. ولا .. الخ) وكأنه يُملِي على الله كيف يفعل بالأعداء، بينما كان يكفيه أن يقول اللهم عليك بهم أو اللهم انتقم منهم ونحو ذلك من المأثور عن سيد البشر صلوات ربي وسلامه عليه.
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 03:14]ـ
صدقتَ -والله-، وبررتَ فيما كتبتَ.
وأصبتَ السنة، وهدي الأوائل؛ فخير الهدي هدي نبينا محمد (ص).
وما لم يكن يومئذٍ دينًا؛ فليس لنا اليوم بدين.
وإليكم هذا الكتاب النافع في تلك المسألة وغيرها مما يختص بما ينافي هدي النبي (ص) في رمضان:
الكتاب: عودوا إلى خير الهدي
المؤلف: محمد بن إسماعيل المقدم
الناشر: دار الإيمان
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ الطبعة: 2004
نوع التغليف: عادي ورقي
عدد الصفحات: 72
حجم الكتاب: 1.53 ميجا
النسخة الممسوحة: الكتاب الأصلي
رابط مباشر للتحميل:
http://s166728140.onlinehome.us/books/02/0195.rar
(( نقلاً عن المكتبة الوقفية))
ووفقكم الله يا أخانا، وننتظر منكم المزيد
نفع الله بكم، ورضي عنكم، وأورثكم جنته
ـ[القضاعي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 03:18]ـ
صدقتَ -والله-، وبررتَ فيما كتبتَ.
وأصبتَ السنة، وهدي الأوائل؛ فخير الهدي هدي نبينا محمد (ص).
وما لم يكن يومئذٍ دينًا؛ فليس لنا اليوم بدين.
فنفع الله بكم، ورضي عنكم، وأورثكم جنته
بارك الله فيك
وليس لي إلا الإختصار وهذه النصيحة مقتبسة من محاضرة ((احذروا الإعتداء في الدعاء)) للشيخ محمد الفيفي عضو الدعوة والإرشاد في وزارة الأوقاف السعودية.
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 03:27]ـ
وليس لي إلا الإختصار وهذه النصيحة مقتبسة من محاضرة ((احذروا الإعتداء في الدعاء)) للشيخ محمد الفيفي عضو الدعوة والإرشاد في وزارة الأوقاف السعودية.
الدال على الخير ((كفاعله))
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 11:25]ـ
جزى الله أخانا خيراً على هذه النصيحة القيمة , ولدي استشكال بسيط:
فكلام المناوي رحمه الله دقيقٌ ويحتاج لفهم دقيقٍ إذ صدَّره بقوله:
(ولا أرى أنّ تحرير النغم في الدعاء كما يفعله بعض القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى السؤال والدعاء وما ذاك إلا نوع لعبٍ، فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة أدى سؤاله بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغني نُسب البتة إلى السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة هو التضرع لا التغني)
ولا يتمكن من التحرير الذي يريده الشيخ إلا أرباب العلم والباع الواسع بالنغم والتطريب والمقامات وتعمد التفنن في استخدامها , وليس من تغنى بدعائه مطلق تغنٍّ لا يحسن معه تحرير النغم ولا يميز فيه بين مقامات الألحان داخلاً في كلامه رحمه الله
وكذلك الأمر في كلام اللجنة الدائمة , إذ هو في تطبيق أحكام التجويد لا في مطلق التغني والتلحين مع تعمد الإخلال بأحكام التجويد تفريقاً بين الدعاء والقرآن , ويدل لذلك قولهم:
(وعلى الداعي ألاّ يشبِّه الدعاء بالقرآن فيلتزمَ قواعد التجويد والتغني بالقرآن - في حال الدعاء - فإن ذلك لا يعرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم)
فكلامهم في:
- تشبيه القرآن بالدعاء بحيث يلتزم الغنن والتفخيم والترقيق والقلقلة والمدود في دعائه مع التغني به.
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حاتم الرازي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:27]ـ
هنا أمر أحسن الله للجميع العاقبة ووفقنا وإياهم للحق ..
من يتغنى بالدعاء مطلق التغني يلزمه الدليل؟
وليس المانع هو الملزم بالدليل لأن هذا الدعاء عبادة والإحداث فيها من غير أثر لا يخفاكم خطره ... وليس لزوم الناس لهذا الأمر وتتابعهم عليه حجة لأحد بل ... نسأل الله عز وجل أن يهيء لمساجدنا من يميت البدع فيها .. مثل التلحين في الدعاء وإن لم يكونوا كما قال الفاضل أبو زيد لا يحسنون المقامات معفيًا لهم فقد يغني المرء بلحن وهو لا يعرفه وإنما يستحسنه في أذنه وهذا مرده إلى الأذن وما استحسنت من الألحان وإن صنف فيها الناس في هذه الأزمان المصنفات (المقامات والسيكا والصبا ,,وغيرها) إلى أنها موجودة منذا القدم وإن لم تسمى فلا يقول قائل هم لا يعرفون هذه الألحان!! وعليه يخرجون من تبعة هذه الفتاوى ..
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:29]ـ
بارك الله فيك.
كتيب: دعاء القنوت، للعلامة بكر بن عبدالله أبو زيد - رحمه الله - مفيد في هذا الباب على صغر حجمه.
ـ[محمد بن مسلمة]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:37]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم: وقد تكلم الشيخ العلامة بكرأبو زيد رحمه الله عن هذه المسألة في كتابه الماتع: تصحيح الدعاء
فأنصح به إخواني الفضلاء ..
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 01:25]ـ
دعاء القنوت
للشيخ بكر أبو زيد
رحمه الله
http://ia311224.us.archive.org/1/items/GML017/KONOT.doc
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 11:35]ـ
الإخوة جميعاً
السلام عليكم
الألحان المحدثة حرمها العلماء في أمور:
1 - القرآن
2 - الأذان
3 - الدعاء
4 - حتى في الشعر
أما الترتيل فأرجو التوسع في نقل نصوص العلماء فيه، و هل هو خاص بالقرآن أو لا
قال العراقي:
وَلاَ تَقُمْ لأَحَدٍ وَأَقْبِلِ **** عَلَيْهِمُ وَلِلْحَدِيْثِ رَتِّلِ
ـ[أبو فايزة]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 12:41]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[القضاعي]ــــــــ[17 - May-2009, مساء 03:45]ـ
وجزاك
ـ[نجم الدين سالم]ــــــــ[27 - Jun-2009, صباحاً 03:33]ـ
موضوع جيد وهام جزاكم الله خيرا
ـ[القضاعي]ــــــــ[04 - Jul-2009, صباحاً 08:41]ـ
وجزاكم
ـ[حارث البديع]ــــــــ[04 - Jul-2009, مساء 02:03]ـ
[ quote= من صاحب النقب;139878] الإخوة جميعاً
السلام عليكم
الألحان المحدثة حرمها العلماء في أمور:
4 - حتى في الشعر
لم يحرمها كل العلماء بل بعضهم فليست فيها اجماع
ـ[عادل أحمدموسى]ــــــــ[04 - Jul-2009, مساء 02:07]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
شكرا لك ... بارك الله فيك ... أخي القضاعي
ومما أراه في هذا الباب:
أن القنوت داخل في الصلاة والصلاة توقيفية كما يدل الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التمني (حدثنا محمد بن المثنَّى: حدثنا عبد الوهَّاب: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة: حدثنا مالك بن الحويرث قال:
أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شبَبَة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقاً، فلما ظنَّ أنَّا قد اشتهينا أهلنا، أو قد اشتقنا، سألنا عمَّن تركنا بعدنا فأخبرناه، قال: (ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلِّموهم ومروهم). وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها: (وصلُّوا كما رأيتموني أصلِّي، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدكم، وليؤمُّكم أكبركم).
ولذلك فنحن ملزمون بقنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم
بارك الله لكم
ـ[حسن ابو عدي]ــــــــ[04 - Jul-2009, مساء 02:19]ـ
جزاكم الله خير
ـ[القضاعي]ــــــــ[31 - Aug-2009, مساء 04:38]ـ
وجزاك
ـ[التبريزي]ــــــــ[31 - Aug-2009, مساء 10:41]ـ
فمن تلك الأمور المحدثة:
أولا: التغني بالدعاء والتطريب والتلحين:
ثانياً: من الأمور المحدثة في الدعاء: السجع:
ثالثاًً: من الأمور المحدثة: الإطالة في الدعاء:
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
أحسنت،، وبارك الله فيك ..
بعضهم يتغنى بالدعاء وصوته نشاز، ثم يستخدم السجع بطريقة تحسبه يقول شعرا!!، ومع هذا وذاك يطيل الدعاء، وللأسف هذه المخالفات يُعمل بها في الحرمين الشريفين!!، وقد حسَبت مرة وقت الدعاء في الحرم المكي الشريف لبعضهم فوجدته قرابة 37 دقيقة!! ليلة ختمة القرآن (!!) وفيه:
اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان، وارتخت منا اليدان، وبردت منا القدمان، .....
من البدع:
البكاء والتأثر بالدعاء وعدم التأثر بالقرآن!!
ومن البدع:
استخدام المصحف في القراءة لبعض الأئمة وفي المأمومين من هو حافظ للقرآن!!
ومن البدع:
يصلي الإمام الغير متقنٌ للفاتحة ولسور القرآن بالمصلين الفريضة، ثم يتأخر ويقدم بعض الشباب الحافظين المتقنين ليصلي بهم التراويح!! فصارت السنة مقدمة على الفرض!!
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[01 - Sep-2009, مساء 03:59]ـ
أحسنت،، وبارك الله فيك ..
بعضهم يتغنى بالدعاء وصوته نشاز، ثم يستخدم السجع بطريقة تحسبه يقول شعرا!!، ومع هذا وذاك يطيل الدعاء، وللأسف هذه المخالفات يُعمل بها في الحرمين الشريفين!!، وقد حسَبت مرة وقت الدعاء في الحرم المكي الشريف لبعضهم فوجدته قرابة 37 دقيقة!! ليلة ختمة القرآن (!!) وفيه:
اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان، وارتخت منا اليدان، وبردت منا القدمان، .....
من البدع:
البكاء والتأثر بالدعاء وعدم التأثر بالقرآن!!
ومن البدع:
استخدام المصحف في القراءة لبعض الأئمة وفي المأمومين من هو حافظ للقرآن!!
ومن البدع:
يصلي الإمام الغير متقنٌ للفاتحة ولسور القرآن بالمصلين الفريضة، ثم يتأخر ويقدم بعض الشباب الحافظين المتقنين ليصلي بهم التراويح!! فصارت السنة مقدمة على الفرض!!
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ..
إطالة الدعاء في القنوت ليس ببدعة. وقد أخرج ابن ابي شيبة وغيره عن أبي عثمان أنه سئل عن قنوت عمر في الفجر فقال كان يقنت بقدر كا يقرأ الرجل مائة آية) وسنده صحيح.
والقراءة من المصحف للإمام الصحيح أنه ليس ببدعة فقد ثبت عن عائشة أن مولاها كان يصلي بها من المصحف
والبكاء عند الدعاء ليس ببدعة خاصة إذا كان الموضع موضع دعاء من الله بغفر الذنوب والخطايا وتذكر المصلي ما أسرف على نفسه من الذنوب
والإمام يقدم الأحفظ في التروايح لأنه مكلف بالإمامة في الفروض من قبل ولي الأمر. فهو أحق بها من غيره. والتروايح تطوع لذلك قدم غيره ولأن البعض يريد ختم القرآن في الصلاة
ـ[القضاعي]ــــــــ[03 - Oct-2009, مساء 03:15]ـ
إطالة الدعاء في القنوت ليس ببدعة. وقد أخرج ابن ابي شيبة وغيره عن أبي عثمان أنه سئل عن قنوت عمر في الفجر فقال كان يقنت بقدر كا يقرأ الرجل مائة آية) وسنده صحيح.
الإطالة ليس ببدعة ولكنه خلاف السنة , ومخالفة السنة قد تكون بدعة وقد تكون من باب الكراهه أو من باب خلاف الأولى.
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[04 - Oct-2009, مساء 12:03]ـ
الإطالة ليس ببدعة ولكنه خلاف السنة , ومخالفة السنة قد تكون بدعة وقد تكون من باب الكراهه أو من باب خلاف الأولى.
قال الشيخ العلوان في رسالته في (قيام الليل)
(القنوت في الوتر لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله. قال الإمام أحمد: لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء .... ).
وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: (ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر ... ))
ـ[القضاعي]ــــــــ[04 - Oct-2009, مساء 01:38]ـ
قال الشيخ العلوان في رسالته في (قيام الليل)
(القنوت في الوتر لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله. قال الإمام أحمد: لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء .... ).
وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: (ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر ... ))
قال الإمام أحمد: ثنا وكيع ثنا يونس بن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم السلولي عن أبي الحوراء عن الحسن بن على قال * علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر اللهم أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضى ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت.
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[06 - Oct-2009, مساء 01:36]ـ
قال الإمام أحمد: ثنا وكيع ثنا يونس بن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم السلولي عن أبي الحوراء عن الحسن بن على قال * علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر اللهم أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضى ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت.
بارك الله فيكم من رواه هو الإمام أحمد ضعف هذا الحديث وهي لفظة شاذة ضعفها ابن خزيمة والبزار أيضا أعني ذكر قنوت الوتر.
ـ[القضاعي]ــــــــ[19 - Oct-2009, مساء 01:49]ـ
بارك الله فيكم من رواه هو الإمام أحمد ضعف هذا الحديث وهي لفظة شاذة ضعفها ابن خزيمة والبزار أيضا أعني ذكر قنوت الوتر.
دعوى الشذوذ ضعيفة , وهذه اللفظة ثابتة عن شيخ شعبة في هذه الرواية (بُريد بن أبي مريم) وكلام الإمام أحمد لا يفيد تضعيف الحديث بلفظه , وإنما يتكلم عن محله في الوتر وأنه لم يصح فيه شيء , والله أعلم.(/)
السلام عليكم اين رابط الكتاب
ـ[ابو وميصاء]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 07:47]ـ
اريد رابط الكتاب با رك الله فيكم(/)
جبريل يسال والنبي يجيب؟؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 10:19]ـ
يقول احد الاخوة رايت برنامجا في احدى القنوات الدينية
بهذ االعنوان جبريل يسال والنبي يجيب
لاحد الدعاة الافاضل المشهورين ووجهة نظري انه عنوان خاطي فماراي الاخوة الكرام؟؟؟؟
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 11:11]ـ
يجب أن نعرف أولاً ماذا يقصد الشيخ ( ............. ) - حفظه الله - بهذا العنوان
قبل أن نحكم عليه
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 11:27]ـ
القصد ان الناس يستفتونه وهو بفتيهم اي انه برنامج فتاوى
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[18 - Jun-2009, صباحاً 11:04]ـ
القصد ان الناس يستفتونه وهو بفتيهم اي انه برنامج فتاوى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وإن كان الرد متأخراً
لكن يا شيخ أبا محمد بارك الله فيك أخطأت على الشيخ محمد حسان
فالبرنامج ليس للفتاوى وإنما هو درس عقيدة متتابع أساسه شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان والإحسان
وهذا الحديث يسأل فيه جبريل عليه السلام نبينا أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فيجيبه فيصدقه
والشيخ يقرأ الحديث في بداية كل حلقة ثم يشرع في الشرح
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[06 - Jul-2009, مساء 05:30]ـ
اخي الفاضل سبب كتابتي للموضوع
انني رايت جزء من حلقة البرنامج والشيخ وفقه الله يفتي السائلين
وكان الاولى به وفقه الله بعدا عن الايهام ان يسميه شرح حديث جبريل
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[06 - Jul-2009, مساء 06:02]ـ
لا بأس شيخنا الفاضل والأمر هين إن شاء الله
ولا بد في كل برنامج تلفازي من أسئلة للمشاهدين
اخي الفاضل سبب كتابتي للموضوع
انني رايت جزء من حلقة البرنامج والشيخ وفقه الله يفتي السائلين
والحق عليك لأن استقرائك ناقص ((ابتسامة محب))
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[06 - Jul-2009, مساء 06:33]ـ
نعم الحق علي لأن استقرائي ناقص
ولازلت مصرا على رايي
وان الاولى به وفقه الله بعدا عن الايهام ان يسميه شرح حديث جبريل
ابتسامة محب
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[07 - Jul-2009, صباحاً 06:27]ـ
لا أعلم لماذا الإعتراض على هذا المُسمَّى مع أن البرنامج بالفعل يشرح حديث عمر رضي الله عنه في سؤال جبريل وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم لتلك الأسئلة؟
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[07 - Jul-2009, مساء 01:01]ـ
نعم الحق علي لأن استقرائي ناقص
ولازلت مصرا على رايي
وان الاولى به وفقه الله بعدا عن الايهام ان يسميه شرح حديث جبريل
ابتسامة محب
لم أرى البرنامج لكن من عنوانه فهمت أنه شرح لحديث جبريل حتى قبل الدخول في هذا الموضوع فلا يوجد من وهم فيه غيرك!!!! الأولى أن تشجع الشيخ لا البحث عن أقل ما يعاب عليه في برنامجه، أليس هذا يدخل في عادات مجتمعنا السيئة التي لا يبحث فيها الفرد إلا عن الأخطاء فإن لم يجد أخطاء تأول بعض الأمور لجعلها أخطاء؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[07 - Jul-2009, مساء 01:18]ـ
هداك الله اخي عبد الكريم
ذكرت لك سبب الوهم وانني رابت جزءا من حلقة
والناس بسالون و الشيخ يفتي الناس
فظننت انه مثل برنامج الجواب الكافي في قناة المجد
وليس الهدف البحث عن اخطاء فانت دخلت في النيات غفر الله لي ولك
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[07 - Jul-2009, مساء 01:28]ـ
غفر الله لنا و لك.
لو توقفت عند هذا لربما قلت لك نعم لكنك تقول مازلت مصرا على رأيي فما دمت واهما لماذا الإصرار على رأيك؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[07 - Jul-2009, مساء 02:13]ـ
جزاكم الله كل خير(/)
قصة عجيبة يسوقها الحافظ ابن كثير في تفسيره.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[01 - Sep-2008, مساء 10:55]ـ
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسيره:
[وقد ذكر الحافظ محمد بن المنذر الهروي -المعروف بشكِّر-في كتاب "العجائب" بسنده عن قُبَاث بن رزين أبي هاشم قال: أسرتُ في بلاد الروم، فجمعنا الملك وعَرَض علينا دينه، على أن من امتنع ضربت عنقه. فارتد ثلاثة، وجاء الرابع فامتنع، فضربت عنقه، وألقي رأسه في نهر هناك، فرسب في الماء ثم طفا على وجه الماء، ونظر إلى أولئك الثلاثة فقال: يا فلان، ويا فلان، ويا فلان -يناديهم بأسمائهم-قال الله تعالى في كتابه: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} ثم غاص في الماء، [قال] فكادت النصارى أن يسلموا، ووقع سرير الملك، ورجع أولئك الثلاثة إلى الإسلام. قال: وجاء الفداء من عند الخليفة أبي جعفر المنصور فخلصنا] اهـ.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 12:31]ـ
عجيب هذا .. !
أين ذكرها ابن كثير رحمه الله في تفسيره؟
ـ[أبو حسن]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 02:31]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في تفسير سورة الفجر تأمل أخي:
قال الله تعالى في كتابه: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}
ـ[هشام المحيميد]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 12:38]ـ
سبحان الله(/)
حينما يتفق أبو حامد الغزالي الامام الصوفي مع ابن حزم الامام الظاهري
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[02 - Sep-2008, صباحاً 11:38]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قال أبو حامد (بتصرف يسير):
فإن قلت: فمن اقتصر على كف شهوة البطن والفرج وترك اجتناب مخالفات الجوارح فقد قال الفقهاء صومه صحيح (أي لا يبطل صومه) فما معناه؟
فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة لاسيما الغيبة وأمثالها، ولكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته. فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول وبالقبول الوصول إلى المقصود وهو الكف عن الشهوات بحسب الإمكان فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين والتحق بغمار البهائم، وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة. والملائكة مقربون من الله عز وجل والذي يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل كقربهم، فإن الشبيه من القريب قريب، وليس القرب ثم بالمكان بل بالصفات. وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات الأخر طول النهار؟ ولو كان لمثله جدوى فأي معنى لقوله صلى الله عليه وسلم " كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش " وقوله " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " ولهذا قال أبو الدرداء: يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف لا يعيبون صوم الحمقى وسهرهم! ولذرة من ذوي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغتربين. ولذلك قال بعض العلماء كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم.
وقال ابن حزم (بتصرف يسير):
ويبطل الصوم أيضا تعمد كل معصية أي معصية كانت، لا تحاش شيئا إذا فعلها عامدا ذاكرا لصومه، كمباشرة من لا يحل له من أنثى أو ذكر، أو تقبيل غير امرأته وأمته المباحتين له من أنثى أو ذكر، أو اتيان في دبر امرأته أو أمته أو غيرهما، أو كذب، أو غيبة، أو نميمة، أو تعمد ترك صلاة، أو ظلم، أو غير ذلك من كل ما حرم على المرء فعله * برهان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل: إنى صائم، وقوله الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، فان أمرؤ قاتله أو شاتمه فليقل، إنى صائم) * وقوله: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.فنهى عليه السلام عن الرفث والجهل في الصوم، فكان من فعل شيئا من ذلك عامدا ذاكرا لصومه لم يصم كما أمر، ومن لم يصم كما أمر فلم يصم، لانه لم يأت بالصيام الذى أمره الله تعالى به، وهو السالم من الرفث والجهل، وهما اسمان يعمان كل معصية، وأخبر عليه السلام أن من لم يدع القول بالباطل وهو الزور ولم يدع العمل به فلا حاجة لله تعالى في ترك طعامه وشرابه، فصح أن الله تعالى لا يرضى صومه ذلك ولا يتقبله، وإذا لم يرضه ولا قبله فهو باطل ساقط، وقد كابر بعضهم فقال: إنما يبطل أجره لاصومه * قال أبو محمد: فكان هذا في غاية السخافة! وبالضرورة يدرى كل ذى حس أن كل عمل أحبط الله تعالى أجر عامله فانه تعالى لم يحتسب له بذلك العمل ولا قبله، وهذا هو البطلان بعينه بلا مرية * وبهذا يقول السلف الطيب 00 ثم ذكر طرفاً من آثار السلف في ذلك.(/)
شرح القواعد المثلى شرح فضيلة الشيخ حسن عبد الستير النعماني
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[02 - Sep-2008, مساء 03:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتةاليوم لاول مرة على العنكبوتية
??? سلسلة القواعد المثلى فى صفات الله أسماء الحسني???
?لفضيلة الشيخ حسن بن عبد الستير النعمانى ?
صفحة التحميل
http://www.archive.org/details/AlKawa3dAlmusla
1- مقدمات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/01.mp3
3- مقدمات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/02.mp3
3 – قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/03.mp3
4 - قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/04.mp3
5 - قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/05.mp3
6- قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/06.mp3
7- قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/07.mp3
8- قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/08.mp3
9- قواعد في أسماء الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/09.mp3
10- قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/10.mp3
12 – قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/12.mp3
13 - قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/13.mp3
14 - قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/14.mp3
15 - قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/15.mp3
16 - قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/16.mp3
17 - قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/17.mp3
18 - قواعد في صفات الله تعالى
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/18.mp3
19- قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/19.mp3
20- قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/20.mp3
21- قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/21.mp3
22- قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/22.mp3
23 - قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/23.mp3
24 - قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/24.mp3
25 - قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/25.mp3
26 - قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/26.mp3
27 - قواعد في أدلة الأسماء والصفات
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/27.mp3
28 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/28.mp3
29- شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/29.mp3
30 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/30.mp3
31 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/31.mp3
32 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/32.mp3
33 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/33.mp3
34 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/34.mp3
35 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/35.mp3
36- شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/36.mp3
37- شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/37.mp3
38 - شبهات والجواب عنها
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/38.mp3
39 - الخاتمة
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/39.mp3
40 - الخاتمة
http://www.archive.org/download/AlKawa3dAlmusla/40.mp3
أعتذر للأخوة على الخطأ فى الترتيب ولاكن المادة كاملة إن شاء الله(/)
تعليق العلاَّمة العثيمين على ما روي في مناظرة الإمامين الشافعي وأحمد في ترك الصلاة
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 01:53]ـ
السؤال:
مناظرة الإمامين الجليلين أحمد بن حنبل والإمام الشافعي رضي الله عنهما وهي في كتاب فقه السنة المجلد الأول للسيد سابق صفحة خمس وتسعين والمناظرة هي ما ذكر السبكي في طبقات الشافعية أن الشافعي وأحمد رضي الله عنهما تناظرا في تارك الصلاة قال الشافعي يا أحمد أتقول إنه يكفر قال نعم قال إذا كان كافراً فبم يسلم قال يقول أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قال الشافعي فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه قال يسلم بأن يصلى قال صلاة الكافر لا تصح ولا يحكم له بالإسلام بها فسكت الإمام أحمد رحمه الله تعالى فما رأي فضيلة الشيخ في هذه المناظرة وأرجو أن يفسر ما تعنيه هذه المناظرة؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
نقول في هذه المناظرة:
أولاً أنه يحتاج إلى إثباتها أي إلى أن يثبت بأنها وقعت بين الإمام الشافعي والإمام أحمد رحمه الله فلابد من أن تكون ثابتة عنهما بسند صحيح يكون مقبولاً على حسب شرائط المحدثين وأيضاً مجرد نقل السبكي لها وبينه وبين الإمام الشافعي والإمام أحمد مئات السنين لا يكون ذلك حجة في ثبوتها عنهما
ثم إن التعبيرات التي وقعت فيها تعبيرات جافة تعبيرات يبعد جداً أن تصدر من الإمام الشافعي إلى الإمام أحمد مع أنه قد عرف عنه التعظيم الكامل الذي يليق بمقام الإمام أحمد وبمقام الشافعي رحمهم الله جميعاً ثم إن هذه المناظرة تخالف المعروف في مذهب الإمام أحمد فإن المعروف في مذهب الإمام أحمد أن من كفر بترك الصلاة فإنه لا يكون مسلماً إلا بفعلها وأنه إذا فعلها وصلى حُكم بإسلامه هذا هو المعروف من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهكذا ينبغي أن يعرف السامع ويعرف السائل أن من كفر بشيء من الأشياء فإنه لا يسلم بمجرد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حتى يصحح ما كفر به فمثلاً إذا قدر أنه يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهو ينكر فرضية الزكاة أو الصيام أو الحج فإنه لا يكون مسلماً بقوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حتى يقر بفرضية ما أنكر فرضيته من هذه الأصول والمهم أن القاعدة في الكافر المرتد أنه إذا ارتدّ بشيء معين من الكفر فإنه لا يغنيه أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حتى يصحح ما حكمنا بكفره من أجله وعلى هذا نقول تارك الصلاة كافر ولو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولا يكون مسلماً إلا إذا صلى لأننا كفرناه بسبب فلابد أن يزول هذا السبب الذي من أجله كفرناه فإذا زال السبب الذي من أجله كفرناه حكمنا بأنه مسلم وعلى هذا فيفرق بين الكافر الأصلى الذي يدخل في الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وبين المرتد بشيء من أنواع الردة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى ينتفي عنه ذلك الشيء الذي كفرناه به هذا هو سر المسألة فالذي نرى في هذه المناظرة.
أولاً: أنه يبعد صحتها بين الإمامين الجليلين بما علم من التعظيم بينهما وهذه العبارات الجافة لا توجه من الإمام الشافعي للإمام أحمد حسب ما نعلمه من تعظيم أحدهما للآخر.
ثانياً: أن مجرد وجودها في طبقات الشافعية لا يعني أنها صحيحة بل كل قول ينسب إلى شخص يجب أن يحقق في سنده الموصل إليه لأنه قد يكون من الأقوال التي لا إسناد لها وقد يكون إسناد القول ضعيفاً لا يعتد به.
ثالثاً: أن هذه المناظرة تخالف ما هو مشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله بأن من كفر بترك الصلاة فإنه لا يسلم إلا بفعلها ولو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
" فتاوى نور على الدرب " (124/ 26 - 28) ترقيم الشاملة.
وصوتيّاً (شريط 36، وجه: ب):
http://www.binothaimeen.com/sound/snd/a0173/a0173-36b.rm
أو:
http://www.ibnothaimeen.com/all/sound/article_16534.shtml
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 12:53]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
هذه المناظرة لا تخالف المشهور من مذهب أحمد فقط، بل هي تخالف المعروف في جميع المذاهب، وأنا منذ سمعتها وأنا أتعجب كيف يمكن أن يصدر مثل هذا الاستدلال العجيب من إمام لوذعي كالإمام الشافعي رحمه الله؟!
نقول على غرار هذا الاستدلال: ما حكم من ألقى المصحف في الحش؟! كافر، نقول: فبم يسلم؟
إن قيل: بالامتناع عن هذا الفعل، قلنا: هذا الامتناع وحده لا يجعل هذا الشخص مسلما!
ما حكم من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كافر، نقول: فبم يسلم؟
إن قيل: بالامتناع عن سبه، قلنا: وكم من كافر كان تاركا لسبه ولم يكن مسلما بذلك!
فالخلاصة أن الإسلام ينعقد بنطق واعتقاد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ثم التزام لوازمها واجتناب نواقضها.
ولا يصح أن يقال بعد ذلك: إن فعل النواقض أو ترك اللوازم لا يقدح مع استدامة النطق بهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 02:05]ـ
أحسنت
وأنا قلت: أنا أستطيع أن أرد على حجة الشافعي! فأنَّى لأحمد أن يعجز عنه؟!
ـ[عبد الكريم آل عبد الله]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 02:06]ـ
قال الشيخ عبد العزيز الطريفي حفظه الله في كتابه: (صفة الصلاة) ص25:
"وهذه حكاية منكرة, وليس لها إسناد, وقد أوردها السبكي في كتابه طبقات الشافعية بصيغة التمريض, وهذه المناظرة فيها من ضعف الإستدلال وضعف الحجة مما لا يليق بهذين الإمامين".
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 08:00]ـ
جزاك الله خيرا
وحفظ الله الشيخ عبد العزيز(/)
زاد المستقنع أم منتهى الإرادات؟
ـ[أبو عبدالله البطاطي]ــــــــ[03 - Sep-2008, صباحاً 08:03]ـ
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
مالأفضل لطالب العلم دراسته في فقه الحنابلة؛
زاد المستقنع أم منتهى الإرادات؟
وأي المتنين يحفظ؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:49]ـ
المنتهى أفضل ولا شك، ولكنه أضخم من الزاد، والهمم في هذا الزمان قد قصرت كما قال صاحب الزاد.
وانظر هنا للفائدة:
http://www.sharee3a.com/vb/showthread.php?t=3176&
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 02:01]ـ
المنتهى مرحلة بعد الزاد، وإذا حفظت الزاد في وقتنا هذا فأنت أنت.
والمنتهى عبارته عسيرة تضاهي مختصر خليل، ولا أدري كيف كان الدليل مختصرا منه
وحفاظ المنتهى أعز من الكبريت الأحمر، ومنهم الفقيه الكبير عبد الله بن حميد رحمه الله، والشيخ بن مانع رحمه الله، وقد بدأ في حفظه ابن عثيمين رحمه الله، لكنه لم يتجاوز كتاب الطهارة.
والله أعلم(/)
حكم قلع الضرس للصائم
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 12:47]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ حكم قلع الضرس للصائم ‘‘
* سئل الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن حكم قلع الضرس للصائم وهل يفطر؟
فأجاب: (الدم الخارج بقلع الضرس ونحوه لا يفطر فإنه لا يؤثر تأثير الحجامة فلا يفطر فيه).
" فتاوى أركان الإسلام " (ص 367).
* وسئل عن خروج الدم من لثة الصائم هل يفطر؟
فأجاب - رحمه الله -: (الدم الذي يخرج من الأسنان لا يؤثر على الصوم، لكن يحترز من ابتلاعه ما أمكن، وكذلك لو رعف أنفه واحترز من ابتلاعه؛ فإنه ليس عليه في ذلك شيء، ولا يلزمه قضاء). " فتاوى أركان الإسلام " (ص 366).
* وسئل الشيخ أبو عبد السلام الجزائري - وفقه الله - عمن ينزع ضرساً في شهر رمضان؛ هل يُعيد صيام ذلك اليوم؟
فأجاب - كما في " فتاويه المطبوعة " (ص 143) -: (إذا مرض المكلف مرضاً يلزمه علاجا معيَّنا، لقوله - تعالى -: ((فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)) [البقرة: 184]، ولكن نزع الضرس باستعمال المخدر في المكان المحيط به، فإن الضابط في ذلك من حيث صحة الصوم من عدمها ما يصل إلى الجوف مرورا بالحلق، فإن أحس شيئا في حلقه وابتلعه فإنه مطالب بالقضاء، وإن لم يجد شيئا من ذلك فلا شيء عليه وصيامه صحيح).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:16]ـ
* وسئل الشيخ محمد العثيمين كذلك عن قلع الضرس للصائم هل يفطر، وكذلك بلع الريق وتحليل الدم؟
فأجاب - رحمه الله -: (الدم الخارج بقلع الضرس ونحوه لا يفطر؛ فإنه لا يؤثر تأثير الحجامة فلا يفطر به أبداً، كذلك أيضاً لا يفطر الصائم بإخراج الدم من أجل التحليل؛ فإن الطبيب قد يحتاج الأخذ من دم المريض ليختبره، يختبر هذا الدم وينظر: ما هو المرض الذي أصابه فهذا أيضاً لا يفطر؛ لأنه دم يسير لا يؤثر على البدن تأثير الحجامة فلا يكون مفطراً، والأصل بقاء الصيام ولا يمكن أن نفسده إلا بدليل شرعي، وهنا لا دليل على أن الصائم يفطر بمثل هذا الدم اليسير، وأما أخذ الدم الكثير من الصائم من أجل حقنه في رجل محتاج إليه مثلاً؛ فإنه إذا أخرج منه الدم الكثير الذي يفعل بالبدن مثل فعل الحجامة فإنه يفطر بذلك، وعلى هذا فإذا كان الصوم واجباً فإنه لا يجوز لأحد أن يتبرع بهذا الدم الكثير لأحد، إلا أن يكون هذا المتبرع له في حالة خطرة لا يمكن أن يصبر إلى ما بعد الغروب وقرر الأطباء أن دم هذا الصائم ينفعه ويزيل ضرورته؛ فإنه في هذه الحال لا بأس أن يتبرع بدمه ويفطر ويأكل ويشرب حتى تعود إليه قوته، ويقضي هذا اليوم الذي أفطره. والله أعلم). " فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 900 - 901).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:51]ـ
* وسئل سمحاة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: إذا حصل للإنسان ألم في أسنانه، وراجع الطبيب وعمل له تنظيفاً أو حشواً أو خلع أحد أسنانه، فهل يؤثر ذلك على صيامه؟ ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير سنه، فهل لذلك أثر على الصيام؟
فأجاب - رحمه الله وأجزل له الثواب -: (ليس لما ذكر في السؤال أثر في صحة الصيام، بل ذلك معفو عنه، وعليه أن يتحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وهكذا الإبرة المذكورة لا أثر لها في صحة الصوم؛ لكونها ليست في معنى الأكل والشرب. والأصل صحة الصوم وسلامته) " مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (15/ 259).
(الإسلام سؤال وجواب): http://www.islam-qa.com/ar/ref/106495
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:55]ـ
هل إبرة البنج مفطرة للصوم؟
الحمد لله:
إبرة البنج الموضعي لا تفطر الصائم، لأنها ليست أكلا ولا شربا ولا في معناهما.
سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: بالنسبة للبنج الذي يوضع في السن في نهار رمضان هل علي قضاء ذلك اليوم إذا أخذت هذا البنج؟
فأجاب: " لا، لأن البنج لا يفطر. البنج موضعي يؤثر على الموضع بالخدورة ولكنه لا يصل إلى المعدة فمن بُنِّجَ وهو صائم نفل أو فرض فصيامه صحيح " انتهى من " فتاوى نور على الدرب ". وينظر: " فتاوى الشيخ ابن باز " (15/ 259).
لكن إذا كان البنج كاملا وأدى إلى غياب الوعي طوال اليوم، لزم القضاء.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: " متى أغمي عليه جميع النهار , فلم يفق في شيء منه , لم يصح صومه , في قول إمامنا والشافعي ".
ثم قال: " متى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار , صح صومه , سواء كان في أوله أو آخره " انتهى من " المغني " (3/ 12).
وعلى هذا، إذا اخذ الصائم إبرة البنج أثناء الصيام، فصيامه صحيح، ولا يبطل صومه بذلك، وإذا أخذها قبل الفجر، وظل نائما تحت تأثير البنج حتى غربت الشمس، فلا يصح صومه ذلك اليوم.
(الإسلام سؤال وجواب): http://www.islam-qa.com/ar/ref/95062
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 01:58]ـ
سبب له ضرسه بعض الألم فأفطر
ذهبت إلى طبيب الأسنان وأنا صائم لأعالج ضرسي فإذا بالطبيب يقول لي يجب قلعه , سبب لي بعض الألم فقمت بالإفطار, ماذا يترتب علي؟ أفيدوني أفادكم الله.
الحمد لله:
يجوز للصائم معالجة أضراسه بالحشو أو القلع، ولو استلزم تخدير الموضع، ولا يؤثر ذلك على صومه إذا احترز من بلع شيء من الدواء أو الدم، وانظر السؤال رقم (13767).
ولا يجوز له الفطر إلا إذا شق عليه الألم واحتاج إلى شرب دواءٍ له، أو نزف منه دم كثير أضعف البدن.
وعليه فإذا كنت أفطرت لمجرد قلع الضرس فقد أخطأت، والواجب عليك أن تتوب إلى الله - تعالى -، وأن تقضي هذا اليوم.
والله أعلم.
(الإسلام سؤال وجواب): http://www.islam-qa.com/ar/ref/93248
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[27 - Aug-2009, مساء 02:55]ـ
للفائدة،،،(/)
حكم استعمال معجون الأسنان للصائم
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 03:45]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ حكم استعمال معجون الأسنان للصائم ‘‘
* سئل سماحة الشيخ العلامة محمد صالح العثيمين عن حكم استعمال معجون الأسنان للصائم في نهار رمضان؟
فأجاب - رحمه الله رحمة واسعة -: (استعمال المعجون للصائم لا بأس به إذا لم ينزل إلى معدته، ولكن الأولى عدم استعماله؛ لأن له نفوذاً قوياً قد ينفذ إلى المعدة والإنسان لا يشعر به؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للقيط بن صبرة - رضي الله عنه -: " وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا "، فالأولى ألا يستعمل الصائم المعجون، والأمر واسع؛ فإذا أخره حتى أفطر؛ فيكون قد توقى ما يخشى أن يكون به فساد الصوم). " فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 906).
* استعمال معجون الأسنان في الصوم
هل يجوز تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون في حال الصوم؟ على حسب علمي أن هذا جائز طالما أن المعجون لم يصل إلى الجوف (لم يتم بلعه). أرجو الإدلاء برأيك في هذا الموضوع.
الحمد لله:
سئل سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - عن استعمال معجون الأسنان فقال: لا حرج في ذلك مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه، كما يشرع استعمال السواك للصائم. " فتاوى الشيخ ابن باز " (4/ 247)
وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين: ويتفرع على هذا: هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون أو لا؟
الجواب: يجوز، لكن الأولى ألا يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل. " الشرح الممتع " لابن عثيمين (6/ 407، 408).
الشيخ محمد صالح المنجد (الإسلام سؤال وجواب):
http://www.islam-qa.com/ar/ref/13619
* وسئل الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله -: هل يصح استعمال فرشة الأسنان في نهار رمضان؟
فأجاب - أجزل الله له الثواب -: (يجوز أن يستعمل الإنسان فرشة الأسنان والمعاجين التي ينظفون بها أسنانهم، إذا احتاج إلى ذلك، ولكن الأفضل له أن يتسوك بالسواك المعروف وفيه الكفاية والخير، وقد حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، والدين دين السهولة واليسر وتتسع أحكامه ويسره لجميع المستويات والأحوال؛ فهو دين الغني الذي يجد الفرشة وما إليها، ودين الفقير الذي لا يجد إلا السواك المعروف، أو إصبعه إن لم يجد السواك المعروف، والأمر واسع ما دام لا ينزل في حلقه شيء مما استاك به).
" فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي " (ص 425 - 426).
* وسئل الشيخ أبو عبد السلام الجزائري - كما في " فتاويه المطبوعة " (ص 142) -: هل استعمال معجون الأسنان مفطر في رمضان؟
فأجاب - حفظه الله وسدده -: (إن استعمل الصائم معجون الأسنان وتأكد من عدم مرور شيء إلى حلقه؛ فلا بأس بذلك. أما إن أحس بمرور شيء منه إلى حلقه ثم إلى جوفه بالضرورة؛ فعليه القضاء، والأفضل أن لا يستعمل الصائم معجون الأسنان ليتأكد من صحة صومه، وله أن يستعمله قبل الفجر).
وقال أيضا (ص 148): (يجوز للصائم استعمال معجون الأسنان وهو صائم في نهار رمضان مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه، مع العلم أن شيئا غريبا إذا دخل الفم وتجاوز منتصف اللسان يصعب التحكم في ابتلاعه من عدمه، وعليه إذا استطاع التحكم بحيث لا يصل شيء من ذلك منتصف لسانه؛ فله أن يغسل بالمعجون، وإلا فيكفيه الماء أخذا بمبدإ الحيطة والحذر وسد الذرائع).
* هل استعمال معجون الأسنان لتنظيف الفم في نهار رمضان يبطل الصيام؟
الحمد لله:
إذا لم يصل معجون الأسنان إلى الحلق فإنّه لا يُفطّر، والأفضل أن يُستخدم في الليل ويستعمل السواك بالنهار. وفقنا الله وإياكِ إلى طاعته.
الشيخ محمد صالح المنجد (الإسلام سؤال وجواب):
http://www.islam-qa.com/ar/ref/1312
* هل استخدام المسواك الـ colgate أو أي نوع يبطل الصوم؟
الحمد لله:
يجوز للصائم استعمال المسواك ومعجون الأسنان أثناء الصوم، مع التحرز من بلع شيء منه، بل استعمال السواك سنة للصائم وغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وأما السواك فجائز بلا نزاع , لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال على قولين مشهورين , هما روايتان عن أحمد. ولم يقم على كراهيته دليل شرعي يصلح أن يخص عمومات نصوص السواك " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/ 474).
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يضع الصائم طيبا؟ وهل يجوز له التسوك بالنهار؟ وهل تضع المرأة حناء أو تدهن شعرها لتمتشط به؟
فأجابوا: " له أن يضع طيبا في ثوبه، أو ما يلبسه على رأسه أو في بدنه، إلا أنه لا يتسعّطه في أنفه.
وله أن يتسوك بالنهار، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) متفق على صحته، وهذا يشمل صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره، ولا نعلم دليلا صحيحا يمنع من ذلك.
وللمرأة أن تضع الحناء أو تدهن شعرها لتمتشط به؛ لأنه لا يؤثر على الصيام، وهكذا الرجل له أن يدهن بدواء أو غيره، وإن كان صائما " انتهى. " فتاوى اللجنة الدائمة " (10/ 328).
وسئل الشيخ ابن باز - رحمه الله -: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم؟
فأجاب: " تنظيف الأسنان بالمعجون لا يفطر به الصائم كالسواك، وعليه التحرز من ذهاب شيء منه إلى جوفه، فإن غلبه شيء من ذلك بدون قصد فلا قضاء عليه " انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15/ 260).والله أعلم.
(الإسلام سؤال وجواب): http://www.islam-qa.com/ar/ref/108014
* استعمال ما يزيل رائحة الفم في رمضان
يوجد في الصيدليات معطّر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم؟
الحمد لله:
يكفي عن استعمال البخاخ للفم في حالة الصيام استعمال السواك الذي حثّ عليه - صلى الله عليه وسلم -، وإذا استعمل البخاخ ولم يصل شيء إلى حلقه، فلا بأس به، مع أن رائحة فم الصائم الناتجة عن الصيام ينبغي أن لا تُكره، لأنها أثر طاعة محبوبة لله - عز وجل -، وفي الحديث: (خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (3/ 121).
http://www.islam-qa.com/ar/ref/22913
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 04:58]ـ
* سئل الشيخ الفقيه محمد شارف عن حكم السواك والطيب بالنسبة للصائم؟ وكذلك استعمال الفرشاة والمعجون؟
فأجاب - حفظه الله وأطال في عمره -:
(التسوك للصائم سنة في أول النهار وآخره، لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " السوال مطهرة للفم، مرضاة للرب ". لكن إذا كان للسواك طعم أو كان يتفتت؛ فإنه لا ينبغي للصائم استعماله، لما يخشى من وصول الطعم إلى جوفه، أو من نزول ما يتفتت منه إلى جوفه، فإذا تحرز ولفظ الطعم، ولفظ المتفتت فليس في ذلك شيء. وقد أورد البخاري تعليقاً عن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال: " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا أحصي يستاك وهو صائم "، وعلى هذا فالتسوك للصائم مشروع، كما أنه مشروع لغيره أيضا.
وأما الطيب فكذلك جائز للصائم في أول النهار وفي آخره، سواء كان الطيب بخورا أو دهنا أو غير ذلك، إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور، لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة، إذا استنشقت تصاعدت إلى داخل أنفه ثم إلى معدته، ولهذا قال النبي
- صلى الله عليه وسلم - للقيط بن سبرة - رضي الله عنه -: " بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ".
وأما استعمال الفرشاة والمعجون للصائم فلا يخلو من حالين؛ أحدهما: أن يكون قويا ينفذ إلى المعدة، ولا يتمكن الإنسان من ضبطه، فهذا محظور عليه، ولا يجوز له استعماله، لأنه يؤدي إلى فساد الصوم.
الحال الثانية: إذا كان ليس بتلك القوة ويمكنه أن يتحرز منه، فإنه لا حرج عليه في استعماله، لأن باطن الفم في حكم الظاهر، ولهذا يتمضمض الإنسان بالماء ولا يضره، فلو كان داخل الفم في حكم الباطن لكان الصائم يمنع من أن يتمضمض).
جريدة " البصائر " - الجزائرية - (العدد 408، 7 رمضان 149هـ، ص 12).
ـ[أسماء]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 07:18]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خير الجزاء على هذا النقل القيم
رمضان كريم
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[11 - Sep-2008, صباحاً 12:59]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[11 - Sep-2008, مساء 07:23]ـ
أسماء، و حمدان: جزاكما الله خيراً على تشريفكما ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[23 - Sep-2008, مساء 05:52]ـ
استخدام فرشاة الأسنان للصائم
* سؤال: وقت السحر أستخدم فرشاة الأسنان بكثرة، وأخشى أن يدخل شيء للجوف، فما حكم ذلك؟
جواب الشيخ د. سلمان بن فهد العودة - حفظه الله -:
(الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاستخدام الفرشاة للأسنان وتنظيفها جائز في رمضان، سواء في النهار أو في الليل، وهو لا يؤثر ولا يضر سواءً كان بعد السحور أو الظهر أو في أي وقت أثناء الصيام، لكن على الإنسان ألا يبتلع شيئًا منه).
http://islamtoday.net/pen/show_question_*******.cfm?id=1 68074
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[27 - Aug-2009, مساء 02:51]ـ
للفائدة،،،(/)
شروط البيع للعلامة محمد الحسن ولد الددو الجزء الأول
ـ[روح سارة]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 04:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي واسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل بمنهج الحق لإقامته للناس وإقامة الحجة عليهم، وقفى على آثارهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فجاء بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، فلم يبق خير إلا دل عليه ولم يبق شر إلا حذر منه، وجاء بالدين الذي جعله الله تعالى مسيطرا على الأديان كلها وناسخا لما سبق، ولا يرتضي الله تعالى من أحد سواه، فجميع الأديان الأخرى نسخت بهذا الدين الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل الله من أحد بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن يتبعه، ولذلك فإن الله تعالى يقول: ?فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما?.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا دخل النار»، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه «رأى ورقة من التوراة بيد عمر بن الخطاب فقال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب، فلو أن موسى ابن عمران حي ما وسعه إلا التباعي»، ولذلك فإن نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام سينزل في آخر الزمان حكما عدلا، ينزل وقت صلاة الفجر عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، يمينه على ملك وشماله على ملك كأنما خرج من ديماس، أي كأنما خرج من حمام، إذا رفع رأسه تحدر منه مثل الجمان وإذا طأطأه تقاطر، لا يشك فيه من رآه أنه المسيح ابن مريم عليه السلام، فيأتي حاكما بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغير شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يطبقه على وفق ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم عليه المؤمنين، وقد بنى الله سبحانه وتعالى هذا الدين بناء محكما فجعل بعضه يصدق بعضا ويفسره، فلا يمكن أن يقتطع منه جانب دون الجوانب الأخرى، فلا يستقيم على التجزئة، ولذلك قال الله تعالى: ?وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون، ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم?، ونعى الله ذلك عليهم وأنكره، ورد عليهم في سورة البقرة فقال: ?أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب?.
فلهذا كان لزاما على الإنسان أن يستسلم لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وأن يأخذ به كافة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين أرسله في الدعوة إلى الله تعالى إلى اليمن، قال: ?ادعهم إلى كبير الإسلام وصغيره?. وعندما فتح الله العراق على المسلمين ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه سلمان الفارسي على مدائن كسرى، فجاءه حبر من اليهود فقال: يا سلمان لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة فقال سلمان: أجل، «علمنا أن لا نستقبل القبلة ببول ولا غائط، وأن نستجمر ثلاثا»، فليس شيء من تصرفات المكلف إلا وقد جاء فيه خطاب من عند الله سبحانه وتعالى وبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يصلح عليه أمر الناس فيه، ولذلك فلا بد من مدارسة هذه الشريعة، وأن لا يقدم الإنسان على شيء حتى يعلم حكم الله فيه، فقد قال الله تعالى: ?ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا?، وقد أجمعت الأمة على أنه لا يحل لامرئ أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، وأن من لم يكن عالما بذلك يجب عليه أن يسأل أهل العلم، لقول الله تعالى: ?فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون?، ولقوله تعالى: ?وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم?، فلهذا يحتاج الإنسان إلى مدارسة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في كل الأمور، وهذا أول مراحل التصديق، لأن التصديق هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، واتباعه لا بد أن يبدأ أولا بتعلم ما جاء به، فمن كان معرضا عما جاء به لا يتعلمه ولا يلقي له بالا لا شك أنه معرض عنه وسيبعث أعمى يوم القيامة، كما
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الله تعالى: ?ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى، وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى?.
فيحتاج الإنسان أولا إلى أن ينفق جزءا من وقته في تعلم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يعلم أن تعلم ذلك أفضل من العمل به لأنه سابق عليه، ولهذا قال البخاري رحمه الله في الصحيح: باب العلم قبل القول والعمل، لقول الله تعالى: ?فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك?، فيحتاج الإنسان إلى أن يتعلم الأحكام قبل الإقدام عليها، ولذلك أخرج البخاري في الصحيح تعليقا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: تعلموا قبل أن تسودوا، واختلف أهل العلم في معنى قوله: قبل أن تسودوا، فقالت طائفة: قبل أن يلجأ إليكم الناس، فإن الإنسان إذا تقدم به العمر، وصل إلى مقام السيادة، وهو أن يلجأ إليه الناس في أمورهم، وقيل: معنى ذلك قبل أن تتزوجوا، لأن الإنسان إذا أصبح رب بيت كان سيدا في بيته، وقالت طائفة أخرى: بل المعنى قبل أن تسود لحاكم أي قبل أن تنبت وجوهكم الشعر، فكل ذلك مما فسر به قول أمير المؤمنين رضي الله عنه، وهذا يقتضي من الإنسان الحرص على أن يتعلم أولا قبل أن يعمل.
ثم بعد هذا لا بد أن يكون ذالك العلم الذي يتعلمه مؤصلا أي أن يجد الإنسان ثبتا من الله تعالى فيما يأخذ به، لأن الإنسان إذا كان مقلدا يسمع قال فلان وقال فلان من الناس، لم يتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن له بينة بينه وبين الله فيما يعمل به، أما إذا كان يبحث عن الدليل في كل ما يأخذ به من الأقوال والأفعال، وكانت أموره معتمدة مستندة على الوحي، فإنه حينئذ صاحب سلاح قوي، وهو متمسك بثبت من الله تعالى، فلا يخشى عليه أن يقول عند سؤال الملكين: هاه هاه، كنت سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، لأنه إنما يأخذ بالوحي، ولذلك يحتاج الإنسان إلى أن يكون مأخذه ومرجعه هذا الوحي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عند الله تعالى، فلا معدل عنه، ولا يمكن أن يخالفه أحد، ولا يمكن أن يرغب الإنسان عنه إلا إذا كان سفيها، فيحتاج الإنسان إذا إلى الرجوع إليه في كل الأمور، وأن يعلم أن كل حكم أو أمر لم يكن معتمدا على الوحي، ولم تقم عليه بينة من الله تعالى فهو رد على صاحبه، ولهذا قال الله تعالى: ?قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون?.
فالقول على الله بغير علم هو من أكبر الكبائر التي عدها الله في هذه الآية، وهذا يقتضي أيضا حرص الإنسان على الاستدلال على كل ما يسمعه فإن الإنسان إذا تبين الدليل وعرفه التزم ما أمر الله به في قوله: ?قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين?، وكان على ثبت، وقد أخرج أبو داود في السنن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أُفتي على غير ثبت فإثمه على مفتيه»، فيحتاج إذا إلى أن يتصل بالله سبحانه وتعالى عن طريق الوحي الذي جاء من عنده، فإذا عمل عملا كانت البينة والثبت بين يديه، وهو حجة بينه وبين الله، وإذا لم يفعل وكان يتبع أقوال الناس، فأقوال الناس متعارضة متباينة فيها كثير من الخلل والخلاف، ولهذا قال الله تعالى: ?ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا?، فيحتاج الإنسان إذا إلى الرجوع إلى الوحي الذي هو من عند الله، لعصمته، ولأنه الذي يرضي الله وقد أرسل به نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا عرف الإنسان الأحكام بأدلتها جاء إلى المرحلة الثالثة، وهي أن يعمل بما تعلمه وعرف دليله، لأن العلم إنما هو سلاح ذو حدين تقوم به الحجة على من علمه إذا لم يعمل به، ولهذا قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن أخوف ما أخافه ألا تبقى آية آمرة إلا جاءتني فقالت: يا أبا الدرداء قد أتيتك آمرة فلم تأتمر بي، ولا آية زاجرة إلى جاءتني فقالت: يا أبا الدرداء قد أتيتك زاجرة فلم تنزجر بي، وأخرج عنه أبو عمر بن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله أيضا أنه قال رضي الله عنه: إن أخوف ما أخافه أن يقال لي يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فأقول: بل علمت، فيقال: ففيم عملت فيما علمت، ولذلك فهذا القرآن حجة ناطقة على الناس، كل من بلغه وسمعه
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد قامت عليه الحجة به، لا بد أن يعلم الإنسان أن ما شرعه الله من الأحكام قد رتب الله بعضه على بعض وساقه في سياق لا يقبل التجزئة والتفريق، فالقيم الأخلاقية هي منبنية على الاعتقاد، فالاعتقاد هو أصل الأمر، أصل الأمر الإسلام، هذا الإسلام الذي آمنت به وصدقت ينبني عليه القيم الخلقية، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا»، فالقيم الخلقية تنبني عليها القيم الاقتصادية والاجتماعية، ثم بعد ذلك تأتي القيم السياسية، وهي منبنية على القيم الاقتصادية والاجتماعية، وهذا الترتيب إذا فصله الإنسان وجزأه لا يمكن أن يستقيم له أمر من أمور دينه ولا من أمور دنياه، إذا أراد الإنسان أن يأخذ من الإسلام فقط جانب العقيدة والعبادة ويهمل الجوانب الأخرى فيأكل الربا ويوكله، ويتعامل مع الناس بالأخلاق التي يشرعها لنفسه، فيتبع بذلك خطوات الشيطان، ويكون في المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي مفصولا عن هذا الدين بالكلية، لا يمكن أن يصلح له شيء، ولا يقبل الله صلاته ولا طهارته ولا صيامه، بل لا يمكن أن تستقيم عقيدته أصلا، على ذلك، فلا بد من الرجوع المطلق لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ?فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم?، ثم بعد هذا كذلك أضرب مثالا لارتباط القيم الاقتصادية بالقيم الخلقية، لو أن ملكا من الملوك رتب عقوبة عظيمة على الربا، فقال: من أكل الربا فسأقتله، هل سينزجر الناس عن الربا بمجرد هذه العقوبة، مع أنهم يفشو فيهم الكذب ونقص الأمانة والإخلاف والحرص على الدنيا والحرص على عاجل أمرها، والغش والغبن وغير ذلك، إذا ترك هذه القيم الفاسدة في أخلاق الناس، ولكنه أراد أن يفرض عليهم العمل على مقتضى قانونه بالعقوبات هل سيطيعه الناس ويمتثلون لقانونه؟ لن يطيعوه بل سيحتالوا على الوصول إلى أهدافهم بلي عنق ذلك القانون أو الاحتيال عليه بالوساطة أو الرشوة أو غير ذلك.
ولهذا فإن القيم الشرعية في الاقتصاد ربطت بالخلق، فرتب الشارع هذه القيم أمرا ونهيا على الأخلاق، فجعل التزام الإنسان راجعا إلى مروءته وشرفه، وجعل إقراره مأخذا له فهو مرجعه ومخاطب به، وجعل عقود الناس متعلقة بعقائدهم، ?والموفون بعهدهم إذا عاهدوا?، ?وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم?، ?يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود?، ?ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون?، ?ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة?، فلذلك ربط الشارع هذه القيم بالقيم الخلقية، ليقتضي ذلك حرص الإنسان على الوفاء بالتزاماته لأنها من شرفه ومن مروءته، ومن خلقه، وما لم يكن الإنسان كذلك فلا يمكن أن يوثق بعمله، ولا يمكن أن يوثق بقيامه بالتزاماته ولا وفائه بديونه وأموره التي يغيب عليها، فلذلك يحتاج الإنسان قبل التعامل أن يحرص على تحقيق الأمانة، فهي شرط لكل الأمور، وهي أخت الدين، ولذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له»، وصح عنه أنه قال: «إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، فتعلموا من القرآن وتعلموا من السنة، وإنه سيسرى عليها فتنزع من القلوب، فيبقى أثرها كالوكت، كجمر دحرجته على رجلك فنفط وانتفخ، فتراه منتبرا وليس فيه شيء»، وهذه الأمانة هي من الشرف والخلق، إذا كان الإنسان صاحب أمانة فسيوثق به بين الناس، وسيدل ذلك على حسن خلقه، وعلى صحة التزاماته ووفائه، وإذا كان صاحب إخلاف ولم تكن له أمانة فلا يمكن أن يثق أحد بتعامله ولا يمكن أن يودع ولا أن يتعامل معه بالديون، ويحوج إلى الزيادة في السعر عن طريق الدين وهو الربا، فحاجة الناس إلى ربا النساء سببها عدم حصول الثقة، لكن إذا كانت الثقة حاصلة، فكان الإنسان من المعلوم أنه سيقضي الدين في أجله المسمى المحدد، ولا يمكن أن يتأخر عنه يوما ولا ليلة، والثقة حاصلة به فلا حاجة لزيادة السعر عليه، لأنك قد ربحت بتقديرك عندما بعته بأكثر من الثمن الذي اشتريت به وحرصت على الوفاء في الوقت المحدد الذي تحتاج فيه إلى ثمن مبيعاتك، وكذلك الحال بالنسبة لكل الديون فالسلم والقرض وبيوع الآجال كلها إذا حصلت الأمانة والثقة لن يحتاج فيها إلى الربا بوجه من الوجوه لأن الربا إنما يقصد به
(يُتْبَعُ)
(/)
الناس الاحتياط لأموالهم عند انعدام الثقة، وإذا حصلت الثقة زال ذلك، فلذلك يحتاج المعامَل إلى تحقيق الأمانة قبل إقدامه على العمل، وهذه الأمانة تشمل الأمانة في كل الأمور، فأمانات الله لديك منها جوارحك، فلا بد من حفظها، ومنها كذلك ما ائتمنك عليه من أمور دينه، فأمور الدين التي ائتمنك الله عليها تنقسم إلى قسمين، إلى تكاليف خاصة، كل إنسان فيها مسؤوليته مباشرة، وهي مثل طهارة الإنسان وصلاته ونفقة أهله والقوامة على عياله، فهذه أمور على كل فرد من الأفراد مسؤوليتها المباشرة، والقسم الثاني: هو الخطاب العام المشترك وهو فروض الكفايات كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الدين وتبليغه إلى الناس والجهاد في سبيل الله ونحو ذلك، فهذه فرائض مشتركة على كل إنسان منها حظ، كل إنسان يجب عليه أن يشارك في القيام بها ما تيسر له ذلك وما استطاع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
فيحتاج الإنسان إلى معرفة أنها أمانة لديه، وأنه مسؤول عنها بين يدي الله تعالى، إذا تذكر الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بأمانة عظيمة يحملها من عند الله فأداها إلينا فحملناها في أعناقنا، وما منا أحد إلا وقَّع على الاستلام فكل إنسان منا بمجرد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قد وقع الوثيقة على الاستلام ورفعت إلى الله، فكانت بيعة بيننا وبين الله، أكدها الله في التوراة والإنجيل والقرآن، فقال تعالى: ?إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم?، فهذه أمانة عظيمة، وقد عرضت من قبل تنبيها لعظمها على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، كما قال الله تعالى: ?إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا?.
ثم كذلك أمانات الناس لديك، وهي تشمل أسرارهم وعيوبهم التي تطلع عليها، وما تطلع عليه من أحوالهم التي لا يريدون إظهارها، فهي أمانة لديك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه».
فلذلك تحتاج إلى حفظ أمانات الناس وأسرارهم ولو كنت لم يصرح لك بالأمانة فيها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حدثك والتفت فقد ائتمنك»، فمجرد الالتفات موذن بأنه يأتمنك على سره، وكذلك منها ديونهم، وبياعاتهم وأمورهم، فهي أمانة لا بد من الوفاء بها وأدائها على الوجه الصحيح، وقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم برفع الأمانة وذكر أن الأمانة إذا رفعت فهي علامة من أشراط الساعة، وبين أنها سترفع حتى يقال: في بني فلان رجل أمين، في القبيلة كلها رجل واحد أمين، وبين كذلك أن من رفعها أن يوسد الأمر إلى غير أهله، أن يوثق بمن لا يستحق الثقة، فهذا من رفع الأمانة، أن يوسد الأمر إلى غير أهله، قال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قلت: فما ضياعها، قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة»، فلذلك نحتاج إلى مراجعة هذه الأمانة قبل العقود كلها، وأن يمتحن الإنسان نفسه في الأمانة، فهي من تقواه، فإذا كان الإنسان يعلم أنه غير أمين فعليه أن يعالج هذا المرض الذي فيه كما لو علم أنه مصاب بداء عضال، أليس سينفق أمواله من أجل شفاء ذلك المرض وعلاجه؟ فكذلك إذا أحس بنقص في الأمانة سواء تعلق بجوارحه أو بطاعاته وعباداته، أو تعلق بمعاملاته مع الناس فلا بد أن يبادر لعلاج هذا المرض قبل استفحاله، وكذلك الحال في حق أقاربه، فمن له قريب، يعلم أن لديه نقصا في الأمانة، لا بد أن يبادر لعلاجه من هذا المرض قبل أن يستشري فيه، ومن هنا فإن الحق العام في ذلك ينبغي أن ترعاه الدولة، فمن عرف بنقص الأمانة لا بد أن تقوم الدولة برعاية تصرفاته حتى لا يغر الناس، وحتى لا يعاملهم معاملات يضيع فيها أملاكهم وأموالهم، ولذلك فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقف على المنبر في خطبة له فقال: ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سابق الحاج، فادان معرضا، فأصبح قد رين به، فمن كان له عليه دين فليعد بالغداة
(يُتْبَعُ)
(/)
فلنقسم ماله بينهم بالحصص، فهذا رجل من جهينة كان يأخذ الديون فيشتري أسبق الرواحل ليسبق الحجاج في الرجوع إلى المدينة، ليقال: سابق الحاج، فكثرت ديونه ففلسه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا التفليس قد لا يضره في دينه وخلقه، لأن الإنسان قد يقع في مثل هذا النوع من غير قصد منه كما حصل لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، وأنتم تعلمون مكانته في الإسلام ومنزلته فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه أعلم أصحابه بالحلال والحرام، فقال: «أقرؤكم أُبَي وأقضاكم علي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، وذكر أنه يبعث يوم القيامة أمام العلماء برتوة، أي بمجرى فرس، يسبق العلماء به يوم القيامة، ومع هذا فقد فلسه النبي صلى الله عليه وسلم عندما تراكمت عليه ديون، وأنتم تعلمون قطعا أنها في غير مخيلة ولا سرف، دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أحضر لي ما تملكه، فجاء بحِلْس وقَتَب وقدح، ثلاثة أمور هي ملكه، ما عدا سيفه الذي يجاهد به في سبيل الله، فعرضها النبي صلى الله عليه وسلم للناس للبيع، وأراد بذلك أن يتسابق أغنياء المسلمين لقضاء دين معاذ، فكانت أول مزايدة في الإسلام، أول بيع يبيعه المسلمون مزايدة هو تفليس معاذ بن جبل، قال: من يشتري هذا القدح؟ من يشتري هذا القتب؟ من يشتري هذا الحلس؟ فبادر الناس كل يدفع فوق ما يدفع صاحبه حتى حصل من ذلك ما قضى دين معاذ»، وهذا من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم وتدبيره، ومن هنا فإنه صلى الله عليه وسلم أيضا في نصيحته لفاطمة بنت قيس لما أمرها أن لا تسبق بنفسها إذا انتهت عدتها، فلما انتهت عدتها جاءت فقال: «من تعرض لك من الخطاب، فقالت: معاوية وأبو الجهم فقال: أما معاوية فرجل صعلوك، أي فقير ليس له مال، وأما أبو الجهم فلا يرفع عصاه عن عاتقه، ولكن انكحي أسامة بن زيد»، فاختار لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد الحب ابن الحب.
وهذا النوع لا يقتضي نقصا في الخلق ولا في الدين كما رأيتم، ولكنه حفاظ على الأمانة العامة بين الناس، فكل من عرف أنه صاحب ديون، أو أن ذات يده عجزت عن سداد ديونه، فلا بد من ضرب قيد عليه ليلا يغتر به الناس فيعاملوه، فتذهب أموالهم، فأموال المسلمين معصومة كعصمة دمائهم، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أي يوم هذا؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس يوم النحر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظنوا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظنوا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليس البلدة، أي البلدة الحرام، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا».
فلذلك لا بد من الحفاظ على أموال المسلمين وعدم تضييعها وتعريضها للضياع، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أخذ مال مسلم يريد الوفاء به أعانه الله عليه، ومن أخذه يريد إتلافه أتلفه الله»، فمن أخذ مال امرئ مسلم دينا وهو يريد الوفاء به أعانه الله على الوفاء به، ومن أخذه وهو يريد إتلافه أتلفه الله، ولذلك كان لزاما على كل إنسان أن يعرض نفسه على هذه القيمة من قيم الإسلام وهي قيمة الأمانة، وأن ينظر هل هو أمين في تعامله مع الناس، وهل هو وفي بالتزاماته، وهل هو محل للثقة، فإن كثيرا من الناس لا يقوم نفسه من هذا الجانب، وإنما يقوم الأطراف الأخرى التي تتعامل معه، فيقول: استدنت من فلان ومن فلان فلم يدينوني، وقد قال الشاعر:
أخذت بعين المال حتى نهكته
وحتى طلبت القرض عند ذوي الغنى
وبالدين حتى ما أكاد أدان
ورد فلان حاجتي وفلان
فمثل هذا النوع ينبغي للإنسان أن لا يقوم فيه الآخرين بل يقوم فيه نفسه أولا، فإن كان صاحب صدق ووفاء وأمانة وكان يسعى لقضاء ديون الناس فسيثقون به ويدينونه، وإن كان ليس كذلك فالعلة ليست من الناس بل هي منه، ولذلك عليه أن يعالج هذا المرض، قبل أن يتفاقم فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن خلق الأمانة خلق عظيم، لا بد من تحصيله قبل الإقدام على أي عقد سواء كان ذلك العقد ناضًّا أو كان دينا فهي تشمل العقود كلها، فالعقد الناض الذي لا دين فيه يمكن أن يخفي فيه الإنسان بعض ما يُكره، فيكون ذلك غشا وخداعا، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «مر بالسوق فرأى صبرة من طعام، أي طعاما قد صب بعضه فوق بعض، فأدخل يده في تلك الصبرة فأخرج منها بليلا أي ما مسه البلل، فقال: يا صاحب الطعام ما هذا؟ فقال: أصابه المطر، فقال: هلا أخرجته، فمن غشنا فليس منا»، فلذلك يمكن أن يقع الغش ونقص الأمانة حتى في العقود التي ليس فيها دين، والديون كلها عرضة كذلك لعدم السداد وعدم الوفاء، فيحتاج الإنسان أولا إلى أن يعرض على نفسه لماذا يستدين، فإن كان ذلك في خيلاء أي زيادة رفاه يريد فقط زيادة الرفاه أكثر من حاجته فهذا الدين حرام لا يحل له اقتراضه، وكذلك إذا كان في مخيلة أي في خيلاء وكبر فهذا الدين لا يحل له اقتراضه، إنما يحل له اقتراضه في غير سرف ولا مخيلة، ولا كبر، فما يضطر إليه الإنسان من ضرورياته، أو ما يحتاج إليه من حاجياته وتكميلياته إذا كانت في غير سرف ولا مخيلة جاز له اقتراض الدين فيها، بشرط أن يكون عازما على الوفاء، وأن يحرص على أن يفي في الوقت المحدد ليوفي الله عنه ذلك.
أما هذه العقود المالية، فهي من أحكام الشرع التي رأيتم ارتباطها بالأخلاق والقيم، وهي من أهم الكسب وأنفعه، فقد أخرج الحاكم في المستدرك والبزار في مسنده، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أطيب، فقال: «عمل الإنسان بيده وكل بيع مبرور»، فعمل الإنسان بيده هو أطيب كسبه، لأن الله أعطاه طاقة وأعانه على استغلالها، فإذا أنتج شيئا ولو كان حطبا يأتي به فيبيعه كان أطهر له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحكم حبله فيذهب إلى الجبل فيحتطب فيبيع حطبه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه»، فعمل الإنسان بيده هو أحل وأطيب كسبه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أكل امرؤ من كسب أطيب من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده»، نبي الله داود نبي ملك ملكه الله تعالى أنواع الأملاك، ومع ذلك كان لا يأكل إلا من عمل يده، وهذا مما يقتضي أن عمل الإنسان هو صدقة على جسمه واستغلال لطاقته، ثم بعد ذلك قال: «وكل بيع مبرور»، فالتعميم هنا في قوله: كل بيع، يقتضي شمول ذلك، وهو مخرج للربا، لأنه ضد البيع، فقد قال الله تعالى: ?وأحل الله البيع وحرم الربا?، والبيع المبرور، أي الذي يصدق فيه صاحبه ويوفي، فهو من البر والبر الصدق فالبيع الذي فيه صدق ووفاء يصف فيه الإنسان مبيعه على وجهه، ويحدد فيه الثمن ويأخذه دون غش ولا خداع هذا بيع مبرور وهو من الكسب الطيب الحلال، ولذلك أحله الله تعالى على وجه العموم فقال: ?وأحل الله البيع?، وقد قال ابن العربي رحمه الله: دخل في عموم البيع في هذه الآية ثمانية وخمسون بيعا، وخرج منه ثمانية وخمسون بيعا، الثمانية والخمسون التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم بتفصيلاتها هي كل ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من البيوع، ورأى أن نظيرها أيضا هو ما أحل من أنواع البيوع، ومقصوده بذلك العقود المسماة، وهي في عدنا اليوم تجاوزت هذا العد فهي أكثر من ذلك بكثير اليوم، لأنها غير محصورة في عدد معين، والمرجع فيها إلى أصل الإباحة، فالعقود كلها مبناها على الإباحة، في الأصل إلا ما جاء النهي عنه، والنظر فيها هو إلى أركانها وشروطها، فما تحققت فيه الأركان الشرعية وشروطها كان عقدا صحيحا، وما خالف ذلك كان عقدا باطلا، ولهذا فإن العقود لا تحصر في هذا العدد بل تتجاوزه، وهي اليوم تصل بحسب العقود المعروفة إلى ثلاثة وسبعين عقدا، ومن أهمها وأعظمها فائدة اقتصادية واجتماعية عقد البيع، وهذا اللفظ وهو باع يطلق في مقابل الشراء فيقال: باع فلان كذا فاشتراه منه فلان بكذا، ويطلق كل واحد منهما على الآخر، فكل واحد منهما يسمى بيعا ويسمى شراء، وذلك لأن المدار على الرغبة والرغبة قلبية، وهي تتفاوت في الأشياء، فكل من البائع والمشتري راغب في ما يحرزه من الآخر، وإنما يختلف الحال باختلاف الثمن والقيمة، فالثمن تابع للرغبات، والقيمة تابعة للرقبات، الثمن هو تابع لرغبة المشتري، فيمكن أن يشتري هذا الجهاز بأضعاف سعره
(يُتْبَعُ)
(/)
لأنه محتاج إليه ولم يجده إلا بذلك، فهذا ثمن لا قيمة، أما قيمة الجهاز فهي ما يباع به نظيره في السوق، فهذا الفرق بين الثمن والقيمة، أن الثمن راجع إلى رغبة المشتري، والقيمة راجعة إلى رقبة الشيء أي إلى حقيقة الشيء وسعره، فلذلك يعدل إلى القيمة عند الإتلاف، عند إتلاف المقومات، فكلها المرجع فيها إلى القيمة لا إلى الثمن، فإذا أتلف الإنسان سيارة لإنسان مثلا، فلا يرجع إلى الثمن الذي اشتراها به فيقال: قد اشتراها فلان بكذا وكذا أضعاف قيمتها، فلا عبرة بذلك فالعبرة بما تساويه في السوق، فهذا هو قيمتها، ولا عبرة بشرائها، لأن ذلك راجع إلى الرغبة والإتلاف لا يقوم باعتبار الرغبة، وإنما يقوم باعتبار الرقبة، أي رقبة المتلف.
وهذا البيع أحله الله سبحانه وتعالى، وحكمة مشروعيته العدل ونفي الظلم، لأن كل إنسان أعطاه الله تعالى ما لا يحتاج إليه ويحتاج إليه غيره، وهو بحاجة إلى التبادل مع ذلك الغير، وهذا التبادل لا يمكن أن يكون مقايضة دائما، لأنني أنا مثلا أملك سيارة وأنت تملك قلما، وأنا محتاج إلى القلم، وأنت محتاج إلى السيارة، فهل يمكن أن تستبدل القلم بالسيارة، ثمنهما متباعد جد ففي ذلك غبن واضح فيحتاج إذا إلى وسيط في التبادل وهذا الوسيط هو الثمن الذي لا يحقق مصلحة بذاته، فلا يؤكل ولا يشرب، ولا يلبس ولا يسكن فيه ولا يركب لا يحقق أية مصلحة بذاته، ولكن الله جعل عليه قبولا ليكون وسيطا في التبادل بين الناس، وأصل الأثمان الذهب والفضة وقد جعل الله عليهما هذا القبول، ففي كل زمان ومكان يصلحان للتبادل في الأشياء بالإضافة إلى ما يتفق الناس عليه من العملات، أيا كان نوعها، سواء كانت فلوسا من نحاس، أو كانت سككا من ورق أو من جلود، أو كانت قطعا من المعادن كالنيكل وغيره، ولهذا قال مالك رحمه الله: \"لو اتخذ الناس سكة من جلود لكرهت أن يتعاملوا بها نسيئة\" فإذا حصلت تلك الثقة فهي المعتبرة، ومن هنا فالنقود ليست قيمتها بقيمة الورق، فالأوراق قيمتها تافهة ضعيفة، وكذلك القطع المعدنية لا تساوي شيئا لو لم تكن مسكوكة بهذه السكة، وإنما قيمتها راجعة إلى مصداقية الدولة التي ضربتها وأخرجتها أو إلى رقم السحب الذي تصدره هيئات النقد الدولية، مثلا مؤسسة النقد الدولي تصدر أرقام سحب لكل عملة معترف بها، وهذه أرقام السحب هي قيمة العملات، والعملات بهذا تنقسم إلى ثلاثة أقسام، إلى عملات صعبة وهي التي تتجاوز مصداقية الدولة التي تصدرها حدودها، فالدولة التي تصدرها لديها أمور مرغوب فيها خارج حدودها، إما أن تكون سلعا تصدرها، وإما أن تكون خدمات تصدرها كخدمات الفنادق والسياحة والعلاج والتعليم وغير ذلك من الخدمات التي تقدمها الدول، فهذا النوع يسمى العملات الصعبة التي تعمل خارج حدود الدولة المصدرة لها، والنوع الثاني هو العملات السهلة وهي عملات للتبادل في داخل بلد واحد، لا يستطيع تصدير سلع ولا خدمات يحتاج إليها خارج حدوده، فالبلد الذي لا يصدر إلى الأسواق خدمات أو سلعا، عملته إذا صدرت ستكون محصورة على حدوده، لكنها ذات قيمة موازية لتلك العملات الصعبة وبها يقع التبادل بينها.
القسم الثالث من أنواع العملات هو الذي يسمى بالعملات المائعة، وهي التي ليس لها قيمة دولية، وإنما تعتبر بضاعة في داخل الدولة التي هي فيها، يتلاعب فيها أهل الأسواق بحسب ما شاؤوا، فإذا كانت العملات لا يحدد لها البنك المركزي في الدول التي لها بنوك مركزية أو مؤسسة النقد في الدول التي لها مؤسسات نقد، لا تحدد لها سعرا في البنوك الوسيطة أو في الأسواق، فهذه العملة تسمى مائعة، لأنها يتحكم في سعرها السوق، فميزان العرض والطلب للبضائع الخارجية هو المؤثر في سعر العملة، كالحال عندنا هنا فمثلا السلع لا تستورد بعملتنا المحلية، فلذلك سعر العملة المحلية تابع للسلع، ومن هنا فالغلاء الذي تسمعونه يحصل في بعض المواد، ليس غلاء في الواقع في تلك المادة، فالمادة في الواقع لم يرتفع سعرها ولهذا سعرها العالمي هو هو، لكن الواقع هو انخفاض فقط في سعر الوسيط الذي هو عملة الشراء المحلية، وبهذا يعلم أن الوسيط في التعامل قد ضيق الشارع في طلب الربح فيه، لأنه لا يحقق مصلحة من المصالح الكبرى التي تعهد الله بها لآدم في الجنة حين قال: ?إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى?، أربعة مصالح هي أصول المصالح والمنافع، المآكل والمشارب والملابس والمساكن، هي أصول المنافع كلها، وما سواها مكمل لها، فهذه المنافع ما يحقق واحدة منها هو الذي يحتاج إليه البشر، ويمكن الاستثمار فيه والإنتاج، ومن أنتج فيه شيئا نافعا لا بد من تشجيعه، وتشجيعه هو التوسعة عليه في الربح فيه، بخلاف صاحب العملة الذي يملك النقود فقط، يملك الكثير من النقود ما فائدة ما يملكه على المجتمع، وما مرجع ذلك في معاش الناس، ليس لذلك قيمة مباشرة، وإنما هو مجرد وسيط في التبادل، فلهذا ضيق الشارع الربح فيما يتعلق بتبادل العملات وبيعها، والصرف أضيق أنواع العقود، وسنخصص له من هذه السلسلة إن شاء الله حلقة متخصصة فيما يتعلق بالصرف وعمل الصرافات، والبنوك ونحو ذلك ...................... يتبع(/)
شروط البيع للعلامة محمد الحسن ولد الددو الجزء الثاني
ـ[روح سارة]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 04:29]ـ
أما ما سوى ذلك من البيوع فإن السلع التي تحقق مصالح للناس وضع الشارع لها شروطا إذا تحققت في سلعة جاز بيعها وشراؤها وتداولها، وإذا اختل منها واحد حرم بيعها وشراؤها، وتداولها، وقد جعل الشارع للبيع ككل حقيقة شرعية أركانا، وهذه الأركان هي على سبيل البسط ستة، وعلى سبيل الاختصار ثلاثة، فالركن الأول:
الإيجاب والقبول: فالإيجاب هو ما يصدر من البائع والقبول هو ما يصدر من المشتري، هذا عند جمهور أهل العلم، وعند الحنفية الإيجاب هو ما صدر أولا، والقبول هو ما صدر ثانيا، فالحنفية إنما ينظرون إلى ترتيب العقد فإذا قلت اشتر مني هذا الجهاز بمائة، فقال: فعلت، فأنت الموجب عند الحنفية، وهو القابل، وإذا قال لك: بعني هذا الجهاز بمائة فقلت: قبلت، فهو الموجب وأنت القابل عند الحنفية. أما الجمهور فعندهم الذي خرجت من يده السلعة هو الموجب، والذي خرج من يده الثمن هو القابل، ومحل هذا عندما يكون البيع بين نقد وعرض، أي سلعة، أما إذا كان البيع طرفاه سلعتين مثلا، فحينئذ كل واحد منهما موجب وقابل، وكل واحد منهما يسمى بائعا، ومشتريا، وشيئاهما أيضا ثمن ومثمن، كل واحد منهما يسمى ثمنا ومثمنا.
وهذان الركنان وهما الإيجاب والقبول في سبيل الاختصار يجمعان في واحد وهو الصيغة، أي صيغة العقد، وهي في الواقع ما يدل على رضا الطرفين في العقد، لأن الله تعالى يقول: ?إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم?، فشرط الرضا في العقد، وقد صح في صحيح ابن حبان وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما البيع عن تراض إنما البيع عن تراض»، وهذا يقتضي أن التراضي شرط للبيع لا يمكن أن يتم إلا به، فما يدل على الرضا، الرضا أمر قلبي خفي، ولا بد أن يدل عليه شيء ظاهر، لان الأمور الخفية لا يمكن اطلاع الناس عليها، ولذلك لا يتعلق بها التشريع، وهذا الذي يدل على الرضا هو الصيغة، وهذه الصيغة لم يعينها الشارع في كلام معين، إلا أنه في الأنكحة خصص ألفاظا تدل على عقد النكاح بالخصوص، بخلاف البيع، فالنكاح ليس مثل غيره من العقود، له قداسة، لأنه مرتبط بالعبادة، ولذلك سماه الله ميثاقا غليظا، فلذلك يحتاج فيه إلى ألفاظ مخصوصة وهي لفظ أنكحت أولفظ زوجت، وهل كل لفظ يقتضي التأبيد إذا ارتبط بالصداق يكون كذالك أم لا، محل خلاف بين أهل العلم لكن هذين اللفظين محل إجماع، وهما أنكحت وزوجت لورود النصوص بهما. فالنكاح إذا يحتاج فيه إلى لفظ أنكحت أو زوجت وغيره من العقود الأصل عدم الحاجة إلى لفظ محدود، بل كل ما يدل على الرضا فهو كاف في ذلك، وعند الشافعية لا بد من اللفظ في كل عقد من العقود كالنكاح، فالبيع عندهم لا يمكن أن يتم بمجرد التعاطي، بل لا بد أن يكون بصيغة تدل عليه، والجمهور لا يشترطون الصيغة، إلا ما يدل على الرضا سواء كان ذلك بمعاطاة فقط، وهذا ما أصبح سائرا اليوم في العالم، فاليوم يقع التبايع مع الماكنات، في المطارات وفي الاسواق وفي كل مكان تدخل قطعة العملة في المكان وتضغط على نوع المشروب الذي تريده فتخرجه لك الماكنة مثلا، فهذا النوع أصبح تبايعا بدون صيغة أصلا، ويقع فيه الشافعية وغيرهم، وبهذا يعلم أن مذهب الجمهور أصبح راجحا في تعامل الناس وواقعهم، فأصبحت العقود تجرى بمجرد التعاطي، ولو لم يصدر لفظ، وصيغة العقد، يشترط لها ثلاثة شروط، الشرط الأول:
أن يقع الإيجاب والقبول على شيء واحد: فإذا قلت لك: بعتك هذا الماء بمائتي أوقية، فقلت أنت: قبلت هذا الجهاز بمائتي أوقية، فالعقد غير نافذ لأنه لم يقع الإيجاب فيه والقبول على شيء واحد، لا بد أن يقعا على شيء واحد.
الشرط الثاني:
استمرارهما واتصالهما: أي أن لا يفصل بينهما بما يقتضي الإعراض، فإذا قلت لك: بعتك هذا الجهاز بألف، فمكثت أسبوعا فأتيتني فقلت: قد قبلته فالعقد غير صحيح ما لم أوجب أنا من جديد، لأن إعراضك أنت دل على عدم انعقاده، فلا بد من اتصال الإيجاب بالقبول. الشرط الثالث من هذه الشروط:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن يبقى آخرهما صدورا متصفا بالأهلية إلى صدور آخرهما: معناه أن يبقى الموجب متصفا بأهلية البيع حتى يقبل القابل، فإذا قال لك البائع: بعتك هذا الجهاز بألف ومات قبل أن تقول قبلت، فالعقد غير صحيح لم ينعقد بعد، وإذا قال لك: بعتك هذا الجهاز بألف فأغمي عليه، أو حجر عليه، صدر عليه حكم، نطقت المحكمة بالحكم في ذلك الوقت بالحجر عليه، أو نحو ذلك فالعقد غير صحيح، ومثل ذلك عزله عن البيع، إذا كان وكيلا في البيع فقال: بعتك هذا الجهاز بألف وقبل قبولك أنت عزله موكله، فقد زالت الأهلية هنا فلا ينعقد البيع بذلك، ومن هنا فهذه الشروط الثلاثة لا بد من تحققها في صيغة البيع، وهي وقوع الإيجاب والقبول على محل واحد، واتصالهما، بحيث لا يخيل ذلك إعراضا عن البيع، لا يخيل الانفصال إعراضا عن البيع، وصدور آخرهما في حال اتصاف الموجب أو ما صدر أولا بأهلية البيع إلى كمال العقد.
والركن الثاني من هذه الأركان هو أيضا على سبيل البسط ركنان وعلى سبيل الاختصار ركن واحد وهو:
العاقد: فعاقد هذا العقد وهو مجريه، قسمان بائع ومشتر، وعلى سبيل البسط يقال ركنان بائع ومشتر، وعلى سبيل الاختصار ركن واحد وهو العاقد، وهذا العاقد يشترط له ستة شروط، الشرط الأول:
العقل: فإن كان فاقد العقل كالمجنون والمعتوه والمبرسم في حال عدم إفاقته فإنه لا ينفذ عقده لأنه قد رفع عنه القلم في ذلك الوقت والعقد تصرف، واختلف في السكران، إذا كان الإنسان سكرانا في حال إجراء العقد فأجرى عقدا من العقود فقالت طائفة من أهل العلم قد أدخل السكر على نفسه فهو الذي تسبب في زوال عقله فلذلك ينفذ عليه كل تصرفاته، سواء كانت إتلافا أو طلاقا أو عتقا أو بيعا أو شراء، وهذا القول يعتبر المعدوم شرعا كالمعدوم حسا، لأن السكر معدوم شرعا لأنه يحرم عليه، فهو كالمعدوم حسا، ولذلك فهذه قاعدة عامة وهي: هل المعدوم شرعا كالمعدوم حسا، والراجح في المذهب المالكي وغيره أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا، وقالت طائفة أخرى بل لا يلزمه شيء من ذلك لأن عقله غائب، فقد رفع عنه القلم بذلك فإثمه في سكره، لا في تصرفه بعد السكر، وعلى هذا لا يلزمه شيء من تصرفاته حتى يفيق، وقالت طائفة ثالثة بالتفصيل وهذا المشهور عند المالكية، وهو أن الأمور التي لا نكرة فيها التي لا تقع فيها المناكرة لا تلزمه والأمور التي فيها نكرة تلزمه، وهذا ما نظمه القواعدي بقوله:
لا يلزم السكران إقرار عقود
بل ما جنى عتق طلاق وحدود
لا يلزم السكران إقرار، فإذا أقر لآخر بدين مثلا فلا يلزمه الإقرار بذلك لأن عقله غائب، ومن شرط الإقرار حصول العقل الذي هو مناط التكليف، عقود كذلك إذا باع أو اشترى فإن مرجع البيع والشراء كما ذكرنا من قبل إلى الرضا، لقول الله تعالى: ?إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم?، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما البيع عن تراض»، والسكران ليس له رضا لأنه غائب العقل، والرضا محله العقل، فعلى هذا لا تلزمه العقود، بل ما جنى، معناه بل يلزمه ما جنى فإذا أتلف شيئا لزم في ماله، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء، وهو بمثابة المخطئ في تصرفه.
عتق طلاق للنكرة فيهما، لأنه إذا أعتق فأنكر أن يكون أعتق بعد إفاقته من سكره أو طلق فأنكر فبالإمكان أن يناكره الطرف الآخر وبالإمكان أن يزعم كل مطلق أو كل معتق أنه كان سكرانا في وقت تصرفه، يريد بذلك رد تصرفه، فلهذا يلزمه هذا التصرف، فما فيه نكرة، من التصرفات يلزم بها، وما لا نكرة فيه لا يلزم به.
وهذا القول أعدل وأصوب لأنه مراع لمصالح الطائفتين، مراع لمصالح المحجور عليه، ولمصالح المعامل الذي يتعامل معه، وعموما فإن العقل هو الذي يعلم به الرضا فهو مشروط به، ثم بعد هذا الشرط الثاني من هذه الشروط:
(يُتْبَعُ)
(/)
البلوغ: فالصبي غير البالغ عقده إذا كان عاقلا صحيح غير لازم، فهو موقوف على رضا وليه، لأن الشارع حجر عليه فجعل تصرفه تابعا لرضا وليه، فما أنفذه منه الولي لزم، وما رده فهو مردود، ولذلك فالصبي غير المميز خارج بالشرط الأول لأنه غير عاقل، والصبي العاقل خارج بالشرط الثاني الذي هو البلوغ، والفرق بينهما أن ما خرج بالشرط الأول فالعقد فيه باطل، وما خرج بغيره من الشروط العقد فيه في أصله صحيح، ولكنه غير لازم، إنما يلزم بالإمضاء، ولذلك فعقود غير المميز لو أمضاها الولي لم تلزم حتى يعقد عقدا جديدا، وعقود المميز لو أمضاها الولي صحت ولا تحتاج إلى إيجاب جديد، وهذا البلوغ إنما يحصل تحققه بما لا نكرة فيه لأن الشك في البلوغ هو شك في مانع، والشك في المانع لا أثر له على الراجح، فالشك في أقسام الخطاب الوضعي يتجه إلى ثلاثة منها، إلى شك في سبب كالشك في دخول الوقت، وهذا مؤثر إجماعا، ولو شك في دخول الوقت لم تجزئ ولو وقعت فيه، إذا شك في دخول الوقت لم تجزئ ولو شك في دخول الوقت لم تجزئ ولو وقعت فيه، إذا شك الإنسان هل دخل وقت الصلاة أم لا، لا يحل له أن يصلي حتى يجزم بأن الوقت دخل لأن الوقت هو سبب وجوب الصلاة، والصلاة قبله باطلة قطعا، إذا الشك في السبب مؤثر إجماعا، والشك في الشرط محل خلاف، كالشك في الطهارة، إذا توضأ الإنسان وشك هل انتقض وضوؤه أم لا، فمذهب الجمهور أنه على يقينه السابق، وأن اليقين لا يزول بالشك، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، والحنفية والظاهرية، ومذهب المالكية أن هذا الشك معتبر لأنه شك في شرط، والذمة عمرت بذلك الشرط، فلا تبرأ إلا بمحقق، فيقابلون المحقق بمحقق، فيقولون قد تحقق أنه يجب عليه الوضوء، ولم يتحقق هل هو الآن متصف به أم لا، فالمالكية وحدهم يرون أن الشك في الحدث ينقض الوضوء، وقد قال العلامة محنض أتشغ الديماني رحمة الله عليه:
الشك في الأحداث لا ينقض
ومنهمُ من قال ما قلته
إلا لما فيه الدليل الذي
أحمد والنعمان والشافعي
وضوؤنا بالشك إسحاق لا
ناشدتكم يا إخوتي روا لما
عكس الذي أشياخنا قد رضوا
من عدم النقض فلا تومضوا
منهاجه للمهتدي أبيض
والليث والأوزاعي لا ينقض
ينقض والثوري هذا الوضو
قيتده المواق لا تعرضوا
وهو يقصد بذلك أن هذا الخلاف مذهب الجمهور فيه أن الشك في الحدث لا ينقضه، وأما الثالث وهو الشك في المانع فلا أثر له عند الجميع، الشك في المانع لا أثر له، فالشك في وجود الحيض مع تحقق الطهر كمن نامت وهي طاهر فاستيقظت وهي حائض وقد فات جزء من الوقت، فإن الاستصحاب هنا يقتضي أنها حاضت في أول نومها، وهذا يقتضي أن الوقت دخل وهي حائض فتسقط عنها الصلاة، لكنها شكت في هذا المانع هل هو حاصل عند دخول الوقت أو لم يكن حاصلا فيه، فيلزمها قضاء تلك الصلاة، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وقد كانت طاهرا قبل نومها، ومحل هذا إن دخل بعض الوقت أما إذا انتبهت في أول الوقت فنظرت فوجدت نفسها حائضا، فلا يلزمها قطعا أداء تلك الصلاة، لأن ذلك هو وقت الوجوب وهذا محل خلاف يتعلق بوقت وجوب الصلاة، والخلاف فيه طويل، إلى أقوال كثيرة وقد نظمها السيوطي رحمه الله في الكوكب الساطع إذ قال:
جميع وقت الظهر قال الأكثر
لا يجب العزم على المؤخر
وقيل الاخر وقيل الأول
ومن يؤخر مع ظن موته
فهو أدا والقاضيان بل قضى
فالحق لا عصيان ما لم يكن
وقت أداء وعليه الأظهر
وقد عزي وجوبه للأكثر
ففي سواه قاض او معجل
يعص فإن أداه قبل فوته
أومع ظن أن يعيش فقضى
كالحج فليسند لآخر السني
ولذلك فإن الشك في المانع لا أثر له، فإذا شك في عدم البلوغ فهذا شك في مانع فهو لا يؤثر، فيبقى العقد صحيحا، مع الشك في مانعه، لكن يحتاج دائما إلى التثبت في المسألة، وبالأخص ما يتعلق بانتفاء المانع وحصول الشرط، فإن التمييز بينهما شاق لدى الأصوليين، فكثيرا ما يكون الأمر في الواقع انتفاء مانع، ويعده بعض الفقهاء شرطا، فيكون من باب الشروط، فيكون الشك فيه من محل الخلاف، ولو اعتبر انتفاء مانع لكان من الشك في المانع الذي لا أثر له. ثم بعد هذا الشرط الثالث من هذه الشروط:
(يُتْبَعُ)
(/)
الرشد: وهو إحسان الإنسان للتصرف، فالرشد هو إحسان التصرف، فإذا كان الإنسان لا يحسن التصرف في ماله فإنه لا ينعقد بيعه وذلك بسبب نقص في العقل أو عدم إدراك للواقع، فيقتضي سفها، فالإنسان الذي تقوى عاطفته على عقله، فإذا أحب شيئا بذل فيه أكثر من قيمته، وإذا كره شيئا أراد التخلص منه ولو بلا شيء هذا هو السفيه الذي عاطفته أقوى من عقله، والسفه سبب لرد التصرف، والشارع الحكيم حفاظا على أموال الناس رتب الأولياء للسفهاء، فكل سفيه له ولي يرعى مصالحه، إما أن يكون قريبا له أو أن يكون السلطان الذي يرعى مصالح الناس عموما، فالسفيه الذي ليس له ولي من آل بيته وليه السلطان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن اختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له»، والسلطان المقصود به هنا القاضي، ومن يتولى أمر العامة، والسفيه عقده أيضا هو موقوف على رضا وليه، فإذا أقره صح العقد، وإذا رده بطل، فالعقد في الأصل صحيح ولكنه غير لازم، كما سبق. والشرط الرابع من هذه الشروط:
الحرية: فالمملوك في ماله حق لمالكه لأنه يستطيع اعتصاره منه وإن كان هو يملك فهو إنسان تام التصرف، وإنما حصل لديه نقص سببه الكفر، وذلك النقص الذي سببه الكفر جبره الشارع بأن رتب عليه حقا للغير وهذا الحق ليس كما يفهمه الناس مذلة وهوانا وخنوعا، ليس الحال كذلك، بل المملوك له حقوق مثل التي عليه تماما، وحقه الأخروي أكبر من حقه الدنيوي، فأجره مضاعف في كل ما يعمله، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي، والعبد إذا أدى حق الله وحق مواليه»، فهذا يؤتى أجره مرتين، فلذلك ليس الرق مهانة ولا أذى، ولا نقصا في الحقوق المدنية للإنسان وإنما هو مجرد نقص في الأصل سببه الكفر، واستمر بعد ذلك، ويقتضي الحفاظ على بعض الحقوق وترجيحها، وبمجرد الموت ينقطع هذا الحق فالميت في جنازته سواء كان في الأصل حرا أو لم يكن، فلا اعتبار في ذلك شرعا، لا فرق بينهما، وكذلك القبور لا فرق في قبورهم، بين من كان منهم متصفا بهذا الوصف ومن لم يكن متصفا به، وكذلك في البعث بعد الموت لا يبعث أحد عليه رق، فالناس جميعا حينئذ إما أشقياء وإما سعداء، فمن كان سعيدا فهو من أهل الجنة، ولا ينظر إلى حاله في الدنيا، ومن كان شقيا فهو من أهل النار ولا ينظر إلى حاله في الدنيا، ولذلك فتفاوت الناس في مثل هذا النوع من الأوصاف هو كتفاوتهم في المركب، إذا كان بعض الناس يركب في مقدم السيارة وبعضهم يركب فيها من الخلف، أليسوا سيصلون جميعا في وقت واحد، فإذا نزلوا من السيارة هل يقول أحدهم أنا الذي كنت في المقدم وأنتم كنتم في المؤخر، ولهذا يعلم أن أحوال أهل الدنيا متقاربة، وأن ما بينهم من الفروق، في الغنى والفقر والجمال والقبح والرق والحرية وغير ذلك كلها فروق ضعيفة جدا قليلة ووقتها قليل لا يساوي شيئا من أعمال بني آدم، فهي بمثابة الحجر، ولذلك فعقد المملوك موقوف على رضا وليه إلا إذا أذن له، فإذا كان مأذونا له في البيع والشراء، سواء كان ذلك الإذن عرفيا أو كان قوليا، إذا أذن له بالتصرف قولا أو رآه يتصرف فسكت فهذا مأذون تصرفه نافذ مطلقا، ولا يحتاج فيه إلى الرجوع إلى وليه بحال من الأحوال، أما إذا كان غير مأذون له في التصرف وكان يرد عقده فهذا الذي يحتاج إلى إمضائه فإذا أمضاه صح العقد وإذا لم يمضه لم يصح. والشرط الخامس من هذه الشروط:
الملك: أن يكون مالكا لما يتصرف فيه، والمقصود بالملك أن يكون صاحب تصرف مقبول شرعا، كالذي يملك الشيء المبيع بذاته ملكه، أو هو ولي لمالكه، أو هو وكيل عن مالكه، أو هو وال عام، فيتصرف فيه، فمثل هذا النوع هو الملك، ومن تصرف بغير ملك فهو الفضولي وهو منسوب إلى الفضول، والفضول هو ما لا يليق من الأقوال والأفعال، كل ما لا يليق من الأقوال والأفعال يسمى فضولا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، فتصرف الإنسان فيما لا يعنيه هو فضولي فيه، وتصرف الفضولي محل خلاف بين أهل العلم، فعند المالكية أنه صحيح غير نافذ إلا إذا سكت صاحبه، إذا علم به فسكت فإنه ينفذ، ولذلك فإن العلامة محمد بن محمد سالم رحمة الله عليهما كان في مسجده وهم يصلون صلاة العصر، فجاء مجنون فوقف في طرف المسجد، فقال: يا أهل المسجد:
(يُتْبَعُ)
(/)
زوجاتكم جميعا طوالق، فقطع محمد صلاته وقال: تكلموا \"گَالْهُمْ اتْكَلْمُ اخْلَيْتُ\" يقصد بذلك الإفتاء على مقتضى المذهب المالكي فيجب عليهم أن ينكروا هذا لأنهم إذا سكتوا وأقروه حتى انتهت الصلاة فقد رضوا بالطلاق، فهذا النوع هو تصرف الفضولي، وهو موقوف على رضا صاحب الحق، فإذا رضي به لزم، وإذا لم يرض به لم يلزم عند المالكية، وعند الحنفية أيضا، وعند الشافعية والحنابلة تصرفه غير نافذ أصلا، لا يحتاج إلى الإمضاء ولا إلى الرد فهو غير نافذ، فتصرفه باطل مطلقا، لأن الله لم يجعل له ولاية على ما يتصرف فيه، والتصرف راجع إلى أصل الولاية، فما لم يأذن فيه الشارع فهو باطل على أصل الأمر، وهذا الذي قاله الشافعية والحنابلة، أقرب لروح الشريعة وأدلتها العامة، لأن المعزول في الأصل بنظر الشارع، لا يمكن أن يقع منه تصحيح العقد فهو أجنبي عنه، لا يملكه وليس له به علاقة، إلا إذا كانت العلاقة قائمة كمن كان من أهل السوق محل ثقة لدى الجميع، وكان يتدخل لهم في بياعاتهم وأشريتهم، فأصبح بمثابة الوالد لديهم، فهذا النوع في الأسواق يرجع إليه فهو بمثابة السمسار في البيع والشراء، فإذا باع مال بعضهم وهو يعلم أنه عرضه للبيع وأنه يريد فيه ربحا وقد عرف الثمن الذي اشتراه به، وأنه رابح بذلك الذي يبيعه عليه به، فهذا النوع يكون خارجا عن تصرف الفضولي، لأنه اعتمد على ولاية عرفية فقد أصبح معروفا لدى أهل السوق بمثل هذا النوع من التصرفات، ولذلك نشهد ذلك اليوم في تصرفاتنا، وبالأخص في بورصات بيع السيارات، فكل بورصة فيها إنسان يرجع إليه في السعي بين الناس، فإذا قال: قد بعتها عليك، فهذا البيع إذا سكت عنه صاحب السيارة لزم ونفذ بذلك، إذا قال: بعتها أنا عليك بكذا واستلم النقود، من المشتري وسكت الآخر فهذا يلزم به البيع. الشرط السادس من هذه الشروط هو:
عدم الإكراه: أي أن يكون طائعا في تصرفه، والإكراه شرعا ينقسم إلى قسمين، إلى إكراه ملجئ وإكراه غير ملجئ، فالإكراه الملجئ محل خلاف بين أهل العلم ما هو؟ فقالت طائفة من أهل العلم وهم الجمهور الإكراه الملجئ هو الذي لا مناص للإنسان منه، كالذي يحمل ويرمى به على إنسان، فهو لا تصرف له في نفسه رمي به، هذا النوع إكراه ملجئ، وهو تعريف الإكراه الملجئ عند الجمهور، وعند الحنفية هذا النوع من الإكراه داخل في الملجئ لكن الملجئ أعم منه، فكل ما يخاف به الإنسان هلاكا أو شديد أذى فهو الإكراه الملجئ عندهم، والإكراه غير الملجئ، هو خوف المولم سواء كان ذلك في النفس أو في المال، أو في الولد، كمن توعده إنسان بفعل يقدر عليه، يستطيعه، فهذا مكره، إذا قال له: افعل كذا، بع هذه السيارة وإلا فسأضربك وهو قادر على ضربه، فهذا إكراه، لكن إذا قال ذلك له ضعيف لا يستطيع ضربه أو صبي صغير فهذا ليس عذرا شرعا ولا يعتبر إكراها لأنه غير قادر على ما توعد به، والإكراه كذلك ينقسم من وجه آخر إلى قسمين، إلى إكراه بحق وإكراه بغير حق، فالإكراه بالحق هو البيع على الإنسان في أمر لا بد منه، كمن تجب عليه الزكاة وليس في ماله ما تدفع به زكاته، فيأخذ الساعي بعض ماله ويبيعه ليؤدي منه زكاة ماله بالغصب، وهو كاره، فهذا الإكراه بحق، وكذلك من عليه دين، وليس في ماله ما يسدد به ذالك الدين فباع عليه القاضي بعض ماله لسداد دينه، فهذا حق واجب والإكراه هنا بحق، والإكراه بغير حق كالغصب، كما إذا اغتصب بعض مال إنسان فبيع غصبا منه كالذي يؤخذ من غير رضاه فيقوم عليه، سواء كان ذلك لشركة عامة أو لملك فردي فهذا النوع إكراه بغير حق ولا يلزم به العقد، فالإكراه بغير حق لا يلزم به العقد، وهذا الإكراه بغير حق هو من أخذ مال الناس بالباطل وهو حرام.
ثم إن الإكراه أيضا ينقسم من وجه آخر تقسيما آخر وهو أنه إما أن يكون إكراها على البيع أو إكراها على سبب البيع، فالإكراه على البيع كمن أكره على بيع داره، لسداد دينه أو أداء الزكاة، والإكراه على السبب كمن أكره على غرامة مالية ولا يستطيع تسديدها إلا إذا باع داره، فهو لم يكره على بيع هذه الدار بخصوصها، ولكنه أكره على السبب، والإكراه على السبب محل خلاف، هل يمضي حتى لو كان في غير حق شرعي، فالغرامات إذا كانت من غير حق شرعي كالضرائب ونحوها، فأكره الإنسان على السبب، فقيل: يمضي العقد لأنه هو سيساوم، ويطلب
(يُتْبَعُ)
(/)
الربح، ولا يمكن أن يغبن لأنه لم يوجب عليه بيع هذا الشيء بذاته، فعليه: يمضي تصرفه، وقالت طائفة أخرى، بل الإكراه على السبب كالإكراه على البيع، فإن كان بغير حق لم يلزم، وإن كان بحق شرعي لزم، وقد أكره النبي صلى الله عليه وسلم بني قينقاع على بيع أملاكهم وهو إكراه على السبب، حين أراد إخراجهم من المدينة وقد أذن الله له في ذلك، فقال تعالى: ?هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر، ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب?.
فأولئك اليهود عليهم لعائن الله غدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم وغدروا بامرأة مسلمة جاءت إلى سوق الذهب فيهم وكانت سوق بني قينقاع من أشهر أسواق المدينة، فجاءت امرأة مسلمة إلى أسواق الذهب فجلست لدى صائغ يعمل لها ذهبا، فجاء شببة من اليهود فخاطوا ثيابها فلما قامت انكشفت، فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نقضا للعهد وأنزل الله فيهم القرآن فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة.
ولما أخرجهم من المدينة أجلهم ثلاثا ولهم ديون على الناس، فقال: «ضعوا وتعجلوا»، أي ضعوا بعض ديونكم وتعجلوا بعضها، وكذلك أمرهم ببيع تجاراتهم في هذا الوقت، لأنهم لا بد أن يذهبوا، فما تركوه من أموالهم سيكون للدولة الإسلامية، وما صحبوه معهم فهو لهم، فكان هذا إكراها على السبب، فدل هذا على أن الإكراه على السبب إذا كان السبب شرعيا فهو نافذ والبيع فيه صحيح، وإذا كان الإكراه على السبب ممنوعا شرعا فالعقد فيه باطل. إذا هذه شروط العاقد.
أما الركن الأخير وهو الثالث على سبيل الاختصار، أو الخامس والسادس على سبيل البسط فهو:
المعقود عليه: والمعقود عليه يشترط له أيضا ستة أمور، الشرط الأول:
أن يكون طاهرا: فالأعيان التي هي نجس ليست محلا للبيع، فلا يمكن أكلها ولا شربها قطعا، حتى الدواء بها، ما كان نجسا لا يتداوى به، في باطن الأجساد في داخل البدن، وهذا في الأصل محل إجماع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي في ما حرم عليها»، لما استأذنه رجل في بيع الخمر، وذكر أنه للدواء، فقال: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي في ما حرم عليها»، والأنجاس حرمها الله سبحانه وتعالى، فليس فيها نفع ولا شفاء.
ولا يستثنى من ذلك إلا ما حصل في زماننا هذا من الدم وزراعة الأعضاء، فإن كثيرا من الأمراض التي تتفشى يقع بسببها فقر الدم، وفقر الدم هو زيادة كرياته البيضاء على الحمراء، وبذلك ينقص نفعه في الإنسان، فيكون ناقص القيمة والأداء في تغذية الجسد، وهذا الجسد كله تغذيته الدم، فكل شعرة يصل إليها نصيبها من التغذية، وإذا فقدت نصيبها من التغذية أدى ذلك إلى فوتها، وكذلك كل خلية من خلايا الجسم، وكل عضلة من عضلاته ولون البشرة وغير ذلك كله تغذيته بالدم، فإذا فقد خصائصه أو نقصت خصائصه، أدى ذلك إلى الخطر بفقر الدم، وفقر الدم مرض شائع اليوم وسببه أنواع من الأغذية كالألبان ونحوها من أنواع التغذية التي فيها نقص للحديد أو نحوه تؤدي إلى فقر الدم، التغذية الدائمة بها تؤدي إلى فقر الدم، وإذا حصل ذلك، فإن الإنسان عرضة للهلاك، وخوفه الهلاك على نفسه يحل له ارتكاب المحرمات، وقد قال الله تعالى: ?وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه?، فجعل الضرورة بعد الأحكام، ومن هنا فلا يقال: يجوز للإنسان شراء الدم، إذا كان مصابا بفقر الدم، بل يقال: يضطر الإنسان لشراء الدم إذا كان مصابا بفقر الدم، لأن الضرورة لا تدخل في الأقسام الخمسة أقسام التكليف، بل هي وراءها، ?وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه?، وكذلك زراعة الأعضاء، فهذه الزراعة ما كان منها يحتاج إليه في الصحة كالقلب والكلى والكبد ونحو ذلك من الأعضاء، هي قطعا محل ضرورة، وقد جربت فنفعت، أما ما كان منها يحتاج إليه أيضا في الإدراك كالقرنية للعين، زراعة القرنية للعين، فهذا أيضا نظير ذلك، ومثله قناة الأذن فزراعتها أيضا محل ضرورة، وطبلة الأذن أيضا زراعتها محل ضرورة، أما ما كان منها بين بين ليس محل ضرورة ولا هو تحسين كزراعة يد من قطعت يده في حادث مثلا، فإن كانت يده قطعت في حد من حدود الله، كحد السرقة فلا يحل زراعتها، لأن هذا نكال من الله سبحانه وتعالى و ينبغي أن يكون،
(يُتْبَعُ)
(/)
فالله هو أرحم الراحمين، وقد اختار لعبده هذه العقوبة لزجره ولتكفير ذنبه، فلذلك لا تزرع له يده مرة أخرى ولا يد إنسان آخر.
أما زراعة اليد فيمن حصل عليه حادث سير ففقد فيه يده فهذا محل بحث لأن اليد في الغالب ليست محل ضرورة وبالأخص بعض الأصابع مثلا، فليس هذا محل ضرورة، فهل يمكن إرجاعها وهي جيفة قد تنجست بانفصالها، فما انفصل عن الحي فهو ميتة كما في الحديث، هذا محل بحث.
أما ما كان لمجرد التجميل كزراعة قشرة الرأس التي ينبت فيها الشعر للأصلع، فهذا النوع مما لا يجوز قطعا، لأنه ليس مضطرا إليه ولا محتاجا إليه، وهو مجرد تجميل في غير محل الحاجة، فالصلع ليس عيبا ولا عارا، فالخلفاء الراشدون ثلاثة منهم صلع، كان أبو بكر أصلع وعمر أصلع، وعلي أصلع، فالصلع ليس عيبا، وإنما يحصل من التفكير، من كثرة التفكير وإعمال العقل، فليس إذا عيبا ولا عارا، فلذلك لا يحتاج إلى زراعته. ولذلك فمحمد مولود رحمه الله يقول:
وامنع دواء باطن الأجساد
بنجس واختلفوا في البادي
وامنع دواء باطن الأجساد بنجس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها»، واختلفوا في البادي أي ظاهر البدن، إذا كان في الإنسان جرح مثلا هل يمكن أن يعالج بالبول، فالبول من أشفية الجروح، لأن فيه مادة اليوريا تعالج القروح والجروح فلذلك يمكن أن يعالج بها الحرق، فهل يجوز العلاج بها أم لا؟ محل خلاف بين أهل العلم، ونظير ذلك إحراق الحصير الذي قد تكون جلوده في الأصل من جلود الميتة، فإحراقه لعلاج الجرح برماده هو أيضا محل خلاف، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، لما جرح يوم أحد، أحرقت فاطمة رضي الله عنها حصيرا، فأخذت رماده فجعلته على الدم فرقأ، فهذا النوع من العلاج في الظاهر، إذا كان بما فيه جلد ميتة أو نحو ذلك هو محل خلاف، ومحل ذلك الخلاف في غير الضرورة، أما الضرورات فقد ذكرنا أنها خارجة عن التكليف. إذا هذا الشرط الأول في المعقود عليه أن يكون طاهرا.
ويخرج بذلك الأنجاس كلها، فلا يستثنى منها إلا السرقين وهو السرجين أي السماد الذي يجعل على الزرع، فيحتاج إليه في إصلاحه، فهذا الزرع به طاهر، الزرع إذا وضع عليه السماد النجس فنبت منه فالزرع طاهر، وقد صح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يجعل النجس على زرعه، فقيل له في ذلك، فقال: المكتل منه باثنين، أي أنه يقتضي زيادة ونماء، وهذا هو السماد غير المعالج كيميائيا أما إذا عولج بالكيمياء فانقلبت حقيقته وأصبح مادة أخرى، فهذا محل بحث آخر وهو بحث الانقلاب، إذا حصل الانقلاب في العين، هل تبقى على حكمها الأصلي أو تعود إلى حكم جديد وهذا قاعدة فقهية معروفة وهو تأثير الانقلاب، وقد نظمها الزقاق في المنهج في قواعد المذهب المالكي فقال:
وهل يؤثر انقلاب كعرق
ولبن بول وتفصيل أحق
وهذه القاعدة فروعها كثيرة، منها ألبان الجلالات ولحومها، الحيوانات التي تأكل الأنجاس، هل يحل شرب لبنها وأكل لحمها؟ هذا محل خلاف، فإذا كان الانقلاب مؤثرا فألبانها طاهرة ولحومها طاهرة بذكاتها، وإذا كان الانقلاب لا يؤثر فإن اللحوم والألبان قطعا ناشئة عن التغذية، فلذلك تكون تبعا لها، ومثل هذا الخمر إذا تخللت، أو خللت أو تحجرت أو حجرت محل خلاف بين أهل العلم، ومن ذلك ما يطبخ منها، فالخمور في العالم الغربي اليوم وبالأخص في الوجبات السريعة توضع فيها مثلا، فهمبرغر أو غير ذلك من الأخباز مثلا الوجبات الخفيفة السريعة يضعون فيها الخمور في تحضيرها، ولكن يزول الإسكار بالطبخ، ومحل الحرمة الإسكار لأنه علة التحريم، فإذا زال الإسكار لم تبق علة التحريم، ومن هنا فالمطبوخات التي في أصل صناعتها الخمور الراجح فيها الجواز، لأن الطهارة حصلت بمجرد زوال الإسكار، لكن لا يحل للمسلم الإقدام على ذلك، لا يحل للمسلم أن يخلل الخمر أو أن يجمدها حتى تطهر، لأنه أمر بإراقتها ولو كان يجوز ذلك لما أراقها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حرمت، فأراقوها فامتلأت بها الشوارع في المدينة إذ ذاك.
إذا هذا الشرط هو الشرط الأول من شروط المعقود عليه وهو الطهارة، أما الشرط الثاني من شروط المعقود عليه فهو:
(يُتْبَعُ)
(/)
الانتفاع: أي أن يكون منتفعا به شرعا، فما لا نفع فيه، فإنه لا يجوز بيعه ولا شراؤه، والمقصود بالنفع هنا ما كان نفعا شرعيا معتبرا، فكثير من الناس يظن أن التدخين فيه نفع وهو أنه يجلب له الزبائن، يظن هذا نفعا شرعيا، وهذا النوع ليس نفعا شرعيا، فالمعتبر النفع الشرعي المتعلق بالمادة ذاتها، ودليل هذا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في شحوم الميتة، فإنه «نهى عنها، فقالوا: يا رسول الله إنها تطلى بها السفن، فسألوه الترخيص فيها فقال: لا هو حرام، ثم قال: لعن الله اليهود لما حرم الله عليهم الميتة أخذوا شحومها فجملوه فباعوه فأكلوا ثمنه»، وجملوه معناه أذابوه، والمقصود به الشحم، فأعاد الضمير إليه مذكرا باعتبار الجنس، وهذا يدل على أن الاحتيال لا يبيح ما احتيل لإباحته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنهم احتالوا على الشحوم لما حرمت عليهم أكلوا ثمنها، وثمنها ليس هي، فهذه حيلة، للانتفاع بها عندما حرمت عليهم، فدل هذا على إبطال الحيل في الأصل، وبالأخص ما لا نفع في ذاته حتى لو كان النفع فيه لوجه آخر كطلاء السفن ودهن الأواني والأسلحة بالشحوم فإنه لا يبيحها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا هو حرام»، وصرح بذلك، ثم ذكر السبب فقال: «لعن الله اليهود حين حرم الله عليهم الميتة أخذوا شحومها، أو حين حرم الله عليهم الشحوم جملوه فباعوه فأكلوا ثمنه»، فبين أنهم لعنوا بسبب هذا التصرف، فإذا لا بد أن يكون المعقود عليه منتفعا به نفعا شرعيا في المآكل أو المشارب أو الملابس أو المساكن ومثل المساكن المراكب فهي من جنس المساكن. الشرط الثالث من شروط المعقود عليه:
أن يكون غير منهي عن بيعه: فإن كان منهيا عن بيعه شرعا فلا يحل بيعه، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الكلاب، فنهى عن ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي، وجاء في سنن أبي داود وغيره أنه نهى عن بيع الكلب فقال: «فإن جاء يطلب ثمنه فاملؤوا له كفه ترابا»، واختلف أهل العلم هل هذا شامل لجميع الكلاب أو يخصص فيخرج منه كلب الصيد لأنه يحل اقتناؤه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في اقتناء كلب الصيد، والله تعالى أذن في اقتنائه في قوله: ?وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم?.
فهذا دليل على جواز الاقتناء لكن هل يدل على جواز البيع؟ محل خلاف بين أهل العلم، فذهب سحنون من المالكية إلى جواز بيع كلب الصيد وقال: أبيعه وأحج بثمنه، وأحج بثمنه يقصد المبالغة في طهارته، في جواز ذلك لأنه إذا جاز اقتناؤه والانتفاع به جاز بيعه.
ومذهب جمهور أهل العلم عدم الارتباط بين حل الانتفاع وحل البيع، لأن جلود الميتات يرخص فيها شرعا بالدبغ، ومع ذلك عند المالكية لا يحل بيعها، وسحنون نفسه يوافق على ذلك، فسحنون يرى أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ، ولكنه يرخص فيه في اليابس والماء، ورخص فيه مطلقا إلا من خنزير بعد دبغه في يابس وماء، وفيها كراهة العاج والتوقف في الكيمخت، فإذا كان الجلد يرخص فيه في الماء واليابس ولا يجوز بيعه، يدل هذا على أن الانتفاع والبيع غير مرتبطين، فيجوز أن يكون الشيء مقتنى منتفعا به، لكن لا يحل بيعه مع ذلك، ونظير هذا المصاحف فعند الحنابلة لا يجوز بيع المصحف مطلقا، لأن الله تعالى نعى على أهل الكتاب بيع آيات الله بثمن قليل، فدل هذا على منع بيع المصحف مطلقا، ومع ذلك فيجوز اقتناؤه والانتفاع به، بل مما رغب فيه الشارع أن يورث الإنسان مصحفا.
ومن المنهي شرعا عن بيعه في مثل هذا النوع آلات اللهو، فإنها يحرم الانتفاع بها حتى إذا كانت تكسر فينتفع بها بعد كسرها في أشياء أخرى، فإن جمهور أهل العلم على تحريم تملكها مطلقا واقتنائها وبيعها وشرائها، وعلى أن متلفها لا يلزمه شيء، إذا أتلفها الإنسان لم يلزمه شيء شرعا، خلافا للحنفية وحدهم، فعند الحنفية أنها يمكن الانتفاع بنقضها أي ما كسر منها، وعليه فمن أتلفها تلزمه قيمتها.
الشرط الرابع من شروط المعقود عليه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن يكون غير مجهول: أي أن يكون معلوما علما ينفي الجهالة والغرر، فالمجهول الذي لا يمكن أن يعرف لا يحل بيعه ولا شراؤه ولا العقد عليه، لحصول الغرر، والغرر حرام في العقود، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم بيع الغرر، وجاء في ذلك عدد من الأحاديث الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع الغرر، وذلك أن البيع في الأصل إنما شرع لإزالة الشحناء والبغضاء بين الناس، والغرر سبب للشحناء والبغضاء، فهو ضد الحكمة التي من أجلها شرع البيع، ولذلك فبيع الحمام في البرج وبيع الضالة والشارد ونحوه مما هو غير مقدور عليه داخل في الغرر، ومثل ذلك المجهول كبيع الحصاة والمنابذة والملامسة فكل ذلك من المجهولات التي لا يحل فيها البيع. والشرط الخامس من هذه الشروط:
القدرة عليه: أي إمكان تسليمه وتسلمه، فهذا شرط للمعقود عليه أيضا، فهو مخرج للمغصوب، فلا يحل بيعه ولا شراؤه إلا من غاصبه على القول بأن الغصب يزيل الملك، وهذا محل خلاف بين أهل العلم، فعند الحنفية أن الغصب يزيل الملك وأن الحرام لا يتعدى ذمتين، ومذهب جمهور أهل العلم أن الحرام يتعدى ذمتين، وأن الغصب لا يزيل الملك، ولذلك فإن المغصوب هو ملك لمالكه الأول والغصب لا يغير ذلك الملك، عند جمهور أهل العلم، فعليه لا يجوز شراؤه من مالكه لأنه غير قادر عليه إذ لو كان قادرا على تسليمه لأمكن استرجاعه، لكن يحل له فقط بيعه لمن غصبه منه، للغاصب، يحل بيع المغصوب لغاصبه، لأنه في يده، فيمكن أن يتسلمه، والغرر في ذلك يسير، لأن يده يد تعد، وهي يد ضمان، وبذلك فإن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا، فوضع يده عليه في ذلك الوقت في وقت البيع باطل، فلذلك يمكن أن يباع منه، لأنه قادر على استلامه. والشرط السادس من هذه الشروط:
عدم حرمة العين: فإن كان المبيع حرام العين لا يحل أكله ولا شربه ولا الانتفاع به كالميتة والخنزير والخمر، فلا يحل العقد عليه مطلقا، ويدخل في ذلك ما كان طاهرا من الأعيان فالخنزير ما دام حيا لا يحل بيعه ولا شراؤه، وعند المالكية أنه طاهر في حياته، لأنهم يرون أن الحياة علتها الطهارة، فالشاة في حياتها طاهرة وإذا ماتت جيفة فإنها تنجس، فيرون أن الارتباط بين الطهارة والموت دليل على أن الحياة سبب للطهارة، ولذلك يقولون: الحي طاهر، ولو إبليس عليه لعنة الله، وقد سئل العلامة محمد بن محمد سالم رحمة الله عليهما عن فائدة هذا الحكم، ما فائدة طهارة إبليس؟ فقال: من تحكك عليه في الصلاة لم تبطل صلاته، فإبليس يمكن أن يخالط إنسانا في الصلاة، فإذا كان نجسا يبطل صلاة الناس، وعند الشافعية والحنابلة أن الخنزير نجس كالكلب فيرون أن الكلب نجس في حياته وبعد موته مطلقا، بخلاف المالكية، فإنهم يرون أن الكلب طاهر، وتظهر ثمرة الخلاف في الكلب إذا صب عليه الماء فإنه ينتفض فإذا تطاير شيء من بلله على إنسان تنجس عند الحنابلة والشافعية ولم يتنجس عند المالكية، وعلى مذهب الشافعية والحنابلة قول الشاعر في وصف أحد الولاة يقول فيه:
ما ازددت حين وليت إلا خسة
ته كل تيهك بالولاية والعمل
كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل
والمالكية يرون طهارته، وأنه طاهر العين، ولذلك فإن إراقة الماء الذي ولغ فيه وغسل الإناء سبعا تعبد عند المالكية وتطهير تعللي عند غيرهم، فالمالكية يرون أن الطهارة لو كانت تعللية لكفت فيها الغسلة الواحدة المنقية، أو ثلاث غسلات منقية عند الشافعية والحنابلة، فالمالكية تطهر عندهم الغسلة الواحدة المنقية، والشافعية والحنابلة تطهر عندهم ثلاث غسلات منقيات إلا من نجاسة الكلب والخنزير، فعند الشافعية والحنابلة أنها لا بد فيها من سبع غسلات، إحداهن بالتراب، وعلى هذا فالخنزير عند الشافعية والحنابلة مثل الكلب تماما، وهنا يدخل في حياة الناس اليوم أن كثيرا من النعال ومن الأحزمة هي من جلود الخنازير، ولكنها دبغت، فهل يحل بيعها وشراؤها؟ وهل تجوز الصلاة بها؟ وهل يجوز المسح عليها إن كانت خفافا؟ وهي منتشرة في الأسواق، كثير مما يباع في الأسواق وبالأخص مما أتى من مدينة ميلانو من إيطاليا من الجلود فكثير منه يدبغ من جلود الخنازير، فهذا محل بحث، وقد ذكر الأمير الصنعاني أن في المسألة أحد عشر مذهبا، في جلد الخنزير وحده، أحد عشر مذهبا لأهل العلم في هذه المسألة، ولذلك فإن الذين يرون طهارة الجلد بالدباغ مطلقا منهم من يعمم فيقول يشمل ذلك جلد الخنزير وغيره، ومنهم من يقصره على غير الخنزير، كالمالكية ولذلك قال خليل رحمه الله: ورخص فيه مطلقا إلا من خنزير بعد دبغه في يابس وماء، وعند الحنفية أن الخنزير لا جلد له أصلا فجلده من لحمه وهو رجس وعليه فجلده يأكله النصارى كما يأكلون لحمه فهو مثل لحمه، و عليه فهو مما لا يطهر بالدباغ، لا لأن الجلد لا يطهر بالدباغ ولكن لأنه هو غير جلد، بل هو لحم، هذا تعليل الحنفية.
وعلى هذا فإن ما كان منهيا عنه لذاته، فلا يحل بيعه ولا شراؤه، ومثله المحرم المشرف على الموت كالحمار الأهلي، إذا أشرف على الموت فليس فيه انتفاع لأنه لا ينتفع بالذكاة، فلا يطهر جلده ولا عظامه، ولا ينتفع بشيء منه، فلا يحل بيعه ولا شراؤه، واختلف فيما فيه نفع لبعض الناس دون بعض، كالحياة والعقارب فإن فيها نفعا لأهل المعامل والمصانع لأن السم الذي فيها نافع في العقاقير والأدوية، وهذا الخلاف نظيره الخلاف في الخمر أيضا هل هي نجس بذاتها، أو لا فمذهب جمهور أهل العلم أنها نجس، وذهب آخرون إلى أنها محرمة غير نجس، واتفق على أن الحشيش طاهر حرام.
بهذا نكون قد أتينا على خمسة عشر شرطا هي شروط البيع، وبهذا نكون قد أتينا على الأركان والشروط، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأسأل الله تعالى أن يجعل ما نقوله ونسمعه حجة لنا لا علينا وأن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، وسنواصل إن شاء الله في الحلقات القادمة في العقود.(/)
أخطاء الصائمين للعلامة محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي
ـ[روح سارة]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 04:33]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإن هذا الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله وهو دين الإسلام يحتاج إلى رياضة وتدريب، وتحسين فلا يمكن أن يكون الناس فيه سواء، بل هم متفاوتون في مستوياتهم في الإيمان وفي مستوياتهم في الالتزام بالطاعة، ولذلك قال الله تعالى: {هم درجات عند الله}، فالناس متفاوتون في ذلك، وحسن إسلام المرء هو سر تكفير سيئاته كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن العبد إذا أسلم فحسن إسلامه محا الله عنه كل سيئة كان سلفها ثم كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنه.
وحسن الإسلام مطلب للجميع وينبغي أن يحرص عليه كل إنسان، وليس عيبا في الإنسان أن يكتشف خطأ وقع فيه لأنه غير معصوم، والخطأ من طبيعة البشر، كل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون، ولكن الخطأ الذي لا يغتفر هو أن يكتشف الإنسان خطأه فلا يغيره وهو قادر على تغييره، فهذا خطأ لا يغتفر ولذلك قال أبو الطيب المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
وتراجع الإنسان عن خطئه تكفير لذلك الخطأ كما قال العلامة محنض بابه رحمة الله عليه:
ليس من أخطأ الصواب بمخط إن يؤب لا ولا عليه ملامة
إنما المخطئ المسي من إذا ما ظهر الحق لج يحمي كلامه
حسنات الرجوع تذهب عنه سيئات الخطا وتنفي الملامة
ومن سنة الله سبحانه وتعالى التدرج في شؤون الحياة كلها، فالإنسان في بداية عمله وطاعته يجد كثيرا من الكسل وعدم إدراك الحكم، وكلما ازداد قربا من الله سبحانه وتعالى وازداد يقينا بالدين كلما ازدادت عبادته إشعاعا ونورا وكلما ازدادت تأثيرا حقيقيا حتى يحس فيها بلذتها ولذة المناجاة ولذة الإخلاص وهي لذات كثيرة جدا يحسها الإنسان من خلال العبادة، وأنتم تعرفون أن كثيرا من المستمعين في بداية التزامهم بالصلاة كانوا يحسون بتعب ونصب منها ومشقة فيها، وكانوا يتثاءبون في أثنائها، وربما يلتفتون أيضا يمينا وشمالا وهي سرقات واختلاسات يختلسها الشيطان من صلاتهم، وكلما ازداد الإنسان إحسانا للصلاة وتعلما لأحكامها ورياضة عليها كلما حسنت صلاته فاستقامت أركانه وحصل له الخشوع وازداد حضورا فيها وازداد تعقلا لمعانيها، فتصبح صلاته مشعة مضيئة، ويصبح نورها مستمرا بين يديه فللصلاة نور عظيم بين يدي المصلي لكن لا يستشعره إلا من كان من أهل الخشوع، وكذلك في الصيام وغيره من الطاعات كلما ازداد الإنسان في معرفة الأحكام وفي المهارة في تطبيقها وفي الازدياد منها وفي نية التقرب بها كلما ازدادت إشعاعا حتى تؤثر في نفسه تأثيرا بالغا، وهذا التأثير لا يقتضي أمنا لمكر الله، فالطاعة كلها عرضة للقبول والرد، ولكن يقتضي زيادة للخوف من الله سبحانه وتعالى، والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، وقلوبهم وجلة أي خائفة أن لا يتقبل الله منهم، والشيطان يسعى بالإنسان للوقوع في أخطاء كثيرة، فيحاول إفساد العبادة أولا بالخطإ الذي يبطل، فإذا عجز عن ذلك حاول إيقاعه في خطإ لا يبطل ولكنه ينقص الأجر ويشغل عن حكمة العبادة وما شرعت من أجله، فإذا عجز عن ذلك حاول إعجابه بنفسه وبعبادته حتى يأمن مكر الله وقد قال الله تعالى: {ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}، فإذا عجز عن ذلك حاول معه ازدراء عبادته واحتقارها لعله يتركها، أو لعلها لا تؤثر فيه بسبب احتقاره لها وازدرائه لها، وهذا يأس من رحمة الله وقد قال الله تعالى: {قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}، وقال: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}، وهنا نكتة وهي التفريق بين اليأس والاستيئاس، فيمكن أن يستيئس الإنسان معناه أن يخاف على نفسه من اليأس لطول انتظاره للإجابة مثلا أو للنصر، وهذا ليس عيبا ولا عارا لأنه يحصل من الأنبياء وممن دونهم وقد قال الله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين}،
(يُتْبَعُ)
(/)
أما اليأس من رحمة الله فهو من المستحيل على الأنبياء لعصمتهم، ولأنه من أعظم الذنوب واكبرها.
والصائمون يقعون في كثير من أنواع الأخطاء ومنها الأخطاء المفسدة للصيام، فبعضهم يسمع بعض الأحاديث فيحملها على محامل ليست على وجهها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يمنعنكم أذان بلال من طعامكم حتى يؤذن بن أم مكتوب، وفي رواية إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم، وكان رجلا ضريرا لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت، فكثير من الناس يسمع هذا الحديث فيظن أن أذان المؤذنين جميعا مثل أذان بلال فيستمر على طعامه وشرابه بعد أن يسمع الأذان، ويكون هو ليس من أهل معرفة الوقت، بل يكون في داخل غرفته ولم يخرج حتى ينظر إلى طلوع الفجر ولم يكن من أهل الاجتهاد في معرفة الوقت فيقع في خطإ مفسد للصيام حين أكل بعد سماع الأذان أو شرب، وكذلك نظير هذا أيضا استعجال الإنسان في حال الإفطار فإن بعض الناس عندما يرى سوادا في الأفق أو ظلاما يفطر مباشرة دون أن يتحرى غروب الشمس وتأكد الغروب، والإنسان الذي هو في داخل غرفة لا يستطيع التأكد من الغروب، والاعتماد على أصوات المؤذنين من الأمور التي فيها كثير من المجازفة، فكثير من المؤذنين أيضا إنما يعتمد بعضهم على بعض، فإذا سمع أذانا أو رأى مجرد الوقت الذي كان يؤذن فيه قبل أيام اعتمد على ذلك فأذن في نفس الوقت، وبعض الناس يكون أذانه من أول الشهر إلى آخره في نفس الوقت وهذا خطأ فالوقت يتجدد في كل يوم، إما أن يزيد وإما أن ينقص بحسب حال الزمان، وكذلك من الأخطاء التي يقع فيها الصائمون وهي مبطلة للصيام أيضا ما يحصل لدى كثير من الذين لا يخافون الله سبحانه وتعالى من تعريض أنفسهم للفتنة ومخالطتهم للشهوات بحيث لا يستطيعون إمساك أنفسهم عنها، فيقعون في الحرام، في انتهاك حرمة الشهر، فمخالطة الإنسان لأهله والرفث إليهم والتلذذ في حال الصيام كثيرا ما يوقع الإنسان في حال لا يستطيع معه الكف فيفسد صيامه، وشر ذلك وأعظمه هو ما كان نعوذ بالله في حرام في ما لو كان في غير الصيام كان حراما وهذا أعظم وأشد، وقد جلد علي رضي الله عنه شابا زنى وهو صائم في رمضان، فجلده عشرين سوطا زيادة على الحد، فالحد مائة جلدة فزاده عليها عشرين سوطا لانتهاكه لحرمة رمضان، وكذلك روي عنه أنه جيء بشارب قد شرب الخمر في نهار رمضان فجلده مائة سوط فقال: ثمانون حد شرب الخمر في غير رمضان وعشرون ردع له عن انتهاك حرمة الشهر.
فلذلك لا بد من الحذر والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى إبطال الصيام، ومثل ذلك ما يحصل أيضا من كثير من الناس من رفض نية الصوم، وكثير من الناس لا يفرقون بين نية الرفض ورفض النية، وبينهما فرق كبير، فرفض النية أن ينوي الإنسان أنه خارج من الصوم وأنه قد رفضه وهي مبطلة للصوم، أما نية الرفض فهي أن ينوي أنه سيرفض في المستقبل، فإذن رفض النية هي أن ينوي الآن أنه خرج من الصيام، أما نية الرفض فهي أن ينوي أنه سيخرج من الصيام، فنية الرفض لا تبطل ما لم يرفض، والرفض هو المبطل.
وكذلك من الأخطاء التي يقع فيها الصائمون وهي دون هذا مما ينقص الأجر تأخير بعضهم للفطر حتى تشتبك النجوم أو حتى يقع الإظلام وهو من البدع المضلة، وقد حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لن تزال أمتي بخير ما لم يعجلوا السحور ويؤخروا الفطر، وقد بين أن ذلك هو من مضاهاة اليهود، فاليهود هم الذين يؤخرون الإفطار حتى تشتبك النجوم، ويضاهيهم بعض الفرق المبتدعة من هذه الأمة، فبعض الروافض لا يفطرون حتى تشتبك النجوم، وهو مذهبهم، وكذلك من الأخطاء التي يقع فيها الصائمون أيضا عدم حفظ اللسان في الصوم فإن كثيرا من الناس يطلق الكلام على عواهنه في صيامه، فيتكلم بسخط الله وهو في عبادة ينبغي أن يحترمها، وأن يقدرها، ويظن أن صيامه ليس حاجزا يحول بينه وبين الوقوع في معصية اللسان، بل إن كثيرا من الناس تسوء أخلاقهم في الصيام، فعندما يحس بالحاجة إلى الطعام أو إلى الشراب أو إلى الشاي يتأثر خلقه فيسوء ويخاطب الناس بالكلام البذيء، وبالأخص في معاملته مع العمال والموظفين لديه، فيسوء خلقه معهم ومع أهل بيته، وهذا كله من الأخطاء التي يقع فيها الصائمون وهي تنقص الأجر وفيها ضرر عظيم، فالرجل يتكلم بالكلمة الواحدة من سخط الله لا يلقي لها
(يُتْبَعُ)
(/)
بالا يهوي بها سبعين خريفا في قعر جهنم نسال الله السلامة والعافية، وكذلك من الأخطاء التي يقع فيها الصائمون أنهم لا يحسون بروح العبادة فيسهر بعضهم الليل كله وينام النهار كله فيفوت الصلاة، وهذه معصية كبيرة، فالصلاة أعظم من الصيام، وعلى الإنسان أن يحافظ عليها فهي أول ما يبدأ به من عمله يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: حد ما بين العبد والشرك والكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر، وقال: إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، وتركها أنواع منوعة فمنه التكاسل عنها فكثير من الصائمين يتكاسلون عن الصلاة في المساجد في رمضان، وهذا خلل في صيامهم، وكذلك من الإسراف الإسراف في النوم، فينبغي أن لا يزيد الإنسان في نومه في أربع وعشرين ساعة على ثمان ساعات وهي الحد الأقصى، فإذا نام أكثر من ثمان ساعات فيصبح النوم مضرا بجسمه ومضرا بروحه وبعبادته، وإذا نام القدر الذي يكفيه فيستريح به جسمه وتهدأ به شطته فهذا القدر المطلوب من النوم وهو سبات للأجسام أي راحة لها، وكذلك إن من أخطاء الصائمين أن كثيرا من الناس يعتبرون يوم الصوم يوما طويلا ويوم نصب وتعب فيحاولون قتل الوقت ويقولون تعالوا بنا نقتل الوقت، فيشتغلون ببعض المحرمات من القمار واللعب الذي فيه قسم على الفجور والكذب أو فيه انشغال عن الصلاة ونحو ذلك، فيجعلون يومهم يوما للعب والنصب فيه، وكذلك بعضهم يشغل وقته جميعا بمتابعة القنوات وما فيها من المسلسلات والملاهي وفي ذلك خطر عظيم وضرر كبير بالصيام وخرق له، وكذلك من الأخطاء التي يقعون فيها أن كثيرا منهم يعطل عمله ويتركه بسبب الصيام، كأن الصيام مدعاة لتعطيل العمل والصيام معين على الاستمرار في العمل، وليس سببا لتركه بوجه من الوجوه، بل كل ما فيه تعطيل للعمل ينبغي أن يكون منافيا للحكمة في الأصل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت يغزو وهو صائم، وقد صام في كثير من الغزوات والمشاهد، وكذلك فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين الإكثار أيضا من الكلام، فمن السنة كف اللسان عن اللغو والكلام القبيح الذي لا نفع فيه، فإكثار الإنسان من الكلام وهو صائم فيه ضرر عليه ونقص لصومه، وكذلك من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أيضا ما يحصل من الإسراف في المآكل والمشارب في الليل، فمنذ الفطر وهو مقبل على الملذات والشهوات والتزود منها على فلسفة امرئ القيس:
تزود من الدنيا فإنك فاني
فيحاول أن يعوض ما نقص من مآكله ومشاربه وشهواته طيلة النهار بالإسراف في ذلك في الليل والسرف لا خير فيه، وقد قال الله تعالى: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، وقد قال العلامة محمد مولود بن أحمد فال رحمة الله عليه:
والسرف السرف إن السرفا عنه نهى الله تعالى وكفى
ولا يحب المسرفين كافي في كف كفك عن الإسراف
ومثل ذلك أن كثيرا من الناس يجعلون لرمضان أطعمة مخصوصة، ويجتهدون في أنواع الطعام وتلون المائدة، ولا يخلو ذلك من سرف وتبذير أبدا، والتبذير محرم أيضا كالسرف، فقد قال الله تعالى: {ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا} والفرق بين السرف والتبذير أن السرف هو الزيادة على الحد، أصل الفعل مباح ولكن الزيادة فيه هي المحرمة، أما التبذير فهو إنفاق المال في غير طائل وهو أصلا محرم من أصله، التبذير حرام كله والسرف أصل الفعل فيه جائز والزيادة عليه هي السرف المحرم، وكذلك الإسراف في التسوق وشراء كثير من الحاجات في رمضان، مما يجعل التكاليف تزداد والديون تزداد، وهذا مما هو مخالف لحكمة هذا الشهر الذي تتنزل فيه الرحمات وفيه الخير الكثير، وكذلك تقصير كثير من الناس في قيام الليل في رمضان، فرمضان فيه عبادة الصيام وفيه عبادة القيام، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أنه قال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، فهذه المغفرة نحن محتاجون إليها غاية الاحتياج، فلذلك لا بد أن يحرص كل إنسان منا في صومه على طلب هذه المغفرة، وهذا يقتضي حرصه على القيام ما استطاع والقيام أقله كما قال إبراهيم النخعي قدر ما تحلب فيه شاة، ولا حد لأكثره إلا
(يُتْبَعُ)
(/)
القدر الذي يكون سرفا بأن يمنع الإنسان من طعامه وشرابه في الليل، وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ليلة ثلث الليل، وفي الليلة الثانية قام فيهم ثلثيه، وفي الليلة الثالثة قال أبو ذر: قام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح يا أبا ذر، قال: السحور، ولكنه بين أن من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، فإذا شهد الإنسان الإقامة إقامة صلاة العشاء وصلى العشاء في جماعة وقام مع الإمام حتى ينصرف حتى يكمل صلاته، حتى لو لم يصل الإمام إلا إحدى عشرة ركعة أو نحو ذلك فإنه يحصل له قيام الليلة بكاملها، فلا يقصد بالقيام قيام الليلة من أولها إلى آخرها، بل المقصود قيام بعضها ويحصل بالصلاة مع الإمام حتى ينصرف، وهذا القيام من الفضل فيه أن يقرأ الإنسان القرآن كاملا أن يختم فيه بالصلاة، وإذا كان لا يحفظه فيجزئ من ذلك سماعه لأن سامع القراءة له نصف أجر القارئ، وإذا كان مصليا مع الإمام فيحصل له الأجر كاملا لأن الجماعة أجرها متحد، فالحرص على قيام الليل من المهمات وهو مدرسة يتعود عليها الإنسان وينبغي أن يتعود عليها، وكذلك من أخطاء الصائمين أن بعضهم يشهد الصلاة صلاة الفرائض في رمضان وقيام الليل ولكنه ينسى العبادة بعد رمضان، فإذا دخل شوال شن إبليس غارته لأنه كان ممنوعا من الاعتداء على الناس في رمضان، فقد كان المردة من الشياطين مأسورين مغلولين فإذا أطلقوا حاول إبليس الاقتصاص من الناس في شوال فيقل فيه الصوم وقيام الليل ويقل فيه ختم القرآن ويقل فيه كثير من الطاعات التي كانت في رمضان كالصدقة ونحوها، وهذا خطأ فقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، فالذين لا يعرفون الله إلا في رمضان لا خير فيهم، فرمضان مدرسة ليتعود الإنسان على التعرف إلى الله في الرخاء وفي وقته كله وليس وقتا مخصوصا للطاعة دون ما سواه، بل كل أوقات السنة هي أوقات لطاعة الله سبحانه وتعالى وعبادته، ورمضان موسم فيه زيادة الأجر وفيه تحريص على الطاعة، لكن المقصود بذلك أن تبقى مع الإنسان هذه الطاعة وأن يتعود عليها طيلة السنة، وكذلك من أخطاء الصائمين ما يحصل لكثير منهم في رمضان من عدم احترام أوقات الآخرين، فيزورون الناس زيارات مفاجئة من غير ترتيب ويفسدون أوقاتهم، ونجد كثيرا من الناس يزور المكاتب يخرج من مكتب إلى مكتب ويتجول فيها فيفسد وقت بعض إخوانه ويقطع عليهم برامجهم وما كانوا فيه من قراءة القرآن مع أن اللازم أن يترك الإنسان وقتا من وقته في رمضان لمصحفه وقراءته للقرآن وإذا استطاع أن يعتكف وبالأخص في العشر الأواخر فذلك أفضل وأفضل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، أما إفساد الوقت في غير طائل فلا خير فيه أبدا، ومن المؤسف أن يكمل رمضان ولم يختم الإنسان القرآن، فهذا الشهر هو الذي أنزل فيه القرآن وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه في كل ليلة مع جبريل، وفي رمضان الذي توفاه الله فيه كان يراجعه مرتين، وهذا يقتضي منا الحرص على الإكثار من ختم القرآن ومراجعته في رمضان وزيادة المحفوظ منه، إذا كان الإنسان لا يحفظه كاملا، وكذلك من أخطاء الصائمات بالخصوص أن كثيرا منهن ينشغلن بإعداد الطعام ويمكثن جل الوقت في المطبخ فلا يكون لهن مشاركة في تلاوة القرآن والختم، ومن المهمات أن تسمع المرأة القرآن كاملا أو أن تقرأه ما استطاعت حتى لو كانت هي تخدم أهل بيتها فينبغي أن تأخذ شريطا في مطبخها وفي وقت عملها فتسمع القرآن وتقرؤه مع الشريط، على الأقل تكون بذلك مشاركة في ختم القرآن وفي مراجعته وتحس بأن هذا الشهر شهر القرآن.
وكذلك من أخطاء الصائمات تفريطهن في حقوق الأولاد في الصيام، وظن كثير منهن أن الصوم موجب للفطر في حق الحامل أو المرضع، فكلا الجانبين محرم، فإهمال حق الصبي حرام، فله حق على أمه، ويجب عليها القيام بمصالحه، لكن مع ذلك ليس الإرضاع بذاته أو الحمل سببا موجبا للفطر، بل إذا كانت المرأة لا تشكو ألما ولا مرضا فيجب عليها الصيام في الأصل حتى تشكو ألما أو مرضا أو يشكوه ولدها وكثير من النساء إذا كانت في الحمل لا تصوم مطلقا وكذلك إذا كانت في مدة الإرضاع وهذا خطأ من أخطاء الصائمين وخلل لا بد من معالجته، ولا بد من الرجوع في تحديد ذلك إلى الأطباء، فالمرأة إذا كانت تشكو ألما لا
(يُتْبَعُ)
(/)
تستبيح الفطر حتى تسأل الأطباء هل هذا الألم ناشئ عن الصوم مثلا أو نحو ذلك، وكذلك فإن كثيرا من الناس يستبيحون الفطر لأتفه الأسباب، فإذا كان الإنسان قد لسعته حية في ماضي حياته عند بعض المناطق يستبيح الفطر بقية حياته وهذا خلل وخطأ، وكذلك إذا كان يجد ألما في المعدة أو حموضة يترك الصوم من أجلها وهذا غير صحيح، هذا التصرف غير صحيح، وكذلك إذا كان يحس ببعض مرض القلب، بالشيء اليسير من ذلك، أو بارتفاع في السكر أو نحوه كثيرا ما يترك الصوم، مع أن المستوى الذي يقتضي ترك الصوم من ذلك هو المستوى المتقدم، والأطباء هم الذين يحددون ذلك وليس للإنسان أن يحدده لنفسه، وكذلك ما يحصل أيضا من الخطإ في استعمال الإنسان للأدوية في حال صيامه، فمن الأدوية ما هو مفطر للإنسان فينبغي أن يستعمله في الليل ولا يجوز له استعماله في النهار في حال صومه إلا إذا كان مضطرا إليه وحينئذ يقطع صيامه ويفطر إذا اضطر لاستعماله، واستعمال الأدوية ينبغي أن يكون باستشارة الطبيب، والمخالفة في ذلك هي ضرر وخطر على البدن، وهي كذلك تكون نقصا في صيامه لأن الإنسان لا بد أن يكون منضبطا بأحكام الشرع ولا يحل له الإفطار إلا بعد استشارة الطبيب أو معرفة القدر الذي يوجب الصيام من المرض، ومن أخطاء الصائمين كذلك في هذا الشهر ما يتعلق بإتيان الإنسان إلى السوق من غير حاجة للشراء، فهو يريد قتل الوقت وإزالة الانشغال عن نفسه فينشغل عن الصوم بمتابعة البيع والشراء، أو بمتابعة لعب الكرة أو بغير ذلك وكل هذا إضاعة للأوقات وهو لا ينبغي فإذا وجد الإنسان فسحة من الوقت فعليه أن يذهب إلى المسجد فأحب البقاع إلى الله مساجدها وأبغض البقاع إلى الله أسواقها، والمسجد مشرع الأبواب، فهذا الشهر كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر به أصحابه كما في سنن النسائي ويقول: قد أطلكم شهر كريم، وفي رواية أظلكم شهر كريم تفتح فيه أبواب الجنة وتوصد فيه أبواب النار وتصفد فيه مردة الشياطين وفي رواية قد أظلكم شهر كريم تفتح فيه أبواب السماء وتوصد فيه أبواب النار وتصفد فيه مردة الشياطين والمقصود بأبواب السماء استجابة الدعاء.
فلذلك لا بد من انتهاز هذه الفرص وأن يجعل الإنسان وقتا من وقته للمسجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا من الأمور الجيدة وبالأخص متابعة الدروس في هذا الشهر فهو مدرسة لا بد من استغلالها نسأل الله أن يوفقنا لكل خير.
ـ[رأفت المعيقلي]ــــــــ[04 - Sep-2008, صباحاً 01:58]ـ
السلام عليكم ياروح سارة وشكراً على الموضوع المفيد؛؛؛.
ـ[روح سارة]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 01:34]ـ
وعليكم السلام وفيكم بارك الله
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 02:47]ـ
جزى الله خيرا الشيخ العلامة ومن نقل عنه
بالنسبة للخطأالاول ارى انه فيه تضييق وربما احدث بلبلة لمثلى من العوام لاننا نفطر بمجرد سماع المؤذن والمؤذن يؤذن حين سماع الاذاعة ففى كل مسجد (فى مصر بلدى) هناك مذياع ضمن عهدة المؤذن يعرف به اوقات الصلاة ولايؤذن الا بسماعه
فلندع الناس يكتفون بسماع المؤذن للصوم والافطار لان مافهمته الا يعتمد الصائم الا على رؤياه للافق بنفسه وهذا لايتيسر لكل احد وربما اكون قد اخطأت فى الفهم
بارك الله فيكم وتقبل منا ومنكم(/)
اسلامنا ليس كهنوتيا يامرتزقه ....
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[03 - Sep-2008, مساء 05:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد؛ اهنئكم مع المسلمين بهلال رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
فرصة
ليست بدعة بين الفرص
فالحياة كلها فرصة وليست صدفة
خلقنا الله والجن لنعبده في الارض ونقيم فيها حكمه وترفرف راية الحق والعدل فتشرق الارض بنور ربها
وخلق معنا كل شيئ يسبح بحمده
فالحجر يسبح مع النملة والفيل وفرس البحر وحوت المحيط وفيروس الانفلونزا
هذه هي مهمة كل منهم يؤديها كما اخبرنا الله سبحانه
والانسان يصوم وقد يفطر ويقوم وقد يفتر ويقف على الثغور وقد يفر
مهماتنا غيبناها في الارض رغم ان الاقل منا شأنا بغياب الدماغ وعقله لا يكل ولا يمل عن اداء مهمته
بل لعل منا من يتعذر باداء مهمته عندما يعصي ربه
الا ان لله حقا كما للناس وكما لانفسنا
حق علينا ان نقيم حكمه في الارض فان لم نفعل لا ينفعنا الصرف ولا العدل لان هذا الواجب هو العبادة وليس الاعتكاف خلف جدران الحجر والمساجد وترك الارض تمور وتجور وتخور وتكفر
فالصلاة والصوم والصدقات عبادات رغم اهميتها وكونها اعمدة في الحياة وبعد الممات
حق علينا ان لا نكتف ايدينا بالتقصير وننعم اجسادنا في القصور وقد عاث اهل الفساد في ارض الله التي اوكل الينا عمارتها بتوحيده خالقا والها حاكما مطلقا
حق علينا ان لا نترك اهل (السر) واعوانهم في ارض الله ينكرون حقه ويفسدون خلقه
حق علينا ان نتعلم القرآن لان قراءته مجردة تفرغه مما نزل لاجله دستورا واحدا ثابتا كاملا تاما بامر الله وارادته
حق علينا ان لا نترك عبيد المال والجاه الدنيوي يفسدون كلام ربنا ورسوله صلى الله عليه وسلم بتحريفه وتجريفه وهدمه باسم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
حق علينا ان نفطر من الصوم مع المعدمين ونصوم من الفطر مع الجوعى ونصلي في المساجد والبيوت وعلى الحدود وفوق صهوات الخيل وفي مواقع العز والمنعة بامر الله لا بامر الطاغوت
حق علينا ان لا يبقى فينا ولا ندعي منا من يتنكبون لاسلامنا مدرسين واباء وامهات واطباء ومهندسين وواعظين ووزراء وحكاما ومشرعين من دون الله نختارهم بانفسنا ونرفعهم ليشركوا بالله انفسهم
فهل صمنا بواجباتنا التي هي حقوق الله بامره يوم ان خلق الانس والجن ليعبدوه؟ ام ان جوعة البطن تغنينا يوم لا ينفع المال والوالد والولد؟
هاتف باق ما دام الله قد تعهد بحفظه ينادينا ليل نهار
وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون
مرحبا بشهر الخير
ويا رب الشهر والسنة والخير ندعوك ان تهدينا الى ما يرضيك عنا فلا نترك واجبا ولا نتغاضى عن مهمة اوكلتها الينا لترحمنا بادائها في فرصة حياتنا ويوم نلقاك
اللهم اجعل رمضان دائما كما كان شهر النصر في المعارك والثبات على شديد المدارك
اللهم ابسط علينا في اول رمضان رحمتك (لله ارحم بعبده من الوالدة بولدها) واجمل علينا في اوسطه مغفرتك وروضوانك واكمل لنا في آخره العتق من النار بفضل انت اهله لا اله الا انت ولا معبود بحق سواك
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك
اللهم آمين
كل عام ونحن في كنف الله لا نحيد ولا نزيد ولا نتنكب ولا يعيش بيننا من يفعلون
كل عام وانتم من الله بطاعته قريب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
--
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
منقول للكاتب المعاصر/خطام المجد(/)
حكم شروط الزواج في عقد النكاح
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 11:11]ـ
حكم شروط الزواج في عقد النكاح
بسم الله الرحمن الرحيم.
منذ حوالي سنتين تقريبا أخبرني أحد الإخوة عن أخت تزوجت برجل من خارج مدينتها واشترطت عليه شروط خرجت بها عن المألوف والمعروف فعجبت لهذه الشروط وهذا الشطط.
والأدهى والامر أن هذه الأخت من طلبة العلم وتعسفت وشرطت شروط صعبة مثلا ألا يتزوج عليها ولايخرجها من مدينتها وغيرها من الشروط الله عليم بها وهذا الأخير قبل بالشروط.
فقلت هل الامر توقف عند هذين الزوجين فقط ام تعد الأمر فوجدته أن كثير من المتزوجين يعانون من هذه الشروط التي وقفت حائلا بين المسير ..
فصرت أبحث عمن كتب في هذا الموضوع فلم أجد أحدا من الكاتبين من قتل هذه المسألة بحثا سوى بحث أصدرته مجلة [البحوث الفقهية المعاصرة] عنوانه [حكم ماإذا اشترطت الزوجة على زوجها ألا يسكنها مع والديه].
البحث لم يكن محصورا فقط حول مسألة ألا يسكنها مع والده بل ألق الضوء على الشروط في عقد النكاح التي تكون من الزوجة وأهلها وتكون من الزوج أيضا.
قدم الباحث مقدمة جيدة بين فيها مالشروط عقد النكاح من سلبيات تعود إلى الطرفين حين يطرأطارىء يحول بين الشرط وبين الوفاء به وذلك حال التعاضه مع مجريات الزمان والحال فيكون صعب الوفاء به ويكون في حال ميسور الوفاء به وهذا في النادر والغالب جدا.
_مثلا تشترط الزوجة على الزوج ألا يسافر بها من موطنها فتلجئه أحواله الحياته وظروف سيره فينتقل من مكان إلى أخر فلا يفي بشرطه.
مثال أخر تشترط عليه سكنا خاص بها فتتغير أحواله وضروف معيشته فيضطر إلى حل أخر ربما لأيرضى الزوجة فيكون عدم الوفاء بالشرط سبيل سلما للقطيعة و الإنفصال بعدما كان الشرط هو الرابط بين الطرفين.
قال الباحث [لعل الزواج أقوم وأبقى إذا خلا من الشروط لأن مايسهل على النفس سوف تقبله ومالا فلا يدوم أما إذا وقع الشرط فقد أصبحى الوفاء به لازما مادام أنه لايحل حراما ولايحرم حلالا].
وللأئمة إزاء عقود النكاح أراء.
1:الإمام مالك يكرهها وقال [أشرت على قاض من عبدان أن ينهى الناس أن يتزوجوا على الشروط وفي المذهب من أجاز الشروط المطلقة عملا بقوله _صلى الله عليه وسلم_ أحق الشروط أن توفوا بها مااستحللتم بها الفروج ..
لكن المعروفر في المذهب أنها لاتلزم وإنما يستحب الوفاء بها] مقدمات ابن رشد مع المدونة [2/ 51_59_60].
وفي المذهب الشافعي يبطل الشرط إذا خالف مقتضى العقد ولا يبطل العقد كما لو اشتررط ألا ينقلها من بلدها وألا يتزوج علها. أنظر المجموع شرح المهذب للنووي [16/ 65].
أما في المذهب الحنبلي: أن الشروط في الزواج على ثلاثة أقسام.
الأول: ماكان لمصلحة الزوجة كما لو اشترط لها ألايخرجها من بلدها أو لايتزوج عليها فهذا مما يلزمه الوفاء به.
الثاني: الشروط المنافية لمقتضى العقد كما لو اشترط لايعطيها مهرا ولا ينفق عليها فهذه الشروط غير صحيحة لمنافاتها مقتضى العقد فيبطل ويصح العقد.
الثالث: الشروط الباطلة في ذاتهامثل توقيت الزواج كحال زواج المتعة. المغني مع الشرح الكبير [8/ 448_451].
فمما سبق يتبين ان الفقهاء علي فريقين.
الاول: ببطلان شروط الزوجة ذات الفائدة لها مثل شرطها عدم الزواج عليها ومن هؤلا ء الأئمة مالك و الشافعي واستدلوا على ذلك بقوله _صلى الله عليه وسلم _[كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن مائة شرط].
وقوله [المسلمون على شروطهمإلاشرطا حرم حلالا أو حل حراما].
الفريق الثاني:جواز الشروط.
ووجه استدلال الفريق الأول منم النصوص أن الزوجة إذا اشترطة شرط ألا يتزوج عليها فقد حرمت حق الزوج وهو أن له الحق في التعداد وبمجرد اشتراطها هذا الشرط في حق الزوج لزمه الوفاء به.
فنقول بناء على النصوص التي تقدم سردها أن شرطها _ أي البنت _ باطل و العقد صحيح لعدم وجود المانع منه و عليها في مقابل ذلك أن تتقي الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
كتبه
فيصل بن المبارك أبو حزم السلماني(/)
حكم خروج المرأة في التلفاز للشيخ الدكتور محمد بن حسين الجيزاني _وفقه الله_
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 11:17]ـ
قال الدكتور محمد بن حسين الجيزاني - حفظه الله - في كتابه (حقيقة الضرورة الشرعية وتطبيقاتها المعاصرة) (ص 99):
6 - إظهار وجه المرأة في الصحف والمجلات أو على شاشات التلفاز؛ بناءً على أن ذلك من متطلبات التأثير الإعلامي، وأنه قد بات ضرورة حضارية.
وهذا مخالف لمبادئ الشريعة ومسلماتها التي تنهى المكلف وتنأى به عن أسباب الفتنة ودواعيها، فمن ذلك أنه الله - عز وجل - نهى المرأة عن إسماع الرجال صوت خلخالها؛ لما في ذلك من الفتنة. قال تعالى: " ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " ولا شك أن نظر الرجال إلى وجه المرأة أشد فتنة واعظم إثارة وتحريكاً للشهوة من سماع صوت خلخالها، كيف وصورة المرأة في الصحف والمجلات وشاشات التلفاز تتكرر رؤيتها ويدام النظر إليها بإمعان.
وإن تعجب فاعجب ممن ظن أن خروج المرأة على شاشات التلفاز سائغٌ شرعاً طالما أنها التزمت بتغطية كامل بدنها، وإن ظهر منها الوجه واليدان؛ فظن بعضهم ارتباط قضية إظهار وجه المرأة على شاشات التلفاز بمسألة اجتهادية، ألا وهي حكم كشف الوجه واليدين:
فمن قال بوجوب تغطية الوجه واليدين منع من خروجها على شاشات التلفاز، ومن أباح كشف المرأة وجهه ويديها قال بجواز خروجها على شاشات التلفاز.
وهذا ظن فاسد، ينبئ عن جهل صاحبه بمقاصد الشريعة الإسلامية وحكمة التشريع الرباني، أو عدم اكتراثه بها.
ذلك أن خروج المرأة على شاشات التلفاز مع إظهارها للوجه واليدين يتنافى مع مقصود الشارع من الحجاب المأمور به؛ أكان هذا المأمور به هو تغطية كامل البدن مع الوجه واليدين أو كامل البدن ما عدا الوجه واليدين.
ذلك أن فرض الحجاب - على كلا القولين - مقتضاه بحسب مقصود الشارع أن تكون المرأة بمنأى عن أعين الرجال، كما قالت فاطمة - رضي الله عنها -: (خير للنساء ألا يرين الرجال ولا يرونهن) وذلك بأن تتحرز المرأة عن الخروج من بيتها ما أمكنها ذلك، فإن دعت حاجة إلى خروجها كان عليها الابتعاد عن مواطن الفتنة ومرامي الأنظار، ثم إن رآها أحد كانت متبذلةً، مستخفيةً، متواريةً عن أعين الرجال.
كيف وهي تذهب بطوعها إلى محطات البث وتجلس باختيارها أما الكاميرات - أو الأعين - الواسعة وتحت الأضواء الساطعة، وهذا المقام - كما هو معلوم - يتطلب منها إبداء قدر من زينتها وتحسين مظهرها، مع التميز باللباقة وحسن الإلقاء، والقدرة على الحوار، والتعامل اللطيف مع الآخرين.
فأين الحشمةُ والحياء؟ وما فائدة الحجاب؟!
إن هذا - بلا شك أو ريب - يتنافى مع مقصود الشارع في فرض الحجاب على النساء؛ سواء قلنا إن الحجاب الشرعي يكون بتغطية الوجه أو من غير تغطيته.
فيا غربة الإسلام وأهل الإيمان في هذا الزمان، والله وحده المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ[أبوحاتم الألوكى]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 11:06]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 03:01]ـ
ليس تعقيبا على كلام شيخنا الكريم فمثلى ليس اهلا لذلك
ولكن من باب المدارسة
من يقول بجواز اظهار المرأة لوجهها وكفيها لايجد حرجا فى ذلك فهى تخرج بهذه الهيئة وتتعامل مع البائع والمشترى وغيرهم ممن يتعاملون معها فمن يراها فى التلفاز لايسبب لها حرج فهى (كما تعتقد) لم ترتكب مخالفة شرعية فقد اخذت بقول فقهى له اعتباره فى الفقه الاسلامى لاينكر وجوده حتى اشد المتحمسين لستر الوجه
اما صوتها فمعلوم ان صوت المرأة ليس عورة الا اذا صاحبه خضوع فى القول ولين وتكسر وضحكات ماجنة
اما مجرد الحديث ولو مع الرجال فمن حرم هذا؟ والآثار كثيرة فى حديث امهات المؤمنين والصحابيات مع الصحابة رضى الله عنهم اجمعين
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 01:47]ـ
وقفة: رأي الشيخ محمد الجيزاني - وفقه الله - في خروج المرأة في التلفاز. ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10395&highlight=%C7%E1%D4%ED%CE+%C7% E1%CC%ED%D2%C7%E4%ED)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 03:01]ـ
الأخ أبو معاذ حفظه الله
القول الفقهي المذكور ليس مطلقاً و إنما عند الضرورة و الحاجة، و الشيخ الجيزاني يقول لا توجد هنا ضرورة و لا حاجة
أما الذي يجيز السفور و هو الكشف المطلق فهذا القول غير معتبر، فالخلاف في مطلق الكشف لا في الكشف المطلق
و كم في هذا العصر من محرمات يتعلل فيها بوجود الخلاف و هو ليس كذلك
ثم إن خروج الرجل أصلاً محرم لأنه تصوير! و أيضاً الخلاف المعتبر فيه هو في الضرورة و الحاجة
أما إستباحة التصوير مطلقاً بتأويلات الجبرية لنحو 75 نص فهو غير معتبر أيضاً
و ليت العلماء و طلاب العلم يفتحون قنوات صوتية، و ينصحون بترك المرئية كلها لانسد باب شر كبير
و الذي تأول في خروج الرجل في التلفاز، سيفتح الباب لمن يقول بخروج المرأة شعر أو لم يشعر لأنه فتح باب التأويل
نسأل الله أن يردنا للأمر الأول
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو يحيى جعفر]ــــــــ[01 - Mar-2009, مساء 09:49]ـ
الكلام عند الشيخ محصور في مسألة ظهور المرأة في التلفاز -في التلفاز في التلفاز- و هذا غير جائز أما كشف الوجه او ستره فالحديث حوله محله خارج التلفاز فاتركونا بارك الله فيكم من العنديات فكلنا عنده: عندي. و الله المستعان.
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[01 - Mar-2009, مساء 11:10]ـ
هل تريدون أن نفتح موضوعا لمناقشة كلام الشيخ؟
أنتظر التصويت منكم(/)
السجينة (فيما يخص العوانس)
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 11:23]ـ
السجينة .. !!
للشيخ الفاضل
سالم العجمي
حفظه الله تعالى
الحمد لله الذي قضى على كل مخلوق بالفناء، وتفرد بالعز والبقاء، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه هداة الأنام ومصابيح الدجى.
أما بعد ..
فإن الواجب على المسلم إذ أنعم الله عليه بنعمة الذرية أن يشكر لله تعالى نعمته، ويعلم أن هؤلاء الأبناء إنما هم أمانة في يده، إن أحسن إليهم أجر وغنم، وإن ضيعهم أثم وغرم.
وإننا في هذه الكلمات نريد أن نتكلم عن صورة من صور ضياع الأمانة، يمثلها بعض الآباء الذين دهمتهم الغفلة، وحلت في قلوبهم القسوة، ولم يزدادوا مع مرور الأيام إلا غيا، ولم يحصدوا مع مضي الأوقات إلا ظلما وبغيا.
تمر بهم العبر فلا يعتبرون، وتطرق آذانهم المواعظ فلا يتعظون، صم بكم عمي فهم لا يعقلون.
إنها لمصيبة عظمى حين يتحول قلب الأب العطوف إلى صخر جلمدي، لا يفكر إلا بجني الأموال، أو مراعاة الأعراف السائدة في مجتمعه أو قبيلته، ولو كان على حساب ضياع بنياته الضعيفات.
إننا نريد أن نتكلم عن قضية يندى لها الجبين، وتتفطر لها القلوب، وتتصدع لهولها الجبال الراسيات، حول بنيات مضت حياتهن، وتقدم بهن العمر، ولم يزلن بغير زواج، فأصبحن كالأشجار المنحنية التي هاجمتها رياح الخريف؛ فتساقطت أوراقها ويبست أغصانها، وكالأزهار الذابلة التي ذهب شذى عطرها، وبعضها الآخر الذي شارف على حافات الذبول.
فأصبحن حبيسات البيوت، واحتواهن ذلك العالم الحزين الذي اكتظ بزحام الهموم، وضاق بصيحات الأنين.
فقد كن زينة للبيوت وحصناً للفضيلة، فنُسين في زحمة الحياة، فبقين قابعات في البيوت، محاصرات بالهموم ينتظرن الأمل الذي يبدد ظلام الوحدة ووحشة الحياة، فمن قائلة: "أصبحت كلمةُ عانس بمثابة الخنجر الذي يصيب صميم فؤادي .. " ومن قائلة: "أتوق إلى بيت وأسرة مثل باقي البنات .. أصبحت مثل الرجال في تحمل كل شيء ولكن قلبي قلبُ طفل .. طالما بكيت بيني وبين نفسي حتى لا يراني أحد .. ".
وأخرى يعبر عنها قول القائل:
فعبرت سور الأربعين ولم تزل بي للطفولة عودة وصهيل
لقد كثرت الشكوى من كثير من الفتيات، اللاتي يحتجن إلى الأمل كما يحتاج الضرير إلى ذبالة نور، تشتكي الواحدة منهن والدها الذي تسبب في جلوسها (عانساً) حبيسة الجدران، من غير زوج يؤنس وحشتها، ويعينها على صعوبة الحياة وقسوتها، وطفل تحتضنه وتلاعبه يكون سبباً في سعادتها.
إن من المسلّم بداهة أن الوالد لا يهنأ له بال حتى يري أبناءه في غاية السعادة، وإن مما يصعب تصوره أن يكون الوالد سبباً في شقاء أبنائه وتعاستهم، ولكن هذا يحدث عندما يتبخر حنان الأبوة من ذلك القلب، وتحل القسوة بدلاً عنه، أو حين يفقد الإحساس ويخيّم الجهل على حياته، وتضرب الغشاوة على عينيه فلا يعود يميز شيئاً، وحينئذ فإن كل ما يحدث إنما هو نتيجة طبيعية وردة فعل متوقعة، وعلى اختلاف النتائج والآثار فإن مؤداها واحد في الأصل وسببها يدور حول شيء واحد هو: قسوة الآباء وبعدهم عن مراقبة الله جل وعلا وخوفِ عقابه.
واستمع بنفسك لما تقول صاحبة المأساة حتى تتصور عظم المصيبة وإلى أي مدى وصلت ..
فتاة تصرخ: "والدنا حكم علينا بالعنوسة والتعاسة" ..
وتروي قصتها فتقول: "نحن أربع بنات مستوى عائلتنا متوسط ومستورون ومشكلتنا ومع الأسف الشديد في والدنا فهو من النوع الذي يعشق المظاهر، وحكمه على البشر يرتكز في الأساس على الناحية المادية البحتة، فالرجل في نظره هو صاحب الجيوب المليئة بالنقود، وليس من يتمتع بأخلاق كريمة عالية من شرف، وشهامة، وثقافة، ورجولة .. ، وهذه هي الطامة الكبرى التي حطمت حياتي أنا وأخواتي.
(يُتْبَعُ)
(/)
كنا نحن البنات الأربع قمة في الهدوء والنظام والاجتهاد في المدرسة، كانت أمي حريصة كل الحرص على معرفة صديقاتنا والتقرب منهن خوفاً علينا وعلى سلوكيّاتنا وأنهيت أنا وأخواتي دراستنا الجامعية ووفقنا الله في أن نتولى وظائف محترمة في سلك التدريس، وبدأت المشاكل عندما تقدم لخطبتي أخٌ لإحدى صديقاتي وكان شاباً يتمتع بأخلاق عالية، وقد تقدم لخطبتي سبع مرات وفي كل مرة كان والدي يرفض زواجي منه لأنه من عائلة عادية ولا يملك أموالاً وشركات وأملاكاً، وحاولت والدتي مساعدتي وإقناع والدي ولكنها لم تفلح وأصر هو على رفضه، وذهب هذا الشاب وتزوج من أخرى، بعدها تقدم شاب آخر يعمل في سلك التدريس ومن أسرة طيبة وكريمة لكن ليس له مورد مادي سوى الراتب، وهو يملك السمعة الطيبة والأخلاق الكريمة والسيرة الحميدة، وأيضاً رفضه والدي لأنه فقير ولا يملك المال والجاه وبالأصح لأنه ليس بصاحب مظهر كذاب ـ مدعياً والدي بأن هذا الرجل لن يسعدني وليس بمقدوره ضمان حياة عالية المستوى، وأيضاً ذهب هذا الشاب وتزوج بأخرى .. وفي كل مرة يتقدم لخطبتي شخص يرده والدي لأنه ليس بغني ولا يملك الثروة والجاه، مع العلم أن حالتنا متوسطة ولسنا أغنياء، وكل شخص يتقدم لخطبتي يحكم عليه من المرة الأولى بالفقر وأنه لن يسعدني، وأيضاً قاسى أخواتي الثلاثة نفس المعاناة وشربن من نفس الكأس التي شربت منها، والحقيقة أننا لم نستطع الوقوف والصمود أمام تحكم والدنا وصرنا نعاني من الألم والحزن بعدما أصبحنا (عوانس) نتحسر على الأزواج والأطفال والحياة الأسرية.
فأصبح عمري تسعة وثلاثين، وأختي في الثامنة والثلاثين، والتي تليها في السادسة والثلاثين، والصغرى بلغت الخامسة والثلاثين.
نعم .. أصبحنا (عوانس) أمام الجميع وأمام أنفسنا، تقدم بنا العمر، وفاتنا قطار الزواج، وجاوزنا العمر المناسب للزواج وها نحن نعيش مع والدنا وأمامه بكل حزن وألم ولوعة، نعيش الحرمان والأسى وكل واحدة منا تبكي حظها العاثر، فكل صديقاتنا يعشن حياة زوجية في ظل أسرة سعيدةٍِ أبناء .. وبنات .. وزوج .. ، أما نحن فنعيش الألم والعنوسة، والجميع يقول عنا (عوانس) لا أزواج ولا أبناء لأن والدنا حكم علينا هذا الحكم القاسي، فلا زواج إلا من رجل غني يملك فيلا وشركات .. و .. و .. و ..
هل تصدقون إذا قلت لكم إنه تمر علينا ليالٍ طويلة وأنا وأخواتي نتحسر على أنفسنا ومشاعرنا وقلوبنا، ونتمنى أن أطفالنا بين أيدينا، نرضعهم، ونربيهم، ونحضنهم بحبنا وعطفنا.
مشكلتنا هذه جعلتنا نفتقر لعامل الاستقرار وأصبحنا ندلل على أنفسنا بين الخاطبات لعلهن يجدن لنا من تتوفر فيه الشروط التي يريدها والدي وأيضاً كل هذه المحاولات باءت بالفشل وأصبحت الحياة لا لذة لها ولا قيمة وساعتنا كلها سوداء خالية من البهجة والأمل والفرح.
يكفي أن أقول لكم أننا فعلاً محرومات من عاطفة الأمومة ومحرومات من دفء كنف الأزواج، ونهايتنا ستكون التشتت والضياع، ووالدي لا يزال مصرا ًعلى آرائه وأفكاره وتحكمه فهو لا يدرك نهايتنا ومصيرنا في المستقبل.
فأخبرونا ماذا نفعل بالله عليكم؟ .. ".
فهذه مأساة واحدة من بين مئات المآسي، وتصوير دقيق لمعاناة بعض الفتيات، أرسى دعائمها بعض الآباء.!
بل والمصيبة العظمى أن بعض الآباء قد دفع بابنته ـ من حيث لا يشعر ـ نحو الخطأ؛ بسبب رفضه الدائم لتزويجها، وتلبية نداء الفطرة الذي يتحرك في داخلها ويصرخ في أعماقها.
قالت إحدى الفتيات:
"كنا مجموعة من الفتيات على استقامة وخلق، وبسبب رفض آبائنا المستمر لمن يتقدم لطلب الزواج منا ـ بحجج واهية ـ فقد انحرف جميع صديقاتي وأصبحن من أهل الهواتف والمواعيد؛ لأن آباءهن رفضوا تحصينهن بالزواج الشرعي، وكم من واحدة منهن تقول لي ماذا تنتظرين؟ وتجدد لي الدعوة بين حين وآخر، وأنا لم أزل أقاوم، ويعلم الله كم أعاني في سبيل القبض على ديني، ولكني أخشى ألاّ يدوم هذا طويلاً، وأنجرف كما انجرف صاحباتي اللاتي كلما عاتبت واحدة منهن على انحرافها تقول: والدي هو السبب .. ! ".
وأخرى فاتها قطار الزواج، وأصبحت في عداد العوانس، تقول في قصتها:
(يُتْبَعُ)
(/)
إنني أعاني أشد المعاناة، وأعيش أقسى أيام حياتي، ذبحني والدي بغير سكين، ذبحني يوم حرمني من الأمان والاستقرار والزواج والبيت الهادئ بسبب دريهمات يتقاضاها من مرتبي آخر الشهر، يقتطعها من جهدي وتعبي وكدي.
أخذ الشيطان بيدي إلى الرذيلة، وساقني إلى الشر، فأخذت أعاكس، وأتكلم مع الشباب والرجال في الهاتف، حتى أصبحت سمعتي في الحضيض؛ بسبب رفض أبي لزواجي.
لا تستغرب!!! فإن مثل هذه الواقعة كثير، وهو منظر يتكرر كل يوم، ولا شك أن من أعظم ما جرّ النساء إلى الفواحش والزنا ومنكرات الأخلاق هو جلوسهن من غير زواج، ولو تزوجن لأحصن أنفسهن وأزواجهن ولاستعففن في بيوتهن وإن في ذلك لعبرة لمن أراد الحفاظ على عرضه وصون محارمه، لأن حالة الضعف طارئة على الإنسان ولربما في حالة ضعف يحدث من هذه المرأة ما لا يتوقع حدوثه، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" (1).
ولقد تنوعت الدوافع والأسباب لدى هؤلاء الآباء في تحجيرهم على بناتهم، وإرغامهن على الجلوس دون زواج، فبعضهم يدفعه لذلك الطمع براتب ابنته الموظفة، فلا يريد أن يزوجها مخافة أن يفلس مما تدرّه عليه من مبالغ طائلة نهاية كل شهر، وكأنه بذلك يريد أن يأخذ أجر أبوته وتربيته لها، فيا للأسف ويا لموت المروءة والشيم عند بعض الناس.
فترى السنين تمر بها، والأعوام تنطوي، وكلما تقدم لها رجل، قال: إنها لا تريد الزواج، وراح يعلل بأعذار واهية، وتلفيقات كاذبة؛ حتى يصرف الخطاب عنها.
أحدهم لما عوتب على عدم تزويج ابنته الموظفة، قال: أزوّج فلانة؟! تريدون أن أموت من الجوع؟!
بعضهم ينفر الخطاب عنها لأنه يريد أن يبيعها بمبلغ خيالي يسميه مخادعة بالمهر.
ومن الطوام العظيمة، تمسك بعض الناس بالعادات القبلية البائدة، والأعراف الظالمة، التي لا يقرها الشرع، ولا يقبلها العقل، وذلك أن بعض الناس لا يزوج ابنته إلا برجل من قبيلته، وتعظم المصيبة إذا كان هذا الرجل من رؤوس القبيلة، فإنه لا يخرجها إلا لخواص بني عمومته، وإذا أعرض عنها أبناء العمومة فإنها تجلس دون زواج، ويتعلل بأن هذا قدرها.
والمصيبة أن بعض هؤلاء يذهب ليتزوج من جميع القبائل، والمرأة يحرم عليها أن تخرج، ليس للقبائل الأخرى!، بل حتى لأبناء قبيلتها، بل حتى لأبناء فَخِذِها.
وعلى هذا .. فتأمل بأعين الحزن نساء مُتْنَ ولم يتزوجن، ولا أبالغ فإن هذا حدث!؛ ونساء تخطين الشباب إلى الشيخوخة ولم يتزوجن.
ولا زال الوالد (صاحب الدم المقدس)، على طريقته وأعرافه و (سلوم القبيلة).
فيا هذا نحن نخاطبك بالعقل، ونقول: لا تزوج أبناء القبائل الأخرى، لكن زوج أبناء قبيلتك، أو زوج من يدانيك في المنزلة التي تزعمها لنفسك، وإن كان من قبيلة أخرى، واستر عورتك فإن المرأة عورة.
قال بعض السلف: من تزوجت ابنته، فإنما هي عورة سترت، ومؤنة كفيت.
ومن المحزن أن تجد أحيانا في البيت الواحد أكثر من ضحية على هذه الحال، وكل هذا لا يهم، المهم أن لا يطرأ على العائلة أيّ تغيير يقدح بالنظام الذي سارت عليه ردحا من الزمان.
فأين الأمانة أيها الآباء؟
استمعوا إلى أنين الحيارى، وشكاوى الأيامى، وتحسسوها بقلوبكم وعقولكم، فلربما هي لم تفصح، ولكن أنت لا تحس؟!
استمع إليها تخاطبك ..
أبي .. كنتُ يوماً أعيش الحنان وأحمل حُلماً بقلبي الصغيرْ
أقوم أناجي طيور الصباح وأغفو طويلاً بحُلمٍ كبيرْ
كبرتُ وتاهت بيَ الأمنيات وأبصرتُ عمري أمامي يطيرْ
ظمئتُ فلم ألقَ غير السراب وتهتُ ولم أدر أين المسيرْ
لقد كنت أحلُم مثل البنات ببيتٍ سعيدٍ وطفلٍ صغيرْ
فأغمر طفلي بفيض حناني وترفل بنتي بثوبٍ حريرْ
أبي .. قد ركبتُ بحورَ الأماني فعدتُ بجرحٍ وقلبٍ كسيرْ
سجنتَ فؤادي بحصنٍ منيعٍ وقطّعتَ دوني جميعَ الجسورْ
إذا جاء شخصٌ يريد عفافي تهيجُ جنوناً وتُبدي النفورْ
فهذا كبيرٌ وذاك صغيرٌ وهذا طويلٌ وذاك قصيرْ
فأعرَضَ عني الرجالُ وصارت حياتي شقاءً وساء المصيرْ
أتوق لكلْمةِ"ماما" كما قدْ تشوّقَ للضوءِ شخصٌ ضريرْ
وزوجٍ يؤانس وحشةَ روحي ألستَ تحسُّ بهذا الشعورْ؟!
أبي .. قد ذبُلتُ وضاع شبابي ولا زلتَ تلهو بكل سرورْ
كأنك ما قد ظلمتَ فتاةً تئن وتبكي لسوء الأمورْ
(يُتْبَعُ)
(/)
فماذا عسى أن تقولَ إذا ما بُعثتَ إلى الله يوم النشورْ؟
أئنُّ وأشكو إلى الله حالي فنعم المعينُ ونعم النصيرْ
الحقيقة أن الأمر غاية في الغرابة!!
فهذا الرجل وأمثاله ألا يشعرون؟!
ألا يتذكر أحدهم الفراغ الذي كان يسيطر على حياته قبل زواجه؟
ألم يكن محتاجا للدفء العاطفي، والاستقرار النفسي؟!
ألم يكن متشوقا لرؤية أبنائه؟
بل وبصراحة، ألم يكن محتاجا لقضاء وطره وإشباع غريزته؟
فلماذ لم يتساءل؟ فهل المرأة تختلف.
اسمعوا نداء الغريزة ..
ضرب عبد الملك بن مروان بعثا إلى اليمن فأقاموا سنين حتى إذا كان ذات ليلة خرج للعسس، فبينما هو في بعض أزقتها إذ هو بصوت امرأة قائمة تصلي فتسمع إليها فلما انصرفت إلى مضجعها قالت: اللهم مسير النجب ومنزل الكتب ومعطي الرغب أسألك أن ترد لي غائبي فتكشف به همي وتقر به عيني وأسألك أن تحكم بيني وبين عبد الملك بن مروان الذي فعل بنا هذا ثم أنشأت تقول:
تطاول هذا الليل فالعين تدمع وأرقني حزن لقلبي موجع
فبت أقاسي الليل أرعى نجومه وبات فؤادي بالجوى يتقطع
إذا غاب منها كوكب في مغيبه لمحت بعيني كوكبا حين يطلع
إذا ما تذكرت الذي كان بيننا وجدت فؤادي حسرة يتصدع
وكل حبيب ذاكر لحبيبه يرجي لقاه كل يوم ويطمع
فذا العرش فرج ما ترى من صبابتي فأنت الذي يدعو العباد فيسمع
دعوتك في السراء والضر دعوة على حاجة بين الشراسيف تلذع
فقال عبد الملك لحاجبه: تعرف هذا المنزل؟ قال: نعم، هذا منزل يزيد بن سنان. قال: فما المرأة منه؟ قال: زوجته، وكتب ألا يتأخر البعث أكثر من ستة أشهر.
وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إذا أمسى أخذ درته ثم طاف بالمدينة فإذا رأى شيئا ينكره أنكره فبينما هو ذات ليلة يعس إذ مر بامرأة على سطح وهي تقول:
تطاول هذا الليل واخضل جانبه وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله لا رب غيره لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدني وأكرم بعلي أن تنال مراكبه
ثم تنفست الصعداء، وقالت: لهان على عمر بن الخطاب ما لقيت الليلة.
فضرب باب الدار، فقالت: من هذا الذي يأتي إلى امرأة مغيبة هذه الساعة؟
فقال: افتحي، فأبت.
فلما أكثر عليها، قالت: أما والله لو علم بك أمير المؤمنين لعاقبك، قال: افتحي فأنا أمير المؤمنين، قالت: كذبتَ، لست أمير المؤمنين، فرفع بها صوته وجهر لها، فعرفت أنه هو ففتحت له، فقال هيه كيف قلت؟، فأعادت عليه ما قالت، فقال: أين زوجك؟ قالت: في بعث كذا وكذا، فبعث إلى عامل ذلك الجند أن سرح فلان ابن فلان، فلما قدم عليه، قال: اذهب إلى أهلك، ثم دخل على حفصة ابنته فقال: أي بنية! كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: شهرا، واثنين، وثلاثة، وفي الرابع ينفد الصبر فجعل ذلك أجلا للبعث.
ألا تدري أيها العاقل أن جلوس المرأة دون زواج كالجمرة التي تحتضنها، لا تدري في أي لحظة ستحرق ثيابك!
ولا تقل: إن النسب والحسب يمنع، فالفتنة إذا تحركت لا يوقفها شيء، والضعف موجود.
ولا نقول ذلك تهوينا للفساد، ولكن لننبه إلى ما قد يقع.
ويا عبد الله: احذر من الظلم.
فما قولك حين تقف بين يدي الله، وقد ظلمت هذه المسكينة، وأغلقْت دونها الأبواب، وكلما تقدم لها رجل كفء رفضته، فما عذرك أمام الله؟
ألا تخشى أن تدعو عليك هذه المسكينة حين تأجج مشاعرها، وفوران غريزتها، وشوقها لطفل تحتضنه، وتضمه إلى صدرها.
لقد بلغ ظلم بعض الآباء لبناتهم إلى درجة كبيرة تحمل في طياتها كل معاني الأسى والحسرة، بعضهم جهلاً وبعضهم غفلة وبعضهم استغلالاً وبعضهم ربما يكون نتيجة مرض نفسي هو نفسه لا يعرف سببه، ولقد جاءت السنة النبوية محذرة من الظلم وعقوبته، قال صلى الله عليه وسلم: "بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا، البغي والعقوق" (2).
كما جاءت مبينة فضل تربية البنات والصبر عليهن، واحتساب الأجر في تربيتهن، وموصية بإحسان الصحبة لهن، قال صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار" (3).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان له أختان أو بنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ـ وقرن بين إصبعيه ـ" (4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً" (5).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن إحسان الصحبة للبنات والاستيصاء بهن خيراً، ألا يقف حجر عثرة في طريق زواجها الذي هو سبيل سعادتها وعفتها.
إن بعض الناس (قساة القلوب .. ) إذا ولاّه الله أمر بنيات له، استبد برأيه وأظهر شجاعته، وفتل عضلاته أمام هذا الجنس الضعيف، فقتل مشاعرها وكسر قلبها لمرض نفسي يعاني منه، أو طمع في مادة، أو حقد دفين لا يعرف دوافعه!!
وكلما تقدم أحد لزواجها رفضه، واضعاً الشروط المعجزة، متعذراً بالأعذار التي لا تغني عن صاحبها شيئاً.
الظلم مرتعه وخيم، وعاقبته سيئة، والله جل وعلا يجازي صاحبه في الدنيا قبل الآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي الظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته" (6).
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل كثيراً، فقال: "واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" (7).
فكيف بذلك الظالم إذا رفعت تلك المظلومة يديها إلى السماء تستغيث بربها، وتستنصره على من ظلمها؟؟
وكيف به إذا اشتكت إلى خالقها ما عانته من ظلم هذا المتسلط، الذي وقف حجر عثرة في طريقها؟؟ ..
ألا يظن بأن الله عز وجل ناصرها؟؟ ..
بلى والله، فقد أقسم ربنا سبحانه تعالى على نصرة المظلوم، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تحمل على الغمام فيقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" (8).
فليحذر المسلم من الظلم، وليحذر من دعوة مظلومٍ تصعد إلى السماء وهو غافل عنها غير منتبه إلى أن تحلَّ عاقبتها به.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
وليتذكر وقوفه بين يدي الله سبحانه تعالى يوم القيامة، يبلغ الخوف بالعباد منتهاه، {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (9).
وحينئذ يقتصُّ الله سبحانه للمظلوم من الظالم.
فويلٌ لمن حملوا أوزار الناس على ظهورهم، ألا ساء ما يزرون.
إن العاقل في هذا الزمن من بحث لابنته عن رجل صالح فزوّجها له، فكيف بمن يأتيه الصالح ـ دينا وأخلاقاً ورجولة ـ فيرفضه؟!
انتبه لنفسك يا عبد الله، واستدرك ما فاتك، ولا تكن كمن ظلم ابنته طول عمره، فلما حضره الموت قال: حلليني.
ومن قال إنها ستحللك، وهي ترى نساء أقل منها عقلاً ودينا وحسبا وجمالا وعفة، قد تزوجن، وهي استكملت جميع الصفات التي يرغب بها الخطاب وقد حكمْت عليها بالحبس بين الجدران المظلمة، كالأسيرة التي تنتظر بصيصا من نور يكشف عنها الظلمة الحالكة التي خيمت على عينيها طويلاً.
فهل تظن أن هذا هين؟!!
امرأة عضلها والدها عن الزواج، فلما حضرته الوفاة طلب منها أن تحلله، فقالت: لا أحلك لما سببته لي من حسرة وندامة، وحرمتني حقي في الحياة.
ماذا أعمل بشهادات أعلقها على جدران منزل لا يجري بين جدرانه طفل؟!
ماذا أفعل بشهادة ومنصب؟ أنام معهما على السرير؟
لم أرضع طفلاً، لم أضمه إلى صدري، لم أشكو همي إلى رجل أحبه وأوده ويحبني ويودني، حبه ليس كحبك؟ مودته ليست كمودتك؟
لا جعلتك في حل أبدا.
وأخرى حضرها الموت، وقد كبرت سنها، وكانت تخطب كثيرا، ومرغوبة عند الناس، وأبوها يأبى أن يزوجها، وفي سياق الموت قالت للنساء الحاضرات: قولوا لأبي: إن بيني وبينه موقفاً يوم القيامة بين يدي الله عز وجل ـ حيث وقف في طريقي ومنعني الزواج.
أيها المستبد: إنك عما قريب ميت .. أما فكرت في حال هذه الضعيفة؟
هل ستتركها تحت رحمة الأخوان المنشغلين بأنفسهم، أو خادمةً لزوجة الابن تسومها سوء العذاب؟ أو تريد أن تدفعها نحو (الخطأ .. ؟).
مالي أراك لا زلت غارقاً في غفلة الجهل وظلام القسوة؟!
أين عقلك؟!
قم سارع الخطى لتصحيح ما فاتك مادام في العمر بقية، فلعلك لا تدرك الغد وأنت عازم على التوبة والإنابة وتصحيح الخطأ، فيكون ذلك شفيعا لك بين يدي الله عز وجل.
وأنت أيتها المرأة المجاهدة:
عليكِ أن تصبري على البلاء، وتحتسبي مصيبتك عند الله: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} (10)، فمهما طال ليل البلاء فلا بد أن ينجلي، ولا بدَّ لرياح الخريف أن ترحل، ولا بد لغيوم الحزن أن تنقشع وتظهر شمس الأمل ..
ولرُبَّ نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج
(يُتْبَعُ)
(/)
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرِجَت وكنت أظنها لا تُفرج
ويا معاشر العقلاء:
إن الموفق من سن في الإسلام سنة حسنة، فسار الناس عليها، ففاز بالأجر والمثوبة، قال صلى الله عليه وسلم: " من سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" (11).
هذا وإن مما يسر كل ذي لبٍّ، ما ذهب إليه بعض العقلاء من رؤوس القبائل والعائلات، من تزويج بناتهم من أكفاء، ولو لم يكونوا من خاصتهم، متخطين بذلك بعض الأعراف الظالمة المجحفة التي تحكم على المرأة بالجلوس عزباء إذا لم تقدم لها أحد من خاصتها.
إن هذا منتهى العقل والحكمة، ودليل على الشفقة والرحمة.
فأي عقل بعد هذا حيث يستر الرجل عورته بزواج ابنته، ويخلص من إثمه، ويتمم حسن صحبتها، ويكون له نصيب من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولي من أمر هذه الأمة شيئاً فرفق بهم فارفق به" (12).
فأبشر بالخير يا عبد الله، فوالله ما سمع بفعلك عاقل إلا دعا لك بخير، رغم أنك أحسنت لنفسك، لكن أبى الله إلا أن يظهر شكر صاحب الفضل على ألسنة الناس.
وأنت يا من لا زلت على الخطأ بالرغم من أنك تعلم أنه خطأ:
لا يغرنّك قول بعض الجهلاء ومثلك توزن القبائل بعقله، ويصدر الناس عن رأيه، فوالله إن بعضهم يزين الباطل ليرضي أهواء من أمامه، وإلا فانظر إليه قد زوج بناته وحصّنهن، ولا زال يلقي على أذنك أن هذه أعراف من سبقك.
صدقوني أن هذا الجنس المنافق هم أساس البلوى ورأس البلية، ولا يزالون يجاملونكم في ظلمكم، وهم يتكلمون بكم في المجالس بالغيبة والنميمة والسب والتشنيع؛ بسب حبسكم لبناتكم الضعيفات.
ونحن نقول: الوسط طيب.
زوّج من قبيلتك، أو ممن يقابلك من القبائل الأخرى، ولا تبوء بإثم امرأة مسكينة، ربما تحاجك بين يدي الله يوم البعث والنشور.
فبأي عذر تجلس حبيسة البيت .. ؟!! ألأنَّ أحداً من بني عمومتها لم يتقدم لها؟
وماذا تفعل إذا كان بنو العمومة يذهبون إلى غيرها فيتزوجون بهن ويتركونها؟
فهل ستجلس حزنا على مثلهم؟!
سنوا سنة حسنة فاسبقوا إلى الفضل، وفوزوا بأجر من يأتي بعدكم، وإياكم أن تمضوا على سنة من كان قبلكم في ظلمه وبغيه فتبوؤا بالإثم، قال صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" (13).
ويا عباد الله: دعوا الكبر، فهو الذي قاد الناس إلى مهاوي الردى.
تقول: أنا ابن فلان، فالناس كذلك يقولون.
تقول: قبيلتي لها شأن، فالناس كذلك يقولون.
والعاقل المنصف هو الذي يعرف قدر الناس ومالهم من الفضل، ولا يظن أن الفضل محتكر على قبيلته.
فالافتخار بالقبلية والأعراف المخالفة للشرع مذموم على كل حال، والسعيد من نجاه الله سبحانه وتعالى منه.
فيا أيها المسلمون: حصنوا بناتكم بالزواج من الأكفاء، واحرصوا على إبراء ذممكم أمام هذه الأمانة المستودعة بين أيديكم.
أليس جميلا أن ترى بُنيّتك سعيدة مع زوجها، ولها بيت وبنون؟
على أنني أنبه، أنه كما يجب على المرء الحرص على تزويج ابنته، فكذلك يجب أن يختار لها الصالح، ولا يكون هدفه فقط أن يزوجها، ولو كان الزوج فاسداً أو سكيراً أو صاحب مخدرات، بحجة أنه سيعقل غداً، أو يعتذر بقوله: إنه قريب لي.
سأل رجل الحسن البصري رحمه الله فقال: "إن لي ابنة فمن ترى أزوجها؟ قال: زوجها من يتق الله تعالى، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها".
وقيل لبعض الحكماء: فلان يخطب فلانة، فقال: أموسر من عقل ودين؟، قالوا: نعم، قال: فزوجوه إياها.
فالله الله في السؤال عن الصلاح، فإن الفاسد العابث لا يستر المرأة، وحريٌّ بها أن تعود إليك كما ذهبت منك، أو أن تصبر على مضض.
فاحرص على الصالح طيب الأخلاق، فإن حصلته فعض عليه بالنواجذ.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا، وأن يوفقنا لصالح القول والعمل، وأن يجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
26 رمضان 1427هـ
http://www.salemalajmi.com/voices/23.html(/)
قصيدة الدكتور الهلالي في مدح ابن باز، وتعقيب ابن باز عليه.
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 11:30]ـ
يقول الشيخ الدكتور الهلالي - رحمه الله – في أول شعبان 1397هـ:
خليلي عُوْجَابي لنغتنمَ الأجرا على آل باز إنهم بالعلى أحرى
فما منهمو إلا كريم وماجدٌ تراه إذا ما زرته في الندى بحرا
فعالمهم جَلَّى بعلم وحكمةٍ وفارسهم أولى عداة الهدى قهرا
فسل عنهمُ القاموسَ والكُتبَ التي بعلم حديث المصطفى قد سمت قدرا
أعُمُّهموا مدحاً وإني مقصرٌ واختص من حاز المعالي والفخرا
إمام الهدى عبدالعزيز الذي بدا بعلم وأخلاق أمام الورى بدرا
تراه إذا ما جئته متهللاً ينيلك ترحيباً ويمنحك البِشْرى
وأما قِرى الأضياف فهو أمامُه فحاتم لم يتْرك لهث في الورى ذكرا
حليمٌ على الجاني إذا فاه بالخنا ولو شاء أرداه وجلله خُسرا
يقابل بالعفو المسيء تكرماً ويبدل بالحسنى مساءته غُفرا
وزهده في الدنيا لو أن ابن أدهم رآه ارتأى فيه المشقة والعسرا
وكم رامت الدنيا تحلُّ فؤاده فأبدلها نُكْرا وأوسعها هَجْرا
فقالت له: دعني بكفِّك إنني بقلبك لم اطمع فحسبي به وَكْرا
خطيب بليغ دون أدنى تلعثم ومن دون لحن حين يكتب أو يقرا
بعَصْرٍ يرى قُراؤه اللحنَ واجباً عليهم ومحتوماً ولو قرأوا سطرا
بتفسير قرآن وسنة أحمدٍ يُعمِّر أوقاتاً وينشرها درّاً
وينصر مظلوماً ويسعف طالباً بحاجاته ما إن يخيِّب مظطرا
قضى في القضا دهرا فكان شُريحَه بخرج أزال الظلم والحيف والقسرا
وكليةَ التشريعِ قد كان قُطْبَها فأفعمها علماً فنال به شكرا
وجامعة الإسلام أطلع شمسَها فَعَمَّت به أنوارُها السَّهْلَ والوعرا
تيممها الطلابُ من كل وُجْهَةٍ ونالوا بها علماً وكان لهم ذخرا
فمن كان منهم ذا خداع فخاسر ومن كان منهم مخلصاً فله البشرى
ولم أر في هذا الزمان نظيره وآتاك شيخاً صالحاً عالماً برا
وأصبح في الإفتا إماماً مُحَقَّقَاً بعلم وأخلاق بدا عَرْفُها نَشْرا
وأما بحوث العلم فهو طبيبُها مشاكله العسرى به أُبدلت يسرا
ويعرف معروفاً وينكر منكراً ولم يخش في الإنكار زيداً ولا عمرا
وما زال في الدعوى سراجا منوِّرا دُجَى الجهل والإشراك يدحره دحرا
بدعوته أضحت جموعٌ كثيرةٌ تحقق دين الحق تنصره نصرا
ألم نره في موسم الحج قائماً كيعسوب نحلٍ والحشودُ له تترا
وما زال في التوحيد بدر كماله يحققه للسامعين وللقُرا
ويثبت للرحمن كل صفاته على رغم جهمي يعطلها جهرا
ويعلن حرباً ليس فيه هوادة على أهل إلحاد ومن عبد القبرا
وما قلت هذا رغبة أو تملقاً ولكن قلبي بالذي قلته أدرى
فيارب مَتِّعْنَا بطول حياته وحفظاً له من كل ما ساء ضرَّا
فلو كان في الدنيا أناس حياته بأقطار إسلام بهم تكشف الضرَّا
فيا أيها الملك المعظم خالد بإرشاده اعمل تحرز الفتح والنصرا
فقد خصَّه الرحمن باليمن والمنى وآتاك شخصاً صالحاً عالماً برا
فأنت لأهل الكفر والشرك ضيغم تذيقهموا صاباً وتسقيهموا المُرا
فلا زلت للإسلام تنصر أهله وتردي بأهل الكفر ترديهموا كسرا
وحببك الرحمن للناس كلهم سوى حاسد أو مشرك أضمر الكفرا
وقد أبغض الكفار أكرم مرسل وإن كان خير الخلق والنعمة الكبرى
عليه صلاة الله ثم سلامه يدومان في الدنيا وفي النشأة الأخرى
كذا الآل والصحب الأجلاء ما بكت مطوقة ورقاء في دوحة خضرا
وما طاف بالبيت العتيق تقربا حجيج يرجون المثوبة و الأجرا
وما قال مشتاق وقد بان إلفه خليلي عوجابي لنغتنم الأجرا
فيا أيها الأستاذ خذها ظعينة مقنعة شعثاء تلتمس العذرا
فقابل جفاها بالقبول وأولها من العفو جلبابا يكون لها سترا
وبعد أن نشرت تلك القصيدة في مجلة الجامعة السلفية في بناس - الهند – أرسل سماحة الشيخ عبد العزيز - رحمة الله – في 23/ 3/1398هـ
تعقيباً إليك نصه:
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ عبد الوحيد الرحماني مدير مدير مجلة الجامعة السلفية في بنارس – وفقه الله – للخير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلتكم لفضيلة الدكتور تقي الدين الهلالي تتضمن الغلو في المدح لي , ولعموم قبيلتي , وقد كدرتني كثيراً , فرأيت أن أكتب تنبيهاً للقراء , باستنكاري لذلك وعدم رضائي به.
وإليك ما كتبت برفقه راجياً المبادرة بنشره في أول عدد يصدر في المجلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أثابكم الله وشكر سعيكم.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة , والدعوة والإرشاد
وإليكم أيها القراء نص ذلك التنبيه:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه.
أما بعد فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلة الجامعة السلفية في بناس – الهند – لفضيلة الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي، وقد كدرتني كثيراً , وأسفت أن تصدر من مثله , وذلك لما تضمنته من الغلو في المدح لي ولعموم قبيلتي , وتنقصه للزاهد المشهور إبراهيم بن أدهم – رحمه الله – وتفضيلي عليه في الزهد , وعلى حاتم في الكرم , وتسويتي بشريح في القضاء لإلى غير ذلك من المدح المذموم الذي أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم – بحثي تراب في وجوه من يستعمله.
وإني أبرأ إلى الله من الرضا بذلك , ويعلم الله كراهيتي له , وامتعاضي من القصيدة لما سمعت فيها ما سمعت.
وإني أنصح فضيلته من العود إلى مثل ذلك , وأن يستغفر الله من ما صدر منه , ونسأل الله أن يحفظنا وإياه وسائر إخواننا من زلات اللسان , ووسواس الشيطان , وأن يعاملنا جميعاً بعفوه , ورحمه , وأن يختم للجميع بالخاتمة الحسنة؛ إنه خير مسؤول.
ولإعلان الحقيقة وإشعار من اطلع على ذلك بعدم رضائي بالمدح المذكور جرى نشره , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه , ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
قام بصفها ونشرها [أبو علي الدوسري]
قصيدة العلاّمة الهلالي وجواب العلاّمة ابن بازٍ رحمهما الله تعالى تجدهما في كتابٍ نشر أخيراً بعنوان (الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن بازٍ والعلماء) (ص/334) وما بعدها.
وقد أعدّ الكتابَ الشيخان الفاضلان / محمد الموسى، ومحمد الحمد.
وهو مملوء بمراسلاتٍ موثّقةٍ بين الإمام ابن باز رحمه الله تعالى وثُلّةٍ من معاصريه، وهي تهتفُ بما كان أنعم الله به على الشيخ من حرصٍ على العلمِ وسموٍّ في الأخلاق
رحم الله الإمام بن باز فقدناه والله.
ـ[اسعد]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 05:29]ـ
جزاك الله خيرا
ورحم الله علماء الامة العظام الذين تركوا من ورائهم ارثا ثقيلا
اسأل الله بمنه وكرمه ان يوفق العلماء لما ينفع المسلمين ويصلح حالهم
آمين(/)
الفرق بين دليل مشروعية الحكم ووقوع الحكم.للإمام ابن القيم الجوزية _رحمة الله عليه_.
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[04 - Sep-2008, مساء 11:33]ـ
الفرق بين دليل مشروعية الحكم ووقوع الحكم.
فالأول متوقف على الشارع والثاني يعلم بالحس أو الخبرة أو الزيادة [فالأول] الكتاب و السنة ليس إلا وكل دليل سواهما يستنبط منهما [والثاني] مثل العلم بسبب الحكم وشروطه وموانعه فدليل مشروعيته يرجع فيه إلى أهل العلم بالقرآن والحديث ودليل وقوعه يرجع فيه إلى أهل الخبرة بتلك الأسباب والشروط والموانع ومن أمثلة ذلك: بيع المغيب في الأرض من السلجم والقلقاس وغيره فدليل المشروعية أو منعها موقوف على الشارع لايعلم إلا من جهته.
ودليل سبب الحكم أو شروطه أو مانعه يرجع فيه إلى أصله ,فإذا قال المانع من الصحة: هذا غرر لأنه مستور تحت الأرض [قيل] كون هذا غررا أو ليس غررا يرجع إلى الواقع لا يتوقف على الشرع لأنه من الأمور العادية المعلومة بالحس أو العادة مثل كونه صحيحا أو سقيما وكبارا أو صغارا ونحو ذلك فلا يستدل على وقوع أسباب الحكم بالأدلة الشرعية كما لايستدل على شرعيته بالأدلة الحسية فكون الشيء متردد بين السلامة والعطب وكونه مما يجهل عاقبته وتطوى مغبته أو ليس كذلك يعلم بالحس أو العادة لايتوقف على الشرع ومن استدل على ذلك بالشرع فهو كمن استدل على أن هذا الشراب مسكر بالشرع وهذا ممتنع بل دليل إسكارها الحس ودليل تحريمها الشرع.
فتأمل هذه ونفعها ولهذه القاعدة عبارة أخرى وهي أن دليل سببية الوصف غير دليل ثبوته فيستدل على سببيته بالشرع وعلى ثبوته بالحس أو العقل أو العادة فهذا شيء وذلك شيء.
انتهى.
بدائع الفوائد [4/ 15].
نقل من مجلة: البحوث الفقهية المعاصرة.عدد 23 الثالث والعشرون: ص 218.(/)
تنظيم الجهاد وابن قيم الجوزية
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 01:13]ـ
كثرت في الآونة الأخيرة التنظيمات و الجماعات التي تريد إقامة الدعوة و الجهاد و الدولة و طلب العلم، و كثير منها أخطأت الطريق.
و قد بين شيخ الإسلام ابن القيم هذا منذ زمن بعيد، و بعض العلماء يرى الجهاد ركناً سادسا ً و بعضهم يرى الركن منه و هو جهاد القلب من معنى التوحيد فلا يخصص بكونه ركن سادس
و بيان ابن القيم للجهاد فقه عظيم لو اتبعته الأمة لا أظنها إلا ستنتصر، و هو استنبطه بفقهه لنصوص القرآن و السنة
و بداية هذا الجهاد
1 - أن يجاهد كل مسلم نفسه:
أ - و يبدأ جهاد نفسه بطلب العلم: و طلب العلم يكون عند العلماء ورثة الأنبياء لأنهم هم الذين يستطيعون أن يستدلوا بالقرآن و السنة، و يبدأ بتعلم الأهم ثم المهم
و أول ما يتعلم علوم المقاصد التوحيد و الفقه و الحديث و التفسير، ثم يتعلم علوم الوسائل من علوم القرآن و الحديث و اللغة و غيرها.
و العلم قسمين فرض عين و هو كل ما احتاجه العبد و فرض كفاية و هو كل ما احتاجته الأمة
ب - و مع تعلم كل مسألة من الأهم ثم المهم يعمل بها: لا يجاوز مسألة حتى يعمل بالتي قبلها و كل مسألة فلا يخلوا العمل بها عن حكم من الأحكام الخمسة
ج - ثم يدعو إليها بعد ذلك خصوصاً عشيرته الأقربين ثم بلده ثم ما حولها، و الدعوة قسمين واجبة إن احتيج إلى الداعي لإقامة الحجة و فرض كفاية إذا لم يحتج له بعينه
د- الصبر على الأذى الذي يناله من هذا الجهاد
قلت و بهذا يجاهد المسلم نفسه فيتلقى العلم من مصادره و يعمل به ثم يشع نور العلم من هذا المجاهد إلى غيره حتى يعم الأقارب ثم الجيران و أهل البلد ثم يتوسع العلم و ينتشر في الدنيا أسرع من انتشار خلايا التنظيمات المعاصرة و سراياها و طلائعها
و بهذا تتم المرحلة الأولى الجهاد التي هي جهاد النفس و هي أول خطوة يخطوها المسلمون في الجهاد
و المرتبة الثانية تأتي إن شاء الله
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 02:46]ـ
2 - جهاد الشيطان:
فإن على من جاهد نفسه من جميع المسلمين الذين بلغهم العلم و عملوا به و دعوا إليه و صبروا على الأذى فيه، أن يجاهدوا الشيطان الذي يصدهم عن ذلك و جهاده قسمين:
أ- جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان و يكون باليقين
ب- جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات، و يكون بالصبر
قال تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)
قلت بهذا يتخطى المسلمون المرتبة الثانية من الجهاد و ليبلغوا درجة الإمامة في الدين كما قال ابن القيم و يصبح لدى المسلمين أئمة بمثابة النجوم يهتدى بهم في ظلمات الجهل
و إلى هنا فالجهاد فرض عين و بعده يبدأ الجهاد الذي هو فرض كفاية إن قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين في تركه
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 05:56]ـ
3 - جهاد الكفار و المنافقين: بعدما جاهد المسلم نفسه و جاهد الشيطان فإنه يجاهد الكفار و المنافقين لإعلاء كلمة الله و ذلك يكون بالقلب ثم باللسان ثم بالمال ثم بالنفس:
أ- بالقلب: و منه الولاء و البراء فيحب المسلمين و يكره الكافرين
ب- باللسان: و يكون بالحجة للرد على شبهاتهم
ج- بالمال: و يكون بالنفقة على الجهاد
د- بالنفس: و هذا لا يتم إلا بعد الهجرة، فإذا وجد المسمون مهاجراً فإنهم يهاجرون له لإقامة دار الإسلام و بهذا يتم الجهاد
و يتبع جهاد الكفار و المنافقين بعد إقامة دار الإسلام جهاد السماعين لهم لأنه عند إقامة دار الإسلام و عجز الكفار عن هدمها فإنهم يستخدمون المنافقين لزعزعتها و المنافقون ببثهم الشبهات يسمع لهم صنفين، أهل الشبهات و أهل الشهوات، و انقلب المسلمون من حال الضعف إلى حال القوة، فصار البدء باليد و الختام بالقلب عكس حالهم في الضعف حيث البدء بالقلب و الختام باليد
4 - جهاد ارباب الظلم و البدع و المنكرات:
أ- باليد: بتغيير المنكرات من ظلم و بدع و معاص
ب- باللسان: إذا عجز عنه باليد
ج - بالقلب: إذا عجز و عاد لحال الضعف في مواجهة المنكرات
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 12:01]ـ
و إذا نظرنا إلى بعض المعاصرين وجدنا أن جهادهم مضطرب
فمرة يقاتلون و هم مستضعفون قبل الهجرة، و مرة لا يقاتلون مع القوة و بعد الهجرة، و مرة يجاهدون الكفار قبل أن يجاهدوا أنفسهم و قبل معرفة حكم الجهاد الذي سيقومون به، و مرة يعلمون وجوب الجهاد و لا يجاهدون
و نسأل الله أن يرزقنا الجهاد التام و النصر على الأعداء(/)
لماذا حذف السيوطي عدداً من مسائل ابن الأزرق من الإتقان
ـ[أحمد عادلوفيتش]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 01:35]ـ
أرجو من الإخوة المتخصصين مساعدتي في الإجابة على سؤال: لماذا حذف السيوطي عددا من مسائل ابن الأزرق لابن عباس من الإتقان في علوم القرآن؟
أنا أكتب رسالة الدكتوراه في مسائل نافع بن الأزرق باللغة البوسنوية وعندي مشكلة في الإجابة على هذا السؤال. بعدما سرد السيوطي 190 سؤالاً قال: " هذا آخر مسائل نافع بن الأزرق، وقد حذفت منها يسيراً نحوبضعة عشر سؤالاً " ولم يوضح لماذا حذفها.
ومعه يأتي سؤال آخر، وهو: لماذا قال أنه حذف بضعة عشر سؤالاً وفي الحقيقة حذف حوالي ستين سؤالاً، لأن عدد المسائل في المخطوطة الأصلية (في دار الكتب المصرية) 250 سؤالاً.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 02:28]ـ
ماذا تعني بالمخطوطة الأصلية يا أخانا الفاضل؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 02:50]ـ
لعل الأخ يقصد المخطوطة الأصلية من مسائل نافع
ولعل السيوطي حذف بعضها لأن بوادي الوضع لائحة عليها، أو لأن فيها تكرارا، أو لغير ذلك من الأسباب.
ومن المعلوم أن الروايات تختلف أصلا في عدد هذه الأسئلة، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يثبت منها إلا عدد قليل.
والله تعالى أعلم.
ـ[أحمد عادلوفيتش]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 12:10]ـ
عندما قلت "المخطوطة الأصلية" قصدت مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس في غريب القرآن التي جمعها وكتبها الشيخ الطستي والتي أخذ السيوطي السؤالات منها. وهي موجودة الآن في دار الكتب المصرية.
والغريب أن السيوطي سرد كل المسائل في تفسيره "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" (إلا مسألة واحدة، كما رأيت)! فلماذا حذف ستين مسألة في الإتقان في علوم القرآن؟؟
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 03:14]ـ
ننتظر مشاركات الإخوة لكن لعلك تطرح الموضوع أيضاً في ملتقى أهل التفسير
www.tafsir.net/vb
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 12:15]ـ
للفائدة أنظر الإشارات لمشهور حسن ص164
ـ[أحمد عادلوفيتش]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 12:45]ـ
للأخ "من صاحب النقب":
جزاك الله خيرا، سأنتظر عدة أيام إن شاء الله، فإذا لا تأتي الإجابة في هذا الموقع، سأطرح الموضوع في ملتقى أهل التفسير.
ـ[أحمد عادلوفيتش]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 12:46]ـ
للأخ أمجد الفلسطيني:
جزاك الله خيرا، لكن ليس عندي ذاك الكتاب ولا أستطيع الحصول عليه هنا.(/)
هل من السنة قول سبحانك و يا الله ويا رب في دعاء القنوت
ـ[أبوطلحة]ــــــــ[05 - Sep-2008, صباحاً 02:20]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،،،
كما تعلمون أن الدعاء في صلاة الوتر متنوع فمنه الثناء على الله وشكره والدعاء
فمثلاً إذا قال الإمام ... فإنه لا يعز من عاديت ولا يذل من واليت ... فيقول المصلون (سبحانك)
وهكذا ... فهل هذا من السنة؟؟
ـ[أبوطلحة]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 03:27]ـ
أين طلبة العلم؟؟؟؟
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 12:02]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين 000 وبعد
مبلغ علمي أن الاشكال في هذه المسألة أنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بهذا الدعاء إماماً حتى نعلم كيف كان الصحابة يردون عليه، فحينها سيكون هناك نص في المسألة، أما وأن ذلك لم يحدث فالأمر أمر اجتهاد وقياس.
فالمانعون يقولون لم يرد عن النبي أو صحابته قول المأموم خلف الامام سوى لفظة آمين، فيكون قول ما سواها من البدع.
والمجيزون يقولون آمين يرد بها على الدعاء فلا مانع من الرد بغيرها إن لم يكن المقام مقام دعاء كأن كان مقام ثناء على الله أو الاقرار بوحدانيته وقدرته وعلمه، وكانت هذه الألفاظ التي يرد بها مما لا يخالف معنى الصلاة وقانونها - والله تعالى أعلم
ـ[رشيد الحضرمي]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:24]ـ
من باب الإفادة:
قل الإمام النووي أثناء حديثه عن أحكام القنوت في المجموع: (وان قلنا يجهر الامام فان كان يسمع الامام فوجهان مشهوران للخراسانين (أصحهما) يؤمن علي دعاء الامام ولا يقنت وبهذا قطع المصنف والاكثرون (والثانى) يتخير بين التأمين والقنوت فان قلنا يؤمن فوجهان (أحدهما) يؤمن في الجميع (وأصحهما) وبه قطع الاكثرون يؤمن في الكلمات الخمس التى هي دعاء وأما الثناء وهو قوله فانك تقضي ولا
يقضى عليك الي آخره فيشاركه في قوله أو يسكت والمشاركة أولى؛لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين
ـ[أبوطلحة]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 04:01]ـ
جزاكم الله خيرًا
ـ[الخالدي]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 06:43]ـ
أليس الثناء من الدعاء، و آمين أي: اللهم استجب!
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 03:37]ـ
من باب الإفادة:
قل الإمام النووي أثناء حديثه عن أحكام القنوت في المجموع: (وان قلنا يجهر الامام فان كان يسمع الامام فوجهان مشهوران للخراسانين (أصحهما) يؤمن علي دعاء الامام ولا يقنت وبهذا قطع المصنف والاكثرون (والثانى) يتخير بين التأمين والقنوت فان قلنا يؤمن فوجهان (أحدهما) يؤمن في الجميع (وأصحهما) وبه قطع الاكثرون يؤمن في الكلمات الخمس التى هي دعاء وأما الثناء وهو قوله فانك تقضي ولا
يقضى عليك الي آخره فيشاركه في قوله أو يسكت والمشاركة أولى؛لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هم الخرسانين يا إخوان؟
و من المقصود بالأكثرين أهم أغلب الشافعية أو أكثر أهل العلم؟
و جزاكم الله خيرا
ـ[طاب الخاطر]ــــــــ[19 - Sep-2008, مساء 10:16]ـ
جزاكم الله خير
سمعت الشيخ عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء يقول
تسكت ولا تقول سبحانك
لأنها من التنزيه
والله تعالى أعلم وأجل
وله الحمد من قبل ومن بعد
في أمان الله
ـ[الحلم والأناة]ــــــــ[20 - Sep-2008, صباحاً 02:13]ـ
جزاكم الله خير
سمعت الشيخ عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء يقول
تسكت ولا تقول سبحانك
لأنها من التنزيه
والله تعالى أعلم وأجل
وله الحمد من قبل ومن بعد
في أمان الله
لقد سمعته في الجواب الكافي 17 رمضان يقول بما معناه:
إذا قلت سبحانك (بعد جمل الثناء) فإنك تنزه الله تعالى عن صفات الكمال! فينبغي أن تسكت ليكون ذلك إقرارا
وذكر أنه لاينبغي قول سبحانك إلا إذا كان المقام يقتضي التنزيه
وفي قوله -عندي (ومن أنا حتى يكون لي عند) - نظر
لأننا نقول في الركوع والسجود سبحان ربي العظيم/الأعلى وكذا في الذكر دون ورود ما يقتضي التنزيه
والله أعلم(/)
من السنة ترك الطعام الحار حتى يبرد
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 12:29]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ من السنة ترك الطعام الحار حتى يبرد ‘‘
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فهذا موضوع مختصر عن سنة تكاد تُهجر، وقد نقلته - بتصرف - عن كتاب " أعمال وأقوال منسية مع أدلتها الصحيحة الشرعية " لفضيلة الشيخ سليمان بن صالح الخراشي - حفظه الله -، فجزاه الله خيراً وبارك في جهوده ونفع بكتاباته، آمين.
ما ورد في السنة:
كانت أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنها – إذا صنعت الثريد غطته شيئا حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: " إنه أعظم للبركة ". [رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني في " الصحيحة " (رقم 392)].
وكان أبو هريرة – رضي الله عنه – يقول: " لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره ". [رواه البيهقي وصححه الألباني في " الإرواء " (رقم 1978)].
قال المرادي - عفا الله عنه -:
وفي حديث: (أبردوا الطعام الحار؛ فإن الطعام الحار غير ذي بركة)، " الصحيحة " (1/ 748). والحديث في إسناده مقال.
وفي حديث آخر: (أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أُتي بصحفة تفور، فرفع يده منها، وقال: اللهم لا تطعمنا نارا، وفي رواية: إن الله لم يطعمنا نارا). " الإرواء " (7/ 39)، " الصحيحة " (1/ 749). والحديث ضعيف لا يثبت.
الفائدة:
من السنة عدم التعجيل بالأكل قبل أن تذهب فورة الطعام وحرارته الأولى؛ وذلك للبركة ـ كما سبق ـ، ولأجل ضرره على الآكل، والله أعلم.
ـ[أبوالضحاك المهاجر]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 04:29]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 08:57]ـ
وفيك بارك الله أخي المهاجر ...
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 02:46]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[عبد الكريم]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 03:04]ـ
بارك الله فيك على هذه الفائدة
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 07:42]ـ
حمدان الجزائري وأبو وائل: بارك الله فيكما على المرور والتعليق ...
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 12:21]ـ
يعنى يترك الى أن يكون دافئا أو ساخنا بغير شدة؟
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 09:02]ـ
الأخ الكريم خالد المرسى: أرجو أن يكون كذلك، والله أعلم ...
وفقني الله وإياك لكل خير ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[27 - Aug-2009, مساء 02:56]ـ
للفائدة،،،
ـ[حارث البديع]ــــــــ[22 - Oct-2009, صباحاً 09:15]ـ
كثير من السنن تلك التي تغيب عنا
بوركت.
ـ[أبو عبيدة الأثري]ــــــــ[23 - Oct-2009, صباحاً 01:07]ـ
حديث: (كان النَّبي (ص) يَكره الكَيَّ، ويكره الطَّعامَ الحارَّ، ويقول: عليكم بالبارد، فإنه ذو بركة، ألا وإن الحَارَّ لا بركةَ فيه، وكانت له مِكْحلةٌ () يكتحل بها عند النَّوم ثلاثاً ثلاثاً).
ضعيف جداً. أخرجه أبو سعيد النقاش في «فوائد العراقيين» (ص/18) ـ ومن طريقه رواه الحافظ السِّلفي ـ عن عبد الله بن خبيق، عن يوسف بن أسباط، عن محمد بن عبيد وسفيان الثوري، عن صفوان بن سليم عن أنس مرفوعاً.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (8/ 252) من الطريق نفسه من غير ذكر سفيان مع محمد ابن عبيد الله.
وقال: «غريب من حديث صفوان، لم نكتبه إلا من حديث يوسف».
وكذا أخرج الحاكم في «المستدرك» (4/ 132) الفقرةَ الثانية منه من غير ذكر سفيان معه، وهذا أصحّ.
وفي إسناده ثلاث علل:
الأولى: محمد بن عبيد الله وهو العرزمي، قال فيه الحافظ: متروك.
الثانية: يوسف بن أسباط ضعيف.
وعبد الله بن خبيق ترجم له ابن أبي حاتم (5/ 46) ولم يذكر فيه شيئا.
وقد ثبت نهيه (ص) عن الطعام الحار بأسانيد ترتقي إلى الحسن على أقل درجاته:
أخرجه ابن الأعرابي في «معجمه» (210) قال: نا محمد، نا عبد الله، حدثنا سعيد قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب: أنَّ رسول الله (ص) نهى عن الطّعام الحار.
وهذا إسناد مرسل جيّد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وله شاهد أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5911) قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نصر، ثنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن الحسن بن هانئ الحضرمي، عن عبد الواحد بن معاوية بن حُديج مرسلاً: «أن النّبي ? نهى عن الطعام الحار حتى يبرد».
وقال البيهقي: «منقطع».
وذلك أنَّ عبد الواحد بن معاوية قاضي مصر تابعي، وقد أرسله.
والرّاوي عنه وهو الحسن بن هانئ الحضرمي سكت عنه ابن أبي حاتم (3/ 40).
وله شاهد ثالث في معناه من حديث أسماء ـ رضي الله عنها ـ:
أخرجه أحمد (27003) وأبو نعيم في «الحلية» (8/ 177) من طريق عبد الله بن المبارك قال أنبأنا ابن لهيعة قال حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ:
«أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله ?يقول: إنه أعظم للبركة».
وقال أبو نعيم: غريب من حديث ابن المبارك عن ابن لهيعة.
قال الهيثمي في «المجمع» (5/ 12): رواه أحمد بإسنادين أحدهما منقطع، وفي الآخر ابن لهيعة، وحديثه حسن وفيه ضعف.
قلت: كِلا الإسنادين فيهما ابن لهيعة.
أمّا الأوّل: فرواه عنه الحسن بن موسى الأشيب، فقال: ثنا ابن لهيعة ثنا عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن أسماء بنت أبي بكر، فأسقط عروة بين ابن شهاب وأسماء.
وأمّا الثّاني: فإسناده جيّد، حيث أن فيه عبد الله بن المبارك، وهو من العبادلة الذين رووا عن ابن لهيعة قبل اختلاطه، ممّا يدلّ على أن إسقاط عروةَ في الإسناد الأول من تخاليط ابن لهيعة!
إلاَّ أنَّ قرة المعافري قد تابعه:
فيما أخرجه الدّارمي في «سننه» (2047)، وابن حبّان في «صحيحه» (5207) والبيهقي في «الكبرى» (14406)، والطبراني في «الكبير» (226): من طريق عبد الله بن وهب، عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن عروة عن أسماء مرفوعاً.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم في الشواهد» ا. هـ
وهو كما قال، لأنَّ قرة بن عبد الرحمن أخرج له مسلم في الشواهد، وفيه كلام.
قال الحافظ في التقريب: صدوق له مناكير.
وحديث ابن لهيعة السابق يقوِّي حديثه هذا.
وصحّ أيضاً في معناه عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قوله: «لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره».
أخرجه البيهقي في «الشعب» (5910) قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبى إسحاق المزكي، نا أبو العباس الأصم، نا بحر بن نصر، نا ابن وهب، حدثني اللّيث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة .. فذكره.
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
فبمجموع هذه الشواهد يرتقي الحديث إلى الحسن، والله أعلم.
أمَّا ما أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5912) قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا عبد الله بن محمد بن علي، ثنا علي بن سعيد العسكري، ثنا العباس بن أبي طالب، ثنا أبو المسيّب سلم بن سلام الواسطي، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني، عن ضمرة بن حبيب، عن صهيب قال: «نهى رسول الله (ص) عن أكل الطعام الحار حتى يسكن».
فإسناده ضعيف جدًّا، لأجل أبي عبد الرحمن السُّلمي الصّوفي، وهو متَّهم، قال محمد بن يوسف القطان: «لم يكن بثقة، ولم يكن سمع من الأصم شيئا كثيرا، فلما مات الحاكم روى عنه أشياء كثيرة جدّا، وكان يضع للصوفية الأحاديث» تاريخ بغداد (2/ 248).
وأبو بكر الغساني، ضعّفه أحمد وغيره، وقال أبو حاتم: طرقه لصوص فأخذوا متاعه فاختلط!
وسلم بن سلام سكت عنه ابن أبي حاتم (4/ 268)، وقال الحافظ في التقريب: مقبول.(/)
فهم الدين
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 02:55]ـ
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
تجد فى موقع الشيخ محمد سعيد رسلان عنوان خطبة اسمها (مفهوم حقيقة الدين) ردا على أسئلة مكتوبة من أخ فاضل
ثم اليك هذا المقال
وحلقة التدين من برنامج الحياة كلمة للشيخ سلمان العودة
ويوصى الشيخ سلمان العودة بكتابى تعريف عام بدين الاسلام للشيخ على الطنطاوى وكتاب مبادئ الاسلام للشيخ المودوى
ثم وانا ابحث عنهم فى النت وجدت كتاب اسمه تعريف موجز بدين الاسلام للشيخ على الطنطاوى وهو عبارة عن اجمال لما فصله الشيخ فى كتاب تعريف عام بدين الاسلام
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ثم اليك هذا المقال
لكاتب: محمد رشيد رضا
__________
فهم الدين
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (الزمر: 27) {قُرْآناً عَرَبِياًّ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الزمر: 28).
قال مولانا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية في تفسير
قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} (الفاتحة: 6) ما مثاله بالإيجاز:
منح الله تعالى الإنسان أربع هدايات يتوصل بها إلى سعادته:
أولاها: هداية الوجدان الطبيعي، والإلهام الفطري، وتكون للأطفال.
وثانيتها: هداية الحواس والمشاعر.
وثالثتها: العقل.
ورابعتها: الدين.
ثم بيَّن أن الهداية الأولى والثانية، يشارك الإنسان فيهما الحيوان الأعجم وأن
الإنسان لا يمكن أن يصل إلى كماله المستعد هو له بهما؛ لما يعرض لهما من الخطأ
وسوء الاستعمال، وبعد أن ضرب المثل لهذا الخطأ، وبيّن وجه حاجة الإنسان إلى
العقل الذي ينتزع المعلومات الكلية من مدركات الحواس، ويُمَيّز بين خطئها
وصوابها، قال: إن العقل أيضًا عرضة للخطأ ومحل للقصور، فلا يمكن أن يحيط
بمصالح الإنسان في أفراده ومجموعه، ويحدد أسباب سعادته في معاشه ومعاده،
ومن ثَمَّ كان الإنسان في أشد الحاجة، لا سيما بالنسبة لأمر المعاد إلى الهداية الرابعة
هداية الدين، وقد منحه الله إياها، ولما كان معظم قصور الحس والعقل في الإنسان
إنما هو فيما يختص بسعادة المعاد، كان بيان طريق السعادة الأخروية أهم ما جاء به
الدين. وهل يعتور هذه الهداية ما يعتور غيرها من الخطأ وسوء الاستعمال،
فيتنكب أهلها جادة السعادة؟؟ نعم، فإنه كما يخطئ الإنسان في إدراك
المحسوسات؛ لمرض في حواسه، وفي فهم المعقولات؛ لآفة في عقله، أو لسوء
استعمال الحس والعقل، كذلك يخطئ في فهم الدين؛ بسبب الأمراض الروحية
التي تطرأ على مزاج الأمة.
إذا تمهد هذا، فغرضنا الآن كشف الغطاء عن شبهة أوردها على الدين
أصحابُ مجلة (المقتطف) في الجزء الصادر في أول يونيو، الذي نحن فيه عند
تقريظ كتاب (تطبيق الديانة الإسلامية على نواميس المدنية) وملخص ما هنالك أنه
نُشر في القطر المصري كتب وجرائد، حاول كُتَّابُها التوفيق بين الأصول الدينية
والحقائق العلمية، قال: (وقد يجدون ذلك سهلاً؛ لأنه قَلَّما يَجْسُرُ أحدٌ على مخالفتهم،
ولكن لو كان في البلاد علماء أشداء كالجلال السيوطي
... لشبَّت نارُ الحرب منذ
الآن) (انظروا وتأملوا) ثم ذكر أن هؤلاء الكُتًَّاب يجيبون من سألهم عن السبب في
عدم وجود هذه المدنية في ربوع المشرق؛ بأن سبب ذلك سوء فهم الدين وحمْله
على غير المراد منه، وعلى هذا الجواب بنى شبهته الكبرى، فقال: (ولكن إذا
قيل له: ألاينتظر من الدين أن يكون معناه واضحًا؛ حتى لا يقع سوء في فهمه،
ولا يحمل على غير المراد منه، وهل أساء كل علماء الشرق فهم دينهم منذ ألف سنة،
أو حواليها إلى الآن، ولم يقم منهم من يحمله على المراد منه إلا في هذا العصر
وفي هذا العام؟! إذا قيل له ذلك لم يكن الجواب عليه بالأمر السهل). اهـ.
ولا يخفى أنه يعني بكلامه الإسلام والمسلمين؛ لأن الكلام معهم، وهم الذين
نشروا الكتب والجرائد في القطر المصري، ويسهل عليهم الجواب الذي حسبه
صعبًا حضرة السائل، وهو ...
إن الكاتب اعترف معنا بأن فهم الدين على غير وجهه، إنما وقع في
(يُتْبَعُ)
(/)
الإسلام من نحو ألف سنة، أي من بعد انتشار البدع، وتفرق المذاهب في الدين
الواحد الذي جاء بالتوحيد والتأليف، ونهى عن التفرق والاختلاف، وبديهي أن
أصحاب الآراء والمذاهب من أهل الأهواء يحاولون تعزيز مذاهبهم بالشبه مهما
تضاءلت افتضاحًا.
ويؤولون الحجج المخالفة لهم، مهما أضاءت اتضاحًا. فهذا هو السبب الأول
في سوء فهم الدين الإسلامي، والانحراف به عن صراطه، والسبب الثاني:
اختلاط المسلمين بأمشاج من جميع الأمم والملل دخلوا في دينهم، ومنهم الصادق
ومنهم المنافق، وهؤلاء اجتهدوا في إفساد تعاليم الدين، وإدخال بعض مسائل من
أديانهم السابقة مصبوغة بصبغة الإسلام، ووضع الأحاديث المكذوبة على صاحب
الشرع - صلى الله عليه وسلم - والسبب الثالث: العدوى المعنوية، وهي أنه ما من
رجلين يتصاحبان، أو شعبين يتمازجان، إلا ويسري من أخلاق أحدهما وآدابه شيء
للآخر، وكذلك دَبَّ إلى الإسلام داء الأمم قبلهم، وكادوا يتبعون سَنَنَ مَنْ قبلهم شبرًا
بشبر وذراعًا بذراع كما في الحديث الصحيح، بُذِرَت بذور هذه التعاليم المضرة في
أرض الإسلام، وسُقيت بأمواه التعصبات والأهواء؛ فنمت بالتدريج حتى صارت
دوحات كبيرة؛ تتساقط منها الثمرات المضرة، وكان من تنبه لها من العلماء
الراسخين إنما يسعى في قطعها، لا في قلعها؛ ولذلك عاد كلما قطع منها أبسق
مما كان، نشير بهذا إلى ما كان من مقاومة تلك التعاليم الفاسدة في كل عصر،
وإن لم تقوَ عليها، وهو جواب عن قول المقتطف: (وهل أساء كل علماء المشرق
فهم دينهم منذ ألف سنة، أو حواليها) نعم، إن القرون الثلاثة الأولى هي التي كان
الغلب فيها لتعاليم الدين الصحيحة وأخلاقه وآدابه، كما هو الشأن في كل دين، ووفاقًا
للحديث الشريف خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم فقول
المقتطف لا يفتش عن فعل الدين في حروف كتبه، بل في أخلاق أتباعه وأفعالهم،
غير مسلّم على إطلاقه؛ فإن الكِتَابَ الذي هو أصل الدين، كالقرآن مثلاً،
إذا كان مُصَرِّحًا بشيء، فلا مندوحة عن القول بأنه من الدين، وإن خالفه الذين
يدَّعون اتِّبَاعَه. نعم، لا يجوز أن يتفق المنتسبون لدين من الأديان على مخالفة
أصوله في عصر النبوة، وما يقرب منه، ولكن إذا طال الزمان تُفْتَن الأمةُ بالتحريف
والتأويل، وتضل سواء السبيل، إلا أفرادًا لا يكون لهم صوت في الأمة
مسموع، وأصحاب المقتطف يعرفون هذا من تاريخ الملل، وإلى هذا يشير قوله
تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: 16) أي: خارجون عن هدي دينهم، ونحن نأتي بمثال واحد مما
خالف الجماهير فيه هدي الدين الإسلامي، وهو من أصول العقائد، ومن أهم ما
جاء به الدين، ومما له أثر كبير في سعادة الأمم وشقائها؛ ألا وهو الاعتقاد بأن
لبعض البشر تأثيرًا في النفع والضر بقوة غيبية وراء الأسباب الظاهرة
التي اقتضتها الحكمة الإلهية، وجعلتها مناط الأعمال.
هذا الاعتقاد هو الذي شَقِيَ به قبل الإسلام مَنْ لا يُحصَى مِنَ الأقوام، هذا
الاعتقاد هو الذي يُقَيِّد إرادة الإنسان بإرادة غيره من أبناء جنسه؛ فيفقد استقلال
الإرادة الذي هو العامل الأكبر في السعادة البشرية، هذا الاعتقاد هو الحجاب الكثيف
بين الإنسان، وبين معرفة السنن الإلهية في الترقي والتدلِّي، وإدراك أسباب الضُّرِ
والنفع، هذا الاعتقاد هو المرض الذي يُفسد العقل، ويجعله يرجو ما لا يُرجى
ويخاف مما لا يُخاف، هذا الاعتقاد هو شعبة من الشرك كانت أكثر شعابه امتدادًا
وانتشارًا في الأمم كلها؛ ولذلك كانت عناية الإسلام بمحوه فوق كل عناية.
يتوهم كثيرون أن الكفر والشرك اللذين يندد بأهلهما القرآن كثيرًا، هما عبارة
عن إنكار وجود الله تعالى، وعن اعتقاد أن للكون آلهة غيره، يَخْلُقون كما يخلق،
ويرزقون كما يرزق، مع أن هذين القسمين من الناس كانوا أقل الكفار والمشركين
في كل زمان ومكان، وإنما الشرك الذي كان فاشيًا في العرب، وغيرهم ممن ظهر
(يُتْبَعُ)
(/)
الإسلام فيهم، هو الذي قال القرآن في أهله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ} (الزخرف: 9) ومثل هذه الآية آيات.
كانوا يعتقدون - كما يعتقد أكثر البشر - أن مبدع الكون وخالقه واحد، ولكنه لمَّا
كان غيبًا مطلقًا، جعلوا وِجْهَتَهُم في عبادته بعضَ مظاهر قدرته الباهرة من خلقه،
من جماد وحيوان وإنسان، وزعموا أن تلك المظاهر هي الواسطة بين الله وبين
عباده في نفعهم وضرهم، ويعلل علماؤهم ذلك؛ بأن عامة الناس من الخطاة
والمذنبين لا يليق بخستهم أن يخاطبوا الجناب الإلهي الرفيع بحاجهم، فلا جرم
كانوا في حاجة إلى واسطة بينهم وبينه، كما هو الشأن عند عظماء الملوك
والسلاطين، وهذا وإن كان في ظاهره تعظيمًا لله تعالى - فقد عدَّه القرآن شركًا،
وذكر شبهة ذويه في معرض التشنيع والإنكار، حيث قال: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ
بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ * أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ
أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (الزمر: 2 - 3)، وقال: {وَيَعْبُدُونَ مِن
دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ
بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (يونس:
18)،
فانظر كيف لم يعتدّ بأن اتخاذهم شفعاء نافٍ لكونهم معبودين لهم، وكيف
صرح بأن دعوى الشفاعة افتئات على الله تعالى؛ حيث لم يكن بإعلام منه، وقال
فيمن كان يعتقد هذه الوساطة والشفاعة من أهل الكتاب: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ
إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (التوبة: 31) ومعلوم أن أهل الكتاب لم تقُل
فرقة منهم بأن رؤساءهم أرباب حقيقة، يشاركون الله تعالى في الإيجاد والإعدام كما
هو معروف من تاريخهم، وإنما هو اعتقاد الشفاعة والوساطة بين الله والناس في
مصالحهم [1].
الواسطة الصحيحة بين الله وبين عباده هم الأنبياء، ووساطتهم إنما هي في
التعليم والإرشاد، لا في الخلق والإيجاد، وقد بيَّن الله في ذلك آيات كثيرة جاءت
بصيغة الحصر؛ لتكون نصًّا قاطعًا لأعناق الأباطيل، منها قوله تعالى: {وَمَا
نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} (الأنعام: 48)، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً} (الإسراء: 105)، وقوله: {إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البَلاغُ} (الشورى: 48) وقد نفى عن النبي الأعظم السيطرة والوكالة على الناس، بقوله:
{لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} (الغاشية: 22)، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} (الأنعام:
107)، ونفى عنه الهداية بمعنى الإيصال إلى الخير بالفعل، بقوله:
{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} (البقرة: 272)، وقوله:
{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} (القصص: 56)، بخلاف
الهداية بمعنى الدلالة بالتعليم؛ فقد قال فيها:
{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (الشورى: 52) [2]، وأمره أن يتنصَّل من
دعوى النفع والضر بقوله تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ
اللَّهُ} (يونس: 49) [3]، بل أمره أن يتبرأ مع ذلك من امتلاك الرشد لهم بقوله:
] قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَراًّ وَلاَ رَشَداً [4] * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ
أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً [5 {* إِلاَّ بَلاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} (الجن: 21 - 23)، أي
(يُتْبَعُ)
(/)
لا أملك إلا البلاغ من الله تعالى فلم يبقَ إلا أنه كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيّ} (الكهف: 110) .. إلخ.
هذا كله نقطة من بحر توحيد القرآن، ومع ذلك كله كان من أمر المسلمين
نحو ما قاله المؤرخ المحقق دوزي الهولندي، فيما كتبه في الإسلام، حيث قال - ما
مثاله -: (إن محمدًا - عليه السلام - بذل كل فصاحته، وجميع عنايته في اجتثاث
جذور الوثنية، ومحو أساطيرها من لوح الوجود، وظل يجاهدها عشرين سنة،
حتى ظفر بها، واستبدل بها التوحيد الخالص، ولكن النوع البشري لما رسخ فيه
من جذور الوثنية بالوراثة المتمكِّنة في الأحقاب الطويلة، لم يكن مستعدًا للثبات على
هذه العقيدة، عقيدة التوحيد؛ ولذلك لم يمضِ على أتباع محمد أكثر من قرن واحد،
حتى ثابت إليهم الوثنية السابقة بأنواعها، ولكن بأسماء وألوان أخرى) ومَن عرف
الإسلام والمسلمين يعرف صحة قول دوزي هذا، دعْ عنك ذكرى الذين قالوا بألوهية
الإمام علي - كرَّم الله وجهه - في العصر الأول، فقد كان صوتهم ضعيفًا،
وضلالهم معروفًا، وارمِ بنظرك إلى فرق الباطنية الذين كانوا سُلاًّ في رئة الأمة،
لم تنجُ من كروب ميكروبه طائفة منها، خلقوا الأحاديث، وحرَّفوا كلم القرآن عن
مواضعه، وسرت فتنتهم إلى الطائفة المعتدلة من المسلمين باسم التصوف، فآل
الأمر إلى أن فشا في أهل السنة الغلو في شيوخ الصوفية كغلو الباطنية في أئمتهم
وخلفائهم، وهو اعتقاد أن لهم تصرفًا في الكون وراء الأسباب الظاهرة.
فالجاهلون يعتقدون أن هذا لهم بأنفسهم، ولا يتفكرون بالوساطة وما في معناها
من التأويلات، حتى إننا نشاهد عامتهم تتحامى الحلف كذبًا بالشيوخ المعتقدين، لا
سيما عند أضرحتهم، ويحلفون بالله كذبًا، وهم يعلمون.
ويشاركهم في هذا التعظيم والاعتقاد، كثير من اللابسين لباسَ العلماء،
ولكنهم يؤولون لهم ولأنفسهم بأن المحظور في الدين إنما هو الاعتقاد بالاستقلال،
وهم إنما يعتقدون أنهم واسطة بين الله والناس، ولكن إذا سألتهم: ما معنى هذه
الواسطة؟ وما هو الدليل عليها؟ وكيف لم يصرح بها القرآن، وهي في هذه
المكانة من الأهمية؟ والله يقول: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} (الأنعام: 38)
وكيف يمكن تأويل النصوص الكثيرة التي تنفيها - إذا سُئلوا عن هذا يرتكسون
بين أمواج الحيرة، يدفعهم ريب، ويتلقاهم شك إلى أبد الأبيد.
يا سبحان الله! إن الله تعالى وصف مشركي الجاهلية بأنهم عند شدة الضيق
يدعون الله تعالى وحده، مخلصين لا متوسطين، فقال: {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ
دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ
كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} (لقمان: 32)، ولكنَّا نرى المُتَّسمين بِسَمة الإسلام ينادون عند
أشد الضيق: يا باز يا سيد يا رفاعي يا متولي، وما أشبه هذه الأسماء التي ما أنزل
الله بدعوتها من سلطان، أليس من العجيب أن يقال: إن الدين لا يؤخذ من كتبه؟!
فتترك نواهي القرآن البليغة الصريحة عن الشرك الظاهر والباطن، ويحكم على
الإسلام بقول هؤلاء الغوغاء الذين يزعمون أن المتصرفين في الكون أربعة:
الجيلي والرفاعي والبدوي والدسوقي. إذا كان لله سبحانه وكلاء من الأموات
يدبرون الكون، فلماذا لم يكن منهم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة
والسلام؟! تعالى الله عن ذلك كله علوًّا كبيرًا!
وقد طال بنا الشرح فلنمسك عِنان القلم؛ فقد حصحص الحق، وظهر أن
انحراف الكثير من الناس عن هدي الإسلام من سوء الفهم، وإن سوء الفهم ليس
لصعوبة أحكامه وبُعدها من الأفهام، وإنما هو لأمراض اجتماعية طرأت على الأمة؛
فحالت دون انتفاعها بدينها، كما حالت دون الانتفاع الكامل بعقولها وحواسها.
ولما كان الإسلام دين الفطرة بشهادة القرآن، فإننا نرجو - كما يرجو عقلاء
العلماء من المسلمين - أن يكون ظهور قوانين الفطرة ونواميسها من أعظم المنبهات
إلى فهم الإسلام على حقيقته، ولسنا نقول بهذا إنه بين جميع نواميس الطبيعة،
ولكن نقول: إنه بين ما يحتاج إليه الناس لسعادتهم في دينهم ودنياهم، وسنبيّن هذا
في مقالة أخرى إن شاء الله تعالى.
__________
(1) ليس غرضنا في هذا الكلام الرد على هذه الفرقة من أهل الكتاب، وإنما هو بيان ما هو تعليم القرآن في هذه العقيدة.
(2) المعنيان للهداية معروفان في اللغة، وفي الغالب يتعدى اللفظ بالمعنى الأول بنفسه، وبالمعنى الثاني بإلى.
(3) قوله تعالى: [إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ] (يونس: 49) هذه الكلمة جاءت في القرآن بمعنى التأبيد، كقوله تعالى: [خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ] (هود: 107)، وقوله: [سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ] (الأعلى: 6 - 7).
(4) في الآية احتباك، أي، لاأملك لكم ضرًا ولا نفعًا ولا رشدًا ولا غواية، فحذف من كل منهما ما أثبت مقابله في الأخرى.
(5) ملتحدًا: أي ملتجَأً ألتجئ إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[02 - Oct-2008, صباحاً 08:19]ـ
ورأيت كتاب اسمه الدين القيم لعبد الرحمن رأفت الباشا ولا أعرف ما حجمه
ورأيت كتيب اسمه الدين القيم لأبى الأعلى المودودى
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[24 - Oct-2008, صباحاً 01:07]ـ
حمل مبادئ الإسلام والأصول الثلاثة نسخة عربية ومعها ترجمة إنجليزية pdf
للشيخ / محمد بن سليمان التميمي رحمه الله
http://majles.alukah.net/attachment....6&d=1190608095
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[24 - Oct-2008, صباحاً 01:25]ـ
هذا مقطع مفيد
أحببت أن أفيد به إخواني
يوضح فيه
الشيخ محمد حسين يعقوب (قضية فهم الدين) وكيف نستطيع أن نفهم الدين
رابط جودة عالية
http://ia341007.us.archive.org/3/items/eldin/eldin.wmv
رابط جوال جودة عالية
http://ia341007.us.archive.org/3/ite...ldin_256kb.mp4
رابط جوال جودة متوسطة
__________________(/)
الشيخ ذياب الغامدي
ـ[الشريف عبدالله]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 03:02]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بشرى لطلبة العلم بمدينة جدة
سوف يقام درس اسبوعي شرح كتاب الروض المربع للشيخ ذياب بن سعد الغامدي حفظه الله
علما بان الدرس سيكون بعد شهر رمضان المبارك
وشكرا
ـ[زين العابدين الأثري]ــــــــ[05 - Sep-2008, مساء 03:27]ـ
ااين سيقام الدرس؟
ـ[الشريف عبدالله]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 01:52]ـ
بمسجد بن محفوظ ك 11(/)
أرجو المساعدة في ترجمة الإمام أبي الفتح عبد الصمد الغزنوي
ـ[مرمرة]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 01:08]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود ممن يعرف ترجمة عن الامام (أبي الفتح عبد الصمد بن محمود بن يونس الغزنوي) أن يتحفنى بترجمته أو يذكر لي مراجع يمكن الرجوع إليها وتكون ترجمته فيها وافية
فو الله لقد بحثت عنه كثيرا ولا اجابة فأعينونى أعانكم الله
وجزاكم الله كل خير
ـ[المنصور]ــــــــ[06 - Sep-2008, صباحاً 08:01]ـ
ورد له ذكر في الجواهر المضية في طبقات الحنفية
ـ[مرمرة]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 12:56]ـ
شكرا لك أخي الفاضل ... و بارك الله فيك ...
أنا أحتاج إلى ترجمة مطولة جدا لأني احقق كتابه في رسالة علمية لنيل درجة الماجستير
فأرجو ممن لديه علم عن مكان ترجمته يدلني مشكورا وجزى الله كل من ساعدني جنة الفردوس الأعلى بغير حساب(/)
فقه الخلاف والموازنات، بين المغالاة والمجافاة - للشيخ/ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي.
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 04:03]ـ
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا تخفى على ذي حسٍّ صادق، وقلبٍ سليم، ومتأمِّل ومتابع للأحداث الجارية في بلاد الإسلام - الهجمةُ الشرسة على الإسلام وثوابتِه، ومُحاولةُ تَحريف وتقويض قواعدِه الكبرى، كما لا يخفى أيضًا ما استخدمه الأعداءُ في ذلك من أُناسٍ، هم من جِلْدَتنا، ويتكلَّمون بألسِنَتِنا، بل يُنْسَبون أحيانًا لأهْلِ السُّنَّة، والسُّنَّةُ منهم براء.
وهؤلاءِ قد جعلوا من أُصول دينِهم، وقواعدهم المُحْكمة التمسُّكَ بسقطات العلماء وأخطائِهم، فالنَّاسُ عندهم لا يُوزَنون إلا بأخطائِهم، ولا يُحكَم عليهم إلا من خِلال زلاتِهم وهفواتِهم، وأنَّ كُلَّ زلَّة وخطأٍ وهفوة تَهْدِمُ كلَّ إحسانٍ وبِرٍّ، واجتِهاد بل شهادةٍ في سبيل الله.
فأهلُ السُّنَّة العاملون الصادعون بالحقِّ: علماؤهم المجاهدون بالسيف والكلمة، ودُعاتُهم، وعوامُّهم هم المُنْكَرُ الأكبر - في رأيهم السقيم - الواجبُ إزالتُه من على وجه البسيطة، وكلَّما زاد عِلْمُ العالم، وجِهادُ المُجاهد، وجهْرُ الدَّاعية بالحقِّ، كلما زادَ إنكارُهم عليه، وتضليلُهم إيَّاه، وهتْكُ عِرْضِه بألسِنَتِهم الحداد وأقلامِهم المسمومة، وتسليمهم لأعداء الأمة وأعداء الإنسانية!!
ولو أنَّ الأمْرَ قدِ انتهى عند هذا الحدِّ لهان الخطْبُ، ولكنَّهم مع كلِّ هذا الضلال نسبوا باطلَهم وزيغَهم، وتُرَّهاتِهم وخُزَعْبِلاتِهم إلى مُعتقد أهْلِ السُّنَّة والجماعة.
ومن المعلوم من دينِ الإسلام بالضرورة، ومن البَدَهيَّات العقليَّة: أنَّ الرَّدَّ على المُخالف لا يكون إلا بعلْمٍ وعدْل، وليس بظُلْمٍ وجهل وجَوْر، وأنَّ الكلام يُحْمَل ويُفَسَّر على وجهٍ حسنٍ صحيحٍ ما أمكن، وأنَّ ما أُجْمِل في موضعٍ يُحْمل على المُفَصَّل المُحْكم من كلامِه في موضعٍ آخَر، وأنَّ مذهبَ الرَّجُل إنما يؤخَذ من آخِر كُتُبِه، كما يَجِبُ عدمُ تَحميل كلام المخالف ما لا يَحتمِلُه؛ بالدُّخول في النَّوايا، أو افتِراض الظَّنِّ السيِّئ.
وما قوَّى نَشَاطِي لهذا الموضوع: أَنِّي رَأَيْتُ كثيرا من المبتدئين في العلم الشرعي قد غرَّهم مذهبُ القِيل والقال، وثقافةُ الغِيبة والنَّميمة والبُهتان، يَقْرَؤُونُ ولا يَفْهَمُون، ومَذْهَبُهُم مَذْهَبُ العَوَامِّ، مع قلَّةِ العِلْمِ، وعَدَمِ الفَهْم، فضلاً عن ما هم عليه من العَصَبِيَّةِ المقيتة، والتي يسمُّونها سُنَّةً، حتى أن كثيرين ممن لم ينتسبوا لهذا المذهب الفاسد تأثروا به تأثرًا بالغا؛ ويظهر هذا جليا من تطاول هؤلاء الفُسْل على الأكابر من أهل العلم، الأحياء منهم والأموات؛ فوجب بيانُ الصَّوَاب لكلِّ مَن رزقه الله فَهْمًا في الدين والدنيا.
هذا؛ وإن كان الكَلامُ مَعَ هؤلاء مشافهةً صَعْبًا؛ لِقِلَّةِ فَهْمِهِم، وضحالة فِقْهِهِم، وهروبهم دائما من المناقشة؛ بدعوى أنها – أي المناظرة - من بدع العصر الحديث!!
بيد أَنِّه لابدَّ من مرَاعَاة طَالِبِي الحَقِّ مِنَ المسلمين، فنبين لهم الحق وندحض الباطل، وإن كنَّا لَم نبَالِ بِالسَّفْسَافِ الغَوْغَاءِ، الذين جِنَايَتُهُم على الشريعةِ، ومُخالفتِهم لمذاهبِ الفقهاءِ أجْمعين، ومنابذتهم لمعتقد أهل السنة وتفريق المسلمين - أكثَرُ من أن تُحصى.
وإن كان الغرض الأسمى والمطلب الأقوى – فيما أُرى – لهذا المقال هو مراعاة حال من ليس من أهل العلم؛ فيظن جهلاً أن ما يفعله ألئك الأغرار - هو فعلاً - مذهب أهل السنة في معاملة المخالفين، فضلاً عن معاملة علمائهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليُعلم أن من أعظم قواعدِ الملَّة الحَنِيفِيَّة في الحُكم على الأشخاص، والَّتي دلَّ عليْها الكِتاب والسُّنَّة والإجْماع - قاعدةَ الموازنة، وتتلخَّص في أنَّ الحكم على الأشخاص يكونُ بالأغلب من أقوالِهم وأفعالهم، ما دام العالم أو الدَّاعية على مذهب أهل السُّنَّة في الجملة، وناصرًا لمعتقدهم على الإجمال، ثم بعد ذلك قال بقَوْلِ أهل البِدَعِ في مسألة - أو مسائلَ - لا يَعني ذلك أنَّه قد صار مبتدِعًا خارجًا عن أهل السُّنَّة، وهذا ما لم يَقُلْه أحد من أهل العلم ألبتة، ولَو قُلْنَا بغيْر ذلك، ومَاشَيْنا أهْلَ الضَّلال - وحاشانا - لَم يَسْلم لنا عالِمٌ واحد ولا إمام! كما قيل:
مَنْ ذَا الَّذِي مَا سَاءَ قَطّ وَمَنْ لَهُ الحُسْنَى فَقَطْ
وقد وردت آيات كثيرة في القُرآن الكريم يصعُب حصْرُها تؤصل قاعدة العدْلِ والمُوازنة بالقِسط، منها قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 9]، وقال سبحانه: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].
بل إنَّ الله - تعالى - قد أنصف اليهود فذكر ما عند بعضِهم من أمانةٍ، فقال سبحانه: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75].
قال الإمام أبو جعفر الطبري: "هذا خبر من الله - عزَّ وجلَّ - أنَّ من أهل الكتاب - وهُم اليهودُ من بني إسرائيل - أهلَ أمانةٍ، يؤدُّونَها ولا يَخونونها، ومنهم الخائنُ أمانتَه، الفاجرُ في يَمينِه المستحِلُّ".
وكذلك قد وردتْ في صحيح السُّنَّة أحاديثُ كثيرةٌ، تدلُّ على تأصيل النبي - صلى الله عليه وسلَّم - وإرسائه لتلك القاعدة الذهبيَّة، وأنه ربَّى أصحابَه عليها، ودفع عنهم ما كان يَشوبُها أحيانًا، مع تَوجيهِهم إلى الحقِّ والعدْل والإنصاف، ومن الأمثلة المشهورة ما رواه البُخاريُّ عن عمر بن الخطاب: أنَّ رجلاً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلَّم - كان اسمه عبدَالله، وكان يُلقَّب حمارًا، وكان يُضْحِك رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلَّم - قد جَلَدَهُ في الشراب، فأُتِيَ به يومًا، فَأَمَر به فجُلِدَ، فقال رجلٌ من القوم: اللهم الْعَنْه، ما أكثرَ ما يُؤتى به! فقال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا تلعنوه! فوالله، ما علِمْتُ إلا أنَّه يُحِبُّ الله ورسوله)).
فانظر - رحِمك الله - كيف دافع نَبِيُّ الرَّحمة عن مُدْمِن للخَمر؛ لأنَّه وازن بين إدمانِه وما استقرَّ في قلبه من محبَّة للَّه ولرسوله، التي هي أصلُ الإيمان، فغلَّب القويَّ على الضعيفِ، ومثلُه ما ورد في حديث البطاقة!
وروى الشَّيخان عن عليٍّ - رضي الله عنه – في قصَّة حاطبِ بنِ أبي بلتعة - رضي الله عنه – وفيها: أنَّه أرسل كتابًا إلى ناسٍ من المشركين من أهل مكَّة، يُخْبِرُهُمْ ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا حاطبُ، ما هذا؟!))، قال: يا رسولَ الله، لا تَعْجَلْ عليَّ، إنِّي كنتُ امْرَأً مُلْصَقًا في قريش، ولم أكن من أَنْفُسِهِا، وكان مَنْ معكَ من المهاجرين لهم قَرَابَاتٌ بمكَّةَ، يَحْمُونَ بها أهليهم وأموالَهم، فأحببتُ إذ فاتني ذلك من النَّسَبِ فيهم أن أَتَّخِذَ عندهم يدًا، يَحْمُونَ بها قَرَابَتِي، وما فعلتُ كفرًا، ولا ارتِدادًا، ولا رضًا بالكفر بعد
(يُتْبَعُ)
(/)
الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد صَدَقَكُمْ))، قال عمر: يا رسولَ الله، دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هذا المنافق، قال: ((إنه قد شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدْرِيكَ لعلَّ اللهَ أن يكون قد اطَّلَعَ على أهل بدر، فقال: اعمَلوا ما شئتُم، فقد غفرتُ لكم)).
ولا يَخفى أنَّ ما فعله حاطبٌ مُوالاةٌ للكُفار، والتي حُكْمُها، إما كفرٌ مُخْرِجٌ مِن المِلَّةِ، وإمَّا معصيةٌ من كبائر الذنوب، ومع كلِّ هذا لم يَرفَع عنه وصفَ الإيمان، بل أنكر عليه فِعْلَتَهُ وقَبِلَ عذره، وأثبت تأثيرَ حسناتِه الكبار في تَكفير ذنبِه وإن كان كبيرًا، بل ودافع عنه بردِّ النفاق وإثبات نقيضه وهو الإيمان.
قال العلاَّمة ابن القيِّم في "زاد المعاد": "ومن فوائد هذه القِصَّة: أنَّ الكبيرةَ العظيمة - مِمَّا دون الشِّرك - قد تُكَفَّرُ بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الجَسُّ من حاطبٍ مُكَفَّرًا بشهوده بدرًا، فإنَّ ما اشتملتْ عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة، وتَضَمَّنتْه من محبَّة الله لَها، ورِضاه وفرحِه بها، ومُباهاته لِلملائِكة بفاعِلها - أعظمُ مما اشتملت عليه سيئةُ الجَسِّ من المفسدة، وتَضَمُّنِه من بُغْضِ الله لها، فَغَلَبَ الأقوى على الأضعف، فأزاله وأبطل مُقْتضاه؛ وهذه حكمةُ الله في الصحة والمرض، الناشئَيْنِ من الحسنات والسيئات، المُوجِبَيْنِ لصحة القلب ومرضه؛ قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، وقال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31].
فتأمَّلْ قوَّةَ إيمان حاطب، التي حملَتْه على شهود بدر، وبَذْلِه نَفْسَه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيثارِه اللهَ ورسولَه - صلى الله عليه وسلم - على قومِه وعشيرتِه وقرابتِه، وهم بين ظَهْرَانَيِ العَدُوِّ وفي بلدهم، ولم يَثْنِ ذلك عِنان عزمه، ولا فَلَّ من حَدِّ إيمانه، ومُواجهته للقتال لِمَنْ أهلُه وعشيرتُه وأقاربُه عندهم، فلما جاء مرَضُ الجَسِّ بَرَزَتْ إليه هذه القوَّة، فاندفع المرض، وقام المريض، كأنْ لم يكن به قَلْبُه، ولما رأى الطبيبُ قُوَّةَ إيمانه قد اسْتَعْلَتْ على مرض جَسِّهِ وَقَهَرَتْهُ، قال لمن أراد فَصْدَهُ: لا يحتاج هذا العارضُ إلى فِصَادٍ، ((وما يُدريك لعلَّ الله أن يكونَ قدِ اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) ".اهـ. مُختصرًا.
وروى البخاري ومسلم، عن عِتْبانَ بن مالك: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أتاه في بيتِه ليُصَلِّي له في مكان يتَّخِذُه مُصلًّى ... إلى أن قال: فقال رجلٌ منهم: ما فعل مالك، لا أراه؟! فقال رجل منهم: ذاك منافقٌ لا يُحبُّ الله ورسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقُلْ ذاك، ألا تراه قال: لا إله إلا الله يبتغى بذلك وجه الله؟!)) فقال: الله ورسوله أعلم، أمَّا نَحن، فوالله، لا نرى ودَّه ولا حديثَه إلا إلى المنافقين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإنَّ الله قد حرَّم على النَّار مَن قال: لا إله إلا الله يَبتغى بذلك وجه الله)).
فانظُرْ - رعاك الله - كيف تثبَّت النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في شأْنِ مالكٍ، وأنكر على مَن نَسَبه للنِّفاق، وحَمل الأمرَ فيه على الوَجْهِ الجميل، ودافع عنه ببيان أنَّ مالكًا لَم يكتَفِ في الإيمان بِمجرَّد النُّطْقِ من غيْرِ اعتِقادٍ، بل أثبت له صِدْقَ إيمانِه، وبيَّن بيانًا عامًّا: أنَّ العمل الذي يُبْتَغى به وجهُ الله - تعالى - يُنْجِي صاحبه، إن شاء الله تعالى.
أمَّا أقوال أئمَّة السُّنَّة الأعلام، فأكثَرُ من أن تُحصَر، وأعظم من أن تُذكر؛ إلا أن نذكر منها النَزْرَ اليسير، فَمَنْ راجعَ كُتُبَ العقائد والتَّراجِم والسِّيَر، وتأمَّل كُتُبَ شَيْخَيِ الإسلام أبي العبَّاس، ابن تيمية، وأبي عبدالله، ابن القيم، وكُتُب الحافظ الذَّهَبِيِّ، وغيرهم من أهل العلم الكِبار، وَجَدَ الحُجَّة تِلْوَ الحُجَّة في تَأْصِيلِهم لِهذا المنهج الرَّشيد القَويم، الَّذي شَهِدَ له المنقولُ والمعقولُ بأنه قاعدةٌ مُضطرِدةٌ في الشرع والعقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام مالك بن أنس: "كلٌّ يُؤْخذ من قولِه ويُترَك؛ إلا رسولَ الله"، وقال الإمام أحمدُ بن حنبل: "لم يَعْبُر الجِسْر إلى خُراسانَ مثلُ إسحاق، وإن كان يُخالفنا في أشياء، فإنَّ النَّاس لم يَزَلْ يُخالف بعضُهم بعضًا"، "سير أعلام النبلاء".
وقد حكى شيخ الإسلام، أبو العبَّاس ابن تيمية اتِّفاقَ أهلِ السُّنَّة على قاعدة الموازنة الذهبية تلك، فقال - قَدَّسَ اللهُ رُوحَه، ونَوَّرَ ضَرِيحَه - في "مجموع الفتاوى" (28/ 209): "وإذا اجتَمع في الرَّجُل الواحد خيرٌ وشرٌّ، وفجورٌ وطاعةٌ ومعصيةٌ، وسنَّةٌ وبدعةٌ - استحقَّ من الموالاة والثَّواب بقَدْرِ ما فيه من الخَيْرِ، واستحقَّ من المُعاداة والعِقاب بِحَسب ما فيهِ من الشَّرِّ، فَيجْتَمِعُ في الشَّخص الواحد مُوجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا؛ كاللِّصِّ الفقير: تُقْطَع يدُه؛ لسَرِقَته، ويُعْطى من بيت المال ما يَكفيهِ لحاجتِه، هذا هو الأصل الذي اتَّفق عليه أهل السُّنَّة والجماعة، وخالفَهُم الخوارجُ والمعتزِلة ومَن وافقهم عليْه؛ فلم يَجعلوا النَّاسَ إلاَّ مُستحِقًّا للثَّواب فقط، وإلاَّ مُستحقًّا للعِقاب فقط".
وقال في موضعٍ آخَر (35/ 94): "ومَن كان فيه ما يُوالَى عليه من حسناتٍ، وما يُعادَى عليْه من سيِّئاتٍ، عُومل بِموجِب ذلك، كفُسَّاق أهل الملَّة؛ إذْ هُم مستحقُّون للثَّواب والعقاب، والمُوالاة والمعاداة، والحبِّ والبغض، بِحسب ما فيهم من البِرِّ والفجور فإنَّ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8].
وقال أيضًا (3/ 283): "والأصل أنَّ دماءَ المسلمين وأموالَهم وأعراضَهم مُحرَّمةٌ من بعضِهم على بعض، لا تَحلُّ إلا بإذن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا خطبَهُم في حجَّة الوداع -: ((إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعْرَاضَكُم عليْكم حرامٌ، كَحُرمة يومِكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا))، وقال: ((كلُّ المسلم على المسلِمِ حرامٌ: دمُه، ومالُه، وعرضُه))، وقال: ((مَن صلَّى صلاتَنا، واستقْبَل قِبْلَتنا، وأكَل ذبيحَتَنا، فهُو المُسْلِم، له ذمَّة الله ورسولِه))، ولهذا؛ كان السلف مع الاقتِتال يُوالِي بعضُهم بعضًا مُوالاةَ الدين، لا يُعادون كمُعاداة الكفَّار؛ فيقْبَل بعضُهم شهادةَ بعض، ويأخُذ بعضُهم العلمَ عن بعض، ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بِمعاملة المسلمين، بعضهم مع بعض، مع ما كان بينَهم من القتال والتَّلاعُن وغير ذلك".
وقال كذلك عن أبي مُحمَّد بن حزم - على الرَّغْم من أنَّه قال بقول الجَهْمِيَّة في باب الأسماء والصفات - (مجموع الفتاوى 4/ 20): "وإن كان أبو مُحمَّد بن حزم في مسائل الإيمان والقدَر أقومَ من غيْرِه، وأعلَمَ بالحديث، وأكثرَ تعظيمًا له ولأهله من غيره، لكنْ قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة، في مسائل الصِّفات ما صرفه عن مُوافقة أهل الحديث في معاني مذهبِهم في ذلك، فوافق هؤلاءِ في اللفظ وهؤلاء في المعنى ... وإن كان له من الإيمان والدِّين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يَدْفَعُه إلا مُكابر، ويُوجَد في كُتُبِه من كثرة الاطِّلاع على الأقوال، والمعرفة بالأحوال، والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانبِ الرِّسالة ما لا يَجتمِعُ مثلُه لغيره، فالمسألة التي يكون فيها حديثٌ يكون جانِبُه فيها ظاهِرَ التَّرجيحِ، وله من التَّمييزِ بين الصحيح والضَّعيف والمعرفة بأقوال السلف ما لا يكادُ يقَع مثلُه لغيره من الفقهاء".
واعتذر أيضًا عن القاضي أبي يعلى، وهو من متكلِّمة الحنابلة - وقد قال بقول الجهْمِيَّة في مسألة شاتِم الرَّسول - في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (1/ 513)، فقال: "وهذه زلَّة منكَرة وهفوة عظيمة، ويرحم الله القاضيَ أبا يعلى، قد ذكر في غيْرِ موضعٍ من كُتُبِه ما يُناقض ما قاله هنا؛ وإنَّما وقع من وقع في هذه المهْواة ما تلقَّوْهُ من كلام طائفةٍ من متأخِّري المتكلمين".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومَنْ طالع كتاب "مدارج السالكين"، للإمام أبي عبدالله بن القيم رأى أنَّه ينقل عن الهروي صاحبِ المنازل أشياءَ كثيرةً مُنْكَرة، ومُخالفة لعقيدة السلف، وأحيانًا تكون من الطَّامَّات الكبرى، ثُمَّ يتأوَّل عنه، ويُحاول حَمْلَ كلامِه مَحملاً حسنًا؛ لأنَّه كان من أهل السنَّة في الجملة، وغرضه نصرة الحق.
فقال مرَّة - بعد أن ذكر كلامًا مُتهافتًا للهروي – في (3/ 394): "شيخ الإسلام حبيبُنا، ولكن الحقَّ أحبُّ إليْنا منه، وكان شيْخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: عملُه خيْرٌ من عِلْمِه، وصدق - رحِمه الله - فسيرتُه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد أهل البِدَع لا يُشَقُّ له فيها غبار، وله المقاماتُ المشهورة في نُصرة الله ورسولِه، وأبَى الله أن يكسُوَ ثوبَ العِصمة لغَيْرِ الصَّادق المصدوق، الذي لا يَنطِق عن الهَوى، وقد أخطأ في هذا الباب لفظًا ومعنًى".
ومَنْ تأمَّل كتاب "سير أعلام النبلاء"، للإمام الذَّهبي، يَجِد قاعدةَ الموازنة بعَدْلٍ وتجرُّد وإنصاف، واضحةً جليَّة مع مَن هم مِن أهل السنة في الجملة، فقال في تَرجَمة أبي حامد الغزالي (19/ 327): "ما زال العُلماء يَختلفون، ويتكلَّم العالِمُ في العالِم باجتِهاده، وكلٌّ منهم معذورٌ مأجور، ومَن عانَد أو خَرَق الإجْماع فهو مأزور، وإلى الله تُرْجَع الأمور ... إمامٌ كبير، وما مِن شرطِ العالم أنَّه لا يخطئ".
وقال في ترجمة أبي مُحمَّد بن حزم (18/ 186): "ولقد وَقَفْتُ له على تأليف يَحضُّ فيه على الاعتِناء بالمنطق، ويقدِّمُه على العلوم، فتألَّمتُ له؛ فإنَّه رأس في علوم الإسلام، متبحِّر في النقل عديم النظير ... إلى أن قال: فلا نَغْلو فيه ولا نَجفو عنه، وقد أثْنَى عليه قبلنا الكبار".
وقال في ترجمة الإمام الكبير محمد بن نصر المروزي (14/ 40): "ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتِهاده في آحاد المسائل خطأً مغفورًا له، قُمْنا عليه وبدَّعناه، وهجرْناه، لما سَلِمَ معنا ابْنُ نصر، ولا ابن منده، ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخَلْقِ إلى الحقِّ، هو أرحم الراحمين، فنعوذُ بالله من الهوى والفظاظة".
وقال معتذرًا عن إمام الأئمَّة ابن خُزيْمة، في تأويلِه لحديث الصورة (14/ 376): "فليُعْذر من تأوَّل بعض الصفات ... ولو أنَّ كلَّ مَن أخطأ في اجتِهاده، مع صحَّة إيمانه وتوخِّيه لاتِّباع الحقِّ، أهدرناه وبدَّعناه - لقلَّ مَن يسلم من الأئمَّة معنا".
وقال في ترجمة قتادة (5/ 271): "وكان يرى القدر - نسأل الله العفو - ومع هذا فما توقَّف أحدٌ في صِدْقِه وعدالته وحفظه، ولعلَّ اللهَ ُيعذُر أمثالَه، مِمَّن تلبَّس ببدعةٍ، يُريد بِها تعظيمَ الباري وتنزيهه، وبذَل وُسْعَه، والله حكَمٌ عدْلٌ لطيف بعباده، ولا يُسأل عمَّا يفعل، ثم إنَّ الكبير من أئمَّة العلم إذا كثُر صوابُه، وعُلِمَ تحرِّيه للحقِّ، واتَّسع عِلْمُه، وظهر ذكاؤُه، وعُرِفَ صلاحُه وورعُه واتِّباعه، يُغْفَر له زلَلُه، ولا نُضلِّله ونطرحه وننسى محاسنه، نَعَمْ، ولا نقتدي به في بِدْعَته وخطئه، ونرجو له التَّوبة من ذلك".
وقال الحافظ في "الفتح"، (5/ 335): "الحُكْم على الشَّيْءِ بِما عُرِفَ من عادته، وإن جاز أن يطرأ عليه غيرُه، فإذا وقع من شخصٍ هفوةٌ، لا يُعْهَد منه مثلُها، لا يُنسب إليها، ويُردُّ على من نسبه إليها، ومعذرة من نسبه إليها مِمَّن لا يعرف صورة حاله".
هذا؛ وقد أفرد علامة عصْرِه، وأُعْجُوبةُ دهره الشَّيخ بكر بن عبدالله أبو زيد تصانيفَ قيِّمة، مشى فيها على طريقة الأقدمين في الانتِصار لعُلماء الأمَّة المُفْتَرى عليهم، ومن تلك الكتب: "الردود"، و"براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمَّة"، و"تصنيف الناس بين الشَّكِّ واليقين"، و"الرسالة الذهبيَّة"، وكان لسان حالِه، وهو يُجاهِد بقلمه، شاهرًا إيَّاه في وجْهِ الحروريَّة الجُدُد، والمرجئة الجُلُد، والمُتَنَطِّعة العبط:
فَدُونَكَ إِذْ تَرْمِى الظِّبَاءَ سَوَانِحًا تَلَقَّ مَرَامِيْهَا فَمَنْ يَرْمِ يَتَّقِي
وهاك بعضَ الآداب العامَّة للتعامُل مع المخالف:
- التثبت من قول المخالِف - مهما عظُمَتْ مُخالفتُه – وإعذارُه، وتنزيهُه من فساد النية وإرادةِ غير الحقِّ؛ ما دام ظاهره هو الدينَ والعدل.
(يُتْبَعُ)
(/)
- إحسانُ الظَّنِّ بالعلماء والدُّعاة والمصلحين وعامَّة المسلمين، وعدم الاعتِقاد أنَّهم تعمَّدوا تركَ الحقِّ إلا إن قام دليل صحيح يدل على ذلك، ولنترك سرائِرهم لله - سبحانه وتعالى.
- ترك التشنيع والتَّفسيق والتبديع في الأمور الاجتهادية، وفي كل ما يُعْذَر فيه بالجهل أو التأويل، وخاصَّة العُلماءَ المشهود لهم بالخير والاجتِهاد، إذا خالف بعض الأمور القطعيَّة اجتهادًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وليس في ذِكْرِ كون المسألة قطعيَّة طعنٌ على مَن خالَفَها من المجتهدين؛ كسائِر المسائل التي اخْتَلَف فيها السلف، وقد تيقنَّا صحَّة أحدِ القولَيْن"، "الآداب الشرعية: 186/ 1".
ولا فرْقَ في ذلك بين مسائِلِ الاعتِقاد ومسائل الفِقْه؛ قال شيخ الإسلام: "فمَنْ كان من المؤمنين مُجتهدًا في طلب الحقِّ وأخطأ، فإنَّ الله يَغْفِر له خطأه كائنًا ما كان، سواءٌ كان في المسائل النظريَّة أو العمليَّة، هذا الذي عليه أصحابُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - وجَماهير أئمَّة الإسلام".اهـ. "مجموع الفتاوى23/ 346".
وقال "مجموع الفتاوى 20/ 33 - 36": "والخطأ المغفورُ في الاجتهاد هو في نوعَيِ المسائل الخبريَّة والعمليَّة، كما قد بسط في غير موضعٍ، كمَنِ اعتقد ثبوتَ شيء لدلالة آيةٍ أو حديثٍ، وكان لذلك ما يعارضُه ويُبيِّن المراد ولم يَعْرِفه، مثلُ منِ اعتقَد أنَّ الذَّبيحَ إسحاقُ؛ لحديثٍ اعتقَدَ ثبوتَه، أوِ اعتقد أنَّ الله لا يُرى؛ لقولِه تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، ولقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ ?للَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [الشورى: 51]، نُقِلَ عن بعض التابعين أنَّ الله لا يُرى، وفسَّروا قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى? رَبّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] بأنَّها تنتظِرُ ثوابَ ربِّها، كما نُقِلَ عن مُجاهدٍ وأبي صالح - أوِ اعتقد أنَّ الله لا يَعْجَبُ، كما اعتقد ذلك شريْحٌ؛ لاعتِقاده أنَّ العجب إنَّما يكون من جهل السبب، والله منزَّه عن الجهل.
وكما أنكر طائفةٌ من السَّلف والخلف أنَّ الله يُريد المعاصيَ؛ لاعتِقادهم أنَّ معناه أنَّ الله يُحِبُّ ذلك ويرضاه ويأمُر به، وكالذي قال لأهله: ((إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم ذرُّوني في اليمِّ؛ فوالله، لئن قدر الله عليَّ ليُعذِّبنِّي عذابًا لا يعذِّبه أحدًا من العالمين))، وكثيرٌ من النَّاس لا يعلم ذلك؛ إمَّا لأنَّه لم تبلغْهُ الأحاديثُ، وإمَّا لأنَّه ظنَّ أنَّه كذب وغلط".اهـ مختصرًا.
وقال في "مجموع الفتاوى 19/ 122": "وتنازعوا - أي الصحابة - في مسائلَ علميَّة اعتقاديَّة - كسماع الميِّت صوتَ الحيِّ، وتعذيب الميِّت ببُكاء أهله، ورؤية مُحمَّد ربَّه قبل الموت - مع بقاء الجماعة والأُلْفة، وهذه المسائل منها ما أحدُ القولين خطأٌ قطعًا، ومنها ما المُصيب في نفْسِ الأمر واحدٌ عند الجُمهور أتباع السلف، والآخَرُ مؤدٍّ لِما وجب عليه بِحسب قوَّة إدراكه .... ... ومذهبُ أهل السنة والجماعة: أنَّه لا إثْمَ على من ِاجتهَد وإنْ أخطأ".
ولعلَّه قد ظهر مِمَّا سبق بيانه: أنَّ الأصلَ عند هؤلاء الحرورية هو استحالةُ اجتِماع الثَّواب والعِقاب، والحسنات والسيِّئات، والسُّنَّة والبدعة، والمُوالاة والمعاداة في شخصٍ واحدٍ، فمَن أُثِيبَ لا يُعاقَب، ومَن عُوقب لَم يُثَبْ، كما قالتِ الخوارج قديمًا، والذي فارقوا به أهلَ السُّنَّة حيث زعموا: أنَّ الطاعة جزءٌ من الإيمان، والمعصية جزءٌ من الكفر، ولا يَجتمِعُ كفرٌ وإيمان؛ لأنَّه ليس هناك إلا مؤمنٌ مَحض أو كافرٌ محض – كما زعموا.
ودلائلُ اجتِماع شُعَب الإيمان وبعضِ شُعَب الكُفْر، في شخصٍ واحدٍ من الكتاب والسُّنَّة - كثيرٌة جدا، وقد أجْمَع عليه علماء الأمَّة؛ قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى (27/ 476) ": "فإنَّ العبد قد يكون فيه سببُ هذا وسببُ هذا - الطاعةَ والمعصيةَ - إذا اجتمع فيه مِنْ حُبِّ الأمرَيْنِ؛ إذْ كان من أصول أهل السُّنَّة التي فارقوا بِها الخوارج: أنَّ الشَّخص الواحد تَجتمع فيه حسناتٌ وسيئات، فيُثاب على حسناتِه ويُعاقَب على سيِّئاته، ويُحمَد على حسناتِه ويذمُّ على سيِّئاته، وأنَّه من وجهٍ مرضيٌّ محبوبٌ، ومن وجهٍ بغيضٌ مسخوط؛ فلهذا كان لأهل الأحداث هذا الحكمُ، وأمَّا أهل التأويل المَحْض، الذين يسوغ تأويلهم: فأولئك مُجتهدون مُخطئون، خطؤُهم مغفورٌ لهم، وهم مُثابون على ما أحسنوا فيه، من حُسْنِ قَصْدِهم واجتهادِهم في طلب الحق واتِّباعه، كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلَّم -: ((إذا اجتهد الحاكمُ فأصاب، فله أجران، وإذا اجتهد الحاكمُ فأخطأ فله أجْر)).
هذا؛ وللحديث بقية.
منقول من هنا:
http://www.alukah.net/articles/1/3423.aspx
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 07:49]ـ
بارك الله في الشيخ خالد على هذا المقال القيم، ونفع الله بجهوده وكتاباته،،،
والشكر موصول لكم - شيخ علي - على هذا النقل الموفق، بوركتم،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو يمامة]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 08:25]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لو استحضر الكثير من الكتاب هذه الكلمات لما وجدت المقالات والمواضيع التي تطعن بفلان وتشهر بفلان، والتي تفرق المسلمين فوق فرقتهم.
فجزى الله كاتب الموضوع وناقله كل خير، وادخلهم الجنة برحمته.
اللهم آمين
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 08:51]ـ
الفاضلان
فريد المرادي
أبو يمامة
وفيكما بارك الله، وجزاكما الله خيرًا.
شرفني مروركما.
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 09:14]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[ابن رجب]ــــــــ[06 - Sep-2008, مساء 09:29]ـ
لله درك وعليه أجرك
آمين ..
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 11:08]ـ
الأخ إمام الأندلس
والأخ ابن رجب.
شكرًا لكما بارك الله فيكما.
ـ[أبومنصور]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 01:57]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[بنت الخير]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 04:23]ـ
موضوع طيب
ليت إخواننا المغرمين بعيب العلماء وطلاب العلم، وغمزهم في أشخاصهم، وانتقاد كتبهم وتحقيقاتهم، من أهل هذا المنتدى وغيره، يتأملوا هذا البيان.
وإني لأتعجب من أمثال هؤلاء المتلذذين بجرح العلماء وطلاب العلم، ما ظنهم بربهم؟؟!! ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ..
ما قولهم لربهم، وقد جرحوا وعابوا الناس لشهواتهم، لا لله، ولو كان لله لرضوا أن يقف الناس من أخطائهم موقفهم هم من الناس، لكنهم يجرحون الناس ويسخرون منهم، بينا لو بينت لهم أخطاؤهم بشيء من الشدة، لحذفوا مشاركاتهم، كما صنعوا معي.
وإني لن أذكر الآن هذا الذي انتقدته، حتى لا أقع في ضد ما أوصيه به، لكني أدعو الله لي وله بالهداية، وأذكره بالتوبة والإنصاف، وآمره باللين مع المسلمين عامة، ومع طلاب العلم خاصة.
بوركتم
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 09:34]ـ
الأخ الفاضل / أبو منصور.
وأنت جزاك الله خيرًا على المرور.
الأخت الفاضلة / بنت الخير
جزاك الله خيرًا ورزقنا الله وإياك العلم النافع وسعة الصدر والحكمة.
ـ[علي أحمد عبد الباقي]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 09:36]ـ
فقه الخلاف والموازناتْ، بين المغالاة والمجافاتْ (2)
الشيخ خالد عبدالمنعم الرفاعي
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
أبدأ مقالتي هذه بتعقيب مختصَرٍ على الأختِ - أو الأخِ - نورِ الهدى، وَفَّقَها الله تعالى - أو وفَّقه - فأقول:
إنّ مناقشةَ ما حَواه ردُّكم مِن مغالَطات يُخْرِج هذه الخاصيةَ - أي: الردود على المقالات - عمّا وُضعت له، وسِيقَتْ مِن أَجْله:
فَلَوْ كَانَ سَهْمًا وَاحِدًا لاتَّقَيْتُهُ وَلَكِنَّه سَهْمٌ وَثَانٍ وَثَالِثُ!!
وَأَشَدُّ السِّهام طيشًا قولُكَِ - رعاكَِ الله -: "ألم يَلْتَمِسِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - العُذْرَ لمن ظهر منه الكفرُ والخيانةُ العظمى؟! "، فهل رأيتَِ أن أحدًا من أهل العلم المُعْتَبَرِين: نَصَّ على أن حاطبًا قد كَفَرَ بفِعْلَتِه هذه؟!
ولكن قام ما يمنع من إطلاق حكم الكفر عليه؛ وهو بَدْرِيَّتُه، وشُهُودُه تلك المَلْحَمَةَ الكبرى التي أَرْست دعائم الإسلام ومعالمه؛ وَمِنْ المقرَّر عند العلماء، بل ويعرفه حتى العَوَامُّ والدَّهْمَاء: أن إطلاق حكم التكفير لا يُجَوِّزه الشارع؛ حتى تُسْتَوفَى الشروط وتَنْتَفِيَ الموانع.
ثم إن عظمة مقام الصحابة تربأ بالمؤمن أن يُعَبِّر عن أحدهم بأنه: خان "الخيانة العظمى"، أو وقع في الجريرة الكبرى.
ومناقشة ما قُلْتَِه بالتفصيل آتٍ - بمشيئة الله تعالى - في حلقات قادمة، ومواقف متقادمة، فنرجو المتابعة إن رُمتُم معرفةَ الحق، وآثرتُم اتِّباع الصدق، فسَنُضَمِّنُه التِّرْيَاق، وعند الله الموعدُ والتَّلاق، وقد أحويناه ما يَجْلو عنكَِ عَشَا الخُفَّاش، ويَطْرد عنكَِ الاختلاط والاهْتِواش، بل إنه سيَمْحُو - بمعونة الله تعالى - كلَّ أثرٍ لوسوسة الوَسْواس، وخَنْس الخنّاس، سواءٌ أكان من الجِنَّة أم من الناس؛ اللهم إلا أن يكون الباعثُ غيرَ ما ظَنَنَّا من البواعث، فإن كان فلن يُوقِفَنا - بفضل الله - نَفْثُ نافث، ولا عَبَث عابث،
(يُتْبَعُ)
(/)
ولله دَرُّ القائل:
وَلا كُتْبَ إلاّ المَشْرَفِيَّةُ عِنْدَهُ وَلا رُسُلٌ إلاّ الخَميسُ العَرَمْرَمُ
ولله دَرُّ الآخَر:
السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الْكُتُبِ فِي حَدِّهِ الْحَدُّ بَيْنَ الْجِدِّ وَاللَّعِبِ
هذا؛ إذا ثبت أنّ النِيَّة مدخولة، والطَّوِيَّة مرذولة، ونرجو ألا يكون الأمر كذاك، على أن الله أعلم بما هناك.
بَيْدَ أني أقول، وبالله تعالى نَصُولُ ونَجُول: إنّ قولكَِ، كان الله لكَِ، وهداكَِ رشدكَِ، قولكَِ: "أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الحُرُوبِ نَعَامَةٌ"، مُجْمَل يحتاج إلى تفصيل، ومتشابِه يحتاج إلى بيان، ومُطْلق يَفْتقر إلى تقييد، وعام يَعوزُه التخصيص، وبالسَّبْر والتقسيم تَنْتج لنا هذه الاحتمالات، والله بالمقصود عليم.
أمّا إن كنتَِ تَقْصِدينني - أو تَقْصدني - فالأمرُ - لَعَمْرُ الله - هَيّنٌ لَيّن، فنُعْمَى وكرامةَ عَيْن.
وأمّا إن كنتِ تقصدين - أو كنتَ تقصد - أَسَدَ الساعة، وغَضَنْفر الجماعة، الكِبْرِيتَ الأحمر، وعلاّمةَ هذا العصر الأَغْبر، شيخَ الشيوخ، والإمام الفَرُّوخ، العالِمَ العلاّمة، والمِنْطِيقَ التِّكِلاّمة، رافِعِيَّ البيان، شاهر السنان، قويَّ الجَنان، شاكريَّ الوَشيجة، تَيْميّ العقيدة، رحمه الله، وبَلَّل ثَراه، وجعل الجَنَّة مأوانا ومأواه، أَعْني: بكرَ بنَ عبدِ الله، المُكَنَّى بأبي زيد، الممدوحَ بلا قَيْد، على أن الكمالَ عزيزٌ، وخيرُ الكلام الكلامُ الوَجِيز، وقد كان الشيخُ - وَايْمُنُ اللهِ - أبوه، لا بُرَّ مَن يَشْنَوه، بل فُضَّ فُوهُ، وكِيدَ مناصِروه، ونُصِر مُعادوه، نقول: إن كان هذا مقصودَكَِ!!! فالله حسيبُكَِ، وهو نِعْمَ النصير، وإليه المرجع والمصير؛ إذ كيف - يا لَلهِ!!! - يخطر ببال عاقل أو عُوَيْقِل: أن يَذْهب هذا المذهب، ويَنْقلب هذا المُنْقَلَب، ويُصَاب بِحَوْرٍ بَعْدَ كَوْرٍ، ويَرْجع طَوْرًا بعد طور؟! أما علمتَِ أنّ الشيخ ما زال كالطَّوْدِ الشامخ، والعَلَم الباذخ، في وجوه أُولَيَّائِكم المُبْتَدِعة، الكالِحةِ وجوهُهم، المنتكِسةِ قلوبُهم، الفاسدةِ عقولُهم، المُتَهَوِّكة أفكارُهم، العاطِلةِ أوقاتُهم، الخائبةِ آمالُهم، الحروريِّة منهاجُهم، إلى ما لا يحصيه الحاص، مما ليس لهم عنه مناص ولا خلاص؛ بل كلُّ ذلك لهم لازم، رَغْمَ رَغْمِ الراغم، بالمنطوق والمفهوم، والمطابقة والتَّضَمُن واللزوم، وما زال كذلك حتى تَوَفَّاه الله أجلَه المحتوم، ففَرِح بذلك هَاتِيكَ الخصوم، وقد رد عليهم بتلك الردود العصماء، التي تَقْطَع ضَرْع البدع وتُغَوِّرُ ما بقي لهم من ماء؛ وهو ما أَوْرَثَ الشيخَ العَدَاوةَ العَادِيَة، ورَمَاه عند أهل البدع بالدَّوَاهِي الداهية، ممن انتصر لمذهبٍ مُحْدَثٍ مُلوَّث، أو نِحْلَةِ قديمٍ مُخَنَّث، مِن مبتدِعة العَصْر، وحَمْقَى ذلك المِصْر، ونعني من المعاصرين مَن نعني، والله أعلم بالمَعْنِي، وإنما يُخْبَر ذلك، كلُّ مختبئ هنالك، ونَعْني من المتقدمين خاصة، الأشاعرة المتأخرين ومَنْ لَصَّ تلك اللاصَّة، وأخشى أن تكون حَمْلَتُكَِ على الشيخ الذابّ، وانتصارُك للشيخ الذاهب أبي غدة من هذا الباب، فهذا بَكْرُ النِّياق، وذَاكَ مُقَلِّد العِتَاق، على أن للشيخ الثاني غدة، وليس الأمر كما قالت العرب: أَغُدَّةً كَغُدَّةِ الْبَعِير؟! والأمر - والربِّ الجبَّار - خطير، فإن كان كذلك، ولا عُذْرَ في ذلك، فإنا ننصحكَِ بمراجعة مقالنا المنشور، في المجلس العلمي المعمور: "أباطيل وأسمار".
فإن لم يَكْفِكَِ مقالة ذلك المجلس، فتلك وسوسة مُوَسْوِس، شُفِيتَِ وعُوفيت، ومما تَكْره - أو تَكْرهين - لا لَقِيت، ثم أسألكَِ – هداكَِ الله - عن الحروب التي خاضها الشيخُ أبو غدة، اعْدُدِيها – أو اعددها – لنا عدة، ولن أُدْخِل في الحساب، حُرُوبَه المُعْلَنَة على ذوي الألباب، أعني: خوضَه الحروب الضَّرُوس، بوجه عَبُوس، ومحاربتَه لعقيدة أهل السنة والجماعة، الذين هم الناس، والمُعَدُّون ليَوْم الْبَاس، ولا أعني: نصرَه المُؤَزَّر، ودفاعَه المُحَبَّر، عن ذاك الكوثري، ذَيَّاك الغبي، الذي ركب رأسه وهواه، وأَضَلَّ مِن بَعْدِه مَنِ اتَّبَعه وحاباه.
(يُتْبَعُ)
(/)
أم أنك تَقصدين - أو تقصد - فراره من زحف النُّصَيْرِيِّين البَعْثِيِّين من بلاد الشام، ثم اللجوء لأهل جزيرة العرب العظام، مُتَدَثِّرًا بعقيدة أهل السنة، وحاله كما قال الشاعر:
إِذَا جَالَسَ الْفِتْيانَ أَلْفَيْتَهُ فتًى وَجَالَسَ كَهْلَ النَّاسِ أَلْفَيْتَه كَهْلاَ
وقول الآخر:
يَوْماً يَمَانٍ إِذَا لاقَيْتَ ذَا يَمَنٍ وَإِنْ لَقِيتَ مَعَدِّيًّا فَعَدْنَانِي
ولكن - بِرَبِّكَِ - أخبريني - أو أخبرني -: هل تَعْرِفِينَ - أو تعرف - حَقًّا نَصَرَهُ الشيخُ أبو غدة – رحمه الله تعالى- أو بَاطِلاً قَمَعَهُ، أو طَاغُوتًا كَسَرَه، أو عَدُوًّا قاتَلَه، أو مَرَضًا من أمراض الأمة عَالَجَه، أم أنكَِ لم تُرَاجعي - أو تراجع - كُتُبَه المنشورة – وإن كانت لا تخلو من فوائد، غيرَ أنها - كما يَعْرِفُ من له خِبْرَةٌ بالعلم الشرعي الشريف - مَحْضُ تجميع لكلام السابقين.
وأخيرًا: أرجو منكَِ أن تُتْحِفِينا – أو تتحفنا - بالمواضع التي خرج فيها الشيخُ بكر عن الجادة وأدب الحوار، في مناقشته للشيخ أبي غدة أو لغيره؛ لأني لم أجد في كتبه إلا الحُجَّةَ تَعْقبها الحُجَّة، بأسلوب عَذْبٍ رَصِين، وبقلمٍ رَافِعِيٍّ حَصِين، وقد عَلِم الموافِقُ والمخالف عنه أدب الحوار وعِفَّة اللسان، وراجعي – أو راجع - إن شئتَِ "الرسالة الذهبية".
هذا؛ وتحريرُ مَحَلِّ النزاع، فيمن نَعْنِيهم بالدفاع - كما ذكرتُ في أكثرَ من موضع من المقال السابق -: هم قومٌ من أهل السنة والجماعة في الجُمْلة، قالوا بقول أهل البدعة في مسألة جزئية مُعَيَّنة، أو مسائلَ جزئية محصورة، كمَن وقع عمليًا - تطبيقا لا تأصيلا - في تحريف بعض الصِّفَات؛ جَهْلاً، أو تأويلاً، أو لعَدَم معرفته بطرائق أهل السنّة في الاستدلال، أو لجَهْله بالسنّة أصلاً، أو قال كلاما ظاهرُه الضلالُ في موضع من كتبه، ورجع عنه في آخِرِ كُتُبِه، أو أَجْمَل أو أَطْلَق أو عَمَّم في موضع، وبَيَّن وقَيَّد وخَصَّص في موضع آخر ... وغيرُ ذلك كثير ممن هو على المنهج الحق، وانتسب إلى السنّة في الجُمْلة، ونَصَرَها، فيُعْتَذر عنه، ولا تُنْسى حسناته، بل تُطْوَى سَيِّئَاتُه، في خِضَمِّ حَسَناتِه.
أما مَنْ خالف في أصل من الأصول، أو في جزئيات كثيرة، بحيث تكون كالأصل الْكُلِّيِّ – فقد فارقَ سبيلَ أهل السنّة، إلى طرق أهل البدعة؛ قال الإمام الشاطبي - رحمه الله - في "الاعتصام": "وذلك أن هذه الفِرَقَ إنما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنًى كُلِّيٍّ في الدين، وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزء من الجزئيات؛ إذ الجزء والفرع الشاذ لا يَنْشَأُ عنه مخالَفة يَقَعُ بسببها التفرُّق شِيعا؛ وإنما ينشأ التفرُّق عند وقوع المخالفة في الأمور الكُلِّيَّة ... ثم قال: ومَجْرى القاعدةِ الكلية كَثْرَةُ الجزئيات؛ فإن المبتدع إذا أَكْثَر من إنشاء الفروع المخترَعة، عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارَضة".اهـ.
ومن تَأَمَّل حال كل مبتدِع منحرِف، وَجَدَه خالَف أهل السنة والجماعة، في معنى أو عدة معانٍ كلية: مثل الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والرافضة، ومتأخري المتصوفة القبورية، والأشاعرة.
فمن كان على منهج يخالِف منهج أهل السنة أصلاً، فضلاً عن أن يُعْرف بعدائه الشديد لهم، أو الكَيْد بهم، والحَطِّ عليهم، فلا يَدْخل فيما قَعَّدْناه وأَصَّلْناه؛ بل يُعَامَلُ معاملةَ المبتدِع، وإن كان من الواجب أن تكون معاملتُه بعَدْلٍ وإنصاف، مع تَرْك التَّعَصُّبِ والاعْتِسَاف.
فمن عرف ما ذكرْنا، وفَهِم ما أخبرنا، وفَقِه ما عليه دَلَّلْنا، لم يَغِبْ عن وَعْيِه، بل ولم يَعْزُبْ عن عَقْلِه، سِرُّ حَمْل العلاّمة: بَكْرِ بن عبدالله أبو زيد على الشيخ عبد الفتاح أبوغدة الحلبي، المعروفِ بشدَّة عدائه لأهل السنَّة، بَلْهَ أهلَ الحديث، وأنه كثيرُ الوقيعة في أهل التوحيد، مع وَصْمِهم بالوَهَّابِيَّة؛ تنقيصًا لهم، وتَصْرِيحه بتضليلهم، وهذا أشهر من أن يُذْكَر، وذلك مع قُبُورِيَّته وَأَشْعَرِيَّتِه، وتعصبه المقيت لحنفيَّته، وقوله بالاستعانة والاستغاثة بالموتى، فضلاً عن نُصْرَتِه لأقوال الضالِّ المُضِلِّ زاهدِ الكوثري، الذي جمع من الشرور أَشَرَّها، ومن الوقيعة أحَطَّها، ولم يُرَاعِ شيخًا أو إمامًا لأهل السنة والجماعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - تقريظًا لرسالة: "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة": "فقدِ اطَّلَعْتُ على الرسالة التي كتبتُم بعنوان: "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة"، وفضحتُم فيها المُجْرم الآثمَ محمد زاهد الكوثري، بنقل ما كتبه من السَبِّ والشَّتْمِ والقَذْفِ لأهل العلم والإيمان، واستطالَتِه في أعراضهم، وانتقادِه لكُتُبِهم ... إلى آخر ما فَاهَ به ذلك الأفَّاكُ الأثيم، عليه من الله ما يَسْتَحِقُّ، كما أوضحتُم - أثابكم الله - تَعَلُّقَ تلميذه الشيخ عبدالفتاح أبو غدة به، وولاءَه له، وتَبَجُّحَه باستطالة شيخه المذكور في أعراض أهل العلم والتُّقَى، ومشاركتَه له في الهَمْزِ واللَّمْزِ، وقد سَبَقَ أن نصحْناه بالتَّبَرُّؤ منه، وإعلانِ عدم موافقته له على ما صَدَرَ منه، وألححْنا عليه في ذلك، ولكنه أَصَرَّ على موالاته له، هداه الله للرجوع إلى الحق، وكفى الله المسلمين شرَّه وأمثالِه، وإنا لَنَشْكرُكم على ما كتبتُم في هذا الموضوع، ونسأل الله أن يَجْزِيَكم عن ذلك خيرَ الجزاء، وأفضل المثوبة".
وأقول لكل مَن رَاجَتْ عليه أقوالُ أُولَيَّائِكم المبتدِعة: إنّ هؤلاء تَعِبُوا وما أَغْنَوْا، ونَصِبُوا وما أَجْدَوْا، وحامُوا وما وَرَدُوا، وغَنَّوْا وما أَطْرَبُوا، ونَسَجُوا فَهَلْهَلُوا، ومَشَّطُوا فَفَلْفَلُوا؛ ظنُّوا ما لا يكون ولا يمكن ولا يُسْتطاع، ظنُّوا أنهم يُمْكنهم أن يَدُسُّوا البِدَعَ والخرافاتِ في الشريعة، وأن يَضُمُّوا إليها أقوالَ أهل الضلال، وهيهاتَ هيهاتَ!! ولاتَ حِينَ مَنْدَمِ!! فهذا مَرامٌ دونه حَدَد، وقد تَوَفَّر على هذا قبلَ هؤلاء قومٌ كانوا أَحَدَّ أنياباً، وأحضرَ أسباباً، وأعظمَ أقداراً، وأرفعَ أخطاراً، وأوسعَ قُوًى، وأوثق عُرًى، فلم يَتِمَّ لهم ما أرادوه، ولا بلغوا منه ما أمَلوه، وحصلوا على لُوثاتٍ قبيحة، ولطخاتٍ فاضحة، وألقابٍ مُوحِشة، وعواقبَ مخزِية، وأوزارٍ مثقِلة.
فالشريعة مأخوذةٌ عن الله - عز وجل - من طريق الوحي، وبابِ المناجاة، وشهادةِ الآيات، وظهورِ المعجزات على ما يوجِبه العقلُ تارةً، ويُجَوِّزه تارةً، لمصالحَ عامةٍ مُتْقَنة، ومراشدَ تامةٍ مُبَيَّنَة، وفي أثنائها ما لا سبيل إلى البحث عنه، والغوص فيه، ولابد من التسليم للداعي إليه، والمُنَبِّه عليه؛ فهناك يَسْقُط "لم"، ويَبْطل "كيف"، ويزول "هلاّ"، ويذهب "لو" و"ليت" في الريح؛ لأن هذه المواد عنها محسومة، واعتراضات المعترضين عليها مردودةٌ، وارتياب المرتابين فيها ضارّ، وسكون الساكنين إليها نافع، وجملتها مشتملةٌ على الخير، وتفصيلها موصولٌ بها على حسن التقبُّل، وهي متداوَلة بين مُتَعَلِّق بظاهرٍ مكشوف، ومحتجٍّ بتأويلٍ معروفٍ، وناصرٍ باللغة الشائعة، وحامٍ بالجَدَل المُبِين، وذابٍّ بالعمل الصالح، وضاربٍ للمثل السائر، وراجعٍ إلى البرهان الواضح، ومتفقِّهٍ في الحلال والحرام، ومستندٍ إلى الأَثَر والخَبَر المشهورَيْنِ بين أهل المِلَّة، وراجعٍ إلى اتِّفاق الأمّة، وأساسُها على الوَرَع والتقوى، ومنتهاها إلى العبادة وطلب الزُّلْفى.
هذا؛ وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وللحديث بقية.
رابط المقال
http://www.alukah.net/articles/1/3649.aspx
ـ[محمد سعيد 1]ــــــــ[15 - Sep-2008, مساء 11:42]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
بارك الله فيك أخي (علي أحمد عبد الباقي) على هذا الاختيار الموفق والتقل الجيد، واستميحك العذر في طرح هذه المشاركة والتي هي بعنوان (القواعد العلمية في النقد عند شيخ الإسلام ابن تيمية) لـ (عبدالله بن محمد الحيالي) أسأل الله أن ينفع بها، وهي على الرابط التالي:
http://file9.9q9q.net/Download/16252625/----------------------------.
ـ[محمد سعيد 1]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 12:30]ـ
وهذه أخي الكريم (علي أحمد عبدالباقي) مشاركة عسى الله أن ينفع به:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد:
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن ما نراه من مخالفات صريحة لنصوص كتاب الله وسنة رسوله ممن يدعون السلفية لشئ عجاب ولا سيما في جانب حرمة المؤمن ..... فبالنظر لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عند تعريفه للمسلم بقوله ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) فهل على وجه الأرض من يستطيع إخراج مسلم من دائرة الإسلام ليُسْتَحَلَّ عرضه بالغيبة والبهت والتنقص والتحطيم ... بل هل هناك من يجرؤ على إخراج مؤمن من دائرة الإيمان وينقض قول الله تعالى ((إنما المؤمنون إخوة)) ..... وماذا عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ((عن عبد الله بن عمر، قال: رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطوف بالكعبة ويقولُ: " ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه، وأن نظن به إلا خيراً"))
أنظروا إلى السلف الحقيقيين ومواقفهم التي لا زالت كالشمس في رابعة النهار:
قال يحي ابن معين:
أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثا، ما أعلمت بها أحدا، وأعلمته فيما بيني وبينه، ولقد طلب إلي خلف بن سالم، فقال:
قل لي: أي شيء هي؟.
فما قلت له.
وما رأيت على أحد خطأ الا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه. ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه.
طبقات الحنابلة 1/ 405.
من قصص السلف العجيبة في هذا المعنى المطروح ما ذكره الذهبي في السير 8/ 440
قال:" محمد بن الحسن بن علي بن بحر حدثنا الفلاس قال رأيت يحيى يوما حدث بحديث فقال له عفان ليس هو هكذا فلما كان من الغد أتيت يحيى فقال هو كما قال عفان ولقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان"، قال الذهبي معلقاً:" قلت هكذا كان العلماء فانظر يا مسكين كيف أنت عنهم بمعزل".
ونحن لو وقع نقاش بيننا لرأيت الواحد منا يبذل جهده ويتبع المتشابهات والتأويلات والتخريجات لنصرة رأيه لئلا يقال: خسر المسألة .. بل تراه يسعى جاهداً ليفسد قلوب الناس ويشككهم في الطرف الآخر .... و الرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل والمتمادي في الباطل لم يزدد من الصواب إلا بعدا ......
(قال يونس الصدفي ما رأيت اعقل من الشافعي ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة) "سِير أعلام النبلاء" (10/ 16 (
ولو جعل كل منا مقالة عمر وسهل بن حنيف رضي الله عنهما:
(اتهموا الرأي في الدين) نصب عينيه
لزال كثير من العنت في مسائل كثيرة طال فيها النقاش.
فما أفسد قلوبنا عند النقاش إلا إعتقاد كل منا أن قوله هو الصواب الذي لا يقبل الخطأ.وكلام غيره خطأ لا يقبل الصواب.
أعاذنا الله وإياكم من الفتن،ووالإعجاب بالرأي.
ورحم الله أبا حنيفة حين سأله تلامذته، حين شاهدوا منه اقناعاً لخصومه بشكل عجيب وغريب؛ فقال لهم:
نحن نناقش ونخشى على الخصم أن يزل، وأنتم تناقشون ليزلَّ الخصم!!
وشتَّان بين النيَّتين.
وفي السير للذهبي:
ولو أنَّا كلما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له, قمنا عليه وبدَّعناه, وهجرناه, لما سَلِمَ معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما, والله الهادي إلى الحق, وهو أرحم الراحمين, فنعوذ بالله مِن الهوى والفظاظة " السير 14/ 40
وهذه مقولة يبنبغي أن تكون ديدن من خشي أن يلقى الله بأعراض الأمة فوق ظهره ((التمس لإخيك عذرا إلى سبعين عذرا " قبل أن تصدر التهم وتحكم على الأخرين دونما دليل بل قدم الأعذار لهم ولا تحكم عليهم بالظاهر فقد يخفي الباطن عذرا قويا يجعله في حالة أنت لا ترضاها.
ومن هذا قول الشيخ صالح الفوزان عندما سئل عن رجال الجرح والتعديل في عصرنا هذا ومن هو أعلم الرجال بالرجال فقال ما معناه (أهل الجرح والتعديل في القبور ماتوا ولم يبق منهم أحد وإنما بين أيدينا كتبهم .....
إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع، فلا تحمل الصدور غلاًّ ولا حقدًا، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
<<وإن العتب كل العتب ليس على الذين نصبوا أنفسهم موازين يوزن بهم الرجال بل وعطلوا عقول الناس وأفهامهم وأن الخير والصواب ما يرونه ومن لم يمشي في ركابهم فيحب ما أحبوه ويبغض ما أبغضوه فهو ضال مضل مبتدع خارجي وليس عند أحدهم من العلم الذي يقيم به جوارحه من الوقع في أعراض الأمة فكيف بالحكم على الناس .... وإنما العتب على من ارتضى أن يكون جثة هامدة بين يدي أغرار احداث يلعبون بفكره كيفما شاؤوا ولا يرقبون فيه إلا ولا ذمة ... ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
وفي كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي أقوال اهل العلم السلف منهم والخلف الإجماع على حرمة المؤمن وأن لا يُظن به إلا خيراً ولكن هناك من يُعارضون كل عالم من السلف والخلف ويُقدمون أراءهم وأهواءهم على ما قاله من تبرأ به الذمة في دينه وعلمه من علماء الأمة ...
فلنفطن لمثل هؤلاء وإن أُبتلينا بأمثالهم فلنعرض كلامهم على أهل العلم المعتبرين إما بإتصال هاتفي أو مقابلة العالم وعرض ما سمعنا منهم من أقوال عليهم للتتجلى لنا ما انطوت عليه أهواءهم ... >>
مقتطفات من كتاب الشيخ بكر عبدالله أبوزيد حفظه الله (تصنيف الناس)
"وإذا علمت فشوّ ظاهرة التصنيف الغلابة، وأن إطفاءها واجب، فاعلم أن المحترفين لها سلكوا لتنفيذها طرقا منها: إنك ترى الجراح القصاب كلما مر على ملأ من الدعاة اختار منهم (ذبيحا) فرماه بقذيفة من هذه الألقاب المرة تمرق من فمه مروق السهم من الرمية، ثم يرميه في الطريق ويقول: أميطوا الأذى عن الطريق فإن ذلك من شعب الإيمان!! وترى دأبه التربص والترصد: عين للترقب وأذن للتجسس، كل هذا للتحريش وإشعال نار الفتن بالصالحين وغيرهم. وترى هذا "الرمز البغيض" مهموما بمحاصرة الدعاة بسلسلة طويل ذرعها، رديء متنها، تجر أثقالا من الألقاب المنفرة والتهم الفاجرة، ليسلكهم في قطار أهل الأهواء، وضلال أهل القبلة، وجعلهم وقود بلبلة وحطب اضطراب!! وبالجملة فهذا (القطيع) هم أسوأ "غزاة الأعراض بالأمراض والعض بالباطل في غوارب العباد، والتفكه بها، فهم مقرنون بأصفاد: الغل، والحسد، والغيبة، والنميمة، والكذب، والبهت، والإفك، والهمز، واللمز جميعها في نفاذ واحد. إنهم بحق (رمز الإرادة السيئة يرتعون بها بشهوة جامحة، نعوذ بالله من حالهم لا رعوا) " (التصنيف/22 - 23 (
ويقول أيضا فيهم الشيخ بكر أبو زيد رعاه الله وسدده:
"وكم جرت هذه المكيدة من قارعة في الديار بتشويه وجه الحق، والوقوف في سبيله، وضرب للدعوة من حدثاء الأسنان في عظماء الرجال باحتقارهم وازدرائهم، والاستخفاف بهم وبعلومهم، وإطفاء مواهبهم، وإثارة الشحناء والبغضاء بينهم، ثم هضم لحقوق المسلمين في دينهم، وعرضهم، وتحجيم لانتشار الدعوة بينهم بل صناعة توابيت، تقبر فيها أنفاس الدعاة ونفائس دعوتهم ... انظر كيف يتهافتون على إطفاء نورها فالله حسبهم" (التصنيف/24 (
وقال أيضا - شفاه الله -:
"ولا يلتبس هذا الأصل الإسلامي بما تراه مع بلج الصبح وفي غسق الليل من ظهور ضمير أسود وافد من كل فج استعبد نفوسا بضراوة، أراه - تصنيف الناس - وظاهرة عجيب نفوذها هي (رمز الجراحين)، أو (مرض التشكيك وعدم الثقة) حمله فئام غلاض من الناس يعبدون الله على حرف، فألقوا جلباب الحياء، وشغلوا به أغرارا التبس عليهم الأمر فضلوا، وأضلوا، فلبس الجميع أثواب الجرح والتعديل، وتدثروا بشهوة التجريح، ونسج الأحاديث، والتعلق بخيوط الأوهام، فبهذه الوسائل ركبوا ثبج تصنيف الآخرين للتشهير والتنفير والصد عن سواء السبيل" (التصنيف/29 (
وقال:
ويا لله كم صدت هذه الفتنة العمياء عن الوقوف في وجه المد الإلحادي، والمد الطرقي، والعبث الأخلاقي، وإعطاء الفرصة في استباحة أخلاقيات العباد، وتأجيج سبل الفساد والإفساد إلى آخر ما تجره هذه المكيدة المهينة من جنايات على الدين، وعلى علمائه، وعلى الأمة وعلى ولاة أمرها، وبالجملة فهي فتنة مضلة، والقائم بها (مفتون) و (منشق) عن جماعة المسلمين" (التصنيف/29 (
وقال أيضا - حفظه الله -:
"وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسالخ من المنتسبين إلى السنة المتلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية - ظلما لها - فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بألسنتهم الفاجرة المبنية على الحجج الواهية، واشتغلوا بضلالة التصنيف" (التصنيف/28 (
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال متوجا ذلك القول البليغ في هذه المجموعة:
"ولكن بلية لا لعًا لها، وفتنة وقى الله شرها حين سرت في عصرنا ظاهرة الشغب هذه إلى ما شاء الله من المنتسبين إلى السنة ودعوى نصرتها، فاتخذوا (التصنيف بالتجريح) دينا وديدنا فصاروا إلبا إلى أقرانهم من أهل السنة وحربا على رؤوسهم وعظمائهم، يلحقونهم الأوصاف المرذولة، وينبذونهم بالألقاب المستشنعة المهزولة حتى بلغت بهم الحال أن فاهوا بقولتهم عن أخوانهم في الاعتقاد والسنة والأثر (هم أضر من اليهود والنصارى) و (فلان زنديق) ... وتعاموا عن كل ما يجتاب ديار المسلمين، ويخترق آفاقهم من الكفر والشرك، والزندقة والإلحاد، وفتح سبل الإفساد والفساد، وما يفد في كل صباح ومساء من مغريات وشهوات، وأدواء وشبهات تنتج تكفير الأمة وتفسيقها، وإخراجها نشأ آخر منسلخا من دينه، وخلقه ... وهذا الانشقاق في صف أهل السنة لأول مرة حسبما نعلم يوجد في المنتسبين إليهم من يشاقهم، ويجند نفسه لمثافنتهم، ويتوسد ذراع الهم لإطفاء جذوتهم، والوقوف في طريق دعوتهم، وإطلاق العنان يفري في أعراض الدعاة ويلقي في طريقهم العوائق في عصبية طائشة" (التصنيف/39 - 40 (
الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء
ومن كتاب رفقا أهل السنة بأهل السنة لفضيلة الشيخ (عبد المحسن بن حمد العباد البدر)
موقف أهل السنة من العالم إذا أخطأ أنه يعذر فلا يبدع ولا يهجر ليست العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يسلم عالمٌ من خطأ، ومن أخطأ لا يُتابع على خطئه، ولا يُتخذ ذلك الخطأ ذريعة إلى عيبه والتحذير منه، بل يُغتفر خطؤه القليل في صوابه الكثير، ومن كان من هؤلاء العلماء قد مضى فيستفاد من علمه مع الحذر من متابعته على الخطأ، ويدعى له ويترحم عليه، ومن كان حياً سواء كان عالماً أو طالب علم يُنبه على خطئه برفق ولين ومحبة لسلامته من الخطأ ورجوعه إلى الصواب. ومن العلماء الذين مضوا وعندهم خلل في مسائل العقيدة، ولا يستغنى العلماء وطلبة العلم عن علمهم، بل إن مؤلفاتهم من المراجع المهمة للمشتغلين في العلم، الأئمة: البيهقي والنووي وابن حجر العسقلاني. فأما الإمام أحمد بن حسين أبو بكر البيهقي، فقد قال فيه الذهبي في السير [18/ 163 وما بعدها]: " هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه شيخ الإسلام "، وقال: " وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة "، وقال: " وانقطع بقريته مُقبلاً على الجمع والتأليف، فعمل السنن الكبير في عشر مجلدات، وليس لأحد مثله "، وذكر له كتباً أخرى كثيرة، وكتابه (السنن الكبرى (مطبوع في عشر مجلدات كبار، ونقل عن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل كلاماً قال فيه: " وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين الأحاديث "، وقال الذهبي أيضاً: " فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر، فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء، سيما سننه الكبرى ". وأما الإمام يحيى بن شرف النووي، فقد قال فيه الذهبي في تذكرة الحفاظ [4/ 259]: " الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء ... صاحب التصانيف النافعة "، وقال: " مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه والعمل بدقائق الورع والمراقبة وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها، كان حافظاً للحديث وفنونه ورجاله وصحيحه وعليله، رأساً في معرفة المذهب ". وقال ابن كثير في البداية والنهاية [17/ 540]: " ثم اعتنى بالتصنيف، فجمع شيئاًَ كثيراً، منها ما أكمله ومنها ما لم يكمله، فمما كمل شرح مسلم والروضة والمنهاج والرياض والأذكار والتبيان وتحرير التنبيه وتصحيحه وتهذيب الأسماء واللغات وطبقات الفقهاء وغير ذلك، ومما لم يتممه – ولو كمل لم يكن له نظير في بابه – شرح المهذب الذي سماه المجموع، وصل فيه إلى كتاب الربا، فأبدع فيه وأجاد وأفاد وأحسن الانتقاد، وحرر الفقه فيه في المذهب وغيره، وحرر فيه الحديث على ما ينبغي، والغريب واللغة وأشياء مهمة لا توجد إلا فيه ... ولا أعرف في كتب الفقه أحسن منه، على أنه محتاجٌ إلى أشياء كثيرة تزاد فيه وتضاف إليه ". ومع هذه السعة في المؤلفات والإجادة فيها لم يكن من المعمرين، فمدة عمره خمس وأربعون سنة، ولد سنة (631هـ)، وتوفي سنة (676هـ). وأما الحافظ
(يُتْبَعُ)
(/)
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فهو الإمام المشهور بتآليفه الكثيرة، وأهمها فتح الباري شرح صحيح البخاري، الذي هو مرجع عظيم للعلماء، ومنها الإصابة وتهذيب التهذيب وتقريبه ولسان الميزان وتعجيل المنفعة وبلوغ المرام وغيرها. ومن المعاصرين الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين الألباني، لا أعلم له نظيراً في هذا العصر في العناية بالحديث وسعة الإطلاع فيه، لم يسلم من الوقوع في أمور يعتبرها الكثيرون أخطاء منه، مثل اهتمامه بمسألة الحجاب وتقرير أن ستر وجه المرأة ليس بواجب، بل مستحب، ولو كان ما قاله حقاً فإنه يعتبر من الحق الذي ينبغي إخفاؤه، لما ترتب عليه من اعتماد بعض النساء اللاتي يهوين السفور عليه، وكذا قوله في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: " إن وضع اليدين على الصدر بعد الركوع بدعة ضلالة " وهي مسألة خلافية، وكذا ما ذكره في السلسلة الضعيفة (2355) من أن عدم أخذ ما زاد على القبضة من اللحية من البدع الإضافية، وكذا تحريمه الذهب المحلق على النساء، ومع إنكاري عليه قوله في هذه المسائل فأنا لا أستغني وأرى أنه لا يستغني غيري عن كتبه والإفادة منها، وما أحسن قول الإمام مالك رحمه الله: " كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، ويشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ". وهذه نقول عن جماعة من أهل العلم في تقرير وتوضيح اغتفار خطأ العالم في صوابه الكثير: قال سعيد بن المسيب (93هـ): " ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أنه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيره: لا يسلم العالم ن الخطأ، فمن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً فهو جاهل ". جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر [2/ 48]. وقال عبد الله بن المبارك (181هـ): " إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه لم تذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن ". سير أعلام النبلاء للذهبي [8/ 352 ط. الأولى]. وقال الإمام أحمد (241هـ): " لم يعبر الجسر من خراسان مثل إسحاق (يعني ابن راهويه)، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً ". سير أعلام النبلاء [11/ 371]. وقال أبو حاتم ابن حبان (354هـ): " كان عبد الملك – يعني ابن أبي سليمان – من خيار أهل الكوفة، وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبتٍ صحت عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة، لأنهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنه وهم فيها ما يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ ". الثقات [7/ 97 - 98]. وقال شيخ الإسلام ابن تيميه (728هـ): " ومما ينبغي أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات، منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومن من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة. ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه، فيكون محموداً فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل، فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها، ورد باطلاً بباطل أخف منه، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة. ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعة المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك. ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنّة بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه، وفرق بين جماعة المسلمين، وكفر وفسق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهولاء من أهل التفرق والاختلافات ". مجموع الفتاوى [3/ 348 - 349]. وقال [19/ 191 - 192]: " وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم
(يُتْبَعُ)
(/)
يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله: ((رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا))، وفي الصحيح أن الله قال: {قد فعلت} ". وقال الإمام الذهبي (748هـ): " ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه، وورعه واتباعه، يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم! ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك ". سير أعلام النبلاء [5/ 271]. وقال أيضاً: " ولو أنا كلما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له قمنا عليه وبدّعناه وهجرناه، لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة ". السير [14/ 39 - 40]. وقال أيضاً: " ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لإتباع الحق – أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معناه، رحمه الله الجميع بمنه وكرمه ". السير [14/ 376]. وقال أيضاً: " ونحب السنة وأهلها، ونحب العالم على ما فيه من الإتباع والصفات الحميدة، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، وإنما العبرة بكثرة المحاسن ". السير [20/ 46]. وقال ابن القيم (751هـ): " معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم وأن فضلهم وعلمهم ونصحهم لله ورسله لا يوجب قبول كل ما قالوه، وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول، فقالوا بمبلغ علمهم والحق في خلافها، لا يوجب اطراح أقوالهم جملة، وتنقصهم الوقيعة فيهم، فهذان طرفان جائران عند القصد، وقصد السبيل بينهما، فلا نؤثم ولا نعصم " إلى أن قال: " ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور، بل ومأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين ". إعلام الموقعين [3/ 295]. وقال ابن رجب الحنبلي [795هـ]: " ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمصنف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ". القواعد (ص3 (
ويهاجم البعض منهج " الموازنات " في الحكم على الناس وعلى الجماعات الإسلامية بحجة أن هذا المنهج ليس من منهج السلف , بل تعدى بعضهم - هداه الله - حتى قال أن من يقول بمنهج الموازنات يريد أن يحمي أهل البدع من النقد , ولا ندري كيف عرف هؤلاء ما في قلوب الناس! وبعضهم أساء أكثر من ذلك للمنهج السلفي القويم فقال أن منهج الموازنات لم يأتِ به لا اليهود ولا النصارى ولا أي أحد من أهل البدع!! .. واستدلوا لكلامهم بكلام لبعض العلماء لا يفهم منه ما يقوله هؤلاء!
ثم قرر هؤلاء أن منهج السلف هو أن يحكم على الناس بمنهج " الذباب " كما سماه شيخ الإسلام ابن تيمية حين قال:
" إن بعض الناس لا تراه إلا منقداً داءً, ينسى حسنات الطوائف و الأجناس و يذكر مثالبهم, فهو كالذباب يترك مواضع البرء والسلامة , ويقع على الجرح والأذى, وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج "
والصحيح أن الناقد إن كان يريد أن يبين أخطاء المنتقد، أو أن يرد على المخالف .. فإنه لا يلزمه أن يذكر حسناته، ولكن يلزمه ذلك إن كان يحكم على الناس وعلى الجماعات حكما عاما ..
وقد ورد في القرآن مدح لصفة حسنة عند بعض أهل الكتاب: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك , ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما} .. ولا يعني هذا أن الله يمدح اليهود فهم من الكفرة .. ولكن هذا يعني أنهم مع غلبة السوء عليهم وعلى أنهم من أهل النار إلا أن الله أثنى على ما عندهم من خير.
وورد كذلك كلام يفهم منه ذكر الخير والشر في الحكم على الأشياء في قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}
وقال تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}
أما في السنة فحديث حاطب رضي الله عنه فيه دليل واضح على أن حسنات حاطب غلبت على سيئه العظيمة التي فعلها رضوان الله عليه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك حديث حذيفة الذي أخرجه البخاري .. والذي فيه: (قلت – أي حذيفة -: وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم وفيه دخن)
فحكم عليهم بالخيرية على الرغم من وجود " الدخن "!
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-
وسنستعرض في هذا الموضوع كلام العلماء الثقات في القديم والحديث حول منهج الموازنات في الحكم على الناس ..
أولا: الإمام سعيد بن المسيب
" ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله "
البداية والنهاية 9/ 106
ثانيا: الإمام ابن سيرين
" ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم، وتكتم خيره "
الجامع لأخلاق الراوي 2/ 202
ثالثا: الإمام الشافعي
" إذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل، وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرح "
الكفاية ص 102
رابعا: الإمام أحمد بن حنبل
يروي عبدالله الحميدي قصة حصلت له مع الإمام أحمد والإمام الشافعي .. حيث ذهب الحميدي وأحمد لمجلس الشافعي، وبعد انتهاء الدرس سأل الإمام أحمد عبدالله الحميدي عن رأيه بالإمام الشافعي. فقال الحميدي:
" فجعلت أتتبع ما كان أخطأ فيه .. فقال لي أحمد بن حنبل: أنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان .. تمر مائة مسألة يخطيء خمسا أو عشرا، اترك ما أخطأ وخذ ما أصاب! "
آداب الشافعي ومناقبه للرازي: ص 44
وقال أبو حاتم: " حادثت أحمد بن حنبل فيمن شرب النبيذ من محدثي أهل الكوفة وسميت له عددا منهم. فقال: هذه زلات لهم، لا نسقط بزلاتهم عدالتهم "
المسودة ص 265
خامسا: الإمام سفيان الثوري
" عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض على الحسد والهفوات والتعصب والشهوات دون أن يعي بفضائلهم حرم التوفيق ودخل في الغيبة وحاد عن الطريق ".
جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر 2/ 162
سادسا: الإمام ابن حبان
يتكلم ابن حبان عن دور الحسد في تقييم الرجال فيقول:
" من الذي يتعرى عن موضع عقب من الناس؟ أو من لا يدخل في جملة من لا يلزق فيه العيب بعد العيب؟
والمحسود أبدا يُقدح فيه، لأن الحاسد لا غرض له إلا تتبع مثالب المحسود، فإن لم يجد ألزق مثله به "
الثقات 8/ 26
سابعا: شيخ الإسلام ابن تيمية
يقول شيخ الإسلام في حكمه على الصوفية:
" والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين , وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه ".
المجلد الحادي عشر ص 18 من مجموع الفتاوى
وقال عن المتصوفة أيضا:
" والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وفي غيره من السيئات أو الخطأ في مواقع الاجتهاد، وهذا سبيل كل صالحي هذه الأمة في خطئهم وزلاتهم .. "
الاستقامة 1/ 297
ويقول:
" ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه فيعظم الحق ويرحم الخلق .. ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد وذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه.
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم "
منهاج السنة 4/ 543
ويقول:
" كثيرا ما يجتمع في الشخص الواحد الأمران – أي الحسنات والسيئات -، فالذم والنهي والعقاب قد يتوجه إلى ما تضمنه أحدهما، فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر.
كما يتوجه المدح والأمر والثواب إلى ما تضمنه أحدهما، فلا يغفل عما فيه من الأمر الآخر.
وقد يمدح الرجل بترك بعض السيئات البدعية والفجورية، لكن قد يسلب مع ذلك ما حمد به غيره على فعل بعض الحسنات السنية البرية.
فهذا طريق الموازنة والمعادلة، ومن سلكه كان قائما بالقسط الذي أنزل الله له الكتاب والميزان "
مجموع الفتاوى 10/ 365 - 366
ثامنا: الإمام الذهبي
(يُتْبَعُ)
(/)
في ترجمة قتادة يقول الذهبي: (لعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه. والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه، يغفر له زلله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك)
سير أعلام النبلاء 5/ 279
ويقول:
" إنما يمدح العام بكثرة ما له من الفضائل، فلا تُدفن المحاسن لورطة، ولعله رجع عنها "
سير أعلام النبلاء 16/ 285
ويقول:
" غلاة المعتزلة وغلاة الشيعة وغلاة الحنابلة وغلاة الأشاعرة وغلاة المرجئة وغلاة الجهمية وغلاة الكرامية قد ماجت بهم الدنيا وكثروا، وفيهم أذكياء وعباد وعلماء ..
نسأل الله العفو والمغفرة لأهل التوحيد ونبرأ إلى الله من الهوى والبدع ونحب السنة وأهلها.
ونحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات الحميدة ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، إنما العبرة بكثرة المحاسن "
سير أعلام النبلاء 20/ 45
ويقول في ترجمة المروزي:
" ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا من هو أكبر منهما ..
والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة "
سير أعلام النبلاء 14/ 40
ويقول في ترجمة ابن خزيمة:
" ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق - أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه.
سير أعلام النبلاء 14/ 374
تاسعا: الإمام ابن القيم
يقول الإمام ابن القيم مقررا منهج الموازنات في الحكم على الناس:
" من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره .. فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه يحمل، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) .. وهذا هو المانع له صلى الله عليه وسلم من قتل من جس عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد بدراً، فدل على أن مقتضى عقوبته قائم لكن منع من ترتب أثره عليه ما له من المشهد العظيم، فتلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات.
ولما حض النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال: (ما ضر عثمان ما عمل بعدها) ..
وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة " أوجب طلحة ".
وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له، ألقاها على الأرض حتى تكسرت .. ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلى الله عليه وسلم وقال: شاب بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي .. وأخذ بلحية هارون وجره إليه وهو نبي الله .. وكل هذا لم ينقص من قدره شيئاً عند ربه، وربه تعالى يكرمه ويحبه فإن الأمر الذي قام به موسى والعدو الذي برز له والصبر الذي صبره، الأذى الذي أوذيه في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور ولا تغير في وجهة ولا تخفض منزلته ..
وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في نظرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئين ونحوها حتى إنه ليختلج داعي عقوبته على إساءته وداعي شكره على إحسانه فيغلب داعي الشكر لداعي العقوبة كما قيل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ****** جاءت محاسنه بألف شفيع
وقال آخر:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً ... فأفعاله اللاتي سررن كثير
والله سبحانه يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته فأيهما غلب كان التأثير له فيفعل بأهل الحسنات الكثيرة الذين آثروا محابه ومراضيه وغلبتهم دواعي طبعهم أحياناً من العفو والمسامحة مالا يفعله مع غيرهم ".
الفوائد
ويقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
" ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وأثار حسنة وهو من الإسلام بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين "
إعلام الموقعين 3/ 283
ويقول:
" فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها ".
مدارج السالكين 2/ 39
ويقول:
" فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله – أي في يوم لقيامة –، ولهذا من رجحت حسناته على سيئاته أفلح، ولم يعذب ووهبت له سيئاته لأجل حسناته ".
عاشرا: الشيخ محمد بن عبدالوهاب
" ومتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبين لكم خطأه، بل الواجب السكوت والتوقف، فإذا تحققتم بينتموه ولم تهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة أو مائة أو مائتين أخطأت فيهن فإني لا أدعي العصمة "
تاريخ نجد 2/ 161
حادي عشر: الشيخ عبدالرحمن السعدي
" ثم لو فرض أن ما أخطؤوا أو عثروا ليس لهم فيه تأويل ولا عذر، لم يكن من الحق والإنصاف أن تهدر المحاسن وتمحى حقوقهم الواجبة بهذا الشيء اليسير كما هو دأب أهل البغي والعدوان، فإن هذا ضرره كبير وفساده مستطير، أي عالم لم يخطيء؟! واي حكيم لم يعثر؟! "
الرياض الناظرة والحدائق النيرة الزاهرة
ثاني عشر: الشيخ ابن باز
" إذا أخطأ العالم أو الداعية في مسألة، ينبه عليها ولا يسقط حقه فيما أصاب فيه، بل يجب الإنصاف والعدل.
ولا ينبغي للعاقل أن يترك الحق إذا قاله الداعية أو العالم من أجل أنه أخطأ في مسألة .. الحق مقدم على الجميع .. فإذا كان عنده حق وباطل: يؤخذ الحق ويترك الباطل ..
لا يغمط حق الداعية بالكلية، ولكن يشكر على ما أصاب فيه من الحق، وينبه على خطئه في مسألة من المسائل "
مجلة الإصلاح 27/ 12/1413 هـ " بتصرف "
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في رسالة للأخ / فالح الحربي بتاريخ: 12/ 8/1406 هـ، ورقم: 889/خ:
" ونحن بحمد الله على بصيرة من ديننا ونوازن بين المصالح والمضار ونرجح ما تطمئن إليه قلوبنا، وقد تأكدنا من أخبارهم ما يطمئننا إلى الوقوف بجانبهم مع مناصحتهم فيما يحصل من بعضهم من النقص الذي هو من لوازم البشر كلهم إلا من شاء الله ".
ثالث عشر: الشيخ محمد ابن عثيمين
سئل الشيخ رحمه الله: (ما رأيكم فيمن إذا أراد أن يقوم شخصاً لا يذكر ما لديه من خير بل يذكر مساوئه فقط؟)
فقال رحمه الله جواباً على ذلك:
" هذا من الإجحاف والجور لأن الله عز وجل يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاء بِالقِسْط وَلا يَجْرِمَنَّكُم شَنَآن قَوْم عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هَوَ أقْرَبُ لِلتّقْوَى} .. فنهانا الله سبحانه وتعالى أن يحملنا بغض قوم على عدم العدل، بل أمرنا أن نقول العدل.
وقد أقر الله تعالى الحق الذي صدر من المشركين وأقر النبي صلى الله عليه وسلم الحق الذي صدر من اليهود قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة قَالوُا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَائَنَا وَالله أَمَرَنَا بِهَا}، فكان الجواب: {قُل الله لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ} فأبطل قولهم {الله أَمَرَنَا بِها} لأنها باطل وسكت عن قولهم {وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَائَنَا} لأنها حق.
وجاء حبرٌ من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنّا نجد في التوراة أن الله يجعل السماوات على إصبع والأراضين على إصبع .. الخ .. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقاً لقول الحبر وقرأ {وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه الآية} .. فأقر اليهودي على قول الحق وهو يهودي.
والواجب على من أراد أن يقوم شخصاً تقويماً كاملاً إذا دعت الحاجة أن يذكر مساوئه ومحاسنه، وإذا كان ممن عرف بالنصح للمسلمين أن يعتذر عما صدر من المساوئ. مثلاً نحن نرى العلماء كابن حجر والنووي وغيرهما ممن لهم أخطاء في العقيدة لكنها أخطاء نعلم علم اليقين فيما تعرف من أحوالهم أنها حدثت عن اجتهاد."
جريدة المسلمون عدد 4730
----------------------------------
ومن شاء أن يستزيد فعليه أن يرجع لهذه المراجع:
1 - شريط (وصايا للدعاة) للشيخ عبدالله بن قعود، على هذا الرابط:
http://www.sahwah.net/Nuke/sections...ticle&artid=168
2- كتاب (تصنيف الناس بين الظن واليقين) للشيخ بكر أبو زيد
3 - كتاب (منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم) للشيخ أحمد الصويان
4 - كتاب (إنصاف أهل السنة والجماعة) للشيخ محمد العلي
-5كتاب (ضوابط ينبغي تقديمها قبل الحكم على الأشخاص والطوائف والجماعات) للشيخ حامد بن عبد الله العلي)
6 - كتاب رفقاً أهل السنة بأهل السنة للشيخ العباد
7 - أصول الحكم على المبتدعه عندابن تيمية رحمه الله
8 - كتاب (الحث على اتِّباع السنَّة) فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد
9 - رسائل الشيخ عبدالعزيز بن باز ووصاياه للدعاة وكذلك الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ عبدالله بن جبرين والشيخ صالح الفوزان.
----------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد سعيد 1]ــــــــ[16 - Sep-2008, صباحاً 12:32]ـ
وهذه تتمة المشاركة:
يقول الإمام ابن القيم مقررا منهج الموازنات في الحكم على الناس
" من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره .. فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف الماء القليل فإنه يحمل، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) .. وهذا هو المانع له صلى الله عليه وسلم من قتل من جس عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد بدراً، فدل على أن مقتضى عقوبته قائم لكن منع من ترتب أثره عليه ما له من المشهد العظيم، فتلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات.
ولما حض النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال: (ما ضر عثمان ما عمل بعدها) ..
وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة " أوجب طلحة ".
وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له، ألقاها على الأرض حتى تكسرت .. ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلى الله عليه وسلم وقال: شاب بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي .. وأخذ بلحية هارون وجره إليه وهو نبي الله .. وكل هذا لم ينقص من قدره شيئاً عند ربه، وربه تعالى يكرمه ويحبه فإن الأمر الذي قام به موسى والعدو الذي برز له والصبر الذي صبره، الأذى الذي أوذيه في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور ولا تغير في وجهة ولا تخفض منزلته ..
وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في نظرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئين ونحوها حتى إنه ليختلج داعي عقوبته على إساءته وداعي شكره على إحسانه فيغلب داعي الشكر لداعي العقوبة كما قيل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ****** جاءت محاسنه بألف شفيع
وقال آخر:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً ... فأفعاله اللاتي سررن كثير
والله سبحانه يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته فأيهما غلب كان التأثير له فيفعل بأهل الحسنات الكثيرة الذين آثروا محابه ومراضيه وغلبتهم دواعي طبعهم أحياناً من العفو والمسامحة مالا يفعله مع غيرهم ".
الفوائد
ويقول:
" ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وأثار حسنة وهو من الإسلام بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين "
إعلام الموقعين 3/ 283
ويقول:
" فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها ".
مدارج السالكين 2/ 39
ويقول:
" فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله – أي في يوم لقيامة –، ولهذا من رجحت حسناته على سيئاته أفلح، ولم يعذب ووهبت له سيئاته لأجل حسناته ".
من كتاب (الحث على اتِّباع السنَّة) فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد
بدعة امتحان الناس بالأشخاص
ومن البدع المنكرة ما حدث في هذا الزمان من امتحان بعض من أهل السنَّة بعضاً بأشخاص، سواء كان الباعث على الامتحان الجفاء في شخص يُمتحن به، أو كان الباعث عليه الإطراء لشخص آخر، وإذا كانت نتيجة الامتحان الموافقة لِمَا أراده الممتحِن ظفر بالترحيب والمدح والثناء، وإلاَّ كان حظّه التجريح والتبديع والهجر والتحذير، وهذه نقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية في أوَّلها التبديع في الامتحان بأشخاص للجفاء فيهم، وفي آخرها التبديع في الامتحان بأشخاص آخرين لإطرائهم، قال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى (3/ 413 ـ 414) في كلام له عن يزيد بن معاوية: ((والصواب هو ما عليه الأئمَّة، من أنَّه لا يُخَصُّ بمحبة ولا يلعن، ومع هذا فإن كان فاسقاً أو ظالماً فالله يغفر للفاسق والظالم، لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة، وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (أوَّل جيش يغزو القسطنطينيَّة مغفورٌ
(يُتْبَعُ)
(/)
له)، وأول جيش غزاها كان أميرهم يزيد بن معاوية، وكان معه أبو أيوب الأنصاري ...
فالواجب الاقتصاد في ذلك، والإعراض عن ذكر يزيد بن معاوية وامتحان المسلمين به؛ فإنَّ هذا من البدع المخالفة لأهل السنَّة والجماعة))
وقال (3/ 415): ((وكذلك التفريق بين الأمَّة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم)).
وقال (20/ 164): ((وليس لأحد أن ينصب للأمَّة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويُوالي ويُعادي عليها غير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويُعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمَّة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرِّقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويُعادون ((.
وقال (28/ 15 ـ 16): ((فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك نظر فيه: فإن كان قد فعل ذنباً شرعيًّا عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنباً شرعيًّا لم يجز أن يُعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البرِّ والتقوى، كما قال الله تعالى: ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ((.
وقال:
والواجب على الأتباع والمتبوعين الذين وقعوا في ذلك الامتحان أن يتخلَّصوا من هذا المسلك الذي فرَّق أهلَ السنَّة وعادى بعضُهم بعضاً بسببه، وذلك بأن يترك الأتباعُ الامتحان وكلَّ ما يترتَّب عليه من بُغض وهجر وتقاطع، وأن يكونوا إخوةً متآلفين متعاونين على البرِّ والتقوى، وأن يتبرَّأ المتبوعون من هذه الطريقة التي توبعوا عليها، ويُعلنوا براءتَهم منها ومِن عمل مَن يقع فيها، وبذلك يسلم الأتباع من هذا البلاء والمتبوعون من تبعة التسبُّب بهذا الامتحان وما يترتَّبُ عليه من أضرار تعود عليهم وعلى غيرهم.
التحذير من فتنة التجريح والتبديع من بعض أهل السنة في هذا العصر
وقال:
وقريبٌ من بدعة امتحان الناس بالأشخاص ما حصل في هذا الزمان من افتتان فئة قليلة من أهل السنَّة بتجريح بعض إخوانهم من أهل السنة وتبديعهم، وما ترتَّب على ذلك من هجر وتقاطع بينهم وقطع لطريق الإفادة منهم، وذلك التجريح والتبديع منه ما يكون مبنيًّا على ظنِّ ما ليس ببدعة بدعة، ومن أمثلة ذلك أنَّ الشيخين الجليلين عبد العزيز بن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ قد أفتيا جماعة بدخولها في أمر رأيَا المصلحة في ذلك الدخول، ومِمَّن لم يُعجبهم ذلك المفتَى به تلك الفئة القليلة، فعابت تلك الجماعة بذلك، ولَم يقف الأمر عند هذا الحدِّ، بل انتقل العيب إلى مَن يتعاون معها بإلقاء المحاضرات، ووصفه بأنَّه مُميِّع لمنهج السلف، مع أنَّ هذين الشيخين الجليلين كانا يُلقيان المحاضرات على تلك الجماعة عن طريق الهاتف.
ومن ذلك أيضاً حصول التحذير من حضور دروس شخص؛ لأنَّه لا يتكلَّم في فلان الفلاني أو الجماعة الفلانية، وقد تولَّى كبر ذلك شخص من تلاميذي بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، تخرَّج منها عام (1395 ـ 1396هـ)، وكان ترتيبه الرابع بعد المائة من دفعته البالغ عددهم (119) خرِّيجاً، وهو غير معروف بالاشتغال بالعلم، ولا أعرف له دروساً علميَّة مسجَّلة، ولا مؤلَّفاً في العلم صغيراً ولا كبيراً، وجلُّ بضاعته التجريح والتبديع والتحذير من كثيرين من أهل السنَّة، لا يبلغ هذا الجارحُ كعبَ بعض مَن جرَحهم لكثرة نفعهم في دروسهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم .... انتهى
وإن أهل السنة وسط في التعامل مع العلماء بين غلو الرافضة والصوفية وبين جفاء الخوارج والمرجئة الغلاظ، فأهل السنة لا يدّعون عصمة لعلمائهم، ولا يتعصبون لهم مقابل الدليل، ولكن لا ينقصون قدرهم، ولا يحقرون أمرهم.
وقد كثر الكلام عن هذه المسألة في الآونة الأخيرة بين متعصب قد وضع عقله في يد غيره، وصار بين يدي شيخه كالميت في يدي مغسله، وشابه الروافض والصوفية في هذا، وبين رجل قد نزع الحياء عن وجهه، وغلّب السوء، وأراد اسقاط أهل الفضل والخير والإيمان، فشابه الخوارج في هذا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحاً حال الكثيرين ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى ذلك الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.
1 - كان إبراهيم النخعي إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية: قولي له اطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس هاهنا كيلا يكون كذباً
2 - حُكي عن بعض الحكماء رأى رجلاً يُكثر الكلام ويُقل السكوت، فقال: إن الله – تعالى – إنما خلق لك أذنين ولسانا واحداً، ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به.
3 - روى الربيع بن صبيح أن رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد إني أرى أمراً أكرهه، قال: وما ذاك يا ابن أخي، قال: أرى أقواماً يحضرون مجلسك يحفظون عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك، فقال: يا ابن أخي: لا يكبرن هذا عليك، أخبرك بما هو أعجب، قال: وما ذاك يا عم؟ قال: أطعت نفسي في جوار الرحمن وملوك الجنان والنجاة من النيران، ومرافقة الأنبياء ولم أطع نفسي في السمعة من الناس، إنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي خلقهم، فإذا لم يسلم من خلقهم فالمخلوق أجدر ألا يسلم.
4 - قال جبير بن عبد الله: شهدت وهب ابن منبه وجاءه رجل فقال: إن فلاناً يقع منك، فقال وهب: أما وجد الشيطان أحداً يستخف به غيرك؟ فما كان بأسرع من أن جاء الرجل، فرفع مجلسه وأكرمه.
5 - عن حاتم الأصم قال: لو أن صاحب خير جلس إليك لكنت تتحرز منه، وكلامك يُعرض على الله فلا تتحرز منه.
6 - حدث أبو حيان التميمي عن أبيه قال: رأيت ابنة الربيع بن خثيم أتته فقالت: يا أبتاه، أذهب ألعب؟ قال: يا بنيتي، إذهبي قولي خيرا.
-7اغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال له: اذكر القطن إذا وُضع على عينيك.
8 - قال رجل لعمرو بن عبيد: إن الأسواري مازال يذكُرك في قصصه بشرٍ،فقال له عمرو: يا هذا، ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه أن الموت يعُمنا والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا، والله – تعالى – يحكم بيننا وهو خير الحاكمين
9 - قيل للمعافي بن معران: ما ترى في الرجل يُقرض الشعر ويقوله؟ قال: هو عمرك فأفنه بما شئت!!
10 - عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا ويكتب عليه حتى أنينه في مرضه، فلما مرض الإمام أحمد فقيل له: إن طاووساً كان يكره أنين المرض، فتركه.
11 - قال عمر بن عبد العزيز: من علم أن كلامه من عَمَلِهِ، قل كلامه إلا فيما يعنيه.
12 - قال الحسن بن صالح: فتشنا الورع فلم نجده في شيء أقل منه في اللسان.
13 - كان عبد الله الخيار يقول في مجلسه: اللهم سلمنا،وسلم المؤمنين منّا.
14 - قال بعض السلف .. يُعرض على ابن آدم ساعات عمره، فكل ساعة لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها حسرات ..
15 - قال الحسن ابن بشار: منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمة أحتاج أن أعتذر منها.
16 - قال بشر بن منصور: كنا عند أيوب السختياني فغلطنا وتكلمنا، فقال لنا: كفوا .. لو أردت أن أخبركم بكل شيء تكلمت به اليوم لفعلت.
17 - وكان الشعبي إذا طُلب في المنزل وهو يكره خط دائرة وقال للجارية: ضعي الأصبع فيها وقولي ليس هاهنا.
وهذا في موضع الحاجة فأما في غير موضع الحاجة فلا، لأن هذا تفهيم الكذب وإن لم يكن اللفظ كذباً فهو مكروه على الجملة.
18 - قال رجل للفضيل ابن عياض: إن فلاناً يغتابني، قال: قد جلب لك الخير جلباً.
19 - قال عبد الرحمن بن مهدي: لولا أني أكره أن يُعصى الله تمنيت ألا يبقى في هذا العصر أحدٌ إلا وقع فيّ واغتابني فأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة لم يعملها ولم يعلم بها.
20 - قال رجل لبكر بن محمد: بلغني أنك تقع فيّ، قال أنت إذاً أكرم عليَّ من نفسي.
21 - رُؤي بعض الأكابر من أهل العلم في النوم فسُئل عن حاله، فقال: أنا موقوف على كلمه قُلتُها،قُلتُ: ما أحوج الناس إلى غيث، فقيل لي: وما يدريك؟ أنا أعلم بمصلحة عبادي.
(يُتْبَعُ)
(/)
22 - قال عبد الله بن محمد بن زياد: كنت عند أحمد بن حنبل فقال له رجل: يا أبا عبد الله قد اغتبتك، فاجعلني في حل، قال:أنت في حل إن لم تعد، فقلت له: أتجعله في خل يا أبا عبد الله وقد اغتابك؟ قال: ألم ترني اشترطت عليه.
23 - وجاء ابن سيرين أناسٌ فقالوا: إنا نلنا منك فاجعلنا في حل، قال: لا أحل لكم شيئاً حرمه الله.
فكأنه أشار إليه بالاستغفار، والتوبة إلى الله مع استحلاله منه.
24 - قال طوق بن منبه: دخلت على محمد بن سيرين فقال: كأني أراك شاكيا؟ قلت: أجل، قال: اذهب إلى فلان الطبيب فاستوصفه ثم قال: اذهب إلى فلان فإنه أطب منه، ثم قال: أستغفر الله أراني قد اغتبته.
25 - روي عن الحسن أن رجلاً قال: إن فلاناً قد اغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرطب، وقال: بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك، فأردت أك أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام.
26 - وذكر عن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – أنه قال: إن العبد ليُعطى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن قد عملها، فيقول يا رب: من أين لي هذا؟
فيقول: هذا بما اغتابك الناس وانت لا تشعر.
27 - قيل لبعض الحكماء: ما الحكمة في أن ريح الغيبة ونتنها كانت تتبين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تتبين في يومنا هذا؟
قال: لأن الغيبة قد كثرت في يومنا، فامتلأت الأنوف منها، فلم تتبين الرائحة وهي النتن، ويكون مثال هذا، مثال رجل دخل الدباغين، لا يقدر على القرار فيها من شدة الرائحة، وأهل تلك الدار يأكلون فيها الطعام ويشربون الشراب ولا تتبين لهم الرائحة، لأنهم قد امتلأت أنوفهم منها، كذلك أمر الغيبة في يومنا هذا.
-28 قال عبد الله بن المبارك: قلت لسفيان الثوري: يا أبا عبد الله ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة، ما سمعته يغتاب عدواً له قط، فقال: هو أعقل من أن يسلط على حسناته ما يُذهبها.
29 - روي عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئا،فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية: {إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا} وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية {همازٍ مشاءٍ بنميم} وإن شئت عفونا عنك؟ فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا.
30 - قال رجل لعبد الله بن عمر – وكان أميراً – بلغني أن فلاناً أعلم الأمير أني ذكرته بسوء، قال: قد كان ذلك، قال فأخبرني بما قال حتى أظهر كذبه عندك؟ قال: ما أحب أن أشتم نفسي بلساني، وحسبي أني لم أصدقه فيما قال، ولا أقطع عنك الوصال.
المصدر: كُتيب (أحصاه الله ونسوه) لعبد المحسن القاسم ....
وأضع بين يديك أخي القارئ أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله تعالى:
الأصل الأول: الإعتذار لأهل الصلاح و الفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد و حمل كلامهم المحتمل على أحسن المحامل.
الأصل الثاني: عدم تأثيم مجتهد إذا أخطأ في مسائل أصولية أو فرعية .. وأولى من ذلك، عدم تكفيره أو تفسيقه.
الأصل الثالث: عذر المبتدع لا يقتضي إقراره على ما أظهره من بدعة، ولا إباحة اتِّباعه، بل يجب الإنكار عليه فيما يسوغ إنكاره، مع مراعاة الأدب في ذلك.
الأصل الرابع: عدم الحكم على من وقع في بدعة أنه من أهل الأهواء والبدع، ولا معاداته بسببها، إلا إذا كانت البدعة مشتهرة مغلظة عند أهل العلم بالسنة.
الأصل الخامس: لا يحكم بالهلاك جزمًا على أحد خالف في الاعتقاد أو غيره، ولا على طائفة معينة بأنها من الفرق الضالة الثنتين والسبعين، إلا إذا كانت المخالفة غليظة.
الأصل السادس: التحري في حال الشخص المعين، المرتكب لموجب الكفر أو الفسق، قبل تكفيره أو تفسيقه، بحيث لا يكفر ولا يفسق أحد إلا بعد إقامة الحجة عليه.
الأصل السابع: الحرص على تأليف القلوب واجتماع الكلمة، وإصلاح ذات البين، والحذر من أن يكون الخلاف في المسائل الفرعية العقدية والعملية، سببًا في نقض عُرى الأخوة والولاء والبراء بين المسلمين.
الأصل الثامن: الإنصاف في ذكر ما للمبتدعة من محامد ومذام، وقبول ما عندهم من حق، وردّ ما عندهم من باطل، وأن ذلك سبيل الأمة الوسط.
(يُتْبَعُ)
(/)
الأصل التاسع: رعاية شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الأمر بالسنة والنهي عن البدعة، وتقديم الأهم فالأهم في ذلك.
ويقول ابن القيم عليه رحمة الله:
أهل الصراط المستقيم كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم بالنفع في الآخرة،
فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلاً عن أن تضره في الآخرة، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها كلها، ويأتي بسيئاتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به ... انتهى.
وأخيراً أنظر يارعاك الله إلى الذام والمذموم وأستفت قلبك بعدها ........
فنسأل الله العظيم أن يسل سخائم قلوبنا وأن يبصرنا بأمور ديننا ...
والسلفية أخي في الله حق مشروع لا حق محجور يهبه من يشاء لمن يشاء لمجرد الرأي والهوى وسلبه ممن يشاء أيضاً لمجرد الرأي والهوى .. وليس هذا محل تقريره ...
والمشكلة تكمن في ما آل إليه ألأمر من تحريف للولاء والبراء عن مفهومه العقدي السليم إلى مفهومه الإجتماعي التابع للهوى والرأي ...
فأصبحنا نرى أن فلان ((سلفي ذو أصول سلفية)) لإنه يُحب فلان من طلبة العلم أو العلماء أو المصلحين أو الدعاة ويأخذ بأقولهم ونبذ ما سواها ... والآخر ضال مضل قد عُلم مكانه من النار خارجي مبتدع لأنه يسمع لفلان ويأخذ برأي فلان ويقول برأي فلان، من طلبة علم وعلماء ودعاه ومصلحين أيضاً ... فأين الأصول السلفية هنا ...
وليس الكلام عن بن دؤاد ولا عن الجهم لولا عن غيرهم من المخالفين والذي وجب على أهل الصلاح بيان عوراهم والتحذير منه ... مع عدم غمط ما عندهم من حكمة إن وجدت فالحكمة ضالة المؤمن، وستبقى كذلك ...
وأقوال من يرى الجميع أنهم أصحاب أصول سلفية مثل ((مثالا لا حصراً)) الشيخ بن تيمية والشيخ بن القيم والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله جميعاً وغيرهم كثير مما لايسع المجال لذكر أسماؤهم رسموا للأمة المنهج السلفي ذو الأصول السلفية في الرد على المخالف وأدب الحوار مع سلامة القلب ... فمواقف ابن تيمية مع خصومه لا تخفى وكذلك ابن القيم ومن سار على نهجهم من القدوات الكبار المتأخرين ...
وعلى العموم الكلام ينحصر في حماية أهل السنة من أهل السنة
ولنا أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية تعامله مع خصومه المعلومين بوحي من الله لا بظن أو هوى أو رأي وإنما بوحي من الله جل في علاه، فصلى الله عليه وسلم ..
وأجتزئ لك أخي في الله هذه الأصول لابن تيمية رحمه الله نفعنا الله وإياكم أجمعين: -
الأصل الأول: الإعتذار لأهل الصلاح و الفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد و حمل كلامهم المحتمل على أحسن المحامل.
الأصل الثاني: عدم تأثيم مجتهد إذا أخطأ في مسائل أصولية أو فرعية .. وأولى من ذلك، عدم تكفيره أو تفسيقه.
الأصل الثالث: عذر المبتدع لا يقتضي إقراره على ما أظهره من بدعة، ولا إباحة اتِّباعه، بل يجب الإنكار عليه فيما يسوغ إنكاره، مع مراعاة الأدب في ذلك.
الأصل الرابع: عدم الحكم على من وقع في بدعة أنه من أهل الأهواء والبدع، ولا معاداته بسببها، إلا إذا كانت البدعة مشتهرة مغلظة عند أهل العلم بالسنة.
الأصل الخامس: لا يحكم بالهلاك جزمًا على أحد خالف في الاعتقاد أو غيره، ولا على طائفة معينة بأنها من الفرق الضالة الثنتين والسبعين، إلا إذا كانت المخالفة غليظة.
الأصل السادس: التحري في حال الشخص المعين، المرتكب لموجب الكفر أو الفسق، قبل تكفيره أو تفسيقه، بحيث لا يكفر ولا يفسق أحد إلا بعد إقامة الحجة عليه.
الأصل السابع: الحرص على تأليف القلوب واجتماع الكلمة، وإصلاح ذات البين، والحذر من أن يكون الخلاف في المسائل الفرعية العقدية والعملية، سببًا في نقض عُرى الأخوة والولاء والبراء بين المسلمين.
الأصل الثامن: الإنصاف في ذكر ما للمبتدعة من محامد ومذام، وقبول ما عندهم من حق، وردّ ما عندهم من باطل، وأن ذلك سبيل الأمة الوسط.
الأصل التاسع: رعاية شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الأمر بالسنة والنهي عن البدعة، وتقديم الأهم فالأهم في ذلك.
*********
قال ابن الجوزي رحمه الله في " صيد الخاطر "، في كلام له عن انحراف الصُّوفيَّة (ص 54 _ 60) ت: الطنطاوي
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نقلت مواضع منه
قال رحمه الله:
1 - فجاء أقوام، فأظهروا التزهد، وابتكروا طريقة زينها لهم الهوى، ثم تطلبوا لها الدليل.
وإنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل لا أن يتبع طريقاً ويطلب دليلها.
ثم انقسموا: فمنهم، متصنع في الظاهر، ليث الشرى في الباطن.
يتناول في خلواته الشهوات، وينعكف على اللذات. ويري الناس بزيه أنه متصوف متزهد، وما تزهد إلا القميص وإذا نظر إلى أحواله فعنده كبر فرعون.
ومنهم: سليم الباطن، إلا أنه في الشرع جاهل.
ومنهم: من تصدر، وصنف، فاقتدى به الجاهلون في هذه الطريقة، وكانوا كعمي اتبعوا أعمى.
ولو أنهم تلمحوا للأمر الأول، الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، لما ذلوا.
ولقد كان جماعة من المحققين، لا يبالون بمعظم في النفوس إذا حاد عن الشريعة، بل يوسعونه لوماً.
فنقل عن أحمد أنه قال له المروزي: ما تقول في النكاح؟
فقال: سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: فقد قال إبراهيم. قال: فصاح بي وقال: جئتنا ببنيات الطريق؟
وقيل له: إن سريا السقطي قال: لما خلق الله تعالى الحروف، وقف الألف وسجدت الباء.
فقال: نَفِّرُوا الناسَ عَنْهُ.
واعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم
كما قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير، كانا على الباطل؟
فقال له: إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله.
ولعمري إنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام، فإذا نقل عنهم شيء فسمعه جاهل بالشرع قبله، لتعظيمهم في نفسه.
كما ينقل عن أبي يزيد رضي الله عنه، أنه قال: تراعنت علي نفسي فحلفت لا أشرب الماء سنة.
وهذا إذا صح عنه، كان خطأ قبيحا ً، وزلة فاحشة، لأن الماء ينفذ الأغذية إلى البدن، ولا يقوم مقامه شيء، فإذا لم يشرب فقد سعى في أذى بدنه، وقد كان يستعذب الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أفترى هذا فعل من يعلم أن نفسه ليست له، وأنه لا يجوز التصرف فيها إلا عن إذن مالكها ...
2 - واسمع مني بلا محاباة، لا تحتجن علي بأسماء الرجال، فتقول: قال بشر، وقال إبراهيم بن أدهم، فإن من احتج بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضوان الله عليهم - أقوى على أن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها عليهم بحسن الظن ...
3 - ومن تأمل هذه الأشياء، علم أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتباعه، وخفت إذا مات أشياعه - أفضل من ألوف تتمسح العوام بهم تبركاً، ويشيع جنائزهم ما لا يحصى.
وهل الناس إلا صاحب أثر نتبعه، أو فقيه يفهم مراد الشرع ويفتي به؟.
نعوذ بالله من الجهل، وتعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل!.
فإن من ورد المشرب الأول، رأى سائر المشارب كدرة، والمحنة العظمى مدائح العوام، فكم غرت ... !!.
كما قال علي رضي الله عنه: ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً.
**********
و هذا الكلام هو للتذكير بعدم التَّعصُّب لأحد خالف الحقَّ لمجرَّد اسمه، فإن الحقَّ إذا كان ظاهرا بيِّنا أولى بالاتِّباع، مع معرفة فضل المخطئ والاعتذار له إن كان أهلا للاعتذار.
والحقيقة أن كثيرا ممن يدَّعي الإنصاف والاحترام لأهل العلم تجده يردُّ الحقَّ أحيانا لأن المخطئ من المعظَّمين عنده، ويحاول أن يبرر خطأ المعظَّمِ عنده بأي طريقة، ولا أظن أحدا منَّا إلا قد تعرَّض لبعض هذه العيِّنات التي تدَّعي الإنصاف واتِّباع الحقِّ دون تعصُّب لقول أحد من أهل العلم، فإذا نقَّبت عن حقيقة دعواه وجدته لا يطبق كلامه مع جميع العلماء المتقدِّمين أو المتأخرين بل يطبِّقه على بعض دون بعض،فهو ينظر للعماء بعيني أعور، وهذا من قلِّة العلم والإنصاف.
وتأمَّل معي قول ابن تيمية رحمه الله:
يمتنع مع العلم والعدل في كل اثنين أحدهما أكمل من الآخر في فن أنْ يُقَرَّ بِمَعْرِفَةِ ذلكَ الفَنِّ للمفضولِ دون الفاضلِ وقولنا مع العلمِ والعدلِ لأنَّ الظالمَ يفضلُ المفضولَ مع علمهِ بأنه مفضولٌ، والجاهلُ قد يعرفُ المفضولَ ولا يعرفُ الفاضلَ
وابن الجوزي رحمه الله يتكلم عن الذين يعظِّمون أفعال أو أقوال بعض الذين اشتهروا بالزُّهد والتقلل من الدنيا ويرونها أفضل وأكمل من أفعال وأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، كالذين يتركون الزَّواج أو شرب الماء أو الخروج للسياحة دون زاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهو يبين للجهَّال أنَّا لن نجد هديا أكمل ولا أفضل من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.
**************
ينبغي لبعض صغار العقول من المتعصبين أن يحفظَ هذه الكلمة جيدا قبل أن يرد على من بين خطأ من يحبون أو من يعظِّمون إن كان بعلم وبينة وحجة واضحة، ويحسنَ الظن بالآخرين، ولا يجعل سوء الظن بالآخرين أصل نظرته.
قال الإمام أبو بكر الخطيب البغدادى حين تصدى لبيان أوهام أكابر علماء الأمة حقا، فى مقدمة ((موضح أوهام الجمع والتفريق)):
((ولعلَّ بعضَ من ينظرُ فيما سطرنَاهُ، ويقفُ على ما لكتابنا هذا ضَمَّنَّاهُ؛ يلحقُ سيءَ الظنِّ بنا، ويرى أنَّا عمدنا للطعنِ على من تَقَدَمَنَا، وإظهارِ العيبِ لكُبَرَاءِ شُيُوخِنَا، وَعُلماءِ سَلَفِنَا!
وأَنَّى يكونُ ذلكَ، وبهم ذُكِرْنَا، وبِشُعَاعِ ضِيَائِهِم تَبَصَّرنَا، وباقتِفَائِنَا واضحَ رُسُوْمِهِم تَمَيَّزنَا، وبسلوكِ سَبِيْلِهِم عن الهَمَجِ تَحَيَّزْنَا.
وما مثلهم ومثلنا إلا ما ذكر أبو عمرو بن العلاء؛ فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم حدثنا محمد بن العباس اليزيدي حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال قال أبو عمرو: ((مَا نَحْنُ فِيمَن مَضَى إِلاَّ كَبَقْلٍ فِي أُصُوْلِ نَخْلٍ طوَالٍ))
ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاماً، ونصب لكل قوم إماماً؛ لزم المهتدين بمبين أنوارهم، والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم، ممن رزق البحث والفهم، وإنعام النظر في العلم بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا.
إذ لم يكونوا معصومين من الزلل، ولا آمنين من مفارقة الخطأ والخطل، وذلك حق العالم على المتعلم، وواجب على التالي للمتقدم " اهـ
*************************
ويقول شيخ الإسلام طيب الله ثراه
وَأَيْضًا فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُخْبِرُ عَنْ هَذِهِ الْفِرَقِ بِحُكْمِ الظَّنِّ وَالْهَوَى فَيَجْعَلُ طَائِفَتَهُ -وَالْمُنْتَسِبَةَ إلَى مَتْبُوعِهِ الْمُوَالِيَةَ لَهُ - هُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ وَيَجْعَلُ مَنْ خَالَفَهَا أَهْلَ الْبِدَعِ. وَهَذَا ضَلَالٌ مُبِينٌ.
فَإِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ لَا يَكُونُ مَتْبُوعُهُمْ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى فَهُوَ الَّذِي يَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ؛ وَطَاعَتُهُ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَمَنْ جَعَلَ شَخْصًا مِنْ الْأَشْخَاصِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَبَّهُ وَوَافَقَهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ خَالَفَهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَةِ - كَمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الطَّوَائِفِ مِنْ اتِّبَاعِ أَئِمَّةٍ فِي الْكَلَامِ فِي الدِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ - كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالتَّفَرُّقِ.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِأَنْ تَكُونَ هِيَ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؛ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ مَتْبُوعٌ يَتَعَصَّبُونَ لَهُ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْم أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَأَعْظَمُهُمْ تَمْيِيزًا بَيْنَ صَحِيحِهَا وَسَقِيمِهَا وَأَئِمَّتُهُمْ فُقَهَاءُ فِيهَا وَأَهْلُ مَعْرِفَةٍ بِمَعَانِيهَا وَاتِّبَاعًا لَهَا: تَصْدِيقًا وَعَمَلًا وَحُبًّا وَمُوَالَاةً لِمَنْ وَالَاهَا وَمُعَادَاةً لِمَنْ عَادَاهَا
الَّذِينَ يَرْوُونَ الْمَقَالَاتِ الْمُجْمَلَةَ إلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ؛ فَلَا يُنَصِّبُونَ مَقَالَةً وَيَجْعَلُونَهَا مِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ وَجُمَلِ كَلَامِهِمْ إنْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ بَلْ يَجْعَلُونَ مَا بُعِثَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ وَيَعْتَمِدُونَهُ.
***************
• قال ابن القيم –رحمه الله- "إذا ظفرت برجل واحد من أولي العلم، طالب للدليل، محكم له، متبع للحق حيث كان، وأين كان، ومع من كان، زالت الوحشة وحصلت الألفة وإن خالفك؛ فإنه يخالفك ويعذرك. والجاهل الظالم يخالفك بلا حجة ويكفرك أو يبدعك بلا حجة، وذنبك: رغبتك عن طريقته الوخيمة وسيرته الذميمة، فلا تغتر بكثرة هذا الضرب، فإن الآلاف المؤلفة منهم؛ لا يعدلون بشخص واحد من أهل العلم، والواحد من أهل العلم يعدل ملء الأرض منهم". إعلام الموقعين 1/ 308.(/)
العبيكان يرد على الشيخ الفوزان
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 04:44]ـ
العبيكان يرد على الفوزان: التوسعة لم تخرج عن حدود الصفا والمروة والمشاعر ليست مختصة بالسعوديين فقط
أبها: الوطن السبت 6رمضان 1429
قال الشيخ عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان: إنني أربأ بعالم جليل أن يسيس العبادة، فالمشاعر المقدسة ليست مختصة بالسعوديين فقط، ولا يجوز أن يطبق في العبادة والأمور الشرعية ما يطبق في الأمور السياسية المتعلقة بالأنظمة التي من حق كل دولة أن تنفرد بها، ويجب علينا أن ننبذ العنصرية والعصبية المقيتة التي جاء الإسلام بمحاربتها، كما أنه من المؤسف أن يسمي أدلة المجيزين شبهات بينما هي أدلة واضحة جلية، مشيراً بذلك إلى بيان الشيخ صالح الفوزان حول عدم جواز السعي في التوسعة الجديدة.
وأكد الشيخ العبيكان أنه ليس من حق العالم أن يفرض على الناس رأيه ولا يشترط ألا يعمل ولي الأمر إلا بفتوى شخص أو أشخاص، موضحاً أن هيئة كبار العلماء لم تجمع على ما رآه صاحب البيان (الشيخ الفوزان)، بل هناك من الأعضاء في الهيئة من رأى جواز هذه التوسعة الجديدة التي لم تخرج عن حدود الصفا والمروة بالدليل الواضح. وفيما يلي الرد الكامل للشيخ العبيكان على الشيخ الفوزان ومن وافقه:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد فإنني عندما اطلعت على بيان من فضيلة الشيخ صالح الفوزان حول عدم جواز السعي في التوسعة الجديدة قمت في الحال بالرد على فضيلته ومن وافقه وعرض عبر شبكة الإنترنت فقام فضيلته بالرد عليَّ فقمت بالرد على الرد بياناً للحق ونصحاً للأمة، ثم إنني رأيت مقالاً لفضيلة الشيخ عبدالله المنيع في الرد على فضيلة الشيخ صالح الفوزان فما كان مني إلا أن طلبت نشر ردي في الصحيفة تأييداً لفضيلة الشيخ عبدالله المنيع الذي وفق في الرد وبين الحق بياناً شافياً وتتميماً للفائدة إليكم الردين مدعمين بالأدلة:
ردٌ على من منع توسعة المسعى
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد فإنه من المؤسف جداً أن البعض في هذا الزمن ابتعدوا كثيراً عن التأصيل الشرعي والتكييف الفقهي وأصبحوا يخلطون بين ما هو مجال للاجتهاد في فهم النصوص الشرعية، وما مبناه على الإثبات إما بالشهادة أو بتقرير أهل الخبرة كما هو صنيع القاضي الذي يعتمد على تقرير الخبراء في القضايا المنظورة إما من الأطباء أو المهندسين أو الجيولوجيين أو المحاسبين أو الفنيين في عدة مجالات، ومما أثار دهشتي ردود الفعل من قبل بعض العلماء عندما وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سدده الله ووفقه لكل خير بدراسة توسيع مبنى المسعى الذي أقيم في عهد الملك سعود رحمه الله لتزايد عدد الحجاج عاماً بعد عام وحصول الازدحام الشديد فيه وخاصة المواسم الدينية، وإنني أقول وجه بدراسة توسيع المبنى وليس توسيع المسعى، لأن المسعى الذي يشرع السعي فيه لا يوسع وهذا ما هدف إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أجزل الله مثوبته حيث طلب من المختصين دراسة إمكانية ذلك حرصاً منه حفظه الله للتيسير على الحجاج والمعتمرين، فقاموا بالبحث التاريخي والجيولوجي واستعانوا بأهل الخبرة من أهل مكة والذين بعضهم كان يسكن في بيوت أقيمت على جبل الصفا كما استعانوا ببعض الباحثين والعلماء فتوصلوا إلى أن الصفا والمروة يمتدان إلى أكثر من مساحة التوسعة الجديدة، ولا نعلم أن أحداً من أهل مكة شهد بخلاف ذلك ولو وجد فمن المعلوم من القواعد الشرعية أن المثبت مقدم على النافي، والحافظ حجة على من لم يحفظ، وأن شهادة النفي لا تقبل إلا بشروط وقيود ولا تنطبق على هذه المسألة كما أن هذه المسألة لا تدخل في الخلاف الفقهي المبني على الاجتهاد في فهم النصوص الشرعية وإنما هي مسألة مبنية على شهادة أهل الخبرة والاختصاص والعارفين بحدود الصفا والمروة، فكثير من المسائل الشرعية تبنى على ذلك كما في إثبات دخول الأشهر وإثبات الحدود والحقوق غيرها مما لا مجال للاجتهاد فيه متى ما صحت الشهادة وتحقق من جدارة الخبير. والذي أثار دهشتي أن هناك من عارض هذه التوسعة وأعلن اعتراضه أو كتب راداً على من أيدوها بدون تأصيل ولا تدليل صحيح، فمثلاً قول بعضهم إنني لم أرض بهذه التوسعة وليسع ولي الأمر
(يُتْبَعُ)
(/)
ما وسع من قبله من الولاة.
والجواب: أن العالم ليس من حقه أن يفرض على الناس رأيه ولا يشترط ألا يعمل ولي الأمر إلا بفتوى شخص أو أشخاص فالله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم "وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "ولم يفرض عليه الأخذ بقول من استشاره ولا يصح أن يصدر هذا الكلام إلا ممن هو شريك في اتخاذ القرار، كما أن قوله "وليسع ولي الأمر" لا ينبغي أن يقال هذا الكلام إلا لمن ابتدع في دين الله بدعة وخالف النصوص الشرعية وإجماع الأمة، ولا ينطبق هذا بتاتاً على فعل ولي أمرنا حفظه الله، كما جاء في بيان لبعضهم عدة تعليلات ليست مقبولة لا من الناحية الشرعية ولا العقلية وسوف أستعرض أهم ما ذكره في البيان والجواب عليه:
أولاً: عنون فضيلته حفظه الله هذا البيان بقوله "فتنة التوسعة في المسعى والرد على شبهات المجيزين لها" وهذا أمر غريب وخاصة إذا صدر من عالم جليل، فالفتنة التي ذكرها هي في إصدار هذا البيان وليست الفتنة في قيام ولي الأمر بعمل ما هو مشروع ونافع بشهادة الثقات وأهل الاختصاص وجمع كبير من علماء الأمة، فالفتنة حقاً هي في إثارة العامة والتشويش عليهم في أمر يتعلق بصحة العبادة بناءً على رأي رآه هو ومن وافقه رغم مخالفة هذا الرأي من قبل علماء أجلاء وأهل اختصاص.
ثانياً: ذكر أن ولاة الأمر يستندون في الفتوى على هيئة كبار العلماء ولا يسمحون أن يتدخل في الفتوى غيرهم وإنما يصدرون عن رأي الهيئة.
والجواب: أن هيئة كبار العلماء لم تجمع على ما رآه صاحب البيان بل هناك من الأعضاء في الهيئة من رأى جواز هذه التوسعة وهناك من رجع إلى القول بالجواز فأخذ ولي الأمر برأي هؤلاء مع عدد كبير من علماء الأمة من خارج الهيئة، وليست هذه أول مسألة يأخذ ولي الأمر فيها بقول بعض الأعضاء دون البعض الآخر، فهناك مثلاً اعتماد الملك فهد رحمه الله على رأي البعض في مسألة تهريب المخدرات، ومن العجيب جداً أن يخفى على فضيلته أن المفتي ليس كالقاضي، فالمفتي لا يلزم الناس بفتواه فضلاً عن ولي الأمر، أما القاضي فهو الذي يلزم الخصمين بقضائه كما هو مقرر عند أهل العلم فكيف يريد أن يلزم ولي الأمر بما ليس بلازم، كما أن رأي الأغلبية ليس بلازم أن يكون هو الحق فالله عز وجل ذم الكثرة بقوله (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ومدح القلة بقوله (وقليل ما هم) كما قرره أهل العلم.
ثالثاً: ما اعتمده من قرار اللجنة العلمية المؤلفة من قبل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فهو في غير محله فلم تحدد هذه اللجنة الصفا أو المروة وإنما رأوا إزالة بعض الأبنية في وسط الوادي للتوسعة المطلوبة آنذاك وذكر لي معالي الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف أن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله منع الذين وضعوا خشباً للحد وكان الشيخ محمد بن إبراهيم يجلس في دار الأرقم التي على الصفا وكانت تقع شرقي المسعى المبني، فإذاً عمل اللجنة كان لتوسعة مناسبة في ذلك الوقت تفي بالحاجة لأنه لو كان عملها لتحديد الصفا والمروة فلا يمكن أن يكون عرض جبل الصفا مثل جبل المروة بالتمام كما هو الحال في المسعى الذي هدم هذه الأيام فلا يوجد في هذه الدنيا جبل يتماثل في العرض مع جبل آخر بالتمام كما أن الجبل ليس كالصخرة فلا يكون عرضه إلا عشرين متراً فقط.
ومما يدل على أن اللجنة لم تحدد عرض الصفا أو المروة ما جاء في فتوى أصدرها الشيخ محمد بن إبراهيم موجودة في مجموع فتاواه ج5 ص145 عام 1380هـ نصها "الذي نراه أن جميع ما أدخلته هذه العمارة الجديدة فإنه يشمل اسم المسعى لأنه داخل في مسمى ما بين الصفا والمروة "فقوله هذا يوضح أن التوسعة لم تخرج عن مسمى المسعى ولم يقل إن العمارة حددت المسعى الشرعي، ولم يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أو صحابته رضي الله عنهم وضعوا علامات لحدود الصفا أو المروة ولا عرض ما بينهما فبقي الأصل الذي هو عرض الجبلين، وإنما اهتم العلماء بموضع الهرولة وهو بطن الوادي الذي وضع له ميلان أخضران حتى لا يخفى مع كثرة الأبنية ومرور الزمن.
رابعاً: ذكر أنه لم يعترض أحد من العلماء على توسعة الملك سعود لأن مساحة المسعى قد استغرقت ما بين الصفا والمروة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب: أن عدم اعتراض العلماء دليل على أن التوسعة مشروعة فكيف يستدل بعدم اعتراض العلماء آنذاك على عدم جواز التوسعة في هذا الزمن؟ هذا في غابة الغرابة أما دعوى أن تلك المساحة استغرقت ما بين الصفا والمروة فهي دعوى تفتقر إلى الدليل، فلم يرد في قرار اللجنة أنهم حددوا الصفا والمروة وإنما رأوا هدم بعض المباني للتوسعة والذي يريد تحديد المسعى فلا بد أن يحدد عرض جبلي الصفا والمروة لأن المسعى شرعاً يقع بينهما.
خامساً: قوله أجمع المسلمون على أنه لا يجوز السعي خارجاً عن حدود المسعى طولاً وعرضاً إجماعاً عملياً جيلاً بعد جيل بدليل أن المسجد الحرام قد وسع فيه عدة مرات ولم يوسع المسعى.
والجواب: أن التوسعة الجديدة لم تخرج عن حدود الصفا والمروة بالدليل الواضح فلا يكون هناك مخالفة للإجماع المزعوم ثم لا أدري من أين نقل هذا الإجماع وما مستنده فهناك من العلماء الأجلاء من يرى جواز السعي خارج حدود الصفا والمروة عند الحاجة إلى ذلك ومنهم العلامة الشيخ عبدالرحمن المعلمي في رسالته المشهورة التي نشرت في الصحف وهي موجودة في مكتبة الحرم وقد طبعت أخيراً، وكما لا يخفى على فضيلته الخلاف في الاعتماد على الإجماع العملي والخلاف في إمكانية وقوع الإجماع.
وأما استدلاله بأن المسجد الحرام قد وسع عدة مرات ولم يوسع المسعى.
فالجواب: أن الحاجة دعت إلى توسيع المسجد عدة مرات ولم تدع الحاجة إلى توسيع المسعى أكثر من السابق إلا في السنين الأخيرة كما هو معروف عند من حج أو اعتمر قبل ثلاثين عاماً، فلماذا لا يقال إن توسعة المطاف زيادة عما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم غير مشروعة وليسع الناس ما وسع الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الوقت لأن الطواف لا يصح إلا في المسجد وكلما اتسع المسجد اتسع المطاف فكيف يصح في الطواف ما لا يصح في السعي مع أن التوسعة الجديدة لم تخرج عن حدود الصفا والمروة فليست توسعة للمسعى وإنما هي للمبنى فلينتبه إلى هذا جيدا، ومن يستطيع أن يقول إن المسعى الشرعي هو ما بين الجدارين في المبنى الذي بناه الملك سعود رحمه الله فقط؟
سادسا: قوله إن الذي تحت الأرض لا يكون شعارا بارزا يصعد عليه فالشعار لابد أن يكون بارزا مشاهدا.
والجواب: أن من قرأ التاريخ وأدرك المسعى قديما يعلم أن المسعى منخفض عن الموجود انخفاضا كبيرا وقد اندفن وقتا بعد وقت وحسب المدفون في وقت باثنتي عشرة درجة فهل يقال إنه لو اندفن الصفا كاملا ولم يبق منه شيء بارز فلا يصح السعي؟ لا أظن عاقلا يقول هذا فضلا عن عالم، فالصفا هو الصفا والمروة هي المروة برزت أو لم تبرز دفنت أو لم تدفن كما أن الهيئة قديما أصدرت قرارا بجواز السعي في الدور الأول وكذلك في القرار الأخير وفضيلته منهم والساعي فيه لا يرى جبلي الصفا والمروة ولا يصعد عليهما مباشرة أليس في هذا تناقض؟
سابعا: قوله إن قضايا المملكة يختص النظر فيها بعلمائها المعتبرين فلماذا يستنجد بأناس من خارج المملكة؟.
والجواب: أنه ليس كل العلماء المعتبرين في المملكة قالوا بعدم الجواز كما أوضحناه سابقا كما أنني أربأ بعالم جليل أن يسيس العبادة فالمشاعر المقدسة ليست مختصة بالسعوديين فقط ولا يجوز أن يطبق في العبادة والأمور الشرعية ما يطبق في الأمور السياسية المتعلقة بالأنظمة التي من حق كل دولة أن تنفرد بها، ويجب علينا أن ننبذ العنصرية والعصبية المقيتة التي جاء الإسلام بمحاربتها، كما أنه من المؤسف أن يسمي أدلة المجيزين شبهات بينما هي أدلة واضحة جلية حتى إنه جعل الثناء على جهود خادم الحرمين الشريفين شبهة فهل هناك من استدل بالجهود على صحة العمل؟ لم أجد أحدا فعل ذلك وإنما الثناء على ولي الأمر لأنه حرص أن ييسر على المسلمين في حدود الشرع امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا" ومن المعلوم أن الثناء على المحسن مطلوب شرعا ولا يشكر الله من لا يشكر الناس كما جاء في الحديث.
ثامنا: قوله إن المشاعر ليست محلا للاجتهاد.
والجواب: أن تحديد الجبل ليس محلا للاجتهاد ولذا فالمسألة ليست اجتهادية بل مسألة مبنية على الإثبات فلا ينبغي الخلط بين ما هو محل للاجتهاد وبين ما هو مبني على الثبوت فلا محل لهذا الاعتراض.
(يُتْبَعُ)
(/)
عاشرا: قوله إن المسعى قد توارثته الأجيال على هذا الوضع فلا يجوز الزيادة فيه إلا بدليل فالدليل على مدعي جواز الزيادة لا على من ينفيها لأن من ينفيها معه الأصل وهو بقاء ما كان على ما كان تعظيما لشعائر الله.
والجواب: أنني لا أدري ما هو الذي توارثته الأجيال وما هو الأصل هل هو مبنى الملك سعود رحمه الله؟ أو ما بين الدكاكين والبيوت التي كانت قبله وتتسع في زمن وتضيق في زمن؟ أم إن الذي توارثته الأجيال هو ما بين الصفا والمروة؟ فإن كان الأول فلا يحتاج مثل هذا الكلام إلى رد فالأجيال لم تتوارث مبنى الملك سعود، وإن كان الأخير فالتوسعة الجديدة لم تخرج عن الجبلين.
أما قوله إن الدليل على مدعي جواز الزيادة لا على من ينفيها لأن من ينفيها معه الأصل.
فالجواب أنني لا أدري هل هي زيادة الجبلين أم زيادة مبنى الملك سعود رحمه الله، فإن كانت الأولى فلم يقل أحد إن ولي الأمر أمر بمد جبلي الصفا والمروة وزاد فيهما وإن كان الثاني فلا أظن عاقلا يقول إن مبنى الملك سعود رحمه الله هو الأصل الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن المؤسف أن يقول صاحب البيان إن هذه التوسعة تنافي تعظيم شعائر الله فمن الذي أهان المشاعر؟.
الحادي عشر: قوله إن المشاعر توقيفية لا يجوز فيها القياس بأن يزاد عليها ما ليس منها.
والجواب: أن هذه التوسعة ليست زيادة في عرض الصفا ولا عرض المروة مع أنه ليس الكلام على إطلاقه فإن عمر رضي الله عنه زاد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وتوالت الزيادات بعده وقرر العلماء أن الزيادة لها حكم المزيد فمن صلى في الزيادة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحصل على مضاعفة ثواب الصلاة.
الثاني عشر: قوله إن الطواف شرع حول البيت العتيق ولم يحدد إلا بكونه داخل المسجد.
والجواب إذا لماذا جازت توسعة المسجد التي تقتضي توسعة المطاف؟
الثالث عشر: إنني أعجب جدا من إنكاره للزحام الشديد في المسعى الذي يخالف الحس والواقع ومطالبته بزيادة الأدوار فقط، فلا يخفى أنه في السنين الأخيرة ازدحم أولا الدور الأرضي للمسعى ثم صدرت فتوى بجواز السعي في الدور الأول ثم ازدحم وأصبح الناس يسعون في السطح وقد حصل هذا في سنوات معدودة ومن الملاحظ أن الازدحام يزيد عاما بعد عام وقد شملت توسعة الملك عبدالله حفظه الله زيادة الأدوار أيضا ولا ينبغي تأخير التوسعة إلى أن يحصل ازدياد في عدد الحجاج والمعتمرين بل الواجب هو استدراك الأمر قبل وقوعه في حدود المشروع.
أما اعتراضه على عدم حضور الشهود لدى اللجنة السابقة في عهد الملك سعود رحمه الله فلأنه لم يحتج آنذاك إلى زيادة على ما خططوا لبنائه حتى يطلبوا شهودا على ذلك، كما أن اعتراضه على أن الشهود لم يقولوا أدركنا الناس يسعون خارج الحد الشرقي للعمارة الحديثة على عهد الملك سعود.
فالجواب: أن الناس كانوا قلة في المسعى فلا حاجة إلى أن يبعدوا عن وسط المسعى وهذا ما دعا أصحاب الدكاكين أن يقيموها داخل المسعى.
الرابع عشر: قوله إن ديننا لم يبن على علامات خفية بل شأنه الوضوح في كل شيء ومنها حدود المسعى.
فالجواب: ما هي هذه الحدود؟ هل هي الجداران اللذان وضعهما الملك سعود رحمه الله أم إنها عرض الصفا والمروة؟ فإن كان عرض الصفا والمروة فالحمد لله أن التوسعة لم تخرج عن حدودهما وأما الجداران فلم يضعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الخامس عشر: قوله قد أجمع المسلمون في مختلف العصور على ترك هذه الزيادة ففي بحثها والتنقيب عنها مخالفة للإجماع العملي المتوارث بين المسلمين.
والجواب: لا أدري من هم المسلمون الذين أجمعوا في مختلف العصور على ترك توسعة الملك عبدالله حفظه الله قبل أن يخلق وأن يفكر في هذه التوسعة بالإضافة إلى ما أجبت عنه في السابق عن الإجماع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الختام أقول إنني أحترم العلماء وأقدرهم ولكن الرد في المسائل الشرعية لا يعني القدح فيهم ولا التنقص لهم ولا الوضع من قدرهم كما درج على ذلك العلماء في كل زمان يرد بعضهم على بعض مع بقاء المحبة والتقدير ولم يدعني إلى هذا الرد إلا الخوف من حصول الفتنة والتشكيك في صحة العبادة والاختلاف والاضطراب في عبادة من أجل العبادات، كما أنني أنصح بقراءة ما كتبته سابقا في هذا الموضوع للاطلاع على الأدلة التي ذكرناها سابقا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
غداً يكمل الشيخ العبيكان ردوده حول توسعة المسعى
ـ[أبو فايزة]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 05:52]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 07:11]ـ
العبيكان يواصل مناقشة فضيلة الشيخ الفوزان حول جواز توسعة المسعى
أبها: الوطن الاحد 7رمضان1429
واصل الشيخ عبدالمحسن العبيكان رده على الشيخ صالح الفوزان حول مسألة جواز توسعة المسعى، قائلاً: إن الحق يؤخذ من كل أحد ولا يختص بالسعوديين وكفى ما عاناه المسلمون من العصبية المقيتة، "دعوها فإنها منتنة" فشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام أحمد والإمام البخاري وكثير من علماء المسلمين المحققين لم يكونوا من الجزيرة العربية والعلامة الألباني لم يكن سعودياً. وذلك في إشارة إلى قول الشيخ الفوزان في رده على الشيخ العبيكان: "يلزم مما قلت أن علماء المملكة إذا أفتوا بمنع البناء على القبور والغلو في الأموات وإقامة الموالد البدعية أن يكون للعلماء في الخارج الذين يرون خلاف ذلك أن يتدخلوا في هذه الفتوى ويعارضوها ويجب أن يسمع منهم". وعلق الشيخ العبيكان على ذلك بالقول: هذا إلزام باطل، وتلاعب بالعواطف، لا يلجأ إليه إلا من أعياه الدليل حيث لم أجد لديه من دليل سوى تقديس المبنى الذي بناه الملك سعود -رحمه الله- وكأن الذي بناه أو حدد عرضه محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- بينما ذكرت سابقاً أن الملك سعود -رحمه الله- بناه على ما رؤي من توسعة تفي بالغرض ذلك الزمن وبناء على موافقة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- ولم يدّع الملك سعود ولا الشيخ محمد أن البناء وضع على آخر حدود الصفا والمروة بل لا يمكن ذلك لأن عرض البناء متساو من جهة الصفا ومن جهة المروة وليس هناك جبلان في هذه الدنيا يتساويان تماماً في العرض.
وأضاف الشيخ العبيكان: إن الشيخ الفوزان خرج عن الموضوع الشرعي الذي نتكلم عنه وعن البحث العلمي المبني على الدليل واشتغل بمخاطبة عاطفة القراء. وتساءل الشيخ العبيكان: هل كل علماء العالم الإسلامي سوى السعوديين مشركون ومبتدعون؟، وهل كل علماء المملكة على منهج واحد؟.
وأشار الشيخ العبيكان إلى أنه حين صدر قرار هيئة كبار العلماء توقف الشيخ أحمد سير مباركي وطلب التريث لمزيد من البحث وأجاز التوسعة الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان والشيخ عبدالله المطلق ثم بعد ذلك أعلن الشيخ عبدالله بن منيع تراجعه عن المنع وأفتى بالجواز، كما أن الشيخ صالح بن حميد أخبرني بأنه يجيزها أخيراً كما أجازها عضو اللجنة وهيئة كبار العلماء سابقاً الشيخ الركبان. وفيما يلي رد الشيخ العبيكان كاملاً:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد، فقد اطلعت على ما كتبه فضيلة الشيخ صالح الفوزان بعنوان "رد على اعتراض" ومضمونه الرد على ما كتبته من رد على المانعين لتوسعة مبنى المسعى فألفيت ما كتبه عبارة عن نوع من الاتهامات وتقرير ما اتفق الجميع عليه بدون تحرير محل النزاع أو رد على الأدلة التي أوردتها في ردي السابق، بل لم يأت بجديد عن بيانه السابق سوى الاتهامات والخروج عن الموضوع الشرعي الذي نتكلم عنه وعن البحث العلمي المبني على الدليل بل اشتغل بمخاطبة عاطفة القراء في مثل قوله عني، بأنه "ينتصر لرأيه"، وأنه "ينتقص الآخرين"، و"ليس عنده إنصاف" وأنه "يشكك في المسعى المبني زمن الملك سعود، ثم استعمل الأسلوب الساخر في قوله عن الاستعانة بأهل الخبرة: "لا حاجة للاستعانة بالجيولوجيين ولا إلى التنقيب تحت الأرض كما ينقب عن المعادن والبترول"، وأوهم القراء أن حجتي ومن أجاز التوسعة إنما هي "التوسعة على الحجاج"، مع أنني ذكرت أن القضية "مبنية على الإثبات بالشهادة أو بتقرير أهل الخبرة"، ثم
(يُتْبَعُ)
(/)
أوغل في مخاطبة "عواطف الجماهير" قائلاً عني "يلزم مما قلت أن علماء المملكة إذا أفتوا بمنع البناء على القبور والغلو في الأموات وإقامة الموالد البدعية أن يكون للعلماء في الخارج الذين يرون خلاف ذلك أن يتدخلوا في هذه الفتوى ويعارضوها ويجب أن يسمع منهم".
قلت:
وهذا إلزام باطل، وتلاعب بالعواطف، لا يلجأ إليه إلا من أعياه الدليل حيث لم أجد لديه من دليل سوى تقديس المبنى الذي بناه الملك سعود - رحمه الله- وكأن الذي بناه أو حدد عرضه محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - بينما ذكرت سابقاً أن الملك سعود - رحمه الله - بناه على ما رؤي من توسعة تفي بالغرض ذلك الزمن وبناء على موافقة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- ولم يدّع الملك سعود ولا الشيخ محمد أن البناء وضع على آخر حدود الصفا والمروة بل لا يمكن ذلك لأن عرض البناء متساو من جهة الصفا ومن جهة المروة وليس هناك جبلان في هذه الدنيا يتساويان تماماً في العرض بل نقلت في ردي السابق كلام الشيخ محمد بن إبراهيم الذي قرر فيه أن المبنى لم يخرج عن حدود الصفا والمروة وليس شاملاً لهما، وما دام الأمر كذلك فلنرجع إلى ما ذكره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أن العبرة بما بين جبلي الصفا والمروة ونطالب فضيلة الشيخ صالح الفوزان بأن يحدد لنا عرض الصفا وكذلك المروة بالدليل الصحيح وليس مجرد الاعتماد على عرض مبنى الملك سعود -رحمه الله- حيث لا يوجد دليل على أن المبنى وضع على الحدود، ولعل فضيلة الشيخ صالح الفوزان أن يراجع نفسه كما حصل عندما كان يدرسنا في كلية الشريعة كتاب الطلاق من الروض المربع فأخطأ في فهم كلام صاحب الروض مما غير الحكم فنبهت فضيلته إلى ذلك وكان من حسن الحظ أن أحد الطلبة كان معه حاشية العنقري فقرأ ما فيها فتراجع الشيخ صالح وأيدني على فهمي.
وإنني أعجب كثيراً عندما ألزمني بأن أقول إننا يجب أن نقبل قول أي عالم من خارج المملكة يجيز الشرك والبدع فهل كل علماء العالم الإسلامي سوى السعوديين مشركون ومبتدعون وهل كل علماء المملكة على منهج واحد؟ فالحق يؤخذ من كل أحد ولا يختص بالسعوديين وكفى ما عاناه المسلمون من العصبية المقيتة "دعوها فإنها منتنة" فشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام أحمد والإمام البخاري وكثير من علماء المسلمين المحققين لم يكونوا من الجزيرة العربية والعلامة الألباني لم يكن سعودياً.
ومما يعجب له أنه وصفني بأنني: صاحب "مغالطة"، وأنني أراوغ في "هذا الأمر الواضح الذي يعرفه الأعمى والبصير والعامي والعالم". كذا، قال مع أن أربعة من أعضاء هيئة كبار العلماء وعدداً من علماء المملكة خارج الهيئة ومن خارج المملكة جوزوا التوسعة فكيف خفي عليهم هذا "الأمر الواضح الذي يعرفه الأعمى والبصير والعامي"، فحين صدر قرار هيئة كبار العلماء توقف الشيخ أحمد سير مباركي وطلب التريث لمزيد من البحث وأجاز التوسعة الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان والشيخ عبدالله المطلق ثم بعد ذلك أعلن الشيخ عبدالله بن منيع تراجعه عن المنع وأفتى بالجواز كما أن الشيخ صالح بن حميد أخبرني بأنه يجيزها أخيراً كما أجازها عضو اللجنة وهيئة كبار العلماء سابقاً الشيخ الركبان.
ثم وصف الشيخ الفوزان كلامي بقوله "وأيد تدويل الاستفتاء في هذا الأمر من خارج المملكة"، مع ما في عبارة "تدويل" من تضخيم وتحميل للعبارة ما لا تحتمل.
وختم رده على الاعتراض بالطعن في نيات المجوزين بقوله "الناصح لولي الأمر من يبين له الحق لا من يوافقه مطلقاً"، ثم أتبع ذلك الطعن بقوله عن نفسه "وأسأل الله ألا يجعل ذلك انتصاراً للنفس، وأن يجعله بياناً للحق"، وصرح بأنه قصد من تلك "الاتهامات" المتقدمة الإصلاح!؟ فقال:"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت".
ومن الملحوظات على فضيلته:
أولاً:
وصفه ما جرى بأنه "فتنة المسعى"، مع أن الذي يجري إنما هو بحث علمي وردود بين أهل العلم للوصول إلى الحق، وإن كان هناك فتنة فلا شك أنها في التشويش على الناس والتشكيك في صحة عبادتهم بدون دليل ولا تعليل صحيح.
ثانياً:
ومن ذلك إصرار فضيلته على عدم الالتفات لآراء أهل العلم إذا كانوا من خارج السعودية، قائلاً: "كل دولة لها كيانها ولا تتدخل الدولة الأخرى في شؤونها الدينية والسياسية".
قلت:
(يُتْبَعُ)
(/)
من يستطيع أن يقول إن الحج والعمرة من الشؤون الدينية الخاصة بالسعوديين فقط ولا يلتفت لقول غيرهم المبني على دليل، قال تعالى (والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد).
ولقد كان أمراء البلد الحرام فيما مضى يستفتون أهل البلدان من مكي وغيره فيما يشكل كما في قصة تعدي ابن الزمن على المسعى فإن أحد من استفتاهم حاكم مكة علاء الدين المرداوي الحنبلي وهو من علماء الشام لا البلد الحرام.
بل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لما دخل مكة أصدر بياناً جاء فيه: "وسنجعل الأمر شورى بين المسلمين في شأن هذه البلاد المقدسة، فلذلك أبرقنا لكافة المسلمين في سائر الأنحاء أن يرسلوا وفودهم لعقد مؤتمر إسلامي ... إلخ، انظر البيان في "تذكرة أولي النهى والعرفان" للمؤرخ إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن، 3/ 92، ط. مكتبة الرشد و"خمسون عاماً في جزيرة العرب" لحافظ وهبة، ص74.
فهل يقال: إن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يدعو "لتدويل الاستفتاء في هذا الأمر من خارج المملكة كما يقول فضيلته.
وإذا كانت الفتوى خاصة بعلماء البلد فعلماء البلد الحرام "مكة" أولى من السعوديين الآخرين، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، أضف إلى ذلك أن الملك عبدالعزيز لما دخل الحجاز بايعه أهل مكة فقال لهم: "إن أهل مكة أدرى بشعابها فأنتم أعلم ببلدكم من البعيدين عنكم، وما أرى لكم أحسن من أن تلقى مسؤوليات الأعمال على عواتقكم، (تذكرة أولي النهى والعرفان، لابن عبيد، 3/ 93، ط. مكتبة الرشد).
وليس لأحد أن يحجر على ولي الأمر وأن يمنعه من قبول الحق ممن جاء به أو استفتاء من يرى أنه من أهل الفقه الدقيق، والعلم الغزير وأعود فأقول هل هناك دليل من كتاب وسنة على إلزام ولي الأمر بتأليف هيئة لكبار العلماء حتى يلزم بالأخذ بقوله أكثرهم أعتقد أن جميع الناس يعلمون أن هذا أمر حادث ومن باب التنظيم.
ثالثاً:
قال فضيلته: "وإنما المسألة مسألة اختلاف تعرض على الكتاب والسنة".
قلت:
هل لدى فضيلته دليل من الكتاب أو السنة على أن بناء الملك سعود هو المسعى الشرعي فقط بل من عرف الكتاب والسنة التزم بما بين الصفا والمروة دون التمسك بالبناء الحادث.
رابعاً:
قوله "قال الشيخ العبيكان - العالم ليس من حقه أن يفرض على الناس رأيه، ولا يشترط ألا يعمل ولي الأمر إلا بفتوى شخص أو أشخاص".
وكان ينبغي أن يجيب الشيخ الفوزان على هذا الاعتراض بالموافقة أو المنع، لكنه أبى واستعمل الأسلوب العاطفي فقال: "نقول له: إنما الذي يفرض رأيه على الناس هو الذي يريد أن يخرجهم من هذا المسعى المأثور".
فانظر كيف صرف القارئ عن المسألة الشرعية التي ذكرت في الاعتراض: هل المفتي يلزم بفتواه كالقاضي أم لا؟.
وأما قول فضيلته بعد ذلك. ولي الأمر وغيره عند اختلاف الفتوى يأخذ بما عليه الدليل "فهذا عليه لا له وهو اعتراف ضمني بصحة الاعتراض، وبحمد الله قد أخذ ولي الأمر بما دل عليه الدليل لما اختلفت فتوى هيئة كبار العلماء فما فائدة "الرد على الاعتراض" ولماذا يشنع على من اعترض على فتوى الهيئة ما دام أن الأمر كما يقول: "عند اختلاف الفتوى يأخذ بما عليه الدليل".
خامسا:
رأى فضيلته أن العبرة بالصفا والمروة البارزين فهل معنى ذلك أن ما اختفى منهما بعد القرون الأولى لا عبرة به وكذلك لو اختفى البارز منهما في هذا الزمن بتبليطه بالرخام ينتفي به صحة السعي ومن المعلوم أن مساحة من الصفا والمروة قد بلطت بالرخام مما يلي الوادي فهل يقول إن من يكتفي بالصعود على الجزء المبلط يبطل سعيه ومن المعلوم أيضا أن المسعى قد اندفن كثيرا بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتب التاريخ وغيرها ونص عليه جمع من العلماء، فهل هناك دليل على أن ما دفن يبطل السعي عليه؟! لا أظن أحدا من أهل العلم يقول بهذا، كما أن فضيلته عرف المشعر بأنه ما ظهر وبرز فلو غطيت أرض عرفة أو مزدلفة أو منى بالأسفلت أو البلاط فهل ينتفي عنها حكم المشاعر؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أنه في بيانه السابق قال ما نصه "المعتبر من الصفا والمروة ما ارتفع وعلا حتى صار مشعراً بارزاً وأما ما اختفى تحت الأرض فلا يعتبر مشعراً لعدم بروزه ووضوحه فالشعائر هي العلامات الواضحة البارزة" وأقول ذكر المفسرون والعلماء وأهل اللغة أن معنى قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله .. الآية) أي أنهما من معالمه ومواضع عباداته والشعائر المتعبدات أي جعلها أعلاما للناس ولم أجد أن أحدا ذكر البروز فلا أدري من أين أتى فضيلته بهذا التقييد والتعريف الذي لا يستقيم بل يتعارض مع ما ذكرنا فيما لو سترت الأرض عن الناظر فلم تبرز.
سادسا:
قال فضيلته ما نصه: "قال - الشيخ العبيكان - في اعتراضه: ما هي هذه الحدود، هل هما الجداران اللذان وضعهما الملك سعود رحمه الله؟! وأقول هذه الحدود هي الصفا والمروة، الجبلان البارزان .. وأما الجدران فإنما جعلا لتحديد المسافة بينهما".
قلت:
إن دعوى فضيلته أن الجدارين جعلا لتحديد المسافة دعوى لا تستند إلى دليل ولم يدع من وضعهما ما ادعاه فضيلته، فمن أين جاء بهذه الدعوى؟!
سابعا:
والمستغرب أن فضيلته بعد هذا كله وصف من اعترض عليه أنه "مراوغ" و"مغالط".
قلت: من تأمل الملحوظات المتقدمة سيدرك من هو "المراوغ" و"المغالط".
مع أن الشيخ كان ينبغي له ترك هذه الأساليب التي لا تفيد طالب الحق في هذه المسألة الجليلة.
ثامنا:
قوله: "وكأن المقال لم يعجب الشيخ عبدالمحسن".
قلت:
لا يقال هذا الكلام إلا في حال أن فضيلته صنع لي شيئا خاصا بي ولم يعجبني، لكنه لا ولا يصلح أن يقال لمن أراد تبيين الحق في مسألة تتعلق بعبادة عامة للمسلمين.
تاسعا:
اتهمني فضيلته بأنني أريد الانتصار لرأيي بانتقاص الآخرين مع أن الرد منشور ولم يفهم منه القراء ذلك، بل ظاهره التوقير والإجلال للمردود عليه، وتخطئة قول: لا تعني تنقص صاحبه، إذ لا تلازم بين الأمرين كما هو معلوم.
عاشرا:
قال الشيخ الفوزان "قال -أي الشيخ العبيكان- عن خادم الحرمين: وجه بتوسيع المبنى لا بتوسيع المسعى "أقول ما الفرق لأنه يلزم من توسيع المبنى توسيع المسعى".
قلت:
كل فقيه بل كل عاقل يفهم أن المسعى الذي شرعه الله هو ما بين الصفا والمروة وهذا لا يوسع وما دام أن البناء لم يشمل المسعى الشرعي فيجوز أن يوسع المبنى ليشمل المسعى الشرعي ولا يخفى هذا الأمر على من له أدنى علم، ولماذا لم ينكر فضيلته توسعة المسجد الحرام التي تقتضي توسعة المطاف عما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم على حسب تقريره ولو فعل فلن يقبل أحد منه ذلك؟.
حادي عشر:
قال فضيلته: "قال -الشيخ العبيكان- إن خادم الحرمين طلب من المختصين دراسة إمكانية ذلك، فقاموا بالبحث التاريخي والجيولوجي".
قال: أقول: عن المسعى مشعر من مشاعر الله لا يغير عما وضعه الله عليه وجعل عليه علامتين مرتفعتين بارزتين هما جبل الصفا وجبل المروة فقال سبحانه (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما)، والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة البارزة لا الخفية، والشعائر لا تغير قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله)، والصفا والمروة مشعران بارزان يصعد عليهما، فلا حاجة إلى الاستعانة بالجيولوجيين ولا إلى التنقيب تحت الأرض كما ينقب عن المعادن والبترول، فهذا من التكلف الذي ما أنزل الله به من سلطان".
قلت:
إن توجيه خادم الحرمين الشريفين كان لأجل التثبت والتحري، فرجع لأهل الاختصاص، إذ إن أكثر من اعتنى بضبط المسعى وما جرى عليه من تعديات وبناء في عرضه وارتفاع أرضه عما كان عليه هم أصحاب تواريخ البلد الحرام، ولهذا تجد كثيرا من كتب الفقه لا تعتني بذكر عرض المسعى وحدود اكتفاء بما دونه مؤرخو البلد الحرام.
ومن الغريب قول الشيخ الفوزان عن هذا التحري ساخرا: "فلا حاجة إلى الاستعانة بالجيولوجيين ولا إلى التنقيب تحت الأرض كما ينقب عن المعادن والبترول".
والجواب أن يقال:
ما عمله الجيولوجيون من الحفر ونحوه قد حصل مثله في التاريخ ولم يسخر ممن فعله أحد من أهل العلم فقد ذكر الفاسي في تاريخه شفاء الغرام (1/ 298 - 300):
(يُتْبَعُ)
(/)
أنه صدر الأمر بالحفر في أرض المسعى عند الصفا، لإزالة إشكال حصل في زمنه، قال: وكان الناس يأتون لمشاهدة ما ظهر من الدرج أفواجا، وحل لهم بذلك غبطة وسرور، قال: وسبب حفرنا عن ذلك أنه حاك في نفس بعض فقهاء مكة في عصرنا عدم صحة سعي من لم يرق في الدرج الظاهر.أهـ.
وكذلك حصل في عمارة الملك سعود، فقد ذكر المؤرخ محمد طاهر كردي في كتابه "التاريخ القويم" (5 - 346): نحوا من ذلك، قال "فلما ظهرت الدرجات المدفونة، ذهبنا في اليوم التاسع من رمضان سنة (1376) لمشاهدة هذه الدرجات القديمة المدفونة في المروة. كما أخذنا قياسه بأنفسنا فيفهم من هذا أن أرض المسعى قد ارتفعت منذ بناء الدرجات .. "
فكيف بعد هذا يسخر فضيلته من القيام بالبحث والتثبت قلت: وهذا ما عمل في بناء المسعى الآن استعانوا بأهل الخبرة (الجيولوجيين) من أجل التيقن، لا من أجل التنقيب عن المعادن والبترول كما عبر الشيخ الفوزان هداه الله.
ثاني عشر:
قال فضيلته في مقاله: "الحدود هي الصفا والمروة الجبلان البارزان العاليان اللذان يصعد عليهما وقد صعدت عليهما أم إسماعيل وصعد عليهما الأنبياء والأجيال من بعدهما"، واستدل في موضع آخر بقاعدة: "الهواء يحكي القرار".
وعلم من كلام فضيلته أن الأصل ما كان زمن أم إسماعيل وهذا حسن لكن كيف يعرف ذلك وقد دفن المسعى وارتفعت أرضه حتى لم يبق من الجبل ظاهر إلا القليل، بل الآن لا يظهر من المروة إلا أعلى الجبل وعليه يقف الناس، فلينظر إلى عرض الجبلين باعتبار ما كان عليه الحال زمن هاجر عليها السلام كما يفهم من كلامه، ومعلوم أنا إذا نزلنا إلى مستوى الأرض في زمانها زاد عرض الجبل وبدت أطرافه المدفونة، مما استدعى الاستعانة بالجيولوجيين الذين أنكر هداه الله إشراكهم في هذا الأمر دون اعتبار منه لما كان عليه الجبل زمن هاجر قبل أن يختفي كثير منه بسبب الدفن كما ذكر المؤرخون للبلد الحرام, وإليك نصوص أهل العلم في تقرير هذا الأمر:
* نقل الفاسي في شفاء الغرام (1/ 300 - 301) عن سليمان بن خليل قوله:
"وكان الوادي نازلاً حتى إنه كان يصعد درجاً كثيراً ليرى البيت، حتى قيل: إنه كانت تمر الفرسان في المسعى والرماح قائمة معهم، ولا يرى في المسجد إلا رؤوس الرماح، فأما اليوم فإنه يرى البيت من غير أن يرقى على شيء من الدرج.
ونقل أيضاً (1/ 299) قول المحب الطبري عن المسعى: "فإن الأرض ربت بحيث يرى البيت من غير رقي .. ".
وقال ابن حجر في حاشيته على إيضاح النووي، نقلاً عن الرضي بن خليل المكي: "إن الوادي كان نازلاً حتى إن الشخص كان يصعد درجاً كثيرة ليرى البيت الحرام، بل قيل إن الفرسان كانت تمر في المسعى والرماح قائمة فلا يرى من بالمسجد إلا رؤوسها. (التاريخ القويم 5/ 351).
وقال المؤرخ محمد طاهر كردي في (التاريخ القويم 5/ 346): "إن أرض المسعى قد ارتفعت منذ بناء الدرجات التي كانت موجودة في زمن ابن بطوطة إلى وقتنا الحاضر بمقدار مترين".
وعلم مما تقدم أن من قدر عرض المسعى من المؤرخين إنما قدره في زمنه بعد أن دفن من الجبلين ما دفن، وهذا ينافي دعوة الشيخ الفوزان بالرجوع إلى ما كان عليه الحال قديماً؛ إذ العبرة عنده بعرض الجبل زمن هاجر.
قال المؤرخ محمد طاهر كردي في "التاريخ القويم" (5/ 350): "وأعلم أننا إذا نظرنا إلى الوراء يعني إلى زمان سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، نجد أن ما بين الصفا والمروة أي بطن الوادي: كان نازلاً عميقاً على حسب الطبيعة، قبل أن تمتد الأيدي لإصلاح ما بينهما".
ثالث عشر:
قال فضيلته: "إن المسعى مشعر من مشاعر الله لا يغير عما وضعه الله".
قلت: وكذلك يقول من يجوز البناء الجديد، لأنه عندهم في عرض المسعى ولم يغيروا المسعى عما وضعه الله بل نقلوهم إلى موضع آخر في عرض الجبل، والتغيير إن كان بنقل الناس إلى موضع آخر زائد في عرض الجبل فلا حرج فيه، كما فعل الخليفة المهدي، ولم ينكر عليه علماء زمانه، وإليك بعض ما جاء في تاريخ الكردي (5/ 340 - 342): فقد نقل عن الأزرقي قوله: "وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم".
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم نقل عن الغازي قوله: "والظاهر والله أعلم إجزاء السعي بموضع السعي اليوم، وإن كان تغير بعضه عن موضع السعي قبله، لتوالي الناس من العلماء وغيرهم على السعي بموضع المسعى اليوم .. فيكون إجزاء السعي بمحل المسعى اليوم، مجمعا عليه عند من وقع التغيير في زمنه، وعند من بعدهم".
قلت: وهذا يدل على اتفاق العلماء على جواز التغيير إذا كان لم يخرج عن عرض الجبل، كما حصل في توسعة الملك عبدالله أجزل الله مثوبته.
ثم قال الكردي:
"وقال العلامة القطبي في الإعلام: بعد ما ذكر تحويل المسعى عن موضعه .. "قلت: وهذه عبارة صريحة منه في وقوع التحويل.
ثم ذكر قول القطبي:
"وعلى ما ذكره الثقات أدخل ذلك المسعى في الحرم الشريف، وحول المسعى إلى دار ابن عبارد!؟، .. وأما المكان الذي يسعى فيه الآن فلا يتحقق أنه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره!! ".
وقوله -أي القطبي-:
"إن المسعى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عريضاً، وبنيت تلك الدور بعد ذلك في بعض عرض المسعى القديم فهدمها المهدي، وأدخل بعضها في المسجد الحرام، وترك بعضها للسعي فيه".
ثم قال -أي القطبي-:
"وبقي الإشكال في جواز إدخال شيء من المسعى في المسجد الحرام، كيف يصير لك مسجداً؟! ".
تنبيه:
ذهب بعض علماء العصر إلى أنه لا يجوز الطواف في المسعى ويقصدون البناء الموجود بينما تقدم من كلام العلماء أن المسعى قديماً كان قريباً من الكعبة وأصبح اليوم من المسجد عندما آخره الخليفة المهدي، فهل يستقيم هذا الرأي مع هذه الحقيقة بل يتأكد القول بأن ما دخل في المسعى من المسجد أصبح له حكم المسجد وهو ما أفتى به الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
ثم قال الكردي (5/ 351) عن توسعة الخليفة المهدي:
"وقد دخل في هذه التوسعة جزء من المسعى إلى المسجد الحرام".
وعلم من كلامهم: أنه حصل أمران: التغيير في حدود عرض المسعى، وإدخال شيء من المسعى في المسجد الحرام.
والعجيب أن صاحب مقال "كلمة حق في توسعة المسعى" وهو عند المانعين من أحسن ما كتب، وذكر في أوله أنه عرضه على علماء وطلبة علم فاستحسنوه وطلبوا نشره، منهم الشيخ الفوزان كما في بعض المواقع الإلكترونية.
أقول: العجيب أنه أنكر حصول هذا التغيير، وذهب ينقل عبارات من تاريخ الأزرقي وأعرض الرجل عن العبارات الصريحة المبطلة لما قرره من النفي فلم يوردها!، وتقدم بعضها.
ثم شنع صاحب هذه الكلمة على المجوزين بقوله: "وهذا مما يعطي انطباعا عن المنهج العلمي الذي سار عليه بعض من تكلم في هذا الموضوع تقريراً واستدلالاً".
قلت: ترك كلام أهل العلم الصريح في حصول التغيير فلم يورده، ثم شنع عليهم؟!.
وبعدها يأتي من يقول: "من يخالفك لهم بحوث مؤصلة مدعمة بالأدلة" وعلى كل حل فإن اجتهاد المانعين في نفي هذا التغيير لا يفيدهم لأن القضية كما تقدم مبنية على الإثبات وتقرير أهل الخبرة ولو سلمنا عدم حصول التغيير من المهدي: فإن كلام أهل العلم المتقدم يدل على تجويزهم ما ذكروه من تغيير -ثبت أو لم يثبت- ويحكون اتفاق العلماء وتتابعهم على إقراره كما في كلام الغازي وغيره وهذا ما نريده: (تجويزهم التغيير في حدود عرض الجبل).
رابع عشر:
قال فضيلته: "والصفا والمروة مشعران بارزان يصعد عليهما".
قلت:
النزاع ليس فيما برز منهما الآن بل فيما دفن منهما من وقت هاجر إلى يومنا، وفيما أزيل من أطرافهما من جهة الجدار الخارجي لبناية الملك سعود، ولهذا ترى طرف الصفا الملاصق للجدار الذي بناه الملك سعود مرتفعاً، فأين طرفه الذي ينتهي حتى يسامت الأرض؟ لقد أزيل لتوسعة الطريق الخارجي، لكن الحكم تعلق بأصوله.
وفضيلة الشيخ صالح الفوزان لا يعتبر إلا ما برز منهما وهذا قد يقبل لو لم تجر عليهما عوامل التغيير والإزالة والدفن.
ولهذا صرح الشهود ومنهم فضيلة الشيخ ابن جبرين بأن طرف الجبل يمتد فيشمل حدود التوسعة الجديدة.
ونسأل الله لنا ولفضيلته ولجميع المسلمين التوفيق والسداد ومعرفة الحق بدليله علماً أنه لو قام فضيلته بالرد مرة أخرى على ردي هذا فإنني لن أشتغل وأضيع الوقت بتكرار الكلام وذكر الأدلة وإنما المطلوب من فضيلته أن يأتي بدليل واضح جلي على أن مبنى الملك سعود قد وضع على آخر حدود جبل الصفا والمروة من الجهة الشرقية والغربية ولن يستطيع فعل ذلك، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 07:15]ـ
شكرا لك اخي ابو فايزه
واعتذر من الاخوه سأترك الموضوع لادارة المشرفين ان تم فيه نقاش واستأذنهم باضافة مايتعلق به ويخدمه
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 08:20]ـ
http://www2.0zz0.com/2008/05/01/03/523441204.jpg
http://r71b.jeeran.com/111-5.jpg
http://img250.imageshack.us/img250/305/29856861mt3.jpg
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[07 - Sep-2008, صباحاً 09:03]ـ
http://www.up-00.com/uploads/jLJ32126.jpg
http://www.up-00.com/uploads/gbL32548.jpg
http://www.njmsaheel.com/attachment.php?attachmentid=31 6&stc=1&d=1183869433
http://www.njmsaheel.com/attachment.php?attachmentid=31 3&stc=1&d=1183869433
http://www.njmsaheel.com/attachment.php?attachmentid=31 4&stc=1&d=1183869433
ـ[بنت الخير]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 04:51]ـ
بارك الله فيك
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:56]ـ
شكرا لك
جزاك الله خير
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 01:39]ـ
فتوى عن العلامة الشيخ|عبدالرحمن بن ناصر البراك حفظه الله
التاريخ:20/ 7/1429 هـ
العلامة / عبدالرحمن بن ناصر البراك
حكم توسعة المسعى والسعي فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} البقرة158.
الصفا والمروة معلمان من معالم الدين، وشعيرتان من شعائر الله، والطواف بهما من مناسك الحج والعمرة، والطواف بهما هو التردد بينهما تعبدا لله وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم،
والصفا والمروة لا يحتاجان إلى تفسير إلا لمن لم يرهما لأنه لم يحج أو يعتمر، فمن حج أو اعتمر فإنه يعرفهما بالمشاهدة، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على أن نسك الطواف بهما لا يصح إلا بينهما، وقد ورث المسلمون موضع الطواف بالصفا والمروة طولاً و عرضاً ميراثاً عمليا، ولم يختلف المؤرخون الذين ذرعوا عرضه اختلافا بيّنا، بل كان ذرعهم متقاربا، وقد نص الفقهاء المتقدمون والمتأخرون على عدم صحة من خرج في سعيه عن عرض المسعى [1]،
ولم يقل أحد من الفقهاء والمؤرخين: إن جبلي الصفا والمروة ممتدان شرقاً، مما يدل على بطلان دعوى من ادعى ذلك، فالقول بجواز توسعة المسعى بناءً على امتداد جبلي الصفا والمروة -زعموا- يتضمن تجهيل الفقهاء والمؤرخين بالواقع أو جمهورهم على ما اعتاده الناس من الاقتصار على ذلك المكان المحدود وعدم مراعاة امتداد الصفا والمروة المزعوم،
وما ذكره المؤرخون وتمسك به المجوّزون من نقل المسعى عن موضعه لما أراد المهدي توسعة المسجد الحرام لا يجوز أن يكون معناه أنه نَقَل المسعى بطوله من الصفا إلى المروة من ناحية المسجد التي هي الجهة الغربية للمسعى إما بتضييق عرضه أو بدفع مساحته إلى جهته الشرقية، لأن ذلك يقتضي أمرين:
الأول: أن جبلي الصفا والمروة كان لهما امتداد كثير من الجهة الغربية، وكان المسعى بينهما، وهو موضع السعي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل المهدي، وهذا لم يقله أحد فيما أعلم.
الثاني: أن ذلك يقتضي أن المسعى كان متصلاً بالمسجد من جهته الشرقية في عهد المهدي ومن قبله قبل التوسعة وهذا لا يصح؛
لأن المسعى لم يزل تفصل بينه وبين المسجد بيوت، وكلما حدثت توسعة هُدم منها، وقد أدرك الناس بعض البيوت قبل توسعة الحكومة السعودية في عام 1375 هجرية، كذلك فيما بين باب النبي وباب السلام، وأنا ممن عرف ذلك، فكان القاصد لباب السلام من المسعى يمر بزقاق ضيق عن يمينه وشماله مبانٍ، ومن طريق آخر يمر بمكتبات، والخارج من باب السلام لا يصل إلى المسعى إلاّ من أحد هذين الطريقين.
والذي يدل عليه كلام الأزرقي ومن تبعه في شأن توسعة المهدي الثانية أن التوسعة كانت من الجهة الجنوبية للمسجد لأن هذه التوسعة مسبوقة بتوسعة للمهدي نفسه شملت الجهات الثلاث من المسجد: الشرقية والغربية والشامية، مما أدى إلى أن تكون الكعبة في الجانب الجنوبي من المسجد، أي غير متوسطة [2].
وهذا هو الذي حمل المهدي على توسعته من الجهة الجنوبية، ومعلوم أن الجهة الجنوبية لها طرف من الغرب وطرف من الشرق، وهو ما يلي المسعى، وهذا هو الطرف الذي يتكلم عنه المؤرخون، وهنالك دار ابن عباد، وظاهر كلام الأزرقي بل صريحه أن المسيل -أي المكان الذي يجري فيه السيل من أعلى مكة إلى أسفلها- كان يقع جنوبي المسجد متصلاً به، والدور من ورائه [3].
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلوم أن مكان السعي الذي هو الهرولة إنما تكون في بطن الوادي وهو المسيل، فاقتضت توسعة المسجد هدمَ الدور الواقعة جنوبي الوادي وجعلَ المسيل مكانها وإدخالَ أرض المسيل في المسجد، فلزم من ذلك قرب المسيل الذي هو بطن الوادي من الصفا، فلزم من ذلك تغير مكان السعي الذي هو الهرولة أو بعضه، حسبما تقتضيه عبارة الأزرقي وهي قوله: "فهدموا أكثر دار ابن عباد وجعلوا المسعى والوادي فيها" [4].
وأساس الاشتباه على كثير من الباحثين فيما وقفت عليه أن لفظ المسعى يطلق على بطن الوادي لأنه مكان السعي (الهرولة) كما قال جابر رضي الله عنه: (فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى) [5] ويطلق المسعى على ما بين الصفا والمروة، فتوهم كثيرون أن تغيير المسعى الذي ذكر الأزرقي كان شاملاً لطوله، والحق أن كلام الأزرقي لا يتعلق إلا بمكان السعي (الهرولة) وهو بطن الوادي،
وهذا هو الصواب المقطوع به، قال ابن القيم: "والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه" [6]،
وهذا يتعارض مع كلام الأزرقي؛ فإنه صريح في أن الوادي متصل بالمسجد والدُّور من ورائه في الجهة الجنوبية، وقول ابن القيم يقتضي أن الدُّور التي هُدمت لتوسعة المسجد هي متصلة بالمسجد والوادي من ورائها، وعلى قول ابن القيم فإنه لم يتغير موضع السعي الهرولة، والظاهر أن ما ذكره الأزرقي من أن الوادي كان متصلاً بالمسجد والدور من ورائه، ومنها دار ابن عباد من الطرف الشرقي، وأنه هُدم أكثرها وصار بطن الوادي مكانها هو الصحيح، ومعلوم أن ذلك لا يختص بدار ابن عباد، بل هدمت الدور التي هي غرب عنها وجعل الوادي مكانها، وإنما خُصت دار ابن عباد بالذكر؛ لأنها متصلة بالمسعى،
ويدل لصحة ما ذكره الأزرقي ما جاء في صحيح البخاري تعليقا أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: (السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين) [7]،
وهذا نص في أن دار ابن عباد تقع جنوب الوادي، ويُجمع بين كلام ابن القيم وكلام الأزرقي بأن موضع السعي هو ما بين العلمين، وأن العلمين وُضعا محافظة على موضع السعي الذي سعى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالذي تغير هو موضع الوادي لا موضع السعي، وإليك نص عبارة ابن القيم في وصفه لسعي النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى، هذا الذي صح عنه وذلك اليومَ قِبَلَ الميلين الأخضرين في أول المسعى وآخره" قال: "والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه" [8]، وقوله: "وذلك اليومَ" أي: وذلك الموضع الذي سعى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو اليومَ قِبَل –أي مقابلَ- الميلين الأخضرين، وقوله: " الميلين الأخضرين في أول المسعى وآخره" يريد: مكان السعي الذي هو الهرولة لا المسعى الذي بين الصفا والمروة، فابن القيم أراد أن المسعى لم يتغير عن وضعه، والأزرقي أراد أن الوادي تغير عن موضعه، وكلاهما صحيح. وعلى هذا فلم يتغير المسعى لا بعناه الشامل ولا بمعناه الخاص وهو مابين العلمين وإنما الذي تغير بطن الوادي وبعد؛ فتوسعة المسجد من الجهة الشرقية لا وجه لها ولا دليل عليها، وقد اتفق العلماء على عدم جواز السعي خارج المسعى، أعني ما بين الصفا والمروة كما تقدم، وجاء عن الشافعي: لو التوى الساعي إلى زُقاق العطارين لم يصح سعيه [9]، وجرى على ذلك قرار لجنة العلماء الذين نظروا بأمر من المفتي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في حدود المسعى والصفا والمروة بمناسبة توسعة المسجد الحرام، كما جرى على ذلك قرار هيئة كبار العلماء برئاسة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في قرارهم ذي الرقم (227) في 22/ 2/1427 المتضمن عدم جواز توسعة المسعى، وقد وفقوا في هذا القرار ولكن امتنع عن التوقيع على القرار اثنان أو ثلاثة،
ولعل هؤلاء المشايخ بامتناعهم قد تحملوا مسؤولية ما جرى بعد ذلك من التوسعة في عرض المسعى وما تبع ذلك من اضطراب لدى العامة والخاصة في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)،
(يُتْبَعُ)
(/)
لأن مضي ولي الأمر كان مبنياً على خلاف هؤلاء المشايخ عفا الله عنهم، فيا ليتهم لزموا الجماعة وتمسكوا بما مضى عليه علماء الإسلام وعمل المسلمين عبر القرون إلى أن حدث هذا الخلاف عند البحث في موضوع توسعة المسعى.
وأما الذين رأوا جواز توسعة عرض المسعى –أعني الذي بين الصفا والمروة- فأعظم ما استدلوا به واعتمدوا عليه ثلاثة أمور، وما سواها لا يستحق الوقوف عنده:
الأول: ما ذكره المؤرخون من تغيير في المسعى، وقد سبق الجواب عنه، وبيان أن التغيير المذكور لم يكن في عرض المسعى، وأن اعتقاد ذلك غلط ظاهر ووهم لا أساس له إلا اشتباه المسعى الذي هو مكان الهرولة -وهو بطن الوادي- باسم المسعى الشامل لكل ما بين الصفا والمروة.
الثاني: إفادة عدد من كبار السن بأن الصفا والمروة لهما امتداد من الجهة الشرقية، وعلى هذا فالسعي بينهما سعي بين الصفا والمروة، نقول: لو ثبت هذا لكان كافياً عن كل استدلال ولكن هيهات! وقد أجاب العلماء عن ذلك بأمور تدل على بطلان هذا الدليل والاستدلال، وهي:
أ: أن إفاداتهم لم تكن متطابقة، فهي دائرة بين الإجمال والتردد والاقتصار على مشعر الصفا.
ب: أنهم وقت تحملهم -لما سُمِّي شهادة- كانوا صغار السن بين خمسة عشر وخمسة وعشرين عاما، وهم مع ذلك معدودون في العوام ولا خبرة لهم بالأمور الشرعية إذ ذاك، ولم يرد في صك تسجيل أقوالهم ما يدل على رتبتهم في العدالة والعلم، والظاهر أن تسجيل إفاداتهم كان بعد الشروع في التوسعة، فلم تكن التوسعة مبنية على شهادتهم ..
ج: أن تحملهم لهذه الشهادة لم يكن مقصوداً بل كان اتفاقاً، ومعلوم أن الذي يرى الشيء على هذا الوجه لا يكون له به اهتمام بالتحقق من الواقع ومما يراه. د: أن هذه الشهادة مقابلة بشهادة العلماء في ذلك الوقت الذين كانت أعمارهم بين الستين والثمانين، وبعضهم من علماء مكة أو المقيمين بمكة، وقد أناط بهم سماحة المفتي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله مسؤولية النظر في حدود المسعى، وقد اجتمعوا لذلك، ونظروا في حد عرض المسعى وحد الصفا والمروة، واستعانوا بالمهندسين وأهل الخبرة، وقد كانت تلك المشاعر وما حولها مكشوفة لهم، لأنه قدم هُدم ما حولها من الأبنية، فأصدروا قرارهم التاريخي المبني على الفقه الشرعي وتطبيقه على الواقع المشاهد، ولا يخفى أن شهادة هؤلاء العلماء كما جاء في قرارهم لا يجوز أن تعارض بشهادة أولئك، فإنه لا نسبة بينهما ولا نسبة بين هؤلاء وأولئك في السن والعلم والخبرة والعدالة، ولا نسبة بين شهادة هؤلاء وإفادة أولئك.
الثالث: ومن أدلة مجوزي التوسعة أن جذر جبلي الصفا والمروة قرر المهندسون أنه ذاهب في الأرض شرقاً وغرباً، وعليه؛ فالسعي بين ما يوازي هذا الامتداد لجذر الصفا والمروة سعي بين الصفا والمروة، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأن مناط الحكم هو الجبل الظاهر، وامتداد أصل الجبل ليس له حكم الجبل لا شرعاً ولا عرفاً، فمن حلف ألا يقعد على جبل لا يحنث بقعوده على أرض يمتد أصله تحتها، فمثله مثل الشجرة لا يثبت لمالكها ملك ما امتدت إليه عروقها. وبعد؛ فقد ظهر ضعف هذه الأدلة الثلاثة لمجوزي التوسعة، وما عداها من الاستدلالات فلا يعول عليه،
وأما ماطفحت به الصحف من فتاوى وتأييدات للتوسعة ممن يعتد به ومن لا يعتد به فلا يعول عليه، لأن أكثرها ليس مبنيا على خبرة بالواقع، ومن المؤسف أنهم لم يعرجوا على القول الآخر، فكأن القضية عندهم محل إجماع عندهم مع أن القول بعدم جواز التوسعة أقوى وأظهر دليلا.
إذا ثبت ما تقدم فمن المعلوم أن هذا الاختلاف في حكم توسعة المسعى ينبني عليه الاختلاف في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)، فمن ذهب إلى جواز التوسعة يقول: إن السعي في المسعى الجديد كالسعي في المسعى المعروف الموروث خلفاً عن سلف، ومن ذهب إلى أنه لا تجوز التوسعة فإنه يلزمه ضرورةً أن يقول: إن السعي في التوسعة لا يصح. ويتعلق بذلك: مسألةُ حكم السعي بين الصفا والمروة، وفيه لأهل العلم ثلاثة مذاهب مشهورة: 1 - أنه ركن في الحج والعمرة 2 - أنه واجب 3 - أنه سنة. والقول الثالث مرجوح، فيبقى النظر في القولين الأولين، فمن ذهب إلى أنه ركن –وهو الذي عليه كثير من العلماء وعليه الفتوى- فيقول: إن الحج والعمرة لا يتمان بدونه، ومن قال إنه واجب يقول: إن تركه يجبر بدم
(يُتْبَعُ)
(/)
كسائر واجبات الحج والعمرة، وعلى هذا فإذا تعذر السعي في المسعى المعروف كالحال الراهنة [10]، فمن قال إنه ركن يقول: لا ينبغي الشروع في العمرة مع العلم بعدم القدرة على إتمامها. ومن قال إن السعي ليس بركن بل واجب فإنه يمكن أن يعتمر ويُهدي لتعذر السعي، ويمكن أن يقال: إنه واجب سقط بالعجز عنه. أما القائلون بجواز التوسعة فلا ترد عندهم مسألة حكم السعي في الحج والعمرة. هذا كله متعلق بأهل النظر والاستدلال. أما عامة الناس فهم على ذمة من أفتاهم، ووجود المسعى الجديد فتوى عملية، وعلى من سئل عن السعي فيه أن يفتي بما يدين لله به ويعتقد أنه الحق، وعليه أن ينصح لسائليه ويدلهم على ما يراه صواباً. هذا ونسأل الله لولي أمرنا أن يوفقه إلى الرجوع إلى ما قرره أهل العلم في هذه البلاد ومضى عليه علماء الأمة وعمل المسلمين، والله الهادي إلى سواء السبيل.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
------------------------------
[1] المجموع للنووي (8/ 102). الإيضاح في مناسك الحج له أيضا (290) (مع حاشية الهيتمي). بحر المذهب للروياني (5/ 173). نهاية المحتاج للرملي (3/ 291) شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 599) الإعلام للقطب الحنفي (103) أضواء البيان للشنقيطي (5/ 253).
[2] أخبار مكة للأزرقي1/ 608 (تحقيق الشيخ عبدالملك ابن دهيش)
[3] السابق1/ 609
4السابق 1/ 611
[5] رواه مسلم 1218
[6] زاد المعاد2/ 228
[7] رواه البخاري (كتاب الحج باب ما جاء في السعي بين الصف والمروة)
[8] زاد المعاد (2/ 228)
[9] ينظر: المجموع للنووي (8/ 102). بحر المذهب للروياني (5/ 173). شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 599). مواهب الجليل شرح مختصر خليل (4/ 118). المسلك المتقسط في المنسك المتوسط لملا علي القاري (192). أضواء البيان للشنقيطي (5/ 253).
[10] هذا المسعى مغلق الآن لعمارته ووصله بالمسعى الحديث.
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 02:57]ـ
قال الشيخ عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان: إنني أربأ بعالم جليل أن يسيس العبادة، فالمشاعر المقدسة ليست مختصة بالسعوديين فقط،
نحن نربأ بعالم كالعبيكان أن يستخدم مصطلحات أهل الحداثة والعلمنة من الزائغين، فتهمة تسييس الدين والإسلام السياسي الخ لم نسمعها إلا من الليبراليين وإخوانهم في الزيغ والضلال العلمانيين!!
ووالله لو أن الشيخ العبيكان حريص على مصلحة الدين أولا وعلى اجتماع الكلمة ثانيا لراسل الشيخ الفوزان، بدلا من هذه الردود التي تنشر في صحف مغرضة ...
.............
## حرر باقيه المشرف ##
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 04:28]ـ
شكرا لمرورك واضافتك جزاك الله خير
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 07:20]ـ
سعودالعامري 12\ 9\1429هـ مجالس الألوكه
الشيخ سليمان العلوان وحكم السعي في المسعى الجديد.
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد يسر الله لي يوم امس الخميس السلام والاستماع الى الامام في اخلاقه وعلمه الشيخ سليمان بن ناصر العلوان* وسئل عن المسعى الجديد فقال:
لا يجوز السعي الا في حدود ما ذكره الفاكهي والكردي في عهد الملك سعود وهو عشرون مترا , وقد نقل القرطبي في تفسيره والشوكاني في تفسيره الاجماع ان المسعى توقيفي.
ــــــــــــ
* ذكر الشيخ انهم اخبروه انه سيرجع الى السجن بعد يومين , ((جعلها الله الكريم بلا رجعة))
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[12 - Sep-2008, مساء 10:38]ـ
علم الله , ما واجهت العبيكان ولا أعرفه شخصياً, ولكن:
ما كان لك يا علي الغامدي أن تجرد اسمَ الشيخ العبيكان في عنوان الموضوع - كما فعلته الصحيفة التي نقلت عنها - وتُحَلي العلامة الفوزان بلقب الشيخ , فهذا تحكمٌ منكِ , وحكْمٌ بينهما وإن لم تشعرْ , ومن حكَمَ بينهما في هذه المسألة أو غيرها فقد تكلف شططاً.
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 04:40]ـ
جزاك الله خير
والحقيقه انني فعلتها عمدا بسبب اني حضرت امام التلفزيون الحادثه الشهيره في القناه الاولى بعد المغرب عن فتوى فك السحر بالسحر والتي تصدى لها العبيكان واسمح لي فهذه قناعه شخصيه انهما ليسا في نفس الدرجه بارك الله فيك
وليس الموضوع هو السبب في ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التبريزي]ــــــــ[13 - Sep-2008, مساء 05:24]ـ
وكفى ما عاناه المسلمون من العصبية المقيتة، "دعوها فإنها منتنة" فشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام أحمد والإمام البخاري وكثير من علماء المسلمين المحققين لم يكونوا من الجزيرة العربية والعلامة الألباني لم يكن سعودياً.
جميل هذا الكلام، فعلماء الإسلام الأعلام ليسوا محصورين في بقعة واحدة، وحبذا أن يطبق الشيخ العبيكان كلامه على فتاويه وآرائه الأخرى التي لها طابع المحلية!!
------------
ولعل فضيلة الشيخ صالح الفوزان أن يراجع نفسه كما حصل عندما كان يدرسنا في كلية الشريعة كتاب الطلاق من الروض المربع فأخطأ في فهم كلام صاحب الروض مما غير الحكم فنبهت فضيلته إلى ذلك وكان من حسن الحظ أن أحد الطلبة كان معه حاشية العنقري فقرأ ما فيها فتراجع الشيخ صالح وأيدني على فهمي.
كلام خارجٌ عن النص!!
وإيراده هنا ليس من طبع العلماء الأفذاذ!!
--------------
ومن ذلك إصرار فضيلته على عدم الالتفات لآراء أهل العلم إذا كانوا من خارج السعودية، قائلاً: "كل دولة لها كيانها ولا تتدخل الدولة الأخرى في شؤونها الدينية والسياسية".
قلت:
من يستطيع أن يقول إن الحج والعمرة من الشؤون الدينية الخاصة بالسعوديين فقط ولا يلتفت لقول غيرهم المبني على دليل، قال تعالى (والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد).
ولقد كان أمراء البلد الحرام فيما مضى يستفتون أهل البلدان من مكي وغيره فيما يشكل كما في قصة تعدي ابن الزمن على المسعى فإن أحد من استفتاهم حاكم مكة علاء الدين المرداوي الحنبلي وهو من علماء الشام لا البلد الحرام.
بل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لما دخل مكة أصدر بياناً جاء فيه: "وسنجعل الأمر شورى بين المسلمين في شأن هذه البلاد المقدسة، فلذلك أبرقنا لكافة المسلمين في سائر الأنحاء أن يرسلوا وفودهم لعقد مؤتمر إسلامي ... إلخ، انظر البيان في "تذكرة أولي النهى والعرفان" للمؤرخ إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن، 3/ 92، ط. مكتبة الرشد و"خمسون عاماً في جزيرة العرب" لحافظ وهبة، ص74.
فهل يقال: إن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يدعو "لتدويل الاستفتاء في هذا الأمر من خارج المملكة كما يقول فضيلته.
وإذا كانت الفتوى خاصة بعلماء البلد فعلماء البلد الحرام "مكة" أولى من السعوديين الآخرين، لأن أهل مكة أدرى بشعابها
كلام طيب ودعوة إلى نبذ العصبية القبلية عند بعض المشائخ!!
أكثر من خدم الإسلام هم الأعاجم، والقراء العشرة والرواة العشرين جلهم من فارس وبلاد الروم والأقباط وكانوا مواليا ولم يكونوا عربا .. وأبو حنيفة النعمان لم يكن عربيا، والسواد الأعظم من المسلمين تبعٌ لمذهبه ..
------------
المطلوب من فضيلته أن يأتي بدليل واضح جلي على أن مبنى الملك سعود قد وضع على آخر حدود جبل الصفا والمروة من الجهة الشرقية والغربية ولن يستطيع فعل ذلك،
كلام جميل من الشيخ العبيكان،، والسؤال للشيخ العبيكان:
وهل الصفا والمروة تمتدان شرقا وغربا مع امتداد التوسعة؟
********************
فتوى الشيخ البراك:
وأما ماطفحت به الصحف من فتاوى وتأييدات للتوسعة ممن يعتد به ومن لا يعتد به فلا يعول عليه، لأن أكثرها ليس مبنيا على خبرة بالواقع، ومن المؤسف أنهم لم يعرجوا على القول الآخر، فكأن القضية عندهم محل إجماع عندهم مع أن القول بعدم جواز التوسعة أقوى وأظهر دليلا.
إذا ثبت ما تقدم فمن المعلوم أن هذا الاختلاف في حكم توسعة المسعى ينبني عليه الاختلاف في حكم السعي في التوسعة (المسعى الجديد)، فمن ذهب إلى جواز التوسعة يقول: إن السعي في المسعى الجديد كالسعي في المسعى المعروف الموروث خلفاً عن سلف، ومن ذهب إلى أنه لا تجوز التوسعة فإنه يلزمه ضرورةً أن يقول: إن السعي في التوسعة لا يصح. ويتعلق بذلك: مسألةُ حكم السعي بين الصفا والمروة،.
حدثت التوسعة!!
ولم يُلتفت إلى الرأي القائل بالمنع، والقائلون بالمنع عددهم أكثر ووزنهم أكبر!!
فما الحل يا تُرى؟(/)
أرجوا منكم المساعدة في إيجاد هذا الكتاب: {رسالة إلى العروسين وفتاوى الزواج ومعاشرة ال
ـ[أنيس الأنصار]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 02:17]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد أخوتي في الله بحثت عن هذا الكتاب كثيرا ولكني لم أجده وهو كتاب: {رسالة إلى العروسين وفتاوى الزواج ومعاشرة النساء}
فأرجوا منكم مساعدتي في الحصول عليه إن أمكن ذلك .. وأجركم على الله في هذا الشهر الكريم
تقبل الله صيامكم وقيامكم(/)
هل يجوز التقليد في العقائد؟
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[07 - Sep-2008, مساء 11:29]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
التقليد كما عرفه بعض العلماء بأنه: هو قبول قول الغير من غير دليل
سمعت كلاميين متباينيين لعالمين من علماء السنة أحدهما يقول بعدم جوازه في العقائد ودليله حديث عذاب القبر -البرزخ - جاء فيه " ... و أما الكافر أو المنافق فيقول: هاه هاه،سمعت الناس يقولون شيء فقلته ... " الحديث
والقول الثاني يرى بالجواز ودليله نفس الحديث " .... فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد عليه الصلاة والسلام ....... " شاهد الحديث أنه لم يقل له من أين عرفت هذا؟.
ودليله الثاني أن فيه فئام من الناس في زمن النبوة كانوا يدخلون على أهلهم فيقولون لهم لا أكلمكم حتى تؤمنوا بما جئت به لكم من نبي الله عليه الصلاة والسلام فيصدقون ويؤمنون بدون دليل أولي وردوا علىالذين يذموا التقليد قالو: ذاك التقليد المذموم أما إذا كان التقليد حق فلا بأس به
نرجوا من الإخوة: التوسع والإيضاح حتى أفهم المسألة جيدا
وفقكم الله لكل خير
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 07:58]ـ
وانا ايضا لاافهم هذه المسالبة
قال الشيخ المقدم فى تفسير النجم
قال السيوطي في (الإكيل): استُدل بقوله: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ .. ) إلخ، على أن اللغات توقيفية، ووجهه: أنه تعالى ذمهم على تسمية بعض الأشياء بما سموها به، ولولا أن تسمية غيرها من الله توقيف لما صح هذا الذم؛ لكون الكل اصطلاحاً منهم. واستُدل بقوله تعالى: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ .. ) إلخ، على إبطال التقليد في العقائد واستدل به الظاهرية على إبطاله مطلقاً -يعني: سواء في العقائد أو في الأمور العملية الفقهية العبادية - واستدلوا به أيضاً على إبطال القياس، ولهم في ذلك وجه معروف انتهى
وقال الشيخ ياسر برهامى ان الناس كانوا يسمعون من النبى انه نبى فيؤمنون وخلاص
وقال الشيخ صالح ال الشيخ على ما اظن فى شرح الواسطية انه قال بعض العلماء انه لابد من سماع الدليل ولو مرة واحد فى عمره ولا ادرى هل رجح الشيخ ام لا
ـ[أبوحاتم الألوكى]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 08:15]ـ
قال الشيخ هانى بن عبد الله الجبير-حفظه الله - فى شرحه على دالية أبى الخطاب الكلوذانى
قال الناظم /:
واعلم بأني قد نظمت مسائلاً
لم آل فيها النصح غير مقلد
- حكم التقليد في العقيدة:
مسألة: هل يصح التقليد في مسائل الاعتقاد؟
قول الناظم (غير مقلد) يستدعي الوقوف على حكم التقليد في مسائل الاعتقاد.
وقد اختلف الناس في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: -
(1) القول الأول: أن التقليد في مسائل الاعتقاد حرام: فلا يجوز لأحد أن يقلد أحداً في مسائل الاعتقاد. واحتجوا لقولهم بأن التقليد إنما يفيد الظن، والظن لا يجوز في مسائل الإعتقاد بل لابد من اليقين؛ لأنها من الأمور العلمية الخبرية فلا يكفي فيها الظن، بل لا بد من اليقين والقطع، والتقليد لا يحصل به إلا الظن. هذا ما ذهب إليه أهل القول الأول.
(2) القول الثاني: أن التقليد في مسائل الاعتقاد جائز، واحتجوا بأن النبي ^ كان يقبل من الناس الإيمان ومنهم الذكي والبليد والأعرابي والكبير والصغير والذكر والأنثى فيأتيه فيشهد أن لا إله إلا الله فيحكم بإسلامه دون استدلالات عقلية أو تراكيب منطقية.
(3) القول الثالث: أنه التقليد في مسائل الاعتقاد يجوز للضرورة فلا بد في مسائل الاعتقاد من القطع، لكن لما كان بعض الناس لا يتمكن من ذلك لعدم قدرته والله ـ لا يكلف نفساً إلا وسعها، فالذي لا يستطيع الوصول إلى المعرفة بنفسه -مع أنه لابد من اليقين وعدم التقليد فيها- فإنه يجوز له أن يقلد عند العجز عن معرفة الحق بنفسه لقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) وقوله: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
- معنى التقليد في مسائل العقيدة:
وحتى نحرج من هذا الإشكال لابد أن نعرف معنى التقليد في مسائل الاعتقاد:-
(يُتْبَعُ)
(/)
1. القول الأول: وهو لأهل الكلام، قال علماؤهم: التقليد هو اتباع الكتاب والسنة من غير نظر عقلي، ومعناه عندهم: قبول قول القائل بلا حجة، فإذا جاءت آية من القرآن أو سمعت حديثاً نبوياً فيه أمر من الأمور العقائدية وليس فيه ذكر الدليل العقلي إذا رأيت هذا الرأي واعتقدت هذه العقيدة بناء على نص من الكتاب والسنة، فأنت مقلد للكتاب والسنة دون دليل. فالتقليد عندهم قبول أدلة الكتاب والسنة، وهذا قول مجانب للصواب، ففي القرآن والسنة من الأدلة العقلية الشيء الكثير، وما يذكرونه هم من أدلة عقلية قد جاء القرآن بخلاصته على أحسن نظام، وهذا ظاهر لمن تتبعه، ثم إن النبي (ص) لم يأمر أحداً بالنظر العقلي، وإنما دعاهم إلى الإيمان فآمنوا وبين لهم أن هذا الإيمان:
(1) تدل عليه الفطرة.
(2) تدل عليه الأدلة الكونية الظاهرة في آيات الله ومخلوقاته.
(3) تدل عليه ما في هذا الشرع من حكم وأحكام دالة على أنه من حكيم عليم.
2. القول الثاني: موافقة المقلد لغيره في مسائل العقيدة، مثلاً: طفل نشأ في بيت مسلم ولم ينظر في الأدلة، ومع ذلك هو يعتقد بوحدانية الله ـ، ويعتقد مسائل الإيمان بناء على تقليده لأهله، وهذا هو المراد بالتقليد، لا ما ذهب إليه أهل الكلام.
- صحة إيمان المقلد:
والصحيح أن إيمان المقلد تقليداً جازماً صحيح، وأن التقليد يحصل العلم وليس محصلاً الظن فقط، وأما النظر والاستدلال الذي يذكرونه فهو ليس بواجب على المكلف إلا على من بلغته الدعوة ولم يحصل عنده الاعتقاد الجازم المبني على التقليد، وكان لا يمكنه معرفة الحق إلا بالنظر، فهذا يجب عليه أن ينظر. وإلا فغيره الواجب عليه الجزم. فنقول: الصواب من هذه الأقوال أن الواجب على المكلف الجزم في مسائل الاعتقاد، يعني: عدم الشك، أما التقليد وعدمه فإن إيمان الجازم سواء قلد في مسائل الاعتقاد أو لم يقلد إيمانه صحيح. والنبي × والسلام قبل إيمان الأعراب من دون أن يتأكد هل نظروا في ذلك أم لا، وقد يكون إيمانهم تقليداً ولكن لما كانوا جازمين فيه قبل إيمانهم وجعلهم من المسلمين. يقول النووي /: (من أتى بالشهادتين فهو مؤمن حقاً وإن كان مقلداً على مذهب المحققين من الجماهير من السلف والخلف وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح). وبعد أن عرفنا أن المهم هو الجزم سواء عن طريق التقليد أو عن طريق النظر، أقول: إن سبب مسألة وجوب النظر أن علماء الكلام يقولون: إن أول واجب على المكلف هو النظر العقلي، يعني أن الإنسان أول ما يبلغ إن كان نشأ في بيت مسلم أول واجب عليه أن ينظر النظر العقلي، أي: يتأمل في الأدلة الكلامية والمنطقية ليصل من خلالها إلى المطلوب الخبري العلمي، وهذا القول خطأ، بل الوارد في النصوص أن أول واجب على العباد هو توحيد الله ـ، فلما بعث رسول الله ^ معاذاً إلى اليمن قال: (إنك تأتي قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله – وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله). وأشار إلى هذه المسألة السفاريني في منظومته فقال:
وكل ما يطلب فيه الجزم
فمنع تقليدٍ بذاك حتم
لأنه لا يُكتفي بالظن
لذي الحجى في قول أهل الفن
هذا هو القول الأول، أنه يمنع التقليد وأنه لا بد من الدليل والنظر.
ثم قال:
وقيل يكفي الجزم إجماعاً بما
يطلب فيه عند بعض العلماء
يعني أن بعض العلماء قالوا يكفي أن يجزم الإنسان في المطلوبات العلمية الخبرية، ثم قال:
فالجازمون من عوام البشر
فمسلمون عند أهل الأثر
فمن جزم في عقيدته فهو مسلم عند أهل الأثر. وبناءً على الكلام في التقليد نقول:
- أقسام المسلمين بالنسبة لدخولهم في الإسلام:
إن من أهل العلم من قسم المسلمين إلى قسمين: -
1 - القسم الأول مسلمة الدار: وهم الذين نشأوا وولدوا على الإسلام، فلم يعيشوا في الكفر ثم دخلوا في الإسلام برغبة، وإنما ولد في بيت مسلم ووجد أهله ووالديه على الإسلام فاستمر على ذلك، ولم يعرض عليه شيء من الشكوك.
2 - القسم الثاني مسلمة الاختيار: وهم من اعتنقوا دين الإسلام عن علم وبصيرة، عرفوا الكفر ثم دخلوا في الإسلام على علم وبصيرة، ومثل هؤلاء يكون عندهم في الغالب من قوة الاعتقاد ما هو أكثر من عوام مسلمي الدار، وهؤلاء أبعد من الشبهات والشكوك من أهل القسم الأول.
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 12:44]ـ
جزاك الله خيرا أخانا الكريم أبا حاتم.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 02:39]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله 0000وبعد
والقول الثاني يرى بالجواز ودليله نفس الحديث " .... فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد عليه الصلاة والسلام ....... " شاهد الحديث أنه لم يقل له من أين عرفت هذا؟.
ودليله الثاني أن فيه فئام من الناس في زمن النبوة كانوا يدخلون على أهلهم فيقولون لهم لا أكلمكم حتى تؤمنوا بما جئت به لكم من نبي الله عليه الصلاة والسلام فيصدقون ويؤمنون بدون دليل أولي وردوا على الذين يذموا التقليد قالو: ذاك التقليد المذموم أما إذا كان التقليد حق فلا بأس به
أما أنه ليس في الحديث أن الملائكة يقولون له من أين عرفت هذا؟ فلا دلالة فيه على جواز التقليد في العقائد، وإلا جاز أن يقال الاخلاص لا يشترط في الاقرار بالألوهية مثلاً حيث لم يسأل الملائكة الميت هل أنت مخلص في قولك ام لا؟.
وأما أن اناس على عهد النبي أسلموا بمجرد ان قال لهم البعض لن نكلمكم حتى تؤمنوا فآمنوا، فلا دليل فيه ايضاً على أنهم قلدوا في الايمان، فهم كانوا يعلمون صدق النبي وأحقية دينه ولكن التقليد أو الكبر هو الذي منعهم من الايمان، وما كان من الكلمة التي وجهت اليهم الا أن كانت ماحية ومزيلة لداعي الكفر والعناد - فآمنوا.
وأما التقليد فهو شر كله، ألا ترى الله عز وجل ذمه في القرآن، بل كان التقليد من أعظم أسباب الكفر والعناد " إن وجدنا آباءنا على أمة " " ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين "، ثم لو قسمنا التقليد الى مذموم وممدوح فبأي فأصل نفصل بينهما، ولو قيل تقليد الصالحين والعلماء هو الممدوح، فلكل امة بل لكل طائفة مقاييس مختلفة للصلاح والعلم. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[08 - Sep-2008, مساء 10:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
أخي خالد المرسي: كلام الشيخ صالح في مقدمة شرح الأصول الثلاث،وفي شرحه على الواسطية،صدقت
جزاك الله خيرا أخي أبا حاتم على هذا النقل الطيب الرائع،
أخي: شريف،ضابط تفريق التقليد بين تقليد محمود وتقليد مذموم نضبطه بالشرع، و أظن أن العقيدة -عقيدة السلف الصالح- مصدرها الوحيين، فصار بهذا التقليد -في العقيدة- الذي لا بأس به ما كان موافق للشرع
جزاكم الله خيرا
كخلاصة:
ما نقله أخونا أبو حاتم
والصحيح أن إيمان المقلد تقليداً جازماً صحيح، وأن التقليد يحصل العلم وليس محصلاً الظن فقط، وأما النظر والاستدلال الذي يذكرونه فهو ليس بواجب على المكلف إلا على من بلغته الدعوة ولم يحصل عنده الاعتقاد الجازم المبني على التقليد، وكان لا يمكنه معرفة الحق إلا بالنظر، فهذا يجب عليه أن ينظر. وإلا فغيره الواجب عليه الجزم. فنقول: الصواب من هذه الأقوال أن الواجب على المكلف الجزم في مسائل الاعتقاد، يعني: عدم الشك، أما التقليد وعدمه فإن إيمان الجازم سواء قلد في مسائل الاعتقاد أو لم يقلد إيمانه صحيح. والنبي × والسلام قبل إيمان الأعراب من دون أن يتأكد هل نظروا في ذلك أم لا، وقد يكون إيمانهم تقليداً ولكن لما كانوا جازمين فيه قبل إيمانهم وجعلهم من المسلمين. يقول النووي /: (من أتى بالشهادتين فهو مؤمن حقاً وإن كان مقلداً على مذهب المحققين من الجماهير من السلف والخلف وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح). وبعد أن عرفنا أن المهم هو الجزم سواء عن طريق التقليد أو عن طريق النظر، أقول: إن سبب مسألة وجوب النظر أن علماء الكلام يقولون: إن أول واجب على المكلف هو النظر العقلي، يعني أن الإنسان أول ما يبلغ إن كان نشأ في بيت مسلم أول واجب عليه أن ينظر النظر العقلي، أي: يتأمل في الأدلة الكلامية والمنطقية ليصل من خلالها إلى المطلوب الخبري العلمي، وهذا القول خطأ، بل الوارد في النصوص أن أول واجب على العباد هو توحيد الله ـ، فلما بعث رسول الله ^ معاذاً إلى اليمن قال: (إنك تأتي قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله – وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله). وأشار إلى هذه
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[09 - Sep-2008, صباحاً 07:46]ـ
للمتابعة
ـ[أبو عبد الأعلى]ــــــــ[09 - Sep-2008, مساء 08:31]ـ
لو مثلا سمعت مسألة في العقيدة من عالم معين , أوردها دون نص من الكتاب أو السنة فهل يجوز اعتقادها دون البحث عن الدليل؟
أليس هذا تقليدا
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[10 - Sep-2008, مساء 04:08]ـ
الأفضل إذا كنت قادر: إعتقاد المسائل بدليلها هذا هو الأزكى، أما ما قلته فالصحيح -عندي - الجواز، والله أعلم(/)
مشاركة حول السادة الغمارية
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 12:31]ـ
هذه مشاركة جديدة حول الغماريين نبداها أولا بإحصاء أتباع المدرسة الغمارية ونشاتها ,وإلى من ينتسبون، رجاء أن نلتزم أولا بما اشترطناه فهذا الموضوع مطلوب فيه:
أولا: إلى من ينسب الغماريين وأول من تلقب بالغمارى.
ثانيا: التفريق بين نسلهم الشريف الحسنى وبين التشيع.
ثالثا: فى أى المدن المغربية نشاوا وهل لهم تجمع فى مدينة واحدة.
رابعا: كم عدد الغماريين من أبناء محمد بن الصديق الغمارى
خامسا: هل لأبناء محمد بن الصديق الغمارى أبناء عمومة مثلهم فى العلم، وهل من الغماريين غيرهم.
سادسا: ما هى مراتب الغماريين هل أحمد الغمارى كان حافظا يحفظ مائة ألف حديث سندا ومتنا وكذا أخيه عبدالله.
نسال الله أن يفيدنا ويعلمنا ويعفو عنا وعن المسلمين جميع أرجو الالتزام بما وضع من نقاط فى هذه المشاركة وسنتبعها بأخرى إن شاء الله وأظن أن النقاط فضفاضة وستدع المجال لمن أراد المشاركة كل فى مجاله وفى الجزئية التى يجيدها
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:17]ـ
الشيخ أحمد بن الصديق الغمارى وبعض أشقائه لهم مخالفات عقيدية وليس معنى أنه اتبع الحق فى الكثير من منهج الفقه والأصول أننا نوافقه على أى باطل ... فالحق هو هدفنا أياً كان قائله ... والباطل ننهى عنه ونتبرأ منه أياً كان مصدره ...
ترجمة السيد محمد بن الصدّيق الحسني: مقتطف من كتاب "تعريف المؤتسي بأحوال نفسي"
لنجله السيد عبد العزيز بن الصدّيق: (قمت باختصارها لاشتمالها على ألفاظ مخالفة)
هو محمد بن الصديق بن أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد بن محمد مرتين بن عبدالمؤمن بن محمد بن عبدالمؤمن بن علي بن الحسن بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله بن عيسى بن سعيد بن مسعود بن الفضيل بن علي بن عمر بن العربي بن علال بن موسى بن أحمد بن داود بن إدريس بن إدريس بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا هو النسب المعروف الشائع بين عائلتنا والموجود بأيديهم في بعض التقاييد القديمة.
ولادته رضي الله عنه: ولد ليلة الجمعة خامس رجب سنة خمس وتسعين ومائتين وألف بتجكان من قبيلة بني منصور الغمارية، وحفظ القرآن وهو صغير برواية ورش، ثم شرع في حفظه بالروايات السبع فقرأ ختمة برواية المكي على شقيقه سيدي أحمد رحمه الله.
طلبه للعلم: وبعد فراغه من حفظ القرآن، شرع في طلب العلم ببلده على أخيه العلامة البارع صاحب الأخلاق الحسنة سيدي محمد القاضي، وعلى ابن عمه العلامة المحقق زين العابدين بن محمد المؤذن فأخذ عنهما بعض المبادىء.
رحلته للطلب: وبعد هذا رحل به والده إلى فاس سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وألف، وأنزله بمدرسة الشراطين. ولم يذهب به إلى زاوية أصحاب أبيه لينقطع للعلم ولايشغله الفقراء (المريدون) عن طلبه ... إلخ
سلوكه لطريق القوم: وفي هذه الأثناء حصل له مرض ألزمه الفراش، فبينما هو ذات يوم في بيته من المدرسة إذ دخل عليه الشيخ الإمام العارف القدوة، بقية السلف الصالح، القطب الرباني سيدي محمد بن إبراهيم رضي الله عنه ونفعني به فقال له: أنا بفاس وأنت وحدك بالمدرسة هذا لايمكن، قم معي فأخذه إلى الزاوية وبرَ به وأكرمه غاية ... ثم صار يكتب له المتون في لوح ويقول له: إن حفظته أعطيتك ربع ريال، فكان كلما حفظ لوحاً أعطاه إياه تحريضاً له على حفظ المتون. ثم لقنه الورد وجرده لسلوك الطريق مع طلب العلم، فكان يرتضع لبان الثديين في آن واحد. وقرأ معه أيضا الحكم لابن عطاء الله، والعهود المحمدية والمنن الكبرى للشعراني، ورسائل جده سيدي الحاج أحمد بن عبد المؤمن، والتنوير لابن عطاء الله.
وأمره بالحضور على علماء القرويين وعيَن له من يقرأ عليهم لصلاحهم وبركة علمهم ... إلخ
ثم لما كانت الزاوية بعيدة عن القرويين صار يصوم أيام القراءة حتى لا يرجع وسط النهار إلى الزاوية لتناول الطعام ..
وفي ربيع الثاني من سنة خمس عشرة رجع إلى وطنه ثم عاد إلى فاس فلزم شيخه بالزاوية إلى سنة ثمان عشرة.
ولم يتزوج على زوجته الأولى إلى أن توفيت ثم أخذ بعدها زوجات متعددات، وكانت زوجته الأولى فاضلة عاقلة صالحة ذات مناقب وكرامات
وفاته: كان رضي الله عنه مريضا بضعف القلب والخفقان مصحوبا معه من مدة طويلة، إلا أنه لم يكن ظاهرا فيه إلا في بعض الأحيان. ثم في أواخر شهر رمضان قوي فيه إلا أنه لم يلزمه الفراش فكان يخرج لمحل مقابلة الزوار والضيوف. ولما كان يوم عيد شوال قابل كثيرا من الناس على عادته ...
وعند قرب الانتقال اشتد به الحال فجمع أهله ومن كان حاضرا من أولاده وأوصاهم فحثهم على التقوى والتمسك بالدين والعمل بالسنة واجتناب البدعة وملازمة ذكر الله تعالى. ولما كان يوم الأربعاء سادس شوال اشتد عليه الحال أكثر مما كان وظهرت عليه علامة الانتقال، فأرسل إلى بعض الفقراء (المريدين) فحضروا إليه فأمرهم بذكر الله تعالى أيضا إلى قرب المغرب، فأمر بخروجهم. فدخل عليه أهله وأنجاله ولم تمض إلا هنيهة حتى فاضت روحه وانتقلت إلى الرفيق الأعلى. وذلك سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وألف. وكانت له جنازة لم تر طنجة مثلها منذ خلقها الله تعالى، وحضر الناس من سائر مدن المغرب، وذهب بجنازته إلى الجامع الكبير للصلاة عليه بها لكثرة الناس وازدحام الخلق. ثم رد إلى الزاوية ودفن ليلة الجمعة ... والحمدلله رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:29]ـ
ترجمة السيد أحمد بن محمد بن الصِّدِّيق الحسني
(قمت بنقلها مع الاختصار لوجود بعض الألفاظ المخالفة)
هو أبو الفيض السيد أحمد بن الصِّدِّيق بن أحمد بن قاسم بن محمد ابن محمد بن عبد المؤمن الغماري الحسني الإدريسي المغربي.
وصاحب الترجمة ذكر نسبه وتراجم كثير من آبائه في كتبه التالية: "التصور والتصديق بأخبار الشيخ سيدي محمد بن الصِّدِّيق" المطبوع و "البحر العميق في مرويات ابن الصِّدِّيق" و"المؤذن بأخبار سيدي أحمد بن عبد المؤمن" و "سبحة العقيق".
ولد صاحب الترجمة بقبيلة "بني سعيد" وهي قريبة من قبيلة غُمارة بشمال المغرب الأقصى وذلك في يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضان سنة 1320، وبعد شهرين من ولادته رجع به والده إلى طنجة
بداية الطلب:
عندما بلغ الخامسة من عمره أدخله والده المكتب لحفظ القرآن الكريم على تلميذه العربي بن أحمد بو درة لحفظ المترجم القرآن عنده، ثم حفظ الآجرومية وبعض المتون المتداولة.
ثم اشتغل بالطلب فحضر دروس شيخه بو درة في النحو والصرف والفقه المالكي والتوحيد ودروس والده في الجامع الكبير في النحو والفقه والحديث وكان والده رحمه الله تعالى معتنياً به أشد الاعتناء ويذاكره في شتى الفنون ويحثه على الطلب والتعب في التحصيل ويذكر له تراجم العلماء ليتخلق بأخلاقهم ويسعى مسعاهم وقرأ أيضاً على الفقيه أحمد بن عبد السلام العبادي.
ولما أمر والده الإخوان المتجردين بالزاوية الصِّدِّيقية أن يحفظوا القرآن الكريم كتب كتاباً في فضل القرآن الكريم وحفظه وتلاوته سماه "رياض التنزيه في فضل القرآن وحامليه" وهو أول ما صَنَّفَ وكان دون العشرين.
وأثناء ذلك حبب إليه الحديث الشريف فأقبل على قراءة كتبه خاصة الترغيب والترهيب، والجامع الصغير مع شرح المناوي عليه "التيسير".
توجهه للقاهرة، والدراسة بالأزهر:
وفي سنة 1339 وصل للقاهرة للدراسة على علماء الأزهر المعمور حسب توجيهات والده، فعاود قراءة الفقه المالكي ثم الشافعي.
ومن شيوخه بمصر الشيخ محمد إمام بن إبراهيم السقا الشافعي قرأ عليه الآجرومية بشرح الكفراوي وابن عقيل والأشموني على الألفية والسلم بشرح الباجوري وجوهرة التوحيد وشرح التحرير لشيخ الإسلام في الفقه الشافعي، وسمع عليه مسند الشافعي وثلاثيات البخاري والأدب المفرد له ومسلسل عاشوراء بشرطه والمسلسل بالأولية، وغير ذلك، وكان يتعجب من ذكائه وسرعة فهمه وشدة حرصه على التعلم وكان أحياناً يقول له لما يرى حرصه على قراءة الكتب التي تدرس في أقرب وقت: "أنت تريد أن تشرب العلم".
وله مشايخ آخرون بمصر منهم مفتي الديار المصرية ومفخرتها الشيخ محمد بخيت المطيعي حضر دروسه في شرح الإسنوي على المنهاج في الأصول وشرح الهداية في الفقه الحنفي وصحيح البخاري كما لازم دروسه في التفسير، وقرأ على المسند المحدِّث عمر حمدان التونسي المدني.
وقد ترجم السيد أحمد بن الصِّدِّيق لمشايخه في الجزء الأول من كتابه "البحث العميق في مرويات ابن الصِّدِّيق
عنايته بالحديث الشريف
ثم انقطع في منزله لمطالعة الحديث واعتنى به حفظاً وتخريجاً ونسخاً ومكث في منزله سنتين لا يخرج إلا للصلوات ولا ينام الليل حتى يصلي الضحى وشرع أثناء ذلك في كتابة تخريجه الأول على مسند الشهاب الذي سماه "فتح الوهاب بتخريج أحاديث مسند الشهاب" في مجلدين واستمر على هذا الحال إلى أن قدم والده لحضور مؤتمر الخلافة سنة 1344 فشد الرحلة مع أبيه لدمشق لزيارة سيدي محمد بن جعفر الكتاني ثم رجعا إلى المغرب.
بقي المترجم بالمغرب حوالي أربع سنوات أقبل فيها على الاشتغال بالحديث حفظاً ومطالعة وتصنيفاً وتدريساً فدرس نيل الأوطار والشمائل المحمدية.
وأثناء ذلك كتب شرحاً كبيراً على رسالة ابن أبي زيد القيرواني يذكر فيه لكل مسألة أدلتها من الكتاب والسنة سماه "تخريج الدلائل لما في رسالة القيرواني في الفروع والمسائل" كتب منه مجلداً ضخماً إلى كتاب النكاح، ثم عدل عن التطويل فكتب كتاباً مختصراً سماه "مسالك الدلالة على متن الرسالة" وهو مطبوع في مجلد.
رجوعه للقاهرة مرة ثانية:
ثم رجع للقاهرة سنة 1349 وصحب أخويه سيدي عبد الله، والسيد الزمزمي للدراسة بالقاهرة وأثناء وجوده بالقاهرة هذه المرة كتب عدةً من المصنفات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتردد عليه عددٌ من علماء الأزهر للزيارة والاستفادة من علومه رغم صغر سنه، وطلب جماعة منهم أن يقرأ معهم فتح الباري سرداً ويشرح لهم مقدمة ابن الصلاح ففعل، وجلس للإملاء بمسجد الإمام الحسين عليه السلام وبمسجد الكخيا.
رجوعه ثانية للمغرب:
وفي سنة 1354 رجع إلى المغرب بسبب وفاة والده رحمه الله تعالى فاستلم الزاوية! وقام بالخلافة عن والده واعتنى بتدريس كتب السنة المطهرة مع بعض كتب المصطلح وأقرأ بعضاً من كتب التخريج والأجزاء والمشيخات والمسلسلات وأملى مجالس حديثية بالجامع الكبير بطنجة. وحث الناس على العمل بالسنة الشريفة. وكان يحارب السفور والمدارس العصرية والتشبه بالكفار وله في ذلك جزء سماه "الاستنفار لغزو التشبه بالكفار" جمع فيه الأحاديث التي تنهى عن التشبه بالكفار.
ولم يكن صاحب الترجمة من الذين قصروا أنفسهم على العلم فقط؛ بل حارب الاستعمار وسعى في إخراجه، وسجن بسبب ذلك لعدة سنوات.
وبعد خروجه من المعتقل فضَّل أن يغادر المغرب فوصل القاهرة في ربيع النبوي سنة 1377 وحجَّ واعتمر وزار، وشدّ الرحلة لدمشق وحلب والسودان.
وفاته:
وبعد رجوعه من السودان مرض مرضاً شديداً وفي يوم الأحد غرَّة جمادى الثانية سنة 1380 انتقل إلى رحمه الله تعالى ودفن بالقاهرة.
كان صاحب الترجمة من المكثرين من التصنيف، فله مصنفات في: العقائد، والتفسير والحديث، والفقه، والتصوف, والتاريخ، والتراجم، وهذه المصنفات فيها المطبوع والمخطوط.
ونلاحظ من النظر في قائمة مصنفات صاحب الترجمة والتي تُعْنَى بالرواية فقط أنه جمع في تصانيفه فنوناً حديثية لم تجمع لغيره منذ قرون, وكان بها فرد وقته, فقد صَنَّفَ في: التخريج، والاستخراج، والمسند، والمسلسلات، والأمالي، والمشيخات، وعمل الأجزاء الحديثية، وفهارس الترتيب على الحروف الأبجدية، وهو ـ والله أعلم ـ انفراد تام.
لم يقصر السيد أحمد اهتمامه بالرواية فقط, فإن كان متمكنا من علوم الآلة ودرس الفقه المالكي ثم الشافعي, ولازم شيخ علماء مصر الشيخ محمد بخيت المطيعي في دروس التفسير وفي شرح الهداية في الفقه الحنفي, وكان المترجم له واسع الاطلاع, ويدعو العلماء المتمكنين إلى الاجتهاد وترك التقليد, وهذه الأسباب أدت إلى كتابته في الفقه, وإظهار بعض اختياراته, ونلاحظ الآتي:
- للمترجم له أكثر من عشرين مصنفاً في الفقه، وهذه المصنفات تنقسم إلى قسمين
القسم الأول: المصنفات الجامعة كـ "شرح السنن الكبرى للبيهقي"، وصل فيه إلى كتاب الزكاة، يذكر فيه الأحاديث التي في الباب ورتبها والخلاف والترجيح، ثم الدليل عليه من غير تعرض للخلاف.
وكذا في "تخريج الدلائل لما في رسالة القيرواني من الفروع والمسائل" الذي وصل فيه إلى كتاب النكاح، و "مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة"، وقد أتمه وطبع مرات.
القسم الثاني: ما أُفْرِدَ لمسألةٍ بعينها كـ "بيان الحكم المشروع" واختصاره "نفث الرُّوع ببيان أن الرَّكعة لا تُدْرَك بالركوع"، و "توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والإفطار"، و "تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر والمال"، وغيرها.
في هذين القسمين تظهر اختياراته التي يستدل لها، ويدافع عنها، ويعارض خصومه، وإن كانت في القسم الثاني أظهر.
- وللمترجم في النوع الثاني طريقة في عرض الحجج ومناقشة الخصم، وتقرير اختياره، فيبدأ أولاً بعرض مذاهب الأئمة الفقهاء ـ رضي الله عنهم ـ ثم بعد ذلك يناقش ويعرض الأدلة فيقول في أحد مصنفاته الفقهية:"أمَّا مَنْ كان من أهل العلم والنظر وقبول الحجة والدليل، فليعلم أنَّ استدلالنا لهذه المسألة من وجوه". ثم ذكر هذه الوجوه.
وهذه طريقة مطَّردة في كتبه التي يختار فيها ويعرض الأدلة, ويبين وجوه الاستدلال, ويناقش ويرجح.
-وكان في وقته ومصره جيد المعرفة بالمذاهب وذكر أدلتها في وقت كان جلُّ الفقهاء في عصره في المغرب ـ فضلاً عن غيره ـ لا يعرفون من المذاهب إلا مذهب مالك عن طريق "المختصر" وشروحه, لذلك أثنى على معرفته الفقهية عدد من أهل العلم من ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الفقيه العلامة مصطفى الزرقا رحمه الله تعالى، في كتابه "العقل والفقه في فهم الحديث النبوي": "كتاب تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، للإمام الحافظ المحدِّث أبي الفيض الشيخ أحمد بن محمد بن الصِّدِّيق الغماري الحسني المتوفى سنة 1380، والغُمَاري (بضم الغين المعجمة) نسبة إلى قبيلة غمارة بالمغرب، وهو كتاب مستوف خاص بالموضوع أحاط به من كل أطرافه، وأيده بالأدلة والنقول، ويريد بكلمة (المال) في عنوان الكتاب: النقود".
مؤلفات أحمد بن الصديق:
1) إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون، أو المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي.
2) إتحاف الأديب بما في تعليق إعلام الأريب
3) إتحاف الأذكياء بإثبات نبوة خالد بن سنان بين عيسى وبين سيد الأنبياء، أو إعلام الأذكياء بنبوة خالد بن سنان بعد المسيح وقبل خاتم الأنبياء.
4) إتحاف الحفاظ المهرة بأسانيد الأصول العشرة، وهي: موطأ مالك، ومسند الشافعي، ومسند أبي حنيفة، ومسند الإمام أحمد، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
5) إتحاف الفضلاء والخلان بالكلام على حديث الممسوخين من النجوم والحيوان
6) الإجازة للتكبيرات السبع على الجنازة
7) الأجوبة الصارفة عن إشكال حديث الطائفة.
8) الأحاديث المسطورة في القراءة في الصلاة ببعض السورة.
9) إحياء المقبور بأدلة بناء المساجد والقباب على القبور.
10) الأربعون البلدانية للطبراني، استخرجها من المعجم الصغير.
11) الأربعون المتتالية بالأسانيد العالية.
12) إرشاد المربعين إلى طرق حديث الأربعين، أي (من حفظ على أمتي
أربعين حديثا ... ) الحديث.
13) إزاحة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر من غير مرض ولا مطر، أو إنالة الوطر برفع الحرج عمن جمع بين الصلاتين في الحضر من غير مرض ولا مطر.
14) أزهار الروضتين فيمن يؤتى أجره مرتين.
15) الأزهار المتكاثفة في الألفاظ المترادفة.
16) الاستعاذة والحسبلة ممن صحح حديث البسملة، أي حديث: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع).
17) الاستعاضة بحديث وضوء المستحاضة.
18) الاستنفار لغزو التشبه بالكفار.
19) الاستئناس بتراجم فضلاء فاس.
20) الأسرار العجيبة في شرح أذكار ابن عجيبة.
21) إسعاف الملحين ببيان وضع حديث (إذا ألف القلب الإعراض عن الله ابتلي بالوقيعة في الصالحين).
22) الإسهاب في المستخرج على مسند الشهاب.
23) الإشراف على طرق الأربعين المسلسلة بالأشراف.
24) إظهار ما كان خفيا من بطلان حديث (لو كان العلم بالثريا). وهو رد على الشيخ زاهد الكوثري في كتابه "تأنيب الخطيب".
25) الإعلان بالبراءة من حديث (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة)
26) اغتنام الأجر من حديث"الإسفار بالفجر". حكم فيه بعدم تواتر هذا الحديث، الذي عده السيوطي متواترا في "الأزهار المتناثرة"، ومحمد بن جعفر الكتاني في "نظم المتواثر".
27) الإفضال والمنة برؤية النساء لله في الجنة.
28) إقامة الدليل على حرمة التمثيل.
29) الإقليد بتنزيل كتاب الله على أهل التقليد.
30) الإقناع بصحة صلاة الجمعة خلف المذياع.
31) الإلمام بطرق المتواتر من حديثه عليه الصلاة والسلام. ألفه المؤلف بطلب من شيخه عمر حمدان المحرسي، في إطار تخريج أحاديث "نظم المتناثر من الحديث المتواتر" كما صرح بذلك في البحر العميق.
32) الأمالي الحسينية. وهي مجالس كان يمليها "بالمشهد الحسيني" بمصر كل يوم الجمعة.
33) الأمالي المستظرفة على الرسالة المستطرفة في أسماء كتب السنة المشرفة. وهو تعقيبات على "الرسالة المستطرفة" لمحمد بن جعفر الكتاني، كتبها في مجلس واحد بمعتقله بآزمور.
34) إياك من الاغترار بحديث (اعمل لدنياك). وهو أصل كتاب "سبل الهدى" الآتي ذكره.
35) الائتساء في إثبات نبوة النساء.
36) إيضاح المريب من تعليق أعلام الأريب.
37) البحر العميق في مرويات ابن الصديق، وهو هذا الكتاب. وسيأتي الكلام عنه.
38) بذل المهجة، منظومة تائية في ستمائة بيت في التاريخ.
39) البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي.
40) بعر النعجة في أخبار طنجة.
41) بلوغ الآمال في فضائل الأعمال.
42) بيان الحكم المشروع بأن الركعة لا تدرك بالركوع
43) بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري
(يُتْبَعُ)
(/)
44) بيان غربة الدين بواسطة العصريين المفسدين.
45) البيان والتفصيل لوصل ما في الموطأ من البلاغات والمراسيل.
46) بيصرة المقلعين في شرح طوائف المبتدعين
47) تبصرة المخلصين على سيرة المقنعين
48) تبيين البله ممن أنكر حديث (ومن لغا فلا جمعة له). وهو رد على الشيخ عبد الحي الكتاني في كتابه " عقد اليواقيت والزبرجد في أن (ومن لغا فلا جمعة له) مما نقب عنه في الأخبار فلم يوجد". إذ أنكر فيه وجود هذا الحديث. والحديث باللفظ المذكور خرج في تاريخ واسط لبحشل من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله ? وآله: (من تكلم يوم الجمعة، والإمام يخطب فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له)
49) تبيين المبدأ بتواتر حديث (بدأ الدين غريبا وسيعود كما بدأ).
50) تحسين الخبر الوارد في الجهاد الأكبر. وهو رد على سؤال ورد عليه من والده حول حديث "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر".
51) تحسين السمعة بتعيين موقف المؤذن يوم الجمعة. ويسمى أيضا " تزيين السمعة بتعيين موقف المؤذن يوم الجمعة".
52) تحسين الفعال بالصلاة في النعال.
53) تحفة الإشراف بإجازة الحبيب محمد بن عبد الهادي السقاف. وهو نص إجازة الشيخ الحبيب محمد عبد الهادي السقاف.
54) تحفة المريد بما ورد في حلة أهل التجريد.
55) تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال.
56) تخريج أحاديث الشفا.
57) تخريج الدلائل لما في رسالة القيرواني من الفروع والمسائل. كتب منه مجلدا إلى كتاب النكاح، ثم عدل عن التطويل فشرع في آخر مختصرا، وسماه "مسالك الدلالة على مسائل الرسالة".
58) تذكرة الرواة.
59) ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل، أو مفتاح مسند الإمام أحمد.
60) تسهيل سبيل المحتذي بتهذيب وترتيب سنن الترمذي.
61) تشنيف الآذان باستحباب ذكر السيادة عند اسمه عليه الصلاة والسلام في الأذان.
62) التصور والتصديق بأخبار الشيخ سيدي محمد بن الصديق.
63) تعريف الساهي اللاه بتواتر حديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)
64) التعريف لما أتى به حامد الفقي في تصحيح الطبقات من التصحيف والتحريف.
65) تعريف المطمئن بوضع حديث (دعوه يئن).
66) التقييد النافع لمن يريد مطالعة الجامع الصغير.
67) التنكيل والتقتيل لمن أباح التمثيل.
68) تنوير الأبصار والبصائر بتكفير ما تقدم وما تأخر من الكبائر والصغائر.
69) تنوير الحلبوب في مكفرات الذنوب. وهو أول كتاب شرع فيه المؤلف، استدرك فيه على "شفاء الأسقام" لشيخة محمد بن جعفر الكتاني. وقد رتبه على الأبواب الفقهية.
70) توجيه الأنظار إلى توحيد العالم الإسلامي في الصوم والإفطار.
71) جزء في الأحاديث التي لا أصل لها في الإحياء.
72) الجمع بين الإيجاز والإطناب في المستخرج على مسند الشهاب.
73) جمع الطرق والوجوه لتصحيح حديث (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه)،
أو نيل الطالب ما يرجوه من جمع الطرق والوجوه لحديث (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه).
74) جهد الأيمان بتواتر حديث (الإيمان يمان)
75) الجواب المفيد للسائل والمستفيد.
76) جؤنة العطار في طرق الفوائد ونوادر الأخبار.
77) الحسبة على من جوز صلاة الجمعة بلا خطبة.
78) الحسن والجمال والعشق والحب من الأحاديث المرفوعة خاصة.
79) حصول التفريج بأصول التخريج أو كيف تصير محدثا.
80) الحنين بوضع حديث الأنين.
81) درء الضعف عن حديث (من عشق فعف).
82) دفع الرجز بإكرام الخبز وهو في طرق حديث (أكرموا الخبز).
83) الرغائب في طرق حديث (ليبلغ الشاهد منكم الغائب).
84) رفض اللي بتواتر حديث (من كذب علي).
85) رفع المنار بطرق حديث (من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار).
86) رفع شأن المنصف السالك وقطع لسان المتعصب الهالك بإثبات سنية القبض في الصلاة على مذهب مالك.
87) رياض التنزيه في فضل القرآن وفضل حامليه.
88) زجر من يؤمن بطرق حديث (لا يزني الزاني وهو مؤمن)
89) الزواجر المقلقة لمن أنكر التداوي بالصدقة. ألفه بسبب أسئلة واردة عن والده حول حديث "داووا مرضاكم بالصدقة".
90) سبحة العقيق في أخبار والده الشيخ سيدي محمد بن الصديق. وقد ألفه في ترجمة والده، ثم اختصره في كتابه "التصور والتصديق" وهو مطبوع ومتداول، وقد تقدم ذكره.
91) سبل الهدى في بيان حديث (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا). وهو اختصار لكتابه "إياك من الاغترار بحديث اعمل لدنياك".
(يُتْبَعُ)
(/)
92) سير الركائب النجيبة بأخبار الشيخ ابن عجيبة، عرف فيه بالشيخ أحمد بن محمد بن عجيبة الحسني الشهير (ت1224هـ/1409م).
93) السيف القلمي لإبادة جهل العمرتي والعلمي.
94) شد الوطأة على منكر إمامة المرأة.
95) شرف الإيوان في حديث " الممسوخ من الحيوان "
96) شرح الترغيب والترهيب، شرع فيه ولم يتمه.
97) شرح سنن أبي داود، شرع فيه ولم يتمه.
98) شرح مسلم، شرع فيه ولم يتم.
99) شرح منظومة الزرقاني فيمن يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
100) شمعة العنبر ببدعة آذان الجمعة على المنارة وعند المنبر، أو شن الغارة على بدعة الآذان عند المنبر وعلى المنارة.
101) شهود العيان بثبوت حديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان).
102) شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجيذ الشريفة.
103) صدق اللهجة في أخبار طنجة.
104) صرف النظر عن حديث (ثلاث يجلين البصر).
105) صفع التياه لإبطال حديث (ليس بخيركم من ترك دنياه). ألفه ردا على الشيخ عبد الحي الكتاني كما صرح بذلك في البحر العميق. وقال في "صفع التياه": (ذكر بعضهم في كتاب له في السيرة النبوية مقدمة في فضل الدنيا ومرحها والحث عليها ... ).
106) صلة الوعاة بالمرويات والرواة، وهو معجمه الكبير كما صرح بذلك في البحر العميق. وهو من الكتب التي ألفها بالسجن. قال: كتب منه نحو عشرين كراسا وهو في فهرسة له مرتبة على رواة الكتب مع اتصاله بهم.
107) الصواعق المنزلة على من صحح حديث البسملة، وهو رد على "الرحمة المرسلة" للشيخ عبد الحي الكتاني.
108) طباق الحال الحاضرة بخبر سيد الدنيا والآخرة.
109) الطرق المفصلة لحديث أنس في قراءة البسملة.
110) العتب الإعلاني لمن وثق صالحا الفلاني، وهو رد أيضا على الشيح عبد الحي الكتاني.
111) العقد الثمين في الكلام في حديث "إن الله يبغض الحبر السمين".
112) عواطف اللطائف من أحاديث عوارف المعارف. وهو يتناول أحاديث "عوارف المعارف" لأبي حفص عمر بن محمد السهروردي. وهو عمل لم يسبق إليه إذ أنه تخريج ومستخرج في آن واحد كما قال الشيخ محمود سعيد ممدوح.
113) غنية العارف بتخريج أحاديث " عوارف المعارف "، وهو مختصر كتابه "عواطف اللطائف".
114) فتح الملك العلي في صحة حديث "باب مدينة العلم علي".
115) فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب.
116) فصل القضاء في تقديم ركعتي الفجر على الصبح عند القضاء.
117) فك الربقة بتواتر حديث الثلاث والسبعين فرقة
118) فهرسة محمد بن الصديق (والد المؤلف).
119) قطع العروق الوردية من أصحاب البروق النجدية.
120) كتاب في استيعاب الأحاديث الواردة عن الرسول ?، كتب منه مجلدا.
121) الكسملة بتحقيق الحق في أحاديث الجهر بالبسملة.
122) كشف الخبي بجواب الجاهل الغبي.
123) كشف الرين بطرق حديث "مر على قيرين"
124) لب الأخبار المأثورة في مسلسل عاشوراء
125) لثم النعم بنظم الحكم لابن عطاء الله
126) ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ
127) المثنوني والبتار في نحر العنيد المعثار الطاعن فيما صح من السنن والآثار.
128) مجمع فضلاء البشر من أهل القرن الثالث عشر. قال الشيخ عبد السلام ابن سودة: رتبه على حروف المعجم، ذكر فيه جل المشاهير في هذه المائة بالمغرب وغيره، يقع في مجلدين.
129) مختصر الزهد للبيهقي سماه "طرفة المنتقي".
130) مدارك الاستقالة من ضعيف مسالك الدلالة.
131) المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي.
132) مد الموائد لبسط ما في سنن البيهقي من الفوائد.
133) مسالك الدلالة على مسائل الرسالة.
134) مسامرة النديم بطرق حديث دباغ الأديم.
135) المستخرج على الشمائل، مجلد كبير.
136) المسك التبتي في طرق حديث (نضر الله امرءا سمع مقالتي).
137) مسند الجن.
138) المسهم بطرق حديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم).
139) مسند المجالسة، وهو ترتيب أحاديث كتاب "المجالسة" للدينوري على مسانيد الصحابة.
140) المشيخة المجردة.
141) مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البشرية.
142) مطالع البدور في جوامع أخبار البرور.
143) معجم الشيوخ.
144) المعجم الصغير
145) المعجم الوجيز للمستجيز.
146) مغني النبيه عن المحدث والفقيه.
147) المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير.
148) مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب.
149) مفتاح المعجم الصغير للطبراني.
(يُتْبَعُ)
(/)
150) مناهج التحقيق في الكلام على سلسلة الطريق، مجلد متوسط.
151) المناولة بطرق حديث المطاولة. وهو حديث "أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا".
152) المنتده بتواتر حديث"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"
153) المنتقى من مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا، أو اختصار مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا.
154) المنحة بما اختلف فيه من الوضع إلى الصحة.
155) المنح المطلوبة في استحباب رفع اليدين في الدعاء بعد الصلوات المكتوبة، ألفه ردا على من يدعي أن رفع اليدين في الدعاء بعد الصلوات
بدعة مذمومة.
156) منية الطلاب بتخريج أحاديث الشهاب، مجلد كبير، ألفه وهو لا زال في بداية الطلب.
157) موارد الأمان بطرق حديث (الحياء من الإيمان).
158) المؤانسة بالمرفوع من أحاديث المجالسة للدينوري.
159) المؤذن في أخبار جده سيدي أحمد بن عبد المؤمن.
160) الموضوعات، كتب منه مجلد ضخم.
161) الميزانيات، وهي الأحاديث التي أسندها الذهبي في الميزان.
162) نصب الجرة لنفي الإدراج عن حديث إطالة الغرة. وهي حول حديث "إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل".
163) نفث الروع بأن الركعة لا تدرك بالركوع، وهو اختصار كتابه "بيان الحكم المشروع" تقدم في حرف "ب" مع زوائد أخرى.
164) نيل الحظوة بقيادة الأعمى أربعين خطوة.
165) نيل الزلفة بتخريج أحاديث التحفة المرضية. وهو من مؤلفاته التي ألفها في بداية الطلب كما صرح بذلك في هذا الكتاب "البحر العميق".
166) هداية الرشد لتخريج أحاديث بداية ابن رشد.
167) الهدى المتلقى في طرق حديث (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا).
168) هدية الصغراء بتصحيح حديث (التوسعة على العيال يوم عاشوراء).
169) وسائل الخلاص من تحريف حديث (من فارق الدنيا على الإخلاص).
وشي الإهاب في المستخرج على مسند الشهاب، في ثلاثة مجلدات
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:36]ـ
ترجمة السيد عبد الله بن محمد الصِّدِّيق بن أحمد بن محمد بن قاسم ابن محمد بن عبد المؤمن أبو الفضل الحسني الإدريسي الغماري. (الترجمة منقولة مع بعض الاختصار كما سبق)
ولد رحمه الله تعالى بثغر طنجة بالمغرب الأقصى غرة رجب سنة 1328.
نشأ في رعاية والده رضي الله عنه فحفظ القرآن الكريم برواية ورش وأتقن رسمه، ثم شرع في حفظ بعض المتون فحفظ الأجرومية، والألفية، ومختصر خليل في الفقه والأربعين النووية، وبلوغ المرام، والجوهر المكنون وغير ذلك.
حضر على والده، وعلى ابن عمته الفقيه السيد محمد بن عبد الصمد وعلى شقيقه السيد أحمد.
ثم سافر إلى فاس لقراءة العلم بالقرويين فحضر على أكابر علماء القرويين في النحو والصرف والبلاغة والمنطق والتفسير والحديث والفقه.
وكانت قراءته عليهم قراءة بحث وتحقيق, ورأى المحدِّث محمد بن جعفر الكتاني وحضر دروسه بفاس وكان يقربه إليه، وأجازه جماعةٌ من أهل فاس.
ثم رجع إلى طنجة ودرَس بالزاوية الصِّدِّيقية الآجرومية، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني مع بعض شروحهما وأثناء ذلك كان يسهر ليله في المطالعة والمراجعة، ويحضر دروس والده في رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وصحيح البخاري، والأشباه والنظائر النحوية للسيوطي، ومغني اللبيب مع مراجعة شرح الدماميني وحواشي الأمير، والدسوقي، وعبد الهادي نجا الأبياري.
وأثناء ذلك كتب أول مصنفاته وهو شرح موسع على الآجرومية سماه شقيقه الحافظ أبو الفيض "تشييد المباني لتوضيح ما حوته المقدمة الأجرومية من الحقائق والمعاني" وقام باختصار إرشاد الفحول للشوكاني.
وفي سنة 1349 ذهب إلى مصر والتحق بالأزهر المعمور. فقرأ في علم الكلام والأصول، والمنطق، والبلاغة، وآداب البحث والمناظرة، وحضر الفقه المالكي على بعض علماء الأزهر، وكان والده قد أمره بالحضور في الفقه الشافعي، فحضر شرح المنهج، وشرح التحرير في الفقه الشافعي.
وحضر دروس العلامة الكبير شيخ علماء مصر الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي في التفسير والهداية في الفقه الحنفي وفي حاشيته على شرح الأسنوي على منهاج الأصول وأجازه عامة.
كما أجازه جماعة من علماء مصر ذكرهم في خاتمة كتابه "بدع التفاسير" ثم في ترجمته "سبيل التوفيق".
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي سنة 1350 تقدَّم لامتحان العالمية (عالمية الغرباء) ويكون الامتحان في اثني عشر فناً فنجح وحصل على عالمية الغرباء ثم حصل على عالمية الأزهر.
وبعد حصوله على الشهادة العالمية بأيام التقى بالشيخ محمود شلتوت في منزله فهنأه بعض العلماء بالشهادة فقال له الشيخ شلتوت: "نحن نهنئ الأزهر والشهادة الأزهرية بحصول الشيخ عبد الله عليها، فإنه عالم من بلده".
اشتغل بالتدريس في الأزهر المعمور عقب حصوله على عالمية الغرباء فدرس المكودي على الألفية، والجوهر المكنون في البلاغة، والسلم في المنطق، وسلم الوصول لابن أبي حجاب وتفسير النسفي، والأحكام للآمدي، والخبيسي على تهذيب السعد في المنطق وتفسير البيضاوي، ثم درس جمع الجوامع لكبار الطلبة بين العشائين.
وكان يحتاج إليه بعض كبار علماء الأزهر كالشيخ بخيت، والشيخ يوسف الدجوي والشيخ عبد المجيد اللبان، والشيخ الخضر حسين التونسي لحلّ ما يعرض لهم من مشكلات حديثية.
كان السيد عبد الله بن الصِّدِّيق مشتغلا بالعلوم العقلية, مقبلا عليها, بحكم دراسته في القرويين ثم في الأزهر, وكان شقيقه الأكبر السيد أحمد بن الصِّدِّيق يدعوه للاشتغال بالحديث, قال السيد أحمد في "سبحة العقيق": "وكان ميالا بطبعه إلى المعقولات, غير ملتفت إلى الحديث وفنونه, وكنت أدعوه إلى الاشتغال به المرة بعد الأخرى, وأقول له إن النحو وغيره من الآلات, لم توضع لذاتها, وإنما وضعت للتوصل بها إلى المقصود الأهم وهو علم الكتاب والسنة, ثم المشتغلون بها في الدنيا لا يحصون بل لا يوجد غالبا إلا من يشتغل بهذه العلوم, وأما السنة النبوية فعلماؤها أقل من القليل, فكان في بدايته يسلم هذه ويصر على الاشتغال بما هو فيه, وربما عارض ما قلت في بعض الأحيان إلى أن سافر معي إلى القاهرة ولازمني تلك المدة الطويلة فكانت سبب إقباله على الحديث وصرف وجهته إليه خصوصا لما صارت تتوارد الأسئلة عليه من بعض أصدقائنا المصريين بظنهم أنه من أهل الحديث كأخيه, فألجأه ذلك إلى الاشتغال بالحديث وصار يكتب فيه المقالات المتعددة وتدرب بكتبي وأجوبتي وملازمتي في معرفة رجال الحديث وصناعته مع ذكائه وسرعة إدراكه, وألَّف فيه رسائل ... "
وبقي بمصر إلى سنة 1391 حيث رجع إلى المغرب فسكن الزاوية الصِّدِّيقية، وكان يدرس بها تفسير النسفي، وشرح جمع الجوامع في الأصول، ونيل الأوطار في الفقه المقارن، مع التصدي للفتوى، وكتابة بحوث علمية.
واستمر على حاله في النفع والإفادة إلى أن توفي في شعبان 1413 ودُفن بالزاوية الصِّدِّيقية، وكان له جنازة مشهودة مشهورة، ولم يعقب رحمه الله تعالى.
السيد عبد الله بن الصِّدِّيق رحمه الله تعالى كان علامةً في المعقول والمنقول فكانت له مصنفات في التفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والتصوف، والقراءات، والنحو، والمنطق، وكان يشتغل بالحديث ليس في الصناعة الحديثية، أو الرواية فقط، ولكن في الشرح، والبيان، والاستنباط أيضاً.
تقدَّم أن السيد عبد الله رحمه الله تعالى دَرَسَ العلوم الشرعية وآلاتها بالقرويين ثم بالأزهر، بالإضافة إلى ما كان درسه بالزاوية الصِّدِّيقية بطنجة, وقد فتح الله عليه فقال عن نفسه: "وقد رزقني الله والمنة له التحقيق في علوم النحو والأصول والمنطق والحديث بفنونه الثلاثة مع المشاركة التامة في علوم الفقه والبلاغة وغيرها".
ودَرَّس للطلبة بالأزهر في الأصول والمنطق والنحو والصرف والبلاغة، وكان رحمه الله مالكياً ثم صار شافعياً ثم ترك التقليد وعمل بالسنة وما صح لديه من الدليل وفي هذا قال: "كنت مالكياً ثم صرت شافعياً، ثم تركت التقليد، لا إزراء على الأئمة رضي الله عنهم، ولكن لأن التقليد إنما هو للعوام الذين لا يعرفون قواعد الاستنباط والاستدلال، ومن عرفها وتمكن من معرفتها، لا حاجة به إلى التقليد على أني لا أفتي إلا على مذهب مالك، أو الشافعي، لأني لا أحب أن أحمل أحداً على اجتهادي ورأيي، إلا في مسألة وضح دليلها، وعرف طريقها".
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان يدعو إلى ترك كل ما خالف السنة المطهرة فقال عند تفسير قوله تعالى: ?يَاأَيهَا الذِينَ آمنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ? قال: "نهى عن التقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل, واعتبار التقدم بين يديه تقدماً بين يدي الله سبحانه وتعالى. وعلى هذا لا يجوز لشخص أن يقدم رأياً من الآراء على حديث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وقع كثير من المقلدين في هذا المحظور، حيث قدموا آراء أئمتهم على ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مخالفة صريحة لكلام الله سبحانه وتعالى".
وبسبب هذه المعارف والاتجاهات العلمية المتنوعة كانت له اهتمامات متعددة للعناية بالحديث دراية ورواية تدل عليها مصنفاته المتعددة في العلوم الشرعية وآلاتها.
وهو ليس في تصانيفه ملخصا لأقوال السابقين. كلا إنه يحسن النظر استقلالا ويمشي مع القواعد ويحرر ويضبط, ويناقش فيأخذ ويدع, ويوافق ويخالف, ولا يقتصر على فن دون آخر, فهو البارع في التفسير والفقه والحديث, وهذه طريقة المتقدمين من الأئمة المجتهدين, ولذلك كان من تصانيفه الحديثية ما يعتبر انفرادا تاما لم يسبق إليه أو سبق إليه واندثر, من ذلك:
1 - الفوائد المقصودة ببيان الأحاديث الشاذة المردودة
بيَّن في مقدمته وجوب العمل بالسنة المشرفة, ثم قال: "إن العمل بالحديث الصحيح السالم من العلة واجب, ولكن يظن كثير من أهل العلم أن الحديث إذا صح وجب العمل به مطلقا, وهذا غير صحيح, بل يشترط في وجوب العمل به أن لا يكون شاذا, وألا يكون له معارض, ونعني بالشذوذ مخالفة الحديث لما تواتر أو للقواعد المقررة".
فبيّن أن الشاذ أعم من كونه مخالفة الثقة للثقة, أو لمن هو أوثق منه.
وقد ذكر في جزئه هذا ثلاثة وأربعين حديثا, وذكر وجه الشذوذ في كل حديث – حسب نظره واجتهاده – وهو قد انفرد بين أهل العلم قاطبة في التصنيف في الحديث الشاذ.
2 - ومنها رسالته "حسن التفهم والدرك لمسألة الترك
وهي مسألة تتعلق بالسنة المشرفة من حيث الاستدلال, وقد قال السيد عبد الله بن الصِّدِّيق: "نقصد بالترك الذي ألفنا هذه الرسالة لبيانه أن يترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا لم يفعله أو يتركه السلف الصالح من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته". وانفصل في بحثه على أن الترك وحده إن لم يصحبه نصٌّ على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع, وأما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظورا فهذا لا يستفاد من الترك وده, وإنما يستفاد من دليل دل عليه".
3 - في كتاب "الرؤيا في الكتاب والسنة" لم يكن جامعا أو مختصرا أو محررا لعبارة من سبقه, بل كان ناقدا بصيرا, فلما وجد بعض المعاصرين يقول لا ينبغي أن يكون السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله بصيغة المخاطب بل بصيغة الغائب, واستدل على ذلك بأثر عن ابن مسعود, وادعى أنه بتوقيف. فأجابه بقوله: "ودعوى التوقيف باطلة, بل ما فعله ابن مسعود ومن وافقه, كان اجتهادا منهم, والدليل عليه أمور
الأول أن قول ابن مسعود: فلما قبض قلنا: السلام على النبي، نص, أو كالنص في أنهم قالوه رأيا, استنادا منهم إلى أن الوفاة, تناسبها الغيبة ..
الثاني أن التشهد يتعلق بالصلاة التي هي أهم أركان الإسلام, وكان الصحابة يتعلمونه, كما يتعلمون السورة من القرآن. فلو كان عندهم توقيف من النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بتغيير صيغة السلام عليه, بعد وفاته, لنقلوه إلينا, كما نقلوا ألفاظ التشهد. لأنه قيد متمم لها, وهم يعرفون: أن نقل المقيد بدون قيده لا يجوز
الثالث ثبت في الموطأ وغيرها بأسانيد صحيحة عن عبد الرحمن بن عبد القاري: أنه سمع عمر رضي الله عنه يعلم الناس التشهد على المنبر وهو يقول: قولوا: التحيات لله, الزاكيات لله, الصلوات لله, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته". ثم قال: "السادس: أن المسلمين المقيمين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بمكة واليمن وأطراف الجزيرة العربية, كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم في تشهد الصلاة, بصيغة الخطاب, ولم ينقل أنه أمرهم بتغيير صيغة السلام, لكونهم غائبين عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
السابع أن وفاته صلى الله عليه وآله وسلَّم لا تقتضي تغيير الخطاب إلى الغيبة لأن سلامنا عليه يبلغه حيثما كنا.
روى النسائي عن ابن مسعود, عن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: "إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام" صححه ابن حبان" انتهى كلامه.
1 - وفي تخريجاته الحديثية كان ماهرا مستدركا على من سبقه, فها هو في كتابه "الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج" يستدرك على الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث المنهاج الصولي أكثر من عشرين حديثا مرفوعا لم يخرجها العراقي.
2 - ومن أعماله الحديثية التي لم يسبق إليها "أحاديث التفسير" أراد أن يذكر فيه الأحاديث التي تصلح للتفسير, وصل فيه – رحمه الله تعالى – إلى سورة الحج, وهو لا يورد الحاديث ويسكت, بل يتكلم عليها صحة وضعفا, ويذكر تعلق الحديث
مؤلفات السيد عبد الله بن الصديق الحسني
1) تشييد المباني لتوضيح ماحوته الأجرومية من الحقائق والمعاني
2) إعلام النبيل بجواز التقبيل
3) الابتهاج بتخريج أحاديث المناهج للبيضاوي
4) إتحاف الأذكياء بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء
5) تنوير البصيرة ببيان علامات الكبيرة
6) الصبح السافر في تحرير صلاة المسافر
7) فتح المعين بنقد كتاب الأربعين الأبي إسماعيل الهروي
8) خواطر دينية (3أجزاء)
9) الرؤيا في القرآن والسنة
10) المهدي المنتظر
11) كمال الإيمان في التداوي بالقرآن
12) الحجج البينات في التداوي بالقرآن
13) واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن
14) فتح الغني الماجد ببيان حجية خبر الواحد
15) الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة
16) بيان صحيح الأقاويل في تفسير آية بني إسرائيل
17) عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى في آخر الزمان
18) قرة العين بأدلة إرسال النبي إلى الثقلين
19) نهاية الآمال في صحة حديث عرض الأعمال
20) نهاية التحرير في حديث توسل الضرير
21) المعارف الذوقية في أذكار الطريقة الصديقية
22) الأربعين الصديقية
23) تخريج أحاديث اللمع للشيرازي
24) فضائل النبي في القرآن
25) النفحة الإلهية في الصلاة على خير البرية
26) تمام المنة في بيان الخصال الموجبة للجنة
27) الأحاديث المختارة
28) الكنز الثمين في أحاديث النبي الأمين
29) جزء البيان المشرق بوجوب صيام المغرب برؤية المشرق
30) كيف تشكر النعمة؟
31) رفع الإشكال عن مسألة المحال
32) القول السديد في حكم اجتماع الجمعة والعيد ذوق الحلاوة ببيان امتناع نسخ التلاوة
33) الحاوي في فتاوى الحافظ أبي الفضل عبد الله بن الصديق (طبع الجزء الأول والثالث)
34) إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد
35) القول الجزل فيما لا يعتذر فيه بالجهل
36) القول المسموع في بيان الهجر المشروع
37) الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين
38) سبيل التوفيق في ترجمة عبد الله بن الصديق
39) دفع الشك والارتياب عن تحريم نساء أهل الكتاب
40) إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي
41) الأربعين المنتقاة في فضائل مولانا رسول الله
42) التحقيق الباهر في معنى الإيمان بالله واليوم الآخر
43) الرأي القويم في وجوب إتمام المسافر خلف المقيم
44) توضيح البيان لوصول ثواب القرآن
45) أسانيد الكتب السبعة في الحديث
46) قصة آدم عليه السلام
47) قصة إدريس عليه السلام
48) قصة هاروت وماروت
49) قصة داود عليه السلام
50) كشف أنواع الجهل فيما قيل في نضرة السدل
51) السيف البتار لمن سب النبي المختار
52) تعريف أهل الإسلام بأن نقل العضو الحرام
53) إسماع الصم لتحريم غسل الابن للأم
54) الأدلة الراجحة على فرضية قراءة الفاتحة
55) أجوبة هامة في الطب
56) غاية الإحسان في فضل زكاة الفطر وفضل رمضان
57) بدع التفاسير
58) الأربعين الغمارية في شكر النعمة
59) التنصل والانفصال من فضيحة الإشكال
60) حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف
61) تنبيه الباحث المستفيد إلى ما في الأجزاء المطبوعة من التمهيد. صحح المؤلف رحمه الله تعالى فيه بعض الأخطاء التي وقعت في كتاب التمهيد للحافظ ابن عبد البر من طرف المصححين أو المحققين له
62) جواهر البيان في تناسب سور القرآن
63) إعلام النبيه بسبب براءة إبراهيم من أبيه
64) سلسلة الطريقة الشادلية الصديقية
65) الاستقصاء لأدلة تحريم الاستمناء
66) حسن البيان في ليلة النصف من شعبان
67) فضائل القرآن ـ جزءين ـ
68) النفحة الذكية في أن الهجر بدعة شركية
69) منحة الرؤوف المعطي ببيان ضعف وقوف الشيخ الهبطي
70) الحجة البينة لصحة فهم عبارة المدونة
71) إتحاف النبلاء بفضل الشهادة وأنواع الشهداء
72) الإعلام بأن التصوف من شريعة الإسلام
73) الإحسان في تعقب الإتقان للسيوطي
74) توجيه العناية لتعريف علم الحديث رواية ودراية
75) قمع الأشرار عن جريمة الانتحار
76) سمير الصالحين ـ جزءين ـ
77) إقامة البرهان على نزول عيسى في آخر الزمان
78) التنصيص على أن الحلق ليس بتنميص
79) إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة
80) حسن التفهم والدرك لمسألة الترك
81) استمداد العون لإثبات كفر فرعون
82) كان قد بدأ في جمع أسماء الرجال الذين قال عنهم الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد لم أعرفه أو لم أجد ترجمة غير أنه لم يكمله
ذوق الحلاوة ببيان امتناع نسخ التلاوة
له تعليقات وتحقيقات عك كتب تربو على العشرين منها:
تعليق على مسند أبي بكر للسيوطي
تعليق على مسند عمر للسيوطي
تعليق على مسند عثمان للسيوطي
تعليق على بداية السول في تفضيل الرسول لعز الدين بن عبد السلام
تعليق على شرح الأمير لمختصر خليل
تعليق على كتاب: تنزيه الشريعة المرفوعة لابن عراق
تعليق على كتاب: تأييد الحقيقة العلية للسيوطي
تعليق على المقاصد الحسنة للسخاوي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:42]ـ
ترجمة السيد محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق.: (منقولة)
ينتهي نسبه إلى إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
مولده ونشأته العلمية:
ولد الشيخ رحمه الله في بور سعيد في طريق والديه إلى الحج ليلة الخميس الثالث عشر من جمادى الأولى عام ثلاثين وثلاث مئة وألف.
تعهده والده بالعناية والرعاية منذ صغره،فدفع به لحفظ القرآن وهو ابن خمس سنين كما هي عادة أهل المغرب،حيث ختم حفظه على يد الشيخ الفقيه محمد الأندلسي المصوري – بفتح الواو المشددة – نسبة إلى قبيلة بني مصور.
ولما فرغ من ذلك عكف على قراءة ما يجده في مكتبة والده مستفيدا من أخيه الأكبر أحمد.
وفي سنة 1349 هـ شد الرحلة إلى الأزهر الشريف بالقاهرة،وهو في رحلته قرأ على شيخه وأخيه العلامة السيد عبد الله بعضا من ألفية ابن مالك،ومتن الآجرومية،وورقات الحرمين،وأوائل جمع الجوامع.
وعند وصوله للقاهرة التحق بالجامع الأزهري للقراءة على شيوخه، ولاسيما الأكابر ممن أدركوا كبار شيوخ الأزهر.
شيوخه:
أخذ الشيخ رحمه الله العلم رواية ودراية عن جماعة من كبار العلماء الأفاضل من أشير إليهم بالأنامل أذكر بعضا منهم:
- شقيقه أحمد بن الصديق، قرأ عليه طرفا من الأجرومية.
- وشقيقه عبد الله قرأ عليه جميع الأجرومية و طرفا من الألفية لابن مالك و ورقات إمام الحرمين و أوائل جمع الجوامع.
- والشيخ بخيت المطيعي قرأ عليه التفسير وصحيح الإمام البخاري.
- والعلامة عبد السلام غنيم الدمياطي الضرير قرأ عليه الألفية بشرح ابن عقيل والجوهرة في التوحيد بشرح الباجوري بمنزله.
- والشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي درس عليه جمع الجوامع بشرح المحلي وتفسير البيضاوي.
- والشيخ أبو طالب حسنين قرأ عليه زاد المقنع في الفقه الحنبلي.
- والشيخ محمود إمام عبد الرحمن المنصوري درس عليه الألفية بالأشموني.
- والشيخ مصطفى الصفوة قرأ عليه مختصر خليل بشرح الدردير.
- والشيخ عبد المجيد الشرقاوي درس عليه الرحبية في الفرائض بشرح الشنسوري.
نشاطه العلمي:
لما توفي والده عام 1354 اضطر للرجوع إلى طنجة،وإن كان في نفسه حب الاستزادة من العلم،فشرع في إلقاء الدروس بالزاوية الصديقية وكذا الجامع الكبير في كثير من الفنون من تفسير وحديث وأصول ومنطق وغيرها. كما تولى الخطابة في الزاوية الصديقية وغيرها لسنين عديدة إلى أن اتخذ لنفسه وطريقته مسجدا خاصا عرف بمسجد هدي الرسول حيث بقي يخطب فيه ويلقي الدروس وينشر دعوته إلى أن توفي رحمه الله.
وفاته.
وبعد حياة مليئة بنشر العلم والتأليف والدعوة إلى السنة ونبذ التقليد توفي رحمه الله، وذلك يوم الجمعة بعد صلاة الظهر 28 ذي الحجة عام 1408 هـ بطنجة.
وصلي عليه يوم السبت بالجامع الكبير. وحضر تشييع جنازته جماهير من أتباعه من داخل المدينة وخارجها وكذا جماعة من أهل الفضل والعلم،ودفن بمسجده الموسوم بجامع هدي الرسول بعد ظهر ذلك اليوم!
... أقول: الشيخ مخالف لآل الصديق في عقائدهم وعقيدته كعقيدة السلف الصالح ولا أعلم له مخالفات ومن يعرف غير هذا فليتفضل بطرحها
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:48]ـ
ترجمة السيد عبد الحي بن محمد بن الصديق الحسني (منقولة مع الاختصار كما سبق)
هو عبدالحي بن محمد بن الصديق رحمه الله تعالى، ولد في طنجة وتعاهده والده منذ صغره بالرعاية والتعليم ... شأنه شأن كل إخوانه ..
رحل إلى مصر سنة 1355 ه مع شقيقه السيد عبدالعزيز فمكث في مصر 11 سنة؛ تلقى فيها عن كثير من الشيوخ .. ومن جملة شيوخه: شقيقاه السيد أحمد والسيد عبدالله، والشيخ عبدالرحمن قراعة مفتي الديار المصرية، والشيخ بدرالدين الدمشقي، والشيخ راغب الطباخ الحلبي، والشيخ خليل بن بدر المقدسي، والشيخ عبدالمعطي الشرشيني المصري، والشيخ عبدالوهاب السيد سالم المصري، والشيخ محسن نصر اليمني ... وغيرهم ..
ولصاحب الترجمة مؤلفات جليلة تدل على تبحر صاحبها في الفقه وعلم الأصول والحديث، وكذلك معرفته الكاملة بعلم المناظرة .. فكانت مساهمة جليلة في تصويب أخطاء المقلدين المتزمتين في اتباع المذاهب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالتالي تشجع على البحث البعيد عن التقليد الذي يجمد الفكر، ويعطل كل القدرات العلمية التي تحرك آلة الاجتهاد ... فما من مسألة فقهية – تزمت فيها المقلدون – وتناولها السيد عبدالحي رحمه الله في كتبه إلا وبسطها بين يدي القارىء ببحث قيم من جميع جوانبها ... ويأتي بأدلة المقلدين ’’ المزعومة ’’ فيضعها على بساط التحليل والتمحيص ليسلط عليها الأضواء من كل زاوية ليكشف فسادها وعدم خضوعها لما هو مقرر في علم أصول الفقه، ولما هو متفق عليه بين علماء الفقه والأصول من أنه لامجال لقول فقيه أو اجتهاد إمام مع ماهو ثابت حكمه بالنص القطعي الدلالة من كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
لقد كان صاحب الترجمة شديد التمسك بالسنة النبوية داعيا إلى العمل بها ونبذ اتباع الأقوال المجردة في كل محفل، وفي جميع كتاباته.
اشتغل بتدريس العلوم الشرعية لاسيما أصول الفقه في المعهد الشرعي بمدينة طنجة، ثم عين مديرا له .. فكان من أحسن المعاهد الشرعية في بلاد المغرب بالإجماع .. ولما اختلط التعليم في المغرب ووصلت جرثومته إلى المعهد الشرعي قدم السيد عبدالحي رحمه الله تعالى استقالته ..
وكان له في إذاعة مدينة طنجة ركن خاص يجيب فيه عن أسئلة المستفتين من كل أنحاء المغرب .. وقد درس لكثير من الطلبة مجموعة من الكتب العلمية في أصول الفقه والفقه والنحو والبلاغة، في بيته العامر.
لقي وجه ربه في شعبان 1415 ه. ودفن بجوار والديه رضي الله تعالى عنهم.
وكان يوصي طلبته دائما بالتزام السنة النبوية وعدم الحياد عنها مهما كان الأمر، وتقديمها على كل الأقوال مع العمل على نشرها والدعوة إليها قال رحمه الله تعالى في إجازته التي كان يقدمها للمستجيزين: .. وأوصيه أيضا بالاجتهاد والجد في نشر الدعوة للعمل بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن العمل بهما والاجتهاد في تنفيذ أمرهما ونهيهما هو السبيل لنصر هذه الأمة كما نص عليه الحكيم الخبير في كتابه العظيم الذي لم يفرط في شيء فيه النفع والمصلحة إلا بينه أتم بيان. وما من شيء فيه المضرة والمفسدة إلا حذر منه كل التحذير. وما أوقع الأمة الإسلامية فيما وقعت فيه من ذل وهوان وتحكم الكفار أعداء الإسلام في المسلمين وأوطانهم وأموالهم إلا بتفريطهم ونبذهم لتعاليم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أسأل الله سبحانه أن يوفق هذه الأمة للعمل بما كان عليه سلفها من الصحابة والتابعين حتى يعود لهم ما كان لسلفهم من النصر والسيادة والعز، وما تحقق لسلفهم مما هو مسطور في كتب السنة وكتب التاريخ وما ذلك على الله بعزيز. .
مؤلفات السيد عبدالحي بن الصديق الحسني
1 - تبيين المدارك لرجحان سنية تحية المسجد وقت خطبة الجمعة في مذهب مالك.
2 - مؤلف كتاب أصول التشريع الإسلامي يبطل العمل بحديث رسول الله
وبيان جهله بالقواعد الحديثية والأصولية والنصوص الفقهية.
3 - رسالة: ثبوت الأجر ببيان حكم صلاة الوتر بعد الفجر.
4 - الإقناع باعتبار خلاف داود في الإجماع
5 - رخص الطهارة والصلاة وتشديدات الفقهاء
6 - حكم التيمم في الكتاب والسنة
7 - رسالة: مفتاح الذريعة إلى معرفة حكم الاقتصاص من الذكر والأنثى في الشريعة.
8 - حكم اللحم المستورد من أوربا
9 - حكم الدخان وطابة والصلاة خلف متعاطيهما
10 - الإهلال بجواب السؤال عن حكم أغلال
11 - المجتبى ((وهو شبيه: جؤنة العطار لشقيقه السيد أحمد، والسفينة لشقيقه السيد عبدالعزيز .. ))
12 - إقامة الحجة على أن الأئمة الأربعة لم يحيطوا بالسنة
13 - اختصار كتاب الترخيص بالقيام لذوي الفضل والمزية من أهل الإسلام على جهة البر والتوقير والاحترام، لاعلى جهة الرياء والإعظام
للإمام محيي الدين النووي رضي الله عنه
14 - نقد مقال ((في الرد على عبدالله كنون رئيس رابطة علماء رابطة المغرب)).
15 - الحجة الدامغة على بطلان دعوى من زعم أن حالق اللحية ملعون وصلاته باطلة.
16 - أريج الآس في إبطال فتوى عالم فاس
17 - جزء في استحباب المصافحة عقب الصلوات المكتوبة
18 - إتحاف الطلاب الأماجد بأدلة جواز الصلاة على الميت في المساجد
19 - الإعلام بما خالف فيه الأئمة الأربعة السنة الصحيحة من الأحكام
20 - بذل الماعون في مسألة أ/أماوون.
21 - فتاوى شرعية
(يُتْبَعُ)
(/)
22 - رسالة حول حكم تولية المرأة القضاء
23 - البدائع (جمع فيه فوائد مختلفة)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:52]ـ
ترجمة السيد عبد العزيز بن محمد بن الصديق الغماري (منقولة مع الاختصار كما سبق)
هو السيد عبد العزيز بن محمد بن الصديق بن أحمد بن عبد المؤمن الغماري الإدريسي الحسني.
مولده وبداية طلبه للعلم
ولد في طنجة بالمغرب الأقصى في شهر جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف، وتعاهده والده من صغره فبعد قراءة القرآن الكريم وحفظه على الفقيه سيدي محمد بودرة اشتغل بالطلب عليه، وكان والده مهتماً به غاية الاهتمام، وذلك بالرعاية والنصح والإرشادات التي قربت إليه الأقصى في كثير من المسائل لما كان عليه من سعة الاطلاع وحسن البيان والتعليم والتبليغ، وكان والده يوصيه وقت الطلب بألا يراجع شيئاً من الحواشي والتقريرات وقت الطلب ويقول له: إذا حصلت الملكة بالكتاب الصغير في أي فن من الفنون صار الفن كله بكتبه المطولة وحواشيها في متناول اليد يسهل فهمها، وأخذ عنه الطريقة الشاذلية الدرقاوية، وأذن له في تلقين وردها المعروف، فله منه الأخذ التام، والمدد الخاص والعام.
سفره إلى مصر ودراسته بالأزهر
وبعد وفاة والده رحمه الله تعالى سافر إلى القاهرة سنة 1355هـ، والتحق بالأزهر الشريف فأخذ عن عدد من علماء الأزهر، كالشيخ عبد المعطي الشرشيمي من كبار علماء الهيئة، والشيخ محمود إمام، والشيخ عبد السلام غنيم الدمياطي الشافعي، وانتفع به كثيراً، والشيخ محمد عزت، وآخرين من كبار شيوخ الأزهر، قرأ عليهم علوم الأزهر المتداولة والفقه على مذهب الإمام الشافعي وحضر في ألفية الحديث بشرح العراقي على شقيقه السيد عبد الله وحضر عليه شرح جمع الجوامع كاملاً في الأصول، وبالأخص في علم الحديث، وتدرب ببعض كتبه.
اشتغاله بالحديث
ذكر السيد عبد العزيز في ترجمته لنفسه، كيف كان ابتدأ في طلب الحديث وتدرجه فيه، قال رحمه الله تعالى فذكر أنه بعد أن قرأ الاصطلاح اتجه للتطبيق لأنه المقصود من علم الحديث، فاشتغل بكتاب "اللآلئ المصنوعة" للحافظ السيوطي وخرج منه بعلم عظيم جم وكتب جزءاً مستقلاً في الاستدراك عليه اسمه "الجواهر الغوالي".
وذكر أنه تعلم من "اللآلئ" نقد الرجال، وسير الطرق، وتمييز الصحيح من الضعيف من الموضوع ثم أقبل على قرائة كتب التخريج فقرأ أعمال شقيقه السيد أحمد علي مسند الشهاب، ثم قرأ تخريجات الحفاظ: العراقي، والزيلعي، وابن حجر والسيوطي والتي أمكنه الوقوف عليها، وكان يكاتب شقيقه السيد أحمد ويستفيد منه وقرأ كتبه الحديثية، وكان له أنس خاص بكتاب فتح الملك العلي.
ثم ذكر أنه بعد أن آنس من نفسه الخبرة بالفن كتب "بلوغ الأماني من موضوعات الصنعاني" ولما اطلع عليه شقيقه السيد أحمد وقال له كان ينبغي أن تسميه "هزيج الأغاني" لإطرابه بفوائده لقارئه.
عودته إلى طنجة
رجع إلى طنجة في شهر ربيع النبوي سنة ست وستين، وكانت مدة إقامته في مصر نحو اثني عشر عاماً.
واشتغل في طنجة بالتدريس والخطابة والتصنيف وملازمة الزاوية الصديقية مع الاشتغال بالذكر والأوراد، وحجَّ واعتمر أكثر من مرة
وفاته
انتقل إلى رحمة الله سنة 1418 ودفن بجوار والده
مؤلفات السيد عبد العزيز بن الصديق الحسني
1) تسهيل المدرج إلى المدرج.
2) التأنيس بشرح منظومة الذهبي في أهل التدليس
3) البغية في ترتيب أحاديث الحلية
4) إتحاف ذوي الهمم العالية بشرح العشماويةة
5) القول المأثور بجواز إمامة المرأة بربات الخدور
6) إتحاف دوي الفضائل المشتهرة بما وقع من الزيادة من نظم المتناثرة على الأزهر المتناثرة
7) مفاتيح الدهيان لترتيب تاريخ أصبهان
8) الباحث عن علل الطعن في الحارث
9) التحذير مما ذكره النابلسي في التعبير
10) الوقاية المانعة من وسوسة ابن العربي في قوله تعالى (خافضة رافعة)
11) إثبات المزية بإبطال كلام الذهبي في حديث (من عادى لي وليا)
12) الإنارة بما ورد في تحريك المصلي إصبعه عند الإشارة
13) التحفة العزيزية في الحديث المسلسل بالأولية
14) الإفادة بطرق حديث (النظر إلى علي عبادة) " مختصر"
15) حسن السمعة بإبطال اشتراط العدد والمكان الخاص لصلاة الجمعة
16) الجامع المنصف لما في الميزان من حديث الراوي المضعف (في ثلاث مجلدات)
(يُتْبَعُ)
(/)
17) وثبة الظافر لبيان حال حديث (اترعون عن ذكر الفاجر)
18) المجرب عن أدلة استحباب الركعتين قبل المغرب
19) دوران الأرض عند علماء المسلمين
20) رفع الضرر عمن يقول بإمكان الوصول إلى القمر
21) حكم تحديد النسل
22) النفحة الإلهية في شرح الوصية الصديقية
23) التهاني في التعقب على موضوعات الصفاني
24) محاضرة النشوان في الجواب عن سؤال عالم تطوان
25) تنزيه الرسول عن افتراء الغبي الجهول
26) القول الأسد في إبطال حديث (رأيت ربي في سورة شاب أمرد
27) شد الوطئة على من أجاز مصافحة المرأة
28) حكم الإقامة ببلاد الكفار وبيان وجوبها في بعض الأحوال
29) وجوب اتحاد المسلمين في الصوم والإفطار
30) الأربعون في ذم البخل والبخلاء
31) ما يجوز ومالا يجوز في الحياة الزوجية
32) بلوغ الأماني من موضوعات الصفاني
33) التعريف بجهل من أنكر العمل بالحديث الضعيف
34) تصحيح النية بما ورد في تخليل اللحية
35) جزء في بيان حال حديث" أحبب حبيبك هو ناما"
36) التعطف في تخرج أحاديث التعرف
37) رفع العلم بتخريج أحاديث إيقاظ الهمم في شرح الحكم (قيد الطبع)
38) قطع الوتين ممن يحب السمن ويغبط السمين
39) جلاء الدامس عن حديث " لا ترديد لامس"
40) الجواهر المرصوعة في ترتيب أحاديث اللآلي المصنوعة
41) المثير إلى ما فات للمغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير
42) أزهار الكمامة في صحة أحاديث الغمامة
43) تحذير الأغبياء من مذهب النشوء والارتقاء
44) إحياء الموات بحكم القراءة للأموات
45) تنبيه الغبي إلى طهارة المني
46) المجموعة العزيزية (وصل فيها إلى الجزء الخامس)
47) إيقاظ الوسنان بالتعقب على موضوعات بن سلطان
48) ترتيب أحديث الزاهد الأمام أحمد
49) دفع الجور عمن يقول بأن الحج واجب على الفور
50) في الباكورة في طرق حديث " لا تدخل الملائكة بيت فيه كلب ولا صورة "
51) الأجوبة ذات شأن عن الأسئلة الواردة من مرشان
52) هداية المكتفي في تخريج أحاديث النسفي (لم يتم)
53) جزء من طرف حديث " لا صلاة لجار مسجد إلا في المسجد"
54) دفع الوصب على إمامة العزب
55) السوانح (مجلد)
56) السفينة (في مجلدين ضخمين)
57) الجواهر العوالي في الاستدراك على الآلي
58) الفتاوي
59) نظم الآل فيما أخذه الشمس ابن طولون من كتب الجلال
60) الإلماع بأدلة متن أبي شجاع
61) المستدرك على مسند عمر بن عبد العزيز الباغندي
62) تعريف المؤتسي بأحوال نفسي
63) تزيين العبارة بتفسير سورة الكوثر بطريق الإشارة
64) معجم الشيوخ
65) تذكرة الأحاديث الموضوعة و التي لا أصل لها
66) التبيان لحال حديث:" أنا ابن الذبيحين"
67) الفتح الوهبي في الكلام على محمد بن السائب الكلبي
68) كشف الدسيسة عن أحاديث فضل الهريسة
69) ترتيب الضعفاء لابن حبان
70) نتائج الأفكار الوهبية في شرح الدرر البهية
71) المقتطف من حديث" المخصوص بكامل العز والشرف"
72) إفادة الأتقياء بما ورد في اطلاع الميت على عمل الأحياء
73) تخريج أحاديث البحث لابن أبي داوود، "سرقه مدير مكتبة الأزهروطبعة باسمه "
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:57]ـ
نماذج من بحوثهم الفقهية والأصولية (مع التنبيه أن لهم مؤلفات أخرى تخالف العقيدة الصحيحة)
رخص الصيام وتشديدات الفقهاء المقلدين
للشيخ عبد العزيز بن الصدّيق الغماري
إذا ابتعد المسلم عن منهاج السنة المحمدية السمحة؛ واتبع آراء الفقهاء وأقوالهم غرق معهم في البحر المظلم المتلاطم الأمواج بالخلافات والظنون التي لا يقوم عليها دليل ولا يؤيدها برهان، ولا تسندها حجة، كما ذكر ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله 2/ 33 عن مالك رحمه الله تعالى أنه كان يقول: إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين. فهذه الآراء العارية عن الدليل، إنما هي مجرد فهم صدر عن خطأ من فرد ثم تسلسل الأخذ به حتى صار دينا عند جهلة الفقهاء البلداء، يرون الخروج عنه خروجا عن الجماعة، وبعدا عن شريعة الإسلام؛ وسلوكا لغير سبيل المؤمنين!! مع أنهم وأيم الله- هم أحق الناس بهذا الوصف؛ وألصق به من غيرهم!!. وإمامهم مالك رحمه الله تعالى الذي يزعمون تقليده، والتزام مذهبه كذبا وزورا، يتبرأ منهم ومن عملهم، وقولهم هذه برآة الذئب من دم يوسف.
(يُتْبَعُ)
(/)
… (قال مالك رحمه الله تعالى إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه) رواه ابن عبد البر في جامع العلم 2/ 32 .. فترك السنة الثابتة الصحيحة لقول المذهب خروج عن قول مالك، ونهيه عن ذلك؛ وقال أيضا (ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم). وقال ابن عبد البر في (جامع العلم) 2/ 82/ وفي سماع اشهب سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه الثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أتراه في ذلك في سعة؟ فقال لا والله يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابين جميعا ما الحق والصواب إلا واحد. فها هو اشهب وهو من أفقه أصحاب مالك وأوثقهم ينقل عن إمامه أنه إذا صح الحديث فلا يسع أحدا أن يخالفه لأن الحق واحد وهو ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم، وما سواه خطأ غير صواب…
وكل هذا رماه المقلدة المتأخرون وراءهم ظهريا، وتمسكوا بالمذهب رغم مخالفته للحديث؛ جهلا منهم بنهي إمامهم عن ذلك، وتعصبا بالهوى للباطل ومعاندة السنة وتركها بغير دليل ولا كتاب منير!! وبذلك – والعياذ بالله تعالى- وقعوا و أوقعوا من أتبعهم في الضلال والخسران؛ ومعصية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومخالفة إمامهم الذي يزعمون تقليده؛ واتباعه. قال الشيخ الأكبر في الفتوحات 1/ 499/ فأبت المقلدة من الفقهاء في زماننا أن توفى حقيقة تقليدها لإمامها باتباعها الحديث الذي أمرها بها إمامها، وقلدته في الحكم مع وجود المعارض فعصت الله تعالى في قوله (وما آتاكم الرسول فخذوه) وعصت الرسول في قوله فاتبعوني، فإنه ما قالها إلا عن أمر ربه سبحانه؛ وعصت إمامها في قوله خذوا بالحديث إذا بلغكم، واضربوا بكلامي الحانط فهؤلاء في كسوف دائم مسرمد عليهم إلى يوم القيامة، فلا هم مع الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مع إمامهم فلا حجة لهم عند الله تعالى فانظروا مع من يحشروا هؤلاء. انتهى كلام الشيخ الأكبر. وهو في غاية الإفادة، والتحذير لمن بلغه الحديث الصحيح، ورده لقول إمامه؛ ومبينا لجهل المقلدة في هذا الصنيع المخزي بالمسلم في رد حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقول غيره، وماذا عسى أن يكون مقام هذا الغير؟ في العلم والدين، والرتبة العظيمة في الإمامة؟ أظنه لو بلغ ما بلغ في كل ذلك فإنه لن يبلغ مقام كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام؛ ومع ذلك لما أتى عمر بأوراق من التوراة ليتذكر بما فيها غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: أمتهوك أنت يا عمر؟! لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي!!
فمن يقدم بعد هذا على تقديم قول إمام ـ مالك أو غيره ـ على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ولهذا احتاط الأئمة في هذا الأمر وأوصوا كلهم من أخذ عنهم أن يأخذ بالحديث إذا خالف قولهم؛ كما تجد ذلك عنهم بأسانيدهم في جامع بيان العلم لابن عبد البر وإيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني والأحكام لابن حزم، وغيرها من الكتب التي ألفت في موضوع مخالفة المقلدة للسنة لأجل المذهب؛ بل بلغ الأمر بالإمام مالك في هذا الموضوع أن أبا جعفر المنصور أراد أن يحمل الناس على رأي مالك، ويلزمهم باتباع ما في المرطأ من فقه فقال: لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث وروايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه. وقال ابن كثير في مختصر علوم الحديث لابن الصلاح: وقد طلب المنصور الإمام مالك أن يجمع الناس على كتابه، فلم يجبه إلى ذلك، وذلك من تمام علمه واتصافه بالإنصاف، وقال: إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها. ولما ذكر الشعراني هذه القصة في الميزان 1/ 35/ قال عقبها: فانظر يا أخي إن كنت مالكيا إلى قول إمامك فكيف يجوز بعد هذا القول من مالك أن يلزم المقلدة الناس باتباع قوله، والتزام مذهبه. وقد قال ابن عبد البر لم يبلغنا عن أحد من الأئمة أنه أمر أصحابه بالتزام مذهب معين لا يرى صحة خلافه بل المنقول عنهم تقريرهم الناس على العمل بفتوى بعضهم بعضا لأنهم كلهم على هدى من ربهم؛ وقال أيضا: لم يبلغنا في حديث
(يُتْبَعُ)
(/)
صحيح ولا ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أحدا من الأئمة بالتزام مذهب معين لا يرى خلافه؛ انظر الميزان للشعراني1/ 33/.
فالتزام مذهب معين وإلزام الناس بالتدين به في جميع مسائله وفروعه، سواء صح دليلها أو لم يصح؛ من أقبح البدع التي ظهرت في الإسلام؛ وشر ما حدث في الأمة من المنكرات، لأن ذلك يدعو أولا إلى ترك السنة وإماتتها عمدا كما حصل من المقلدة، وذلك كفر صراح بواح يوجب اللعنة كما ورد في الحديث " ستة لعنتهم وكل نبي مجاب .. فذكر منهم: التارك لسنتي" ويدعو ذلك ثانيا إلى إبطال فرض من الفروض الواجبة في كل عصر وهو الاجتهاد فيما ينزل بالناس من النوازل التي تحتاج إلى ما يتعلق بها من حكم الشرع فيها؛ فما بلد الأفهام وصرف العقول عن الغوص في الكتاب والسنة لاستخراج أحكام ما يجدّ من أحداث وحواديث إلا التقليد الأعمى الذي اعتنقه المقلدة وجعلوه دينا لجهلهم؛ ونكوصهم عن الهمم العالية؛ والأمر لله تعالى. ولم يخترع القول بإلزام الناس بمذهب معين، ودعا إليه بعض حكام عصره إلا عبد الله بن المقفع المجوسي الأصل الذي قال فيه ابن مهدي ما رأيت كتابا في الزندقة إلا وأصله من ابن المقفع؛ انظر البدايةوالنهاية 10/ 96. ولعله وضع هذا القول ليصد الناس عن اتباع الإسلام الذي جاءت السنة بأحكامه وبيان أصوله وفروعه، ـ لا كان الله له ـ وقد قتل شر قتلة، والعياذ بالله جزاء له من الله تعالى على ما اخترع وافترى من حمل الناس على مذهب معين، سواء كان قول ذلك المذهب موافقا للحق والصواب أو مخالفا له.
ومنذ ظهر هذا القول الباطل، والعلماء يصنفون الكتب في رده وإبطاله وبيان فساده، وإن العمل به يؤدي إلى ترك الكتاب والسنة، ويسد باب الاجتهاد الواجب في كل عصر وزمان، وقد ألف الحافظ السيوطي في هذا كتابا قيما سماه: (الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض) وقد طبع مرتين. كما تناول الرد على الالتزام بمذهب معين ابن عبد البر وهو من أئمة المالكية في كتابه (جامع بيان العلم)، وابن القيم الجوزية في (أعلام الموقعين) وأبو شامة في كتابه (المؤمل في الرد إلى الأمر الأول) وهو في غاية الإفادة، يجب على المسلم المتحرر من ربقة الجمود أن يكون ملازما لقراءته مجتهدا في حفظه.
وبعد هذه المقدمة المختصرة الصغيرة التي نرجو أن تكون مرشدة هادية لمن أراد الله تعالى له سلوك سبيل الحق والرشاد، نقول إن الفقهاء أتوا بأحكام تتعلق بصيام رمضان فيها حرج، وضيق بعيد عن روح سماحة الشريعة المحمدية، وما ذلك إلا لبعدها عن السنة. من ذلك أنهم يُلزمون من أكل وشرب ناسيا في رمضان فعليه قضاء ذلك اليوم، وهذا مخالف للحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة مرفوعا " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه. فإنما أطعمه الله وسقاه " وفي لفظ " إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزقه ساقه الله تعالى إليه ولا قضاء عليه " رواه الدارقطني وصححه. وفي لفظ عند الدارقطني " من أفطر يوما من رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة ". فإيجاب القضاء على من أكل أوشرب ناسيا مخالف لحكم من أرسله الله تعالى ليبين للناس دينهم؛ فهو تقدم بين يدي الله ورسوله، والحديث موافق لقول الله تعالى < ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم >. فالنسيان ليس من كسب القلوب، قال الحافظ: وموافق للقياس في إبطال الصلاة بعمد الأكل لا بنسيانه. ومن العجب أن المالكية يخالفون في إيجاب القضاء على الناسي العقل، وحكم الطبيعة، فيقولون أن الناسي معه ضرب من التفريط فهذا القول في الناسي لا يقول به من له معرفة وعلم كما لا يخفى، والحديث يشير إلى رد قولهم هذا فإن قوله: " فإنما أطعمه الله وسقاه " يستدل به على صحة صوم الذي أكل ناسيا أو شرب، لإشعاره بأن الفعل الصادر منه مسلوب الإضافة إليه، فلو كان أفطر لأضيف الحكم إليه، ولأجل هذا قال الحسن ومجاهد أن من جامع ناسيا فلا شيء عليه، قال الحسن هو بمنزلة من أكل وشرب ناسيا. والجماع وإن كان يخالف الأكل والشرب لأن نسيان المجامع نادر بالنسبة للأكل والشرب لكن في بعض طرق الحديث " من أفطر في شهر رمضان" لأن الفطر أعم من أن يكون بأكل أو شرب أو جماع، وإنما خص الأكل والشرب بالذكر في الطريق الأخرى لكونهما أغلب وقوعا ولعدم الإستغناء
(يُتْبَعُ)
(/)
عنهما غالبا؛ وللمالكية في رد العمل بهذا الحديث تمحلات لا طائل تحتها ولا تحتوي على علم.
ومما يكرهه الفقهاء للصائم: الغسل ودخول الحمام واستعمال الماء. وكل هذا مخالف لمنهاج السنة، ففي سنن أبي داود عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله و سلم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر. وفي البخاري: بلّ عمر ثوبا فألقى عليه وهو صائم. ودخل الشعبي الحمام وهو صائم. وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدركه الفجر جنبا في رمضان من غير حلم فيغتسل ويصوم. وقال الحسن لا بأس بالمضمضة، والتبرد للصائم. وقال أنس: إن لي (ابزن) وهو حجر منقوش شبه الحوض. وهو ما نسميه اليوم (باالبانيو) قال أنس: أتقحم فيه وأنا صائم. قال عيسى بن طهمان: سمعت أنس بن مالك يقول: إن لي ابزن إذا وجدت الحر تقحمت فيه وأنا صائم.
ويكره الفقهاء للصائم الاكتحال والتعطر ودهن الرأس، والقطرة في الأذن والأنف، والحقنة بجميع أنواعها في العرق وغيره، وفي الدبر، ووضع الدواء على الجرح، وكل هذا لا دليل على قولهم فيه إلا مجرد الرأي. والمحرم على الصائم هو الأكل والشرب متعمدا، وكذلك الجماع، وإلحاق شيء آخر بغير هذا فلا دليل عليه، ولهذا ورد عن جماعة من السلف استعماله والفتوى به بدون كراهة مطلقا. وقد أشار البخاري في صحيحه إلى بطلان هذه المكروهات بما يعلم بمراجعته، ويجوز للصائم أن يقبل امرأته سواء كان شابا أو شيخا؛ والمنع من ذلك مخالفة للسنة الصحيحة في ذلك. كما يجوز له أن يذوق شيئا من الطعام الذي يطبخ لأجل الملح أو غيره من غير أن يدخل شيء من ذلك إلى حلقه، وإنما يذوقه ثم يمجه. وإذا أصبح الصائم جنبا فلا شيء عليه ولا كراهة فيه، ولكن يجب عليه أن يبادر بالصلاة قبل طلوع الشمس ولا بد .. ومما ينبغي للصائم أن يعلمه أنه إذا كان يشرب ماء أو لبنا وسمع آذان الفجر فلا يترك شرابه حتى يستوفيه. وكذلك إذا ظن أن الغروب وجب فأفطر ثم ظهر خلاف ذلك. فلا شيء عليه. والمرضع التي تخاف على ولدها قلة اللبن في ثديها إذا صامت وهو لا يقبل غير ثديها ولا يشرب اللبن الاصطناعي في (الببرون) يجب عليها الفطر ولا قضاء عليها ولا فدية لأنها أفطرت لإنقاذ ولدها لا لمرض بها، والله تعالى أوجب القضاء على الصائم الذي يفطر لمرض به كما قال تعالى < فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر>
وأما الفدية فلا معنى لها هنا، وكذلك الحامل إذا قال لها الطبيب الثقة أن الصيام يضر بحملها فيجب عليها أن تفطر ولا قضاء عليها، نعم إن أفطرت لأجل ضعف يصيبها بسبب الحمل فيجب غليها القضاء حينئذ، لأنهاأفطرت بسبب المرض، والشيخ الكبير الهرم الذي لا يستطيع الصوم يفطر، ولا فدية عليه.
وإن كان بعض الفقهاء يقولون بوجوب الفدية عليه وذلك غير صواب. لان الفدية كانت واجبة عندما كان الأمر في صيام رمضان على التخيير من شاء صامه، ومن شاء أفطره، وأعطى الفدية عن كل يوم. كما قال تعالى:< وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين > ثم رفع الله تعالى هذا الحكم بقوله:< فمن شهد منكم الشهر فليصمه > إذا كان مطيقا لصيامه بدون أن يلحقه جهد أو ضرر في الصيام، ثم بين تعالى حكم المريض والمسافر بقوله: < فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر> ولم يزد تعالى أمرا آخر على القضاء، فالذين أوجبوا الفدية على الشيخ الهرم الكبير الذي لا يستطيع الصيام، لا دليل لهم فيما أوجبوه.
فهذه أحكام تتعلق بالصيام يكثر السؤال عنها في رمضان، ويقع الكثير في حيرة من امرها لأجل ما أحاطه بها الفقهاء من آراء وأقوال، وفهوم ما انزل الله تعالى بها من سلطان. فيجب على المسلم والمسلمة أن يكونا على بينة منها وعلم بها، ليخرجا بسببها من تضييق الفقهاء المقلدة إلى سعة فقه السنة السمحة. والله تعالى الموفق
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:58]ـ
هل يجب البحث عن المعارض قبل العمل بالسنة الصحيحة ... ؟؟
للشيخ عبد الحي بن الصدّيق الغماري الحسني ..
(يُتْبَعُ)
(/)
من الأعذار التي يتعلل بها المقلدون لرد السنن الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن العمل بالحديث يحتاج إلى البحث عن المعارض إذ ربما يكون الحديث دالا على الوجوب أوالحرمة أو الندب مع وجود معارض له يدل على خلاف مادل عليه أو على نسخه ..
ولايوجد من له أهلية التحقق من وجوده أو عدم وجوده سوى الأئمة .. أما من جاء بعدهم من العلماء فلا سبيل لهم إلى معرفته ..
هذا أحد الأعذار التي يجعلها المقلدون وسيلة لرميهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم وتقديمهم أقوال أئمتهم عليها ولو كانت نصا صريحا لايحتمل التأويل بحال من الأحوال ...
وعذرهم هذا عذر باطل، وعن الدليل عاطل، وإنما هو من هوس المقلدين وترهاتهم الناشئة عن جهلهم وجمودهم وتعصبهم كما تدل عليه الأدلة الآتية:
– الدليل الأول على بطلانه وفساده ما قاله الإمام تقي الدين السبكي في رسالته التي أفردها للكلام على قول الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: إذا صح الحديث فهو مذهبي: إن الأحاديث الصحيحة ليس فيها شيء معارض متفق عليه، والذي يقوله الأصوليون من أن خبر الواحد إذا عارضه خبر متواتر أو قرآن أو إجماع أو عقل إنما هو فرض، وليس شيء من ذلك واقعا، ومن ادعى فليبينه حتى نرد عليه ..
وكذلك لايوجد خبران صحيحان من أخبار الآحاد متعارضان بحيث لايمكن الجمع بينهما. والشافعي قد استقرأ الأحاديث وعرف أن الأمر كذلك وصرح به في غير موضع من كلامه فلم يكن عنده ما يتوقف عليه العمل إلا صحته، فمتى صح وجب العمل به لأنه لامعارض له، فهذا بيان للواقع. والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع، وهذه فائدة عظيمة وإليها الإشارة بقوله: إذا صح الحديث .. حيث أطلقه ولم يجعل معه شرطا آخر. انتهى كلامه ص 84 من المثنوني والبتار، لشقيقنا الحافظ أبي الفيض رحمه الله تعالى، طبعة الأنوار.
فبيَّن تقي الدين السبكي أنه لايوجد حديثان صحيحان متعارضان، بحيث لايمكن الجمع بينهما، وأن الشافعي صرح بهذا في غير موضع من كلامه. فلهذا علَّق العمل بالحديث على صحته لأنه لامعارض له وأن هذا بيان للواقع، والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع ..
وهذا وحده كاف في الدلالة على بطلان عذرهم وفساده، لأنه صادر من إمامين عظيمين لهما المكانة العظيمة في علوم الشريعة. ويؤيد ما قاله هذان الإمامان،
2 – الدليل الثاني وهو أن انتفاء المعارض هو الأصل لأن الله تعالى لم ينزل شريعته متناقضة ولاجعلها متعارضة بل أنزل القرآن والوحي يصدق بعضه بعضا.
والسنة مثل القرآن إجماعا بل هي داخلة في مسمى كتاب الله كما بينه الحافظ في الفتح عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العسيف: لأقضين بينكما بكتاب الله، وإنما قضى بينهما بسنته. إذ الكل من عند الله تعالى، إن هو إلا وحي يوحى. فدل هذا على أن الأصل عدم المعارض وانتفاؤه فيجب استصحابه والتمسك به، كما يجب التمسك بالنفي الأصلي واستصحابه عند عدم ورود النص على ماهو مقرر في أصول الفقه.
3 – الدليل الثالث أن الحديث متيقن، ومعارضه محتمل مشكوك في وجوده. ومن قواعد وأصول الشريعة أنه لايترك متيقن لموهوم محتمل.
4 – الدليل الرابع أن عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم كان على خلاف هذا الشرط فإنهم كانوا يعملون بالأحاديث بدون توقف ولابحث عن معارض. فإذا وصلهم الحديث أخذوا به وعملوا بمقتضاه، وقضاياهم في ذلك كثيرة لو تُتُبعت لجاء منها مجلد كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين.
5 – الدليل الخامس وعلى تسليم دعواهم وجوب البحث عن المعارض قبل العمل بالحديث فإن العلم بانتفائه في وقتنا أيسر كثيرا جدا من العلم به في زمن الأئمة لما هو موجود في وقتنا من كتب السنة التي لايحصى نوعها وعددها بسبب المطابع الحديثة، بحيث يمكن للباحث أن يجزم بوجود المعارض أو انتفائه وهو مطمئن بذلك الحكم غير شاك ولامتردد فيه. وهذا شيء لايمكن في زمن الأئمة لما هو معلوم أن السنة لم تكن وصلت حينئذ طور الكمال في الجمع والتدوين بل كانت محفوظة في الصدور مفرقة بتفرق رواتها وحفاظها في البلدان والأقطار.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد كان هذا هو عذر الإمام مالك لما دعاه المنصور إلى الموافقة على حمل الناس أن يعملوا بكتبه ولايتعدَّوها إلى غيرها، فاعتذر الإمام عن قبول هذه الفكرة بأن الصحابة سمعوا أحاديث ورووا روايات وتفرقوا في البلدان، ودعاه الرشيد إلى مثل هذا فاعتذر بالعذر نفسه، يؤيد هذا ويزيده ظهورا
6 – الدليل السادس وهو أن الأئمة أصحاب المذاهب المتبوعة قد تمسكوا في كثير مما ذهبوا إليه من أحكام بعمومات أو مطلقات من القرآن أوالسنة مع وجود مخصصات أو مقيدات لها. وهذا شيء موجود بكثرة في أقوال الأئمة خصوصا أبا حنيفة ومالكا كما يعلمه من كانت له خبرة بأحاديث الأحكام، وربما نبهت على شيء من ذلك في بحث خاص.
وغير خاف أن وجود هذا في أقوالهم دليل واضح على أنهم كانوا لايرون البحث عن المعارض ولا العلم بانتفائه شرطا في العمل بالحديث.
ولهذا كان يتغير اجتهادهم وتَرد عنهم أقوال متعارضة بحسب ما وقفوا عليه من المعارض بعد الاجتهاد الأول. وقد لاينفون على المعارض فيستمرون على القول بما دل عليه العام أو المطلق مع وجود مخصصه أو مقيده!!
ومن رجع إلى المغني لابن قدامة والمجموع للنووي والفتح للحافظ، ونيل الأوطار للشوكاني وسبل السلام للأمير الصنعاني وغيرها من الكتب التي تذكر أقوال الأئمة وأدلتها تحقق هذا وعلمه علما يقينا.
وقد كان هذا من الأسباب التي دعت الشافعي إلى الرجوع عن مذهبه الذي وضعه بالعراق إلى مذهبه الجديد الذي وضعه بمصر!! يؤيد هذا
7 – الدليل السابع وهو أن العلم بانتفاء المعارض يستلزم الإحاطة بالسنة ومدارك الأحكام إذ لايمكن العلم بانتفائه والقطع بعدم وجوده إلا لمن هذا وصفه، والإحاطة متعسرة بل ممنوعة كما بينه الأئمة أنفسهم، كما أوضحته في كتابي: إقامة الحجة .. على عدم إحاطة أحد من الأئمة الأربعة بالسنة.
وهذا يستلزم ضرورة أنه لم يوجد في الأمة مجتهد صحيح الاجتهاد مقبوله!! واللازم باطل، فالملزوم مثله ..
8 – الدليل الثامن أن هذا العذر البارد الذي يتعللون به لترك السنة والإعراض عنها لازم لهم في أقوال الإمام فإنها تتعارض كثيرا، فيروى عنه في المسألة الواحدة قول بالحرمة وقول بالجواز، وآخر بالكراهة وغيرها كما يعلمه الخبير بكتب الفقه وهذا شيء كثير جدا في المذاهب كلها، وحيث ثبت عنه هذا التعارض في كثير من أقواله، فجائز جدا أن يكون موجودا في جميعها .. !!
فيلزمهم أن لايعملوا بشيء منها إلا بعد البحث عن معارضه!! وهم غير أهل للبحث عنه كما أقروا به هم أنفسهم في البحث عن معارض الحديث. فقالوا إنهم غير أهل للبحث عنه وإن المؤَهَّل له هو الإمام!!
وهكذا يتبين لمن له مسكة من العقل أن عذرهم هذا يستلزم تركهم العمل بشريعة الله كلها فلا يؤخذ حكم لما ينزل بالناس من الحوادث ولا العبادات والمعاملات لا من السنة ولا من أقوال الإمام لاحتمال وجود المعارض للسنة أو لقول الإمام!!
وهذا كلام يغني سماعه عن بيان ما يتضمن من ضلال وخذلان!!
9 – الدليل التاسع: إن من عجيب أمرهم وغريب تصرفهم أنهم يغفلون أو يتغافلون عما يستلزمه عذرهم هذا من ترك العمل بأقوال الإمام لاحتمال وجود المعارض على ما سبق بيانه، فيذكرون في كتبهم الأقوال المتعارضة المتناقضة في المسألة الواحدة عن الإمام أو بعض أصحاب التخريج على أصوله ويرون أن العمل بها كلها على تعارضها جائز بل واجب!! خصوصا إذا كان القولان المرويان عن الإمام أو بعض أئمة مذهبه مشهورين فلا ضرر حينئذ في العمل بالقولين الوجوب والحرمة، أو الجواز والحرمة في المسألة الواحدة في الوقت الواحد وبالنسبة للشخص الواحد!!
فالعمل بالأقوال المتناقضة إذا كانت مشهورة في المذهب جائز بل واجب!! و إن كانت الضرورة العقلية تقضي باستحالة اجتماع النقيضين أو الضدين، لأنهم لايفكرون بعقولهم وإنما يفكرون بعقول غيرهم!!
هذا عملهم و تصرفهم في الأقوال المتعارضة المروية عن إمامهم!!
فإذا رأوا الحديث الصحيح مخالفا للمذهب زعموا أن العمل به غير جائز لاحتمال وجود معارض له!!
(يُتْبَعُ)
(/)
فاعجب من عقول هؤلاء المعاندين للحق الجامدين على الباطل كيف عكسوا الأمر وقلبوا الوضع فحكموا بعقولهم التي عشش فيها الجهل بأن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى يجب ترك العمل به لاحتمال معارض موهوم قد لايكون موجودا كما هو الواقع في كثير من الأحاديث التي ردوها وأعرضوا عن العمل بها معتذرين عن تصرفهم بهذا الهراء الذي علمت من الأدلة السابقة أنه أبطل من كل باطل!!
أما أقوال الإمام أو بعض علماء مذهبه المتعارضة المتناقضة فلا يكون تعارضها موجبا لترك العمل بها!! مع أن هذا تعارض واقع مشاهد مقرر في كتب المذهب وذاك تعارض محتمل موهوم متخيل.
فمن العجب الذي لا يدرى له السبب أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ترد ويترك العمل بها باحتمال المعارض الموهوم!!
أما أقوال الإمام وعلماء مذهبه فهي مقبولة واجب العمل بها على تعارضها وتناقضها!!
إن في عملهم الآثم لدليلا على أنهم يرون أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها التعارض والتناقض فلهذا لايجوز العمل بها إلا بعد البحث عن المعارض والجمع بينه وبين معارضه أو العلم بانتفائه.
وأقوال أئمتهم سالمة من التعارض والتناقض فلهذا كان العمل بها لايتوقف عن البحث عن المعارض!!
لو قيل لإنسان اجتهد ثم إيت بسخافة وضلالة لما أمكنه أن يأتي بأعظم من هذا سخافة وضلالة!!
فهذه الأدلة تدل دلالة قطعية على بطلان ما اشترطوه في العمل بالسنة من وجوب البحث عن المعارض. وأن من بلغه الحديث ممن له علم بدلالة الألفاظ يستطيع أن يفهم بواسطتها ما يدل عليه من الأحكام بمنطوقه أو مفهومه أو إشاراته فواجب عليه المبادرة إلى العمل بذلك بدون توقف على البحث عن المعارض، فإذا تبين بعد عمله به معارض له عمل بمقتضاه وسلك الطرق المقررة في أصول الفقه عند تعارض الدليلين.
هذا هو ما كان عليه عمل الصحابة والتابعين فقد كانوا يبادرون إلى العمل بما سمعوه من الحديث بدون أن يبحثوا عن المعارض ثم إذا ظهر المعارض عملوا بمقتضاه. وقضاياهم في ذلك كثيرة لو تتبعت لجاء منها مجلد كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين.
فهذا الشرط الذي اشترطه أتباع المذاهب للعمل بالسنة والذي لم يسبقهم إلى اشتراطه أحد من الصحابة والتابعين الذين هم خير القرون وأعلم الأمة بالقرآن والسنة، إنما هو في الحقيقة وسيلة مكشوفة جدا وسعي مفضوح ودعوة خسيسة للإعراض عن السنة وإلقائها ظهريا وتقديم العمل بمذهبهم عليها!!
وإلا فلماذا لم يشترطوا البحث عن المعارض عند العمل بأقوال إمامهم التي فيها التعارض والتناقض حقيقة وواقعا لامجازا وظاهرا؟!
وأقطع دليل على ذلك ما هو مقرر في كتب الفقه في كثير من المسائل التي يروى فيها كل مسألة منها قول الجواز وقول الحرمة وآخر بالكراهة، أليس هذا دليلا واضحا على ما قلته من أن قصدهم بذلك الشرط هو نصر مذهبهم وتقديمه على العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلذلك اختلقوا للعمل بها هذا الشرط الواهن، ولم يشترطوه في العمل بأقوال الإمام المتعارضة.!!
فهل يرون أن العمل بالمتعارض الواقع في نفس الأمر من أقوال الإمام واجب، والعمل بالسنة محرم حتى يبحث عن المتعارض المحتمل الموهوم؟!
فإن كان هذا رأيهم ـــ وهو الواقع كما يدل عليه عملهم ـــ فقد بلغوا في الضلال والخذلان شأوا بعيدا جدا ....
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:59]ـ
كلام للشيخ أحمد بن الصديق الغمارى عن العلة من كتاب ((در الغمام الرقيق برسائل الشيخ السيد أحمد بن الصديق لتلميذه عبد الله التليدي)):
يقول الشيخ رحمه الله وعفا عنه عن التعليل فى الشريعة ناصحاً أحد تلاميذه فى رسالة ((إنى أحبك أن لا تتبع المغفلين من خلق الله تعالى من الأولين والآخرين فى طلب علة التحريم والإباحة فإنه من الفضول والجهل بالدين .. فالعلة هى أمر الله فقط، فإن بينها لك فذاك، وإلا فكل من زعم أنها كذا ... فهو كاذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ... فآمن بها بما أمرك به مولاك، ولا دخل لك فى العلة))
ويقول فى رسالة أخرى من نفس الكتاب (( ... فإن البحث عن علل التشريع من الفضول والبحث الضائع، بل قد يكون من الكذب على الله تعالى حيث قال (إنه تعالى أوجب كذا لأجل كذا ولحكمة كذا) .... ))
ويقول الشيخ رحمه الله وعفا عنه فى كتاب ((در الغمام الرقيق برسائل الشيخ السيد أحمد بن الصديق لتلميذه عبد الله التليدي)): فى رسالة له إلى أحد تلاميذه:
((حول القياس: وبعد:
فالحق ما قاله ابن حزم وقد أطال فى تقريره أيضاً ابن العربي الحاتمى فى الفتوحات المكية ويكفى من ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله افترض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها " .. والقياس ما هو إلا البحث عما سُكِتَ عنه بطرق مخزية مضحكة مؤدية إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام وتشريع ما لم يأذن الله بتشريعه والغلو فى الدين وتخطئة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإظهار تقصيرهما بالفعل .. كأن أهل القياس يقولون: يا الله ويا رسول الله إنكما ما أحسنتما التشريع فى هذه المسألة وبقى عليكما كذا وكذا، وهكذا هو القياس فى الحقيقة محاربة لله ورسوله وجرأة عليهما وكفر بهما .. ومع هذا فإنهم يعدون نفاة القياس مبتدعة غير معتبرين من أهل الحق ولا من أهل العلم!! حتى إنهم لا يعتبرونهم فى الإجماع لا وفاقاً ولا خلافاً!!)) أ. هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 01:59]ـ
قال الشيخ أحمد بن الصديق الغماري، في " دُر الغمام الرقيق " (ص: 171 ـ 172):
" أويس القرني أول ما تلقى فضائلة في " صحيح مسلم " الذي خرَّج فيه حديث " خير التابعين رجل يقال له أويس " وحديث أمره صلى الله عليه وسلم لعمر وعلي وأمثالهم أن يطلبوا منه الدعاء والاستغفار، ثم في كُُتُبِ الحديث الأخرى ك " صحيح الحاكم " و " دلائل النبوة " لأبي نعيم والبيهقي وغيرهما، ثم في " كنزل العمال " لابن المتقي الهندي " و " منتخبه " الذي بهامش " مسند أحمد " وفي " الحلية " لأبي نعيم، و" التهذيب في تراجم الكتب السنة " و " الإصابة في اسماء الصحابة "، في القسم الثالث منه، ولعلي القاري، " المعدن العدني في فضائل أويس القرني " كان عندنا في مجموعة من مؤلفاته.
ومع هذا فقد أنكره مالك وقال: إنه لم يسمع بوجوده وإنه لا أصل له ... مما هو وصمة وعار في جبين جهلة المقلدة الذين يعتقدون أن مالكاً لا تخفى عليه خافية، وأن علمه محيط بكل شيء، وأن من عداه لا يحيطون بشيء من علمه إلَّا بما شاء، تعالى الله عن قولهم علوًّ كبيراً، ونزه الله مالكاً وبرأه من عقائدهم الفاسدة فيه ..
والسنة أخبرت بأنه ـ يعني أويساُ ـ مجاب الدعاء وأنه يشفع يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر ".
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:00]ـ
كشف أنواع الجهل فيما قيل في نصرة السدل ...
نضع بين يدي القراء الكرام ملخصا لكتاب: كشف أنواع الجهل فيما قيل في نصرة السدل، للشيخ عبد الله بن محمد بن الصديق الذي ردَّ فيه على بعض المغاربة المتأخرين كالسيد محمد القادري، والسيد المهدي الوزاني، والشيخ محمد الخضر الشنقيطي. حيث تعصب هؤلاء للسدل في الصلاة، وأفرطوا في تعصبهم حتى قال بعضهم: إن القبض (وهو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة) قيل بحرمته، بينما لم يقل أحد بحرمة السدل. فتبعهم كثير من الجهلة، فبدؤوا يطلبون من الأئمة أن يسدلوا في صلاتهم، وإلا أبعدوهم عن الإمامة. وليس لتعصبهم أي دليل أو حتى شبهة يستندون عليه، وإنما دعاوى ليس لها ما يسندها. فأبانوا عن جهل عريض بعلم الأصول وقواعد الاستدلال .. وقد ذكر المؤلف رحمه الله تعالى دعاواهم واحدة واحدة، وأتبع كل دعوى بما يبطلها من قواعد علم الأصول والحديث.
بدأ رحمه الله تعالى بذكر حديث في السدل، لم يذكروه. وهذا الحديث موضوع. وهو: روى الطبراني عن معاذ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في صلاته رفع يديه قبال أذنيه، فإذا كبر أرسلهما ثم سكت، وربما رأيته يمينه على يساره.
في سند هذا الحديث: الخصيب بن جحدر، كذّبه شعبة والقطان وابن معين والبخاري والساجي وابن الجارود وغيرهم. فعلى هذا فالحديث موضوع لا يجوز العمل به.
الدعوى الأولى والثانية: حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر القبض، فهو دليل على السدل. وكل حديث لم يذكر القبض في صفة صلاة النبي يدل على السدل. قال المؤلف رحمه الله تعالى: وهاتان الدعويان باطلاتان جدا. لأمور:
الأول: عدم ذكر القبض لا يدل على عدم وجوده في الصلاة. لما تقرر أن عدم ذكر الشيء لا يدل على عدم وجوده.
الثاني: أن السدل لم يذكر في الحديث أيضا. فكيف يكون الحديث دليلا عليه، وهو لم يذكره.
الثالث: يتجلى من الأول والثاني تناقض واضح، لأن عدم ذكر القبض دليل عندهم على عدم مشروعيته، وعدم ذكر السدل دليل على مشروعيته .. هذا تهافت.
الرابع: عند المالكية يستحب السدل، قال ابن عاشر في مستحبات الصلاة: سدل يد تكبيره مع الشروع. ولم يذكر السدل في أحاديث صفة الصلاة، مع أن المستحب هو ما طلبه الشارع طلبا غير جازم، وليس في الأحاديث طلب السدل، وإنما فيها سكوت عنهما. فأخذوا من عدم ذكره استحبابه أي أخذوا من العدم أمرا وجوديا، وهو باطل. لأن العدم لا يكون علة لأمر وجودي.
قالوا: الأصل هو السدل. وهذا باطل أيضا، لأن الأصل لا يدل على الاستحباب لأنه ليس بأمر ولا طلب فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الخامس: القاعدة المقررة في الأصول: إن المطلق يحمل على المقيد فيقيد به. فأحاديث صفة الصلاة التي لم تذكر القبض، هي مطلقة، فتقيد بالأحاديث التي ذكر فيها القبض. فتكون الأحاديث منسجمة بعضها مع بعض، لا تعارض بينها ولا دلالة فيها على السدل إطلاقا. وهذا هو الاستدلال المبني على القواعد الأصولية لا قولهم المبني على قواعد سطحية.
الدعوى الثالثة: السدل ناسخ للقبض، وهي باطلة من وجوه:
الأول: إن القبض سنة وفضيلة. والفضائل لا تنسخ كما قال ابن عبد البر وغيره. والذي ينسخ من الأحكام: الواجب والحرام والمباح، وأما المندوب فلا ينسخ لأنه فضيلة والمكروه تابع له. وهذا مما يجهله كثير ممن لم يتقن علم الأصول.
الثاني: النسخ هو رفع الحكم بعد ثبوته، والذي يرفع الحكم هو الشارع. ولايثبت النسخ باجتهاد صحابي، فضلا عمن دونه. كما هو مقرر في علم الأصول. قال الصيرفي: لا يقع النسخ إلا بدليل توقيفي. اهـ. أي عن الشارع.
الدعوى الرابعة: السدل عمل أهل المدينة. وهي باطلة أيضا من وجوه:
الأول: إن هذا العمل لم ينقله أحد ممن تخصص في نقل مذاهب الأئمة، مثل الترمذي وابن المنذر وابن جرير الطبري وابن حزم وابن قدامة والنووي. وإنما نقله الصاوي في حاشية أقرب المسالك عن مجهول ولم يعتمده لأنه حكاه بصيغة التضعيف، وهي: وقيل.
الثاني: المنقول عن الخلفاء الأربعة فمن بعدهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين بالمدينة إلى عهد مالك، هو القبض. ما عدا سعيد بن المسيب.
الثالث: المسائل التي عمل فيها مالك بعمل أهل المدينة عددها تسعون مسألة، ليس فيها مسألة السدل ... وقد ذكرها صديقنا العلامة السيد محمد علوي المالكي في كتابه فضل الموطا.
الرابع: قال العلامة السنوسي في إيقاظ الوسنان: وقد لهج المتأخرون من المالكية بترجيح القول والرواية بمجرد وجودهما في المدونة، ولو خالف الكتاب والسنة الصحيحة ... كما في مسألة سدل اليدين في الصلاة، وردّوا الأحاديث السالمة من المعارضة والنسخ وتركوها لأجل رواية ابن القاسم في المدونة عن مالك. مع أن رواية القبض ثابتة عن مالك وأصحابه برواية ثقات أصحابه وغيرهم. اهـ.
الخامس: ترجيح متأخري المالكية لرواية ابن القاسم في السدل، على رواية أصحاب مالك عنه سنية القبض. مخالف لما تقرر في علم الأصول والحديث. فالقاعدة المقررة: إن الثقة إذا روى ما يخالف رواية أوثق منه أو أكثر عددا، كانت روايته شاذة ضعيفة. وهكذا رواية ابن القاسم هذه. قال ابن عبد البر: وروى أشهب عن مالك: لا بأس بالقبض في النافلة والفريضة، وكذا قال أصحاب مالك المدنيون، وروى مطرف وابن الماجشون أن مالكا استحسنه، وقال أيضا: لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين، وهو الذي ذكره مالك في الموطأ، ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره. اهـ. فأين عمل أهل المدينة؟؟؟
الدعوى الخامسة: تضعيف حديث الصحيحين في القبض. وهي دعوى باطلة جدا، وردّها كالتالي:
أولا: الطعن في حديث الصحيحين خرق للإجماع، وهو حرام وفاعله عاص، كما قال الإمام النووي في شرح مسلم، ومثله في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية، وعمدة القاري في شرح البخاري للعيني، وإرشاد الساري في شرح البخاري للقسطلاني.
ثانيا: تضعيف حديث القبض في البخاري هو تضعيف للموطأ. لأن البخاري رواه من طريق مالك، وهو في الموطأ. وكتاب الموطأ تلقته الأمة بالقبول. فتضعيف حديث رواه البخاري ومالك وقاحة كبيرة وخرق للإجماع.
ثالثا: لفظ حديث سهل بن سعد في البخاري والموطأ: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. قال الحافظ: هذا حكمه الرفع، لأنه محمول على أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم.
رابعا: في صحيح مسلم عن وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة كبّر ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى .. الحديث. وقد ضعفه الخضر الشنقيطي وهو أشد المتعصبين للسدل تعنتا.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدعوى السادسة: ذكر صاحب الرحلة المراكشية حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة .. فادعى أنه ذم للقبض لأنه من فعل بني إسرائيل.
قلت: هذا حديث ضعيف رواه ابن شيبة في مصنفه مرسلا عن الحسن .. وهو يدل على أن القبض من شرائع الأنبياء، روى ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: من أخلاق النبيين وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة .. وذكر القرطبي وغيره أنه إذا بلغنا شرع من قبلنا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم أو لسان من أسلم كعبد الله بن سلام، ولم يكن منسوخا ولا مخصوصا، فهو شرع لنا، وهو المقرر عند المالكية.
الدعوى السابعة: إن السادل يشبه الميت وهو أقوى في تحقيق الخشوع.
وهذه حكمة ميتة لا رواج لها في الميدان العلمي، وإليكم حكمة مشروعية القبض على لسان العلماء، قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: والحكمة فيه أي القبض عند علماء المعاني: الوقوف بهيئة الذلة والاستكانة بين يدي رب العزة ذي الجلال والإكرام كأنه إذا جمع يديه يقول: لا دفع ولا منع ولا حول أدعى ولا قوة، وها أنا في موقف الذلة فأسبغ علي فائض الرحمة. اهـ. وقال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: [فصل لربك وانحر] روي عن علي بن أبي طالب أنه فسر هذا النحر بوضع اليدين على النحر في الصلاة.
قلت: روى ابن أبي شيبة والبخاري في التاريخ والحاكم والبيهقي في السنن عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: [فصل لربك وانحر] قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى ثم وضعهما على صدره في الصلاة.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع. ومن اللطائف ما ذكره الحافظ في الفتح نقلا عن بعضهم: القلب موضع النية والعادة أن من حرص على حفظ شيء جعل يديه عليه ..
فهذا بعض مما في هذا الكتاب القيم من مسائل ردّ بها المؤلف على من يدعي جهلا وتعصبا سنية سدل اليدين في الصلاة .. والغرض هو بيان موضوع الكتاب لا غير، حيث أن الكتاب يضم غير ما ذُكر هنا مسائل أخرى مهمة كمسألة تواتر أحاديث القبض في الصلاة، والردّ على القادري الذي قال بحرمة القبض تعصبا .. وغيرها من المسائل والفوائد الحديثية والأصولية التي يتحفنا بها المؤلف رحمه الله تعالى على عادته في كتبه، أجزاء ورسائل كانت أو كتبا كبيرة.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[08 - Sep-2008, صباحاً 02:01]ـ
اغتنام الأجر من حديث الإسفار بالفجر ...
للشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري رحمه الله
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.
هذا جزء سميته: اغتنام الأجر من حديث الإسفار بالفجر. دعاني إليه أن الحافظ السيوطي عدّه من الأحاديث المتواترة، وأورده في كتابه: الأزهار المتناثرة، [رقم الحديث 24 ص 14]
وقال: ((أخرجه الأربعة: عن رافع بن خديج؛ وأحمد: عن محمود بن لبيد؛ والطبراني: عن بلال، وابن مسعود، وأبي هريرة، وحواء؛ والبزار: عن أنس وقتادة؛ والعدني في مسنده عن رجل من الصحابة)).
وتبعه على ذلك شيخنا أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني في نظم المتناثر [ص 55 و 56]، وهو وهم ناشىء من التهور والتقليد، أما التهور فمن الحافظ السيوطي، وأما التقليد فمن شيخنا الذي يعتمد عزو المتقدمين وكلامهم، ولا يبحث في الأسانيد. وذلك أن أكثر هذه الطرق راجع إلى طريق واحد.
** ** ** ** ** ** **
فحديث رافع بن خديج، ومحمود بن لبيد، وحواء، وأنس، ورجل من الصحابة، حديث واحد تعدد صحابيوه من اضطراب زيد بن أسلم، وعاصم بن عمر، أو من الرواة عنهما.
** ** ** ** ** ** **
وحديث أبي هريرة غلط أيضا من أبي زيد الأنصاري، فلم يبق إلا حديث رافع بن خديج، وابن مسعود، وبلال، والأخيران ضعيفان. خصوصا حديث ابن مسعود، فليس في الباب إلا حديث واحد يعتمد عليه؛ على أن فيه مقالا أيضا. فالحديث لا يمكن أن يصحح إلا بعد اللَّتيا والّتي، بل غايته أنه حسن، فكيف يدعى فيه التواتر؟؟
** ** ** ** ** ** **
وبيان ذلك أن هذا الحديث رواه زيد بن أسلم واختلف عليه فيه على أقوال:
القول الأول: عنه، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نوّروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)).
(يُتْبَعُ)
(/)
هكذا رواه آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن اسلم.
قال الطحاوي في معاني الآثار [شرح معاني الآثار ج1 ص179]: ثنا بكر بن إدريس بن الحجاج، ثنا آدم بن أبي إياس.
(ح) وقال القضاعي في (مسند الشهاب): أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الصفار، أنا أحمد بن محمد بن زياد، قال: قرأنا على علي ـــ هو ابن داود القنطري ـــ ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن أسلم، به.
ورواه الخطيب في ((التاريخ)) [13: 45] من طريق موسى بن عبد الله بن موسى القراطيسي أبو عمران البغدادي، ثنا آدم بن أبي إياس، به؛ لكنه قال: حدثنا شعبة عن داود بدون أداة الكنية. وقال الخطيب: إنما يحفظ هذا من رواية بقية بن الوليد، عن شعبة، عن داود. وأما آدم فيرويه عن شعبة عن أبي داود، عن زيد بن أسلم.
** ** ** ** ** ** ** ** **
القول الثاني: عن زيد بن أسلم، عن عاصم، عن محمود، عن رجال من قومه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النسائي [1: 272] أخبرني إبراهيم بن يعقوب، ثنا ابن أبي مريم، أخبرنا أبو غسان، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من قومه من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما اسفرتم بالفجر فإنه أعظم للأجر)).
** ** ** ** ** ** ** ** **
القول الثالث: عنه، عن عاصم، عن رجال من قومه بدون واسطة محمود، كذا رواه عنه حفص بن ميسرة، وهشام بن سعد.
فرواية حفص أخرجها الطحاوي في ((معاني الآثار)) [1: 179]: حدثنا روح بن الفرج، ثنا زهير بن عباد، ثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أصبحوا بصلاة الصبح فما أصبحتم بها فهو أعظم للأجر)).
ورواية هشام بن سعد أخرجها الطحاوي أيضا عن محمد بن حميد، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا الليث، قال: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، به مثله [شرح معاني الآثار1: 179].
** ** ** ** ** ** ** **
القول الرابع: عنه، عن محمود بن لبيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدون ذكر رافع بن خديج ولا عاصم أيضا.
قال الإمام أحمد [المسند 5: 429]: ثنا إسحاق بن عيسى، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)). إلا أن عبد الرحمن بن زيد ضعيف.
** ** ** ** ** ** ** **
القول الخامس: عنه، عن أنس.
قال أبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) [1: 95]: حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن يعقوب، ثنا أحمد بن مهران، ثنا خالد بن مخلد، ثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل: سمعت زيد بن أسلم يحدث عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أسفروا بصلاة الغداة يغفر الله لكم)).
وقال البزار في مسنده [كشف الأستار 1: 194، ومجمع الزوائد 1: 315]: حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي، حدثنا خالد بن مخلد، ثنا يزيد بن عبد الملك، به.
وقال ... في فوائده تخريج الدارقطني: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي سعيد، ثنا محمد بن إشكاب، ثنا خالد بن مخلد، به.
ثم قال: هكذا قال: عن زيد بن أسلم، عن أنس. وهو وهم، وإنما هو: عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج.
ورواه الديلمي في ((مسند الفردوس)) قال: أخبرنا أبو العلاء أحمد بن نصر، عن عبد الرحمن بن غزوان، عن ابن زرقويه، عن إسحاق بن صدقة، عن خالد بن مخلد، به. لكنه قال: عن سليمان بن بلال، عن يزيد بن عبد الملك، به. ويزيد ضعفه احمد، والبخاري، والنسائي، وابن معين في رواية ووثّقه في أخرى.
** ** ** ** ** ** **
القول السادس: عنه، عن ابن بجيد، عن جدته حواء.
قال ابن عبد البر في ((الاستيعاب)) [4: 272]: حدثنا يعيش بن سعيد، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم، ثنا أبو يعقوب الحنيني، عن هشام بن سعد، عن زيد بن اسلم، عن ابن بجيد، عن جدّته حواء ـــ وكانت من المبايعات ـــ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أسفروا بالصبح فإنه كلما أسفرتم كان أعظم للأجر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الطبراني في ((الكبير)) [مجمع الزوائد 1: 316]: حدثنا أحمد بن محمد بن محمد الجمحي، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني هو أبو يعقوب، به بلفظ: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر. والحنيني ضعفه النسائي وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات.
** ** ** ** ** ** **
فهذه خمسة طرق كلها رجعت إلى طريق واحد، وقد ورد حديث رافع بن خديج من غير طريق زيد بن أسلم، لكنه اختلف فيه أيضا على رواية عاصم بن عمر بن قتادة على قولين:
((القول الأول)): عنه، عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج، هكذا قال محمد بن عجلان ومحمد بن إسحاق عنه.
فرواية محمد بن عجلان: قال أحمد [المسند3: 465]: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق أنبأنا ابن عجلان، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم للأجر.
وقال الدارمي [السنن1: 277]: اخبرنا محمد بن يوسف، ثنا سفيان، عن ابن عجلان، به بلفظ: نوروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر.
ورواه أبو داود [السنن1:294]: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن ابن عجلان، به بلفظ: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم للأجر.
وقال النسائي [السنن1: 272]: أخبرنا عبيد الله بن سعيد ثنا يحيى، عن ابن عجلان، به بلفظ: أسفروا بالفجر. ولم يزد.
وقال ابن ماجة [السنن رقم 672] ثنا محمد بن الصباح، أنبأنا سفيان بن عيينة، به بلفظ: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم للأجر أو لأجوركم.
ومن هذا الوجه رواه الطحاوي في ((معاني الآثار)) [1: 178].
وقال ابن ثرثال في جزئه: حدثنا يوسف، حدثنا الفضل بن دكين، وعبيد الله بن موسى، قالا: حدثنا سفيان، عن محمد بن عجلان، به بلفظ: أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم كان أعظم للأجر أو أجركم.
ورواية محمد بن إسحاق أخرجها أيضا الطيالسي في مسنده، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر.
ورواه الدارمي [السنن1: 277] عن حجاج بن منهال، عن شعبة، به مثله.
وقال الترمذي: حدثنا هناد، حدثنا عبدة، عن محمد بن إسحاق به. ثم قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال البيهقي في السنن: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، ثنا أحمد بن الوليد الفحام، ثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، به.
وقال أبو نعيم في ((الحلية)) [7: 94]: حدثنا القاضي أبو أحمد، ثنا محمد بن إبراهيم بن شبيب. (ح) وحدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، وسليمان بن أحمد الطبراني، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، ثنا محمد بن المغيرة، ثنا النعمان بن عبد السلام، ثنا سفيان، عن محمد بن إسحاق، به بلفظ: أسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر. وقال ابن شبيب: بصلاة الصبح. ثم قال: تفرد به النعمان عن سفيان.
ورواه أبو نعيم أيضا في ((تاريخ إصبهان)) [2: 329] من هذا الوجه أيضا.
** ** ** ** ** ** ** **
((القول الثاني)): لعاصم عن أبيه عن جده قتادة بن النعمان.
رواه البزار والطبراني كلاهما من رواية فليح بن سليمان، عنه بهذا السند. وقال البزار: لا نعلم أحدا تابع فليح بن سليمان على روايته. وإنما يرويه محمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج.
قال الطيالسي في مسنده: حدثنا أبو إبراهيم، عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبلال: أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواضع نَبلهم.
ورواه الدولابي في ((الكنى والأسماء)) لكنه لم يجاوز به هرير بن عبد الرحمن، فقال: أخبرني بعض أصحابنا عن أحمد بن يحيى الحلواني، قال: ثنا محمد بن الصباح الدولابي، ثنا إبراهيم بن سليمان بن رزين بن إسماعيل المؤدب، ثنا هرير بن عبد الرحمن به مرسلا.
** ** ** ** ** ** ** **
وحديث بلال أخرجه الطحاوي في معاني الآثار قال: حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا شَبابة بن سَوّار، ثنا أيوب بن سيار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن أبي بكر الصديق، عن بلال.
وقال البزار في مسنده [كشف الأستار1: 194]: ثنا محمد بن عبد الرحيم، ثنا شبابة بن سوار به إلى بلال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر. ثم قال البزار: أيوب بن سيار ليس بالقوي، وفيه ضعف.
** ** ** ** ** ** ** **
وحديث أبي هريرة قال ابن حبان في ((الضعفاء)) [1: 324] أخبرنا الحسين بن إسحاق بالكرخ، ثنا القاسم بن عيسى الحضرمي، ثنا سعيد بن أوس، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا بلال أسفر بالصبح فإنه أعظم للأجر. أخرجه بترجمة سعيد بن أوس أبو زيد الأنصاري النحوي اللغوي، ثم قال: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار، ولا الاعتبار إلا بما وافق الثقات، وليس هذا من حديث ابن عون ولا ابن سيرين ولا أبي هريرة، وإنما هو من حديث رافع بن خديج فقط، وهذا الإسناد إما مقلوب أو معمول.
لكن قال الذهبي [ميزان الاعتدال 2: 126] وثقه جزرة وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، وليّنه ابن حبان لأنه وهم في سند حديث: أسفروا بالفجر.
** ** ** ** ** ** ** **
وحديث ابن مسعود رواه الطبراني في الكبير: حدثنا أحمد بن يحيى الحضرمي، ثنا أحمد بن سهل بن عبد الرحمن الواسطي، ثنا المعلى بن عبد الرحمن، ثنا سفيان الثوري، وشعبة عن معاوية بن قرة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر. والمعلى بن عبد الرحمن ضعيف، بل قال الدارقطني إنه كذاب.
** ** ** ** ** ** ** **
فلم يبق للحديث إلا طريق رافع بن خديج و بلال وأبي هريرة وابن مسعود على ما فيها من مقال، وهذا العدد لا يحصل به التواتر. والله تعالى أعلم.
كتبه الفقير أحمد بن محمد بن الصديق صبيحة يوم السبت رابع ربيع النبوي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وألف.
(يُتْبَعُ)
(/)