وعلم يورث الخشية: العلم الذي يورث الخشية هو العلم الذي يعمل به صاحبه كلما حصّل علما، عمل به، ودعا إليه، بعد التثبت منه، والتحقق، وبعد أن يتتلمذ على العلماء الربانيين، ويثني الركب عندهم؛ فهذا العلم يورثه الخشية، قال الله – تبارك وتعالى - (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) سورة فاطر آية (28).
وعلم يروث التواضع: إذا خشي الله، النتيجة ما هي؟
تواضع لعباد الله، إذا خشي الله تواضع لعباد الله؛ وهذا مصداق قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (من تواضع لله رفعه).
إذن نحن في الوصية السابعة ماهي؟
التواضع؛ فتواضعوا لله يا طلبةَ العلم، ويا مسلمون؛ فإن ذلك يجعل المسلم: صافيَ القلب، صافيَ النية، صافيَ المشرب، يعني يتحرى الحق، دائما يشعر بأنه مقصر في جنب الله، يشعر دائما بأنه ما حصل شيئا بالنسبة لغيره من العلماء الربانيين؛ فيتواضع، ويستكين لله – عز وجل - ويبلغ على قدر ما أعطاه الله – تبارك وتعالى - ولا يتجاوز حده الذي حدَّ الله له.
(32:28) الوصية الثامنة: التواصي والتعاون على البر والتقوى؛ فإن كثرة البعد قد يؤدي إلى بعد القلوب لا سيما في الوقت الذي يزرع فيه بعض المَوْتُورين العداوة والبغضاء بين أهل السنة والجماعة خاصة. إما بالوشايات إما بالإشاعات إما بالأكاذيب إمما بتشويه السمعة، إما ...
فالتواصل؛ تواصل الإخوة وطلبة العلم فيما بينهم، التعاون على البر والتقوى، الاجتهاد فيما يرضي الله – سبحانه وتعالى - تذكر أخاك، أرسل له رسالة، كلمه، واصله، اتصل به إذا طال بينكما العهد، جدد العهد به، تفقد أحواله، سل عنه؛ فهذا مهم جدا، مهم وفي غاية الأهمية، قد يكون البعد يجعله يصدق كلاما يرد إليه: إما من الحساد، أو من سوء الفهم، أو من فهم .... والله يا إخوتاه! أمس الأدنى البارحة؛ أخبرني أخي المرافق لي الشيخ محمد المحاضر في جامعة طيبة أن طالب علم درسته وأحبه نسب إليّ ما لم أقل؛ ويقول: أنا سمعته يقول: كذا وكذا!
لا أدري لعله فهم كلمة فبترها، أو سمع كلمة فبرتها ....
فالتواصل والتعاون على البر والتقوى، والاجتهاد في الاتصال بالمشايخ، وطلبة العلم فيما بينهم = أمر مهم، والله – تبارك وتعالى – يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) سورة المائدة آية (2).
فلابد من التواصل والتزاور، وتعلمون أجر من يزور أخاه في الله، وأن الملائكة تدعو له؛ وتقول: ولك بمثل.
يعني القضايا – ما شاء الله - فضل عظيم لمن وفقه الله – تبارك وتعالى – فالتواصي والتعاون على البر والتقوى = أمر مطلوب بين طلبة العلم خاصة، وبين المسلمين عامة.
(34:44) الوصية التاسعة: التثبت والتحري وما أدراك ما التثبت والتحري!!
نحن في عصر الإشاعات الكثيرة قد يكون مصدر بعضها إنترنت، قد يكون المصدر جريدة وصحيفة، قد يكون المصدر شريطا وزعه فلان وعلان، قد يكون المصدر شخصا مغرضا يريد أن يوقع العداوة بين الناس، قد يكون المصدر وسيلة من وسائل الإعلام، قد يكون المصدر ظنا؛ إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، والله – تبارك وتعالى – يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) سورة الحجرات آية (12)، قد يكون المصدر تقصيرا عندي أنا ما استطعت أن أُفهِم أخي ما أريد!!
يعني فلا يتسرع المسلم في تصديق الإشاعات التي تثار، وقد كثر القيل والقال في هذه المسألة.
الله – عز وجل – يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) سورة الحجرات آية (6).
وقال – مخاطبا الصحابة -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) سورة النساء آية (94).
البعض من الإشاعات قد تكون إلزامات، قد تكون إلزامات! فلان قال: كذا وكذا، إذًا هو يقصد كذا وكذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلان كتب كذا كذا، إذن هو يقصد كذا كذا!!
قد تكون الإشاعة ناتجة عن بتر كلامك، بُتِرَ الكلام واقتصر على كلام، كقاعدة من يَقِفُون على (فويل للمصلين) ولم يقرأ ما بعدها.
قد يكون السبب ناتجا عن مرض في القلوب، يحتاج إلى علاج، والقلوب تصدأ كما يصدأ الحديد.
والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلَحت صَلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله).
ألا وإني أوصيكم ونفسي بالعناية بهذه القلوب، وعلاجها بهدي كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وقراءة سيرة السلف الصالح من أمثال كتب مشايخنا: كتب ابن القيم، وابن تيمة، وابن عبد الوهاب، والسعدي، وغيرهم من المشايخ الذين كتبوا في هذا الباب.
فإذن الأمر هذا يحتاج إلى وقفة.
حتى البعض إذا ناصحه أخوه وبيّن له مسألة نفر منه!
قد تكون النصيحة بينه وبينه! يقول له: يا فلان! أنت أخي، المؤمن مرآة أخيه، فأنا – والله - أخي نصحني في مسألة، وقال لي: ترى كذا وكذا، إن كانت النصيحة واردة، فالحمد لله، فهذا .. إن كان لي ملحوظة عليها أقول: يا أخي ترى وجهة نظري كيت وكيت، يسددني وأسدده، والمؤمنون يكمل بعضهم بعضا (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بدمتهعم أدناهم).
أما أن أرتب على شيء وقع في نفسي، أو في قلبي، أو وشي إليّ، أو نقل إليّ، أو أشيع عندي، ثم أبدأ أحمل على أخي، وأزيد الطن بلة، ثم تتنامى؛ حتى تصبح كبيرة، وهي عبارة عن فقاعات، ولكن تنمو – والعياذ بالله - الشر ينمُّ بسرعة.
أنا – معليش – أذكر لكم شيئا أشبه ما يكون بالنكتة، ولسنا في وقت النكت، ولكن يعني ....
يقال: إن أحدهم أراد أن يختبر أمَّه فقال لها: أتدرين يا أماه اليوم، أنا والله – لا مؤاخذة – يعني أتيت ببيضة!!
يا ابن الحلال كيف ... ؟
المهم أنني .. فادعي لي الله ما أدري الذي حصل لي.
راحت وأخبرت جارتها، والعجوز التي بعدها قالت: بيضتان، والتي بعدها .. إلى أن أصبحت (100) بيضة!!
طبعا هو ليس له الحق في امتحان أمه، لا نقر على مثل هذا، لكن هذه من الحكايات التي تؤكد – مع أنه عندنا ما يغنينا عنها، لكن أنا أذكرها على أنها طرفة مثلا - يتنبه إلى خطورة الإشاعات.
فالجريان وراء الإشاعات يعتبر جريان وراء السراب، وقد رتب البعض على تلك الإشاعات: الهجر، والتبديع، والولاء والبراء!! مصائب عظيمة خطيرة جدا، وقد تكون لا شيء، قد تكون وهما، ومرضا في القلوب، أو مرضا في النفوس، فانتبه ياعبدَ الله! أوصيك ونفسي بالوقوف طويلا عند هذه الأمور.
البعض منهم يأتيه مثلا – قد يكون خطيبا، يفعله حتى بعض الخطباء عندنا – شاب طائش! بقصاصة جريدة، والله نشر في الجريدة الشيء الفلاني، والخبر الفلاني، يصعد على المنبر ويخطب على ضوء ما نشر في هذه الصحيفة!!
فيعني القضية تتطلب وقفة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) سورة الحجرات آية (12).
انتبه ياعبدالله! لا تلزم أخاك.
ثم هناك شيء آخر: يا أخي لا تعاتب في كل شيء، (كلمة غير واضحة ولعلها فهب) أني أخطأت أنا، وحصلت مني هفوة!
إذا كنت في كل الأمور معاتبا // أخاك فلن تلقى الذي لا تعابه
لماذا لا تكظم؟!
لماذا لا تكون من الذين قال الله فيهم (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) سورة آل عمران آية (134).
سبحان الله! يا أخي حاول أن تتصف بهذه الصفة، فلان قال فيك الذي قال، التقي به بوجه طلق، وانْسَ كل ما قيل، وعانقه، وصافحه؛ حتى تتحاث الذنوب بهذه المصاحفة، وانسَ هذه الإشاعة التي قيلت، لاسيما أنتم طلبة العلم، والسلفيين خاصة، والمسلمين عامة، ينبغي أن يتنبهوا لهذه القضايا.
هل تعلم أنكما إذا تصافحتما تحاث خطايكما؟ كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم -.
كم من هذا المعنى؛ الحديث انتبه له، اجعله نصب عينيك.
أم أن نفسك قالت لك: هذا الذي لا خير فيه، تكبر علينا، وفي قلبه كبر و ... قد يكون ما عنده لا تكبر، ولا شيء، يمكن هذا وهم في نفسك، قد يكون وهما في نفسك.
(يُتْبَعُ)
(/)
فانتبه! أكسر الحاجز أنت! ابدأه بالسلام، ابتدئ السنة، وبخاصة أن البعض قد اتخذ طريقة في للهجر تختلف عن ضوابط السلف؛ فيهجر بدون سبب واضح، يا أخي! مسائل الهجر، وقواعد الهجر حددها العلماء، قد يقع أخوك في مسألة، ولا ينبغي لك أن تهجره؛ لئلا يقع في ما هو أعظم، لا تسْلمه للأعداء، انتبه! تتركه لمن؟ فتتلقفه الجماعات الأخرى، هناك ألف جماعة تتحرى، وأنت مباشرة تعنفه، وتعابته، وتصول، وتجول عليه، وتكيل له المكايل من الظنون وما إلى ذلك؛ حتى تنفره؟!!
انتبهوا! لا يفهمني أحد خطأ، لا يفهمني أحد خطأً!!
أنا لا أقصد العمل بالموزانات التي يدعو إليها دعاة البدع؛ يقول: إذا أردت أن ترد على أهل البدع؛ فأذكر حسناتهم أولا، لا والله! هذا مرفوض، هذا مبدأ فاسد، ولا أقصد القاعدة الفاسدة التي تقول: (نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) لا سيما أنهم طبقوا تحتها حتى أصول الدين – وللأسف! -.وإنما القضية ما هي؟
القضية أنني .....
افرض أن أخي أخطأ، وصدرت منه كلمة؛ لماذا لا أذهب إليه، لماذا لا أبين له، لماذا لا أرسل إليه من يدعوه إلى الخير، ويبين له حتى لا نسلمه أعداء منهج أهل السنة والجماعة.
أنا وقفت عند هذه المسألة – يا إخواني - لأنها - كما يقول الصحفيون -: حديث الساعة، أو حديث شؤون الساعة.
فنحن لابد أن نعالج هذه المسألة.
أيضا هذه قد تجر إلى التسرع في مسألة الجرح والتعديل، يا إخواني! هذه لها ضوابط، يعرفها أهل العلم، أنا لن أعيدها – الآن – هنا – لكن يرجع فيها إلى العلماء الربانيين، إلى أهل العلم الكبار.
فلان وقع في كذا؛ هو مبتدع، فلان مشى مع فلان قال: هذا مبتدع! اتركه عنك.
فلان ذهب إلى المكان فلاني – على ما قالوا في اللغة العامية - (اقصروك منو، لا خليه يروح بس، ما دام أنو راح مع المبتدع هو مبتدع)!!
والله إني وجدت شخصا محسوبا على طلب العلم – زيد من الناس – قال عن أحد إخوانه كلمة، نقَل أن فلانا يقول في فلان: كيت وكيت؛ فلما انتشرت القالة حققنا في الأمر؛ فأحضر الرجل فقيل له: لماذا تنقل عن أخيك كذا وكذا؟
قال: أنا سألته عن مسألة وعرفت – انتبهوا إخواني! - أنه عندما أجاب أنه يعني فلانا!!
أشهد أن لا إله إلا الله!
كيف عرفت؟
ظلمتني يا أخي!
كيف استنتجتَ من أنني أعني فلانا؟
ووالله! ما خطر في قلبي ذلك الرجل الذي أشرت إليه!
هذه كثير!! مسائل تحتاج إلى وقفة – يا إخوان! – تحتاج إلى تركيز.
الآن يتصل بنا وبغيرنا من إخواننا من طلبة العلم، ومن مشايخنا؛ يتصل شخص بسماحة المفتي – وفقه الله - أو بمشايخنا الآخرين الشيخ صالح الفوازن، الشيخ الغديان، الشيخ صالح اللحيدان، وغيرهم من مشايخنا، الشيخ عبد المحسن العباد، وغيرهم من مشايخنا، الذكر ليس على سبيل الحصر – بارك الله فيكم –.
يأتي ويطرح مسألة يقول: يا شيخ! ما رأيك في كذا؟
فيجيب الشيخ جوابا مسدَّدا كاملا موفقا، بعد قليل يأتي هذا المسكين الذي سأل؛ فيضيف إلى جواب الشيخ الحكيم الذي هو فصل في المسألة التي سأل عنها؛ فيجعل عنوانا (رد الشيخ فلان على فلان من الناس)!!
وهو يكذب!
أولا: أن الشيخ لم يقصد فلانا من الناس؛ فافترى على الشيخ.
ثانيا: لا تنطبق المسألة على هذا الذي يزعم أنه يرد عليه.
ثالثا: فيها كذب وتزوير وسفه وتلبيس.
رابعا: فيها إشاعة للباطل.
خامسا: فيها إفساد للقلوب.
طيب! الجاهل إذا رأى رد الشيخ فلان – من مشايخنا الكبار الذين نعتز بهم وبالتتلمذ عليهم – رد الشيخ فلان على فلان؛ ماذا يتصور العامي الذي يقرأ هذا العنوان في مواقع الإنترنت؟
خلاص المشايخ اختلفوا!!
يا سبحان الله!
ظلم الشيخ، وظلم المجني عليه – الذي يزعم أنه مردود عليه -، وظلم نفسه، وظلم الأمة؛ بهذا الطرح الفاسد.
فانتبه يا عبد الله!
الآن ملآنة الساحة من هذا الموضوع! ملآنة من هذه الخزعبلات!
إخواني! اسمحوا لي أن أطلت في هذه المسألة؛ لأمر نحن نعاني منه الآن.
عشرات الأشرطة – الآن – ملئة: رد الشيخ فلان على فلان، رد الشيخ فلان على فلان، وكلها – لو حققت – لوجدت أنها من هذا القبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
فانتبه يا عبد الله! واتق اللهَ! تذكر الوقوف بين يدي الله، وعند الله تجتمع الخصوم.
إذا وقف أمامك الشيخ المستفى، والشيخ المظلوم، والأمة التي ظلمتها بهذا الطرح بين يدي الله، يوم نقف بين يدي الله غرلا بهما، ليس أمامك إلا ما قدمت؛ ما جوابك؛ إذا كان هؤلاء كلهم خصوما لك؟
ماذا تقول؟
ما هي حجتك؟
الدواوين ثلاثة:
ظلم لا يغفره الله وهو الشرك.
وظلم تحت مشيئة الله، وهو ظلم العبد فيما بينه وبين ربه.
وظلم لا يترك الله منه شيئا، وهو ظلم العباد فيما بينهم.
أتدرون من المفلس؟ يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -.
قالوا: يارسول الله! المفلس عندنا من لا درهم له ولا متاع.
قال: لا! المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصوم وأعمال، ثم يأتي وقد ظلم هذا، وشتم هذا، وسب هذا، وضرب هذا؛ فيؤخذ لهذا من حسانته، ولذاك من حسناته؛ فإذا فنيت حسناته أخذت من سيئاتهم فطرح عليه؛ فطرح في النار.
تذكر يا صاحب الإشاعة! هذا الموقف.
تذكر أنه ستخاصمك أمة، ليس فردا؛ فيما طرحت، وفيما نشرت عبر الإنترنت أو عبر بعض الفضائيات.
ثم من المشكل أنهم إلى الآن يتسمون بأسماء مزورة، وأسماء مزيفة، وأسماء كبار، وفلان الكذا، وفلان الكذا، وفلان الكذا.
مما يزهدني في أرض أندلس // أسماء معتضد فيها ومعتمد
أسماء مملكة في غير موضعها // كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
فاتق الله يا عبدَ الله!
لعلي – قد أكون أثقلت عليكم بالإطالة في هذه المسألة؛ هذه مسألة خطيرة، وفي غاية الخطورة.
ننتقل إلى بقية الوصايا باختصار.
(51:32) الوصية العاشرة: الأخلاق الطيبة: أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، تقول عائشة – رضي الله عنها – كان خلقه القرآن؛ فتخلقوا بأخلاق القرآن إخواني.
(وخالق الناس بخلق حسن)
(ألا أنبئكم بأقربكم مني منزلا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا).
(أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
مع إخوانك، مع أهلك، مع طلبة العلم، مع المسلمين عامة، مع غير المسلمين، مع غير المسلمين.
(52:22) الوصية الحادية عشرة: التوسط والاعتدال في كل شيء؛ وهذه أمور قد تحدث عنها فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى -، لكني أود أن أشير إلى أمر: نحن الآن نعيش بين تيارين:
تيار الشهوات.
تيار الشبهات.
تيار الشهوات: له قنوات تغذيه، وله جهات تدعمه، يتمثل في المناداة بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وما ينشر هنا وهناك من أفلام، وخزعبلات، وتمثيليات، ومسرحيات، وبلاء (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) سورة التوبة آية (32).
لكن الشهوات – في نظري – أنها أهون شأنا من الشبهات؛ لأن الشهوات ينفع فيها الترغيب والترهيب، لا شك أنها خطيرة، المعاصي بريد الكفر، لا نهون من شأنها، لكن أريد أن تقارنوا بين حديثين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – فيما يتعلق بالشهوات والشبهات، أذكرهما في نهاية الكلمة.
أما الشبهات فخطورتها أعظم؛ لأن دعاتها يدعون باسم الدين، وباسم الإسلام!
يقتِّلون المسلمين ويرون أن هذا جهاد في سبيل الله، وهو إفساد، يستحلون دماءَ المسلمين، وأموالَهم، والمستأمنين، والذميين، والمعاهَدين ويعتبرون هذا جهادا في سبيل الله!
قد أعطاهم منظروهم من القاعدة في الداخل، أو المفتين في الخارج، ممن يعيش بعضهم في بلاد الكفر، أو في الكهوف أعطوهم مفاتيح الجنة؛ ليس بينك وبين الجنة إلا أن تقتل رجل الأمن، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تنسف المنشأة الفلانية، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تنسف السوق الفلاني، ليس بينك وبين الجنة إلا أن تفجر الجسر الفلاني؛ مثل ما يعطي البابواتُ النصارى صكوكَ الغفران!!
والله إني سمعتم أحدهم – الذين فجروا في المحيا – سمعت المسكينين اللذَين فجر نفسيهما في ذلك المكان يغنيان – يطلبان الجنة، ولكن اللحن الذي يلحنانه – كما نشر في الشريط – هو لحن لامرأة فاجرة من المغنيات!!
يطلبون الجنة، إلى أن وصلوا إلى أن كبّروا وفعلوا ما فعلوا! وقتلوا المسلمين الصائمين في ليلة من ليالي رمضان. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذن القضية خطيرة جدا – الشبهات خطيرة:
فتحريف النصوص.
لَيُّ أعناق النصوص.
الكذب على العلماء؛ وبالمناسبة: إن أهل الشبهات في هذا العصر – وبخاصة الخوراج - ضموا إلى منهج الخوارج القدامى ((تقية الرافضة)) فكثيرا ما يتلونون، بل بدأوا يفتونهم بجواز حلق لحاهم، ولبس الملابس النسائية، ولبس الملابس الضيقة، وما إلى ذلك؛ لأن عندهم الغاية تبرر الوسيلة.
وأنا وقفت على شريط لأحد المنظرين من الداخل نُشِر قبل نحو ست عشرة سنة؛ قال فيه: إنَّا قد نضطر في الدعوة إلى الله إلى تطبيق نظرية (ميكافيلي!)
ما هي نظرية (ميكافيلي)؟
(الغاية تبرر الوسيلة)
ما دمت تريد الدعوة إلى الله افعل ما شئت: اقتل، فجّر، خرب، افعل ما شئت، البس ما شئت، تجمع الصلوات كلها بعد نصف الليل تصلِّي الصلوات الخمس مع بعضها؛ نسأل الله العافية والسلامة.
هذا مما كان يفتي بعضهم بعضا فيه!
فهذه الشبهات؛ شبهات خطيرة، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في تفسير قول الله – سبحانه وتعالى –: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) سورة آل عمران آية (7)، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حديث عائشة: فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه؛ فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم.
ابن القيم – رحمه الله - وارجعوا إلى كتاب (الفاوائد) اقرأوا هذه الفائدة؛ ذكر أن مداخل الشيطان ثلاثة:
الشهوات.
والشبهات.
والغضب.
ثم ذكر أن أخطرها الشبهات؛ لأن أصحابها يحسبونها دينا يقربوهم إلى الله؛ وفي هذا المعنى يقول الإمام مالك – رحمه الله تعالى -: من ابتدع في الدين بدعة يرى أنها حسنة فقد زعم أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – قد خان الرسالة؛ لأن الله – تبارك وتعالى – يقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) سورة المائدة آية (3)؛ فما لم يكن يومئذ دينا، لا يكون اليوم دينا.
ونحن أمة وسط؛ (إن هذا الدين يسير، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه فاستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة) سبحان الله.
يعني استعينوا بالعبادة وهذا أمر سنتطرق إليه بعد قليل.
فانتبهوا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) سورة البقرة آية (143).
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) سورة الفاتحة آية (6و7).
)
وقد وضح ذلك وفصله في سورة النساء (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) سورة النساء آية (69).
جعلني الله وإياكم منهم.
فالإسلام دين وسط: لا وكس ولا شطط.
أعود إلى ما وعدتكم به من ذكر الحديثين في خطورة الشبهات أكثر من الشهوات.
الرجل الذي كان يلقب (حمارا) واسمه عبد الله، وكثيرا ما كان يجلد، فجئ به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فلعنه أحدُ الحاضرين؛ فقال – بعد أن جلده -: لا تلعنوه؛ فإنه يحب الله ورسوله.
اسمحوا لي أن أقول لكم: تكلمت في مكان؛ فقال أحد المنظرين لتلك الجماعات: أنت بهذا تهون من شأن!!
يا أخي! هذا كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ والله المعاصي خطير، المعاصي بريد الكفر، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: إن العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء؛ فإذا تاب واستغفر صقل قلبه، فإن زاد = زادت حتى تعلو قلبه (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) سورة المطففين آية (14).
المعاصي خطيرة، لكن مع خطورتها، فإن الذي يفعلها وهو معترف بذنبه، وغير مقتنع بما يفعل، ويسأل الله أن يعصمه = أقل خطرا من أصحاب الأهواء، من أصحاب البدع؛ لذلك فإن أصحاب البدع لا يرجعون - إلا من رحم الله – يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتعرفون قصة الثلاثة الذين عزموا على بعض الأمور؛ فالنبي – صلى الله عليه وسلم - قال: أما أنا فإني أصوم وأفطر، وأقوم وأصلي وأنام، وأتزوج، ومن رغب عن سنتي فليس مني).
والحديث الذي تقدم لنا (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم).
يقول في هذا المعنى سفينان الثوري – رحمه الله – إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).
وقد عقد شيخ الإسلام في الفتاوي في الجزء الحادي عشر مقارنة في هذا السبيل، في هذا الباب؛ فارجعوا إليه.
(1:01:34) الوصية الثانية عشرة: العناية بالعبادة يا إخوان! العناية بالعبادة، ضعف أمر العبادة، واشتغل الناس بالقيل والقال، حتى فيما لا ينفع، وفي السهر، و .... و ... و ... العبادة عظيمة يا إخوان!
(احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء؛ يعرفك في الشدة).
ولعلكم تعرفون قصة أصحاب الصخرة – أصحاب الغار، القصة طويلة؛ عندما سدت الصخرة باب الغار:
توسل الأول: ببره لوالديه.
وتوسل الثاني: بعفته، وبعده عن الحرام.
وتوسل الثالث: بوفائه بعهده، و (كلمة غير واضحة)؛ فأنجاهم الله – تبارك وتعالى -.
عند الصباح يحمد القوم السرى.
والذي يعبد الله كما ينبغي في رعيان شبابه، وفي قوته؛ فإن الله يكتب له مثل ذلك بعد أن يعجر؛ إذا سافر العبد، أو مرض. كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: إذا مرض العبدُ، أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فالعبادةَ العبادةَ!
اجعل لنفسك قسطا من الليل يا عبدَ الله! اجعل لنفسك قسطا من الليل، ولو قليلا، ولو نصف ساعة، تصلي فيها ما تيسر من التهجد، تقرأ فيها ما تيسر من القرآن، تعرض لنفحات الله – سبحانه وتعالى – هذا يعالج كثيرا من الأمراض التي تقدم ذكرها.
عندما ينزل ربُّنا – سبحانه وتعالى – إلى السماء الدنيا، فينادي عباده:
من يسألني فأعطيه؟
من يدعوني فأستجيب له؟
من يستغفرني فأغفر له؟
(1:03:40) الوصية الثالثة عشرة: ملازمة الذكر يا عبدَ الله! الزم الذكر؛ تجد عواقبه حميدة، تجد نفسك تسير في طاعة الله، مطمئن القلب، مرتاحَ البال، مطمئنا في نفسك، وعليك أن تحفظ من الأذكار الثابتة في كتاب الله – عز وجل – وفي سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلى رأس ذلك: تلاوة القرآن الكريم.
(1:04:14) الوصية الرابعة عشرة: يا أخي الكريم: مصاحبة الأخيار، والبعد عن الأشرار؛ فإن مصاحبة الأشرار تعدي يقول الله – تبارك وتعالى -: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) سورة الأنعام آية (68).
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (مثل الجليس الصالح والجليس والسوء كحامل المسك، ونافخ الكير؛ فحامل المسك: فإما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما تجد منه ريحا طيبا، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).
فاللهَ الله َ يا عبد الله! في مصاحبة الأخيار.
فرح أنس – رضي الله عنه – يوما بقصة الرجل الذي جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يارسول الله! أخبرني عن الساعة؟
قال: ماذا أعدت لها؟
قال: حب الله ورسوله.
قال: المرء مع من أحب.
يقول أنس: فوالله ما فرحنا بشيء مثل فرحنا يومئذ؛ حيث إنني أحب الله ورسوله، وأحب أبا بكر وعمر، أو كما قال – رضي الله عنه -.
فاخبتر نفسك في المحبة؛ من تحب؟
تحب أهل السنة؟
تحب أهل التقوى؟
تحب أهل التوحيد؟
تحب أهل الطاعة؟
تحب أهل الاستقامة الذين يعملون بهدي الكتاب والسنة؟
أم أن في قلبك شيئا عليهم؟
اختبر نفسك يا عبدَ الله! اختبر قلبك، كل منا يختبر قلبه.
والله المرء مع من أحب؛ هذا كلام عظيم يا شيخ!
ولذلك ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وافترقا عليه.
وذكر من حلاوة الإيمان: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.
(يُتْبَعُ)
(/)
فانظر من تحب يا عبدَ الله!
إنني لأعجب لقوم يحبون أهل الأهواء، ويتعاطفون معهم، يحبون عباد القبور، ويفضلونهم على إخوانهم؛ لأنه ينظِّر لهم في الجماعة الفلانية أو العلانية.
تقول له: يا شيخ! هذا عنده كذا وكذا.
يقول لك: لا! هذا ... ما دام هو يدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية، وأنتم جبناء! ما تعرفون إقامة الدولة الإسلامية!!
بأي كتاب يريد أن يقيم الدولة الإسلامية؟!، بأي كتاب؟!
المؤسس لهم نفسه يقول: أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم لكم في بلادكم، فلو أنهم طبقوا الكلام الذي قاله مؤسسهم، وهو من أصحاب الطرق الصوفية – وللأسف! – لكن مع هذا كله نجد بعض أهل التوحيد، الذين ترعرعوا في بلاد التوحيد، ودرسوا التوحيد، وتشربوه، ونشأوا عليه منذ أن كانوا في المحاضن والروضات؛ إذا بهم يتنكرون للتوحيد، ويتنكرون لمن يدعو إلى التوحيد، ويوالون هذه الأقوام، أحدهم – يوما من الأيام – يشيد بشخص يدعو إلى الشرك، شخص له أشرطة توزع – الآن – له أشرطة، اسمحو لي أن أصرح باسمه؛ وهو الجفري!! سمعته بأذنَيَّ هاتين يدعو إلى الشرك المعلن في أشرطة كثيرة، ومع هذا ضحك على بعض إخواننا في بعض الأماكن؛ فتسبب في بلبلة في تلك البلاد، وغير بعض ثوابتهم (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) سورة الرعد آية (11).
هذا من دعاة الشرك – الآن - يدعو علنا إلى الشرك، فانتبهوا يا إخوان! انتبهوا!
المشكلة أن حبك الشيء يعمي ويصم؛ البعض يقرأ – مثلا – دعوتهم للشرك؛ يقول لي - والله -: أنا سمعت أشرطته من أولها إلى آخرها كلها تدعو إلى التآلف، والمحبة، والإخوة، .. و ... و ...
كما سمعتم القاعدة التي ذكرها شيخنا وأخونا الشيخ حسين آل الشيخ – وفقه الله تعالى – القضية ليست قضية محبة بالعواطف، القضية قضية دين، دين! فاعرفوا عمن تأخذون دينكم؛ اعرفوا عمن تأخذون العلم الشرعي، اعرفوا من تستفتون.
والله يا إخوان! أنا أقترح أن توزع بالذات الجواب على مسألة - المحاضرة كلها – ولكن مسألة الفتوى أقترح أن تطبع بالملايين، وتوزع في أرجاء العالم الإسلامي كافة – إن شاء الله تعالى -.
فانتبهوا يا إخوان! الفتوى خطيرة جدا؛ الصحابة يتدافعون الفتوى، كل منهم يحيل للآخر، وهم علماءُ، ونحن نتسابق إليها.
إياكم وبعض المفتين الذين يظهرون في الفضائيات! يكفي أنهم أباحوا الربا، وأباحوا الغناء، وأباحوا الاختلاط، وأباحوا توريث المسلم من غير المسلم، والعكس، وأباحوا وحدة الأديان، وأباحوا، وأباحوا، وأباحوا .. ماذا تعد؟!!
مع هذا يعدون – في نظر بعض الناس - من العلماء الكبار! - والعياذ بالله -.
انتبه يا عبدَ الله! واعرف عمن تأخذ دينك.
هذه انطلقنا إليها من الوصية الأخيرة: مصاحبة الأخيار.
انتبه!
ويترتب عليها – أيضا – سؤال الأخيار، سؤال أهل العلم (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) سورة النحل (43) وسورة الأنبياء آية (7).
والله يا إخواننا علماؤنا أشرعوا بيوتهم للفتوى، هذا شيخنا سماحة المفتي – الآن – يوم الخميس كله لطلبة العلم بأكمله، فضلا عن استقباله في دار الإفتاء، وفي نور على الدرب، وفي، وفي ...
لا نسمع كلام الناعقين الذين يقولون: إنهم لا ينزلون إلى الأمة في الساحة، لا ينزلون إلى الشباب في الساحة!!
هذا ظلم، ظلم، ظلم، انتبه يا عبدَ الله! ظلم.
نحن لا ندعي الكمال لأحد؛ العصمة للرسل – عليهم الصلاة والسلام - لكن والله! علماؤنا بذلوا كل ما يستطيعون؛ فاجتهدوا في ملازمتهم، والأخذ عنهم.
لعلي أختم بوصية أخيرة وهي:
(1:11:19) الوصية الخامسة عشرة: الحق واحد أو متعدد؟
واحد أنى وجده المسلم اتبعه، فالقاعدة التي تقول: إن الحق يتعدد قاعدة فاسد، أو يقول: كل مجتهد مصيب، هذه قاعدة فاسدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
المجتهد فعلا – كما ذكر أخي ما نحتاج أن نعيد المسألة - إن اجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر، مع كونه مؤهلا، إذا كان مؤهلا، أما المتطفلون على الاجتهاد، وأدعياء الاجتهاد، والرويبضة هؤلاء يجب أن نحذر، وأن نكون على بينة من أمرنا، وأن نعرف الحق؛ الحق عليه نور، الحق أبلج، والباطل لجلج، الحق الذي يستند إلى الدليل الشرعي، والله عليه نور من الله (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) سورة آية (37).
إخوتي وأحبتي في الله! الوصايا تتزاحم – والله! - في ذهني؛ ولكني أشعر أنني قد أطلت عليكم، لا سيما عند الوصية التاسعة؛ فتحملوني في هذا.
وأصيكم ونفسي في الختام بتقوى الله – جل وعلا - والجد والاجتهاد في طلب العلم النافع، والعمل الصالح.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم الاستقامة على طاعته، والعمل بما يرضيه، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
((الأسئلة))
كلام من المقدم فيه: شكره للمشايخ وللمرافقين لهم وما شابه ذلك.
ثم قال: يقول فضيلة الشيخ: أرجو تعليقكم على قول الإمام أحمد: أحب أهل السنة على ما كان منهم؟
الجواب: الكمال لله والعصمة لرسل الله عليهم الصلاة والسلام، فالمسلم صاحب السنة يُحَب على ما كان منه، يعني وإن وجد منه تقصير، ومن (أظنها قال: النصائح) التي ربما تسمعونها - إن شاء الله - في المخيم الآخر - إن يسر الله لي مجيئا - مسألة الولاء والبراء سأبين مسألة تتعلق بهذا السؤال، وهي أن المسلم قد يوالى من جانب ويكره من جانب آخر، أو قد توجد فيه صفة تستحق الولاء، والتأييد والنصرة، بينما توجد فيه صفة أخرى، قد يعني تؤخذ عليه، ويكره فيه هذا الجانب، فالولاء من جانب ... فيحب بقدر ما - كما قال أهل العلم -ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام جميل في هذه المسائل -: يحب على قدر ما فيه من خير، ويكره على قدر ما فيه من شر.
بخلاف الذين يفسرون الولاء بغير (كلام غير واضح) في هذه الأزمنة، وهذا سيأتي بينانه - إن شاء الله تبارك وتعالى -.
فالذي يلتزم السنة - ولو كان عنده شيء من التقصير - تحبه على قدر ما عنده من سنة، ولا تخذله، ولا تُسْلِمْهُ للأعداء؛ لأنه صدر منه كيت وكيت، وإنما ناصحه وتعاهده، واتصل به وبين له الحق، وبين له تقصيره، ولا تُسْلِمْهُ إلى غيرك. هذا المقصود.
هذا سؤال من الإنترنت يقول: فضيلة الشيخ! نريد منكم وصية للسلفيين المقيمين في بلاد الكفر، ومع هذه (كلمتان غير واضحتين) وجزاكم الله خيرا؟
الجواب: هذا السؤال ذكرني بشيء، بعض الإخوة في الأقليات الإسلامية الموجودة في بلاد الكفار – أنا أقول: البعض، لا أقول: الكل، دّبَّ بينهم الخلاف والتصارع على الأشخاص.
فكثيرا ما يتصل بنا من تلك الدول ولا هم لهم إلا التصارع على رموز معينة وعلى أشخاص معينين، وقد يكون ثمة شيء من سوء التفاهم بين بعض المشايخ، وكلاهما فيه خير؛ فتنعكس سلبا بسبب (الإنترنت) وللأسف! وما يحويه من: إثارات وأباطيل وإشاعات، وتضخيم، وما إلى ذلك؛ فتضخم الأمور، وتنعكس سلبا حتى على المسليمن في البلاد غير المسلمة.
أوصيهم ونفسي بتقوى الله أولا، ثم الجد والاجتهاد في العلم الشرعي الذي – كما قلت في أول المحاضرة -: يوصلك إلى أمرين عظيمين:
1 - أن تعبد الله على بصيرة.
2 – وأن تكون مشعل هداية.
فبالعلم تفرق بين الأمور: بين الحلال والحرام، بين التوحيد والشرك .. إلى آخره.
ثم أوصيك ثالثا: إذا أشكل عليك أمر، أو وجدت من يتصارعون على أمر؛ فعليك أن ترجع للعلماء الكبار؛ فالذي تجده يؤيده العلماء الربانيون؛ فاعلم أنه هو الذي معه الحق – إن شاء الله -، والذي يخالف منهجهم ورأيهم؛ فهو الذي غير هدى.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبهذا المقياس – بإذن الله – تستطيع أن تصل إلى الخير، واجتهد، وخذ أشرطة العلماء الكبار، وكتبهم، وادرسها، واكتب لهم كتابة فيما أشكل من المسائل العظام، هناك كتاب يا إخواني ينبغي لطلبة العلم أن يقتنوه في الداخل والخارج كتاب (الفتاوى المهمة في المسائل المدلهمة) ينبغي أن يقتنى هذا الكتاب، ففيه بيان مسلك علمائنا – حفظهم الله – في قضايا الأمة.
وكما أشار فضيلة الشيخ: بأن قضية فقه الواقع، والله! الذي يعلمه علماؤنا، وليس علماء القصاصات والأشرطة والمجلات.
الوصية السادسة عشرة: لعلي تذكرت وصية فاتتني يا إخوان! الكتب والأشرطة التي في الساحة أكثرها - بل جلها - على غير منهج أهل السنة والجماعة.
إما أن يدعو إلى الخروج والتهييج، أو إلى بعض الرذائل، تجده إما يدعو إلى رذيلة، أو يدعو إلى شبهة تفوق في خطورتها هذه الرذيلة.
ليس كل ما في الساحة سليم: من الأشرطة، والكتب التي توزيع هنا وهناك، في بعض الأماكن، وتباع في مكتباتنا، وتنشر.
الكثير منها يحتوى على تأسيس – أو على تقعيد - لمنهح فاسد، فسد به كثير – أو البعض - من شباب الأمة.
فانتبهوا لهذا الخطر، هو يدخل في مسألة التثبت التي أشرت إليها في إحدى الوصايا.
وفقني الله وإياكم لكل خير، وأستميحكم عذرا، لعل لأخي الشيخ محمد بن رمزان الهاجري – وفقه الله - الذي نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يوفقني وإياه: له جهود مباركة في الداخل والخارج، في زيارة طلاب العلم، وتبصير إخوانه في كل مكان، فقد رافقته في داخل المملكة وخارجها، وأعرف أنه لا يريد أن أبوح بهذا الكلام، ولكن الحق يذكر لأهله، ومن باب أن تدعوا له بالتسديد؛ لأنه موفق في دعوته على منهج مشايخنا وعلمائنا الأفاضل.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
انتهت المحاضرة
ثم فيه ثناء من أحدهم على محاضرة الشيخ.
تنبيه:
قمت بوضع اسم السورة ورقم الآية التي ذكرها الشيخ.
قد يذكر الشيخ لفظة (الوصية) وقد لا يذكرها؛ لذا وضعت لفظة (الوصية) أمام كل وصية ذكرها الشيخ.
فرغه وطبعه ونسقه أبو عبد الخالق أشرف السلفي.
من هنا حمل الشريط على ملف وورد ( http://www.salafishare.com/18EL8CM3UEAL/51OHTCX.rar)
.
ـ[أبو الخطاب السنحاني]ــــــــ[27 - Jun-2009, مساء 10:57]ـ
جزاك الله خيرا(/)
قصتان عن الإمام الألباني - رحمه الله - تحكيان همته العالية في طلب العلم والبحث
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[18 - Jul-2008, صباحاً 02:58]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
((القصة الأولى))
قال الشيخ علي الحلبي – حفظه الله – في شريط (علو الهمة في طلب العلم) بعد أن ذكر كلام القاسمي عن جرده لبعض الكتب، وحدوث المرد لعينه – قال الشيخ علي: وقصة الرمد هذه ذكرتني بقصة لشيخنا - رحمه الله - في الستينيات؛ قبل نحو أكثر من أربعين عاما من هذا اليوم، أصيب شيخُنا بمرض في عينه سمعته يصف هذا المرض بأن اسمه (الذبابة الطائرة)، هذا المرض عند الأطباء اسمه مرض (الذبابة الطائرة)، كأن الواحد يرى في عينه أن هناك ذبابة تطير، وفي الحقيقة لا يوجد ذبابة تطير؛ فذهب إلى طبيب؛ وقال له: أنا عندي كذا.
فقال الطبيب: هذا يوجد بعض علاجات، لكن أهم شيء أن ترتاح.
قال: كيف أنا أرتاح عنها؟
أولا: عندي مهنة الساعات، وأنا مؤلف كتب، مهنة الساعات تحتاج بصرا دقيقا جدا، وتأليف الكتب أنا كنت كل الكتب التي أراجع منها مخطوطة، وقديمة في المكتبة الظاهرية.
قال: إذا أردت أن تشفى فلابد من ذلك.
فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، رضينا.
فجلس أول يوم، ثاني يوم، قال: ما المانع أن أتسلى بكتاب؟!
فقال: رأيت كتابا اسمه (ذم الملاهي) للإمام ابن أبي الدنيا له نسخة في الظاهرية، قال: أنا سأعطيه إلى بعض النساخين، ينسخه، فكلما أتاني بأوراق كلما بدأت أنا أنظر فيها بحيث لا أتعب نفسي.
قال: فعلا بدأنا وأنا لا أتعب نفسي، يأتيني كل يوم بورقتين ثلاث، وأنا مرتاح، ولا أجهد نفسي، ولا عيني، قال: بعد أيام فإذا به يقول لي: ياشيخ! هنا سقطت ورقة - في المخطوطة يوجد ورقة ساقطة ورقة ضائعة - هذه الورقة – أتأكد؟ فعلا وجد ورقة ضائعة، قال: فسأبحث عن الورقة، يعني البحث عن الورقة الضائعة أيضا لا يعارض وصية الطبيب، الذي أوصاني بأن لا أجهد نفسي، هو بحث ليس فيه مشقة.
قال: فبدأت أبحث وأبحث انتهى من كتب الحديث جميعا، وهو يبحث عن مخطوطات، وهو ينسى! نسي - الآن - أن به مرضا، وانتهى من كتب التفسير المخطوطة، الكلام عن المخطوطات! وانتهى، وانتهى، وانتهى، بعد أن انتهى قال: هذا كنز! وأنا أبحث عن الورقة وجدت كنزا، لكنَّ جهدي في الورقة أنساني هذا الكنز، فقرأ المكتبة من جديد مرة ثانية، لكن ماذا فعل هذه المرة؟
أتى بأوراق كل حديث يجده في هذه المخطوطات يدونه في ورقة، فإذا وجد حديثا آخر يدونه في ورقة، ثم رتب هذه الأوراق على الحروف؛ فإذا بالأوراق جمعت أربعين ألف حديث!!
هذا كله وهو يبحث عن الورقة الضائعة، وبالمناسبة لم يجدها!! لم يجدها!
لكن سبحان الله! إذا شاء الله أمرا هيأ أسبابه، كنت مرة أقرأ في جريدة سعودية أظنها جريدة الجزيرة، فإذا بأحد المحقيق؛ لأن فيها صفحة تراثية، فمن يعرف جريدة الجزيرة يرى أن فيها صفحة تراثية، أو صحيفة المدينة عفوا، فإذا بأحد المحقيقن ينتقد طبعة (ذم الملاهي) التي طبعا شيخنا لم يحققها؛ لأن الورقة ضائعة ونسي الكتاب، وشفيت عينه بعد ذلك، ولله الحمد؛ لكثرة ما كان يدعو: اللهم عافنا في أبصارنا، وأسماعنا، واجعلهما الوارث منا، هذا كان شيخُنا شديد اللهج به.
فأنا مرة رأيت في صحيفة المدينة - وأنا في العادة لا أقرأها، ولكن إذا كنت في عمرة في أو حج ويتيسر لي أشتريها وأنظر ما فيها - فإذا بمحقق، باحث من علماء المدينة - فيما أذكر - ينتقد الطبعة المصرية من كتاب ذم الملاهي، ويقول: وقفت على نسخة تركية كاملة، وهو اعتمد نسخة الظاهرية التي فيها ورقة مفقودة، وهذه صورة الورقة المفقودة، ووضعها، فأتيت بالجريدة لشيخنا وقلت له: هذه صورة الورقة الضائعة التي أنتجت كتاب (معجم الحديث) في أربعين مجلدا.
وهكذا العلم؛ وانظروا صبر العلماء!
((القصة الثانية))
(يُتْبَعُ)
(/)
الشيخ الألباني - رحمه الله - شيخنا وأستاذنا نسأل الله أن يرحمه في حرب الخليج أصاب جنون في بلادنا في الأحاديث وفي الروايات المكذوبة والموضوعة؛ حتى صار بعض الخطباء، يطوف بكتاب (الجفر) المكذوب المنسوب بالبهت والافتراء إلى علي - رضي الله عنه -، وهو كله كتاب سحر وشعوذة، وخرافات، يقول: انظروا! كتاب (الجفر) يتحدث عن حرب الخليج، وكذا، وكذا ... إلى آخره.
وقام بعض الخطباء في ذلك الوقت بتصوير حديث نقله من (كنز العمال) للمتقي الهندي، و (كنز العمال) في نحو من خمسين ألف حديث، هو في الأصل ترتيب لـ (جمع الجوامع) للسيوطي، و (جمع الجوامع) هو نفسه (الجامع الكبير) الذي أراد السيوطي من خلاله أن يجمع السنة، أول محاولة علمية لجمع السنة موسوعيا = محاولة السيوطي في (جمع الجامع)، لكن فيه مما هب ودب - كما يقال -؛ لأنه لم يشترط الصحة.
في كنز العمال يوجد رواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: تقتتلون شهرا، ثم يقذف الطير عليكم، ثم كذا!
فماذا؟
جاء الخطيب المفوه! والذي ليس من العلم، ولا من السنة في شيء، قال: تقتتلون شهرا = الحرب البرية.
ثم يقذف الطير عليكم = الحرب الجوية.
والناس عقولهم هباء.
ونسبه حديثا للرسول، وليس هو بحديث، وعندما بحثنا وجدنا أن كلمة (ويقذف الطير عليكم) محرفة من (ويقذف الصبر عليكم!!).
فإذا به - في كتاب (كنز العمال) - يعزو الحديث إلى (تاريخ ابن عساكر)، و (تاريخ ابن عساكر) في ذلك الوقت لم يطبع، وإنما منه بضعة مجلدات صغيرة طبعت في المجمع العلمي في دمشق، والنسخة المخطوطة صورتها بعض المكتبات في المدينة النبوية في بضعة عشر مجلدا، كل مجلد في ألف ورقة مخطوطة، والورقة المخطوطة هذه كالذارع، أو الباع.
فالشيخ بدأ يبحث أين؟
في المخطوطة.
الورقة الأولى، الثانية، المجلد الأول، الثاني .... فجئته في اليوم الرابع، فإذا به وجده - أظن إما في (المجلد التاسع!)، أو (العاشر!!) - قلت له: يا شيخنا! وجدت الحديث؟
فنظر إلي هكذا (1)؛ وقال: وجدته، ولا نامت أعين الجهلاء، ولا نامت أعين الجلاء، لم ينم في الأربعة أيام إلا النزر اليسير، وهو يجد ويبحث في هذا الحديث - رحمه الله تعالى -
هذا من علو الهمة.
هذا من معرفة الواجب الملقى على أكتاف أهل العلم، فهم يقدرونه قدره، ويعطونه منزلته. انتهى.
(1) قلت (أشرف): وهنا فعل الشيخ علي حركة وهي: أنه أنزل رأسه قليلا ورفع عينه إلى أعلى.
.
ـ[أبو عبد الأعلى]ــــــــ[18 - Jul-2008, مساء 06:41]ـ
بارك الله فيك أخي و رحم الله الشيخ الألباني
ـ[الحُميدي]ــــــــ[18 - Jul-2008, مساء 10:38]ـ
جزاك الله خيرا ..
رحمة الله على هذا العالم الهمام ..
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[18 - Jul-2008, مساء 10:41]ـ
جزاك الله خيرا ..
رحمة الله على هذا العالم الهمام ..
اللهم آمين ...
ـ[حمد الإدريسي]ــــــــ[19 - Jul-2008, صباحاً 08:25]ـ
جزاك الله خيرا ورحم الله محدث العصر العلامة الشيخ الألباني(/)
تحية الإسلام
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[18 - Jul-2008, مساء 02:27]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية الإسلام للأسف قل استعمالها،وإذا حييت بها أورد عليك بهاجردوها " السلام "
تحية الإسلام لايعرفها إلامن جسد معناها في الواقع.
قال الإمام النووي: وأما معنى السلام، فقيل: هو اسم الله تعالى، فقوله." السلام عليك " أي اسم السلام عليك، ومعناه: اسم الله عليك، أي أنت في حفظه، كما يقال: الله معك، والله يصحبك. وقيل: السلام بمعنى السلامة، أي السلامة مُلازمة لك. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر: وقد اخْتُلِف في معنى السلام؛ فنقل عياض أن معناه اسم الله، أي كلاءة الله عليك وحِفظه، كما يُقال: الله معك ومُصاحبك. وقيل: معناه: إن الله مطلع عليك فيما تفعل. وقيل: معناه أن اسم الله يُذكَر على الأعمال توقعاً لاجتماع معاني الخيرات فيها، وانتفاء عوارض الفساد عنها. وقيل: معناه السلامة، كما قال تعالى. (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ)، وكما قال الشاعر:
تحيي بالسلامة أم عمرو ... وهل لي بعد قومي من سلام
فكأن المسلِّم أعْلَم من سَلّم عليه أنه سالم منه، وأن لا خوف عليه منه.
وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام: السلام يُطلّق بإزاء معان، منها: السلامة، ومنها: التحية، ومنها: أنه اسم من أسماء الله. قال: وقد يأتي بمعنى التحية مَحْضاً، وقد يأتي بمعنى السلامة مَحْضاً، وقد يأتي مُترددا بين المعنيين، كقوله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا)، فإنه يحتمل التحية والسلامة. اهـ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب ((بدائع الفوائد)) مبينا فوائد ها المثمرة
وأما السؤال الثالث والعشرين وهو ما الحكمة في إفراد السلام والرحمة وجمع البركة
فجوابه أن السلام إما مصدر محض فهو شيء واحد فلا معنى لجمعه وإما اسم من أسماء الله تعالى فيستحيل أيضا جمعه فعلى التقديرين لا سبيل إلى جمعه
وأما الرحمة فمصدر أيضا بمعنى العطف والحنان فلا تجمع أيضا والتاء فيها بمنزلتها في الخلة والمحبة والرقة، ليست للتحديد بمنزلتها في ضربة وتمرة فكما لا يقال رقات ولا خلات ولا رأفات، لا يقال: رحمات وهنا دخول الجمع يشعر بالتحديد والتقييد بعدد،وإفراده يشعر بالمسمى مطلقا من غير تحديد،فالإفراد هنا أكمل وأكثر معنى من الجمع،وهذا بديع جدا أن يكون مدلول المفرد أكثر من مدلول الجمع.
ولهذا كان قوله تعالى ((قل فلله الحجة البالغة)) [الأنعام 149] أعم وأتم معنى من أن يقال فلله الحجج البوالغ، وكان قوله ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)) [إبراهيم 34] أتم معنى من أن يقال: وإن تعدوا نعم الله لا تحصوهاوقوله: ((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة)) [البقرة 201]. أتم معنى من أن يقال: حسنات،وكذا قوله ((يستبشرون بنعمة من الله وفضل)) [آل عمران 171] ... ونظائره كثيرة جدا، وسنذكر سر هذا فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأما البركة فإنا لما كان مسماها كثرة الخير واستمراره شيئا بعد شيء،كلما انقضى منه فرد خلفه فرد آخر،فهو خير مستمر يتعاقب الإفراد على الدوام شيئا بعد شيء، كان لفظ الجمع أولى بها لدلالته على المعنى المقصود بها،ولهذا جاءت في القرآن كذلك في قوله تعالى. (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)) [هود 73] فأفرد الرحمة وجمع البركة وكذلك في السلام في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"".
والله الموفق.(/)
الانتقاء المفضول من (طريق الوصول إلى العلم المأمول)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[19 - Jul-2008, صباحاً 12:48]ـ
في كتاب (طريق الوصول إلى العلم المأمول) فوائد وقواعد وضوابط وأصول انتقاها الشيخ العالم الفاهم عبدالرحمن السعدي من كتب شيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم. وقد أحسن وأتقن في الانتقاء، ودلّ صنيعه على عمق فهمه و نضج قريحته ودقة نظره ومعرفته بما يُحتاج إليه، ولذلك اعتبرت انتقائي "مفضولاً" بجانب انتقاء الشيخ الذي ابتدأه هو فأجاد فيه وأفاد.
سوف أحاول انتقاء ما تمس الحاجة إليه من القواعد والضوابط والفوائد في وقتنا الراهن، لعل الله ينفع بها الكاتب والقرّاء الكرام.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 01:41]ـ
ابن تيمية: ((وإن كان المناظر معارضاً للشرع بما يذكره من هذه الألفاظ [1] استفسر عن مراده بذلك، فإن أراد معنى صحيحاً قبل، وإن أراد باطلاً رد، وإن اشتمل على حق وباطل قبل ما فيه من الحق ور الباطل)). [2]
==================
[1] أي الألفاظ المستحدثة التي لم ترد في الكتاب والسنة. وما أحوجنا لهذه القاعدة النفيسة في غمرة الاصطلاحات المعاصرة، فكم يحصل من ظلم لقائل أراد حقاً وكم يحصل من تصويب لقائل أراد باطلاً.
[2] وينظر مثلاً: "حقيقة عبدالوهاب المسيري" حول اصطلاح "العلمانية الجزئية": http://majles.alukah.net/showpost.php?p=125667&postcount=6(/)
الدرة العثيمينية (1):التعريف ... و ما رأيكم؟
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 03:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي طلبة العلم
كنتُ أطلعُ على كتاب
(الدرة العثيمينية بشرح فتح رب البرية بتلخيص الحموية)
للشيخ الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -
الكتاب مطبوع في (مكتبة الإمام الذهبي) في (الكويت)
(ملاحظة لإخواننا في الكويت
: العنوان: الكويت - حولي - شارع المثنى الهاتف: 2657806)
ولمّا أني لا أستطيع تصوير الكتاب ورفعه وأحببتُ أن يستفيد إخواني , قلت ُأنزله مختصراً على شكل حلقات على المجلس إلى أن يقيظ الله سبحانه وتعالى من يصوره لنا.
وهو عبارة عن كتاب لخّصه الشيخ رحمه الله تحريراً من كتابٍ مشهور لشيخ الإسلام عنوانه (الفتوى الحموية)
إثر سؤال أتاه من مدينة (حماة السورية) , كما في الواسطية فهو سؤال من مدينة (واسط العراقية - أعادها الله -) , كما في الرسالة البعلبكية نسبةً إلى (بعلبك اللبنانية) , أو في الرسالة التبوكية لابن القيم نسبةً إلى تبوك.
ومن باب الإستطراد:
حماة , مدينة أبي الفداء , التي حصلت بها المذبحة المشهورة عام 1402 هـ , فقد انقضت قوات النظام النصيري الكافر الحاكم إلى الآن على مدينة حماة المسلمة , واستخدمت في هجومها أحدث أنواع الأسلحة الفتاكة في وقتها من صواريخ وقنابل ومدافع , ولعبت الطائرات الحربية دوراً مهماً , وأسفر الهجوم الوحشي عن تدمير عدد كبير من مساجد المدينة وأحيائها القديمة , وقام الأوغاد على هتك أعراض المؤمنات المسلمات , وقد رُأيَ أطفال حماة في مسجد خالد بن الوليد في حمص وفي بعض مساجد حلب يحتضنهم أهل الخير لأنهم فقدواآبائهم وأمهاتهم وسائر أقربائهم وكان ضحايا المجزرة أكثر من ثلاثين ألف قتيل!!
والقصة معلومة إذا الأمة منكوبة في كلّ مكان من أرضها!!
والشيء بالشيء يذكر لأننا نعلم ما حدث في (سجن صيدنايا) في سوريا قبل أيام فتذكرتُ!!
واعذروني على هذه الإطالة ولكن القلب مكلوم , وليعلم من لا يعلم , وليشهد التاريخ!!
أقول: الشيخ- رحمه الله - بعد تلخيصه للكتاب قام بالتعليق عليه , ودوّن التعليقات كل من الشيخين: غزاي الأسلمي و فهد الغامدي.
الكتاب الأصل عبارة عن شُبهٍ أوردها شيخ الإسلام أو أُوردت إليه في مسألة الإسماء والصفات التي شذ فيها كثير من الفرق , وردّ عليهم بأسلوبه العقلي الفذ والنقلي الرائع - رحمه الله رحمةً واسعة - فما رأيكم ... أكمل أم .... ؟
ولا تنسوني من الردّ والدعاء
أثابكم الله
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 12:43]ـ
يا إخوان
ما رأيكم؟
ـ[ابو صبا النجدي]ــــــــ[05 - Oct-2008, مساء 11:07]ـ
بارك الله فيك أخي: طالب الإيمان
وياليتك أكملت؟؟ أتحفنا جزيت الجنة بما لديك لعل كلمة منك تقع موقعها.
ـ[أيمن عبدألله عبدألفتاح]ــــــــ[06 - Oct-2008, صباحاً 01:18]ـ
أكمل بارك الله فيك ..................... شوّقتن ا
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[06 - Oct-2008, صباحاً 05:25]ـ
هات هات ...
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[06 - Oct-2008, مساء 04:27]ـ
أكمل بارك الله فيك
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[06 - Oct-2008, مساء 05:49]ـ
أتمنى (من قلبي) , ولكن أخي " إمام أندلس " يعلم أنني إلى سفرٍ أقرب.
والكتاب حقيقةً سيصبح بعد يومين بعيد عني , فلا فائدة من الإكمال.
وأنا عندما عرضتُ الأمر كان لدي متسع من الوقت.
ــــ
أخي (عبد الله العلي): قريباً سأرسل لك الحلقات تباعاً , لأن الحلقات في مكان , والكتب في مكان , وقلبي في مكان , و جسدي في آخر!!
ولكن أرسل لي بريدك!
شكراً للأخوة ,,, أتمنى أن تعذروني , وأتمنى أن أستطيع تصوير الكتاب ورفعه قريباً!(/)
هل صفة الجبن موجودة في أحد الصحابة؟
ـ[أبو عبد الله المنصوري]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 07:03]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلوم لدى القاصي والداني فضل الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعاً
ولكن قد يكون في بعض الصحابة صفات ليست من الصفات المحمودة عند الناس
ومن هؤلاء الصحابة حسان بن ثابت رضي الله عنه فقدانتشر عند كثير من الناس
أنه متصف بصفة الجبن
فهل ثبت ذلك عنه رضي الله عنه وعن ساء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ[أمل*]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 08:14]ـ
أخي الفاضل، لايجوز أن نتحدث عن الصحابة كما نتحدث عن أي شخص اخر، والصحابة كلهم عدول، والواجب علينا ذكر محاسنهم والكف عن ذكر مسوائهم،وهم ليسوا معصومون من الخطأ.
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 08:18]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
اتق الله يا أخي. . لا يجوز لك الكلام هذا. . وليس صحيحا ما ذُكر عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه.
سبق وقرأتُ ردا جميلا على مَن يتهم حسانا بالجبن في المجلة العربية قبل عشر سنوات ولعلي أجده وأنقله هنا بإذن الله.
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 10:04]ـ
دعك عن البحث عن عيوب النّاس(/)
الهدوء .. (د. سلمان العودة).
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 07:20]ـ
د. سلمان بن فهد العودة 16/ 7/1429
19/ 07/2008
"أَهْدأُ ما يكون البحر عميقاً"
"العربة الفارغة أكثر جلبة من العربة الملأى"
الأمثلة الإنسانية تحفل بإبراز الهدوء على أنه فضيلة؛ وهو كذلك.
فالعقل يؤدي دوره حين يكون الجو صحواً، أما إذا حامت حوله سحب الغضب؛ فإنه ينكسف ويضعف، ويصبح تابعاً ذليلاً للعاطفة العاصفة!
ولا يجد خصمك ما يهزمك به أكثر من أن يجعلك في حالة استفزاز؛ فأنت حين تبتسم تفقد عدوك لذة الانتصار.
يقول ربنا سبحانه: "وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ" [الشورى:37].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ تَتَوَقَّدُ".رواه أحمد وهو عند الترمذي والبيهقي
وحين حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيْ عَمِّ قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ". فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ". فَنَزَلَتْ "مَا كَانَ لِلنَّبِيِِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".
الموقف صعب، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أحب أبا طالب، وقدّر مواقفه النبيلة إلى جانبه، وهو في النزع؛ فهي الفرصة الأخيرة ولن تتكرر، والموضوع هو أخطر الموضوعات على الإطلاق، هو موضوع الإيمان بالله ورسله وعبادته وتوحيده ولا يتطلب الموقف من أبي طالب أكثر من النطق بالشهادتين، وهو كان يقول:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحاً بذاك مبين
وبررتني وعلمت أنك ناصحي ولقد صدقت وكنت قبل أميناً
ويقول:
لَقَد عَلِموا أَنَّ اِبنَنا لا مُكَذَّبٌ لَدَيهم وَلا يُعنى بِقَولِ الأَباطِلِ
فوالله لولا أن أجيء بسبة تجر على أشياخنا في المحافلِ
لكنا اتبعناه على كل حالة من الدهر جداً غير قول التهازلِ
ولقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم بفطرته أن الانفعال في هذا الموقف لا يزيد الأمر إلا تعقيداً، فقال بكل هدوء، ولطف:
يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاجّ لك بها عند الله.
ويعيدها عليه.
ولم يشأ صلى الله عليه وسلم أن يدخل في عراك مع قطّاع الطريق ممن حول عمه، وكانوا يثبتونه على الشرك ويقولون:
أترغب عن ملة عبد المطلب؛ فيذكرونه بأجداده ودينهم، ويحذرونه من خلافهم "وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ" [صّ: 6]، وهذا يذكّر بموقف نوح عليه السلام، وهو منهمك بتقرير الأصل الأكبر: الإيمان والتوحيد "رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" [نوح:5 - 14].
هل يجوز أن نسوّغ لأنفسنا حين تغضب وتثور أننا على الحق، أَوَ َليس الحق دافعاً إلى الهدوء والصبر وسعة الصدر؟!
أليس الغضب عاصفة تشوش على وسائل الاتصال والتلقي وتمنع التركيز؟
حين تقرأ لوحة جميلة تقول لك "الحلم سيد الأخلاق" وتتأملها تجد أن الحلم حين الاختلاف والاتفاق والقبول والرفض؛ وسام يتزين من اختاره الله لذلك، ليزيد في فضائله ويخفف من رذائله، حتى الظالم حين يكون حليماً يختلف الناس حوله، ويلتمس قوم له المعاذير.
ما سر الاحتدام والروح الغضبيّة التي تطبع كثيراً من العرب اليوم بميسمها؛ حتى ليبدو أن معيار الغيرة والقوة والشجاعة هو الغضب؛ بينما يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ".
لن يبلغ المجدَ أقوامٌ وإن عظموا حتّى يذلّوا وإن عَزّوا لأقوام
ويُشتَموا فترى الألوان مُسفِرةً لا صَفحَ ذُلّ ولكن صفحَ أحلام
الأمر لا يتطلب إلغاء الطبيعة الإنسانية أو تجاوزها، أو إقصاء الغضب أبداً، فهذه مهانة لا تتفق وعزة المرء وكرامته، بيد أن مقدار الغضب والجاهزية له لدى شعب أو أمة تحتاج إلى معايرة وضبط، ولا يجوز أن نعتبر الانسياق مع طبيعتنا هو مقتضى الديانة، فالدين جاء للتهذيب والتزكية والتربية، وفي مكة تربى المسلمون على تحمل ألوان العنت والتعذيب دون أن ينتصروا لأنفسهم، حتى صفت فطرهم وزكت طبائعهم وتجردوا من حظوظ نفوسهم ثم أذن لهم بعد ذلك في الانتصار، بعدما تخلصوا من حمية الجاهلية.
أن يكون الغضب هو الأصل في حياتنا وعلاقاتنا وخطبنا ومواقفنا ولغتنا؛ فهو منذر بفقدان السيطرة على النفس والاحتكام إلى العقل والمصلحة.
http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_*******.cfm?id=6 4&catid=38&artid=13338
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 11:59]ـ
لله دره و درك ...
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 06:50]ـ
بارك الله فيك
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 08:49]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[ابراهيم شامي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 09:20]ـ
أثابكـ الله وحفظ الله الشيخ سلمان العودة
ـ[نداء الأقصى]ــــــــ[08 - Aug-2008, صباحاً 04:33]ـ
كلمات مباركات، ثبتنا الله وإياكم على الحق.
ـ[بريق النور]ــــــــ[10 - Jul-2010, مساء 09:01]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[جذيل]ــــــــ[11 - Jul-2010, صباحاً 01:04]ـ
لن يبلغ المجدَ أقوامٌ وإن عظموا حتّى يذلّوا وإن عَزّوا لأقوام
.....(/)
الرد على سعيد فودة في صفة الإرادة
ـ[وضاح الحمادي]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 07:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع كنت نشرته في منتدى الأصلين منتدى المناظرات والمحاورات ست مرات، وقام فودة وجمال عبداللطيف المشرفان على المنتدى بحذفه ست مرات، فرأيت أن أنشره هنا، رجاء أن ينفع الله به.
فإن كان ثم خطأ فصححوا لي.
والسلام عليكم ورحمة الله
الرد على فودة في مسألة الإرادة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (ولا يكون إلا ما يريد)
أقول:
يكون هنا تامة بمعنى يوجد أو يحصل، وقد سلمه فودة، ومعنى الكلام على هذا أنه لا يوجد إلا ما أراد الله وجوده. وإرادة الوجود هي المعروفة عن أهل السنة اليوم بالإرادة الكونية أو التكوينية على وجه الاصطلاح لا الوضع اللغوي، وهذه لا يتخلف عنها المراد، وهذا كله يسلمه فودة، ولا خلاف لنا معه.
قال فودة (والمعنى: لا يوجد إلا ما يريده الله. كل ما هو كائن وموجود وواقع في الوجود فهو بإرادة الله قد وقع. والباء إما سببية أو للملابسة: إرادة الله سبب وجود الموجودات، هذا يستلزم أن كل ما أراد الله عدم وجوده فإنه لا يمكن أن يوجد. يعبر العلماء عن هذا المعنى: يستحيل تخلّف إرادة الله سبحانه. بمجرد تعلق إرادة الله بشيء يستحيل أن يتخلف وجوداً. هذا ما يسمى بمفهوم الإرادة عند علماء أهل السنة)
وكلامه هنا حسن إلا قوله: (هذا ما يسمى بمفهوم الإرادة عند أهل السنة) فإن هذا لا هو تعريف الإرادة ولا هو مفهومها على فرض المخالفة بين تعريفها والمفهوم منها، ولكنها فائدة الإرادة، فإن قال: إنما أردت هذا. قلنا: أسأت العبارة.
وإلا فالإرادة عند أئمته صفة زائدة على الذات تقتضي اختصاص الممكن ببعض الصفات دون بعض. وقولنا "تقتضي الاختصاص" أحسن من قول بعضهم "تخصص" فإن إخراج الممكن إلى حيز الوجود هو فعل القدرة، والقدرة لا تخرج الممكن كلياً، بل مخصوصاً ببعض الصفات، والإرادة تقتضي أن تخرجه القدرة على الوجه المخصوص لا أنها هي تفعل ذلك في الممكن. ولهذا عبر الصابوني في (البداية من الكفاية) صفحة 82 بالاقتضاء، وعبارته بتمامها "وهي صفة تقتضي تخصيص المفعولات بوجه دون وجه ووقت دون وقت"
وأنا لا أقول أن فودة يجهل هذا التعريف، فإنه قد استدرك ذلك وذكر التعريف بما يقرب مما ذكرت وهو قوله: " الإرادة عبارة عن صفة يتصف الله بها. بتوسط هذه الصفة يتم تخصيص الموجودات أو الممكنات بما يجوز عليها من الصفات" وهذا التعريف مع أنه منتقد لعمومه، فإنه يلتقِ مع ما ذكرنا في كونها تقتضي التخصيص على الوجه المذكور.
ووجه الانتقاد أنه لم يذكر كون الصفة زائدة عن الذات، فلم يتميز من هذه الحيثية عن مذهب من قال أن الله جل وعلا مريد لذاته كما هو مذهب النجار من المعتزلة، ولا تميز عن مذهب القائلين أنها صفة زائدة قائمة لا في محل كما هو مذهب أبي هاشم وغيره من المعتزلة.
كما أن قوله "تخصيص الموجودات أو الممكنات" هكذا منقوض عليه بأن الإرادة لا تعلق لها بصفات الله تعالى، من علم وقدرة وحياة وسمع وبصر وكلام، فإن هذه الصفات كل واحدٍ منها يختص بما يميز عن الأخرى، ومع ذلك لا تعلق للإرادة بها أصلاً.
فعبارته هنا سيئة أيضاً، وإلا فهو يعرف وجوب تقييد ذلك بالممكنات كما ذكره هو نفسه في شرحه للطحاوية حيث قال: " في نفس الأمر هي صفة تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه" فذكر تعلقها بالممكنات.
وهذا التعريف أيضاً يدخل عليه الانتقاد من جهتين، الأول قوله التخصيص كما تقدم، والثاني قوله "ببعض ما يجوز له" وأظنه أخذه والله أعلم من شرح الميداني على الطحاوية، ولم أجزم لجواز أن يكون الميداني نفسه أخذه من بعض من سبقه، فيكون ذلك السابق هو مصدر فودة أيضاً. والله أعلم.
لكن لا أرى الإطالة بهذا إذ ليس هو مقصود الجواب. فيكفي أن المقصود من معنى الإرادة متفق عليه بينهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
واتفق أهل السنة والكلابية والأشاعرة والماتريدية على أن هذه الإرادة متى تعلقت بوجود ممكن وُجِدَ ولا بُد، فقال جميع هؤلاء "ما شاء الله كان" وهذا كافٍ في الدلالة على أن تعلق الإرادة تنجيزي. ومع ذلك زادوه وضوحاً، فنقل الميداني في شرحه عن اللقاني قوله: " .. والحاصل أن المشيئة عبارة عن الإرادة التامة التي لا يتخلف عنها الفعل، والإرادة تطلق على التامة وعلى غير التامة. فالأولى هي المرادة في جانب الله ... " ثم نقل عن اللقاني أيضاً قوله: "مذهب أهل الحق أن كل ما أراد الله تعالى فهو كائن، وكل كائن فهو مراد له، وإن لم يكن مرضياً له ولا مأمور به، وهذا ما اشتهر عن السلف ’ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن‘ وخالفت المعتزلة في الأصلين"
ومما قاله فودة في شرحه للطحاوية: " ولا يجوز أن يقال إن معنى أن الله مريد لكل شيء أنه يسمح به، أي أنه لو أراد عدم وجوده لما وجد، لأنه يؤول إلى أن إرادته تعالى سلبية، بمعنى أن بعض ما لم يرده الله قد يوجد بإرادة غيره، وهو قول المعتزلة، وهو قول باطل، ومخالف لقول الطحاوي كما تراه، لأن الطحاوي حصر الكون في الإرادة. ومعنى هذا أن كل موجود مراد لله، فلا يوجد شيء بغير إرادة الله تعالى، كما يقوله المعتزلة بوجود أمور بإرادة العبد لا بإرادة الله تعالى.
وهذه النكتة لم يتنبه إليها أحد من شراح الطحاوي، لا المجسمة ولا أهل السنة من الأشاعرة ولا من ادعى التجديد منهم؟! " انتهى.
فأنت ترى أنا ما تبجح باستدراكه لم يغفل عنه من سبقه من الشراح، ولا زال جميعهم ينبهون على أن عبارة الطحاوي هذه أو غيرها مما فيه ذكر للمشيئة فيها رد على القدرية، وهم هنا المعتزلة، ونبهوا على أن إرادته نافذة. والسماح ليس من معاني الإرادة، بل هو فعل يحتاج في وجوده إلى الإرادة، ولم تقل المعتزلة أن الله سمح بوجود ما لا يريد، لأن هذا مشعر أنه لو أراد أن لا يسمح به فلن تحدث، بل هم، تعالى الله عن قولهم، يعجزونه عن ذلك، فيزعمون أن الله لا يقدر على أفعال المكلفين، واختلفوا في قدرته على مثلها، ولو أن العبد أراد فعل الكفر والشرك لم يقدر الله عندهم على منعه، ففعله لم يوجد لسماح الله به عندهم، بل لعجزه عنه جل وعلا عن قولهم، عن منعه وعدم السماح به.
فإذا أُنكر عليهم تعجيز الله جل وعلا عن خلق فعل المكلف وإعدامه وعدم السماح بوجوده، اعتذروا بما تعتذر به الأشاعرة من تعجيز جل وعلا عن عن الفعل مطلقاً، فيقول جميعهم، إنما امتنع منه لامتناعه في نفسه والله لا يوصف بالقدرة على الممتنعات. ويجعلون العبد قادراً على جميع ذلك فيسمح بفعل غيره ويمنعه إن قدر عليه، كما يستطيع أن يفعل ما لم يكن يفعل ويترك ما كان يفعل، أما الله عند الطائفتين، فلا يستطيع شيئاً من ذلك بزعم أنها محالات، فهو في الحقيقة عاجز عندهم عن فعل الممكنات.
القصد هنا أنه ليس في كلام فودة فائدة جديدة أتى بها، بل تعبير عما سبقه إليه الناس بعبارة مغايرة.
إلا أن هذه الإرادة عند أهل السنة ليست هي المحبة والرضا والسخط والبغض، لذا فرق بينهما الإمام الطحاوي فقال في موضع آخر: (والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى) والغضب عند المتكلمين أشاعرة ومعتزلة هو إرادة الانتقام وإنزال العقوبة، والرضا إرادة المثوبة، فهما بمعنى الإرادة إلا في المتعلق. ولما كان مبنى العقيدة الطحاوية على الاختصار كان الواجب أن يكتفي بقوله (ولا يكون إلا ما يريد) وإنما حمله على ذكر الغضب والرضا أنهما صفتان ذاتيتان لله جل وعلا ليستا بمعنى الإرادة، أي التكوينية المذكورة في العبارة السابقة، وإلا لما كان لذكرهما معنى لأنه تكرار في محل الاختصار.
ولكونهما صفتان من صفات الله جل وعلا أتبع العبارة بقوله (لا كأحد من الورى). وكأنه صَعُبَ على فودة تفسيرها بما يوافق أصول معتقده فترك الكلام عليها رأساً في شرحه للطحاوية.
وهذا كما قال أبو الطاهر الهكاري القرشي رحمه الله: " .. وأن الخير والشر من الله تعالى، الخير بقضائه وقَدَره وحكمه وإرادته ومشيئته ورضائه ومحبته، والشر بقضائه وقدره وحكمه وإرادته ومشيئته، ليس بأمره ولا برضائه ولا محبته" (بيان اعتقاد أهل الإيمان) 43 – 45.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الكلابية والأشاعرة ومن وافقهم فاختلفوا في هذا، هل الحب والبغض والرضا صفات قائمة بذات الباري مغايرة للإرادة أم لا بل هي هي إلا في المتعلق؟
وأكثرهم على التسوية قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني رحمه الله في (الرسالة الوافية): "ومن قولهم ـ يريد أهل السنة بحسب فهمه لكلامهم ـ: أن الله لم يزل مريداً وشائياً ومحباً، وراضياً وساخطاً وموالياً ومعادياً، ورحيماً، ورحماناً، وأن جميع هذه الصفات راجعة إلى إرادته في عباده ومشئيته في خلقه .. " إلى آخر كلامه رحمه الله. وعليه جرى أكثر الأشاعرة.
أما من فرق منهم فإما أن يجعل للحب معنى معقول، ويسكت عن الكيف، وإما أن يثبت الصفة ويسكت عن المعنى والكيف. والثاني مفوض، ولا كلام لنا معه. أما من أثبت معنى معقول فإما أن يُجيز إطلاق لفظ الإرادة بمعنى أعم يشمل الحب والرضا، أو يقصره على معنى المشيئة النافذة. فعلى الأول لا خلاف معه، لأنه يثبت إرادة قد يتخلف عنها المراد كما في المحبة والرضا في بعض الأحيان، وقد اصطلح على تسميتها إرادة تشريعية دينية، وهي شاملة للأمر والنهي، وعلى الثاني: فالخلاف معهم لفظي فقط، وهو: هل يجوز أن يطلق على هذه الصفات لفظ الإرادة أم لا، مع التسليم أنه لا يلازمها متعلقاتها، كحصول المحبوب والمرضي. وسيأتي تفصيل ذلك.
أما من أرجع الجميع إلى معنى الإرادة، فالخلاف معه حقيقي معنوي، فنقول لهم: فأخبرونا عن ماهية الإرادة، لا فائدتها. وجوابهم أنها صفة قديمة قائمة بذاته، ثم يجعلون فائدتها هي الخاصة التي تتميز بها عن غيرها، وهي اقتضاؤها التخصيص على ما سبق، إذ لا يمكن هنا ذكر الذاتيات المقومة لكونها بسيطة والبسيط لا يحد بالحد التام، كما هو الحال في الجوهر الفرد. فلنقنع منهم بذلك ولنقل:
أيتصف الله بإرادة واحدة أم له إرادات متعددة؟
جوابهم: واحدة.
ثم نقول: أيجوز عليها التغير أم لا؟
الجواب: لا.
ثم يُقال لهم: بعد الاتفاق على أن تعلقها الإرادة، هل تتغير الإرادة بالمتعلقات المختلفة، كالمحبة والرضا، والغضب والبغض؟
إن قالو: نعم. بطل قولهم بالإرادة الواحدة لأن الغضب بالضرورة غير الرضا، فإرادته المتعلقة بالمبغوض تخالف إرادته المتعلقة بالمحبوب. وهذا لا يجيب به الأشاعرة أصلاً، فكلهم متفقون على أن تعلق إرادته بالمكروه لا يلزم منه تغير الإرادة بحيث تختلف عن الإرادة المتعلقة بالمحبوب، بل هي كالعلم مع اختلاف المعلومات، فكما لا توجب المعلومات تغيراً في العلم فكذلك الإرادة، لم يخالف في ذلك سوى فودة، حيث قال في شرحه للطحاوي في معرض رده على ابن أبي العز رحمه الله: " .. واختلاف التعلقات لا يكون إلا باختلاف المتعلِّقِ، أي اختلاف الصفة نفسها، أي تعددها في ذاتها .. "!!
فإن اعتذر معتذرٌ فقال: إن هذا التعلق لا يوجب تغييراً حادثاً لأن تعلق الإرادة بالممكنات أزلي، فكيف يحدث التغيير في الأزل؟ فإنا لو صححنا حدوث التغاير في الأزل لكان الحدوث أزلياً، وهذا تناقض.
قلنا: هذا صحيح بالنسبة إلى حدوث التغير، ونكتفي بأنه يلزمكم التغاير في الأزل من دون أن يكون حادثاً.
أما إذا أجابوا: بلا، لا توجب المتعلقات تغاير في صفة القدرة الواحدة الأزلية، بل مع اختلاف المتعلقات فالإرادة هي هي، واحدة بالعين.
قلنا: فإرادة المحبوب هي عين إرادة المبغوض. لا بمعنى أن ثمة إرادتين متماثلتين بالحقائق، بل ما ثم إلا إرادة واحدة.
فلا بُدَّ من نعم.
فيقال لهم: يلزمكم أن الله أراد خَلَقَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بنفس الإرادة التي خلق بمقتضاها إبليس اللعين.
فلا بُدَّ من نعم.
وحينئذٍ يلزمهم ما لا قِبَل لهم به، وهو أن الله جل جلاله، وتنزه عن أقوال أهل السفه والبدع، أراد أن يخلق محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكان إبليس، وأراد أن يخلق إبليس فكان نبينا صلى الله عليه وسلم. إذ أن إرادة خلق هذا هي عين إرادة خلق ذاك.
أفٍّ لقول يكون هذا هو منتهاه وقصاراه.
ثم يقال لهم: أليس أراد الله أن يخلق العالم؟
جوابهم: نعم.
فيقال: فالعالم الذي أراد الله خلقه، هل يريد الله اليوم خلقه؟
إن قالوا: لا. لزم تغير الإرادة، وهو باطل على أصل مذهبهم. لأنها قائمة بذات الله، وذاته لا تحلها عندهم المتغيرات، لأن التغير نوع حدوث، فيلزم من تغير الإرادة في ذاته حدوث الذات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن قالوا: نعم. قلنا: فيلزم أنه يريد تحصيل الحاصل، وهو إيجاد العالم الموجود، وهو باطل، إذ تحصيل الحاصل ممتنع، والله لا يوصف بالقدرة على الممتنعات، والفرض أن إرادته تنجيزية.
تعالى الله عن قولكم علواً كبيرا.
ثم يقال لهم: إرادة الله، هل هي عندكم متعلقة بكل الممكنات أو ببعضها دون بعض؟
إن قالوا: بل ببعضها دون بعض.
قلنا: فإذا جاز انتفائها من البعض جاز انتفاؤها من الباقي، لأن تعلقها بالممكنات إنما هو لإمكانها فقط، وهو مشترك بين جميع الممكنات. فلو جاز انتفاؤه من البعض لزم ما ذكرنا.
وإن قالوا: بل تتعلق بجميع الممكنات.
قلنا: فيلزمكم إما عدمها جملة أو وجودها جميعاً على صفة واحدة. بيانه إن كانت الإرادة واحدة بالعين لا يُتصور فيها التغاير بوجه، كانت إرادته لشيء هي عين إرادته لكل شيء، فإذا أرادَ العدمَ لممكنٍ كانت هذه الإرادة هي عين الإرادة في جميع الممكنات، فيلزم عدم الجميع.
وإن أراد الوجود على صفة ما، كانت هذه الإرادة هي عينها في جميع الممكنات لا يتصور تغايرها بوجه، فيلزم وجود جميع الممكنات على تلك الصفة المعينة.
وجميع هذا باطل يشهد الحس والعقل معاً ببطلانه.
ثم يقال لهم: إراداتنا مخلوقة باتفاق، وهي من هذه الجهة متعلقات لإرادة الله جل وعلا، فإذا أراد زيد تحريك جسم وأراد عمرو تسكينه، فإما أن يريد الله مراد زيد أو مراد عمرو أو المرادين جميعاً. فإن قلتم أراد مراد زيد دون عمرو، لزم أن إرادته لم تتعلق بجميع الحوادث، لأن إرادة عمرو حادثة، والله لم يرد حدوثها. وهكذا إن أراد حصول إرادة عمرو دون زيد، وقد تقدم الكلام على ما فيه. وإن قلتم: بل أرادهما جميعاً، قلنا: فهذا تناقض يتنزه الله جل وعلا عنه. إلا أن هذا يمكن الانفصال عنه بأن المراد هو نفس إرادة المخلوق لا مراده.
ويلزمهم لوازم أخرى أيضاً. لكن نكتفي بما ذكرنا ونقول: إذا تبين لك بطلان ما ذهب إليه هؤلاء صح مذهب أهل السنة وهو أن الله جل وعلا مريد بإرادة قديمة هي صفة ذاته، وليست هي المحبة والرضا والبغض والكره ونحوها، بل قد يريد الله جل وعلا ما لا يرضاه كما قال جل وعلا: (ولا يرضى لعباده الكفر) والكفر واقع منهم بإرادته. وقال جلا وعلا: (والله لا يحب الفساد) وهو موجود بإرادته وتقديره. وغيرها من الآيات
وقال القرطبي في تفسير الآية الأولى: " .. وقيل: لا يرضى الكفر وإن أراده، فالله تعالى يريد الكفر من الكافر وبإرادته كفر لا يرضاه ولا يحبه، فهو يريد كون ما لا يرضاه، وقد أراد الله عز وجل خلق إبليس وهو لا يرضاه، فالإرادة غير الرضا. وهذا مذهب أهل السنة"
وهو مذهب الطحاوي حيث أفرد مسألة الغضب والرضا عن مسألة الإرادة فقال في موضع آخر (والله يغضب ويرضى، لا كأحد من الورى)، والغضب غير الرضا وكلاهما غير الإرادة، فإن قيل: نحن نؤوِّل كلامه هنا بإرادته اختلاف التعلقات.
قلنا: فلنا ظاهر كلامه رحمه الله، ولكم تأويله.
مذهب أهل السنة والحديث في الإرادة:
قال أبو القاسم الأصبهاني الشافعي في (الحجة في بيان المحجة) 1/ 423: "والإرادة غير المحبة والرضا، فقد يريد ما لا يحبه ولا يرضاه، بل يكرهه ويسخطه ويبغضه. قال بعض السلف: إن الله يُقَدِّرُ ما لا يرضاه، بدليل قوله تعالى (ولا يرضى لعباده الكفر).
وقال قومٌ من المتكلمين: من أراد شيئاً فقد أحبه ورضيه، وأن الله تعالى رضي المعصية والكفر.
ودليلنا: أنه قد ثبت إرادته للكفر ونفي رضاه به، فقال تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) وقال (ولا يرضى لعباده الكفر) فأثبت الإرادة ونفى الرضا"
وقال أيضاً: "قال أحمد بن حنبل في رسالة الاسطخري: (إن الله يحب ويكره، ويبغض ويرضى، ويغضب ويسخط، ويرحم ويعفو، ويغفر ويعطي ويمنع). وهذا كلام يمنع أن يكون الإرادة كراهة في نفسها، لأنه فرق بينهما خلافاً لأهل الكلام أن الإرادة كراهة في نفسها. فعندنا يريد الله ما لا يحبه ولا يرضاه، بل يكرهه ويسخطه ويبغضه، والإرادة غير المحبة والرضا.
وقال جماعة من المتكلمين: الإرادة حب وبغض وغضب وسخط، وإن من أراد شيئاًَ فقد أحبه ورضيه، وأن الله تعالى رضي المعصية والكفر، وعندنا أن الرضا غير الإرادة بدليل قوله تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر) لأن النفي ضد الإثبات"
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الصابوني في (عقيدة السلف أصحاب الحديث): وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة، واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولو الألباب) " انتهى.
فصرح أن الإرادة صفة، والرضا صفة، والسخط صفة، وألزم الأخذ بظواهر ما دلت عليه النصوص رحمه الله.
واستدلوا على التفرقة بما لا يحصى من الآيات والأحاديث إلا بكلفة. وليس هذا موضع البسط لذا نقول: أما الإرادة التكوينية فهي موضع اتفاق بيننا، أما الشرعية التي قد يتخلف عنها المراد أو المرضي أو المحبوب ففي قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله تعالى (ولا يرضى لعباده الكفر) وقوله تعالى: (والله لا يحب الفساد).
والآية الأولى استدل بها الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله فاعترض عليه فودة بما لا يتفق وقول أئمة مذهبه كما سيأتي، ووجه الاستدلال بها أن إرادة الله جل وعلا لو كانت نافذة مطلقاً وليس فيها ما يدل على المحبة والرضا أو الأمر والنهي من غير أن يحدث المراد لما كان هناك عسرٌ قط، لكنه موجود. وهذا قد وافق عليه الأشاعرة، فكان حاملاً لهم على تأويل الآية إما على حذف تقديره (يريد الله أن يأمركم) أو على تأويلها بمعنى الطلب، وبالأول قال فودة في رده على ابن أبي العز، ولا يخفى أن كلا المعنيين لا يدل عليه النص بظاهره. فلا يستقيم الرد حتى تُبين الموجب لصرفه عن الظاهر. وقد قال ابن حيان في (البحر) وإنما احتيج إلى هذين التأويلين لأن ما أراده الله كائن لا محالة على مذهب أهل السنة، وعلى ظاهر الكلام لم يكن ليقع عسر؛ وهو واقع"
فتبين من كلامه رحمه الله أن استدلال ابن أبي العز موافق للظاهر، وليس له أن يلتجئ إلى التأويل من غير حامل عليه، وما ذكرتموه حاملاً ليس بصحيح، وإنما يصح لو كانت الإرادة لا معنى لها سوى ما ذكرتموه. وعندنا أن الإرادة قد تطلق ويراد بها المحبوب أو المطلوب حصوله، وإن لم يكن وجوده مراداً، والآية بظاهرها دالة عليه.
وقد حاول الألوسي رحمه الله الخروج من الإلزام فقال: "ورُدَّ ـ أي إلزام المعتزلة ـ بأن الله تعالى أراد التيسير وعدم التعسير في حقهما بإباحة الفطر، وقد حصل بمجرد الأمر بقوله عز شأنه: (فعدة من أيام أخر) من غير تخلف، وفي (البحر) تفسير الإرادة بالطلب؛ وفيه أنه التزام لمذهب الاعتزال من أن إرادته تعالى لأفعال العباد عبارة عن الأمر، وأنه تعالى ما طلب منا اليسر بل شرعه لنا، وتفسير اليسر بما يسر بعيد" انتهى (روح المعاني) 2/ 62.
وقد أخطأ رحمه الله في أمرين: الأول فيما نسبه إلى (البحر) من تفسير الإرادة بالطلب، فإن ابن حيان رحمه الله ذكر في تفسير الآية أمرين: الأول: حمل الإرادة هنا على الحقيقة، والثاني: على المجاز وأنها بمعنى الطلب هنا، وصرح بأن الطلب غير الإرادة. فعلى الأول؛ فإن في الآية محذوف وتقدير الكلام (يريد الله أن يأمركم باليسر) أو (يريد أمركم باليسر) وليس في هذا حمل الإرادة على معنى الأمر، وإلا لم يحتج إلى تقدير محذوف أصلاً. وعلى الثاني: فإن الإرادة لا تعني الطلب، لأنها لم تحمل عليه إلا مجازاً، ولو كانت الإرادة بمعنى الطلب لم يكن حملها عليه مجازياً، وقد صرح ابن حيان بالمجاز هنا. ثم أتبع ذلك مباشرة بأن الإرادة ليست بمعنى الطلب عند أصحابه. فأخطأ عليه الألوسي إذ اقتصر على نقل أحد المعنيين دون الثاني. وأخطأ حين نسب إليه ذلك القول جزماً، وهو إنما ذكر معنيين على سبيل احتمال الآية لأحدهما من دون أن يجزم بالمراد منهما، وليس منهما ما ذكره الألوسي ونسبه
(يُتْبَعُ)
(/)
إليه. رحم الله الجميع.
على أن من أئمة الأشاعرة من صرح أن الإرادة تطلق بالاشتراك على المخصصة والأمر أو الطلب، كالشهرستاني، وسيأتي نقل كلامه.
والخطأ الثاني الذي وقع فيه هو في محاولته الخروج من إلزام المعتزلة بأن الله جل وعلا إنما أراد التيسير بواسطة الإباحة. فالسؤال عائدٌ عليه بأن يقال: فهل حصل التيسير بالإباحة لمن لم يأخذ بها؟ إن قال: نعم؛ كابر. وإن قال: لا، قلنا: فالآية مصرحة بأن الغرض من الإباحة وقوع التيسير ولم يقع لوجود من لا يأخذ بها.
وقد يعترض معترض بأن المراد هو التيسير لمن يعمل بالإباحة خاصة. وليس المراد التيسير لمن لم يأخذ بها. ويجاب بأن الإباحة إن كانت واقعة من أجل التيسير كانت الإرادة شاملة لكل من شُرِعَت له الإباحة، وإلا كان معنى الكلام أن الله أباح الفطر للمريض والمسافر يريد بذلك التيسير ولا يريده، وهذا إن لم يكن تناقضاً فإنه يعود على عموم الآية بالنقض، فهو باطل. بيانه أن معنى الآية على هذا التفسير أن المسافر أو المريض إن أفطر فإن الله شرع له الإباحة للتيسير، وإن لم يُفْطِر فإن الله شرع له الإباحة لغير التيسير.
ولعله من أجل ذلك لم يعول ابن حيان رحمه الله على هذا الجواب وصرح بأن الآية تحتاج إلى التأويل.
أما قوله جل وعلا (ولا يرضى لعباده الكفر) فهي أوضح دلالة من سابقتها. قال البغوي في تفسيرها: "قال ابن عباس والسدي: لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر، وهم الذين قال الله تعالى: "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان" فيكون عامًا في اللفظ خاصًا في المعنى، كقوله تعالى: "عينًا يشرب بها عباد الله" يريد بعض العباد، وأجراه قوم على العموم، وقالوا: لا يرضى لأحد من عباده الكفر.
ومعنى الآية: لا يرضى لعباده أن يكفروا به. يروى ذلك عن قتادة، وهو قول السلف، قالوا: كفر الكافر غير مرضي لله عز وجل، وإن كان بإرادته"
وقال القرطبي في تفسيرها: "وقال ابن عباس والسدى: معناه لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر، وهم الذين قال الله فيهم: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وكقوله: (عينا يشرب بها عباد الله) [الإنسان: 6] أي المؤمنون. وهذا على قول من لا يفرق بين الرضا والإرادة. وقيل: لا يرضى الكفر وإن أراده، فالله تعالى يريد الكفر من الكافر وبإرادته كفر لا يرضاه ولا يحبه، فهو يريد كون ما لا يرضاه، وقد أراد الله عزوجل خلق إبليس وهو لا يرضاه، فالإرادة غير الرضا. وهذا مذهب أهل السنة" انتهى.
وقد اختلف في إطلاق لفظ الإرادة على الرضا، فمن جوز إطلاقه فمنهم من رأى الاثنين شيئاً واحداً، إلا أن الإرادة أعم تعلقاً، وهو مذهب الأشاعرة، ومنهم من قال إن الرضا غير الإرادة في المعنى والمتعلق جميعاً وإطلاق اللفظ عليهما إما على سبيل التواطؤ أو المجاز في الرضا. وقيل الاشتراك، وليس بشيء. والله أعلم.
وعلى الأخير يمكن أن يقال بانقسام الإرادة إلى كونية وهي التنجيزية، وشرعية وهي التي يمكن أن يتخلف معها المراد. كما هو مذهب أهل السنة الذين قدمنا قولهم سابقاً.
وقد اضطر بعض الأشاعرة إلى التسليم بالفرق بين مراد الله المتعلق بالحصول وعدمه، ومراده المتعلق بفعل العبد من حيث هو كسبه خاصة، فقالوا: الأول حاصل لا محالة، والثاني إنما تتعلق به المحبة والرضا والبغض والسخط، كما قاله الشهرستاني رحمه الله.
قال الشهرستاني: " ... والسر في ذلك أن الإرادة الأزلية لم تتعلق بالمراد من أفعال العباد من حيث هو مكلف به إما طاعة وإما معصية وإما خيراً وإما شراً، بل لا تتعلق به من حيث هو فعل العبد وكسبه على الوجه الذي ينسب إليه؛ فإن إرادة فعل الغير من حيث هو فعله تَمَنًّ وشهوة، وإنما يتعلق به من حيث هو متجدد متخصص بالوجود دون العدم، متقدر بقدر دون قدر، وهو من هذا الوجه غير موصوف بالخير والشر، وإن أُطلق لفظ الخير على الوجود من حيث هو وجود فذلك إطلاق بمعنى يخالف ما تنازعنا فيه، فالباري تعالى مريد الوجود من حيث هو وجود، والوجود من حيث هو وجود خير، فهو مريد الخير وبيده الخير، وأما الوجه الذي ينسب إلى العبد هو صفة لفعله بالنسبة إلى قدرته واستطاعته وزمانه ومكانه وتكليفه، وهو من هذا الوجه غير مراد للباري تعالى، وغير مقدرو له!! ولما تقرر عندنا بالبراهين السابقة أنه تعالى خالق أعمال العباد كما هو خالق الكون كله، وإنما هو خالق بالاختيار
(يُتْبَعُ)
(/)
والإرادة لا بالطبع والذات؛ فكان مريداً مختاراً لتجدد الوجود وحدوث الموجود، ثم الوجود خيرٌ كله من حيث هو وجود، فكان مرياداً الخير، وأما الشر فمن حيث هو موجود فقد شارك الخير، فهو مع ذلك شرٌّ محض، فهو تعالى مريد الوجود ومريد الخير، والعبد يريد الخير والشر" (نهاية الإقدام) صفحة 145.
ثم نقل عن الفلاسفة ما يشبه هذا القول، مع أن الفلاسفة أجروه على أصلهم في الإرادة، أما الشهرستاني فخالف بهذا التفريق أصله، لذا لم يوافقه من أصحابه سوى الآمدي. والله أعلم. بيانه: أن الوجود على المشهور من مذهب أصحابه هو عين الموجود، هذا قول أبي الحسن الأشعري، فوجود الشر هو عين الشر لا صفة زائدة على ذاته.
وقيل بل صفة اعتبارية لا وجود لها عند التحقيق، وهو مذهب الرازي وتابعه كثيرون، فلو قلنا إن الشر غير مراد لله من جهة كونه كسباً للعبد وفعلاً له، ولكنه مرادٌ لله من حيث وجوده فقط، لزم أن ليس لله فيه فعل ألبتة، وأن حقيقة الشر وذاته من فعل العبد، وإنما تعلق فعل الله بلا شيء وهو الوجود الذي هو صفة اعتبارية لا وجود لها عند التحقيق.
فإن قيل: بل لله جل وعلا فعلٌ في الحقيقة هي إخراج ذات الشر وحقيقته من حيز العدم إلى الوجود. قلنا: معنى إخراجه من حيز العدم إلى الوجود هو إيجاده، والإيجاد أمر اعتباري لا وجود له في الخارج، فكان حقيقة قولكم هذا أن الله فعل لا شيء. ويقال أيضاً: فإن كان لهذا الفعل وجود في الخارج، فهل وجوده ذات الشر وحقيقته أم غيره؟ إن قلتم بالأول؛ كان الله هو الفاعل للشر على الحقيقة، وبطل ما سطره الشهرستاني رحمه الله، وإن قلتم: بل هو أمر زائدٌ على ذاته. قلنا: فذاك الزائد ليس بشيء على مذهبكم، فيعود الإلزام وهو أن الله لم يفعل في الحقيقة شيء، وإنما الفعل هو للعبد. وهذا خلاف قولكم.
ثم إنه عاد فكرر الكلام في صفحة 145 – 146 بنحو ما تقدم وكان مما قال: " ... فما كان من فعل العبد من الذي سميناه كسباً، ووقع على وفق العلم والأمر كان مراداً ومرضياً؛ أعني مراداً بالتجدد والتخصيص مرضياً بالثناء والثواب والجزاء، وما وقع على وفق العلم وخلاف الأمر كان مراداً غير مرضي، أعني مراداً بالتجدد غير مرضي بالذم والعقاب، وهذا هو سر هذه المسألة"
فالمخالف لهم من أهل الحديث والكرامية يقول: فنحن نطلق على المحبة والرضا والبغض والسخط اسم الإرادة، ولا يجب عندنا أن يحصل هذا المراد خاصة، إما لكونه من فعل العبد من حيث هو كسبه كما تقولون، وإما لأن اللغة تتسع لذلك، وقد صرح الشهرستاني بأن الإرادة تطلق ويراد بها الأمر أيضاً على سبيل الاشتراك. فلو فرضنا أنا أخطأنا فغايته أن يكون الخطأ لفظياً، مع أنكم أنتم تفسرون هذه المذكورات بإرادة الثواب والجزاء والعقاب. فحصل الاتفاق على التفرقة من جهة، وعلى صحة إطلاق اللفظ من جهة أخرى.
بل انتهى الشهرستاني إلى التصريح بالتفرقة بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية فقال: " وقد تمسكت المعتزلة بكلمات من ظواهر الكتاب منها قوله تعالى (ولا يرضى لعباده الكفر) وقوله (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات انم تميلوا ميلاً عظيماً) وقوله (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة) وقوله (وما الله يريد ظلماً للعباد) وقوله (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) وقوله (سيقول الذين أشركوا) وقوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وأجابت الأشعرية بتأويلات وتخصيصات.
وأحسن الأجوبة أن نقول إرادة الله ومشيئته أو رضاه ومحبته لا تتعلق بالمعاصي قط من حيث أنها معاص كما لا تتعلق قدرته تعالى بأفعال العباد من حيث هي أكسابهم فيرتفع النزاع ويندفع التشنيع وخرج ما قدرناه من التحقيق وإن شئت حملت كل آية على معنى يشعر به اللفظ ويدل عليه الفحوى.
أما قوله تعالى (ولا يرضى لعباده الكفر) أي لا يرضى لهم ديناً وشرعاً فإنه وخيم العاقبة كثير المضرة ... " إلى آخر كلامه.
فانظر كيف أنه رحمه الله يقرر غاية التقرير أن الإرادة المتعلقة بالمتجددات لا تتعلق بالمعصية من حيث هي معصية وكسب للعبد مع أنه أوجدها، وتتعلق بالمعصية من حيث الوجود أو التجدد، مع أنه لم يرضها. فاختلفت جهتي الإرادة. فمع اتفاقه مع أهل السنة في هذا الوجه فإنه يخالفه في أنه يجعل الإرادة واحدة بالعين لفظاً ويفرق بين أفرادها تحقيقاً، وأهل السنة يفرقون بينهما لفظاً وتحقيقاً.
وهنا أمر، وهو أن فودة في رده على ابن أبي العز استنكر قوله في الإرادة أنها نوعان، وهو استنكار غريب. ذلك أنه بناه على أن الإرادة واحدة بالعين، وبالتالي الواحد بالعين لا يكون نوعين. هذا مع أن خصمه لا يسلم له أن الإرادة واحدة بالعين، بل الإرادة غير الرضا وغير المحبة وغير السخط والغضب عنده، فإطلاق لفظ الإرادة عليها هو من باب إطلاق العام على أفراده من ربما على أحد الأوجه التي ذكرناها سابقاً من تواطؤ أو قرينة كون المحبوب مراد حصوله، والمكروه مرادٌ عدمه وغير ذلك، وعند التحقيق فالمحبة ليس بإرادة لأن إرادة حصول المحبوب ليست هي عين المحبة بل لازم لها.
وأنت ترى هنا أن الشهرستاني فرق بين الرضا بل الإرادة لفعل العبد من حيث هي فعله وكسبه، وبين المتعلقة بفعل العبد من حيث تجدده وكونه. مع أن الإرادة عنده وعند أصحابه واحدة بالعين، فكان هو أولى بالنقد من ابن أبي العز الذي يفرق بين الإرادة والرضا والمحبة إلى آخر ما تقدم.
وأخيراً، انتقد فودة على ابن أبي العز تسميتها أحد قسمي الإرادة بالشرعية، وصحح أن يقال: "التشريعية" وهو خطأ من وجهين: الأول: أنه رحمه الله ذكر أنه يدخل في الشرعية الرضا والمحبة، وليسا بتشريع. ثانياً: أنه على فرض أنها خاصة بالتشريع فيجوز تسميتها أيضاً بالشرعية، وذلك كما الله عز وجل (شرع لكم من الدين) فالتشريعية من شرَّع بتشديد الراء، والشرعية من شرَعَ بغير تشديد، وكلاهما بمعنى. ومن الأخير قول البعض "شريعة حاموراي" أي تشريعه.
والحمد لله على ما هدانا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 05:53]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
رد موفق إن شاء الله
ـ[أبو عُبيدة]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 06:51]ـ
بارك الله فيك
وأنا حضرت كتابتك الموضوع وحذفه في منتدى الأصلين أكثر من مرة
ويدعي فودة ومن معه أنهم لا يمانعون من الحوار ومستعدون لإبطال كل أدلتنا ... الخ
فإذا جاءت المواضيع العلمية والمسائل الكبيرة حذفوها أو أرسلوا أحد سفهائهم ليصب الكلام القبيح على كاتبها فإذاما رد عليه أوقفوه بحجة إساءة الأدب، وتركوا صبيهم
وإذا كان المناقش ضعيفاً أو لا يظهر قوته في فهم المسائل ناقشوه وتكالبوا عليه
ونصيحتي لطلبة العلم أن يزوروا منتداهم ويردوا عليهم في قسم (المحاورات) وأن لا يتركوا لهم الفرصة بهذا المنهج الرديء ليقولوا: ما أحد قادر على حوارنا
بل تكالبوا عليهم حتى يفضح أمرهم ويقوموا بإغلاق هذا القسم (المحاورات والمناظرات)
ومن أراد المساعدة ممن لا يعرف منتداهم أو يرغب بخلفية عنه فأنا مستعد
ـ[أبو الفضل الجزائري]ــــــــ[14 - Oct-2008, مساء 10:27]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يبدو والله أعلم أن الأمر جد شائك بالنسبة لهؤلاء الأشاعرة وأنا من عجلتي لم أستطع قراءة كل ما جاء في رد الأخ الكريم، والمهم أن قولهم في الإرادة والعلم وغيرهما من الصفات التي أثبتوها وقالوا أنها ملازمة للذات الإلهية من أفسد الأقوال على الإطلاق، وما ذلك إلا للاتزامهم بأن من حلت عليه الحوادث فهو حادث، فاضطروا إلى جعل الإرادة واحدة تحصل عنها إرادة مختلفة وأنها قديمة والحادث إنما هو التعلق، وقد رد عليهم ابن رشد في منهاج الأدلة وأظن شيخ الإسلام أقره على تزييف أدلتهم في كتابه درأ التعارض: بأنه إذا كانت قديمة فإنه لا يتخلف المراد (الفعل) وبالتالي أزلية الحوادث، فإن قالوا أن التعلق هو الحادث قيل لهم متى تعلقت الإرادة أبالعدم أم بالوجود، فإن قالوا بالعدم كان العدم عندهم شيئا موجودا فهو أزلي وهذا باطل، وإن قالوا بالموجود أقروا بحدوث الإرادة لأن التعلق حادث وما تعلق بالحادث لا يكون إلا حادثا، لأن تعلقه بعدمه يفضي إلى القول بأزلية العدم ووجوديته وهذا باطل، فصارت حادثة وهو المطلوب.
ـ[أبو سيف الإسلام الجزائري]ــــــــ[26 - Jun-2009, صباحاً 11:35]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي
هل تعرف كيف وصلت إلى موضوعك؟
وصلت لإليه عن طريق منتدى الاشعريين الحاقدين
وجدت رابط موضوعك هنا
وهذا موضوع احد اعضاءهم الحاقدين يسأل
http://www.aslein.net/showthread.php?t=10299
وطبعا لم يجبه أحد اقرأ ماذا كتب والموضوع فارغ من الردود
فجزاك الله خيرا اخي على اخراصهم
زادك الله توفيقا(/)
هل يوجد بحث مفصل عن أحكام العيب في الفقه؟؟
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 09:01]ـ
أحاول العثور على بحث موسع عن أحكام العيب في الفقه الإسلامي
ووجدت كتابا بعنوان " أحكام العيب في الفقه الإسلامي " للدكتور إسماعيل العيساوي
فهل يوجد هذا الكتاب على الشبكة pdf
أو أي يحث آخر عن أحكام العيب
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد السالم]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 10:24]ـ
هناك بحث الدكتور عبد الله بن محمد الطيار بعنوان خيار المجلس والعيب في الفقه الإسلامي طبع دار المسير.
ـ[توبة]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 10:49]ـ
وفقك الله أخي الكريم.
للنووي تفصيل مفيد في هذا الباب يُراجع في المجموع.
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 11:02]ـ
جزاكم الله خيرا
لكن هل الكتاب موجود على الشبكة أخي الفاضل
ملحوظة: أبواب العيوب في المجموع أكملها السبكي لا النووي
بارك الله فيكم
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 10:35]ـ
للرفع
أرجو المساعدة(/)
**خطبة الجمعة من المغرب**
ـ[مصباح المغربي]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 10:24]ـ
السلام عليكم
تحدث خطيب الجمعة اليوم من أحد مساجد المملكة المغربية عن الصراط المستقيم ومعاني اتباع طريق الله عز وجل وقال:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أسمى معاني الإعتدال والإستقامة في حياة البشر حيث كان نهجه نهجا وسطيا سمحا وهو ما يوافق الشرع،قال الله تعالى " فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلا تَرْكَنُوا إلَى الَذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ} " وقال تعالى "وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل"وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الشعار قد كثرت عليه قال صلى الله عليه وسلم أن سفيان بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قلت: (يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: قل: آمنت بالله، ثم استقم) [1]. فالإستقامة على شرع الله تعالى تحفظ المسلم من الإنحراف عن الطريق والمنهج المستقيم وتبعده عن الوقوع في الغلو أو التفريط.
وفي الخطبة والثانية أعطى الخطيب مجموعة من الوسائل التي تساعد على سلوك درب الإستقامة؛وذكر منها لزوم الإستغفار وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم واختيار الرفقة الصالحة التي تأمر بالخير وتنهى عن الشر والمحافظة على الصلوات والإكثار من الصدقات وحج بيت الله تعالى وأداء الصلوات في المسجد.نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المستقيمين ويبعد عنا كل ما يزيغنا عن نهج المرسلين آمين.
ـ[ابو عبد الملك]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 06:51]ـ
بارك الله في خطيبكم، ومن بركات الاستقامة الحديث عن الوصايا العشر في سورة الأنعام: {قل تعالوا أتلو ما حرم ربكم عليكم} فهو موضوع عظيم. جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[مصباح المغربي]ــــــــ[02 - Oct-2008, مساء 08:03]ـ
بارك الله فيك أخي أبو عبد الملك.(/)
صحيح الأدعية والأذكار فيما يقال بعد الصلاة
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 10:49]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
إخوتي وأخواتي في المجلس العلمي وفقهم الله لما يحبه ويرضاه، هذه مجموعة من الأدعية والأذكار فيما يقال بعد كل صلاة، مع بيان فضل كل ما ورد فيها من البشائر والخيرات وبشكل مختصر.
ما يقول بعد الصلاة المفروضة
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ? فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ? [النساء: 103]، وقَالَ تَعالَى: ? فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ? [الجمعة: 10].
1 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ.
2 - ثُمَّ يَقُولُ: ((أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ))، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم لاَ يَمْكُثُ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة إلاَّ مِقْدَارَ مَا يَقُولُ ذَلِكَ بَلْ يُسْرِعُ الانْتِقَالَ إلَى الْمَأْمُومِينَ، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ.
3 - ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)).
4 - ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ))، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ.
5 - ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)).
6 - ((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)).
? فضل من قال ذلك ?:
7 - ((أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟ قُولُوا: اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)).
***********
8 - ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ)).
9 - ((رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ، أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ)).
10 - ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ)).
11 - ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَذُنُوبِي كُلَّهَا، اللَّهُمَّ أَنْعِشْنِي وَأَجِرْنِي، وَاهْدِنِي لِصَالِحِ الأَعْمَالِ وَالأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لِصَالِحِهَا، وَلا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ)).
12 - ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي)).
? فضل من قال ذلك ?:
((فَقَدَ جَمَعَ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ)).
13 - وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: ((جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ)).
***********
(يُتْبَعُ)
(/)
14 - ثُمَّ يَقُولُ: ((سُبْحَانَ اللَّهِ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ((اللَّهُ أَكْبَرُ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً).
? فضل من قال ذلك ?:
((تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ، إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ)).
***********
15 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((سُبْحَانَ اللَّهِ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ((اللَّهُ أَكْبَرُ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ثُمَّ يَقُولُ تَمَام الْمِائَةِ: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)).
? فضل من قال ذلك ?:
((غُفِرَتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)).
***********
16 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((سُبْحَانَ اللَّهِ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)) (ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً)، ((اللَّهُ أَكْبَرُ)) (أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ مَرَّةً).
? فضل من قال ذلك ?:
((مُعَقِّبَاتٌ، لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ، أَوْ فَاعِلُهُنَّ)).
***********
* - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((سُبْحَانَ اللَّهِ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، ((اللَّهُ أَكْبَرُ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
17 - ((خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لاَ يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ؛ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ: يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُ عَشْرًا؛ فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، وَيَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَيُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ؛ فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ))، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ!، كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟، قَالَ: ((يَأْتِي أَحَدَكُمْ يَعْنِي الشَّيْطَانَ فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا)).
18 - ((أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ، إِلاَّ مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ، تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا)).
***********
19 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((سُبْحَانَ اللَّهِ)) (خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً)، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ)) (خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً)، ((اللَّهُ أَكْبَرُ)) (خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً)، ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)) (خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً).
* - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
? اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ? (مَرَّةً وَاحِدَةً).
? فضل من قرأها ?:
20 - ((مَنْ قَرَأَ ? آيَةَ الْكُرْسِيِّ ? فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ؛ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ)).
***********
(يُتْبَعُ)
(/)
21 - أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
? قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ? (مَرَّةً وَاحِدَةً).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
? قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ? (مَرَّةً وَاحِدَةً).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
? قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ? (مَرَّةً وَاحِدَةً).
عقد التسبيح كيف يكون؟
22 - رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِينِهِ.
23 - وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ، وَلاَ تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ)).
ما يقول بعد صلاة الصبح خاصة
قد مضى ما يقوله بعد كل صلاة مفروضة، وإذا صلى الفجر، فيستحب أن يضم إلى ذلك، فيقول:
24 - ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً)).
25 - ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ (قَالَهَا) قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِيَ رِجْلَهُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ؛ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَتْ حِرْزًا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ يُدْرِكُهُ، إِلاَّ الشِّرْكَ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلاً، إِلاَّ رَجُلاً يَفْضُلُهُ يَقُولُ أَفْضَلَ مِمَّا قَالَ)).
***********
26 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ (قَالَهَا) فِي دُبُرِ صَلاَةِ الْفَجْرِ، وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، إِلاَّ الشِّرْكَ بِاللَّهِ)).
***********
27 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ (قَالَهَا) حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ بِهِنَّ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ نَسَمَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحِرْزًا مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ ذَنْبٌ، إِلا الشِّرْكُ بِاللَّهِ)).
***********
28 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشَرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
(يُتْبَعُ)
(/)
((مَنْ (قَالَهَا) حِينَ يَنْصَرِفُ مَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ أُعْطِيَ بِهِنَّ سَبْعًا: كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ نَسَمَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ حِفْظًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحِرْزًا مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ ذَنْبٌ إِلاَّ الشِّرْكَ بِاللَّهِ)).
***********
29 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (مِائَةَ مَرَّةٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ (قَالَهَا) فِي دُبُرِ صَلاةِ الْغَدَاةِ، قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ؛ كَانَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلَ أَهْلِ الأَرْضِ عَمَلاً، إِلاَّ مَنْ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، أَوْ زَادَ عَلَى مَا قَالَ)).
***********
30 - ((سُبْحَانَ اللَّهِ)) (مِائَةَ مَرَّةٍ)، ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)) (مِائَةَ مَرَّةٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، وَهَلَّلَ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ؛ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)).
فضل من جلس بعد صلاة الفجر يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ? فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ? [النور: 36/ 38].
31 - وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ، جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا.
32 - ((لأَنْ أَقْعُدَ أَذْكُرُ اللَّهَ، وَأُكَبِّرُهُ، وَأَحْمَدُهُ، وَأُسَبِّحُهُ، وَأُهَلِّلُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ)).
33 - ((لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيل)).
فضل من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين
34 - ((مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ؛ انْقَلَبَ بِأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ)).
35 - ((مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ)).
36 - ((مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ جَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تُمْكِنَهُ الصَّلاةُ؛ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ عَمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مُتَقَبَّلَتَيْنِ)).
37 - ((مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ ثَبَتَ فِي الْمَسْجِدِ يُسَبِّحُ اللَّهَ سُبْحَةَ الضُّحَى؛ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ تَامًّا لَهُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ)).
ما يقول بعد صلاة العصر خاصة
قد مضى ما يقوله بعد كل صلاة مفروضة، وإذا صلى العصر، فيستحب أن يضم إلى ذلك، فيقول:
38 - ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
(يُتْبَعُ)
(/)
((مَنْ (قَالَهَا) حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ بِهِنَّ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ نَسَمَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحِرْزًا مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي لَيْلَتِهِ ذَنْبُ إِلا الشِّرْكُ بِاللَّهِ)).
فضل من جلس بعد صلاة العصر يذكر الله تعالى حتى تغرب الشمس
39 - ((وَلأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً)) (أي: مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيل عليه السلام).
40 - ((لأَنْ أَقْعُدَ أَذْكُرُ اللَّهَ، وَأُكَبِّرُهُ، وَأَحْمَدُهُ، وَأُسَبِّحُهُ، وَأُهَلِّلُهُ مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيل)).
ما يقول بعد صلاة المغرب خاصة
قد مضى ما يقوله بعد كل صلاة مفروضة، وإذا صلى المغرب، فيستحب أن يضم إلى ذلك، فيقول:
41 - ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ (قَالَهَا) عَلَى إِثْرِ الْمَغْرِبِ؛ بَعَثَ اللَّهُ مَسْلَحَةً يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ)).
***********
42 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشْرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ قَالَهَا بعْدَ الْمَغْرِب؛ كُنَّ كَعَدْلِ أَرْبعِ رِقَاب، وَكُتِب لَهُ بهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ)).
***********
43 - أَوْ يَقُولُ تَارَةً: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (عَشَرَ مَرَّاتٍ).
? فضل من قال ذلك ?:
((مَنْ (قَالَهَا) حِينَ يَنْصَرِفُ مَنْ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ؛ أُعْطِيَ بِهِنَّ سَبْعًا: كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ نَسَمَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ حِفْظًا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَحِرْزًا مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي لَيْلَتِهِ ذَنْبٌ، إِلا الشِّرْكَ بِاللَّهِ)).
ما يقول بعد صلاة الضحى
44 - ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ)) (مِائَةَ مَرَّةٍ).
ما يقول بعد صلاة الوتر45
45 - ((سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ)) (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ) يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ فِي الأَخِيرَةِ يَقُولُ: رَبِّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ)).
.............................. ..............
1 - أخرجه البخاري (1/ 288) ومسلم (1/ 410).
2 - أخرجه مسلم (1/ 414) من حديث ثوبان رضي الله عنه وجاء من طريق آخر من حديث عائشة رضي الله عنها: ((يا ذا الجلال والإكرام)).
3 - أخرجه البخاري (1/ 289) ومسلم (1/ 414) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
4 - أخرجه مسلم (1/ 415) من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
5 - أخرجه البخاري (3/ 1038) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
6 - [صحيح]: أخرجه أبو داود (2/ 86) والنسائي (3/ 53) من حديث معاذ رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (7969).
(يُتْبَعُ)
(/)
7 - [صحيح]: أخرجه أحمد (2/ 299) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (844).
8 - [صحيح]: أخرجه النسائي (8/ 262) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه وأنظر تمام المنة (ص/233).
9 - أخرجه مسلم (1/ 492) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
10 - [صحيح]: أخرجه النسائي (3/ 71) من حديث عائشة رضي الله عنها وأنظر صحيح النسائي (1344).
11 - [حسن]: أخرجه الطبراني (8/ 200) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأخرجه الطبراني في الصغير (1/ 365) وفي الأوسط (4/ 363) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (1266).
12 - [صحيح]: أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1/ 227) وابن خزيمة في صحيحه (1/ 366) واللفظ له من حديث طارق الأشجعي رضي الله عنه وهو في صحيح مسلم (4/ 2073) من غير تقييده بدبر الصلاة.
13 - [حسن]: أخرجه الترمذي (5/ 526) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (1648).
14 - أخرجه البخاري (1/ 289) ومسلم (1/ 416) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
15 - أخرجه مسلم (1/ 418) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
16 - أخرجه مسلم (1/ 418) من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه.
17 - [صحيح]: أخرجه أبو داود (4/ 316) واللفظ له والترمذي (5/ 478) والنسائي (3/ 74) وابن ماجه (1/ 299) من حديث ابن عمرو رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (3230).
18 - أخرجه البخاري (5/ 2331) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
19 - [صحيح]: أخرجه الترمذي (5/ 479) والنسائي (3/ 76) من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (101) وأخرجه النسائي (3/ 76) من حديث ابن عمر رضي الله عنه وأنظر تمام المنة (ص/227).
20 - [صحيح]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 30) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (6464).
21 - [صحيح]: أخرجه أبو داود (2/ 86) والترمذي (5/ 171) والنسائي (3/ 68) من حديث عقبة رضي الله عنه وأنظر صحيح أبي داود (1363).
22 - [صحيح]: أخرجه أبو داود (1/ 471) واللفظ له والترمذي (5/ 478) والنسائي (3/ 79) من حديث ابن عمرو رضي الله عنه وأنظر صحيح أبي داود (1330).
23 - [حسن]: أخرجه أبو داود (1/ 471) والترمذي (5/ 571) واللفظ له من حديث يسيرة الأنصارية رضي الله عنها وأنظر صحيح الترمذي (2835).
24 - [حسن]: أخرجه ابن ماجه (1/ 298) من حديث أم سلمة رضي الله عنها وأنظر الروض النضير (1199).
25 - [حسن]: أخرجه أحمد (4/ 227) من حديث عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه وهو مختلف في صحبته وأنظر تمام المنة (ص/228).
26 - [حسن]: أخرجه الترمذي (5/ 515) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (472).
27 - [حسن]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 37) من حديث معاذ رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (472).
28 - [حسن]: أخرجه الطبراني (20/ 65) من حديث معاذ رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (475).
29 - [حسن]: أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 175) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (476).
30 - [صحيح]: أخرجه النسائي (3/ 79) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأنظر صحيح النسائي (1354).
31 - أخرجه مسلم (1/ 464) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.
32 - [حسن]: أخرجه أحمد (5/ 255) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (466).
33 - [حسن]: أخرجه أبو داود (3/ 324) من حديث أنس رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (5036).
34 - [صحيح]: أخرجه الطبراني (8/ 178) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (467).
35 - [صحيح]: أخرجه الترمذي (2/ 481) من حديث أنس رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (3403).
36 - [صحيح]: أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 375) من حديث ابن عمر رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (468).
37 - [حسن]: أخرجه الطبراني (13785) من حديث أبي أمامة وعتبة السلمي رضي الله عنهما وأنظر صحيح الترغيب (469).
38 - [حسن]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 37) من حديث معاذ رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (472).
39 - [حسن]: أخرجه أبو داود (3/ 324) من حديث أنس رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (5036).
40 - [حسن]: أخرجه أحمد (5/ 255) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (466).
41 - [حسن]: أخرجه الترمذي (5/ 544) من حديث عمارة السبائي رضي الله عنه وهو مختلف في صحبته وأنظر صحيح الترمذي (3534).
42 - [صحيح]: أخرجه أحمد (5/ 415) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (2563).
43 - [حسن]: أخرجه الطبراني (20/ 65) من حديث معاذ رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (475).
44 - [صحيح]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 32) من حديث عائشة رضي الله عنها وأنظر صحيح الأدب المفرد (619).
45 - [صحيح]: أخرجه النسائي (3/ 235) من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وأنظر قيام رمضان (39).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رجب]ــــــــ[19 - Jul-2008, مساء 11:05]ـ
هل كل هذه الاذكار تقال بعد كل الصلوات؟
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 05:01]ـ
أشكركم على مروركم الكريم أخي ابن رجب ووفقكم الله لكل خير، وبالنسبة لهذه الأنواع من الأذكار، فالأفضل له أن يأتي الإنسان منها مرة بهذا، ومرة بهذا، وقد ذكرت ذلك بقولي: ((أو يقول تارة)) ليكون قد أتى بالسنة كاملة، ثم إنني وفقكم الله قد بينت كل ذكر في مكانه من الصلاة، وقد وضعتم لكم بارك الله فيكم المصادر التي اعتمدتها، فجزاكم الله خيرا، وأثابكم على سؤالكم واستفساركم.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 08:14]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=6671
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 06:51]ـ
جزاكم الله خيراً أخي ابن رجب، وأثابكم الله على جهودكم الموفقة.(/)
مهم جدا.للنقاش الجاد!! حكم النظر لوجه المرأة للمغترب و المبتعث .. أرجوا التفاعل.
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 12:01]ـ
في هذا الموضوع لا أريد مناقشة حكم كشف وجه المرأة، فأنا من القائلين بالحرمة، و المحتاجين لهذا الموضوع يقولون بنفس القول.
الموضوع مهم جدا، و هناك من يحتاجه لشؤون بحثية بحته و ليس من أجل الإفتاء، فأرجاو التفاعل.
الموضوع باختصار يهم الطالب المبتعث أو المغترب و الذي يخالط النساء في الشارع و العمل و المدرسة و غير ذلك.
هل يجوز له النظر إلى وجهها عند الحاجة - كان تكون هي المعلمة مثلا - علما أن النظر ليس بشهوة، و إنما للحاجة.
إن كان الجواب بلا. فما الذي يفعله هذا المغترب و المبتعث.
و أليس الأمر إذا اتسع ضاق و إذا ضاق اتسع.
أرجوا النقاش بكل هدوء و صراحة فالموضوع مهم جدا، و لعل الإخوة المغتربين من طلبة العلم يشاركوننا في هذا الحوار من خلال واقعهم، و حبذا لو يخبرنا أنه مغترب.
و جزاكم الله خيرا
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 12:29]ـ
النظر إلى وجه المرأة بغير شهوة سمعت الشيخ ابن عثيمين أنه قال إني متوقف فيه. وعند الحنفية والمالكية وهو مقابل الصحيح عند الشافعية جوز النظر إلى الوجه والكفين من الأجنبية إن لم يكن بشهوة ولم يغلب على الظن وقوعها ويحرم النظر إلى ما عدا ذلك بغير عذر شرعي وعند الشافعية والحنابلة عدم الجواز. هذا أفتتاح لهذه المسألة بعدها ننظر في الأدلة.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 12:59]ـ
يا أخي:
أولاً: مالذي يجيز له الإقامة في بلاد المشركين و الأصل فيه التحريم إلا بشروط فهل عرفها و امتثلها
ثم ما الذي يجيز له البقاء في مؤسسة مختلطة من مؤسسات التعليم و الأصل فيه التحريم إلا لضرورة فهل هو مضطر
ثم مالذي يجيز لها كشف وجهها دائماً من غير ضرورة أو حاجة عارضة
ثم إسأل عن حكم النظر إلى وجهها إذ اانضبطت بالأحكام الثلاثة السابقة فخذ جواب الشيخ البراك
فقد سأل أحد المبتعثين الشيخ عبد الرحمن البراك هذا السؤال و أنه تكون معه في الفصل بنات متبرجات فاشتد في الإنكار عليه و على من ابتعثه و قال قد رفع من العلماء إلى المسؤلين إنكار الإبتعاث بلا ضرورة و التوسع فيه و قال أنت آثم و يجب عليك أن ترجع و الفتوى تجدها في موقع البث المباشر في شرح القواعد الأربع و كتب غيرها
و قولك: لا أريد مناقشة حكم كشف وجه المرأة، فأنا من القائلين بالحرمة، سأناقش الموضوع لأنك قلت أنا من القائلين
فأعلم أنه نقل الإجماع على الحرمة و ليس فيها أنا منهم أو لست منهم و إنما بعض المجتهدين أباح لها الكشف للحاجة العارضة ثم تعيد التغطية بعد انتهاء الحاجة مباشرة و بشرط أيضاً و هو أمن الفتنة، و قد وسع المعاصرون هذا القول و جعلو لها أن تكشف وجهها دائماً فخالفوا الإجماع المنقول، و لهذا كشف المرأة لوجهها دائماً من غير ضرورة أو حاجة عارضة منكر يجب إنكاره كما قال ابن تيمية في فتاواه و لوكان الخلاف فيه سائغاً ما وجب إنكارة و وجب عذر من تفعله، و لما أنهى الشيخ محمد بن إبراهيم عقد الشيخ الألباني من الجامعة الإسلامية مما تسبب في مغادرته البلاد مع الحاجة له في علم الحديث، و كل الأدلة التي يستدلون بها إن دلت على شيء فلا تتعدى أن تدل على جواز كشفه لحاجة عارضة ثم ستره بعد انتهائها مع عدم الفتنة، و الراجح أنه لا حاجة لأن النقاب يكفي
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 01:21]ـ
أعلم أن قول جواز كشف الوجه للمرأة هو قول الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلا قولا" في مذهب الإمام أحمد أختاره شيخ الاسلام أنه لا يجوز. وصاحب الموضوع اشترط أن لا نخوض في هذا الموضوع ونحن نتكلم في النظر إلى وجه المرأة فأما أبتعاثه لبلاد الكفر هذا أمرا أخر له باب وجواب.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 01:25]ـ
جزاك الله خيرا على فتحك هذا الموضوع ..
تواجهني هذه المشكلة وأنا طالب في كلية في مصر .. تكلمني الأستاذة في الجامعة وهي تكشف وجهها، ولو صرفت وجهي عنها كثيرا لظنت أني " غير مهذب "، ثم نلتُ العقاب الأليم!
لعل هذا يُرد به على قول أخينا " من صاحب النقب ":
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: مالذي يجيز له الإقامة في بلاد المشركين و الأصل فيه التحريم إلا بشروط فهل عرفها و امتثلها
ثم ما الذي يجيز له البقاء في مؤسسة مختلطة من مؤسسات التعليم و الأصل فيه التحريم إلا لضرورة فهل هو مضطر
فالأمر ليس في بلاد الكفر فقط؛ بل حاصل في بلاد الإسلام.
وحكم كشف المرأة وجهها خارج هذه المدارسة - النافعة بإذن الله -؛ فيرجى أن يكون الكلام حول النقطة المثارة ..
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 02:20]ـ
جاء فى الموسوعة الفقهية الكويتية فى مادة نظر ما نصه:
َ
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ بِاخْتِلاَفِ حَال كُلٍّ مِنْهُمَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ الرَّجُل إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ (3).
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (1)، وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ: فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ (2).
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الْعَوْرَةِ الَّتِي يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
4 - يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الأَْجْنَبِيَّةِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ، وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُهَا، وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وَهَذَا الْقَوْل ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَقْصِدُ بِالْكَفِّ بَاطِنَهُ فَقَطْ، وَأَمَّا ظَهْرُهُ فَيُعْتَبَرُ عَوْرَةً لاَ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ فَرْقَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْكَفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا، فَلاَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونَ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ، وَلَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ بِسَبَبِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّجُل مُسْلِمًا إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً، فَأَمَّا الْكَافِرُ فَلاَ يَحِل لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تُبْدِيَ لَهُ أَيَّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَيُعْتَبَرُ جَمِيعُ جَسَدِهَا عَوْرَةً بِالنِّسْبَةِ لَهُ (1).
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا (2)، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِمَا ظَهَرَ مِنَ الزِّينَةِ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ (3).، قَال الْقُرْطُبِيُّ: لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ظُهُورُهُمَا عَادَةً وَعِبَادَةً وَذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ وَالْحَجِّ، فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إِلَيْهِمَا (4).
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَقَال: يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (5).، وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ، وَأَنَّ لِلرَّجُل أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِمَا (6).
(يُتْبَعُ)
(/)
وَبِمَا وَرَدَ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ قَال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، فَخَفَضَ فِيهَا الْبَصَرَ وَرَفَعَهُ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَقَال رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: أَعِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَال: مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ. قَال: وَلاَ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، قَال: وَلاَ خَاتَمٌ، وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِي هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ وَآخُذُ النِّصْفَ. قَال: لاَ، هَل مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ (1). فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَيْهَا يَدُل عَلَيْهِ قَوْل الرَّاوِي: فَخَفَضَ فِيهَا الْبَصَرَ وَرَفَعَهُ وَفِي رِوَايَةٍ: فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ (2)، فَدَل ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ (3).
وَاسْتَدَل السَّرَخْسِيُّ بِمَا وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ: أَلاَ لاَ تُغَالُوا فِي أَصْدِقَةِ النِّسَاءِ، قَالَتِ امْرَأَةٌ سَعْفَاءُ الْخَدَّيْنِ: أَنْتَ تَقُولُهُ بِرَأْيِكَ أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَإِنَّا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلاَفِ مَا تَقُول، قَال اللَّهُ تَعَالَى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا (1) فَبَقِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَاهِتًا وَقَال: كُل النَّاسِ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ حَتَّى النِّسَاءُ فِي الْبُيُوتِ (2). فَذَكَرَ الرَّاوِي أَنَّهَا كَانَتْ سَعْفَاءَ الْخَدَّيْنِ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُسْفِرَةً عَنْ وَجْهِهَا، وَاسْتَدَل أَيْضًا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ امْرَأَةً مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ فَقَبَضَ يَدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ مَدَدْتُ يَدِي إِلَيْكَ بِكِتَابٍ فَلَمْ تَأْخُذْهُ، فَقَال: إِنِّي لَمْ أَدْرِ أَيَدُ امْرَأَةٍ هِيَ أَوْ رَجُلٍ؟ قَالَتْ: بَل يَدُ امْرَأَةٍ، قَال: لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ بِالْحِنَّاءِ (3).
وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ وَجْهَ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ، فَلَمْ يَحْرُمِ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا كَوَجْهِ الرَّجُل، وَبِأَنَّ فِي إِظْهَارِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ضَرُورَةً، لِحَاجَةِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الرِّجَال أَخْذًا وَعَطَاءً وَبَيْعًا وَشِرَاءً، وَلاَ يُمْكِنُهَا ذَلِكَ عَادَةً إِلاَّ بِكَشْفِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فَيَحِل لَهَا ذَلِكَ (1).
الْقَوْل الثَّانِي:
5 - يَحْرُمُ نَظَرُ الرَّجُل بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الأَْجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا كَسَائِرِ أَعْضَائِهَا سَوَاءٌ أَخَافَ الْفِتْنَةَ مِنَ النَّظَرِ بِاتِّفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ أَمْ لَمْ يَخَفْ ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ، فَقَدْ قَال: لاَ يَأْكُل الرَّجُل مَعَ مُطَلَّقَتِهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، كَيْفَ يَأْكُل مَعَهَا يَنْظُرُ إِلَى كَفِّهَا، لاَ يَحِل لَهُ ذَلِكَ (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (3) فَلَوْ كَانَ النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مُبَاحًا لَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَلأََبَاحَ لَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوهُنَّ مُوَاجَهَةً، قَال الْقُرْطُبِيُّ: فِي هَذِهِ الآْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ فِي مَسْأَلَتِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فِي حَاجَةٍ تَعْرِضُ، أَوْ مَسْأَلَةٍ يُسْتَفْتِينَ بِهَا، وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ جَمِيعُ النِّسَاءِ بِالْمَعْنَى، وَبِمَا تَضَمَّنَتْهُ أُصُول الشَّرِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ، بَدَنَهَا وَصَوْتَهَا، فَلاَ يَجُوزُ كَشْفُ ذَلِكَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا أَوْ دَاءٍ يَكُونُ بِبَدَنِهَا، أَوْ سُؤَالِهَا عَمَّا يَعْرِضُ وَتَعَيَّنَ عِنْدَهَا (1)، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (2) وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَجْهَ الاِسْتِدْلاَل بِهَذِهِ الآْيَةِ وَالآْيَةِ السَّابِقَةِ، فَقَال: قَبْل أَنْ تَنْزِل آيَةُ الْحِجَابِ كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ بِلاَ جِلْبَابٍ يَرَى الرَّجُل وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا، وَكَانَ إِذْ ذَلِكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَكَانَ حِينَئِذٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا، لأَِنَّهَا يَجُوزُ لَهَا إِظْهَارُهُ، ثُمَّ لَمَّا أَنْزَل اللَّهُ عَزَّ وَجَل آيَةَ الْحِجَابِ بِقَوْلِهِ: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ حُجِبَ النِّسَاءُ عَنِ الرِّجَال (3).
وَاسْتَدَلُّوا بِالأَْخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ تَنْهَى عَنِ النَّظَرِ الْمُتَعَمَّدِ، وَالزِّيَادَةِ عَلَى النَّظْرَةِ الأُْولَى، وَهِيَ نَظَرُ الْفُجَاءَةِ، وَقَدْ جَاءَتْ عَامَّةً تَشْمَل جَمِيعَ بَدَنِ الْمَرْأَةِ، وَكُل مَا وَرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَْخْبَارِ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ حَالَةُ الضَّرُورَةِ أَوِ الْحَاجَةِ (1).
وَاسْتَدَلُّوا بِالْمَعْقُول مِنْ جِهَتَيْنِ:
الأُْولَى: أَنَّ اتِّفَاقَ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ الْمَرْأَةِ بِشَهْوَةٍ أَوْ عِنْدَ خَوْفِ حُدُوثِهَا يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَسَائِرِ الأَْعْضَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال، لأَِنَّ خَوْفَ الْفِتْنَةِ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ مَوْجُودٌ دَائِمًا، وَبِخَاصَّةٍ إِلَى الْوَجْهِ، لأَِنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ، وَخَوْفُ الْفِتْنَةِ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِ.
الثَّانِيَةُ: إِنَّ إِبَاحَةَ نَظَرِ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَخْطُبَهَا يَدُل عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ عَدَمِ إِرَادَةِ خِطْبَتِهَا، إِذْ لَوْ كَانَ مُبَاحًا عَلَى الإِْطْلاَقِ، فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ (2).
الْقَوْل الثَّالِثُ:
6 - يَحْرُمُ النَّظَرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ حَاجَةٍ إِلَى بَدَنِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَيُكْرَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِمَا، وَيُنْدَبُ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُمَا وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَهَذَا الْقَوْل نَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابِ الْفَتَاوَى، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَابِدِينَ أَنَّ الأَْحْوَطَ عَدَمُ النَّظَرِ مُطْلَقًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ (1).
الْقَوْل الرَّابِعُ:
(يُتْبَعُ)
(/)
7 - يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَهَذَا الْقَوْل رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الذِّرَاعَيْنِ أَيْضًا عِنْدَ الْغَسْل وَالطَّبْخِ.
وَقِيل: يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى السَّاقَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنِ النَّظَرُ عَنْ شَهْوَةٍ.
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْقَدَمَيْنِ بِالأَْثَرِ وَالْقِيَاسِ، أَمَّا الأَْثَرُ فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَلْبُ وَالْفَتْخَةُ، وَالْفَتْخَةُ خَاتَمُ إِصْبَعِ الرِّجْل، فَدَل عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْقَدَمَيْنِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقِيَاسِ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، لأَِنَّ الْمَرْأَةَ كَمَا تُبْتَلَى بِإِبْدَاءِ وَجْهِهَا فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَ الرِّجَال وَبِإِبْدَاءِ كَفَّيْهَا فِي الأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ، فَإِنَّهَا تُبْتَلَى بِإِبْدَاءِ قَدَمَيْهَا، وَرُبَّمَا لاَ تَجِدُ الْخُفَّ فِي كُل وَقْتٍ.
وَوَجْهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الذِّرَاعِ هُوَ ظُهُورُ ذَلِكَ مِنْهَا عَادَةً عِنْدَ الْقِيَامِ بِبَعْضِ الأَْعْمَال الَّتِي تَسْتَعْمِل الْمَرْأَةُ فِيهَا ذِرَاعَيْهَا كَالْغَسْل وَالطَّبْخِ، وَفِي بَعْضِ الأَْخْبَارِ مَا يَدُل عَلَى إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا قَالُوا: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الْكُحْل وَالسِّوَارُ وَالْخِضَابُ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ وَالْقِرَطَةِ وَالْفَتْخَةِ وَنَحْوِ هَذَا، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَى فِيهِ مِنْ تَحْرِيمِ النَّظَرِ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ، قَال قَتَادَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُخْرِجَ يَدَهَا إِلاَّ إِلَى هَهُنَا وَقَبَضَ نِصْفَ الذِّرَاعِ (1)، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِذَا عَرَكَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَحِل لَهَا أَنْ تُظْهِرَ إِلاَّ وَجْهَهَا، وَإِلاَّ مَا دُونَ هَذَا وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاعِ نَفْسِهِ فَتَرَكَ بَيْنَ قَبْضَتِهِ وَبَيْنَ الْكَفِّ مِثْل قَبْضَةٍ أُخْرَى (1).، قَال ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَظْهَرُ لِي بِحُكْمِ أَلْفَاظِ الآْيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَأْمُورَةٌ بِأَلاَّ تُبْدِيَ، وَأَنْ تَجْتَهِدَ فِي الإِْخْفَاءِ لِكُل مَا هُوَ زِينَةٌ، وَوَقَعَ الاِسْتِثْنَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ بِحُكْمِ ضَرُورَةِ حَرَكَةٍ فِيمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ أَوْ إِصْلاَحِ شَأْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَمَا ظَهَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِمَّا تُؤَدِّي إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ فِي النِّسَاءِ فَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (2).
نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ الْعَجُوزِ:
8 - لاَ خِلاَفَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ إِلَى الْعَجُوزِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ مَعَ وِجْدَانِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَلاَ قَصْدِ التَّلَذُّذِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إِذَا كَانَتْ لاَ تُشْتَهَى وَغَيْرَ مُتَبَرِّجَةٍ بِزِينَةٍ، وَهَذَا هُوَ قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَمَعَ أَنَّ فُقَهَاءَ الْحَنَفِيَّةِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ نَصًّا فِي كُتُبِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ أَطْلَقُوا عِبَارَاتِهِمْ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَنْ حُكْمِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، فَقَالُوا بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، وَقَدْ أَجَازُوا مَسَّ الْمَرْأَةِ الْعَجُوزِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إِلَيْهَا جَائِزٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، لأَِنَّ حُكْمَ الْمَسِّ أَغْلَظُ مِنَ النَّظَرِ.
وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا جَوَازَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا فَيَدْخُل فِيهِ الْعَجُوزُ وَالشَّابَّةُ. إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَقَّ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، فَقَال بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ وَكَفَّيْهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الاِسْتِدَامَةِ وَالتَّرْدَادِ فِيهِ، وَأَمَّا النَّظَرُ إِلَى الْعَجُوزِ فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ (1).
وَإِلَى مِثْل ذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ كَالرُّويَانِيِّ وَالأَْذْرُعِيِّ، فَقَالُوا بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْعَجُوزِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى وَكَفَّيْهَا، وَهُوَ خِلاَفُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَقَال الرَّمْلِيُّ: إِنَّهُ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ (2).
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَجُوزُ عِنْدَهُمُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الْعَجُوزِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى وَكَفَّيْهَا وَالشَّوْهَاءِ وَكَذَلِكَ الْبَرْزَةُ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى وَالْمَرِيضَةُ الَّتِي لاَ يُرْجَى بُرْؤُهَا.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا مِنَ الْعَجُوزِ (1)، لِقَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سُمَيْعٍ عَلِيمٌ (2)، وَالْقَوَاعِدُ هُنَّ الْعَجَائِزُ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ كِبَرِ السِّنِّ، وَقَعَدْنَ عَنِ الْوَلَدِ وَالْمَحِيضِ، وَذَهَبَتْ شَهْوَتُهُنَّ، فَلاَ يَشْتَهِينَ وَلاَ يُشْتَهَيْنَ، فَأُبِيحَ لَهُنَّ وَضْعُ الْجِلْبَابِ وَالْخِمَارِ، لاِنْصِرَافِ الأَْنْفُسِ عَنْهُنَّ، وَعَدَمِ الْتِفَاتِ الرِّجَال إِلَيْهِنَّ، فَأُبِيحَ لَهُنَّ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِنَّ، فَجَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِنَّ وَمُصَافَحَتُهُنَّ لاِنْعِدَامِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ لاَ يَكُنَّ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، أَيْ مُظْهِرَاتٍ وَلاَ مُتَعَرِّضَاتٍ بِالزِّينَةِ لِيُنْظُرَ إِلَيْهِنَّ (3).
الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ فِي حُكْمِ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا، فَيَحْرُمُ كُلُّهُ، وَلاَ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ الْعَجُوزِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُشْتَهَى، وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الأَْرْجَحُ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ الْمَانِعَةِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، وَلأَِنَّ الشَّهْوَةَ لاَ تَنْضَبِطُ بِضَابِطٍ (1).
ـ[علاء المصرى]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 02:42]ـ
السلام عليكم
قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}
ومن نصائح لقمان لابنه:
فى قوله تعالى: {واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}
-----
قال لقمان فى نصيحته واغضض من صوتك، ولم يقل واغضض صوتك فلا يعقل إغلاق الشفتين ومنع خروج الصوت نهائياً.
وفى الآية الأولى التى أوردناها، قال تعالى: { .... يغضوا من أبصارهم ... } فلا يعنى المنع كلياً، وإقفال العين عن النظر.
ويلاحظ أن الآية لم تقل: "ويحفظوا من فروجهم" كما قالت "يغضوا من أبصارهم" فإن الفرج مأمور بحفظه جملة دون تسامح في شيء منه. أما البصر فقد سمح الله للناس بشيء منه رفعا للحرج.
----
مع ملاحظة أن هذا لمن لا يقول بحرمة كشف المرأة لوجهها، أما من اعتبر وجهها عورة، فلقد حرم الإسلام النظر للعورة ولو من الرجل للرجل أو من امرأة إلي امرأة بشهوة أم بغير شهوة. قال: "لا ينظر الرجل إلي عورة الرجل. ولا تنظر المرأة إلي عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلي الرجل في الثوب الواحد. ولا المرأة إلي المرأة في الثوب الواحد".
والحمد لله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 03:04]ـ
الأخ الطائي: مادام حكم الكشف غير مطروق فلن أذكر إلا أن هناك فرق بين مسألة الكشف و مسألة أن الوجه عورة
و من كان عنده نص لمجتهد مطلق منذ نزول آية الحجاب حتى اليوم في جواز الكشف دائماً فليأت به إن استطاع
الأخ السبيعي: بلاد الشرك هي التي تحكم بالشرك حتى لو كان أهلها مسلمون
أما النظر لوجه المرأة عند العلماء
فلا يجوز البقاء أصلاً مع السافرة و منها التي تكشف وجهها دائماً
أما التي تكشف وجهها لضرورة أو حاجة عارضة فلا يجوز الجلوس معها في مقر دائم مثل المدرسة من غير ضرورة لأنه إختلاط محرم
أما التي تكشف وجهها لضرورة أو حاجة عارضة في محل عارض مثل السوق لترى مبيعاً أو تقطع طريقاً فهذا هي التي اختلف فيها على قولين
قيل يجب صرف وجهه عنها
و قيل لا يجب للمشقة إلا عند خوف الفتنة
و لا تغتر بمن ينزل هذا الخلاف على القسمين الأولين مستدلاً بأقوال السلف لأن السلف ما كان عندهم إلا القسم الثالث فلم يصلوا إلى ما وصلنا إليه من تقليد الكفار
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 03:46]ـ
و قولك: لا أريد مناقشة حكم كشف وجه المرأة، فأنا من القائلين بالحرمة، سأناقش الموضوع لأنك قلت أنا من القائلين
فأعلم أنه نقل الإجماع على الحرمة و ليس فيها أنا منهم أو لست منهم و إنما بعض المجتهدين أباح لها الكشف للحاجة العارضة ثم تعيد التغطية بعد انتهاء الحاجة مباشرة و بشرط أيضاً و هو أمن الفتنة، و قد وسع المعاصرون هذا القول و جعلو لها أن تكشف وجهها دائماً فخالفوا الإجماع المنقول، و لهذا كشف المرأة لوجهها دائماً من غير ضرورة أو حاجة عارضة منكر يجب إنكاره كما قال ابن تيمية في فتاواه و لوكان الخلاف فيه سائغاً ما وجب إنكارة و وجب عذر من تفعله، و لما أنهى الشيخ محمد بن إبراهيم عقد الشيخ الألباني من الجامعة الإسلامية مما تسبب في مغادرته البلاد مع الحاجة له في علم الحديث، و كل الأدلة التي يستدلون بها إن دلت على شيء فلا تتعدى أن تدل على جواز كشفه لحاجة عارضة ثم ستره بعد انتهائها مع عدم الفتنة، و الراجح أنه لا حاجة لأن النقاب يكفي
ذكر ابن الجوزي في أخبار الحمقى و المغفلين: قال ابو العنبس صحبني رجل في سفينة فقلت له ممن الرجل فقال من أولاد الشام ممن كان جدي من أصدقاء المنصور علي بن أبي سالم شاعر الانبار وكان من الذين بايعوا تحت الشجرة مع ابي سالم بن يسار في وقعة الفاروق ايام قتل الحجاج بن يونس بالنهروان على شاطيء الفرات مع ابي السرايا قال ابو العنبس [فلم ادر على اي شيء احسده على معرفته بالانساب ام على بصره بأيام الناس ام حفظه للسير [/]
يا أخي نصيحتي إليك من القلب والله على ما أقول شهيد:
اتق الله في نفسك.
ـ[محمّد الأمين]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 03:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الحافظ ابن القطان –رحمه الله– في كتابه (2|53): «وقد قدمنا في مواضع أن إجازة الإظهار، دليلٌ على إجازة النظر. فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحدٍ على غير وجه التبرُّج من غير ضرورة، لكون ذلك مما ظهر من زينتها، ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة، فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها. لأنه لو كان النظر ممنوعاً مع أنه يجوز لها الإبداء، كان ذلك معاونةً على الإثم، و تعريضاً للمعصية، وإيقاعاً في الفتنة، بمثابة تناول الميتة للآكل غير مضطر! فمن قال من الفقهاء بجواز الإبداء، فهو غير محتاج إلى إقامة دليلٍ على جواز النظر. وكذلك ينبغي أن يكون من لم يجز للمرأة الإبداء والإظهار، غير محتاجٍ إلى إقامة الدليل على تحريم النظر. وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذاً النظر إلى ذلك جائز، لكن بشرط أن لا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة. وأما قصد اللذة، فلا نزاع في التحريم». هذا وقد نقل الفقيه المالكي ابن محرز اتفاق العلماء على جواز النظر لوجه المرأة بدون شهوة، وخالفه بعضهم.
هذا بالنسبة إلى المرأة المسلمة. أما المرأة الذمية (أي غير المسلمة) فيقول الإمام سُفيان الثوْري –رحمه الله–: «لا بَأْس بِالنَّظَرِ إِلَى زِينَة نِسَاء أَهْل الذِّمَّة. وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ لِخَوْفِ الْفِتْنَة لا لِحُرْمَتِهِنَّ». (تفسير ابن كثير: 3|855). واستدل بقوله تعالى {وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}. أي إذا فعلن ذلك، عُرِفن أنهن حرائر لسن بإماءٍ ولا عواهر.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 04:00]ـ
الفاضل محمد الأمين - جزاك الله خيرا -
إذا جاز الكشف جاز النظر، هذا خلاصة ما نقلتم. ولكن ما يكون إذا كان الرجل لا يرى جواز كشف الوجه والكفين؟
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 04:03]ـ
أعلم أن قول جواز كشف الوجه للمرأة هو قول الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلا قولا" في مذهب الإمام أحمد أختاره شيخ الاسلام أنه لا يجوز. .
سبحان الله، لو وسعكم ما وسع جمهور علماء الأمة، وما قرروه من أدلة،وما عرفوه من سير من سلفهم من الصحابة والتابعين، لما أوقعتم أنفسكم في هذا الضيق، ولما عسرتم ما يسره الله، وضيقتم ما وسعه، أما وانكم اخترتم من الأقوال أعسرها وأشدها، وإن لم يقل به إلا قلة، فلا تلوموا إلا أنفسكم. مع ما أعلمه عنكم من أنكم لم تختاروا ذلك القول إلا احتياطا لدينكم، وغيرة على محارمكم، لكن الاحتياط لا ينافي التيسير، ورسول الله أغير منا، والله أغير من رسوله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 04:40]ـ
أبو جهاد الأثري، جزاك الله خيراً على النصح و الأثري هو من يتبع الأثر و لا يتعصب للأئمة إن خالفوه
و قد تهكمت بالأقوال التي أنقلها في موضوع التصوير خشية أن يقال أن ابن عثيمين جبري
و تهكمت بقولي الآن بسبب الذي كتبته بالأزرق و تعرف ما هو
فأرجو تعليمي ما معنى الأثري كما علمتني معنى آداب الحوار عندك عملياً بما نقلته بنقولاتك المختلفة
الأخ أبو عائشة: من يقول إن كشف الوجه مذهب الجمهور فليأتتنا بنقل عن إمام واحد و ليس عن الجمهور يقول بجواز كشف الوجه دائماً بلا ضرورة و لا حاجة مستدلاً بالكتاب و السنة و سنقبل و سأجعل أختي تكشف وجهها لك إن شاء الله
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 05:25]ـ
أة
الأخ أبو عائشة: من يقول إن كشف الوجه مذهب الجمهور فليأتتنا بنقل عن إمام واحد و ليس عن الجمهور يقول بجواز كشف الوجه دائماً بلا ضرورة و لا حاجة مستدلاً بالكتاب و السنة و سنقبل و سأجعل أختي تكشف وجهها لك إن شاء الله
والله أترفع عن إجابتك مع هذا الأسلوب السخيف الذي تحاور به،وكنت أشفقت عليك حين أورد أبو جهاد تلك القصة معقبا عليك، وإن كانت حقا في محلها وموضعها، لكنك فقدت تعاطفي واحترامي بأسلوبك الرخيص، سامحك الله.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[20 - Jul-2008, صباحاً 05:35]ـ
أبو جهاد الأثري، جزاك الله خيراً على النصح و الأثري هو من يتبع الأثر و لا يتعصب للأئمة إن خالفوه
و قد تهكمت بالأقوال التي أنقلها في موضوع التصوير خشية أن يقال أن ابن عثيمين جبري
و تهكمت بقولي الآن بسبب الذي كتبته بالأزرق و تعرف ما هو
فأرجو تعليمي ما معنى الأثري كما علمتني معنى آداب الحوار عندك عملياً بما نقلته بنقولاتك المختلفة
الأثري (موضة) العصر فلا تحفل بها ... وما كل من وُصف بوصف متصف به فما بالك بمن وصف نفسه.
قولك: وقد تهكمت إلى آخره .....
أقول: ما حيلتي - فتح الله عليك - و المسألة هي هي حذو القذة بالقذة، وإليك البيان:
إنكار لكون الخلاف سائغا في مسألة اتفق أهل النظر و الحجى على أنها خلافية، سائغ الخلاف فيها.
تعريض بالعلماء واتهام بخرقهم لإجماع (لا وجود له في الخارج بل هو ذهني واقع في ذهنك وحدك).
حسم وبت ونظرة أحادية ضيقة لقضايا اختلف فيها أهل العلم باستعمال جمل تقريرية قاطعة.
تسور على محاريب العلماء ومناطحة بقرون من عجين دون تأصيل علمي أو منهجي.
كيف بارك الله فيك تريد للنقاش بعد هذا أن ينحو .. أم كيف ترى للحوار أن يدور؟؟
أسأل الله تعالى أن يبصرنا بديننا و أن يعصمنا من الزلل وأستغفر الله لي ولك.
وإن كنت تراني في حقك مخطئا أو متجاوزا فعذرا إليك من نصح أخطأت فيه.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 04:23]ـ
يا أخي:
أولاً: مالذي يجيز له الإقامة في بلاد المشركين و الأصل فيه التحريم إلا بشروط فهل عرفها و امتثلها
ليس هذا هو محل النقاش .. فلاداعي للتشغيب ... وإلا فاعلم أن المسألة فيها خلاف معروف بين أهل العلم ... واقرأ ماكتبه شيخ شيوخنا العلامة عبد العزيزالغماري في كتابه حكم الإقامة في بلاد الكفار لتعلم صدق قول قتادة"من لم يعرف الخلاف لم يشم أنفه رائحة الفقه
ثم ما الذي يجيز له البقاء في مؤسسة مختلطة من مؤسسات التعليم و الأصل فيه التحريم إلا لضرورة فهل هو مضطر
تسأل ثم تجيب عبر سؤال اخر .. فهل هو مضطر ... ياأخي لو لم يكن مضطرا لما طرح هذا السؤال ... وهذا خارج عن موضوع السؤال ... فالجهة منفكة إذن ...
ثم مالذي يجيز لها كشف وجهها دائماً من غير ضرورة أو حاجة عارضة
الأخ في بلد أجنبي .. كافر .. أستغرب من سؤالك سبحان الله ...
ثم إسأل عن حكم النظر إلى وجهها إذ اانضبطت بالأحكام الثلاثة السابقة فخذ جواب الشيخ البراك
فقد سأل أحد المبتعثين الشيخ عبد الرحمن البراك هذا السؤال و أنه تكون معه في الفصل بنات متبرجات فاشتد في الإنكار عليه و على من ابتعثه و قال قد رفع من العلماء إلى المسؤلين إنكار الإبتعاث بلا ضرورة و التوسع فيه و قال أنت آثم و يجب عليك أن ترجع و الفتوى تجدها في موقع البث المباشر في شرح القواعد الأربع و كتب غيرها
والله لو سمحتم لأنفسكم أن تطلعوا على واقع يخالفكم وخرجتم من بوتقتكم .... لرأيتم فداحة الكثير من الاقوال التي تطلق هكذا جزافا ...
و قولك: لا أريد مناقشة حكم كشف وجه المرأة، فأنا من القائلين بالحرمة، سأناقش الموضوع لأنك قلت أنا من القائلين
فأعلم أنه نقل الإجماع على الحرمة
لاحول ولاقوة إلا بالله .. لاحول ولاقوة إلا بالله ..
ارحم عقولنا بارك الله فيك .. واحترم عقول القارئين ...
و ليس فيها أنا منهم أو لست منهم و إنما بعض المجتهدين أباح لها الكشف للحاجة العارضة ثم تعيد التغطية بعد انتهاء الحاجة مباشرة و بشرط أيضاً و هو أمن الفتنة، و قد وسع المعاصرون هذا القول و جعلو لها أن تكشف وجهها دائماً فخالفوا الإجماع المنقول، و لهذا كشف المرأة لوجهها دائماً من غير ضرورة أو حاجة عارضة منكر يجب إنكاره كما قال ابن تيمية في فتاواه و لوكان الخلاف فيه سائغاً ما وجب إنكارة و وجب عذر من تفعله، و لما أنهى الشيخ محمد بن إبراهيم عقد الشيخ الألباني من الجامعة الإسلامية مما تسبب في مغادرته البلاد مع الحاجة له في علم الحديث، و كل الأدلة التي يستدلون بها إن دلت على شيء فلا تتعدى أن تدل على جواز كشفه لحاجة عارضة ثم ستره بعد انتهائها مع عدم الفتنة، و الراجح أنه لا حاجة لأن النقاب يكفي
لاأدري ماذا أقول والله المستعان
الله يستر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 04:38]ـ
الفاضل محمد الأمين - جزاك الله خيرا -
إذا جاز الكشف جاز النظر، هذا خلاصة ما نقلتم. ولكن ما يكون إذا كان الرجل لا يرى جواز كشف الوجه والكفين؟
هذه التي لا نطيقها ولها تفصيل يرجع إلى العلماء فيه ولعل بعض الإخوة يفيدك فيها.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 05:04]ـ
الأخ أبو عائشة:
اعلم ما دفعني لذلك إلا الأخ الذي نقل قبلك الذي قال هذا مذهب الجمهور و لم يذكر نصوصهم و له عذره أنه ليس موضوعنا
ثم قولك مع ما أعلمه عنكم من أنكم لم تختاروا ذلك القول إلا احتياطا لدينكم، وغيرة على محارمكم، لكن الاحتياط لا ينافي التيسير، ورسول الله أغير منا، والله أغير من رسوله.
فاضطررت لأقول هذا الكلام لأبين لكم أن الذي يمنعنا ليس الغيرة غير المنضبطة و لكن لأننا لم نجد نصاً عن الأئمة في جواز كشف الوجه دائماً (لاحظ دائماً) و اعذرني إن كان القول ثقيلاً فإنما أردت تأكيد النفي
و الكلام نفسه أقوله للأخ المغربي الآخر و للأخ الأثري فكما عذرتم الأثري في نقله سامحه الله فاعذروني في تأكيدي الذي قلته
و لنعد للموضوع الأصلي و الأخ السبيعي أقول له: اعلم أن النقل عن الفاسي جاء فيه الخلاف الموجود عن السلف في النظر إلى وجه المرأة
من رأى جواز إبدائه للمشقة أي الحاجة و ليس دائماً أجاز النظر من غير شهوة و بدون تقصد النظر و إنما لا تتكلف في صرف وجهك عنها و في محل عارض و ليس أن تجلس معها في مقر دائم كالمدرسة من غير ضرورة ثم لا يجوز بخلوة أيضاً
و من رأى أنه لا تكشف إلا لضرورة لم يجز النظر إليها بشهوة أو غير شهوة و يجب صرف الوجه عنها في محل دائم أو عارض و بخلوة أو غير خلوة
أما التي تلبس نقاباً مثل بعض الأخوات في مصر فلن تجد معها هذا الحرج
أما الإخوة الذين في الغرب فنصيحتي لهم لا يذهبوا و إن ذهبوا فليرجعوا إلا لضرورة كطب لا يمكن تحصيله إلا عندهم
فالمدرسة الغربية ليست كالمصرية لن تكشف إلا وجهها و إن جلست تعد ما كشفت تعبت و الأسهل أن تعد ما سترت
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 05:16]ـ
يا صاحبي الخطأ ليس عيبا" ومن لا يخطيء لا يصيب والأعتراف بالخطأ فضيلة والتراجع عن القول إذا تبين الخطأ من صفات أهل الفضل ومن الذي لا يخطيء.
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 05:43]ـ
إخواني الأعزاء بارك الله فيكم كان ينبغي أن نلتزم بشرط صاحب الموضوع فهذا حقه الذي يجب الإلتزام به فهذا موضوع جيد وهام بارك الله فيكم
ثانيا أخي صاحب النقب بارك الله فيك ما كان ينبغي أن تتكلم بهذا الإسلوب فهذا الإسلوب لا يليق بمسلم فضلا عن طالب علم وما يجمل بطالب علم أن يتحدث مع إخوانه بهذا الإسلوب بارك الله فيك عليك بعد الإعتذار لإخوانك
ثم إنك لم ترقب كلام إخوانك هم يقولون الجمهور على جواز كشف الوجه فلا يقولون أن كشف الوجه واجب ولا أن النقاب محرم لا إنما يقصيدون أن من كشفت وجهها فليس آثمه ولكن النقاب أولى وأفضل وأحب خاصه في هذا الزمان ففرق بين قولهم جزائز وبين قولهم أن النقاب محرمفلم يصدر منهم ذلك ثم إن الجمهور على الجواز وأن النقاب ليس واجب إلا من قول للإمام أحمد أنه يجب
قال الأمام إبن حزم إتفقوا على أن جسم المرأة وشعرها حاش وجهها ويديها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى اظفارها
قال ابن هبيرة: إختلفوا في حد عورة المرأة الحرة وحدها
قال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والقدمين.وروي أنه يفصل في التي جمالها مفتن
قال: قال مالك والشافعي وروايه عن أحمد: كلها عورة إلا الوجه والكفين.
قال إلامام: علاء الدين المردوي -صاحب كاتب الإنصاف -: الصحيح من مذهب أحمد أن الوجه ليس بعورة
وانا لن أطيل معاك في هذا الموضوع أنما يكفين ذكر حديث ابن عباس كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم (حسناء)، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: " نعم " وذلك في حجة الوداع) والحديث في البخاري وفي روايه انهم كانوا في أيام منى)
فإن قلت أن المرأة كانت كبيرة فيرد ذلك أنها كانت حسناء الوجه فهذا يرد أنها كانت كبيرة
ولو قلتَ أنها كانت محرمه ففي الرواية أنها كانت في أيام منى وهي أيام حلال إلا من الجماع
ولو قلت اناه كانت قبل اية الحجاب
يرد ذلك أنها كانت في حجة النبي أي حجة الوداع وهي وقعت قبل وفات النبي قيل وقعت قبل موت النبي بثمانين يوما
هذا الدليل يكفيني على الجواز أما لو أردت التوسع في هذا الموضوع فمن الممكن أت تقوم بموضوع جديد عن مشألة النقاب فناتناقش فيه
وأما دعوى الإجماع التي تدعيها فهذا ما يضحك الثكله أسئلك بالله إين تجد هذا الإجماع منصوصا عليه في كتب اهل العلم أخي بارك الله فيك لا تتسرع في الكلام ونقله قبل أن تتثبت ولا تتقول على اهل العلم ما لم يقولنه وانا في إنتظارك أن تأتي بهذا الإجماع من كتب أهل العلم
وأرجو من اخي صاحب هذا الموضوع أن يسامحني أني خرجت عن الموضوع
قال الجدار للوتد: لما تشقوني قال: سل من يدقوني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علاء المصرى]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 06:06]ـ
بما أنك أخ ملتزم وهذا منتدى إسلامى والكلام عن وجه امرأة غربية-غير مسلمة-
اقرأ هذا الرابط فى أقوال العلماء عن حجاب الكتابية:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16216
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 06:19]ـ
ملاحظة: قولي: من يقول إن كشف الوجه مذهب الجمهور فليأتتنا بنقل عن إمام واحد و ليس عن الجمهور يقول بجواز كشف الوجه دائماً بلا ضرورة و لا حاجة مستدلاً بالكتاب و السنة و سنقبل
هذا لم أعتذر عنه ولكن نترك الكلام فيه من أجل شرط صاحب الموضوع
أما قولي: و سأجعل أختي تكشف وجهها لك إن شاء الله
فهذا الذي اعتذرت عنه لأن أخي العزيز علي اعتبره أسلوب رخيص مع أني أردت به تأكيد كلامي السابق و لم أرد الأساليب الرخيصة
لكن إخواني المسلمين و خصوصاً أهل السنة (الذين أظن أن غالب رواد المنتدى منهم أو كلهم) أعزة علي
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 07:34]ـ
الأخ أبو زياد بارك الله فيك
ألا يضحك الثكلى أيضاً أننا نتكلم في حكم كشف الوجه و أنت تتكلم هل هو عورة أو لا
حسناً المرأة أمام المرأة عورتها من السرة إلى الركبة
فهل يجوز أن تحضر في مدرسة نسائية ليس عليها إلا ما يستر ما بين السرة إلا الركبة هل تقول بهذا
لكي تعلم أن هناك فرقاً بين كون الشيء ليس بعورة و كون كشفه جائزاً فقد يكون الشيء ليس بعورة للمرأة و مع هذا لا يجوز كشفه إلا لحاجة
و جزانا الله خيراً يا أخي فقد رفهنا عن الثكالى قليلاً و لا بأس بالترفيه عن الثكالى في المذاكرة
و اعلم أن الإجماع نسبه ابن عثيمين في رسالة الحجاب إلى بعض العلماء و لكن نقلهم للإجماع لا ينافي أن الكشف للحاجة رخصة قد يقال بها أحياناً عند أهل هذا الرأي لكن ليس دائماً من غير حاجة
و كما قلت قال الجدار للوتد: لما تشقوني قال: سل من يدقوني
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 11:05]ـ
أخي الحبيب صاحب النقب يبدو ان الكلام على هذا الموضوع قد يطول ولذلك أرى أن نكتب موضوعا جديدا مناقشه في حكم كشف الوجه للمرأة لأني اريد أن أتكلم عن بعض الأمور التي ذكرتها وجزاك الله خيرا وأرجو من اخينا صاحب هذا الموضوع ان يسامحنا اننا تعدينا على حقه
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 11:56]ـ
خذوا راحتكم يا جماعة:) و لا يوجد تعدي على حقي.
أنا كل ما أتمناه أن نحصر الحوار في موضوع محدد و هو حكم النظر لوجه المرأة سواء كانت مسلمة أو كافرة، و ليس لهذا علاقة علاقة بحكم الإبتعاث و الإغتراب، و ليس له علاقة بحكم كشف الوجه.
لأن بعض المذاهب المبيحة للكشف من أدلة إباحتها لكشف وجه المرأة هو وجوب غض البصر المأمور به، و لو غطت وجهها لما أصبح للأمر بالغض قيمة!
و لذلك أريد حصر النقاش، و قد استفدت كثيرا من مداخلات الإخوة و لي عودة للتعقيب عليها و أرجوا المزيد.
بعض الإخوة جزاهم الله خيرا أخذتهم الحمية و تطرقوا لمواضيع أخرى، و هدف الموضوع بحثي بحت و لا علاقة له بالفتيا أو التوجيه و النصح.
و عندي مسألة و طلب آخر بخصوص هذا الموضوع و لكن لعلي أطرحها فيما.
:)
بانتظار بقية مشاركاتكم، و لعل الإخوة المغتربين ألا يحرمونا من مشاركتهم، أو على الأقل تجربتهم و لو لم تكن شرعية
لأن الباحث من المهم له معرفة الحال المعاش هناك قبل البحث و جزيتم خيرا.
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 01:03]ـ
أخي الحبيب بارك الله فيك وأرجو من الله أن تنال ما تبغي وأرجو أن تقبل مشاركتي هذه وما هي إلا نقل
الذي أعلمه أخي الحبيب أن في هذه المسألة خلاف ما بين أهل العلم على قولين أم القول الاول وهو:
مشرعية النظر إلى النساء مع إشتراط أمن الفتنه (ومن صور الفتنه تكرار النظر أو ان يجد في نفسه ميلا ونحوه مما هو معلوم
الأدلة على هذا المذهب:
الدليل الأول الأصل الشرعي عدم المنع وأنه لا يمنع شيء إلا بنص ولو كان هذا مما يمنع لما سكت عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الثاني: حديث المرآة الواهبة عند البخاري من نظر الصحابي إليها وهذا كان بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابي وصف حالها أنها جلست وأن النبي صوب النظر إليها وصعده ولو كان هذا مما لا يشرع لنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم
الدليل الثالث: حديث المرآة التي نذرت أن تضرب الدف، فوصفها الراوي بأنها وضعت الدف تحتها لما دخل عمر ـ رضي الله عنه (صحيح الترمذي) وفيه دلاله على مشروعية النظر إلى النساء مع أمن الفتنة.
الدليل الرابع: ما أخرج الإمام مسلم ـ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ـ أنه شهد صلاة العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم متوكأ على بلال حتى جاء إلى النساء فوعظهن وذكرهن فجعلن يتصدقن من حليهن ومن أقرطهن ولاشك أن وصف جابر بهذه الدقة يدل على نظر الرجال إلى النساء.
الدليل الخامس: قول السيدة عائشة عن صفوان بن المعطل ـ رضي الله عنه كان يراني قبل الحجاب
واستدل اصحاب هذا المذهب بقول الله عز وجل قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ... ) كما ذكر أخونا (علاء المصري) بارك الله فيه فلا حاجت في الإعادة
أم القول الثاني وهو منع النظر مطلقان واستدلوا عليه بالأدلة الاتيه:
الدليل الأول
ما أخرج البخاري من حديث ابن عباس: (أن الفضل طفق ينظر يوم النحر إلى امرأة وضيئة تستفتي النبيصلى الله عليه وسلم. فطفق الفضل ينظر إليها والنبي يأخذ بذقن الفضل فعدل وجهة عن النظر إليها قالوا: ولو جاز النظر إلي النساء لما حول النبي وجه الفضل)
لكن اجاب اصحبا القول الاول عنه بقولهم: وإنما حول وجهه عنها لما وقع في النظر من فتنة بدلالة قوله بعد: (شاب وشابة لا أمن عليهما الشيطان) وكذا قوله فطفق ينظر إليها: أي أدام النظر وفيه معنى الفتنة.
الدليل الثاني: قول الله تبارك وتعالى: (قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ) (النور الآية (30)) قالوا: فيها أمر بغض البصر بما يدل علي منع النظر إلى النساء مطلقاً.
أجاب اصحاب القول الأول الأول:
أ- لا إنما الآية مطالبة بغض البصر حال الفتنة بدلالة قوله بعد (وبحفطوا فروجهم).
ب- في الآية قرينة على مشروعية النظر من قوله تعالى: (من) وهي للتبعيض في هذه الآية.
ج- قوله (يغضوا) فهناك فرق بين الغض وبين الحفظ فالغض جزئي وليس كليا.
ويجب الانباه إلى دلالة الفظ خاصه مع القرأن الكريم والسنة المطهره
الدليل الثالث: ما روي الطبراني والحاكم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عن: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من خوف الله أثابة الله إيماناً يجد حلاوته في قبله)
لكن أجاب أصحاب القول الأول:
أ- أن الحديث ضعيف جدا كما قال العلامة الالباني في السلسلة الضعيفه.
ب- أن قوله (سهم مسموم) لا يصدق على كل نظر وإنما يمكن توجيه الحديث إلى النظر الذي فيه التشهي بدلالة قوله (من سهام أبليس)، وكذا قوله: النظره هنا للعهد الذهني لا للإستغرق بقرينة أن لفظة النظر جاءت مفرده.
الدليل الرابع: حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا تتبع النظرة النظرة) (صحيح الجامع) فهذا نهي من النبي صريح ولكن عفى عن نظر الفجأة إذ ليس للمرء فيه قصد
لكن اجاب أصحاب القول الأول: ويصرف الحديث إلى معنى الفتنة كما في قوله "لك الأول" دليل على أنه ليس كل النظر محرم.
*- قوله (وإن عليك الأخرة) أي أن التحريم عند إدامة النظر وهو في معني الفتنه.
الدليل الخامس: حديث أبي أمامه الباهلي ـ رضي الله عنه "ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم بعض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها" (ضعيف المشكاة).
لكن اجاب اصحايب القول الأول
*- الحديث فيه ضعف كما بينه الحافظ الذهبي ـ رحمه الله.
*- ويمكن صرفه إلى معني ما كان في النظر من التشهي بدلالة قوله محاسن امرأة وكذا قوله ثم يغض.
*- قوله "ينظر" أفاد الاستمرار والتجدد لأنه فعل مضارعة.
وعليه يترجح المذهب الأول بمشروعية نظر الرجال إلى النساء على شرط أمن الفتنة وذلك للمرجحات الآتية:
1 - أدلة الفريق الأول أقوي إسنادا بينما أدلة الفريق الثاني جلها غلب عليه الضعف.
2 - أنا أدلة الفريق الأول صريحة في إثبات النظر، أما أدلة الفريق الثاني مصروفة إلى النظر حال الفتنه.
3 - أن القول الأول تنصره أصول عامة في الشريعة من أن الأصل عدم المنع.
ملحظه إلا أن القول الثاني احوط وأبرء للزمه خاصه في هذا الزمان لكن قيد أصحاب القول الأول الامر بأمن الفتنه
ـ[ابو هادي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 02:16]ـ
ملاحظة: قولي: من يقول إن كشف الوجه مذهب الجمهور فليأتتنا بنقل عن إمام واحد و ليس عن الجمهور يقول بجواز كشف الوجه دائماً بلا ضرورة و لا حاجة مستدلاً بالكتاب و السنة و سنقبل
هذا لم أعتذر عنه ولكن نترك الكلام فيه من أجل شرط صاحب الموضوع
هل يوجد موضوع آخر في هذا المنتدى المبارك فيه أي جواب لهذا السؤال ....
أو أي وصله لجواب هذا السؤال .... أرجو أن تدلوني عليها
بارك الله في الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 03:32]ـ
نعم اخي الحبيب هناك موضوع إسمه نقاش حول حكم كشف الوجه بالنسبة للنساء وهذا هو الرابط لها
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18074
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 04:56]ـ
:):)
:)
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 02:06]ـ
يا اخوان أرجوا مناقشة الموضوع فهو مهم و الكثير يحتاج اليه.
هل يدخل الجواز في عموم البلوى و هل تدخل في مسألة رفع الحرج(/)
الرد على من أطلق القول دون تفصيل بأن الجهاد لا يجب إلا بإذن الإمام.
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 03:26]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام سوف أضع لكم كلاماً مفصلاً في بيان هل يشترط يطلقون القول بأن الجهاد لا يجب إلا بوجود الإمام الشرعي، وهذا الكلام ماخوذ من رسالة (سل الحسام لإبطال شبهة لا جهاد إلا بإمام)
ونريد منكم التفاعل مع الموضوع وجزاكم الله خير
يقول صاحب رسالة: (سل الحسام) في الرد على من أطلق القول دون تفصيل في أن الجهاد لا يجب إلا مع وجود الإمام ما يلي: (فنقول وبالله وحده نصول ونجول:
اعلم علمني الله وإياك أن القول المذكور باطل لا أثارة عليه من علم ولا دليل يقوم به، لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح معتبر عند علماء هذا الشأن، بل لم يقل به أحدٌ فيما نعلم والله وأعلم إلا طوائف من المبتدعة حكينا عنهم ذلك فيما مضى وبعض أغمار الطلبة كما ستراه إن شاء الله في خبر العيّاشيّ الفقيه.
وما كان هكذا فواجب نبذه واطّراحه وعدم الالتفات إليه، وبرهان هذا من وجوه:
لا يثبت شرط إلا بدليل
الأول: إن الجهاد في سبيل الله عبادة من العبادات وتكليف من التكاليف الشرعية التي أمر الله بها كلاً بحسبه وعلى قدر وسعه "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " فمن زعم أن شيئاً من التكاليف يسقط عن العباد أو بعضهم في زمن من الأزمنة أو مكان من الأمكنة، أو اشترط للتكليف شرطا، فقوله ردٌ عليه إلا أن يأتي على دعواه بدليل صحيح صريح، وإلا كان قائلاً على الله بغير علم مقدماً بين يدي الله ورسوله، نعوذ بالله من ذلك.
الأمر بالجهاد في القرآن والسنة:
وقد تضافرت أدلة الكتاب والسنة على الأمر بالجهاد أمراً مطلقاً ما استثنى الله منه غير أصحاب الأعذار بل ذم القاعدين المتخلفين عن الغزو لغير عذر أشد الذم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} التوبة38 ... قال في فتح البيان (3/ 116): وفي الآية دليل على وجوب الجهاد في كل حال وفي كل وقت، لأن الله سبحانه نص على أن تثاقلهم عن الجهاد أمر منكر، فلو لم يكن منكرا لما عاتبهم على ذلك. انتهى. وفضح الله تعالى شأن المنافقين المثبطين عن الجهاد في سبيل الله، القابضين أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، في سورة التوبة التي سميت بالفاضحة لأنه ما زال ينزل فيها (ومنهم .. ومنهم .. ) حتى كادت أن لا تدع أحدا، وسميت البَحوث بفتح الباء صيغة مبالغة لأنها تبحث عن أسرارهم وفي معناها المبعثرة والمثيرة والحافرة وكلها من أسماء السورة، وقد ذكر شيخنا ومفيدنا العلامة أبو زكريا عبدالسلام بن عبدالرؤوف الرستمي نفع الله به في الموسوعة القرآنية المسماة بالفرائد الربانية والفوائد القرآنية في المجلد الثاني (ص/10) قبائح ترك الجهاد في سبيل الله بذكر الآيات الدالة عليها فمن ذلك:
فسق التارك له الذي يقدم عليه محبة الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والمال والتجارة والسكن، ومنها نفي الإيمان بالله واليوم الآخر عمن يستأذن في ترك الجهاد، ومنها أن القعود عن الجهاد بالمال والنفس من علامات النفاق، وهذا كله من آكد الأدلة على أن الجهاد ركن من أركان الدين كما ذكر الأئمة رحمهم الله، ولأجل ذلك قال من قال من العلماء: إن حكم الجهاد فرض عين كما روي عن ابن المسيب، رواه عنه ابن جرير في التفسير (2/ 200) وابن أبي شيبة في المصنف (15308) وروي نحوه عن مكحول وهو في المصنف أيضا (15307) وهو قول لطائفة من الشافعية حكاه ابن قدامة في المغني ورده، والمشهور من الأقوال أنه فرض كفاية إلا أن تدعو إليه الحاجة كأن يدهم العدو أو يحضر الصف ويتعين على من عينه الإمام، وما كان هذا شأنه فكيف يقال بسقوط فرضه بغير شرع ولا توقيف؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن الجهاد في سبيل الله من الأعمال البدنية والمالية وهو واجب إما بالنفس وإما بالمال أو بهما معاً، وأكثر ما يستعمل فيهما، وربما استعمل في الإعلان بالدعوة وتبليغ الشرع وإقامة الحجة أو بالقتال في سبيل الله وقد ورد في القرآن اثنين وثلاثين مرة بوجوه مختلفة:
الأول: الأمر به إفراداً وجمعا، فالجمع كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة 35)، وقوله تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ (الحج/78)، والإفراد كقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ (التوبة /73)، وقوله: وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (الفرقان/ 52).
قلت: قال في فتح البيان في آية التوبة المذكورة: الأمر للنبي بهذا الجهاد أمر لأمته من بعده.
الثاني: بذل الجهد بالدعوة سيما القرآن، كقوله وجاهدهم به – أي بالقرآن – جهاداً كبيرا.
الثالث: بمعنى القتال في سبيل الله ببذل النفس والمال، وبهذا المعنى في آيات كثيرة كقوله تعالى: وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ (البقرة/218)، وقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ (الحجرات/15).
الرابع: بذكر فضائل الجهاد وفوائده الدنيوية والأخروية، ثم عددها شيخنا نفع الله به.
الخامس: بذكر قبائح ترك الجهاد في سبيل الله، وقد مضت الإشارة إليها.
قال شيخنا: وأما القتال في سبيل الله الذي هو أهم أنواع الجهاد وأكبرها فذكر في القرآن الكريم في صفة أهل الإيمان أربعا وستين مرة على وجوه مختلفة!
ثم ذكرها فسح الله في مدته بالخير والبركة
فيقال لمخترع هذه الشبهة: أي نوع من أنواع الجهاد المذكورة أردت بقولك: لا جهاد إلا بإمام؟!
أتريد الجهاد بالنفس وقتال العدو؟ أم الجهاد بالمال وإنفاقه في سبيل الله؟ أم جهاد المنافقين؟ أم الجهاد بالدعوة إلى الله وتبليغ الشرع؟ أم جهاد النفس والهوى؟ أم جهاد الشيطان؟ أم تريد هذا كله؟ أم تريد بعض هذا دون بعض؟!
فإن حدّ المخالف في ذلك حداً فألجمه بلجام المطالبة بالدليل، وقل: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين؟
وليت شعري بأي كتاب أم بأية حجة جعلوا الإمام شرطاً لصحة القتال ولم يجعلوه شرطاً لغيره من أنواع الجهاد المذكورة وكل ذلك مأمور به على حد سواء؟!
فإن قيل: ليس القتال فرضاً في كل حال ولا فرضاً على كل أحد، بخلاف غيره فإنه فرض عين.
قيل: نعم، وليس كونه من فروض الكفايات أو مندوباً دليلاً على أنه لا يشرع إلا بإمام وإلا لزمكم ذلك في جميع فروض الكفايات والمندوبات.
وقولكم: بخلاف غيره فإنه فرض عين. يقال في جوابه: والجهاد يصير فرض عين في بعض الصور بالكتاب والسنة والإجماع كما هو حكمه في زماننا، فلم قلتم لا يجوز جهاد الدفع اليوم لعدم الإمام؟!
وأيضاً فقولكم: بخلاف غيره فإنه فرض عين لا يسلم، بل من أنواع الجهاد المذكورة ما هو فرض عين، كجهاد الشيطان بعصيانه ومخالفته واتخاذه عدواً والاستعاذة بالله منه والحذر من خديعته ومكره، وكجهاد النفس والهوى بتطويعها لله تعالى وتعويدها الصبر على طاعته واجتناب معصيته، ومنه ما هو من فروض الكفايات كالجهاد بالعلم وتبليغه ونشره، وكالجهاد بإنفاق المال في سبيل الله يجب على الغني دون الفقير الذي لا مال له.
فإن قيل: الأدلة على وجوب الإمام من الكتاب والسنة أشهر من أن تذكر.
قيل في جوابه: سلمنا، لكن وجوب تنصيبه شيء وكونه شرطاً لصحة الجهاد شيء آخر، وإنما ننازعكم في الثاني لا الأول، فههنا واجبان: تنصيب الإمام، والجهاد في سبيل الله معه، فإن لم يكن الإمام أو عجز المسلمون عنه لم يسقط فرض الجهاد، كما لو عدم إمام الجمعة والجماعة صلى ظهرا ولم تسقط الصلاة عنه، وهكذا الشأن في جميع التكاليف الشرعية إذا عجز المكلف عن الأعلى لم يسقط عنه التكليف بالكلية بل ينتقل إلى الأدنى، وهذا معنى قولهم: الميسور لا يسقط بالمعسور، وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ ... الآية، فأمره أن يباشر القتال بنفسه ومن نكل فلا عليه منه، ودعوى أن
(يُتْبَعُ)
(/)
ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم خلاف الأصل، والقاعدة المقررة في الباب أن الله تعالى إذا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بلفظ لا تخصيص فيه أو أثبت في حقه حكماً أن أمته يشاركونه في ذلك الحكم ما لم يقم على اختصاصه به دليل، قال الزجاج: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد وإن قاتل وحده لأنه قد ضمن له النصر، قال ابن عطية: هذا ظاهر اللفظ، إلا أنه لم يجيء في خبر قط أن القتال فرض عليه دون الأمة، والمعنى والله أعلم أنه خطاب له في اللفظ، وفي المعنى له ولأمته، أي: أنت يا محمد وكل واحد من أمتك يقال له: فقاتل في سبيل الله لا تكلف غير نفسك ولا تلزم فعل غيرك، وهو استئناف مقررٌ لما قبله، لأن اختصاص تكليفه لفعل نفسه من موجبات مباشرته للقتال وحده.
ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي حاتم عن أبي اسحق قال: سألت البراء بن عازب عن الرجل يلقى مئة من العدو فيقاتل، أيكون ممن يقول الله: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ قال: قد قال الله تعالى لنبيه: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ، ورواه الإمام أحمد أيضا. وروى ابن مردويه عن البراء قال: لما نزلت على النبي: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ... الآية، قال لأصحابه: وقد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا " قال ابن كثير: حديث غريب.
إبطال دعوى الشَّرْطِيَّة
الثاني: يقال لمدعي ذلك: لا شك أنك تعني بالشرط كونه شرطاً شرعياً كالطهارة للصلاة والإحصان للرجم وليس شرطاً عقليا ولا لغوياً، ثم إن الشرط الشرعي إما أن يكون داخلاً تحت قدرة المكلف وهو مأمور بتحصيله كالوضوء مع الصلاة، وإما أن يكون داخلاً تحت قدرة المكلف ولم يؤمر بتحصيله كالاستطاعة للحج، وثالث وهو شرط خارج عن قدرة المكلف كالحول للزكاة، فمن أي الأقسام تجعل الشرط الذي تذكر؟.
فإن قال: من القسم الأول.
قيل له: من الأمور المسلمة عند الفقهاء أن رعاية الشرط إنما تكون بقدر الإمكان، ألا ترى أن فاقد الماء أو العاجز عن استعماله لمرض أو برد أو نحو ذلك ينتقل إلى البدل الذي دل عليه الشرع وهو التيمم، فإن عجز عن هذا أيضا فهو فاقد الطهورين فيصلي على حاله على الصحيح المختار عملاً بقوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، ونحو ذلك من أدلة الباب. فيقال: هب أن تنصيب الإمام كما ذكرت، لكن لا يلزم من عدمه سقوط الفرض بالكلية، بل الذي يسقط رتبة من مراتب القتال وهي القتال تحت راية الإمام الذي تجتمع عليه كلمة الأمة، وينتقل إلى الأدنى وهو أن يقاتل كل بحسبه كما دلت عليه الآية.
وإن قال من الثاني، قيل: لا يصح، بل السعي إلى تنصيب إمام تجتمع عليه كلمة الأمة واجب بالكتاب والسنة والإجماع، ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم وهو فرض كفاية على الأمة لأجل تنصيب الإمام، وقد قال الله تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، وهذا يتناول عصمته في حياته وبعد موته أن يفعل به ما يخالف الشرع كما قال العلامة ابن حزم الأندلسي رحمه الله، فلا يظن بهم رضي الله عنهم أنهم أخروا واجباً إلا لما هو أوجب والله أعلم، فجعل ما هذا شأنه من القسم الذي لم يؤمر المكلف بتحصيله أبعد من البعيد، وأبعد منه جعله من القسم الثالث وبالله التوفيق.
لو نَهَى الإمام عن الجهاد فلا سمع له ولا طاعة
الثالث: اعلم أن الأئمة رحمهم الله تعالى متفقون على أن الإمام المسلم إذا نهى عن الجهاد المتعين فقد أمر بمعصية فلا سمع له ولا طاعة، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال ابن رشد: طاعة الإمام لازمة إن كان غير عدل ما لم يأمر بمعصية، ومن المعصية النهي عن الجهاد المتعين، كذا في فتح العلي المالك (1\ 390)، وقال ابن حزم في المحلى (5/ 352): لا إثم بعد الكفر أعظم من إثم من نهى عن جهاد الكفار، وفي تاريخ دمشق (5/ 22): سئل وكيع بن الجراح عن قتال العدو مع السلطان الجائر؟ قال: إن كان جائراً وهو يعمل بالغزو بما يحق عليه فقاتل معه، وإن كان يرتشي منهم ويهادنهم فقاتل على حيالك. فتأمل قوله هذا: فقاتل على حيالك، فلم يشترط للقتال إماماً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا مع وجود الإمام فكيف إذا لم يكن إمام أصلا.
وفي نهاية المحتاج للرملي (8\ 60): يكره الغزو بغير إذن الإمام أو نائبه، ولا كراهة في حالات: 1 - إذا فوت الاستئذان المقصود، أو عطل الإمام الغزو، أو غلب على ظنه عدم الإذن كما بحث ذلك البلقيني. انتهى. ثم ذكر الحالات الأخرى فانظرها هناك.
ثم إذا كان الجهاد لا يعطل مع وجود الإمام لو نهى عنه فأن لا يعطل مع عدم الإمام من باب أولى.
وهؤلاء أئمة المالكية رحمهم الله لما وقع بين السلطان أبي عبد الله محمد بن عبد الله السعدي وعمِّه أبي مروان المعتصم خلاف وذلك في القرن العاشر الهجري، خرج السلطان المذكور وقصد (سبستيان) قائد البرتغال، وطلب منه الإعانة لاسترجاع ملكه، فأعانه وشرط عليه أن يعطيه سائر سواحل المغرب، فاجتمع العلماء على خلعه ومبايعة عمه، فبعث ينكر على العلماء صنيعهم، فأجابوه بجواب من كافة الشرفاء والعلماء والصلحاء والأجناد من أهل المغرب يدحضون به أباطيله، وذكروا الأسباب الحاملة على ذلك، ومن أهمها: خذلانه أهل الجهاد، وفراره عنهم، وترك الديار للعدو ينتهبها، وهروبه عن المسلمين. انتهى.
لا فرق بين اشتراط الإمام للجهاد وغيره من العبادات
الرابع: ما ذكره بعض مشايخنا من أنه لا فرق بين اشتراط الإمام للجهاد واشتراطه لغيره من العبادات، فيقال على هذا: لا صلاة إلا بإمام، ولا صيام إلا بإمام، ولا زكاة إلا بإمام، ولا حج إلا بإمام، ولا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر إلا بإمام، ونحو ذلك، وفي هذا تعطيل للشريعة كلها، وما كان جواب المخالف عن هذا كله فهو جوابنا في الجهاد ولا فرق.
فإن قيل الجهاد عبادة جماعية. قيل: وغيره مما في الشرع من العبادات الجماعية كثيرٌ مما ذكر ومما لم يذكر، كصلاة الجمعة والعيدين والاستسقاء والجنائز والحج وغير ذلك من أنواع الطاعات والعبادات، ثم كونه عبادة جماعية شيء، وكونه لا يجوز إلا إذا كان المسلمون جماعة واحدة وتحت راية إمام واحد شيء آخر، فافهم.
في تأخير الجهاد تعطيل للمصالح الكلية الضرورية
الخامس: إن الجهاد شرع لمصلحة عظيمة لما فيه من حفظ الكليات الخمس التي تجمع مصالح الدين والدنيا وهذا أبين من الشمس، ففيه دحرٌ لعدو الدين وكبت له وردع له عن العدوان على بلاد الإسلام وحملٌ له على الدخول في الدين الحق، مع ما فيه من تأمين السبل وبسط الأمن والخير والدعة في بلاد الإسلام، وحاصل هذا كله إقامة التوحيد وإزهاق الكفر والشرك والتنديد، وتأخير الجهاد وإن عدم الإمام فيه تفويت لهذه المصالح فلا يجوز، نص عليه ابن قدامة في المغني، فقال رحمه الله (10/ 369): فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد لأن مصلحته تفوت بتأخيره، ونحوه في الشرح الكبير للشمس ابن قدامة، وفي الكافي (4/ 315): وإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد، وإن حصلت غنائم قسمها أهلها بينهم على موجب الشرع لأنها مالٌ لهم مشتركٌ، فجاز لهم قسمته كسائر الأموال، فإن كان فيها إماءٌ أخروا قسمتهن حتى يظهر إمام لأن في قسمتهن إباحةَ الفروج فاحتيط في بابها.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في جواب هذه الشبهة
في الدرر (8/ 201): ومعلوم أن الدين لا يقوم إلا بالجهاد، ولهذا أمر النبي بالجهاد مع كل بر وفاجر، تفويتا لأدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وارتكابا لأخف الضررين لدفع أعلاهما، فإن ما يدفع بالجهاد من فساد الدين أعظم من فجور الفاجر، لأن بالجهاد يظهر الدين ويقوى العمل بأحكامه، ويندفع الشرك وأهله حتى تكون الغلبة للمسلمين، والظهور لهم على الكافرين، وتندفع سورة أهل الباطل، فإنهم لو ظهروا لأفسدوا في الأرض بالشرك والظلم والفساد، وتعطيل الشرائع والبغي في الأرض.
قلت: ويؤيد هذا أن الأئمة رحمهم الله عللوا كثيراً من أحكام الجهاد إثباتاً ونفياً بكونها تفضي إلى تعطيل الجهاد، فدل على أن مراعاة إمضاء هذه الفريضة واجب على كل حال شاء المخالف أم أبى.
يا مرسل الريح جنوبا وصبا إن غضبت قيس فزدها غضبا
وهذه إشارة إلى بعض ما عللوه بذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - موادعة أهل الحرب وهدنتهم من غير حاجة لا تجوز لأنه يفضي إلى ترك الجهاد الواجب لغير فائدة (الكافي: 4/ 338). وفي فتح العلي المالك (1/ 289): في الصلح والمعاهدة في المعيار في باب الجهاد: أوقع الخليفة الصلح مع النصارى، والمسلمون لا يرون إلا الجهاد، مهادنته منقوضة وفعله مردود، وكل ما نقل في تعين فرض الجهاد مانع من الصلح، لاستلزامه إبطال فرض العين الذي هو الجهاد المطلوب فيه الاستنقاذ. وقال ابن رشد: الصلح المذكور فيه ترك الجهاد المتعين، وترك الجهاد المتعين ممتنع وكل ممتنع غير لازم.
2 - لا يجوز عقد الهدنة مطلقاً غير مقدر بمدة لأن إطلاقها يقتضي التأبيد فيفضي إلى ترك الجهاد أبدا، كذا في الكافي ونحوه في المغني (10/ 509).
3 - عقد الذمة، قال في المغني (10/ 512): ولا يجوز عقد الهدنة ولا الذمة إلا من الإمام أو نائبه، لأنه عقد مع جملة الكفار وليس ذلك لغيره، ويتعلق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة على ما قدمناه، ولأن تجويزه من غير الإمام يتضمن تعطيل الجهاد بالكلية أو إلى تلك الناحية وفيه افتيات على الإمام.
4 - التترس، قال في الكافي (4/ 286): وإن تترس الكفار بصبيانهم ونسائهم جاز رميهم ويقصد المقاتلة لأن المنع من رميهم يفضي إلى تعطيل الجهاد. وفي الشرح الكبير (10/ 395): ولأن كفّ المسلمين عنهم يفضي إلى تعطيل الجهاد لأنهم متى علموا ذلك تترسوا بهم عند خوفهم، ونحوه في المغني (10\ 495)، وفيه (10\ 496): وقال القاضي والشافعي: يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد. وفي مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 537): إباحة قتل المسلمين الذين تترس بهم الكفار حماية للمسلمين من الفتنة والشرك. وقال أيضا: بل لو فيهم قوم صالحون من خيار الناس، ولم يمكن قتالهم إلا بقتل هؤلاء لقتلوا أيضا، فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بأسرى المسلمين، وخيف على المسلمين إذا لم يقاتلوا، فإنه يجوز أن نرميهم ونقصد الكفار، ولو لم نخف على المسلمين جاز رمي أولئك المسلمين أيضا على أحد قولي العلماء.
5 - بيات الكفار ولو قتل من نسائهم وصبيانهم، قال في الكافي (4\ 268): يجوز بيات الكفار ورميهم بالمنجنيق والنار وقطع المياه عنهم، وإن تضمن ذلك إتلاف النساء والصبيان ... فإن كان فيهم مسلمون فأمكن الفتح بدون ذلك لم يجز، لأنه تعريض لقتلهم من غير حاجة، وإن لم يمكن بدونه جاز، لأن تحريمه يفضي إلى تعطيل الجهاد.
6 - ومنها الغزو مع كل بر وفاجر، قال في الكافي أيضا (4\ 281): ويغزى مع كل بر وفاجر، لقول رسول الله: الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أوفاجرا، رواه أبو داود. ولأن تركه مع الفاجر يفضي إلى تعطيل الجهاد وظهور العدو. وفي المغني نحوه (10/ 368)، وقال شيخ الإسلام في المجموع: ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة الغزو مع كل بر وفاجر، فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم، كما أخبر بذلك النبي، لأنه إذا لم يتفق الغزو إلا مع الأمراء الفجار أو مع عسكر كثير الفجور، فإنه لا بد من أحد أمرين: إما ترك الغزو معهم، فيلزم من ذلك استيلاء الآخرين الذين هم أعظم ضررا في الدين والدنيا، وإما الغزو مع الأمير الفاجر، فيحصل بذلك دفع الأفجرين وإقامة أكثر شرائع الإسلام، وإن لم يمكن إقامة جميعها، فهذا هو الواجب في هذه الصورة وكل ما أشبهها، بل كثير من الغزو الحاصل مع الخلفاء الراشدين لم يقع إلا على هذا الوجه. انتهى.
7 - فيمن له الحق في عقد الأمان، قال في الكافي (4\ 331): وللإمام عقده لجميع الكفار لأن له الولاية على جمع المسلمين، وللأمير عقده لمن أقيم بإزائه لأن إليه الأمر فيهم، وأما سائر الرعية فلهم عقده للواحد والعشرة، والحصن الصغير، لحديث عمر في أمان العبد، ولا يصح لأهل بلدة ورستاق ونحوهم لأن ذلك يفضي إلى تعطيل الجهاد والافتئات على الإمام. وقال في (4\ 332): ويجوز عقده للمستأمن غير مقدر بمدة لأن ذلك لا يفضي إلى ترك الجهاد. وقال في عون المعبود (6\ 17): ولا يجوز لمسلم أن يعطي أماناً عاماً لجماعة الكفارٍ، فإن فعل ذلك لم يجز أمانة لأن ذلك يؤدي إلى تعطيل الجهاد أصلاً وذلك غير جائز. انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
8 - في صحة الاستئجار على الغزو: قال ابن قدامة في المغني: ويحتمل أن يحمل كلام أحمد والخرقي على ظاهره في صحة الاستئجار على الغزو لمن لم يتعين عليه ..... ويفارق الحج حيث أنه ليس بفرض عين وأن الحاجة داعية إليه، وفي المنع من أخذ الجعل عليه تعطيل له ومنع له مما فيه للمسلمين نفع وبهم إليه حاجة فينبغي أن يجوز بخلاف الحج. انتهى
يتبع الباقي ..
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 03:30]ـ
لم يتعرض أحد من العلماء للشرط المذكور
السادس: اعلم أن علماء المسلمين على مرّ العصور وكرّ الدهور لا زالوا يفتون بوجوب الجهاد ويشاركون فيه ولم يتعرض أحدٌ منهم للشرط المذكور، ولا زال الصالحون من أمراء المسلمين بعد عصر الصحابة يقومون به كلٌ بحسبه وعلى قدر ما يفتح الله به مع تفرق المسلمين وعدم اجتماعهم على إمام واحد، بل اتفقت الألسنة على الثناء عليهم، ومدح العلماء جهادهم، كما كان في الخيار من ملوك الأندلس، وكما كان في الدولة الغزنوية التي كان منها القائد المجاهد الكبير السلطان محمود الغزنوي فاتح الهند رحمه الله، وفي الدولة الأيوبية التي كان منها القائد السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله الذي قاتل الصليبيين في معارك أشهرها حطين في سنة (583) وشاركه في جهاده جماعات من العلماء رحمهم الله، وفي الدولة الخلجية التي كان لها دورٌ في محاربة الهند، وفي دولة المماليك، والسلاجقة، ودولة العثمانيين، ودول بلاد المغرب، كدولة المرابطين، ودولة الموحدين، والدولة المرينية، وغيرهم، فكل هؤلاء كان لهم في جهاد الأعداء صفحات بيضاء خلدت في التاريخ، وكانت سببا في تقويض دعائم الكفر والمحافظة على صرح الإسلام الشامخ ورايته عالية خفاقة بين الملَوَيْن، ولا نعلم أحداً من العلماء طعن في جهادهم للكفار لأنهم لم تجتمع كلمتهم على طاعة خليفة واحد فضلاً عن القول بأن جهادهم كان باطلاً لا يصح!
ثناء ابن كثير على جهاد الأمراء مع تفرقهم:
وهذا العلامة الكبير الإمام ابن كثير رحمه الله قد ذمّ ما كان بين ملوك الإسلام وطوائف المسلمين من الخلاف والشقاق مع ثنائه على جهاد من جاهد منهم فقال في تفسيره (2/ 529): وهكذا الأمر لما كانت القرون الثلاثة الذين هم خير هذه الأمة في غاية الاستقامة والقيام بطاعة الله لم يزالوا ظاهرين على عدوهم، ولم تزل الفتوحات كثيرةً ولم تزل الأعداء في سفال وخسار، ثم لما وقعت الفتن والأهواء والاختلافات بين الملوك طمع الأعداء في أطراف البلاد وتقدموا إليها، فلم يمانعوا لشغل الملوك بعضهم ببعض، ثم تقدموا إلى حوزة الإسلام فأخذوا من الأطراف بلداناً كثيرة، ثم لم يزالوا حتى استحوذوا على كثير من بلاد الإسلام ولله الأمر من قبل ومن بعد، فكلما قام ملك من ملوك الإسلام وأطاع أوامر الله تعالى وتوكل على الله فتح عليه من البلاد واسترجع من الأعداء بحسبه وبقدر ما فيه من ولاية الله، والله المسؤول المأمول أن يمكن المسلمين من نواصي أعدائه الكافرين وأن يُعْلِيَهُ في سائر الأقاليم إنه جواد كريم. انتهى.
ومثل هذا الذي قاله ابن كثيرٍ كثيرٌ، تراه في كتب الرجال والطبقات والتراجم وغيرها.
لا يعرف شيء من الأحكام لا يصلح إلا بالإمام الأعظم:
ثم يقال لصانع هذه الشبهة: من الإمام الذي أردت بقولك: لا جهاد إلا بإمام؟ أتريد الخليفة الذي تجتمع عليه الأمة ولا ثاني له كالخلفاء الراشدين؟ أم تريد الإمام الذي له ولاية وسلطان على قطر من أقطار المسلمين؟ أم تريد المهدي من آل البيت الذي أخبر به النبي وأنه خارج فينا وحاكم بشريعة الإسلام؟.
أما الأول: فإن الأمة منذ أكثر من ألف سنة لم تجتمع على طاعة إمام واحد، أفترى أن كل ما كان من الجهاد طيلة هذه المدة كان باطلاً وغاب علم ذلك عن أئمة المسلمين حتى جئت أنت فأتيت بما لم يأت به الأولون؟! بل قد استقرت كلمة العلماء على أن كل من غلب على بلد فله حكم الإمام، ولم يقل أحد منهم أن شيئا من الأحكام لا يصلح إلا بالإمام الأعظم، ومن ذلك الجهاد في سبيله، كما في كتاب الجهاد من الدرر السنية: الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد من البلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر
(يُتْبَعُ)
(/)
أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم. انتهى.
وفي كتاب الجهاد من الروضه الندية (714) لأبي الطيب البخاري قال: وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه فمعلوم أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولاية إلى إمام أوسلطان، وفي القطر الآخر أو الأقطار كذلك، ولا ينفذ لبعضهم أمرٌ ولا نهيٌ في غير قطره أو أقطاره التي رجعت إلى ولايته، فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين، وتجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة على أهل القطر، الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه، وكذلك صاحب القطر الآخر فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبت فيه ولايته وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يقتل إذا لم يتب، ولا يجب على أهل القطر طاعته ولا الدخول تحت ولايته لتباعد الأقطار، فإنه قد لا يبلغ إلى ما تباعد منها خبر إمامها أو سلطانها، ولا يدرى من قام منها أو مات، فالتكليف بالطاعة والحال هذه تكليف بما لا يطاق، وهذا لكل من له اطلاع على أحوال العباد والبلاد، فإن أهل الصين والهند لايدرون بمن له الولاية في أرض المغرب عن أن يتمكنوا من طاعته وهكذا العكس، وكذلك أهل ما وراء النهر لا يدرون بمن له الولاية في اليمن، وهكذا العكس، فاعرف هذا فإنه المناسب للقواعد الشرعية والمطابق لما يدل عليه الأدلة، ودع عنك ما يقال في مخالفته فإن الفرق بين ما كانت عليه الولاية الإسلامية في أول الإسلام وما هي عليه الآن أوضح من شمس النهار، ومن أنكر هذا فإنه مباهتٌ لا يستحق أن يخاطب بالحجة لأنه لا يعقلها، والله المستعان. انتهى.
وفي هذا التقرير جواب عن الأول والثاني وإبطال لدعوى المخالف ولله الحمد.
ومن المناسب أن نذكر هنا ما حكاه الصفدي في الوافي بالوفيات، في ترجمة المستنصر بالله العباسي المصري، الذي ولي الخلافة بعد قتل ابن أخيه المستعصم بثلاث سنين ونصف، فخلا الوقت فيها عن خليفة، وحكى أبو شامة أن ذلك كان في وقت السلطان الملك الظاهر، فكتب كتابا إلى قاضي القضاة نجم الدين بن سني الدولة يخبره فيه بقدوم المستنصر المذكور، فأثبت العلماء نسبه، ثم بايعوه وكان من المبايعين العز بن عبد السلام رحمه الله، كما بايعه قاضي القضاة أيضا.
فهذه ثلاث سنوات ونصف مضت على الأمة بلا إمام، وذلك في أوائل النصف الثاني من القرن السابع الهجري، والعلماء ومنهم المذكورون أحياء متضافرون، فما أفتى أحد منهم بتعطيل الجهاد في هذة المدة، وزمانهم زمان جهاد، وقِراعٍ وجِلاد، والحمد لله رب العالمين.
ونحن نزيد على هذا ونقول: إن السلاطين اليوم لم يعطلوا الجهاد فحسب، ولعمر الله لو لم يكن منهم إلا هذا لكانت مخالفتهم وإقامة الجهاد للذب عن الحرمات والكرامات من أعظم الواجبات، فكيف وهم ينهون عن الجهاد في سبيل الله بل هم من أشد الناس حرباً على الجهاد وأهله بل على الشريعة كلها! معطلون لدين الله وأحكامه، قائمون على شرائع اليهود والنصارى في بلاد المسلمين، ساعون في مرضاة الذين كفروا، باذلون لأجل ذلك النفس والنفيس، يصدق في أحدهم قول القائل:
وكان امرءاً من جندِ إبليس فارتقى به الحالُ حتّى صارَ إبليسُ من جُنْده
فما أحراهم بقول الإمام ابن حزم الأندلسي في رسائله (3/ 176): والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها، فنحن نراهم يستنجدون النصارى، فيمكنونهم من حرم المسلمين وأبنائهم ورجالهم، يحملونهم أسارى إلى بلادهم، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعاً فأخلوها من الإسلام، وعمروها بالنواقيس، لعن الله جميعهم، وسلط عليهم سيفا من سيوفه. انتهى.
فلو حلَف حالفٌ بين الركن والمقام أنه لا حظَّ في الإسلام لمن كان هذا حاله لم يكن حانثا، عجل الله بزوالهم وزوال دولتهم وجعلها في الصالحين من المؤمنين.
وإذ الحال ما ذكرت، فالواجب على جماعات المسلمين القيام بفرض الجهاد في سبيل الله، وأمراؤهم القائمون بالجهاد هم أهل الولاية في هذا، وفي تقرير هذا وإيضاحه جملة من الأقوال والنقولات:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولها: أن جماعة المسلمين تقوم مقام السلطان إذا عدم، كما أفتى به العلماء في خبر العياشي الآتي إن شاء الله، وكما أفتى به جماعة من العلماء بأن الهند أيام الاحتلال الانجليزي صارت دار حرب، فقال العلامة الشيخ عبيد الله السندي: ومعنى فتواه أن أمراء الإسلام قد عجزوا عن مقاومة الأعداء، ففرض المدافعة عن البلاد عاد إلى الجمهور إلى عامة المسلمين.
وقد ذكر نحو هذا الطاهر بن عاشور رحمه الله.
وفي الكوكب الدري على جامع الترمذي (1\ 199) في مبحث اشتراط الإمام للجمعة: أما اشتراط الإمام، فمن اتفق جماعة المسلمين على إمامته فهو إمام، ولا يحتاج إلى الخليفة أو نائبه عينا، إذ الوجه في اشتراطهما الاتفاق ودفع النزاع وهو حاصل.
ثانيها: أنه قد حكى غير واحد من الأئمة كابن حزم في مراتب الإجماع، وابن العربي في أحكام القرآن، والجصاص في الأحكام أيضا، وابن عطية الأندلسي، والفخر الرازي، ومن المتأخرين أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي المغربي المالكي المتوفى سنة (1258) إجماعَ علماء الملة على أن العدو إذا نزل بلاد المسلمين صار قتاله فرض عين على كل قادر عليه دون قيد أو شرط، وأن مقاتلة العدو الكافر واجبة على كافة أهل الإسلام وهو فرض لا إذن فيه لأحد على أحد، وجد السلطان أم لم يوجد، كان حاضرا أم غائبا، أذن أم لم يأذن ولافرق، هذا حاصل المجموع من كلامهم.
واعلم أن ما نسوقه من الأدلة هنا هو لدحض القول باشتراط الإمام حتى في جهاد الطلب وبلاد المسلمين آمنة مستقرة وعدو الدين مقموع مخذول مقهور، أما في قتال الدفع – وهو دفع الصائل – كما في زماننا فاشتراطه كما يقول به المغبون أعظم بطلانا، قال شيخ الإسلام رحمه الله في الاختيارات: وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا. وقال أيضا: فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك أصحابنا وغيرهم.
قال أبو الوليد: قوله: فلا يشترط له شرط، نكرة في سياق النفي فيعم كل شرط ومنه اشتراط الإمام.
وقال الشيخ ردا على القاضي الذي قال: إذا تعين فرض الجهاد على أهل بلد فمن شرط وجوبه الزاد والراحلة إذا كانوا على مسافة القصر قياسا على الحج، فقال ابن تيمية: القياس على الحج لم ينقل عن أحد وهو ضعيف، فإن وجوب الجهاد يكون لدفع الضرر فيكون أوجب من الهجرة، ثم الهجرة لا تعتبر فيها الراحلة، فبعض الجهاد أولى. انتهى.
أقول: فيقال هنا كذلك: والهجرة واجبة فرارا بالدين من الفتن، ولا يشترط لها إمام، والجهاد واجب أيضا لدفع الفتنة عن المسلمين، بل ربما كان أوجب من الهجرة، فلا يشترط له الإمام من باب أولى، والله أعلم.
ثالثها: قد أفتى ببطلان القول المذكور جماعات من العلماء كما في خبر العياشي الفقيه، وهذا أوان حكايته، مع سياق قصته كاملة باختصار يسير، لما تضمنته من العبر والفوائد، والله ولي التوفيق. فأقول مستعينا به سبحانه:
في كتاب (الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى 2\ 4 2):
رياسة ولي الله تعالى أبي عبد الله سيدي محمد العياشي على الجهاد ومبدأ أمره في ذلك
وهو محمد فتحا بن أحمد المالكي الزياني من بني مالك بن زغبة الهلاليين، وكان من تلامذة أبي محمد بن حسون السلالي دفين سلا، وكان العياشي رحمه الله كثير الورع قليل الكلام مديم الصيام، وكان شيخه رحمه الله قد أمره بالخروج إلى الجهاد وعين له ناحية يقال لها (آزمور)، وأركبه فرسا كانت قد أهديت له، وأعلمه أن سيكون له في الجهاد شأن عظيم، وذلك في أول دولة السلطان زيدان سنة 1013 للهجرة، فخرج وقصد الناحية المذكورة فلم يزل صابرا مثابرا على الجهاد شديد الشكيمة على العدو عارفا بوجوه المكايد الحربية، بطلا شهما مقداما في مواطن الإحجام، وقورا صموتا عن الكلام، وضَيّقَ على النصارى، وكانوا يومئذ قد أمِرَ أمرهم، ففرح بذلك قائد آزمور، وولى السلطان قيادة الثغر إلى العياشي، فنهض بالأمر، واستمر على ما هو عليه من الجهاد حتى منع النصارى الحرث والرعي، فلا زال النصارى يحتالون في أمره، والناس من خصومه تشي به عند السلطان ويخوفونه عاقبته حتى حنق عليه، وبعث إليه قائدا يقال له محمد السنوسي في أربعمائة فارس لقتله! فألقى الله في قلب السنوسي المذكور الشفقة على الشيخ لما
(يُتْبَعُ)
(/)
يعلم من براءته، وبعث إليه رسولا أن انج بنفسك فإنك مقتول، فخرج العياشي في أربعين بين راجل وفارس وقصد سلا سنة 1023.
ثم إن النصارى البرتغاليين لعنهم الله استولوا على (المهدية) وأقاموا بها سنين، ثم جلوا عنها واستولى عليها الأسبان، وكانوا قد استولوا من قبل على العرائش، فبعث إليها (فليبس الثالث) من جزيرة قادس تسعين مركبا حربيا واستولى عليها من غير قتال لفرار المسلمين كما في تواريخ الفرنج والله أعلم.
وذكر شارح الزهرة أن العدو النصراني نزل (مرسى الحلق) سنة 1022، وقيل:1023، ليضمها إلى العرائش، ولينضبط له ما بينها من السواحل وتتقوى عساكره فلقي من أهل الإسلام عرق القربة، فخرج أهل سلا إلى العياشي، وذلك بعد سلامته من اغتيال قائد زيدان، وذكروا له خوفهم من النصارى، وأن العدو قد حضر في ألفين من الرماة سوى الفرسان، فأمرهم بالتهيؤ إليهم واتخاذ العُدة، فلم يجد عندهم إلا نحو المائتين منها، فحضهم على الزيادة والاستكثار منها حتى بلغت أربعمائة، ثم نهض إلى المعمورة وصادف بها النصارى غرَّة، فلقيهم إلى غروب الشمس، وقُتل منهم أربعمائة، ومن المسلمين مائتان وسبعون، وهذه أول غزوة له بعد خروجه من (آزمور)، ولما علم السلطان زيدان باجتماع الناس عليه في سلا خاف أمره وبعث إليه من يقتله، فقصد المبعوث سلا وفاوض أشياخها على أن يجعلوا على العياشي عيونا للسلطان، فلما علم الشيخ بذلك انقبض عن الجهاد ولزم بيته، وبقي على هذا الحال حتى وقعت النفرة بين السلطان وأهل سلا، ثم عدوا على الوالي وقتلوه، وعمت الفوضى البلدة وكثرت اللصوص والنهب والعدوان على الحرمات.
ثم إن أهل سلا أعيانهم وأكابرهم شكوا إليه ما آل إليه حالهم، وطالبوه بالقيام بمصالح المسلمين وأمر الجهاد في سبيل الله، وبايعوه على الجهاد والقيام بالحق، فأمر أشياخ القبائل أن يضعوا خطوطهم في ظهير بأنهم رضوه وقدّموه ويلتزمون طاعته، وأن كل من خرج عن أمره كانوا معه يدا واحدة على مقاتلته حتى يفيئ إلى أمر الله، فأعطوه ذلك، ووافق على ذلك قضاة الوقت وفقهاؤه، من (تامسنا) إلى (تازا)، وكان الحاملَ له على طلب ذلك منهم أنه بلغه عن بعض طلبة الوقت أنه قال: لا يحل الجهاد إلا مع أمير، ففعل ذلك خروجا من تلك الدعوى الواهية، وإلا فقد كتب له علماء الوقت كالإمام أبي محمد عبد الواحد بن عاشر، والإمام أبي إسحاق إبراهيم الكلالي (بضم الكاف المعقودة)، والإمام أبي عبد الله محمد العربي الفاسي وغيرهم، بأن مقاتلة العدو الكافر لا تتوقف على وجود السلطان، وإنما جماعة المسلمين تقوم مقامه.
ولما كمل أمره بايعه الناس على إعلاء كلمة الله وردّ الظلم، فضاق الأمر على عرب المغرب، ونكث بيعته جماعة منهم، فقاتلهم وظفر بهم وعفا عنهم، وتاب بعضهم على يده، وكانت عاقبة من بغى عليه خسرا، ثم تهيأ للخروج إلى (حلق المعمورة) واستعد لقتال ومنازلة من فيه من النصارى، فسار بمن معه إلى (الحلق) ونزل عليه، ورأى في المنام قطعتين من الخنازير معها عنوز، فلما أصبحوا قدمت بعض سفن النصارى بقصد الدخول إلى الحلق، فضيق عليهم رماة المسلمين الذين بالخندق، فأرادوا الهرب إلى البحر، فردهم البحر إلى الساحل، فتمكن المسلمون منهم وقتلوا وسبوا، ووجدوا مع العدو ثلاثمائة أسير من المسلمين، فأعتقهم الله، وأسر من النصارى أكثر من ثلاثمائة، وقتل منهم أكثر من مائتين، وظفر المسلمون ببعض عظماء الروم ففادوا به رئيس الجزائر وكان محبوسا عندهم في قفص من حديد! واستقامت الأمور للعياشي بسلا، وبنى برجين على ساحل (مرسى).
غزوة الحلق الكبرى
ثم كانت غزوة الحلق الكبرى، خرج جيش فاس بقصد الجهاد، ونزلوا عين السبع، وكمنوا ثلاثة أيام، وفي الرابع خرج النصارى على غِرَّة فظفر بهم المسلمون، وكان النصارى لما خرج جيش أهل فاس أعلمهم بذلك مسلم عندهم مرتد، فأعطوه سلعا وجاء بها إلى سلا، يقصد بيعها والتجسس لهم، فأخذ وقتل، وعميت عليهم الأنباء، فلم يشعروا إلا بالخيل قد أحاطت بهم وقتل منهم نحو ستمائة، وغنموا منهم أربعمائة من العدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم يحضر العياشي هذه الوقعة حنقا على (يوم المسامير) التي كان النصارى قد صنعوها بأربعة رؤوس ليمنعوا تقدم المسلمين، فبعث الشيخ إلى أهل الأندلس بسلا يصنعون له سلالم يصعد بها إلى من بقي في (الحلق) يستأصلهم، فتثاقلوا عنها غشّاً للإسلام ومناواة لأبي عبد الله، حتى جاء المدد لأهل (الحلق)، وكانت تلك الرابطة بين أهل الأندلس والنصارى متوارثة من لدن كانوا بأرضهم، فكانوا آنس بهم من أهل المغرب، فلما أُتِيَ أبو عبد الله بالسلالم لم تغن بعد ذلك شيئا، فاستكملت العداوة بينه وبين أهل الأندلس، وكان أهل الأندلس قد أعلموا النصارى بأن محلة أبي عبد الله النازلةَ لمحاصرة (الحلق) ليس لها إقامة! فبلغ ذلك أبا عبد الله، فأقام عليهم الحجة وشاور في قتالهم، فأفتى أبو عبد الله العربي الفاسي وغيره بجواز مقاتلتهم، لأنهم حادّوا الله ورسوله، ووالوا الكفار ونصحوهم، ولأنهم تصرفوا في أموال المسلمين ومنعوهم من الراتب، وقطعوا البيع والشراء عن الناس وخصوا بهم أنفسهم، وصادقوا النصارى، وأمدوهم بالطعام والسلاح، وكان سيدي عبد الواحد بن عاشر لم يجب عن هذه القضية حتى رأى بعينه حين قدم سلا بقصد المرابطة، فرأى أهل الأندلس يحملون الطعام إلى النصارى، ويعلمونهم بعورة المسلمين، فأفتى حينئذ بجواز مقاتلتهم، فقاتلهم أبو عبد الله وحكم السيف في رقابهم أياما إلى أن أخمد بدعتهم وجمع الكلمة بهم.
ولما وقعت غزوة الحلق الكبرى قدمت عليه الوفود للتهنئة بالظفر فحضهم على استئصال شأفة من بقي بالحلق من النصارى، وعير العرب بترك الكفار في بلادهم، وقال لهم: والله والله والله إن لم تأخذكم النصارى لتأخذنكم البربر، فقالوا كيف هذا وأنت فينا؟! فقال لهم اسكتوا، أنتم الذين تقطعون رأسي. وهذا من كراماته ?.
قتال نصارى العرائش
ثم صرف عزمه إلى قتال نصارى العرائش، وتقدم بجمع من المسلمين، فكانوا في الغابة سبعة أيام، وخرج العدو على حين غفلة ومكن الله منه، وفي هذه المدة أخذ حناشا (وهو الجاسوس في كلام أهل المغرب) يدعى ابن عبود، فأراد قتله، فقال له: أبقني، وأنا تائب إلى الله، وأنا أنفع المسلمين إن شاء الله، فتركه، وذهب إلى النصارى، وكانوا يثقون به، حتى كانوا يعطونه الراتب، فقال للنصارى: إن أحياء العرب وحللها قد نزلوا بوادِ العرائش، فلو أغرتم عليهم لغنمتموهم، فخرجوا فمكن الله منهم، وطحنهم المسلمون في ساعة واحدة طحن الحصيد، ولم ينج منهم إلا الشريد، وكان ابن عبود قد بقي في أيديهم فأخذوه ومثلوا به ونزعوا أسنانه وأرادوا قتله لولا أنه رفعهم إلى شرعهم، وكانت هذه الوقعة سنة أربعين وألف، وقتل فيها نحو ألف من النصارى.
وقاتل نصارى الجديدة بعد أن كانوا في منعة وأذلوا المسلمين، وكان سبب قتاله لهم على ما ذكره قاضي (تامسنا) أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد الغنامي أن نصارى الجديدة عقدوا المهادنة مع أهل آزمور مدة، فكان من عزة النصارى وذلة المسلمين في تلك المدة ما تنفطر منه الأكباد، وتخر له الأطواد، وحدث أن زوجة قبطان النصارى طلبت من زوجها أن يخرج بجيشه، ويبعث إلى قائد آزمور أن يخرج بجيش المسلمين، فيلعبوا فيما بينهم، وهي تنظر إليهم، فخرجوا وعدا نصراني على مسلم فقتله، فكلم قائد المسلمين القبطان وأخبره بما وقع، فقال له القبطان مستهزءاً: فما يضركم إن مات شهيدا؟! فلما بلغ الخبر العياشي بات لا يلتذ بطعام ولا منام، وهو يفكر كيف تكون الحيلة في زوال المعرة عن المسلمين بتلك الجهة وغسل أعراضهم من وسخ الإهانة، وهو مع ذلك يخاف من عيون صاحب مراكش وقائد آزمور، إذ كانت تلك النواحي لا تزال تحت حكم السلطان، ولم تدخل في دعوة العياشي، فاحتال عليهم وأمر بعض أولاد أبي عزيز أن يجلبوا إلى النصارى شيئا من القمح خفية، وأن يكون ذلك شيئا فشيئا حتى يذوقوا حلاوته ويطمئنوا ويوهمهم النصح والمحبة، فلما حصل هذا وأطلعوه على غرة النصارى قصد الجديدة، وقدم غزو العرائش، ثمّ أتاها في أول صفر سنة ألف وتسع وأربعين، ومرّ في طريقه بوادِي أم الربيع ملآنا مع أنه لا يدرك له قعر، فقال لأصحابه: توكلوا على الله! ودعا ودعوا، فعبروا والماء يصل إلى قريب من ركب خيلهم، فكانت كرامة عظيمة له، وكان القاضي أبو زيد الغنامي حاضرا لها وشاهدها! ولم يقع مثل هذا إلا للصحابة ?، مثل ما وقع لسعد بن أبي وقاص في
(يُتْبَعُ)
(/)
عبوره دجلة لفتح المدائن، ومثل ما وقع للعلاء في فتح بعض بلاد فارس.
ولما وصل إلى الجديدة وجد طائفة من أولاد أبي عزيز قد نذروا به، ولجأوا إلى القبطان خوفا منه أن يوقع بهم لأجل مهادنتهم للكفار واتصالهم بهم، فخرج القبطان في خيله، وكان سيدي محمد كامناً بإزاء (الجديدة) بالغابة، فلما انفصل الجيش من (الجديدة) حمل عليهم وقطعهم عنها حتى فرّوا جهة البحر، ولم ينج منهم إلا سبعة وعشرون رجلا، وأسر خمسة عشر، كما قتل البقية، ولما وصل الخبر إلى صاحب مراكش أنكر ما صنع أبو عبد الله كما أنكره قاضيه السكتاني.
خبره مع أهل الأندلس ومقتله رحمه الله
كانوا قد تحزبوا عليه، واطلع على خبثهم ونصحهم للكفر وأهله، واستفتى العلماء فيهم فأفتوه بإباحة قتال من هذه صفته، فأطلق فيهم السيل أياما، فقتل من وجد منهم، وهرب أكثرهم إلى مراكش والجزائر، وبعضهم إلى النصارى، وبعضهم إلى (زاوية الدلاء)، فجاء أهلها للشفاعة في أهل الأندلس فأبى أن يقبل فيهم الشفاعة، وقال: إن الرأي في استئصال شأفتهم، فغضبوا، وأجمعوا على حربه، وكان قد كتب إليه في الشفاعة الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الدلائي رسالة! فحاربوه وخرج إليهم العياشي فأوقع بهم وهزم جموعهم وفرّقها، ثم قصد طنجة للجهاد، ولما قفل وجد البربر من أهل الدلاء قد وصلوا إلى أطراف (أزغار) ومعهم قبائل التاغي والدخيس وأهل حزبهم من الكدادرة وغيرهم، وعزموا على مصادمته، فأراد غض الطرف عنهم، فلم يزل به أصحابه حتى التقى بهم، وكانت الدبرة على العياشي، وقتل فرسه تحته! فرجع إلى بلاد (الخلط) وأكثر رؤسائهم في حزب التاغي، وبقي العياشي عندهم أياما، فغدروه وقتلوه في (عين القصب)، واحتزوا رأسه، وحمله بعضهم إلى سلا حيث يكثر هناك أعداؤه من أهل الأندلس، وفرح النصارى لعنهم الله بمقتله غاية الفرح وأعطوا البشارة ثلاثة أيام.
ومن كراماته المتواترة أنهم سمعوا الرأس ليلا يقرأ القرآن جهارا حتى علمه جميع من حضر، فردوه مكانه، وتاب بسبب ذلك جماعة، وكان مقتله رحمه الله في التاسع عشر من المحرم سنة واحد وخمسين وألف.
وفي هذه المدة رأى رجل مغربي في المدينة النبوية رؤيا منام حدث بها فقال: رأيت في الرؤيا أختي، ورأيت رجلا جالسا مقطوع اليد تسيل يده دما، فقلت له: من أنت؟ قال: الإسلام، قطعت يدي بـ (سلا)، قال: فلما قدم حجاج المغرب آخر العام حدثوا بموته.
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 03:31]ـ
وفي الاستقصا (1\ 2\177): ثم ختموا أعمالهم بفعلتهم الشنعاء التي ملأت الأفواه وأسالت من الجفون الأمواه، وهي قتلتهم ولي الله تعالى المجاهد في سبيله أبا عبد الله سيدي محمد العياشي المالكي رحمه الله، فما زلنا نسمع أن قبيلة الخلط إنما سلبوا العز منذ قتلهم للولي المذكور، وكان ذلك في المحرم سنة إحدى وخمسين وألف، والله تعالى أعلم.
مآثر العياشي وثناء العلماء عليه
يحكى أنه وجد مقيدا بخط العياشي أن جملة ما قتله من الكفار في غزواته سبعة آلاف وستمائة وسبعون ونيف! ومدحه شعرا جماعة منهم الأديب أبو العباس أحمد الدغوغي، والعلامة الشهير الإمام أبو محمد عبد الواحد بن عاشر، وأثنى عليه الشيخ ميارة فقال: قد من عليّ ذو العظمة والجلال بزيارة الولي الصالح العالم العامل السائح قطب الزمان وكهف الأمجاد، المجاهد في سبيل رب العالمين، المرابط في الثغور مدة عمره لحياطة المسلمين، ذي الكرامات الشهيرة العديدة، والفتوحات العظيمة الحميدة، من لا شبيه له في عصره وماقرب منه ولا نظير، ولا معين له على نصرة الإسلام ولا نصير إلا الله، الذي تفضل به علينا، وأقره بمنه وجوده بين أظهرنا، فهو كما قيل:
حلف الزمان ليأتين بمثله حنثت يمينك يا زمان فكفر
وممن أثنى عليه كذلك أبو عبد الله محمد بن العربي الفاسي، وابن أبي بكر الدلائي، وغيرهم.
وكان فقيها مشاركا في الفنون وله أتباع ظهرت عليهم بركاته، منهم الشيخ أبو الوفاء اسماعيل بن سعيد الدكالي، والمقدم المجاهد أبو العباس الخضر غيلان الجرفطي.
ثم إن الذين تمالؤوا على قتل العياشي رحمه الله لم تمض مدة يسيرة حتى دارت عليهم دائرة السوء ولم ينج منهم أحد. انتهى خبره رحمه الله.
يلزم من الشبهة المذكورة تسلط الكفار على المسلمين
(يُتْبَعُ)
(/)
السابع من البراهين المبطلة للشبهة: إعلم أن القول المذكور يلزم منه إقرار تسلط الكفار على بلاد المسلمين وأهل الإسلام والرضا بالإقامة تحت إيالتهم وسلطانهم، وفي هذا لعمر الله ذهاب الدين والدنيا، وإذلالُ الكفار وإزهاق باطلهم وفرض الجزية عليهم وكف عاديتهم صيانة لجناب التوحيد وإزالة للحواجز التي تحول بين الخلق ونور الهدى والحق من أعظم مقاصد الشرع التي فرض الجهاد لأجلها، فلئن غفل المثير لهذه الشبهة عن هذا فقد عظمت منه الزلة، وجانب العلم وأهله، وقد ذكر الشاطبي رحمه الله أن أعظم أسباب زلات العلماء الغفلة عن مقاصد الشرع، ولئن كان القائل بها يعلم هذا واجترأ مع ذلك عليه فما أحراه بقول الفقيه أبي عبد الله الفاسي المالكي فيمن قال بتوقف الجهاد على وجود الإمام وإذنه أنه من أعوان الشيطان، ثم غلظ فيه وقال: كاد أن يكون كفرا.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في الدرر (1/ 167) منكرا على ابن نبهان: فمن ذلك فيما بلغنا عنه: أنه لا جهاد إلا مع إمام، فإذا لم يوجد إمام فلا جهاد، فيلزم على هذا أن ما يلزم بترك الجهاد، من مخالفة دين الله وطاعته جائز بجواز ترك الجهاد، فتكون الموالاة للمشركين والموافقة والطاعة جائزة، واللازم باطل، فبطل الملزوم، فعُكس الحكم الذي دل عليه القرآن العزيز، من أنها لا تصلح إمامة إلا بالجهاد.
وقد اشتد نكير العلماء رحمهم الله على من رضي بالإقامة في بلد تغلب عليه الكفار لما يستلزمه ذلك من الرضا بهم وبأحكام ملتهم، ولما يقع في النفوس مع كثرة مخالطتهم من الميل إليهم كما وقع لمن بقي من المسلمين في الأندلس وقد مر بك في خبر العياشي، ولمحمد ابن عبد الله الونشريسي المالكي المتوفى سنة (911) رسالة: أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب على ذلك من العقوبات والزواجر، وما حققه فيها من وجوب الهجرة هو الحق الدامغ والبيان البالغ الذي لا محيد عنه، ولما هاجمت الحملة الفرنسية الصليبية مصر سنة (1798م) وقعد من قعد من العلماء عن جهادهم كتب جماعة من علماء المالكية بالمغرب رسالة بعثوا بها إليهم ينكرون عليهم فيها رضاهم بالإقامة تحت إيالة الكفار كما ذكر ذلك العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم الكتاني رحمه الله في مقال له في بعض أعداد مجلة الحكمة. وكان قد خرج في تلك المدة لقتالهم الشيخ العلامة محمد عابد السندي على رأس جماعة من المتطوعة وكان مقيما بالمدينة المنورة فخطب خطبة حرض الناس فيها على الجهاد في سبيل الله وركبوا البحر لجهادهم. والسندي هذا هو غير السندي صاحب الحواشي على البخاري وبقية الستة. كذا في نيل الوطر من تراجم علماء اليمن في القرن الثالث عشر (2\ 327).
وليس هذا موضع الإطالة بنقولات الباب، فإذا كان هذا حكم الإقامة تحت سلطان العدو المتغلب فكيف بمن أفتى بتعطيل الجهاد الذي يفضي تعطيله إلى تسلط العدو على بلاد المسلمين وفساد الدين والدنيا؟! فتبا لهؤلاء أفلا يعقلون!.
إجماعهم على تعين الجهاد في مواضعَ مبطلٌ للشبهة
والبرهان الثامن: إجماع الأئمة رحمهم الله على أن الجهاد يتعين في مواضع:
الأول: أمر الإمام فمن عيّنه الإمام وجب عليه الخروج.
الثاني: أن يفجأ العدو بعض بلاد الإسلام فيتعين عليهم دفعه، فإن لم يستقلوا لزم من قاربهم، فإن لم يستقل الجميع وجب على سائر المسلمين حتى يندفع العدو.
الثالث: لاستنقاذ أسارى المسلمين من أيدي الكفار.
الرابع: أن يحضر المكلف صف القتال.
وهذا الثاني قد حكى الإجماع عليه غير واحد من العلماء كما مرّ، بل قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مختصر الفتاوي المصرية في قاعدة دفع الصائل: إن هذا من أعظم أصول الإسلام وقواعد الإيمان، فلو كان قتال العدو الصائل لا يصح إلا بشرط الإمام لكان إجماعهم على تعينه والحالة هذه باطلا ولاندرج تحت النوع الأول وهو أمر الإمام، فتعين بطلان قولهم ولله الحمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي أحكام القرآن لابن العربي المالكي (3\ 954): وقد تكون حالة يجب فيها نفير الكل، إذا تعين الجهاد على الأعيان بغلبة العدو على قطر من الأقطار، أو لحلوله بالعقر فيجب على كافة الخلق الجهاد والخروج، فإن قصروا عصوا، فإذا كان النفير عامة لغلبة العدو على الحوزة أو لاستيلائه على الأسارى كان النفير عاما، ووجب الخروج خفافا وثقالا وركبانا ورجالا عبيدا وأحرارا .... من كان له أب من غير إذنه، ومن لا أب له، حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ويستنقذ الأسرى، ولا خلاف في هذا، فكيف يصنع الواحد إذا قعد الجميع؟ يعمد إلى أسير واحد فيفديه، ويغزو بنفسه إن قدر وإلا جهز غازيا. انتهى.
الدليل على بطلان ما ذكروه من السنة
التاسع: قد ثبت في السنة ما يدل على بطلان ما ذكروه، وهذا بيان لما تيسر منه:
1 - أحاديث الطائفة المنصورة، فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من طريق يزيد بن الأصم قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، ذَكَرَ حَدِيثاً رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ. لَمْ أَسْمَعْهُ رَوى? عَنِ النَّبِيِّ عَلَى? مِنْبَرِهِ حَدِيثاً غَيْرَهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ: «مَنْ يُرِدِ اللّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. وَلاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى? مَنْ نَاوَأَهُمْ، إِلَى? يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وفي حديث جابر عند مسلم (2\ 158): إلى يوم القيامة، وإلى نزول عيسى عليه السلام، وهو عنده أيضا من حديث عقبة بن عامر (13\ 57)، ورواه عنهما ابن حبان أيضا عن جابر في (6\ 265\6705) وعن عقبة في (6\ 269)، ورواه أحمد في المسند من حديث المغيرة بن شعبة (17824)، ومن حديث معاوية (16530)، ومن حديث عمران بن حصين مرفوعا في (19545)، وموقوفا في (19520)، وعنه مرفوعا أيضا عند أبي داود في السنن (2485) وعنه الحاكم في المستدرك كما قال الحافظ في الفتح، ورواه النسائي في المجتبى (3565) من حديث سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسا عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذَالَ النَّاسُ الْخَيْلَ وَوَضَعُوا السِّلاَحَ وَقالُوا: لاَ جِهَادَ قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: «كَذَبُوا الآنَ الآنَ جَاءَ الْقِتَالُ وَلاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ وَيُزِيغُ اللَّهُ لَهُمْ قُلُوبَ أَقْوَامٍ وَيَرْزُقُهُمْ مِنْهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَحَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يُوحَى إلَيَّ أَنِّي مَقْبُوضٌ غَيْرَ مُلَبَّثٍ وَأَنْتُمْ تَتَّبعُونِي أَفْنَادا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَعُقْرُ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ». قال السيوطي: قوله: «أذال الناس الخيل» بذال معجمة أي أهانوها واستخفوا بها وقيل أراد أنهم وضعوا أداة الحرب عنها وأرسلوها. شرح السيوطي للسنن (6\ 524). قال الحافظ رحمه الله: ووقع في حديث أبي أمامة عند أحمد أنهم ببيت المقدس، وأضاف بيت إلى المقدس، وللطبراني من حديث النهدي نحوه، وفي حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني ”يقاتلون على الحق".
وفي جميع ألفاظ الروايات المذكورة وصف الطائفة المنصورة بقتال عدوها، ثم إنه وصف ملازم لها كما يدل عليه قوله: لا تزال، قال في شرح الأشمونية في باب كان وأخواتها: زال: ماضي يزال، وبرح وانفك وفتئ، ومعنى الأربعة: ملازمة المخبر عنه على ما يقتضيه الحال، نحو: ما زال زيد ضاحكا، وما برح زيد أزرق العينين. قال في حاشية الصبان: أي ملازمة جارية على ما يقتضيه الحال من الملازمة مدة قبول المُخبَر عنه للخبر، سواء دام بدوامه نحو: ما زال زيد أزرق العينين، ما زال الله محسنا، أو لا، نحو: ما زال زيد ضاحكا. فعلم من هذا أن وصف القتال لعدو الدين ملازم للطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، وقد سبق في علم الله تعالى ما أخبر به الصادق المصدوق من افتراق كلمة الأمة وعدم اجتماعها على طاعة إمام واحد، بل وما يقع من افتراق القرآن والسلطان، بل وما يصنعه السلاطين اليوم من الإعراض عن شريعة الرحمن، والتهافت على شرائع عبدة
(يُتْبَعُ)
(/)
الصلبان، فما أخبرنا النبي أن الجهاد لا يجوز لعدم الإمام ولا أمرنا بتعطيله إلا أن يظهر إمام، بل أخبرنا عن طائفة الحق القائمة به لنلزم غرزها ونقتفي أثرها ونسير على هديها، وأعلمنا بأجلّ صفاتها وهي العلم الذي يتميز به الحق من الباطل، والجهاد الذي تُحمى به حوزة العلم، وبهذين الوصفين قوام الدين، ولهذا قال البخاري رحمه الله لما ترجم بلفظ حديث ثوبان عند مسلم: وهم أهل العلم، وأخرج الترمذي حديث الباب ثم قال سمعت محمد ابن إسماعيل هو البخاري يقول، سمعت علي بن المديني يقول هم أصحاب الحديث، وأخرج الحاكم في علوم الحديث بسند صحيح عن أحمد إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، ومن طريق يزيد بن هارون مثله، وروي نحوه عن أحمد بن سنان، وعن غير هؤلاء من الأئمة رحمهم الله، حدثني بعض العلماء أنه تتبع ما صح سنده من ذلك فبلغ سبعة عشر إماما، فثبت بذلك جمع الطائفة المنصورة بين صفتي العلم والجهاد، ثم إن هذه الطائفة كما ذكر علماؤنا رحمهم الله قد تكون مجتمعة وقد تكون متفرقة، قال الحافظ في الفتح رحمه الله: قال النووي فيه أن الإجماع حجة، ثم قال يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولا فأولا إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله. انتهى. فهذه الطائفة المنصورة قد أخبر النبي أنهم نزاع من القبائل، أناس قليل صالحون في أناس كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، وكل منهم مع تباعد ما بينهم قائم بالحق داع إليه مجاهد في سبيله بقلمه ولسانه، وسيفه وسنانه، كان الإمام أم لم يكن.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في دحض هذه الفرية كما في الدرر السنية (8/ 199): ويقال: بأي كتاب أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع؟! هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر، من ذلك عموم الأمر بالجهاد، والترغيب فيه، والوعيد على تركه، قال تعالى: وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ (البقرة:251)، وقال في سورة الحج: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ ... الآية (40). وكل من قام بالجهاد في سبيل الله فقد أطاع الله وأدى ما فرضه، ولا يكون الإمام إماما إلا بالجهاد، لا أنه لا يكون جهاد إلا بإمام، والحق عكس ما قلته يا رجل، وقد قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ... الآية (سبأ:46)، وقال: وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ (العنكبوت:6). وفي الحديث: لا تزال طائفة ... الحديث، والطائفه بحمد الله موجودة مجتمعة على الحق، يجاهدون في سبيل الله، لا يخافون لومة لائم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ... إلى قوله: ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. الآيات (المائدة: 54 - 56) أي واسع الفضل والعطاء عليم بمن يصلح للجهاد. انتهى.
وفي معنى هذه الأحاديث ما حمل عليه بعض الأئمة حديث ”إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” وذكروا أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة وهو متجه، فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد. قاله الحافظ رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال من قبل في (1/ 197): فنقول للناس حالتان: إحداهما أن يعدموا قدوة وأسوة وإماما يجمع شتات الرأي، ويُردوا إلى الشرع المطهر من غير داع وحادٍ، فإن كانوا كذلك فموجب الشرع والحالة هذه في فروض الكفايات أن يُحَرَّج المكلفون القادرون لو عطلوا فرضا واحدا، ولو أقامه من فيه كفاية سقط الفرض عن الباقين، ولا يثبت لبعض المكلفين توجيه الطلب على آخرين، فإنهم ليسوا منقسمين إلى دَاعٍ ومَدْعُوٍّ وحَادٍ ومَحْدُوٍّ، وليس الفرض متعينا على كل مكلف، فلا يعقل تبين التكليف في فروض الكفايات مع عدم الوالي إلا كذلك، فلنضرب في ذلك الجهادَ مثلا، فنقول: لو شغر الزمان عن والٍ تعين على المسلمين القيام بمجاهدة الجاحدين، وإذا قام به عصبٌ فيه كفاية سقط الفرض عن سائر المكلفين، فهذا إذا عدموا واليا.
فأما إذا وليهم إمام مطاع، فإنه يتولى جرَّ الجنود، وعقد الألوية والبنود، وإبراء الذمم والعهود، فلو ندب طائفة إلى الجهاد تعين عليهم مبادرة الاستعداد.
وقال في (1/ 297): فإذا شغر الزمان عن كاف بقوى ومنعة، فكيف يجري قضايا الولايات، وقد بلغ تعذرها منتهى الغايات؟ فنقول: أما ما يسوغ استقلال الناس فيه بأنفسهم، ولكن الأدب يقتضي في مطالعة ذوي الأمر، ومراجعة مرموق العصر، كعقد الجمع، وجر العساكر إلى الجهاد، واستيفاء القصاص في النفس والطرف، فيتولاه الناس عند خلوّ الدهر ... إلى آخر ما قال، وهو كلام حسن فليراجعه من شاء هناك.
- ومنه قول شيخ الإسلام للسلطان في مصر لما خرج يستنصره على التتار القادمين إلى بلاد الشام: إن كنتم أعرضتم عن الشام وحمايته أقمنا له سلطانا يحوطه ويحميه، ويستغله زمن الأمن. (البداية والنهاية: 14/ 15).
- ومنه ما مضى في خبر العياشي، فارجع إليه.
2 - خبر سلمة بن الأكوع في غزوة ذات القَرَد وهي الغزوةُ التي أغاروا فيها على لِقاحِ النبيِّ قبل خَيبرَ بثلاث، رواه البخاري في الصحيح قال: حدّثنا المكيُّ بنُ إبراهيمَ أخبرناَ يزيدُ بنُ أبي عُبيدٍ عن سلمةَ أنهُ أخبرَهُ قال: خرجتُ منَ المدينةِ ذاهباً نحوَ الغابة. حتى إذا كنتُ بثنيةِ الغابةِ لَقِيَني غلامٌ لعبدِ الرحمن بنِ عَوفٍ، قلتُ: ويحَكَ، ما بِك؟ قال: أُخِذَت لقاحُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قلت: مَن أخذَها؟ قال: غَطَفانُ وفَزارةُ. فصرخَتُ ثلاثَ صرَخاتٍ أسمعتُ ما بينَ لابَتَيها: يا صبَاحاه، يا صباحاه. ثمَّ اندفَعتُ حتّى ألقاهم وقد أخذوها، فجعلتُ أرميهم وأقول: أنا ابنُ الأكْوَع، واليوم يومُ الرُّضَّع. فاستنَقَذْتُها منهم قبلَ أن يَشرَبوا، فأقبلْتُ، فلَقِيَني النبيُّ فقلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ القومَ عِطاش، وإني أعجَلتُهم أن يَشربوا سِقيَهم، فابعَثْ في إثرهم. فقال: يا بنَ الأكْوَع مَلَكتَ فأسْجِحْ، إن القومَ يُقْرَون في قَومهم. وفي رواية مسلم: فقال رسول الله: خير فرساننا اليوم أبوقتادة، وخير رجالتنا اليوم سلمة، قال سلمة ثم أعطاني سهم الراجل والفارس جميعا. ففي هذا الحديث دليل على جواز الخروج إلى الجهاد بغير إذن الإمام إذا تعذر استئذانه، أو فات بانتظار إذنه المقصود. قال في الشرح الكبير: ... إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم فلا يجب استئذانه لأن المصلحة تتعين في قتالهم والخروج إليهم لتعين الفساد في تركهم، ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجا من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذنه، فمدحه النبي، وقال: خير رجالاتنا سلمة ابن الأكوع، وأعطاه سهم فارس وراجل. انتهى.
ثم إذا جاز الخروج لقتال الكفار دون إذن الإمام خشية فوات المصلحة ووقوع المفسدة بظهور الكفار على المسلمين فجوازه عند عدم الإمام أولى، وليس يخفاك أن خلو الزمان عن إمام يجرِّئ أعداء الدين على الإسلام وأهله كما تراه في زماننا، فنحن أحوج إلى الجهاد في زماننا منا في زمان إمام وقوة ومنعة، إذ ليس يدفع عدوان المعتدين الكافرين ويرد كيدهم إلا القيام بما أمر الله به من مقاتلته والذب عن حوزة الإسلام وأهله، لا أن يخلى عدو الدين يصنع بأهل الإسلام ما شاء ويعبث بأعراض المسلمات ونحن نرى ذلك ونشاهده ثم لا نحرك ساكنا ونزعم أننا ننتظر الإمام، ومثل هذا ألحق بكلام المجانين منه بكلام العقلاء، ولعَمْر الله إن يقول هذا مسلم شدا من فقه الشرع شيئا، وإلى الله وحده المشتكى من غربة على
(يُتْبَعُ)
(/)
غربة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
3 - ما رواه أبو داود في السنن عن بِشْرِ بنِ عَاصِمٍ عن عُقْبَةَ بنِ مَالِكٍ مِنْ رَهْطِهِ، قالَ: بَعَثَ النَّبيُّ سَرِيَّةً فَسَلَّحْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ سَيْفاً فَلَمَّا رَجَعَ قالَ لَوْ رَأيْتَ مَا لاَمَنَا رَسُولُ الله قالَ أعَجَزْتُمْ إذْ بَعَثْتُ رَجُلاً مِنْكُمْ فَلَمْ يَمْضِ لأمْرِي أنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ مَنْ يَمْضِي لأمري. قال في عون المعبود (7/ 288): قال في المجمع في مادة مضى: وفيه إذا بعثت رجلاً فلم يمض أمري أي إذا أمرت أحداً بأن يذهب إلى أمر أو بعثته لأمر ولم يمض عصاني فاعزلوه، وفي بعض الحواشي الهندية على المشكاة: قال الطيبي: إذا أمرت أحدا أن يذهب إلى أمر فلم يذهب إليه فأقيموا مكانه غيره ..... وقال ابن عبد الملك: أي فاعزلوه واجعلوا مكانه أميرا آخر، ورواه أيضا أحمد وابن حبان وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وجه الدلالة أن النبي حرضهم على تغيير أمير السرية الذي عقد له الراية بيده الشريفة تحصيلا لمصلحة الجهاد في سبيل الله، فتنصيب الأمير لتحصيل مصلحة الجهاد إذا لم يكن إمام من باب أولى، ذكر نحوه الشيخ أبو محمد عبد الله بن يوسف عزام رحمه الله.
قال أبو الوليد: فإن ذكروا حديث أبي هريرة في الصحيحين البخاري في الأحكام ومسلم في المغازي وغيرهما قال: قال رسول الله: مَن أطاعَني فقد أطاعَ اللهَ، ومَن عصاني فقد عَصى اللهَ، ومَن يُطِعِ الأميرَ فقد أطاعَني، ومَن يَعصِ الأميرَ فقد عصاني، وإنما الإمامُ جُنَّةٌ يُقاتَلُ مِن وَرائه، ويُتَّقى به. فإِن أمرَ بتقوَى الله وعَدَلَ فإِنَّ لهُ بذلكَ أجراً، وإن قال بغيرهِ فإِنَّ عليهِ منه. قال النووي: قوله الإمام جنة، أي كالستر لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين ويمنع الناس بعضهم من بعض ويحمي بيضة الإسلام ويتقيه الناس ويخافون سطوته، ومعنى يقاتل من ورائه أي يقاتل معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم مطلقاً. وفي عون المعبود (6/ 436): والمعنى أن الإمام يستتر به وأنه محل العصمة والوقاية للرعية، فالإمام كالمجن والترس، فإن من استتر بالترس فقد وقى نفسه من أذية العدو فكذا الإمام يستتر به في العهود والميثاق والصلح والأمان فالإمام إذا عقد العهد وصالح بين المسلمين وبين غير أهل الإسلام إلى مدة، فالمسلمون يسيرون ويمرون في بلاد أهل الشرك ولا يتعرض لهم مخالفوهم بأذية ولا فساد في أنفسهم وأموالهم لأجل هذا الصلح، وكذا يسير أهل الشرك في بلاد الإسلام من غير خوف على أنفسهم وأمواله، فالستر والمنع عن الأذى والفساد لا يحصل إلا بعهد وأمان الإمام والله أعلم. كذا في الشرح. انتهى.
قلنا: نعم، وليس ذلك دليل الشرطية، وإلا كان قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم: إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ. فَإِذَا صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِذَا وَافَقَ قَوْلُ أَهْلِ الأَرْضِ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه. دليلا على أنه لا صلاة إلا بإمام.
فإن قالوا: المراد إمام الصلاة.
قلنا: وكذلك هنا المراد إمام الجهاد، فيدخل في ذلك أمراء الجيوش وقادة السرايا كما يدل عليه ذكر الأمر بطاعة الأمراء في الحديث، ولذا قال الحافظ: والمراد بالإمام كل قائم بأمور الناس والله أعلم، ويؤيد هذا ما رجحه جماعة من العلماء من أن المراد بأولي الأمر كل من ولي شيئا من أمر المسلمين، قال في معارف السنن في بيان الخلاف في معنى أولي الأمر: قيل العلماء من المسلمين، والبيضاوي يرده لأنه ليس لهم حكم مستقل، وهم ينقلون حكم الله ورسوله، وقيل: أمراء المسلمين، ويمكن أن يراد به أن يكون الأمراء علماء، وفي العمدة للعيني: أحد عشر قولا، والقولان هنا لجمهور المفسرين، كالرازي والزمخشري والقرطبي وابن كثير وغيرهم، وقيل: أمراء السرايا، وروي عن أبي هريرة وميمون بن مهران ومقاتل والكلبي، وقيل عام في كل من ولي أمر شيئا، صححه العيني وإليه مال البخاري والرازي واستظهره ابن كثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأيضا فالمعنى الحاصل من الإمام حاصل بجهاد من جاهد من أمراء المسلمين، قال الشيخ حسن بن عبد الرحمن في الدرر السنية (8/ 202) كل من أقام بإزاء العدو وعاداه، واجتهد في دفعه، فقد جاهد ولا بد، وكل طائفة تصادم عدو الله، فلا بد أن يكون لها أئمة ترجع إلى أقوالهم وتدبيرهم، وأحق الناس بالإمامة من أقام الدين الأمثل فالأمثل، كما هو الواقع، فإن تابعه الناس أدَّوا الواجبَ، وحصل التعاون على البر والتقوى، وقوي أمر الجهاد، وإن لم يتابعوه أثموا إثما كبيرا بخذلانهم الإسلام.
وأما القائم به: فكلما قلت أعوانه وأنصاره، صار أعظم لأجره، كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، كما قال تعالى، وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ (الحج:78) وقال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ... الآية (العنكبوت:69) وقال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ ... الآية (الحج 39) وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ (المائدة:54) وقال: فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ ... الآية (التوبة:5) وقال: كم من فئة ... الآية (البقرة: 249) وقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ... الآية (الأنفال: 65) وقال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ... الآية: البقرة: 216).
ولا ريب أن فرض الجهاد باق إلى يوم القيامة، والمخاطب به المؤمنون، فإذا كان هناك طائفة مجتمعة لها منعة وجب عليها أن تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه، لا يسقط عنها فرضه بحال، ولا عن جميع الطوائف، لما ذكرت من الآيات، وقد تقدم الحديث: لا تزال طائفة ... الحديث.
فليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن الجهاد يسقط في حال دون حال، ولا يجب على أحد دون أحد، إلا ما استثني في سورة براءة، وتأمل قوله: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ (الحج:40) وقولَه: وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ... الآية (المائدة:56) وكل يفيد العموم بلا تخصيص، فأين تذهب عقولكم عن هذا القرآن؟
وقد عرفت مما تقدم أن خطاب الله تعالى يتعلق بكل مكلف من الأولين والآخرين، وأن في القرآن خطابا ببعض الشرائع، خرج مخرج الخصوص وأريد به العموم، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ... الآية (التوبة:73) وقد تقدم ما يشير إلى هذا بحمد الله، وذلك معلوم عند العلماء، بل عند كل من له ممارسة في العلم والأحكام، فلهذا اقتصرنا على هذا القول، وبالله التوفيق. انتهى كلام الشيخ رحمه الله.
وأيضا فمن العلماء من جعل الحديث عاما في جمع الأمور، ويؤيده ذكر الصلاة في رواية مسلم، قال في حاشية المشكاة (2/ 329) ناقلا عن اللمعات: وإنما ذكر القتال لأنه أهم الأمور وأوكدها في الاستظهار والاتقاء، ويحتمل أن يكون قوله: ويتقي، إشارة إلى التعميم في جميع الأمور ولا يخص بالقتال كما أشار إليه بقوله فإن أمر بتقوى الله وعدل ... إلخ، فافهم. انتهى. وعليه فيلزم من استدل بالحديث على اشتراط الإمام للقتال أن يقول باشتراطه في غيره، وهو باطل كما علمت وبالله وحده التوفيق.
يلزم من هذه الشبهة سقوط الموالاة والمناصرة بين المؤمنين
البرهان العاشر: يلزم من القول المذكور ترك ما أمر الله تعالى به من الموالاة بين المؤمنين ومناصرة بعضهم بعضا، وحسبك بذلك إثما مبينا، وقد روى أحمد وأبو داود في السنن واللفظ لأحمد قال: ثنا أحمد بن حجاج قال: أنا عبد الله ـ يعني ابن المبارك ـ قال: أنا ليث بن سعد فذكر حديثاً، قال: وحدَّثني ليث بن سعد قال: حدَّثني يحيى بن سليم بن زيد مولى رسول الله أنه سمع إسماعيل بن بشير ـ مولى بني مغالة ـ يقول: سمعت جابر بن عبد الله و أبا طلحة بن سهل الأنصاريين يقولان: قال رسول الله «ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً عند موطن تنتهك فيه حرمته، ويتنقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر امرءاً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته. قال في النهاية: الخذل ترك الإعانة والنصرة، قال في العون: والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضوره أو غيبته أو إهانته أو ضربه أو قتله أو نحوها. انتهى. وفي سند الحديث عندهما إسماعيل بن بشير وهو مجهول كما قال الحافظ في
(يُتْبَعُ)
(/)
التقريب. وإنما ذكرته لكثرة من يحتج به في مثل هذا الموطن لأنبه عليه، وإلا فيغني عنه آيات بينات، وأحاديث نبويات صحيحات، وهذا منها تحفة الثقات:
1 - قوله تعالى: وَ?لَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ?لأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ، قال ابن جريج: إلا تعاونوا وتناصروا في الدين، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. الطبري: (10/ 39). ورجحه ابن جرير رحمه الله. ونحوه لابن كثير. وفي إغاثة اللفان للعلامة ابن القيم رحمه الله 1/ 253: فأهل الحق أولى بأهل الحق من أهل الباطل، فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض. والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض. ومن تراجم ابن حبان: ذِكْرُ البيانِ بأَنَّ المهاجرين والأنصارَ بعضُهم أولياءُ بَعْضٍ في الآخرةِ والأُولى.
2 - وقوله تعالى: وَ?لْمُؤْمِنُونَ وَ?لْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِ?لْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ?لْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ?لصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ?لزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ?للَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـ?ئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ?للَّهُ إِنَّ ?للَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
3 - وقوله تعالى: وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ?للَّهِ وَ?لْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ?لرِّجَالِ وَ?لنِّسَآءِ وَ?لْوِلْدَانِ ?لَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَـ?ذِهِ ?لْقَرْيَةِ ?لظَّالِمِ أَهْلُهَا وَ?جْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً وَ?جْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً. قال عبد الرحمن الثعالبي في الجواهر الحسان: (?لقَرْيَةِ) هنا: مَكَّة بإجماعٍ، والآيةُ تتناوَلُ المؤمنين والأسرَى? في حواضِرِ الشِّرْك إلَى? يوم القيامة. قال ابنُ العربيِّ في أحكامه: قال علماؤُنَا رحمهم اللَّه: أوجَبَ اللَّهُ تعالى ? في هذه الآيةِ القِتَالَ؛ لاستنقاذ الأسرَى? مِنْ يَدِ العدُوِّ، وقد رَوَى الأئمَّة أنَّ النبيَّ قَالَ: أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ. يعني: الأسيرَ، قال مالكٌ رحمه اللَّه: علَى النَّاسِ أَنْ يَفُكُّوا الأسرَى? بجميعِ أموالِهِمْ؛ وكذلك قالُوا: عليهمْ أنْ يُوَاسُوهُمْ. انتهى. وللقرطبي نحوه، وقال– أعني القرطبي في قوله تعالى: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ?للَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ?لْمُؤْمِنِينَ عَسَى ?للَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ وَ?للَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً: كأن هذا المعنى: لا تَدَع جهاد العدوّ والاستنصار عليهم للمستضَعفِين من المؤمنين ولو وحدك؛ لأنه وَعَده بالنصر. قال الزجاج: أمر الله تعالى ? رسوله بالجهاد وإن قاتل وحده؛ لأنه قد ضمِن له النصرة. قال ابن عطية: هذا ظاهر اللفظ، إلاَّ أنه لم يجىء في خبر قطُّ أن القتال فُرض عليه دون الأُمة مدّة ما؛ فالمعنى والله أعلم أنه خطاب له في اللفظ، وهو مثال ما يُقال لكل واحدٍ في خاصة نفسه؛ أي أنت يا محمد وكل واحد من أُمّتك القول له؛ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ?للَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ. ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده؛ ومن ذلك قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: والله لأقاتلنهم حتى تنفرد سالِفتي، وقول أبي بكر وقت الردة: ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي. انتهى.
4 - وقوله تعالى: إِنَّ ?لَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ?للَّهِ وَ?لَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُو?اْ أُوْلَـ?ئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَ?لَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى? يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ?سْتَنصَرُوكُمْ فِي ?لدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ?لنَّصْرُ إِلاَّ عَلَى? قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ وَ?للَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الأندلسي القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: وَإِنِ ?سْتَنصَرُوكُمْ فِي ?لدِّينِ، يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم. إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم، ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدّته. ?بن العربي: إلا أن
(يُتْبَعُ)
(/)
يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة؛ حتى لا تبقى منا عين تطرِف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في ?ستخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم. كذلك قال مالك وجميع العلماء؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون، على ما حلّ بالخلق في تركهم إخوانَهم في أسر العدوّ وبأيديهم خزائن الأموال، وفضول الأحوال والقدرة والعدد والقوّة والجَلَد.
قال أبو الوليد عفا الله عنه: رحم الله الإمام ابن العربي يقول هذا في زمان تخفق فيه رايات الجهاد، ويُنادى به في كل واد وناد، فماذا نقول نحن في زمان نكّست فيه أعلامه، وأفتى بتعطيله دعيّ العلم حتى أنكرته محابره وأقلامه، ولست أدري ما يصنع صبيان الفقهاء هؤلاء بهذه الحجج الواضحة، والبراهين اللائحة، الداحضة لشبهاتهم والدامغة لأباطيلهم وتلك هي الفاضحة، وليت شعري بأي شيئ يجيب المغبون ربه إذا سأله عن خذلان المؤمنين والمؤمنات، وهو متكئ شبعان على أريكته يرى علوج النصارى يعبثون بأعراض الطاهرات، وقد سفكوا الدم الحرام في عرصات الحرمات، فإن سمع (وا إسلاماه) أجاب: لا جهاد إلا بإمام وإن دُنّست الكرامات، فدعه عنك وانبذه نبذ النواة فقد مات قلبه قبل الممات، فاللهم إنا نبرأ إليك من الضلالة، ونعوذ بك من سُوء العمل وزيغ المقالة، وهذا مزيد من الأدلة بسطاً للعذر، وإظهاراً للحق ولله الحمد والشكر.
5 - وعن ابن عمر أن رَسُول اللَّهِ قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللَّه عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره اللَّه يوم القيامة. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قال في رياض الفالحين: (ولا يُسلمه) بضم التحتية: أي: إلى من يظلمه ويهينه. وفي لسان العرب لابن منظور: قال ابن الأَثير يقال أَسْلَمَ فلانٌ فلاناً إِذا أَلقاه في الهَلَكَة ولم يَحْمِهِ من عدوِّه. وقوله في الحديث: لا يظلمه ولا يسلمه: هو بمعنى النهي بل أبلغ من النهي الصريح، فالنفي هنا نظير ما في قوله تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية، وقوله تعالى: لا يمسه إلا المطهرون على قول بعضهم، والمعنى: لا ينبغي للمسلم أن يسلم أخاه المسلم، أو ليس ذلك من شأن المتصف بصفة الإسلام.
فائدة: قوله تعالى: فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ، قيل معناه: لا يظلم بعضكم بعضا، فكما أن الرجل لا ينبغي أن يظلم نفسه، فكذلك لا ينبغي أن يظلم أخاه لأنه كنفسه، ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، قال ابن كثير: وذلك أن أهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة كما قال عليه الصلاة والسلام: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. انتهى. وهذا كقوله تعالى: فلا تقتلوا أنفسكم، وقولِه: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ، وقولِه: فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ، ثم قوله: فيهن: يعني في الأشهر كلها، كما قال ابن عباس وعطاء، وعندهما أن الضمير في قوله: فيهن، راجع إلى قوله: اثنا عشر شهرا، لا إلى الحُرم فقط، وإنما خُصت بالذكر لمزيد فضلها وعظيم حرمتها. وتأمل كيف عطف على هذا قوله تعالى: وَقَاتِلُواْ ?لْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَ?عْلَمُو?اْ أَنَّ ?للَّهَ مَعَ ?لْمُتَّقِينَ، ففيه تنبيه – والله أعلم – على ما يجب على المؤمنين من نصرة بعضهم بعضا، وأن من الظلم للمؤمنين تركَ عدو الله يستبيح بيضتهم ويعتدي على حرماتهم، وهو ظلم للنفس على الحقيقة، بل كل ظالم لغيره فهو ظالم لنفسه، وظلمه للمؤمنين بخذلانهم وإسلامهم لعدوهم يلزم منه تسلط العدو على الدار، واستباحتُه الحمى والذمار، فهو معين بفعله هذا عدوه على نفسه وإخوانه، ولذا أمرنا تعالى بقتالهم كافة كما يقاتلوننا كافة، وهذا إغراء وتهييج للمؤمين، والمعنى كما قال القرطبي رحمه الله: بحسب قتالهم واجتماعهم لنا يكون فرض اجتماعنا لهم، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - وما رواه مسلم في صحيحه من حديث النعمان بن بشير قال: قَالَ رَسُولُ اللّهِ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى? مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى? لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى?، ورواه أحمد عن النعمان أيضا، وفي معناه ما رواه البخاري عن أَبي موسى أن النبي قال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضه بعضاً، ثم شبَّكَ بين أصابعه. وفي تحفة الأحوذي: وزاد البخاري: ثم شبك بين أصابعه إلخ، والحديث رواه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن حبان دون الزيادة المذكورة، وعند أحمد من طريق أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي يحدث عن رسول الله قال: إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد في الرأس، قال ابن كثير: تفرد به أحمد، ولا بأس بإسناده. والحديث من آكد الأدلة على تعظيم حرمة المؤمن ووجوب مناصرته على كل قادر على نصرته، فلا جرم أن البخاري بوب عليه في كتاب المظالم: باب نصر المظلوم، وقال الحافظ في شرحه: هو فرض كفاية، وهو عام في المظلومين، وكذلك في الناصرين بناء على أن فرض الكفاية مخاطب به الجميع وهو الراجح، ويتعين أحيانا على من له القدرة عليه وحده إذا لم يترتب على إنكاره مفسدة أشد من مفسدة المنكر، فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور، فلو تساوت المفسدتان تخير، وشرط الناصر أن يكون عالما بكون الفعل ظلما، ويقع النصر مع وقوع الظلم وهو حينئذ حقيقة، وقد يقع قبل وقوعه كثير. انتهى. وقال النووي رحمه الله: هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه. انتهى. وبوب ابن حبان: ذكر الأمرِ بمعونةِ المسلمين بعضِهِم بعضاً في الأسباب التي تُقَرِّبُهُم إلى الباري جلَّ وعلا.
فكيف يحِلُّ لمن يؤمن بالله واليوم الآخر يرى ما يحُلُّ بأهل الإسلام مشرقا ومغربا من القهر والظلم وهو قادر على نصرتهم بنفسه وماله، ثم يقعد عنهم ويخلي بينهم وبين عدوهم يستعبد شريفهم ويُهين كريمهم – وكلهم شريف كريم – بحجة انتظار الإمام؟! أفترى الأحاديث المذكورة تعطل، والأحكامَ المبينة تهمل، بمثل هذه الدعوى العارية عن الدليل، المبطلة للشرع الجليل؟! نعوذ بالله من ظلمة جهل يتصل أولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر.
7 - وما رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك ? قال: قال رسولُ الله: انصُرْ أخاكَ ظالِماً أو مَظلوماً، قالوا: يارسولَ الله، هذا ننصُرهُ مَظلوماً، فكيفَ ننصُرهُ ظالِماً؟ قال: تأخُذُ فوقَ يدَيهِ. ورواه عن أنس أحمد والترمذي وقال حسن صحيح، وابن حبان، وفي الباب عن عائشة وابن عمر وجابر رضي الله عنهم أجمعين، قيل: أول من قال: انصر أخاك ظالما أو مظلوما: جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم، وأراد بذلك ظاهره وهو ما اعتادوه من حمية الجاهلية، لا على ما فسره النبي، قال البيهقي: معناه أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسا ومعنى، وقال القرطبي رحمه الله في تفسير الآية (91) من سورة النحل: الشرع جاء بالانتصار من الظالم وأخذ الحق منه وإيصاله إلى المظلوم، وأوجب ذلك بأصل الشريعة إيجاباً عاماً على من قدر من المكلّفين، وجعل لهم السبيل على الظالمين فقال تعالى: إِنَّمَا ?لسَّبِيلُ عَلَى ?لَّذِينَ يَظْلِمُونَ ?لنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ?لأَرْضِ بِغَيْرِ ?لْحَقِّ أُوْلَـ?ئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (الشورى:42).
وقوله: أو مظلوما، عام في رفع كل ظلم يقع عليه، قال في دليل الفالحين: بأن تعدى عليه إنسان في نفسه أو ماله أو عرضه. قلت: ولو كان الظالم مسلما، فكيف إذا كان عدوا للدين، صائلا على الدين والنفس والمال والعرض جميعا؟!
بِجَبْهَةِ العِيرِ يُفْدَ حَافِرُ الفَرَسِ
(يُتْبَعُ)
(/)
البرهان الحادي عشر: اعلم -وفقك الله-أن في الشبهة المذكورة مصادمةً للسنن الشرعية والكونية الموصلة إلى حصول التمكين لدين الله في الأرض، لأنها كما أشرنا من قبل تعطيلٌ للجهاد الذي هو من أعظم أسباب التمكين، وليس يخفى على العاقل ما يصنعه أعداء الدين من التآمر على أهل الإسلام في زماننا هذا على وجه الخصوص، حتى إنّ اللسان ليعجز عن وصفه، بل إن الكيد قد بلغ أصول الإسلام وقواعده، يريدون بذلك خلخلة ثوابته وتحطيم مبادئه وزعزعة ثقة أبناء المسلمين به، فليس من سبيل لردِّ هذا الكيد وقطع حبال المكر وتخليص الأمة مما هي فيه إلا بالجهاد في سبيل الله، فبالجهاد تخوض الأمة أحشاء الظلماء، وبه تعلوا هامة العلياء، وها هم المسلمون قد مرت عليهم عقود وعقود منذ سُلِبُوا مجدهم التليد، وفقدوا عزهم العتيد، وقد سلكوا في محاولة إعادة ما فقدوه مناهج عددا، وجرَّبوا طرائق قِددا، فما زادتهم إلا مهانة ووهنا، وما ازداد أعداء الدين إلا عدوانا وطعنا، وكلما قام داع إلى الجهاد الذي به حياة الأمة وخلاصُها كادوا يكونون عليه لِبَدَاً، لأنهم يعلمون أن الجهاد لدين الإسلام كالروح للجسد، وهو أنجع السبل وأقربها، بل السبيل الأوحد لجمع كلمة أهل الإسلام، وعلى قدر ما تبذل الأمة من الجهاد في سبيل الله يكون اجتماع الكلمة، ومن شاء فلينظر في مرآة التاريخ، وليقرأ تجارب الأمم والدول، علَّها تشرق في سماء معارفه شمس الحقيقة، وما أحسن ما قال القائل:
ولربما انتفع الفتى بعدوه كالسم أحيانا يكون دواء
فالسعي للتمكين في الأرض، وجمعِ كلمة الأمة على طاعة إمام واحد، يستلزم الأخذ بجملة من الأسباب الشرعية، والجريَ وَفق سنن كونية لا تتغير ولا تتبدل، وتلك السنن لا تخص الأمة وحدها، بل تشترك فيها أمم الأرض كلها، وهذا موجز في بيانها.
نكات في قاعدة الأسباب:
اعلم – علمني الله وإياك – أن الله تبارك وتعالى جعل الدنيا مزرعة للآخرة، وجعل عباده سكانا لهذه الدار فأعمرهم إياها، وأعلمهم أنهم لها مفارقون وعنها راحلون إلى دار باقية لا يحولون عنها ولا يزولون، وأرشدهم في محكم شريعته إلى أن التزود من الأولى إلى الآخرة قائم على ركنيين ركينين وأصلين ثابتين:
الأول: ما أنزله لهم من الوحيين الشريفين وما بين فيهما من العقائد والأحكام والعبادات والمعاملات مما في الأخذ به سعادة الدارين والفوز بإحدى الحسنيين.
والثاني: ما أودعه الله تبارك وتعالى في هذا الكون من المنافع والأسرار والحكم مما تنبئ به صفحة الكون المعمور، وتدل عليه آيات الكتاب المسطور.
والدليل من الكتاب والسنة على الأول أشهر من أن يذكر، وأبين من أن يعرف وأظهر، ومن المشكلات توضيح الواضحات. وأما الثاني: فلو لم يكن فيه إلا آية واحدة في الكتاب لكفى، كقوله تعالى: (أَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ويقول: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) ونحو ذلك من الآيات، فكيف إذا علمت أن الكتاب قد أرشد إلى عشرات بل مئات منها؟!
وتحرير المقام في هذا الموضع يطول وربما خرج بنا عن مقصود الكتاب، لكننا ننبه على جملة من الفوائد تبصرة وعبرة وتذكرة لأولى الألباب، وفي هذا جملة من الحقائق التي تعين على الفهم وبلوغ المقصود:
الأولى: أن الله تعالى خلق الأسباب والمسببات وزاوج بينهما، كالدواء مع الشفاء، والنكاح مع الولد، والشبع مع الأكل ونحو ذلك، بل كل أمر الدنيا قائم على هذا المعنى، بل الدنيا كلها سبب موصل إلى الآخرة فافهم.
الثانية: أن من الأسباب ما هو متعلق بالفرد كالدواء مع الشفاء، ومنه ما هو متعلق بالمجموع أعني مجموع الأمة، كتعاون الأفراد على القيام بما يسد خلة الجماعة ولا قيام لها إلا به، كأنواع الطاعات والقربات التي تؤلف بين القلوب، كالتناصح والتزاور وعيادة المرضى واتباع الجنائز وبر الوالدين وصلة الأرحام، وكفروض الكفايات من صناعة وتجارة وزراعة وتربية وتعليم وإعداد وتجييش للجيوش وحفظ الأمن ونحو ذلك، وكل هذا داخل في جملة الأسباب ولا فرق.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالثة: وكما جعل الله النتائج ثمار الأسباب، جعل لكل سبب منها قدراًَ لا يقع المسبب إلا عنده، (قد جعل الله لكل شيء قدراً) و (شيء) نكرة في سياق الإثبات تعم كما تعم في سياق النفي على الصحيح فيدخل في هذا العمومِ الأسبابُ، ويدل لهذا قول النبي لمن شكا إليه مرض ابن أخيه: "اسقه عسلا" ثم قوله له بعد الأولى والثانية: "صدق الله وكذب بطن ابن أخيك" فلما كانت الثالثة شفي، فعلم من هذا أن الله كما جعل العسل سببا للشفاء، جعل لما يتناوله المريض منه قدراً لا يقع الشفاء إلا عنده، ولو اقتصر على مادون هذا القدر لم يقع! وبهذا تعلم قدر الجناية على الشرع ممن تعاطى السبب ناقصا ثم زعم أن العسل لا شفاء فيه!!!
وهكذا الشأن في جميع الأسباب:
- فالطبيب يصف للمريض الدواء ويلزمه بقدر منه لا يقع الشفاء إلا عنده، ولو اكتفى ببعضه وزعم أن الدواء فاسد لا يعالج المرض! قيل له: جانبت الصواب فيما زعمت، بل يلزمه إكمال تعاطي السبب ليحصل الشفاء.
- والجائع لو تناول بعض الطعام أو قليلا منه وزعم أن الطعام لا يدفع الجوع لقيل له: أخطأت، بل الجوع لا يندفع إلا بقدر من الطعام يحصل عنده الشبع وإلا لم يحصل.
- والزارع لو سقى الزرع مرة أو مرتين ثم زعم أن الزرع لم ينبت أو يبس ولم يثمر، لأن الماء لا ينبت زرعا ولا يصلح سببا لذلك لقيل له قصرت.
- ولو أن من أراد حفظ سورة من القرآن كرر قراءتها مرة أو مرتين أو عشرا ثم زعم أن التكرار لا يصلح سبباً للحفظ! قيل له: ليس الأمر كما ظننت، بل جعل الله للتكرار قدرا لا يقع الحفظ إلا عنده وإلا فلا.
- ولو أن متعلما حصّل قدرا من العلم، ثم خلاّه وزعم أن العلم لا يُبَلِّغُ مراتب العلماء، لأنه لم يبلغها بما حصله من العلم، لقيل له على العلم جنيت، بل يلزمك كد الليل والنهار حتى تبلغه، وإلا لحقت بركب الجاهلين وتخلفت مع المتخلفين.
- ولو صال صائل على مسلم واقتحم عليه داره فضربه المسلم بعصا ليدفعه عن حوزته وحريمه، ثم قعد وزعم أن ضربه لا يدفعه وخلى بينه وبين ما يريد لقيل له تماديت وافتريت، بل الواجب عليك بذل ما تقدر عليه من الأسباب والتَّحَيُّلُ له بكل أمر مشروع، فإن لذلك قدراً لا يندفع الصائل إلا ببذله، وإلا لم يندفع.
- ومثل هذا فيما لو صالت أمة كافرة على بلدة من بلاد المسلمين، وقام أهلها بدفع العدو لكنهم عجزوا عنه، أو بذلوا في دفعه دون القدر الواجب الذي يقع عنده السبب، وزعم زاعم أن الجهاد في سبيل الله لا يصلح سببا لدفع العدو لأنه لم يندفع بقتال من قاتل! لقيل له: كذبت، بل لا يندحر العدو إلا بقدر من السبب يجب تحصيله، إما على أهل تلك الناحية أو على من يليهم من المسلمين إن عجزوا وتكاسلوا.
- وقبل سنين أوائلَ هذه الحرب الصليبية لقيت بعض العلماء، وزعم أن التجربة (ويعني بها قتال الروس وجهادهم فيما مضى في أفغانستان) قد دلت على أن الجهاد في سبيل الله لا يصلح سببا لإقامة الدين والشرع ولا للتمكين لدولة الإسلام! وهذه الدعوى جناية على الشريعة أولاً وعلى عبادة الجهاد ثانياً، بل الجهاد في سبيل الله من أعظم الأسباب الموصلة إلى ذلك، وإنما جعل الله لحصول المسبب وهو التمكين في الأرض والاستخلاف فيها قدراً من السبب-ومنه الجهاد- يجب بذله ولا يتم التمكين إلا به.
وقولي في الجهاد (من أعظم الأسباب) أشير بها إلى أن التمكين لدولة المسلمين في الأرض يستلزم الأخذ بأسباب أخرى، وأن يبذل من كل منها القدر الواجب الذي لا يتم المسبب إلا به.
وهذا يدلك على أمور:
الأول: أن الجهل بهذا الذي ذكرناه حمل كثيرا من الدعاة والمتصدرين للعلم على الخوض في مناهج دخيلة للسعي في التمكين للدين وإقامة الشرع، كالانتخابات، والحوارات، والاقتصار على الدعوة، أو التربية، أو طلب العلم، مع الإعراض عن النهج القويم والسنن المستقيم في قيام الجماعات والأمم والدول!
والثاني: خطأ من يظن أن الجهاد هو السبب الأوحد الموصل إلى التمكين في الأرض، فخلوا الأسباب الأخرى معطلة هملا، ومن أخذ بشيء منها لم يُحَصِّلْ منه ما وجب، فطال الأمر، وضعفت الهمم، وتخاذل الناس، واتهم الجهاد وأهله والله المستعان، وهذا المقام يحتاج إلى كثير من البسط والإيضاح وضرب الأمثلة لتتجلى حقيقته للعيان، ومحله "أرائك الحكمة" وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
- واعلم أن مقادير الأسباب التي يجب تعاطيها يستوي فيها جميع الناس مؤمنهم وكافرهم كما يستوون في نفس الأخذ بالأسباب وتولد المسبَّبات عنها، فكما يستوون في التداوي لدفع المرض، والطعام لدفع ألم الجوع، والنكاح للولد، يستوون كذلك في إقامة الجماعات وحماية الأمم وبناء الدول، والفرق إنما هو في الاعتقاد والقصد، فالمسلم يعتقد أن الله وحده خالق الأسباب ومقدرها، وخالق المسببات، وأن الأسباب لا تفعل بنفسها، وأن الأخذ بها عبادة، لأنه أمربها ولا تعبد إلا بما شرع سبحانه، فكل سبب دل الشرع على المنع منه أعرض عنه إلى ما سواه من المباحات، ثم قصده من ذلك كله إعزاز الدين وإقامة الشرع وصلاح الخلق وبلوغ مرضاة الله تعالى، والكافر على العكس من ذلك كله.
- فإن قلت: فما حد القدر الذي يجب تعاطيه من الأسباب لتحصل عندها المسببات؟
قلت: ما أثبت له الشرع حداً حددناه به، كالزكاة وصدقة الفطر لدفع حاجة الفقير، وكخمس الغنيمة لسد حاجة الأصناف الخمسة المذكورة في الآية، وأربعة أخماسها لسد حاجة الغانمين، ونحو ذلك.
- وما لا حد فيه، فحده حصول المسبب المطلوب، كالتداوي فإننا نستدل بحصول الشفاء على القدر المطلوب من الدواء، وكالشبع نستدل بحصوله على القدر المحتاج إليه من الطعام، وكبلوغ الزرع الحصاد نستدل به على القدر المطلوب من الماء والشمس والهواء، وكحفظ السورة من القرآن نستدل به على القدر المطلوب من عدد مرات التكرار، وكزوال المنكر نستدل به على القدر الواجب من الإنكار، وكاندحار العدو نستدل به على القدر الواجب بذله من القتال لدفعه، وكالتمكين لدولة الإسلام في الأرض نستدل به على حصول القدر الواجب من الأسباب المبذولة لقيامها، ففي كل هذا وأمثاله نستدل بحصول المُسَبَّبِ على حصول القدر الواجب من السبب وليس العكس.
وهنا نكتة لطيفة وسر من أسرار الحكمة الربانية في هذا أنبهك عليه: وهي أن الله تعالى جعل مقادير الأسباب متفاوتة في تحصيل المسببات بين العباد، حتى في السبب الواحد نفسه، فما يصلح من قدر الدواء لبرء شخص قد لا يقع به برء غيره، لحاجة هذا الآخر إلى قدر آخر من الدواء، وهكذا في دفع ألم الجوع، فالقدر الذي يندفع به ألم الجوع من الطعام عن شخص لا يكفي لغيره، وهكذا عدد مرات التكرار التي يقع بها الحفظ تختلف بين إنسان وغيره، وربما كان الفرق في مقادير الأسباب لاختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة، كالفرق في إعداد العُدَّةِ الواجبة لدفع الصائل، أو إقامة شرع الله تعالى في الأرض والتمكين له بإقامة دولة الإسلام، بين زماننا هذا والزمن الأول الذي كان القتال فيه بالسيف والرمح ولما تظهرْ فيه بعدُ كثير من العلوم التي هي اليوم من أعظم أسباب القدرة والقوة والتمكين، كأنواع العلوم التي تساس بها الأمم والدول، والتراتيب الإدارية، والعلوم القتالية، والصناعات الحربية، وغير ذلك مما يصعب حصره ويطول عده، فاشدد على هذه النكتة يدك، فإنها تدلك على كثير من مواطن الخلل في تفكير كثير من المسلمين خاصتهم وعامتهم من جهة، وعلى الخلل والقصور في العمل لهذا الدين من جهة أخرى.
- فإن قلت: فما علة التفاوت في مقادير الأسباب؟! وهلاَّ كانت واحدة يستوي فيها الإنسان والزمان والمكان؟!
قلت: هي نفس العلة التي لأجلها جعل الله عقول الناس وفهومهم على مراتب مختلفة تتفاوت في استنباط الأحكام من الكتاب والسنة، فعالم وأعلم منه، وطالب وأطلب للعلم منه، وجاهل وأجهل منه، وهي نفس العلة التي لأجلها أخفى الله تعالى أنواع المصالح فيما أودعه في هذا الكون من المنافع والحكم والأسرار، وهي أعني العلة في هذا كله: جعلُ الله تعالى هذه الدار دارَ امتحان وابتلاء، يسعي الناس فيها ويكدون ويكدحون ويتنافسون في اجتلاء مخبآتها ومعرفة كنوزها وأسرارها، كما يتنافس العلماء في استخراج درر الكتاب والسنة بالخوض في بحريهما وتنزيل أحكامهما على ما يستجدُّ من الحوادث والنوازل، فما تراه ظاهرا من العلوم اليوم كان خفيا في أمس الذاهب، وما خفي اليوم أظهر الساعون منه في غد بقدر ما آتاهم الله من المواهب، وفي هذا السعي – وحديثنا عن الأخذ بالأسباب – تتفاوت الهمم وتختلف العزائم، في الأفراد والجماعات والدول، فمن وفقه الله ووجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك ورأى نفسه في الساقة عند أذناب الإبل
(يُتْبَعُ)
(/)
وغيرَه على رأس القافلة فلا يلومَنَّ إلا نفسه!.
- والأخذ بالأسباب سنة كونية لا تتخلَّف ولا تتبدل ولا محاباة فيها لأحد على أحد، أعني من جهة التوصل بها إلى المسببات، وكون هذه الثانية مترتبةً عليها وثمرةً لها، وإلا فنفس الأخذ بالسبب عبادةٌ مع صدق النية وصفاء الطوية، وأعني بكونها سننا كونية أنها يستوي في أصل التوصل بها إلى المسبَّبَات- المؤمن والكافر- كما ذكرت في مقادير الأسباب التي يجب تعاطيها من قبل.
- فإن قلت: فنحن نرى الإنسان يسعى في الأخذ بسبب من الأسباب جهده ثم يتخلف حصولُ المسبب؟!
- قلت: لأنه قد يظن الشيء سببا موصلاً إلى المسبب وليس سببا في نفس الأمر، كمن يتعاطى دواء لعلاج داء معين وليس علاجاً له في نفس الأمر، فإنه لا يحصل به المسبَّب الذي هو البرء، ويلزمه لدفع الداء السعي في البحث عن الدواء الموافق للداء، وليس السعي الأول بأوجب من الثاني، ولا الثاني بأوجب من الثالث وهكذا، وهذا هو معنى قوله: (ما أنزل الله من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله) وقوله: (فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله).
- وهذا منزل يتفاوت فيه الناس أيضا كل بحسب همته وعلى قدر صبره، يتفاوت فيه الأفراد كما تتفاوت فيه الأمم، وهو باب يدخل تحته كل ما سبيله البحث والتجربة:
- فمن سعى في تحصيل رزق من وجه ولم يحصل له، أُمر بتحصيله من وجه ثان وثالث ورابع وهكذا، ولو زعم أن عدم حصوله من الوجه الأول دليل على عدم حصوله مما عداه من الوجوه كان زعمه ردا عليه.
- ومن سعى ليعف نفسه بالنكاح فردت عليه خِطْبته في الأولى أمر بخطبة ثانية فثالثة فرابعة وهكذا على مثال ما سبق.
- ومن سعى إلى الهجرة من طريق وَحِيلَ بينه وبينها، فزعم أنه لا يستطيع الهجرة واختار الإقامة بين ظهراني الكفار، لم تقبل دعواه ولا عذر له حتى يسعى إليها من طريق ثان وثالث ورابع وهكذا، ولا يسقط عنه إلا ما عجز عنه.
- ومن سعى إلى دفع عدو صائل فعجز عن التَّحَيُّلِ لدفعه من وجه، وجب التحيل من وجه ثان وثالث ورابع وهكذا، حتى يندفع عدو الدين ويخزى، ولا يجوز له أن يخلِّيَ بينه وبين دار الإسلام بحجة عجزه في الأولى والثانية وهكذا.
- ومثل هذا يقال في السعي لتحصيل علم، أو صناعة، أو إعداد، أو
قتال عدو، أو خدعة في الحرب، أو لبناء مدينة، أو تربية، أو تعليم، أو طب، أو تجارة، أو غير ذلك من جميع ما تحتاج الأمم إليه.
- نعم للصدق مع الله تعالى وإخلاص النية مدخل عظيم في هداية العبد إلى صحيح السبب وتوفيقه إلى الأخذ به، والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم.
- واعلم أن من المُسَبَّبَاتِ ما يجنيه الفرد متى تعاطى سببه كالبرء مع التداوي، ومنه ما يجنيه مجموع الأمة، فيحتاج إلى سعي المجموع، كالجهاد في سبيل الله والسعي للتمكين لدينه في الأرض، وهذا الثاني كل واحد فيه يكمل الآخر، فيحتاج إلى العلم بسياسة الأمم والممالك والدول، ومعرفة أصولها وقواعدها وثغرات الضعف فيها، ليتكامل السبب في مجموعه وإلا تخلف المسبَّب! وعلماء هذا الفن يقولون: "سياسة الأمم مقيسة على سياسة الأفراد"، وهذه جملة من وعاها وزاوج بينها وبين ما قدمناه فتحت له من الفهم أبوابا وأبوابا، وفي هذا القدر كفاية وبالله وحده التوفيق.
الجهاد باب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وهذا لا يحتاج إلى إمام
البرهان الثاني عشر: أن الجهاد في سبيل الله ضرب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الجصاص في أحكام القرآن رحمه الله (4/ 319)، وغيره من العلماء، ومن المعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو ركن الدين كما قال النووي رحمه في شرح مسلم وغيره من العلماء لم يشترط أحد من العلماء له إماما، بل ولو وجد الإمام لم يشترط إذنه في ذلك، كما دل عليه حديث أنس في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، حتى إنه لو رأينا فاسقا يأمر بمعروف وينهى عن منكر كان علينا معاونته في ذلك، كان الإمام أم لم يكن، والجهاد باب من أبواب الأمر والنهي، فيقال فيه ما قيل في الأمر والنهي، إذ حكم بعض الشيء حكم جميعه، وبالله التوفيق.) إنتهى.
ننتظر منكم التعليق على هذا الكلام ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 06:41]ـ
بارك الله فيك
ـ[بندر العنزي]ــــــــ[25 - Aug-2008, مساء 07:18]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[01 - Nov-2008, صباحاً 11:35]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبو محمد التونسي
جزاك الله خيراً أخي بندر
وما أنا إلا ناقل هذا العلم وهذا الفضل
فنسأل الله أن يجازي كاتبه خير الجزاء.
ـ[الرحالة]ــــــــ[06 - Nov-2008, صباحاً 01:21]ـ
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود من الأخ الكريم ... التفريق بين الجهاد عندما يكون فرض عين وعندما يكون فرض كفاية ... كما بين المؤلف ..
وأهل السنة متفقون أن الجهاد سنة ماضية خلف كل إمام بر أوفاجر ... كما ذكر ذلك الأئمة في رسائلهم .. بل
وكتب الفقه مليئة بهذا القيد .. بل العبادات لايمكن أداءها إلا بإمام كالصلاة والزكاة والصيام والحج ومنها الجهاد ... كما ذكر المؤلف ....
فكيف يضبط الجهاد في سبيل الله من دون قائد يقود المعارك ... بل كيف يعد الجيش .. وكيف ... وكيف .. جميع ذلك يندرج تحت سلطة ولي الأمر ونوابه.
... ثم أين أنت من الأحاديث الواردة في أخذ الإذن من الوالدين عند الجهاد.
أخي الكريم ... أريد فقط أن تثبت أن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خرج وقاتل المشركين بدون إذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[06 - Nov-2008, صباحاً 01:32]ـ
الأخ الرحالة راجع هذا الرابط
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=21891
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[06 - Nov-2008, صباحاً 01:34]ـ
الرحالة .. بارك الله فيك على المرور
وما ذكرته من ملاحظات قد سبق توضيحها في المشاركة الأساسية فما عليك إلا أن تقرأ البحث بتأني سوف تجد التوضيح. وجزاك الله خيراً.
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[06 - Nov-2008, مساء 03:48]ـ
السلام عليكم الشيخ الدهلوي صاحب البحث الجهادي أقول لك لا أعرف قولا لعالم معتبر يجيز الجهاد في سبيل الله من دون امام انما الخلاف فيما يخص بجهاد الدفع و الذب عن بيضة الدولة الاسلامية. نعم لقد أبهرت جماعات آيات الجهاد و أحاديثه و ما فيها من فضل فتجاوزوا شروط تحقيق هذه الأجور و الدثور فاساؤوا أحيانا و خالفوا الشرع احيانا أخرى و وقعوا و أوقعوا غيرهم من الشباب أحداث أسنان في ورطات و لقد ألفت رسالتين احداهما بعنوان: اتحاف الاخوة و الأحباب بالفرقان بين الجهاد و الارهاب و الأخرى بعنوان: أين الشرع القويم المتين من ظاهرة تكفير حكام المسلمين كنت منصفا فيهما منطلقا من قولة الامام الشافعي رحمه الله: رأيي صواب يحتمل الخطأ و راي خصمي خطأ يحتمل الصواب و لقد طلب مني من أجهله أن أرسلهما اليه لينشرهما ألا و هو المشرف على موقع المسلم نت و زعم أنه يدعى: د/محمد العتيق على عنوان بريد ألكتروني أحتفظ به و كنت أود من موقع الألوكة أن ينشرهما حتى تعم منهما الفائدة و يتلقيان لما يستحقان من التدقيق و التمحيص انطلاقا من قوله تعالى: فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض و مما ينفع الناس يقينا هدايتهم الى الجادة و حثهم على طريق السلف الصالح الذين لم يجاهدوا الا مع امام و هذا محل اجماع كما أن طاعة ولاة الأمر محل اجماع ينبني على آي من الذكر الحكيم و أحاديث مستفيضة و متواترة و الله الموفق للصواب
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[06 - Nov-2008, مساء 05:35]ـ
أخي مصطفى
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أولاً بارك الله فيك على المرور .. وواضح جداً أنك لم قرأ البحث جيداً لأنك نسبت البحث لي ولستأ نا من كتبه بل أنا ناقل له فقط.
ثانياً: ماذا أنك لم تق رأ البحث جيداً .. سوف أقول لك أقرأ البحث مرة أخرى بتأني وسوف تجد توضيح ما قلته من ملاحظات
وجزاك الله خيراً على المرور والملاحظات.
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[06 - Nov-2008, مساء 11:07]ـ
الأخ الكريم الدهلوي السلام عليكم مرة أخرى لقد رجعت الى النص ثانية و قرأته بامعان و ترو فما وجدتك تبرأت منه و لا عزوته لغيرك و في النص جهد كبير الا أن صاحبه غفل عن الكثير و هو شروط الجهاد و عتاد الجهاد و قوة المسلمين و عتادهم مقارنة مع أعدائهم فبالرغم من أنني لم أكن استرسلت فيها في نقلتي فقد بينت أن في حالة سبات المسلمين و ضعفهم يعمل بآيات الصبر و الصفح خلافا للذين يحكمون آية السيف و يزعمون أنها نسخت كل آية فيها صبر أو صفح للكفار و مع أنني أول من جمع هذه الآيات و قدمتها متتالية في كتابي اكمال المنه في معرفة النسخ من القرأن و السنة و كذلك في رسالتي:اتحاف الاخوة و الأحباببالفرقان بين الجهاد و الارهاب و هذه الآي التي يزعمون أنها نسختها آية السيف معروف عند جمهور الأصوليين أنها من المنسأ من القرآن كما أن هذه الجماعات التي تحكم آية السيف لا تقرأ باب الصلح و لا الهدنة و أريد أن أختم هذه الكلمة بالملاحظة التالية التي أهملها صاحبك و هي الصلح لتتباين الماقف:ذكر عبد الهادي في مغني ذوي الأفهام كتاب الجهاد باب الأمان ص103:الاجماع عن صحة أمان الامام لجميع الكفار و ذكر ابن المفلح في المبدع كتاب الجهاد باب الأمان 3/ 393 الاجماع على صحة أمان المسلم المكلف الحر من فتنة أو غير ذلك أم بشيء يأخذونه منهم لا على حكم الجزية اذا كانت الجزية انما شرطها أن تؤخذ منهم و هم بحيث تنفذ عليهم أحكام المسلمين و أما بلا شيء يأخذونه منهم و كان الأوزاعي يجيز أن يصالح الامام الكفار على شيء يدفعه المسلمون الى الكفار اذا دعت الى ذلك ضرورة فتنة أو غير ذلك من الضرورات و قال الشافعي:لا يعطي المسلمون الكفار شيئا الا أن يخافوا أن يصطلموا لكثرة العدو و قلتهم أو لمحنة نزلت بهم و ممن قال باجازة الصلح اذا رأى الامام في ذلك مصلحة المسلمين الامام مالك بن أنس و الشافعي و أبو حنيفة قلت و هنا يتبين شرط وجود امام يعرف أين المصلحة انطلاقا من ضروري مقاصد الشرع و هي أساسا: درء المفاسد أو دفعها و جلب المصالح للأمة الاسلامية و مكارم الأخلاق و محاسنها و هذا ما لم يعرج اليه صاحبك و هو أساس هذه الحياة لذلك جاء في الحديث الذ ي حسنه البعض: لا ينبغي للمرأ أن يذل نفسه فالوا و كيف يذل نفسه قال: أن يعرضها ما لا يطيق فالله أراد بالمسلمين العزة و التمكين في الأرض فالذين يريدون لهم المذلة و التشرذم و التيه و الضياع و الدمار لا يفهمون حقيقة هذا الدين و الله أعلم من كل عليم و السلام عليكم أولا و آخرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو البراء الأندلسي]ــــــــ[07 - Nov-2008, مساء 08:22]ـ
السلام عليكم الشيخ الدهلوي صاحب البحث الجهادي أقول لك لا أعرف قولا لعالم معتبر يجيز الجهاد في سبيل الله من دون امام انما الخلاف فيما يخص بجهاد الدفع و الذب عن بيضة الدولة الاسلامية.
1 - هناك أقوال أخي الكريم لعلماء معتبرين يجيزون الجهاد بدون إمام
قال ابن حزم _المحلى_
يغزى أهل الكفر مع كل فاسق من الأمراء وغير فاسق ومع المتغلب والمحارب كما يغزى مع الإمام ويغزوهم المرءُ وحده إن قدر أيضاً
قال صديق خان _الروضة الندية_
الأدلة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلاً بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله على عباده المسلمين من غير تقيد بزمان أو مكان أو شخص أو عدل أو جور
قال عبد الرحمان حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب _الدرر السنية_
وكل من قام بالجهاد في سبيل الله فقد أطاع الله وأدى ما فرضه الله ولا يكون الإمام إلا بالجهاد لا أنه لا يكون جهاد إلا بالإمام
2 - ذكرت أخي الكريم أن الخلاف في جهاد الدفع في وجوب لجهاد بالإمام,
أين هذا الخلاف أخي الكريم؟
ممكن توضح لنا؟
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[08 - Nov-2008, مساء 04:17]ـ
السلام عليكم الاخوة كلام ابن حزم حجة عليكم لا لكم فالأمير سواء كان فاسقا او متغلبا أو غير عادل يبقى أميرا تجب طاعته و الجهاد معه كما كان الحال في العصر الأموي و العباسي و قد نقلنا عن ابن القطان الفاسي عن الرسالة: و أجمعوا أن السمع و الطاعة واجبة لأئمة المسلمين و أجمعوا على أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضى أو غلبة و اشتدت وطأته من بر و فاجر لا يلزمهم الخروج عليه بالسيف جاروا أو عدلوا و أجمعوا على أن يجيرهم العدو و يحج معهم البيت و تدفع اليهم الصدقات اذا طلبوها و تصلى معهم الجمع و الأعياد و قال ابن حزم في مراتب الاجماع: و اتفقوا أن الامام الواجب امامته فان طاعته في كل ما أمر ما لم يكن معصية فرض و القتال دونه فرض و خدمته في ما أمر به واجبة و أحكامه و أحكام من ولى نافذة و عزله من عزل نافذ و قال: و اتفقوا أن للامام ان رأى أن يجمع المسلمين على ديوان فله ذلك و فيه اجماعات أخرى تبين أن للامام مسؤوليات تجعل الجهاد لا غنى عنه أو عن من أمره ثم ان الحاجي الضروري من هذه الشريعة الغراء هو درء المفاسد و جلب المصالح و مكارم الأخلاق و محاسنها كما نص على ذلك ابن عاصم في كتابه مرتقى الوصول و امام المسلمين أدرى بمعرفة مصالح المسلمين من غيره من الرعية خاصة اذا كان يستشير أهل الحل و العقد من ذوي الأحلام و النهى و ذلك لأن الشباب المتحمس للجهاد و الذي لا يعرف من أحكامه شيئا و لا يعرف عنه الا لآيات و الأحاديث التي وردت في الترغيب فيه قد يشتاق اليه ظانا أن الشهادة تجعله ينال احدى الحسنيين بينما يرى الامام و معه أهل الحل و العقد أن الصلح أفضل في تلك الآونة و تلك الظرفية الزمنية و لقد بينت ذلك جيدا في كتابي:اتحاف الاخوة و الأحباب بالفرقان بين الجهاد و الارهاب و قد بينت في تدخلي أعلاه أقوال الأئمة أصحاب المذاهب من أنواع من الصلح فالمسلم له ثلاثة أبعاد ما لم يدركها يبقى تائها حائرا ناقصا هي: الشعور و الشعار و الشرع و كثيرا ما يبقى الشباب الجهادي على مستوى الشعور و الشعار بينما البعد الثالث و هو الشرع أساس كل شيء في المسلم فينبغي أن ينطلق من الشرع و يرجع اليه في شعوره و شعاره و الله الموفق
ـ[توحيد 34]ــــــــ[02 - Feb-2009, مساء 04:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رسالة ماشاء الله فصاحبها متمرس في الجهاد قولا وعملا وهو محدث مجاز في الكتب الستة إن لم تخني الذاكرة شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[الصقر المكسور]ــــــــ[02 - Feb-2009, مساء 09:44]ـ
اخواني الكرام .. نعلم ان ابو بصير ورفاقه ممن اسلم وهاجر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت صلح الحديبية .. وحتى لايتم تسليمهم لقريش حسب بنود المعاهدة هربوا الى العيص على ساحل البحر الاحمر وقاموا بمهاجمة قوافل قريش .. اذا كان ماقاموا به جهاد وهو والذي ارسل رسوله بالحق جهاد .. فمن هو إمامهم في جهادهم .. وهو ليس جهاد دفع بل جهاد طلب .. والدليل أن قريشا ارسلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبطل شرطها وتطلب ان يضم اليه ابابصير ورفاقه رضي الله عنهم اجمعين ..
ـ[لا تغتر]ــــــــ[03 - Feb-2009, صباحاً 06:00]ـ
طبعاً دفع الصائل لا يحتمل طلب إذن فلا وقت لذلك! فقد تنتهك الأعراض وتُسفك الدماء بسبب هذا الشرط ودفع الصائل واجب ولو كان الصائل مُسلماً! ومن قُتل دون دمه وعرضه وماله فهو شهيد.
إلى الأخ مصطفى: هل يجوز عقد صلح دائم مع الكفار؟ وهل يجوز التوقيع على ميثاق أبدي معهم؟ أليس هذا إسقاط لفريضة الجهادوتعطيل لمقاصد الجهاد؟
إلى الإخوة الذين يقولون بوجوب طلب الإذن: هل يجب بل هل يجوز طلب الإذن من الإمام الذي عقد صلحاً دائماً غير شرعي مع الكفار أو وقع على ميثاق أبدي معهم؟!
إلى الإخوة الذين لا يقولون بوجوب الإذن: مسألة فقهية: الجهاد عبادة والعبادة يجب أن تكون وفق السنة ووفق هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، هل من هدي النبي أن يقوم كل مسلم أو أي مسلم بالهجوم على من يريد من الكفار في أي وقت يريد؟ أليس هذا ضد مقاصد الجهاد؟ أليست هنالك خطوات مُتبعة في طريقة الجهاد؟ ألا يُقال هنا أنه إذا كان هناك إذن عام فلا يجب طلب الإذن وأما إذا كان هناك نهي من ولي الأمر فهذا داخل في وجوب طاعته (طبعاً مع مراعاة الملاحظات السابقة)(/)
«تنبيه المؤمنات عن التّشبه بالكافرات، لسماحة شيخِنا العلاَّمة عبد اللَّه بن جبرين»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 04:07]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
«تنبيه المؤمنات عن التّشبه بالكافرات»
الحمد للَّه ربِّ العالمين، وصلَّى اللَّهُ وسلَّم على أشرف المرسلينَ، نبينا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أكمل الله لنا دين الإسلام، وأغنانا بتعاليمه عن الأخذ بأديان الكفار، أو بعادات المفسدين والضالين من المنافقين أو المعاندين، ومن ذلك أن ربنا سبحانه جعل للرجال أحكامًا، وجعل للنساء أحكامًا، فقال تعالى: ? الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ? [النساء:34]، وقال تعالى: ? وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ? [البقرة: 228]، وجعل الرجل مسؤولاً عن أهل بيته، وسماه راعيًا عليهم، وأمره بالنصيحة لهم، واشتمل دين الإسلام على التفريق في المظاهر بين الرجال والنساء، حيث أمر النساء بالقرار في البيوت، ونهاهن عن التبرج وإبداء الزينة إلا للمحارم، وهكذا أيضًَا حرم علينا التشبه بالكفار، وعلى نسائنا التشبه بالكافرات أو العاهرات، أو الفواسق، وقال في الحديث: «من تشبه بقوم فهو منهم».
وحيث إن نساء الكفار أو من قلدهم يظهرن بمظاهر قبيحة، فإنه يحرم على نساء المؤمنين تقليدهن في ذلك، ثم إن هذا التقليد مجلبة للفساد، ودعاء للفواحش، وإغراء للفسدين الذين يندفعون في هذه الحال إلى فعل ما حرم الله، إذا ظهر النساء بمظاهر تزري بهن، فمن ذلك العبث بالرؤوس والشعور، كالتي تجمع شعرها حتى يكون كومة تعقده خلفها، وهي التي تشبه أسنمة البخت، فهذا محرم، والأصل أن المرأة تجدل رأسها وتجعله قرونًا، كما كان ذلك عادة نساء المؤمنين من عهد الصحابة إلى عهد قريب.
كذلك العبث أيضًا بالشعر وتلوينه بأصباغ متعددة، لقصد الشهرة والتميز بين النساء، وهذا محرم لأنه تغيير لخلق الله، وكذلك أيضًا العبث بالوجه لما تفعله المرأة عند من تسمى بالكوافيرة، والعبث بالحاجبين، والعبث بالأسنان، فقد لعن النبي صلي الله عليه وسلم الواشمات التي تعمل الوشم في الوجه ونحوه، والمتنمصات التي تعبث بشعر الحاجبين بتشقيره أو تغييره أو تحميره، فإن هذا كله داخل في الوعيد، وكذلك العبث في الوجه بما يسمى الماكياج.
فعلى المرأة أن ترضى بخلق الله، ولا تغير شيئًا من وجهها ولا أسنانها ولا خديها ولا جبينها عن ما هو عليه، ولها أن تتنظف وأن تتطيب بطيب النساء، وهو ما ظهر لونه وخفي ريحه.
وكذلك أيضًا عليها في اللباس أن تلبس ثيابًا وافية ضافية، فتتجنب لباس الضيق الذي يميز تفاصيل بدنها، وكذلك اللباس الشفاف الذي يشف عما تحته، وكذلك الألبسة القصيرة والعارية، حتى لا تدخل في قوله صلي الله عليه وسلم: «ونساء كاسيات عاريات»، فإن تلك الكسوة الضيقة أو الشفافة قد يكون ثمنها رفيعًا، ومع ذلك فهي محرمة.
فالمرأة المسلمة تبتعد عن المخالفات التي نهى عنها شرع الله تعالى، كما قال تعالى: ? وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ? [النور:31] إلى آخر الآية، حتى تكون تقية نقية.
ونسأل اللَّهَ أن يصلح أحوال المسلمينَ، وأن يصلح نساءهم، وأن يرزقهنّ التعفف والتّستر، وأن يعصمهنّ من الخطأ والزّلل. واللَّهُ أعلمُ.
وصلَّى اللَّهُ على مُحمَّدٍ.
قاله وأملاه
عبد اللَّه بن عبد الرَّحمن الجِبرِيْن
12/ 7/1429هـ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 04:08]ـ
المصدر: موقع شيخنا.
( http://www.ibn-jebreen.com/article2.php?id=19)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 04:14]ـ
فائدة
حكم صبغ الشعر
سُئلَ الإمامُ ابنُ بازٍ ـ رحمهُ اللَّهُ تعالى ـ:
هل صبغ الشعر حلال أم حرام؟
فأجاب:
صبغ الشعر إن كان بالأسود الخالص فلا يجوز للرجل والمرآة جميعا، أما إن كان صبغه بالأصفر أو بالأخضر أو بغير ذلك فلا بأس، لكن بالأسود الخالص النبي نهى عنه - عليه الصلاة والسلام- قال: (غيروا هذا الشيب، وجنبوه السواد). فالحاصل أنه لا يجوز بالأسود الخالص لا للمرآة ولا الرجل، أما إذا غير الشيب بغير الأسود، بأسود مخلوط بالحناء أو بأحمر أو بأصفر فلا بأس.
المصدر: موقع الإمام ابنِ بازٍ
( http://www.binbaz.org.sa/mat/8868)(/)
احذية الكعب العالى
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 10:00]ـ
احذية الكعب العالى
السلام عليكم
الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
فإن الناظر إلي بلاد المسلمين يجد أن كثيراً من أبناء المسلمين قد أصابهم داء التشبه بإعداء الدين في العبادات، والمعاملات، والعادات ومن ذلك لبس (الكعب العالي). هؤلاء الرجال الذين لا يغارون على أعراضهم. لا على نسائهم ولا بناتهم ولا أخواتهم، ولا على أعراض الآخرين، لأن قضية العرض كلها لا تخطر لهم على بال، هل بقى لهم شىء من الغيرةوالكرامة ((الإنسانية))؟
وتعتبر أحذية الكعب العالي التي ترتديها الفتيات والسيدات في العديد من المناسبات إحدى صرعات الموضة الحديثة التي تم تصميمها؛ لإضفاء
جمال ورشاقة على شكل وقوام المرأة (زعموا)، ولكنها في الصحيحمن وسائل الإغراء والإثارة والفتنة و تهدد صحتها وسلامتها .. هذا ما أكدته دراسة طبية نشرت حديثًا.
فقد أظهرت هذه الدراسة التي نشرتها المجلة البريطانية الصحية أن الأحذية التي يزيد ارتفاعها عن 2.5 إنش (7.5 سنتيمترات) تعرّض السيدات لخطر الإصابة بالتهاب مفصل الركبة.
وقال الباحثون في جامعة "مساتشوستس" الأمريكية: إن التهاب مفصل الركبة أكثر شيوعًا في النساء بمقدار الضعف مقارنة مع الرجال, مشيرين إلى أن ذلك يرجع إلى ارتدائهن الأحذية ذات الكعب العالي التي تسبب تغيرات تعويضية في الركب والأوراك بهدف المحافظة على التوازن.
وقد قال الباحثون: إن القوى المتغيرة على الركب التي تنجم عن المشي بأحذية عالية قد تعرِّض مرتديها لتغيرات سلبية ومتلفة تحدث في المفاصل، حيث تظهر معظم التأثيرات المفصلية العظمية المتلفة داخل مفصل الركبة، مُنوِّهين إلى أن استخدام أحذية الكعب العالي قد ترتبط بإصابة هذه المنطقة بالالتهابات. وأوضح الخبراء أن هذه الأحذية تزيد من إصابة السيدات بمشكلات صحية، وتعرضهن لآلام الظهر والعمود الفقري؛ لأنها تتداخل مع الوضع الطبيعي للقدم بحيث يرتفع كعب القدم عن الأرض لتسير المرأة على منطقة الأصابع.
وقال الباحثون: إن تصاميم مثل هذه الأحذية غير مريحة، فهي عادة ما تكون ضيقة من الأمام، وذات مقدمة رفيعة تضغط على الأصابع؛ لتبدو أقل اتساعًا، فتصبح القاعدة العريضة للقدم من الخلف بدلا من أن تكون من الأمام، فيتركز توزيع وزن الجسم أثناء المشي، والوقوف في الجزء الأمامي فقط عوضًا عن ارتكازه على القدم بأكملها، مما يزيد من الانحناءات العادية، ويؤثر بالتدريج على المظهر العام للجسم.
.............................. .................... .............................. ....... -
.
::الادلة على تحريم الكعب العالي
(1) قال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)
قال ابن العربي في أحكام القرآن في الآية: قال: كانت المرأة تضرب برجليها ليسمع قعقعة خلخاليها، فمن فعل ذلك فرحاً بحليهن فهو مكروه، ومن فعل ذلك تبرجاً وتعرضاً للرجال فهو حرام. اهـ
جاءفي الموسوعة الفقهية: وذلك أنّ النّساء في الجاهليّة الأولى كنّ يخرجن في أجود زينتهنّ ويمشين مشيةً من الدّلّال والتّبختر، فيكون ذلك فتنةً لمن ينظر إليهنّ.
وكذا إذا كان من هذه الأحذية نوع إنما هو من خصائص الكافرات فينهى عن ذلك للتشبه،
(2) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)
قال مجاهد: «كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية». وقال قتادة: «إذا خرجتن من بيوتكن، وكانت لهن مشية وتكسّرٌُ وتغنّج، فنهى الله تعالى عن ذلك».
قال السعدي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات، كعادة أهل الجاهلية الأولى، الذين لا علم عندهم ولا دين، فكل هذا دفع للشر وأسبابه. فكل ذلك دلّ أنه لا يحِلّ للمرأة التبرج بأن تمشي بتكسّر وتغنّج أمام الرجال. وأما للزوج داخل البيت فمستحب. وإلى هذا يدل قوله تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن (أي المقصود أن تكون المرأة مقتصدة في مشيها، لا تحاول أن تلفت الأنظار إليها. ولذلك لا يجوز لها لبس الخلخال ولا الكعب العالي الذي يصدر صوتاً أثناء مشيها بالطريق.
قال الجزائري في تفسيره {وليتبروا} أي يدمروا ما علو أي ما غلبوا عليه من ديارهم (تتبيرا) أي تدميراً كاملاً وتحطيما تاماً وحصل لهم هذا لما قتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام وكثيراً من العلماء وبعد أن ظهر فيهم الفسق وفي نسائهم التبرج والفجور واتخاذ الكعب العالي.
كما اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
++++++++++++++++++++++++++++++ +++++++++++++++++
(3) قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)
والهَوْن: اللين والرفق. والمشي الهَوْن: هو الذي ليس فيه ضرب بالأقدام وخفقُ النعال فهو مخالف لمشْي المتجبرين المعجَبين بنفوسهم وقوتهم. وهذا الهَوْن ناشىء عن التواضع لله تعالى والتخلُّق بآداب النفس العالية وزوال بطر أهل الجاهلية فكانت هذه المشية من خلال الذين آمنوا على الضد من مشي أهل الجاهلية.
ألا تكون هذه الكعوب سببا في جذب أنظار الرجال الأجانب، بصوت عند المشي أو لون، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ {النور:31}، فمنعهن سبحانه من الضرب بالأرجل -وإن كان جائزاً في نفسه- لئلا يكون سببا إلى سماع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك الشهوة عند الرجال، ففي ذلك تنبيه على أن المرأة منهية عن جذب أنظار الرجال إليها بأي طريقة سواء أكان ذلك بسبب صوت حذائها عند المشي أو لونه أو تبرجها وإبدائها ما لا يحل إبداؤه__
الترغيب والحض على لبس النعال
لقد رغب الشارع الحكيم في لبس النعال، وعد ذلك من النعم العظيمة، لأن النعال تقي الرِّجْل الحر، والبرد، والنجاسات، الطين، والأوساخ؛
وجاء في صحيح مسلم
: (باب استحباب لبس النعال وما في معناها)
*و (باب مَا جَاءَ فِى الاِنْتِعَالِ وَالاِسْتِكْثَارِ مِنَ النِّعَالِ).
حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ فِى غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا «اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ».
قال ابن حجر في الفتح: أَيْ أَنَّهُ شَبِيه بِالرَّاكِبِ فِي خِفَّة الْمَشَقَّة وَقِلَّة التَّعَب وَسَلَامَة الرِّجْل مِنْ أَذَى الطَّرِيق، قَالَهُ النَّوَوِيّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا كَلَام بَلِيغ وَلَفْظ فَصِيح بِحَيْثُ لَا يُنْسَج عَلَى مِنْوَاله وَلَا يُؤْتَى بِمِثَالِهِ، وَهُوَ إِرْشَاد إِلَى الْمَصْلَحَة وَتَنْبِيه عَلَى مَا يُخَفِّف الْمَشَقَّة، فَإِنَّ الْحَافِي الْمُدِيم لِلْمَشْيِ يَلْقَى مِنْ الْآلَام وَالْمَشَقَّة بِالْعِثَارِ وَغَيْره مَا يَقْطَعهُ عَنْ الْمَشْي وَيَمْنَعهُ مِنْ الْوُصُول إِلَى مَقْصُوده كَالرَّاكِبِ فَلِذَلِكَ شُبِّهَ بِهِ
---------------------------------------------
شروط النعال:
ويشترط في النعال ما يشترط في غيرها من اللباس، نحو:
1. الطهارة: أن تكون المادة التي صنع منها النعل طاهرة، سواء كانت من جلد أوغيره، فالجلد يشترط فيه التذكية والدبغ، حيث لا يطهر جلد الميتة إلا بعد دبغه، واختلف أهل العلم في جلود السباع إذا دبغت، فمنهم من منع ذلك وهو الصحيح.
2. الحل: أن يكون الملبوس حلالاً ليس حراماً، نحو المسروق والمغصوب.
3. أن لا تشبه نعال العجم والكفار، نحو الكعب العالي.
4. لا تشبه نعال الرجال نعال النساء.
5. نعال الشهرة: الرفيعة جداً أوالوضيعة.
6. لا يشترط في النعال لون معين، ولكن عليه تجنب الألوان الصارخة.
(يُتْبَعُ)
(/)
7. ألا تكون هذه الكعوب سببا في جذب أنظار الرجال الأجانب، بصوت عند المشي أو لون، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ {النور:31}، فمنعهن سبحانه من الضرب بالأرجل -وإن كان جائزاً في نفسه- لئلا يكون سببا إلى سماع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك الشهوة عند الرجال، ففي ذلك تنبيه على أن المرأة منهية عن جذب أنظار الرجال إليها بأي طريقة سواء أكان ذلك بسبب صوت حذائها عند المشي أو لونه أو تبرجها وإبدائها ما لا يحل إبداؤه__
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
رقم 1678 وتاريخ 13/ 10 / 1397 هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على استفسار أحد السائلين وهو:
السؤال: ما حكم لبس الكعب العالي للمرأة، ووضع المناكير بأظافر المرأة وأيهما أفضل المناكير أم الخضاب، وما حكم وضع الحناء للمرأة أثناء الحيض؟
الجواب: لبس الكعب العالي لا يجوز؛ لأنه يعرض المرأة للسقوط والإنسان مأمور شرعا بتجنب الأخطار، بمثل عموم قول الله:
(وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) سورة البقرة الآية 195 وقوله: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) سورة النساء الآية 29
كما أنه يظهر قامة المرأة وعجيزتها بأكثر مما هي عليه، وفي هذا تدليس وإبداء لبعض الزينة التي نهيت عن إبدائها المرأة المؤمنة بقول الله سبحانه
وتعالى: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) سورة النور الآية 31.
* أما المناكير فلا تجوز لما فيها من منع وصول الماء في الوضوء والغسل إلى الأظافر، وقد شملتها الفتوى المشار إليها في الجواب الثاني. وأما الحناء للمرأة أثناء الحيض فلا نعلم مانعا منه كحال الطهر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
*********************
و أزيدك هذه الفتوى من الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:
سلسلة الهدى و النور الشريط رقم - 1 - السؤال السادس:
السائل: إذا لبست المرأة كعباً عالياً في الحذاء؛ يجوز لها ذلك؟ و ما الحكم؟
الإمام الألباني: لا يجوز!
تشبه بالكفارات أو الفاسقات.
و أصل هذا من اليهوديات كنَّ قديماً قبل الإسلام إذا أرادت الواحدة منهن أن تعبر
المجتمع الذي يسكن فيه [عشيقها] (1) فلكي يراها كانت تلبس نوع من القهقان العالي فتصبح طويلة فتُرى.
ثم مع الزمن تحول هذا إلى النعل أي الكعب العالي.
ثم و النعل يجعل المرأة يعني تتغير مشيتها تميل يمين و يسار و من أجل ذلك اخترع الفساق الكفار هذا النوع من النعال.
فلا ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس نعلاً ذي كعب عالي لا سيما في كثير من الأحيان يكون سبب في ايذائها و وقوعها على أم رأسها إذا ما تعثرت في الطريق لأي سبب.
[فذا يحي الحجوري المزكى ... يسير على الطريق إلى الأمام
خليفة مقبل من دون شك ... وفي دماج يمسك بالزمام
ففي يمناه شرح للبخاري ... وفي الأخرى بلوغاً للمرام
له علم وتأصيل صحيح ... كغيث قد تحدر من غمام
وفي كل العلوم له دروس ... يدرسها هنالك بانتظام
أبو الخطاب
فؤاد بن علي السنحاني
دار الحديث بدماج حفظها الله من كل سوءٍ ومكروه
هاتف: (777100558) ..
ـ[عبد العزيز الأمير]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 01:01]ـ
جزاك الله خيرا على هذا البحث الجميل واسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والأخرة(/)
أصل كلمة (اوكى) ok
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[20 - Jul-2008, مساء 10:20]ـ
"] أصل كلمة (اوكى) ok[/COLOR]
----------------------------
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
أما بعد:
إخوة الإسلام:ونحن هذه الايام نعيش دروس كتاب أقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم،
مع
شيخنا ## يحي بن علي الحجوري
لفت إنتباهي ظاهرة التقليد الأبله والتشبه المذموم، ويكادُ أفرادٌ وجماعاتٌ من المسلمين أن يفقدوا هويتهم الإسلامية، وتذوب شخصياتُهم في شخصيات الآخرين فالكلام والهيئة يُداخلها التشبهُ بالكافرين "]
[إذ يُحلق ما حقُّهُ الإعفاءُ ويُعفى ما حقه الإحفاء [/
في الشرع المطهر، قال عليه الصلاة والسلام: ((أَعْفُوا اللِّحَى، وجزوا الشَّوَارِبَ، وَغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَالنَّصَارَى)) رواه أحمد بسند صحيح (صحيح الجامع الصغير 1/ 352).
والملبسُ يطغى عليه الإسبالُ المحرم،
أو تبدوا لقصرِه العورةُ المأمور بسترها، أو يُفصَّلُ على هيئة لباس غير المسلمين
فتدعو المشابهة شكلاً إلى عدم المخالفة في الأمور الأخرى، والزينة فيها تعدٍ وتجاوزٌ
فالذهبُ يتختم به بعض أبناء المسلمين،
أو يلبس سلوس على العنق
، ومعلومٌ نصوصُ الشرع في تحريم لبس الذهب للرجال وإباحته للنساء بشكل عام، وفيما يخص التختم: ((رَأَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ وَقَال: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ، فَقِيل لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ، قَال: لا وَاللهِ لا آخُذُهُ أَبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم))
وهكذا يكون التأسي وكذلك يكون الإتباع
.
والأمرُ أدهى وأمر .. وفي مضمار التميع وغياب العزِّة والهوية الإسلامية
حين
يُحتفي بالكفار ويُقدّر الفُجَّار ويُستهانُ بالمسلمين ويُتهم الأخيار، وكل ذلك خلافُ هدي الإسلام،
وفي سبيل التشبه الظاهري بالكافرين
تأكلُ وتشربُ فئامٌ من المسلمين بالشمال
وكأن الأمر عادةٌ من العوائد ليس فيها ملام، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يُحذر من هذا ويقول: ((لا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)) رواه ابن ماجة بسند صحيح، صحيح الجامع الصغير 6/ 126
وتُستبدل تحيةُ الإسلام (السلامُ عليكم)
بأنواع من التحايا لا تبلغُ في كمالها ولا في حسنها مبلغَ تحيةِ أهلِ الإسلام هذا فضلاً عن أجر هذه، ووزر تلك إذا قُصد بها التشبهُ بالكافرين بل ويُنهى المسلمون عن مشابهة غير المسلمين في هيئة السلام.فتجد بعض الشباب وللأسف يتكلم بلغة العجم عمرُ رضي الله عنه قال: ((إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يومَ عيدهم في كنائسهم فإن السخطة تنْزل عليهم)) رواه أبو الشيخ الأصبهاني، والبيهقي بإسناد صحيح، الولاء والبراء 332، والاقتضاء 1/ 428 بدون لفظة: "فإن السخطة تنْزل عليهم [].
******* ************************* **********
فكلمة اوكي ( ok) إنجليزية .. وهي اختصار للمدينة الأمريكية أولد كندرهوك الواقعة في ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية،لا أصل لها في اللغة العربية، وهي غريبة المنشأ والمعنى، تُعد من رطانة العجم التي نهينا عن التحدث بها لغير ضرورة ملزمة ..
.
فقد صح عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال:" إياكم ورطانة الأعاجم، "، وقال -رضي الله عنه-:" ما تكلم الرجل الفارسية إلا خبَّ – أي صار خداعاً – ولا خب إلا نقصت مروءته ".
وعن محمد بن سعد بن أبي وقاص، أنه سمع قوماً يتكلمون بالفارسية فقال: ما بال المجوسية بعد الحنيفية [1]. فإذا كان مجرد التكلم بالفارسية – لغير ضرورة – هو من باب إحياء المجوسية بعد ظهور دين التوحيد، فكيف بالذي يستخدم لغة الأعاجم وشاراتهم في مسائل هامة لها مساس في العقيدة والتوحيد والأصول .. !
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر ابن تيمية في " الاقتضاء " حديثاً عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنه يورث النفاق ".
قلت: ومع ذلك فإننا نجد كثيراً من أبناء المسلمين العرب _ وبخاصة منهم الذين يعيشون في بلاد الغرب - لا يحسنون التكلم بالعربية لكثرة تحدثهم باللغات الأعجمية الأخرى .. وهذا ينعكس على درجة فهمهم لكتاب الله تعالى ودينه، وبالتالي على درجة التزامهم بهذا الدين، فإقصاء المسلمين عن لغة هذا الدين هو إقصاء لهم عن اتباع هذا الدين.
قال ابن تيمية في الاقتضاء: فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر، أن يُدعى الله أو يذكر بغير العربية.
وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله .. فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم. واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيراً قوياً بيناً، ويؤثر في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق ا-هـ.
أقول: لأجل هذه الأوجه الآنفة الذكر – وواحد منها يكفي لاينبغي للمسلم شرعاً أن يستخدم كلمة ( ok) في حديثه بصيغة المدح أو الاستشهاد بها على مقصد من المقاصد .. وقول المرء أنه يستخدمها كمصطلح لتعارف الناس على استخدامه، لا يسوغ ولا يبرر له بحال استخدامها للمزالق والمحاذير المتقدمة الذكر، والله تعالى أعلم.
الكلمة طبعا إنجليزية .. وهي اختصار للمدينة الأمريكية أولد كندرهوك الواقعة في ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
وسبب شيوع هذه الكلمة أنه ترشح مرة للرئاسةفي الولايات المتحدة الأمريكية ابن هذه المدينة
وأسمه .. مارتن فان بودين. هذا الرجل استخدم عبارة (انتحبوا ابن أولد كندرهوك) في حملته الانتخابية، ثم اختصرت هذه العبارة إلى:
(انتخبوا ابن O.K.)
وكان المؤيدون له يهتفون: O.K….O.K.
حتى أصبح هذا اللفظ يعني الموافقة والقبول والجدير بالذكر أن مارتن فان بودين نجح في الانتخابات الرئاسية، وربما وربما هم يعتقدوا أن هذا اللفظ سببا من أسباب نجاحه.
[1] انظر هذه الآثار في كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم " لابن تيمية.
والله اعلم.
أبو الخطاب السنحاني.
دار الحديث بدماج
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 12:50]ـ
رائع أخى
جزاك الله خيرا
أنقل لكم موضوع لى مشابه لفت نظرى لكتابته تسمىبعض الاعضاء بأسماء عربية مكتوبة بلغة انكليزية
سأنقل لكم موضوع كتبته انتقادا لمن يسجل بأسماء حوفها اجنبية
أرى من يسمى نفسه باسم اجنبى مع ان الكنيسة فى القديم أيام ازدهار الدولة الاسلامية لما وجدت بعض سباباها يتكلمون باللاتينية ثم يكملون بالعربية أصدرت قانونا بالتهديد بالحرمان من الجنة لمن يفعل مثل ذلك الفعل
أما فى زماننا أى جهة رسمية تستطيع حتى الحرمان من شئ لمن يفعل فعلهم
ولى عودة
--------------
--------------------------------------------------------------------------------
انظروا فى كتاب المروءة وخوارمها لشيخنا مشهور حسن سلمان فى الفصل الثانى (الأفعال والالعاب) الخارم رقم 47 - الرطانة بالاعجمية ينقل عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وبن تيمية وغيرهم عن معنى ما قلتل
----------------
يعنى الكنيسة معتزة بلغتها وترفض التحدث باللغة العربية نع انهم يعلمون انها لغة كتاب الله وأفضل اللغات على الاطلاق بشهاداتهم أنفسهم ولغة افضل خلق الله على الاطلاق بشهاداتهم أنفسهم ولغة أفضل القوم حضارة وتمدن فى هذا الوقت
ونحن نعلم أن اللغة الانجليزية لغة غبية كما يصفها المتخصصون ولغة أقذر خلق الله بشهادة عقلائهم ورغم ذلك نتحدث ونسمى أنفسنا بها وصدق عمر بن عبد العزيز اذ يقول (مصدقين حمقى أو مكذبين هلكى)(/)
مناقشة حوله حكم كشف الوجه بالنسبة للمرأة
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 12:20]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الاحباء بارك الله فيكم قد عرض أحد الإخواة بارك الله فيه موضوعا طلب فيه من الاخوة أن يتكلموا في حكم النظر إلى وجه المرأة من غير شهوة وقد طلب ألا يتكلم الاخوة في حكم كشف الوجه لأنها ليس المسألة التي يردها ولكن قدر الله أن يتكلم بعض الأخوة في هذه المسألة وتوسع الكلام فيها فرأيت أن ذلك تعدي على حق اخينا صاحب الموضوع فرأيت أن نفرد لهذه المناقشه التي أرجو من الله أن تكون نافعه موضوعا خاصا بها فأبدء مستعيا بالله عز وجل قائلا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وبعد:
ففي مسألة حكم كشف وجه المرأة خلاف ما بين اهل العلم مشهور ومعلوم
قال الإمام أبو حنيفه: كلها عورة إلا الوجه والكفين على تفصيل بين الجميلة وغيرها.
قال الإمام مالك والشافعي ورواية عن أحمد: كلها عورة إلا الوجه والكفين.
قال ابن حزم: إتفقوا على ان جسم المرأة وشعرها حاشا وجهها ويديها عورة، وأختلفوا في الوجه واليدين حتى الأظافر.
قال أبن هبيرة: أختلفوا في حد عورة المرأة الحرة وحدها.
ونقل الإمام علاء الدين المرداوى (صاحب كتاب الإنصاف): الصحيح من مذهب أحمد أن الوجه ليس بعورة.
فليس في المسألة إجماع كما يقال وإلا فأين أذهب بكل هؤلاء العلماء!
المذهب الاول إستحباب النقاب دون وجوبه
وإليه ذهب جمهور اهل العلم بما فيهم من الأئمة الأربعة إلا من روية للإمام احمد رحمه الله أنه واجب وهو الذي اختاره شيخ الإسلام رحمه الله وشرط أبو حنيفة امن الفتنه، وأما أدلة هذا المذهب فهى كالتالي:
الدليل الأول: قوله تعالى: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور: 31). ووجه الدلالة منها ما صح عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أنه تأول الآية ـ ما ظهر منها ـ وجهها وكفيها.
إلا ما ظهر من أبدانهن كالوجه والكفين
ما صح عن عائشة رضى الله عنها (إلا ما ظهر منها، قالت: الوجه والكفين)، وصح مثله عن ابن عمر رضى الله عنهما.
وهؤلاء هم أعلام الصحابة خاصه وفيهم ابن عباس وتفسير ابن عباس حجة
الدليل الثاني:حديث جابر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وعظ النساء قالت الرواية: فقامت امرأة سفعاء الخدين، وهو ظاهر الدلالة على عدم الوجوب بدلالة وصف الرجل لتلك المرأة بما كان في خديها من السفع يعني لم تكن تستر وجهها.
فإن قيل: لعل هذا قبل آية الحجاب.
قلت: ضع (لعل) عند هذا الكوكب وأقول أيضا لعله بعد آية الحجاب فلعل يقابلها لعل وليس هذا من الاحتمال الذي يطرد بيه دلالة النصوص فثبت العرش ثم أنقش.
فإن قيل: إن المرأة كانت كبيرة في السن لأن السفع (سواد في الخد) لا يكون إلا في الكبر.
قلت: وليس بلازم أن يكون السفع في الكبيرة، وهو احتمال لا يرد به النص والرواية تقول: (من سيطة النساء).
فإن قيل: إن هذا كان في الصلاة ولا يجب على المراة ان تستر وجهها في الصلاة.
قلت: هذا القول رد بل كان في الخطبه بدلالة إنها قامت كلمت النبي صلى الله عليه وسلم.
الدليل الثالث: وهو من أقوى الأدلة على عدم وجوب النقاب ألا وهو حد يث ابن عباس وأصله في البخاري قال: كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت امرأة من خثعم وكانت حسناء فأخذ الفضل ينظر إليها وتنظر إليه والنبي صلى الله عليه وسلم يحول وجهه عنها وفي البخاري أنها كانت في حجة الوداع و في رواية في أيام منى، وفيه دلالة ظاهرة على مشروعية إظهار الوجه والكفين بدلالة نظر الفضل إليها، وأن الإنتقاب لا يجب على الجميلة.
فإن قيل: إن المرأة كانت كبيرة.
قلت: أن في بعض الرويات كانت شابه ثم وصفها بالحسن هنا يرد هذا خاصه مع نظر الفضلإليه على تلك الصفة.
فإن قيل: إنها كانت محرمة والمحرمة لا ترتدي النقاب.
قلت: والرواية تقول أنها كانت في أيام منى وهى حلال إلا من الجماع.
فإن قيل: إن هذا كان قبل أية الجلباب.
قلت: وهذا باطل لأنه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم وهى حجة واحدة وقعت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بثمانين يوماً.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الرابع: ما صح أن امرأة دخلت تعرض نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم (فصوب النظر إليها حتى قام رجل من المؤمنين فقال انكحينها يا رسول الله)
ووجه الدلالة منه أن الراوي رآها ووصفها بأنها قامت وجلست وأن النبي صلى الله عليه وسلم نظر وصوب النظر إليها ورأه الصحاب أخر والذي يظهر أنها كانت كاشفة لوجهها.
فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاطباً فله أن ينظر.
قلت: فما بال الجلوس ألهم أن ينظروا ولها أن تكشف وجهها أمامهم وهم ليسو خطاب.
الدليل الخامس:ما أخرج البخارى وأحمد وغيرهما من حديث سبيعة بنت الحارث الأسلمية (أنها كانت تحت سعد بن خولة فتوقي عنها في حجة الوداع وكان يدريا فوضعت حملها قبل أن تنقضي أربعة أشهر من وفاته فلقيها أبو السنابل بن يعكك، حيث تعلت من نفاسها طهرت وقد اكتحلت واختضبت وتهيئت فقال: أربعى على نفسك لعلك تريدين النكاح إنما أربعة أشهر وعشراً من وفاة زوجك، قالت: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال أبو السنابل (فقال: قد حللت حين وضعت)، وفي رواية الزهري قال (مالي أراك تجملت للخطاب) وفي رواية (أنها جمعت عليها ثيابها قلت: وفية دلالة ظاهرة على أن الوجه والكفين ليس بعورة أما دلالة الحديث على اليدين فمن قوله اختضبت أما دلالة الحديث على الوجه فمن قوله ـ اكتحلت وتجملت وتهيئت).
وهى ألفاظ بمجموعها تفيد أن الوجه ليس بعورة، فيكون قوله تجملت يعنى في وجهها. وأنهم كانوا يعرفون الجمال والتهيئ لهذا المعنى وأن أصله في الوجه.
فإن قيل: إنها إنما تجملت للخطاب.
قلت: وهل يكون التجمل للخطاب الذي تقصدونه بأن تبرز وتخرج هكذا حتى يراها أبو السنابل.
الدليل السادس: ما أخرج الشيخان من حديث عبد الله بن عباس ـ أنه قال لعطاء: (ألا أريك امرأة من أهل الجنة)، قال: هذه المرأة السوداء وفيه دلالة ظاهرة على أن ستر الوجه ليس بواجب وإلا كيف وصفها بأنها سوداء وقد جاء في بعض الروايات تسميتها وهى أم ظفر.
واستدل اصحاب هذا القول بأدلة كثيرة اخرى وصلت إلى ثلاث عشر دليلا إلا انها من العمومات والمفهوم فأرى ان ما ذكرت فيه كفيه.
ملحوظه فرق بين قولنا عدم وجوب النقاب وبين القول بتحريم النقاب فنحن لا نحرم النقاب وأصحب هذا المذهب يفتون بلبس النقاب وأنا أهلي جميعهن منتقيبات فليس معنى قولي أن النقاب ليس واجب أنبي أمنع النساء من لبسه
فأرجو من أصحاب المذهب الثاني أن يأتوا بأدلتهم على مذهبهم لكي ننتفع بها ونناقش أنفسنا مع الإلتزام بأخلاق طلبة العلم خاصة السلفين وجزاكم الله خيرا
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 12:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه رسالة لفضيلة شيخنا ابن عثيمين رحمه الله.
أولا: أدلة القرآن
فمن أدلة القرآن:
* الدليل الأول: قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. (النور: 31).
وبيان دلالة هذه الاية على وجوب الحجاب على المرأة عن الرجال الأجانب وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: «العينان تزنيان وزناهما النظر». إلى أن قال: «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» (1). فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
2 ـ قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدفة فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك، أو بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة. فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه، فإذا كان جميلاً لم ينظروا إلى ما سواه نظراً ذا أهمية. ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلباً وخبراً، فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه.
3 ـ أن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها، وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى. فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
4 ـ أن الله تعالى يرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم، وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
أحدهما: أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
الثاني: أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال.
5 ـ قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}.
يعني لا تضرب المرأة برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه.
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها؟! لا يدري أشابة هي أم عجوز؟! ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء؟! أيما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟! إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء.
* الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ}. (النور: 60).
وجه الدلالة من هذه الاية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن. نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة. ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع الثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَتِ بِزِينَةٍ}. دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح؛ لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحهم إياها ونحو ذلك، ومن سوى هذه نادرة والنادر لا حكم له.
* الدليل الثالث: قوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}. (الأحزاب: 59).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة» (2). وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله رضي الله عنه «ويبدين عيناً واحدة» إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين.
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الاية: «خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها» (3). وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق.
* الدليل الرابع: قوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْواَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً}. (الأحزاب: 55).
قال ابن كثير رحمه الله: لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ}. الاية.
فهذه أربعة أدلة من القرآن الكريم تفيد وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب، والاية الأولى تضمنت الدلالة عن ذلك من خمسة أوجه.
وأما أدلة السنة فمنها:
الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم» (4). رواه أحمد.
قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح. وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلّم، نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة إذا نظر من مخطوبته بشرط أن يكون نظره للخطبة، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع به نحو ذلك.
فإن قيل: ليس في الحديث بيان ما ينظر إليه. فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر فالجواب أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه وما سواه تبع لا يقصد غالباً. فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب.
الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «لتلبسها أختها من جلبابها» (5). رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج. ولذلك ذكرن رضي الله عنهن هذا المانع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، حينما أمرهن بالخروج إلى مصلى العيد فبين النبي صلى الله عليه وسلّم، لهن حل هذا الإشكال بأن تلبسها أختها من جلبابها ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج إلى مصلى العيد مشروع مأمور به للرجال والنساء، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب فيما هو مأمور به فكيف يرخص لهن في ترك الجلباب لخروج غير مأمور به ولا محتاج إليه؟! بل هو التجول في الأسواق والاختلاط بالرجال والتفرج الذي لا فائدة منه. وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الثالث: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس (6). وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها. وقد روى نحو هذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. والدلالة في هذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقاً وآداباً، وأكملها إيماناً، وأصلحها عملاً فهم القدوة الذين رضي الله عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. (التوبة: 100). فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي في اتباعها بإحسان رضى الله تعالى عمن سلكها واتبعها، وقد قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}. (النساء: 115).
الثاني: أن عائشة أم المؤمنين وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة في دين الله ونصحاً لعباد الله أخبرا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد، وهذا في زمان القرون المفضلة تغيرت الحال عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم، إلى حد يقتضي منعهن من المساجد. فكيف بزماننا هذا بعد نحو ثلاثة عشر قرناً وقد اتسع الأمر وقل الحياء وضعف الدين في قلوب كثير من الناس؟!
وعائشة وابن مسعود رضي الله عنهما فهما ما شهدت به نصوص الشريعة الكاملة من أن كل أمر يترتب عليه محذور فهو محظور.
الدليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». فقالت أم سلمة فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخينه شبراً». قالت إذن تنكشف أقدامهن. قال: «يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه» (7). ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه.
الدليل الخامس: قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه». رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي (8). وجه الدلالة من هذا الحديث أنه يقتضي أن كشف السيدة وجهها لعبدها جائز مادام في ملكها فإذا خرج منه وجب عليها الاحتجاب لأنه صار أجنبياً فدل على وجوب احتجاب المرأة عن الرجل الأجنبي.
الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. (9) فإذا جاوزونا كشفناه»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. ففي قولها: «فإذا جاوزونا» تعني الركبان «سدلت إحدانا جلبابها على وجهها» دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفاً. وبيان ذلك أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرها أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن. فهذه ستة أدلة من السنة على وجوب احتجاب المرأة وتغطية وجهها عن الرجال الأجانب أضف إليها أدلة
(يُتْبَعُ)
(/)
القرآن الأربعة تكن عشرة أدلة من الكتاب والسنة.
الدليل الحادي عشر: الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها. فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مفسدته فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب. وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو نهي تحريم أو نهي تنزيه. وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة وإن قدر فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد. فمن مفاسده:
1 ـ الفتنة، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد.
2 ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء. «أحيا من العذراء في خدرها»، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
3 ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة في كثير من السافرات وقد قيل «نظرة فسلام، فكلام، فموعد فلقاء».
والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فكم من كلام وضحك وفرح أوجب تعلق قلب الرجل بالمرأة، وقلب المرأة بالرجل فحصل بذلك من الشر ما لا يمكن دفعه نسأل الله السلامة.
4 ـ اختلاط النساء بالرجال، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلّم، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق. عليكن بحافات الطريق» (10). فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقها. ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ}.
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب، فقال في الفتاوى المطبوعة أخيراً ص 110 ج 2 من الفقه و22 من المجموع: (وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، ويجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوات المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره. ثم لما أنزل الله آية الحجاب بقوله: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} (حجب النساء عن الرجال). ثم قال: (والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها، ثم يقال: فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلى الثياب الظاهرة فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين) إلى أن قال: (وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدي إلا الثياب). وفي ص 117، 118 من الجزء المذكور (وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم) وفي ص 152 من هذا الجزء قال: (وأصل هذا أن تعلم أن الشارع له مقصودان: أحدهما الفرق بين الرجال والنساء. الثاني: احتجاب النساء). هذا كلام شيخ الإسلام، وأما كلام غيره من فقهاء أصحاب الإمام أحمد فأذكر المذهب عند المتأخرين قال في المنتهى (ويحرم نظر خصي ومجبوب إلى أجنبية) وفي موضع آخر من الإقناع (ولا يجوز النظر إلى الحرة الأجنبية قصداً ويحرم نظر شعرها) وقال في متن الدليل: (والنظر ثمانية أقسام ... ).
الأول: نظر الرجل البالغ ولو مجبوباً للحرة البالغة الأجنبية لغير حاجة فلا يجوز له نظر شيء منها حتى شعرها المتصل أ. هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما كلام الشافعية فقالوا إن كان النظر لشهوة أو خيفت الفتنة به فحرام قطعاً بلا خلاف، وإن كان النظر بلا شهوة ولا خوف فتنة ففيه قولان حكاهما في شرح الإقناع لهم وقال: (الصحيح يحرم كما في المنهاج كأصله ووجه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة للفتنة ومحرك للشهوة).
وقد قال الله تعالى: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَرِهِمْ}. واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال ا. هـ. كلامه. وفي نيل الأوطار وشرح المنتقى (ذكر اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لاسيما عند كثرة الفساق).
رابعاً أدلة المبيحين لكشف الوجه
ولا أعلم لمن أجاز نظر الوجه والكفين من الأجنبية دليلاً من الكتاب والسنة سوى ما يأتي:
الأول: قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: «هي وجهها وكفاها والخاتم». قال الأعمش عن سعيد بن جبير عنه. وتفسير الصحابي حجة كما تقدم.
الثاني: ما رواه أبو داود في «سننه» عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا». وأشار إلى وجهه وكفيه (11).
الثالث: ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أخاه الفضل كان رديفاً للنبي صلى الله عليه وسلّم، في حجة الوداع فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم، يصرف وجه الفضل إلى الشق الاخر، (12) ففي هذا دليل على أن هذه المرأة كاشفة وجهها.
الرابع: ما أخرجه البخاري وغيره من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم، بالناس صلاة العيد ثم وعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال: «يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم». فقامت امرأة من سطة النساء سعفاء الخدين. الحديث، (13) ولولا أن وجهها مكشوفاً ما عرف أنها سعفاء الخدين.
هذا ما أعرفه من الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على جواز كشف الوجه للأجانب من المرأة.
خامساً: الجواب عن هذه الأدلة.
ولكن هذه الأدلة لا تعارض ما سبق من أدلة وجوب ستره وذلك لوجهين:
أحدهما: أن أدلة وجوب ستره ناقلة عن الأصل، وأدلة جواز كشفه مبقية على الأصل، والناقل عن الأصل مقدم كما هو معروف عند الأصوليين. وذلك لأن الأصل بقاء الشيء على ما كان عليه. فإذا وجد الدليل الناقل عن الأصل دل ذلك على طروء الحكم على الأصل وتغييره له. ولذلك نقول إن مع الناقل زيادة علم. وهو إثبات تغيير الحكم الأصلي والمثبت مقدم على النافي. وهذا الوجه إجمالي ثابت حتى على تقدير تكافؤ الأدلة ثبوتاً ودلالة.
الثاني: إننا إذا تأملنا أدلة جواز كشفه وجدناها لا تكافىء أدلة المنع ويتضح ذلك بالجواب عن كل واحد منها بما يلي:
1 ـ عن تفسير ابن عباس ثلاثة أوجه:
أحدهما: محتمل أن مراده أول الأمرين قبل نزول آية الحجاب كما ذكره شيخ الإسلام ونقلنا كلامه آنفاً.
الثاني: يحتمل أن مراده الزينة التي نهى عن إبدائها كما ذكره ابن كثير في تفسيره ويؤيد هذين الاحتمالين تفسيره رضي الله عنه لقوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}. كما سبق في الدليل الثالث من أدلة القرآن.
الثالث: إذا لم نسلم أن مراده أحد هذين الاحتمالين فإن تفسيره لا يكون حجة يجب قبولها إلا إذا لم يعارضه صحابي آخر. فإن عارضه صحابي آخر أخذ بما ترجحه الأدلة الأخرى، وابن عباس رضي الله عنهما قد عارض تفسيره ابن مسعود رضي الله عنه حيث فسر قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}. بالرداء والثياب وما لابد من ظهوره فوجب طلب الترجيح والعمل بما كان راجحاً في تفسيريهما.
2 ـ وعن حديث عائشة بأنه ضعيف من وجهين:
أحدهما: الانقطاع بين عائشة وخالد بن دريك الذي رواه عنها كما أعله بذلك أبو داود نفسه حيث قال: خالد بن دريك لم يسمع من عائشة وكذلك أعله أبو حاتم الرازي.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن في إسناده سعيد بن بشير النصري نزيل دمشق تركه ابن مهدي، وضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي وعلى هذا فالحديث ضعيف لا يقاوم ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الحجاب. وأيضاً فإن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كان لها حين هجرة النبي صلى الله عليه وسلّم، سبع وعشرون سنة. فهي كبيرة السن فيبعد أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلّم، وعليها ثياب رقاق تصف منها ما سوى الوجه والكفين والله أعلم، ثم على تقدير الصحة يحمل على ما قبل الحجاب لأن نصوص الحجاب ناقلة عن الأصل فتقدم عليه.
3 ـ وعن حديث ابن عباس بأنه لا دليل فيه على جواز النظر إلى الأجنبية لأن النبي صلى الله عليه وسلّم، لم يقر الفضل على ذلك بل حرف وجهه إلى الشق الاخر ولذلك ذكر النووي في شرح صحيح مسلم بأن من فوائد هذا الحديث تحريم نظر الأجنبية، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في فوائد هذا الحديث: وفيه منع النظر إلى الأجنبيات وغض البصر، قال عياض وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة قال: وعندي أن فعله صلى الله عليه وسلّم، إذا غطى وجه الفضل كما في الرواية. فإن قيل: فلماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلّم، المرأة بتغطية وجهها فالجواب أن الظاهر أنها كانت محرمة والمشروع في حقها أن لا تغطي وجهها إذا لم يكن أحد ينظر إليها من الأجانب، أو يقال لعل النبي صلى الله عليه وسلّم، أمرها بعد ذلك. فإن عدم نقل أمره بذلك لا يدل على عدم الأمر. إذ عدم النقل ليس نقلاً للعدم. وروى مسلم وأبو داود عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عن نظرة الفجاءة فقال: «اصرف بصرك» أو قال: فأمرني أن أصرف بصري (14).
4 ـ وعن حديث جابر بأن لم يذكر متى كان ذلك فإما أن تكون هذه المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً فكشف وجهها مباح، ولا يمنع وجوب الحجاب على غيرها، أو يكون قبل نزول آية الحجاب فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة، وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة.
واعلم أننا إنما بسطنا الكلام في ذلك لحاجة الناس إلى معرفة الحكم في هذه المسألة الاجتماعية الكبيرة التي تناولها كثير ممن يريدون السفور. فلم يعطوها حقها من البحث والنظر، مع أن الواجب على كل باحث يتحرى العدل والإنصاف وأن لا يتكلم قبل أن يتعلم. وأن يقف بين أدلة الخلاف موقف الحاكم من الخصمين فينظر بعين العدل، ويحكم بطريق العلم، فلا يرجح أحد الطرفين بلا مرجح، بل ينظر في الأدلة من جميع النواحي، ولا يحمله اعتقاد أحد القولين على المبالغة والغلو في إثبات حججه والتقصير والإهمال لأدلة خصمه. ولذلك قال العلماء: «ينبغي أن يستدل قبل أن يعتقد» ليكون اعتقاده تابعاً للدليل لا متبوعاً له؛ لأن من اعتقد قبل أن يستدل قد يحمله اعتقاده على رد النصوص المخالفة لاعتقاده أو تحريفها إذا لم يمكنه ردها. ولقد رأينا ورأى غيرنا ضرر استتباع الاستدلال للاعتقاد حيث حمل صاحبه على تصحيح أحاديث ضعيفة. أو تحميل نصوص صحيحة ما لا تتحمله من الدلالة تثبيتاً لقوله واحتجاجاً له. فلقد قرأت مقالاً لكاتب حول عدم وجوب الحجاب احتج بحديث عائشة الذي رواه أبو داود في قصة دخول أسماء بنت أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله لها: «إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا». وأشار إلى وجهه وكفيه وذكر هذا الكاتب أنه حديث صحيح متفق عليه، وأن العلماء متفقون على صحته، والأمر ليس كذلك أيضاً وكيف يتفقون على صحته وأبو داود راويه أعله بالإرسال، وأحد رواته ضعفه الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث، ولكن التعصب والجهل يحمل صاحبه على البلاء والهلاك. قال ابن القيم:
وتعر من ثوبين من يلبسهما يلقى الردى بمذلة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحل بالانصاف أفخر حلة زينت بها الأعطاف والكتفان
وليحذر الكاتب والمؤلف من التقصير في طلب الأدلة وتمحيصها والتسرع إلى القول بلا علم فيكون ممن قال الله فيهم: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ}. (الأنعام: 144).
(يُتْبَعُ)
(/)
أو يجمع بين التقصير في طلب الدليل والتكذيب بما قام عليه الدليل فيكون منه شر على شر ويدخل في قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَفِرِينَ}. (الزمر: 32).
نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقّاً ويوفقنا لاتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويوفقنا لاجتنابه ويهدينا صراطه المستقيم إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه أجمعين.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 06:48]ـ
السلام عليكم
كنت فعلا اود طرح هذا الموضوع، فسبقني إليه أخونا أبو زياد، فجزاه الله خيرا، وقد طرح ادلة الفريقين، مرجحا القول بجواز الكشف، فأثرى أخونا بندر النقاش بنقل كلام شيخي ابن عثيمين في المسألة، فاحببت التعليق على كلامه،لقناعتي برجحان قول جماهير اهل العلم بالجواز، وعلى رأسهم ابو حنيفة ومالك والشافعي واحمد كما قرر ذلك المرداوي في الإنصاف، فأقول وبالله التوفيق:
أولا: أدلة القرآن
فمن أدلة القرآن:
* الدليل الأول: قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. (النور: 31).
وبيان دلالة هذه الاية على وجوب الحجاب على المرأة عن الرجال الأجانب وجوه:
1 ـ أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: «العينان تزنيان وزناهما النظر». إلى أن قال: «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» (1). فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
قلت: هذا الكلام يصح لولم تكن هذه الوسيلة في عهد النبوة،أما وهذه الوسيلة كانت متاحة، فالخلاف بيننا هل الشارع امر بها ام لم يامر، فنحن ندعي أن الشارع لم يأمر بها، وإنامر فاستحبابا لا وجوبا، وغيرنا يرى عكس ذلك، فلا حجة لنا ولا للمخالف في هذا الاستدلال.
ـ قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدفة فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك،
قلت: هذه غفلة من الشيخ _رحمه الله_،فما كان الخمار في لغة ولا في شرع مغطيا للوجه، ومن رجع إلى أي قاموس وجد انه غطاء الرأس، ومن استقرأ نصوص الشريعة عرف ذلك، ألا ترى إلى قول المصطفى: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)،فهل المخالف يرى وجوب ستر المراة لوجهها في الصلاة؟
وهل ما صح عن ام سلمة من أنها كانت تمسح على الخمار يقصد به ما غطت وجهها؟
أو بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة. فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه، فإذا كان جميلاً لم ينظروا إلى ما سواه نظراً ذا أهمية. ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلباً وخبراً، فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه.
قلت هذا قياس في مقابل النص، بل النصوص فلا يعتبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 ـ أن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها، وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى. فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
قلت: هذا لم يفهمه السلف من الآية، فمنهم من قال:الوجه والكفان، ومنهم من قال: الخاتم والكحل والأصباغ، قال الإمام ابن جرير: (وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك الوجه والكفين، ويدخل في ذلك _إذا كان كذلك_الكحل والخاتم والسوار والخضاب).
4 ـ أن الله تعالى يرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم، وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
أحدهما: أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
هذا لاخلاف فيه، لكن نحن نقول الوجه والكفان من الظاهرة والشيخ يراها من الباطنة، والسلف حجة بيننا وبينه، وقد استقرئنا سيرهم فوجدنا نساء الصحابة يعددم ذلك من الزينة الظاهرة.
الثاني: أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال.
لااجتهاد مع النص.
5 ـ قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}.
يعني لا تضرب المرأة برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه.
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها؟! لا يدري أشابة هي أم عجوز؟! ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء؟! أيما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟! إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء.
مع أن هذا كله من القياس المخالف للنص، فإنا نقر بأن الوجه أشد فتنة، إلا ان الشارع تجاوز عن فتنته، مراعاة لمصالح الكشف، من التعرف على الناس، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، وغير ذلك.
* الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ}. (النور: 60).
وجه الدلالة من هذه الاية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن. نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة. ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع الثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
معنى الآية لا يجوز للقاعدة ان تظهر وجهها وكفيها فقط، بل أن تضع الجلباب أيضا، وان ترتدي من الأثواب ما لو لبسته الشابة لتبرجت، وهذا ما رجحه كثير من المحققين كابن القطان الفاسي في كتابه الماتع (أحكام النظر).
وفي قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَتِ بِزِينَةٍ}. دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح؛ لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحهم إياها ونحو ذلك، ومن سوى هذه نادرة والنادر لا حكم له.
(يُتْبَعُ)
(/)
المقصود الزينة المحرمة لا المباحة.
* الدليل الثالث: قوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}. (الأحزاب: 59).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة» (2). وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله رضي الله عنه «ويبدين عيناً واحدة» إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين.
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الاية: «خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها» (3). وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق.
الروايات في تفسير الإدناء كثيرة، ففي بعضها:لا يبدين إلا عينا واحدة، وفي بعضها:الثياب، وفي بعضها: الوجه والكفان، وفي بعضها: يشددن جلابيبهن على جباهن، بل أصح الروايات عن ابن عباس في ذلك قوله: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به. فمع هذا ليس قول بعض الصحابة بأولى من بعض، مع ان اللغة تدعم قول من قال بالجواز، لأن الإدناء في اللغة التقريب.
* الدليل الرابع: قوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْواَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً}. (الأحزاب: 55).
قال ابن كثير رحمه الله: لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ}. الاية.
فيما زاد عن الوجه والكفين مما يحل إظهاره للمحارم، كالشعر والساقين والذراعين.
فهذه أربعة أدلة من القرآن الكريم تفيد وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب، والاية الأولى تضمنت الدلالة عن ذلك من خمسة أوجه.
للاسف، ولا واحد منها دل على ذلك،لا بالنص ولا بالظهور.
وأما أدلة السنة فمنها:
الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم» (4). رواه أحمد.
قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح. وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلّم، نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة إذا نظر من مخطوبته بشرط أن يكون نظره للخطبة، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع به نحو ذلك.
فإن قيل: ليس في الحديث بيان ما ينظر إليه. فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر فالجواب أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه وما سواه تبع لا يقصد غالباً. فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب.
المقصود مازاد على الوجه والكفين عند من يرى ذلك من الحنابلة وغيرهم، اي ماجرت عادة المراة بإظهاره في البيت وعند المحارم، أو المقصود النظر بشهوة عند من لا يجوز إلا الوجه والكفين. وإيجاب المباح لا يكون بهذه الأدلة التي لا يثبت سندها، ولا صراحة في مدلولها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «لتلبسها أختها من جلبابها» (5). رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج. ولذلك ذكرن رضي الله عنهن هذا المانع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، حينما أمرهن بالخروج إلى مصلى العيد فبين النبي صلى الله عليه وسلّم، لهن حل هذا الإشكال بأن تلبسها أختها من جلبابها ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج إلى مصلى العيد مشروع مأمور به للرجال والنساء، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب فيما هو مأمور به فكيف يرخص لهن في ترك الجلباب لخروج غير مأمور به ولا محتاج إليه؟! بل هو التجول في الأسواق والاختلاط بالرجال والتفرج الذي لا فائدة منه. وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر. والله أعلم.
هذا لا خلاف فيه، لكن الجلباب لا يشمل الوجه والكفين.
الدليل الثالث: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس (6). وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها. وقد روى نحو هذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. والدلالة في هذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقاً وآداباً، وأكملها إيماناً، وأصلحها عملاً فهم القدوة الذين رضي الله عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. (التوبة: 100). فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي في اتباعها بإحسان رضى الله تعالى عمن سلكها واتبعها، وقد قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}. (النساء: 115).
الثاني: أن عائشة أم المؤمنين وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة في دين الله ونصحاً لعباد الله أخبرا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد، وهذا في زمان القرون المفضلة تغيرت الحال عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم، إلى حد يقتضي منعهن من المساجد. فكيف بزماننا هذا بعد نحو ثلاثة عشر قرناً وقد اتسع الأمر وقل الحياء وضعف الدين في قلوب كثير من الناس؟!
وعائشة وابن مسعود رضي الله عنهما فهما ما شهدت به نصوص الشريعة الكاملة من أن كل أمر يترتب عليه محذور فهو محظور.
كل هذا يدل على الترغيب في الستر والحجاب وملازملا الحياء، لكن أين وجوب ستر الوجه والكفين في كل هذا، لا أرى لذلك أثرا.
الدليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». فقالت أم سلمة فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخينه شبراً». قالت إذن تنكشف أقدامهن. قال: «يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه» (7). ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه.
هذا إن دل على شيء فهو على وجوب ستر القدمين، فأين الوجه والكفان.
أما استعمال قياس الاولى فهو في مقابل النص.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الخامس: قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه». رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي (8). وجه الدلالة من هذا الحديث أنه يقتضي أن كشف السيدة وجهها لعبدها جائز مادام في ملكها فإذا خرج منه وجب عليها الاحتجاب لأنه صار أجنبياً فدل على وجوب احتجاب المرأة عن الرجل الأجنبي.
لا نخالف في هذا، فيجب عليها ان تحتجب منه فيما عدا الوجه والكفين، لأنه كان يرى منها اكثر من ذلك.
الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. (9) فإذا جاوزونا كشفناه»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. ففي قولها: «فإذا جاوزونا» تعني الركبان «سدلت إحدانا جلبابها على وجهها» دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفاً. وبيان ذلك أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرها أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.
الاستدلال بحديث عائشة لا محل له، لأنها من امهات المومنين، وهن مأمورات بالاحتجاب إجماعا، أما غيرهن فمحل خلاف.
أما الاستدلال بالنهي عن انتقاب المحرمة فغاية ما يفيده أن هذا الامر كان معروف في ذلك الوقت، ولا دلالة على وجوبه أو استحبابه.
أضف إليها أدلة القرآن فهذه ستة أدلة من السنة على وجوب احتجاب المرأة وتغطية وجهها عن الرجال الأجانبالأربعة تكن عشرة أدلة من الكتاب والسنة.
الإيجاب نقل للحكم من البراءة الأصلية إلى شغل ذمة المكلف، فلا بد في ذلك من دليل صحيح صريح، وقد ظهر أن كل الادلة السابقة ليس فيها ما يدل على صراحة على ذلك، بل إما ضعيفة، او صحيحة لا دلالة فيها.
الدليل الحادي عشر: الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها. فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مفسدته فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب. وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو نهي تحريم أو نهي تنزيه. وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة وإن قدر فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد. فمن مفاسده:
1 ـ الفتنة، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد.
2 ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء. «أحيا من العذراء في خدرها»، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
3 ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة في كثير من السافرات وقد قيل «نظرة فسلام، فكلام، فموعد فلقاء».
والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فكم من كلام وضحك وفرح أوجب تعلق قلب الرجل بالمرأة، وقلب المرأة بالرجل فحصل بذلك من الشر ما لا يمكن دفعه نسأل الله السلامة.
4 ـ اختلاط النساء بالرجال، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلّم، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق. عليكن بحافات الطريق» (10). فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقها. ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ}.
كل هذا قد عرفه الشارع، ومع ذلك فقد دلت النصوص على جواز الكشف، وعلى الطرق التي تدرأبها هذه المفاسد من غض البصر ومنع الاختلاط المحرم .........
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا أعلم لمن أجاز نظر الوجه والكفين من الأجنبية دليلاً من الكتاب والسنة سوى ما يأتي
هذا تقصير من الشيخ _رحمه الله_في استقصاء أدلة المخالف، وإلا فهي أكثر من ذلك واصرح دلالة مما نقله، وإلا اين حديث العارضة نفسها، وحديث المرأة السوداء وحديث سبيعة الاسلمية، وحديث ذات الوشم، وحديث فاطمة بنت قيس ......
ولكن هذه الأدلة لا تعارض ما سبق من أدلة وجوب ستره وذلك لوجهين:
أحدهما: أن أدلة وجوب ستره ناقلة عن الأصل، وأدلة جواز كشفه مبقية على الأصل، والناقل عن الأصل مقدم كما هو معروف عند الأصوليين. وذلك لأن الأصل بقاء الشيء على ما كان عليه. فإذا وجد الدليل الناقل عن الأصل دل ذلك على طروء الحكم على الأصل وتغييره له. ولذلك نقول إن مع الناقل زيادة علم. وهو إثبات تغيير الحكم الأصلي والمثبت مقدم على النافي. وهذا الوجه إجمالي ثابت حتى على تقدير تكافؤ الأدلة ثبوتاً ودلالة.
لكن هذا النقل لابد له من ادلة صحيحة صريحة، وإلا فالأصل البراءة، ولم نر فيما ذكره الشيخ دليلا صحيحا أو صريحا.
الثاني: إننا إذا تأملنا أدلة جواز كشفه وجدناها لا تكافىء أدلة المنع ويتضح ذلك بالجواب عن كل واحد منها بما يلي:
1ـ عن تفسير ابن عباس ثلاثة أوجه:
أحدهما: محتمل أن مراده أول الأمرين قبل نزول آية الحجاب كما ذكره شيخ الإسلام ونقلنا كلامه آنفاً.
الثاني: يحتمل أن مراده الزينة التي نهى عن إبدائها كما ذكره ابن كثير في تفسيره ويؤيد هذين الاحتمالين تفسيره رضي الله عنه لقوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}. كما سبق في الدليل الثالث من أدلة القرآن.
الثالث: إذا لم نسلم أن مراده أحد هذين الاحتمالين فإن تفسيره لا يكون حجة يجب قبولها إلا إذا لم يعارضه صحابي آخر. فإن عارضه صحابي آخر أخذ بما ترجحه الأدلة الأخرى، وابن عباس رضي الله عنهما قد عارض تفسيره ابن مسعود رضي الله عنه حيث فسر قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}. بالرداء والثياب وما لابد من ظهوره فوجب طلب الترجيح والعمل بما كان راجحاً في تفسيريهما.
لاحجة فيه لأحد، لتعارض الروايات.
2 ـ وعن حديث عائشة بأنه ضعيف من وجهين:
أحدهما: الانقطاع بين عائشة وخالد بن دريك الذي رواه عنها كما أعله بذلك أبو داود نفسه حيث قال: خالد بن دريك لم يسمع من عائشة وكذلك أعله أبو حاتم الرازي.
الثاني: أن في إسناده سعيد بن بشير النصري نزيل دمشق تركه ابن مهدي، وضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي وعلى هذا فالحديث ضعيف لا يقاوم ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الحجاب. وأيضاً فإن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كان لها حين هجرة النبي صلى الله عليه وسلّم، سبع وعشرون سنة. فهي كبيرة السن فيبعد أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلّم، وعليها ثياب رقاق تصف منها ما سوى الوجه والكفين والله أعلم، ثم على تقدير الصحة يحمل على ما قبل الحجاب لأن نصوص الحجاب ناقلة عن الأصل فتقدم عليه.
لا أريد الدخول في غمار المباحث الحديثية المتعلقة بهذا الحديث، وإن كان الراجح عندي صحته، لكن ختى على القول بعدم صحته أين الدليل على الإيجاب.
3 ـ وعن حديث ابن عباس بأنه لا دليل فيه على جواز النظر إلى الأجنبية لأن النبي صلى الله عليه وسلّم، لم يقر الفضل على ذلك بل حرف وجهه إلى الشق الاخر ولذلك ذكر النووي في شرح صحيح مسلم بأن من فوائد هذا الحديث تحريم نظر الأجنبية، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في فوائد هذا الحديث: وفيه منع النظر إلى الأجنبيات وغض البصر، قال عياض وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة قال: وعندي أن فعله صلى الله عليه وسلّم، إذا غطى وجه الفضل كما في الرواية. فإن قيل: فلماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلّم، المرأة بتغطية وجهها فالجواب أن الظاهر أنها كانت محرمة والمشروع في حقها أن لا تغطي وجهها إذا لم يكن أحد ينظر إليها من الأجانب، أو يقال لعل النبي صلى الله عليه وسلّم، أمرها بعد ذلك. فإن عدم نقل أمره بذلك لا يدل على عدم الأمر. إذ عدم النقل ليس نقلاً للعدم. وروى مسلم وأبو داود عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عن نظرة الفجاءة فقال: «اصرف بصرك» أو قال: فأمرني أن أصرف بصري (14).
فعلا، لو كان ستر الوجه واجبا فلم لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الخثعمية كشف وجهها؟
أما الادعاء بان هذا كان قبل الإحرام فيحتاج إلى دليل، فكيف وقد قام الدليل على نقيض ذلك وعكسه، فقد جاء في بعض روايات الحديث أن ذلك كان في ايام منى، والانتقاب غير ممنوع في هذه الحال.
ثم إذا كان ستر الوجه واجبا وسلمنا بانها كانت محرمة فلم لم يامرها بان تسدل ثوبا على وجهها كما كانت تفعل عائشة؟
4 ـ وعن حديث جابر بأن لم يذكر متى كان ذلك فإما أن تكون هذه المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً فكشف وجهها مباح، ولا يمنع وجوب الحجاب على غيرها، أو يكون قبل نزول آية الحجاب فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة، وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة.
مالدليل على كل هذه الاحتمالات؟ لايوجد سوى ان الحديث خرج على خلاف مذهب الشيخ،فاخذ يتلمس له التأويلات والتخمينات، ونحن مع الأحذ بظاهر النص حتى يرد ما يمنع ذلك، ولا مانع.
هذا نهاية التعقيب على تقريرات شيخي ابن عثيمين_رحمه الله_،وخلاصته انه لا يثبت في كتاب الله ولا سنة رسوله، دليل صحيح صريح على الإيجاب، فالأصل براءة الذمة، ولهذا كان هذا القول مذهب جماهير أهل العلم وفتوى سوادهم.
وفقكم الله تعالى لكل خير، وارجو ان يتحلى الحوار بالأدب و الاحترام والذوق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 11:55]ـ
مع أن هذا كله من القياس المخالف للنص، فإنا نقر بأن الوجه أشد فتنة،إلا ان الشارع تجاوز عن فتنته، مراعاة لمصالح الكشف، من التعرف على الناس، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، وغير ذلك.
*
جزاك الله خيراً - ولكن سامحني أنا لا أقرك على إقرارك بأن الوجه أشد فتنة - ولست أدري من الذي ابتدأ هذا القول فتابعه عليه الناس من غير تثبت لمعناه ولا تفكير فيه.
هل الوجه أشد فتنة من ساقي المراة أو كتفها أو صدرها؟؟؟
إنا لنجد المرأة غاية في القبح ثم الناس يتبعونها أبصارهم إن هي كشفت عن ساقيها او شيء من صدرها، أكثر من المرأة الجميلة الوجه والتي قد سترت جسدها كما امر الله، فكيف يكون الوجه أشد فتنة؟!
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 02:13]ـ
إخواني الاعزاء بارك الله فيكم جميعا هكذا ينبغي أن يكون النقاش وإلا فلا جزاكم الله خيرا وأرجو أن يسير النقاش على هذا النحو من عدم التعصب ولا الحمية ومن التحلي بالأدب والخلق الرفيع ولكن أخي الحبيب بندر جزاك الله خيرا ما كنت أحب أت تدخل العلماء الكبرا بيننا، يعني انت الأن أو قعتنا في حرج عظيم كيف بعد أن تذكر أن هذا كلام الشيخ ابن عثيمين كيف بعد ذلك نرد على الكلام كنت احب أن يكون نقاشا بين طلبة العلم لكن انت جزاك الله خيرا نطحت برأس عظيمه ولكن إن اردت ذلك فسأنطح برأس عظيمة أيضا ألا وهي رأس الشيخ الالباني ولكن أحب أن يكون النقاش بين طلبة العلم
أرجو تلبيت طلبي وجزاكم الله خيرا
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 02:42]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب أبا زياد لعله من الاحسن أن يستمر خصوصا" بعد تعليقك على أدلة الذين لا يجيزون الكشف ومع التحلي بالخلق الحسن والأدب لا يمنع أن تناقش أقوال العلماء كما هو حاصل لغيرهم.
أولا: أدلة القرآن
فمن أدلة القرآن:
* الدليل الأول: قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. (النور: 31).
وبيان دلالة هذه الاية على وجوب الحجاب على المرأة عن الرجال الأجانب وجوه:
1 ـ أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: «العينان تزنيان وزناهما النظر». إلى أن قال: «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» (1). فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. قلت: هذا الكلام يصح لولم تكن هذه الوسيلة في عهد النبوة،أما وهذه الوسيلة كانت متاحة، فالخلاف بيننا هل الشارع امر بها ام لم يامر، فنحن ندعي أن الشارع لم يأمر بها، وإنامر فاستحبابا لا وجوبا، وغيرنا يرى عكس ذلك، فلا حجة لنا ولا للمخالف في هذا الاستدلال.
هذه لا يحتاج أن نجيب عنه لأنه قاعدة متفق عليها وهي الوسائل لها أحكام المقاصد وليس هناك فرقا" بين أن توجد الوسيلة في عهد النبوة أو لا توجد.
اقتباس:
ـ قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدفة فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك،
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هذه غفلة من الشيخ _رحمه الله_،فما كان الخمار في لغة ولا في شرع مغطيا للوجه، ومن رجع إلى أي قاموس وجد انه غطاء الرأس، ومن استقرأ نصوص الشريعة عرف ذلك، ألا ترى إلى قول المصطفى: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)،فهل المخالف يرى وجوب ستر المراة لوجهها في الصلاة؟
وهل ما صح عن ام سلمة من أنها كانت تمسح على الخمار يقصد به ما غطت وجهها؟
أليس من الآئق أن تبحث عن عبارة أحسن من هذه للرد على شيخك ثم انظر جيدا" ماذا قال الشيخ قال فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به واستدل الشيخ بالازم.
اقتباس:
و بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة. فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه، فإذا كان جميلاً لم ينظروا إلى ما سواه نظراً ذا أهمية. ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلباً وخبراً، فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه. قلت هذا قياس في مقابل النص، بل النصوص فلا يعتبر.
هذا ليس في مقابل النص بل النصوص تؤيد ذلك.
اقتباس:
ـ أن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها، وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى. فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
قلت: هذا لم يفهمه السلف من الآية، فمنهم من قال:الوجه والكفان، ومنهم من قال: الخاتم والكحل والأصباغ، قال الإمام ابن جرير: (وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بذلك الوجه والكفين، ويدخل في ذلك _إذا كان كذلك_الكحل والخاتم والسوار والخضاب).
قال ابن كثير في تفسيره: قال أبو إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله قال في قوله: {ولا يبدين زينتهن}: الزينة القرط والدملج والخلخال والقلادة. وفي رواية عنه بهذا الإسناد قال: الزينة زينتان: فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب.
اقتباس:
ـ أن الله تعالى يرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم، وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
أحدهما: أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
هذا لاخلاف فيه، لكن نحن نقول الوجه والكفان من الظاهرة والشيخ يراها من الباطنة، والسلف حجة بيننا وبينه، وقد استقرئنا سيرهم فوجدنا نساء الصحابة يعددم ذلك من الزينة الظاهرة.
ممكن تنقل لنا النصوص بل ورد عن ابن مسعود خلاف ماتقول.
اقتباس:
لثاني: أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال.
لااجتهاد مع النص.
هذا أجتهاد يؤيده النص
اقتباس:
ـ قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}.
يعني لا تضرب المرأة برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه.
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها؟! لا يدري أشابة هي أم عجوز؟! ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء؟! أيما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟! إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء.
مع أن هذا كله من القياس المخالف للنص، فإنا نقر بأن الوجه أشد فتنة، إلا ان الشارع تجاوز عن فتنته، مراعاة لمصالح الكشف، من التعرف على الناس، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، وغير ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذ جوابه كما في الذي قبله وأين المصالح التي تقول بل هي من الأختلاط الذي حذر منه الشارع.
اقتباس:
الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ}. (النور: 60).
وجه الدلالة من هذه الاية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن. نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة. ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع الثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
معنى الآية لا يجوز للقاعدة ان تظهر وجهها وكفيها فقط، بل أن تضع الجلباب أيضا، وان ترتدي من الأثواب ما لو لبسته الشابة لتبرجت، وهذا ما رجحه كثير من المحققين كابن القطان الفاسي في كتابه الماتع (أحكام النظر).
ما هي الزينة التي نهى الله عنه في الآية قال ابن مسعود في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} قال: الجلباب، أو الرداء: وكذا رُوي عن ابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء وإبراهيم النَّخَعِيّ، والحسن، وقتادة، والزهري، والأوزاعي، وغيرهم.
وقال أبو صالح: تضع الجلباب، وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار.
وقال سعيد بن جبير وغيره، في قراءة عبد الله بن مسعود: "أن يضعن من ثيابهن" وهو الجلباب من فوق الخمار فلا بأس أن يضعن عند غريب أو غيره، بعد أن يكون عليها خمار صفيق.
وقال سعيد بن جبير: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} يقول: لا يتبرجن بوضع الجلباب، أن يرى ما عليها من الزينة. اقتباس:
وفي قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَتِ بِزِينَةٍ}. دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح؛ لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحهم إياها ونحو ذلك، ومن سوى هذه نادرة والنادر لا حكم له.
المقصود الزينة المحرمة لا المباحة.
ممكن تبين لنا الزينة المباحة.
[ COLOR="DarkRed"] اقتباس:
الدليل الثالث: قوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}. (الأحزاب: 59).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة» (2). وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله رضي الله عنه «ويبدين عيناً واحدة» إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين.
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الاية: «خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها» (3). وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق.
كل الروايات التي ذكرت دليل للشيخ ويكفي آخر الآية بفهم المقصود حيث قال تعالى ذلك أدنى أن يعرفن وهل يمكن أن لا تعرف من لا تغطي وجهها.
إلى هنا لأنني مشغول اليوم وللحديث بقية.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 03:12]ـ
يقول الإمام أحمد الدال الله و الدليل الكتاب و السنة و المستدل العلماء و المدلول الناس
و إذا أراد الشخص أن يعرف الخلاف و أن يستدل فإنه يرجع إلى المجتهدين بإطلاق مثل الأئمة الأربعة و كل من سواهم تبع لهم و لن يأتي بجدبد إنما يخرج و يصحح و يرجح
ثم إن هناك ثلاث مسائل تختلط على الناس
1 - هل وجه المرأة عورة
2 - هل يجوز نظر الرجل إلى من كشفت وجهها
3 - هل يجوز للمرأة أن تبدي زينتها للرجال الأجانب
و محل النزاع هو الثالثة، و كاتب الموضوع لا أدري هل هو يدري أنه يتكلم عن الأولى أو لا يدري و كل ما نقل عن العلماء هو في المسألة الأولى ثم جعل حكم النقاب مخرجاً عليها، فانقل لنا كلام الأئمة الأربعة في استحباب النقاب و أنه ليس بواجب إن استطعت
أما الإستدلال بالأحاديث فإذا حررت محل النزاع و نقلت أقوال العلماء في مسألة إبداء الزينة و ليس مسألة هل وجه المرأة عورة أو لا عرفنا كيف نستدل بالأحاديث لأننا لسنا مجتهدين بإطلاق نأخذ من القرآن و السنة مباشرة بدون معرفة استدلال العلماء بها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 03:41]ـ
ثم أعلم يا أخانا أبا زياد و من تبعك من الإخوة بارك الله فيكم
أن نقلك عن أهل العلم كله يمكن نقضه بكلمة واحدة
أن من قال أن وجه المرأة ليس بعورة فهو يقول أنه زينة و ليس يقول أنه مثل وجه الرجل و الفرق بين الثلاثة
أن العورة لا يجوز كشفها إلا لضرورة
و الزينة لا يجوز كشفها لا لحاجة
و وجه الرجل يجوز كشفه مطلقاً
فهل تستطيع أن تنقل عن إمام تسويته بين وجه المرأة و وجه الرجل
وفق الله الجميع
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 05:05]ـ
أخي بندر،أولا أنا الذي علقت على كلام شيخي ابن عثيمين، وليس أبو زياد.
أما مناقشة المشايخ فلا حرج فيه مع التحلي بالأدب ومعرفة الفضل والسبق.
هذه لا يحتاج أن نجيب عنه لأنه قاعدة متفق عليها وهي الوسائل لها أحكام المقاصد وليس هناك فرقا" بين أن توجد الوسيلة في عهد النبوة أو لا توجد.
فرق عظيم بين ان تكون في عهد النبوة أولا تكون، فإن وجود تلك الوسيلة وعدم اعتبارها من الشارع دال على إلغائها، إما لانها ليست وسيلة حقا إلى ذلك المقصد كما ظهر لنا، أو ان الشارع راعى مصلحة اعظم، وهو الواقع في مسألتنا.
أليس من الآئق أن تبحث عن عبارة أحسن من هذه للرد على شيخك ثم انظر جيدا" ماذا قال الشيخ قال فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به واستدل الشيخ بالازم.
نسبة الغفلة إلى الشيخ لا تضره في شيء، ولا تحط من قدره، وانا أعلم أنه استدل باللزوم، لكن هذا اللزوم لا يؤيده شرع ولا تسنده لغة كما سبق بيانه.
قلت هذا قياس في مقابل النص، بل النصوص فلا يعتبر.
هذا ليس في مقابل النص بل النصوص تؤيد ذلك.
هذا محل الدعوى والنزاع،وبالتالي لا يصلح هذا الدليل وخرج عن موطن الحجية.
قال ابن كثير في تفسيره: قال أبو إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله قال في قوله: {ولا يبدين زينتهن}: الزينة القرط والدملج والخلخال والقلادة. وفي رواية عنه بهذا الإسناد قال: الزينة زينتان: فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب.
وقال غير ابن مسعود خلاف ذلك، فإما ان ناخذ ما ذهب إليه المحققون كالطبري، وإما لا حجة في هذه الآية، لاختلاف التأويل، وهو المراد.
ممكن تبين لنا الزينة المباحة.
الزينة المباحة الوجه والكفان وما عليهما من خاتم أو خضاب أو كحل.
ممكن تنقل لنا النصوص بل ورد عن ابن مسعود خلاف ماتقول.
على الرحب والسعة:
_حديث سبيعة الأسلمية عند أحمد: فلقيها أبو السنابل ....... وقد اكتحلت واختضبت وتهيأت.
_حديث ابن عباس ان امرأة أتت النبي صى الله عليه وسلم تبايعه ولم تكن مختضبة، فلم يبايعها حتى اختضبت.
_ حديث أسماء بنت يريد: دخلت انا وخالتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليها أسورة من ذهب، فقال لنا: أتعطيان زكاته؟ قالت: فقلنا لا، قال: أما تخافان ان يسوركما الله أسورة من نار؟ أديا زكاته.
_ماروى ابن ابي حاتم عن عائشة في (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قالت:الفتخ. والفتخ حلق من فضة تكون في اصابع الرجلين.
ويكفي من القلادة ما احاط بالعنق، ولو استزدت لزدتك.
هذ جوابه كما في الذي قبله وأين المصالح التي تقول بل هي من الأختلاط الذي حذر منه الشارع.
أي اختلاط هداك الله، هذا سيؤدي بنا إلى فتح موضوع آخر، وهو: هل كل اختلاط محرم؟.وأين هذا التحذير الذي تتحدث عنه؟.
ما هي الزينة التي نهى الله عنه في الآية قال ابن مسعود في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} قال: الجلباب، أو الرداء: وكذا رُوي عن ابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء وإبراهيم النَّخَعِيّ، والحسن، وقتادة، والزهري، والأوزاعي، وغيرهم.
وقال أبو صالح: تضع الجلباب، وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار.
وقال سعيد بن جبير وغيره، في قراءة عبد الله بن مسعود: "أن يضعن من ثيابهن" وهو الجلباب من فوق الخمار فلا بأس أن يضعن عند غريب أو غيره، بعد أن يكون عليها خمار صفيق.
وقال سعيد بن جبير: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} يقول: لا يتبرجن بوضع الجلباب، أن يرى ما عليها من الزينة.
هذا كله لا حجة فيه، فالمقصود ظهورها بما تتبرج به الشابة عادة من الثياب.
ممكن تبين لنا الزينة المباحة.
الزينة المباحة الوجه والكفان وما عليهما من خضاب وخواتيم و كحل.
ك الروايات التي ذكرت دليل للشيخ ويكفي آخر الآية بفهم المقصود حيث قال تعالى ذلك أدنى أن يعرفن وهل يمكن أن لا تعرف من لا تغطي وجهها.
والأحاديث الصريحة في جواز كشف الوجه والتي نتمنى لو رددت عليها ردا مقنعا ليست دليلا؟ اما المعرفة فللتميز عن غير المسلمات، وليس لمعرفة عين المرأة.
أتمنى مواصلة النقاش.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 05:33]ـ
جزاكم الله خيرًا .. رغم أن الموضوع مكرور، وقد أشبع بحثًا.
أسئلة لمن يجيز كشف الوجه:
1 - هل ترى الدعوة لهذا الأمر في مجتمع يعمل نساؤه بالأفضل، وهو التغطية، ولماذا؟ وألا ترى - إن جوزت هذا - أن صاحبه مريض قلب، أو فاقد حكمة، حيث يتحمس لهذا الأمر، ولا نرى منه إلا الصمت عن منكرات التبرج و .. !
2 - هل تفرق بين الكشف والنظر؟ أي أنك تجيز الكشف، ولكن هل يجوز عندك النظرة الثانية والثالثة و ... لوجه الكاشفة؟ (وسائل الإعلام نموذجًا). وما قولك في " النظرة الأولى لك .. "؟ - بناء على رأيك طبعًا -.
3 - هل جواز الكشف، يجيز للمرأة تزيينه بالأصباغ أو إخراج جزء من شعرها .. كما هو حاصل؟ ولماذا لا نرى إنكارًا منكم لهذه التجاوزات، التي تُقحم برأيكم؟
4 - هل يجوز الكشف زمن الفتنة؟ أو أن الأمر مطلق.
=============
روابط مفيدة:
-وقفات مع من يرى كشف الوجه.
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/30.htm
- بدايات السفور في العالم الإسلامي. وأن النساء المسلمات كن يسترن وجوههن إلى ما قبل الاستعمار الذي شجع السفور ..
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/w.htm
- أكذوبة أن الكشف قول الأئمة والجمهور!!
http://www.saaid.net/female/h54.htm
وفقكم الله ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 06:06]ـ
إلى الآن لم يأت أحد بنص عن إمام واحد في محل النزاع و هو جواز إبداء المرأة زينتها أمام الأجانب بلا ضرورة و لاحاجة فانفشوا خزائن المخطوطات و المطبوعات التي كتبت من أول نزول آية الحجاب إلى الآن في العالم كله و إتوني بهذا النص
أما الاستدلال بالأحاديث المشتبهة فهو و ظيفة الأئمة و هم الذين يؤخذ قولهم في الخلاف
و قد نقل رجل قولاً في مسألة لرجل غير مجتهد أمام الإمام أحمد فقال دع عنا بنيات الطريق و بعض المعاصرين يليق بهم هذا، و كما قال الشيخ بكر أبو زيد أن المعاصرين فتنوا بالدكترة!
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 06:29]ـ
ثم أعلم يا أخانا أبا زياد و من تبعك من الإخوة بارك الله فيكم
أن نقلك عن أهل العلم كله يمكن نقضه بكلمة واحدة
أن من قال أن وجه المرأة ليس بعورة فهو يقول أنه زينة و ليس يقول أنه مثل وجه الرجل و الفرق بين الثلاثة
أن العورة لا يجوز كشفها إلا لضرورة
و الزينة لا يجوز كشفها لا لحاجة
و وجه الرجل يجوز كشفه مطلقاً
فهل تستطيع أن تنقل عن إمام تسويته بين وجه المرأة و وجه الرجل
وفق الله الجميع
احسنت وبارك الله فيك
وثمة امر في هذه المسألة يُغفل عنه كثيرا وهو ان يقال:
ان هذه المسألة هي من الامور المشتبهات والتي تعارضت فيها الادلة في الظاهر , وما كان هذا شأنه فينظر فيه حسب القواعد الاصولية - كما لا يخفى - فان امكن الجمع بين الادلة جمعنا والا فيصار الى النسخ ان علم فان لم يعلم صير الى الترجيح بينها حسب وجوه الترجيح.
واذا نظرنا في مسألتنا هذه لم يشك الناظر المنصف ان ادلة المنع من كشف الوجه هي الاقوى والاكثر والاصرح , وهذا لا يخالف فيه الا مكابر!!
ومعلوم ان القوة والكثرة والصراحة من اعظم وجوه الترجيح.
ولكن احيانا قد يغلب على الانسان بحكم بيئته التي يعيش فيها ميل باطني الى تبرير واقعه والاعتذار لمن حوله ممن يحب وتأبى نفسه من تأثيمه , فيعمد من دون ان يشعر الى ترجيح ما يوافق بيئته , متعللا بالمصلحة احيانا او بالخلاف او بصعوبة تغيير الواقع او صونا لاتهام اهل الدين بالشدة وغير ذلك من الاعذار الواهية التي ترجع في الاساس الى الظروف المحيطة بطالب العلم اوحتى بالعالم.
ومن هذا الباب زل من زل من العلماء او من طلاب العلم , كمن افتى بكراهة الدخان دون تحريمه او بجواز الغناء او بأن اعفاء اللحية غير واجب وغير ذلك من المسائل المشتبهة , التي يكون الحاكم فيها احيانا بيئة الانسان لا اصول الشريعة!!
فينبغي على طالب العلم ان يفطن لمثل هذا , ودليل الغفلة عند البعض في هذه المسالة انه يقرر جواز الكشف باطلاق ويعزو ذلك الى ائمة المذاهب جزافا من دون تحرير او تدقيق , والا فالمتتبع لأقوال المذاهب يعلم ان من اجاز منهم كشف الوجه يشترط له امن الفتنة , فيغفل عن هذا لأنه قد يرى فيمن حوله عدم حصول الفتنة فيعمم الحكم من دون ان يشعر لانصراف ذهنه عن ذلك او لاستحواذ الظروف المحيطة به.
ولذلك حين يأتيه من يخالفه يرى ان هذا من باب التشدد او عدم معرفة الواقع او عدم مراعاة المصالح وهلم جرا متغافلا عن القواعد والاصول الشرعية , فيكون بذلك قد سلك طريق اهل الظاهر الذين نظروا الى ظواهر النصوص وغفلوا عن فهم النصوص التي تحكمه القواعد الشرعية كما يحصل في الادلة المتعارضة ومنه مسألتنا هذه.
وفي هذه المسالة قرر العلماء القائلون بجواز الكشف شرط امن الفتنة. وذكروا ضابطا لها فقالوا حين يكثر الفساق وتكثر الفتن!
ولا ادري ماذا سيقول الاخوة عن هذا الزمان!!
وقد قالت عائشة رضي الله عنها في مسألة خروج النساء الى المساجد: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى هذا العصر لمنع النساء من خروجهن الى المساجد!
فكيف بزماننا هذا والله المستعان!
بل ان من القواعد المعتبرة هو الاخذ بالقول الاشد حين يتراخى الناس في امر ما , ومن ذلك ان جعل عمر رضي الله عنه طلاق الثلاث واحدة لما راى الناس قد تساهلوا به , واتفق الصحابة على جلد الشارب ثمانين لما تساهل البعض من العامة في شربه , وعمر رضي الله عنه خليفة مهدي أُمرنا باتباع سنته وقد وافق الوحي في مسائل كثيرة لا تخفى , وبغض النظر عن آراءه رضي الله عنه الا انه يستفاد منها هذا الاصل العظيم الذي ذكرناه.
واذا نظرنا الى واقعنا اليوم عرفنا ان الناس قد فتحوا هذا الباب على مصاريع كثيرة , ولا يخفى مكر اهل الالحاد في توجيه هذا الخلاف الى ما يشتهون.
ولو لم يكن في القول بمنع الكشف الا سد هذا الباب الخبيث لكفى به مرجحا , أخذا بالأصل العظيم باب سد الذرائع.
بل قد قرر بعض العلماء ان الافتاء بالقول المرجوح عند الحاجة او المصلحة جائز , ولا يشك عاقل في ان المصلحة في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن هو في القول بمنع الكشف - وهذا انما هو عند المنصفين فقط - والله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 07:48]ـ
و الله أني أشفق على من يستدل بالأحاديث المشتبهة بدون اتباع إمام من الأئمة
و تذكرني بكلمة أحمد لبعض طلابه: إياك أن تقول بمسألة ليس لك فيها إمام
و لكنه لا يقوله للشافعي و مالك و أبي حنيفة، فإن كنت ترى أنك في مصافهم فاستدل كما ترى
و أما حال بعض المعاصرين من غير المجتهدين و أتباعهم
تارة يكون من أهل الرأي مع الأحاديث التي يوردها الخصم
و تارة يكون من أهل الظاهر في الأحاديث التي يوردها هو
و كل هذا لأنه قال بمسألة ليس له فيها إمام و هو ليس بمجتهد مطلق
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 12:57]ـ
إلى الآن لم يأت أحد بنص عن إمام واحد في محل النزاع و هو جواز إبداء المرأة زينتها أمام الأجانب بلا ضرورة و لاحاجة فانفشوا خزائن المخطوطات و المطبوعات التي كتبت من أول نزول آية الحجاب إلى الآن في العالم كله و إتوني بهذا النص
النزاع حاصل في معنى الزينة أصلاً ما المراد به أو ماذا يشمل. إنك تطلق إطلاقاً موهماً عندما تقول "زينة"، وهي تشمل الوجه وغيره وتشمل المباح والمحرم وتشمل حتى ما استثناه جمع من العلماء وهما: الوجه والكفين [1]، كل هذا موضع خلاف مشهور معروف يمل المرء من تكرار القائلين به بسبب كثرة طرحه. [2] = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
[1] أبي حنيفة، ومالك، والشيرازي، والمزني، وابن حزم.
[2] الدر المختار (2/ 79)، الشرح الصغير (بهامش بلغة السالك (1، 105)، تحفة المحتاج (9/ 22) وفيما سبق أن كشف الوجه مباح إلا في حال الفتنة، عكس قولك تماماً: بأن "الاتفاق" حاصل على أنها لا تكشف وجهها دائماً و إنما عند الضرورة أو الحاجة!! (هنا: http://majles.alukah.net/showpost.php?p=128733&postcount=24)
ومع ذلك تدعي وجود الاتفاق (الإجماع) على غير ماهو موجود!.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 01:05]ـ
الأخ من صاحب النقب
انقل ما يدعم قولك أن الإجماع على عدم كشف الوجه إلا ... .
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 01:26]ـ
إخواني الأعزاء بارك الله فيكم جميعا أقول لكل الذين ردوا على مذهب الإستحباب سبحان الله العظيم أنتم لم ترقوبوا قولي أخي الحبيب أبا عبد الله السبيعي بارك الله فيك أنا لما أردت طرح هذا الموضوع كنت أريد به نقاشا بين طلبة العلم في الحكم الفقهي ولم أرد به نقاشا بين هيئة كبار العلما واللجنه الدائمة سبحان الله أن لم أرد فتوى أكرر لم ارد فتوى وأنت خبير بارك الله فيك بالفرق بين الفتوى والحكم الشرعي الحكم الشرعي لا يتغير والفتوى تتغير بأختلاف الزمان والمكان والحال وغير ذالك مما هو معلوم لديك ومذكور في كتب الاصول وأنت بارك الله فيك الذي ظهر لي من كلامك أن كل كلامك متجه إلى الفتوى وإن كنت تسئلني عنما كنت سأقوله لو سئلني أحد عن النقاب ولست أهلا للفتوى طبعا ولكن نفترض جدلا والله لكنت أفتيت بوجبه ولولا أن هناك نص في جواز خروجهن من البيوت لحاجه (إن الله إذن لكن بالخروج لقضاء حوائجكن) لقلت بتحريم خروج المرأة في هذا الزمان واعلم اخي الحبيب أن الذين يقولون بهذا المذهب وهو الإستحباب لم اقف على فتوى واحده لهم ممن نحسبهم على خير من اهل العلم يقول فيها للعوام أن النقاب مستحب بل والله كثيرا ما كنت اسمع شيخي وهو من القائلين بالإستحباب لما يسئل عن هذه المسألة والله كان يفتي بالوجوب وهذا من الحكمة والفقه فهو غير مذهبه في الفتوى ولم يتغير الحكم عنده بل الحكم ثابت والفتوى متغيره كما فعل إبن عباس مع الذي سئله عن حكم قتل المؤمن والقصة معروفة فأنا أردت نقاشا علميا بين طلبة علم بعيدا عن لجان الفتوى فاتبهوا بارك الله فيكم
وللتوضيح أخي أنا لا ادعوا بارك الله فيك إلى أن تخلع المرأة حجابها ولا أن تكشف وجهها بل نعم نعم أن تنتقب جميع النساء وأن لا ترى امرأة واحده كاشفه وجهها وأسئل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن على هذا الأمة بهذا الأمر وأسئله أن تستتر جميع النسوة
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم أخي الحبيب أن لا ابرر الواقع المرير الذي نعيش فيه سماحك الله وانت ذكرتني مقرونا بهؤلاء الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا رخيص من مفتى الفنانات وأصحاب المأرب الشخصية الذين تتبدل فتواهم كلما تبدل المال الذي بين أيدهم ولكن أنت بذلك تتطعن في طعنا مبرحا سمحك الله وأسئل الله اني يغفر لي بها
ثم أخي الحبيب عليك أن تنتقي الفاظك التي تتحدث بيها بارك الله فيك أنت تتهم كل الذين ذهبوا إلى القول بالإستحباب بأنهم متكبرون هداك الله أما أنا فمسامح في حقي وأم هم فلا أدري هداك الله
ثم أي ظروف هذه التي تحكم هل قرأت الأدلة التي ذكرتها في أول الموضوع هل وجدت منها دليلا واحدا لا يجرى على قواعد أهل العلم في الإستدلال أنا أذكر أن كل ماكتبته إنما هو إستدلال بأيات ونصوص من السنة واقول الصحابة أليس هذا هو منهج اهل السنة قرأن وسنة بفهم سلف الأمة أم ماذا؟
ثاينا:
أين الاحاديث المشتبة تلك التي تتحدثون عنها بارك الله فيكم هذا حديث صحيح ثم صريح على أن حكم ستر وجه المرأة هو الإستحباب لا اريد أن أقول مثل ما قلت لا ينازع في ذلك فقيه ولكن أنا لا أقول ذلك وإنما كل إلى ما يأديه إجتهاده
حديث ابن عباس اصله في البخاري قال كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجائتهم إمرأة وفي رواية (حسناء) تسئل النبي صلى الله عليه وسلم هل تحج عن أبيها الكبير العاجز فقال نعم (فطفق الفضل ينظر إليها وتنظر إليه والنبي يصرف وجهه عنها وفي رواية أن هذه القصة كانت في أيام منى ثم قال النبي شاب وشابه لا أمن ... ) وفي البخار قال ابن عباس كان ذلك في حجة الوداع بالنص الصريح.
هذا من أصرح الادلة على الإستحباب أريد الأن من الذين يقولون بالوجوب أن يردوا على هذا الحديث وفقط على شرط أن يردو برد معتبر يجري على اصول أهل العلم وقواعدهم في الرد وإلا فليلزم كل منهم الصمت ولا تأخذه الحمية بالقول في دين الله بغير دليل) أريد من يرد يرد على هذا الحديث وهو حسبه وانا في إنتظار الرد
أما بالنبسة إلى اخي العزيز صاحب النقب جزاك الله خيرا إعلم أخي ان الإخوة لا يتبعوني ولا يجمل بهم أن يتبع مثلي إنما الذي أحسبه منهم أنهم اتبعوا الدليل الصحيح (سواء كان صحيحا ثبوتا أو صحيحا إستدلالا) وإاليك ما طلبت أخي
جاء في " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل " للشيخ علاء الدين المرداوي (1/ 452):
الصحيح من المذاهب أن الوجه ليس من العورة (يقصد وجه المرأة)
ثم ذكر مثله في الكفين وهو اختيار ابن قدامة المقدسي في " المغني " (1/ 637) واستدل لاختياره بنهيه صلى الله عليه و سلم المحرمة عن لبس القفازين والنقاب وقال: " لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء "
وهو الذي اعتمده وجزم به في كتابه " العمدة " (66)
قل لي الأن أليس الامام ابن قدامة المقدسي مجتهدا عندك أم ماذا؟ أليس هو من المعتمدين في نقل المذهب الحنبلي أم ماذا؟
وفي هذا الزمان صرح بذلك محدث العصر الألباني عليه الرحمة بذلك أنظر كتابه الذي أظن أنك ما رأيته ولا نظرت فيه فضلا عن أنك تعرفه (الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحبة) أنظر في هذا الكتاب ثم بعد يكون للحديث مجال
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه " الآداب الشرعية " لابن مفلح الحنبلي (1/ 187)
نصيحه غاليه لإخواني الذين يقولون بالوجوب أن ينظرو بقليل من التأمل من غير ما تسرع بعين المحقق المدقق المنصف السلفي الاثري الذي لا يتبع هواه في كاتب العلمة الألباني المذكور أنفا الرد المفحم ... ) وأرجو إخواني بارك الله فيكم إن يسير النقاش على ماكان عليه أول الأمر من الهدوء والتحلي بالأخلاق الرفيعه والأداب الثامية التي ينبغي أن يتصف بها طالب العلم وأن يخل هذا النقاش من التعصب والحمية والوقول بلا علم وأن لا يلزموا المتكلم بلاوازم باطله لم يقولها ولا بقصدها ولازم القول ليس بقول وإنما يفهموا مراد المتكلم كما فسر بعض أهل العلم معنى الفقه بأنه فهم مراد المتكلم من كلامه (فهم مراده) وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 01:32]ـ
جزاكم الله خيرًا .. رغم أن الموضوع مكرور، وقد أشبع بحثًا.
أسئلة لمن يجيز كشف الوجه:
1 - هل ترى الدعوة لهذا الأمر في مجتمع يعمل نساؤه بالأفضل، وهو التغطية، ولماذا؟ وألا ترى - إن جوزت هذا - أن صاحبه مريض قلب، أو فاقد حكمة، حيث يتحمس لهذا الأمر، ولا نرى منه إلا الصمت عن منكرات التبرج و .. !
2 - هل تفرق بين الكشف والنظر؟ أي أنك تجيز الكشف، ولكن هل يجوز عندك النظرة الثانية والثالثة و ... لوجه الكاشفة؟ (وسائل الإعلام نموذجًا). وما قولك في " النظرة الأولى لك .. "؟ - بناء على رأيك طبعًا -.
3 - هل جواز الكشف، يجيز للمرأة تزيينه بالأصباغ أو إخراج جزء من شعرها .. كما هو حاصل؟ ولماذا لا نرى إنكارًا منكم لهذه التجاوزات، التي تُقحم برأيكم؟
4 - هل يجوز الكشف زمن الفتنة؟ أو أن الأمر مطلق.
=============
روابط مفيدة:
-وقفات مع من يرى كشف الوجه.
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/30.htm
- بدايات السفور في العالم الإسلامي. وأن النساء المسلمات كن يسترن وجوههن إلى ما قبل الاستعمار الذي شجع السفور ..
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/w.htm
- أكذوبة أن الكشف قول الأئمة والجمهور!!
http://www.saaid.net/female/h54.htm
وفقكم الله ..
جزاك الله خيرا. جديرة بالتأمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 02:12]ـ
خذوا نقولات الإجماع على أن المرأة لا تكشف وجهها دائماً و إنما عند الضرورة و عند الحاجة مع أمن القتنة و من استطاع أن يخرقها فليفعل
قال الشيخ بكر أبو زيد في حراسة الفضيلة
لما نزلت هذه الآية (قلت يريد " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ") حجب النبي صلى الله عليه و سلم نساءه، وحجب الصحابة نساءهم، بستر وجوههن وسائر البدن والزينة المكتسبة، واستمر ذلك في عمل نساء المؤمنين، هذا إجماع عملي دال على عموم حكم الآية لجميع نساء المؤمنين
و قلت و مما يدل للشيخ على إجماعهم عملياً ما نقلته أمهات المؤمنين من حكاية الإجماع العملي فيما رواه أبو داود
عن أم سلمة قالت لما نزلت (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن أكنف قال بن صالح أكثف مروطهن فاختمرن بها
و نقل الشيخ ابن عثيمين في رسالة الحجاب عن الشوكاني قال:
وفي نيل الأوطار وشرح المنتقى (ذكر اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لاسيما عند كثرة الفساق).
الأخ عبد الله الشهري المراد الزينة الباطنة و ليس الظاهرة طبعاً و اعلم أن الوجه و الكفين كانت في أول الإسلام من الزينة الظاهرة من باب التدرج في التشريع مثل التدريج في تحريم الخمر ثم نسخ ذلك و استقر الحكم على أنها من الباطنة التي لا تكشف إلا لحاجة مع أمن الفتنة
الأخ السبيعي نقلت لك ما تريد من الإجماع
الأخ أبو زياد نحن هادئون و لم نسب بل لم نغضب و لم نكرهكم فأنتم أحبتنا و نعرف أنكم أهل سنة و أن مشايخكم أهل علم و أنكم تستحبون النقاب و لكن اسمح لي أن أقول أنك لا زلت تنقل أن هناك خلافاً في كون الوجه عورة أعرف يا أخي أن الوجه ليس بعورة عند بعض العلماء بل زينة باطنة لكن هذا لا يلزم منه جواز كشفه مطلقاً لهذا قالوا يكشف عند الحاجة مع أمن الفتنة أما الذين يقولون هو عورة فيقولون لا يكشف إلا للضرورة أما الحاجة فيكفي النقاب هذه زبدة الخلاف ليس في أصل الحكم و إنما في الرخصة به عند الحاجة و لا يناهض الأصل الذي هو تحريمه أي أنهم لم يختلفوا في العزيمة بل اختلفوا في الرخصة
و أما الأحاديث فلم أنكر عليك الإستدلال بها لكن أخاف عليك أن تقول في مسألة ليس لك فيها إمام يقول بجواز كشف الوجه بلا ضرورة و لا حاجة مع أمن الفتنة و لا يستطيع الطلبة أن يستدلوا في مسألة بأنفسهم و ليس لهم فيها إمام، و إنما هذا شأن المجتهدين فانقل عنهم و سنرى إن أيدوك أو لا
و قد أطلعت على بعض كتاب الشيخ الألباني و رأيت رده على الشيخ حمود التويجري حتى أنه قال في الشيخ حمود إنه و قومه تعودوا على هذه العادة ثم صاروا يلزمون بها لأنهم تعودوها عفا الله عنه
لكن الشيخ حمود لم يرد عليه و يقول له أنتم تعودتم ..... لا أريد أن أقولها في حق هذا المحدث
أما الحديث الذي أردت الرد عليه الذي تقول أنه أصرح دليل فأقول لو قلت أنه أصرح دليل لكشف المرأة وجهها عند الحاجة و ليس دائماً وافق قولك قول أهل العلم الذين قالوا إن وجه المرأة ليس بعورة و الذين خلافهم معتبر أما إن استدللت به على أن المرأة يجوز لها أن تكشف وجهها دائماً فالحديث لم يدل عل ىأ، المرأة تكشف وجهها دائماً
فهذه ليس لك فيها إمام و قد قال الشيخ حمود التويجري في كتابه " الصارم المشهور على التبرج والسفور" ص (232): وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن ابن عباس رضي الله عنه لم يصرح في حديثه بأن المرأة كانت سافرة بوجهها. إلى أن قال رحمه الله تعالى – وغاية مافيه ذكر أن المرأة كانت وضيئة؛ وفي الرواية الأخرى حسناء فيحتمل أنه أراد حسن قوامها وقدها ووضاءة ما ظهر من أطرافها.
و هذا لأن الشيخ من الحنابلة الذين يرون أن الوجه عورة لا يكشف إلا لضرورة، و هو لا ينكر على الشيخ الألباني قوله إن الوجه ليس بعورة و لا ينكر عليه أنه يكشف عند الحاجة
(يُتْبَعُ)
(/)
و لكنه صرح بالإنكار عليه في قوله أنه يجوز كشفه دائماً، لأنه ليس له إمام لا من الحنابلة و لا من الشافعية و لا من المالكية و لا من الحنفية و لا من غيرهم، و قد اجتهد رحمه الله و عفا عنه و كثير من المسائل التي قالها و ليس له فيها إمام فتحت الباب لأعدائه و أقرانه أن يقولوا هو محدث و ليس بفقيه و لو لم يقل بها رحمه الله ما جرء أحد أن يقول هذا القول في حقه
و بارك الله فيكم و وفقنا و إياكم للعلم و العمل و أقول لكم الآن من وجد إماماً يخالف الإجماعات التي نقلت فليذكر قوله و نحن نقبل الحق ممن جاء به
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 02:52]ـ
أخي الحبيب ابو زياد النعماني: اشهد الله تعالى على محبتك فيه ,,,
ودمت بخير ما بقيت ,,,
وأذكرك ايها الحبيب بالنظر في المسألة من جديد واعتبار القواعد الاصولية الفقهية فيها وبخاصة امعان النظر في باب تعارض الادلة!
فان قلت بالنسخ من الوجوب للاستحباب ولا يسعك غيره: فقل لي بربك - رحمك الله واكرمك -كيف غاب ذاك عن عموم الصحابة فلم يصرح به احد كما صرحوا في ادخار اللحوم وزيارة المقابر وغيره مما نسخ الى الجواز , بل لم ينقل عنهم خلاف في وجوبه كما نقل عنهم الخلاف في مسائل هي دون هذه!!
واليك هذا الجواب الكافي بقلم د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه انقله مع سؤاله لتتم الفائدة:
هل اختلف الصحابة في وجوب الحجاب؟
وإن اختلفوا كيف نتصور اختلافهم وقد عايشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل عليه؟
- وما تفسير من يرى عدم وجوب تغطية الوجه لقول الله تعالى: "ذلك أدنى أن يعرفن ... "؟!
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالجواب عن في هذه المسألة لا يخرج عن احْتمالات ثلاثة:
- الأول: أنهم لم يختلفوا على استحبابه.
- الثاني: أنهم لم يختلفوا على وجوبه.
- الثالث: أنهم اختلفوا؛ فمنهم من أوجب، ومنهم من استحب.
وبعيد على الصحابة أن تخرج أقوالهم عن هذه الثلاثة، فلا يرد عنهم القول بالإباحة، دع عنك التحريم أو الكراهية؛ فالحجاب أمر مجمع على مشروعيته بالنصوص الآمرة به، وهم أعظم من امتثل.
فلنفحص أي هذه الثلاثة هو الأقرب؟.
فأما عن الاحتمال الأول، فيشكل عليه ما ورد عن ابن عباس في آية الجلباب، وما ورد عن ابن مسعود في آية الزينة.
- فقد قال ابن عباس في قوله تعالى: "يدنين عليهن من جلابيبهن": "أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن، من فوق رؤوسهن، ويبدين عينا واحدة". فقوله هذا ظاهر في الوجوب.
- وقال ابن مسعود في قوله تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها": "الثياب". ومن المتفق عليه: أن كلامه هذا دال على وجوب تغطية الوجه، وسائر البدن.
فهذان الأثران، واتفاق المسلمين على وجوب حجاب الوجه على أمهات المؤمنين: يدل صراحة على بطلان الاحتمال الأول أن يقال: "إنهم لم يختلفوا على استحبابه"، أو يقال: "إنهم متفقون على استحبابه"، وكلاهما بمعنى، لكن هذا مقام إيجابي، والأول مقام سلبي.
وهذا من باب التنزل مع الخصم؛ إن زعم أنهم اتفقوا على الاستحباب: أورد عليه هذه الآثار. ليس فيه التسليم بأن منهم من كان يرى الاستحباب .. فأما التحقيق فأمر آخر.
بقي الاحتمالان: الثاني، والثالث.
فأما الثاني: "أنهم لم يختلفوا على وجوبه"، فأولى من قد يذهب إليه؛ من يقول بوجوب تغطية الوجه. ولا يلزم؛ إذ قد يقول: قد اختلفوا، كما في غيرها. لكن من قالوا بالتغطية قد أصابوا دون غيرهم.
أما من لا يقول بالوجوب، فهو قطعا لا يقبل بفرض: اتفاق الصحابة وعدم اختلافهم على الوجوب؛ لأنه لو قبل لم يسعه أن يخالفهم.
لكن لو تركنا هذا الاحتمال قليلا، ثم التفتنا إلى الاحتمال الثالث: "أنهم اختلفوا بين موجب، ومستحب" فهذا الاحتمال يرد عليه إشكال هو: أنه لم ينقل عنهم جدل في المسألة؛ رد وتعقب، كما هو المشهور عنهم في مسائل ليست بأكبر من مسألتنا هذه. مثل: سماع الأموات، وصيام الجنب، والتمتع في الحج، وإتمام الرباعية بمنى، ونحو ذلك مما اختلفوا فيه، من فروع المسائل، ونقل خلافهم.
فلم نقف على خلاف بينهم في حجاب الوجه، لم نر من نسبوا إلى القول بجواز الكشف كابن عباس، وابن عمر، وعائشة يردون على ابن مسعود، كذلك هو لم يرد عنه رد وتعقب، فعلام يدل هذا؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
ذلك مما يرجح أنه لم يكن بينهم خلاف في المسألة، فإما أنهم كانوا جميعا على القول بالاستحباب، وهذا مردود بما سبق. أو أنهم على القول بالوجوب، وهذا هو الاحتمال الثاني.
إن عدم نقل خلاف بينهم في هذه المسألة، يدل على اتفاق أمرهم فيها، فإذا ثبت بطلان اتفاقهم على الاستحباب، وكان من المحال اتفاقهم على الإباحة، فضلا عن التحريم لم يبق إلا أنهم اتفقوا على الوجوب، فلم يختلفوا على ذلك.
فبالنظر إلى الأحكام التكليفية الخمسة، لا نجد شيئا منها يصلح أن ينسب قولا لهم، لا يكون عليه ملحظ، ولا يرصد فيه إشكال -بحسب ما ورد عنهم– سوى الوجوب.
وهنا لا بد أن يقال: فما تصنعون بالآثار الواردة عن ابن عباس نفسه، وعائشة وابن عمر في تفسير آية الزينة: أنها الوجه والكف؛ أي جواز إبدائهما. أفليس هذا مبطل لهذا المذهب في نسبة القول بالوجوب إليهم، ومشكل عليهم؟.
فيقال: هكذا هو ظاهر الأمر .. لكن عند التحقق تظهر أمور أخرى معتبرة، تشكك في تلك النتيجة، فابن عباس الذي ورد عنه هذا التفسير، قد ورد عنه في الآية نفسها تفسير آخر، يتضمن تقييد ذلك بمن دخل على المرأة بيتها، حيث يقول:
- "والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف والخاتم. فهذه تظهرها في بيتها لمن دخل من الناس عليها". وهو أثر صحيح
وبالقطع فإن ابن عباس لا يقصد بالناس هنا: الأجانب. إنما محارمها.
وإنما ترجح هذا الاحتمال لأمرين اثنين، هما:
الأول: هل كان يظن بابن عباس أن يفتي للمرأة بأن تتزين للأجنبي، يدخل عليها بيتها، بالكحل، والخضاب، والخاتم؟.
لو كان المقصود جواز كشف الوجه والكف، لكان اكتفى بهما، دون ذكر ما عليهما من زينة بالتخصيص؛ إذ لا فائدة ترجى من ظهور المرأة بها أمام رجل أجنبي سوى الإثارة .. وهل كان ابن عباس مجيزا للمرأة أن تفتن الرجال بمثل هذه الزينة، بل هل يظن مثل ذلك بالآية القرآنية؟.
وهل القصد من الكشف، بحسب قول من أجاز الكشف: الإثارة، أم التسهيل والتيسير على المرأة؟.
ولم مثل هذا الاختصاص بهذه الزينة في بيتها؟.
إن المنطق يقول: لو أذن بذلك في بيتها للأجنبي، لم يكن ثمة فرق بين هذا وإذنه لها بذلك خارج بيتها، فما أجيز أن تبديه للأجنبي في بيتها، أحرى أن يجاز لها خارجه.
هذا وابن عباس لا يخفى عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا على النساء بيوتهن)، فكيف يغفل عن هذا ويبيح لها أن تقابل هذا الأجنبي في بيتها بزينة في وجهها ويديها؟!!.
لكل هذه المشكلات والمحذورات، لم يكن بد من حمل قوله: "من الناس .. " على محارمها.
الثاني: أن ابن عباس نفسه قد فسر آية الجلباب، بما يفيد وجوب تغطية الوجه على جميع النساء، تفسيرا صريحا، مرويا عنه بالسند نفسه الذي روي به عنه الأثر الآنف، في دخول الناس عليها بيتها، فلو أخذنا بالظاهر فهو التناقض؛ إذ مرة يجيز الكشف، ومرة يمنع!! .. لكن لو فهمنا كلامه بجمع بعضه إلى بعض –كما تقدم آنفا- استقام، وطلب استقامة الدليل، وتآلف القول مع إمكانه، أولى من طلب تناقضه.
وأمر ثالث ذكره بعضهم كابن تيمية: أن الأمر في أوله كان على جواز كشف الوجه واليدين، وحينئذ نزلت آية الزينة، فلما نزلت آية الجلباب والحجاب، جاء حكم جديد بتغطية ذلك كله.
فإذا كان أثر ابن عباس له تفسير يتوافق مع القول بالتغطية، تفسيرا لا يخرج عن الأصول، ليس فيه تحريف ولا تأويل باطل، فلا يمنع أن يكون كذلك تفسير عائشة وابن عمر لآية الزينة، له توجيه وحمل يتوافق مع النصوص الموجبة للتغطية؛ أقربه: أنه كان بحسب الحكم وقت نزول الآية، كان الأمر على جواز الكشف، ثم نزلت آيتا الجلباب والحجاب بحكم جديد.
وآية ذلك: أننا لم نقف على رد لعائشة رضي الله عنها على ابن مسعود وابن عباس في أمر يخص النساء، وهي منهن. مع أن عادتها كانت التعقب والرد.
أخيرا: يمكن أن يرد هنا كذلك: أن الإيجاب على أمهات المؤمنين، والاستحباب على نساء المؤمنين. وأنهم على ذلك اتفقوا، ويدل عليه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد خيبر عن صفية بنت حيي رضي الله عنها لما صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إن حجبها فهي من أزواجه".
ويجاب عن هذا: أنه بالنظر إلى تفسير ابن عباس لآية الجلباب والزينة، لا نجده يفرق بين حجاب الأمهات والنساء، بل قوله في آية الجلباب أصرح في العموم؛ إذ ذكرت جميع الأصناف، قال تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"، فجاء ابن عباس فذكر تفسيرها، ولم يستثن أمهات المؤمنين بحكم خاص، فلو كان هذا مشهورا لديهم لذكره.
كذلك ابن مسعود في آية الزينة، ذكر جواز إبداء الثياب؛ أي العباءة، وجعلها من الزينة الظاهرة، ولم يجعل هذا الحكم خاصا بالأمهات، ولم يرد عنه شيء يفهم التفريق بين حجاب الأمهات والمؤمنات.
فأما قول عمر في صفية، فذلك يثبت الفرق بين الأمة والحرة في الحجاب، كما قررتها آية الجلباب: "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"؛ أي يعرفن أنهن حرائر فلا يتعرض لهن الفساق، ولا يعني ذلك جواز التعرض للإماء، لكن هؤلاء الفساق كانوا يعللون تحرشهم بالنساء، أنهم ظنوا بأنهن إماء، فجاء الأمر بتمييز الحرائر بحجاب الوجه، لإبطال هذا التعلل، لا تجويز التعرض للإماء. فكأنك قلت: هذا عذركم وقد أبطلناه بهذا التمييز، فكفوا عنهن. ولا يلزم من هذا الإذن بالتعرض للإماء؛ إذ يندرج تحت النصوص العامة، الآمرة بغض البصر، وحفظ الفرج.
فأثر عمر يبين أن الحرة تحتجب بالتغطية، أما الأمة فلها حجاب البدن دون الوجه، وعلى هذا الآثار وتفسيرات العلماء لآيات الجلباب والحجاب، .. وصفية أم المؤمنين اصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم فجعلها في نسائه، وبه صارت حرة، وعليها الحجاب حينئذ، ولو أنه لم يفعل لكانت أمة، لا يجب عليها حجاب الوجه. والله أعلم.
طلب:برجاء استخدام الحجم رقم 6 لكتابة الردود وليت المشائخ الفضلاء المشرفين على الموقع يجعلوه الخط الافتراضي فقد كلت اعيننا من فحص الحروف والكلمات!!
وسلمت ايها الاخ الحبيب واذكرك ايضا بمحبتي لك في الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 03:42]ـ
ملاحظة قولي: لأنه ليس له إمام لا من الحنابلة و لا من الشافعية و لا من المالكية و لا من الحنفية و لا من غيرهم، و قد اجتهد رحمه الله و عفا
أعني ليس له إمام في هذه المسألة، فلا يفهم أحد النفي المطلق
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 04:25]ـ
أخي الحبيب أبا عبد الله السبيعي أحبك الله الذي أحببتني فيه وبارك الله فيك لكن أنا والله لم أغضب لنفسي وإنام غضبت لتعميمك الحكم وأرجو أن يسير النقاش على هذا النحو نعم أنت ذكرت ونقلت كلاما جيدا للغايه ونقاشا مثمرا جدا فجزاك الله خيرا وحقا أنا غستفدت منه كثيرا بارك الله فيك لكن وعذرا هذا رد على دليل واحد أو تكلم في نقطة واحده فأين الرد على مثل حديث الفضل وحديث أم السنابل وبقية الادلة التي إستدل بها القائلون بالإستحباب وأما بالنسبة لما ذكرت فأنا إن شاء الله ابحث فيه وسيصلك تعليقي إن شاء الله قريبا لكن أنا لا أحب أن أتعجل في الجواب خاصة والكلام عزيز وطيب جيدا
ولا زلت اذكر أن هذا عبراة عن نقاش ليس مجلسا للفتوى فليكون محل الكلام في الحكم وليبنى الكلام على أنه حكم شرعي لا فتوى
وعندي إستفسار من صاحب النقب هل معني كلمة سافرة الوجة أنها تكشفه فكل كاشفة للوجه فهي سافرة أم ماذا؟ لأن إتفاق العلماء الذى نقلته عن الإمام الشوكاني نصه كام ذكرت سافرات الوجوه فهل معنى سافرات الوجوه هو مجرد كشف الوجه أم هو التبرج والتزين ووضع المساحيق ونحو ذلك أرجوا أن تبين لي
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 04:56]ـ
أخي الكريم أبو زياد
السافرة هي التي تخرج من البيت و لم تجعل لها غطاء للوجه أصلاً حتى لو لم تتزين لأن وجه المرأة بذاته زينة و بعض العلماء قال أنه عورة و هي أوجب ستراً من الزينة و ليس كوجه الرجل هذه هي التي يريدها الشوكاني، أما التي تخرج بغطائها فإن احتاجت كشفته و متى انقضت حاجنها أسدلته فهذه ليست بسافرة مع أمن الفتنة، و لهذا قال خصوصاً عند كثرة الفسقة لأنه عند عدم أمن الفتنة فالإجماع أشد لأنه يحرم الكشف فيه حتى مع الحاجة
و الشوكاني لا يريد التي تكشف عند الحاجة لأنه قال به بعض أهل العلم و قولهم لا يخفى على مثله و نحن لا ننكر قولهم و إن كنا نحن الحنابلة نعتبره مرجوحاً لأن النقاب يكفي في سد الحاجة التي تريد أن تكشف من أجلها لكنا لا نعتبره سفوراً منكراً يجب إنكاره
فالذي نعتبره سفوراً منكراً هو الكشف الدائم الذي لا يتقيد بالحاجة حتى لو لم تضع مساحيق تجميل، و هذا إنما يجوز للآيسة و الأفضل لها ستره
و لا أظنك تجد فقيهاً يساوي بين الآيسة و الشابة و هذا من القرائن التي تدل أن بعض المعاصرين لم يفهم كلام السلف فيخرق هذا الإجماع المنقول و هو لا يشعر
و سأخبرك بنادرة: هل تعلم أن الشيخ ناصر الدين الألباني من أعز أصدقاء الشيخ حمود التويجري و الشيخ التويجري من أعز أصدقاء الشيخ الألباني، و اعلم أن الشيخ الألباني إذا جاء للرياض فإنه يبيت عند الشيخ التويجري و قد سمعت هذا ممن هو مقرب من أبناء الشيخ التويجري
فرحم الله أمواتنا و وفقكم الله
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 05:18]ـ
و نسيت نقطة
فقي قولك حديث الفضل وحديث أم السنابل وبقية الادلة
اعلم أن المعترضين على القائل بجواز كشف المرأة وجهها دائماً يردون على جميع أدلة المبيحين بردين مجمل و مفصل
المجمل أن كل أدلتهم إن دلت على شيء (بعد الجمع بينها و بين أدلتنا) فإنها تدل على جواز الكشف لحاجة عارضة و هذا نعذر به و نسلم أنه سائغ
فإن كان عندك دليل أن امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت تكشف وجهها دائماً في كل الأحوال و أقرها فات به لذلك لم يشتغلوا بالرد المفصل لأنه ليس دليل واحد منها يدل على الكشف دائماً حتى نرد عليه، فلم تثبتوا هذا بدليل حتى ننفيه
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 05:37]ـ
أخي الحبيب بارك الله فيك وجزاك الله خيرا أنا أعلم ان الشيخ الألباني رحمه الله كان صاحب للشيخ التوجري رحمه الله وأعلم أنه إذا نزل المملكه فإنه لا ينزل إلا عند الشيخ التوجري وأن الشيخ رحمه الله كان ذا أدب عظيم فلم يكن الشيخ يترك الشيخ الألباني يخرج من بيته إلا ويوصله إلى باب السيارة جزاك الله خيرا
وعندي نقطه بالنسبة لحديث الفضل وأنا علمت ما النقطة التي تبحث فيها إنت وتدندن عليها وهي الكشف المطلق بغير حاجه
أخي الحبيب بالنسبة لحديث الفضل قل لي إين الحاجة التي من أجلها تكشف المرأة ها هنا وجهها ثم هناك نقطة أخرى ألا ترى - وعذرا للفظ لكن سبقني إليه بعض أهل العلم - أن الفضل رضى الله عنه قد فتن بهذه المرأة وذلك من قول ابن عباس فتفق الفضل ينظر أليس في هذا معني الفتنة من تكرار الفضل في النظر ومن أن النبي تنبه إلى ذلك فأخذ يصرف وجهه عنها ثم قال شاب وشابه ... ) إلى أخر الحديث فكانت الحاجة هنا أن تستر المرأة وجهها خاصة مع هذه الفتنه التي حصلت لماذا لم يأمرها النبي هنا بأن تستر وجهها؟
فأناأريدك الأن ترد على نقطتين
الأولى أين الحاجه في حديث الفضل لكشف المرأة عن وجهها في هذا الموضع خاصه وهي كانت في الحج (لكن في أيام منى أيام حلال)؟
الثانية لماذا لم يأمر النبي المرأة بستر وجهها مع الفتنة هنا والحاجة لستر الوجه لتحقق الفتنة؟
في إنتظار ردك
ملحوظة تنبه أخي إلى قولي فأنا لا أقول بجواز الكشف حتى مع الفتنة لا ولكن هذا يأكد القول بجواز الكشف من غير حاجه وأأكد ليست هذه فتوى إنما هو حكم شرعي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المديني]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 05:52]ـ
انصح الكاتب بقراءة كتاب عودة الحجاب بأجزائه الثلاثة
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 06:08]ـ
سأبدأ بالثانية بارك الله فيك: أليس الرسول صلى الله عليه و سلم صرف وجه الفضل فقد زالت الفتنة على قولكم فلماذا يأمرها بأن تستر وجهها فإن قلت إن النبي صلى الله عليه عليه و سلم و العباس كانوا ينظرون إليها فلم يرد في الحديث
أما ألأولى: فيلزمني و إياك نقل الحديث بنصه و رواياته إذا أردنا معرفة معناه
و هذا ما جاء في جامع الأصول
1746 (خ م ط ت د س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كان الفضل ابن عباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع). ومن الرواة من جعله عن ابن عباس، عن أخيه الفضل، فجعله من مسند الفضل. هذه رواية البخاري، ومسلم، والموطأ وأبي داود. وفي رواية الترمذي: عن ابن عباس عن أخيه، وأول حديثه: (أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن أبي. . . وذكر الحديث) وفي رواية النسائي: عن ابن عباس: (أن امرأة من خثعم سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة جمع. . الحديث). وفي أخرى له عنه: قال: (إن رجلا قال: يا نبي الله، إن أبي مات ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق). وفي أخرى له نحوه، وقال فيها: (وهو شيخ كبير لا يثبت على الراحلة، وإن شددته خشيت أن يموت). وأخرجه أيضا مثل حديث البخاري ومسلم. وأخرجه أيضا عن الفضل، وجعل عوض المرأة رجلا، وأنه استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمه.
بعد هذه الروايات استذكر قول الشيخ التويجري حين قال لم يرد فيه أنها كانت سافرة الوجه، و أنا أقول صدق فأين ذلك في الحديث، و قال أيضاً يحتمل أنه صار ينظر لقدها
و اعلم أن نظر المرأة للرجل بشهوة حرام و قد ذكر أن الفضل كان من أجمل الناس و لهذا جاء في الحديث ينظر إليها و تنظر إليه و لهذا صرف الرسول صلى الله عليه وسلم وجهه عنها و بصرف وجهه عنها زال النظران و لعل هذا جواب أيضاً عن المسألة الثانية، و هو أنه لم يأمرها بستر وجهها لأنه لم يرد أنه مكشوف أصلاً بل صرف وجه العباس فانتهى نظرها إليه و انتهى نظره إليها
و جاء دورك أخانا الحبيب للاستدلال بالحديث على أنه يجوز كشف الوجه دائماً
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 06:43]ـ
أخي الحبيب بالنسبة لجوابك الأول قولك أن النبي صرف وجه الفضل فزالت الفتنة سبحان الله وهل الفتنة في الفضل فحسب أم الفتنة في وجه هذه المراة؟ إن الفتنة في وجه المرأة أخي الحبيب فأنتبه ثم إين الحاجة
وأما لكلامك بعد فأقول مستعينا بالله وحده
أما قولك: بأنها كانت محرمه ففي الرواية انها كانت في أيام منى وانت خبير بأن ايام منى ايام حلال إلا من الجماع
واما قولك:إنها لم تكن كاشفه لوجهها فكيف يستقيم ذلك مع الرواية إمرأة وضيئة ورية حسناء وهل الوضائة والحسن يكونا في غير الوجه كما قلتم أنتم من قبل أن أصل الجمال في الوجه تامل قولهم وضيئة ثم من أين عرف النبي أنها شبة وقال: شاب وشابة لا أمن ... ) وإلى أي شئ كان ينظر الفضل فأصل النظر إلى الوجه كم يقرر أهل السنة بارك الله فيك
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 07:29]ـ
خذوا نقولات الإجماع على أن المرأة لا تكشف وجهها دائماً و إنما عند الضرورة و عند الحاجة مع أمن القتنة و من استطاع أن يخرقها فليفعل
قال الشيخ بكر أبو زيد في حراسة الفضيلة
لما نزلت هذه الآية (قلت يريد " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ") حجب النبي صلى الله عليه و سلم نساءه، وحجب الصحابة نساءهم، بستر وجوههن وسائر البدن والزينة المكتسبة، واستمر ذلك في عمل نساء المؤمنين، هذا إجماع عملي دال على عموم حكم الآية لجميع نساء المؤمنين
و قلت و مما يدل للشيخ على إجماعهم عملياً ما نقلته أمهات المؤمنين من حكاية الإجماع العملي فيما رواه أبو داود
عن أم سلمة قالت لما نزلت (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن أكنف قال بن صالح أكثف مروطهن فاختمرن بها
و نقل الشيخ ابن عثيمين في رسالة الحجاب عن الشوكاني قال:
وفي نيل الأوطار وشرح المنتقى (ذكر اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لاسيما عند كثرة الفساق).
الأخ عبد الله الشهري المراد الزينة الباطنة و ليس الظاهرة طبعاً و اعلم أن الوجه و الكفين كانت في أول الإسلام من الزينة الظاهرة من باب التدرج في التشريع مثل التدريج في تحريم الخمر ثم نسخ ذلك و استقر الحكم على أنها من الباطنة التي لا تكشف إلا لحاجة مع أمن الفتنة
الأخ السبيعي نقلت لك ما تريد من الإجماع
جزاك الله خيرا.
لا يوجد إجماع أصلاً، لا عملي ولا قولي، بل الاتفاق على أن هناك خلاف على قولين مشهورين من عصر الصحابة إلى يومنا هذا أظهر وأبين من الإجماع - فرضاً - على القول بعدم الكشف، فابن القطان الفاسي - وهو بجانب كونه إماماً حافظاً لا يدانيه بكر أبو زيد ولا ابن عثيمين ولا الشوكاني رحمهم الله فهو صاحب "الإقناع في مسائل الإجماع" - ينقل الخلاف عن الصحابة في هذه المسألة ويؤكد استمرار هذا الخلاف وبناء الخلف عليه في كتابه "النظر في أحكام النظر". وهذا صحيح يؤيده الواقع، ثم كيف يكون هناك إجماع مستقر و يخفى على الأئمة أبي حنيفة، ومالك، والشيرازي، والمزني، وابن حزم، وغيرهم، ثم يظهر ويتبين للأمة في القرن الرابع عشر!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 08:58]ـ
الأخ أبو زياد للعلماء قولين في الحديث
القول الأول الذي ذكرته لك سابقاً أنه لم يرد أن الوجه مكشوف و هذا قول الحنابلة لهذا حرموه إلا لضرورة
القول الثاني للشافعية و من وافقهم قالوا أنه لحاجة لأنها محرمة و منهم ابن حجر المحدث
و ليس كل وقت منى حل فصبيحة أول يوم قبل الرمي هل أحلت قبلها وما يدريك أنها أحلت و ما يدريك أن الحديث بعدما أحلت أو قبل أن تحل
فما الدليل على جواز الكشف مطلقاً من الحديث
الأخ الشهري: من العلماء من قال أن القول بجواز كشف المرأة وجهها بلا ضرورة و لا حاجة هو الذي لم يظهر إلا في القرن الرابع عشر و ليس إدعاء الإجماع على خلافه
و الأئمة الذين ذكرت لم تذكر إلا أسماءهم و لم تذكر ما قالوا
و إذا كنت أنا نقلت مستندي في ذكر الإجماع فاذكر مستندك في ذكرك للإجماع المناقض مشكوراً لأنك قد اعترضت على نقلي الإجماع سابقاً فصار نقلك للخلاف ليس في محل النزاع
و هل هؤلاء الأئمة نصوا على أن للمرأة أن تكشف وجهها من غير ضرورة و لا حاجة انقل بارك الله فيك
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 09:44]ـ
الأخ الشهري: من العلماء من قال أن القول بجواز كشف المرأة وجهها بلا ضرورة و لا حاجة هو الذي لم يظهر إلا في القرن الرابع عشر و ليس إدعاء الإجماع على خلافه
اذكر من هؤلاء العلماء الذين قالوا بهذا الذي ذكرت تحديداً!!
الأئمة الذين ذكرت لم تذكر إلا أسماءهم و لم تذكر ما قالوا
أنت تنقل عن بكر أبي زيد وابن عثيمين وأنا أنقل عن القطان و أعزو لكتب المتقدمين مباشرة!!
إذا كنت أنا نقلت مستندي في ذكر الإجماع فاذكر مستندك في ذكرك للإجماع المناقض مشكوراً
لا يوجد مستند يعول عليه. وقد بينت لك أن الإجماع غير منعقد أصلاً.
هل هؤلاء الأئمة نصوا على أن للمرأة أن تكشف وجهها من غير ضرورة و لا حاجة انقل بارك الله فيك
فضلاً، اسمح لنفسك ببعض الوقت وانشط قليلاً لمراجعة الآتي:
الدر المختار (2/ 79)، الشرح الصغير (بهامش بلغة السالك: 1، 105)، تحفة المحتاج (9/ 22).
ولو نشطت للإطلاع على: (النظر في أحكام النظر)، للإمام القطان، لكان حسناً جداً.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:30]ـ
قولك: أنت تنقل عن بكر أبي زيد وابن عثيمين وأنا أنقل عن القطان و أعزو لكتب المتقدمين مباشرة!!
أنا نقلت أسماءهم و نقلت نصوصهم أما أنت تنقل لي أسماء المتقدمين بدون نصوصهم
قولك: لا يوجد مستند يعول عليه. وقد بينت لك أن الإجماع غير منعقد أصلاً
هل نقلت نصاً للأئمة يخالفه حتى أعرف أنه غير منعقد
بل قلت: ما استثناه جمع من العلماء وهما: الوجه والكفين [1]، كل هذا موضع خلاف مشهور معروف يمل المرء من تكرار القائلين به بسبب كثرة طرحه
أين كلامهم الذي استثنوا فيه، هل رأيت تنقل أن العلماء اختلفوا و تنقل أسماءهم و لم تنقل نصوصهم أما أنا فقد نقلت لك نص من قال بالإجماع
و قولك: فضلاً، اسمح لنفسك ببعض الوقت وانشط قليلاً لمراجعة الآتي:
الدر المختار (2/ 79)، الشرح الصغير (بهامش بلغة السالك: 1، 105)، تحفة المحتاج (9/ 22).
ولو نشطت للإطلاع على: (النظر في أحكام النظر)، للإمام القطان، لكان حسناً جداً.
لماذا لم تنشط و تنقلها أليست البينة على المدعي، ألست أنا لما ادعيت الإجماع نقلت بينتي بنصها
و لم أقل لك راجع نيل الأوطار و حراسة الفضيلة و رسالة الحجاب
و لست بعاجز عن عن مطالعتها، و لكن أريدك أن تنقل ما تستدل به نصاً حتى أعرف بالضبط ما هو الشيء الذي تستدل به و لا أذهب لغيره و أفهم غير ما تريد
و مع هذا سأراجعها إن شاء الله لكن تحتاج وقت
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:44]ـ
لعلمك أني راجعت الكتابين المذكورين و أرقام الصفحات تختلف في الطبعات فلا أدري لماذا لم تسمح لنفسك ببعض الوقت و تنشط لنقل ما تريد أو على الأقل قل لي ما هو الباب و الفصل لأن أهل المذاهب يوردونه في باب الصلاة أو غيره و إذا أوردوه في باب الصلاة فهم يريدون الحكم حال الصلاة، ثم كتاب النظر لا شك سينقل مذاهبهم
(يُتْبَعُ)
(/)
و النظر إلى أحكام النظر قد جعل باباً الباب الثاني: فيما يجوز إبداؤه للناظرين من الجسد وما يمنع فيحرم أو يكره ثم جعل مسألة عن حكم إظهار الوجه، و لم يقل فيه بوجود قول يجيزه مطلقاً بل خلاف المذاهب الأربعة ما بين محرم له و هم الحنابلة و ما بين مبيح له لحاجة و هم غير الحنابلة و سأنقله كاملاً إن شاء الله
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:51]ـ
قولك: أنت تنقل عن بكر أبي زيد وابن عثيمين وأنا أنقل عن القطان و أعزو لكتب المتقدمين مباشرة!!
أنا نقلت أسماءهم و نقلت نصوصهم أما أنت تنقل لي أسماء المتقدمين بدون نصوصهم
قولك: لا يوجد مستند يعول عليه. وقد بينت لك أن الإجماع غير منعقد أصلاً
هل نقلت نصاً للأئمة يخالفه حتى أعرف أنه غير منعقد
بل قلت: ما استثناه جمع من العلماء وهما: الوجه والكفين [1]، كل هذا موضع خلاف مشهور معروف يمل المرء من تكرار القائلين به بسبب كثرة طرحه
أين كلامهم الذي استثنوا فيه، هل رأيت تنقل أن العلماء اختلفوا و تنقل أسماءهم و لم تنقل نصوصهم أما أنا فقد نقلت لك نص من قال بالإجماع
و قولك: فضلاً، اسمح لنفسك ببعض الوقت وانشط قليلاً لمراجعة الآتي:
الدر المختار (2/ 79)، الشرح الصغير (بهامش بلغة السالك: 1، 105)، تحفة المحتاج (9/ 22).
ولو نشطت للإطلاع على: (النظر في أحكام النظر)، للإمام القطان، لكان حسناً جداً.
لماذا لم تنشط و تنقلها أليست البينة على المدعي، ألست أنا لما ادعيت الإجماع نقلت بينتي بنصها
و لم أقل لك راجع نيل الأوطار و حراسة الفضيلة و رسالة الحجاب
و لست بعاجز عن عن مطالعتها، و لكن أريدك أن تنقل ما تستدل به نصاً حتى أعرف بالضبط ما هو الشيء الذي تستدل به و لا أذهب لغيره و أفهم غير ما تريد
و مع هذا سأراجعها إن شاء الله لكن تحتاج وقت
والله لو قرأت بما يكفي لوجدت بلا معاناة ما يغنيك عن إطالة الردود بهذه الطريقة. المطلوب موجود فيها بحذافيره منذ قرون، المشكلة أن الاحتياج إلى وقت للإطلاع عليها قد يطول!!
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:53]ـ
نعوذ بالله من العجز والكسل.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:55]ـ
لعلمك أني راجعت الكتابين المذكورين و أرقام الصفحات تختلف في الطبعات فلا أدري لما لم تسمح لنفسك ببعض الوقت و تنشط لنقل ما تريد أو على الأقل إن ضعفت نفسك قل لي ما هو الباب و الفصل
جزاك الله خيرا.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 11:50]ـ
الذي ذكره في الموضوع المعنون له حكم إظهار الوجه ذكر الخلاف الذي لم أنكره و لم يذكر أن أحداً أباح السفور
ثم في العنوان التالي " الضرورات " رجح القول بجواز الكشف و له أن يرجح ما يرى، لكن ما معنى العنونة له ابالضرورات، هل يعني أن السفور جائز من غير حاجة و لا ضرورة
و هذه الكتب التي ذكرت أسماءها هي لمخالفي الحنابلة في المسألة و هم لا يبيحون السفور من غير ضرورة و لا حاجة
و لهذا قلت لك: أريدك أن تنقل ما تستدل به نصاً حتى أعرف بالضبط ما هو الشيء الذي تستدل به و لا أذهب لغيره و أفهم غير ما تريد
لأني أعرف أني إذا نفيت ممكن أن تقول إقرأ جيداً
حسناً فإن كنت لم أفهم و أنت فهمت فأنا أدعوا الإخوة أن يقرؤوا كتاب النظر عند قوله " حكم إظهار الوجه " هل ذكر قولاً يبيح السفور مطلقاً، و لماذا لما رجح جواز إظهار الوجه عنون له " بالضرورات "
هل معنى هذا أن القول الذي اختاره في الخلاف أنه يجوز كشفه بلا ضرورة و لاحاجة فلماذا عنون له بالضرورات
و إن كنت تمل من تكرار النقل فلا تلمنا فنحن نمل و لكن لم نعجز و لم نكسل و نقلنا
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 12:52]ـ
أعانك الله.
خلاصة الأمر: القول بأن هناك إجماع على أن كشف الوجه حرام إلا حال الضرورة أو الحاجة ادّعاء عريض.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 01:54]ـ
أسئلة لمن يجيز كشف الوجه:
يعني لجمهور أهل العلم
1 - هل ترى الدعوة لهذا الأمر في مجتمع يعمل نساؤه بالأفضل، وهو التغطية، ولماذا؟ وألا ترى - إن جوزت هذا - أن صاحبه مريض قلب، أو فاقد حكمة، حيث يتحمس لهذا الأمر، ولا نرى منه إلا الصمت عن منكرات التبرج و .. !
نحن في تأصيل الحكم الشرعي، أما الفتوى والدعوة فلها بابها وضوابطها، أما الصمت عن منكرات التبرج فلله الحمد نحن لم نكن ولن نكون ساكتين عن أي منكر، من التبرج إلى حوار الأيان في مدريد، لا نخاف في ربنا لومة لائم، وما كنا لنذكر ذلك لولا الاستفزاز.
2 - هل تفرق بين الكشف والنظر؟ أي أنك تجيز الكشف، ولكن هل يجوز عندك النظرة الثانية والثالثة و ... لوجه الكاشفة؟ (وسائل الإعلام نموذجًا). وما قولك في " النظرة الأولى لك .. "؟
اقول بجواز الكشف والتفريق بين النظر المجرد والنظر بشهوة.
- بناء على رأيك طبعًا -.
وعلى رأي أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
3 - هل جواز الكشف، يجيز للمرأة تزيينه بالأصباغ أو إخراج جزء من شعرها .. كما هو حاصل؟ ولماذا لا نرى إنكارًا منكم لهذه التجاوزات، التي تُقحم برأيكم؟
سامحك الله وغفر لك، أنت حتى لا تعرفني وتحكم بأني لا أنكر هذه التجاوزات، (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسئولا).ثم ليس إخراج جزء من الشعر بأفظع من كثير من المنكرات التي لا نسمع لكم فيها حسا ولا ركزا، واللبيب بالإشارة يفهم.
4 - هل يجوز الكشف زمن الفتنة؟ أو أن الأمر مطلق.
كلمات فضفاضة، فما هو ضابط الفتنة ومعيارها؟.ثم نحن في باب معرفة الحكم الأصلي.
غفر الله لنا ولكم. ما كنت أتمنى هذا التشنج، لكن البعض يظن في نفسه حارسا للفضيلة، والقائل بجواز الكشف داعية للسفور والتبرج.
=============
روابط مفيدة:
-وقفات مع من يرى كشف الوجه.
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/30.htm
- بدايات السفور في العالم الإسلامي. وأن النساء المسلمات كن يسترن وجوههن إلى ما قبل الاستعمار الذي شجع السفور ..
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/w.htm
- أكذوبة أن الكشف قول الأئمة والجمهور!!
http://www.saaid.net/female/h54.htm
وفقكم الله .. [/
السؤال
UOTE]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 01:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من الإخوة أن لا يكون النقاش بأمور مسلمة لا يمكن النقاش فيها ولو إدعى الإجماع من قال بجواز كشف المرأة وجهها لكان قوله ليس ببعيد ونسبت القول بالجواز للجمهور هو المدون في كتب المذاهب وهي المرجع في ذلك واشتراط الفتنة لا يخرج هذه النسبة وهي الجواز لأن الفتنة أمر عارض ونحن نتكلم عن كشف المرأة وأصله هل هو جائز أم لا.
ألا ترى مسألة خروج المرأة من بيتها جائز لكن لو كان خروج المرأة من بيتها أدى إلى فتنة أو خرجت متطيبة يكون الخروج إذا محرم وهل لو قال أحد أن خروج المرأة من بيتها جائز يمكن أن يعرض طبعا" لا.
أيضا" بيع السلاح جائز هل يمكن ان يعارض ويقال أنه يشترط أن لا يكون بيعه وقت فتنة بين المسلمين طبعا" لا لأنه يتكم عن هذه المسألة من حيث أصلها لا لوجود عارض والمباح كالعجين يتكيف.
وهذا النقاش للمدارسة والفائدة وتحصيل العلم والتمرين على النقاش العلمي.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 02:13]ـ
إلى الأخ صاحب النقب
عجيب دعواك هذه التي نقلتها عن الشيخ حمود،فما رأيك في هذه النقول التي أوردها الشيخ الالباني، وإذا رددت عليها جئتك بغيرها مما لم يذكره الشيخ.
(الأول: قال ابن حزم في كتابه" مراتب الإجماع" (ص29) ما نصه:
" واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟ "
وأقرَّه شيخ الإسلام ابن تيمية في تعليقه عليه، ولم يتعقبه كما فعل في بعض المواضع الأخرى.
الثاني: قال ابن هبيرة الحنبلي في " الإفصاح" (1/ 118 - حلب):
" واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالك الشافع: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها وخاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي".
وفاتته رواية ثالثة وهي: أنها كلها عورة حتى ظفرها كما بأتي مع بيان رد ابن عبد البر لها قريباً.
الثالث: جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (1/ 167 - الطبعة الثانية):
" أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة".
ثم استثنى من ذلك مذهب الشافعية وفيه نظر ظاهر لما تقدم في " الإفصاح" وغيره مما تقدم ويأتي.
الرابع: قال ابن عبد البر في "التمهيد" (6/ 364) - وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنمه قول الائمة الثلاثة وأصحابهم وقول الأوزاعي وأبي ثور-:
" على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها! "
ثم قال ابن عبد البر:
" قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به وأجمعوا أنها لا تصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! وقد روي نحو قول أبي بكر هذا عن أحمد بن حنبل…"
قلت: وقد كنت نقلت فيما يأتي من الكتاب (89) عن ابن رشد: أن مذهب أكثر العلماء على وجه المرأة ليس بعورة وعن النووي مثله، وأنه مذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن أحمد فبعض هذه الأقوال من هؤلاء العلماء الكبار كافية لإبطال دعوى الشيخ الإجماع فكيف بها مجتمعة؟! وإذا كان الإمام أحمد يقول فيما صح عنه: " من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعل الناس اختلفوا؟! " إذا كان هذا قوله فيمن لا يدري الخلاف، فماذا كان يقول يا ترى فيمن يدري الخلاف ثم يدعي الإجماع؟!)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 02:24]ـ
الاخ الحبيب: عبدالله الشهري
هل صحيح ما يذكر عن ديار الجنوب انهم لم يعرفوا الحجاب الا من قريب؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
للفائدة فحسب فأرجو الا يفهم كلامي خطأ!
الاخ الحبيب ابو زياد النعماني: مالك كتبت بالحجم الكبير ثم رجعت الى الحجم الصغير , فهل تغير فيه الرأي ايضا! (ابتسامة)
ذكرت اخي الحبيب الرواية التي تفيد بأن الخثعمية كانت حلالا , فهذه الرواية حجة لنا عليك!
وذلك ان نظر الفضل اليها قد يكون الى قوامها او مارأى من بياض يديها وسماع صوتها فشده ذلك الى النظر اليها كسائر البشر , ولا أظنك تخالف في هذا , في ان الانسان الشاب قد يشده الصوت والقوام سيما اذا كانت قريبة منه وتخاطبه او تنظر اليه وقد بدا منها شيء من بشرتها!!
وثمة مدخل آخر (وهو المقصود بالاحتجاج): فانها اذا كانت حلالا لم يمتنع عليها ان تلبس النقاب , فربما كانت لابسة للنقاب وكان النقاب واسعا قليلا وقد بدت عيناها وشيئ من بياض وجهها , وربما ايضا كانت مكتحلة فزادها جمالا في عينيها وهذا لوحده كاف في جذب الانظار اليها , واذا كانت على هذا الوصف وهو محتمل جدا على الرواية المذكورة ساغ وصفها بأنها حسناء او وضيئة على التسليم بصحة هاتين اللفظتين والا فقد حكم بشذوذها محدث العصر ابي عبدالله العلوان حفظه الله.
والمرأة يظهر ايضا انها اعرابية ليست من اهل المدينة فربما جهلت بعض احكام الحجاب والزينة سيما انها كانت شابة.
واذا قلنا بأنها كانت منتقبة فلا شك ان عينيها قد بدتا ومن هنا عرفوا انها تنظر الى الفضل رضي الله عنه.
واما كون النبي صلى الله عليه وسلم جعل يصرف وجه الفضل عنها فلأنهما شاب وشابة وقد ظهر منهما ما يوجب التفريق بينهما بصرف من امكن صرفه منهما وهو الفضل , فان المراة قد اقبلت مستفتية فلم يمكن صرفها عنه بالقول , فكان فعله صلى الله عليه وسلم مع الفضل كافيا في الانكار عليه وعليها ايضا , فان العاقل يفهم من فعله صلى الله عليه وسلم انه انكار على الاثنين معا , الاول بالفعل والاخرى بالتنبيه , وهذا من حيث الرؤية , فان الرؤية الى المرأة المحجبة للحاجة كاستفتاء ونحوه جائز مالم تخش الفتنة والا منع , وهذا هو الحاصل مع الفضل ولذا صرف عنها , وليس لكونها كانت كاشفة لوجهها! والله اعلم
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 03:14]ـ
واذا نظرنا في مسألتنا هذه لم يشك الناظر المنصف ان ادلة المنع من كشف الوجه هي الاقوى والاكثر والاصرح
لو عكست الآية لكان كلامك أكثر دقة.
وهذا لا يخالف فيه الا مكابر!!
حقا لا يخالف إلا مكابر في جواز الكشف لقوة الأدلة وصراحتها.
ومعلوم ان القوة والكثرة والصراحة من اعظم وجوه الترجيح.
أحسنت بارك الله فيك، فالقوة من حيث الصنعة الأصولية ظاهرة في جانب المجيزين، أما الكثرة فحدث ولا حرج، من حديث أسماء إلى الخثعمية إلى سفعاء الخدين إلى الواهبة نفسها إلى السوداء إلى .........
أما من حيث كثرة القائلين،فلا تستطيعون المبارزة، إن جئتم بواحد جئنا بألف.
أما الصراحة فذلك ما نطالب به، أريد نصا واحدا، نصا واحدا فقط، صريح الدلالة على الإيجاب، واريده من السنة، لأن الآيات كلها محل خلاف في التأويل،فهي ليست صريحة، أريد نصا صحيحا صريحا واحدا وسأنسحب من النقاش.
ولكن احيانا قد يغلب على الانسان بحكم بيئته التي يعيش فيها ميل باطني الى تبرير واقعه والاعتذار لمن حوله ممن يحب وتأبى نفسه من تأثيمه , فيعمد من دون ان يشعر الى ترجيح ما يوافق بيئته , متعللا بالمصلحة احيانا او بالخلاف او بصعوبة تغيير الواقع او صونا لاتهام اهل الدين بالشدة وغير ذلك من الاعذار الواهية التي ترجع في الاساس الى الظروف المحيطة بطالب العلم اوحتى بالعالم.
ومن هذا الباب زل من زل من العلماء او من طلاب العلم , كمن افتى بكراهة الدخان دون تحريمه او بجواز الغناء او بأن اعفاء اللحية غير واجب وغير ذلك من المسائل المشتبهة , التي يكون الحاكم فيها احيانا بيئة الانسان لا اصول الشريعة!!
واحيانا يغلب على الإنسان النتصار لقول شب عليه، او وجد عليه مشايخه، فتجده يميل إلى ترجيحه حتى لو ظهرت له مئات الأدلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما نحن ولله الحمد فقائدنا الدليل، وشعارنا (إيثار الحق على الخلق)،وأنا رغم اني بالمغرب، حيث الانحلال والميوعة والانحراف بلغوا حدا يصعب تصوره، ومع ذلك زوجتي متنقبة، وأخواتي متنقبات، غير متأثرين ولله الحمد ببيئة أو مجتمع، لكن هذا شئء،وتأصيل المسائل العلمية بالقواعد المتبعة شيء آخر، فكفوا عنا تحليلاتكم ونظرياتكم التي لا تتجاوز أقلامكم وهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 05:14]ـ
ألأخ الشهري قولك إدعاء عريض: هذا لا يتوجه لي بل يتوجه للشوكاني و ابن عثيمين و بكر أبو زيد أن إدعاءهم عريض
فهل هم لم يقرؤوا مذاهب الأئمة الأربعة جيداً كما أني لم أقرأها جيداً، أنا مجرد ناقل، و هذا الإدعاء العريض لم مللت من نقل ما يدل أنه عريض و لم يملوا هم من نقله
من لم يمل من نقل دليله حجة على من مل و من حفظ حجة على من لم يحفظ
الأخ الطائي: إن كنت تقول لو ادعى الإجماع من قال بجواز كشف الوجه لكان ليس ببعيد
فلماذا لما ادعى المدعي خلافه لم يكن بقريب و قولكم هو القريب مع أننا نقلنا و لم تنقلوا إذا كان بالقوة فلا داعي للمذاكرة و أن نتعب أنفسنا بنقل الأدلة التي مل من نقلها صاحبك و لم نمل فإن كان الحق لم يكن مع من نقل الدليل، فمع من يكون
وقولك: نسبت القول بالجواز للجمهور هو المدون في كتب المذاهب وهي المرجع في ذلك، انقل النص الذي نسب للجمهور القول بجواز السفور، و هل تظن أن الشوكاني نقل الإجماع و لم ير كتب المذاهب الأربعة، أم أنك تريد مثل أصحابك أن قول الجمهور أن وجهها ليس بعورة، هذه نعرفها من قبل و لا علاقة لها بالسفور، لأنهم إذا قالوا ليس بعورة قالوا هو زينة و لم يقولوا هو مثل وجه الرجل، و هم يحرمون التبرج بزينة، و إن قلت لم تفهموا و الشوكاني لم يفهم، فانقل نصوصهم التي لم نفهمها و لا تقل مللت مثل الأخ الشهري
وقولك: ألا ترى مسألة خروج المرأة من بيتها جائز لكن لو كان خروج المرأة من بيتها أدى إلى فتنة أو خرجت متطيبة يكون الخروج إذا محرم وهل لو قال أحد أن خروج المرأة من بيتها جائز يمكن أن يعرض طبعا" لا.
لا لا أرى أن خورجها من المنزل جائز إلا لضرورة أو حاجه مثله مثل كشف الوجه عند المخالف و الدليل قوله تعالى: " و قرن في بيوتكن "
فلا يجوز إتخاذ مقر دائم غير البيت إلا لضرورة، و لا يجوز إتخاذ مقر عارض غير البيت إلا لحاجة، أما أن تكون خراجة و لاجه فهذا لا يجوز
و قولك: أيضا" بيع السلاح جائز هل يمكن ان يعارض ويقال أنه يشترط أن لا يكون بيعه وقت فتنة بين المسلمين طبعا" لا لأنه يتكم عن هذه المسألة من حيث أصلها لا لوجود عارض والمباح كالعجين يتكيف.
قياس مع الفارق لأن بيع السلاح الأصل فيه الحل عند الفقهاء، و يحرم عند الفتنة، أما كشف الوجه فالأصل فيه التحريم منذ نزول آية الحجاب و لا نمنع من أن الضرورة و الحاجة تخرم الأصل
و قولك: وهذا النقاش للمدارسة والفائدة وتحصيل العلم والتمرين على النقاش العلمي.
أعرف و قد قلته قبل ذلك في موضوع تذكره قد ناقشتني فيه و هو التصوير
الأخ أبو عائشة: كل نقولك في أن الوجه ليس بعورة، و الله الذي لا إله إلا هو الذي رفع السماء بلا عمد و الذي نفسي بيده، أني أعرف أن الوجه ليس بعورة عند بعض أهل العلم و قد ذكرته مراراً، و لكن من قال هو ليس بعورة قال هو زينة
فإن استطعت أن تأتي بقول فقيه واحد يقول ليس بعورة و لا زينة و إنما مثل وجه الرجل يجوز كشفه دائماً فافعل و لا تقل مثل صاحبك مللت من النقل، فإذا نفينا قلت اقرؤوا جيداً
فأقول لك و لصاحبك إما انقلوا لنا و إما اعذرونا في فهم ما قرأنا على ظاهره
قولك: واحيانا يغلب على الإنسان النتصار لقول شب عليه، او وجد عليه مشايخه، فتجده يميل إلى ترجيحه حتى لو ظهرت له مئات الأدلة.
سبقك بها الشيخ الألباني رحمه الله
و كان الشيخ التويجري و أتباعه نحن نستطيع أن نقول رمتني بدائها و انسلت، و لكن لن نقولها في حقكم، كما قلتها في حفنا
و نحن نقبل الحق ممن جاء به لكن من يقول قولي حق و قولكم باطل فإذا قلنا ما دليلك قال مللت من نقله، فكيف يلزمنا بمعذرته، و إذا قلنا سنقرأه عنك حتى لا تمل قال لم تفهموه، هل هذه هي المدارسة التي يقولها أخونا الطائي و نحن نقولها، إذا جاء ذكر الأدلة قال مللت من نقلها
و قولك: فكفوا عنا تحليلاتكم ونظرياتكم التي لا تتجاوز أقلامكم وهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
نحن أتينا بأدلتنا و نقلنا الإجماع و أجبنا عن الأحاديث التي أورتموها و نقلنا العلل الفقهية في عدم تسوية وجه المرأة بالرجل
و أنتم تدورون في الفقه على مسألتين
أن وجه المرأة ليس بعورة، و هذا نسلم أنه سائغ و لكن لا نسلم بأنه يلزم منه جواز كشفه مطلقاً
و أنها إذا كشفت وجهها جاز النظر إليه، و هذا نسلم أنه سائغ لكن لا يلزم منه أنها يجوز لها كشفه مطلقاً
أما النص الفقهي في محل النزاع هل جواز الكشف لها مطلق أو للضرورة و الحاجة فلا أحد منكم نقله إلى الآن، و لا ينفع أن يقول مللت من نقله و هو لم ينقله أصلاً حتى يمل و إنما نقله في مسألة
أخرى يظنها هي
و الحديث الذي قال أخونا أبو زياد أنه أصرح دليل ليس فيه دليل على أنها كشفت مطلقاً من غير حاجة
فمن الذي أصل المسألة بالقواعد المعتبرة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 08:36]ـ
هذا منقول من الموسوعة الكويتية.
عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ:
3 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ جِسْمَ الْمَرْأَةِ كُلَّهُ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ إِلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الرِّجَال وَإِلَى الأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ (1) لَكِنْ جَوَازُ كَشْفِ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ.
وَوَرَدَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْل بِجَوَازِ إِظْهَارِ قَدَمَيْهَا؛ لأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَهَى عَنْ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ وَاسْتَثْنَى مَا ظَهَرَ مِنْهَا. وَالْقَدَمَانِ ظَاهِرَتَانِ (2)، وَيَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ ظَهْرَ الْكَفِّ عَوْرَةٌ؛ لأَِنَّ الْكَفَّ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالاً لاَ يَشْمَل ظَهْرَهُ (3).
وَوَرَدَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْل بِجَوَازِ إِظْهَارِ ذِرَاعَيْهَا أَيْضًا لأَِنَّهُمَا يَبْدُوَانِ مِنْهَا عَادَةً (1).
وَجَازَ كَشْفُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِمَا بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (2) أَيْ مَوَاضِعَهَا، فَالْكُحْل زِينَةُ الْوَجْهِ، وَالْخَاتَمُ زِينَةُ الْكَفِّ (3)، بِدَلِيل مَا رُوِيَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا، وَقَال: يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (4)
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ (5) فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَدْرِ الْمُسْتَثْنَى فَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الثِّيَابُ، وَزَادَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْوَجْهَ. وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا وَعَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ وَالثِّيَابُ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الْكُحْل وَالسِّوَارُ وَالْخِضَابُ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ وَالْقُرْطُ وَالْفَتْخُ.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِذَا عَرَكَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَحِل لَهَا أَنْ تُظْهِرَ إِلاَّ وَجْهَهَا، وَإِلاَّ مَا دُونَ هَذَا، وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاعِ نَفْسِهِ، فَتَرَكَ بَيْنَ قَبْضَتِهِ وَبَيْنَ الْكَفِّ مِثْل قَبْضَةٍ أُخْرَى (1)
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَشَرْطُ السَّاتِرِ مَنْعُ إِدْرَاكِ لَوْنِ الْبَشَرَةِ لاَ حَجْمِهَا، فَلاَ يَكْفِي ثَوْبٌ رَقِيقٌ وَلاَ مُهَلْهَلٌ لاَ يَمْنَعُ إِدْرَاكَ اللَّوْنِ (2).
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ كُل شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيِّ عَنْهَا حَتَّى ظُفْرَهَا (3)، وَرُوِيَ عَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ مَنْ يُبِينُ زَوْجَتَهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُل مَعَهَا لأَِنَّهُ مَعَ الأَْكْل يَرَى كَفَّهَا، وَقَال الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَحْرُمُ نَظَرُ الأَْجْنَبِيِّ إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَيُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إِلَى هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (1). وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْحُرْمَةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهُ: يَا عَلِيُّ لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُْولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآْخِرَةُ (2) وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ الْفَضْل بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ رَدِيفَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
(يُتْبَعُ)
(/)
الْحَجِّ فَجَاءَتْهُ الْخَثْعَمِيَّةُ تَسْتَفْتِيهِ، فَأَخَذَ الْفَضْل يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ هِيَ إِلَيْهِ، فَصَرَفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَجْهَ الْفَضْل عَنْهَا (3).
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْعَجُوزُ الَّتِي لاَ يُشْتَهَى مِثْلُهَا لاَ بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا (4)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا} (5) وَفِي مَعْنَى الْعَجُوزِ الشَّوْهَاءُ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى،وَمَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ مِنَ الرِّجَال لِكِبَرٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ مَرَضٍ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَالْخَصِيُّ وَالشَّيْخُ وَالْمُخَنَّثُ الَّذِي لاَ شَهْوَةَ لَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ذَوِي الْمَحَارِمِ فِي النَّظَرِ (1)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ}. (2)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الأَْجْنَبِيِّ، إِذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ حَتَّى إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (3).
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: ظُهُورُ الْمَرْأَةِ بِالزِّينَةِ لِلصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَالَّذِي لاَ يَعْرِفُ الْعَوْرَةَ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ لاَ بَأْسَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (4)، وَأَمَّا الَّذِي يَعْرِفُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا وَقَارَبَ الْحُلُمَ فَلاَ يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاءُ زِينَتِهَا لَهُ (5).
وَقَال الْفُقَهَاءُ: مَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا سَوَاءٌ أَذِنَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بِهِ أَمْ لَمْ يَأْذَنَا بِهِ (6)، لأَِنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَمَا خَطَبَ امْرَأَةً: انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا (1)
وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا النَّظَرُ إِلَى مَا هُوَ غَيْرُ عَوْرَةٍ مِنَ الرَّجُل إِنْ أَرَادَتْ الاِقْتِرَانَ بِهِ (2).
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خِطْبَة ف 26، 29)
أَمَّا صَوْتُ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ بِعَوْرَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَيَجُوزُ الاِسْتِمَاعُ إِلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (3)، وَقَالُوا: وَنُدِبَ تَشْوِيهُهُ إِذَا قُرِعَ بَابُهَا فَلاَ تُجِيبُ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ.
الإِْنْكَارُ عَلَى النِّسَاءِ الأَْجَانِبِ كَشْفَ وُجُوهِهِنَّ:
7 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ: بِأَنَّهُ تُنْهَى الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ عَنْ كَشْفِ الْوَجْهِ بَيْنَ رِجَالٍ أَجَانِبَ عَنْهَا، لاَ لأَِنَّهُ عَوْرَةٌ بَل لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، كَمَا يُمْنَعُ الرَّجُل مِنْ مَسِّ وَجْهِهَا (1).
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ قَوْلَيْنِ فِي جَوَازِ الإِْنْكَارِ عَلَى النِّسَاءِ إِذَا كَشَفْنَ وُجُوهَهُنَّ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالُوا: يَنْبَنِي هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ هَل يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ وَجْهِهَا، أَوْ يَجِبُ عَلَى الرِّجَال غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهَا؟ قَال الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضٍ - أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا فِي طَرِيقِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَهَا، وَيَجِبُ عَلَى الرِّجَال غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهَا فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (1)}. إِلاَّ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي (2) وَقَالُوا: فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا فِي طَرِيقِهَا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: كَشْفُ النِّسَاءِ وُجُوهَهُنَّ بِحَيْثُ يَرَاهُنَّ الأَْجَانِبُ غَيْرُ جَائِزٍ (3).
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:29]ـ
الأخ الطائي:
جاء في الموسوعة: لأَِنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ إِلَى الْمُعَامَلَةِ (أليس هذا ما كنت أقوله أن قول القائلين بالجواز هو للحاجة و ليس مطلقاُ)
أما عن غير الحاجة فهذا نص الشافعية و الحنفية الذي جاء في نقلك: وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: ظُهُورُ الْمَرْأَةِ بِالزِّينَةِ لِلصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَالَّذِي لاَ يَعْرِفُ الْعَوْرَةَ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ لاَ بَأْسَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (4)، وَأَمَّا الَّذِي يَعْرِفُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا وَقَارَبَ الْحُلُمَ فَلاَ يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاءُ زِينَتِهَا لَهُ (5). وهذا قولهم إذا لم يكن هناك حاجة
و جاء في الموسوعة: وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ كُل شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيِّ عَنْهَا حَتَّى ظُفْرَهَا (أليس هذا ما نقلته عن أحمد)
ثم انتهى المنقول و صاروا يتكلمون عن ما إذا كشفت لضرورة أوحاجة ثم رآها رجل و حصلت فتنة فهل ينكر عليها أو عليه (لاحظ أن هذا عندما تنضبط بقول العلماء فتأخذ بقول من قال تكشف لضرورة أوحاجة الذي سبق بيانه، و سواء قام المنكر للفتنة بأمرها بالتغطية أو قام بصرف وجه من ينظر إليها فق زال المحظور و الفتنة، ما دام أن كشفها لضرورة أو حاجة و ليس دائماً)
فنقلك يؤيد ما كنت أقول بالضبط، فلا أظن أنك تريد أن أرد عليه، و جزاك الله خيراً على النقل
ملخص الموضوع
1 - اختلف الفريقين هل وجه المرأة عورة أو زينة على قولين، و من قال ليس بعورة و لا زينة فهو أجهل من حمار أهله
2 - اتفق القائلون بأنه زينة على أنه كان في أول الإسلام زينة ظاهرة ثم استقر الحكم أنه من الباطنة
3 - اتفق القائلون بأنه زينة باطنه على أنه لا يجوز كشفه إلا عند الحاجة مع أمن الفتنة و من قال عورة قال عند الضرورة
و كل هذا دعى الشوكاني لنقل الإجماع على تحريم سفور الوجه، و لو لم تصح هذه الثلاث لم يصح نقله الإجماع على تحريم السفور، و لن ينفع القائل بالسفور رمي الحنابلة بأنهم يلزمونه بعادات قومهم، بل يلزمونه بالدليل، و لن ينفعه التترس بالجمهور، لأنه يقصرون إظهار الوجه على الحاجة و لا يعممونه مثله
و بما أنه لم يخرق هذا الإجماع أحد في هذا الموضوع بآية و لا حديث و إجماع مخالف و لا قياس و لا حتى قول إمام
فقد انتهى كلامي
فقد ورد الحث على ترك المرء المراء و لو كان محقاً
و جزاكم الله خيراً جميعاً و بارك فيكم و بارك في مشايخنا و مشايخكم و وفقنا جميعاً للقول بالحق و العمل به، و اعلموا أننا نحبكم في الله، و إنما الذي نكرهه في الله هم المنافقون الذين يريدون بنشر السفور ما وراءه إلى أن يصلوا إلى شواطئ العراة
كفانا الله و إياكم شر المنافقين و إخوانهم الكافريبن
و الله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 10:07]ـ
أنصحك يا أخي أن تطلب العلم ولا تنسى معرفة الظاهر من المذهب والصحيح من المذهب.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 10:42]ـ
أحسنت و جزاك الله خيراً على النصيحة فبالاستمرار في طلب العلم يعرف الطالب ما الظاهر من المذهب و ما الصحيح
لكن هذه بعد أن يعرف ما معنى المذهب و لا ينسب للناس مذاهب لم يقولوا بها
أما الظاهر و الصحيح فكلها من المذهب
و الكلام في غير محل النزاع يصرف عن الكلام في محله
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 11:30]ـ
الاخ الحبيب: عبدالله الشهري
هل صحيح ما يذكر عن ديار الجنوب انهم لم يعرفوا الحجاب الا من قريب؟!
للفائدة فحسب فأرجو الا يفهم كلامي خطأ!
يغنيك عن هذا مراسلتي على البريد الخاص أيها المحب للفائدة!
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 01:02]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ألأخ الشهري قولك إدعاء عريض: هذا لا يتوجه لي بل يتوجه للشوكاني و ابن عثيمين و بكر أبو زيد أن إدعاءهم عريض
كنت بعيداً عن مكتبتي وأنا اكتب إليك، وكنت أظن رغبتك لن تظن عليك بمراجعة ما اقترحته عليك، ولكن مادام أنك لم تقنع ولو بالإحالة الدقيقة الواضحة، وتريد التعليم بالنيابة، أنقل لك نص الإمام القطان على أن المسألة "خلافية"! قال رحمه الله ص 135: ((الوجه والكفين والقدمين، هل يجوز للمرأة ابداؤها أو لا يجوز؟ أعني للأجانب وهو موضع خلاف)). [1]
وقال رحمه الله، ص142 - 143: ((سئل مالك [2]: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال: ليس في ذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال، وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله، ومع أخيها على مثل ذلك، ويكره للمرأة أن تخلو مع رجل ليس بينه وبينها حرمة)). ثم قال: ((هذا نص قوله وفيه إباحة إبدائها وجهها وكفيها ويديها للأجنبي، إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا، وقد أبقاه الباجي على ظاهره: وقال: إنه يقتضي أن نظر الرجال وجه المرأة وكفيها مباح ... وكذلك فهمه ابن عبدالبر إلا أنه خالف مالكاً فيه)).
.... والنقولات كثيرة يمنعني من نقلها كونها مما اشتهر وعرف عند من يطلع ويقرأ ويبحث.
وأما ما حكاه الشيوخ بكر أبو زيد وابن عثيمين رحمهما الله فهو اجتهاد لهم، ولم يذكرا أبداً أن الإجماع منصوص عليه ومنعقد صراحة، وإنما استفادا إجماعاً عملياً بالاجتهاد، لا الإجماع القولي المعروف. والمسألة محل اجتهاد لأنها خلافية أصلاً، ولا يمنع ذلك من ترجيح القول بوجوب تغطية الوجه دائماً بحضرة الأجانب، ولكن الجزم بحصول الاتفاق بعيد جداً. هذا هو الفرق بين أسلوبك في تقرير الإجماع وأسلوب الشيخين رحمهما الله، حيث ان عباراتك صارمة وفيها نبرة تحدي ولا داعي لهذا كله:
الأولى:
إلى الآن لم يأت أحد بنص عن إمام واحد في محل النزاع و هو جواز إبداء المرأة زينتها أمام الأجانب بلا ضرورة و لاحاجة فانفشوا خزائن المخطوطات و المطبوعات التي كتبت من أول نزول آية الحجاب إلى الآن في العالم كله و إتوني بهذا النص.
الثانية:
و النظر إلى أحكام النظر قد جعل باباً الباب الثاني: فيما يجوز إبداؤه للناظرين من الجسد وما يمنع فيحرم أو يكره ثم جعل مسألة عن حكم إظهار الوجه، و لم يقل فيه بوجود قول يجيزه مطلقاً بل خلاف المذاهب الأربعة ما بين محرم له و هم الحنابلة و ما بين مبيح له لحاجة و هم غير الحنابلة
تعليق: كلام غير دقيق بدلالة نص مالك في مؤاكلة المرأة للأجنبي، ولا حاجة تدعو لذلك، ومع هذا خرج جواب مالك مخرج العموم!
الثالث: وهو ادعاء الإجماع مطلقاً.
و أنا أقول و حاصل [أي الاتفاق] على أنها لا تكشف وجهها دائماً و إنما عند الضرورة أو الحاجة
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
[1] النظر في أحكام النظر، طبعة دار إحياء العلوم، تحقيق: إدريس الصمدي.
[2] نصه في "الموطأ"، ص 574، ط. دار إحياء التراث العربي، فقرة رقم: 916.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 02:08]ـ
الاخ الحبيب عبدالله الشهري
كان ينبغي عليك - رحمك الله - ان تحترز في انتقاء اقوال أئمتنا رضي الله عنهم ,
وقول مالك هنا رحمه الله ان كان يريد بالكراهة في الخلوة الكراهة التنزيهة , فهذا قد قيل في مثله (وقال ابن أبي ذئب: يستتاب مالك في تركه لهذا الحديث!) المغني - باب الخيار
ولست اريد ان مالكا يستتاب على ترك حديث الخلوة , فلست جريئا لهذا الحد وانا الذي لم ابلغ شراك نعله رضي الله عنه , وانما اردت ان الائمة رضي الله عنهم يصيبون ويخطئون , وليست اقوالهم نصوصا شرعية يُحتكم اليها , حتى لا يظن بعض الناس ان لهم سلف فيها فيقولون بها , فان هذا من اعظم الجهل والله المستعان!
وقد نسب الى الائمة رحمهم الله (ما رأيتم من اقوالي معارضا للكتاب والسنة فاضربوا به عرض الحائط) او كما قيل!
فكان ينبغي عليك ايها الكريم صيانة اعراضهم رحمهم الله بانتقاء اقوالهم مما لا يعلم معارضته لظاهر القران او لصحيح السنة , او على الاقل تقرر ما فيها من الخطأ اذا اردت نقل الشاهد لكلامك منها!
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 03:06]ـ
الاخ الحبيب عبدالله الشهري
كان ينبغي عليك - رحمك الله - ان تحترز في انتقاء اقوال أئمتنا رضي الله عنهم ,
وقول مالك هنا رحمه الله ان كان يريد بالكراهة في الخلوة الكراهة التنزيهة , فهذا قد قيل في مثله (وقال ابن أبي ذئب: يستتاب مالك في تركه لهذا الحديث!) المغني - باب الخيار
ولست اريد ان مالكا يستتاب على ترك حديث الخلوة , فلست جريئا لهذا الحد وانا الذي لم ابلغ شراك نعله رضي الله عنه , وانما اردت ان الائمة رضي الله عنهم يصيبون ويخطئون , وليست اقوالهم نصوصا شرعية يُحتكم اليها , حتى لا يظن بعض الناس ان لهم سلف فيها فيقولون بها , فان هذا من اعظم الجهل والله المستعان!
وقد نسب الى الائمة رحمهم الله (ما رأيتم من اقوالي معارضا للكتاب والسنة فاضربوا به عرض الحائط) او كما قيل!
فكان ينبغي عليك ايها الكريم صيانة اعراضهم رحمهم الله بانتقاء اقوالهم مما لا يعلم معارضته لظاهر القران او لصحيح السنة , او على الاقل تقرر ما فيها من الخطأ اذا اردت نقل الشاهد لكلامك منها!
أخي الكريم هذا كلامه الموجود في الموطأ الذي ملأ الآفاق، ليس سراً، هو نص مشهور معروف متداول بين أهل العلم يتناقلونه ولا يثرّب أحد على أحد. ولكن كلامك أقرب لتفسير النوايا والمقاصد، ولذلك وضعتني موضع من لم يصن أعراض أهل العلم!
الغرض من هذه المشاركة هو رد دعوى الاجماع التي يجزم بها البعض على أن المرأة حرام عليها كشف وجهها أمام الأجانب، أو أنه عورة مطلقاً، وأما كلام الإمام مالك فيقال فيه ما قال هو بنفسه رحمه الله: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 03:18]ـ
الغرض من هذه المشاركة هو رد دعوى الاجماع التي يجزم بها البعض على أن المرأة حرام عليها كشف وجهها أمام الأجانب، أو أنه عورة مطلقاً، وأما كلام الإمام مالك فيقال فيه ما قال هو بنفسه رحمه الله: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد.
الإجماع على رأي البعض قد يقع بعد خلاف؛ فنقلك لوجود الخلاف هو محمول على عصر من العصور و إدّعاء الإجماع محمول عندهم على وقوعه في عصر آخر. فأظن أنّ ما نقلته ليس كاف للرّد على دعواهم للإجماع -وفقك الله-
أنت لما تقول: كيف سيكون هناك إجماع في عصر السلف و قد جهله الإمام مالك و و ...
فسيقال لك قد يكون هذا الإجماع قد حصل بعدهم و الأصل الأخذ بكلام أهل العلم و من علم مقدّم على من لم يعلم.
و من أثبت الإجماع من العلماء الأصل فيهم أنّهم ثقة و خبرهم ثقة و هناك من لم يقيّده بالسلف الصالح و لن يثبتوا الإجماع إلا بهد إطّلاعهم و علمهم بجميع مذاهب المجتهدين في عصر من العصور حول هاته المسألة
ـ[أبو محمد الحنبلي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 03:35]ـ
جزاكم الله خير نقاش ثري وأعتقد أن رسائل علمائنا كفت ووفت
ومن وجهه نظري أن الأدلة بين القولين متساوية
وهذا إن دل دل على طلب الحق
وإذا تأملنا القولين
وجدنا الأول الذي يرى يالمنع وذلك سدا للذرائع خصوصا بهذا الزمان
ومن قالوا بالجواز وقفوا على ظاهر النصوص المتوفره والكل مثاب والأولى ما ذهب أليه الفريق الأول سدا للفتنة والله تعالى أعلم
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 04:54]ـ
الأخ الشهري: قلت: قال رحمه الله ص 135: ((الوجه والكفين والقدمين، هل يجوز للمرأة ابداؤها أو لا يجوز؟ أعني للأجانب وهو موضع خلاف))
أعرف أن فيها خلاف لكني أخصه بالحاجة، و المؤلف خصه بالحاجة أيضاً في الفصل الذي بعد هذا و لم تذكره و هو فصل الضرورات
سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال: ليس في ذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال، وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله، ومع أخيها على مثل ذلك، ويكره للمرأة أن تخلو مع رجل ليس بينه وبينها حرمة)
1 - نص مالك ليس فيه أنها كاشفة للوجه
2 - الذي فهم أنها كاشفه هم المالكية العلماء المذكورون الباجي فهمه و أقره و ابن عبد البر فهمه و خالفه
3 - الذين فهموا منه كشف الوجه، أكمل الكلام لتعلم أنه للحاجة
4 - فقوله: (إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال) هذا عفو عن هذا الاختلاط العارض لأن العرف يقره، و ليس عن الاختلاط الدائم الذي ينكره الشرع
5 - قوله: (و قد تأكل) المضارع بعد قد للتقليل أي هذا ليس دائماً بل و لا غالباً و إنما نادراً و هذا ما كنت أقول أن من أباح كشف الوجه لم يجعله دائماً و إنما للحاجة و هذا خلاف سائغ نقره
فهذا القول لا يخرق الإجماع الذي ذكره الشوكاني لأنه ليس في محل النزاع الذي هو جواز كشف المرأة وجهها دائماً، و إن ظننت أني لم أفهم قول مالك لأني إنما أنا كاتب في منتدى مجهول العين و الحال مثلك، فهل الشوكاني لم يفهم كلام مالك و أصحابه، أو أن هناك من وسع كلام المالكية و الجمهور وجعله دائماً، و هم لا يريدون دائماً
و انظر ما نقل الأخ الطائي من كلام الجمهور في الموسوعة الفقهية فهم يخصونه بالحاجة
و الآن علمت لماذا تمل من النقل، لأن النقل الذي تنقله إن كان مثل هذا فهو كثير جداً و ستمل بالتأكيد لكنه ليس في محل النزاع فلا تتعب نفسك و لا تتعبنا ينقل نصوص ليست في محل النزاع، و إن وجدت نصاً فتأمل فيه أولاً، فإذا تأكدت أنه في محل النزاع فانقله
و قولك: وأما ما حكاه الشيوخ بكر أبو زيد وابن عثيمين رحمهما الله فهو اجتهاد لهم، ولم يذكرا أبداً أن الإجماع منصوص عليه ومنعقد صراحة ... حيث ان عباراتك صارمة وفيها نبرة تحدي ولا داعي لهذا كله
أقول الشوكاني كان أصرح مني و قال أجمع المسلمون و مالك إمام من أكبر أئمة المسلمين، و الشوكاني لن ينسف قول إمام مثل مالك، فإن ظننت هذه فيني لأني مجهول العين و الحال فلا تظنها في الشوكاني
(يُتْبَعُ)
(/)
و قولك: الغرض من هذه المشاركة هو رد دعوى الاجماع التي يجزم بها البعض على أن المرأة حرام عليها كشف وجهها أمام الأجانب، أو أنه عورة مطلقاً، وأما كلام الإمام مالك فيقال فيه ما قال هو بنفسه رحمه الله: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد.
هذا الإجماع الذي تقول أنا أول من يقول أنه لم يقل به أحد، و لم يقل به الشوكاني و لا بكر أبو زيد و لا ابن عثيمين
و إن كنت تعتقد أنهم قالوه فهذا دليل أنك لا تعرف محل النزاع اعرف أن محل النزاع فقط (تجويز كشف المرأة لوجهها دائماً)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 05:45]ـ
اخي الحبيب ابو عائشة المغربي ارجو الا تغضب علينا فاني أشهد الله تعالى على محبتك فيه.
وهل تعرف اخي الحبيب ما هي المشكلة ونقطة الخلاف بيننا: انك تقرر الجواز على انه لم ينسخ اولا , فيغيب عنك - ايها الكريم -ان بعض هذه الادلة التي تذكرها يحملها المانعون على انها قبل النسخ بآية الحجاب جمعا بين الادلة كما هو مقرر في القواعد الاصولية عند التعارض - الا اذا كنت تنكر هذا الاصل اي الجمع بين الادلة فهذا له مجال آخر - , فأنت ان شاءالله لا تنكر قطعا ان الحجاب قد فرض - دعنا من مسألة هل نسخ اخيرا الان - فاذا عرفت هذا اتضح لك المراد من قولي انها اكثر واصرح واقوى فأدلة فرض الحجاب جاءت متواترة في الكتاب والسنة لا تحتمل تأويلا ولا تضعيفا, ولا يخفاك - ايها الحبيب - أن أدلة الحجاب ناقلة عن الأصل، وأدلة جواز كشفه مبقية على الأصل، والناقل عن الأصل مقدم كما هو معروف عند الأصوليين.
اذا ثبت هذا فيبقى ما استدل به المجيزون من حديث الخثعمية ونحوه مما علم انه متاخر , وهذا لا شك انه محل اشكال ليس بالهين عند المانعين!
ولقد اجابوا عنها بحمدالله بما يكفي وقد ذكرنا بعضها هاهنا.
والذي جعل المانعين لا يعتبرونها ناسخة , هو عدم اشتهار ذلك بين الصحابة اذ لم ينقل عن احد منهم انهم قالوا بخلاف ذلك كما تقدم في النقل اعلاه , فضلا عن ان يكون احدهم قد صرح بالنسخ.
ولا يخفاك ايها الحبيب قول شيخ الاسلام في الاجماع واقتصاره فيه على ما اجمع عليه الصحابة دون من بعدهم حيث تفرقت الامة 000 وهذه المسألة هي اشبه بأن تكون اجماعا عند الصحابة رضوان الله عليهم لما تقدم , واذا تقرر ان الصحابة مجمعون على فرضية الحجاب وانه باق لم ينسخ دل على ان الخلاف في الحجاب قد وقع بعدهم وحينئذ فلا عبرة به! مع التوقير والاحترام لكافة العلماء الاجلاء الذين خالفوا في المسألة!!
فاذا انضاف الى ذلك - وانتبه لهذا ايها الفاضل - المقاصد الشرعية من فرضية الحجاب , والقواعد العامة في الشريعة كان ذلك أدعى الى انكار النسخ والعمل على الجمع بين الادلة وتأويل الدليل المخالف بما يتوافق ومقاصد الشريعة.
توضيح ذلك ايها الكرام:
ان الشارع الحكيم قد حذر من فتنة النساء , واخبر بأنهن الاشد فتنة والاضر على الرجال , وان المراة اذا خرجت استشرفها الشيطان , والواقع يشهد كيف كان حال الامة قبل الحجاب وبعده , بل بشهادة الاعداء انفسهم اذ طالما صرحوا بأن نهاية الاسلام في هتك الحجاب , بل اول المشاريع التغريبية كان بتمزيق الحجاب , واول مفاتيح الحرية المزعومة كان بخلع الحجاب كما لا يخفى في مصر وغيرها!
كما ان في القول بالمنع حفظ للشريعة الطاهرة ان يمسها الانجاس بأذى كمن يرميها بالتناقض فيقول – معتمدا على قول المجيزين -: (كيف تجيزون وجه المرأة وتحرمون النظر اليها , واذا اجزتم النظر – مع صريح الدليل في منعه - فكيف تحرمون الصوت بلا خضوع وهو اهون من النظر , واذا اجزتموه , فلم تحرمون خروجها للعمل في مجتمع يجتمع فيه الرجال والنساء بلا ريبة ولا فتنة ولا خضوع بالقول بل الحديث لا يخرج عن العمل والمرأة لا تخلو بالرجل والعمل حاجة فما المانع! واذا اجزتم ذلك فلم تمنعون من كشف الطبيب عليها مع وجود الطبيبة وانتفاء الفتنة , واذا اجزتم ذلك عند امان الفتنة , فما المانع من ان تكشف الشابة الجميلة عن وجهها , فهي كسائر النساء لعموم النص بل لصريحه فيها كقوله (سفعاء الخدين) (وهي رواية شاذة والمجيزون يصححونها) , واذا اجزتم ذلك فلم تمنعون ركوبها في سيارة ابن الجيران اذا صاحبتهما اخته , فاذا اجزتم هذا فكيف تقولون ان المرأة في نفسها وذاتها فتنة بل الفتنة
(يُتْبَعُ)
(/)
عارضة تطرأ وتزول وليس لها ضابط صحيح اذ تعليق ذلك بكثرة الفساق لا يستقيم لأننا نرى المرأة في بعض البلاد تخرج من بيتها في أي وقت وترجع اليه من دون ان يمسها اذى او تقع في الزنا او حتى تفكر فيه، وما كان هذا شأنه فلا عبرة به ولا يعول عليه في الاحكام فيبقى الحكم على الاصل وهو الاباحة باطلاق دون تقييد الكشف بالامن من الفتنة!!)
ثم يقول في ختام المناظرة: (هذا هو الصواب الذي لا محيد عنه والا للزم منه التناقض والشريعة منزهة عنه اذ كيف يعقل ان كشف وجهها جائز بل وضع الكحل جائز والنظر اليها جائز وصوتها ليس بعورة وخروجها للحاجة جائز ثم تمنع من غشيان اماكن العمل الذي لا خلوة فيه بحجة ان فيه رجال وقد قررنا ان الفتنة ملغية لا يعول عليها , وان تنزلنا مع الخصم في اعتبار الفتنة فليس ثم فتنة في مكان العمل!!!)
فهذه بعض وغيض من فيض من اللوازم الباطلة التي تلزم على القول بالجواز!!
بل ان العقول والنفوس تطمئن الى القول بالمنع , اذ لا يتصور ان يرى الانسان – والذي اصله الظلم والخسار – ان يرى الشابة الجميلة فلا يفتن او على الاقل يتعلق بها قلبه وفكره , والذي هو سبب الانحراف عند الكثير من الناس. وهل تنصر ذاك المؤذن الا بالنظرة!! واقلّ ذلك ان يغازلها الفاجر بالكلام حتى تقع فريسة للعشق والغرام ثم الخنا والحرام , وهل هذا الا واقع الناس اليوم!
بل ان الحجاب متوافق مع الفطرة , فقل لي بربك – يا حبيب - اذا لم يغر الانسان على وجوه نسائه فمتى سيغار؟! وهاأنت يابن الكرام وكذا العلالمة الالباني رحمه الله وامثالكم من اصحاب الفطر السليمة لم تطب انفسكم بأن تسمحوا لنسائكم بالكشف عن وجوههن – رغم كونكم مأمونين وصالحين – ولا نزكيكم – فكيف بعامة الناس! فهل هذا الا دليل على توافق الحجاب مع الفطر السليمة!!
وهل يغيب عنك - يا مفضال – ان المرأة بطبعها وفطرتها تحب ان يثنى عليها بالجمال , فشيئا شيئا حتى تتزين وتتجمل ثم تتبرج وتفتن
والقول بجواز الكشف لا يخلو اما ان يكون مطلقا او مقيدا بالفتنة , فأما القول بالاطلاق فلا اظنك ياحبيب ترتضيه , واما الثاني , فلوازمه الباطلة لا تنتهي كما سبق , ويكفي فيه الاضطراب في تحديد ضابط الفتنة , بل حتى على التحديد بكثرة الفساق لا يستقيم , فمن يأمن ان يراها الفاسق فيفسق بالطاهرة عياذا بالله!
ثم الفتنة لا يخلو ان تكون هي ذات المرأة او بشيء خارج عنها , فاما الثاني فقد قررنا انه لا ينضبط , وذلك لأن الامور النسبية يختلف تقديرها باختلاف الناس واحوالهم واعرافهم واماكنهم وازمانهم وغير ذلك , فما تراه انت فتنة قد لا يراه الاخر فتنة او العكس وهكذا في مزيد من الاضطراب مما لا يصلح ضابطا في هذا الباب الخطير الجناب.
فلم يبق الا ان يقال بالاول , وهو الصواب الذي لا محيد عنه عند اولي الالباب , فقد صرح الشارع بأنها فتنة بل بكونها اشد الفتن واضرها على الرجال كما لا يخفى.
فاذا ثبت كونها هي بذاتها الفتنة , وانضاف اليه ما قدمناه , مع الاعتبار بأصل سد الذرائع وصيانة الدين واعراض المسلمين , وجب القول بمنعها من كشف وجهها لأنها فتنة!
كفانا الله واياكم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
واما قولك – يغفر الله لك –:
واحيانا يغلب على الإنسان النتصار لقول شب عليه، او وجد عليه مشايخه، فتجده يميل إلى ترجيحه حتى لو ظهرت له مئات الأدلة.
أما نحن ولله الحمد فقائدنا الدليل، وشعارنا (إيثار الحق على الخلق)،وأنا رغم اني بالمغرب، حيث الانحلال والميوعة والانحراف بلغوا حدا يصعب تصوره، ومع ذلك زوجتي متنقبة، وأخواتي متنقبات، غير متأثرين ولله الحمد ببيئة أو مجتمع، لكن هذا شئء،وتأصيل المسائل العلمية بالقواعد المتبعة شيء آخر، فكفوا عنا تحليلاتكم ونظرياتكم التي لا تتجاوز أقلامكم وهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
فما كان يليق بك قول مثل هذا ايها الفاضل فأنت تعرف من هم مشائخنا – ابن باز وابن عثيمين (شيخك كما ذكرت) وابن جبرين وابن ابراهيم وغيرهم من الكبار , والذي أظنه ان شاءالله ان مثلك يعاتب نفسه على هذه الزلة في حقهم , وكيف تتهمهم بالشدة رحمك الله وما قالوه معتبر في الخلاف – على التنزل والا فهو الارجح – وعلى فرض انه مرجوح فأنتم تقولون باستحبابه بل وتلتزمون به , بل اعظم من ذلك كان هو هدي ذاك الجيل العفيف وسنة ذاك القرن الخيّر بل تلك القرون الفاضلة , (واذا كنت تسمي الحجاب شدة فماذا سيقول غيرك ياحبيب في عمر الفاروق بل في سائر تلك القرون المفضلة) فكان الاولى بك ايها المفضال ان تسكب الدمعة على هذه الزلة وان تغبطنا على هذه الشدة! بل تتمنى ان تكون هذه الصورة فضلا عن حكمها هي السائدة المستقرة في نفوس المؤمنات - - ولا نحسبك الا كذلك ايها الكريم الحبيب ان شاءالله , ولكني احببت تذكيرك بهذه الكلمات عسى الله ان يهديني واياك الى سواء السبيل والصراط المستقيم والحمدلله رب العالمين.
والمقصود ايها الحبيب: ان المسألة ما دامت بهذا القدر من الخلاف - في نظر المجيرزين - فلماذا يتحمس البعض لنصرة القول المشتبه فيه والذي يلزم منه تناقضات كثيرة , ولو لم يكن بالقول بالجواز الا انه من شعائر الجاهلية الظاهرة - والتي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ابطالها - لكان حاديا بالمرء ان يتأنى في القول بالجواز , ما دام ان القول بالمنع عند المجيزين معتبر , فلأن يكون طالب العلم في الجانب الأسلم خير من ان يكون في محل الاشتباه!!
ودمت ايها الكريم بخير ما بقيت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 07:46]ـ
أعرف أن فيها خلاف لكني أخصه بالحاجة، و المؤلف خصه بالحاجة أيضاً في الفصل الذي بعد هذا و لم تذكره و هو فصل الضرورات
هل سنحتاج إلى التذكير بأصل الخلاف وإيراده من حيث نشأ؟ يبدو أنه لا مناص. يكفي لخرق الإجماع المتوهم [1] أن ابن عباس - وقد نقله ابن القطان وغيره من الفقهاء وشراح الحديث والمفسرين - فسر الزينة الظاهرة بأنها الوجه والكفان، ولم يقيده بحاجة ولا ضرورة، حتى أن ابن عبدالبر، وهو في حاشية كتاب "النظر" الذي وثقته أعلاه، أجاز نظر الأجنبي إلى وجه المرأة مطلقاً، ولكن قيده بأن يكون من غير ريبة أو شهوة، لا حاجة أو ضرورة!
1 - نص مالك ليس فيه أنها كاشفة للوجه
قال ابن القطان: هذا نص قوله وفيه إباحة إبدائها وجهها وكفيها ويديها للأجنبي، إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا.
2 - الذي فهم أنها كاشفه هم المالكية العلماء المذكورون الباجي فهمه و أقره و ابن عبد البر فهمه و خالفه
قد ذكرت أنه خالفه، وفي هذه المخالفة دليل على وجود الخلاف!! فتنبه!! وإلا فما فائدة المخالفة في أمر لا خلاف فيه. ثم إن هذا ليس فهمهما فقط بل فهم المصنف نفسه (ابن القطان) وقد تقدم نصه قريباً.
3 - الذين فهموا منه كشف الوجه، أكمل الكلام لتعلم أنه للحاجة
هنا معقد آخر للخلاف أصلاً، فابن عباس لم يقيده بحاجة ولا ضرورة، وكذا ابن عبدالبر مالم تُخشَ الفتنة، ولا ابن القطان فيما سأنقله بعد قليل.
4 - فقوله: (إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال) هذا عفو عن هذا الاختلاط العارض لأن العرف يقره، و ليس عن الاختلاط الدائم الذي ينكره الشرع.
لا حاجة لهذا، فإن التقييد بالحاجة أو الضرورة - لمن يرى التقييد - يُخرج العادات المخالفة للشرع أصلاً، ولو أراد مالك رحمه لاختصر المسألة من أولها وقال: المرأة ليس لها أن تأكل مع الأجانب أصلاً، ومعلوم أن من أصول مالك المشهورة قاعدة سد الذرائع، ومع ذلك لم يجنح إليها.
فهذا القول لا يخرق الإجماع الذي ذكره الشوكاني لأنه ليس في محل النزاع الذي هو جواز كشف المرأة وجهها دائماً، و إن ظننت أني لم أفهم قول مالك لأني إنما أنا كاتب في منتدى مجهول العين و الحال مثلك، فهل الشوكاني لم يفهم كلام مالك و أصحابه، أو أن هناك من وسع كلام المالكية و الجمهور وجعله دائماً، و هم لا يريدون دائماً
ابن القطان والباجي وابن عبدالبر فهموا نص مالك على ظاهره، أليس كذلك؟
و الآن علمت لماذا تمل من النقل، لأن النقل الذي تنقله إن كان مثل هذا فهو كثير جداً و ستمل بالتأكيد لكنه ليس في محل النزاع فلا تتعب نفسك و لا تتعبنا ينقل نصوص ليست في محل النزاع
لو كان هذا كلاماً علمياً محايداً او مسألة شرعية لعقّبت.
و أقول الشوكاني كان أصرح مني و قال أجمع المسلمون و مالك إمام من أكبر أئمة المسلمين، و الشوكاني لن ينسف قول إمام مثل مالك، فإن ظننت هذه فيني لأني مجهول العين و الحال فلا تظنها في الشوكاني
الصراحة لا تعني الإصابة. فضلاً لا تجعل الشوكاني او غيره من الشيوخ محلاً للمماحكات، وقد تكرر منك هذا مراراً، وكأنك تترس بهم كي اضطر لمواجهتم، أريد الحجة والكلام العلمي، أنا وجدت استثناءات لا يصح معها ادعاء الإتفاق، حتى قيد الحاجة والضرورة لا يشفع، لأن هناك من أطلق من الصحابة، كابن عباس وهو مروي عن ابن عمر، ومن الخلف كما هو نص مالك وابن عبدالبر، بل يوجد خلاف بين أصحاب المذهب الواحد. مثلاً عند الحنفية وجه المراة وكفيها ليس بعورة، ثم اختلفوا فقال بعضهم: قدمها ليس بعورة داخل الصلاة ولكن عورة خارجها من حيث نظر الأجنبي، مفهوم كلام هؤلاء واضح في أن الوجه ليس بعورة لا في الصلاة ولا خارجها [2]
و قولك: الغرض من هذه المشاركة هو رد دعوى الاجماع التي يجزم بها البعض على أن المرأة حرام عليها كشف وجهها أمام الأجانب، أو أنه عورة مطلقاً، وأما كلام الإمام مالك فيقال فيه ما قال هو بنفسه رحمه الله: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد.
هذا الإجماع الذي تقول أنا أول من يقول أنه لم يقل به أحد، و لم يقل به الشوكاني و لا بكر أبو زيد و لا ابن عثيمين
(يُتْبَعُ)
(/)
و إن كنت تعتقد أنهم قالوه فهذا دليل أنك لا تعرف محل النزاع اعرف أن محل النزاع فقط (تجويز كشف المرأة لوجهها
يخرق هذا كله أن ابن القطّان فعل شيئين:
1 - نقل خلاف أهل العلم، حتى تفاصيل الخلاف، فكيف يكون هناك إجماع مستقر، مع وجود خلاف كهذا.
2 - إن قلت: حديثي عن الإجماع بقيد الحاجة، قلت: ذلك مندفع باختيار ابن القطان نفسه وترجيحه لقول من قال: الوجه والكفان ليسا بعورة وأن لها كشفهما بلا قيد، إذا لم تتبرج أو تفتن. قال رحمه الله: ((فعلى هذا يجب القول بما تظاهرت عليه هذه الظواهر، وتعاضدت عليه من جواز إبداء المرأة وجهها وكفيها، لكن يستثنى من ذلك ما لابد من استثنائه قطعاً، وهو ما إذا قصدت بإبداء ذلك، التبرج وإظهار المحاسن، فإن هذا يكون حراماً، ويكون الذي يجوز لها، إنما هو إبداء ما هو في حكم العادة ظاهر حين التصرف والتبذل،
فلا يجب عليها معاهدته بالستر)) [3]
لكن بقي شيء واحد، ما قدر الحاجة عندك؟: هل هو كالقدر المفهوم من كلام ابن القطان أم زائد عليه؟ لأن ماذكره ابن القطان ليس حاجة في الحقيقة وإنما "عادة" الناس اليومية في الحياة، وعادة الناس ليست حاجة، لأن العادة مستمرة والحاجة عارضة تزول، يؤكد هذا قوله ((فلا يجب عليها معاهدته بالستر)).
ابن القطان إمام حافظ ناقد لا يكاد يدانيه الشوكاني، وهو صاحب إطلاع على الإجماعات حتى أن له كتاب "الإقناع في مسائل الإجماع"، مرجع في الإجماع، فهو أولى من الشوكاني بمعرفة الإجماع لو كان مستقراً غير خافٍ على من هو مثله او حتى دونه بقليل.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
[1] حتى ولوجاء عن الشوكاني وغيره، هذا ابن حزم البحر المتفنن، يتعقبه ابن تيمية وينقض إجماعات توهمها. ولك أن تقول: ولكن من أنت بجانب ابن تيمية يا مجهول العين و الحال؟ فأقول: قدّم العلمَ على الإسم، فإن وجدت حقاً فالحمد لله وإن وجدت خطأً فرده وانتقده وادفعه.
[2] مختصر القدوري مع تصحيح ابن قطلوبغا، تحقيق: د. عبدالله نذير، مؤسسة الريان، ص68.
[3] النظر في أحكام النظر، طبعة دار إحياء العلوم، تحقيق: إدريس الصمدي، ص171.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 07:56]ـ
صعب صعب ادّعاء الإجماع، وهو بعكس كلامك في مشاركة سابقة أن من علم مقدم على من لم يعلم، هذا الكلام لا يصلح في مسائل الإجماع. الأصل أن الإجماع غير متحقق حتى يتحقق، فهو أصل شرعي يُحدث أحكاماً بالحل أو الحرمة إذا تحقق، مثله مثل الناسخ والمنسوخ، لا يقال منسوخ إلا إذا تحقق النسخ بدليل ظاهر ساطع لا مدفع له، كما قرره ابن عبدالبر في التمهيد رحمه الله. ولذلك هناك إجماعات كثيرة عند أهل العلم لم يُوفّق أصحابها في الجزم بها، ولهذا موضع آخر، مشكلتك أنك تتمسك بأدنى رائحة للإجماع دون تثبت، وهذه طريقة غير مرضية، بل لعلي أشير إلى أن هناك إجماعات جاء في المقابل إجماعات على خلافها!! وقد أفرد لها موضوع في المنتدى من أحد الإخوة، وهذا يوجب في الحقيقة التريث في قبول الإجماعات غير المشهورة المعروفة بين علماء الأمة.
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:02]ـ
صعب صعب ادّعاء الإجماع، وهو بعكس كلامك في مشاركة سابقة أن من علم مقدم على من لم يعلم، هذا الكلام لا يصلح في مسائل الإجماع. الأصل أن الإجماع غير متحقق حتى يتحقق، فهو أصل شرعي يُحدث أحكاماً بالحل أو الحرمة إذا تحقق، مثله مثل الناسخ والمنسوخ، لا يقال منسوخ إلا إذا تحقق النسخ بدليل ظاهر ساطع لا مدفع له، كما قرره ابن عبدالبر في التمهيد رحمه الله. ولذلك هناك إجماعات كثيرة عند أهل العلم لم يُوفّق أصحابها في الجزم بها، ولهذا موضع آخر، مشكلتك أنك تتمسك بأدنى رائحة للإجماع دون تثبت، وهذه طريقة غير مرضية، بل لعلي أشير إلى أن هناك إجماعات جاء في المقابل إجماعات على خلافها!! وقد أفرد لها موضوع في المنتدى من أحد الإخوة، وهذا يوجب في الحقيقة التريث في قبول الإجماعات غير المشهورة المعروفة بين علماء الأمة.
أخي الكريم مذهبي في الإجماع لم يتغير و أنا لا أثبت حصول الإجماع في هذا الأمر إنّما أنا أتكلم فقط على لسان من يخالفني فقد قلت: "على رأي البعض" و الهدف إثراء البحث من كلامك
فهناك طائفة من الأفاضل: "لما يدّعي عالم إجماع" انتهى الأمر و لا سبيل لخرمه: حتى لو يُنقل لهم الخلاف؛ فالخلاف عندهم لو يُنقل فليس هذا دليل على أنّ الإجماع مخروم فهم يحملون ذلك الخلاف على أنّه وقع إما قبل حصول الإجماع أو بعده
ربما هو مخروم عندهم فقط إذا تعارض مع الأحكام الثابتة بالقطع أو تعارض مع دعوى إجماع أخرى سبقته
أما بغير هذا فلا سبيل لإنكاره
و كان هدفي من المشاركة معرفة مذهبك في هذا الأمر
و إلا فلما سيتقادم الزمان و يطّلع الأجيال القادمة -إن شاء الله- على دعوى بكر أبو زيد و العثيمين رحهم الله للإجماع حول مسألتنا هاته
فسيصبح ما أشرتُ إليه مشكلة؛ قد يأتي قائل و يقول قد حصل الإجماع و الإتفاق في عصر بكر أبو زيد و العثيمين
نحن نعرف بأنّ هذا لم يحصل و لكن في المستقبل هم قد يجهلون هذا و قد يحملون تلك الدعاوى للإجماع على عصر بكر أبو زيد و العثيمين
سيقولون لك سلّمنا بأنّه كان هناك خلاف في عصر الإمام مالك و و و و و لكن ليس لديك الدليل على أنّه لم يحصل هذا الإتفاق في أي عصر من العصور؟!
و بكر أبو زيد عالم و العثيمين عالمين و لما ادّعيا الإجماع فلابد و أنّه وصلهما حصول الإتفاق في عصر من العصور!
و هم ثقات و الأصل قبول خبر الثقة!
و خلاف الألباني و و و لهما هو محمول على جهلهما بحصول الإتفاق!
هذا مذهب بعض الأفاضل و إلا فأنا لا أقُرّ هذا المذهب و سؤالي كان الهدف منه هو أن تتوسع لنا في الإفادة حول هذا الأمر -وفقك الله لما فيه خير-
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:18]ـ
الجديد الذي جئت به
1 - أن الباجي خالف، و أقول لم يقل بالكشف مطلقاً لأنه لا يأخذ نصف كلام مالك و يترك نصفه
2 - قول ابن عباس و هو عندما كانت تنزل الآيات مطلقه كان يطلق و عندما نزلت الآيات المقيدة قال ابن عباس رضي الله عنهما: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة ". نقلاً عن ابن عثيمين في رسالة الحجاب، فلا تأخذ المطلق و تترك المقيد
3 - قول ابن القطان انظر تعليله هنا فقد قال
كلام في الوجه و الكفين
قد قدمنا القول في الوجه و الكفين و أنهما يعفى عن بدوهما، و يظهر بالنظر الأول أن القدمين أحرى، لما بطن من كونهما ظهوراً في العادة،و ليس كل امرأة تجد لها ساتراً، و الأظهر عندي منع إبدائهما على أشد مما في الوجه و الكفين، لأن الضرورة في إبدائهما ليست كالضرورة في اليدين
(أي الوجه و اليدين و القدمين إنما العلة في إبدائهما الضرورة، و لكن بعضها شديدة و بعضها غير شديدة)
ثم قال:
الباب السابع: ما يجوز النظر إليه مما تقدم المنع منه لأجل ضرورة أو حاجة
اعلم أن كثيراً مما تقدم فيه جواز البدو أو النظر من المرأة للرجل أو من المرأة سببه الضرورة كما تقدم في عبدها أو أب بعلها أو ابنه أو حال تربية الولد أو أشباه ذلك، و يمكن أن يقال ذلك فيما عفي للمرأة من وجهها أو كفيها في حال تصرفها أو مهنتا، لا على وجه التبرج كما تقدم تقريره
حال المهنة: هي الحاجة
التبرج: الكشف الدائم الذي أنكرناه
و إن أتيت أو غيرك بنص ليس في محل النزاع فلن أجيب عليه
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 02:17]ـ
قول ابن عباس و هو عندما كانت تنزل الآيات مطلقه كان يطلق و عندما نزلت الآيات المقيدة قال ابن عباس رضي الله عنهما: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة ". نقلاً عن ابن عثيمين في رسالة الحجاب، فلا تأخذ المطلق و تترك المقيد
جزاك الله خيرا. ولكني راجعت مطلقي ومقيدك فلم يثبتا لضعف عبدالله بن صالح كاتب الليث.
3 - قول ابن القطان انظر تعليله هنا فقد قال
كلام في الوجه و الكفين
قد قدمنا القول في الوجه و الكفين و أنهما يعفى عن بدوهما، و يظهر بالنظر الأول أن القدمين أحرى، لما بطن من كونهما ظهوراً في العادة،و ليس كل امرأة تجد لها ساتراً، و الأظهر عندي منع إبدائهما على أشد مما في الوجه و الكفين، لأن الضرورة في إبدائهما ليست كالضرورة في اليدين
(أي الوجه و اليدين و القدمين إنما العلة في إبدائهما الضرورة، و لكن بعضها شديدة و بعضها غير شديدة)
ثم قال:
الباب السابع: ما يجوز النظر إليه مما تقدم المنع منه لأجل ضرورة أو حاجة
اعلم أن كثيراً مما تقدم فيه جواز البدو أو النظر من المرأة للرجل أو من المرأة سببه الضرورة كما تقدم في عبدها أو أب بعلها أو ابنه أو حال تربية الولد أو أشباه ذلك، و يمكن أن يقال ذلك فيما عفي للمرأة من وجهها أو كفيها في حال تصرفها أو مهنتا، لا على وجه التبرج كما تقدم تقريره
الشيخ جعل التصرف: الذي هو التكسّب، والتبذل: وهو أن تلي العمل بنفسها سبباً للكشف مع أن الحاجة والضرورة غير منضبطان وهنا سواء سميناها ضرورة أو حاجة فلا فائدة مع عدم وجود ضابط لهما. القيد الذي ورد صريحاً عن الشيخ هو قيد الافتتان والشهوة.
ولكن مجرد الخلاف في ضابط الحاجة أو الضرورة تؤدي إلى الخلاف في الكشف من عدمه، وهذا وحده كافٍ في رد دعوى الإجماع. ولكن لا يرد تقرر وجوب الكشف بسبب آخر وهو حصول الفتنة والشهوة، وهذا القيد الأخير أصرح في إجماع العلماء من قيد الحاجة او الضرورة.
حال المهنة: هي الحاجة
التبرج: الكشف الدائم الذي أنكرناه
قولك: المهنة: الحاجة، فلا يصح لأنه ليس كل مهنة يؤدي إلى حاجة تبيح الكشف. فدل ذلك على أنها عادة الناس هي الحاكمة لأنه اعتبر العادة فقال في موضع سابق: ((إنما هو إبداء ما هو في حكم العادة ظاهر حين التصرف والتبذل، فلا يجب عليها معاهدته بالستر)).
وقوله: لا يجب، يدل على أن لها أن تستر وجهها إن قدرت - وهذا ينفي الضرورة - ولكنها ليست ملزمة.
وقولك التبرج: الكشف الدائم، تحكم لا دليل عليه وتحريف للمشهور من اللغة، التبرج هو:إظهار الزينة للناس الأجانب وما يستدعى به شهوة الرجل، او إظهار المراة زينتها ومحاسنها للرجال. [1]. لا مجرد كشف الوجه لأن الكشف إما بتبرج أي زينة وهو ما حذر منه ابن القطان أو بدون تبرج أي بلا زينة وهو المباح الذي لا يجب عليها ستره إذا أمنت الفتنة، ومما يعضد هذا أن ابن عبدالبر أجاز نظر الأجنبي إلى وجه المرأة مطلقاً، ولكن قيده بأن يكون من غير ريبة أو شهوة.
و إن أتيت أو غيرك بنص ليس في محل النزاع فلن أجيب عليه
محل نزاعك غير منضبط أصلاً.=
ملاحظة:
أتعب في العزو الدقيق، ونقل النصوص من مظانها، تلبية لطلبك قدر الإمكان، وأن تنقل كلاماً مليء بالتصحيف، ولا تعزوه، والمثال هو: نصوص ابن القطان التي سقتها آخراً، ولعلها من الانترنت! وإن كان من كتاب فاذكره لنا موثقاً لكي تعمل بما تدعوني إليه على الأقل.
= = = = = = = = = = = =
[1] لسان العرب، مادة: ب ر ج.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 02:45]ـ
معذرة على هذا التقطيع والتجزيء، فإني لا أحب القراءة المتقطعة للكتاب، ولكن بسبب الانشغال مع الرغبة في عدم إهمال الموضوع، لجأنا لهذه الطريقة المذمومة.
ولكني جردت كتاب النظر لابن القطان حتى اتمكن من تحديد وجهة نظره بوضوح، فكلامه في موضع يفسره و يوضحه ويكمله كلامه في موضع آخر. وقد وجدته في موضع قد بين بوضوح وجلاء ترجيحه النهائي بلا لبس، خلاصته: أن للمرأة أن تكشف وججها وكفيها من غير ضرورة للأجانب، وأن القيد المعتبر هو عدم التبرج (على المعنى الذي صححته أعلاه) والفتنة أو قصد اللذة.
اسمح لي بتأجيل نقله إلى يوم غد لطوله.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 04:48]ـ
هذا ما كنت اخشاه!!
لقد وقع الاخ عبدالله الشهري في تقرير المذهب الليبرالي من حيث لا يشعر!!
وهذه فائدة من يتحمس لنصرة القول المرجوح وترك ما عليه ائئمة هذا العصر!!
ذكرت لنا ايها الحبيب نص الامام مالك رضي الله عنه في جواز اكل المراة مع الاجنبي وهي كاشفة على فراش واحد!!
ثم قررت اخيرا رأي الامام القطان رحمه الله في جواز الكشف بلا ضرورة بقيد الفتنة المزعومة - التي قررت ابطالها كما تقدم!!
فماذا ابقيت رحمك الله للليبراليين!!
يا اخي الكريم - لقد بينا لك اللوازم الباطلة على هذا القول , الم تقرأها حتى تنتهي من تقرير هذا القول المرجوح!
لا تكن ممن ينقل الكلام على علاته من دون فقه ولا نظر , تأمل رحمك الله وتأن , حتى تعرف انك ضللت الصواب هداك الله!
اقولها صريحة:
لا يسعك ولا يسع غيرك- ان كنت تريد الحق ان شاءالله - الا ان يقول بالمنع وعدم جواز الكشف , ورحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية ورضي عنه لما قال (وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره. " مجموع الفتاوى " (24/ 382).
انا لله وانا اليه راجعون , اللهم ارزقنا الفقه في دينك
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 04:55]ـ
الأخ عبد الله الشهري: نقلت عن ابن القطان قوله: ((إنما هو إبداء ما هو في حكم العادة ظاهر حين التصرف والتبذل، فلا يجب عليها معاهدته بالستر)).
اشرح حين التصرف و التبذل، و هل المرأة دائماً متصرفة متبذلة؟ لا أريد أن أشرحها أنا فربما لا تقتنع بشرحي
الأخ أبو عبد الله السبيعي: ليت المخالفين يأخذون بقول مرجوح لعذرناهم لكن بعضهم يأخذ بقول باطل
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:45]ـ
الأخ عبد الله الشهري قولك عن ابن منظور
التبرج هو:إظهار الزينة للناس الأجانب وما يستدعى به شهوة الرجل، او إظهار المراة زينتها و محاسنها للرجال
اشرح قوله محاسنها، و هل الوجه من محاسن المرأة أم هو سوؤة؟
هذه أيضاً أخاف أن أشرحها أنا فلا تقتنع
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 06:18]ـ
الأخ عبد الله الشهري: أما قول ابن القطان " لا يجب عليها معاهدته بالستر "
اشرح قوله معاهدته بالستر، و لماذا لم يقل لا يجب عليها الستر و إنما قال لا يجب عليها معاهدته بالستر؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 12:55]ـ
الأخ / أبو عبدالله السبيعي
هذا ما كنت اخشاه!!
لقد وقع الاخ عبدالله الشهري في تقرير المذهب الليبرالي من حيث لا يشعر!!
وهذه فائدة من يتحمس لنصرة القول المرجوح وترك ما عليه ائمة هذا العصر!!
ذكرت لنا ايها الحبيب نص الامام مالك رضي الله عنه في جواز اكل المراة مع الاجنبي وهي كاشفة على فراش واحد!!
ثم قررت اخيرا رأي الامام القطان رحمه الله في جواز الكشف بلا ضرورة بقيد الفتنة المزعومة - التي قررت ابطالها كما تقدم!!
جوابي في نقاط:
- هناك فرق بين تقرير القول المرجوح، وبيان أن في المسألة قول مرجوح، وكل نقاشي كان من أجل الثاني. ولم أرجح أو انتصر لقول اطلاقاً.
- أئمة هذا العصر أو العصر الأول، كلهم أئمتنا وكل يؤخذ من قوله ويرد، ولكن في ضوء الدليل و اعتبار المصلحة والمفسدة: ولذلك لا أرجح القول بكشف الوجه ولا أدعو إليه لا سيما في زماننا، وما ذهب إليه مشايخنا: ابن باز، ابن عثيمين، بكر أبو زيد، والجمع الغفير منهم هو الصواب في مثل ما نحن فيه.
إذاً: ماذا يريد عبدالله الشهري بعد هذا، وما هدفه من هذا النقاش؟
الجواب: كل ما أردته هو تفنيد المقولة التي تجزم بوجود الإجماع على أن المرأة تغطي وجهها ولا تكشف إلا لضرورة بحضرة الأجانب. ولا يجوز أن نحاول الهروب من الحق، حتى ولو أخافنا أو كرهناه، وتصرف بعض الإخوة في المحاولة المستميتة في إثبات الإجماع مع وجود الخلاف، هو الذي لم أرتضيه، وأما ما سوى ذلك من تقرير الراجح والمرجوح فهذه قضية أخرى تماماً لم أكن بصددها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:21]ـ
إخواني الكرام؛ أنا أميل إلى القول بجواز كشف الوجه بالنسبة للمرأة
و كلامي هذا الذي سأقوله هو مع من يعتقد استحباب تغطية الوجه لا وجوبه:
و لا أدعو أخواتي السعوديات إلى خلع النقاب و لا شيء
و لكن أود أن أشير إلى أنّ المصالح و المفاسد الموجودة في السعودية تختلف عنها الموجودة في الجزائر مثلا
إذا كان كشف المرأة لوجهها يسبب فتنة في السعودية
فعدم كشف المرأة لوجهها يسبب لكثير منهن الكثير من المشاكل إما يحرمهن هذا الفعل من الزواج أو يحرمهن من التوظف في وظائف ضرورية لهنّ أو يشكل لهنّ حرجا كبيرا في الدراسة ... و و
و معلوم بأنّه يجوز ترك سنّة مستحبة لمصلحة أكبر أو دفعا لمفسدة أكبر
و المصالح و المفاسد تختلف بين الأماكن و البلدان
ـ[أبو خالد الطيبي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:42]ـ
أكتفي بوضع رابط لكتاب العلّامة بكر أبو زيد يرحمه الله في هذه المسألة قد أجاد وأفاد فيها أسأل الله أن يرزقنا عالم مثله في علمه وفهمه وورعه
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=6&book=345
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:54]ـ
اهلا بأخي الحبيب: عبدالله الشهري
كلمة حق وانصاف في اخر المطاف:
لستُ والله ممن يحتقر رأي الاخر - من طلاب العلم - او يصغّر من شأنه او ممن لا يتسع صدره للنقاش والحوار , ولكن احببت أن أبين عوار هذا القول , وانه ليس بشيء في ميزان الخلاف المعتبر , حتى لا يضيع وقتك الثمين في اثباته , فأنت ايها المبارك صاحب فرائد وفوائد أربأ بك انت تنتصر لهذا القول من دون ان تشعر , فلربما اطلع على هذا الحوار بعض الليبراليين او من يسمون بالمتدينين الجدد الذين يتتبعون مثل هذه الحوارات فيأخذون منها ما وافق اهوائهم فيوظفونه في تقرير مذاهبهم الفاسدة , وهذا شأنهم في الحقيقة , والا فهل تظن ان مثل النقيدان وعبدالله بجاد واشباههم حين ينقلون بعض اقوال الائمة في مقالاتهم الفاسدة انهم نقبوا في كتب الائمة واخذوا من آثارهم!!
وهذا ما دفعني من قبل لأن اقول لا بد من الاحتراز من نقل اقوال الائمة , فليس كل طالب علم - فضلا عن عامة الناس - قد قرأ الموطأ او عرف ما فيه!!
وأنت عندي ايها الحبيب طالب علم وصاحب سنة - ولا ازكيك - واشهد الله تعالى على محبتك فيه , بل أنت عندي خير من نفسي جمعني الله واياك والمؤمنين والمؤمنات في مستقر رحمته , ودمت بخير ما بقيت.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 02:04]ـ
الأخ عبد الله الشهري: نقلت عن ابن القطان قوله: ((إنما هو إبداء ما هو في حكم العادة ظاهر حين التصرف والتبذل، فلا يجب عليها معاهدته بالستر)).
اشرح حين التصرف و التبذل، و هل المرأة دائماً متصرفة متبذلة؟ لا أريد أن أشرحها أنا فربما لا تقتنع بشرحي
الأخ أبو عبد الله السبيعي: ليت المخالفين يأخذون بقول مرجوح لعذرناهم لكن بعضهم يأخذ بقول باطل
الأخ عبد الله الشهري قولك عن ابن منظور
التبرج هو:إظهار الزينة للناس الأجانب وما يستدعى به شهوة الرجل، او إظهار المراة زينتها و محاسنها للرجال
اشرح قوله محاسنها، و هل الوجه من محاسن المرأة أم هو سوؤة؟
هذه أيضاً أخاف أن أشرحها أنا فلا تقتنع
عبد الله الشهري: أما قول ابن القطان " لا يجب عليها معاهدته بالستر "
اشرح قوله معاهدته بالستر، و لماذا لم يقل لا يجب عليها الستر و إنما قال لا يجب عليها معاهدته بالستر؟
تأمل النص التالي جيداً فإنه سيغنيك عن تكلّف الأسئلة في تفاصيل صغيرة ويعيدك إلى صلب الموضوع:
((وقد قدّمنا في مواضع، أن إجازة الإظهار، دليل على إجازة النظر، فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد، على غير وجه التبرج من غير ضرورة [1]، لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة، فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها، لأنه لو كان النظر إليها ممنوعاً، مع أنها يجوز لها الإبداء، كان ذلك معاونة على الإثم، وتعريضاً للمعصية، وإيقاعاً في الفتنة بمثابة تناول الميتة للأكل لغير مضطر، فمن قال من الفقهاء بجواز البدو، فهو غير محتاج إلى دليل على جواز النظر .. وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذاً النظر إلى ذلك جائز، لكن بشرط ألا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة)). أ. هـ
والضابط الصريح عند ابن القطان هو خوف الفتنة وقصد اللذة، لا الضرورة، بل هو نفى ضابط الضرورة كما ترى. ولذلك أعود فأقول أن الإجماع بعيد في هذه المسألة، وابن القطان لا يمكن أن يخفى عليه إجماع متحقق، وهو الإمام الحافظ صاحب الإطلاع على الإجماعات، أما الإجماعات غير المتحققة فهي عرضة للأخذ والرد، فلا تكون حجة. ابن القطان لا يمكن أن يجرؤ على قول يعلم هو أنه لم يسبقه إليه أحد، وإنما استقرأ الخلافات و هو مالكي أعلم بمذهب مالك مني ومنك، واستفاد من هذا الاستقراء ترجيح قول من قال بجواز الكشف ولو من غير ضرورة بشرط الأمن الفتنة والافتتان.
= = = = = = = = = = = == = = = = = = = = =
[1] ولو كان التبرج هنا هو المعنى الذي جئت به من تلقاء نفسك، دون رجوع إلى كتب اللغة، لتناقض كلام المصنف. ولذلك قولك (لا أريد أن أشرحها أنا فربما لا تقتنع بشرحي) صحيح، فأنا لا أريد شرحك الشخصي دون التفات إلى كلام أهل اللغة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 02:49]ـ
إخواني الكرام؛ أنا أميل إلى القول بجواز كشف الوجه بالنسبة للمرأة
و كلامي هذا الذي سأقوله هو مع من يعتقد استحباب تغطية الوجه لا وجوبه:
و لا أدعو أخواتي السعوديات إلى خلع النقاب و لا شيء
و لكن أود أن أشير إلى أنّ المصالح و المفاسد الموجودة في السعودية تختلف عنها الموجودة في الجزائر مثلا
إذا كان كشف المرأة لوجهها يسبب فتنة في السعودية
فعدم كشف المرأة لوجهها يسبب لكثير منهن الكثير من المشاكل إما يحرمهن هذا الفعل من الزواج أو يحرمهن من التوظف في وظائف ضرورية لهنّ أو يشكل لهنّ حرجا كبيرا في الدراسة ... و و
و معلوم بأنّه يجوز ترك سنّة مستحبة لمصلحة أكبر أو دفعا لمفسدة أكبر
و المصالح و المفاسد تختلف بين الأماكن و البلدان
اخي الحبيب / سراج
لقد ثبت من خلال الحوار السابق ضعف هذا القول بل بطلانه , فكيف تقدم المصلحة على النص رحمك الله!
فهل التعلم محصور في المدارس حتى يكون ضرورة , ومتى كان العمل مع الرجال ضرورة حتى يعول عليه , وهل الزواج لا يمكن الا اذا كشفت الوجوه وانتهكت الحرمات!
وعلى فرض تقديم المصالح على النصوص , فان كل عاقل بصير فقيه يدرك تماما بلا تردد ان مفاسد الكشف اعظم من تغطيته!
ولو كان ما تقول صحيحا - ان الغطاء يمنع الزواج - لما تزوج احد من نسائنا ولما تزوجنا نحن في بلادنا!
وهل الوظائف محصورة في العمل مع الرجال حتى يكون الكشف ضرورة!
وهل العمل فعلا قد بلغ حد الضرورة المعتبرة ام لان عادة المجتمع وحكم الواقع يفرض ذلك!
هكذا يصنع التغريب في ابناء المسلمين!
اخي المبارك الحبيب / سراج:
ارجو الا تغضب علي , ولكن هذه هي الحقيقة: اصبحت الاحكام الشرعية تفرضها البيئة ويقررها الواقع التغريبي!
ومن هنا تأتي التنازلات في الدين والتمييع في الاحكام بحكم المصالح والواقع والمجتمع 000 الخ
فاحذر ايها الحبيب ان تفتح هذا الباب على نفسك , فانك ان فعلت فسستغرق في دوامة التخبطات!
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 03:15]ـ
الجواب عن حديث ابي السنابل:
يلزم المجيزين اذا اخذوا بظاهر هذا الحديث ان يقولوا بجواز التبرج والسفور واخذ الزينة الكاملة امام الاجانب من الرجال وان الفتنة غير معتبرة قط - مع انكم لا تخالفون في ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر ايامه: اتقوا النساء وأخبر انهن فتنة - , لأنه قال في الحديث - اي حديث ابي السنابل -: مالي اراك تجملت للخطاب!
فان قلتم نعم فقد وافقتم اهل الباطل والافساد والعلمنة والتغريب وشابهتم الكفار حديثا وقديما وخالفتم ما كان عليه سلف الامة وخير القرون وكنتم دعاة للفتنة والانحلال لان ذلك كله من لوازم التبرج والسفور , والتبرج مع السفور محرم باجماع اهل العلم!
وان قلتم: لا , فقد وافقتمونا ان للحديث مأخذ غير ظاهره , وان ظاهره غير مراد , وهذا ما اردناه , فيسقط بذلك ما استدل به المجيزون والحمدلله رب العالمين.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 05:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب ابا عبد الله السبيعي
كلامك طويل وفيه مناقشات لا يتحملها وقتي الآن،لكن فقط أردت المرور لتحيتك على أدبك الراقي وخلقك السامي، ولأشهد الله تعالى على محبتك في الله.
أكثر الله من أمثالك، ولا عدمنا أدبك وخلقك.
والسلام.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:42]ـ
الاخ الحبيب: عبدالله الشهري
هل صحيح ما يذكر عن ديار الجنوب انهم لم يعرفوا الحجاب الا من قريب؟!
الحجاب موجود في العالم الإسلامي كله ولم يظهر خلع الحجاب إلا مع الاستعمار الغربي.
ولكنك تقصد تغطية الوجه.
نعم يوجد في الجنوب من كان يتبع قول الجمهور فلم يأمر نساءه بتغطية وجوههن.
ويوجد فيهم من سرت إليه بدعة تغطية الوجه من المحارم من المنطقة الوسطى.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 07:23]ـ
الأخ عبد الله الشهري: نقلت عن الفاسي قوله " وقد قدّمنا في مواضع، أن إجازة الإظهار، دليل على إجازة النظر، فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد، على غير وجه التبرج من غير ضرورة، لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة "
أحسنت فقد نفي الضرورة التي يجعلها الحنابلة هي المبيح الوحيد للوجه
لكن هل نفى الحاجة التي قلت أنها مذهبه و من تبعه، لكي نعرف هل نفى الحاجة أو لا
أشرح لنا قوله " لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة "
و اعلم أن من تفسيرات قاعدة المشقة تجلب التيسير، أن المشقة هي الحاجة
ولماذا قيده بحال المهنة و أنت تريد تفهمني أنه في جميع الأحوال، و أنا لما فسرت المهنة بالحاجة سابقاً، أردت أنها مثال على الحاجة، و السلف فسروا حتى بعض آيات القرآن بالمثال و لم يريدوا الحصر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 07:51]ـ
.
ويوجد فيهم من سرت إليه بدعة تغطية الوجه من المحارم من المنطقة الوسطى.
لقد أضحكتني شيخنا الحبيب بهذا اللمز الاحترافي!!
ولكن عليك ان تصحح المعلومة ايها الحبيب , فان هذه البدعة انما سرت من الاعراب , والاعراب لا ينسبون الى جهة!
وبهذا سلمنا والحمدلله من نسبة هذه البدعة , وسلمنا من 0000
ارجو ان تقبل هذه اللمزة ايها الغالي فهذه بتلك!
ودمت بخير ما بقيت.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 09:03]ـ
الأخ الحبيب عبد الله الشهري:
إذا أردت أن ترتاح فاعلم أن كشف الوجه دائماً هو السفور الذي نقل الشوكاني الإجماع على تحريمه
لكن بما أن الضرورات تبيح المحظورات فقد اتفقت المذاهب الأربعة على إباحته عند الضرورة
و بما أن المشقة تجلب التيسير (قال شيخنا ابن غديان: أي الأشياء التي يكون الاستمرار عليها فيه مشقة خارجة عن العادة)، و هي مع هذا لا تبيح المحظور، و إنما تخففه، فقد جاء في المذاهب الثلاثة التخفيف بتجويز كشفه عند الحاجة، و خالفهم الحنابلة و قالوا ليس هناك مشقة لأنها يمكنها لبس النقاب
أما إباحة السفور (كشف الوجه دائماً من غير ضرورة و لا حاجة) فقد اتفقوا كما قال الشوكاني على تحريمه
فخذ نصيحة محب و لا تتعب نفسك في البحث فقد كفاك الشوكاني المؤنة، و إلا على الأقل فأعطنا إجازة يوم الخميس و الجمعة فالمناسبات كثيرة
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 11:10]ـ
الأخ الحبيب عبد الله الشهري:
إذا أردت أن ترتاح فاعلم أن كشف الوجه دائماً هو السفور الذي نقل الشوكاني الإجماع على تحريمه
ليس الهدف طلب الراحة يا أخي، الهدف طلب الحق. يبدو أنك أنت الذي تريد الراحة لكي تحضر المناسبات الكثيرة. والتدقيق لا ينال بالراحة، وأسهل شيء هو تلقف كل دعوى إجماع على أنه إجماع حقيقي والعض عليه بالنواجذ! وقد اتصلت بأحد العلماء من موريتانيا (محمد الشنقيطي) - لتبحره في مذهب مالك - لكي أتحقق من شيئين:
- حقيقة رأي الإمام ابن القطان.
- هل يوجد خلاف في مسألة كشف الوجه لغير ضرورة.
فأجاب أن رأي ابن القطان هو كشف الوجه ولو من غير ضرورة وأن الضابط هو خشية الفتنة فقط. وهذا هو الصحيح - ليس بالضرورة الصحيح من جهة الترجيح - من ناحية أن هذا هو مراد ابن القطان. كما أكد على أن الخلاف فيما ذكرت موجود وأنكر الإجماع وقال بعيد ربما لأنه لم يستوعب قائله كل ما قيل في المسألة.
أما إباحة السفور (كشف الوجه دائماً من غير ضرورة و لا حاجة) فقد اتفقوا كما قال الشوكاني على تحريمه
الإجماع الذي ادّعاه الشوكاني بعيد، ولكن لا أمنعك من تكراره والتشبث به والجزم به فهذا يعود إليك وهو أسهل طريق "لتحصيل الراحة"، وحضور المناسبات، و تجنب "وجع" التحصيل والبحث. و طلب العلم لا ينال براحة الجسم.
فخذ نصيحة محب و لا تتعب نفسك في البحث
لا تتعب نفسك في البحث!! أيقول هذا محب للبحث والنظر والطلب؟
قد كفاك الشوكاني المؤنة
لا عجب: اكتفيت بإجماع الشوكاني، فشعرت بالراحة وعدم الرغبة في البحث! ولو أنك قرأت كتاب "النظر" قراءة حقيقية لوجدت أن ابن القطان استدرك على ابن عبدالبر - على مكانته العالية - أكثر من إجماع ادّعاه!! فمن الشوكاني بجانب ابن عبدالبر، حجة بلاد المغرب وإمامها وحافظها!! ولكنها الهمة في طلب العلم و الصبر على جرد الكتب والجلد في تأمل المسائل، دون الاقتصار على الوجبات الجاهزة.
الأخ عبد الله الشهري: نقلت عن الفاسي قوله " وقد قدّمنا في مواضع، أن إجازة الإظهار، دليل على إجازة النظر، فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد، على غير وجه التبرج من غير ضرورة، لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة "
أحسنت فقد نفي الضرورة التي يجعلها الحنابلة هي المبيح الوحيد للوجه
لكن هل نفى الحاجة التي قلت أنها مذهبه و من تبعه، لكي نعرف هل نفى الحاجة أو لا
أشرح لنا قوله " لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة "
و اعلم أن من تفسيرات قاعدة المشقة تجلب التيسير، أن المشقة هي الحاجة
ولماذا قيده بحال المهنة و أنت تريد تفهمني أنه في جميع الأحوال، و أنا لما فسرت المهنة بالحاجة سابقاً، أردت أنها مثال على الحاجة، و السلف فسروا حتى بعض آيات القرآن بالمثال و لم يريدوا الحصر
هذه جوابها سهل، ولكن اتركك لكي ترتاح وتحضر المناسبات، ثم نكمل.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 11:18]ـ
لقد أضحكتني شيخنا الحبيب بهذا اللمز الاحترافي!!
ولكن عليك ان تصحح المعلومة ايها الحبيب , فان هذه البدعة انما سرت من الاعراب , والاعراب لا ينسبون الى جهة!
وبهذا سلمنا والحمدلله من نسبة هذه البدعة , وسلمنا من 0000
ارجو ان تقبل هذه اللمزة ايها الغالي فهذه بتلك!
ودمت بخير ما بقيت.
اللمز مرفوض من الجميع، وصاحبه متوعد بالويل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 11:31]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب ابا عبد الله السبيعي
كلامك طويل وفيه مناقشات لا يتحملها وقتي الآن،لكن فقط أردت المرور لتحيتك على أدبك الراقي وخلقك السامي، ولأشهد الله تعالى على محبتك في الله.
أكثر الله من أمثالك، ولا عدمنا أدبك وخلقك.
والسلام.
أخي الحبيب ابا عائشة , لقد اكثرت على اخيك المسكين الفقير , وهذا بعض ما عندكم حفظكم الرحمن
وننتظر مناقشاتك ايها المبارك!
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 11:47]ـ
اللمز مرفوض من الجميع، وصاحبه متوعد بالويل
استغفر الله العظيم من قبل ومن بعد
جزيت خيرا ايها الحبيب
وليت مشائخنا المشرفين يقومون بمسحها , فربما احدثت في النفس شيئا , وليسامحنا حبيبنا ابن سفران , فوالله ما اردت الا خيرا.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 12:39]ـ
لقد أضحكتني شيخنا الحبيب بهذا اللمز الاحترافي!!
ولكن عليك ان تصحح المعلومة ايها الحبيب , فان هذه البدعة انما سرت من الاعراب , والاعراب لا ينسبون الى جهة!
وبهذا سلمنا والحمدلله من نسبة هذه البدعة , وسلمنا من 0000
ارجو ان تقبل هذه اللمزة ايها الغالي فهذه بتلك!
ودمت بخير ما بقيت.
زادك الله ضحكاً وسروراً.
لا لمز ولا يحزنون. وإنما يفهم منها اللمز إذا كانت رداً على لمز، فهل كانت كذلك؟
وهذه العادة البشعة موجودة في بادية المنطقتين، وخلافها موجود في المنطقتين فإن لمزت فقد لمزت المنطقتين.
أما الأعراب فينسبون إلى الإقليم الذي لا ينتقلون خارجه وإن تنقلوا داخله، فنقول بادية نجد وبادية الشام وغير ذلك، ولكنك تريد جميع الأعراب (بدون)!
ولمزتك مقبولة (لأني لست أعرابياً!)
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 01:04]ـ
استغفر الله العظيم من قبل ومن بعد
جزيت خيرا ايها الحبيب
وليت مشائخنا المشرفين يقومون بمسحها , فربما احدثت في النفس شيئا , وليسامحنا حبيبنا ابن سفران , فوالله ما اردت الا خيرا.
لا يحتاج الأمر إلى مسامحة فلم يغضبني شيء أخي الكريم.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 09:06]ـ
الأخ عبد الله الشهري قلت أنك سألت الشيخ الشنقيطي، هل يوجد خلاف في مسألة كشف الوجه لغير ضرورة؟
يوجد خلاف من دون أن تسأل الشيخ الشنقيطي، و أنا قلت لك يوجد خلاف قبل أن تسأله، المفروض أنك سألته
هل يوجد خلاف في تحريم سفور الوجه، أو قلت لغير ضرورة و لا حاجة، و لم تقصره على الضرورة
قلت: هذه جوابها سهل، ولكن اتركك لكي ترتاح وتحضر المناسبات، ثم نكمل.
جزاك الله خيراً لقد ارتحت و انتهت المناسبات تقريباً
فأجبني، على الأسئلة في قول القطان:
وقد قدّمنا في مواضع، أن إجازة الإظهار، دليل على إجازة النظر، فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد، على غير وجه التبرج من غير ضرورة، لكون ذلك مما ظهر من زينتها و مما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة، فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها، لأنه لو كان النظر إليها ممنوعاً، مع أنها يجوز لها الإبداء، كان ذلك معاونة على الإثم، وتعريضاً للمعصية، وإيقاعاً في الفتنة بمثابة تناول الميتة للأكل لغير مضطر، فمن قال من الفقهاء بجواز البدو، فهو غير محتاج إلى دليل على جواز النظر .. وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذاً النظر إلى ذلك جائز، لكن بشرط ألا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة)). أ. هـ
لماذا قيده بحال المهنة، و هل المرأة دائماً في حال مهنة، حتى يشق عليها تعاهده بالستر، أم أن العلة التي هي المشقة الحاصلة حال المهنة، أباخت عدم وجوب تعاهده بالستر، فإذا زالت العلة التي هي المشقة حال الفتنة، وجب عليها تعاهده بالستر؟
أجب عن ذلك لو تكرمت
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 09:23]ـ
و لما نفى الضرورة فهل نفى الحاجة؟ و هل المشقة الحاصلة في تعاهده بالستر حال المهنة، هي الفتنة التي تقول أنها هيد القيد، و إذا كانت غيرها، فكيف فهمت أن قيده هو الفتنة فقط، أليس هذا قيد أيضاً؟
التقطيع بسبب مشاكل في الدخول و لا أستطيع الرد كل مرة إلا بإغلاق الجهاز و فتحه فأرجو المعذرة
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 12:59]ـ
أخي الكريم: عندي جواب يحسم هذا الأمر تماماً، وهو جواب يبين رأي ابن القطان ومن رأى مثله من أهل العلم بوضوح، ما هو هذا الجواب؟
الجواب: هو تصريحه الواضح بأن الأمة والحرة في إبداء الوجه سواء. قال: ((فإن الحرة والأمة في إبداء الوجه سواء)). [1].
فلا حاجة للتنقيب الممل في تفاصيل تعمي مريد الحق عن المراد الواضح. رُدّ مشتبه ابن القطان إلى محكم كلامه، يتبين لك مراده. وقد قلت لك منذ البداية: الإجماع بعيد والتسرع في نقله والإصرار عليه والمنافحة عنه لا داعي له. = = = = = = = = = = = = = = =
[1] ص335، وقد ذكرت طبعة الكتاب سابقاً. ومعلوم أن وجه الأمة ليس بعورة لا في الصلاة ولا خارجها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 01:00]ـ
لأنه لو كان النظر إليها ممنوعاً، مع أنها يجوز لها الإبداء، كان ذلك معاونة على الإثم، وتعريضاً للمعصية، وإيقاعاً في الفتنة
اخي الحبيب عبدالله الشهري ,
معذرة على المقاطعة ولكن هذه العبارة مشكلة علي من كلام الامام القطان رحمه الله فليتك توضح مراد الامام اذا تكرمت.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 01:12]ـ
جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم على حسن ظنكم بأخيكم.
الشيخ رحمه الله لما اختار أن وجه المرأة يباح كشفه لكل أحد، ولو من غير ضرورة، افترض أنه قد يقول قائل: ولكن هذا فيه إثم عليك لأنك بهذه الإباحة أوقعت الناظر إلى وجهها في الفتنة، فأجاب عن هذا الإشكال بتفصيل وقال ما معناه: النظر ليس لمن يقصد التشهي والاستمتاع فهذا حرام عليه، وإنما هو لمن نظر مع قصد صحيح. وهو في نهاية المطاف يريد أن يقرر قاعدة من قال: إذا جاز الإبداء جاز النظر، أو: من أجاز الإبداء فليس بحاجة إلى إقامة الدليل على جواز النظر.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 02:47]ـ
حسناً إذا ساوى الأمة بالحرة فما هو حكم الأمة و الحرة الذي استوتا فيه
قال ابن القطان عن الأمة: ص 69 طبعة دار الصحابة للتراث (تابع حكم الأمة في إبداء ذلك)
... فمن جعلها كالحرة يحرم عليها إذن أن تبدي وجهها كما لا تبديه الحرة، و من جعلها كالرجل أجاز لها أن تبدي ذلك
فهذا نص بالتحريم في الحرة إلا حين التصرف و التبذل الذي قاله سابقاً، و الحرة هي موضع النزاع، ثم قال أن كل من جعلها كالحرة حرم عليها إبداء الوجه، و إنما الذي أباح لها كشف وجهها هو من جعلها كالرجل، و أنت قلت أنه يجعلها كالحرة
ثم قال ص 71
وجب أن ينظر ما الصحيح في أمر الإماء فنقول إن الذي لاريب فيه من أمرهن أنهن لم يزلن متبذلات في التصرفات و في الأعمال و في الأحوال يبدو منهن أكثر مما يبدو من الحرائر ... و هذا كاف في التفريق بين الحرائر و الإماء
فهنا رجع للعلة التي كان أجاز كشف الحرة وجهها إذا حصلت، و قال إن علة الكشف موجودة في الإماء دائماً
لهذا فخاتمة كلامة، أن للحرة أن تكشف وجهها حين التصرف و التبذل، و للأمة أن تكشف وجدها دائماً لأنها دائماً متصرفة متبذلة
و لهذا سألتك سابقاً هل المرأة دائماً متصرفة متبذلة؟ و لم تجب
فلنرد المحكم إلى المتشابه كما قلت
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 05:25]ـ
هذه قصيدة تصلح في ختام المجلس في الوقت الذي تريدون ختمه
سفر ابن قطان فلتضرب به مثلاً ... ما السفر يقرب من سفر ابن قطان
فهل ترى أنه الإجماعَ يخرقه ... و قد نقلت لكم ما قال شوكاني
فإن رغبتم عن المختار مذهبنا ... فقد رويت لكم المذهب الثاني
أما السفور فمن ذا قد يقول به ... من أهل علم و لا من أهل إيمان
جزى الإله عباداً و اتصلت بهم ... من أهل مراكش أو قوم نعمان
أو من بني شهر و الغلباء و إخوتهم ... خيراً على مجلس مع خير أقران
أما الفتاوى فلسنا أهلها و لها ... قوم كبار لهم شأن و لي شاني
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 06:28]ـ
ملاحظة: تحذف همزة الغلباء لئلا ينكسر البيت و الغلباء هو لقب لقبيلة سبيع، قوم أبي عبد الله و عبد الملك
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 08:19]ـ
ابن القطان يستعمل لفظ الضرورة ليدل على الحاجة، لا يفرق بينهما، وكلامه يدل على ذلك، مثلاً قوله: ((اعلم أن كثيراً مما تقدم فيه جواز البدو أو النظر من المرأة للرجل أو من المرأة سببه الضرورة كما تقدم في عبدها أو أب بعلها أو ابنه أو حال تربية الولد أو أشباه ذلك، و يمكن أن يقال ذلك فيما عفي للمرأة من وجهها أو كفيها في حال تصرفها أو مهنتها، لا على وجه التبرج كما تقدم تقريره))
فتراه استعمل لفظ "الضرورة" وأدخل فيه نوعين من الأمثلة: النوع الأول: من يحيط بها من الناس القريبين، والثاني: تصرفها حال مهنتها. ولما نفى اشتراط الضرورة في موضع آخر من الكتاب فإنه نفى ضمناً اشتراط تصرفها حال مهنتها، فيجوز لها الكشف وأن تبدي وجهها "لكل أحد"، كما قال في موضع آخر. ولذلك أعود فأذكر أن نفي اشتراط الضرورة يشتمل على نفي اشتراط الحاجة عنده، لأنه ضرب "التصرف حال المهنة" مثالاً للضرورة المبيحة. ثم قال في موضع آخر - كما نقلت سابقاً - "من غير ضرورة"، ولكن ما مراد ابن القطان بهذا الكلام، اهو متناقض؟ الجواب: لا، ولكنه لما أراد أن يزيل ظن من توهم أن الضرورة (ويدخل فيها معنى الحاجة كما بينت) مشترطة للكشف، نفى ذلك، ليقرر أن لها الكشف من غير ضرورة، ولكنه مع الضرورة أولى وأحرى. إلا أنه قيده فقال ((لا على وجه التبرج)) والتبرج عنده ليس الكشف الدائم، كما أبطلناه فيما تقدم، وإنما إظهار الزينة التي تستدعي شهوة الرجال الأجانب. فهذه قرينة واضحة على أن شرط الكشف عنده منوط بأمن الفتنة، كما نقلنا مراراً ومراراً ومراراً!
وأما نقلك لكلام ابن القطان:
من جعلها كالحرة يحرم عليها إذن أن تبدي وجهها كما لا تبديه الحرة، و من جعلها كالرجل أجاز لها أن تبدي ذلك
ثم تعليقك:
فهذا نص بالتحريم في الحرة إلا حين التصرف و التبذل الذي قاله سابقاً،
فيوهم القاريء، لأن هذا ليس اختيار ابن القطان، وإنما هو يسوق خلاف العلماء، ويتكلم على لسانهم.
في الختام اشكر لك الأبيات اللطيفة و الختام الهاديء الذي اسدلت به الستار على هذا النقاش، وليعلم الجميع أن عدم تيقن الإجماع في المسألة لا يجيز بمجرده خروج النساء كاشفات، لا سيما في هذا الزمان، وأن من يظن ذلك فقد جاء "بضغث على إبالة"، وأتى "بحشف وسوء كيلة"، والمذهب فيها، كغيرها من المسائل، الإجتهاد والتحري وسؤال أهل العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 09:30]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=7515&highlight=%C7%E1%D3%E3%C7%C1+% E6%C7%E1%C3%D1%D6
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 02:14]ـ
الشيخ الحبيب عبدالله الشهري
جزاك الله خيرا على التوضيح ,
ولكن لماذا الزم القطان رحمه الله نفسه بهذا اللازم , مع علمه بالدليل الصريح في منع النظر مطلقا من دون قيد الفتنة وانما استثني من ذلك النظرة الاولى.
فلماذا الزم نفسه بهذا اللازم مع انه ليس بلازم في الحقيقة , ارأيت النظر الى الرجال فالمرأة مأمورة بغض بصرها عنه.
فان قيل يجوز النظر الى الرجال بغير فتنة فكذلك النساء!
وهنا محل الاشكال الحقيقي , وهو:
ان ابن القطان رحمه الله افترض في حال او على القول بالمنع من النظر اليها: ان فيه تعريض للمعصية وايقاع في الفتنة!
فيفهم من كلامه هذا رحمه الله انه أقر بأن مجرد النظر اليها - مطلقا - فتنة وفيه تعريض بالمعصيه 000 الخ
فهل يعقل اننا اذا منعنا النظر الى الكاشفة ان يكون ذلك من الفتنة , واذا اجزنا النظر اليها انتفت الفتنة!!
فهل كان يريد رحمه الله ان يقول: ان القول بجواز الكشف مستلزم لجواز النظر , لأن منع النظر اليها حينئذ يكون من تكليف مالا يطاق!!
فان كان هذا ما قصده رحمه الله فهو مردود بالواقع , فاننا نجد ان غض البصر عن الكاشفات بل المتبرجات بالزينة - الاشد فتنة - امر غير مستحيل بل هو هين ويسير على من يسره الله عليه.
وان كان يريد رحمه الله انه لا بد من وقوع النظر اليها حينئذ , فكيف يؤثم الرجل بذلك؟
فيقال هذا معفي بالنظرة الاولى , وما زاد على ذلك فهو ممنوع. وهذا اولى من ابطال الحديث (سيما وقد حسنه بعض اهل العلم) ما دام يمكن حمله على هذا وأمكن الجمع بينه وبين القول بجواز الكشف - عند من يقول به خاصة -؟
ثم تكليف مالا يطاق هو اقرب الى كلامه رحمه الله اذ كيف يجوز النظر الى المرأة ولا يخطر بقلب الانسان لذة او شهوة سيما اذا كانت المرأة فاتنة بالخلقة!!
فما رأيك ايها الاخ المبارك.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 02:32]ـ
هذه قصيدة تصلح في ختام المجلس في الوقت الذي تريدون ختمه
سفر ابن قطان فلتضرب به مثلاً ... ما السفر يقرب من سفر ابن قطان
فهل ترى أنه الإجماعَ يخرقه ... و قد نقلت لكم ما قال شوكاني
فإن رغبتم عن المختار مذهبنا ... فقد رويت لكم المذهب الثاني
أما السفور فمن ذا قد يقول به ... من أهل علم و لا من أهل إيمان
جزى الإله عباداً و اتصلت بهم ... من أهل مراكش أو قوم نعمان
أو من بني شهر و الغلباء و إخوتهم ... خيراً على مجلس مع خير أقران
أما الفتاوى فلسنا أهلها و لها ... قوم كبار لهم شأن و لي شاني
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
لا فض فوك شيخنا الحبيب , ابيات بديعة جميلة لطيفة , وجزيت خيرا على ما قدمت من قوة الحجة وحسن الادب , وختم الله لنا ولك ولجميع الاخوة هنا وللمؤمنين والمؤمنات بالخير والحسنى.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 09:49]ـ
حسناً يا أخ عبد الله الشهري،
في قوله: من جعلها كالحرة يحرم عليها إذن أن تبدي وجهها كما لا تبديه الحرة، و من جعلها كالرجل أجاز لها أن تبدي ذلك
أنا فهمت منه أنه يريد جميع العلماء و هو منهم، و أنت تقول أنه أراد العلماء و لم يرد نفسه
و لكننا استأثرنا بالمجلس و أطلناه، و يقال: مجلس الذكر إذا طال كان للشيطان فيه نصيب
فما رأيك أن ننتهي هنا، و نترك الباقي للقراء، و هم يحمكون في ماذا أراد ابن القطان
ـ[هشيم بن بشير]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 10:17]ـ
أقوال أئمة المذاهب الإسلامية في جواز كشف وجه المرأة
أولا: مذهب الحنفية
قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2|392): "أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى". وذكره الشيباني في "المبسوط" (3|56) واختاره, وفي بدائع الصنائع 5 - 121, وكذلك السرخسي في كتابه المبسوط (10/ 152 - 153).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الجصاص _وهو حنفي _ في (أحكام القرآن) (3/ 316): وقول ابن مسعود في أن (ما ظهر مِنْها) هو الثياب؛ لا معنى له؛ لأنه معلوم أنه ذكر الزينة، والمراد العضو الذي عليه الزينة، ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقُلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها، فعلمنا أن المراد مواضع الزينة، كما قال في نسق الآية بعد هذا: (ولا يُبْدِيْن زِينتهُنّ إِلاّ لِبُعُولتِهِنّ)، والمراد موضع الزينة، فتأويلها على الثياب لا معنى له، إذ كان مما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها كما يراها إذا لم تكن لابستها). وانتصر لهذا القول الزمخشري في "كشافهِ".
ثانيا: مذهب المالكية
جاء في "الموطأ" رواية يحيى (2|935): "سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
قال الباجي في "المنتفى شرح الموطأ" (7|252): "يقتضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها".
قال ابن القطان في النظر في أحكام النظر (ص143) بعد أن ذكر هذا النص عن مالك: "وهذا نص قوله. وفيه إباحة إبدائها وجهها وكفيها للأجنبي. إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا. وقد أبقاه الباجي على ظاهره".
وفي كتاب "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد عن مالك أنه سئل عما يظهر من وجه المرأة، فأدار عمامته تحت ذقنه وفوق حاجبيه معلناً بذلك جواز ظهور دائرة الوجه .... وكذلك في "المدونة" (2/ 221 (ونقله ابن عبدالبر في "التمهيد" (15 - 111) وارتضاه.
وذكره القرطبي في تفسيره قال: قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة.
ثالثا: مذهب الشافعية
قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1|89): "وكل المرأة عورة، إلا كفيها ووجهها. وظهر قدميها عورة". واختاره البيهقي في السنن الكبرى (7|85) وفي "الآداب" .. واختاره البغوي الشافعي في "شرح السنة" (9|23) , وكذلك في روضة الطالبين وعمدة المفتين (6/ 15) .. وفي المجموع شرح المهذب (17/ 298).
رابعا: مذهب الحنابلة
قال ابن قدامة في المغني (ج1/ص349): (ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء).
وكذلك قاله المرداوي في "الإنصاف" (1|452): (الصّحِيحُ مِنْ الْمذْهبِ أنّ الْوجْه ليْس بِعوْرةٍ. وعليْهِ الأصْحابُ. وحكاهُ الْقاضِي إجْماعًا).
وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 316): (قال العلماء رحمهم الله تعالى: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها).
قال ابن عبدالبر في التمهيد (6|364) في المرأة: (وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: "كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها". ثم رواه بإسناده عنه ثم قال: "قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة، ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به. وأجمعوا على أنها لا تصلي متنقبة ولا عليها أن تلبس فقازين في الصلاة. وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة. وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه. وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟).
خامساً: مذهب الظاهرية
قال ابن حزم في المحلى (ج3/ ص216): بعدما ذكر الآية (وفيه نص على إباحة كشف الوجه لا يمكن غير ذلك أصلا) .. جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (1/ 167 - الطبعة الثانية): "أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة".
وأما القول بأن الأمر بأن لا تخمر المحرمة وجهها, ولا تلبس القفازين دليل على أنها كانت تفعل ذلك في غير الإحرام فهو قول باطل وإلا فهل يعني أمر الله الحجاج بتعرية رؤوسهم في الإحرام دليل على أنهم كانوا يغطونها وجوباً في غير الإحرام؟ وهذا ليس من قول أهل الفقه والنظر, ولا أهل الظاهر والأثر .. وأما حديث (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ... ). رواه الترمذي (117) وابن خزيمة (1685) وابن حبان (5598، 5599). فهو حديث ضعيف لأن كل طرقه المرفوعة فيها قتادة - وهو مدلس من الطبقة الثالثة- وقد عنعن بها. لذلك رجّح ابن خزيمة في صحيحه (3|94) ألا يكون قتادة قد سمع هذا الحديث.
______________________________ ___________
(الرد المفحم، على من خالف العلماء و تشدد و تعصب، و ألزم المرأة بستر وجهها و كفيها وأوجب، و لم يقتنع بقولهم: إنه سنة و مستحب)
للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله–:
http://arabic.islamic ... .com/sunni/rad_muf7im.htm
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 11:50]ـ
الأخ الفاضل هشيم بن بشير
جزاك الله خيرا على هذا المجهود الطيب
وقد اثبتنا من خلال هذا الحوار المبارك بحمدالله عوار القول بجواز الكشف وانه قول باطل لا اعتبار به والحمدلله رب العالمين.
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 01:12]ـ
الأخ الفاضل هشيم بن بشير
جزاك الله خيرا على هذا المجهود الطيب
وقد اثبتنا من خلال هذا الحوار المبارك بحمدالله عوار القول بجواز الكشف وانه قول باطل لا اعتبار به والحمدلله رب العالمين.
حبيبنا السبيعي
لا رأينا عورا ولا هو عندنا بالباطل، وكنت قد عدت لإكمال المناقشة فوجدتكم قد تمالأتم على شيخنا الشهري، وختمتم النقاش منتشين بالنصر، مزهوين بالغلبة، مع اني ما رأيت له بوادرا، ولا شهدت له معالما، لكني آثرت الانسحاب إكراما لكم، وتبجيلا لمقامكم، واللهم أهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، ودمتم في أمان الله وحفظه.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 02:42]ـ
حبيبنا السبيعي
لا رأينا عورا ولا هو عندنا بالباطل، وكنت قد عدت لإكمال المناقشة فوجدتكم قد تمالأتم على شيخنا الشهري، وختمتم النقاش منتشين بالنصر، مزهوين بالغلبة، مع اني ما رأيت له بوادرا، ولا شهدت له معالما، لكني آثرت الانسحاب إكراما لكم، وتبجيلا لمقامكم، واللهم أهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، ودمتم في أمان الله وحفظه.
أهلا بالحبيب المبارك
أشهد الله العظيم أنني لما رأيت تعليقك: ابتسمت بل ضحكت لجميل تعبيرك ولطافته , والتي تنم عن خلق رفيع ومعدن أصيل , وليس هو بغريب على أهل تلك الديار المالكية.
واعلم اخي الحبيب انني مريد للخير لست ابتغي جدالا ولا امتطي عنادا , وحسبي في ذلك ما قيل: قولي صواب يحتمل الخطأ وقول أخي خطأ يحتمل الصواب.
ولست ممن يطيل الحوار بلا ثمر , ولكني لما رأيت ان الحسبة في دحض الشبهة واجبة مرضية , احببت مشاركة الأحباب فيها ولو بأسهم قليلة نقية , عسى الله ان ينفع بها قلوبا طاهرة زكية.
فهات ما عندك ايها النحرير الأبي , فنحن في شوق لملاقاتك , وسماع تعليقاتك , فمن أمثالكم ياحبيب نستفيد ونستزيد , فلا تبخل علينا بالمفيد والمزيد.
ولا أظنكم ستاتون في هذه المسالة بالجديد!!!!!!!!! (ابتسامة تدعوك للتفنيد)
ودمت بخير ياحبيب ما بقيت.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 08:26]ـ
واضح من كلام بعض الإخوة الخلط بين النقاش لإثبات القول الراجح في المسألة والنقاش لإثبات أن الإجماع غير متحقق في هذه المسألة. والأمر المتعب المرهق هو محاولة ارجاع من جنح للنقاش الأول لكي يبقى في حوزة النقاش الثاني. ولكن يأبى بعض الإخوة إلا الترجيح وبيان "العوار"، مع أننا لسنا بصدد ذلك أصلاً.
وقد أشار بعض العلماء إلى أهمية مراعاة الخلاف بين العلماء، والتماس العذر لمن جانب الصواب.قال شارح الطحاوية رحمه الله:
((وَكُلُّهُمْ [أي العلماء] مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينًا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ (ص). وَلَكِنْ إِذَا وُجِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلٌ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ: فَلَا بُدَّ لَهُ فِي تَرْكِهِ مِنْ عُذْرٍ. وَجِمَاعُ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أَحَدُهَا: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قَالَهُ.
وَالثَّانِي: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.
وَالثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ
وَجِمَاعُ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أَحَدُهَا: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قَالَهُ.
وَالثَّانِي: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.
وَالثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ)) [1] = = = == = = = = = = = = == = == = = = = = =
[1] وقد ذكر ابن تيمية أكثر من ذلك في "رفع الملام".
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[28 - Jul-2008, صباحاً 05:35]ـ
اخي الحبيب ابو عائشة المغربي ارجو الا تغضب علينا فاني أشهد الله تعالى على محبتك فيه.
وانا أشهد الله تعالى على حبك فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل تعرف اخي الحبيب ما هي المشكلة ونقطة الخلاف بيننا: انك تقرر الجواز على انه لم ينسخ اولا , فيغيب عنك - ايها الكريم -ان بعض هذه الادلة التي تذكرها يحملها المانعون على انها قبل النسخ بآية الحجاب جمعا بين الادلة كما هو مقرر في القواعد الاصولية عند التعارض
لا يغيب عني أبدا، لكن لا نسخ إلا بدليل، أما ان يلجأ كل من تعارضت الادلة في ذهنه إلى ادعاء النسخ فلا تستقر الأحكام. النسخ لا بد له من دليل صريح وإلا لا نسخ، ثم أدلتنا فيها ما هو بعد الحجاب قطعا، بل سير الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم تدل على ذلك، فأين النسخ؟.
- الا اذا كنت تنكر هذا الاصل اي الجمع بين الادلة فهذا له مجال آخر -
لاانكره طبعا، والأدلة مجتمعة ولله الحمد، أنتم من يرد عليكم الإشكال.
, فأنت ان شاءالله لا تنكر قطعا ان الحجاب قد فرض - دعنا من مسألة هل نسخ اخيرا الان - فاذا عرفت هذا اتضح لك المراد من قولي انها اكثر واصرح واقوى فأدلة فرض الحجاب جاءت متواترة في الكتاب والسنة لا تحتمل تأويلا ولا تضعيفا,.
ولا يخفاك - ايها الحبيب - أن أدلة الحجاب ناقلة عن الأصل، وأدلة جواز كشفه مبقية على الأصل، والناقل عن الأصل مقدم كما هو معروف عند الأصوليين
هذا ترجيح، والجمع عندنا مقدم على الترجيح، لما فيه من إعمال الأدلة كلها، فنصوص الحجاب محمولة على ما دون الوجه واليدين، ونصوص الكشف محمولة عليهما، فخرجنا من كل إشكال، أما انتم فأعيتكم أحاديث الكشف أن تجدوا لها جوابا، فتمحلتم و تعسفتم، فتارة تدعون النسخ من عنديتكم ولا دليل، وتارة تلجأون إلى الترجيح حين يعييكم الجمع، وإعمال الكلام اولى من إهماله كما لا يخفى عليك أخي الحبيب، فاستقام قولنا واضطرب قولكم.
اذا ثبت هذا فيبقى ما استدل به المجيزون من حديث الخثعمية ونحوه مما علم انه متاخر , وهذا لا شك انه محل اشكال ليس بالهين عند المانعين!
شكر الله لك على اعترافك.
ولقد اجابوا عنها بحمدالله بما يكفي وقد ذكرنا بعضها هاهنا.
والله حاولت أن اجد جوابا مقنعا ولم اجد، فلو تفضلت بالجواب الكافي الشافي، أما كل ما تفضل به الشيخ التويجري، فلا يروي عليلا، ولا يشفي غليلا.
والذي جعل المانعين لا يعتبرونها ناسخة , هو عدم اشتهار ذلك بين الصحابة اذ لم ينقل عن احد منهم انهم قالوا بخلاف ذلك كما تقدم في النقل اعلاه , فضلا عن ان يكون احدهم قد صرح بالنسخ.
بل اشتهر عنهم وعرفوه دون نكير.
واذا تقرر ان الصحابة مجمعون على فرضية الحجاب وانه باق لم ينسخ دل على ان الخلاف في الحجاب قد وقع بعدهم وحينئذ فلا عبرة به!
من قال ان الحجاب نسخ؟
لكن وجوب تغطية الوجه والكفين لم يثبت أصلا حتى ينسخ.
فاذا انضاف الى ذلك - وانتبه لهذا ايها الفاضل - المقاصد الشرعية من فرضية الحجاب , والقواعد العامة في الشريعة كان ذلك أدعى الى انكار النسخ والعمل على الجمع بين الادلة وتأويل الدليل المخالف بما يتوافق ومقاصد الشريعة.
أي نسخ هداك الله، ومن ادعاه، أما المقاصد والقواعد العامة فلا اجتهاد في مقابل النص.
ان الشارع الحكيم قد حذر من فتنة النساء , واخبر بأنهن الاشد فتنة والاضر على الرجال , وان المراة اذا خرجت استشرفها الشيطان , والواقع يشهد كيف كان حال الامة قبل الحجاب وبعده , بل بشهادة الاعداء انفسهم اذ طالما صرحوا بأن نهاية الاسلام في هتك الحجاب , بل اول المشاريع التغريبية كان بتمزيق الحجاب , واول مفاتيح الحرية المزعومة كان بخلع الحجاب كما لا يخفى في مصر وغيرها!
كلام رائق ماتع، جعله الله في ميزان حسناتك، لكنه في الحجاب بعمومه وإطلاقه، فهو خارج محل البحث والنزاع.
كما ان في القول بالمنع حفظ للشريعة الطاهرة ان يمسها الانجاس بأذى كمن يرميها بالتناقض فيقول – معتمدا على قول المجيزين -: (كيف تجيزون وجه المرأة وتحرمون النظر اليها , واذا اجزتم النظر – مع صريح الدليل في منعه - فكيف تحرمون الصوت بلا خضوع وهو اهون من النظر , واذا اجزتموه , فلم تحرمون خروجها للعمل في مجتمع يجتمع فيه الرجال والنساء بلا ريبة ولا فتنة ولا خضوع بالقول بل الحديث لا يخرج عن العمل والمرأة لا تخلو بالرجل والعمل حاجة فما المانع! واذا اجزتم ذلك فلم تمنعون من كشف الطبيب عليها مع وجود الطبيبة وانتفاء الفتنة , واذا اجزتم ذلك عند امان الفتنة , فما المانع من ان تكشف الشابة
(يُتْبَعُ)
(/)
الجميلة عن وجهها , فهي كسائر النساء لعموم النص بل لصريحه فيها كقوله (سفعاء الخدين) (وهي رواية شاذة والمجيزون يصححونها) , واذا اجزتم ذلك فلم تمنعون ركوبها في سيارة ابن الجيران اذا صاحبتهما اخته , فاذا اجزتم هذا فكيف تقولون ان المرأة في نفسها وذاتها فتنة بل الفتنة عارضة تطرأ وتزول وليس لها ضابط صحيح اذ تعليق ذلك بكثرة الفساق لا يستقيم لأننا نرى المرأة في بعض البلاد تخرج من بيتها في أي وقت وترجع اليه من دون ان يمسها اذى او تقع في الزنا او حتى تفكر فيه، وما كان هذا شأنه فلا عبرة به ولا يعول عليه في الاحكام فيبقى الحكم على الاصل وهو الاباحة باطلاق دون تقييد الكشف بالامن من الفتنة!!)
ثم يقول في ختام المناظرة: (هذا هو الصواب الذي لا محيد عنه والا للزم منه التناقض والشريعة منزهة عنه اذ كيف يعقل ان كشف وجهها جائز بل وضع الكحل جائز والنظر اليها جائز وصوتها ليس بعورة وخروجها للحاجة جائز ثم تمنع من غشيان اماكن العمل الذي لا خلوة فيه بحجة ان فيه رجال وقد قررنا ان الفتنة ملغية لا يعول عليها , وان تنزلنا مع الخصم في اعتبار الفتنة فليس ثم فتنة في مكان العمل!!!)
عجيب والله، كل ما هولت به لا يستحق التهويل، بل كل ما ذكرته إلاجواز كشف الطبيب لا يخلو من نظر، وله أدلة تؤيده، وما المانع منه؟ فلا تهول علينا أيها الحبيب بما لا يستحق التهويل.
ثم الن ياتي شخص فيريد كما أردت تنزيه الشريعة عن التناقض فيمنع المسح على الخفين لأن مسح أعليهما مناقض للرأي، ويامر الحائض بإعادة الصلاة لعدم وجود الفارق ........ ولن يعدم ما يراه هو تناقضا، فنبطل بذلك جملة من الأحكام الشرعية، خوفا من شبه أولائك الأنجاس.
فهذه بعض وغيض من فيض من اللوازم الباطلة التي تلزم على القول بالجواز!!
منها ما يلزم ولا مانع منه، ومنها ما لا يلزم أصلا، وإنما هو تهويش من أخينا المفضال.
بل ان العقول والنفوس تطمئن الى القول بالمنع , اذ لا يتصور ان يرى الانسان – والذي اصله الظلم والخسار – ان يرى الشابة الجميلة فلا يفتن او على الاقل يتعلق بها قلبه وفكره , والذي هو سبب الانحراف عند الكثير من الناس. وهل تنصر ذاك المؤذن الا بالنظرة!! واقلّ ذلك ان يغازلها الفاجر بالكلام حتى تقع فريسة للعشق والغرام ثم الخنا والحرام , وهل هذا الا واقع الناس اليوم!
وقد وقع هذا في عهد الحبيب المصطفى ولم يوجب على الخثعمية ستر وجهها وكفيها، ودعونا من القصص التي لا خطام لها ولا زمام.
بل ان الحجاب متوافق مع الفطرة , فقل لي بربك – يا حبيب - اذا لم يغر الانسان على وجوه نسائه فمتى سيغار؟! وهاأنت يابن الكرام وكذا العلالمة الالباني رحمه الله وامثالكم من اصحاب الفطر السليمة لم تطب انفسكم بأن تسمحوا لنسائكم بالكشف عن وجوههن – رغم كونكم مأمونين وصالحين – ولا نزكيكم – فكيف بعامة الناس! فهل هذا الا دليل على توافق الحجاب مع الفطر السليمة!!
قلت: ألم يكن للخثعمية وسفعاء الخدين و الواهبة ............. رجال يغيرون عليهم، بل ألم يغر الحبيب المصطفى على نساء أمته فما انكر ولا عنف؟ حاشاه صلى الله عليه وسلم،بل ألم يغر الحبيب المصطفى على سيدة نساء العالمين وقد كانت الشريفة المرضية الزهراء البتول كاشفة لوجهها، كما ورد في حديث عمران بن حصين المشهور:
(كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا إذ أقبلت فاطمة رحمها الله فوقفت بين يديه فنظرت إليها وقد ذهب الدم من وجهها فقال: ادني يا فاطمة فدنت حتى قامت بين يديه فرفع يده فوضعها على صدرها موضع القلادة وفرج بين أصابعه ثم قال: (اللهم مشبع الجاعة ورافع الوضيعة لا تجع فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم).
قال عمران: فنظرت إليها وقد غلب الدم على وجهها وذهبت الصفرة كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم. قال عمران: فلقيتها بعد فسألتها؟ فقالت: ما جعت بعد يا عمران.).والحديث حسن. فالصحابة أغير منا، ورسول الله أغير، والله عز وتعالى أغير.
إشارة: الشيخ الألباني منسجم مع مذهبه، فزوجته منقبة،لكن بناته أو بعضهن غير منقبات.
وهل يغيب عنك - يا مفضال – ان المرأة بطبعها وفطرتها تحب ان يثنى عليها بالجمال , فشيئا شيئا حتى تتزين وتتجمل ثم تتبرج وتفتن
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل ستر الوجه هو ما يمنع ذلك؟ غفر الله لك، لقد عشت بالحجاز ما قدر الله لي من السنين، فرأيت من الفاسقات ممن يسترن وجوههن مالم أره في بلاد المغرب من السافرات الكاشفات، القضية قضية تقوى وتدين يا أبا عبد الله، وليست قضية ستر او كشف للوجه. ووالله إني لأعلم من الكاشفات لوجوههن من تضاهي أو تقارب رابعة في تعبدها، وعائشة بنت طلحة في علمها، وأعلم من المنقبات من ليس لها من الإسلام إلا أصله والبرقع الذي على وجهها، فدعونا من الإنشاء، وهاتوا علمكم إن كنتم صادقين.
والقول بجواز الكشف لا يخلو اما ان يكون مطلقا او مقيدا بالفتنة , فأما القول بالاطلاق فلا اظنك ياحبيب ترتضيه , واما الثاني , فلوازمه الباطلة لا تنتهي كما سبق , ويكفي فيه الاضطراب في تحديد ضابط الفتنة , بل حتى على التحديد بكثرة الفساق لا يستقيم , فمن يأمن ان يراها الفاسق فيفسق بالطاهرة عياذا بالله!
ثم الفتنة لا يخلو ان تكون هي ذات المرأة او بشيء خارج عنها , فاما الثاني فقد قررنا انه لا ينضبط , وذلك لأن الامور النسبية يختلف تقديرها باختلاف الناس واحوالهم واعرافهم واماكنهم وازمانهم وغير ذلك , فما تراه انت فتنة قد لا يراه الاخر فتنة او العكس وهكذا في مزيد من الاضطراب مما لا يصلح ضابطا في هذا الباب الخطير الجناب.
فلم يبق الا ان يقال بالاول , وهو الصواب الذي لا محيد عنه عند اولي الالباب , فقد صرح الشارع بأنها فتنة بل بكونها اشد الفتن واضرها على الرجال كما لا يخفى.
فاذا ثبت كونها هي بذاتها الفتنة , وانضاف اليه ما قدمناه , مع الاعتبار بأصل سد الذرائع وصيانة الدين واعراض المسلمين , وجب القول بمنعها من كشف وجهها لأنها فتنة!
كفانا الله واياكم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
كلام إنشائي جميل، تهدمه أحاديث الكشف، خاصة حديث الخثعمية وحديث فاطمة بنت قيس في العيد، فهما بعد الحجاب قطعا.
ثم لا زلت أرفع صوتي فأقول: يا أيها الموجبون، أليس الأصل الكشف؟ فجاءت الآيات بوضع الخمار على الجيوب، وإدناء الجلباب على البدن، فأخبروني بالله عليكم: أين الدليل الصحيح الصريح على وجوب ستر الوجه والكفين؟ مالناقل له من الأصل؟ لقد سودتم صفحات،وادعيتم القضاء على المخالف، ولم أعثر لكم على دليل واحد،فهلا ذكرتموني به إن ضاع مني بين أسطركم.
فما كان يليق بك قول مثل هذا ايها الفاضل فأنت تعرف من هم مشائخنا – ابن باز وابن عثيمين (شيخك كما ذكرت) وابن جبرين وابن ابراهيم وغيرهم من الكبار , والذي أظنه ان شاءالله ان مثلك يعاتب نفسه على هذه الزلة في حقهم , وكيف تتهمهم بالشدة رحمك الله وما قالوه معتبر في الخلاف – على التنزل والا فهو الارجح – وعلى فرض انه مرجوح فأنتم تقولون باستحبابه بل وتلتزمون به , بل اعظم من ذلك كان هو هدي ذاك الجيل العفيف وسنة ذاك القرن الخيّر بل تلك القرون الفاضلة , (واذا كنت تسمي الحجاب شدة فماذا سيقول غيرك ياحبيب في عمر الفاروق بل في سائر تلك القرون المفضلة) فكان الاولى بك ايها المفضال ان تسكب الدمعة على هذه الزلة وان تغبطنا على هذه الشدة! بل تتمنى ان تكون هذه الصورة فضلا عن حكمها هي السائدة المستقرة في نفوس المؤمنات - - ولا نحسبك الا كذلك ايها الكريم الحبيب ان شاءالله , ولكني احببت تذكيرك بهذه الكلمات عسى الله ان يهديني واياك الى سواء السبيل والصراط المستقيم والحمدلله رب العالمين.
الشدة المقصودة هي إيجاب ما أحله الله، أو وصف الأحوات الفاضلات العفيفات من الكاشفات بالسفور، فإني وإن كنت احب ماذكرت، إلا أني لا انكر او أتنقص من الاخوات الكاشفات.
أما وصف بعض العلماء الافاضل ومنهم شيوخي بالشدة في قول اختاروه فلا حرج فيه، فقد نبه العلماء على تشدد ابن عمر، وهو من هو علما وفضلا وجلالة.
والمقصود ايها الحبيب: ان المسألة ما دامت بهذا القدر من الخلاف - في نظر المجيرزين - فلماذا يتحمس البعض لنصرة القول المشتبه فيه والذي يلزم منه تناقضات كثيرة , ولو لم يكن بالقول بالجواز الا انه من شعائر الجاهلية الظاهرة - والتي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ابطالها - لكان حاديا بالمرء ان يتأنى في القول بالجواز , ما دام ان القول بالمنع عند المجيزين معتبر , فلأن يكون طالب العلم في الجانب الأسلم خير من ان يكون في محل الاشتباه!!
ودمت ايها الكريم بخير ما بقيت.
غريب امرك يا أبا عبد الله، تبني لنفسك أساسا ثم تضع عليه ما تريد من اللوازم، متى كان القول بالجواز من شعائر الجاهلية؟ بل لو زرت هذه البلاد لعرفت أن كشف الجميع هو الجاهلية، أما الستر مع إبداء الوجه واليدين فهو قمة الطهر والعفاف، فلا تقارنوا وضعكم بوضعنا، ولو كان القول بجواز الكشف مرجوحا_مع أنه الراجح بحمد الله_ لقلدنا فيه أولائك الاعلام، لما نرى من السفور الفاحش، وتجول النساء في الشارع متجردات إلا مما يستر شيئا من العورة المغلظة، فتتمنى لو تمر بجوار امرأة ارتدت جلبابا فقط وكشفت شيئا من شعرها، أما المتحجبة حجابا شرعيا مع كشف وجهها ويديها فتلك الفاضلة العفيفة الطاهرة التي ترجى بركتها، فبارك الله فيكم للزمان والمكان أحكام، فانزلوا من أبراجكم، وافقهوا الواقع الذي تأصلون له، حفظكم الباري وبارك فيكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القضاعي]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 01:52]ـ
تأمل النص التالي جيداً فإنه سيغنيك عن تكلّف الأسئلة في تفاصيل صغيرة ويعيدك إلى صلب الموضوع:
((وقد قدّمنا في مواضع، أن إجازة الإظهار، دليل على إجازة النظر، فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد، على غير وجه التبرج من غير ضرورة [1]، لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة، فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها، لأنه لو كان النظر إليها ممنوعاً، مع أنها يجوز لها الإبداء، كان ذلك معاونة على الإثم، وتعريضاً للمعصية، وإيقاعاً في الفتنة بمثابة تناول الميتة للأكل لغير مضطر، فمن قال من الفقهاء بجواز البدو، فهو غير محتاج إلى دليل على جواز النظر .. وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذاً النظر إلى ذلك جائز، لكن بشرط ألا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة)). أ. هـ
والضابط الصريح عند ابن القطان هو خوف الفتنة وقصد اللذة، لا الضرورة، بل هو نفى ضابط الضرورة كما ترى. ولذلك أعود فأقول أن الإجماع بعيد في هذه المسألة، وابن القطان لا يمكن أن يخفى عليه إجماع متحقق، وهو الإمام الحافظ صاحب الإطلاع على الإجماعات، أما الإجماعات غير المتحققة فهي عرضة للأخذ والرد، فلا تكون حجة. ابن القطان لا يمكن أن يجرؤ على قول يعلم هو أنه لم يسبقه إليه أحد، وإنما استقرأ الخلافات و هو مالكي أعلم بمذهب مالك مني ومنك، واستفاد من هذا الاستقراء ترجيح قول من قال بجواز الكشف ولو من غير ضرورة بشرط الأمن الفتنة والافتتان.
= = = = = = = = = = = == = = = = = = = = =
[1] ولو كان التبرج هنا هو المعنى الذي جئت به من تلقاء نفسك، دون رجوع إلى كتب اللغة، لتناقض كلام المصنف. ولذلك قولك (لا أريد أن أشرحها أنا فربما لا تقتنع بشرحي) صحيح، فأنا لا أريد شرحك الشخصي دون التفات إلى كلام أهل اللغة.
أثابكم الله
الأخ عبد الله الشهري أراك تحكمت في مراد ابن القطان في قصده بالضرورة فأدخلت فيها الحاجة , وأبيت ذلك في معنى التبرج ورفضت تفسيره بالسفور؟!!
ثم لو تدبرت بارك الله فيك ما نقلته جيداً لرأيته يوافق ما دندن حوله الأخ (من صاحب النقب) وذلك من القيود المتعددة التي أوردها ابن القطان ولا حاجة له فيها إن صح ما تنسبه له من القول بجواز الكشف دائما!!
فقوله (على غير وجه التبرج من غير ضرورة) فهل يجوز لها التبرج [كما تفهمه أنت] للضرورة!!
وقوله (ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة) لا حاجة لإيراده إن كان يرى جواز الكشف دائما.
وغاب عنك أن قوله (لكن بشرط ألا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة) أن هذا الشرط في حق الناظر وليس في حق المرأة يا رعاك الله.
فلا يستقيم أن يجّوز لها كشف وجهها للحاجة ثم يمنعها في نفس الوقت عن وجود الفتنة كما زعمت؟!!
والله أعلم
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[29 - Jul-2008, صباحاً 12:23]ـ
اشكر لك ما علقت.
أخي: إن كنت وقعت في شيء من التخليط فبسبب كوني أكتب وأنا "عكر المزاج" مما عافته نفسي من التكرار حتى صرت أكتب وذهني مشغول بأمور أخر.
أخي الكريم، في الحقيقة لم ترتح نفسي عندما وضعتني موضع من "يتحكم" في كلام ابن القطان للوصول إلى شيء في نفسي. المشكلة أيها الفاضل أن الإمام ابن القطان رأيه في المسألة "واضح" و "غير واضح" في آن معاً!! كيف؟
نعم هو واضح لمن جمع شتات أقواله المتفرقة في ثنايا كتابه، فإن كلامه ورأيه المقطع أوصالاً في مواضع من كتابه إذا لم يجمع بعضه إلى بعض لم يعلم مراده بدقة، باختصار هذا يتطلب قراءة الكتاب بالكامل قراءة متأنية.
وأما كون كلامه "غير واضح" فهو كذلك لمن أخذ من موضع وترك مواضع، أو اكتفى بقراءة بعض كتابه.
لا أريد أن أثير غبار التكرار بالرد التفصيلي على الجزئيات التي ذكرتها. فلا تؤاخذني. لماذا؟
السبب هو أن ابن القطان يوضح رأيه بأكثر من أسلوب!! وسأنقل – مرة أخرى - مواضع جديدة من كتابه تدل على أن مسألة كشف الوجه
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة خلافية ليس فيها إجماع – ولا يعنينا الترجيح والفتوى الآن – وأن الضرورة عنده قيد مؤكِّد لمعنى قرره عدة مرات، ألا وهو: المرأة لها أن تكشف وجهها للأجنبي، ولو من غير ضرورة – كما نص عليه هو – ولكن "مع الضرورة" فجواز الكشف لها أولى وآكد. هذه هي فائدة قيد "الضرورة" عنده، يدل على ذلك مواضع أخر في كتابه.
قال رحمه الله: ((أما النظر إلى وجهها، فمنهم من جوزه بإطلاق، ومنهم من جوزه لا بإطلاق، ولكن مقيداً بأن لا يخاف بالنظر إليه فتنة ... ))
ولكن لك أن تقول: هذا نص على النظر لا الكشف. فأقول: هذا صحيح ولكنه جعل هناك تلازماً بين جواز النظر وجواز الكشف، فإن جواز الكشف عنده يعني جواز النظر إلى وجهها. ولو كان الكشف "للضرورة" فقط لما صلح أن يجوز النظر إلى وجهها بإطلاق، لأنه نص على أن لها أن تكشف وجهها "لكل أحد" ونص على أن لها أن تبديه من غير ضرورة. زد على ذلك مما يؤكد هذا المعنى أنه يجيز كشف المرأة وجهها لعبد غيرها، وأحال على ما قرره في حقها بحضور الرجال الأجانب، قال: ((فلا شك في امتناع بدوها له إلا على ما تبدو للأجانب الأحرار)). ص213.
وقال رحمه الله عن حكم النظر إلى "ذوات المحارم": ((فإن كان إنما ينظر منها، أعني ذلك من ذات محرمه، إلى الوجه والكفين والقدمين صغيرة كانت أو كبيرة، فهذا جائز بلا خلاف، لأنه شيء يبدو في حال المهنة (!!) ".
تعليقات:
لو كان قيد الحاجة أو الضرورة (حال المهنة) قيدان معتبران عنده – أي لا كشف للأجنبي إلا بهما – فلماذا يذكره في حق ذوات المحارم، مع أن الناظر أليهن ليس أجنبي؟
الجواب: هذا يدل على أن الكشف عنده جائز، وأنه مع الضرورة أو الحاجة آكد في الجواز، وأنها لو تعاهدت ستر وجهها ففضيلة عنده، ولكن لا يجب عليها ذلك. أرجو أن تكون قد جمعت هذه العبارة الأخيرة شتات آراء المصنف.
زد على ذلك أنه نص صريحاً على أن الحرة كالأمة فيما تبديه من وجهها وكفيها. ولو كان الكشف عنده لا يكون إلا لضرورة أو حاجة لما استقام كلامه، لأن الأمة تكشف وجهها مع الضرورة والحاجة ومع عدمهما، أي حتى لو لم تعمل الأمة أو تتصرف في مهنة ونحوها فلها أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد. وهذا دليل آخر على أن قيد الضرورة أو الحاجة عنده ليس مبيحاً صارماً، وإنما هو قيد لتأكيد حكم الإباحة الأولي فقط، لا أنه قيد لإزالة حرمة سابقة (حرمة كشف الوجه).
وقال في تفسير {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}:
((فمعنى الآية لا يبدين زينتهن في مواضعها لأحد من الخلق، إلا ما كان عادة، ظاهرا حين التصرف والتبذل))، وهو يقصد أنه لما جرت العادة ببدو الوجه والكفين حين التصرف والتبذل، فلها – بسبب ذلك - إبداء الوجه والكفين لأنهما من الزينة المستثناة أو مما يظهر من الزينة المذكورة في الآية.
أعود فأقول: فرق بين جعل ما يظهر عادة حين التصرف، مباح لها أن تبديه لكل أحد (ما لم تقصد الفتنة) وبين جعل التصرف علة مبيحة لإبداء الوجه فكلما تصرفت أبدت، فرق كبير. وهو يقصد الأول بأدنى تأمل. والذي يؤكد ذلك أنه جعل الوجه والكفين مما هو مستثنى من الزينة، أي جعلها من الزينة الظاهرة التي يجوز لها أن تبديها.(/)
شرح الدعاء الماثور وبارك لنا فيما أعطيت» لابن عثيمين
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 12:51]ـ
هذا شرح الدعاء الماثور (((وبارك لنا فيما أعطيت»
:
قوله: صلى الله عليه وسلم «وبارك لنا فيما أعطيت»
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله
البركة هي الخير الكثير الثابت، ويعيد العلماء ذلك إلى اشتقاق هذه الكلمة، فإنها من البِرْكة، بكسر الباء وهي مجمع الماء، فهي شيء واسع ماؤه كثير ثابت. فالبَرَكَة هي الخيرات الكثيرة الثابتة. والمعنى أي: أنزل لي البركة فيما أعطيتني.
«فيما أعطيت» أي أعطيت من المال والولد والعلم وغير ذلك مما أعطى الله عزَّ وجلَّ، فتسأل الله البركة فيه؛ لأن الله إذا لم يبارك لك فيما أعطاك، حرمت خيرًا كثيرًا.
ماأكثر الناس الذين عندهم مال كثير لكنهم في عداد الفقراء؛ لأنهم لا ينتفعون بمالهم، يجمعونه ولا ينتفعون به. وهذا من نزع البركة.
كثير من الناس عنده أولاد، لكن أولاده لا ينفعونه لما فيهم من عقوق، وهؤلاء لم يُبَارَكْ لهم في أولادهم.
تجد بعض الناس أعطاه الله علمًا كثيرًا لكنه بمنزلة الأمي، لا يظهر أثر العلم عليه في عبادته، ولا في أخلاقه، ولا في سلوكه، ولا في معاملته مع الناس، بل قد يُكْسِبه العلم استكبارًا على عباد الله، وعلوًّا عليهم، واحتقارًا لهم، وما علم هذا أن الذي منَّ عليه بالعلم هو الله، تجده لم ينتفع الناس بعلمه، لا بتدريس، ولا بتوجيه، ولا بتأليف، بل هو منحصر على نفسه، وهذا بلا شك حرمان عظيم، مع أن العلم من أبرك ما يعطيه الله للعبد؛ لأن العلم إذا علَّمْته غيرك ونشرته بين الناس، أُجِرتَ على ذلك من عدة وجوه:
الأول: أن في نشرك للعلم نشرًا لدين الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فتكون من المجاهدين في سبيل الله؛ لأنك تفتح القلوب بالعلم، كما يفتح المجاهد البلاد بالسلاح والإيمان.
الثاني: من بركة نشر العلم وتعليمه أن فيه حفظًا لشريعة الله عزَّ وجلَّ، وحماية لها؛ لأنه لولا العلم لم تحفظ الشريعة.
الثالث: من بركة نشر العلم، أنك تُحْسِن إلى هذا الذي علمته؛ لأنك تبصره في دين الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فإذا عبد الله على بصيرة كان لك مثل أجره؛ لأنك أنت الذي دللته على الخير، والدال على الخير كفاعله.
الرابع: أنَّ في نشر العلم وتعلميه زيادة له، فعلم العالم يزيد إذا علّم الناس؛ لأنه استذكار لما حفظ وانفتاح لما لم يحفظ، كما قال القائل:
يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفًّا شددتا
أي: إذا أمسكته ولم تعلمه نقص.
ـ[ناجية أحمد]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 03:43]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 10:26]ـ
بارك الله فيكم.وجزاكم الله خيرا(/)
ما معنى كلمة باي
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 08:08]ـ
ما معنى كلمة باااااااااااي المشهوره إخواني الكرام:
أحببت بكلماتي هذه أن أنبه جميع الذين
يختمون كلامهم بكلمة باي
نحن تعودنا عليها بشكل ملفت للنظر
ولكن هل إدخرت لها من وقتك قليلا لتتأملها؟؟؟
هل تعلم معناها؟؟
أتعلمون أن معنى كلمة باي .. تعني بحفظ البابا
اوَ يليق بمسلم أن نقول له بحفظ البابا وهو من إعتنق أسمى الأديان
إنظروا إلى الفرق حتى في وقع الكلمة ..
حين تقول لصديق لك بحفظ الرحمن .. وحين تودع بقولك باي
سبحان الله فوقعها في النفس ليس له حدود ولمافي ذلك من محلذير شرعية.
أحببت النصح .. فهل من مستمعٍ .. وبعد الإستماع تطبيقا
فنحن مسلمون .. ويستحيل أن نرتقي
مادمنا نودع بعضنا وهم بحفظ البابا ..
منقول للفائدة
______________________________ __________
__________________
[ center]
[[CENTER] فذا يحي الحجوري المزكى ... يسير على الطريق إلى الأمام
خليفة مقبل من دون شك ... وفي دماج يمسك بالزمام
ففي يمناه شرح للبخاري ... وفي الأخرى بلوغاً للمرام
له علم وتأصيل صحيح ... كغيث قد تحدر من غمام
وفي كل العلوم له دروس ... يدرسها هنالك بانتظامأبو الخطاب
فؤاد بن علي السنحاني
دار الحديث بدماج حفظها الله من كل سوءٍ ومكروه
هاتف: (777100558)
#########
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 07:12]ـ
السلام عليكم،
المعذرة أخي، فكلامك عار عن الصحة، ولا أصل له.
كنت قد عملت بحثاً مطولاً عن هذه الكلمة بالتحديد، فوجدت علماء اللغة الإنجليزية يقولون إنها اختصار لعبارة: God Be With Ye
فصار الناس على تعاقب الأجيال يلفظونها: Be with ye .. ثم اختصرت إلى Be'ye .. حتى صارت bye
فأصل معنى هذه الكلمة لا شيء فيه، وهو: كان الرب معك.
ـ[علاء المصرى]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 07:19]ـ
السلام عليكم،
المعذرة أخي، فكلامك عار عن الصحة، ولا أصل له.
كنت قد عملت بحثاً مطولاً عن هذه الكلمة بالتحديد، فوجدت علماء اللغة الإنجليزية يقولون إنها اختصار لعبارة: God Be With Ye
فصار الناس على تعاقب الأجيال يلفظونها: Be with ye .. ثم اختصرت إلى Be'ye .. حتى صارت bye
فأصل معنى هذه الكلمة لا شيء فيه، وهو: كان الرب معك.
جزاك الله كل خير
والشكر أيضاً لصاحب الموضوع
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:50]ـ
جزاكما الله خيرا: على كل حال التحدث بلغة العجم يُعد من مظاهر الإنهزامية عند المسلمين.
فضلاً أنه قد حذر من ذلك ديننا الحنيف واليكما بيان ذلك
(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (اعْتِبَارُ الْخِطَابِ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَكْرُوهٌ، فَإِنَّهُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ، قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: إيَّاكُمْ وَرَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ).والكراهه عند المتقدمين تعني التحريم
وقد نقل الشحوت:
{وإن مما انتشر بين المسلمين من صور التشبه الممقوت تعلم لغة الكفار من أجل الشهرة لا من أجل الدعوة، وسبحان ربي! أصبح بعض المسلمين يحيي بها ويختم لقاءه بها، بل بدأت بعض كلماتهم تتخلل بعض كلمات المسلمين، وكأنه يرى هذا تمدّنا وتقدما، سبحان الله! أين هؤلاء من قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (إياكم ورطانة الأعاجم)؟! والسلف -رحمهم الله -كانوا يكرهون التكلم بغير العربية أشدّ الكراهية وينهون عنه إلا إذا كان في تعلمها مصلحة وحاجة فهذا جائز، ومما زاد الطين بلةً -إضافةً إلى تعلم لغتهم والتحدث بها- أن انتشر التسمّي بأسماء الغرب والتكني بكناهم والتلقب بألقابهم ولا حول ولا قوة إلا بالله}.
---
****قال الدكتور: العقل في مقدمة تحقيقه لـ "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ (1/ 60 ـ 62) [طبعة دار العاصمة]:
(قد بين لنا أنَّ للصحابة [- رضي الله عنهم -] مواقف معروفة نحو ذلك، تتمثل بقول عمر: (إياكم ورطانة الأعاجم)، فكانوا يكرهون أن يتكلم المسلم بغير ''العربية''، على وجه الاعتياد والدوام، ولغير ضرورة.
أما عند الحاجة والضرورة، وما تقتضيه مصلحة المسلمين العامة، فإنَّ ذلك جائز، وقد جاءت ''السنة'' به، فقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، زيد بن ثابت أن يتعلم ''السريانية''، لغة يهود، ليقرأ في كتبهم، ويكتب بها إليهم، ويترجم كلامهم، ويأمن مكرهم.
وكانوا يرون أنَّ ''العربية'' من مستلزمات الدين، وغيرها شعار النفاق، لذلك لما فتحوا الأمصار، سارعوا إلى تعليم أهلها ''العربية'' حتى سرت سريان النور في الظلام، رغم صعوبة ذلك، ومشقته.
فـ ''العربية'' هي لغة الإسلام، ولغة ''القرآن''، ولا يتأتّى فهم ''الكتاب'' و ''السنة''، فهماً صحيحاً، سليماً، إلا بها، فهي من مستلزمات الإسلام، وضرورياته، وإهمالها والتساهل بها، لا بد أن يضعف من فهم الدين، ويساعد على الجهل به.
وأرى أنَّه من الخطأ الفادح: مزاحمة ''اللغة العربية''، باللغات الأخرى، في مناهج التعليم في البلاد الإسلامية على العموم، والعربية على الخصوص.
فليس هناك أي مبرر، يجعل اللغات الأخرى، تفرض في المدارس، على جميع الطلبة، ولا على غالبهم، وفي كل المستويات، والواقع يثبت ما أقوله، فإنَّ طلاب المدارس التي يفرض فيها ''اللغات الأجنبية'' اليوم، هم أضعف في ''اللغة العربية''، في حين أنَّهم لم يكتسبوا من اللغات الأخرى شيئاً يذكر، فهم كالمنبتِّ: لا ظهراً أبقى، ولا أرضاً قطع، كما أنَّها تشكل عبئاً ثقيلاً، وشبحاً مخيفاً، أمام أغلب الطلبة) أ. هـ (بنصه).
---
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو جابر علي محمد]ــــــــ[24 - May-2010, صباحاً 08:20]ـ
لا خير إلا في الإلتزام بالسلام الذي شرعه الله من فوق سبع سموات وأمر به سيد البشر, وهو تحية الملائكة لأهل الجنة , وكيف لا وقد جعل في ذلك الاجر والثواب وللفائدة هذه مادة بعنوان إرشاد الأنام بأحكام السلام- لشيخنا ماهر القحطاني حفظه الله
من هنا ( http://www.al-sunan.com/vb/showthread.php?t=6291&highlight=%C3%CD%DF%C7%E3+%C7% E1%D3%E1%C7%E3)(/)
محمد رسول الله
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 09:06]ـ
محمد رسول الله
أبو يونس العباسي
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه , وسلم تسليما كثيرا , وبعد ....
- كنت نائما في يوم من الأيام , أفترش الأرض وألتحف السماء , وعندما كنت أغط في النوم , سمعت صوتا .... , نعم إنه مواء , فتحت عيني وإذ بقط واقف عند رأسي , في نفس الوقت الذي كان فيه مؤذن الفجر يقول: أشهد أن محمدا رسول الله , دخلت كلمات المؤذن في قلبي , وصرت أردد مع مواء القط: أشهد ان محمدا رسول الله , أشهد ان محمدا رسول الله , أشهد أن محمدا رسول الله ......
- معلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في عالم من الفوضى , بل هو يحتاج إلى نظام , هذا النظام يدير شؤون حياته صغيرها وكبيرها , وأنعم به من نظام إذا كان نظاما ربانيا والذي يتمثل في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -
, هذا النظام الذي نتحدث عنه يدور في محورين لا ثالث لهما: إما حقوق لك تجاه غيرك , وإما واجبات عليك تجاه غيرك , وإن من أهم الواجبات التي لا بد للمسلم أن يؤديها: واجباته نحو رسول الهدى " محمد - صلى الله عليه وسلم - " , في وقت غفل فيه الكثيرون عن هذه الواجبات , حول واجبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحقيقة الشهادة له بأنه رسول الله , سيدور هذا المقال , بإذن الله - تبارك وتعالى -.
أحبتي في الله: يجب علينا معرفة واجبات النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه رسولنا الذي لن ندخل الجنة , ولن ننجوا من النار إلا إذا التزمنا طريقه , ولأن معرفتنا لواجبات الرسول علينا مرحلة أولية من مراحل طاعته والاستفادة من هديه , قال الشاعر: من يدعي حب النبي ولم يفد **** من هديه فسفاهة وهراء , يلزمنا معرفة واجبات محمد - صلى الله عليه وسلم - لأن ابن عباس يقول: والله ما خلق الله وما ذرأ نفسا , أكرم عليه من محمد , وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غير محمد , فقال تعالى:" لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون " , يجب علينا معرفة واجبات النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الله:
زكاه الله في كتابه الكريم وشرح له صدره , ورفع له ذكره , ووضع عنه وزره , وزكاه فى كل شىء:
زكاه فى عقله فقال سبحانه: (ما ضل صاحبكم وما غوى) , زكاه فى صدقه فقال سبحانه: (وما ينطق عن الهوى)
زكاه فى صدره فقال سبحانه: (ألم نشرح لك صدرك) , زكاه فى فؤاده فقال سبحانه: (ما كذب الفؤاد ما رأى)
زكاه فى ذكره فقال سبحانه: (ورفعنا لك ذكرك) , زكاه فى طهره فقال سبحانه: (ووضعنا عنك وزرك)
زكاه فى معلمه فقال سبحانه: (علمه شديد القوى) , زكاه فى حلمه فقال سبحانه: (بالمؤمنين رؤوف رحيم)
زكاه كله فقال سبحانه: (و إنك لعلى خلق عظيم
- أحبتي في الله: كثيرون هم الذين يتصفون بصفة الافتخار في هذا الزمن , هذا يفتخر بعائلته , وهذا بحزبه , وهذا بموهبته , وهذا بعلمه , وهذا بمنصبه , وهذا بانتمائه , وفي خضم هذه الزحمة , أنظر إلى هؤلاء جميعا , وأقول في نفسي: وأنا أفتخر بأنني من أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - , كم أشعر بافتخاري بهذا الدين وأنا أقرأ قوله تعالى حكاية عن رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -:" وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " , انظر إلى الاعتزاز والفخار في قول رسولنا - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول:" وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " , بل ما أجمل قول الله تعالى عندما يقول:" وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وما أجمل قوله كذلك:"أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" , كل هذه الآيات تدل على شعور بالفخار لا لشيئ إلا لانتمائك لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وللدين الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - , وما أجمل قول الشاعر: ومما زادني شرفا وتيها ... وكدت بأخمصي أطأ الثريا ... دخولي تحت قولك يا عبادي ... وان سيرت أحمد لي نبيا , قال سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: أبي الإسلام لا أب لي سواه ... وإن أفتخروا بقيس او تميم , حقا: إنني أفتخر وأتشرف بأنني مسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
من أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى:" وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا " , وقال جل شأنه:" وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير ".ُ
- أحبتي في الله: وفي زمن يسب فيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وينتقص فيه من قدره , مع هذ السكوت المطبق من حكومات الطواغيت , الذين لو كان السب والاستهزاء في حقهم لفعلوا الأفاعيل التي لا تخطر على بال , في هذا الوقت نقول: بأن الأمة أجمعت على أن من سب محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقد كفر بما انزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ووجب قتله بعد التثبت من فعلته , حتى ولو تاب فإن توبته تنفعه عند ربه أما في الدنيا فإن الحد لا بد أن يقع , فإن كان ذميا , بطل عقد الذمة بين الدولة الإسلامية وبينه وقتل , وإن كان كافرا جيشت الجيوش المسلمة , انتصارا لجناب الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى مشيرا إلى كفر من انتقص قدر محمد - صلى الله عليه وسلم -: " يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ... وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ... لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ " , اما الدليل على وجوب قتل المسلم الذي تلبس بسبه - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرج أبو داوود في سننه وصححه الألباني من حديث ابن عباس قال:" أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا اشهدوا أن دمها هدر", أما الدليل على وجوب تجييش الجيوش نصرة لرسول الله , فنجد ذلك في قوله تعالى:" وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ" , وهل هناك طعن في الدين أعظم من سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشتمه , حقا لقد صدق الشيخ أسامة يوم قال: لتثكلنا أمهاتنا إن لم ننصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى: " إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" , قال الله ذلك في سياق التقريع والتوبيخ لكل من ترك نصرته - صلى الله عليه وسلم - , فكيف تطيب النفس بعد ذلك بترك نصرته والتقاعس
(يُتْبَعُ)
(/)
عنها , اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك , اللهم آميين.
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 09:06]ـ
لمن أراد المزيد: الجزء الثاني من المقال
*
*
*
*
*
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 09:08]ـ
محمد رسول الله (2)
أبو يونس العباسي
- أحبتي في الله: وهنا مسألة لا بد أن نتنبه إليها , ألا وهي: إن من آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأي نوع من انواع الإيذاء , فإن له عقوبة ثنائية , عقوبة في الدنيا , ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون , يدل على هذا الفهم , قول الله تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا " , إذن فكل من يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مطرود من رحمة الله في الدنيا , مطرود من رحمة الله في الآخرة , بالإضافة إلى العذاب الذي سماه الله مهينا , قال الله تعالى: " إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" , والمقصود بالآية: يقول الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: إن الذي يبغضك هو المقطوع عن الخير , إذن فليصحوا ولينتبهوا على أنفسهم أولئك الذي يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بالانحراف عن المنهج الذي جاء به من عند ربه , وكلما ابتعد الإنسان عن منهج الله أكثر , كلما كان إيذاؤه للرسول أكبر , ياويلاه على الذين تركوا تحكيم الشريعة , يا ويلاه على اهل البدع , يا ويلاه على من جعل الدين ألعوبة , يستخدمه لتحقيق مصالحه ومآربه , يا ويلاه على من يوجه الدين بما يتوافق مع هواه ونفسه الأمارة بالسوء , بدلا من أن يكون الدين هو الموجه له , يا ويلاه على من والى ونصر وأحب ومدح من يسب اصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل متاع دنيوي زائل , لكل هؤلاء نقول: إنكم تؤذون رسول الله , وإن لم تتوبوا فالعقوبة ستلحقكم في الدنيا قبل الآخرة , وإذا كانت هذه هي العقوبة لمن يؤذيه , لابد أن يكون هناك مثوبة لمن يطيعه ويأيده ويدنيه , وفي ثواب توقيره وتبجيله وتعزيره - صلى الله عليه وسلم - , يقول الله تعالى:" فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " , والإيمان به يعني: أن تؤمن إيمانا يقينيا بأنه - صلى الله عليه وسلم - نبي ورسول من عند الله , وهذا الإيمان له لازم , ولازمه ان تطيع هذا الرسول ولا تعصيه , لا في كبيرة ولا في صغيرة , وتعزيره - صلى الله عليه وسلم - إنما يقصد به: نصره , وتأييده وحمايته , من كل ما يؤذيه , وتوقيره - صلى الله عليه وسلم - إنما يقصد به: إجلاله وتوقيره وتقديره وتشريفه , والجزاء على ذلك كله هو الفلاح , فماذا يقصد بالفلاح؟ الفلاح هو أن تحصل على مطلوبك في الدارين , وان تنجوا مما تخاف منه وتخشاه في الدارين كذلك , قال الله تعالى: " لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ".
- أحبتي في الله: بعدما تحدثنا عن واجب نصرته - صلى الله عليه وسلم - فقد يتساءل احدكم: كيف ننصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ...... والجواب: إن نصرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نصرة حقيقية تكون: باتباعه في كل صغيرة وكبيرة , بالاقتداء والتاسي به على قدر الاستطاعة , قال الله تعالى:" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا " وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " , وإن شهادتنا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - لا تتحقق إلا بالإيمان به " اعتقادا وقولا وعملا " , وتصديقه فيما أخبر , وطاعته فيا امر , والانتهاء عا نهى عنه وزجر , وأن يعظم امره ونهيه - صلى الله عليه وسلم -
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يقدم على قوله قول كائن من كان , وإن محبة أحدنا لربه - إن كان يحبه - لا تكون محبة حقيقية إلا إذا اتبعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى قدر حبنا لله تعالى يكون اتباعنا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ".
- كثيرون هم الذين يشهدون ان محمدا رسول الله , وكثيرون هم الذين يناقضون ويخالفون هذه الشهادة , وإلا فكيف أجازوا لأنفسهم تنحية الشريعة التي جاء بها من عند ربه , وتحكيم القوانين الوضعية البشرية التي لم ينزل الله تعالى بها من سلطان , قال الله تعالى:" إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وقال جل شأنه:" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" , وقال سبحانه:"فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " وقال جل جلاله:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " ........ وغير ذلك من الآيات الكثير , كم هم كثيرون أوئك الذين يرفضون دخول الجنة , وهل يرفض احد دخول الجنة؟!!! , استمع معي لهذا الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن رسول الله قال: ": (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى). قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) , وبناء على ما سبق: فإنني أعلن كفري بكل المنظمات التي تشارك الله في حاكميته , واتبرأ من العصاة كل على حسب معصيته ومخالفته , وأعتقد أن تقديم قول احد على قول رسول الله , أو رفع قول احد على قول رسول الله كفر بواح مخرج من الملة , قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " , وقال المولى - جل شأنه - في موضع آخر: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" , ومن المعلوم بالضرورة أن العمل لا يحبط إلا إذا كان الذنب كفرا , نسأل الله السلامة في الدين والدنيا والآخرة.
-أحبتي في الله: ومن واجباتنا نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحبه , ذلكم الحب الذي من لوازمه أن نطيعه , بل أن نقدم طاعته على طاعة غيره , مع العلم ان طاعته من طاعة الله - تبارك وتعالى - قال الله تعالى:" مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا " , وإن من يقدم طاعة أحد على طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد أحبه اكثر من الرسول - صلى الله عليه وسلم - , وهذا ما لا يجوز لمؤمن ان يقع فيه , أخرج البخاري في صحيحه عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " , بالأضافة للعقوبة الربانية لمن قدم محبة احد على محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى:" قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" , وإن المسلم لا يستطيع أن يذوق حلاوة الإيمان إلا يوم
(يُتْبَعُ)
(/)
يحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حقا وصدقا , أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".
- أحبتي في الله: إن ربنا - جل جلاله يقول: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " , وعند الطبراني في الأوسط والحديث صحيح لغيره من حديث علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - , ويا هنيئا لمن أكثر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد جاء عند أبي داوود وصححه الألباني من حديث أبي هريرة:إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:" من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر" , وعند الترمذي والحديث حسن لغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة" وعند الترمذي كذلك وقال حسن صحيح عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه قال أبي قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي فقال ما شئت قال قلت الربع قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال قلت فالثلثين قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت أجعل لك صلاتي كلها قال إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك "
- إخواني الموحدين: هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء, إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم: أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة(/)
قصص لا تثبت .. !!
ـ[ابراهيم شامي]ــــــــ[21 - Jul-2008, صباحاً 09:07]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أخبرني أحد الأصدقاء عن كتاب للشيخ مشهور آل سليمان " قصص لا تثبت"
ولم أحصل عليه حتى الآن ولقد قرأت أيضاً كتاباً للشيخ عبدالعزيز السدحان
يذكر فيه كثيراً من القصص التي لم تثبت ولكنها مشهورة ويتناقلها الناس ومنها قصة قتل أبو عبيدة لأبيه في معركة بدر
فأحببت في هذا المنتدى المبارك أن نضع هذه القصص أو الروايات أو الأحاديث التي تكون مشهورة بين الناس وهي غير ثابتة ..
بارك الله فيكم ..
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 03:44]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أخبرني أحد الأصدقاء عن كتاب للشيخ مشهور آل سليمان " قصص لا تثبت"
ولم أحصل عليه حتى الآن ولقد قرأت أيضاً كتاباً للشيخ عبدالعزيز السدحان
يذكر فيه كثيراً من القصص التي لم تثبت ولكنها مشهورة ويتناقلها الناس ومنها قصة قتل أبو عبيدة لأبيه في معركة بدرفأحببت في هذا المنتدى المبارك أن نضع هذه القصص أو الروايات أو الأحاديث التي تكون مشهورة بين الناس وهي غير ثابتة ..
بارك الله فيكم ..
وهل قصة قتل أبو عبيدة بن الجراح لأبيه غير صحيحة
ـ[أنس الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 12:25]ـ
قال ابن حجر-رحمه الله-: ((مات والد أبي عبيدة قبل الإسلام))
التلخيص الحبير
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 03:46]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابراهيم شامي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 08:44]ـ
الأخ أنس الشهري
الأخ أبو مالك المصري
شكراً على مروركما وبارك فيكم ..
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[09 - Nov-2009, مساء 09:57]ـ
لإثراء الموضوع .......(/)
معانى بعض الكلمات التي تكتب على الملابس
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 02:23]ـ
معانى بعض الكلمات التي تكتب على الملابس
االسلام عليكم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسوله.
وبعد.
يسبُّون أنفسهم وهم يجهلون
عبدالسلام البسيوني
الشعارات والرموز المدونة على السيارات، وأسماء المحلات والعطور، وكذلك الملابس التي يرتديها كثير من الشباب، وتحمل بعض الكلمات بخط عريض بارز. تعكس دلالات فكرية وعقيدية وأخلاقية متعددة قد تكون عالية أو سافلة.
ولك أن تتخيل رجلاً محترماً (ملء ثيابه) كتب على صدره: خنزير .. أو: ملحد صهيوني!!
هل تستبعد هذا؟ .. وخذ عندك من هذه الألفاظ ذات البعد الرخيص، التي وجدتها مكتوبة على الملابس الملونة الرخيصة والغالية:
nude أي عارية، whore أي عاهرة، hussy أي فاجرة وقحة، Miss تعمل بغياً، I’m ready for for ... ual affairs أنا مستعدة للزنا، prostitute مومس، don’t touch me لا تلمسني، take me خذني، follow me اتبعني، adulatry زانية، adulterer زانٍ، lusts شهوات، Eccentricity شذوذ (معنىً مطلق)، paly boy إباحي، play girl فتاة إباحية!!
ومن الجمل والعبارات التي لها علاقة بالأديان: zion صهيوني، bible الكتاب المقدس، gospal الإنجيل، Theocracy كهنوت، Trinity الثالوث، Madona العذراء، وهو اسم المغنية الإباحية الشهيرة، Brahman كاهن هندوسي، Christianity النصرانية، I am Jweish أنا يهودية، Church كنيسة، Saint قديس، Clargy man كاهن Atheist ملحد، Synague كنيس يهودي!!
ومن الكلمات التي لها علاقة بالخمر spirit أي مشروب كحولي، Braday مشروب مسكر، Brew إعداد البيرة.
ومن عالم الحيوان: Sow خنزيرة، Big ثور، Bull Dog كلب.
ومن المذاهب المشبوهة: ماسوني 666 Mason / أو FFF من رموز عبدة الشيطان.
ومن أغرب ما يكتب على القمصان: نحن نشتري الناس WE BUY PEOPlE، اشترني BUY ME ، طفل للبيع BOY FOR SALE !!!
ليس هذا فقط – عزيزي القارئ – فالرسوم الغرامية المطبوعة على الثياب في غاية من جمال اللون، ودقة الأداء، ولفت النظر، فترى شاباً يحتضن فتاة، أو امرأة شبه عارية في وضع يفتن الصخر ويذيب الحديد، أو ثوراً من ثيران المصارعة شبه عار، أو رمزًا من رموز الوثنية كالصليب، أو رأس المعزة (رمز عبدة الشيطان)، أو الجمجمة النارية على أرضية سوداء وحمراء، وهي من رموزهم أيضاً.
وكثيرًا ما يتسلل الصليب في تصميمات الملابس والشعارات التي تطرز عليها.
فتراه بارزاً في لونه ووضعه، لتتأكد أنه لم يوضع في هذا الموضع مصادفة، بل إنهم – حتى في تصميمات الملابس – يحرصون على إدخال زي القساوسة الأوربيين ضمن ملابس الأطفال، وهذا لا يزال شائعاً إلى يومنا هذا يلحظه المتفحص، فمن المعلوم أن لبس كهان أوروبا هو – عادة – بدلة عادية تكون تحتها فانيلة سوداء بنصف رقبة، فيها من الأمام تحت الذقن قطعة بيضاء بعرض إصبعين وقد لاحظت أنها منتشرة كثيراً في ملابس الأطفال في الخليج الدوحة، مع بعض المصطلحات النصرانية المكتوبة تحتها.
ودعك من أسماء العطور، التي منها: ORGANISM وتعني قمة الإثارة الجنسية، و OPIUM وتعني أفيون، و POISON سم، و WILD متوحش أو بدائي، و TRAMP عاهرة، و ECSTACY نشوة، و PROPHCY نبوءة .. و .. و ..
هذا الجانب المعلن، وما خفي هو أعظم وأخطر، وأشد مكراً، ومن نشر الشهوات، ودوس الأخلاق، ونبذ مكارم العادات، وخنزرة البشر، وتدييثهم، تحت مسمى الانفتاح والتحضر. فعلى ماذا يدل هذا؟!
هل يدل صراحة على السعي لتطبيع الأمة مع الرذيلة ورموزها، لتعتاد العيون، وتتأقلم النفوس، وتنحسر الحمية، ويموت في القلب الإنكار؟!
هل يدل على أننا بلغنا مستوى من الانهزام النفسي والحضاري أمام الآخرين، جعلنا نقبل منهم أي لقمة ترمى لنا – كالمتسولين –، حتى لو كانت مسمومة ملوثة بفيروسات الإيدز والدياثة؟!
هل يعني هذا أن مطارق الشهوات تدق عقول الأمة، وتسحق إرادتها، لنتحول جميعاً إلى أمة لا يتخلقون بخلق، ولا يتحلون بفضيلة، ولا يعرفون الحلال ولا الحرام، ولا العفاف والانحراف؟!!
هل يعني نجاح أعداء العفة وأعداء الإسلام في فرض مناهجهم على القلوب والعقول، في البيت والشارع، والمدرسة والسوق، والتلفزيون والنادي؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
إن ما كان خيالياً في الأمة قد صار مألوفًا عادياً، وما لم يكن يطوف بالخاطر قبل خمسين سنة لا ترد الآن بالخاطر مجرد مخالفته، وما نعده عفة الآن ربما يكون بعد خمسين سنة خيالاً؛ لكونه رجعية وظلامية وتعفنًا. أيعقل هذا؟!
هل سنبقى كما نحن، أو حتى دون ما نحن عليه الآن، أمة من المتخلفين المتناحرين المستسلمين، فلا أخلاقنا حفظنا، ولا مروءاتنا أبقينا، ولا ديننا لزمنا، ولا على آخرتنا عضضنا بالنواجذ؟!
الأخوة المشاركين والزائرين نرجو نشر هذا المقال بين أبنائنا وبناتنا لكي نحذرهم من كيد الأعداء وجزاكم الله خير الدنيا ولأخره0
_________________
_اليكم معانى بعض الكلمات التي تكتب على الملابس
وارجو ان تلاحظوا ذالك وانتم تشتروا لابناءكم أو لبناتكم أو لزوجاتكم
وكل منا يعلم زوجته لكي لا تقع في بعض الكلمات عندما تشتري ملابس لها او لأطفالها
فللأسف أصبح مشاهدة هذه الكلمات بملابس البعض والقبعات والعبي النسائيه أمر عادى حتى ملابس بعض الكبار الذين يقلدون دون معرفه
Zion صهيوني
Kiss me قبلني
I’m ready for sexual affair أنا مستعدة لعلاقة جنسية
Take me خذني
Christianity النصرانية
Vixen امرأة سيئة الخلق
Follow me اتبعني
Christmas عيد المسيح
Nude العارية/العاري
Buy me اشترني
I’m Christian أنا مسيحي
( Whore عاهر/بغي
Sow خنزيره
I’m Jewish أنا يهودي
Theocrasy الشرك بالله
Pig خنزير
Bible كتاب المسيحيين
Socialism الاشتراكية
Pork لحم الخنزير
Birthday عيد الميلاد
Hussy امرأة وقحة/فاجرة
Vice رذيلة
Church كنيسة
Chorus girl راقصة الملاهي
Vicar كاهن
Madonna مريم العذراء
Cupid اله الحب
Gospel جيل
Lusts شهوات
Dram كاس خمر
Adulterer اسق-الزان
Eccentricity شذوذ
( Brew مشروب مخمر
Adultery زنى
Charm تعويذة يستخدمها السحرة
Brahman كاهن هندوسي
Base-born ابن زنا
Spirit من الكحول
Brandy مشروب مسكر
Bawdy فاجر/فاسق
Flirt يغازل
Mason ماسوني
Saint قديس
We buy a people نحن نشتري الناس
Kirk كنيسة
Tippler مدمن خمر
clergyman كاهن
Atheist ملحد
Synagogue كنيسة معبد اليهود
Nike صنم(/)
الرواية بالمعنى – الاختلاف في صيغ التشهد
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 05:34]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد،
ليس القصد هنا مناقشة مسألة الرواية بالمعنى وقوعا أو عدما .. بل هي مدافعة بقدر الوسع عن السنة من شبهات بعض الأقزام المشككين.
وإليكم الشبهة:
يقول أحد كتاب الروافض المخذولين: إن بعض الصحابة والتابعين والرواة من بعدهم يروون الحديث بالمعنى، وهذا التناقل عبر الأجيال والقرون شابه التغيير، هذا من الرواة المخلصين، فكيف بالكذبة والمبتدعين الذين تعمدوا الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومنهم من اعترف أنه وضع المئات من الأحاديث، والنتيجة أن أصاب السنة الوضع والتحريف، فكيف نأمن على ديننا إذا اتبعنا السنة؟
ثم يضرب المأفون على ما افتراه مثالا للاختلاف بصيغة التشهد في الصلاة التي وصلت إلى تسع صيغ مختلفة هي:
* تشهد عبد الله بن مسعود بصيغة أخرجها البخاري ومسلم يقول فيها: علمني رسول الله التشهد، وكفي بكفه كما يعلمني السورة من القرآن: "التحيات لله والصلوات والطيبات،،".
* تشهد أبي موسى الأشعري: "التحيات الطيبات والصلوات والملك لله,,". وفي النسائي: "التحيات الطيبات الصلوات لله"
* تشهد ابن عباس الذي رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن، قال: كان رسول الله يعلمنا التشهد كما يعلمنا السور من القرآن، فيقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله،،،".
* تشهد جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن: بسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار.
* تشهد عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله",
* تشهد عمر بن الخطاب المروي في الموطأ: عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يقول: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله،،".
* تشهد ابن عمر: "التحيات لله الصلوات الطيبات،،، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته.
* حديث سمرة بن جندب: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدءوا قبل التسليم فقولوا: "التحيات الطيبات والصلوات والملك لله، ثم سلموا على اليمين ثم سلموا على قارئكم، وعلى أنفسكم".
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 06:25]ـ
الرد على شبهة الرواية بالمعنى
أولا: اختلاف ألفاظ الحديث ليس تحريفا للسنة:
* مناقشة ألفاظ حديث التشهد
هؤلاء المشككون ليسوا أمناء في النقل، ويعتمدون على أن أحدا لن يراجع المصادر التي نقلوا عنها، ولما رجعنا إلى الصيغ التي نسبها لكل صحابي وجدناهم يبدلون ويغيرون لتزيد هوة الاختلاف بين صيغ التشهد، ناسبا ما تعمده من خطأ إلى الصحابة ورواة الأحاديث:
* تشهد عبد الله بن مسعود: "التحيات لله، والصلوات والطيبات،"، أخرجه البخاري ومسلم والنسائي, وهو عند أَهْل الْحَدِيث أَشَدُّ صِحَّة. وَإِنْ كَانَ تشهد ابن عباس وأبي موسى صَحِيحًا.
* تشهد أبي موسى الأشعري ليس كما أورده المتشكك في هجومه: "التحيات الطيبات والصلوات والملك لله,,". بل إن الصيغة الثابتة عن تشهد أبي موسى الأشعري هي: "التحيات الطيبات والصلوات لله،،"، وهذه الصيغة فيها تقديم وتأخير، لا يؤثر على المعنى، وهذه الصيغة أخرجها مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وسنن النسائي وأبو داود والدارمي: وليس فيها "والملك لله"، فلا ندري من أين أتى بلفظة: "والملك لله".
(يُتْبَعُ)
(/)
* تشهد ابن عباس وهو من أفراد مسلم، وأصحاب السنن، ليس كما أورده المتشكك: "التحيات الصلوات الطيبات لله،،،"، وإنما "التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله". والاختلاف في هذه الرواية في إضافة كلمة المباركات بعد التحيات. يقول النَّوَوِيُّ: تَقْدِيرُهُ وَالْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ كَمَا فِي حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ حُذِفَتْ الْوَاوُ اِخْتِصَارًا وَهُوَ جَائِزٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ, ويرى الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - وَبَعْض أَصْحَاب مَالِك أَنَّ تَشَهُّد اِبْن عَبَّاس أَفْضَل لِزِيَادَةِ لَفْظَة الْمُبَارَكَات فِيهِ، وهي موافقة لقوله تعالى: {تَحِيَّة مِنْ عِنْد اللَّه مُبَارَكَة طَيِّبَة} وَلِأَنَّهُ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: يُعَلِّمنَا التَّشَهُّد كَمَا يُعَلِّمنَا السُّورَة مِنْ الْقُرْآن.
* أما تشهد عائشة فقد انفرد بروايته مالك في الموطأ: "التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله", والمضاف في هذه الرواية كلمة الزاكيات بعد الصلوات.
* أما تشهد عمر بن الخطاب فقد انفرد بروايته مالك في الموطأ: "التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله،،" وليس التحيات الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله كما ذكر في دعواه. والاختلاف في هذه الرواية في إضافة الزاكيات لله بعد التحيات لله. وَقَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى: تَشَهُّد عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أَفْضَل لِأَنَّهُ عَلَّمَهُ النَّاس عَلَى الْمِنْبَر، وَلَمْ يُنَازِعهُ أَحَد، فَدَلَّ عَلَى تَفْضِيله وَهُوَ: التَّحِيَّات لِلَّهِ الزَّاكِيَات لِلَّهِ الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لِلَّهِ سَلَام عَلَيْك أَيّهَا النَّبِيّ إِلَى آخِره، وما يستفاد من هذا الحديث وهو موقوف لم يرفعه عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم تكون الزيادة فيه من إضافة عمر بن الخطاب، ولو كانت صيغة التشهد لا تقبل أي إضافة، لبادر من سمع عمر من الصحابة - خاصة وهو على المنبر – إلى تصحيح الصيغة حسبما يحفظ هو، وعمر بن الخطاب كان معروفا عنه أنه رجَّاع إلى الحق، لذلك لم يبطش بالمرأة التي صححت له مقولته عن الصداق، بل إنه قال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، فما بال الصحابة سكتوا على عمر، ولم يراجعه أحد، هذا ما سنفسره بعد استعراض كل صور التشهد.
* أما تشهد ابن عمر: "التحيات لله الصلوات الطيبات،،، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، قال ابن عمر: زدت فيها وبركاته.
* أما تشهد جابر بن عبد الله فقد أخرجه النسائي من طريق أيمن بن نابل قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله وعلق النسائي على هذا الإسناد قائلا: ولا نعلم أحدا تابع أيمن بن نابل على هذه الرواية وأيمن لا بأس به، والحديث خطأ.
وقد بين هذا الخطأ الحافظ ابن حجر في التلخيص بقوله: وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وأَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ رَاوِيهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ (أي إلى جابر بن عبد الله) وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ وَهُوَ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ فِي أَبِي الزُّبَيْرِ فَقَالَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ. وقَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ: "قَوْلُهُ عَنْ جَابِرٍ خَطَأٌ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي التَّشَهُّدِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ إِلَّا أَيمَنَ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أيمن لَيْسَ بِالْقَوِيِّ خَالَفَ النَّاسَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا حَدِيثَ التَّشَهُّدِ". وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْت الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: "خَطَأٌ"، وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَهُ وَهُوَ أي: أيمن بن نابل لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ خَطَأٌ انتهى.
وبهذا يتبين في إسناد هذا الحديث إشكالان:
(يُتْبَعُ)
(/)
* الإشكال الأول: نسبة الحديث إلى جابر بن عبد الله، وهو خطأ من أيمن بن نابل، والصواب إسناده إلى ابن عباس، وهو ما حدا بالإمام أحمد بن حنبل أن يروي عن وكيع بن الجراح في المسند قائلا: حدثنا وكيع حدثنا أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، انتهى. والحديث بهذا السياق يبهم اسم الصحابي.
* الإشكال الثاني هو عبارة: بسم الله وبالله، التي انفرد بها أيمن بن نابل حيث أن جميع رواة الحديث عن ابن عباس لا يذكرونها، وبالتالي يتضح أنها من زيادات أيمن بن نابل على متن الحديث، ولم يتابعه أحد عليها حسب قول النسائي، وهذا شذوذ قادح في صحة الحديث، لأن هذه الزيادة مخالفة لكل من روى الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما.
* وإذا رجعنا إلى أقوال علماء الجرح والتعديل عن أيمن بن نابل: نجد وصفا أطلقه يحيى بن معين لأيمن بن نابل أنه: "ثقة، وكان لا يفصح"، ولعل هذا الوصف - والله تعالى أعلم – يفسر زيادة أيمن بن نابل، فهي زيادة ثقة خالف من هو أوثق منه وهو الليث بن سعد الذي يعد من أوثق الناس في روايته عن أبي الزبير، وبالتالي ليس لهذه الزيادة سوى تفسير واحد هو أنها من إدراج أيمن بن نابل قبل بداية الحديث، دون أن يفصح عن هذا الإدراج، وقد تكون على سبيل الدعاء الذي يستعين به أيمن بن نابل على تذكر متن الحديث، وبالتالي لا تحسب على ابن عباس أنه يرويها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى فرض رفعها فإنها شاذة لمخالفتها لرواية الثقات، فلا تكون حجة عند المحدثين الذين يشترطون خُلُوَّ الحديث الصحيح من الشذوذ ومن العلة الفادحة، وإذا صح قولنا يكون تشهد جابر بن عبد الله كتشهد ابن مسعود وأبي موسى الأشعري.
* أما تشهد سمرة بن جندب الذي يقول فيه: "التحيات الطيبات والصلوات والملك لله"، فهو حديث ضعيف فقد انفرد به أبو داود، كما أن في إسناده ثلاثة مجاهيل هم جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب وابن عمه خبيب بن سليمان بن سمرة، وأبوه سليمان، زد على ذلك أن سمرة بن جندب لم يقصد أن يروي صيغة التشهد كاملة، وبالتالي لا يحتج بهذا الحديث.
ونصل من دراسة ألفاظ هذا الحديث إلى النتائج التالية:
1. أن السنة محفوظة بتوفيق الله تعالى، ويتبين من مرويات الصحابة صحة تشهد ابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، مع وجود تقديم وتأخير لا يؤثر على المعنى، كما أن تشهد ابن عباس، وابن عمر وعائشة وعمر بن الخطاب، صحيح عند المحدثين، مع زيادة لفظة أو لفظتين لكل رواية، وسنطرح قضية اختلاف ألفاظ الحديث للمناقشة بعد قليل، أما تشهد سمرة بن جندب فإسناده ضعيف، كما أن تشهد جابر بن عبد الله خطأ والصواب أنه عن ابن عباس، وانفرد طريق واحد منها بعبارة" بسم الله وبالله"، وقد استعرضنا أقوال العلماء حولها.
2. لا يوجد اختلاف حقيقي بين صيغ التشهد الواردة عن سبع من الصحابة، وحتى إضافة "الزاكيات لله" في رواية عمر بن الخطاب، أو "المباركات" في رواية عائشة، لا تضيف معنى جديدا، فالطيبات والمباركات والزاكيات، ألفاظ مترادفة، ولا تغير من جوهر التشهد.
3. لا حرج على المسلم إذا تمسك بأي صيغة من هذه الصور، فأمر الدين يتسع، وليس أدل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم للناس في الحج الأكبر: افعل ولا حرج، وقد أجاز أصحاب المذاهب أي صيغة من هذه وإن كان بعضهم يرجح رواية على أخرى، لكنه لا يرد الأخرى ما دامت صحيحة.
4. إن من يريد أن يدرس الأمر ويختار أقرب الصيغ التي تشهد بها النبي صلى الله عليه وسلم، فله أن يختار صيغة ابن مسعود لسبقه إلى الإسلام كل من له رواية أخرى، أو له أن يتمسك برواية عائشة لكثرة سماعها تشهد النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه بالليل.
5. أمانة الصحابة في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فها هو عبد الله بن عمر يقول: زدت فيها وبركاته، موضحا أنه لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي إضافة من عنده، فمن شاء أن يتركها ويلتزم بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فله ذلك، ومن أراد تقليده فلا بأس.
(يُتْبَعُ)
(/)
6. إن المتشككين ليسوا أمناء في النقل، ويريدون الهجوم بالباطل على السنة، دون أن يبذلوا جهدا علميا لدراسة اختلاف ألفاظ الحديث، فالمثال الذي قدموه انقلب عليهم، فما ثمة اختلاف في الصيغ، ولسنا أمام تسعة صور للتشهد كما أرادوا تصوير الأمر.
ثانيا: هل يحق للصحابة تغيير ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم؟
لا شك أن المتشككين بعد أن يطالعوا دفوعنا هذه، ربما يغير بعضهم موقفه، إلا أن أكابرهم سيقولون، لقد أثبت دور الصحابة في انحراف السنة، وهذا قول من لا يفقه السنة، ولا يحب أحبابها، وحقيقة الأمر أن الصحابة لا يملكون ولا يقبل منهم تغيير ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعصوم عند أهل السنة هو النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من سواه يؤخذ من قوله ويرد، أما اختلاف صيغ التشهد، فهذا أمر لا يفهمه المتشككون على حقيقته، لكنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلعله صلى الله عليه وسلم قاله بصيغ متعددة توسعة عليهم وتيسيرا للحفظ وكل واحد منهم أدى ما حفظه وكله صحيح والله أعلم، وسبب وروده أن الصحابة تساءلوا كيف نسلم على الله؟ فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتشهد، وإن شئت قلت: أن هناك قصة وقعت مع رفاعة بن رافع الأنصاري يحكيها لنا قائلا: "كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة، قال: سمع الله لمن حمده، قال: رجل وراءه ربنا ولك الحمد، (وهي الصيغة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بها، إلا أن الرجل زاد عليها قائلا:) حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، مباركا عليه، كما يحب ربنا ويرضى، فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وسلم: من المتكلم؟ (فخاف الرجل أن يكون أخطأ بهذه الزيادة في الصيغة التي تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكرر النبي سؤاله ثلاث مرات، فلم يجد الرجل بدا من أن يصرح بما فعل) قال: أنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول".
إن هذه القصة مشهورة، ويعلمها القاصي والداني من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فرق بين زيادة التشهد في الصلاة، وإجابة المأموم للإمام حين يقول: سمع الله لمن حمده، ولو كان الاختلاف في صيغ التشهد خطأ، ما أعلن ابن عمر أنه زاد عليه كلمة: "وبركاته"، ولما سمح عمر بن الخطاب لنفسه أن يعلم الناس صيغة التشهد بعد أن أضاف إليها "والزاكيات لله"، وبخلاف هاتين الزيادتين فإن صيغة التشهد لم تنحرف أو تتبدل كما يزعم المتشككون. و الله تعالى أعلم.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:03]ـ
................
ـ[أبوصهيب الأثري]ــــــــ[10 - Oct-2008, مساء 11:30]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي الحبيب الغالي اباجهاد الأثري
جعله الله في ميزان حسناتك بحث طيب مبارك نفعك الله به
وسرني أن يكون أول رد هل لك أخي الحبيب
طيب الله أنفاسك وجمعني الله وأياك في جنات النعيم
وصلي الله علي محمد واله وصحبه وسلم(/)
كيف نحسب القِسام في تلك المسألة؟
ـ[شرياس]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 11:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لنفرض أن رجلاً مات وترك زوجة وإبنين وثلاث بنات , كيف تكون قسمة الميراث؟
تكون القسمة على ثمانية أسهم على النحو التالي:
الزوجة = 1 سهم
الإبن = 2 سهم
الإبن = 2 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
1+2+2+1+1+1 = 8 أسهم
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
لنفرض أن رجلاً مات وترك زوجة و أربع أبناء وست بنات , كيف تكون قسمة الميراث؟
تكون القسمة على النحو التالي:
الزوجة = 2 سهم
الإبن = 2 سهم
الإبن = 2 سهم
الإبن = 2 سهم
الإبن = 2 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
البنت = 1 سهم
2+2+2+2+2+1+1+1+1+1+1 = 16 سهم
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
لنفرض أن رجلاً مات وترك زوجة وإبنين وأربع بنات , كيف تكون قسمة الميراث؟
.............................. ....................... ؟
بصراحة لا أعرف كيف تكون , فكلما حسبت الحسبة أخرج بكسور , أو يكون نصيب الأم ليس الثمن!!! يعني عندي خطأ ما ... ؟ أرجوا من الإخوة ممن لديهم علم أن ينورنا , كيف نخرج القسام الشرعي دون كسور؟
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 11:52]ـ
الحمد لله .. وبعد
في الحالة الأولى:
للزوجة الثمن=1\ 8 .. أي واحد من ثمانية
سيبقى سبعة أثمان .. للذكر مثل حظ الأنثيين ..
أي سبعة أسهم .. كيف تقسم السبعة على ابنين وثلاث بنات على أن يكون نصيب الذكر ضعف الأنثى؟
للبنت سهم
وللرجل سهمان ..
فثلاث بنات =3 أسهم
ورجلان=أربعة أسهم ..
وقس عليها .. ولكن يلزمك تعلم الحساب .. والدربة عليه
ـ[شرياس]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 11:59]ـ
الحمد لله .. وبعد
في الحالة الأولى:
للزوجة الثمن=1\ 8 .. أي واحد من ثمانية
سيبقى سبعة أثمان .. للذكر مثل حظ الأنثيين ..
أي سبعة أسهم .. كيف تقسم السبعة على ابنين وثلاث بنات على أن يكون نصيب الذكر ضعف الأنثى؟
للبنت سهم
وللرجل سهمان ..
فثلاث بنات =3 أسهم
ورجلان=أربعة أسهم ..
وقس عليها .. ولكن يلزمك تعلم الحساب .. والدربة عليه
من قال أنهم ثلاث بنات!!!!!! أنا قلت أربع بنات وليس ثلاث , لو كانت ثلاث بنات لما طرحت المسألة من الأساس:)
ـ[شرياس]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 12:02]ـ
لنفرض أن رجلاً مات وترك زوجة وإبنين وأربع بنات , كيف تكون قسمة الميراث؟
.............................. ....................... ؟
أربع وليس ثلاث بنات
ـ[شرياس]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 02:59]ـ
الحمدلله الذي فهمني المسألة , الآن ولله الحمد ضبطت معي الحسبة دون كسور , ويكون حل المسألة على النحو التالي:
قلنا رجل مات وترك: زوجة و إبنان و أربع بنات.
الزوجة لها الثمن 8/ 1 والإبن له مثل حظ الأنثيين يعني 2 مقابل 1.
لدينا عدد 2 بنين وعدد 4 إناث: 2+2+1+1+1+1 = 8
8 * 8 = 64 سهم (تم ضرب العدد بثمانية لأنه مقام الثمن 8/ 1)
الزوجة = 8 سهم
الإبن = 14 سهم
الإبن = 14 سهم
البنت = 7 سهم
البنت = 7 سهم
البنت = 7 سهم
البنت = 7 سهم
8 + 14 +14 + 7 + 7 + 7 + 7 = 64 سهم
ـ[شرياس]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 03:11]ـ
الآن مسألة أخرى أعرف حلها لكن أطرحها لكم لكي تبحثوا عن الحل , ولمن أراد معرفة الحل فعليه إتباع نفس الخطوات التي إتبعتها في المسألة السابقة.
المسألة الجديدة هي نفس السابقة غير أننا نضيف بنت خامسة , بحث تكون المسألة كالتالي:
مات رجل وترك: زوجة و ابنان و خمسة بنات.(/)
استفهامات حول انتفاع الميت بوهب الحي ثواب العمل له
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 12:52]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في تيسير العلام: (اختلف العلماء في انتفاع الميت بعمل الحي حينما يجعل الحي ثواب قربته البدنية أو المالية إلى الميت، فقال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل خير للنصوص الواردة فيه. أما ابن تيمية فقد نقل عنه في ذلك قولان:
أحدهما: أنه ينتفع بذلك باتفاق الأئمة.
الثاني: أنه لم يكن من عادة السلف إذا فعلوا إحدى القربات تطوعا أن يهدوا ذلك لموتى المسلمين، واتباع نهج السلف أولى وقال الصنعانى: الميت يصح أن يوهب له أي قربة .. أما لحوق سائر القرب ففيها خلاف. والحق لحوقها. وذكر ابن تيمية أن الأخبار قد استفاضت بمعرفة الميت بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا وسروره بالسار منها وحزنه للقبيح.)
/// ما الراجح: انتفاع الميت بالإهداء أم لا؟
/// ما المقصود بسائر القرب؟ هل المراد: القرب التي لم توهب إلى الميت؟ وكيف؟
/// ما علاقة معرفة الميت بأحوال أهله ونحوه بالمسألة؟
/// هل يثبت عن السلف الإهداء؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[حمد]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 06:34]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
http://www.kl28.com/fat1r.php?search=3813
ـ[حمد]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 06:44]ـ
وللتوضيح: الإشكال الذي قد ورد في قوله تعالى: ((وأن ليس للإنسان إلا ما سعى))؟
يقال فيه:
أنّ ظاهر الآية -مجرّداً عن الأدلة الأخرى- يحتمل معنيين:
1 - أن الإنسان لا يأخذ ولا يأتيه إلا ما سعى.
2 - أن الإنسان لا يملك إلا ما سعى
وبين المعنيين فرق.
والمعنى الثاني هو المقصود؛ بدلالة السنة.
فالإنسان لا يملك سعي غيره له، بل الله يضيفه إلى سعيه.(/)
مسألة: وضعُ اليدين على الصدرِ بعد الركوع
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 06:24]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله (ص)، أما بعدُ:
فإن جمهور العلماء يرون استحباب وضعهما (اليد اليمنى على اليسرى) إما على الصدر أو تحت السرّة، في خلافٍ لا أوّد ذكره.
ولكن اختلفوا كذلك في هذا القبض حال الاعتدال من الركوع، فبعضهم استحب قبضهما ووضعهما على الصدر كما هو الحال في القيام قبل الركوع، وذهب جمهور العلماء إلى أنّه لا يُسن قبضهما، ووضعهما على الصدر، أو تحت السرّة، ويقولون: هو خاص بالقيام قبل الركوع،
ولهم أدلتهم منها حديث وائل بن حُجْر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: (صليتُ مع النبي (ص) فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدرهِ) رواه أبو داود والنسائي وغيره.
فاستدل القائلون باستحباب ذلك بهذا الحديث، وقالوا: هذا حديث عام في القيام، سواء أكان قبل الركوع أم بعده، ومن فرّق بين القيامين فعليهِ الدليل.
واستدل الآخرون كذلك بهذا الحديث، بقولهم: أن هذا الحديث ورد في القيام قبل الركوع، وأما بعد الركوع فإنه لم يرد فيهِ شيء مطلقاً، ولو كان لهُ أصل لنقل إلينا، فهذا السكوت من واصفي صلاة النبي (ص)، يدل على أن وضع اليد على اليد على الصدر بعد الركوع، لا يُوجد في أثر صحيح ولا ضعيف، كما أنه لم يُعرف عن أحد من السلف أنه فعل ذلك، ولا أحداً من الأئمةِ، وقد أسرف المحدّث الألباني -رحمه الله- فجعل ذلك بدعة.
والله أعلم. .
أبو تميم التميمي
ـ[حمد]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 06:53]ـ
جزاك الله خيراً
والمسألة فيها سعة عند أحمد رحمه الله
قال المرداوي: قال أحمد: إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه على شماله. الإنصاف (2/ 64).
وقال ابن مفلح: المنصوص عن أحمد: إن شاء أرسلهما، وإن شاء وضع يمينه على شماله. المبدع (1/ 451).
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 01:50]ـ
جزاكما الله خيرا
ـ[أبو رزان]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 07:03]ـ
وقد أسرف المحدّث الألباني -رحمه الله- فجعل ذلك بدعة. ألا اتقيت الله عز وجل
ـ[عبد فقير]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:41]ـ
لم يقل أحد من الأئمة المتقدمين باستحباب وضع اليدين على الصدر لا قبل الركوع ولا بعده إنما الخلاف فى وضع اليمنى على اليسرى بعد الركوع أم الإرسال
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 03:52]ـ
الأخ حَمْد، أشكرُ لك هذه الإضافة.
الأخ عبدالملك السبيعي، وإياّك.
أبا رزان، جعلنا الله وإيّاك من المتقين.
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 04:00]ـ
أيّها العبدُ الفقير، لو سألتَ لكان خيراً لكَ، فإن الخلاف في وضع اليدين على الصدرِ في كلا القيامين -قبل الركوع وبعدهُ، وهذا الموضوع عمّا بعد الركوع، وابحث قبل أن تجزم بذلك!
أبو تميم التميمي
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 08:58]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=7881
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 12:15]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل أبو تميم التميمي وبقية الأعضاء حفظكم الله أقول حتى الذين رووا عن الإمام أحمد هذه المقالة قد اختلفت أيضا الروايات عنه في ذلك، بين التخيير والإرسال والضم، انظر ((الفروع)) (1/ 433) و ((الإنصاف)) (2/ 63)، وهذا إن ثبت عنه أيضا رحمه الله تعالى.
بل وأخرج مسلم برقم (401) من حديث وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة حيال أذنيه، وكبر، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع، أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبر فركع، فلما قال: سمع الله لمن حمده، رفع يديه، فلما سجد سجد بين كفيه)) فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل، فلما لم يذكره، دل على عدم وقوعه، ومما يؤكد على عدم القبض بعد الرفع من الركوع أن الأئمة وأقصد بهم علماء الفقه بل وعلماء الحديث خاصة كالإمام البخاري والذي قيل فيه: فقه البخاري في تراجمه، لم يستدل بحديث سهل على ضم اليدين بعد الركوع، وكذلك غيره من علماء الحديث كأصحاب الكتب الستة وغيرهم رحمهم الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
أجمعين، لم يترجموا ولو بابا واحد يدل على القبض بعد الركوع، والله أعلم.
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 12:33]ـ
فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل، فلما لم يذكره، دل على عدم وقوعه
قد قلت في الرابط المحال عليه:
جزاك الله خيرا
/// للمخالف أن يعكس عليك الحجة فيقول الأصل القبض لأن ضده وهو السدل لم ينقل فإما أن تنزع عن حجتك وإما أن تدعي الفرق بينهما (عدم طرد الدليل في صورة القبض) فيطالبك المخالف به وإما أن تأت بدليل من النقل على السدل
/// وهنا أمر ينبغي أن ينبه عليه _وإن كان ظاهرا إلا أنه يغفل عنه عند الكلام على هذه المسألة_ وهو أن الأصل في العبادات التحريم فكل من فعل فعلا أو قال قولا في الصلاة فهو حرام إلا ما دلّ عليه دليل خاص أو عام
إذا علم ذلك فمطالبة القائلين بالقبض بالدليل دون القائلين بالسدل لا يستقيم
لأن الكل مطالب بذكر النقل الدال على قوله لأن الأصل التحريم كما تقدم
/// وهذا الدليل موجود في الخارج لأن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته إما أن يكون قابضا أو مسدلا أو يفعل هذا تارة وذاك تارة أخرى
وهذا الفعل لا بد أن يكون منقولا إلينا نقله إلينا من شاهد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ضرورة كون الشريعة محفوظة وكاملة غير ناقصة
فالقول بأن الصحابة لم ينقلوا لنا هذه السنة سواء كانت متمثلة بالقبض أو السدل أو فعلهما على طريقة البدل يتضمن _ولازم المذهب ليس بلازم_ اتهامهم بكتم شيء من الشريعة وهو محال في حقهم
فإما أن يكونوا نقلوا القبض أو السدل أو كليهما على جهة البدل
لكن ما نوع هذا النقل؟؟
هل هو عملي أم قولي وعلى الثاني هل هو دليل خاص أم اكتفوا بعموم الأدلة؟؟
الذي يظهر لي هو الأخير لأنه لو كان خاصا لم يخف على هذا الجمع من العلماء وإن شئت فقل على مجموع الأمة لأن أحدا ممن تكلم في المسألة ذكر دليلا خاصا عليها
/// فيقال للقائلين بالسدل ما هو الدليل عليه؟؟ فإن قالوا لأنه الأصل قيل لهم هل عندكم غير هذا الدليل العقلي كدليل نقلي عام أو خاص؟؟
فإن أجابوا بنعم طولبوا بذكره حتى تتم مناقشته
وإن أجابوا بلا قيقال لهم قولكم أن السدل هو الأصل ما دليكم عليه؟؟ لأن المخالف قد يدعي نفس دعوتكم فيزعم أن القبض هو الأصل
فلا بد من ذكر الدليل
/// أما القائلين بالقبض فإنهم يستدلون على أن القبض هو الأصل بعدة أدلة:
منها أن القبض هيئة ورد مثلها في الصلاة فهي من هيئات الصلاة بخلاف السدل فلم يرد مثله في الصلاة
ومنها أنه أقرب للخشوع وهو من مقاصد الصلاة
وعلى كل إذا كان حال هذه المسألة هو هذا الحال فالمصير إلى غلبة الظن المستفادة من أدلة القائلين بالقبض أرجح من غيره والله أعلم
وأيضا ينظر الكلام حول قاعدة عدم النقل لا يستلزم العدم هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=14004
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 12:37]ـ
ومما يؤكد على عدم القبض بعد الرفع من الركوع أن الأئمة وأقصد بهم علماء الفقه بل وعلماء الحديث خاصة كالإمام البخاري والذي قيل فيه: فقه البخاري في تراجمه، لم يستدل بحديث سهل على ضم اليدين بعد الركوع، وكذلك غيره من علماء الحديث كأصحاب الكتب الستة وغيرهم رحمهم الله تعالى أجمعين، لم يترجموا ولو بابا واحد يدل على القبض بعد الركوع، والله أعلم.
الاستنباطات والفهوم من النصوص مما تتفاضل به العلماء وبه يبرز بعضهم على بعض وهو الميدان الذي يتسابقون فيه فلا يشترط فيه أن يكون لصاحبه سلف ما لم يكن فيه رجوع على فهم النص المجمع عليه بالنقض
وإلا لأقفلنا باب التدبر في الآيات واستنباط نكت جديدة بل وفي باقي النصوص
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 12:42]ـ
فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل، فلما لم يذكره، دل على عدم وقوعه
الخلاصة يا أخ صالح أن لمخالفك أن يقول:
فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم سدل يديه بعد الرف، ع لنقل ذلك وائل، فلما لم يذكره، دل على عدم وقوعه
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 06:10]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الأخ الفاضلُ أمجد الفلسطيني، كلامكَ وجيهٌ جداً!، ولكن ألا يُقال أن الأصل هو القبض، بدلالة القائلين بالقبضِ، حال القيام قبل الركوع، ولا فرق بين القيامين، ويُقال كذلك أن الأصل هو السدل بدلالة القائلين بالسّدل حال القيام قبل الركوع ولا فرق بين القيامين. فيُصبح عند القول الأول قبضٌ في كلا القيامين، وعند القول الثاني سدلٌ في كلا القيامين، وهذا أوجهُ من التفريق بينهما إذا رجعنا إلى الأصلِ، وبهذا يقوى القول الأول بقوةِ أدلتهم على القبض من السدل.
أبو تميم التميمي
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخي الفاضل أمجد الفلسطيني وفقكم الله، ليست المشكلة في بيان كيفية وضع اليدين بعد الرفع من الركوع، الإرسال أم القبض، ففي هذا الأمر واسع إن شاء الله، فهو بالخيار، إن شاء أرسلهما، وإن شاء وضع يمينه على شماله، فهذه ليست المشكلة، ولن تكون مشكلة بإذن الله، ولكن الإشكال والعَجب العُجاب هو فيمن يدعي ويقول أنها سنة!، ولم يظفر لنا بقول إمام من الأئمة، سواء من الأئمة الأربعة أو غيرهم!.
ويكفي ما قاله الإمام الكاساني في ((بدائع الصنائع)) عند كلامه في مسألة محل وضع اليدين: ((وأجمعوا على أنه لا يسن الوضع في القيام المتخلل بين الركوع والسجود، لأنه لا قرار ولا قراءة)).
ويكفي في ردّ هذا القول أيضا أنه لم يَقُل به أحد من سنية القبض من السابقين الأولين، وقال الشيخ العلامة عبد العزيز الطريفي حفظه الله في كتابه الجديد ((صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم)): ((ولا أعلم دليلاً صريحاً في القبض بعد الرفع من الركوع)).
بل ولا نذهب بعيدا، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى والذين تحَّروا في بيان السنة من البدعة الشيء الكثير، فجزاهما الله عنا خيرا الجزاء، لم يذكروا أن القبض بعد الرفع من الركوع سنة!.
أفكل هؤلاء الأئمة رحمهم الله تعالى أجمعين، أو حتى على الأقل أن نظفر عن إمام واحد منهم يقول بسينيتها، فكيف يكون هذا؟! رفع الله درجتكم في الدنيا والآخرة؟.
وأنتم تعرفون بارك الله فيكم وحفظكم المقالة المشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى حيث يقول: ((إياك أن تتكلّم في مسالة ليس لك فيها إمام))!!! وهذه المسألة لم نجد فيها إمام واحد يقول أن السنة حال الرفع من الركوع القبض، أفلا يسعنا ما وسع سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين؟!.
فالخلاصة هي إذا رفع المصلي رأسه من الركوع، فله الخيار، إن شاء أرسل يديه، وإن شاء وضع يمينه على شماله، ولكن لا نقول أنها سنة ونجزم بها!، أو نقول هذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ما عندي أولا وآخرا، وجزاكم الله خيرا، ونفعنا الله بكم.
ـ[عبد فقير]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 04:54]ـ
لم يقل أحد من العلماء المتقدمين بسنية وضع اليدين على الصدر لا قبل الركوع ولا بعده إنما الخلاف فى قبض اليمنى على اليسرى أو الإرسال
ـ[ولد برق]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 04:56]ـ
وقد أسرف المحدّث الألباني -رحمه الله- فجعل ذلك بدعة. ألا اتقيت الله عز وجل
سمعت ان الألباني تراجع عن الحكم على ذلك بالتبديع هل هذا صحيح
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:49]ـ
صالح العمودي، أشكرُكَ.
عبدٌ فقيرٌ -وكلّنا ذاكَ، أعِد ماكتبتُه وكتبهُ البقيَّة!
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:51]ـ
ولد برق، لا أدري وإن كان فأخبرنا مشكوراً مأجوراً!
ـ[عبد فقير]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 01:25]ـ
لم يقل أحد من السلف بسنية وضع اليدين على الصدر لاقبل الركوع ولا بعده
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 02:54]ـ
وقد أسرف المحدّث الألباني -رحمه الله- فجعل ذلك بدعة.
بل قد جعلها أبو خبزة بدعة بازية - نسبة إلى ابن باز - وجعل من محامد الألباني إنكارها!
فسبحان الله العظيم ألم يعلم بكلام من تقدم على ابن باز أم ماذا؟
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 06:03]ـ
حتى لا يذهب الوقتُ فيما لا طائل وراءهُ، إليكم هذا ...
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=8000
أبو تميم التميمي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 11:09]ـ
بارك الله فيكم جميعا ونفع بفوائدكم
/// المسألة واسعة إن شاء الله لا إنكار فيها ولا تشديد لأنه ليس ثمت نص في المسألة
/// القول بالتخيير مشكل عندي لما ذكرت آنفا أن الأصل في أفعال الصلاة عدم الإباحة بل الأصل فيها إما التحريم أو الكراهة وإما الوجوب أو الندب
لأنها عبادة
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا كما رأيتموني ...
فكل من فعل فعلا في الصلاة ينبغي أن يأتي عليه بدليل إما أنه واجب أو سنة (مندوب أو هيئة أو تركه خلاف الأولى)
والسدل فعل كما أن القبض فعل
وعلى التنزل فإن الترك فعل كما بُحث في الأصول
وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته إما أن يكون قابضا أو مسدلا أو يفعل هذا تارة وذاك تارة أخرى وهذا تقسيم حاصر
ثم هذا الفعل لا بد أن يكون منقولا إلينا نقله إلينا من شاهد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ضرورة كون الشريعة محفوظة وكاملة غير ناقصة
فالقول بأن الصحابة لم ينقلوا لنا هذه السنة سواء كانت متمثلة بالقبض أو السدل أو فعلهما على طريقة البدل يتضمن _ولازم المذهب ليس بلازم_ اتهامهم بكتم شيء من الشريعة وهو محال في حقهم
فإما أن يكونوا نقلوا القبض أو السدل أو كليهما على جهة البدل
لكن ما نوع هذا النقل؟؟
هل هو عملي أم قولي وعلى الثاني هل هو دليل خاص أم اكتفوا بعموم الأدلة؟؟
الذي يظهر لي هو الأخير لأنه لو كان خاصا لم يخف على هذا الجمع من العلماء وإن شئت فقل على مجموع الأمة لأن أحدا ممن تكلم في المسألة ذكر دليلا خاصا عليها
/// عدم وجود سلف في القول بالسنية وجيه لكنه مشكل لما قدمته وهو عدم وجود قول بالبدعة أو الحرمة
لكن تقدم تقرير أن القول بالتخيير مشكل فلزم المصير إلى أحد القولين إما واجب أو سنة وإما حرام أو مكروه
ولا نعلم عن السلف في ذلك شيئا
فماذا نفعل عندنا أصلان ظاهرهما التعارض:
الأول: إذا قلنا بالتخيير لأن الإمام أحمد سلفنا به عارضه الإشكال الذي طرحته
والثاني: إذا قلنا بأحد القولين (السابقين) عارضه عدم معرفة سلف له
فاضطررنا للترجيح
فوجدنا القول بعموم الأدلة الدالة على القبض يرجح الثاني والله أعلم
/// مع كل ما تقدم من تجاذب أكثر من أصل لهذه المسألة
وتعارض الأدلة وقوتها
واختلاف العلماء فيها
وتخيير الإمام أحمد
لا يمكن المصير إلى القول بالبدعة من كلا الطرفين وأن المصير إليه هو البدعة والله أعلم
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:37]ـ
الأخ الفاضلُ أمجد الفلسطيني - نفع اللهُ بكَ، هلاّ رأيتَ هذا ...
--------------------------------------------------------------------------------
الأخ الفاضلُ أمجد الفلسطيني، كلامكَ وجيهٌ جداً!، ولكن ألا يُقال أن الأصل هو القبض، بدلالة القائلين بالقبضِ، حال القيام قبل الركوع، ولا فرق بين القيامين، ويُقال كذلك أن الأصل هو السدل بدلالة القائلين بالسّدل حال القيام قبل الركوع ولا فرق بين القيامين. فيُصبح عند القول الأول قبضٌ في كلا القيامين، وعند القول الثاني سدلٌ في كلا القيامين، وهذا أوجهُ من التفريق بينهما إذا رجعنا إلى الأصلِ، وبهذا يقوى القول الأول بقوةِ أدلتهم على القبض من السدل.
أبو تميم التميمي
وأنا لكَ من الشاكرينَ!
أبو تميم التميمي
ـ[عبد فقير]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 04:29]ـ
لم يقل أحد من السلف بسنية وضع اليدين على الصدر لاقبل الركوع ولا بعده
ـ[سفيان الراغب]ــــــــ[11 - Aug-2008, صباحاً 01:29]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
"أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع"
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه. أما بعد: فقد كثر السؤال من الداخل والخارج عن موضع اليدين إذا رفع المصلي رأسه من الركوع .. فرأيت أن أجيب عن ذلك جواباً مبسوطاً بعض البسط نصحاً للمسلمين وإيضاحاً للحق وكشفاً للشبهة ونشراً للسنة فأقول: قد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه يقبض بيمينه على شماله إذا كان قائماً في الصلاة كما دلت على أنه كان عليه الصلاة والسلام يأمر بذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه (باب وضع اليمنى على اليسرى) حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" .. انتهى المقصود.
(1/ 1)
--------------------------------------------------------------------------------
ووجه الدلالة من هذا الحديث الصحيح على شرعية وضع اليمين على الشمال حال قيام المصلي في الصلاة قبل الركوع وبعده أن سهلاً أخبر أن الناس كانوا يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، ومعلوم أن السنة للمصلي في حال الركوع أن يضع كفيه على ركبتيه وفي حال السجود أن يضعهما على الأرض حيال منكبيه أو حيال أذنيه، وفي حال الجلوس بين السجدتين وفي التشهد أن يضعهما على فخذيه وركبتيه على التفصيل الذي أوضحته السنة في ذلك فلم يبق إلا حال القيام فعلم أنه المراد في حديث سهل وبذلك يتضح أن المشروع للمصلي في حال قيامه في الصلاة أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى سواء كان ذلك في القيام قبل الركوع أو بعده لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم التفريق بينهما ومن فرق فعليه الدليل. وقد ثبت في حديث وائل بن حجر عند النسائي بإسناد صحيح "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان قائماً في الصلاة قبض بيمينه على شماله" وفي رواية له أيضاً ولأبي داود بإسناد صحيح عن وائل "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما كبّر للإحرام وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد"، وهذا صريح صحيح في وضع المصلي حال قيامه في الصلاة كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد وليس فيه تفريق بين القيام الذي قبل الركوع والذي بعده فاتضح بذلك شمول هذا الحديث للحالين جميعاً وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح على ترجمة البخاري المذكورة آنفاً ما نصه: "باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة" أي في حال القيام، وقوله: "كان الناس يؤمرون" هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي قوله: "على ذراعه" أبهم موضعه من الذراع، وفي حديث وائل عند أبي داود والنسائي "ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد" وصححه ابن خزيمة وغيره وأصله في صحيح مسلم بدون الزيادة،
(1/ 2)
--------------------------------------------------------------------------------
والرسغ بضم الراء وسكون السين المهملة بعدها معجمة هو المفصل بين الساعد والكف وسيأتي أثر علي نحوه في أواخر الصلاة ولم يذكرا أيضاً محلها من الجسد، وقد روى ابن خزيمة من حديث وائل أنه وضعهما على صدره، والبزار عند صدره وعند أحمد في حديث هلب الطائي نحوه، وهلب بضم الهاء، وسكون اللام بعدها موحدة وفي زيادات المسند من حديث علي أنه وضعهما تحت السرة وإسناده ضعيف، واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال: "هذا معلوم لأنه ظن من أبي حازم، ورد بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه الخ لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي "كنا نؤمر بكذا" يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: "كنا نؤمر بقضاء الصوم" فإنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم. وأطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم، وقد ورد في سنن أبي داود والنسائي وصحيح ابن السكن شيء يستأنس به على تعيين الأمر والمأمور فروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "رآني النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يدي اليسرى على يدي اليمنى فنزعها ووضع اليمنى على اليسرى" إسناده حسن. قيل لو كان مرفوعاً ما احتاج أبو حازم إلى قوله لا أعلمه الخ والجواب أنه أراد الانتقال إلى التصريح فالأول لا يقال له مرفوع وإنما يقال له حكم الرفع، قال العلماء: "الحكمة في هذه الهيئة أنه صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع"، وكأن البخاري رحمه الله لحظ ذلك فعقبه بباب الخشوع ومن اللطائف قول بعضهم: "القلب موضع النية والعادة أن من احترز على حفظ شيء جعل يديه عليه". قال ابن عبد البر:"لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف. وهو قول الجمهور من الصحابة
(يُتْبَعُ)
(/)
والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار
(1/ 3)
--------------------------------------------------------------------------------
إليه أكثر أصحابه، وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة ومنهم من كره الإمساك ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث يمسك متعمداً لقصد الراحة". انتهى.
المقصود من كلام الحافظ وهو كاف شاف في بيان ما ورد في هذه المسألة وفيما نقله الإمام ابن عبد البر الدلالة على أن قبض الشمال باليمن حال القيام في الصلاة هو قول أكثر العلماء ولم يفرق ابن عبد البر رحمه الله بين الحالين وأما ما ذكره الإمام الموفق في المغني وصاحب الفروع وغيرهما عن الإمام أحمد رحمه الله أنه رأى تخيير المصلي بعد الرفع من الركوع بين الإرسال والقبض فلا أعلم له وجهاً شرعياً بل ظاهر الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها يدل على أن السنة القبض في الحالين وهكذا ما ذكره بعض الحنفية من تفضيل الإرسال في القيام بعد الركوع ولا وجه له لكونه مخالفاً للأحاديث السابقة والاستحسان إذا خالف الأحاديث لا يعول عليه كما نص عليه أهل العلم.
(1/ 4)
--------------------------------------------------------------------------------
أما ما نقله ابن عبد البر عن أكثر المالكية من تفضيل الإرسال فمراده في الحالين أعني قبل الركوع وبعده ولا شك أنه قول مرجوح مخالف للأحاديث الصحيحة ولما عليه جمهور أهل العلم كما سلف وقد دلّ حديث وائل بن حجر وحديث هلب الطائي على أن الأفضل وضع اليدين على الصدر حال القيام في الصلاة وقد ذكرهما الحافظ كما تقدم وهما حديثان جيدان لا بأس بإسنادهما أخرج الأول أعني حديث وائل ابنُ خزيمة رحمه الله وصححه كما ذكره العلامة الشوكاني في النيل، وأخرج الثاني أعني حديث هلب الإمام أحمد رحمه الله بإسناد حسن وأخرج أبو داود رحمه الله عن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق حديث وائل وهلب وهو مرسل جيد، فإن قلت قد روى أبو داود عن علي رضي الله عنه أن السنة وضع اليدين تحت السرة فالجواب أنه حديث ضعيف كما صرح بذلك الحافظ ابن حجر كما تقدم في كلامه رحمه الله وسبب ضعفه أنه من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ويقال الواسطي وهو ضعيف عند أهل العلم لا يحتج بروايته ضعفه الإمام أحمد وأبو حاتم وابن معين وغيرهم وهكذا حديث أبي هريرة عند أبي داود مرفوعاً "أخذ الأكف على الأكف تحت السرة" لأن في إسناده عبد الرحمن ابن إسحاق المذكور وقد عرفت حاله وقال الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق في عون المعبود شرح سنن أبي داود بعد كلام سبق ما نصه: "فمرسل طاوس وحديث هلب وحديث وائل بن حجر تدل على استحباب وضع اليدين على الصدر وهو الحق، وأما الوضع تحت السرة أو فوق السرة فلم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث". انتهى.
(1/ 5)
--------------------------------------------------------------------------------
والأمر كما قال رحمه الله للأحاديث المذكورة. فإن قيل: قد ذكر الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في حاشية كتابه "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" ص 145 من الطبعة السادسة ما نصه: "ولست أشك في أن وضع اليدين على الصدر في هذا القيام (يعني بذلك القيام بعد الركوع) بدعة ضلالة لأنه لم يرد مطلقاً في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها ولو كان له أصل لنقل إلينا ولو عن طريق واحد ويؤيده أن أحداً من السلف لم يفعله ولا ذكره أحد من أئمة الحديث فيما أعلم". انتهى.
والجواب عن ذلك أن يقال: نعم قد ذكر أخونا العلامة الشيخ ناصر الدين في حاشية كتابه المذكور ما ذكر والجواب عنه من وجوه: (الأول) أن جزمه بأن وضع اليمنى على اليسرى في القيام بعد الركوع بدعة ضلالة خطأ ظاهر لم يسبقه إليه أحد فيما نعلم من أهل العلم وهو مخالف للأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها ولست أشك في علمه وفضله وسعة اطلاعه وعنايته بالسنة زاده الله علماً وتوفيقاً ولكنه غلط في هذه المسألة غلطاً بيناً وكل عالم يؤخذ من قوله ويترك كما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر" يعني النبي صلى الله عليه وسلم هكذا قال أهل العلم قبله وبعده وليس ذلك يغض من أقدارهم ولا يحط من منازلهم بل
(يُتْبَعُ)
(/)
هم في ذلك بين أجر وأجرين كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حكم المجتهد إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر. (والوجه الثاني) إن من تأمل الأحاديث السالفة حديث سهل وحديث وائل بن حجر وغيرهما اتضح له دلالتهما على شرعية وضع اليمنى على اليسرى في حال القيام في الصلاة قبل الركوع وبعده لأنه لم يذكر فيها تفصيل والأصل عدمه.
(1/ 6)
--------------------------------------------------------------------------------
ولأن في حديث سهل الأمر بوضع اليمنى على ذراع اليسرى في الصلاة ولم يبين محله من الصلاة فإذا تأملنا ما ورد في ذلك اتضح لنا أن السنة في الصلاة وضع اليدين في حال الركوع على الركبتين وفي حال السجود على الأرض وفي حال الجلوس على الفخذين والركبتين فلم يبق إلا حال القيام فعلم أنها المرادة في حديث سهل وهذا واضح جداً.
أما حديث وائل ففيه التصريح من وائل رضي الله عنه بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبض بيمينه على شماله إذا كان قائماً في الصلاة خرجه النسائي بإسناد صحيح وهذا اللفظ من وائل يشمل القيامين بلا شك ومن فرق بينهما فعليه الدليل وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في أول هذا المقال (الوجه الثالث) أن العلماء ذكروا أن من الحكمة في وضع اليمين على الشمال أنه أقرب إلى الخشوع والتذلل وأبعد عن العبث كما سبق في كلام الحافظ ابن حجر وهذا المعنى مطلوب للمصلي قبل الركوع وبعده فلا يجوز أن يفرق بين الحالين إلا بنص ثابت يجب المصير إليه.
(1/ 7)
--------------------------------------------------------------------------------
أما قول أخينا العلامة "أنه لم يرد مطلقاً في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها ولو كان له أصل لنقل إلينا ولو عن طريق واحد" فجوابه أن يقال: ليس الأمر كذلك بل قد ورد ما يدل عليه من حديث سهل ووائل وغيرهما كما تقدم وعلى من أخرج القيام بعد الركوع من مدلولها الدليل الصحيح المبين لذلك، وأما قوله وفقه الله: "ويؤيده أن أحداً من السلف لم يفعله ولا ذكره أحد من الأئمة الحديث فيما أعلمه" فجوابه أن يقال: هذا غريب جداً وما الذي يدلنا على أن أحداً من السلف لم يفعله بل الصواب أن ذلك دليل على أنهم كانوا يقبضون في حال القيام بعد الركوع ولو فعلوا خلاف ذلك لنقل لأن الأحاديث السالفة تدل على شرعية القبض حال القيام في الصلاة سواء كان قبل الركوع أو بعده وهو مقتضى ترجمة الإمام البخاري رحمه الله التي ذكرناها في أول هذا المقال كما أن ذلك هو مقتضى كلام الحافظ ابن حجر عليها ولو أن أحداً من السلف فعل خلاف ذلك لنقل إلينا وأكبر من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أرسل يديه حال قيامه من الركوع ولو فعل ذلك لنقل إلينا كما نقل الصحابة رضي الله عنهم ما هو دون ذلك من أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام وسبق في كلام ابن عبد البر رحمه الله أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف القبض وأقره الحافظ ولا نعلم عن غيره خلافة فاتضح بما ذكرنا أن ما قاله أخونا فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين في هذه المسألة حجة عليه لا له عند التأمل والنظر ومراعاة القواعد المتبعة عند أهل العلم فالله يغفر لنا وله ويعاملنا جميعاً بعفوه ولعله بعد اطلاعه على ما ذكرنا في هذه الكلمة يتضح له الحق فيرجع إليه فإن الحق ضالة المؤمن متى وجدها أخذها وهو بحمد الله ممن ينشد الحق ويسعى إليه ويبذل جهوده الكثيرة في إيضاحه والدعوة إليه.
تنبيه هام
(1/ 8)
--------------------------------------------------------------------------------
ينبغي أن يعلم أن ما تقدم من البحث في قبض الشمال باليمين ووضعهما على الصدر أو غيره قبل الركوع وبعده كل ذلك من قبيل السنن وليس من قبيل الواجبات عند أهل العلم فلو أن أحداً صلى مرسلاً ولم يقبض قبل الركوع أو بعده فصلاته صحيحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما ترك الأفضل في الصلاة فلا ينبغي لأحد من المسلمين أن يتخذ من الخلاف في هذه المسألة وأشباهها وسيلة إلى النزاع والتهاجر والفرقة فإن ذلك لا يجوز للمسلمين حتى لو قيل إن القبض واجب كما اختاره الشوكاني في النيل بل الواجب على الجميع بذل الجهود في التعاون على البر والتقوى وإيضاح الحق بدليله والحرص على صفاء القلوب وسلامتها من الغل والحقد من بعضهم على بعض كما أن الواجب الحذر من أسباب الفرقة والتهاجر لأن الله سبحانه أوجب على المسلمين أن يعتصموا بحبله جميعاً وأن لا يتفرقوا كما قال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم .. " وقد بلغني عن كثير من إخواني المسلمين في إفريقيا وغيرها أنه يقع بينهم شحناء كثيرة وتهاجر بسبب مسألة القبض والإرسال ولا شك أن ذلك منكر لا يجوز وقوعه منهم، بل الواجب على الجميع التناصح والتفاهم في معرفة الحق بدليله مع بقاء المحبة والصفاء والأخوة الإيمانية فقد كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم والعلماء بعدهم رحمهم الله يختلفون في المسائل الفرعية ولا يوجب ذلك بينهم فرقة ولا تهاجرا لأن هدف كل واحد منهم هو معرفة الحق بدليله فمتى ظهر لهم اجتمعوا عليه ومتى خفي على بعضهم لم يضلل أخاه ولم يوجب له ذلك هجره ومقاطعته وعدم الصلاة خلفه فعلينا جميعاً معشر المسلمين أن نتقي الله سبحانه وأن نسير على طريقة السلف الصالح قبلنا في التمسك بالحق والدعوة إليه والتناصح
(1/ 9)
--------------------------------------------------------------------------------
فيما بيننا والحرص على معرفة الحق بدليله مع بقاء المحبة والأخوة الإيمانية وعدم التقاطع والتهاجر من أجل مسالة فرعية قد يخفى فيها الدليل على بعضنا فيحمله اجتهاده على مخالفة أخيه في الحكم.
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يزيدنا وسائر المسلمين هداية وتوفيقاً وأن يمنحنا جميعاً الفقه في دينه والثبات عليه ونصرته والدعوة إليه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه وعظم سنته إلى يوم الدين…
(1/ 10)
--------------------------------------------------------------------------------
ـ[حمود الكثيري]ــــــــ[12 - Aug-2008, صباحاً 06:10]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقل الشيخ المحدث أبي أسحاق الحويني قاعدة عظيمة في شرحه لصفة صلاة النبي مفاد هذه القاعدة: أن لا اجتهاد في هيئات الصلاة.
و أنقل هنا كلام العلامة الألباني رحمه الله:
قال (للمسيء صلاته):
" ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً؛ [فيأخذ كل عظم مَأْخَذَه] "، (وفي
رواية: " وإذا رفعت؛ فأقم صلبك، وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى
مفاصلها ")
(1) هو من حديث أبي هريرة، والزيادة وما بعدها من حديث رِفاعة بن رافع. وقد
سبقا.
{والمراد بـ (العظام) هنا: عظام سلسلة الظهر وفقراته - كما تقدم قريباً في
(الاعتدال من الركوع ... ) -. و (المفاصل) جمع (مَفصِل): ملتقى كل عظمين في
الجسد. انظر " المعجم الوسيط ".
(تنبيه): إن المراد من هذا الحديث بيِّن واضح، وهو الاطمئنان في هذا القيام.
وأما استدلال بعض إخواننا من أهل الحجاز وغيرها بهذا الحديث على مشروعية
وضع اليمنى على اليسرى في هذا القيام؛ فبعيدٌ جدّاً عن مجموع روايات الحديث - وهو
المعروف عند الفقهاء بـ: (حديث المسيء صلاته) -؛ بل هو استدلال باطل؛ لأن الوضع
المذكور لم يرد له ذكر في القيام الأول في شيء من طرق الحديث وألفاظه؛ فكيف يسوغ
تفسير الأخذ المذكور فيه بأخذ اليسرى باليمنى بعد الركوع؟ هذا لو ساعد على ذلك
مجموع ألفاظ الحديث في هذا الموطن؛ فكيف وهي تدل دلالة ظاهرة على خلاف
ذلك؟! ثم إن الوضع المذكور غير متبادر من الحديث ألبتة؛ لأن المقصود بـ (العظام) فيه
عظام الظهر - كما تقدم -. ويؤيد ما سبق من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... استوى حتى يعود كل فقار
مكانه. فتأمل منصفاً.
ولست أشك في أن وضع اليدين على الصدر في هذا القيام بدعة ضلالة؛ لأنه لم
يرد مطلقاً في شيء من أحاديث الصلاة - وما أكثرها! -، ولو كان له أصل؛ لنقل إلينا
ولو عن طريق واحد، ويؤيده أن أحداً من السلف لم يفعله، ولا ذكره أحد من أئمة
الحديث فيما أعلم.
ولا يخالف هذا ما نقله الشيخ التويجري في " رسالته " (ص 18 - 19) عن الإمام
أحمد رحمه الله أنه قال:
" إن شاء؛ أرسل يديه بعد الرفع من الركوع، وإن شاء؛ وضعهما " (هذا معنى ما
ذكره صالح ابن الإمام أحمد في " مسائله " (ص 90) عن أبيه)؛ لأنه لم يرفع ذلك إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما قاله باجتهاده ورأيه، والرأي قد يخطئ، فإذا قام الدليل الصحيح على
بدعية أمر ما - كهذا الذي نحن في صدده -؛ فقول إمام به لا ينافي بدعيته - كما قرره
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه -؛ بل إنني لأجد في كلمة الإمام
أحمد هذه ما يدل على أن الوضع المذكور لم يثبت في السنة عنده؛ فإنه خيَّر في فعله
وتركه! فهل يظن الشيخ الفاضل أن الإمام يُخَيِّر أيضاً كذلك في الوضع قبل الركوع؟!
فثبت أن الوضع المذكور ليس من السنة، وهو المراد.
هذه كلمة مختصرة حول هذه المسألة
**********************
رحم الله الشيخ ابن باز فقد اجتهد وله اجر المجتهد بإذن الله والذي ندين الله بأنه الحق والصواب هو ما نصه الشيخ الألباني رحمه
جزيتم خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوعمر السحيم]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 01:40]ـ
السلام عليكم،،
قال ابن قدامة رحمه الله في عمدة الفقه: ((مسألة: ويجعلهما تحت سرته)) ..
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في شرحه النفيس لهذا السفر القيم [ط: دار العاصمة-الأولى-1429]: ((يعني: إذا انقضى التكبير فإنه يرسل يديه ويضع يده اليمنى فوق اليسرى على الكوع ... )) وذلك في القيام قبل الركوع .. فإذا ركع ثم رفع فأين يضعهما؟
قال شيخ الإسلام بعد أسطر قليلة: ((ولا يستحب ذلك -أي القبض بعد الرفع من الركوع- في قيام الاعتدال عن الركوع، لأن السنة لم ترد به، ولأن زمنه يسير يحتاج فيه إألى التهيؤ للسجود)).
قال المحقق أبو أحمد عبدالعزيز المشيقح: ((قال في معونة أولي النهي: ثم إذا رفع رأسه من الركوع: إن شاء وضع يمينه على شماله، أو أرسلهما من غير وضع إحداهما على الأخرى، نص على تخييره الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه)) ا. هـ.
والكلام موصول للمحقق حفظه الله: ((والمسألة فيها ثلاث مذاهب:
1 - أنه مخير بي القبض والإرسال، وهي الرواية التي ذكرناها عن الإمام أحمد.
2 - أنه يقبض يديه بعد الركوع، وبه قال الكاساني من الحنفية، كما في بدائع الصنائع، ومن المعاصرين: الشيخ: عبدالعزيز بن باز رحمهم الله تعالى.
3 - أنه يرسل يديه بعد الرفع من الركوع، ونقل الكاساني -المرجع السابق- أن الحنفية أجمعوا عليه، ونقل ابن مفلح الصغير أنه مذهب الجنابلة (المبدع شرح المقنع))) ا. هـ.
والمسألة فيها متسع مادام هذا خلاف العلماء الكبار الأجلاء فيها.
ـ[الزنتاني]ــــــــ[27 - Nov-2008, مساء 09:48]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قد وقفت على قول للإمام مالك بن انس امام دار الهجرة يخير فيه بين القبض وعدمه عند الرفع من الركوع انظره في "النوادر والزيادات" وقد ضممته لبحثي "الجامع في المسائل على فقه السادة المالكية "
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[28 - Nov-2008, صباحاً 12:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قد وقفت على قول للإمام مالك بن انس امام دار الهجرة يخير فيه بين القبض وعدمه عند الرفع من الركوع انظره في "النوادر والزيادات" وقد ضممته لبحثي "الجامع في المسائل على فقه السادة المالكية "
هلاّ أفدتَ بموضع ذلك ونصِّه؟
ـ[أبو رقية الذهبي]ــــــــ[28 - Nov-2008, صباحاً 03:34]ـ
للمتابعة؛ بارك الله فيكم جميعًا.
ـ[الزنتاني]ــــــــ[29 - Nov-2008, مساء 07:48]ـ
المسألة التاسعة: القول بجواز وضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع.
هنا حاشية: أما في القيام الذي قبل الركوع فهي سنة ثابتة، في الفريضة والنافلة، قال بذلك الإمام مالك، وعلى القول به أكثر آئمتنا المالكية، انظر: سلسلة إحياء الفقه المالكي بذكر الأدلة الشرعية "كتاب الصلاة على مذهب مالك بن أنس وأصحابه الأجلاء" من إعدادي.
* قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي – رحمه الله – في كتابه "النوادر والزيادات":
(من "المجموعة" قال ابن وهب عن مالك: (القنوت في صلاة الصبح ليس بسنة، وأنا أفعله قبل الركوع).
قال عنه ابن القاسم، وعلي بن زياد: (وكان الناس يقنتون في الزمان الأول قبل الركوع، وذلك واسع قبل الركوع وبعده).
قال عنه ابن نافع: (والناس اليوم يقنتون بعد الركوع).
قال عنه ابن نافع: (وإنما يقنت في الصبح، وأما في الوتر فلا إلا في النصف الآخر من رمضان).
وقال مالك: (وليس فيه دعاء مؤقت ولا وقوف مؤقت).
وقال عنه علي: (ولْيدْعُ فيه إن شاء لجميع حوائجه، وقد جعل الله لكل شيء قدرا، وإن شاء أمسك بيمينه في القنوت، وإن شاء ترك)).
قال مقيده عفا الله عنه: فالإمام مالك – رحمه الله - كما في رواية علي بن زياد يرى: أن القنوت فعله واسع سواءوقع قبل الركوع أم بعد الركوع، وأنه يدعى فيه بجميع الحوائج مالم يعتدي في الدعاء وأنه إن شاء قبض أو وضع اليمنى على اليسرى وإن شاء ترك.والله أعلم(/)
كلام الشيخ البسّام على ابن القيّم غير واضح
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 06:52]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله (ص) وعلى آلهِ وأصحابهِ أجميعن، أما بعدُ:
ففي كتابهِ الجليل (توضيح الأحكام) في الطبعة الخامسة في صفحة (260) من الجزء الثاني، قال: (قال محرره عفا الله عنه: لا شك أن ركبتي البعير في يديه لا في رجليه، ولا شك أن أول ما يصل إلى الأرض من البعير -عند البروك- ركبتاه اللتان في يديه، والحديث ينهى عن مشابهةِ بروك البعير في الهيئة التي ينحط بها إلى الأرض من وصول مقدّم البعير الذي فيه يداه، عن وصول آخره الذي فيهِ ركبتاه، ويكون في حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قلبٌ، كما قال ذلك ابن القيّم وإنما الذي وهم فيه ابن القيّم ظنه أن ركبتي البعير في رجليه لا في يديهِ، فركبتا البعير لغة وعرفاً في يديه) الخ كلامهِ.
قلتُ: ابن القيم -رحمه الله- حرر المسألة في زاد المعاد بقولهِ: (إن في حديث أبي هريرة قلباً من الراوي، حيث قال: (ولضيع يديه قبل ركبتيه)، وأن أصله: (وليضع ركبتيه قبل يديه)، ويدل عليه أول الحديث وهو قوله: (فلا يبرك كما يبرك البعير)، فإن من المعروف من بروك البعير تقديم اليدين على الرجلين، وعليه أن يُخالف البعير .. ) الى آخر كلامهِ.
فإن كانت المخالفة بالصورةِ التي مثّلها ابن القيم فله وجه بأن في الحديث قلبٌ، على شريطة أن تكون الركبتين في الرجلين لا في اليدين -كما قاله البسام، ولو كان البعير كما قال البسام: (ولا شك أن أول ما يصل إلى الأرض من البعير - من البروك- ركبتاه اللتان في يديه) لكان الحديث سالماً من القلبِ إذ جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه: (فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه) فيُفهم منه أن البروك مخالفٌ لوضع اليدين قبل الركبتين.
علماً أني لا أتحدث عن المسألةِ ذاتها، إنما هو في كلام الشيخ البسام -رحمه الله- وتعقيبه على كلام ابن القيّم -رحمه الله، ولقد أعدتُ قراءتها مراراً، فلعلّ فيكم مُحسن.
والله أعلم. .
أبو تميم التميمي
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 10:14]ـ
ما زلتُ أنشدكم!
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا يسلم من القلب سواء كان على قول ابن القيم أو البسام أما ابن القيم فواضح كلامه وأما البسام يقول كما يقول غيره من العلماء إن النهي في الحديث هو عن المشابهة في الهيئة التي ينحط البعير بها على الأرض ومعلوم إن البعير أول ماينحط منه مقدمة يداه فعلى هذا القول يكون فيه قلبا" لأن لو وضعت يديك قبل ركبتيك لكان هذا الفعل مشابها" لهيئة بروك البعير.(/)
هل هذا الحكم على إطلاقه عند الإمام ابن حزم-رحمه الله-؟
ـ[أبو عبدالله السعيدي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 09:08]ـ
هل هذا الحكم على إطلاقه عند الإمام ابن حزم –رحمه الله-؟
قال رحمه الله وهو يتحدث عن الخلاف بين الطوائف في باب الأسماء والصفات، كما في كتابه" الفصل"
"قال أبو محمد اختلف الناس في هذا الباب فذهبت طائفة إلى أن من خالفهم في شيء من مسائل الاعتقاد أو في شيء من مسائل الفتيا فهو كافر وذهبت طائفة إلى أنه كافر في بعض ذلك فاسق غير كافر في بعضه على حسب ما أدتهم إليه عقولهم وظنونهم وذهبت طائفة إلى أن من خالفهم في مسائل الاعتقاد فهو كافر وأن من خالفهم في مسائل الأحكام والعبادات فليس كافرا ولا فاسقا ولكنه مجتهد معذور إن أخطأ مأجور بنيته وقالت طائفة بمثل هذا فيمن خالفهم في مسائل العبادات وقالوا فيمن خالفهم في مسائل الاعتقادات أن كل الخلاف في صفات الله عز و جل فهو كافر وإن كان فيما دون ذلك فهو فاسق، وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا وإن كل من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال إن أصاب الحق فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي رضي الله عن جميعهم وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة رضي الله عنهم لا نعلم منهم في ذلك خلافا أصلا إلا ما ذكرنا من اختلافهم في تكفير من ترك صلاة متعمدا حتى خرج وقتها أو ترك أداء الزكاة أو ترك الحج أو ترك صيام رمضان أو شرب الخمر .... "
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:47]ـ
من المؤكد أنه ليس على إطلاقه .. ولعله يعني الحديث عن الأسماء والصفات فقط، فقال: (وإن كل من اجتهد في شيء من ذلك) .. أي في مسائل الأسماء والصفات .. والاجتهاد هو طلب موافقة الدليل الشرعي، فليس كل من قال قولاً في دين الله مجتهداً،
والله أعلم(/)
هل الدين و الهوى أمران متضادان لا يجتمعان؟
ـ[عربي]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 10:59]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
هل الدين و الهوى أمران متضادان لا يجتمعان أبدا؟
ألا يمكن أن يتفق الهوى مع الدين؟
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[22 - Jul-2008, صباحاً 11:13]ـ
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)) .. والحديث قد صححه بعضهم، وضعفه البعض الآخر .. ولكن معناه صحيح، والله أعلم.
ـ[أبو ثور]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 12:27]ـ
ياأبا شعيب ....
رجل أطاع هواه , فزني بامرأة ...
ما حكمه عندك؟
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 01:49]ـ
وما شأن هذا بسؤال صاحب الموضوع؟
صاحب الموضوع يسأل: هل يمكن أن يتفق الهوى مع طاعة الله؟ أم أن الهوى لازمه الشر؟ .. وقد أجبته .. فلا أدري ما شأن سؤالك هذا بأصل الطرح.
أما إن كنت تسأل عن الهوى الذي حدا به إلى الزنى، فالقول هو أن الهوى هو كالنفس .. فكما أن من النفوس ما تأمر بالشر، فإن منها ما يأمر بالخير والطاعة إن رٌوّضت على طاعة الله تعالى، فيكون هوى المرء تبعاً لرضى الله تعالى.
فالهوى يأمر وينهى بحسب إيمان المرء ومحبته وخشيته لله تعالى.
هذا، والله أعلم
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 11:40]ـ
عليك بكتاي مقاصد المكلفين لالاشقر مع شرح صوتى له للشيخ محمد اسماعيل المقدم وبالأخص الحلقة الثامنة بعنوان الهوى عدو الوحى يقرأ فى فصل المقاصد السيئة من كتاب الاخلاص(/)
ما أنواع العلم التي تصلح العمل؟
ـ[عربي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 03:28]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
ما أنواع العلم التي تصلح العمل؟
ـ[عربي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 10:47]ـ
العلمُ قبلَ العملِ فمن هوَ الموَفَقُ في أعمالهِ؟
أسأل الله لي و لكم التوفيق و الرشاد.(/)
كيف يتمكن منكر الإجماع من إثبات نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 03:29]ـ
حاولت أن أتفكر كيف يتمكن منكر الإجماع من إثبات نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم؟
فلم أستطع الوصول إلى نتيجة.
وذلك لأن إثبات النبوة مبني على كون ما جاء به معجزا، وإثبات كون ما جاء به معجزا مبني على الاعتماد على مجاري العادات، والاعتماد على مجاري العادات يستلزم أن يكون الإجماع حجة.
وكذلك حاولت أن أتفكر كيف يتمكن منكر الإجماع من تصحيح أي حديث في الوجود؟!
فلم أستطع الوصول إلى حل.
وذلك لأن إثبات صحة الحديث يستلزم تحقق شروطه، ومن شروطه خلوه من الشذوذ والعلة، والخلو هذا شرط عدمي لا يمكن أن يتحقق العلم به، وغايته أن يقال: لا نعلم أحدا أعل الحديث، ولا نعلم له علة، ولا نعلم رواية تخالفه، أو نحو ذلك من العبارات، وهذا يستلزم أن يكون الإجماع حجة. بل إن هذه الشروط نفسها ليس عليها دليل إلا الإجماع، وكذلك فكثير من قواعد المحدثين ليس عليها دليل إلا الإجماع.
فمن كان عنده مزيد علم فليفدنا، وجزاكم الله خيرًا، وأرجو عدم الخروج عن الموضوع.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 05:48]ـ
الأخ أبو مالك: قولك: وذلك لأن إثبات النبوة مبني على كون ما جاء به معجزا، وإثبات كون ما جاء به معجزا مبني على الاعتماد على مجاري العادات، والاعتماد على مجاري العادات يستلزم أن يكون الإجماع حجة.
كل هذا لا يحتاج إليه إلا عند المتكلمين
فالعلم بالصانع و العمل له ثابت بالفطرة، و إثبات النبوة لأحد مبني الآية التي يجيء بها هل تصدق الفطرة كونها من الله أو لا
و قولك: وذلك لأن إثبات صحة الحديث يستلزم تحقق شروطه، ومن شروطه خلوه من الشذوذ والعلة، والخلو هذا شرط عدمي لا يمكن أن يتحقق العلم به، وغايته أن يقال: لا نعلم أحدا أعل الحديث، ولا نعلم له علة، ولا نعلم رواية تخالفه، أو نحو ذلك من العبارات، وهذا يستلزم أن يكون الإجماع حجة.
إذا اجتهد في الحكم و كان مجتهداً لم يحتج إلى الإجماع بل يستصحب البراءة الأصلية دليلاً على عدم الوجود
قولك: بل إن هذه الشروط نفسها ليس عليها دليل إلا الإجماع، وكذلك فكثير من قواعد المحدثين ليس عليها دليل إلا الإجماع.
و الإجماع لا يأتي إلا من دليل عند المجتهدين، لكن من قصرت به رتبة الإجتهاد عن الوصول إلى الدليل، استخدم إجماع العلماء دليلاً على وجود دليل
كل هذا الذ ي قلت أنا، لا يهون من شأن الإجماع و خطورة مخالفته بلا معرفة خارم له
أتمنى أن تكون اقتنعت أن عندي مسكة من عقل، لأن قلت سابقاً في موضوع خالفت فيه، لا يخالف فيه من عنده مسكة من عقل لا من علم
و جزاك الله خيراً
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 05:54]ـ
لم أفهم كلامك عن إثبات النبوة، ليتك توضح الحجة أكثر.
ومن أين علمت أن البراءة الأصلية حجة أصلا؟ هل تعلم أن البراءة الأصلية من أضعف الأدلة عند العلماء؟
فكيف يكون الأضعف دليلا على الأقوى؟ تأمل.
ثم ماذا تفعل لو جاءك من يقول: ليست البراءة الأصلية بحجة، فماذا تقول له؟
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 07:52]ـ
والاعتماد على مجاري العادات يستلزم أن يكون الإجماع حجة.
هذه تحتاج إلى إيضاح منك يا أستاذنا.
وكذلك حاولت أن أتفكر كيف يتمكن منكر الإجماع من تصحيح أي حديث في الوجود؟!
فلم أستطع الوصول إلى حل.
وذلك لأن إثبات صحة الحديث يستلزم تحقق شروطه، ومن شروطه خلوه من الشذوذ والعلة، والخلو هذا شرط عدمي لا يمكن أن يتحقق العلم به، وغايته أن يقال: لا نعلم أحدا أعل الحديث، ولا نعلم له علة، ولا نعلم رواية تخالفه، أو نحو ذلك من العبارات، وهذا يستلزم أن يكون الإجماع حجة. .
أوافقك فيما قلته، فكل الشروط العدمية لا تتحقق إلا بالإحاطة الكاملة وهي لا توجد عند أحد، أو بعدم العلم بالمخالف، مثل عدم العلة وعدم الناسخ وعدم النقل وعدم التخصيص، وأنا أكتب في ذلك ورقة أنشرها هنا بإذن الله.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 07:57]ـ
إذا اجتهد في الحكم و كان مجتهداً لم يحتج إلى الإجماع بل يستصحب البراءة الأصلية دليلاً على عدم الوجود
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل نستطيع استخدام البراءة الأصلية في عدم وجود المخالف في الإجماع أم لا؟ وإن قلت لا فما الفرق؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:25]ـ
الإتيان بحجة جديدة على أمر بمجمع عليه ليس بخارق للإجماع كما هو مقرر في كتب الأصول.
هذا تقوله يا أخي الكريم لمن له أدنى معرفة بكتب الأصول!
أما من يزعم أن النظر فيها غلط أصلا، بل يكاد يكون محرما، بل يرى أن تصنيفها من الأساس مخالف لمنهج السلف، بل تصنيف الكتب كلها ضلال وباطل - فلا يمكن أن يفهم ما تقول.
وكنت أريد أن أرد على هذا الأخ باستفاضة، ولكن بدا لي أن كلامه أكثر تهافتا من أن يرد عليه، ولذلك فسأكتفي ببعض الإشارات:
- أما السؤال عن تعريف الإجماع فهذه شنشنة نعرفها من أخزم، فكلما أراد أحدهم أن يبطل شيئا قال لك: ما تعريفه؟ وما ضابطه؟ وكيف يثبت؟ إلخ إلخ، وقد بينت بطلان هذا الكلام هنا:
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=115390&postcount=39
- وأما ذكر الآية فهو يدل على مقدار ما عنده من عقل!! فهو لم يفهم المراد من السؤال أصلا.
لأن حجية هذا الاستدلال لا تتم إلا بأن نعلم أنهم لم يأتوا بسورة من مثله، فما الدليل على أن أحدا من العرب لم يستطع أن يأتي بسورة من مثله؟ لا يوجد دليل إلا الإجماع على أن هذا لم يحدث.
- وأما قوله إن الحديث حجة علينا، فهذا صحيح، ولكن هذا ينطبق على الحديث الصحيح فقط، ولا أظنك تقول إن أي حديث صحيحا كان أو ضعيفا فهو حجة، فهذا لا يقوله عاقل، والسؤال هو عن كيفية معرفة أن هذا الحديث صحيح، فأنت لم تعرف ذلك إلا بثبوت شروطه وانتفاء موانعه، وهذه كلها راجعة إلى الإجماع.
- وأما قوله إن قواعد المحدثين بنيت على قواعد عقلية، فلا أدري هل صدرت هذه المقولة منه وهو واعٍ أو أنه كان نائما!! لأن حاصل هذا الكلام تقديم العقل على النقل؛ وهذا باطل وخلف من القول، وإنما هذه القواعد عند المحدثين مبنية على الاستقراء والإجماع، وهذا واضح لمن له أدنى اطلاع على حال القوم.
- وأما أن الإجماع هو سبيل المؤمنين فهذا صحيح، وهو سبيل النبي وأصحابه فهذا صحيح، ولم نزعم أن الإجماع يضيف شيئا إلى الكتاب والسنة، ولكنه يبين منها ما نختلف في فهمه، ويمنع الناظر من أن يخترع أقوالا لا أصل لها.
سبحان الله!!
إذا كنت تزعم أن كلامك هو سبيل المؤمنين، فكيف تتصور أو يتصور عاقل أن سبيل المؤمنين هذا لم يعرفه أحد من العلماء جميعا إلا أنت!
وكيف تتصور أن جميع العلماء أخطئوا في الفهم، وضلوا في الاستنباط، حتى جئت أنت بعد قرون فاهتديت إلى القول الصحيح؟!!
هل يتصور عاقل أن هذا هو سبيل المؤمنين؟!
- وأما دعواه الإحاطة الكاملة بالسنة فهذه عجيبة من العجائب!! فلا أعلم أحدا في التاريخ كله ادعى أنه قد أحاط علما بالسنة، وإنما يحيط بالسنة الأمة كلها، أما أن يحيط عالم واحد بها فهذا لا وجود له، وكذلك اللغة لا يحيط بها عالم واحد، وإنما يحيط بها جميع العلماء.
وهذا بعينه هو معنى الإجماع!! لأن العلماء كلهم لو اتفقوا على إبطال حديث فهذا يدل على بطلانه، ولو اتفقوا على تصحيح حديث فهذا يدل على صحته، فهذا هو الإجماع.
- وأما معرفة أن فلانا أو فلانا ثقة، فليس هذا هو المقصود من الإيراد، إنما المقصود أن الطاعن لو طعن في بعض الرواة فليس هناك من سبيل في الرد عليه إلا بالإجماع على أنه ثقة.
أرجو ممن كان عنده علم أن يتكلم، أما من يهرف بما لا يعرف فليسعه السكوت، وإلا كان لنا معه شأن آخر.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:34]ـ
معرفة عدالة الراوي يكون على الظاهر، هذا صحيح، ولكن هذا الظاهر أيضا أمر عدمي لا يمكن التحقق منه إلا بأننا (لا نعرف عنه إلا خيرا)، وهذا معناه أننا (لا نعلم أحدا نقل شيئا يجرح هذا الراوي)، وهذا معناه - عند من فهم!! - الاستدلال بالإجماع!! فالمشكلة هي في الفهم.
وخلاصة الأمر أن كثيرا من القواعد الأصولية والحديثية واللغوية مبنية على بعض الشروط العدمية.
واشتراط شروط عدمية في أي أمر من الأمور (يساوي) الاحتجاج بالإجماع، وإن اختلفت العبارة، فالمراد المعنى.
طيب، دعونا من هذا كله، ولنبحث المسألة بغير تعصب.
ولنركز على مسألة إثبات النبوة، فبعض الإخوة ذكر أن الدليل هو الفطرة، وسألته أن يوضح دليله.
وأخ آخر ذكر أن الحجة في الآية، وهذا صحيح، ولكنها لا تتم إلا بعجز هؤلاء عن الرد، وإثبات هذا العجز لا يكون إلا بأننا لا نعلم أنهم استطاعوا الرد، وهذا شرط عدمي، واشتراط الشرط العدمي يئول إلى حجية الإجماع كما سبق ذكره.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:38]ـ
أرجو ممن يتكلم أن يتكلم بعلم وإلا فليسعه السكوت.
لأن أكثر العلماء على أن ابتداع قول جديد لم يقل به أحد باطل لا يصح.
ومع ذلك فأكثر العلماء أيضا على أن اختراع حجة جديدة لقول معروف عند العلماء جائز صحيح؛ لأنه لم يأت بأكثر من أن زاد الواضح وضوحا، ولا سيما عند وجود شبهات جديدة تستدعي حججا جديدة.
ومن لم يفرق بين الأمرين، فليسكت ولا يتكلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 10:20]ـ
الأخوة جميعاً لتوي عدت
اختلف الأشاعرة و السلف ما أول حجة؟
عند الأشاعرة العقل و عند السلف الفطرة و عند المتصوفة لا أذكر ما قال شيخ الإسلام و أظنه قال الوجد و الذوق
و يبنى عليه ما أول واجب؟
عند الأشاعرة النظر و عند السلف التوحيد
و يبنى عليه ما دليل النبوة؟
عند الأشاعرة المعجزة السالمة عن المعارض التي يسلم العقل أنها معجزة لأن الله يبطل معجزة الكاذب بزعمهم
و عند السلف الدليل هي الآية التي يفعلها الله له ليبين أنه مرسل من عنده لأن الآية صفة تدل على الموصوف الذي هو الله الذي نعلمه بفطرتنا
لتقرير المسألة المسألة الأولى يرجع لكتاب تمهيد الأوائل و تقرير الدلائل و هو رد على كتاب ابن الباقلاني الذي له الاسم ذاته
لتقرير المسألة الثانية يراجع درء تعارض العقل و النقل الذي هو رد على المتكلمين و تقرير لمذهب السلف
لتقرير المسألة الثالثة يراجع النبوات كاملاً لأنه رد على الأشاعرة و إثبات لمذهب السلف
أما قول الأخ أبي مالك: ومن أين علمت أن البراءة الأصلية حجة أصلا؟ هل تعلم أن البراءة الأصلية من أضعف الأدلة عند العلماء؟
أقول الدليل الضعيف خير من عدم الدليل لأنه ليس كل حديث صحيح في تصحيحه إجماع
و قوله: ثم ماذا تفعل لو جاءك من يقول: ليست البراءة الأصلية بحجة، فماذا تقول له؟
أقول هو الذي يفعل و ليس أنا، هو المطالب ببيان دليله على تصحيحه الأحاديث و لم يستصحب البراءة هل كل الأحاديث الصحيحة أجمع على تصحيحها و هل يقول بمثل ما قالت به الزنادقة على عهد الحاكم أنه ليس بوجد حديث صحيح إلا في الصحيحين فصنف كتابه المستدرك
و جزاكم الله خيراً
ـ[ابن رشد]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 03:09]ـ
هناك أمر آخر أخي أبا مالك ... يرد به على منكري الاجماع ...
ألا وهو:
إذا كانت الفطرة يحتج بها في بعض المسائل .. فما الدليل أن الفطرة يحتج بها .. ؟
فسيقول: الناس اجمعوا على أن الفطرة دليل .... إلخ
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 11:13]ـ
أخي الحبيب أبا مالك، اصبر على بعض الأفهام القاصرة، التي تعادي ما لاتحسن.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 11:19]ـ
أخي الحبيب أبا مالك، اصبر على بعض الأفهام القاصرة، التي تعادي ما لاتحسن.
شيخنا الفاضل، أسأل الله أن يلهمني الصبر على ذلك.
وما زلت في انتظار جواب من يفهم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 11:22]ـ
الأخ (من صاحب النقب) يبدو أنك تتكلم في غير مسألتنا أصلا.
تقول: (وعند السلف الدليل هي الآية التي يفعلها الله له ليبين أنه مرسل من عنده لأن الآية صفة تدل على الموصوف الذي هو الله الذي نعلمه بفطرتنا).
أقول: هذه الآية هي التحدي الذي ورد في القرآن بأن يأتوا بسورة من مثل القرآن، ونحن نسلم بذلك، ولكن السؤال هو: كيف عرفنا أن هذا التحدي قد جاء بثمرته؟ يعني كيف عرفت أنهم لم يجيبوا هذا التحدي؟ ولم يأتوا بسورة من مثل القرآن؟
تأمل السؤال يا أخي جيدا قبل أن تجيب، حتى لا نخرج عن الموضوع.
الجواب الذي ذكره العلماء هو أن ذلك قد عرف بمجاري العادات، لأنه لا يمكن أن يكون ذلك قد حصل ولم ينقل لنا، فدل ذلك على أنه لم يحصل، يعني خلاصة الأمر هو الإجماع، وفي هذا جواب لمن زعم أني لم أسبق إلى هذه الحجة، فهي حجة معروفة عند أهل العلم ولكنها ذكرت في غير بابها فقط.
وليس هذا مقصورا على معجزة القرآن فقط، بل أي معجزة في الوجود لا يمكن أن نعرف أنها معجزة إلا بالاعتماد على مجاري العادات؛ لأن المعجز معناه أنه ليس في طوق البشر، وأنت لم تطلع على طاقات جميع البشر حتى تعرف أن هذا الأمر ليس في طوقهم، ولكن مجاري العادات تدل على أن الشيء الذي يخرج عن العادة تتوفر الدواعي على نقله، وهذه الحجة راجعة في حاصلها إلى الإجماع.
أرجو التأمل والقراءة بإنصاف قبل تسويد الصفحات وتسطير الحروف.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 02:05]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كل ما ذكرت يشوش على منكري الإجماع ولا أعتقد بعلمي القاصر يمكن الخلاص منه إلا بالتسليم أن الإجماع حجة.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 03:00]ـ
يبقى التنبيه على أن الإجماع الذي لا يُنكر أحد حجيته هو القطعي .. الذي لا يجهله لا عالم ولا عامي .. وهو الذي قد تكون حجيته من مجاري العادات ... وإن كانت مجاري العادات لا تُثبت شيئاً في الدين أو تنفيه .. غايتها أن تكون قرينة ..
أما الظني الذي يُحصر في العلماء أو في طائفة منهم وهو ما يُدندن حوله صاحب الموضوع في كتاباته كثيراً ويلمز من يخالفه فيه =فيكون حجة تارة وتتخلف حجيته أخرى ..
وهذا سبيل أهل العدل والعلم ...
ينظر هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=15815
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 03:17]ـ
دع عنك أن الإجماع على تصحيح حديث مالم يكن إجماعاً قاطعاً من الأمة جميعاً فليس هو من الإجماع في الدين الذي وردت الأدلة بحجيته وإنما هو إجماع صناعي وليس له صبغة الإجماع الشرعي ..
وانتفاء الشذوذ والعلة يُعلم بجمع الطرق وظن انتفاء ما يقدح وليس متوقفاً على عدم العلم بالمعلل المضعف .. والمعاصرون يضعفون بجمع الطرق وقرائن الأسانيد أحاديثاً لا يُعلم أن أحداً من أهل العلم ضعفها .. وقراءة واحدة في كتب المكثرين من التخريج كالألباني تُري هذا رأي الشمس في كبد السماء ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 05:56]ـ
متى نترفع عن هذه العبارات والأساليب؟
.. لقد ساء الحال فعلا!
أنا معك أخي والله لقد ساء الأمر جدا والله أخي لقد توقفت عن المشركة كثيرا بسبب هذا الإسلوب في الكلام وكدت أكثر من مرة أن أطلب من المشرفين حذف الموضوع الذي كتبته بسبب هذا الإسلوب الذي يتبعه الإخوة في الكلام ولكن قال لي أكثر من أخ لا تفعل حتى لايظن أنك قمت بذلك لأنك لا تجد ردا ولكي ينتفع الأخوة بالمناقشة فهناك مشركات جيده والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث فمن أجل ذلك رجعت عن هذا الأمر ولكن توقفت عن المشاركة في الموضوع فأرجوا من لاأخوة ان يتوقفوا عن مثل هذا الإسلوب في الكلام وجزاى الله الجميع خيرا
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:21]ـ
يبدو يا أبا مالك أن المنتديات أو المجلس على الأقل لم يعد مناسبا لطرح المواضيع العلمية والأفكار الثمينة
ويبدو أن كثيرا من الأفاضل سيجلس في بيته ويعتزلها
وقد فعل بعضهم!!
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:37]ـ
أرجو أن يركّز الإخوة الأفاضل على لُبَ الموضوع
و أن يبتعدوا عن بنيات الطريق فليست هي أساس هذا الموضوع الذي طرحه الأخ الفاضل أبو مالك
و لا يخلو كثير من المواضيع عن حصول بعض الشّدة و قصور في التعبير و لا يكون ذلك مانعا من المناقشة و الإستفادة
و لازال المتعلّم يُعلّم الجاهل و من عنده حلم يصبر على من يفقد حلمه لكي يوصل رسالته
فأرجو أن لا يحاول الإخوة إظهار من يخالفهم في الرأي بمنظر قليلي الأدب
أو أنّهم دخلوا فيما لا يحسنون أو بمنظر اقتحام الجهلة في مواضيع طلبة العلم
أو استعمال أسلوب الإستفزاز
وفق الله الجميع
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:52]ـ
يبدو يا أبا مالك أن المنتديات أو المجلس على الأقل لم يعد مناسبا لطرح المواضيع العلمية والأفكار الثمينة
ويبدو أن كثيرا من الأفاضل سيجلس في بيته ويعتزلها
وقد فعل بعضهم!!
أحسنت يا شيخنا الفاضل، والحمد لله أن ما قلته واضح لمن يقرأ هذه الترهات والأباطيل التي لا تصدر ممن شم رائحة العلم، فضلا عن أن يزعم لنفسه أنه كذا وكذا.
ولذلك فسوف أعدي عن ذكر ما خرج عن الموضوع وأركز على المناقشات الموضوعية لعلنا نخرج بفائدة.
الأخ سراج الجزائري يعترض علي بأن الصحابة وغيرهم عرفوا صدق الرسول بغير الإجماع، وهذا الاعتراض في غير محله؛ لأن المقصود من سؤالي هو أن التحدي الذي وقع للعرب أن يأتوا بمثل القرآن وقع لأنهم هم أهل الفصاحة والبلاغة، فإذا عجزوا عن مثل هذا فلا شك أن غيرهم ممن لا يعلم علمهم سيكون أعجز من ذلك، ولا شك أن الواحد من العرب إذا عرف أن القرآن معجز بنفسه فلن يحتاج إلى أن يسأل غيره ممن هو أقل علما منه بالبلاغة.
ولكن السؤال هو عنا نحن ممن تقاصر علمه عن العرب في ذلك، لا نستطيع أن نعرف أن أحدا لم يعارض القرآن إلا بالنقل عن العرب أن أحدا منهم لم يستطع أن يعارض هذا القرآن ولا أن يأتي بسورة من مثله، وأكرر هنا أن هذا الاحتجاج ليس من كيسي كما يزعم بعض من لا عقل عنده ولا علم، بل ذكره أهل العلم في مصنفات إعجاز القرآن، بل يكادون يتفقون على الاستدلال بهذا الدليل، ولكن لما كان هذا الدليل غير مذكور في كتب الأصول أو يكاد، ظن بعضهم أنني تفردت بهذا الاستدلال.
فالسؤال يمكن إعادة صياغته كما يلي:
- نحن نعلم أن الله عز وجل تحدى العرب، وأنهم إن كانوا يزعمون أن القرآن مفترى فليأتوا بسورة من مثل القرآن، فلو كان أحدهم قد أتى بسورة من مثل القرآن لسقط هذا التحدي وثبت كذب الرسول، ولكن بما أن هذا لم يحدث، ولم يستطع أحدهم أن يفعل ذلك ثبت التحدي وثبت صدق الرسول، ولا أظن أحدا يجادل فيما قلته إلى الآن.
والسؤال الآن: كيف عرفنا أن أحدا لم يفعل ذلك؟ وكيف عرفنا أنهم جميعا عجزوا عن الإتيان بمثل سورة من القرآن؟ ولماذا لا يقال إن بعضهم كان يستطيع ولكنه لم يفعل ذلك؟ وغير ذلك
الجواب الذي أجاب به أهل العلم: أن ذلك لو حصل لنقل لتوفر الدواعي على نقله، ولا يمكن أن يمكنهم المعارضة ولا يفعلون ذلك؛ لأن ذلك مخالف لمجاري العادات.
فهذه الاعتراضات المذكورة هنا هي بعينها التي يوردها من لا يحتج بالإجماع، فإذا كانت هذه الاعتراضات صحيحة وردت في المسألتين، وإذا كانت باطلة سقطت في المسألتين.
فهذا هو المراد من السؤال، وأرجو أن يتم الجواب عنه دون الخروج عن الموضوع.
وقد يقال أيضا بالنسبة لسؤال الأخ سراج: لا شك أن أبا بكر قد علم يقينا أن أحدا من العرب لم يستطع أن يعارض القرآن، ولا أن يأتي بمثله، ولا شك أن الصحابة الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد علموا يقينا ذلك، ولا شك أيضا أن العرب لو استطاع واحد منهم أن يعارض القرآن لذهب الصحابة إلى النبي يسألونه عن ذلك، ولكان هذا قدحا في صدقه، ولكن هذا لم يحدث والحمد لله.
فالحجة واردة في جميع الأحوال يا أخ سراج.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 10:03]ـ
/// أرجو أن تقدّم أمثلة على بعض القواعد الحديثية التي لا دليل عليها إلا الإجماع الذي أنت تتحدث عنه؟ إذ أنا مثلا لا أعرف قاعدة حديثية سليمة إلا و هناك ما يَدلُ عليها غير الإجماع الذي أنت تتحدث عنه وفقك الله
ما الدليل على أن الحديث الصحيح هو (ما اتصل سنده بنقل العدل .... إلخ)؟
وما الدليل على أنه لا يمكن أن يأتي أحد في المستقبل بحجة على أن الإمام مالكا ضعيف؟
وإذا نظرت في كثير من كتب الأئمة المتقدمين في جميع العلوم فستجد أكثرهم يذكر في مقدمات كلامه أنه (ليس لأحد إذا اتفق أهل علم من العلوم على شيء أن يخرج عن اتفاقهم).
/// الإجماع الذي أنت تتكلم عنه بما بدا لي من إصطلاحك هذا في هذا الموضوع يا أخي الكريم أشك من أنّه يوجد من ينكره من المسلمين.
يبدو لي أننا متفقان.
وأزيدك بيانا فأقول: الكلام هنا عن الإجماع نفسه، وليس عن سبيل تحققه، فإذا فرضنا مجرد افتراض أن واحدا من العامة جاب العالم كله، وسأل كل عالم على وجه الأرض عن الحكم الشرعي في مسألة، فاتفقوا جميعا على قول واحد لم يختلفوا فيه، فهل من الممكن أن يرد في عقل عاقل أنه سيأتي بعد خمسين أو مائة سنة مثلا من يخالف هؤلاء العلماء ويأتي بقول آخر، ويكون هذا القول الجديد هو الحق في دين الله، ويكون كلام هؤلاء جميعا خطأ؟!
أنا أزعم أن الذي يقول ذلك لا عقل عنده.
ويمكن أن نطبق هذا الكلام على مسألة إعجاز القرآن فنقول:
نحن نعلم أن التحدي وقع أن يأتوا بسورة من مثل القرآن، ونحن نعلم أن أحدا منهم لم يستطع أن يأتي بذلك، وثبت صدق الرسول عليه الصلاة والسلام.
فهل من الممكن أن يقع في عقل عاقل، أنه من الممكن أن يأتي في المستقبل من يستطيع أن يأتي بسورة من مثل القرآن، وبذلك يسقط التحدي بالآية؟
إذا لم يمكن هذا هنا لم يمكن في المسألة السابقة أيضا ولا فرق، وإذا أمكن في المسألة السابقة أمكن هنا، فلا مناص لمن يثبت الإعجاز بهذا التحدي من هذا الإيراد.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 10:27]ـ
أحب أن أطرح هذا السؤال لكي يعرف القراء أين الكلام الخاوي علميا:
- إذا قال قائل كلاما يخالف كلام جميع العلماء الذين سبقوه بحيث لم يوافقه أحد مطلقا.
- وجاء آخر يعترض عليه بأنه لم يوافقه أحد، وبأنه لا يصح الخروج عن كلام أهل العلم.
فهل كلام الأول هو الخاوي علميا أو الثاني؟
والعجيب أن الأول يعترض على الثاني بأنه يحتج بحجة لم يذكرها أحد من الأئمة!!
- فليت شعري كيف عرفنا أن أحدا منهم لم يذكرها؟!
- وإذا لم يكن إجماعهم حجة، فما الفائدة أصلا في الاحتجاج بأن أحدًا منهم لم يذكرها؟!!
لا شك أن التناقض الواضح في هذا الكلام كاف في إبطاله.
وبعض من قصر نظره وضاق أفقه يظن أنني أقصر الأدلة في الإجماع، وهذا ظن باطل وجهل فاضح!!
الأدلة متنوعة لا تقتصر على الإجماع، ولكن المراد هنا بيان التلازم بين الحق والحق، فلا يمكن أن يدل دليل صحيح على شيء ويدل دليل آخر صحيح على شيء مناقض له، ولازم المذهب ليس بمذهب كما هو معلوم، فلا يلزم منكر الإجماع أن ينكر النبوة، ولكن المراد بيان التلازم بين الحق والحق، وأن الحق في مسألة يدل على الحق في مسألة أخرى، وأن الباطل في مسألة يجر إلى الباطل فيما هو أشد منها، ولذلك نجد منكري الإجماع قد يعجزون في كثير من الأحيان عن مجادلة أهل البدع والضلالات؛ لأن مسائل العقيدة راجعة في الأغلب إلى إجماع السلف.
وهذا سؤال آخر:
كل علم من العلوم فيه مسائل متفق عليها ومسائل مختلف فيها، ولا يمكن أن تكون جميع مسائل العلم قابلة للأخذ والرد، فلا أظن أحدا شم رائحة العلم يحسب أن جميع مسائل الفقه يحتمل الخلاف فيها، أو أن جميع مسائل الحديث يحتمل الخلاف فيها، أو أن جميع مسائل الأصول يحتمل الخلاف فيها، أو أن جميع مسائل النحو يحتمل الخلاف فيها، فالذي يظن ذلك إما أنه عنده خلل في عقله، أو أنه ضال على سبيل هوى وبدعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالمسائل المتفق عليها في أي علم من العلوم هي التي تبين الصراط السوي لدارس هذا العلم، وهي التي تحكم على الشخص أمن أهل هذا العلم هو أم لا؟ وهي التي تبين: هل تأهل هذا الشخص في العلم الفلاني أو لا؟ فلا يمكننا أن نحكم مثلا على إنسان بأنه جاهل بالنحو لغياب بعض المسائل الخلافية عنه، ولكننا نحكم بلا تردد على إنسان بأنه جاهل بالنحو إذا لم يكن عارفا برفع الفاعل ونصب المفعول!! ولا يمكن أن يقال هنا إنه مجتهد في النحو يرى أن الفاعل منصوب والمفعول مرفوع؛ لأن هذه مسألة متفق عليها في هذا العلم.
وكذلك سائر العلوم، لو جاء من يزعم أن الحديث الصحيح هو من كان رواته ثقات فقط، ولا يشترط اتصال ولا انتفاء شذوذ ولا علة، فلا يمكن أن يكون هذا الإنسان عالما بأصول الحديث، ولا يصح أن يقال: إنه عالم مجتهد وقد خالف في تعريف الحديث الصحيح؛ وذلك لأن مسألة تعريف الحديث الصحيح محل اتفاق بين أهل هذا العلم، نعم قد يختلفون في بعض الفروع، ولكن الكلام هنا عن الأصول التي لم يختلف عليها.
وكذلك في الفقه، وغيره من العلوم، لا يمكن أن يزعم أحد أنه قد تأهل في هذه العلوم إلا إذا عرف الأصول المتفق عليها بين أهل هذا العلم، ويسعه بعد ذلك أن يختلف معهم في المسائل الخلافية.
ولو كانت المسائل الوفاقية مثل المسائل الخلافية في العلوم المختلفة لما كان هناك علم من الأساس مطلقا؛ لأنه يبقى الأمر أن كل شيء مشكوك فيه، ولا شيء بيقين مطلقا.
وكذلك لو كان من الممكن أن يجتمع العلماء على باطل لسأل العاقل نفسه: ما يؤمنني أن كل ما تلقيته عن شيوخي باطل؟ وما يؤمنني أن كل ما قرأته في الكتب باطل؟ وما يؤمنني أن كل ما أستنبطه باطل؟!!
فلا يمكن أن يكون كل ما في كلام أهل العلم باطلا، بل لا بد أن يكون فيه صواب، وقد نختلف في مسائل، ولكن يبقى الأساس والأصل في كل علم من العلوم لا يصح الخروج عنه، ولذلك كثر في كلام أهل العلم معنى مقولة الحافظ ابن حجر أن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، وإذا تفكر المتفكر ظهر له أن ذلك ليس لشيء إلا لأن اتفاق أهل الفن على مسألة في فنهم قاطع للنزاع، فلا يصح للنحوي أن يعترض على الفقهاء في اتفاقهم، ولا يصح للمهندس أن يعترض على الأطباء في اتفاقهم.
ويبدو أن كثيرا مما قلته هنا خارج عن الموضوع، ولكن الذي حملني عليه سوء الفهم الذي يعرض لكثير من الناس.
ـ[عادل مفتاح]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 10:41]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله [صلى عليه، وسلم]، أما بعد، فطرحك أخي جيد، لكن لمنكر الإجماع أن يقول لك: لازم المذهب ليس بمذهب، وهذا هو الرأي الصحيح، ويقول لك نبوة محمد صلى الله عليه، وسلم ثابتة بالكتاب، والسنة، والأحاديث أخذنا بها بغلبة الظن؛ لأن المخالف قد يوجد لكن لم نطلع عليه، وإجابة بعض الأخوة خروج عن محل النزاع، وتحرير محل النزاع شرط في الحوار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 10:46]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله [صلى عليه، وسلم]، أما بعد، فطرحك أخي جيد، لكن لمنكر الإجماع أن يقول لك: لازم المذهب ليس بمذهب، وهذا هو الرأي الصحيح، ويقول لك نبوة محمد صلى الله عليه، وسلم ثابتة بالكتاب، والسنة، والأحاديث أخذنا بها بغلبة الظن؛ لأن المخالف قد يوجد لكن لم نطلع عليه، وإجابة بعض الأخوة خروج عن محل النزاع، وتحرير محل النزاع شرط في الحوار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كلامك صحيح يا أخي الفاضل، وقد بينت ذلك في المشاركة (34)
ولكن هذا الكلام إنما يقال لو كنت أزعم أن منكري الإجماع ينكرون النبوة، وهذا ما لا أقوله، ولكن المراد أنه يلزمهم هذا الإلزام.
وأما قولك (النبوة ثابتة بالكتاب والسنة) فكلام عجيب؛ فكيف صار الكتاب والسنة حجة قبل التصديق بالنبوة أصلا؟ فتأمل.
وأما قولك (الأحاديث أخذنا بها بغلبة الظن) فهذا هو في الأحاديث المختلف فيها أو التي لا نعلم للعلماء فيها كلاما.
أما الأحاديث التي اتفق العلماء سلفا وخلفا على الاحتجاج بها فلا يسوغ لأحد أن يخرج عنها، ولا أن يضعفها بدعوى أنه ربما يكون لها علة لم نعرفها!! أو بدعوى أنه ربما يكون بعض العلماء ضعفها ولم يصلنا!! أو بغير ذلك من الدعاوى.
فهناك فرق بين حديث أعله بعض العلماء مثلا ولم يبين سبب الإعلال، وجاء في المستقبل من أهل العلم من كشف عن سبب الإعلال، فهذا مقبول.
وبين حديث صححه جميع العلماء، ولم ينكره أحد منهم، ولم يعله أحد، وشاع بينهم الاحتجاج به، ولم يعرف عنهم خلاف في ذلك، فهذا لا يمكن أن يرد في عقل عاقل أن يأتي في المستقبل من يكتشف له علة لم يعرفها العلماء، ويكون كلامه صحيحا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 10:50]ـ
لماذا يكثر بعض الناس من رمي التهم بأن الكلام خاوي علميا ونحو ذلك؟!!
إنما جاء هذا من إنكار الإجماع أيضا عند التأمل!! والباطل يجر إلى باطل كما قلنا.
أهل العلم قد يحكمون على شخص بأنه جاهل بعلم من العلوم، ويكون هذا الحكم مبنيا على المسائل المتفق عليها في هذا العلم، ولا يمكن أن يكون هذا الحكم مبنيا على المسائل المختلف فيها؛ لأنه لو لم يسع المخالف أن يخالف فيها لما كانت مسائل خلافية أصلا، وهذا واضح.
وقد بينت هذا هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11139
فلما كان هذا الإنسان أو ذاك لا يعتبر الإجماع أصلا حجة، ولا يرى أن التأهيل في علم من العلوم إنما يبنى على المسائل المتفق عليها، صار يحكم بناء على هذا الأصل الفاسد أن فلانا جاهل أو خاوٍ علمياا!! لأن الأصل الذي يبني عليه حكمه باطل من الأساس!!
وليت شعري كيف يستطيع (منكر الإجماع) أن يحكم على كلام بأنه خاو علميا؟!
إذا لم يكن الإجماع حجة، فمعنى هذا أن من حق مخالفك أن يخالفك في أي مسألة مهما كانت، وبهذا لا يمكنك أن تحكم عليه أنه خاو علميا مطلقا؛ لأنه ما من قول تقوله إلا ويمكنه أن يخالفك فيه، فعلى أي أساس تحكم عليه إذا لم يكن هناك مسائل مشتركة متفق عليها؟!!
وبناء على هذا الأصل الفاسد أيضا يرى هذا الإنسان نفسه أنه قد تأهل علميا في علم من العلوم، ويرى أن الإنسان يعرف التأهيل من نفسه بنفسه!! بغير أن يشهد له أحد من أهل هذا الفن به!!
في حين إنه عند أهل هذا العلم من أجهل الناس به، وسبب ذلك أيضا أنه لم يرجع إلى أصل متفق عليه بينهم أن من حصله صار عالما بهذا الفن، لأنه أصلا لا يرى أن هناك شيئا اسمه المتفق عليه يلزم الأخذ به، فهو يخبط في كل شيء بسبب هذا الأصل الفاسد.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:05]ـ
الأخ أبو مالك مسألتك هذه تصلح أن تسمى مسألة
ما هي أول حجة؟
و يشترط لأول حجة ألا تحتاج في إثباتها لحجة
و لو استعرضنا الحجج
القياس يحتاج لأصل يقاس عليه الفرع و الأصل من القرآن و السنة فالقياس ليس أول حجة
الإجماع، ما الدليل عليه؟ قوله تعالى " و يتبع غير سبيل المجرمين " إذن ليس أول حجة
السنة، ما الدليل على وجوب أخذها؟ قوله تعالى " ما آتاكم الرسول فخذوه " إذن ليست أول حجة
القرآن، ما الدليل على أنه حجة؟ أننا نعرف الله بفطرتنا و القرآن كلامه الذي هو صفته و الموصوف يدل على الصفة فدلت الفطرة على أنه قول الله و ما قاله الله فهو حجة
و الفطرة، ما الدليل عليها؟ لا تحتاج دليلاً، لأنها ضرورة نجدها في أنفسنا خلقنا الله بها
و لهذا سئل ابن عباس بم عرفت الله قال بما عرف به نفسه
أما من جعل أول حجة العقل فهو سبب كل ضلال المتكلمين لأنهم لما قالوا هو أول حجة نسفوا كل حجة توهموا أنها عارضته
أما من قال أول حجة الذوق فهذا سبب كل ضلال الصوفية لأنهم نسفوا كل حجة توهموا أنها عارضته
أما السلف لما جعلوا الفطرة أول حجة فالفطرة لا تعارض سواها من الحجج الصحيحة السابقة الذكر
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:11]ـ
من أراد الإستزادة فليراجع تمهيد الأوائل و تقرير الدلائل في أول مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 10:28]ـ
وذلك لأن إثبات النبوة مبني على كون ما جاء به معجزا، وإثبات كون ما جاء به معجزا مبني على الاعتماد على مجاري العادات، والاعتماد على مجاري العادات يستلزم أن يكون الإجماع حجة. وهذا أيضاً مما يؤكد خطأ الكلام وبيان ذلك:
1 - ابتناء كون ما جاء به معجزاً إنما هو أحد الأدلة لا كلها فبينما سيقول مستدل: لو عارضوه لنقل، سيستدل مستدل آخر بقوله: دل خبر الصادق (القرآن) على أنهم لم ولن يستطيعوا معارضته، وليس الاعتماد على مجاري العادات وحده هو الدليل في الباب. فمن لم يُثبت النبوة بمجاري العادات خرج عن هذا الإشكال أوله وآخره.
2 - أما إثبات الملازمة بين الاعتماد على مجاري العادات والإجماع فخطأ،فصاحب هذا الكلام يرى أن المستدل إذا قال: لو عارضوا لنقل فهو يستدل ضمناً بالإجماع على عدم النقل وهذا محض توهم،ولا يلزم ذلك أصلاً ولا هو استدلال بالإجماع ..
فالقائم في مقام المنع يقول: أنا أمنع أن يكونوا عارضوا ولو كانوا عارضوا لنقل فأوجدني هذا النقل ..
إلى هنا وهذا استدلال صحيح ويلزم المخالف إيجاد النقل أو دفع عدم النقل، ولا تعلق لهذا هنا في هذه المسألة بالإجماع ..
إذاً أين الخطأ (؟؟)
أقول لك ...
الخطأ في حشر إثبات النبوة في مسائل الإجماع وعدم العلم بالمخالف ..
فأصل الكلام: أنه يستدل في الفقهيات فيقول: لم يقل أحد من أهل العلم بإباحة الجمع بين أكثر من أربع زوجات ولو قال أحد لنقل ..
فيعجز مخالفه عن إيجاد قائل ...
إلى هنا الملون بالأخضر موافق لمسألة العجز عن المعارضة ولا فرق .. وهو استدلال صحيح ولا شك وإن كان يُعارض بأدلة من جنس آخر ..
ثم يبدأ هو -ما دام خصمه عجز عن إيجاد قائل- فيقول: أجمع العلماء على حرمة الجمع بين أكثر من أربع ..
وهذا هو هو محل النزاع الذي لا يوافقه عليه خصمه ...
فنحن نُسلم أن عدم النقل وعدم العلم بالمخالف حجة يصلح أن يستدل بها المستدل وقرينة على صواب القول الذي ذهب إليه، وأن عدم النقل مظنة نقل العدم .. ولا نمنع في الوقت نفسه أن يُعارض هذا الدليل بغيره وأن يُذهب لغيره إن ظُن قوته ..
لكن الذي لانُسلم به وننازع فيه أن هذا يكون إجماعاً يقطع النزاع ولا يجوز أن يُعارض بغيره، أو يُقدم عليه غيره ..
#######
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 10:49]ـ
وبعض ردود صاحب الموضوع مما يبين صواب قولنا من أنه غير محرر لمحل النزاع ...
فهو يقول: والعجيب أن الأول يعترض على الثاني بأنه يحتج بحجة لم يذكرها أحد من الأئمة!!
- فليت شعري كيف عرفنا أن أحدا منهم لم يذكرها؟!
- وإذا لم يكن إجماعهم حجة، فما الفائدة أصلا في الاحتجاج بأن أحدًا منهم لم يذكرها؟!!
مخالفوك -أخي صاحب الموضوع-يرون أنه يجوز لهم ولك الاحتجاج على خطأ القول بأنه لم يقله أحد من قبل القائل ... وهذا ما فعله بعض الرادين عليك ..
ولكنهم لا يزعمون أن هذا استدلال بالإجماع الشرعي الذي يقطع النزاع ...
وإنما ِأنت ظننتَ هذا ...
وجواب أسئلتك:
1 - فليت شعري كيف عرفنا أن أحدا منهم لم يذكرها؟!
بحث فلم يجد أحداً ذكر هذا الهراء أو أثبت تلك الملازمة.
2 - وإذا لم يكن إجماعهم حجة، فما الفائدة أصلا في الاحتجاج بأن أحدًا منهم لم يذكرها؟
ليس هذا استدلال بالإجماع أصلاً ... ولكنه استدلال بعدم العلم بالمخالف وليس هذا إجماعاً ولكنه دليل ظني على خطأ الرأي ...
والشافعي وأحمد والسلف جميعاً .. استدلوا على خطأ الأقوال بأنه لا يُعرف لقائله فيه سلف ..
والشافعي وأحمد أنكروا على من جعل عدم العلم بالمخالف إجماعاً ...
والشافعي وأحمد قالوا -قطعاً ويقيناً-بما لا يُعرف لهم فيه سلف ...
ولو تأملت هذه الثلاثة الأخيرة لانحل ما بصدرك من الإشكالات والشبه ...
أخيراً ...
1 - الإجماع الشرعي الحجة: هو القطعي الذي لا تلقى عالماً ولا غير عالم إلا ويقول لك في المسألة القول نفسه.
2 - عدم العلم بالمخالف حجة ظنية استدل بها السلف جميعاً. وتكون عذراً للمجتهد يتمسك بها أمام ما يخالفها من الأدلة والنصوص.
3 - يجوز الخروج عن هذه الحجة الظنية (عدم العلم بالمخالف) إن ظهر للمجتهد ما هو أقوى منها من الأدلة مما يقوي عنده أن عدم العلم في هذه المسألة المعينة ليس علماً بالعدم وأنه لا بد من قائل بهذا القول.لكن لم يُنقل له بعينه هذا القائل. وإلا فإن الحق لا يغيب عن الأمة حتى يتأخر قائله وإنما الواقع هو عدم العلم بهذا القائل.
4 - أن يقول بعض السلف بالحق ثم يخفى عن بعض من بعدهم جائز متصور وشاهد جوازه غياب بعض أعيان السلف عنا فلا نعرفهم مع وجودهم ووجود آراء لهم، وإذا كانت الروايات عن النبي (ص) قد تخفى فلا تصلنا فمن باب أولى مقالات الناس ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 02:27]ـ
وذلك لأن إثبات النبوة مبني على كون ما جاء به معجزا، وإثبات كون ما جاء به معجزا مبني على الاعتماد على مجاري العادات، والاعتماد على مجاري العادات يستلزم أن يكون الإجماع حجة.
قال لي أحد المتعجبين من كلام صاحب الموضوع-وظن أني غافل عن هذا المعنى-: لعل صاحب الموضوع يقصد أنك لو أثبت نبوة النبي بناء على المعجزة مضمناً قولك: العادة تمنع أن يعارضوا ولا تنقل المعارضة=فقد أُلزمت التسليم لقول من يقول لك: أقوالهم في المسألة كذا وكذا وليس هناك قول آخر ولو كان لنقل كما هو مقتضى العاة ..
قلتُ له: أعلم أنه يعني هذا وقد أجبت عنه ضمن كلامي ولونتها بالأحمر ... فاستدلال المستدل بمجاري العادات فيما يراه مؤداها في مسألة النبوة ... لا يمنع رده وأن لا يرى مؤدى ذلك هو هو في مسألة أخرى ... كمن يحتج بالقياس في مسألة .. هل يقول عاقل: أنه يلزمه التسليم لكل قياس يستدل به مخالفه (؟؟!!!)
بل قد يرى أن العادة لا تمنع عدم النقل هنا .. وإن كانت منعته هناك ..
أما أن يكون نفس الاستدلال باقتضاء العادة يستلزم استدلالاً بالإجماع فهذا هو الهواء الخواء وهو ما ركزتُ في الرد عليه .. فالإجماع دعوى تحصل من صاحبها بعد استدلاله بمنع العادة من وجود قول لم ينقل .. وليس هو بلازم وأكبر أدلة ذلك أن أحمد وغيره أنكروا على من ينتقل من إقبات عدم العلم بالمخالف إلى دعوى الإجماع ولو كانت هذه الملازمة المتوهمة موجودة لما صح هذا ..
وإنما الصوابأن يقال:
أن الاستدلال بعدم العلم بالمخالف جنس من الأدلة ..
والإجماع الشرعي جنس آخر ..
وليسا بجنس واحد ..
وأوقع الناس في الغلط تجوز -وهو جائز إذا أُمن اللبس وعُلم الفرق- بعض أهل العلم بتسمية عدم العلم بالمخالف إجماعاً وبعضهم احترز من مثارات الغلط منبهاً عليه كشيخ الإسلام فسماه إجماعاً ظنياً ... وفرق بينه وبين عدم العلم بالمخالف.
أما الإجماع الذي هو الإجماع الشرعي الحجة المباين لحجة أخرى هي عدم العلم بالمخالف=فهو الإجماع القطعي لا غير ..
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:27]ـ
[
السؤال
UOTE= أبو فهر السلفي;129222
وإنما سبيل صاحب الموضوع =سبيل من يظن أن تمسكه بالإجماع وبعدم العلم بالمخالف يُريحه من عناء النقاش الطويل فيكون صخرة يقذف بها مخالفه تقطع النزاع والكلام وتغطي على ضعفه عن رد حجج خصمه وإقامة حجج رأيه (أحياناً) ..
كلا يا أبا فهر
ويقابل ذلك قول من يقول أن من يرفض حجية هذا الإجماع ناشئ عن عجزه عن الجمع بينه وبين النصوص التي يتوهم معارضتها إياه، فيريح نفسه برفض الإجماع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:31]ـ
أما الإجماع الذي هو الإجماع الشرعي الحجة المباين لحجة أخرى هي عدم العلم بالمخالف=فهو الإجماع القطعي لا غير .. [/ size][/color][/b][/center]
فهلا يا أستاذنا أعطيتني مثالاً على إجماعٍ ليس عدم علم بالمخالف.
هل يوجد مسألة علمت أقوال جميع المؤمنين فيها واحداً واحداً؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 12:11]ـ
[
السؤال
UOTE= أبو فهر السلفي;129222
وإنما سبيل صاحب الموضوع =سبيل من يظن أن تمسكه بالإجماع وبعدم العلم بالمخالف يُريحه من عناء النقاش الطويل فيكون صخرة يقذف بها مخالفه تقطع النزاع والكلام وتغطي على ضعفه عن رد حجج خصمه وإقامة حجج رأيه (أحياناً) ..
كلا يا أبا فهر
ويقابل ذلك قول من يقول أن من يرفض حجية هذا الإجماع ناشئ عن عجزه عن الجمع بينه وبين النصوص التي يتوهم معارضتها إياه، فيريح نفسه برفض الإجماع.
نفي يقابله تأكيد يا مولانا ...
ونحن بحمد الله لا ننكر الإجماع ولا نثبت معارضة أصلاً بين إجماع صحيح ونص صحيح .. ولو كنا كما تظن لما جوزنا تقديم عدم العلم بالمخالف على النص إذا رأى المجتهد أن دلالة عدم العلم بالمخالف أقوى ..
مش كده ولا إيه (؟؟؟)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 12:22]ـ
فهلا يا أستاذنا أعطيتني مثالاً على إجماعٍ ليس عدم علم بالمخالف.
هل يوجد مسألة علمت أقوال جميع المؤمنين فيها واحداً واحداً؟
لما قال الشافعي: ((ذلك الإجماع هو الذي إذا قلتَ أجمع الناس لم تجد أحداً يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها)).
وقال: ((لايكون لأحد أن يقول أجمعوا حتى يعلم إجماعهم في البلدان ولا يقبل على اقاويل من نأت داره منهم ولا قربت إلا خبر الجماعة عن الجماعة فقال لي: تضيق هذا جدا قلت له وهو مع ضيقه غير موجود)).
فزع منه مناظره وقال له: فهل من إجماع (؟؟)
فأجابه الشافعي: ((نعم الحمد لله كثيرا في كل الفرائض التي لا يسع جهلها وذلك الإجماع هو الذي إذا قلت اجمع الناس لم تجد احدا يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها)).
والشافعي والناس قبله وبعده يا مولانا لقوا المؤمنين فما وجدوا أحداً منهم يُنازع في جمل الفرائض وحكموا على من لم يقابلوه بحكم من قابلوه؛لأن من خالف هذا الحكم فليس من المؤمنين أصلاً ...
فمثال الإجماع عندنا هو كل معلوم من الدين بالضرورة.
وثم إجماعات قطعية قد يقضي المجتهد بقطعيتها ولو لم يعلمها بعض الناس لعلمه أنهم لو علموها لقالوا بها ولما وسعهم خلافها .. ولا يُتصور أن يخالف فيها مخالف ... ولا يمنع من إلحاقها بالمعلوم بالضرورة إلا خفاءها وقلة المشتغل بها كبعض مسائل المواريث وأشباه تلك الأبواب، وقد أشار لهذا القسم شيخ الإسلام.وهذا القسم محل بحث عندي
وليس كلامي في هذا الموضوع كلامي وحدي كي يخاطبني بعض محتكري الصواب خطاب من أتى بما لم تأتِ به الأوائل ...
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 06:14]ـ
الأخ الفاضل أبا فهر السلفي
موضوع الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف - كما تعلم مني سابقا - من الأمور المشكلة لدي وأظن أن خلاصة الأقوال فيه ثلاثة وهي:
1 - القول بتقديم الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف مطلقا
2 - القول بتقديم دلالة النص الظنية مطلقا
3 - القول بالترجيح بينهما فحيث كان دلالة النص الظنية أقوى من دلالة الإجماع الظنية قدم النص وحيث كان دلالة الإجماع الظنية اقوى من دلالة النص الظنية قدم الإجماع الظني وعند تساوي الظنان يتوقف وهذا ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما تريد أن ترجحه أخونا الفاضل أبا فهر
وقد دللت على ذلك الرجحان بكلام بصراحة أراه واقعي جدا وهو قولك:
" والشافعي وأحمد والسلف جميعاً .. استدلوا على خطأ الأقوال بأنه لا يُعرف لقائله فيه سلف ..
والشافعي وأحمد أنكروا على من جعل عدم العلم بالمخالف إجماعاً ...
والشافعي وأحمد قالوا -قطعاً ويقيناً-بما لا يُعرف لهم فيه سلف ... "
فأنت تريد أخونا الفاضل بعدم اطراد أحد القولين وهو بالفعل ظاهر صنيع الأئمة مثل الذين تكلموا في الإجماع كالشافعي وأحمد وابن حزم لكن في نفسي إشكال لا بد من حله حتى يكون القول الثالث هو الراجح أعني عدم إطراد أحد القولين وهو:
(يُتْبَعُ)
(/)
ما الدليل على أن الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف حجة شرعية ظنية يجب اتباعها؟؟
لاحظ أخي الفاضل أنا لا أتكلم عن الإجماع القطعي بل أتكلم عن مسئلة ورد فيها نص بأمر ما ووجدنا كثير من أهل العلم ممن أقوالهم محفوظة قالوا هذا الأمر مصروف من الوجوب إلى الندب دون ان تذكر قرينة صارفة ولم نعلم ولم نصل إلينا قول يقول بالوجوب لكن هل السؤال هل الله تكفل بحفظ أقوال العلماء حتى يقال العلم بعدم المخالف حجة ظنية يجب اتباعها وأن نرى أي الحجتين أقوى دلالة النص الظنية ام العلم بعدم المخالف؟؟
لو قلنا ان الله تكفل بحفظ أقوال العلماء لكان العلم بعدم المخالف حجة قطعية لا ظنية لا تجوز مخالفتها البتة كما ان الله تكفل بحفظ الذكر والنصوص لكان الخلاف ليس في إثبات النصوص بل في فهم النصوص ودلالتها وهذا لا يعارض تكفل الله بحفظ الذكر
أعيد فأقول أنا لا أجادل ولا أعترض على الإجماع القطعي بل أسأل ما الدليل على أن العلم بعدم المخالف حجة شرعية يجب اتباعها وصنيع الأئمة النظري في أقوالهم وعباراتهم في الإجماع مثل قول الإمام أحمد بن حنبل: من ادعى الإجماع فهو كاذب , ما يدريه لعل الناس اختلفوا وكما بمعنى كلام ابن حزم هو ما لا خلاف به بين أحد من المسلمين ولا يتصور أن يكون فيه خلاف (الأمر المعلوم من الدين بالضرورة) يؤكد ما أقوله
وإن كان صنيع الأئمة العملي يؤكد ما تقوله أخانا الفاضل أبا فهر
وهناك كثير من الأمثلة الفقهية لدي ذكرتها في أكثر من رابط في هذا المنتدى وغيره - ولكن للأسف لم أصل إلى حل - فيه ظواهر نصوص شرعية يقابلها أقول من أهل العلم على صرف هذه النصوص عن ظواهرها دون ذكر الدليل الصارف
ولعلنا إذا انتهينا من تأصيل المسئلة أصوليا نتعرض لهذه الأمثلة
وفقني الله وإياك وجميع المشاركين للوصول إلى الحق حيث كان
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 06:21]ـ
[ quote= عبد الله ابن سفران;129577]
نفي يقابله تأكيد يا مولانا ...
ونحن بحمد الله لا ننكر الإجماع ولا نثبت معارضة أصلاً بين إجماع صحيح ونص صحيح .. ولو كنا كما تظن لما جوزنا تقديم عدم العلم بالمخالف على النص إذا رأى المجتهد أن دلالة عدم العلم بالمخالف أقوى ..
مش كده ولا إيه (؟؟؟)
عفوا يا شيخنا، ما ظننت هذا بك، وقدرك عندي أعلى من ذلك.
ولكني أقول لا ينبغي أن تقول ما قلته عن المخالف لأنه لا يعجز أن يعكس عليك الأمر بما ذكرته.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 06:32]ـ
والشافعي والناس قبله وبعده يا مولانا لقوا المؤمنين فما وجدوا أحداً منهم يُنازع في جمل الفرائض وحكموا على من لم يقابلوه بحكم من قابلوه؛لأن من خالف هذا الحكم فليس من المؤمنين أصلاً ...
فمثال الإجماع عندنا هو كل معلوم من الدين بالضرورة.
وثم إجماعات قطعية قد يقضي المجتهد بقطعيتها ولو لم يعلمها بعض الناس لعلمه أنهم لو علموها لقالوا بها ولما وسعهم خلافها .. ولا يُتصور أن يخالف فيها مخالف ... ولا يمنع من إلحاقها بالمعلوم بالضرورة إلا خفاءها وقلة المشتغل بها كبعض مسائل المواريث وأشباه تلك الأبواب، وقد أشار لهذا القسم شيخ الإسلام.وهذا القسم محل بحث عندي
وليس كلامي في هذا الموضوع كلامي وحدي كي يخاطبني بعض محتكري الصواب خطاب من أتى بما لم تأتِ به الأوائل ...
أرجو أنك لاتقصدني بآخر سطرين، فإن كنت تقصدني فأخبرني أعتذر لك.
فنصل إلى النتيجة التالية:
الإجماع لا يعرف بالنقل عن المجمعين (لا علماً بالمخالف ولا علماً بعدم المخالف) وإنما يعرف بالأدلة الأخرى، فإذا كانت قطعية فلا نتصور مخالفاً فيها.
والمعلوم من الدين بالضرورة مجمع عليه لأن من خالف فيه كافر، فعلى ذلك هو مجمع عليه بين المسلمين.
هل هذا هو كلامكم؟(/)
القول الألمع بشرح القواعد الأربع
ـ[صاحب الدليل]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 05:05]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من باب الفائدة أضع بين يدي أخواني طلاب العلم جمع مفيد من أقوال العلماء والمشايخ الفضلاء بشرح القواعد الأربع لشيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وهو عبارة عن تحضير لمراجعة هذه الرسالة مع الأخوة الفضلاء وأسأل الله أن يثبتنا على الطاعة كما أسأله أن ييسر ختمها.
الدرس الاول:
القول الألمع بشرح القواعد الأربعبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَ?نِ الرَّحِيمِ
أَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَتَوَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتَ، وَأَنْ يَجْعَلَكَ مِمَّنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أذَنبَ اسْتَغْفَرَ. فَإِنَّ هَؤُلاءِ الثَّلاثُ عُنْوَانُ السَّعَادَةِ.
هذه مقدمة عظيمة فيها دعاء من الشيخ رحمه الله لكل طالب علم يتعلم عقيدته يريد بذلك الحق ويريد بذلك تجنب الضلال والشرك فإنه حري بأن يتولاه الله في الدنيا والآخرة. (الفوزان)
بدأ المؤلف رحمه الله هذه الرسالة بالدعاء، وتوسل إلى الله بربوبيته، توسل إلى الله بصفاته واسمه الكريم، وربوبية العرش العظيم، ودعا لك يا طالب العلم، سأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركا أينما كنت، وهذا من نصح هذا الإمام -رحمه الله-، نُصْحه، يعلمك ويدعو لك، يسأل الله ويتوسل الله باسمه الكريم، وبربوبية العرش العظيم. الراجحي
وهذا كما هو معلوم فيه التنبيه على أنَّ مبنى العلم ومبنى الدعوة الرحمة، الرحمة والتراحم بين المعلم والمتعلم، والرحمة والتراحم بين الداعية والمدعو (صالح ال الشيخ)
وهذا يدل على حرصه وعنايته بالقارىء والتمني له الخير.
وهكذا ينبغي أن يكون المعلم، أن يتمنى لطلابه ومن يدرسهم الخير ويدعو لهم بالتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح.
ولذلك قال ? لمعاذ: إني أحبك في الله: فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
فقبل أن يعلمه الدعاء قال: إني أحبك في الله، ليكون أبلغ وأوقع للسامع وأدعى للقبول. (اللهيميد)
والدعاء مما يلين قلب المكتوب له، لاسيما في النصائح والإرشادات، فإنك إذا قدمت بين كلامك دعاءً أفهمت من تخاطبه أو تكتب له أنك مشفق عليه، راجٍٍٍٍٍٍٍ نفعه، راغب في نصحه. (المصلح)
• دعا المصنف للقارىء متوسلاً إلى الله بأسمائه الحسنى وذكر منها [الكريم – الرب]. (اللهيميد)
وهذا من التوسل بأسماء الله تعالى التي أمر بأن يدعى بها، قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا أي: توسلوا بأسمائه بين يدي الدعاء، فإن هذا التوسل يسدد أو يكون كوسيلة لقبول الأدعية، ولإجابة الله لمن توسل بها، وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا أي توسلوا بأسمائه وادعوه بموجبها رجاء أن يستجاب لكم. (الجبرين)
قوله أَنْ يَتَوَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ:
وولاية الله تنقسم إلى قسمين:
ولاية عامة: وهذه لجميع الناس المؤمن والكافر.
ومعناه: ولايته على الخلق كلهم تدبيراً وقياماً بشؤنهم من رزق وإطعام ونحو ذلك.
دليل هذه الولاية العامة:
قوله تعالى (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق]
وولاية خاصة: وهذه خاصة بالمؤمنين.
مقتضاه النصر والتأييد والتوفيق والنصر والإعانة والسداد لكل خير.
كما قال تعالى (الله ولي الذين آمنوا). . (اللهيميد)
فإذا تولاّك الله برعايته وبتوفيقه وهدايته في الدنيا وفي الآخرة، فإنّك تسعد سعادة لا شقاء بعدها أبدًا، في الدنيا يتولاّك بالهداية والتوفيق والسير على المنهج السليم، وفي الآخرة يتولاّك بأن يُدخلك جنّته خالدًا مخلَّدًا فيها لا خوف ولا مرض ولا شقاء ولا كبَر ولا مكارِه، هذه وَلاية الله لعبده المؤمن في الدنيا والآخرة.الفوزان
(يُتْبَعُ)
(/)
أولياء الله تعالى: هم حزبه، أولياء الله هم: عباده المخلصون، الذين يتولاهم وينصرهم، ويؤيدهم ويعينهم ويثبتهم. وليس كما يقول المتصوفة: إن الولي هو الذي يبلغ درجةً تسقط عنه التكاليف، ويبالغون في ذكر الأولياء، فإن جميع المؤمنين أولياء لله، اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وهو وليهم ومولاهم، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ).الجبرين)
قوله: ((وأن يجعلك مبارَكًا أينما كنت))
البركة: كثرة الخير.
والمبارك: هو من جعل الله فيه أسباب البركة.
المراد بالبركة البركة السببية وليست ذاتية، لأنه ليس هناك أحد مبارك بركة ذاتية إلا الرسول ?
ذلك بأن يكون نافعاً للعباد حيثما نزل، وحيثما حل، كالغيث حيثما أصاب نفع (المصلح)
إذا جعلك الله مباركًا أينما كنت فهذا هو غاية المطالب، يجعل الله البركة في عمرك، ويجعل البركة في رزقك، ويجعل البركة في علمك، ويجعل البركة في عملك، ويجعل البركة في ذريّتك، أينما كنت تصاحبك البركة، أينما توجّهت، وهذا خيرٌ عظيم، وفضلٌ من الله ـ سبحانه وتعالى ـ. (الفوزان)
(وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة)
وكأنّ الإمام رحمه الله حين ذكر الشكر على العطاء, والصبر على البلاء, والاستغفار من الذنب, كأنه نظر إلى حال الموحِّد, خاطبه بما يجب عليه أن يكون معه دائما (صالح ال الشيخ)
يعني أن الإنسان يتقلب بين هذه الأحوال الثلاثة، إما أن يكون في نعمة فيحتاج إلى شكر، وإما أن يكون في مصيبة وبلية فيحتاج إلى صبر، وإما أن يكون يقع في ذنب فيحتاج إلى توبة واستغفار (الراجحي)
فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة، يعني كونه: شاكرا إذا أعطاه الله، وصابرا إذا ابتلاه الله، ومستغفرا إذا وقع منه ذنب. فهذه الثلاث عنوان السعادة، أي: دليل على أن الإنسان من السعداء، وذلك بأنه يبادر فيستغفر بعد أي ذنب فلا يبقى عليه ذنب،.يمحو بحسناته السيئات، ولأنه يشكر الله، إذا شكر الله تعالى فقد أدى حق الله في تلك النعمة، ولأنه يصبر ويتحمل، ومن صبر وتحمل أثابه الله على الصبر (الجبرين)
فمن حققها في سلوكه وحاله فإنه قد وفِّقَ لما تحصل به السعادة في الدنيا والآخرة (المصلح).
جمعه أبومحمد
يتبع
ـ[تميمي ابوعبدالله]ــــــــ[17 - Jun-2009, صباحاً 04:20]ـ
جزاك الله خير لماذا لم تتابع(/)
مقابلة مع شيخ المقارئ البارع الشيخ محمود خليل الحصري رحمه الله تعالى
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 07:10]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه مقابلة مع شيخ المقارئ محمود خليل الحصري رحمه الله تعالى
http://www.4shared.com/file/55059432/3ce0f97f/___.html
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 08:18]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
رحمة الله تعالى على ملك القراء في هذا العصر بلا منازع ...
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 08:21]ـ
وبارك فيك يا أخي الفاضل غالب المزروع وسدد خطاك لكل خير
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 06:26]ـ
سبحان الله
كنتُ أستمع لهذا المقطع ليلة أمس!!!
توارد خواطر عجيب.
بارك الله فيك
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[07 - Aug-2008, مساء 02:33]ـ
وإياك أخي الفاضل يحيى صالح وسدد خطاك لكل خير(/)
مثالٌ لدلالة السبر والتقسيم يقرر فيه الشيخ الشنقيطي رحمه الله الموقف من حضارة الغرب.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:42]ـ
(هديّةٌ إلى صرعى الحضارة الغربية وأخلاقها الدنية)
في هذه الكلمات تجدُ الشيخ العلاّمة:محمدُ الأمين الشنقيطي رحمه الله وغفر له ,يستخدمُ دليل السبر والتقسيم في إيضاح موقف المسلمين من الحضارة الغربية قائلاً:
اعلم: أن هذا الدليل التاريخي العظيم يوضح غاية الإيضاح موقف المسلمين الطبيعي من الحضارة الغربية. وبذلك الإيضاح التام يتميز النافع من الضار، والحسن من القبيح، والحق من الباطل.
وذلك أن الاستقراء التام القطعي دل على أن الحضارة الغربية المذكورة تشتمل على نافع وضار: أما النافع منها: فهو من الناحية المادية وتقدمها في جميع الميادين المادية أوضح من أن أبينه. وما تضمنته من المنافع للإنسان أعظم مما كان يدخل تحت التصور، فقد خدمت الإنسان خدمات هائلة من حيث إنه جسد حيواني. وأما الضار منها: فهو إهمالها بالكلية للناحية التي هي رأس كل خير، ولا خير البتة في الدنيا بدونها، وهي التربية الروحية للإنسان وتهذيب أخلاقه. وذلك لا يكون إلا بنور الوحي السَّماوي الذي يوضح للإنسان طريق السعادة، ويرسم له الخطط الحكمية في كل ميادين الحياة الدنيا والآخرة، ويجعله على صلة بربه في كل أوقاته.
فالحضارة العربية غنية بأنواع المنافع من الناحية الأولى، مفلسة إفلاساً كلياً من الناحية الثانية.
ومعلوم أن طغيان المادة على الروح يهدد العالم أجمع بخطر داهمٍ، وهلاك مستأصل، كما هو مشاهد الآن. وحل مشكلته لا يمكن البتة إلا بالاستضاءة بنور الوحي السماوي الذي هو تشريع خالق السموات والأرض، لأن من أطغته المادة حتى تمرد على خالقه ورازقه لا يفلح أبداً.
والتقسيم الصحيح يحصر أوصاف المحل الذي هو الموقف من الحضارة الغربية في أربعة أقسام لا خامس لها، حصراً عقلياً لا شك فيه:
الأول: ترك الحضارة المذكورة نافعها وضارها.
الثاني: أخذها كلها وضارها ونافعها.
الثالث: أخذ ضارها وترك نافعها.
الرابع: أخذ نافعها وترك ضارها. فنرجع بالسبر الصحيح إلى هذه الأقسام الأربعة، فنجد ثلاثةً منها باطلة بلا شك، وواحداً صحيحاً بلا شك.
أما الثلاثة الباطلة: فالأول منها تركها كلها، ووجه بطلانه واضح، لأن عدم الاشتغال بالتقدم المادي يؤدي إلى الضعف الدائم، والتواكل والتكاسل، ويخالف الأمر السماوي في قوله: جل وعلا: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ ... }.
لا يسلم الشرف الرفيع من الأَذى ** حتَّى يراق على جوانبهِ الدمُ
القسم الثاني من الأقسام الباطلة: أخذها؛ لأن ما فيها من الانحطاط الخلقي وضياع الروحية والمثل العليا للإنسانية، أوضح من أن أبينه.
ويكفي في ذلك ما فيها من التمرد على نظام السماء، وعدم طاعة خالق هذا الكون جل وعلا {ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [10/ 95]، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [42/ 21].
والقسم الثَّالث من الأقسام الباطلة: هو أخذ الضار وترك النافع، ولا شك أن هذا لا يفعله من له أقل تمييز.
فتعينت صحة القسم الرابع بالتقسيم والسبر الصحيح، وهو أخذ النافع وترك الضار.
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يفعل، فقد انتفع بحفر الخندق في غزوة الأحزاب، مع أن ذلك خطة عسكرية كانت للفرس، أخبره بها سلمان فأخذ بها. ولم يمنعه من ذلك أن أصلها للكفار. وقد هم صلى الله عليه وسلم بأن يمنع وطء النساء المراضع خوفاً على أولادهن، لأن العرب كانوا يظنون أن الغيلة - وهي وطء المرضع - تضعف ولدها وتضره، ومن ذلك قول الشاعر:
فوارس لم يغالوا في رضاع فتتبوا في أكفهم السيوف
فأخبرته صلى الله عليه وسلم فارس والروم بأنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم، فأخذ صلى الله عليه وسلم منهم تلك الخطة الطبية، ولم يمنعه من ذلك أن أصلها من الكفار.
وقد انتفع صلى الله عليه وسلم بدلالة ابن الأُريقط الدؤلي له في سفر الهجرة على الطريق، مع أنه كافر.
فاتضح من هذا الدليل أن الموقف الطبيعي للإسلام والمسلمين من الحضارة الغربية ـ هو أن يجتهدوا في تحصيل ما أنتجته من النواحي المادية، ويحذروا مما جنته من التمرد على خالق الكون جل وعلا فتصلح لهم الدنيا والآخرة. والمؤسف أن أغلبهم يعكسون القضية، فيأخذون منها الانحطاط الخلقي، والانسلاخ من الدين، والتباعد من طاعة خالق الكون، ولا يحصلون على نتيجة مما فيها من النفع المادي. فخسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ** وأَقبح الكفر والإفلاس بالرجلِ
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن , سورة الكهف , الجزء الرابع (381 - 383)
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 11:57]ـ
جزاك الله خيرا .. وبارك الله في العلامة الأمين ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 01:56]ـ
جزاك الله خيرا. وأظن له كلام مماثل في "العذب النمير". ويدل على عمق فهم الشيخ رحمه الله ورحم جميع موتى المسلمين.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 06:19]ـ
فعلا الشيخ الأمين حين تقرأ له تجد امامته قائمة على التشبع بأصول الفقه و كأنه نظم ذهنه و نظرته للوجود على منطقه(/)
الْإِجْمَاعَ وَالْحُجَّةَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ هُوَ الْعَالِمُ صَاحِبُ الْحَقِّ،
ـ[أبو الخطاب فؤاد السنحاني]ــــــــ[22 - Jul-2008, مساء 09:47]ـ
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في «إعلام الموقعين» (3/ 409 - 410):
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ وَالْحُجَّةَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ هُوَ الْعَالِمُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: إذَا فَسَدَتْ الْجَمَاعَةُ فَعَلَيْك بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ قَبْلَ أَنْ تَفْسُدَ، وَإِنْ كُنْت وَحْدَك، فَإِنَّك أَنْتَ الْجَمَاعَةُ حِينَئِذٍ، ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ: وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا السَّوَادُ الْأَعْظَمُ؟ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ وَأَصْحَابُهُ.
فَمُسِخَ الْمُخْتَلِفُونَ الَّذِينَ جُعِلُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، وَالْحُجَّةَ وَالْجَمَاعَةُ هُمْ الْجُمْهُورُ، وَجَعَلُوهُمْ عِيَارًا عَلَى السُّنَّةِ، وَجَعَلُوا السُّنَّةَ بِدْعَةً، وَالْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا لِقِلَّةِ أَهْلِهِ، وَتَفَرُّدِهِمْ فِي الْأَعْصَارِ، وَالْأَمْصَارِ، وَقَالُوا: مَنْ شَذَّ شَذَّ اللَّهُ بِهِ فِي النَّارِ، وَمَا عَرَفَ الْمُخْتَلِفُونَ أَنَّ الشَّاذَّ مَا خَالَفَ الْحَقَّ. وَإِنْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَيْهِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَهُمْ الشَّاذُّونَ.
وَقَدْ شَذَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ زَمَنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَّا نَفَرًا يَسِيرًا؛ فَكَانُوا هُمْ الْجَمَاعَةُ، وَكَانَتْ الْقُضَاةُ حِينَئِذٍ وَالْمُفْتُونَ وَالْخَلِيفَةُ وَأَتْبَاعُهُ كُلُّهُمْ هُمْ الشَّاذُّونَ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحْدَهُ هُوَ الْجَمَاعَةُ، وَلَمَّا لَمْ يَتَحَمَّلْ هَذَا عُقُولُ النَّاسِ قَالُوا لِلْخَلِيفَةِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَكُونُ أَنْتَ وَقُضَاتُك وَوُلَاتُك وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُفْتُونَ كُلُّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَحْمَدُ وَحْدَهُ هُوَ عَلَى الْحَقِّ؟ فَلَمْ يَتَّسِعْ عِلْمُهُ لِذَلِكَ؛ فَأَخَذَهُ بِالسِّيَاطِ وَالْعُقُوبَةِ بَعْدَ الْحَبْسِ الطَّوِيلِ؛ فَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ، وَهِيَ السَّبِيلُ الْمَهْيَعُ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ حَتَّى يَلْقَوْا رَبَّهُمْ، مَضَى عَلَيْهَا سَلَفُهُمْ، وَيَنْتَظِرُهَا خَلَفُهُمْ: ?مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا? وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.ا ه.(/)
جريمة بناء الكنائس في الجزيرة العربية
ـ[الإمام الدهلوي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 01:00]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام هذا مقال رائع للشيخ علوس السقاف في جريمة بناء الكنائس في جزيرة العرب سوف تستفيدوا منه كثيراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ـ
فهذه وريقات عن حرمة بناء الكنائس في جزيرة العرب دفعني لكتابتها ما يتردد كثيراً هذه الأيام في المحافل والمؤتمرات (1) وما يسمى بمنظمات الحقوق العالمية وتقارير وزارة الخارجية الأمريكية (2) وغيرها من الدعوة لبناء الكنائس في الجزيرة العربية، يغيظهم كونها حرم الإسلام ومعقله وقاعدته الأولى، ويردد ذلك معهم في بعض وسائل الإعلام من أعاروا عقولهم لغيرهم وأثاروا الشبهات والشكوك حول هذه المسألة القطعية من دين الإسلام، نقلتُ فيه طرفاً من النصوص الدالة على تحريم ذلك، وأقوال العلماء في المسألة مع الرد على شبهات المعاصرين.
و (جزيرة العرب أو شبه الجزيرة العربية يحدها غربا: بحر القُلْزُم، وهو المعروف الآن باسم: البحر الأحمر، وجنوباً: بحر العرب، ويقال له: بحر اليمن، وشرقاً: الخليج العربي، والتحديد من هذه الجهات الثلاث بالأبحر المذكورة محل اتفاق بين المحدثين، والفقهاء، والمؤرخين، والجغرافيين، وغيرهم. وممن أفصح عن هذا التحديد بالنص: ابن حَوْقَل، والاصطخري، والهمداني، والبكري، وياقوت، وهو منصوص الرواية عن الإمام مالكٍ، وتفيده الرواية عن الإمام أحمد؛ رحم الله الجميع، ويحدها شمالا ساحلُ البحرِ الأحمر الشرقيُّ الشماليُّ وما على مسامتته شرقاً؛ من مشارف الشام والأردن والعراق، وعليه؛ فالأردُنُّ، وسوريَّا، والعراقُ؛ ليست في محدود جزيرة العرب وهو ما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقال (3): (جزيرة العرب: هي من بحر القُلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حِجْرِ اليمامة إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم، ولا تدخل فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين البعث وقبله ... )) (4)
وهذا يعني أن دول مجلس التعاون كلها واليمن داخلة تحت مسمى الجزيرة العربية على الراجح من أقوال العلماء.
وهناك أقوال أخرى فنَّدها الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله- في كتابه الماتع (خصائص الجزيرة العربية) فليراجعها من شاء.
أما الأدلة:
فقد وردت أحاديث صحيحة تحرِّم الإذنَ بوجود دين آخر مع الإسلام في جزيرة العرب وهي تقتضي تحريم بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أولى، ومن ذلك حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (لا تكون قبلتان في بلد واحد) وفي لفظ: (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة) رواه أبو داود، وحديث عائشة رضي الله عنها: (لا يترك بجزيرة العرب دينان) رواه أحمد، وحديث أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه: (لا يبقين دينان بأرض العرب) رواه البيهقي.
وعلى هذا جرى عمل الأمة قروناً طويلة ابتداءً من عصر خير القرون، وحتى وقت متأخر من التاريخ الإسلامي، فأجلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهود خيبر ونجران وفدك، ووضع الشروط المشهورة بالعمرية (5) وفيها: (أنَّا شرطنا على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا كنيسةً ولا فيما حولها ديراً ولا قلايةً ولا صومعةً (6))، وفي كتاب (الأموال) (7) لأبي عبيد القاسم بن سلام، و (مصنف ابن أبي شيبة) (8) بإسناد ضعيف عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئاً؟ فقال: (أيُّما مِصر مَصَّرتْهُ العربُ فليسَ للعَجمِ أن يبنوا فيهِ بناءً ولا بيعة ولا يضربُوا فيه ناقوساً ... ).
قال القاضي تقي الدين السبكي: (وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر، وسكوت بقية الصحابة إجماعاً) (9).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفَهِمَ هذه الدلالة من أهل القرون المفضلة من غير الصحابة علماءُ التابعين وحكامُهم، فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن عمه وهب بن نافع قال: (كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عروة بن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين، قال: فشهدت عروة بن محمد ركب حتى وقف عليها ثم دعاني فشهدتُ كتابَ عمر وهدْمَ عروة إياها، فهدمها) (10)، وروى عن معمر عن إسماعيل بن أمية أخبره: (أنه مرَّ مع هشام بحدة وقد أُحدثت فيها كنيسة فاستشار في هدمها فهدمها هشام) (11). وروى عن الحسن البصري قال: (من السنة أن تُهدم الكنائس التي بالأمصار القديمة والحديثة) (12). والآثار في هذا كثيرة جداً، (لهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في الإسلام) (13) بل وأجمعوا (على أن بناء المعابد الكفرية ومنها الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً) (14) وأقوالهم في هذا كثيرة جداً، منها:
1 - قال الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: (ليس ينبغي أن تترك في أرض العرب كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار) (15)
2 - وفي المدونة الكبرى (قلت: أرأيت هل كان مالك يقول: ليس للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ قال: نعم كان مالك يكره ذلك) (16)
3 - وقال الإمام الشافعي: (ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعاً لصلواتهم ... ) (17)
4 - وقال الإمام أحمد: (ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا في مِصر مَصَّرَهُ المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا فيه بناقوس) (18)
5 - وقال أبو الحسن الأشعري: (إرادة الكفر كفر وبناء كنيسة يكفر فيها بالله كفر، لأنه إرادة الكفر) (19)
6 - وقال ابن قدامة: (ويُمنعون من إحداث البيع والكنائس والصوامع في بلاد المسلمين لما روي في شروطهم لعبد الرحمن بن غنم) (20)
7 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الرسالة القبرصية): (اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن لأهل الذمة (21) أن يحدثوا فيها كنيسة ... والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر لا كنائس ولا غيرها) (22) وقال: (من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يُعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبَادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر) (23)
8 - وقال القاضي تقي الدين السبكي: (فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع، وكذا ترميمها) (24)
9 - وقال الحافظ ابن القيم: (ولا يمكنون من إحداث البيع والكنائس كما شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الشروط المشهورة عنه ... وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار، ومذهب جمهورهم في القرى، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبدالعزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى) (25)
10 - وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: (لا يجوز أن يبنى في الجزيرة معابد للكفرة لا النصارى ولا غيرهم، وما بني فيها يجب أن يهدم مع القدرة. وعلى ولي الأمر أن يهدمها ويزيلها ولا يبقي في الجزيرة مبادئ أو معاقل للشرك لا كنائس ولا معابد، بل يجب أن تزال من الجزيرة، حتى لا يبقى فيها إلا المساجد والمسلمون) (26) وقال: (أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية وعلى وجوب هدمها إذا أحدثت وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرماً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب ونهى أن يجتمع فيها دينان وتبعه أصحابه في ذلك ولما استُخْلِفَ عمر رضي الله عنه أجلى اليهود من خيبر عملا بهذه السنة ولأن الجزيرة العربية هي مهد الإسلام ومنطلق الدعاة إليه ومحل قبلة المسلمين فلا يجوز أن ينشأ فيها بيت لعبادة غير الله سبحانه كما لا يجوز أن يقر فيها من يعبد غيره) (27)
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية قولهم: (كل مكان يعدُّ للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مُجمع عليه بحمد الله تعالى .... ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأن تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ ... فجزيرة العرب: حرمُ الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها، ولا التجنس بجنسيتها، ولا التملك فيها، فضلاً عن إقامة كنيسة فيها لعبَّاد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان، إلا ديناً واحداً هو دين الإسلام الذي بَعَثَ الله به نبيه ورسوله محمداً، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق، ... وبهذا يُعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره ... عائذين بالله من الحور بعد الكَوْر، ومن الضلالة بعد الهداية، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} محمد: 25 - 28" وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.) (28)
12 - وجاء في فتوى وزارة الأوقاف الكويتية: (إنَّ إنشاء أي دار للعبادة لغير المسلمين في دار الإسلام لا يجوز، وكذلك لا يجوز تأجير الدور لتكون كنائس، ولا تحويل الدور السكنية لتكون كنائس أو معابد لغير المسلمين، وذلك لإجماع علماء المسلمين على أنه لا تبقى في دار الإسلام مكان عبادة لغير المسلمين) (29)
13 - وقال الشيخ عبدالرحمن البراك –حفظه الله- (ومما يؤسف له أن بعض المسلمين استجابوا للكفار في بناء الكنائس، فها هي بعض البلاد الإسلامية في أطراف الجزيرة العربية؛ جزيرة الإسلام، ها هم أذِنوا للنصارى في بناء معابدهم، وقد جاء في الحديث لا تكون في أرض قبلتان، فلا تجتمع قبلة اليهود والنصارى مع قبلة المسلمين) (30)
وهكذا، فأنت ترى أن علماء المسلمين وفقهاءهم قديماً وحديثاً أجمعوا على حرمة بناء الكنائس في البلدان الإسلامية وأنها في جزيرة العرب أشد إثماً لما تمتاز به هذه الجزيرة من خصائص فهي (وقف في الإسلام على أهل الإسلام، وهي وديعة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمته، التي استحفظهم عليها في آخر ما عهده النبي صلى الله عليه وسلم، فهي دارٌ طيبة، لا يقطنها إلا طيب، ولما كان المشرك خبيثاً بشركه؛ حُرِّمت عليه جزيرة العرب ... وإنه إذا ما عَدَّت يوماً نفسَها مثل أي قطرٍ من الأقطار، ترضى بمداخلة ما هو أجنبي عن الإسلام؛ فإنها تعمل على إسقاط نفسها من سجل التاريخ، وتقضي على ميزتها البارزة في خريطة العالم، فيخفت احترام العالم الإسلامي لها، وتفقد رهبة شراذم الكفر منها، وتفتح مجالاً فسيحاً للقوى الشريرة العاتية. وإنه إذا تقدمت الفتن، والبدع، والأهواء، والنِّحل، وضروب الغزو الفكري؛ تضرب فارهة على صخرة هذه الجزيرة؛ فقد تجللت حينئذ من كل ويلٍ تياراً، وأذنت بمشاكل ذات أحجام مختلفة في التمرد، وإذا تشربت النفوس بهذه الأنماط المتناثرة على جنبتي الصراط المستقيم؛ تشكلت الحياة إلى مزيجٍ من الأهواء والضلال البعيد، وهذا إيذانٌ بدك آخرِ حِصْنٍ للإسلام، وتقليصٍ لظلِّه عن معاقله في هذه الجزيرة المسكينة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالله طَليبُ الفَعَلةِ لذلك، وهو حسيبهم ... وإن المتعيِّن على أهل هذه الجزيرةِ، وعلى من بسط اللهُ يده عليهم وعليها: المحافظةُ على هذه المَيِّزات والخصائصِ الشرعية؛ ليَظهر تميُّزُها، وتبقى الجزيرةُ وأهلُها مصدرَ الإشعاعِ لنور الإسلام على العالم.
وليُعلَم أنه كلما قَوِيَ هذا النورُ؛ امتدَّ هذا الإشعاعُ، وكلما ضَعُفَ وتضاءَلَ في هذه الجزيرةِ وأهلِها؛ تقاصرَ. ولا حول ولا قوة إلا بالله) (31)
ومما يثيره اليوم الجهلة تارة، والمغرضون تارة أخرى، في وسائل الإعلام وغيرها، قولهم: كيف لا نسمح لهم ببناء الكنائس في بلادنا وقد سمحوا لنا ببناء المساجد في بلادهم؟!، ولو منعناهم من ذلك فسيمنعون المسلمين من بناء المساجد والصلاة فيها، وأنه ينبغي أن نعطي رعاياهم حريتهم الدينية كما أعطوا رعايا المسلمين حريتهم الدينية، وأن من العلماء المعاصرين من أفتى بجواز ذلك اعتماداً على رأي أبي حنيفة في الجواز، ... إلخ
وردُّ هذه الشُّبَه من وجوه:
الأول: أنَّ المساجدَ دورٌ يُعبد فيها الله عز وجل وحده، أما الكنائس فهي معابدُ كفرية، يُكفر فيها بالله عز وجل ويعبد معه غيره –المسيح وأمه-، فهل يستويان؟! {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:28]
الثاني: أن دعوى منحهم المسلمين الحرية في ممارسة تعاليمهم الدينية عارية عن الصحة، فهاهم يمنعون المسلمين من أقل حقوقهم الشخصية: كتعدد الزوجات، ولبس الحجاب، وإنشاء بنوك إسلامية، وتطبيق أحكام الإسلام عليهم، وغير ذلك، بحجة أنَّ أنظمة البلد العلمانية تحظر ذلك، أفلا يحق للمسلمين أن يمنعوهم من بناء الكنائس لأن تعاليم دينهم الإسلامي تمنع ذلك؟!
الثالث: أن مواطني الدول الغربية قد اعتنق كثيرٌ منهم الإسلام، فالمساجد تعتبر عندهم من حقوق المواطنة وليس للوافدين من المسلمين، أما دول الجزيرة العربية فالأصل أنهم كلهم مسلمون ومن تنصَّرَ منهم فهو مرتَّدٌ عن دين الله وحكمه في الشرع معروف، فلمن تبنى الكنائس؟ أللعمالة الوافدة غير المستقرة؟! مالكم كيف تحكمون؟!
الرابع: أنَّ الإذنَ لهم ببناء كنائس في ديار الإسلام بحجة سماحهم للمسلمين ببناء المساجد في بلادهم يقودنا إلى قضية أخرى وهي الإذن لهم بالدعوة للنصرانية بين المسلمين بحجة أنهم يسمحون للمسلمين بأن يدعوا إلى الإسلام في بلادهم، فهل يقول بذلك مسلم؟! (بل من يجوِّز ذلك بحجة ما يسمى بحرية الاعتقاد فهو كافر مرتد وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم) (32).
كما أنه يقودنا إلى قضية ثالثة: وهي الإذن لأصحاب الديانات الأخرى كالبوذية والهندوسية وغيرها ببناء معابد لهم، بل قد يكون أتباع هذه الملل في بعض دول الخليج -من العمالة الوافدة- أكثر من النصارى، فتصبح الجزيرة العربية مسرحاً لديانات الكفر والشرك، وهي التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يكون فيها دينان!
الخامس: أنه لو ترتَّب على منعِ بناء الكنائس في بلاد المسلمين منعُ بناء المساجد في بلاد الكفار، فإنَّ درء مفسدة تلويث بلاد المسلمين وجزيرة العرب –خاصة- بدين النصارى المنسوخ، أولى من المحافظة على مصلحة مكاسب بعض المسلمين في بلاد الكفر، وعلى المسلمين القادرين على الهجرة أن يهاجروا، وعلى العاجزين أن يُصَلُّوا في بيوتهم، كما أفتى بذلك الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله.
السادس: أنَّ مما يدل على اعتبار الخصوصية ومراعاتها وأنها قاعدة معتمدة عند العقلاء من كل ملة، أنَّ دولة الفاتيكان تمنع من بناء معابد غير الكنيسة فيه، وذلك لما يرونه من كون الفاتيكان معقلاً للنصرانية وملاذاً لأهلها، فالجزيرة العربية وفيها البلد الحرام والكعبة المشرفة أولى بذلك، كيف لا؟! وهي ملاذ المسلمين، ومنتهى مقاصدهم، وعلى هذا الأصل الذي يقِرُّ به عقلاءُ كل ملة، جاءتِ النصوصُ النبوية في بيان كون هذه الجزيرة جزيرة الإسلام لا يجتمع فيها دينان، ولكن لو سمح الفاتيكان ببناء المساجد فيه، هل يكون هذا مسوِّغاً لنا في الإذن ببناء الكنائس في جزيرة العرب؟ الجواب: لا، فلسنا تبعاً للفاتيكان، إنْ مَنَعَ مَنَعْنَا وإن بنى بنينا!، فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، وقد تقدَّم أنَّ التسوية بين دور التوحيد ومعابد الكفر، سفهٌ وضلال نعيذ منه كل
(يُتْبَعُ)
(/)
مسلم.
السابع: أن حرمة بناء الكنائس في بلاد المسلمين مما انعقد عليها الإجماع، نقل ذلك كثير من أهل العلم منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية (33) وتقي الدين السبكي (34) والشيخ ابن باز (35) وغيرهم كثير، فلا وجه لما ذكره بعض المعاصرين عن تجويز الإمام أبي حنيفة ذلك مع أن القاضي تقي الدين السبكي قد أوضح المراد بكلام أبي حنيفة فقال: (ولعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي يتفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء بمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يُمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام ولا يريد أبو حنيفة أنَّ قريةً فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع) (36)
الثامن: أن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة في جلسته المنعقدة بالقاهرة في 10/ 10/2000م أصدر بياناً قال فيه (التأكيد الحاسم بأن الجزيرة العربية وقلبها المملكة العربية السعودية هي الحصانة الجغرافية لعقيدة الإسلام، لا يجوز شرعاً أن يقوم فيها دينان، ولا يجوز بحال أن يشهر على أرضها غير دين الإسلام، كما تستنكر هيئة رئاسة المجلس العودة إلى المطالبة ببناء كنائس على أرض السعودية بعد أن حُسِمَ هذا الأمر سابقاً في حوار مطوَّلٍ مع الفاتيكان عبر اللجنة الإسلامية العالمية للحوار، واتفق على إغلاق هذا الملف وعدم إثارته ثانياً).
وأخيراً، و (بناءً على جميع ما تقدم فإنه ليس لكافر إحداث كنيسة في [جزيرة العرب]، ولا بيعة، ولا صومعة، ولا بيت نار، ولا نَصْبِ صنمٍ؛ تطهيرا لها عن الدين الباطل، ولعموم الأحاديث، وعليه؛ فليس للإمام الإذن بشيء منها، ولا الإبقاء عليه؛ محدثاً كان أو قديماً) (37)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
علوي عبدالقادر السقاف
______________________________ __________
(1) هذه المؤتمرات تأخذ في كل وقت طابعاً أو لوناً مختلفاً، فتارة يسمونها مؤتمرات التقارب أو التقريب بين الأديان، وتارة الحوار بين الأديان، وهكذا
(2) كان آخرها التقرير الصادر في شهر سبتمبر 2007م
(3) (اقتضاء الصراط المستقيم) (ص 166).
(4) خصائص الجزيرة العربية للشيخ بكر أبو زيد (بتصرف يسير)
(5) قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم) (1/ 199) (اتفقت عليها الصحابة) وفي (مجموع الفتاوى) (28/ 651) (عليها العمل عند أئمة المسلمين)، وقال عنها الإمام ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) (1/ 218): (وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجوا بها ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها)
(6) القلاية والصومعة من بيوت عبادة النصارى. انظر: (لسان العرب) (باب: قلا)
(7) (ص269)
(8) (7/ 634)
(9) فتاوى السبكي (2/ 391)
(10) (مصنف عبدالرزاق) (6/ 59)
(11) (مصنف عبدالرزاق) (6/ 60)
(12) (مصنف عبدالرزاق) (6/ 60)
(13) فتاوى اللجنة الدائمة رقم (21413) وتاريخ 1/ 4 /1421 هـ
(14) المرجع السابق
(15) (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي الحنفي) (9/ 452)
(16) (المدونة الكبرى) (3/ 435)، والكراهة عند مالك كثيراً ما تكون على التحريم، انظر: (أعلام الموقعين) (1/ 50) , و (المدخل لابن بدران) (1/ 128)
(17) (الأم) (4/ 206)
(18) (أحكام أهل الذمة) (3/ 1182)
(19) (أنوار البروق) للقرافي (1/ 225)، وانظر التعليق على قوله: لأنه إرادة الكفر، في كتاب: (التوسط والاقتصاد) (ص28)
(20) (الكافي) (4/ 361)
(21) والعمالة النصرانية من المعاهدين والمستأمنين من باب أولى.
(22) (مجوع الفتاوى) (28/ 635)
(23) انظر: (كشاف القناع) (5/ 3073) باب حكم المرتد
(24) فتاوى السبكي (2/ 391)
(25) (أحكام أهل الذمة) (3/ 1193)
(26) (فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز) (3/ 282)
(27) انظر: تقديم الشيخ لكتاب (حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين) للشيخ إسماعيل الأنصاري
(28) فتوى رقم (21413) وتاريخ 1/ 4/1421هـ (بتصرف يسير)
(29) (فتاوى قطاع الإفتاء الكويتي) (6/ 15)
(30) موقع الشيخ -حفظه الله- على شبكة الإنترنت.
(31) خصائص الجزيرة العربية للشيخ بكر أبو زيد (بتصرف يسير)
(يُتْبَعُ)
(/)
(32) فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك منشورة في موقعه على شبكة الإنترنت
(33) نقله عنه المرداوي في (الإنصاف) (باب أحكام أهل الذمة) وابن مفلح في (الفروع) وقال في (مجموع الفتاوى) (28/ 651) عن الشروط العمرية والتي فيها منع النصارى من بناء الكنائس (فصلٌ: فى شروط عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي شرطها على أهل الذمة لما قدم الشام وشارطهم بمحضر من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم وعليها العمل عند أئمة المسلمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وقوله: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) لأن هذا صار إجماعاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لا يجتمعون على ضلالة على ما نقلوه وفهموه من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم)
(34) تقدم النقل عنه
(35) تقدم النقل عنه
(36) (فتاوى السبكي) (2/ 388)
- ومما يؤيد أن مراد أبي حنيفة خلاف ما زعمه هذا المعاصر أنه قول غير معتمد في المذهب، وجماهير علماء الأحناف بما فيهم صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن على عدم اعتبار هذا الفهم لكلام الإمام، ويرون حرمة بناء الكنائس في الأمصار -أي المدن- التي يقطنها مسلمون. و على هذا تضافرت كتبهم، ففي (الهداية شرح البداية للمرغيناني) (2/ 162): (ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام ... وقيل: في ديارنا يمنعون من ذلك في القرى أيضاً لأن فيها بعض الشعائر، والمروي عن صاحب المذهب [يعني أبا حنيفة] في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة، وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها لقوله عليه الصلاة والسلام لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) وفي (المبسوط للسرخسي) (15/ 134) و (بدائع الصنائع للكاساني) (4/ 176) قولهم: (فإنهم يمنعون من إحداث الكنائس في أمصار المسلمين)، ونقل الزيلعي الحنفي الإجماع في (تبيين الحقائق) (باب: العشر والخراج والجزية) فقال: (قال في الفتاوى الصغرى: إذا أرادوا إحداث البيع والكنائس في الأمصار يمنعون بالإجماع)، وفي (حاشية ابن عابدين) (4/ 202) [لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليه ... وفي الوهبانية: إنه الصحيح من المذهب الذي عليه المحققون، إلى أن قال: فقد علم أنه لا يحل الإفتاء بالإحداث في القرى لأحد من أهل زماننا بعدما ذكرنا من التصحيح، والاختيار للفتوى وأخذ عامة المشايخ، ولا يلتفت إلى فتوى من أفتى بما يخالف هذا، ولا يحل العمل به ولا الأخذ بفتواه، ويحجر عليه في الفتوى، ويمنع، لأن ذلك منه مجرد إتباع هوى النفس، وهو حرام، لأنه ليس له قوة الترجيح، لو كان الكلام مطلقا، فكيف مع وجود النقل بالترجيح والفتوى؟!، فتنبه لذلك، والله الموفق. مطلب: تهدم الكنائس من جزيرة العرب ولا يمكنون من سكناها قال في (النهر): (والخلاف في غير جزيرة العرب، أما هي فيمنعون من قراها أيضا لخبر لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) اهـ. قلت: الكلام في الإحداث مع أن أرض العرب لا تقر فيها كنيسة ولو قديمة فضلا عن إحداثها] انتهى كلام ابن عابدين.
(37) خصائص الجزيرة العربية للشيخ بكر أبو زيد (بتصرف يسير)
منقول: http://www.dorar.net/weekly_tip.php?tip_id=49(/)
الرباط وفقهه .... سلاحنا عندما يحتدم الصراع
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 02:37]ـ
الرباط وفقهه .... سلاحنا عندما يحتدم الصراع
أبو يونس العباسي
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه , وسلم تسليما كثيرا , وبعد ....
- كنت أمشي في أحد شوارع المدينة , وكان الناس كعادتهم قد اجتمعوا , كل خمسة يتحدثون على حدة , وعلى طول الشارع الذي كنت أسير فيه , وكانت مجموعة من هذه المجموعات يتحدثون عن الواقع المؤلم في القطاع , وكانوا بين متفائل صابر , ويائس جزع , حتى قال أحدهم: يا إخواننا اصبروا , وإلا فكيف ستحصلون على أجر الرباط , وكيف ستسمون مرابطين , قلت في نفسي: لقد صدقت ياعماه , لو فقه الناس فقه الرباط , لما كان الصراع مع أعداء الله على هذا الحال , ولكان وضعنا أفضل وأحسن بمرات ومرات.
أحبتي في الله: في وقت تزداد فيه وطأة الكافرين والمرتدين من طواغيت العرب والعجم على منهج محمد - صلى الله عليه وسلم , وأتباع منهج محمد - صلى الله عليه وسلم - نحتاج إلى عزيمة قوية لنصمد في وجوههم , ثم لتكون العاقبة لنا بإذن الله تعالى , حقا أنني أرى أن المسلمين خاصة ممن يسكنون في " ميادين الصراع " , أو بتعبير سلفنا الصالح في " الثغور "بحاجة إلى معرفة الرباط وفقهه , فإن لهذا الفقه كبير الأثر في ثباتنا وتمسكنا بديننا , له كبير الأثر في حمايتنا من فقه الانبطاح ومشائخه , وفقه الانكسار ورهبانه , وفقه الرضى بالأمر الواقع وأحباره , وفقه الركوع لغير الله رب العالمين وأساطينه.
- أحبتي في الله: والرباط إن وددتم معرفة المقصود به ... فهو: المكوث على الثغور لقتال العدو المحارب , ولكن لابد أن نعلم بأنه: ليس كل من رابط فهو مرابط , هناك من يرابط من أجل جعل كلمة الله هي العليا , وكلمة الذين كفروا هي السفلى , هذا هو الرباط الذي نقصده من مقالنا , ونرضى به , وندعوا إليه , وهناك الرباط في سبيل الطاغوت , من أجل الدنيا , رباط يحمي فيه أصحابه الطاغوت وسلطانه , رباط يحفظ أصحابه فيه مصالح الكافرين , كرباط الجنود الأشاوس على الحدود المصرية الفلسطينية , أو الفلسطينية الأردنية , أو رباط مغاوير السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة , وقبل ذلك في غزة حتى من الله علينا , والذين يحولون بين المجاهدين وبين قتال اليهود , ألا فقبح الله رباطا مثل هذا الرباط.
- أحبتي في الله: وإن معنى الرباط ليس محصورا في قتال أعداء الله تبارك وتعالى , بل إن الثبات على الطاعات , والمداومة عليها , والصبر على مشاقها , هو من الرباط في سبيل الله - سبحانه وتعالى - , بل إن الرباط العسكري , لا يؤتي أكله إلا بقدر ماعند صاحبه من رباط على طاعة المولى - سبحانه وتعالى - , والدليل على هذا الفهم: ذلكم الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط" , يا أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -: إن ثباتكم على عقيدتكم في زمن التفريط رباط , يا أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -: إن ثباتكم على مبائكم في زمن التفريط رباط , يا أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -: إن ثباتكم على منهج ربكم , في زمن التفريط رباط , ولا بد هنا أن نعلم: بأن التفريط في المبادئ والثوابت والأصول , الكل يحسنه , فلا ميزة لأحد على أحد فيه , ولكن ما لا يحسنه الكثيرون: هو الصبر على هذه المبادئ والثوابت والأصول , وهنا يتميز لطالب الحق فريقان: فريق باع الدين بمتاع من الدنيا الزائل , وفريق آخر: باع الدنيا من أجل رب العالمين , قال الله تعالى عن الفريق الأول: " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ" , وقال رب العالمين في حق الفريق الثاني:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ " , وقال عنهم في موضع آخر:" إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى
(يُتْبَعُ)
(/)
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
-أحبتي في الله: وإذا أحببتم أن تكونوا من منتسبي الطائفة المنصورة والفرقة الناجية , فاعلموا أن أبرز صفات هذه الطائفة , أنها طائفة مرابط أهلها , صابر أتباعها على الحق وتبعاته , فكما تحمل سلفنا الصالح هذه الرسالة , وتكبدوا المشاق حتى أوصلوها إلينا , فلا بد علينا أن نتحمل هذه التبعة , ونسلم الراية للجيل الذي سيأتي بعدنا , محتسبين في ذلك كله وجه الله الكريم , وغير مكترثين برضى أحد إلا برضاه , ولا بسخط أحد إلا بسخطه , ولا بمخالفة أحد إلا بمخالفته , أخرج أبو داوود في سننه وصححه الأباني من حديث ثوبان: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تزال طائفة من أمتي , على الحق ظاهرين , لا يضرهم من خالفهم , حتى يأتي أمر الله " , فهم هنا ثابتون على الحق (كل الحق) مرابطون على حدوده , حراس له , لا يسمحون لأحد أن ينتهك حرمته , فهم مرابطون عليه: بالتمسك به والالتزام به في حق أنفسهم , وبالدعوة إليه بألسنتهم , والرد على الشبه حول الحق الذي يعتقدونه , وبالجهاد دونه بالسيف والسنان , وذلك إلى قيام الساعة , أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى قيام الساعة " قلت: تدبر هذا الحديث , ثم تأمل الدعاوى التي يثيرها البعض بعدم شرعية الجهاد في هذه الآونة , سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.
- أحبتي في الله: ومن الآيات التي تحدثت عن الرباط: قوله سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " , والمقصود بقوله تعالى: "اصبروا" , أي على الدين وتكاليفه , وهذا من الرباط كما علمنا , وأما قوله تعالى: "وصابروا" , أي على قتال عدو الله وعدوكم , وذلك بالتجلد في القتال , وعدم الرضا بالهزيمة , وهذا من الرباط كما علم آنفا , وأما قوله تعالى:" ورابطوا": أي رابطوا عدوكم حتى يترك دينه لدينكم , وهذا هو المقصود الأسمى للقتال , وقيل في معنى قوله تعالى:" ورابطوا " من الرباط وهو ملازمة المكان بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين أي أقيموا على الجهاد , وأما قوله تعالى:" واتقوا الله " أي اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية , وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه , وأما قوله تعالى:" لعلكم تفلحون ": أي إن فعلتم ذلك كله , ومن الآية يتبين لكل متدبر أهمية الرباط , ومكانة الرباط عند الله تبارك وتعالى , وليتأمل الواحد منا في هذه الآية وخاصة في قوله تعالى:" ورابطوا " , فهو فعل أمر, والأمر للوجوب إلا إذا صرفه صارف.
- أحبتي في الله: ولأن الرباط ذو مكانة سامقة عند الله تعالى , فقد رتب الله عظيم الجر لمن يمارسه , ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها) , وأخرج مسلم في صحيحه عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان) , وفي سنن أبي داوود وصححه الألباني عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر" , وغيرها من الأحاديث التي لو قرأها المسلمون بعيونهم فرسخت في قلوبهم , ما طابت أنفسهم ان يتركوا الرباط والمكوث في أرض الرباط , ونصرة أهل الرباط , وإن رغبتنا في الجنة وما فيها من نعيم , وخوفنا من النار وما فيها من جحيم , هو الذي يدفعنا للرباط , وللدعوة إلى الرباط في سبيل الله تعالى , كيف لمؤمن أن يترك الرباط وهو السبيل إلى الحياة الأبدية السرمدية التي لايفنى نعيمها!!! , قال الله تعالى:" وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " , كيف لمؤمن أن يترك الرباط , وهو السبيل للحصول على ما عند الله تعالى!!! , قال الله تعالى:" ما عندكم ينفد وما عند الله باق ", والعجب العجاب , ومع كل ما قلنا , تجد الكثيرين من المسلمين يزهدون في الرباط , ويصعب عليهم التضحية بالدنيا وملذاتها , ولو كان ذلك من أجل الله تبارك وتعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 02:39]ـ
لمن يرغب في المزيد: الجزء الثاني من المقال
*
*
*
*
*
*
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 02:40]ـ
الرباط وفقهه .... سلاحنا عندما يحتدم الصراع (2)
أبو يونس العباسي
- أحبتي في الله: إن من يتذمر من مشاق الرباط , ووطأة الأعداء في ميادين الرباط , وتصدر منه كلمات التجزييع والتيأييس وعدم الصبر وعدم الرضا بهذا الواقع , ويرجوا لو خرج من ميادين الرباط في أقرب فرصة تسنح له , لهو إنسان يغفل شأن الرباط وفضله ومكانته وعظيم الأجر الآتي من ورائه من عند الله رب العالمين , وإن من الواضح عند كل ذي لب أن من يتذمر من الرباط هو إنسان يعيش بدون هدف , بل هدفه الوحيد هو الدنيا , وملذاتها وشهواتها , وشتان بين من كان الرحمن هدفه , وبين من كان الشيطان هدفه , لا يستتون عند الله , ولتعلموا جميعا: إن واجبنا تجاه هذه الأفكار أن نجاهدها ونبين خطرها , ونفضح عوارها , ونبين الهدف والغاية التي نريدها من وراء الرباط ألا وهي: ظهور الدين ورفعة كلمته , والقضاء على الباطل وإزهاق صولته وجولته , قال الله تعالى:"قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".
أحبتي في الله: وإن الرباط ليس مختصا بالمداومة على العبادة والحراسة على الثغور , بل يدخل فيه كل ما يخيف العدو ويؤرقه , ويضعف من قوته , ويساهم في قوة دولة الإسلام ورفعتها , كما أفاد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى , قال الله تعالى:" مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " , فالتعليم والتعلم - إن قصد به وجه الله - ثغر من ثغور الرباط , ومؤسسات الخدمة العامة والعمل فيها ثغر من ثغور الرباط , والمؤسسات الصحية والخدمة فيها , ثغر من ثغور الرباط , وميادين الأعمال المهنية ثغر من ثغور الرباط , وأن تخدم الإسلام وترفع كلمته , في عملك أيا كان , فهو من الرباط في سبيل الله , قال الله تعال:" وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" , أخرج البخاري في صحيحه زيد بن خالد رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا " , إذن: فالمرابط ومن يؤمن له حاجياته , ويؤمن لأهله حاجياتهم كذلك , له حظ ونصيب من أجر الرباط , ونحن كنا ولا زلنا أمة متعاونة (على وجود الاختلاف الوضح بين كنا ولا زلنا) , كل يخدم المشروع على حسب طاقته ومواهبه وقدراته , قال الله تعالى:"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب"
-أحبتي في الله: ولعلكم تسألون: ما هي العلاقة بين الرباط وبين الصبر , فأقول لا يكون هناك رباط بدون صبر , فالرباط شكل من أشكال الصبر , وبالصبر أمرنا الله أن نستعين على متاعب الحياة , قال الله تعالى:" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" , وبالصبر يدخل المؤمنون الجنة , بالصبر على الطاعة , وعن المعصية , وعلى أقدار الله تعالى , قال الله تعالى:"سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " , وكمال الصبر صفة أولي العزم من الرسل , قال الله تعالى:" فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ " , والصبر على منهج الله , وعدم التفريط في شيئ منه ,
(يُتْبَعُ)
(/)
وخاصة في الظروف الحالكة , دليل على صدق الانتماء لله ولرسوله , قال الله تعالى:" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك هم الصادقون " , ويكفي الصابرون أن المولى - جل جلاله - يحبهم , قال الله تعالى: " والله يحب الصابرين ".
- أحبتي في الله: وإذا سألتم عن السر في زهد الناس في الرباط , قلت لكم: حب الدنيا وكراهية الموت , فهذا هو المرض العضال الذي ابتليت به الأمة , وسبب لها ما سبب من أمراض ونكبات وبلاءات , وهو مرض حذرنا منه الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - , أخرج أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه وصححه الألباني من حديث ثوبان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: لا و لكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم و ينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا و كراهيتكم الموت", وإن الحياة الدنيا إنما تذم إذا ألهت عن الآخرة , وشغلت عن محاب الله سبحانه وتعالى , وإلا من سخرها للوصول للآخرة , فنعم الصنيع صنيعه ,ونعم الفعل فعله , قال الله تعالى:" وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " , وإذا أردتم معرفة منزلة الدنيا عند الله فها هي منزلتها: قال الله تعالى:" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا " , وقال سبحانه وتعالى:" إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " , وقال ذو العزة والجبروت:" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ".
-أحبتي في الله: كثيرون هم من أهل بلدي من يرجون الخروج من أرض الرباط , وكثيرون هم الذين يرغبون أن يشاركوننا أجر الرباط من السلمين , لو سنحت لهم الفرصة , فجلست مع نفسي , وقلت: هل لو سنحت لك فرصة الخروج هل ستخرج؟ هل ستخرج لتتخلص من هذا الواقع الأليم والأليم جدا؟ رغبت بذلك , ولكن منعتني الآيات والأحاديث التي ذكرنها قبلا , والتي سأذكرها الآن , منعني من الخروج ذلك الحديث الذي صححه الشيخ الألباني في فضائل الشام ودمشق من حديث زيد بن ثابت: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام (وفي احدى الروايات لأهل الشام) قالوا يا رسول وبم ذلك قال تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام" , وددت الخروج , ولكن منعني قوله - صلى الله عليه وسلم - كما عند أبي داوود وصححه الألباني عن ابن حوالة وهو عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيصير الأمر أن تكونوا أجنادا مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق "
قال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك , فقال: " عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله توكل وفي رواية تكفل لي بالشام وأهله " , وددت أن أخرج , ولكن منعني قوله - صلى الله عليه وسلم - كما عند الطبراني وصححه الألباني من حديث عبد اللع بن عمروا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فنظرت فاذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام ألا ان الايمان اذا وقعت الفتن بالشام " , وفي فضائل الشام ودمشق وصححه الألباني من حديث ابن حوالة قال:" يا رسول الله اكتب لي بلدا أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم اختر على قربك قال عليك بالشام ثلاثا فلما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) كراهيته للشام قال هل تدرون ما يقول الله عز وجل يقول ياشام يا شام يدي عليك يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي أنت سيف نقمتي وسوط عذابي أنت الأندر واليك المحشر ورأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة قلت ما تحملون قالوا نحمل عمود الاسلام أمرنا أن نضعه بالشام وبينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض فأتبعت بصري فاذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه وليستق من غدره فان الله قد تكفل لي بالشام وأهله حديث صحيح دون قوله يا شام يا شام يدي عليك يا شام وقوله أنت سيف نقمتي وسوط عذابي أنت الأندر.
- إخواني الموحدين: هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء, إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم: أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رشد]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 03:01]ـ
أسأل الله أن ينصر إخواننا في قطاع غزة ...
وحبذا أخي العباسي تعطينا لمحة عن حال أهالي قطاع غزة ... فهم إخواننا(/)
آداب النزهة والسفر
ـ[محمد اليحيى]ــــــــ[23 - Jul-2008, صباحاً 10:19]ـ
أيها الإخوة الفضلاء: هذا رسالة صغيرة الحجم، أردت من خلالها تعريف عامة الناس بالآداب والسنن المتعلقة بأسفارهم وتنزهاتهم، وسوف تخرج بإذن الله على شكل كتب صغير أو مطوية، توزع في المطارات والمحطات البترولية وغيرها، لذا آمل من الإخوة إبداء الملاحظات على هذه الرسالة قبل نشرها، ليعم النفع. علماً بأني لم أثبت المراجع، حتى لا تطول الرسالة على العامة فيزهدوا فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
(آداب النزهة والسفر)
الشريعة المحمدية جاءت من عند الله، كاملة شاملة لجميع شؤون الحياة كلها، فما من فعل إلا وللشريعة فيه حكم، إما الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة أو الكراهة أو التحريم، والحكم يختلف باختلاف الأفعال والنيات. ولما طبع الناس على حب الخروج إلى البرية، والضرب في الأرض بالأسفار والرحلات، جاءت الشريعة بجملة من السنن والآداب المتعلقة بهذا الأمر. هذه الرسالة التي بين يديك، تحمل مجموعة من السنن والآداب المتعلقة بالرحلة والسفر، منها المشهور الذي يحسن التذكير به، ومنها الخفي الذي ينبغي التنبيه عليه. فاجتهدا أيها المسلم والمسلمة في التطبيق، حتى لا تطوى صحيفة يومكما من دون عمل صالح. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي).
وهذه السنن والآداب كما يلي:-
أولاً:-الاستخارة. تعرض للمسلم أمور كثيرة في الحياة، يحتار في اختيار أحسنها، وقد جاءت الشريعة بسنة عظيمة، هي من أسباب توفيق الله له في اختيار أصلحها، وهي سنة الاستخارة، ومعناها: طلب الخير ممن بيده مفاتيح الخير، ثم التوكل عليه والرضا بقضائه. والاستخارة بديل عما كان يفعله المشركون من زجر الطيور أو الاستقسام بالأزلام أو الاستدلال بالنجوم و الأبراج. يقول جابر رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ? يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآن () يَقُولُ:" إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ () ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ (أي: أطلب منك الخير لأنك العالِمُ بالخير) وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ (أي: أطلب منك القدرة على الخير لأنك القادر عليه) وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ (ويسمي حاجته) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي (أي: حياتي) وَعَاقِبَةِ أَمْرِي (أي: آخرتي) أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ، شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ (أي: كل واحد منا اصرفه عن الآخر) وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي به" رواه البخاري
ثانياً:-الاستشارة. الناس يختلفون في تجاربهم وخبراتهم، والموفق من استشار أصحاب الخبرة والاختصاص، كل في عمله، فيسأل أصحاب السفريات عن أفضل الطرق، ويسأل أهل البلد عن أفضل الأماكن وهكذا. وفائدة الاستشارة: أنها تختصر على الإنسان أموراً كثيرة، قد يعاني منها لو وقع فيها. وعلى من استشير في شيء أن ينصح في استشارته. يقول النبي? "إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ "رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح غريب. وقال"حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ. وذكر منها: وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ "رواه مسلم.
ثالثاً:- تسديد الديون الحالة، وتأمين النفقة لمن تلزمك نفقته، والتخلص من مظالم الخلق، فإن الشقي التعيس من دعا عليه مظلوم في ظلمة الليل. قال "?اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ "رواه البخاري ومسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
رابعاً:- أخذ الاحتياطات اللازمة للنزهة والسفر، حتى لا تكون عالة على غيرك، وقد بايع بعض الصحابة النبي? على ألا يسألوا الناس شيئاً، رواه مسلم. وأخذ لوازم السفر، سبب لعدم سؤال الناس. ومما يحسن التنبه له: تفقد إطارات السيارة و سوائلها وأجهزتها. حتى لا تقع في موقف ترثى له. وإذا تعطلت إحدى محركات السيارة فقل: بسم الله. فعن أبي المليح عن أبيه قال: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ? فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ:" لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ "رواه أبو داود والنسائي في الكبرى وصححه النووي.
خامساً:-الخروج يوم الخميس إن تيسر ذلك. قال كعب بن مالك رضي الله عنه: لقلما كان رسول الله ?يخرج إذا خرج في سفر، إلا يوم الخميس. رواه البخاري
سادساً:-التوديع يستحب للمسلم توديع الأقربين من أهله وأقاربه وأصحابه وجيرانه. قال سالم بن عبد الله كان ابن عمر يقول للرجل إذا أراد سفراً: ادن مني أودعك، كما كان رسول الله? يودعنا فيقول:"أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ (أي: أطلب من الله حفظ) دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ (أي: أهلك ومالك) وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ "رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح غريب. وفي رواية قال?"إذا اُسْتُودِعَ (أي: اُستحفِظ) اللهَ شيئاً حَفِظَهُ" رواه النسائي في الكبرى وحسنه ابن حجر. وفي رواية قال: كان النبي? إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا يَدَعَها حتى يكون الرجل هو يدعُ يدَ النبي?.رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال أنس رضي الله عنه: جاء رجل إلى النبي? فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَالَ:" زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى" قَالَ: زِدْنِي قَالَ:" وَغَفَرَ ذَنْبَكَ" قَالَ زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ:" وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ"رواه الترمذي وحسنه ابن حجر. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأَوْصِنِي قَالَ:"عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ" (أي: مرتفع) فَلَمَّا أَنْ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ:"اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ"رواه الترمذي وحسنه وقال أبو هريرة رضي الله عنه: بعثنا رسول الله? في بعث ثم أتيناه نودعه، حين أردنا الخروج. رواه البخاري. ويستحب أن يُودِع المسافرُ غيره بما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي? قال:"من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف: أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الذِيْ لا تَضِيْعُ وَدَائِعُهُ"رواه ابن ماجة وابن السني واللفظ له وحسن إسناده ابن حجر.
سابعاً:- تجنب سفر المسلم وحْدَه. قال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيّ?" لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، (أي: من الآفات التي تعترضه) مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَه"رواه البخاري. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيّ?"الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ" رواه الترمذي وحسنه. قال ابن عبد البر رحمه الله: الشيطان هو: البعيد عن خير الرفيق وعونه، فلا يؤمن على المسافر، أن تعترضه الشياطين، وإذا كانوا ثلاثة زال الخوف في الأغلب. وقال ابن عثيمين رحمه الله: وهذا يدل على الحذر من سفر الإنسان وحده، ولكن هذا في الأسفار التي لا يكون طريقها مسلوكاً بكثرة، وأما الأسفار التي يكون طريقها مسلوكاً بكثرة، فإن هذا لا يعد انفراداً في الحقيقة، لأن الناس يمرون به كثيراً، فهو منفرد في سيارته، وليس منفرداً في السفر بل الناس حوله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثامناً:- الإمارة. تأمير أحد الرفقة من أهم الأمور، والرفقة التي ليس فيها أمير عاقل خبير، عرضة للشقاق والتفرق والتحزب، قال أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: قال النبي? "إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ" رواه أبو داود وحسنه النووي. قال الإمام ابن تيمية: لا بد للناس عند الاجتماع من رأس، وقد أوجب النبي? تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع. أ.هـ ثم إنه لابد من طاعة الأمير، وعصيان أمير الرفقة، يترتب عليه شر ونزاع عظيم، والموفق من هداه الله لطاعة أميره، حتى لو خالف ما يعلمه أو يهواه، ما لم يأمر بمعصية. قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال النبي?:"مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي " رواه البخاري ومسلم.
تاسعاً:- دعاء الركوب. للركوب دعاء خاص مهم، يحرص عليه المسلم كلما ركب سيارته. قال علي بن ربيعة قال: شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا (أي: ذلل لنا هذا المركوب) وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (أي: قادرين على تذليله) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ? فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ، قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي" رواه أبو داود والترمذي وصححه.
عاشراً:- دعاء السفر. هذا الدعاء فيه التجاء العبد لربه واعتصامه بخالقه وتوكله عليه وتفويض أموره إليه. قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله? إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ (أي: بعد مفارقة البلد) كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ:" {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا (أي: ذلل لنا هذا المركوب) وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (أي: قادرين على تذليله) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ (أي: مُصاحِبنا في سفرنا، وحَافظٌ لنا أهلنا) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ (أي: مشقته) وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ (أي: تغيره) وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ (أي: المرجع) فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ" رواه مسلم وفي حديث عبد الله بن سَرْجِسَ " وأَعُوذُ بك من الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ (أي: الانحراف بعد الاستقامة) وَمن دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ"رواه مسلم.
الحادي عشر:- الاستفادة من الطريق. يحسن بالمسلم أن يستفيد من طول الطريق، بسماع الأشرطة النافعة من محاضرات دينية، أو قصائد وأناشيد، تُعلم الأدب وتُبعد الملل. وليحذر من سماع مزامير الشياطين وآلات اللهو. قال أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُول اللَّهِ?" لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ" رواه مسلم. فكيف بك يا سامع الغناء، إذا ذهبت عنك ملائكة الرحمن وركبت معك الشياطين، ألا تخشى أن تكون عرضة للمصائب والنكبات.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني عشر:- مراعاة آداب الطريق، من التزام السرعة النظامية، وعدم إيذاء الناس بالمنبهات المزعجة أو الأنوار البيضاء أو الوقوف في وسط الطريق أو رمي المخلّفات في الطرق. ولقد أرشد النبي? بعبارة مختصرة، شاملة لجميع مخالفات الطريق فقال:"أَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ "رواه البخاري ومسلم.
الثالث عشر:-التكبير والتهليل والتسبيح، يمر المسافر بأماكن مرتفعة وأماكن منخفضة، والسنة أن يكبر ويهلل إذا صعد، ويسبح إذا نزل. يقول جابر رضي الله عنه:"كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا".رواه البخاري ومسلم. وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه قال:"هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا".رواه البخاري ومسلم.
الرابع عشر:- الدعاء في الليل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي? كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ (أي: دخل وقت السحر) يَقُولُ:" سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ (أي: ليسمع السامع حمدنا لله) وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذًا بِاللَّهِ (أي: معتصماً به) مِنْ النَّارِ" رواه مسلم. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ? إِذَا سَافَرَ فَأَقْبَلَ اللَّيْلُ قَالَ:"يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ، وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ (أي: الحية العظيمة التي فيها سواد)، وَمِنْ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ الْبَلَدِ (أي: الجن)، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (أي: كل مخلوق كبير أو صغير) "رواه أبو داود وحسنه ابن حجر.
الخامس عشر:- دعاء دخول القرية، إذا أقبل المسلم على قرية أو مدينة، فإنه يسن له أن يذكر الدعاء الوارد في ذلك. فعن صهيب رضي الله عنه أن النبي? لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها" اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن (أي: حملن) ورب الشياطين وما أضللن (أي: غوين) ورب الرياح وما ذرين (أي: أطارت وأزالت) فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها". رواه النسائي في الكبرى وحسن إسناده ابن حجر.
السادس عشر:- الأذان والصلاة، ليحرص المسلم على الأذان والصلاة في المنتزهات والصحاري ففيه فضل عظيم. قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال النبي?:"لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"رواه البخاري. وفي حديث ابن عمر"يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُؤَذِّنِ مُنْتَهَى أَذَانِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَ صَوْتَهُ" رواه أحمد وصحح إسناده المنذري. وفي حديث أبي أمامة"وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ" رواه النسائي وجود إسناده المنذري. وأما عن الصلاة فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال رسول الله? "الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً فَإِذَا صَلَّاهَا فِي فَلَاةٍ (أي: أرض صحراء) فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلَاةً" رواه أبو داود وحسن إسناده ابن مفلح.
السابع عشر:- دعاء النزول، إذا نزل المسلم منزلاً فإنه يستحب له أن يدعو بالدعاء الوارد في ذلك. قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها: سمعت رسول الله? يقول:"مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ (أي: أعتصم) بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ" ().رواه مسلم.
الثامن عشر:- مراعاة نظافة الأماكن والمنتزهات، فاحرص على عدم رمي المخلفات، من الزبائل وبواقي الأطعمة في طرقات الناس أو تحت ظلال الأشجار، وإذا كنت تحب الأماكن النظيفة، لتجلس فيها مرتاحاً مع أهلك، فكذلك من بعدك يحب ذلك. وانتبه أن يلعنك الناس بسبب تلويث متنزهاتهم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي? قال:"اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ (أي اللذين يسببان اللعن) قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى (أي: يقضي حاجته) فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ" رواه مسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
التاسع عشر:-الحرص على العفاف والحشمة وعدم التبرج والفتنة. فانتبه أخي المسلم على أهلك من لصوص البشر، وقراصنة الأعراض، وسراق الشرف والفضيلة. واحرص على تسترهم، وجنبهم العبايات المزخرفة والنقاب الواسع، وتفقد جهاز الجوال وخدمة البلوتوث، ولكن دون تعقيد وتضييق، فكن وسطاً بين طرفين. قال جابر بن عتيك كان النبي الله? يقول:"مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ (أي: في مواطن الشك) وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ" رواه أبو داود وحسنه الألباني.
العشرون:- تجنب حضور الحفلات الغنائية، والذهاب إلى أماكن اللهو والمحرمات، وإن من أعظم المصائب، أن تسن المحرمات وتنظم، وتوضع لها الدعايات، وتهيأ لها الأماكن، ويعتنى بها أشد من العناية بمجالس الدعوة وأماكن الخير. قال أبو عامر أو أبو مالك الأشعري: قال النبي?:"لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ (أي: يحللون) الْحِرَ (أي: الزنا) وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ (أي: آلات اللهو والعزف) "رواه البخاري.
الواحد والعشرون:- دعاء الرجوع من السفر، يسن للمسلم إذا رجع إلى أهله، أن يعيد دعاء السفر ويزيد عليه، ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي? إذا رجع قال:"آيِبُونَ (أي: راجعون) تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"رواه مسلم. وفي حديث ابن عمر أيضاً أن رسول الله? كَانَ إِذَا قَفَلَ (أي: رجع) مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ () يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ (أي: مرتفع) مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ" () وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ النَّبِيُّ?:" آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ. رواه البخاري ومسلم.
الثاني والعشرون:- التعجل إلى الأهل، يستحب للمسلم أن يتعجل إلى أهله، عند انتهائه من سفره. قال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي?:"السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ (أي: الألم والمشقة) يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ (أي: حاجته) فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ"رواه البخاري ومسلم
الثالث والعشرون:- إخبار الأهل بالقدوم، يستحب للمسافر أن ينبه أهله قبل الدخول عليهم. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله? لا يطرق أهله ليلا وكان يأتيهم غدوة أو عشية. رواه البخاري ومسلم. وقال جابر رضي الله عنه:قال رسول الله?:"إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الْغَيْبَةَ () فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا"رواه البخاري ومسلم. وقال جابر: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ?فِي غَزَاةٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا، أَيْ عِشَاءً، كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ " (أي: تزيل شعر عانتها بعد غياب زوجها) رواه البخاري ومسلم. قال النووي: يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة، وإذا علمت امرأته أنه قادم، فلا بأس بقدومه متى شاء، لزوال المعنى الذي نهي بسببه، فإن المراد أن يتأهبوا وقد حصل ذلك ولم يقدم بغتة. ويؤيد ما ذكرناه ما جاء في الحديث الآخر" أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا " وذلك أنهم أرادوا الدخول في أوائل النهار بغتة، فأمرهم بالصبر إلى آخر النهار، ليبلغ قدومهم إلى المدينة. أ.هـ فعلى ذلك من أخبر أهله بمجيئه عن طريق الهاتف، فإنه يزول النهي في حقه، ويأتي متى شاء.
الرابع والعشرون:- سنة الوصول إلى البلد، من فضل الله عليك وحفظه لك، أن يوصلك إلى أهلك وبلدك صحيحاً معافى، وشكراً لهذه النعمة، يستحب لك الذهاب إلى المسجد قبل كل شيء، والصلاة فيه ركعتين لله تعالى. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: لَمَّا قَدِمَ النبي?الْمَدِينَةَ، أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ، فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. رواه البخاري مسلم. وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: كَانَ رسول الله? لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا فِي الضُّحَى، فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. رواه البخاري ومسلم.
الخامس والعشرون:-الدعاء عند دخول البيت، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كان رسول الله? إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فدَخَلَ أَهْلَهُ قَالَ:" تَوْبًا تَوْبًا، لِرَبِّنَا أَوْبًا (أي: رجوعاً) لَا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْبًا (أي: توباً ورجوعاً لا يدع ذنباً) " رواه أحمد والحاكم وحسنه ابن حجر.
السادس والعشرون:- الطعام عند القدوم. من آداب الإسلام، ومحاسنه العظام، إظهار الفرح والسرور، وتغذية الروح الإنسانية، بما يوافق الطباع السليمة، وإن من الآداب الواردة عن نبينا الكريم ما يسمى بالنَّقِيعَة، وهي: طعام القدوم، إظهاراً لبهجة الإنسان عند قدومه لبلده. قال جابر رضي الله عنه: لَمَّا قَدِمَ رَسُولَ اللَّهِ? الْمَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً. رواه البخاري ومسلم. انتهى،،، إعداد/محمد اليحيى25/ 6/1429هـ(/)
أي شرف هذا؟!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 04:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أي شرف هذا؟!
كثيرة هي الأحداث التي تمر بالإنسان؛ بيد أن ثمة أحداث لا يمكن تجاوزها , فقد تكون كما يقال نقطة تحول أو مفترق طرق في حياة المرء!
هذه الأحداث لا يمكن للإنسان أن ينساها , وأنَّى له نسيانها وقد كانت في يوم من الأيام حديثه الذي لا يمل منه؛ فيذكره في كل مجلس , ومع كل أحد , ويسعد بسؤال الناس له!
والناس يختلفون في هذا , كما هي الأحداث فإنها تختلف , وحديثنا عن حدث يعتبره الإنسان شرفاً! فبعض الناس يعتبر وقوفه بين يدي عالم من العلماء الراسخين شرفا , وبعضهم يعده في أصحاب الأموال , وبعضهم في الوزراء أو الرؤساء أو الملوك!
وليسأل كل منا نفسه من الشخص الذي يعتبر وقوفه أمامه شرفا!
وبعض الناس كذلك يعد زيارته للأهرامات أو سور الصين العظيم أو متاحف تركيا أو جنان ماليزيا أو .. أو .. من الآثار السياحية يعده شرفا يفخر به ويذكره ولا ينساه!
وفي هذا نوع حق! لكن ثمة أمر يكون عند بعضنا يحزّ في النفس , وإن كان العذر فيه أن كثرة المساس تقلل الإحساس إلا إنه لا يُسلَّم له به!
طرأ لي عمل ليوم واحد لزم منه السفر إلى المدينة المنورة , تلك المدينة الطيبة على ساكنها أفضل صلاة وأزكى تسليم , وفي الطريق إليها تنظر إلى الجبال العجيبة , وتسأل نفسك: أيُعقل أن الإنسان الذي هو كالذر عندما يقف بجوار أحدها , يقرأ القرآن مرة تلو أخرى ولا يتأثر! بينما لو نزل هذا الكتاب على هذه الجبال لتصدعت من خشية الله! أم هذه الجبال التي كادت أن تكون هدّا عندما نُسِبَ إلى ربها الولد وتجد بعض أقوامنا يريد بنا السير سيرهم , ويفخر بذلك!
وصلت إلى الحرم , وذهبت للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه , وفي الطريق إلى الحجرة الشريفة كنت أتأمل , ولاسيما أن السير بطيء نوعا ما , حتى وصلت إليها وسلمت وخرجت.
فقلت: سبحان الله؛ أي شرفٍ هذا الذي نلته بأن تقف في مكان ليس بينك وبين أشرف الخلق وأحبهم إلى خالقهم إلا بضع أمتار!
هذا الذي يسجد تحت العرش , ويشفع للخلق! من كلّمه ربه وأسرى به إلى سدرة المنتهى! من لم يأذن الله تعالى أن يفتح باب الجنة لأحد قبله فيكون أول من يدخلها!
وأي شرف هذا الذي نلته بأن جعلك الله من أمة الإسلام , فتدخل هذا المكان , بينما أكثر من خمسة مليار إنسان محرمون وممنوعون من دخوله!
وأي شرف هذا الذي نلته بأن تأتي لهذا المكان بينما قرابة نصف مليار مسلم يتمنون زيارته ولا يجدون إليه سبيلا!
ثم إني تعجبت لأمرين:
الأول: قدم عهد بعض المسلمين بالمسجد النبوي – مع تعاهدهم لبعض الدول – مع قربهم منه ويسر حالهم! حتى إنه ليُخيَّل لك أن المسجد لا يوجد فيه إلا إحدى الطوائف لكثرتهم – لا كثرهم الله -! فأين أهل السنة والمذهب الحق؟! فحضورهم له وتعاهدهم , له أثره لو كانوا يعلمون!
الثاني: الزيارة البدنية عند زيارته , فلا تجد أن النفس تتغير , ولا الروح تطيب , ولا القلب يسعد , ولا الحب يزداد عند بعض المسلمين , وكأنهم لم يعلموا أنهم في مكان فيه أشرف الخلق , ومنه انطلق نور الإسلام , وإليه يأرز الدين , وفيه نزل الوحي , وعنه أبعد الدجال , ولها دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة!
فالله اسأل أن يصلح الحال والبال , والعباد والبلاد , وأن يكفي أمة الإسلام الشرور والفتن وأن يجعل كيد من أراد بها كيدا في نحره وأن يجعل عاقبة أمره خسرا ,,
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ...(/)
للنقاش العلمي المهذب _قول المرأة للرجل الأجنبي:إني أحبك في الله
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 06:34]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني بارك الله فيكم إنتشر بين الأخوات وللاسف قولهن للمشايخ وطلاب العلم: إني أحبك في الله وهذا أمر سئ جدا يحزنوني كثيرا فأرجو من الأخوة مناقشة هذا ا لموضوع والبحث فيه
لكن على شرط لا أتنازل عنه ولن أسامح من يتعدى هذا الشرط وهو أن يكون النقاش علميا بحت من غير ما تعصب ولا قول بغير علم وأن ننزه هذا البحث من الألفاظ التي لا تليق بطلاب العلم من التهكم بالبعض والسخرية منهم هذا أمر لا يليق بمسلم فضلا عن طالب علم
وجزاكم الله خيرا وفي إنتظار المشاركة وللعلم هذا أمر منتشر جدا فأرجوا الإهتمام
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 07:46]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمعت الشيخ ابن عثيمين يقول لا ينبغي أن تقول المرأة للرجل أحبك في الله.
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 07:55]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمعت الشيخ ابن عثيمين يقول لا ينبغي أن تقول المرأة للرجل أحبك في الله.
جزاك الله خيرا على مشاركتك أرجو التوسع في البحث والنقاش من ذكر أدلة ونحو ذلك حتى يكون بحث قوي ماتع نقدمه للأخوات لعله يكون سببا في هدايتهن
وجزاك الله خيرا
ـ[عبدالله السلمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 12:23]ـ
قولهن للمشايخ وطلاب العلم: إني أحبك في الله وهذا أمر سئ جدا
ليسمح لي الأخ أبو زياد بالإستفادة من موضوعه وطرح السؤال:
ماذا لو لم تخاطِب بهذا القول من تعنيه
كأن تقول مثلا إني أحب الشيخ ابن باز -رحمه الله - في الله
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 01:41]ـ
ليسمح لي الأخ أبو زياد بالإستفادة من موضوعه وطرح السؤال:
ماذا لو لم تخاطِب بهذا القول من تعنيه
كأن تقول مثلا إني أحب الشيخ ابن باز -رحمه الله - في الله
شكراً لك أخي عبدالله ... على طرح هذا السؤال المهم ..
ننتظر الردود ..
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:25]ـ
أنا أيضاً وجدت الشيخ سعد بن حميد كتبت سائلة تستفتيه إني أحبك في الله
فقال لا ينبغي للمرأة أن تقول للرجل إني أحبك في الله، و إنما هذا يقوله الرجل للرجل
و الذي ورد أنه إذا أحب أحدنا أخاه فيخبره أنه يحبه في الله، فالأخ خاص بالرجل، و مع أن النساء شقائق الرجال، فما ورد في الأوامر للرجال يجب على النساء لكن هذا ليس دائما و إنما ربما يقال أنه يدخل في النص أن المرأة إذا أحبت المرأة تقول لها إني أحبك في الله، لأن النساء شقائق الرجال
أما أن تحب المرأة الرجل في الله فهذا لا ينكر، لأن المحبة قد تكون للإكرام، و قد تكون للشهوة و هذه لا تكون إلا للزوج
كما قسم ابن مفلح القبلة إلى قسمين للإكرام و للشهوة
أما كون الرجل يقول للمرأة أحبك في الله فأظنها لا تحتاج لبحث فهي أشد من موضوعنا نكارة
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:32]ـ
أنقلُ لكم كلاماً جديرٌ بالنفعِ لهذه المسألة للعلاّمةِ بن عثمين -رحمه الله:
(السؤال: ما حكم قول المرأة للرجل والعكس إني أحبك في الله؟ الجواب: وهذا السؤال صارت دارت مناقشات ومباحثات أسفرت عنا استفهامات وإشكالات نوضحها إن شاء الله، وكنت قد سمعت بأن الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين قد سئل عن هذا السؤال، فأخبر أنه يجوز، فسألته بنفسي حتى أعرف ماذا قال بالتفصيل. ونقول أيها الإخوة: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بأن الإنسان المسلم إذا أحب أخاه فليعلمه، وقال أيضاً عليه السلام: (إذا أحب أحدكم أخاه فليبين له، فإنه أدوم في الألفة وأبقى في المودة) أو كما قال، والحديث في السلسلة الصحيحة رقم ثلاثة، ونعلم أن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تشمل الرجال والنساء، وأنه لا نفرق إلا فيما دل الدليل على التفريق فيه، ولكن عندما يكون هناك مجال ومدخل للفتنة في أمر جائز في الشريعة، ولكن يؤدي إلى حرام، فإنه يصبح حراماً ولاشك. ولذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: قلنا لمن سأل هذا السؤال: إنه يجوز بشرط الأمن من الفتنة، بحيث يعرف أن الرجل الذي إذا قالت له المرأة هذا الكلام لا يكون فيه قابلية للفتنة، وضرب لي مثالاً، فقال: افرض أن امرأة كلمت الشيخ ابن باز، فقالت له: إني أحبك في الله، فلا شيء في ذلك؛ لأن ذلك الرجل في مقام لا يتصور منه حصول هذا الأمر، ولكن أن يكون شاباً، وكان يذكر بالخير، ثم تتصل عليه وتقول: إنني أحبك في الله، فهذا لا يجوز. قال: ونحن نتحذر من هذا كثيراً؛ لأن المحبة في الله قد تؤدي إذا أسيء استخدامها، أو أسيء تطبيقها إلى محبة لغير الله، وقد تؤدي إلى محبة مع الله وهذا شرك، فلابد أن تؤمن الفتنة أمناً كاملاً. هذا هو الجواب على هذا الاستشكال، فإذاً لا يصلح لامرأة أن تتصل على شاب مهما بلغ من العمل والتقى -مادام أنه عرضة لأن يقع في الحرام- وتقول: إني أحبك في الله، ولا يصلح هو أن يتصل على شابة أو امرأة أجنبية ويقول: إني أحبكِ في الله. وإني أعرف قصصاً من هذا القبيل كانت هذه الكلمة سبباً لحصول مقابلة محرمة، فإذاً -أيها الإخوة- لابد من الحذر من هذه الأشياء تماماً.) انتهى. وهذا من أوجهِ الأقوال وأحسنها تفصيلاً.
أبو تميم التميمي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:37]ـ
أنقلُ لكم كلاماً جديرٌ بالنفعِ لهذه المسألة للعلاّمةِ بن عثمين -رحمه الله:
(السؤال: ما حكم قول المرأة للرجل والعكس إني أحبك في الله؟ الجواب: وهذا السؤال صارت دارت مناقشات ومباحثات أسفرت عنا استفهامات وإشكالات نوضحها إن شاء الله، وكنت قد سمعت بأن الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين قد سئل عن هذا السؤال، فأخبر أنه يجوز، فسألته بنفسي حتى أعرف ماذا قال بالتفصيل. ونقول أيها الإخوة: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بأن الإنسان المسلم إذا أحب أخاه فليعلمه، وقال أيضاً عليه السلام: (إذا أحب أحدكم أخاه فليبين له، فإنه أدوم في الألفة وأبقى في المودة) أو كما قال، والحديث في السلسلة الصحيحة رقم ثلاثة، ونعلم أن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تشمل الرجال والنساء، وأنه لا نفرق إلا فيما دل الدليل على التفريق فيه، ولكن عندما يكون هناك مجال ومدخل للفتنة في أمر جائز في الشريعة، ولكن يؤدي إلى حرام، فإنه يصبح حراماً ولاشك. ولذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: قلنا لمن سأل هذا السؤال: إنه يجوز بشرط الأمن من الفتنة، بحيث يعرف أن الرجل الذي إذا قالت له المرأة هذا الكلام لا يكون فيه قابلية للفتنة، وضرب لي مثالاً، فقال: افرض أن امرأة كلمت الشيخ ابن باز، فقالت له: إني أحبك في الله، فلا شيء في ذلك؛ لأن ذلك الرجل في مقام لا يتصور منه حصول هذا الأمر، ولكن أن يكون شاباً، وكان يذكر بالخير، ثم تتصل عليه وتقول: إنني أحبك في الله، فهذا لا يجوز. قال: ونحن نتحذر من هذا كثيراً؛ لأن المحبة في الله قد تؤدي إذا أسيء استخدامها، أو أسيء تطبيقها إلى محبة لغير الله، وقد تؤدي إلى محبة مع الله وهذا شرك، فلابد أن تؤمن الفتنة أمناً كاملاً. هذا هو الجواب على هذا الاستشكال، فإذاً لا يصلح لامرأة أن تتصل على شاب مهما بلغ من العمل والتقى -مادام أنه عرضة لأن يقع في الحرام- وتقول: إني أحبك في الله، ولا يصلح هو أن يتصل على شابة أو امرأة أجنبية ويقول: إني أحبكِ في الله. وإني أعرف قصصاً من هذا القبيل كانت هذه الكلمة سبباً لحصول مقابلة محرمة، فإذاً -أيها الإخوة- لابد من الحذر من هذه الأشياء تماماً.) انتهى. وهذا من أوجهِ الأقوال وأحسنها تفصيلاً.
أبو تميم التميمي
جزاك الله خير الجزاء ...
والمرأة الحيية تترك قول ذلك حتى و إن كان الشيخ المخاطب كبيراً ....
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:45]ـ
أذكر أن الشيخ عبد المحسن العباد - بارك الله في علمه - في شرحه على (سنن أبي داود) له إجابة على مثل سؤالك أخي الكريم وفحواها - إن لم تخن الذاكرة - الجواز .. والله أعلم.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:52]ـ
أود التنبيه على شيء وهو أنه صاحب الكلا في مشاركة الأخ ألي تميم هو الشيخ محمد صالح المنجد
و لإثراء الموضوع هذه فتوى للشيخ خالد المصلح
السؤال:
ما حكم قول المرأة للرجل الأجنبي " إني أحبك في الله ".
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
أرى أنه لا يجوز للمرأة مخاطبة الرجل الأجنبي بذلك ولا مكاتبته به مهما كان علماً و نفعاً
وديناً.
وذلك أن المؤمنة منهية عن الخضوع في القول عند مخاطبة الرجال الأجانب
فقد قال الله تعالى لأكمل نساء المؤمنين وأبعدهن عن الريب: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب: 32).
.
قال ابن العربي في تفسيره أحكام القرآن (3/ 56: "فأمرهن الله تعالى أن
يكون قولهن جزلاً, وكلامهن فصلاً, ولا يكون على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من
اللين المطمع للسامع , وأخذ عليهن أن يكون قولهن معروفاً".
.
فنهى الله تعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهن أمهات
المؤمنين عن اللين في القول،
وهذا يشمل اللين في جنس القول واللين في صفة أدائه.
وسائر المؤمنات يدخلن في هذا التوجيه من باب أولى فإن الطمع في غيرهن أقرب.
فالمرأة ينبغي لها إذا خاطبت الأجانب أن لا تلين كلامها وتكسره فان ذلك أبعد من الريبة
والطمع فيها.
.
أما ما رواه أحمد وأبوداود من ثابت قال: حدثنا أنس بن مالك أن رجلاً كان عند
النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل. فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم: أعلمته؟ قال: لا. قال: أعلمه. قال: فلحقه، فقال: إني أحبك في الله.
فقال: أحبك الذي أحببتني له.
فرواه أحمد من طريق الحسين بن واقد به ورواه أبوداود من طريق المبارك بن فضالة به.
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط من طريق إسحاق بن إبراهيم قال أنا عبد الرزاق قال:
أنا معمر عن الأشعث بن عبد الله عن أنس بن مالك وفيه قال: " ثم رجع إلى النبي صلى الله
عليه وسلم، فسأله، فأخبره بما قال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت
ولك ما احتسبت".
وقد صحح الحديث ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي كما في المستدرك 4/ 189.
فإنه لا يدل على مشروعية أن تخبر المرأة الرجل الأجنبي بذلك،
وكذلك العكس. فإن هذا الخبر وارد في محبة الموافق في الجنس الذي تؤمن فيه الفتنة
وليس فيه ريبة.
وقد أشار إلى هذا المعنى المناوي في فيض القدير (1/ 247) فقال:
"إذا أحبت المرأة أخرى لله ندب إعلامها". وأنه إنما يقول ذلك للمرأة فيما إذا كانت زوجة
ونحوها.
كما أنه لا يعلم أن إحدى الصحابيات قالته للنبي صلى الله عليه وسلم
الذي جعل الله محبته فرضاً على أهل الإيمان ذكوراً وإناثاً ولم ينقل أنه قاله لإحداهن.
والله المسؤول أن يحفظ علينا ديننا وأن يلهمنا رشدنا آمين.
الشيخ
خالد بن عبد الله المصلح
13/ 9/1424هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الديم المصري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 03:08]ـ
الإخوة بارك الله فيهم ..
لي تحفظ ونصيحة أود أن أسجلهما
أما التحفظ
فعلى طريقة صوغ السؤال؛
ففي المشاركة الأصلية قال ما نصه:
"إنتشر بين الأخوات وللاسف قولهن للمشايخ وطلاب العلم: إني أحبك في الله وهذا أمر سئ جدا .. "
فقد حكم الأخ حفظه الله في المسألة قبل أن يكون ثمة نقاش
وقد كان الأمر يقتضي من الإخوة لو أرادوا للنقاش العلمي الترقي
أن نتخذ موقفا حياديا من الموضوع
بلفظ آخر: نتوقف في إصدار الأحكام
حتى نحشد الأدلة كلها
ثم يتم الفحص وإعمال الأدوات البحثية المختلفة بغية صوغ الحكم النهائي
وأما النصيحة
فهي ألا ننسى ونحن نناقش أن نسائل كلام العلماء المطروح
عن أدلته التي يستند إليها
حتى لا يكون مجال لإعجاب كل ذي رأي برأيه
وفي النهاية ...
أشكر صاحب الموضوع المفيد حقا
وأشكر الإخوة المشاركين الذين لم يتأخروا عن الخير
وأعتذر عن هذا الاقتحام
راجيا أن تغفروا لي إشغالكم
.......
إلى مناقشتكم الموفقة بإذن الله ..
أخوكم أبو الديم المصري
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 04:03]ـ
الإخوة بارك الله فيهم ..
لي تحفظ ونصيحة أود أن أسجلهما
أما التحفظ
فعلى طريقة صوغ السؤال؛
ففي المشاركة الأصلية قال ما نصه:
"إنتشر بين الأخوات وللاسف قولهن للمشايخ وطلاب العلم: إني أحبك في الله وهذا أمر سئ جدا .. "
فقد حكم الأخ حفظه الله في المسألة قبل أن يكون ثمة نقاش
وقد كان الأمر يقتضي من الإخوة لو أرادوا للنقاش العلمي الترقي
أن نتخذ موقفا حياديا من الموضوع
بلفظ آخر: نتوقف في إصدار الأحكام
حتى نحشد الأدلة كلها
ثم يتم الفحص وإعمال الأدوات البحثية المختلفة بغية صوغ الحكم النهائي
وأما النصيحة
فهي ألا ننسى ونحن نناقش أن نسائل كلام العلماء المطروح
عن أدلته التي يستند إليها
حتى لا يكون مجال لإعجاب كل ذي رأي برأيه
وفي النهاية ...
أشكر صاحب الموضوع المفيد حقا
وأشكر الإخوة المشاركين الذين لم يتأخروا عن الخير
وأعتذر عن هذا الاقتحام
راجيا أن تغفروا لي إشغالكم
.......
إلى مناقشتكم الموفقة بإذن الله ..
أخوكم أبو الديم المصري
جزاك الله خيرا أخي الحبيب على النصيحة والتحفظ
ليسمح لي الأخ أبو زياد بالإستفادة من موضوعه وطرح السؤال:
ماذا لو لم تخاطِب بهذا القول من تعنيه
كأن تقول مثلا إني أحب الشيخ ابن باز -رحمه الله - في الله
أخي لو تاملت كلامي فأن كنت اتكلم عن المخاطبة فليس موضوع البحث في ذات الكلمة إنما أنا قلت للمشايخ وطلاب العلم إذا هناك مخاطبة وليس موضوع البحث ذات الكلمة بارك الله فيك وارجوا البخث في الموضوع المثار وجزاك الله خيرا
ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:08]ـ
إخواني بارك الله فيكم إنتشر بين الأخوات وللاسف قولهن للمشايخ وطلاب العلم: إني أحبك في الله وهذا أمر سئ جدا يحزنوني كثيرا فأرجو من الأخوة مناقشة هذا ا لموضوع والبحث فيه
أرجو التوسع في البحث والنقاش من ذكر أدلة ونحو ذلك حتى يكون بحث قوي ماتع نقدمه للأخوات لعله يكون سببا في هدايتهن
أخي أبا زياد، أنت تعتقد ثم تسأل عن الحكم، بل وتوجه إلى تعميق البحث لهدايتهن مما تراه مسبقا ضلال، فلم أثرت المسألة إذا؟
وكان الحري بك أن تطرح المسألة للنقاش دون توجيه، بارك الله فيك وحفظك.
والذي سظهر والله أعلم الجواز لعموم الحديث، (أما من قال:الحديث فيه أخاه وليس أخته، فهذا عند الأصوليين ليس بشيء)،وللبراءة الأصلية، إلا إن خشيت الفتنة ولم تؤمن فيتوجه القول بالمنع.
والله تعالى أعلى واعلم.
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 02:34]ـ
أنقل لكم فتوى للشيخ صالح بن إبراهيم الحصين حفظه الله
تسأل إحدى الأخوات قائلة ..
يا شيخ: دائما ما اسمع من بعض الاخو ه والاخوات من يقول للجنس الاخر
سواء فتاة تقول لشاب او رجل يقول لفتاة أحبك في الله وهو فعلا يحبه ولا يحبه الا لله
فهل هذا جائز؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لا شك أن الحب في الله من أوثق عرى الإيمان ولكن هذا الدين مبني على تحصيل المصلحة ودفع المفسدة فإذا ترتب على قول الفتاة للشاب إني أحبك في الله مفسدة فلا ينبغي أن تقول له هذا، ونحن في زمن كثرت فيه الفتن فالأولى عدم قول ذلك إلا إذا كان المقول له رجل كبير في السن تؤمن معه الفتنة فلا بأس أما إذا كان شابا فلا ولهذا أمر الشارع الحكيم المرأة إذا خرجت بترك الطيب خشية الفتنة، وإذا كان الله عز وجل قد نهى أمهات المؤمنين بعدم الخضوع بالقول حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض فكيف بحال من تقول لآخر إني أحبك في الله والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فترك هذا القول هو الأولى وفيه السلامة بإذن الله، والله الموفق.
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 03:16]ـ
أ
أخي أبا زياد، أنت تعتقد ثم تسأل عن الحكم، بل وتوجه إلى تعميق البحث لهدايتهن مما تراه مسبقا ضلال، فلم أثرت المسألة إذا؟
وكان الحري بك أن تطرح المسألة للنقاش دون توجيه، بارك الله فيك وحفظك ..
وفيك بارك لكن أخي أليس لي أن أبين مذهبي قبل، فما المانع من ذلك ثم تبين معنى كلمة نقاش أليس فيها تبادل أراء مختلفة هذا ماقصدته
والذي سظهر والله أعلم الجواز لعموم الحديث، (أما من قال:الحديث فيه أخاه وليس أخته، فهذا عند الأصوليين ليس بشيء)،وللبراءة الأصلية، إلا إن خشيت الفتنة ولم تؤمن فيتوجه القول بالمنع.
والله تعالى أعلى واعلم.
أخي بارك الله فيك أعلمُ أنك تكلمتَ من حيث الأصل تقصد أن من حيث الاصل هو جائز لكن إذا وجدت الفتنة فيمنع
لكن اخي ألا ترى أن في ذلك من الخضوع بالقول المنهي عنه، إذا كان ترخيم الكلام وترقيقه من الخضوع بالقول فكيف بذات الكلام وأنا أظن أنك لا تشك في ان ذلك من الخضوع بالقول فيكون حكمه من الأصل التحريم لا الجواز لأنه لا ينفك عن الفتنة أصلا ولذلك نهى الله عنه ولو تأملت فإن النهي الصادر كان لأمهات المؤمنين - خطابا - وهن امهات لهم فهل تظن أن الفتنه ممكن ان تقع بين الرجل وامة ثم إنه كان في عهد الصحابة وهم اطهر الناس قلوبا بعد الإنبياء بتعديل الله رب العاملين لهم فكيف بعصرنا هذه وتأمل فتوي الشيخ صالح الحصين بارك الله فيك
أنقل لكم فتوى للشيخ صالح بن إبراهيم الحصين حفظه الله
تسأل إحدى الأخوات قائلة ..
يا شيخ: دائما ما اسمع من بعض الاخو ه والاخوات من يقول للجنس الاخر
سواء فتاة تقول لشاب او رجل يقول لفتاة أحبك في الله وهو فعلا يحبه ولا يحبه الا لله
فهل هذا جائز؟؟؟
لا شك أن الحب في الله من أوثق عرى الإيمان ولكن هذا الدين مبني على تحصيل المصلحة ودفع المفسدة فإذا ترتب على قول الفتاة للشاب إني أحبك في الله مفسدة فلا ينبغي أن تقول له هذا، ونحن في زمن كثرت فيه الفتن فالأولى عدم قول ذلك إلا إذا كان المقول له رجل كبير في السن تؤمن معه الفتنة فلا بأس أما إذا كان شابا فلا ولهذا أمر الشارع الحكيم المرأة إذا خرجت بترك الطيب خشية الفتنة، وإذا كان الله عز وجل قد نهى أمهات المؤمنين بعدم الخضوع بالقول حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض فكيف بحال من تقول لآخر إني أحبك في الله والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فترك هذا القول هو الأولى وفيه السلامة بإذن الله، والله الموفق.
جزاكِ الله خيرا وأرجوا من الاخوة المشاركة في هذا لموضوع
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 10:03]ـ
لكن اخي ألا ترى أن في ذلك من الخضوع بالقول المنهي عنه، إذا كان ترخيم الكلام وترقيقه من الخضوع بالقول فكيف بذات الكلام وأنا أظن أنك لا تشك في ان ذلك من الخضوع بالقول فيكون حكمه من الأصل التحريم لا الجواز لأنه لا ينفك عن الفتنة أصلا ولذلك نهى الله عنه ولو تأملت فإن النهي الصادر كان لأمهات المؤمنين - خطابا - وهن امهات لهم فهل تظن أن الفتنه ممكن ان تقع بين الرجل وامة ثم إنه كان في عهد الصحابة وهم اطهر الناس قلوبا بعد الإنبياء بتعديل الله رب العاملين لهم فكيف بعصرنا هذه وتأمل فتوي الشيخ صالح الحصين بارك الله فيك
جزاكِ الله خيرا وأرجوا من الاخوة المشاركة في هذا لموضوع
اهلا بك أخي ابا زياد وارجو ان تقبلني ضيفا على مشاركتك وان يتسع صدرك لما سأقول!
(يُتْبَعُ)
(/)
اسمح لي اخي الحبيب ان اقول: عجبا امرك يا ابا زياد! تجيز كشف وجه المرأة والنظر اليه وتضيفون اليه قيد امن الفتنة , وتمنع من هذا القول - اذا امنت الفتنة - فما الفرق!
على أن اشتراط امن الفتنة للكشف - لا يصح بناء على قولكم بالجواز فيه - لأن أدلتكم التي تستدلون بها تدل على عدم اشتراط ذلك!
فدليل ابي السنابل مثلا ودليل الخثعمية دلا على عدم اعتبار ذلك , فان الخثعمية كانت شابة جميلة والاسلمية كانت قد تجملت , فهذان الحالان (الجمال والتجمل) مظنة فتنة بلا نزاع (بدليل صرف النبي صلى الله عليه وسلم لوجه الفضل) , ومع ذلك كانتا كاشفتين - على حد فهمكم - ولم ينكَر عليهما , فكيف أتيتم بهذا الشرط - الباطل من اصله -؟
فاذا ثبت ابطال هذا القيد في تجويز الكشف فلأن يبطل في مسألتنا هذه من باب اولى , لأن القول باللسان اخف من الرؤية بالعين , بمعنى ان تسمع صوت امراة اخف فتنة من ان ترى وجهها الجميل!!
وايضا , فان قول - احبك في الله - فيه دليل صريح بالجواز مطلقا من دون تقييد ذلك بالرجال , بخلاف ادلة الكشف التي تحتمل التأويل , ومع ذلك اجزت الكشف بل اجزتم النظر الى الكاشفة - رغم صراحة الدليل في منع النظر - وقيدتم ذلك بالفتنة المزعومة , فمن باب اولى ان تجيزوا هذه العبارة لدليلها الصريح المطلق مع امان الفتنة - على الاقل -!
ولهذا التزم اخونا الحبيب ابو عائشة المغربي بذلك حين اطلق الجواز!
وأما رأيي القاصر في هذه المسألة: فان عندي فيه تفصيل:فيجوز ذلك ولو لشاب ان ارادت بذلك تعريضا برغبتها بالزواج , لان عرض المرأة نفسها للزواج جائز , واذا جاز ذلك بالتصريح فجوازه بالتعريض اولى.
ولكن يشترط في هذه الحال الا يكون ذلك علنا أمام الناس كما في التلفاز لمنافاته للحياء الواجب , الا ان يستدل على نفي هذا الشرط بتلك المرأة التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس الرجال فهذا محتمل ولكنه يبقى خلاف الاولى في نظري.
وغالبا فان المراة لا تقول ذلك الا مع ميل منها في الباطن ,فان اعجابها الظاهر يندر جدا ان يخلو من ميل في الباطن , اذ هذه طبيعة النساء!
والحالة الثانية: هو المنع ولو لكبير , وذلك اذا لم يكن لها رغبة في الزواج منه , حتى لا تفسد عليه قلبه او ربما دينه!
والله أعلم.
وأرجو منك اخي الحبيب ابا زياد ان تسامحني ان كنت قد أخللت بشرط النقاش!
ودمت بخير ما بقيت.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 10:55]ـ
[ size="6"] فاذا ثبت ابطال هذا القيد في تجويز الكشف فلأن يبطل في مسألتنا هذه من باب اولى , لأن القول باللسان اخف من الرؤية بالعين , بمعنى ان تسمع صوت امراة اخف فتنة من ان ترى وجهها الجميل!!
أحسن الله إليك
ليس تماما بل قد يكون القول باللسان أشد من النظر بالعين.
وسماع صوت المرأة قد يكون أشد فتنة من رؤية وجهها.
وإن شئت المثال ضربته. (ابتسامة) فتأمله.
ومن ناحية الحكم يبدو القول بالجواز أقرب لعموم الدليل
أما الفتوى فالأخذ بالأحوط متعين - خاصة في زمان رقة الدين وخفة الورع - والله تعالى أعلم.
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 11:46]ـ
أهلا بأخي ابي جهاد وأضحك الله سنك ياحبيب
وانا لا انكر ان صوت المراة فتنة , وانما اردت ان وجهها أشد فتنة , ولا أظنك تخالفني في هذا ايها الحبيب!
كما ان محل الكلام انما هو في الصوت الذي لا خضوع فيه , وهذا بلا شك اقل فتنة من الأول , وأما الصوت الذي فيه خضوع فهذا خارج عما نحن فيه!!
فتخيل لو أنك تسمع صوت امرأة وهي تقول لك بصوت لا خضوع فيه: احبك في الله!!
وتخيل لو أنك ترى شابة جميلة لا تتكلم وقد بدا عليها الحياء لعفافها!!
أترك الجواب اليك بلا تعليق!!
ويشهد للأول صوتها بلا خضوع في التلفاز والمذياع والهاتف فلست تجد فيه تلك الفتنة , فهل تقارنه بامرأة قد تمثلت امامك بوجهها - الجميل - وقدها الرشيق!!
حتى لقد قيل: الاذن تعشق قبل العين احيانا!! وفي هذا المثل السائر دليل على ان الاصل في العشق هو العين وانما خرج العشق بالاذن مخرج النادر!
وارجو ان يعذرني الاخوة على هذه الجرأة!! ولكنه الحجة والحوار!!
فماذا ستقول ايها الحبيب ابا جهاد بعد ان اوجعت لك هذين المثالين ضرباً!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 11:58]ـ
وأما استدلالك ايها الحبيب بعموم الحديث , فهو مردود بالفتنة عند القائلين بها!
وأما من لا يقول بها فهو محجوج بباب سد الذرائع.
واما قولك ياحبيب: رقة الدين وقلة الورع , فهما امور نسبية تختلف من شخص لآخر , ولا يخلو زمان من اهل الورع , فلا يصح ان تعمم بها الفتوى.
ودمت بخير ما بقيت.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 12:11]ـ
وانا لا انكر ان صوت المراة فتنة , وانما اردت ان وجهها أشد فتنة , ولا أظنك تخالفني في هذا ايها الحبيب!
كما ان محل الكلام انما هو في الصوت الذي لا خضوع فيه , وهذا بلا شك اقل فتنة من الأول , وأما الصوت الذي فيه خضوع فهذا خارج عما نحن فيه!!
وكلامي يا (مولانا) عن الكلام نفسه لا على الصوت فلو كان الكلام لا خضوع فيه لكنه موهم أو صريح فما تقول يا أبا عبد الله ... أليس هو أشد فتنة من الوجه الجميل؟
فتخيل لو أنك تسمع صوت امرأة وهي تقول لك بصوت لا خضوع فيه: احبك في الله!!
وتخيل لو أنك ترى شابة جميلة لا تتكلم وقد بدا عليها الحياء لعفافها!!
ألا ثلثت بخيار ثالث أتخيله - عافاني الله و إياك - يعني إما أحبك في الله وإما جميلة عليها الحياء - أفضل ما فيها من زينة - + أراها ... يا عمي رفقا بأخيك (ابتسامة).
أترك الجواب اليك بلا تعليق!!
وهل بعد خياراتك تعليق يا رجل.
ويشهد للأول صوتها بلا خضوع في التلفاز والمذياع والهاتف فلست تجد فيه تلك الفتنة , فهل تقارنه بامرأة قد تمثلت امامك بوجهها - الجميل - وقدها الرشيق!!
يا حبيبي: الصوت الذي يطرق سمعك قد تكون فتنته أكبر ... لأنه على - مذهبك في الخيال - ستتخيل ما شئت من جمال وملاحة ... أما وأنت تنظر فلا مجال للخيال.
حتى لقد قيل: الاذن تعشق قبل العين احيانا!! وفي هذا المثل السائر دليل على ان الاصل في العشق هو العين وانما خرج العشق بالعين مخرج النادر!
تقصد خرج العشق بالأذن مخرج النادر.
وارجو ان يعذرني الاخوة على هذه الجرأة!! ولكنه الحجة والحوار!!
يا لله ... فماذا أقول بعدك ... الله المستعان.
فماذا ستقول ايها الحبيب ابا جهاد بعد ان اوجعت لك هذين المثالين ضرباً!!!
زدهما ولا تفرط ... أضحك الله سنك وأنيابك ورباعياتك وتجنب القهقهة.
على العموم للفائدة: فليتنبه الإخوة إلى أن العبارة:" أحبك في الله " فيها ذكر الله ذي الجلال ... أفليس فيها تذكير للقائل و السامع؟
فالفتنة هنا إن وجدت فإنما هي من قلب مريض.
"ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض "
فمن ليس في قلبه مرض لا يطمع حتى مع الخضوع ... بل ولا حتى مع: " هيت لك".
أحبكم في الله تعالى: يا رجالات منتدى الألوكة.
تنبيه: القيد الأخير للخروج من الخلاف. (ابتسامة).
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 12:29]ـ
اهلا بك أخي ابا زياد وارجو ان تقبلني ضيفا على مشاركتك وان يتسع صدرك لما سأقول!.
أهلا أخي الحبيب أبا عبد الله لقد إشتقت إليك كثيرا وكنت اعلم اني سأراك هنا لحرصك على النقاش النافع الماتع وأنا أعلم انك صاحب حجة بارك الله فيك وتتكلم بالقواعد ويبدو أنه سيكون بينناصحبة على هذا المنتدى فليحتمل كل منا بعضه (ابتسامة)
اسمح لي اخي الحبيب ان اقول: عجبا امرك يا ابا زياد! تجيز كشف وجه المرأة والنظر اليه وتضيفون اليه قيد امن الفتنة , وتمنع من هذا القول - اذا امنت الفتنة - فما الفرق!
على أن اشتراط امن الفتنة للكشف - لا يصح بناء على قولكم بالجواز فيه - لأن أدلتكم التي تستدلون بها تدل على عدم اشتراط ذلك!
ومن قال أني لا أجيزه إذا أمنت الفتنة إخواني لازلتم لا تنبيهون -عذرا - إلى كلامي بارك الله فيكم أنا أتكلم عن المخاطبة أخي بارك الله فيك ألا ترى أنه من الخضوع بل القول ان تقول المرأة لرجل إني أحبك في الله سبحان الله وتعجب من امري الذي يظهر أنه يوم العجب فأنا أيضا أعجب من قولك
هل تعتقد أن الخضوع بالقول يقتصر على ترقيق الكلام فقط سبحان الله بل والله إن من الكلامات ما هي أشد من الصوت فتنة سبحان الله اسمح لي اخي الحبيب ان اقول: عجبا امرك يا ابا عبد الله السبيعي
ومع ذلك اجزت الكشف بل اجزتم النظر الى الكاشفة - رغم صراحة الدليل في منع النظر - وقيدتم ذلك بالفتنة المزعومة , فمن باب اولى ان تجيزوا هذه العبارة لدليلها الصريح المطلق مع امان الفتنة - على الاقل -!
أخي بارك الله فيك إن الأمر هناك يفارك الأمر هنا لأنه هناك حول الحكم أما هنا -لا أقول فتوى - لكن اقرب إلى الفتوى بارك الله فيك
وأما رأيي القاصر في هذه المسألة: فان عندي فيه تفصيل:فيجوز ذلك ولو لشاب ان ارادت بذلك تعريضا برغبتها بالزواج , لان عرض المرأة نفسها للزواج جائز , واذا جاز ذلك بالتصريح فجوازه بالتعريض اولى.
ولكن يشترط في هذه الحال الا يكون ذلك علنا أمام الناس كما في التلفاز لمنافاته للحياء الواجب , الا ان يستدل على نفي هذا الشرط بتلك المرأة التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس الرجال فهذا محتمل ولكنه يبقى خلاف الاولى في نظري.
وغالبا فان المراة لا تقول ذلك الا مع ميل منها في الباطن ,فان اعجابها الظاهر يندر جدا ان يخلو من ميل في الباطن , اذ هذه طبيعة النساء!
والحالة الثانية: هو المنع ولو لكبير , وذلك اذا لم يكن لها رغبة في الزواج منه , حتى لا تفسد عليه قلبه او ربما دينه!
والله أعلم ..
جزاك الله خيرا تفصيل رائع بارك الله فيك وللعلم على هذا التفصيل ليس بيننا خلاف (ابتسامة)
وأرجو منك اخي الحبيب ابا زياد ان تسامحني ان كنت قد أخللت بشرط النقاش!
ودمت بخير ما بقيت.
ودمت كذلك وزادك الله حرصا ولا تعد (ابتسامة)
أحسن الله إليك
ليس تماما بل قد يكون القول باللسان أشد من النظر بالعين.
وسماع صوت المرأة قد يكون أشد فتنة من رؤية وجهها.
وإن شئت المثال ضربته. (ابتسامة) فتأمله.
أضحك الله سنك وجزاك الله خيرا
ومن ناحية الحكم يبدو القول بالجواز أقرب لعموم الدليل
أما الفتوى فالأخذ بالأحوط متعين - خاصة في زمان رقة الدين وخفة الورع - والله تعالى أعلم. جزاك الله خيرا مشكور أخي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 12:37]ـ
وكلامي يا (مولانا) عن الكلام نفسه لا على الصوت فلو كان الكلام لا خضوع فيه لكنه موهم أو صريح فما تقول يا أبا عبد الله ... أليس هو أشد فتنة من الوجه الجميل؟
هذا هو كلامك الاول:
وسماع صوت المرأة قد يكون أشد فتنة من رؤية وجهها.
فقد ذكرت الصوت ولم تذكر مجرد الكلام!
ورغم ذلك فلو فرضنا انه الكلام: فليس اشد فتنة من رؤية الوجه مطلقا
وتصديق ذلك بالمثال التالي:
تخيل لو أن امرأة عرضت لك بل صرحت برغبتها بالزواج منك وكان صوتها شديد الفتنة, ثم لما ذهبت لاجراء الرؤية الشرعية , وجدت ان ذاك الصوت انما كان سرابا!!
فهل ستواصل المسير ام ستعتذر اعتذار الكسير!!
وهذا المثال انما هو من اجل استزادتك ايها الحبيب , فلا تثرب علي!!(/)
مالمراد بقولهِ (دبر كل صلاة)
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 06:45]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله (ص)، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمين، أما بعدُ:
فإن قوله (ص): (دبر كل صلاة) أو (دبر الصلاة) في أحاديث عدّة منها حديث سعد بن أبي وقاص: (أن رسول الله (ص) كان يتعوّذ بهن دبر كل صلاة. .) الحديث رواه البخاري. وحديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن رسول الله (ص) قال: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين. .) الحديث رواه مسلم. وحديث معاذ بن جبل 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن رسول الله (ص) قال له (أُوصيكَ يا معاذ: لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول. .) الحديث رواه أحمد وغيرهُ. وحديث أبي أُمامة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال رسول الله (ص) (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة. .) الحديث رواه النسائي وغيرهُ. فإن المُراد بالدبرِ يحتمل أن يكون بعد التشهد الأخير وقبل السلام، ويحتمل أن يكون بعد السلام، لأن دبر الشيء ضد قبلهِ وضد آخره. وذهب شيخ الإسلام إلى أنهُ بعد التشهد وقبل السلام حيث قال: (والدعاء في آخر الصلاة قبل الخروج منها مشروع بالسنةِ المستفيضةِ، وإجماع المسلمين، فقد كان غالب دعائه (ص) بعد التشهد قبل السلام. .) الى آخر كلامهِ. وجاء في بعض ألفاظ حديث معاذ بن جبل 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (لا تدعنَّ أن تقول في صلاتك) مما يدل على أنه قبل السلام. وذهب آخرون إلى أنهُ بعد السلام. وقد فُرِّق بين الدعاء والذِّكر فقيل: الذكر يكون بعد السلام، والدعاء قبلهُ، وهذا أوجه وأحسن ويُوافق مقالة شيخ الإسلام فيهِ.
أبو تميم التميمي
ـ[حسن كفتة]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 07:32]ـ
المعنى الاصطلاحي لدبر الصلاة هو بعد التسليم ..
كما روي في الحديث:
حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن منصور، عن المسيَّب بن رافع، عن وراد، مولى المغيرة بن شُعبة، قال: كتب المغيرة إلى معاوية بن أبي سفيان:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة إذا سلم: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)
وهذا لا ينفي مشروعية الدعاء قبل التسليم، ولكن إذا وصف الدعاء بأنه دبر الصلاة فإنه يحمل على المعنى الاصطلاحي وهو بعد التسليم ..
أما الذكر قبل التسليم يكون بهذا الوصف:
إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر. فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم. ومن عذاب القبر. ومن فتنة المحيا والممات. ومن شر المسيح الدجال. وفي رواية: إذا فرغ أحدكم من التشهد ولم يذكر " الآخر "(/)
إرضاع ابن البنت
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 07:11]ـ
إذا أرضعت الجدة (أم الزوجة) ابن بنتها رضعات مشبعات،وتأكد الأمر تماماً،فما حكم الزوجة مع زوجها.هل تحرم عليه أم لا،مع الدليل.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 08:19]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليس لهما حكم ولا تحرم عليه ولأبن تكون الجدة أمه من الرضاع وجدته من النسب.
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:12]ـ
أخي بندر جزاك الله خيراً.
ما فهمت! كيف لا تحرم الزوجة على زوجها، وبإرضاع أمها (أم الزوجة) للبنت أو الابن تصبح الزوجة أختاً لابنها أو بنتها،وبالتالي تحرم على زوجها.
أرجو التوضيح أكثر،ولك جزيل الشكر.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 09:46]ـ
لا تحرم وتكون الزوجة أم الأبن من النسب وأخته من الرضاع.
ـ[المسندي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 08:32]ـ
جزاك الله خيرا على هذا السؤال المستلزم لفائدة المتضمن للسان سئول.
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 11:17]ـ
بارك الله فيك أخي بندر، ولكن ما هو الأصل الشرعي الذي تندرج تحته هذه المسألة،ولك جزيل الشكر.
ـ[بندر المسعودي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 11:31]ـ
ضابط انتشار الحرمة بالرضاع:
صاحب اللبن: ينتشر التحريم إلى أصوله وفروعه وحواشيه دون فروعهم.
والمرضعة: ينتشر التحريم إلى أصولها وفروعها وحواشيها دون فروعهم.
والمرتضع: ينتشر التحريم إلى فروعه فقط دون أصوله وحواشيه.
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:56]ـ
جزاك الله خيراً أخي بندر، أحسنت وأجدت، ولإخوانك أفدت.(/)
ردُّ قول الفِرية في جواز حلق اللحية (مبسَّط جداً)
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:50]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله (ص)، أما بعد:
قال تعالى: (ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفترواعلى الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون) الآية
مَنْ يَتأمّل أحوال الناس في هذا الزمان يجدهم قد تجرؤوا على الفتيَا، حتى أصبح الأمر مختلطاً على المفتين قبل المستفتين!، فصار لكل قناة من القنوات الفضائية مفتٍ وأكثر، وكذلك الجرائد والمجلات، بل إن المجلات التي تنشر الفسق يُوجد فيها من يفتي!، وهذا الأمر في غاية الخطورة، فإن الناس إذا تٌركوا على هذا فإنه سيأتي قوم يتهاونون ويتجرؤون أكثر، فيحلون ماحرّم الله، ويحرّمون ما أحله!.
وفي هذا العصر الذي يُسرت فيه وسائل التقنية، كان لزاماً على الناس أن يصونوا كلامهم عن الزلل، لأن التّبعة تعظم بانتشاره، فكيف إن كانت فتوى يُوقّع بها عن ربّه!. قال الشاطبي: (إنما المفتي مخبر عن الله -تعالى في حكمه) الموافقات ص95\ 5
وقال الأمام أحمد في جامع بيان العلم وفضله: (وليعلم المفتي أنه يُوقّع عن الله بأمره ونهيه، وأنه موقوف ومسؤول عن ذلكَ) ص 177\ 1
ولمّا رأيتُ كثرة الزاعمين بجواز حلق اللحية بحجّةِ الخلاف في الأخذ منها، أردّتُ التبيين والإيضاح مستعيناً بالله ثم بالأقوال المأثورة مبيّناً حقيقة الخلاف.
قال أبو حسن الحصّار:
وليس كل خلاف جاء معتبراً * * إلا خلاف له حظ من النظر
أولاً: الأدلة الشرعيّة على وجوبِ إعفائها.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله -: (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) رواه مسلم. وللبخاري: (أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -: (جزّوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس) رواه مسلم.
قال الحافظ بن حجر -رحمه الله: (إعفاء اللحية تركها على حالها)
فالأدلةُ على تحريمِ الحلق واضحة في نصّ قوله (أعفوا - أرخوا) حيث أمر بإعفاء اللحية، والأمر بالشيء هو النّهي عن ضدّه -على الصحيح، وقد بيّن ذلكَ من خلال فِعله -- في أمره، كما جاء في وصف جابر - أنّه كثير شعر اللحية، ووصف البراء - بأنّه كث اللحية.
ومن فعل الصحابة، كان أبو بكر كث اللحية، وكان عثمان - رقيق اللحى طويلها، وكان عمر - - كث اللحية، وكان علي - عريض اللحية وقد ملأت مابين منكبيه. ذكره ابن عبدالبر
ثانياً: الخلافُ في الأخذِ منهَا وليسَ لحلقها.
ماذُكر عن ابن عمر -ما- إذا كان في حج أوعمرة أنه يقبض على لحيته فما فضُل أخذه، ومارُوي عن أبي هريرة - - أنّه يقبض لحيته ثم يأخذ مافضلَ منها.
فالصحيح: أنّ الحجّة فيما رَوى الصحابي لا فيما رأى، فإن أبا هريرة -- هوَ راوي الحديث السابق في صحيح مسلم، الذي جاء فيه الأمر بإرخاء اللحى ومخالفة المجوس، وكذلك ابن عمر -- فهو راوي الحديث الذي فيه الأمر بإعفاء اللحية (كما تقدّم).
قال ابن حجر -رحمه الله: (والذي يظهر أن ابن عمر كان لايخص هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تشوّه فيها الصورة بإفراط شعر اللحية أو عرضه). فتح الباري 10\ 350
وقد نقل الإجماع الإمام ابن حزم -رحمه الله- مانصّه عنه ابن مفلح-رحمه الله: (وذكرَ ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض)
بل إنّه قد نصّ الإمام ابن حزم -رحمه الله- على وجوب إعفائها في المحلّى 2/ 219: (وأمّا فرض قص الشارب وإعفاء اللحية فإن عبد الله بن يوسف ثنا ... عن ابن عمر قال قال رسول الله (خالفوا المشركين احفوا الشوارب واعفوا اللحى)
هذه نقولات لردّ مَن زعم جواز الأخذ من اللحيةِ، وأما القول بجواز حلقها باطلٌ لا وجه لهُ، لأن الأدلة في الأمر بإعفائها صريحة والأقوال -عند الأئمة- في الحكم بتحريمها كثيرة، ومِن أحسنها قول المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه (آداب الزفاف): (ومما لاريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته أن كلا من الدلة السالفة الذكر كاف لإثبات وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها فكيف بها مجتمعة).
* قد يقول قائل: إن رسول الله -- أمرَ بإعفاء اللحية وقص الشارب في قوله (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى)، وقص الشارب مستحب وليس واجب فتكون كذلك اللحية؟!
فنقول: إن قص الشارب واجب على الصحيح من أقوال أهل العلم.
ولو سلّمنَا بأن قص الشارب ليس بواجبٍ فإنّه قدْ يُجمع بين واجب وسنّة وهذا لا إشكال فيه كقوله تعالى " كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " الآية، فهنا أمرين أحدهما ليس بواجب (كُلوا مِنْ ثَمرهِ) والآخر واجب (وَأتوا حَقّهُ)، والمقصود هُنا هو إخراج الزكاة.
أسألُ الله بمنّهِ وفضلهِ أنْ يهدينا وضالّ المسلمين، ويُنير بصائرهم عن الزيغ في وحل الهوى، والله تعالى أعلم ونسبُ العلمِ إليهِ أحكم وصلى الله على الحبيب وسلم.
.أبو تميم التميمي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 12:51]ـ
جزاك الله خيراً .. مبحث جميل
ـ[أبو خالد الطيبي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 01:50]ـ
جزاك الله خيراً
وقال الأمام أحمد في جامع بيان العلم وفضله: (وليعلم المفتي أنه يُوقّع عن الله بأمره ونهيه، وأنه موقوف ومسؤول عن ذلكَ) ص 177\ 1
كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر يرحمه الله
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:50]ـ
أبا شعيب، أنا لك من الشاكرينَ!
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:53]ـ
أبا خالد الطيبي، إنما كان قولي (وقال أحمد في جامع البيان وفضلهِ) أي قولهُ كان في ذاك الكتاب، ولم أنسب الكتاب إليهِ!
أبو تميم التميمي
ـ[أبو حمزة مأمون السوري]ــــــــ[17 - Oct-2009, مساء 08:29]ـ
مختصر مفيد(/)
فضائح الفتن (1): مفارقات النفس ذات السر!!
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 02:00]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(هذه رسالة للأستاذ محمد أحمد الراشد ضمن رسائل العين , أحببت أن أهذبها وأضيفها هنا لأهميتها)
أبيع بلا ثمن .... وأشتري بلا خيار
آهٍ مني , آه .... مني السبب
كيف أربي الآخرين ... وأنا أحتاج إلى التربية؟
من لا يستطيع تصحيح أخطاء نفسه فلا يصح له أن يكون قيّماً على أخطاء الآخرين يصحّح لهم وينقد.
ــ ــ ــ
سبحان من خلق هذه النفوس
أي سر هو سر هذه النفوس؟
حساسة ... متنوعة ... متقلبة
بينا تظنها في غاية الصفاء: تهزها مفاجأة فتطفو الشوائب.
وبينا تعاملها فتلمس نهاية السهولة: تدهمها قسوة فتدعها صلدة على اعنف ما تكون القسوة.
رضاها يُغلفه غَنَج ودلال
وغضبها يحب الاسترسال
بين سلمها وحربها يوم , وبين حلفها وهجتمها ساعة , وبين سكينتها وصَخَبها دقيقة , وبين ظَنيها الأول والثاني ثانية.
لا تُخفي سيفها في قُراب .... بل هو جاهز.
ولا تلجأ سهامها إلى جُعبة ... بل وتَر قوسها مشدود.
من اهلها من تستفزه كلمة ينسى معها قاموس التآخي , فيخرج إلى عدوان , ويجرّد أصحابه من كل فضل.
كأن لم تكن بينه وبينهم مودة وخبز وملح.
ومن أهلها من إذا جُهل عليه لا يحلم , ولا يعفو , ولا يصبر , ولا يرجو ما عند الله , بل يجهل فوق جهل الجاهلينا.
ومن أهلها من لا يعاتب عتاباً مُنجّماً أو معجلاً مضارعاً إذا ساءه أمر , بل يصبر ظاهراً , من غير عفو في الباطن , ولا يحاول أن يقسرها على النسيان والتغاضي , وإنما يكتم في قلبه ثم يكتم , ويُظهر الابتسام , وفي الداخل يتعاظم الركام حتى إذا بلغ أطناناً ثقيلة: انهار السد , فيفجأ المساكين سيلُ العرم , ويتكرر ذلك منه سنوياً , فيحاسب إخوانه على ما سلف منهم معه , وتكون كبيرة كمية الإتهام , لتراكمها , ويعين ذاكرته بدفتر التقويم , الذي أحصى فيه ما نسوه وأرّخه وضبط ألفاظهم , وقد يحتفظ برسائل منهم ووثائق فيها هفوات لفظية ليستعملها أدلة في التجريم , فتكون ثَم الآلام , وأصداء الآلام , وما هو أعتى من الآلام.
وأقول:
ومن جرّب عرف
وللرسالة بقية
حياكم الله
ـ[أبو الديم المصري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 02:49]ـ
طالب الإيمان ..
بلغك الله طلبتك .. !!
أراك شغوفا بالشيخ الراشد وما يكتب
أسأل الله أن يختم للشيخ بالخير فيدخله الجنة
ويلحقك به جزاء ما أحببته ..
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 08:33]ـ
حياك الله
أخي أبو الديم
أثابك الله , وكم أنا والله محتاج إلى مثل هذه الدعوات
وإنّ الراشد يا أخي كاتبٌ محلّق وما مثلي من يمدحه
جزاك الله خيراً
أثابك الله
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[04 - Aug-2008, صباحاً 03:52]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل ...
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[04 - Aug-2008, صباحاً 04:06]ـ
منقول جميل ورائق
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا أخي الفاضل ...
الخط كبير مرة لو تصغره شوي!!
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[04 - Aug-2008, صباحاً 05:43]ـ
شكراً أخي
أعاد الله أمَلَك عن قريب ... آمين
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[13 - Aug-2008, مساء 10:04]ـ
اختي الفاضل الأمل ... سبب صغر الخط أن الكيبورد لم يكن يستطيع ان يكتب لي .. لاادري كأنه اصابه شلل .. لكنه يكتب لي في صفحات البالتوك والماسنجر .. فقمت بكتابة الجملة ثم نسختها هاهنا .. فحصل ماحصل ...
عذرا اخيتي ..(/)
من صلى إلى غير القبلة ظانّاًً إصابته، ثم علم بخطئه. هل يعيد الصلاة؟
ـ[حمد]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 02:39]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أفيدونا.
مثل: من صلى في مسجد، ثم تبيّن أنّ المسجد لا يتجه إلى القبلة في انحراف كبير.
ومثل: من سأل عن القبلة - في الحضر - ثم تبين له خطأ المسؤول.
ومثل: من دلّ زوجته على جهة قبلتها ظاناً أنها على محاذاة المسجد، ثم تبين لهما أنها على خلاف قبلة المسجد (بانحراف كبير).
تنويه: هذه الأسئلة كلها عن الصلاة في الحضر لا في السفر
ـ[آل عامر]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 03:11]ـ
جاء في كتاب المغني لابن قدامة رحمه الله:
(من صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم علم أنه قد أخطأ القبلة , لم يكن عليه إعادة، وجملته أن المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم بان له أنه صلى إلى غير جهة الكعبة يقينا , لم يلزمه الإعادة، وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده. وبهذا قال مالك , وأبو حنيفة. والشافعي في أحد قوليه
ـ[آل عامر]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 03:14]ـ
وللفائدة إذا كان الانحراف عن القبلة يسيرا، فإن هذا لا يضر ولا تبطل به الصلاة؛ لأن الواجب على من كان بعيدا عن الكعبة أن يتجه إلى جهتها، ولا يشترط في حقه أن يكون اتجاهه إلى عين الكعبة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ).
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام [1/ 260]: (والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة، لا العين في حق من تعذرت عليه العين).
ـ[حمد]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 03:23]ـ
جاء في كتاب المغني لابن قدامة رحمه الله:
(من صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم علم أنه قد أخطأ القبلة , لم يكن عليه إعادة، وجملته أن المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم بان له أنه صلى إلى غير جهة الكعبة يقينا , لم يلزمه الإعادة، وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده. وبهذا قال مالك , وأبو حنيفة. والشافعي في أحد قوليه
بارك الله فيك أخي آل عامر، لكن
ابن قدامة لا يتكلم عن مسألتنا، إنما يتحدث عن الأماكن التي لا يمكن معرفة القبلة فيها إلا بالاجتهاد.
كالسفر أو الأماكن التي لا يوجد ما يُّغلّب على ظنك اتجاه القبلة فيها.
أما سؤالي فهو في الحضر ?
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 03:52]ـ
أخي الحبيب مبنى هذه المسألة على: هل الإستقبال في الحضر شرط أم واجب فمن قال أنه شرط لم يفرق بين العالم وغيره لأن الشرط لا يسقط بعدم العلم كما في حديث خالد بن معدان من ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي كان في قدمه أثر اللمعة من الدرهم بإعادة الوضوء والصلاة مع ان الذي يظهر ان الرجل لم يكن عالما فمبنى المسألة هل الإستقبال في الحضر هو شرط أم واجب من واجبات الصلاة وفي المسألة كما تعلم خلاف ما بين أهل العلم على ولين أم القول الاول أنه واجب ليس شرط وهو ما ذهب إليه الشوكاني في النيل (1/ 523) ونصره العلامة الألباني في الثمر المستطاب (842) واستدلوا عليه بأدلة كثيرة من أهمها:
الاول: أن ما جاء في إستقبال القبلة إنما هو من قبيل الأوامر الجردة عن قرين الشرطية فالأصل في الأوامر انها للوجوب حتى تأتي قرينة ترفعها إلى الشرطية أو تنزل بها إلى الإستحباب فإن لم تأتي قرينة ترفعه أو تنزل به فهو على أصله من إفادة الوجوب ومثال القرينة على الشرطية أن يعلق ثمرة العمل عليه أو ينفي صحة العمل إلا بتحقق هذا الفعل مثال (لا صلاة لمن لم يقرء بإم الكتاب
الدليل الثاني عندهم: أن الصحابة رضوان الله عليهم صلوا إلى غير القبلة في غيمة فلما طلعت الشمس إذا هم قد صلوا إلى غير القبلة فأخبروا النبي فقال قد وقعت صلاتكم (حسنه الشيخ في سنن الترمذي 345) وهذا دليل على عدم إشتراط الإستقبال لأنه لو كان شرطا لأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا الصلاة لا فتقادها شرطا من شروطها والقاعدة إذا تخلف الشرط تخلف المشروط
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الثالث: حديث تحويل القبلة من حديث ابن عمر قال: بينما الناس في قباء يصلون صلاة الصبح إذا جائهم أتيٍ فقال: قد إنزل على النبي قرآن الليلة وقد أُمِرَ أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى إلى الشام فاستاداروا إلى الكعبة وفي رأوية عن أنس (وهم ركوع وقد صلوا ركعة) مسلم) وهذا دليل على عدم الإشتراط لأنهم لم يخرجوا من الصلاة ولم يقطعوها فاعتبروا ما صلوا من ركعة إلى غير القبلة صلاة صحيحه فلو كان الإستقبال شرطا لقطعوا الصلاة وأعادوها لأنها لم تكن إستوفت شروطها كما لو صلى رجل بلا نية ركعة من الصلاة ثم نوى في الثانية فهل يقولون إن الصلاة مجزأة وليس عليه إعادة
أم القول الثاني وهو للجمهور بما يكاد يكون إجمعا (مراتب الإجماع لابن حزم 26) وليس بذا
واستدلوا عليه بالأتي:
الدليل الأول: قو الله عز وجل: (ومن حيث خرجت فول وجهك شرط المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره)
الدليل الثاني عندهم: إستدلالهم بحديث المسئ من وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثم استقبل القبلة ... )
الجواب عن أدلتهم: أم الأيوة فليس فيها دليل على الإشتراط إنما غاية ما تدل عليى وما يمكن أن يتوصل منها إليه هو الوجوب لأن الأوامر المجردة عن القرائن لا تفيد إلا الوجوب لأنه لا قرينة هنا ترفعه إلى الإشتراط وكذا في حديث المسئ.
الدليل الثالث: كما أني سمعت بعضهم يستدل بقول الله عز وجل: (وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم ... ولأن اتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ... ) الأية
ثم قال إن الله رب العالمين جعل هذه القبلة علامة ظاهرة على الأمة المحمدية بل جعلها من شعائر الأمة الظاهرة
الجواب:
أن ما ذكر من وجه للدلالة فهو بعيد جدا لا يدل على الشرطية فليس لأنها من شعائر الأمة الظاهرة أو أنها علامة على الأمة المحمدية أن تكون شرطا في الصلاة كما في الاذن فهو من شعائر الأمة الظاهرة فهل يقولون بأنه شرط في صحة الصلاة
ولو سلمنا لهم فإنه قد جائت أدلة أخر تنفي الشرطية كما سبق ذكره.
الدليل الرابع: الإجماع قالوا أنه أجمع أهل العلم على ان إستقبال الصلاة شرط في صحة الصلاة (مراتب الإجماع لابن حزم (26)
الجواب:
وهذا الإجماع هش في ثبوته نظر ولأنه قد جاء عن بعض أهل العلم قولهم بأن من صلى إلى غير القبلة غير عالم أو مخطأ فقد أجزأته صلاته
2 - أن الإجماع إنما يأتي في النرتبة الثالثة في الإستدلال فلا يقدم الإجماع على النص الصريح إن وجد الإجماع
بل غن دعوى الإجماع متعزرة بعد عهد الصحابة كما قال الإمام أحمد عليه الرحمة: من قال أجمع الناس فقد كذب وما يدرية لعلهم إختلفوا
وعلية يترجح المذهب الأول من أن الإستقبال واجب وليس بشرط وذلك للمرجحات الأتية:
الأول: أن ادلة القول الأول أصرح وأظهر وأقوى في موطن الدلالة من المذهب الثاني.
الثاني: أنه أمكن الجواب عان أدلة المذهب الثاني كما سبق.
الثالث: أن أدلة المذهب الثاني محتملة بل ليست فيها دلالة أصلا.
الرابع موفقة القول الاول للأصول العامة في الشريعة من اليسر الشريعة وعدم التكايف ولا شك أن القول بالوجوب أقرب إلى قاعدة عدم التكليف من القول بالإشتراط ومن أن الأصل في الاوامر الوجوب حتى تأتي قرينة
أم النقطة الثانية في المسألة وهى وجب الإجتهاد وأتفقت المذاهب الأربعة على وجوب الإجتهاد (نهاية المحتاج (1/ 422) لأن الإستقبال واجب فما كان وسيلة لهذا الواجب كان واجب فإن إجتهد وأخطأ فأن كان في صلاته فليتجه إلى القبلة ولا يخرج من صلاته وأن صلى إلى أربع إتجاتهات بأربع إجتهادات حسبما يأديه إجتهاده لحديث أهل قباء
فإن كان خراج الصلاة فلا إعادة عليه لحديث السارية ولا فرق بين خروج الوقت وعدم خروجه
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشوكاني: وفي حديث معاذ التصريح بأن ذلك كان بعد الفراغ من الصلاة قبل إنقضاء الوقت وهو أصرح في الدلالة على عدم الشرطية وفيه أيضا رد على من ذهب إلى التفريق بين وجوب الإعادة بين بقاء الوقت وعدمه) يشير إلى حديث معاذ عند الطبري في الأوسط بلفظ صلينا مع رسول الله في يوم غيام في سفر إلى غير القبلة فقال: فلما قضى الصلاة وسلم تجلت الشمس فقلنا يا رسول الله صلينا إلى غير القبلة فقال: قد وقعت صلاتكم بحقها إلى الله) وفي إسناده أبو عبلة واسمه شمر بن عطاء وقد ذكره ابن حبان في الثقات
فعلية لا يعيد الصلاة خاصة وقد ترجح أن الإستقبال واجب وليس شرط
هذا بحث مختصر على عجلة ولعلى أنشط بعد إلى كتابة غيره وجزاكم الله خيرا
ـ[حمد]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 04:02]ـ
ولأنه قد جاء عن بعض أهل العلم قولهم بأن من صلى إلى غير القبلة غير عالم أو مخطأ فقد أجزأته صلاته
أرجو أن تنقل لي أقوالهم، جزيت خيراً.
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 11:28]ـ
وجزيت أخي الحبيب
نقلا من الموسوعة الفقيهية الكويتية
ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلاَةِ تَحْوِيل الْمُصَلِّي صَدْرَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ الصَّلاَةَ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ عَلَى سَبِيل الاِسْتِهْزَاءِ يَكْفُرُ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ مَعَ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ لِلشَّرِيعَةِ.
وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا إِذَا صَلَّى بِلاَ تَحَرٍّ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ أَثْنَاءَ الصَّلاَةِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، لِبِنَاءِ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ، فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الصَّلاَةِ صَحَّتْ صَلاَتُهُ، لأَِنَّ مَا فُرِضَ لِغَيْرِهِ - كَالاِسْتِقْبَال الْمَشْرُوطِ لِصِحَّةِ الصَّلاَةِ - يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ لاَ تَحْصِيلُهُ، وَقَدْ حَصَل وَلَيْسَ فِيهِ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ. (ابن عابدين 1/ 55، 292).
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ لِجِهَةٍ فَخَالَفَهَا وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَإِنْ صَادَفَ الْقِبْلَةَ، وَيُعِيدُ أَبَدًا. وَأَمَّا لَوْ صَلَّى لِغَيْرِهَا نَاسِيًا وَصَادَفَ الْقِبْلَةَ فَهَل يَجْرِي فِيهِ مِنَ الْخِلاَفِ مَا يَجْرِي فِي النَّاسِي إِذَا أَخْطَأَ، أَوْ يُجْزَمُ بِالصِّحَّةِ لأَِنَّهُ صَادَفَ وَهُوَ الظَّاهِرُ؟.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يَسْقُطُ اسْتِقْبَالُهَا بِجَهْلٍ وَلاَ غَفْلَةٍ وَلاَ إكْرَاهٍ وَلاَ نِسْيَانٍ، فَلَوْ اسْتَدْبَرَ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ لَوْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ.
وَيُسَنُّ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ لأَِنَّ تَعَمُّدَ الاِسْتِدْبَارِ مُبْطِلٌ. وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا لَوْ أُمِيل عَنْهَا قَهْرًا فَإِنَّهَا تَبْطُل، وَإِنْ قَل الزَّمَنُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ. (3) وَلَوْ دَخَل فِي الصَّلاَةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْخَطَأُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ.
وَأَطْلَقَ الْحَنَابِلَةُ الْقَوْل بِأَنَّ مِنْ مُبْطِلاَتِ الصَّلاَةِ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ شُرِطَ اسْتِقْبَالُهَا. كَمَا نَصُّوا فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلاَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لاَ تَسْقُطُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلاً. (4)
هَذَا، وَلاَ بُدَّ مِنَ الْقَوْل أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا حَوَّل وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ، حَيْثُ بَقِيَتْ رِجْلاَهُ إلَى الْقِبْلَةِ. وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ بِلاَ ضَرُورَةٍ، وَقَالُوا: إنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ مُعَايِنِ الْكَعْبَةِ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ أُصْبُعًا مِنْ سَمْتِهَا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. (5)
تَبَيُّنُ الْخَطَأِ فِي الْقِبْلَةِ:
أَطْلَقَ الْحَنَفِيَّةُ الْقَوْل بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ الَّذِي لَمْ يَشُكَّ فِي الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَحَرَّ إِذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ فِي الْقِبْلَةِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ، بِخِلاَفِ مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَشَكَّ فِيهَا وَتَحَرَّى، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ اسْتَدَارَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا تَحَرِّيهِ، أَمَّا إِذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الصَّلاَةِ فَإِنَّ صَلاَتَهُ صَحِيحَةٌ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الإِْعَادَةِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ وَالْمُقَلِّدِ إِذَا كَانَتْ عَلاَمَاتُ الْقِبْلَةِ ظَاهِرَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِيهَا، لأَِنَّهُ لاَ عُذْرَ لأَِحَدٍ فِي الْجَهْل بِالأَْدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ. أَمَّا دَقَائِقُ عِلْمِ الْهَيْئَةِ وَصُوَرُ النُّجُومِ الثَّوَابِتِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْجَهْل بِهَا فَلاَ إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الأَْدِلَّةُ ظَاهِرَةً فَاشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ أَوْ خَفِيَتْ، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَتْ أَدِلَّةٌ خَفِيَّةٌ، لأَِنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ فِي الْحَالَيْنِ وَعَجَزَ عَنِ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَاسْتَوَيَا فِي عَدَمِ الإِْعَادَةِ. أَمَّا فِي الْقَوْل الأَْظْهَرِ لِلشَّافِعِيَّةِ فَتَلْزَمُهُ الإِْعَادَةُ لأَِنَّهُ أَخْطَأَ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصَّلاَةِ.(/)
قصة عجيبة ذكرها الذهبي في ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه
ـ[أبوعبدالرحمن القطري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 04:42]ـ
هذه قصة عجيبة ذكرها الحافظ الذهبي رحمه الله في كتابه " سير أعلام النبلاء " في ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال الحافظ أبو سعد السمعاني: سمعت أبا المعمر المبارك بن أحمد: سمعت أبا القاسم يوسف بن علي الزنجاني الفقيه: سمعت الفقيه أبا إسحاق الفيروزآبادي: سمعت القاضي أبا الطيب يقول:
كنا في مجلس النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة ; فطالب بالدليل حتى استُدل بحديث أبي هريرة الوارد فيها.
فقال -وكان حنفيا-: أبو هريرة غير مقبول الحديث.
فما استتم كلامه حتى سقطت عليه حية عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب منها، وهي تتبعه.
فقيل له: تب، تب.
فقال: تبت.
فغابت الحية، فلم ير لها أثر.
قال الحافظ الذهبي: إسنادها أئمة. اهـ
فانظر كيف يدافع الله عن أوليائه (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) ولعلّ الله سبحانه وتعالى أراد بهذا الحنفي خيرا ليبادر بالتوبة ونحن نرى اليوم من يتطاول على الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليس بالطعن في روايتهم فقط بل الطعن في دينهم وتكفيرهم ورميهم بالعظائم كالرافضة والإباضية وغيرهم فإلى الله المشتكى ....
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[18 - May-2009, مساء 09:03]ـ
حب الصحابة والقرابة سنة ... ألقى بها ربي إذا أحياني
إحذر عقاب الله وارج ثوابه ... حتى تكون كمن له قلبان
نونية القحطاني
ـ[أبومروة]ــــــــ[18 - May-2009, مساء 09:48]ـ
ماشاء الله عليك
الله يبارك فيك أخي
نعم والله(/)
إن أردت نقدًا فبكذا وإن أردت أن أمهلك سنة فبكذا الشيخ أبو ا الحسن المأربي
ـ[ولد برق]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 05:09]ـ
السؤال كامل: ذهب رجل إلى السوق ليشتري سيارة , فقال له صاحب السيارة: إن أردت أن تشتري نقدًا فبكذا , وإن أردت أن أمهلك سنة فبكذا وكذا - بسعر أعلى من الأول - فاشترى المشتري السيارة بالسعر الغالي من أجل المهلة , فهل هذا البيع صحيح أم لا؟
الجواب: هذه المسألة – وهي البيع بالزيادة من أجل المهلة – قد أباحها جماهير أهل العلم من السلف , والبعض يراها صورة من صور الربا , وقد حققت هذه المسألة في رسالة مستقلة , تناولت فيها أدلة القائلين بالجواز، وأدلة القائلين بالمنع، وجعلتها في صورة مناظرة بين مانع ومجيز، وانتهي بي القول فيها إلى الجواز , وسميتها: " جامع التحصيل في جواز البيع بالزيادة مع التأجيل ".
وملخص أدلة من أجاز هذا البيع: عموم قوله تعالى:] وأحل الله البيع [[البقرة: 275]
أكمل قراءة الجواب
http://www.sulaymani.net/play.php?catsmktba=599(/)
هذا ما نفعله ... عندما تتحزب الأحزاب ويتقاعس الإخوان والأحباب
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 05:43]ـ
هذا ما نفعله ... عندما تتحزب الأحزاب ويتقاعس الإخوان والأحباب
أبو يونس العباسي
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه , وسلم تسليما كثيرا , وبعد ....
- إخوة التوحيد والإيمان: كثيرا من الأحيان ما أجلس مع نفسي وأفكر في هموم أمتي الجريحة المكلومة , وإن أكثر ما أفكر فيه هو حال أبناء شعبي في غزة والضفة , أتذكر حصارهم , أتذكر فقرهم , أتذكر عذابات اليهود المسلطة عليهم , اتذكر تواطأ طواغيت العرب عليهم , أتذكر طالبا لايستطيع أن يخرج ليكمل تعليمه , أتذكر مخطوبة لا تستطيع أن تزف إلى زوجها , أتذكر مريضا لايستطيع أن يخرج للعلاج , أتذكر أبا لايستطيع أن يرجع لأولاده , أتذكر وأتذكر وأتذكر ....... وما أكثر ما أتذكره.
- إخوة التوحيد والإيمان: وفي وقت مثل هذا الوقت , الذي تخوض فيه الأمة صراعها العسكري , تخوض وفي الوقت نفسه صراعها المنهجي العقدي , بل لا أكون قد جئت بجديد إذا قلت بأن الصراع العسكري تبع للصراع المنهجي , وفي مثل الصراع الذي نتحدث عنه , يستخدم طواغيت العجم , وعملاؤهم من طواغيت العرب , كل الوسائل الرامية إلى تركيعنا لهم , وانتهاجنا لنهجهم , ويفعلون المستحيل لنجهر بكفرنا بالدين العظيم الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - , وهنا لابد أن نذكر بأن عداء الكافرين لنا وقتالهم لنا , والحرب الضروس المشنونة ضدنا , هذه الأشياء جميعا لا تحتاج إلى مبررات إلا مبررا واحدا , ألا وهو العداوة الدينية العقدية المنهجية , قال الله تعالى:"وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون" , قال الله تعالى:" لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ" , قال الله تعالى:" وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير" , وغيرها من الآيات التي تدل على أن عداءنا مع اليهود والنصارى , عداء عقدي , وإن هذا العداء كاف عندهم للهجوم علينا وقتلنا وتدمير بيوتنا وانتهاك أعراضنا , والنيل من مقدساتنا , وسلب خيراتنا , وعلى أي حال: نحن فهمنا هذه المعادلة جيدا , ولكن متى سيفهما الكثيرون من المخدوعين بالغرب وحضارته وثقافته؟!!!
- إخوة الإيمان والإسلام: وتجاه هذه التكتلات والتجمعات الكافرة تجاه الإسلام وأهله , ومع قلة العدة والعتاد , فإن أقوى سلاح نواجه به الطواغيت عربا وعجما هو: سلاح الاعتصام بالله واللجوء إليه , والمقصود بالاعتصام بالله هو: اللجوء والاحتماء والامتناع والتوكل على الله وحده لا شريك له , وإذا سألت لماذا نعتصم بالله؟ قلت لك: لأن الله قوي وغيره ضعيف , لأن الله غني وغيره فقير ,لأن الله قدير وغيره عاجز , لأن الله يملك أزمة الأمور وغيره لا يملك , لأن الله فوق المسائلة والتعقيب وغيره ليس كذلك , لأجل ذلك وغيره فإننا نعتقد: أن الاعتصام بالله عبادة لا يجوزأن تصرف لغير الله تبارك وتعالى , أخرج الترمذي في سننه وصححه الألباني من حديث ابن عباس قال:"كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف".
(يُتْبَعُ)
(/)
- إخوة الإسلام والإيمان: وهنا لا بد أن نعتقد: أن من اعتصم بالله فإن الله لا يتركه ولا يخلي بينه وبين عدوه , بل إن الله ينصر أولياءه ويخذل أعداءه , قال الله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" , وقال جل جلاله:" إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ" , وكيف يتخلى عنا مولانا عند الاعتصام به , وهو لا يتخلى عن مشرك صدق في الاعتصام به لما احاط به الموج في لجة البحر , قال الله تعالى:" هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ" , ولكن الشيئ المؤسف أن الناس في هذه الأيام تركوا الاعتصام بالله إلى الاعتصام بالمؤسسات الكافرة والمنظمات الفاجرة والدول الضالة المضلة , كيف نسي هؤلاء ربهم , والتفتوا إلى المخلوق , ورب العالمين يقول:" وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا" , وهل نسي المسلمون قول ربهم سبحانه وتعالى:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " , كيف نسي المسلمون قوله تعالى:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" , ونذكركم والحرب بيننا وبين أعدائنا جذعة , بقول بن قيم الجوزية - رحمه الله - عندما قال: "لاتحسبن أن العدو غلب ولكن الحافظ اعرض " , وإذا استفسرت فقلت: لماذا أعرض الحافظ؟ قلت لك: ذنوبنا هي السبب , والأمر كما قالت العرب: " يداك أوكتا وفوك نفخ ".
- إخوة التوحيد والإيمان: ولا بد لنا أن نعلم أن من صور الاعتصام بالله الاعتصام بالدين الذي أوحي إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - , ودليلي على هذا الفهم قوله تعالى:" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" , وعليه فإن أبرز صفات المسلم المستعصم بربه: أنه مستمسك بالكتاب والسنة , يتحرك حسب ما تمليه توجيهات الكتاب والسنة , قال سفيان الثوري:" إذا استطعت ألا تحك شعرك إلا بدليل فافعل" , ومن صفات المستعصم بربه: الخضوع لله رب العالمين , والذلة التي يخالطها حب للملك - جل جلاله - , ومن صفاته: أنه مجاهد أو داع للجهاد أو داعم للجهاد , إن كان جهاد الشيطان أو النفس أو الهوى او الدنيا أو التعلم او التعليم أو الصبر على الدعوة أو جهاد المنافقين والكافرين , قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ومن صفاته: أنه يوالي في الله ويعادي في الله , ويبذل الغالي والرخيص خدمة لدين رب العالمين , ومن صفاته انه يقول الحق لا يخشى في الله لومة لائم , قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 05:44]ـ
لمن أراد المزيد: الجزء الثاني من المقال
*
*
*
*
*
*
ـ[أبو يونس العباسي]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 05:45]ـ
هذا ما نفعله ... عندما تتحزب الأحزاب ويتقاعس الإخوان والأحباب (2)
أبو يونس العباسي
إخوة التوحيد والإيمان: إن هناك ضريبة لا بد أن يدفعها كل من اعتصم بالله رب العالمين , إنها ضريبة التكليف , إنها ضريبة الحق , وهذه الضريبة هي: الإيذاء والضغوطات والمتاعب والمعرقلات والمشاق , وهذه ضريبة جرت سنة الله في خلقه أن يدفعها كل من يعتصم بربه , قال الله تعالى: " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ... وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " , وفي البخاري من حديث عائشة: أن ورقة بن نوفل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:" ما جاء رجل بمثل ما جئت به إلا عودي " , وإن الحكمة الإلهية من هذه الابتلاءات تنقية الصف من المسدوسين والكاذبين والمخادعين والمنافقين , قال الله تعالى:" مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ " , وقال سبحانه:" يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَالَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ َلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور" , إن هذه الابتلاءات هي المرحلة التي تسبق التمكين , قيل للإمام الشافعي:ايهما أحب إليك: الابتلاء أم التمكين؟ فقال:" لا يكون هناك تمكين إلا بعد ابتلاء" , قال الله تعالى:" وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ".
- إخوة التوحيد والإيمان: وإن الأمة هانت اليوم لأنها اعتصمت بغير الله وبغير حبل الله , فها هي تفخر وتجاهر بتحكيم القوانين الوضعية , وتنحية الشريعة الربانية , دون أن تجد لذلك نكيرا عند عوام المسلمين , أوليس من معاني الاعتصام , الاعتصام بالمنهج الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -؟!!! , قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ... فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " وإن الله لن يغير لنا حالا إلا إذا حكمنا كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَال" , وإن من أبرز صفات المنافقين , أنهم يعتصمون بالمخلوق على حساب اعتصامهم بالخالق سبحانه وتعالى , وإن هؤلاء لن يزول عنهم إثم النفاق وعقوبة المنافقين , إلا إذا اعتصوا بالله - حقا وصدقا - , وكفروا بالاعتصام بغيره , قال الله تعالى:" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ... إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا " , ولذلك لا تعجبوا من المخذلين والمحبطين وأصحاب الإشاعات , فهؤلاء لو اعتصموا بالله طرفة عين , ما قالوا هذه المقالات التي لا ترضي ربا ولا رسولا ولا ترضي المؤمنين , قال الله تعالى:" لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ... مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ... سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" , وقال سبحانه:" إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " , وقال ذو الملكوت والجبروت:" وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا" , وواعجباه من طواغيت العرب الذين اعتصموا بالكافرين , والله تعالى يقول:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ... وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " , ولقد حدثنا ربنا عن أمثال هؤلاء الطواغيت , المعتصمين بالكافرين فقال:" فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ".
- إخوة الإيمان والإسلام: أحب أن أقول لكم: أننا ونحن نعتصم بالله سبحانه وتعالى نعتقد: أن النافع والنافع وحده هو الله , وأن الضار والضار وحده هو الله , وعليه: فعندما نعتصم بالله , فإننا نخاف منه , ولا نخاف من أحد سواه , نخشاه ولا نخشى أحدا سواه , مها كانت قوته وسطوته , لأن هذا من لوازم عقيدة الولاء والبراء في الله تعالى , قال الله تعالى:" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" , وقال جل شأنه:" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ " , ثم إننا نقول لأولئك الخائفين من المجتمع الدولي وصولته وجولته وهيلمانه , نقول لهم: اعلموا أن أزمة الأمور في يد الله , وفي يد الله وحده , ومن كان الله معه فمن ضده , ومن كان الله ضده فمن معه , قال الله تعالى:" قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" , ولذلك فالموحد لا يخشى أحدا طالما هو يعلم أنه على الحق الذي يرضى عنه الله تعالى , قال الله تعالى:" وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ... الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ " , أقول لكم مجددا أحبتي في الله: بأننا ونحن نعتصم بالله نملك يقينا لا شك فيه بكل ما جاء في المنهج الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى:" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " , وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة" , وعليه فعندنا يقين أن هذا الدين باق لن يندثر , لأن الله يقول:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " , إننا متيقنون كذلك بأن المعركة والصراع بيننا وبين الكافرين , سيحسم لصالحنا , لأن الله يقول:" فاصبر إن العاقبة للمتقين" , والرب العظيم يقول كذلك:"وإن جندنا هم الغالبون" , وذو العزة والعظمة يقول:" كتب الله لغلبن أنا ورسلي ... إن الله قوي عزيز " , ولا شك معاشر الإخوة أننا بحاجة إلى نشر ثقافة اليقين , خاصة في مثل هذه الأوقات , وإن صحابة رسول الله كانوا يسألون ربهم , أن يزيد يقينهم يقينا , أخرج أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود أنه كان يدعوا فيقول:" اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها " , قال سفيان الثوري: لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي , لطار اشتياقا إلى الجنة , وهروبا من النار ".
أحبتي في الله: وخلاصة الأمر: أن أحدنا لن يكون من المعتصمين بالله إلا إذا: عظم أوامر ربه سبحانه وتعالى , وصدق تصديقا جازما بوعد الله ووعيده وبأخباره كذلك , إن كان في القرآن أو في السنة , ولن يكون أحدنا من المعتصمين بالله , إلا إذا حقق الخشية من الله والخوف منه , ولقد أحسن الشاعر يوم قال: اللهم يا أملي في كل نائبة ... ومن عليه لكشف الضر أعتمد ... أشكوا إليك هوانا عم أمتنا ... وعسكر الكفر من أرجائها احتشدوا ... يبغون قلع جذور الدين من غدنا ... والمسلمون ببقاع الأرض قد رقدوا ... قد ضيعوا الدين الذي به عزوا ... قد فرطوا في قول الله وأعدوا
ٌ(/)
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 06:24]ـ
هذه الأبيات المشهورة منسوبة للشافعي ...
فهل لقي الشافعي وكيعا؟
حسب علمي أن وكيعا ليس من شيوخه ولو صحت نسبة الأبيات فهي تكون من رواية الأقران فكلاهما من التاسعة ..
فهل ثبت بينهما لقاء؟
ـ[محمد محيسن]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 08:29]ـ
أخبرنا شيخنا حمزة المليباري ـ حفظه الله ـ قبل عدة سنوات ـ أن الصحيح في نسبة هذه الأبيات أنها لعلي بن خشرم كما ذكر ذلك الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي ...
والله الموفق.
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 08:52]ـ
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الطيب محمد بن أحمد الذهلي يقول سمعت مسدد بن قطن سمعت علي بن خشرم يقول: شكوت إلى وكيع قلة الحفظ فقال:
استعن على الحفظ بقلة الذنوب.اهـ البيهقي في الشعب 2/ 272
أنا محمد بن الحسين القطان، أنا دعلج، أنا أحمد بن علي الأبار، أن علي بن خشرم، حدثهم قال: سألت وكيعا قلت: يا أبا سفيان تعلم شيئا للحفظ؟ قال: أراك وافدا ثم قال: ترك المعاصي عون على الحفظ.اهـ الجامع لأخلاق الراوي 5/ 57.
هو ما ترجح عندي أيضا.
لكني أريد أن أعرف بارك الله فيك هل ذكر أحد من أهل العلم أن الشافعي - على الأقل - لقي وكيعا؟
لأن الأبيات شائعة جدا بين العلماء فضلا عن الدعاة بله العوام.
فهل كل من نسبها إليه لم يتنبه إلى هذا الأمر: أن الشافعي لم يلق وكيعا كما هو الأقرب؟.
ـ[مسلم بن عبدالله]ــــــــ[29 - Dec-2008, صباحاً 01:09]ـ
فائدة نادرة، لكن الذي جئت به نثر، فهل نَظْمُ البيتين مِن عليٍّ أم من غيره؟
ـ[سمير عبد الخالق]ــــــــ[19 - Sep-2010, مساء 08:33]ـ
السلام عليكم ورحمة وبركاته
بخصوص ان كان الامام الشافعي قد عاصر وكيعاً أم لا, فهذين البيتين
شكوت الى وكيع سوء حفظي ...... فأرشدني الى ترك المعاصي
وأخبرني بأنّ العلم نور ..... ونور الله لا يُهدى لعاصي
هما للامام الشافعي رحمه الله ويؤكدان أنه حتما قد عاصره.
وقد ذكر البعض من أهل العلم أمثال الامام البيهقي والفخر الرازي وغيرهما من علماء التاريخ والتراجم أن وكيعَ بنَ الجراح من مشايخ الإمام الشافعي رحمهما الله، وذكروا أيضا أنّ الامام الشافعي روى وحدث عنه أيضا, وقد ثبت أيضا وبرواية الامام الشافعي نفسه أنه تتلمذ على يديه، وقد قال الشافعي رحمه الله وفي مواطن كثيرة جداً في كتابه الأم: ((حدثنا وكيعُ بنُ الجراح))، أو (أخبرنا وكيع) مما يؤكد بأنّه عاصره.
ومما يؤكد أيضا أنهما تعاصران والتقيا, هو أن الامام الشافعي رحمه الله ولد عام 150 هجرية, وتوفي عام 204 هجرية, وأنّ وكيع رحمه الله ولد عام 128 هجرية, وتوفي عام 197 هجرية, وهذا يعني أنّ الامام الشافعي رحمه الله عاصر وكيعا ل 47 عاما.أي تقريبا 90% من المدة الزمنية التي عاشها الامام الشافعي رحمه الله اذا علمنا أنه توفي عن عمر يناهز الرابعة والخمسين.
والله وحده أعلم بغيبه
ـ[ابو قتادة السلفي]ــــــــ[19 - Sep-2010, مساء 11:25]ـ
ونسبهما غير واحد الى الشافعي ومن ابرزهم الامام المحقق ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي ولا اظن ان ما ذُكر عن علي الخشرم في الجامع يتناسب مع الابييات لانها لم تثبت عنه انه قالها كما هي في الابيات(/)
قيم / عشرون نصيحة لطالب العلم
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 10:28]ـ
هذه أول مشاركة لي معكم ... وفق الله القائمين على هذا الموقع لكل خير وجزاهم الله خيرا
بسم الله الرحمن الرحيم
عشرون نصيحة لطالب العلم
للشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله لا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فكلمتي < نصائح لطلاب العلم وطالبات العلم ولجميع المسلمين >، فإن الله يقول: ((والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر))، فالتواصي بالحق مما يجب على المسلمين أن يتواصوا به، وهذه النصائح يحتاجها كل مسلمة ومسلمة ولا سيما طلاب العلم وطالبات العلم.
النصيحة الأولى: الإخلاص، إخلاص العمل لله وإخلاص النية لله، وأنت يا طالب العلم في طلب العلم ما أحوجنا جميعاً إلى الإخلاص أن تبتغي بعلمك وجه الله وأن تبتغي بعملك وعباداتك ودعوتك وجه الله سبحانه وتعالى، فالله يقول: ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء))، ويقول سبحانه: ((فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً))، والرسول يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) متفق عليه عن عمر رضي الله عنه، وتعرفون حديث أبي هريرة الذي رواه الإمام مسلم: (أول من تسعر بهم النار والعياذ بالله من النار ثلاثة: ـ وهم كما تعملون ـ العالم الذي لم يبتغي بعلمه وجه الله، والقارئ الذي لم يبتغي بقراءته وجه الله ـ ويدخل في ذلك الطالب الذي لم يبتغي بطلبه العلم وجه الله ـ والمجاهد الذي لم يبتغي بجهاده وجه الله، وكذا المنفق الذي لم يبتغي بنفقته وجه الله). أول ما تُسعر بهم النار ويُسحبون سحباً على وجوههم حتى يُقذفون بالنار والذي فاتهم هو الإخلاص وإلا فالعمل بحسب الظاهر عملاً صالح، فشرط الظاهر تَيسر وشرط الباطن الذي هو الإخلاص لله لم يتيسر، فكانوا أول النار دخولاً إلى النار سحباً على وجوههم عياذاً بالله في ذلك، فالله الله علينا جميعاً بالإخلاص، يا طالب العلم إذا أردت أن يرفعك الله في الدنيا والآخرة فأخلص النية لله في طلبك للعلم، فإن الإمام البخاري رحمة الله عليه حين ألف كتابه < الجامع الصحيح > بدأ بكتاب بدء الوحي وبدأ بحديث (إنما الأعمال بالنيات) لينبه طلاب العلم والعلماء على إخلاص النية لله، وأن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله وإلا كان مردوداً على صاحبه، وهكذا فعل الإمام النووي رحمة الله عليه في < رياض الصالحين > وفي كتابه < الأذكار > وفي كتابه < الأربعين النووية > (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، وكذلك فعل المقدسي رحمة الله عليه في كتابه < عمدة الأحكام > بدأ بحديث عمر (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، وكذلك فعل البيحاني رحمة الله عليه في كتابه < إصلاح المجتمع > بدأ بحديث (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، وغيرهم وغيرهم تنبيهاً لطالب العلم الذي وفقه الله لسلوك العلم بأن يُجرد النية لله، وبأن يخلص العمل لله سبحانه وتعالى، فقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في < صحيحه > عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، فأحذر من الرياء وأحذر من السمعة وأحذر من حب الظهور وابتغي بعملك وجه الله سبحانه وتعالى، وإذا أخلصت النية لله فأبشر بقبول العمل وأبشر أيضاً بعِظم المثوبة عليك، فإن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله لو أنفقت مثل جبل أحد ذهباً رياءً وسمعة يجعله الله هباءً منثوراً وهو مثل جبل أحد أو أعظم من ذلك، كما قال الله: ((وقدمنا إلى ما عملوا من
(يُتْبَعُ)
(/)
عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً))، وإذا تصدقت ولو بنصف تمرة تبتغي بها وجه الله يُربيها الله لك حتى تكون يوم القيامة مثل جبل أحد، فقليل العمل مع الإخلاص عظيم عند الله وكثير العمل بدون إخلاص لا شيء يكون هباءً منثوراً.
هذه الوصية الأولى لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم ولداعي إلى الله ولكل مسلم، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل.
الوصية الثانية لطالب العلم وطالبة العلم ولكل مسلم: أن نحذر من المعاصي، أحذر يا طالب العلم من المعصية فربما كانت سبباً في ظلمة قلبك، وفي ظلمة القبر، وفي ظلمة الوجه، وفي العيشة النكدة الظنكى، المعصية هي حرب الشيطان للمؤمنين يُحارب الشيطان المؤمنين بالمعاصي، لأنه يعلم أن من عصى فقد غوى، كما قال الله: ((فعصى آدم ربه فغوى))، ومن عصى فقد ضل، ومن عصى فقد عَرض نفسه لعقوبة الله عاجلاً أو آجلاً، فأحذر المعاصي أحذرها على نفسك أشد مما تحذر على نفسك الحية والثعبان والتماس الكهرباء، فكم من إنسان أظلم قلبه بسبب المعاصي فما استطاع أن يحفظ ولا استطاع أن يقرأ ولم يجد لذةً لا للقراءة لا للحفظ و ولا للصلاة في جماعة لظلمةٍ في قلبه حالت بينه وبين ما يريد، فأنت إذا فعلت المعصية فقد أعنت الشيطان على تحطيم نفسك فاستقم كما قال الله: ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)) استقم وتمسك بالكتاب وبالسنة وأعمل بما تعلم، أعمل بما تعلمت حتى يُبارك الله لك في علمك وفي عملك وفي عمرك وفي أقوالك وفي أفعالك، يقول الشافعي رحمة الله عليه:
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدي إلى ترك المعاصي
وقال أعلم بأن العلم نورٌ ونور الله لا يأتاه لعاصي
فكم حاول من محاول أن يطلب العلم وأن يحفظ فما استطاع، والسبب في ذلك المعاصي، فالطاعة نور للقلب يَنجلي بها، والمعصية ظلمة على القلب والعياذ بالله، فالله الله في الابتعاد عن المعاصي، وعليك بالإكثار من الاستغفار، اكثر من الاستغفار لعل الله أن يغفر لك، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يثبتك الله على دينه وعلى كتابه وسنة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه، وراجع < الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) للإمام العلامة ابن القيم رحمة الله عليه، وانظر كم من مخاطر تأتيك من قِبل المعصية.
الوصية الثالثة لطالب العلم ولطالبات العلم وللعالم والداعي إلى الله: أن نحذر من الدنيا، يا طالب العلم أحذر الدنيا، أحذر حب الدنيا، وأحذر أن يتعلق قلبك بها، فإن القلب إذا تعلق بالدنيا وبحب الدنيا وبحب المال سرعان ما ينخدع ويُضحي بالعلم في سبيل الدنيا الفانية الملعونة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً) رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل الله سبحانه وتعالى يقول: ((يا أيها الناس إن وعد الله حقٌ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور)) قال:)) فلا تغرنكم الحياة الدنيا)) أي لا تغتروا بها، والرسول يقول صلوات الله وسلامه عليه: (اتقوا الدنيا واتقوا النساء) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، اتقوا الدنيا واتقوا النساء، أحذروا الدنيا أحذروا الدنيا ولا تتعلق قلوبكم بها، ليس معنى أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تبع ولا تشتري لا بد لك من هذه الأمور، لكن أحذر أن يتعلق القلب بحبها، وأحذر أن تنغمس فيها، فكم من إنسان انغمس فيها فضيع دينه إلا من رحم الله، وجاء أيضاً في سنن ابن ماجه بإسنادٍ حسن من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن نتذاكر الفقر ونتخوفه، فقال: (آلفقر تخشون، والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صباً حتى لا يزبغ قلب أحدكم إزاعةً غلا هي، وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء) فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: نعم والله تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء، فانتبه انتبه أن تتعلق بالدنيا فإن من تعلق بها زاغ قلبه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغةً إلا هي)، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام: (ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم الدنيا)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أيضاً: (لا الشرك أخشى عليكم، ولكن يخشى علينا زهرة الحياة الدنيا) حديثان في البخاري وغيره، فكن على حذر فإنه لا يجتمع في قلب امرئ حب العلم وحب الدنيا، فإما أن يغلب هذا على هذا أو هذا على هذا، وإذا غلب حب الدنيا على قلبك تركت العلم وضيعت نفسك، وكم من أناس ضاعوا وقد كانوا طلبة علم ومنهم من كان قد استكمل حفظ القرآن، ومنهم من حفظ من الأحاديث الشيء الكثير والكثير، ثم تعلقت قلوبهم بالدنيا فضاعوا وأضاعوا.
النصيحة الرابعة لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم والداعي إلى الله: أن يحذر من الكبر فإن الشيطان إذا عَجز عن صرفك عن طلب العلم ما استطاع ربما آتاك من الباب الآخر ونفخ فيك روح الكبر، وقال: أنت عالم وأنت زاهد وأنت صالح وأنت قارئ أو طالب علم وانظر إلى زملائك أين هم منك لا يسوون أصبع من أصابع يديك أو رجليك، وأعطاك من هذا الثناء والإطراء والمدح، فإذا بك تنخدع ويكون في هذه الحالة قد قضى عليك وأهلكك إلا أن يشاء الله أن يتغمدك برحمته فقد قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) مثقال ذرة من كبر، فقال رجلٌ: يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون نعله حسناً، وثوبه حسناً أي فهل هذا من الكبر؟، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس) رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام ما هو الكبر بشيئين: بطر الحق أي دفعه وعدم قبوله، وغمط الناس أي احتقار الناس، هذا هو الكبر (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) إذاً كلما أراد الشيطان أن ينفخ فيك روح الكبر والفخر والإعجاب بالنفس فتذكر أنت لا شيء، قد سُبقت بعلماء كالجبال وما أنت إلا حصاد، وقد سُبقت بعبادٍ وزاهدين وصالحين عُظماء، وما أنت إلا شعرة في ظهر أحدهم، وخاصةً حين تقرأ في سير الصحابة وسير الصالحين وسير الأنبياء، وحين تقرأ أيضاً عن الملائكة عليهم السلام تجد نفسك لا شيء من حيث العبادة، وأيضاً إذا قرأت في سير العلماء تجد نفسك لا شيء في العلم، فأحذر يا أخي الطالب بارك الله فيك وفي علمك وكذلك أنتِ أيتها الطالبة بارك الله فيكِ وفي علمكِ، علينا جميعاً أن نحذر من مداخل الشيطان التي يُغرقنا بها إن عجز من هذا الباب أتى من الباب الثاني، إن عجز من أن يدخل عليك من الباب دخل عليك من النافذة حاول بكل ما يستطيع أن يضلك ضلالاً مبيناً وبعيداً وأن يُغويك، فكن على حذر من كل المداخل، وتذكر قول الله: ((والذين جاهدوا فينا لنهد ينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)) جاهد نفسك في ذات الله، ومهما كان صوتك جميلاً فمن الذي أعطاك الصوت الحسن؟ أليس هو الله؟ من الذي أعطاك الشعر الحسن؟ أليس هو الله؟ من الذي أعطاك اللون الحسن؟ أليس هو الله؟ من الذي أعطاك العقل والذكاء؟ أليس هو الله؟ من الذي أعطاك الحفظ والذاكرة؟ أليس هو الله؟ الجواب: بلى، فإذاً تفتخر بأي شيء؟ تفتخر بشيء ليس هو منك وإنما هو من الله أما تتقي الله في نفسك، أما تعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يأخذ ما أعطاك أخذه، فإنه لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون، أخبرني رجلٌ عن شخصٍ وقد رأيت ذلك الشخص، قال: كان ذاك الرجل ذا شعرٍ جميل وكان يتفاخر به، قال: وبعد فترة ما نشعر إلا وشعر بدنه بكامله تساقط الذي على رأسه الذي على وجه والذي في يديه كل الجسم حتى الذي على حاجبيه، فرأيته في الحالة الثانية لا شعر وهو يعرفه في الحالة الأولى والثانية، والذي أخبرني ثقة والله يفعل ما يشاء، ((لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون)) انظر لما تفاخر بشعره الوسيم الجميل وما حمد الله وما شكره وما تواضع وما أدى شكر هذه النعمة، وكأنه هو الذي خلق هذا الشعر أستغفر الله كيف سلب الله منه هذه النعمة، وهكذا الذاكرة إن تفاخرت فما تشعر إلا وقد سلب منك الذاكرة والعقل والذكاء والحفظ والفطنة، فتصبح بليد من أرذل الناس في البلادة فتواضع لله وأعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوصية الخامسة: الاهتمام بالعبادة، يا طالب العلم يا طالبة العلم يا أيها العالم يا أيها الداعي إلى الله، أحذر هذا المدخل أن يدخل عليك الشيطان منه وهو إهمال العبادة بدعوى أنك مشغول بالحفظ والمذاكرة والمراجعة في النحو في المصطلح في الحديث في المواريث في الفقه في الأصول إلى غير ذلك انتبه، العلم يدعو إلى العمل الصالح، والعلم يدعو إلى العبادة، والعلم يدعو إلى التقوى، والعلم يدعو إلى الاستقامة، والعلم يدعو إلى التواضع، فإذا لم تنتفع أنت بعلمك فكيف تريد من الناس أن ينتفعوا بعلمك وأنت مضيع لصلاة الضحى، وقد تضيع صلاة الوتر وقد لا تهتم بالرواتب القبلية والبعدية في الصلوات المكتوبة، وقد لا تهتم بالأذكار أذكار الصباح والمساء، وقد لا تهتم بالصيام النوافل، وقد لا تهتم بالدعاء والتضرع، فالعلم الذي أنتفع به صاحبه هو الذي أثمر العمل وأثمر العبادة، فهو كثير الاستغفار وكثير التهليل وكثير التكبير التسبيح وهو محافظ على صلاة الضحى على صلاة الوتر وقيام الليل محافظ على صيام النوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، يُنفق مما أعطاه الله من علمٍ أو مالٍ أو وقتٍ ويبتغي بذلك وجه الله، يعمل بعلمه يصبر يحلم يعفو يصفح أنتفع بعلمه قبل أن ينتفع الناس بعلمه، فبدأ بنفسه قبل أن يبدأ بالناس فأنتبه عليك بالعبادة، إذا أردت أن يُوفقك الله وأن يثبتك وأن يُسددك فأحرص على الطاعة وعلى العبادة، حافظ على الصف الأول بدون مضايقة، حافظ على صلاة الضحى صلاة الإشراق صلاة الاستخارة إذا دعت الحاجة، حافظ على صلاة قيام الليل وعلى صوم النوافل، قال عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وتعرفون أيضاً حث الرسول عليه الصلاة والسلام على صيام يوم عرفة وأنه يكفر ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة، وحث على صيام تاسوعا وعاشورا وأن صوم عاشورا يكفر الله به ذنوب سنة، إلى غير ذلك من نوافل الطاعات ونوافل العبادات، أنت أحق بها من غيرك تتعلم وتعمل كلما مررت بآية أو بحديث حاول على أن تعمل بهذه الآية أو بهذا الحديث إن كان في باب العقيدة تعتقد وإن كان من باب الوجوب تعمل وإن كان من باب فضائل الأعمال فأحرص، وإن كان من باب المحرم فأبتعد عنه وإن كان من باب الكراهة فتنزه عنه وهكذا.
الوصية السادسة: الفتوى، يا طالب العلم ويا طالبة العلم التسرع بالفتوى ليس بالأمر الهين، الفتوى لأهل العلم للعلماء الراسخين بالعلم البارزين، أما أن يقوم الطالب في مسجد من المساجد وهو طالب ويلقي نصيحة طيبة جزاه الله خيراً، ثم يقول للناس من كان عنده أسئلة فبعد صلاة العشاء إن شاء الله نجيب على الأسئلة، ألا ترون أن هذه مهزلة وأن هذا يعتبر حطاً من قدر العلم ومن قدر العلماء، طالب ما قد أجاز له العلماء بالفتوى، أما لو كان من المتمكنين ومن المستفيدين قد أجاز له شيخه أجاز له أن يفتي هذا شيء آخر يستثنى من ذلك، لكن شيخه ما أجاز له أن يفتي الناس، فكلما ألقى كلمةً في أي مسجد قال: والإجابة على الأسئلة بعد صلاة العشاء، سواءً هو يقول أم من حوله، فعلى طلبة العلم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يعلموا أن أمر الفتوى ليس بالأمر الهين، الله يقول: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وأهل الذكر هم أهل العلم، وهم أهل الفقه في الدين، وكيف كان سلفنا الصالح رحمة الله عليهم كانوا يتدافعون الفتوى من شخصٍ إلى آخر، يأتي السائل إلى أحدهم يستفتيه فيقول: أذهب عند فلان، فيذهب عند فلان فيقول له: أذهب عند فلان ومن واحد إلى واحد كل واحد خائف على نفسه من أن يفتي بغير علم، والله يقول: ((ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً))، ويقول سبحانه: ((ولا تقولوا لما تصف أنفسكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم))، ويقول سبحانه: ((قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)) فيعتبر القول على الله من غير علم من أكبر الكبائر، ويقول عبد الله
(يُتْبَعُ)
(/)
بن مسعود رضي الله عنه كما في مقدمة < سنن الدارمي > قال: من أفتى الناس بكل شيء فهو مجنون، وتعلمون قصة ذلك الرجل الذي أتى إلى الإمام مالك رحمة الله عليه من مكان بعيد فسأله عن أربعين مسألة فأجابه عن ثلاث، فقال: أنت الإمام مالك الذي ذاع صيتك وشاع وقد جئتك من مكان بعيد بأربعين مسألة تفتيني بثلاث؟، قال: أصعد على جبل سلع وقل للناس أتيت من مكانٍ بعيد إلى مالك بأربعين مسألة فما أجابني إلا بثلاث أو كما قال رحمه الله، طالب علم يتجرأ على الفتوى قلة أدب والله وقلة خوف من الله وقلة خشية من الله، ما يفتي إلا العالم، أو من أجاز له العالم بعد الاختبار بعد اختباره إذا أجاز له لا بأس، وإلا يُحيل ويقول: أذهب إلى العالم أنا لست بعالم، فإن شاء الله تتنبهوا لهذا الوصايا ولهذه النصائح التي هي في صالح الجميع إن شاء الله، ولا بأس أن تعطي السائل رقم التلفون للعالم وتقول: أسأل الشيخ فلان هذا التلفون، وإذا عرفت حكم المسألة فلا بأس أن تدله على الكتاب أو على الشريط على إنها فتوى للعالم، إذا كنت قد وقفت على فتوى لعالم فتقول الشيخ الفلاني في الكتاب الفلاني أو في الشريط الفلاني أجاب عن هذه المسألة فتحيله على مليء على عالم، أما أنك أنت تقوم تفتي الناس هذا مع وجود العلماء وكيف بعد موتهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبقي عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فأضَلوا وأَضلوا) متفق عليه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الوصية السابعة: هي عدم التسرع في فتح المراكز، يا طالب العلم إياك والتسرع في فتح المراكز، تتعلم عند شيخ من المشايخ فترة ثم تطمع في أن تبرز كما برز هذا الشيخ قبل أن تتمكن من العلم قبل أن يُجيزك الشيخ بذلك، فما يشعر إلا وقيل فلان فتح مركز بالمكان الفلاني في القرية الفلانية في الحي الفلاني في المسجد الفلاني وعنده طلاب وحوله الناس و الشباب وهم حوله يا شيخ يا شيخ يا شيخ وهو طالب، هذا أمرٌ لا تظنوا أنه يُبشر بخير، هذا يُنذر بشر لأن هذه المراكز لا بد لها من علماء يُسيرون الدعوة ويفتون الناس في القضايا الهامة، ويُصلحون بين الناس وهم على هدى وهم على نور، أما طالب ولد ولد ويفتح مركز فهذا إذا لم يظهر خطره الآن سيظهر بعد الآن بل قد ظهر خطره الآن أي نعم، ويعرف هذا من تجول في الدعوة إلى الله وعرف أحوال الناس يعرف هذا، فالله الله اثبتوا عند شيخكم يا طلبة العلم وإياكم والانقطاع عن طلب العلم، ثم إياكم والتسرع بفتح المراكز احذروا، إلا أن يكون أستأذن شهر من شيخه كبير أهل بلده في رمضان مثلاً أو في غيره، تقول يا شيخ هل أنا أهل إلى أن أصلي بالناس صلاة التراويح ويحدثهم بما أستطيع فإن قال نعم فذاك، فترة ثم تعود شهر نصف شهر عشرين يوم بما فتح الله عليك إن أجازك أن تمكث هذه الفترة داعي إلى الله لا بأس هو أخبر بك ثم تعود، لا تنقطع عن أبيك فالعالم يعتبر أباً روحياً لا تنقطع عن طلب العلم إلا إذا رأى الشيخ أنك تستحق أن تفتح مركزاً، فكل شيخ هو أدرى بطلابه وعليه أن يحتاط، أنصح المشايخ أن يحتاطوا في مثل هذه الأمور وأن لا يتسرعوا حتى الشيخ أيضاً لا يتسرع، فلا بأس أن يقول الشيخ لتلميذه أذهب إلى المكان الفلاني وعلم الناس الكتاب والسنة بما يفتح الله عليك لمدة كذا يربطه بمدة شهرين ثلاثة أربعة ستة أشهر من أجل لا يظن هذا الطالب أنه خلاص استقل فإذا انتهت المدة تعود إن شاء الله إلينا وننظر غيرك يواصل لهم الفوائد وأنت تَعود لطلب العلم، ويقول له: إياك والفتوى بغير علم إلا فيما قد عَرف الحق والصواب فيه لأن هذا قد صار الآن مكلف من قِبل الشيخ بالذهاب بخلاف من ذهب من ذات نفسه، وما أشكل عليك فارفعه إلينا أكتب في ذلك رسالة وأرسل بها إلينا حتى لا تنقل الفتوى بغير حق، ففتح المراكز من جاء فتح هذا نذير بشر إلا مركز فُتح بأمر من الشيخ، فهذا يُبشر بخير، أما من جاء فتح نذير بشر ويعتبرون الذين يفتحون مراكز بدون أستاذان من مشايخهم يعتبرون قطاع طريق يقطعون الطريق بين الشباب وبين طلبة العلم وبين أهل العلم، سواءً قال: لماذا تذهب هاهو المركز بجانب بيتك أو
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يقل هذا لكن هذا هو المراد، فقد يأتي الكسل لذلك الطالب فيقول: أنا أذهب إلى المكان البعيد عن الشيخ الفلاني وقد في فلان الفلاني قد فتح دروساً فيكون سبب في قطع الطريق وسبب في تثبيط الناس عن طلب العلم.
الوصية الثامنة: الجرح والتعديل، يا طالب العلم ليس لك أن تجرح وأن تُعدل لا في إخوانك ولا في غيرهم، فإن الجرح والتعديل من فروض الكفاية وليس من فروض العين إذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين وهو من وظائف أهل العلم الراسخين في العلم، انتبهوا لهذه المكيدة الشيطانية التي أبعدت ووسعت الشقة بين الأمة وبين العالم والعامة حين من جاء تكلم، العالم إذا تتكلم يتكلم بعلم ويتعلم بسداد إن شاء الله ويعرف متى يقول ومتى يسكت وإذا قال ماذا يقول، أما الطالب والعامي ومن جاء جرح وعدل ويصبح حديث القوم في مجالسهم فلان كذا وفلان كذا هذه فوضى علمية لسنا راضين عنها ولا عن من يقوم بها ممن لم يُأهل لذلك، فليتقِ الله طلبة العلم وليكونوا بارين بمشايخهم مطيعين فإن الله أمر بطاعة العلماء كما قال سبحانه: ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً)) وأولوا الأمر هم العلماء والأمراء، فالعلماء يجب على العامة وعلى طلبة العلم أن يُطيعوهم في حدود كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وطاعة العالم أوجب عليك من طاعة أبيك فاتقِ الله يا طالب العلم، ولا تشوه بمنبر العلماء عند العامة، بما تثرثره في تلك المجالس من القيل والقال والطعن في الأعراض والتجريح في المسلمين فلست أهلاً لذلك، إلا من أُجيز من أهل العلم بأن فلان أهل بأن يفتي أو أهل لأن يدعو أو أهل لأن يُجرح ويُعدل، أما من جاء تكلم وتصبح المسألة فوضى بلا ثبات بلا سداد بلا صواب وهذا هو الحاصل، وأنا والله أخشى على أهل العلم إن لم يتنبهوا لهذه الأمور وإن لم يُحيطوا طلابهم بالنصح أخشى عليهم من عقاب الله، وأيما طالب لا يلتزم بالنصائح والتوجيهات التي لا تخالف الكتاب ولا السنة فإنه يُضرب إن لم يلتزم إذا كان يبقى يثرثر في الجرح والتعديل أو يفتي الناس بغير علم ويحاول أن يُظهر نفسه بمظهر العلماء مثل هذا وجوده وبال على المجتمع، لأن ضرره سيكون أكبر وإذا تُرك على هذه الحالة ربما تطور في الضلال وأفسد أكثر مما يصلح، فإن شاء الله المشايخ وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الوالد الشيخ مقبل حفظه الله علينا جميعاً أن نتنبه لهذا وعليه بوجه الخصوص أن يتنبه لهذا حتى تُحزم الأمور ويسود المجتمع الأمن والأمان والاستقرار والهدوء والدعوة بعلم وببصيرة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكما أن الطالب يُمنع من الجرح والتعديل يُمنع نثراً كذلك يُمنع شعراً فلا يقولُ الشعر جرحاً وتعديلاً ولا يقول النثر جرحاً وتعديلاً، حسبك يا طالب العلم أن تطلب العلم وكثر الله خيرك أنك طالب علم، وكثر الله خير الشيخ أنه قَبل طلبة العلم ويعلمهم قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنها ربما كان سبب كان سبباً لانقطاعك عن طلب العلم.
الوصية التاسعة: عدم الرجوع إلى العلماء، يا سبحان الله هذه ظاهرة خبيثة منتنة أن الطالب وأن الطالبة يكتفي بنفسه في الفتاوى وبغيرها وكأنه لا يلزمه أن يعود إلى العلماء في للاستشارة وللسؤال وللتفقه يتعلم شيئاً قليلاً من العلم ثم يرى نفسه ابن حجر الثاني أو ابن تيميه عصره أو الإمام الذهبي وربما نظر إلى شيخه أيضاً بأنه شيخ معلوماته محدودة يا سبحان الله نعوذ بالله من الغرور ونعوذ بالله من الكبر والظلم، تنظر إلى شيخك الذي له الفضل بعد الله في تعليمك وكأنه ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة وأنت الليث بن سعد، أو رشدين بن سعد وأنت علي بن المديني، هذا والله مرض والله مرض، أنا ما أقل كلكم والحمد لله فيكم ناس نسأل الله أن يُوفقهم وأن يُبارك فيهم لكن قد يدخل قد يحصل من البعض وقد يكون هذا المرض ما هو من ذات نفسه الشيطان أوقعه فيه وهو ما عنده الحصانة حتى يتنبه للمكائد والخطط الشيطانية، فإذا رأى نفسه أتقن شيئاً وأحسن شيئاً من الفنون بعضهم يحتقر حتى شيخه، أما احتقاره لزملائه فحدث ولا حرج يراهم عصافير وكتاكيت إلا من
(يُتْبَعُ)
(/)
رحم الله، وهذا هو العلم وهذه هي الثمرة التي نحن نريدها؟ أنك حفظت مسألةً فرأيت من حولك كأنهم ذر أو نمل اتقِ الله في نفسك، كلما أزداد المؤمن علماً كلما أزداد تواضعاً وقال: أيش عندي من أنا إلى فلان وفلان هذا هو الصحيح كلما أزدت من العلم والإيمان والصلاح والاستقامة والتمسك كلما ترى نفسك صغيراً، الشيخ ابن باز رحمة الله عليه في العام الماضي وأنا موجود في الدرس في مكة وهو يفتي الناس رحمه الله قبل أن يموت في حياته بفتي الناس جاء إليه سؤال في ورقة، يا شيخ أنا من سكان مكة يقول السائل هكذا أنا من سكن مكة ولي بيت وما أشعر إلا ودخل بيتي مجموعة من النحل وتراكم في بيتي فما عرفت ماذا أصنع فيه هل أخرجه من بيتي وهي في الحرم ومن دخل الحرم كان آمناً وإلا كيف أصنع أنا محتار أجيبوني أثابكم الله؟ يقدم هذا السؤال لرئيس العلماء رحمة الله عليه، وأنا في أتم الانتباه ماذا سيجيب هذا الشيخ الفاضل عن هذا السؤال، وإذا به يقول رحمه الله: تُبحث هذه المسألة تبحث خلوها على جنب هكذا بالمكرفون، انظروا على تواضع هذا هو العلم رئيس العلماء بل رئيس كبار العلماء يأتيه هذا السؤال وفي آخر حياته وليس في شبابه في آخر حياته والإنسان كلما طال عمره كلما زاد علمه، ومع ذلك من تواضعه رحمة الله عليه ما تسرع في الإجابة قدام الناس في مكة المكرمة والناس ملتفون يريدون إجابة والمسألة نحل دخل بيته بيت هذا الرجل قال: تُدرس إن شاء الله، هذه إن شاء الله ذكرى لنا جميعاً فأحذر يا أخي أن تستقل بنفسك والله مرض والله مرض وتأكدوا أن الذي يستقل بنفسه ما هي إلا فترة وإذا به ينحط ويصبح في مصاف العوام إلا أن يُوفقه الله ويعرف لأهل العلم فضلهم وقدرهم ويعود إليهم ويسألهم ويستشيرهم وإلا تأكدوا أنه سينحط سينحط.
الوصية العاشرة: عدم الجدل، الوصية العاشرة لطالب العلم ولطالبة العلم عدم الجدل، يا طالب العلم إذا فتحت على نفسك هذه المسألة الجدال مع الزملاء وإظهار العضلات وأنك أنت صاحب العلم وصاحب الباع الطويل فقد فتحت على نفسك باب مرضٍ وباب فتنة، وكذلك أنتِ يا أيتها الطالبة إذا لم يَترك الطالب الجدل وإلا فهو على خطر، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما ضل قوم بعد هدىً كانوا عليه إلا اُتوا الجدل، ثم قرأ: ((ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصِمون))) رواه الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وأذكر زميلاً من زملائي في بداية الدراسة قبل تقريباً أربعة أو خمس وعشرين سنة ونحن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان كثير الجدل، وربما جادل من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل ثم كانت النتيجة أنه انتكس، نتيجة الجدل وعدم حفظ الوقت وعدم الإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل وقيام الليل وعدم التأسي بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، الرسول ما كان يُجادل صلوات الله وسلامه عليه، كانت النتيجة أنه انتكس، لما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت فاطمة وعلي رضي الله عنهما يُقضهما لصلاة الليل طرق الباب عليهما وقال: (ألا تصليان) أي صلاة الليل فقال علي رضي الله عنه من الداخل: يا رسول الله إنما نفوسنا بيد الله يطلبها متى شاء، رجع النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب فخذيه ويقول: (وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً، وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً) ورجع، ما قال: يا علي أيش أنا ما أعرف هذا الكلام الذي أنت تقوله أنت تعلمني وإلا أنا الذي علمتك رجع ويقرأ الآية، واعتبر أن هذا الرد من علي جدالاً وقرأ عليه الآية وهو ماشي سمعه علي من الداخل وهو يضرب فخذيه ويقول ويقرأ: ((وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً))، فيا طالب العلم إياك والجدل ابتعد عنه فإنه يُوغر الصدور ويجلب الأحقاد والبغضاء في القلوب تقول بما تعرف وتقول لزميلك بما تعرف، فإن قال لا تقول: الشيخ موجود أسأله أنا وإلا أنت إن شاء الله وقت الظهر إذا خرج أو العصر والفائدة لنا جميعاً واقطع باب الجدال، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا اختلفتم بالقرآن فقوموا) متفق عليه، يعني أنتم تقرءون في حلقة وقال واحد: الآية هذه كذا والثاني قال لا هي كذا، قال: (اقرءوا القرآن فإذا اختلفتم عنه فقوموا) لا تجلسوا اقطع باب الجدال، فانتبه يا طالب العلم
(يُتْبَعُ)
(/)
لا جدال، تحفظ وقتك وتبقى المودة بينك وبين زميلك والحمد لله أنتم بين يدي عالم من علماء المسلمين ومن الراسخين في العلم إن شاء الله تسألونه والفائدة للجميع.
الوصية الحادية عشرة: الزهد والورع، يا طالب العلم كن زاهداً وكن ورعاً ولا تكن طماعاً فإنك إن فتحت على رأسك هذا الباب باب الطمع والهلع والجشع فقد فتحت على نفسك باب فتنة أيُ والله كما قال الله: ((إنما أموالكم وأولادكم فتنة)) وكما قال الرسول عليه الصلاة السلام: (إن لكل أمةٍ فتنة وفتنة أمتي المال)، والله يقول: ((كلا إن الإنسان ليطغى * أن رءاه استغنى))، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، والعفاف والغنى غنى النفس القناعة فأحذر الطمع فكم من إنسان جره الطمع فترك طلب العلم، وبعضهم جره الطمع وترك العبادة والطاعة، فكن قانعاً راضياً بما قسم الله لك حتى تنال العزة في الدنيا والآخرة إن شاء الله وتذكروا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام كما في < الصحيحين > لما قال هرقل عظيم الروم لأبي سفيان رضي الله عنه سأله عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: فما يأمركم؟، قال: يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يعبد آباءكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والصلة، والعفاف، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بالعفاف وكان يقول: (اللهم إنا نسألك التقى والهدي والعفاف والغنى)، وكان يقول: (اللهم ارزق آل محمدٍ قوتاً) وفي رواية (كفافاً) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه، فعليك بالعفاف واترك الطمع.
الوصية الثانية عشرة لطالب العلم ولطالبة العلم: بعدم فتح العيادات، يا طالب العلم أحذر أن تفتح عيادة إذا رجعت إلى بلدك تقرأ على الممسوسين وعلى المسحورين فما نشعر إلا وقد انزلقت وراء الأطماع ووراء الدنيا، كما انزلق غيرك إلا من رحم الله، أقول إلا من رحم الله وقليلٌ ما هم، فكم من أناس كانوا طلبة علم ثم فتحوا على أنفسهم هذا الباب تركوا الجمعة والجماعة بعضهم وبعضهم الجماعة وبقي عنده الجمعة وبعضهم بعض الجماعة ويحضر بعض الصلوات مع الجماعة والبعض في البيت وبعضهم خزن وتنبك وإلى غير ذلك، وأما عن مسك المرأة فحدث ولا حرج منهم من يمسك الرأس ومنهم الظهر ومنهم الحلق ومنهم البطن ومنهم محل ما يكون يمسك بدعوى أنه يطارد الشيطان، وبعضهم يقول: اكشفي عن وجهك قيل لِمَ؟ قال: من أجل أُحدَ النظر في عينيها فأقهر الشيطان، كم لبس الشيطان على هؤلاء الجهلة وأنت طالب علم ما أنت عالم أو أنت طالبة علم فما يكون همكم الدنيا والمصالح ثم تبيعون دينكم بعرض من الدنيا قليل، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الوصية الثالثة عشرة: أحذر يا طالب العلم مدخل الشيطان عليك، يدخل عليك من باب فتقول: أنا لا آخذ العلم الفلاني عن الشيخ الفلاني، فقد دخل الشيطان على بعض المغفلين وقال: أنا لا آخذ الفقه عن الشيخ مقبل وهو من طلابه، انظروا على بلية وعلى فتنة من طلاب الشيخ يقول الشيخ ليس بفقيه، يا سبحان الله من أين دب إليك هذا البلاء من أصحاب البدع من الحزبيين تأخذ تقول فلان كذا وفلان كذا، والثاني قال: لا آخذ التاريخ عن الشيخ مقبل وهذا من أهل السنة وذاك من أهل السنة، لكن من الجهلة هذا جاهل وذاك جاهل، فاتقوا الله في هذه العبارات التي تأخذونها عن المبتدعة فتطلقونها على مشايخ السنة بدعوى أنه لا يتقن هذا الفن، وأنا لا أقول أن العالم عالم بكل شيء قد يحصل أنه يتقن فنوناً وبعض المسائل يُشيرها على غيره كما قال الله: ((وفوق كل ذي علمٍ عليم)) لكن ما حاجة لذكر هذا الكلام أمام الناس فإن هذا يؤدي إلى احتقار العلماء واليوم تدعي أنك لا تأخذ عنه الفقه وغداً ستقول: ولا آخذ أيضاً عنه التجويد وبعد غد ستقول لا آخذ عنه الصرف، ويوم آخر تقول لا آخذ عنه علم المواريث والمسألة طعن قد تكون من أعداء السنة وطعن وطعن وفي الأخير سيقول حتى علم الحديث، فانتبهوا جزاكم الله خير أحذروا
(يُتْبَعُ)
(/)
المداخل الشيطانية، الشيخ مقبل حفظه الله يُعتبر من علماء الحديث ومن علماء التفسير ومن علماء التوحيد ومن علماء الفقه إلى غير ذلك من العلوم والفنون جزاه الله خيره ويعتبر من كبار علماء السنة في العصر الحاضر، وهذا من فضل الله عليه، وعليه أن يشكر الله على ما آتاه من هذا الخير فهذا دينٌ عليه يحتاج إلى شكر وثناء على الله، ولكن هذا من باب ((وأما بنعمة ربك فحدث)) وحتى قالوا عن الشيخ ابن باز رحمة الله عليه لا يتقن الفن الفلاني والشيخ الألباني لا يتقن الفن الفلاني نحن ما نسمع هذا الكلام إلا من مبتدعة وأنا ما ذكرت هذا إلا لما سُمع من أناس من طلبة العلم وإلا ما سأذكره لأنه كونه يُسمع من المبتدعة ما نبالي بهم لكن أنت طالب علم وتدعي أنك سني ثم تتفوه بهذا الكلام البذيء أمام الناس ما تتقِ الله في نفسك.
الوصية الرابعة عشرة: التصدر للدعوة، وإن كان هذا الكلام قد دخل في ضمن كلامي السابق حول فتح المراكز، لكن قد جعلت له بنداً مستقلاً، التصدر للدعوة من الطلاب المبتدئين هذا يُشكل خطورة فما كل واحد يصلح للدعوة وبسم السنة ما كل واحد يصلح أن يقوم، أعجب والله بعضهم يُسئ إلى لدعوة أكثر مما يُحسن إليها، قيل لبعضهم لا تذهب إلى المكان الفلاني إلى المسجد الفلاني فذهب وتكلم وأثار المشاكل وصاح الناس وسبوا أهل السنة بسببه، وأذكر مرة قبل سبع سنين من الشيخ مقبل حفظه الله أنه أُخبر عن طالب ذهب إلى جامع الهادي بصعده وتكلم أو أراد أن يتكلم وقام الناس عليه، ثم أُخبر الشيخ حفظه الله فقال: من هذا الذي ذهب إلى جامع الهادي لا بارك الله فيه، لا بارك الله فيه، لا بارك الله فيه، تذهبون إلى أناس لا يُريدكم وكم من أناس يُطالبون بكم ما قد سدينا الفراغ أو كما قال حفظه الله، فيا طالب العلم يا أخي اشتغل بالعلم قبل أن تشتغل بالدعوة وفتح المراكز والقراءة على الممسوسين لا تتعجل الأمور تأنى، من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه، فإذا كان الشيخ يراى أنك أهل لذلك فلا بأس، مرة واحد استأذنني في الدعوة قلت له أولاً تلكم عندنا بكلمة فإذا سمعتها طيبة لا بأس قال: أنا مشغول قلنا خير إن شاء الله وذهب، يعني ما أراد أن يتكلم عندنا حتى لا نقول لا أنت غلطان عليك مآخذ إلا في المساجد سيقول وسيتكلم ولو حتى خبط لما يشبع، فأنتبهوا من كان قد عُرف أنه يتكلم بكلام طيب ويجمع الأدلة ولا يُثير الناس ولا يأتي بالمشاكل يصلح أن يحاضر يصلح أن يخطب جمعة لا بأس، أما الصغير يرى الكبير يقول وأنا كذلك لا تستعجل أول تحصن من العلم واحفظ واستفد جزاك الله خيراً.
الوصية الخامسة عشرة: عدم الجلوس مع أهل البدع والأهواء، هذا بحمد الله واضح إن شاء الله ابتعد ما أمكن ألا تجالس المبتدعة وألا تجالس المتحزبة، وعُد إلى كتاب < إجماع العلماء على هجر أصحاب البدع والأهواء > كتابٌ طيب هو مصور مخطوط بخط اليد لكنه طيب جمع قول عشرين عالماً من علماء الإسلام ينقلون إجماع العلماء وإجماع أهل السنة والجماعة على عدم الجلوس مع المبتدعة، وأنت بابتعادك عن الجلوس مع المبتدعة والمتحزبه تُحصن نفسك من هذا البلاء، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة باسنادٍ حسن، الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، والله يقول: ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً)).
الوصية السادسة عشرة: قول بعض الناس: لا أحب الكلام في الجماعات، هذا الذي يقوله إنسان جاهل نعم نحن كذلك لا نحب الكلام في الجماعات، لكن لا نحبه من العامي ومن الطالب المبتدئ، أما العالم الراسخ في العلم الذي وفقه الله وبصره إذا تكلم على سبيل النصيحة فالدين النصيحة كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة) قلنا لمن؟، قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم عن تميم رضي الله عنه، فيعتبر من التعالي إذا قال الطالب لماذا الشيخ مقبل أو الشيخ الألباني أو الشيخ فلان تكلم في فلان أو في الجماعة الفلانية؟ العلماء أعلم وإذا تكلموا فإنما
(يُتْبَعُ)
(/)
يتكلمون بعلم ومن باب النصيحة وجزاهم الله خيراً أنهم يحذرون الناس من الخطأ، أنت يا أيها الطالب المبتدئ أو العامي صح أنت ابتعد عن هذا لأنك إذا تكلمت ربما أثرت المشاكل وأساءت من تحسن وتصلح.
الوصية السابعة عشرة: عدم التعجل بالتأليف، يا طالب العلم ويا طالبة العلم أعلموا أن من ضمن المداخل على طالب العلم التسرع في التأليف والتسرع في إخراج هذا المؤلف، هذا مدخل من مداخل الشيطان، فلا تستعجل في التأليف، أول تمكن من العلم والفقه في الدين والعقيدة والتفسير والحديث والمصطلح والنحو إلى غير ذلك سنتين ثلاث سنين أربع خمس ست بحسب ما أعطاك الله من فهمٍ ومن حفظ وبعد ذلك إذا شاورت الشيخ يا شيخ ما رأيك هل ترى لي أن أبحث وأن أجمع في مسألة من المسائل؟ فإن قال: نعم لا بأس أنت أهل لذلك فقل فما رأيك أيش تختار لي من موضوع؟ فإذا اختار لك موضوعاً فاستعن بالله ثم كن على صلة بشيخك في الاستشارة والسؤال ولا تستعجل في إخراجه للناس حتى لو يبقى عندك سنين طويلة تُؤلف لنفسك لا للناس، فبعض الطلاب هدانا الله وإياهم ونحن يا أخواني في الله فولا ضرورة النصيحة وأهل السنة ما عندهم مجاملة أهل السنة ليسوا كغيرهم إذا كان الشخص معنا جاملناه وإذا هو ماهو معنا نزلناه لا حتى ولو كان معنا ولو كان أبني أو أخي أو أبي أو على نفسي إذا أنا غلطان أو أبني أو طالبي الدين النصيحة، من غشنا فليس منا، ما عندنا المحاباة والمجاملة، كما أنه يوجد عند المبتدعة والمتحزبه الدين النصيحة، فهذا يا أخي من تلبيس الشيطان إذا كنت تتسرع وأنت مبتدئ بعضهم ما قد درس النحو ولا المصطلح وأخذ يؤلف كتاب ينظر مع المشايخ جزاهم الله خيراً معهم مؤلفات يقول وأنا لماذا لم أؤلف فيحاول ويخبط خبط عشواء ثم يحاول على طبعه وعلى إخراجه للناس لا، لا تؤلف إلا بعد مدة وبعد مشورة وإذا ألفت لا تخرجه للناس ليكن عندك وفي مكتبتك إلا بعد مدة وبعد مشورة وبعد عرضه على الشيخ.
وبهذه المناسبة بالنسبة للسابعة عشرة: عدم التعجل بالتأليف، كذلك هناك ظاهرة أخرى وهي حب التزاكي من المشايخ، والإجازات هذه ظاهرة ماهي جيده أن يكون الطالب مبتدئ ويحاول من الشيخ أن يعطيه تزكية من أجل أن يظهر أمام الناس بأنه كيت وكيت الشيخ المحدث الفاضل، فيا أخي في الله أطلب العلم لوجه الله لا تشغل شيخك بالتزاكي والتعاريف ومن أجل أن تصبح معك هذه الورقة أنك درست على الشيخ، بعض الناس يأخذون هذه التزاكي ويذهبون يشحذون بها أنا طالب وأنا وأنا يريد مساعدة أنا طالب عند الشيخ مقبل ويريد مساعدة في زوجه في بيت في سيارة في مكتبة، أين العفة اتقوا الله يا عباد الله، أين العفة أين القناعة أين الغنى غنى النفس الرضا بما قسم الله، فبعضهم ما قد درس إلا فترة قصيرة ويريد إجازة أو تزكية أو تعريف الآن سائدة وقع فيها بعض طلاب العلم إلا من رحم الله.
الوصية الثامنة عشرة: التعجل في التمشيخ يعني مستعجل بده أن يقال له: الشيخ فلان أنا يا أخواني في الله حتى أنا ما أحب منكم أن تقولوا عني بأني شيخ جزاكم الله خيراً، أو بأني عالم فضلاً عن كلمة علامة أستغفر الله وأتوب إليه، فاتقوا الله واتركوا المدح ولنا أسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام لما قال: (لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإذا كان هذا سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين ينهى أمته (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله) فنحن من باب أولى اتقوا الله لا تقصموا ظهورنا اتقوا الله ولا تعينوا الشيطان علينا أعينونا على الخير وارفقوا بنا فإذا كان المشايخ يكرهون المدح والإطراء فكيف بالطالب الذي يُحب أن يقال له شيخ الأستاذ الشيخ الداعية المحاضر الخطيب المفوه كل واحد يقسم ظهر الثاني حتى نصل إلى التراب إلى الأرض نبقى مكسرين يا أخي قل أخي وقل الأخ كما قال الله: ((إنما المؤمنون أخوة)) ما قال مشايخ ((إنما المؤمنون أخوة))، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (المسلم أخو المسلم) فنحن مسلمون والمسلم أخو المسلم فربي هو أعلم من هو العابد ومن هو الطالح ومن هو الطالب
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنهم هو العالم ومن هو الجاهل وكفى، أما أن تبقى حريص على المدح والإطراء والثناء، وعلى الشيخ أيضاً حفظه الله أن يرفق بطلابه أي شيخ من مشايخ السنة عليه أن يرفق بطلابه وأن يُعينهم على إصلاح أنفسهم، لا يقول للطالب الصغير المحدث الفقيه نقسم ظهره من البداية الأخ الفاضل أو تقول الطالب النجيب ما ضرك لو قلت أنا لو قلتها لي أنا أفرح الطالب، أمس كنا في قرية ورقة في ذمار فقام الأخ عائض قليص جزاه الله خيراً فقال: عليكم يا أخواني في الله إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي أبراهيم كلمة أعجبتني أي والله أعجبتني، إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي إبراهيم حتى ما كلمته بها إلا الآن كلمة طيبة هكذا نهضم أنفسنا حتى لا نعين على قصم ظهورنا فتواضع لله جزاك الله خيراً يا طالب العلم وكذلك أنتِ يا طالبة العلم وأنت يا مدرس وأنتِ يا مدرسة، ومن تواضع لله رفعه الله وأهم شيء أن يرضى عنا الله لا أن نظهر أمام الناس بأننا الشعراء والخطباء والفقهاء والمحدثين و و و أهم شيء أن يرضى الله عنا وأن نعمل أعمالاً توافق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
الوصية التاسعة عشرة: عدم تمييع الدعوة بعض الناس لأنه ما تمكن من العلم ما تشعر إلا وقد ميع الدعوة في التغني بالأشعار وفي تميع في لبسه أنت طالب علم وأنت شيخ مركز كما يقال شيخ مركز تميع الدعوة وأشعار وذهاب إلى المخزنين ويجلس معهم الساعات الطوال يا ليت النصيحة فإذا انتهت أنطلق، لا أنت هات النصيحة ربع ساعة أو الثلث يبقى إلى ساعة إلى ساعة ونصف قيل وقال وضحك مع الناس تميع نفسك وتميع الدعوة استقم على الكتاب وعلى السنة جالس طلبة العلم، وبعضهم أيضاً يحب الجلوس مع المسؤولين وفلان وفلان وفلان يا أخي أنت بهذا تهين نفسك، لا تذهب إلا ناصح وبدون إطراء ثم انصرف وأنت خائف على نفسك وما كل واحد يصلح يدخل على المسؤولين فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (من بدا جفى، ومن اتبع الصيد عفل، ومن أتى أبوب السلطان افتتن) كما في < صحيح الجامع > ويصححه الشيخ الألباني (ومن أتى أبواب السلطان افتتن) طالب علم وأنت تدخل على كبار المسؤولين أما تخاف على نفسك من أن تفتن.
آخر وصية لطالب العلم وهي العشرون: التحذير من الديِن، أحذر الدين فإن كثيراً من طلاب العلم يقع في ديون للناس فكانت سبباً في انصرافهم لطلب العلم هذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا قد أتى له إحضار من القسم وذاك من النيابة فهرب، فيا طالب العلم تقشف يا طالب العلم تقشف وأزهد في الدنيا واقنع بما آتاك الله وأترك الطمع وأترك سلفني بعضهم يحتال على الشحاذة بدل ما يشحذ يقل له سلفني عشرة ألف ويقول للثاني سلفني خمسة عشر ألف ويقول للثالث سلفني عشرين ألف وهكذا وعند السداد الذي أعطاه عشرة ألف يقول ما عندي إلا ثمانية يأخذها منه ويقول: سامحني بالألفين، انظروا على شحاذة يا أخواني اتقوا الله والله نحن بحاجة إلى الضرب بالعصا من مشايخنا جزاهم الله خيراً الذي لا يتمسك بالكتاب ولا بالسنة ويكون عفيفاً، وإلا فنحن بحاجة إلى ضرب بالعصا وما يأتي تعليم بدون تربية لا يأتي التعليم بدون التربية، فالرسول عليه الصلاة والسلام علم وربى ما علم فقط علم وربى (أفتانٌ أنت يا معاذ، أفتانٌ أنت يا معاذ، أفتانٌ أنت يا معاذ) متفقٌ عليه عن جابر تعليم وتربية يربيه هل عنده الصبر والتحمل وقبول الحق وقبول النصيحة وإلا ما يحب إلا أن يقال له دائماً يا شيخ يا أيها الطالب يا أيها الفاضل ويا أيها الأخ الكريم لا بد مع التعليم من التربية (أنك امرئٌ فيك جاهلية) قالها الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي ذر متفق عليه عن أبي ذر، كخ كخ وأخرجها من في الحسن بن علي التمرة، تربية وتعليم، (أرجع فصلِ فإنك لم تصلِ) تربية وتعليم، (يا سليك أصليت) قال: لا، قال (قم واركع ركعتين خفيفتين) تربية وتعليم، فطالب العلم إذا لم يأخذ عن شيخه التربية والتعليم وإلا سيكثر ضرره على المجتمع.
أسأل الله عز وجل أن يُوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه، وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
المصدر: موقع علماء الدعوة السلفية في اليمن
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 06:37]ـ
والله لقد وفقتم في طرح هذا الموضوع يا ابن إبراهيم، فجزاكم الله خيرا.
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 09:02]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبدالرحمن عبد القادر]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 11:30]ـ
أتحفتنا بارك الله فيك
ـ[أبو زياد النوبي]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 05:20]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب وبارك الله فيك
ـ[أسماء]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 09:10]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نصائح قيمة ... بارك الله فيكم على هذا النقل القيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 06:04]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[المسروحي]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 06:53]ـ
جزا الله الناقل والمنقول منه خير الجزاء
وأحب أن أضيف فائدة وهي نصيحة لإخواني طلبة العلم
أنصحهم بتقوى الله عز و جل وأخذ الحق ممن جاء به حتى وإن خالفك بالرأي وأن لايتعصب طالب العلم لمشايخه
وأن لايغلو فيهم وهذا واقع وللأسف المشايخ عند البعض هم العلامة الفهامة بقية السلف .... الخ من الألقاب الكبار
وغيرهم ليسوا علماء بل أهل بدع وهذا قمة الغلو
فبعد أن كان هؤلاء الغلاة ينهون عن التحزب وقعو في الحزبية المغالية ولاحول ولا قوة الا بالله
نسأل الله لنا ولكم العافية
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 07:24]ـ
صدقت ... جزاك الله خيرا
...
عنوان المحاضرة (الإضاح والبيان في موقف المسلم من فتن آخر الزمان)
العلامة الوالد محمد بن عبد الوهاب الوصابي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, إله الأوليين والآخرين, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فإن الله - سبحانه وتعالى - يقول: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت1 - 3) , والكلام عن الفتن وما أكثرها وعن موقف المسلم عند الفتن, وأن الفتن فيها مصالح كثيرة وفوائد كثيرة ذلك أن الله - سبحانه وتعالى - اقتضت حكمته أن يبتلي عباده وأن يمتحنهم وأن يختبر إيمانهم وصلاحهم واستقامتهم من عدمه, فيسلط عليهم تلك الفتن فتنة بعد أخرى يمتحن إيمانهم وثباتهم ومواقفهم والبعض من الناس يظن أن الفتن تكون شراً دائماً, هي شر من جهة وهي خير من جهة, كذلك أن المؤمن إذا أحسن التصرف عند الفتنة ووفق للموقف الصحيح فإنه قد اختبروا ففاز وأفلح, فالله يقول: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} لا يفتون في إيمانهم ولا يمتحنون عليه ولا يمحصون فيه ولا يختبرون عليه, هكذا بمجرد ادعاء الإيمان يترك الإنسان من دون أن يعرض على الاختبار وعلى الامتحان هذا ليس بصحيح, ولا شك أن الله - سبحانه وتعالى - يعلم ما كان وما لم يكن, يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن كيف يكون لو كان, فالله عالم بكل شيء ويعلم كل شيء ولكنه يريد أن يظهر الأشياء حتى يحاسب العباد على وفق أعمالهم فيما فعلوا أو تركوا, فتأتي هذه الفتن, فتنة التبرج والسفور, فتنة الاشتراكية, فتنة العبثية, فتنة الناصرية, فتنة الديمقراطية, فتنة الصوفية, فتنة التشيع والرفض, فتن كثيرة, هكذا لو هناك فقر, فتنة الفقر وفتنة الغنى, فتنة الغلاء, فتنة القحط, فتن كثيرة لا تخلو الأرض من الفتن والابتلاءات والاختبارات والتمحيصات, ومن ذلك أيضاً فتنة أبي الحسن التي مضت قبل سنين ... وفتن كثيرة, هذه الفتن فيها مصالح, فيها منافع, والله - سبحانه وتعالى - أرادها أن تكون ليبتلي عباده, وإذا كانت قصة الإفك وهي تعتبر فتنة أيضاً من الفتن, قال الله - سبحانه وتعالى - فيها: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (النور 11) , ففيها مصالح واختبار للعباد, اختبار للعلماء واختبار لطلاب العلم واختبار للعامة, أي فتنة مما ذكرت أو لم أذكر والذي إنما هو نماذج وليس للحصر, فهي ابتلاء للناس جميعاً ممن وقعت في زمنهم وفي عصرهم وعايشوها كلٌ بحسب وضعه وبحسب حاله, فتنة للعلماء ما عساهم أن يقولوا, هل سيقولوا الحق والعدل والإنصاف ويراقبون الله - سبحانه وتعالى - فيما يتكلمون به, أم أنهم سيسكتون ويكونون قد شابهوا العمة وقد كتموا العلم والحق, وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز, أن أنهم سيتكلمون بالباطل وهذا أشد إثماً, هذا موقف العلماء, هذه الحالات الثلاث في كل فتنة تستدعي أن يقولوا فيها, والناس ينظرون إلى علمائهم ويسمعون لهم, ومع ذلك يسقط من يسقط أيضاً من أهل العلم في الفتنة الواحدة فضلاً عن طلابه وفضلاً عن العامة, فمن تكلم بعلم وإنصاف وتحرىٍ للحق والصواب هذا الذي
(يُتْبَعُ)
(/)
نجا, ابتلي فنجح وهم قلة, يسقط حتى من أهل العلم في الفتنة أناس كثير, ومن يسكت ولا سيتكلم بشيء وهذا لم يؤدي الواجب الذي افترضه الله عليه وينطبق في حقه قول الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة 159 - 160) , فأنت ترى أن الله - سبحانه وتعالى - اشترط في توبة العالم الذي كتم العلم ولم يتكلم وسكت ولم ينطق بالحق اشترط من شروط توبته البيان {وَبَيَّنُواْ} فلا بد من البيان في حق العلماء في أي فتنة, والصنف الثالث كما سمعتم من نطق بالباطل وهذا إثمه اشد وذمه أعظم, إثمه أعظم وأشد من الذي سكت, وكلاهما فُتن واُمتحن فلم يفز ولم يفلح لا الذي نطق بالباطل ولا الذي سكت فلم ينطق بشيء, وإنما الذي فاز هو الذي نطق بعلم وبحق وإنصاف ونسأل الله الثبات والسداد, وفيما يتعلق أيضاً بطلاب العلم الذين بلغوا سن التكليف من البلوغ فما بعده أيضاً ابتلاء في حقهم هل سيخوضون في أمورٍ لم يدركوها, فإن منهم من يخوض في أمور لم يدركها وهذا إن نطق تقليداً فهو ممن يقول على بغير علم وإثمه عند الله عظيم, أم أنهم سيسكتون فيما قد ظهر لهم الحق وهم مكلفون أن يقولوا الحق في حدود ما يعلمون أم أنهم سيتعصبون للباطل كل هذا من الابتلاء, فلا تكون فتنة إلا وفيها من المصالح والمنافع والفوائد ما الله به عليم, والله - سبحانه وتعالى - أراد أن تكون هذه الدنيا داراً للامتحان على مدى الحياة, دار امتحان على مدى الحياة إلى الموت وحتى الموت ابتلاء, حتى الموت وسكرات الموت ونزعات الروح ابتلاء من سيثبت ومن سيكفر ونسأل العافية والسلامة, ولا يخرج المؤمن من ابتلاء إلا ودخ في آخر كما قال الله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ ونبلوا أَخْبَارَكُمْ} (محمد31) وقال سبحانه وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة155 - 157) , ابتلاء بالخير والشر, فالمؤمن مبتلى بالخير ومبتلى بالشر قال عليه الصلاة والسلام: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن, إن أصابته سراء حمد الله وشكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء حمد الله وصبر فكان خيراً له) رواه مسلم عن صهيب الرومي رضي الله عنه, فالمؤمن يبتلى بالسراء والضراء ولكن موقفه موقف المؤمنين في السراء والضراء فهو فائز في الحالتين لهذا تعجب النبي عليه الصلاة والسلام من حال المؤمن, الله يبتليه بالخير فيفوز, ويبتليه بالشر فيفوز, فالمؤمن يتنقل من ابتلاء إلى ابتلاء مدى حياته حتى يفارق هذه الحياة, وهكذا أيضاً من ابتلاء الطلاب هل هم سيعودون إلى أهل العلم؟ أم أنهم سيخوضون في أمور لم يدركوها, لهذا قال الله - سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ} (النساء59) , وأولي الأمر هم العلماء والأمراء, فأمر الله بطاعتهم في حدود الكتاب والسنة, وجعل الله العلماء مراجع كما في قوله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء83) , فالعلماء مراجع وكون الطالب لم يدرك كنه المسألة وحكم القضية فتأنى في الأمر ورجع إلى أهل العلم, هذا ابتلاء قد فاز فيه, ابتلاء فاز فيه واختبار نجح فيه, حفظ لسانه من القول على الله بغير علم حين يقول فلان أو فلان مبطل تعصباً لا
(يُتْبَعُ)
(/)
ديناً ولا تفقهاً فهذا فيه خسران بخلاف من قال بعلم أو سكت وأرجع ألمر إلى أهل العلم وابتلاء أيضاً للعامة, اختبار للعامة, هل سيقولون بعلم أو يسكتون؟ هل سيعودون إلى أهل العلم؟ هل سيسألون؟ فإن الله - سبحانه وتعالى -: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33الأعراف) , فجعل سبحانه وتعالى القول عليه بغير علم من أعظم الذنوب ومن أكبر الكبائر, وجعل إثمه فوق الشرك بالله والعياذ بالله, إذاً عرف من هذا أن هذه الابتلاءات والاختبارات فيها تصفيه وفيه أذله وفيها منافع للناس, إن الذهب إذا لم يعرض على النار ويحسم على النار وإلا لأصيب بالصدى وتوسخ لكن حين يعرض على النار يخرج منه الخبث ويصفو ويزكو وتظهر بارقة الذهب وهكذا قل في الفضة وفي النحاس وفي الرصاص وفي الحديد إلى غير ذلك, الحداد كم يخرج من خبث كان قد تلوث به الحديد لكن هذا لا يكون وهو بارد, لا يكون إلا بعد أن يفتنه في النار, يدخل قطعة الحديد في النار حتى تصير حمراء مثل الجمرة ولا يكفي هذا بل ويخرجها ويضعها على قطعة كتلة كبيرة من الحديد ويدقها بكتلة كبيرة أخرى من الحديد فحديد من تحتها وحديد من فوقها وهي في الوسط تضرب ضرباً وهناك يتطائر الخبث ويذهب عنه وتصفو هذه القطعة الحديدية مما كان قد أصابها من الخبث, فهكذا الفتن يحصل فيها تمحيص للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات, اختبار من الله لعباده للإنس وللجن لكلِّ من بلغ سن التكليف حتى يفارق الحياة, تذهب فتنة وتأتي أخرى وتذهب فتنة وتأتي أخرى ومن ثالثة إلى رابعة إلى عاشرة إلى إلى .. إلى الموت, حياة المؤمنين كلها ابتلاءات واختبارات وتمحيصات, والله - سبحانه وتعالى – يفعل ما يشاء {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الأنبياء23) , وليس الشأن في الفتنة إنما الشأن كل الشأن في موقف المسلم من الفتنة, جاءت فتنة قل ستأتي فتن لكنَّ الشأن كل الشأن في موقف المسلم من كل فتنة, هل سيقف الموقف الشرعي؟ هناك مواقف شرعية توافق الكتاب والسنة يقفها المسلم مع كل فتنة, هذا كلما عُرض على الفتنة فاز وأفلح وصار مثل الذهب الصافي المصفى والنقي المنقى, الخبث يذهب عنه, بخلاف من ابتلي رسب, إذا اُختبر رسب وسقط, لم يقف المواقف التي شرعها الله, فأنتم لكم عبرة في قصة الإفك, كيف أن ألله – سبحانه وتعالى – أراد بها أن يبتلي عباده {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ} (النور 11) , لا يكون شراً في كل الوجوه, شراً في وجوه وخير من وجوه أخرى, فتنة حصلت, اتهم عِرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, والذي تولى كبره هو رأس المنافقين عبدالله بن أبي ابن سلول عليه لعائن الله وغضبه وسخطه وعامله الله بما يستحق, كان مترباً برسول عليه الصلاة والسلام فإذا وجد متنفساً فيما يظن بقلبه وعقله المريض تنفس, فهنا ظنَّ أنه قد وجد متنفساً لأنْ يتنفس بالباطل فتنفس بالباطل ولكنَّ الله فضحه وردَّ كيده في نحره وجعل هذا ابتلاء لمن شاء من عباده يفوز فيه من فاز ويرسب فيه من رسب ويخسر فيه من خسر, ومن حكمة الله – سبحانه وتعالى – أن الله – عز شأنه – أخر نزول الوحي في تلك القضية ليقضي الله أمراً كان مفعولا, ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ولو شاء الله – سبحانه وتعالى – أن ينزل الوحي في أقل من ثانية ببراءة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها لكان ولكنه تأخر فترة طويلة فلم تأتي الآيات حوالي عشر آيات من أول سورة النور إلا بعد مضي تلك الفترة التي قدرها الله أن تكون ثم جاءت تلك الآيات وكان من آخرها البراءة {أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (النور26) فبرأها الله – سبحانه وتعالى – وأظهر مصاعة إيمانها وصحة صدقها وأظهر براءتها وأنزلها آيات تتلى إلى قيام الساعة, {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ} برأ الله عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها ورفع قدرها ومكانتها ورفع قدر آل أبي بكر ومكانتهم ومنزلتهم,
(يُتْبَعُ)
(/)
وسخط الله على المنافقين الذي يتربصون بالمؤمنين الدوائر, فمن هنا تظهر فوائد الفتن والاختبار والتمحيص, بعض الناس لجهلهم يقول: أيش هؤلاء أهل السنة كل سنة عندهم شق, يا أخي هذا الله أراده وشاءه, الله أراد الابتلاء, الكل مبتلى, من سينصف؟ ومن سيظلم وسيتهور؟ من سيلازم العدل والإنصاف؟ ومن سيسكت إذا لم يتبين له الأمر, يحفظ لسانه ويعود إلى أهل, ومن يظن أنه قد وجد متنفساً لأنْ يتنفس ولأنْ يتكلم ولأنْ ينزل الملازم التي فيها السباب والشتام والطعون هو ابتلاء من الله – سبحانه وتعالى -.
فعلينا جميعاً أن ندرك هذا الأمر, وأن نفقه فقه الفتن, الفتن لها فقه, على المسلم أن يفقه فقه الفتن وأن يعرفه وان يفهمه وأن يعرف الموقف الذي يسلكه عند حلول الفتن ومهما زوبعت الزوابع وقلقلت القلاقل, مهما كان لك موقف يا مسلم ثابت, قال الله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36الإسراء) قف عند هذا الحد الشرعي ولا تتكلم إلا في حدود ما تعلم وفي حدود العلم الصحيح الشرعي من الكتاب أو السنة وإلا فاسكت, فإن التبس عليك الأمر فاحفظ لسانك واعمل بقول الله – عز وجل -: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (الأنبياء7) , فتسأل العالم الذي يغلب على ظنك إنصافه, ثم تقول قد أفتاني الشيخ الفلاني بكذا وكذا, أنت في هذا الأمر منفذ لقول الله – عز وجل –: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (الأنبياء7) , أما أن تخوض فيما لا تعلم فالإثم عند الله عظيم ولتعلم أنك ابتليت فلم تفلح في هذا الابتلاء وإنما خضت مع الخائضين وقلت ما لا تعلم والله المستعان, وسواءً كان العامي أو كان الطالب, إذا لم يتبين له الأمر يسأل أهل العلم ويحفظ لسانه من القول في المسائل ما لا يعلم, وكذلك العالم لو فُرض أن مسألةً من المسائل لم تظهر له فهو لا يتكلم إلا في حدود ما يغلب على ظنه وما قد علمه, فالله – سبحانه وتعالى – يبتلينا ويبتلي عباده أجمعين بهذه الفتن وبهذه الابتلاءات والاختبارات, فكما قلنا لا يفوز فيها إلا من وفقه الله وثبته وسدده, أسال الله – عز وجل – بمنه وكرمه أن يرزقني وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والثبات والسداد على الكتاب والسنة, إنه سميع الدعاء, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصبحه وسلم.
(منقول)
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[06 - Aug-2008, صباحاً 03:32]ـ
أتحفتنا بارك الله فيك
ما قصر ابن إبراهيم أتحفنا حتى صار المجلس بكبره تحفة فنية مذهلة!!(/)
صفحة مفيدة: واحة الحديث النبوي الشريف
ـ[أمل*]ــــــــ[24 - Jul-2008, مساء 11:19]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه صفحة مفيدة من شبكة زيزوم:
http://www.zyzom.com/zx12.htm(/)
الحسد أسبابه وآثاه السيئة وكيفية علاجه لمجموعة من المشايخ وتعليق سماحة المفتي العام
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 02:18]ـ
محاضرة شرعية هامة بعنوان
الحسد أسبابه وآثاه السيئة وكيفية علاجه
لأصحاب الفضيلة /
الشيخ د. سعد بن عبد الله العريفي _ الشيخ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني _ الشيخ عبد العزيز بن علي بن نوح
وهي ضمن سلسة محاضرات الجامع الكبير بالرياض - 1429هـ
الرياض.:: جامع الأمير تركي بن عبدالله::.
وكانت قد أقيمت يوم الخميس 21 - 7 - 1429 هـ
وتفضل سماحة المفتي الشيخ / عبدالعزيز آل الشيخ بالتعليق على المحاضرة والإجابة على الأسئلة
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52927(/)
بادر: الدورة المكثفة بجامع الراجحي (عمدة الأحكام-الصحيحين) 1 - 21/ 8/1429هـ
ـ[ابومحمد السبيعي]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 07:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدورة المكثفة الأولى
لحفظ السنة النبوية
في جامع الراجحي بحي الجزيرة
في الفترة من 1/ 8 وحتى21/ 8/1429هـ
رابط الموضوع
http://up.joreyat.org/25Jul2008/522e9a5814dc5aeb3ad000959995d7 eb.jpg
يبدأالتسجيل عبر الموقع
http://www.alwahyain.net
من تاريخ 15/ 7 وحتى 25/ 7
المقابلات تبدأ من 25/ 7
للاستفسار
0502729383
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 12:29]ـ
ابومحمد هل لنا نصيب من هذه الدورة؟؟
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:18]ـ
رابط العنوان لا يعمل ...(/)
الدورة العلمية لفضيلة الشيخ د. عبد الكريم الخضير بمكة المكرمة
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 09:05]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأكارم يسرنا أن نعلمكم بالدورة العلمية لفضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير (حفظه الله) بمكة المكرمة ..
الكتاب: المحرر لابن عبد الهادي.
المدة: اسبوعين بدءاً من يوم السبت 23/ 7/1429هـ الموافق 26/ 7/2008مـ.
الوقت: العصر.
المكان: جامع مدحت شيخ الأرض بحي البيبان.
للأستفسار:0555501483.
النقل المباشر:
1. ستنقل الدروس في قسم البث المباشر في موقع الشيخ حفظه الله.
http://www.khudheir.com/
2 . موقع البث الإسلامي
www.liveislam.net
3 . غرفة رياض المسك الرئيسية في برنامج البالتوك
0 o0 Riyadh ALmisk ChanneL 0o0
__(/)
((السجن المؤبد)) هل حقاً حكم به الصحابة رضي الله عنهم؟
ـ[شرياس]ــــــــ[25 - Jul-2008, صباحاً 11:34]ـ
ما يعرف (بالحبس المؤبد) أي الحبس سنوات طويلة تصل أحياناً إلى 25 سنة , هل له أصل في الشريعة الإسلامية؟ أم أنه بدعة.
بالرجوع للكتاب والسنة لا نجد دليل واحد على ما يسمى بالحبس المؤبد أو حتى الحبس مدد طويلة كعشر سنوات مثلاً.
الحبس المؤبد لم يعرفه المسلمون إلا بعد تحكيم القوانيين الوضعية الطاغوتية , ولكن نجد البعض يجيز مثل تلك العقوبات , مع العلم أن تلك العقوبات أثبتت مفاسد كبرى , وانظروا حال السجون وكيف انتشر فيها الشذوذ والمخدرات بسبب الحبس مدد طويلة جداً.
السؤال هو هل تصح بعض الروايات المنسوبة للصحابة أنهم حبسوا مدى الحياة , كالذي ينسب إلى سيدنا عثمان بن عفان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه حكم بالمؤبد على ضابىء بن الحارث , أو كالذي ينسب لسيدنا علي بن أبي طالب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه حبس رجل مدى الحياة لأنه أعان على قتل رجل آخر؟
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 11:58]ـ
إذا قلنا بجواز التعزير بالحبس فإن تحديد مدة قصوى للحبس هو الذي يحتاج إلى دليل.
وجمهور أهل العلم على أنه لاحد أعلى للحبس بل هو راجع إلى تقدير الحاكم لحال الجريمة.
وحده بعض الشافعية بستة أشهر وبعضهم بسنة كي لا يزيد على التغريب في حد الزنا.
وقد نص غيرهم على الحبس المؤبد في عدة مسائل، فهو معروف قبل القوانين الوضعية.
قال ابن فرحون في تبصرة الحكام: (وذكر عن مطرف أن مالكا كان يقول: في هؤلاء الذين عرفوا بالفساد والجرائم أن الضرب على ما ينكلهم , ولكن أرى أن يحبسهم السلطان في السجون ويثقلهم بالحديد ولا يخرجهم منه أبدا , فذلك خير لهم ولأهليهم وللمسلمين حتى تظهر توبة أحدهم وتثبت عند السلطان فيطلقه)
وقال البهوتي في كشاف القناع وما بين قوسين من كلام الحجاوي: ((وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله لا للعب والضرب فقتله , مثل إن أمسكه له حتى ذبحه , قتل القاتل) قال في المبدع بغير خلاف نعلمه لأنه قتل من يكافئه عمدا بغير حق (وحبس الممسك حتى يموت ولا قود عليه) أي الممسك (ولا دية) لما روى ابن عمر مرفوعا قال {إذا أمسك الرجل وقتله الآخر قتل القاتل ويحبس الذي أمسك} رواه الدارقطني وروى الشافعي نحوه من قضاء علي رضي الله عنه , ولأنه حبسه إلى الموت فحبس إلى أن يموت , ومقتضى كلام المصنف أنه يطعم ويسقى. وفي المبدع يحبس عن الطعام والشراب حتى يموت
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 12:00]ـ
إذا قلنا بجواز التعزير بالحبس فإن تحديد مدة قصوى للحبس هو الذي يحتاج إلى دليل.
وجمهور أهل العلم على أنه لاحد أعلى للحبس بل هو راجع إلى تقدير الحاكم لحال الجريمة.
وحده بعض الشافعية بستة أشهر وبعضهم بسنة كيلا يزيد على التغريب في حد الزنا.
وقد نص غيرهم على الحبس المؤبد في عدة مسائل، فهو معروف قبل القوانين الوضعية.
قال ابن فرحون في تبصرة الحكام: (وذكر عن مطرف أن مالكا كان يقول: في هؤلاء الذين عرفوا بالفساد والجرائم أن الضرب على ما ينكلهم , ولكن أرى أن يحبسهم السلطان في السجون ويثقلهم بالحديد ولا يخرجهم منه أبدا , فذلك خير لهم ولأهليهم وللمسلمين حتى تظهر توبة أحدهم وتثبت عند السلطان فيطلقه)
وقال البهوتي في كشاف القناع وما بين قوسين من كلام الحجاوي: ((وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله لا للعب والضرب فقتله , مثل إن أمسكه له حتى ذبحه , قتل القاتل) قال في المبدع بغير خلاف نعلمه لأنه قتل من يكافئه عمدا بغير حق (وحبس الممسك حتى يموت ولا قود عليه) أي الممسك (ولا دية) لما روى ابن عمر مرفوعا قال {إذا أمسك الرجل وقتله الآخر قتل القاتل ويحبس الذي أمسك} رواه الدارقطني وروى الشافعي نحوه من قضاء علي رضي الله عنه , ولأنه حبسه إلى الموت فحبس إلى أن يموت , ومقتضى كلام المصنف أنه يطعم ويسقى. وفي المبدع يحبس عن الطعام والشراب حتى يموت
ـ[شرياس]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 01:39]ـ
إذا قلنا بجواز التعزير بالحبس فإن تحديد مدة قصوى للحبس هو الذي يحتاج إلى دليل.
وجمهور أهل العلم على أنه لاحد أعلى للحبس بل هو راجع إلى تقدير الحاكم لحال الجريمة.
وحده بعض الشافعية بستة أشهر وبعضهم بسنة كي لا يزيد على التغريب في حد الزنا.
وقد نص غيرهم على الحبس المؤبد في عدة مسائل، فهو معروف قبل القوانين الوضعية.
قال ابن فرحون في تبصرة الحكام: (وذكر عن مطرف أن مالكا كان يقول: في هؤلاء الذين عرفوا بالفساد والجرائم أن الضرب على ما ينكلهم , ولكن أرى أن يحبسهم السلطان في السجون ويثقلهم بالحديد ولا يخرجهم منه أبدا , فذلك خير لهم ولأهليهم وللمسلمين حتى تظهر توبة أحدهم وتثبت عند السلطان فيطلقه)
وقال البهوتي في كشاف القناع وما بين قوسين من كلام الحجاوي: ((وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله لا للعب والضرب فقتله , مثل إن أمسكه له حتى ذبحه , قتل القاتل) قال في المبدع بغير خلاف نعلمه لأنه قتل من يكافئه عمدا بغير حق (وحبس الممسك حتى يموت ولا قود عليه) أي الممسك (ولا دية) لما روى ابن عمر مرفوعا قال {إذا أمسك الرجل وقتله الآخر قتل القاتل ويحبس الذي أمسك} رواه الدارقطني وروى الشافعي نحوه من قضاء علي رضي الله عنه , ولأنه حبسه إلى الموت فحبس إلى أن يموت , ومقتضى كلام المصنف أنه يطعم ويسقى. وفي المبدع يحبس عن الطعام والشراب حتى يموت
رأى الإمام مالك ليس بحجة , بل إن رأيه لا يعتبر أصلاً تأييداً للسجن مؤبد كما هو في القوانيين الوضعية , فالإمام - إن صحت الرواية - يرى الحبس المقيَّد بالتوبة الصادقة فمتى صدقت التوبة انتهى الحبس ولو كان أشهراً وليس سنيناً.
ما رواه الدارقطني والشافعي يحتاج إلى إثبات صحته , وهذا ما أبحث عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 02:42]ـ
رأى الإمام مالك ليس بحجة , بل إن رأيه لا يعتبر أصلاً تأييداً للسجن مؤبد كما هو في القوانيين الوضعية , فالإمام - إن صحت الرواية - يرى الحبس المقيَّد بالتوبة الصادقة فمتى صدقت التوبة انتهى الحبس ولو كان أشهراً وليس سنيناً.
ما رواه الدارقطني والشافعي يحتاج إلى إثبات صحته , وهذا ما أبحث عنه.
بل رأيه حجة، ولكن ليس على جواز السجن المؤبد بل على أن المسلمين عرفوا السجن المؤبد قبل القوانين الوضعية، وهذا ما ادعيت خلافه أخي الكريم.
وما قلته لا ينفي الحكم بالحبس المؤبد تماماً فمن لم تظهر توبته فإن حقه عند مالك الحبس المؤبد.
ثم مسألة حبس ممسك المقتول مشهورة وقال بها كثير، فليس تأبيد الحبس مختصاً بالقوانين الوضعية.
ثم حبس القاتل حتى يبلغ قاصر أصحاب الدم قد يطول إلى أكثر من عشر سنين كما هو واضح - وقد استكثرت السنين العشر - وهذا كله قبل القوانين الوضعية.
بالنسبة لما رواه الشافعي فقد رواه عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن علي
وفيه رواية إسماعيل عن الحجازيين وعنعنة ابن جريج وانقطاع ما بين عطاء وعلي
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 02:52]ـ
بل الغريب أن المدارس الفقهية القانونية خاصة مدرسة الاصلاح الاجتماعي تقول بنفس قول الامام مالك في الحبس المؤبد و تقييده بالتوبة أو مايسمونه بالسراح المشروط بحسن السيرة ما يزكي ما قيل من أن أصول القوانين الحديثة مأخوذة من مذهب الامام مالك
ـ[شرياس]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 04:00]ـ
سبق أن وضحت ما المقصود بالسجن المؤبد , وهو ما كان حسب القوانيين الوضعية أي بلا تقييد بتوبة ولا غيرها.
بالنسبة لما رواه الشافعي فقد رواه عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن علي
وفيه رواية إسماعيل عن الحجازيين وعنعنة ابن جريج وانقطاع ما بين عطاء وعلي
من صحّح أو ضعف الروايتين من أهل الحديث؟
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 06:32]ـ
سبق أن وضحت ما المقصود بالسجن المؤبد , وهو ما كان حسب القوانيين الوضعية أي بلا تقييد بتوبة ولا غيرها.
من صحّح أو ضعف الروايتين من أهل الحديث؟
لا أعلم غير أن ابن حزم جزم بأن هذا قول علي
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 06:40]ـ
وعند الدارقطني:
3316 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- بِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَتَلَ وَالآخَرُ أَمْسَكَ فَقَتَلَ الَّذِى قَتَلَ وَحَبَسَ الْمُمْسِكَ.
3317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِىُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ - رَفَعَ الْحَدِيثَ - أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُصْبَرُ الصَّابِرُ».
3318 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصَّيْرَفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِىُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الآخَرُ يُقْتَلُ الَّذِى قَتَلَ وَيُحْبَسُ الَّذِى أَمْسَكَ».
3319 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى رَجُلٍ أَمْسَكَ رَجُلاً وَقَتَلَهُ الآخَرُ قَالَ «يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ».
3320 - وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَلِىٍّ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 06:43]ـ
وعند ابن أبي شيبة في المصنف:
(165) الرجل يقتل الرجل ويمسكه آخر
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية قال: {قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل أمسك رجلا وقتله آخر أن يقتل القاتل ويحبس الممسك}.
(2) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا شعبة قال: سألت الحكم وحمادا عن الرجل يمسك الرجل ويقتله آخر , قالا: يقتل القاتل.
(3) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال: سمعت سليمان بن موسى يقول: الاجتماع فينا على المقتول هو أن يمسك الرجل ويضربه الآخر فهما شريكان عندنا في دمه , يقتلان جميعا
(4) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عليا أتي برجلين قتل أحدهما وأمسك الآخر , فقتل الذي قتل وقال للذي أمسك: أمسكته للموت , فأنا أحبسك في السجن حتى تموت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 07:03]ـ
وعند ابن أبي شيبة في المصنف:
حدثنا أبو بكر قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عليا أتي برجلين قتل أحدهما وأمسك الآخر , فقتل الذي قتل وقال للذي أمسك: أمسكته للموت , فأنا أحبسك في السجن حتى تموت.
وفيه الانقطاع بين يحيى وعلي
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 11:36]ـ
الشيخ محمد اسماعيل تكلم عنها فى التفسير المفرغ لكنى نسيت أين موضعه
أنقل لكم
أنه فى سياق قراءة كلام صاحب أضواء البيان فى الابتداع فى الحكم بغير ما أنزل الله والتنظيم الادارى فى ذكر مثال اتخاذ عمر بن الخطاب السجن
قال الشيخ لم يكن سجنا كسجننا الان ولكنه (كالمديرية (الكلمة كانت غير واضحة يحبس فيها المتهم الى أن ينتهى التحقيق
والسؤال هل فعل الناس ايام الامام مالك حجة على جوازه وهل كان هذا الامر فى القرون المفضلة؟
ـ[شرياس]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 06:11]ـ
ليت أحد الإخوة المختصين في الحديث يتحقق من الروايات المذكورة سواء روايات الدارقطني أو ابن أبي شيبة
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 07:12]ـ
/// صحح الشيخ الألباني رحمه الله هذه الرواية عن عبد الله بن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله (ص): "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر؛ يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك" فقال في مشكاة المصابيح (رقم 3415): "اسناده صحيح"
/// والظاهر والله أعلم أن تحديد الحبس بخمس وعشرين سنة هذا لا دليل عليه، وأن السجن مدى الحياة مهما طال العمر بالمسجون هكذا دون قيد ولا شرط، سيما فيما نعلم نحن اليوم من أحوال السجون، هذا أيضا لا دليل عليه! فمن علم دليلا صحيحا فليتحفنا به، وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 09:29]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
/// صحح الشيخ الألباني رحمه الله هذه الرواية عن عبد الله بن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله (ص): "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر؛ يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك" فقال في مشكاة المصابيح (رقم 3415): "اسناده صحيح"
/// والظاهر والله أعلم أن تحديد الحبس بخمس وعشرين سنة هذا لا دليل عليه،
لم يحدد أحد من أهل العلم أي حبس بخمس وعشرين سنة.
وأن السجن مدى الحياة مهما طال العمر بالمسجون هكذا دون قيد ولا شرط، سيما فيما نعلم نحن اليوم من أحوال السجون، هذا أيضا لا دليل عليه! فمن علم دليلا صحيحا فليتحفنا به، وجزاكم الله خيرا.
ماهي المراجع التي لم تجد فيها الدليل الصحيح؟
وما هو أعلى حد للحبس في رأيك؟
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 10:22]ـ
"لم يحدد أحد من أهل العلم أي حبس بخمس وعشرين سنة "
نعم أكرمك الله، وهذا عين ما أقصده! فقولي "الظاهر أنه لا دليل على التحديد" لا يفهم منه أني أدعي أن هناك من أهل العلم من قال به .. أم أن في كلامي ما يوهم؟ (ابتسامة)
الاحتراز في الكلام فضيلة قل أن يتحلى بها طلبة العلم في زماننا هذا ولا حول ولا قوة الا بالله.
أما قولك:
"ماهي المراجع التي لم تجد فيها الدليل الصحيح؟ "
فحقيقة لم أفهم وجه هذا السؤال .. ليس هناك دليل على هذا التحديد ولم يقل به أهل العلم فيما نعلم، وهذا تتفق معي عليه، ففيم السؤال؟
أرجو أن يكون ظنك بي أني أتكلم عن كتب الفقه، وليس عن غير ذلك .. (ابتسامة)
بارك الله فيك.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 11:02]ـ
"لم يحدد أحد من أهل العلم أي حبس بخمس وعشرين سنة "
نعم أكرمك الله، وهذا عين ما أقصده! فقولي "الظاهر أنه لا دليل على التحديد" لا يفهم منه أني أدعي أن هناك من أهل العلم من قال به .. أم أن في كلامي ما يوهم؟ (ابتسامة)
الاحتراز في الكلام فضيلة قل أن يتحلى بها طلبة العلم في زماننا هذا ولا حول ولا قوة الا بالله.
ما ظننت أنك تجهل عدم القائل، وإنما قصدي أنه لاداعي للرد على هذا القول لأنه ليس من أقوال الفقهاء وإنما هو من القوانين الوضعية، فكتبت ذلك تنبيهاً للقارئ.أما قولك:
"ماهي المراجع التي لم تجد فيها الدليل الصحيح؟ "
فحقيقة لم أفهم وجه هذا السؤال .. ليس هناك دليل على هذا التحديد ولم يقل به أهل العلم فيما نعلم، وهذا تتفق معي عليه، ففيم السؤال؟
أرجو أن يكون ظنك بي أني أتكلم عن كتب الفقه، وليس عن غير ذلك .. (ابتسامة)
بارك الله فيك.
كنت أريد أن أعرف هل اطلعت على هذا:
قال ابن حزم: (فوجدنا الممسك ليس قاتلا , لكنه حبس إنسانا حتى مات. وقد قال الله تعالى {والحرمات قصاص} , فكان الممسك للقتل سببا ومتعديا , فعليه مثل ما فعل , فواجب أن يفعل به مثل ما فعل , فيمسك محبوسا حتى يموت)
وقال ابن قدامة: (ولأنه حبسه إلى الموت , فيحبس الآخر إلى الموت , كما لو حبسه عن الطعام والشراب حتى مات , فإننا نفعل به ذلك حتى يموت.)
كنت أريد أن أعرف هل اطلعت على هذا التعليل وأعرضت عنه لسبب فأسألك عنه أم أنك لم تطلع عليه.
فما رأيك فيما قالاه؟
كما أعيد السؤال الأخير هل لديك حد أعلى للحبس؟
وأشكرك على التواصل النافع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شرياس]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 11:36]ـ
/// صحح الشيخ الألباني رحمه الله هذه الرواية عن عبد الله بن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله (ص): "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر؛ يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك" فقال في مشكاة المصابيح (رقم 3415): "اسناده صحيح"
/// والظاهر والله أعلم أن تحديد الحبس بخمس وعشرين سنة هذا لا دليل عليه، وأن السجن مدى الحياة مهما طال العمر بالمسجون هكذا دون قيد ولا شرط، سيما فيما نعلم نحن اليوم من أحوال السجون، هذا أيضا لا دليل عليه! فمن علم دليلا صحيحا فليتحفنا به، وجزاكم الله خيرا.
لا جدال على إن الإمام المحدث الشيخ الألباني-رحمه الله تعالى- محدث العصر , ولكن الشيخ يصيب ويخطأ فمجرد تصحيحه لرواية ما لا يقطع بصحة الرواية , والشيخ كان يتراجع عن بعض تصحيحه وبعض تضعيفه لما يظهر له ما يستدعي التراجع.
بل إن الرواية المذكوره ليس فيها دليل على جواز "السجن المؤبد" فلم تحدد مده للسجن لا بالسنوات ولا بالموت , وكون أن الرجل مات في السجن فهذا لايعني أنه أمر بسجنه حتى الموت , تماماً كما هو الحال لما سجن عثمان بن عفان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الشاعر ضابىء بن الحارث فمات ضابىء في السجن , وكان عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يسجن في الهجاء كما نُقِلَ عنه.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[28 - Jul-2008, صباحاً 03:56]ـ
واستنكر ايضا الشيخ المقدم حكم المؤبد هذا
ـ[شرياس]ــــــــ[28 - Jul-2008, صباحاً 06:27]ـ
واستنكر ايضا الشيخ المقدم حكم المؤبد هذا
هو فعلا منكر , فكيف يحبس مجموعة كبيرة من الرجال و من مختلف الاعمار في سجن ويحرمون من أزواجهم وذرياتهم طول تلك المدة الطويلة!!!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 05:55]ـ
بارك الله فيكم
"كنت أريد أن أعرف هل اطلعت على هذا التعليل وأعرضت عنه لسبب فأسألك عنه أم أنك لم تطلع عليه."
أخي الفاضل، التعليل ليس دليلا .. أنا أبحث عن دليل، بارك الله فيك
وقولهم رحمهم الله أن من العدل أن يجازى الممسك بأن تمسك حياته حتى يموت، هذا ليس دليلا، وانما هو اجتهاد منهم رحمهم الله .. فالروايات ليس فيها فيما أعلم تحديد الحبس بأن يكون حتى الموت، فضلا عما ذهب اليه بعضهم من جعله منعا كذلك من الطعام والشراب حتى الموت!
أما الحد الأعلى للحبس فلا أعلم له دليلا أيضا، وما زالت أطلب ممن هو أعلم مني أن يفيدني به .. والذي يظهر أنه قد يكون مقيدا بحال المسجون نفسه من التوبة والندم وانصلاح الحال، وقد يكون متروكا لاجتهاد القاضي فيكون فيه سعة، أما التحديد بخمس وعشرين سنة بالذات، فضلا عن منع الناس من نسائهم وخلطهم جميعا في سجن كبير كأنه فندق، كل هذا من الفساد بمكان، وما أخذناه الا من القانون الوضعي كما لا يخفى عليكم ..
"لا جدال على إن الإمام المحدث الشيخ الألباني-رحمه الله تعالى- محدث العصر , ولكن الشيخ يصيب ويخطأ فمجرد تصحيحه لرواية ما لا يقطع بصحة الرواية , والشيخ كان يتراجع عن بعض تصحيحه وبعض تضعيفه لما يظهر له ما يستدعي التراجع."
نعم أكرمك الله، وأنا ما أتيت بهذا التصحيح من الشيخ رحمه الله لأني أزعم ان فيه الحجة القاطعة للنزاع! ولكن لأننا في معرض البحث عمن قال بتصحيحه من العلماء، فهذا ما وقفت عليه ممن صححوا الحديث من أهل العلم، فان علم أحدكم أن هناك من ضعفه أو قال بخلاف ذلك فليته يأتينا ببيان ذلك .. بارك الله فيكم.
"بل إن الرواية المذكوره ليس فيها دليل على جواز "السجن المؤبد" فلم تحدد مده للسجن لا بالسنوات ولا بالموت"
بارك الله فيك، وهذا هو ما قررت أنه يظهر لي من الحديث .. ولكن لعل هناك أدلة أخرى صحيحة تحفى علينا .. والله أعلم.
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 09:35]ـ
وفقك الله وبارك فيك
بارك الله فيكم
أخي الفاضل، التعليل ليس دليلا .. أنا أبحث عن دليل، بارك الله فيك
بل من التعليل ماهو دليل ومنه ماليس كذلك،و هو هنا دليل رحمك الله فهم يبينون لك أن هذا هو القصاص والقصاص مأمور به في القرآن. ثم إنك استخدمت التعليل في المنع من السجن لخمس وعشرين سنة.
أما الحد الأعلى للحبس فلا أعلم له دليلا أيضا، وما زالت أطلب ممن هو أعلم مني أن يفيدني به .. والذي يظهر أنه قد يكون مقيدا بحال المسجون نفسه من التوبة والندم وانصلاح الحال، وقد يكون متروكا لاجتهاد القاضي فيكون فيه سعة، أما التحديد بخمس وعشرين سنة بالذات، فضلا عن منع الناس من نسائهم وخلطهم جميعا في سجن كبير كأنه فندق، كل هذا من الفساد بمكان، وما أخذناه الا من القانون الوضعي كما لا يخفى عليكم ..
.
لا بأس أن تتوقف في أكثر مدة الحبس إلى أن يستبين لك دليل
ولكن لا يكون لك أن تمنع من أي مدة إلا بدليل أيضاً.
والفساد الذي تذكره موجود في حبس القاتل حتى يبلغ ورثة القتيل.
وأنا أقول كما قلت أنه متروك لاجتهاد القاضي، وقد يقوده اجتهاده إلى تأبيد حبسه مالم تظهر منه توبة كما اجتهد في ذلك مالك في أهل الفساد المتكرر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 09:56]ـ
بارك الله فيك، الذي منعته هو التحديد بخمس وعشرين سنة، بحيث يكون هذا العدد من السنوات هو ما يدل عليه الحكم بالسجن المؤبد في جميع الأحوال! فهل تختلف معي في هذا؟
أما مطلق جواز الحكم بالسجن المؤبد فكما ذكرت أنا متوقف فيه، ولا زلت أنتظر الدليل على جوازه
أما التعليل، فأين استعملت أنا التعليل في منع الحكم بالحبس خمسا وعشرين سنة؟ أنا قلت أني لا أجد على تقييد الحكم المؤبد بهذا العدد دليلا، وليس حجتي في منعه التعليل بناءا على قواعد اخرى عامة كما ذهب العلماء الذين أجازوا حبس الماسك حتى يموت في السجن جوعا وعظشا بعلة القصاص .. فهل اتضح قصدي؟
فالذي أظنه على فهمي القاصر ونظري العليل في هذه المسألة، غفر الله لي، أن العلماء ما لجأوا الى التعليل في حكم الماسك وعقوبته الا لخفاء الدليل الذي يقرر عقوبة محددة له .. أليس كذلك؟
ـ[عبد الله ابن سفران]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 10:30]ـ
بارك الله فيك، الذي منعته هو التحديد بخمس وعشرين سنة، بحيث يكون هذا العدد من السنوات هو ما يدل عليه الحكم بالسجن المؤبد في جميع الأحوال! فهل تختلف معي في هذا؟
أما مطلق جواز الحكم بالسجن المؤبد فكما ذكرت أنا متوقف فيه، ولا زلت أنتظر الدليل على جوازه
أما التعليل، فأين استعملت أنا التعليل في منع الحكم بالحبس خمسا وعشرين سنة؟ أنا قلت أني لا أجد على تقييد الحكم المؤبد بهذا العدد دليلا، وليس حجتي في منعه التعليل بناءا على قواعد اخرى عامة كما ذهب العلماء الذين أجازوا حبس الماسك حتى يموت في السجن جوعا وعظشا بعلة القصاص .. فهل اتضح قصدي؟
فالذي أظنه على فهمي القاصر ونظري العليل في هذه المسألة، غفر الله لي، أن العلماء ما لجأوا الى التعليل في حكم الماسك وعقوبته الا لخفاء الدليل الذي يقرر عقوبة محددة له .. أليس كذلك؟
أخي الكريم أعود لإيضاح قصدي لاحقاً
ـ[ابن رشد]ــــــــ[29 - Jul-2008, صباحاً 03:21]ـ
ذهب الحنفية -فيماأعلم- أن المرتد يحبس حتى يموت
ـ[خالد بن عبد الرحمن]ــــــــ[10 - Jun-2010, مساء 07:19]ـ
لو ثبت عن بعض الصحابة أنهم فعلوا ذلك فهو اجتهاد منهم ..
ولكن من المعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسجن ولم يتخذ سجناً أصلاً!(/)
دروس وعبر من قصص القرآن لفضيلة الشيخ ناصر بن سليمان العمر
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 02:47]ـ
دروس وعبر من قصص القرآن
لفضيلة الشيخ
ناصر بن سليمان العمر
وهي محاضرة شرعية ألقيت في أبها.:: جامع الملك عبدالعزيز::.
بتاريخ 21 - 7 - 1429 هـ
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52926(/)
المبالغون
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:48]ـ
هذا عنوان محاضرة للشيخ / خالد السبت حفظه الله وسدده
كان الشيخ الفاضل / سامي المسيطر رعاه الله وسدده قد نقلها في موقع ملتقى أهل الحديث
وأنا أنقلها بكاملها مع مقدمة الأخ المسيطر - وفقه الله -
الإخوة الأكارم /
أتعجب من نفسي من ومن بعض إخواني عند ذكرنا لبعض الحوادث أو بعض الشخصيات أو بعض الوقائع ... ومبالغتنا فيها، وتكبيرنا لأحداثها وشخصياتها!.
نجد هذه المبالغات واضحة جلية عند ذكرنا للأعلام وأعني بهم المشايخ وطلبة العلم، وقد قرأت قبل قليل في أحد المواقع سيرة مختصرة لشاب لا يتجاوز 32 سنة من عمره، وقد بجّله الكاتب ووصفه بما لا يعقل، وحتى لو عُقل (جدلا) فلا يليق، ولا أظن صاحب السيرة يرضى بما كُتب عنه (العلامة، المحدث، الحافظ، الإمام)!!، وغيرها مما لا تكاد تجده إلا سير العلماء المتقدمين.
فتذكرتُ محاضرة سمعتها من الشيخ / خالد السبت وفقه الله بعنوان (المبالغون)، فوجدتها كاملة في موقع الشيخ، أنقلها للفائدة.
وسأقوم بتجزئة المحاضرة تسهيلا لقراءتها:---
قال الشيخ حفظه الله:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فحديثنا معكم في هذه الليلة –إن شاء الله- عن موضوع نحتاج إليه حينما نقرأ، ونحتاج إليه حينما نسمع ونحتاج إليه حينما نتكلم، وهذا الموضوع عن مشكلة نفسية واجتماعية هي مشكلة مزمنة توجد في الكتب وفي كلام المتكلمين، وتوجد في نفوس الكثيرين من المسلمين ومن غير المسلمين، وهذه المشكلة هي (المبالغات) فيما نصف به الأشياء، وفيما ننقل من الأخبار، وفي المدح والذم، وفي الإخبار المجرد.
هذه مشكلة مدمرة، وأثارها سيئة فقد يدخل الإنسان في أبواب الخرافة بسبب تهيئه لقبول مثل هذه المبالغات حينما يفتح سمعه وقلبه على مصراعيه لتلقي ذلك دون رقيب ولا حسيب، ودون النظر في صحة ما يسمع وما يتلقى.
فكم من انتصارات وكم هزائم وقعت بسبب المبالغات، فحينما تضخم قوة العدو وتجعل حوله هالة عظيمة، ويصور على أنه قوة لا يمكن أن تقهر؛ عند ذلك تنهزم النفوس وتنكسر دون طلب هزيمته وقهره ودحره.
وكم من عدو بقي شامخاً رافعاً أنفه يتطاول على الآخرين ويفعل ما يشاء دون حسيب ولا رقيب، وذلك أنه جعل حول نفسه هالة إعلامية ضخمة صور من نفسه أنه القوة التي لا يمكن أن تدحر، وأنه القوة التي لا يمكن أن تقهر.
وكم من أناس قد انهزموا؛ لأنهم قد بعثوا رسولاً لا يصلح أن يأتي بالأخبار، فبالغ في تصوير العدو وفي تضخيم صورته، أو رضوا من الغنيمة بالإياب.
وكم من عدو صور بصورة ضخمة، وجعل حوله هالة عظيمة كأنه قوة لا يمكن قهرها فرضي الناس بكل حل يمكن أن يدمر هذه القوة، وصارت نفوسهم مهيأة لجميع الأطروحات، وألغوا أفكارهم وعقولهم، وصار همهم الوحيد هو قهر ودحر هذا العدو الذي صور لهم بصورة هي أضعاف أضعاف ما يتمتع به في أرض الواقع من القوة الحقيقة.
فأقول:
هذا الأمر يورث عللاً مستديمة، وعميقة الآثار في العقائد والأفكار، ويورث عللاً مستديمة في واقع الناس وفي حياتهم، في حربهم وفي سلمهم، في أبواب العلوم، وفي أبواب الاعتقادات، وفي غيرها من الأبواب؛ فلا بد من وضع حد وضابط لعله يحرك شيئاً في النفوس، فيكون عند الإنسان شيء من البصر الذي يميز به بين الأمور، ويزن به الأشياء، ولا يجعل سمعه وقلبه متقبلاً ومفتوحاً لكل ما يطرح من الحق والباطل، سواء كان ذلك مبالغاً فيه أو غير ذلك.
فلعلي أخرج معكم في هذه الليلة إلى هذه النتيجة فإن استطعنا أن نوصل هذه الفكرة إلى الأذهان، واستوعبتها القلوب أظن أننا قد حققنا نجاحاً، وأحرزنا هدفاً مهماً يمكن أن يكون سبباً -بإذن الله -عز وجل- لتحقيق نجاح في العلوم والتلقي والأخذ والسماع وما أشبه ذلك بحيث يكون عند الإنسان ضابط وميزان يزن به الأمور.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:49]ـ
لماذا المبالغات؟.
لماذا يبالغ كثير من الناس فيما يذكرون؟، وفيما يصفون؟، لماذا تجري على ألسنتهم هذه المبالغات؟، ولربما رقموها وكتبوها؟.
أقول:
هذا له أسباب كثيرة أذكر منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن محبة الأشياء ومحبة الأشخاص تعمي الإنسان، فتجعل هذا الإنسان يبالغ في الوصف، وكذلك الكراهية الشديدة تجعل الإنسان يبالغ أحياناً في الذم والتحقير، فلا يصور الأمر على حقيقته الطبيعية، وهو يكون بذلك قد فعل جرماً حيث إنه نقل صورة مشوهة غير حقيقة إلى الآخرين فسبب ذلك إرباكاً في تصوراتهم.
فأقول:
محبه الأشخاص محبة الأشياء محبة الإنسان لطائفته ومذهبه ومتبوعه وشيخه تجعل هذا الإنسان يبالغ أحياناً يبالغ في مدحه وفي الثناء عليه.
خذ مثالاً على ذلك:
هذا يونس بن عبد الأعلى -رحمه الله- يقول: في وصف الإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: "لو جمعت أمة لوسعهم عقل الشافعي"، هذا الكلام وهذا الخبر يمر علينا كثيراً في ترجمة الإمام الشافعي -رحمه الله- ولربما لم يتوقف عنده أحد منا؛ مع أن هذا الخبر ينبغي ألا يمرر.
معلوم أن الإنسان لو أخذ من عقله شيء يسير لصار في عالم غير العقلاء أليس كذلك؟!، لو وزع عقل إنسان واحد على أمة كاملة لوسعها؟، هذا لا شك أنه مبالغه لا يمكن أن يقبل بحال من الأحوال، عقل الإنسان لا يكفي لو وزع على اثنين أو ثلاثة أو على أربعة، فكيف لو وزع على أمة كاملة؟ لكن الذي قال ذلك رجل يحب الشافعي -رحمه الله-.
وهاك مثالاً آخر:
رجل يحب مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- وهو حماد بن أبي سليمان ذهب إلى الحج، ثم بعد ذلك رجع إلى الكوفة فلما دخل عليه طلاب العلم وجلسوا عنده، قال: أبشروا يا أهل الكوفة، فقد أتيت الحجاز ورأيت عطاء وطاووس ومجاهد -هؤلاء أئمة التابعين في الحجاز- قال: " رأيت هؤلاء والله أن صبيانكم وصبيان صبيانكم أفقه منهم" فهذه لا شك أنها مبالغة مفضوحة مكشوفة، لا يمكن أن تروج الإ على البسطاء من الناس.
وهذا رجل يحب الإمام أحمد -رحمه الله- وكلنا نحب هؤلاء الأئمة لكننا نرفض المبالغة، هذا رجل يحب الإمام أحمد يبالغ في محبته فيقول: "نظرة عندنا إلى وجه الإمام أحمد تعدل عبادة سنة" كيف تكون نظرة إلى وجه إنسان من الصالحين تعدل عبادة سنة؟ سجدة لله -عز وجل- واحدة أفضل من نظرة إلى وجه رجل من الصالحين، فكيف بعبادة سنة؟ فكيف بصيامها وقيامها وصدقتها وما إلى ذلك من العبادات؟!.
هذه أشياء نجدها في كتب الأخبار، ثم تمر علينا دون أن نمحص فيها، ولربما نقلناها إلى الآخرين.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:50]ـ
وأيضاً مما يسبب المبالغة:
ما يشاع حول بعض الكبراء والعظماء، والأحداث الكبار، والمشاريع الضخمة الغابرة أو المعاصرة؛ فيبالغ الناس في وصف هذه الأمور مع اختلاف مقاصد هؤلاء المخبرين المبالغين، فمنهم من يقصد الكذب والدجل، لأمر يريد الوصول إليه، فهو يبالغ ليصنع شخصية أسطورية تجاه هذا الشخص الذي بالغ في وصفه، ولربما بالغ لسبب آخر وهو مرتبط بالسبب الذي قبله، وهو أنه رأى من هذا الشخص شيئاً استعظمه، فبالغ في مدحه وذكره والثناء عليه، وكثير من الناس لا يستطيعون أن يزنوا أنفسهم بالميزان الصحيح، فهو إما أن يبالغ في المدح، وإما أن يبالغ في الذم.
واسمع كلام الناس في شيوخهم ولا أضر على طالب العلم من تلامذته إن لم يتبصر في حاله وفي ضعفه، وفي عجزه وفي مسكنته وفي جهله، فإن من عرف الله –عز وجل- وعرف نفسه فإنه لا يضره قول القائلين لا يعبأ بهم ولا بكلامهم، (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه).
أما طالب العلم الذي يقبل ما يقال فيه فهذا يجتمع حوله جماهير من البسطاء يعظمونه ويضخمون أمره، وينسجون حوله الأساطير والأكاذيب، ويبالغون في القول بمدحه، كم سمعنا في المجالس من إعطاء أشخاص أوصافاً ليست حقيقة.
حضرت مجلساً فإذا شخص من البسطاء يذكر أحد طلبه العلم في مجلس عامر بالشيوخ، والمتحدث هو أصغرهم، يذكر طالب العلم ويثني عليه من غير أن يسميه وذكر عنه أشياء كثيرة جداً، ومما ذكر -فيما أحفظه في هذه الساعة- أنه قال: يحفظ الكتب الستة بالأسانيد مع ترجمة رجال كل إسناد، وكنت قد عرفت من يقصد، ولما قال هذه الجملة اختلطت الأوراق والتصورات في ذهني فذهبت اضرب يميناً وشمالاً أضرب أخماس في أسداس من يقصد هذا الإنسان؟ لا يمكن أن يقصد الشخص الذي ظننت أنه يتحدث عنه، ثم بعد ذلك سألته من تعني؟ قال فلان، قلت: فلان الفلاني الذي كان بالمكان الفلاني ودرس في المكان الفلاني؟ قال: نعم فازددت عجباً، لا أعرف أنه يحفظ هذه الأشياء.
ثم بعد ذلك حصل مجلس آخر مع هذا الشخص عند بعض طلبة العلم، وكنت قد حكيت له ما سمعت، فأخرج صحيح الإمام مسلم، وقال: أريد أن أنظر هل أنت تراجع المحفوظات أم لا؟ أريد أن تعرض عليَّ بعض الأبواب من حفظك، فقال: أنا لا أحفظ شيء من الكتب الستة، أنا قرأت مختصر صحيح الإمام مسلم للمنذري، قرأ مختصر، ما قرأ صحيح مسلم ولا درسه، قرأ مختصر صحيح الإمام مسلم للمنذري فقط، فأين حفظ رجال الكتب الستة؟ وأين حفظ ترجمة كل رجل من رجال الإسناد؟ وأين حفظ الكتب الستة بمتونها؟ أين هي؟.
فهذا المسكين الذي يبالغ في هذا المدح يظن أنه يحسن إلى هذا الممدوح، ما علم أن هذا المدح الذي في غير محله أنه يسيء إليه بذلك غاية الإساءة.
ولذلك ينبغي على الإنسان أن يحذر ولا يسمح لأحد كائناً من كان أن يطريه أو أن يذكره بشيء ليس فيه، والعجيب أن بعض الناس يتعمدون هذه الأساليب، وقد رأيت من هؤلاء أعاجيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:51]ـ
كان أحد هؤلاء قد اجتمع حوله طائفة من السذج يعظمونه ويذكرون من حفظه التهاويل، فحدثني رجل من خاصته في أيام الطلب، حدثني عن وصية أوصاه بها هذا الشخص منذ أن كان طالباً في السنة الأولى في الكلية؛ فالأستاذ حينما يأتي ويذكر لهم مثلاً حينما يدرسهم هذا الأستاذ متن الشاطبية في القراءات السبع، ماذا يصنع هذا الطالب؟ هم في أول الشاطبية، يقول: أين البيت الذي يدل على كذا وكذا في أول الدرس، يقول هذا الطالب أنا أخبرك عنه، ثم يذكر بيتاً من آخر الشاطبية قد حفظه، ثم يقول: لا ويضرب على رأسه، ثم يأتي بالبيت المطلوب من أولها، فماذا يتوهم الحضور؟ يتوهم الحضور والشيخ أنه فريد عصره ووحيد دهره، وأنه الذي لا يحتاج إلى الشيوخ ولا يحتاج إلى التعليم، قد حفظ وقد عرف شرحها، فكان يوصي صاحبه أن يفعل هذا الفعل.
ويخبر هذا الشخص عن نفسه من باب الوصية لهذا الإنسان ليفعل فعله في الدجل، يقول: نجتمع مع بعض طلبة العلم ثم اقترح قصيدة نتسابق في حفظها يقول: وكنت قد حفظتها قبل ذلك بقدر خمسين بيتاً أو نحو ذلك، يقول: ثم اجلس دقيقتين أو ثلاث دقائق أقرأها قراءة سريعة ثم أقول: حفظتها ثم بعد ذلك يحلفون الأيمان المغلظة تحدياً لهذا الشخص أنه لا يمكن أن يكون قد حفظها، يقول: ثم أكرها وهو قد حفظها قبل ذلك.
فأقول:
من الناس من يفعل ذلك وهذا يجد لا شك جماعة من البسطاء والسذج فينقلون عنه.
ولذلك أقول في مثل هذه الأجواء لا ينبغي لطالب العلم وإن حفظ بعض الأسانيد أن يذكر لهم خبراً بالإسناد؛ لأن النتيجة ستكون أنه سيوصَف بحفظ الكتب الستة مع رجال كل إسناد؛ لأنه مرة واحدة سئل عن حديث فذكره بالإسناد فصار يحفظ، أو استشهد ببيت من ألفية العراقي أو من الشاطبية أو من غيرها فصار عند هؤلاء يحفظ جميع هذه.
فأقول:
هذا الذي يشاع أحياناً حول هؤلاء الأشخاص أو المشاريع الكبيرة أو الأمور الحوادث الضخمة الكبيرة ما يشاع حولها أقول: ينبغي أن نتحرى في سماعه.
هذا الأمير الأفضل الأرمني المتوفى سنة خمسة عشر وخمسمائة، ذكر في ترجمته أنه خلف:
- ستمائة ألف دينار.
- وخمسين ومائتين أردباً من الدراهم.
- وخمسين ألف ثوب ديباج.
- وعشرين ألف ثوب حرير.
- وثلاثين ألف راحلة.
- وعشرة مجالس في المجلس مضروب عشرة مسامير من الذهب على كل مسمار منديل مشدود فيه لفة من الثياب.
- وخلف أيضاً خمس مائة صندوق فيها كسوة ومتاع، يفوق الوصف.
ولا شك أن المبالغة ظاهرة وواضحة فيه.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:51]ـ
أتذكرُ أني سافرت إلى بعض البلاد الإسلامية، فسألت عن بعض طلبة العلم وعن الشيوخ، وعن دروسهم، وعن جهودهم في ذلك؟ فقال بعض المحبين لبعض هؤلاء الشيوخ:
" ألقى فلان محاضرة بالأمس حضرها خمسة آلاف من الشباب في بلد صغيرة جداً، والدعوة فيها في بدايتها "، قال: حضر خمسة آلاف في قاعة كبيرة اسمها: كذا وكذا.
وفي اليوم التالي تماماً سألتهم عن بعض الأماكن والمرافق التي تصلح للدعوة وتستغل للدعوة، فذكروا هذه القاعة -هم أنفسهم- فقلت: كم تحتمل هذه القاعة من الأشخاص؟.
فقالوا: قريباً خمسمائة وألفين.
فقلت في نفسي: عجباً بالأمس كان يحضر فيها خمسة آلاف حينما يذكرون هذا العالم الذي يحبونه، واليوم صارت هذه القاعة تحتمل النصف فقط.
سألت عن بعض العلماء في ناحية من النواحي في الصحراء فذُكر أن عنده من طلبة العلم قريباً من الألف، فذهبت إليه، فلما حضرت حزرت الموجودين بثلاثين شاباً، لعل هؤلاء بعض من حضر، ثم نظرت في الوقت الذي يجتمعون فيه جميعاً في صلاة الظهر فحزرتهم مع المبالغة بسبعين، فقلت في نفسي: هؤلاء لم يبلغوا المائة، فأين الألف؟!.
فأقول:
هذا كله من المبالغات التي تنسج حول بعض الناس، وذلك في الواقع ليس من قبيل المدح لهم، بل هو من قبيل الضرر.
وكم سمعنا عن محاضرة يحضرها عشرة آلاف أو نحو ذلك، أو الدرس الفلاني يحضره عشرة آلاف فحضرت مرة درساً من هذه الدروس التي قيل: إن الحضور في أقل التقديرات عشرة آلاف فحزرتهم ثم بالغت في تقديرهم فإذا هم لا يتجاوزن ربع هذا العدد فلا أدري لماذا هؤلاء ينسجون هذه الأمور، ويسيئون إلى من يخبرون عنهم.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:52]ـ
هذا ابن خياط رجل له ترجمة في سير أعلام النبلاء، ذكر عنه أنه لقن في بغداد من العميان، لقن سبعين ألف أعمى، العجيب أن البلاد أكبر بلد اليوم قد لا يوجد فيها هذا العدد من العميان، فكيف ببغداد في ذلك الحين من أين جاء بهذا الرقم؟.
ولذلك الذهبي يعلق عليه يقول: لعل المخبر أراد أن يقول: سبعين نفساً فغلط، فقال: سبعين ألفاً. والذهبي –رحمه الله- يقول: فإن من لقن سبعين نفساً من العميان فهذا خير كثير، أما هذا العدد المذكور فإنه مبالغة قطعاً.
وهذا ابن الجوزي -رحمه الله- ذُكر أن درسه في الوعظ يحضره مئة ألف إنسان؛ والذهبي -رحمه الله- يقول: أين المكان الذي يسع هؤلاء؟ ثم كيف يستطيع أن يبلغهم الصوت؟، النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع حضر هذه الحجة قريباً من عشرين ومائة ألف، لكن الله –عز وجل- أبلغ الناس كلام لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، فهؤلاء الذين يحضرون لابن الجوزي في ذلك الوقت الذي كان فيه أقل بكثير مما هو اليوم يحضر مائة ألف، أين المكان الذي يسعهم؟ ثم أين الصوت الذي يسع لهؤلاء الناس؟.
وذُكر عن ابن الجوزي أيضاً أنه كتب ألفين مجلد، وتاب على يديه مائة ألف إنسان، وأسلم على يديه عشرون ألفاً، وكان يختم في الإسبوع ختمة، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس، الذهبي يعلق تعليقاً طريفاً يقول: فأين ذهبت صلاة الجماعة؟ لا يخرج إلا إلى الجمعة أو مجلس التعليم، فأين ذهبت صلاة الجماعة؟ فهذه الأمور لا تروج إلا على البسطاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:53]ـ
في كتاب الخِطط للمقريزي، وكنت قد قرأت لكم طرفاً من أخبار الأهرام التي ذكرها، وقلت لكم: في هذه الأخبار كثير من المبالغات.
فمن ذلك ما ذكر أن القبط قد دونوا في كتبهم أن على الأهرام نقش تفسيره بالعربية: (أنا سويد الملك بنيت هذه الإهرام في وقت كذا وكذا، وأتممت بناءها في ست سنين، فمن أتى بعدي وزعم أنه ملك مثلي فلهدمها في ستمائة سنة) فهذا الكلام غير مقبول معقول.
يقول: وقد علم أن الهدم أيسر من البيان، يقول: (وإني كسوتها عند فراغها من الديباج فليكسها من استطاع بالحصر) فنظروا أنه لا يقوم بهدمها شيء من الأزمان، يعني لو قعدوا آلاف السنين يهدمونها لا يستطيعون، وهذا لا شك أنه مبالغة.
والخبر الأخير ما ذكر أيضاً في خبر الأهرام أنه لما فتح المأمون فيها فجوة في واحد منها يقولون: دخلها عشرون حدثاً من الأحداث -شباب صغار أولاد صغار- دخلوا أحد الأهرام وأعدوا معهم ما يحتاجون إليه من الطعام والشراب والحبال والشمع، -ما شاء الله- المسألة رحلة، يدخلون الهرم الآن فيحتاجون إلى طعام وشراب يمكن ملابس أيضاً، فنزلوا فرأوا فيها من الخفافيش على قدر العقبان، الخفاش على قدر العقاب الطائر الضخم الكبير، أين توجد هذه الخفافيش؟ الناس دخلوا الأهرام اليوم ولا نظروا فيها هذه الخفافيش، فصارت تضرب وجوههم.
ثم إنهم أدلوا أحدهم بالحبال، يبدو أن فيه غار في الأرض فأدلوا أحدهم بالحبال فانطبق عليه المكان، فحاولوا جذبه حتى أعياهم ذلك فسمعوا صوتاً أرعبهم فغشي عليهم، ثم قاموا وخرجوا من الهرم.
فبينما هم جلوس يتعجبون مما وقع لهم إذ أخرجت الأرض صاحبهم حياً من بين ايديهم -خارج الهرم الآن- فصار يتكلم بكلام لم يفهموه بلغة أخرى، ثم سقط ميتاً فحملوه ومضوا به، فأخذهم الشرط وأتوا بهم إلى الوالي فحدثوه بالخبر، ثم سألوا عن الكلام الذي قال صاحبهم يبدو أنهم حفظوا ما قال، فقيل لهم: معناه: هذا جزاء من طلب ما ليس له، وكان الذي فسر لهم معناه بعض أهل الصعيد.
طبعاً هذه القصة متى حصلت؟ حصلت بعد عهد المأمون وفي عهد المأمون أهل الصعيد كانوا بأي لغة يتكلمون؟ كانوا يتكلمون باللغة العربية، فكيف فهموا هذا الكلام وترجموه بهذه الترجمة؟!.
فلا شك أن هذا من الأساطير.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:54]ـ
من أسباب هذه المبالغات:
البساطة أحياناً، وإن شئت أن تقول: السذاجة، فإن الإنسان إذا كان بسيطاً في تفكيره وادراكه، إذا كان ساذجاً في تصوره فإنه تتضخم الأمور الصغيرة أو الأمور العادية في نظره؛ وبالتالي فإنه يبالغ في وصفها وإطرائها وذكرها وتبجيلها، كما قال القائل:
وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائمُ
فهذا الإنسان البسيط، هذا الإنسان الصغير إذا رأى إنساناً يحفظ حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لربما أوقع ذلك في نفسه وهماً أن هذا الإنسان قد أتى بما لم يأتِ به الأوائل.
وهكذا إذا رأى شيئاً أعجبه فإن هذا الإنسان نظراً لقصور فهمه ولقلة تجربته ولضعف إدراكه يكبّر هذه الأمور الصغيره، فتنتفش في ذهنه، ثم يعبّر عنها بالتهاويل، ولربما خلط مع كلامه لوناً من ألوان التعبيرات المصاحبة للكلام؛ أي أنه يبدي ذلك بنظرة تنبيء أيضاً عن التعظيم والتضخيم.
فأقول:
هذه مشكلة، وإذا واجهت هذه المشكلة قوماً من البسطاء، أو أنها وقعت في بيئة ساذجة، فإن هذه تجد أرضاً خصبة تترعرع فيه وتنمو، ولا تسأل عن حال هذه النبتة في تلك الأرض التي ُزرعت فيها، أو بُذرت فيها.
ولكن هذا المتكلم لو تكلم أمام عقلاء، أمام رجال يزنون الكلام بميزانه الصحيح، ويدققون في ألفاظ المتكلمين فإنه لا يستطيع بحال من الأحوال أن يروّج ذلك عليهم، بل إنه سيُعترض في كلامه لأول وهلة، ثم بعد ذلك لا يستطيع أن يواصل بنفس الطريقة؛ فما عليه إلا أن يبحث عن طريقة أخرى يتحفظ فيها في الكلام، ويتحفظ فيها في الوصف؛ فلا يذكر شيء من هذه المبالغات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وغالباً - بل ودائماً - ما يكون هؤلاء الذين يقعون في مثل هذه المشكلات؛ إما تلقّياً وإما إلقاءً؛ دائماً يكون هؤلاء يعانون من مشلكة مصاحبة وهي: قلة التثبت، فلو كان هذا الإنسان يتثبت مما يسمع، يثبت مما قرأ، يثبت فيما يخبر به، وينقله لكان له شأن آخر.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:54]ـ
ضوابط تضبط الذهن:
بعد ذلك أذكر لكم بعض الأمور التي علها أن تكون بمثابة الضوابط التي تضبط الذهن، فحينما يسمع الإنسان الكلام، يعرض ما يسمع عبر هذه المصفاة فبالتالي لا يروج عليه – بإذن الله عز وجل- كثير من ذلك فيما يقرأه ويسمعه أو يتلقاه بوجه من وجوه التلقي، فمن ذلك:
أننا لا بد أن نقيس الأمور الغائبة على الأمور الشاهدة والواقعة والحاضرة التي نعايشها ونراها , وهذا فيما عدا المعجزات وما يدخل ضمنها من كرامات الأولياء، وفيما عدا ذلك من الأمور فينبغي أن نقيس الغائب على الشاهد، فلا بد أن ثمة أمراً مشتركاً وجامعاً يجمع بين الأمور الغائبة والأمور الشاهدة، فنعرف بذلك أن بعض الكلام هو من قبيل المبالغات.
خذ مثالاً على ذلك:
المسعودي ذكر أن الذين أحصاهم موسى صلى الله عليه وسلم في التيه حينما تاهوا في سيناء من الرجال الذين يقدرون على حمل السلاح كانوا ستمائة ألف رجل، ومعلوم حسب ما يذكر في كتب التواريخ أن الذين دخلوا مع يعقوب صلى الله عليه وسلم إلى مصر في زمان يوسف صلى الله عليه وسلم كانوا قريباً من السبعين حسبما يذكره المؤرخون، وهذا العدد الذي دخل في مصر كان من نسلهم بنو إسرائيل، فالمدة التي كانت بين دخول الإسرائيليين إلى أرض مصر، هذه المدة ما بين دخلوهم وما بين خروج موسى صلى الله عليه وسلم كانت قريباً من عشرين ومائتين سنة، فهذه المدة عادة لا يحصل فيها التكاثر إلى هذا الحد، بحيث يكون عدد الذين يقدرون على حمل السلاح فقط ستمائة ألف رجل، لمدة مائتين وعشرين سنة، فهذا في مجال العادات لا يقع؛ ولا يكون هذا رقم مبالغ فيه، والله تعالى أعلم.
ومن ذلك أيضاً ما يذكر في خبر موسى صلى الله عليه وسلم حينما جاء إلى أرض مدين – وهذا يذكر في كتب التفسير وفي كتب التاريخ - أنه لما جاء إلى أرض مدين ووجد أولئك الأمة يسقون من ذلك البئر، ووجد المرأتين، يقولون: كان على البئر حجر ضخم جداً؛ بعضهم يقول: كان يحمله أربعون رجلاً، وبعضهم يقول غير ذلك، فجاء موسى عليه الصلاة السلام بمفرده فحمل هذه الصخرة الذي يغطى به البئر.
ويقولون: إن الدلو الذي كان يستخرج من هذا البئر كان لا يستطيع نزعه من هذا البئر إلا قرابة اثنا عشر رجلاً، فجاء موسى عليه الصلاة والسلام بمفرده فانتزعه وسقى، هذا قبل نبوة موسى بما يقرب من عشر سنين؛ لأن موسى صلى الله عليه وسلم إنما نبيء بعدما خرج من مدين نبئ في الطريق حينما بلغ الطور.
فالحاصل ما بين مجيء موسى صلى الله عليه وسلم إلى أرض مدين وما بين خروجه كان قرابة عشر سنوات، يعنى كان هذا الحادث قبل نبوة موسى صلى الله عليه وسلم بعشر سنوات تقريباً، فهل يعقل أن رجلاً مهما كانت قوته يستطيع أن يحمل صخراً يحمله في العادة أربعون رجلاً، هذا لا يقع في مجال العادات يمكن للإنسان أن يحمل حملاً يحمله ثلاثة من الرجال، أو يحمله رجلان أو نحو ذلك، لكن أن يحمل حملاً لا يحمله إلا أربعون رجلاً هذا أمر غير ممكن، وانتبهوا لهذه النقطة كان ذلك قبل نبوة موسى صلى الله عليه وسلم بعشر سنين تقريباً، يعني ليس من المعجزات
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:55]ـ
وكذلك ما يذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فتح خيبر، يقولون:
إنه جاء وفتح الباب الذي كان لا يستطيع أن يفتحه إلا أربعين رجلاً، فجاء علي رضي الله عنه وبيده سيف، وباليد الأخرى الباب، فانتزعه، هذا أمر لا يكون ولا يمكن، ونجزم أنه لم يقع، وأنه من أكاذيب الرافضة، فهم أرادوا أن يُثنوا على علي رضي الله عنه؛ فجاؤوا بمثل هذه الأخبار التي لا يصدقها إلا السذج.
خذ مثالاً آخر على ذلك:
في قول الله عز وجل عن ملكة بلقيس: قال: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [(23) سورة النمل] فوصف الله عرشها بالعظم، ماذا يذكر من الإسرائيليات في كتب التفسير؟ يقولون:
هو سرير من ذهب، وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد، وطوله ثمانون ذراعاً، وعرضه أربعون ذراعاً، وارتفاعه ثلاثون ذراعاً.
ويقولون: كان في بيت، وعليه بيت، وعليه بيت، وعليه بيت إلى سبعة بيوت لحماية هذا العرش، تصور هذا العرش يضخم بهذه الضخامة؟، كيف يكون شأن ملكة سبأ في وسطه؟ أصغر من البعوضة، فهذا شيء يُنقصها في الواقع، ولا يكون كمالاً وعظمة في حقها.
ومعلوم أن الملوك إنما يعملون العروش، ويجلسون على السرر من أجل أن يعظموا بذلك، فإذا صنعت عرشاً بهذه الضخامة صارت كالبعوضة الصغيرة في وسطه، تكون حقيرة صغيرة في وسط هذا العرش، فهذا شيء مبالغ فيه.
خذ مثالاً آخر على ذلك:
في قول الله - عز وجل - عن جندها لما قالوا لها: {نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ} [(33) سورة النمل] ما الذي يذكر في كتب التفسير من الإسرائيليات والمبالغات في ذلك؟.
يقولون:
كان تحت يدها اثني عشر ألف لواء، تحت يد كل واحد من هذه الألوية مائة ألف مقاتل، كم يكون المجموع؟.
المجموع يكون: اثنا عشر مليون رجل، وهل يعقل هذا العدد اثنى عشر مليون؛ جيش في منطقة محدودة صغيرة، وهي اليمن في ذلك الزمان.
الآن الدول التي يبلغ عدد سكانها مئات الملايين قد لا يصل الجيش إلى هذا العدد، في أراض شاسعة، فكيف باليمن في ذلك الزمان حينما كان الناس قلة، ولم يكونوا بهذه الكثرة التي نشاهدها اليوم؟!.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:56]ـ
خذ مثالا آخر من هذه المبالغات العجيبة:
في قول الله –عز وجل- عن سليمان صلى الله عليه وسلم: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ} [(18) سورة النمل] يذكر بعض المفسرين:
أن النملة بقدر البختية (نوع من الإبل)، طيب هذه النملة التي بقدر الناقة لو كان هذا الكلام صحيحا لما خشيت النملة على أخواتها من أن يطأ سليمان عليه الصلاة والسلام النمل؛ وهم لا يشعرون، فسليمان يرى النملة التي بقدر الناقة.
ثم هو لو داهم هذا الوادي فإنه لايستطيع أن يدهم هذا النمل الكبير الضخم، ولا يستطيع أن يلحق به ضرراً؛ لأن الجمال إذا مر بجوارها شيء من الجمال والخيول فإنها لا تتضرر بذلك فهي بحجمها.
فهذه النملة التي بقدر البعير لماذا خافت أن يطأ سليمان أرضها ويطأ على أخواتها، ويحصل ذلك منه من غير شعور ولا إحساس، هي ضخمة كبيرة؛ فكيف تخوفت هذا التخوف؟!.
خذ مثالاً آخر:
بعضهم يقول عن هذا النمل: كانت التي تكلمت نملة عرجاء، وكانت النملة بقدر الذئب، نملة بقدر الذئب؟، طيب افرض أنها بقدر الذئب؛ هل يخفى أمرها على سليمان فيطأها دون أن يشعر؟!، وهل النمل الذي بقدر الذئاب - إن وجد - هل هو شيء يخفى على الماشي بحيث إنه يمكن أن يقع عليك، فإن مشي بجواه هل يخشى على هذا النمل أن يتضرر ويوطأ وما شابه ذلك؟.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:56]ـ
ومن الأمثلة على ذلك:
ما ذكر في قول الله – عز وجل - عن بني إسرائيل حينما أبوا أن يدخلوا الأرض المقدسة قالوا: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [(22) سورة المائدة]، يقول ابن عبد الحكم في فتوح مصر: " استظل سبعون رجلاً من قوم موسى في خف رجل من العماليق "، هذا خف الآن - الحذاء أعزكم الله - سبعون رجلاً استظلوا تحته، هذه مبالغة واضحة جداً.
وكذلك يقولون:
شوهدت ضبعة مع أولادها قد جلست في جفن عين واحد من هؤلاء العماليق، هذا عملاق الآن حي موجود، وهذه الضبعة مع أولادها ربضت في جفن عينه أو بعض فجاج عينه، هذا كذب لا يمكن أن نقبله، ولا يمكن أن يصدق.
ويقولون:
إن موسى صلى الله عليه وسلم أرسل في البداية بعض العيون ليستطلعوا له الحال والأمر عند هؤلاء العماليق، فماذا شاهدوا؟، وجدوا رجلاً من هؤلاء في مزرعة؛ في حائط، ووجدوه يقطف بعض الثمار؛ فلما شاهدهم؛ نظر إليهم وأخذهم فجعلهم في كمّه مع الثمار، وذهب إلى الملك ونثرهم بين يديه – مثل الذر -، فقال الملك: قد رأيتم شأننا وأمرنا؛ فاذهبوا وأخبروا صاحبكم.
وفي بعض الروايات:
أنه لقيهم رجل من العمالقة فجعلهم في كسائه، وحملهم حتى أتى بهم المدينة، ونادى في الناس، فاجتمعوا عليهم، فقالوا: من أنتم؟، فاخبروهم، فأعطوهم حبة من العنب، وقالوا: احملوها إلى صاحبكم – يعني إلى موسى صلى الله عليه وسلم -، وبذلك يعرفون قدرنا، ويعرفون عظمتنا، ويعرفون قوتنا، هذا كله من المبالغات.
الله قال: {قَوْمًا جَبَّارِينَ} [(22) سورة المائدة]: قوم جبابرة، عندهم قوى وإمكانيات وقدرة، لكن بهذا المقدار؛ سبعون رجلاً يستظلون بخف واحد من العمالقة!، إذن ما يصنع هؤلاء بقتالهم؟! ذر تقاتل أفيال!، هذا لا يمكن في مجال العادات، وليس هنا شيء يتعلق بالمعجزات.
وأمر آخر يمكن أن نجعله من المقاييس والموازيين التي نعرف بها أن هذا الكلام من قبيل المبالغات أو (لا):
أن بعض العجائب التي تذكر؛ والغرائب: أنها تذكر في بلاد مأهولة يطرقها ويزرونها ويرونها ثم لا ينقلون هذا الخبر، ولا ينقل إلا في رواية شاذة أو رواية لا اسناد لها هذا أمر لا يمكن.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:57]ـ
خذ مثالاً على ذلك:
ما ذكر في أخبار عاد إرم ذات العماد التي ذكر الله -عز وجل- {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [(7 - 8) سورة الفجر] فماذا يقول بعض المؤرخين عنها؟ يقولون:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن عاد هذا كان عمره تسعمائة سنة، وسمع بوصف الجنة، وأن الجنة مبنية من الذهب، فأراد أن يبني مدينة من ذهب على غرار الجنة، فجلس يبني هذه المدينة من لبن من ذهب، فبنى مدينة كاملة من الذهب، وبقي في بنائها ثلاثمائة سنة، فهذه المدينة قصورها من الذهب، وأساطينها من الزبرجد والياقوت وما شابه ذلك، أين هي في أخبار المخبرين الذين زاروها ورأوها وشاهدوها؟، أين هي؟، مدينة كهذه؛ أمرها لا يخفي، ينبغي أن يتواتر هذا النقل، أما أن يذكر في بعض الروايات لا إسناد لها، ولا يشتهر ذلك في الرواية ولا يتواتر، هذا أمر لا يذكر؛ ولا يعبأ به؛ ولا يلتفت إليه.
خذ مثالاً على ذلك:
أتذكر قبل قرابة عشرين سنة؛ زار بعض الطلاب من الجامعة = المدينةَ النبوية فماذا رأوا؟، كان في تلك الأيام يمهد لهدم الأحياء القريبة من المسجد النبوي، فكان هناك جهة يقال لها: " الباب المصري " فكانوا يهدمون هذه الناحية أو بدأوا في هدمها.
جاء هؤلاء الطلاب وهم يزعمون أن ثمة حية خرجت ضخمة، أرجلها كأرجل الجمل، ووجهها وجه إنسان؛ له لحية طويلة بيضاء؛ فكانوا إذا أرادوا أن يهدموا تبدّت لهم في وجهها فتوقفت المحركات والسيارات والدركتلات عن الهدم، ولم يستطيع شيء منها أن يتحرك.
هذا كذب ودجل واضح ومعلوم، ولا نحتاج أن نتحقق منه.
فقلت لهؤلاء الناس: هل ذهبتم أنتم ورأيتموها؟.
قالوا: الناس قالوا ذلك، ونحن ذهبنا إلى المكان فوجدنا الجرافات متوفقة.
نعم متوفقة لأن العمال في حال استراحة؛ لأن العمال في شغل آخر، أما أن يكون رؤية الجرافات متوقفة دليل على أن هذا الامر حق وواقع!.
ثم بعد ما يقارب من عشر سنين من هذا الخبر، كنت مع بعض طلبة العلم في المدينة فذكر لي خبراً عن مبالغات الناس؛ قال:
كنا حينما كان أيام هدم الأحياء التي حول المدينة - حول المسجد النبوي - فكان في صلاة المغرب بين الأذان والإقامة خمس دقائق تقريباً، والناس يذهبون أفواجاً من الدكاكين والمحلات، فيقول: عند الباب المصري كان فيه حية صغيرة يقول: شاهدتها بهذا الحجم سوداء، خرجت من بعض الهدم فقتلت.
فصار الناس الأكوام الأفواج يأتون للصلاة فيجتمعون، فتجمهر أناس، وصار آخرون لا يتسطيعون مشاهدتها؛ فيسألون الآخرين: ماذا، ماذا؟.
فيقولون: حية كبيرة جداً، فتناقل هذا الناس، وبالغوا في وصفها حتى جاءنا الخبر وسمعتهم يقولون: حية ضخمة لها أرجل كأرجل الجمل، ووجه كوجه الإنسان، ولها لحية بيضاء، وإذا خرجت إلى الناس توقفت السيارات والمحركات.
هذا ما يروج إلا على البسطاء، وكان هؤلاء للأسف من طلاب كلية شرعية، فهذا لا يمكن أن يقبل.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:58]ـ
خذ مثالاً على ذلك:
أتذكر في ذلك التاريخ أيضاً كان بعض الشباب يدورون على المساجد؛ ويحلفون الأيمان المغلظة -وقد سمعتهم في صلاة المغرب - يحلفون أمام الناس أنهم شاهدوا قبراً يسعّر على صاحبه.
هذا أمر في بلد؛ الناس يشاهدون ثم لا يتواتر هذا الخبر.
فكانت المقبرة القديمة، والطريق يمر مرتفعاً، فمن سار على الطريق يرى المقبرة ويرى القبور، فيقولون: شاهدنا ذلك بأم أعيننا، وكانوا ثلاثة أو أربعة يحلفون أمام الناس في المسجد.
فقال لهم بعض العقلاء: نصحبكم إلى هذا القبر، أرونا هذا القبر، فذهبوا معهم فلما دخلوا إلى المقبرة وجدوا مصاحف وكتبا قد أحرقت في ناحية منها، فلم يكن ثمة قبر يسعر، وإنما كانت مصاحف تحرق فهم شاهدوها من بعيد، وقد اجتازوا المقبرة بسيارتهم، فظنوا أنه قبر يسعر على صاحبه.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 03:59]ـ
ومن الضوابط التي ينبغي أن تلاحظ في هذا الجانب:
أن كل حادث له طبيعة تخصه، وله مزاج - إن صح التعبير - يناسبه، فحينما ينقل عن الإسكندر –مثلاً - الذي يقال: إنه بنى الإسكندرية، يزعمون في كتب التواريخ أنه حينما أراد أن يبني الإسكندرية؛ أن حيوانات البحر بدأت تخرج وتنقض عليه وتمنعه من بنائها - هكذا في كتب التاريخ -، ويقولون:
إنه لما رأى ذلك بنى له تابوتاً من زجاج، ووضع هذا التابوت من الزجاج في خشب - وضعه في صندوق مكشوف من الجوانب من الخشب -، ثم دخل فيه ونزل في قعر البحر فجلس يرسم - كما يقولون - المخلوقات الشيطانية في البحر، ثم خرج، فصوّر على هيئتها من المعادن مجسمات ووضعها قبالة البحر، فلما خرجت حيوانات البحر لأذيته رأت هذه المخلوقات الشيطانية في وجهها -يعني التماثيل - فخافت، ودخلت في البحر، واستطاع أن يبني الإسكندرية.
هذا خير في كتب التاريخ لربما نقرأه ولا نتوقف عنده كثيراً، ولكن انظر إلى طبيعة هذا الخبر، وإلى ما يحيط ويحتفّ بهذا الخبر من بعض الأمور التي لها طبيعة خاصة، فهل يتصور أن ملكاً يقال: إنه ملك رقعة شاسعة من الأرض أنه ينزل في تابوت ثم ينزل في وسط البحر من أجل أن يرسم هذه المخلوقات الشيطانية؟!، يعني هل جرت عادة الملوك أنهم يفرطون هذا التفريط، ويغامرون مثل هذه المغامرات؟، الجواب: لا، الملوك لا يفعلون ذلك، هذه واحدة.
الشيء الآخر:
أنه إن نزل في هذا الصندوق الصغير من الزجاج فهو يحتاج إلى أكسجين، فكيف استطاع أن ينزل ثم هو لا يختنق هذه ثانية.
والأمر الثالث:
أن المخلوقات الشيطانية هذه في البحر لا تعرف، فإن قُصد بها الشياطين والجن فهم يوجدون في البحر وخارج البحر، ثم هؤلاء لا يستطيع هو أن يراهم حتى يرسم صورهم، ثم بعد ذلك يجعلها على هئية مجسمات.
فهذه ثلاثة أمور كل واحد منها كفيل بأن يرد هذا الخبر، ولا يُعبأ به، ولا يصدق، ولا يلتفت إليه بحال من الأحوال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 04:00]ـ
أمر آخر من الضوابط وهو:
أنه لا يلتفت إطلاقاً إلى الأخبار المستحيلة، ولا يوقَف عندها ولا تصدق، فمن ذلك مثلاً:
ما يذكر عن حاتم الطائي وهو طبعاً معروف بالكرم والجود، يقولون:
إنه لما مات جاء بعض الضيوف بعد موته فنحر لهم – حاتم - جزوراً على قبره - ذبح لهم عير على القبر - هذا الخبر مستحيل لا يمكن، الميت لا يستطيع أن يفعل شيئاً من ذلك، فلا داعي لهذه المبالغات، هذا خبر بمجرد السماع يمج ويكذّب ولا يمر إلا على السذج البسطاء.
خذ مثالاً آخر:
ما يذكر عن بعض الأولياء في البيئات المنحرفة والساذجة التي تصدق مثل هذه التهاويل يقولون:
إن هؤلاء الأولياء مثلاً إنه ذهب فوجد الكعبة مثلاً في طريقه فطافت به - هي طافت - وليس هو الذي طاف بها - سبعة أشواط دارت عليه ثم رجعت فهذا مستحيل، ولا يعرف أن الكعبة انتقلت عن مكانها في يوم من الأيام لتطوف بولي من أوليائهم، ولا يعرف أن الناس جاءوا إلى مكة، فلم يجدوا الكعبة بحجة أنها تطوف على ولي من الأولياء.
والعجيب أنك تجد في بعض كلام هؤلاء المتفقهة من الصوفية ما يثير العجب، يقولون:
فلو جاء فلم يجد الكعبة فقد ذهبت إلى ولي لتطوف به فهل يجزئه أن يطوف بالمحل أو لا يجزئه؟، لا بد من البناء!!.
يعني هؤلاء فقهائهم يصدقون مثل هذه الترهات والأكاذيب التي لا تنطلي إلا على السذج، ومع ذلك يذكرونها في بعض كتبهم التي يدونونها في الفقه.
فانظروا كيف يمسخ عقل الإنسان إلى هذا الحد؟!.
وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حينما يناقش أمثال هؤلاء الذين يقولون عن بعض أوليائهم بأنه صاحب خطوة؛ انتقل وذهب وطاف بالكعبة سبعة أشواط، ووقف مرة في عرفة من الهواء، ثم رجع إلى آخره .. ، فشيخ الإسلام يقول: هذا عليه دم؛ لأنه تعدى الميقات من غير إحرام - شيخ الإسلام يضحك من عقولهم - يقول لهم: كيف تقولون عن صاحبكم هذا عليه دم مع أن هذا أمر لا يكون؟!.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 04:01]ـ
وخذ مثالاً آخر:
خبر شبيب بن يزيد الخارجي رجل من شجعان الخوارج ومن أبطالهم، كان يضرب به المثل في القوة والبأس والشدة، وكان يقاتل الحجاج وهو زوج غزالة المعروفة التي حاصرت الحجاج، وكاد الحجاج يهلك في ذلك الحصار المشهور.
فالحاصل أن شبيباً هذا كان يسير في فرسه بجوار نهر في الأهواز فاضطرب به الفرس فسقط وعليه درع من حديد في هذا النهر فغرق، فيقولون:
إن جند الحجاج استخرجوه من هذا النهر، ثم أمر الحجاج فشقوا صدره، هذا يضرب به المثل بالشجاعة، يقول: فلما شقوا صدره واستخرجوا قلبه وجدوا قلباً آخر معه، يعني له كم قلب؟ له قلبان، وهذا أمر مستحيل، والله –عز وجل- يقول: {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [(4) سورة الأحزاب].
وفي بعض أقوال السلف في تفسير هذه الآية:
أن رجلاً من قريش كان يقال له: ذو القلبين، ولما كانت غزوة بدر، وانهزم المشركون لقيه أبو سفيان - وأبو سفيان كان في العير - ومعه نعل في يده، والنعل الآخر في رجله، فقال له أبو سفيان: ما هذا؟، فتبين لهم أن الرجل قد غفل، وذُهل من شدة الخوف الذي أصابه، فلم يشعر طول هذه المدة التي كان يجري فيها أن نعلاً في رجله ونعلاً في يده، فعرفوا أن له قلباً واحداً، فكانوا يعتقدون أن يملك قلبين وهذا أمر مستحيل.
فالحاصل يقولون:
أن الحجاج لما شق صدر شبيب الخارجي وجد في صدره قلبين هذا كذب.
ويقولون:
وجدوه يميل إلى السواد، بل وجدوه أسوداً، وكانوا يضربون به الأرض فيرتفع على قامة رجل، يعني 160سم تقريباً يرتفع، (هذا ولا كورة).
ويقولون:
قلبه كان قويا جداً، وكان إذا ضربوا به الأرض ارتفع على قامة رجل.
ويقولون:
إن أمه حينما ماتت أُرضع من أتان، يعني من حماره؛ فصارت له هذه الشجاعة، ونحن لا نعرف إلا أن الحمار يوصف بالبلادة، ومن رضع من حمار فلا يبعد أن يكتسب شيء من صفاته، لا أنه يكتسب هذه القوة وهذه الشجاعة كما هو معلوم.
فالحاصل أقول:
هذا من الإخبار المستحيلة أن يوجد لإنسان قلبان في جوفه، وقد كّذب الله -عز وجل- ذلك.
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 04:02]ـ
فأقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
مثل هذه الأشياء التي توجد في كتب التواريخ، ولربما توجد في كتب التفسير من الإسرائيليات أو بعض الإسرائيليات وغير ذلك من الأمور المبالغ فيها التي نسمعها فيما ينقله الناقلون؛ ينبغي أن نضبطها، وأن يُتحرى فيها، وأن نضعها على هذه الموازين، ونستطيع أن نتخلص -بإذن الله -عز وجل- بعد ذلك من كثير من هذه الأباطيل والمبالغات التي تروج على البسطاء من الناس.
وأنتم لا تتصورون كم يقع من الأثار والنتائج المؤسفة من جراء تصديق هذه الأمور، أو من جراء فعلها، وقد ذكرنا في أول الكلام طرفاً من ذلك، ولا بأس أن أختم الكلام في هذا الموضوع:
بأن أذكّر بأن الهزيمة التي وقعت للفرس حينما انتصروا ذلك الانتصار الشهير على الروم، والذي قصه الله –عز وجل- علينا في القرآن: {الم* غُلِبَتِ الرُّومُ} [(1 - 2) سورة الروم] كانت الفرس أكثر مملكةً، وأكثر عدداً، وأوسع داراً، ولا تُقارن قوة الفرس بقوة الروم، ومعلوم في الفتوحات الإسلامية أن الناس كانوا يفضلون الذهاب إلى الشام لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها، ولأخباره عن بركتها، وأيضاً كان الفرس أهل شدة وبأس ومراس بالحروب وصلابة لا تطاق مواجهتهم.
فالحاصل:
أن الفرس استطاعوا أن يخرجوا الروم من الشام، وهرب هرقل بمن بقي معه ممن لم يقتل من الجنود إلى القسطنطينية، وعاث الفرس في أرض الروم فساداً، وحاصروا هرقل في القسطنطينية حصاراً شهيراً، فماذا صنع هرقل؟.
كان هرقل من أهل الدهاء والخبرة والتجربة في الحروب، وكان له رأي وحصافة، فأرسل إلى ملك الفرس الذي كان مقيماً على حصاره، وقال له: نريد أن نصطلح معك صلحاً فاطلب ما شئت؛ فماذا صنع ملك الفرس؟.
طلب منه أمور كثيرة جداً؛ لو اجتمع الفرس والروم على أن يأتوا بها لم يستطيعوا، يعني بالغ في الشروط والمطالبات، فعرف هرقل ما لهذا الملك من العقل الضعيف والسذاجة؛ فاستطاع بعد ذلك أن يخدعه خدعة سطرت في كتب التواريخ، وهي من أعجب الأحداث.
وذلك أنه قال له: وافقتك على كل ما طلبت، وهي مبالغات لا يمكن أن يأتي بها أحد، هذه الشروط لا يمكن أن يوفرها ملك الروم ولا ملك الفرس لو اجتمعوا، فكيف خطر في عقل ملك الفرس أن هذا الملك يمكن فعلاً أن يحقق هذه الأشياء؟، يعني لم يطالبه بأمور معقولة، فقال له: وافقتك على ذلك جميعاً، ولكن أجعل لي فرصة ومجال أذهب إلى أطراف مملكتي فاستخرج الخزائن والدفائن من الكنوز من أجل أن أعطيك ما طلبت.
فقال: لك ذلك، فخرج بجيش متوسط وتوجه مباشرة إلى مملكة فارس، وملك الفرس وجنوده يرابطون على أسوار القسطنطينية، فذهب إلى مملكة فارس وعاث نهباً وسلباً وقتلاً ودخل إيوان كسرى واستاق من نسائه، وأخذ ولد كسرى وحلق رأسه واستاقه معه، وأخذ من الجواهر والكنوز والذهب والحرير والأموال شيئا لا يوصف، وذهب به إلى القسطنطينية، واستطاع أن يدخلها بحيلة وبخدعة تدل على قصور عقل ملك الفرس، استطاع أن يدخل؛ ثم بعث له بهذه الأموال، وبعث له بولده قد قص ناصيته أو حلق رأسه، وقال: هذا ما طلبت، فجن جنونه، ولا يدري يذهب إلى مملكته ليرقع ذلك الخرق الذي فتق، أم أنه يبقى مرابطاً على أسوار القسطنطينية.
وكان ذلك سبباً لانتصار الروم مرة ثانية على الفرس فيما يذكره المؤرخون.
فأقول:
انظر كيف كان هذه المبالغات سببا لهزيمة هؤلاء الذين يحاصرون القسطنطينية، بعد ما حققوا تلك الانتصارات.
نسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بما نسمع، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
---
قال المسيطير:
انتهى ولله الحمد: (بعد مطابقة المطبوع في الموقع مع المسموع قدر الإمكان، فتم ما ترون).
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 06:31]ـ
لله دركم يا آل عامر. فجزاكم الله خيرا.
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 08:36]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[آل عامر]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 11:48]ـ
الأخ /صالح، وابن رجب
شكر الله مروركم الكريم
ـ[مصطفى القرني]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 12:18]ـ
بارك الله فيك وفي الشيخ المسيطير
ونفع الله بعلم الشيخ خالد السبت ومحاضراته التي تتسم بالجمع والبحث الدقيق
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 04:33]ـ
من أروع ما قرأتُ على الشبكة!
حفظ الله الشيخ خالدًا وبارك فيه ..
وبارك الله فيكم أخي الحبيب الشيخ آل عامر وحمدًا لله على سلامتكم وعسى ما شر!
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 04:56]ـ
بارك الله فيك وفي الشيخ المسيطير
ونفع الله بعلم الشيخ خالد السبت ومحاضراته التي تتسم بالجمع والبحث الدقيق
شكر الله مرورك الكريم
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 05:00]ـ
من أروع ما قرأتُ على الشبكة!
حفظ الله الشيخ خالدًا وبارك فيه ..
وبارك الله فيكم أخي الحبيب الشيخ آل عامر وحمدًا لله على سلامتكم وعسى ما شر!
حياك الله أيها الغالي، وسلمك الله من كل سوء ومكروه(/)
الإخوة والمشايخ الكرام من يعرف الشيخ الحجي
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 04:39]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
من يعرف شيء من سيرة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر الحجي أرجو ان يعرفنا به ...
هذا موقع الشيخ
http://www.alamralawal.com/#principal::
ـ[أبو عبد الله النجدي2]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 05:10]ـ
للأسف لا أعرف شيئا عنه
إلا إن كان الحجي الذي في مدينة الرياض فهو خطيب في أحد جوامع السويدي
والله أعلم
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 05:39]ـ
جزاكم الله خيرا
نعم هو في الرياض وجدت بعض المعلومات ضمن اسئلة الزوار
.....
تخرج في المعاهد العلمية الشرعية التابعة لجامعة الامام محمد بن سعود في المتوسط والثانوي والكلية والماجستير والدكتوراه من كلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الإمام ومن أبرز شيوخه الشيخ ابن باز رحمه الله حضر دروسه بضع سنين والشيخ ابن فوزان وغيرهم.
....
http://www.alamralawal.com/#detailOfFatwa::14
ـ[ولد برق]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 05:53]ـ
شارك في دورة شيخ الإسلام المقامة في الرياض
له تعاون مستمر مع الشيخ الريس
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 05:57]ـ
له تعاون مستمر مع الشيخ الريس
الله المستعان
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 06:38]ـ
تعاون مستمر
جعلهم الله متعاونين على الخير فالمؤمن أخو المؤمن وأهل العلم أخص من غيرهم بهذا
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 07:27]ـ
اللهم اجعلهم متعاونين على الخير والحق والسداد، واحفظهم من الوقيعة في أهل العلم والدعاة الأحياء منهم والأموات.
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 08:58]ـ
اللهم اجعلهم متعاونين على الخير والحق والسداد، واحفظهم من الوقيعة في أهل العلم والدعاة الأحياء منهم والأموات.
ويحفظني وإخواني هنا قبلهم
آمين(/)
مائة قاعدة تعين على ضبط النحو ومعرفة الإعراب
ـ[ابن رجب]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 11:16]ـ
مائة قاعدة تعين على ضبط النحو ومعرفة الإعراب
الشرح الميسر على ألفية ابن مالك
الدكتور عبدالعزيز الحربي
قال في مقدمته:
لاأعرف كتاباً عُني بذكر القواعد النحوية وتدوينها على طريقة القواعد الفقهية أو قريب منها .. وفي جمع القواعد الصحيحة بجمل مختصرة فائدة عظيمة يضبط بها المتعلم فروع المسائل ونظائرها وحكمها وتيسّر له المعرفة على طريقة أثبت ومنهج أقوم .. ومن ثم فقد بدا لي أن أذكر بين يدي الشرح الميسر عددا من القواعد والجمل المختصرة التي تعينه إذا ذكر وتذكره إذا نسي وتثبت فؤاده حين التردد .. وكل من القواعد والشرح إنما كتبته تذكرةً للعالم وتعجيلاً بنفع المبتدي .. والقواعد المائة التي اجتهدت في وضعها .. منها ماهو خاص ومنها ماهو عام .. وقليل منه مستعار من القواعد الفقهية .. وهذه القواعد هي:
1 - كلّ لفظٍ مفيدٍ كلام
2 - كلُّ كلمةً أو جملةٍ أو كلامٍ فهو قول وكل قول لفظ
3 - الفعل مرتبط بزمان
4 - الأصل في الأسماء الإعراب
5 - كلُّ حرف مبنيٌّ
6 - كل مضمرٍ مبنيُّ
7 - الأصلُ في البناء السكون
8 - الحركات هي الأصل في الإعراب
9 - قد يكون الإعراب بالحرفِ أو بالحذف
10 - المعارف سبعة فقط
11 - الضمائر والإشارة والموصول:ألفاظ محصورة
12 - الأصل في (أل) أن تكون للتعريف
13 - النيابة في الحركاتِ والحروفِ والكلماتِ
14 - كلُ اسم مرفوع_ليس قبله شيء_فهو مبتدأُُ أو خبر
15 - المبتدأ وخبره، والفاعل ونائبه، مرفوعات
16 - الأصل في الأخبار أن تؤخر
17 - حذف ما يعلم جائز
18 - الحذف بلا دليل ممتنع
19 - الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة
20 - لا يجوز الابتداء بالنكرة مالم تُفد
21 - " كان " وأخواتها ولواحقها رافعةٌ للمبتدأ ناصبةٌ للخبر
22 - " إنّ " وأخواتها و" لا " النافية للجنس ناصبةٌ رافعةٌ
23 - " ظنّ " وأخواتها تنصب الجزئين
24 - الاسم المرفوعُ بعد الفعلِ فاعلٌ أو نائبه
25 - " أرى " وأخواتها الست تنصب ثلاثة
26 - كلُّ موجود يصح جعله فاعلاً أو مفعولاً به
27 - اجتمع في الاشتغال الأحكام الخمسة، ومثله المفعول معه
28 - الأصل في الفاعل أن يتصل بفعله،ويتقدم على مفعوله
29 - اللازم من الأفعال ماتعدّى بواسطة
30 - الأقرب هو الأولى عند التنازع
31 - المفاعيل خمسةٌ منصوبة
32 - الظرف مضمّن معنى " في "
33 - المفعول من أجله يصح أن يقع جواب " لماذا؟ "
34 - الحال جواب " كيف؟ " غالباً
35 - التمييز جواب " ماذا " غالباً
36 - الأصل في الاستثناء النصب
37 - مابعد " غير " و " سوى " مجرور غالباً
38 - يتوسع في معاني حروف الجر،ولاينوب بعضها عن بعض
39 - الباء أوسع حروف الجر معنى
40 - لابد للظروف والحروف من التعلّق
41 - المضاف إليه مجرور أبداً
42 - لا يجتمع التنوين والإضافة
43 - بعض الأسماء مضاف أبداً
44 - المصدر يعمل عمل فعله، وكذلك اسم الفاعل
45 - المقرَّر لاسم الفاعل يعطى لاسم المفعول
46 - المصادر مقيسةٌ أو منقولة
47 - تصاغ الصفة المشبهة من لازم لحاضر
48 - التعجبُ: ما أجملَه، وأجمل به
49 - " نِعم " و" بئس " فعلان جامدان
50 - يصاغ التفضيل مما صِيغ منه التعجب
51 - تابعُ التابعِ تابعٌ
52 - التابع يتبع ما قبله في الإعراب
53 - الجمل بعد النكرات صفات
54 - الجمل بعد المعارف أحوال
55 - التوكيد لفظي ومعنوي
56 - الصالح لعطف البيان صالح للبدلية إلا في مسألتين
57 - عطف الفعل على الفعل يصح
58 - الأصل المحلّى بـ " أل " بعد الإشارة بدل
59 - الأصل في النداء بـ " يا "
60 - ما استحقه النداء استحقه المندوب
61 - الترخيم حذف آخر المنادى
62 - التحذير والإغراء متفقان في العمل،مختلفان في المعنى
63 - اسم الفعل ك " صَه " واسم الصوت ك " قَب "
64 - للفعل توكيدٌ بالنون
65 - الماضي لايؤكد بالنون
66 - الصرف هو التنوين
67 - المضارع معربٌ مالم تباشره نون التوكيد، أوتتصل به نون الإناث
68 - " لَم " وأخواتها تجزم فعلاً، و" إِن " وأخواتها تجزم فعلين
69 - " إِن " تجزم ولاتجزم،و " إذا " لاتجزم وتجزم
70 - الواحد ليس بعدد
71 - العدد يخالف معدوده من ثلاثة إلى عشرة
72 - تمييز المائة والألف مجرور
73 - الاسم لا يزيد على خمسة أصول، والفعل أربعة
74 - جموع القلة " أَفعِلَة " و " أفعُل "و " أفعال "و" فِعلة "
75 - حروف العلة "واي"
76 - حروف الزيادة " سألتمونيها "
77 - لاتبتدىء بساكن،وقف به
78 - أحرف الإبدال " هدأت موطيا "
79 - التصغير " فُعَيل " و " فُعَيعِل " و" فُعيعيِل "
80 - ماقبل ياء النسب مكسور
81 - الإمالة في الألف والفتحة
82 - الحرف بريء من التصريف
83 - ليس في اللغة ماهو على وزن " فِعُل "
84 - مالزم الكلمة هو الأصلي من الحروف
85 - همزة الوصل لاتثبت في الوصل
86 - اللبس بلاقصد محذور
87 - التخفيف مقصد من مقاصد اللغة
88 - الهمز ثقيلٌ يعالج بالملاينة
89 - كل ماجاز قراءةً جاز لغةً
90 - الأيسر في الاستعمال هو الأشهر
91 - لاتنقض القواعد بمفاريد الشواهد
92 - عليك بالأشباه والنظائر
93 - المشقة تجلب التيسير
94 - العبرة بالغالب لابالنادر
95 - إعمال الكلام أولى من إهماله
96 - الإعراب فرع عن المعنى
97 - عدم التقدير أولى من التقدير
98 - الضرورة في الشعر تقدر بقدرها
99 - الأصل بقاء ماكان على ماكان
100 - العبرة في الإعراب بالخواتيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شرياس]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 11:26]ـ
جزاك الله خير
ـ[ابن رجب]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 12:03]ـ
وأياكم
ـ[ولد برق]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 12:07]ـ
بارك الله فيك
هكذا الإفادة
ـ[ابن رجب]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:59]ـ
وفيكم بارك الله.(/)
ما هو ضابط اللهو المحرم؟ (للمناقشة والإفادة)
ـ[أبوعبدالرحمن القطري]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 06:41]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد:
فمن المسائل التي يكثر السؤال عنها خاصة في عصرنا الذي كثرت فيه الملهيات والألعاب الكثيرة والغريبة علينا مسألة اللهو ومتى يكون هذا الأمر من اللهو المباح أو من اللهو المحرم وهو موضوع أشكل علي وبحثت فلم أجد فيه ضابطا دقيقا يفرق لنا بين الأمرين فتجد مثلا في اللعبة الواحدة بعض أهل العلم يلحقها باللهو المحرم والآخر لايلحقها به فما هو الضابط للمسألة؟
فمثلا لعبة الكيرم – أنا هنا لا أناقش حكمها وإنما أذكرها تمثيلا لكلامي – الشيخ محمد بن إبراهيم يلحقها باللهو المحرم بينما الشيخ عبدالله بن عقيل يرى أنه لابأس بها بشروط وإليك كلامهما:
الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
جاء في فتاوي الشيخ: من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد جرى الاطلاع على هذه الأوراق الواردة إلينا منكم برقم 308 - 3 ـ ج ـ 727 وتاريخ 3/ 2/82 هـ المتعلقة بقضية "لعبة الكيرم" وما قرره قاضي مستعجلة القطيف بحق كل من علي بن عبد الله بن فروان ومحسن بن عيسى البحاري المتهمين بمزاولة هذه اللعبة.
وبتأمل ما ذكر وجد أن هذه اللعبة من الألعاب الملهية الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة في الغالب، وقد تفضي إلى القمار والوقوع في العداوة والبغضاء، وإذا كانت على عوض فهي بذلك داخلة في الميسر وعليه لا ينبغي إقرارها ولا تمكينهم من لعبها. أما ما قرره قاضي مستعجلة القطيف بحق المذكورين فلا بأس بالاكتفاء به في هذه القضية، مع العلم أنه سيصدر منا إلى القضاة ما يقي بعدم التساهل في تقدير التعزيرات الشرعية بحق المتهمين لئلا ينهمك الناس في الأمور المجذورة والسلام.
رئيس القضاة (ص ـ ق 57 - 1 في 18/ 1/1383هـ)
الشيخ عبدالله بن عقيل حفظه الله:
[445] لعب الكيرم ونحوه
سائل يسأل عن لعب الورقة "الكوتشينة" وما شابهها، مثل الكيرم وغيره، بدون رهان، إنما لمجرد الترفيه عن النفس؟
الإجابة:
اللعب بالورقة ونحوها، كالكيرم، وما شابهه من اللَّهو المكروه، لا بأس به إذا كان لا يشغل عما هو واجب، ولا يصد عن ذكر اللَّه، ولا عن الصلاة، ولا يثير العداوة والبغضاء بين اللاعبين، ولم يكن على عوض، وخلا من أي مفسدة، فإن اقترن بشيء من ذلك فهو حرام. ولكن من عرف حقيقة هذه اللعبة، وسبر أحوال الذين يمارسونها عرف أنها لا تخلو من أكثر هذه الأشياء، أو شيء منها إلا في النادر، والنادر لا حكم له.
والناس الآن في وقت العلم؛ وقت السرعة والتقدم، فالعاقل من يربأ بنفسه عن مثل هذه المسائل، ويشغلها بما هو أنفع لها؛ لأن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والوقت كالسيف، إن قطعته وإلا قطعك. واللَّه الموفق؛ لا رب غيره ولا إله إلا هو. اهـ
فكما ترون الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله حكم على اللعبة بأنها من اللهو المحرم وأما الشيخ ابن عقيل ففي البداية ذكر أنها من اللهو المكروه ثم في آخر الفتوى كأنه جنح إلى تحريمها والله أعلم وليس القصد من إيراد كلام الشيخين إلا التمثيل والأمثلة على ذلك كثيرة أيضا ...
أرجو من المشايخ الأفاضل وطلبة العلم أن يذكروا ما عندهم في هذه المسألة حتى ننتفع جميعا والله من وراء القصد ...
وقد ذكر بعض المشايخ في الجامعة التي درست فيها ضابطا جيدا إلا أنه ترد عليه بعض الإشكالات والضابط الذي ذكره هو أن (ما ألهى كثيرا وأكسب قليلا وأخذ بكلية القلب فهو من اللهو المحرم)
والإشكال أن بعض صور اللهو قد تنطبق عليها هذه القيود ولا أعلم أن أحدا يقول بتحريمها فلو أن شخصا مثلا يهوى الخروج إلى البر للنظر إلى الإبل وغير ذلك من المناظر حتى صار ذلك من محبوباته ولم ينتفع بذلك شيئا وأخذ بكلية قلبه فهل نقول له فعلك هذا حرام؟
ثم لاح لي وجه وهو أن يقال: لايوجد ضابط دقيق يفرق بين الأمرين بل كل مسألة يبحث فيها على حدة وينظر بالقرائن التي احتفت بها وهل الغالب على من يلعبها فعل أمر محرم كتضييع صلاة أو قمار أو شحناء وما شابه ذلك ويحكم على ضوء ذلك ....
قد أكون مخطئا في تصوري , لذلك أوردت هذا الإشكال الذي قد لايشكل إلا على أمثالي من المبتدئين فلذلك اصبروا علي وعلى أمثالي جزاكم الله خيرا ...
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 09:55]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
في أواخر كتاب الاستئذان بوب البخاري باباً 000 قال: " بَاب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}
فقيد بطلان اللهو بكونه يشغل عن ذكر الله، ومؤداه أنه - نفس اللهو - لو لم يشغل عن طاعة الله لم يكن باطلاً، والمقصود الطاعة الواجبة إذ لو المقصود الطاعة المندوبة لم يكن للكلام معنى حيث ان الطاعات المندوبة لا تنتهي ولا يغلق بابها في أي وقت بخلاف الواجبة فهي محددة قدراً ووقتا، ويؤيد هذا المعنى أيضاً استشهاد البخاري بآية لقمان حيث ذم شراء لهو الحديث لغرض الصد والاضلال عن سبيل الله.
وعليه فإن اللهو إن كان فيه نص محدد واضح بتحريمه فإنه حرام.
أما مع عدم النص فقاعدة البخاري أظنها هي التي ينبغي أن تكون الحاكمة 000000والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 12:13]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الألعاب في جملتها لا تخرج عن ثلاثة أقسام: (ألعاب مشروعة، وألعاب ممنوعة، وألعاب مسكوت عنها)، وتفصيل القول فيها، كما يلي باختصار:
القسم الأول: ألعاب مشروعة
وهي نوعان:
النوع الأول: ألعاب قد نصت عليها الشريعة: كالرماية، والسباق، والمصارعة، وغير ذلك مما هو مشروع؛ علما أن بعض هذه الألعاب يصل إلى الوجوب؛ لاسيما إذا توقف عليها فرض الجهاد، «وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه و سلم: «لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر» أخرجه أحمد (2/ 474)، وأبو داود (2574)، والترمذي (1700)، وهو حديث صحيح، انظر «صحيح أبي داود» للألباني (2244).
قال ابن القيم رحمه الله في «الفروسية» (171،301)، بعد أن قسم الألعاب إلى ثلاثة أنواع: «القسم الثاني: عكس هذا (أي: اللعب الممنوع)، وهو ما فيه مصلحة راجحة، وهو متضمن لما يحب الله ورسوله، معين عليه، ومفض إليه، فهذا شرعه الله تعالى لعباده، وشرع لهم الأسباب التي تعين عليه، وترشد إليه، وهو: كالمسابقة على الخيل، والإبل، والنضال، التي تتضمن الاشتغال بأسباب الجهاد، وتعلم الفروسية، والاستعداد للقاء أعدائه، وإعلاء كلمته، ونصر دينه وكتابه ورسوله، فهذه المغالبة تطلب من جهة العمل، ومن جهة أكل المال لهذا العمل الذي يحبه الله تعالى ورسوله، ومن الجهتين معا.
وهذا القسم جوزه الشارع بالبرهان تحريضا للنفوس عليه، فإن النفس يسير لها داعيان: داعي الغلبة، وداعي الكسب، فتقوى رغبتها في العمل المحبوب لله تعالى ورسوله، فعلم أن أكل المال بهذا النوع أكل له بحق، لا بباطل» انتهى.
النوع الثاني: ألعاب لم تنص عليها الشريعة؛ إلا أنها مما يستعان بها في الجهاد، وهذا النوع يدخل في حكم النوع الأول من باب القياس، وربما كان أولى لا سيما إذا تطورت آلات الجهاد كما هو الآن: من دبابات، وطيارات، وصواريخ، وبنادق، وألغام، وغيرها مما أصبحت عدة حربية عصرية، لا يجوز مجاوزتها، أو حتى تجاهلها بحال!
وهذا ما نص عليه أهل العلم، يقول ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 652): «والمسابقة على ضربين: مسابقة بعوض، ومسابقة بغير عوض: فأما المسابقة بغير عوض فتجوز مطلقا من غير تقييد بشيء معين: كالمسابقة على الأقدام، والسفن، والطيور، والبغال، والحمير، والفيلة، والمزاريق، والمصارعة، ورفع الحجر ليعرف الأشد، وغير هذا» انتهى.
والشاهد من قوله هو: «وغير هذا»، مع أنه أراد من ذكر هذه المسابقات المثال لا الحصر، وهذا واضح من كلامه رحمه الله.
فقد استدل الشافعية، وبعض الحنابلة القائلون بجواز المسابقة بعوض في كل ما هو نافع في الحرب، بالآتي:
أولا: الكتاب، قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
ووجه الدلالة: أن هذه المعدات الحديثة الآن هي وسائل الجهاد، وفي المسابقة عليها بعوض تقوية للجنود، وتزويدهم بالخبرة الكافية التي يستطيعون بها محاربة العدو وقهره، وهذا داخل فيما أمر الله تعالى به من إعداد العدة والقوة.
ولذا قال الشافعي رحمه الله في «الأم» (4/ 23) ردا على من قصر السباق بجعل على الخيل، والإبل، والنصل ما نصه: «وهذا ـ يعني به ما عدا الثلاثة المذكورة في الحديث من الخيل، والإبل، والسهام ـ داخل في معنى ما ندب الله إليه، وحمد عليه أهل دينه من إعداد العدة، والقوة، ورباط الخيل» انتهى.
إن الفقهاء قالوا: إن المسابقة قد تجب إذا تعينت طريقا للجهاد، وكانت سببا للتفوق على العدو، ولا شك أن المسابقة بعوض على تلك المعدات الحربية الحديثة تكسب الجندي تفوقا، ومهارة، وخبرة، وجدارة، فهي إن لم تكن واجبة؛ فلا أقل من أن تكون مستحبة، علما بأن القرآن حث على إعداد العدة، ومن الوسائل النافعة للاستعداد للحرب التشجيع عليه بالعوض.
ولذا قال الماوردي في «الإنصاف» (6/ 91): «فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما يعين على الدين، كما في مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه» انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
لذا فإن جواز السباق بجعل على الخيل، والإبل، والسهام معقول المعنى، ومعلل بعلة إعداد الجندي المسلم، وتعليمه أساليب الجهاد، وتزويده بالخبرة الكافية في فنون القتال نكاية في العدو، وقد وجدت هذه العلة السابقة على الآلات الحديثة؛ فتأخذ حكم الأصل هذا. انظر «الميسر» لرمضان حافظ (146)
القسم الثاني: ألعاب ممنوعة
وهي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: ألعاب نصت الشريعة الإسلامية على تحريمها: كالميسر،
والنرد (الطاولة)، والشطرنج عند جمهور أهل العلم، والقمار، والتحريش بين الحيوانات، وغير ما هنا مما حرمته الشريعة. ومن أراد زيادة تفصيل فعليه بالمطولات من كتب الفقه.
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب «الفروسية» (169،301): «فإن المغالبات في الشرع تنقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: ما فيه مفسدة راجحة على منفعته: كالنرد، والشطرنج؛ فهذا يحرمه الشارع، ولا يبيحه، إذ مفسدته راجحة على مصلحته، وهي من جنس مفسدة السكر، ولهذا قرن الله سبحانه وتعالى بين الخمر، والقمار في الحكم، وجعلهما قريني الأنصاب، والأزلام، وأخبر أنها كلها رجس، وأنها من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها، وعلق الفلاح باجتنابها، وأخبر أنها تصد عن ذكره، وعن الصلاة، وتهدد من لم ينته عنها، ومعلوم أن شارب الخمر إذا سكر؛ كان ذلك مما يصده عن ذكر الله، وعن الصلاة، ويوقع العداوة، والبغضاء بسببه.
وكذلك المغالبات التي تلهي بلا منفعة؛ كالنرد، والشطرنج، وأمثالهما، مما يصد عن ذكر الله، وعن الصلاة؛ لشدة التهاء النفس بها، واشتغال القلب فيها أبدا بالفكر.
ومن هذا الوجه؛ فالشطرنج أشد شغلا للقلب، وصدا عن ذكر الله، وعن الصلاة، ولهذا جعله بعض العلماء أشد تحريما من النرد، وجعل النص على أن اللاعب بالنرد عاص لله ورسوله؛ تنبيها بطريق الأولى على أن اللاعب بالشطرنج أشد معصية، إذ لا يحرم الله، ورسوله فعلا مشتملا على مفسدة؛ ثم يبيح فعلا مشتملا على مفسدة أكبر من تلك، والحس والوجود شاهد بأن مفسدة الشطرنج، وشغلها للقلب، وصدها عن ذكر الله، وعن الصلاة أعظم من مفسدة النرد، وهي توقع العداوة، والبغضاء؛ لما فيها من قصد كل من المتلاعبين قهر الآخر، وأكل ماله، وهذا من أعظم ما يوقع العداوة والبغضاء، فحرم الله سبحانه هذا النوع؛ لاشتماله على ما يبغضه، ومنعه مما يحبه» انتهى.
النوع الثاني: ألعاب لم تنص الشريعة الإسلامية على تحريمها؛ بل حرمتها لاقترانها بمحظور شرعي خارج عن أصلها، كما لو اقترن بها: إضرار، أو سب، أو عداوة، أو صد عن ذكر الله، أو اشتغال عما هو أولى أو أفضل ... وغيره، ومثاله: كل لعبة مشروعة، أو مباحة اشتملت على محظور شرعي: كالإضرار بالآخرين، أو إغراء العداوة بين اللاعبين، أو صدها عن ذكر الله تعالى، ونحو ذلك.
وقد قال ابن تيمية رحمه الله: «إن العلوم المفضولة إذا زاحمت العلوم الفاضلة وأضعفتها؛ فإنها تحرم». الدرر السنية (15/ 216).
فإذا كان الأمر هكذا في العلوم المفضولة مع العلوم الفاضلة، فكيف والحالة هذه بالألعاب يوم زاحمت العلوم الفاضلة، وأضعفتها؛ بله العلوم الشرعية؛ كما هو واقع شبابنا هذه الأيام، في حين أن اللعب الذي يلعبون بالورق ونحوه ليس علما؛ إنما هو لهو، وسفه معا!
النوع الثالث: ألعاب ليس فيها إعمال للعقل، والتفكير؛ بل قائمة على التخمين، والحظ (المصادفة)، فهذه ألعاب محرمة، كما ذكره أهل العلم.
قال الكمال بن الهمام رحمه الله في «شرح فتح القدير» (6/ 413) مستدلا بالحديث: «من لعب بالنرد فقد عصى الله، ورسوله»، ثم قال: «ولعب الطاب في بلادنا مثله ـ أي مثل النرد ـ يرمى، ويطرح بلا حساب، وإعمال فكر، ثم قال: ـ مبينا القاعدة في هذا ـ وكل ما كان كذلك مما أحدثه الشيطان، وعمله أهل الغفلة: فهو حرام سواء قومر به، أم لا» انتهى.
ونقل صاحب «نهاية المحتاج» (8/ 280) من الشافعية عن الرافعي، فقال: «قال الرافعي: وكل ما اعتمد الحساب، والفكر: كنقلة حفر، أو خطوط ينقل منها، وإليها حصى بالحساب لا يحرم، وكل ما يعتمد على التخمين يحرم».
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن خلال ما ذكرناه هنا: تبين لنا مما سبق أن القاعدة العامة المتفق على حرمته من لعب الميسر مجانا هي: «كل لعب يعتمد فيه على الحظ، والتخمين من غير إعمال فكر، أو حساب»، ويتفرع على تلك القاعدة كثير من الألعاب الدارجة بين أبناء المسلمين هذه الأيام.
القسم الثالث: ألعاب سكتت عنها الشريعة الإسلامية منعا وإثباتا، وهو القسم المباح من الألعاب.
وهذا القسم قد جرى فيه خلاف بين أهل العلم ما بين مبيح ومانع، اعتمادا منهم على ظاهر الأدلة الشرعية، وهما على قولين:
الأول: أن الأصل في الألعاب: هو التحريم، وبهذا قال كل من: الحنفية، والقرافي من المالكية، والخطابي من الشافعية، والبغوي، وغيرهم.
الثاني: أن الأصل في الألعاب الرياضية: هو الحل؛ إلا ما استثناه الشرع، وبهذا قال أكثر أهل العلم، وهو الراجح.
حكم الألعاب المباحة
لقد اختلف أهل العلم في الألعاب الرياضية التي لم تدل الشريعة الإسلامية على منعها، أو ثبوتها، على قولين كما يلي باختصار:
* القول الأول: أن الأصل في الألعاب الرياضية هو التحريم؛ إلا ما استثناه الشرع، لقوله صلى الله عليه و سلم: «كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل، إلا ثلاثا: رميه عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق» أخرجه أحمد (17300،17337)، وهو صحيح، انظر «السلسلة الصحيحة» (315)، و «صحيح الترغيب» (1282) للألباني.
ولقوله صلى الله عليه و سلم: «كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لغو ولهو، أو سهو؛ إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة» أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (8891)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1/ 89)، و «شرح مشكل الآثار» للطحاوي.
وجه الدلالة من الحديثين، وغيرهما: أن وصف اللعب بالباطل والضلال يدلان على حرمة اللعب مطلقا سواء كان بمال، أو لا، وبهذا قال كل من: الحنفية، والقرافي من المالكية، والخطابي من الشافعية، والبغوي، وغيرهم.
قال الكمال بن الهمام رحمه الله في «شرح فتح القدير» (6/ 413): «ولعب الطاب في بلادنا مثله ـ أي مثل النرد ـ، ثم قال: ـ مبينا الحكم في هذا ـ وكل ما كان كذلك مما أحدثه الشيطان، وعمله أهل الغفلة: فهو حرام سواء قومر به، أم لا» انتهى.
وقال الإمام الخطابي رحمه الله في «معالم السنة» (2/ 242) عند شرح هذا الحديث: «وفي هذا بيان أن جميع أنواع اللهو محظورة، وإنما استثنى رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الخلال من جملة ما حرم منها؛ لأن كل واحدة منها ـ إذا تأملتها ـ وجدتها معينة على حق، أو ذريعة إليه، ويدخل في معناها: ما كان من المناضلة، والسلاح، والشد على الأقدام».
ثم قال: «فأما سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو: كالنرد، والشطرنج، وسائر ضروب اللعب بما لا يستعان به في حق فهو محظور!» انتهى.
وقال الإمام الكاسائي الحنفي رحمه الله في «بدائع الصنائع» (6/ 206): «واللعب حرام في الأصل؛ إلا أن اللعب بهذه الأشياء صار مستثنى من التحريم شرعا، فبقيت الملاعبة بما وراءها على أصل التحريم؛ ولأن الاستثناء يحتمل أن يكون لمعنى لا يوجد في غيرها، فكانت لعبا صورة ورياضة، وتعلم أسباب الجهاد، ولئن كان لعبا لكن اللعب إذا تعلقت به عاقبة حميدة لا يكون حراما، ولهذا استثنى ملاعبة أهله لتعلق عاقبة حميدة بها، وهي انبعاث الشهوة الداعية إلى الوطء الذي هو سبب التوالد، والتناسل، والسكنى، وغير ذلك من العواقب الحميدة» انتهى.
وقال صاحب «الأنهر في شرح الأبحر» (2/ 533): «يحرم اللعب، والعبث، واللهو، فالثلاثة بمعنى».
ونقل المرداوي الحنبلي في «الإنصاف» (6/ 90): عن السامري قوله: «وفي «المستوعب»: كل ما يسمى لعبا مكروه؛ إلا ما كان معينا على قتال العدو».
قال يحي: سمعت مالكا يقول: وهو ما ذكره النفراوي في «الفواكه الدواني» (2/ 452) في حكم اللعب بالملاهي ما نصه: «ولا يجوز اللعب بالنرد، ولا يجوز اللعب بالشطرنج، ثم قال: وقع الخلاف في اللعب بالطاب، والمنقلة، ثم قال: والذي ذكره بهرام في شرح خليل؛ الحرمة في الطاب، وجعله مثل النرد.
وأما المنقلة فاستظهر بعض الشيوخ الكراهة. وكل هذا حيث لا قمار، وإلا فالحرمة فيهما من غير نزاع» انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
القول الثاني: أن الأصل في الألعاب الرياضية هو الحل؛ إلا ما استثناه الشرع، وبهذا قال أكثر أهل العلم.
قال الرملي رحمه الله في «منهاج المحتاج» (8/ 280): «فكل ما اعتمد على الحساب: كالمنقلة حفر، أو خطوط ينقل منها، وإليها حصى بالحساب فلا يحرم».
وقال ابن قدامة في «المغني» (12/ 172): «وسائر أنواع اللعب إذا لم يتضمن ضررا، ولا شغلا عن فرض؛ فالأصل إباحته».
وقال المرداوي في «الإنصاف» (6/ 90): «قال الشيخ تقي الدين ـ ابن تيمية ـ: «يجوز ما قد يكون فيه منفعة بلا مضرة»، يعني بذلك أنواع اللعب.
ثم قال: «قال في (الفروع): وظاهر كلامه (أي: كلام ابن تيمية) لا يجوز اللعب المعروف بالطاب، والنقيلة، ثم قال: وقال الشيخ تقي الدين أيضا: «كل فعل أفضى إلى محرم حرمه الشرع، إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة؛ لأنه يكون سببا للشر، والفساد.
ثم قال: وقال أيضا: «وما ألهى، وشغل عما أمر الله به؛ فهو منهي عنه، وإن لم يحرم جنسه؛ كبيع، وتجارة، ونحوها».
وقال ابن العربي في «عارضة الأحوذي» (7/ 137): «قوله: «كل ما يلهو به الرجل باطل»، ليس مراده حراما، وإنما يريد به أنه عار من الثواب، وأنه للدنيا محضا، لا تعلق له بالآخرة، والمباح منه باق، والباقي كله عمل له ثواب».
وقال ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (11/ 91): «إنما أطلق على ما عداها ـ أي الثلاثة ـ البطلان من طريق المقابلة، لا أن جميعها من الباطل المحرم!».
وكذا قال الغزالي رحمه الله «الإحياء» (2/ 285) في توجيه هذا الحديث: «فهو باطل»، لا يدل على التحريم؛ بل يدل على عدم الفائدة».
وقد صحح الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار» (8/ 104) ما ذهب إليه الغزالي هنا بقوله: «وهو جواب صحيح؛ لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح، على أن التلهي بالنظر إلى الحبشة، وهم يرقصون في مسجده صلى الله عليه و سلم كما ثبت في الصحيح، خارج عن تلكم الأمور الثلاثة».
وقال ابن القيم رحمه الله في «الفروسية» (172،301): «وأما القسم الثالث: وهو ما ليس فيه مضرة راجحة، ولا هو أيضا متضمن لمصلحة يأمر الله تعالى بها، ورسوله صلى الله عليه و سلم، فهذا لا يحرم، ولا يؤمر به: كالصراع، والعدو، والسباحة، وشيل الأثقال».
ولابن تيمية كلام جيد في توجيه معنى هذا الحديث؛ حيث قال في «الاستقامة» (1/ 277): «وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: «كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبة امرأته، فإنهن من الحق»، والباطل من الأعمال هو ما ليس فيه منفعة، فهذا يرخص فيه للنفوس التي لا تصبر على ما ينفع، وهذا الحق في القدر الذي يحتاج إليه في الأوقات التي تقتضي ذلك: كالأعياد، والأعراس، وقدوم الغائب، ونحو ذلكم، وهذه نفوس النساء، والصبيان، فهن اللواتي كن يغنين في ذلك على عهد النبي صلى الله عليه و سلم، وخلفائه، ويضربن بالدف، وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم؛ بل كان السلف يسمون الرجل المغني: مخنثا، لتشبهه بالنساء» انتهى.
وقال أيضا في موضع آخر (153): «وأما اللذة التي لا تعقب لذة في دار القرار، ولا ألما، ولا تمنع لذة دار القرار فهذه لذة باطلة، إذ لا منفعة فيها، ولا مضرة، وزمنها يسير، ليس لتمتع النفس بها قدر، وهي لابد أن تشغل عما هو خير منها في الآخرة، وإن لم تشغل عن أصل اللذة في الآخرة.
وهذا هو الذي عناه النبي صلى الله عليه و سلم بقوله: «كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل» الحديث، وكقوله لعمر لما دخل عليه، وعنده جواري يضربن بالدف فأسكتهن لدخوله، وقال: «إن هذا رجل لا يحب الباطل» أخرجه أحمد (3/ 435)، (4/ 24)، والبخاري في «الأدب المفرد» (342)، ولكنه ورد بسياق آخر في سماع «المدح»، لا «الغناء»، انظر «مجمع الزوائد» للهيثمي (8/ 118)، (9/ 66).
فإن هذا اللهو فيه لذة؛ ولولا ذلك لما طلبته النفوس!
ولكن ما أعان على اللذة المقصودة من الجهاد، والنكاح فهو حق، وأما ما لم يعن على ذلك فهو باطل، لا فائدة فيه، ولكنه إن لم يكن فيه مضرة راجحة لم يحرم، ولم ينه عنه، ولكن قد يكون ما فعله مكروها؛ لأنه يصد عن اللذة المطلوبة؛ إذ لو اشتغل اللاهي حين لهوه بما ينفعه، ويطلب له اللذة المقصودة، لكان خيرا له».
ثم قال أيضا: «ومحبة النفوس للباطل نقص، لكن ليس كل الخلق مأمورين بالكمال، ولا يمكن ذلك فيهم، فإذا فعلوا ما به يدخلون الجنة لم يحرم عليهم ما لا يمنعهم من دخولها» انتهى.
وبعد أن ذكرنا كلام أهل العلم في تفسير معنى الحديث النبوي؛ نستطيع أن نخلص منها إلى أربعة أمور:
الأول: أن معنى «باطل» في الحديث: ما لا ثواب فيه، ولا إثم.
الثاني: أن غير هذه الأنواع المذكورة من اللهو ليست محرمة؛ بل منها ما هو مباح، وما هو ممنوع شرعا.
الثالث: أن هذا المباح يكون مكروها في حق من هو قادر على شغل وقته فيما هو مستحب.
الرابع: إذا كان المباح تعقبه فائدة أخروية، فهو من هذه الثلاثة المباحة.
ومنه يعلم أن هنالك من الألعاب ما هو مباح؛ إلا أنه ليس للمسلم أن يكثر من اللهو، والعبث، والتسلية؛ حتى لا يخرج هذا اللهو عن الهدف الذي شرع من أجله. و الله تعالى أعلم و أحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوعبدالرحمن القطري]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 11:38]ـ
الأخوان الفاضلان شريف شلبي و أبوجهاد الأثري ....
جزاكما الله خير الجزاء وبارك فيكما على الإفادة ....
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[28 - Jul-2008, صباحاً 08:38]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=87225
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 12:56]ـ
3040 (د ت س) عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن الله عز وجل ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في عمله الخير، والرامي به، والممد به). وفي
رواية: ومنبله - فارموا واركبوا، وأحب إلي أن ترموا من أن تركبوا. كل لهو باطل، ليس من اللهو محمود إلا ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله، فإنهن من الحق، ومن ترك الرمي بعد ما علمه، رغبة عنه، فإنها نعمة تركها - أو قال: كفرها). أخرجه أبو داود. وأخرجه الترمذي إلى قوله: (فإنهن من الحق) وأخرج النسائي إلى قوله: (ومنبله). وله في أخرى مثله، وفي أوله: قال خالد بن زيد الجهني: (كان عقبة يمر بي فيقول: يا خالد، أخرج بنا نرمي، فلما كان ذات يوم أبطأت عنه، فقال: يا خالد، تعال أخبرك بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يدخل بالسهم الواحد. . .) الحديث.
جامع الاصول ج 5 ص 0
هذا نص في أن كل لهو باطل إلا الثلاثة المذكورة
لكن هل معنى باطل أنه محرم، أو أنه لا أجر فيه، اختلف العلماء(/)
التقريب والولع بالتنقيب! للدكتور عبدالعزيز آل عبداللطيف
ـ[بحر القلزم]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 10:13]ـ
التقريب والولع بالتنقيب!
د. عبدالعزيز العبداللطيف
أستاذ مشارك في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ الرياض
18/ 7/1429
لا نزاع في تفاقم التحديات والمخاطر التي تجتال هذه الأمة وتعصف بها، وتسعى إلى طمس معالم الإسلام والسنة، والطعن في عقائد أهل السنة وأحكام الشريعة؛ فعداوة الكفار وحربهم الشعواء على أهل الإسلام مكشوفة، ولا يزيدهم تصرُّم الأيام إلا سُعاراً في الكيد والتنكيل بالإسلام وأهله؛ فالقوم لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة. وأهل البدع المغلَّظة - كالروافض وأشباههم - يجاهرون بأهوائهم بلا «تقية» ويعلنون شركهم وزندقتهم بكل صَلَف، ويسومون أهل السنة صنوف الأذى والعذاب؛ كما في بلاد الرافدين وإيران ونحوها.
ومع هذا العداء السافر بخيله ورَجْله، ومع هذا المكر الكُبّار الذي هو ملء السمع والبصر؛ إلا أنّ فئاماً من متسننة هذا العصر قد آثروا السلامة والدَّعَة، واختاروا «الإسلام المريح» الذي لا ينغّص على غرب، ولا يكدّر على مبتدع، فصارت اللغة الطافحة في أدبياتٍ ومجلات وقنوات ونحوها لا تعدو الحديث عن استملاح الإنسانية، والهيام بحوار الأديان، والملاينة مع المبتدعة، و «الاصطلام» بالتقريب بين المذاهب الإسلامية، والولاء الفطري، والتسامح الديني، ونحو ذلك من مشتقات لا تتجاوز دائرة الحبّ والسلام والوئام مع اللئام!
ما أجمل ما حرره مفتي الديار المصرية الأسبق عبد المجيد سليم - رحمه الله - في هذا الشأن؛ قائلاً: «والناس إنما يفقدون الحماسة للحق والحرارة في الدفاع عنه؛ لواحد من أمرين: إما جهل به يصرفهم عنه، فهم لم يذوقوا حلاوته، ولم يباشروا بشاشته؛ فأنَّى لهم أن يَعْبَؤُوا به فضلاً عن أن يغاروا عليه؟
وإما شُغْلٌ بغيره يملأ القلب، ولا يترك مجالاً للنضال عن الحق والكفاح في سبيله. وأولئك هم الذين يعرفون الحق ويشغلهم عنه ما آثروه من أنفسهم ومصالحهم، فهم يتظاهرون بأنّ تَرْكَهم مناصرة الحق إنما هو لتركهم التعصب، وكراهيتهم التزمُّت والتشدد، والله يعلم أن ذلك منهم نكول ونكوص، وإيثار لعاجل الدنيا على آجل الآخرة.
وأشد ما تصاب به الأمة في علمائها وأهل الرأي فيها هو التحايل بالخروج من تبعات الكتمان بالتأويل والتضليل» [1].
ما أشنع التنصل عن مدافعة هذا الواقع الموجع، والتولي عن ميادين الاحتساب والصدع بالحق ومراغمة الأعداء، وتحقيق البلاغ المبين!
وأشنع من ذلك كله أن لا يُعترف بهذا الخَوَر والجبن، ولا يُشهد بذاك العجز والوهن، بل تجاوزه إلى أن «يكيّف» دين الله وفق معايير الانهزامية والخنوع، و «يخضِّع» هذا الإسلام لأجل أن يكون موائماً لتلك المهانة الجاثمة على فئام من متسننة هذا العصر!
والنكوص على الأعقاب، والهروب من تبعات الدعوة والإصلاح والتغيير؛ لا ينفك عن الأنفس المستكينة التي تُؤْثِر الراحة والتشهِّي، وتتفلت من قيود الصراع. قال أبو الوفاء ابن عقيل: «لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عَدَلُوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم؛ إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم» [2].
والتقريب بين المذاهب الإسلامية - أو بالأحرى التقريب بين أهل السنة والرافضة - هو أنموذج صارخ للغيبوبة عن تشخيص الواقع ومعالجته، والانهماك في حديث معسول، وكلام مستهلك مكرور، لا ينصر ديناً، ولا يُصلِح دنيا.
لقد ارتفعت لافتات التسامح المذهبي، ومحاربة الطائفية والمذهبية، والهَرَع لعقد المؤتمرات والندوات في سبيل تقريب موهوم، يحاكي منتظَر الرافضة وغوث الصوفية! وصرّح بعضهم بأنه: «سُنِّيٌّ في التزامه، شيعي في حبّه، صوفي في روحه ونقائه»!
ودعوة التقريب من مخلَّفات العقود السابقة، ومن الآثار «المطمورة» في متحف التاريخ المعاصر؛ إذ نُقِضت هذه الدعوة شرعاً، وتعثّرت واقعاً وقدراً، فما ذاك التقريب إلا خداع وتضليل، وسراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً. فدار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة - مثلاً - أضحت مقفرة بلاقع - منذ أكثر من ثلاثين سنة - قد سفَّتها الرياح، وسكنتها الأشباح [3].
(يُتْبَعُ)
(/)
ولئن اعتذر بعضهم لدعاة التقريب في السابق، لغلبة الجهل بعقائد الرافضة وأصولهم، واستشرافهم إلى الإسلام ووحدة المسلمين، في مقابل المدّ الشيوعي والتغريبي، وضعف الالتزام بالمنهج السلفي آنذاك؛ فماذا يقال عن دعاة التقريب في اللاحق، وقد أشرق سبيل أهل السنة على أنحاء المعمورة وانكشف عوار وزندقة هذا المذهب للعامة والدهماء - فضلاً عن غيرهم - واستبان الحقد الدفين والعداء المستطير على أهل السنة عبر مسلسل دامٍ من المجازر والاغتيالات؟! إضافة إلى الفشل المتتابع لمحاولات التقريب البائسة.
فأيّ تقريب مع الذين ينقُضون الأصول، فيطعنون في صحة القرآن الكريم، ويتعبّدون بالشرك الصُّراح وتأليه الأئمة، ويتديّنون بتضليل خيار الأمة من الصحابة - رضوان الله عليهم - ونهش أعراضهم، ويعتقدون أنواعاً من الضلالات والحماقات كالبداء والرجعة والإمامة والطينة؟
وأي تقريب مع قوم مَرَدوا على النفاق «والتقية»، فلا يحسنون إلا مظاهرة الكافرين والمستعمرين، ويجعلون سحق أهل السنة وتصفيتهم قُربة وديناً؟
هذا المسخ في عقائد القوم، والانتكاس عن سبيل العقل السليم والفطرة السوية، والتلوّن والتذبذب في التعامل والمواقف؛ إن ذلك أوجبَ الزهدَ في مناقشتهم واليأس من محاورتهم - كما يراه بعض أهل السنة - كما أفصح بذلك القاضي أبو يعلى قائلاً: «هذه الطائفة تقول: (إن أحداً لا يعرف حقيقة دينه ومعالمه إلا بأن يأخذه من إمامه)؛ ولو كان كذلك لم يحجب عنهم؛ لأن في ذلك تكليفَ ما لا يطاق؛ لأنه كلّفهم الاقتداء والاتِّباع بمَنْ قد أحال بينهم وبينه من غير دليل؛ ولأنه إذا جاز أن يُدَّعى للحسن بن عليّ [4] ولدٌ غائب من بعد أن مات ولم يظهر؛ جاز أن يدّعى للنبي – صلى الله عليه وسلم - ولد غائب، وأن الإمامة فيه، ويمكن أن يُدّعى ذلك في كل زمان لكل من مات ولا عقِب له! وما هم في دعواهم إمامةَ الغائب المعدوم إلا كقول بعض الصبيان حيث يقول:
زعم الزاعم في بلدتنا
جمل في كُوّة البيت دخل
قلت: لا أعلم ما بلدتكم
هذه الكوّة؛ فادخل يا جمل
ولو ذهب ذاهب إلى ترك مناظرة الرافضة ومكالمتهم، لكان قد ذهب مذهباً ليس ببعيد، وذلك أن المتناظرَيْن إنّما يتناظران ويردّان إلى أصل قد اتُّفِق عليه. والأصول التي ترجع إليها الأمة فيما اختلفت فيه إنما هو: الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وحجج العقول. وهذه الأصول الأربعة لا يمكن الرجوع إليها على قول الرافضة؛ وذلك أن مذهبهم أنّ الكتاب مغيَّر مبدَّل، وأنه قد ذهب أكثره .. وكذلك لا يجب أن يُرجَع فيما اختلفنا فيه إلى السنّة؛ لأن النَّقَلَة فَسَقَة، الكذب غير مأمون عليهم .. وكذلك الردّ إلى الإجماع ليس فيه حجة؛ لأن الأمة يجوز أن تجتمع على خطأ وضلال، وأنها معصومة بقول الإمام؛ فإذن ليس الحجةَ إلا قول الإمام فقط. وكذلك حجج العقول؛ لأن الخلق كلهم قد عمّهم النقص إلا المعصوم؛ فإذن لا يأمن أن يُرَدَّ إلى أمر من الأمور ولشبه يدخل علينا؛ لأن النقص والجهل قد عمّنا فيردُّنا الإمام عن ذلك، فيجب أن نشك في كل ما نعتقده» [5].
وكما قال القاضي ابن العربي: «إن الرافضة انقسمت إلى عشرين فرقة، أعظمهم بأساً من يقول: (إنّ علياً هو الله)، والغرابية يقولون: (إنه رسول الله، لكن جبريل عدل بالرسالة عنه إلى محمد حميةً منه معه) .. في كفر بارد لا تسخنه إلا حرارة السيف، فأما دفء المناظرة فلا يؤثر فيه» [6].
وعندما نسوق كلام القاضيين أبي يعلى وابن العربي، وما فيهما من شِدَّة وحِدَّة؛ فذلك إزاء ملاينة فجة للروافض، وسذاجة مُفْرطة أمام المكر الباطني، وتغافل عن الفروق الهائلة في مصادر التلقي وأصول العقائد والأحكام بين الطائفتين.
قال ابن تيمية: «ولا ريب أنه إذا كثُر المحظور احتاج الناس فيه إلى زجرٍ أكثر مما إذا كان قليلاً» [7].
إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتشخيص واقع الرافضة ديناً ودنيا هو السبيل إلى تحديد الموقف العدل تجاههم والتعامل معهم، وفق قواعد الشرع وضوابط المصالح والمفاسد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن الثبات على المنهج السلفي النبوي، والاعتزاز به، وكذا تبليغ مذهب أهل السنة والجماعة، وإبراز مزاياه وخصائصه، إن ذلك هو السبيل العملي في مواجهة هذا السراب الخادع، كما أن كشف عوار مصادر الرافضة وبيان تناقضها، وما تحويه من الإفك المبين والكذب الصريح .. لهو طريق نافذ في الإجهاز على هذا الدين المتهافت المهترئ. ولقد ضربت أقوال شيوخهم رقماً قياسياً في التناقض والاضطراب، حتى اعترف بذلك شيخهم الكاشاني، فقال عن اختلاف طائفته: «تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولاً أو ثلاثين أو أزيد» [8].
وفي المقابل؛ فإن من الوسائل العملية النافعة: التنقيب عن الروايات الصحيحة في خضم هذا الركام الكثيف من الروايات المكذوبة، واستخراجها من كتب الروافض وإظهارها لعلهم يرجعون.
يقول د. ناصر القفاري: «وهذا مسلك ينبغي أن يُدرَس بعناية واهتمام؛ فإن القارئ لكتب الشيعة يتلمّس خيوطاً بيضاء وسط ركام هائل من الضلال، ومن الممكن أن ينسج من هذه الخيوطِ العقيدةَ الحقة للأئمة، ويكون في ذلك تقريب وإنقاذ لمخلِصي الشيعة من الضياع والتيه الذي يعيشونه» [9].
إن التنقيب عن هذه الآثار الصحيحة في كتب القوم أَوْلى وأنفع من التنقيب عن «أحفورة» [10] التقريب المطمورة، التي لم تخلِّف إلا تخديراً لأهل السنة ونفاقاً لمذهب الرافضة.
ومع أن الرافضة «ليس في جميع الطوائف المنتسبين إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شرّ منهم، لا أجهل ولا أكذب ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان، وأبعد عن حقائق الإيمان منهم» [11]؛ إلا أن أهل السنة يعلمون الحق، ويرحمون الخلق، فلقد عاملوا الرافضة بكل عدل وإنصاف، «بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض، وهذا مما يعترفون به، ويقولون: أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضاً» [12].
«وشيوخهم يقرون بألسنتهم يقولون: يا أهل السنة أنتم فيكم فُتوّة، لو قدرنا علكيم لما عاملناكم بما تعاملونا به عند القدرة علينا» [13].
ومن الجوانب المهمة في هذا المقام أن يُعَرَّف بجهود المؤسسات الدعوية والعلماء تجاه الرافضة، وسبل دعوتهم وهدايتهم، فلقد حققت هذه المناشط نفعاً كبيراً وخيراً عميماً، وأن يُعنى بتوسيع هذه البرامج وترجمتها وتقويمها، بحيث تستوي مناطق النفوذ الرافضي وغيرها.
وكما في وصية المصطفى – صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه - لما بعثه إلى خيبر: « ... وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله - تعالى - فيه؛ فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النَّعم» [14].
----------
[1] ظلام من الغرب، لمحمد الغزالي، ص 100.
[2] تلبيس إبليس، لابن الجوزي، ص 455.
[3] انظر تفصيل ذلك في كتاب: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، للقفاري، 2/ 173 - 185.
[4] الحسن بن علي العسكري (العقيم) الإمام الحادي عشر عند الرافضة.
[5] المعتمد في أصول الدين، 259، 260 = خص.
[6] العواصم من القواصم، ص 247.
[7] جامع المسائل، 1/ 337.
[8] عن كتاب مسألة التقريب للقفاري 2/ 286.
[9] 2/ 296.
[10] مسألة التقريب، 2/ 296.
[11] منهاج السنة النبوية، 5/ 160.
[12] منهاج السنة النبوية، 5/ 157.
[13] منهاج السنة النبوية، 4/ 121.
[14] أخرجه البخاري ومسلم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=143789
ـ[خالد بن مهاجر]ــــــــ[26 - Jul-2008, صباحاً 10:44]ـ
مقال قيم جزاك الله خيراً
ـ[العفالقي]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 12:57]ـ
شكر الله لك ونفع بك وبالشيخ عبد العزيز.(/)
حمل: شرح منار السبيل للشيخ خليل بن سليمان المديفر - البث المباشر
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 02:15]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
هذه روابط تحميل شرح المنار، استللتها من البث المباشر .. والروابط مرتبة بحيث الأقدم هو الأول ثم الثاني تاريخه أحدث .. وهكذا .. والدرس الأول يبدأ من شرح منار السبيل - مقدمة - كتاب الطهارة - بتاريخ 6 - 10 - 1427 هـ والأخير شرح منار السبيل (130) - كتاب الحج - باب الفدية - ويجب على محصر دم بتاريخ 26 - 5 - 1429 هـ.
.
http://38.100.87.57/2006/10/kalil2802.rm
http://38.100.87.57/2006/10/kalil2802a.rm
http://38.100.87.57/2006/10/kalil3002.rm
http://38.100.87.57/2006/10/kalil3102.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil0402.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil0602.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil0702.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil1102.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil1302.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil1402.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil1802.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil2002.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil2102.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil2502.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil2502a.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil2702.rm
http://38.100.87.57/2006/11/kalil2802.rm
http://38.100.87.57/2006/12/kalil0202.rm
http://38.100.87.57/2006/12/kalil0402.rm
http://38.100.87.57/2006/12/kalil0502.rm
http://38.100.87.57/2006/12/kalil0902.rm
http://38.100.87.57/2006/12/kalil1102.rm
http://38.100.87.57/2006/12/kalil1202.rm
http://38.100.87.57/2007/02/kalil1702.rm
http://38.100.87.57/2007/02/kalil1902.rm
http://38.100.87.57/2007/02/kalil2002.rm
http://38.100.87.57/2007/02/kalil2402.rm
http://38.100.87.57/2007/02/kalil2602.rm
http://38.100.87.57/2007/02/kalil2702.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil0302.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil0502.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil0602.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil1002.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil1202.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil1702.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil2602.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil2702.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil3102.rm
http://38.100.87.57/2007/03/kalil3101.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil0901.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil0902.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil1001.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil1401.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil1601.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil1701.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil2301.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil2401.rm
http://38.100.87.57/2007/04/kalil2801.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil0101.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil0501.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil0801.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil1201.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil1401.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil1501.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil2101.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil2201.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil2201a.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil2601.rm
http://38.100.87.57/2007/05/kalil2801.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil2002.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil2002a.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil2202.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil2302.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil2702.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil2902.rm
http://38.100.87.57/2007/10/kalil3002.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil0302.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil0502.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil0602.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil1002.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil1202.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil1302.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil1902.rm
(يُتْبَعُ)
(/)
http://38.100.87.57/2007/11/kalil2002.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil2402.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil2602.rm
http://38.100.87.57/2007/11/kalil2702.rm
http://38.100.87.57/2007/12/kalil0301.rm
http://38.100.87.57/2007/12/kalil0401.rm
http://38.100.87.57/2007/12/kalil2902.rm
http://38.100.87.57/2007/12/kalil3102.rm
http://38.100.87.57/2008/01/kalil0102.rm
http://38.100.87.57/2008/01/kalil0502.rm
http://38.100.87.57/2008/01/kalil0702.rm
http://38.100.87.57/2008/01/kalil0802.rm
http://38.100.87.57/2008/02/kalil1602.rm
http://38.100.87.57/2008/02/kalil1802.rm
http://38.100.87.57/2008/02/kalil1902.rm
http://38.100.87.57/2008/02/kalil2302.rm
http://38.100.87.57/2008/02/kalil2502.rm
http://38.100.87.57/2008/02/kalil2602.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil0102.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil0302.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil0402.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil1002.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil1102.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil1702.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil1802.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil2402.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil2502.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil2902.rm
http://38.100.87.57/2008/03/kalil3102.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil0102.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil0502.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil0702.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil0802.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil1902.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2102.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2102a.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2202.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2602.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2802.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2902.rm
http://38.100.87.57/2008/04/kalil2902a.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil0302.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil0502.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil0602.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil1002.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil1202.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil1302.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil1702.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil1902.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil2002.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil2602.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil2702.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil2702a.rm
http://38.100.87.57/2008/05/kalil3102.rm
ولا تنسني أخي الكريم من صالح دعائك
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 01:53]ـ
جهد ُتشكر عليه ...
جزاك الله خير الجزاء ....
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[29 - Jul-2008, صباحاً 01:18]ـ
جهد ُتشكر عليه ...
جزاك الله خير الجزاء ....
وجزاكم خيرا منه ..
الأخ أحمد موسى قدم الدروس في رابط واحد:
لقد اعدت ترقيم الاشرطه الـ 120 تنازليا وجمعتها في هذا الرابط (280 ميج)
http://www.adrive.com/public/f651ea426f173e73db93c8819ba6c1 0248ff6e80d92fd2a9d17a3422c5e1 412a.html
جزاه الله خيرا وبارك له في مجهوداته
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[29 - Jul-2008, صباحاً 02:38]ـ
أخي الفاضل عبدالملك إذا ضغط على الرابط يظهر لي موقع تحميل , ولم أعرف كيف أتعامل معه!!
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[29 - Jul-2008, صباحاً 02:56]ـ
http://img177.imageshack.us/img177/4610/47156239vh8.gif
ـ[طالبة العلم]ــــــــ[29 - Jul-2008, مساء 02:14]ـ
شكر الله لك أخي الكريم ** عبد الملك **
وجعل ما أسمع في ميزان حسناتك أنت وصاحبك ..... آمين ..
ـ[أبو محمد العائذي]ــــــــ[03 - Aug-2008, مساء 03:51]ـ
ماشاء الله ,, شرح شيخنا خليل جميل وممتاز , حيث إنه يأتي بالمسألة ودليلها. ويذكر إن كان على المسألة إشكالات ويجاوب عليها. وهو في نفس الوقت مربي للطلبة.وحريص عليهم.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[15 - Oct-2008, مساء 01:50]ـ
شرح منار السبيل (132) كتاب الحج - باب أركان الحج وواجباته
11 - 10 - 1429 هـ
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=55934
شرح منار السبيل (133) كتاب الحج - باب أركان الحج وواجباته - الثالث طواف الافاضة
13 - 10 - 1429 هـ
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=55966
ـ[تميمي ابوعبدالله]ــــــــ[15 - Oct-2008, مساء 02:30]ـ
آآآه ياليت كتابة لانني لااسمع زين(/)
فضائح الفتن (2): وحقوق الدماء أين؟
ـ[طالب الإيمان]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 02:18]ـ
يقول الراشد (بتصرف):
ومن غرائب التربية: أن الجديد والشاب الناشئ تستطيع أن تعظهما وتدعوهما إلى ترك الرياء والتكبر والمراء , يُعدّان ذلك منك إرشاداً وتربية وتوجيهاً , أمّا القديم المخضرم فإنك إن وعظته بمثل ذلك اعتبرها تهمة له , ورفض نصحك وزمجر , كأن لم تكن توبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم سبعين مرة آخر حياته.
ويقول:
لم تكن في أيام الدعوة الأولى ماجستيرات ودكتورهات لكن النفوس أصفى , أخي االذي يختلط دمه بدمي في الساحة: أصبحتُ أطعن فيه , كلنا علماء تنقصنا زيادة حب.
ليس يخيفنا أننا قلة , أو أننا بدون عدة , إنما الذي يخيف أن ننسى أنفسنا فلا نكون على صلح مع الله.
لو آمنا حق الإيمان لنتصرنا بإشارة أصبع , لا نطمع أن نعيش طول عمرنا مخلصين حق الإخلاص , إنما يكفينا أن نتوغل في الإخلاص الحق لحظةً بمقدار ركعة.
إن مراقبة تواريخ الفتن توضح أن كل من فجر في الخصومة كان من الذين لم يحصلوا على التربية الكافية في أول عمره , وشرف النسب وبيوت المروءة والكرم تميل بالمخالف إلى العفة والسمو في أدب الخلاف.
إن الحساسية تبلغ مداها لدى الداعية السوي , ونفسه تعاف كل جو خانق غير نقي , إن روحه لا تطيق الأجواء المغبرة وانعدام الأوكسجين , ومؤلمةٌ هيَ لفحات التراب!!
الجنة هدف , طريقها الإيمان , والوسيلة الحب , والحارس النظام.
في بادئ الأمر قد نميل إلى الحلم مع المسيء , ولكن عند اللجاجة تكون العقوبة هيَ الحكمة.
أمور الخلاف المرير قد ترفع الرقة بين المختلفين ويكون البأس بينهم عنيفاً , إذ الأسباب تافهة.
إن المخالف إذا ارتكب إثماً بحق الأمة ولم يعاقب: تلفت وانتظر , لعل عقوبته تأخرت , فإذا ذهب زمن كاف ولم يعاقب: ظن أن الأمة تجله أو تخافه , فيرتكب إثماً ثانياً أكبر من الأول , حتى يكون الشقاق له عادة.
مثلما تجب مكافأة المحسن: تجب معاقبة المسيء , وإلا تجرأ آخرون على الإساءة , لما يرون من عدم محاسبة المسيء الأول.
إن دماء الشهداء إذ تسيل: تكتب واجباً على الأحياء أن يسيروا بلا خلاف في إتمام الشوط الذي بدأوه.
ذلك أول الحقوق الشخصية التي تثبت للشهداء , فمن ذا يطالب بحق الدم الضريج؟
واأسفا على يوسف , باعه إخوانه بثمن بخس , وطغى عصر الضجيج.
ولا تنسوني من الدعاء
حياكم الله(/)
نبذة مختصرة عن الشيخ محمد الإمام - حفظه الله - وعن دار الحديث للعلوم الشرعية بمعبر
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 05:30]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة مختصرة عن الشيخ محمد الإمام
البطاقة الشخصية:
اسمه:
هو أبو نصر محمد بن عبد الله بن حسين بن طاهر بن علي بن غازي الريمي الملقب بالإمام.
مولده:
ولد عام 1380هـ الموافق 1960م تقريباً في قريته المعروفة بقرية (السهل) عزلة الضبارة ناحية كسمة - ريمة. ذريته:
تزوج فضيلة الشيخ ولا زال يدرس في (دماج) صعدة، وقد وفقه الله بزوجة متعلمة مستفيدة من أسرة موسومة بالخير والصلاح. وقد رزقه الله منها تسعة أولاد: أربعة ذكور وخمس إناث. فأما الذكور فهم: 1. عبدالرحمن وهو الأكبر. 2. عبدالله وهو بعده. 3. نصر وهو الذي يكنى به شيخنا. 4. يوسف وهو أصغرهم.
نشأته وطلبه للعلم:
كان فضيلة الشيخ في قريته ولم تكن القرى في تلك الإيام مثل ما هي عليه الآن من مدارس وتعليم قرآن وما شابه ذلك، خاصة بلاد شيخنا فإنها بلاد جبلية وعرة فنادراً ما يأتي إليها المعلم في ذلك الوقت أما في أيامنا هذه فقد تيسرت الأمور وأنتشر التعليم في معظم القرى ولله الحمد. فبدأ شيخنا بتعلم قراءة القرآن في قريته، ثم توجه حفظه الله تعالى الى مدينة تعز وبدأ بطلب العلم في أحد المعاهد في مدينة تعز لمدة يسيرة في بداية شبابه فرأى أنها لا تشبع حاجته ولا تشفي غليله، فتوجه الى صعدة وذلك بتوفيق الله تعالى، فبقي يطلب العلم على يد الشيخ / مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله تعالى - فأتم حفظ القرآن في مدة شهرين تقريباً وأستمر في تلقي الدروس والعلم وخرج بحصيلة علمية رغم ما كان متحمل على عاتقه من مسئولية الإمامة وخدمة إخوانه في المركز حيث كان الشيخ حفظه الله قوي الذاكرة متوقد الذهن سريع الحفظ حريصاً على وقته فحفظ خلال سنتين الى جانب القرآن الكريم (بلوغ المرام) و (عمدة الأحكام) و (الصحيح المسند في أسباب النزول) لفضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، وحفظ أيضاً (ألفية بن مالك) و (ألفية العراقي) وبعضاً من (صحيحي البخاري ومسلم) كما درس كتباً عدة في الفقه والحديث والعقيدة واللغة، فبعد أن رزق الله شيخنا العلم النافع توجه وأنتقل الى مدينة معبر التي يقيم فيها حالياً للتعليم والدعوة الى الله في مسجد النور فبدأ ولم يكن معه آنذاك سوى سبعة من طلاب العلم فبدأ يعلمهم ما يراه مفيداً لهم إلى جانب تحفيظهم القرآن الكريم. وأستمر على العلم والتعليم والدعوة الى الله، فأنتشرت دعوته في ربوع اليمن وأشتهر في وقت قصير فتوافد إليه طلبة العلم من مشارق اليمن ومغاربها، من كل حدب وصوب. وقد أصبح منهم الأئمة والخطباء وحفظة القرآن والمؤلفون والباحثون والقائمون على التدريس والتعليم في مختلف المناطق.
شيوخه:
لقد تتلمذ الشيخ حفظه الله تعالى على يد فضيلة الشيخ / أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.
تلاميذه:
طلاب شيخنا حفظه الله تعالى يعدون بالآلاف فهذا يجلس سنة ثم يذهب وهذا أكثر وهذا أقل كل بقدر تفرغه ونشاطه، ولما كان حصر هؤلاء صعباً لأنهم كما ذكرنا يعدون بدون مبالغة بالآلاف.
...
نبذة مختصرة عن الدار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
و بعد: فهذه نبذة مختصرة عن دار الحديث للعلوم الشرعية بمعبر - اليمن.
- دار الحديث للعلوم الشرعية:
تاسست عام 1406هـ في مدينة معبر التي تقع على بعد 70 كم جنوب العاصمة صنعاء وكانت مساحة المسجد آنذاك 500 متر مسطّح، ثم بدأ الخير يزداد فأضطر القائمون على الدار إلى توسعة المسجد ففي عام 1415هـ توسع المسجد ضعف ما كان عليه، ثم ازداد الخير أكثر وازداد الطلاب، فاضطر القائمون على الدار إلى توسعة المسجد في عام 1420هـ وكانت التوسعة ضعفي المساحة الأولى للمسجد فصار إجمالي مساحة المسجد الحالية 100متر طولاً، 40متراً عرضاً، خلاف المرافق التابعة له من صروح ونحو ذلك ويتسع المسجد لأكثر من عشرة آلاف مصلٍِ مع صروحه.
- نبذة عن الطلاب المتواجدين حالياً في الدار والدروس التي يأخذونها:
(يُتْبَعُ)
(/)
يصل عددهم الى (1500) طالب، منهم ثلاثمائة وخمسين أصحاب عوائل، وقد يصل العدد إلى ألفي طالب في أيام الإجازات الدراسية، مع العلم أننا صرنا لا نقبل إلا من قد حفظ نصف القرآن فأكثر، ويجيد القراءة والكتابة، لعدم قدرتنا على قبول من يأتوننا لكثرتهم ولعدم توفر الإمكانيات التي تمكننا من القيام بما يحتاجونه، كما أننا نشترط أيضاً أن لا يقل عمر من يريد الإلتحاق بالدار عن سن الثامنة عشر.
- نبذة عن الدروس التي تقام في الدار:
أولاً: حفظ القرآن الكريم، مع أحكام التجويد والتطبيق.
ثانياً: تعلم التوحيد والعقيدة ومما يدرس في هذا الباب:
- الأصول الثلاثة.
- لمعة الإعتقاد.
- (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد)
- العقيدة الواسطية.
- العقيدة الطحاوية.
وما إلى ذلك ..
ثالثاً: اللغة العربية:
بداية من (التحفة، الكواكب الدرية، قطر الندى، قواعد الإعراب، شذور الذهب، المغنى لإبن هشام) ووصولاً إلى (شرح ابن عقيل) وما بعده ..
رابعاً: الفقه:
وتدرس في هذا الباب كتب مثل: (الدراري، الأدلة الرضية، سبل السلام) بالإضافة الى (صحيحي البخاري ومسلم) وغيرها.
خامساً: أصول الفقه:
وتدرس في هذا الباب كتب الأصول مثل: (الأصول من علم الأصول، شرح الورقات، المذكرة في أصول الفقه للشنقيطي) وغير ذلك.
سادساً: مصطلح الحديث:
وتدرس في هذا الباب كتب مثل:
(تيسير مصطلح الحديث، الباعث الحثيث، نزهة النظر،وتدريب الراوي، علل الترمذي، الموقظة للذهبي) وغير ذلك.
وقد ذكرنا هذه الفنون لا على سبيل الحصر، وإنما على سبيل المثال وإلا فقد بلغت الدروس لدينا في الدار أكثر من ستين درساً يوماً.
- نبذة عن جدول الدروس اليومية:
من بعد صلاة الفجر إلى الساعة السابعة صباحاً: حفظ قرآن. وقد يتخلل ذلك بعض الدروس ثم تناول طعام الإفطار. ثم تسميع ما حُفِظ من القرآن إلى الساعة الثامنة صباحاً. ثم تبدأ الدروس وتستمر إلى أذان الظهر، وكل درس لا تقل مدته عن ساعة وكلُ حسب مستواه وفي فنه. ثم صلاة الظهر وبعدها درس عام للشيخ في تفسير السعدي. ثم تناول طعام الغداء ثم القيلولة. ثم صلاة العصر، وبعدها درس في (صحيح البخاري) للشيخ. يلي ذلك دروس متنوعة، على نظام الفترة الصباحية الى المغرب. ثم درس في (صحيح مسلم) للشيخ، مابين مغرب وعشاء. ثم بعد العشاء يلتقي الشيخ بالمرضى لمناقشة الحالات المستعصية من الأمراض، علماً أنه قد وضع أكثر من عشرة إخوة ممن اختارهم يقرؤون على المرضى طوال النهار، حيث قد صار لا يستطيع أن يزاول القراءة بنفسه على المرضى لكثرة أعماله، ولكثرة المرضى، حيث يصلون في بعض الأيام إلى خمسين حالة، ولكنه لا يترك التوجيهات للمرضى والنظر في الحالات المستعصية، وتشخيص بعض الحالات، فيضطر للبقاء في مكتبته إلى الساعة العاشرة مساءً.
علماً أننا لا نأخذ من المرضى شيئاً وإنما نرجوا الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى، وأنه من ظهر لنا من القراء أنه يأخذ من أي مريض قليلاً أو كثيراً فإنه يعاقب إما بفصله من القراءة، وإما بطرده من الدار بالكلية.
أما الطلاب فيلزمون بالنوم من الساعة التاسعة مساءً ليتمكنوا من الإستيقاظ في الأذان الأول (قبل الفجر بساعة).
- مستوى إستفادة الطلاب في الدار:
يوجد في الدار أكثر من مائتي طالب يحفظون القرآن الكريم، وكثير من الطلاب أصبحوا دعاة وخطباء ومؤلفين ومحققين، ومن الطلاب من يفيد إخوانه بالدروس النافعة، وكثير من الطلاب يخرجون أيام الخميس والجمعة من كل أسبوع للدعوة إلى الله في القرى والمدن، وصارت بأيديهم كثير من المساجد. وقد تخرج من الدار طلاب مستفيدون كثير، واصبحوا يقيمون فروعاً للدار في مناطق شتى من اليمن، ويقومون بما تحتاجه من علم وتعليم ودعوة إلى الله، ويتواجد فيها كثير من طلاب العلم.
- نبذة عن تعليم النساء في الدار:
يوجد في الدار أكثر من أربعمائة إمرأة، يتعلمن علوم الكتاب والسنة، وهي لا تبعد عن ما ذُكر حول تعليم الطلاب، وقد أصبح منهم أكثر من مائة إمرأة حافظة لكتاب الله، وصار منهن الداعيات إلى الله، حيث يوجد لهن قسم خاص بهن، لتلقي الدروس وتعليم إلقاء المحاضرات على أيدي أخوات مستفيدات .. - الدار وما يوجد لديه من ممتلكات حالياً:
يوجد لدى الدار نحو أربعين بيتاً، يسكنها بعض طلاب العلم من أصحاب العوائل، ويوجد داخل الدار أكثر من خمسة وثلاثين غرفة يسكن فيها الطلاب غير المتزوجين، إضافة إلى سكناهم في الطابق الأرضي من المسجد، ويوجد لدى الدار ثلاث سيارات، معدة للخروج في الدعوة إلى الله.
- صرفيات الدار:
- يتحمل الدار إيجار بيوت أصحاب العوائل الذين يسكنون في غير البيوت التابعة للدار. - مساعدات نقدية لأصحاب العوائل ليأخذوا بذلك ما يحتاجون من القوت الضروري. - شراء القوت الضروري للطلاب المقيمين في الدار من غير أصحاب العوائل. وليس للدار من يتساعد معها مساعدة رسمية أبداً .. لا من الدولة، ولا جمعيات، ولا مؤسسات، وإنما يتساعد معنا من وفقه الله من أهل الخير، كلُ على حسب طاقته وإستطاعته ولذلك قد يمر الشهر والشهران وليس عندنا شئ، بل لا نسلم من الدين في معظم الأوقات.
المصدر
http://www.sh-emam.com/
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالرحمن عبد القادر]ــــــــ[27 - Jul-2008, صباحاً 12:19]ـ
جزاك الله خيرااا
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[28 - Jul-2008, مساء 06:36]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
أخطاء بعض المنتسبين إلى الإسلام ج 1
ـ[حساس محمد نصرالدين]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 05:31]ـ
وقد كان الباعث على كتابة هذه الرسالة المتواضعة تصحيح أخطاء بعض المنتسبين الى السنة،لاعتقادنا أن تصحيح أخطائهم والتنبيه عليها أوجب من تصحيح أخطاء غيرهم والتنبيه عليها،لأن الاغترار بهم أكثر والثقة فيهم أشد لانتسابهم الى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطاءهذا الصنف من الناس أمكن في النفوس من أخطاء غيرهم، لأنه لا نسبة لما أخطؤوا فيه بما أصابوا فيه،فلاتظهرأخطاؤهم اليسيرة في بحار محاسنهم، وهذا نفسه يجعل الناس تتق فيهم أكثر،وتعتقد الحق في كل أقوالهم فلا ترى ذلك النزر اليسير الى جانب تلك البحار من المحاسن.
ومن هنا اشتد نكبر الشريعة على اتباع زلة العالم وزيغة الحكيم لأن المفاسد المترتبة على زلة العالم السني أكثر من المفاسد المترتبة على زلة المنتسبين الى العلم من المبتدعة المارقين.
وأيضا فان أخطاء غير المنتسبين الى السنة سهلة المسالك واضحة المدارك، يعلمها الناس على جهة الاجمال ثم يتفاضلون في العلم بتفاصيلها،فالعامي مثلا من أهل السنة يدرك تماما أن الرافضة ضلال وأنه يجب الاحتراز مما يقول أئمتهم، وهذا الادراك منه على وجه الاجمال،وقد يعلم فساد بعض التفاصيل و قد لايعلمها، فيعلم مثلا أن قولهم بجواز اتيان النساء في الحشوش منكر من القول،وأن زواج المتعة أخو الزنا، وأن قولهم في القرآن والصحابة والعصمة والرجعة من أعظم الكذب على الله،وقد لايعلم بعض التفاصيل، لذلك قد يرد بعض عوام أهل السنة بعض الحق الذي عند اهل الأهواء،لا من جهة رد الحق ولكن من جهة الاحتراز والتحفظ منهم،لأن مذهبهم مؤسس على ضلالة، مبني على شفا جرف هار.
وأيضا لنؤكد أن المنهج السلفي الشريف لايحابي أحدا في دين الله تعالى فيقبل الحق مهما كان قائله ويرد الباطل مهما كان قائله، لأن من مسلماتهأن كل أحد يؤخد من قوله ويترك الا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا المنهج يصوب ويخطيء ولكن لا يعصم ولا يؤثم،وهذانفسه يعد من محاسن هذا المنهج وأنه أولى بتمثيل الاسلام الذي كان عليه البدريون، فلا تعصب فيه لا للجماعة و لاللفكرة ولا للمقالة ولا للنحلة، وأن أهله لا يجتمعون على ضلالة،فان أخطأ بعضهم لم يكن ذلك القول منسوبا الى جملتهم بل من رحمة الله بهم وفضله عليهم أن ينبه بعضهم على أخطأ بعض.وهذا اعلان صريح بأن متبوعهم هو صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم دون غيره،فلا يتعصبون الا لما جاء به من عند الله،ويردون الخطأ ولو القائل به من المعظمين عندهم، وبهذا امتازوا عن سائر الفرق،ولولا هذه الفضيلة لما كان بينهم وبين غيرهم كبير فرق،بل انهم ما صح انتسابهم الى السنة الا بايثار اتباعها على اتباع الأغيار.
ولست بحاجة الى التذكير بأن السلفية التي نقصدها بالتصحيح ليست تلك التي كان عليها خيار عباد الله من سلف هذه الأمة وساداتها وأفاضلها من الصحابة والتابعين عليهم رضوان الله تعالى،فان تلك لاتقبل النقد والتصحيح ولا التقويم ولا التمحيص لأنها هي الميزان كل ذلك،وبقدر الانتساب اليها ينال السناء والتمكين والرفعة والاستقامة، لأنها الحق الصراح الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما عليه أصحابه رضوان الله عليهم، وضمن لهم عز الدارين ما تمسكوا به ...
وليست كذلك تلك التي دعا اليها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتلامذته الأفاضل كابن قيم الجوزية وابن كثير والذهبي وغيرهم من العلماء الربانيين ...
وليست كذلك تلك السلفية التي جدد معالمها وأحيا ما اندرس منها شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله وأولاده وأحفاده والمتقدمون من أتباعه ...
ان سلفية هؤلاء واحدة لصدورها من مشكاة واحدة فهي متحدة مشربا ومذهبا وكل ما بدا منها مختلفا فاطراحه أولى و الاعتراض بهاعتراض بأوصاف عديمة التأثير.
وانما السلفية التي نقصدها بالتصحيح هي تلك التي عليها طائفة معينة من المعاصرين والتي تميزت عن السلفية الأولى بأصول اعتقادية وقواعد علمية ومناهج عملية ثم عملت جاهدة على جعل أخطائها تلك منهجا للسلفية الصحيحة تحاكم اليه الأفراد والجماعات ثم تحكم عليهم تبعا لذلك بما يستحقونه من المدح والذم.
انها سلفية تحمل في بعض أصولها الاعتقادية وقواعدها العلمية ومناهجها العملية ما يخالف تماما السلفية العتيقة بل ما يعاكسها في بعض المواطن،ومع كل ذلك لا يزال أهلها يصرون على أن محدثاتهم تلك هي السنة والسلفية وأن الخارج عنها خارج عما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم. [يتبع >(/)
متى نرجع إلى فهم السلف في فهم النصوص؟
ـ[أبو رزان]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 07:21]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله.
تناقشت مع بعض الإخوة حول مسألة جلوس المرأة على المنصة وهي في أبهى زينتها بين النساء.
يوم زفافها، فأنكر هذا الصنيع وقال يخالف عرف الصحابة، وأن الأصل أن المرأة تتزين لزوجها وليس للنساء الأجنبيات كذا قال. فقلت له طيب تنزلا معك هل كان السلف يقدمون رجلا من بينهم لكي يذكرهم بالله ويعظهم في أنفسهم؟ فقال الله أعلم، قلت له طيب، مادليلك على هذا الفعل أي وجود واعظ بين المدعووين ليذكرهم بالله، فقلت له هل فعل السلف هذا الأمر؟ قال لي ما نحتاج أن ننظر في فعل السلف لهذه المسألة، عندنا نصوص تحث على ذكر الله، منها قوله عليه السلام وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ..... ) الحديث فقلت له هل السلف عملوا بمقتضى هذا النص أم لا؟
فإذا به يقعد قاعدة من كيسه أن النص إذا كان واضح من النبي عليه السلام ولم يقع خلافا بين أهل العلم في فهمه فلا نرجع وقتئذ لننظر في فهم السلف لهذا النص. فما توجيهكم بارك الله فيكم في هذه النقطة؟ وللعلم فقد طرحت أصل هذه المسألة في الملتقى وللأسف الشديد لم أشف غليلي من إجابات بعض الفضلاء، وهي تحت هذا الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=143350(/)
شرح الشيخ صالح السحيمي لرسالة الحافظ ابن رجب (الفرق بين النصيحة والتعيير) مفرغا
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 08:18]ـ
*************
********
...
*
بسم الله الرحمان الرحيم
شَرْحُ
كِتَابِ
(الْفَرْقِ بَيْنَ النَّصِيحَةِ والتَّعْيِيْرِ)
لِلْحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ
- رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى –
شَرْحُ فَضِيْلَةِ الشيخِ صَالِحِ بنِ سَعْدٍ السُّحَيْمِيِّ الحَرْبِيِّ
- حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى –
بسم الله الرحمان الرحيم
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ وصلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله، وأصحابه أجمعين.
أيها الإخوة نبدأ - إن شاء الله - هذه الليلة بقراءة ودراسة كتاب الحافظ ابن رجب - الذي هو (الفرق بين النصيحة والتعيير)؛ والحافظ ابن رجب = هو ذلكم الحافظ المعروف صاحب المؤلفات العظيمة: في العقيدة، وفي التراجم، وفي التفسير، وفي غيرها.
ولد سنة ست وثلاثين وسبعمئة، وتوفي سنة خمس وتسعين، وسبعمئة؛ أي: عن عمر = تسع وخمسون سنة، وهو عمر متوسط بالنسبة لغيره من العلماء المعمرين، أو الذين ماتوا أصغر منه.
ومما أدى إلى اختيار هذا الكتاب هذه الأيام أمران:
الأمر الأول: أنه رغبة بعض الإخوة من طلاب العلم.
والأمر الثاني: أننا بحاجة إليه - بحاجة ماسة إليه في هذه الأيام؛ لأن الناس في باب النصيحة ما بين مُفرِط، ومُفرِّط، ما بين مقصر = لا ينصح ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر مع قدرته على ذلك، وما بين مُفرِط حوّل النصيحة إلى فضيحة.
وما بين داعٍ إلى الموازنات في الرد على المبتدعة. وكل هذه الطوائف منحرفة في باب النصح؛ سواء الذي اتخذ النصح تعييرا للمنصوح، وصار يقضي غرضه بالتشهير للمنصوح له عن طريق ذكر مساوئه، أو عكسه الذي لا ينصح ألبتة، وكذلك الذي يخلط بين طريقة النصح، وبين الدعوة إلى ما يدعو إليه بعض المنتمين إلى بعض الجماعات والأحزاب القائمة في هذه الأيام من تحوير النصيحة، أو من تحويرها إلى موازنات بين حسنات المبتدعة ومثالبهم.
بعبارة أخرى: يرى بعضهم: بأنه قبل أن تنصح المبتدع، أو قبل أن ترد على المبتدع الذي استنقدت النصائح بشأنه لا تذكر بدعه حتى تذكر حسانته؛ وهذا طريق مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة - جملة وتفصيلا -. وأيضا يخالفه من اتخذ النصيحة تعييرا - كما سنبينه من خلال دراستنا لهذا الكتاب -؛ وكذلك من قصر في باب النصيحة.
خمسُ طوائف أخطأت في حقيقة النصيحة:
الفرقة الأولى: المعرضون المفرطون الذين لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن منكر - ولو قدروا على ذلك - المتخاذلون.
الفرقة الثانية: الذي حولوا النصيحة إلى فضيحة، ولم يفرقوا بين النصيحة والفضيحة، وأخذوا يقضون أغراضهم عبر ما يدعون أنهم نصيحة؛ والمقصود هو التشهير، وهذا كثير مما يجري - الآن - بين الناس - وللأسف! - ولا سيما أولئك الذين يرون إلقاء المثالب عبر المنابر؛ وبخاصة التعرض لهفوات العلماء وأخطائهم، أو التعرض لمثالب الولاة، أو ما يتوهم وما يتصور أنه مثالب.
الفرقة الثالثة: طائفة جديدة جدت في هذا العصر تدعو إلى الموازنة في النصيحة في الرد على المبتدعة.
التوزان مطلوب وأما الموازنة في الرد على المبتدعة - يعني الأصل في المسلم السلامة - ولست ملزما أنني إذا أردت أن أرد على أخطاء مبتدع أنني أبدأ الرد ببيان حسانته.
الفرقة الرابعة: وهي التي جعلت من بعض الأخطاء، أو بعض الهفوات - عند بعض أهل العلم - سلما للنيل منهم، والتنقص من شأنهم، ونالوا منهم، وتنقصوهم، ولم يستفيدوا من علمهم بسبب موقفهم هذا؛ كما فعلت فرقة الحدادية تجاه الإمام ابن حجر، والإمام النووي، والإمام ابن رجب، وغيرهم من أئمة الهدى والدين؛ الذين - ربما - وجدت عندهم بعض الأخطاء التي بينها العلماء -لم يسكتوا عنها، لكن بيانهم لها ليس على سبيل التجريح، ولا على سبيل وصمهم بالابتداع، أو نحو ذلك، ولكن يذكر ويبين الخطأ مع الاحتفاظ بمنزلة العالم الجليل الذي عنده هذه الهفوات، وعدم تجريحه وعدم الإساءة إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الفرقة الخامسة: وهي طائفة تهول الأمور، وتجعل الأمور الصغيرةَ كبيرةً؛ فإذا وجد - ولو خطأ يسيرا - من إخوانهم طوروه، وجعلوا له أجنحة، وأذيالا، وزادوا ونقصوا ونسوا، وقولوه ما لم يقل، ثم أخذوا ينشرون ذلك عبر تلك الشبكة المسماة بالإنترنت - شبكة المعلومات العنكبوتية - التي لو استخدمت في الخير لكان فيها خير كثير، لكن أصبح جل استخدامها في الشر: إما في باب الإفراط، وإما في باب التفريط.
وأهل السنة والجماعة وسط في هذا كله؛ بين هذه الأمور كلها: بين المفْرِطين والمفرِّطين، والمضخمين، والمهرجين، والمستغلين.
لعلي أشير إلى مسألة مهمة - هنا - وهو أن بعض ضعاف الإيمان، أو مرضى القلوب! إذا بين بعض كبار أهل العلم مسألة من مسائل العلم؛ ونصحوا لأمتهم – وما زال علماؤنا – وفقهم الله – وما فتئوا ينصحون للأمة – قديما وحديثا – لكن بعض الذين يصطادون في الماء العكر يحورون النصيحة إلى أن المقصود فلان وفلان ممن هو معلوم أنه من أهل السنة والجماعة، أو أن المقصود أهل البلدة الفلانية، ونحو ذلك، كما فعل بعضهم قبل بضع سنوات لما أصدر شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله تعالى – بيانا يوجه فيه الدعاة إلى المسلك السوي في الدعوة إلى الله – عز وجل – ووجه لهم نصيحة قيمة في عدم (الإفراط والتفريط) نصيحة عظيمة؛ لا غبار عليها ولا يمكن أن يشك في قصده ونيته – رحمه الله تعالى - بهذه النصيحة وإن مراده الخير، وهي نصيحة – لمن وفق وعقلها – نصيحة عظيمة جدا، يعني فيها رسم للمنهج الطيب للدعاة إلى الله – عز وجل – يعني يدعو على بصيرة، وأن يسلكوا منهج أهل السنة إلى الجماعة في بيان الحق بدليله، والرد على المخالفين بالطرق الشرعية المعروفة.
فلما صدر بيان الشيخ – رحمه الله تعالى – قام بعض المحرفين، وبعض الغلاة، وبعض زعماء الفرق المعاصرة؛ وألقوا محاضراتٍ أكثرها ألقيت في ليلة واحدة (!!)، وفسروا أن بيان الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – يقصد به مجموعة في من الناس في المدينة النبوية.
فما كان من الشيخ – رحمه الله تعالى – إلا أن أصدر توضيحا لهذا الفهم المنكوس، والذي أفرزته تلك المحاضرات التي فسرت كلام الشيخ بغير مراده فقال – ما خلاصته – من زعم أنني أقصد بهذا البيان: فلانا وفلانا من إخواننا، أو أقصد أحدا من أهل السنة والجماعة فهذا كذب، وإنما من يصطاد في الماء العكر – هذه عبارة الشيخ – رحمه الله – مسجلة بصوته عندي – وإنما من يصطاد في الماء العكر يقول: إن المقصود بالبيان فلانا وفلانا!!
فرد على أولئك الذين يصطادون في الماء العكر، وبين أن بيانه إنما هو بيان عام لإخوانه الدعاة إلى الله – عز وجل – في أن يسلكوا الطريق المستقيم – طريق أهل السنة والجماعة في الدعوة إلى الله على بصيرة، والسير على هدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بعيدا عن الإفراط والتفريط.
فكان في توضيحه ذلك – رحمه الله – ردا قاطعا، وبيانا ساطعا، في الرد على يصطادون في الماء العكر، والذين يحورون كلام علمائنا في أن المقصود به زيد أو عمرو، ويشوشون عبر تلك الأجهزة المشبوهة، ويفسرون كما يريدون، وتوجيهات علمائنا ومشايخنا واضحة أوضح من الشمس في رابعة النهار، فمن أراد الحق وجده، ومن أراد الاستفادة من كلام علمائنا فالأمر جلي واضح، ومن أراد أن يصطاد في الماء العكر فقد اصطادوا في القرآن الكريم؛ وحرفوه عن ظاهره، وحملوه على غير معناه، ولووا كثيرا من أعناق النصوص من الآيات والأحاديث وحملوها على غير معناها.
هذه القضية هي التي حملتنا على اختيار هذا الكتاب القيم للحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى فنستعين بالله - عز وجل -.
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده؛ والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ وبعد: قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله:
((المتن))
بسم الله الرحمان الرحيم؛ وبه نستعين.
الحمد لله رب العالمين؛ وصلاته وسلامه على إمام المتقين، وخاتم النبيين؛ وآله، وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
((الشرح))
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه مقدمة درج عليها السلف، وهي مقتبسة من هدي الكتاب والسنة، بعد التسمية بعد ذكر اسم الله - عز وجل -، ثم الاستعانة به؛ لأنه وحده الذي يستعان (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) سورة الفاتحة آية (5).
بدأ بحمد الله – عز وجل – والثناء عليه بما هو – له - أهل، ثم الصلاة والسلام على رسوله – صلى الله عليه وسلم – ثم ثنى بالصلاة والسلام على آله وصحبه الكرام؛ وكذا من تبعهم بإحسان، وهذا هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده، وكذلك علماء الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ثم قال (أما بعد) وهي كلمة فصل معروفة عند العرب من قديم الزمان.
((المتن))
فهذه كلمات مختصرة جامعة، في الفرق بين النصيحة والتعيير
((الشرح))
فهذه كلمات مختصرة جامعة، في الفرق بين النصيحة والتعيير؛ كلمات؛ لأنه كتاب يوصف بأنه صغير، ولكنها كلمات قليلة غير أن نفعها عظيم جدا، قليلة في مبناها، عظيمة في معناها، وجعلها في ضوء الكتاب والسنة للفرق بين (النصيحة والتعيير).
والنصيحة في اللغة مأخذوة من (نصحت العسل إذا خلصته من شمعه والشوائب التي فيه)، وفي الشرع له اصطلاح هي بذل الخير للناس بتنبيههم إلى فعل خير أو اجتناب شر، يعني توجيه الناس إلى فعل الخير، أو توجيه إلى التحذير من الشر.
والتعيير هو التنقص، عيره: أي تنقصه بنسبه، أو بصنعته، أو بشكله، أو بلونه أو نحو ذلك، وكل هذا محرم؛ ولذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم – لأبي ذر – رضي الله عنه – وهو من هو – فقال: أعيرته بأمه؟!
ولما قالت عائشة – رضي الله عنها وأرضاها، وأبغض من أبغضها وقلاها – لصفية ما قالت!، قال لها النبي – صلى الله عليه وسلم -: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، الخلاصة أي لكانت - والعياذ بالله – يعني ملأت منها مياه البحار، مع أنها كلمة تابت منها – رضي الله عنها - ولا تعير عائشة بمثل هذه الكلمة، فإنها كلمة عابرة حصلت وقتَ غضب، وقد نصحها النبي – صلى الله عليه وسلم – فقبلت النصح – رضي الله عنها وأرضاها –
والشاهد أن التعيير - من عير الشخص أي: تنقصه سواء: طعن في حسبه، أو نسبه - أو قبل ذلك في دينه - أو في بلده، أو في لونه، أو في شكله، أو في خلقه: وكل ذلك محرم، ولا يجوز الوصف بقصد التعيير والتنقص، فإذا اقتضى الأمر= الوصف لضرورة شرعية وجب الاقتصار على ما تدعو الضروة إليه: كوصف النبي – صلى الله عليه وسلم – لحال معاوية – رضي الله عنه – وحال أبي جهم – عندما خطبا إحدى نساء المسلمين – رضي الله عنها – عندما يعني عرضت نفسها، أو استشارت النبي – صلى الله عليه وسلم – في خطبتهما لها، ثم نصحها بأن تنكح أسامة بن زيد – رضي الله عنه -.
فالشاهد هو الفرق بين النصيحة والتعيير.
النصيحة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بضوء الشرع، بلا إفراط ولا تفريط، بالطرق المشروعة، وبحسب ما يقتضيه المقام، وبحسب حال المنصوح، وبحسب قوة أو درجة المنصوح منه، وبحسب إعلانه وإسراره، وبحسب اقتصار شر الأمر المنصوح منه على صاحبه، أو تعديه إلى غيره، يعني تراعى فيها اعتبارات عدة - سيأتي تفصيلها في أثناء كلام الشيخ – رحمه الله تعالى -.
((المتن))
فإنهما يشتركان في أن كلاً منهما ذِكْرُ الإنسان بما يكره ذِكْرَه، وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس؛ والله الموفق للصواب.
((الشرح))
يشتركان في أمر واحد، وهو أن النصيحة قد تكون بذكر ما يكره الإنسان، وكذا الحال في التعيير، فعندما يقال: فلان مبتدع، أو فلان عاصٍ، يختلف الحال من وضع لآخر، قد يكون الكلام سائغا في حال، وقد يكون ممنوعا إعلانه في حال أخرى، فيجب مراعاة مقتضيات تلك الأحوال. وكما قلت: سيأتي تفضيل هذا.
يعني يجب على الناصح أن يراعي مقتضيات الأحوال؛ وإلا تحول إلى تعيير وفضيحة، وليست نصيحة! إذا لم تراعَ الطرق الشرعية النبوية الواردة في طريقة النصيحة، والتفريق بينها وبين التعيير، حيث إن ثمة قاسما مشتركا بينهما في أنه قد يكون كلا منها ذكر لما يكره الشخص المنصوح، أو المعير، ولكن يختلف الأمر باختلاف الأحوال التي سيأتي تفصيلها – إن شاء الله – تبارك وتعالى -.
((المتن))
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس؛ والله الموفق للصواب.
((الشرح))
وقد يشتبه الكثير من التعيير، أو النصح لدى من ليس عندهم فرقان يسيرون به في ضوء الكتاب والسنة، فقد يتحول النصح إلى تعيير، وقد يسمي بعضُ الناس النصحَ تعييراً، يعني بعض الناس قد ينتقل من النصح إلى التعيير؛ لأنه لا يعرف طريقة النصح الشرعية، وآخرون إذا نصحوا من أمر وحذِّروا من أمر فهموا أن المقصود منه التعيير!!؛ والنصح وسط بين هؤلاء وأولئك.
((المتن))
اعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ، والعيب، والنقص.
((الشرح))
أولا: الحكم الأساسي: أن ذكر الإنسان بما يكره محرم، فإن كان مباشرة، فهو فضيحة، وإن كان في غيابه فهي غيبة، سواء كان ما قلته فيه صحيحا، أو كان كذبا؛ لذم النبي – صلى الله عليه وسلم – الغيبة، وقولِه (الغيبة ذكرك أخاك بما فيه بما يكره).
لما قيل له: أرأيت إن كان ما قلته فيه صحيحا؟
قال: إن كان ما قلته صحيحا فقد اغتبته، وإن كان غير ذلك فقد بهته.
والله – عز وجل – شبه من يغتاب أخاه المسلم بمن يأكل لحمه حال موته! قال الله – عز وجل (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) سورة الحجرات آية (12).
فهذا هو الأصل؛ الأصل أنك لا تذكر الشخص بما يكره، ولو كان ذلك صحيحا؛ إذا لم يكن المقصود غرضا صحيحا، فإذا كان المقصود الإساءةَ إليه، أو تنقصَه، أو التشفيَّ منه، أو تحقيرَه عند الآخرين، أو النيل منه بأي شكل من أشكال النيل، أوخفضَه، أو الإطاحةَ به، أو ما إلى ذلك دون مسوغ شرعي؛ فإن هذا محرم، والأصل فيه أنه ممنوع.
((المتن))
فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين، خاصة لبعضهم، وكان المقصودُ منه تحصيلَ تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه.
((الشرح))
أما إذا كان ذكرُك الشخص بما يكره فيه مصلحة عامة للمسلمين، وكفاية لشر المنصوح منه، كما لو كان مجرما قد تعدى جرمه إلى الإضرار بالآخرين، ولم يَعُد ينفع معه النصح = فيجب رفع أمره وذكره والرد عليه بحسب ما يقتضيه المقام، من أجل اتقاء شره، ووقاية المسلمين من آذاه، هذا إذا كان المقصود بذلك هو مجرد النصح، وبذل النصح للمسلمين. كذلك يشمل المبتدعة الذين اشتهروا بالبدعة، وأسسوا منهجهم على البدعة، وصار منهجهم يتعداهم إلى غيرهم، ويتأثر بهم الآخرون فهنا يجب بيان أمرهم وتوضيح حالهم؛ حتى لا ينخدع الناس بهم، وليس هذا من الغيبة في شيء، وسوف نذكر أنواعها – إن شاء الله – وارجعوا إليه وراجعوه في (رياض الصالحين) للإمام النووي – رحمه الله تعالى – وكذلك ذكره ابن الصلاح، وغيرهما من أئمة العلم، وسيأتي تفصيل ذلك – إن شاء الله تعالى – المهم أن ننظر في حال ذلك الذي ينصح: ماذا يعني؟
وماذا يريد؟
وما هي الحال المنصوح منها؟
وما قدرها؟
وهل يحتاج الأمر إلى:
التوضيح؟
أو التصريح؟
أو التلميح؟
أو (ما بال أقوام)؟
أو (بئس خطيب القوم أنت)؟ كما ثبت في المراعاة لتلك الأحوال كلها عن النبي – صلى الله عليه وسلم –.
((المتن))
(خاصة لبعضهم)
((الشرح))
يعني الاقتراح المستثنى، وما كان فيه مصلحة للمسلمين وسنمثل له – إن شاء الله – وما كان فيه دفع للضرر عن المسلمين، وكذلك ما كان فيه نفع خاص للمنصوح نفسه، أو لبعض الناس، وكذلك ما كان يعني ذكره متعينا؛ لئلا يتضرر به الآخرون، كل ذلك تجب مراعاته، والوقوف عنده، بقدر ما يقتضيه المقام، وبقدر ما يقتضيه الحال.
((المتن))
فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين، خاصة لبعضهم، وكان المقصودُ منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه.
((الشرح))
(يُتْبَعُ)
(/)
يعني إذا كان فيه حصول مصلحة لعامة السلمين، أو خاصتهم، أو دفع مضرة عنهم، فإنه حينئذ يكون مندوبا، بل قد يكون واجبا متعينا، فإذا اندفع بالتي هي أحسن كان مندوبا إليه، وإن اقتضى الأمر أن يصرَّح بوضعه، ويُحذَّر منه، ويُنبَّه على خطورته، فإن ذلك قد يصل إلى درجة الوجوب، وقد كان السلف يطوف ويقول: فلان مبتدع، فلان سيء الحفظ، فلان كذاب، فلان وضاع، فلان متهم، فلان ضعيف، وإلى آخر ما هو معلوم من خلال " علوم الحديث " كما لا يخفى على أحد.
المهم أن تراعى مقتضيات الأحوال؛ فقد يكون محرما، فقد يكون ذكرك لما يكره الشخص محرما، وقد يكون مباحا، وقد يكون مندوبا إليه، بل قد يكون واجبا، بحسب ما يقتضيه المقام.
((المتن))
وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل (1)، وذكروا الفرق بين جرح الرواة، وبين الغيبة وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبِّدين، وغيرهم ممن لا يتسع علمه.
ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث، ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة، وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله، وتمسك بما لا يتمسك به؛ ليُحذِّر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه، وقد أجمع العلماءُ على جواز ذلك أيضاً.
((الشرح))
قد ذكر الشيخ – رحمه الله - إجمالا - أن أهل العلم - وخاصة من تخصص في علوم الحديث – قديما وحديثا – أجمعوا على أن ذلك جائز؛ فيبنوا حال رواة الحديث سواء: ما يتعلق بالطعن في الراوي، أو ما يتعلق بالسقوط من السند.
والطعن في الراوي يشمل ما يتعلق في تقصيره في جنب الله من: بدعٍ، أو معاصٍ، ويشمل: ما يتعلق بضعفه، أو ضعف حفظه، أو تساهله، أو قوته وضعفه.
كما يشمل ذلك – أيضا – ما يتعلق بدقته وفهمه لمنهج السلف في هذا المقام، فكانوا يبينون حال الراوي:
من كونه ضعيفا.
من كونه وضاعا.
من كونه كذابا.
من كونه متهَما.
من كونه فاسقا.
من كونه مبتدعا.
من كونه سيء الحفظ.
من كونه، من كونه .... إلى أن أصبح هذا علما يدرس، وكتبا مؤلَّفة يدرسها أهل العلم، ويتناقلونها فيما بينهم، ونتج عن ذلك ما يسمى بـ ((علوم الحديث)) أو ((مصطلح الحديث)).
وردوا على من يهون من شأن هذا العلم، فإنه علم عظيم يقول عبد الله بن المبارك – رحمه الله تعالى -: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
ويشمل الإسناد دراسة السند من جميع جوانبه:
من جهة اتصاله وانقطاعه.
ومن جهة حال رواته.
وقد أجمعوا - ولم ينقل خلاف بين أهل العلم في أهمية هذا العلم: من مسائل الجرح والتعديل، وتفصيل ذلك بحسب ما يقتضيه الحال، وبحسب ما حال الرواية، وبينوا حالة الروايات لدى كل شخص من الرواة من:
القَبول، أو الرد، أو الضعف، أو الصحة، أو الوضع، أو الوهم، أو التدليس، أو نحو ذلك مما هو معلوم لدى طلاب العلم كافةً، بل أجمعوا على ذلك، ومن يقدح في الجرح والتعديل فإنه يقدح في أئمة العلم قاطبة، ولكن يُرجع في ذلك إلى علماء الأمة، وليس إلى اجتهاد الصغار، أو المغمورين.
وإنما الذي يرجع إليه في ذلك هم علماء الأمة الذين يقضون بالحق وبه يعدلون (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) سورة النساء آية (83).
(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) سورة النحل آية (43) وسورة الأنبياء آية (7).
فيجب أن يعلم أن هذا العلم باقٍ، وأنه يستثنى من مسألة الغيبة، ولا يعتبر غيبة في بيان حال الرواة، وأمورهم، ودراسة الأسانيد، ولولا هذا العلم الذي قيضه الله للأمة لا ختلطت الأحاديث، ولاختلط الحابل بالنابل، ولحرِّف الدين كما حرفت الأديان السابقة، ولا أشكُّ أن تحقيق هذا الأمر إنما هو تحقيق لقوله الله - عز وجل - (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) سورة الحجر آية (9).
((المتن))
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم ينكر ذلك أحد من أهل العلم، ولا ادعى فيه طعناً على من ردَّ عليه قولَه، ولا ذمَّاً، ولا نقصاً؛ اللهم إلا أن يكون المصنِّف ممن يُفحش في الكلام، ويُسيءُ الأدب في العبارة = فيُنكَر عليه فحاشته، وإساءته، دون أصل ردِّه، ومخالفته؛ إقامةً للحجج الشرعية والأدلة المعتبرة.
((الشرح))
هنا يبين الشيخ – رحمه الله – تعالى أن الأئمة – رحمهم الله تعالى – كانوا – وما زالوا – يبينون هذا الأمر فيما يتعلق ببيان أحوال الراوي، ويُرَتَّبُ على ذلك القَبول، أو الرد، أو الضعف، أو الوضع، ويبيون: ما فيه من نكارة، ما فيه من وضع، ما فيه من ضعف، ثم يبينونه بأساليب يقتضيها المقام، ويردون على من يستحق الرد، بحسب ما يقتضيه المقام، تارة بصريح العبارة، وتارة بالتلميح والإشارة، ويبينون، ولم يعترض عليهم أحد، لا من السلف، ولا من الخلف، بل هذا منهج أهل السنة والجماعة، فيردون على من ابتدع، أو من فسر النصوص بغير مدلاولها، أو من حرفها عن مواضعها، وصرفها عن مدلاولها، ويبينون أحوال المبتدعة، وأحوال الفسقة، وأحوال الدخلاء في هذا الدين، وكل ذلك يراعون فيه مقتضيات الأحوال؛ ولم يعترض على هذا المنهج إلا بعض المرضى! الذين لا يفقهون مقاصد الشريعة، ولا يفقهون كلام الأئمة، ولم يتضح لهم الأمر، أو إنهم مرضى القلوب! ممن مرضت قلوبهم، تلفت بالشبه – والعياذ بالله – التي تبعدهم عن فهم منهج السلف الصالح في هذا الباب، وغيره، ثم إنهم لم ينكر عليهم أحد في بيان أحوال الراوة: سواء ما يتعلق بنقد السند، ونقد الراوة، أو نحو ذلك، ولم يعترض على هذا أحد، اللهم إلا بعض من لا يفهم.
وقد بينوا تلك الأحوال. علما بأن السلف - قد - ينهون عن الإفحاش في القول - في الرد على المخالف، ويأمرون بالاعتدال في الحكم على الأشياء، وفق هدي الكتاب والسنة، حتى إنهم] إذا [انتقدوا شخصا في بعض ألفاظه النابئة، والقاسية، فإنهم لا يردون ما عنده من حق، يدافع عنه، أو يبينه، بل يبينون الحق بدليله، ويأخذون الحق عمن جاء به، وربما نقدوه في غلظه، أو في بعض أساليبه، كما ينقدون من يتساهل ومن يتنازل إلى درجة ترك الواجبات في هذا الباب.
وهذا – كما هو معلوم - محل إجماع بين أهل السنة والجماعة، ولم يعد محل خلاف ألبتة، ولكن – كما قلت: مرده ومرجعه، والرجوع فيه يكون إلى علماء الأمة الذين ينفون عن كتاب الله – عز وجل - تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
((المتن))
وسبب ذلك أن علماء الدين كلّهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم - وأنْ يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمته هي العليا، وكلُّهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم، ولا ادعاه أحد من المتقدمين، ولا من المتأخرين؛ فلهذا كان أئمة السلف - المجمع على علمهم وفضلهم - يقبلون الحق ممن أورده عليهم، وإن كان صغيراً، ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم.
كما قال عمر في مهور النساء وردَّت تلك المرأة عليه بقوله تعالى: (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً) سورة النساء آية (20). فرجع عن قوله وقال: (أصابتِ امرأةٌ ورجلٌ أخطأ) (2) وروي عنه أنه قال: (كل أحد أفقه من عمر).
وكان بعض المشهورين إذا قال في رأيه بشيء يقول: (هذا رأينا فمن جاءنا برأي أحسنَ منه قبلناه).
((الشرح))
بين المصنف في هذه المسألة أن سبب كونه ينصحون بالطرق الشرعية النصيحةَ البعيدةَ عن التعيير، والتعييب، والتنقص، وأنهم يردون على المبتدعة بدعَهم، ويبينون الحقَّ بدليله، ويردون على المخالف بشرط أن يكون المقصودُ هو بيانَ الحق لا التعيير، فقوله، وسببُ ذلك يعود إلى هذا المسلك الذي سلكه علماء الأمة، وأجمعوا عليه، وهو بيان الحق بدليله، والرد على المخالف، على أن يكون القصدُ والنيةُ والهدفُ من الردِّ = هو النصحيةَ له وللمسلمين، انطلاقا من قول النبي – صلى الله عليه وسلم –: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة.
قلنا لمن يا رسول الله؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قال لله ولرسوله ولكتابه وللأئمة المسلمين وعامتهم. كما رواه الإمام مسلم من حديث أبي رقية تميم الداري – رضي الله عنه –.
فسببُ هذا المسلك أنهم يريدون إعلاء كلمة الله، ويريدون أن يبينوا الحق صافيا مجردا من كل كدر، بعيدا عن الإفراط والتفريط؛ ولذلك ردوا على المخالف:
ردوا على الجهمية.
ردوا على الرافضة.
ردوا على الخوارج.
ردوا على أهل الكلام من المعتزلة، ومن نهج نهجهم، ردوا عليهم بكتب مؤلَّفة واضحة، ولا تأخذهم في الله لومةُ لائم، مع الأخذ بالاعتبار حال المردود عليه – كما أسلفنا –.
ثم بين – رحمه الله – أنهم مع كونهم يعنون بذلك – يردون على المخالف، ويبنون حال المبتدع والفاسق والعاصي، ويبيون حال الراوي؛ لتُصّفى الروايات من كل كدرٍ، مع ذلك لا يدعون لأنفسهم أنهم بلغوا المنتهى في العلم، بل كلُّهم يوقنون أن فوق كل ذي علمٍ عليمٌ؛ لأنهم يترسمون القول الذي يقول (لا يزال الرجل عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل).
فتجدهم يتهمون آراءهم، ويتهمون قصورهم، ويتهمون عقولهم، فإن جاءهم مستفتٍ كلٌّ منهم يحيل إلى الآخر، حتى في المسائل التي يختلفون فيها، وهم لم يختلفوا في الأصول بكل حال، وإنما ختلافهم كان في بعض المسائل الفقهية، وكانوا – أيضا – يتهمون آراءهم؛ لأنهم يعلمون أن المجتهد عُرضة للخطإ والصواب، وبخاصة في المسائل الاجتهادية، وكان كل منهم يتهم رأيه بالقصور؛ لأن الدين ليس بالرأي، وقد يقول: هذا هو الذي أراه في هذه المسألة، فإن كان الحق معي، وإلا فإني أبرأ إلى الله منه إن كان خطأً.
ومنهم يقول: فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني – أو فمن نفسي - ومن الشيطان.
ثم إنهم لهذا السبب يقبلون الحق ممن جاء به؛ حتى ولو كان من صغار طلاب العلم، بشرط أن يكون طالبَ علمٍ محققٍ.
فالصحابة – رضوان الله عليهم – كانوا يرجعون إلى ابن عباس – رضي الله عنهما – في كبار المسائل، ومع ذلك كانوا لا يتعصبون لرأيه، فقد خالفوه في المتعة، وخالفوه في أمور كثيرة.
وإذا كان الصحابة – رضوان الله عليهم – يرجعون عن آرائهم إذا ظهر أن الحق على خلافها، فما بالك بنا نحن الصغار في هذه العصور المتأخرة؟!
فهذه القصة المنسوبة إلى عمر – على ضعف في روايتها – ولكن معناها صحيح، أو يعني ليس فيها مخالفة، يعني إن صحت فإنها تدل على تجرد عمر – رضي الله عنه – فإنه تدل على تجرده، وكان هو، وسائر الصحابة، بعد قضية الحذيبية، قال: اتهموا الرأي في الدين، كل منهم يقول: اتهموا الرأي في الدين، ولا سيما بعد قضية صلح الحذيبية، وما كان فيه من أمور، وقف فيها الصحابة موقفا يشبه المعارضة، حتى شرح اللهُ صدورهم لما أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – فكانت العاقبة للمتقين.
ولذلك - بعد هذا – كانوا يرجعون ويتهمون آراءهم.
فهذا القصة – قصة الصداق - إن صحت عن عمر – فهي تدل على تجرده لله – عز وجل – واتهامه لرأيه، وتواضعه وبعده عن التفاخر والتعالم الذي ابتلي به كثير من الناس في هذا الزمان = فتجده - على صحة القصة – يرجع ويعترف أمام امرأة تقول له: لا يا عمر! – عندما أراد أن يحدد المهور – فإن الله – عز وجل – يقول (وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) سورة النساء آية (20).
فقال – على صحة القصة -: أخطأ عمر وأصابت امرأة.
وسواء صحت، أم لم تصح فإن لدى الصحابة من الشواهد على مثل هذه الأمور ما لا يمكن حصره.
ولا أدل على هذا من أن أبا بكر - رضي الله عنه - لما جاؤوا يسألونه عن (الأب) في قوله الله – عز وجل - (وفاكهة وأبا) لم يجب! بل قال: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إن أنا قلت في كتاب الله – عز وجل - ما لا أعلم.
فهذا يتطلب من طلاب العلم – ولا سيما نحن الصغار - أن يتواضعوا وأن يعرفوا لأنفسهم قدرها فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وأن يعيدوا الحق إلى نصابه، وأن يعطوا القوس باريها، وأن يرجعوا إلى علماء الأمة فيما أشكل عليهم، أم كل من درس له فترة قصيرة، أو خرج مع الجماعة الفلانية ثلاثة أيام أو أربعين يوما أو أربعة أشهر، زعم نفسه عالما من العلماء فأخذ يفتي، ويتصدى للفتوى، ويرتقي المنابرَ، ويضع نفسه موضع العلماء الربانيين الكبار.
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: رحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
الإمام مالك - رحمه الله تعالى - يسأل عن أربعين مسألة فيفتي في اثنتين، ويعتذر عن الباقي.
ولما قال له السائل: أنت الإمام مالك بن أنس التي تضرب إليه أكباد الإبل، تقول لا أدري!
قال له: اذهب إلى كل الأمصار، وأعلن لهم إن مالكا لا يدري عن شيء في تلك المسائل!!
هذا مالك الذي قيل فيه: (لا يفتى ومالك في المدينة).
مشكلتنا - الآن - أنه قد وُجد أناس تزببوا قبل أن يحصرموا وادعوا لأنفسهم درجة ليسوا أهلا لها!
أحدهم قبل أيام ونحن في مناقشة رسالة علمية ينال من كتاب جمعه بعضُ طلاب العلم، أو العلماء في المملكة فينتقده ويقول: إنه كتاب لا يصلح وإنه سبة في جبين العقيدة.
والكتاب الذي قرظوه مشايخ أفاضل فينبغي للمسلم أن يتقي الله - سبحانه وتعالى - عندما ينقد؛ خصوصا عندما يجعل نفسه في موضع الناقد؛ عليه أن يعلم أنه محاسب عن كل كلمة تصدر منه، فلا تنقد حتى تكون من أهل النقد، وحتى تكون عندك الآلة التي تنقد بها.
فقد سمعتَ – الآن – عن الصحابة كيف توقفوا في الفتوى، ويتوقفون في مسائل كثيرة، وكذلك التابعون، وكذلك السلف الصالح بعدهم.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم أن التشبه بالكرام فلاح
علينا أن نقتدي بهم، والله! ما المانع أنني إذا سئلت عن مسألة؛ ما أعرف فيها شيئا أقول: لا أدري.
أو أحيل إلى مشايخي الذين هم أكبر مني، لا يلزم أنني أذهب وأشغل نفسي بأمر لا أحكمه، ولا أفقهه، ولا أعلمه، وأقحم نفسي فيه بغير علم.
(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) سورة الإسراء آية (36).
((المتن))
وكان الشافعي يبالغ في هذا المعنى، ويوصي أصحابه باتباع الحق وقبول السنة إذا ظهرت لهم على خلاف قولهم، وأن يضرب بقوله حينئذٍ الحائط، وكان يقول في كتبه (3): (لا بد أن يوجد فيها ما يخالف الكتاب والسنة؛ لأن الله تعالى يقول: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) سورة النساء آية (82).
وأبلغ من هذا أنه قال: (ما ناظرني أحد فباليت أظهرت الحجة على لسانه أو على لساني).
وهذا يدل على أنه لم يكن له قصد إلا في ظهور الحق، ولو كان على لسان غيره ممن يناظره أو يخالفه.
ومن كانت هذه حاله = فإنه لا يكره أن يُردَّ عليه قولُه، ويتبين له مخالفته للسنة لا في حياته، ولا في مماته. وهذا هو الظن بغيره من أئمة الإسلام، الذابين عنه القائمين بنَصْرِه من السلف والخلف، ولم يكونوا يكرهون مخالفة من خالفهم - أيضاً - بدليل عَرَضَ له، ولو لم يكن ذلك الدليل قوياً عندهم بحيث يتمسكون به، ويتركون دليلهم له؛ ولهذا كان الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - يذكر إسحاق بن راهويه، ويمدحه، ويثني عليه، ويقول: (وإن كان يخالف في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا) أو كما قال.
((الشرح))
المصنف – رحمه الله تعالى - سرد – بعد أن ذكر قول عمر، وذكر أقوالا عن الإمام الشافعي، وهو قوله المشهور (ما وجدتم من قولي مخالفا لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فاضربوا به عُرض الحائط).
وصرح بأنه لابد أن يوجد في كتاب أي أحد بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما فيه مخالفة للكتاب والسنة؛ لأنه أبى الله – عز وجل – أن يكون الكمال إلا له، وأن تكون العصمة إلا لرسوله – صلى الله عليه وسلم -.
وأن الكمال في أحكام كتابه وسنة نبيه – عليه الصلاة والسلام -؛ ولذلك قال مقالته المشهورة: ما وجدتهم من قولي مخالفا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فاضربوا به عرض الحائط، بل بالغ في ذلك، وبين أنه لا يوجد أحد يسلم كتابُه من مخالفة الكتاب والسنة، وبخاصة في المسائل الاجتهادية، ومن ادعى الكمال فقد أعظم على الله الفرية، ثم استدل على هذا بقول الله – عز وجل – (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) سورة النساء آية (82).
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا في عهده، وهم يتحرون الوقوف عند نصوص الكتاب والسنة، ويجتهدون في موافقة الحق، ومع ذلك كله يتهمون أنفسهم بأنهم عرضة للخطأِ والصواب، وأنهم قد يخطئون، وقد يصيبون، ولا يدعون لأنفسهم الكمال، بل إن الإمام الشافعي بالغ في أكثر من هذا فقال - ما معناه ما سمعتم - من أنه لو أن أحدا خالفه إنه يفرح لكون المخالف أصاب الدليل، وأخطأ هو؛ لأنه بهذا:
أولا: ينال التواضع الجم عند الله – عز وجل –.
وثانيا: أنه حصل له الخير برجوعه إلى الحق.
وثالثا: أنه استفاد مسألة علمية لم يكن يعلمها قبلُ.
ورابعا: أنه فرح لأخيه حيث وفقه الله - تبارك وتعالى - للصواب.
فلهذه الأمور الأربع كان السلف يفرحون بإصابة إخوانهم، حتى ولو أخطأوا هم، ومع ذلك، فإنهم – طالما أنه لم يظهر لهم الدليل – فإنهم يثبتون على ما ظهر لهم أنه الحق في المسائل الاجتهادية؛ حتى يظهر الدليل على خلاف ذلك، فإذا ظهر لهم الدليل على خلاف ذلك؛ أخذوا به؛ ولذلك فإن للإمام الشافعي مذهبين يسمونه الجديد، والقديم، رجع – بعد أن التقى بعضَ العلماء - عن كثير من أقواله التي قالها، أو التي ذهب إليها في قوله الأول، لا لأنه يتلون، أو يتنقل من مذهب إلى مذهب جزافا – هكذا - بدون علم، ولكن لأنه ظهر له الحق، والحق ضالة المؤمن أنى وجده اتبعه، الحق ضالة المؤمن أنى وجده اتبعه، وبمثل قول الإمام الشافعي قال الإمام أحمد مع إسحاق بن رَاهُويَه – رحم الله الجميع - فقد أثنى عليه - كما سمعتم - بهذا الثناء العَطِر - قال: وإن كنت أخالفه في بعض المسائل، أو إن كنت أرى أن عنده مخالفة في بعض المسائل، وهذا أمر لا يسلم منه أحد، يعني المخالفة في بعض المسائل الفرعية، فإنه لا يسلم منه أحد ألبتة.
فهذا يدلنا على منهج السلف الدقيق المحكم المتقن، ومن أراد المزيد من هذا المعنى الذي يشير إليه الحافظ ابن رجب - هنا – بنقله لهذه النقول؛ فليرجعْ إلى (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -.
((المتن))
وكان كثيراً يُعرضُ عليه كلام إسحاق وغيره من الأئمة، ومأخذهم في أقوالهم فلا يوافقهم في قولهم، ولا يُنكِر عليهم أقوالهم، ولا استدلالهم، وإن لم يكن هو موافقاً على ذلك كله (4).
((الشرح))
يستطرد – رحمه الله تعالى - في وضع الإمام أحمد مع الإمام إسحاق بن راهويه، وأنه تعرض عليه أقوال إسحاق وغيره من أهل العلم الفضلاء من أقران الإمام أحمد وممن بعده، وممن قبله، ومع ذلك يصر على ما يظهر له أنه الحق، فإن رأى الدليل مع واحد منهم رجع إليه وأخذ به، وإن لم يظهر له ذلك استمر على ما هو عليه؛ لأن هدفه الحق لا يريد أن يحيد عنه، والحق واحد لا يتعدد، هو مع واحد (إن أصاب المجتهد له أجران، وإن أخطأ له أجر واحد)، بعد استخدام آلة الاجتهاد.
((المتن))
وقد استحسن الإمام أحمد ما حكي عن حاتم الأصم أنه قيل له: أنت رجل أعجمي لا تفصح، وما ناظرك أحد إلا قطعته فبأي شيء تغلب خصمك؟ فقال بثلاث: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ لساني عنه أن أقول له ما يسوؤه، أو معنى هذا فقال أحمد: (ما أعقله من رجل).
((الشرح))
الله أكبر!
هذه حكاية طريفة وعجيبة جدا، وحاتم الأصم من علماء الشافعية، أظنه في علماء القرن الثالث - أظن إذا لم تخني الذاكرة - وهو غير أبي العباس الأصم - أيضا - من علماء الشافعية لكن إذا أطلق الأصم – أحيانا – ولاسيما عند المخالفات في مسائل الشرعية كالخلاف في حكم الإجارة، والعارية، والشفعة، وما إلى ذلك فإن الأصم المقصود هناك هو الأصم المعتزلي أبوبكر تلميذ ابن علية، ابن علية الابن، وليس الأب، الأب إسماعيل بن علية أحد رجال الكتب الستة المعروف المشهور، وابن علية الابن إبراهيم بن إسماعيل الذي قال فيه الإمام الذهبي (إن مخالفته لأهل العلم مشهورة وروايته عند أهل العلم مهجورة) وأما الأصم فقد قال فيه – غير واحد من السلف – إنه عن الحق أصم.
فحاتم الأصم غير هذا، هو من علماء الشافعية - على ما أذكر، ولعلنا نرجع - أويرجع الإخوة – إلى ترجمته.
الشاهد أن هذه – يعني – الحكاية الطريفة العجيبة التي عجب منها الإمام أحمد. أن حاتما الأصم عجب منه الناس وهو من الأعاجم، من الأعاجم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قالوا: كيف بك – نراك – إذا ناظرت أحدا قطعته؟
ما معنى قطعته؟
يعني غلبته في الحجة، مع أنك من الأعاجم، فمع هذه العجمة أنت تغلبه في الحجة، فكيف ذلك؟
قال: لأنني أعتبر ثلاثةَ أمورٍ، هذه الأمور:
أولا: أنني أفرحُ إذا أصاب أخي؛ العالم الذي أجادله وأناظره - يفرح؛ لأنه يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحزن لخطئه، يفرح لإصابته، ويحزن لخطئه، ولا ينال منه بلسانه، يكفُّ لسانَه عن الكلام فيه، وما أحسنَها من منقبةٍ عظيمةٍ؛ هذه المنقبة قلَّ من يتفطن إليها، تفرح لإصابة أخيك؛ لأنك لا تحسده؛ لأنه أخوك المؤمن تحب له ما تحب لنفسك، وتحزن لحزنه، أوتحزن لخطئه؛ لأنك تتألم بآلامه. (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشده بعضه بعضا)، ولا تلوكه بلسانك، بعض الناس – والعياذ بالله – ... ربما بعض المنتسبين إلى العلم – الآن - لا يتورع من أن يفرح إذا أخطأ فلان، ويفرح فرحا شديدا، ويغضب وتصيبه الغيرة إن أصاب، وليته – مع هذا كلِّه – يسلم من لسانه، والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، استدل الإمام أحمد – رحمه الله تعالى - على أن هذا التصرف دليل عظيم على راجحة عقل أبي حاتم الأصم، دليل على عقله، يحفظ لسانه، يفرح لإصابة أخيه، يحزن لحزنه؛ لأن اللسان خطير، خطير جدا؛ لأن اللسان يحتاج إلى أن يصان، وأن يُحفظ، وأن يلجم بلجام.
ربما استفتحت من مزح مغاليق الحِمَامِ إنما السالم من ألجم فاه بلجام
وقبل ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم –: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمُِتْ).
وكان - صلى الله عليه وسلم – يمزح، ولكن لا يقول إلا حقا، فانتبهوا؛ لأن هذه القضية خطيرة جدا.
سبحان الله! أين هذا الطراز من الناس؟!
لا نقول: معدوم! بل يوجد بين مشايخنا، وعلمائنا، وطلاب العلم من يكون فيه شيء من هذه الخصال – إن شاء الله تعالى - لكنها عزيزة، لا شك أنها عزيزة، يفرح إذا فاز أخوه وأصاب، يحزن إذا أخطأ، يصون عرضه من أن يتكلم فيه بلسانه.
فقال الإمام أحمد: إن هذا دليل على راجحة عقله.
((المتن))
فحينئذٍ؛ فرد المقالات الضعيفة، وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكره العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه.
فلا يكون داخلاً في باب الغيبة بالكلية، فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك؛ فإن كراهة إظهار الحق - إذا كان مخالفاً لقول الرجل - ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق، ومعرفة المسلمين له، سواءٌ كان ذلك في موافقته، أو مخالفته.
وهذا من النصيحة لله، ولكتابه، ورسوله، ودينه، وأئمة المسلمين، وعامتهم، وذلك هو الدين كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - (5).
((الشرح))
نعم هذا مقطع عظيم!
يقول: إن بيانَ الحق، والردَّ على المبتدعة والمخالفين، وبيانَ خطأِ المخطئ، لا يعارض فيه أحدٌ من علماء الأمة، حتى ولو كان المردودُ عليه أحدَهم، بل يتقبلون ذلك بصدر رحبٍ، (فرحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي) ولا يتضجرون من ذلك، ولا يغضبون - لا سيما إن علموا أن الذي ردَّ له هدفٌ سامٍ، وهو إظهار الحق، وإبطال الباطل، فإذا علم بصدق نوايا أخيه، فإنه يمدحه في هذا، ويثني عليه، ويرى أن هذا عمل جليل لابد منه - طالما أنه يعلم أن مراد أخيه هو الحق، ولو ردَّ عليه، فرد المقالات الباطلة، ورد الخطأ على من أخطأ بالشرط الذي ذكرناه بالأمس، وهو أن لا يكون المقصودُ هو التشفيّ، والإضرار، وإظهار العيوب؛ لأنه – حينئذ – عليك أن تفتش عن نفسك:
عليك نفسك فتش عن معايبها
لكن إذا كان المرادُ بالردِّ بيانَ الحق، وإظهارَ الحقِّ، وإبطالَ الباطلِ، وبيانَ السنةِ من البدعةِ، والحقّ من الباطلِ، والخير من الشرِّ، والخبيث من الطيبِ، وعلمتَ عن أخيك ذلك، فإن هذا هو الذي يقرُّه ويؤيدُه ويدعو إليه علماءُ الأمة منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وإلى يومنا هذا، بل إن هذا هو الدين كلُّه، الذي دعا إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قالوا: لمن يا رسول الله؟
قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم.
فلذلك يجب على المسلمين عامة، وطلاب العلم خاصة، أن يعوا هذه الحقيقة - إذا ردددتُ على مبتدع ما تعترض عليَّ وترى أن هذا من الغيبة والنميمة، بل إن هذا من الحق الذي يجب بيانُه؛ لا سيما إذا علمت أنه ليس بيني وبين هذا الرجل المردودِ عليه إلا الحق، إلا إرادة إظهار الحق وهذا كلُّه – الردُّ إنما يكون بعد أن يتمَّ النصحُ والتوجيهُ والتنبيهُ فيصرُ ذلك الذي أخطا، أو انتشر خطؤه، أو انتشرت بدعتُه بين الملأ، وصار يشكل خطراً على الأمة، ولم تُجْدِ النصيحةُ، ولن يرجع عن قوله بعد الإعذار، وبعد البيان، عندها ليس بعد الحق إلا الضلال.
لابد من البيان، وهذا أمر قد أجمع عليه علماءُ الأمة وهو (الدين النصيحة) الذي قامت عليه السماوات والأرض، ولا يمكن أن يتبرم منه مسلم، أو طالب علم بحال من الأحوال.
((المتن))
وأما المبين لخطأ من أخطأ من العلماء قبله، إذا تأدب في الخطاب، وأحسن الرد والجواب، فلا حرج عليه، ولا لوم يتوجه عليه، وإن صدر منه من الاغترار بمقالته، فلا حرج عليه، وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول: (كذب فلان)، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كذب أبو السنابل) (6)؛ لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر.
وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء، وردوها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور، وغيره مقالاتٍ ضعيفةً تفردوا بها، ويبالغ في ردها عليهم؛ هذا كله حكم الظاهر.
وأما في باطن الأمر: فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق، ولئلا يغتر الناس بمقالات من أخطأ في مقالاته؛ فلا ريب أنه مثاب على قصده، ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله، ورسوله، وأئمة المسلمين، وعامتهم (7).
وسواء كان الذي يبين خطأه صغيراً أو كبيراً وله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي شذ بها وأُنكرت عليه من العلماء مثل: المتعة، والصرف، والعمرتين، وغير ذلك.
ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد، وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة، ورد على الحسن قوله في ترك الإحداد عن المتوفى عنها زوجها، وعلى عطاء قوله في إباحته إعادة الفروج، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم، ودرايتهم، ومحبتهم، والثناء عليهم.
ولم يعدّ أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل، ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة، ولا عيباً لهم، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين - من السلف والخلف - بتبيين خطأِ هذه المقالات، وما أشبهها مثل: كتب الشافعي، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات، وما كان بمثابتها شيء كثير، ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً.
وأما إن كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه، وتنقصَه، وتبيينَ جهله، وقصوره في العلم، ونحو ذلك = كان محرماً؛ سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه، أو في غَيبته، وسواء كان في حياته، أو بعد موته، وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه، وتوعد عليه في الهمز واللمز، ودخل - أيضاً - في قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته) (8). وهذا - كله - في حق العلماء المقتدى بهم في الدين؛ فأما أهل البدع والضلالة، ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم. وليس كلامنا - الآن - في هذا القبيل؛ والله أعلم.
((الشرح))
الله أكبر! ما أجملَه من تفصيل!
(يُتْبَعُ)
(/)
أُلخص كلام المصنف – رحمه الله - في أسطر: فأنه – رحمه الله - بين أن الرد حتى على من تقدم من العلماء الأفاضل سائغ، وهو شأن الأئمة – رحمهم الله تعالى – كما يقول الإمام مالك: كل يؤخذ من قوله ويرد، إلا صاحب هذا القبر ويشير إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فما من صاحب مقالة إلا وهو راد، أو مردود عليه، فالعصمة لكتاب الله - عز وجل -، ولرسوله - عليه الصلاة والسلام -.
ولكن هذا الذي يرد على العلماء مقالاتهم، أو يرد عليهم في بعض ما أخطأوا فيه، وهذا شان أئمة الهدى والدين، فقد رد الإمام أحمد على جمع من الأئمة ممن تقدم، ورد الصحابة والتابعون، بل ورد بعض المتأخرين على ابن عباس – رضي الله عنهما - في مسألة المتعة، وفي مسألة العمرتين في سنة واحدة، وفي مسائل كثيرة، وسعيد بن المسيب في مسألة المطلقة ثلاثا، وحكم العقد عليها، وما إلى ذلك، مسائل كثيرة ضربها المصنف؛ لبيان أن السلف ما كانوا يسكتون عن مخالفة، طالما كان القصد والنية هو الخير وإظهار الحق، بل اعتقدوا أن هذا من التطبيق لحديث (الدين النصيحة) هذا بشرط أن يكون سليم النية، وأن يكون قصدُه بيانَ الحق، أما إذا كان قصده أن يعير، أو أن يتنقص ذلك العالم، أو أن ينال منه، أو يحط من شأنه، أو أن يشوهه عند الآخرين.
هذا الكلام بشأن العلماء؛ أو بشأن المبتدعة؟!
التفصيل هذا بشأن العلماء.
إذا كان الذي يرد عليهم، أو يبين بعض أخطائهم قصده تنقصهم، فهذا قد ارتكب إثما عظيما، وجرما خطيرا، وينطبق عليه قول النبي – صلى الله عليه وسلم –: (من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب) فيما يرويه عن ربه – جل وعلا –، وينطبق عليه قول الله - عز وجل – (ويل لكل همزة لمزة) سورة الهمزة آية (1). وينطبق عليه قول الله - عز وجل – (هماز مشاء بنميم) سورة القلم آية (11). إذا كان قصدُه النيلَ من العلماء، وتنقصَهم، أو الحطَّ من شأنهم، كما هو شأن بعض المتعالمين الذين يدَّعُون لأنفسهم أنهم بلغوا ما لم تبلغه الأوائلُ؛ ولذلك يروى عن الإمام ابن عساكر – رحمه الله تعالى - أنه كان يقول: لحوم العلماء مسمومة.
فالخلاصة أن الرد على أخطاء – أو بعض هفوات العلماء يجب أن نتأدب فيها، وأن لا نسلك مسلك بعض الطوائف التي نادت - في هذا الزمان - من النيل من ابن حجر، أو النووي، أو ابن رجب، أو ابن الجوزي، أو غيرهم؛ بسبب ما قد يكون عندهم من أخطاء، نعم هناك أخطاء قد تكون عقدية، لكنها قليلة في خضم ما قدموه من خدمة للعقيدة وللسنة النبوية. وهذا لا يجعلنا نسكت عن ما وجدنا من أخطاء نقول: هذا خطأ، ويرد على صاحبه، وأما إذا كان الراد يريد أن يغمزهم ويلمزهم ويحط من شأنهم؛ كما يقول أحد زعماء الجماعات المعاصرة عن أحد علمائنا: والله الشيخ فلان، والله ما عنده غير التلفون ليس عدنه إلا التلفون ألو! نعم. ألو! نعم.
قاتلك الله يا مسكين! هو عندما يقول: نعم؛ أذُنه في السماعة يجيب المسلمين على فتاواهم، ليس فتاوي زعمائك أصحاب الفضائيات! الذين يهرفون بما لا يعرفون! وفي الوقت نفسه تقرأ عليه القضايا ويفتي فيها - التلفون في أذنه، والقارئ يقرأ عليه وهو يجيب - رحمه الله رحمة واسعة - وقاتل الله من تنقصه، أو تنقص أحدا من علماء الأمة فإذاً هذي الخلاصة فيما يتعلق بالعلماء.
أما إذا كان المردود عليه من المبتدعة؛ فلا كرامة للمبتدع الذي أسس مذهبه على البدعة، وأنشأ مذهبه على البدعة؛ فكان السلف يطوفون ويقولون: فلان جهمي، فلان كذاب، فلان حروري، فلان خارجي، فلان سيئ الحفظ، فلان كذا، إلى آخره؛ فيتكلمون، وألفت في ذلك المؤلفات الكثيرة، وكتب السلف مملوءة بالرد عليهم: الرد على الجهمية، ((رد عثمان بن سعيد على الكافر العنيد فيما افترى على الله من التوحيد))، و ((الرد على الجهمية)) لابن منده، وللإمام أحمد، ولعبد الله بن الإمام أحمد، ولعثمان بن سعيد الدارمي، و ((الرد على من أخلد إلى الأرض)) للسيوطي؛ وكثير – الرد على المبتدعة مطلوب، ولكن - أيضا - بدون سب، أو تسفف، أو كلام نابئ؛ لأن المقصود هداية الناس، حتى المبتدع نرد عليه.
الإمام الشافعي – رحمه الله – سئل عن أهل الكلام – أبدى رأيين - قال: حكمي فيهم أن يطاف بهم في العشائر، وأن تسود وجوههم، ويضربوا بالنعال، ويقال: هذا جزاء من يعرض عن كتاب الله – عز وجل – ويدعو إلى علم الفلسفة والمنطق.
ومن جانب آخر قال - ما خلاصته -: إنه يشفق عليهم ن ويهدف إلى هدايتهم، ولا سيما إذا كانوا ممن اعتراهم الجهل، والتبست عليهم الأمور بسبب الجهل.
فالخلاصة: أن نفرق بين الرد على بعض ما قد بدر من بعض العلماء من أخطاء، أو من هفوات، أو من تقصير، فعلينا أن نرد بحذر، وبخوف، وباحترام، وبأدب، وبحفظ كرامتهم، والترحم عليهم، واحترامهم، وتعظيمهم، وتبجيلهم، والدعاء لهم، والاستغفار لهم، وعدم تنقصهم أو النيل منهم.
فيا من يغمز العلماء إني برئ لستُ منك ولستَ مني
فانتبهوا لهذا!
أما المبتدع فيرد عليه ويُبَيُّنُ عورُه، ويكشف للناس، وارجعوا إلى ما استثناه الإمام النووي – رحمه الله تعالى - في كتابه (رياض الصالحين)، من الغيبة ستة مواضع، لعلنا نذكرها في درس الغد – إن شاء الله تعالى –، وكذلك عند سائر أهل العلم كابن الصلاح، وغيرِه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 08:19]ـ
((المتن))
(فصل: فيمن أراد بالنصيحة للعلماء النصح لله ورسوله ومن أراد التنقص والذم وإظهار العيب وكيفية معاملة كل منهما)!
ومن عُرف منه أنه أراد بردِّه على العلماء: النصيحة لله ورسوله؛ فإنه يجب أن يُعامَل بالإكرام، والاحترام، والتعظيم كسائر أئمة المسلمين الذين سبق ذكرُهم، وأمثالُهم، ومن اتبعهم بإحسان.
ومن عُرف أنه أراد برده عليهم: التنقص، والذم، وإظهار العيب؛ فإنه يستحق أن يقابل بالعقوبة ليرتدع هو ونظراؤه عن هذه الرذائل المحرمة.
((الشرح))
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين؛ وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجميعن.
مازلنا مع كتاب (الفرق بين النصيحة والتعيير) للحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى - وفي هذا الفصل يتعرض لمسألة مهمة؛ وهي الفرق بين من يُقَدِّمُ النصيحةَ لأهل العلم، وبين مَن يتنقصُهم، ويغمِزُهم، ويلمزُهم؛ وذلك لأن النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول: الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة.
قالوا له: لمن يارسول الله؟
قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ويدخل في أئمة المسلمين: علماؤهم، وولاة أمورهم، والنصيحة لهم تكون بالطرق المشروعة: بتسديدهم، والدعاء لهم، والاجتهاد، والأخذ عنهم، والتتلمذ على أيديهم، والرجوع إليهم؛ وبخاصة في الأمور المهمة، والمسائل المدلهمة؛ لأنهم هم أهل الحل والعقد الذين يبثون فيها بعد دراسة مستفيضة، وعرض على كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وفق هدي السلف الصالح؛ فالذي تكون نصيحته وفق هذا الأمر = فهذا هو الذي يعتبر من أهل النصيحة الخالصة التي يقصد بها وجه الله - سبحانه وتعالى – وأما إذا كان هدفُه من هذا = النيلَ منهم وتنقصَهم، وغمزَهم، ولمزَهم، وإثارةَ العامة عليهم، وعدمَ الرجوع إليهم في الملمات، وعدم إنزالهم منازلهم، والوقوع في أعراضهم، ومن المعلوم أن لحومهم مسمومة كما ذكر ذلك ابن عساكر- رحمه الله - وغيرُه، فيجب أن تكون النصيحةُ لهم على الوجه الذي شرعه الله – تبارك وتعالى – وبينه رسولُه - صلى الله عليه وسلم – وهذا هو الفرق بين النصيحة والتعيير في هذا الباب وغيرِه.
((المتن))
ويُعرف هذا القصد: تارة بإقرار الرادِّ واعترافه، وتارة بقرائن تحيط بفعله وقوله، فمن عُرف منه: العلم، والدين، وتوقير أئمة المسلمين، واحترامُهم؛ ولم يَذكر الردَّ وتبيين الخطأ إلا على الوجه الذي ذكره غيرُه من أئمة العلماء.
وأما في التصانيف، وفي البحث وجب حمل كلامه على الأول، وأنه إنما يقصد بذلك إظهارَ الدين والنصحَ لله، ورسوله، والمؤمنين. ومن حمل كلامه - والحال على ما ذُكر – فهو ممن يَظن بالبرئ ظن السوء؛ وذلك من الظن الذي حرمه الله، ورسوله؛ وهو داخل في قوله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) سورة النساء آية (112)؛ فإن الظن السوء ممن لا يظهر منه أمارات السوء = مما حرمه الله ورسوله؛ فقد جمع هذا الظانُّ: بين اكتساب الخطيئة والإثم، ورمي البرئ بها.
ويقوي دخوله في هذا الوعيد إذا ظهرت منه – أعني هذا الظان – أمارات السوء مثلُ: كثرةِ البغي والعدوان، وقلةِ الورع، وإطلاق اللسان، وكثرة الغيبة والبهتان والحسد للناس على ما آتاهم الله من فضله والامتنان وشدة الحرص على المزاحمة على الرئاسات قبل الأوان.
ومن عُرف منه هذه الصفات التي لا يرضى بها أهل العلم والإيمان؛ فإنه إنما يُحْمَلُ تعرضُه للعلماء وردُّه عليهم على الوجه الثاني؛ فيستحق حينئذٍ مقابلته بالهوان. ومن لم تظهر منه أمارات بالكلية تدل على شيء؛ فإنه يجب أن يُحْمَلَ كلامه على أحسن مَحْمَلاتِهِ، ولا يجوز حمله على أسوأ حالاته. وقد قال عمر - رضي الله تعالى عنه -: (لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءًاً وأنت تجد لها في الخير محملاً) (9).
((الشرح))
هذا كلام عظيم؛ فإن من يرد على أهل العلم فيما يُرى أنهم قد أخطأوا فيه، يُوَّجه على الوجهين السابقين:
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن كان هذا الراد الذي يبين بعض ما قد يكون، ووقع فيه بعض أهل العلم من أخطاء – إذا كان محمولا على بيان الحق، وتمييز الصحّ من الخطأ بالأسلوب المناسب، والأدب الرفيع والاحترام وتوقير العلماء، وإنزالهم منازلهم، وعُرفَ أن هذا الرادَّ لم يقصد برده التشفِّيَ، ولا الأذى، ولا ظنَّ السَّوْء بهؤلاء العلماء، ولا يلزمهم بما لا يلزمهم، ولا يحمل كلامهم فوق ما قصدوه، ولا يقصد إلا بيان الحق في المسألة المعينة التي حصل فيها الخطأ - حتى ولو كان اجتهاديا، إذا كان هذا هو الحامل لطالب العلم، أو العالم الذي يرد، هو هذا المعنى، فهذا أمر مطلوب، وما من مؤلف، أو عالم، بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا وهو راد، ومردود عليه؛ وهذا أمر كان يفعله السلف؛ فكان يرد بعضهم على بعض مع توخي الحق، وعدم التحامل، وربما خطَّأ بعضهم بعضا في حدود الأدب الشرعي، وفي حدود آداب طلاب العلم، إذا عُرف أن ذلك الراد ليس في قلبه غل على إخوانه، ولا يظن بهؤلاء العلماء ظن السَّوْء، وإنما أراد بيان ما ظهر له أن الدليل على خلاف ما قرروه، فمثل هذا لا يلام، ولا يُثَرّب عليه، ولا يُخَطَّأ، ولا يُنْتَقَد؛ لأنه أراد الحق، حتى ولو كان قد أخطأ، وكان الصواب في خلاف رده، ما دام الحاملُ له على ذلك هو = إرادةَ الحق بدليله، ولزوم السنةَ والتمسكَ بها.
أما إذا كان الحاملُ له على ذلك = الحسدَ، والحقدَ، والبغضَ، والمرضَ، والتشفي، والتنقصَ، والغمزَ، واللمزَ، والتعالمَ، وظنَ السَّوْءِ = فإن ذلك – والعياذ بالله – قد ارتكب مسلكا خاطئا وخطيرا، وقد جمع بين أربع سوْءَات:
أولا: تجنى على ذلك العالم بغير حق.
وثانيا: حمل كلامه ما لم يحتمل.
وثالثا: إثم عند الله – عز وجل -.
ورابعا: بَهَتَه، وافترى عليه، وكذب عليه، وقد ذكر الآية التي استشهد بها – رحمه الله – في هذا الباب، وهي قول الله – عز وجل – (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) سورة النساء آية (112).
يعني كونه كسب هذه الخطيئة، وكونه آثما، وكونه يتجنى على العالم بغير ما حق = فهو في هذا قد احتمل بهتانا أي: إفكا، وكذبا، وزورا، ومينا، يضاف إلى هذا أنه قد عرض نفسه للإثم، والخطر، والعقوبة عند الله – عزو جل -.
بل إنه يستحق – أيضا - العقوبة التعزيرية من قبل ولي الأمر، إذا كان هدفُه هو إيذاءَ العلماء، وتنقصَهم، والردَّ عليهم بغير حق، والغضَّ من شأنهم من أجل أن يرتقي، أو أن ينال شهرة، أو يقال عنه: إنه فلان بن علان الذي تسنم ذلك السنام، وأنه ذلك الشخص الذي تزبب قبل أن يتحصرم، أو ادعى لنفسه ما لم يكن أهلا له، بالإضافة إلى تجنيه، وافترائه، وكذبه – والعياذ بالله –.
فلْنَحْذَرْ من هذا الصنف من الناس، فإنهم كثر – لا كثرهم الله –، الذين – كما يقول المثل عند الناس – لاهَمَّ لهم إلا المخالفة، ولو كان على حساب تنقص أهل العلم، وإيذائهم،والنيل من شأنهم، والتحقير منهم، ومن باب خالف - كما يقولون - تعرف، أو خالف تذكر.
فالله – عز وجل – هو الذي يعلم ما في القلوب، وهو الذي يعلم ما في النيات، فنحن لا نقول لكل من رد وبين بعض أخطاء العلماء، أو طلاب العلم نلزمه بما لا يلزمه – أيضا – ونقول لك: إنك من هذا الصنف أو ذاك، لكن في الحقيقة العلامات واضحة، فمن رد وهو من الذين يلتزمون السنة، ويلتزمون الصدق في أقوالهم، وأفعالهم، ويجتهدون في تحري الصدق، والتعويل على الدليل، ومع عدم التحامل، ومع الترحم على أهل العلم، وإنزالهم منازلهم، فإن ذلك الأمرَ واضحٌ وضوح الشمس في رابعة النهار، بخلاف الصنف الثاني الذي هدفه = مجرد الأذى، والبهتان، والتنقص، والظهور، والشهرة، فإن ذلك سوف ينكشف – عاجلا أم آجلا – وقد قيل: ما أسر أحدٌ سريرةً إلا أظهرها الله – سبحانه وتعالى – على صفحات وجهه، وفلتات لسانه.
والشاعر يقول:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
((المتن))
فصل في الفرق بين النصح بالعيوب للرجوع عنها، والتوبيخ والتعيير بالذنب
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذا الباب أن يقال للرجل في وجهه ما يكرهه؛ فإن كان هذا على وجه النصح = فهو حسن. وقد قال بعض السلف لبعض إخوانه: (لا تنصحني حتى تقولَ في وجهي ما أكره).
فإذا أخبر الرجل أخاه بعيبه ليجتنبه = كان ذلك حسناً، ويحق لمن أُخبر بعيب من عيوبه أن يعتذر منها؛ إن كان له منها عذر، وإن كان ذلك على وجه التوبيخ بالذنب؛ فهو قبيح مذموم.
وقيل لبعض السلف: أتحبُّ أن يخبرك أحد بعيوبك؟ فقال: (إن كان يريد أن يوبخني فلا).
فالتوبيخ والتعيير بالذنب مذموم وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُثَرَّبَ الأمةَ الزانيةَ؛ مع أمره بجلدها (10) فَتُجْلَدُ حداً، ولا تعير بالذنب ولا توبخ به.
وفي الترمذي (11)، وغيره - مرفوعاً -: " من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله ". وحُمل ذلك على الذنب الذي تاب منه صاحبه. قال الفضيل: (المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويُعيِّر).
فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح والتعيير، هو أن النصح يقترن به الستر والتعيير يقترن به الإعلان.
وكان يقال: (من أمر أخاه على رؤوس الملأ فقد عيَّره) أو هذا المعنى.
وكان السلف يكرهون الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على هذا الوجه، ويحبون أن يكون سراً فيما بين الآمر والمأمور؛ فإنَّ هذا من علامات النصح؛ فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له، وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها. وأما الإشاعة وإظهار العيوب؛ فهو مما حرمه الله ورسوله. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا) الآتين سورة النور آية (19 - 20).
والأحاديث في فضل الستر كثيرةٌ جدَّاً (12).
وقال بعض العلماء لمن يأمر بالمعروف: (اجتهد أن تستر العصاة فإن ظهور عوراتهم وهنٌ في الإسلام وأحقُّ شيء بالستر: العورة).
فلهذا كان إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير؛ وهما من خصال الفجار؛ ولأن الفاجر لا غرض له في زوال المفاسد، ولا في اجتناب المؤمن للمعايب والنقائص؛ إنما غرضه في مجردِ إشاعة العيب في أخيه المؤمن، وهتك عرضه؛ فهو يعيد ذلك ويبديه ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساوئه للناس؛ لِيُدخل عليه بذلك الضرر في الدنيا.
وأما الناصح فغرضُه بذلك إزالة عيب أخيه المؤمن باجتنابه له؛ وبذلك وصف الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) الآية سورة التوبة آية (128).
ووصف بذلك أصحابه فقال: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) سورة الفتح آية (29).
ووصف المؤمنين بالتواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة (13).
وأما الحامل للفاجر على إشاعة السوء الهتك؛ فهي القسوة، والغلظة، ومحبته إيذاء أخيه المؤمن، وإدخال الضر عليه، وهذه صفة الشيطان الذي يُزَيِّن لبني آدم: الكفر، والفسوق، والعصيان؛ ليصيروا بذلك من أهل النيران، كما قال تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً) سورة فاطر آية (6).
وقال بعد أن قص علينا قصته مع نبي الله آدم عليه السلام ومكرَه به حتى توصل إلى إخراجه من الجنة: (يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا) سورة الأعراف آية (27).
فشتان بين من قصدُه النصيحة وبين من قصدُه الفضيحة، ولا تلتبسُ إحداهُما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة.
((الشرح))
هذا الكلام ما أبدعَه، وما أجملَه، وما أظنه بحاجة إلى شرحٍ، ولا تعليقٍ، غير أني أُوضح بشيء من الاختصار، مع أنني لن أبلغَ، ولن أُعبرَ بمثل هذه العبارات العظيمة التي بينها الشيخ.
في الفقرة السابقة تحدث عن طريقة النصح لأهل العلم، وبخاصة في المسائل التي فيها أخذٌ وردٌ، وفي هذه المسألة بيّن طريقة النصح للمسلم، سواءً وقع في معصية، أو وقع في تقصير، أو حتى ببدعة، أو أي مخالفة، فما الطريقُ السليمُ لنصحه؟
وما الذي ينبغي أن يسلكَه المسلمُ في هذا النصحِ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أولا: يجب إخلاص النية في النصح؛ يجب أن يكون المقصود بهذا النصح = وجه الله – سبحانه وتعالى – يريد المثوبة عند الله – عز وجل -؛ لأنه مأمور أن ينصح لأخيه المسلم (وإذا استنصحك فانصحه)، وأحيانا تتعين، ولو لم يَسْتَنْصِحْك = إذا رأيتَه يرتكب أمراً من المخالفات فلا يسعك السكوتُ عنه، أو تركُه يرتكسُ في حبائل الشيطان، وأنت تتفرج عليه، لكن يجبُ أن يكون قصدُك وجهَ الله، الأجرَ، يجب أن يكون قصدُك إنقاذَ أخيك المسلم من هذا الوحل الذي أوقعَه فيه الشيطانُ، فيكون هدفُك – فقط – هو إنقاذه لا تعييره، يكون القصدُ هو النصحَ، وقد سمعتُم النصوص.
ويجوز أن تنصحه حتى ولو في وجهه مباشرة، تتكلم معه مباشرة، وتقول له: يا أخي! أنا رأيتُ منك كيتَ وكيتَ وكيتَ، والمؤمنُ مرآةُ أخيه، وأنا أحب لك ما أحب لنفسي؛ فإنه ينبغي أن ترعوي وأن ترجع إلى رشدك، وأن تقلع عن تقصيرك في جنب الله، وأن تبادر إلى التوبة، والحسنات اللاتي تذهبن السيئات، ولو كان ذلك في وجهه مباشرة، بأن تتكلم معه مباشرة، ولكن لا يكون هذا بحضرة الناس؛ ويكون هذا بالأسلوب اللين، وبالكلام الطيب، وبالأخلاق الفاضلة.
يقول الله – عز وجل – في وصف نبيه - صلى الله عليه وسلم –: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) سورة آل عمران آية (159).
ويقول تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم آية (4).
ويقول تبارك وتعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) سورة التوبة (128).
فيجب أن يسلك هذا السبيل؛ لأن المقصود هو النصيحة، وليس المقصود الفضيحة، مع الستر فيما يكون قد بدر من أخيك المسلم؛ حتى ولو كانت معاصيَ، أو ذنوباً، أو مخالفاتٍ، على أن لا يكون الشخص قد افتتن به، ألا يكون ناشرا لمعصيته، أو بدعته، يغتر به الناس، فإنه – حينئذ – يُحَذّرُ منه، لكن إذا كان ذنبه قاصرا على نفسه فالواجبُ هو نصحه، وتعليمه، مع وجوبِ السترِ عليه (ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة).
فإن المقصود هو النصح، والبيان، والهداية (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمْرِ النَّعم).
ثم ينبغي أن تكون هذه النصيحة بينك وبينه.
يحكى أن المأمون تكلم معه رجل فأغلظ له القول.
فقال له: يافلان! لقد أرسل الله من هو خير منك، إلى من هو شر مني.
فقال له: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) سورة طه آية (44).
يعني أرْسَلَ موسى وهارونَ، وهو الذي عبر عنه بقوله (من هو خير منك)، وفرعون الذي هو شر الخليقة.
فهذا هو الذي ينبغي للمسلم أن يسلكه في باب النصح، يمسك بيد أخيه، ويأخذه بينه وبينه، ويناصِحُه، وعلى المنصوحِ له أن يتقبل النصيحةَ، وأن يذعن لما يطلبه منه أخوه الذي نصحه محبةً له في الخير وإشفاقا عليه، وخوفا عليه من الوقوع في المنكرات والمعاصي.
أما إذا كان قصدُه نشرَ تلك الذنوب، ونشرَ تلك العيوب، والتشفي منه، وتضخيمَ الأمر، من أجل أن ينال هو بذلك شهرة، أو – والعياذ بالله – عظمةً، تجده ينخر في عظام الأمة مثل نخر السوس في الحبِّ، يعني لا همَّ لهم إلا نشرَ عيوب الناس، بقصد التشويه، وبقصد الأذى، وبقصد النيل منهم، أو تحطيمهم، أو تشويه سمعتهم بين الناس، فإنها – حينئذ - تكون فضيحة، وليست نصيحة، وكل واحد يعرفُ نفسَه وقصدَه في تقدميه النصحَ، ولا يفهم أحدٌ من هذا - وهذا قد قدّمناه في أول الشرح، في أول هذا الكتاب – أن بيان حال المبتدعة، والعصاة الذين يتأثر بهم الناس، ويقتدون بأفعالهم، وعندما يصبحون بؤرة فاسد، ويصبحون أعضاء فاسدة يجب بترُها، فإن بيان حال أولئك – حينئذ – أمر متعين، لابد منه، فلا نخلط بين هذا وذاك، لا نخلط بين من ينشر الحديث = يتكلم دائما عن زيدٍ وعمرٍ، ويكشف ما عندهم من ذنوبٍ ومعاصٍ وتقصيرٍ، ويتحدث بذلك لقصد تشويه السمعة، ولقصد الأذى، وبين مَن إذا عجز عن النصح، يعني لم يُسْتَجَبْ له، ولم يرعوِ ذلك الشرير عن غيِّه، بل أصبح يشكل خطرًا على الأمة، فإنه –
(يُتْبَعُ)
(/)
حينئذ – يجب بيانُ حاله للناس، والنبي – صلى الله عليه وسلم – كما تعلمون – قد يعبر بقوله:
(ما بالُ أقوام).
وقد يعبر بقوله (بئس خطيبُ القومِ أنت).
وقد يعبر بقوله (كذب أبو السنابل).
ونحو ذلك مما يقتضه المقام، ومما يجب أن يُعْنَى بها المسلم من السلوك في كل حالة بما يناسبها.
والله – عز وجل – وصف المؤمنين بأن هدفَهم التراحم فيما بينهم، كما وصفهم بقوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) سورة الفتح آية (29).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطعفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى له عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ومهما قلتُ في بيان هذه المسألة فإنه لن نأتي أنا - ولا غيري - بمثل هذه الدرر التي بينها المصنِّفُ في ضوء النصوص الشرعية في (الفرق بين النصيحة وبين الفضيحة) فأعيدوا هذا مرة، ومرة؛ لعلكم تستفيدون منه، وبخاصة طلاب العلم.
((المتن))
في عقوبة من عير أخاه بالذنب.
وعقوبة من أشاع السوء على أخيه المؤمن، وتتبع عيوبه وكشف عوراته، أن يتبع الله عورته ويفضحه ولو في جوف بيته، كما روي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه، وقد أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي من وجوه متعددة، وأخرج الترمذي (14) من حديث واثلة بن الأصقع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك.
وقال: حسن غريب.
وخرج - أيضا - من حديث معاذ مرفوعا: من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله. وإسناده منقطع.
وقال الحسن: كان يقال: من عير أخاه بذنب تاب منه، لم يمت حتى يبتليه الله به.
ويروى من حديث ابن مسعود بإسناد فيه ضعف: البلاء موكل بالمنطق، فلو أن رجلا عير رجلا برضاع كلبة؛ لرضعها (15).
وقد روي هذا المعنى عن جماعة من السلف.
ولما ركب ابنَ سيرين الدَّينُ وحُبِسَ به قال: إني أعرف الذنب الذي أصابني هذا، عيرت رجلا مؤمنا منذ أربعين سنة، فقلت له: يا مفلس.
((الشرح))
هذا الفصل له علاقة بما قبله في بيان أن من تكلم في شخص لقصد التعيير؛ فإن الخطر عليه أن يصاب هو بنفسه مما وقع فيه ذلك المعيَّر.
وإن كانت الأحاديث التي أوردها المصنف لا تخلو من مقال؛ إلا أن النهي وارد عن التعيير بشكل عام.
فالتعيير وإظهار العيوب؛ إذا كان القصد هو مجرد إظهار العيوب؛ فهذا - والعياذ بالله - فضلا عمن فيه من الإثم - فإن فيه إشاعة للفاحشة.
(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) سورة الحجرات آية (12).
هذا كله إذا كان المراد هو مجردَ التعييرِ والتنقصِ، وإذا كان المرادُ هو إظهارَ العيوب، أو عدم النصيحة. وإنما المراد بذلك هي الفضيحة، وقد أورد بعضا من أقوال السلف مثل ما ورد عن ابنِ سيرين وغيره من أنهم يدركون أنه (كما تَدين تدان)، وأن المرء - إذا عير أخاه بشيء – ربما يصاب بعقوبة مماثلة؛ لأنه ما قصد بذكره هذا الأمر إلا التعيير والأذي والنيل من الشخص، فَعُوقِبَ بنقيضِ قصده، وهذا هو شأنُ من يَتَتَبَّعُ عوراتِ المسلمين، فإن مَنْ َ تَتَبَّعَ عوراتِ المسلمين، تَتَبَّعَ اللهُ عورتَه وكشفه في عقر داره) أو كما قال – صلى الله عليه وسلم – فلْنَحْذَرْ من هذا الأمرِ، وكما قلتُ – منذ أن بدأنا في هذا الكتاب – لا يدخل في هذا الباب بيانُ المبتدعة والعصاة الذين أصبحوا يشكلون فتنة على الأمة، يضلون الأمة، فإن مَن اتخذه الناسُ قدوةً وجبَ بيانُ حالِه، وهو مستثنى، وتستثنى أمور أخرى منها – مثلا -:
لو جاء شخص – استشارك شخص في خطبة رجلٍ لكريمته، أو لبنته، أو قريبته، فتبين حاله - تحذيرا لا تعييرا - وقد جاءت امراة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – وذكرت أن كلاً من: أبي جهمٍ ومعاويةَ قد خطباها.
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: أما أبو جهمٍ فإنه لا يضع العصا عن عاتقه؛ وسواء قُصِدَ بذلك: كثرة الأسفار، أو قُصِدَ أنه يكثر من ضرب النساء، فالموضوع يشمل الأمرين، وأما معاوية فصعلوك لا مال له. انكحي أسامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبيان مثل هذه الأمور هذه لا تدخل في الغيبة، ولا بالنميمة؛ إذا لم يكن المقصود هو= التشويهَ، أو التنقصَ، او التعييرَ، وكذلك بأنْ لا يدخل في هذا الباب بيان حال الرواة ليعرف الصادق من الكاذب، والثَّبْتِ من غير الثَّبْتِ، والثقة من غير الثقة، هذا أمر قد تقدم الكلام فيه – فيما مضى – وأمره واضح لكل ذي عينين، ولكل ذي لب سليم.
((المتن))
فصل فيمن يظهر النصح ويبطن التعيير والأذى، وأن ذلك من صفات المنافقين (16)
ومن أخرج التعيير واظهر السوءَ وإشاعه في قالب النصح وزعم أنه إنما يحمله على ذلك العيوب إما: عاماً، أو خاصاً، وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه في مواضع؛ فإن الله تعالى ذم من أظهر فعلاً أو قولاً حسناً وأراد به التوصل إلى غرض فاسد يقصده في الباطن، وعدَّ ذلك من خصال النفاق كما في سورة براءة التي هتك فيها المنافقين وفضحهم بأوصافهم الخبيثة: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لا تقم فيه أبدا) الآيات سورة التوبة آية (107 - وما بعدها).
وقال تعالى: (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الآية سورة آل عمران آية (188).
وهذه الآية نزلت في اليهود - سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره، وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك عليه وفرحوا بما أتوا من كتمانه وما سألهم عنه. كذلك قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وحديثه بذلك مخرّج في الصحيحين (17).
عن أبي سعيد الخدري: أن رجالاً من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلَّفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا قدِم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت هذه الآية (18).
فهذه الخصال خصال اليهود والمنافقين، وهو أن يظهر الإنسان في الظاهر قولاً أو فعلاً وهو في الصورة التي أظهره عليها حسن ومقصودُه بذلك التوصل إلى غرض فاسد فيحمَدُه على ما أظهره من ذلك الحسن ويتوصل هو به إلى غرضه الفاسد الذي هو أبطنه ويفرح بحمده على ذلك الذي أظهر أنه حسن؛ وفي الباطن سيء، وعلى توصله في الباطن إلى غرضه السيء؛ فتتم له الفائدة، وتَنْفُذُ له الحيلة، أو وتُنَفَّذُ له الحيلة بهذا الخداع.
ومن كانت هذه صفته = فهو داخل في هذه الآية - ولا بد - فهو متوعد بالعذاب الأليم، ومثال ذلك: أن يريد الإنسان ذمَّ رجل وتنقصه وإظهار عيبه لينفر الناس عنه (19)؛ إما محبة لإيذائه لعداوته أو مخافته من مزاحمته على مال أو رئاسة أو غير ذلك من الأسباب المذمومة فلا يتوصل إلى ذلك إلا بإظهار الطعن فيه بسبب ديني مثلُ: أن يكون قد ردَّ قولاً ضعيفاً من أقوال عالم مشهور؛ فيشيع بين من يعظِّم ذلك العالم أن فلاناً يُبغِضُ هذا العالم ويذمُّه ويطعنُ عليه فَيَغِرُّ بذلك (20) كلَّ من يعظِّمه ويوهمهم أن بغض الراد وأذاه من أعمال القَرَبِ؛ لأنه ذبٌّ عن ذلك العالم ودفع الأذى عنه وذلك قُربة إلى الله – عز وجل - وطاعة فيجمع هذا المظهرُ للنصح بين أمرين قبيحين محرَّمين:
أحدِهما: أن يَحْمِلَ (21) ردَّ هذا العالم القولَ الآخرَ على البغض والطعن والهوى وقد يكون إنما أراد به النصحَ للمؤمنين وإظهارَ ما لا يَحِلُّ له كتمانُه.
والثاني: أن يظهر الطعن عليه؛ ليتوصل بذلك إلى هواهُ وغرضه الفاسد في قالب النصح والذب عن علماء الشرع، بمثل هذه المكيدة كان ظلم بني مروان وأتباعهم يستميلون الناس إليهم وينفِّرون قلوبهم عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - والحسن والحسين وذريتهم - رضي الله عنهم أجمعين -.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإنه لما قُتِل عثمان - رضي الله عنه - لم ترَ الأمة أحق من علي - رضي الله عنه – بالأمر فبايعوه فتوصل من توصل إلى التنفير عنه بأن أظهر تعظيم قتل عثمان وقُبحه وهو في نفس الأمر كذلك، لكن ضُمَّ إلى ذلك أن المؤلِّبَ على قتله والساعي فيه هو علي - رضي الله عنه - وهذا كذبٌ وبهتٌ.
وكان علي – رضي الله عنه - يحلف ويغلِّظ الحلف على نفي ذلك، وهو الصادق البارُّ في يمينه - رضي الله عنه -؛ فلما أظهروا ذلك تفرقت قلوبُ كثير ممن لا خبرة له بحقائق الأمور عن علي – رضي الله عنه -، وبادروا إلى قتاله: ديانةً وتقرُّباً. ثم إلى قتال أولاده، واجتهد أولئك في إظهار ذلك وإشاعته على المنابر في أيام الجُمَع، وغيرها من المجامع العظيمة، حتى استقر في قلوب أتباعهم: أن الأمر على ما قالوه، وأن بني مروان أحق بالأمر من علي وولده؛ لقربهم من عثمان، وأخذهم بثأره؛ فتوصلوا بذلك إلى تأليب قلوب الناس عليهم، وقتالهم لعلي وولده من بعده، وثَبَتَ - بذلك - لهم الملك واستوثق لهم الأمر.
وكان بعضهم يقول في الخلوة لمن يثق إليه كلاماً معناه: (لم يكن أحد من الصحابة أكفأ عن عثمان من علي).
فيقال له: لِمَ يسبُّونه إذاً؟
فيقول: (إن المُلك لا يقوم إلا بذلك).
ومراده: أنه لولا تنفير قلوب الناس على علي وولده ونسبتُهم إلى ظلم عثمان لما مالت قلوبُ الناس عنهم؛ لما علموه من صفاتهم الجميلة، وخصائصهم الجليلة؛ فكانوا يُسْرِعُون إلى متابعتهم، ومبايعتهم فيزول بذلك مُلْك بني أمية، وينصرف الناسُ عن طاعتهم (22).
((الشرح))
هذه المسألة تحتاج إلى وقفة؛ لأن الشيخ – رحمه الله تعالى – هنا – يريد بها أمراً قد لا يدركه كثير من الناس؛ وذلك أن صورة ما يعنيه المؤلف - هنا - أنه لو جاء شخصٌ وتكلم في مسألة بكلام حسنٍ لقصد الوصول إلى غاية سيئة؛ فهذا في غاية من الفساد – والعياذ بالله – وفي غاية من الخطورة، بل لون من ألوان النفاق، والتقية المحرمة، وقد وصف الله – عز وجل – المنافقين بذلك وهو أنهم يتكلمون بكلام عظيم وجميل يريدون به التخلص، ويريدون به حقن دمائهم، أو يريدون به أن ينالوا ما يناله المؤمنون من مغنمٍ، أو من خيرٍ، في الدنيا، وهم لا يريدون الآخرة، أعني المنافقين، فكل من سلك هذا السبيل = فإنه قد وقع في خصلة مما وقع فيه هؤلاء، ولا يلزم أن يكون منافقا بكل حال، بل قد يكون الإنسان فيه خصلة من خصال النفاق، وليس منافقا خالصا، كما حاء في الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها)، والحديث معروف.
فالمقصود أن الغاية لا تبرر الوسيلة؛ هذا كل ما يريد أن يصل إليه المصنف – رحمه الله تعالى – الحافظُ ابنُ رجب من ذكر هذه المسألة، وهو أنه إذا كانت الغاية نبيلة = فلابد أن تكون الوسيلة التي يتوصل إليها بها نبيلة، ومن استعمل الوسائل النبيلة في الغايات الرذيلة، فإن هذا عنده صفة، أو قد اتصف بصفة من صفات المنافقين.
هذا الذي يريد أن يبينه أو أن يوضحه.
وتطبيقا على هذا أقول: إن بعض مَن ما يفعله بعضُ أدعياء الدعوة في هذا الزمان من أنهم يستخدمون بعضَ الوسائل التي يظهر حسنُها من أجل الوصول إلى أهداف تخالف منهج أهل السنة والجماعة ينطبق عليهم هذا الأمر.
فالذي يدعو الناس إلى مجرد الاجتماع، والتجمع، دون تمحيص، ودون بيان للحق من الباطل، وإنما لمجرد التجميع؛ حتى يصلوا إلى بعض الأهداف: كالكراسي، أو المزاحمة عليها – كما أشار المصنف هنا – أو نحو ذلك؛ فإن هذا من أسوأ الأعمال التي تُرْتَكَبُ في هذا الزمان.
يعني كون الإنسان يأتي بكلام ليسقط كلام غيره، أو ينمق كلاما ليسقط كلام أخيه، وقد يكون الكلام الذي جاء به حسن، وفي الظاهر، لكن هدفه منه الإسقاط.
(يُتْبَعُ)
(/)
مثلا: شخص بين خطأ عالم من العلماء – كما ضرب المصنفُ المثال لهذا – قال: والله العالم الفلاني، أو الشيخ الفلاني - هذا العمل لا يوافق، أو هذا العمل لم يكن صوابا، أو الحق على خلافه، أو الدليل على خلافه، مع احترامه للعالم وما إلى ذلك – من القيود التي ذكرناها قبل قليل -، لكن هذا أراد من ذلك: إما أن يضرب العلماء بعضهم ببعضٍ، أو أن يشوه سمعة ذلك المسكين الذي تكلم في هذه المسألة، ولم يقصد تنقص العالم، وإنما قصد أنَّ الذي يظهر من الحق في هذه المسألة، هو كذا وكذا، وهو يعلم أن مخالفته لهذا العالم صعبة، وأنه إذا اشتهر فلان أنه يخالفه، أن ذلك قد يسيئ إلى سمعته، وقد يحطمه، فإذا كان هدفه هذا = فإنه بذلك مفترٍ، ومتجنٍ، ومفرق لكلمة الأمة، وساعٍ في الأرض بالفساد.
ترى هذا واقع موجود واقع!
أرأيتهم فلانا؟ هو مبتدع.
لماذا؟
لماذا بدعته يا أخي؟
قال: والله رأيناه خالف الشيخ فلانا في المسألة الفلانية!
انتبوا! لا يفهم أحدٌ كلامي هذا خطأً، ترى الناس اليوم – والعياذ بالله – يُحَمِّلون كلام الشخص ما لم يقل!!
يقول: إن فلانا يريد برده على الشيخ الفلاني، أو بعدم أخذه برأي الشيخ الفلاني، أنه يريد أن ينال منه!!
كيف؟
هل دخلت في قلبي؛ عندما تلزمني بهذا الإلزام؟
نعم، لا شك أن الاشتهار بمخالفة أهل العلم، هذا من أسوأ الأمور هذا أمر خطير، (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) سورة النساء آية (115).
لكن هذا غير، غير ما أريده - هنا – وغير ما يريده الحافظ ابنُ رجب في تقرير هذه المسألة.
يعني من اشتهر بمخالفة أهل العلم، من باب خالف تعرف – كما تقدم قبل قليل – هذه صورة أخرى، غير الصورة التي نتحدث عنها - الآن -؛ ولذلك ذكر الإمام الذهبي – كما ذكرت لكم قبل هذا الوقت – عن ابن علية الابن، أيهم؟ ما اسمه؟
أحدهم أجاب: إسماعيل.
الشيخ: لا!
ليس إسماعيلَ.
الذي قال عنه (إن رواته مهجورة ومخالفته لأهل العلم مشهورة) أيهم: إسماعيل، أو إبراهيم؟
إبراهيم الابن؛ نعم الأبُ وبئس الابنُ!
الابن معتزلي!
والأب من رجال الكتب الستة الثقات المعروفين: إسماعيل بن علية.
ولذلك إذا وجدتم في كتب الفقه – دائما – وقد خالف - في ذلك – الأصمُّ وابنُ علية.
هم – لأنهم – حفاظ فيكتفون بكلمة (ابن علية)؛ لأن القدامى يعرفون مَن ابن علية المقصود هنا، من هو؟
إبراهيم الابن، يفرقون بينه وبين أبيه (إسماعيل)، لكن نحن لما ضَعُفَ علمُنا وكذا، المفروض يُنَص، عندما يأتي شخض ويذكر مسألة، فيقول: وخالف في هذا إبراهيم بن علية الابن، الذي قيل عنه كذا كذا.
فالشاهد: ينبغي أن نفرق بين المسألة الأولى التي بينها المصنف في بداية درسنا اليوم، وهي التعالم، أو الرد بقصد التشويه، وبين الرد الذي يقصد به الحق، فإذا خالف شخصٌ آخر، وكان هذا الذي خولف من المشاهير، أو من العلماء، وربما أخطأ في هذه المسألة.
قال: والله! فلان يخالف - مما يدل على أنه شاذ ومبتدع: مخالفته للعالم الفلاني، أنا حضرت مسألة في مكان ما، وتحدث بعض المشايخ في مسألة التراويح، وقيام الليل، وهل يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة أو لا يجوز.
تكلم المشايخ، وقالوا: إن الأمر فيه سعة بدليل حديث (مثنى مثنى) قام شخص مغرض مريض فقال: أرأيت يا فلان! - وكان يخاطب أميرا من الأمراء - أرأيت يا سمو الأمير فلان! أن هؤلاء الذين تكلموا - الآن - أنهم يريدون بذلك مخالفة ما عليه علماء هذه البلاد من صلاة ثلاث وعشرين ركعة!.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهم لم يقولوا ذلك أبدا! بل إنهم قالوا: الأمر فيه سعة، فمن أراد التمسك بما دل على النص، وهو إحدى عشرة ركعة فهو على الخير، ولعله أولى، مع الإطالة في القراءة، ومن زاد فالأمر فيه سعة؛ بدليل حديث (صلاة الليل مثنى مثنى) وهذا الذي قاله المشايخ، لكن هذا الذي كان يصطاد في الماء العكر - وأنا حضرت هذه القضية في مجلس من المجالس، حضرتها بنفسي - قام هذا المسكين المتطفل الجاهل، قام وقصده تشويه سمعة المشايخ الذين تكلموا في هذه القضة، وأنا - والله! - حضرتها بنفسي، وهم - والله! - لم يمنعوا الزيادة على إحدى عشرة ركعة، وإن كانوا أشاروا إلى أن الأولى والأفضل هو ذلك، قالوا: من زاد فالأمر فيه سعة.
فهو قال: هؤلاء يخالفون أئمة الحرمين، هؤلاء يخالفون ما عليه هذه البلاد، فكان رُدَّ عليه في وقتها، بأن هذا الأمر خطأ، وأن فهمك هذا غير صحيح، وأنه من باب الاصطياد في الماء العكر.
انتبهوا!؛ لأن هذه المسألة دقيقة – يا إخوان - وتحتاج – والله! – إلى وقفة، نخلص – بعد أن تبين هذا - المسألة التي عرضها الشيخ، مَثّل بها.
تعلمون ما جرى بين الصحابة - قصد الشيخ بيان عدم استغلال الفرصة لإيذاء الآخرين، وعدم استغلال الظروف التي تحصل وتشوه فيها الحقائق، هذا الذي أراده الشيخ ورده.
لا شك أن الحق مع علي – رضي الله عنه – ولا شك أن مَن قاتل علي فقد سماهم النبي – صلى الله عليه وسلم – الفئة الباغية.
هذا الأمر لا يختلف عليه اثنان، ومع هذا الدخول في التفاصيل، والنيل من الصحابة – رضوان الله عليهم – والحط على بني أمية بهذا التعميم، لا أراه – أبدا – إلا من دسائس بعض الفرق الضالة.
هذا بعد أن بينتُ – لكم – مرادَ المصنف – رحمه الله –، مراد المصنف هنا = الرد على من يصطاد في الماء العكر، ومن يستغل ما قد يحصل من ظروف في أوساط المسلمين فيبدأ يضرب، ويشتغل.
والحقيقة أن قضية ما جرى بين الصحابة إنما هي بدسٍ من عبد الله بن سبأ اليهودي ومن لفّ لفَّه، وربما تأثر - بذلك - بعض الصحابة الذين أخطأوا في هذه المسألة، وحصل بينهم ما حصل، وواجبنا نحوهم = هو الترضي عنهم والترحم عليهم، واعتقاد عدالتهم، واعتقاد أنهم – جميعا – عدول، بدون استثناء، والترضي عنهم – جميعا – واعتقاد أنهم أفضل هذه الأمة، وأنهم صفوتُها بعد رسولنا – صلى الله عليه وسلم – وأنهم خير القرون في هذه الأمة بعد النبي – صلى الله عليه وسلم -، السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين أثنى الله عليهم في آيات كثيرة، (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) سورة التوبة آية (100).
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) سورة الفتح آية (18).
وفي الآيات الثلاث التي في سورة الحشر في وصف الصحابة المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم، كل ذلك يجب أن يُتأمل، وأن نكف عما شجر بين الصحابة، يعني التنصيص على بني أمية بهذا الشكل، بهذا التعميم – بغض النظر، الشيخ أراد بيان أمر ينبغي أن نفهمه، وهو أنه لا يجوز استغلال الظروف لقصد تشويه سمعة الآخرين، هذا الذي يريده الشيخُ، يعني أنه لا يجوز لمسلم أن يصطاد في الماء العكر، وأن يتوصل بكلامٍ يَتَحَجَّجُ به، وهو أشبه ما يكون بصفات المنافقين!
هذا الذي يريد الشيخُ أن يحذرَ منه، وأما الدخول في التفاصيل فيما جرى بين الصحابة - رضوان الله عليهم – فهذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة، وكما قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله تعالى -: أولئك قوم طهر اللهُ سيونا من دمائهم أو أيدينا من دمائهم، فلنطهعر ألسنتنا من أعراضهم).
ومن أعظم علامات أهل البدع والأهواء الوقعية في الصحابة - رضوان الله عليهم - فإنهم لا يقع فيهم إلا مبتدع ضال مضل، وقد شُوِّه التاريخ وبخاصة من روايات الكلبي، والواقدي وروايات في (مروج الذهب) للمسعودي، واليعقوبي، وغيرهما، التاريخ لم يكن يوما من الأيام حجة في الحكم على الأشياء؛ لأن كتب التاريخ قد شحن الكثير منها بالغث والسمين، فيجب إذا قرأناها أن نكون على على حذرٍ مما يبث فيها.
(يُتْبَعُ)
(/)
قد يقول قائل: لماذا أورد المصنفً – إذاً – هذه المسألة؟
المصنفُ أورده للتنبيه على أمر مهم، وهو أن مَن يتكلم في الشخص بقصد تحطيمه، أو إظهاره بمظهر بغير لائق، أو من يستغل خطأ، أو مَن يستغل كلمة صدرت من شخص من أجل أن يتوصل إلى غاية خبيثة في نفسه، أقصد في نفس الذي يَتكلم فيه، نعم، فإن ذلك من سمات المنافقين.
هذا الذي يريده الشيخُ، وأما المسألة التي مَثَّل بها فإني أرى عدم الدخول في التفاصيل.
هو صحيح أنه لما اشتغل عبد الله بن سبأ، فأهل الشام جاؤوا للمطالبة بدم عثمان، وعلي – رضي الله عنه – برئ من دم عثمان براءة الذئب من دم يوسف، ومَن غرر بأهل الشام؟
هم أولئك الذين كانوا يُدسون بين الصحابة، حتى إنهم كلما أردوا أن يَكُفُّوا عن القتال في صفين ما يشعرون إلا وقد أشرعت الرماح والسيوف، ولا يدرون من بدأ ذلك، فالصحابة – كلُّهم – عدول، يجب الترضي عنهم، ويجب إعطاؤهم حقوقهم، وتوليهم، واعتقاد عدالتهم – جميعا – كما ذكر شيخ الإسلام وغيرُه: أنهم مجتهدون في هذه المسائل، فهم بين مَن له أجر، وبين من له أجران، فيجب على المسلم أن يكف عما شجر بينهم.
ونحن نرى بعضَ الكتَّاب المعاصرين يأخذون هذا التعميمَ – دائما – فيقولون: بني أمية، أو بني العباس، ويذمون الدولة الأموية والعباسية، في الدولة الأموية والعباسية – نحن لا نعتقد لأحد العصمة، لكنْ فيها من الخير، ومن خدمة الإسلام والسنة ما لا يمكن تصوره، أو ما لايمكن إحصاؤه، فعندهم من الخير، لكن الخطأ موجود، والعصمة ليس لأحد، إلا الرسل - عليهم الصلاة والسلام –.
بل إن بعض الكتَّاب المعاصرين الذين يظن، أو يحسب بعضُ الناس أنهم دعاة، وربما وصفهم بأنهم شهداء! منهم من لعن معاوية – رضي الله عنه – أو نال من عثمان، واعتقد ظلمه، أو كفر علياً ومعاويةَ – رضي الله عنهما -، أو كفر بعض الصحابة، وسلك – بذلك – مسلك بعض الفرق الضالة المنحرفة عن الصراط المستقيم، وهذا في غاية الخطورة.
هذا وجد في كتاب (الظلال)، وفي كتاب (العدالة الاجتماعة)، وفي كتاب (كتب وشخصيات) وفي كتب أخرى من كُتُب بعض الكُتَّاب المعاصرين الذين يهونون من شأن الصحابة، أو يطعنون في بعضهم، وهم ليسوا من أهل تلك النِّحلة المنحرفة، ولكن – ويا للأسف! – وقعوا في ذلك بسبب اعتمادهم على كتب التاريخ.
((المتن))
فصل فيمن أصابه أذى ومكر، أن عليه أن يصبر، وأن التمكين سيكون له بعد صبره
ومن بُلي بشيء من هذا الأذى والمكر فليتق الله، ويَسْتَعِنْ به، ويصبر؛ فإن العاقبة للتقوى. كما قال تعالى - بعد أن قصَّ قِصَّة يوسف وما حصل له من أنواع الأذى بالمكر والمخادعة -: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) سورة يوسف آية (21).
وقال تعالى - حكاية عنه أنه قال لإخوته -: (أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) سورة يوسف آية (90).
وقال تعالى - في قصة موسى عليه السلام وما حصل له ولقومه من أذى فرعون وكيده قال لقومه -: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) سورة الأعراف آية (128)).
وقد أخبر الله تعالى أن المكر يعود وباله على صاحبه.
وقال تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) سورة فاطر آية (43).
وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا) سورة الأنعام آية (123).
والواقع يشهد بذلك؛ فإن من سبر أخبار الناس وتواريخ العالم وقف من أخبار من مكر بأخيه فعاد مكرُه عليه، وكان ذلك سبباً لنجاته وسلامته على العجب العجاب.
ولو ذكرنا بعض ما وقع من ذلك؛ لطال الكتاب واتسع الخطاب، والله الموفق للصواب وعليه قصد السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً (23).
((الشرح))
(يُتْبَعُ)
(/)
في هذه الخاتمة، وبعد أن بين الشيخ في أثناء هذا الكتيب العظيم (الفرق بين النصيحة والتعيير) بَيَّن أن الإنسان قد يبتلى بالظلم، وقد يبتلى بأن يُنسب إليه ما لم يقل، وقد يبتلى بأن يوصف بما ليس فيه، وقد يبتلى بأن يُحَتمَّل كلامه ما لا يحتمل، وقد يبتلى بمن يتربص به الدوائر، فما موقفه والحال هذه؟
إن استطاع إن يدفع عن نفسه؛ فليدفع ما استطاع، دون تكلفٍ، وأما إن استمرت البلوى، فعليه أن يصبر:
(والعاقبة للمتقين) سورة الأعراف آية (128)، وسورة القَصص آية (83).
(والعاقبة للتقوى) سورة طه آية (132).
(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) سورة الزمر آية (10).
وذكر الشيخ – رحمه الله تعالى – كيف كانت العاقبة ليوسف وأخيه، وكيف كانت العاقبة لموسى وبني إسرائيل، وكيف كانت العاقبة للمؤمنين في كل وقت وفي كل حين، وكيف كانت العاقبة لمن يصبر ويحتسب، ويصبر على الأذى، فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله كما يقول الله – عز وجل – (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) سورة فاطر آية (43)؛ فينبغي للمسلم أن يصبر، وهذه الدنيا دار ابتلاء، واختبار، وامتحان: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) سورة هود آية (7)، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) سورة محمد آية (31).
فعلى المسلم أن يصبر ويحتسب فيما قد يحصل من ابتلاء في هذه الحياة الدنيا، والأجر على قدر النصب – كما هو معلوم –.
واللهَ نسألُ أن يجعلنا وإياكم من الصابرين الشاكرين، وكما تعلمون عنوان سعاد المسلم أنه: إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.
ورحم الله الشيخَ الحافظَ ابنَ رجبٍ على هذا الكتاب العظيم الدقيق في بيان (الفرق النصيحة والتعيير).
واللهَ نسألُ أن يرزقنا وإياكم الهدى والتقى، والعفاف والغنا، كما نسأله - تبارك وتعالى – أن يرزقنا وإياكم الاستقامةَ على طاعته، والعملَ بما يرضيه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحواشي:
(1) انظر " الكفاية " (88) للخطيب البغدادي و " الإعلان بالتوبيخ لمن ذمَّ التاريخ " (461) للسخاوي، و " شرح صحيح مسلم " (16/ 144) للنووي، و " مجموع الرسائل " (4/ 110) لابن تيمية، و " رفع الريبة " (24 – 27) للشوكاني.
(2) أخرجه أبو يعلى في " مسنده الكبير " من طريق مجالد بن سعيد، وهو ضعيف جدا، ورواه البيهقي بإسناد منقطع، وأخرجه عبدالرزاق، وفي إسناده أبو العجفاء السلمي، وهو ضعيف أيضاً، وانظر " المقاصد الحسنة " (ص 320).
قلت (أشرف): وقد أفردها أحد المعاصرين- وهو نزار عرعور - في جزء مستقل أسماه (القول المعتبر في تحقيق رواية " قول كل أحد أفقه من عمر ") وطبعت عن دار الراية.
(3) انظر " الرسالة " (رقم: 598 و 599) له رحمه الله، و " المقاصد الحسنة " (ص 15).
(4) وهذا ليس على إطلاقه، وانظر رد العلامة ابن القيم على من يقول: لا إنكار في مسائل الخلاف، ضمن " إعلام الموقعين " (3/ 288) فإنه مهم.
(5)) رواه عنه صلى الله عليه وسلم غير واحد من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، منهم: تميم الداري، أخرجه عنه مسلم (55) وأبو داود (4944) والنسائي (7/ 156) وأحمد (4/ 102) وأبو عوانة (1/ 36 – 37) والحُميدي (837) والبغوي (3514) والطبراني في " الكبير " (1260) و (1261) و (1262) وابن حبان في " روضة العقلاء " (194) وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (2/ 193 و 301) والشهاب القضاعي في " مسنده " (17) و (18) ووكيع في " الزهد " (346) و (621) وأبو عبيد في " الأموال " (9) والبخاري في " التاريخ الصغير " (2/ 35).
(6) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (1/ 447) والبغوي (2388)، وقال الهيثمي في " المجمع " (5/ 3: رجاله رجال الصحيح) وأصل القصة في " صحيح البخاري " (9/ 415) وفي " صحيح مسلم " (1484).
(7) قال الشيخ: الله أكبر!!
(يُتْبَعُ)
(/)
(8) أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (1675) وأبو نعيم في " الدلائل " (356) عن البراء، وقال الهيثمي في " المجمع " (8/ 93): رواه أبو ليلى ورجاله ثقات، وأخرجه من حديث أبي برزة بإسناد قوي: أحمد (4/ 421 و 424) وأبو داود (4880)، وفي الباب عن ابن عمر بإسناد حسن عن الترمذي (2033) والبغوي (3526) وابن حبان (1494 – موارد) وانظر " الترغيب والترهيب (3/ 177) للمنذري.
(9) أخرجه أحمد في " الزهد " كما قال السيوطي في " الدر المنثور " (6/ 92).
(10)) أخرجه البخاري (4/ 350) ومسلم (1703) عن أبي هريرة، وانظر " شرح السنة " (10/ 298) للإمام البغوي.
(11) برقم (2507) عن معاذ، وأخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/ 2181) والخطيب في " تاريخ بغداد " (2/ 339) وزاد الزَّبيدي نسبته في " إتحاف اسادة المتقين " (7/ 504) لابن أبي الدنيا في " الصمت " و " الغيبة "والبغوي، وفي إسناده علتان: الأولى: خالد بن معدان لم يدرك معاذاً، والثانية محمد بن الحسن ابن يزيد ضعيف جداً، أورده الذهبي في " الميزان " (3/ 515) وساق له هذا الحديث، وأورد هذا الحديث أيضا الصَّغَاني في " الموضوعات " (58).
(12)) انظر " فتح الباري " (5/ 97) و " صحيح مسلم " (4/ 1996).
(13) كما في قوله تعالى من سورة البلد: (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) آية: 17.
(14) برقم (2508) وفي إسناده القاسم بن أمية الحذَّاء، أورده ابن حبان في " المجروحين " (2/ 213) وقال: شيخ يروي عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة، لايجوز الاحتجاج به إذا انفرد، قلت: ثم روى له هذا الحديث، وعقَّب عليه بقوله: هذالاأصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وروى الحديث – أيضا – الطبراني في " الكبير " (917) و (918) و (919) وأبو نعيم في " الحلية " (5/ 186) وله متابعة عن عمر بن إسماعيل بن مجالد، عن الترمذي، وأبي الشيخ في " الأمثال " (202) والخطيب في " التاريخ " (9/ 95 – 96)، لكن لا يُفرح بها، لأن عمر متروك.
(15) رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/ 161) والخطيب في " تاريخه " (13/ 279) وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/ 83) وزاد العجلوني في " كشف الخفاء " (2/ 343) نسبته للديلمي، وللحديث طرق أخرى عن علي وحذيفة، لكنها شديدة الضعف وانظر " اللآليء المصنوعة " (2/ 293 – 295) للسيوطي، و " مختصر المقاصد الحسنة " (83) للزرقاني و " الدر الملتقط " (22) للصَّغَاني.
(16) قال الشيخ: أعوذ بالله!
(17)) أخرجه البخاري (9/ 301) ومسلم (17/ 123) وأحمد (1/ 298) وابن جرير (4/ 207).
(18) أخرجه البخاري (8/ 233) ومسلم (17/ 123) وابن جرير (4/ 205) وينبغي التنبيه هنا أن الحافظ ابن حجر قد ذكر في " الفتح " (9/ 301) أنه يمكن الجمع بين السببين الواردين في لاالحديثين بأن الآية نزلت في الفرقتين معا، وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في " الصحيح المسند " (35) معلقا: ولو رجح حديث أبي سعيد لكان أولى، لأن حديث ابن عباس مما انتُقد على الشيخين، كما في " مقدمة الفتح " (20/ 132) وكما في " الفتح " (9/ 302) ولا معنى لقصرها على أهل الكتاب .. !! إلخ.
(19) قال الشيخ: إما لِيُنَفِّرَ الناسَ، أو لِيَنْفِرَ الناسُ عنه.
(20) قال الشيخ: إما فَيُغَرَّ بذلك أو فَيَغُرُّ هو، ثم أقر الشيخ قراءة القارئ وهي (فَيَغُرُّ بذلك كلَّ.
(21) قال الشيخ: يُحَمِّل، أو أن يَحْمِلَ.
(22) وانظر " العواصم من القواصم " للقاضي ابن العربي المالكي رحمه الله، ففيه كفاية لطالب الحق إن شاء الله تعالى.
(23) قال الشيخ: وصلى الله وسلم على رسوله.
قال (أشرف): أنهيت تفريغ هذا الشرح قبيل - أو مع - أذان ظهر يوم السبت (5/ذو القعدة/1428هجرية) الذي يوافقه من التاريخ الصليبي (14/ 12/2007).
ثم راجعته مرة ثانية؛ والحمد لله رب العالمين.
تنبيهات:
1 – وضعت اسم السورة ورقمها أمام كل آية؛ سواء في المتن أم الشرح.
2 – اعتمدت – غالبا – في ضبط المتن على قراءة قارئ الرسالة.
3 – نقلت بعض كلام الشيخ صالح في الحاشية؛ لأنه أنسب؛ وليبقى الكلام في الأعلى مرتبطا بعضه ببعض.
4 – لم أعلق في الحاشية إلا بتعليق واحد ذكرت اسمي أمامه.
5 – نقلت تخريجات، وبعض تعليقات الشيخ علي الحلبي – حفظه الله – على رسالة (الفرق بين النصيحة والتعيير).
ومن هنا لمن أراده على ملف وورد بارك الله فيكم ( http://www.salafishare.com/18LGRT12S028/6032DFO.rar)
.
ـ[ابن إبراهيم]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 09:19]ـ
الأخ الكريم أشرف
جزاك الله خيرا
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[21 - Dec-2008, صباحاً 03:28]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
يرفع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[24 - Dec-2008, صباحاً 01:51]ـ
رائع جدا
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[25 - Dec-2008, صباحاً 12:49]ـ
نفع الله بها
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[22 - Jan-2009, مساء 02:01]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
يرفع
ـ[القارء المجتهد]ــــــــ[08 - Jun-2009, مساء 02:52]ـ
السلام عليكم و بارك الله فيكم جميعا
لقد رغبة إلى التحميل لكن خرج لي موقع سلفي شير فما عرفت كيفية التحميل فهل من معين
و السلام عليكم
ـ[صلاح سالم]ــــــــ[09 - Jun-2009, صباحاً 10:42]ـ
بارك الله فيك ولو كنت تصدقت علينا بإنزالها على شكل ملف بي دي اف بارك الله فيك لتكمل الفائدة حفظكم الله
ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[04 - Mar-2010, صباحاً 08:29]ـ
جزاك الله خيرًا، ونفع بالشيخ وبارك في علمه.(/)
أقوال أئمة المذاهب الإسلامية في جواز كشف وجه المرأة!
ـ[هشيم بن بشير]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 10:14]ـ
أقوال أئمة المذاهب الإسلامية في جواز كشف وجه المرأة
أولا: مذهب الحنفية
قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2|392): "أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى". وذكره الشيباني في "المبسوط" (3|56) واختاره, وفي بدائع الصنائع 5 - 121, وكذلك السرخسي في كتابه المبسوط (10/ 152 - 153).
وقال الجصاص _وهو حنفي _ في (أحكام القرآن) (3/ 316): وقول ابن مسعود في أن (ما ظهر مِنْها) هو الثياب؛ لا معنى له؛ لأنه معلوم أنه ذكر الزينة، والمراد العضو الذي عليه الزينة، ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقُلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها، فعلمنا أن المراد مواضع الزينة، كما قال في نسق الآية بعد هذا: (ولا يُبْدِيْن زِينتهُنّ إِلاّ لِبُعُولتِهِنّ)، والمراد موضع الزينة، فتأويلها على الثياب لا معنى له، إذ كان مما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها كما يراها إذا لم تكن لابستها). وانتصر لهذا القول الزمخشري في "كشافهِ".
ثانيا: مذهب المالكية
جاء في "الموطأ" رواية يحيى (2|935): "سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
قال الباجي في "المنتفى شرح الموطأ" (7|252): "يقتضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها".
قال ابن القطان في النظر في أحكام النظر (ص143) بعد أن ذكر هذا النص عن مالك: "وهذا نص قوله. وفيه إباحة إبدائها وجهها وكفيها للأجنبي. إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا. وقد أبقاه الباجي على ظاهره".
وفي كتاب "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد عن مالك أنه سئل عما يظهر من وجه المرأة، فأدار عمامته تحت ذقنه وفوق حاجبيه معلناً بذلك جواز ظهور دائرة الوجه .... وكذلك في "المدونة" (2/ 221 (ونقله ابن عبدالبر في "التمهيد" (15 - 111) وارتضاه.
وذكره القرطبي في تفسيره قال: قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة.
ثالثا: مذهب الشافعية
قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1|89): "وكل المرأة عورة، إلا كفيها ووجهها. وظهر قدميها عورة". واختاره البيهقي في السنن الكبرى (7|85) وفي "الآداب" .. واختاره البغوي الشافعي في "شرح السنة" (9|23) , وكذلك في روضة الطالبين وعمدة المفتين (6/ 15) .. وفي المجموع شرح المهذب (17/ 298).
رابعا: مذهب الحنابلة
قال ابن قدامة في المغني (ج1/ص349): (ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء).
وكذلك قاله المرداوي في "الإنصاف" (1|452): (الصّحِيحُ مِنْ الْمذْهبِ أنّ الْوجْه ليْس بِعوْرةٍ. وعليْهِ الأصْحابُ. وحكاهُ الْقاضِي إجْماعًا).
وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 316): (قال العلماء رحمهم الله تعالى: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها).
قال ابن عبدالبر في التمهيد (6|364) في المرأة: (وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: "كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها". ثم رواه بإسناده عنه ثم قال: "قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة، ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به. وأجمعوا على أنها لا تصلي متنقبة ولا عليها أن تلبس فقازين في الصلاة. وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة. وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه. وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟).
خامساً: مذهب الظاهرية
قال ابن حزم في المحلى (ج3/ ص216): بعدما ذكر الآية (وفيه نص على إباحة كشف الوجه لا يمكن غير ذلك أصلا) .. جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (1/ 167 - الطبعة الثانية): "أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة".
وأما القول بأن الأمر بأن لا تخمر المحرمة وجهها, ولا تلبس القفازين دليل على أنها كانت تفعل ذلك في غير الإحرام فهو قول باطل وإلا فهل يعني أمر الله الحجاج بتعرية رؤوسهم في الإحرام دليل على أنهم كانوا يغطونها وجوباً في غير الإحرام؟ وهذا ليس من قول أهل الفقه والنظر, ولا أهل الظاهر والأثر .. وأما حديث (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ... ). رواه الترمذي (117) وابن خزيمة (1685) وابن حبان (5598، 5599). فهو حديث ضعيف لأن كل طرقه المرفوعة فيها قتادة - وهو مدلس من الطبقة الثالثة- وقد عنعن بها. لذلك رجّح ابن خزيمة في صحيحه (3|94) ألا يكون قتادة قد سمع هذا الحديث.
______________________________ ___________
(الرد المفحم، على من خالف العلماء و تشدد و تعصب، و ألزم المرأة بستر وجهها و كفيها وأوجب، و لم يقتنع بقولهم: إنه سنة و مستحب)
للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله–:
http://arabic.islamic ... .com/sunni/rad_muf7im.htm
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[26 - Jul-2008, مساء 11:27]ـ
هل تدل هذه النصوص على حكم الكشف دائماً أو في أوقات معينة؟ مع ذكر الدليل
علماً أن هناك كتاب فيه الرد المفحم، على من خالف العلماء و تساهل و تعصب، و ألزم أن المرأة لها كشف وجهها دائماً، و لم يقتنع أن قولهم: في وقت معين
و هذا الكتاب اسمه الصارم المشهور في الرد على المفتونين بالسفور و هو للشيخ حمود التويجري
علماً أن مؤلفه زميل لمؤلف الكتاب الذي ذكره صاحب الموضوع جزاه الله خيراً
فأتمنى ممن يجده أن يرفعه كما تم رفع الكتاب الأول مع أن الرابط لا يعمل
و جزاكم الله خيراً
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 01:07]ـ
هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور؟
الدكتور / وليد بن عثمان الرشودي (*)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
لا يخفى على كل مسلم -درس شيئا من الكتاب والسنة- ما يطرأ على هذه الأمة زمن الفتن، ومن ذلك الخوض في المسائل الشرعية بلا حجة علمية ولا أمانة دينية، مصداقاً للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
وإنه في زماننا تعدى الأمر ذلك، فأصبح العلم -أعني الشرعي- كلأً مباحاً لكل مدعٍ للكتابة، محسن لصف العبارة، غير مبال بالمراقبة الإلهية، ولا النصرة للسنة النبوية، من كتبة زادهم التصفح والنقل المبتور والادعاء المثبور، روَّجت لكتاباتهم صحافة الباطل التي تنصر المنكر وتخذل المعروف، فالله طليبهم وهو حسيبهم، ولن نحزن؛ فالله يقول: (بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)
أما ما يتعلَّق بعنواني، وهو: هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور؟ فالذي دعاني أليه هو ما كثر اللغط حوله في تلك الصحافة السيارة، والمنتديات العامة، والقنوات الفضائية من أناس تصدَّروا فيها، فأعلنوا عقيرتهم ورددوا أن وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور، فأثَّر ذلك في نفسي، ودعاني للبحث المتجرد والبعيد عن التعصب لأي من الفريقين، لا سيما من يعرفني يعرف قدر العلم الشامخ والإمام الفذ محمد ناصر الدين الألباني في قلبي، ومكانته العلمية والعملية والدعوية عندي -رحمه الله رحمة واسعة- وهو الذي استفدنا منه أن الحق أحب ألينا من الرجال، وذكره هنا لأن كل من خاض في هذه المسألة تعلَّق بكلام الشيخ -رحمه الله- ثم بعد ذلك يزيد من عنده ما شاء أن يزيد وهنا أذكر أن جمعي يدور حول قول الجمهور في المسألة،وأي النسبتين أولى أن تنسب له، فلك -أيها القارئ- الاطلاع الآن على أقوال أهل العلم، لتحكم بعد ذلك أيه قول الجمهور:
أولاً: قول أئمتنا من الأحناف رحمهم الله تعالى:
يرى فقهاء الحنفية –رحمهم الله- أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك ذكروا أنَّ المسلمين متفقون على منع النِّساء من الخروج سافرات عن وجوههنَّ، وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال أبو بكر الجصاص، رحمه الله: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/ 458)، وقال شمس الأئمة السرخسي، رحمه الله: حرمة النَّظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء (المبسوط 10/ 152)، وقال علاء الدين الحنفيُّ، رحمه الله: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.
قال ابن عابدين، رحمه الله: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة. ونصَّ على أنَّ الزوج يعزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم (حاشية ابن عابدين 3/ 261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه. (حاشية ابن عابدين 2/ 488).
ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها، وهي محرمة، إذا كانت بحضرة رجال أجانب (حاشية ابن عابدين 2/ 528)، وقال الطحطاويُّ، رحمه الله: تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/ 272)، ونصَّ الإسبيجانيُّ والمرغينانيُّ والموصليُّ على أنَّ وجه المرأة داخل الصلاة ليس بعورة، وأنَّه عورة خارجها، ورجَّح في (شرح المنية) أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وقال: أمَّا عند وجود الأجانب فالإرخاء واجب على المحرمة عند الإمكان
(حاشية إعلاء السنن للتهانوي 2/ 141).
ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء الحنفية يُنظر حاشية ابن عابدين (1/ 406 - 408)، والبحر الرائق لابن نجيم (1/ 284 و2/ 381)، وفيض الباري للكشميري (4/ 24و308).
وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى: [وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ] (المرأة المسلمة ص 202).
وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، رحمه الله: ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/ 431).
ثانيا: أقوال أئمتنا من المالكيّة:
يرى فقهاء المالكيّة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء -في مذهبهم- ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ رحمهما الله: المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها. (أحكام القرآن 3/ 1578)، والجامع لأحكام القرآن (14/ 277).
وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، رحمه الله: إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف -كما جرت بذلك عادة البوادي- لا تجوز إمامته، ولا تقبل شهادته.
وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ -رحمه الله- عمن له زوجة تخرج بادية الوجه، وترعى، وتحضر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّساء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل؟
فأورد الفتوى السابقة، ثم قال: وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ (المشداليّ) صحيح.
وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا. ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد (المعيار المعرب للونشريسي 11/ 193).
وذكر الآبِّيُّ: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب ستر الوجه والكفين إن خشيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/ 41). ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر: المعيار المعرب للونشريسي (10/ 165و11/ 226 و229)، ومواهب الجليل للحطّاب (3/ 141)، والذّخيرة للقرافي (3/ 307)، والتسهيل لمبارك (3/ 932)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/ 55)، وكلام محمد الكافي التونسي كما في الصارم المشهور (ص 103)، وجواهر الإكليل للآبي (1/ 186).
ثالثًا: أقوال أئمتنا من الشافعيَّة:
(يُتْبَعُ)
(/)
يرى فقهاء الشافعية أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، سواء خُشيت الفتنة أم لا؛ لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يرى أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال إمام الحرمين الجوينيُّ، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية.
(روضة الطالبين 7/ 24)، و بجيرمي على الخطيب (3/ 315).
ونقل ابن حجر -رحمه الله- عن الزياديّ، وأقرَّه عليه: أنَّ عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها، حتى الوجه والكفين على المعتمد.
وقال: قال صاحب النِّهاية: تَعَيَّنَ سترُ المرأة وجهها، وهي مُحْرِمَة، حيث كان طريقاً لدفع نظرٍ مُحَرَّم (تحفة المحتاج 2/ 112و4/ 165).
وقال ابن رسلان، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه، لاسيما عند كثرة الفسَّاق (عون المعبود 11/ 162).
وقال الشرقاويُّ، رحمه الله: وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة.
(حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/ 174).
وقال النَّوويُّ، رحمه الله: لا يجوز للمسلمة أن تكشف وجهها ونحوه من بدنها ليهوديَّة أو نصرانيَّة وغيرهما من الكافرات، إلاَّ أن تكون الكافرة مملوكة لها، هذا هو الصحيح في مذهب الشافعيِّ رضي الله عنه (الفتاوى ص 192).
وقال ابن حجر، رحمه الله: استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال.
وقال الغزَّاليُّ، رحمه الله: لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنِّساء يخرجن منتقبات (فتح الباري 9/ 337).
ولمطالعة مزيد من أقوال الفقهاء الشافعية، يُنظر إحياء علوم الدين (2/ 49)، وروضة الطالبين (7/ 24)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (1/ 411)، وحاشية القليوبي على المنهاج (1/ 177)، وفتح العلام (2/ 178) للجرداني، وحاشية السقاف (ص 297)، وشرح السنة للبغوي (7/ 240).
وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، رحمه الله: لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.
والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة:
القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة (تيسير البيان لأحكام القرآن 2/ 1001).
رابعا: أقوال أئمتنا من الحنابلة:
يرى فقهاء الحنابلة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لكونه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال الإمام أحمد، رحمه الله: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها، فإنَّ الخفَّ يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتَّى لا يبن منها شيء (انظر الفروع 1/ 601).
وقال ابن تيميّة، رحمه الله: وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النِّساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرِّجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين ... ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب بقوله: [يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ] حجب النِّساء عن الرِّجال.
وقال: وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره.
وقال ابن القيِّم، رحمه الله: الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ ذلك ...
والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك.
خامسا: أقوال أئمتنا من المحققين:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار (2/ 180):"وأما تغطية وجه المرأة – يعني في الإحرام – فلما روي أن إحرام المرأة في وجهها ولكنه لم يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج به، وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله سلم- محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه "، وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههنَّ كان لأجل الإحرام، بل كنّ يكشفن وجوههن عند عدم وجوب من يجب سترها منه، ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه.
قال العلامة بكر أبو زيد: معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها، وتلقيها بالقبول، وقد جرى الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت، فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة، واتفق المسلمون على هذا العمل المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة، فمنعوا النساء من الخروج سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.
فهذان إجماعان متوارثان معلومان من صدر الإسلام، وعصور الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حكى ذلك جمع من الأئمة، منهم الحافظ ابن عبد البر، والإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم رحمهم الله تعالى، واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول.
الأدلة من النظر:
• قال الشنقيطيُّ، رحمه الله: إنَّ المنصف يعلم أنَّه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنِّساء في الكشف عن الوجه أمام الرِّجال الأجانب، مع أنَّ الوجه هو أصل الجمال والنَّظر إليه من الشابَّة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشريَّة، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. (أضواء البيان تفسير القرآن بالقرآن 6/ 602).
ويتَّضح مما سبق جلياً ظاهراً أن قول الجمهور هو القول بعورة وجه المرأة، بل حكى الإجماع على ذلك أئمة يعتمد نقلهم للإجماع وهم:
• ابن عبد البر من المالكية المغاربة.
• والنووي من الشافعية المشارقة.
• وابن تيمية من الحنابلة.
• وحكى الاتفاق السهارنفوري، والشيخ محمد شفيع الحنفي من الحنفية.
فهل يبقى بعد ذلك حجة لمدعٍ أن قول الجمهور خلاف ذلك؟.
• تنبيهان مهمان:
• الأول: أنه لا يجوز إطلاق كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بجواز كشف الوجه دون تقييده بأن المستحب هو تغطية الوجه.
• ثانيًا: على كل باحث في هذه المسألة أن يتجرد في البحث، جاعلاً مراقبة الله نصب عينيه، ثم معرفة مفاتح العلم، فالبعض يلتقط أقوالاً من كتاب الصلاة، ولا يراجع كتاب الحج والنظر للمخطوبة، فيقع في الخلط والخطأ في نسبة الأقوال دون تحقيق وتمحيص.
وبعد فهذا ما تيسَّر جمعه نصرة لأئمتنا أن ينسب لهم ما لم يصح عنهم، وحماية لجناب المرجعية العلمية الأصيلة، وعدم الخلط والتشويه للعلم وأهله.
أسأل الله –تعالى- أن ينفع بما كتبت، وأن يجعله لوجهه خالصًا، ولسنة نبيه متبعاً، والحمد لله رب العالمين.
ملحوظة: اعتمدت كثيراً على الكتاب الماتع النافع الأدلة المطمئنة على أن الحجاب طهر وعز للمؤمنة، لفضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحمدان حفظه الله تعالى.
--------------------------
(*) رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالرياض
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 02:35]ـ
كلٌ يحشد لقوله ... وهذا كاف في توهين دعوى الإجماع.
تنبيه: قد أشرت في مشاركة سابقة إلى أن الإجماع المستفاد من عمل المسلمين ليس في قوة الإجماع القولي المتعارف عليه جيلاً بعد جيل.
تنبيه آخر: لا خلاف في أن الجمهور يرون أنه ليس للمراة أن تكشف وجهها بحضرة الأجنبي إلا لضرورة، هذا الذي للمرء أن يقول فيه بكل حزم وجزم: هناك "إجماع" على أن هذا قول الجمهور!.
يؤيد ما قررته هنا كلام نفيس للإمام الجويني في "البرهان " (1/ 434)، يقول فيه: ((لو فرضنا اجتماع العلماء في مجلس وقام سئل إلى رجل حنفي وسأله عن مسألة اختلف العلماء فيها فلو أجاب المفتى الحنفي بما يوازى مذهب أبي حنيفة فسكت الحاضرون عليه لابتدرت الأوهام إلى حمل سكوتهم على التسويغ في محل الاجتهاد وتمهيد عذر المفتي المعرب عن مذهبه المسوغ وإذا تردد سكوتهم كما ذكرناه والإجماع هو القول الجازم المبتوت فيستحيل ادعاؤه على صفته وشروطه في محل تقابل الاحتمالات.
وهذا يتضح بصورة تناقض صورة الخلاف وهي أن واحدا لو ذكر على رءوس الأشهاد وجمع المفتين قولا خرق به الإجماع وخالف دين الأمة فالمفتون لا يسكتون عليه بل يثورون مبادرين إلى الإنكار عليه وتجهيله وتسفيه عقله وذلك لأن الذي جاد به ليس قولا ينقدح تسويغه لقائل فهذا معنى قول الشافعي لا ينسب إلى ساكت قول)).
قلت: والقول بوجود من يبيح كشف المرأة وجهها وكفيها سواء بضرورة أو غير ضرورة، ليس بجديد إلا على من قل إطلاعه وكل بصره عن مطالعة دوواين أهل العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)