ففي هذا البحث المختصر، سأحاول – على ضيق من الوقت – تسليط الضوء على شمولية الحضارة الإسلامية من حيث إلزاميتها، ومن حيث الأطياف والمجالات التي غطتها، كحضارة إلهية، قبل أن تكون حضارة إنسانية، وسبق الحضارة الإسلامية في جميع تلك المجالات التشريعية والمعرفية للحضارات الأخرى، واقتباس الحضارة الغربية ومدى تأثرها بها.
رسالة الإسلام تشمل الثقلين:
لقد تميزت رسالة الإسلام بأنها رسالة للثقلين، ورسالة لكافة الشعوب والمتدينين بكافة الأديان، بخلاف الرسائل الأخرى، فقد كان كل نبي إنما يبعث إلى قومه، فبعث هود عليه السلام إلى قومه، وصالح عليه السلام إلى ثمود، وموسى وعيسى عليهما السلام لبني إسرائيل.
أما رسالة الإسلام فهي عامة، عامة لمن أرسلت إليه، وعامة في مضمونها، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا}. [سبأ/ 27]، وقال جل مجده: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}. [الأعراف/ 158]، وقال: {تبارك الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للناس نذيرا}. [الفرقان/ 1]، وقال تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا}. [سبأ/ 28].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري (335)، ومسلم (521) وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه مرفوعا: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصَل، وأحلت لي الغنائم، ولم تُحل لأحد قبلي، وأإعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعثت إلى الناس عامة". وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل (1/ 250) عن ابن عباس مرفوعا: "بعثت إلى الناس كافة: الأحمر والأسود".
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم (153) عن أبي هريرة رضي الله عنه: "لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار".
ولذلك فمنذ ازدهار العصر المدني، واظب النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله على إرسال رسائل الدعوة ووفودها لمختلف قبائل الجزيرة العربية، ثم منها إلى إمبراطوريات فارس، والرومان، والأقباط، وملوك الغساسنة، والحبشة ... إلخ، مبشرا بهذا الدين الحنيف الذي ضم بين جنبيه تلك الحضارة الإسلامية العظيمة.
وما وصل خبر الدعوة إلى الشعوب حتى استنفرت تؤمن بتلك الرسالة الخالدة، وتستنجد جيوش الإسلام ضد طغاتها وجبابرتها، فانتشرت الفتوح شرق الأرض وغربها في سرعة أدهشت العالم، فما تم القرن الهجري الأول حتى امتد الإسلام من الصين شرقا إلى الأندلس غربا، امتداد حكم، وامتداد دين وحضارة وقيم. وصدق الحق تعالى حيث قال: {إذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}. [النصر/ 1 - 3].
ومن مقتضى ذلك: هيمنة الإسلام دينا وتشريعا على جميع الأديان، ونسخه لها، فما نص عليه هو المعول، وما أحله هو الحلال، وما حرمه هو الحرام، ذلك أنه نتاج تراكمات حضارية سابقة بقيت في اللاشعور الإنساني، ودين اليسر والانفتاح الذي انقضى عنده الوحي، وضمن الحق تعالى له التجديد أبد الآباد. قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}. [المائدة/ 48]، وقال تعالى أيضا: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. [الحجر/ 9]، وقال صلى الله عليه وسلم فيما ورد بطرق يصحح بعضها بعضا علي بن أبي طالب عليه السلام مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". ومن موجبات الحفظ والتصحيح، الاستمرار والصلاحية لكل زمان ومكان.
ومنه: أن الشرائع الإلهية واجبة التطبيق على المتدين بالإسلام وعلى غير المتدين به، وهو حكم جمهور الفقهاء، ولذلك فإن ما ورد من تحريم المحرمات وتحليل الحلال، غير مقتصر ذلك في الدولة الإسلامية على المسلمين فحسب، بل يتعدى في الوجوب إلى غير المسلمين، فلا يجوز لهم المجاهرة بما حرم الله تعالى من الزنا، والخمر، والربا، وغير ذلك مما قد لا يكون محرما في شريعتهم الخاصة.
(يُتْبَعُ)
(/)
نعم؛ جمهور العلماء على أن أهل الذمة في دولة الإسلام يرجعون فيما شجر بينهم لقاضي ديانتهم، كما فصل ذلك الفقهاء في محله، ومنهم جدنا الخامس شيخ الإسلام جعفر بن إدريس الكتاني رحمه الله في كتابه "أحكام أهل الذمة". ما لم يحدث بينهم تظالم، وما لم يتفقوا على الرجوع لقاضي المسلمين، أو يتعلق الأمر بطرف مسلم. وهذا من انفتاح الإسلام وتسامحه مع غيره من الديانات.
قال شيخ الإسلام جعفر الكتاني رحمه الله: "السلطان يحكم بينهم فيما يحكم فيه والي المظالم ... وأما في غير ذلك ... فينصبن لهم من يحكم بينهم فيها منهم" (3). بخ.
ومما ينبني على شمولية الإسلام من حيث الإلزام: هيمنته ورفعته على الغير، وهو مصداق قول الحق تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ... إلى قوله تعالى: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون}. [المائدة/ 48 - 50]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله فيما رواه أبو داود في سننه (2912) عن أبي الأسود الدؤلي رضي الله عنه: "الإسلام يعلو ولا يعلى"، وهو يعتبر قاعدة أساسية من قواعد الإسلام الكلية التي تبنى عليها كثير من الأحكام.
ومن مقتضى شمولية الإسلام للثقلين: وجوب تبليغنا له إليهم، وتعريف الناس بهذا الدين والهدي السماوي الذي ألزمنا الله به، سواء عن طريق الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وعن طريق الحوار والتعريف بمزايا الإسلام وصدقيته وسموه، وسواء عن طريق المناظرة والمقارعة، وإجابة الحجة بالحجة ... إلخ، وفي ذلك قال الحق تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}. وقال عز من قائل: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}. [فصلت/ 33].
الهوامش:
(1) "الإسلام والحضارة الغربية" بقلم د. محمد محمد حسين. ص6.
(2) انظر "بحوث تحليلية نقدية في الفكر الإسلامي" للعلامة عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني ص54.
(3) "أحكام أهل الذمة" ص67.
-يتبع-
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[09 - May-2008, صباحاً 06:45]ـ
شمولية الإسلام لكافة مظاهر الحياة:
هذا؛ ومن حيث النطاق الذي غطته الحضارة الإسلامية، رسالة وفعلا، فإنها لم تدع مجالا من مجالات الحياة قل أو كثر، كبر أو صغر، إلى ودخلت فيه دخول الروح في الجسد، وصبغته بصبغة الحق تعالى وناموسه الذي خلق الخلق من أجله، كما في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. [الذاريات/ 56].
إن أبرز ما يلفت النظر لحضارتنا – حسب الأستاذ مصطفى السباعي رحمه الله – أنها تميزت بالخصائص التالية:
1 - أنها قامت على أساس الوحدانية المطلقة في العقيدة.
2 - أنها إنسانية النزعة والهدف.
3 - أنها جعلت للمباديء الأخلاقية المحل الأول في كل نظمها ومختلف ميادين نشاطها، خاطبت العقل والقلب معا، وأثارت العاطفة والفكر في وقت واحد.
4 - وآخر ما نذكره من خصائصها: هذا التسامح الديني العجيب، الذي لم تعرفه حضارة مثلها قامت على الدين (1).
وعلاوة على كون الحضارة هي نتاج لتراكمات معرفية، وتجارب إنسانية، فإن حضارة الإسلام أُسست نواتها، وظهرت معالمها كاملة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى يديه الكريمتين، وبتربيته وتعليمه ونهجه القويم، بحيث ما ترك للناس بابا من أبواب السعادة إلا أرشدهم إليه، ولا مزلقا من مزالق الضلال والغواية إلا وحذرهم منه، وذلك مصداق قول الحق تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. [المائدة/ 3].
قال حافظ المغرب الشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله، في "التراتيب الإدارية": "إنه – عليه السلام – حيث كان يشغل منصب النبوة الديني على قاعدة جمع دينه القويم بين سياسة الدين والدنيا جمعا مزج بين السلطتين بحيث كادا أن يدخلا تحت مسمى واحد، وهو الدين. وكذلك وقع؛ كانت الإدارات اللازمة للسياستين على عهده صولجانا دائرا، والعمالات بأتم أعمالها إلى الترقي والعمل سائر، بحيث يجد المتتبع أن وظائف حاشية الملك اليوم الخاصة بشخصه؛ من صاحب الوضوء، والفراش، والنعال، والاصطبل، والحاجب وغير ذلك، كانت موجودة عند النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل عن ذلك العهد
(يُتْبَعُ)
(/)
أخذها ملوك الإسلام".
"كما إذا التفت إلى ما يتعلق بالمراتب الإدارية؛ من وزارة بأنواعها، وكتابة بأنواعها، والرسائل والإقطاعات، وكتابة العهود والصلح، والرسل والترجمان، وكتاب الجيش والقضاة، وصاحب المظالم، وفارض المواريث، وصاحب العسس في المدينة، والسجان والعيون، والجواسيس، والمارستان، والمدارس والزوايا، ونصب الأوصياء والممرضات، والجراحين والصيارفة، وصاحب بيت المال ومتولي خراج الأرض، وقاسم الأرض، وصانع المنجنيقات، والرامي بها، وصاحب الدبابات، وحافر الخنادق والصواغين، وأنواع المتاجر، والصناعات والحرف؛ تجد أن مدته – عليه السلام – مع قصرها لم تخل من أعمال هذه الوظائف وإدارة هذه العمالات، وتجدها كانت مسندة للأكفاء من أصحابه وأعوانه عليه السلام".
قال: "ومن عرف نهضة الإسلام وتعاليم النبي عليه السلام، وأمعن النظر في تلك النهضة؛ تحقق أن ليس هناك من أساليب التمدن ما لم يكن الإسلام في وقت ظهوره أصلا له وينبوعا، فمن تأمل ما بثه النبي صلى الله عليه وسلم من التعاليم وأنواع الإرشاد، وما حوى القرآن من آداب الاجتماع ومن طرق التعارف والتمازج، وما أودع الله غضون كلماته الجوهرية من أحكام الطبيعة وأسرار الوجود وفرائد الكائنات، وما ضبط من الحقوق وسن من نظامات الحياة، وما تلته به السنة النبوية من تهذيب النفوس والأخلاق والإرشاد للأخذ بالتي هي أحسن فالأحسن، وما أحكمته من سنن الارتقاء والإخاء البشري والمتمع بضروب الحرية؛ علم أن التمدن الإسلامي في إبان ظهوره قامت معه تلك الأعمال لتأثير تلك التعاليم على قلوب سامعيها في ذلك الحين" (2).
فالإسلام حدد العلاقة بين العبد وربه، وحددها بين العبد ونفسه، وبين العبد وغيره من الناس، وبينه وبين الطبيعة والبيئة، كما أرسى أسس الحرية والعدالة والمساواة، حرية مقيدة بحقوق الآخر، وبالقيم الأخلاقية العليا، بخلاف الحرية المعاصرة التي خرقت حجب الأخلاق والقيم.
وبذلك شرع لكل نوع من تلك العلاقات شرائع وأحكاما نظمتها، وأسست الحدود والقواطع لها، لتغطي كافة الاحتياجات البشرية في الماضي والمستقبل.
فالإسلام إنما جاء بنظريات عامة، وشرائع مرنة، تتكيف مع كل زمان ومكان، وشعب وجنس، بحيث جعل الله تعالى شرائعه متعلقة بمفاصل النفس البشرية، ومجامع النوع الإنساني، تلك التي يمكننا تسميتها بـ: نقاط الالتقاء بين الطبائع البشرية، ولا شك أنه علميا كل نقطة التقاء تتضمن مجموع الصفات التي تعود نفسها لكل طرف من الملتقيات، ففلسفة العالم إنما تكمل وتكتسب الشمول عندما تغطي أكبر قدر من نقط الالتقاء، وكلما زادت معرفة المنظر باختلاف العالم واتفاقه؛ كلما تمكن من حشذ القواعد المتعلقة بنقط الالتقاء، وبذلك تعميم نظريته على أكبر شريحة من المجتمعات (3).
ثم تفاعلت تلك الشرائع مع عادات الشعوب التي انتشرت بينهم، وفهومهم، وتجاربهم، فقبلت منها ما وافق قواعدها، ونسخت ما خالفها، لتتكون فسيفساء من القيم الأخلاقية والاجتماعية، ذات لون وطابع هو نسيج الإسلام وتعاليمه.
ونستخلص من ذلك: أن الإسلام نظام حكم، ودولة، سواء في سياستها الداخلية والخارجية، وتشريعاتها المدنية والجنائية والأسرية، بحيث يؤسس هيكلا نظاميا فيردا في نفسه.
وحدد الإسلام العلاقة بين العبد وربه، من حيث الطاعة، والذكر، والخشوع، والنية الصالحة، والتوبة، والإنابة، والخشية، والتجلي، والفناء، والفرق والجمع ... إلخ، وجماع ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعا: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى". وهو ما يسمى في الحضارة الإسلامية بالتصوف.
كما حدد الإسلام علاقة الزوج بزوجته، وبأبنائه، وفرض عليه حسن معاشرتهم، والقيام بحقوقهم، وكيفية تربية الأبناء، ومسايسة المرأة، فقال صلى الله عليه وسلم وعلى آله فيما رواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 5)، والبخاري في صحيحه (3/ 196) وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته" قال الراوي: فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
"والرجل في مال أبيه راع ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه الترمذي قس سننه (3895)، وأبو داود في سننه أيضا (4899)، والدارمي في سننه (2265) عن أمنا عائشة الصديقة رضي الله عنها مرفوعا: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". بحيث يعتبر الإسلام أول من نادى بالإعلان العالمي لحقوق المرأة، بما يتلاءم مع فطرتها وخصوصياتها، وأول من نادى بالإعلان العالمي لحقوق الطفل، بما يأخذ بعين الاعتبار مكانته وفطرته، وطريقة تربيته وتوجيهه.
كما أسس أسس وقوانين الحياة الاجتماعية، ومعاشرة الجيران، سواء كانوا أفرادا أو دولا، أشخاصا أو جماعات، وكيفية تساوي حقوقهم وواجباتهم، ونوع تلك الحقوق والواجبات، بما يعنون عنه بالنظام الاجتماعي في الإسلام. فقال صلى الله عليه وسلم وعلى آله فيما رواه الشيخان البخاري (8/ 12)، ومسلم (8/ 36) عن عائشة رضي الله عنها: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
كما بلور الإسلام - دينا وحضارة – الأسلوب العلمي الرزين للبحث والتنقيب، والتوثيق، فكانت الحضارة الإسلامية رائدة المنهج التجريبي في البحث العلمي، ومؤسسة قواعده وهياكله، بحيث يعود لها الفضل في ذلك، ويعود الفضل الكبير لعلماء المسلمين في اكتشاف أهم الاكتشافات العلمية التي العالم عالة عليها إلى الآن.
فقد "أعطى علماء العرب والمسلمين للتجربة في منهج البحث العلمي مكانا مهما جدا، ولكنهم لم يغفلوا أهمية الفرض النظري في كشف زوايا التجربة العلمية واحتمالاتها أيضا، وبذلك حققوا لعلم الكيمياء ما يعتبر ضروريا لكل علم من العلوم من وجود موضوع محدد ومنهاج يناسب ذلك الموضوع، ونظرية العلاقات الكائنة بين أجزائه المختلفة". على حد قول الأستاذ زكي نجيب محفوظ.
كما أن الحضارة الإسلامية كانت أول من أرسى دعائم علاقة الإنسان بغير الإنسان، فقد حض الإسلام على إكرام كل ذات نفس طرية، وأن في الإنعام عليها اجرا كبيرا من الله تعالى، وفي الإساءة إليها عقوبة من الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم وعلى آله فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 222) عن ابن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا: "في كل ذات كبد حرّى أجر". وما قصة العابدة التي حبست القطة فما أطعمتها ولا تركتها تسرح تنقب في أرض الله حتى ماتت، فعاقبها الله تعالى بالنار. ولا الرجل الذي أشفق على الكلب فسقاه من البئر حتى روي فأكرمه الله بالجنة، ما تلك القصص بعازبة عن الباحث. وذلك يعد أول إعلان في التاريخ عن حقوق الحيوان قبل الحضارة الغربية بأربعة عشر قرنا.
ولا كذلك الحض على مراعاة الطبيعة، وعدم إفسادها وتلويثها، فكانت الحضارة الإسلامية هي السباقة للدعوة لحماية البيئة وصيانتها من الضياع والفساد.
الهوامش:
(1) عن كتابه "من روائع حضارتنا". بواسطة "العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية" ص15.
(2) "التراتيب الإدارية في الحكومة النبوية" ص1 - 2.
(3) انظر مقدمتنا لكتاب "الاجتهاد والمجتهدون بالأندلس والمغرب" تأليف الإمام أبي المزايا محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني.
-يتبع-
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[09 - May-2008, صباحاً 06:49]ـ
عناية الحضارة الإسلامية بالمفاهيم الكلية للبشرية:
من مظاهر شمولية الحضارة الإسلامية: عنايتها بالمفاهيم الكلية للبشرية؛ وهي حسبما حصره الإمامان الغزالي والرازي رحمهما الله: الدين، والعقل، والنفس، والمال، والعرض، والنسب.
فقد حض الإسلام على حمايتها، بل جميع الشرائع تدور حول ذلك، وفي فلك مراعاتها وصيانتها من التبديل والتحويل والتلف، ومن أهم الأحاديث التي أشارت إلى وجوب حماية تلك الكليات، خطبة حجة الوداع التي ألقاها النبي صلى الله عليه وسلم أمام مائة ألف من الصحابة أو يزيدون، فقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه (1218) وغيره: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا ... وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع رِبانا ... فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فُرُشكم أحدا تكرهونه".
(يُتْبَعُ)
(/)
فمن حيث صيانة الدين؛ أمرنا الإسلام بالتبشير به، وتعليمه، والدعوة إليه، وأوجب على الحاكم حماية عقائد المسلمين، والأخذ على يد من يفسد على الناس دينهم وإيمانهم. وحرم كل ما من شأنه هزهزة ذلك الكيان أو الشك فيه.
ومن حيث صيانة العقل؛ حرم الإسلام المخدرات، والحشيش، والخمر، وكل ما من شأنه التأثير على العقل السليم، سواء من المواد الخارجية، ومن السحر والشعوذة والأفكار الهدامة التي يمكن أن تؤثر في سلامته.
ومن حيث الأعراض والأنساب؛ فقد صانتها الشريعة الإسلامية، صانت المرأة التي هي رمز العفة والطهارة، بإلزامها السترة والحجاب، وصانت الرجل بالحض على إحصانه، وأمرت بغض البصر، والنظر الحلال، وعدم القول الفاحش، وحرم القذف، والظهار، والنشوز، وغير ذلك مما يؤدي مباشرة أو غير مباشرة بإفساد الجو الأخلاقي للمجتمع، ومن ثمة اختلاط الأنساب، وفساد الأعراض.
ومن حيث النفس؛ جعلها الإسلام مقدسة محرمة، لا يجوز التعدي عليها، ولا قتلها، ولا إيذاؤها، بل جعل قتل النفس من الذنوب العظام التي لا يكاد يغفرها إلا القصاص، وجعل إيذاء المسلم، بل وغير المسلم، من كبائر الذنوب التي لا تستنقذ إلا بمسامحة الطرف الآخر والأخذ بحقه. فشرع القصاص، والتعزير، والعتق، وما هو في حكم ذلك.
ومن حيث المال؛ فقد نظم الإسلام مداخيل الفرد والمجتمع، ومخارجه، وفرض الزكاة من فضل أموال الأغنياء للفقراء، والصدقة، وزكاة الفطر، والركاز، والتغريم، والدية والجزية، في نظام اقتصادي دقيق، يعد أكمل النظم الاقتصادية في تاريخ الإنسانية، بل وحرم السرقة، والربا، والرشوة، والمكس، والقمار، والغرر، والبيع في بيعتين، وما هو في حكم ذلك مما يؤدي إلى ضياع الأموال وأكل الناس بعضهم بعضا.
علاوة على ذلك فقد ارتكز الإسلام في فلسفة تشريعه على مجموعة من القيم المرجعية؛ "هذه المنظومة التي هي بمثابة الجهاز القيمي الذي اعتمده الإسلام في بناء عقيدته وشريعته، والتي تحدد منظوره إلى الحياة الإنسانية، أو إلى مسؤولية الإنسان باعتباره لم يُخلق عبثا، ولا كان ثمرة مصادفة من مصادفات الطبيعة، وإنما كان مستَخلفا في الأرض، مكلفا بإعمارها، مسؤولا عن تحقيق رسالته فيها، مكلفا بتننمية قدراته وتزكية نفسه وعبادة خالقه" (1).
ويمكن تلخيص تلك القيم – بحسب الدكتور محمد بن عبد المالك الكتاني - في التالي:
1 - الحق باعتباره مبدأ مطلقا وقيمة ثابتة.
2 - العلم باعتباره موصلا إلى معرفة الحق.
3 - الإيمان، أو تحرير الذات.
4 - الدين منهج لهداية الإنسان.
5 - أثر المسؤولية في منظومة القيم.
6 - الشريعة منظومة عمل متجددة.
7 - العدل، أو التوازن بين القوى في الطبيعة والمجتمع.
8 - الوسطية في مواجهة التطرف.
9 - حقوق الإنسان.
شهادات أجنبية على شمولية الإسلام:
لم يخل العالم غير الإسلامي من كتاب منصفين، نظروا إلى الحضارة الإسلامية بعين الإنصاف، وعرفوا مكانتها ومدى تأثيرها في غيرها من الحضارات، والبصمات الأساسية التي تركتها في الإنسانية جمعاء.
ومن الكتاب المنصفين: الباحثة والعالمة الألمانية زيغريد هونكه، التي ألفت كتابا يعد من أهم المصادر التي أبرزت مدى تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية، في مختلف المجالات التشريعية، والصناعية، والزراعية، والبحث العلمي، والإنسانية، والأخلاقية ... إلخ، وذلك في كتابها الرائع: "شمس العرب تسطع على الغرب".
فقد جعلت بحثها في مدخل ابتدأته بالحقيقة التالية: "التاريخ الأوروبي لم يعد فب الوقت الحاضر التاريخ العالمي وحده"، وختمته بحقيقة هامة هي: "إن الشعوب التي حكمها العرب اتحدت بفضل اللغة العربية والدين الإسلامي".
ثم قسمت الكتاب إلى سبعة كتب وخاتمة: الأول: رفاهية حياتنا اليومية، والثاني: العالم والأرقام، والثالث: السماء التي تظلنا، والرابع: الأيدي الشافية، والخامس: سلاح المعرفة، والسادس: موحد الشرق والغرب. والسابع: عرب الأندلس.
وفي كل كتاب من تلك الكتب، تصف المؤلفة الحضارة الإسلامية وما أبدعته في ذلك المجال، مقارنة ذلك بالوضع الأوروبي المزري في تلك الفترة، والمفارقة بينه وبين الحضارة الإسلامية، ثم مدى اقتباس الحضارة الغربية من الحضارة الإسلامية وبقاء ذلك التأثير إلى الآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعد ذلك الكتاب المطبوع مرارا، والمرتجم إلى اللغة العربية شهادة غربية مهمة، تعد مثالا أصليا لمدى شمولية الحضارة الإسلامية في مختلف المجالات العربية والحياتية، واعتراف الآخر – البعيد كل البعد عن العقيدة الدينية الإسلامية – بذلك.
ولم تكن زغريد هونكه بدعا في قومها، فقد أُعجب مجموعة من كبار العلماء بالحضارة الإسلامية، وشمولها، وريادتها ماضيا وحاضرا، فقد قال بريفولت في كتابه "تكوين الإنسانية": "العلم هو أجل خدمة قدمتها الحضارة العربية إلى العالم الحديث، فعلماء الإغريق نظموا وعمموا ووصفوا النظريات، ولكن روح البحث وإجلاء المعرفة اليقينية والطرق الدقيقة والملاحظة المستمرة كانت غريبة عن المزاج الإغريقي، ولكن علماء العرب لهم الفضل في تعريف أوروبا بهذا كله، لذا فإن الإنتاج العلمي الغربي مدين بوجوده لعلماء العرب" (2).
وقال جورج سارتون في كتابه "الدليل لتاريخ العلوم": "إهمال ما استحدثه العرب من تطوير من شأنه أن يفسد مفاهيم كاملة ويجعلها غامضة ... ولقد كانت اللغة العربية هي اللغة العالمية للرياضيات بما لم تبلغه لغة أخرى، ولقد كانت الثقافة الإسلامية الجسر الرئيسي بين الشرق والغرب، فالثقافة اللاتينية كانت غربية، والثقافة الصينية كانت شرقية، أما الثقافة الإسلامية فكانت شرقية غربية امتدت رقعتها من المسيحية في الغرب إلى البوذية في الشرق واحتكت بهما" (3).
وبمراجعة كتاب "ماذا خسر العالم من انحطاط المسلمين" يقف القاريء والباحث على العديد من نصوص كبار المستشرقين في العالم والباحثين المنصفين، تقديرا للحضارة الإسلامية وإعجابا بدورها الرائد نحو الحضارة الإنسانية ككل.
الخلاصة:
من هذا البحث المختصر، يمكن التلخيص بأن الحضارة الإسلامية حضارة شاملة بمفهومين، المفهوم الأول: مدى إلزاميتها والشريحة المعممة عليها، والمفهوم الثاني: النطاقات والمجالات التي شملتها، لتكون أكمل الحضارات وأشملها، وأقدرها على الاستمرار والإنتاج.
وهي حضارة ترجم أساسها وعناصرها الأولى النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فمنه انطلقت وإليه تعود، فما في الكون من خير وفضل، وازدهار إنما هو تفصيل للأسس الأصلية التي رسخها، وما كان غير ذلك فهو نتيجة للابتعاد عن هديه وقيمه المثالية التي رسخها، وفي ذلك يقول القائل:
هام الورى في معان أنت جامعها===فكلهم لك عشاق وما علموا
كما يبين البحث بأن الحضارة الإسلامية هي ناسخة لما قبلها من الحضارات ومهيمنة على ما بعدها، بحيث لها الفضل الكبير فيما توصلت إليه الحضارة العالمية – والتي لا نعترف بتسميتها: الحضارة الغربية – بحيث تعد القواعد الأساسية التي انبثقت عنها، وما كان من الاختلاف بين الحضارتين إنما هو من نتاج انحراف الحضارة الحديثة عن الحضارة الإسلامية.
ويمكن – على حد تصور الأستاذ طه عبد الرحمن – اعتبار الحضارة الحديثة إنما هي لون من ألوان الحضارة الإسلامية من حيث التمايز، وجزء منها من حيث الأصول والجذور ..
الهوامش:
(1) محمد الكتاني "منظومة القيم المرجعية في الإسلام" منشورات الإيسيسكو 1425/ 2005.
(2) "العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية" تأليف الدكتور عبد الله الدفاع، ص35.
(3) المصدر السابق.
والحمد لله رب العالمين
ـ[البريك]ــــــــ[09 - May-2008, صباحاً 07:20]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيكم
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 03:27]ـ
بارك الله فيكم شيخنا مقال مختصر ممتع و اعجبني فيه قو لكم
.
وهي حضارة ترجم أساسها وعناصرها الأولى النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فمنه انطلقت وإليه تعود، فما في الكون من خير وفضل، وازدهار إنما هو تفصيل للأسس الأصلية التي رسخها، وما كان غير ذلك فهو نتيجة للابتعاد عن هديه وقيمه المثالية التي رسخها، وفي ذلك يقول القائل:
هام الورى في معان أنت جامعها===فكلهم لك عشاق وما علموا
فتعليقكم الخير بالكون لا بالحضارة الاسلامية فقط و ربط ذلك المعنى الشامل بمعنى البيت هو ما صرح به بعض علماءنا ممن لهم اطلاع على أخبار الحضارات و معرفة بتطورها في الكلام على ان النبي صلى الله عليه و سلم رحمة للعالمين و ليس لأتباعه فقط من أن كل خير في العالم انما هو في أصله و علته راجع الى آثار الأنبياء و تعاليمهم و هممهم و أنوارهم ...
بارك الله فيكم
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 05:25]ـ
بارك الله فيكم(/)
صفات كمال الإيمان وأثرها في صلاح الفرد والمجتمع
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[09 - May-2008, صباحاً 11:31]ـ
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم رب العالمين ولي المومنين عليه نتوكل وبه نستعين والصلاة والسلام على سيد الأنام الصادق الأمين المبعوث رحمة للعالمين وعلى ءاله وصحابته الكرام ...
أما بعد فإن جوهر الدين وسره هو الإيمان، الذي تهب نسماته على الإنسان فتمنحه السكينة والاطمئنان، وتفتح بصيرته وبصره، فإذا هو يرى ما لا يرى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اتقوا فراسة المونم فإنه ينظر بنور الله "
و لا يخفى ما لهذه الثمرة من نتائج عظيمة وأثر بعيد في بناء الحضارة ونهضة الأمة، لأنها تعطي الإنسان صانع الحضارة الثقة في جهاده النبيل حين يعمل مرتبطا بالله مستمدا منه كل عون وتوفيق
في هذا السياق يأتي هذا الموضوع الذي جعل محوره الذي يدور عليه الآيات الثانية والثالثة والرابعة من سورة الأنفال، لما تضمنته من سمات فضلاء المومنين وصفات كمال الإيمان معتمدا في ذلك على مختلف التفاسير من شتى المذاهب والمشارب الإسلامية المعتبرة، وما فتح الله به من توفيق وسداد في إبراز ما تحتويه من معان وأسرار
ـ[أسماء]ــــــــ[09 - May-2008, مساء 01:43]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخ محمد عزالدين المعيار على هذا الطرح القيم
و سمح لي بإضافة هذه الحطبة القيمة
حقيقة الإيمان
سليمان حمدالعودة
ملخص الخطبة
1 - وصية الأنبياء بالإيمان والثبات عليه 2 - تفاوت إيمان الناس بالغيب 3 - الإيمان منزلة لا يدركها بعض من يدعيها 4 - العلاج لهذه الفاحشة 5 - اختلاف أهل البدع في حقيقة الإيمان 6 - خوف المؤمنين من الله وخوفهم من النفاق 7 - ينبغي أن يظهر أثر الإيمان في سلوكنا 8 - من الإيمان التحاكم إلى شرع الله ونبذ شرائع غيره
الخطبة الأولى
أيها المسلمون: والإيمان هو الحقيقة الكبرى في هذا الوجود من أجلها خلق الله الخلق وبعث الأنبياء وأنزلت الكتب: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [الأنبياء:25].
والإيمان هو ميدان الصراع بين الحق والباطل، وأوذي وفتن من أجله المؤمنون ولم يسلم من التهديد والمطاردة في سبيله المرسلون: الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين [العنكبوت:102 - 103].
وقال تعالى: وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد [إبراهيم:13 - 14].
وقال تعالى قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين ءامنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا [الأعراف:88].
والإيمان لاهميته تواصى به الانبياء عليهم السلام: كما قال تعالى: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون [البقرة:133].
ومازال محل تذكير الآباء للابناء حتى حضور الموت: أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله ءابائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون.
أيها المسلون: الإيمان الحق هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، والإيمان الحق هو التصديق الجازم بعالمي الغيب والشهادة، وإذا تساوى الناس في الإيمان بعالم الشهادة، وهو ما يشاهدونه حاضرا بأم أعينهم تفاوتوا في الإيمان بالغيب الذي غيبه الله عن أنظارهم وحواسهم في هذه الحياة، وأخبرهم عنه خبر صدق في كتبه المنزلة وبواسطة أصدق خلقه من أخبار الأمم الماضية وأهوال يوم القيامة وأشراط الساعة ونحوها.
هنا يتفاوت الناس حسب إيمانهم، فمنهم من يؤمن بها كأنه يراها رأي العين، ومنهم من يجحد وينكر، وما يجحد بآيات الله إلا الظالمون، ومنهم من يبقى شاكا مترددا فإن لم يرد الله به خير ويهديه للإيمان عاش معذبا في هذه الحياة، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ... نسأل الله السلامة والعصمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
عباد الله: والإيمان بالله منزلة علية تشرأب لها الأعناق، والإيمان بالله ملاذ عند الشدائد والكروب، ولذا فليس كل من ادعى الإيمان مؤمنا: قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم [الحجرات:14].
بل لقد ادعاه فرعون حين أحس الهلاك ففضحه الله وجعله عبرة للمعتبرين حتى إذا أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إله إلا الذي ءامنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ءالئن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون [يونس:90 - 92].
وإذا كان الأمر كذلك فما هي حقيقة الإيمان؟ وما نوع الأعمال التي تبلغ بصاحبها إلى هذه المنزلة الرفيعة.
يعرف علماء السنة والجماعة الإيمان بأنه: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، ويزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.
ويعنون بقول اللسان: النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما.
أما اعتقاد القلب فهو: النية والإخلاص والمحبة والانقياد والاقبال على الله والتوكل عليه ولزام ذلك وتوابعه.
أما عمل بالجوارح فهو: عمل الصالحات القولية والفعلية والواجبة والمسنونة مما يندرج تحت شعب الإيمان التي قال النبي صلى الله عليه وسلم بشأنها: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)).
وهذا المفهوم الواضح الشامل للإيمان يرد على الطوائف الضالة التي يعتقد بعضها أن الإيمان مجرد لاصق وأنه لا يضر مع الإيمان ذنب كالمرجئة ومن سايرهم، ويرد كذلك على الذين يكفرون بالذنب الذي يرتكبه المسلم وهم الخوارج ومن شايعهم، أو يغالون في الدين وينسبون لله ما ليس منه كالرافضة والباطنية على اختلاف نحلهم.
إخوة الإسلام: الإيمان الحق اعتقاد للمبدأ الحق وثبات عليه دون تردد أو ارتياب إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسله ثم لم يرتابوا (3).
وهو جهاد بالمال والنفس وتضحية بالغالي والنفيس في سبيل الله وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون [الحجرات:15].
الإيمان الحق خوف من الجليل يقود لفعل الجميل والتوكل على العزيز الرحيم إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون [الأنفال:2].
والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون [المؤمنون:60].
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: الذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال: ((لا يا ابنة الصديق ولكنهم يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ألا يتقبل منهم (4))).
قال سفيان بن عيينة: كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض هؤلاء الكلمات: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه (5).
خوف المؤمنون يا عباد الله ليس خوفا سلبيا يقعد بهم عن عمل الصالحات، لكنه تخوف من عدم القبول لكونهم قصروا في شروط القبول يدفعهم إلى تحسين العمل واتقانه وهو خوف من أن يسلب منهم هذا الإيمان،وهو يدفعهم إلى مزيج العناية به واستشعار حلاوته قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ((ما لي لا أرى حلاوة الإيمان تظهر عليكم، والذي نفسي بيده لو إن دب الغابة وجد طعم الإيمان لظهر عليه حلاوته، وما خاف عبد على إيمانه إلا منحه، وما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه (6))).
خوف المؤمنين صيانة للنفس عن النفاق الذي تبدو صورته الظاهرة حسنة للعيان، والله أعلم بما تكن الصدور وتنطوي عليه القلوب من الكفر والعصيان، ولذا أخرج البخاري في صحيحه تعليقا ووصله غيره عن أبي مليكة قال: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه (7).
وقال الحسن البصري رحمه الله: والله ما أصبح ولا أمسى على وجه الأرض مؤمن إلا ويخاف النفاق على نفسه، وما أمن النفاق إلا منافق (8).
أيها المسلمون: الإيمان الحق الذي نحتاجه جميعا هو عدل في القول ووفاء بالعهد ونطق بالحق وسكوت عن الباطل: وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله اوفوا [الأنعام:125].
((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو خلق رفيع وحسن أدب مع الخالق والمخلوق: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء (2))).
وهو لحسن خلقه وكرمه لا يتفطن للشر وقد جاء في الحديث الحسن: ((المؤمن غِر كريم، والفاجر خب لئيم (3))).
والمعنى كما قال صاحب النهاية: إن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلة فطنته للشر وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا ولكن كرم وحسن خلق (4).
والمؤمن الحق يتجاوز دائرة ذاته ويهتم ويألم لأحوال إخوانه قال عليه الصلاة والسلام: ((المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس (1))).
وهو بين الناس طلق المحيا، كريم الندى، لطيف المعشر يألف ويؤلف ((ولا خير من لا يألف وخير الناس أنفعهم للناس (2)))
وهو مع ذلك كله آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر والمؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر [التوبة:71].
وبالجملة فأهل الإيمان هم المحافظون على جلائل الأعمال القولية والفعلية مثل قوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون [المؤمنون:1 - 9].
جعلني الله وإياكم من أهل الإيمان ونفعني بهدي القرآن. . الخ.
(3) انظر: معارج القبول، الحكمي 1/ 20 - 30
(4) رواه أحمد و الترمذي.
(5) الإيمان لابن تيمية /60
(6) أخرحة البيهقي في شعب الإيمان .. ثلاث شعب ….1/ 191
(7) انظر: الفتح 1/ 109
(8) رواه البيهقي في الشعب، ورواه البخاري طرفاً منه، الفتح 1/ 111، الشعب 1/ 191 192
(2) أخرجه أحمد،وغيره بسند صحيح، وصحيح الجامع 5/ 89
(3) رواه أبو داود و الترمذى و الحاكم، وصحيح الجامع 5/ 89
(4) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، 3/ 354، 355
(1) حديث حسن رواه أحمد عن سهيل بن سعد، صحيح الجامع 6/ 7
(2) صحيح الجامع 6/ 7
[ COLOR="Red"] الخطبة الثانية
[ B]
الحمد لله رب العالمين انعم على عباده المؤمنين إذ هداهم للإيمان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شرح صدور المسلمين للإيمان فهم على نور من ربهم، وأشهد أن محمد عبده ورسوله أكمل المؤمنين إيمانا وأحسنهم خلقا اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
أيها المسلمون: والإيمان ضمان للثبات في مواقف الامتحان وهو مركب للنجاة في طوفان الفتن والمحن، به يميز الله الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب [آل عمران:179].
يفرق المؤمنين بين عذاب الله وفتنه الناس، يصبرون على البلوى ويشكرون على السراء ((عجبا لأمر المؤمن إن اصابته ضراء صبر وكان خير له)) وفي حديث آخر: ((المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله (2))).
والإيمان معلم هاد في بيداء الصحارى المهلكة إذا تاه الدليل أو خيم الظلام أو كان حبيس الغم أو ضاقت على المرء الضوائق فيؤنسه الإيمان بخالقه ويتسع له المكان مهما كان ضيقاً ومنعزلاً: وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [الأنبياء:87 - 88].
وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً [الكهف:16].
الإيمان الحق سبب للأمان إذا انتشر الرعب وساد القلق وتخطف الناس ولم يأمنوا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون [الأنعام:82].
والمؤمنون هم الذين تزيدهم الشدائد ثباتا ورؤيتهم لتكالب الأعداء عليهم إيمانا وتسليما ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً [الأحزاب:22].
أما غير المؤمنين فتطير قلوبهم لكل نازلة فاذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت [الأحزاب:19].
(يُتْبَعُ)
(/)
والمؤمنون رحماء بينهم هينون لينون كافون عن الأذى باذلون للمروءة والندى، وليس من الإيمان إيذاء المؤمنين قولا وفعلا: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً [الأحزاب:58].
المؤمنون يتحاكمون إلى شرع الله ويرضون بالإسلام حكما ولا يجدون في انفسهم حرجا بل يرضون ويسلمون تسليما انما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون [النور:51].
أما غير المؤمنين فيأنفون من حكم الله ويتحاكمون إلى الطاغوت وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله وأولئك هم الظالمون [النور:48 - 50].
المؤمنون حقا يتحرون الحلال في مطعمهم ومشربهم وملبسهم، وهم حريصون على الحلال جمعا وإنفاقا لا يشربون الخمر ولا ياكلون السحت ولا يتعاملون بالربا أو ضروب المعاملات المحرمة الأخرى في البيع والشراء، نفقتهم عدل ووسط بين التقتير والإسراف، أمرهم ربهم بالحلال فامتثلوا، ونهاهم عن الحرام فانتهوا، قال لهم في الأولى: يا أيها الذين امنوا كلوا من طبيات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون [البقرة:172]. وقال لهم في الأخرى إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفحلون وقال كذلك: يا أيها الذين ءامنوا لا تاكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون [المائدة:90].
أما غير المؤمنين فلا يتورعون عن الحرام ولا يحتاطون في الحلال، أمرهم فرط، وربما ملكوا القناطير المقنطرة، وقد يخيل لمن لا يعرفهم أنهم من شدة اللهاث جوعى، وربما انقلبت موازينهم فجأة فأصبح الغني فقيرا، والدائن مدينا، فلا الإيمان أسعفهم بالنزاهة والشكر على المال جمعا، وليس غير الإيمان يسليهم على فقده صبرا من يهن الله فما له من مكرم [الحج:18].
عباد الله: هذه دعوة لنا جميعا لنعلم حقيقة الإيمان ونتخلق بأخلاق الإسلام، وليست حصرا لحقائق الإيمان ولا احصاء لصفات المؤمنين، لكنها الاشارة بالبعض إلى الكل، أما النتيجة التي يجب أن نخلص إليها فهي أن الإيمان ليس بضاعة مزجاة تباع وتشترى بأبخس الأثمان أو مجرد دعوى وألقاب تجوز على كل لسان، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان نهج متكامل، فهو عبادة الله خاشعة ومعاملة لخلقه كريمة، وأخلاق رفيعة، هو كسب نظيف وإنفاق مشروع.
الإيمان الحق اعتقاد سليم وعمل صحيح، جهاد وتضحية، أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ولاء وبراء، مظهر ومخبر، بذل للندى، وكف عن الاذى، وخروج عن الأنانية المقيتة ونصرة للنفس المسلمة المظلومة.
وبهذا يتبين خطأ نظرتين للإيمان إحداهما جافية، والأخرى غالية.
أما الجافية فترى أن مجرد الإيمان بالله كاف حتى وإن ضيعت الصلاة وقُصر في أداء الزكاة واختلطت المعاملات الحلال بالحرام، بل يكثر هذا الصنف الجافي من القول: لا داعي للتركيز على المظاهر، فالمخابر هي الأساس، وهؤلاء يهدمون الإسلام لبنة لبنة، حتى إذا لم يبق إلا شبح البناء تهاوى وبكى على الأطلال.
أما الصنف الغالي فهم يعظمون الصغير ويكفرون على الذنب الكبير، وربما فتحوا معارك في خطأ علاجه بالحسنى أجدى وأولى، وربما جعلوا احتقار الناس دينا والتنقص من أمرهم دينا وشرعا والله يقول: فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [النجم:32].
إن دين الله هو وسط بين الغالي والجافي، والحكم عند التنازع: كتاب الله وسنة رسوله صلى عليه وسلم ونظرة واسعة لهما وفهم عميق.
اللهم سددنا في أقوالنا وأفعالنا، وهب لنا ايمانا تصلح به سرائرنا وعلانيتنا. . .الخ.
(2) صحيح الجامع
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[09 - May-2008, مساء 08:14]ـ
الحلقة الأولى:
قال الله تعالى: {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون أولئك هم المومنون حقا لهم درجات عند ربهم و مغفرة ورزق كريم} سورة الأنفال:2 - 4
تنتمي هذه الآيات إلى سورة الأنفال ثاني سورة نزلت بالمدينة النبوية بعد " البقرة" على أرجح الأقوال، وتأتي قبلها في ترتيب المصحف سورة الأعراف، ووجوه المناسبة بين الأنفال والأعراف كثيرة من أبرزها:
1 - أن الله تعالى لما ذكر في الأعراف قصص عدد من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، اقتضى ذلك بيان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه فجاء ذكره في الأنفال
2 - أنه سبحانه لما ذكر في الأعراف أن اتباع الهوى أصل في الضلال والتنكب عن سبيل الرشاد، {ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} [الأعراف:176] أمر المومنين - هنا في الأنفال - بسد باب الأهواء ونبذ الشقاق والنزاع حفاظا على صفهم من التصدع، ووحدتهم من الانهيار، وبالتفويض لله ورسوله في تدبير أمورهم، فإن ذلك أجدى لهم وأهدى، مذكرا لهم بما ينبغي لهم التزامه {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}.
3 - أنه تعالى لما قال في الأعراف: {وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} [الأعراف: 204] بين في الأنفال حال المومنين عند هذا السماع فقال جل ذكره: {إنما المومنون} إلى قوله: {زادتهم إيمانا} [الأنفال:2 - 4] لأنه هكذا يكون سماع المومن {و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} [الأنفال:21]
وهذه الوجوه وغيرها مما يؤكد أن وضع الأنفال بعد الأعراف وقبل براءة في ترتيب المصحف توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم للحابة، وليس مجرد اجتهاد من الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء اعتمادا على حديث ضعيف يدور في كل رواياته على يزيد الفارسي وهو غير مشهور بل يكاد يكون مجهولا، روي أنه ذكر ليحيي بن معين فلم يعرفه، وذكره الإمام البخاري في الضعفاء، ومن ثم فلا يصح أن تكون روايته التي انفرد بها مما يعتد به في ترتيب القرآن المتواتر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[09 - May-2008, مساء 08:16]ـ
الحلقة الأولى:
قال الله تعالى: {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون أولئك هم المومنون حقا لهم درجات عند ربهم و مغفرة ورزق كريم} سورة الأنفال:2 - 4
تنتمي هذه الآيات إلى سورة الأنفال ثاني سورة نزلت بالمدينة النبوية بعد " البقرة" على أرجح الأقوال، وتأتي قبلها في ترتيب المصحف سورة الأعراف، ووجوه المناسبة بين الأنفال والأعراف كثيرة من أبرزها:
1 - أن الله تعالى لما ذكر في الأعراف قصص عدد من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، اقتضى ذلك بيان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه فجاء ذكره في الأنفال
2 - أنه سبحانه لما ذكر في الأعراف أن اتباع الهوى أصل في الضلال والتنكب عن سبيل الرشاد، {ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} [الأعراف:176] أمر المومنين - هنا في الأنفال - بسد باب الأهواء ونبذ الشقاق والنزاع خفاظا على صفهم من التصدع، ووحدتهم من الانهيار، وبالتفويض لله ورسوله في تدبير أمورهم، فإن ذلك أجدى لهم وأهدى، مذكرا لهم بما ينبغي لهم التزامه {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}.
3 - أنه تعالى لما قال في الأعراف: {وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} [الأعراف: 204] بين في الأنفال حال المومنين عند هذا السماع فقال جل ذكره: {إنما المومنون} إلى قوله: {زادتهم إيمانا} [الأنفال:2 - 4] لأنه هكذا يكون سماع المومن {و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} [الأنفال:21]
وهذه الوجوه وغيرها مما يؤكد أن وضع الأنفال بعد الأعراف وقبل براءة في ترتيب المصحف توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم للحابة، وليس مجرد اجتهاد من الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء اعتمادا على حديث ضعيف يدور في كل رواياته على يزيد الفارسي وهو غير مشهور بل يكاد يكون مجهولا، روي أنه ذكر ليحيي بن معين فلم يعرفه، وذكره الإمام البخاري في الضعفاء، ومن ثم فلا يصح أن تكون روايته التي انفرد بها مما يعتد به في ترتيب القرآن المتواتر.
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[09 - May-2008, مساء 10:18]ـ
الرجاء من الإخوة المشرفين الأفاضل مشكورين تصحيح كلمة"للحابة " في مشاركتي الأخيرة لتصبح "للصحابة" وذلك في السطر الرابع من تحت
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[23 - May-2008, صباحاً 03:32]ـ
سبب النزول:
لا خلاف أن سورة الأنفال نزلت في بدر وغنائمه، وسميت كذلك أخذا من مطلعها حيث افتتحت بقوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}
والأنفال: الغنائم واحدها نفل بالتحريك، وتعني في كلام العرب: الزيادة على الواجب ومنه قول لبيد:
إن تقوى ربنا خير نفل * * * وبإذن الله ريثي والعجل
ويستفاد من مجموع الآثار الواردة في سبب النزول أن أهل بدر اختلفوا في غنائمها وفي قسمتها فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله - في شأنها - ما يرفع كل لبس وغموض، وأنها لله تعالى يقضي فيها بحكمه، وللرسول يقسمها وفق قضاء الله وحكمه
ثم أتبع سبحانه ذلك بالأمر بالتقوى وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله، فقال جل ذكره: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم و أطيعوا الله ورسوله إن كنتم مومنين}
أي إن كنتم كاملي الإيمان، لا إن لم تكونوا مومنين، تحريضا لهم على أن يكون إيمانهم في أحسن صوره وأبهى مظاهره، وجواب الشرط دل عليه ما قبله من قوله تعالى: {فاتقوا الله} إلى آخر الآية
وهذه الأمور الثلاثة: تقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة أوامر الله والرسول، دعائم أساسية لصلاح المجتمع الإسلامي وفلاحه، لما توفره من معنى الانضباط والالتزام في كل الأحوال لأحكام الشرع ووحدة الكلمة والصف وتكفل طاعة القيادة المخلصة الحكيمة.
صفات كمال الإيمان:
في ذلكم السياق المذكور آنفا جاءت آيات صفات كمال الإيمان، دافئة متدفقة، بأسمى المعاني وأعجز المباني مما يجعلها تنفذ إلى أعماق القلوب والنفوس من غير استئذان ويقبلها العقل بغير ارتياب
تبتديء الآيات بصيغة الحصر "إنما" التي يخاطب بها من يعلم ذلك و لا يدفع صحته أو ينزل منزلة العالم به الذي لا ينكره، وظاهر القصر -هنا - أن من لم يتصف بهذه الصفات ليس مومنا، وليس الأمر كذلك لأدلة من الكتاب والسنة، على أن الإيمان لا ينقصه الإخلال ببعض الواجبات ومن ثم فالحصر - هنا - باعتبار كمال الإيمان لا باعتبار أصل الإيمان، كقول القائل:"إنما الشجاع علي " على سبيل المبالغة والادعاء.
يقول الشيخ الطاهر ابن عاشور - في تفسير التحرير والتنوير -:"يؤول هذا إلى معنى:إنما المومنون الكاملو الإيمان، فالتعريف في "إنما المومنون"تعريف الجنس المفيد قصرا ادعائيا على أصحاب هذه الصفات مبالغة، وحرف "ال" فيه هو ما يسمى بالدالة على معنى الكمال "
وصفات الكمال في الآيات، جاءت مرتبة أحسن ترتيب، حيث بدئت بمقام الخوف من الله وخشيته، ثم بالانقياد لتكاليفه، ثم بالتفويض إليه وحده دون سواه، وهي كلها صفات تتعلق بالقلوب والبواطن، ثم أتبعت بإقامة الصلاة، وبذل المال في مرضاة الله، باعتبارهما رأس الطاعات المعتبرة في الظاهر، وأصل كل خير وفلاح ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عزالدين المعيار]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 01:48]ـ
الحلقة: الثالثة
الصفة الأولى من صفات كمال الإيمان: وجل القلوب عند ذكر الله
قال تعالى: {إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}
الوجل: الخوف والفزع، وأكثر استعماله في القلب، ومنه قولهم: حمرة الخجل وصفرة الوجل "
وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه "فرقت " وقرأ أبي بن كعب رضي الله عنه "فزعت " وكلتا القراءتين إنما تحمل على التفسير، ونظير هذه الآيةقوله تعالى: {وبشر المخبثين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} -الحج:34 - 35 -
وجاء الوجل كذلك في سورة الحجر في حوار إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع ضيفه المكرمين {قال إنا منكم وجلون قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم} الحجر:51 - 52] وفي سورة المونون في حق المومنين المشفقين من خشية ربهم {والذين يوتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} المومنون:60] وليس للوجل بعد هذا ذكر في القرآن الكريم
وفي سنن الترمذي عن أم المومنين عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية الأخيرة فقالت:أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا،بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم {أولئك يسار عون في الخيرات} المومنون:61]
و وصفت أم الدرداء الوجل عند ذكر الله وصفا حيا معبرا عندما قالت لمن سألها عن حقيقته:"الوجل في القلب كاحتراق السعفة أما تجد له قشعريرة؟ قال: بلى، قالت: فادع الله فإن الدعاء يستجاب عند ذاك.
والسعف جريد النخل يسمع له عند احتراقه نشيش يشبه شعور الوجل يلم بالقلب من ذكر الله فيهتز له ويخفق كما قال الشاعر:
وإني لتعروني لذكراك هزة * * * كما انتفض العصفور بلله القطر
والقلوب تفزع عند ذكر الله استعظاما لجلاله وعظيم سلطانه ولكل معاني أسمائه تعالى الحسنى وصفاته العلى.
و لا تعارض بين الوجل - هنا - وبين الاطمئنان المذكور في قوله تعالى: {الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} الرعد:28]
قال الإمام القشيري في لطائف الإشارات: {يقال: سنة الحق سبحانه مع أهل العرفان أن يرددهمبين كشف جلال ولطف جمال، فإذا كاشفهم بجلاله وجلت قلوبهم، و إذا لاطفهم بجماله سكنت قلوبهم "
وهذان المعنيان المفترقان في هاتين الآيتين، قد اجتمعا في آية واحدة هي قوله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} الآية ... الزمر:23]
وكذا القلوب بذكركم * * * بعد المخافة تطمئن
والخشية تتضمن على الدوام الرجاء، ولولا ذلك لكانت قنوطا {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} يوسف: 87] كما أن الرجاء يستلزم الخوف ولولا ذلك لكان أمنا {فلا يامن مكر الله إلا القوم الخاسرون} الأعراف:99] وهذه حال كمل الإيمان العارفين بالله {إنما يخشى الله العلماء} فاطر:21]
وحمل الوجل في الآية على الخوف منه تعالى كلما ذكر أبلغ في المدح و أنسب للموقف الذي جاءت الآية في سياقه من حمله على شئ معين بالذات، كم ا أن الذكر في عمقه هو ذكر الله وتذكره في كل المواقف والمجالات، ومراقبته تعالى في جميع الأحوال والظروف في السر والعلن وفي الحركات والسكنات.(/)
حكم الاكتتاب في شركة "مجموعة محمد المعجل".
ـ[وليد الدلبحي]ــــــــ[09 - May-2008, مساء 03:17]ـ
هل يجوز الاكتتاب في شركة مجموعة محمد المعجل، وقد سمعنا من البعض أنه لا يوجد فيها ربا؟
الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد
لا يجوز الاكتتاب في شركة المعجل لوقوعها في الربا إقراضا واقتراضاً للعام الأخير كما هو مصرح به في القوائم المالية في نشرة الإصدار الرسمية للشركة المنشورة في موقع هيئة السوق المالية.
فالاقتراض بأكثر من مليار ريال سعودي (انظر ص85 من نشرة الإصدار) من خلال خطابات الضمان من البنك العربي، والفرنسي، والرياض، وسامبا، والبريطاني، والهولندي.
ومن خلال الاعتمادات المستندية من البنك العربي والبريطاني.
وأما الإقراض فمقداره (930.500.000) بالريال السعودي من خلال قروض طويلة الأجل وقصيرة الأجل (انظر ص92 من نشرة الإصدار).
والواجب على كل شركة قائمة أو قادمة أن تضع مستشارا شرعياً (مجموعة من أهل الاختصاص الشرعي والاقتصادي) وتكون بدايتهم في العمل مع المستشار المالي والقانوني للقيام بدراسة تفصيلية لنشاط الشركة ونظامها ولا تخرج نشرة الإصدار إلا بعد دراستهم وتصحيحهم وموافقتهم عليها.
فكما لا تنضبط الأمور المالية في الشركة إلا بوضع مستشار مالي ولا تنضبط الأمور القانونية إلا بوضع مستشار قانوني كلف الشركة عشرات الملايين فكذلك الجانب الشرعي لا ينضبط فيه إلا من خلال مستشار شرعي.
أما من قال بأنها ليس في قوائمها المالية ربا، فلعله لم يطلع عليها بدقة، والطريقة التي عرضت بها النشرة توجد هذا الاحتمال لمن يطلع عليها بسرعة أو يطلع على بعض صفحاتها دون بعض.
والحمد لله رب العالمين.
قاله وكتبه:
د. يوسف بن عبد الله الأحمد
أستاذ الفقه المساعد بجامعة الإمام
ناسوخ 012678535
29/ 4/1429هـ(/)
مقالات الشيخ طارق عبد الحليم {النظريات الأساسية في دوافع الفرد}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 01:15]ـ
النظريات الأساسية في دوافع الفرد – دراسة تاريخية
لا شكّ أن النهضة المرتقبة لن تبزغ بوادرها إلا إن تحققت شروطها واكتملت عناصرها، ومن ضمن المأمول في هذه النهضة الإرتفاع بإنتاجية الفرد والمجتمع. وتحسن الإنتاجية ورفع درجة الأداء يعتمد على شقين رئيسن، التكنولوجيا والناس أو الأداة المنتجة، والعامل عليها. وما يهمنا في هذا المبحث هو النظر في طرق رفع إنتاجية الأفراد وتحسين أدائهم.
ومع إيماننا العميق بأن الدوافع التي تحفز المسلم لها جذور وفروع تخالف في نواح عديدة تلك التي تعمل في نفس غير المسلم لأسباب لا محل لسردها هنا، إلا إننا نرى كذلك أنّ الفطر البشرية تتشابه في عديد من الجوانب ومن هنا يمكن لنا أن نتحسس الطريق من خلال ما قدمت قرائح الغرب في مجال الدراسات الإنسانية على حذر من أن نتلقاه كله بالقبول أو أن ننبذه كله بالرفض [1].
وسنحاول في هذه المجموعة من المقالات أن نلقي نظرة على ما قدمته الدراسات الإنسانية في مجال الإدارة.
وظهرت على ساحة البحث في مجال دوافع الفرد وحوافزه أسئلة عديدة هامة واكبت بزوغ تلك الزاوية الجديدة التي تتعامل مع المؤسسات من منظور إجتمإاعيّ، مثل ما الذي يجعل بعض الأفراد يملون بشكل جديّ ومنتج، بينما آخرون لا يكادون يقدمون لعملهم ما يبرر وجودهم فيه! وكيف يمكن لمديرى عمل ما أن يحفزوا العاملين، وأسئلة كثيرة تتعلق بهذه المساحة الهامة من البحوث الإنسانية.
وحتى يمكن نفهم ما قدمته قرائح الباحثين في هذا المجال، يجب أن نقدّم شرحاً مختصراً لهيكل النظريات الأساسية التي تجتمع تحتها تلك المباحث فيمكن للقارئ أن يلمّ بهذه الأبحاث بشكل منهجيّ شامل.
وتنقسم هذه النظريات إلى ثلاثة أقسام:
· نظريات المرجعية الثابتة " Static ******* Theories"
· نظريات التطوير المستمر " Process Theories"
· نظريات بيئة العمل " Environmentally Based Theories"
وقبل أن نشرع بإذن الله في تقديم عجالة مختصرة عن أهم هذه النظريات، نود أن نشير إلى ما قرره بوديش وبرونو في تقديم دراستهم لهذا الأمر:
"إن الإفتراضات التي نضعها حول ماهية الأفراد الذين نتعامل معهم لها أثر بالغ في تقرير الطريقة التي نراها ملائمة لحفزهم على أداء مهامهم بنجاح. كذلك فإن هذه الإفتراضات تؤثر بقوة على الطريقة التي نفهم بها النظريات الخاصة بهذه الحوافز" [2]
والأمر الذي أشار اليه الباحثان في غاية الأهمية إذ إن نظرة المرء إلى من حوله، وبخاصة من هم تحت إشرافه، تمثل أرضية نفسية لفهمه شخصياتهم ومن ثمّ لما يناسب هذه الشخصية من حوافز تدفع صاحبها للعمل الجادّ المنتج. كذلك لفهم تلك النظربات التي وضهعا أصحابها عن ملائمة الإفتراض للواقع ومناسبة الشخصية للحافز ومن ثمّ لتطبيق النظرية الملائمة للشخص الأنسب بها.
· نظريات الثوابت الإنسانية " Static ******* Theories"
Ø هرمية ماسلو للضرورات الإنسانية
وتقوم نظرية ماسلو على أن كافة إحتياجات الإنسان النفسية والجسدية تندرج تحت خمسة درجات أساسية:
الضرورات الأساسية من الغذاء والهواء Physiological needs
حاجة الأمن والمأوى Security needs
حاجة الإنتماء كالحب والصداقة Social needs
حاجة إحترام النفس والتقدير Ego needs
حاجة تحقيق الذات والإشباع النفسي Self Actualization and Fulfilment
ويقرر ماسلو أنّ المرء لا يبحث عن ضرورة من الضرورات في مستوى معين قبل أن يتحقق له ما يلزمه من ضرورات في المستوى الأقل. بمعنى أنه لا يبحث الفرد عن تحقيق ذاته وهو فاقد للطعام أو الشراب. [3]
& Oslash; نظرية ألديرفور إي آر جي: وفيها أمكن للأديرفور أن يسجل إحصائياً وجود ثلاثة مستويات من الحاجيات عوضا عن خماسية ماسلو، وهي حاجة البقاء، وحاجة الإنتماء، وحاجة النمو والتقدم. وقريب من هذه النظرية ما قدمه ماك ليلاند في شرح الحاجيات الإنسانية.
& Oslash; نظرية المنع والدفع لهيرتزبرج – Motivator – Hygiene Theory، وقد قدم فيها لأول مرة مفهوم الإشباع وعدم الإشباع الوظيفي. وقد عرّف هيرتزبرج نوعين من أنواع الأنشطة الوظيفية:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: تلك الأنشطة التي تمنع عدم الرضا عن العمل ولكنها لا تحفز العمل على التقدم والتحسن.
الثاني: تلك الأنشطة التي تحفز العامل على تحسين أدائه وهي الحوافز.
وقبل أن ننتقل إلى النوع الثاني من النظريات، نود أن نشير إلى أن علماء المسلمين قد قدّموا هرميّة للضرورات الإنسانية تسبق ما قدمه هؤلاء الباحثين من الغرب بما يزيد على عشرة قرون، فقد قرروا أن الناس يسعون إلى تحصيل مصالحهم حسب هرمية من خمسة طبقات، كلّ طبقة منها لها ثلاثة مستويات، وهذه الطبقات هي: الدين، النفس، المال، العقل، العرض (أو النسل). وهذه الهرمية أدق وأشمل من هرمية ماسلو إذ إن التجربة البشرية أثبتت أن ضرورة الدين تتقدم كلّ الضرورات البشرية في غالب الأحيان. ثم إن كلّ طبقة تنقسم إلى ثلاثة مستويات متتاليات، هي مستوى الضرورة Necessity، ثم مستوى الحاجة Need، ثم مستوى التحسين Improvement. ويتحرك اإنسان في حياته وحوافره من خلال هذه الهرمية ذات الخمسة عشر درجة. وليرجع من يشاء إلى كتابنا "مفتاح الدخول إلى علم الأصول" [4] ص 84 ليضطلع على هذه الهرمية بتفاصيلها.
· نظريات التطوير المستمر " Process Theories"
a. نظرية التوقع Expectancy Theory: وتقوم هذه النظرية على فرضية أنّ الحوافز الفردية تنبنى على ثلاثة مركبات:
a. أنّ إفتراض التحسن في الأداء بناء على حافز معين سيؤدى إلى تحسنه بالفعل.
b. أن التحسن في الأداؤ سيؤدى إلى عائد أو كسب مرغوب
c. أن العائد على الفرد من هذا الأداء الأفضل يتناسب مع تقييمه الخاص لأهمية وقيمة هذا العائد.
وبناءاً على هذه المركبات الثلاثة، يمكن أن نتعامل مع العاملين على أساس أنّ:
a. جدول الحوافز المعروضة سيؤدى إلى تحسين الأداء
b. أن تحسين الأداء سيؤدى إلى تحقيق مكاسب محددة
c. أنّ هذه المكاسب لها قيمتها وتقديرها عند العاملين
b. نظرية الوسيلة والهدف Path-Goal Theory: وتقوم هذه النظرية على فرضية قريبة المأخذ من سابقتها، إلا أنها تخطو خطوة أخرى بأن توجه القيادة إلى أن تقوم على توضيح الهدف المنشود وطريقة الوصول اليه بلا غبش أو غموض.
· نظريات بيئة العمل " Environmentally Based Theories"
a. نظرية التكييف والتقوية العملية: Operant-Conditioning and Reinforcement: وتعتمد هذه النظرية بالأساس على أن أداء المرء يتشكل بحسب البيئة التي تحيط به وما تركز عليه من أهداف، إذ أن الأداء يكون بحسب ما يراه الفرد من تركيز على هدف معين من البيئة المحيطة يجعل هذا الهدف محوراً لتصرفاته مما يجعله يصل إلى هدفه هذا على أحسن وجه، ومن هنا تأتي أهمية ما تؤمن به البيئة المؤسسية من أهاف وما تخطّه من خطط يسير عليها العاملون المشاركون وهم على يقين من توحّد أهدافهم مع ما توجهات المؤسسة بعامة.
b. نظرية المقارنة الإجتماعية Social Comparison Theory : وهي تقوم على فكرة أن الأداء في عمل ما يرتبط بواقع الوظيفة الحاليّ مقارنة بما كانت عليه التجربة السابقة للعامل، ومن ثم يقوم الفرد بعمل مقارنات دائمة ليحدد لنفسه ما يجب أن يكون عليه تصرفه وأداؤه في عمل ما.
c. نظرية تكافؤ العطاء Equity Theory : وهي يقوم على أنّ العامل يقوم عادة بعملية تقييم بين ما يُطلب منه من جهد من ناحية، وما عليه العائد المعروض من ناحية أخرى. ومن هنا يقوم العامل بعملية تقييم يتبعها تقويم لأدائه، بأن يعمل بجهد اكبر، أو أن يقلل من جهده، أو أن يحسن من علاقاته مع الإدارة، أو يترك المؤسسة كلية.
d. نظرية إكس&واي دوجلاس ماك جريجور X & Y Theory of Douglas McGregor : وتعتبر أبرز النظريات الحديثة التي أثرت في مسار الدراسات الإدارية أكاديمياً وعملياً. وقد قدمها العالم ماك جريجور عام 1960 في كتابه الشهير The Human Side of Enterprise " الجانب الإنساني من المؤسسة". ويفترض ماك جريجور في نظريته أن الإنسان في أداء عمله يمكن أن يكون نمط من نمطين:
o فرضية نمط X: وهذا النمط يفترض فيه أن:
a. الإنسان بطبيعته خاملٌ كارهٌ للعمل إبتداءاً، لا يريد أن يحصلَِ على عائدِ عمله بأقل جهدٍ ممكن.
b. وهو يتفادى أي مسؤلية في عمله ولا طموح له إلا أن يحصل على الأمن الوظيفيّ.
c. ونتيجة لهذا فإنه يجب أن يجبر الإنسان على العمل ويمارس عليه الضغط والإجبار والتهديد والوعيد حتى يمكن أن يصل إلى تحقيق أهداف المؤسسة.
o فرضية نمط Y: وهذا النمط يفترض فيه أن:
a. صرف الجهد في العمل بالنسبة له هو مطلوب كما هو في الترفيه واللعب والرياضة.
b. التهديد والوعيد ليست هي الوسيلة التي يؤدى بها الفرد عمله، بل إن الإنسان يوجه نفسه للأفضل حين يرى أن ما يؤديه متناسب مع ما أراده لنفسه ولحياته.
c. أن الإنسان يسعى للتعلم ولتحمل المسؤلية مع مرور الوقت.
d. أن ممارسة المسؤلية والإبداعية والتجديد في مواجهة وحلّ المشكلات يوجد في قطاع عريض بين العاملين، ليس مجرد مجموعة صغيرة من المنتخبين.
e. أن القدرة العقلية للإنسان العاديّ لم تُستخدم بكامل طاقتها تحت الظروف الحالية للسوق العمالية والطرق الحديثة للعمل.
ثم ننتقل إلى الجزء الثاني عن نظريات القيادة إن شاء الله تعالى.(/)
مقلات الشيخ طارق عبد الحليم {طه جابر علواني - عقل البدعة وبدعة العقل - الجزء الأول}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 01:23]ـ
طه جابر علواني - عقل البدعة وبدعة العقل - الجزء الأول 1 - 5
(1)
آخر من الآخرين، ومثال من التائهين، وعََلَمَ من البدعيين مشين، تسمع لكلامه وتطالع كتاباته فتظن للوهلة الأولى أنك أمام رجل ينافح عن الإسلام وينصر دين الله الذي أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن زيف نقده ظاهر للصيرفيّ العليم بمضارب البدعة ومذاهب الضلال ومناحي الإنحراف، يُقدم سُمّه مخلوط بدسم التجديد والشمولية والإستدلال وما إلى ذلك من معانٍ لا تغنى من جوع إلا إن عُرّفت حدودها وقُيدت مطلقاتها. طه جابر علواني، مدير معهد الفكر الإسلامي "الإعتزالي" بواشنطن.
والرجل، ومعهده، من أركان الإعتزال وناشطى البدعة في عصرنا الحاضر. والحديث عن البدعة، كما ذكرنا في مقدمة كتابنا عن المعتزلة [1]، ليس ترفا فكرياً أو أثراً من آثار الماضى، بل هو واقع نعيشه ونتجرّعُ غُصَصَه ونعاني من آثاره من رجالات الإعتزال كمحمد عابد الجابري ومحمد عمارة وطه علواني، ومن قبلهم الأفغاني الإيرانيّ ومحمد عبده وأحمد أمين وغيرهم ممن اتخذ هذا النهج هادياً مضلاً.
وقد بدأ موقع "إسلام اون لاين [2] " نشر لقاءات مع طه يتحدث فيها عن معالم نظرية فكرية جديدة لمراجعة التراث الإسلامي! وهذا هو ديدن هؤلاء، يدْعون إلى المراجعة والتبديل والتغيير وكأن دين الله وحكمه وشرعه قام في أرضنا، وثبت بالتجربة عدم صلاحيته وضرورة تجديده ومراجعة عناصره!
وقد اتضح من الحلقتين الصادرتين أن الرجل لم يغيّر منهجه الإعتزاليّ في الإعتداء على السنة وإنكار حجيتها والتعدى على مكانتها من التشريع الإسلاميّ، وهو، كبقية البدعيين، يرى في نفسه عالِماً مجدِداً رافعا لشعار العصرية في زمنه، وأنّ الإسلام الذي استقر عليه المسلمون عامتهم وعلمائهم من أهل السنة والجماعة يحتاج إلى عقله الواعي المجدد ليقرر ما يقرر وينفي ما ينفى ويمحو ما يشاء ويثبت من ثوابت العقيدة أو مقررات الشريعة وأصولها. والرجل لا يعلم أن دعوته قديمة قدم الدولة الأموية، فليس لها بالتجديد والجدّة نصيب، وأن أسلافه ومشايخه الذين سبقوه وانقطع بهم الطريق من أمثال واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وثمامة بن الأشرس وغيرهم من رجالات الإعتزال لم يكن لهم نصيب من الشهرة إلا في دائرة من هم على طريقهم قديما وحديثاً.
وسنبين في هذا السلسلة من المقالات خطل ما ذهب اليه طه في حديثه، فالرجل يتخبط فيما يحاوله تخبط التائه الحائر، فمن جهة يحاول جاهدا أن ينكر أنه منكر للسنة أو جاحد لحجيتها، ومن جهة أخرى يردّ السنة رداً صريحاً بل ويخلو استشهاده من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما يدل على مذهبه الأعوج بجهة العموم. والرجل يستشهد بالشافعي وينسى أن الشافعي هو ناصر السنة ومؤسس أصول الفقه التي يبغي الخروج من حدودها. كذلك سنوضح بطريق مجمل ما بيناه من قبل من أصول مذهب الإعتزال ليعلم القارئ أن منهج هؤلاء واحد وأنهم وأسلافهم ضالون حائدون عن الجادة التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا يغرّنك قوله "نعم .. السنة حجة لا يمكن الاستغناء عنها .. كيف يمكن الاستغناء عنها؟ "! إذ يبين بعدها – بخبث معهود – أنّ الأمر يتعلق بمفهوم السنة التي يعتبرها حجة!! إذن فالسنة كما نعرفها وعرفها المسلمون على مدى تاريخنا ليست هي الحجة التي لا يمكن الإستغناء عنها!! بهذا الإلتواء يعالج هؤلاء السمّ الذي يخلطونه بالدسم وكأنهم فاتحون في مجال الفكر الإسلاميّ!!
وأول ما سنبدأ به ما جاء في الحديث عن " مشروع مراجعة التراث الإسلامي" ومفردات ما ذكر من:
قضية ختم النبوة ونزول المهديّ والمسيح عليه السلام.
مفهوم تداخل الأديان
مفهوم السنة وإنكار استقلاليتها بمحاولة إدخالها تحت القرآن وإنكار أنها الحكمة.
(2)
(يُتْبَعُ)
(/)
وبادئ ذي بدء، نقرر أنّنا لا نعترض على أن يناقش الرجل موضوع المهديّ من الوجهة الحديثية، أو أن يضعّف أو يصحح ما جاء فيه طالما أنه يسير على طريق منهجيّ في هذا الأمر، وطالما أن لديه الأدوات اللازمة لهذا اللون من النقد. لو أنه تحدث عن زيدٍ أبا الحوارى (أو بن الحوارى)، المعروف بزيد العَميّ، أحد رواه حديث أبي داود المعروف عن المهدي، وتضعيف بعض أئمة الحديث له لكان خيراً له ولما أثار حنقاً أو إعتراضاً، ولكن الرجل لا يأبه بضعف سند أو صحته، ولا بما أورد البخاري أو مسلم، بل لا يأبه بمنهج أهل السنة والمحدثين في نقد الحديث جملة وتفصيلاً، إنما هو يَِقْدُم إلى هذا المجال بمنهج قديم جديد كما ذكرنا، يضعه تحت عنوان "مراجعة التراث"، ويخرج بتعريف جديد للسنة ويسميها "السنة القرآنية". وهو عرض جديد لمذهب الإعتزال القديم الذي ينكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ورد بطريق الآحاد.
ويتلخص مذهب هؤلاء فيما أطلقوا عليه الأصول الخمسة وهي "العدل" ويعنى نفي القدر وأنّ العبادَ خالقون لأفعالهم دون الله سبحانه،، و"التوحيد" ويعنون به نفي صفات الله سبحانه الثابتة، و"المنزلة بين المنزلتين" وتعنى أنّ العاصى ليس بمسلم ولا بكافر!، "ومبدأ "الوعد والوعيد" وهو أن الله سينفذ وعده ووعيده، ونظرية "الصالح والأصلح" وتعنى أن الله سبحانه لا يفعل إلا الصالح لعباده ولا يفعل الشر بل ولا يقدر علي فعله! ثم قاعدة "التحسين والتقبيح العقلي" وتعنى أنّ الأشياء بها حسن وقبح ذاتيين لا تحتاج إلى تشريع لإثبات حسنها أو قبحها.
وهذه القواعد الإعتزالية قد قضت على أصحابها نهجاً معيّناً في النظر إلى نصوص الشريعة ليمكن لهم إثباتها، ومن هذا النهج إنكار غالب ما ورد من حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أنها أحاديث آحاد [3]، ولهذا لم يقيموا وزناً لما رواه البخاري أو مسلم أو ما سحّ من سند أو ضعف كما ذكرنا، إذ إن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة لا تقرّ لهم بما أرادوا، فما كان منهم إلا أن ردّوها بزعم معارضتها للعقل، ولا نعلم عقل من بالذات، إذ العقل ليس بكائن خارجيّ متفرد يقبع على رفّ من الرفوف في برج عاجيّ يقبل ويرفض، بل هو عقل من يتحدث ويقبل ويرفض، لا أكثر ولا أقلّ. فإسباغ صفة القدسية عليه بتجريده عن حامله أولا وبإطلاقه عن الموجودات ثانيا خطأ منهجي وقع فيه الكثيرون على مدار القرون. ومنهم، وأرى أنّ صاحبنا طه من هؤلاء رغم إنكاره لذاك، من أنكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أنها تعارض القرآن، وأنّ المصدر الأصلي للتشريع والعقائد هو النصّ القرآني وحده، ولم يخطر لهم أن القرآن قد نص على ضرورة إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتداءاً في قوله تعالى: "ومن يطع الرسول فقد أطاع الله" إذ إن ذلك يقتضى طاعة مستقلة لله سبحانه وللرسول صلى الله عليه وسلم وإلا كانت الآية تقول أن من أطاع الرسول فيما أمر الله فقد أطاع الله! وهو معنى وفروغ منه لا يستدعى نصّاً قرآنياً لمن عنده عقل! ولم نرد إلى الإشارة إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وأبي داود وأحمد: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ اللَّخْمِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " اَلاَ هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الْحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أريكته فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلاَلاً اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ وَاِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ " الرواية للترمذي. [4]
وهذا النهج في النظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهّ بما يُظن أنه معارض له من كتاب الله هو ما سنتحدث عنه فيما يأتي من مقال إن شاء الله تعالى.
(3)
(يُتْبَعُ)
(/)
ونبدأ بذكرٍ مختصرٍ لما يراه أهل السنة في تلك الأصول الخمسة التي يدندن حولها من يدّعى العقل والعقلانية. فمبدأ "العدل" لا يعنى عند السنة إنكار القدر الإلهي، بل يعنى أن الله سبحانه حين يقدّر، يقع قدَرُه وفق العدل المطلق وإن لم نتمكن من رؤيته آنياً. والله سبحانه "خالق كلّ شيئ" خيره وشرّه، حُلوه ومرّه، وخلقه فتنة للناس خيره وشره، حُلوه ومرّه حسب قدره الشرعيّ سبحانه، وأفعال العباد هي من قدره الكونيّ الذي لا يهيمن علي كلّ موجودات الكون بما فيها أفعال العباد، فلا يفعل عبد فعلاً إلا ضدّ إرادة الله سبحانه، وإن كان شراً فالله لا يرضاه كما قال "ولا يرضى لعباده الكفر" وإن ترك العبد يفعله كان قد وقع تحت المشيئة الكونية لا خارجها. أما عن "التوحيد" فيعنى عند أهل السنة توحيد الله في ربوبيته بلا شريك ولا ولد، وتوحيده في العبودية له فلا حكم إلا حكمه ولا ولاء ولا نسك إلا له سبحانه. أمّا عن أسمائه وصفاته فهي ثابتة على ما وصفه سبحانه على لسان رسله نثبت منها ما أثبت كالعلم والسمع والبصر والحياة واليد والوجه والغضب والرضا، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه كالشريك والنظير ونسب البنات والجن والملائكة. أما عن "المنزلة بين المنزلتين" فلا أصل لها إذ إن العاصي المسلم لا يكفر ولا يخلد في النار خلود الكافر المشرك، بل هو في نار الموحدين إلى أن يأذن الله بدخوله الجنة إن كان على التوحيد. والله سبحانه يفعل الصالح لعباده وإن كان قادراً على كلّ شيئ بلا استثناء. أما عن "التحسين والتقبيح" فإن أهل السنة يؤمنون بأنّ الله سبحانه قد خلق في الشياء حسنا وقبحا أصلياً ولكنّ هذا الحسن والقبح قد لا يُدْرَك في بعض الأحيان بمجرد العقل والفطرة، وإنما الشرع هو الحاكم في هذا الأمر، فيؤكد ما استقرت عليه الفطر وما هدى اليه العقل. ذلك هو ما ذهب اليه أهل السنة في تلك الأصول البدعية التي تناسب أغراض المعتزلة.
ثم، عودة إلى ما قال طه علواني، فقد ورد الحديث بمعناه عن مسلم وأبي داود وأحمد. ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ الْمَالَ وَلَا يَعُدُّهُ
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ قَالَ زَائِدَةُ فِي حَدِيثِهِ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ثُمَّ اتَّفَقُوا حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي زَادَ فِي حَدِيثِ فِطْرٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا وَقَالَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ لَا تَذْهَبُ أَوْ لَا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي. رواه أَبُو دَاوُد
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ - رواه أبو داود
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا - رواه أحمد
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُمْلَأُ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا - رواه أحمد
(يُتْبَعُ)
(/)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا قَالَ ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا - رواه أحمد
وما جاء في مسلم، وهو مقطوع له بالصحة عند أهل السنة حسب قواعد الحجيث التي لا يأبه بها طه وأمثاله، وإن لم يصرّح فيه بالمهديّ إلا إنه يعضد ما رواه ابو داود وأحمد بلا خلاف.
وقد صحّح حديث الخليفة المهديّ جهابزة علماء السنة كابن القيم في "المنار المنيف" والجلال السيوطي في "الحاوى للفتاوى" وبن كثير في "النهاية" وبن حجر في "الصواعق المرسلة" والآلوسي في "غالية المواعظ" والشوكاني في " التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح"، كما وردت أحاديثه عن مسلم وأبي داود والترمذي وأحمد وبن ماجة والطبراني وبن أبي شيبة وغيرهم.
والخليفة المهدي عند أهل السنة ليس هو مهديّ الرافضة الذي يتمحك بذكره طه العلواني ليلفت السنة عن صحيحها، كما سنبين فيما يأتي من قول إن شاء الله تعالى.
(4)
وعقيدة الرافضة في المهديّ تختلف عن عقيدة المسلمين من أهل السنة شكلاً وموضوعاً، وتنبع من سخافة الإمامية التي تؤمن بأن أئمته الإثني عشر هم أوصياء الأمة وخلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسبغ عليهم من الصفات ما يجعلهم أعلى رتبة من رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إذ يعلمون الغيب ولا يموتون إلا بإذنهم، كما هومنصوص عليه في بخاريهم المعروف بالكافي للكلينيّ وهو محشو بالأكاذيب. ثم أنهم يرون أن المهدي هو الغائب المنتظر حسب عقيدتهم الصبيانية في أنه محمد بن الحسن العسكريّ وأنه دخل الغار وهو بن أربعة سنين، وأنهم ينظرون رجوعه أو "فَرَجَه! " فهو بالنسبة للرافضة معلوم منتظر، وهو يحكم بين الناس بحدم داود أي بالعهد القديم للتوراة لا بالإسلام حسب حديث شيوخهم الكذابين الكافي والمفيد. أما المهدي عند أهل السنة فهو إمام خلعادل يخرج في آخر الزمان في وقت خروج عيسى عليه السلام يحجم بالعدل ويقسط بين الناس لا أكثر ولا أقل، فما لطه يفقه حديثاً إذ يقرن بين ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح في مسلم وما جاء في سائر الأحاديث التي يقوى بعضها بعضاً، وبين ما خرج من تخاريف الرافضة الذين يحيون مذاهب الفرس ودين المجوس بتلك الخرافات عن الغائب المنتظر الذي يسكن الكهف من أكثر من ألف عام!
نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام
أمّا عن نزول المسيح عليه السلام فهو مما ثبتت فيه أحاديث صحيحة عديدة واستقرت عليه عقيدة المسلمين وهو من علامات الساعة، روى مسلم في صحيحه: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ اَبِيهِ، عَنْ اَبِي هُرَيْرَةَ، اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالاَعْمَاقِ اَوْ بِدَابِقَ فَيَخْرُجُ اِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ اَهْلِ الاَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَاِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ اَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ اَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ اِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ اِنَّ المسيح قَدْ خَلَفَكُمْ فِي اَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَاِذَا جَاءُوا الشَّاْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ اِذْ اُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَاَمَّهُمْ فَاِذَا رَاهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ
(يُتْبَعُ)
(/)
حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ.
وروى البخارى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا"
كما روى البخارى كذلك: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ ". تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالأَوْزَاعِيُّ.
وروى أحمد في مسنده قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَاتٍ [5]، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ فَقَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْنَ عَشْرَ آيَاتٍ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدُّخَانُ وَالدَّابَّةُ وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَخُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَالدَّجَّالِ وَثَلَاثُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا. ورجاله ثقات.
وروى الترمذيّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ". قَالَ أَبُو عيسى (الترمذي) هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فهذه أحاديث ثابتة واضحة رجالها ثقات عدول، يعنى أنّها صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يضع لها ذلك القبول عند أمثال طه علواني وحسن الترابي ومن على شاكلتهم من "العقلانيين" بلا عقل؟ اللهم لا. ولنرى ما زعم طه أنه سبب في رفض هذه الأحاديث.
(5)
والرجل قد اختلط عليه الأمر فزعم أولا أن المسلمين يعتقدون أن المهدي نبيّ آخر من أنبياء الله! وهو جهل فاضح يبين مدى ما عليه أمثال هؤلاء "العقلانيين" – بزعمهم – من قلة إطلاع علي العقيدة والشريعة جميعاً، وهو ما يدفعنا إلى الضحك من هذا "الشرلتان" – على حدّ تعبير إمامنا العلامة محمود شاكر [6]- الذي جاء ليعلم المسلمين أن القرآن ينصّ على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء! يقول طه في حديثه: "فحينما يقول تبارك وتعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}، فذلك يعني أن القرآن قد نص على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. ولو علم الله تبارك وتعالى أنه ما زالت هناك حاجة إلى نبي أو إلى رسول بعده ما قال: {وما كان ربك نسيا} لكان بشر بهذا القادم في كتابه الكريم كما بشر موسى وعيسى بمجيء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن القرآن الكريم بشر بأن النبوة انتهت وأن الدين اكتمل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
دينا} ”. عجب من العجب وجهل ما بعده جهل. الرجل يرد هذه الأحاديث بوهم مزرىّ يعلم أطفال المسلمين حقيقته! ومن الذي أنكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء!
كذلك، فهو يردد – بطريقة فجّة - ما قالته المعتزلة من قبل بشأن أحاديث الآحاد ويفتخر بأن فتوى للأزهر تتحدث عن أقوال العلماء في منكر أحاديث الآحاد لا تعتبره كافراً! ما شاء الله، طه يفخر بأنه خرج من دائرة الكفر إلى البدعة! ونسأل صاحب البدعة سؤالاً: لو أنّ خبر الواحد لا تقوم به حجة، كيف تقبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول واحد؟ أما كان الواجب أن يسأل العقلاء من أمثاله أن يطلبوا أن يرسل الله سبحانه أكثر من رسول لتتواتر صحة الرسالة وتقوم على الناس الحجة اليقينية!؟ أليس يعنى هذا المبدأ الذي يتخذه طه وأمثاله ديناً أنّ الله سبحانه لم يقم الحجة القطعية اليقينية على الناس بإرسال رسله واحداً كلّ مرّة! هذا هو دين طه وأمثاله.
والرجل يزعم أنه "من حقي ألا أقبل أحاديث ما، قديكون صح سندها عند غيري (وغيره هو البخارى! فافهم!)، لكني اكتشفت في السند عيبا، أو صح متنها عند آخرين ونقدت المتن واكتشفت به عيباً، وفقاً للمنهج الأصولي، كما فعلت في حديث الردة حديث (من بدل دينه فاقتلوه) درست جميع طرقه وكما درست طرق حديث (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) وكما درسنا حديث (ستفترق أمتي على بضع وسبعين شعبة). والرجل ليس من أهل الإختصاص حتى يكون من حقّه أن يقبل ويرفض من الحديث، ولنرى موضع ما أنكر من الحديث:
روى البخاري: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فاقتلوه. ومحمد بن الفضل السدوسيّ أبو النعمان المعروف بعارم، وهو الفضل الصدوق المأمون، قال أبو حاتم: إذا حدثك محد بن الفضل فاختم عليه. وقال النسائي: كان أحد الثقات، وروى عنه الأكابر كالبخارى وأحمد. وكان سليمان بن حرب يقدمه على نفسه. وقد اختلط في آخر عمره - حوالى أربعة سنوات – وهو ما ذكره البخارى، وروايته قبل اختلاطه. فلا يحتج بإختلاطه في آخر عمره فالبخارى أثبت ذلك ولو كانت روايته قبل ذلك ما نقلها. ثم حماد بن زيد بن درهم الأزديُّ: قال عبد الرحمن بن مهدي: أئنة الناس في زمانهم أربعة: الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وخماد بن زيد بالبصرة. وقال أحمد بن حنبل: حماد من أئمة المسلمين، ووثقه بن معين وبن عيينة وأقطاب علماء الرجال كافة، فلا مجال للحديث عنه أبعد من ذلك. وايوب وعكرمة أجلّ من ان يتحدث فيهم إمرء.
وروى بن ماجة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ). ومحمد بن الصباح أبو جعفر مولى عمر بن عبد العزيز، روى عنه ابي داود وبن ماجه، وحسنه بن معين، وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابو زرعة ثقة، وذكره البخارى وبن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب ج9ص196. ثم سفيان بن عيينة وأيوب السختياني وعِكْرمة أجلّ من أن يتحدث فيهم إمرء. والحديث رواه أبي داود في سننه عن أحمد حنبل.
ثمّ حين ننظر في متن الحديث، فإن الأمم كافة تقتل المرتد عن قوميته الموصوم بالخيانة العظمى، وهو أمر لا يجادل فيه طه وأمثاله إذ هو قانون وضعيّ لا يجرؤون على منافحته، والإسلام، إن فهم طه وأمثاله، هو جنسية المسلم التي يوالى عليها ويعادى عليها، فإن إرتكب الخيانة العظمى وتخلى عن هذه الجنسية الفريدة فلا جزاء له إلا القتل ليكون عبرة لمن أراد أن يخون أو يغدر بجنسيته وأهله. فبأي نظر نقد طه المتن والسند، إلا بنظر الهوى والبدعة. وقد طفحت كتابات قاصرة لأنصاف العقلاء من امثال أحمد منصور والشربيني عاشور وجمال البنا
(يُتْبَعُ)
(/)
وغيرهم بإنكار حدّ الردة وبسبّ عكرمة راوى الحديث عن بن عباس، وبتكفير الأوزاعي محدث الشام راوى حديث " .. التارك لدينه المفارق للجماعة"، فطه ليس بدعاً بين أهل البدعة بل هو بينهم في أهله وعشيرته.
وقد سبق طه من أهل البدعة كثير تصدى لهم أهل السنة في حاضرنا المعاصر وبينوا جهلهم واتباعهم للمستشرقين مثل محمود أبي رية في كتابه "أضواء على السنة المحمدية" التي سار فيه سير المستشرقين والمعتزلة من أعداء السنة. وقد تصدى له العلامة الدكتور مصطفى السباعي فشتت شمل ما جمع وشرّد ما آوى من بدع. واسرع إلى تنبيه الشباب إلى مرجعين أساسيين لمن أراد أن يتعرف على حقيقة هذه البدعة المنكرة وتفصيل الردّ عليها وهما "السنة ومكانتها في التشريع الإسلاميّ" للشيخ الدكتور العلامة مصطفى السباعي، و"دفاع عن السنة" للشيخ الدكتور محمد أبو شهبة، ففيهما خير كثير عميم إن شاء الله تعالى.
ثم يأتي طه بكائنة ثانية يفسر بها موقفه من السنة النبوية، وهي ما يشيعه من تبديل لدين الله تحت مسمى "تداخل الأديان".
--------------------------------------------------------------------------------
[1] المعتزلة بين القديم والحديث، مقدمة ص5: http://www.tariqabdelhaleem.com/book.php?cat=1
[2] ولا نعلم الفائدة التي يرجوها "إسلام اون لين" من نشر هذه الترهات الخبيثة!
[3] حديث الآحاد في مصطلح الحديث هو الحديث الذى رواه آحاد الرواة الذين لم يبلغ عددهم حدّ التواتر، ولا يعنى كما يظن البعض أنه روى عن واحد فقط. ومما يجب أن يذكر هنا أن مفردات حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت كلها تشريع وهو ما يستحيل عقلاً أن يجعل كلّ أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم معروضة على جمع وفير يصل حدّ التواتر وإلا كان يلزمه صلى الله عليه وسلم أن يحيا حياته معروضة على الناس أجمعين بل هو كما صح عن عائشة رضى الله عنها فيما رواه الترمذي: أنها قيل لها: ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: كان بشرا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه،وهو حديث صالح الإسناد، أخرجه الترمذي في كتاب "الشمائل"! ولمّا كان العقل – ذات العقل الذي يدعيه هؤلاء نبراساً لهم – يقرّ أنّ خبر الآحاد مقبول صحيح إن صدق رواته ودقتهم في النقل.
[4] والحديث حسن لغيره وله شاهد عند أبي داود إذ الحسن بن جابر اللخمي وعبد الرحمن بن أبي عوف مستورى الحال. والحديث عند أحمد بسند صحيح.
[5] وفرات هو أبو محمد فرات بن أبي عبد الرحمن القزّاز التميميّ، قال يحي بن معين والنسائيّ والعجليّ: ثقة. تهذيب التهذيب ج8ص226.
[6] أباطيل وأسمار، محمود شاكر(/)
ما معنى هذه العبارة وهل تصح؟
ـ[البحث العلمي]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 09:35]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هل يوجد من يشرح لي معنى هذا الكلام فقد وجدت بعض الناس يقوله
شرع الله عز وجل لا يوجد به اصل و فصل
جزاكم الله خيرا
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 11:17]ـ
هذا من كلام العامة عندما تخبرهم مثلا عن حكم معين فى الشرع كتحريم الربا مثلا فيريدون الإعتراض على كلامك فيقولون (أصل الإقتصاد كذا) وهى عامية لافصحى فبتالى يرد عليهم من أخبرهم بالحكم الشرعى ويرد عليهم إعتراضهم قائلا (شرع الله عز وجل لا يوجد به اصل و فصل)
ـ[البحث العلمي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 09:49]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
المِسْكُ الأَذْفَر من إجابات الدكتور عبد المحسن العسكر: (1)
ـ[محب الأدب]ــــــــ[10 - May-2008, صباحاً 09:46]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إنا نسألك جداً مقروناً بالتوفيق، وعلماً بريئاً من الجهل، وعملاً عرياً من الرياء، وبعد:
فهذه إجابات مفيدة على سؤالات متفرقة؛ لأستاذنا الدكتور الشيخ عبد المحسن بن عبد العزيز العسكر، أستاذ البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وإمام وخطيب جامع الأميرة نورة بنت عبد الله بالرياض، إذ أن جمع الإجابات على سؤالات أهل العلم جادة مطروقة، ودرب مسلوك، إذ يعتبر سؤال العلماء من أنجع الطرق لاستخراج علومهم، والوقوف على مكنوناتهم، حتى تصدى لجمع ذلك أكابر العلماء قديماً وحديثاً ومن آخرهم حسب علمي سؤالات الشيخ السدحان لابن باز، وسؤالات ابن مانع العتيبي لابن باز أيضاً ...
و هذه الإجابات قد نشرت قديماً في موقع باب الإلكتروني الذي يعتبر من بواكير المواقع المنوعة على شبكة الانترنت، ولما رأيت تلك الإجابات النافعة بعيدة عن أنظار المهتمين بمسائل اللغة والتفسير وغيرها مما للشيخ – حفظه الله – مشاركة ظاهرة أو تبحر عميق، أحببت إفادة إخواني في هذا الملتقى العلمي الأغر، وعرفاناً لأستاذي أبي عبد الملك الذي جمعتني به صحبة علمية قصيرة، أشرق عليَّ فيها بطيب معشره، وحسن تعليمه، ولطافة أسلوبه، ما ليس لي كفاء في رده إلا بالدعاء له، ونشر علمه في هذا الملتقى، وقد علمت من بعض معا رف الشيخ – حفظه الله – أنهم بصدد إنشاء موقع خاص له يجمعون فيها آثاره العلمية من خطب ومحاضرة وشروح مفرغة لبعض متون النحو والبلاغة، فأسأل الله أن يعجل بذلك وأن يبارك فيه.
وقبل أن أبدأ في الشروع في مقصودي الذي سميته (المِسْكُ الأَذْفَر من إجابات الدكتور عبد المحسن العسكر) أنبه أنني ربما أضفت بعض الإجابات والمقالات في مشاركات مستقلة إما لطولها أو لغير ذلك تحت هذا العنوان أيضاً: (المسك الأذفر)، أسأل الله أن ينفع بهذه الإجابات قائلها وناقلها وقارئها .. إنه سميع مجيب
السؤال: كيف يطلب الله تعالى من بني إسراْئيل أن يذبحوا البقرة ومن ثم يقول (وذبحوها وما كادوا يفعلون)؟
الجواب: هم ذبحوها فعلا، ويدل عليه قوله تعالى: "فذبحوها" وأما قوله "وما كادوا يفعلون" فليس نفيا للفعل، ولكنه يدل على أنهم ذبحوها بعد لأي وتعنت.
وأتحفك أيها السائل بفائدة لغوية، وهي ما ذكره العلماء في "كاد" حيث قالوا: إن إثباتها نفي، ونفيها إثبات. فإذا قلت: "كدت أصل إليك" فمعناه: أنك لم تصل. وإذا قلت: "ما كدت أصل إليك، فالمعنى أنك وصلت. وقد ألغز بهذه اللفظة أبو العلاء فقال:
نحوي هذا العصر ما هي لفظة ... جرت في لساني جرهم وثمود
إذا استعملت في صورة المجد أثبتت ... وإن أثبتت قامت مقام جحود
وقد أجاب ابن مالك فقال:
نعم هي كاد المرء أن يرد الحمى ... فتأتي بإثبات لنفي ورود
وفي عكسها ما كاد أن يرد الحمى ... فخذ نظمها فالعلم غير بعيد
وأجاب الشهاب الحجازي بقوله:
لقد كاد هذا اللغز يصدئ فكرتي ... وما كدت منه أشتفي بورود
فهذا جواب يرتضيه أولوا النهى ... وممتنع عن فهم كل بليد
(شرح الأشموني للألفية (1/ 368) إتحاف السادة المتقين (8/ 52)
السؤال: يلاحظ كثرة استشهاد علماء اللغة والنحو بشعر القدماء والجاهلين دون المولدين ما السبب في ذلك؟
الجواب: ما ذكر السائل صحيح، فإن علماء اللغة والنحو وقفوا في الاستشهاد بالشعر إلى ما قبل نهاية القرن الثاني الهجري بقليل، ولم يأخذوا عن الشعراء الذين جاءوا بعد هذه الفترة، بل سموهم المولدَّين والمحدثين، وكلاهما بمعنى واحد، فهم مُوَلَّدون لأنهم ولدوا بعد عصر الاحتجاج، وهم أيضا محدثُون بالنسبة إلى ما قبلهم من العرب الخُلَّص، ولذا لم يستشهد النحويون بشعر بشار وأبي تمام والبحتري والمتنبي وأضرابهم، مع علو كعبهم في الشعر.
لأن اللغة في عصرهم قد تغيّرت وطرأ عليها الخلل بسبب الأعاجم الذين دخلوا في الإسلام وانتشروا في جزيرة العرب، حتى إن العرب أنفسهم يومئذ قد ضعفت الملكة اللغوية لديهم، ودبَّ اللحن على ألسنتهم بسبب اختلاطهم بالأعاجم. فكان ذلك هو السبب في إمساك علماء العربية عن الاستشهاد بأشعار من جاء بعد القرن الثاني، لأنه ولد في عصر ضعف اللغة، ومعلوم أن عمل أهل اللغة ضبط سنن العرب في كلامها سواء أكان ذلك من حيث دلالة المفردات، وهذه مهمة أهل اللغة، أم كان ذلك من حيث التراكيب، وذلك هو ميدان عمل أهل النحو، فهذا وذاك لا يصح الاستدلال عليه من الشعر إلا ما كان قائله عربياً خالصاً وممن ولد وعاش في عصور الاحتجاج.
وأما البلاغيون فإنهم يستدلون بشعر جميع الشعراء على اختلاف طبقاتهم إلى عصرنا هذا. لأن صناعة البلاغيين في جمهورها متوجهة إلى المعاني والأخيلة والصور، قال الرُّعيني في شرح بديعية ابن جابر: "علوم الأدب ستة: اللغة والصرف والنحو، والمعاني والبيان والبديع، والثلاثة الأُوَل لا يُستشهد عليها إلا بكلام العرب، دون الثلاثة الأخيرة، فإنه يستشهد فيها بكلام غيرهم من المولدين، لأنها راجعة إلى المعاني، ولا فرق في ذلك بين العرب وغيرهم، إذ هو أمر راجع إلى العقل، ولذلك قُبل من أهل هذا الفن الاستشهاد بكلام البحتري وأبي تمام وأبي الطيب، وهلم جرا". (الاقتراح مع شرحه لابن الطيب الفاسي 1/ 611، وراجع إن شئت ما قاله في هذا الموضوع: شهاب الدين الخفاجي في حاشيته (طراز الحلة وشفاء الغلة (92). على تفسير البيضاوي (1/ 406)، وابن الطيب الفاسي في فيض نشر الانشراح شرح الاقتراح للسيوطي (1/ 611 وما بعدها.
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رشد]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 02:02]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[محب الأدب]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 08:13]ـ
وفيك بارك الله .. أخي ابن رشد؛ وجزاك الله خيراً على مرورك ودعائك
السؤال: في نهاية الآيات يلاحظ أنها تنتهي بحرف معين فهل يسمى هذا سجع أم ماذا يسمى؛ مع ذكر التعليل لما يقال؟
الجواب: هذا الذي ذكرته يسمى سجعا عند العلماء، والسجع هو تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على رف واحد، والفواصل جمع فاصلة وهي الكلمة الأخيرة في الجملة.
والأسجاع في النثر كما القوافي في الشعر، قاله السكاكي (مفتاح العلوم 203) ورأى طائفة من العلماء أن الأولى تسمية ما جاء من هذا اللون في القرآن " فواصل " لقول الله تعالى: " ألر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " (سورة هود آية 1) ولما جاء في الحديث من ذم السجع.
والصحيح أنه لا بأس بتسميته سجعا كما يرى ذلك جمع من المحققين من آخرهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، لأن هذا النوع معروف عند العرب الذي نزل القرآن بلسانهم بهذا الاسم، ولأن السجع جس بلاغي يقع به التفاضل في الكلام، فلا غرو أن يشتمل عليه القرآن فهو في الذروة من البلاغة.
تأمل هذا السجع البديع في قوله تعالى " وأصحاب اليمين، ما أصحاب اليمين، في سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، " (سورة الواقعة) وقوله سبحانه " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، أن دعو للرحمن ولدا " (سورة مريم) إنه لا يود أحسن من كلمة "إدا " (وهي الشيء العظيم) في هذا الموضع إنك لا تجد كلمة أفضل منها وأدل على المقصود لتأتي بها، فمع إصابتها تمام المعنى فقد أعطت جرسا جميلا وتناسقا في اللفظ هو السجع، وقد تأتي السورة كاملة أو أغلبها على سجع واحد، كما ترى في سورة طه والنجم، والرحمن،
وأما ما جاء في السنة من ذم الشجع فقضية عين، حيث إن رجلا استعمله في معارضة حكم الشرع إمام النبي صلى الله عليه وسلم فذمه عليه الصلاة والسلام، وقال: "إياكم وسجع الكهان " وفي وراية "إنما هذا من إخوان الكهان " فإذا أريد بالسجع إحقاق الباطل وإبطال الحق فيحرم ويذم، وما عدا ذلك فجائز. والله أعلم.
يتبع
ـ[محب الأدب]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 09:31]ـ
السؤال: في أثناء آيات الطلاق والعدة قي سورة البقرة قال الله تعالى ((حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا لله قانتين)) والآية بعدها، والسؤال: ما الوجه البلاغي عند العرب لورود آية الصلاة مسبوقة ومتبوعة بآيات الطلاق والعدة؟
الجواب: ترتيب الآيات في القرآن؛ آي في محالها من السور: توقيفي من الله تبارك وتعالى باتفاق العلماء، ولذا يجد قارئ القرآن المتدبر له تناسباً عجيباً في الآيات واتساقاً منضبطاً فيما بينها، فكل آية لها صلة بما قبلها وبما بعدها، حتى لو اختلف موضوع الآي وانتقل السياق إلى معانٍ آخر، فلا يعدم الارتباط، ومن العلماء من عنُي بهذا؛ أي بيان ما بين الآيات من التناسب، وأكبر من رأينا منهم معنياً بذلك برهان الدين البقاع (ت 885 هـ) في كتابه الكبير "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" الذي جاء في اثنين وعشرين مجلداً، وهو مطبوع،
قال أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه "سراج المريدين": وارتباط أي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد، عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله عز وجل لنا فيه، فلما نجد له حملة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة، ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين الله، ورددناه إليه. (انظر البرهان في علوم القرآن (1/ 36)
وأما ما سأل عنه السائل من قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا لله قانتين، فإن خفتم فرجالا أو ركباناً) الآية 238، 239 البقرة.
حيث جاء الأمر بالمحافظة على أداء الصلوات في أثناء الحديث عن أحكام الطلاق والعدة، فموقع الآيتين، موقع الجملة المعترضة بين هاتيك الأحكام فيما يرى ولقد تطلب العلماء رحمهم الله سببا لذلك، ومجمل ما قالوا ينحصر في أمور أربعة:
الأول: أن الأمر بالمحافظة على الصلاة في تضاعيف الحديث عن أحكام الطلاق والعدد، يدل عظم شأن الصلاة وأنها محبوبة إلى الله تعالى، بل إنها أحب العبادات إليه سبحانه، أنظر كيف أمر الله بها أن تؤدي في اليوم والليلة خمس مرات بما لا يكون مثله في عبادة أخرى، ثم هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.
الثاني: أن الأمر بالصلاة هنا فيه إيماء إلى أن الأزواج والأولاد، وما يتعلق بهم من أحكام وشرائع لا ينبغي أن يكون ذلك كله ملهياً عن الصلاة، والمحافظة عليها والاعتناء وأدائها في أوقاتها كاملة غير منقوصة.
الثالث: أنه سبحانه لما ذكر الحقوق والواجبات في العدد وأحكامها أمر بالمحافظة على الصلوات لأنها تعين على المؤمن على أداء الواجبات وتمنحه البركة وتيسير له ما قد يعسر عليه من حقوق غيره عنده بل من حقوق الله تعالى أيضا كما قال سبحانه في السورة نفسها: (واستعينوا بالصبر والصلاة) أي على كل شيء من أمور ديناكم وديناكم.
الرابع: أنه لما طال الحديث في الآيات عن الأحكام الأسرية بين الأزواج مما هو من حقوق العباد، ناسب جداً أن يذكِّر في أثناء ذلك بحقه سبحانه، وأعظم ما يتمثل حقه عز وجل في الصلاة لذا أمر بها ههنا، فجمعت الآيات بين حقوق الله وحقوق العباد. (انظر نظم الدرر 3/ 160، حاشية الشهاب على البيضاوي 2/ 325، تفسير الألوسي 2/ 155، تفسير التحرير والتوير2/ 451)
ولا مانع أن تكون هذه الأوجه كلها مرادة. والله أعلم.
يتبع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 08:38]ـ
ما شاء الله .. إجابات ماتعة .. تابع تابع الله نعمه عليك.
ـ[العرب]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 10:55]ـ
ما شاء الله .. إجابات ماتعة ..
ـ[محب الأدب]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 11:17]ـ
أخي الكريم عبد الملك
أخي (العرب)
تابع الله نعمه على الجميع، وشكراً لمروركما
السؤال: ورد قوله تعالى (ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) ثلاث مرات في القرآن، اثنان منهما بهذه الكيفية (فتمتعوا)، والثالثة في سورة العنبكوت (وليتمتعوا)، فما الفرق بينها؟ ولماذا عبر في الآيتين بصيغة المخاطب مع أن أول الآية بصيغة الغائب؟
الجواب: جاء في آية العنكبوت (66) قوله تعالى " وليتمتعوا" على أسلوب الغَيْبة (بفتح الغين) كما هو في أول الآية التي جاءت فيها اللفظة، والآية السابقة لها قوله تعالى: "فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون* ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون" فاطرد الأسلوب في الآيتين معا على الغَيْبة، أي حكاية عن قوم غائبين.
فأما قوله تعالى: "فتمتعوا" في سورتي النحل والروم-آيتان متشابهتان- في قوله سبحانه" ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون" –النحل55، الروم34 - ، فيلاحظ أن قوله "تمتعوا" جاء على أسلوب الخطاب، خلاف ما عليه أول الآية، فإنه جاء على أسلوب الغيبة، في قوله سبحانه" ليكفروا" (البرهان لابن حمزة 244 درة التنزيل 264)، وهذا الانتقال من الغيبة إلى الخطاب يسمى عند البلاغيين "الالتفات"، وله فوائد عدة منها: جمال العبارة، ولفت الانتباه، واجتذاب الأسماع، فإنك إذا ألقيت المقال على أسلوب الخطاب أو الغَيْبة أو التكلم ثم انتقلت إلى غير ذلك انتبه المخاطب وألقى سمعه إليك، قال السكاكي:"العرب يستكثرون من الالتفات، يرون الكلام إذا انتقل من أسلوب إلى أسلوب أدخل في القبول عند السامع، وأحسن نظرية لنشاطه، وأملأ باستدرار إصغائه، وهم أحرياء بذلك. (المفتاح 296)
فإن قال قائل: ِلمَ لَمْ تجئ الآيات الثلاث جميعها على الالتفات؟ قلت: لا جرم أن مجيئها على هذه الحال من التفاوت في التعبير خير وأولى، ففي آية النحل التفات، ثم لا التفات في آية العنكبوت، ثم يأتي الالتفات مرة أخرى في آية سورة الروم، فهذا ضرب من التفنن في الكلام بديع. والله أعلم.
يتبع
ـ[محب الأدب]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 08:50]ـ
السؤال: قال تعالى: " ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ... " (سوراء الأسراء (89) وقال سبحانه:" ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ... " (سورة الكهف) 54.
السؤال: لم قدم لفظ "للناس" في الآية الأولى وأخرها في الثانية؟
الجواب: يرى ابن الزبير الغرناطي أنه إنما قدم "للناس" في سورة الإسراء لما سلف قبل هذه الآية من الأخبار والعبر وضرب المثل والأمر والنهي والزجر والتهديد؛ لقوله تعالى"ومن كان في هذه أعمى فهو في الأخرى أعمى" (72) وقوله سبحانه "وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفري علينا غيره" (72) وقوله: "إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات"، ثم قال "ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن ... " بتقديم الناس تنبيها لهم، وليهتموا بتفهمه ويعنوا بتدبره، ويقفوا عند أوامره، وينتهوا عن زواجره، فموضع الآية يقتضي تقديم الناس على عادة العرب، في تقديم ما عنايتهم بذكره أتم.
وذهب ابن حمزة الكرماني إلى أنه بتقديم (للناس) مراعاة ومماثلة لتقديم نظيره في الآية السابقة لهذا وهو لفظ (الإنس) في قوله تعالى" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" (الإسراء).
وأما بتقديم (القرآن) في سورة الكهف فلأنه تقدم في هذه السورة ذكر أصحاب الكهف، وما سُئِل عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الأخبار التي لا تعرف إلا عن طريق الوحي، وكذا قصة ذي القرنين بعد هذه الآية، فكان اللائق حينئذ تقديم القرآن، لأنه مصدر معرفة هذه الأخبار جميعها والله أعلم.
يتبع
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 02:49]ـ
جزاكم الله خيرا .. #####
ـ[محب الأدب]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:21]ـ
شكراً لتنبيهك أخي النابه الكريم عبدالملك ... #########
السؤال: قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ... )، قال علماء التفسير أن الله تعالى لم يبعث رسولا إلا وكان من أهل القرى استناداً على هذه الآية الكريمة , ولكن كيف نفسر الآية الأخرى وهي قوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ... ) , حيث يبدو ظاهر الآية أن يعقوب عليه السلام وبنيه كانوا من أهل البدو؟
الجواب: صحيح ما ذكره السائل من أن الأنبياء كلهم كانوا من أهل المدن أو القرى وأنه لم يكن قط نبي من البادية، وهو مدلول الآية الكريمة التي ساقها السائل.
وأما قوله تعالى حكاية عن يوسف (وقد أحسن بي إذا أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) فأحسن ما قيل في ذلك أن يعقوب عليه السلام كان نبياً من أهل الحضر، ثم انتقل بعد ذلك إلى البادية طلبا للانتجاع والقطر، لا على سبيل الإقامة الدائمة.
وقد يقال أيضا: إن أهل القرى وبخاصة – القرى الصغيرة- فيهم شبه بأهل البادية في معيشتهم واعتمادهم على المواشي والرعي، ومجاورتهم إياهم، فربما سُمُّوا بدوا. والله أعلم.
يتبع ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب الأدب]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 08:30]ـ
السؤال: متى تُكتب همزة الوصل في (باسم الله) ومتى تُحذف؟
الجواب:المعروف عند العلماء أن همزة الوصل – وتسمى أيضا: ألف الوصل – تحذف دائما في (باسم الله) على خلاف القياس، وذلك لكثرة الاستعمال فكأنهم استغنوا عنها بباء الإلصاق (انظر تفسير القرطبي 1/ 99) ومنهم من قال بإطالة الباء رسما حينئذ تعويضا عن طرح الألف (الكشاف للزمخشري 1/ 35).
لكن حذف الألف من (باسم الله) مشروط بما إذا كانت البسملة مبدوء بها، أي في أول الكلام، فأما إذا سبقت ولو بكلمة فتثبت الألف نحو (اقرأ باسم ربك) - سورة العلق-، وعلى هذا جرى الرسم القرآني، قال ابن قتيبة رحمه الله: تكتب (باسم الله) إذا افتحت بها كتابا أو ابتدأت بها كلاما بغير ألف، لأنها كثرت في هذا الحال على الألسنة، في كل كتاب يكتب، وعند الفزع والجزع، وعند الخبر يرد، والطعام يؤكل، فحذفت الألف استخفافا (أي تخفيفها) فإذا تَوَسَّطَتْ كلاما ما أثبت الألف فيها، نحو: ابدأ باسم الله، وأختم باسم الله، وقال الله عز وجل " اقرأ باسم ربك " (سورة العلق)، "فسبح باسم ربك العظيم" (الواقعة 74)، وكذلك كتبت في المصاحف في الحالتين، مبتدأة ومتوسطة. (أدب الكاتب 215،21، وينظر إيضاح إبداع حكمة الحكيم في بيان باسم الله الرحمن الرحيم ص 4 لأبي عبد الله عليش المصري)
يتبع ...
ـ[محب الأدب]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 08:24]ـ
السؤال: قال الله تعالى "ولم أك بغيا"، وقال " ولم تك شيئا"، وقال أيضا "ولم يك شيئا"، وقال سبحانه "لم يكن شيئا مذكورا"، وقال "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ... "؛ والسؤال هو: ما سبب حذف النون في الآيات الثلاث الأولى وهي من سورة مريم؟ ولماذا لم تحذف في الآيتين الرابعة والخامسة؟
الجواب: مما هو مقرر في دواوين النحو أن (كان) يجوز حذف النون فيها لغرض التخفيف، وذلك لكثرة دورانها على الألسنة، وهذا الحذف من خصائص (كان) دون أخواتها، إذ هي أم الباب. (راجع خصائص أمهات الأبواب النحوية 161 للدكتور فائزة بنت عمر المؤيد، بحث منشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود عدد 35/سنة1422 هـ)
وحذف النون من (كان) مقيد بشروط هي:
1 - أن تأتي (كان) بلفظ المضارع، نحو "أكون، يكون، نكون"
2 - أن تكون في حال مضارعتها مجزومة، وعلامة هذا الجزم السكون فحسب، نحو "لم يكنْ"
3 - أن لا يكون بعدها حرف ساكن ولا ضمير متصل.
فإذا اجتمعت هذه الشروط جاز حذف النون، وليس هذا الحذف واجبا، وإلى هذا الجواز أشار ابن مالك بقوله:
ومن مضارع لـ"كان" مُنْجَزمْ **** تحذف نونٌُ وهو حذف ما التُزِمْ
(انظر التصريح مضمون التوضيح لخالد الأزهري 6/ 195)
ومثال ما حذفت منه النون بعد اجتماع الشروط، الآيات الثلاث الأولى الواردة في السؤال، ومثال ما بقيت فيه النون والشروط مجتمعة الآيتان الأخريان.
وأزيدك بيانا بما لا يجوز حذف النون منه، وهو ما جاء في قوله تعالى: "من تكون له عاقبة الدار" (سورة الأنعام 135) لأن كان هنا غير مجزومة.
وكذا قوله تعالى "لم يكن الله ليغفر لهم" (النساء 137) لم تحذف النون، لأن الحرف الذي ولي "كان" ساكن لا متحرك.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في الدجال "إن يَكنْهُ فلن تسلط عليه" (البخاري 1289، ومسلم 2930،2931 من حديث ابن عمر رضي الله عنه)
لا تحذف النون من "كان" لاتصالها بضمير نصب.
يتبع ...
ـ[محب الأدب]ــــــــ[19 - May-2008, صباحاً 08:38]ـ
السؤال: ما رأيكم في استخدام أمثال الألفاظ التالية: (قبلات، سكرة، أغنيات) في نصوص أدبية إسلامية؟
الجواب: ينبغي أن يعلم بادي الرأي أنه لا يحكم على الكلمات المفردة من حيث هي، بل الحكم عليها إنما يكون من خلال السياق الذي جاءت فيه، والمضمون العام الذي يحملها.
فلفظتا " اللعن " و " السُّكر" مثلا لا يحق لأحد أن يحكم عليهما مفردتين وينادي بإبعادهما ونبذهما، لأن الفقهاء يتكلمون عن حكم اللعن، وعن حد شارب المسكر، وأحكام أفعاله وتصرفاته. وهذا الحكم عام في كل كلمة مفردة. ومن ذلك ما سأل عنه السائل من كلمات فإننا لا تحكم عليها مجردة، بل لا بد من النظر في سياقها ومدلولاتها هناك.
بيد أن الملاحظ في الألفاظ المسئول عنها، وهي (قبلات، سكرة، أغنيات) أنها تجري على ألسنة أهل الأدب الماجن والمنحط ومن لف لفهم، وتعج بها نصوصهم النثرية والشعرية، ولا سيما الغزل الذي يثير الغرائز، ويستميل إلى الفواحش، ويدعو إلى التهالك في الصبابة والوجد، وإذا وردت هذه الكلمات وأشبهاها في نصوص أصحاب الأدب الرخيص فإنها تكون مقصودة لذاتها، أعني بمضامينها السيئة التي تدل عليها، ولها رنين في أسماع القوم، ومذاق آثم في قلوبهم.
وعلى ذلك، فالذي أرى لأهل الأدب الإسلامي المحتشم أن تعف ألسنتهم وأقلامهم عن تلك الكلمات التي جاءت في السؤال، لأنها صارت غير نظيفة باستعمال ذوي الأدب المنحط لها. ومما هو معلوم في الشرع أن اللفظ إذا كان يحتمل أن يؤدي إلى معنى سيئ فإنه يتعين تركه، وهذا ينطوي تحت ما يسمى عند أهل العلم بقاعدة سد الذرائع، ويستدلون على ذلك بقوله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم " البقرة.
يتبع ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[اليونيني]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 08:27]ـ
ما شاء الله تبارك الله
ـ[محب الأدب]ــــــــ[20 - May-2008, صباحاً 08:00]ـ
بارك الله فيك أخي اليونيني، وبلّغك الله ما تؤمِّل (آمين)
السؤال: قال الله جل وعلا (كذب أصحاب الأيكة المرسلين، إذ قال لهم شعيب ... ) لماذا لم يقل (أخوهم) كسائر الآيات قبلها؟
الجواب: نعم يصح لغة أن يقال: أخوهم شعيب، كما جاء لذلك نظائر كثيرة في القرآن، وفي سورة الشعراء مثل قوله تعالى (إذ قال لهم أخوهم نوح) وقوله سبحانه (إذ قال لهم أخوهم هود) إلى غير ذلك وقد أشير إليه في المقالة المذكورة.
لكن لا يصح بلاغة ولا أدبا أن يقال (أخوهم شعيب) بعد أن قال (كذب أصحاب الأيكة المرسلين)، والأيكة الشجرة التي كانوا يعبدونها فكانوا بذلك أصحابا لها لملازمتهم إياها.
ولا يليق بعد ذلك أن يقال هنا أخوهم شعيب، لكن لما ذكرهم الله باسمهم (مدين) في سورة هود ولم ينسبهم إلى الأيكة جعله أخا لهم فقال سبحانه: (وإلى مدين أخاهم شعيبا) (سورة هود 84).
يتبع ....
ـ[أبو حازم البصري]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 08:04]ـ
أحسنت، أحسن الله إليك.
ـ[محب الأدب]ــــــــ[21 - May-2008, صباحاً 09:07]ـ
أحسن الله إليك .. أبا حازم
السؤال: الرجاء تزويدى بتفسير آية النحل بين العلم والقرآن؟
الجواب: يقول الله تعالى: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)
هذا الكون الفسيح حافل بالآيات البينات الدالة على وجود الله تبارك وتعالى وإثبات ربوبيته، ومن تلك الآيات العظيمة ما نراه في مملكة النحل من كمال التنظيم، وعجيب العمل، وبديع الإنتاج، بما يعجز عنه عقلاء البشر.
قيل لأعرابي: كيف عرفت ربك؟ قال: عرفته بنحلة بأحد طرفيها تعسل، والآخر تلسع.
النحل من قبيل الحشرات، وقد أوحى الله إليها، أي: ألهمها وجعل في غريزتها هذا التنظيم المنظم الذي تعمل بمقتضاه، بدءا من سكنها في أكرم الأماكن من الجبال والشجر أو فيما يوضع لها من العرش والكروم، متباعدة عن السفل ومواطن القذر، إلى تقسيم العمل بينها في صورة جماعات تعاونية، يرأس كل جماعة أكبرها، ووجود عاملات في كل جماعة أو خلية، ثم امتصاصها لرحيق الأزهار، وورودها موارد المياه النظيفة غير الآسنة ولا المتغيرة، وابتنائها البيوت المحكمة ذات الأشكال السداسية، فتخزن في بعضها العسل، وفي بعضها الآخر الشمع لتربية صغار النحل، وإنما كانت سداسية الأضلاع لتكون كالقطعة الواحدة فلا يتخلل بينها فراغ تنساب منه الحشرات أو العسل.
وهذا العسل الذي يخرج من بطون النحل بالألوان المختلفة مصفى لا يحتاج إلى عمل في تنقيته أو تكريره، ولا إلى حلب الحالب، عبرة من العبر، ومنة من منن الله على خلقه، وكذا قال سبحانه: (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)
ومع كون العسل غذاء محببا للنفوس، فإنه نافع للأبدان، كما أنه دواء يستطب به لكل الأمراض دون اشمئزاز، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصفه للمرضى، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: (الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية نار، وأنهى أمتي عن ا لكي)
وقد عرف الأطباء القدماء كجالينوس وغيره منافع العسل وخواصه الطيبة وما يقضي عليه من الأمراض، وفصل ذلك ابن سينا في الحادي، حتى إذا جاء المُحْدَثُون من أهل الطب بما توفر لهم من دقيق الأجهزة أفصحوا لنا عن مكنونات العسل الكيماوية، وسبل التداوي به، وكونه شفاء للناس، على ما يرى في كتاب "الإسلام والطب الحديث" للطبيب الدكتور عبد العزيز إسماعيل.
ذكروا أن التركيب الكميائي للعسل 25 - 40 جلوكوز و30 - 45 ليفيلوز و 15 - 25 ماء، ويعطي مقويا ومغذيا وضد التسمم من المواد السامة أو تسمم الأمراض كالتسمم البولي بسبب أمراض الكبد، والاضطرابات المعدية والمعوية، وتسمم الحميات، والتهاب الرئة والسحايا والحصبة، والذبحة الصدرية، وحالات ضعف القلب، واحتقان المخ والتهابات الكلى الحادة.
يتبع ....
ـ[محب الأدب]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 04:14]ـ
السؤال: هل البسملة آية في سورة الفاتحة، أم ليست آية منها؟
الجواب: الصحيح أن البسملة ليست آية من الفاتحة، ولو كانت آية من الفاتحة لجهر بها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة الجهرية، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم). رواه مسلم بهذا اللفظ (صحيح مسلم 1/ 299 رقم 399) وأصله متفق عليه.
قال القرطبي: "وقد مرت العصور والأزمنة على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ولم يقرأ فيه أحد "بسم الله الرحمن الرحيم" - أي في الصلوات الجهرية - إلى زمان مالك" (الجامع لأحكام القرآن 1/ 95)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى حمدني عبدي ... " الحديث (رواه مسلم 1/ 396 رقم 395) فبدأ بالحمد كما ترى، ولو كانت البسملة آية من الفاتحة لبدأ بها.
ولا يعني هذا أن البسملة ليست آية من القرآن –أي في غير سورة النمل – بل هي آية قرآنية باتفاق المسلمين، وقد كتبها الصحابة رضي الله عنهم أمام كل سورة، لكن هل صنعوا ذلك بناء على أن البسملة آية من كل سورة، أم جيء بها للفصل بين السور؟
الراجح القول الثاني، ويدل عليه ما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". قال ابن كثير "إسناد صحيح" (تفسير القرآن العظيم 1/ 27)
يتبع ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب الأدب]ــــــــ[24 - May-2008, صباحاً 08:45]ـ
السؤال: ما هو الفرق بين النفس والروح؟
الجواب: "الروح" و "النفس" جاءا في القرآن على معان مختلفة، وقد حاول الدمغاني أن يستوعب ما ورد منهما في القرآن ذاكرا معانيهما في كتابه "الأشباه والنظائر"، ولكن في كثير مما قال مناقشة ونظر، ليس هذا موضع بسطه (الأشباه والنظائر لألفاظ الكتاب العزيز 1/ 363، 2/ 367)
فمن معاني الروح في القرآن الوحي، ومنه قوله تعالى: "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا" (الشورى 52) أي وحيا، وسماه روحا لأن به حياة الأمم، كما تحيا الأبدان بالأرواح.
ويرد لفظ الروح مرادا به جبريل عليه السلام كما في قوله تعالى "نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين" (الشعراء).
ويجيء الروح بأكثر من معنى، كما في قوله تعالى "وأيدهم بروح منه" (المجادلة 22) أي بوحي منه وعون ومدد وإحسان وتوفيق.
ومن معان النفس في القرآن: الإنسان، كما في قوله تعالى: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس" (المائدة 45) أي الإنسان بالإنسان.
وجاء لفظ "النفس" بمعنى الروح في قوله تعالى "والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم" (الأنعام 93) أي أرواحكم.
وأما قوله سبحانه: "فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة" (النور 61) أي ليسلم بعضكم على بعض.
يتبع ...
ـ[محب الأدب]ــــــــ[25 - May-2008, صباحاً 08:54]ـ
السؤال: أرجو من فضيلتكم التكرم بتفسير الآية 108 من سورة التوبة وهي "أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم ... "؟
الجواب: الضمير في "بنيانه" الأولى يعود على مسجد قباء الذي ابتناه النبي صلى الله عليه وسلم، وضمير "بنيانه " الثانية يعود على مسجد الضرار الذي أقامه المنافقون ليصدوا عن سبيل الله، وهنا يقارن الله بين أهداف المسجدين ويفاضل بينهما بحسب مقاصد أهلها، تنزيلا للمخاطبين واستدراجا للجواب الواضح المعلوم بالضرورة، ولذا صورت الآية بالاستفهام التقريري، "أفمن أسس " أي لا يستوي من أسس بنيانه على تقوى من الله أي على نية صالحة وإخلاص، ورضوان بأن كان موافقا لأمره فجمع في عمله بين الإخلاص والمتابعة، لا يستوي هذا ومن هؤلاء بنيانهم على شفا جرف هار، أي على حافة واد متهلهل متهدم آيل للسقوط والانهدام، ولكنه سقوط في قعر نار جهنم، جزاء وفاقا، ثم ختمت الآية بقوله سبحانه "والله لا يهدي القوم الظالمين" وهذا حكم عام يشمل كل من بنى مسجد ضرار في الإسلام ليضار به الدين وعباد الله المؤمنين، يقول الرازي: "ولا نرى في العالم مثلا أجدر مطابقة لأمر المنافقين من هذا المثال".
ولسيد قطب رحمه الله تحليل بديع للصورة التي حملتها الآية يقول: "لنقف نتطلع لحظة إلى بناء التقوى الراسخ المطمئن، ثم لنتطلع بعد إلى الجانب الآخر، لنشهد الحركة السريعة العنيفة في بناء الضرار، إنه قائم على شفا جرف هار، قائم على حافة جرف منهار، قائم على تربة مخلخلة مستعدة للانهيار، إننا نبصره اللحظة يتأرجح ويتزحلق وينزلق، إنه ينهار، إنه ينزلق إنه يهوي، إن الهوة تلتهمه، يا للهول، إنها نار جهنم "والله لا يهدي القوم الظالمين" الكافرين المشركين، الذي بنوا هذه البنية ليكيدوا بها هذا الدين.
إنه مشهد عجيب حافل بالحركة المثيرة، ترسمه وتحركه بضع كلمات، ذلك ليطمئن دعاة الحق على مصير دعوتهم، في مواجهة دعوات الكيد والكفر والنفاق، وليطمئن البناة على أساس من التقوى كلما واجهوا البناة على الكيد والضرار.
يتبع ...
ـ[محب الأدب]ــــــــ[26 - May-2008, صباحاً 11:46]ـ
السؤال: مارأيك في التفاؤل بالأسماء عند تسمية الطفل بعد ولادته، حيث سبق أن جائني طفل قبل عامين وتوفي والآن، والحمد لله رزقني الله بطفل وأسميته إبراهيم ولكنه مريض وأخبرني العديد من الناس أن أغير الاسم لأنه فأل شر علي وهو السبب، فما هو رأيكم؟
الجواب: التفاؤل بالأسماء سائغ شائع في الناس، وأمره واسع، ألا ترى أن منهم من يسمي ابنه "حافظا" ليتصف الابن بالحفظ، ومنهم من يسمي "صالحا" طلبا للصلاح، ومنهم من يسمي بأسماء القادة أو الصحابة أو الأنبياء طلباً للتأسي والقدوة، إلى غير ذلك.
وأما ما أشار به عليك هؤلاء من تغيير اسم ابنك إبراهيم وقولهم: إن هذا الاسم فأل شر، فكل ذلك باطل، بل هو معدود في التشاؤم المنهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم " لا شؤم في الإسلام " وكيف يتشاءم بهذا الاسم الكريم وهو علم على أبي الأنبياء وخليل الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكره الله في مواضع كثيرة من القرآن في موارد الثناء والمدح:
ألا فليبق اسم ابنك على ما كان عليه، ولا تلتفت إلى هؤلاء فإنهم إما أن يكونوا مغرضين، وإما أن يكونوا جهلة لا علم عندهم، فإنك لو أجبتهم إلى ما قالوا وغيرت اسم ابنك ثم برئ من مرضه لموافقة قدر سابق لاستقر معنى التشاؤم في قلبك فتحسب أن هذا الشفاء إنما كان بسبب تغيير الاسم، وفي ذلك خطورة على عقيدتك، واعلم أن شفاء ابنك لا يكون بتغيير اسم، بل باتخاذ الأسباب من دعاء الله عز وجل، وتعاطي الأدوية النافعة المشروعة. حفظك الله ورعاك.
يتبع ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[12 - Jun-2008, صباحاً 05:20]ـ
متى يتبع؟ " ابتسامة "(/)
مقالات الشيخ طارق عبد الحليم {طه جابر علواني - عقل البدعة وبدعة العقل - الجزء الثاني}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 01:30]ـ
طه جابر علواني - عقل البدعة وبدعة العقل - الجزء الثاني 6 - 8
(6)
وقبل أن نكمل حديثنا عن "تداخل الأديان" عند طه علواني، لا يسعنا إلا أن نشير إلى داهية أخرى من دواهي التجديد في الفكر الإسلامي!، وأقصد جمال البنا قبّحه الله وأخزاه وحشره أعمى في الآخرة كما هو أعمى عن الحق في الدنيا. فقد خرج أمس [1] هذاالزنديق بقول ليس بالجديد، بل هو قديم خبيث، أنّ المسلم إن ارتد إلى اليهودية أو النصرانية لم يكفر، بل يظل على الإسلام! وهي الخطوة التالية لإنكار حدّ الردة الذي يحاوله طه وأمثاله. وهو قول صدر من كائن لا يستحق تضييع الأوقات أو تسويد الصفحات في الردّ عليه، وكفاه ما سوّد هو من صفحات عمره البائس. فليكن في مثل هذا عبرة لمن لا يرى طريق الشرود والضلال الذي تؤدى اليه مثل هذه الإدعاءات التي يدثرها دعاتها برداء البحث والنظر، وهي عارية عن العقل والفهم.
وعودة إلى طه علواني.
يقرر الرجل في أسلوب ثعبانيّ ملتو: "ففي مراحل معينة تدخل بعض قضايا الأديان السابقة إلى الدين اللاحق بشكل أو بآخر، إما بعمليات التفسير والتأويل، أو من خلال عملية من الإيمان بالتواصل بين الأديان"
أنظر إليه كيف يتدسس بكامات توهم العلمية والنظر إلى إيصال قضية تبديل الدين من خلال "التواصل"! ألا ما أرقها وأدسّها من كلمة، التواصل! والرجل خلط بين التواصل بين الثقافات المتداخلة وبين تلوث الدين بهذه الثقافات التي هي في غالبها عالة على دين الله الذي أرسل به إبراهيم ثم موسى ثم عيسى عليهم السلام، والذي أدى إلى هذه الأديان المسيحية واليهودية المحرفتين، ثم ختم سبحانه برسالة محمد صلى الله عليه وسلم التي لم تتبدل ولم تتواصل ولم يأتها الباطل من بين يديها ولا من خلفها سواء في قرآنها أو سنة رسولها التي ثبتت عنه والتي مهّد لنا فيها ثوابت الإيمان وصالح الأعمال في الدميا والآخرة. وقد أشرنا في كتابنا "مقدمة في أسباب إختلاف المسلمين وتفرقهم" إلى تأثير هذا التداخل بين الثقافات كاليونانية وأثرها في إنشاء علم الكلام وإعانة المعتزلة على تأصيل مذهبهم الذي يدعونه عقلا، وأثر الفارسية في إنشاء عقيدة الرافضة المجوسية وفكرتهم عن المهديّ التي بدّلوا فيها ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقيدة المهديّ الثابتة عند أهل السنة والجماعة. وما اقترفته الرافضة ليس "تواصلاً" بل هو تحريف بمعنى التحريف، وتبديل بمعنى التبديل، جاءت به الرافضة للحفاظ على تراثها الثقافي المجوسي. وليس ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتواصل بين الأديان، بل إن هذاا لتعبير ليس له حقيقة أصلاً، إلا للتهوين بما وراءه، وإنما هو التداخل بين الثقافات واسيراد الأفكار والعقائد الباطلة لتخريب دين الله سبحانه، وهو ما لم يحدث في دين الإسلام الذي يؤمن به أهل السنة إلا عند طه وأمثاله.
ويقول طه:" نعم .. النصارى نقلوا عن طريق الثقافة الشفوية فكرة المخلص؛ وعقيدة المخلص منتشرة في اليهودية والنصرانية وبالتالي انتشرت في الجزيرة العربية قبل الإسلام {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} اليهود يستفتحون، تبعهم النصارى يستفتحون بالمخلص القادم الذي هو السيد المسيح، فدخلت إلينا فكرة المخلص.
وأنا أقول: لو سلمنا بفكرة المخلص فأين ختم النبوة؟! " إنظر هداك الله إلى هذا الخلط والخبط! فما جاء في القرآن أنّ اليهود كانوا على علم بنزول محمد صلى الله عليه وسلم ليس إلا وليد عقيدة المخلّص التي كانت" منتشرة في اليهودية والنصرانية وبالتالي انتشرت في الجزيرة العربية قبل الإسلام" فهي إذن ليست عقيدة حقيقية! هكذا يتكشّف مخبوء هذا الرجل! الأمر ليس أمر السنّة، بل هو أمر كلّ ما لا يعجبه عقله المريض من عقائد يعجز عن التسليم بها، أو لا يجد لها في منظومته التجديدية موضعاً! ثم الرجل يهرف مرة أخرى بالربط بين المهدي الخليفة وبين ختم النبوة! ووالله إنه لأمر لو شرحناه لطالب الثالثة الإبتدائية لفهم عنا، ولكن هؤلاء هم "العقلانيون"! المهديّ – يا طه – ليس له في مجال النبوة ناقة ولا جمل! المهديّ – يا طه – ليس مخلّصاً كما تحب أن تدعوه لتربط بينه وبين الفكرة
(يُتْبَعُ)
(/)
المسيحية أو مهدي الرافضة، المهديّ – يا طه – هو خليفة عادل يأتي بين يديّ السيح عليه السلام ليقرّ العدل ويحكم بالإسلام، على رغم أنفك وأنف أعداء الإسلام. ثم هو يخلط مرة أخرى بين الإسلام كما هو في عقيدة الفرقة الناجية، وبين ما استحدثته مبتدعة الصوفية من أفكار الحلول فيقول:" ولما دخل الفرس الإسلام وجاءوا من الخلفية الملكية التي تؤمن بأن الملك حينما يموت فأولى الناس به ابنه الذكر الكبير فقد أصبح من السهل جدًّا أن يقال لمن انتقل من الفرس إلى الإسلام إن سيدنا علي وهو زوج ابنته وتربى في حجره ولم يسرق ولم يسجد لصنم هو أولى .. فدخلت أيضا فكرة الحلول." وهو قول حق أريد به باطل، إذ أن أهل السنة لن يعتقدوا هذه الخرافات الرافضية المجوسية، ولكن هذا لا يعنى أن نرفض كلّ ما له وجه شبه بين ما يقوله المبتدعة وبين ما عليه أهل الفرقة الناجية مما ثبتت صحته عن رسول الله صلى اله عليه وسلم. ولا يفعل هذا إلا من ضاق أفقه وجفّت قريحته عن أن يتصور هذا التشابك العقائديّ وأن يفرّق بين الصحيح والسقيم من هذه الأفكار لا أن يرفضها جملة دون تمييز.
ثم نعود إلى ما يراه طه في الحديث الشريف.
(7)
يقول الرجل: " رسول الله صلى الله عليه وسلم حدد الله تعالى مهمته بما يلي: "يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم" فيعلم الكتاب ويعلم الحكمة الكامنة فيه.
سؤال* لكن أليست الحكمة هنا هي السنة كما نفهم؟
- لا .. هذا تفسير الإمام الشافعي، ولكن الحكمة أيضا مفهوم مثل مفهوم الرفع الذي تحدثنا عنه في قضية عودة عيسى عليه السلام، مفهوم قرآني يحتاج إلى تحرير ولي محاولات في تحريره ..
وقد كتب بعض الناس في هذا كتابات، ولكن تحتاج إلى تحرير باعتباره مفهوما قرآنيا، والسنة لا يقال لها الحكمة؛ لأن الله سبحانه وتعالى استخدم كلمة السنة كثيرا في القرآن الكريم "سنة الله في الذين خلو من قبل" و"قد خلت من قبلكم سنن"، و"ولن تجد لسنة الله تبديلا" فما المانع أن يقول يعلمهم الكتاب والسنة”
وقد حشد الرجل في هذه العبارة أخطاءً نحصيها عليه إن شاء الله. حدّد الرجل مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإعلام بالقرآن وفي بيان الحكمة التي ينطوى عليها في منطوق آياته، دون أن يكون له دور مستقل في بيان أو تفصيل أو تقييد أو إلحاق، ثم بعد أن أنكر على الشافعي – كأنما هذا القزم قرين للشافعي فيستدرك عليه - أن تكون الحكمة الواردة في كلام الله تعالى عن مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويعلمهم الكتاب والحكمة" هي السنّة القولية والفعلية، وهي كلّ ما آتانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". ويبرر هذا الإنكار بأنّ السنة لا يصح أن يقال لها الحكمة! ونسأل: لماذا؟ فيقول: لأن كلمة السنّة قد استعملت في القرآن بمعنى الطريقة الماضية والعادة المستحكمة، فنقول لهذا الشرلتان: إن للكلمات معان و استعمالات أو أوضاع ثلاثة، الوضع الشرعي والوضع اللغوي والوضع العادي، تتقدم بعضها حسب هذا الترتيب إن توارد علي الكلمة أكثر من معنى، كما أنّ السياق يحدد الوضع الصحيح للكلمة، فمثلا كلمة الصلاة تعنى في الوضع اللغوي الدعاء، إلا أنّ الوضع الشرعيّ قد غلي عليها فأصبحت الصلاة تعنى ما فرضه الله سبحانه على عباده من ركوع وسجود خمس مرات في اليوم والليلة. إلا أن هذا لم يمنع أن تأتي كلمة الصلاة في القرآن بمعناها اللغوي قال تعالى في سورة التوبة 103"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنّ صَلاتكَ سَكَنٌ لهمْ" أي إدع لهم. ولتلحظ أنّ الإستعمال اللغوي لا يبعد كثيراً عن الإستعمال الشرعيّ بل هو عادة جزء منه، إذ الدعاء قطعة من الصلاة. فأن يأتي القرآن بكلمة في وضعها اللغوي أو في وضعها الشرعيّ فلا غرابة في ذلك إلا لمن لم يتحقق بالعلم من أولئك المدّعين. والحديث عن سنّة الله والسنن التي جرت على الأمم سابقها ولاحقها هو بالضرورة حديث عن السنّة بمعناها اللغوي أي الطريقة الماضية والعادة المستحكمة المستقرة. وسياق الآيات التي قرنت بين الكتاب والحكمة أي السنّة بمعنى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم تدلّ على سنّة تقترن في حكم طاعتها بحكم القرآن الكريم سواء كان ذلك ببيان أو تفصيل أو تقييد
(يُتْبَعُ)
(/)
أو إلحاق. ثم يدلل طه على ما يريد بأن يقول " فما المانع أن يقول يعلمهم الكتاب والسنة"، فسبحان الله! يريد الرجل أن يتحكم فيما ينزّل الله من آيات، ثم نقول، وما المانع أن يقول "يعلمهم الكتاب والحكمة، بمعنى السنّة، والسنّة النبوية هي الطريقة التي سار عليها ومنهجه في البيان والتقييد والتفصيل، فلها صلة وثيقة بالمعنى اللغوي، فلا غرابة في استعمالها بهذا المعنى في القرآن. ويكون الأمر هو لماذا قال تعالى "يعلمهم الكتاب والحكمة" ولم يقل يعلمهم الكتاب والسنة؟ فغير أن الله سبحانه يقول ما يشاء، فإن السنّة النبوية أعلى درجات الحكمة، فهي تشمل ذلك المعنى الذي يريد أن يحجر عليه طه معنى السنّة ويشمل كذلك ما يريد أن ينزعه من معنى الحكمة وهو ما فصّله رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقيّده وبيّنه بما أوْحيَ اليه الله وبما فرض على المسلمين طاعته فيه طاعة مستقلة بقوله تعالى:"واطيعوا الله وأطيعوا الرسول" في طاعة مستقلة تنشأ من أنّ ما يأت به رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو من عند الله. وهذا المعنى من الحكمة الذي أدركه الشافعيّ ومن بعده من أئمة المسلمين بلا خلاف هو أوسع وأعمق من مجرد ما أراد له طه وأمثاله من مبتدعة المعتزلة، وهو من ثمّ أليق بكلام الله سبحانه.
ثم لا يفوتنا أن نشير إلى تدسسه في الحديث مرة أخرى حيث يقول "وقد كتب بعض الناس في هذا كتابات، ولكن تحتاج إلى تحرير" وشرح هذه الجملة هو أن أئمة أهل السنة – المشار اليهم ببعض الناس – قد دونوا في هذا المعنى – أي في أنّ الحكمة هي السنة وأنها مستقلة بالتشريع وأنها واجبة الإتباع – مما يحتاج إلى تحرير اي تبديل وتغيير، وكأن ما تفتقت عنه عبقريته من التحرير قد غفلت عنه عقول بن تيمية وبن القيم والشافعي وأحمد ومالك وغيرهم من أعلام العلماء وأئمة الدنيا!
ثم ينتقل الرجل إلى ما اسماه "السنّة القرآنية".
(8)
والسنة القرآنية التي يقصدها طه هي ما يكون لها أصلٌ مقررٌ صريح في القرآن كما يراه طه، فمثلا طريقة الصلاة عنده هي سنة قرآنية، إذ هي توضيح رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة المنصوص عليها في القرآن، وهو وإن لم يتطرق لأمثلة دالة على ما يقول فإنه يمكن استنباط أنه يقصد ما جاءت به الأحاديث المتواترة لا غير، إذ يُشكل علينا أن نوفق بين رؤيته في إنكار أحاديث الأحاد وبين ما يراه في تقدير الزكوات التي جاءت بها أحاديث أحاد!
ثم إن الرجل ليجرو على أن يدعى أنّ الإمام الشافعيّ يقول بقوله الخائب في إنكار حجية السنة، بل ويقرر أنه ذكر ذلك كتابه "الرسالة" حيث يقول على لسان الشافعيّ: .. .وما سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيه حكم -يعني بخصوصه وليس حكما مطلقا- فبحكم الله سنه .. " يعني بالكلي من القرآن {وهذه الجملة الأخيرة تدل على منهج أهل البدعة في الإلتواء بالكلام ومرض الفهم السقيم، فالشافعي رضى الله عنه يقصد أن ما ورد من سنة رسول الله الي ثبتت عنه فهي واجبة الإتباع لأنه صلى الله عليه وسلم سنّها بما حكم به الله في قوله تعالى: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وقوله تعالى:"ومن يطع الرسول فقد أطاع الله"، وغير ذلك من الآيات التي تقرر استقلالية السنة وحجيتها التي يقصد بها "فبحكم الله سنّه"، لا أن ما ثبت عن رسول الله مما ليس فيه نصّ قرآني خاص فهو مردود وإن صحّ، لأنه ليس من حكم الله!
ثم نأتي أخيرا إلى ما نقله طه عما قال أنه تقرير الشاطبيّ في الموافقات: (السنة لا تستقل بإثبات الواجب والمحرم؛ لأن وظيفتها فقط تخصيص عام القرآن وتفسير مجمله وتقييد مطلقه، ويجب أن يكون ذلك بالأحاديث المتواترة لا الأحادية). والرجل كاذب مدلس فيما نقله عن الشاطبيّ، فإن قول الشاطبيّ كما جاء في ج3 ص12: " السنة راجعة في معناها إلى الكتاب فهي تفصيل مجمله وبيان مشكله وبسط مختصره"، وهو كلام ليس له صلة بما اختلقه طه المدلس كما يتضح من مجرد قراءة النصين، وسبحان الله العظيم، ألا يستحى هذا الرجل من مثل هذا التدليس الظاهر؟ ألا يعلم أنه هناك من الناس من يحمل كتاب الموافقات في صدره فلا يخيل عليه مثل هذا التدليس؟ والأمر الذي يريد الشاطبيّ تقريره في هذا الباب هو بيان رجوع السنة الصحيحة إلى ما في الكتاب سواء بتفصيل المجمل أو تقييد المطلق أو بيان المشكل، وما
(يُتْبَعُ)
(/)
كان ليس داخلا تحت هذه الأنواع الثلاثة فقد دلّ عليه القرآن بما جاء عن وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا، وهو يبين أنّ الحديث عن إذا ما تعارض الكتاب والسنة وجب تقديم الكتاب لأنه كلية الشريعة ومصدرها الأول، ولكنه يقرر بعدها أنّ السنة الصحيحة وحيّ من الله كذلك ولذلك لا يمكن أن تعارض الكتاب، قال: "فإن الحديث إما وحي من الله صرف وإما اجتهاد من الرسول عليه الصلاة والسلام معتبر بوحي صحيح من كتاب أو سنة وعلى كلا التقديرين لا يمكن فيه التناقض مع كتاب الله لأنه عليه الصلاة والسلام ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وإذا فرع على القول بجواز الخطأ في حقه فلا يقر عليه ألبتة فلا بد من الرجوع إلى الصواب والتفريع على القول بنفي الخطأ أولى أن لا يحكم باجتهاده حكما يعارض كتاب الله تعالى ويخالفه نعم يجوز أن تأتي السنة بما ليس في مخالفة ولا موافقة بل لما يكون مسكوتا عنه في القرآن إلا إذا قام البرهان على خلاف هذا الجائز وهو الذي ترجم له في هذه المسألة" ج3ص20. ويتضح من هذا أن الشاطبيّ يقصد ما وقع فيه الخلاف بين قطعيّ الكتاب وبين السنة، وهو ما لم يقع فيما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم يبيّن الشاطبيّ بشكل لا مجال للتحريف أو للتخريف فيه ما قصده في بيان أنّ "في الوجه الذي دلّ فيه الكتاب على السنة، حتى صار متضمناً لكليتها"، قال الشاطبيّ:
" إن للناس في هذا المعنى مآخذ: منها ما هو عام جدا وكأنه جار مجرى أخذ الدليل من الكتاب على صحة العمل بالسنة ولزوم الاتباع لها وهو في معنى أخذ الإجماع من معنى قوله تعالى {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} الآية وممن أخذ به عبد الله بن مسعود فروى أن امرأة من بني أسد أتته فقالت له بلغني أنك لعنت ذيت وذيت والواشمة والمستوشمة وإنني قد قرأت ما بين اللوحين فلم أجد الذي تقول فقال لها عبد الله أما قرأت {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله} قالت بلى قال فهو ذاك وفي رواية قال عبد الله لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله قال فبلغ ذلك امرأة من بني أسد فقالت يا أبا عبد الرحمن بلغني عنك انك لعنت كيت وكيت فقال ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله فقالت المرأة لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته فقال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله عز وجل {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحديث {فخذوه} دون قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} إن تلك الآية تضمنت جميع ما جاء في الحديث النبوي ويشعر بذلك أيضا ما روى عن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى محرما عليه ثيابه فنهاه فقال ائتني بأية من كتاب الله تنزع ثيابي فقرأ عليه {وما آتاكم الرسول فخذوه} الآية وروى أن طاوسا كان يصلي ركعتين بعد العصر فقال له ابن عباس اتركهما فقال إنما نهى عنهما أن تتخذا سنة فقال ابن عباس قد نهى رسول الله صلى لله عليه وسلم عن صلاة بعد العصر فلا أدري أتعذب عليها أم تؤجر لأن الله قال {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} وروى عن الحكم ابن أبان أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد فقال هن أحرار قلت بأي شيء قال بالقرآن قلت بأي شيء في القرآن قال قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وكان عمر من أولي الأمر قال عتقت ولو بسقط وهذا المأخذ يشبه الاستدلال على إعمال السنة أو هو هو ولكنه أدخل مدخل المعاني التفصيلية التي يدل عليها الكتاب من السنة ومنها الوجه المشهور عند العلماء كالأحاديث الآتية في بيان ما أجمل ذكره من الأحكام إما بحسب كيفيات العمل أو أسبابه أو شروطه أو موانعه أو لواحقه أو ما أشبه ذلك كبيانها للصلوات على اختلافها في مواقيتها وركوعها وسجودها وسائر أحكامها وبيانها للزكاة في مقاديرها وأوقاتها ونصب الأموال المزكاة وتعيين ما يزكى مما لا يزكى وبيان أحكام الصوم ومما فيه ما لم يقع النص عليه في الكتاب وكذلك الطهارة الحدثية والخبثية والحج والذبائح والصيد وما يؤكل مما لا يؤكل والأنكحة وما يتعلق بها من الطلاق والرجعة والظهار واللعان والبيوع وأحكامها
(يُتْبَعُ)
(/)
والجنايات من القصاص وغيره كل ذلك بيان لما وقع مجملا في القرآن وهو الذى يظهر دخوله تحت الآية الكريمة {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}.
وقد روى عن عمران بن حصين أنه قال لرجل إنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب الله الظهر أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ثم عدد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا ثم قال أتجد هذا في كتاب الله مفسرا إن كتاب الله أبهم هذا وإن السنة تفسر ذلك وقيل لمطرف بن عبد الله بن الشخير لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال له مطرف والله ما نريد بالقرآن بدلا ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضره جبريل بالسنة التى تفسر ذلك قال الأوزاعي الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب قال ابن عبد البر يريد أنها تقضى عليه وتبين المراد منه وسئل أحمد بن حنبل عن الحديث الذي روى أن السنة قاضية على الكتاب فقال ما أجسر على هذا أن أقوله ولكني أقول إن السنة تفسر الكتاب وتبينه. فهذا الوجه في التفصيل أقرب إلى المقصود وأشهر في استعمال العلماء في هذا المعنىومنها النظر إلى ما دل عليه الكتاب في الجملة وأنه موجود في السنة على الكمال زيادة إلى ما فيها من البيان والشرح وذلك أن القرآن الكريم أتى بالتعريف بمصالح الدارين جلبا لها والتعريف بمفاسدهما دفعا لها وقد مر أن المصالح لا تعدو الثلاثة الأقسام وهى الضروريات ويلحق بها مكملاتها والحاجيات ويضاف إليها مكملاتها والتحسينيات ويليها مكملاتها ولا زائد على هذه الثلاثة المقررة في كتاب المقاصد وإذا نظرنا إلى السنة وجدناها لا تزيد على تقرير هذه الأمور فالكتاب أتى بها أصولا يرجع إليها والسنة أتت بها تفريعا على الكتاب وبيانا لما فيه منها فلا تجد في السنة إلا ما هو راجع إلى تلك الأقسام" ج3ص24 - 27 وقد أطلنا النقل عن الشاطبيّ لنبين ما قصده مما أراد أن يوهم به تدليس طه، وأن نبين كذلك أنّ الشاطبيّ كأهل السنة جميعا لا يقول بمثل هذا القول البدعيّ الذي عليه أمثال طه من حاملي جرثومة الإعتزال.
ونكتفي فيما دوّنا من مقال في نقض ما قال طه ولعل الله سبحانه أن يجعل في المقال أداة يكفّ به أذى هؤلاء المبتدعين عن المسلمين، آمين
د. طارق عبد الحليم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 02:15]ـ
العتب على أثرياء المسلمين الذين فتحوا له معهداً في واشنطن!!
وقد أخبرني ثقة أنه يعيش هناك عيشة في غاية الرفاهية!!
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 02:36]ـ
يا أخي اتق الله وكفاك تجريحا للشيخ(/)
هبوب النِّسع بأسماء البغايا التِّسع
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 03:17]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هبوب النِّسع
بأسماء البغايا التِّسع
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
* فقد وقفت مرة على ما رواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 61) عن ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يقول: تبرز عمر بن الخطاب في أجياد ثم رجع فاستوهب وضوء فلم يهبوا له قالت أم مهزول - وهي من البغايا التسع اللواتي كن في الجاهلية - يا أمير المؤمنين هذا ماء ولكنه في علبة والعلبة التي لم تدبغ فقال عمر لخالد بن طحيل هي قال نعم فقال هلم فإن الله جعل الماء طهورا)
وراودتني رغبة في معرفة أسمائهن وشيء من أخبارهن. فوجدت الحافظ أشار إليهن في فتح الباري (9/ 185) فقال: (وقد ساق هشام بن الكلبي في كتاب المثالب أسامي صواحبات الرايات في الجاهلية فسمى منهن أكثر من عشر نسوة مشهورات تركت ذكرهن اختيارا)
ثم وجدت الطبري ذكرهن في الجامع (18/ 73) فقال: (قال ابن جريج: وقال عكرمة: إنه كان يسمي تسعا بعد صواحب الرايات وكن أكثر من ذلك ولكن هؤلاء أصحاب الرايات (أم مهزول) جارية السائب بن أبي السائب المخزومي و (أم عليط) جارية صفوان بن أمية و (حنة) القبطية جارية العاصي بن وائل و (مرية) جارية مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار و (حلالة) جارية سهيل بن عمرو و (أم سويد) جارية عمرو بن عثمان المخزومي و (سريفة) جارية زمعة بن الأسود و (فرسة) جارية هشام بن ربيعة بن حبيب بن حذيفة بن جبل بن مالك بن عامر بن لؤي و (قريبا) جارية هلال بن أنس بن جابر بن نمر بن غالب بن فهر)
* ونقل عنه هذا الثعلبي في تفسيره (7/ 65) وزاد أنهن كن في مكة والمدينة! لكن وجدته يسمي (قريبا) (قرينة) وهو الأقرب. ولعل ما في نسخة الجامع مصحف.
* وروى الفاكهي في أخبار مكة (5/ 199) عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمر أن امرأة كان يقال لها ابن أم مهزول تسافح في الجاهلية فأراد بعض الصحابة أن يتزوجها فنزلت (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة)
وروى عن مجاهد في هذه الآية قال: (هن بغايا كن في الجاهلية معلومات لهن رايات يعرفن بها)
فإن كان عدد المواخر أو صواحبات الرايات في الجاهلية تسع فاليوم تعد المواخر بالمئات في بلاد المسلمين. وهذا أيضا من مظاهر الجاهلية والعياذ بالله.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 03:28]ـ
وذلك يرجع إلى {ولاة الخمور} الذين أباحوا دور الدعاة و رخصوا لها(/)
تقييدة في (حكم ركوب المرأة وحدها مع السائق في سيارة الأجرة)
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 03:21]ـ
تقييدة في حكم ركوب المرأة وحدها مع السائق في سيارة الأجرة)
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فمن الأمور التي عمت بها البلوى في الوسط النسوي ركوب المرأة وحدها في سيارة الأجرة , وهي من الأحوال التي تتحرج منها كثير من النساء الملتزمات, وقد سئل كثير من أهل العلم عن ذلك.
فسئل الشيخ الألباني عن ذلك فأجاز بثلاثة شروط – كما في الشريط (565/سلسلة الهدى والنور) -:
1 - أن يكون في وسط البلد. 2 - أن يكون مع سائق مخبور متدين. 3 - الأمن على المرأة من الاختطاف.
ولم يجعل الشيخ رحمه الله تعالى ذلك خلوة.
ومن أدلة الجواز ما رواه البخاري (4926) ومسلم (2182/وبوب له النووي بقوله: (باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق) عن أسماء بنت أبي بكر قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته وأسوسه وأدق النوى لناضحه وأعلفه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز, وكان يخبز لي جارات من الأنصار وكن نسوة صدق قالت وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ قالت: فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه, فدعاني ثم قال: إخ إخ ليحملني خلفه قالت فاستحييت وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوى على رأسك أشد من ركوبك معه)
وقال الحافظ في فتح الباري (9/ 324): (قال المهلب: فيه جواز ارتداف المرأة خلف الرجل في موكب الرجال)
قلت: قول النووي: (إذا أعيت) قيد في الجواز, أي أن ركوبها لا يكون إلا لرفع الحرج.
وقول المهلب (في موكب الرجال) قيد في الجواز أيضا, يقصد به أن يكون ركوبها في وسط المدينة في حضور الناس , وقد أشار إلى هذا الشيخ الألباني كما مر. وأما اشتراط كون السائق معروفا مخبورا بالتدين فأمر غير عملي وفيه تكلف. والمقصود أن تجتهد المرأة في اختيار السائق المناسب.
ـ[أسماء]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 05:26]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[محمد السلفي المكي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 06:26]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم
ولعل هذا رأي وسط في المسألة
وإن كانت تقبل الاجتهاد باختلاف الزمان والمكان وأمن الفتنة(/)
مقال في التكفير بالمآل
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 03:24]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقال في التكفير بالمآل
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فقد اختلف العلماء في التكفير بالمآل ولوازم الأقوال. فذهب قوم إلى أن (لازم المذهب مذهب) فكفروا بالمآل, وقيدوا ذلك بكون اللزوم بينا غير خفي.
فقال العطار في حاشيته على جمع الجوامع (1/ 371): (لازم المذهب لا يعد مذهبا إلا أن يكون لازما بينا) , وهو موافق لما ذكره الدسوقي في حاشيته (4/ 301).
واختار قوم أنه ليس بمذهب إذا تبين عدم التزام المتكلم بلازمه.
قال الشاطبي في الاعتصام (3/ 172/تحقيق مشهور): (الذي كنا نسمعه من الشيوخ أن مذاهب المحققين من أهل الأصول (إن الكفر بالمآل, ليس بكفر في الحال) , كيف والمكفر ينكر ذلك المآل أشد الإنكار, ويرمي مخالفه به , تبين له وجه لزوم الكفر من مقالته, لم يقل بها على حال)
وقال ابن حزم في الفصل (2/ 369): (وأما من كفر الناس بما تؤول إليه أقوالهم, فخطأ ,لأنه كذب على الخصم, وتقويل له ما لم يقل به)
وقال الحافظ في فتح الباري (12/ 337): (لازم المذهب ليس بمذهب فقد يذكر العالم الشيء ولا يستحضر لازمه حتى إذا عرفه أنكره)
وقال القاري في مرقاة المفاتيح (1/ 283): (قال ابن حجر – أي الهيتمي -: الصواب عند الأكثرين من علماء السلف والخلف أنّا لا نكفر أهل البدع والأهواء إلا أن أتوا بمكفر صريح لا استلزامي لأن الأصح أن لازم المذهب ليس بلازم)
وقال ابن أمير الحاج في التقرير والتحبير (3/ 425): (لازم المذهب ليس بمذهب لصاحبه فمن يلزمه الكفر ولم يقل به فليس بكافر وعليه مشى الإمام الرازي والشيخ عز الدين بن عبد السلام)
- وهو مذهب العز ابن عبد السلام في قواعد الأحكام في مصالح الأنام (ص172) والزركشي في المنثور والبحر المحيط.
وشدد الشوكاني في ذلك فقال في السيل الجرار (4/ 580): (قد علم كل من كان من الأعلام أن التكفير بالإلزام من أعظم مزالق الأقدام, فمن أراد المخاطرة بدينه فعلى نفسه جنى)
واعلم أن التكفير بالمآل واللازم طريقة أهل البدع والأهواء.
قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 343/): (أكثر أهل البدع إنما يكفرون بالمآل, واختلف قول مالك في التكفير بالمآل, ومعنى التكفير بالمآل أنهم لا يصرحون بقول هو كفر ولكن يصرحون بأقوال يلزم عنها الكفر, وهم لا يعتقدون ذلك اللزوم)
ومثاله ما ذكره مرعي بن يوسف الكرمي في أقاويل الثقات (ص92) فقال: (اِعلم أن كثيرا من الناس يظنون أن القائل بالجهة هو من المجسمة لأن من لازم الجهة التجسيم وهذا ظن فاسد فإنهم لا يقولون بذلك لأن لازم المذهب ليس بلازم عند المحققين فكيف يجوز أن ينسب للإنسان شيء من لازم كلامه وهو يفر منه بل قالوا نحن أشد الناس هربا من ذلك وتنزيها للباري تعالى عن الحد الذي يحصره فلا يحد بحد يحصره بل بحد يتميز به عظمة ذاته من مخلوقاته هذا السمع والبصر والقدرة والعلم من لازم وجودها أن تكون أعراضا ولذلك نفاها المعتزلة ولكن هذا اللازم ليس بلازم كما هو مقرر معلوم فتأمل ولا تخض مع الخائضين)
بخلاف أهل السنة, فقد سئل شيخ الإسلام كما في الفتاوى (20/ 217):
هل لازم المذهب مذهب أم لا؟
فأجاب: (أما قول السائل هل لازم المذهب مذهب أم ليس بمذهب فالصواب أن مذهب الإنسان ليس بمذهب له, إذا لم يلتزمه. فإنه إذا كان قد أنكره ونفاه كانت إضافته إليه كذبا عليه, بل ذلك يدل على فساد قوله وتناقضه في المقال, غير التزامه اللوازم التي يظهر أنها من قبل الكفر والمحال مما هو أكثر, فالذين قالوا بأقوال يلزمها أقوال يعلم أنه لا يلتزمها, لكن لم يعلم أنها تلزمه. ولو كان لازم المذهب مذهبا للزم تكفير كل من قال عن الاستواء أو غيره من الصفات إنه مجاز ليس بحقيقة, فإن لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه أو صفاته حقيقة, وكل من لم يثبت بين الاسمين قدرا مشتركا لزم أن لا يكون شيء من الإيمان بالله ومعرفته والإقرار به إيمانا, فإنه ما من شيء يثبته القلب, إلا ويقال فيه نظير ما يقال في الآخر, ولازم قول هؤلاء يستلزم قول غلاة الملاحدة المعطلين, الذين هم أكفر من اليهود والنصارى, لكن نعلم أن كثيرا ممن ينفي ذلك لا يعلم لوازم قوله)
وأحسن شيء في هذا الباب ما حرره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في القواعد النورانية (ص128) فقال: (لازم قول الإنسان نوعان:
أحدهما: لازم قوله الحق, فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه, فإن لازم الحق حق. ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره, وكثيرا ما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب.
والثاني: لازم قوله الذي ليس بحق, فهذا لا يجب التزامه, إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض, وقد بينت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين, ثم إن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له, فقد يضاف إليه, وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه, لكونه قد قال ما يلزمه وهو لم يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزم.
هذا التفصيل في اختلاف الناس في لازم المذهب هل هو مذهب أو ليس بمذهب, هو أجود من إطلاق أحدهما.
فما كان من اللوازم يرضاه القائل بعد وضوحه له فهو قوله, وما لا يرضاه فليس قوله, و إن كان متناقضا. وهو الفرق بين اللازم الذي يجب التزامه مع لزوم اللازم الذي يجب ترك الملزوم للزومه, فإذا عرف هذا, عرف الفرق بين الواجب من المقالات و الواقع منها, و هذا متوجه في اللوازم التي لم يصرح هو بعدم لزومها.
فأما إذا نفى هو اللزوم, لم يجز أن يضاف إليه اللازم بحال, وإلا لأضيف إلى كل عالم ما اعتقدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله, لكونه ملتزما لرسالته, فلما لم يضف إليه ما نفاه عن الرسول, و إن كان لازما له ظهر الفرق بين اللازم الذي لم ينفه و اللازم الذي نفا, ولا يلزم من كونه نص على الحكم نفيه للزوم ما يلزمه لأنه قد يكون عن اجتهادين في وقتين)(/)
مقالات الشيخ طارق عبد الحليم {تعقيب على مقال: الأخ الدكتور محمد عمارة}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 07:11]ـ
تعقيب على مقال: الأخ الدكتور محمد عمارة (الفاتيكان والإسلام) في المصريون
جزى الله خيراً الدكتور محمد عمارة لما بذله من جهد في سلسلته الفاتيكان والإسلام التي تكبّد فيها الردّ على عظيم الفاتيكان، وكبير آباء الكنيسة الكاثوليكية لمّا تعدى على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وافترى على الإسلام وأهله بجهل متعالم أو بعلمِ جاهلٍ، سيان. ولا شكّ أن ما خرج من فمِ هذا الأب المتنكّر للحق يجدر أن يَردّ عليه من إستطاع إلى ذلك سبيلا بجرأة وعلم.
لكن الأمر الذي نريد أن ننبه عليه في هذه السلسلة يتلخص في قضيتين، أولاهما، صحة النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أمر تعوّد العقلانيون التخفيف من أمره إلى حدّ العبث، وهو مما عُرف عن المعتزلة [1] خاصة – اللذين أشاد الدكتور عمارة بدورهم في حضارة الإسلام وتمجيد العقل! – وعن أهل البدعة عامة. فقد قال الدكتور في مقاله السادس " .. ألم يسمع عظيم الفاتيكان أن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم قد قال: "العقل أصل ديني" .. وقال: "عليكم بالقرآن، فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم، وأحدث الكتب بالرحمن عهدا " (رواه الدارمى) ". وما يجب التنبيه عليه أنّ ما ذكر الدكتور ليس من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فالقول الأول قد روى عن عليّ بن أبي طالب في نهج البلاغة ولم يصح عنه، أما ما رواه عن الدارميّ فلو إهتم الدكتور بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إهتمامه بأقوال الغزالي وابن رشد، لراجع الدارمي الذي أورده، ولو أتعب نفسه بقراءة سلسلة الحديث لوجده عن كعب لا عن رسول الله سلى الله عليه وسلم ولم ينسبه أحد قبل الدكتور لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج الدارمي قال: حدثنا عمرو بن عاصم ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن مغيث عن كعب قال: عليكم بالقرآن فإنه فهم العقل ونور الحكمة وينابيع العلم وأحدث الكتب بالرحمن عهدًا، وقال في التوراة يا محمد إني منزل عليك توراة حديثة تفتح فيها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا .. " فهو في أفضل الأحوال موقوف على كعب ولا يصح نسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس جديدا أن ننبه على ضرورة التحرى في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا هو جديدُ أن نذكّر بحديثه صلى الله عليه وسلم "من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولا أنّ نكرر ما استقرت عليه العلماء وذلّت له عقولهم بالتسليم من أن السنة هي المرجع الثاني في الشريعة بعد القرآن، وأنّها الشارح المبين لأحكامه. ولكن الجديد أن يغفل عنها مثل الدكتور عمارة في دفاعه عن الإسلام ونبيّه وأهله.
والقضية الأخرى التي لا تقل خطراً عن الأولى أن منافحة الدكتور عمارة عن الإسلام ونبيّه وأهله تصدر من نفس المصدر الذي صدرت عنه الإعتزال وتستخدم نفس المعطيات فتدسّ في ثناياها التخفيف من قدر السمع وإعلاء دور العقل من فوقه. ونظرة إلى الأسماء التي نقل عنها الدكتور تنبئ عن صحة ما ذكرنا. فقد نقل عن الماورديّ، وبن رشد والغزالي والجبائيّ والقاضي عبد الجبار والجاحظ وهم – إلا الغزالي – من كبار المعتزلة الذين خلّطوا ووقعوا في شبهة تعظيم دور العقل وجعله حاكِما على الشرع.
ثم حين نقل الدكتور عمارة عن بن تيمية – وبدأ نقله بقول "حتى بن تيمية .. " كأن أهل السنة لا يرْقون إلى أن يكون لهم رأي في المنظومة العقلية الإعتزالية البدعية! نقل بتصرف كبير مخلّ عن بن تيمية في كتابه درء التعارض أنه قال" الحنفية وكثير من المالكية والشافعية والحنبلية يقولون بتحسين العقل وتقبيحه، وهو قول الكرامية والمعتزلة، وهو قول أكثر الطوائف من المسلمين" دون ذكر الجزء أو الصفحة، ولم نعثر في الكتاب المذكور على هذا النص بهذه الحروف، ولعلنا أخطأناه وله منى الإعتذار، وإنما وجدنا أقرب ما يمكن اليه في جـ9صـ12 حيث قال بن تيمية: " حتى قال أبو منصور الماتريدي في صبي عاقل إنه يجب عليه معرفة الله وإن لم يبلغ الحنث قالوا وهو قول كثير من مشايخ العراق ومنهم من قال لا يجب على الصبي شيء قبل البلوغ كما لا تجب عليه العبادات البدنية بالاتفاق قلت (اي بن
(يُتْبَعُ)
(/)
تيمية) هذا الثاني (لا يجب على الصبي شيء قبل البلوغ) قول أكثر العلماء وإن كان القول بالتحسين والتقبيح يقول به طوائف كثيرون من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كما يقول به هؤلاء الحنفية"،. والفرق بين النصين ظاهر، فقول "طوائف كثيرة" لا يعنى أنها "أكثر الطوائف"، كذلك ما ورد في كتاب بن تيمية " وهذا الأصل تنازع فيه المتأخرون من عامة الطوائف فلكل طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد فيه قولان وأما الحنفية فالمعروف عنهم القول بتحسين العقول وتقبيحه"جـ9صـ10 وهذا الأصل يعنى التحسين والتقبيح ومن ثمّ الإيجاب والتحريم، وهو قريب مما حاوله الدكتور مع الفارق بين النصين كذلك.
ثم إن رأي بن تيمية وهو رأي أهل السنة والجماعة قاطبة يخالف من زعم أن العقل يقبح ويحسن دون الشرع كما قالت المعتزلة وبعض الحنفية ومن زعم أن العقل لا يدرك الحسن والقبح ابتداءا كما قالت الأشاعرة والجهمية، بل الأمر، كما قال بن تيمية أن " .. قول أحمد لا تدركها العقول أي أن عقول الناس لا تدرك كل ما سنه رسول الله فإنها لو أدركت ذلك لكان علم الناس كعلم الرسول ولم يرد بذلك أن العقول لا تعرف شيئا أمر به ونهي عنه ففي هذا الكلام الرد ابتداء على من جعل عقول الناس معيارا على السنة ليس فيه رد على من يجعل العقول موافقة للسنة "صـ10. ففارق بين من جعل العقل معيارا للشرع ينزّله عليه وبحكّمه فيه وبين من جعل العقل موافقا للشرع لا تعارض بينهما، فيما يمكن للعفل أن يدركه بنفسه، وعليه ينزّل كلام القرافي المذكور في مقال الدكتور، لا أن العقل له مرجعية مطلقة في التحسين والتقبيح كما ينص عليه كلام الدكتور!
والجزء التاسع الذي نقل عنه هذا الكلام "بتوسعٍ" هو مناقشة بن تيمية لأصحاب الرأيين المتضادين، في تقديم السمع أو العقل، وبدأه بنقل ما ذكره الشريف أبو علي بن أبي موسى في شرح الإرشاد، من نصر السمع على العقل بإطلاق ثم نقل ما ذكره القاضي أبا يعلى وتطرق لأقوال بن رشد وأبي المعالى الجوينيّ في الإرشاد. والأمر في كتابات بن تيمية أنه يجب التنبه إلى ما هو من قوله أو مما ينقله عن غيره. ورأي بن تيمية في التحسين والتقبيح العقلي والشرعي يُعرف مما كتب في مواضع كثيرة أخرى لا محل لذكرها في هذا العتاب.
والله سبحانه الهادى لما فيه الحق
د. طارق عبد الحليم
ـ[ابن الشاطيء الحقيقي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 10:14]ـ
في الحقيقة فالدكتور محمد عمارة اليوم وفي هذه المرحلة من حياته -وبعد ان مر بمراحل ماركسية وغيرها -قد تخلص من كثير من الفكر الذي كان غالب عليه الا ان نزعة الاعتزال مع اقباله علي قراءة كتب شيخ الاسلام ابن تيمية ومدحه في مقالات ليدل علي ان الشيخ مازال مترددا بين مواجهة العلمانيين والمستشرقيين والحداثيين بالاصول الاسلامية التي لاتناقض العقل ولا تحقره بل تحفزه وتشغله ولكن تجعل له حدا وان كان مجال فاعلية العقل كبيرة جدا في دوائر كثيرة من عالم الانسان والكون الكبير وقد حرض القرآن العقل المسلم علي التفكر في الكون -وبين مواجهتهم بما يظن هو انه مجال يعرفونه ويعرفه وهو مجال مبجل عنده وعندهم-وكأنه ارضية مشتركة يحترمونها! - وهو مجال العقل الاعتزالي!
فانك بمجرد ان تقول العقل الاعتزالي المعتزلي الا وتجد الاسماع العلمانية تنصت لك ولكن لتري -هذه الاسماع العلمانية المتوجسة! -الي اي مساق تسوقها اليه فهم ايضا يعرفون حدود العقل الاعتزالي ويعرفون انه كان مؤمنا ولاينفع كثيرا في عالم الحداثة وان كانوا يستخدمونه لصالح موقفهم من اهل السنة والاسلام عموما والعقائد الاسلامية الصحيحة التي يرمونها بالحرفية والنصية
فهنا امرين او شيئين وهما قناعة الدكتور بمافي فكر الاعتزال في مسالة العقل من منافع-وهذا ننازعه فيه- والشيء الاخر هو ظنه ان استخدامه في وجه الاستشراق والعلمانية نافع!
والحاصل ان رد الدكتور علي كبير الفاتيكان هو رد نافع لولا مافيه من استخدام العائق امام البيان العقلاني الصحيح المعتمد علي شريعة الاسلام المناقضة لما عليه اهل الاعتزال في كثير من تصوراتهم والمقالات بدون حشر العقل الاعتزالي كان اسلم وافضل
ويبدو ان رسالة الجاحظ في الرد علي النصاري اقرب الي رد عمارة مع الفارق الزمني ومع قرب الجاحظ من الطريقة السنية في الرد
لقد كانت نبرة الاعتزال في رد الدكتور عمارة علي العشماوي في كتاب سقوط الغلو العلماني وعلي نصر حامد ابو زيد في كتاب الرد علي التفسير الماركسي للاسلام اخف وجودا جدا من مقالات الرد علي بابا الفاتيكان
ويبدو ان الذي ادي الي هذا هو معرفة عمارة بان عظيم الفاتيكان فيلسوف وله كتابات في العقل
مع ان عظيم الفاتيكان سقط عقله في ابسط قضايا العقل وهي تنزه الالوهية عن ملابسة احوال الانسان وطبيعته والتجسد في مخلوق والحلول فيه والموت علي صليب معلونا -كما زعموا! -من اجل غفران خطية لللانسان الاول
ولم يفكر عظيم الفاتيكان في ان الله تعالي ايضا لايطلب من البشر فعل خطيئة كبيرة لمحو خطئية صغيرة اي امرهم بقتله-المزعوم طبعا علي صليب! - ليغفر لهم خطئية ابيهم ادم
فان هذا لايقول به اي قاضي عاقل بل ولااي اب موزون العقل ولاترضاه اي امراة لزوجها وولدها ولا اي انسان مفطور علي العلم والفهم
فكيف تصور قتل الاله العظيم ليغفر لك! ولتحصل علي الحياة! ولتغفر لك خطاياك!
فحتي العقل الفطري المجرد يرفض هذا لان نور الفطرة يابي هذه الاساطير والخرافات عن الاله
ولكن عقل عظيم الفاتيكان نصف عقل طفل من المسلمين
طارق منينة(/)
ماهو الفرق بين الباحث الشرعي والعالم الشرعي بارك الله فيكم
ـ[تميم]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 10:01]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إخواني الفضلاء من طلاب العلم .. عندي إشكال ماهو الفرق بين الباحث الشرعي
والعالم .. وجزاكم الله خيرا.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 12:01]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
"كل عالِم: باحث، وليس كل باحث: عالِما".(/)
السبيل المستنار بسنن الأذكار {كتاب الشيخ الخطيب الإدريسي}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 10:54]ـ
السلام عليكم
كتاب السبيل المستنار مؤلفه شيخ تونسي ضرير عمره حوالي 55 سنة, تلقى العلم الشرعي في بلاد الحرمين على ثلة من المشائخ, منهم الشيخ عبد العزيز بن باز و الشيخ سفر الحوالي, وقد عاد إلى تونس على ما أظن سنة 1997,ونشر التوحيد و السنة خصوصا في منطقته, ولم يشتهر حتى عندنا في تونس إلا السنوات الأخيرة 2005,و الشيخ له ثلاث مؤلفات وهي كتاب السبيل المستنار وهو الذي معنا, وكتاب أحكام الترتيل لآيات التنزيل, و كتاب صفة الصلاة, كما أن الشيخ كتب تفسيرا للقرآن لا يزال مخطوطا إلا أنها انتزعت من الشيخ و أخذت منه بعد اعتقاله في شهر ديسمبر 2006 وهو إلى الآن معتقل و حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات, نسأل الله العظيم أن يفك أسر الشيخ و جميع أسرى المسلمين.
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره, و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, و أشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له, و أشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون} <آل عمران 102>.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} <النساء 1>.
{يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا*يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما} <الأحزاب 70 - 71>
أما بعد فإن أصدق الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.
من المعلوم أن العبادة توقيفية, فهي اتباع بالضرورة لهدى النبي صلى الله عليه و سلم, و ما كان لبشر أبدا أن يدعي أنه أعبد و لا أهدى منه سبيلا, و هو الذي زكاه ربه فحصر الإهتداء إلى صراطه المستقيم في اتباع هداه المستبين في قوله تعالى {و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم*صراط الله الذي له ما في السماوات و الأرض ألا إلى الله تصير الأمور} <الشورى 52 - 53>
و في أي حال-من غير معصية-يكون عليها العبد إلا و له فيها ذكر مخصوص مأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم, به يستنير دربه و يستضيء قلبه و يتقرب إلى ربه.
و لتسديد الأمة, جعلت كتاب {السبيل المستنار بسنن الأذكار} لتقريب السنة, وقد جمعت فيه أدعية و أذكارا من الأحاديث الصحاح و الحسان و الآثار, و تركت الضعيف منها لعلي أكون بذلك قد وفرت عن طلاب الهدى عناء البحث عن الذكر الرشيد من القول السديد, و أضفت إلى بعض هذه الأدعية و الأذكار ما يوافقها من الأدلة القرآنية, فجعلت في مستهل الكتاب بابا في فضل الذكر عموما, و باب في فضل القرآن, و بابا في فضل قيام الليل, ويليها واحد وعشرون بابا ختامها {باب أدعية المجالس} ,ويتخللها أدعية متفرقة موزعة حسب أولوية تكرارها بالليل و النهار.
و الله أسأل أن يهذب به النفوس و يحي به السنة و أن يجمع به الأمة راجيا رضوانه و الجنة, إنه ولي لك و القادر عليه. و صلى الله و سلم على محمد و على آله و صحبه أجمعين, وعلى من اقتفى أثرهم إلى يوم الدين, و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
و كتب الخطيب الإدريسي
في 1 رجب 1424
يتبع إن شاء الله
من أراد أن يعرف منهج الشيخ فليتصل بي على الخاص
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 03:13]ـ
فضل الذكر
قال الله تعالى {فاذكروني أذكركم و اشكروا لي و لا تكفرون}
<البقرة 152>
و قال تعالى {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا و ماله في الآخرة من خلاق}
<البقرة 200>
و قال الله تعالى {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون}
<البقرة 239>
و قال الله تعالى {قال رب اجعل لي ءاية قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا و اذكر ربك كثيرا و سبح بالعشي و الإبكار}
<آل عمران 41>
وقال الله تعالى {الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم و يتفكرون في خلق السماوات ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار
<آل عمران 191>
(يُتْبَعُ)
(/)
و قال تعالى {فإذا قضيتم الصلاة فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا و على جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}
<النساء 103>
و قال الله تعالى {و اذكر ربك في نفسك تضرعا و خيفة و دون الجهر بالغدو و الآصال و لا تكن من الغافلين}
<الأعراف 205>
و قال تعالى {يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}
<الأنفال 45>
و قال الله تعالى {الذين ءامنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
<الرعد 28>
و قال تعالى {كي نسبحك كثيرا*و نذكرك كثيرا}
<طه 33 34>
و قال الله تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكي و نحشره يوم القيامة أعمى}
<طه 124>
قال تعالى {رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله}
<النور37>
و قال تعالى {إلا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و ذكروا الله كثيرا و انتصروا بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
<الشعراء 227>
و قال تعالى {و اتل ما أوحي إليك من الكتاب ز أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون}
<العنكبوت 45>
و قال الله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كلن يرجوا الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا}
<الأحزاب 21>
و قال تعالى {و اذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايات الله و الحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا {
<الأحزاب 34>
و قال الله تعالى {إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات و الصادقين و الصادقات و الصابرين و الصابرات و الخاشعين و الخاشعات و المتصدقين و المتصدقات و الصائمين و الصائمات و الحافظين فروجهم و الحافظات والذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما}
<الأحزاب 35>
و قال تعالى {ي أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا*و سبحوه بكرة و أصيلا}
<الأحزاب 41 42>
و قال الله تعالى {ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين}
<الزخرف 36>
و قال تعالى {و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
<القمر 32>
و قال الله تعالى {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}
<الجمعة 10>
و قال الله تعالى {يا أيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فألائك هم الخاسرون}
<المنافقون 9>
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال {إن لله تبارك و تعلى ملائكة سيارة فضلا يتتبعون مجالس الذكر, فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم و حف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم و بين السماء} قال {فيسألهم الله هز و جل وهو أعلم بهم من أين جئتم فيقولون جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك و يكبرونك و يهللونك و يحمدونك و يسألونك. قال و ماذا يسألوني؟ قالوا يسألونك جنتك. قال و هل رأوا جنتي؟ قالوا لا, أي رب. قال فكيف إذا رأوا جنتي؟ قالوا ويستجيرونك. قال ومما يستجيرونني؟ قالوا من نارك يا رب قال و هل رأوا ناري؟ قالوا لا قالوا ويستغفرونك} قال {فيقول قد غفرت لهم فأعطيهم ما سألوا و أجرتهم مما استجاروا} ,قال {فيقولون رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم. قال {فيقول و له غفرت. وهم القوم لا يشقى جليسهم}
<رواه البخاري و مسلم و اللفظ له>
و عن الأغر أبي مسلم أنه قال أشهد على أبي هريرة أبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال {لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و نزلت عليهم السكينة و ذكرهم الله فيمن عنده}
<رواه مسلم و الترمذي>
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسير في طريق مكة فمر جبل يقال له جمدان فقال {سيروا هذا جمدان سبق المفردون} قالوا و المفردون يا رسول الله؟ قال {الذاكرون الله كثيرا و الذاكرات}
<رواه مسلم>
و عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال يا رسول الله أن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به, قال , {لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله}
<رواه الترمذي, وابن ماجة بسند صحيح>
(يُتْبَعُ)
(/)
و عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه و سلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير لكم من إنفاق الذهب و الورق و خير لكم من أ تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم؟} قالوا بلى قال {ذكر الله تعلى}.قال معاذ بن جبل رضي الله عنه ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله}
<رواه الترمذي و ابن ماجة و صححه الألباني>
و عن أبي سعيد الخدري قال خرج معاوية عل حلقة في المسجد فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله قال الله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا و الله ما أجلسنا إلا ذاك. قال أما أني لم أستحلبكم تهمة لكم, وما كان أحد لمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه و سلم أقل عنه حديثا مني, و إن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج على حلقة من أصحابه فقال {ما أجلسكم؟} قالوا جلسنا نذكر الله و نحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا. قال {الله ما أجلسكم إلا ذاك} قالوا و الله ما أجلسنا إلا ذاك قال {أما أني لم أستحلفكم تهمة لكم و لكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة}
<رواه مسلم و الترمذي و ابن حبان>
و عن كريمة بنت الحساس قالت سمعت أبا هريرة في بيت أم الدرداء يحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال {قال الله تبارك و تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني و تحركت به شفتاه}
<ابن حبان و ابن ماجة>
و عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {مثل الذي يذكر ربه و الذي لا يذكر ربه مثل الحي و الميت}
<رواه البخاري>
و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال {من قال رضيت بالله ربا, و بالإسلام دينا, وبمحمد صلى الله عليه و سلم رسولا, و جبت له الجنة.}
<أبو داود و النسائي>
و عن مصعب بن سعد قال حدثني أبي قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال {أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال يسبح مائة تسبيحة, فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة}
<رواه مسلم>
و عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق لأربعة من ولد إسماعيل, ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة}
<رواه أبو داود ,وإسناده حسن>
وعن بن مسعود قال قال رسول الله صلى االله عليه و سلم {لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد, أقرئ أماك مني السلام و أخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء, و أنها قيعان, و أن غراسها سبحان الله و الحمد لله و لا إلاه إلا الله و الله أكبر}
<رواه الترمذي>
و عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {لأن أقول سبحان الله و الحمد لله و لا إلاه إلا الله و الله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس}
<أخرجه مسلم>
و عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال {من قال لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له, له الملك و له الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانتله عدل عشرة رقاب, و كتب له مائة حسنة, و محيت عنه مائة سيئة, و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حنى يمسي, و لم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ومن قال سبحان الله و بحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه و لو كانت مثل زبد البحر}
<رواه البخاري و مسلم و اللفظ له>
و عن أبي موسى قال كنا مع النبي صلى الله وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه و سلم {أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم و لا غائبا, إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم} قال و أنا خلفه و أنا أقول لا حول و لاقوة إلا بالله, فقال {يا عبد الله بن قيس, ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت بلى يا رسول الله, قال {قل لا حول و لا قوة إلا بالله}
<رواه البخاري و مسلم و اللفظ له}
و عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمان سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم}
<أخرجه البخاري و مسلم>
(يُتْبَعُ)
(/)
و عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال {استكثروا من الباقيات الصالحات} قيل وما هن يا رسول الله؟ قال {التكبير, و التهليل, و التسبيح, و الحمد لله, و لا حول و لا قوة إلا بالله}
<ابن حبان>
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله و سلم {يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي, و أنا معه حين يذكرني, فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي, و إن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه, إن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا, و إن تقرب إلي ذراعا, تقربت منه باعا, و إن أتاني يمشي أتيته هرولة}
<رواه البخاري و مسلم و الترمذي و ابن حبان>
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 05:22]ـ
فضل القرآن
قال الله تعالى {و إذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون}
<الأعراف204>
و قال تعالى {إن هذا القرآن يهدي لتي هي أقوم و يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا}
<الإسراء9>
و قال الله تعالى {فإذا قرأت القرآن جعلنا بينك و بين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}
<الإسراء 45>
قال الله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل و قرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا*ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}
<الإسراء 78 79>
و قال تعالى {و اتل ما أحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته و لن تجد من دونه ملتحدا}
<الكهف 27>
و قال تعالى {و أن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنها يهتدي لنفسه و من ضل فقل إنما أنا من المنذرين}
<النمل 92>
قال تعالى {إن الذين يتلون كتاب الله و أقاموا الصلاة و أنفقوا مما رزقناهم سرا و علانية يرجون تجارة لن تبور}
<فاطر 29>
و قال تعالى {أو زد عليه و رتل القرآن ترتيلا}
<المزمل 4>
و قال تعالى {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل و نصفه و ثلثه و طائفة من الذين معك و الله يقدر الليل و النهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى و ءاخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله و ءاخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه و أقيموا الصلاة و ءاتوا الزكاة و أقرضوا الله قرضا حسنا و ما تقدموا لأنفسكم من خبر تجدوه عند الله هو خيرا و أعظم أجرا و استغفروا الله إن الله غفور رحيم}
<المزمل 20>
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال اقل رسول الله صلى الله عليه و سلم {من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها, لا أقول {ألم} حرف و لكن ألف حرف و لام حرف و ميم حرف}
<رواه الترمذي و صححه الألباني>
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {يقال لصاحب القرآن اقرأ و رتل كما كنت ترتل في الدنيا, فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها}
<رواه الترمذي و ابن ماجة و صححه الألباني>
عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة, و الذي يقرأ القرآن و يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران}
<البخاري و مسلم و ابن حبان>
عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال {مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب و ريحها طيب, و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب و لا ريح لها, و مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر, و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة كعمها مر و لا ريح لها}
<البخاري و مسلم>
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن}
<البخاري و مسلم>
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال {قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة, وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح و التكبير, و التسبيح أفضل من الصدقة, و الصدقة أفضل من الصوم, و الصوم جنة من النار}
<رواه الحاكم>
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتل من الإبل في عقلها}
<البخاري>
عن جندب بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا}
<البخاري و مسلم و اللفظ له>
(يُتْبَعُ)
(/)
عن جابر قال خرج علينا رسول الله صلى الله و سلم و نحن نقرأ القرآن و فينا الأعرابي و الأعجمي قال {اقرؤوا فكل حسن و سيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه و لا يتأجلونه}
<أبو داود البيهقي>
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول {حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا>
<الدارمي و صححه الألباني>
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول {اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه}
<مسلم>
عن عبيدة المليكي و كلنت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله و سلم {يا أهل القرأى, لا تتوسدوا القرآن و اتلوه حق تلاوته من آناء الليل و النهار, وا فشوه و تغنوه و تدبروا ما فيه لعلكم تفلحون, و لا تعجلوا ثوابه فإن له ثوابا}
<البيهقي و صححه الألباني>
عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم}
<البيهقي و صححه الألباني>
عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن في الصفة فقال {أيكم يحب أن يغدو ألى بطحان أو العقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله عز و جل و لا قطع رحم؟ قالوا كلنا يل رسول الله. قال {فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله عز و جل خير له من ناقتين, و إن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل}
<أبو داود>
يتبع إن شاء الله
تنبيه {الكتاب أظنه لا يخلو من أحاديث ضعيفة, لذلك أرجو من الإخوة الأفاضل ممن له علم بضعف بعض الأحاديث الواردة في الكتاب أن يضع لنا ما جاء في تضعيف الحديث, و ذلك كي تعم الفائدة و لعل يكون عمل مستقل في تحقيق الكتاب ينشط له أحد الإخوة الأفاضل من طلبة العلم و المشائخ, فلا تبخلو بالتوجيه و النصح}
كتبه أبو محمد.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:22]ـ
باب فضل بعض السور
فضل سورة الفاتحة
عن أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي فدعاني النبي صلى الله و سلم فلم أجبه قلت يا رسول الله, إني كنت أصلي قال {ألم يقل الله استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم} ثم قال {ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخر من المسجد} فأخذ بيدي فلما أردنا أن نخرج قلت يا رسول الله, إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة من القرآن قال {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته.
<رواه البخاري النسائي أبو داود ابن ماجة أحمد>
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أم القرآن هي السبع المثاني و القرآن العظيم}
<رواه البخاري>
عن أبي هريرة رضي الله عنه لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج على أبي بن كعب فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم {ي أبي} وهو يصلي, فالتفت أبي و لم يجبه, و صلى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال السلام عليك يا رسول الله قال رسول الله {و عليك السلام ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك؟} فقال يا رسول الله إني كنت في الصلاة. قال {أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن {استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم} قال بلى و لا أعود إن شاء الله, قال {أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان مثلها؟ قال نعم يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {كيف تقرأ في الصلاة؟ قال فقرأ بأم القرآن, فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم {و الذي نفسي بيده, ما أنزلت في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان مثلها, و إنها سبع من المثاني و القرآن العظيم الذي أعطيته}
<رواه الترمذي ابن حبان>
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال {من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام} فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول {قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدي ما سأل فإذا قال العبد {الحمد لله رب العالمين} قال الله تعالى حمدني عبدي و إذا قال {الرحمان الرحيم} قال الله تعالى أثنى علي عبدي. و إذا قال {مالك يوم الدين} قال مجدني عبدي و قال مرة فوض إلي عبدي. فإذا قال {إياك نعبد و إياك
(يُتْبَعُ)
(/)
نستعين} قال هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل. فإذا قال {اهدنا الصراط المستقيم*صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين} قال هذا لعبدي و لعبدي ما سأل}
<رواه مسلم>
عن أبي سعيد الخدري قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم القرى فلم يقرونا, فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا هل فيكم من يرقي من العقرب؟ قلت نعم, و لكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما قال فأنا أعطيكم ثلاثين شاة فقبلنا فقرأت عليه {الحمد لله} سبع مرات فبرأ و قبضنا الغنم, قال فعرض في أنفسنا منها شيء, فقلنا لا تعجلوا حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فلما قدمنا عليه ذكرت له الذي صنعت قال {و ما علمت أنها رقية؟ اقبضوا الغنم و اضربوا لي معكم بسهم}
<رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح و صححه الألباني>
فضل سورة البقرة
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {إن لكل شيء سناما, و إن سنام القرآن سورة البقرة من قرأها في بيته ليلا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال, ومن قرأها نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام}
<رواه ابن حبان البيهقي الطبراني>
عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول {اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا يستطيعها البطلة}
<رواه مسلم>
عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول {اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه و اقرؤوا الزهراوين {البقرة و سورة آل عمران} ,فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان, أو كأنهما غيايتان, أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما, اقرؤوا سورة البقرة, فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا يستطيعها البطلة}
<رواه مسلم>
فضل آية الكرسي
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله وسلم {يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك؟} قال قلت الله و رسوله أعلم, قال {يا أبا المنذر, أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال قلت {الله لا إلاه إلا هو الحي القيوم} و قال فضرب في صدري قال {و الله ليهنك العلم أبا المنذر}
<رواه مسلم>
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه و سلم بحفظ زكاة رمضان, فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته و قلت و الله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إني محتاج و علي عيال و لي حاجة شديدة قال فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه و سلم {يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة} قال قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة و عيالا فرحمته فخليت سبيله قال {أما إنه قد كذبك و سيعود} فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود, فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله و سلم قال دعني فإني محتاج و علؤ عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله, فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم {ما فعل أسيرك؟} قلت يا رسول الله, شكا حاجة شديدة و عيالا فرحمته فخليت سبيله قال {أما إنه كذبك و سيعود} فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هذا آخر ثلاث مرات أنك توعم لا تعود ثم تعود. قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هي؟ قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إلاه إلا هو الحي القيوم} حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ و لا يقربنك شيطان حتى تصبح, فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم {ما فعل أسيرك البارحة؟} قلت يا رسول الله زعم أنه يلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله, قال {ما هي؟} قلت قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم {الله لا إلاه إلا هو الحي القيوم} و قال لن يزال عليك من الله حافظ و لا يقربنك شيطان حتى تصبح و كانوا أحرص شيء على الخير, فقال النبي صلى الله عليه و سلم {أما إنه قد صدقك وهو كذوب, تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة} قلت لا, قال {ذلك الشيطان}
<رواه البخاري النسائي>
عن أبي بن كعب أن أباه أخبره أنه كان لهم جرين فيه تمر و كان مما يتعاهده فيحده ينقص, فحرسه ذات ليلة, فإذا هو بدابة كهيئة الغلام المحتلم قال فسلمت فد السلام, فقلت ما أنت جن أم إنس؟ فقال جن فقلت ناولني يداك, فإذا يد كلب و شعر كلب, فقلن هكذا خلق الجن, فقال لقد علمت الجن أنه فيهم من هو أشد مني, فقلت ما يحملك على ما صنعت؟ قال بلغني أنط رجل تحب الصدقة فأحببت أن أصيب من طعامك قلت فما الذي يحرزنا منكم؟ فقال هذه الآية آية الكرسي, قال فتركته, وغدا أبي إلى رسول الله صلى الله و سلم فأخبره, فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم {صدق الخبيث}
<رواه ابن حبان>
عن أبي أيوب الأنصاري أنه كانت له سهوة فيها تمر, فكانت تجيء الغول, فتأخذه قال فشكا ذلك إلى النبي صلى الله غليه وسل مقال {فاذهب فإذا رأيتها فقل فقل بسم الله أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم} قال فأخذها فحلفت أأن لا تعود فأرسلها فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال م {ما فعل أسيرك؟} قال حلفت أن لا تعود فقال {كذبت وهي معودة للكذب} قال فأخذها مرة أخرى, فحلفت أن لا تعود فأرسلها فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال {ما فعل أسيرك؟} قال حلفت أن لا تعود فقال {كذبت وهي معودة للكذب} فأخذها, فقال ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه و سلم, فقالت إني ذاكرة لك شيئا آية الكرسي, اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان و لا غيره, قال فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال {ما فعل أسيرك؟.} قال فأخبرته بما قالت قال {صدقت وهي كذوب}
<رواه الترمذي بإسناد صحيح>
عن علي كرم الله وجهه أنه قال لو تعلمون و ما فيها لتركتموها على حال أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال {أعطيت آية الكرسي من كنز نحن العرش لم يؤتها نبي قبلي}
<رواه الديلمي>
عن أنس مرفوعا قال {من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة حفظ إلى الصلاة الأخرى و لا يحافظ عليها إلا نبي أو صديق أو شهيد}
<رواه البيهقي>
يتبع إن شاء الله(/)
خطبة رائعة لفضيلة الرئيس العام للجمعيات الشرعية بمصر
ـ[ابو عبد الملك]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 11:20]ـ
هذا الرابط يحتوي على خطبة رائعة لإمام أهل السنة الرئيس العام للجمعيات الشرعية بمصر والأستاذ بجامعة الأزهر، وهي بعنوان قوانين الطفل .. بارك الله فيه
http://alshareyah.org/sections/videopage.aspx?PageID=431
ـ[أبو أمامة الجيزي]ــــــــ[10 - May-2008, مساء 11:46]ـ
جزاك الله خيرا
وقد حضرتها واستفدت منها
جزى الله الشيخ عنا خير الجزاء
ـ[ابن مفلح]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 11:40]ـ
لإمام أهل السنة الرئيس العام للجمعيات الشرعية بمصر والأستاذ بجامعة الأزهر، [/ url]
جزاك الله خيرا ونفع بك.
أما أن الشيخ مهديا أستاذ بجامعة الأزهر فنعم.
وأما أنه رئيس الجمعية الشرعية فنعم كذلك.
وأما أنه إمام أهل السنة فلا وكلا وحاشا فالرجل _وأعرفه_أشعري جلد ينفي العلو وعامة الصفات وهو شديد الوطأة على أهل السنة مثبتة الصفات.
هداه الله وألهمنا وإياه الرشد.
وليس معنى هذا عدم الاستفادة مما أصاب فيه وإنماالمقصود _بارك الله فيك _أنه لاينبغي التساهل في الألفاظ والألقاب لهذه الدرجة فأهل السنة بالمعنى الأخص_جعلنا الله وإياكم منهم_ بريئون من هذا الرجل أن يكون منهم فضلا عن أن يكون إماما لهم.
ـ[محمد بن أبي عامر]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 11:52]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك.
أما أن الشيخ مهديا أستاذ بجامعة الأزهر فنعم.
وأما أنه رئيس الجمعية الشرعية فنعم كذلك.
وأما أنه إمام أهل السنة فلا وكلا وحاشا فالرجل _وأعرفه_أشعري جلد ينفي العلو وعامة الصفات وهو شديد الوطأة على أهل السنة مثبتة الصفات.
هداه الله وألهمنا وإياه الرشد.
وليس معنى هذا عدم الاستفادة مما أصاب فيه وإنماالمقصود _بارك الله فيك _أنه لاينبغي التساهل في الألفاظ والألقاب لهذه الدرجة فأهل السنة بالمعنى الأخص_جعلنا الله وإياكم منهم_ بريئون من هذا الرجل أن يكون منهم فضلا عن أن يكون إماما لهم.
بوركت يا شيخنا(/)
الانتعال قائما
ـ[البادع]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 12:17]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله:) نهى أن ينتعل الرجل وهو قائم - وقال: إني أخاف أن يحدث به داء لا دواء له (.
فقد بين العلة فيه؛ فللجسد عليك حق، فإذا حملت عليه ما لا يطيق، فحدث به داء؛ فقد ظلمته.
إنما جعل قوام البدن على الرجلين، فإذا انتعلت قائما، لم تجد بدا. من أن ترفع قدما لتنعلها، فصار حمل البدن على رجل واحدة؛ فاضطربت العروق، فإذا اضطربت العروق، لم يؤمن أن يحدث داء؛ لأن العروق مجارى الدم ومجارى الريح؛ فإذا تضايقت في حال الاضطراب، هاج الدم، وهاجت الرياح؛ فربما وقعت في مرض لا تخرج منه أبدا، وربما فاض الدم من العروق إذا اختنق العرق عند تضايقه من مكانه؛ فصار الدم علقة، فإذا صارعلقة لم يجر، وكان دمه فاسدا، وربما انكمشت الرياح الحادثة، وهاجت الساكنة؛ فهذا أمر عظيم.
وقد أوصى الله العباد في شأن النفس؛ فقال: (وَلاَ تُلقُوا بِأَيدِيكُم إِلى التَهلُكَة).
وقال: (وَلاَ تَقتُلُوا أَنفُسَكُم إِنّ الله كَانَ بِكُم رَحيماً). ثم قال: (وَمَن يَفعَل ذَلِكَ عُدواناً وَظُلماً فَسَوفَ نُصلِيهِ ناراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلى الله يَسيراً). فانظر أى وعيد هذا! وظلم النفس كظلم العباد .. فهذه أشياء خفية؛ فخفى على العامة عظيم مرجوع ضررها إلى النفس. وإنما تستر له لأنه ستره، فنحن نقيم ستره، لا أن نسبر عنه، فالستر غير التستر عنه. وأيضا خلة أخرى أن الجن والشياطين ينظرون إلى عورات بنى آدم، فيضحكون ويستهزئون. حدثنا بشر ابن خالد البصرى، حدثنا سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبدالملك، حدثنا الأعمش، عن زيد العمى، عن أنس بن مالك رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ستر بين أعين الجن وبين عورات بنى آدم إذا وضع الرجل ثوبه أن يقول: بسم الله) وكذلك في البراز يخاف أن ترميه الجن بداهية.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال في البراز حتى يخطوا على أنفسهم دائرة؛ كى يكون ذلك حريما لهم، فلا يصل إليه الجن بداهية. حدثنا قتيبة، عن ابن لهية، عن عقيل عن ابن شهاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذا اغتسل أحدكم في براز من الأرض ولم يجد ما يستتر به، فليخطط على نفسه خطا، وليغتسل وسط الخط (.
منقول من كتاب المنهيات للحكيم الترمذي
بالنسبة للحديث صحيح الترمذي1775الألباني رحمه الله
أبو عمر العتيبي
ـ[المسندي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 01:21]ـ
الآحاديث التي ذكرت لا تصح(/)
مقالات الشيخ طارق عبد الحليم {نفحات من ليلة القدر، فضل الزمان والمكان}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 03:06]ـ
نفحات من ليلة القدر، فضل الزمان والمكان
نفحتان منّ الله علينا بهما في هذا الشهر المبارك:
يقول الله سبحانه و تعالي "إنما أموالكم وأولادكم فتنة، وأن الله عنده أجر عظيم" التغابن15
ويقول "يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله" المنافقون9
ويقول "انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله"التوبة41
ويقول"تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم"الصف11
والأموال ذكرت قبل الأبناء في معرض التذكير بأنها فتنة، وذكرت قبل الأنفس في معرض الترغيب في البذل. فهل ذلك لأنها أهم من النفس أو الولد؟ كنت أحسب ذلك تبعا لما جاء في عدة تفاسير، إلا أن مشكلة واجهتني في هذا التفسير، فان من المعروف أن حب النفس مقدم بلا خلاف علي كافة الأشياء، يليه حب الولد، هكذا رتب الله الضرورات الخمس كما وردت في أصول الفقه، النفس-الدين-الولد-العرض-المال.
وقد ارتاحت النفس إلى أن المال هو الملهيّ الأول والأكبر عن ذكر الله، إذ إنه وسيلة، والأنفس والأبناء غاية، والوسيلة دائما تأتي قبل الغاية. فالإنسان ينشغل بجمع المال ليفيد به نفسه وولده. فالمال يأتي في ترتيب الطلب سابقا للنفس والولد. وانشغال الإنسان بالوسيلة مطلوب شرط أن لا تهدم الغاية أو تجور عليها.
والنفس تنخدع بما كان هذا شأنه، فتظنه يحقق السعادة والأمن، ولكن الله سبحانه هو مصدر السعادة وهو مصدر الأمن، فمن هنا أمر الله سبحانه بأن ينخلع الناس عن ذلك الوهم، وأن يخرجوا أولا عن الوسيلة الي الغاية وعن الفرع الي الأصل، إذ الله هو الرّزاق وهو الوهّاب، وهو المعطيّ وهو المانع.
فلنؤمن بأن الله هو الرّزاق وهو الوهّاب، وهو المعطيّ وهو المانع، حق الإيمان، نعم، حق الإيمان. وحق الإيمان إن يصدر عنه عمل، وما صَدَقتْ ولا أفلحَتْ نفسٌ تشح بالمال حين يحين الحين ويأتي دور البذل.
ويقول الله سبحانه و تعالي: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان" البقرة 185
ويقول "انّا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزّل اللائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتّى مطلع الفجر" القدر
ويقول سبحانه: "حم، والكتاب المبين، انّا أنزلناه في ليلة مباركة" الدخان2
فالله سبحانه قد اختار أفضل الحديث وهو كتاب الله، ومن البشر أفضلهم وهو محمد صلي الله عليه وسلم ومن الأمكنة أفضلها وهي مكة ومن الأزمنة أفضلها وهو رمضان ثم أختار من رمضان ليلة القدر، فكان فضل علي فضل علي فضل على فضل، نزل أفضل الحديث (كتاب الله) علي أفضل البشر (محمد صلي الله عليه وسلم) في أفضل بقعة من الأرض (مكة) في أفضل ليلة من الزمان (ليلة القدر).
الله سبحانه يقول "وربك يخلق ما يشاء ويختار" القصص68، من هنا جاء كفر بني إسرائيل حين استكبروا أن ينزّل القرآن علي محمد صلي الله عليه وسلم. ومن هنا جاءت بدع من ابتدع من تخصيص أوقات أو أماكن أو هيئات معينة بعبادات ما أنزل الله بها من سلطان. والله سبحانه يقول "وربك يخلق ما يشاء ويختار" القصص68
من هنا جاء كفر بني إسرائيل حين استكبروا أن ينزّل القرآن علي محمد صلي الله عليه وسلم. ومن هنا جاءت بدع من ابتدع من تخصيص أوقات أو أماكن أو هيئات معينة بعبادات ما أنزل الله بها من سلطان، كمن ابتدع هيئات للذكر أو خصص أزمنة للصيام بخلاف ما شرع الله، ولهذا الحديث تتمة في موضع آخر إن شاء الله.
وقول الله سبحانه "وما أدراك ما ليلة القدر" فانه دال علي أنه مخبر بها، اذ الفرق بين قوله "وما أدراك" وقوله "ما يدريك" أن الأخيرة لا يخبر بها كما في "وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا"، والأولى، "وما أدراك ما ليلة القدر"، يخبر عنها كقوله "وما أدراك ما علييّون، كتاب مرقوم" المطففين19،20 فأخبر الله عن الكتاب.
وجمهور العلماء علي أنها تقع في ليلة السابع والعشرين من رمضان لما رواه مسلم من حديث ذر بن حبيش "قال: قلت لأبيّ بن كعب: إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر. فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن! لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين، ولكنه أراد أن لا يتكل الناس، ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين" رواه مسلم.
ومما يرجح أنها ليلة السابع والعشرين ما استقر في علم الأصول من قاعدة "الجمع بين أطراف الأدلة". فما ورد من أنها تلتمس في العشر الأواخر من رمضان و في الليالي الوتر منها، لا يناقض أنها ليلة السابع والعشرين منه إذ كل الأوصاف متحققة فيها دون تعطيل لأيّ من الأحاديث الواردة.
فالتمس، أخي المسلم، هذه الليلة التي يفخر بها الزمان وتتيه بها الليالي والأيام، لتقّيم فيها لله فروض الطاعة مضاعفة بما يناسب قدر ليلة القدر.
د. طارق عبد الحليم(/)
مقلان الشيخ طارق عبد الحليم {نظرية «الوسيلة والهدف» في القيادة}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 03:08]ـ
نظرية «الوسيلة والهدف» في القيادة
ر. ج. هوز [1] ترجمة: طارق عبد الحليم
هذه الدراسة المترجمة التي نقدمها في مجال الدراسات الاجتماعية، استكمالاً لما قدمناه في العدد الثامن من «البيان»، هي لعالم الاجتماع الأمريكي روبرت هوز، المتخصص في علم النفس الاجتماعي Social Psychology والتي قدم فيها الورقة الأولى لنظرية جديدة في فن القيادة وسماها بنظرية (الوسيلة والهدف)، وتعني بتحديد المهام الرئيسية للقيادة كما يراها، والتي على رأسها إيضاح الهدف المنشود، وبيان الوسيلة لتحقيقه، وأثر ذلك على سلوك الاتباع. ظهرت - في الحقبة الأخيرة - مجموعة من الدراسات في مجال دراسة «القيادة» تعرف باسم نظرية «الوسائل والأهداف»، وحسب هذه النظرية فإن فعالية القيادات تتحدد بدرجة تأثيرها على حفز همم المرؤوسين (الاتباع)، ورفع قدراتهم على أداء العمل بفعالية، وتنمية شعورهم بالرضا والاكتفاء الداخلي عن العمل، وقد أطلق على هذه النظرية «الوسائل والأهداف» لأنها تصب اهتمامها على كيفية تأثير القائد على تصورات اتباعه عن «الهدف» من العمل الجماعي، وعن تطلعاتهم الشخصية، وطرق ووسائل تحقيق كلا الهدفين.
الأسس التاريخية للنظرية: تمتد جذور نظرية «الوسائل والأهداف» في القيادة، لنظرية أكثر عمومية تبحث في مجال «الدوافع» تعرف باسم نظرية «التوقعات» ( Expectations) وبشكل مختصر، فإن هذه النظرية الأخيرة تنص على أن تصورات الأتباع ومواقفهم يمكن استنباطها من:
أ- درجة اقتناعهم بأن العمل الجماعي الذي يقومون به، سيؤدي إلى نتائج محددة (التوقع).
ب- درجة تقييمهم لهذه النتائج (التقييم).
ولهذا السبب، فإن رضا الناس عن عمل ما، وما يحققه لهم من شعور بالاكتفاء الداخلي، إنما يكمن في قناعتهم بأن هذا العمل سيؤدي بهم إلى الوصول لتحقيق، أشياء ذات قيمة عالية في نظرهم.
هذا الأساس العقلي النظري، يمكن من خلاله التنبؤ بعدد من الظواهر المتصلة بموضوع القيادة، فمثلاً: لماذا تتصرف القيادات بشكل ما في موقف ما؟ أو كيف يمكن أن تؤثر القيادة على «حفز همم» ( Motivation) الأتباع على العمل؟ وهذا الأمر الأخير، هو محور اهتمام هذه الدراسة الحالية، وهو أن «همم الاتباع إنما تحفز على العمل حسب سلوك القيادة وأثرها في توضيح أهداف العمل وقيمته، ووسائل تحقيق هذه الأهداف».
وقد طور عدد من الباحثين (إيفانز، هارمر، جرين) في هذا الشأن، بعض الافتراضات المحددة بشأن أثر السلوك القيادي على وسائل وأهداف الأتباع.
وقد ركز هؤلاء الباحثون على أمرين:
1 - كيفية تأثير القائد على توقعات اتباعه في أن «الجهد المبذول سيؤدي إلى أداء فعال، ومن ثم إلى نتائج قيمة، ومقابل مجزٍ.
2 - كيفية تحول هذا التأثير إلى دافع لحفز همم الأتباع لزيادة العمل كماً وكيفاً.
وعلى الرغم من أن تنظير فن القيادة من زاوية الوسائل والأهداف للاتباع، يدرج في مراحله الأولى، فإننا نعتقد أن له مستقبلاً واعداًٍ لسببين: أولهما: أنها تعالج جوانب من سلوكيات القيادة لم تبحث من قبل، إلا أنها تبدو مثمرة. وثانيهما: أنها تحدد - بدرجة كافية من الدقة - العوامل المختلفة التي يتوقف عليها سلوك القيادة في المواقف المختلفة.
وقد افترض «إيفانز» في بنائه النظري الأساسي، أن فعالية القيادة تتحدد بقدرتها على إتاحة الفرصة للأتباع للوصول إلى النتائج التي يسعون إليها، مع ربط هذه النتائج التي يرجونها بحسن أدائهم للعمل.
وقد أوضح «إيفانز» أن أحد مهام القيادة الاستراتيجية، هو إيضاح الوسيلة للأتباع لإتمام وتحقيق عمل ما للوصول إلى نتائج وأهداف ذات قيمة لهم، كذلك فإن من مهام القيادة أن ترفع من درجة «المقابل المتوقع» لدى الأتباع، بأن تكون داعمة لهم عن طريق الاهتمام براحتهم، وحالتهم الاجتماعية والعامة، ذلك أن الإحساس الناشئ لدى الأتباع بأن القيادة تدعمهم شخصياً، هو في حد ذاته «قيمة» مطلوبة كجزاء على العمل والجهد يمكن للقائد أن يمنحها بنفسه، وتؤدي إلى رفع دافعية الأتباع للعمل ومزيد من الجهد.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك فقد درس «إيفانز» العلاقة بين سلوك القيادة من جهة، ودرجة توقع وتطلع الأتباع لتحقيق أهدافهم، وأوضحت هذه الدراسة أنه كلما أعطت القيادة التوجيهات الكافية لأداء العمل، كلما كانت العلاقة بين سلوك القيادة وبين أداء الأتباع طردية إيجابية.
وكما ربط «إيفانز» بين جودة أداء الأتباع، ودرجة قناعتهم بأن عملهم سيؤدي إلى نتائج محددة قيمة، كذلك ربط بين هذا الأخير وبين سلوك القيادة وأدائها، بأن جعل وظيفة القائد الأساسية هي إيضاح الوسيلة لتحقيق الأهداف بشكل لا يشوبه لبس، وجعل النتائج المرجوة مرتبطة بحسن الأداء كما سبق ذكره.
وانطلاقاً من هذا الخط فقد طور «هوز وكيسلر» نظرية أكثر تعقيداً من نظرية (إيفانز).
وتسعى هذه النظرية لبيان أثر أربعة نماذج من السلوك القيادي على الأبعاد الثلاثة التالية:
1 - رضاء واكتفاء الأتباع بعملهم الجماعي.
2 - قبول الأتباع لقيادتهم، واقتناعهم بها.
3 - قناعة الأتباع بأن جهدهم سيؤدي إلى أداء حسن، ومن ثم لتحقيق الهدف المرجو.
هذه النماذج الأربعة القيادية هي:
1 - القيادة الموجهة: Directive Leadership وتعرف بأنها القيادة التي تعرف الأتباع بما هو منتظر منهم، وتعطي التوجيهات المحددة للعمل المطلوب وكيفية أدائه، وتجعل دور الفرد كالتابع معلوماً محدداً في مجموعته.
كذلك فإنها تجدول العمل، وتحافظ على مستوى معين من الأداء بالحرص على التزام الأتباع لقواعد وقوانين محددة.
2 - القيادة الداعمة: Supportive Leadership وتعرف بأنها القيادة المتوددة، القريبة من الأتباع، والتي تظهر الاهتمام بأوضاعهم واحتياجاتهم.
وهذه النوعية من القيادة تهتم عادة بالتفصيلات الصغيرة التي تجعل العمل أكثر إمتاعاً، وتعامل الآخرين على أساس من الندية والتكافؤ، وبطريقة ودية دون حواجز.
3 - القيادة المشاركة: Participative Leadership وهي القيادة التي تستشير أتباعها، وتستمع لاقتراحاتهم، وتضعها موضع الجدية والاهتمام والدراسة قبل اتخاذ قراراتها.
4 - القيادة التي تصب اهتمامها على العمل: A chievement-oriented Leadership وهي التي تحدد أهدافاً عالية لأتباعها، وتتوقع منهم أن يتصرفوا على أحسن مستوى، وأن يكونوا ساعين دائماً لتحسين أدائهم، كذلك فإنها تظهر الثقة في أن أتباعها سوف يتحملون مسؤولياتهم، ويصبون اهتمامهم على إنجاز الأهداف السامية هذه النوعية من القيادة تؤكد دائماً على سمو الأداء، والثقة في قدرة الأتباع على تحصيل هذا المستوى.
وقد ذكرت بعض الدراسات أن هذه الأنماط المختلفة من السلوك القيادي قد تظهر في قيادة واحدة تبعاً لاختلاف الموقف، فعلى سبيل المثال، قد يكون القائد «موجهاً» في بعض الحالات، لكنه مشاركاً أو داعماً في حالات أخرى.
لذلك فإن الطريقة التقليدية في تعريف القائد بأنه «داعماً» أو «مشاركاً» أو «موجهاً» لم تعد بذات نفع، كذلك فإن القيادة تستطيع أن تتخير من أنماط السلوك القيادي ما يناسب الموقف المطلوب لقيادة الأتباع.
والنظرية التي كنا بصددها الآن، وإن كانت تعتبر شرحاً مؤقتاً - وغير نهائي - لتأثير سلوك القائد، فإنها غير متكاملة، ذلك أنها لا تتناول بقية أنماط السلوك القيادي، كما أنها لا توضح أثر هذا السلوك على العوامل الأخرى خلاف رضاء الأتباع، وشعورهم بالاكتفاء.
نظرية الوسيلة والهدف: الافتراضات العامة:
الفرض الأول: أن سلوك القائد مقبول ومرضي للأتباع، إذا كان الأتباع يرون في هذا السلوك مصدراً لتحقيق اكتفائهم ورضاهم الداخلي حالاً أو مستقبلاً.
الفرض الثاني: أن سلوك القائد يجب أن يكون له تأثير «حافزي»، بمعنى أن يحقق زيادة الجهد، حين يرتبط بأمرين:
1 - أن يجعل تحقيق احتياجات الأتباع متوقفاً على حسن أدائهم.
2 - أن يساعد هذا السلوك على توفير الظروف الملائمة لتحسين الأداء بواسطة التعاون والتوجيه والدعم والجزاء اللازم لتحقيق كفاءة الأداء. ومن الأبحاث السابقة على نظرية «التوقع» السابق ذكرها، يمكن استنتاج أن مهام الزعيم الاستراتيجية هي:
1 - تحديد وحفز احتياجات الأتباع التي تكون للقائد إمكانية السيطرة عليها وتحقيقها لهم.
2 - التركيز على زيادة الإنتاجية الفردية للاتباع لتحقيق أهداف العمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - تسهيل وإيضاح وسائل زيادة الإنتاجية بالتدريب والتوجيه.
4 - مساعدة الأتباع في الحصول على آمالهم والإفصاح عنها.
5 - تقليل فرص الشعور بالإحباط.
6 - زيادة فرص الرضاء الشخصي للأتباع عن العمل، بشرط حسن أدائهم. العوامل الشرطية: Contingency Factors هناك فئتان من المتغيرات الظرفية (التغير في الموقف والظروف) يمكن اعتبارهما عوامل شرطية.
والعامل الشرطي: هو المتغير الذي يؤثر على العلاقة بين متغيرين آخرين.
مثال ذلك: يمكن القول بأن «هيكلية العمل» (كعامل شرطي) تؤثر على درجة الارتباط بين كل من سلوك القائد التوجيهي (كمتغير أول) وإحساس الأتباع بالرضاء نتيجة هذا السلوك (كمتغير ثان) ففي حالة ارتفاع درجة هيكلية العمل: كلما زادت درجة توجيه القائد لأتباعه، كلما قل إحساسهم بالرضاء عن العمل ونتائجه، والعكس في حالة ضعف هيكلية العمل (أي درجة وضوح المطلوب وتنظيمه) نجد أنه كلما زادت درجة وكمية توجيهات القائد للأتباع، كلما زاد إحساسهم بالرضاء لهذا يمكن القول بأن العلاقة بين درجة توجيه القيادة للأتباع وإحساس الاتباع بالرضاء، متوقفة على (أو مشروطة ب) هيكلية العمل ودرجة وضوحه.
والعاملان الشرطيان في هذه النظرية هما:
1 - الصفات الشخصية للأتباع.
2 - الضغوط البيئية التي يجب أن يتلاءم معها الأتباع حتى يتمكنوا من تحقيق أهدافهم، والوصول لإرضاء ذواتهم، وتأمين احتياجاتهم.
وبالرغم من أن هناك عوامل ظرفية أخرى تؤثر على تحديد نوعية السلوك القيادي، إلا أنها غير محددة حتى الآن. الفئة الأولى من العوامل الشرطية (صفات الأتباع): Subordinates Characteristics تؤكد نظرية الوسيلة والهدف على أن سلوك القيادة يكون مقبولاً لدى الأتباع، ما دام محققاً لرغباتهم وآمالهم حالاً أو مآلاً. وتحدد صفات الأتباع الشخصية هذا ا لمفهوم.
فمثلاً، قد أوضح رينون وميتشل باستخدام مقياس «مركز التحكم» أن درجة الفرد على هذا المقياس تؤثر في العلاقة بين السلوك القيادي المشارك، ودرجة رضاء الفرد التابع.
وهذا المقياس يعكس رأي الفرد في مدى استجابة البيئة المحيطة لسلوكه وتصرفاته.
فبعض الناس يعتقدون أن ما يحدث لهم -من البيئة المحيطة-إنما هو بسبب سلوكهم هم، والبعض الآخر يعتقد أن ما يعرضون له إنما يكون بسبب الصدفة العابرة لا أكثر.
فالطائفة الأولى ترحب بالقيادة المشاركة (نظراً لأن أفرادها يرون أن مشاركتهم في صنع القرار ستنعكس على ما يحدث لهم) أكثر من الطائفة الثانية التي تفضل النمط القيادي الموجه.
كذلك فإن درجة قناعة الأتباع، بتكافؤ إمكانياتهم الشخصية مع الأعمال الموكلة لهم، تعتبر من الصفات الشخصية للأتباع التي يمكن أن تعد من قبيل العوامل الشرطية، فإنه كلما كان الأتباع أكثر إحساساً بقدرتهم الشخصية على أداء العمل المطلوب، كلما قل ترحيبهم بالنمط القيادي الموجه أو السلوك التدريبي، حيث أن ذلك يؤدي إلى تقليص دافعية الأفراد على العمل، حيث يرون ذلك نوعاً من الرقابة التي تضيق عليهم الخناق.
الفئة الثانية من العوامل الشرطية (الضغوط البيئية): Environmental Pressures وتحدد هذه الفئة بمجموعة العوامل التي لا يمكن للأفراد السيطرة عليها، مع أنها لا تزال ذات أهمية بالغة في الوصول بهم إلى درجة الاكتفاء والقدرة على تحسين الأداء.
وتؤكد النظرية على أن تأثير السلوك القيادي على الحالة النفسية للأتباع، يتوقف على ظروف بيئية أخرى ذات علاقة بدافعية الأتباع، هذه الظروف البيئية هي:
1 - نوعية العمل المنوط بالفرد.
2 - نظام تسلسل السلطة الرسمي للمنظمة.
3 - مجموعة العمل الأساسية التي يعمل الفرد من خلالها.
وتقييم هذه العوامل البيئية يمكن من التنبؤ بدرجة ونوعية تأثير السلوك القيادي على مجموعة معينة من الأتباع. وتؤثر هذه العوامل الثلاثة السالفة الذكر على الأتباع بإحدى الطرق الثلاث التالية:
1 - أن تكون «حاثّة» لدافعية الفرد وانكبابه على عمله.
2 - أن تضبط سلوك الأتباع في شكل محدد لصالح العمل وهذه الضوابط تساعد على إبراز آمال الأتباع في أن الجهد سيؤدي للجزاء الحسن، وعلى الحد من تخوفاتهم من حدوث تضارب أو اضطراب.
3 - كذلك فإنها تعتبر كمكافآت على بلوغ درجة الكفاءة المطلوبة للعمل فمثلاً: قد يعتبر الفرد أن الثناء الذي يتلقاه من زملائه في مجموعة العمل التي يتبعها، على حسن أدائه، مكافأة إضافية، بغض النظر عن ثناء القائد نفسه عليه. من هنا يمكن القول بأن أثر القيادة على دافعية الأتباع للعمل يرتبط بدرجة تأثير البيئة المحيطة كحاثة للدوافع، أو كضوابط للسلوك أو كعامل جزائي إضافي.
وبالنسبة للبيئة، فإن نظرية «الوسيلة والهدف» تؤكد على أنه عندما تكون أهداف العمل ووسائله واضحة-بسبب طبيعة العمل الروتينية، أو نمطية العادات ووسائل التحكم في الأداء - فإن أي محاولة للقيادة في أن تتدخل لإيضاح العمل ووسائله وأهدافه بشكل زائد ستكون غير ذات نفع، لأنها ستعامل من جهة الأتباع على أنها تدخل مباشر دون داع. وعلى الرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى تحسن الأداء بعض الشيء إلا أنه سيؤدي كذلك للحد من درجة رضاء واكتفاء الأتباع في أداء عملهم.
كذلك فإن هذه النظرية تنص على أن سلوك القيادة يساعد على حفز همم العاملين ما دام يساعدهم على التلاءم مع مخاطر ومجاهل البيئة المحيطة التي تأتي من مصادر متعددة لإحباطهم.
ومثل هذا السلوك القيادي الذي يحمي الأتباع من مخاطر ومجاهل البيئة، يؤدي لزيادة دافعيتهم للعمل نحو الهدف، طالما أنه يزيد من قناعتهم بأن حسن الأداء سيؤدي إلى حسن الجزاء.
وهذه الافتراضات، والمواصفات الخاصة بالشروط الظرفية، تقدم هيكلاً مشجعاً يمكن من خلاله بناء وتطوير البحث مستقبلاً للوصول إلى نظرية متكاملة في القيادة.(/)
مقالت الشيخ طارق عبد الحليم {تقديم و تحقيق مقدمة الإعتصام}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 04:29]ـ
تقديم و تحقيق مقدمة الإعتصام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدىبهجديهم إلى يوم الدين أما بعد،
فقد كان مما صحت عليه العزيمة وانشغلت به النفس ردحا من الدهر، تحقيق كتاب الإعتصام الذي هو أجل الكتب في موضوعه وهو التعريف بالبدعة وحدودها وضوابطها، والتعليق عليه بما يقربه من قراء هذا الزمان. ولكن الهمة ضعفت وتباعد الزمان بهذا الغرض وانشغلت النفس بغيره حتى طلب إلي أحد تلامذتي من الأبناء البارين وطلبة العلم المخلصين، أن أعلّق تعليقا بسيطا على مقدمة الكتاب لأجل نشرها في هذا الموقع لما فيها من فائدة جمة فهي شاهد على هذا العصر كما كانت شاهداً على عصر الشاطبي رحمة الله عليه، فشابهت تصرفات قومه في عصره تصرفات أقوام نعيش بينهم ممن يدعى متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبعد ما يكون عنها، بل هو معادٍ لها و لمن يتبعها وموافق لمن يخالفها، كما وصف الشاطبيّ. وقد جعل هؤلاء الناس دينهم وديدنهم القاء الشبهات على أهل السنة لا بدليل شرعي ولا سنة صحيحة، ولكن رميهم بمسميات باطلة اتبعوا فيها الصهاينة والصليبيين الجدد بجهل تارة، وبعلم ونية الإضرار تارات. فكان أن نظرتُ إلى المقدمة فوجدتها سلسة بنفسها لا تحتاج لمزيد إيضاح، فلم يكن لي فيها من عمل إلا إرجاع الأحاديث إلى مظانها، وإلقاء بعض الضوء بالتعليق على مواضع متفرقة مما يأخذ بيد القارئ ليرشده في العبور من ذاك الزمان إلى هذه الأيام.
جزى الله الشاطبي أجزل الثواب وغفر له زلاته التي لا ينجو منها بشر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أخلي بين القارئ وبينهذه الكلمات الجليلة القدر ليتمعنها ويستدل بهديها.
المقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمود على كل حال، الذي بحمده يستفتح كل أمر ذي بال، خالق الخلق لما شاء، وميسرهم على وفق علمه وارادته، لا على وفق اغراضهم لما سر وساء، ومصرفهم بمقتضى القبضتين، فمنهم شقي وسعيد، وهداهم النجدين فمنهم قريب وبعيد، ومسويهم على قبول الإلهامين ففاجر وتقى، كما قدر ارزاقهم بالعدل على حكم الطرفين ففقير وغني، كل منهم جار على ذلك الأسلوب فلا يعدوه، فلو تمالأوا على ان يسدوا ذلك السبق لم يسدوه، او يردوا ذلك الحكم السابق لم ينسخوه ولم يردوه، فلا إطلاق لهم على تقييده ولا انفصال، "ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال" [الرعد: 15].
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبي الرحمة، وكاشف الغمة، الذي نسخت شريعته كل شريعة، وشملت دعوته كل أمة، فلم يبق لأحد حجة دون حجته، ولا استقام لعاقل طريق سوى لأحب محجته، وجمعت تحت حكمتها كل معنى مؤتلف، فلا يسمع بعد وضعها خلاف مخالف ولا قول مختلف، فالسالك سبيلها معدود في الفرقة الناجية، والناكب عنها مصدود إلى الفرق المقصره او الفرق الغالية. صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الذين اهتدوا بشمسه المنيرة، واقتفوا آثاره اللائحة، وأنواره الواضحة وضوح الظهيرة، وفرقوا بصوارم أيديهم وألسنتهم بين كل نفس فاجرة ومبرورة، وبين كل حجة بالغه وحجة مبيرة، وعلى التابعين لهم على ذلك السبيل، وسائر المنتمين إلى ذلك القبيل، وسلم تسليما كثيرا.
اما بعد: فإني أذكرك ايها الصديق الأوفى، والخالصة الأصفى، في مقدمة ينبغي تقديمها قبل الشروع في المقصود، وهي معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُدِئَ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بُدِئَ فطوبى للغرباء، قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس" [1] وفي رواية "قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: النزوع من القبائل" وهذا مجمل ولكنه مبين في الرواية الأخرى. وجاء من طريق آخر "بدئ الإسلام غريباً ولا تقوم الساعة حتى يكون غريباً كما بدئ فطوبى للغرباء حين يفسد الناس"، و في رواية لابن وهب قال صلى الله عليه وسلم: "طوبى للغرباء الذين يمسكون بكتاب الله حين يترك ويعملون بالسنة حين تطفى" وفي رواية: "إن الاسلام بدى غريبا وسيعود غريبا كما بدئ فطوبى للغرباء، قالوا يا رسول الله كيف يكون
(يُتْبَعُ)
(/)
غريبا؟ قال: كما يقال للرجل في حي كذا وكذا إنه لغريب" وفي رواية انه سئل عن الغرباء قال "الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي".
وجملة المعنى فيه من جهة وصف الغربة ما ظهر بالعيان والمشاهدة في أول الاسلام وآخره، وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل، وفي جاهلية جهلاء، لا تعرف من الحق رسما، ولا تقيم به في مقاطع الحقوق حكما، بل كانت تنتحل ما وجدت عليه آباءها، وما استحسنته اسلافها، من الآراء المنحرفة، والنحل المخترعة، والمذاهب المبتدعة، فحين قام فيهم صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فسرعان ما عارضوا معروفه بالنكر، وغيروا في وجه صوابه بالإفك، ونسبوا إليه إذ خالفهم في الشرعة، ونابذهم في النحلة كل محال، ورموه بأنواع البهتان، فتارة يرمونه بالكذب وهو الصادق المصدوق، الذي لم يجربوا عليه قط خبرا بخلاف مخبره، وآونة يتهمونه بالسحر، و في علمهم أنه لم يكن من أهله ولا ممن يدعيه، وكرة يقولون: إنه مجنون مع تحققهم بكمال عقله، وبراءته من مس الشيطان وخبله، وإذ دعاهم إلى عبادة المعبود بحق وحده لا شريك له، قالوا: "أجعل الآلهه إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب" [ص: 5]، مع الإقرار بمقتضى هذه الدعوة لصادقة: "فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين" [العنكبوت: 65] وإذا أنذرهم بطشة يوم القيامة، أنكروا ما يشاهدون من الأدلة على إمكانه، وقالوا: "أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد" [ق: 3] وإذا خوفهم نقمة الله، قالوا: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" [الأنفال: 32] اعتراضا على صحة ما أخبرهم به مما هو كائن لا محالة، وإذا جاءهم بآية خارقه افترقوا في الضلالة على فرق، واخترقوا فيها بمجرد العناد مالا يقبله أهل التهدى إلى التفرقة بين الحق والباطل، كل ذلك دعاء منهم إلى التأسي بهم والموافقة لهم على ما ينتحلون، إذا رأوا خلاف المخالف لهم في باطلهم ردا لما هم عليه، ونبذا لما شدوا عليه يد الظنة، واعتقدوا إذا لم تمسكوا بدليل أن الخلاف يوهن الثقة ويقبح جهة الاستحسان، وخصوصا حين اجتهدوا في الانتصار بعلم فلم يجدوا أكثر من تقليد الآباء. ولذلك اخبر الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام في محاجة قومه: "ما تعبدون؟ قالوا: نعبد أصناما فنظل لها عاكفين، قال: هل يسمعونكم إذ تدعون؟ أو ينفعونكم أو يضرون؟ قالوا: بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون" [الشعراء: 70 - 74] فحادوا كما ترى عن الجواب القاطع المورد، مورد السؤال إلى الاستمساك بتقليد الآباء [2]. وقال الله تعالى: "أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون" [الزخرف: 21 - 22] فرجعوا عن جواب ما ألزموا إلى التقليد، فقال تعالى: "قال أولوا جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم" [الزخرف: 24] فأجابوا بمجرد الإنكار، ركونًا إلى ما ذكروا من التقليد لا بجواب السؤال.
فكذلك كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكروا ما توقعوا معه زوال ما بأيديهم، لأنه خرج عن معتادهم، وأتى بخلاف ما كانوا عليه من كفرهم وضلالهم، حتى أرادوا ان يستنزلوه على وجه السياسة في زعمهم، ليوقعوا بينهم وبين المؤالفة والموافقة ولو في بعض الأوقات، أو في بعض الأحوال، أو على بعض الوجوه، ويقنعوا منه بذلك ليقف لهم بتلك الموافقه واهى بنائهم، فأبى صلى الله عليه وسلم إلا الثبوت على محض الحق والمحافظة على خالص الصواب، وأنزل الله: "قل يا ايها الكافرون لا أعبد ما تعبدون" إلى آخر السورة، فنصبوا له عند ذلك حرب العداوة، ورموه بسهام القطيعة، وصار أهل السلم كلهم حربا عليه، عاد الولى الحميم عليه كالعذاب الأليم، فأقربهم إليه نسبا كان أبعد الناس عن موالاته، كأبي جهل وغيره، وألصقهم به رحماً كانوا أقسى قلوبا عليه، فأي غربة توازي هذه الغربة؟ ومع ذلك فلم يكله الله إلى نفسه، ولا سلطهم على النيل من أذاه، إلا نيل المصلوفين، بل حفظه وعصمه، وتولاه بالرعاية والكلاءة، حتى بلغ رسالة ربه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ما زالت الشريعة في أثناء نزولها، وعلى توالى تقريرها تبعد بين أهلها وبين غيرهم، وتضع الحدود بين حقها وبين ما ابتدعوا، ولكن على وجه من الحكمة عجيب، وهو التأليف بين أحكامها وبين أكابرهم في أصل الدين الأول الأصيل، ففي العرب نسبتهم إلى أبيهم ابراهيم عليه السلام، و في غيرهم لأنبيائهم المبعوثين فيهم، كقوله تعالى بعد ذكر كثير من الانبياء: "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" [الأنعام: 90] وقوله تعالى: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين" [الشورى: 13].
وما زال صلى الله عليه وسلم يدعو لها، فيؤوب إليه الواحد بعد الواحد على حكم الاختفاء، خوفا من عادية الكفار، زمان ظهورهم على دعوة الإسلام، فلما اطلعوا على المخالفة أنفوا، وقاموا وقعدوا، فمن أهل الإسلام من لجأ إلى قبيلة فحموه على إغماض، أو على دفع العار في الإخفار. ومنهم من فر من الإذاية وخوف الغرة، هجرة إلى الله وحبا في الاسلام. ومنهم من لم يكن له وزر يحميه، ولا ملجأ يركن إليه، فلقي منهم من الشدة والغلظة والعذاب او القتل ما هو معلوم، حتى زل منهم من زل فرجع امره بسبب الرجوع إلى الموافقة، وبقي منهم من بقي صابرا محتسبا، إلى أن أنزل الله تعالى الرخصة في النطق بكلمة الكفر على حكم الموافقة ظاهراً، ليحصل بينهم وبين الناطق الموافقة، وتزول المخالفة، فنزل اليها من نزل على حكم التقية، ريثما يتنفس من كربه ويتروح من خناقه، وقلبه مطمئن بالإيمان. وهذه غربة أيضا ظاهرة، وإنما كان هذا جهلا منهم بمواقع الحكمه، وأن ما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم هو الحق ضد ما هم عليه، فمن جهل شيئا عاداه، فلو علموا لحصل الوفاق، ولم يسمع الخلاف، ولكن سابق القدر حتم على الخلق ما هم عليه قال الله تعالى: "ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك" [هود: 118 - 119].
ثم استمر تزيد الإسلام، واستقام طريقه على مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعد موته، وأكثر قرن الصحابة رضي الله عنهم، إلى أن نبغت فيهم نوابغ الخروج عن السنة، وأصغوا إلى البدع المضلة كبدعة القدر وبدعة الخوارج وهي التي نبه عليها الحديث بقوله: "يقتلون أهل الإسلام ويدعون اهل الأوثان يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم" [3] يعني لا يتفقهون فيه، بل يأخذونه على الظاهر: كما بينه حديث ابن عمر الاتي بحول الله. وهذا كله في آخر عهد الصحابة.
ثم لم تزل الفرق تكثر حسبما وعد به الصادق صلى الله عليه وسلم في قوله: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" [4] وفي الحديث الآخر: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن؟ " [5]، وهذا أعم من الأول فإن الأول عند كثير من أهل العلم خاص بأهل الأهواء وهذا الثاني عام في المخالفات، ويدل على ذلك من الحديث قوله: "حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم".
و كل صاحب مخالفة فمن شأنه أن يدعو غيره إليها، و يحض سؤاله بل سواه عليها، إذ التأسي في الأفعال والمذاهب موضوع طلبه [6] في الجبلة، وبسببه تقع من المخالف المخالفة، وتحصل من الموافق المؤالفة، ومنه تنشأ العداوة والبغضاء للمختلفين.
كان الاسلام في أوله وجدته مقاوماُ بل ظاهراُ، وأهله غالبون وسوادهم أعظم الأسودة، فخلا من وصف الغربة بكثرة الأهل والأولياء الناصرين، فلم يكن لغيرهم ممن لم يسلك سبيلهم أو سلكه ولكنه ابتدع فيه صولة يعظم موقعها، ولا قوة يضعف دونها حزب الله المفلحون، فصار على استقامة وجرى على اجتماع واتساق، فالشاذ مقهور مضطهد، إلى أن أخذ اجتماعه في الافتراق الموعود، وقوته إلى الضعف المنتظر، والشاذ عنه تقوى صولته ويكثر سواده، واقتضى سر التأسي المطالبة بالموافقة ولا شك أن الغالب أغلب، فتكالبت على سواد السنة البدع والأهواء، فتفرق أكثرهم شيعاً. وهذه سنة الله في الخلق: إن أهل الحق في جنب اهل الباطل قليل لقوله تعالى: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" [يوسف: 103] وقوله تعالى: "و قليل من عبادي الشكور" [سبأ: 13] و لينجز
(يُتْبَعُ)
(/)
الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه، فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة، والبدعة سنة، فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف، كما كان أولا يقام على أهل البدعة طمعا من المبتدع أن تجتمع كلمة الضلال، ويأبى الله أن تجتمع حتى تقوم الساعة، فلا تجتمع الفرق كلها - على كثرتها - على مخالفة السنة عادة وسمعا، بل لا بد أن تثبت جماعة اهل السنة حتى يأتى أمر الله، غير أنهم لكثرة ما تناوشهم الفرق الضالة وتناضبهم العداوة والبغضاء استدعاء إلى موافقتهم، لا يزالون في جهاد ونزاع، و مدافعة وقراع، آناء الليل والنهار، وبذلك يضاعف الله لهم الأجر الجزيل ويثيبهم الثواب العظيم.
فقد تلخص مما تقدم أن مطالبة المخالف بالموافقة [7] جار مع الأزمان لا يختص بزمان دون زمان، فمن وافق فهو عند المطالب المصيب على أي حال كان، ومن خالف فهو المخطئ المصاب، ومن وافق فهو المحمود السعيد، ومن خالف فهو المذموم المطرود، ومن وافق فقد سلك سبيل الهداية، ومن خالف فقد تاه في طرق الضلالة والغواية.
وإنما قدمت هذه المقدمة لمعنى أذكره. وذلك أني - ولله الحمد - لم أزل منذ فتق للفهم عقلي ووجه شطر العلم طلبي، انظر في عقلياته وشرعياته، وأصوله وفروعه لم أقتصر منه على علم دون علم، ولا أفردت عن أنواعه نوعا دون آخر، حسبما اقتضاه الزمان والإمكان، وأعطته المنة المخلوقة في أصل فطرتي، بل خضت في لججه خوض المحسن للسباحة، وأقدمت في ميادينه إقدام الجرئ، حتى كدت أتلف في بعض أعماقه، أو أنقطع في رفقتي، التي بالأنس بها تجاسرت على ما قدر لي، غائبا عن مقال القائل وعذل العاذل، ومعرضا عن صد الصاد ولوم اللائم، إلى أن من علي الرب الكريم، الرءوف الرحيم، فشرح لي من معاني الشريعة ما لم يكن في حسابي وألقى في نفسي القاصرة أن كتاب الله وسنة نبيه لم يتركا في سبيل الهداية لقائل ما يقول ولا أبقيا لغيرهما مجالا يعتد فيه، وإن الدين قد كمل، و السعادة الكبرى فيما وضع، و الطلبة فيما شرع، و ما سوى ذلك فضلال وبهتان، و إفك وخسران، و أن العاقد عليهما بكلتا يديه مستمسك بالعروة الوثقى، محصل لكلمتي الخير دنيا وأخرى، و ما سواهما فأحلام وخيالات و أوهام، و قام لي على صحة ذلك البرهان الذي لا شبهة تطرق حول حماه، و لا ترتمي نحو مرماه، "ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون" [يوسف: 38] والحمد لله والشكر كثيرا كما هو أهله. فمن هنالك قوت نفسي على المشي في طريقه بمقدار ما يسر الله فيه، فابتدأت بأصول الدين عملا واعتقادا، ثم بفروعه المبنية على تلك الأصول [8]، وفي خلال ذلك أبين ما هو من السنن أو من البدع، كما أبين ما هو من الجائز و ما هو من الممتنع، وأعرض ذلك على علم الأصول الدينية و الفقهية، ثم أطلب نفسي بالمشي مع الجماعة التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم "بالسواد الأعظم" [9]، في الوصف الذي كان عليه هو وأصحابه وترك البدع التي نص عليها العلماء أنها بدع وأعمال مختلفة.
و كنت في أثناء ذلك قد دخلت في بعض خطط الجمهور من الخطابة والإمامة ونحوها فلما أردت الاستقامه على الطريق، وجدت نفسي غريبا في جمهور أهل الوقت لكون خططهم قد غلبت عليها العوائد، ودخلت على سننها الأصليه شوائب من المحدثات الزوائد [10]، ولم يكن ذلك بدعا في الأزمنه المتقدمة، فكيف في زماننا هذا فقد روى عن السلف الصالح من التنبيه على ذلك كثير، كما روى عن أبي الدرداء أنه قال: لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة. قال الأوزاعي: فكيف لو كان اليوم؟ قال عيسى بن يونس: فكيف لو أدرك الاوزاعي هذا الزمان؟
وعن أم الدرداء قالت: دخل ابو الدرداء وهو غضبان، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أنس بن مالك قال: ما أعرف منكم ما كنت أعهده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قولكم: لا إله إلا الله. قلنا: بلى يا أبا حمزة؟ قال: قد صليتم حتى تغرب الشمس، أفكانت تلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وعن انس قال: لو أن رجلاً أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الاسلام شيئاُ، قال و وضع يده على خده ثم قال: إلا هذه الصلاة، ثم قال: أما والله على ذلك لمن عاش في النكر ولم يدرك ذلك السلف الصالح فرأى مبتدعا يدعو إلى بدعته، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه، فعصمه الله من ذلك، وجعل قلبه يحن إلى ذلك السلف الصالح، يسأل عن سبلهم، و يقتص آثارهم، ويتبع سبيلهم، ليعوض أجراً عظيماً، وكذلك فكونوا إن شاء الله.
و عن ميمون بن مهران قال: لو أن رجلا أنشر فيكم من السلف ما عرف غير هذه القبلة.
وعن سهل بن مالك عن أبيه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة، إلى ما أشبه هذا من الآثار الداله على أن المحدثات تدخل في المشروعات، و أن ذلك قد كان قبل زماننا، وإنما تتكاثر على توالى الدهور إلى الآن.
فتردد النظر بين - أن أتبع السنة على شرط مخالفة ما اعتاد الناس فلا بد من حصول نحو مما حصل لمخالفي العوائد، لا سيما إذا ادعى أهلها أن ما هم عليه هو السنة لا سواها إلا أن في ذلك العبء الثقيل ما فيه من الأجر الجزيل - و بين أن أتبعهم على شرط مخالفة السنة والسلف الصالح، فأدخل تحت ترجمة الضلال عائذا بالله من ذلك، إلا أني أوافق المعتاد، وأعد من المؤالفين، لا من المخالفين [11]، فرأيت أن الهلاك في اتباع السنة هو النجاة، وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئا [12]، فأخذت في ذلك على حكم التدريج في بعض الأمور، فقامت على القيامة، وتواترت علي الملامة، و فوق إلي العتاب سهامه، ونسبت إلى البدعة والضلالة، وأنزلت منزلة أهل الغباوة والجهالة، و إني لو التمست لتلك المحدثات مخرجا لوجدت، غير أن ضيق العطن، والبعد عن أهل الفطن، رقى بي مرتقى صعبا وضيق علي مجالاً رحباً، وهو كلام يشير بظاهره إلى أن اتباع المتشابهات، لموافقات العادات، أولى من اتباع الواضحات، وإن خالفت السلف الأول [**].
و ربما ألموا في تقبيح ما وجهت إليه وجهتي بما تشمئز منه القلوب، أو خرجوا بالنسبة إلى بعض الفرق الخارجة عن السنة شهادة ستكتب ويسألون عنها يوم القيامة فتارة نسبت إلى القول بأن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه كما يعزى إلى بعض الناس، بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة. وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة وللسلف الصالح والعلماء.
وتارة نسبت إلى الرفض [13] وبغض الصحابة رضي الله عنهم، بسبب اني لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم في الخطبة على الخصوص، إذ لم يكن ذلك شأن من السلف في خطبهم، ولا ذكره أحد من العلماء المعتبرين في أجزاء الخطب. و قد سئل (أصبغ) عن دعاء الخطيب للخلفاء المتقدمين فقال: هو بدعة ولا ينبغي العمل به، وأحسنه أن يدعو للمسلمين عامة. قيل له: فدعاؤه للغزاة والمرابطين؟ قال: ما أرى به بأسا عند الحاجة إليه، وإما أن يكون شيئا يصمد له في خطبته دائما فإني أكره ذلك. و نص أيضا عز الدين بن عبد السلام: على أن الدعاء للخلفاء في الخطبة بدعة غير محبوبة.
و تارة أضيف إلى القول بجواز القيام على الأئمة، وما أضافوه إلا من عدم ذكرى لهم في الخطبة، وذكرهم فيها محدث لم يكن عليه من تقدم.
و تارة أحمل على التزام الحرج والتنطع في الدين، وإنما حملهم على ذلك أني التزمت في التكليف والفتيا الحمل على مشهور المذهب الملتزم لا أتعداه، وهم يتعدونه ويفتون بما يسهل على السائل ويوافق هواه، وإن كان شاذا في المذهب الملتزم أو في غيره وأئمة أهل العلم على خلاف ذلك وللمسألة بسط في كتاب (الموافقات).
و تارة نسبت إلى معاداة أولياء الله [14]، و سبب ذلك أني عاديت بعض الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة، المنتصبين - بزعمهم - لهداية الخلق، وتكلمت للجمهور على جملة من أحوال هؤلاء الذين نسبوا أنفسهم إلى الصوفية ولم يتشبّهوا بهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
و تارة نسبت إلى مخالفة السنة والجماعة، بناء منهم على أن الجماعة التي أمر باتباعها - وهي الناجية - ما عليه العموم، ولم يعلموا أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، وسيأتي بيان ذلك بحول الله، وكذبوا على في جميع ذلك [15]، أو وهموا، والحمد لله على كل حال.
فكنت على حالة تشبه حالة الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة الحافظ مع أهل زمانه إذ حكى عن نفسه فقال: "عجبت من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني والأبعدين، والعارفين والمنكرين، فإني وجدت بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها موافقاً أو مخالفاًً، دعاني إلى متابعته على ما يقوله، وتصديق قوله والشهادة له، فإن كنت صدقته فيما يقول وأجزت له ذلك - كما يفعله أهل هذا الزمان - سماني موافقا وإن وقفت في حرف من قوله أو في شيء من فعله - سماني مخالفا، وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد، سماني خارجيا، وإن قرأت عليه حديثا في التوحيد سماني مشبها [16]، وإن كان في الرؤية سماني سالميا، وإن كان في الإيمان سماني مرجئيا، وإن كان في الأعمال، سماني قدريا، وإن كان في المعرفة سماني كراميا، وإن كان في فضائل أبي بكر و عمر، سماني ناصبيا، وإن كان في فضائل أهل البيت سماني رافضيا، وإن سكت عن تفسير آية أو حديث لم أجب فيهما إلا بهما، سماني ظاهريا [17]، وإن أجبت بغيرهما سماني باطني [18]، وإن أجبت بتأويل، سماني أشعريا [19]، وإن حجدتهما، سماني معتزليا [20]، وإن كان في السنن مثل القراءة، سمّاني شفعوي،ا وإن كان في القنوت، سماني حنفيا، وإن كان في القرآن، سماني حنبليا، وإن ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخبار - إذ ليس في الحكم والحديث محاباة - قالوا: طعن في تزكيتهم، ثم أعجب من ذلك أنهم يسمونني فيما يقرءون علي من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشتهون من هذه الأسامي، ومهما وافقت بعضهم عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم أسخطت الله تبارك وتعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئا. وإني مستمسك بالكتاب والسنة وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو وهو الغفور الرحيم ".
هذا تمام الحكاية فكأنه رحمه الله تكلم على لسان الجميع. فقلما تجد عالما مشهورا او فاضلا مذكورا، إلا و قد نبذ بهذه الأمور أو بعضها، لأن الهوى قد يدخل المخالف، بل سبب الخروج عن السنة الجهل بها، والهوى المتبع الغالب على أهل الخلاف، فإذا كان كذلك حمل على صاحب السنة، إنه غير صاحبها، ورجع بالتشنيع عليه والتقبيح لقوله وفعله، حتى ينسب هذه المناسب.
وقد نقل عن سيد العبّاد بعد الصحابة (أويس) القرني أنه قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقا، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين، حتى - و الله - لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقه.
فمن هذا الباب يرجع الاسلام غريبا كما بدأ، لأن المؤالف فيه على وصفه الأول قليل، فصار المخالف هو الكثير، فاندرست رسوم السنة حتى مدت البدع أعناقها، فأشكل مرماها على الجمهور فظهر مصداق الحديث الصحيح.
و لما وقع علي من الإنكار ما وقع مع ما هدى الله إليه وله الحمد، لم أزل أتتبع البدع التي نبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر منها، وبين أنها ضلالة وخروج عن الجادة وأشار العلماء إلى تمييزها والتعريف بجملة منها، لعلي أجتنبها فيما استطعت، وأبحث عن السنن التي كادت تطفئ نورها تلك المحدثات لعلى أجلو بالعمل سناها، وأعد يوم القيامة فيمن أحياها، إذ ما من بدعة تحدث إلا ويموت من السنن ما هو في مقابلتها، حسبما جاء عن السلف في ذلك. فعن ابن عباس قال: ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة، حتى تحيا البدعة وتموت السنن. و في بعض الأخبار: لا يحدث رجل بدعة الا ترك من السنة ما هو خير منها. و عن لقمان بن أبي إدريس الخولاني أنه كان يقول: ما أحدثت أمة في دينها بدعة إلا رفع بها عنهم سنة. وعن حسان ابن عطية قال: ما أحدث قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لم يعدها إليهم إلى يوم القيامة، إلى غير ذلك مما جاء في هذا المعنى وهو مشاهد معلوم حسبما
(يُتْبَعُ)
(/)
يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
و جاء من الترغيب في إحياء السنن ما جاء. فقد خرج ابن وهب حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله فإن عليه إثم من عمل بها لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئا"، وأخرجه الترمذي باختلاف في بعض الألفاظ مع اتفاق المعنى وقال فيه: حديث حسن.
و في الترمذي عن أنس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل"، ثم قال لي: "يا بني وذلك من سنتي، ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة" حديث حسن.
فرجوت بالنظر في هذا الموضع الانتظام في سلك من أحيا سنة وأمات بدعة. وعلى طول العهد ودوام النظر اجتمع لي في البدع والسنن أصول قررت أحكامها الشريعة، وفروع طالت أفنانها لكنها تنتظمها تلك الأصول، وقلما توجد على الترتيب الذي سنح في الخاطر، فمالت إلى بثها النفس، ورأت أنه من الأكيد الطلب لما فيه من رفع الالتباس الناشئ بين السنن والبدع، لأنه لما كثرت البدع وعم ضررها، واستطار شررها، ودام الإكباب على العمل بها، والسكوت من المتأخرين عن الإنكار لها، وخلفت بعدهم خلوف جهلوا أو غفلوا عن القيام بفرض القيام فيها، صارت كأنها سنن مقررات، وشرائع من صاحب الشرع محررات، فاختلط المشروع بغيره، فعاد الراجع إلى محض السنة كالخارج عنها كما تقدم [21]، فالتبس بعضها ببعض، فتأكد الوجوب بالنسبة إلى من عنده فيها علم، وقلما صنف فيها على الخصوص تصنيف، وما صنف فيها فغير كاف في هذه المواقف، مع أن الداخل في هذا الأمر اليوم فاقد المساعد عديم المعين، فالموالى له يخلد به إلى الأرض، ويلقى له باليد إلى العجز عن بث الحق، بعد رسوخ العوائد في القلوب، والمعادى يريسه بالأردبيس، ويروم أخذه بالعذاب البئيس، لأنه يرد عوائده الراسخه في القلوب، المتداولة في الأعمال، دينا يتعبد به، وشريعة يسلك عليها لا حجة له إلا عمل الآباء والأجداد، مع بعض الأشياخ العالمين، كانوا من أهل النظر في هذه الأمور أم لا. ولم يلتفتوا إلى أنهم عند موافقتهم للآباء والأشياخ مخالفون للسلف الصالح، فالمعترض لمثل هذا الامر ينحو نحو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في العمل حيث قال: ألا وإني أعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله قد فنى عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه دينا لا يرون الحق غيره.
وكذلك ما نحن بصدد الكلام عليه، غير أنه أمر لا سبيل إلى إهماله، ولا يسع أحد ممن له منه إلا الأخذ بالحزم والعزم في بثه بعد تحصيله على كماله، وإن كره المخالف فكراهيته لا حجة فيها على الحق ألا يرفع مناره، ولا تكشف وتجلى أنواره، فقد خرج أبو الطاهر السلفي بسنده إلى أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أبا هريره علم الناس القرآن وتعلمه، فإنك إن مت وأنت كذلك زارت الملائكة قبرك كما يزار البيت العتيق، وعلم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك، وإن أحببت ألا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنه فلا تحدث في دين الله حدثا برأيك".
قال أبو عبد الله بن القطان: وقد جمع الله له ذلك كله من إقراء كتاب الله والتحديث بالسنة، أحب الناس أم كرهوا، وترك الحدث حتى إنه كان لا يتأول شيئا مما روى، تتميما للسلامة من الخطإ.
على أن أبا العرب التميمي حكى عن ابن فروخ أنه كتب إلى مالك بن أنس: إن بلدنا كثير البدع وإنه ألف كلاما في الرد عليهم. فكتب إليه مالك يقول له: إن ظننت ذلك بنفسك خفت أن تزل فتهلك، لا يرد عليهم إلا من كان ضابطا عارفا بما يقول لهم لا يقدرون أن يعرجوا عليه فهذا لا بأس به، وأما غير ذلك فإني أخاف أن يكلمهم فيخطئ فيمضوا على خطئه أو يظفروا منه بشيء فيطغوا ويزدادوا تماديا على ذلك.
وهذا الكلام يقضي لمثلي بالإحجام دون الإقدام، وشياع هذا النكر وفشو العمل به وتظاهر أصحابه يقضي لمن له بهذا المقام منة بالإقدام دون الإحجام، لأن البدع قد عمت وجرت أفراسها من غير مغير ملء أعنتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحكى ابن وضاح عن غير واحد: أن أسد بن موسى كتب إلى أسد بن الفرات: اعلم يا أخي أن ما حملني على الكتب إليك ما أنكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس، وحسن حالك مما أظهرت من السنة. وعيبك لأهل البدع وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم، فقمعهم الله بك، وشد بك ظهر أهل السنة، وقواك عليهم بإظهار عيبهم، والطعن عليهم، وأذلهم الله بذلك وصاروا ببدعتهم مستترين. فأبشر يا أخي بثواب الله، واعتد به من أفضل حسناتك من الصلاه والصيام والحج والجهاد. وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا شيئا من سنتي كنت أنا وهو في الجنة كهاتين" وضم بين إصبعيه، وقال: "أيما داعٍ دعا إلى هذه فاتبع عليه كان له مثل أجر من تبعه إلى يوم القيامة"، فمن يدرك يا أخي هذا بشيء من عمله؟! وذكر أيضاً: إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا لله يذب عنها، وينطق بعلامتها، فاغتنم يا أخي هذا الفضل وكن من أهله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن فأوصاه وقال: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من كذا وكذا". و أعظم القول فيه، فاغتنم ذلك وادع إلى السنة حتى يكون لك في ذلك ألفة وجماعة يقومون مقامك إن حدث بك حدث، فيكونون أئمة بعدك فيكون لك ثواب ذلك إلى يوم القيامة [22] كما جاء الأثر. فاعمل على بصيرة ونية حسنة [23] فيرد الله بك المبتدع والمفتون الزائغ الحائر، فتكون خلفا من نبيك صلى الله عليه وسلم فأحي كتاب الله وسنة نبيه، فإنك لن تلقى الله بعمل يشبهه.
انتهى ما قصدت إيراده من كلام أسد رحمه الله. و هو مما يقوي جانب الإقدام مع ما روى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه خطب الناس فكان من جملة كلامه في خطبته أن قال: والله إني لولا أن أنعش سنة قد أميتت، أو أن أميت بدعة قد أحييت، لكرهت أن أعيش فيكم فواقاً.
و خرج ابن وضاح في كتاب القطعان وحديث الأوزاعي أنه بلغه عن الحسن أنه قال: لن يزال لله نصحاء في الأرض من عباده يعرضون أعمال العباد على كتاب الله فإذا وافقوه حمدوا الله، وإذا خالفوه عرفوا بكتاب الله ضلالة من ضل وهدى من اهتدى، فأولئك خلفاء الله.
و فيه عن سفيان قال: اسلكوا سبيل الحق ولا تستوحشوا من قلة اهله [24]. فوقع الترديد بين النظرين.
ثم إني أخذت في ذلك مع بعض الإخوان الذين أحللتهم من قلبي محل السويداء وقاموا في عامة أدواء نفسي مقام الدواء، فرأوا أنه من العمل الذي لا شبهة في طلب الشرع نشره، ولا إشكال في أنه بحسب الوقت من أوجب الواجبات، فاستخرت الله تعالى في وضع كتاب يشتمل على بيان البدع وأحكامها وما يتعلق بها من المسائل أصولا وفروعا وسميته ب "الاعتصام". و الله أسأل أن يجعله عملا خالصا، ويجعل ظل الفائدة به ممدودا لا قالصا، والأجر على العناء فبه كاملا لا ناقصا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
و ينحصر الكلام فيه بحسب الغرض المقصود في جملة أبواب وفي كل باب منها فصول اقتضاها بسط المسائل المنحصرة فيه وما انجز معها من الفروع المتعلقة به.
--------------------------------------------------------------------------------
1 رواه أحمد بهذا الرواية، وفي سنده مجاهيل. وهو عند بن ماجة والدارمي بسند أثبت وبلفظ آخر قريب من هذا. ورواية أحمد الأخرى: " ... قال أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم" أصح سندا من الرواية المذكورة. ومجموع الروايات تقوى الحديث.
2 وقال تعالى "أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" [الأعراف: 172] فقطع فيها عذر التقليد في التوحيد.
3 الحديث رواه الجماعة.
4 الحديث رواه الترمذي.
5 الحديث رواه البخاري ومسلم وبن ماجة وأحمد.
6 وهو تحليل دقيق لنفسية المبتدع المخالف، إذ أن النفس تأبى إلا الموافقة، ولمّا كانت طبيعة البدعة المخالفة، وانفرد المبتدع عن أهل السنة بها، فإن نفسه تدعو إلى أن يزيد من عدد المخالفين للسنة والموافقين له ليستأنس بهم وتهيئ له نفسه أنه على الحق لكثرة من يستمع اليه ويتبعه!
(يُتْبَعُ)
(/)
7 يقصد أن مطالبة المخالف للسنة غيره بموافقته هي ديدن المخالف في كل زمان، وأن من يوافقه كان مصيبا بغض النظر عن مذهبه ومن لا يوافقه كان مخطئا حتى لو كان مصيبا في حقيقة الأمر.
8 وقد جرى الشاطبي رحمه الله في هذا التقسيم للدين إلى أصل وفروع ما يهتدى به الناظر إلى التوحيد وما يفرق بين أصل الدين الذي هو التوحيد وفروع الشرائع وهي الأعمال.
9 الحديث رواه بن ماجة بسند ضعيف، ورواه أحمد في المسند بسند قوي.
10 وهو رحمه الله تعالى من أهل القرن الثامن الهجري، يصف الزمان كأنه يصف ما نحن فيه من تحكم العادات انتشار الآراء المخالفة للسنة والأفكار البدعية التي يعجب بها أصحابها وينبهر بها أتباعها ممن انعدم علمه الشرعي وأظلمت في وجهه طرق الهداية للحق.
11 وهذا الإختيار كان ولا يزال قائما أمام كل من يتصدى لتصحيح المفاهيم والوقوف أمام الجهل والإبتداع. إذ أن المخالفين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ولا يزالوا يمتحنون المتابعين من أهل السنة ويرمونهم بالغفلة والخطأ و"تفتيت الصفّ" و"تشتيت الوحدة" وغير ذلك مما هو من قبيل التزييف والخلط والتمويه، والحق أحق أن يتبع في كل مكان وزمان وحال.
12 وهو موقف العلماء الأفذاذ والجهلبذة الأفراد في التمسك بالحق مهما كانت العواقب، إذ أنها قليلة في جنب الله مهما كثرت.
** تواترت عليّ الملامة: أي تتابع عليّ اللوم
وفوّق إليّ العتاب سهامه: أي سدّد إلي الناس سهام عتابهم أي عاتبوني، فوّق أي سدّد وصوّب يقال للسهم.
ضيق العطن: العطن هو موضع مبارك الإبل حيث تحل وتجلس، وهو كالوطن للناس، يقصد أن ضاقت عليه الدنيا.
البعد عن أهل الفطن: اهل الفطن أي أهل الفهم والذكاء، والفطنة الفهم.
رقى بي مرتقى صعبا: أي صعد به إلى طريق وعر شديد، والعرب تعبر عن صعوبة الطريق بالمرتقى لأن الصعود أصعب من مجرد المشي على السهل. وهو يقصد أن موقفه أدى به إلى تحمل مشاق كثيرة.
ضيّق على مجالا رحبا: مرة أخرى أن موقفه قد جعل ما يمكن أن يكون سهلا بمتابعة البدعة وأهلها أصعب وأشق مجالا.
وهو كلام يشير بظاهره إلى أن اتباع المتشابهات لموافقات العادات أولى من اتباع الواضحات وإن خالفت السلف الأول: يريد أن هذا الكلام (أي أن تحمل المشاق وتضييق العطن والبعد عن أهل الفطن وغير ذلك ... ) يشير بظاهره إلى أن عدم متابعة السنة، بل مخالفتها ومتابعة أهل البدع أولى إذ ذلك يجعل الأمور سهلة ميسورة وهو خلاف ما فعل.
13 الرفض هو التشيع إذ رفض الشيعة خلافة الشيخين. والشيعة الرافضة كفروا الصحابة وجاؤوا بأكاذيب وعقائد ماأنزل الله بها من سلطان بزعم محبة علي رضى الله عنه.
14 والولاء لله هو متابعة أوامره والكفّ عن نواهيه، ليس فيه رتب يبلغها من يبلغها ولا ينزل عنها كما في دين النصارى ورتب قديسيهم، بل كل مطيع لله ففيه ولاء لله قدر طاعته، تزيد بزيادة الطاعة وتقل بمقدار مخالفته.
15 وهذا هو دين المبتدعة وديدنهم، أن يلقوا بالتهم الزائفة على أهل السنة، ولايتجرأ أحدهم على مناقشة موضوع الخلاف بالعلم الصحيح، سواء بقواعد علم الحديث أو الأصول أو العربية، ولكن طريقتهم كانت ولا زالت مهاجمة شخص امخالفهم، وتسميته أسماء تشبّه على العوام كما هو ديدن أهل زماننا من المبتدعة الذين يقولون عن أهل السنة "الوهابية" و "الخوارج" و "الإرهابيون" و "الرجعيون" و "الأصوليون" و غير ذلكك مما يدل على عجزهم عن مواجهة الحق بالحجاج ومواجهته باللجاج.
16 ويشير رحمه الله هنا إلى ما يرمى به الأشعرية – ولا أقول أتباع الأشعري إذ فارق الأشعري هذا المذهب والتزم بمذهب السنة – أهل السنة من دعوى التشبيه حين يثبتون لله صفاته التي أثبتها لنفسه بلا كيف، ولا يؤولون النصوص ويحرفونها عن موضعها إدعاءاً للتنزيه. وهو ما يدل على سنية الشاطبي رضى الله عنه في هذا المجال.
17 الظاهرية مذهب أسسه داوود الظاهري في القرن الثالث الهجري وأقام صرحه ابن حزم الظاهري في القرن الخامس في الأندلس. وهو مذهب فقهي يقوم على انكار القياس والعمل بظاهر النصوص، وقد اعتبره بعض علماء السنة "بدعة ظهرت بعد المائتين".
18 الباطنية هم طائفة خرجت من عباءة الشيعة ولهم عقائد مكفرة منهم الإسماعيلية والحشاشون.
19 الأشعرية مذهب ينسب إلى أبي الحسن الأشعري في القرن الثالث الهجري. وهو مذهب أقامه الأشعري بعد أن انفصل عن المعتزلة أراد به التوسط في تأويلا لصفات وهو مذهب كلامي واسع، إلا أن الأشعري نفسه تخلى عنه مؤخرا كما بيّن في كتابه الإبانة ورجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة.
20 المعتزلة مذهب أنشأه واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد في البصرة في القرن الثاني الهجري، ويقوم على نفي صفات الله وتعطيلها، وعلى نفي المشيئة الإلهية، وله مبادئ خمسة هي العدل والتوحيد والمنزلة بين المنزلتين والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكلها قواعد موهمة تعكس بدعا أصيلة.
21 وهو أدق وصف لما عليه حالنا اليوم من اختلاط الحابل بالنابل، واشتباه البدعة بالسنة، واتباع الجهل وترك العلم.
22 وهي نصيحة جليلة لأهل العلم أن يهتموا بمن يروا فيه بشائر استجابة وعلم وألا ينشغلوا بالعوام إلا بقدر الحاجة كما في حديث أبي داود "و عليك بأمر الخاصة و دع عنك أمر العامة"، فإن القليل الواعي الراشد أبرك عملا من الكثير الذي هو كالغثاء لا ينبت زرعا ولا ينضح بماء.
23 والبصيرة والنية الحسنة هما جناحا القبول، إذ أن البصيرة هي العلم، والنية هي القصد ولا يصح عمل إلا بعلم صحيح على السنة وبقصد صحيح هو الإخلاص، فتكون العبادة بما شرع الله وتكون خالصة لله.
24 وهي قولة رائعة يجب أن يتخذها الدعاة إلى الله منارا في هذه الظلمات المطبقة، إذ أن الغربة تستلزم قلة الرفيق ووحشة الطريق وندرة الصديق، ولكن المسلم المتبع للسنة يستأنس في هذه الغربة والوحشة بما هو عليه من صحيح العمل، فتكون صحة العمل مرشدا ومؤنسا في آن واحد.(/)
مقالات الشيخ طارق عبد الحليم
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 04:36]ـ
سيد قطب والقرضاوي
الشيخ القرضاوي شيخ جليل له مكانته من العلم والدعوة في أيامنا هذه، خاصة بعد أن رحل الكبار من أمثال الشيخ شاكر وغيره من قبله من أمثال الشنقيطي والدوسري وغيرهما من العلماء. ولكن الشيخ القرضاوي كغيره من العلماء متأثر بخلفيته العلمية وبالبيئة الدعوية الإخوانية التي تربى فيها، وكان لها أكبر الأثر في صياغة فكره، ودخول شبه الإرجاء عليه. ولسنا بصدد الحديث المفصّل عن القرضاوى، ما له وما عليه، فإن له الكثير من الفضل، كما أن له الكثير من الزلات التي من آخرها إباحة القروض الربوية للمقيمين بالخارج لشراء منازل سكنية، غير ترخصه في الكثير من المحرمات حتى عُرف عنه من قديم أنه صاحب كتاب "الحلال والحلال" في الإسلام! وهذا ثمن يدفعه من يتعرض للجمهور على شاشات التلفاز ويصبح من الشخصيات العامة، فيفتى بما يرضى الناس ويأمن أن يتقبلوه وأن ترضى به حكوماتهم. وهذه حقيقة يعترف بها القرضاوي نفسه حين يقارن نفسه بعلماء أجلاّء ممن ارتقوا بأنفسهم عن مثل هذه الترخصات من أمثال الشيخ الجليل عالم الإقتصاد الفقيه على السالوس رئيس القرضاوى في مجمع الفقه الإسلامي بقطر.
ومما تعرض له القرضاوي فكر سيد قطب رحمة الله عليه، وقد نقده بفكر إخواني إرجائي محض، وبالطبع فقد تلقف هذا الكلام من طلبة الإرجاء ومحبيه من عديمي العلم وصغار الدعاة ومرضى الإرجاء (عافاهم الله تعالى منه) وراحوا يروجونه على صفحات مواقع يقرأها الناس ويرون اسم القرضاوي عليها فيسبق إلى عقولهم التصديق بها أو بالأحرى عليها، لمكانة اسم القرضاوى في هذه الأيام، ولقلة الحصيلة العلمية القادرة على النقد والنظر.
ورغم أننا نرى أن سيدا رحمة الله عليه كان من أشفّ الناس في عصرنا هذا في فهم التوحيد وأخلصهم في تأدية معناه، مرافقا في ذلك السيد المودودي والشيخ الدوسري وغيرهم من أجلة علماء السنة في عصرنا ممن حصّنهم الله ضد جراثيم الإرجاء، ومن قبلهم الإمام محمد عبد الوهاب، ومن قبلهما شيوخ السنة والجماعة كابن تيمية وبن القيم وبن كثير وبن رجب ثم سابقيهم في العصور الثلاثة الفضلى كما أننا نرى أن سيداً قد جاوز الصواب في بعض ما كتب إمّا مدفوعاً بقلم الأديب الذي يتقدم عنده اللفظ لتأدية المعنى وإن شطّ عن القصد، أو لخلل في فهم بعض التنزيل، كما حدث في تعليقه على بعض آيات الصفات، ونحن نصدر في تأييدنا ومخالفتنا لسيد عن قناعة عميقة حقيقية ولإيمان صادق بمقولة أن "كلٌّ يُؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب المقام النبوي عليه أفضل الصلاة والسلام"، مخالفين بذلك أدعياء العلم من أتباع القرضاوي أو الألباني أو غيرهم ممن يدعى الإنصاف وعدم التقليد ظاهرا وهو هالك فيه حقيقة.
وقد علّقت في هذه العجالة على مقال للقرضاوى عن فكر سيد قطب بما أتاح به الوقت ولنا إليه عودة إن شاء الله تعالى.
وضعت نص القرضاوي بين "" و جعلت تحته خطاً لتمييزه، ثم نقل أحمد ومحمود شاكر بالخط الثقيل لأهميتها:
"وفي هذه الفترة بدأ سيد قطب يقترب من الإخوان، ويرى بعينيه نشاطهم والتزامهم، وما بينهم من رباط وثيق، وإخاء عميق، وما يتميز به كثير منهم من وعي دقيق، وشعور رقيق، وكان المرشد العام الأستاذ حسن الهضيبي يصطحبه معه في رحلاته، ليرى بعينيه، ويسمع بأذنيه، ويحكم بعد ذلك بعقله، ويختار لنفسه.
وقد اختار بملء إرادته الانضمام إلى دعوة الإخوان، ولا سيما بعد أن خاب ظنه في رجال الثورة، الذين علق عليهم في أول الأمر آمالا وأحلاما، فتبخرت وضاعت، كما تبخرت أحلام الشاعر العاشق الذي قال:
كأني من ليلى الغداة كقابض على الماء خانته فروج الأصابع
وأحيل القارئ إلى ما ذكرته في الجزء السابق عن سيد قطب وانضمامه إلى الإخوان، وتسلمه رئاسة قسم نشر الدعوة في الجماعة، ورئاسة تحرير مجلتهم، إلى أن دخل معهم في محاكمات محكمة الشعب وحكم عليه بعشر سنوات."
(يُتْبَعُ)
(/)
مما لا شك فيه أن سيد بعد أن كان من الأدباء الأفذاذ وإن لم يتخذ الإسلام مرجعا له بعد، كان قد بدأ عملية التحول بعد أن انفتحت عيناه على حقيقة الإسلام وعظمته، وقد حدث هذا تدريجيا وبشكل عفوي وكانت الإخوان هي الجماعة الوحيدة على الساحة التي تعرض الإسلام كبديل سواء صحت توجهاتها كلها وكانت الأمثل أو مع تجاوزاتها التي رآها من بعد واختار بعد التعمق في الإسلام والتحلي بمعاني التوحيد أن ينفصل عنها. والأخ القرضاوي يصور سيد أنه بعد أن انتمى إلى الإخوان ووصل إلى ذروة العمل الجهاديّ بهذا الإنتساب قد رجع القهقري وانفصل عن الإخوان لتغير غير مرضي منه في الفكر الذي دفعه إلى التكفير وما إلى ذلك مما سأعرض له لاحقا، والحق أن سيد رحمة الله عليه دخل في الإخوان كمرحلة من مراحل رقيه الفكري أولا ولأنه لم يكن هناك بديل لها ثانيا، ثم استمر فيالترقي إلى أن أدرك ما عند الإخوان من خلل عقائدي وفكر ارجائي فانفصل عنها وتعداها إلى مرحلة جديدة كما سنبين بعد، فسيد تحرك من أسفل إلى أعلى ثم إلى أعلى الأعلى، لا كما يصور القرضاوي أنه تحرك من أسفل إلى أعلى الأعلى ثم انقرض إلى الأسفل مرة أخرى!
"وهذه مرحلة جديدة تطور إليها فكر سيد قطب، يمكن أن نسميها "مرحلة الثورة الإسلامية"، الثورة على كل "الحكومات الإسلامية"، أو التي تدعي أنها إسلامية، والثورة على كل "المجتمعات الإسلامية" أو التي تدعي أنها إسلامية، فالحقيقة في نظر سيد قطب أن كل المجتمعات القائمة في الأرض أصبحت مجتمعات جاهلية.
تكون هذا الفكر الثوري الرافض لكل من حوله وما حوله، والذي ينضح بتكفير المجتمع، وتكفير الناس عامة –"
سبحان الله العظيم! كذب وافتراء على الرجل! فهو لم يكفّر الناس عامة في أي نص من نصوصه وإنما هي استخراجات مريضة مغرضة تريد أن تسلب الرجل مكانته لضآلة حجمها بالنسبة اليه رغم اسباغ صورة الموضوعية والإنصاف في مثل قولها بأنه "وهو على كل حال مخلص في توجهه، مأجور في اجتهاده، أصاب أم أخطأ، ما دام الإسلام مرجعه، والإسلام منطلقه، والإسلام هدفه"!! الرجل - لمن أراد أن يتعلم - إنما قال إن المجتمعات الحالية التي لا تحكم بشرع الله هي مجتمعات جاهلية وأن الناس الذين يرضون بهذا الوضع ويشجعونه ويعملون تحت رايته لتحقيق أغراضه إنما هم خارجين عن الولاء لله كافرين بشرعه، وهذا كله صحيح لا شائبة فيه فإن قاعدة التحاكم لله تفرض أن الشرع في حياة المجتمع المسلم يجب أن يستمد من الله سبحانه أو هي الجاهلية لا ثالث لهما، وأن من يسلم روحه ونفسه لأمثال الحاكمين بغير شرعه عنادا واستكبارا ويعمل بعملهم وينصرهم على الدعاة إلى الله هو من نحلتهم وممن حذا حذوهم فهو منهم، وآيات الولاء في القرآن ناضحة بهذا المعنى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولكن سيداً لم يكفر الأفراد الأعيان من هذه الأمة فردا فردا وحاشاه وعلى من قال بهذا أن لا يلقى بالقول على عواهنه بل أم يأتي بنصوص محكمة لا تحتمل الشبهة من كلام الرجل تنص على التكفير العام، وقد تابع القرضاوي في مثل هذا القول لفيف من أنصار الإسلام "الشيوعيّ أو الليبرالي من أمثال د. محمد عمارة الذي رمى سيداً بنفس التهم من قبل. ثم نكمل نصوص القرضاوي:
"لأنهم "أسقطوا حاكمية الله تعالى" ورضوا بغيره حكما، واحتكموا إلى أنظمة بشرية، وقوانين وضعية، وقيم أرضية، واستوردوا الفلسفات والمناهج التربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية وغيرها من غير المصادر الإسلامية، ومن خارج مجتمعات الإسلام .. فبماذا يوصف هؤلاء إلا بالردة عن دين الإسلام؟! "
ماذا في هذا الكلام ما يستدعي علامات التعجب، إنما هي شبه الإرجاء دخلت على القرضاوي كما دخلت على بقية المنتسبين للإخوان من أن "القدرة التامة والإرادة الجازمة قد لا يتبعها عمل" كما قال بن تيمية. فإن العمل بالشريعة لمن هو قادر على العمل بها ومريد للعمل بها هو أمر لا يشك فيه إلا مرجئ يؤخر العمل عن الإيمان، وهو موضوع يطول شرحه في هذا الموضع ولكنه مبرر بأن الإخوان كما أثبتنا في بعض ما كتبنا أنهم مرجئة العصر الحديث، لذلك فالشيخ يعجب من أن من هذا حاله كيف يقول عنه سيد أنه مرتد عن الإسلام، سبحانك اللهم، وها هو نص ما قال أحمد شاكر في تفسير سورة المائدة في تفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون، وأثر بن عباس وأبي مجلز التابعي أنه كفر دون كفر أنقله هنا للفائدة:
قال أحمد شاكر: وهذه الآثار – عن بن عباس – مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا من المنتسبين للعلم ومن غيرهم من الجرآء على الدين يجعلونها عذرا أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة التي ضربت على بلاد الإسلام. وهناك أثر عن أبي مجلز في جدال الإباضية الخوارج إياه فيما يصنع بعض الأمراء من الجور فيحكمون في بعض قضائهم بما يخالف الشريعة عمدا إلى الهوى، أو جهلا بالحكم. والخوارج من مذهبهم أن مرتكب الكبيرة كافر فهم يجادلون يريدون من أبي مجلز أن يوافقهم على ما يرون من كفر هؤلاء الأمراء ليكون لهم عذراً فيما يرون من الخروج بالسيف. وهذان الأثران رواهما الطبري وكتب عليهما أخي السيد محمود شاكر تعليقا نفيسا جدا فرأيت أن أثبت هنا نص الرواية الأولى للطبري ثم تعليق أخي على الروايتين.
"فروى الطبري عن عمران بن حيدر قال: أتى أبي مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس فقالوا: يا أبا مجلز أرأيت قول الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الكافرون؟ أحق هو؟ قال: نعم، قالوا: ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الظالمون، أحق هو؟ قال: نعم، قالوا: ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الفاسقون، أحق هو؟ قال: نعم، قالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله (يريدون الأمراء الظالمين من بني أمية) قال: هو دينهم الذي يدينون به وبه يقولون، واليه يدعون، فإن تركوا منه شيئا عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً، فقالوا لا والله ولكنك تفرق! قال: أنتم أولى بهذا مني (يعني أنهم هم الخارجين لا هو) لا أرى، وأنتكم ترون هذا ولا تحرّجون" فكتب أخي السيد محمود بمناسبة هذين النصين:
الله إني أبرأ إليك من الضلالة، وبعد، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدوا للكلام في زماننا هذا، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله وفي القضاء في الدماء والأموال والأعراض بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام. فلما وقف على هذين الخبرين، اتخذهما رأيا يرى به صواب القضاء في الدماء والأموال والأعراض بغير ما أنزل الله وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها والعامل عليها. والناظر في هذين الخبرين لا محيص له من معرفة السائل والمسئول، فأبو مجلز (لاحق بن حميد الشيباني الدوسي) تابعي ثقة وكان يحب عليا وكان قوم أبي مجلز وهم بنو شيبان من شيعة علي يوم الجمل وصفين، فلما كان أمر الحكمين يوم صفين، واعتزلت الخوارج، كان فيمن خرج على علي طائفة من بني شيبان ومن بني سدوس بن شيبان بن ذهل، وهؤلاء الذين سألوا أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس وهم نفر من الإباضية ..... هم أتباع عبد الله بن إباض من الحروروية (الخوارج) الذي قال: إن من خالف الخوارج كافر ليس بمشرك! فخالف أصحابه ...
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز من الإباضية إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء لأنهم في معسكر السلكان، ولأنهم ربما عصوا أو ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عنه، ولذلك قال في الأثر الأول: فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبا، وقال في الخبر الثاني: إنهم يعملون بما يعملون وهم يعلمون أنهم مذنبون"
وإذن، فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعي زماننا من القضاء في الدماء والأموال والأعراض بقانون مخالف لغير شرع الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالإحتكام إلى حكم غير الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهذا الفعل إعراض عن حكم الله ورغبة عن دينه وإيثار لأحكام الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي له.
والذي نحن فيه اليوم، هو هجر لأحكام الله عامة دون استثناء وإيثار أحكام غير حكمه، في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله .... فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سنّ حاكما حكما جعله شريعة ملزمة للقضاء بها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما أن يكون كان في زمان ابي مجلز أو قبله أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر جاحدا لحكم الله أو مؤثرا لأحكام أها الكفر على أهل الإسلام (وهي حال اليوم من آثر أحكام الكفر علىأحكام الإسلام) فذلك لم يكن قط، فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه، فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في بابهما، وصرفها عن معناها، رغبة في نصرة السلطان، أو احتيالا على تسويغ الحكم بما أنزل الله وفرض على عباده، فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله، أن يستتاب، فإن أصر وكابر وجحد حكم الله ورضي بتبديل الأحكام، فحكم الكافر المصر على كفره معروغ لأهل هذا الدين" أحمد محمود شاكر" انتهى نص أحمد ومحمود شاكر جزاهما الله خيرا عميماً والجاهل بقدرهما عليه أن يسأل عنهما فهما علمين من أعلام الحديث واللغة العربية والتفسير لا يجاريهما أحد من أهل هذا الزمان ولا يكاد القرضاوي أن يقرض بعلمه طرف علومهما.
وانظر رحمك الله فهو يقول باستتابة من يتخذ هذه الآثار لنصرة السلطان ممن يدعي العلم (من أمثال بعض الجماعات الإسلامية في كتاب "دعاة لا قضاة" إذ استشهدوا بهذه الآثار على الوجه الذي ذكره محمود شاكر) لا باستتابة السلطان إذ لا محل لإستتابته وحكمه معروف لمن له عقل.
"بل الواقع عنده أنهم لم يدخلوا الإسلام قط حتى يحكم عليهم بالردة، إن دخول الإسلام إنما هو النطق بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهم لم يفهموا معنى هذه الشهادة، لم يفهموا أن "لا إله إلا الله" منهج حياة للمسلم، تميزه عن غيره من أصحاب الجاهليات المختلفة، ممن يعتبرهم الناس أهل العلم والحضارة.
أقول: تكون هذا الفكر الثوري الرافض، داخل السجن، وخصوصا بعد أن أعلنت مصر وزعيمها عبدا لناصر، عن ضرورة التحول الاشتراكي، وحتمية الحل الاشتراكي، وصدر "الميثاق" الذي سماه بعضهم "قرآن الثورة"! وبعد الاقتراب المصري السوفيتي، ومصالحة الشيوعيين، ووثوبهم على أجهزة الإعلام والثقافة والأدب والفكر، ومحاولتهم تغيير وجه مصر الإسلامي التاريخي."
هذا إغراض وتلميح بما رماه به خصومه من ملحدي مصر من أن آرائه "المتطرفة" مرجعها إلى العذاب الذى رآه على يد النظام، لا إن آرائه تحمل في ذاتها حقاً! حيلة رخيصة للتخلص من مواجهة الموضوع ذاته، بتحويل النظر إلى ظروف صاحبه الصعبة وإلقاء ظلالا للشك على موضوعية الآراء من هذا الباب، ولكن هيهات هيهات، فهناك من هم متيقظون لهذه التكتيكات المغرضة، فأين النقد الموضوعي للجمل التي ذكرت يا شيخ قرضاوي؟ أين دليلك من الكتاب والسنة على عدم صحتها (عدا الحديث عن ظروف سيد في السجن وتجربته وعن ظلم عبد الناصر والثورة!!!)؟
هنالك رأى سيد قطب أن الكفر قد كشف اللثام عن نفسه، وأنه لم يعد في حاجة إلى أن يخفيه بأغطية وشعارات لإسكات الجماهير، وتضليل العوام.
"هنالك رأى أن يخوض المعركة وحده، راكبا أو راجلا، حاملا سيفه "ولا سيف له غير القلم" لقتال خصومه، وما أكثرهم. سيقاتل الملاحدة الجاحدين، ويقاتل المشركين الوثنيين، ويقاتل أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ويقاتل المسلمين أيضا، الذين اغتالتهم الجاهلية، فعاشوا مسلمين بلا إسلام!
وأنا برغم إعجابي بذكاء سيد قطب ونبوغه وتفوقه، وبرغم حبي وتقديري الكبيرين له، وبرغم إيماني بإخلاصه وتجرده فيما وصل إليه من فكر، نتيجة اجتهاد وإعمال فكر أخالفه في جملة توجهاته الفكرية الجديدة، التي خالف فيها سيد قطب الجديد سيد قطب القديم .. وعارض فيها سيد قطب الثائر الرافض سيد قطب الداعية المسالم، أو سيد قطب صاحب "العدالة" سيد قطب صاحب "المعالم".
ولقد ناقشت المفكر الشهيد في بعض كتبي في بعض أفكاره الأساسية، وإن لامني بعض الإخوة على ذلك، ولكني في الواقع، كتبت ما كتبت وناقشت ما ناقشت، من باب النصيحة في الدين، والإعذار إلى الله، وبيان ما أعتقد أنه الحق، وإلا كنت ممن كتم العلم، أو جامل في الحق، أو داهن في الدين، أو آثر رضا الأشخاص على رضا الله تبارك وتعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونحن نؤمن بأنه لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أحد غيره يؤخذ من كلامه ويرد عليه، وأن ليس في العلم كبير، وأن خطأ العالم لا ينقص من قدره، إذا توافرت النية الصالحة، والاجتهاد من أهله، وأن المجتهد المخطئ معذور، بل مأجور أجرا واحدا، كما في الحديث الشريف، سواء كان خطؤه في المسائل العلمية أو العملية، الأصولية أم الفروعية، كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهما.
وأخطر ما تحتويه التوجهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب، هو ركونه إلى فكرة "التكفير" والتوسع فيه، بحيث يفهم قارئه من ظاهر كلامه في مواضع كثيرة ومتفرقة من "الظلال" ومما أفرغه في كتابه "معالم في الطريق" أن المجتمعات كلها قد أصبحت "جاهلية". وهو لا يقصد بـ "الجاهلية" جاهلية العمل والسلوك فقط، بل "جاهلية العقيدة" إنها الشرك والكفر بالله، حيث لم ترضَ بحاكميته تعالى، وأشركت معه آلهة أخرى، استوردت من عندهم الأنظمة والقوانين، والقيم والموازين، والأفكار والمفاهيم، واستبدلوا بها شريعة الله، وأحكام كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم."
وماذا في هذا من خلاف للحقيقة، إن هذه المجتمعات - لا أفرادها الذين يعيشون فيها- قد ارتضت الحكم بغير ما أنزل الله (هل في شك من ذلك؟) واستبدلت شريعته (هل في شك من ذلك؟) وحاربت أولياءه من الدعاة إلى الله (هل في شك من ذلك؟) وهي بهذا قد ارتضت شرائع الكفر في نظمها وإن لم يكفر أفرادها وهو ما لم يدعيه سيد أبدا – أي كفر الأفراد بعامة – أما كفر الأنظمة فلا يشك فيها مسلم يؤمن بالله ورسوله وفيه بقية من عقل! الأمر هنا هو لم التعجب دون إيراد الأدلة على نقض هذا الكلام، والإعتماد على إدارة المآقي في العيون وكأنما جاء الرجل بما استقرت الشرائع على خلافه؟ تكتيك رخيص مرفوض!
"وعلى هذا، ليس الناس في حاجة إلى أن نعرض عليهم نظام الإسلام الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي، أو القانوني، ونحو ذلك؛ لأن هذه الأنظمة إنما ينتفع بها المؤمنون بها، وبأنها من عند الله. أما من لا يؤمن بها، فيجب أن نعرض عليه "العقيدة أولا" حتى يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالشريعة حاكمة."
قال سيد أن على الدعاة أن ينهضوا بدعوة الناس إلى فهم كلمة التوحيد والتركيز عليها حيث أن مثل هذا الواقع المرير قد يكون قد زعزع المستقرات من المعاني في عقول الكثيرين، وأن ما أن ينجاى الصدأ عن القلوب بفهم أبعاد التوحيد الحقة فإن الصراع سينحسم أسرع ألف مرة مما لو اصطنعنا الحديث عن عدالة الإسلام ورحمة الإسلام وغيرها من الأبعاد الإجتماعية ..
"وهذا ما أشار إليه في كتابه "المعالم" وفصله في كتاب "الإسلام ومشكلات الحضارة". وشبه مجتمعاتنا اليوم بمجتمع مكة في عهد الرسالة، وأن الرسول لم يعرض عليه النظام والتشريع، بل عرض عليه العقيدة والتوحيد."
وماذا في هذا الفرض إن كان لم يعلن تكفير الأفراد عامة بل هو مجرد استنتاج من هؤلاء البشر ينبني على أنه دعا إلى الدعوة إلى التوحيد وتجديده في النفوس، كما فعل وهذا دوران في الدليل (أو دور الدليل) كما يقول أصحاب علم الجدل والمناظرة لا محل للتوسع فيه هنا على أي حال، وقد فعل ذلك محمند بن عبد الوهاب من قبل حين دعا إلى نبذ عبادة القبور وإلى التحاكم للشريعة فهل كان هو كذلك من مكفّري الأمة؟؟
"كما رأى عليه رحمة الله أن لا معنى لما يحاوله المحاولون من علماء العصر لما سموه "تطوير" الفقه الإسلامي أو "تجديده" أو "إحياء الاجتهاد" فيه؛ إذ لا فائدة من ذلك كله ما دام المجتمع المسلم غائبا، يجب أن يقوم المجتمع المسلم أولا، ثم نجتهد له في حل مشكلاته في ضوء واقعنا الإسلامي.
وقد ناقشت أفكاره عن "الاجتهاد" وعدم حاجتنا إليه قبل أن يقوم المجتمع الإسلامي، في كتابي "الاجتهاد في الشريعة الإسلامية" وبينت بالأدلة خطأ فكرته هذه.
وكما ناقشت الشهيد سيد قطب في رأيه حول قضية "الاجتهاد" ناقشته في رأيه في "الجهاد" وقد تبنى أضيق الآراء وأشدها في الفقه الإسلامي، مخالفا اتجاه كبار الفقهاء والدعاة المعاصرين، داعيا إلى أن على المسلمين أن يعدوا أنفسهم لقتال العالم كله، حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون!
(يُتْبَعُ)
(/)
وحجته في ذلك آيات سورة التوبة (أليس في سورة التوبة وآياتها حجة كافية!!!)، وما سماه بعضهم "آية السيف" (بعضهم الذي يذكره الشيخ بصيغة المبني للمجهول لخفض ذكره هو ابن القيم وابن كثير وغيرهما من عتاة المفسرين! فتأمل!) ولم يبال بمخالفة آيات كثيرة تدعو إلى السلم، وقصر القتال على من يقاتلنا، وكف أيدينا عمن اعتزلنا ولم يقاتلنا، ومد يده لمسالمتنا، ودعوتنا إلى البر والقسط مع المخالفين لنا إذا سالمونا، فلم يقاتلونا في الدين، ولم يخرجونا من ديارنا، ولم يظاهروا على إخراجنا."
سبحان الله العظيم!! الشيخ يقول بمنتهى الصراحة أن القرآن يخالف بعضه بعضاً!!! أيقصد في قوله "مخالفة آيات كثيرة" أي مخالفتها لآيات سورة التوبة؟ وهو الواضح من السياق، أم مخالفتها لفهم سيد لآيات التوبة ولم يأت هنا بدليل على الفهم الصحيح لآيات التوبة واكتفى بأن هناك الكثير مما يخالف (الله أعلم ماذا!؟) لآيات التوبة!!!!!! ويلغي في الوقت نفسه جهاد الطلب وهو مما استقر عليه الشرع بل من المعلومات من الدين بالضرورة كما في سيرة الرسول صلى الله ليه وسلم وسير خلفائه الأبرار، وأين قتال الفرس والروم من جهاد من اعتدى علينا؟ ولكنه الهوى الذي يردي بصاحبه!!
"هذا ما تدل عليه الآيات الكثيرة من كتاب الله مثل قوله تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ" [البقرة: 191،190]. "فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً" [النساء: 90].
"فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا" [النساء: 91]. " وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ" [الأنفال: 61]. " لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة: 8]."
هذه الآيات حق لا شك فيها ولكن هي في موضعها من التطبيق حسب الظروف والأحوال، فالأمر أمر مرحلية هذه الأحكام وتنزيلها على مناطاتها.
"والأستاذ سيد رحمه الله يتخلص من هذه الآيات وأمثالها بكلمة في غاية السهولة أن هذه كان معمولا بها في مرحلة، ثم توقف العمل بها، والعبرة بالموقف الأخير، وهو ما يعبر عنه الأقدمون بالنسخ، وقولهم (من هم الذين تعنيهم بقولك – وقولهم - ولا تأخذ برأيهم وتلقي به عرض الحائط وتذكرهم بالمبني للمجهول يا شيخ، هم أعلام التفسير على مرّ العصور!! ثم تأخذ على سيد ظلما أنه هاجم بعض المحدثين من العلماء وأشباههم!!!!) في هذه الآيات: نسختها آية السيف." لا إله إلا الله!! سيد لم يتخلص من هذه الآيات بقوله بالنسخ، بل إن قرأت كتبه تعلم أنه مما أْخذ على سيد في بعض أقواله أنه لا يرى النسخ في القرآن بشكل عام. بل أنت تخلصت من آية السيف في التوبة حتى بدون دعوى النسخ إذ لا يصح نسخ المتأخر بالمتقدم، ولكن تخلصت منها دون دليل!!)
"ولا أدري كيف هان على سيد قطب -وهو رجل القرآن الذي عاش في ظلاله سنين عددا يتأمله ويتدبره ويفسره- أن يعطل هذه الآيات الكريمة كلها، وأكثر منها في القرآن، بآية زعموها آية السيف؟ وما معنى بقائها في القرآن إذا بقي لفظها وألغي معناها، وبطل مفعولها وحكمها؟! "
مرة أخرى لمن لا يفهم من المرات الأولى! لم يلغها سيد ولكنه رآى بحق أن كل آية تعمل في مناطها، فآيات كفوا أيديكم لها مناط تعمل فيه، وآيات أذن للذين ظلموا لها مناط تعمل فيه، وآيات وقاتلوا الذين يقاتلونكم لها مناط تعمل فيه وآيات قاتلوا المشركين كافة لها مناط تعمل فيه، فأين الخلاف في هذا يا فقيه عصرك!!
(يُتْبَعُ)
(/)
"ويقول الشهيد رحمه الله: إننا لا نفرض على الناس عقيدتنا، إذ لا إكراه في الدين، وإنما نفرض عليهم نظامنا وشريعتنا، ليعيشوا في ظله، وينعموا بعدله.
ولكن بماذا نجيب الناس إذا قالوا لنا: إننا أحرار في اختيار النظام الذي نرضاه لأنفسنا، فلماذا تفرضون علينا نظامكم بالقوة؟ إن كل شيء يجرعه الإنسان تجريعا رغم أنفه يكرهه وينفر منه، ولو كان هو السكر المذاب، أو العسل المصفى!."
نقول لهم ما قاله لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوحى اليه ربه: أن لا وألف لا: لن نرضى بنظام يحكم الناس غير نظام الله إن كنا قادرين على تغييره، أما إن كنا لا نقدرعلى تغييره، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها!!!
"وما الحكم إذا كنا نحن -اليهود أو النصارى أو الوثنيين- أصحاب القوة والمنعة، وأنتم الضعفاء في العدة أو الأقلون في العدد؟ هل تقبلون أن نفرض عليكم نظامنا ومنهج حياتنا؟ كما هو شأن أمريكا اليوم، وتطلعاتها للهيمنة على العالم؟."
لا حاجة للإستفتاء في هذا فهذا هو الواقع يا فقيه الأمة، إذ إنهم يفرضون نظامهم علينا فرضا أم أن هذا أمر لم تلاحظه، أم تدعى أن اليهود والنصارى يتركون المسلمين يحكمون بشريعتهم، وأين يحدث هذا في العالم، ما هذا الخلط والخبط؟
"ومما ننكره على الأستاذ سيد رحمه الله أنه يتهم معارضيه من علماء العصر بأمرين:
الأول: السذاجة والغفلة والبله، ونحو ذلك مما يتصل بالقصور في الجانب العقلي والمعرفي.
والثاني: الوهن والضعف النفسي، والهزيمة النفسية أمام ضغط الواقع الغربي المعاصر، وتأثير الاستشراق الماكر مما يتعلق بالجانب النفسي والخلقي.
والذين يتهمهم بذلك هم أعلام الأمة في العلم والفقه والدعوة والفكر، ابتداء من الشيخ محمد عبده، مرورا بالشيخ رشيد رضا، والشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ محمد مصطفى المراغي، والمشايخ: محمود شلتوت، ومحمد عبد الله دراز، وأحمد إبراهيم، وعبد الوهاب خلاف، وعلي الخفيف، ومحمد أبو زهرة، ومحمد يوسف موسى، ومحمد المدني، ومحمد مصطفى شلبي، ومحمد البهي، وحسن البنا، ومصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومحمد المبارك، وعلي الطنطاوي، ومعروف الدواليبي، والبهي الخولي، ومحمد الغزالي، وسيد سابق، وعلال الفاسي، وعبد الله بن زيد المحمود، ومحمد فتحي عثمان، وغيرهم من شيوخ العلم الديني.
هذا فضلا عن الكتاب والمفكرين "المدنيين" الذين لا يحسبون على العلوم الشرعية، من أمثال: د. محمد حسين هيكل، وعباس العقاد، ومحمد فريد وجدي، وأحمد أمين، ومحمود شيت خطاب، وعبد الرحمن عزام، وجمال الدين محفوظ، ومحمد فرج، وغيرهم وغيرهم في بلاد العرب والمسلمين."
الأستاذ سيد لم يذكر أحدا باسم، وهو تكتيك رخيص أن تضع على فم الرجل أسماء ناس من الناس لتستعدى عليه المشاعر، وإنما هو قال أن هناك الكثير من المسلمين "الطيبين" ووضع كلمة الطيبين بين قوسين، ليدل بها على غفلة عند البعض أو إغراض عند البعض أو ترخص عند البعض، ومن هذه الشخصيات ما فيها كل هذا بالفعل، ولكن تسمية الناس هي من عمل القرضاوي لا من عمل سيد، فسيد أكبر من مثل هذا الصغار.
"وقد حدثني الأخ د. محمد المهدي البدري أن أحد الإخوة المقربين من سيد قطب -وكان معه معتقلا في محنة 1965م- أخبره أن الأستاذ سيد قطب عليه رحمة الله، قال له: إن الذي يمثل فكري هو كتبي الأخيرة: المعالم، والأجزاء الأخيرة من الظلال، والطبعة الثانية من الأجزاء الأولى، وخصائص التصور الإسلامي ومقوماته، والإسلام ومشكلات الحضارة، ونحوها مما صدر له وهو في السجن، أما كتبه القديمة فهو لا يتبناها، فهي تمثل تاريخا لا أكثر.
فقال له هذا الأخ من تلاميذه: إذن أنت كالشافعي لك مذهبان: قديم وجديد، والذي تتمسك به هو الجديد لا القديم من مذهبك.
قال سيد رحمه الله: نعم، غيرت كما غير الشافعي رضي الله عنه. ولكن الشافعي غير في الفروع، وأنا غيرت في الأصول!.
فالرجل يعرف مدى التغيير الذي حدث في فكره. فهو تغيير أصولي أو "إستراتيجي" كما يقولون اليوم."
هذا حوار سخيف وقصة عقيمة لا دلالة فيها، فإن كتب سيد القديمة تمثل فكرا غير إسلامي بالمعنى الدعوي، بل فكر كفكر العقاد ومحمد حسين هيكل ممن أسماهم القرضاوي نفسه "الكتاب المدنيين الذين لا يَُعَدّون على العلوم الشرعية"، من هذا المنطلق تخلى سيد عن كتبه القديمة وتبنى كتبه الحديثة وهو حين يقول أنه غير في الأصول يقول أنه غير في فهمه الخاص للأصول كما غّير الشافعي في إجتهاده في الفروع، والشافعي لم يقصد أنه غير الفروع ذاتها بل غير إجتهاده هو، كذلك سيد يقصد أن الأصول كانت وستظل دائما كما هي ولكنه أدرك حقيقتها، لا كما يحاول شيخ الأمة القرضاوي أن يوحي أن سيد يغيّر في أصول دين هذه الأمة!!!
تحدثت عن عالمِ جللٍ حديثا عارِ عن الحياءِ
تروّج سلعة مضمونها عرفناه من قبلَ بالإرجاءِ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الشاطيء الحقيقي]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 06:06]ـ
إن هذه المجتمعات - لا أفرادها الذين يعيشون فيها- قد ارتضت الحكم بغير ما أنزل الله (هل في شك من ذلك؟) واستبدلت شريعته (هل في شك من ذلك؟) وحاربت أولياءه من الدعاة إلى الله (هل في شك من ذلك؟) وهي بهذا قد ارتضت شرائع الكفر في نظمها وإن لم يكفر أفرادها وهو ما لم يدعيه سيد أبدا – أي كفر الأفراد بعامة – أما كفر الأنظمة فلا يشك فيها مسلم يؤمن بالله ورسوله وفيه بقية من عقل! الأمر هنا هو لم التعجب دون إيراد الأدلة على نقض هذا الكلام، والإعتماد على إدارة المآقي في العيون وكأنما جاء الرجل بما استقرت الشرائع على خلافه؟ تكتيك رخيص مرفوض!
ماذا يقصد بالمجتمعات وماذا يقصد بالافراد
هل المجتمعات هي الدولة -او الانظمة! -ماااظن ان هذا مصطلح صحيح ولا ان سيد قطب قصده فهو يفرق بين الانظمة والمجتمعات
وماذا يعني لم يكفر الافراد فهو لم يكفّر الناس عامة في أي نص من نصوصه
وانما كفر المجتمعات واي مجتمعات ومن قال ان المجتمعات رضيت بالكفر اذن لابد من تفسير كلمة مجتمعات في النصوص التي ورد فيها لفظ مجتمعات تزعم انها مسلمة!!
وماذا يعني عدم تكفير الافراد علي التعيين مع تكفير المجتمعات!
هل هي مجتمعات كافرة علي العموم لكن تكفير الاعيان يحتاج الي ثبوت المقتضي وانتفاء المانع
وهل هذا ليس تكفير عام للامة
هي اسئلة تحتاج اجابة؟
الرجل - لمن أراد أن يتعلم - إنما قال إن المجتمعات الحالية التي لا تحكم بشرع الله هي مجتمعات جاهلية وأن الناس الذين يرضون بهذا الوضع ويشجعونه ويعملون تحت رايته لتحقيق أغراضه إنما هم خارجين عن الولاء لله كافرين بشرعه، وهذا كله صحيح لا شائبة فيه فإن قاعدة التحاكم لله تفرض أن الشرع في حياة المجتمع المسلم يجب أن يستمد من الله سبحانه أو هي الجاهلية لا ثالث لهما، وأن من يسلم روحه ونفسه لأمثال الحاكمين بغير شرعه عنادا واستكبارا ويعمل بعملهم وينصرهم على الدعاة إلى الله هو من نحلتهم وممن حذا حذوهم فهو منهم، وآيات الولاء في القرآن ناضحة بهذا المعنى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولكن سيداً لم يكفر الأفراد الأعيان من هذه الأمة فردا فردا وحاشاه وعلى من قال بهذا أن لا يلقى بالقول على عواهنه بل أم يأتي بنصوص محكمة لا تحتمل الشبهة من كلام الرجل تنص على التكفير العام، وقد تابع القرضاوي في مثل هذا القول لفيف من أنصار الإسلام "الشيوعيّ أو الليبرالي من أمثال د. محمد عمارة الذي رمى سيداً بنفس التهم من قبل
طبعا الاستاذ محمد قطب في مقدمة كتاب سيد قطب مقومات التصور الاسلامي نفي عن سيد قطب تكفيره للامة المسلمة
ولكن تبقي الالفاظ التي استخدمها سيد قطب في موضوع التكفير -هنا-غير محررة وغير منضبطة وملبسة وان قصد بها كما قال الاستاذ محمد قطب غير مافهمه الشيح القرضاوي حفظه الله
ومحمد قطب والقرضاوي عاشروا الاستاذ سيد وفهموا عنه اقواله ومع ذلك فكل منهما خرج بمفهوم مختلف عندما قام بتفسير عباراته
طبعا الاستاذ سيد قطب تكاد تتفق الامة علي حبه وانا اشهد اني احبه فليس في الامة معصوم الا النبي الكريم صلي الله عليه وسلم
ـ[أبو عمر]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 01:31]ـ
السلام عليكم،،
كلام سيد قطب _أسأل الله أن يرحمه _ واضح وصريح ولايحتاج لتأويل ولا صرف عن معناه الأصلي ..
فعلى سبيل المثال ... لفظ (الجاهلية .. والمجتمعات الجاهلية) التي أوردها سيد _ أسأل الله أن يرحمه _ في ظلاله ومعالمه صريحة .. وكلامه يفسر بعضه بعض ...
تأمل أنار الله بصيرتك .. تفسيره لقوله تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ? ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون?". .
إن معنى الجاهلية يتحدد بهذا النص. فالجاهلية - كما يصفها الله ويحددها قرآنه - هي حكم البشر للبشر , لأنها هي عبودية البشر للبشر , والخروج من عبودية الله , ورفض ألوهية الله , والاعتراف في مقابل هذا الرفض بألوهية بعض البشر وبالعبودية لهم من دون الله. .
إن الجاهلية - في ضوء هذا النص - ليست فترة من الزمان ; ولكنها وضع من الأوضاع. هذا الوضع يوجد بالأمس , ويوجد اليوم , ويوجد غدا , فيأخذ صفة الجاهلية , المقابلة للإسلام , والمناقضة للإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
والناس - في أي زمان وفي أي مكان - إما أنهم يحكمون بشريعة الله - دون فتنة عن بعض منها - ويقبلونها ويسلمون بها تسليما , فهم إذن في دين الله. وإما إنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر - في أي صورة من الصور - ويقبلونها فهم إذن في جاهلية ; وهم في دين من يحكمون بشريعته , وليسوا بحال في دين الله. والذي لا يبتغى حكم الله يبتغي حكم الجاهلية ; والذي يرفض شريعة الله يقبل شريعة الجاهلية , ويعيش في الجاهلية.
وهذا مفرق الطريق , يقف الله الناس عليه. وهم بعد ذلك بالخيار!
.......
ثم يُكمل .... إنه مفرق الطريق , الذي لا معدى عنده من الاختيار ; ولا فائدة في المماحكة عنده ولا الجدال. .
إما إسلام وإما جاهلية. إما إيمان وإما كفر. إما حكم الله وإما حكم الجاهلية. .
والذين لا يحكمون بما أنزل الله هم الكافرون الظالمون الفاسقون. والذين لا يقبلون حكم الله من المحكومين ما هم بمؤمنين. .
إن هذه القضية يجب أن تكون واضحة وحاسمة في ضمير المسلم ; وألا يتردد في تطبيقها على واقع الناس في زمانه ; والتسليم بمقتضى هذه الحقيقة ونتيجة هذا التطبيق على الأعداء والأصدقاء!
سيد قطب / في ظلال القرآن .. تفسير الآية 50 من سورة المائدة
أما عن تكفير المجتمعات .. فألأفاظه صريحة .. في تحديد صفة المجنمع المسلم والمجتمع الجاهلي وإليك بعضا من كلماته التي تكشف عن عقيدته ... والتي لا تحتاج لمن يؤولها ويصرفها عن مرادها ...
انظر لكلامه في تفسير قوله تعالى .. "كذلك كدنا ليوسف. . ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك "
.... هذا المدلول القرآني الواضح هو الذي يغيب في جاهلية القرن العشرين عن الناس جميعا. سواء منهم من يدعون أنفسهم مسلمين وغيرهم من الجاهلين ....
.... إن مدلول "دين الله" قد هزل وانكمش حتى صار لا يعني في تصور الجماهير الجاهلية إلا الاعتقاد والشعائر. . ولكنه لم يكن كذلك يوم جاء هذا الدين منذ آدم ونوح إلى محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.
..... وبعض المترفقين بالناس اليوم يتلمسون لهم عذرا في أنهم يجهلون مدلول كلمة "دين الله" وهم من ثم لا يصرون ولا يحاولون تحكيم شريعة الله وحدها بوصفها هي "الدين". وأن جهلهم هذا بمدلول الدين يعفيهم من أن يكونوا جاهليين مشركين!
وأنا لا أتصور كيف أن جهل الناس ابتداء بحقيقة هذا الدين يجعلهم في دائرة هذا الدين!
..... إن الذي يعنينا هو تقرير حقيقة الدين الذي فيه الناس اليوم. . إنه ليس دين الله قطعا. فدين الله هو نظامه وشرعه وفق النصوص القرآنية الصريحة. فمن كان في نظام الله وشرعه فهو في "دين الله". ومن كان في نظام الملك وشرعه فهو في "دين الملك". ولا جدال في هذا.
.... وخير لنا من أن ندافع عن الناس - وهم في غير دين الله - ونتلمس لهم المعاذير , ونحاول أن نكون أرحم بهم من الله الذي يقرر مدلول دينه وحدوده!. .
خير لنا من هذا كله أن نشرع في تعريف الناس حقيقة مدلول "دين الله" ليدخلوا فيه. . أو يرفضوه. .
هذا خير لنا وللناس أيضا. . خير لنا لأنه يعفينا من تبعة ضلال هؤلاء الجاهلين بهذا الدين , الذين ينشأ عن جهلهم به عدم اعتناقه في الحقيقة. . وخير للناس لأن مواجهتهم بحقيقة ما هم عليه - وأنهم في دين الملك - لا في دين الله - قد تهزهم هزة تخرجهم من الجاهلية إلى الإسلام , ومن دين الملك إلى دين الله!
كذلك فعل الرسل - عليهم صلوات الله وسلامه - وكذلك ينبغي أن يفعل الدعاة إلى الله في مواجهة الجاهلية في كل زمان ومكان. .
سيد قطب ..
في ظلال القرآن / تفسير سورة يوسف الآية 76 (كذلك كدنا ليوسف. . ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك. . .). .
وإقرأ في تفسيره قوله تعالى ..
- " هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52) سورة ابراهيم
- "وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين"
وكتاب " معالم في الطريق " مليئ بالعبارات الصريحة التي تدل على فكره
أكثر ما يُميز اسلوب سيد قطب _ رحمه الله _ أنه سهل وواضح ومنطقي ... فهو يشرح ويُطيل الشرح والتوضيح حتى يزول اللبس .. ولا يترك مجال لصرف الكلام عن معناه ...
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:03]ـ
حديث عن المنهج
(يُتْبَعُ)
(/)
الحديث (حول) منهج أهل السنة والجماعة حديث تطمئن إليه قلوب المؤمنين وتنشرح له صدورهم؛ فهذا المنهج هو طريقهم السوي إلى بر الأمان في خضم تلك البدع والأهواء والفتن المتلاطمة التي يجر بعضها بعضاً للقضاء على زمرة أهل الحق.
لكن الحديث (حول) المنهج أمر، والحديث (عن) المنهج أمر آخر… فالحديث حول المنهج، الذي اطمأنت به نفوس المؤمنين في السنوات الماضية قام على الدعوة للرجوع إلى هذا المنهج القويم وتحبيب الناس فيه، والتركيز على أنه لا منهج سوي سواه، ولا منجى مما يحيق من فتن إلا به .. فهو المنهج الذي أسسه محمد- صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي سار عليه أعلام الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من أهل السنة والجماعة إلى يومنا هذا، ما انحرف عنه أحد إلا دخلته بدعة وفارقته سُنة، وبعد عن القصد، وقرب مما ليس فيه مصلحة.
أما الحديث (عن) المنهج فهو يعني: بيان أسس ذلك المنهج .. تقعيد قواعده وتفريع فروعه .. بيان مبادئه وتفصيلاته، وشرح كلياته وجزئياته .. وهو ما يحتاجه مسلمو اليوم ممن اطمأنوا إلى ضرورة اتباع هذا المنهج والسير على خطاه ..
إن (منهج) أهل السنة والجماعة ليس هو (فتاوى) أهل السنة والجماعة أو (مذهب) أهل السنة والجماعة الفقهي أو الحركي .. إنه (أسلوب) في النظر إلى الأمور الثلاثة التي تشكل مسار الدنيا، والتي يختلف عليها الناس في كل آن ومكان: الأفكار، والأشخاص، والأحداث.
المنهج هو: (طريقة) في البحث والتحري عن الحقيقة - أو بالأحرى: عن الحق - تضيِّق نطاق الخلاف حول تلك الأمور الثلاثة التي ما فتىء الخلاف حولها يهدد ويهد ّ كيان المسلمين ويزعزع بنيانهم، وأهم من ذلك أنه الوسيلة التي تجعل النية والقول والعمل موافقاً لسنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، أو قل إن شئت:
(هو تلك الأسس والقواعد الشرعية والعقلية التي يدرب عليها عقل المسلم؛ فتكون قالباً تُصاغ من خلاله حركاته وسكناته .. أقواله وأفعاله .. إقدامه وإحجامه في كافة شؤون حياته).
إذن، ما هو ذلك المنهج أو الأسلوب أو الطريقة التي ما زلنا نتحدث عنها وندعو إليها؟
سؤال يحتاج أن تتجرد له عزائم الرجال، وتتفرغ له أوقاتهم، وتشحذ عقولهم لوضع تفاصيل ذلك المنهج وحدِّ حدوده ورسم معالمه، فما أظن أنه قد تجردت له العزائم بعد، بل حامت حول حماه ثم جنحت إلى جوانبه راضية من الغنيمة بالإياب!
أنواع المناهج:
نوعان من المناهج يتبعها الباحثون في المجالات العلمية أو النظرية، تجدر الإشارة إليها كأحد المعالم الهادية إلى تحديد نوعية المنهج المراد؛ وهما:
أولاً: تلك المناهج التي توضع تفصيلاتها وتحدد معالمها قبل البحث المقصود إليه أو المراد إنشاؤه، ويطلق عليها (أسلوب البحث) إن تعلقت بمبحث علمي، أو (خطة البحث) إن تعلقت بأمر عملي فيزيقي، أو (خطوات البحث) إن تعلقت بأمر عمليّ في مجال الأعمال والتجارة وغيرها. هذه المناهج غالباً ما تكون محدودة القيمة، ومقصورة على البحث الذي وضعت لأجله.
ثانياً: تلك المناهج التي تستشف معالمها وتستنبط مبادئها من واقع ٍحالٍ وظروف قائمة وأحداث واقعة - سواء في الماضي أو الحاضر - لتكون هيكلاً في البحث وطريقة في النظر؛ تتبّع فيما يستحدث من وقائع أو ظروف أو أحداث في المستقبل، وهو ما نرمي إليه في الحديث عن منهج أهل السنة والجماعة. وأقرب ما وجدناه من معنى يعبر عن ذلك في معجم المباحث الغربية هو كلمة Scheme .
هذا النوع من المناهج هو ما استعمله (ديكارت) في كتيبه الشهير الموسوم بـ: (مقال في المنهج)، وهو الذي نبتت أفكاره من بذور الفكر الذي ساد تلك الحقبة من الزمن، والذي قامت على أساس هدم الفكر الديني الكاثوليكي، وفصل الدين عن السياسة، والوقوف في وجه طغيان الكنيسة وسيطرتها على مصائر الناس، مما أشاع فكر (التحرر) وضرورة (الشك) في المسلمات السائدة. ذلك المنهج الديكارتي هو الذي سيطر فمما بعد على مجالات الفكر النظري والعملي الغربي، وأنشأ قواعد الفكر الغربي الحديث.
بين المنهج والقانون:
ومما يجب أن نلفت إليه النظر هو: ضرورة التفريق بين القانون أو النظرية وبين المنهج، إذ أن الخلط بينهما يؤدي إلى أخطاء كثيرة في البحث والتطبيق جميعاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالقانون أو النظرية مع اختلافهما في درجة التوثيق هما قالب تفسر فيه أحداث واقعة، سواء في الماضي أو الحاضر، تحت ظروف محددة خاصة، وتنطبق أوصافهما وتتحقق نتائجهما كل مرة تتحقق فيها تلك الظروف أو الشروط، كما في النظريات والقوانين العلمية بشكل عام. فهي قوالب كلية استنبطت من جزئياتها [1] من جهة، ثم فسرت بها الجزئيات المستحدثة، بعد ذلك من جهة أخرى.
أما المنهج فهو وإن كان قالباً أو هيكلاً للبحث يقوم على أحداث ووقائع كما ذكرنا، إلا أنه أسبق في الوجود الذهني وأعلى في الدرجة من الكليات والقوانين؛ إذ على أساس منه وفي حدوده ومن خلاله تستنبط تلك الكليات والقوانين التي تفسر من خلالها الوقائع وتقدم الحلول والنتائج، أو الأحكام الشرعية والفتاوى في التعبير الشرعي. فهو إذن مصدر الكليات والقوانين، لا بأعيانها وذواتها، وإنما بذلك التحديد الذي تضعه فرضياته ومبادئه لتحكم به مسار الفكر واتجاه البحث الموصل إلى تلك القوانين والكليات.
ولنضرب مثالاً على ما نقول:
فإن القاعدة الكلية - أو القانون إن شئت - (رفع الضرر) قد استنبطت من جزئيات عديدة تكررت في مواضع عديدة من الشريعة مؤدية لذلك المعنى.
فقد قال تعالى: {لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِهَا}،
وقال: {ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُوا}،
وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (الجار أولى بالشفعة) أي: أن الشريك أو الجار أولى بالشراء من الغريب عند رغبة البيع، حتى لا يأتي من يضر المالك في ملكه أو جواره.
كذلك الرد بالعيب في البيوع، وحكم الحجر على السفيه، وشرع القصاص؛ فإن فيه رفع الضرر عن العباد بكف أذى المعتدين. كذلك جاء في الحديث: «لا ضرر ولا ضرار»، وهو مروي في (الموطأ) مرسلاً، كذلك أخرجه الحاكم في (المستدرك) والبيهقي والدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري، وابن ماجه من حديث ابن عباس، وهو وإن كان ضعيفاً إلا أن معناه صحيح مقرر في أماكن عديدة من الشريعة.
كل ما سبق هي جزئيات أدت إلى استنباط قانون عام كلي هو (رفع الضرر). والمنهج الذي أدى إلى استنباط تلك القاعدة من جزئياتها له فرضياته العديدة المتعلقة بها، منها العقلية ومنها الشرعية، نذكر منها:
فرضية عقلية: أن الوقائع المتكررة في معنى واحد تؤكد ذلك المعنى وتقرره.
فرضية شرعية:
أن الأحكام الشرعية إنما قصد بها جلب مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم.
أن مقصود الشرع هو تحقيق (أفضل) الحلول الممكنة حسب الواقع الحال لا التمنى والخيال.
تساوي الناس في حق تحصيل المنفعة ودفع المضرة.
وماذا بعد؟
في إطار ما قدمنا يحق للقارئ أن يتساءل: إذن ما هي مصادر منهج أهل السنة والجماعة؟، ما هي معالمه ومبادئه؟ وما هي حدوده؟ ثم ما هي قواعده وتفاصيله؟ أيطابق منهج أهل السنة في النظر والاستدلال منهجهم الحركي أم يغايره في بعض تفصيلاته؟ إلى آخر تلك التساؤلات التي آن لها أن تجد أُذُناً صاغية وعقولاً واعية.
ولأن الغرض الأساسي من حديثنا هذا عن المنهج هو إلى شحذ الفكر، وتوجيه العقل وطرح السؤال أكثر منه إلى إملاء الفروض وتقرير الجواب، فإننا نكتفي بهذا القدر، وندعو إلى المشاركة في وضع تلك المعالم والتفصيلات. فقد آن لنا أن نفعل، والمسلمون بحاجة شديدة إلى مثل هذا العمل، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
[مجلة البيان اللندنية، 1991]
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:04]ـ
لا يقارن القرضاوي بالعلماء الكبار أمثال: شاكر والشنقيطي رحمهما الله أبدا أبدا.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:06]ـ
مفهوم السببية عند أهل السنة - الجزء الأول
تعتمد الأمم الناهضة في بناء ذاتها، وشحذ قوتها، على ركيزتين أساسيتين أولهما: صحة المفاهيم التي تبنى عليها تلك النهضة. والثانية: إخلاص ومصداقية الفئة التي تحمل عبء النهوض بالأمة والسير بها في طريق الرقي والتقدم المادي والسلوكي جميعاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى أساس من صحة المفهوم، ووضوح الفكرة، تصح الوجهة وتتضح معالم الطريق، وتكون الأمة على بينة من غايتها وأهدافها بلا زيغ ولا انحراف كما أن زاد الإيمان والإخلاص لدى الرجال القائمين على النهضة يُعدّ الوقود الدافع للحركة والاندفاع بها نحو الهدف، واجتياز العتبات والمحن التي تعرقل تلك المسيرة.
وحين نسبر الواقع الإسلامي المعاصر بهذين المقياسين الموضوعيين نشعر - برغم تباشير النهضة الإسلامية اللائحة في الأفق بفضل الله - تعالى - ومنّه - بألم يعتصر الفؤاد اعتصاراً، لما نجده من اضطراب في المفاهيم، واختلاط في الفكر، وتشتت في الجهد وتفرق عن الصف، ثم انهزامية منكرة في بعض النفوس، يقابلها حماس متهور غير مدروس لدى البعض الآخر أسباب عديدة أدت بالواقع الإسلامي إلى ما آل إليه من حال، منها ما يتعلق بصحة المفهوم، ومنها ما يتعلق بعزائم الرجال.
ولسنا بصدد الحديث - في هذا المقال - عن الأمر الثاني المتعلق بالرجال، فإنه أمر وعر المسالك، خفيّ الدروب، متعدد الشعاب، له ظاهر يفضح مكنون الباطن، وله باطن يشرح جليّ الظاهر، وإن كانت لنا إليه رجعة في موضع مستقل نطل فيه إطلالة قصيرة على ظواهر الأقوال، وواقع الأفعال، ودلالات الأمرين على العزائم.
وإنما سيقتصر بحثنا على بعض المفاهيم التي أصابها الخلط والاضطراب في الفكر الإسلامي، وانعكاس ذلك انعكاسا مباشراً على الواقع الإسلامي عموماً، وعلى مسار النهضة الإسلامية المرتقبة خصوصا، جاهدين في تصحيح تلك المفاهيم، وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي تعين على بلوغ الهدف وإدراك الغاية بعون الله - تعالى -.
ومن تلك المفاهيم - بل من أهمها وألصقها بالواقع الإسلامي على الإطلاق - مفهوم السببية - أو العليِّة كما يطلق عليه باحثو الأصول - الذي ينتظم بشموله السنن الطبيعية والاجتماعية للحياة والأحياء على السواء، والذي يبحث -بكلمات موجزات - في ترتيب النتائج على أسبابها، وارتباط العلة بمعلولها، سواء في مجال المادة الجامدة وحركاتها، أو أفعال الأحياء وتصرفاتهم، كما يتناول - بشكل أساسي - فكرة التلازم بين العلة والمعلول عند اكتمال الأسباب، وعوامل تخلف النتيجة في حالات معينة وما يتعلق بتصور مفهوم خصائص المادة وطبائعها، وقيام الإرادة الإنسانية واستقلالها ومدى تدخلها في ترتب النتائج على الأسباب التي أدت إليها.
وقد اعتمد مفهوم السببية على عدد من القضايا والأفكار التي تعتبر روافد لتطور ذلك المفهوم، كمسألة خلق الأفعال، ومفهوم القضاء والقدر، ومجال الإرادة الإنسانية، وقضية التحسين والتقبيح كما أن ذلك المفهوم قد ارتبط بأمر يعتبر غاية في الأهمية في فهم العقيدة ذاتها من جهة، وفى منهج استقاء الأحكام الشرعية من النصوص من جهة أخرى، ألا وهو مبدأ تعليل الأحكام الإلهية، أو - بعبارة أخرى - وجود الحكمة في أفعال الله وأحكامه، وأنه - سبحانه - لا يفعل إلا لحكمة بالغة يقتضيها علمه وعدله وحكمته، مما يضطرنا إلى أن نمسّ تلك القضايا مسّاً رقيقاً موجزاً، متحاشين الدخول في التفصيلات والتفريعات التي كادت - بسبب علم الكلام - أن لا تنتهي.
ولسنا في هذا المقال بمؤرخين لفترة معينة من الزمان، أو لفرقة محددة من الفرق، إنما ستجدنا -كما هو الأنسب لغرضنا - قاصّين آثار الفكرة منذ نشأتها وتطورها عبر مساحة من الزمان تمتد منذ نهاية القرن الأول الهجري، وحتى نهاية القرن الرابع الهجري، من خلال آراء الفرق التي أطلت برأسها بعد انشعاب الآراء، وتفرق الأهواء، كالجبرية، والقدرية المعتزلة، ثم الصوفية التي حازت قصب السبق في إهدار قيمة اتخاذ الأسباب تذرعاً بالتوكل، ومذاهب الأشاعرة الذين قابلوا غلو المعتزلة بغلو مقابل في نفي العلة والسبب، ثم توسط أهل السنة في ذلك الأمر كله.
القدرية وخلق الأفعال:
في بداية الربع الأخير من القرن الأول الهجري كان (معبد الجهنيّ) [1] يتنقل بين العراق والحجاز مروّجاً لبدعته - التي كان أول من أحدثها في الإسلام - وهى نفيه للقدر، وإنكاره للقضاء الإلهي بزعم أن الله - سبحانه - لا يقدّر على الناس ما ينهاهم عنه، ولا يقضي عليهم بما يحاسبهم عليه.
وعن معبدٍ هذا أخذ (غيلان الدمشقي) [2] وراح ينشر تلك الآراء التي ذهب ضحيتها حين قتله هشام بن عبد الملك عليها بدمشق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن هذين انتقلت بدعة القول بنفي القدر إلى المعتزلة وظهرت كأصل من أصولهم الخمسة [3] منذ زمن (واصل ابن عطاء) [4] (وعمرو بن عبيد) [5] وحتى (القاضي عبد الجبار) [6] المعدود في الطبقة الحادية عشرة منهم - وقد أطلقت المعتزلة على أصلهم ذاك (العدل) واتفقوا على أن: (العبد قادر خالق لأفعاله، خيرها وشرها، مستحق على ما يفعله ثوابا أو عقاباً في الدار الآخرة، والرب - تعالى - منزه عن أن يضاف إليه شر أو ظلم، وفعل هو كفر ومعصية، لأنه لو خلق الظلم كان ظالماً ولو خلق العدل كان عادلاً) [7].
وقد تطور ذلك القول بعدم خلق الله - سبحانه - لأفعال العباد، وأنها لا تدخل تحت المشيئة الإلهية، بل هي بمحض الإرادة والاختيار الإنساني، ومن خلق العبد نفسه، إلى القول بعدم قدرة الله - تعالى - على خلق الشر، أو الأفعال الموصوفة بالمعصية والكفر من العباد كما ذهب إليه (النظام المعتزلي) [8] وفي مقابل تلك الآراء التي بلغت الغاية في إنكار عموم المشيئة الإلهية، وقدرة الله - سبحانه - وخلقه لكافة الموجودات، والتي جعلت العبد خالقا مستقلا لأفعاله تحت دعوى الحرية الإنسانية، ومنطقية الثواب والعقاب، قام (الجهم بن صفوان) [9] في أوائل القرن الثاني الهجري ينادي بآراء تقع منها على طرف النقيض، فزعم أن العبد لا دخل له في أفعاله، ولا اختيار ولا استطاعة، بل هي فعل الله على الحقيقة والإنسان مجبور عليها، كأفعال الجمادات سواء بسواء، قال: (إن الإنسان لا يقدر على شيء ولا يوصف بالاستطاعة، وإنما هو مجبور في أفعاله، ولا قدرة ولا إرادة ولا اختيار.
وإنما يخلق الله - تعالى - الأفعال فيه على حسب ما بخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال مجازا كما تنسب إلى الجمادات، كما قال أثمرت الشجرة وجرى الماء، وتحرك القِدْرُ، وطلعت الشمس، وغربت ... والثواب والعقاب جبر، كما أن الأفعال كلها جبر) [10].
وفي منتصف القرن الثاني الهجري أطلق ضرار بن عمرو - وهو رأس الضرارية المعدودة لدى كتاب الفرق من الجهمية المجبرة - القول بأن الله - سبحانه - خالق لأفعال العباد حقيقة (وأنها مكتسبة لهم) [11]، وكان هذا القول إرهاصاً بظهور مذهب ثالث - على يديّ أبي الحسن الأشعري في منتصف القرن الثالث كان أوسع انتشاراَ وأعمق تأثيراً من سابقيه - الجبرية والمعتزلة.
الأشاعرة وخلق الأفعال:
رأى الأشعري ما ساد بين المعتزلة من آراء أدت إلى إهدار المشيئة الإلهية في سبيل إثبات العدل الإلهي، بل إنه عاش ما يقرب من أربعين عاماً داعياً لذلك المذهب الاعتزالي، وما ضاد ذلك لدى الجبرية من إهدار للعدل في سبيل المشيئة الإلهية المطلقة، فاختار القول (بالكسب) الذي ردّده من قبله ضرار ابن عمرو من الجبرية، وأن الله - سبحانه - خالق لأفعال العباد، وهم (يكتسبونها)!.
ولو أخذنا في استعراض آراء الأشاعرة في معنى (الكسب) لوجدنا اضطرابا شديداً في تحديد معناه، مما ينبئ بأنه قد وضع أصلاً كمجرد اسم لا يحمل معنىً معيناً مقصوداً، ثم حاول كلٌّ أن يحد له حدّاً وينحل له معنى، حسب ما يؤديه إليه نظره، فقد ذهب الأشعري - كما رواه عنه الشهرستاني في الملل والنحل - إلى التفرقة بين أفعال العبد الاضطرارية كالرعدة والرعشة، وبين أفعاله الاختيارية، وبناء عليه فقد عرف (المكتسب) أي الفعل - بأنه هو (المقدور بالقدرة الحادثة) [12] أي: الفعل هو ما يفعله المرء بقدرته المخلوقة له.
ثم عاد فنقض ما قرره مرة أخرى حيث قال: إنه لا تأثير للقدرة الحادثة -أي التي خلقها الله في العبد - في إحداث الفعل (والله - سبحانه - أجرى سنته بأن يخلق عقيب القدرة الحادثة- أي المخلوقة للعبد - أو تحتها أو معها: الفعل الحاصل إذا أراده العبد وتجرد له، وسمى هذا الفعل كسباً) [13].
(يُتْبَعُ)
(/)
وفى هذا النص ينقض الشهرستاني ما سبق نقله عن الأشعريّ إذ أنه يقرر أن العبد لا أثر لقدرته - وإن أقر أن الله - سبحانه - يخلق له قدرة - على أي فعل وأن الفعل إنما يخلقه الله عقب خلقه للقدرة في العبد وليس مسبباً عنها، ثم ننتقل إلى آراء القاضي (أبي بكر الباقلاني) [14]، فنرى أنه مع تقريره أن القدرة التي يخلقها الله - سبحانه - للعبد لا دخل لها في إيجاد الفعل، إلا أن (كون الفعل حاصلاً بالقدرة الحادثة أو تحتها، نسبة خاصة تسمى ذلك (كسبا) [15]، ويحاول ابن القيم أن ينفذ إلى معنى لذلك الأمر الذي هو (الكسب) عند الباقلاني فيقرر أن مقصد القاضي هو (أن القدرة التي خلقها الله - تعالى -للعبد - وإن لم تؤثر في الفعل - إلا أنها مؤثرة في صفة من صفاته، وتلك الصفة تسمى كسباً، وهي مُتعلّق الأمر والنهي، والثواب والعقاب) [16].
لكنه يفند ذلك الزعم ويبيّن تفاهته قوله: إن تلك الصفة التي يكون بها الثواب والعقاب، إما أنها داخلة تحث القدرة الإنسانية، وهو ما نفاه القاضي؛ أن يكون للقدرة الإنسانية أي دخل في الفعل أو أنها لا تدخل تحت القدرة، فكأنه (لم يعد للعبد اختيار ولا فعل وكسب البتة) وهو عين القول بالجبر [17].
والإمام (أبو المعالي الجويني) [18]- وهو من أكابر الأشاعرة - قد أنكر نظرية (الكسب) قائلاً: إنه لا معنى له عند التحقيق بل إنه مجرد (اسم محض ولقب مجرد من غير تحصيل معنى، وذلك أن قائلاً لو قال: العبد يكتسب وأثر قدرته الاكتساب، والرب - سبحانه - خالق لما العبد مكتسبٌ له، قيل له: فما الكسب وما معناه؟ !) [19].
ثم يخرج الجويّني - في النظامية - بقول قد أصاب فيه وأجاد -كما علّق عليها ابن القيم- وهو أن الله - سبحانه - يخلق للعبد قدرة، وهذه القدرة مؤثرة في إيجاد الفعل عند اختيار العبد بإقرار الله - سبحانه -أي خلقه لتلك القدرة- كما سنرى في حديثنا عن مذهب أهل السنة والجماعة في المسألة والحق أن (الكسب) الذي ذهب إليه الأشاعرة، لا معنى له ولا حد، وصدق من قال: إن محالات الكلام ثلاثة: كسب الأشعريّ، وأحوال أبي هاشم، وطفرة النظام!.
مسألة التحسين والتقبيح:
ثم إنه كان من تفريعات مذهب المعتزلة - الذي يخرج بالعقل عن دوره المرسوم وحدّه المعلوم - أن العقل يمكنه أن يدرك الحسن والقبح في الأشياء والأفعال عامة مستقلاً عن الشرع، فهو يدرك - وحده - قبح الزنى وشرب الخمر، كما يدرك - وحده - حسن إنقاذ الغرقى وبذل الصدقة، ذلك أن تلك الصفات - الحسنة والسيئة - صفات ذاتية لا تحتاج في تعريفها إلى وساطة رسل أو وحي من السماء، حتى الإيمان بالله - تعالى -وشكره على نعمائه يدرك بالعقل قبل التكليف، والإنسان محاسب عليه قبل ورود الشرائع [20].
ولم يكن من الأشاعرة - إزاء الغلو الاعتزالي -إلا أن قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعيين، فأنكروا كل دور للعقل في إدراك الحسن والقبح في الأفعال والأشياء، وذهبوا إلى أن الأفعال كلها مستوية في أصلها - أقبح القبائح وأحسن الحسنات - ولا فرق بينها إلا بمجرد الأمر والنهي الإلهي - فلو أن الله - تعالى -أمرنا بقتل الأنبياء وارتكاب الزنا لكان ذلك حسناً، ولو نهينا عن الخير والعدل لكان الخير والعدل سيئاً إذ أن الأعمال لا تحمل في ذاتها خيراً ولا شراً، والعقل إذن -لا يستقل- بل لا يدرك أصلاً - الخير أو الشر والحسن أو القبح [21].
وكان مما حداهم إلى تأصيل ذلك الأصل الفاسد هو خلطهم بين الإرادة والمحبة الإلهية، فقد اعتقدوا أن الله - سبحانه - إن أراد أمراً كان ذلك الأمر محبوباً له، مرضيّاً عنده، وإن كره أمراً لم يشأه، ولم يخلقه أصلاً؛ إذ كيف يخلق أمراً ويشاؤه وهو يكرهه ويبغضه؟! أفيكون أمراً في كون الله مكروها لله مفعولا برغم مشيئته؟!.
(يُتْبَعُ)
(/)
هكذا تصوروا المسألة حين خلطوا بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية - كما سنرى في عرضنا لآراء أهل السنة - ومن هنا اضطروا إلى نفي القبح والحسن في الأفعال والأشياء كلية إذ أن العقل العادي - الذي لم تغشاه غواشي الشبهات - لو تأمل الأفعال والأشياء لأدرك فيها حسناً وقبحاً هو عين ما كلفته به الشرائع، وأوجبته عليه الرسالات، وهي حقيقة لم يتمكنوا من المكابرة فيها، إنما- لمّا لم تضطرد على أصلهم في عدم التفرقة بين الإرادة الشرعية والكونية - ذهبوا إلى ذلك الرأي الشاذ في نفي صفة الحسن والقبح في الأشياء والأفعال نفياً مطلقاً، وجعلوا العقل عاجزاً عن إدراك الخير والشر فيها.
يقول ابن القيم في شرح ذلك الأمر: (ومن هذا الأصل الباطل نشأ قولهم باستواء الأفعال بالنسبة إلى الرب - سبحانه - وأنها لا تنقسم في نفسها إلى حسن وقبيح، فلا فرق بالنسبة إليه - سبحانه - بين الشكر والكفر، ولذلك قالوا: لا يجب شكره على نعمه عقلاً، فعن هذا الأصل قالوا: إن مشيئته هي عين محبته، وأن كل ما شاءه فهو محبوب له، ومرضي له ومصطفى ومختار، فلم يمكنهم بعد تأصيل هذا الأصل أن يقولوا إنه يبغض الأعيان والأفعال التي خلقها، ويحب بعضها، بل كل ما فعله وخلقه فهو محبوب له، والمكروه المبغوض لم يشأه، ولم يخلقه، وإنما أصلوا هذا الأصل محافظة منهم على القدر، فحثوا به على الشرع والقدر، والتزموا لأجله لوازم شوشوا بها على القدر والحكمة وكابروا لأجلها صريح العقل) [22].
الخطأ – إذن - قد نشأ وتطور لدى الأشاعرة في هذا الأمر نتيجة خلطهم في مفهوم الإرادة الإلهية من جهة، وفرارهم من غلو المعتزلة في مسألة الحسن والقبح العقلي إلى غلو مقابل من جهة أخرى.
ثمة أمر آخر كان له أثر في توجيه النظرية، الأشعرية عن السببية، ذلك هو ما ذهبت إليه المعتزلة - والمعتزلة مرة أخرى! - إلى أن الله - تعالى - لا يفعل إلاّ الأصلح لعباده، بل إنه يجب عليه فعل الأصلح لهم، مراعاة لمصالحهم، وحفاظاً عليهم من المفاسد بل إن منهم من تعدى ذلك إلى عدم قدرته -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- على فعل الشر أو المفاسد التي يتوهمونها كما ذهب إليه النظام المعتزلي، فإن ذلك مقتضى عدله، ومسوِّغ ثوابه وعقابه، والعباد هم الفاعلون الخالقون لتلك الشرور والمفاسد، وهى خارجة عن مشيئته - سبحانه - كما بيّنا، إذ أن (الباري - تعالى -حكيم عادل، لا يجوز أن يضاف إليه شر ولا ظلم، ولا يجوز أن يريد من العباد خلاف ما يأمر، ويحتم عليهم شيئاً ثم يجازيهم عليه) [23].
وكما رأينا من قبل، فقد فرت الأشاعرة من النقيض إلى النقيض، فنفوا أن يفعل الله - سبحانه - ما فيه مصلحة العباد والله - سبحانه - لا يسأل عما يفعل، إذ كيف يتوهم العقل أن يفعل لمصلحة أو يترك لمفسدة، والله - سبحانه - يفعل من واقع المشيئة المطلقة المجردة عن المصلحة، أو المفتقرة إلى علة في أفعالها، فهو (لا يفعل شيئاً لشيء، ولا يأمر لحكمة، ولا جعل شيئاً سبباً لغيره، وما ثم إلا مشيئة محضة، وقدرة ترجح مثلاً على مثل بلا سبب و لا علة) [24].
ثم لا نغفل الإشارة إلى أمر قد كان له أثره في ذلك المنهج الذي انتهجه الأشاعرة في مناقضة المنهج الاعتزالي، ذلك أن الطبيعة البشرية تميل إلى التطرف ما لم تدركها رحمة الله - تعالى -، والهروب من التطرف قد يلقى بصاحبه إلى التطرف المقابل ما لم تضبط حركته بضوابط تهديه إلى الوسط الأعدل.
وقد عاش إمام الأشاعرة الأول (أبو الحسن الأشعري) معظم سنيّ حياته معتزلياً ينافح عن عقيدة الاعتزال، ولاشك أن لهذا الأمر صلة مؤكدة بالاتجاه الفكري الذي سلكه فيما بعد، إذ دفعه دفعاً إلى تطرف مقابل في مسألة خلق الأفعال ومفهوم السببية وما حولها كما بينا، كما أنه -من جهة أخرى- قد صاحبه أثر اعتزالي في بعض آرائه الأخرى، وإن لم تكن محلاً لدراستنا الحاضرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحين نصل إلى تلك النقطة من البحث، فإننا نكون قد أشرفنا على لب الفكرة الرئيسية التي نقصد إليها منه، وهي عرض لمفهوم السببية الذي كان لانحرافه عن وجه الحق أثر بالغ في فكر المسلمين، وبالتالي في واقعهم الممتد عبر قرون التخلف والتقليد، وحتى عصرنا الحاضر الذي هو -في الحقيقة - محط اهتمامنا، ومحل دراستنا، ليرتبط تقويم الفكرة وتوجيهها بإصلاح الواقع وتغييره، وهو ما سنوالي عرضه في البقية الباقية من صفحات المقال في العدد المقبل إن شاء الله - تعالى -.
(رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ) [آل عمران: 8]
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) معبد بن خالد الجهنّي البصريّ: أول من ابتدع القول بالقدر وأخذه عن نصراني اسمه (سوسن) بالعراق حسب ما رواه الأوزاعي، اختلف فيمن قتله، فقيل الحجاج لخروجه مع ابن الأشعث وقيل عبد الملك بن مروان حوالي عام 80 هـ أو بعدها، تهذيب التهذيب 10/ 225.
(2) غيلان بن مسلم الدمشقي، أخذ عن معبد، وقتله هشام بن عبد الملك لبدعته الأعلام 5/ 124.
(3) وهي: التوحيد (نفي الصفات)، العدل (نفي القدر)، المنزلة بين المنزلتين، الوعد والوعيد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(4) واصل بن عطاء الغزّال: ولد بالمدينة عام 80هـ، وكان رأس المعتزلة لمّا اعتزل حلقة الحسن البصريى ت 131 هـ، لسان الميزان 6/ 214، الأعلام للزركلي 8/ 108.
(5) عمرو بن عبيد بن باب البصري: ولد بالمدينة عام 80 هـ وصحب واصلاً، واعتزل معه حلقة الحسن البصريّ، وعرف عنه الورع والعبادة، مع قوله ببدعة القدر وسب الصحابة وسائر أقوال الاعتزال، توفي في 142هـ الأعلام 5/ 81، وفيات الأعيان 1/ 384.
(6) عبد الجبار بن أحمد، القاضي الهمداني، ولد حوالي 320هـ، برع في الفقه والحديث، وانتحل مذهب الأشاعرة فترة ثم انتقل إلى الاعتزال، توفي بالريّ عام 415 هـ الأعلام 3/ 273، تاريخ بغداد 11/ 113.
(7) الملل والنحل للشهرستاني 1/ 45.
(8) إبراهيم بن سيّار النظام: شيخ الجاحظ: عرف عنه الذكاء، واطلع على كتب الفلاسفة والدهريين، وقد ابتدع في الاعتزال أقوال لم يسبق إليها كقوله بالطفرة، وعدم قدرة الله - سبحانه - على فعل الجور توفي بين 221 هـ، 223 هـ طبقات المعتزلة لابن المرتضى /49، الفرق بين الفرق للبغدادي /131.
(9) جهم بن صفوان الراسبي: كاتب الحارث بين سريج، تتلمذ للجعد بن درهم، وقال عنه الذهبي: الضال المبتدع، رأس الجهمية (تذكرة الحفاظ)، أول من قال بالإجبار في الأعمال، (الفرق البغدادي) /211.
(10) الملل والنحل للشهرستاني 1/ 87.
(11) الشهرستاني 1/ 90، والفرق للبغدادي/213.
(12) الشهرستاني 1/ 96.
(13) الشهرستاني 1/ 97.
(14) محمد بن الطيب بن محمد، أبو بكر الباقلاني، القاضي، ولد بالبصرة، وسكن بغداد، وتوفي بها عام 403 هـ، وكان غزير الإنتاج، له من التصانيف المشهورة التمهيد، والتقريب والإرشاد، المقنع في أصول الفقه، وكان مالكّي المذهب، أشعريّ العقيدة، مقدماً عندهم فيها الأعلام 6/ 176، تاريخ بغداد 5/ 379.
(15) الشهرستاني 1/ 97.
(16) شفاء العليل لابن القيم /49.
(17) شفاء العليل/50.
(18) عبد الملك بن عبد الله الجويني، أبو معالي، ولد ببلدة نيسابور عام 413هـ وتلقى العلم على المذهب الشافعي من والده الملقب ركن الإسلام ونبغ وناظر العلماء، ثم توجه لمكة والمدينة حيث جاور بهما أربع سنوات وعاد بعدها إلى نيسابور حيث أقام له نظام الملك المدرسة النظامية ليدرس فيها، واستمر على ذلك عشرين عاماً حتى وفاته - رحمه الله تعالى - في 478 هـ، وكان عالماً جليلاً له مؤلفات شهيرة كالغياثي، والبرهان في أصول الفقه، لولا انتسابه إلى المذهب الأشعري في بعض مسائل الصفات وغيرها، مذاهب الإسلاميين /679 وبعدها.
(19) شفاء العليل لابن القيم /123 ينقل عن النظامية لإمام الحرمين.
(20) الشهرستاني / 45.
(21) الشهرستاني/ 42.
(22) شفاء العليل /127 الشهرستاني/101.
(23) الشهرستاني / 46، 47.
(24) البغدادي، الفرق بين الفرق.
[مجلة البيان اللندنية 1987]
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:09]ـ
صدقت أختي الفاضلة لا يقارن القرضاوي بألائك الجهابذة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:10]ـ
مفهوم السببية عند أهل السنة - الجزء الثاني
كان من أهم وأبرز النتائج التي ترتبت على ردة فعل الأشاعرة تجاه التطرف الاعتزالي في مسائل خلق الأفعال، والتحسين والتقبيح، وحدود الإرادة والقدرة الإنسانية إلى جانب المشيئة والإرادة الإلهية، ما سبق أن ذكرناه في الجزء الأول من المقال عن نفي الأشاعرة للحكمة الإلهية التي تصدر عنها أفعال الله - سبحانه -.
فالله - سبحانه - كما قالت الأشاعرة - (لا يفعل شيئاً لشيء، ولا يأمر لحكمة، ولا جعل شيئاً سبباً لغيره، وما ثم إلا مشيئة محضة، وقدرة ترجح مثلاً على مثل، بلا سبب ولا علة.
كان ذلك ردًّا على الآراء الاعتزالية التي أكدت على الحكمة الإلهية و (أوجبت) على الله - سبحانه - فعل الأصلح لعباده، فأهدرت عموم المشيئة لصالح الحكمة، وأهدرت الأشاعرة الحكمة الإلهية لأجل عموم المشيئة، كما بيَّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [1].
وقد ترتب على ذلك النظر الأشعري في الحكمة والتعليل، أمران هامان كان لهما أكبر الأثر في صياغة العقلية الإسلامية خلال القرون اللاحقة.
أولهما: الفصل بين العلة الشرعية والعلة العقلية [2]:
ذلك أن الكثير من أحكام الشرع قد ورد معللاً بعلل منصوص عليها، كما في قوله - تعالى -: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة 32]، وقوله - تعالى -: (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً) [الحاقة10] وفي الحديث عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء، فلما كان في العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي؟ قال: "كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها " متفق عليه [3].
(ولو تتبعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لزاد على عشرة آلاف موضع) [4].
ولذلك، كان من الصعب على الأشاعرة - بل على الظاهرية - إنكار العلة بإطلاق، فساروا في ذلك كل حسب ما أدته إليه مقدماته: - فالظاهرية: أقروا بالعلل المنصوصة وأنكروا العلل المستنبطة بطرق استنباط العلة المعتمدة في مناهج أهل السنة - والتي تنبنى على مفاهيم شرعية - إعمالاً لمبدئهم في الأخذ بظواهر النصوص.
- والمعتزلة: قبلوا التعليل في الشرع والعقل جميعاً، وأطلقوه إطلاقاً عاماً ليس منه فكان إعمالاً لمبدئهم في عموم الحكمة الإلهية، وإهدارهم لمبدأ عموم المشيئة الإلهية.
- والأشاعرة: أقروا بالعلة الشرعية المنصوصة والمستنبطة، على أنها ليست سبباً أو علة للفعل، بل على أنها " باعث " على الفعل، وأمارة دالة عليه وإن لم يكن سبب له [5]، وأنكروا العلل العقلية مطلقاً إعمالاً لمبدئهم في عموم الفعل مطلقاً - إلا بذلك الكسب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع - من جهة ولعموم الحكمة الإلهية من جهة أخرى.
وتد تصور بعض الكتاب المحدثين أن الأشاعرة قد انطلقوا في تصورهم ذاك من الموقف القرآني الذي توهموه أنه " في مواضع عديدة منه ينكر العلة ويتحدى الأسباب، وينكر الصعود إليها) [6] (كذا)! إلا أننا نرى أن ذلك التصور لا يتوافق مع ما رأيناه من نشأة تلك المباحث أصلاً، وما أثر في الفكر الأشعري حتى وصل به إلى تلك النتائج المؤسفة ..
إذ إن القرآن كله - على عكس قول القائل - دال على إثبات الحكمة والسبب إثباتاً لا ينكره أحد من المنصفين.
الثاني: تفسير العلل والأسباب بحكم " العادة ":
ذلك أن التلازم الذي لا تنكره الفطر السوية بين السبب ونتيجته لا يمكن جحده جحداً ظاهراً إلا من أخرق أو سوفسطائي مشكك ..
أما الأشاعرة فقد ذهبوا في إنكار تلك العلاقة بين السبب ونتيجته - أو العلة ومعلولها - إلى أن ذلك التتابع بينهما إنما هو من تصورنا لا غير، فهو " تلازم في الحدوث " وليس تلازماً ناشئاً عن الارتباط بينهما وبمعنى آخر هو إلف العادة التي نشأنا عليها أن نرى النار تشتعل في الورق ثم نرى الورق يحترق، فالاحتراق ليس ناشئاً عن النار، بل هو حادث عند حدوثها فقط (كذا)!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
والنار لا دخل لها بالإحراق إنما الله - سبحانه - يخلق الاشتعال، ويخلق عنده الاحتراق كلٌ منفصل عن الآخر، لا الاحتراق ناشئ عن النار، ولا النار تسبب الاحتراق! وهكذا في سائر الظواهر الطبيعية كتلازم الشرب والري، والأكل والشبع.
وقد كانت أدلة الأشاعرة على ذلك الأمر، أغرب من أقوالهم ذاتها، إذ قالوا: أليس الله - سبحانه - يقدر على خلق الشبع في الإنسان، دون أن يأكل وأن يحرق إنساناً دون أن تشتعل فيه نار، أو أن يشعل ناراً دون أن يحرق بها الناس ..
ألم يحدث ذلك مع إبراهيم - عليه السلام -!؟ فهذا يعني - بالضرورة عندهم - أنه لا سبب ولا علة للحوادث بل هو مجرد التلازم وإلف العادة، وإثبات المشيئة الإلهية والقدرة الربانية العامة المرافقة للخلق في كل صغيرة وكبيرة على حساب الحكمة الإلهية التي شاءت فعل الأحكم والأصلح، لكمال الذات الإلهية التي يناسبها فعل الأحكم والأصلح عن عدم فعله أو عن الفعل غير المعلل ابتداء.
وقد نقل علي النشار قول الغزالي في تهافت الفلاسفة - مؤيداً له - حيث قال: (واستمرار العادة بها مرة بعد أخرى ترسخ في أذهاننا جريانها على وفق العادة الماضية ترسخاً لا تنفك عنه).
(إن من المسلم به أن النار خلقت بحيث إذا تلاقت مع قطنتين متماثلتين أحرقتهما ولم تفرق بينهما، طالما كانتا متماثلتين من جميع الوجوه، ولكن مع هذا يجوز أن يلقى شخص في النار فلا يحترق، فقد تتغير صفة النار أو تتغير صفة الشخص).
والملاحظ أنه قوله، فقد تتغير صفة النار أو صفة الشخص، رجوع عن مبدئه كلية، إذ في هذا إقرار بأن صفة الشخص الأساسية هي أن يحترق بالنار وأن صفة النار الأساسية أنها تحرق الشخص، ولا يعني هذا إطلاقاً أن النار أساساً لم تخلق لتحرق، أو الناس لا يحترقون ابتداءً بالنار، كما أنه لا يعني أن الله - سبحانه - لم يخلق فعل الاحتراق في الشخص، أو فعل الإحراق في النار رغم أن ذلك ممكن عند إرادة الله - سبحانه - أن يحدث معجزة أو كرامة ولكن ذلك يكون خرقاً مقصوداً مؤقتاً للنواميس العادية التي جبلت عليها المخلوقات ..
ونحن نرى أن النشار قد اندفع وراء أشعريته بعيداً عن النهج القويم في النظر والاستدلال الذي تناوله بالبحث والدرس في " مناهج بحثه " التي استقصاها عند مفكري المسلمين!! ومما لاشك فيه أن إهدار مفهوم النتائج عن أسبابها أدى إلى أبشع النتائج وأخطرها على العقلية الإسلامية خلال القرون الماضية، لما في ذلك من إهدار عام لقيمة العلم التجريبي بل والنظري معاً، كما سنرى في حديثنا عن الآثار التي ترتبت على انتشار مثل تلك المفاهيم.
الصوفية والأسباب: لم يكن الأشاعرة أو المعتزلة وحدهما الذين خاضوا معترك الحديث في الأسباب والعلل، أو الكلام في القدر وحدود الإرادة الإنسانية وحريتها وما ترتب على ذلك من قضايا، بل شاركت في ذلك فرقة واكب ظهور أوائل روادها حوالي منتصف القرن الأول الهجري، ثم تطورت مفاهيمها بعد ذلك -من منتصف القرن الثاني -إلى أن وصلت حد الغلو والتطرف - بل في بعض آرائها التي دعا إليها نفر من كبار مشايخها - إلى حد الكفر والمروق ونعني بها فرقة الصوفية، التي أدلت بدلوها في موضوع العلة والسبب بما يتناسب مع الخط العام لفكرها ومنهاجها، فكانت تلك الآراء من أهم العوامل التي أدت إلى إهدار قيمة الأخذ بالأسباب في المجتمع الإسلامي، وبالتالي من عوامل الهدم التي عملت في جنبات الحياة الإسلامية حتى أدت بها إلى الانحطاط والركود والتخلف.
تناولت الصوفية مفهوم السبب من منطلق تصوراتها لثلاثة أمور:
أولاً: مفهوم القدر.
ثانياً: مفهوم التوكل.
ثالثاً: مفهوم الركود والولاية.
أولاً: القضاء والقدر عند الصوفية: استغرق الصوفية في معاني توحيد الربوبية، والتأمل في الأسماء والصفات حتى شذوا في تلك المعاني، وخرجوا بها عن المقصود منها كتعبير عن كمال الله - سبحانه - وجوانب عظمته وقدرته وسائر صفاته، وما تضفيه تلك المعاني على المسلم من مشاعر المحبة والتوكل والخضوع وتمام الاطمئنان لحكمة الله وقدرته - سبحانه - وهو ما يستلزمه توحيد الألوهية والقيام بحق العبادة على وجهها الأكمل في كافة جنبات الحياة الإنسانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
كان لذلك الاستغراق في معاني توحيد الربوبية والشطط والغلو في مفاهيمها ومراميها، أن خلطت الصوفية في مسألة القدر الإلهي وحدود الإرادة الإنسانية التي أتاحها الله للإنسان ليجعله بها مكلفاً، ومعرضاً للثواب والعقاب، ولم يميزوا بين إرادة الله النافذة التي لا يقع شيء في الكون مخالفاً لها، وبين إرادته التي بيّنها في أمره ونهيه، حسب ما يحبه ويرضاه، أو يكرهه ويأباه، فأخذوا بقول الجبرية في أن الإنسان كالريشة في مهب الريح، مسيّر بإرادة الله - تعالى -دون إرادة منه أو استطاعة، والمؤمن الحق - عندهم - هو من يشهد هذه الحقيقة، ويرى قدر الله النافذ فيه وفي الناس حين يفعلون الخير أو يأتون الشر، بل تطرف بعضهم فذهب إلى أن الكافر حين يكفر فهو يسير علي القدر الإلهي السابق، وهو مطيع لله بكفره! والكوارث والمجاعات والمصائب والمظالم التي تصيب الناس، لا داعي للتخلص منها أو إزالتها، والاستسلام لها هو عين الاستسلام لقدر الله النافذ والخضوع لمشيئته، وهو قمة الإيمان والتوحيد، ولا يخفي ما في هذا التصور من ابتعاد عن الله، وتهديد للوجود الإسلامي أصلاً.
ثانياً: الصوفية ومفهوم الكرامة: كان لإلغاء دور العقل في الحياة الإنسانية- بما زعموه من أن تربية الروح هي مقصودهم الأول والأوحد - أثر واسع في التعلق بالكثير من الخرافات والخروج بالعديد من الظواهر الدنيوية أو الشرعية عن حدودها المعلومة والصحيحة، استنامة للأحلام التي يهيم فيها (العاشقون) المتدرجون في مراتب الشوق والدهشة والانبهار وما إلى ذلك من مسالك لا يدركها إلا السالك! ومن تلك الظواهر ظاهرة الكرامة التي يختص الله - سبحانه - بها بعضاً من عباده الأتقياء الأولياء على الحقيقة، فيجري على أيديهم ما يخرق العادة الجارية والعلل السائرة إكراماً لهم، وتثبيتاً لإيمان بعض من يحتاج إيمانه إلى ذلك التثبيت، وإظهاراً لعموم القدرة الإلهية التي خلقت النواميس، والتي تقدر على خرقها في أي وقت شاءت.
والصوفية -ولله الحمد من قبل ومن بعد - أولياؤهم عديدون، ودرجة الولاية تنال عندهم بلبس الخرق والمرقعات، والسلاسل والرقص في الحضرات، وحفظ الأوراد المبتدعة والإتيان بالأفعال الشاذة ..
والكرامة متاحة للعديد منهم بمناسبة وبدون مناسبة، بحق أو بباطل، لوليّ أو دعيّ طالما هو سائر على دربهم ذاك.
هذا يخطو خطوة فينتقل من الشام إلى الكعبة فيزور البيت ويعود إلى مجلسه من ساعته، وذاك يخرج إلى الصحراء دون عدة أو عتاد فيلاقي الوحش فينفخ فيه فيكون كالقط الأليف وذاك يخرج للحج فإذا به يرى الكعبة قادمة في الطريق فيسألها إلى أين هي ذاهبة (أي الكعبة؟) فتقول (الكعبة كذلك!) إلى فلانة العابدة لتطوف بي ثم أعود!! وهناك إحدى الروايات التي يرددها أهل بعض القرى في صعيد مصر عن عائلة من العائلات التي يتوارث أولادها الولاية عن آبائهم، وكيف أن أحد أطفال هذه العائلة أوقف قطاراً مندفعاً بيده ليركب فيه!! أي والله يحكيها الكبير المتعلم قبل الصغير الجاهل! وليرجع القارىء - إن شاء- إلى رسالة للقشيري أو إحياء علوم الدين للغزالي أو غير ذلك من الكتب المملوءة بمثل تلك الروايات.
إذن فما حاجتنا للسيارات والطائرات؟! وما الداعي لاقتناء آلات الحرب أو الدفاع؟! وما الدافع إلى الخروج بحثاً عن الرزق والزاد وعمارة الدنيا، والبحث عن مكنونات الطبيعة وأسرارها المودعة فيها لصالح المسلمين وإعلاء كلمة الدين ..
الأمر أهون من ذلك، فإنما هي صفقة باليد فإذا التخت ممدودة والموائد معمورة والمسافات قد قصرت، والأفكار قد اندفعت ..
فحسبك أن تلبس الخرقة، وترقص بالحضرة!!! قل لي بالله عليك - أيها القارىء العزيز - أي إهدار لقيمة اتخاذ الأسباب أكبر من ذلك؟ وأي محاولة للقضاء على الكيان الإسلامي أبعد أثراً من تلك المحاولة.
ثالثاً: الصوفية والتوكل: كان من نتيجة ما رأينا من الأفكار الصوفية عن مسائل القدر والكرامات والاستغراق في توحيد الربوبية بجهل وابتداع دون النظر إلى ما يستلزمه من حق العبادة، أن اضطرب لدى الصوفية مفهوم التوكل على الله ..
واستحال إلى التواكل والاستنامة والبعد عن العمل واتخاذ السبب، فصحة التوكل - عندهم - لا تكتمل إلا بالنظر إلى مسبب الأسباب - سبحانه -، وقطعوا النظر إلى الأسباب ذاتها والانفضاض عنها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وكلما ترقى المسلم الصوفي في مدارج الطريق كلما ازداد بعداً عن الأخذ بالسبب مطلقاً، بل إن النظر إلى الأسباب هو تلبيس من الشيطان على أهل التفرقة، فيجعلهم يعدّدون في المصدر والسبب، ويرون أن للأفعال أسباباً ظاهرة ناشئة عنها فالري لا يحدث إلا بالشرب مثلاً ..
وهو وهم من أهل التفرقة، وتلبيس عليهم فالري يحدث بالشرب أو بدونه كما في الكرامة، أو إذا صح التوكل - دون اكتساب لذلك - كما أن فعل الطاعات أو الإقامة عليها ليس نتيجة عمل الشخص بل هي منسوبة لله - تعالى -، سواء فعله أو الإثابة والعقاب عليه، وإضافة فعل الطاعة للعبد تلبيس على أهل التفرقة! وغير ذلك كثير من الخلط والاضطراب والابتداع الذي كان له ولا شك أكبر الأثر في صياغة تلك العقلية الإسلامية التي يعاني منها الوجود الإسلامي في العصر الحاضر، والتي كانت سبباً مباشراً- ولو كره نفاة الأسباب! - في تلك الأمراض، والعلل التي يعاني منها المسلمون في هذا العصر.
_________________________
(1) العلة الشرعية - كما عرفها علماء الأصول في مبحث القياس - هي التي يدور معها الحكم وجوداً وعدماً، أي يوجد عند وجودها، وينعدم عند عدمها، ومثال ذلك: الإسكار علة لتحريم المشروب، فإذا وجد الإسكار عند تناول المشروب (قليله أو كثيره) حرم المشروب، وإن لم يوجد الإسكار لم يكن المشروب محرماً، والعلة إما منصوص عليها، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأجل الدافة" فبيّن علّة تحريم أكل لحوم الأضاحي في ذلك العام لسبب ورود الدافة حول المدينة، أو مستنبط بطرق الاستنباط التي عدّدها الشوكاني أحد عشر مسلكاّ، كما أن لها أوصافاً يجب أن تتحقق فيها لكي تكون علة مستنبطة للحكم، وقد عددها الشوكاني كذلك أربعة وعشرين وصفاً إرشاد الفحول 207 - 222، أما العلة العقلية فالمقصود بها السبب الذي تنشأ عنه النتيجة في حكم العادة سواء في المجال النظري، كما يقال: إن جمع المتفرقات علة في حدوث المركب، أو المجال التجريبي كما في الظواهر الطبيعية عامة كما يقال النار علة الاحراق أو الأكل علة الشبع، وكلاهما يطلق عليه علة عقلية.
(2) شفاء العليل لابن القيم /189.
(3) إرشاد الفحول للشوكاني /207.
(4) مناهج البحث عند مفكري الإسلام لعلي سامي النشار /124.
(5) تهافت الفلاسفة للغزالي /67.
(6) الذين هم أهل السنة! والحق أن بعضهم كصاحب منازل السائرين يزعم أن التلبيس من فعل الله - سبحانه وتعالى -- ليضل به أهل التفرقة، على أصلهم أن الإضلال من الله وليس للعبد به شأن.
[البيان اللندنية 1987]
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:11]ـ
مفهوم السببية عند أهل السنة - الجزء الثالث
ينطلق أهل السنة في تصوراتهم كافة من أصول ثابتة في النظر والاستدلال، مبنية على وحدة المصدر والوسيلة، فالمصدر هو كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أما الوسيلة فهي المنهج المستقى منهما، والذي نهجه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون، سلف الأمة الصالح في القرون الثلاثة الفضلى، حيث يُنزلون كل دليل صحيح منزله، ويفهمون منه مقصوده، ويجمعون بينه وبين غيره، ولا يعارضون عاماً بخاص، ولا مطلقاً بمقيد، ولا كلياً بجزئي، بل يعرضون هذا على ذاك، كما لا يَدَعون مبيناً لمجمل، ولا محكماً لمتشابه، ولا شرعياً لعقلي، ولا يغالون في اتباع الظاهر حتى يذهلهم عن المقاصد والنيات، كما لا يسيرون وراء البواطن حتى يعميهم ذلك عن الحق الجلي الظاهر.
وهم لا ينكرون على العقل مكانته التي بها كرمه الله - سبحانه - على سائر مخلوقاته، إلا أنهم يدركون مواضع قوته، ومواطن ضعفه، فلا يقدمون بين يدي الله ورسوله بحكم عقلي مظنون.
وليس هذا موضع الاسترسال في الحديث عن ذلك المنهج السوي السديد، نسأل الله - تعالى - أن يلهم المسلمين كافة اتباعه والعدول عن غيره من المناهج التي لم تورث ذلك الكيان الإسلامي - على مر العصور- إلا الضعف والوهن والبلاء.
من ذلك المنهج - إذن - استقى أهل السنة آراءهم في المسائل التي ذكرنا فيها اختلاف المُفْرِطين والمفَرِّطين، وسنبين في هذا المقام - بإيجاز لا يخل بالقصد - مفهوم أهل السنة عن تلك المسائل التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمسألة السببية.
أهل السنة والقدر:
(يُتْبَعُ)
(/)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء " رواه مسلم.
كما جاء في حديث جبريل - الذي رواه البخاري عن أبي هريرة - قال: ( ... وأن تؤمن بالقدر كله).
يؤمن أهل السنة إيماناً راسخاً بالقدر خيره وشره وأن (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن)؛ ذلك أن الله - سبحانه - قد (جبل) الناس على صفات وِفطَر - كما خلق الأشياء على طبائع وقوى - لحكمة بالغة له في ذلك كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأشج عبد القيس: (إن فيك خُلُقين يحبهما الله الحِلم والحياء، قال: جبلاً جُبلت عليهما أم خُلقا فيَّ؟، قال: بل جبلاً جبلت عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين أحبهما الله) [خلق أفعال العباد للبخاري/39].
ولفظ (الجِبِلّ) غير لفظ (الجبر) الذي لم يرد به كتاب أو سنة، فالجبل: هو أصل الخلق على صفة من الصفات، أما الجبر فهو الإكراه على الفعل، كما يجبر الأب ابنته على النكاح، والله - سبحانه - لا يجبر عباده على فعل من الأفعال بل كل عبد يأتي ما يفعل - حسب جبلته الأصلية - مختاراً مريداً، لهذا فقد تشدد الأئمة في المنع من إطلاق لفظ الجبر لما فيه من إجمال وإشكال، فان أراد أحد أن يقول أن في الجبل معنى للجبر، قلنا إن ذلك صحيح في أصل الخلقة لحكمة الله - تعالى - فيما اختاره من جبلة كل عبد حين خلقه، أما أن يجبره على الفعل حين الفعل فهذا المعنى غير صحيح.
ثم إن الله - سبحانه - قد علم - بواسع علمه وشموله - ما سيكون من أفعال العباد على وجه التفصيل والإحاطة، (لا يعزب عنه من ذلك مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك:14] وكتب ذلك في اللوح المحفوظ من قبل أن يخلق الخلق، فما من شيء إلا وهو مدون في أم الكتاب: (إنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى ونَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وآثَارَهُمْ وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إمَامٍ مُّبِينٍ) [يس: 12]، كما أنه لا يقع من تلك الأفعال - التي قد علم (سبحانه) بوقوعها وكتبها في أم الكتاب - إلا حسب مشيئته وإرادته؛ فإنه - سبحانه - (تارة يخبر أن كل ما في الكون بمشيئته، وتارة أن ما لم يشأ لم يكن، وتارة أنه لو شاء لكان خلاف الواقع، وأنه لو شاء لكان خلاف القدر الذي قدره وكتبه وأنه لو شاء ما عُصي، وأنه لو شاء لجمع خلقه على الهدى وجعلهم أمة واحدة، فتضمن ذلك أن الواقع بمشيئته، وأن ما لم يقع لعدم مشيئته) [شفاء العليل ابن القيم، 44].
ولا بد في هذا المقام من التمييز بين أمرين على غاية الأهمية، لم يلحظهما المخالفون لأهل السنة، فكان ما كان من زللهم الذي بيناه.
ذلك أن الإرادة الإلهية نوعان:
1 - الإرادة الكونية:
وهي الإرادة الشاملة لله - سبحانه - والتي لا يكون أمر من الأمور على خلافها، فالطاعة والمعصية، والخير والشر يقع كلاهما على مقتضى تلك الإرادة، وهو إن شاء منع المعصية والكفر، إلا أنه - سبحانه - أراد وقوعها إرادة كونية، ولم يرد وقوع خلافها، وإلا لكان خلافها هو الواقع فعلاً، ولا مدخل لمحبته - سبحانه - ورضاه في تلك المشيئة.
2 - الإرادة الشرعية:
وهي محل أمره ونهيه - سبحانه - والتي بها نزلت الشرائع وفصلتها الرسالات، فإنه سبحانه أراد من العبد أن يفعل ما أمر بفعله وأحبه منه ورضي عنه به، كما أنه لم يرد من العبد فعل ما نهاه عنه وكرهه عليه إلا أنه يقع من العبد على خلاف الإرادة الشرعية، والله -سبحانه - لا يجبر عبداً على فعلها أو على إتيانها، إنما الإرادة هنا مقرونة بالمحبة والرضى كما في قوله - تعالى -: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ) [البقرة: 185] وقوله: (واللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ) [البقرة:205] فعدم محبة الله للفساد لا تستلزم عدم وقوعه، كما أنها لا تعني أنه يقع في الكون ما يخالف الإرادة الإلهية، فعدم المحبة هنا يعني المحبة الشرعية وليس الإرادة الكونية التي بها يقع الفساد وغير الفساد.
بالتمييز بين الإرادتين يتضح خطأ قول مَن قال: إن الطاعة والمعصية تقعان حسب إرادة الله ومشيئته، لعموم قدرته التامة، ولجأ إلى نفي الحكمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك فإن الله - سبحانه - قد خلق الأشياء في عالم المادة - ومنها الأفعال غير الاختيارية لبني آدم - وأودع فيها قوى وطبائع وصفات [شفاء العليل، 188] وسيَّرها حسب قوانين وسنن عامة تتلاءم مع تلك الطبائع بحيث لا تتخلف، إلا أن يشاء الله (سبحانه) أمراً - كما في حالة المعجزة أو الكرامة - وذلك بإيقاف عمل السنن أو القوى الجارية، أو أن يخلق مانعاً يمنعها من العمل حسب تلك السنن، كما في حادثة إحراق الخليل إبراهيم - عليه السلام - وتلك السنن والطبائع والصفات في الأشياء هي من قدر الله - سبحانه -: (إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر: 49] وإنكارها إنكار لقدر من قدر الله - سبحانه - وواجب العبد إزاء القدر أن يكون على حالين: "حال قبل القدر، وحال بعده، فعليه قبل المقدور أن يستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه، فإذا قدر المقدور بغير فعله فعليه أن يصبر عليه ويرضى به، وإن كان بفعله - وهو نعمة - حمد الله على ذلك، وإن كان ذنبًا استغفر إليه من ذلك " [الفتاوى لابن تيمية، 8/ 76، شفاء العليل، 34].
أهل السنة وخلق الأفعال:
وقاعدة أهل السنة في ذلك أن الله سبحانه " خالق كل شيء "؛ فهو خالق للعبد، وخالق لفعله، وخالق لقدرته التي يفعل بها الفعل، والعبد لا يتصف بالخلق بشكل من الأشكال إنما هو فاعل بتلك القدرة المخلوقة له.
وخلْق الله للفعل لا يعني أن الله - سبحانه - هو الذي فعله أو أنه ينسب إليه فعله، أو أن قدرة العبد ليس لها عمل أو تأثير في إيجاد الفعل، وإلا فكيف يعاقب الله - سبحانه - العبد على ما فعله هو - سبحانه -، أو أن يثيبه على ما لم يفعله؟! والجواب على ذلك أن العبد فاعل مختار بقدرته المخلوقة [شفاء العليل: 52]، وأما عن أثر قدرته فإن كلمة " التأثير " فيها اشتراك، أي تحمل عدة معانٍ:
1 - إما أن يكون أثر القدرة الإنسانية هو الانفراد بالفعل، دون القدرة أو الإرادة الإلهية، وهو باطل متفق على بطلانه.
2 - أو أن يكون أثر القدرة الإنسانية هو في معاونة القدرة الإلهية على إخراج الفعل للوجود، وهو كسابقه من أقوال أهل البدع.
3 - أن يكون التأثير في إخراج الفعل من العدم إلى الوجود بواسطة القدرة الإنسانية المحدثة، بمعنى أن القدرة الإنسانية التي خلقها الله - تعالى - للعبد هي سبب وواسطة في خلق الله - سبحانه - للفعل بهذه القدرة، كما خلق النبات بالماء، والغيث بالسحاب.
وقد قال تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) [التوبة:14] فبيَّن أنه المعذب، وأن أيدينا أسباب ووسائط لهذا التعذيب [عن الفتاوى لابن تيمية: 8/ 389].
ومن هنا يتضح أنه لا تعارض بين أن الله - سبحانه - خالق لأفعال العباد، وأن العباد فاعلون لها مختارون بقدرتهم المخلوقة لهم، والتي وجهوها كما أرادوا لذلك الفعل.
ومن هنا كذلك تنسب الأفعال للعباد؛ فيقال: إنهم (مصلّون) أو (سائرون) أو (عاصون) أو غير ذلك من أفعال، وأن أفعالهم قائمة بهم لا بالله، وأنها فعل لهم لا لله، كما في القرآن من قوله تعالى:» يعملون «،» يؤمنون «،» يكفرون «.
وهنا ينبغي التفطن إلى أمر آخر، وهو أن الله - سبحانه - إذا أحب عبداً هيأ له أسباب الخير وعاونه عليه منة منه وفضلاً، فهو يوفقه إلى ما فيه الطاعة، ويبعده عما فيه العصيان بفتح أبواب تلك وإغلاق أبواب ذاك، كما أنه إذا أبغض عبداً منع عنه أسباب الهداية ولم يوفقه إليها حكمة منه وعدلاً، فهو يمد له في أسباب العصيان والكفر مداً، ويمهله رويداً؛ حتى يأتيه وعده بغتة وهو لا يشعر، كل ذلك والعبد نفسه هو الفاعل لأفعاله المختار لها، وإنما الهداية من الله بمقتضى الفضل والرحمة، والإضلال منه بمقتضى العدل والحكمة [شفاء العليل: 31].
أهل السنة والتحسين والتقبيح:
رأينا فيما سبق كيف اشتط القدرية المعتزلة في إثبات الحسن والقبح العقليين (اللذيْن يدركان بالعقل) فأثبتوا للأفعال صفات لازمة لها، وليس للشرع من دور إلا الكشف عنها، كما أن الشرائع لا تأتي إلا وفقاً لتلك الصفات، تابعة لها، فما يحسّنه العقل يأتي الشرع بحسنه والعكس.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أننا رأينا كيف أفرط مناقضوهم في إنكار أن يكون للفعل صفات أصلاً!؛ حتى يدركها العقل، والأفعال متعادلة في الحسن والقبح حتى يأتي الشرع فيحسن ذلك ويقبح تلك بمطلق الإرادة الإلهية، ولو قبح الحسن لقُبح، ولو حسن القبيح لحسن!.
والحق - الذي عليه أهل السنة - هو أن الله - سبحانه - قد خلق الأفعال، وخلق لها صفات، كما خلق الأشياء وخلق فيها طبائع وقوى، والأفعال تحسن وتقبح بتلك الصفات المخلوقة لها، وقد يعلم هذا الحسن أو القبح بالعقل أو بالشرع، وكثير من الأمم الضالة التي لم تهتدِ بهدْي النبوة قد وجد فيها تقبيح الظلم وكراهته، وتحسين العدل ومحبته، وما سن القوانين التي عُرفت منذ القديم إلا دليل على ذلك، بما اشتملت عليه من مبادئ تتوافق مع مبادئ الشرع في بعض ما تأخذ به من أحكام.
إلا أن مدار الأمر في هذه المسألة هو أن الثواب والعقاب لا يترتبان على الفعل إلا بعد ورود الأمر الشرعي، وهو ما غلطت فيه القدرية الذين جعلوا الثواب والعقاب والتكليف بحسب العقل، كذلك فإن الله - سبحانه - قد يأمر بشيء ليمتحن به العبد، ولا يكون مراده هو الفعل بذاته، ولكن امتثال الأمر هو المطلوب لمعرفة طاعة العبد لله، كما أمر إبراهيم الخليل بذبح ابنه، وهنا يتضح قسم آخر ورد فيه الأمر الشرعي بما هو قبيح في أصله لحكمة إلهية تقتضي ذلك، فذبح الولد ليس حسناً وإنما كان لحكمة الابتلاء، وأصل الأحكام الشرعية ليست من هذا القبيل، وإنما هذا يبين خطأ المعتزلة الذين أنكروا أن يأمر الله بخلاف ما هو حسن عقلاً، وخطأ الأشاعرة الذين اعتقدوا أن الأحكام الشرعية كافة من هذا الباب للامتحان والابتلاء دون أن تحتوي بذاتها على حسن أو قبح أو مصلحة أو مفسدة للعباد [انظر: الفتاوى، 8/ 428 وبعدها].
أهل السنة والحكمة والتعليل:
ينطق كتاب الله المقروء، وكون الله المشهود، كلٌّ بآياته وأسلوب دلالاته - بتلك الحِكم البالغة التي لأجلها شرع ما شرع للناس من أحكام، وبنى ما بنى في الوجود من عوالم وأكوان، ففي كتاب الله ما يكاد يخرج عن الحصر من أدلة تثبت حكمة الله - سبحانه - في أفعاله، وأنها كلها معللة بعلل تتلاقى في أنها لصالح العباد والبلاد، ولإقامة حال الدنيا وما فيها ومَن فيها على أحسن ما يكون لهم، فما يظهر فيها من خير فهو من رحمة الله وفضله، وما يبدو من شر- ليس إليه سبحانه - فهو من عدله وحكمته. وإليك بعض ما اجتزأنا من أدلة سردها ابن القيم فيما يبلغ ثلاثة وعشرين وجهًا:
الأول: التصريح بلفظ الحكمة، كقوله - تعالى -: (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ) [القمر: 5]، (وإنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [النمل: 6].
ثانياً: إخباره عن فعل كذا لكذا، كقوله - تعالى -: (ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ) [المائدة: 97].
ثالثًا: لام التعليل، كقوله - تعالى -: (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال: 42].
رابعًا: كي التعليلية، كقوله - تعالى -: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) [الحشر: 7].
خامساً: (أنْ) والفعل المستقبل بعدها، كقوله - تعالى -: (أَن تَقُولُوا إنَّمَا أُنزِلَ الكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا) [الأنعام: 156].
سادساً: ما هو من صريح التعليل، كقوله - تعالى -: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ) [المائدة: 32].
سابعاً: التعليل بلعلّ، وهى تفيد العِلّية في كلام الله - تعالى - كقوله:» لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «.
ثامناً: إنكاره - سبحانه - التسوية بين المختلفين والتفرقة بين المتساويين كقوله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) [القلم: 35].
تاسعاً: أمره - سبحانه - بتدبر كلامه والتفكر في مغزى أوامره ونواهيه، وهو يدل دلالة صريحة على ما تتضمنه تلك الأوامر والنواهي من حكم بالغة ومصالح وغايات مطلوبة.
وإلا ما كان هناك داعٍ للتفكر والتدبر بها [شفاء العليل لابن القيم، ص190 وما بعدها].
(يُتْبَعُ)
(/)
ويا سبحان الله العظيم! أن تحتاج مثل هذه القضية إلى أدلة وبراهين للمحاجة عنها: ألم يسمِّ الله نفسه حكيماً؟! وكيف يليق بالرب - سبحانه - أن يقال: إن أفعاله ليست لدواعٍ أو أسباب أو حكم، إنما هي محض مشيئة ترجح مثلاً على مثل بلا داعٍ لذلك! في حين أن مجرد وصف أحد الناس بمثل تلك الصفة هو سمة عار ومظهر نقص في قواه العقلية التي تدفعه للعمل دون مبرر إلا أنه أراده هكذا لا غير!! أما إذا ذهبنا نتتبع كون الله المشهود لنرى مواطن حكمته في خلقه؛ لخرجت الآيات الدالة على ذلك عن الحصر بلا جدال.
أهل السنة والسببية:
كان نفي الحكمة وادعاء عدم عِلّية الأحكام الشرعية، وانتفاء مقصد المصلحة فيها باباً لنفي الأسباب جملة في حياة الناس وتصرفاتهم، وفي ظواهر الحياة المادية وحركاتها، وادعاء أن الله لم يجعل شيئاً في الدنيا سبباً لشيء ولا رتب شيئاً على شيء، بل كل ذلك من أوهام العقل الذي لم يصل إلى منتهى التوحيد ليشهد أن الله هو الفاعل وحده، فما ثمة سبب إلا الله -سبحانه -! وكان ذلك التقرير إهداراً للعقل والفطرة معاً، بل هو أكبر من ذلك؛ إذ إن الشرع قد ربط الأسباب بمسبباتها في الأحكام والقدر وأفعال العباد، بل كل ما في الكون هو مبني على التسلسل السببي شرعاً وقدراً، فالإنسان سبب في أفعاله، إذ هو الذي يسببها، وعليها يثاب أو يعاقب، وهو ينال ما قُدر له بالسبب الذي أُقدر عليه ومُكّن منه وهُيئ له، فإذا أقر بالسبب أوصله إلى القدر الذي سبق له في أم الكتاب [شفاء العليل لابن القيم، 25] وكلما ازداد اجتهاداً في تحصيل الأسباب ازداد قرباً من الله، ومما هو مقدور في الكتاب، وقد كان من حسن فقه الصحابة أنهم قد ازدادوا عملاً لما فهموا القدرحق الفهم، وعرفوا أن مصالح الدنيا والآخرة ترتبط ارتباطاً تاماً بما يكتسبونه في حياتهم.
فالصلاة أخذ بالسبب الموصل إلى رضا الله - سبحانه - وهو قد جعلها سبباً لرضاه، كما أن السعي للرزق سبب للحصول عليه، والقعود في الدار وانتظار أن تمطر السماء غذاءً وكساءً لن يُنتج إلا الحسرة والفاقة.
ومن هنا فحق التوحيد أن تسعى عن طريق الأسباب التي خلقها الله - سبحانه - لتصل إلى النتائج التي أرادها الله - سبحانه -، لا أن تُعْرض عن أسبابه مدعياً الوصول إلى النتائج دونها. وما سبق أن ذكرناه في باب إثبات الحكمة والتعليل هو بذاته دليل على أن الله - سبحانه -بنى الدنيا على قاعدة ربط الأسباب بمسبباتها في الظواهر المادية أو التصرفات الإنسانية أو الأحكام الشرعية.
ففي التصرفات الإنسانية قال - تعالى -: (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً) [الحاقة: 10].
وفي الظواهر المادية قال - تعالى -: (ونَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وحَبَّ الحَصِيدِ) [ق: 9].
وفي الأحكام الشرعية قال - تعالى: (والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ) [المائدة: 38] وكل موضع تضمن الشرط والجزاء أفاد سببية الشرط والجزاء كما في قوله -تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) [الأنفال: 29].
ولا فرق في ذلك بين الأحكام الشرعية - التي هي حكم الله تعالى في خلقه الإنسانى - وبين السنن الكونية الطبيعية - التي هي حكم الله تعالى في خلقه المادي ولعل ما كتبه ابن القيم في (مدارج السالكين) - عن منزلة (الأسباب) في الدين - فيه غناء عن كثير مما قد يقوله غيره، فلنثبتْه هنا كموقف لأهل السنة في هذه المسألة: (ونحن نقول: إن الدين هو إثبات الأسباب، والوقوف معها، والنظر إليها والالتفات إليها، وإنه لا دين إلا بذلك، كما لا حقيقة إلا به ...
وهل يمكن حيواناً أن يعيش في هذه الدنيا إلا بوقوفه مع الأسباب؛ فينتجع مساقط غيثها ومواقع قطرها.
ويرعى في خصبها دون جدبها، ويسالمها ولا يحاربها فكيف وتنفسه في الهواء بها، وسعادته وفلاحه بها، وضلاله وشقاؤه بالإعراض عنها وإلغائها، فأسعد الناس في الدارين أقومهم بالأسباب الموصلة إلى مصالحها.
وأشقاهم في الدارين أشدهم تعطيلاً لأسبابهما؛ فالأسباب محل الأمر والنهي والثواب والعقاب والنجاح والخسران " [مدارج السالكين لابن القيم، 407 وما بعدها].
(يُتْبَعُ)
(/)
ذلك هو فقه أهل السنة في الأخذ بالسبب وفي مرتبته التي بُنيت عليها الدنيا، ولعل فيما نقلناه غناءً عن الإطالة.
وماذا عن واقع المسلمين:
لو اقتصر أمر ما عرضنا آنفاً من آراء منحرفة - على الجانب النظري البحت في الكتب والمناظرات، وفي النطاق العلمي المحدود - لهان الخطب، ولما تجشمنا عناء الرد عليها إلا إعذاراً إلى الله - تعالى - ببيان وجه الحق فيها، ولكن شأن تلك الأفكار المنحرفة عن جادة الصواب أن تتسرب شيئاً فشيئاً إلى واقع الناس وحياتهم، خاصة إن كُتب لها أن تنتشر بواسطة انتشار مذاهب من يحملونها في المكان والزمان، فتعمل عملها في تشكيك العقلية الإسلامية، ومن ثم التأثير في مجريات الحياة الإسلامية، حتى تصبح جزءاً من النسيج العقلي الذي ينسج الناس على منواله دون معرفة لمصدره أو تحديد أسبابه.
وإننا حين استعرضنا ما ذكرناه من آراء يأخذ بعضها برقاب بعض، ما قصدنا أن نروي تاريخاً فات، أو أن نثير في النفوس حزازات، ولا أن يكون بحثنا متاعاً عقلياً لمن يفتنه ذلك النوع من المتعة العقلية، بل إلى النظر في الواقع الحالي للمسلمين، وكيف أثرت فيه تلك الأقوال حتى أسلمته إلى ما هو عليه من وهن وضعف، ومن تخلف وانحطاط.
كيف نريد لعلم أن ينشأ؟ أو لأمة أن تتقدم وتترقى؟ أو لقوة أن تنمو وتزداد، بينما تلك الأفكار الخبيثة تعمل عملها في الفرد والمجتمع فتثبط الهمة، وتفل العزم، وتهدر الجهد.
لقد عملت تلك المفاهيم - عن القدر والسببية - عملها في الأمة الإسلامية خلال قرون متطاولة، فكان من جرائها - إلى جانب أسباب أخرى عديدة - أن أهمل المسلمون العلوم التجريبية بلا شعور أو وعي، وكان هذا هو المعول الأول الذي جر بهم إلى حضيض التخلف والضعف، في عالم عرف قيمة العلم التجريبي الذي يبني أول ما يُبنى على قاعدة ربط الأسباب بنتائجها، وأن السنن الكونية عاملة في الوجود بحسب ما أجراها الله - سبحانه - في حكم العادة الجارية.
وكيف يندفع المسلم إلى محاولة اكتشاف علاقة بين أمرين، وهو أصلاً يؤمن بأنه لا رابطة بينهما، وأن أحدهما لا ينشاً عن الآخر، بل - في أحسن الأحوال - ينشأ عند حدوث الآخر لا غير؟!
لقد سن الله - سبحانه - سنناً كونية، أجرى عليها أمر الناس والأشياء والمادة، هذه السنن تعمل بشكل دائم منتظم سواء في حياة الناس الاجتماعية، أو الفردية، وسواء في مبناهم الجسدي أو عالمهم المادي، وسواء في الأمم التي اهتدت بهدي النبوة، أو التي كفرت بها.
والآخذ بالأسباب الصحيحة التامة، والمراعى لتلك السنن الكونية الإلهية هو الموفق إلى العلو والارتقاء في هذه الدنيا، وإن من رحمة الله وفضله على المسلمين أن أتاح لهم الأسباب التي توصلهم لخير الدارين بأن هداهم للإيمان ووفقهم لاتباع الهدي النبوي، ودلهم على ما لم يدل عليه الكافرين من أسباب خاصة تعاونهم على النجاح والظفر في الدنيا والآخرة كالدعاء والعبادة وإفراد التوحيد، كذلك الأسباب التامة التي تقيم حياتهم المادية على خير نسق سواء في معاملاتهم المادية أو علاقاتهم الاجتماعية.
وبقدر ما يحصل الفرد المسلم، والمجتمع المسلم من الأخذ بالأسباب، ومراعاة تلك السنن، بقدر ما يتقدمون في الدنيا على أعدائهم، فإن تخلوا عن الأسباب الموصلة لخير الدنيا أو الآخرة، فهم وغيرهم سواء، والظفر لمن نال أسباب القوة والغلبة.
كيف يأمل المسلمون أن يتغلبوا على تلك القوى الهائلة التي تحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم، وتترصد بهم في كل لحظة لتقضي عليهم قضاءً مبرماً، وهم لا يملكون - بل ولا يحاولون - وسائل التقدم والغلبة سواء منها الحربية أو الاقتصادية أو غيرها؟!
كيف يأمل المسلمون أن تتحرر إرادتهم في أوطانهم، وأن يكون لهم أمر أنفسهم في ديارهم دون أن يتخذوا بالأسباب الكفيلة بأن يسيطروا على العالم الاقتصادي والسياسي و العسكري؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقائل أن يقول: إننا نحاول جهدنا باتخاذ بعض الأسباب دون بعض، أو جزء من الأسباب الناقصة دون التامة، إلا أننا ننبه إلى نفيسة من النفائس التي ذكرها الشاطبي وابن القيم من أن الإتيان بالسبب على كماله، وانتفاء أي مانع يمنعه، تنشأ النتيجة عنه لا محالة، كما أن الفاعل إن قصد أن لا تقع النتيجة بعد الأخذ بالسبب التام فهو عابث، كذلك فإن أخذ بجزء السبب أو بسبب ناقص لم يوصله إلى النتيجة المرجوة وإن أراد ذلك [الموافقات، 1/ 218].
فالسبب يجب أن يؤخذ على الوجه الأكمل حتى يتم المقصود منه، وتترتب عليه نتائجه حتى يتخطى المسلمون تلك العقبات، وحتى يتخلصوا من المأزق التاريخي الذي وقعوا فيه - بما كسبت أيديهم - فإن عليهم الأخذ بالأسباب التامة كافة في جميع المجالات دون استثناء، في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والعسكري والسياسي، وأن يكون همهم تدارس كيفية تقدم الأمم الأخرى، ووسائل اللحاق بها والأخذ عنها بما لا يتعارض مع شرعنا الحنيف، فإنه ليس كل ما عند الكافرين كفر، بل فيه حق وباطل، ونحن أحق بالحق الذي عندهم منهم.
إن من سنن الله الجارية في الأمم كافة: أن تقوى الله سبب العلو، والمعصية والبدعة سبب للذلة.
وأن الاجتماع سبب للنصر، والتفرق سبب للهزيمة.
وأن العلم سبب للتفوق، والجهل سبب للتخلف.
وأن المال سبب للقوة، والفقر سبب للهوان.
وأن الوعي سبب النجاة، والذهول عن الحقائق سبب للهلاك.
وأنه بالعمل تتقدم الأمم، وليس بالشعوذة، وبالصناعة تترقى المجتمعات، وليس بالتواكل وترك الأسباب.
إن البشرية قد قطعت شوطاً طويلاً سبقت فيه المسلمين سبقاً كبيراً ولابد للمسلمين من أن يسرعوا الخطى في الطريق السديد .. ليلحقوا بالركب أولاً .. ثم يقودونه للهدى ثانياً. وإن العودة لمنهج السلف الصالح هو سبب الاجتماع فالنصر، والإصرار على التحزب والمكابرة هو سبب التفرقة فالهزيمة.
والحرص على النفع الشخصي والسعي وراءه - حتى وإن كان في الإطار الإسلامي - لا يُغني غناءً كثيراً؛ إذ إن السبب يجب أن يؤخذ على كماله وبوجهه الصحيح وإن تقديم النفع الجماعي والمصلحة العامة - وعدم الحرص على التوفيق المعتسف بينهما وبين الاعتبارات الشخصية - هو سبب الاندفاع للأمام، ونمو القوة الإسلامية من جديد.
وإن اعتقد المسلمون أنه يمكنهم النصر، والخروج من المأزق وهم على تلك الحال فيما بينهم وبين أنفسهم، أو بينهم وبين أعدائهم، فهم واهمون فالأسباب لابد منها، وليدرك من يقصر عن اتخاذ الأسباب أنه يفت في عضد ذلك الكيان الإسلامي ..
مهما اتخذ من أعذار أو قدم من مبررات لنفسه أو لمن حوله ..
إنه لابد من النهضة العلمية، والتخصص في مجالات العلوم كافة لأعلى درجات التخصص، حتى ينبغ من المسلمين من يهيئ لهم أسباب استخدام تلك الطاقات الهائلة المتاحة لأعدائهم، والمسلمون مقصرون إن لم يأخذوا بأسبابها.
ولابد من النهضة الاقتصادية، وبناء اقتصاد إسلامي مستقل متكامل يلجأ إليه المسلمون دون خوف من القوى المعادية، التي ستمنع عنهم ثرواتهم إن عاجلاً أو آجلاً ..
والمسلمون مقصرون إن لم يأخذوا بأسبابها.
ولابد من الوعي السياسي، والوعى الإعلامي، حتى يفهم المسلمون حقيقة ما يدور حولهم، وما يراد بهم من شتى الجبهات العدائية ..
والمسلمون مقصرون إن لم يأخذوا بأسباب ذلك.
ولابد من الدراسات الاجتماعية المتخصصة، التي تتناول تلك التركيبة الإسلامية الحالية، أفراداً ومجتمعات، وما يؤثر فيها؛ حتى يكون الدواء مناسباً للداء، فالبشر لهم سمات مشتركة خلقها الله - تعالى - فيهم ولابد من الالتفات إلى تلك العوامل النفسية والاجتماعية التي تعمل عملها وتسّبب الكثير من المشاكل في الواقع الإسلامي المعاصر ...
والمسلمون مقصرون إن لم يأخذوا بأسباب تلك الدراسات.
وأخيرا ..
هي دعوة ليستفيق المسلمون (المخلصون) مما هم فيه من غفلة عن الداء، ومن إعراض عن الدواء، قبل فوات الأوان.
وهي أمانة في عنق كل مسلم واعٍ يحملها إلى أخيه؛ أن أدرك مَن حولك بالتربية والتوعية، واسعَ للائتلاف ونبذ الخلاف والأخذ بالأسباب التامة لنصل إلى النتائج المرجوة ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[البيان اللندنية 1987]
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 04:14]ـ
الإرجاء والمرجئة
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من الصفات اللصيقة ببني الإنسان؛ العجلة في الأمور، وكيف لا؛ وقد قال فاطر الناس جل وعلا: {وكَانَ الإنسَانُ عَجُولاً}، ثم منَّ تعالى على المؤمنين بأن وجّه تلك الفطرة العجولة لديهم إلى معنى قُدّ من العجلة، إلا أن جالب للبر والخير، وهو " المسارعة " إلى الخيرات.
وقد قدمت بهذه المقدمة لأستميح القارئ عذراً لمسارعتي بالكتابة في موضوع هذه المقالة عن الإرجاء والمرجئة، رغم أنه يدخل ضمن مجموعة الكتب التي اعتزمت - وأخ لي - أن نصدرها تباعاً - بعون الله تعالى - عن الفرق الإسلامية، والتي صدر منها بالفعل مقدمتها عن أسباب التفرق والاختلاف.
وما فعلت ذلك إلا بعد أن قدرت مدى الحاجة إلى إظهار عوار تلك الفئة التي ما زالت جرثومتها خافية تارة، وظاهرة تارات بين صفوف المسلمين - بل وعجباً! بين صفوف الإسلاميين منهم - فتصيب ذلك الكيان الإسلامي بالضعف والوهن وفقدان القدرة على تمييز الخبيث من الطيب، ومعرفة المفسد من المصلح، وبالتالي أثرها البالغ السوء في الواقع الإسلامي أخلاقياً وسياسياً.
ونحن لا نعتزم الخوض في هذه العجالة في تفاصيل مذهب " الإرجاء " ومناقشة أصحابه فيما ذهبوا إليه، أو الإتيان على ذكر كافة فروع المرجئة التي انقسمت إليها، إلا أننا سنذكر اختصاراً ما ذهبت إليه المرجئة بشكل عام في بدعتهم.
ثم نعرِّج بنقض تلك الأقوال وبيان وجه الحق فيها كما اختطَّه أهل السنة والجماعة.
ثم نلقي نظرة على الواقع الإسلامي لنرى مدى تأثره بتلك الجرثومة الإرجائية التي لازالت تنتقل في الجسد الإسلامي، لتنخر فيه نخراً يفسد عليه قوته، ويجعله عرضة للتفكك والانهيار. بعد أن يفسد المحكوم ويطغى الحاكم ويمهد لكليهما سبل الزيغ والانحراف.
الإرجاء:
مصدر أرجأ بمعنى أخر، يقال: أرجأ الأمر أي أخره.
وقد أطلق هذا الاسم على طائفة المرجئة لما قالوا بتأخير العمل عن الإيمان، أي فصله عنه وتأخير مرتبته في الأهمية كذلك لعدم حكمهم على الفاسق أو الكافر بما هو أهلٌ له، وادعاء إرجاء ذلك إلى يوم الحساب وتدور عقائد المرجئة حول الإيمان، إذا ذهب أكثرهم إلى أنه التصديق بالقلب والإقرار باللسان - عدا بعضهم ممن زعم أنه تصديق القلب ولم يشترط أنه النطق بالشهادتين مع القدرة عليهما - ولم يُدخلوا العمل في مسمى الإيمان، فالإيمان عند هؤلاء متحقق كاملاً لمن صدق بالرسالة ونطق بالشهادتين، وإن لم يأتي بعمل من أعمال الطاعات!.
وقد دخلت عليهم تلك البدع من أصل تصورهم للإيمان، وأنه واحد لا يتجزأ ولا يتبعض، أي لا يزيد ولا ينقص.
وقد تمسكت المرجئة في أقوالهم تلك بما ادعوه من أن معنى الإيمان في اللغة: التصديق، كما في قوله تعالى: {ومَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا}، أي: مصدق لنا.
كذلك بظواهر الأحاديث، كما في قوله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)، وفيما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: (فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة).
وقالوا: إن تلك الأحاديث تدل على أن الإيمان هو تصديق القلب والتلفظ بالشهادتين، وهما كافيان لإثبات الإيمان ودخول الجنة دون العمل!.
وقد تجاوز بعض من ابتلاهم الله بشبه الإرجاء؛ فلم يكتفوا بإخراج أعمال الطاعات من الواجبات والمستحبات من مسمى الإيمان بل كذلك الأعمال اللازمة لتحقيق التوحيد، كالحكم بما أنزل الله من الشرائع - والذي هو من معاني الشهادتين والمتعلق بتوحيد ألوهية الله عز وجل - ولم لا؟! والإيمان محله القلب والتصديق متحقق؟! وما يضر من يترك التحاكم بغير إثم أو ذنب يقترفه مثله كمثل سارق البرتقالة، أو من يؤذي جاره؟!.
فأتوا بذلك بما لم يأتِ به الأولون من أسلاف المرجئة، ومهدوا لما سنلقي عليه نظرة عاجلة في واقع المجتمع الإسلامي.
ونقض مذهب الإرجاء يكون بطريقتين:
أحدهما: عام، يتناول نقض مبادئهم في النظر إلى الشريعة - وهو ما اشتركت فيه معهم سائر أهل البدع والأهواء -
والآخر: خاص، يتناول الرد على أقوالهم قولاً قولاً، وبيان فسادها بالأدلة الشرعية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وسنتناول كل طريق منهما بشكل موجز، يتناسب مع ما قدرناه لهذا المقال من إيجاز.
أولاً؛ الرد العام:
سلك أهل البدع والأهواء طرقاً معينة في دراستهم للنصوص الشرعية، أدت بهم إلى النتائج التي وصلوا إليها، نجملها فيما يلي:
1 - عدم الجمع بين أطراف الأدلة، وذلك باتباعهم أول دليل يرونه دالاً - من جهة معينة - على ما أرادوه، فإذا صادفوا دليلاً آخر لم يجمعوا بينه وبين الأول، بل أولوه أو ضعفوه أو أخفوه! بينما [مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المترتبة عليها، وعامها المترتب على خاصها، ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر بمبينها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها].
2 - الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، مع ترك الأحاديث الصحيحة وإغفالها، بينما مسلك أهل السنة هو في اتباع الحديث الصحيح وما يصح الاحتجاج به في الأحكام الشرعية، سواء ما صح أو حسن حسب قواعدهم في ذلك.
3 - التعويل على جزيئات الشريعة دون ربطها بالقواعد الكلية التي تحكمها وتنتظمها.
4 - تحريف الأدلة عن مواضعها، وهو نوع من تحريف الكلم عن مواضعه الذي ذمه الله تعالى في كتابه، وذلك بإيراد الدليل المقصود به مناط معين أو واقعة محددة لتطبيقه على مناط آخر - أو واقعة أخرى - وهي العملية التي تسمى عند الأصوليين: " تحقيق المناط "، ولا شك أن من أقر بالإسلام ويذم تحريف الكلام عن مواضعه لا يلجأ إليه صراحاً إلا مع اشتباه يعرض له وجهل يصده عن الحق، مع هوى يعميه عن أخذ الدليل مأخذه فيكون بذلك السبب مبتدعاً.
فإطلاق الدليل وتوهم أنه يعم كافة الحالات الداخلة تحته دون تقييد فهو من جملة من حرف الكلم عن مواضعه وصار إلى الابتداع بدلاً من الاتباع. [الاعتصام 1/ 223].
ثانياً؛ النقض الخاص:
إن ما استدلت به المرجئة من أن الإيمان هو التصديق فليس بصحيح، والحق أن الإيمان اسم شرعي استعمله الشارع ليدل به على معاني محددة في الشرع، هي مجموعة الأقوال والأفعال التي يتركب منها، فلا مدخل للمعنى اللغوي إذ " مما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عُرِف تفسيرها وما أُريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة وغيرهم " [الإيمان لابن تيمية: 245].
هذا إلا أن الإيمان لا يعني لغة التصديق من وجوه عدّة " فإنه يقال للمخبر إذا صدقته: صدقه، ولا يقال: آمنه وآمن به، بل يقال: آمن له، كما قال: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}، وقال: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} فإن تعدى باللام كقوله: آمن له، كان تصديقاً وإن تعدى بالباء كان الإيمان الشرعي المتضمن للعمل " [الإيمان: 248].
كذلك فإن قسيم الإيمان ليس التكذيب بل الكفر، فيقال لمن لم يصدق: قد كذب، ومن لم يؤمن: قد كفر.
ووجه آخر في لفظ التصديق والتكذيب: يطلق على ما هو غائب أو مشاهد، أما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن الغيب [الإيمان: 249].
والإسلام والإيمان اسمان يدلان على معنى واحد إن انفردا، وهو الاستسلام لله والعبودية له سبحانه ظاهراً وباطناً، لكنهما إن اجتمعا دل كل منهما على معنى غير الآخر، فدلّ الإسلام على الأعمال الظاهرة من الصلاة والصوم والحج، ودلّ الإيمان على الأعمال الباطنة، كالخشية والمحبة والخوف، من أعمال القلوب.
وقد دلت الآيات والأحاديث على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان - وعليه أجمع الصحابة والتابعون وسلف الأمة - فهو: قول وعمل، يزيد وينقص، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، قال تعالى: {لِيَزْدَادُوا إيمَاناً مَّعَ إيمَانِهِمْ}.
وما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعة أو بضع وستون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).
كذلك ما رواه مسلم بسنده عن ابن عباس في حديث وفد عبد القيس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدي خمساً من المغنم).
فالإيمان - إذن - قول وعمل:
* قول القلب وهو: التصديق.
(يُتْبَعُ)
(/)
* وعمل القلب: وهو: الإقرار والخضوع المستلزم للمحبة والانقياد.
* وقول اللسان: وهو؛ النطق بالشهادتين.
* وعمل اللسان والجوارح، وهو العمل بالطاعات، وترك المحظورات من الشريعة، وهو يزيد وينقص.
ثم ننظر إلى استدلال المرجئة - سلفاً وخلفاً - بأحاديث الشفاعة على أن قول الشهادتين تلفظاً يُثبت لصاحبة الإسلام والإيمان، وإن أتى عملاً من أعمال الكفر، كترك التحاكم إلى الشرع، فنرى أنها هي طرق أهل البدع في عدم جمع أطراف الأدلة، والنظر في الأحاديث.
قالوا: روى مسلم بسنده عن عمر بن الخطاب في حديث جبريل: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً).
وأغفلوا الرواية التالية لها مباشرة في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان).
كذلك حديث أركان الإسلام الذي رواه مسلم بسنده عن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).
وأغفلوا رواية مسلم الأخرى: في الباب نفسه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بُني الإسلام على خمسة: على أن يُوحَّد الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج).
وغير ذلك من الأحاديث التي ذكروا فيها رواية وأسقطوا روايات، والتي تدل على أن التلفظ بالشهادتين المعتبر شرعاً هو توحيد الله وعبادته، وترك الشرك، وأن التلفظ بالشهادتين دلالة على قيام ذلك المعنى في النفس وفي البدن قولاً وعملاً؛ ما لم يأت بعمل ظاهر َيكْفُر به، فلا اعتبار حينئذ بتلفظ، وهو المعنى الذي ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين من أن الألفاظ تراد لمعانيها لا لذواتها وما فصله من اعتبار النيات والمقاصد في الألفاظ [مسلم بشرح النووي 1/ 157].
وبعد ..
فما هي الدوافع التي أدت إلى ظهور المرجئة في التاريخ؟
وما هي عوامل بقائهم واستمرارهم؟
لذلك الأمر تفصيل يضيق عنه نطاق هذا المقال ولكن لا بد من كلمتين توفيان بالغرض في هذا المقال.
أما عن بداية الإرجاء فقد زعم بعض من تناول ذلك الأمر أنها ترجع إلى موقف بعض الصحابة إبان إطلال الفتن برأسها عند إرهاصات قيام الدولة الأموية، وهم الذين لم يشاركوا في تلك الفتن إلا أننا نرى أن ذلك تزيد معيب على تلك الفترة يحمّلها أكثر مما تطيق، ويجعلها نواة كل فساد ظهر في تاريخ المسلمين بعدها، وما اعتزل بعض الصحابة الفتنة إرجاءً بل إن منهم من لاح له وجه الصواب فاتبعه، ومنهم من غمض عليه جلية الأمر فآثر السلامة وحسب!.
وهو موقف معتاد في مثل تلك الظروف أن يشارك البعض ويعتزل البعض الآخر!، ولعل بعض المفكرين يخرج علينا بأن هؤلاء - كذلك - هم نواة المعتزلة؛ لاعتزالهم ذلك الأمر!!! [انظر إعلام الموقعين 3/ 105].
وما نرتضيه في هذا المقام إيجازاً أن مذهب الإرجاء يتناسب مع من يتميع في موقفه ويؤثر السلامة على المخاطرة وإن كانت بالباطل، فإن من تلفظ بالشهادتين مؤمن كإيمان جبريل! والأعمال لا تدل على إيمان وفسق أو حتى كفر، وليس لنا أن نزيف الباطل ونظهر عوار المفسد وندل على سوءاته ونسير فيه سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معادلة الفاسق أو المذنب أو الكافر، فمن ثم فهو مذهب يتناسب مع الحاكم الظالم - أو الحاكم الكافر حسب الحالة - فلن يثير أرباب هذا المذهب خلافاً مع الحاكم مهما أتى من أفعال، فهو مؤمن على كل حال، أليس يتلفظ بالشهادتين؟! ثم ما لنا ندخل في سرائر الناس وندعي معرفة مكنونات صدورهم، مادام العمل الظاهر لا مدخل له في قضية الإيمان، وأن اعتقاد القلب هو المعوّل عليه في ذلك، أليس يكفي ما ينطق به الحاكم لنكون معه في صف واحد ومسيرة واحدة نهادنه ونتعذر له المرة تلو المرة لنظل نعيش نتفيأ ضلال حكمه، وإن ظهرت منا في بعض الأحيان - أو كلها - معاتبة أو معارضة فإنما هي معاتبة التصديق، ونصح الأخ المؤمن لأخيه، أو هي معارضة الخاضع،
(يُتْبَعُ)
(/)
وتبرم السائر تحت اللواء!.
ثم عامل آخر قد يكون له بعض الأثر في إطلال الإرجاء برأسه، بل هو إلى عوامل استمراريته أقرب - وهو ظهور طوائف المنتسبين إلى مذهب الخوارج فكراً وعقيدة - وإن لم يكن بالضرورة اسماً - مما يزين لمن لم يتعمق النظر في دراسة العقائد وترجيح الصالح من الفاسد من الآراء - وغالبهم من الشباب على مر التاريخ دون رءوس الفتنة الذين يعون ما هم عليه من البدعة، بل وبعضهم يقصد إليه قصداً - أن ينتسب إلى فكر الإرجاء قولاً وعملاً - دون تسمية ودون وعي منهم بذلك ولا إدراك لحقيقة مذهب السلف الصالح، وهذا التصرف كرد فعل غير مدروس للأفكار التي تجنح للتطرف والغلو في فهم العقيدة في الجانب الآخر، وكلا جناحي الإفراط والتفريط إن هي إلا ردود أفعال سلبية للحكم غير المشروع الذي يسود المجتمعات الإسلامية في أي عصر من عصورها.
فالإرجاء إذن مذهب سياسي - أو قل؛ موقف سياسي - اتخذ طابع البحث في أوليات العقائد مع استشراء تلك الموجة في بداية عصر الأمويين وظهور علم الكلام - كما بينا عوامل ذلك في مقدمة أسباب الاختلاف - كان موقفاً سياسياً في الحكام الظالمين، يوم أن كانوا لا يزالون يحكّمون شرع الله، وإن تجاوزوا الحد وأفرطوا في الظلم، ثم استمر على ذلك النهج منهجاً للضعاف ممن يريدون مهادنة الظالم وتبرير مواقف الضعف والخزي، حتى وإن تجاوز الظلم إلى الكفر، ومن هنا نرى أن المرجئة لم يكونوا هدفاً للسلطة الغاشمة الظالمة في عصر من العصور، بل كان منهم شعراء وعمال للحكام، كثابت قطنة الذي كان والياً ليزيد بن المهلب على بعض الثغور، بل إنه مذهب يصلح أن يدعيه الحاكم نفسه ليكون برداً وسلاماً على كافة الطوائف المبتدعة.
فالمرجئة - إذن - في صلحٍ خفي ومهادنة غير مكتوبة مع الحاكم يتمتعون بالحرية في الحركة والقول جميعاً، بينما يُضرب على يد من سواهم من أهل السنة والجماعة، كما حدث لأئمة الفقه والحديث، كمالك وأحمد بن حنبل وابن تيمية، وكثيرين غيرهم ممن اتبعوا منهج السلف الصالح في الفهم عن الكتاب والسنة.
وليست هذه هي الكلمة الأخيرة عن الإرجاء والمرجئة كما قدمت في أول المقال، ولكنها نفثة غلت في الصدر وارتجّ بها القِدْرُ، فلم يكن بُدِّ من إظهارها!.
وقد اتبعت فيها مذهباً أراه يعين الباحث في مثل تلك الأمور، وهو التحليل النفسي لفهم الدوافع وراء تلك العقائد المنحرفة، وهو مذهب ارتضيناه في أسباب الاختلاف وسنجعله بعون الله تعالى أحد مصادرنا في دراسة أمثال تلك الفرق التي تحمل معول الهدم والخراب لتهدم به صرح الإسلام من داخله، عارفةً بذلك أو جاهلةً.
{واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}
[مجلة البيان اللندنية 1986](/)
مقالات الشيخ طارق عبد الحليم {زلّةُ عالِمٍ أم عَالَمٌ من الزللِ}
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 04:38]ـ
زلّةُ عالِمٍ أم عَالَمٌ من الزللِ
د. يوسف القرضاوى رجل علم غني عن التعريف، لمع اسمه في العقد الأخير خاصة، وإن عُرف له جهده في الدعوة منذ ردح من الزمن، وأصبح وجهاً تليفزيونياً شهيراً تتهافت المحطات الفضائية على استضافته، وتخصص بعضها وقتا مرصودا له على الهواء لطرح آرائه وتعميم فتاواه.
وقد كنت، كغيرى ممن يعيشون في نطاق الدعوة الإسلامية وينتمون لأرضها الخصبة المباركة، أتتبع أخبار الشيخ، وفتاوى الشيخ، وأقول لمن حولي، إن أحسن: أحسن والله هذا الشيخ الجليل، أو أقول في نفسي، إن أساء: هنّة من هنّات البشر، سامحه الله فيها. إلا أن الأمر قد طفح في الآونة الأخيرة عن الحد المقبول من التجاوزات، حتى بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الطبيين، وخرج علينا الشيخ مؤخرا بالعديد من الفتاوى، التي لا ينتظم لها محل في المنظومة المنهجية لأهل السنة والجماعة، ولا تجد لها سند من أصول فقه أو مقاصد شريعة! بله المصلحة العامة المعتبرة من الشرع، إلا ما كان من قبيل فقه العوام وتعريفهم للمصلحة بالهوى والتشهى.
ولو كان غير الشيخ القرضاوى، لما اهتزت لشحذ أقلامنا مبراة، ولكن الرجلَ منظور اليه من عوام الناس في الشرق والغرب على حدّ سواء. ولو أن الأمر أمر زلة عالم لما كان لنا أن نتهجم على مقامه أو أن نترصد لمقالاته، فكما قال الشاطبي في الموافقات أن لكل عالم هفوة و لكل جواد كبوة، ولكن الكبوات صارت عادة الحصان حتى ظن الناس أن الكبو هو الأصل في سير الخيل! وتكاثرت هفوات الشيخ وما خرج به عن منهج العدل من الفتاوى والآراء مما جعل التعريف بها واجب لمن قدر على التصدى له، إذ أنه لم يتصد له أحد غير القليل، وحتى هذا القليل، قد آثروا المحاورة الهادئة فلم يسمع لهم صوت، وكيف يسمع صوت الحق في عالم غشيه التضليل وعمّت فيه الفوضى وصار العالم جاهلا والجاهل عالما، وحتى اشتبهت فيه البزاة بالرخم، وناطح الثرى فيه الثريا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وما سنتعرض له في هذا المقال هو مما نُشر للشيخ – سامحه الله – على صفحات الإنترنت، من فتاوى في بنوك الفتاوى! وهي عديدة اخترنا منها أبعدها عن المنهج السوي وتركنا منها ما له وجه محتمل وإن كان مرجوحاً. ثم لا ننسى ما للرجل من فضل بل فضائل في كثير من آرائه وفتاواه الأخرى.
وقبل عرض هذه الفتاوى، أحب أن أنبه على أن الفتوى تتركب من حدّين: الحكم الشرعيّ + مناط الحكم، أو الواقع الذي ينزّل عليه الحكم. ثم إن هذ الفتوى قد تكون فتوى عامة، فيمكن أن تجرى مجرى الحكم لما هو أخصّ منها مناطاً. مثال ذلك أن يقال:
الخمر حرام، وهذا المشروب خمر فهو حرام.
ثم
الخمر الحرام في حالة المضطر حلال والضياع في الصحراء حالة إضطرار، فالخمر الحرام في حالة الضياع في الصحراء حلال.
ثم
فلان ضائع في الصحراء، وفلان وجد خمرا حراما، ففلان يمكن أن يشرب من الخمر الحرام بما يقيمن أوده لأنها له حلال.
فهذه ثلاث مستويات من الفتوى، آخرها خاص يتنزل على حالة بعينها.
وما أطلت في ذكر هذا المثل إلا لأنني أحسب أن من أشد الخطر وأفحش الخطأ هو ما يقع فيه بعض علمائنا من قبيل الخلط في هذه النقطة، فهم يصدرون فتاوى عامة من قبيل المستوى الثاني من الفتوى غير عابئن بما قد يجره ذلك من بلاء حين يتناول العامة هذه الفتوى ويجتهدون في تنزيلها على مناطاتهم الخاصة وهي لا تنتمى لها بحال فتعم الفوضى [1].
1. فتوى تعدد الأحزاب:
جاء عن الشيخ القرضاوى:
" ثم تحدث عن حكم الدين في إنشاء أحزاب على أسس دينية، فأكد أنه " لا مانع من إنشاء أحزاب سياسية على أسس دينية، وهذا الأمر ينطبق على المسيحيين؛ فمن حقهم أيضا إنشاء أحزاب سياسية بشرط أن تكون جميعا خاضعة للدستور والقانون الذي يجب أن يحترمه الكل ".
وأشار إلى أنه لا يعارض حتى " ظهور أحزاب شيوعية على أن تحترم مشاعر الأغلبية والمقدسات والرموز الدينية ... وهذه هي الديمقراطية التي يخشى الحكام العرب الاقتراب منها ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وحول الموقف من مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية، أوضح أن " المرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات حتى السياسية وغيرها طالما تعلمت (المرأة) ووصلت إلى المراكز المرموقة " [2]
ولا ندرى والله من أين أتي فضيلته بمثل هذه الفتوى!؟ لا في جزئها الأول ولا في الثاني. فتعريف الحزب السياسي أنه تجمع على منهج محدد وطريقة مفضلة تكون عقيدة أو بمثابة العقيدة لمتبعيه ومنتسبيه للوصول إلى سدّة الحكم وإتخاذ آرائهم ومذاهبهم قوانينا للبلاد. هذا في عرف الديموقراطية التي اشتط فضيلته في فتاوى أخرى للدفاع عنها ونسبتها للإسلام [3] وخلطه بينها وبين الشورى في الإسلام! وماذا عن " مشاعر الأغلبية " وما هو حكم المحافظة على هذه المشاعر و " المقدسات "؟ من أين أتى الشيخ بهذه التعبيرات " المشاعر! المقدسات "؟ أين تقع هذه التعبيرات في قاموس الفقه؟ وهل يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يتمالأ في دولة الإسلام مجموعة ممن يكفرون بالله ويرجعون الخلق إلى الطبيعة، فيظهرون عقائدهم ويدعون الناس إلى إتباع برامجهم؟ الإسلام لا يقبل بأن يقوم جمع ممن يحادّ الله ورسوله بالدعوة إلى برامج إلحادية وخروج عن الشريعة على أرضه وبين أبنائه! هذا من المسلمات، ولا يكفى أن نقول: ولكننا نصنا لهم أن لا يخدشوا مشاعرنا!! كأنني والله أردد كلمات عذراء مخدّرة لا تملك دفع الشرّ عن لنفسها! وما هكذا الإسلام يا شيخ قرضاوى، بارك الله فيك.
ثم ترى هل يجوّز الشيخ أن تتولى المرأة رئاسة مجلس النواب؟! ومن ثم، ومتابعة لهذا الخطّ من الخلط، هل يجوز لها إذن أن تتولى رئاسة الدولة، وهو من المراكز المرموقة بلا شك؟! روى البخارى والترمذي عن أبي بكرة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة ". فيا ترى أين يذهب القرضاوى من هذا الحديث؟ وكيف يتأوّله ويلتوى به ليطوعه للديموقراطية الجديدة؟ لقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة " قوم " منكرة تفيد الإطلاق، ونفى الفلاح عمن فعل هذا " إن ولوا أمرهم إمرأة "، فهل هناك ما يقيّد هذا الإطلاق؟! أم أنه حكم خاص بقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عمل له في الأقوام الحديثة المتحضرة من المسلمين؟! أم أن الشيخ لا يرى أنّ أحاديث البخاري صحيحة على إطلاقها، متابعة لمن رأى ذلك من المعتزلة أو غيرهم من المبتدعة؟ أي مذهب ترى ذهب اليه الشيخ القرضاوى لإلغاء هذا النصّ؟ وما هو دخل المساواة بين الرجل والمرأة في هذا الأمر؟ الرجل والمرأة في الإسلام متساويان في التكليف أمام الله سبحانه، ولكن كلّ فيما هيأه الله له، فما هذا الخلط والخبط والتمويه؟
ونحن لا نعارض أن تدلى المرأة برأيها في القيادة المرتقبة للدولة في الإسلام، ولكن أن تكون بهذه الصيغة وأن توحى بمشاركتها مشاركة لا قيود عليها في إدارة شؤون البلاد هو مما يضاد ما استقر عليه الرأي في الشريعة من أن المرأة لها دورها المتميز في إنشاء الجيل وتربية الناشئة.
2. الأخوة القومية والإنسانية:
جاء عن الشيخ القرضاوى:
" فهؤلاء ـ إذا كانوا من أهل وطنِك ـ لك أن تقول: هم إخواننا، أي إخواننا في الوطن، كما أن المسلمين ـ حيثما كانوا ـ هم إخواننا في الدّين. (والفُقهاء يقولون عن أهل الذمة: هم من أهل الدار، أي دار الإسلام). فالأُخُوّة ليست دينيّة فقط كالتي بين أهل الإيمان بعضِهم وبعض، وهي التي جاء فيها قول الله تعالى: (إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10). بل هناك أُخُوّة قوميّة، وأخوة وطنيّة، وأُخوة بشريّة. والقرآن الكريم يحدِّثنا في قَصص الرُّسل مع أقوامِهم الذين كذَّبوهم وكفروا بهم، فيقول: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقونَ) (الشعراء: 105،106). (كَذَّبَتْ عَادٌ المُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ) (الشعراء: 123،124) " [4].
(يُتْبَعُ)
(/)
الأخوة هنا معناها " الإنتساب إلى "، قال الألوسي: أخوهم نوحاً: " أي نسيبهم "، فالأخوة التي أرادها الله سبحانه هنا هي في نطاق محدود بالإنتساب، ليس بينها وبين معاني الأخوة التى أنشأها الله بين المؤمنين نسب، فالإيحاء بأن هناك " أخوة " بما في الكلمة من ظلال في هذا الموضع خلط متعمد للتمويه على الناس، والله سبحانه استعمل كلمة " أخوهم " كما تقول العرب " أخا تميم " أي قريبهم، ولا يحمل هذا أي مدلول آخر إلا بقرينة، ولذلك افتخر الشاعر بأن قبيلته تنصر من كان من أقربائها في أي ظرف حتى لو لم يكن هناك داع آخر للنصر فقال:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
ولم يذكر الله سبحانه لفظ الأخوة، إذ هو مصدر والمصدرية توحي بتعدد الحقوق، وهو غير مراد هنا.
ثم إن استنطاق الآيات بغير مرادها فحش وخطل، فليس هذا محل استنباط فقه الأقليات، أو أحكام أهل الذمة من هذه الايات التي تقص حكايات الأنبياء، فهذا من اتباع استعمال المتشابه [5] وترك المحكم الذي ثبت في الشريعة بنص أو ظاهر في حقوق الأقليات.
وليس هناك خلاف في أن أهل " الديانات الأخرى " لهم حقوق في ظل " الدولة الإسلامية "، ولكن هذا لا يستدعى أن تكون هناك " أخوة " مصدرية عامة، بل هو الإحسان والبر بغير المحارب أو الذمي كما في الآيات، والله سبحانه لم يقل في محكم كتابه أنه لا ينهاكم عن الذين لا يقاتلونكم ولا يخرجوكم من دياركم أن تتخذونهم إخوانا أو أن تكون بينكم أخوة، وكان من اليسير عليه سبحانه أن يقول ذلك، ولكنه عبّر عن الواجب الشرعي بتفصيله إلى البر بهم والقسط لهم، وهو ما لا يستدعي بذاته أخوة من أي نوع. قال تعالى: " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ".
فأين الأخوة القومية هنا! بله الإخوة الإنسانية! هي كلها سياسية يقال أنها شرعية، وهي لا تمت للشرع بصلة، يراد بها تنزيل الأحكام الشرعية على مقتضى الواقع لتناسبه وتبرر ما فيه من اعوجاج، لا أن تقرر الصحيح من الفتاوى في مناطاتها فتعيد الحق إلى نصابه وترجع الناس إلى رب الناس.
3. مبادئ للتقريب بين المذاهب الإسلامية [6]:
مرة أخرى، شط فيها الشيخ بما لا مزيد عليه بغية التقرّب، ولا أقول التقريب، من الشيعة وما يستتبع ذلك من فتح الأبواب أمام البدع لتخترق صفوف تالسنة أكثر مما هي عليه الآن!
و الداعي للشيخ القرضاوى على هذا الأمر هو ذلك الكيان الذي أعلن عن إنشائه وجدّ في البحث عن مقر له ثم جدّ في تبرير انتمائه لكل من خالف السنة باسم الوحدة حتى ولو كانوا هم أصل التفرقة والبعد عن السنة! وقد اتخذ الشيخ نائبا للرئيس شيعيا إثني عشريا ومقررا من الشيعة الإباضية! ولا شك أن هذه المحاولات التي ترى في التقرب غاية في ذاته وليس وسيلة لنصر دين الله وسنة نبيه، هي محاولات تهدم ولا تبني وتخرّب ولا تعمر، وهي محكوم عليها بالفشل، إذ أن القوم يؤمنون بالتقية، هذا جزء من دينهم، أما علمت يا شيخ يوسف، بارك الله في عمرك، كم من الناس من حاول هذا التقارب من قبل فكان فيه مضيعة للعمر ومأسفة لأهل السنة. لقد تقوّل هؤلاء الشيعة على أهل السنة من العلماء أمثال الشيخ سليم البشرى شيخ الجامع الأزهر في مطلع القرن العشرين بما هو معروف مما نشروه في ما أسموه "المراجعات" وفيها يكذبون على الشيخ البشري، وهو أيامها من أجل علماء السنة وعميد الفقه المالكي، ويصورونه أنه جلس مجلس المتعلم من الشيعي شرف الدين الحسيني، الذي زعم أنها مما جرى بينه وبين الشيخ البشري في الخفاء! ولم ينشرها لسبب لا يعلمه إلا الله إلا بعد وفاة البشري!! وهو كذب صريح وترخص وضيع أظهر تهافته كثير من علماء السنة وقتها. فهل يؤمن لمثل هؤلاء الذين يسبون الصحابة ويكفرون أمهات المؤمنين أن نتواصل معهم وأن نمد يد الحب والمودة لهم، اللهم إلا في موضع القتال دفاعل عن الإسلام ضد من يهاجمهم ويهاجمنا في الحال لا في المآل. وحتى في هذه الحالة، فقد بيّن التاريخ أنهم يأخذون جانب العدو كما في حادث سقوط بغداد في أيدى التتار وخيانة نصير الدين الطوسي الذي ساعد
(يُتْبَعُ)
(/)
التتار وقتل أهل السنة وقضاتهم بعد سقوط بغداد، وهو من يسميه هؤلاء الخواجه! ويثنى عليه أمثاله كالخميني. فلا أعتقد، ولا يعتقد الكثير معي أن الشيخ القرضاوى ينحدر إلى هذا المهوى ليثبت قضية أثبت الزمان عكسها، وهي إمكانية تقريب الشيعة من السنة، ورحم الله بن تيمية ومالك وبن القيم وغيرهم ممن كشف كذب الشيعة وتلاعبهم، و والله الذى لا إله إلا هو لن نحمل لمن يكفر صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين ودّا ولا حبا ولا قربا ما تردد في صدورنا نفس، على رغم ما يقول القرضاوى، فإن مصلحة الإسلام، وأهل الإسلام هي في اتباع السنة لا فى إتباع من يقوضها ويقوّض مصادرها، وليست كل فتوى غريبة مخالفة للأوائل من العلماء مما تدل على علم صاحبها، فشتان بين موقف بن تيمية حين خالف المقلدين من علماء عصره في الإفتاء بالطلقات الثلات في مجلس واحد وكونها طلقة واحدة، وبين هذا التقرب الذليل لإثبات أمر لا يجنى على السنة إلا الخراب.
4. قضية الحاكم بغير ما أنزل الله:
يقول يوسف القرضاوي:
" التكفير قضية لها خطرها، ويترتب عليها آثارها، ولا يجوز التساهُل فيها، وإلقاء الأحكام على عواهِنها دون الاعتماد على الأدِلّة القاطعة، والبراهين الناصعة. فإنّ الذي نحكم عليه بالكفر: نخرجه من المِلّة، ونسلَخه من الأمّة، ونفصِله عن الأسرة، ونفرِّق بينه وبين زوجه وولده، ونَحرِمه من مُوالاة المسلمين، ونجعله عدُوًّا لهم، وهم أعداء له. وأكثر من ذلك: أن جمهور فقهاء الأمّة يحكمون عليه بالقتل، فهو محكوم عليه بالإعدام الأدبي بالإجماع، وبالإعدام المادِّي بالأكثرية.
لهذا قال الأستاذ البَنّا في آخر أصل من أصوله العشرين:
(لا نُكفِّر مسلمًا أقرَّ بالشهادتين، وعمل بمُقتضاهما برأي أو بمعصية، إلا إذا أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، أو كذَّب صريح القرآن، أو فسَّره تفسيرًا لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمِل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكُفر).
والتضيِيق في التكفير هو اتجاه المحقِّقين من علماء الأمة، من جميع المذاهب.
ولنا رسالة موجَزة حول (ظاهرة الغُلُوِّ في التكفير) بَيَّنّا فيها حقائق مُهمّة حول هذا الأمر الخَطير، الذي أسرفت فيه بعض الجماعات في عصرنا، فكَفَّرت الأمة أو كادت. كفَّرت الحكّام؛ لأنَّهم لم يحكموا بما أنزلَ الله، وكفّرت الجماهير، لأنهم سكتوا على الحكّام! بدعوَى أن مَن لم يكفِّر الكافر فهو كافر، وجهِل هؤلاء أن هذا إنما هو في الكافر الأصلي المعلوم كُفره بالضرورة، مثل الملاحِدة والوثنيّين والمحرِّفين من أهل الكِتاب وغيرهم.
وقد عرضَ الإمام ابن القيِّم لتكفير الحكام في كتابه (مدارج السالكين) ونظر في قوله تعالى: (ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرونَ) (المائدة: 44). وكان مما قاله في تأويلها: " فأمّا الكفر فهو نوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر: فالكفر الأكبر هو الموجِب للخلود في النار، والأصغر: موجِب لاستحقاق الوعيد دون الخلود .. كما في قوله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ في الحديث: " اثنتان في أمّتي، هما بهم كُفر: الطّعن في النّسب، والنِّياحة "، وقوله في السُّنَن: " مَن أتى امرأة في دُبُرها فقد كفر بما أُنزِل على محمد "، وفي الحديث الآخَر: " مَن أتى كاهِنًا أو عرّافًا، فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أَنزَل الله على محمد "، وقوله: " لا تَرجِعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رِقاب بعض ".
وهذا تأويل ابن عبّاس وعامّة الصّحابة في قوله تعالى: (ومَنْ لَمْ يَحكُمْ بِمَا أَنْزَلَ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرونَ) (المائدة: 44). قال ابن عباس " ليس بكُفر ينقل عن المِلّة، بل إذا فعله فهو به كُفر، ولَيس كمَن كفَر باللهِ واليوم الآخر "، وكذلك قال طاووس. وقال عطاء: " هو كفرٌ دون كفر، وظلم دون ظلم، وفِسق دون فِسق).
ومنهم: مَن تأوّل الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحِدًا له. وهو قول عِكرمة. وهو تأويل مَرجوح. فإنّ جُحوده كُفر، سواء حَكَم أو لم يحكُم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنهم: من تأوّلها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله. قال: ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام. وهذا تأويل عبد العزيز الكِناني. وهو أيضًا بعيد؛ إذ الوَعيد على نفي الحكم بالمُنَزَّل. وهو يتناول تعطيل الحكم بجَميعه وببعضه.
ومنهم: مَن تأوَّلها على الحكم بمُخالَفة النصِّ، تعمُّدًا من غير جهل به ولا خطأ في التأويل. حكاه البَغوي عن العلماء عمومًا.
ومنهم: مَن تأوّلها على أهل الكتاب. وهو قولُ قتادةَ والضَّحّاك وغيرهما. وهو بعيدٌ، وهو خلاف ظاهر اللفظ فلا يُصارُ إليه.
ومنهم: مَن جعله كفرًا ينقل عن المِلّة.
والصحيح: أن الحُكم بغير ما أنزل الله يتناول الكُفرَيْن، الأصغر والأكبر بحسَب حال الحاكم. فإنّه إن اعْتقَد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدَل عنه عصيانًا، مع اعترافه بأنه مستحِقٌّ للعقوبة، فهذا كفر أصغر. وإن اعتقد أنّه غيرُ واجبٍ، وأنه مُخَيَّر فيه، مع تيقُّنِه أنه حكم الله، فهذا كُفرٌ أكبرُ. وإن جهِله وأخطَأه فهذا مُخطِئ له حكم المُخطئين.
قال ابن القيم: " والقَصد: أن المعاصِي كلها من نوع الكفر الأصغر، فإنّها ضدّ الشكر، الذي هو العمل بالطاعة. فالسعي إما شكر، وإما كفر، وإمّا ثالث، لا من هذا ولا من هذا. والله أعلم." [8]
ومنطلق القرضاوى هو منطلق الإخوان بشكل عام، جرثومة إرجاء تسعى بين جنبيهم، شفاهم الله تعالى منها. والأمر ليس أمر تكفير أو غيره، وإنما هو أمر التوحيد وفهم حدوده ومعانيه ومستلزماته. فلا علينا إن كان فلانا من الحكام كافرا أو غير كافر، ولكن المسألة هي مسألة ثبوت معنى الطاعة والإتباع لله وحده في ذهن المسلم، وأنّ الخروج العام على شريعة الله في كافة حدودها ونصوصها ووضع تشريع مواز مخالف، هو خروج عن حدّ لا إله إلا الله، ليس كالمخالف في قضية بعينها أو واقعة بذاتها، وهو الفارق الذي ظهر لنا عجز الذهن الإخواني عن فهمه وتصوره إذ أن تركيبة الذهن الإخواني قد بدأت على مرض، استقر وعشش وفرّخ، وهو فصل الإيمان عن العمل، وأن لا ردة لمسلم أبدا بعمل إلا إن كان جحوداً.
وحسن البنا رحمة الله عليه، كما بيّنا في مقالنا المنشور عن فكر الإخوان [9]، لم يذهب إلى ما ذهب اليه تابعوه وتلامذته من غلو في الظاهرة الإرجائية، ولو تأملت ما نقله عنه تلميذه القرضاوى حيث يقول: " أوعمِل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكُفر ". والأمر هنا أن القرضاوى ومن ابتلي مثله بجرثوم الإرجاء اقتصر على الجزء الأول من قول البنا، وجعل الكفر لا يكون إلا جحوداً باللسان، وهو من أقوال عتاة المرجئة قديما، وتابعوهم من أمثال أتباع الجامي والحلبي حديثاً، فهل ينضم القرضاوى لهذا الموكب غير المبارك؟
ثم ما قاله البغوي مما نقله القرضاوى، من أنه فيمن ترك النص عمدا دون تأويل ولا جهل! وهو ما عليه عامة العلماء. وسبحان الله العظيم! أليس يعنى " العلماء عموما " أنه قول الجمهور؟! فلم تعداه القرضاوى إلى غيره؟! ولم حكي القول الرابع أنه كفر أكبر ناقل عن الملة؟ وكيف يختلف هذا عن القول الثاني؟! ولم هذه المغالطة والملاوعة؟!
وقول القرضاوى " والصحيح: أن الحُكم بغير ما أنزل الله يتناول الكُفرَيْن، الأصغر والأكبر بحسَب حال الحاكم. فإنّه إن اعْتقَد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدَل عنه عصيانًا، مع اعترافه بأنه مستحِقٌّ للعقوبة، فهذا كفر أصغر. وإن اعتقد أنّه غيرُ واجبٍ، وأنه مُخَيَّر فيه، مع تيقُّنِه أنه حكم الله، فهذا كُفرٌ أكبرُ. وإن جهِله وأخطَأه فهذا مُخطِئ له حكم المُخطئين " خطأ ظاهر. بل الصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الأصغر والأكبر، بحسب الحاكم نفسه: إن كان حاكما بمعنى أنه مكلف حكم في أمر نفسه بغير ما أنزل الله، فهو العاصى، ومن حمله على الكفر الأكبر فهو من الخوارج الذين يكفّرون بالمعصية، وإن كان الحاكم بمعنى ولي الأمر ومن بيده الحكم وإنفاذ التشاريع، فيكون بحسب ما حكم به الحاكم، فإن كان الحاكم يحكم في مسألة مفردة بعينها أو حتى عشرة بظلم أو نهب أو سلب من غير أن يبدّل القوانين ويجعل المرجع لأحكام وأوضاع غير ما أنزلها الله سبحانه، فهو عاصٍ كذلك ويجب اتباعه ولا يصح الخروج عليه لما صحّ في ذلك من
(يُتْبَعُ)
(/)
السننس، وإن كان حال ما حكم به هو شرع مواز مخالف لشرع الله يعبّد له الناس ويجبرهم على اتباعه ويعاقب مخالفه فهذا كفر أكبر ناقل عن الملة. هذا عين ما تتنزل عليه أقوال بن القيم التي نقلها القرضاوى واستخدمها في غير موضعها ومناطها، إذ هو يتحدث عن المعاصي، ومحل النزاع هو في كون التشريع المطلق من المعاصى فلا يصح استخدام هذا القول في هذا الموضع لعدم التسليم بمقدمته.
ولنا قول من هم أجلّ وأعلم من القرضاوى، ممن ينتمون لطبقة العلماء حقيقة ثابتة لهم لا التصاقاً وتمحكاً، ونعنى بهم الأجلاء من القدماء، على سبيل المثال لا الحصر، مثل بن تيمية شيخ الإسلام حيث يقول فيما يعضد ما بيناه: " ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر فمن استحل [10] أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما يراه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله كسواليف البادية (أي عادات من سلفهم) والأمراء المطاعون ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر، فإن كثيراً من الناس أسلموا ولكن لا يحكمون إلا بالعادات الجارية التي يأمر بها المطاعون. فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار ". و الإمام بن كثير في تفسيره لآية المائدة: " ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خيرٍ الناهي عن كل شر، وعدل عما سواه من الآراء والأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها الكثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكّم سواه في قليل أو كثير " كما أن بن كثير قد ذكر نفس الكلام في تاريخه عن موضوع الحكم بالياسق وأمثاله قال: " فمن ترك شرع الله المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة – كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ".
ثم من أجلاء المحدَثين الشيخ محمد بن إبراهيم الذي يقول في فتاواه: " وأما الذي قيل فيه أنه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاد أنه عاص وأن حكم الله هو الحق فهذا الذي صدر منه المرة ونحوها، أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل، فهذا كفر ناقل عن الملة " [11]. ثم الشيخ المحدث المحقق أحمد شاكر والعلامة الجليل محمود شاكر في شرحهما وتحقيقهما على بن كثير والطبري، قال أحمد شاكر في بيان حكم من يتلاعب بآثار بن عباس وأبي مجلز من فروخ العلماء: " الله إني أبرأ إليك من الضلالة، وبعد، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدوا للكلام في زماننا هذا، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله وفي القضاء في الدماء والأموال والأعراض بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام. فلما وقف على هذين الخبرين، اتخذهما رأيا يرى به صواب القضاء في الدماء والأموال والأعراض بغير ما أنزل الله وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها والعامل عليها. والناظر في هذين الخبرين لا محيص له من معرفة السائل والمسئول، فأبو مجلز (لاحق بن حميد الشيباني الدوسي) تابعي ثقة وكان يحب عليا وكان قوم أبي مجلز وهم بنو شيبان من شيعة علي يوم الجمل وصفين، فلما كان أمر الحكمين يوم صفين، واعتزلت الخوارج، كان فيمن خرج على علي طائفة من بني شيبان ومن بني سدوس بن شيبان بن ذهل، وهؤلاء الذين سألوا أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس وهم نفر من الإباضية ... هم أتباع عبد الله بن إباض من الحروروية (الخوارج)
(يُتْبَعُ)
(/)
الذي قال: إن من خالف الخوارج كافر ليس بمشرك! فخالف أصحابه ...
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز من الإباضية إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء لأنهم في معسكر السلكان، ولأنهم ربما عصوا أو ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عنه، ولذلك قال في الأثر الأول: فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبا، وقال في الخبر الثاني: إنهم يعملون بما يعملون وهم يعلمون أنهم مذنبون.
وإذن، فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعي زماننا من القضاء في الدماء والأموال والأعراض بقانون مخالف لغير شرع الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالإحتكام إلى حكم غير الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهذا الفعل إعراض عن حكم الله ورغبة عن دينه وإيثار لأحكام الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي له.
والذي نحن فيه اليوم، هو هجر لأحكام الله عامة دون استثناء وإيثار أحكام غير حكمه، في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله ... فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سن حاكما حكما جعله شريعة ملزمة للقضاء بها.
وأما أن يكون كان في زمان ابي مجلز أو قبله أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر جاحدا لحكم الله أو مؤثرا لأحكام أها الكفر على أهل الإسلام (وهي حال اليوم من آثر أحكام الكفر علىأحكام الإسلام) فذلك لم يكن قط، فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه، فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في بابهما، وصرفها عن معناها، رغبة في نصرة السلطان، أو احتيالا على تسويغ الحكم بما أنزل الله وفرض على عباده، فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله، أن يستتاب، فإن أصر وكابر وجحد حكم الله ورضي بتبديل الأحكام، فحكم الكافر المصر على كفره معروغ لأهل هذا الدين ". ويقول أخوه العلامة المحدث أحمد شاكر: " إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسبون إلى الإسلام – كائنا من كان – في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر إمرؤ لنفسه " وكل إمرئ حسيب نفسه ".
ألا فليصدع العلماء بالحق غير هيابين، وليبلغوا ما أمروا بتبليغه، غير متوانين ولا مقصرين.
سيقول عني " عبيد هذا الياسق الجديد " وناصروه أني جامد وأني رجعيّ وما إلى ذلك من الأقاويل، ألا فليقولوا ما شاؤوا، فما عبأت يوما بما يقال عني ولكني أقول ما يجب أن أقول " [12].
ويقول الشيخ الجليل بن باز رحمة الله عليه فيما نشر في مجلة الدعوة العدد (963) في [5/ 2/1405هـ]: " الحكام بغير ما أنزل الله أقسام، تختلف أحكامهم بحسب اعتقادهم وأعمالهم، فمن حكم بغير ما أنزل الله يرى أن ذلك أحسن من شرع الله فهو كافر عند جميع المسلمين، وهكذا من يحكِّم القوانين الوضعية بدلاً من شرع الله ويرى أن ذلك جائزاً، حتى وإن قال: إن تحكيم الشريعة أفضل فهو كافر لكونه استحل ما حرم الله " [13]. فهذا بيّن في رأي بن باز أن مجرد الحكم يدل على الإستحلال.
مثل هؤلاء العلماء هم الذين قال الله تعالى فيهم: " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " (الأنعام: 90). أمثال هؤلاء هم الذين يجب اتباعهم والحرص على فتاواهم لا متابعة رويبضات [14] العلم.
إذن، فإن فتوى الشيخ القرضاوى في هذا الأمر ليس مما يعتد به، بل هي مما يزكم الأنوف بما تحمله من روائح الإرجاء الذي درج عليه منتسبو الإخوان.
5. جمع الصلوات بلا عذر:
جاء في بنك الفتاوى [15]:
سؤال: ما حكم من لم يستطع أداء الصلاة في وقتها؟
" هذه لها حل شرعي وهو ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه " أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة في غير سفر ولا مطر " وفي رواية " في غير خوف ولا سفر " يعني لا خوف ولا سفر ولا مطر، إنما جمع في المدينة، قالوا لابن عباس ماذا أراد بذلك؟ قال أراد ألا يحرج أمته، يعني أراد رفع الحرج عنها وهذا الحديث في الواقع يعطينا الحل والمفتاح لحل هذه المشكلات التي تتفاوت فيها الأوقات، فيجوز للمسلم إذا كان العشاء يتأخر جداً في الصيف أن يجمع العشاء مع المغرب جمع
(يُتْبَعُ)
(/)
تقديم، وفي الشتاء يكون الظهر والعصر الوقت ضيق جداً والإنسان في عمله فهنا يجمع إما يجمع العصر مع الظهر جمع تقديم أو يجمع الظهر مع العصر جمع تأخير، حسب المتيسر له، فهذا كله فيه حرج والنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر راوي الحديث وحبر الأمة ابن عباس أراد ألا تُحرج أمته، أراد أن يرفع عنها الحرج والضيق ويوسع عليها، فهذه الفتوى قال بها الإمام أحمد قال ابن سيرين من التابعين أن أي ضيق وأي حاجة وأي حرج الإنسان يجمع بين الصلاتين ".
والفتوى بهذا القدر ليست صحيحة على الإطلاق، فإن مبدأ الرد على السائل في مثل هذا الأمر بهذه الصيغة أن نذكّره أن الصلاة " كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " وأنه مما علم من الدين بالضرورة ومما تقعّد من أصول الدين وتمهّد من قواعد الفقه أن الصلاة لها مواقيت محدودة لا يصح الإستهانة بها ولا محاولة تعدّيها، بل الأوجب والأصل أن يلتزم المسلم بالمحافظة عليها. أليس هذا ما يبدأ به العالم إن كان ربانيا، لا أن يبحث عن " الحلّ الشرعي " لكل مخالفة شرعية؟!
ولكن الشيخ قد أصلح بعض ما أفسد في رده على سائل آخر في فتوى أخرى بقوله: " فإذا كان هناك حرج في بعض الأحيان من صلاة كل فرض في وقته، فيمكن الجمع، على ألا يتخذ الإنسان ذلك ديدنًا وعادة، كل يومين أو ثلاثة .. وكلما أراد الخروج إلى مناسبة من المناسبات الكثيرة المتقاربة في الزمن. إنما جواز ذلك في حالات الندرة، وعلى قلة، لرفع الحرج والمشقة التي يواجهها الإنسان " [16].
هذا ما ذكره القرضاوى، وهو صحيح لا غبار عليه فبارك الله فيه، وسنزيد الأمر بيانا إذ أن ذلك مما يحتاجه هذا المقام خاصة وفتوى الشيخ القرضاوى الأولى مبهمة لا تشفى غليلا بل تسهّل على السائل تفويت الأوقات وإهمال الصلوات.
ونص الحديث الذي يشير اليه القرضاوى هو ما رواه الجماعة عن بن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء " وفي لفظ الجماعة إلا البخاري وبن ماجة " قيل لإبن عباس: ماأراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ".
إن قول الجمهور [17] في هذه المسألة هو أن الجمع بغير عذر لا يجوز. واليك بيان ما ذكره العلماء في هذا الحديث، فقد اختار النووي أن ذلك كان بسبب المرض لأن الثابت هو رواية " من غير خوف ولا سفر " والرواية الأخرى " من غير خوف ولا مطر " فالمرض هو العذر الذي جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يحرج أمته، وله شاهد من تأجيل الصيام وغيره من أحكام المرض. وقوّى الحافظ بن حجر قول أنها كانت بسبب الغيم. وقد رجح القرطبي وبن الماجشون وإمام الحرمين الجويني والطحاوى وبن سيد الناس وغيرهم أنه جمع صوري، أي أنه صلى بأصحابه في آخر الظهر ثم في أول العصر فكانت صورة جمع لا جمع حقيقي. ومما يقوى هذا الوجه هو ما رواه النسائي عن بن عباس – راوى الحديث الأول – أنه " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا أخّر الظهر وعجّل العصر وأخّر المغرب وعجّل العشاء ". فهذا راوى الحديث الأول بن عباس يروى ما يقوى هذا الوجه ويبين مغلقه. كذلك فإن ما يؤيد الجمع الصورى ما رواه الشيخان عن عمرو بن دينار أنه قال لأبي الشعثاء – راوى الحديث الأول عن بن عباس: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وأخر العشاء، قال أبو الشعثاء: وأظنه. كذلك ما رواه بن جرير الطبري عن بن عمر " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر الظهر ويقدم العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب ويقدم العشاء فيجمع بينهما ". كلّ هذا يدل على أن الجمع كان صوريا لا حقيقيا لكل هذه الآثار ولما هو من قبيل عدم معارضة الأصول الثابتة في مواقيت الصلاة التي هي أرسخ من هذا الحديث. وهذا بلا شك فيه تخفيف على الأمة من أن يكون تكون الصلاة دائما في أول الوقت وهو ما فيه مشقة فبين صلى الله عليه وسلم أنه يمكن أن تكون متأخرة حتى نهاية الوقت للحاجة. وقد أجمع العلماء على أن ذلك لايجب أن يتخذ عادة مستقرة بل يكون لحاجة مؤقتة. فإن كان هناك حرج في وقت من الأوقات على فرد من الأفراد فهذا أمر يقدّر بقدره، ولكن أن يفتح الباب على مصراعيه بصفة دائمة لحاجة العمل، فإن في هذا اعتداء على الشريعة وتجرؤ على دين
(يُتْبَعُ)
(/)
الله لا يغتفر!! ثم إن هذا الأمر مما يلتحق بعموم البلوى وما ينشأ عن ذلك من النظر في قاعدة المشقة تجلب التيسير، وهل هو مما يعمّ كل المكلفين في كل الأوقات أم بعض المكلفين في بعض الأوقات أو بعض المكلفين في بعض الأوقات، ثم ما هي درجة الخصوصية في هذا الأمر بالنسبة للمكلف، ثم تحديد معنى المشقة المرعية، وهل هي مما ينفك عن العبادة أم مما لاينفك عنها عادة، وهي أمور يرجع فيها الناظر إلى مظانها من كتب الأصول والقواعد.
وللشيخ عطية صقر [18] فتوى في هذا الباب مما يستحسن الرجوع اليه إذ هي فتوى تدل على علم وفقه، لا محاولة التخفيف واتباع أهواء الناس.
ثم بعد هذا البيان، نتوجه للشيخ القرضاوى بأن يلمّ شعث نفسه وأن يتقى الله فيما يصدر عنه من أقوال وفتاوى، فإنه لا سند لكثير مما يدّعى في منهجية أهل السنة وأصولها، وليحقق أقواله بدلا من إلقائها على عواهنها فليس هذا بسمت العلماء، وهو منهم. ثم يعترى النفس حزن وأسى على الكثير من أبناء هذا الجيل الذين لا يعرفون من قمم العلم إلا الشيخ القرضاوى، على فضله، أطال الله عمره وأصلح مسيرته، فحين نتصفح إنتاجه في مجال البحث نجد أن كلها [19] كتب تحمل الطابع الدعوى، ليس فيها نصيب لتحقيق علمي أو إضافة تجديدية! فعلى سبيل المثال، أين في أعمال الشيخ كتاب في المصطلح ككتاب " الباعث الحثيث " للعالم المحدث أحمد شاكر؟! أو " المتنبي " للعالم اللغوي محمود شاكر، بل أين في أعمال الشيخ الدعوية مثل أعمال الشيخ الغزالي رحمة الله عليه؟! أو بحث تاريخي مثل " الإتجاهات الوطنية " للعلامة الدكتور محمد محمد حسين؟! ونحن لا نقلل من قدر القرضاوى وأعماله، ولكن الأمر آل إلى هذا المستوى بعد غياب القمم التي ترهق الأعناق في التطلع إلى فلكها وتغشى الأبصار في النظر إلى أضواء علمها.
ونبرء إلى الله من كل معصية، ونتعتذر إليه عز وجلّ من كل زلل.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] كما فعل الأخ الزميل د. صلاح الصاوى في فتواه بحلّ الإشتراك في الإنتخابات في بلاد الغرب بشروط عديدة! أنظر ردي عليه في المنار الجديد عدد 13.
[2] وفد من "اتحاد علماء المسلمين" إلى دارفور.
[3] نحيل القارئ على ما كتبه الأخ الزميل جمال سلطان ردا على القرضاوى في زلته تلك في " حوار في الديموقراطية ".
[4] " الولاء والبراء وأخوة غير المسلمين " و " الأخوة الإنسانية ".
[5] المتشابه هنا هو ما يحتاج إلى تخصيص أو بيان أو تقييد كما عرفه علماء الأصول في أحد معانيه.
[6] " مبادئ للتقريب بين المذاهب الإسلامية ".
[7] " نحو ميثاق تأسيسي لهيئة قضايا الوحدة والتقريب ".
[8] " موقف الإسلام من تكفير الحكام ".
[9] أنظر المنار الجديد عدد 11.
[10] استحل هنا واقعة على إجراء الحكم أى من رأى أنه لا غبار من أن يحكم بغير الشريعة لا أنه استحل ما حرّم الله من الأحكاام ذاته، ويراجع المزيد من هذا في تعقيب د. محمد أبو رحيم في كتابه " حقيقة الخلاف بين السلفية الشرعية وأدعيائها في مسائل الإيمان " ص 71 وبعدها.
[11] راجع فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم التي جمعها الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم.
[12] " عمدة التفاسير " أحمد شاكر، ج 1 ص 612.
[13] وهذا نشر في مجلة الدعوة العدد (963) في [5/ 2/1405هـ].
[14] قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم: " إن بين يدي السّاعة سنون خدّاعات يخوّن فيها الأمين ويؤمّن فيها الخائن ويكذب فيها الصادق ويصدّق فيها الكاذب وينطق فيهم الرويبضة , قالوا: ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامّة " رواه البزّار وصححه الألباني.
[15] " من لم يستطع تأدية الصلاة في وقتها ".
[16] " جمع الصلاتين عند الحاجة ".
[17] كما حكاه الشوكاني في نيل الأوطار ج 4 ص 264.
[18] " حكم الجمع بين الصلاتين ".
[19] إلا " الحلال والحرام في الإسلام " وهو كتاب فقه خفيف لا يحمل مثل قوة " فقه السنّة " لسيد سابق ولا انتشاره(/)
أقسام اللعن ... (تقسيم رائع وجيد) لفضيلة الشيخ: صالح المغامسي.
ـ[أبو المهند القصيمي]ــــــــ[11 - May-2008, صباحاً 10:45]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الشيخ الفاضل: صالح المغامسي في الشريط الثاني أو الثالث من المجموعة الثالثة من التأملات القراءنية أقسام اللعن فأحببت إيراده من باب الفائدة وهي:
القسم الأول: لعن المؤمن المصون فهذا لا يجوز.
القسم الثاني: لعن الأوصاف العامة فهذا جائز مثل قولك: ألا لعنة الله على الظالمين وهكذا.
القسم الثالث: لعن الأوصاف الخاصة مثل قولك: لعن الله آكل الربا، لعن الله السراق وهكذ.
القسم الرابع: لعن الكافر الميت المتحقق كفره فهذا يجوز مثل لعن أبي جهل وغيره.
القسم الخامس: لعن الكافر الميت غير المتحقق كفره فهذا الأولى تركه.
القسم السادس: لعن الكافر الحي فقال الشيخ هذا لا يلعن لأن الله تعالى يقول: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)
القسم السابع: لعن المسلم الفاسق فهذا إن كان الكافر الحي لا يلعن فهذا من باب أولى.
وأحثٌ الإخوة الفضلاء الكرماء النبلاء على سماع أشرطة هذا العالم الجهبذ الناسك العابد ففيها من الخير الكثير والعلم الغزير ...
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،،
محبكمـ
أبو المهند القصيمي.
ـ[أبو أسامة الشمري]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 12:45]ـ
كم أحبُّ هذا الشيخ الفاضل في الله.
رفع الله قدره و قدرك يا أبا مهند
ـ[أبو المهند القصيمي]ــــــــ[13 - May-2008, صباحاً 11:49]ـ
وإياكـ اخي الفاضل ..
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 01:12]ـ
رفع الله قدره و قدرك يا أبا مهند
ـ[أبو شعيب]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 08:10]ـ
السلام عليكم،
جزاك الله خيراً أخي ..
لكن استدلاله أولاً بعدم جواز لعن الكافر الحي غير قوي .. فإن الله - عز وجل - ذكر أن من مات على كفره فعليه لعنة الله، وليس فيه تحريم لعن الكافر الحي ..
جاء في صحيح البخاري أن عمر - رضي الله عنه - يوم مقتله قال: ((يا ابن عباس، انظر من قتلني، فجال ساعة ثم جاء، فقال: غلام المغيرة، قال: الصنع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام)) .. قاتله الله بمعنى: لعنه ..
وإذا كان المسلم الفاسق يجوز لعنه، فمن باب أولى جواز لعن الكافر الحي ..
جاء في صحيح مسلم: ((بلغ عمر أن سمرة باع خمرا. فقال: قاتل الله سمرة. ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود. حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها)).
وفي الحديث: ((جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكو جاره، قال اطرح متاعك على طريق، فطرحه، فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، لقيت من الناس. قال: وما لقيت منهم؟ قال: يلعنونني! قال: قد لعنك الله قبل الناس. فقال: إني لا أعود، فجاء الذي شكاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ارفع متاعك فقد كفيت
الراوي: أبو جحيفة السوائي - خلاصة الدرجة: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]- المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/ 321
وأيضاً:
قالت عائشة - رضي الله عنها -: ما فعل يزيد بن قيس - لعنه الله -؟ قالوا: قد مات، قالت: فأستغفر الله، فقالوا لها: ما لك لعنته ثم قلت: أستغفر الله؟ قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا.
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]- المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 4/ 266
فإن كان متقرراً لدى عائشة - رضي الله عنها - أن سب الفسقة من المسلمين جائز وهم أحياء، ومحرم وهم أموات .. فكيف انقلبت الصورة بالنسبة للكافر وصار لعنه حياً غير جائز، ولعنه ميتاً جائزاً؟
هذا والله أعلم ..
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 06:49]ـ
سؤال:
ما حكم لعن (وليس سب فقط) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب:
الحمد لله
قال صاحب لسان العرب: اللعن: الإبعاد والطرد من الخير، وقيل الطرد والإبعاد من الله، ومن الخَلْق السب والدعاء.
واللعن يقع على وجهين:
الأول: أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم، كما لو قال: لعن الله اليهود والنصارى. أو: لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين. أو: لعن الله شارب الخمر والسارق. فهذا اللعن جائز ولا بأس به. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 203): ويجوز لعن الكفار عامة اهـ.
الثاني: أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً، كما لو قال: لعنة الله على فلان ويذكره بعينه، فهذا على حالين:
1 - أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب، وأبي جهل، فلعن هذا جائز.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 214): ويجوز لعن من ورد النص بلعنه، ولا إثم عليه في تركه اهـ.
2 - لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل: بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك.
" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يجوز بحال.
الثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق.
الثالث: يجوز مطلقا " اهـ
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 303).
واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة، منها:
1 - ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ).
2 - ما رواه البخاري (6780) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، قال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تلعنوه، فو الله ما علمت، إلا أنه يحب الله ورسوله).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/ 511):
" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/ 226):
" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز، فإذا رأيت محدثا، فلا تقل لعنك الله، بل قل: لعنة الله على من آوى محدثا، على سبيل العموم، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله: (اللهم! العن فلانا وفلانا وفلانا) نهي عن ذلك بقوله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) رواه البخاري" اهـ.
والله تعالى أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب(/)
ما معنى (في رد المرسل تعطيل كثير من السنن)
ـ[مسافر وحدي]ــــــــ[11 - May-2008, مساء 09:08]ـ
ما معنى ما جاء في (كشف الأسرار)
وفيه أي في رد المرسل تعطيل كثير من السنن; فإن المراسيل جمعت فبلغت قريبا من خمسين جزءا وهذا تشنيع عليهم؟
http://islamport.com/w/usl/ ... /2444/1058.htm
جزاكم الله خيرا
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[11 - May-2008, مساء 11:14]ـ
لا بد للفقيه من الاحتجاج بالمرسل لا يستغني عنه
وما من إمام متبوع حمل أعباء الفقه إلا اعتنى بالمراسيل واحتج بها وترك بعضها
ـ[مسافر وحدي]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 09:10]ـ
جزاك الله خيرا امجد الفلسطيني
و لكن ما معنى ان المراسيل (50 جزء)
و هل يوجد احكام فقهية مبنية على مراسيل ولا توجد متصلة؟
مع الشكر
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 09:30]ـ
المراسيل ليست على ذات السوية ..
والأصل فيها أن لها حكم الضعيف
فإذا احتفت قرائن كأن تعتضد بعاضد من شاهد كفتوى صحابة ..
أو جاءت مرسلة من طرق أخرى ..
أو كان المُرسِل ممن يقبل منه هذا .. كأن يكون من كبار التابعين المعروفين
بأنهم لا يرسلون إلا عن صحابة .. أو غير ذلك من القرائن .. فإنها ساعتئذ تتقوى ويحتج بها ..
أما أن يقال بالاحتجاج بالضعيف لمجرد الحاجة نظرا لعدم وجود دليل آخر في الباب ليعضد الفقيه به قوله .. ففيه نظر ..
والله أعلم
ـ[وضاح الحمادي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 12:12]ـ
هذه العبارة قالها أو قال نحوها الكوثري وبعض الأحناف. بناءً على ما اختاروه من حجية الخبر المرسل. وقد أجاب عن هذا ابن حزم الظاهري رحمه الله في (الإحكام) عند كلامه عن المرسل. وبين أن القائلين بحجيته قد تركوا العمل به في كثير من المواضع.
إلا أن المرسل كما قال أخونا أبو القاسم من أقسام الضعيف كما هو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، إلا أنه يصلح في الشواهد. فيرتقي بها إلى الحسن وإلى الصحة أحياناً. والله أعلم.
وليس بصحيح أن ترك العمل بالمرسل يؤدي إلى أهمال السنن
ـ[وضاح الحمادي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 12:13]ـ
هذه العبارة قالها أو قال نحوها الكوثري وبعض الأحناف. بناءً على ما اختاروه من حجية الخبر المرسل. وقد أجاب عن هذا ابن حزم الظاهري رحمه الله في (الإحكام) عند كلامه عن المرسل. وبين أن القائلين بحجيته قد تركوا العمل به في كثير من المواضع.
إلا أن المرسل كما قال أخونا أبو القاسم من أقسام الضعيف كما هو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، إلا أنه يصلح في الشواهد. فيرتقي بها إلى الحسن وإلى الصحة أحياناً. والله أعلم.
وليس بصحيح أن ترك العمل بالمرسل يؤدي إلى أهمال السنن.
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[وضاح الحمادي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 12:14]ـ
ليش التعليق طلع مرتين؟!!
ـ[مسافر وحدي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 01:11]ـ
جزاكم الله خيرا يا اخوة
لست اسأل عن الاحتجاج بالمرسل - فقد كفى ابو القاسم في مداخلته ببيان حكمها - انما فقط عن قصد القائل بارك الله فيكم
فماذا يقصد ب (50) جزء؟
و هل يوجد مسائل فقهية مبنية على مراسيل دون الاحاديث المتصلة؟ او هل من مثال؟
مع الشكر
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 01:53]ـ
نعم أخي ..
مثل حديث أسماء رضي الله عنها .. في حد الحجاب الذي رواه أبو داود في سننه
فخالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها .. رضي الله عنها
ويحتج بهذا الحديث من يرى كشف الوجه .. وهو ضعيف لما تقدم
وجماهير المحدثين على أن الأصل في المراسيل الضعف
وإن تعجب فاعجب كيف يستدلون به والحاصل أن أبا داود نفسه أعلّه ..
وهو مع هذا ضعيف جدا لعلل أخرى
لكن بعض الفقهاء من منهجه أن يحتج بالضعيف إذا لم يجد شيئا في الباب أي كأنه اضطر اضطرارا ..
فهذا إن كان الضعف يسيرا قد يغتفر تقديمه على القياس مثلا
أما لو كان الضعف بائنا .. فباطل ..
أخي الحمادي .. لعله كبست مرتين بسرعة دون أن تشعر
والله يرعاكم
ـ[مسافر وحدي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 02:41]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
بقى فقط مسألة (50) جزءا , ماذا تعني
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 02:53]ـ
الجزء الحديثي هو الذي يصنف في باب بعينه .. ويفرد بالتأليف ..
بخلاف الجوامع فهي تجمع أبواب الشريعة
والله أعلم
ـ[مسافر وحدي]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 07:05]ـ
لك جزيل الشكر ابا القاسم(/)
الكفار مجاهدين!!!!!
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[11 - May-2008, مساء 09:19]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت في تفسير ابن كثير الايه 127 من سورة ال عمران مايلي:
لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ
قَالَ تَعَالَى " لِيَقْطَع طَرَفًا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا " أَيْ أَمَرَكُمْ بِالْجِهَادِ وَالْجَلَاء لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة فِي كُلّ تَقْدِير وَلِهَذَا ذَكَرَ جَمِيع الْأَقْسَام الْمُمْكِنَة فِي الْكُفَّار الْمُجَاهِدِينَ فَقَالَ " لِيَقْطَع طَرَفًا " أَيْ لِيُهْلِكَ أُمَّة " مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتهُمْ فَيَنْقَلِبُوا " أَيْ يَرْجِعُوا " خَائِبِينَ " أَيْ لَمْ يَحْصُلُوا عَلَى مَا أَمَلُوا. ثُمَّ اِعْتَرَضَ بِجُمْلَةٍ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحُكْم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَهُ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ.
اشكل لدي قول ابن كثير قوله عن الكفار مجاهدين ..
وجزاكم الله خيرا
ـ[حمد]ــــــــ[11 - May-2008, مساء 10:19]ـ
المجاهَدين بفتح الهاء على ما أظن.
ـ[ابن الشاطيء الحقيقي]ــــــــ[12 - May-2008, صباحاً 05:40]ـ
المجاهديين من طرفك اي انت تجاهدهم وتدفعهم او تقاتلهما و يقطعهم الله بك او يكبتهم
وليسوا هم (المجاهدون)
فالكافر لايمكن ان يكون مجاهدا الا اذا اسلم وجاهد
اما في حال كفره فلا
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[12 - May-2008, مساء 09:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المجاهَدين بفتح الهاء على ما أظن.
جزاك الله خيرا
المجاهديين من طرفك اي انت تجاهدهم وتدفعهم او تقاتلهما و يقطعهم الله بك او يكبتهم
وليسوا هم (المجاهدون)
فالكافر لايمكن ان يكون مجاهدا الا اذا اسلم وجاهد
اما في حال كفره فلا
جزاك الله خيرا ... بالفعل، كيف يكونوا هم مجاهدون وهم كفار؟؟
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 12:06]ـ
جيدةُ هي المشاركات السابقة
ولكن يمكن ان يقال أيضاً المجاهدين بكسر الهاء على معناها اللغوي وليس الشرعي فهم يجاهدون الحق ويجاهدون بالباطل أي يبذلون الجهد في ذلك، كما قال تعالى " الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ".
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 01:11]ـ
يمكن ان يقال أيضاً ويجاهدون بالباطل اي في سبيل الطاغوت
اخي شريف شلبي لافض فوك
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 04:16]ـ
المجاهَدين بفتح الهاء على ما أظن.
أحسنت أخي حمد
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 10:03]ـ
جيدةُ هي المشاركات السابقة
ولكن يمكن ان يقال أيضاً المجاهدين بكسر الهاء على معناها اللغوي وليس الشرعي فهم يجاهدون الحق ويجاهدون بالباطل أي يبذلون الجهد في ذلك، كما قال تعالى " الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ".
يمكن ان يقال أيضاً ويجاهدون بالباطل اي في سبيل الطاغوت
اخي شريف شلبي لافض فوك
سلام عليك، فاني احمد اليك الله الذي لا اله الا هو، واسأله ان يصلي على محمد عبده ورسوله، اما بعد، احسن الله اليك في الامور كلها، وسلمك وايانا من السوء كله برحمته، (مقدمة رسائل الامام احمد يرحمه الله)
جزاكم الله خيرا
لكن المفسر هنا هو ابن كثير يرحمه الله، فهو يصفهم بما يعتقده هو (المفسر ابن كثير).
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 07:08]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هي إما على المعنى اللغوي ولا إشكال فيه من الوجهين سواء كان اسم فاعل أو اسم مفعول.
أو على المعنى الشرعي وهنا يتعين الفتح وهو الأقرب بدلالة السياق، وأما ضبط الفتحة فهذا قطعا ليس من ابن كثير (ابتسامة).
دمتم موفقين.(/)
خطأ عندالامام ابن القيم في كتاب الفوائد؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 01:40]ـ
وقولهم من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه
حق والعوض أنواع مختلفة وأجل ما يعوض به الأنس بالله ومحبته وطمأنينة القلب به
وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه تعالى))))
قول ابن القيم قولهم خطا
اذا ان هذا ورد في الاحاديث المرفوعة عنه
صلى الله عليه وسلم انه قال من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه
الراوي: - - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: حجاب المرأة - الصفحة أو الرقم: 49موضوع
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 03:08]ـ
بارك الله فيكم
هذا غير ظاهر
لاحتمال أن يكون الحديث غير صحيح عند الإمام فكما لا يخفاك هو غير ملزم بقول الألباني رحمه الله
أو لاحتمال أنه لم يصح عنده بهذا اللفظ
وهذا الحديث بهذا اللفظ غير صحيح وقد جاء معناه في بعض الأحاديث عند أحمد وأبي نعيم وغيرهم وقد حُسن بشواهده وصُحح أيضا
فالله أعلم بصحة معناه مرفوعا
وإلا فهو وارد عن بعض السلف ومعناه صحيح
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 04:56]ـ
وهذا الحديث بهذا اللفظ غير صحيح وقد جاء معناه في بعض الأحاديث عند أحمد وأبي نعيم وغيرهم وقد حُسن بشواهده وصُحح أيضا
فالله أعلم بصحة معناه مرفوعا
وإلا فهو وارد عن بعض السلف ومعناه صحيح
لوسمحت اخي الكريم اذكرالسند الوارد واللفظ الصحيح عندك
وانا لم اقل يلزمه كلام الالباني فابن القيم رحمه الله كما لا يخفاك مات قبل الالباني رحمه الله بسبعة قرون تقريبا
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 05:08]ـ
اخي الكريم هذه روايات الحديث
حديث رقم: 20222
مسند أحمد > حديث أعرابي رضي الله عنه > حديث أعرابي رضي الله عنه
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز و عفان قالا: ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال، قال عفان في حديثه: ثنا أبو قتادة و أبو الدهماء، قال عفان: وكان يكثران الحج، قالا:: (أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل يعلمني مما علمه الله، فكان فيما حفظته عنه أنه قال: إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله تبارك و تعالى إلا آتاك الله خيراً منه.).
حديث رقم: 5748
شعب الايمان > التاسع والثلاثون من شعب الإيمان وهو باب في المطاعم والمشارب >
الفصل الثالث في طيب المطعم والملبس واجتناب الحرام واتقاء الش
أخبرنا أبو طاهر الفقيه ثنا علي بن حمشاذ العدل أنا الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو النضر ثنا سليمان هو ابن المغيرة عن حميد يعني ابن هلال ثنا أبو قتادة و أبو الدهماء قالا:: (أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فجعل يعلمني مما علمه الله فكان مما حفظت عنه أنه قال:
إنك لا تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه.)
قال بعض الفضلاء
.وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ما من عبد ترك شيئاً لله إلا أبدله الله به ما هو خير منه من حيث لا يحتسب، ولا تهاون به عبد فأخذ من حيث لا يصلح إلا أتاه الله بما هو أشد عليه. رواه وكيع في الزهد (2/ 635) وهناد رقم (851) وأبو نعيم في الحلية (1/ 253) وإسناده لا بأس به. ويشهد له حديث الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً: ما ترك عبد شيئاً لله لا يتركه إلا له عوض الله منه ما هو خير له في دينه ودنياه. أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 196).
وعن أبي قتادة وأبي الدهماء وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا أتينا على رجل من أهل البادية فقال لنا البدوي أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله عز وجل وقال: (إنك لا تدع شيئاً إتقاء الله تعالى إلا أعطاك الله عز وجل خيراً منه). رواه أحمد (5/ 363) وإسناده صحيح ورواه البيهقي (5/ 335) ووكيع في الزهد والقضاعي في مسنده.
وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخير من أي حلل الإيمان شاء يلبسها) (1)
وعنه عن أبيه قال: (من ترك شهوة وهو يقدر عليه تواضعاً لله دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق) (2)
وما حرّم الله على عبادة شيئاً إلا عوضهم خيراً منه.
كما حرّم عليهم الربا وعوّضهم منه التجارة الرابحة،
وحرّم عليهم القمار، وأعاضهم منه أكل المال بالمسابقة النافعة في الدين بالخيل والإبل والسهام،
وحرّم عليهم الحرير وأعاضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن،
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 05:09]ـ
أخي الكريم أبا محمد
مراد الأخ الفاضل أمجد .. أنه إذا كان صحيحا عند بعضهم .. فهو لم يصح عند ابن القيم .. فله مندوحة أن يقول: قولهم ..
والله أعلم
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 08:23]ـ
نعم جزاكما الله خيرا
مرادي كما قال أخي أبو القاسم
فيحتمل _كما أسلفتُ_ أن الحديث لم يصح عنده أو لم يصح عنده بهذا اللفظ
أما الحديث فلا أدري ما صحته سندا لا معنى.
أما هذا اللفظ وهو اللفظ المشهور على الألسنة فلم يصح
أما الحديث بطرقه فيحتاج إلى بحث لأني لم أبحثه
وهنا تنبيه حديث الزهري غريب منكر لا يصلح في الشواهد لأنه خطأ والخطأ دائما خطأ لا يصحح
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 08:41]ـ
ما هو اللفظ الذي صحّ في هذا المعنى - بارك الله فيكم -؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 09:12]ـ
(إنك لا تدع شيئاً إتقاء الله تعالى إلا أعطاك الله عز وجل خيراً منه). رواه أحمد (5/ 363) وإسناده صحيح ورواه البيهقي (5/ 335) وو
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 09:36]ـ
/// وههنا توجيهٌ آخر لكلام ابن القيِّم رحمه الله، وهو أن يُقال: إنَّ قوله: (وقولهم) لا يلزم منه عدم قول النَّبي (ص) له، إذ هو قولهم احتجاجًا بقوله، فهو قولهم باعتبار احتجاجهم به وكلامهم عنه.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 12:25]ـ
اخي عدنان البخاري شكرا لك ... بارك الله فيك
اخي امجد تقول وهنا تنبيه حديث الزهري غريب منكر لا يصلح في الشواهد لأنه خطأ والخطأ دائما خطأ لا يصحح
اقول:ماوجه الخطا فيه.لوسمحت.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 04:29]ـ
ابن القيم رحمه الله غير معصوم
ولكن لا تسارع إلى تخطئة الأئمة بارك الله فيك
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 05:12]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 09:01]ـ
وجه الخطأ أنه موضوع كما قال الشيخ الألباني رحمه الله
فيه عبد الله بن سعد الرقي كذبه الدارقطني وقال يضع الحديث ومروة بنت مروان وعاتكة بنت بكار وبكار بن محمد لا يعرفون
وهذا إسناد من أصح الأسانيد فأين أصحاب الزهري عنه
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 09:42]ـ
هذا كلام الالباني رحمه الله فهو حكم على الطريق الاولى بالوضع وصحح الثانية
نص الحديث ما ترك عبد شيئا لله لايتركه إلا لله إلا عوضه منه ماهو خير له في دينه ودنياه. (موضوع بهذا اللفظ)
_ وقد صح الحديث بدون قوله في آخره: في دينه ودنياه
وهو بلفظ: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. وسنده صحيح.
الكتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة المجلد الأول
المؤلف محمد ناصر الدين الألباني
الناشر مكتبة المعارف الرياض
الطبعة الطبعة الأولى للطبعة الجدبدة
تاريخ الطبعة 1412 هـ 1992
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 02:51]ـ
أود أن أشير - بعد إذنكم - إلى عدة نقاط:
أولاً: يبدو أن ابن القيم رحمه الله لم تثبت صحة نسب الحديث عنده الى النبي صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي صح معناه عنده، فآثر أن يعدل عن نسبته الى النبي بنسبته الى غيره فقال " قولهم "، وذلك لأن نسبة القول الى النبي في حال عدم قول النبي له أعظم خطراً وضرراً من عدم نسبته اليه في حال قوله له، وهو سلوك جيد جداً - في نظري - من هذا الامام.
ثانياً: أظن أن الأحاديث التي لم يتفق العلماء على قول فصل فيها من حيث الصحة او الضعف - لا ينبغي أن يخطأ العلماء فيها إذا رأوا صحتها أو ضعفها، فكيف الحال إذا سكتوا عنها ولم يصرحوا بتصحيح ولا تضعيف؟!!!!!!!!
ثالثا: الرواية التي حكم الشيخ الألباني عليها بالوضع - ينبغي التحرز من روايتها حيث تحمل معنى مغلوط وتصور خطير على العقيدة، وللأسف فإن الكثير من الدعاة لا ينتبهون الى ذلك فتراهم يأمرون الناس بالمعروف ولو كان فيه ضرر دنيوي عليهم وينهونهم عن المنكر ولو كان فيه نفع دنيوي لهم، ويعدونهم بأن الله سيعوضهم دنيوياً، فإذا لم يقع لهم التعويض الدنيوي فلربما حدا بهم ذلك الى التشكك في الدين، والوقوع في الارتياب ....
" ومن الناس من يعبد الله على حرف ..... "
، ولو أنهم أعلموهم بحقيقة الدنيا وضرورة الابتلاء وسنة الله في خلقه كما ذكر القرآن في عشرات الآيات لأنقذوهم من هذه المعاني المغلوطة.
" فأما الانسان اذا ما ابتلاه ربه ....... "
" أحسب الناس أن يتركوا .......... "
" ولولا ان يكون الناس أمة واحدة ...... "
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 03:17]ـ
عند أخينا أبي محمد الغامدي جرأة حلوة ((أحياناً))
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 05:23]ـ
اخي الكريم شريف شلبي
تقول أظن أن الأحاديث التي لم يتفق العلماء على قول فصل فيها من حيث الصحة او الضعف -
لا ينبغي أن يخطأ العلماء فيها إذا رأوا صحتها أو ضعفها، فكيف الحال إذا سكتوا عنها ولم يصرحوا بتصحيح ولا تضعيف
ثم قلت ابن القيم رحمه الله لم تثبت صحة نسب الحديث عنده الى النبي صلى الله عليه وسلم
اقول هذاتناقض بين فمرة تقول انه حديث ولم يصرح فيه بتصحيح ولا تضعيف واخرى تقول لم تثبت صحة نسب الحديث عنده
قلت اولا هو لم يذكر انه حديث
وثانيالم اقل انه خطا حين ضعف الحديث
بارك الله فيك ...
ـ[توبة]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 07:19]ـ
/// وههنا توجيهٌ آخر لكلام ابن القيِّم رحمه الله، وهو أن يُقال: إنَّ قوله: (وقولهم) لا يلزم منه عدم قول النَّبي (ص) له، إذ هو قولهم احتجاجًا بقوله، فهو قولهم باعتبار احتجاجهم به وكلامهم عنه.
و لعل هذا هو التوجيه الأنسب،بارك الله فيكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 07:21]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
مُدحَ ثم فَرح ثم ندم وخسر! فلا تكن مثله!!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 03:33]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لصاحب الحمد والثناء , والشكر لمن ليس له مثيل في الجزاء والعطاء , والصلاة والسلام على خير الحامدين والشاكرين , وإمام الأولين والآخرين , نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللهم تسليما ... أما بعد:
فلا زلت أكتب؛ والكتابة إحدى ثلاث طرق يخبر فيها الإنسان عما يريد , فالقول طريق , والإشارة طريق , والكتابة طريق .. فالحمد لله الذي أنعم علينا بالثلاث!
ولازلت أكتب؛ فالكتابة كالمولود الرضيع الذي ترعاه وتهتم به في البداية , ثم إذا قارب الفطام تعلقت النفس به , ثم يكون من أركان البيت وأساسه تظهر فيه الوحشة والفراغ عند غيابه!
ويصعب لمن مارس الكتابة وأخذ عليها أن يتركها خصوصا إن كان يُنفّس بها عن نفسه , ويُصدِر بها عما في صدره , ويُخلد بها ما يدور في خلده!
بل قد يمرض عند ابتعاده عنها ويحس بوحشة , فيقال إن ابن تيمية رحمه الله لما مُنع من الكتابة مرض وكان هذا آخر حياته؛ ولا أزعم أني ذاك الرجل , لكني على قصر عمري وجدت لذتها , ولاقيت حمدا لها , فأعدت قراءتها لأنظر فيما يقال عن تميزها , فلا أعود إلا بخفي حنين كما يقال! فأذكر حينها طِيْبَ تلك النفوس وسلامتها , ولولا أنها خلجات في الصدر لما خَرَجَتْ , ولولا طلب الخير لما عَبَرَتْ , مع يقني أن من المحال دوام الحال , فالله اسأل قبولاً ورضا من لدنه وغفرانا ونفعا ..
** نقطة نظام **
هل تأملت يوما في رعاية الإسلام لحقوق الآخرين؟! والتحذير من هضمها خصوصا الضعفاء منهم! فلئن ضعف صاحب الحق أو غفل عن حقه فما الله بغافل عما تعملون!
** جزء من مقال **
جبلت نفوس البشر على حب الثناء؛ بل لا أحد أحب إليه الثناء من الله جل جلاله! فالثناء من حيث أصله ممدوح , بيْد أنَّ ثمة أمور تُخرج الأمر من المحمود إلى المذموم , كالثناء المبالغ فيه والذي لا يخلو من كذب غالبا!
والناس في الجملة ظَلَمَة جهلة , كما أخبر الله جل جلاله , فلا عتب عليهم بما يصدر منهم , مدحا وذما؛ إنما العتب على نخبة القوم وسادتهم وأولئك النفر الذين قبلوا بأن يضحكوا على أنفسهم قبل الآخرين عندما فرحوا بمثل هذا , أو حتى سخطوا عند فقده؛ ومنهم من يحب أن يمدحه الناس ويثنون عليه خيرا وهو على أريكته أو مكتبه , وتضاف الإنجازات له , ويفرح بذلك! ولا خبر له فيما يقال عنه إلا حبرا أجراه على ورق! وليته اكتفى بذلك فحسب , بل هضم للآخرين حقوقهم ولم يشكر سعيهم!
فأي كِبر هذا , وأي جور عمل!
ألا خابت تلك النفوس التي غرها زخرف الدنيا وبهرجها!
لا يخفى على كل ذي لب أن الإنجازات الكبيرة والأعمال العظيمة لا يقوم بها واحد أو اثنان؛ إنما تقوم على مجموعة لا على أفراد؛ وليست الأم المرضعة كالأم الواضعة , وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة , وليس الابن بالتبني كالابن بالنسب , فلا تنسب عملاً ما أُعجبَ به الناس لنفسك , كن متعقلا راشدا والزم الجماعة , زد من علو كعبك ومقامك بذكر فضل من له الفضل , ولا تبخس ما لهم فتخسر ما لك!
الأمر جد خطير , والداء عظيم إن كان في نفسك ولم تعالجه؛ فلم يسلم من ذلك أحد فعلى واقع ما أنت فيه الآن تقرأ لإنسان نقل موضوعا ونسبه لنفسه وشكر للآخرين حسن تشجيعهم له! وليس له في ذلك إلا القص واللصق!
إن الله جل جلاله لا يضيع أجر من أحسن عملا , وكل شيء عنده بمقدار ولئن حرمت أجرة الدنيا فالآخرة خير وأبقى لمن صحت نيته وصلح عمله.
إن ثناء الناس لا يغني من الحق شيئا , فادفع عن نفسك اليوم ما تسوء برؤيته غداً , يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه (لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)!
** طيور مهاجرة >>
يقول الله تبارك وتعالى (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) فصّل في ذكر النعيم والجنة تشويقا لطيب العيش ورغده واكتفى بذكر (النَّارُ) وكفى به واعظا .. فأي عقبى تريد؟!
** نقطة عبور **
الفطام: سن يوقف فيها الرضيع عن الرضاعة من صدر أمه.
بخفي حنين: مثل عربي يضرب لمن ذهب يطلب شيئا ولم يجده!
نخبة: النخبة هم الطبقة الواعية الحكيمة من الناس.
لب: عاقل.
ـ[المقدادي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 08:50]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 09:27]ـ
جزاك الله خيراً
وإياكم .. شكر الله مروكم ونفع الله بكم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوفردوس]ــــــــ[27 - May-2008, صباحاً 10:56]ـ
لافض فوك جزاك الله خيرا موعظة وأدب ونصيحة وكل شيء زودك الله التقوى ولإخلاص في القول والعمل
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 08:05]ـ
لافض فوك جزاك الله خيرا موعظة وأدب ونصيحة وكل شيء زودك الله التقوى ولإخلاص في القول والعمل
اللهم آمين .. شكر الله لكم حسن ثناءك .. ورزقك الله بمثل ما دعوت به .. نفع الله بك
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 08:32]ـ
ما شاء الله تبارك الله
جزاك الله خيرا يا أخي الفاضل محبرة الداعي
لقد ذكرتني
وأرجو أن أتذكر ذلك دائما
ان محبة الناس مفرحة لأنها دليل على محبة الخالق، وعند هذا الحد لابد أن يقف المرء، ويقطع أمله بالناس.
وقد ينقلب المادح ذاما
إذا حسد أو حقد أو انتقم
ولكن إذا انقلب كل المادحين ذامين
لابد من المراجعة والعودة إلى الله بسرعة.
ثبتنا الله وإياكم على طريق الحق آمين.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 10:16]ـ
ما شاء الله تبارك الله
جزاك الله خيرا يا أخي الفاضل محبرة الداعي
لقد ذكرتني
وأرجو أن أتذكر ذلك دائما
ان محبة الناس مفرحة لأنها دليل على محبة الخالق، وعند هذا الحد لابد أن يقف المرء، ويقطع أمله بالناس.
وقد ينقلب المادح ذاما
إذا حسد أو حقد أو انتقم
ولكن إذا انقلب كل المادحين ذامين
لابد من المراجعة والعودة إلى الله بسرعة.
ثبتنا الله وإياكم على طريق الحق آمين.
أهلا بأبي الأسود البواسل .. جعلك الله من أسود أهل السنة .. ومن الذابين عن حمى الدين .. جميل ما أضفته .. نفع الله بك وبارك فيك!
ـ[أحمد بن حنبل]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 11:42]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[أبو منصور التميمي]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 11:55]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جُزيت خيراً.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 12:17]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أهلا بأحمد .. جعلك الله من الحامدين له والشاكرين .. شكر الله مرورك وبارك الله فيك
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 12:20]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جُزيت خيراً.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أهلا بأبي منصور .. نصر الله بك الدين وأتم عليك النعمة .. شكر الله مرورك وجزاك خيرا ..(/)
الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- و الظاهر المراد من نصوص الأسماء و الصفات (01)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 04:32]ـ
[الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- و الظاهر المراد من نصوص الأسماء و الصفات]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
قال الشيخ عبد الحميد بن باديس في (العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية: ص59/دار الفتح-الشارقة):" نثبت له ما أثبته لنفسه على لسان رسوله من ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وننتهي عند ذلك ولا نزيد عليه وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته ونثبت الاستواء و النزول و نحوهما، ونؤمن بحقيقتهما على ما يليق به تعالى بلا كيف، وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ".اهـ
أقول وبالله العون و التوفيق: إن الله جل وعلا خاطب العباد في كتابه العزيز بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته وصفاته [1].
فصرف كتاب الله عن ظاهره المتبادر منه لا يجوز إلا بدليل يجب الرجوع إليه من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم – [2].
قال الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن معمر- رحمه الله تعالى -[3]: " واعلم أن كثيراً من المتأخرين، يقولون: هذا مذهب السلف، في آيات الصفات، وأحاديثها، إقرارها على ما جاءت، مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد، وهذا لفظ مجمل، فإن قول القائل: ظاهرها غير مراد، يحتمل أنه أراد بالظاهر، نعوت المخلوقين، وصفات المحدثين، فلا شك: أن هذا غير مراد؛ ومن قال: هذا، فقد أصاب، لكن أخطأ في إطلاق القول أن هذا ظاهر النصوص، فإن هذا ليس هو الظاهر، فإن إيماننا بما ثبت من نعوته، كإيماننا بالذات المقدسة، إذ الصفات تابعة للموصوف، فنعقل وجود الباري، وننزه ذاته المقدسة عن الأشباه، من غير أن نتعقل الماهية؛ فكذلك القول في صفاته: نؤمن بها،ونعقل وجودها، ونعلمها في الجملة، من غير أن نتعقلها، أو نشبهها، أو نكيفها، أو نمثلها بصفات خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ... ومن ظن أن نصوص الصفات، لا يعقل معناها، ولا يدري ما أراد الله ورسوله منها، ولكن يقرؤها ألفاظاً لا معاني لها، ويعلم أن لها تأويلاً، لا يعلمه إلا الله، وأنها بمنزلة (كهيعص، حم، عسق، الَمص) وظن أن هذه طريقة السلف، وأنهم لم يكونوا يعرفون حقائق الأسماء؛ والصفات، ولا يعلمون حقيقة قوله: (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه) وقوله (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) وقوله: (الرحمن على العرش استوى) ونحو ذلك، فهذا الظان من أجهل الناس بعقيدة السلف. وهذا الظن يتضمن استجهال السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، وسائر الصحابة، وأنهم كانوا يقرؤون هذه الآيات، ويروون حديث النزول، وأمثاله، ولا يعرفون معنى ذلك، ولا ما أريد به، ولازم هذا الظن: أن الرسول –صلى الله عليه و سلم- كان يتكلم بذلك، ولا يعرف معناه، فمن ظن أن هذه عقيدة السلف، فقد أخطأ في ذلك خطأ بيناً؛ بل السلف رضي الله عنهم أثبتوا لله حقائق الأسماء والصفات، ونفوا عنه مماثلة المخلوقات، فكان مذهبهم مذهباً بين مذهبين، وهدى بين ضلالين، خرج من مذهب المعطلين والمشبهين، كما خرج اللبن: (من بين فرث ودم لبنا خالصاً سائغاً للشاربين) ".اهـ
وبناء على ذلك فقول بن باديس عن صفة الاستواء و النزول ونحوهما .. بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد يحتمل معنيين باطل و آخر حق [4]:
- فالمعنى الباطل: نفي المعنى الظاهر الذي يليق بذي الجلال والإكرام؛ فمثلا: الاستواء معلوم المعنى في لغة العرب، فاستوى هنا عديَت بـ: (على) فهي هنا بمعنى: (علا وارتفع)، وهكذا الأمر في سائر نصوص الصفات، فإن معانيها معروفة في لغة العرب، وليست مجهولة [5]، فنفي هذا المعنى الظاهر من نصوص الاستواء تعطيل وإلحاد في صفاته [6]، وهكذا باقي صفات الرحمن -جل وعلا-.
- أما المعنى الحق: فهو نفي الظاهر الذي يليق بالمخلوقين ويختص بهم، بمعنى أن صفات المخلوقين غير مرادة.
وعبارة الشيخ ابن باديس –رحمه الله تعالى –: " .. وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ". باطلة ومحمولة على المعنى الأول و بيان ذلك من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
- الوجه الأول: أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها المتبادرة منها، لكل مسلم راجع عقله، هي مخالفة صفات الله لصفات خلقه [7]. فقول الشيخ:" .. وننزهه في ذلك عن مماثلة أو مشابهة شيء من مخلوقاته .. " يكفي في نفي التشبيه بخلقه وإثبات المعنى الظاهر المراد، فلا داعي إذن لقوله" وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد " إلاَّ إذا كان مقصوده المعنى الباطل؛ وهو صرف نصوص الصفات عن ظاهرها المراد وهذا واضح الفساد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى-[8]: " ومن قال: إن ظاهر شيء من أسمائه وصفاته غير مراد فقد أخطأ؛ لأنه ما من اسم يسمى الله تعالى به إلا والظاهر الذي يستحقه المخلوق غير مراد به، فكان قول هذا القائل يقتضي أن يكون جميع أسمائه وصفاته قد أريد بها ما يخالف ظاهرها، ولا يخفى ما في هذا الكلام من الفساد ".
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى-[9]:"والواقع في نفس الأمر أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها المتبادرة منها، لكل مسلم راجع عقله، هي مخالفة صفات الله لصفات خلقه.
ولا بد أن نتساءل هنا فنقول:
أليس الظاهر المتبادر مخالفة الخالق للمخلوق، في الذات والصفات والأفعال؟
والجواب الذي لا جواب غيره: بلى.
وهل تشابهت صفات الله مع صفات خلقه حتى يقال إن اللفظ الدال على صفته تعالى ظاهره المتبادر منه تشبيهه بصفة الخلق؟
والجواب الذي لا جواب غيره: لا.
فبأي وجه يتصور عاقل أن لفظاً أنزله الله في كتابه، مثلاً دالاً على صفة من صفات الله أثنى بها تعالى على نفسه، يكون ظاهره المتبادر منه، مشابهته لصفة الخلق؟ (سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ).
فالخالق والمخلوق متخالفان كل التخالف وصفاتهما متخالفة كل التخالف. فبأي وجه يعقل دخول صفة المخلوق في اللفظ الدال على صفة الخالق؟ أو دخول صفة الخالق في اللفظ الدال على صفة المخلوق مع كمال المنافقاة بين الخالق والمخلوق؟
فكل لفظ دل على صفة الخالق ظاهره المتبادر منه أن يكون لائقاً بالخالق منزهاً عن مشابهة صفات المخلوق. وكذلك اللفظ الدال على صفة المخلوق لا يعقل أن تدخل فيه صفة الخالق ".اهـ
-الوجه الثاني: إن قول الشيخ ابن باديس عن صفة الاستواء و النزول ونحوهما .. : " وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد " خطأ وإن أراد به المعنى الحق -وهو مستبعد كما تقدم- لأنه يوهم البدعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى-[10]:" .. من قال: إن الظاهر غير مراد، بمعنى: أن صفات المخلوقين غير مرادة، قلنا له: أصبت في المعنى، لكن أخطأت في اللفظ، وأوهمت البدعة، وجعلت للجهمية طريقًا إلى غرضهم، وكان يمكنك أن تقول: تمر كما جاءت على ظاهرها مع العلم بأن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين، وأنه منزه مقدس عن كل ما يلزم منه حدوثه أو نقصه.
ومن قال: الظاهر غير مراد بالتفسير الثاني وهو مراد الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة وبعض الأشعرية وغيرهم فقد أخطأ ".
وعليه فلو ذكر ابن باديس عبارته مقيدة-مثلا- بقوله " والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله".دون قوله:" .. أو مشابهة شيء من مخلوقاته " لكان قوله مقبولا صوابا موافقا لعقيدة السلف الصالح محمولا على المعنى الحق كما قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ: " وأمّا قوله تعالى (ثمّ استوى على العرش) فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً، ليس هذا موضع بسطها وإنّما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح، مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل. والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله؛ فإنّ الله لا يُشبهه شيء من خلقه و (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال: من شبّه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه، ولا رسوله تشبيه فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى".اهـ. [11]
(يُتْبَعُ)
(/)
-الوجه الثالث: إن كلام الشيخ بن باديس حول بعض الصفات وصرف معانيها عن ظاهرها المراد و تفسيرها بآثارها كصفة "الرحمة" حيث قال:" الرحمن: المنعم الذي تتجدد نعمه في كل آن" [12]، وقوله عن صفة "الإعراض" بأنها حرمان الثواب، و صفة "الحياء" بترك العقاب .. الخ [13]. لم يدع مجالا لحمل كلامه على المعنى الحق الحسن، مما يدل دلالة واضحة أن عبارته –السابقة- قصد بها المعنى الفاسد الباطل وهو نفي الظاهر المراد عند السَّلف الصالح الذي يليق بجلال الله و عظمته، والله أعلم.
وبهذا يُعلم أن الشيخ عبد الحميد بن باديس- رحمه الله تعالى- قد أخطأ في عبارته تلك خطأ يتعلق بتوحيد الله - جل وعلا - في أسمائه و صفاته، فلا يجوز متابعته فيه، والواجب التنبيه والتحذير من الخطأ، خاصة مع انتشار الكتاب ووجود من يروج له، والظن الحسن ببعض المشايخ السَّلفيين الذين شرحوا الكتاب أو علقوا عليه أن يُحذروا طلبة العلم فضلا عن العامة من زلات العلماء ومنها عبارة الشيخ ابن باديس السابقة، والله الموفق.
نسأل الله - جل في علاه - أن يحفظنا من سيئي الاعتقاد و يجنبنا قبيح الانتقاد، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه الفقير إلى الله تعالى
عبد الحق آل أحمد الجلفاوي
بتاريخ:5/جمادى الأولى/1429هـ
ــــــــــ
الحواشي:
[1]: ينظر: (شرح أصول الإيمان) لشيخنا محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله تعالى-.
[2]: ينظر: (أضواء البيان) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله تعالى-.
[3]: ينظر: (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) جمع الشيخ العلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي-رحمه الله تعالى-.
[4]: ينظر: (فتح الباري) للحافظ ابن رجب الحنبلي-رحمه الله تعالى -.
[5]: ينظر: (مدارج السالكين) لإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى-.
[6]: الإلحاد في أسماء الله -جل وعلا- هو العدول بها و بجهاتها و معانيها عن الحق الثابت لها، وهو مأخوذ من الميل، كما يدل عليه مادة (لحد) ومنه اللحد، وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط. والإلحاد في أسمائه تعالى أنواع منها: إلحاد أهل التعطيل الذين عطلوا الأسماء الحسنى من معانيها، وجحدوا حقائقها. ينظر: (توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام بن القيم، تأليف الشيخ العلامة أحمد بن إبراهيم بن عيسى -رحمه الله-.
[7]: ينظر: (أضواء البيان) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله تعالى-
[8]: (الرسالة المدنية في الحقيقة والمجاز في الصفات) ضمن "مجموع الفتاوى".
[9]: (أضواء البيان) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله تعالى-.
[10] (الرسالة المدنية في الحقيقة والمجاز في الصفات) ضمن "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى-.
[11]: (تفسير القرآن العظيم) للحافظ ابن كثير.
[12] ينظر: (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) للشيخ عبد الحميد بن باديس-رحمه الله تعالى-.
[13] ينظر: (مجالس التذكير من حديث البشير النذير) للشيخ عبد الحميد بن باديس-رحمه الله تعالى-.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - Aug-2008, مساء 01:38]ـ
تابع لما سبق:
الوجه الرابع: صرح الشيخ ابن باديس - رحمه الله تعالى – كما في تعريفه لكتاب (العواصم من القواصم) للقاضي بن العربي – وهو أشعري العقيدة – بموافقته له عند رده على أهل السنة و رميه لهم بالتشبيه، قال ابن باديس [صفحة (ب - ج) المطبعة الجزائرية الإسلامية بقسنطينة]: " .. وهذا كتاب (العواصم من القواصم) من آخر ما ألف قد سار فيه على تلك الخطة، و جمع فيه على صغر حجمه بين سائر كتبه العلمية فوائد جمة و علوماً كثيرة، فتعرض فيه لآراء في العلم باطلة، و عقائد في الدين ضالة، وسماها قواصم، وأعقبها بالآراء الصحيحة و العقائد الحقة المؤيدة بأدلتها النقلية، و براهينها العقلية المزيفة لتلك الآراء و المبطلة لتلك العقائد و سماها عواصم، فانتظم ذالك مناظرة السفسطائيين و الطبائعيين والإلاهيين، و مناظرة الباطنية و الحلولية، وأرباب الاشارات من غلاة الصوفية و ظاهرية العقائد، و ظاهرية الاحكام، وغلاة الشيعة و الفرقة المتعصبة للاشخاص باسم الاسلام. اهـ
فقوله: " .. وظاهرية العقائد .. " فيه توضيح لما اشتبه من قوله في كتابه (العقائد الإسلامية .. ) بله التصريح بعقيدته في هذه المسألة؛ لأن ابن باديس لو أراد المعنى الحق من قوله: "وبأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد " لعلق و صحح قول القاضي ابن العربي [العواصم .. ص:17، المطبعة الجزائرية الإسلامية بقسنطينة]: " .. وهذه الطائفة الآخذة بالظاهر في العقائد هي في طرف التشبيه .. ".اهـ، وقوله: " .. ثم جاءت طائفة ركبت عليه فقالت أنه فوق العرش بذاته ".اهـ وغيرها من أقوال القاضي المخالفة لعقيدة السلف الصالح، و الله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[11 - Aug-2008, مساء 12:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم: لي اعتراض على ما تفضلت به والخصه في سؤالين لا بد وان تجيب عليهما - مشكورا-اذا اردت اقناع من لم يرى مثل رايك:
1 - هل يثبت مفوضة الاشاعرة حقائق الصفات؟
2 - هل الظاهر المتعارف عليه في حقنا مراد؟
.............................. ....
ملاحظة: ارجو ان لا يسترسل اخي في الحديث على مسالة "هل الظاهر من نصوص الصفات هو هذا المتعارف عليه في حقنا؟ " فهذه من مسائل الاتفاق فلا حاجة لبسط القول فيها فجميعنا يفهم من ظاهر النص ذلك المعنى الذي يليق بجلال الله عز وجل .. اخوك
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[11 - Aug-2008, مساء 05:43]ـ
أخي الكريم "العاصمي من الجزائر": وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته ..
1 - هل يثبت مفوضة الأشاعرة حقائق الصفات؟
الجواب هو: ذكر بعض أهل العلم في معنى التفويض أنه: عدم التعرض لتفسير النصوص و بيان معناها الحقيقي، فالمفوض هو الذي يجحد معناها الذي تدل عليه، ويظن أن لها معنى لا يعلمه إلا الله. اهـ. وبهذا يعلم أن مفوضة الأشاعرة لا تثبت حقائق الصفات بمعناها اللغوي، لكن قد يذكر بعض أهل البدع من الأشاعرة و غيرهم الصفات ويقولون - لفظيا أو ما شبهها- نثبتها على الحقيقة ومرادهم وجود تلك الصفات لا معانيها الحقيقة وفق لغة العرب، والله أعلم.
2 - هل الظاهر المتعارف عليه في حقنا مراد؟
الجواب هو: إن اشتراك المخلوقات مع الله – جل وعلا- في الاسم هو في أصل المعنى كما ذكر ذلك بعض أهل العلم، بناء على ذلك فالظاهر المتعارف عليه في حقنا منه ما يتعلق بأصل معنى الصفة وفق اللسان العربي وهو مراد، مثال ذلك: صفة: (الاستواء)؛ فالظاهر المتعارف عليه في حقنا يتضمن [أصل المعنى] الذي منه: (الاستقرار) و (العلو - ومنه علو الذات)، مع العلم أن الله – جل وعلا – له صفة الكمال المطلق في (الاستواء)، أما المخلوق فبما يناسب ذاته الضعيفة و الحقيرة، إذن قول القائل عن صفة (الاستواء) و غيرها: " بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد" قول باطل لما انقدح في ذهن قائله من التشبيه وهو غير مراد، والله أعلم.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[11 - Aug-2008, مساء 07:03]ـ
أخي الكريم "العاصمي من الجزائر": وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته ..
1 - هل يثبت مفوضة الأشاعرة حقائق الصفات؟
الجواب هو: ذكر بعض أهل العلم في معنى التفويض أنه: عدم التعرض لتفسير النصوص و بيان معناها الحقيقي، فالمفوض هو الذي يجحد معناها الذي تدل عليه، ويظن أن لها معنى لا يعلمه إلا الله. اهـ. وبهذا يعلم أن مفوضة الأشاعرة لا تثبت حقائق الصفات بمعناها اللغوي، لكن قد يذكر بعض أهل البدع من الأشاعرة و غيرهم الصفات ويقولون - لفظيا أو ما شبهها- نثبتها على الحقيقة ومرادهم وجود تلك الصفات لا معانيها الحقيقة وفق لغة العرب، والله أعلم.
2 - هل الظاهر المتعارف عليه في حقنا مراد؟
الجواب هو: إن اشتراك المخلوقات مع الله – جل وعلا- في الاسم هو في أصل المعنى كما ذكر ذلك بعض أهل العلم، بناء على ذلك فالظاهر المتعارف عليه في حقنا منه ما يتعلق بأصل معنى الصفة وفق اللسان العربي وهو مراد، مثال ذلك: صفة: (الاستواء)؛ فالظاهر المتعارف عليه في حقنا يتضمن [أصل المعنى] الذي منه: (الاستقرار) و (العلو - ومنه علو الذات)، مع العلم أن الله – جل وعلا – له صفة الكمال المطلق في (الاستواء)، أما المخلوق فبما يناسب ذاته الضعيفة و الحقيرة، إذن قول القائل عن صفة (الاستواء) و غيرها: " بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد" قول باطل لما انقدح في ذهن قائله من التشبيه وهو غير مراد، والله أعلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بورك فيك اخي:
1 - سؤال آخر حول جوابك الاول:
ما الفرق بين اثبات حقائقها واثبات وجودها؟
2 - اعتراض على بعض ما جاء في جوابك الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقولك " إذن قول القائل عن صفة (الاستواء) و غيرها: " بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد" قول باطل لما انقدح في ذهن قائله من التشبيه وهو غير مراد" ليس دقيقا تماما والاصل -في رايي- ان يفصل -اخي- في مثل هذا المقام فقول من قال:" بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد" قول مجمل محتمل كما قرره الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن معمر- رحمه الله تعالى - في النص الذي نقلته وترجيح اخي لاحد الفهمين المحتملين وحمله للعبارة "المشكلة" دون دليل "صحيح" من حيث
النقل "صريح" من حيث الدلالة يعد تحكما ..... ارجوا الافادة في هذا الاتجاه وجزى الله -اخي- كل خير
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[06 - Oct-2008, مساء 06:17]ـ
أخي الكريم " العاصمي من الجزائر ": وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ومغفرته ..
أولا: وفيكم بارك الله ..
ثانيا: الجواب على السؤال هو: الفرق بين حقائقها و إثبات وجودها لا يترتب عليه كبير فائدة بالنسبة لأهل السنة أتباع السلف الصالح – فيما ظهر لي -؛ لأن أهل البدع لهم قواعد ومناهج مخالفة لقواعد و منهج أهل السنة و الجماعة الواضح في التعامل مع النصوص الشرعية اتجاه مبحث الأسماء و الصفات وغيره من المباحث العقدية، أما أهل البدع فمن سماتهم التناقض و الخلط، ومنهم الأشاعرة وهم طبقات في باب الأسماء و الصفات وغيرها، لكن الذي علمته أثناء المناقشة مع أحدهم – هداه الله تعالى لعقيدة أهل السنة- ما سبق و أن قلته لك، أنه يثبت وجود بعض الصفات دون معناها الحقيقي، ومقصوده أن المعنى الحقيقي للصفة الذي يوهم [عنده] التشبيه لا يثبته بخلاف إثباته لوجود تلك الصفة مجردة عن المعاني أو بصرفها عن ظاهرها المراد إلى تفسيرها بآثار تلك الصفة و تأويلات باطلة .. الخ، والله أعلم.
أما الجواب على اعتراضك على جوابي الثاني، فأقول مستعينا بالله -جل في علاه-:
-قولي: (إذن قول القائل عن صفة (الاستواء) و غيرها: " بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد" قول باطل لما انقدح في ذهن قائله من التشبيه وهو غير مراد) له مقام و بساط حال قام عليه الكلام وهو ما سبق و أن كتبته في المقال عن الشيخ ابن باديس-رحمه الله تعالى-و الظاهر المراد من نصوص الصفات و الأسماء عنده، فإذا دققت و تدبرت كلامي و خاصة الوجه الرابع من المقال، تبين لك المقصود من كلامي، وأن ما ظهر لي من ترجيح هو الصواب، ولا بأس من زيادة بيان ذلك بإختصار الأدلة و القرائن على ترجيح ما ظهر لي، فيما يلي:
1 - تأويل ابن باديس لصفة الإعراض و صفة الحياء، كما في ص (68) من (مجالس التذكير من كلام البشير النذير):"فاستحيا الله منه: ترك عقابه ولم يحرمه من ثواب، أعرض: التفت إلى جهة أخرى فذهب إليها. فأعرض الله عنه: حرمه من الثواب ".اهـ
2 - تأويله لصفة الرحمة، كما في صفحة (231) من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) قوله: "رحيما: دائم الإفاضة للنعم".اهـ
و في صفحة (159) قوله: "يرجون رحمته: ينتظرون انعاماته لافتقارهم إليه".اهـ.وفي صفحة (364) قوله: "الرحيم: المنعم الدائم الانعام و الاحسان".اهـ وغيرها ..
3 - نفيه صفة الصورة، كما في صفحة (64) من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) حيث قال: "الاعتراف بوجود خالق الكون يكاد يكون غريزة مركوزة في الفطرة و يكاد لا تكون لمنكريه - عنادا- نسبة عددية بين البشر. ولكن أكثر المعترفين بوجوده قد نسبوا إليه ما لا يجوز عليه ولا يليق بجلاله من الصاحبة و الولد و المادة و الصورة و الحلول و الشريك في التصرف في الكون و الشريك في التوجه و الضراعة إليه والسؤال منه و الإتكال عليه".اهـ
4 - نفيه لـ"المادة" كما في المصدر السابق؛ ومعلوم منهج السلف في مثل هذه المصطلحات و أن إطلاق لفظ " المادة " على الله - جل وعلا -، إثباتا، أو نفيا، ليس من عبارات السلف الصالح المقتدى بهم في باب أسماء الله سبحانه و تعالى و صفاته، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى -: " وأما ما لا يوجد عن الله، و رسوله، إثباته، و نفيه، مثل: الجوهر، والجسم، والجهة، وغير ذلك، لا يثبتونه، ولا ينفونه، فمن نفاه فهو عند أحمد و السلف مبتدع، ومن أثبته فهو عندهم مبتدع، و الواجب عندهم: السكوت عن هذا النوع، إقتداء بالنبي- صلى الله عليه و سلم- و أصحابه".اهـ. (الدرر السنية في
(يُتْبَعُ)
(/)
الأجوبة النجدية).
5 - تأويله لصفة الكتابة، كما في صفحة (206) من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) قوله:" الزبور: بمعنى المزبور أي المكتوب و المراد به جنس ما أنزله الله من الوحي على رسله - صلوات الله عليهم- و أمر بكتابته ".اهـ. قوله: "و أمر بكتابته" فيه نوع إيهام بأن الله –جل وعلا- لا يكتب بيده كتابة تليق بجلال عظمته و سلطانه، وهي صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، فهو سبحانه يكتب ما شاء متى شاء، كما يليق بعظيم شأنه، لا ككتابة المخلوقين، والتي تليق بصغر شأنهم. ويفهم من كلامه التأويل لصفة الكتابة بدليل أن الشيخ ابن باديس عمَّمَ في قوله السَّابق معنى الزبور وبأنه جنس ما أنزل الله من الوحي على رسله عليهم الصلاة و السلام و أمر بكتابته .. والحقيقة أن هناك كتب لبعض الرسل خطها الله عز وجل بيده الشرفية، فالتوراة لموسى- عليه الصلاة والسلام- كتبها بيده – جل وعلا - والدليل قول النبي - صلى الله عليه و سلم-: احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا. [رواه البخاري و مسلم].
6 - تأويله لصفة المحبة و الود، صفحة (200) كما في (مجال التذكير من كلام الحكيم الخبير) قال: "أما هذا الود الذي وعد الله به الذين آمنوا و عملوا الصالحات فسببه جعل من الله في قلوب العباد لهم دون تودد منهم ولا توقف على تلك السباب فيودهم من لم يكن بينه و بينهم علاقة نسب أو صداقة ولا وصل إليه منهم معروف فهذا نوع من الود خاص يكرمهم الله به و ينعم عليهم به .. إلى أن قال: .. وأي ود هو، ود من جعل الرحمن".اهـ، وقال صفحة (307) كما في المصدر السابق: "يحب التوابين و يحب المتطهرين و يحسن لقاءهم و يجزل ثوابهم".اهـ.
و إقراره - وهو رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين – للشيخ مبارك الميلي-رحمه الله تعالى - عندما أول صفة المحبة كما في كتابه (الشرك و مظاهره) صفحة (178) قال: " وقوله تعالى: ((إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين)) أي يثيبهم وينعم عليهم".اهـ.
7 - عدم نقده لأشعريات القاضي ابن العربي – رحمه الله تعالى- في كتابه (العواصم من القواصم) فقد أشرف الشيخ ابن باديس على طبعه و التعليق عليه، وقد حوى فصولا فيها تحامل على عقيدة أهل السنة ورميهم بالتشبيه لأنهم يثبتون الصفات على ظاهرها دون تحريف، ومنها صفة الاستواء لله –جل وعلا -، فقال القاضي ابن العربي طاعنا فيهم: " .. وهذه الطائفة الآخذة بالظاهر في العقائد هي في طرف التشبيه .. ".اهـ، وقال: " .. ثم جاءت طائفة ركبت عليه فقالت أنه فوق العرش بذاته".اهـ. كل هذا وغيره من الكلام المخالف أقره ابن باديس ولم يعلق عليه ردا ونقضا كما فعل مع القاضي ابن العربي في مسألة قتل الحسين –وغيرها-. ولم يفعل مثل ما فعل الشيخ محب الدين الخطيب – رحمه الله تعالى – حينما أشرف على طبع كتاب القاضي ابن العربي و نزع القسم الذي فيه طعن في أهل السنة و عقيدتهم، فعلاما يدل هذا؟!
وفي الختام أخي "العاصمي من الجزائر" –وفقني الله و إياك – أظن العبارة " المشكلة " قد زالت بالأدلة " القاطعة الواضحة " و الكلمات " المفصلة الصريحة " .. ولم يعد هناك تحكما في الكلام فلا عتاب ولا ملام، والله أعلم.
أعتذر عن التأخير في الرد لظروف ..
وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين.(/)
مقالات الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 06:11]ـ
المنهج القرآني في التعامل مع أخطاء المجاهدين
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الفتن العظيمة التي تموج اليوم في واقعنا المعاصر لتفرض على المسلم أن يكون حذراً يقظاً متأنياً في أقواله وأفعاله ومواقفه سائلاً ربه عز وجل الهداية للحق والثبات عليه. ومن أسباب الهداية للحق البصيرة في الدين وتدبر كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والاستضاءة بهما في خضم هذه الفتن التي تموج كموج البحر.
ومن هذه الفتن التي ظهرت في الآونة الأخيرة تلك المواقف المتباينة إزاء أخطاء بعض المجاهدين في الثغور ما بين مبرر لها ومدافع عنها وكأنه يدعي العصمة للمجاهدين، وما بين مواقف مستعجلة من بعض الدعاة إزاء هذه الأخطاء لم يراعوا فيها التثبت أو لم يراعوا فيها مآلات أقوالهم وما يترتب عليها من المفاسد ودون انتباه لما يقوم به العدو المتربص من كافر ومنافق من توظيف لأقوالهم هذه في تبرير ضربهم للمجاهدين أو الشماتة بهم.
ولذا يتعين على كل من أراد لنفسه السلامة من الزلل والسقوط في الفتن أن يترسم القرآن الكريم ويتدبره ويجعله منطلق مواقفه كلها.
ولقد وقفت في كتاب الله عز وجل على آيات كريمة عظيمه ترسم لنا المنهج الحق العدل في التعامل مع أخطاء المجاهدين ووضعها في حجمها الطبيعي دون أن يوظفها العدو في صالحه وهذه الآيات هي قوله عز وجل:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}] 217 - 218 سورة البقرة [.
*اقصد بالمجاهدين هنا أولائك الذين قاموا بأداء فريضة العين وذلك بجهاد الدفع عن بلاد المسلمين التي غزاها الكفرة واحتلوها كما هو الحال في أفغانستان والعراق والشيشان وفلسطين.
وقبل أن نقف عند الدروس من هذه الآية وما فيها من منهج حاسم في التعامل مع أخطاء المجاهدين وأعداء المجاهدين يحسن بنا أن نقف على سبب نزول هذه الآيات كما جاءت في كتب التفسير.
قد جاء في روايات متعددة أنها نزلت في سرية عبدالله بن جحش-رضي الله عنه-وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قد بعثه مع ثمانية من المهاجرين ليس فيهم احد من الأنصار ومعه كتاب مغلق وأمره ألا يفتحه حتى يمضي ليلتين. فلما فتحه وجد به: ((إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بطن نخله-بين مكة والطائف- ترصد لنا قريشاً وتعلم لنا من أخبارهم .. ولا تكرهن أحداً على السير معك من أصحابك)) - وكان هذا قبل غزوة بدر الكبرى. فلما نظر عبدا لله بن جحش في الكتاب قال: سمعاً وطاعة. ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله –صلى الله عليه وسلم - أن أمضي إلى بطن نخلة أرصد بها قريشاً حتى آتيه منها بخبر. وقد نهى أن استكره أحداً منكم. فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع، فأنا ماض لأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف أحد منهم: فسلك الطريق على الحجاز حتى إذا كان ببعض الطريق ظل بعير لسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان -رضي الله عنهما- فتخلفا عن رهط عبد الله بن جحش ليبحثا عن البعير ومضى الستة الباقون. حتى إذا كانت السرية ببطن نخلة مرت عير لقريش تحمل تجارة، فيها عمرو بن الحضرمي وثلاثة آخرون، فقتلت السرية عمراً ابن الحضرمي وأسرت أثنين وفر الرابع وغنمت العير. وكانت تحسب أنها في اليوم الأخير من جمادى الآخرة. فإذا هي في اليوم الأول من رجب -وقد دخلت الأشهر الحرم- التي تعظمها العرب. وقد
(يُتْبَعُ)
(/)
عظمها الإسلام وأقر حرمتها .. فلما قدمت السرية بالعير والأسيرين على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام)).فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً. فلما قال ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم – سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا؛ وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش:قد أستحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال) أ. هـ] أنظر كتب التفسير عن هذه الآية [
يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى عند هذه الآية:
(ولما كانت هذه الآية نازلة بسبب ما حصل لسرية عبد الله بن جحش، وقتلهم عمرو بن الحضرمي، وأخذهم أموالهم وكان ذلك –على ما قيل في شهر رجب –عيرهم المشركون بالقتال بالأشهر الحرم، وكانوا في تعييرهم ظالمين إذ فيهم من القبائح، ما بعضه أعظم مما عيروا به المسلمين، قال تعالى في بيان ما فيهم.
] وصد عن سبيل الله [أي: صد المشركين من يريد الإيمان بالله وبرسوله، وفتنتهم من امن به، وسعيهم في ردهم عن دينهم، وكفرهم الحاصل في الشهر الحرام، والبلد الحرام، الذي هو بمجرده، كاف في الشر. فكيف، وقد كان في شهر حرام وبلد حرام؟!!.
] وإخراج أهله [أي:أهل المسجد الحرام وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه،لأنهم أحق به من المشركين،وهم عماره على الحقيقة، فأخرجوهم] منه [ولم يمكنوهم من الوصول إليه، مع أن هذا البيت، سواء العاكف والباد.
فهذه الأمور كل واحد منها:] أكبر من القتل [في الشهر الحرام، فكيف وقد اجتمعت فيهم؟! فعلم أنهم فسقه ظلمة في تعييرهم المؤمنين. ثم أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين. وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم، وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم، ويكونوا كفاراً بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير) أ. هـ
ويقول سيد قطب رحمه الله تعالى عند هذه الآية أيضاً:
(نزلت هذه النصوص القرآنية فقطعت كل قول وفصلت في الموقف بالحق فقبض الرسول – صلى الله عليه وسلم- الأسيرين والغنيمة.
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)) ...
نزلت تقرر حرمة الشهر الحرام، وتقرر أن القتال فيه كبيرة، نعم! ولكن:
((وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)) ..
إن المسلمين لم يبدأوا القتال، ولم يبدأوا العدوان. إنما هم المشركون هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله والكفر به وبالمسجد الحرام لقد صنعوا كل كبيرة لصد الناس عن سبيل الله. ولقد كفروا بالله وجعلوا الناس يكفرون. ولقد كفروا بالمسجد الحرام.انتهكوا حرمته؛ فآذوا المسلمين فيه وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاماً قبل الهجرة. وأخرجوا أهله منه، وهو الحرم الذي جعله آمناً، فلم يأخذوا بحرمته ولم يحترموا قدسيته ...
وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام .. وفتنة الناس عن دينهم أكبر عند الله من القتل. وقد ارتكب المشركون هاتين الكبيرتين فسقطت حجتهم في التحرز بحرمة البيت الحرام وحرمة الشهر الحرام. ووضح موقف المسلمين في دفع هؤلاء المعتدين على الحرمات؛ الذين يتخذون منها ستاراً حين يريدون، وينتهكون قداستها حين يريدون! وكان على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم، لأنهم عادون باغون أشرار، لا يراقبون حرمة، ولا يتحرجون أمام قداسة. وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من المحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم ولا قداسة!
لقد كانت كلمة حق يراد بها باطل. وكان التلويح بحرمة الشهر الحرام مجرد ستار يحتمون خلفه، لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر المعتدي .. وهم المعتدون ابتداء. وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء ...
(يُتْبَعُ)
(/)
هؤلاء قوم طغاة بغاة معتدون.لا يقيمون للمقدسات وزناً، ولا يتحرجون أمام الحرمات، ويدوسون كل ما تواضع المجتمع على احترامه من خلق ودين وعقيدة.يقفون دون الحق فيصدون الناس عنه، ويفتنون المؤمنين ويؤذونهم أشد الإيذاء، ويخرجونهم من البلد الحرام الذي يأمن فيه كل حي حتى الهوام! .. ثم بعد ذلك كله يتسترون وراء الشهر الحرام، ويقيمون الدنيا ويقعدونها باسم المحرمات والمقدسات، ويرفعون أصواتهم: انظروا هاهو ذا محمد ومن معه ينتهكون حرمة الشهر الحرام!) ا. هـ.
نلخص من سبب نزول الآية والتوجيه الرباني فيها إلى الموقف السليم في التعامل مع أخطاء المجاهدين المجتهدين والمتمثل فينا يلي:
أولاً: عدم إدعاء العصمة للمجاهدين بل هم بشر يخطئون ويصيبون والخطأ لا يدافع عنه بل يقال إنه خطأ ومخالفة وهذا ما ذكره الله عز وجل في الآية المذكورة وذلك بقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ} فذكر سبحانه أن قتال المجاهدين في الشهر الحرام خطأ كبير ولكن هذا الخطأ لا يهدر به جهاد المجاهدين وبلاؤهم الحسن ومقصدهم الحسن في جهادهم وهو ابتغاء مغفرة الله ورحمته بل يوضع في حجمه الطبيعي ولذلك ذكر بعض المفسرين أن الله عز وجل طيب قلوب هؤلاء المجاهدين المخطئين بعد ذلك بقوله سبحانه بعد ذلك في نفس السياق {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وهكذا يكون التعامل مع أخطاء المجاهدين بحيث ينكر عليهم خطؤهم ولا يقرون عليه وفي نفس الوقت لا ينسى لهم بلاؤهم وجهادهم وتنكيلهم في عدوهم وهجرهم لأهلهم وأوطانهم، وهذا ما يتضح بجلاء في هديه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أخطاء بعض الصحابة رضي الله عنهم أثناء جهادهم في سبيل الله تعالى.
فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه عندما قتل المشرك الذي شهد أن لا إله إلا الله بحجة أنه قالها متعوذاً وخوفاً من السيف فعاتبه الرسول صلى الله عليه وسلم عتاباً شديدا ًوأوقف أسامة على خطئه ومع ذلك بقي هو حب رسول الله وبقيت مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تتغير حتى أنه أمره قبل وفاته على الجيش المعروف بجيش أسامة ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما عنفه النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ من فعله وقتله لمن أظهر الإسلام من بني جذيمة لم يمنعه ذلك من إبقائه في قيادة العمليات الجهادية المتتالية في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
فهل بعد هذا الهدي النبوي في تعامله مع أخطاء المجاهدين من عذر لبعض الدعاة هداهم الله الذين ينسون جهاد المجاهدين وبلاءهم الحسن ويسعون إلى إقصائه بمجرد أن يصدر منه خطأ ومخالفة شرعية في قوله أو فعله إن هذا ليس من العدل.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في تعليقه على قصة عبدالله بن جحش وما نزل فيها من الآيات القرآنية: (والمقصود: أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يبرئ أولياءه من ارتكاب الإثم بالقتال في الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير، وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبر وأعظم من مجرد القتال في الشهر الحرام،فهم أحق بالذم والعيب والعقوبة ولاسيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك، أو مقصرين نوع تقصير يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات، والهجرة مع رسوله وإيثار ما عند الله فهم كما قيل
وإذا الحبيب أتى بذنب واحدٍ جاءت محاسنه بألف شفيع
فكيف يقاس ببغيض عدو جاء بكل قبيح ولم يأت بشفيع واحد من المحاسن)] زاد المعاد3/ 170 [
وفي ختام هذه الفقرة أوصي إخواني المجاهدين بأن يتقوا الله عز وجل في جهادهم وأن يبذلوا الوسع في توقي الذنوب وما يسخط الله عز وجل فإن الذنوب أخطر على المجاهدين من عدوهم وهي سبب الهزائم والخذلان ويكفينا تذكر ما حصل للمسلمين في غزوة أحد. وإن من أخطر وأكبر الذنوب التي تهدم الجهاد وأهله التنازع والتفرق المؤديان إلى الاستهانة بالدماء المعصومة والتعلق بأدنى شبهة لاستحلالها. فإذا كان الله عز وجل سمى قتل المشركين المحاربين في الشهر الحرام كبير (قل قتال فيه كبير) ولم يجامل فيه المجاهدين فكيف يقتل مسلم لأدنى
(يُتْبَعُ)
(/)
شبهة إن مثل هذه المخالفات الكبيرة لهي من أسباب فشل المشرع الجهادي وهزيمته من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يصب في مصلحة الكافر المعتدي والمنافق المتربص حيث يفرحون بها ويشمتون بأهلها ويوظفونها أحسن توظيف في حربهم على الإسلام والمسلمين.
فاتقوا الله أيها المجاهدون في جهادكم وفي أمتكم {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
ثانياً: ومن المواقف المهمة المستوحاة من الآية الكريمة في الحدث عن أخطاء المجاهدين الحذر الشديد من توظيف الكفرة والمنافقين الكلام عن أخطاء المجاهدين في الشماتة بهم وبالمسلمين وبالتنفير من الجهاد وأهله.
ولقطع الطريق على الكفرة والمنافقين من توظيف الحديث في صالحهم والتنفير من المسلمين و المجاهدين نرى في الآية الكريمة أن الله سبحانه عندما ذكر بأن القتال في الشهر الحرام:كبيرة أتبعه في نفس الآية وفي نفس الوقت بالتشنيع على الكفار وما يقومون به من العدوان والصد عن سبيل الله تعالى مما هو في جرمه وشناعته اكبر و أشد من خطأ المجاهدين ويوضح الله عز وجل ذلك في قوله تعالى {وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ .. } أي أن ما يقوم به الكفار من صد الناس عن سبيل الله وكفرهم بالله وإخراج المسلمين من المسجد الحرام والشرك بالله (أكبر عند الله من القتل).
وبهذا يقطع الطريق على الكفرة والمنافقين من أن تتم فرحتهم بأخطاء المجاهدين بأن تذكر فضائح الكفار وعدوانهم وصدهم عن سبيل الله عز وجل وعند إذ لا يستطيعون استغلال الحديث في صالحهم ضد المسلمين فياليت إخواننا الدعاة الذين يتحدثون اليوم عن أخطاء المجاهدين ينهجون هذا المنهج الرباني فيصدرون حديثهم ونقدهم لأخطاء المجاهدين بذكر ما هوا أكبر من ذلك وأشنع وذلك بما يقوم به اليوم الكفرة الغزاة وأولياؤهم المنافقون من قتل وتشريد وسجن وتجويع وحصار خانق على المسلمين وصد عن سبيل الله عز وجل وقبل ذلك كفرهم بالله ومحادتهم للإسلام وأهله في بلاد العراق وأفغانستان والشيشان وفلسطين والصومال، وبلدان المسلمين بعامة، هذا هو المنهج القرآني المستوحى من آية البقرة الأنفة الذكر.
أما أن يفرد المجاهدون بالنقد ويترك الكفرة المعتدون والمنافقون الخائنون لا تذكر فضائحهم ولا يذكر عدوانهم وإرهابهم وصدهم عن سبيل الله فهو من جانب منهج جائر ينظر بعين واحدة ومن جانب أخر يسهل الطريق على الكفرة الغزاة والمنافقين معهم في الشماتة بالمجاهدين وتوظيف ذلك في مصالحهم وأهدافهم وخططهم.
أسأل الله عز وجل ان ينصر المجاهدين في كل مكان وأن يجنبهم شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم وأن يؤلف بين قلوبهم ويكبت عدوهم من الكفرة والمنافقين والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 09:49]ـ
تذكير المصاب بسنن الحكيم الوهاب
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فيقول الله عز وجل:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} البقرة214
ويقول سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} آل عمران142.
ويقول تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} محمد31
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقه ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومصداق ذلك جلي في ما قصه الله عز وجل علينا في كتابه الكريم من البلاء العظيم الذي تعرض له أنبياؤه عليهم الصلاة والسلام في أنفسهم ومع أقوامهم.
والآيات والأحاديث الواردة في حتمية الابتلاء كثيرة تفيد بمجموعها أن الابتلاء سنة إلهية مطردة لا تتخلف ولكن الابتلاء تختلف صوره فمن الناس من يبتلى بالخير ومنهم من يبتلى بالشر حسب علم الله عز وجل وحكمته. قال سبحانه: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} الأنبياء35.
والابتلاء بالمصائب والمكروهات على نوعين:
1 – ابتلاء تكفير وتنبيه على ذنوب وأخطاء وقد يكون أجراً ورفعة في الدرجات كما هو شأن الأنبياء والصديقين، وهذا في الغالب يكون على مستوى الأفراد.
2 – ابتلاء اختبار وتمييز للخبيث من الطيب، وهذا يكون في الغالب على مستوى الجماعة.
وكلا النوعين فيهما خير ومصلحة للمصابين بها، فالابتلاء الذي للتكفير والتنبيه على الأخطاء والمخالفات فيه خير للمبتلى حيث تحط عنه خطاياه ويراجع نفسه في المنهج الذي هو سائر عليه، فلربما كان فيه من المخالفات ما كان سبباً في هذا الابتلاء وفي ذلك خير لأنه لو لم يكن البلاء لتمادي الخطأ بصاحبه ولم ينتبه له.
والابتلاء الذي فيه اختبار وتمييز الخبيث من الطيب فيه مصلحة عظيمة، وذلك في تمييز صحيح الإيمان وصادقه من ضعيفه وفيه فضح للمنافقين وتثبيت للمؤمنين الصادقين وزيادة صلابة لإيمانهم، وفي ذلك خير عظيم ولولا هذا النوع من الابتلاء لادعى كل إنسان صدق الإيمان وقوته واختلط المنافق بالمؤمن الصادق. قال الله عز وجل: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} آل عمران179
وقال سبحانه: {الم , أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ, وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت3
وقد ذكر الله عز وجل هذين النوعين من الابتلاء في آيتين متتاليتين في سورة آل عمران بعد الهزيمة التي حصلت للمسلمين في غزوة أحد حيث قال الله عز وجل: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} آل عمران165
وهذا هو النوع الأول من الابتلاء المشار إليه سابقاً، حيث ذكر الله عز وجل أن هذا القرح الذي أصاب المسلمين في غزوة أحد بسبب ذنوبهم وذلك عندما خالف الرماة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر عز وجل بعد هذه الآية النوع الثاني من الابتلاء الذي هو للاختبار والتمييز فقال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ , وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} آل عمران167.
وهذا هو النوع الثاني من الابتلاء حيث كان سبباً في اختبار الناس وتمييز المؤمن الصابر من المنافق وفي كلا هذين النوعين من الابتلاء مصلحة عظيمة للمؤمنين حيث يكفر الله عز وجل به سيئاتهم ويوقفهم على أخطائهم وزلاتهم لكي لا يعودوا إليها مرة أخرى. كما أن فيه مصلحة للصف المسلم وذلك بتنقيته من المنافقين وأصحاب القلوب المريضة الذين هم شوكة في حلوق المؤمنين وسبب في الفتنة وتأخير لنصر الله عز وجل. ولا يُعرفون وينكشفون إلا في الشدائد
ذكر بعض الأسباب التي يثبت الله عز وجل بها أولياءه عند الشدائد:
(يُتْبَعُ)
(/)
السبب الأول: بما أن التوفيق وتثبيت القلوب لا يملكه ملك مقرب ولا نبي مرسل وإنما هو بيد الله وحده، فكان حقا على المؤمن أن يلتجأ إلى ربه عز وجل ويستعين به وحده ويتضرع إليه في أوقات الإجابة في طلب الثبات على الحق والنجاة من الفتن وتفريج الكروب وأن يتوكل على الله عز وجل وحده ويتبرأ من الحول والقوة والله سبحانه لا يرد دعوة الصادق المضطر. والمتأمل في أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم يرى أمراً عجباً في طلبه الهداية والثبات مع أنه رسول الهداية المعصوم من ربه عز وجل، ومن هذه الأدعية الجامعة قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك) وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهدني وسددني) وقوله صلى الله عليه وسلم في استفتاح صلاة التهجد كل ليلة: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) وقوله صلى الله عليه وسلم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون)
السبب الثاني: العلم الشرعي والبصيرة في الدين. لأن في ذلك باب إلى معرفة الحق والاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم. وكلما كان العبد مطمئناً إلى طريقه وأنه حق مشروع يحبه الله عز وجل كان ذلك من أسباب ثباته وبقائه عليه كما أن في العلم بالشرع سداً لباب الشبهات التي هي من أسباب الفتنة والانحراف لأن الشبهات لا تنطلي على أهل العلم وإنما يروج سوقها في الأوساط الجاهلة أو قليلة البضاعة من العلم الشرعي.
وهناك ثمرة عظيمة من ثمار العلم والبصيرة في الدين لها أثر كبير في الثبات على الدين والتسلية عند الشدائد ألا وهي ثمرة العلم بأشرف معلوم وأجله وأكرمه ألا وهو العلم بالله عز وجل وأسمائه وصفاته. هذا العلم العظيم الذي نحن في غفلة عنه مع أنه علاج لكثير من أمراض القلوب ومساوئ الأخلاق.
وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (لا سعادة للعباد، ولا صلاح لهم، ولا نعيم إلا بأن يعرفوا ربهم ويكون هو وحده غاية مطلوبهم، والتعرف إليه قرة عيونهم .. ومتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالاً من الأنعام. وكانت الأنعام أطيب عيشاً منهم في العاجل، وأسلم عاقبة في الآجل .. )
وقال أيضاً: (إن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه. ولا حياة لقلبه إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده والإنابة إليه والطمأنينة بذكره. والأنس بقربه، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض في الدنيا)
وقال العز بن عبد السلام: (فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والمهابة والمحبة والتوكل وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات).
وعلى سبيل المثال فعندما يتعبد العبد لربه سبحانه وبخاصة في أوقات الشدائد باسمه سبحانه (العليم، الحكيم) فإن هذا يثمر في القلب طمأنينة وحسن ظن بالله تعالى وتسليماً لأمره القدري والشرعي، ذلك لأن مقتضى هذين الاسمين الكريمين أن شيئاً في هذا الكون لا يحدث إلى بعلم الله سبحانه وحكمته وعدله وقدره. وعندما يشهد المؤمن أسماءه سبحانه (اللطيف)، (الرحيم)، (البر) فإن هذا الشهود يثمر في قلب العبد محبة لله تعالى ورجاء ورَوْحاً، ذلك أن من معاني (اللطيف) أنه الرفيق الذي يسوق لعبده الخير من حيث لا يشعر بل من حيث يكره. وهكذا في بقية أسماء الله عز وجل الحسنى التي أمرنا الله سبحانه أن ندعوه بها ونتعبد له بها
السبب الثالث: الإخلاص لله تعالى في الطريق والأمر الذي دخل فيه لأن الذي يبتغي وجه الله عز وجل والدار الآخرة لا تراه إلا ثابتاًَ على طريقة لا تغريه مطامع الدنيا ولا يغيره ترغيب ولا ترهيب. والإخلاص عمل قلبي يحتاج إلى يقظة ومعاهدة وتربية ليس هنا محل تفصيلها. وإنما المقصود الإشارة إلى أهمية الإخلاص وأثرة في الثبات والعكس من ذلك فإن ضعفه يقود إلى الاضطراب والانحراف وترك الحق عند أدنى شدة وابتلاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أجمل الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى الأسباب الثلاثة السابقة في كلام نفيس ينبغي أن يقرأ عدة مرات حتى ينقش في القلب. قال رحمه الله تعالى: ( ... فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولاً، وكان قيامه بالله ولله لم يقم له شيء، ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها، وجعل له فرجاً ومخرجاً، وإنما يؤتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة، أو في اثنين منها أو في واحد، فمن كان قيامه في باطل لم يُنصر، وإن نصر نصراً عارضاً فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول.
وإن قام في حق لكن لم يقم فيه لله وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولاً والقيام في الحق وسيلة إليه فهذا لم تضمن له النصرة، فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه، فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين، وإن نصر فبحسب ما معه من الحق، فإن الله لا ينصر إلا الحق وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر، والصبر منصور أبداً، فإن كان صاحبه محقاً كان منصوراً له العاقبة، وإن كان مبطلاً لم يكن له عاقبه.
وإذا قام العبد في الحق لله ولكن قام بنفسه وقوته ولم يقم بالله مستعيناً به متوكلاً عليه مفوضاً إليه برياً من الحول والقوة إلا به فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك، ونكتة المسألة أن تجريد التوحيد في أمر الله لا يقوم له شيء البتة، وصاحبه مؤيد منصور ولو توالت عليه زمر الأعداء)
فقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (فإذا قام العبد بالحق) أي أن يكون مشروعاً مرضياً لله تعالى وهذا لا يكون إلا بالعلم بالشرع وهو المشار إليه في السبب الثاني.
وقوله (بالله) يعني مستعيناً بالله متبرئاً من الحول والقوة وهو المشار إليه في السبب الأول، وقوله (لله) يعني أن يكون مخلصاً لله تعالى في أمره وهو المشار إليه في السبب الثالث.
السبب الرابع: الإكثار من الأعمال الصالحة بداية من إتقان الفرائض الباطنة والظاهرة والإكثار من النوافل المتنوعة من صلاة وصيام وصدقة وذكر وقراءة قرآن وغيرها من الأعمال الصالحة. فكلما قويت الصلة بالله عز وجل كان ذلك سبباً في محبة الله عز وجل للعبد وهذه المحبة تثمر حفظ الله عز وجل لعبده وتثبيته عند الشدائد. قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} النساء66
وقال الله عز وجل في الحديث القدسي: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه)
ولا يخفى ما في هذا الحديث العظيم من دلالة واضحة على أن حفظ الله تعالى للعبد في سمعه وبصره وبطشه ومشيه إنما هو ثمرة للصلة القوية بين العبد وبين ربه بالفرائض والنوافل، ومن حفظ في هذه الجوارح كلها فهو المعصوم والناجي بإذن الله تعالى.
السبب الخامس: مجالسة الصالحين الذين يجمعون بين المعتقد الصحيح والتقوى والأخلاق الفاضلة لأن في العيش معهم تقوية للإيمان وثبات على الحق واقتداء بهم في فعل الخير. ومما يلحق بذلك القراءة في سير العلماء العباد من أئمة السلف ومجاهديهم.
وفي مقابل ذلك الحذر من مجالسة أهل الشبهات والشهوات والحذر من قراءة كتبهم ومقالاتهم لأن القلب ضعيف وقد تعلق به شبهة من شبهاتهم فيكون سبباً في الزيغ والضلال.
السبب السادس: تذكر المصاب نعمة الله عز وجل عليه بالهداية للإسلام والسنة. وأن المبتلى المصاب بحق من ابتلي في دينه ولم يوفق للهداية لذا كم من مبتلي بفقر أو مرض أو سجن أو تشريد هو افضل عند الله عز وجل وأكرم من غني أو صحيح أو حر طليق ضغيف في إيمانه أو فاقد له، والمحبوس من حبس قلبه عن ربه يقول الله عز وجل: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} الجاثية21. وإن في تذكر ذلك وتذكر أن ساعات البلاء هي من أرجى ما للعبد عند الله عز وجل إذا صبر واحتسب. إن تذكر ذلك كله لمن أعظم أسباب تسلية المصاب وتثبيته _بإذن الله عز وجل_.
نسأل الله أن يصلح لنا شأننا كله وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:34]ـ
احذروا (حسن نصر الله) وشيعته
الصفحة 1 لـ 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيقول الله عز وجل: ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) (الأنعام: 153).
ويقول تبارك وتعالى: ((وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً)) (النساء: 115). وحذر سبحانه من كتمان الحق ولبسه بالباطل لتضليل الناس فقال عز وجل: ((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) (البقرة: 42).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله)) [1]
وقال أيضاً: ((سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصدَّق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)) [2]
وهذه الآيات والأحاديث من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى تعليق.
والآيات والأحاديث الواردة في وجوب التمسك بما في كتاب الله عز وجل والسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بفهم الصحابة رضي الله عنهم كثيرة ومتنوعة، تارةً بالأمر بالتمسك بهما والانطلاق منهما في الولاء والبراء والمواقف والموازين، وتارة بالتحذير من إتباع ما سواهما من آراء الرجال وأهل الأهواء والشبهات في الولاء والبراء والمواقف والموازين.
وإن ما يجري اليوم من أحداث في بلاد الشام، من قتال بين اليهود ومن يسمون أنفسهم حزب الله أو المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان؛ لهو من الفتن والابتلاءات التي يختبر الله عز وجل فيها عقائد المسلمين ومدى ارتباطهم بموازين الكتاب والسنة وبما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
ولقد سقط في هذه الفتنة فئام كثير من الناس، وغرهم ما يسمعونه أو يرونه من مواجهات عنيفة مع اليهود يتزعمها الرافضي (حسن نصر الله وشيعته) وانخدع بذلك الذين يجهلون أو يتجاهلون حقيقة التوحيد والولاء والبراء في الإسلام وحقيقة عقيدة (حسن نصر الله وشيعته الرافضة).
ولأن الفتنة بهذا الحزب الرافضي الصفوي شديدة وكبيرة، كان لا بد لكل قادر من أهل العلم أن يتصدى لها ويكشف اللبس عن الأمة ويبين حقيقة القوم وما يدعون له ويهدفون إليه، ورضي الله عن عمر بن الخطاب حين قال: لست بالخَبِّ ولا يخدعني الخب أي: لست بالمخادع ولا يخدعني المخادع، ويعلق ابن القيم رحمه الله تعالى على هذه المقولة فيقول: (فكان عمر رضي الله عنه أورع من أن يَخدَع، وأعقل من أن يُخدع) (الروح: 244).
ولكي ندرك خطورة ما يجري في وسائل الإعلام الماكرة من تلبيس وتضليل تجاوز خطره شريحة العوام إلى كثير من المثقفين بل وبعض المتدينين والدعاة؛ نطلع على ما يجري اليوم من قلبٍ للحقائق فيما يتعلق بالجهاد والمجاهدين، حيث نرى من يصف المجاهدين الذين يتصدون للكفرة الغزاة في بلاد الرافدين وأفغانستان والشيشان بأنهم إرهابيون ومفسدون!! بينما يرون القتال في جنوب لبنان بقيادة نصر الله الرافضي مقاومةً مشروعة وجهاداً في سبيل الله تعالى .. سبحانك هذا بهتان عظيم! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق والذي منه: ((إن وراءكم سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين ... )) الحديث.
ولكشف ما يجري من تلبيس وفتنة على المسلمين بما يسمى حزب الله وأمينه الرافضي حسن نصر الله أسوق الوقفات التالية:
الوقفة الأولى:
(يُتْبَعُ)
(/)
في ضوء الآيات والأحاديث التي سقتها آنفاً، يتبين لنا ضرورة أن يكون مصدر التلقي في الفهم والعقيدة والمواقف وتقويم الأفكار والرجال هو هذا الميزان والقسطاس المستقيم المستقى من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذان من تمسك بهما وجعلهما النور الذي يمشي به في الناس فلن يضل أبداً، ولن تتقاذفه مضلات الفتن ذات اليمين وذات الشمال، وإني لأعجب من قوم معهم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة رضي الله عنهم .. كيف يتخلون عن ذلك كله ويستبدلون به العواطف وتلبيس الملبسين وأهواء الرجال؟! ..
كالعيسِ في البيداء يقتلها الظما والماءُ فوق ظهورها محمولُ
والآن لنزن هذا الرجل المفتون وحزبه المغبون بميزان الكتاب والسنة ميزان التوحيد والشرك وميزان الهدى والضلال، لكي نعرفَ حقيقة هذا الرجل وحزبه .. هل هو على الحق الذي يحبه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ أم على الباطل الذي يدعو إليه الشيطان وحزبه؟! وبالتالي نعرف حقيقة جهاد هذا الرجل وحزبه وحقيقة عدائه لليهود .. هل هو في سبيل الله تعالى؟ أم في سبيل الطاغوت؟! فأقول وبالله التوفيق:
إن الله تعالى إنما أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن الكريم والنور المبين ليعبد الله وحده لا شريك له وعقد على ذلك الولاء والبراء .. الولاء لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين الموحدين، والبراءة من الشرك والمشركين، وشرع الدعوة إلى التوحيد والتحذير والبراءة من الشرك، وأقام من أجل ذلك سوق الجهاد في سبيل الله تعالى، حتى لا تكون فتنة ـ أي شرك ـ ويكون الدين لله وحده لا شريك له.
فهل واقع ما يسمى (حزب الله) وأمينه (حسن نصر الله) هو ما دعا إليه القرآن وجاهد من أجله الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام؟!
إن الجواب على هذا السؤال يتطلب معرفة عقيدة هذا الرجل وحزبه وانتمائهم وحقيقة أهدافهم فمن هو حسن نصر الله؟
ولد حسن نصر الله في 21/ أغسطس /1960 في لبنان.
وسافر إلى النجف في العراق عام 1976 لتحصيل العلم الديني الجعفري، وعين مسؤولاً سياسياً في حركة أمل عند إقليم البقاع، وعضواً في المكتب السياسي عام 1982 ثم ما لبث أن انفصل عن الحركة وانضم إلى حزب الله وعين مسؤولاً عن بيروت عام 1985 ثم عضواً في القيادة المركزية وفي الهيئة التنفيذية للحرب عام 1987 ثم اختير أميناً عاماً على إثر اغتيال الأمين العام السابق عباس الموسوي عام 1992 مكملاً ولاية سلفه، ثم أعيد انتخابه مرتين عام 1993 و 1995 م.
(وردت هذه الترجمة في مقدمة حواره مع مجلة الشاهد السياسي العدد 147 في 3/ 1/1999 م) [3]
ومن هذه الترجمة المختصرة للرجل يتبين لنا أنه شيعي رافضي محترق، يدين بالمذهب الإثني عشري الجعفري السائد في إيران، ينصره ويدعو إليه، ولذا اشتهر (بخميني العرب) لأنه يريد إقامة دولة الرفض في بلاد العرب كما أقامها الخميني الهالك في بلاد الفرس، يقول مفتي جبل لبنان السني: (حزب الله بوابة إيران إلى البلدان العربية).
ويبقى التعريف بالرجل ناقصاً حتى نعرف أصول المذهب الإثني عشري الجعفري الذي يفتخر بالانتماء إليه والجهاد من أجل التبشير به ونشره ..
يقوم هذا المذهب على أصول كفرية شركية لم تعد خافية على من له أدنى متابعة لكتب القوم في القديم والحديث، وكذلك من يتابع مواقعهم وما سجل عليهم من الوثائق المسموعة والمرئية في حسينياتهم ومناسباتهم السنوية [4] ومن أخطر أصول هذه النحلة التي ينتمي إليها حسن نصر الله وحزبه ما يلي:
1 - اعتقادهم العصمة في أئمتهم الإثني عشر، وغلوهم فيهم حتى عبدوهم من دون الله، وصاروا يحجون إلى قبورهم ويطوفون بها ويستغيثون بمن فيها، ويعتقدون أنهم يعلمون الغيب وأن ذرات الكون خاضعة لتصرفهم كما صرح بذلك الخميني في (الحكومة الإسلامية).
2 - اعتقادهم بتحريف القرآن ونقصانه وأن القرآن الصحيح غائب مع مهديهم المنتظر، وسيخرج مع خروجه وهم اليوم يقرؤون القرآن الذي بين أيدي المسلمين حتى يخرج قرآنهم وذلك بأمر من علمائهم وآياتهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يقول قائل: إنهم ينفون ما ينسب إليهم من القول بتحريف القرآن فنقول: إن هذا مثبت في كتبهم والتي هي مرجعياتهم ككتاب (الكافي) للكليني وكتاب الطبرسي (فصل الخطاب) وهما إمامان معتبران عند الرافضة فإذا كانوا ينفون ما ينسب إليهم فليصرحوا ببراءتهم ممن يقول بتحريف القرآن الوارد في هذين الكتابين وغيرهما، وليحكموا بكفر من قال بهذا .. وهذا ما لم ولن يقولوه.!
3 - سب الصحابة رضي الله عنهم وتكفيرهم وخاصة سادتهم وشيوخهم كأبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما وكذلك زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم الصديقة عائشة رضي الله عنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أنهم يكفرونها ويقذفونها بالزنا .. قاتلهم الله أنى يؤفكون!.
4 - توليهم في تاريخهم القديم والحديث لليهود والنصارى ومظاهرتهم لهم على أهل الإسلام، ومساعدة الغزاة لتمهيد الطريق لهم إلى غزو بلاد المسلمين، وما أخبار ابن العلقمي وممالأته للتتار في غزوهم للعرق بخافية على أحد، وكذلك ما قاموا ويقومون به في هذا الزمان من التعاون مع الغزاة الأمريكان في احتلال العراق وأفغانستان، وما زالوا عيوناً للغزاة وحماةً لهم ومظاهرين لهم في قتل أهل السنة وتصفيتهم.
وهذه الأعمال والمعتقدات الآنفة الذكر لم تعد سراً وفي طي الكتمان كما كانوا يخفون من قبل، بل إنها أصبحت مفضوحةً سواء باعترافهم أنفسهم، أو بما حُصل عليه من الوثائق الدامغة التي تدمغ تقيتهم وتبين كذبهم .. هذا واقع الشيعة الرافضة الإثني عشرية التي ينتمي إليها (حسن نصر الله وحزبه المخذول) فهل بقي عذر لمن انخدع واغتر بالشعارات الكاذبة التي يرفعها هذا الرجل وحزبه؟! وأنه يدافع عن الأمة! ويقاتل اليهود نيابة عنها! ويضرب عمق الدولة اليهودية! ويجاهد في سبيل الله!! ..
إن هذا الرجل بهذه المعتقدات الشركية التآمرية لو تمكن (لا قدّر الله) فإنه سيقيم دولة الرفض والتشيع التي تقوم على الشرك الأكبر وسب الصحابة رضي الله عنهم وتكفير أهل السنة وبالتالي استئصالهم وإبادتهم كما هو الحاصل في العراق اليوم: ((كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)) (التوبة: 8).
ومع ذلك يوجد في أبناء المسلمين من يثق به ويعول عليه ويتمنى أن ينتصر! .. فمتى نفيق من غفلتنا يا قوم؟ ومتى يكون ميزاننا في الولاء والبراء والحب والبغض وفي تقويم المواقف والرجال هو كتاب ربنا عز وجل؟! ومتى نتخلص من موازين العواطف والشعارات الزائفة والدجل والتلبيس؟ .. !
الوقفة الثانية.
يقول بعض الناس: إن هذا الرجل وحزبه هو الذي ثبت اليوم أمام اليهود بعد أن خنع الجميع دولاً وأحزاباً، وهو الآن يلحق ضرراً شديداً بالعدو باعتراف اليهود أنفسهم، فكيف نعاديه وهو يضرب عدو الأمة؟! ألا نفرح بإلحاق الضرر باليهود؟!. وهذه شبهة وفتنة لا شك، لكنها لا تنطلي إلا على من ينظر للأمر بنظرة سطحية وعاطفة متسرعة، متجاهلاً أصول القوم وعقائدهم وأهدافهم.
ولتفصيل الجواب على هذه الشبهة أقول وبالله التوفيق:
أولاً: إن أي ضرر يلحق باليهود في رجاله وعتاده يفرحنا بلا شك، لكنه لا يغرنا وينسينا ثوابتنا، وننساق مع عواطفنا لنقول: إن من يضرب اليهود فهو أخونا وولينا! .. بل نفرق بين من يجاهد في سبيل الله تعالى ويريد نشر التوحيد والسنة كإخواننا المجاهدين في فلسطين فهذا نتولاه ونفرح بنصره، وأما من كان على غير التوحيد وعنده أهداف مبيتة، فلا نتولاه ولا ننصره، وإن كنا نفرح بضربه للعدو حتى يضعف، كما نفرح بضرب العدو له حتى لا يتمكن وينشر الشرك والرفض في الأرض، ولسان حالنا يقول: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرج الموحدين من بينهم سالمين، وإذا قلنا: إننا نفرح بضرب العدو للرافضة؛ فإننا نقصد رموزهم ومواقعهم ولا نقصد العامة من المسلمين من الأطفال والنساء والأبرياء، فإن هذا يحزننا ولا يفرحنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: هناك مؤامرة كبيرة في المنطقة، ولعبة ماكرة تديرها إيران وسوريا اللتان تدعمان (حسن نصر الله وحزبه) وهما اللتان دفعتا به لهذه المواجهة، ومفاد هذه المؤامرة وملخصها: ((أن هناك مشروع صفوي شعوبي كبير يراد تنفيذه في المنطقة، وقد بدأ يأخذ مساراً تنفيذياً متسارعاً منذ بدء اجتياح العراق واحتلاله أمريكياً وصفوياً وصهيونياً، فقبل أشهر عدة أُعلن في دمشق عن انطلاق تحالف استراتيجي إيراني سوري ضم إليه حزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية، وتتواطأ معهم الحركات الشيعية العراقية من منطلق طائفي مذهبي، فتحول هذا التحالف المشبوه الجديد إلى مشروع سرطاني شديد الخبث، يفوق خطره على أمتنا الإسلامية خطرَ الكيان اليهودي نفسه، ولكي يكون لهذا المشروع الخبيث غطاء مقبول لدى شعوب المنطقة المسلمة، فلا بد من تسريع خطاه وتمكينه من اللعب بعواطف الجماهير المسلمة، وليس هناك أفضل من قضية فلسطين واللعب بها وعليها وفيها حتى تتوارى خلفه النوايا الحقيقة لأصحاب هذا المشروع الصفوي الخطير الذي مر بنا أهم أصوله الاعتقادية الكفرية العدوانية آنفاً، وخلاصة أهداف هذا المشروع الخطير هو السيطرة على العالمين العربي والإسلامي بدأً من إخضاع منطقة الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق) وذلك باجتياحها (ديموغرافياً) ومذهبياً وتبشيرياً صفوياً ..
ثالثاً: أما لماذا جاءت هذه المواجهة بين (رافضة لبنان) واليهود في هذا الوقت فلعدة اعتبارات عند القوم أهمها:
1 - اشتداد عمليات التطهير الإجرامي العرقي والمذهبي، التي تقوم بها الميليشيات الصفوية العراقية في العراق، بما في ذلك عمليات إبادة وحشية ضد السكان الفلسطينيين، وعمليات تهجير لأهل السنة من جنوبيّ العراق (البصرة لم يبق فيها إلا 7% من أهل السنة بينما كانوا أكثرية منذ عشرات السنين، ونسبتهم كانت 40% قبيل الاحتلال الأمريكي)! .. فضلاً عن انكشاف زيف شعارات الرئيس الإيراني (نجاد) الداعية لإزالة إسرائيل من الوجود! .. وجهاد الشيطان الأكبر (أمريكا)!! في الوقت الذي أثبت أهل السنة أنهم هم المجاهدون الصادقون الذين يقاومون الغزاة في أفغانستان والعراق والشيشان، وكذلك المقاومة الفلسطينية وهي سنية بطبيعة الحال خطفت الأضواء بأنها الوحيدة في ساحة الصدام مع الكيان الصهيوني، وذلك بعد عملية (الوهم المتبدد) وخلال عدوان (أمطار الصيف) .. إذ وصل الكيان الصهيوني إلى طريق مسدود لتحقيق أهدافه ضد الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة! .. وهذا كله أدى إلى فضح الرافضة الصفويين وأنهم عملاء للغزاة المحتلين وخطف الأضواء عنهم، فكان لا بد من عمل يعيد لهم اعتبارهم ويغطي على فضائحهم.
2 - انكشاف تواطؤ حزب الله ضمن تواطؤ حليفه الإيراني .. مع الاحتلال الأميركي ضد المقاومة العراقية ودخول الحزب في لعبة تشجيع الميليشيات الصفوية العراقية وتدريبها، وهي نفس الميليشيات التي تقوم بعمليات إبادة الفلسطينيين وأهل السنة في العراق .. !
3 - بداية انتكاسات لحملات التشييع في سورية ولبنان، انعكاساً لانكشاف مواقف أركان الحلف الصفوي الشعوبي الداعم للصهاينة وللاحتلال الأميركي المرفوض شعبياً .. ثم بروز بوادر الاصطدام على النفوذ بين المشروعين: الأميركي، والفارسي الصفوي .. في العراق .. !
لذا كان لا بد من فعل يحرف الأضواء والأنظار عما يجري في العراق بحق أهل السنة والفلسطينيين على أيدي الصفويين الشعوبيين، ولا بد من خطف الأضواء من المقاومة الفلسطينية السنية التي كشفت عجز الجيش الصهيوني، ولا بد من استعادة الثقة بعمليات التبشير الشيعي في المنطقة، ولا بد من إعادة الاعتبار لأكذوبة (نجاد) بدعوته لإزالة إسرائيل ومقاومة الكيان الصهيوني، ولا بد من التغطية على تواطؤ حزب الله بالعمل ضد المقاومة العراقية، ولا بد من خلط الأوراق في لبنان لصالح الفوضى التي هدد بنشرها رئيس النظام السوري بشار الأسد .. لا بد من كل ذلك ولو على حساب لبنان .. كل لبنان. الرسمي والشعبي .. ولو أدى العبث واللعب إلى تدميره .. !
فلذلك .. ولتحقيق كل هذه الأهداف .. قام حزب الله ـ ثالث ثالوث المشروع الصفوي الفارسي ـ بعمليته أو مغامرته الأخيرة ضد الكيان الصهيوني! ..
(يُتْبَعُ)
(/)
هل نحن ضد عملية تنال من العدو الصهيوني؟! .. لا .. مطلقاً، نحن نفرح بكل عمل يؤذي الكيان الصهيوني الغاصب ويضعفه ويضع من هيبته! .. لكننا لا نقبل أن نُخدع ولا نقبل أن تندرج هذه العملية في مسلسل تحقيق أهداف المشروع الأخطر من المشروع الصهيوني في بلادنا، ولا نقبل أن يتاجر القائمون بهذه العملية بقضية فلسطين، في نفس الوقت الذي يذبحون فيه الفلسطينين ويستبيحون أرواحهم ودماءهم وأعراضهم وأموالهم في بغداد .. ولا نقبل مطلقاً أن يعبث الصفويون بأمن سورية ولبنان في سبيل تحقيق أهدافهم الدنيئة .. ولا نقبل أبداً أن يتم تدمير لبنان وتقتيل أبنائه وأطفاله ونسائه، بتحريض واستفزاز يمارسه أصحاب المشروع الصفوي الفارسي وينفذه أصحاب المشروع الصهيوني .. ولا نقبل أن يقوم الصفويون الجدد بالترويج لأنفسهم زوراً وتزييفاً، بأنهم أصحاب مشروع مقاوم، بينما هم يمالئون المشروعين الأميركي والصهيوني على رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار .. ولا نقبل في أي وقت من الأوقات أن تنحرف الأنظار عن جرائم الصفويين بحق أهلنا وشعبنا المسلم في العراق .. ولا نقبل أن تستخدم مثل هذه العمليات المشبوهة، في كسب الوقت لبناء القنبلة النووية الإيرانية الصفوية، التي ستستخدم لخدمة المشروع الشرير ضد العرب والمسلمين، وضد أوطانهم وثرواتهم وأموالهم وأعراضهم! ..
فتشوا في أوراق التاريخ كله، فلن تجدوا ما يفيد بأن إيران الفارسية قد دخلت حرباً أو معركة مع الصهاينة .. أو حتى مع (الشيطان الأكبر) أميركة؟! .. لن تجدوا في التاريخ حرفاً واحداً يفيد ذلك، بل سنجد أن إيران التي افتضح أمرها باستيراد السلاح الصهيوني والأميركي أثناء الحرب مع العراق (فضيحة إيران غيت) .. هي نفسها إيران التي تقود الحلف الصفوي التوسعي الاستيطاني التبشيري الجديد، وهي نفسها إيران التي تمالئ أميركة وتعينها على استمرار احتلال العراق، وهي نفسها التي تستخدم حزب الله في استجرار تدمير لبنان وتهديد أمنه واستقراره، وهي نفسها التي ما تزال عينها على الخليج العربي، وهي نفسها التي تحتل الجزر الإماراتية العربية الثلاث، وهي نفسها التي تحول الحركات الفلسطينية إلى ورقة ولعبة تلعبها متى أرادت على حساب أمن المنطقة العربية والإسلامية كلها! .. [5]
الوقفة الثالثة:
وأخصص هذه الوقفة بما ندفع به الإحباط واليأس عن نفوسنا وعن المسلمين، وذلك بالقول بأنه وإن كانت الأحداث موجعة ومدلهمة لكن لعلها مؤذنة بانبلاج الصبح، وذلك لما نشهده من انفضاح مستمر ومتزايد لسبيل المجرمين والمنافقين، وبيان لموقف الموحدين وثباتهم وصدقهم، وهذا أمر حتمي يسبق نزول نصر الله تعالى .. أي أن محق الكافرين وتمكين المؤمنين الصادقين؛ لا بد أن يسبقه فترة ابتلاء وتمحيص يتميز فيها المؤمنون الصادقون عن الكافرين والمنافقين ومن في قلبه مرض، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وهذا هو الذي يحدث الآن وقبل هذا التميز لا ينزل نصر الله عز وجل.
وشيء آخر يبث الأمل في النفوس ولا يجعلها في رعب وخوف من المجرمين وكيدهم ألا وهو قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) (الأنفال: 36).
ولعل في هذه الأحداث التي أراد الرافضة أن تخدم مشروعهم الصفوي التوسعي في المنطقة أن ينقلب الأمر عليهم، وتكون بداية النهاية لهم والسحق لمشروعهم الإجرامي الكبير، وسنة الله عز وجل أن البقاء للحق وأهله، والباطل ذاهب زاهق، قال سبحانه: ((بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)) (الأنبياء: 18).
وقال سبحانه: ((كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)) (الرعد: 17).
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل الحق وأنصاره وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه وليه ويذل فيه عدوه ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] أخرجه مالك في الموطأ في القدر باب النهي عن القول بالقدر بلاغاً وقال الأرناؤوط في جامع الأصول 1/ 277 لكن يشهد له حديث ابن عباس عند الحاكم 1/ 93 بسند حسن فيتقوى به
[2]- رواه ابن ماجه (4036) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (3261).
[3] انظر لمعرفة المزيد عن (حزب الله) كتاب: (حزب الله رؤية مغايرة) للأستاذ: عبد المنعم شفيق.
[4] انظر موقع (البينة) في الشبكة العنكبوتية لترى الأدلة والوثائق الدامغة على أصولهم الشركية وتكفيرهم وسبهم للصحابة رضي الله عنهم.
[5] نقلاً عن المقال الرائع (تعانق المشروعين الأمريكي والصفوي في العراق والمنطقة وأهداف حزب الله) د. محمد بسام يوسف باختصار وتصرف يسير في 21/ 6/1427هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:37]ـ
وسائل فاعلة لمقاومة الفساد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد.
فإنه لا يخفى ما تمر به بلدان المسلمين من تغيرات خطيرة وسريعة وذلك ضمن مخطط إفسادي كبير على العقيدة، والشريعة، والأخلاق، والمرأة، والاقتصاد ظهرت بعض أثاره اليوم على حياة الناس في بيوتهم، ومدارسهم، ومجتمعاتهم، وأموالهم، وأخلاقهم وبعضها في الطريق إلى التنفيذ.
ومشاركة مع إخواني الدعاة الذين أقلقهم هذا الخطر وراحوا يبحثون عن كل ما من شأنه مدافعة هذا الخطر وصده عن المسلمين أكتب هذه الخواطر السريعة التي كانت محل تفكير وحوار والتي أحسبها تسهم في إيجاد مشروع تحصيني وقائي لأسرنا ومجتمعاتنا أمام هذا الخطر الداهم أسأل الله عز وجل أن يلهمنا صحة الفهم وحسن القصد: فأقول وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
يقول الله تبارك وتعالى: ((وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ)) (البقرة:251).
ويقول عز وجل: ((فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ)) (هود: 116).
ويقول سبحانه: ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران: 104).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله بعقاب)).
و إنفاذاً لهذه التوجيهات الإلهية والنبوية يجب على أهل الغيرة والإصلاح أن ينفروا لمدافعة هذه المخططات الإفسادية وصدها عن المسلمين قدر المستطاع، وأرى أن تتم هذه المدافعة عبر جبهتين رئيستين:
الجبهة الأولى: جبهة الاحتساب
والإنكار المباشر لمظاهر الفساد منذ بدايتها أو السماع بالتخطيط لها وذلك بمناصحة الأشخاص المنظرين أو المنفذين لها، والإنكار عليهم شفاها، ومكاتبة، ومخاطبة أهل الحل والعقد في البلد وإظهار الامتعاض، والإنكار وهذا أمر يجب أن ينفر له طائفة معينه وهم أهل العلم من المشائخ والقضاة وطلبة العلم والوجهاء.
وذلك يتطلب تعاونا وتشاوراَ بين أهل العلم في كل مدينة وأن يكون هناك مجالس وتوزيع للأدوار والجهود. كما يتطلب جهات مساندة تهيئ لهم المعلومات والوثائق وحصر ما يجد من منكرات ومعلومات وترتيبها وتنظيمها، وأحسب أن هذه الجبهة قائمة الآن ولا تزال في مراحلها الأولى ولكنها بحمد الله تعالى في تطور وتوسع.
الجبهة الثانية: جبهة التحصين والوقاية للمجتمع من الفساد.
وأحسب أنه لازال هناك تقصير شديد في هذه الجبهة مع أن الثمار المرجوة منها كثيرة جداً واستجابة الناس لها كبيرة والحمد لله ولا يعني هذا التقليل من جهود القائمين في الجبهة الأولى -حاشا لله- فهم تاج الرؤوس وأعمالهم لن تضيع عند الله عز وجل إن شاء الله تعالى، وحسبهم أن يفوزوا بالإعذار عند الله عز وجل وإبراء الذمة إذا حوسبت الذمم، مع ما تثمره جهودهم من مراغمة أهل الفساد والتخفيف أو التأخير لبعض المنكرات، وإنما المقصود أن لا تنسى جبهة التحصين والوقاية التي قد تكون أكثر ثمرة وآثارا.
وبخاصة أن المتحركين من المصلحين في الجبهة الثانية يمتلكون وسائل كثيرة ومجالات متعددة في مخاطبة الناس وتحذيرهم وتحصينهم لا يملكها غيرهم. ولو وظفت التوظيف الصحيح و تظافر الغيورون و المصلحون في تنفيذها وتوزعت الأدوار فيها لكان لها نتائج باهرة تحبط على المفسدين أهدافهم وترد كيدهم في نحورهم.
وفي هذه الورقة بعض المقترحات في تفعيل دور هذه الجبهة وكيفية الاستفادة من الوسائل الكبيرة المتاحة في مخاطبة المجتمع وتوجيه الناس.
ومن نافلة القول أن نشبه سيل الفساد المسلط على مجتمعات المسلمين وتنوع الناس في مقاومته بسيل جارف ينتهي إلى تغريق أراضي وعمران ودور. وأصحابها يعلمون أنه سيخرب دورهم ومزارعهم وأموالهم فانقسموا إلى فرقتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: فرقه رأت أن لا خلاص من خطر هذا السيل إلا أن يهب الجميع في قطعه من منبعه وأصله فتعذر ذلك غاية التعذر، وأبت طبيعة السيل وقوته عليهم ذلك فكلما سدوه من موضع نبع من موضع آخر وأنشغل أهل القرية بشأن هذا الوادي عن الزراعات والعمارات وغرس الأشجار و تحصين البيوت. ويمكن أن يكون في عمل هذه الفرقة تخفيف لشدة السيل أو سد لبعض منابعه لكن لا يمنعه عن بيوت الناس وممتلكاتهم.
الثانية: رأت أن صرف الجهود كلها في عمل الفرقة الأولى قد أضاع عليهم كثير من المصالح ولم يستطيعوا منع السيل فاتجهوا إلى بيوتهم في تقويم أساسها وقواعدها ورفع أسوارها عن مجرى السيل كما اتجهوا إلى صرف سيل الوادي عن مجراه المنتهي إلى البيوت والعمران وذلك بتحذير الناس من شره القادم وبتوجيه الناس إلى أن يحصنوا بيوتهم من هذا السيل و يتضافر الجمع على صرفه عن بيوتهم وعمرانهم إلى الرمال المحيطة بهم أو السبخات أو الحفر التي يجد السيل فيها مصرفا له يضيع فيه ويتفرق.
والمقصود من إيراد هذا المثال التأكيد على أهمية العمل في جبهة التحصين والوقاية للناس والمجتمعات من سبل الفساد الموجهة إليهم وأن يعطى حقه من الاهتمام مع بذل الجهد من أهل العلم في الجبهة الأولى وذلك بالاحتساب على المفسدين ولو للتخفيف أو التأخير وأهم من ذلك إبراء الذمة و الإعذار الى الله عز وجل، والمقصود توزيع الأدوار وأن لا ينشغل الدعاة بجبهة عن جبهة.
وأسوق فيما يلي ما يحضرني من الوسائل القوية التي يملكها المصلحون من الدعاة وطلبة العلم ولا يملكها غيرهم من المفسدين. وكيف يمكن تفعيلها وتنشيطها وتوظيفها.
الوسيلة الأولى: المنابر الدعوية
ويقصد بها تلك المنابر التي يخاطب فيها فئام من الناس على مختلف شرائحهم ويحصل من خلالها تحذير الناس ووعظهم وبيان خطر المنكرات على الفرد و البيت والمجتمع وبيان ذلك بالفتاوى الشرعية المستندة الى الأدلة الشرعية.
ويدخل تحت مسمى المنابر الإعلامية ما يلي:
1 - خطبة الجمعة:
حيث أثرها العظيم على الناس ومما تتميز به دقة الإنصات من السامعين وتركيزهم على ما يقال فيها وهذه المنابر نعمة من نعم الله عز وجل على المسلمين و وسيلة عظيمة الفائدة يمتلكها الدعاة الى الله عز وجل ولا يملكها المفسدون.
وأقترح لتفعيل دور الخطبة واستثمارها في إصلاح الناس وتبغيض الفساد والمنكرات لهم النقاط التالية:
أولاً: إيجاد رابطة مستمرة بين الخطباء في كل حي تجتمع في كل أسبوع، وذلك للتنسيق وتبادل الخبرات وتبادل الخطب وتحديد المواضيع المهمة للخطبة وترتيب الأولويات في ذلك. كما يقترح رابطة أوسع للخطباء على مستوى المدينة وذلك في كل شهر مرة وذلك لتوسيع دائرة التشاور وتنسيق الجهود.
ثانياً: يتفرغ أناس لجمع الخطب الجيدة القديم منها والجديد والتي يحتاج إليها المجتمع وطبعها وجعلها في متناول الخطباء ليرجعوا إليها في كتابة الخطبة.
ثالثاً: يتفرغ أناس لجمع الفتاوى القديمة والجديدة للعلماء والتي يبين فيها أهل العلم الحكم في المنكرات القديمة والجديدة التي تعشعش بين المسلمين أو هي في بدايتها وذلك لرفضها من الناس ومقاطعتها وتزويد الخطباء بها لقرائتها على الناس.
رابعاً: التعاون مع القائمين على إذاعة القرآن بالاقتراح عليهم تسجيل بعض الخطب المهمة التي يتفق عليها سلفاً لتذاع على الناس وتكرر عليهم.
خامساً: طبع الخطب الجيدة والمهمة في رسائل صغيرة وتوزيعها مجاناً أو بيعها بسعر رمزي.
سادساَ: الحرص من محلات التسجيلات على تسجيل الخطب المهمة ونشرها بين الناس وأن يصاحب ذلك تغطية من الدعاية الجيدة والتسويق القوي.
سابعاً: يفعل دور أئمة المساجد وحلقات التحفيظ في توزيع أشرطه الخطباء الجيدة على بيوت الحي.
2 - الدروس والمحاضرات والجولات الوعظية:
وهذه من الوسائل المهمة التي لو رتبت مواضيعها وأماكنها وأوقاتها لظهر لها وقع عظيم في تحصين الناس ووقايتهم من الفساد وهي والحمد لله كثيرة ومنتشرة ولكن يحتاج إلى تفعيل وتنشيط وتنظيم لكي يكون أثرها أكبر مما هي عليه الآن.
ومن الوسائل المقترحة لتفعيلها ما يلي.
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: اختيار المواضع المهمة للمحاضرات والدروس أو توظيف الدروس في مخاطبة الناس ووعظهم وتحذيرهم من المنكرات سواء كان ذلك عندما يأتي مناسبة في الدرس أو تخصيص أخر الوقت في الدروس للحديث عن المنكرات والتحذير منها أو تعد أسئلة مهمة تطرح على الشيخ ليجيب عليها في نهاية الدرس ويركز على مظاهر الفساد والموقف منها.
ثانياً: تحريك بعض طلبة العلم المؤثرين بما عندهم من العلم والديانة والبلاغة في أن يشاركوا وينفروا وأن يعيدوا النظر في سلبيتهم بحجة الورع البارد.
ثالثاً: التنسيق مع إذاعات القرآن والقنوات الإسلامية بنقل الدروس والمحاضرات المهمة في إذاعة القرآن.
رابعاً: مساعدة المحاضر في جمع المادة العلمية والفتاوى المهمة التي يستخدمها في إقناع الناس برفض الفساد وتحريمه ومقاطعته.
خامساً: قيام محلات التسجيل بتسجيل مثل هذه الدروس والمحاضرات المهمة والدعاية له وتسويقها بين الناس.
سادساً: نشر هذه المحاضرات في بيوت الحي عن طريق مساجد الحي وحلقات التحفيظ ودعمهم مادياً.
سابعاً: يحسن أن يكون هناك رابط أسبوعي أو شهري بين طلبة العلم الذين يقومون بالدروس والمحاضرات للتنسيق بينهم والتشاور في المواضيع المطروحة.
ج- الاستفادة من إذاعات القرآن والقنوات الإسلامية:
وميزة هذه الوسائل الإعلامية أنها تخاطب الفئات الكبيرة من الناس لذا صارت من أهم الوسائل التي ينبغي أن يعتني بها الدعاة الى الله عز وجل واستثمارها في توجيه الناس وتحصينهم وتحذيرهم من الفساد الموجه لهم , ورد شبهات المفسدين ومن أوجه الاستفادة من هذه المنابر ما يلي:
* مايكون فيها من برامج الإفتاء, ويحسن أن توظف هذه البرامج في تحذير الناس من صور الفساد المسلطة عليهم وبيان الحكم الشرعي فيها والتركيز على هذا النوع من الفتاوى.
* تقديم الدروس العلمية المبسطة التي توعي الناس بدينهم (في التفسير والعقيدة والفقه والآداب) وترفع عنهم اللبس والتضليل.
* إجراء المقابلات والندوات والحوارات في القضايا التي تحذر المسلمين مما يراد بهم من الفساد والشر والرد على الشبهات وفضح أهلها.
* ولتفعيل دور هذه المنابر يحث أهل القدرات الإعلامية من الدعاة للدخول فيها والتعاون مع القائمين عليها في تهيئة البرامج وتقديم المواد التي تحقق الأهداف.
* نقل الخطب والدروس والدورات الشرعية التي تعقد في المساجد.
الوسيلة الثانية - إحياء اللقاءات الأسرية ودوريات الأحياء:
حيث ثبت بالتجربة عظيم فائدتها في تأليف القلوب و التعاون على الخير والتحذير من الفساد والمنكرات. ولو أن أهل الاستقامة في كل أسرة وكل حي -وهم كثير والحمد لله – كونوا هذه الروابط واللقاءات و استثمروها في وقاية الأسر والجيران نساءً ورجالاً من شر الفساد والمنكرات لكان لها الأثر العظيم.
ومن الأعمال الخيرة التي تقوم به هذه الروابط واللقاءات ما يلي:
1 - توزيع الأشرطة والكتيبات التي تنشر الفضيلة وتحارب الرذيلة.
2 - توزيع الفتاوى التي تبين حرمة ما جد في حياة المسلمين من منكرات البيوت.
3 - إقامة المسابقات الهادفة التي تنبه السامعين إلى أمور شرعية قد يجهلونها أو يغفلون عنها.
4 - استضافة بعض طلبة العلم المؤثرين ليتحدث عن بعض المنكرات وضرورة إنكارها وتحصين البيوت وتربية الأولاد والنشأة على حب الفضيلة وبغض الفساد والرذيلة.
5 - العناية بشؤون المرأة وتوعيتها بأحكام الإسلام وتحذيرها من منكرات اللباس والزينة وما يراد لها من إخراجها واختلاطها بالرجال. ويمكن أن تنشأ روابط نسائية في الأسرة تتولى المستقيمات في كل أسرة تحقيق هذه الأهداف بما سبق من الوسائل.
6 - مراقبة الحي وما فيه من المنكرات والتعاون مع الهيئات لإزالتها.
الوسيلة الثالثة - أئمة المساجد:
لا يخفى دور إمام المسجد في نشاط المسجد ونشاط الحي الذي فيه المسجد وهذا ملموس من بعض الأمة الناشطين. فلو أن إمام كل مسجد قام بدوره في جماعة الحي لكان في ذلك خير عظيم وسد منيع ومن أهم الأنشطة التي يقوم بها إمام المسجد ما يلي:
* القراءة على جماعة المسجد في الكتب والفتاوى التي تحذر من الفساد والمنكرات في البيوت أو الأسواق وغيرها.
* التعاون مع دورية الحي في دعم أنشطة المسجد وحلقات التحفيظ ومتابعة المنكرات في الحي.
(يُتْبَعُ)
(/)
* استضافة طلاب العلم ليلقوا كلمات و محاضرات وفتاوى تدعو الناس إلى الخير وتحصنهم من الفساد وتحذرهم منه.
* متابعة المحاضرات والدروس في المساجد الأخرى وتبليغ جماعة المسجد بها مشافهة أو عن طريق الملصقات الإعلانية.
* التعاون مع حلقات التحفيظ في توزيع الكتيبات والأشرطة على منازل أهل الحي.
* تفقد الأشخاص الذين لا يصلون مع الجماعة ومناصحتهم بالتعاون مع دورية الحي.
* إقناع طلاب العلم من جماعة المسجد على فتح دروس في المسجد سواء كانت لعوام المسلمين أو للطلاب الدارسين.
* ولتفعيل دور الأمام في المسجد يحسن تكوين رابطة لأئمة المساجد في الأحياء المتقاربة والتشاور معهم وتبادل الخبرات في أنشطة المساجد.
* الاستفادة من المشرفين على حلقات التحفيظ في تقديم الفتاوى و اقتراح الرسائل المهمة التي تقرأ على جماعة المسجد.
الوسيلة الرابعة- حلقات التحفيظ ومكتبات المساجد:
لا يخفى دور هذه الحلقات المباركة في حفظ أبناء الحي بحفظهم لكتاب الله عز وجل وتربيتهم وتحصينهم من الفساد. ومع ذلك يمكن أن يستفاد من هذه الحلقات ليظهر أثرها في أهل الحي وذلك بالوسائل التالية:
* توزيع الأشرطة والكتيبات على بيوت الحي.
* إعطاء طلاب التحفيظ بعض الأشرطة والفتاوى والكتب لأخذها إلى أهليهم مما من شأنه تحذير البيوت من المنكرات والفساد.
* الاهتمام بأولياء أمور طلاب التحفيظ والاجتماع بهم في دورية شهرية للعناية بأبنائهم والتناصح معهم في إصلاح البيوت وتطهيرها من الفساد.
الوسيلة الخامسة- مواقع شبكة المعلومات:
وقد ظهر أثر هذه المواقع في الآونة الأخيرة لما ظهرت المواقع الإسلامية للمشائخ والمؤسسات الإسلامية والمواقع التي تهتم بالمرأة والحسبة. لذا يجب الاهتمام بها وتفعيلها وتقديم المادة المناسبة التي فيها تحذير المسلمين مما يراد بهم من الفساد و تخصص بعض أهل العلم في تتبع شبهات المفسدين و شهواتهم و الرد عليها.
الوسيلة السادسة- المعلمون في المدارس:
المعلم المسلم صاحب الرسالة لا ينظر إلى وظيفته بأنها مصدر للرزق فحسب وإنما هي من أهم المجالات التي يمكن تربية النشأ فيها وتحصينهم من الفساد والمنكرات. كما يمكن التأثير من خلال التعليم على أسر الطلاب وبيوتهم بإيصال بعض الفتاوى والأشرطة عن طريق أبنائهم وكذلك يستفاد من مجالس الآباء في المناصحة مع أولياء الأمور في التخلص من المنكرات والفساد.
الوسيلة السابعة- الحسبة والاحتساب:
من خصائص هذه الأمة أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وكلما شاع الاحتساب وانتشر قل الفساد واندحر المفسدون سواء كان ذلك على يد مراكز الهيئات أو عن طريق المحتسبين لذا ينبغي للدعاة وطلاب العلم والمحاضرين أن يحثوا الناس على مختلف طبقاتهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلاَ فيما يخصه وحسب علمه وقدرته.
الوسيلة الثامنة- الكتاب والمؤلفون:
إن الإكثار من الكتب والرسائل و المطويات التي تحذر من الفساد وتكشف خطط المفسدين لتعتبر من أهم الوسائل التي توعي الأمة وتحذرهم من كيد المفسدين وتلبيسهم وتضليلهم وذلك بما يكون في هذه المؤلفات من بيان حكم الله عز وجل في مظاهر الفساد الذي يروج له المفسدون , وكشف سيئاتهم التي يلبسون بها على الناس.
الوسيلة التاسعة- أماكن الانتظار العامة:
وذلك مثل الانتظار في عيادات الأطباء وصرف الدواء في الصيدليات الحكومية ومحلات الحلاقة ومكاتب العقار وما شابهها.
حيث من المفيد تزويد هذه الأماكن بمطويات ورسائل وفتاوى تناسب حاجة الناس وتحذيرهم وتحصينهم من سبل الفساد.
الوسيلة العاشرة- الدور النسائية لتحفيظ القرآن:
لم يعد خافياً أثر هذه الدور المباركة إن شاء الله في تحصين المرأة المسلمة من كيد أعدائها وتعليمها دينها وتحذيرها من مظاهر الفساد الموجه لها وللأسر المسلمة. والعناية بالمرأة المسلمة له أثر في نفسها كما أن له أثر كبير في إصلاح الأسر والبيوت حيث تنقل المرأة ما تسمع وترى وتقرأ في هذه الدور وما يوزع فيها من أشرطه وكتيبات وفتاوى إلى أسرتها وأولادها. لذا لزم الأمر العناية الشديدة بهذه الدور.
الوسيلة الحادي عشر- رسائل الجوال:
لقد ظهر في الآونة الأخيرة أثر رسائل الجوال في نشر الخير والشر لذا ينبغي توظيفها من قبل المصلحين في نشر الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة على الكتب والفتاوى والدروس المفيدة والتحذير من الفساد وتعرية أهله وتبيين المنكرات ودفع الناس لانكارها.
تنبيهات مهمة
الأول: لابد في الوسائل السابقة من عمل مرتب ومنظم ترتب فيه الآولويات وتوزع فيه الأدوار ويجند الآلاف المؤلفة من الصالحين في أحيائهم وتنفيذه بتوجيههم واستثمار طاقاتهم ولا يكتفى بالجهود الفردية.
الثاني: لا يقتصر في مخاطبة الناس ببيان الحكم الشرعي في المنكرات و تحذيرهم منها بل ينبغي أن يتوجه الخطاب إلى القلوب و تقوية العبودية لله عز و جل فيها و الاستسلام لشرعه سبحانه و الإذعان و القبول له وتخويفهم من الله عز وجل ومن عذابه و تقوية محبة الله عز و جل وتعظيمه والخوف من يوم الحساب والوقوف بين يدي الله تعالى.
الثالث: العناية بالجانب التربوي في أوساط الدعاة وطلبة العلم و أهل الاستقامة من شباب الأمة وفتياتها والعناية بصحة الفهم والتصورات وحسن السلوك والأخلاق وأن لا يكون العمل الإحتسابي والإعلامي سبباً في انشغالنا عن العمل التربوي.
الرابع: إعداد جيل إعلامي قوي يجمع بين العلم الشرعي والصمود على الثوابت الشرعية والبعد عن الضعف والانهزامية والاستجابة لأهواء الناس وبين الوعي الإعلامي والخبرة الإعلامية التي تخاطب الناس وتؤثر فيهم وتكسبهم.
أسال الله عز و جل أن يبرم هذه الأمة أمر رشد يعز فيه وليه ويذل فيه عدوه و يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنه سميع الدعاء.
والحمد لله رب العالمين ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:40]ـ
منطلقات شرعية في نصرة خير البرية
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن ما يشهده العالم الإسلامي هذه الأيام من غضبة عارمة، وحملة مباركة لنصرة سيد البشر نبينا صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن عرضه الشريف أمام الهجمة الشرسة القذرة التي يشنها الغرب الصليبي الكافر على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتتولى كبرها بلاد الدنمارك الحاقدة، إن في هذه القومة المباركة لنصرة نبينا صلى الله عليه وسلم ما يثلج الصدر، ويسر الخاطر، ويبث الأمل في النفوس، ويؤكد أن أمة الإسلام أمة مباركة ومرحومة ولازال فيها الخير والرصيد العظيم في مقاومة أعدائها والنكاية فيهم، حتى ولو كانت ذليلة مستضعفه؛ فكيف لو كانت قوية ومتمكنة.
ولقد ظهر في هذه الحملة قدرة الأمة على النهوض والتكاتف والتعاون على إلحاق الأذى الشديد بالعدو المتربص، وقد ظهر ذلك في هذه القومة الشاملة لمختلف شرائح الأمة رجالاً ونساءً, صغاراً وكباراً, أغنياء وفقراء, وعوام ومثقفون، وذلك في الكتابات الكثيرة المتنوعة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم , وكذلك في المقاطعة المباركة التي آتت أكلها وثمارها في إنهاك اقتصاد المعتدين.
أسأل الله عز وجل أن يبارك في جهود القائمين بهذه النصرة، سواءً من كتب أو خطب أو مقاطعة وهجر منتجات القوم، وليس هذا بكثير في نصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، والذي هو أولى بنا من أنفسنا، والذي قال لنا ربنا سبحانه عنه ((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) (التوبة: 128).
والذي بلغ الكمال الإنساني في الشمائل والأخلاق وفي عبادة ربه سبحانه وتعالى، وكل هذا يفرض علينا أن يكون أحب إلينا من أنفسنا وأهلنا وأولادنا وأموالنا، وأن نفديه بالنفوس والمهج والأولاد والأموال.
وبما أن الحديث عن نصرة النبي- صلى الله عليه وسلم- وعن حقوقه، وحقيقة أعدائه وحقدهم قد قام به المسلمون في شتى بلدان المسلمين بأقوالهم ورسائلهم وكتاباتهم ومقاطعتهم، فلن أكرر ما كتب وقيل، ففيه إن شاء الله الكفاية، غير أن هناك بعض الوصايا التي أنصح بها نفسي وإخواني المسلمين في ضوء هذا الحدث الجلل أرى أنها من حقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهي من لوازم نصرته وموجبات محبته، ولكن قد تغيب عن بعضنا وتنسى في زحمة الردود واشتعال المشاعر والعواطف.
الوصية الأولى:
قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) (البخاري).
وعندما سئل النبي- صلى الله عليه وسلم- ((عن الرجل يقاتل شجاعة, ويقاتل حمية, ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟) فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)) البخاري (2810) ,مسلم (1904).
والمقصود من إيراد هذين الحديثين الشريفين أن يحاسب كل منا نفسه، وهو يشارك في هذه الحملة المباركة للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتفقد نيته في قومته هذه، هل هي خالصة لله تعالى؟ أم أن هناك شائبة من شوائب الدنيا قد خالطت نيته، كأن يظهر للناس غيرته وحرصه على الدين وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تكون مجرد حمية وعصبية ومفاخرة، أو إرادة دنياً ومكانة بين الناس، أو غير ذلك من الأغراض، وهذا عمل قلبي لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومع إحسان الظن بالقائمين بهذه النصرة وأنهم إن شاء الله تعالى إنما قاموا بذلك حباً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، إلا أن محاسبة النفس في هذا الشأن وغيره من العبادات أمر واجب على كل مسلم حتى يبارك الله عز وجل في الأعمال، ويحصل منها الأجر والثواب، وإلا ذهبت هباءً منثوراً؛ إن لم يأثم صاحبها ويعاقب على ذلك.
الوصية الثانية:
قال الله تعالى: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (آل عمران: 31).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)).
[يقول الأمام أبن كثير- رحمه الله تعالى- عند آية آل عمران، هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي، والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
ولهذا قال: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)) (عمران:31).
أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه, وهو محبته إياكم؛ وهو أعظم من الأول, كما قال بعض الحكماء العلماء؛ ليس الشأن أن تُحِبَّ, إنما الشأن أن تُحَبَّ.
وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)) (آل عمران: 31).
ويقول الأمام أبن القيم- رحمه الله تعالى-: (لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى؛ فلو يعطى الناس بدعواهم لادعي الخلي حرقة الشجي، فتنوع المدعون في الشهود، فقيل لا تٌقبل الدعوى إلا ببينة: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)) (آل عمران: 31).
(فتأخر الخلق كلهم, وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأخلاقه)] من مدارج السالكين 3/ 9 [.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى-: (فكل من ادعى أنه يحب الله ولم يتبع الرسول فقد كذب, ليست محبته لله وحده, بل إن كان يحبه فهي محبة شرك, فإنما يتبع ما يهواه كدعوى اليهود والنصارى محبة الله, فإنهم لو أخلصوا له المحبة لم يحبوا إلا ما أحب, فكانوا يتبعون الرسول, فلما أحبوا ما أبغض الله مع دعواهم حبه كانت محبتهم من جنس محبة المشركين, وهكذا أهل البدع، فمن قال إنه من المريدين لله المحبين له، وهو لا يقصد اتباع الرسول والعمل بما أمر به وترك ما نهى عنه, فمحبته فيها شوب من محبة المشركين واليهود والنصارى, بحسب ما فيه من البدعة، فإن البدع التي ليست مشروعة، وليست مما دعا إليه الرسول لا يحبها الله، فإن الرسول دعا إلي كل ما يحبه الله. فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر)] الفتاوى 8/ 361,360 [.
والمقصود من إيراد ألآية التي في سورة آل عمران، وكلام أهل العلم عندها, وكذلك الحديث، التنبيه في هذه الحملة المباركة إلى أن يراجع كل منا نفسه، ويختبر صدق محبته لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم في قومته ونصرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أن علامة حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدقنا في نصرته أن نكون متبعين لشرعه وسنته، وأن لا يكون في حياتنا أمور تسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وتؤذيه، فنقع في التناقض بين ما نقوم به من النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أحوالنا، فيقع الفصام النكد بين القول والعمل: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)) (الصف: 2،3).
* فيا أيها الذي تعبد الله تعالى بغير ما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقام لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم: زادك الله غيرة وغضباً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن اعلم أن الذي قمت لنصرته هو القائل: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) (البخاري:2697).
وعليه فإن أي ابتداع في الدين سواء كان ذلك في الأقوال أو الأعمال مما يؤذي نبينا محمداً- صلى الله عليه وسلم- ويسيء إليه، فاحذر أن تكون ممن يدعي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفس الوقت يؤذيه ويعصيه؛ فإن هذا يقدح في صدق المحبة والإتباع, ويتناقض مع نصرته ونصرة سنته، وأشنع من هذا من يدعي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته ثم هو يقع في الشرك الأكبر ويدعوه أو يدعو علياً والحسين وغيرهم من الأولياء من دون الله، أو يؤذي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بسب أزواجه أو أصحابه، فإن كل ذلك يدل على كذب أولائك المدعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
* ويا أرباب البيوت والأسر الذين قمتم لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، إن هذا منكم لعمل طيب مشكور؛ ولكن تفقدوا أنفسكم فلعل عندكم وفي بيوتكم وبين أهليكم ما يغضب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم من آلات اللهو، وقنوات الإفساد، ومجلات اللهو والمجون، فإن كان كذلك فاعلموا أن إصراركم عليها واستمراءكم لها لمما يسيء إلى الرسول ويؤذيه، ويتناقض مع صدق محبته، إذ أن صدق المحبة له تقتضي طاعته واتباعه، لأن المحب لمن يحب مطيع.
* ويا أيها التاجر الذي أنعم الله تعالى عليه بالمال والتجارة، إنه لعمل شريف، وكرم نبيل أن تهب لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتهجر وتقاطع منتجات القوم، الكفرة الذين أساءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذوه، ولكن تفقد نفسك ومالك عسى أن لا تكون ممن يستمرئ الربا في تنمية أمواله، أو ممن يقع في البيوع المحرمة، أو يبيع السلع المحرمة التي تضر بأخلاق المسلمين وأعراضهم وعقولهم، فإن كنت كذلك فحاسب نفسك وراجع صدق محبتك للرسول صلى الله عليه وسلم الذي قمت لنصرته، ألا تعلم أنك بأكلك الربا تعد محارباً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وصدق القيام لنصرته، قال الله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)) (البقرة: 278, 279).
ألا تعلم أن الأولى بالمقاطعة والهجر هو هجر ما حرم الله عز وجل من الربا والبيوع المحرمة, والسلع المحرمة التي قد استمرأها الكثير من التجار؟ قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: ((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) (البخاري:10).
ولا يعني هذا التهوين من مقاطعة منتجات القوم بل أرى الصمود في ذلك، ولكن أردت التنبيه إلى ضرورة تخليص حياتنا من هذه الازدواجية وعدم المصداقية.
* ويا أيها القائمون على المؤسسات الإعلامية من صحافة وإذاعات، وقنوات فضائيه في بلدان المسلمين، إنه لعمل مشكور هذا الذي تشاركون به في حملة الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ألا يعلم بعضكم أنه يعيش حالة من التناقض، إن لم يكن ضرباً من النفاق، وذلك عندما يدعي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرته ممن أساء إليه من الكفرة، ثم هو في نفس الوقت يبث في صحيفته أو إذاعته، أو تلفازه أو قناته الفضائية ما يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤذيه، وذلك مما حرم الله عز وجل وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم من إشاعة الفاحشة، وتحسين الرذيلة، وبث الشبهات والشهوات، والنيل من أولياء الله عز وجل وأولياء رسوله صلى الله عليه وسلم، والاستهزاء بهم وبسمتهم وهديهم وعقيدتهم، والله عز وجل يقول: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) (البخاري:11/ 292).
فكيف تعرضون أنفسكم لحرب الله عز وجل وأنتم تدعون نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم والذب عنه، إن الذب عن نبينا صلى الله عليه وسلم إنما تكون بالتزام سنته والذب عنها، والتوبة من كل ما يقدح فيها، والتزام طاعته صلى الله عليه وسلم والصدق في محبته, وإلا كان هذا الانتصار مجرد ادعاء، ومفاخرة ونفاق نعوذ بالله من ذلك.
* ويا أصحاب الحل والعقد في بدان المسلمين، إن أمانتكم لثقيلة، فالحكم والتحاكم بأيديكم, والإعلام والاقتصاد بأيديكم، والتربية والتعليم بأيديكم، وحماية أمن المجتمع، وحماية الثغور بأيديكم، فما أعظم أمانتكم ومسؤوليتكم أمام ربكم عز وجل، وأمام أمتكم, فهل تعلمون أن من رفض منكم الحكم بما أنزل الله عز وجل وأستحل ما حرم الله عز وجل إنما هو من أعظم المسيئين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمناوئين له؟ وأن من أقام اقتصاده على الربا والمعاملات المصرفية المحرمة إنما هو من المؤذين والمحاربين لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم؟ وأن من مكن لأهل الشر والإفساد والشبهات والشهوات في إعلام الأمة ليفسدوا عقائد الناس وعقولهم وأعراضهم، إنما هو من أشد المؤذين والمبغضين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من تولى الكفرة ووادهم وقربهم من دون المؤمنين فهو من المحادين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم؟ إذا
(يُتْبَعُ)
(/)
علمنا جميعاً هذه المسلمات , وعلمنا أن هذه الممارسات المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم موجودة في أكثر بلدان المسلمين اليوم، فما قيمة أن يقوم بعض حكام هذه البلدان بإظهار الشجب والغضب لمن أساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلام الغرب الكافر، وهم من أعظم المسيئين إليه عليه الصلاة والسلام، برفض شرعه وموادة أعدائه؟ إن هذا لعمر الله لهوا التناقض والنفاق والتدليس والتلبيس, إذ أن من كان صادقاً في حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وصادقاً في غضبه وانتصاره ممن أساء إليه يكون من أول المتبعين لسنته صلى الله عليه وسلم وشريعته، لا من الرافضين والمناوئين لها!!
وفي ختام هذه الوصية أرجو أن لا يفهم من كلامي أني أهون من هذه الحملة القوية لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عن عرضه الشريف، أو أني أدعو إلى تأجيلها حتى تصلح أحوالنا حكاماً ومحكومين، كلا بل إني أدعو إلى مزيد من هذا الانتصار والمقاطعة والتعاون في ذلك، كما هو الحاصل الآن والحمد لله رب العالمين، ولكنني أردت أيضاً الالتفات إلى أحوالنا وتفقد إيماننا، وصدقنا في محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والانتصار له، بأن نبرهن على ذلك بطاعته عليه الصلاة والسلام، واتباعنا لشريعته والذب عنها، والاستسلام لها باطناً وظاهراً، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)) (البقرة: 208).
وقال تعالى: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)) (الأحزاب: 36).
وقال تعالى: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)) (النساء: 6).
الوصية الثالثة:
إن ما حصل من إساءة إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الأعلام الدنماركي والنرويجي، جرم عظيم ينم عن حقد متأصل في قلوب القوم، ولكن ينبغي أن لا تنسينا مدافعة هؤلاء القوم من هو أشد منهم خبثاً وحقداً وضرراً على المسلمين، ألا وهي طاغية العصر أمريكا حيث جمعت الشر كله، فوقعت فيما وقع فيه هؤلاء من الإساءة إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإهانة كتاب ربنا سبحانه وتنجيسه وتمزيقه على مرأى من العالم، وزادت على القوم بقتل أهلنا ونسائنا وأطفالنا في أفغانستان والعراق وفلسطين، وسامت الدعاة والمجاهدين سوء العذاب في أبي غريب وأفغانستان، وسجونها السرية في الغرب والشرق، فيجب أن يكون لها الحظ الأكبر من البراءة والانتصار منها لربنا عز وجل ولكتابه سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ننبه الناس في هذه الحملة الميمونة إلى هذا العدو الأكبر، وأنه يجب أن يكون في حقه من إظهار العداوة له، والبراءة منه، ومقطاعته كما كان في حق الدنمارك بل أكثر وأشد.
وأتوجه بهذه المناسبة إلى المنادين بمصطلح (نحن والآخر)، والمطالبين بالتسامح مع الآخر الكافر وعدم إظهار الكراهية له، لأقول لهم: هذا هو الأخر الذي تطلبون وده، وتتحرجون من تسميته بالكافر، إنه يرفض ودكم، ويعلن كراهيته لديننا ونبينا، وكتاب ربنا سبحانه، فماذا أنتم قائلون؟! وهذا من عدونا غيض من فيض، وصدق ربنا سبحانه إذ يقول في وصفهم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)) (آل عمران: 118).
الوصية الرابعة:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من علامة صدق النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نفرق في بغضنا وغضبتنا بين جنس وأخر ممن آذى نبينا عليه الصلاة والسلام، وأساء إليه أو إلى دين الإسلام؛ بل يجب أن تكون غضبتنا لله تعالى، وتكون عداوتنا لكل من أساء إلى ربنا أو ديننا أو نبينا صلى الله عليه وسلم، من أي جنس كان، ولو كان من بني جلدتنا ويتكلم بألسنتنا. كما هو الحاصل من بعض كتاب الصحافة والرواية، وشعراء الحداثة، والذين يلمحون تارة، ويصرحون تارة أخرى بالنيل من أحكام ديننا وعقيدتنا، وإيذاء نبينا صلى الله عليه وسلم، بل وصل أذاهم وسبهم للذات الإلهية العلية، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا، فأين غضبتنا على هؤلاء، وأين الذين ينتصرون لله تعالى ودينه، ورسوله صلى الله عليه وسلم من فضح هؤلاء والمطالبة بإقامة حكم الله فيهم، ليكونوا عبرة لغيرهم؟ إن الانتصار من هؤلاء لا يقل شأناً من الانتصار ممن سب ديننا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم في دول الغرب الكافر، يقول الله عز وجل: ((لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (المجادلة: 22).
الوصية الخامسة:
يقول الله عز وجل: ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)) (الإسراء: 36).
يقول الإمام أبن كثير- رحمه الله تعالى-: عند هذه الآية بعد أن ذكر أقوال أهل العلم، (ومضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ)) (الحجرات: 12).
وفي الحديث: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)).
وفي سنن أبي داوود ((بئس مطية الرجل زعموا)).
وقوله ((كل أولئك)) أي هذه الصفات من السمع والبصر والفؤاد (كان عنه مسؤولا): أي سيسأل العبد عنها يوم القيامة، وتسأل عنه وعما عمل فيها) أ. هـ.
وفي ضوء هذه الآية الكريمة وما ورد في معناها نخرج بمنهج عادل وقويم في التعامل مع الأحداث، والمواقف ينصحنا الله عز وجل به، حتى لا تزل الأقدام، وتضل الأفهام، وحتى لا يقع المسلم في عاقبة تهوره وعجلته، وذلك بأن لا ينساق وراء عاطفته وحماسته الثائرة دون علم وتثبت مما رأى أو سمع، فيقول بلا علم، أو يتخذ موقفاً دون تثبت وتروي.
إن المسلم المستسلم لشريعة ربه سبحانه محكوم في جميع أقواله ومواقفه وحبه وبغضه، ورضاه وسخطه بما جاء في الكتاب والسنة من الميزان العدل، والقسطاس المستقيم، فإن لم يضبط المسلم عاطفته وحماسه بالعلم الشرعي، والعقل والتروي، فإن حماسته هذه قد تجره إلى أمور قد يندم على عجلته فيها.
والمقصود هنا التحذير من العجلة، والجور في الأحكام، والمواقف خاصة عندما تكثر الشائعات، ويخوض فيها الخائضون بلا علم أو عدل، بل لابد من التثبت ومشاورة أهل العلم والشرع، وأهل الفهم بالواقع.
ومن أمثلة هذه المواقف المتسرعة في هذا الحدث، مما تناقلته بعض المطويات ورسائل الجوال من وجوب المقاطعة لبضائع كثيرة بعضها ليست من منتجات القوم المقصودين بالمقاطعة, ومن ذلك التسرع في الحكم على من لم يقاطع بأنه آثم لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما جاء في قول القائل: (قاطع من لم يقاطع)، ومن ذلك الإكثار من الرؤى و المنامات, والاستناد عليها في تصحيح موقف ما أو تخطئته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد: فهذا ما يسره الله عز وجل من هذه الوصايا التي أخص بها نفسي وإخواني المسلمين في كل مكان؛ مع التأكيد على ضرورة الصمود والمصابرة في البراءة من القوم، ومقاطعة منتجاتهم، فما كان في هذه الوصايا من صواب فمن الله عز وجل، فهو الأمان بذلكـ وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطانـ وأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه، والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:43]ـ
من نحن ومن الآخر؟!
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيما- وصلى الله وسلم- وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
أما بعد:
فإن القيام بالعبودية الحقة لله عز وجل لا يتم إلا بالإخلاص له سبحانه في عبادته، وأن تكون العبادة على بصيرة واتباع لما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم-، وإن البصيرة في الدين لا تتحقق مادام الباطل ملتبسا بالحق، وبمعنى أخر، فإن البصيرة في الدين لا تحصل إلا بوضوح الحق وتنقيته من الباطل الملتبس به، قال تعالى: ((قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)) (البقرة: 256).
وقال سبحانه: ((فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)) (يونس: 32).
لذا كان لزاما على العبد أن يعرف الحق بدليله ما أمكن، وأن يزيل عنه الباطل الذي علق به، وذلك حتى يأتي بالعبادة على وجهها المقبول عند الله عز وجل، وإن من أعظم الفتن التي يفتن الشيطان بها العباد فتنة التزيين، ولبس الحق بالباطل، واتباع الهوى في ذلك، ولقد وقع في هذا الشَّرَك العظيم كثير من الناس بعضهم عن علم وبعضهم عن جهل، وقد كثر اللبس والتضليل في عصرنا الحاضر؛ حيث ظهرت وسائل ماكرة ومضللة لبست على الناس دينهم وخلطت الحق بالباطل، بل وصل الأمر لدرجة قلب الحقائق، وإظهار الحق في صورة الباطل، والباطل في صورة الحق، وتعاون شياطين الجن والإنس: ((يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)) (الأنعام: 112).
في وضع هذا التلبيس في قوالب من الأقوال مزخرفة وألفاظ خادعة، وتسمية للأسماء بغير مسمياتها، فضلَّ بسبب ذلك كثير من الناس.
وإننا في زماننا هذا لنرى صوراً كثيرة من لبس الحق بالباطل، وصوراً من ليِّ أعناق النصوص، وصوراً كثيرة من المغالطات والخداع والحيل المحرمة المفتراة على دين الله عز وجل، فكان لزاما على الدعاة والعلماء أن يحذروا بأنفسهم من الوقوع في هذه المزالق وأن لا يسكتوا عليها بل يجب عليهم أن يكشفوها للناس ويحذروهم منها، وأن لا يدعوهم لأهل الأهواء يلبسون عليهم دينهم، ويحرّفون الكلم عن مواضعه وهذا ما أخذه الله عز وجل على أهل العلم بقوله: ((وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)) (آل عمران: 187).
وإن كل من لبس على الناس دينهم أو كتم الحق عنهم ففيه شبه ممن زجرهم الله عز وجل بقوله: ((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) (البقرة: 42).
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: عند هذه الآية (نهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالأخر، ومنه التلبيس: وهو التدليس والغش الذي يكونه باطنه خلاف ظاهره؛ فكذلك الحق إذا لبس بالباطل يكون فاعله قد أظهر الباطل في صورة الحق، وتكلم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهم السامع أنه أراد المعنى الصحيح، ومراده الباطل، فهذا من الإجمال في اللفظ] الصواعق المرسلة 3/ 926 [.
ويقول في موطن آخر: (وكم من مسألة ظاهرها ظاهر جميل، وباطنها مكر وخداع وظلم؟ فالغبي ينظر إلي ظاهرها ويقضي بجوازه، وذو البصيرة يتفقد مقصدها وباطنها، فالأول يروج عليه زغل المسائل كما يروج على الجاهل بالنقد زغل الدراهم، والثاني يخرج زيفها كما يخرج الناقد زيف النقود، وكم من باطل يخرجه الرجل يحسن لفظه وتنميقه وإبرازه في صورة حق، وكم من حق يخرجه بتهجينه، وسوء تعبيره في صورة باطل؟ ومن له أدنى فطنة وخبره لا يخفى عليه ذلك)] أعلام الموفقين 4/ 229 [.َ
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن ما يطرح اليوم في وسائل الأعلام وبعض الحوارات والندوات من تلاعب بالمصطلحات والمسميات لا يقف خطرها على الألفاظ فحسب بل تجاوزه إلى المضامين والأصول والثوابت، ومع ذلك لم يتصد لخطرها والرد عليها إلا أفراد قلائل لم تبلغ ردودهم حد الكفاية في الإعذار والإنذار، مع أن الأمر من الخطورة بحيث يجب التصدي له من قبل أهل العلم والدعوة وأن يبلغوه للمسلمين في الوسائل المتاحة ليدركوا خطره وليحذروا من الوقوع في زخرف الملبسين وتضليل المضللين وبخاصة أن الأمر يتعلق بأصول هذا الدين وثوابته وليس بفروعه وجزئياته.
وإن من المصطلحات التي تطرح اليوم طرحاً انهزامياً ًينم عن الشعور بالمهانة والذلة والحرج، من أصول هذا الدين ما يعمل له اليوم من حوارات ولقاءات صحفية ومؤتمرات تدور حول مصطلح (نحن والأخر).
فما هو المقصود بمصطلح (نحن والأخر)؟
إن هذا المصطلح من المصطلحات الغامضة الحمالة لمعاني مختلفة، ولعل ذلك مقصود ممن هم وراء طرحه وإثارته، ولذلك لابد من تحرير هذا المصطلح، وكشف أبعاده ليتعرى الملبسون المضللون الذين يعنون ما يقولون، وليحذر الذين غرر بهم بتبني هذا المصطلح من بعض أهل العلم والدعوة.
ولتحرير هذا المصطلح والهدف من طرحه نستعرض المعاني المستعملة التي لا يخرج عنها تفسير هذا المصطلح.
الاستعمال الأول: وهو ما ذكره المجتمعون في اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري المنعقد في أبها في الفترة من 11ـ13/ 11/26هـ حيث جاء في بيانهم الختامي تعريفهم لهذا المصطلح بقولهم: (وقد أتجه المجتمعون إلى التعبير بأن المقصود بـ (نحن) أي: المواطنين السعوديين الذين يجمعهم دين واحد هو الإسلام، ووطن واحد هو المملكة العربية السعودية، وله أراء وتوجهات متنوعة، (والأخر) هو المجتمعات الإنسانية الأخرى بجميع أديانها وحضاراتها وأوطانها) ولا يخفى ما في هذا الكلام من أبعاد خطيرة تبينها المناقشات التالية.
أولاً: قولهم بأن المقصود بـ (نحن): المواطنين السعوديين ... الخ، و (الأخر):هو المجتمعات الإنسانية الأخرى ... الخ). إن في هذا القول مزلقاً عظيماً وتجاهلاً واضحاً لعقيدة الولاء والبراء في هذا الدين، فالله عز وجل يقول: ((قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)) (الأنعام: 14).
ويقول سبحانه عن نبيه نوح عليه السلام مع ابنه ((إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)) (هود:46).
ويقول سبحانه ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) (الحجرات: 10).
ويقول عز وجل ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)) (التوبة: 71).
وفي ضوء هذه الآيات وأمثالها من القرآن الكريم يتبين المزلق الكبير لتعريف (نحن) و (الأخر) إذ كيف تحصر كلمة (نحن) في المواطنين السعوديين الذين يجمعهم دين واحد ووطن واحد ... الخ، إذن فأين محل إخواننا المسلمين في الأوطان الأخرى، ومن بينهم العلماء والعباد والمجاهدين والدعاة والمصلحين؟ وهل هؤلاء يخرجون من دائرة (نحن)؟ أين الولاء والموالاة بين المؤمنين إذا ساويناهم بالأخر الكافر أو الملحد والمنافق ممن يعيشون خارج الوطن.
ثانياً: وقالوا في تعريف من (نحن)؛ بأنهم (الذين ينتسبون إلى الإسلام في الوطن الواحد وإن تنوعوا مذهبياً وفكريا وثقافياً واجتماعيا، فلا يجوز استخدامه لاختراق الوحدة الوطنية)، إنه لا يخفى ما في ذلك من خرق لعقيدة الولاء والبراء في هذا الدين، فكم في الوطن الواحد من العقائد الباطلة الكفرية التي يخرج صاحبها من الإسلام؛ كمن يعبد غير الله عز وجل ويستغيث به ويدعي أن غير الله تعالى يعلم الغيب كغلاة الشيعة والصوفية، وكم في الوطن الواحد من يكفر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويعاديهم، ويقذف نساء النبي- صلى الله عليه وسلم- العفيفات الطاهرات، وكم في الوطن الواحد من المنافقين الذين يبطنون العداء للإسلام وأهله ويوالون الغرب وأهله، فهل هؤلاء هم منا ونحن منهم لأننا وإياهم نعيش في وطن واحد؟ إننا بهذا الفهم نعود إلى صورة من صور الجاهلية الأولى التي جاء هذا الدين للقضاء عليها وجعل رابطة العقيدة والإيمان فوق كل رابطة يعادى من أجلها ويوالى من أجلها ويحب من أجلها ويبغض من أجلها.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال صلى الله عليه وسلم: ((من تعزى بعزاء أهل الجاهلية فأعضوه هن أبيه ولا تكنوا)).
فسمع أبي بن كعب رجلاً يقول: يا لفلان! فقال: أعضض أير أبيك فقال: يا أبا المنذر! ما كنت فاحشاً، فقال بهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد في مسنده (20728) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (269).
ويشرح شيخ الإسلام هذا الحديث فيقول: (ومعنى قوله: من تعزى بعزاء الجاهلية) يعني يتعزى بعزؤاهم، وهي الانتساب إليهم في الدعوة، مثل قوله: يا لقيس! يا ليمن! ويا لهلال! ويا لأسد، فمن تعصب لأهل بلدته، أو مذهبه، أو طريقته، أو قرابته، أو لأصدقائه دون غيرهم كانت فيه شعبة من الجاهلية، حتى يكون المؤمنون كما أمرهم الله تعالى معتصمين بحبله وكتابه وسنة رسوله) مجموع الفتاوى 28/ 422.
والآيات في كتاب الله عز وجل كثيرة تلك التي تركز على عقيدة الولاء والبراء، وأنها هي الأصل في رابطة الحب والبغض والاجتماع والافتراق، وأكتفي بقوله تعالى: ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) (الممتحنة: 4).
هذه هي الملة الإبراهيمية وهذا هوا الدين المحمدي، فهل أصبحت الوحدة الوطنية هي صاحبة السيادة العليا التي يعقد عليها الولاء والبراء، إن مما تعلمناه من كتاب ربنا عز وجل وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأقوال سلفنا الصالح أن الأصل الذي يقوم عليه الولاء والوحدة والإتلاف هوا التوحيد والبراءة من الشرك وأهله.
وإلا فلا وحدة ولا اجتماع، بل المفاصلة والبراءة، إذاً فكيف يقول القوم هداهم الله عز وجل بأن التنوع المذهبي أو الفكري أو الثقافي لا يجوز استخدامه لاختراق الوحدة الوطنية)؟ هل يعني هذا أن الوحدة الوطنية فوق عقيدة التوحيد، وعلى حساب عقيدة الولاء والبراء؟ إن مصطلح التنوع المذهبي أو الفكري أو الثقافي من المصطلحات العائمة الغامضة، لكن اللبيب يعرف ما المقصود منها؛ إنها تعني أن أي مذهب عقدي شركي أو بدعي فما دام أنه داخل الوطن الواحد فينبغي الاعتراف به وعدم الافتراق معه ضماناً للوحدة الوطنية، وهذا مخالف لدين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وللملة الإبراهيمية، حيث لا ولاء ولا محبة لمشرك، وعليه فإن من يعبد علياً أو الحسين رضي الله عنهما) ويسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بأخ لنا، وإن الصوفي الخرافي الذي يطوف بالقبور ويستغيث بأهلها ليس بأخ لنا، وأن الليبرالي المنافق الذي يبطن كره الإسلام وأحكامه، ويدعو إلى محاكاة الغرب الكافر وتشريعاته ليس بأخ لنا، إن الوحدة الوطنية يجب أن تخضع لعقيدة التوحيد وليس العكس الذي تكون فيه الوحدة الوطنية على حساب عقيدة التوحيد، وكما قال الله عز وجل عن نوح عليه السلام مع ابنه ((إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكََ)) (هود: 46).
فنحن نقول كذلك إن أعداء التوحيد ليسوا من أهلنا ولا من قبيلتنا ولا من وطننا، فإما أن يرجعوا إلى توحيد الله ويدخلوا في السلم كافه فيكونوا إخواننا، وتجمعنا بهم وحدة الدين، ويزيدها قوه وحدة الوطن وإلا فلا وحدة ولا وطنية معهم.
إن الولاء والبراء مع أنه مطلب شرعي عقدي إلا أنه أيضاً مطلب فطري وعقلي فلا نجد جنساً من الأجناس يرتبطون برابطه من الروابط إلا وتظهر عليهم هذه الصفة، حيث يوالون بني جنسهم ويعادون من يعاديهم حتى في عالم الحيوان والطير، والكفار أنفسهم ينطلقون في ولائهم وبرائهم من هذا المنطلق، وقد أعلنها طاغوتهم بوش حينما قال: (من لم يكن معنا فهو ضدنا)، هذا هو ولاء الكفار وبرائهم، لكن المسلمين يتميزون عن جميع الأجناس بأن عقيدة الولاء والبراء تنطلق من كلمة التوحيد، فمن كان من أهلها فهو ممن يحبه الله تعالى، فنحب من يحبه الله عز وجل، ومن كفر بها أبغضه الله وأصبح عدواً لله فحينئذ نبغضه لأن الله يبغضه، أما بقية الأجناس الأخرى كالحيوان والكفار وأصحاب الروابط الجاهلية من بني آدم، فهم يوالون ويعادون على الماء والتراب والمرعى والمصالح الدنيوية، والمسلمون يوالون ويعادون في الله تعالى. وهذا هو ما يزعج الكفرة
(يُتْبَعُ)
(/)
والمنافقين، حيث يريدونها روابط جاهليه عصبية عُمّية لا دخل للدين فيها.
ثالثاً: وهنا مسألة أخرى لا تقل خطراً عن سابقتيها ألا وهي النظر لمصطلح (نحن) والذين عبروا عنه بأبناء الوطن الواحد ممن ينتسب إلى الإسلام بنظرة التساوي والندية بين رؤوس الأطياف والمذاهب الفكرية المجتمعة، وأنهم شئ واحد، أي أنه في مثل هذه الحوارات الوطنية وما يطرح فيها يتساوي التوجه السني السلفي ـ الذي هو السواد الأعظم في هذا البلد، وهو مرجعية أهله ـ بالتوجه الرافضي الحاقد الذي يقوم فكره على الشرك بالله تعالى وسب الصحابة رضي الله عنهم، والذي يمثل أصحابه القلة القليلة في البلد، كذلك يتساوى مع التوجه الليبرالي التحرري الذي هم أقل القليل، مع ما يحمل من أفكار تحررية تتحلل من أحكام الله تعالى، سواء في مجال السياسة أو المرأة أو الاقتصاد أو الدين بأسره، وهنا مكمن الخطر إذ كيف يتساوى رؤوس الضلال الذين هم قله ونكرات ونبتات غريبة في مجتمعنا مع التوجه السلفي الشرعي الذي هو طابع أهل البلد وسواده الأعظم، إنهم والله لا يستوون، ولكن هذه المؤتمرات الحوارية الوطنية تسوي بينها وترفع من شأنها كماً وكيفاً سواء علم القائمون بذلك أم جهلوا، وهذا من المخاطر الجسيمة الكثيرة التي تنجم من جعل الوطن والوطنية والمواطنة هي التي يعقد عليها الولاء والبراء.
وإن مكمن الخطر في هذه المساواة تكون حينما يكون الرافضي والليبرالي اللذان لا يشكلان بعداً في المجتمع ولا قيما ًولا تأثيراً مساوياً لرأي علماء أهل السنة في سن ما يريد من مفاهيم على التربية والتعليم والحياة الاجتماعية والثقافية بحجة التسامح، وقبول الأخر والتعددية وغيرها من المفاهيم الضبابية، التي يراد من خلالها إذابة هوية الأمة وفتحا لأبواب التغريب داخل المجتمع، ومن ثم جعل هذا (الأخر) واقعاً لامناص منه حتى لو كان في قمة الشطط الفكري، وحتى لو كان داعية إلى الرذيلة أو الإلحاد والكفر، وهذا يصطدم مع أبجديات المفاهيم الإسلامية التي تأمر بحفظ الدين وسياسة الدنيا به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل المرجعية الحاكمة لكل شؤون الناس منطلقة من الشريعة الربانية الخالدة، [انظر تساوي الرؤوس، موقع المختصر].
الاستعمال الثاني: وهذا الاستعمال في تعريف مصطلح (نحن) و (الأخر) هو المشهور عالمياً عند كل من يطرحه من المهزومين من المسلمين في حواراتهم وأعمدتهم الصحفية، وملتقياتهم، ويفيد هذا المصطلح عندهم بأن (نحن) تعني المسلمين و (الأخر) من سواهم من غير المسلمين من الكفار والمنافقين، وفي هذا الطرح المنهزم من المؤاخذات العقدية ما يلي:
أولاً: العدول عن الأسماء والمصطلحات الشرعية التي جاءت في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أسماء ومصطلحات بشريه غامضة، ونحاتات أفكار واهية أفرزتها عقول مهزومة فاستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، وتركت ما أسماه الله عز وجل من الأسماء المنطبقة على مسمياتها في كتابه سبحانه وتعالى، حيث قسم الناس إلى حزبين: حزب الله المؤمنين وحزب الشيطان الكافرين، قال الله عز وجل ((اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ)) (البقرة: 257).
فليس هناك (نحن والأخر) وإنما هناك (المسلمون والكافرون)، قال تعالى ((هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ُ)) (الحج: 78).
وقال تعالى ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ)) (التغابن: 2) وقال تعالى: ((لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) (المائدة: 72).
والآيات في ذكر الكفر والكافرين كثيرة جداً، جاء ذكرها في ما يزيد على 352 موضعاً، فلماذا التحرج من كلام الله عز وجل الذي هو أحسن الحديث وأصدقه وأفصحه (ومن أصدق من الله قيلا) (ومن أصدق من الله حديثاً).
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من يتحرج من كلام الله عز وجل وتسمياته، ويرتاح لكلام البشر ومصطلحاتهم ومسمياتهم يخشى عليه أن يكون تحت طائلة قوله تعالى: ((وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)) (الزمر: 45).
لقد نهى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأتباعه من بعده من أن يكون في الصدور حرج من الصدع بكل ما جاء في القرآن من أسماء وأحكام، وعقائد وقصص وأخبار، بل الواجب اتباعه فقال تعالى: ((المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ *اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)) (الأعراف: 2).
وعند هذه الآية يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (والله تعالى رفع الحرج عن الصدور بكتابه، وكانت قبل إنزال الكتاب في أعظم الحرج والضيق، فلما أنزل كتابه؛ أرتفع به عنها ذلك الحرج، وبقي الحرج والضيق على من لم يؤمنوا به، كما قال تعالى: ((فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا)) (الأنعام: 125) (الصواعق المرسلة: 4/ 1518؟).
ويقول أيضاً في موطن أخر: (ولا تجد مبتدعاً في دينه قط إلا وفي قلبه حرج من الآيات التي تخالف بدعته، كما أنك لا تجد ظالماَ فاجراَ إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته، فتدبر هذا المعنى ثم أرض لنفسك بما تشاء) ا. هـ] الفوائد ص90 [.
فهل بعد هذه الآية وقول هذا الإمام الجليل فيها من عذر لمعتذر يجد في نفسه حرجاً أو ضيقاً أو حياءً من الصدع بالحق الذي في كتاب الله عز وجل، أو أن يستبدل به نحاتات الأفكار وزبالات الأذهان من كلام البشر؟.
وأسوق في هذا المقام رداً نفيساً لفضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى على الذين استبدلوا مصطلح (نحن والأخر) بما في كتاب الله عز وجل (المسلم والكافر):
يقول: وفقه الله تعالى (وقد وضع الله فوارق بين المؤمنين والكفار في الدنيا والآخرة، ونهى عن التسوية بين الفريقين، وجعل لكل فريق جزاء وأحكاماً في الدنيا والآخرة، ووضع لكل فريق اسماً مميزاً كالمؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمشرك والموحد، والفاسق والمنافق، والمطيع والعاصي، ونهى عن التسوية بين المختلفين في هذه الأسماء والسلوكيات فقال سبحانه:)) أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (((الجاثية:21).
وقال تعالى ((أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)) (ص:28).
يعني لا نجعلهم سواء، لأن ذلك لا يليق بعدل الله، وأمر المؤمنين بالبراءة من الكفار والمشركين، ولو كانوا من أقاربهم، قال تعالى ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) (الممتحنة:4).
ـ وهذا أصل من أصول الإيمان والدين متقرر في الكتاب والسنة وكتب العقيدة الصحيحة لا يماري فيه مسلم ـ.
ولكننا في هذه الأيام صرنا نقرأ في بعض الصحف نقلاً عما دار في مؤتمر الحوار الوطني محاولة واقتراحاً من بعض المشاركين ـ نرجو أن تكون تلك المحاولة والاقتراح صادرين عن جهل، وذلك كما نشر في بعض الصحف أن يترك لفظ الكافر ويستبدل بلفظ مسلم وغير مسلم، أو يقال المسلم والآخر، وهل معنى ذلك أن نترك ما ورد في القرآن والسنة وكتب العقيدة الإسلامية من لفظ الكفر والشرك، والكفار والمشركين، فيكون هذا استدراكاً على الكتاب والسنة، فيكون هذا من المحادة لله ولرسوله؟ ومن تغيير الحقائق الشرعية فنكون من الذين حرفوا كتاب ربهم وسنة نبيهم، ثم ما هو الدافع لذلك؟، هل هو إرضاء الكفار، فالكفار لن يرضوا عنا حتى نترك
(يُتْبَعُ)
(/)
ديننا، قال تعالى ((وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)) (البقرة: 120).
وقال تعالى: ((وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ)) (البقرة:217).
((وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء)) (النساء89:).
ثم إنه لا يجوز لنا إرضاء الكفار والتماس مودتهم لنا وهم أعداء لله ولرسوله. قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ)) (الممتحنة:1).
وإن كان مراد هؤلاء المنادين بتغيير هذه المسميات الشرعية التلطف مع الكفار، وحسن التعامل معهم، فهذا لا يكون على حساب تغيير المسميات الشرعية، بل يكون ذلك بما شرعه الله نحوهم [انتهى مختصراَ].
ثانياً: لو أن الأمر في استبدال (الآخر) بالكافر توقف عند الاستبدال اللفظي لكان الأمر أهون مع مخالفته لكلام الله عز وجل كما تبين، ولكن الخطورة في هذا الاستبدال يتجاوز اللفظ إلى الهزيمة النفسية أمام الأخر الكافر، وذلك بالدعوة إلى عدم الكراهية له، وإخفاء ظلمه، وعدوانه، وإرهابه، وكأنه مظلوم قد سلبت حقوقه!! ويشعر السامع من الذين يطرحون مصطلح (الآخر) بأنهم يعيشون تحت ظرف سياسي داخلي أو خارجي صور لهم الأخر، وكأنه مظلوم يريد من ينصره ممن ظلمه!!
واعتمدوا في ذلك على نصوص في الكتاب والسنة تدعوا إلى التسامح والبر والقسط مع الكفار، وحرفوها عن معانيها، وفصلوها عن مناسباتها التي نزلت فيها، ونسوا أو تناسوا الآيات التي فيها وجوب عداوة الكافر والبراءة منه، وجهاده حتى يكون الدين كله لله.
فمما ورد في البيان الختامي في اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري، قولهم في تفسيرهم لمعنى (البراء): بأنه (الابتعاد عما يتناقض مع الإسلام وعدم التعاون مع أهله عليه، ولا يعني ذلك التعدي على حقوقهم أو عدم التعاون معهم في القضايا العادلة).
اللهم إنا نعوذ بك من الخذلان، أهذا هوا ما يريده الله عز وجل من معنى البراءة في القرآن؟ أهذا هوا الموقف الذي وقفه إمام الحنفاء إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- مع أبيه وقومه حينما قال: ((إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)) (الزخرف:27،26).
وقوله سبحانه عن خليله: ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) (الممتحنة: 4).
ما هذا التحريف في ثوابت الدين وأصوله، إن البراءة من الكافر في الإسلام تعني بغضه وبغض ما هو عليه من الكفر، وعداوته كما جاء ذلك في الآية السابقة، هذا إذا كان مسالماَ، أما إذا كان حربياً فإنه يضاف إلي المعاني السابقة جهاده وقتاله، ورد عدوانه وإزاحته من طريق الحق والتوحيد ليصل الحق إلي قلوب الناس، ويفرض سلطان الإسلام ودولته عليهم، إن المسلم حينما يسمع مثل هذه التعاريف والمواقف المتخاذلة ليخرج بنتيجة واحدة مفادها المطالبة بعدم كراهية الكافر، وأن نحترمه ونحافظ على حقوقه، ونشفق عليه، وكأنه هو المظلوم المسلوب الحقوق!! فهلا يعلم قومنا ما فعله الكافر (الأخر) وبخاصة أهل الكتاب في المسلمين في القديم والحديث ليعلموا من هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه؟.
إن رفع شعار التسامح والصفح مع الكفار اليوم ليوضع في غير موضعه، لأن في ذلك خلط وتلبيس وتضليل، حيث تسمى الموالاة والمداهنة للكفار تسامحاً ومداراة، وفرق كبير بين المداراة والمداهنة التي فيها تصحيح مذاهب الكفار أو السكوت عليها، وإظهار المحبة لهم ونسيان عداوتهم وحربهم للمسلمين في القديم والحديث، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب هم الذين ألبوا المشركين على الجماعة المسلمة في المدينة، وكانوا لهم درعاً وردءاً، وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين شنوا الحروب الصليبية خلال مائتي عام، وهم الذين ارتكبوا فظائع الأندلس، وهم الذين شردوا المسلمين في فلسطين،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأحلوا اليهود محلهم متعاونين في هذا مع الإلحاد والمادية، وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين يشردون المسلمين في كل مكان، في الحبشة والصومال وأرتيريه، ويتعاونون في هذا التشريد مع الإلحاد والمادية والوثنية في يوغسلافيه والصين والتركستان والهند، وفي كل مكان، وهم الذين قتلوا أهلنا ونسائنا وأطفالنا في أفغانستان والعراق، ثم يظهر بيننا من يظن أنه يمكن أن يقوم بيننا وبين أهل الكتاب هؤلاء ولاء وتناصر ندفع به الإلحاد والإرهاب، إن هؤلاء لا يتدبرون القرآن الكريم، وإلا لما اختلطت عليهم دعوة السماحة التي هي طابع الإسلام بدعوة الولاء الذي يحذر منه القرآن.
إن الذين يحاولون تمييع هذه المفاصلة الحاسمة باسم التسامح والتقريب بين أهل الأديان السماوية يخطئون في فهم معنى الأديان، كما يخطئون في فهم معنى التسامح، فالدين هو الدين الأخير وحده عند الله، والتسامح يكون في المعاملات الشخصية، لا في التصور الاعتقادي، ولا في النظام الاجتماعي.
إنهم يحاولون تمييع اليقين الجازم في نفس المسلم، بأن الله لا يقبل دينا إلا الإسلام، وبأن عليه أن يحقق منهج الله الممثل في الإسلام، ولا يقبل دونه بديلاًَ، ولا يقبل فيه تعديلاً –ولو طفيفاً- هذا اليقين الذي ينشئه القرآن الكريم، وهو يقرر ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)) (آل عمران: 19).
((وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)) (آل عمران: 85)
((وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ)) (المائدة: 49) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)) (المائدة: 51).
وفي القرآن كلمة الفصل، ولا على المسلم من تميّع المتميعين، وتميعيهم لهذا اليقين)،] طريق الدعوة: أحمد فايز، بتصرف يسير. [
* ومما ورد في بيانهم الختامي أيضاً قولهم في تعريف الجهاد: (هو بذل الجهد في تحقيق الخير ودفع الشر، علماً أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم، والحرب حالة طارئة شرعها الإسلام لدفع ورفع الظلم والعدوان).
أهذا هو تعريف الجهاد وبواعثه في الإسلام؟
إن المتدبر لكتاب الله عز وجل وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليتبين له وبوضوح أن الجهاد شعيرة عظيمة من شعائر هذا الدين، وهو إنما شرع رحمة بالبشرية الضالة بعامة، وبالمسلمين بخاصة، فالجهاد غايته كما قال الله تعالى ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه)) (الأنفال: 39).
إن المتأمل لهذه الآية ليدرك أن الجهاد لم يشرع لدفع ورفع الظلم والعدوان فحسب، نعم هذا هو جهاد الدفع، وإنما شرع أيضا لإيصال الحق والتوحيد والهداية للناس في بقاع الأرض ليكون الدين كله لله؛ لأن سنن الله عز وجل اقتضت أن يكون الصراع بين الحق والباطل، وأن المسلمين وهم يبلغون دين الله تعالى للبشرية سيواجهون من يقف أمامهم للحيلولة بين الناس من ورائهم، وبين أن يصل إليهم هذا الدين، وحينئذ شرع الجهاد بالسيف لإزالة هذه الحواجز من طواغيت الأرض من طريق الحق، حتى يصل الحق الواضح البين إلي قلوب الناس، ويخضع الجميع لدولة الإسلام، وحينئذ لا إكراه في الدين لأنه قد تبين الرشد من الغي، وحين يكون الدين في البلاد المفتوحة من قبل المسلمين لله عز وجل، يختار أهل هذه البلاد إما الإسلام أو دفع الجزية والعيش بأمان في ظل الدولة المسلمة، وهذا هو جهاد الطلب الذي لولاه لما وصل إلينا الإسلام في بلادنا، ولما انتشر الإسلام في بقاع الأرض، وهذا ما أغفله المجتمعون في حوارهم الوطني وهم يعّرفون الجهاد.
فهلا سألوا أنفسهم ما لذي جعل المجاهدين الأوائل من الصحابة والتابعين يفتحون البلدان النائية كفارس والروم وخراسان وسمرقند والهند والسند. هل تعرض المسلمون لعدوان من أهل هذه البلاد؟ أم أن المسلمين كانوا يرون أن من واجبهم إيصال هذا الدين إلي العالمين رحمة بهم، فإذا اعترض أحد يعيقهم عن نشر هذا الدين أزاحوه بالسيف إن لم يزح بغيره، حتى يكون الدين كله لله، ويخضع الجميع للدولة المسلمة.
وختاماً: أدعوا الذين أقرّوا هذا البيان الختامي للحوار الوطني، أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأمتهم، وأن يراجعوا ما دونوه من هذا الكلام الخطير في بيانهم، لأن فيه قدح لأصول هذا الدين وثوابته أو على الأقل فيه تلبيس وتدليس، وأخص من شارك في هذا الحوار من المنتسبين للدعوة والعلم والسنة، فإما أن يقولوا كلمة الحق ويواجهوا الباطل وأهله بها فتبرأ ذمتهم بذلك، وإما أن يفارقوا هذه المجالس ويعتزلوا أهلها وما يخوضون فيه، فهذا أعذر لهم عند الله عز وجل وعند الناس، لأن الله تبارك وتعالى يقول: ((وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) (الأنعام:68).
اسأل الله عز وجل أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يرزقنا الإخلاص له، والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:47]ـ
ظلم الزوجة لزوجها
من المعروف أن الظلم في الغالب يصدر من القوي للضعيف ومن الرئيس للمرؤوس، أما أن يصدر من الضعيف إلى القوي ومن المرؤوس إلى الرئيس فهذا أمر يحتاج إلى إيضاح، وهو ما نحن بصدده في هذه الصورة؛ حيث إن تصور ظلم الزوج لزوجته أمر ميسور كما مر بنا في الصورة السابقة، أما صدوره من الزوجة لزوجها فقد لا يتضح إلا بالأمثلة التالية:
1 - ترك طاعته بالمعروف والنشوز عليه؛ ففي هذا ظلم للزوج بترك حق من حقوقه التي أوجبها الله عز وجل ورسوله r على المرأة؛ قال الله تعالى: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)) (النساء:34).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)) [1].
ويلحق بمعصية الزوج ترك خدمته بالمعروف والتعالي عليه وإلجائه إلى خدمة نفسه وإشغال وقته بذلك.
والحاصل من كل ما سبق أن طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية الله تعالى وفيما تقدر عليه واجبة، وهي حق من حقوق الزوج على زوجته، وتصير المرأة ظالمة لزوجها بتفريطها في ذلك.
2 - الخروج من بيته بدون إذنه , وهذه المسألة فرع عن سابقتها؛ لأن من لوازم طاعة الزوج أن لا تخرج من بيته إلا بإذنه, وفي مخالفة المرأة لذلك تفريط في حق من حقوق الزوج إلا أن تعلم إذنه المسبق لها لبعض الأماكن وأنه لا يمانع في ذلك، فهذا ينوب مناب الإذن لها.
ويلحق بهذه المخالفة إذن الزوجة لأحد بدخول بيت زوجها مع علمها بكراهيته لذلك؛ فهذا أيضًا يعد من ظلم الزوجة لزوجها ومنعه حقًا من حقوقه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون)) [2].
3 - سوء العشرة مع الزوج وإساءة الأدب معه بقول أو فعل والتسبب في إيصال الأذى والغموم والهموم إليه.
كل ذلك مما تعاقب عليه المرأة، وتصبح بذلك ظالمة معتدية على حق عظيم من حقوق الزوج، ألا وهو الأدب معه، وحسن العشرة، وتوفير السكن النفسي والجسدي للزوج، والذي هو من غايات الزواج وأهدافه.
4 - عدم تمكينه من نفسها دون عذر شرعي لها, وفي هذا ظلم للزوج من عدة جوانب؛ من ذلك معصيته وعدم طاعته، وفي هذا ترك لحق من حقوق الزوج، ألا وهو الطاعة بالمعروف، وقد سبق ذكر ذلك في النقطة الأولى، وظلم له أيضًا لكونها تسببت بذلك في تطلعه
لغيرها، وعدم غض بصره , وقد يؤدي به الأمر إلى الوقوع في الفاحشة, وبذلك تشترك معه في الإثم لعدم إعانته على غض بصره وتحصين فرجه.
5 - كما تعتبر ظالمة له أيضًا بإحزانه وبث القلق والغم في نفسه, ويلحق بذلك صوم الزوجة تنفلاً دون إذن الزوج؛ لأن في ذلك تفويتًا لحق الزوج في قضاء وطره من زوجته عند حاجته لذلك.
وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)) [3].
6 - إنكار جميل الزوج ومعروفه وعدم شكر أفضاله عليها بمجرد أن ترى في يوم من الأيام ما تكره؛ وفي هذا ظلم للزوج وهو الذي سمَّاه الرسول صلى الله عليه وسلم كفران العشير؛ وذلك لما سُئل أيكفرن بالله؟ قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: والله ما رأيت منك خيرًا قط)) [4].
7 - قلة حياء الزوجة ودينها بإطلاق بصرها إلى الرجال الأجانب أو التبرج أمامهم أو الخضوع بالقول معهم, إن كل ذلك فوق ما فيه من الإثم والمخالفة فيه الظلم والخيانة للزوج بتشويه سمعته وعرضه عند الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
8 - إهمال تربية أولاده في صغرهم، وعدم الحرص على صحتهم وتغذيتهم ونظافتهم؛ مما يجعل الزوج يشغل باله بهم ويتحمل جزءًا كبيرًا من ذلك، مما ينعكس أثره على صحة الزوج وضياع وقته وتفويت مصالحه في الخارج مع أن هذه الحقوق يقع أغلبها على الزوجة, ويلحق بهذا قيام الزوجة بالوقيعة بين الزوج وأولاده، وشحن صدور الأولاد على أبيهم مما ينشأ عنه حقد الأولاد وكراهيتهم له.
9 - إرهاق الزوج بالنفقات الباهظة من غير حاجة إليها؛ مما ينشأ عنه تحمل الزوج للديون الكبيرة من الناس. وفي هذا هم الزوج وغمه وتعريضه لحقوق الخلق؛ وقد لا يستطيع الوفاء بها مما يؤدي به إلى السجن وغيره، وكل ذلك بسبب الزوجة الظالمة الحمقاء.
10 - غيبة الزوجة لزوجها عند أهله أو أهلها أو قرابتها, وفي هذا ظلم للزوج لأن الغيبة حرام بين المسلمين وهي بين الأقارب أشد حرمة وظلمًا.
11 - السعي بالنميمة بين الزوج ووالديه أو إخوانه وأخواته أو غيرهم من الأقارب؛ مما يكون له أكبر الأثر في تقطيع الأرحام وإفساد أواصر الود والمحبة بين الزوج وأقرب الناس إليه، ويلحق بذلك غيبة الوالدين أو الأخوة والأخوات عند الزوج، وإيغار صدره بذلك مما ينشأ عنه ترك الولد لوالديه وبعده عنهم؛ كل ذلك بسبب الزوجة الظالمة الباغية.
12 - الاعتداء على أموال الزوج الموفي للزوجة حقوقها بسرقة أو احتيال أو ضغوط معينة حتى يذعن للزوجة كارهًا للتنازل عن أمواله؛ كل ذلك يعد ظلمًا وعدوانًا على الزوج وأمواله
13 - السكوت على منكرات الزوج في نفسه أو بيته، وعدم مناصحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وأشد ظلمًا من هذه تلك الزوجة التي تعين زوجها على المنكرات أو تحثه وتلح عليه بها. فما أشد ظلمها لنفسها وزوجها وأولادها نعوذ بالله من ذلك.
14 - ومن أشهر المنكرات التي تتسبب فيها الزوجة غالبًا: إدخال آلات اللهو والفساد في البيت وارتداء الألبسة المحرمة لها ولبناته، والسفر إلى بلاد الفساد والرذيلة ودخول السوق بلا محرم والخلوة بالسائق الأجنبي وغير ذلك.
15 - طلب الزوجة الطلاق من زوجها من غير سبب شرعي إلا المضارة للزوج ومساومته والتعالي عليه؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)) [5].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] البخاري في بدء الخلق (3237).
[2] الترمذي في الرضاع (1163) وقال: حسن صحيح.
[3] البخاري في النكاح (5195).
[4] البخاري في النكاح 9/ 261، مسلم في الكسوف (907).
[5] أبو داود في الطلاق 2/ 268 (2226)، قال الحافظ في الفتح 9/ 304: وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:49]ـ
الفهم الصحيح للورع والزهد
فإن من المفاهيم التي أصابها الخلل عند بعض المتنسكة مفهوم الورع والزهد حتى جاوزوا فيها منهج سلف الأمة المهديين وأتوا بتصورات ومواقف عدوها من الزهد والورع وهي ليست منها في شيء، لأنها إما جانحة إلى الغلو والزيادة أو إلى التقصير والتفريط والتلبيس كما أن الشيطان قد صوَّر لبعضهم بأنه من أهل الورع والزهد بتركه لبعض المباحات أو الشبهات مع أنه متلبس ببعض المحرمات الواضحة أو تاركًا لبعض الواجبات الصريحة وهو يعلم بذلك أو لا يعلم.
من أجل ذلك جاءت هذه المقالة السريعة في تحديد الفهم الصحيح للورع والزهد كما فهمه السلف الصالح رحمهم الله تعالى مع التحذير من نزغات الشيطان وتلبيسه في هذا الباب.
جاء عن السلف عدة تعريفات للورع والزهد بعضها ذهب إلى مظهر أو نوع من أنواع الزهد والورع وبعضها الآخر ذهب إلى مظهر أو نوع آخر، ولذلك فالاختلاف فيما بينها إنما هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، لأنها تعود في جملتها إلى تعريف عام منضبط هو الذي اختاره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى حيث يقول:
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه يقول: الزهد: هو ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع: ترك ما تخاف ضرره في الآخرة. وهذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها)) [1] اهـ.
وبالتأمل في هذين التعريفين للزهد والورع وبالتدقيق في مدلولهما نخرج بالفوائد التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
* أن مقام الزهد أعلى من مقام الورع، لأن الزاهد لاتراه إلا محاسبًا لنفسه شحيحًا بوقته لا يضيع عمره في شيء لا يقربه إلى الله عز وجل ولا ينفعه في الآخرة وإنما ينظر إلى ما يقوله ويفعله فإن كان مما ينفعه عند الله عز وجل أخذ به وعلق همته به وإن كان لا يرجو نفعه في الآخرة زهد به وتركه ولو لم يكن منه ضرر في الآخرة، ولا يعني هذا أن الزاهد لا يتمتع بالمباحات بل إنه يتمتع بها من غير توسع وينوي بها التقوِّى على طاعة الله عز وجل وبهذا تنفعه في الآخرة.
أما الورع فصاحبه يتجنب ما يخاف ضرره في الآخرة فإذا خلا من الضرر فقد يأخذ به ولو لم ينتفع به في الآخرة، أي أنه يتجنب الحرام وشبهه ويفعل الواجب وشبهه، وما سوى ذلك فهو متوسع فيه تركًا أو فعلاً من دون استحضار نية التعبد بذلك.
وهذا مقام رفيع لكنه دون مقام الزهد.
وبذلك نستطيع القول بأن كل زاهد فهو ورع، وليس كل ورع زاهد.
* بالفهم الصحيح للزهد والورع حسب التعريفات السابقة نتخلص من الفهم الخاطئ والغلط الذي قد يقع فيه بعض الناس في موضوع الزهد والورع، ولذلك صور منها:
أ- قصر الزهد على مظاهر معينة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن أو ترك الاكتساب، والتفرغ للذكر والقرآن ونوافل العبادات ... الخ، ونسيان ما هو أهم من ذلك وهو زهد القلب وميله إلى الآخرة ومحبته وتوكله على الله عز وجل وترك ما يضره من الآثام الباطنة والظاهرة، ولذلك فأول ما ينبغي أن ينصب إليه اهتمام الزاهد بحق: زهده في ما حرم الله عز وجل وقيامه بما أوجب الله عز وجل ويلي ذلك زهده في مشتبهات الحرام وفعله لمشتبهات الواجب ثم يصل بعد ذلك إلى زهده في المباحات التي لا تنفعه في الآخرة وإن أخذ بها نوى بها التقوى على طاعة الله سبحانه فتتحول المباحات في حقه إلى عبادات ينتفع بها في الآخرة.
ب- اعتقاد بعض الناس أن الزهد والورع يختصان بجانب التروك فقط فلا يرون الورع أو الزهد إلا في ترك الحرام أو مشتبهاته لا في أداء الواجبات ومشتبهاتها مع أننا لو أمعنا النظر في مفهوم الترك- الوارد في تعريف الزهد والورع لرأيناه يشمل ترك المحرم ومشتبهاته وفعل الواجب ومشتبهاته ومن قام بذلك فقد ترك ما يخاف ضرره في الآخرة.
ومن هذا الغلط تنشأ بعض الصور المتناقضة في حياة من يدعي الزهد أو الورع.
فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يفصل هذه الحالة فيقول: يقع الغلط في الورع على ثلاث جهات:
منها: اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك، فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام، لا في أداء الواجب، وهذا ما ابتلي به كثير من المتدينة المتورعة، ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة، وعن الدرهم فيه شبهة لكونه من مال ظالم، أو معاملة فاسدة، ويتورع عن الركون إلى الظلمة من أجل البدع في الدين، وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أمورًا، واجبة عليه؛ إما عينًا أو كفاية وقد تعينت عليه، من: صلة رحم، وحق جار، ومسكين، وصاحب، ويتيم، وابن سبيل، وحق مسلم، وذي سلطان، وذي علم، وعن أمر بمعروف، ونهي عن منكر، وعن الجهاد في سبيل الله ... إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه. أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى؛ بل من جهة التكليف ونحو ذلك)) [2] أ هـ.
ج- قيام بعض الناس ببعض الأعمال التي قد تكون محرمة أو بترك بعض الأعمال التي قد تكون واجبة اعتقادًا منهم أن ذلك من الورع. وهذا يحصل في العادة عند تعارض المصالح والمفاسد وعدم الموازنة لما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية، ويشرح شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هذه المسألة فيقول:» وتمام الورع أن يتعلم الإنسان خير الخيرين، وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية، والمفسدة الشرعية؛ فقد يدع واجبات، ويفعل محرمات، ويرى ذلك من الورع، كمن يدع الجمعة والجماعات خلف الأئمة الذين فيهم بدعة، أو فجور، ويرى ذلك من الورع، ويمتنع من قبول شهادة الصادق، وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفيفة، ويرى ترك قبول سماع هذا الحق الذي يجب سماعه من الورع)) [3].
(يُتْبَعُ)
(/)
د- جهل بعض المتورعة أو المتزهدة بالكتاب والسنة فيفعلون بعض الأفعال ظنًّا منهم أنها واجبة أو شبه واجبة، ويتركون بعض الأعمال ظنًّا منهم أنها محرمة أو شبه محرمة، ودافعهم إلى ذلك الورع والتدين لكن جهلهم ببعض الحلال والحرام قد يؤدي بهم إلى فعل ما لم يدل الدليل على وجوبه أو ترك مالم يدل الدليل على أنه حرام أو مشتبه بالحرام، وإنما قد يكون هذا الورع مبني على الظن أو الميل النفسي فحسب.
وعن هذا يتحدث شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فيقول: (( .. إذا فعل الواجب والمشتبه وترك المحرم والمشتبه فينبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم بأدلة الكتاب والسنة، وبالعلم لا بالهوى، وإلا فكثير من الناس تنفر نفسه من أشياء لعادة ونحوها، فيكون ذلك مما يقوي تحريمها واشتباهها عنده، ويكون بعضهم فى أوهام وظنون كاذبة، فتكون تلك الظنون مبناها على الورع الفاسد ... ومن هذا الباب الورع الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيح لما ترخص في أشياء فبلغه أن أقوامًا تنزهوا عنها، فقال: ((ما بال رجال يتنزهون عن أشياء أترخص فيها؟ والله أني لأرجو أن أكون أعلمهم بالله وأخشاهم)) [4].
ولهذا يحتاج المتدين المتورع إلى علم كثير بالكتاب والسنة والفقه في الدين، وإلا فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه، كما فعله الكفار وأهل البدع من الخوارج والروافض وغيرهم «أهـ[5].
هـ- إرادة الإنسان بورعه وزهده من الدنيا الشهرة أو الصدارة أو ثناء الناس ... إلخ.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (( ... واعلم أن الورع لا ينفع صاحبه فيكون له ثواب إلا بفعل المأمور به من الإخلاص، أما الورع بفعل المأمور به فظاهر، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه، وأما ترك المنهي عنه الذي يسميه بعض الناس ورعًا فإنه إذا ترك السيئات لغير وجه الله لم يثب عليها، وإن لم يعاقب عليها، وإن تركها لوجه الله أثيب عليها، ولا يكون ذلك إلا بما يقوم بقلبه من رجاء رحمة الله، أو خشية عذابه «أهـ[6].
و- إن الزهد في الدنيا قد يكون لطلب الراحة مما يلحق من ضررها. أو لعدم حصول المطلوب منها، وهذا كله ليس من الزهد في شيء وليس بمحمود عند الله عز وجل.
وإنما المحمود من ترك الدنيا وذمها ما كان دافعه إرادة وجه الله عز وجل والدار الآخرة ولكون الدنيا تشغل عن ذلك، ولولا كون الدنيا تشغل عن عبادة الله عز وجل والدار الآخرة لم يشرع الزهد فيها، فلينتبه من يدعي الزهد إلى هذا الأمر وليفتش عن نيته ولا يلبس الحق بالباطل.
(أن قومًا زهدوا فيما ينفعهم بلا مضرة فوقعوا به في ترك واجبات أو مستحبات كمن ترك النساء وأكل اللحم ونحو ذلك.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لكني أصوم وأفطر وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني)) [7].
ز- وقد يوقع زهدًا في فعل محظورات، كمن ترك تناول ما أبيح له من المال والمنفعة، واحتاج إلى ذلك فأخذه من حرام، أو سأل الناس المسألة المحرمة، أو استشرف إليهم، والاستشراف مكروه.
ومن كان زهده زهد الكسل والبطالة والراحة لا لطلب الدار الآخرة بالعمل الصالح والعلم النافع، فإن العبد إذا كان زاهدًا بطالاً فسد أعظم فساد، فهؤلاء لا يعمرون الدنيا ولا الآخرة، فمن ترك بزهده حسنات مأمور بها كان ما تركه خير من زهده.
ومن زهد فيما يشغله عن الواجبات أو يوقعه في المحرمات فهو من المقصرين أصحاب اليمين.
ومن زهد فيما يشغله عن المستحبات والدرجات فهو من المقربين السابقين) [8].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] مدارج السالكين 2/ 10.5
[2] مجموع الفتاوى 20/ 139.
[3] مجموع الفتاوى 10/ 512.
[4] البخاري (6101)، مسلم (2356).
[5] مجموع الفتاوى: 20/ 141، 142.
[6] المصدر السابق: 20/ 145.
[7] البخاري كتاب النكاح (5063)، مسلم (1401).
[8] مجموع الفتاوى: 20/ 150، 151 (باختصار).
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:53]ـ
وسائل دفع الشبهات
الأسباب التي تدفع الشبهات أو ترفعها بعد وقوعها
(يُتْبَعُ)
(/)
في عصر تكاثر فيه الناعقون والمرجفون في المدينة, كثرة وسائلهم وتعددت أهوائهم , أصبح المسلم نهباً لأفكارهم الخبيثة, لا ينفع معهم العزلة والابتعاد لأنهم يلاحقوننا إلى مراقدنا ومواطن رزقنا عبر التلفزيون والانترنت والجوال وما شابه, ولهذا فهناك وسائل علمية ذكرها الشيخ لدفع شبههم والنجاة من كيدهم إدارة الموقع
: ومن ذلك ما يلي:
* البصيرة في الدين والعلم بالشريعة المستمدة من الكتاب والسنة بفهم الصحابة رضي الله عنهم.
وذلك لأن من أسباب الانحراف عن طريق الاستقامة الجهل بالدين وشرائعه ومقاصده فترى المنحرف عن الشريعة يحسب أنه على الحق لجهله بالحلال والحرام، أو لتقليده ومسايرته لمن يبرر المخالفة بشبهة أو تأويل أو غير ذلك. فإذا وجد العلم بالشرع، والحلال والحرام، والبدعة والسنة، فإن الانحراف بسبب الجهل أو الشبهة سيندفع إن كان صاحبه متجرداً للحق متبعاً له بعد بيانه، أما إن كان ذا هوىً وشهوة فقد لا يكون العلم بالشرع علاجاً مفيداً، إذ قد يعلم العبد المخالفة ويرتكبها عن ضعف وشهوة وعناد.
وإذا كان الشخص لا يستطيع البحث بنفسه والقراءة في كتب العلم لأميته أو انشغاله، فليتفقه في دين الله تعالى عن طريق أهل العلم والذكر
الذين يجمعون بين العلم والورع، ومعرفة الواقع، وليسألهم عما أشكل عليه في أمر دينه ودنياه، وليتجنب المنتسبين إلى العلم الذين يكتمون الحق ويسيرون مع أهواء الناس، ويتلمسون الرخص والآراء الشاذة المخالفة للنصوص الشرعية، وما عليه سواد أهل السنة والجماعة.
والعلم بالشرع هو الذي يورث العمل به، والاستقامة عليه، وهو الذي يورث الميزان الثابت الذي توزن به الآراء والأخلاق والمواقف.
والمقصود بهذا الميزان: ميزان أهل السنة والجماعة: أهل الاستقامة الذي هو الحق والوسط بين الغلو والجفا والذي من حكم به أصاب ومن وزن به عدل.
ولقد كان السلف رحمهم الله تعالى يوصون طلابهم بطلب العلم، ويرون فيه العصمة- لمن وفقه الله تعالى- من فتنة الشبهات ودفع وساوس شياطين الإنس والجن. فقد ذكر ابن عبد البر في كتاب العلم قال: "قال ابن وهب: كان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم، فولع بي الشيطان في ذكر عيسى ابن مريم عليه السلام. وكيف خلقه الله تعالى؟ ونحو هذا فشكوت ذلك إلى شيخ فقال لي: ابن وهب قلت: نعم، قال: أطلب العلم. فكان سبب طلبي العلم [1].
ومن الفقه بالشرع الفقه بمقاصده وقواعده الفقهية لأن الجهل بهذه القواعد أو الغفلة عنها يوقع في الانحراف والشطحات من يفتي للناس دون مراعاة لمآلات الفتوى، والتي هي مرتبطة بقاعدة سد الذرائع، أو من يفتي بالضرورة والمصالح دون الإلمام بضوابط الضرورة والمصلحة. والحاصل أن البصيرة في الدين ومقاصد الشريعة تقي بإذن الله تعالى من مخالفة الاستقامة وأهلها إذا وجد الإخلاص والتجرد عن الهوى.
* التؤدة والأناة وعدم العجلة
إن العجلة والتسرع وترك التؤدة والأناة في الأمور لهي من أخطر الأبواب التي تدخل منها الشبهات إلى القلوب، وبالتالي يقع الانحراف ومخالفة طريق أهل الاستقامة سواء في المعتقد أو العمل، بينما لو حصل التأني وعدم التسرع في قبول ما يطرح من أفكار، لكان في ذلك فرصة لمزيد من البحث والمشورة وعرض كل ما يطرح على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفهم الصحابة رضي الله عنهم.
وقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم التؤدة في الأمور بقوله: ((التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة)) [2].
ومن ذلك عدم التسرع والعجلة في إفتاء الناس قبل معرفة حكم الله
عز وجل، ومعرفة الواقعة التي يستفتون عنها من جميع جوانبها وما يترتب عليها.
ومن ذلك عدم التسرع في إفتاء الناس في قضايا لم تقع بعد، لأن الواقعة تختلف في وصفها قبل وقوعها عنها بعد وقوعها، وقد يكون فيه
من الملابسات والأحوال مالا تظهر إلا بعد الوقوع.
فعن عامر الشعبي قال: ((سئل عمار رضي الله عنه عن مسألة فقال: كان هذا بعد؟ قالوا: لا، قال: دعونا حتى يكون فإذا كان تجشمناه لكم)) [3]
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال: ((لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها، فإنكم إن لم تفعلوا لم ينفك المسلمون أن يكون منهم من إذا قال وفق، أو قال: سدد. وإنكم إن استعجلتم بالبلية قبل نزولها ذهب بكم السبل ها هنا، وها هنا)) [4].
وإن من فوائد الأناة وعدم العجلة أن يكون هناك فرصة لمشاورة أهل العلم والعقل والتجربة.
ومن فوائد التؤدة وعدم التسرع وبخاصة لأهل العلم والفتوى أيام الفتن أن يكون لديهم وقت ليسبروا فيه حال المستفتين ومقصدهم من سؤالهم، فقد يظهر بعد التأني والتفكر أن منهم من يزخرف سؤاله ويظهره في قالب يستل به الفتيا التي يريد.
وهذا مكر منه وخداع. فإذا تسرع المفتي وأفتى أمثال هؤلاء فإنه بذلك قد يضل ويضل وهو لا يشعر.
* مصاحبة أهل العلم الصادقين وتجنب أهل الشبهات والبدع
وهذا مما يتقى به الشبهات التي هي من أسباب الانحراف والجنوح عن طريق أهل الاستقامة، لأن في مصاحبة أهل العلم الذين يجمعون صحة العلم وحسن القصد عاصماً بإذن الله تعالى من الشبهات ورافعاً لها إذا وجدت، لأن الشبهات لا تنتشر إلا في بيئات الجهل وقلة العلم. كما أن في مجانبة مجالس أهل الأهواء والبدع والشبهات وعدم السماع لهم حماية بإذن الله تعالى من المزالق والمخالفات، لأن في مجالسهم تثار الشبهات ويكثر الجدال والمراء فتعلق بقلوب السامعين لها شبهاتهم، ويصعب التخلص منها بعد ذلك. ولذلك شدد السلف رحمهم الله تعالى في ذلك ونهوا عن مناظرة أهل الأهواء والشبهات، وعن حضور مجالسهم أو السماع منهم. وقد نقلت طائفة من هذه الأقوال في مبحث أسباب الانحراف فليرجع إلى ذلك.
وإذا كان هذا موقف السلف من أهل الشبهات وتشديدهم في النهي
عن حضور مجالسهم أو قراءة كتبهم، فكيف بمن يفتح لهم اليوم مجلته أو قناته أو موقعه في شبكة المعلومات ليبث شبهاته بحجة حرية الفكر والنقاش وفتح المجال لطرح الأفكار والرد عليها؟!
إني لأحسب أن في هذا مخالفة شديدة لمنهج السلف وباباً من أبواب نشر الأفكار المنحرفة، ويخشى على من يفتح منبره لأهل الأهواء والبدع أن يتحمل وزره ووزر من تتسبب هذه الأفكار في تضليله.
ويلحق بمصاحبة أهل العلم والاستقامة مصاحبة كتبهم ومقالاتهم وسماع أشرطتهم المسجلة. وفي مقابل ذلك هجر كتب أهل الأهواء والبدع والتنفير منها ومن سماع أشرطتهم إلا للمتمكن من أهل العلم الذين يقرأون أو يسمعون لأهل البدع بغرض الرد على شبههم وبيان ضلالاتهم.
* التواصي بالحق والدعوة إليه
وهذا من أعظم ما تدفع به الشبهات التي تحرف الناس عن طريق الاستقامة وبخاصة في عصور الغربة وانتشار الفتن.
فكلما وجد في زمان أو مكان دعاة إلى الحق يوصي بعضهم بعضاً بلزومه وينشرونه بين الناس كلما قلت البدع والشبهات، والعكس بالعكس فعندما تضعف الدعوة إلى المنهج الحق ويقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الأهواء والشبهات حينها تفشو وينشأ من جراء ذلك التضليل والتلبيس والانحراف الذي يقوم به أهل الباطل حيث يزخرفون كلامهم لضعاف العلم والعقول من الناس فيصغون إليه، ويرضون به، ويحسبونه حقا لما كسوه من زخرف القول غر ور اً.
ويلحق بالتواصي بالحق: المناصحة بين الدعاة وطلبة العلم بعضهم مع بعض لأنه قد يتأثر أحد الدعاة بشبهة ما ويتعلق بها، فإذا وجدت المناصحة والمناظرة الصادقة في إزالة الشبهة فإنها تزول بإذن الله تعالى، أما إذا رأى أحدنا على أخيه موقفاً أو سلوكاً مشيناً سببه شبهة ثم تركه وجامله فإن هذا من أسباب رسوخ الانحرافات وانتشارها.
* لزوم الجماعة ونبذ الفرقة
إن لزوم جماعة المسلمين الملتزمة بما كان عليه الرسول صلى الله عليه سلم وأصحابه لمن أعظم الأسباب في الوقاية من الانحراف، والمقصود بالجماعة هنا جماعة العقيدة والمنهج الحق، مع لزوم جماعة المسلمين التي لها إمام موافق للشرع، فإذا تحقق هذان الوصفان وجب الالتزام بهما جميعاً، والمفارق لهما أو لأحدهما مفارق للجماعة ومعرض نفسه للشبهات والانحرافات.
أما إذا لم يوجد الإمام الشرعي. فيبقى لزوم الجماعة بالمعنى العلمي العقدي هو الأصل ولا يمكن أن يخلو منه زمان.
ولو تتبعنا نشوء الفتن والانحرافات في التاريخ الإسلامي لرأيناها إنما نمت وترعرعت في أرض الفرقة والاختلاف.
وقد وصى الرسول صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة قال: (( ... عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن)) [5].
وفي عصور الغربة والفتن كعصرنا اليوم لا يكفي مجرد الانتماء العلمي لأهل الاستقامة، بل لا بد من العيش الجماعي والتواصي بالحق معهم. وعدم الانفراد أو العزلة عنهم لأن شياطين الإنس والجن يكونون مع الواحد، وهم مع الأثنين أبعد كما جاء في الحديث الآنف الذكر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سير أعلام النبلاء10/ 31.
[2] أبو داود في الأدب (4810)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1794).
[3] المطالب العالية 3/ 106.
[4] المصدر نفسه 3/ 106، وقال البوصيري: رواه إسحاق بإسناد حسن لابن أبي شيبة.
[5] جزء من حديث رواه الترمذي في الفقه وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1758).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 03:58]ـ
فتنة النساء
الحمد لله رب العالمين،- والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم- تسليماً كثيراً.
مربنا في أول سورة آل عمران قوله تعالى: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ)).
والميل إلى النساء أمر طبعي ركبه الله- عز وجل في غريزة الإنسان، وما دام أنه في الحلال كالزوجة وما ملكت اليمين، وأنه لم يصد عن طاعة الله- عز وجل-، ولم يدفع إلى فعل محرم؛ فإنه أمر لا يعاب عليه الإنسان، بل هو من الأمور المطلوبة في غض البصر وتحصين الفرج وبقاء النسل، والتقوي بذلك على طاعة الله عز وجل، وقد قال r: (( حبب إلي من الدنيا: النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة)) [1].
وقد فصل الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
الفرق بين الحب في الله والحب مع الله تفصيلاً يكشف حقيقة المحبة، ومتى تكون فتنة؟ ومتى لا تكون؟! قال- رحمه الله تعالى-: (والفرق بين الحب في الله والحب مع الله، وهذا من أهم الفروق، وكل أحد محتاج بل مضطر إلى الفرق بين هذا وهذا، فالحب في الله هو من كمال الإيمان، والحب مع الله هو عين الشرك، والفرق بينهما: أن المحب في الحب تابع لمحبة الله، فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة أن يحب ما يحبه الله، فإذا أحب ما أحبه ربه ووليه كان ذلك الحب له وفيه؛ كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأوليائه لكونه- تعالى- يحبهم، ويبغض من يبغضهم لكونه- تعالى- يبغضهم.
وعلامة هذا الحب والبغض في الله: أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حباً، لإحسانه إليه، وخدمته له، وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضاً إذا وصل إليه من جهته ما يكره ويؤلمه، إما خطأً وإما عمداً، مطيعاً لله فيه أو متأولاً، أو مجتهداً أو باغياً نازعاً تائباً.
والدين كله يدور على أربع قواعد: حب، وبغض، ويترتب عليهما: فعلٌ وترك، فمن كان حبه، وبغضه، وفعله، وتركه لله، فقد استكمل الإيمان؛ بحيث إذا أحب أحب لله، وإذا أبغض أبغض لله، وإذا فعل فعل لله، وإذا ترك ترك لله، وما نقص من أصنافه هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه، وهذا بخلاف الحب مع الله فهو نوعان: [نوع] يقدح في أصل التوحيد: وهو شرك، ونوع يقدح في كمال الإخلاص ومحبة الله، ولا يخرج من ا لإسلام.
فالأول:
كمحبة المشركين لأوثانهم وأنداد هم قال تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ)) [البقرة:165].
وهؤلاء المشركون يحبون أوثانهم وأصنامهم آلهتهم مع الله كما يحبون الله، وهذه محبة تأله وموالاة، يتبعها الخوف والرجاء، والعبادة والدعاء، وهذه المحبة هي محض الشرك الذي لا يغفره الله.
ولا يتم الإيمان إلا بمعاداة هذه الأنداد وشدة بغضها، وبغض أهلها ومعاداتهم ومحاربتهم؛ وبذلك أرسل الله جميع رسله، وأنزل جميع كتبه، وخلق النار لأهل هذه المحبة الشركية، وخلق الجنة لمن حارب أهلها وعاداهم فيه وفي مرضاته؛ فكل من عبد شيئاً من لدن عرشه إلى قرار أرضه فقد اتخذ من دون الله إلهاً وولياً، وأشرك به كائناً ذلك المعبود ما كان، ولا بد أن يتبرأ منه أحوج ما كان إليه.
والنوع الثاني:
محبة ما زينه الله للنفوس من النساء والبنين، والذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث، فيحبها محبة شهوة، كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، فهذه المحبة ثلاثة أنواع: فإن أحبها لله توصلاً بها إليه، واستعانة على مرضاته وطاعته أثيب عليها، وكانت من قسم الحب لله توصلاً بها إليه، ويتلذذ بالتمتع بها، وهذا حال أكمل الخلق الذي حبب إليه من الدنيا النساء والطيب، وكانت محبته لهما عوناً له على محبة الله وتبليغ رسالته والقيام بأمره.
وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه وإرادته، ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه، بل نالها بحكم الميل الطبيعي، كانت من قسم المباحات؛ ولم يعاقب على ذلك، ولكن ينقص من كمال محبته لله والمحبة فيه.
وإن كانت هي مقصودة ومراده، وسعيه في تحصيلها والظفر بها، وقدمها على ما يحبه الله ويرضاه منه، كان ظالماً لنفسه متبعاً لهواه.
فالأولى: محبة السابقين.
والثانية: محبة المقتصد ين.
والثالثة: محبة الظالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
فتأمل هذا الموضع وما فيه من الجمع والفرق؛ فإنه معترك النفس الأمارة والمطمئنة، ((والمهدي من هداه الله)) [2].أ. هـ
والحاصل: أن فتنة النساء فتنة عظيمة حذر منها الرسول r بقوله: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) [3]
وكذلك ما رواه أبو سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبي r قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) [4].
والآثار عن السلف في التحذير من فتنة النساء كثيرة منها ما يلي:
عن أشعث بن سليم قال: سمعت رجاء بن حيوة، عن معاذ بن جبل قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم: فتنة النساء إذا تسورن الذهب، ولبسن رباط الشام، وعصب اليمن، فأتعبن الغني، وكلفن الفقير ما لا يجد [5].
وعن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قتل النساء، وقال لنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة، وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعش بالأخرى: ما من شيء أخوف عندي من النساء [6].
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثنا إبراهيم بن الحسن الباهلي، حدثنا حماد بن زيد قال: قال يونس بن عبيد: ثلاثة احفظوهن عني: لا يدخل أحدكم على سلطان يقرأ عليه القرآن، ولا يخلون أحدكم مع امرأة يقرأ عليها القرآن، ولا يمكن أحدكم سمعه من أصحاب الأهواء [7].
وقال عباس الدوري: كان بعض أصحابنا يقول: كان سفيان الثوري كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الوزر والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
والفتنة بالنساء تأخذ صوراً مختلفة أهمها ما يلي:
1 - إطلاق النظر إلى الأجنبيات من النساء، وما يعقب ذلك من السقوط في حبائلهن والإصابة منهن بسهام إبليس اللعين، وعندئذ تكون الفتنة والعشق المحرم والمحبة المحرمة التي تملا قلب المفتون، ولا يكون فيه بعد ذلك محل لمحبة الله- عز وجل- ومرضاته وأعظم بها من فتنة.
2 - النظر إلى صورهن الجميلة، سواء في تلفاز، أو فيديو، أو مجلة، أو كتاب، وما يعقب ذلك من الافتتان بهذه الصور وانشغال القلب بها، ولقد ظهر في عصرنا اليوم من وسائل عرض النساء وصورهن الخليعة، وشبه العارية، ما لم يظهر في أي عصر مضى، وأصبحت الفتنة بهن عظيمة وشديدة؛ لذا وجب على أهل الغيرة والإيمان أن يحموا أنفسهم وأولادهم وبيوتهم من شر هذه الوسائل المفسدة، وأن لا يفتنهم الشيطان بها مهما كان المسوغ لذلك، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... الآية)) [التحريم:6].
3 - وقد تكون الفتنة ممن يجوز النظر إليها كالزوجة وما ملكت اليمين، وذلك بشدة التعلق بها، والافتتان بصورتها، مما يجعل الزوج أسيراً لها بل عبداً، عياذاً بالله. وهنا تقع الفتنة- وبخاصة إذا كانت المرأة قليلة دين وحياء- فتطلب من زوجها الأسير ما يوقعه في المحرمات، أو يترك به الواجبات الدينية إرضاءً لهواها.
ولا يقع في ذلك إلا من ضعفت محبة الله في قلبه، واستولت عليه محبة الشهوات؛ فقدم مرادها على مراد الله- عز وجل-، ومثل هذا يخشى عليه من الوقوع في المحبة الشركية، التي قال الله عز وجل في أهلها: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ... الآية)) [البقرة:165] [8].
4 - الافتتان بقراءة القصص الغرامية، وقصص الحب والعشق والجنس؛ مما يؤدي إلى إثارة الغرائز وثوران الشهوة، التي تؤدي بدورها إلى الوقوع في المحرم ومقارفة النجاسات، كل هذا من الفتن التي يجب على المسلم أن يفر منها، ويعتقد حرمتها، فإن ما أوصل إلى الحرام فهو حرام.
5 - ما يتعرض له إخواننا الأطباء أو نحوهم من مخالطة النساء- الطبيبات، أو الممرضات أو المريضات- كل هذا من الفتن التي يجب على المسلم الحذر منها والفرار منها، وأن لا يسمح المسلم لنفسه مهما كان دينه وتقواه أن يخلو بهن، أو يلين الكلام معهن، أو ينظر إليهن من غير حاجة.
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - ومن الفتن بهن اليوم ما ابتلي به كثير من بيوت المسلمين من الخادمات الأجنبيات، اللاتي جئن بلا محارم- الكافرات منهن والمسلمات- وما نشأ عن ذلك من مصائب وجرائم، كل ذلك بسبب التساهل في جلبهن إلى البيوت، والترخص في التعامل معهن وكأنهن من ملك اليمين؛ سواءً في حجابهن أو اختلاطهن بالرجال الأجانب، أو خروجهن من البيوت مع أنهن أجنبيات حرائر!
7 - التساهل في السفر إلى بلا الكفر والفحش والنجاسة من غير حاجة أو ضرورة، ومعلوم ما يتعرض له المسلم في تلك الديار من الفتن العظيمة، ومنها فتنة النساء وعريهن، وتهتكهن وإغرائهن، والمطلوب من المسلم أن يفر بدينه من الفتن لا أن يفر إليها.
8 - التباغض والتشاحن بل وتقاطع الأرحام من أجل النساء، كما هو الحال في الشقاق بين زوجة الرجل وأمه أو أبيه، وميل الرجل مع زوجته لفتنته بها.
9 - ومن صور الافتتان بالنساء في عصرنا الحاضر ما ينادي به علمانيو زماننا ممن يدعون تحرير المرأة، وتبني حقوقها، وذلك بالمطالبة بمساواتها بالرجل، والعمل جنبا إلى جنب مع الرجل، وإخراجها من منزلها، وممارستها لجميع الأعمال بدون استثناء، كقيادة السيارة وأعمال الجيش والشرطة، والقضاء ... إلخ.
وقد تمت هذه الفتنة في كثير من بلدان المسلمين، وما زال أهل الفتنة والفساد يسعون في إخضاع بقية بلدان المسلمين لهذه الفتنة العمياء. ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) [الأنفال:30].
كما يطرح هؤلاء المفتونون الدعوة إلى السفور وترك الحجاب كلما سنحت لهم الفرصة.
ومن المجالات التي يتبناها أهل الفتنة لإفساد المرأة وفق الناس بها: إقامة ما يسمى بالجمعيات النسائية، والنوادي النسائية، والحفلات العائلية المختلطة، والمطاعم المختلطة، والحدائق المختلطة، وغير ذلك مما يغري المرأة بهجر بيتها، وإهمال حقوق زوجها وأولادها، واختلاطها بجليسات السوء، بل وجلساء السوء أيضاً.
10 - ومن صور الافتتان بالنساء أيضاً تلك الأزياء الغريبة على ديننا وعاداتنا، مما تلقفه كثير من نساء المسلمين، وقلدن فيها الغرب الكافر، والشرق الملحد، هذه الأزياء التي تخالف الشرع وتخرم المروءة، وتخدش الحياء، وتفتن الرجال: من ثوب قصير، أو مشقوق، أو شفاف، أو بنطال يحجم العورة، والمرأة بطبيعتها ناقصة عقل ودين.
وقد لا يستغرب خضوعها لبيوت الأزياء وأربابها، وبخاصة تلك المرأة التي لم تنل حظاً من التربية والتقوى، ولكن المستغرب أن يرضى زوج المرأة أو والدها، أو أخوها، بوقوع موالياتهم في هذه الفتنة فيفتن ويفتن.
11 - فتنة الهاتف، وما يجر من الفتنة بالنساء وخضوعهن في القول، وما يعقب ذلك من فساد في الأعراض، وخراب للبيوت، وكم من هتكٍ للأعراض كانت بدايته من فتنة الهاتف.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] النسائي. ك. العشرة 17 61 وصححه الألباني في صحيح النسائي (3680).
[2] الروح لابن القيم: ص 253، 254.
[3] البخاري ك النكاح (5096) (فتح 19 41) مسلم في الذكر والدعاء (2740).
[4] مسلم ك. الذكر والدعاء (2742).
[5] صفة الصفوة 1/ 497.
[6] صفة الصفوة 2/ 80.
[7] سير أعلام النبلاء6/ 293.
[8] انظر كلاماً نفيساً لشيخ الإسلام في كتاب العبودية حول استعباد المرأة لزوجها: ص ه 4. مكتبة المدني.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 04:02]ـ
فتنة الدنيا وزخرفها
والمقصود بفتنة الدنيا: هي كل ما ألهى عن الآخرة من متاع الأرض الزائل، مما تميل إليه النفوس وتحبه، وقد أجمله الله عز وجل في قوله سبحانه: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)) [آل عمران:14].
وسيكون الحديث هنا- إن شاء الله تعالى– عن أشد مظاهر الدنيا فتنة؛ فيما يلي:
أ- فتنة الأموال والأولاد: وقد ذكرها في الآية السابقة في قوله تعالى: ((وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ب- فتنة النساء: وقد ورد ذكرها عند قوله تعالى: ((حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ)).
ج – فتنة الجاه والشهرة وحب الرئاسة.
أ – فتنة الأموال والأهل والأولاد:
وقد ورد التحذير من هذه الفتنة في أكثر من آية من كتاب الله – عز وجل ومن ذلك قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)) [التغابن:14 - 15]
وقوله تعالى: ((وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)) [الأنفال:28]
وقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) (سورة المنافقون:9).
وقوله تعالى: ((فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ)) [التوبة:55]
يقول الإمام البغوي عند تفسير آية التغابن: وقال عطاء بن يسار: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي: كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه، وقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرق لهم ويقيم، فأنزل الله: ((إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ)) بحملهم إياكم على ترك الطاعة، فاحذروهم أن تقبلوا منهم.
((وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا)).
فلا تعاقبوهم على خلافهم إياكم فإن الله غفور رحيم.
((إَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ))، بلاء واختبار وشغل عن الآخرة، يقع بسببهما الإنسان في العظائم، ومنع الحق وتناول الحرام، ((وَاللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)).
قال بعضهم: لما ذكر الله العداوة أدخل فيه " من " للتبعيض، فقال: ((إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ))، لأن كلهم ليسوا (بأعداء)، ولم يذكر "من " في قوله: ((إَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)) لأنها لا تخلو عن الفتنة واشتغال القلب) [1] أ. هـ.
وعن بريدة- رضي الله عنه- قال: ((كان رسول الله r يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله r من المنبر، فحملها، فوضعها بين يديه، ثم قال: صدق الله: ((إَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة)) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما)) [2].
ويعلق سيد قطب- رحمه الله تعالى-: على آية التغابن هذه أيضاً فيقول: (ولكن النص القرآني أشمل من الحادث الجزئي، وأبعد مدى وأطول أمداً؛ فهذا التحذير من الأزواج والأولاد كالتحذير الذي في الآية التالية من الأموال والأولاد معاً: ((إَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)).
والتنبيه إلى أن من الأزواج والأولاد من يكون عدواً، إن هذا يشير إلى حقيقة عميقة في الحياة البشرية؛ ويمس وشائج متشابكة ودقيقة في التركيب العاطفي، وفي ملابسات الحياة سواء، فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر الله، كما أنهم قد يكونون دافعاً للتقصير في تبعات الإيمان، اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه، فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل الله! والمجاهد في سبيل الله يتعرض لخسارة الكثير، وتضحية الكثير.
كما يتعرض هو وأهله للعنت، وقد يحتمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجه وولده، فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والقرار، أو المتاع والمال، فيكونون عدواً له؛ لأنهم صدوه عن الخير، وعوقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أنهم قد يقفون له في الطريق يمنعونه من النهوض بواجبه؛ اتقاء لما يصيبهم من جرائه، أو لأنهم قد يكونون في طريق غير طريقه، ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرد لله، وهي كذلك صور من العداوة متفاوتة الدرجات، وهذه وتلك مما يقع في حياة المؤمن في كل آن، ومن ثم اقتضت هذه الحال المعقدة المتشابكة، التحذير من الله، لإثارة اليقظة في قلوب الذين آمنوا، والحذر من تسلل هذه المشاعر، وضغط هذه المؤثرات، ثم كرر هذا التحذير في صورة أخرى من فتنة الأموال والأولاد، وكلمة فتنة تحتمل معنيين:
الأول: أن الله يفتنكم بالأموال والأولاد بمعنى يختبركم، فانتبهوا لهذا، وحاذروا وكونوا أبداً يقظين لتنجحوا في الابتلاء، وتخلصوا وتتجردوا لله، كما يفتن الصائغ الذهب بالنار ليخلصه من الشوائب!
والثاني: أن هذه الأموال والأولاد فتنة لكم توقعكم بفتنتها في المخالفة والمعصية، فاحذروا هذه الفتنة لا تجرفكم وتبعدكم عن الله) [3] أ. هـ
أما الأحاديث الواردة في التحذير من انفتاح الدنيا وكثرة الأموال والفتنة بها فكثيرة من أصحها وأشهرها:
قوله r: (( كيف أنتم إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم. أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله، قال:" أو غير ذلك؟ تتنافسون، ثم تتحاسد ون، ثم تتدابرون)) [4].
وقوله r: (( والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم؛ فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)) [5].
وقوله r: (( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم: يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا)) [6].
وقوله r: (( يأتين على الناس زمان لا يبالي المرء مما أخذ المال أمن الحلال؟ أم من حرام؟)) [7].
ومن أجل ذلك خاف السلف- رحمهم الله تعالى- من الافتتان بزهرة الدنيا وأموالها وزخرفها، والنماذج التالية تشهد بذلك:
عن إبراهيم بن عبد الرحمن: أن عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه- أتي بطعام وكان صائماً، فقال: قتل مصعب بن عمير، وهو خير مني، كفن في بردة: إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقتل حمزة، وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا- أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام) [8].
وعن أبي حازم قال: جعل عروة بن الزبير لعائشة طعاماً فجعل يرفع قصعة ويضع قصعة، قال: فحولت وجهها إلى الحائط تبكي، فقال لها عروة: كدرت علينا، فقالت: (والذي بعثه بالحق! ما رأى المناخل من حين بعثه الله حتى قبض) [9].
وعن ميمون بن أبي شبيب قال: كان معاذ بن جبل في ركب من أصحاب رسول الله r فمر بهم رجل فسألهم فأجابوه، ثم انتهى إلى معاذ بن جبل وهو واضع رأسه على رجله يحدث نفسه فقال: عم سألتهم؟ فقال: سألتهم عن كذا، فقالوا: كذا، وسألتهم عن كذا فقالوا: كذا، فقال معاذ- رضي الله عنه-: " كلمتان إن أنت أخذت بهما أخذت بصالح ما قالوا، وإن أنت كنت تركتهما تركت صالح ما قالوا: إن أنت ابتدأت بنصيبك من الدنيا يفتك نصيبك من الآخرة، وعسى أن لا تدرك منها الذي تريد، وإن أنت ابتدأت بنصيبك من الآخرة يمر بك على نصيبك من الدنيا فينتظم لك انتظاماً، ثم يدور معك حيثما تدور [10].
وكان عبد الواحد بن زيد: يحلف بالله لحرص المرء على الدنيا أخوف علي عندي من أعدى أعدائه، وكان يقول: يا إخوتاه لا تغبطوا حريصاً على ثروته وسعته في مكسب ولا مال، وانظروا له بعين المقت له في اشتغاله اليوم بما يرديه غداً في المعاد ثم يتكبر. وكان يقول: الحرص حرصان: حرص فاجع، وحرص نافع. فأما النافع: فحرص المرء على طاعة الله، وأما الحرص الفاجع: فحرص المرء على الدنيا) [11].
والآن يمكننا إجمال أهم مظاهر الفتنة بالأموال والأولاد فيما يلي:
1 - الانشغال بها عن الآخرة والاستعداد لها والتفريط في الصالحات.
2 - الحرص على المال والأولاد والمحبة الشديدة لهما تدفع إلى الوقوع في المحرمات وأخذ المال من حله ومن غير حله؛ ذلك حتى يوفر الراحة والسعادة له ولأهله وأولاده، كمن يحضر أجهزة التلفاز والفيديو والبث المباشر والمجلات الخليعة ليسعد بها أهله بزعمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الزجاج - رحمه الله تعالى-:عند آية التغابن السابقة: (أعلمهم الله- عز وجل- أن الأموال والأولاد مما يفتنون به؛ وهذا عام في جميع الأولاد، فإن الإنسان مفتون بولده؛ لأنه ربما عصى الله تعالى بسببه، وتناول الحرام لأجله، ووقع في العظائم إلا من عصمه الله تعالى) [12].
3 - التحاسد والتدابر والتباغض، بل والتقاتل على الدنيا وأموالها.
يقول الإمام ابن رجب- رحمه الله تعالى-: في تعليقه على حديث "ما الفقر أخشى عليكم " السابق ذكره:
فلما دخل أكثر الناس في هاتين الفتنتين أو إحداهما أصبحوا متقاطعين متباغضين بعد أن كانوا إخواناً متحابين متواصلين؛ فإن فتنة الشهوات عمت غالب الخلق ففتنوا بالدنيا وزهرتها،وصارت غاية قصدهم: لها يطلبون، وبها يرضون، ولها يغضبون، ولها يوالون، وعليها يعادون، فتقطعوا لذلك أرحامهم، وسفكوا دماءهم، وارتكبوا معاصي الله بسبب ذلك [13].
4 - الوقوع في صفتين ذميمتين بسبب الأموال والأولاد هما: البخل والجبن، وقد نبه الرسول r عليهما بقوله: ((إن الولد مبخلة مجبنة)) [14].
والبخل يدفع للوقوع في المال الحرام، وإلى أن تمنع الحقوق الواجبة، وهذا هو الشح المذموم الذي قال الله عز وجل عنه: ((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) [التغابن:16].
وهو الذي حذر منه الرسول rبقوله:" اتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم: أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا [15].
كما أن من الفتنة بالأولاد الوقوع في الجبن والخوف والذي بدوره يصد عن القيام بواجب الدعوة والجهاد والهجرة كما مر بنا في آية التغابن السابقة؛ ذلك لما يصيبهم من العنت والمشقة بغيابه عنهم، وقد يحتمل الداعية الأذى والعنت على نفسه في سبيل الله- عز وجل- لكن القليل من يحتمله في أهله وأولاده؛ خاصة إذا تعرض لما يبعده عنهم كالسجن والتشريد.
يقول سيد قطب رحمه الله تعالى: (هناك فتنة الأهل والأحباء الذين يخشى عليهم أن يصيبهم الأذى بسببه، وهو لا يملك عنهم دفعاً وقد يهتفون به ليسالم أو ليستسلم، وينادونه باسم الحب والقرابة، واتقاء الله في الرحم التي يعرضها للأذى أو الهلاك) [16].
وفي هذا فتنة واختبار للداعية؛ ولا يثبت إلا من ثبته الله- عز وجل- وعصمه بصدق التوكل عليه وحسن الظن به، والوثوق برحمته وحفظه له ولأولاده.
وأسوق بهذه المناسبة رواية ذكرها الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى- في السير تكشف لنا أثر الأولاد في تثبيت الداعية على عقيدته.
عن الهيثم بن خلف الدوري: أن محمد بن سويد الطحان حدثه قال: كنا عند عاصم بن علي ومعنا أبو عبيد، وإبراهيم بن أبي الليث وجماعة، وأحمد بن حنبل يضرب، فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معي، فنأتي هذا الرجل، فنكلمه؟ قال: فما يجيبه أحد، ثم قال ابن أبي الليث: أنا أقوم معك يا أبا الحسين، فقال: يا غلام: خفي. فقال ابن أبي الليث: يا أبا الحسين أبلغ إلى بناتي، فأوصيهم. فظننا أنه ذهب يتكفن ويتحنط، ثم جاء، فقال: إني ذهبت إليهن، فبكين، قال: وجاء كتاب ابنتي عاصم من واسط: يا أبانا! إنه بلغنا أن هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل، فضربه على أن يقول: القرآن مخلوق، فاتق الله، ولا تجبه، فو الله لأن يأتينا نعيك أحب إلينا من أن يأتينا أنك أجبت [17].
5 - البغي والتكبر على الناس:
قال الله عز وجل: ((وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)) (سورة الشورى: 27).
وقال تعالى: ((كَلَّا إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)) [العلق:6 - 7].
والآيات في هذا كثيرة، والتجارب شاهدة بذلك، فإن أغلب من ينعم الله عز وجل عليهم بكثرة الأموال والأولاد يظهر عليهم البطر والتعالي على الناس إلا من رحم الله- عز وجل- وهذه من أعظم الفتن بالأموال والأولاد.
6 - هناك من الناس من يعذب بماله وولده في الدنيا قبل الآخرة، وتتحول عنده هذه الأمور التي يحبها الناس ويحرصون على تكثيرها من كونها مصدر نعمة وسعادة إلى أن تكون مصدر نقمة وشقاء وعذاب. وكم صرح كثير من أرباب الأموال والأولاد بهذه الحال، واعترفوا بما يعانونه من النكد والشقاء والعذاب بسبب أموالهم وأولادهم حتى أصبح لا يقر لهم قرار، ولا يهنأ لهم بال، ولا يخشعون في صلاة، ولا تطيب أنفسهم بإخراج الزكوات والصدقات، فهل بعد هذا من فتنة؟
نعوذ بالله من هذه الحال. وصدق الله العظيم: ((وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ)) (سورة التوبة:85).
وهذه الآية وإن كانت في المنافقين الكافرين إلا أنه يمكن الاستشهاد بها في هذا المقام للحذر من هذه النهاية.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] تفسير البغوى عند الآيتين (14، 15) من سورة التغابن.
[2] أبو داود في الصلاة (9 0 1 1) والترمذى في المناقب (3776) وقال: حسن غريب وصححه الألباني في صحيح الجامع (3757).
[3] في ظلال القرآن عند الآية (14، 15) من سورة التغابن.
[4] مسلم. ك. الزهد (2962).
[5] البخا ري 6/ 258، ومسلم 4/ 3274.
[6] مسلم. ك. الإيمان (118) والترمذى في الفتن (2196).
[7] البخا ري. ك.البيوع (2083).
[8] البخارى في الجنائز (1274) (1275).
[9] المطالب العالية 3/ 160.
[10] المطالب العالية 3/ 204.
[11] أورد هذه الأقوال الإمام ابن رجب- رحمه الله تعالى- في شرحه لحديث (ما ذئبان جائعان) ت. محمد حلاق ص 26.
[12] إغاثة اللهفان 1/ 160.
[13] كشف الكربة ت.بدر البدر ص23.
[14] ابن ماجه. ك. الأدب (3660) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2957).
[15] أبو داود 2/ 324 (1698).
[16] في ظلال القرآن. عند الآية (1) من سورة العنكبوت.
[17] سير أعلام النبلاء9/ 244.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 04:04]ـ
فتنة المعاصي وفشوا المنكرات وترك إنكارها
والمقصود هنا بالمعاصي والمنكرات: تلك المخالفات التي يقع فيها الناس من ترك للواجبات، أو فعل للمحرمات، إتباعاً للهوى والشهوات، أو هي مزيج من الشبهات والشهوات، يسوغ فيه المخالفات والتنازلات، ويمكن حصر الحديث عن هذه الفتنة فيما يلي:
1 - فتنة انتشار الفساد وفشو المنكرات وترك إنكارها.
2 - فتنة إنكارها بلا ضوابط شرعية، ودون مراعاة للمصالح والمفاسد.
أولاً: فتنة فشو المنكرات وانتشار الفساد وعدم إنكار ذلك:
ورد في كتاب الله عزوجل آيات عديدة، تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحذر من خطر المعاصي وتركها بلا إنكار، فمن ذلك:
قوله تعالى: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)) [آل عمران:104].
وقوله تعالى: ((فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ. وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)) [هود:116 - 117]
وقوله تعالى: ((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)) [الأعراف:165].
وقوله تعالى: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [التوبة:71].
وأما الأحاديث فكثيرة ومتنوعة، من أشهرها:
* قوله r: (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان)) [1].
* وعن أبي بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- أنَّهُ خطب على منبر رسول الله r، فقال: ((يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية ((يأيها الذين آمنوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) وتضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله r يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده)) [2].
ولشيخ الإسلام- رحمه الله تعالى- كلام نفيس على الآية الكريمة يقول فيه:
وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله وأدي الواجب من الأمر والنهي وغيرهما، ولكن في الآية فوائد عظيمة:
أحدها: أن لا يخاف المؤمن من الكفار والمنافقين؛ فإنهم لن يضروه إذا كان مهتدياً.
الثاني: أن لا يحزن عليهم ولا يجزع عليهم؛ فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدى، والحزن على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران في قوله: ((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)) [النحل:127].
الثالث: أن لا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله: ((لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)) [الحجر:88].
فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم في آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم في آية، فإن الإنسان قد يتألم عليهم ومنهم، إما راغباً وإما راهباً.
الرابع: أن لا يتعدى على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم، أو نهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم؛ بل يقال لمن اعتدى عليهم: عليك نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت، كما قال: ((وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ)) [المائدة:2] الآية.
وقال: ((وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) [البقرة:190].
وقال: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)) [البقرة:193].
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن كثيراً من الآمرين والناهين قد يتعدى حدود الله إما بجهل وإما بظلم، وهذا بابٌ يجب التثبت فيه، وسواءً في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين أو الفاسقين أو العاصين.
الخامس: أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد؛ فإن ذلك داخل في قوله: ((عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)) وفي قوله ((إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) [المائدة:105].
فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمورٌ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها المعنى الآخر، وهو إقبال المرء على مصلحة نفسه علماً وعملاً، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) [3].
ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه، لا سيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة) [4] ا. هـ.
وعن أبي موسى- رضي الله عنه- عن النبي r قال:
((إنه كان من قبلكم من بني إسرائيل إذا عمل فيهم العامل الخطيئة، فنهاه الناهي تعذيراً، فإذا كان من الغد جالسه وواكله وشاربه، كأنه لم يره على خطيئة بالأمس، فلما رأى الله تعالى ذلك منهم، ضرب قلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على أيدي المسيء، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم)) [5].
وعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله r يقول: ((إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: أنت الظالم؛ فقد تودع منهم)) [6].
وعن زينب بنت جحش- رضي الله عنها- أن النبي r دخل عليها فزعاً يقول: ((لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه- وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها- فقالت زينب بنت جحش: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث)) [7].
وعن العرس بن عميرة قال: قال رسول الله r: (( إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره ولا تغيره، فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة)) [8].
أما عن مواقف السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحذيرهم من تركه فكثيرة نقتبس منها مايلي:
عن ابن أبي أويس، عن أبيه: عن الوليد بن داود بن محمد بن عبادة ابن الصامت عن ابن عمه عبادة بن الوليد، قال: كان عبادة بن الصامت مع معاوية، فأذن يوماً، فقام خطيب يمدح معاوية، ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية، فقال له عبادة: إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله r بالعقبة، على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ومكسبنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيث كنا، لا نخاف في الله لومة لائم، وقال رسول الله r: (( إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في أفواههم التراب)) [9].
عن شريك عمن أخبره: أن علياً- رضي الله عنه- قال: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم) [10].
وعن عبد الملك بن الربيع قال: قال ابن مسعود- رضي الله عنه-: (إنها ستكون هنات وهنات؛ بحسب امرئ إذا رأى أمراً لا يستطيع له تغييراً أن يعلم الله أن قلبه له كاره) [11].
وعن خالد بن سعد مولى أبي مسعود قال: دخل أبو مسعود على حذيفة- رضي الله عنه- وهو مريض، فأسنده إليه فقال له أبو مسعود: أوصنا قال: (إن الضلال حق الضلالة، أن تعرف ما كنت تنكره، وتنكر ما كنت تعرفه، وإياك والتلون في دين الله) [12].
وعن طارق بن شهاب قال: جلد خالد بن الوليد رجلاً حداً، فلما كان من الغد جلد رجلاً آخر حداً، فقال رجل: هذه والله الفتنة، جلد أمس رجلاً في حد، وجلد اليوم رجلاً في حد، فقال خالد: (ليس هذه بفتنة، إنما الفتنة أن تكون في أرض يعمل فيها بالمعاصي، فتريد أن تخرج منها إلى أرض لا يعمل فيها بالمعاصي فلا تجدها) [13].
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن عبد العزيز بن أبي بكرة: أن أبا بكرة تزوج امرأة من بني علاثة، وأنها هلكت، فحملها إلى المقابر، فحال إخوتها بينه وبين الصلاة عليها، فقال لهم: لا تفعلوا فإني أحق بالصلاة منكم، قالوا: صدق صاحب رسول الله r فصلى عليها، ثم إنه دخل القبر، فدفعوه دفعاً عنيفاً، فوقع فغشي عليه، فحمل إلى أهله، فصرخ عليه يومئذ عشرون من ابن وبنت له.
قال عبد العزيز: وأنا يومئذ من أصغرهم، فأفاق إفاقة فقال لهم: لا تصرخوا علي، فو الله ما من نفس تخرج أحب إلي من نفس أبي بكرة، ففزع القوم، فقالوا له: لما يا أبانا؟ فقال: (إني أخشى أن أدرك زماناً لا أستطيع أن آمر بمعروف ولا أنهى عن منكر، ولا خير يومئذ) [14].
وعن الأوزاعي: حد ثني أبو كثير، عن أبيه، قال: أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى، وقد اجتمع الناس عليه يستفتونه، فأتاه رجل، فوقف عليه، فقال: ألم ينهك أمير المؤمنين عن الفتيا؟ فرفع رأسه، ثم قال: أرقيب أنت علي! لو وضعتم الصمصامة على هذه- وأشار بيده إلى قفاه- ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله r قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها [15].
وهذا غيض من فيض من مواقف السلف- رحمهم الله تعالى- في إنكار المنكر وقول كلمة الحق، فيا ليتنا حين نتكلم عن صبر السلف على ولاة الجور وتحذ يرهم من الخروج عليهم- وهذا حق ومن أصول السلف- ليتنا إذا تكلمنا عن هذا الجانب الحق في مواقف السلف أضفنا إليه مواقفهم الصلبة في قول الحق، وإنكار المنكر، لا يخافون في الله لومة لائم، وهذا من الوفاء لهم، وحجب هذه الجوانب المشرقة عن الناس فيها عقوق للسلف وتضليل للناس.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] مسلم 6911. ك. الإيمان (باب كون النهي عن المنكر من الإيمان).
[2] سنن أبي داود 17314 ك الملاحم. باب الأمر والنهي.
[3] الترمذي في الزهد (2317) (2318) وابن ماجة في الفتن (3976).
[4] مجموع الفتاوى 14/ 480 - 482.
[5] أورده الهيثمي في مجمع الزوائد7/ 531 وعزاه إلى الطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح.
[6] أورده الهيثمي في مجمع الزوائد7/ 531 وعزاه إلى أحمد والطبراني والبزار وقال: أحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح.
[7] متفق عليه: البخاري- كتاب أحاديث الأنبياء، (7) باب: قصة يأجوج ومأجوج (ح 3346) [فتح (6/ 0 44)]، ومسلم- كتاب الفتن (ح. 288) (4/ 57 22).
[8] أورده الهيثمي في مجمع الزوائد7/ 528وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
[9] سير أعلام النبلاء712. وحد يث (إذا رأ يتم المداحين ... ) رواه مسلم (3002).
[10] المطالب العالية 3/ 210.
[11] المطالب العالية 3/ 211.
[12] المصدر السابق 3/ 211.
[13] كنز العمال 11/ 235.
[14] مجمع الزوائد 7/ 550 وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
[15] سير أعلام النبلاء2/ 64.
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 04:06]ـ
خطر فتنة المنافقين وظهورهم
عندما يتمكن الكفار الصرحاء ويظهرون على المسلمين، فإنَّ في هذا فتنة ومصيبة ولا شك، ولكن أعظم منها فتنة عندما يتمكن المنافقون المبطنون للكفر والزندقة والمظهرون للإسلام والانتساب إليه، كما هو الحال في تمكن العلمانيين في أكثر بلدان المسلمين، أو تمكن دولة الرفض الخمينية التي تخدعُ الناس الجهلاء بحبِ آل البيت وحب الإسلام، وهي تبطن كره الإسلام الحق، وتبغض السنة وأهلها، وتتمنى ذلك اليوم الذي تظهر فيه على أهل الإسلام؛ فلا ترقب فيهم إلاً ولا ذمة، وأوضح مثال لذلك ما قصهُ التاريخ الموثق علينا عن دور الرافضة في دخول التتار إلى ديار المسلمين، والأفاعيل الشنيعة التي فُعلت بالمسلمين في بغداد وغيرها؛ وكان من أسباب ذلك ممالأة ابن العلقمي الرافضي وطائفته لرئيس التتار، وخيانته للخليفة العباسي الذي كان قد استوزره وقربه.
والسبب في كون فتنة المنافقين أشدُّ من الكفار، هو أنَّ الكافر يعرفه الناس ويأخذون الحذر منه، ويبقى في النفوس بغضه وترقب اليوم الذي يزول فيه. أما المنافق الخادع للناس باسم الإسلام فقد يحبُهُ أكثر الناس وينخدعون به، فلا يبقى في النفوس بغضه وتمني زواله، فينشأ من ذلك فتنة وفساد كبير.
ومن أخطر صور الفتنة بالمنافقين، صورة رئيسية واحدة، تنبثق منها كل أشكال الفتنة بالمنافقين ألا وهي:
(يُتْبَعُ)
(/)
فتنة الخداع والتلبيس [1]
وهي من أشد أنواع الفتن وبخاصة في عصرنا الحاضر، الذي تسلط فيه المنافقون على أكثر ديار المسلمين، وتمكنوا من وسائل التأثير والإعلام، التي تعمل ليل نهار في خداع الناس باسم الإسلام والاحتفالات بمناسباته، وهم الذين أقصوا الإسلام عن الحكم والتحاكم، وهم الذين يسعون لتشويهه وإظهاره للناس بأنَّه صلةً بين العبد وربه، ولا دخل له بعد ذلك في شئون الحياة الأخرى.
ومن صور فتنة الخداع والتلبيس ما يلي:
ا- تسويغهم عزل الإسلام عن الحياة الاقتصادية والسياسية وغيرها من شئون الحياة، بقولهم: إنَّ دين الإسلام دين الصدق والنظافة والتقوى،
وكل هذا لا يتفق مع ألاعيب السياسة، ومهاترات السياسيين وأكاذيبهم؛ فلهذا ينبغي أن يترفع بالإسلام عن دهاليز السياسة المتلوثة؛ كل ذلك بزعمهم حمايةً للإسلام ومحافظة عليه من هذه اللوثات، ومع ذلك فقد يوجد من ينخدع بمثل هذا الكلام الفارغ الفاجر، وبالتالي يسقط في فتنةِ التضليل والتلبيس.
2 - ومن صور الخداع والتلبيس التي قد ينخدع بها بعض السذج من الناس ويسقطون في فتنتها: ما يرفعهُ المنافقون في أكثر بلدان المسلمين، في وجه أهل الخير والإصلاح من أنهم دعاة شرٍ وإرهاب وفساد، وما تجلبه وسائل الإعلام المختلفة، وتدندن به على وصفهم ورميهم بهذه الأوصاف الظالمة، حتى تأثرت بذلك بعض الأدمغة المخدوعة، فسقطت في فتنتهم، ورددت معهم هذا الظلم والخداع، وبالتالي تعرض أهل الخير للأذى والنكال، باسم المصلحة الشرعية ومكافحة الإرهاب والفساد؛ وذلك بعد أن تهيأت أذهان المخدوعين من المسلمين لهذا الخداع والتلبيس.
وصور التلبيس والتضليل من المنافقين كثيرة جداً؛ والمقصود الحذر من فتنتها والسقوط في شباكها، والتفطن إلى أنَّ المنافقين يستخدمون الإسلام دائماً ويتترسون به في تمرير ما يُريدون من أغراضهم الخبيثة؛ فهذا شأنهم دائماً: التحريف، والتلبيس، وإثارة الشبهات، مستخدمين وسائل الإعلام الرهيبة في خداع الناس وتضليلهم، ورضي الله عن عمر بن الخطاب حيث قال: (لست بالخب ولا الخب يخدعني) ويعلق ابن القيم- رحمه الله تعالى- على هذه المقالة فيقول: (فكان عمر- رضي الله عنه- أورع من أن يخدع، وأعقل من أن يخدع) [2].
3 - اهتمام الحكومات العلمانية ببعض المناسبات الإسلامية، كالاحتفال بمولد الرسول e وهجرته، أو ليلة النصف من شعبان، أو الإسراء والمعراج، إلى آخر هذه المناسبات التي لا أصل للاحتفال بها شرعاً، وإنَّما هي من البدع المحرمة؛ ومع ذلك ينخدع بهذا التلبيس كثيرٌ من دهماء المسلمين، وتتحسن صورة أولئك المنافقين الذين يُضللون الناس بهذا الخداع، ويبدون في أعين المخدُوعين أنَّهم يحبون الإسلام ويغارون عليه، وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام وأهله، وهل يحب الإسلام ويعتز بالانتماء إليه من يرفض الحكم به والتحاكم إليه، ويبدل شرع الله المطهر بنحاتات الأفكار، وزبالات الأذهان الجاهلة الظالمة؟ لا، والله إنَّ مثل هذا يكذب في ادعائه حب دين الإسلام؛ قال تعالى: ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [آل عمران:31].
فهل يعي هذا المخدوعون المضللون؟
* ومما يدخل في هذه الصورة أيضاً من صور التلبيس، ما يقوم به بعض المنافقين المحادِّين لشرع الله عز وجل، من إقامةِ بعض المؤتمرات أو الندوات الإسلامية، ويدعون إليها بعض العلماءِ والدعاة، فيستجيب من يستجيب، ويرفض من يرفض، وكل هذا من ذر الرماد في العيون، وتخدير دعاة المسلمين بمثل هذه الصروح الخبيثة، التي هي أشبه ما تكون بمسجد الضرار، الذي بناه المنافقون في عهد الرسول e، وادعوا أنَّه للصلاة وإيواء المسافرين في الليلة الشاتية المطيرة، فأكذبهم الله- عز وجل- وفضح نياتهم بقرآن يتلى إلى قيام الساعة، نهي فيه الرسول e عن دخوله والقيام فيه، بل أمر بتحريقه قال تعالى: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
(يُتْبَعُ)
(/)
التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) [التوبة:107 - 108]
فهل آن الأوان أن نعي مثل هذه الفتنة والخداع، فلا نستجيب لمثل هذه الدعوات، ولا نقوم في مثل هذه المؤتمرات أبداً؟ بل قد آن الأوان إلى أن تفضح مثل هذه اللافتات، ويحذر الناس من شرها والوقوع في فتنتها؛ ويبين لهم أنَّها ضربٌ من الخداع، وصورةً من صور النفاق الماكر الخبيث.
4 - إظهارهم لفسادهم بمظهر الإصلاح وإرادة الخير بالأمة، كما قال الله عز وجل عنهم: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)) [البقرة:11].
يقول سيد قطب- رحمه الله تعالى- عن هذه الآية:
(إنَّهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع، بل يضيفون إليهما السفه والادعاء: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ))
لم يكتفوا بأن ينفوا عن أنفسهم الإفساد، بل تجاوزوهُ إلى التبجح والتبرير: ((قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)).
والذين يفسدون أشنع الفساد، ويقولون: إنَّهم مصلحون، كثيرون جداً في كل زمان، يقولونها؛ لأنَّ الموازين مختلة في أيديهم؛ ومتى ا ختل ميزان الإخلاص والتجرد في النفس، اختلت سائر الموازين والقيم، والذين لا يُخلصون سريرتهم لله يتعذر أن يشعروا بفساد أعمالهم؛ لأنَّ ميزان الخير والشر والصلاح والفساد في نفوسهم يتأرجحُ مع الأهواءِ الذاتية، ولا يثوبُ إلى قاعدة ربانية) [3] ا. هـ.
* ومما يدخل في هذه الصورة من صور الخداع والتلبيس ما يستخدمه منافقو زماننا من تحريف لنصوص الشريعة، وتأويلات باطلة لها في تسويغ فسادهم ومواقفهم الجائرة؛ فهم مع جهلهم بأحوال الشريعة نراهم يخوضُون فيها بلا علم، إلا ما أشربوا من هواهم؛ فنراهم يسوغون الترخص بل التحلل من الشريعة بقواعد التيسير ورفع الحرج، وتغير الفتوى بتغير الحال والزمان، إلى آخر هذه القواعد التي هي حق في ذاتها، لكنهم خاضوا فيها بجهلٍ وهوى، فاستخدموها في غير محلها، فهي حقٌّ أريد بها باطل، ومع جهلهم بالشريعة وظهور القرائن التي تدل على خبث طويتهم، إلاَّ أنَّ هناك من ينخدع بهذه الشبه والتحريفات الباطلة، ومن عجيبِ أمر القوم أنَّهم يرفضون الحكم بما أنزل الله- عز وجل- والتحاكم إليه، ولا يذعنون له، ومع ذلك نراهم في أحيانٍ قليلة يرجعون إلى بعض الأدلة الشرعية ليمرروا ويبرروا من خلالها بعض فسادهم، أو مواقفهم الباطلة، فما حاجتهم إلى الشرع في هذه المرة وهم كانوا يكفرون به من قبل؟ إنَّهُ الهوى والخداع والتلبيس على الناس، قال تعالى في فضح هذا الصنف من الناس: ((وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ، وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ. أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) [النور:48 - 50].
فينبغي لكل مسلمٍ أن يحذرَ من شبه المنافقين وخداعهم، وأن يقول لهؤلاء الذين يسوغُون فسادهم بتحريف الأدلة الشرعية: ادخلوا في السلم كافة، وحكموا في الناس شرع الله- عز وجل- ورفضوا ما سواه؛ أما أن تنحوا شرع الله- عز وجل- عن الحكم، حتى إذا كان لكم هوى في تمرير فسادكم بشبهةِ دليل رجعتم إليه؛ فهذا الذي قال الله- عز وجل- عن أهله: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) [البقرة: 85].
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - موالاة المنافقين للكفار، وبخاصةٍ اليهود والنصارى، والإعجاب بنظم الغرب وتقاليده، وفتح الباب لفسادهم وأفكارهم، وهذه من أعظم فتن المنافقين التي طمت وعمت في أكثر بلدان المسلمين، مستخدمين في ذلك الخداعَ والتلبيس على الناس في ذلك، بدعوى المداراة وتحقيق المصلحة ودرء المفاسد، إلى آخر هذه التأويلات التي يُخادعون بها الناس لتسويغ توليهم للكفار؛ وقد ذكر الله- عز وجل- في كتابه الكريم أنَّ هذه صفة لازمه للمنافقين، قال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) [الحشر:11].
وقال عز وجل: ((بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً. الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)) [النساء:138 - 139]. فهل بقي بعد كلام الله- عز وجل- عذر لأحد في انخداعه بالمنافقين، الذين يتولون الذين كفروا من أهل الكتاب أو غيرهم؟ إنَّ خطر المنافقين على الأمة في القديم والحديث كبير، وفتنتهم شديدة؛ فما تمكن الكفار من بلدان المسلمين سواءً من الناحية العسكرية أو الفكرية إلا عن طريق المنافقين، الخادعين الخائنين لدينهم وأمتهم، فالواجب فضحهم والتحذير من شر فتنتهم.
6 - خداعهم لبعض المتحمسين لشرع الله وتطبيقه؛ وذلك بدعوتهم إلى مشاركات وطنية، ومجالس نيابية، يتعاون الجميع فيها على ما فيه صالح الوطن والمواطن كما زعموا، فيستجيب بعض الدعاة لهذا، وتجمعهم مع المنافقين الرافضين لشرع الله عز وجل مظلةً واحدة، فيعرض الإسلاميون فيها مطالبهم كما يعرض العلمانيون والرافضة والشيوعيون مطالبهم الكفرية؛ ومعلومٌ ما في ذلك من مداهنة وتعاون على الإثم والعدوان، واستجابةً لداعي الخداع والتلبيس الذي يتولى كبرهُ المنافقون الذين يُريدون من استجابة الإسلاميين لهم إضفاءَ صفةٍ الشرعية على مجالسهم ونظمهم التي يحكمون بها؛ وبالتالي يتخدر الناس ويستنيم المطالبون بتحكيم شرع الله- عز وجل- ما دام أنَّ للمسلمين صوتاً في هذه المجالس النفاقية الماكرة، ويا ليت أنَّ هُناك مصلحةً قطعيةً يمكنُ تحقيقها للمسلمين، تربو على المفاسد التي تنشأ من المشاركة، إذن لهان الخطب؛ لكن الحاصل من هذه التجارب هو العكس؛ حيث إنَّ المستفيد الأول والأخير هم العلمانيون المنافقون، وقد لا يكونُ المشارك من المسلمين غافلاً عن هذا الخداع، ولكنهُ يدخلُ بغرض إقامة الحجة والدعوة إلى تطبيق الشريعة ومعارضة كل ما يخالفها، ولكن هل هذا ممكن؟ وهل يسمح أهل الكفر والنفاق بذلك؟! الذي يغلبُ على الظن أنَّ أعداء الشريعة لن يسمحوا إلا بالكلام فقط؛ وإذا تجاوز الإسلاميون ذلك إلى العمل، وتجاوزوا الخطوط الحمراء المرسومة لهم، جاء دور الحديد والنار، وما تجربةُ الجزائر وتركيا عنَّا ببعيدتين.
7 - فتنة المنافقين داخل الصف الإسلامي:
وهذا شأنُ المنافقين في كل زمان؛ فعندما تخفقُ جهودهم في الوقوف في وجه أهل الخير والصلاح، وعندما ينشط الدعاة، ويظهر أثرهم في الأمة؛ فإنَّ المنافقين يلجئون إلى وسيلةٍ ماكرةٍ، وفتنةٍ شديدة، ألا وهي التظاهر بالحماس للدعوة، والدخول في أوساط الدعاة مُظهرين التنسك والغيرة على الدين، والحرص على العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ينخدع بكلامهم المعسول بعض الطيبين من الدعاة، فتحصل الثقة بهم، حتى إذا تمكنوا من مراكز التوجيه والدعوة بدءوا فتنتهم الكبرى على الدعوة وأهلها؛ مع استمرارهم في إظهار الخير والحماس لهذا الدين، وتسويغ ما يقومون به من الممارسات بالحرص على مصلحة الدعوة وتميزها وصلابتها.
ومن أخطر صور الفتن التي تنشأ من هذا الصنيع ما يلي:
أ- فتنة التفريق وإثارة العداوات بين دعاة الإسلام:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه من أعظم فتن المنافقين داخل الصف الإسلامي، وفي أوساط الدعوة إلى الله- عز وجل- وقد فضح الله- عز وجل- المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار، وأظهر أهدافهم الخبيثة بقوله سبحانه: ((وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْل)) [التوبة:107].
قال " المفسرون لهذه الآية: ا لأنَّهُم كانوا جميعأ يصلون في مسجد قباء؛ فبنوا مسجد الضرار ليُصلي فيه بعضهم، فيؤدى ذلك إلى الخلاف وافتراق الكلمة) [4] ا. هـ.
وهذا الضرب من الفتن لا يحتاج إلى تدليل، فالواقع المر شاهدٌ بذلك، ومع أنَّ للافتراق أسباباً كثيرة كالجهل والهوى ... إلخ؛ إلاَّ أنَّ أثر المنافقين الذين يدخُلون في صفوف الدعاة لا يجوز إغفاله والتهوين من شأنه، وكون الفرقة تحصل بين أهل طريقتين مختلفتين في الأصول، فإنَّ هذا الأمر واضحٌ ومعقولٌ ومقبول، أما أن يفترق أهل الطريقة الواحدة- طريقة أهل السنة والجماعة، وطريقة سلف الأمة- فهذا أمرٌ لا يعقل ولا يقبل، ولا يكونُ، وهناك يد خبيثة خفية وراء هذا الافتراق؛ فينبغي على الدعاة الحذر من هذه الأيدي والتفتيش عنها، وفضحها، وتطهير الصف المسلم منها. (وسيأتي الكلام عن فتنة التفرق والاختلاف في بحثٍ قادم، وبشكلٍ مفصل- إن شاء الله تعالى-).
ب- فتنة التخذيل والتشكيك:
وهذه أيضاً من أعمال المنافقين المندسين في الصف المسلم، حيث يسعون إلى بث فتنة التخذيل وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وذلك بدعاوى وشبه شرعية خادعة، مؤداها توهينُ عزائم الدعاة وإضعاف هممهم، وبث الخوف في النفوس من الباطل وأهله، وتهويل قوة الأعداء وخططهم بصورةٍ تَبثُ اليأس في النفوس الضعيفة.
ج- فتنة الإيقاع بالدعوة والدعاة:
لا تقف مساعي المنافقين في إيصال الشر والأذى للدعوة وأهلها عند حد، فمن هذه المساعي الخبيثة التي يقُومُون بها داخل صفوف الدعاة بعد إظهار الحماس، وبعد كسب الثقة والسماع لأقوالهم كما قال تعالى: ((وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ)) [المنافقون:4].
وتحت ستار الغيرةِ على الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله- عز وجل- فإنهم يبدءون في دفع بعض الدعاة إلى مواجهات مع الباطل وأهله، والزج بالدعوة في أعمالٍ خطيرةٍ تفتقد المستند الشرعي من جهة، وتؤدي بالدعوة وأهلها إلى الضمور والانكماش من جهةٍ أخرى، إن لم يقض عليها قضاءً مبرماً، وهذا هو ما يريده المنافقون الخادعون الذين قال الله- عز وجل- عن أمثالهم: ((لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)) [التوبة:47].
يقول الإمام البغوي- رحمه الله تعالى- عند تفسير هذه الآية:
((لَوْ خَرَجُوا)) يعني المنافقين ((فِيكُمْ)) أي معكم ((مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً))،أي: فساداً وشراً. ومعنى الفساد: إيقاع الجبن والفشل بين المؤمنين، بتهويل الأمر، ((وَلَأَوْضَعُوا))، أسرعوا، ((خِلالَكُمْ))، وسطكم بإيقاع العداوة والبغضاء بينكم بالنميمة، ونقل الحديث من البعض إلى البعض، وقيل: ((وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ)) أي: أسرعوا فيما يخل بكم. ((يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)) , أي: يطلبون لكم ما تفتنون به، يقولون: لقد جمع لكم كذا وكذا، وإنَّكم مهزومون، وسيظهر عليكم عدُ وكم ونحو ذلك.
وقال الكلبي: يبغونكم الفتنة يعني: العيب و الشر. وقال الضحاك: الفتنة الشرك، ويقال: بغيته الشر والخير أبغيهِ بغاءً إذا التمسته له، يعني: بغيت له.
((وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)).
قال مجاهد: معناه وفيكم مُحبُون لهم، يُؤدون إليهم ما يسمعون منكم، وهم الجواسيس. وقال قتادة: معناه وفيكم مطيعون لهم، أي: يسمعون كلامهم ويطيعونهم. ((وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)) [5]. ا. هـ.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر لمزيد من الفائدة رسالة: (ولا تلبسوا الحق بالباطل) للمؤلف.
[2] الرو ح ص 244.
[3] في ظلال القرآن عند الآية (11) من سورة البقرة.
[4] تفسير البغوى 4/ 93 ط. دار طيبة.
[5] تفسير البغوى 4/ 56 ط. دار طيبة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 04:09]ـ
ضع نفسك مكانه
روى الذهبي رحمه الله في السير عن عقيل، ومعمر، عن الزهري، حدثني أن المسور بن مخرمة أخبره أنه وفد على معاوية، فقضى حاجته، ثم خلا به، فقال: يا مسور! ما فعل طعنك على الأئمة؟ قال: دعنا من هذا وأحسن. قال: لا والله، لتكلمني بذات نفسك بالذي تعيب عليَّ. قال مسور: فلم أترك شيئاً أعيبه عليه إلا بينت له. فقال: لا أبرأ من الذنب. فهل تعُدُّ لنا يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة فإن الحسنة بعشر أمثالها، أم تعد الذنوب وتترك الإحسان؟ قال: ما تذكر إلا الذنوب. قال معاوية: فإننا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم تغفر؟ قال: نعم، قال: فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني، فو الله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب إلا أن يعفو الله عنها قال: فخصمني قال عروة فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه ([1]).
من هذا الحوار الجميل المؤدب بين صحابيين جليلين من أصحاب النبي e قد كان في نفس كل منهما شيء على الآخر نستنبط أمراً مهماً في التربية ومعالجة الأخطاء لو سرنا عليه في عتاب بعضنا لبعض لاختفت كثير من مفسدات الأخوة وذات البين ولسلمت القلوب المخلصة من الإحن والأحقاد والشحناء والأهواء.
وهذا الأسلوب التربوي المعني هنا مأخوذ من الحوار السابق وذلك لما ذكر المسور بن مخرمة لمعاوية رضي الله عنه كل ما يعرفه من أخطاء معاوية. قال له معاوية ?: فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم تغفر؟ قال: نعم، فقال معاوية: فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني فو الله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي .. إلخ.
فهذا هو الشاهد من هذا الحوار المناسب لهذه المقالة المعنون لها بـ (ضع نفسك مكانه).
وعندما يمارس الواحد منا هذا الأسلوب التربوي في عتابه للناس ومعالجة أخطائهم [2].
فإن الوئام والألفة ستحل محل الفرقة والشحناء والبغضاء وهذا الأسلوب ينفع مع مختلف طبقات الناس وشرائحهم كما يتضح ذلك من الصور التالية:
- ما يكثر من الخلافات العائلية في كثير من البيوت وذلك بين الزوج وزوجته، أو بين الوالد وولده، أو بين الأخ وأخيه، أو بين الرجل وقرابته، حيث تؤدي كثير من هذه الخلافات بفعل الممارسات الخاطئة لعلاج الخطأ والأسلوب الغالظ للعتاب إلى نهايات مؤسفة قد تكون طلاقاً أو قطيعة وهجراناً أو ظلماً وعدواناً.
بينما لو أخذ بالأساليب الشرعية لمعالجة الخطأ ومن بينها هذا الذي طبقه معاوية ? وعبرت عنه بمصطلح (ضع نفسك مكانه).
أقول: لو طبق هذا الأسلوب مع الأساليب الشرعية الأخرى واختفت حظوظ النفس لساد الوئام ووضع الخطأ في حجمه الطبيعي وأمكن محاصرته وعلاجه.
فمثلاً لو أن الزوجة أخطأت على زوجها أو في بيتها خطأً معيناً وتأكد الزوج من ذلك فإن مما يخفف غضب الزوج وشدة عتابه لزوجته أن يبحث عن الملابسات التي أحاطت بالزوجة حتى وقعت فيما وقعت فيه من الخطأ ثم يضع نفسه مكان زوجته عندما أحاطت بها هذه الملابسات فماذا عساه أن يعمل.
ثم ينظر إلى ضعف عقل المرأة وطبيعتها، ثم يحاسب نفسه فيما لو وقع في نفس الخطأ الذي وقعت
فيه زوجته هل محاسبته ومعاتبته لنفسه بنفس القوة والنقد الذي يوجهه إلى زوجته، إن كل هذه التساؤلات ستقلل من حجم الخطأ وتدفع الزوج إلى معالجته معالجة شرعية تتسم بالعدل والتأني والرغبة في الإصلاح وليس مجرد التشفي وتنفيس الغيظ.
ولا يعمي هذا التغاضي عن الأخطاء وتبريرها وعدم إصلاحها كلا. ولكن المقصود معالجتها بعدل وإنصاف ووضع النفس مكان من صدر منه الخطأ والملابسات التي أحاطت بصاحب الخطأ حتى توضع الأمور في حجمها الطبيعي من غير تهويل وتضخيم.
ومثل هذا يقال للزوجة في معالجتها لخطأ زوجها، وللوالد مع ولده والقريب مع قريبه وكذلك ما يحصل بين عامة الناس وأصحاب المهن المشتركة من خلافات وأخطاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
- ما يحصل من بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض العلماء أو طلبة العلم أو الدعاة والتي ينجم عنها لغياب المعالجة الشرعية العادلة كثير من العدوان والشحناء والغيبة والأحقاد.
ولو أننا طبقنا هذا الأسلوب المشار إليه آنفاً في معالجة الخطأ، ووضع الناقد نفسه مكان صاحب الخطأ وبحث عن الملابسات التي أحاطت به في خطئه لتطامن النقد وعذر صاحب الخطأ إن وجد له عذراً أو أنه يضع خطأه في حجمه الطبيعي من غير تضخيم وتهويل،
وكذلك لو حاسب الناقد نفسه فيما لو صدر منه الخطأ الذي صدر من العالم أو الداعية الفلاني فهل مؤاخذته لنفسه بنفس القوة التي يوجهها لغيره؟ لأن مثل هذه المحاسبة تعد من أسباب التطامن والإنصاف.
وكما قال معاوية للمسور رضي الله عنهما عندما عرفه ببعض أخطائه قال له: فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم تغفر؟ قال: نعم.
فكذلك الدعاة وأهل العلم في معالجتهم لأخطاء بعضهم، فلو أن الناقد انتبه لنفسه وما هي عليه من الأخطاء والذنوب لكان في ذلك من التطامن والتواضع مع صاحب الخطأ ما يجعل الناقد يضع الخطأ في حجمه المعقول ويعامل صاحب الخطأ بالعدل والمحبة والإصلاح بعيداً عن حظوظ النفس والأهواء، فإذا أضيف إلى ذلك وجود الخير الكثير والإصلاح عند الشخص المتقد صار أيضاً من دواعي اضمحلال خطئه في بحر حسناته.
وهذا ما أشار إليه معاوية ? بقوله للمسور ?: فو الله ما ألي من الصلاح أكثر مما تلي.
ولا يعني هذا تمرير الأخطاء وتبريرها وإنما يعني معالجتها معالجة عادلة تضع الخطأ في مكانه الطبيعي ولا تنسى حسنات المخطئ كما لا ينسى الناصح أن له عليه ذنوباً كما على غيره، والسعيد من لم تشغله
عيوب الناس عن عيوب نفسه.
- ما يصدر من أهل الابتلاء كالمرضى والفقراء والمسجونين والمهمومين والمحزونين وغيرهم من المواقف التي يعدها أهل الرخاء والعافية مواقف خاطئة لكن ما إن تطبق القاعدة المشار إليها آنفاً في معالجة الخطأ وهي قاعدة (ضع نفسك مكانه) فيضع من هو معافى في دينه ودنياه نفسه مكان المبتلى ويحاول أن يتصور الظروف التي تحيط بصاحب المصيبة إلا ولا بد أن يكون لذلك أثر على النظرة إلى هذه المواقف التي يعتبرها خاطئة فإما أن يظهر له أنه معذور بسبب الملابسات التي أحاطت به فكما قيل ويل للشجي من الخلي، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، أو أنه يظهر له الخطأ في حجمه الطبيعي فيعالجه معالجة من يعرف ملابساته وأسبابه التي أدت إلى ضعف المصاب وقيامه بمواقف خاطئة تقدر بقدرها وتعالج معالجة من يعرف ضعف الإنسان أمام الأقدار المؤلمة إلا من رحم الله تعالى، ولا يدري المعافى لو كان مكان المصاب ماذا عساه أن يفعل.
نسأل الله عز وجل الثبات والعافية.
- كما تنفع هذه القاعدة في مساعدة المحتاجين والملهوفين ممن تعوزهم الحاجة إلى المال أو الجاه أو تفريج هم أو إغاثة ملهوف قد انقطعت به السبل أو جائع أو عطشان أو غريب تائه عن الطريق أو
مسافر قد تعطلت دابته ... الخ.
ذلك أن الإنسان عندما يضع نفسه مكان أصحاب هذه الحاجات ويتصور حجم المعاناة التي يعانيها الملهوف والمكروب والجائع والمنقطع .. إلخ. كما يتصور أيضاً وقع الإعانة لهؤلاء في نفوسهم وأثرها عليهم وأجرها عند الله عز وجل، كل ذلك مما يجعل الإنسان يهب لقضاء حاجات الملهوفين والمحتاجين.
ولا يظهر التفاعل مع حاجات المحتاجين كما يظهر عند من مرت به حاجة من الحاجات في حياته كمرض احتاج فيه إلى من يواسيه ويقوم برعايته فيه أو فقير احتاج فيه من يساعده ويهتم بحاله فيه أو انقطعت به دابته أو سيارته فاحتاج من يصلحها له ويساعده على مواصلة الطريق .. الخ.
إن كل من مرت به حاجة من الحاجات ثم عافاه الله منها ورأى بعد ذلك من وقع فيما وقع فيه من الحاجة فإن هذا من أكبر الدوافع التي تدفع إلى مساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف لأنه قد وضع نفسه مكان المحتاج وتصور الظرف الذي يمر به المحتاج وأنه قد مر عليه مثله.
وإن هذه القاعدة تنفع مع كل ذي كبد رطبة وليست مع الإنسان وحده، وإذا أخلص العبد في إعانته للمحتاج وأراد وجه الله عز وجل فإن الله سبحانه يشكر له صنيعه ويجازيه عليه الجنة،
فعن أبي هريرة ? أن رسول الله e قال: ((بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيه فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً؟ قال: في كل كبد رطبة أجر)) [3].
وكما يظهر من هذا الحديث نلاحظ أن الرجل الذي سقى الكلب قد طبق القاعدة التي نحن بصددها وهي (ضع نفسك مكانه).
فهل يعي هذا الأمر أولئك الذين لا يبالون بحاجات المحتاجين ولا بإغاثة الملهوفين المكروبين؟ وهلا حمدوا الله عز وجل وشكروه على العافية ووضعوا أنفسهم مكان المحتاجين ومعاناتهم؟ فإن الله عز وجل قادر على أن يعافي غيرهم ويبتليهم.
نسأل الله العافية والسلامة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سير أعلام النبلاء 3/ 151.
[2] والمقصود بالأخطاء هنا تلك التي تحصل من الإنسان بحكم ضعفه وتغلب هواه عليه أحياناً وتكون فلتة منه وليست إصراراً ومكابرة وعناداً.
[3] البخاري: 5/ 31، مسلم (2244).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد المتعلم]ــــــــ[18 - Nov-2010, مساء 03:41]ـ
بارك الله فيك(/)
عبد الله بن لهيعة في ميزان الجرح والتعديل للعرض على أهل العلم
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[13 - May-2008, مساء 10:29]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى إخواني في الملتقى أنا أخوكم مجاهد بن رزين من سريلنكا.وعلم الحديث ما تعلمته إلا من الكتب الحديثية وليست عندنا أفواه لنسمع من ألسنتها مثلكم. فهذا البحث كان قبل أن نعرف برنامج المكتبة الشاملة وكتبته وأنا تلميذ في دار التوحيد السلفية بسريلنكا فلا بد من الأخطاء و ليس في سريلنكا من شاخ في الحديث حتى أعرضه عليه حينذاك وحتى الآن كذلك ومن الذين شاخوا من العلماء –الأمر عجيب-الشيخ أجود غفر الله لي له وكانت له علاقة بالشيخ الألباني حتى كانت بينهم مراسلة ودية ولكنه كان من الصوفية فلم يستفد منه شيئا. وموضوع البحث "عبد الله بن لهيعة في ميزان الجرح والتعديل" أسجله هنا شيئا فشيئا راجيا منكم مراجعته ولتبينوا لي مما فيه من أخطاء لغوية -لأني لست من العرب –ومن أخطاء علمية وحديثية.
تنبيه:- البحث موجه إلى أهل سريلنكا فلذا أكثرت من التمهيد و طولت أسماء المشايخ وعرفتهم ببعض كتبهم المشهورة وفيه ألفاظ لا تنابكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
عبد الله بن لهيعة في ميزان الجرح والتعديل
تأليف طالب العلم أبي عبد الله مجاهد بن رزين
) مقدمة (
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيآت أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ان لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد
فان أهمية علم الحديث لا تخفى على كل من كان له أدنى اهتمام بالدعوة إلى الله على منهج السلف الصالح. إنه العلم الذي يمهدنا إلى تمييز الحديث الصحيح من الحديث السقيم بقسمه الهام علم الجرح والتعديل. وأما الذين لايهتمون به أو بأقوال من اهتموا به يخشى عليهم سوء العاقبة التي حذر منها النبي صلي الله عليه وسلم في حديثه المشهور " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري ومسلم.
فالدعوة الاسلامية لا يستقيم وزنها الا اذا كانت موافقة للكتاب والسنة الصحيحة لا على آراء مصطنعة تعتمد على الشهوات الطارئة ولهذا قال الامام علي بن المديني " التفقه في معاني الحديث نصف العلم ومعرفة الرجال نصف العلم (المحدث الفاصل للرامهرمزي ص 32) ولمعرفة أهمية هذا الفن وعلم الجرح والتعديل لا بأس بي – ان شاء الله – ان اسوق بعض اقوال الائمة النقاد في أهمية الأسانيد فأقول:-
قال الامام محمدبن سيرين في مرضه (ت 110هـ) " اتقوا الله يا معشر الشباب وانظروا عما تأخذوا هذه الاحاديث فانها دينكم" (الضعفاء والمتروكين للامام ابن حبان 1/ 23) جاءت روايات نحو قول ابن سيرين عن جمع من الأئمة منهم علي بن ابي طالب (ت40هـ) وأبو هريرة (ت58هـ) وشعبةبن الحجاج (ت160هـ) وزائدةبن قدامة (ت161هـ) ومالك بن أنس (ت179هـ) واحمدبن محمدبن حنبل (ت241هـ) وغيرهم (الإسناد من الدين للدكتور القريوتي ص 18) وقال مطر بن طهمان الوراق (ت 125هـ) في قوله تعالى"أو أثرة من علم" (سورة الأحقاف 40) "إسناد الحديث" (تدريب الراوى للأمام السيوطي3/ 160 (
وكان محمدبن مسلم بن شهاب (ت 124هـ) اذا حدث أتي بالاسناد ويقول لا يصلح ان يرقى السطح الا بدرجة "
وقال محمد بن ادريس أبو حاتم الرازي (ت 277هـ ") لم يكن في أمة من الامم منذ خلق الله آدم أمة يحفظون آثار نبيهم وأنساب سلفهم مثل هذه الامة") فتح المغيث3/ 3 (
وقال يزيد بن زريع (ت 182هـ) "لكل دين فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد" (طبقات شافعية الكبرى للسبكي 1/ 167)
وقال الامام محمد بن ادريس الشافعي (ت204هـ) " مثل الدي يطلب الحديث بلا اسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعي وهو لا يدري" (الاسناد من الدين للقريوتي ص 22) وقال الامام شعبة بن الحجاج (ت 160هـ) "كل شيئ ليس في الحديث سمعت فهو خل أو بقل " (الكامل في الضعفاء 1/ 48)
وقال الامام سفيان بن سعيد الثوري (ت 161هـ) "الاسناد سلاح المؤمن فاذا لم يكن معه سلاح فبأي شيئ يقاتل" (فتح المغيث 3/ 3)
(يُتْبَعُ)
(/)
وغير ذلك من الآثار كثيرة لا تحصى فأكتفي بهذ القدر فهي كافية للقارء اللبيب. هذه الكلمات كلها من كلام أئمتنا الكرام الذين أفنوا أعمارهم في إحياء دين الله على الارض رحمهم الله رحمة واسعة لما قدموا لهذا الدين من الخدمات الجليلة. ولكن من المؤسف جدا ان من قام بهذه المهمة في سريلنكا قليل جدا ولا أحد منهم الا من رحم ربي يفهمون قاعدةحديثية على الوجه الصحيح فيستعملونها في غير موضعها فيحرفون الجرح تعديلا وبالعكس سواء هذا كله مع علمي بما قدموا لهذا الدين من الخدمات الغزيرة وارشاد الناس الى التوحيد الخالص من شوائب الشرك المؤبد في النار وتأسيسهم أسسا قوية لدعوة التوحيد رحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم الله خيرا.
ان من المعلوم ان أكثر كلام الأئمة في أكثر الرواة مؤتلفة متقاربة جرحا كان أو تعديلا ولكن بالنسبة الى بعض الرواة تختلف كلامهم وتتباين أقوالهم وقد تشتد حتى يضعفه بعضهم تضعيفا كليا ويوثقه الباقون توثيقا كليا. ولكن هذه بالمقارنة بجانبه الآخر قليلة – الحمد لله – ومن الرواة المختلف فيهم الامام عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصرى. وقد تربيت منذ علاقتي بهذ العلم من كتب الشيخ ناصر الدين الألباني على أنه من المختلطين وما رواه العبادلة عنه – ستأتي أسمائهم – أعدل من رواية غيرهم لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط. ورأينا الشيخ ناصر الدين الألباني يصحح أحاديثه على هذه القاعدة ويضعفه ولا يلتفت الى طعنات أخرى وجهت نحو ابن لهيعة حتى وقفت على تصحيح الشيخ – رحمه الله - رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة مستدلا بما ذكره الامام أحمد بن حنبل عنه وذكره الذهبي في (السير) وحتى وقفت على تصحيح الشيخ رواية اسحاق بن عيسى الطباع مستدلا بما ذكره الامام عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه (العلل) وتصحيح الشيخ رواية يحي بن اسحاق السيلحيني عنه وحتى وقفت في كتاب (اتحاف النيل) للشيخ مصطفى بن اسماعيل فانه ذكر الاختلاف في ابن لهيعة ملخصا ومما ذكره فيه مسألة " التدليس" فاضطربت فاشتد الحاجة لدي للقيام ببحث مستقل في ترجمته ودراسة رواياته. وقد ذكر الشيخ علي حسن علي عبد الحميد الحلبي تلميذ الشيخ الألباني في كتابه (زهر الروض في حكم صيام السبت في غير الفرض) بأن له كتابا بعنوان " الدلائل الرفيعة فيمن صحت روايتهم عن ابن لهيعة " وكذا ذكر الشيخ ابو الحسن مصطفي ابن اسماعيل في كتابه المذكور آنفا ان الشيخ عقيل بن محمد المقطري قد كتب في دراسة رواياته رسالة مستقلة. أظن أنهما لم تطبعا بعد
. وكذا رأيت الشيخ صالح بن حامد الرفاعي ذكر في رسالته للماجستير كتابين ألفا في المختلطين وهما:
1. الاغتباط بمعرفةمن رمي بالاختلاط للامام برهان الدين ابراهيم محمد سبط بن العجمي.
2. الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الروات الثقات لابي البركات محمد بن أحمد.
وهذان الكتابان لم أحصل عليها حينما شرعت في البحث.) أول شروعي فيه كان في معهد دار التوحيد السلفية وعلقت حلقات في لوحة مجمع الافكار) وتلك لوحة تعلق بالجدار وفيها مقالات للطلبة أسبوعيا ولم تعلق حلقتان من البحث الا وقد بادرت اسرة اللوحة بمنعها وكانت الاسرة مشتملة على ثلاث من الاساتذة - بتبريرات لايعلم مقصودها الا الله –) ثم حصلت عليهما فوجدتهما في مكتبة الشيخ يحيي سلمي بن نوبار –هداني الله وإياه- وهي ان شاء الله حافلة بكتب الجرح والتعديل وغير ذلك من الكتب التي يحتاج اليها العلماء فضلا عن طلبة العلم فقررت ان أقوم ببحث عن عبد الله بن لهيعة قدر استطاعتي وأجمع كلام الأئمة واوفق بين مختلفها على الوجه الصحيح ان بدا لي – ان شاء الله
وقد قسمته الى مقدمة وثلاثة مباحث
المبحث الاول:- ترجمة مختصرة عن الامام ابن لهيعة
المبحث الثاني:- يبحث فيه عن الاسباب التي طعن بها الامام ابن لهيعة وتحقيق الكلام فيها وفيه ثلاثة فصول
الفصل الاول:- الاختلاط
الباب الاول:- التعريف عن الاختلاط
الباب الثاني:- حادثة احتراق داره وكتبه
الفصل الثاني:- سوء الحفظ
الباب الاول:- التعريف عن سوء الحفظ
الباب الثاني:- متابعة مدلس على سيئ الحفظ هل تقوي روايته؟
الباب الثالث:- بيان وجه من جرح ابن لهيعة مطلقا والجواب عليه
الفصل الثالث:- التدليس
الباب الأول:- التعريف عن التدليس وأنواعه
الباب الثاني:- تفصيل كلام ابن حبان في ابن لهيعة
الباب الثالث:- المدلس اذا روى من كتبه هل يدلس؟
المبحث الثالث:- سيكون البحث فيه عن الرواة الذين رووا عنه قبل احتراق الكتب. وفيه فصلان
الفصل الاول:- تحقيق الكلام في قبول رواية العبادلة عن ابن لهيعة
الفصل الثاني:- تحقيق الكلام في رواة آخرين صحت روايتهم عن ابن لهيعة وفيه بابان
الباب الاول:- الكلام فيمن تصح روايتهم عنه بلا نزاع عند من ضعفه بالاختلاط
الباب الثاني:- الكلام فيمن وقع الكلام والنزاع في روايتهم عنه
هذا وأشكر أساتذنا وشيخنا أبا بكر الصديق – حفظه الله مدير معهد دار التوحيد السلفية وأجزم أنني من أكثرالتلاميذ دعاءله. والشيخ كان يحثني على طلب العلم الشرعي بدعائه لي دائما في كل مجلس بالبركة وزيادة العلم وأشهد بأنه من الشيوخ السلفيين. وما أكثر ما قيل فيه من قيل وقال فانه من داءالعضال. ولا حول ولا قوة الا بالله. واما ماكان في هذا البحث من الصواب فمن عند الله والى الله. واما ما يكون فيه من خطأ فمني– والله الموفق.
وكتبه يوم الثلثاء في شهر رجب 1424هـ أبو عبد الله مجاهد بن زرين
أخوكم السريلنكي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 10:08]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فأنا في انتظار بحثك إن شاء الله، ولكني أقترح أن تبدأ بذكر المراجع التي رجعت إليها، لأن الكلام في عبد الله بن لهيعة يطول، جدا في الحقيقة، وقد كتب في ذلك أبحاث كثيرة، فإن وجدت نقصا في كتب الجرح والتعديل، فانظر هنا، ( http://www.pdfbooks.net) لعلك تجدها إن شاء الله
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 12:31]ـ
إلى أخي أبي مريم جزاك الله خيرا
المبحث الاول
) ترجمة مختصرة عن الامام ابن لهيعة (
قد ترجم له الامام ابن سعد في (الطبقات الكبرى 7/ 358) والامام العقيلي في (الضعفاء ص 294) وابن أبي حاتم الرازي في (كتاب الجرح والتعديل 2/ 146) وابن عدي في (الكامل في الضعفاء 4/ 144) والامام ابن حبان في (كتاب الضعفاء المجروحين 2/ 11) وابن خلكان في (وفيات الاعيان 1/ 237) وشمس الدين الذهبي في (تذكرة الحفاظ 1/ 237) وفي (سير أعلام النبلاء 7/ 359) وفي ميزان الاعتدال 2/ 475) وابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب 5/ 327) والسيوطي في (حسن المحاضرة 1/ 301) وغير ذلك من الأئمة.
) اسمه ونسبه ومولده (
هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان الحضرمي الأعدولي أبو عبد الرحمن المصرى القاضي. ولد بمصر سنة ست وتسعين قاله يحي بن بكير وقال ابن سعد وابن يونس سنة سبعين وأبوه لهيعة بن عقبة يكني ابا عكرمة روى عن سفيان بن وهب الخولاني وله صحبة وغيرهم وعنه يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد وهو ضعيف ذكره ابن حبات في (الثقات) قاله ابن حجر وقال أيضا " ......... وقال الازدي حديثه ليس بالقائم وقال ابن القطان" مجهول الحال " (تهذيب التهذيب 8/ 411) وقال الامام الذهبي في (الكاشف 3/ 12) " وثق" مات سنةمائة وقال ابن حجر العسقلاني في (التقريب ص 287) "مستور" وضعفه الالباني في (الضعيفة 3/ 499)
(جده في طلب العلم)
قال الامام ابن حبان باسناده الى بشر بن المنذر قال كان ابن لهيعة يكني أبا خريطة ذاك أنه كانت له خريطة معلقة في عنقه فكان يدور بمصر فكلما قدم قوم كان يدور عليهم فكان اذارأى شيخا له سأله من لقيت وعمن كتبت فاذا وجد عنده شيئا كتب عنه فلذلك كان يكنى به. وقال باسناده الى قتيبة بن سعيد يقول حضرت موت ابن لهيعة فدمعت الليث يقول ما خلف مثله. وقال باسناده الي مالك " ........ فجعل يقول (يعني مالكا) فان ابن لهيعة ليس يذكر الحج فيسبق الى قلبي أنه يريد مشافهة والسماع منه وقد روى عن اثنين وسبعين تابعيا. ولذا أثنى عليه الامامالذهبي في (السير) بما يلي:- " لا ريب ان ابن لهيعة كان علم الديار المصرية هو والليث معا كما كان الامام مالك في ذلك العصر عالم المدينة والاوزاعي عالم الشام"…… ..
) الشيوخ الذين روى عنهم ابن لهيعة ومن رووا عنه كما ذكرهم الامام ابن الحجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب)
روى عن الاعرج وأبي الزبير ويزيد بن ابي حبيب ومشرح بن هاعان وابي قبيل المعافري وابي وهب الجيشاني وجعفر بن ربيعة وحي بن عبد الله المعافري وعبيد الله بن أبي جعفر وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن دينار وكعب بن علقمة وأبي الاسود محمدبن عبد الرحمن بن نوفل وابن المنكدر وموسى بن ورهان وابي يونس مولي ابي هريرة وعبد الله ابن هبيرة وعبد الرحمن بن حيويل وعقيل بن خالد وخلق.
وعنه ابن ابنه أحمدبن عيسي وابن أخيه لهيعة بن عيسي بن لهيعة والثوري وشعبة والاوزاعي وعمروبن الحارث وماتوا قبله والليث بن سعد وهو من أقرانه وابن المبارك وربما نسبه الي جده وابن وهب والوليد بن مسلم وعبد الله بن يزيد المقرئي وأسد بن موسي وأشهب بن عبد العزيز وزيد بن الخباب وأبو الاسود النضر ابن عبد الجبار وبشر بن عمر الزهراني وعيسي بن اسحاق ويحي بن اسحاق السيلحيني وسعيد بن ابي مريم وأبو صالح كاتب الليث وعثمان بن صالح السهمي ويحي بن عبد الله بن بكير وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح بن المهاجر وجماعة "
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قرأ مقدمة التهذيب علم أن الامام ابن حجر العسقلانب لم يلتزم استيعاب جميع الرواة ويري الحافظ أن ذلك شيئ خارج عن مقصود كتب " الجرح والتعديل " ولذا نري أنه كلما ينهي شيوخ راو يقول " وخلق " و"جماعة" و "آخرين" وكذا في التلاميذ وكذا فعل في ابن لهيعة كما تري وأثني عليه كثير من العلماء لسعة علمه وجده في طلبه وتوفي سنة أربع وسبعين ومائة علي الراجح
.
وأكتفي بهذا القدر خشية الاطالة في هذه العجالة
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 12:47]ـ
المبحث الثاني
(البحث عن الاسباب التي طعن بها ابن لهيعة وتحقيق الكلام فيها)
اتفق الائمة على عدالة الامام القاضي عبد الله بن لهيعة وسلامة عقيدته وكان امام عصره بمصر. وكان طلابا للعلم جماعا له وكان من الأئمة الفضلاء. ولكن العدالة وسلامة العقيدة ان لم يقترن بها الضبط التام لاتقبل روايته بل ان اشتدت الاوهام وفحشت تترك عنه الرواية. وكثير من الأئمة الذين شهد لهم الأئمة النقاد بالعلم والفضل وعلو المنزلة ضعفوا من جهة الحفظ كالامام ابي حنيفة النعمان بن ثابت واتفقت الأئمة على سوء حفظه الامن شذ من المتعصبة المتأخرين كالكوثري وقد رد عليه الامام المعلمي ردا شافيا في كتابه (التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل) وكذا امامنا المترجم له قد جرح بثلاثة أوجه:-
الأول:- سوء الحفظ ضعفه به بعض الأئمة معللين له بأنه كان سيئ الحفظ من صغر سنه وأنه لم يعرض له بعد الاحتراق.
الثاني:- التدليس طعن به الامام ابن حبان في كتابه (الضعفاء) بعد سير رواياته وغيرهم من الأئمة المتأخرين.
الثالث:- الاختلاط. في هذه المسألة ثلاث طوائف. طائفة من العلماء قالوا باحتراق كتبه كلها ولم يستثنوا منها شيئا.وطائفة منهم نفوا احتراق كتبه. وطائفة قالوا باحتراق بعض أصوله. وهنا طائفة من العلماء اضطربت أقوالهم تارة قالوا بالاحتراق وتارة نفوه
ومنهم من جرحه بسوء الحفظ والتدليس جميعا. والذين قالوا بتضعيفه باختلاطه اختلفوا في قبول رواية القدامى عنه. منهم من وقف عند العبادلة فقط. ومنهم من توسع وزاد عليهم. فالمسألة اذا شديدة الخلاف. فالترجيح من مثل هذا التلميذ الضعيف صعب ولكني سأجتهد ما استطعت. وما لم يترجح لي أذكر فيه الخلاف فقط وأترك الترجبح لأهله وما توفيقي الا بالله
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:21]ـ
الفصل الأول
(الاختلاط)
الباب الاول:- التعريف عن الاختلاط
الاختلاط لغة:- قال ابن منظور " اختلط فلان أي فسد عقله ورجل خلط بين الخلاطة:- أحمق مخالط العقل. ويقال خولط الرجل فهو مخالط واختلط عقله فهو مختلط اذا تغير عقله " (لسان العرب 7/ 294,295)
الاختلاط اصطلاحا:- قال الامام السخاوى تلميذ الحافظ " وحقيقته فساد العقل وعدم انتظام الاقوال والافعال اما بخرف أو ضرر أو مرض أو عرض من موت ابن وسرقة مال كتب كابن لهيعة أو احتراقها كابن الملقن " (فتح المغيث 3/ 366)
وقد ذكر الامام ابن الصلاح الشهرزوري في كتابه (علوم الحديث) المشهور بمقدمة ابن الصلاح ستة عشر راويا اختلطوا باسباب شتي وذكر في بعضهم بعض من سمع منهم قبل الاختلاط وفي بعضهم بعض من سمع منهم بعد الاختلاط وذكر في آخر هذاالباب:- " ان ما كان من هذا النوع محتجا بروايته في الصحيحين أو احدهما فانا نعرف على الجملة ان ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط والله أعلم " وقد شرح قوله الامام عبد الرحيم بن حسين العراقي شيخ الحافظ فأطال (التقييد والايضاح شرح المقدمة ص 412) وللزيادة من المعلومات إليكم ثلاثة كتب مشهورة
1 - الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث للامام ابن كثير شرحه الامام أحمد محمد شاكر (ص 229)
2 - فتح المغيث شرح ألفية العرافي في الحديث " 3/ 365) للامام السخاوى
3 - تنقيح الانظار مع شرحه توضيح الافكار " (2/ 502) للامام الضعاني
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:24]ـ
الباب الثاني:- حادثة احتراق الكتب
قد أشرت في تمهيدي لهذا المبحث الى اختلاف أقوال الأئمة في هذه المسألة والآن سأنقل كلامهم وأقوالهم فيها ثم أذكر القول الراجح الذي يبدو لي بالمقارنة – ان شاء الله
(1) العلماء الذين قالوا باحتراق كتبه كلها.
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) قال الامام البخارى عن يحي بن بكير " احترقت كتب ابن لهيعة سنة سبعين ومائة " (سير أعلام النبلاء7/ 360 و تهذيب التهذيب 5/ 329 (
(2) قال الامام سعيد بن أبي مريم" ما أقربه قبل الاحتراق ولا بعده " (كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 21/ 146)
(3) قال الامام قتيبة بن سعيد " لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث اليه الليث بن سعد من الغد ألف دينار " (سير أعلام النبلاء 7/ 368)
(4) قال الامام أحمد بن حنبل " احترقت كتب ابن لهيعة ..... " (سوءالات أبي داود السجستاني للامام أحمد رقم256)
(5) قال الامام يحي بن معين " هو ضعيف قبل ان تحترق كتبه وبعد احتراقها " (ميزان الاعتدال للامام الذهبي 2/ 477 (
وقال أيضا يكتب عن ا بن لهيعة ماكان قبل احتراق كتبه) سير أعلام النبلاء 7/ 370 (
(6) قال الامام عبد الرحمن بن يوسف بن خراش " كان يكتب حديثه احترقت كتبه فكان من جاء بشيئ قرأه عليه حتى لو وضع أحد حديثا وجاء به اليه قرأه عليه" (تهذيب التهذيب 5/ 331)
(7) قال الامام ابن حبان" .......... ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين بعد احتراق كتبه فيها مما ليس من حدبثه" (كتاب الضعفاء والمجروحين له (2/ 13)
(8) قال الامام ابن حبان " كان أصحابنا يقول " ان سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح" ............ (كتاب الضعفاء والمجروحين له (2/ 11 (
(9) عمرو بن علي الفلاس " احترقت كتبه فمن كتب عنه قبل ذلك ........ أصح " (كتاب الجرح والتعديل 2/ 147)
(10) قال الامام أبو جعفر الطبري في (تهذيب الآثار " اختلط عقله في آخر عمره " (تهذيب التهذيب5/ 331) يفهم
منه أنه يعني بقوله هذا احتراقه كما هو السبب المشهور. الله أعلم.
(11) قال مسعود عن الحاكم " لم يقصد الكذب وانما حدث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ " (تهذيب التهذيب (5/ 331)
(12) أورده الامام برهان الدين محمد سبط ابن العجمي في كتابه الذي أفرده للمختلطين (نهاية الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط لعللاء الدين علي رضا رقم 58)
(13) وقال الامام ابن حجر العسقلاني " اختلط بعد احتراق كتبه " (تقريب التهذيب (188
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:24]ـ
(2) العلماء الذين نفوا احتراق كتبه أو لم يؤثر عنهم قول فيه
(1) قال الامام سعيد بن أبي مريم " لم تحترق " قاله أبوداود (تهذيب التهذيب 5/ 329 (
(2) قال الامام يحي بن معين " ليس بشيئ " قيل ليحي " فهذا الذي يحكي الناس أنه احترقت كتبه " قال ليس لهذا أصل سألت عنها بمصر " (كلام يحي بن معين ص 97 رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم طهان البادي (
وقال أيضا " ابن لهيعة ليس بشيئ تغير او لم يتغير " (ص 108 (
(3) قال الامام أحمد بن صالح لما ذكره يعقوب سماع القديم والحديث " كان ابن لهيعةطلابا للعلم صحيح الكتاب" وقال أيضا ليس من هذا شيئ) " ... …ميزان الاعتدال 2/ 477 وتهذيب التهذيب 5/ 330 (
(4) قال يحي بن حسان سمعت ابي يقول " ما رأيت احفظ من ابن لهيعة بعد هشيم قلت له " ان الناس يقولون احترقت كتب ابن لهيعة فقال " ماغاب له كتاب" (كتاب الجرح والتعديل 2/ 148)
(5) قال الامام ابو زرعة " سماع الاوائل والاواخر منه سواء الا ان ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله وليس ممن يحتج به " (ميزان الاعتدال 2/ 477)
(6) وقال الامام عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي قلت لأبي " اذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال لا " (كتاب الجرح والتعديل 2/ 148)
(7) قال الامام ابن سعد " أما اهل مصر فيذكرونه انه لم يختلط لكنه كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه " (الطبقات الكبري 7/ 358 له)
(8) أورد الامام عمر بن أحمد بن شاهين قول يحي بن معين بنفي الاحتراق ساكتا عليه (تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين لابن شاهين رقم 332)
جميع من نفوا احتراق كتبه ضعفوه الا الامام أحمد بن صالح وابو يحي حسان فانهما وثقاه مطلقا كما يبدو من أقوالهما ولكنهما ضعفاه من جهة أخرى فسيأتي في مكانه - ان شاء الله وابن شاهين ضعفه مطلقا كما هنا حيث أورده في كتابه الخاص للضعفاء ولكنه وثقه مطلقا في كتاب آخر - فسيأتي في مكانه ان شاء الله
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:25]ـ
(3) العلماء الذين قالوا باحتراق بعض كتبه
(1) قال عثمان بن صالح " ما احترقت كتبه ما كتبت من كتاب عمارةبن غزية الا من أصل ابن لهيعة بعد احتراق داره غير ان بعض ما كان يقرأ منه احترق ولا أعلم أحدا بسبب علة ابن لهيعة مني. أقبلت انا وعثمان بن عتيق بعد الجمعة فوافينا ابن لهيعة أمامنا على حمار فأفلج وسقط فبدر ابن عتيق اليه فأجلسه وصرنا به الى منزله وكان ذلك أول سبب علته " (رواها العقيلي عن ابنه يحي بن عثمان في الضعفاء 2/ 695)
(2) قال اسحاق بن عيسى الطباع " ما احترقت أصوله انما احترق بعض ما كان يقرأ منه يريد ما نسخ منها " (سير أعلام النبلاء 7/ 367)
(3) قال الامام الذهبي " والظاهر أنه لم يحترق الا بعض أصوله " (سير أعلام النبلاء 7/ 368)
يتبين من قول يحي بن بكير واسحاق بن عيسى الطباع أن حادثة احتراق الدار قد وقع في سنة تسع وستين او سبعين – على تقدير وقوعه– الآن بعد سرد هذه الاقوال تتبين المسألة بأجوبة على أربعةأسئلة آتية
1. هل قصة احتراق دارابن لهيعة صحيحة؟
2. اذا كانت صحيحة هل تعرضت له كتبه؟
3. اذا كانت تعرضت للاحتراق هل احترقت كله أو البعض منها احترقت؟
4. هل من الصحيح قول من قال " لم تحترق أصوله انما احترقت بعض ما كان يقرأ عليه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:26]ـ
والذى يترجح عندى – والله أعلم – أن حادثة احتراق الدار صحيحة. لأن يحي بن بكير والليث بن سعد وعثمان بن صالح سعيد بن ابي مريم وقتيبة بن سعيد وهم معاصروه وبلديوه ورووا عنه قد أثبتوا احتراق الدار في الجملة. وسعيد بن ابي مريم قال بنفيه أيضا ولكن حين نجمع بين قوليه يمكن ان يقال " انه قال باثباته بعد ان كان لم يعرفه فنفاه " وكذا اثبت احتراق الدار اسحاق بن عيسى الطباع وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش ويحي بن معين وعمرو بن علي الفلاس وهم وان لم يكونوا بلدييه ولكنهم عاصروه واسحاق قد روى عنه قد أثبتوا الحادثة فلا شك في صحة الحادثة. ويحي بن معين قال بنفيه أيضا كسعيد بن ابي مريم فيقال فيه ماقيل في سعيد هؤلاء تسعة من الائمة. واما الذين نفوه من أهل بلده في قائمتنا التي قدمناها آنفا فهم أحمد بن صالح وهو بلديه ومعاصره وابو يحي حسان بصري عاصره ولقيه وقد يكون آخرون كما يقول الامام ابن سعد ويحي بن معين في أحد قوليه المتقدمين. وجوابنا على ذلك أن تسعة من الأئمة ومنهم خمسة بلديوه قد أثبتوا حادثة الاحتراق في الجملة والمثبت ممقدم علي النافي ومن علم حجة على من لم يعلم واذا تحرر لنا هذا فلنعد الي السؤال الثاني ولنجب عليه فأقول ان الأئمة يحي بن بكير والليث بن سعد وسعيد بن ابي مريم وقتيبة بن سعيد صرحوا باحتراق كتب ابن لهيعة وهم بلديوه معاصروه الذين رووا عنده وعثمان بن صالح وهو بلديه وروى عنه كما تقدم نفي احتراق الاصول وقال باحتراق بعض ماكان يقرء عليه وأثبته بقوله " ما كتبت من كتاب عبارة بن غزية الا من اصل ابن لهيعة بعد احتراق داره غير ان بعض ما كان يقرأ منه احترق ..... " وفي (الضعفاء) للعقيلي قال " معاذ الله أن يكون شيئ من ذلك ..... " والراجح أن معظم كتب ابن لهيعة أصولا كانت او فروعا احترقت وقد يكون بعض الاصول لم تتعرض للاحتراق مثل ما قال عثمان بن صالح. وبه نوفق بين الاقوال ولا ندعه بين الاشكال ونسلم من الاعتراض – ان شاء الله - وبه كنا قد أجبنا علي جميع الاسئلة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وأما أحمد بن صالح فيرى الاضطرابات والاوهام التي انتقد بها الامام ابن لهيعة من قبل الرواة عنه فقال "كنت أكتب حديث أبي الاسود في الرق ما أحسن حديثه عن ابن لهيعة قال (هو يعقوب بن سفيان الراوى عنه) فقلت له " ويقولون سماع قدسم وحديث فقال ليس من هذا شيئ ابن لهيعة صحيح الكتاب وانما كان أخرج كتبه فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه املاء فمن ضبط كان حديثه حسنا الا أنه كان يحضر من لا يحسن ولا يضبط ولا يصحح ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا ولم ير له كتاب وكان من اراد السماع منه استنسخ ممن كتب عنه وجاءه فقرأه عليه فمن كتب من نسخة صحيحة فحديثه صحيح ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير وكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فانه سمع من عطاءوروى عن رجل عن عطاء وعن رجلين عن عطاء وعن ثلاثة عن عطاء فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء " (تهذيب التهذيب5/ 330)
اذا فقبول رواية ابن لهيعة وردها عنده باعتبار الرواة عنه ولذا استحسن حديث أبي الاسود النضربن عبد الجبار عنه لانه كان يتثبت في روايته عنه - كما سيأتي – ان شاء الله في موضعه فلا تعارض اذابين من قال بالاختلاط وبين أحمد بن صالح وكل ذلك راجع في قبول الرواية وردها اإلى اعتبار الرواة عنه والحمد لله
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 01:27]ـ
الفصل الأول
(الاختلاط)
الباب الاول:- التعريف عن الاختلاط
الاختلاط لغة:- قال ابن منظور " اختلط فلان أي فسد عقله ورجل خلط بين الخلاطة:- أحمق مخالط العقل. ويقال خولط الرجل فهو مخالط واختلط عقله فهو مختلط اذا تغير عقله " (لسان العرب 7/ 294,295)
الاختلاط اصطلاحا:- قال الامام السخاوى تلميذ الحافظ " وحقيقته فساد العقل وعدم انتظام الاقوال والافعال اما بخرف أو ضرر أو مرض أو عرض من موت ابن وسرقة مال كتب كابن لهيعة أو احتراقها كابن الملقن " (فتح المغيث 3/ 366)
وقد ذكر الامام ابن الصلاح الشهرزوري في كتابه (علوم الحديث) المشهور بمقدمة ابن الصلاح ستة عشر راويا اختلطوا باسباب شتي وذكر في بعضهم بعض من سمع منهم قبل الاختلاط وفي بعضهم بعض من سمع منهم بعد الاختلاط وذكر في آخر هذاالباب:- " ان ما كان من هذا النوع محتجا بروايته في الصحيحين أو احدهما فانا نعرف على الجملة ان ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط والله أعلم " وقد شرح قوله الامام عبد الرحيم بن حسين العراقي شيخ الحافظ فأطال (التقييد والايضاح شرح المقدمة ص 412) وللزيادة من المعلومات إليكم ثلاثة كتب مشهورة
1 - الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث للامام ابن كثير شرحه الامام أحمد محمد شاكر (ص 229)
2 - فتح المغيث شرح ألفية العرافي في الحديث " 3/ 365) للامام السخاوى
3 - تنقيح الانظار مع شرحه توضيح الافكار " (2/ 502) للامام الضعاني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[24 - May-2008, صباحاً 06:45]ـ
جزاك الله خيرا وأين أنت يا أخي أبا مريم
ـ[أبو مريم هشام بن محمدفتحي]ــــــــ[24 - May-2008, صباحاً 11:55]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فجزاك الله تعالى كل خير، ولعل للخلاف في حادثة الاحتراق تفسير آخر.
والذى يترجح عندى – والله أعلم – أن حادثة احتراق الدار صحيحة. لأن يحي بن بكير والليث بن سعد وعثمان بن صالح سعيد بن ابي مريم وقتيبة بن سعيد وهم معاصروه وبلديوه ورووا عنه قد أثبتوا احتراق الدار في الجملة. وسعيد بن ابي مريم قال بنفيه أيضا ولكن حين نجمع بين قوليه يمكن ان يقال " انه قال باثباته بعد ان كان لم يعرفه فنفاه " وكذا اثبت احتراق الدار اسحاق بن عيسى الطباع وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش ويحي بن معين وعمرو بن علي الفلاس وهم وان لم يكونوا بلدييه ولكنهم عاصروه واسحاق قد روى عنه قد أثبتوا الحادثة فلا شك في صحة الحادثة. ويحي بن معين قال بنفيه أيضا كسعيد بن ابي مريم فيقال فيه ماقيل في سعيد هؤلاء تسعة من الائمة. واما الذين نفوه من أهل بلده في قائمتنا التي قدمناها آنفا فهم أحمد بن صالح وهو بلديه ومعاصره وابو يحي حسان بصري عاصره ولقيه وقد يكون آخرون كما يقول الامام ابن سعد ويحي بن معين في أحد قوليه المتقدمين. وجوابنا على ذلك أن تسعة من الأئمة ومنهم خمسة بلديوه قد أثبتوا حادثة الاحتراق في الجملة والمثبت ممقدم علي النافي ومن علم حجة على من لم يعلم واذا تحرر لنا هذا فلنعد الي السؤال الثاني
فأما حادثة الاحتراق، فالله تعالى أعلم أتصح أم لا،
قال البرذعي (سؤالات البرذعي لأبي زرعة، ج2/ص479، 1426هـ ط الجامعة الإسلامية)
وقال لي أبو زرعة: قال يحيى - يعني ابن بكير - احترق حصن لابن لهيعة، فبعث إليه الليث بمائة دينار، وأنكر يحيى أن يكون احترق كتب لابن لهيعة.
قال أبو زرعة: لم تحترق كتبه، ولكن كان رديء الحفظ
وقال الآجري:
1512 - سمعت أبا داود يقول: قال ابن أبي مريم: لم تحترق كتب ابن لهيعة، ولا كتاب، إنما أرادوا أن يرققوا عليه أمير مصر، فأرسل إليه أمير مصر بخمسمائة دينار (ج2، بتحقيق البستوي)
(سؤالات الآجري أبا داود،)
فالظاهر أن أمرا ما حدث، فأحاط قوم بحقيقته ولم يحط به آخرون، فهذا تفسير آخر للاختلاف في حادثة الاحتراق، ومن الممكن أن يكون احترق الحصن دون الكتب، فلعلها كانت في مكان آخر،
وعلى كل حال، بالنظر إلى ما يلي:
المعرفة والتاريخ للفسوي
(2/ 184 و2/ 185، و2/ 435، و2/ 436)
(2/ 192 و 2/ 434 و)
يبدو أن ابن لهيعة كان يحدث من كتابه أول أمره، ثم لم يخرج كتبه بعد، فسواء احترقت كتبه أو لم تحترق، فالظاهر أنه لا يعتد ولا يعتبر، إلا بحديث من سمعه يحدث من كتابه، أو صحح كتابه على كتبهم،
وهؤلاء هم العبادلة الثلاثة،
والله تعالى أعلم،
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 07:14]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله كل خيرا على ما قدمت وأرجو منك المواصلة والتعليق بارك الله في وفيك
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 08:38]ـ
واصل يا أخي بارك الله فيك.
ـ[محمّد الأمين]ــــــــ[30 - May-2008, صباحاً 12:24]ـ
السلام عليكم
كيف تقول: "اتفق الائمة على عدالة الامام القاضي عبد الله بن لهيعة وسلامة عقيدته "؟ كان ابن لهيعة غاليا في التشيع ضعيف العقل. راجع ترجمته في الكامل وفقك الله.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[08 - Jun-2008, صباحاً 10:45]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهلا أتيتم بالنص المصرح لتشيعه من الكامل بارك الله فيكم وقد قرأت فلم تقع عيني على شيئ يدلني عليه
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[08 - Jun-2008, مساء 03:17]ـ
جزاكم الله خيرًا أخي الكريم / مجاهد، وبارك الله فيك على هذا البحث النافع.
وهناك رسالةٌ للشيخ عصام بن مرعي - رحمه الله - بعنوان: " النُّكَتُ الرفيعةُ في الفَصْل في ابنِ لَهِيعةَ "، وقد ذهب إلى أنه لم تحترق كتبه، وأنَّ ضعفه مُرتكِزٌ فيه بدايةً، وليس بسبب اختلاط أو احتراق، أو غير ذلك.
والله أعلم.
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[08 - Jun-2008, مساء 09:30]ـ
أخي رمضان: أين أجد هذه الرسالة النافعة.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 10:35]ـ
.
الفصل الثاني
(يُتْبَعُ)
(/)
(سوء الحفظ (
قد تقدم أن ابن لهيعة ساء حفظه بعد احتراق كتبه. وهذا الفصل أفرده لاثبات شيئ من الاضطراب اليسير الذي كان بعتريه في بعض الاحيان وانحط به عن رتبة الصحة ونزل الى درجة الحسن وللرد على من قال بتضعيفه مطلقا.
الباب الاول:- التعريف عن سيئ الحفظ
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني " وهي عبارة عن الا يكون غلطه أقل من اصابته " وقال في تعريف سيئ الحفظ " والمراد به من لم يرجح جانب اصابته علي جانب خطئه (نزهة النظر ص 68)
ثم قال الحافظ: - وهو علي قسمين
(1) ان كان لازما للراوى في جميع حالاته فهو الشاذ على رأي بعض أهل الحديث
(2) أو ان كان سوء الحفظ طارئا علي الراوي اما لكبره او لذهاب بصره او لاحتراق كتبه اوعدمها بأن كان يعتمدها فرجع الي حفظه فساء فهذا هو المختلط. (نزهة النظر ص 85)
فسوء الحفظ لازم وطارء وذو اللازم هو الذى يقال له سيئ الحفظ في الاصطلاح وذوالطارئ هو الذى يقال له في الاصطلاح مختلط قال بكليهما بعض من العلماء في ابن لهيعة وبعض أهل مصر من تلاميذه أثبت لاختلاطه ولاضطرابه أسبابا أخرى غير احتراق كتبه كما تقدم
.
الباب الثاني:متابعة مدلس علي سيئ الحفظ هل تقوي روايته؟ قال الحافظ: ومتى توبع السيئ الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لادونه وكذا المختلط الذي لم يعتبر والمستور والاسناد المرسل وكذا المدلس اذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسنا لالذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع لان كل واحد منهم احتمال كون روايته صوابا او غير صواب علي حد سواء "
قوله وكذا المدلس اذالم يعرف المحذوف منه يدل علي بصيرته في النقد. لان معناه أما اذاعرف مخرجه أو احتمل فلا يقبل ولا يرتقي الي درجة الحسن. ونذكر لها مثالا من الامام ابن حجر نفسه. قال تخت حديث " أيما رجل نكح امرئة فدخل بهافلا يحل له نكاح ابنتها ان لم بكن دخل بها فلينكح ابنتها ...... " الحديث الذى أورده الزمخشرى في تفسيره (الكشاف) فقال: " وأخرجه أبو يعلي والبيهقي من طريق ابن المبارك عن المثني عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده رفعه والمثني ضعيف لكن رواه الترمذى والبيهقي أيضا من طريق ابن لهيعة عن عمروبه قال: لا يصح وانما يرويه المثني وابن لهيعة وهما ضعيفان. انتهي ويشبه ان يكون ابن لهيعة أخذه عن المثني ثم أسقطه لأن ابا حاتم قال لم يسمع ابن لهيعة من عمروبن شعيب شيئا فلهذا لم يرتق هذا الحديث الي درجة الحسن " (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف الذى طبع بذيل تفسير الكشاف 1/ 495 له
فابن لهيعة أسقطه لأنه مدلس علي رأي بعض العلماء. سيأتي البحث عن ذلك في الفصل الآتي. أوسقط منه لاختلاطه وسوء حفظه. الله أعلم. فيقول الشيخ أبو الحسن مصطفي بن اسماعيل لما سئل عما نحن في صدده فأجاب:- " فرق بين كون الحديث روي من طريقين مختلفين في أحدهما رجل سيئ الحفظ وفي الآخر عنعنة مدلس. وبين كون الضعيف هذا والمدلس روياه عن شيخ واحد ففي الحالة الاولي يحسن الحديث بخلاف الحالة الثانية لأننا نخاف من المدلس فلربما أنه أخذه عن هذاالضعيف ثم أسقط الضعيف ودلسه فتكون الروايتان من طريق هذاالضعيف فلا يحسن الحديث الا اذا علمنا أن هذا المدلس لم يروقط عن هذا الضعيف فحينذاك يستشهد به وقد صرح بذلك الشيخ الالباني. حفظه الله. كما في (تمام المنة ص 82) و (الضعيفة3/ 145) ولم أستفد هذه الفائدة النفيسة الا منه حفظه الله تعالي " (اتحاف النبيل 1/ 177 له) فظهر بهذا التحرير أن متابعة المدلس علي سيئ الحفظ لاتقبل الا اذا كان الاسناد من طريقين مختلفين. الله أعلم.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 10:36]ـ
الباب الثالث:- وجه من ضعف ابن لهيعة مطلقا والجواب عليه.
قبل ان أشرع في تحرير الموضوع أقول ان توجيه أقوال العلماء المختلفة الي وجه يوافق عليه لازم ان يكون مجردا عن الهوى والعصبية وان يكون رائده طلب الحق وتحرير الحق فلا يذهب مع الهوى ملقيا أصول الأئمة التي رسموها لمثل هذه المتعارضات وراء ظهره فيقول ممن قال فيهم النبي صلي الله عليه وسلم " تنحارى بهم الاهواء كما تتجارى الكلب علي صاحبها " أو كما قال صلي الله عليه وسلم اللهم اهدنا صراطك السوى المستقيم.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 10:37]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
انا اذا تاملناأقوال العلماء وموقفهم من اضطراب ابن لهيعة في روايته نراهم طائفتين
الطائفة الاولي:- ضعفوه مطلقا ولم يفرقوا بين القديم والحديث لما رأوا من اضطراب ابن لهيعة من اول أمره ومنهم من أثبت احتراق الكتب ومنهم من نفوه.
الطائفة الثانية ضعفوه بعد اختلاطه وقبلوا ما كان قبل اختلاطه. منهم من راى احتراق كتبه سببا لاختلاطه ومنهم من راى أسبابا أخرى. سأورد الآن أقوالهم ثم أرجح ما اراه صوابا. ان شاء الله –
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 10:39]ـ
(1) العلماء الذين ضعفوه مطلقا:-
(1) قال الامام البخارى عن الحميدي " كان يحي ابن سعيد لايراه شيئا) " الضعفاء الصغير رقم 190 (
(2) قال الامام يحي ابن معين " ليس بشيئ " قيل ليحي " فهذ الذى يحكي الناس أنه احترقت كتبه قال " ليس لهذا أصل سألت عنها بمصر " (كلام يحي ابن معين في الجرح والتعديل رواية أبي خالد الدقاق يزيدبن الهيثم طهمان البادى ص 97)
وقال أيضا " ابن لهيعة ضعيف الحديث " (تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي عن يحي ابن معين ص 153)
وقال ايضا " أنكر أهل مصر احتراق كتبه والسماع منه وأخذ القديم والحديث وهو ضعيف قبل احتراق كتبه وبعد احتراقها " (كتاب الضعفاء والمتروكين للامام ابن الجوزى 3/ 136,137)
(3) وقال الامام سعيد بن ابي مريم " لا أقربه قبل الاحتراق ولا بعده " (الجرح والتعديل 5/ 146)
(4) وقال الامام أبو زرعة الرازى " سماع الاوائل والاواخر منه سواء الا ان ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله وليس ممن يحتج به " (ميزان الاعتدال 2/ 477)
(5) وقال عبد الرحمن ابن أبي حاتم قلت لأبي " اذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال: لا (كتاب الجرح والتعديل لابن ابي حاتم 5/ 148)
(6) وقال الامام ابن عدى بعد ان ذكر جزء من أحاديثه " وهذا الذى ذكرت لابن لهيعة من حديثه وبينت جزءا من أجزاء كثيرة مما يرويه ابن لهيعة عن مشايخه وحديثه حسن كأنه يستبان عن من روى عنه وهو ممن يكتب حديثه " (الكامل في الضعفاء لابن عدىة 4/ 154)
(7) وقال الامام مسلم " تركه ابن مهدى ويحي ابن سعيد ووكيع " (تهذيب التهذيب 5/ 331 (
(8) وقال الامام الجوزجاني " لا يوقف علي حديثه ولا ينبغي ان يحتج به ولا يغتر بروايته " (أحوال الرجال للجوزجاني رقم 274 (
(9) وأورد الامام ابن الجوزى في كتابه الخاص للضعفاء (كتاب الضعفاء والمتروكين 2/ 227 (
(10) الامام الدار قطني قال " يعتبر بما يروى عنه العبادلة ابن المبارك والمقرئ وابن وهب " (كتاب الضعفاء والمتروكين له رقم 322)
(11) وقال الامام النسائي " ضعيف " (كتاب الضعفاء للامام النسائي والمتروكين رقم346)
(12) وقال الامام برهان الدين محمد سبط ابن العجمي " والعمل علي تضعيف حديثه والله أعلم " (نهاية الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط رقم 58 لعلاء الدين علي رضا)
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 10:40]ـ
(2) العلماء الذين فرقوا بين قديم سماعه وبين حديثه:-
(1) قال الامام أحمد بن حنبل" من سمع من ابن لهيعة قديما فسماعه صحيح) " المجروحين لابن حبان 2/ 13)
(2) قال عمروبن علي الفلاس " من كتب عنه قبل احتراق كتبه مثل الامام ابن المبارك والمقرئ فسماعه أصح " (كتاب الجرح والتعديل 5 - 147)
(3) قال الامام ابن حبان كان أصحابنا يقولون " ان سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبارلة فسماعهم صحيح ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيئ " (كتاب الضعفاء 1/ 11)
(4) قال الامام نعيم بن حماد " سمعت ابن مهدى يقول لا أعتد بشيئ سمعته من حديث ابن لهيعة الا سماع ابن المبارك ونحوه " (تهذيب التهذيب 5/ 328 ميزان الاعتدال 2/ 476)
(5) قال الامام ابن حبان " فوجب التنكب عن رواية المتقدمين ........ ورحب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين بعد احتراق كتبه مما ليس من حديثه " (كتاب الضعفاء 2/ 13)
(6) عثمان بن صالح وقد تقدم النقل عنه (ميزان الاعتدال 2/ 476)
(7) وقال قتيبة بن سعيد " كان رشدين وابن لهيعة لايباليان ما دفع اليهما فيقرآنه" (التاريخ الاوسط للامام البخارى 2/ 175) وقال أيضا " كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة الا من كتب ابن أخيه أو كتب ابن وهب الا حديث الاعرج " (تهذيب التهذيب 5/ 329)
(يُتْبَعُ)
(/)
(8) قال الامام الذهبي " أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته وأخرج له أبوداوود والترمذى والقزريني وما رواه عنه ابن وهب والمقرئ والقدماء أجود " (سير أعلام النبلاء 7/ 360)
(9) وقال الامام ابن حجر العسقلاني " خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما وله في مسلم بعض شيئ مقرون مات سنة أربع وسبعين وقد كان على الثمانين" (تقريب التهذيب ص 186)
وغيرهم من الائمة ذهبوا الي التفريق بين روايته فالصواب قبول ما كان قبل الاختلاط وترك الاحتجاج بما كان بعده. فالجواب علي الذين ذهبوا الي تضعيفه مطلقا: - أرى – الله أعلم – ان السبب الذى أتى بهؤلاء الائمة الي تضعيفه مطلقا سواء كان الي حد الترك او الي مرتبة الاستشهاد. الاضطراب الذي كان يعتري ابن لهيعة في بعض الاحيان لأنه قد وجد شيئ من ذلك حتى في رواية العبادلة عنه مثلا:- قال الشيخ الالباني في (سلسلة الاحاديث الضعيفة رقم 838) تحت الحديث المشار اليه بالرقم الذي اختلف فيه الرواة عن ابن لهيعة علي وجوه:- بعضهم روى عنه مسمين تابعي الحديث بعبد الله بن أبي رافع
وبعضهم روى عنه مسمين تابعي الحديث بعبد الله بن رافع فسموا أباه هكذا. وبعضهم روى عنه وسموه بعبد الله ولم يذكر أباه وتارة رفعوه عنه وتارة أوقفوه
ومن الرواة عنه عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وهما من العبادلة فقال الشيخ " ولعل هذا الاضطراب من الرواة عن ابن لهيعة لا منه لأننا نقول هذا مردود لأنهم جميعا ثقات وفيهم عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وهما ممن سمعا من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه فذلك يدل علي ان الاضطراب منه وأنه قديم لم يعرض له بعد احتراق الكتب "
وقد كنت كتبت تحت قول الشيخ هذا قبل ثلاث سنوات أثناء قرائتي لهابما يلي " ففي نفسي سؤال أليس من الممكن أن يقال " انما الاضطراب في هذه الروايات اذا جمعناها أما اذا جردنا رواية عبد الله بن وهب وابن المبارك عن الاخرى عن ابن لهيعة فليس فيها اضطراب لأن الاول نسب والآخر لم ينسب وليس الا هو فذلك لا يدل على الاضطراب ان شاء الله ان كان كذلك فمن الامكان ترجيح روايتهما علي رواية الاخرين لأنهم سمعوا منه بعد اختلاطه. فبهذا فلا يكون هذا دليلا على قدم اضطرابه. وكذلك لم يظهر لي مراد الشيخ الالباني بقوله " أنه قديم لم يعرض له بعد احتراق الكتب " هل يعني به قديم ضعفه أم هو أمر آخر؟ " فان كان الاول فما قيمة تصحيح أحاديثه التي روتها العبادلة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط. وهذا لاأظن بالشيخ. وان كان غير ذلك فلا أعلم ما هو؟ وان كان هذا السؤال واردا من قلة علمي وجهلي بهذا العلم وحداثتي أسأل الله ان يغفرلي وان يهديني الي طريق الحق الله أعلم " انتهي
ولكني لما وقفت علي بعض الاضطرابات الاخرى الواقعة في رواية العبادلة تيقنت أنه كان شيئ من ذلك قبل احتراق كتبه ولكنها تنغمر في سعة ما روى ولا يسقطه عن درجة الاحنجاج به ولو في رتبة الحسن لأن الامام أحمد بن حنبل قال فيه " من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثير حديثه وضبطه واتقانه " (كتاب بحر الدم فيمن تكلم فيه الامام أحمد بمدح أوذم رقم 550)
وقال فيه أحمد بن صالح " كان صحيح الكتاب طلابا للعلم" (تقدم) وقال زيد بن الحباب سمعت سفيان يقول " كان عند ابن لهيعة الاصول وعندنا الفروع " وقال أبو يحي حسان " ما رأيت أحفظ من ابن لهيعة بعد هشيم " فلا ينبغي اهداره وياترى فانظر كيف جمع الامام ابن حجر بين أقوال الأئمة المختلفة رحمه الله فقال:- " صدوق من السابعة خلطه بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما " (تقريب ص186 (
فلم يرفعه الي حيز التصحيح ولم يحطه حتي يسقطه عن الاحتجاج به فقال صدوق فصرح بأن رواية العبادلة عنه حسنة. الله أعلم
ونحن الآن قد حصلنا على نتيجتين الاولى:- أن معظم أصول ابن لهيعة قد احترقت الثانية:- أن ما كان من أحاديثه قبل اختلاطه يحسن ولا يصحح والآن بقي مسألة التدليس واذا ثبت التدليس فيه فلا يحسن حديثه حتي يصرح بالتحديث ولنبحث عنه في الفصل الآتي:-
ـ[أحمد أبو الغيث]ــــــــ[10 - Jun-2008, مساء 07:43]ـ
فسوء الحفظ لازم وطارء وذو اللازم هو الذى يقال له سيئ الحفظ في الاصطلاح.
كلام غير دقيق.
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[12 - Jun-2008, مساء 10:02]ـ
السلام عليكم
أي خطأ فيها من ناحية القواعد النحوية أم ماذا تعني؟
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - Jun-2008, مساء 12:03]ـ
أين أنتم يا إخواني؟
ـ[حسن مظفر الرزو]ــــــــ[07 - Aug-2008, مساء 04:52]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل
لقد قمت بتأليف كتاب عن عبد الله بن لهيعة والموازنة بين مروياته نشر في مكتبة الجيل ببيروت عام 1995. وقد درست المحدث المذكور وفق معايير الجرح والتعديل ثم أردفتها بدراسة نقدية لمروياته ...
يمكنكم مراجعة الكتاب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمّد الأمين]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 10:19]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهلا أتيتم بالنص المصرح لتشيعه من الكامل بارك الله فيكم وقد قرأت فلم تقع عيني على شيئ يدلني عليه
الكامل في ضعفاء الرجال - (ج 2 / ص 450)
قال بن عدي وهذا هو حديث منكر ولعل البلاء فيه من بن لهيعة فإنه شديد الإفراط في التشيع وقد تكلم فيه الأئمة ونسبوه إلى الضعف(/)
هل يدل الحديث التالي على ما يلي؟
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[14 - May-2008, صباحاً 09:06]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
الاخوة الأفاضل هل يدل الحديث التالي على أن من باع داره فاشتري سيارة فارهة مثلا فإنها بذلك لن تكون مباركة، لأن البائع لم يجعل المال في بيت آخر؟
سمعت من قال هذا الكلام فهل هذا صحيح؟
سنن ابن ماجة:
بَاب مَنْ بَاعَ عَقَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ
2481 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا فَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ كَانَ قَمِنًا أَنْ لَا يُبَارَكَ فِيهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنِي إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَخِيهِ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
2482 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ دَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا.
مسند الإمام أحمد:
15281 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَاعَ عَقَارًا كَانَ قَمِنًا أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ.
17990 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ أَخٍ لِعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا فَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهِ كَانَ قَمِنًا أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ.
19151 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ الْحَيِّ
أَنَّ يَعْلَي بْنَ سُهَيْلٍ مَرَّ بِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَقَالَ لَهُ يَا يَعْلَي أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ بِعْتَ دَارَكَ بِمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ بَلَى قَدْ بِعْتُهَا بِمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَاعَ عُقْدَةَ مَالٍ سَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا تَالِفًا يُتْلِفُهَا.
السنن الكبرى للبيهقي:
باب ما جاء في بيع العقار (أخبرنا) أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز ثنا يحيى بن جعفر ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن يزيد بن أبى خالد عن ابى عبيدة عن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من باع دارا ولم يشتر بثمنها دارا لم يبارك له فيها اوفى شئ من ثمنها - (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفى ثنا محمد بن موسى بن حاتم ثنا على بن الحسن بن شقيق ثنا أبو حمزة عن عبد الملك بن عمير عن عمر بن حريث عن اخيه سعيد بن حريث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من باع دارا أو عقارا فلم يجعل ثمنه في مثلها لم يبارك له فيها - (وأخبرنا) أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد اباذى ثنا العباس بن محمد الدوري ثنا عبيدالله بن عبد المجيد الحنفي ثنا اسمعيل بن
(يُتْبَعُ)
(/)
ابراهيم بن مهاجر حدثنى عبدالمك بن عمير عن عمرو بن حريث عن اخيه سعيد بن حريث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من باع دارا أو عقارا فليعلم انه قمن ان لا يبارك له فيه الا ان يجعله في مثله - (أخبرنا) أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكرى ببغداد أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ثنا جعفر بن محمد بن الازهر ثنا المفضل بن غسان الغلابى حدثنى شيخ من بنى تميم ان ابن عيينة قال في تفسير هذا الحديث من باع دارا ولم يشتر من ثمنها دارا لم يبارك له في ثمنها - قال سفيان ان الله يقول (وبارك فيها وقدر فيها اقوتها) يقول فلما خرج من البركة ثم لم يعدها في مثلها لم يبارك له.
المعجم الكبير، للطبراني:
5393 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إِبْرَاهِيمَ بن الْمُهَاجِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بن عُمَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بن حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي سَعِيدُ بن حُرَيْثٍ، وَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ نِعْمَ الأَخُ، فَكُنْتُ أَهْوَى الْكُوفَةَ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي بَيْعِ الدَّارِ، فَأَذِنَ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ لِي: يَا أَخِي، أَمْسِكْ يَدَكَ عَنْ ثَمَنِ هَذِهِ الدَّارِ، وَلا تُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَنْتَ تَسْتَطِيعُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَنْ بَاعَ مِنْكُمْ دَارًا أَوْ عَقَارًا، فَمَا يُبَارَكُ لَهُ فِيهِ إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مِثْلِهِ، فَصَدَّقْتُ أَخِي بِقَوْلِهِ، وَالْتَمَسْتُ الْبَرَكَةَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْتَعْتُ بَعْضَ دَارِنَا هَذِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَأعْقَبَنَا اللَّهُ بِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ.
سَعِيدُ بن يَرْبُوعٍ الصُّرْمُ الْمَخْزُومِيُّ
كَانَ يَنْزِلُ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ سَعِيدُ بن يَرْبُوعِ بن عَنْكَثَةَ بن عَامِرِ بن مَخْزُومٍ. وَأُمُّهُ هِنْدُ بنتُ رَبَابِ بن سَهْمٍ.
سنن الدارمي:
2681 - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ - قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ عَنْ أَخِيهِ سَعِيدِ بْنِ حُرَيْثٍ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ بَاعَ مِنْكُمْ دَاراً أَوْ عَقَاراً قَمِنٌ أَنْ لاَ يُبَارَكَ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِى مِثْلِهِ».
وورد في مشكل الآثار للطحاوي:
3323 - وكما حدثنا فهد، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، عن عبد الملك بن عمير، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن حريث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من باع دارا أو عقارا، ثم لم يجعل ثمنه في مثله، لم يبارك له فيه» مما قد كان ابن عيينة انتزع فيه أنه وجد الله عز وجل يقول: وبارك فيها وقدر فيها أقواتها (1) يعني الأرض، فكان من باع دارا أو عقارا، فقد باع ما بارك الله عز وجل فيه، فعاقبه بأن جعل ما استبدله به، يعني من ما سواه من الآدر والعمارات غير مبارك له فيه، والله عز وجل نسأله التوفيق.
ورد في حاشية السندي على ابن ماجة:
2481 - قَوْله (فَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي مِثْله)
أَيْ مَنْ بَاعَ دَارًا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مِثْلهَا أَيْ دَارًا أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ دَارًا بَعْدَ أَنْ بَاعَ دَاره كَانَ حَقِيقًا أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَقَوْله قَمِنًا أَيْ جَدِيرًا وَخَلِيقًا وَمَنْ فَتَحَ الْمِيم جَعَلَهُ مَصْدَرًا وَمَنْ كَسَرَهَا جَعَلَهُ وَصْفًا وَهُوَ الْأَقْرَب وَفِي الزَّوَائِد فِي إِسْنَاد حَدِيث سَعِيد بْن حُرَيْث إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرهمَا قَالَ وَلَيْسَ لِسَعِيدِ بْن حُرَيْث فِي الْكُتُب الْخَمْسَة شَيْء وَلَا لِلْمُصَنِّفِ سِوَى هَذَا الْحَدِيث.
وورد في فيض القدير:
8550 - (من باع دارا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها) لأنها ثمن الدنيا المذمومة وقد خلق الله الأرض وجعلها مسكنا لعباده وخلق الثقلين ليعبدوه وجعل ما على الأرض زينة لهم *
(لنبلوهم أيهم أحسن عملا) [الكهف: 7] فصارت فتنة لهم * (إلا من رحم ربك) [هود: 119] فعصمه وصارت سببا للمعاصي فنزعت البركة منها فإذا بيعت وجعل ثمنها متجرا لم يبارك له في ثمنها ولأنه خلاف تدبيره تعالى في جعل الأرض مهادا.
وأما إذا جعل ثمنها في مثلها فقد أبقى الأمر على تدبيره الذي هيأه له فيناله من البركة التي بارك فيها فالبركة مقرونة بتدبيره تعالى لخلقه.
قال الطيبي: وبيع الأراضي وصرف ثمنها إلى أرض أو دار قال الحرالي: والبيع رغبة المالك عما في يده إلى ما في يد غيره.
- (ه) في الأحكام (والضياء) المقدسي (عن حذيفة) بن اليمان ورواه عنه أيضا الطبراني وغيره.
قال الهيثمي: وفيه الصباح بن يحيى وهو متروك ورواه عنه أحمد وغيره وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وقد ضعفوه ورواه عنه أيضا ابن ماجه عن سعيد بن حريث من باع منكم دارا أو عقارا قمن - بالقاف - أن لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله وقال المصنف: هذا متواتر كذا قال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 07:52]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
قالوا قديما بارك الله فيك: ثبت العرش ثم انقش
و السؤال الذي ينبغي طرحه قبل سؤالك حفظك الله و رعاك هو: هل ثبت الحديث عن رسول الله (ص)؟
والأقرب أن الحديث ضعيف أو لا يثبت مرفوعا على الأقل.
قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 290):
" وسألت أبي عن حديث رواه شعبة واختلف على شعبة
فروى وهب بن جرير عن شعبة عن يزيد أبي خالد عن أبي عبيدة بن حذيفة عن حذيفة أن رسول الله (ص) قال: من باع دارا .. الحديث.
ورواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن يزيد أبي خالد عن ابي عبيدة بن حذيفة عن حذيفة موقوفا.
فسمعت أبي يقول: موقوف عندي أقوى، و يزيد أبو خالد ليس بالدالاني."
وقال ابن قدامة المقدسي في المنتخب من علل الخلال:
"قال الأثرم: سمعت أبا عبدالله ذكر حديث حذيفة: "من باع داراً لم يشتر منها داراً".
قلت: هذا يرفعونه؟.
قال: ما أدري، أما أنا فلم أسمعه من أحدٍ مرفوعاً.
ثم قال: من رفعه؟.
قلت: وهب بن جرير.
قال: قد بلغني.
ثم قال: إن كان لم يرفعه غير وهب فلا يعبأ به؛ هذا حجاج بن محمدٍ ومحمد بن جعفرٍ وأرى غيرهما."
وفي العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل:
"في حديث شعبة عن يزيد أبي خالد عن أبي عبيدة عن حذيفة من باع دارا سمعت أبي يقول هذا آخر ما أدري من هو. "
وهو لا شك يقصد هنا يزيد أبي خالد.
فإن كان هو الدالاني كما ذهب إليه الشيخ ناصر رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة فقد يكون الحديث حسنا.
وإلا فهو مجهول والحديث ضعيف بلا إشكال.
نعم حسنه الشيخ ناصر فيما أذكر معتمدا على كون البخاري ذكر في التاريخ الكبير أنه الدالاني .. ولكن انت ترى أن أبا حاتم نفى أن يكون الدالاني ..
فالأمر مشكل على أقل تقدير حتى يتبين من هو يزيد أبي خالد هذا.
وإن كان عند بعض الإخوة سعة من الوقت فلعله ينقل كلام الشيخ ناصر في الصحيحة فقد تكلم فيه كلاما نفيسا .. ما تكاد تجده مجموعا في موطن واحد كما هو هناك.
فلهذا ينظر أولا في ثبوت الخبر ثم بعد ذلك يبحث في معناه إن شاء الله وهذا هو الأولى و الأصوب إن شاء الله تعالى.
وبارك الله فيك على الموضوع أخي الكريم.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[16 - May-2008, صباحاً 05:25]ـ
أخي الفاضل أبو جهاد الأثري حفظك الله، لقد قرأت ما كتبت فاستفدت منك علما وأدبا.
وما زلت أبحث في شأن هذا الحديث.
ومما توصلت إليه:
ورد في صحيح مسلم:
1233 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلَهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَقِيَ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا ... "
هل هذا الحديث يا ترى يحمل نفس المعنى الذي يدور عليه الحديث السابق.؟
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 03:57]ـ
أخي أبا الأسود البواسل حفظك الله ورعاك و رضي عنك:
ليس بين الحديثين معنى مشترك قطعا بل كل ما في الأمر لفظ مشترك هو: "العقار".
والنهي في الحديث الذي ذكرته متعلق بالانقطاع للجهاد واعتزال الدنيا .. فقوله: " فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ " الأقرب أنه عائد على هذا الفعل الذي فيه نوع رهبنة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها.
ونهاية الحديث مفصحة بذلك: "فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا".
فلو كان النهي عن بيع العقار لما كان لهذا التعقيب فائدة إذ لا متعلق له هنا.
فهذا الحديث حينئذ في المعنى على نسق حديث أنس في الصحيحين في الثلاثة النفر الذين سألوا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم عن عبادته فكأنهم تقالوها .. الحديث. والله تعالى أعلم.
ودمت نافعا أخي .. وفي حفظ الله و رعايته.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 05:27]ـ
أخي أبا الأسود البواسل حفظك الله ورعاك و رضي عنك:
ليس بين الحديثين معنى مشترك قطعا بل كل ما في الأمر لفظ مشترك هو: "العقار".
والنهي في الحديث الذي ذكرته متعلق بالانقطاع للجهاد واعتزال الدنيا .. فقوله: " فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ " الأقرب أنه عائد على هذا الفعل الذي فيه نوع رهبنة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها.
ونهاية الحديث مفصحة بذلك: "فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا".
فلو كان النهي عن بيع العقار لما كان لهذا التعقيب فائدة إذ لا متعلق له هنا.
فهذا الحديث حينئذ في المعنى على نسق حديث أنس في الصحيحين في الثلاثة النفر الذين سألوا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم عن عبادته فكأنهم تقالوها .. الحديث. والله تعالى أعلم.
ودمت نافعا أخي .. وفي حفظ الله و رعايته.
رعاك الله تعالى أخي الفاضل كلامك صحيح جزاك الله خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 09:13]ـ
أخي الفاضل كنت قد أحجمت عن بيان وجهة نظري:
لكني أرى الآن أنه ينبغي أن أوضحها، فإذا كانت صحيحة فمن الله تعالى
وإن كانت خطأ فمني ومن الشيطان:
ورد في صحيح مسلم:
1233 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلَهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَقِيَ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا ... "
هل هذا الحديث يا ترى يحمل نفس المعنى الذي يدور عليه الحديث السابق.؟
فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى الصحابة رضي الله عنهم عن بيع العقار لأجل الجهاد
فالنهي عن بيعه لأجل شيء أقل أولى وخصوصا إن لم يكن مثله
وكما أعلما أن أبا بكر الصديق وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كانوا يتبرعون بالأموال لكن لم نسمع أن أحدا منهم باع عقارا حتى للجهاد.
هذا ما جعلني أكتب هذا الحديث هنا، والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو حازم البصري]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 10:23]ـ
ما شاء الله عليك أخي الأثري.
وأظن أن توجيهك لحديث مسلم متعين، ولا يصح أن يستدل به على ما استشكله الأخ الفاضل أبو الأسود.
ونهاية الحديث مفصحة بذلك: "فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا".
فلو كان النهي عن بيع العقار لما كان لهذا التعقيب فائدة إذ لا متعلق له هنا.
وأدعو الأخ أبا الأسود -وفقنا الله وإياه الصواب- إلى التأمل في قول زرارة هذا: (فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلَهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ).
فهل يصح أن يقال بأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم كان (عن بيع العقار لأجل الجهاد)؟
أم يقال أن النهي كان عن (الانقطاع للجهاد واعتزال الدنيا) كما ذكر أخونا أبو جهاد؟
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 02:58]ـ
الأخ أبا حازم البصري جزاك الله خيرا.
وأتمنى أن أقرأ رأي باقي الاخوة إن أمكن حتى يزال الإشكال من ذهني، فكلما رجعت للتفكير في الأمر، رجع الإشكال.
اللهم علمنا ما جهلنا، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 03:01]ـ
وأدعو الأخ أبا الأسود -وفقنا الله وإياه الصواب- إلى التأمل في قول زرارة هذا: (فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلَهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ).
فهل يصح أن يقال بأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم كان (عن بيع العقار لأجل الجهاد)؟
أم يقال أن النهي كان عن (الانقطاع للجهاد واعتزال الدنيا) كما ذكر أخونا أبو جهاد؟
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
استنبط الشافعي رحمه الله تعالى، من حديث " يا أبا عمير ما فعل النغير " أكثر من 50 فائدة، فهل أخطأت في ما أشرت إليه!
وللذكرى هذا المكان للمدارسة ..
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[10 - Jun-2008, مساء 11:31]ـ
العقار له بركة لايدركها من يريدون الكسب السريع
بقلم أ. د. عبدالله بن إبراهيم اللحيدان
(يُتْبَعُ)
(/)
سنن الله في خلقه لا تتبدل ولا تتغير ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً، وفي أخبار الأولين عبرة ومدكر، في كافة شؤون حياتهم، الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وفي المال على وجه الخصوص ينبغي أن يعي كثير من الناس اليوم فقه التعامل بالمال والبيع والشراء لا أقصد هنا فقه الأحكام والحلال والحرام فقط بل فقه السنن في الكسب والخسارة، وفقه تجارب السابقين وأهل الخبرة، وكثيرة من الآثار المروية والأمثال التي تختصر كثيراً من التجارب، ويبقى الرزق أولاً وآخراً أمراً مضى به القدر والعبد في بطن أمه وعلى العبد أن يسعى وكل ميسر لما خلق له، ولعلي أذكر هنا أثراً لمن يمتكلون عقارات مهما صغرت وقلت أثمانها فهي مباركة على أهلها وإنما تنزع منها البركة إذا بيعت وفرط في ثمنها فيما لا طائل منه، جاء في كتاب الخراج للقرشي أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال: وجدت ما يقول أهل الكتاب أو كدت أجد ما يقول أهل الكتاب حقاً أنه مكتوب في التوراة أنه من باع عقاراً أو ورثها عن أبيه ولم يجعل ثمنها في عقار دعت عليه طرفي النهار أن لا يبارك له فيه• وقد ورد ذلك في حديث مرفوع في سنن ابن ماجة وحسنه الألباني عن سعيد بن حريث رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من باع داراً أو عقاراً فلم يجعل ثمنه في مثله كان قمناً أن لا يبارك فيه"•
إن العقار له بركة لا يدركها كثير ممن يريدون الكسب السريع ولذلك سعى كثيرون إلى بيع عقاراتهم ثم لم يجعلوا ثمنها في مثلها وخسروا كثيراً، ولو فقهوا هذه النصوص المتقدمة لتوقفوا طويلاً قبل البيع، فالتجارة والعقار والبيع والشراء له سنن ماضية استقرأها الناس عبر التاريخ وتجارب الأمم، وأول ما يسعى المرء إلى امتلاكه بيتاً يؤويه إذ إن استقرار المرء في داره من أسباب السعادة ومن نعيم الدنيا، روي أن داود عليه السلام قال لابنه سليمان عليه السلام: أتدري ما جهد البلاء؟ قال: شراء الخبز من السوق والانتقال من منزل إلى منزل، وبركة العقار تظهر على المرء في حياته وينتفع بها أهله من بعد وفاته، وفي قصة الزبير بن العوام رضي الله عنه، في صحيح البخاري، ما يشهد لذلك حيث توفي رضي الله عنه وعليه دين وكان قد ترك بعد وفاته دوراً في المدينة ومكة والبصرة والكوفة ومصر فبيعت من بعده؛ لسداد دينه، فأوفت دينه، ثم كان نصيب الواحدة من زوجاته، وكن أربعاً ألف ألف ومائتي ألف أي كان الثمن من تركته أربعة ملايين وثمانمائة ألف، وعقب على ذلك ابن حجر في الفتح بقوله: وفي بركة العقار والأرض لما فيه من النفع العاجل والآجل بغير كثير تعب ولا دخول في مكروه كاللغو الواقع في البيع والشراء أ•هـ•
ومن يتأمل حال كثير ممن باعوا عقاراتهم ووضعوها في المتاجرة بالأسهم بحثاً عن الربح السريع يجد أن منهم من لم تقتصر خسارته على المال فقط بل على دينه وصحته وخلقه، حيث التفريط بالصلوات، وتأخيرها عن وقتها، والهدر للصحة والأخلاق، حيث ترتفع وتهبط مع مؤشر الأسهم، والسعيد من وفق للاعتبار وجاهد نفسه على الكسب المشروع واعتبر بتجارب الأمم والأفراد، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، والله خير الرازقين•
* قسم الدعوة بجامعة الإمام
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[11 - Jun-2008, صباحاً 05:39]ـ
ما شاء الله جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبو الحارث البقمي.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[11 - Jun-2008, مساء 09:07]ـ
وإيّاك أخي الكريم أبا الأسود ...
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[14 - Aug-2008, مساء 08:29]ـ
للرفع(/)
سلسلة الفوائد الماتعة من الكتب والمقالات النافعة
ـ[ساعي]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 12:28]ـ
سلسلة الفوائد الماتعة من الكتب والمقالات النافعة بحمد الله، تم الانتهاء من البحث عن مفردات هذه السلسلة وتنسيقها في شهر جمادى الأولى 1429هـ
ونشكر كل من ساهم باستخلاص أو نقل هذه الفوائدوقد تكفل موقع طريق الدعوة بالبحث والاختيار والتنسيق
ولقد حرصنا على سلامة المحتوى واجتهدنا على سلامة الموقع وتابعيته لمعتقد أهل السنة والجماعة
وفي النهاية لا يخلو عمل بشري من نقص
وسوف تكون بإذن الله تحديثات لهذه الصفحة بعد كل فترة
خاصة وأن بعض الكتب في السلسلة لم يكمل المقيد فوائدها
http://tttt4.com/index.php?action=pages&id=10
ـ[أسماء]ــــــــ[13 - Jun-2008, مساء 11:42]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[ساعي]ــــــــ[16 - Jun-2008, صباحاً 09:16]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك الله بارك(/)
جنايات على العلم والمنهج (4) .... شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنياً ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[14 - May-2008, مساء 05:29]ـ
جنايات على العلم والمنهج (4) .... شهر سيف الإجماع قطعاً للنزاع ولو كان إجماعاً ظنياً ..
هذا من أعظم الجنايات على العلم ومن أشدها إفساداً للمنهج ومن أعظمها ضرراً على النظر والفقه ..
وأصلُ ذلك أنه لما ثبتت حجية الإجماع، غفل البعضُ فظنَّ أن هذه الحجية على رتبة واحدة، فصار يجبه مخالفه بكل إجماع حُكي يُريد بذلك قطع النزاع، يظن بذلك أنه أتى بالحجة التي لا مناص من إتباعها (!!!)
والتحقيق في ذلك أن الإجماع رتبتان لكل منهما أثر في مقام الاستدلال وليسوا سواء ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-في ((مجموع الفتاوى)) (19/ 269):
((وَالْإِجْمَاعُ نَوْعَانِ: قَطْعِيٌّ. فَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يُعْلَمَ إجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ. وَأَمَّا الظَّنِّيُّ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ الإقراري والاستقرائي: بِأَنْ يَسْتَقْرِئَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَجِدُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا أَوْ يَشْتَهِرُ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ (كذا ولعل الصواب: القرن) وَلَا يَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَهُ.
فَهَذَا الْإِجْمَاعُ وَإِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ النُّصُوصُ الْمَعْلُومَةُ بِهِ لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا يَجْزِمُ الْإِنْسَانُ بِصِحَّتِهَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ وَحَيْثُ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ فَالْإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ يَظُنُّ عَدَمَهُ وَلَا يَقْطَعُ بِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ وَالظَّنِّيُّ لَا يُدْفَعُ بِهِ النَّصُّ الْمَعْلُومُ لَكِنْ يُحْتَجُّ بِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ بِالظَّنِّ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الظَّنُّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِدَلَالَةِ النَّصِّ أَقْوَى مِنْ ظَنِّهِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ قَدَّمَ دَلَالَةَ النَّصِّ وَمَتَى كَانَ ظَنُّهُ لِلْإِجْمَاعِ أَقْوَى قَدَّمَ هَذَا وَالْمُصِيبُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ (كذا ولعل الصواب: النزاع) وَلَمْ يَتَعَيَّنْ صِحَّتُهُ فَهَذَا يُوجِبُ لَهُ أَنْ لَا يَظُنَّ الْإِجْمَاعَ إنْ لَمْ يَظُنَّ بُطْلَانَ ذَلِكَ النَّقْلِ وَإِلَّا فَمَتَى جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ نَاقِلُ النِّزَاعِ صَادِقًا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا يَبْقَى شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يَكُونُ مَعَهُ عِلْمٌ وَلَا ظَنٌّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا تُدْفَعُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِهَذَا الْمُشْتَبَهِ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ لَا يَكُونُ قَطُّ= إجْمَاعٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ مَعَ مُعَارَضَتِهِ لِنَصٍّ آخَرَ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا يَكُونُ قَطُّ نَصٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَلَيْسَ فِي الْأُمَّةِ قَائِلٌ بِهِ بَلْ قَدْ يَخْفَى الْقَائِلُ بِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: كُلُّ حَدِيثٍ فِي كِتَابِي قَدْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا حَدِيثَيْنِ: حَدِيثَ الْجَمْعِ؛ وَقَتْلِ الشَّارِبِ. وَمَعَ هَذَا فَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِهِ طَائِفَةٌ وَحَدِيثُ الْجَمْعِ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَحْمَد وَغَيْرُهُ.
وَلَكِنْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَصٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَائِلًا بِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي: أَجْمَعَ عَلَى نَقِيضِهِ أَمْ لَا؟ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَأَى دَلِيلًا عَارَضَهُ آخَرُ وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَعْلَمْ رُجْحَانَ أَحَدِهِمَا فَهَذَا يَقِفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ رُجْحَانُ هَذَا أَوْ هَذَا فَلَا يَقُولُ قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا يَتَّبِعُ نَصًّا مَعَ ظَنِّ نَسْخِهِ وَعَدَمِ نَسْخِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا عَارَضَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ظَنِّ إجْمَاعٍ وَلَا عَامًّا ظَنُّ تَخْصِيصِهِ وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ نَفْيُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَإِلَّا وُقِفَ ..... وَأَمَّا رَدُّ النَّصِّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ فَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ)) [الفتاوى 19/ 269 - 271].
وإذاً: فالإجماع رتبتان:
1 - إجماع لا تكاد تلقى أحداً إلا وهو يعلمه. وهذا حجة قطعية بلا إشكال، ولا يكون النص قط بخلافها. اما قول بعض الباحثين: ((إذا كان الإجماع دليلاً صحيحاً يفيد القطع , ثم تعارض (في الظاهر) مع النص
وجب التعامل مع الأمر حينئذ كما يتعامل عند التعارض بين أي نصين)).
فهو محض توهم لا يكون،وإنما صورة الأمر كما يقول شيخ الإسلام: ((وأما أهل الحديث فالنصوص الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم هي عمد تهم وعليها يجمعون إذا أجمعوا لا سيما وأئمتهم يقولون لا يكون قط إجماع صحيح على خلاف نص إلا ومع الإجماع نص ظاهر معلوم يعرف أنه معارض لذلك النص الآخر فإذا كانوا لا يسوغون أن تعارض النصوص بما يدعى من إجماع الأمة لبطلان تعارض النص والإجماع عندهم فكيف إذا عورضت النصوص بما يدعى من إجماع العترة أو أهل المدينة)). [المنهاج5/ 167].
ويقول: ((ومن إدعى إجماعا يخالف نص الرسول من غير نص يكون موافقا لما يدعيه واعتقد جواز مخالفة أهل الاجماع للرسول برأيهم وأن الاجماع ينسخ النص كما تقوله طائفة من أهل الكلام والرأى فهذا من جنس هؤلاء
وأما إن كان يعتقد أن الاجماع يدل على نص لم يبلغنا يكون ناسخا للأول فهذا وإن كان لم يقل قولا سديدا فهو مجتهد فى ذلك يبين له فساد ما قاله كمن عارض حديثا صحيحا بحديث ضعيف اعتقد صحته فان قوله وإن لم يكن حقا لكن يبين له ضعفه وذلك بان يبين له عدم الاجماع المخالف للنص او يبين له انه لم تجتمع الأمة على مخالفة نص إلا ومعها نص معلوم يعلمون أنه الناسخ للأول فدعوى تعارض النص والاجماع باطلة ويبين له أن مثل هذا لا يجوز فان النصوص معلومة محفوظة والأمة مأمورة بتتبعها واتباعها وأما ثبوت الاجماع على خلافها بغير نص فهذا لا يمكن العلم بان كل واحد من علماء المسلمين خالف ذلك النص)). [الفتاوى 19/ 270].
ويقول: ((الإجماع المعلوم حجة قطعية لا سمعية لا سيما مع النصوص الكثيرة الموافقة له فلو قدر ورود خبر يخالف الإجماع كان باطلا إما لكون الرسول لم يقله وإما لكونه لا دلالة فيه
الرابع أنه يمتنع تعارض النص المعلوم والإجماع المعلوم فإن كليهما حجة قطعية والقطعيات لا يجوز تعارضها لوجوب وجود مدلولاتها فلو تعارضت لزم الجمع بن النقيضين وكل من أدعى إجماعا يخالف نصا فأحد الأمرين لازم إما بطلان إجماعه وإما بطلان نصه وكل نص اجتمعت الأمة على خلافه فقد علم النص الناسخ له
وأما أن يبقى في الأمة نص معلوم والإجماع مخالف له فهذا غير واقع)) [المنهاج 8/ 360]
فتجريد المعارضة بين الإجماع والنص محض محال،ولابد من نص مع الإجماع، ومستند الإجماع قد يخفى على بعض الأمة أما على جميعها بحيث يقوم الإجماع وحده فمحال ..
يقول الشيخ: ((فنقول أولا ما من حكم اجتمعت الأمة عليه إلا وقد دل عليه النص فالإجماع دليل على نص موجود معلوم عند الأئمة ليس مما درس علمه والناس قد اختلفوا في جواز الإجماع عن اجتهاد ونحن نجوز أن يكون بعض المجمعين قال عن اجتهاد لكن لا يكون النص خافيا على جميع المجتهدين وما من حكم يعلم أن فيه إجماعا إلا وفي الأمة من يعلم أن فيه نصا وحينئذ فالإجماع دليل على النص)) [المنهاج 8/ 344].
فإن قلتَ وما صفةُ هذا الإجماع القطعي (؟؟)
قلنا: وصفه الشافعي فقال: ((ذلك الإجماع هو الذي إذا قلتَ أجمع الناس لم تجد أحداً يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها)).
فإن قلتَ وأنى ومتى يوجد هذا الإجماع القطعي (؟؟)
قلنا: غالباً ما ينحصر وجوده في عهد الصحابة ثم يستمر الإجماع فيمن بعدهم،أما حكايات إجماعات من بعدهم-والتي لا يُحقق إجماع الصحابة فيها- فغالب ما يُحكى من هذه الإجماعات ظني ..
يقول الشيخ: ((الطَّرِيقُ الرَّابِعُ الْإِجْمَاعُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
لَكِنَّ الْمَعْلُومَ مِنْهُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَأَمَّا مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِهِ غَالِبًا وَلِهَذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ الإجماعات الْحَادِثَةِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ وَاخْتَلَفَ فِي مَسَائِلَ مِنْهُ كَإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الصَّحَابَةِ وَالْإِجْمَاعِ الَّذِي لَمْ يَنْقَرِضُ عَصْرُ أَهْلِهِ حَتَّى خَالَفَهُمْ بَعْضُهُمْ وَالْإِجْمَاعِ السكوتي وَغَيْرِ ذَلِكَ)).
ويقول: ((وَهُمْ إذَا ذَكَرُوا إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عِلْمٌ بِهَذَا الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الْعِلْمُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ؛ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَعَذَّرُ الْقَطْعُ بِإِجْمَاعِهِمْ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ بِخِلَافِ السَّلَفِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِإِجْمَاعِهِمْ كَثِيرًا)).
2 - الرتبة الثانية للإجماع:
إجماع ظني يعلم بالسكوت عن المجاهرة بالمخالفة أو أن يستقرئ؛ الناظر فلا يجد في المسألة خلافاً وقد ذكر شيخ لإسلام في موضع آخر أن السلف جميعا كانوا يحتجون بهذه الرتبة من الإجماع بلا نزاع بينهم .. لكنَّ الشيخ هنا يشير إلى مسألة جليلة وهي أن هذا الإجماع-وإن احتججنا به- فهوحجة ظنية قد يُعارضها غيرها من الأدلة الظنية،ولا حرج حينها على من قويت في نظره دلالة الإجماع واعتقاد ثبوته=أن يُقدمه .. كما أنه لا حرج على من قويت في نظره دلالة النص أن يُقدمه .. ولا يمنع من قدم الأدلة الأخرى منعاً كمنع من يخالف الإجماع القطعي بل الأمر في ذلك هين .. فلا يحجزه عن القول بدلالة النص عدم علمه بمن قال به .. إذ لابد من قائل بالحق لكن قد يخفى على بعض الناس بعض الوقت فلا يُهجر العمل بالنصوص لأجل ذلك .. وإذا حُكي في المسألة نزاع= ضعف أمر حكاية الإجماع .. ومن استوى عنده طرفي الحجة فلم ير رجحان دلالة الإجماع على دلالة النص أو العكس =فواجبه التوقف.
وأنتَ إذا تقرر لديك ما سبق سقط عندك تهويل المهولين بالإجماعات الظنية،وسقط عندك تهوين المهونين من الإجماعات الظنية .. وكانت الأمور عندك محكومة بميزان عدل لاوكس فيه ولاشطط ..
يقول الشيخ في موضع آخر: ((وَهَذِهِ " الْآيَةُ " تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمُخَالَفَةِ الرَّسُولِ وَأَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَصٌّ عَنْ الرَّسُولِ؛ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ يُقْطَعُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ وَبِانْتِفَاءِ الْمُنَازِعِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّهَا مِمَّا بَيَّنَ اللَّهُ فِيهِ الْهُدَى، وَمُخَالِفُ مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ كَمَا يَكْفُرُ مُخَالِفُ النَّصِّ الْبَيِّنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ يُظَنُّ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُقْطَعُ بِهِ فَهُنَا قَدْ لَا يُقْطَعُ أَيْضًا بِأَنَّهَا مِمَّا تَبَيَّنَ فِيهِ الْهُدَى مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ، وَمُخَالِفُ مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ قَدْ لَا يَكْفُرُ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ ظَنُّ الْإِجْمَاعِ خَطَأً. وَالصَّوَابُ فِي خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ)).
ويقول الشيخ: ((مَعْنَى الْإِجْمَاعِ: أَنْ تَجْتَمِعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَإِذَا ثَبَتَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ إجْمَاعِهِمْ؛ فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ فِيهَا إجْمَاعًا وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ الْآخَرُ أَرْجَحَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَأَمَّا أَقْوَالُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ كَالْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ فَلَيْسَ حُجَّةً لَازِمَةً وَلَا إجْمَاعًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ)).
وبذلك تعلم جواب من يقول من أهل الاجتهاد القادرين عليه: هل لي أن أقول بقول لم أُسبق به (؟؟)
(يُتْبَعُ)
(/)
وأن جوابه: انظر إلى درجة علمك أنك لم تُسبق به فإن كانت قطعية متيقنة لم يجز لك إحداث قول تعلم يقيناً أنه لم يقل به أحد ..
وإن كان علمك بعدم السلف لك ظنياً .. فانظر أي الحجتين أقوى في نظرك: ظنك بعدم السابق أم ظنك بصحة وقوة ودلالة ما بين يديك من الأدلة ..
قال ابن الصلاح: ((من وجد من الشافعيين حديثا يخالف مذهبه نظر فإن كملت آلات الإجتهاد فيه إما مطلقا وإما من ذلك الباب أوفى تلك المسألة على ما سبق بيانه كان له الإستقلال بالعمل بذلك الحديث وإن لم تكمل إليه ووجد في قلبه حزازة من مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفته عنه
جوابا شافيا فلينظر هل عمل بذلك الحديث إمام مستقل فإن وجد فله أن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث عذرا في ترك مذهب إمامه في ذلك والعلم عند الله تبارك وتعالى)).
فعقب تقي الدين السبكي قائلاً: ((وسكت ابن الصلاح عن القسم الآخر وهو: أن لا يجد من يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث، وكأنه لأن ذلك إنما يكون حيث يكون إجماع، ولكن قد يعرض مع الاختلاف، وقد يعرض في مسألة لا نقل فيها عن غير الشافعي، فماذا يصنع (؟) والأولى عندي اتباع الحديث وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي (ص) وقد سمع ذلك منه، أيسعه التأخر عن العمل به (؟!) لا والله. وكل أحد مكلف بحسب فهمه)) [معنى قول الإمام المطلبي ص/92 - 93].
يقول ابن القيم: ((وقولكم إن الأمة اجتمعت والكافة نقلت أن من لم يصم شهر رمضان عامدا أشراً أو بطراً ثم تاب منه فعليه قضاؤه. فيقال لكم أوجدونا عشرة من اصحاب رسول الله فمن دونهم صرح بذلك ولن تجدوا إليه سبيلاً.
وقد أنكر الأئمة كالإمام أحمد والشافعي وغيرهما دعوى هذه الإجماعات التي حاصلها عدم العلم بالخلاف لا العلم بعدم الخلاف فإن هذا مما لا سبيل إليه إلا فيما علم بالضرورة أن الرسول جاء به وأما ما قامت الأدلة الشرعية عليه فلا يجوز لأحد ان ينفي حكمه لعدم علمه بمن قال به فإن الدليل يجب اتباع مدلوله وعدم العلم بمن قال به لا يصح أن يكون معارضا بوجه ما فهذا طريق جميع الأئمة المقتدى بهم، قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبدالله: ((من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا هذه دعوى بشر المريسي والأصم ولكن يقول لا نعلم للناس اختلافا إذا لم يبلغه)).
وقال في رواية المروزي: ((كيف يجوز للرجل أن يقول أجمعوا إذا سمعتهم يقولون أجمعوا فاتهمهم لو قال إني لا اعلم مخالفا كان أسلم)).
وقال في رواية أبي طالب: ((هذا كذب ما اعلمه أن الناس مجمعون ولكن يقول ما اعلم فيه اختلافا فهو احسن من قوله اجمع الناس)).
وقال في رواية ابي الحارث: ((لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا)).
وقال الشافعي في أثناء مناظرته لمحمد بن الحسن: ((لايكون لأحد أن يقول أجمعوا حتى يعلم إجماعهم في البلدان ولا يقبل على اقاويل من نأت داره منهم ولا قربت إلا خبر الجماعة عن الجماعة فقال لي: تضيق هذا جدا قلت له وهو مع ضيقه غير موجود)).
وقال في موضع آخر وقد بين ضعف دعوى الإجماع وطالب من يناظره بمطالبات عجز عنها فقال له المناظر: ((فهل من إجماع.
قلت: نعم الحمد لله كثيرا في كل الفرائض التي لا يسع جهلها وذلك الإجماع هو الذي إذا قلت اجمع الناس لم تجد احدا يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها ... )) [كتاب الصلاة ص/70].
وأنتَ إذا تأملتَ هذا الكلام وقفتَ على الفهم الصحيح لعبارات الشافعي وأحمد في الإجماع، وأنه ليس مرادهم بها إسقاط الاحتجاج بالإجماعات الظنية وإنما مرادهم بهذه العبارات: منع تنزيلها منزلة الإجماعات القطعية. والله ولي التوفيق.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 09:25]ـ
..........
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 10:52]ـ
بارك الله فيكم
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[16 - May-2008, صباحاً 12:32]ـ
نفع الله بكم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 11:37]ـ
بارك الله فيكم ...
ـ[الهزبر]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 03:17]ـ
فإن قلتَ وأنى ومتى يوجد هذا الإجماع القطعي (؟؟)
قلنا: غالباً ما ينحصر وجوده في عهد الصحابة ثم يستمر الإجماع فيمن بعدهم،أما حكايات إجماعات من بعدهم-والتي لا يُحقق إجماع الصحابة فيها- فغالب ما يُحكى من هذه الإجماعات ظني ..
فقول ابن حزم أقرب للصواب , وإن دفع قوله بأحجيات اخرى تفيد شذوذ أهل الظاهر في هذه المسألة
مازادني بحثك إلا تمسكا بظني , مالم يكن معهودا بإلاتفاق في عصر الصحابة , فلا عبرة به البتة ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 11:38]ـ
بارك الله فيك ..
ـ[ابو قتادة السلفي]ــــــــ[05 - Jul-2008, مساء 02:12]ـ
الهزير هل اذا نقل الينا قولا لا يعرف له مخالف في عهد التابعين مثلا هل هذا قول لا تراه حجة؟
الامام ابن حزم يرى ان الاجماع حجة كما هو واضح في كتابه الاجماع وليس كما ظن البعض وقالوا ان ابن حزم لا يرى ان الاجماع حجة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[25 - Jul-2008, مساء 07:51]ـ
الأخ الفاضل أبا فهر السلفي
موضوع الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف - كما تعلم مني سابقا - من الأمور المشكلة لدي وأظن أن خلاصة الأقوال فيه ثلاثة وهي:
1 - القول بتقديم الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف مطلقا
2 - القول بتقديم دلالة النص الظنية مطلقا
3 - القول بالترجيح بينهما فحيث كان دلالة النص الظنية أقوى من دلالة الإجماع الظنية قدم النص وحيث كان دلالة الإجماع الظنية اقوى من دلالة النص الظنية قدم الإجماع الظني وعند تساوي الظنان يتوقف وهذا ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما تريد أن ترجحه أخونا الفاضل أبا فهر
وقد دللت على ذلك الرجحان بكلام بصراحة أراه واقعي جدا وهو قولك:
" والشافعي وأحمد والسلف جميعاً .. استدلوا على خطأ الأقوال بأنه لا يُعرف لقائله فيه سلف ..
والشافعي وأحمد أنكروا على من جعل عدم العلم بالمخالف إجماعاً ...
والشافعي وأحمد قالوا -قطعاً ويقيناً-بما لا يُعرف لهم فيه سلف ... "
فأنت تريد أخونا الفاضل بعدم اطراد أحد القولين وهو بالفعل ظاهر صنيع الأئمة مثل الذين تكلموا في الإجماع كالشافعي وأحمد وابن حزم لكن في نفسي إشكال لا بد من حله حتى يكون القول الثالث هو الراجح أعني عدم إطراد أحد القولين وهو:
ما الدليل على أن الإجماع الظني أو العلم بعدم المخالف حجة شرعية ظنية يجب اتباعها؟؟
لاحظ أخي الفاضل أنا لا أتكلم عن الإجماع القطعي بل أتكلم عن مسئلة ورد فيها نص بأمر ما ووجدنا كثير من أهل العلم ممن أقوالهم محفوظة قالوا هذا الأمر مصروف من الوجوب إلى الندب دون ان تذكر قرينة صارفة ولم نعلم ولم نصل إلينا قول يقول بالوجوب لكن هل السؤال هل الله تكفل بحفظ أقوال العلماء حتى يقال العلم بعدم المخالف حجة ظنية يجب اتباعها وأن نرى أي الحجتين أقوى دلالة النص الظنية ام العلم بعدم المخالف؟؟
لو قلنا ان الله تكفل بحفظ أقوال العلماء لكان العلم بعدم المخالف حجة قطعية لا ظنية لا تجوز مخالفتها البتة كما ان الله تكفل بحفظ الذكر والنصوص لكان الخلاف ليس في إثبات النصوص بل في فهم النصوص ودلالتها وهذا لا يعارض تكفل الله بحفظ الذكر
أعيد فأقول أنا لا أجادل ولا أعترض على الإجماع القطعي بل أسأل ما الدليل على أن العلم بعدم المخالف حجة شرعية يجب اتباعها وصنيع الأئمة النظري في أقوالهم وعباراتهم في الإجماع مثل قول الإمام أحمد بن حنبل: من ادعى الإجماع فهو كاذب , ما يدريه لعل الناس اختلفوا وكما بمعنى كلام ابن حزم هو ما لا خلاف به بين أحد من المسلمين ولا يتصور أن يكون فيه خلاف (الأمر المعلوم من الدين بالضرورة) يؤكد ما أقوله
وإن كان صنيع الأئمة العملي يؤكد ما تقوله أخانا الفاضل أبا فهر
وهناك كثير من الأمثلة الفقهية لدي ذكرتها في أكثر من رابط في هذا المنتدى وغيره - ولكن للأسف لم أصل إلى حل - فيه ظواهر نصوص شرعية يقابلها أقول من أهل العلم على صرف هذه النصوص عن ظواهرها دون ذكر الدليل الصارف
ولعلنا إذا انتهينا من تأصيل المسئلة أصوليا نتعرض لهذه الأمثلة
وفقني الله وإياك وجميع المشاركين للوصول إلى الحق حيث كان
وجزاكم الله خيرا(/)
عمارة بن عمرو بن حزم هل أحد وثقه من المتقدمين غير العجلي؟؟
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[15 - May-2008, صباحاً 09:44]ـ
عمارة بن عمرو بن حزم وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات
وقال عنه الذهبي في الكاشف: وثق , وهي عبارة بلا شك أقل من عبارة " ثقة "
وقال عنه ابن حزم - في معنى كلامه -: غير معروف ولا مشهور
فما حال هذا الرجل؟؟
وهل هناك أحد من أهل العلم المتقدمين وثقه غير العجلي
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 06:43]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر ابن المبرد في بحر الدم (1/ 114) أن أحمد قال عنه تابعي ثقة.
هذا ما أعرفه وما وقفت على غيره من المتقدمين غير ما ذكرت.
وللفائدة:
نقل السخاوي أيضا توثيقه عن ابن حبان وعما جاء في التهذيب في التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة.
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 08:57]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 09:26]ـ
راجعت أخي الفاضل بحرالدم فوجدته كما قلت لكن أخاف أخي الفاضل أن يكون حدث وهم فالعجلي اسمه أحمد وابنه اسمه صالح وفي تاريخ دمشق توثيق عمرو بالسند أنا صالح بن أحمد حدثني أبي قال عمارة بن عمرو بن حزم مدني تابعي ثقة
والمراد في تاريخ دمشق العجلي لا الإمام أحمد!!
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 08:02]ـ
أخي الفاضل مجدي فياض:
يمكن هنا احتمال شيء آخر أن يكون من باب: أبو صالح ابن هلال (ابتسامة)
فالإمام أحمد كذلك له ابن اسمه صالح.
وابن عساكر مكثر من النقل عنه عن أبيه.
على سبيل المثال:
العباس بن العباس بن محمد بن عبد الله بن المغيرة الجوهري أنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال قال أبي أنس بن سيرين يكنى أبا موسى. (9/ 319).
أنا العباس بن العباس الجوهري نا أبو الفضل صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول حميد الأعرج أبو صفوان (15/ 293).
أنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال قال أبي خالد بن معدان أبو عبد الله (16/ 192).
جزاك الله خيرا أخي الكريم ووفقك لكل خير.
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 08:16]ـ
الأخ مجدي فياض وفقه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد وثقه أيضا الإمام أحمد بن صالح بن عبد الله والمتوفى سنة 261 هـ، وبهذا وثقه الحافظ ابن حجر في التقريب والتهذيب، أما مصنفوا تحرير التقريب والتهذيب وعلى رأسهم الشيخ المحدث شعيب الأرنؤوط فقالوا: ((صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه ثلاثة فقط، ولم يوثقه أحد، وليس هو بمشهور الرواية)) قلت: ووافقهم المحدث الألباني رحمه الله تعالى.
ملاحظة:
هناك فائدتين، إحداهما قول المحدث الشيخ شعيب الأرنؤوط: ((فقد روى عنه ثلاثة فقط))، قلت: بل أكثر من خمسة رواة.
ثانيا: قول المحدث الشيخ شعيب الأرنؤوط: ((ولم يوثقه أحد))، قلت: بل وثقه غير ابن حبان والعجلي الإمام أحمد بن صالح بن عبد الله كما ذكرت سابقا، والله أعلم.(/)
هل هذا من باب النهي عن ربح ما لم يضمن؟؟
ـ[مجدي فياض]ــــــــ[15 - May-2008, صباحاً 10:10]ـ
اختلف أهل العلم في أنه إذا كان لرجل في ذمة رجل آخر مالا إلى أجل فإذا حل الأجل ولم يكن عند ذلك الرجل الآخر ذلك المال , فهل يجوز جعل ذلك المال رأس مال سلم في طعام إلى أجل أم لا؟؟
جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز أن يجعل الدين رأس مال للسلم للنهي عن بيع الكالئ بالكالئ
لكن ابن تيمية ابن القيم أجازا ذلك قال ابن القيم في إعلام الموقعين:
" لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين وسقط له عنه دين غيره، وقد حكي الإجماع على امتناع هذا، ولا إجماع فيه. قاله شيخنا واختار جوازه، وهو الصواب. " أ. هـ
على أساس أنه يصح السلم من غير حاجة إلى قبض حقيقي لرأس مال السلم، مع اتفاق كثير من الفقهاء على وجوب تسليم رأس المال معجلا لصحة السلم، وذلك لوجود القبض الحكمي لرأس مال السلم وهو ما في ذمة المدين المسلم إليه، فكأن الدائن بعد عقد السلم قبضه منه ثم رده إليه فصار معجلا حكما فارتفع المانع الشرعي
طبعا الكالئ بالكالي هو الدين المؤخر بالدين المؤخر فهذه الصورة لا تدخل تحت ذلك الحديث أو حتى تحت الإجماع المحكي على منعه
لكن هل هذه الصورة تدخل في المنع من باب آخر ألا وهو النهي عن الربح فيما لم يضمن؟؟
فهل صاحب الدين يعتبر ضامنا لهذا الدين حتى يجوز أن يربح فيه ويجعله رأس مال للسلم؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[17 - Jun-2009, مساء 10:00]ـ
قال الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله تعالى:
(وأما مسألة قلب الدين في الصورة التي ذكرتم؛ وهي: ما إذا كان له على آخر دراهم {في ذمته} وطلب منه الوفاء، وادعى العسرة، فقال: أُسلم إليك دراهم في طعام {ثم} توفيني بها.
فإن كان المسلم إليه معسرا وأكرهه غريمه على ذلك؛ فهو حرام باتفاق الأئمة، قاله الشيخ تقي الدين؛ قال: لأنه مكره بغير حق.
وإن كان المسلم إليه غير معسر، فالذي يظهر لنا عدم الجواز، لأن ذلك يتخذ حيلة على جعل الدين رأس مال لا سلم. والله {سبحانه وتعالى} أعلم).(/)
كان يتاجر بالمخدرات ثم أسلم فهل يصبح ماله حلالا؟؟
ـ[أبو موسى]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 11:34]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفتونا بارك الله فيكم .........
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - May-2008, مساء 11:54]ـ
نعم حلال وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .... والإسلام يجب ما قبله ..
ـ[ابن الشاطيء الحقيقي]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 12:34]ـ
لو سالتني انا وانا غير مفتي طبعا لقلت لك بكل جرأة
الله اعلم-
ابتسامة
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 07:20]ـ
ما علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل من يُسلم عن مصدر ماله، مع أنهم كانوا أهل شرك ولا يتورعون عن أي شيء، واكتساب المال بأي طريقة حتى من البغاء، ولهذا فلا تأثير لتعاملات ومكاسب المرء قبل إسلامه عليه بعد إسلامه والله أعلم.
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 11:08]ـ
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم " إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ’’يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا ’’ و قال تعالى ’’ يا أيها اللذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ’’ " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له. رواه مسلم
انتبه إلى قول النّبي صلى الله عليه و سلّم: "إن الله طيّبا لا يقبل إلا طيبا"
و اربطه بسبب استبعاد الإاستجابة لدعاء الرجل
فتخلص أنّ ما كان سبب الحصول عليه بالحرام ليس من الطيّبات التي يقبلها الله و أنّ استعماله مظنّة لردّ استجابة الدّعاء
و النصوص عامة
ما علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل من يُسلم عن مصدر ماله، مع أنهم كانوا أهل شرك ولا يتورعون عن أي شيء، واكتساب المال بأي طريقة حتى من البغاء، ولهذا فلا تأثير لتعاملات ومكاسب المرء قبل إسلامه عليه بعد إسلامه والله أعلم.
عدم العلم؛ لا يعني أنّه لم يفعل عليه الصلاة و السلام. و كذا لا يعني أنّه أقرّهم على أموالهم.
و الذي يظهر لي بأنّ القول بالجواز يفتح لنا مجالا للوقوع في المحرّمات بحجّة المصلحة العظمى من تجميع المال العظيم ثم صرفه في سبيل الله بعد التوبة إلى الله
و الله أعلم
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 11:30]ـ
و الإخوة بارك الله فيهم
للآن لم يأتوا بدليل على أنّ ماله يصبح حلالا؟
و الوقائع العينية التي أشاروا إليها لا يوجد فيها كلام عن مسألتنا هاته
و النصوص عامة في عدم قبول الله إلا الطيّب
و أنّ استعمال ما مصدره بالحرام قد يكون سببا لعدم استجابة الله للدّعاء و نحن نتعوذ من الدّعاء الذي لا يُسمع
ـ[أبومنصور]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 01:28]ـ
سؤال مهم جدا .. ارجو ان اجد من يجيب عنه بشكل مفصل
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 05:54]ـ
إذا كان هذا قبل إسلامه فكما يقول ابن القيم رحمه الله:ومن ذلك تقريرهم على ما بأيديهم من الأموال التي اكتسبوها قبل الإسلام بربا أو غيره ولم يأمر بردها بل جعل لهم بالتوبة ما سلف من ذلك.
إعلام الموقعين (2|388)
وفي فتاوى الإسلام
سؤال رقم 2492 - هل يجب التخلّص من
الربا المكتسب قبل العلم بالتحريم
السؤال: اعتاد شخص ما على الحصول على فائدة على مبالغ أودعها في أحد البنوك. وقد علم لاحقا أن هذا الأمر حرام فتوقف عن الحصول على الفائدة. وبعد ذلك شعر بأن عليه أن يتبرع بهذا المال لإكمال شروط توبته، غير أنه واجه مشكلتين:
1. أولاهما أنه لا يستطيع حساب المبلغ الصحيح للفائدة التي حصل عليها من البنك في السابق.
2. والثانية أن مبلغ الادخار المتوفر لهذا الشخص في الوقت الحالي يقل عن مبلغ الفائدة التي حصل عليها من البنك في السنوات السابقة.
على ضوء ما سبق، يرجى الإجابة عما يلي:
1. هل من شروط التوبة لهذا الشخص أن يتبرع بالمبلغ الصحيح المعادل لجميع مبالغ الفائدة التي حصل عليها من البنك؟
2. إذا كانت الإجابة على السؤال السابق هي نعم فهل يجب عليه أن يتبرع على الفور بأية
(يُتْبَعُ)
(/)
مبالغ قد تصبح متوفرة لديه (بعد توفير الاحتياجات الأساسية لنفسه وأفراد عائلته)؟ مثلا هل يستطيع هذاالشخص أن يشتري أشياء لا تعتبر من الضروريات (غير
المأوى والمطعم والملبس والدواء والانتقال) ولكنها لا تخلو من أهمية (مثل جهاز كمبيوتر)؟
3. إذا كانت الإجابة على الجزء الثاني من السؤال السابق هي نعم، فهل يستطيع هذا الشخص أن يحج قبل التبرع بما يعادل مبلغ الفائدة البنكية بأية مبالغ قد تتوفر لديه؟
الحمد لله
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا
لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي
يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ
الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ
الرِّبَا فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ
فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى
اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) سورة
البقرة
قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: " فمن جاءه
موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله "
أي من بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع
إليه فله ما سلف من المعاملة لقوله "عفا الله عما
سلف " وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم
فتح مكة وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدميّ هاتين
.. (فهو لمّا ألغى ما للمرابين عند النّاس من
الزيادة على رأس المال) لم يأمرهم برد الزيادات
المأخوذة في حال الجاهلية، (وقوله): عفا (الله)
عما سلف (هو كقوله) .. تعالى " فله ما سلف وأمره
إلى الله " قال سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف: (
أي) ما كان أكل من الربا قبل التحريم. تفسير
ابن كثير والزيادات بين القوسين للإيضاح
وبناء عليه فلست ملزما بردّ مال الرّبا الذي أخذته
قبل علمك بالتحريم وأمّا ما أخذت من الربا بعد علمك
بالتحريم فيجب عليك أن تردّه إن كان بقي عندك فإن
اختلط بأموالك ولم تدر كم هو على التحديد فقدّره
تقديرا بما يغلب على ظنّك ثمّ أخرجْه (للمزيد راجع
السؤالين 824، 1606) ونسأل الله أن يتوب علينا جميعا
وصلى الله على نبينا محمد.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـ[سراج بن عبد الله الجزائري]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 09:54]ـ
أرجو من الإخوة أن يتدبرو ما ينقلوا أو على الأقل ينقلوا إلى جانب أقوال العلماء أدلّتهم كذلك
فلما يُنقل كلام ابن القيمّ رحمه هذا:
ومن ذلك تقريرهم على ما بأيديهم من الأموال التي اكتسبوها قبل الإسلام بربا أو غيره ولم يأمر بردها بل جعل لهم بالتوبة ما سلف من ذلك.
فأين النصوص و الآثار التي اعتمدها ابن القيّم في تقريره هذا
فلربما أخطأ في فهمها أو أنّه لم يثبت سندها من الناحية الحديثية
نفس الشيء مع كلام ابن تيمية -رحمه الله-
يعني أين هاته النصوص التي أقرّ فيها النّبي صلى الله عليه و سلّم من اسلم ممن كان مكسبه من ربا أو بغي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[23 - May-2008, صباحاً 10:55]ـ
الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب
السؤال:أخ لنا أسلم حديثاً، وكان في أيام جاهليته اكتسب مالاً كثيراً عن طريق تجارة المخدرات، فحمل معه هذه الأموال الكثيرة وكوّن مكتبة عظيمة، وتزوج بها، وفي هذه الأيام الأخيرة أُخبر بأنه لا يجوز له أن يتصدق بهذه الأموال، لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا الطيب، فيسأل: ماذا يجب عليه أن يصنع في هذه الأموال، وما صحة هذا الكلام؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
الحمد لله الذي هداه إلى الإسلام، ونسأل الله سبحانه أن يثبته ويوفقه إلى ما فيه خيره في الدنيا والآخرة.
ثانياً:
من فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من الذنوب والمعاصي، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره، وصار نقياً من الذنوب.
روى مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي. قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ.
(الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله) أَيْ: يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره. قاله النووي في "شرح مسلم".
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل ما جاء في السؤال، من اكتساب مال بسبب تجارة المخدرات قبل الإسلام، فأجاب:
" نقول لهذا الأخ الذي منّ الله عليه بالإسلام بعد أن اكتسب مالاً حراماً: أبشر فإن هذا المال حلال له، وليس عليه فيه إثم، لا في إبقائه عنده، ولا فيما تصدق به منه، ولا فيما تزوج به منه، لأن الله تعال قال في الكتاب العزيز: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ) الأنفال/38. أي: كل ما سلف، وما هنا للعموم، لأنها اسم موصول، يعني كل ما تقدم فهو مغفور له. لكن المال الذي غصبه من صاحبه يرده عليه، أما المال الذي اكتسبه عن طريق الرضا بين الناس وإن كان حراماً، كالذي اكتسبه بالربا، أو المخدرات أو غيرها، فإنه حلال له إذا أسلم لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، وكذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن العاص حين أسلم: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله).
وكثير من الكفار أسلموا وقد قتلوا من المسلمين، ومع ذلك لم يؤاخذوا بما عملوا، فأخبر هذا الأخ أن ماله حلال، وليس فيه بأس، وليتصدق منه، وليتزوج به، وأما ما قيل له إنه لا يجوز له أن يتصدق به ولا منه فليس لقوله أصل " انتهى.
"لقاءت الباب المفتوح" (/373 - 374).
http://www.islam-qa.com/ar/ref/46505
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو موسى]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 12:05]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
سلسلة مع الذاكرين (1)
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[16 - May-2008, صباحاً 08:29]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
فهذه هي السلسلة الأولى من سلسلة مع الذاكرين، أضعها هنا لكي يستفيد منها إخواني وأخواتي الفضلاء، نسأل الله أن ينفع بها، والآن مع السلسة الأولى، وهي بعنوان:
فضل أذكار غير مقيدة بوقت
فضل من قال: لا إله إلا الله
1 - ((أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ)).
2 - ((أَفْضَلُ الذِّكْرِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
3 - ((مَنْ خُتِمَ لَهُ بِقَوْلِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحْتَسِبًا عَلَى اللَّهِ عز وجل؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
4 - ((أَكْثِرُوا مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا)).
5 - ((آمُرُكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
6 - ((مَا قَالَ عَبْدٌ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ قَطُّ مُخْلِصًا؛ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ)).
7 - ((إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ إِلا حَرَّمَهُ الِلَّه عَلَى النَّارِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
8 - ((مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ دَهْرِهِ، أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ)).
9 - ((مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
10 - ((أَبْشِرُوا، وَبَشِّرُوا مَنْ وَرَاءَكُمْ، أَنَّهُ مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ صَادِقًا بِهَا؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
11 - ((اخْرُجْ فَنَادِ فِي النَّاسِ مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)).
12 - ((اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ؛ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ)).
13 - ((فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ)).
14 - ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
15 - ((ثَلاَثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الإِيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ رَافِدَةً عَلَيْهِ كُلَّ عَامٍ)).
16 - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُنَادَى فِي النَّاسِ: ((أَنَّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
17 - ((مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
18 - ((وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ)).
19 - ((مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُخْلِصًا؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
20 - ((أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ)).
(يُتْبَعُ)
(/)
21 - ((مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ؛ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ)) قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟، قَالَ: ((وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ))، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟، قَالَ: ((وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ))، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟، قَالَ: ((وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ)).
22 - ((إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ، مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
23 - ((إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ إِلاَّ كَانَتْ نُورًا لِصَحِيفَتِهِ، وَإِنَّ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ لَيَجِدَانِ لَهَا رَوْحًا عِنْدَ الْمَوْتِ)).
24 - ((يَا رَبِّ، ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي، لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
25 - بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ): فَنَبَذَتْهُ الأَرْضُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: ((إِنَّ الأَرْضَ لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَكُمْ تَعْظِيمَ حُرْمَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
26 - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ؟ قَالَ: ((هِيَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ)).
27 - ((وَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، وَحُطَّتْ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً)).
28 - ((وَهَلِّلِي اللَّهَ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ؛ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَلاَ يُرْفَعُ يَوْمَئِذٍ لأَحَدٍ عَمَلٌ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَيْتِ بِهِ)).
29 - ((يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ)).
.............................. .........................
1 - أخرجه البخاري (1/ 49) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
2 - [حسن]: أخرجه الترمذي (5/ 462) وابن ماجه (2/ 1249) من حديث جابر رضي الله عنه وأنظر مشكاة المصابيح (2306).
3 - [صحيح]: أخرجه ابن شاهين في الخامس من الأفراد (1/ 7) من حديث حذيفة رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (1645).
4 - [حسن]: أخرجه أبو يعلى (11/ 8) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (1529).
5 - [صحيح]: أخرجه أحمد (2/ 169) من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما وأنظر صحيح الأدب المفرد (548).
6 - [حسن]: أخرجه الترمذي (5/ 575) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (5648).
7 - [صحيح]: أخرجه ابن حبان (1/ 434) من حديث عثمان وعمر رضي الله عنهما وأنظر صحيح الترغيب (1528).
8 - أخرجه مسلم (2/ 631) والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 109) واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (6434).
9 - [حسن]: أخرجه أبو داود (3/ 190) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه وأنظر إرواء الغليل (3/ 149).
10 - [صحيح]: أخرجه أحمد (4/ 402) من حديث أبي موسى رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (712).
11 - [صحيح]: أخرجه أبو يعلى (1/ 100) من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (229).
12 - أخرجه مسلم (1/ 60) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
13 - أخرجه البخاري (1/ 164) ومسلم (1/ 455) من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه.
14 - أخرجه مسلم (1/ 63) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
15 - [صحيح]: أخرجه أبو داود (2/ 103) من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (1046).
16 - [صحيح]: أخرجه البزار (1/ 276) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنظر السلسلة الصحيحة (2344).
17 - أخرجه مسلم (1/ 55) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
18 - أخرجه مسلم (1/ 498) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
19 - [صحيح]: أخرجه البزار كما في مجمع الزوائد (1/ 17) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (6433).
20 - أخرجه البخاري (3/ 1077) واللفظ له ومسلم (1/ 52) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجه البخاري أيضاً (1/ 153) من حديث أنس رضي الله عنه وأخرجه مسلم أيضاً (1/ 53) من حديث طارق الأشجعي رضي الله عنه.
21 - أخرجه البخاري (5/ 2193) واللفظ له ومسلم (1/ 95) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
22 - أخرجه البخاري (6/ 2704) ومسلم (1/ 165) واللفظ له من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.
23 - [صحيح]: أخرجه ابن ماجه (2/ 1247) من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأنظر صحيح الجامع (2492).
24 - أخرجه البخاري (6/ 2727) واللفظ له ومسلم (1/ 182) من حديث أنس رضي الله عنه.
25 - [صحيح]: أخرجه ابن ماجه (2/ 1297) من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه وأنظر صحيح ابن ماجه (3175).
26 - [حسن]: أخرجه الطبراني في الدعاء (1/ 439) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأنظر كتاب العلم (ص/55).
27 - [صحيح]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 210) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما وأنظر صحيح الجامع (1718).
28 - [حسن]: أخرجه أحمد (6/ 344) من حديث أم هاني رضي الله عنها وأنظر السلسلة الصحيحة (1316).
29 - أخرجه البخاري (1/ 24) واللفظ له ومسلم (1/ 182) من حديث أنس رضي الله عنه.
ـ[أبو فايزة]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 09:52]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 10:31]ـ
وإياك بارك الله فيك.(/)
هذا حرام وان افتاك من زعم انه شيخ الاسلام؟؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 05:54]ـ
وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه
قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جئت تسأل عن البر والإثم قلت نعم قال استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك حديث حسن
رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن
قال الامام ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث:
قوله ((وإن أفتاك الناس وأفتوك))
يعني أن ما حاك في صدر الإنسان فهو إثم وإن أفتاه غيره بأنه ليس بإثم
فهذه مرتبة ثانية وهو أن يكون الشيء مستنكرا عند فاعله دون غيره وقد جعله أيضًا إثما
وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمان، وكان المفتي يفتي له بمجرد ظن أو ميل إلى هوى من غير دليل شرعي فأما ما كان مع المفتي به دليل شرعي
فالواجب على المفتى الرجوع إليه وإن لم ينشرح له صدره وهذا كالرخصة الشرعية مثل الفطر في السفر والمرض وقصر الصلاة في السفر ونحو ذلك مما لا ينشرح به صدور كثير من الجهال فهذا لا عبرة به
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يأمر أصحابه بما لا تنشرح به صدور بعضهم فيمتنعون من قوله فيغضب من ذلك كما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة فكرهه من كرهه منهم وكما أمرهم بنحر هديهم والتحلل من عمرة الحديبية فكرهوه وكرهوا مفاوضته لقريش على أن يرجع من عامه وعلى أن من أتاه منهم يرده إليهم وفي الجملة فما ورد النص به فليس للمؤمن إلا طاعة الله ورسوله كما قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا فإن ما شرعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به والتسليم له كما قال تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} النساء
وأما ما ليس فيه نص من الله ولا رسوله ولا عمن يقتدي بقوله من الصحابة وسلف الأمة فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان المنشرح صدره بنور المعرفة واليقين منه شيء وحك في صدره بشبهة موجودة ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه وهو ممن لا يوثق بعلمه وبدينه بل هو معروف باتباع الهوى فهنا يرجع المؤمن إلى ما حاك في صدره
وإن أفتاه هؤلاء المفتون
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 08:50]ـ
بارك الله فيكم وجعلنا جميعاً من أهل النص والدليل متبعين لا مبتدعين.
ـ[أسماء]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 09:03]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 09:03]ـ
جُزيتم خيرا ... حبذا ذكر مصدر كلام ابن رجب رحمه الله.
وكذا مظنة أن أجد كلام غيره من أهل العلم في شرح هذا الحديث.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 09:12]ـ
الاخوة أبو محمد العمري و عبدالملك السبيعي والاخت أسماء
شكرا لكم جميعا. وبارك الله فيكم ..
الاخ.عبدالملك السبيعي
كلام ابن رجب رحمه الله هذا في جامع العلوم والحكم
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 10:34]ـ
جزاكم الله خيرا أخي أبو محمد
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 12:08]ـ
وانت جزاك الله خيرا أخي حمدان الجزائري
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[02 - Oct-2009, مساء 04:48]ـ
يرفع للفائدة
ـ[حيدرب]ــــــــ[02 - Oct-2009, مساء 06:46]ـ
بوركت. و قد ذكر الشيخ عبد المحسن العباد في أحد دروسه أن هذا الحديث يستعمل إذا أفتاه العالم بالإباحة و في نفسه شيء من ذلك دون غيرها. و الله أعلم.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[02 - Oct-2009, مساء 06:58]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الكَلِمُ الطيب]ــــــــ[04 - Oct-2009, صباحاً 01:20]ـ
قال الشيخ الألباني:حينما تشكل عليه مسألة إما سؤاله لأهل العلم إن لم يكن منهم أو بعد أن درس المسألة هو في حدود استطاعته وأجتهاده ثم لم يتحرر له مسألة ولم يتبن له صواب حين ذلك يستفتي قلبه.
أما الذي يفتيه أهل العلم بالتحريم ثم هو يقول: أنا استفتيت قلبي ووجدت الأمر حلالا زلالا لا إشكال فيه!! فقوله باطل باتفاق أهل العلم.
والله أعلم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[04 - Oct-2009, صباحاً 02:42]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
سؤال عن كلمة: نهاية العظماء
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[16 - May-2008, مساء 10:09]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دائما نسمع او نقرأ عناوين عن نهاية الظلم اوالفساد وما شابه ذلك.
وصلني بريد الكتروني عنوانه " نهاية العظماء "، فأول ما تبادر الى ذهني ان هناك شيء مذموم،
وبعدما فتحت البريد الالكتروني، وجدته يتحدث عن افضل واعظم بشر بعد الانبياء والرسل.
اولهم ابو بكر الصديق رضي الله عنه.
سؤالي من فضلكم: هل العنوان هذا ملائم للموضوع؟
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
ٌصة منتشرة جدًا على المنتديات فى صفات قوم لوط عليه السلام، فهل هناك آثار تؤيد ذلك؟؟
ـ[محبة القرآن والعربية]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 02:57]ـ
بسمِ الله، والحمدُ لله
والصَّلاةُ والسَّلامُ على النَّبىّ العربىّ الكريم .. صلاةً وسلامًا دائِميَْن
وعلى آلِهِ وصَحبِهِ الطيِّبين الطَّاهِرين .. وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***********************
انتشر هذا الموضوع بشكلٍ كبيرٍ جدًا فى المُنتديات
فهل هناك من الآثار ما ورد فى ذلك؟؟
----------------------------
اربع من صفات قوم لوط موجوده حالياً بين شبابنا
لكم اربع من صفات قوم لوط ,, موجوده حالياً بين شبابنا من بنين وبنات
1 - التصفير ... حيث كان صفة قوم لوط استدعاء الرجل للآخر لفعل الفاحشة
معه عن طريق التصفير بالفم
ونجد شبابنا اليوم يتبعون نفس الامر فى نداء بعضهم
2 - الوقوف على النواصى .. لاصطياد الفرائس من الرجال
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الوقوف على قارعة الطريق وذكر للصحابة انهم
اذا فعلوا ذلك لأى غرض نبيل فعليهم اعطاء الطريق حقه وهو ... غض البصر، غض السمع،
رد السلام، افساح الطريق
ونحن نرى الشوارع اليوم تكتظ بالشباب الذين يقفون لمعاكسة الفتيات
ويملئون الطريق ولا يهتمون بالافساح للمارة
3 - فتح صدر القميص ... وكان قوم لوط رداءهم يشبه القميص
الحالى وكانوا يفتحون صدره تباهيا بأنفسهم
4 - انزال البنطال الى ما قرب عظم الحوض وهي صفة الشباب الشاذين
في قوم لوط ممن يفعل بهم الفاحشه ..
وهى موضة منتشرة جدا بين الشباب والبنات من دون ان يعرفوا معناها
والاخطر انها موضة مستوردة من الغرب ابتدعها مصمم ازياء اوروبى معروف صاحبه بالشذوذ الجنسى
وقد قتل من صديق له بسبب هذا الشذوذ
هذا ما اكتشفنا معناه وأصله وكم من عادات منتشرة ولا نعرف اصلها ومعناها ........
ـ[محبة القرآن والعربية]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 03:02]ـ
هناك الكثير من يتساءل عن الشياطين أو عن أسماءها أو مهامها وهل لهم أبناء و ما أسمائهم؟
في بعض الكتب والروايات أذكر لكم أهم أسماء الشياطين والعياذ بالله منهم
خنزب << وسواس الصلاة
الولهان
الأجدع
الأعور
الأجدع شيصبان
ميطرون
شمهروس
وهنا بعض الاسماء للشياطين والمهمات التي يهتمون بها
(هفاف)
وظيفته إيذاء الناس وتخويفهم بالظهور لهم بهيئة حيوانات مخيفة
(زلنبور)
موكّل على من في السوق بتزيين أفعالهم من اللغو والكذب والقسم الكاذب ومدح البضاعة لبيعها
(ولّها)
للوسوسة في الطهارة وفي الصلاة
(أبيض)
للوسوسة إلى الأنبياء ولإثارة الغضب
(ثبر)
ليزين للمصاب بمصيبة خمش الوجه وشقّ الجيب ولطم الخد
(أعور)
لتحريك الشهوات لدى الرجال والنساء ودفعهم للزنا
(داسم)
لإثارة الفتن في البيت بين أهله
(مطرش)
لإشاعة الأخبار الكاذبة
(دهّار)
لإيذاء المؤمنين في النوم بواسطة الأحلام المرعبة والاحتلام مع النساء الأجنبيات
(تمريح)
لإشغال وقت الناس عن أداء واجباتهم
(لاقيس)
بنت إبليس التي علّمت نساء قوم لوط السحاق بعد أن اشتغل الرجال بالرجال منهم، وما زالت وظيفتها إلى الآن إضلالهن بالسحاق
(مقلاص)
لتزيين أمر القمار والمتقامرين ثم إيقاع العداوة والبغضاء بينهم
(اقبض)
واجبه وضع البيض إذ يضع في اليوم ثلاثين بيضة، عشر في المشرق، وعشر في المغرب، وعشر في وسط الأرض، فيخرج من كل بيضة عدد من الشياطين والعفاريت والجان، وجميعها أعداء للإنسان
ـ[محبة القرآن والعربية]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 03:04]ـ
كل هذه القصص - وغيرها الكثير- منتشرة بصورةٍ كبيرةٍ جدًا، فهل هناك آثار فعلا تؤيد ذلك؟؟
أرجو الإفادة عاجِلاً بارك الله فيكم ..
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 07:09]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خنزب ورد ذكره في حديث في صحيح مسلم .. والولهان ورد أنه شيطان الوضوء كما عند الترمذي وابن ماجة ولا يصح الحديث .. والله أعلم.(/)
ذكرياتي مع العلم وطلابه - في جامعة أم القرى -
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 05:11]ـ
ذكرياتي مع العلم وطلابه
(ذكرياتي مع العلم وطلابه) محاضرة للدكتور محمد محمد أبو موسى بمكة المكرمة
تقام هذا اليوم السبت 12/ 5/1429هـ محاضرة للأستاذ الدكتور محمد محمد أبو موسى وفقه الله
أستاذ البلاغة بجامعة أم القرى بعنوان:
ذكرياتي مع العلم وطلابه
بعد صلاة العشاء مباشرة، بقاعة الأمير فيصل بن فهد بجامعة أم القرى بالعزيزية.
المصدر:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=11893
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[03 - Jun-2008, مساء 02:42]ـ
هذا تسجيل لهذه المحاضرة الماتعة لمن فاته الحضور المباشر نقلته لكم عبر ملتقى أهل التفسير
ويمكنكم تحميلها على جهازكم من سيرفر أهل التفسير من الرابط الآتي ..
http://www.tafsir.net/audio/sound/abumusaa.zip
ـ[أبو فراس]ــــــــ[03 - Jun-2008, مساء 03:17]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[05 - Jun-2008, مساء 09:23]ـ
وإياك.
ـ[سلمان]ــــــــ[10 - Jun-2008, مساء 04:12]ـ
شكر الله لك شيخنا، وبارك فيك.(/)
هل كان الهدهد متأولا تأويلا قريباً؟
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[17 - May-2008, صباحاً 10:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
هل كان الهدهد متأولا تأويلا قريباً؟
قال تعالى:
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} (النمل:20)
{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} (النمل:21)
{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} (النمل:22)
قرر الشيخ عبد الحميد بن باديس، أن الهدهد وقع في مخالفة؛ لكنها لقصد حسن وهو الاستطلاع كما قال، ثم قال:
فإن قيل ما الذي أوقع في نفس الهدهد رغبته في طلب ما طلب؟
فالجواب:
أنه يجوز أن يكون شاهد عمران اليمن من مكان بعيد ببصره الحاد فرغب في المعرفة، أو أن يكون قد مر باليمن من قبل، ولم يتحقق من حالها فأراد أن يتحقق.
وهذه الآية مأخذ من مآخذ الأصل القائل:
أن المخالف للأمر عن غير انتهاك للحرمة لا يؤاخذ بتلك المخالفة.
ومن فروع هذا الأصل (سقوط الكفارة عمن أفطر في رمضان متعمدا متأولا تأويلا قريباً).
[ينظر: مجالس الذكر من كلام الحكيم الخبير، للشيخ عبدالحميد بن باديس: ص 350]
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 05:28]ـ
وهذه الآية مأخذ من مآخذ الأصل القائل:
أن المخالف للأمر عن غير انتهاك للحرمة لا يؤاخذ بتلك المخالفة.
ومن فروع هذا الأصل (سقوط الكفارة عمن أفطر في رمضان متعمدا متأولا تأويلا قريباً).
[/ COLOR]
الأخوة الفضلاء لم أجد هذا الأصل في كتب أهل العلم وأنا طالب علم أريد أن أفهم، فهل من معلم جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 04:13]ـ
للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=137451
ـ[عبدالرحمن الجفن]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 07:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
فعل الهدهد وإقرار سليمان عليه الصلاة والسلام كان في شرع من قبلنا , فهل في شرعنا ما يوافقه.؟
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[21 - May-2008, صباحاً 06:18]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
فعل الهدهد وإقرار سليمان عليه الصلاة والسلام كان في شرع من قبلنا , فهل في شرعنا ما يوافقه.؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ذكرتني أخي الفاضل بما يخص القتل تعزيرا
، حيث قال سليمان:
{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} (النمل:21)
وما ذكرته يحتاج للانتباه والتفكر، والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[28 - Jun-2008, صباحاً 05:27]ـ
وللفائدة:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=57497#post574 97(/)
ما هو الدليل على تفضيل إبراهيم وموسى عليهما السلام؟
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 06:13]ـ
يذكر أهل العلم أن الرسل أفضلُ من الأنبياءِ؛ وأن أفضلَ الرسلِ هم أولو العزم؛ وأفضل أولو العزم:
1 - محمد صلى الله عليه وسلم؛ والدليل على هذا واضح لا يخفى.
ثم:
2 - إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ثم:
3 - موسى عليه الصلاة والسلام؟
ثم وقع الخلاف في عيسى ونوح عليهما الصلاة والسلام.
فهل وقع إجماع على تفضيل إبراهيم عليه السلام بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ثم يأتي بعده موسى عليه السلام؟
وما هو الدليل على تفضيلهما في تلك المرتبة من النصوص؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 04:24]ـ
يُرفع للأهمية
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 03:25]ـ
للرفع
ـ[حمد]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 07:48]ـ
http://64.233.183.104/search?q=cache:m1ggk7ecN_MJ:ww w.taimiah.org/Display.asp%3FID%3D172%26t%3Db ook23%26pid%3D2%26f%3Dobed-00172.htm+%22%D8%A3%D9%81%D8%B 6%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9% 86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1+%D8 %A8%D8%B9%D8%AF%22&hl=ar&ct=clnk&cd=17&gl=sa
ـ[أبو ندى]ــــــــ[20 - May-2008, صباحاً 02:26]ـ
وهذا نص ما في الرابط الذي وضعه الأخ حمد من شرح الشيخ الراجحي على كتاب العبودية
(الخلة كمال المحبة
وقال -تعالى-: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ وقال -تعالى-: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
وقال -تعالى-: وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ إلى قوله: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن إبراهيم خير البرية؛ فهو أفضل الأنبياء بعد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو خليل الله -تعالى-.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من غير وجه أنه قال: إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وقال: لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله يعني: نفسه.
وقال: لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر وقال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
وكل هذا في الصحيح، وفيه أنه قال ذلك قبل موته بأيام، وذلك من تمام رسالته؛ فإن في ذلك تمام تحقيق مخالَّته لله، التي أصلها محبة الله -تعالى- للعبد ومحبة العبد لله، خلافا للجهمية.
--------------------------------------------------------------------------------
وعلى هذا؛ تكون الخلة لإبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام-، فإبراهيم خليل الله، ومحمد خليل الله -عليهما الصلاة والسلام-، وهما أفضل الرسل، وأفضل الخلق.
ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أكمل الخليلين، أكمل وأفضل من جده إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام-، ويليه جده في الفضيلة إبراهيم؛ فكلاهما خليل الله.
وأما زعم بعض الناس -كما سيبين المؤلف-: " أن إبراهيم خليل الله، ومحمدا حبيب الله " هذا ضعيف ليس بصحيح؛ لأن الخلة كمال المحبة، أكمل: يعني أعلى مراتب المحبة هي الخلة، وهي تستلزم من العبد كمال العبودية لله.
المعنى: أن إبراهيم ومحمدا وصلا إلى كمال العبودية لله -عز وجل-، وتستلزم من الرب كمال الربوبية، كمال الربوبية لهما، نعم)(/)
ما الفرق بين الخوف والحزن؟
ـ[معاذ]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 06:20]ـ
ما الفرق بين الخوف والحزن؟
الخوف على أمر مستقبل تخاف من أمر يأتيك، والحزن على أمر فات، فلا خوف عليهم،ولا هم يحزنون،وهذا كقوله سبحانه وتعالى {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه: 123،124]
قال ابن عباس: كتب الله، عز وجل، على نفسه أن من اتبع هذا القران، فاحل حلاله وحرم حرامه، أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه: 124] معه دراهم ودنانير ودور وقصور وسيارات، لكن عليه الضنك، وعليه اللعنة ,وعليه الغضب {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آياتنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)} [طه]
{قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى}، وقد أتى والله.
والله لقد أسمعت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم راعي الغنم في الصحراء.
والله، لقد سمعت بدعوته العجائز في بيوتهن، وفي خدورهن.
والله، لقد نفذ إلى العاتق من النساء، إلى البكر من النساء، إلى العذراء من النساء.
من دعوته ما وصل علماء الصحابة في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والله، لقد سارت دعوته مسير الشمس، ومسير الليل والنهار، فما هو عذرنا إذا قلنا ما آتانا، ما بين لنا، ما وضحت الطريق،ولا والله قد وضحت كل الوضوح،وقد بينت كل البيان {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 70] فمن هو الحي؟؟ أهو الذي يأكل ويشرب ويزمر ويغني لياليه وأيامه؟ هذا صحيح يسمى حيا مجازا، حياة الشاة لأنه يأكل ويشرب، لكن قلبه ليس بحي {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122] لا سواء، فالحياة هنا هي حياة الإيمان، حياة القران، حياة الذكر، حياة الاتصال بالله، حياة حفظ الوقت، حياة طلب العلم، حضور مجالس الخير، واستماع إلى كلام الخير، هذه هي الحياة أما غيرها فهي حياة (الخواجات).
والله، كيف ينعم الإنسان كيف يهدأ باله وهو ليس مستقيما؟ والله ليس راض عنه، تجد عنده قصور،عنده دور، عنده مناصب، لكن الله غضبان عليه من فوق سبع سماوات، كيف يهدأ؟ كيف يرتاح؟ وبعد أيام يرتحل إلى الله {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 94] أتى صلى الله عليه وسلم يخرج الناس من الظلمات إلى النور، فمن أطاعه اهتدى، ومن عصاه تردى.
***************************** [/ b](/)
سلسلة مع الذاكرين (2)
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 06:49]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذه هي السلسلة الثانية من سلسلة مع الذاكرين
فضل ما ورد في أذكار غير مقيدة بوقت
فضل من قال: سبحان الله
1 - ((فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ)).
2 - ((سَبِّحِي اللَّهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ رَقَبَةٍ تُعْتِقِينَهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ)).
3 - ((فَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ؛ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، وَحُطَّتْ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً)).
فضل من قال: الحمد لله
4 - ((وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ)).
5 - ((وَاحْمَدِي اللَّهَ مِائَةَ تَحْمِيدَةٍ؛ تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ، تَحْمِلِينَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).
6 - ((وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ)).
7 - ((وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ)).
8 - ((وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْحَمْدِ)).
فضل من قال: الله أكبر
9 - قَالَ اللهُ تَعَالَى: ? وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ?.
10 - وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ)).
11 - ((وَمَنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ؛ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، وَحُطَّتْ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً)).
12 - ((وَكَبِّرِي اللَّهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ بَدَنَةٍ مُقَلَّدَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ)).
.............................. ...............
1 - أخرجه مسلم (1/ 498) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
2 - [حسن]: أخرجه أحمد (6/ 344) من حديث أم هاني رضي الله عنها وأنظر السلسلة الصحيحة (1316).
3 - [صحيح]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 210) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما وأنظر صحيح الجامع (1718).
4 - أخرجه مسلم (1/ 498) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
5 - [حسن]: أخرجه أحمد (6/ 344) من حديث أم هاني رضي الله عنها وأنظر السلسلة الصحيحة (1316).
6 - [حسن]: أخرجه الترمذي (5/ 462) وابن ماجه (2/ 1249) من حديث جابر رضي الله عنه وأنظر مشكاة المصابيح (2306).
7 - أخرجه مسلم (1/ 203) من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
8 - [حسن]: أخرجه أبو يعلى (7/ 247) من حديث أنس رضي الله عنه وأنظر صحيح الترغيب (1572).
9 - [المدثر: 3].
10 - أخرجه مسلم (1/ 498) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
11 - [صحيح]: أخرجه النسائي في سننه الكبرى (6/ 210) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما وأنظر صحيح الجامع (1718).
12 - [حسن]: أخرجه أحمد (6/ 344) من حديث أم هاني رضي الله عنها وأنظر السلسلة الصحيحة (1316).
ـ[أبو فايزة]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 09:53]ـ
اذكار قيمة تشكر عليها أخي صالح
ـ[صالح بن محمد العمودي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 10:33]ـ
ذكرك الله الشهادة، قل: آمين.(/)
مفاجأة: لقاء خاص مع الشيخ محمد بن عبد المقصود حول: الفتن
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - May-2008, مساء 10:22]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء خاص مع الشيخ محمد بن عبد المقصود
تطرق فيه إلى:
الفتن
فتنة النساء
الطعن في مشايخنا على الفضائيات
كيف السبيل للخروج من الفتن
تاريخ اللقاء 1/ 5/2008
http://ia360943.us.archive.org/1/ite...me3_01/001.flv
http://ia360943.us.archive.org/1/ite...me3_01/002.flv
http://ia360943.us.archive.org/1/ite...me3_01/003.flv
http://ia360943.us.archive.org/1/ite...me3_01/004.flv
للمشاهدة
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=5721
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات(/)
دعوة الرسل بين الخصوصية والعموم
ـ[أم فراس]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 07:46]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعرف جميعا بنص الحديث أن من مميزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه بعث إلى الناس كافة وقد كانت الأنبياء تبعث إلى اقوامها خاصة.
طيب: سيدنا إبراهيم من أين وبعث لمن؟
ويعقوب ويوسف عليهما السلام هل اقتصروا في دعوتهم لبني إسرائيل أو دعوا إلى الله في مصر مع أن في دراسة الأديان بل وبنص القرآن دعا يوسف صاحبيه في السجن إلى عبادة الله عز وجل.؟،
وسيدنا سليمان من أين؟ وماعلاقته بدعوة أهل اليمن؟
وسيدنا موسى من أين؟ وهل كان رسولا إلى بني إسرائيل فقط؟ ونحن نعلم أنه أرسل إلى فرعون؟
يعني بعبارة أخرى كيف يمكنني التوفيق بين الحديث وبين واقع الرسل
أرجو معرفة إجابة علمية تفصيلية في هذا الموضوع لأني أفكر فيه من 4سنوات؟
بارك الله فيكم جميعا،وأرجو أن أجد جوابا شافياً.
ـ[أم فراس]ــــــــ[06 - Jun-2008, صباحاً 05:56]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أين أعضاء المنتدى، ترى هذا الموضوع أشار به أحد الدكاترة المصريين ليكون بحث ماجستير،
ولكن ظروفي لاتسمح بإحضار كتب مقدسة أو السفر للخارج ولذلك أعرضت عنه
لكن أستطيع أن أفكر معكم في محاور هذا البحث:
مثلا: معنى القوم، ومعنى الرسول، والفرق بين الأنبياء والرسل،ومراجعة قصص الأنبياء من التفاسير وكتب الحديث والسير، والبحث عن الفرق بين ملك سليمان وبين الرسل الآخرين، ثم دور يعقوب وأبنائه في مصر، وهل الخصوصية في الحديث يقصد بها الخصوصية في المكان فقط أو الزمان؟ بحيث تؤول الرسالات إلى التحريف ماعدا الرسالة المحمدية، وهكذا.
فهذا تبرع مني بموضوع يصلح لمن أراد التخصص في الأديان. ودعواتكم.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Jun-2008, صباحاً 09:44]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله .. وبعد
فإنه يبدو لي أن دعوة الرسل في أصلها دعوة عامة لأن دعوتهم هي دعوة التوحيد الذي أوجبه الله على الناس أجمعين ولم يوجبه على قوم دون آخرين.
أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: وكان النبي يبعث في قومه خاصة - فربما يكون المقصود حكاية حال، فظروف الأنبياء السابقين وبساطة تشريعاتهم وطبيعة عصرهم وتباعد البلدان وضعف وسائل الانتقال وانعدام وسائل الاتصال وعدم قيام الأتباع بتحمل رسالة الدين من بعدهم - جعلت تكليف الله عز وجل لهم بما يطيقون وهو دعوة أقوامهم الذين عاشوا بينهم ونشأوا فيهم، فإذا تيسر لأحدهم دعوة غيرهم لوجوده مع أقوامهم وجبت عليهم دعوته (كما فعل موسى مع فرعون)، وإذا بسط لأحدهم سلطان ونفوذ وجبت عليه الدعوة بقدر سلطانه ونفوذه (كما فعل سليمان مع أهل سبأ).
أما رسالة النبي الخاتم فقد هيأ الله لها ما لم يهيئ لغيرها من كثرة الأتباع وسهولة الانتشار وبقاء الشريعة ببقاء القرآن وتعهد الله تعالى بحفظه وايجاب الله تعالى على أتباعه القيام بالدعوة وحمل الرسالة الى يوم الدين ......... والله اعلى وأعلم.(/)
الأعمال الخيرية والأُجرة.
ـ[رشيد الحضرمي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 04:48]ـ
إخواني الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من يعمل بالإمامة أو بالخطابة أو بالتدريس أو بالتحفيظ وغيرهامن الأمور الخيرية، لايعمل إلا لأجل المال .. ماحكم هذا العمل وقد أُمرنا بالإخلاص وكيف نحمل قوله http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif :( إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله).
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 05:48]ـ
حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
موقع الاسلام اليوم
التاريخ 16/ 08/1428هـ
السؤال
ما حكم أخذ الأجرة على تدريس وتعليم كتاب الله، مع العلم أنني طالب علم لا دخل لي، ولا أستطيع ممارسة أي عمل آخر، يضاف لهذا كله أنني أحتاج المال في المواصلات وغيرها من الأمور؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجوز أخذ الأجرة على تدريس وتعليم كتاب الله سيما مع الحاجة إليها، ويستدل لهذا بما أخرجه البخاري في صحيحه (5737) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قال: "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" وهو قول جمهور أهل العلم، ومنهم: مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد، وظاهر صنيع البخاري، حيث أردف حديث ابن عباس السابق ذكره بحديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- في أخذ الأجرة على رقية اللديغ، انظر البخاري (2276).
وقد ذهب أبو حنيفة –رحمه الله– وأحمد في رواية عنه إلى تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن؛ لما رواه أبو داود (3416) من حديث عبادة بن الصامت –رضي الله عنه– قال: "علَّمت ناساً من أهل الصُّفة الكتاب والقرآن، فأهدى إليّ رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله –صلى الله عليه وسلم– فلأ سألنه، فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليّ قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: إن كنت تحب أن تُطَوَّق طَوْقاً من نار فاقبلها".
قلت: وهو حديث ضعيف، فيه مغيرة بن زيادة مختلف فيه، قال أحمد: مضطرب الحديث، أحاديثه مناكير، وقال أبو زرعة: في حديثه اضطراب، ووثقه وكيع وابن معين.
وفيه الأسود بن ثعلبة قال عنه ابن حجر في (التقريب) مجهول،
وهناك قول ثالث: وهو جواز أخذ الأجرة للحاجة، وهو رواية أخرى عن أحمد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
وخلاصة القول: جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وما دونه كالحديث والفقه وسائر العلوم الشرعية لصراحة الدليل الذي أشرنا إليه آنفاً وصحته، والله أعلم.))))))))) أه
اخي الكريم تقول
من يعمل بالإمامة أو بالخطابة أو بالتدريس أو بالتحفيظ وغيرهامن الأمور الخيرية، لايعمل إلا لأجل المال
اقول هذا تعميم خاطي لوقلت بعض من يعمل كان اصوب بارك الله فيك
ـ[رشيد الحضرمي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 08:02]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم أبامحمد الغامدي على الإفادة.
أخي أنا لم أحكم على أحد حتى تقول أنني عممت،ولكن سؤالي على من كانت حاله كذلك.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 11:25]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[رشيد الحضرمي]ــــــــ[03 - Dec-2008, مساء 11:44]ـ
مثلاً أهل العلم المعاصرين أكثرهم إن لم يكن كلهم يقولون: لا يجوز لمن حج عن الغير أن يأخذ المال لأجل المال ... طيب هل التدريس،والتحفيظ كذلك،وكلها أعمال خيرية ... .
لو كان من يحج عن الغير لم يحج إلا لأجل المال لماذا حُرِّم،لماذا لا نجعل هذا المال في مقام تفريغه لنفسه، والجهد المبذول ... ،ومثله الخطابة وغيرها.
هذه إشكالات أحببت أن أضعها بين أيديكم.
ـ[أبو فيصل الحضني]ــــــــ[04 - Dec-2008, مساء 01:55]ـ
الحمد لله ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر الامام القرافي رحمه الله هذه المسألة في قاعدة [متى يصح اجتماع العوضين لشخص واحد ومتى لا يصح] فقال: {الْإِجَارَةُ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ وَالثَّالِثُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهَا الْأَذَانُ فَتَصِحَّ أَوْ لَا يُضَمَّ إلَيْهَا فَلَا تَصِحَّ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ ثَوَابَ صَلَاتِهِ لَهُ فَلَوْ حَصَلَتْ لَهُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا لَحَصَلَ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَحُجَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الْأُجْرَةَ بِإِزَاءِ الْمُلَازَمَةِ فِي الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ غَيْرُ الصَّلَاةِ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فَإِذَا ضُمَّ إلَى الصَّلَاةِ قَرُبَ الْعَقْدُ مِنْ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ]
أقول: وهذا الذي شهره لا يتبين لي وجه شهرته:فإن أراد العمل فمن النادر أن تجد من يجمع بين الإمامة والأذان، وإن أراد في المذهب فقدروى أشهب عن مالك أنه سئل عن الصلاة خلف من يستأجر في رمضان يقوم بالناس فقال أرجو ألا يكون به بأس وإن كان به بأس فعليه لا على من صلى خلفه وروى عنه بن القاسم أنه كرهه قال وهو أشد كراهة له في الفريضة.هذا قول الامام، وإنما حمله المتأخرون من أصحابه على المعنى الذي ذكره القرافي وهو قول مع أنه لا يتسق مع قول الامام فإنه مخالف للحديث الذي فيه النهي عن أجرة المؤذن.
والصحيح جواز أخذ الامام ما يعطاه من المال لوجهين:
الأول: أنه إنما لا يصح اجتماع العوضين للعامل إذا كان العمل مما يتعين عليه أدؤه كمن لا يصلي الفرض الا أن يعطى مالا. أما ما لا يتعين عليه ولا يلزمه فعله كالإمامة فاجتماع العوضين له صحيح، لأنه لا يأخذ الأجرة على صلاته وإنما يأخذها على حبسه نفسه عليهم في أوقات مخصوصة.
الثاني:أن هذا الذي يأخذه الامام ليس من باب الاجرة،ولكنه من باب الأرزاق التي يوزعها الحاكم من بيت المال على مستحقيها:فلو لم يؤم الناس كان جائزا له أخذ الرزق الذي يعطيه الحاكم لرعيته من بيت المال، فأخذه مع حبسه نفسه على مصلحة من مصالح الدين أولى وللشاطبي رحمه الله كلام متين حول هذه المسألة ذكره في الموافقات. وتأمل مسألة ثبوت أجر الجهاد مع حل الأخذ من الغنيمة تدرك وجه هذا الذي أقول.
أما أخذ الأجرة على تعليم القرآن،فالصحيح الذي يجب المصير اليه في الفتوى هو القول بالجوازودليله قوله (ص) { ... زوجتكها بما معك من القرآن}. والعلم عند الله.(/)
ابن حزم ليس سنياً بل له مذهب خاص. " آل الشيخ"
ـ[تميم]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 09:14]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
قرأتُ في شرح الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ ص 40
س12/ هل كان ابن حزم من أهل السنة والجماعة؟
ج/ لا، ابن حزم ليس سنيا بل له مذهب خاص.
ابن عبدالهادي وغيره يعتبرونه من الجهمية، طائفة تعتبره من الفلاسفة يعني خليط ,هوالعقيدة مخلط
لايتبع مذهبا من المذاهب عنده تجهم،وعنده أشعريات،وعنده فلسفة يعني مخلط.
سؤالي بارك الله فيكم ماصحة هذا الكلام وهل قال به أحد من أهل العلم. غيره
ـ[أبو فايزة]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 10:04]ـ
انا اوصيك بكتاب أبي زهرة فانه تكلن عن ابن حرم بشكل مفصل
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 10:44]ـ
تقدم النقاش حول هذا الموضوع هنا:
من مخالفات العلامة ابن حزم لمذهب أهل السنة والجماعة ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1119)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[18 - May-2008, مساء 11:33]ـ
يوجد رسالة ماجستير في عقيدة ابن حزم اظنها بعنوان الإلهيات – عرض نقد؛ للدكتور أحمد بن ناصر الحمد "؛(/)
رحلة مفاجئة .. هديل الحضيف أنموذجا!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[19 - May-2008, صباحاً 01:50]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله حمد محب له وعابد , والصلاة والسلام على خير من صعد المنابر , محمد بن عبدالله عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار من الله أفضل صلاة وأزكى سلام ... أما بعد:
فكم هو جميل بالإنسان أن يعايش ظروف الآخرين؛ بل إن في ذلك دلالة على حياة قلبه وعدم أنانيته , زد على أن ذلك ينبه القلب الغافل والإنسان الخامل إلى أنه قد يأتي اليوم الذي يكون هو بنفسه عبرة وعظة لغيره! فهل حسب ذلك الإنسان لهذه اللحظة حسابها؟!
** نقطة نظام **
قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة!
وجرى كتابة قدر الإنسان حين نفخ فيه الروح , فليس لابن آدم إلا الرضا بالقضاء والقدر , فما قدره الله كائن لا محالة , والله هو الحكيم الخبير!
** جزء من مقال **
وصلني في البريد الإلكتروني قبل ثلاثة أسابيع رسالة تطلب الدعاء لأخت اسمها هديل الحضيف , هذا الاسم ليس غريبا علي فهي ابنة محمد الحضيف الأديب المعروف , كما أن لها مجموعة قصصية أو روائية , وحيث أني لست من رواد الرواية والقصة فلم أقرأ لها شيئا , اللهم سماعي لها في مداخلة هاتفية تتكلم عن تجربتها في التدوين!
فتحت الرسالة فإذا هي نداء من والدها بالدعاء لابنته فقد دخل صباح ذلك اليوم لإيقاظها , فإذا بها على غير العادة لا تلبي النداء وقد علا وجهها زرقة!
هديل الحضيف أديبة مبتدئة في الخامسة والعشرين من عمرها , قد يكون لشهرة والدها أثر في شهرتها لكن الحق يقال كما يقول متابعوها أنها أثبتت نفسها , يقول عنها والدها (هديل هي الحلم والمشروع الأجمل) فهي بكره , ورفيقته في أيام محنته! كانت له معها جلسات سمر , زادت على كون الأب مع ابنته إلى تلميذ نجيب يتعلم من شيخه!
أسرع بها والدها إلى أقرب مستشفى عن طريق الإسعاف وكان خاصا , فلم يكن بالشكل المطلوب من ناحية الخدمات كما يذكر هو , وابنته تعاني من غيبوبة لا يُعرف أسبابها أو بالأصح لا يَعرف الأطباء هناك أسبابها! فطلب نقلها إلى أحد المستشفيات الحكومية لأنها أحسن من الخاص على الأقل , ولكن لا حياة لمن تنادي , والحجة هي الحجة المقيتة والبائسة: لا يتوفر سرير! ولو كان من أصحاب النفوذ ورؤساء الوزارة وأصحاب الفن العفن لأفرغت له الأجنحة الخاصة , هي لا تريد جناحا إنما سريرا تُعالج وتُمرض عليه , لا لتنام فيه وتنظر في ليونته!!
تسامع الناس بالخبر وبلغ النداء رجاء الصانع مع اختلاف التوجه لكنها سعت وسهلت لها أمر العلاج في أرقى المستشفيات الأمريكية والتي يعالج فيها القساوسة والرهبان! كما يقول هو , وآخر من دبي يجعل دبي بكاملها تحت يده , وأسرة ثالث من بريطانيا تعرض عليه خدماتها! ومع هذا كله لم تفلح جهوده في نقلها!
إلى هذا الحد وصلت قيمة روح الإنسان , فأين المتغربين الذين أزعجوا الناس بهوائهم الغربي , الغرب يفتح مستشفيات ضخمة ويستنفر جهوده لعلاج هرة! أم أن الهواء الغربي فقط هو ما لامس الهوى النفسي لديهم! يراعى المرء هناك بدوافع إنسانية ونحن أهل الإسلام لا نقيم لنفس مؤمنة أعظم من الكعبة حرمة حقا! إن هذا لشيء عجاب!
إن مما يحز في النفس أن يدركك نفع البعيد وتجاهل القريب , فكيف بإدراك نفع البعيد وضر القريب!
بعد عشرة أيام مرت على أحبابها كالسنين , تم نقلها إلى مدينة الملك فهد الطبية بطريقة سيئة كما يذكر عند نزع الأوكسجين؛ وما أصعب أن ترى فلذة كبدك يصارع الموت ويعامل ببرود وأنت لا تستطيع أن تقدم شيئا .. بعد نقلها لم يُبيَّن لوالدها حقيقة ما بها مما جعل الأب يتعلق بحبل الرجاء وأن يقطع أسباب الأرض ويلجأ إلى مسبب الأسباب!
أتى من يرقيها فبدأت تحرك قدمها , وتحرك رمش عينها , وفي يوم الأربعاء تدخل هديل الحضيف فيما يسمى بالموت الدماغي وفي صباح يوم الجمعة الماضية تصلني رسالة إلكترونية بأن هديل فاضت روحها إلى بارئها! رحمها الله رحمة واسعة.
رحلت هديل ولم تغب عن مخيلتي من حين قرأت خبر وفاتها, ولا أظن أنها ستغيب , فهي أحد سهام كثيرة ركزت في القلب فمن عبير إلى رحال ثم هديل .. فمن يا ترى سيكون الواعظ القادم!
(يُتْبَعُ)
(/)
يحدثني أحد الشباب عن زميله قبل علمي بخبر هديل بساعة .. يقول كان في غاية الوسامة والجمال , كما أنه في غاية التفريط , جلس مع أهله بعد العصر ثم شكى ألما في رأسه وسقط , فإذا به ورم ثم غيبوبة لستة أشهر زاره بعدها صاحبه فلم يعرفه! وأخرى بلغني خبرها أنها كانت تسامر زوجها ثم ضحكت وسقطت فقال لها بلهجته " خلاص يكفي ضحك " وحركها فإذا هي جسد بلا روح في كامل زينتها! إنها ساعة الأجل التي أرقت كل مخلوق!
سئلت نفسي لو علمت هديل بساعة وفاتها هل كان ذلك نافعها , فهي نامت قريرة العين لكنها لم تصحو بعد تلك الغفوة وبعد ثلاثة أسابيع أسلمت روحها ولم تفتح عينها. نامت وهي تفكر في أعمال غد ماذا ستكتب وماذا ستقول! أو أنها كانت تسبح وتستغفر , لكنها يقينا لم تكن تعلم أنها لن تفتح عينها بعد هذه اللحظة! كان آخر علمها بمن حولها تلك الغفوة! والتي قد تحصل لأي منا!
رحلت هديل .. وهي لا تعرف عما دار في الثلاثة أسابيع عنها , لكن ثقة بالله جل جلاله أنها على خير , لما سمعنا من التزامها بحجابها , وأنها بإذن الله تعالى ستكون على عتبات الجنة الحقيقية وليست مدونتها التي أسمتها بهذا الاسم!
أثنى عليها الناس خيرا , وتناقل الناس والمدونات والمنتديات وبعض الصحف خبرها , وقد ثبت في الحديث أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثني عليها خيرا فقال وجبت ثم مر عليه بجنازة فأثني عليها شرا فقال وجبت فقيل يا رسول الله قلت لهذه وجبت ولهذه وجبت فقال شهادة القوم والمؤمنون شهود الله في الأرض صحيح ابن ماجه
فليس الثناء وحده كاف؛ بل لابد أن يكون ثناء بخير , فكم من أهل الفجور أثنى عليهم أتباعهم وترحموا عليهم ولكن في ميزان الحق عمله ليس بخير. فتأمل التقييد بخير واعرف ما هو الخير , تعرف أحق ما قيل فيه أم باطل!
الناس لا تملك قلوبها , إنما هي ملك الرحمن الرحيم , وتعاطف الناس معها , بل والحديث عنها مع أنهم لا تربطهم بها أي علاقة وأولهم كاتب هذه السطور , لدلالة على أن الله أراد بهذه الفتاة خيرا , يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى) وكل خطاب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو لأمته ما لم يرد مخصص للخطاب كما قرر أهل الأصول!
رحلت هديل , تلك الفتاة التي لا نعرف منها سوى الرسم والحرف! تلك الفتاة التي أراد الله جل جلاله أن تكون هكذا .. كتب وجودها وأجلها .. إن لله على العباد حقا .. ألا يعذب من لا يشرك به شيئا .. هديل من أهل التوحيد .. فهي بإذن الله من أهل النعيم .. إن كانت الآن منعمة .. فإنها بكل تأكيد لا تود العودة إلى هذه الحياة البائسة .. ومما يزيد نعيمها أن ندعو لها .. فما عندكم ينفد وما عند الله باق .. ولنتذكر أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم حينما خير بين البقاء أو الوفاة .. قال اللهم في الرفيق الأعلى …
صبرا آل حضيف .. فإنها أيام معدودة وآجال محسومة ,, وأجل الله إذا جاء لا يؤخر .. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته ..
الحديث يطول والكلام كثير , لكنها كلمات سارعت بالخروج وحبر بدأ بالتشكل فور سماع خبرها فرحمها الله رحمة واسعة!
** طيور مهاجرة >>
رحلت هديل إلى دار فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين , وهو يومها الذي كتب قبل خلق السموات والأرض ومن جميل ما قيل عنها هذه الأبيات:
تنام روح هديل عن شواردها = ويسهر الخلق جراها ويختصم!
هلاّ وعينا لأمر لم نعد له = وهل سعينا لما تبرا به الذمم!
ردا على من انتقص من قدرها وذمها , هناك من النفوس من ألجمت حسدا فظيعا فلا هي دعت بخير ولا اكتفت بالسكوت! وكم من ضاحك بقوم أصبح أضحوكة لغيره , وكم من شامت بقوم أصبح في حال أسوأ ممن شمت به! وربك لا يظلم أحدا ..
ماتت هديل؟! أمات الطهر والأدبُ = والخير والحسن والإصلاح والأربُ
رحماك ربي بها واجعل منازلها = في جنة الخلد لا همٌ ولا وصَبُ
تبكيك أرضٌ صدحتِ فوق أيكتها = و يح المحابر جفّت بعدها الكتبُ
يبكيك بيتٌ عرفناكِ بساحتهِ = حقاً لقد صار نحو الجنة العَتَبُ
قد كنتِِ في حلكة الأكوان ساريةً = تدنو من الفُلْكِ بالبشرى وتقتربُ
عاريَّةًُ جاد فيها الله مالكها = واليوم تُفضي لباريها وتنقلبُ
لله فينا شؤونٌ لا نعارضها = فالله ألله يا أحبابها احتسبوا
لنا لقاءٌ طويلٌ غير منقطعٍ = بإذن ربيَ في الفردوس فارتقبوا!!
** نقطة عبور **
ليس هناك ما يعبر عنه فقد أغنت العبرة عن العبارة , وقبل أن تَعْبُر فأرجوك أن تعتبر؛ فقد نكون في يوم من الأيام كحال هديل! ومحبرة الداعي سيأتي عليه اليوم الذي يقال عنه رحمه الله , وأنتم أيها القراء الكرام سيأتي ذلك اليوم الذي يقال عنكم رحمكم الله فطوبى لمن أزاح العقبات عن طريقه إلى الجنان!
ـ[توبة]ــــــــ[19 - May-2008, صباحاً 02:11]ـ
رحمها الله و أسكنها فسيح جناته .... حقًّا"إن الشجا يبعث الشجا" ..
و المرء كالطيف المطيف و عمره**كالنوم بين الفجر و الأسحار
نسأل الله حسن الخاتمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 04:05]ـ
ما شاء الله!
سبحان مَن ألهمك البلاغة!
من أروع ما قرأت عن رحيل هديل رحمها الله.
كلماتك جامعة نافعة. . فيها عبر وعبرات.
بارك الله فيك. . ونعم كلنا سائرون في هذي الطريق نسأل الله حسن الختام.
===
رحلة مفاجأة = تقصد (مفاجِئة) بكسر الجيم؟
وفقكم الله
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 11:51]ـ
رحمها الله و أسكنها فسيح جناته .... حقًّا"إن الشجا يبعث الشجا" ..
و المرء كالطيف المطيف و عمره**كالنوم بين الفجر و الأسحار
نسأل الله حسن الخاتمة.
اللهم آمين .. شكر الله مروركم .. وحسن تعقيبكم .. أحسن الله إليكم ونفع الله بكم ..
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 11:58]ـ
ما شاء الله!
سبحان مَن ألهمك البلاغة!
من أروع ما قرأت عن رحيل هديل رحمها الله.
كلماتك جامعة نافعة. . فيها عبر وعبرات.
بارك الله فيك. . ونعم كلنا سائرون في هذي الطريق نسأل الله حسن الختام.
===
رحلة مفاجأة = تقصد (مفاجِئة) بكسر الجيم؟
وفقكم الله
شكر الله لكم .. ونفع الله بكم وأحسن إليكم ..
سبحان الله .. لا أعرف كيف مرت هذه الكلمة! نعم هو ما ذكرتم .. رحلة مفاجئة .. ولعل التداول النفسي في تسمية الموضوع بين رحلة مفاجئة وهديل الحضيف ومفاجأة الرحيل .. كان له أثره .. وأعجب من ذلك أن الموضوع أدرج في المدونة بالطريقة السليمة: رحلة مفاجئة .. هديل الحضيف أنموذجا ..
على كل حال شكر الله لكم تنبيهكم وبارك الله لكم في نباهتكم .. سيتم طلب التعديل بإذن الله تعالى نفع الله بكم ,,(/)
طلب مساعدة هام جدا ... كيف ترد على من يقول
ـ[أبوهناء]ــــــــ[19 - May-2008, صباحاً 10:54]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
في صحيح مسلم: " أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أين أبي؟ قال: إن أباك في النار. فلما أدبر دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار ".
إمام مسجد صوفي يصر على القول بأن الحديث المذكور أعلاه من أحاديث الآحاد فما معنى ذلك من حيث الصحة .. أرجوا الافادة من أصحاب الاختصاص لأهمية الموضوع ...
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 01:28]ـ
رد الأحاديث بهذه الطريقة سبيل أهل البدع والفرق الضالة كالمعتزلة هذا باختصار والحديث كماترى فى صحيح مسلم أى فى أعلى درجات الصحة ولن يجد هذا الرجل من يؤيد مسلكه هذا إلا المبتدعة أو من دخلت عليه شبههم وليراجع شرح الأمام النووى لهذا الحديث ليعلم لماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم هذا الحديث
ـ[ابو قتادة السلفي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 01:31]ـ
يقال له ما مدار صحة حديث الاحاد؟
فان اجاب بانه ضعيف قيل له هذا الكلام لم يقله احد من السلف ولم يرد احد منهم حديث الاحاد بحجة انه احاد وكذلك معظم الاحاديث التي جاءت في كتب السنة هي احاديث الاحاد واخذ الحديث ورده كان بالنظر الى سنده ومتنه فان صح السند اخذ العلماء به وما كان احد من السلف لا ياخذ الحديث الا اذا جاء متواترا وكانوا يعملون بالاحاد في العقائد والاحكام فهل اذا جاءنا حديث احاد صحيح لا ناخذ به حتى يصل الى درجة التواتر؟!!!!!!!!
وان قال صحيح كان حجة عليه
وان اجاب بان الحديث الاحاد يعمل به في الاحكام دون العقائد قيل له: ما دليلك على هذا التقسيم؟ فان قال ان حديث الاحاد يفيد الظن لا اليقين قيل له من من السلف قال هذا ويذكر له كلام الامام الشافعي في الرسالة وكذلك هذا ليس بصحيح لان خبر الاحاد لو كان يفيد الظن دون اليقين قيل له لماذا ارسل الله رسولا واحدا فقط الى الثقلين؟ وخبر الاحاد لا يفيد اليقين ولا العلم؟؟؟؟ وكذلك الرسل الذين ارسلهم النبي صلى الله عليه وسلم الى الملوك في دعوتهم الى دين الله ولا شك ان هذا في العقائد وهي انك تدعو نصراني الى تغيير عقيدته فلو كان خبر الاحاد لا يفيد اليقين ولا العلم لما ارسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اصلا، وكذلك ارسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل الى اليمين وقال له انك تاتي قوما اهل كتاب فاول ما تدعوهم اليه التوحيد، والتوحيد من العقائد فلماذا ارسل النبي صحابي واحد فقط مع العلم ان الحجة لا تقوم الا بالتواتر؟ وكلام طويل جدا وهناك ايات كثيرة واحاديث تدل على قبول خبر احاد.
وكذلك السلف كانوا يعملون بالخبر الاحاد وهذا ثابت عنهم رحمهم الله فمن ذلك مثلا تغيير القبلة فالخبر جاءهم من صحابي واحد ولا شك ان هذا من العقائد لمن تمعن القصة لان هذا اخبار عن الغيب وهو ان الله غير قبلة المسلمين وليس من الاحكام كماقال بعضهم وقال انه ليس فيه اي دليل
ولو سلمنا لهم جدلا ان الاحاد يفيد الظن لا اليقين قيل لهم فلما يعمل به في الاحكام دون العقائد فان قالوا ان الله ذم من يتبع الظن في باب العقائد قيل لهم ايضا ان الله ذم من يتبع الظن في باب الاحكام لقوله تعالى: (سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا و لا اباؤنا و لا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون) فذمهم الله لكونهم انهم اشركوا به وحرموا ما احله سبحانه بالظن فذمهم الله سبحانه وتعالى لاتباعهم الظن في العقائد والاحكام
فالظن مذموم مطلقا ولم يفرق القران والسنة ولا احد من السلف بين الظن في الاحكام والعقائد
وكذلك يقال لهم لو انه يجوز لنا الاخذ بالظن في الاحكام فلو جاء الان خبر احاد الينا فيه تحريم شيء فهل نحرمه؟ فان قال: لا وقع في التناقض وابطل ما قاله في الاول فان قال: نعم وقعنا في المشكلة فكيف نحرم شيء الاصل فيه الاباحة وهذا باليقين ونحرمه بالظن؟ وكذلك كيف نغير حكم الله بالظن؟؟ ولهذا تجد القوم وقعوا في تناقض ما الله به عليم
اما الظن عند اهل اللغة فهو نوعان ظن راجح وهو يفيد العلم وظن مرجوح وهو لا يفيد العلم فالحكم يدور مع نوعية الظن.
فخلاصة الكلام ان حديث الاحاد حديث قطعي الثبوت وقطعي الدلالة ومسالة تفريق الاحاديث الى تواتر واحاد وان المتواتر قطعي الثبوت والدلالة وان الاحاد ظني الدلالة والثبوت فهذا التقسيم لم يكن عليه سلف هذه الامة ولم يذكر احد الابعد ظهور المعتزلة فبداوا ياخذون المتواتر ويردون الاحاد يحجة ان هذا يفيد الظن فلا يحتج به في باب العقائد وان كانوا قد ردوا الايات والاحاديث المتواترة بحجية التاويل واخذوا بالعقل في باب الغيبيات ومن المعلوم ان العقلاء متفقون ان العقل لا يفيد اليقين في باب الغيبيات
ثم اخذ الاشاعرة عنهم هذا والماتردية وغيرهم من الطوائف وفي زمننا الحديث المدرسة العقلانية والاصلاحية (الافسادية) وغيرهم من الفرق الضالة وبالله التوفيق
وارجو مراجعة بعض الكتب في هذا الباب وممما يحضرني الان كتاب الصواعق المرسلة فقد ذكر الامام ابن القيم اوجها عديدة في ابطال قول هؤلاء وايضا رايت كتابا للشيخ الالباني وقد سماه وجوب اخذ بالحديث الاحاد في العقيدة و كتاب موقف المدرسة العقلية من الاحاديث النبوية للشيخ الصادق الامين وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 03:56]ـ
اليكم هذا الرابط، والذي تمت فيه مناقشات تخص هذا الموضوع
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13549
ـ[أبوهناء]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 12:33]ـ
إخوتي في الله: المهاجر، أبو قتادة و شريف شلبي: هذا ما كنت أبتغيه لنقص في علمي وضعف في حجتي ...
جزاكم الله كل خير ونفع بكم وبارك الله فيكم وجمعنا وإياكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر .....
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 09:21]ـ
أحسنت حبيبي أباقتادة البالتوكي (ابتسامة)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[23 - May-2008, صباحاً 12:10]ـ
بارك الله فيكم، وشكر الله لك يا أبا قتادة
وهذه مناظرة بين مثبت وناف لحجية حديث الآحاد، كتبتها في هذا المجلس المبارك منذ فترة، وأراها ذات تعلق بسؤال السائل أكرمه الله، فأسوق اليكم رابطها داعيا اياكم لمطالعتها اذا شئتم .. وفقكم الله
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=14749(/)
جنايات على العلم والمنهج (5) .. ترك تهيئة الرأي الفطير ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 09:46]ـ
بسم الله والحمد الصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا الباب من أنفع الأبواب، ولزومه والانقطاع لرعايته هو أنفع شئ للناظر في نظره، وللمتكلم بلسانه، وللكاتب ببنانه، وهجره والازورار عنه وترك مراعاته هو أخطر شئ وأفسده على العلم وأهله، بل وعلى كل أحد.
والرأيُ الفطير، وبادي الرأي، والحكم اعتماداً على الوهلة الأولى، والنظرة العجلى،واللمحة السريعة، ورائد النظر=كل أولئك مذموم بغيض ..
والعرب تقول في أمثالها: ((الخطأ زاد العجول)).
فإنّ لابتداء الكلام فتنةً تروق، وجِدّةً تعجب، فإذا سكنت القريحة، وعدل التأمل، وصَفَت النَفس=بان غير ما لاح، واتضح غير ما بدا ..
والخطأ إلى النظرة الأولى والرأي الفطير أسرع منه إلى رأي قيل بعد التروي والتثبت والأناة والتريث ..
والباحث والناظر متى أراد لبحثه ونظره تماماً مجللاً بالصحة وإصابة الحق=وجب عليه إذا هجمتْ عليهِ الأخبارُ، وأشكلتِ المسائلُ، ألا يأخُذُ بالبوادِر، وألا يتعجَّل الحُكم، وإنما يُمحِّصُ ما يسمعُ، ويقلِّبُ النظر، ويُحادثُ الفكر، وأن يُرَوّى فيما بين يديه من الأمور وأن يحتَفل لها ويجمع لها خواطره وأن يجتهد في ترك الرأي يَغِب حتى يَخْتمر فلا يزال في نَسج الرأي واستئناسه حتى إذا اطمأن شاردُه وسَكن نافرُه، وقُلِّبَ على جميع وجوهه وجوانبه=طُرح على العامة وهو أقرب ما يكون إلى الصواب والسداد.
ومن رسائل الجاحظ لبعض إخوانه: ((وفقك الله للطاعة، وعصمك من الشبهة، وأفلجك بالحجة، وختم لك بالسعادة.
غبرت - أصلحك الله - أزمان وأنت عندي ممن لا يمضي القول إلا بعد التثبت، ولا يخرج الكتاب إلا بعد التصفح، وكنت حرياً بتهيئة الرأي الفطير، جديراً أن تميل بنفسك عاقبة التفريط. ولولا كثرة مرور أيام المطالبة عليك لما ثقل عليك التثبت، ولولا قصر أيام التحصيل لما وثقت بأول خاطر، ولولا سوء العادة لما كذبك رائد النظر واتهمت الرأي)).
وقال بعض الكتاب: ((ليس الكتاب كل وقت على غير نسخة، ويحرر بصواب، وكل أوان، لأنه ليس أحد أولى بالأناة والروية وتوقي الاغترار، من كاتب يعرض عقله وينشر بلاغته، فينبغي له أن يعمل النسخ ويخمرها، ويقبل عفو القريحة ولا يستكرهها، ويعمل على أن جميع الناس له أعداء علماء بكتابه متفرغون له، منتقدون عليه)).
وقال آخر: ((إن الابتداء بنظم الكلام ونثره فتنة تروق، وحدة تعجب. فإذا سكتت القريحة، وعدل التأمل، وصفت النفس، فليعد النظر، وليكن فرحه بإحسانه مساوياً لغمه بإساءتهن فقد قال الخوارج لعبد الله بن وهب الراسبي: نبايعك الساعة فقد رأينا ذاك. فقال: ((دعوا الرأي يبلغ أناه، ولا خير في الرأي الفطير)).
فلما بايعوه، قال: ((دعوا الرأي يغبُّ فإن غبوبه يكشف لكم عن محضه)).
وقال معاوية لعبد الله بن جعفر: ما عندك في كذا؟ فقال: أريد أن أصقل عقلي بنومة القائلة، ثم أروح فأقول بعد تأملي بما عندي.
وقال الشاعر: إن الحديث يقف القوم خلوته ... حتى يعبره بالسبق مضمار
فعند ذلك تستعلي بلاغته ... أو يستمر به عي وإكثار
وما أعلم أجل في فضل ما نحن بصدد بيان فضله من قول رسول الله صلى الله علي وسلم لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ».
قال ابن حبان: ((الرافق لا يكاد يسبق كما أن العجل لا يكاد يلحق وكما أن من سكت لا يكاد يندم كذلك من نطق لا يكاد يسلم والعجل يقول قبل أن يعلم ويجيب قبل أن يفهم ويحمد قبل أن يجرب ويذم بعد ما يحمد يعزم قبل أن يفكر ويمضي قبل أن يعزم والعجل تصحبه الندامة وتعتزله السلامة وكانت العرب تكنى العجله أم الندامات)).
وقال ابن المقفع: ((كلامَ العجلةِ والبدارِ موكلٌ بهِ الزللُ وسوءُ التقدير، وإن ظن صاحبهُ أنهُ قد أتقن وأحكمَ.
واعلم أن هذه الأمورَ لاتدركُ ولا تملكُ إلا برحبِ الذرعِ عند ما قيل وما لم يقل، وقلةِ الإعظامِ لما ظهرَ من المروءةِ وما لم يظهر، وسخاوةِ النفسِ عن كثيرٍ من الصوابِ مخافةَ الخلافِ والعجلةِ والحسدِ والمراءِ)).
وما أعلم طريقاً يُستعان بها –بعد الاستعانة بالله وسؤال التوفيق منه سبحانه-على بلوغ منتهى الأمل في الأناة والتروي وتخمير الرأي من الطريق التي أبانها اللهُ تعالى فقال: {وشاورهم في الأمر}.
فمذاكرة الإخوان،,طرح الآراء للبحث والنظر وتقليب الأمور ظهراً لبطن=هو أنفع ما يكون للعبد .. ولربما يُقبل المرء ونفسه تميل إلى رأي فيزول عن مطارحة إخوانه بوجه غير الذي ذهب به وبرأي هو أتم وأحسن وأسد وأجمل ..
وكان الأحنف بن قيس يقول: ((اضربوا الرأي ببعضه يتولد منه الصواب)).
وبعد ..
فهذا ما أرضاه لكل متكلم وناظر وباحث =أن لا يخلي بحثه ونظره من تهيئة الرأي اللفطير، وأن يُغب الرأي (يُبيته) حتى يختمر،وحبذا لو عددنا أكثر ما يُكتب في المنتديات من هذه البابة، وأنا أجد النفع الأكبر للمنتديات =أن يتخذها الباحث مجالاً لتهيئة الرأي الفطير وإصلاحه وتقويم اعوجاجه،ولا بأس عليه إن مال إلى رأي ثم رجع عنه، ولا بأس عليه إن توقف، ولا بأس عليه إن بقي بعد المذاكرة والمناقشة على رأيه الأول،وما كل ذلك بعيب .. إنما العيب فيما ذكرنا ووصفنا ..
وبعد ..
فهذا كلام أعظ به نفسي قبل غيري، نفعنا الله وإياكم بما نكتب، ووقانا الله وإياكم قولاً عاطلاً عن العمل ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو جهاد الأثري]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 10:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما قصرت .. سلمت يمينك.
و لكم تكلم المرء بالكلمة فود لو لم يقلها .. ولو تأمل فيها قبل قولها لقال ضدها أو رجع عنها.
وما ذلك إلا لهجمة الفكرة الفاتنة في جمالها عند إقبالها ...
فإذا بيتها عنده وأخمد بإلف العادة فتنتها لاحت له بعض العيوب التي كانت عنه محجوبة ..
وعلى ذكر الرأي الفطير تذكرت أبياتا قفزت لذهني عند قراءة العنوان:
متمرس بالدهر يقعد صرفه ... إن قام في نادي الخطوب خطيبا
لا يوسم الرأي الفطير به و لا ... يعتاد إرسال الكلام قضيبا
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 11:14]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[19 - May-2008, مساء 11:45]ـ
بوركت
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[20 - May-2008, صباحاً 02:15]ـ
الحمد لله
بارك الله فيك
اختيارات موفقة
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - May-2008, صباحاً 10:36]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم جميعاً ونفعنا الله وإياكم بما نكتب ...
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 12:00]ـ
أحسنت أخى بارك الله فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 02:44]ـ
وإليك أحسن الله ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - Dec-2008, مساء 12:49]ـ
للفائدة ...
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[15 - Dec-2008, مساء 04:43]ـ
أحسنت أخانا المبارك، درة والله زاخرة بالنفع.
واشارتك الى انزال ذلك على ما يقع في المنتديات اشارة في محلها ..
غير أن الكاتب في المنتديات قد يكون أولى الناس بأن يوعظ بهذا، وكثيرا ما أجدني أضع المشاركة في الموضوع ثم بعد وضعها أرجع اليها وأقوم بتعديلها المرة تلو المرة، حتى ان الوقت المخصص للتعديل لربما يمضي وينقضي أحيانا ولم يزل فيها ما أريد تعديله أو تحسينه .. فلا شك أن اندفاع النفس الى بيان ما يجتمع في الذهن من أول وهلة ردا على ما يقرأ من كلام اخوانه، يعميها أحيانا عن عمق التأمل والمراجعة في ذلك الذي طرأ عليها .. ولعله من الأفضل أن يقوم الواحد منا بكتابة رده أو تعقيبه على برنامج الوورد أولا ويتركه لفترة ثم يراجعه فلعله أن يعدل عنه أو أن يغيره قبل نشره .. ولكن حتى بعد النشر فلا يضيره التراجع عنه وتسجيل ذلك بوضوح .. وقد تراجع عن مذهبه مرارا قوم لا نزن نحن قلامة من خنصر أحدهم! فنسأل الله أن يرزقنا الاخلاص والأناة والدقة في النظر .. آمين
ـ[فؤاد بن يحيى بن هاشم]ــــــــ[15 - Dec-2008, مساء 09:24]ـ
ما شاء الله تبارك الله، أحسب هذا المقال من العلم النافع.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 - Mar-2009, مساء 10:54]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[31 - Mar-2009, مساء 11:28]ـ
بارك الله في الموضوع وصاحبه.
نحسب هذا من العلم النافع كما قال الشيخ فؤاد الهاشمي حفظه الله.
وكلما قرأت الموضوع أشعر بنفعه وفائدته.
نسأل الله أن يفتح على صاحبه بالعلم النافع والعمل الصالح.
أحسنت أخانا المبارك، درة والله زاخرة بالنفع.
واشارتك الى انزال ذلك على ما يقع في المنتديات اشارة في محلها ..
غير أن الكاتب في المنتديات قد يكون أولى الناس بأن يوعظ بهذا، وكثيرا ما أجدني أضع المشاركة في الموضوع ثم بعد وضعها أرجع اليها وأقوم بتعديلها المرة تلو المرة، حتى ان الوقت المخصص للتعديل لربما يمضي وينقضي أحيانا ولم يزل فيها ما أريد تعديله أو تحسينه .. فلا شك أن اندفاع النفس الى بيان ما يجتمع في الذهن من أول وهلة ردا على ما يقرأ من كلام اخوانه، يعميها أحيانا عن عمق التأمل والمراجعة في ذلك الذي طرأ عليها] .. ولعله من الأفضل أن يقوم الواحد منا بكتابة رده أو تعقيبه على برنامج الوورد أولا ويتركه لفترة ثم يراجعه فلعله أن يعدل عنه أو أن يغيره قبل نشره .. ولكن حتى بعد النشر فلا يضيره التراجع عنه وتسجيل ذلك بوضوح .. وقد تراجع عن مذهبه مرارا قوم لا نزن نحن قلامة من خنصر أحدهم! فنسأل الله أن يرزقنا الاخلاص والأناة والدقة في النظر .. آمين
بارك الله فيكم
كلام يكتب بالذهب.
كلنا نحتاج إلى ما نبهت عليه وخاصةً الملون بالأحمر وأخوك أبو محمد أولهم:)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[31 - Mar-2009, مساء 11:38]ـ
جزاك الله خيرا، مقال نافع ومفيد ..
يقول عبد الفتاح أبو غدة في "قيمة الزمن" ص123:
(وليس النجاح متوقّفا على الخِطّة الدقيقة، والظروف المُواتية فحسب، ولكنه متوقّفٌ على اللحظة المناسبة كذلك، وقد كانوا يَحْذَرون من الرأي الفطير، ومن الرأي المتأخِّر أيضا (1)، والتوفيقُ أن يَقعَ العملُ في لحظته المناسبة (واللهُ يُقَدِّرُ الليْلَ والنَّهَار) [المُزَّمِّل: 20].
__________
(1) وفي المَثَل: "شَرُّ الرأي الدَّبَريُّ". وهو الذي يَسنَحُ بعد فوات الوقت).انتهى.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 - Apr-2009, صباحاً 01:02]ـ
الفاضل أبا محمد العمري بوركتَ وجزاكَ الله خيراً ..
المبارك الناصح أشرف بن محمد: إضافة قيمة جداً ... فجزيت خير الجزاء وأوفاه ..(/)
شرطين حتميين لابد لهما في حياتنا كلها
ـ[عبيد الله الفقير إليه]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 02:17]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا وحبيبنا وقدوتنا
محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أولا والله أعلى وأعلم لست أكثر من ناصح محب لأخوتي وأخواتي المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات
ولا أزكي على الله عز وجل أحدا ولا شيئا
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} الذاريات55
{فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} الأعلى9
علمت يوما وبقدر الله عز وجل من غير حول لي ولا قوة
أن هناك شرطين حتميين لابد لهما في حيا تنا كلها بأدق صورها وتفاصيلها ليقبلها الله عز وجل ويثيبنا عليها وأن عدم وجودهما معا أو عدم وجودهما مطلقا يعني رد ورفض العمل أو القول أو النية
بل وأكثر قد يكون سببا للعذاب والعقاب في الدنيا والآخرة - والله أعلى وأعلم - إلا أن يرحمنا الله ويعفو عنا ويغفر لنا فإن شاء عذبنا وإن شاء تجاوز عنا
وليس ذلك في شي دزن شئ
بل في كل تفاصيل حياتنا من العلم والقول والعمل والنية والقصد والمعنى والأعتقاد والعقيدة والسر والعلن والظاهر والباطن بلا إستثناء في صغير أو كبير أو تافه أو حقير بل وفي الجد والهزل والمزاح والقصد والعمد
وأن هذين الشرطين هما محورين تدور حياتنا حولهما
فمن دقائق معانيهما وأسرارهما أنهما يحويان عقيدة الأسلام كلملة فيهما دون نقصان وأن التخلف عنهما يقربنا ويشبهنا ويماثلنا ويطابقنا أيضا - والعياذ بالله من ذلك - يشبهنا بالكفار والمشركين والضلال والهالكين والمبتدعين والمنحرفين والشذاذ والمغضوب عليهم والضالين وغيرهم من أهل الملل والأفكار والعقائد الباطلة والمنحرفة والمدلسة والمكذوبة والمحرفة والمبتدعة - أعاذنا الله وإياكم من أن نكون مثلهم أو نشابههم في أي شيئ أو في أدنى أو أحقر وأقذر شيئ -
الجدير بالذكر أن مبنى الأسلام يقوم على هذان الشرطان ويدور حولهما على الدوام وبكل تلازم وإنتظام
والشرطين متوازيان ومتلازمان لا يفترقان أو يتفرقان لأنهما أساسا الأسلام
وعقيدة التوحيد هي فحوى الشرط الأول وعلى أساسه خلق الله الخلق وبعث الأنبياء والرسل وعند مخالفتهما أهلك الله أمما كفرت أو أشركت أو بدلت وحرفت أو أبتدعت وأحدثت
والشرط الثاني هو كمال الأول والمكمل له فلم يصل لنا الأسلام ولا عقيدته عقيدة التوحيد إلا عن طريقه وعلى طريقته ومنهجه وبأسلوبه وكيفيته وحده وليس غيره أبدا
ولأن ديننا أساسه الوحي الصادق المحمي والمحفوظ من الله عز وجل من التبديل والتحريف والتخريف والذي بلغنا به خير البشر وسيد الأولين والآخرين
فقد تميز عن عيره من الرسل والأنبياء وسادهم وصار إمامهم بلا منازع أو منافس
ولأن القرآن وحي منزل مطهر حماه الله عز وجل وحفظه تمتم الحفظ وبينه تمام البيان ويسره تمام التيسير ولولا أن يسره وبينه وحفظه لضعنا وإنحرفنا وما أستطعنا حتى التعامل مع كتاب ربنا
ولأن السنة المطهرة - وحي أيضا - لمن لم يعرف فلم ينطق رسولنا الهادي إلا الوحيين وحي الكتاب وهو القرآن ووحي السنة المطهرة المحمية والمحفوظة إلى يوم الدين ولذلك لم يضع والحمد لله ولا حديث واحد من أحاديث رسولنا ولا قول ولا عمل مما كان يقول أو يفعل فما لم يذكر في كتاب ما ذكر في غبره أو غيره وأتم الله علينا نعمته بكمال وتمام وشمول الدين ثم أتمه بحفظه له وصيانته من الضياع والإزالة و التحريف والتبديل
(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)
فكيف لنا ألا نصدق ربنا ونيقن بصحة وصدق ما يخبرنا به سبحانه وتعالى
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً} النساء122
{اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً} النساء87
(يُتْبَعُ)
(/)
- رغم أنف كل ضال ومضل ومضلل وهالك وزائغ ومنحرف حقير عليه من الله عز وجل ما يستحقه - ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة وقت نزول القرآن خشية منه من أن يختلط على الناس القرآن والسنة وأن ينسبوهما جميعا إلى الله عز وجل دون بيان وتوضيح وتفصيل أو أن يتناقل الناس الصحف عامة بعيدا عن كاتبيها الذين يستطيعون وحدهم الفصل بين ما علموا أنه السنة وبين ما علموا أنه من القرآن
المهم أن نعلم ونوقن أن السنة وحي محض ليس إجتهادا ولا بشرية فيه إلا قوله على لسان نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ولذا لك نجد أن ما لم يوضح في القرآن تم بيانه وتوضيحه في السنة الصحيحة
ولست أدعي ذلك أنظر لقول ربنا سبحانه وتعالى مخبرا عن وحي بالحديث
{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44
فلقد فقد فسر بعض العلماء ومنهم الأمام العلامة محدث العصر الشيخ الألباني بينوا أن الذكر في هذه الأية هو الحديث والسنة وقد أنزلها الله عز وجل ليبين لنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء مجملا وغير مفصل في القرآن
{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} النجم4
وأنظر إلى التفسير الميسر لتجد فيه تفسيرا للآية السابقة ما نصه
(ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.)
أنظر لقوله تعالى
{قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} سبأ50
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الأنعام115
{قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} آل عمران95
ولذلك أيضا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتمسك بهما - القرآن والسنة - ويوصينا بهما معا ويثبت لنا أنهما أساسا الهداية وسببا الوصول إلى الله عز وجل على ما يحب ويرضى
ثم يبين أن أمته ستتفرق إلى فرق ككل الأمم السابقة و أن كل الفرق في النار إلا واحدة
ولكن أي واحدة جاء البيان الصريح والواضح الحاسم
هي التي عليها رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم والتي عليها أصحابه
ويبين لنا في حديث آخر أن علينا بسنته وهديه وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده
أنها أسس للهداية والترقي
ثم يغبرنا أنه تركنا على المحجة البيضاء والتي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك - والعياذ بالله -
لذلك لا بد أن نفهم أن السبيل للفهم والعلم والعمل هو واحد
وأن الطريق إلى الله واحد فقط
لأن الله هو الأحد بلا تعدد
وأن المنهج منهج واحد لا تعدد فيه ولا يقبل التمزق ولا التفرق ولا التعدد
وأن الطريقة في التنفيذ واحدة لا محالة
لأن الله بعث إلينا خاتم رسله منفردا وليس متعددا
هو نبي واحد
الذي أكمل به الدين
ألم يقل ربنا تبارك وتعالى
(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)
وهو الدين الواحد الذي جاء يدعوا به كل الأنبياء والرسل في كل زمان ومكان على الأطلاق
ألم يقل ربنا
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الأنعام115
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} النساء163
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} الشورى13
(يُتْبَعُ)
(/)
(إن الدين عند الله الأسلام) (فمن أبتغى غير الأسلام ديناٌ فلن يقبل منه)
{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} المائدة111
{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} آل عمران3
{وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} البقرة41
لاحظ قوله تعالى
(وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)
وقوله
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} البقرة150
وأن الهدف واحد وهو عبادة الله عز وجل وحده
ألم يقل ربنا
(وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} الأنبياء25
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} الرعد30
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} المائدة48
{بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} الصافات37
إنه أساس واحد لهدف واحد والمنهج واحد والأسلوب واحد والهدي واحد والسبيل واحد والطريق واحد والدين - دين الأسلام واحد -والعقيدة واحدة والتوحيد واحد والجزاء (إما جنه وإما نار) واحد واللوح المحفوظ واحد والأرض واحدة والكون واحد والشمس واحدة والقمر واحد ويوم القيامة واحد والبعث واحد والنشر واحد والحساب واحد والميزان واحد وحتى الروح القدس المتنزل بالوحي واحد دوما والصور الذي ينفخ فيه إسرافيل واحد وإسرافيل نفسه واحد وميكائيل واحد وآدم واحد وحواء واحدة وحتى إبليس واحد وملك الموت واحد (ملحوظة هذا إسمه ملك الموت عندنا نحن المسلمين ولم يثبت مطلقا إسم عزرائيل أبدا إلا عند المحرفين والمغيرين والمبدلين في كتبهم وصحفهم المحرفة والمزورة والله أعلى وأعلم) والحياة واحدة والموت واحد والروح واحدة والجسد واحد وأن جنس البشر واحد وللإنسان عقل واحد وقلب واحد وهما أساسا الحياة والحق واحد وحتى الباطل واحد أيضا والنور واحد والسراج المنير واحد والأسلام كله واحد وكذا لك الكفر ملة واحدة (كما قال ربنا في القرآن) وحتى كتاب أعمال المرء الذي يقرأه ويحاسب على مافيه من أعمال وأقوال وإعتقاد ونوايا وحسنات وسيئات يكون بأمر الله عز وجل كتاب واحد والكتاب المحفوظ (القرآن) واحد والسنة الفريدة المطهرة الصحيحة واحدة وسيد الأنبياء والمرسلين والبشر أجمعين واحد و ربنا الله هوالرحمن الرحيم الخالق الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواُ أحد
أنظر قوله تعالى
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} الأنعام19
سبحانه
نعم الرب هو
وليس رب سواه
وبئس العباد نحن
والويل لمن عصاه
إن لم نطع شرعه
(يُتْبَعُ)
(/)
فالويل لنا مما سنلقاه
سؤال مهم
ما هو الأسلام؟
هو الأستسلام لله في أوامره ونواهيه والأنقياد له بالطاعة والتسليم له
فما هو الإيمان؟
هو قول باللسان
وتصديق بالجنان
وعمل بالجوارح والأركان
يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان
(مقره القلب وليس مجرد اللسان
علامته تصديق الأقوال والأعمال عليه دون مخالفة بينهما)
تأكدوا من أن المنهج والسبيل والطريق والطريقة واحدة لا ثاني لها
لأن الله بعث لنا رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يرسل لنا معه أو بعده غيره وأصطفاه وأختاره - لاحظ أصطفاه وأختاره - من بين كل الرسل والأنبياء والبشر أجمعين ليكون أطهرهم وسيدهم وإمامهم ووخاتم الأنبياء والمرسلين
لأن طريقته ومنهجه وطريقه وسبيله هو الحق والصحيح واليقين وغيره الباطل والكذب والشك واللاشيئ
لأن دينه الأسلام الحق وربه هو الله الحق
فهذا الدين ينسخ ويمحو كل ما قبله
ولا يأتي من بعده أبدا
وذلك من الثوابت التي يتم بها التفضيل لهذه الأمة فتكون خير أمة أخرجت للناس
وهومن البديهيات اللازمة المتحققة
ألم تلاحظوا أن في ديننا
ليس هناك من خير إلا وقد أمرنا به أو وجهنا له
وأن كل شر قد نهينا عنه وأبعدنا عنه
كيف لم نلاحظ ذلك وقد لاحظه غيرنا
كما روي أن يهوديا قال لعمر بن الخطاب - على ما أذكر والله أعلى وأعلم - قال فيما معناه
عجبا لأمر نبيكم لم يترك شيئا إلا وتكلم فيه حتى موضع الحاجة والولد - أو كما قال
ديننا هو الوحيد الذي فيه سنة عن نبي هذا الدين وهو الوحيد الذي تم إكماله وتفصيله وأصبح بذلك أشمل وأعمق وأرحم وأدق وأصح وأحق دين تنزل للبشر على رسول البشر صلى الله عليه وسلم
وبذلك ينسخ ما غيره من الملل والأديان
ويتفضل ويتميز ويتفوق عل كل ما عداه
ويصير كل ما سواه دونه وأقل منه وناقص ومفضول
بينما الأسلام هو الدين الفاضل الأفضل
سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك
ولا قدرناك حق قدرك
أكرر ليس لله طريق غير طريق رسوله وخليله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم
وكل ما سواه باطل محض لا حق فيه مطلقا ولا قيد أنملة ولا قلامة الظفر ولا مثقال الذرة ولا أقل من ذلك ولا أكثر
فأنظر لكل حياتك وأعمالك وأقوالك ونفسك وأكلك وشربك ونيتك وعقيدتك وكل دقيق وصغير وكبير وعظيم في حياتك
ثم قف وتأمل وأسأل نفسك
هل أنا على منهج وطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضبط أم أنني أنحرفت أم غيرت أم بدلت أم أحدثت
أو أسأل نفسك هل هذا هو من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم
أو أسأل نفسك إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاني وموقفي هذا فهل سيفعل ما أفعل أو سينوي ما سأنوي أو سيقول ما سأقول أنا بالضبط أم لا
أو أسأل نفسك إن فعلت غير منهج وطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم
هل سيشفع لي أما م الله عز وجل يوم القيامة
وماذا سيكون رده علي إذا واجهني الآن وحالا على حالي تلك إن رآني فيها
وهل سأخاف أو يقشعر بدني لرؤيته لي على هذه الحال أم لا
فما بالك برؤية الله عز وجل لك دوما ليلا ونهار وعلمه بحالك على الدوام وسمعه لك وإبصاره لك هل يقشعر بدنك من هذا الأحساس
إذا لم تشعر بشيئ أو لم تحدثك نفسك بالتفكر
فثق وتأكد وتيقن من وجود خلل فيك لا محالة
كيف لا وكتاب الله بين أيدينا وهو يأمرنا فيه بكل ذلك
{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فصلت42
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9
وكيف وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا صحيحة حريحة دامغة مؤكدة لنا كل ذلك
وقد تأكدنا من أن النمهج والطريق والسبيل والدين والطريقة واحدة لا محال
أسمع قول الله عز وحل وتأمل كيف أن الطريق واحد - وهو الأسلام - وقد أمرنا بسلوكة بطريقة واحدة فقط - وهي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهجه وسبيله وطريقته -وأننا نهينا عن التفرق والتمزق والأستحداث والتشتت
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} يوسف108
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأنعام153
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} آل عمران152
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال46
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آل عمران103
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} آل عمران112
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} الزمر32
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأنعام153
{وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة42
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} سبأ20
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} آل عمران71
{لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} الأنفال8
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} التوبة34
{أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} الرعد17
{وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} النحل72
{وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} الإسراء81
{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً} الكهف56
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} الأنبياء18
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} الحج62
{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} العنكبوت52
(يُتْبَعُ)
(/)
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} العنكبوت67
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} لقمان30
{قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} سبأ49
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} غافر5
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} الشورى24
{ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} محمد3
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} البقرة144
{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الزخرف43
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} الشورى13
{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} النحل123
{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} الأعراف160
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} الأنعام112
{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} الأنعام106
{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يونس93
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} الأنعام93
فتأمل وتدبر أخي المسلم وأختي المسلمة جزاكم الله عني خيرا وهدانا وإياكم إلى سواء السبيل
ثم تدبر وتفكر وأسأل نفسك وكن صريحا معها ولا تكذب أو تنافق أو ترائي أو تدلس عليها فليس هذا موضع الهزل
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} المنافقون10
{قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} المائدة119
عافانا الله وإياكم وغفر لنا ولكم وأدخلنا في رحمته ومحبته وجناته بلا سابقة عذاب ولا مناقشة حساب آمين آمين آمين
وكل أخواننا وأخواتنا المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات من عرفنا منهم ومن لم نعرف من سبقونا منهم ومن سيلحقنا منهم إلى يوم الدين
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} الأحزاب23
عذرا وعفوا أنا لم أنسى ذكر الشرطين ولكني آثرت أن أشرحهما بأيجاز شديد ليثبت بأمر الله عو وجل أثرهما في نفوسنا جميعا بأمر الله وحوله وقوتهوهو نعم المولى ونعم الوكيل ونعم النصير وهو حسبنا ونعم الوكيل
متمنيا وداعيا لكم بكل الفائدة وتمام الصحة والعافية والنجاح والتوفيق والسداد والترقي والتفقه والالهدى والهداية وأن تكونوا دائما على ما يحبكم الله ويرضى عنكم وعليكم وأن تكون كل حياتكم - 1 - خالصة لوجه الله عز وجل وحده بلا نفاق ولا رياء ولا سمعة ولا زور ولا شرك و لا كفر
قال تعالى
{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الزمر65
\ وأن تكون حياتكم -2 - على منهج وهدي وسنة وسبيل وطريقة رسولنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم وعلى من أتبع هداهم وأقتفى أثرهم إلى يوم الدين آمين - بلا إحداث أو بدعة أو إبتداع أو خروج أو شذوذ أو تبديل أو تحريف
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النور63
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} النور56
{قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} آل عمران32
{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} نوح3
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء179
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء163
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء150
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء144
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء131
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء126
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء
110
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء108
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال20
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} الأنفال1
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} المائدة92
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النساء59
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} آل عمران132
{قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} آل عمران32
{لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} التوبة48
(يُتْبَعُ)
(/)
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} النور54
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال46
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} التغابن12
{أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المجادلة13
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} محمد33
وقد بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم مرارا وتكرارا أن ألتزام منهجه هو السبيل الوحيد للوصول لله عز وجل
وأن ألتزام منهج الرسول صلى الله عليه وسلم هو الطريقة الوحيدة لبلوغ رضى الله عز وجل ولدخول الجنة و
وليعلم كل مسلم أن حب النبي صلى الله عليه وسلم بعد حب الله عز وجل و تقديمهما على ماسواهما هو الموصل لرضى الله ورضوانه حتما
ونبهنا الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك مرات عدة
أخبرنا بوجوب حبه هو صلى الله عليه وسلم أكثر وأكبر من المال والأهل والولد والنفس أيضا
وأعلموا أن تقديم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على هوى النفس والرغبات والغرائز والقلب والشهوات هو مفتاح الجنة
وأعلموا أن حب الله عز وجل واجب وحب الرسول صلى الله عليه وسلم واجب أيضا
لأن حب الله سبحانه وتعالى هو دليل الأسلام والأيمان والأحسان وهو الجنة ذاتها
ولأن الله عز وجل هو من أرسل لنا رسوله صلى الله عليه وسلم
فحبه صلى الله عليه وسلم تابعه ولاحقة ومكملة لدين الله ولمحبة الله عز وجل
وهما شيئ واحد لا أنفصال بينهما ولا أنفصام ولا إنقسام
وزيادة أحدهما هي حتما زيادة ونمو للآخر
والحق أن نقول أن محبة الله عز وجل هي السبب في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
وأن زيادتها هي هي السبب أو تؤدي إلى زيادة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
وأيضا إن نقصان محبة أحدهما تؤدي إلى نقصان محبة الآخر
والصحيح أن نقصان محبة الله عز وجل تستلزم نقصان محبة الرسول صلى الله عليه وسلم - نعوذ بالله من نقصان محبتهما -
والله أعلى وأعلم
وأنبه إلى أن هناك كثير من الناس يسيئون فهم كلمة الحب الموجهه إلى ذات الله عز وجل وإلى ذات وشخص رسوله صلى الله عليه وسلم
ويعتقدون ـنها مجرد العمل القلبي المحض
كحب الزوج لزوجته أو الصديق لصديقه أو غير ذلك من الصور البشرية في الحب - سبحان الله وتعالى عن الشبيه والمثيل -
وهذا الحب خطأ وليس صحيحا أبدا في أي شيئ
والصواب هو أن لفظ الحب عندما توجه لذات الله عز وجل فإنما يقصد بها الأستسلام والأنقياد والطاعة والخضوع والخشوع التام وتمام التقديم والتوقير والشوق إلى لقياه وإلتقاءه يوم القيامة والنظر إلى وجهه الكريم يوم القيامة إن شاء الله عز وجل والأدب والتفضيل لأوامره وشرائعه ودينه
والبعد كل البعد الحتمي عن كل ما يغضبه أو يكرهه والأنتهاء عند حدوده وكل منهياته وكل ما أمرنا بأجتنابه والبعد عنه
وذلك مع تمام الطاعة والأنقياد والتسليم والأمتثال لحكمه وقضائه وقدره
وتقبل ذلك بالمحبة والرضى والأذعان التام الخالص حتى وإن جهلنا السبب أو الحكمة من أيا من ذلك
ومثل ذلك هي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنقيادا وطاعة ورضى وتقديما لأمره وأجتنابا لنهيه
وتركا لكل ما يغضبه
وذلك لأنه أولا وأخيرا عبدالله ورسوله صلى الله عليه وسلم الخاتم المبعوث رحمة للعالمين ولأصطفاء الله عز وجل له دون غيره ولأن نا يأمر به وينهى عنه إنما هو من الله عز وجل وحي محفوظ مأمورون به وليس فيه من البشرية شيئ إلا البلاغ على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم - والله أعلى وأعلم
لذلك يأمرنا الله صراحة بأخذ ما يأمرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم وإجتناب كل ما ينهانا عنه
(يُتْبَعُ)
(/)
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النور63
ملحوظة الرقمين-1 - و-2 -
يشيران ألى ما إتفق عليه العلماء وإحتمعت عليه الأمة والفقهاء في كل عصر ومصر وفي كل زمان ومكان
إلى أنهما
شرطي قبول العمل الصالح عند الله سبحانه وتعالى
وأحمعوا على أن ما كان في حياة أي مسلم أو مسلمة
مخالفا لهذين الشرطين فهو - والله أعلى وأعلم - فاسد ومردود ومرفوض لا يقبله الله عز وجل ولا يجازي بغير هاذين الشرطين مخلوقا كائنا من كان بل على العكس
في حال إنتفاء أحد هذين الشرطين ووجود الآخر - ولست أقول عدم وجودهما كليهما جميعا فأنتبه فما بالك بإنتفائهما جميعا في حياة الأنسان في قوله وعمله وعلمه ونيته وإعتقاده وسره وعلنه - أقول أنه في حالة إنتفاء أحد هذين الشرطين يأثم الأنسان ويذنب ويعصي الله بفعله أو بقوله أو نيته أو علمه أو حياته بل ويعاقب عليه ويعذب - إلا أن يعفو الله عنه -
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} الأحقاف16
{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة104
{لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} الأحزاب24
{ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ} الأنبياء9
وأعلموا أنكم في إمتحان وأن حياتكم الدنيا شقاء وجهد ومعاناة لا راحة فيها ولا سعادة أبدا
أليس الله يقول (ولقد خلقنا الأنسان في كبد)
وأعلموا أنكم لستم خيرا من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر بل خير من خلق في هذا الكون
وقد أوذي وعذب وطرد و عودي وقوتل وأصيب وتألم وأبتلي وأمتحن و مات
وكذلك كل مخلوق مبتلى وممتحن في هذه الدنيا فإما أن يصبر ويثبت ويصمد ويتوكل على الله ويثق فيه عز وجل وفي حكمته وقدرته لرفع البلاء عنه ويؤمن بقضاءه وقدره ويسلم أمره له سبحانه وتعالى ويفوض أمره لربه ويطبق معنى الأسلام
فيستسلم لله وينقاد طائعا محبا مؤمنا مختارا واثقا
وإما - والعياذ بالله - أن يكون من القانطين والكافرين
والجاحدين بنعمة الله عز وجل عليه
فويل له من كل ذلك الجحود والنكران والكفر
أنظر لقوله تعالى
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} آل عمران152
تأملوا وتدبروا وتمعنوا وتفكروا برفق وببطء وفهم الآيات القادمة من أول سورة العنكبوت
(الم {1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {3} أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ {4} مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {5} وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ {6} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ {7} وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
تَعْمَلُونَ {8} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ {9} وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ {10} وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} العنكبوت1 - 11
{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} التغابن15
{وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} الفرقان20
{لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} الحج
53
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} الأنبياء35
{وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} الأنفال73
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} الأنفال39
{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} الأنفال28
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} الأنفال25
{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً} النساء91
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} البقرة193
فلا تكونن مثل من لا يعرف ربه إلا وقت الشدة والعياذ بالله من ذلك
{فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} الزمر49
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} الحج11
وأعلموا أن باب التوبة مفتوح على مصرعيه لا يغلقه إلا طلوع الشمس من مغربها
والله عز وجل يقبل توبه عباده مهما كانت إلا الشرك به سبحانه وتعالى
والفرصة سانحة متاحة لكل مسلم ومسلمة ما لم يغرغر أوتطلع الشمس من مغربها
والله غافر الذنب وقابل التوب
يأمرنا أن نفر إليه
وأن نستبق الخيرات
وأن نتسابق ونتنافس في الوصول إليه عز وجل
وليس بين التائب وبين الله حجب تمنعه من التوبة ولا وساطة ولا عقبات
فسبحان الله الملك القدوس القيوم
الرحمن الرحيم الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة104
هذا مبلغ علمي والله أعلى وأعلم وأعوذ بالله أن أتألى عليه أو أدعي علما أو أتقول على الله ما لاأعلم
إن أردت إلا الإصلاح ما أستطعت وأذكر نفسي معكم فلست بخير منكم والله أعلى وأعلم والله حسبي ونعم الوكيل وهو على ما أقول شهيد
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ)
وجزاكم الله عنا خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
أخيرا وليس آخرا هدية صغيرة أرجوا أن تنال شيئا من إعجابكم
هذا الموقع عبارة عن دليل للمواقع الأسلامية على منهج أهل السنة والجماعة (حسب علمي وأنا برئ من كل ما خالف دين الإسلام أو كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو منهج رسولنا السراج المنير ومنهج صحابته وتابعيهم إلى يوم الدين ومنهج السلف الصالح الذين هم على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك والعياذ بالله - نسأل الله السلامة - والذي هو بكل فخر وأعتزاز منهج السلف الصالح الذي هو منهج أهل السنة والجماعة والذي هو المنهج السلفي السليم - بلا تعصب ولا تشدد ولا إنحراف ولا غلو ولا تأويل ولآ تجسيم أو تجسيد أو مماثلة أو تشبية أو غلو أو تغالي أو ضلال أو إفراط أو تفريط- المنهج الوسط بين كل أهل المناهج سواء أهل الملل المنحرفة أو المحرفة أو المبدلةأو بين الفرق والطوائف والجماعات الضالة أو المضللة أو الزائغة أو المنحرفة من بني جلدتنا أو المنتسبين إلينا سواء بجهل أو بزور وإفتراء وكذب وبهتان - وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون)
وهو دليل موسوعي شامل في كل الفروع والأصول في كل ما يهم أو يخص كل مسلم أو مسلمة في حياته وفي شئونه في يومه وغده وأمسه - ماضيه وحاضره ومستقبله - إن شاء الله ولا أبالغ إن قلت أن في طيات مواقع هذا الدليل
كل ما يحلم أن يعلمه أو يتعلمه المسلم أو المسلمه في دين الأسلام (والله أعلى وأعلم)
المهم أن يتأنى كل متصفح لهذه المواقع في فرز محتوياتها بيمعن وتأني ليستفيد ويفيد
ويتعلم ويعلم ويصل إن شاء الله إلى مبتغاه بحول الله وقوته وقدرته
وقد حوى القرآن وعلومه وتسجيلاته والسنة وعلومها وشروحها والفقة والأصلين أصول الدين وأصول الفقه وأسس الدين والعقيدة الأسلامية وعقيدة التوحيد والتحذير من البدع والتعريف بها وبأنواعها والمنكرات والموبقات والفواحش والكبائر والذنوب والأثام والصغائر والتوبة وشروطها وأركان الأسلام وأركان الأيمان والشرك ونوعيه والكفر ونوعيه وصورهما مع المواقع الشخصية والخاصة والعامة بدعاة الأسلام وعلماءه وأئمته وفقهائه وكل أصل وفرع في دين الأسلام وما ذكرته هنا هو واحد من التريليون من ما حوته هذه المواقع المميزة - والله أعلى وأعلم -
وبرجاء لكل مسلم ومسلمة ساهم في نشر هذه المواقع وهذا الدليل
لنشر العلم الشرعي وسعيا لنيل رضا الله ومحبته ورضوانه ودخول جناته بحوله وقوته وقدرته آمين آمين آمين
ولا تنسونا بصالح دعائكم وأستغفاركم لأخواننا وأخواتنا المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات من عرفنا منهم ومن لم نعرف من سبقنا منهم ومن سيلحقون بنا إلى يوم الدين آمين آمين آمين
الموقع هو دليل سلطان للمواقع الأسلامية باللغة العربية
دليل سلطان للمواقع الإسلامية العربية Sultan Guide to Arabic ...Best Links to Arabic Islamic sites , دليلك المختصر لأحسن المواقع الإسلامية باللغة العربية
وهذا هو الرابط له
http://www.sultan.org/a/
وللكلام بقية إن قدر الله عز وجل في العمر والعمل بقية
أحبكم في الله
لا إله إلا أنت سبحانك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
لي عنق النص
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 03:11]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وآله وصحبه ومن أتبعه.
وبعد؛ فإنه مما يقض مضجع الغيورين على دين الله، ويؤرق نومهم أن ترى من يلوي عنق النص ليوافق ما يقول به من أفكار ضالة، وعقائد فاسدة، ومواقف مسبقة، يتعامل مع الأصلين الكتاب و السنة، كنصوص عقلية بقصد الإساءة، والتحريف، ويأتي إلى النص لينزل عليه تلك الأفكار والمعتقدات، والمواقف محاولاً إضفاء الشرعية على وجهته التى ولاها، فهو لايقرأ النص من أجل التعبد،والتقرب إلى الله تعالى،وتنزيله على الواقع لإصلاح العباد والبلاد، وإنما هدفه قراءة كلماته بغية تعضيد ما يذهب إليه ويميل. ليوهم الناس أن فكره ينطلق من كتاب وسنة، وأمثال هؤلاء يعرفون بعلامات لا تخفى على ذي لب وعقل سليم، فهم لا يحفظون شيئاً من كتاب الله تعالى ولا يعرفون تلاوته،وليس لهم أي إلمام بعلومه،وكذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ويجهلون ان لتفسير القرآن والسنة أصولاً و مباني لايزيغ عنها إلا هالك، ولا يحيد عنها إلا ضالّ،و من ثَمّ ترى أمثال هؤلاء يتجهون في الغالب نحو الآيات التي بظاهرها متشابهة، فيتبعونها ابتغاء تأويلها و تصريفها إلى حيثُ مراميهم السيئة تمويهاً على العامة.قال الله تعالى {هُوَ ?لَّذِي? أَنزَلَ عَلَيْكَ ?لْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ?لْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ?بْتِغَاءَ ?لْفِتْنَةِ وَ?بْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ?للَّهُ وَ?لرَّاسِخُونَ فِي ?لْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ?لأَلْبَابِ} آل عمران الآية7.
خرّج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {هُوَ ?لَّذِي? أَنزَلَ عَلَيْكَ ?لْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ?لْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ?بْتِغَاءَ ?لْفِتْنَةِ وَ?بْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ?للَّهُ وَ?لرَّاسِخُونَ فِي ?لْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ?لأَلْبَابِ} قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله ف?حذروهم ".
والله ولي التوفيق.(/)
طلب كتاب تاريخ الجزائر للشيخ مبارك الميلي مصورا
ـ[بن عز]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 04:56]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من بن عز بن عبد القادر إلى من يبلغه كتابي هذا السلام عليكم وبعد:
إن فن التاريخ فن جليل تشد إليه الركائب والرحال وتسمو إليه هامات الرجال ويبذل لأجله نصب الأنفس وكثيرالأموال لأنه ديوان الأمم والأجيال وحاوي العبر والأمثال, والأمة الجزائرية مثل باقي الأمم الكبار لها تاريخ طويل جبار صنفت فيه كتب طوال وأخرى صغار. ومن أهم ما صنف في تاريخ الجزائر كتاب مبارك إن شاء الله ألفه الفقير إلى رحمة الإله الشيخ مبارك الميلي رحمه الله سماه تاريخ الجزائر وقد اجتهدت في البحث عنه مصورا لكني لم أقضي من بحثي وطرا وهذا سبب طلبي من كل ذي أدب وخلق مهذب أن يصور لنا هذا الكتاب ويضعه للتحميل وأجره على المولى الجليل.
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[19 - May-2009, صباحاً 10:19]ـ
العنوان: تاريخ الجزائر في القديم والحديث
المؤلف: الشيخ مبارك بن محمد الميلي
الناشر:
-المجلدان الأولان: المؤسسة الوطنية للكتاب (الجزائر)
بالاشتراك مع دار الغرب الإسلامي (لبنان) سنة1406هـ=1986م
-الجزء الثالث: مكتبة النهضة الجزائرية سنة 1384هـ=1964م
الحجم الإجمالي للكتاب (الأجزاء الثلاثة):38.6 ميغا
رابط التحميل:
http://www.archive.org/details/Tarikh-Jazair (http://www.archive.org/details/Tarikh-Jazair)(/)
تأثر العلوم الإسلامية بالفلسفة اليونانية بين نظرتنا ونظرة المستشرقين وأذنابهم ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 07:25]ـ
هذا أحد الفصول التمهيدية لكتابي الذي سبق وذكرته هنا:
أما المستشرقون وأذنابهم فيجهدون لتقرير هذه الحقيقة الوقعة،يقصدون بذلك تقرير أن لليونان على المسلمين فضل،مجردين المسلمين من فضيلة الابداع والابتكار العلمي رادين ذلك لأصوله اليونانية ..
فهم يرون أنّ علوم اليونان خير أصابه المسلمون بالاطلاع والنظر على الفلسفة اليونانية ..
مقررين أن المسلمين أنجحوا .. ورجحت علومهم وزادت عقولهم .. وازدانت كتبهم .. وحسن حالهم .. واستقام أمرهم =باطلاعهم على علوم اليونان وكتبهم ...
أما نحن:
فنقرر تأثر العلوم الإسلامية بالفلسفة اليونانية =لنقرر أنه ما لحق المسلمين من الفساد والضرر في الاعتقاد والسلوك والعمل يرجع في أكثره إلى هذا التأثر الأسود والاطلاع النكد على زبالات اليونان ...
وأنه ما من علم اقتبسه المسلمون من اليونان كبر أو صغر .. مسألة أو مائة =إلا والشر غالب عليه ..
وأنه ما من تقسيم وتلقيب أخذه المسلمون من علوم اليونان إلا وزادهم خبالاً،وعمهم منه الخطل والخلل ..
ونحن لا نمنع أن يكون في كلام اليونان وعلومهم وتقسيماتهم خير وصواب، فهذه سنة الله ألا يكاد يوجد على الأرض باطل خالص بل لا يكاد يوجد باطل إلا وهو مشوب بالحق؛ذلك أن الله خلق آدم مؤمناً على الحنيفية السمحة .. والفطرة البيضاء .. ثم افترق أولاده من بعده فلا يكاد يوجد واحد منهم ضل=إلا ومعه قبس من تلك الفطرة البيضاء الأولى ..
وغالب الإلباس إنما يأتي من احتجاج أهل الباطل بالحق الذي معهم يُريدون القياس عليه وإلزامك بقبول بقية ما معهم من الباطل؛ ولذا كانت أصوب خطة =ألا تقبل من الأقوال والتقسيمات والتلقيبات إلا ما كان مقروناً بحجة شرعية يرتضي مثلها دين الإسلام ..
وإذاً فعند أولئك صواب وخير .. لكن الذي نقوله:
أنه ما من خير وصواب ينفع العبد إلا وهو موجود في كتاب الله وسنة نبيه،علمه من علمه وجهله من جهله .. وأن من طلب الحق الذي عند أهل الباطل من جهة الكتاب والسنة وجده غضاً طرياً خالصاً نقياً من باطل يشوبه أو شبهة تحتوشه أو قصد باطل يعتوره ... بينما لا يكاد ينجو من بعض ذلك من طلب الخير والحق من كلام أهل الباطل؛ إذ لا يكاد يأتيه إلا وقد علق به من الباطل شئ .. وناله منه حظ ونصيب ...
وإذاً فتأثر المسلمين بالفلسفة اليونانية –عندنا-شر ووبال كله،وحتى ما كان فيه من التقسيم والتلقيب العلمي أقل أحوال خطره أن يكون قاصراً عن التعبير عن معاني الشرع العظيمة ومقاصده الكريمة ... وما دام الأمر القصور مآله فما حاجتنا إلى حمل شيطان أولئك على الانتفاش والانتفاخ (؟؟؟)
اللهم إنا نبرأ إليك من أن نترك عذب الشرع إلى مجارٍ آسنة عفنة .. ونسألك بحولك وقوتك أن ترزقنا حسن الفهم عنك وعن نبيك .. فوالله ما طلبنا الهدى في غير الوحي إلا أضلنا الله ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 07:42]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=14516
ـ[أسماء]ــــــــ[20 - May-2008, مساء 07:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك و جهدك القيم و نفع بك و لا حرمك الاجر و الثواب
موفق ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - May-2008, مساء 12:15]ـ
وفيكم بارك الله تعالى ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - Jun-2008, مساء 11:55]ـ
............
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - May-2009, صباحاً 04:36]ـ
للفائدة ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[22 - Mar-2010, مساء 04:27]ـ
نريد الكتاب يا شيخنا الحبيب .. فهل إليه من سبيل؟
ـ[محمد بن سيد]ــــــــ[18 - Jul-2010, صباحاً 07:49]ـ
بارك الله فيكم
متى نرى الكتاب في المكتبات؟؟
ـ[محمد بن سيد]ــــــــ[23 - Jul-2010, صباحاً 12:30]ـ
طيب هل هناك احتمال لنشره في هذا الصيف؟؟
وإن لم يكن فهل لكم أن تدلوني على كتب - ترضون عنها - كتبت في هذا الباب؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[الحياة قوة]ــــــــ[23 - Jul-2010, صباحاً 12:59]ـ
شكرا
انا قرات كتاب احد المستشرقين
يريد فيه ان يقول ان الكلام و الفلسفة عند المسلمين كلها من اليونان, هل هذا صحيح؟
و يقولون أيضا أن الفلسفة ظهرت أول مرة في التاريخ عند اليونان, فهل هذا صحيح؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - Jul-2010, صباحاً 01:20]ـ
أما الأولى فصحيحة إما تأصيلاً وإما تفريعاً ..
وأما الثانية فكذب ..
===
أخي الشيخ محمد بن سيد: لن يصدر الكتاب قريباً فجميع أعمالي العلمية مؤجلة الصدور،ولا أعلم في هذا الباب ما يمكن الاستغناء به.(/)
مجالس فقهية (7) الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله " من أبدع التراجم التي قرأت "
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[21 - May-2008, صباحاً 02:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد العلماء العابدين , والشكر له شكر العارفين الطالبين , والصلاة والسلام على إمام الأولين والآخرين , وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد:
فها نحن في مجالس الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله , تلك المجالس التي أعاد درة العلماء الشيخ بكر رحمه الله في الحديث عنها للنفوس بهجتها , وللقلوب ذكرى أئمتها , وكأني حين أقرأ ما خطه رحمه الله في ترجمة الإمام أعيش في بغداد بين منازلها وأزقتها , وأرقب أحداث الفتنة العمياء وخيبة مؤججها , فغدت ترجمة بَكْر للإمام كأنها بِكْر التراجم التي أقرأها , فزد اللهم بكرا نعيما وسرورا في قبره , واجعل منزله وسكناه وحط رحاله في جنة الفردوس تحت ظل عرشك يا كريم .. آمين آمين.
قد يطول بنا الحديث في هذا المجلس لكن حسبنا أنه من آخرها فقد قاربت على الانتهاء , وختام الخير مسك , وهل لباغي المسك من مستراح؟! فاللهم أعن ويسر , وامنن بالقبول والصفح والنفع والستر يا ستير.
** ترجمة الإمام **
قال بكر رحمه الله: إن أوفى الكتب المطبوعة .. كتاب ابن الجوزي ت. سنة (598 هـ) " مناقب الإمام أحمد بن حنبل " فإنه رحمه الله استفرغ جُلَّ ما في الكتب المسندة في ترجمة أحمد في نحو ستمائة "600 " صفحة , فالمترجمون للإمام بعد ابن الجوزي عيال عليه. أ. هـ
وستعرض هذه المجالس لمحة عن الإمام أحمد من الرحلة حملا في بطن أمه , إلى حمله على أكتاف أعيان الأمة , وتشييعه من أهل الملة إلى بطن الأرض في مقبرة باب حرب من بغداد , دار السلام.
** نسبه **
هو: وحيد أبويه: أبو عبدالله , أحمد بن محمد , بن حنبل بن هلال بن أسد , ويتصل نسبه إلى مازن, بن شيبان, بن ذهل, بن ثعلبة, وينتهي إلى: ربيعة, بن نزار, بن معد, بن عدنان!
و" شيبان " سيدة قبائل ربيعة في الجاهلية والإسلام , وكان منهم: المثنى بن حارثة أول فاتح للعراق , ومنهم: محارب بن دثار السدوسي قاضي الكوفة الذي قال:
لما أكرهت على القضاء بكيت , وبكى عيالي , فلما عزلت عن القضاء , بكيت وبكى عيالي!
وقد كانت منازلهم في الإسلام في البصرة , فقد كان يتردد الإمام أحمد على مسجد يقال له: مسجد مازن! فلما سئل عن تردده , قال: إنه مسجد آبائي!
فتبين لنا أن الإمام أحمد من العرب , لا عجمى فيه ولا تهجين , ومع ذلك فإنه لم يفخر يوما بذلك!
كان جده " حنبل " واليا على سرخس , ومن القائمين بالدعوة العباسية , وكان والده واليا على " مرو " ومن أجنادها إلا أنه لم يلبس زي الجند قط؛ ومع هذه المكانة التي كانت لجده ولوالده فإنها لم تشفع له أيام محنته! قال بكر رحمه الله: فهل من معتبر؟!
** ميلاده ومولده **
توفي والد الإمام أحمد في الثلاثين من عمره , فانتقلت أمه من خراسان إلى بغداد وكان الانتقال خيرا على أمه وأمته؛ يقول الإمام أحمد كما روى ابنه عبدالله:
قدمت بي أمي حمْلاً من خراسان , وولدتُ سنة 164 هـ
وقال ابنه صالح: جيء بي من مرو حملا!
وأفادت الروايات أن ميلاده كان في العشرين من شهر ربيع الأول عام (164 هـ) وأن مولده كان في بغداد؛ وقيل ولد في ربيع الآخر وولادته في مرو ثم جاءت به أمه إلى بغداد طفلا!
والمعتمد الأول؛ لأنه من قول أحمد عن نفسه , وهو بها أعلم.
** كنيته وحياته **
يبدو أن لجده " حنبل " شهرة واسعة لذا اشتهر به ونسب إليه , يكنى الأمام بأبي عبدالله , وهو الابن الثاني فابنه صالح أكبر منه! وعللّ بعض العلماء ذلك بتعليلات منها:
1) أن للإمام ابن اسمه عبدالله لكنه توفي في صغره.
2) أن الإمام اشتهر بهذه الكنية وغلبت عليه ولاسيما أنه لم يتزوج إلا بعد الأربعين. وهو الأظهر.
قال بكر رحمه الله: وكم في بطون التاريخ , والسير من معالم , طويت معالمها , وغابت أخبارها , فهذا: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي: عبدالله بن محمد الأنصاري. ت سنة (481 هـ) لا يعرف سوى ابنيه: مجاهد , وعبدالهادي , فمن أين جاءت تكنيته بأبي إسماعيل؟ يدور في هذا تعليلات كثيرة والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
عاش الإمام يتيما في رعاية ربه ثم أمه , يقول الإمام رحمه الله: لم أر جدي , ولا أبي!
وأمه هي:
صفية بنت ميمونة بنت عبدالملك الشيباني, من بني عامر , وعبدالملك من وجوه بني عامر, وساداتهم.
كان لجده حنبل ثلاثة أبناء: عبدالله , وعمر , وإسحاق , وهؤلاء هم أعمام الإمام أحمد.
فأما عبدالله فكان له ولد اسمه أحمد , سمع من الإمام أشياء.
وإسحاق ولد له: حنبل , وقد روى عن الإمام أحمد.
وعمر: ولدت له: ريحانة , زوجة الإمام أحمد.
لما بلغ الإمام سن الأربعين تزوج عباسة بنت الفضل من نسل العرب , من الرَّبض أقامت معه ثلاثين عاما , لم يختلف معها بكلمة واحدة!
ولدت له هذه المرأة الصالحة في سنة (203 هـ) ابنه: صالحا والذي يكنى بأبي الفضل
ولي قضاء طرسوس وتوفي بأصبهان سنة (266 هـ) وله ثلاث وستون سنة.
كان الإمام يحبها ويثني عليها خيرا وطوبى لامرأة ماتت وزوجها راض عنها!
بعد وفاة أم صالح تزوج الإمام بابنة عمه عمر: ريحانة , وولدت له: راوية المسند عبدالله فقد ألف الإمام كتابه الشهير المسند قبل المحنة ولم يسمعه ابنه إلا بعدها , إلا أنها ماتت كذلك في حياته.
وكانت للإمام جاريتان:
الأولى اسمها: حُسْن , اشتراها بعد وفاة أم عبدالله. وولدت له بقية أولاده: زينب , والحسن والحسين وهما توأمان وماتا قرب ولادتهما , ثم الحسن ومحمد , ثم سعيد قبل وفاة الإمام بخمسين ليلة وهو الذي تولى قضاء الكوفة! وزهير وفاطمة ولا يعرف من أي زوجة كانت.
فكانت ذريته عشرة أولاد , ثمانية بنين , وابنتان.
الثانية: اسمها ريحانة.
** صفة الإمام الخَلْقية **
كان شيخا ربعة , وقيل: طوالا , أسمر شديد السمرة , حسن الوجه , مخضوبا يخضب بالحناء , خضابا ليس بالقاني , وفي لحيته شعرات سود.
تعلو محياه السكينة والوقار والخشية , عظّم الله في قلبه , فأعظم منزلته في قلوب خلقه!
يقول أبو عبيد: ما هبت أحدا في مسألة ما هبت أحمد بن حنبل!
ويقول آخر: دخلت على إسحاق بن إبراهيم – والي بغداد – وفلان وفلان من السلاطين فما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل , صرت إليه أكلمه في شيء فوقعت عليَّ الرعدة حين رأيته من هيبته!
كان يهتم بمظهره فيلبس النظيف ويختار من ألوان الثياب البياض , وكان لباسه غليظا , يتنور في بيته وما دخل الحمام قط؛ وكان أكثر جلوسه متربعا.
** صفته الخُلُقية **
تميز الإمام بمزايا عديدة , بل ظهرت في ملامحه لأهل الفراسة النباهة والشأن , قال أبو سهل الحافظ الهيثم بن جميل الأنطاكي في أحمد: إن عاش هذا الفتى فسيكون حجة على أهل زمانه!
قال بكر رحمه الله: فلله أبوه , ما أصدق فراسته , فقد كان حجة على أهل زمانه إلى الآخر , فسبحان المنعم المتفضل.
تميز الإمام بالورع , وعفة لسانه , وقلمه , يحكى أن عمه أرسل معه أوراقا إلى ديوان الخليفة فغاب أحمد طويلا , دون أن يردَّ على عمه , وسنه عند ذلك صغيرة.
فلما قابله عمه سأله عن الأوراق , فعرف أنه لم يوصلها , فسأله: لماذا لم توصلها , فأجاب أحمد الغلام:
ما كنت لأرفع تلك الأخبار , لقد ألقيت بها في البحر , فجعل عمه يسترجع , ويقول: هذا غلام يتورع فكيف نحن .. ؟!
وكان رحمه الله إذا نظر إلى نصراني أغمض عينيه , فقيل له في ذلك؟ فقال: لا أقدر أنظر إلى من افترى على الله وكذب عليه!
وقال إسحاق عم أحمد: دخلت على أحمد ويده تحت خده , فقلت له: يا ابن أخي: أي شيء هذا الحزن؟! فرفع رأسه وقال: طوبى لمن أخمل الله ذكره!!!
ومما تميز به الإمام تواضعه ومن ذلك ما سبق ذكره , أنه لم يفتخر بعروبته أبدا؛ يقول صديقه الإمام يحيى بن معين: ما رأيت خيرا من أحمد بن حنبل , ما افتخر علينا بالعربية قط ولا ذكرها.
يحكي ابن الجوزي أن أحمد كان من أحب الناس وأكرمهم نفسا , وأحسنهم عشرة وأدبا , كثير الإطراق والتقى , معرضا عن القبح واللغو لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث , وذكر الصالحين , والزهاد في وقار , وسكون , ولفظ حسن , وإذا لقيه إنسان بش به , وأقبل عليه , وكان يتواضع للشيوخ تواضعا شديدا , وكانوا يكرمونه ويعظمونه!
(يُتْبَعُ)
(/)
كان مطبقا للسنة فيجيب الدعوة في المناسبات المشروعة مثل الزواج والختان , وكان في حضوره ملاطفا للناس , متواضعا , لكن كان أمّارا بالمعروف, نهّاءً عن المنكر , يقوم السلوك , ويزيل المنكر , فإن لم يمكنه انصرف! وكان ربما بذل شيئا من المال؛ لإدخال السرور.
قال بكر رحمه الله: إن أعظم صفة أخذت بمجامع قلبي , هي ما أفاض به مترجموه رحمه الله تعالى في أخبار تعبده , وزهده , وتألهه , وقراءته القرآن , وورعه , مما لا ينقضي منه العجب , لكنها المعونة الربانية, والعناية الإلهية , وهي بحق تقضي له الإمامة في العلم والدين , إذ العالم لا يكون عالما حتى يكون عاملا , تقبل الله منا ومنه , آمين.
كان من هديه: أنه لا يظهر النسك , وكثيرا ما يقول: اللهم سلم, سلم. ولم تكن الدنيا جارية على لسانه , وكان يعد إظهار المحبرة من الرياء!
يقول الإمام أحمد: ما كتبت حديثا إلا وقد عملت به, حتى مر بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا فأعطيت الحجام دينارا حين احتجمت!
كان يحب العزلة, يقول ابنه عبدالله: كان أصبر الناس على الوحدة , وبِشْرٌ لم يكن يصبر على الوحدة , كان يخرج إلى ذا وإلى ذا.
وكان يقول: أشتهي مكانا لا يكون فيه أحد من الناس! ويقول: الخلوة أروح لقلبي!
قال محمد بن الحسن بن هارون: رأيت أبا عبدالله إذا مشى في الطريق , يكره أن يتبعه أحد!
قال بكر رحمه الله: فليعتبر من إذا مشى معه من لا يفرح به , أو احتوشه بعض الطلاب , ضاقت الطريق به؟
ويقول عيسى بن محمد الرملي: عن الدنيا ما كان أصبره , وبالماضين ما كان أشبهه , وبالصالحين ما كان ألحقه , عرضت له الدنيا فأباها , والبدع فنفاها!
كان يكره الشهرة وطلب المناصب والرئاسة وله في ذلك الأخبار المشهورة.
قال بكر رحمه الله بعد ذكر أحد أخباره: فما بالنا نبذل النفس , والنفيس , ونغض الطرف عن أمر بمعروف , أو نهي عن منكر , متربصين شيئا من ذلك , ثم لا نكتفي بهذا الإثم بل نزيده إثما بتخريجه فقها؛ ليفيد شرعيته؛ ولهذا نزلت القيمة بنزول القيم , وارتفع أهل الأهواء , والماديون , والسَّفل!
كان لا يملك الكثير من المال لكنه ملك القناعة والعفة فضبط نفسه وعلت همته!
وما أجمل ما قاله مصعب بن عبدالله الزبيري:
ومن في ورع أحمد؟ يرتفع على جواز السلطان , حتى يُظن أنه الكِبر , ويكري نفسه مع الحمالين , حتى يظن أنه الذل , ويقطع نفسه عن مباشرة عامة الناس وغشيان خاصتهم أنسا بالوحدة , فلا يراه الرائي إلا في مسجد , أو عيادة مريض , أو حضور جنازة , ولم يقض لنفسه بعض ما قضيناه من شهوات!
** طلبه للعلم **
تربى الإمام أحمد على يد امرأة صالحة , ألا وهي أمه الكريمة التي آثرت البقاء عليه والتفرغ له , فأعقبها الله جل جلاله بأن جعل ابنها ووحيدها , فريد عصره , وأخلد ذكره إلى يوم النشور!
قدمت به أمه دار السلام بغداد وكانت آنذاك بلد العلم والعلماء فرعته وربته حتى توفي الإمام مالك رحمه الله وحماد بن زيد , فبدأ بطلب علم الحديث, وكان أول سماعه من هُشيم بن بشير الواسطي ولازمه حتى توفي سنة 183 هـ
وكان أول من كتب أحمدُ عنه الحديثَ: هو أبو يوسف!
يعد الإمام أحمد أول من اشتهر بالرحالات لطلب الحديث , فقد رحل من بغداد إلى الكوفة , والبصرة , وإلى عبادان , وإلى الجزيرة , وإلى واسط , وإلى الحرمين الشريفين: مكة والمدينة , ورحل ماشيا إلى صنعاء اليمن , وإلى طرسوس مرابطا وغازيا , وإلى الشام.
وربما منعه من السفر خوف والدته وقلة ذات يده , وأول سفره كان إلى الكوفة بعد وفاة شيخه هُشيم , وأخذ العلم عن وكيع , ثم عاد إلى أمه بسبب حمى أصابته!
وأخذ في طريقه إلى مكة لأداء فريضة الحج عن يزيد بن هارون , وفي الحجاز أخذ عن ابن عيينة والشافعي , وأخذ عن عبدالرزاق بن همام محدث اليمن وعن إبراهيم بن عقيل!
كان لأحمد بن حنبل شيوخ كثر , منهم في المسند ما يزيد عن 280 شيخا كما ذكر الذهبي رحمه الله.
يقول الإمام أحمد عن شيخه هُشيم: وكان هشيم كثير التسبيح , ولازمته أربعة , أو خمسة أعوام, ما سألته عن شيء هيبة إلا مرتين , في الوتر , ومسألة أخرى عن أشعث!
(يُتْبَعُ)
(/)
قال بكر رحمه الله: هكذا الأدب , وصدق الطلب , وإخلاص العمل , وإجلال الشيوخ , فأين هذا من بعض الطلبة المتعالمين , الذين يتنمرون على شيوخهم بأسئلة يصنعونها؛ ليظهروا عجزه , وفضلهم عليه؟ وهؤلاء حقيق أن يفشلوا , ولا ينجحوا , وقد شوهد هذا!
نال الإمام أحمد علما جما , فقصده العلماء قبل الطلبة للرواية عنه , عقد ابن الجوزي لتسميتهم " الباب الحادي عشر" نحو عشرين شيخا حدثوا عنه , منهم الإمام الشافعي رحمه الله , لكنه لم يسمه بل يقول حدثني الثقة! كما ذكر ذلك الذهبي رحمه الله.
أما التلاميذ فلا يحصون كثرة , بل قيل إن في بعض دروس يحضرها خمسة آلاف نسمة!
كان علما رحمه الله في علم الحديث والرجال والعلل وله في ذلك المصنفات؛ روى عنه البخاري مباشرة وروى عن أحمد بن الحسن عنه , وحدث عنه مسلم , وأبو داود بجملة وافرة , وروى أصحاب السنن عن رجل عنه أحاديث!
** من أقواله الشهيرة **
ما قاله الوراق: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمِّي فسقط!
ومنها قول ابنه عبدالله: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز!
** مصنفاته **
صنف الإمام المصنفات العديدة من أشهرها ديوان الإسلام " المسند " ذلك السفر العظيم والذي بلغ 50 مجلدا!
وكان يكره التصنيف أول أمره ويرى أن هذا ابتداع , وأن هذه آراء لا ينبغي أن تكتب فقد تتغير , وإنما الذي يكتب الكتاب والسنة! ولما رأى أن النفوس قرت بما يريد من الانصراف إلى نصوص الوحي! طفق العلية من أصحابه وتلاميذه يكتبون عنه أجوبته , وفتاويه , ومنهم من كان يعرضها عليه!
فمن كتبه:
المسند وهو مطبوع.
وفضائل الصحابة. مطبوع في مجلدين.
والعلل ومعرفة الرجال. مطبوع.
الأسامي والكنى. مطبوع.
الزهد. مطبوع.
الورع. مطبوع.
الرد على الزنادقة والجهمية. مطبوع.
كتاب الأشربة, وكتاب الوقوف والوصايا, وكتاب أحكام النساء , وكتاب الترجل وكلها مطبوعة.
إلى غير ذلك من الكتب والمصنفات ..
** سعة علمه **
قال عبدالله بن أحمد: قال لي أبو زرعة: أبوك يحفظ ألف ألف حديث! فقيل له: وما يدريك؟! قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب!
قال الذهبي معلقا: فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبدالله , وكانوا يعدون في ذلك المكرر , والأثر , وفتوى التابعي , وما فسر , ونحو ذلك , وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك!
وقال تلميذه عبدالوهاب بن عبدالحكم الوراق:
ما رأيت مثل أحمد بن حنبل , قيل له: وأيش الذي بان لك من فضله , وعلمه على سائر من رأيت؟! قال: رجل سُئِل عن ستين ألف مسألة , فأجاب فيها بأن قال: حدّثنا , أخبرنا!
وقال أبو القاسم ابن الجبُّلي: إذا سئل عن المسألة كأن علم الدنيا بين عينيه!
.. وقد شهد بفقهه الأئمة الكبار من شيوخه , وأقرانه , وتلامذته , ممن لهم قدم صدق في الإسلام والعلم والورع والإيمان من أئمة أهل العلم في الأقطار .. فمن الذين نعتوه بالفقه شيخه وتلميذه الإمام الشافعي رحمه الله فقد قال: ما رأيت أحدا أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل!
ووصفه بالفقه أئمة كثر منهم: أبو عبيد القاسم بن سلام , وابن المديني , وبشر بن الحارث , وأبو ثور .. وغيرهم بل إنهم قالوا عنه إنه إمام!
بل نقل الربيع بن سليمان عن الإمام الشافعي قوله:
أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث , إمام في الفقه , إمام في اللغة , إمام في القرآن , إمام في الفقر , إمام في الزهد , إمام في السنة!
قال بكر رحمه الله: ومع هذا فإن العصبية دفعت بأقوام إلى الشغب على الإمام والنيل من أهل مذهبه فصاغوا قولتهم عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى بأنه " محدث وليس بفقيه! واستقوها من تصرف الإمام الطبري: محمد بن جعفر في كتابه " اختلاف الفقهاء " من أنه لم يضم إلى خلاف الثلاثة خلاف أحمد .. ؟ أ. هـ
فنال الطبري ما ناله بسبب هذا حتى إنه دفن في داره ليلاً ولا حول ولا قوة إلا بالله!
والعاقل المنصف الذي يريد الحق يعرف صدق عبارة الطبري حينها, لكن مفهوم الطبري ليس بمفهوم التعصب والهوى فالإمام الطبري قصد بالفقيه الذي له المصنفات وله طلبة يقومون به!
(يُتْبَعُ)
(/)
ويشهد لذلك قوله " أما أحمد فلا يعد خلافه , فقالوا له , فقد ذكره العلماء في الاختلاف , فقال: ما رأيته روي عنه , ولا رأيت له أصحابا يعول عليهم ". أ. هـ
فلم يرد نفي الفقه عن الإمام أحمد. بل نفى علمه بالرواية وقيام الأصحاب به , فإن الفقه الحنبلي لم يتكون إقراء فروعه إلا بعد وفاة الطبري رحم الله الجميع.
** طيب النفوس وسلامة القلوب بين الإمام الشافعي والإمام أحمد **
تأثر الإمام أحمد بن حنبل بالإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمهما الله جميعا .. فقد أردك الإمام أحمد من حياة الإمام الشافعي أربعين عاما , وتتلمذ عليه واستفاد من فقهه؛ كما أن الشافعي جلس إلى تلميذه وأخذ عنه الحديث وروى عنه وأثنى عليه خيرا , فمن ذلك قوله والذي ذكرناه سابقا:
قالوا يزورك أحمد وتزوره = قلت الزيارة كلها من أجله!
إن زرته فلفضله أو زارني = فبفضله فالفضل في الحالين له!
وقيل إن أحمد أجابه بقوله:
إن زرتنا فبفضل منك تمنحنا = أو نحن زرنا فللفضل الذي فيكا
فلا عدمنا كلا الفضلين منك ولا = نال الذي يتمنى فيك شانيكا
وقد وعد الإمام أحمد الشافعي بأن يزوره في مصر لكن أدركت المنية الشافعي رحمه الله تعالى قبل الوفاء بالوعد!
كما أن الإمام أحمد كان على علاقة طيبة مع الإمام إسحاق بن راهويه فقد قال ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى:
وموافقته – أي أحمد – للشافعي , وإسحاق , أكثر من موافقته لغيرهما , وأصوله بأصولهما أشبه منها بأصول غيرهما , وكان يثني عليهما, ويعظمهما .. إلى آخر كلامه رحمه الله.
فهل يتخلق الأتباع بسير الأسلاف إن كانوا صادقين في المحبة وإرادة الحق!
** فتنة خلق القرآن **
فتنة عمياء جرّت على الأمة الوبال , رُوعَ فيها عباد الله , والترويع حرام , وأكره العلماء على الكفر بالله , وسفكت الدماء حتى غدا أمرها كشرب الماء , ذلك عندما تولت البطانة الفاسدة سدة الحكم , وقُرِّب أهل الأهواء من الخلفاء , وحال بين الراعي والرعية أهل النفاق والبغي والفساد , وكان للرويبضة لسان وسنان , فعاثوا في الأرض فسادا , وفي الدين خرابا , وفي الدماء سفكا , وفي عرى الدين هدما ونقضاً , كانت ضريبة لإخضاع النص للعقل , لا العقل للنص , والعقل يحركه الهوى , والهوى لا عاصم له!
كان الناس في سلام وأمان , وأمرهم جاريا على السُّنَّة والسداد من إثبات صفة الكلام لله تعالى , وأن القرآن كلام الله غير مخلوق.
هذا الأصل العقدي كغيره من قضايا الاعتقاد محل إجماع , فلما قتل عمر رضي الله عنه وانكسر الباب , قام رؤوس الشر على عثمان حتى ذبح صبرا , وتفرقت الكلمة وتمت وقعة الجمل , ثم صفين , فظهرت الخوارج , وكفرت سادة الصحابة , ثم ظهر الروافض والنواصب!
وفي آخر عهد الصحابة ظهرت القدرية ثم المعتزلة والجهمية والمجسمة , حتى تولى المأمون الخلافة وكان معظما للعقل , ذكيا متكلما , فأخذ بترجمة كتب الفلاسفة اليونان , ورفعت الفرق الضالة كالجهمية والشيعة والمعتزلة رؤوسها وأمنت على نفسها , بعد أن أوقف جماحها من قبله من الخلفاء , فظهرت فتنة خلق القرآن وتولى كبرها المأمون , وحمل الأمة على القول بهذا القول الفاسد , والذي في أصله قول لليهود والصابئين وأهل الشرك والفلسفة.
فعن اليهودي أخذها لبيد بن الأعصم الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم , وعن لبيد أخذها ابن أخته وزوج ابنته: طالوت , فنقلها للعراق , ورواها عنه: أبان بن سمعان , فقتله خالد بن عبدالله القسري , وأحرقه بالنار , ثم أخذها عنه الجعد بن درهم وقتله بسببها خالد بن عبدالله القسري بأمر من هشام بن عبدالملك , وعن الجعد تلقاها: الجهم بن صفوان وقتل بسببها وصار له أتباع يقدمهم يوم القيامة.
وممن أخذ بقول الجهم: بشر المريسي الذي حكم الأئمة بكفره هو وقرينه ابن الثلجي!
هذا أصل البدعة ومعرفة أصول البدع من أنفع الأشياء لطالب العلم .. نعود إلى الإمام أحمد وهذه المحنة:
لما توفي هارون الرشيد سنة 193 للهجرة , وتولى المأمون الخلافة نشأت أو خرجت هذه الفتنة إلى حيز التطبيق , حتى عظمت, واشتد عودها في زمن المعتصم, إلى أن بلغت الواثق بن المعتصم.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تكن هذه الفتنة في عهد هارون إلا في مجال الدراسة والمناظرة, مع خوف شديد من هارون الرشيد , لذا لم يجرؤ رؤوس الضلال من نشر أفكارهم , فكبتوا مقالاتهم , وكفوا ألسنتهم!
فلما تولى المأمون سابع خلفاء بني العباس وهو تلميذ لأبي الهذيل العلاف المعتزلي , وسعى في نشر الفلسفة , توغل الفرس في خلافته وكانوا له بطانة!
فتشبعت نفسه بالاعتزال , وقرب رؤوس الضلال ومنهم: ثمامة الأشرس , والجاهل أحمد بن أبي دؤاد الذي ما فتئ يحسن للمأمون الفتنة والقول بها , حتى استجاب المأمون له وفتح باب المناظرة عليها في مجلسه في بغداد , ولم يجرؤ على مراغمة الناس لوجود شيخ أهل السنة في زمانه والذي كان له هيبة ومكانة عند العامة والخاصة: يزيد بن هارون , فلما مات يزيد بن هارون وخرج المأمون إلى طرسوس وتردت حالته دعاه المشؤوم أحمد بن أبي دؤاد على حمل الناس عليها , وإرغامهم على ذلك! فقبل المأمون وكانت آخر أعماله نعوذ بالله من سوء الختام؛
فكان على هذا الفتنة ثلاثة نفر:
1/ أحمد بن أبي دؤاد , النافخ في كير هذه الفتنة.
2/ والخادم في بغداد صاحب الشرط إسحاق بن إبراهيم الخزاعي.
3/ وتلميذ ثمامة بن الأشرس: عمرو بن بحر بن محبوب البصري الكناني المعتزلي المشهور بالجاحظ! وقد أهدى كتابه البيان والتبيين لأحمد بن أبي دؤاد!
كان المأمون يبعث بالرسائل وهو في طرسوس حتى بلغت الرسائل في تلك السنة وهي السنة التي توفي فيها خمس رسائل.
الأولى فيها دعوة العلماء إلى مراكز الشرط ببغداد وأخذ أقوالهم , ثم بعث الجواب إليه! خاصة من كان من أصحاب المناصب , والذي لم يقل بالخلق فيعزل من فوره!
والثانية فيها طلب إرسال سبعة من المحدثين إليه , وتحت التهديد أجابوا مكرهين!
وغضب عليهم الإمام أحمد وقال: هم أول من ثلم هذه الثلمة! لأنهم أجابوا, وهم عيون البلد , فاجتُرِأ على غيرهم.
وبعد الإجابة تغير الأسلوب وبدأت شدة اللهجة تظهر في الرسائل , وأن من لم يجب فعقوبته الحبس , وأمر بإحضار علماء بغداد , وامتحانهم على ذلك , فلم يجب أربعة منهم , وهم:
أحمد بن حنبل , ومحمد بن نوح , وعبيدالله بن عمر القواريري , والحسن بن حماد.
فأجاب الأخيران بعد تقية وأصر أحمد ومحمد على الحق وأن كلام الله غير مخلوق!
فحبسا وقيدا وحملا على جملين وبعث بهما إلى المأمون في طرسوس , وكان الإمام أحمد يسأل الله تعالى أن لا يرى المأمون , وقد بلغه أن المأمون يحد سيفه! فمات المأمون وهما في الطريق إليه سنة 218 للهجرة.
فأعيدا إلى بغداد وفي الطريق توفي محمد بن نوح في مكان اسمه: عانات. فحل قيده وغسله أحمد وصلى عليه , وذهب بأحمد إلى السجن!
قال بكر رحمه الله: هذا ولا يشك الدارسون لخبر هذه المحنة , أن هذه الكتب التي بعث بها المأمون إلى عامله المذكور , من صنع ابن أبي دؤاد , ونسجه!
فلما أحس المأمون بدنو أجله كانت وصيته لأخيه المعتصم الخليفة بعده , أن يواصل أمر المحنة وحمل الناس عليها!
لما تولى المعتصم الخلافة كان على النقيض , فلم يكن من أهل العلم والمعرفة إنما كان رجلا عسكريا , مرّت به كلمة الكلأ فلم يعرف معناها لا هو ولا وزرائه فقال:
لا حول ولا قوة إلا بالله: خليفة أمي , ووزير عامي!
ما زال أحمد بن حنبل في سجنه وقيده , وابن أبي دؤاد في غيه وسلطته , مكث أحمد في سجنه ثلاثين شهرا يصلي بأهل السجن , وهو مقيد , وكان يناظره رجلان:
أحمد بن محمد بن رباح , وأبو شعيب الحجام , وكانا كلما فرغا من مناظرته , زاداه قيدا على قيوده حتى ثقل بها , وسجن في مكان ضيق مظلم لا نور فيه!
وكان بعض الأئمة قد ماتوا في قيدهم وسجنهم , بسبب عدم قولهم بخلق القرآن!
في العشر الأخير من رمضان أُرسِل أحمد إلى المعتصم لمناظرة ابن أبي دؤاد وقد جمع حوله الأتباع والأصحاب , ليحاجوه , فإذا انقطعت حجة أحدهم اعترض المشؤوم ابن أبي دؤاد ومن معه وطلب من المعتصم قتله وأن دمه حلال وفي رقبته! لكن المعتصم لم يفعل.
كان الإمام أحمد يرفض مناظرة ابن أبي دؤاد ويعتبره جاهلا بل إنه لا ينظر إليه مما زاد من غيظه وقهره , وجعل مكانته تقل أمام الحضور!
ولسائل أن يسأل: ألم يسع الإمام أحمد ما وسع غيره , فأخذ بالتقية ولم يحمل نفسه على هذا العذاب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب: الإمام أحمد يرى أن الاستجابة والأخذ بالتقية هنا خيانة للإسلام والمسلمين وهدم للدين , لذا صبر واحتسب وناظر وأبطل الحجج ولم يلحن في كلمة واحدة مما يدل على صدق الشافعي حين قال إنه إمام في اللغة!
ضرب الإمام أحمد بالسياط , حتى سقط , فإذا أفاق لُعن وسُب وشُتم , وسُحب على وجهه , وخلع يديه بشدهما في خشبتين حتى ينخلعا! وهو مقيد في كل هذه الأحوال بل إنه كان في صيام!
وكان أشد حجة دامغة عليهم في نقطتين:
هل علم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن كلام الله مخلوق.
فإن كان الجواب بنعم , ألم يسعك ما يسعهم؟!
وإن كان الجواب بلا , فمن أنت حتى تؤتى من العلم ما لم يؤتى نبينا صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؟!!
استمرت هذه الحال 28 شهرا , والمعتصم يقول لأحمد: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي , ما عرضت لك , ويريد أن يخلي سبيله , وابن أبي دؤاد يصرفه عما يريد , ويهول عليه سوء العاقبة إن أطلقه وخلّى سبيله!
ثم إن المعتصم استدعى عم الإمام أحمد وقال: ها هو صحيح البدن , فقال: نعم , قال: سلمته إليكم! فأخرجه خوف أن يموت في سجنه وقيده ثم يقوم عليه العامة والخاصة والذين لا قبل له بهم! فقد عظمت منزلة أحمد في نفوس الخلق.
فعاش الإمام حرا طليقا يشهد الجمع والجماعات , وباشر التحديث والفتوى!
ومن عجيب خلق الإمام وسمو نفسه: إعلانه العفو عن كل من آذاه وأنه في حل إلا صاحب بدعة , وجعل المعتصم في حل يوم فتح بابل وعمورية!
توفي المعتصم سنة 227 للهجرة وتولى بعده ابنه الواثق , فلم يستطع أن يعاود الكرة مرة أخرى لكنه أرسل إلى عامله إسحاق ينهى فيه الإمام أحمد عن مساكنته وليذهب حيث شاء!
فاختبأ الإمام الأحمد في داره ودور أصحابه , وكان لا يزيد عندهم عن ثلاثة أيام تعظيما للسنة! مع خطورة الموقف
يقول دِعبِل بن علي الخزاعي عن المعتصم والواثق:
خليفة مات لم يحزن له أحد = وآخر قام لم يفرح به أحد!
لم تهدأ بطانة السوء من إشاعة الشر وإيذاء العباد فأججوا الواثق على الإمام أحمد بن نصر الخزاعي لامتناعه القول بخلق القرآن , فقتله الواثق بيده سنة 231 للهجرة , ورؤي رأسه حين قتل يقول: لا إله إلا الله!
وكان رأسه إلى غير القبلة , فتديره الريح إلى القبلة , وبقي الرأس منصوبا ببغداد , والبدن مصلوبا بسامراء ست سنين إلى أن أنزل سنة 237 للهجرة فجمع ودفن! رحمه الله تعالى وله معه خبر طويل.
ثم إن الواثق تسلط على شيخ أبي داود والنسائي , عبدالله بن محمد الأذرمي , فجيء به مسجونا , مقيدا , مهانا , ليناظر ابن أبي دؤاد , فجرت بينهما مناظرة طويلة كما في النجوم الزاهرة وانتهت بانتصار الأذرمي فحل قيد الشيخ وبكى الواثق وصرفه مكرما , وقيل إنه تاب من القول بخلق القرآن!
فلما ولي المتوكل الخلافة رفع الله به المحنة وأظهر السنة , وأفل نجم التجهم والاعتزال , وكتب بذلك إلى الآفاق سنة 234 للهجرة وكانت له مع أحمد الأخبار الحسان والتي يظهر فيها إكرام العالم وورع الإمام.
وأخيرا وضعت الحرب أوزارها وفرح المسلمون بذلك وخاب الفاتنون.
حكى ابن الجوزي بسند إلى ابن أبي أسامة قال: حُكيَ لنا أن أحمد بن حنبل , قيل له أيام المحنة: يا أبا عبدالله , ألا ترى الحق , كيف ظهر عليه الباطل؟! فقال: كلا. إن ظهور الباطل على الحق أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة , وقلوبنا بعد لازمة للحق!
خاب المبتدع ابن أبي دؤاد ومات ومكث أياما لم يكفنه ولم يغسله أحد ولم يشهد الصلاة عليه نفر!
قال بكر رحمه الله: وقد قام العالم الفاضل الشيخ: أحمد بن عبدالجواد الدومي بجهد مميز في كتابه: أحمد بن حنبل بين محنة الدين , ومحنة الدنيا. فمن أراد أن يزداد يقينه , ويقوى إيمانه فليقرأ هذا الكتاب. غفر الله لمؤلفه ورحمه, آمين.
** وفاة الإمام أحمد رحمه الله **
بعد أفول هذه الفتنة , والتي ذاق الإمام أحمد مرارتها سنوات طوال , على كبر سنه , تفرغ لعبادة ربه فكان يختم القرآن في كل أسبوع مرتين , مرة في الليل وأخرى في النهار! وازداد زهده في الدنيا حتى قال: إنما هو طعام دون طعام , ولباس دون لباس , وأيام قلائل!
مرض الإمام وبعث المتوكل ابن ماسويه المتطبب , ليصف له الأدوية! فلا يتعالج فلما طالت المدة قال المتوكل لابن ماسويه: ويحك , ابن حنبل , ما نجح فيه الدواء؟! فقال له: يا أمير المؤمنين , إن أحمد بن حنبل ليس به علة في بدنه , إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام والعبادة , فسكت المتوكل.
حتى توفي الإمام ناصر السنة وقامع البدعة أحمد بن حنبل محموما في بغداد ضحوة يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة.
وغسل وصلي عليه ودفن في هذا اليوم , يوم وفاته.
وكان عمره يوم مات: سبعة وسبعين عاما وأحد عشر شهرا واثنتين وعشرين ليلة.
حضر الجمع الغفير جنازته حتى من الكفار , بل إن بعضهم أسلم في ذلك اليوم!
وساق المترجمون له من الرؤى الحسنة عجبا , رحمه الله رحمة واسعة.
قال أبو الحسن ابن الزاغوني:
كشف قبر أحمد حين دفن الشريف أبو جعفر بن أبي موسى إلى جانبه فوجد كفنه صحيحا لم يبل , وجنبه لم يتغير , وذلك بعد موته بمائتين وثلاثين سنة!
وروى الأئمة الثقات , والحفاظ الأثبات: أن عبدالوهاب الوراق قال: ما بلغنا أنه كان للمسلمين جمع أكبر منهم على جنازة أحمد بن حنبل, إلا جنازة في بني إسرائيل.
وإلى مجلس قادم في المذهب الحنبلي والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليما ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 09:57]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليكم ورحم الله أحمد ابن حنبل.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 08:12]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليكم ورحم الله أحمد ابن حنبل.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
وأنتم أحسن إليكم .. كما أكرمتمونا بالسلام وشرفتمونا بالقراءة .. ورحم الله الإمام أحمد وجمعنا به جميعا في مستقر رحمته .. نفع الله بكم
ـ[أبو سليمان التميمي]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 11:27]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ورحم الله الإمام أحمد ابن حنبل.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 11:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ورحم الله الإمام أحمد ابن حنبل.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله .. وأجاب الله دعاءكم .. وشكر الله مروركم العطر .. طيب الله أوقاتكم بذكره ..
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 11:23]ـ
*********************
ـ[محمّد الأمين]ــــــــ[30 - May-2008, صباحاً 12:28]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قولك "نقل الربيع بن سليمان عن الإمام الشافعي قوله: أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث , إمام في الفقه , إمام في اللغة , إمام في القرآن , إمام في الفقر , إمام في الزهد , إمام في السنة! "
هل هذا النقل ثابت؟ هل هناك من وصف الإمام أحمد بالمعرفة في علوم القرآن غير هذا النقل؟
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[30 - May-2008, صباحاً 01:00]ـ
[ quote] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هل هذا النقل ثابت؟
سؤال في غير محله لأن مثل هذه الأخبار لا يسأل عن إسنادها إلا إذا تعلق بها حكم شرعي أو عقدي
هل هناك من وصف الإمام أحمد بالمعرفة في علوم القرآن غير هذا النقل؟
لا يلزم وكفى بالشافعي وحتى لو لم يصفه الشافعي بذلك فعلم أحمد شاهد على هذا ولا يحتاج إلى حشد أدلة
قال ابن أبي يعلى في شرح كلام الشافعي:
"وأما الخصلة الرابعة وهي قوله إمام في القرآن فهو واضح البيان لائح البرهان قال أبو الحسين بن المنادي صنف أحمد في القرآن التفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفاً يعني حديثا والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر في كتاب الله تعالى وجواب القرآن وغير ذلك"
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 11:04]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سؤال في غير محله لأن مثل هذه الأخبار لا يسأل عن إسنادها إلا إذا تعلق بها حكم شرعي أو عقدي
لا يلزم وكفى بالشافعي وحتى لو لم يصفه الشافعي بذلك فعلم أحمد شاهد على هذا ولا يحتاج إلى حشد أدلة
قال ابن أبي يعلى في شرح كلام الشافعي:
"وأما الخصلة الرابعة وهي قوله إمام في القرآن فهو واضح البيان لائح البرهان قال أبو الحسين بن المنادي صنف أحمد في القرآن التفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفاً يعني حديثا والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر في كتاب الله تعالى وجواب القرآن وغير ذلك"
بورك فيك .. ونفع الله بك .. أجدت وأفدت بما يغني! أغناك الله به عن غيره.
ـ[محمّد الأمين]ــــــــ[11 - Jun-2008, صباحاً 03:43]ـ
لا أظن هذا يكفي فأين ما يدل على علمه بالقراءات مثلاً؟
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[11 - Jun-2008, صباحاً 11:59]ـ
لا أظن هذا يكفي فأين ما يدل على علمه بالقراءات مثلاً؟
لا حرج أخي محمّد::
بداية .. نقرر:: عدم العلم لا يعني العلم بالعدم!
هذا النقل ذكره ثقة عن إمام له وزنه يعد شيخا للإمام أحمد وتلميذا له وهو محمّد بن إدريس الشافعي.
وهو أخْبرُ بالإمام من غيره , ولا يمكن أن يصفه بما ليس فيه لعلمه بورع صاحبه ولأنهم لا يتزلفون لأحد بالثناء عليه ولأنه يربأ بنفسه من أن يُحثى التراب في وجهه!
لا يشترط في معرفة القراءات أن يكون الإنسان مقرءا وقد أسند , فقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يعلم القراءات ويوجه بعضها مع أنه لم يشتهر عنه أو يروى أنه كان مقرءا.
ثم يا أخي الكريم القراءات جزء من علم القرآن وعلومه وليس هو القرآن وعلومه!
ثم إن سلمت بأن الإمام أحمد رحمه الله عالم بالتفسير فلتعلم أن التفسير لا ينفك عن علم القراءات! في بعض مواضعه ولا يمكن أن يكون إماما في التفسير وهو يجهل القراءات!
ولو طلبنا في كل علم فنا من فنونه لمقت الإنسان الخبر .. فلو قلنا إمام في اللغة قلنا أين ما يدل على علمه بالبلاغة وأين ما يدل على علمه بالشعر وأين ما يدل على علمه بالتصاريف ... إلى آخره؛ وإن قلنا إمام في القرآن وعلومه! قلنا أين ما يدل على علمه بالناسخ والمنسوخ؟ وأين ما يدل على علمه بالقراءات؟ وأين ما يدل على علمه بأصول التفسير وأسباب النزول .. وإن قلنا عالم بالقراءات قلنا أين ما يدل على علمه بالطرق والروايات وأين علمه بالشاذ وأين علمه بكذا وكذا .. إلى غير ذلك من التفاصيل التي يمجها سمع العامي قبل طالب العلم.
وليس جهل الإمام أحمد بعلم القراءات حط من قدره, وأربأ بك عن هذا؛ إذ أن العلوم لا تجتمع في رجل واحد وتلك قسمة الله بين خلقه وفضله الذي يؤتيه من يشاء!
وأخيرا إذا بلغك الخبر من ثقة وأورده عن ثقة عن إمام [ابن أبي يعلى عن الربيع عن الشافعي] جملة فأقبله جملة , ولا تُغرق في التفاصيل فتَغرق بما لا يفيدك فيضيع وقتك وجهدك!
شكر الله لك ونفع بك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مارية الصغرى]ــــــــ[21 - Jul-2008, مساء 11:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
رحم الله الإمام أحمد ناصر السنة ورافع لوائها
ورحم الله الشيخ بكر وغفر له
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[23 - Jul-2008, مساء 04:56]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
رحم الله الإمام أحمد ناصر السنة ورافع لوائها
ورحم الله الشيخ بكر وغفر له
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أهلاً بأبي مارية .. وفيك بارك الله ..
أجاب الله دعاءك ورزقك خير ما ترجو!
ـ[أبو تميم التميمي]ــــــــ[24 - Jul-2008, صباحاً 05:46]ـ
الشكرُ لكَ يا محبرة الداعي!
أبو تميم التميمي
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[01 - Aug-2008, مساء 02:27]ـ
الشكرُ لكَ يا محبرة الداعي!
أبو تميم التميمي
أبا تميم .. أتمَّ اللهُ لكَ النعمة والدين .. شكر الله مرورك ,,
ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[01 - Aug-2008, مساء 06:02]ـ
أسأل الله تعالى ان يعلي شأنك اخي المبارك محبرة الداعي
وان يرينا فيك امامة كامامة احمد قدس الله روحه.
ولا حرمنا الله نسيم فيافيك الحنبلية , وعبير محابرك الزكية.
ودمت موفقا لكل خير معصوما من من كل شر.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[04 - Aug-2008, صباحاً 10:38]ـ
أسأل الله تعالى ان يعلي شأنك اخي المبارك محبرة الداعي
وان يرينا فيك امامة كامامة احمد قدس الله روحه.
ولا حرمنا الله نسيم فيافيك الحنبلية , وعبير محابرك الزكية.
ودمت موفقا لكل خير معصوما من من كل شر.
أبا عبد الله .. جعلك الله عبدا تقيا , ورزقك عيشا هنيا , وأجاب دعواتك ورزقك مثلها ,,
شكر الله لك جميل ظنك وحسن تعبيرك ..(/)
هل هذا القول له حظ من الدليل؟
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[21 - May-2008, مساء 08:52]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فقد سمعت كلاما للشيخ: حسين آل الشيخ -حفظه الله- في شريط يتكلم عن الرقية الشرعية ونصائح للحاسد والمحسود سمعت كلاما مبهما لم أفهمه
قال حفظه الله: قد حكى بعض أهل التأريخ أن ملكا من الملوك أصابه مرض أقعده وأعيى الاطباء علاجه و لم يجدوا له علة حتى يجدوا دواءا فجاء رجل بصير فوجد ان روح هذا الملك وان نفسه هي التي اثرت على بدنه وهي التي اقعدت جسده فدخل عليه ثم تكلم عليه بكلام قذر وتلفظ بألفاظ فيها من الشتائم لهذا الملك فتيقظت روح هذا الملك وتاثرت حتى عادت لحقيقتها فقام يمشي على رجليه ليس به شيء.
السؤال: هل يجوز هذا العلاج شرعا؟
كون أن النبي عليه الصلاة أرشد للعلاج الحلال فقال: "تداوو عباد الله ولا تتداوو بحرام"
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 01:11]ـ
للرفع
أين طلبة العلم؟
ـ[حمد]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 05:35]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
طبعاً هذا العلاج غير مشروع؛ لاحتوائه على محرم.
لكن يُطرَح سؤال للرقاة:
هل سب الجني المتلبس بإنسي: يؤذيه أحياناً فيخرج؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 05:45]ـ
اعرف بعض الرقاة رحمه الله يقول انه هدد الجان بقتل المريض فخرجوا منه والله اعلم
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[22 - May-2008, مساء 10:30]ـ
بارك الله فيكم على المرور
لكن فيه حالات كثيرة لدى المرضى تعود الى مشاكل نفسية ومرض الروح بالدرجة الاولى،وإرشاد الناس إلى ماهو مشروع هذا هو الحق
لكن الشيخ حفظه الله ذكر أنه هناك من تكون روحه مريضة بحيث تفيق بالسب والشتم؟؟
أظن أن القرآن يكفي لأنه به حياة القلوب وانس النفوس
من قال بهذا القول غير ماذكر الشيخ حسن؟
بارك الله فيكم
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[12 - Aug-2008, صباحاً 12:37]ـ
للرفع،نريد جواب شافي كافي
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[12 - Aug-2008, صباحاً 03:10]ـ
أظن الملك و المعالج هؤلاء كفار، لكن أراد ضرب المثل على أن الروح يمكن علاجها مثل الجسد، و ليس يريد أن هذا العلاج مشروع
و هذا العلاج يذكر أن ابن سينا استخدمه مع عاشق لم يعد يتكلم و لا يتحرك من الهم فقال مدوا يده و أعطوني سكيناً لأقطع يده، فلما قرب السكين تحرك المريض و صرخ قائلاً لا تقطع يدي و أصبح يتحرك
و أظن هذا مما يسمى الإستجابة الشرطية أو نحوها في علم النفس من نظريات الروسي بافلوف و غيره
و الروح و النفس لها أدوية إلهية مثل الرقية، و لها أدوية طبيعية، فالطيب كما ذكر ابن القيم من أحسن الأشياء للروح
و الله أعلم(/)
سؤال للإخوة بالمنتدى
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[21 - May-2008, مساء 09:49]ـ
السلام عليكم
شخص مسلم في بلد إسلامي قال لآخر يجوز لك أن تتنصر أو تتهود أو تعبد البقر و لا عليك, و بعد مدة لقي الثاني شخص ثالث و حكى له ما قاله الثاني فأيد رأيه.
الإخوة الكرام ما حكم الشرع في الأول و الثالث؟
ـ[روضة الجنان]ــــــــ[21 - May-2008, مساء 10:59]ـ
ان هذا الكلام يدل على مدى جهليهما ومن الفطرة السليمة ان هذا عبث وبعد ذلك كيف نقيم حكم على مجرد شخص لا تعرف هل هو جاهل ساذج ام خبيث لئيم لان لكل حكم خاص به؟
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 02:52]ـ
هم كفار مرتدون عن دين الله ولا عذر لهم لابجهل ولا بتأويل
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 03:05]ـ
الأخت روضة الجنان كيف يعذر بالجهل في مثل هذا الأمر؟
{لعلك تتسائلين لماذا يسأل و هو يعرف الإجابة؟ لأن لدي في الأخير هدف سأبينه من هذا السؤال و لكني قبل بيانه أريد معرفة ماذا قال الإخوة في هذا.}
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 05:52]ـ
هذا الكلام يدل على مدى جهلهما اذان الناقض التاسع؛ من نواقض الإسلام
من ظن أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر عليه السلام الخروج عن شريعة موسى صلى الله عليه وسلم- كفر، لأن شريعة الاسلام التي بعث بها محمد مهيمنة على الشرائع كلها ناسخة لها، والله لا يقبل الا ما كان من الاسلام، فقال: تعالى (ان الدين عند الله الإسلام)، وقال: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه فهو في الآخرة من الخاسرين)، وقال: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل اطيعوا الله والرسول فمن تولى فإن الله لا يحب الكافرين)، وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي الا دخل النار) رواه مسلم،
فما يزعمه غلاة الصوفية من خروج الأولياء - عندهم - عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم هو عين الكفر والخروج عن الإسلام
ـ[ابو القعقاع]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 08:04]ـ
هذا كفر صريح لأنه أستهزاء بالدين فإذا كان الله كفر من خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم بكلمات قالوها يقطعون بها الطريق وما كانوا يظنونها تبلغ ما بلغت ومع ذلك لم يكذبهم الله في عذرهم إنماكان الجواب ((أبالله وآيته ورسوله كنتم تستهزون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمنكم)) فكيف بمن يأمر بالكفر الصريح والله لا يشك في كفرهم إلا من طمس الله على بصيرته أو لايعرف منهج أهل السنة والجماعة في الأيمان(/)
صلاة التوبة
ـ[البادع]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 02:14]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فإنّ من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن فتح لها باب التوبة، فلا تنقطع حتى تبلغ الروح الحلقوم أو تطلع الشمس من مغربها.
ومن رحمته تعالى بهذه الأمة كذلك أن شرع لهم عبادة من أفضل العبادات، يتوسل بها العبد المذنب إلى ربه، رجاء قبول توبته، وهي "صلاة التوبة" وهذه بعض المسائل المتعلقة بهذه الصلاة.
1 - مشروعية صلاة التوبة
أجمع أهل العلم على مشروعية صلاة التوبة، روى أبو داود (1521) عن أبي بَكْرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"). صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (26998) عن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا (شك أحد الرواة) يُحْسِنُ فِيهِمَا الذِّكْرَ وَالْخُشُوعَ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، غَفَرَ لَهُ) قال محققو المسند: إسناده حسن. وذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3398).
2 - سبب صلاة التوبة
سبب صلاة التوبة هو وقوع المسلمِ في معصية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، فيجب عليه أن يتوب منها فوراً، ويندب له أن يصلي هاتين الركعتين، فيعمل عند توبته عملاً صالحاً من أجل القربات وأفضلها، وهو هذه الصلاة، فيتوسل بها إلى الله تعالى رجاء أن تقبل توبته، وأن يغفر ذنبه.
3 - وقت صلاة التوبة
يستحب أداء هذه الصلاة عند عزم المسلم على التوبة من الذنب الذي اقترفه، سواء كانت هذه التوبة بعد فعله للمعصية مباشرة، أو متأخرة عنه، فالواجب على المذنب المبادرة إلى التوبة، لكن إن سوّف وأخّرها قبلت، لأن التوبة تقبل ما لم يحدث أحد الموانع الآتية:
1 - إذا بلغت الروح الحلقوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (3537).
2 - إذا طلعت الشمس من مغربها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ) رواه مسلم (2703).
وهذه الصلاة تشرع في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي (مثل: بعد صلاة العصر) لأنها من الصلوات التي لها سبب، فتشرع عند وجود سببها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 215).
4 - صفة صلاة التوبة
صلاة التوبة ركعتان، كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ويشرع للتائب أن يصليها منفرداً، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة، ويندب له بعدها أن يستغفر الله تعالى، لحديث أبي بكر رضي الله عنه.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستحب تخصيص هاتين الركعتين بقراءة معينة، فيقرأ المصلي فيهما ما شاء.
ويستحب للتائب مع هذه الصلاة أن يجتهد في عمل الصالحات، لقول الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يفعلها التائب: الصدقة، فإن الصدقة من أعظم الأسباب التي تكفر الذنب، قال الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ).
وثبت عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال لما تاب الله عليه: يا رسول الله إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله: (أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)، قال: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. متفق عليه.
والخلاصة:
1 - ثبوت هذه الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - أنها تشرع عند توبة المسلم من أي ذنب، سواء كان من الكبائر أم من الصغائر، وسواء كانت هذه التوبة بعد اقتراف المعصية مباشرة، أم بعد مضي زمن.
3 - أن هذه الصلاة تؤدى في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات النهي.
4 - أنه يستحب للتائب مع هذه الصلاة فعل بعض القربات، كالصدقة وغيرها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
مجموعة أسئلة أود التكرم بالإجابة عليها جزيتم عنا خير الجزاء
ـ[كمال الجزائري]ــــــــ[22 - May-2008, صباحاً 04:36]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتنا في الله
هده مجموعة أسئلة أود ممن لديه علم بها أو بمظان مناقشتها أن لايبخل علينا بالإشارة والله يحفظكم ويرعاكم:
1ـ مسألة مصافحة المرأة الطاعنة في السن التي لا تشتهى: سمعت أن الشيخ الألباني أفتى بدلك لأثر أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
أين تكلم الشيخ الألباني عن المسألة. وهل صحح الأثر؟ أرجو دكر المصدر بارك الله فيكم.
ـ وجد في الأثر: أن البوادي التي كان يمر بها على العجائز قد كان مسترضعا فيها: هل ـ على فرض صحة الأثر ـ هدا القيد فيه إشارة إلا أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصافحهن لأجل الرضاع أم لأجل كبر السن؟ وهل القيد الدي دكره بعضهم: الطاعنة في السن التي لا تشتهى كفيل بجواز الأمر، وهل هناك سن معين دكره المجيزون ...... ؟
ـ عندنا في قرى الجزائر: تقبل رؤوس العجائز الكبيرات في السن من فوق الثياب أي من فوق الخمار الموضوع على الرأس، فما حكمه؟
2 ـ مسألة في بر الوالدين: ما هو ظابط المعروف في قوله تعالى: وصاحبهما في الدنيا معروفا.
ـ وهل يختلف من بلد إلى آخر، وإدا أبى الإبن طاعة والديه في أمر من أمور الدنيا جائز هل يعتبر عاصيا. وإدا أعتبر عاصيا ما هو الفرق في هده الحالة وحالة عدم الطاعة في التزوج ممن يأمر بها الوالدان.؟
وهل يفهم من عدم اشتراط إدن الوالدين بالنسبة للرجل في النكاح: عدم وجوب الطاعة مطلقا؟
وإدا كان الإبن يعمل مع وادله من دون أجرة شهرية وتوفي الوالد كيف يعرف حق الولد المتعلق بعمله قبل قسمة الميراث؟
ـ البيت الدي يتركه الوالد في العادة يكون للدكور: هل يحق للإناث أن يسألوا عن حقهم في البيت والمسكن الخاص بوالدهم؟
3 ـ في قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. يدكر بعض المنتسبين إلى العلم أنه يعارض ما أجمعت عليه الأمة من مسائل الميراث. أي: أنه يعارض توريث الإبن مع وجود الأب في المسألة الآتية: توفي رجل وترك ابن وأب مثلا. فلمادا يرث الإبن مع الأب: أليس مفهوم الحديث أن المال الموروث ملك للأب دون غيره.؟
4 ـ بخصوص الأناشيد المسماة بالإسلامية: الدين أجازها بشروط: من هم المنشدون المعاصرون الدين تنطبق عليهم الشروط؟ أظن أن المسألة فيها شيئ من الغموض.ولا يستطيع المسلم تطبيق الشروط بنفسه.
وماحكم التصفيق والتصفير المشاهد بعد أداء الأناشيد؟
5 - من من أهل العلم المعاصرون اجاز التصوير الفوتوغرافي لغير الضرورة أي للدكرى.؟
أعتدر عن الإرتجال في الأسئلة للعجلة.
وبارك الله فيكم وجزاكم الله عني كل خير
محبكم كمال الجزائري
ـ[كمال الجزائري]ــــــــ[13 - Sep-2008, صباحاً 01:52]ـ
للرفع والفائدة(/)
سنية نبوية سلفية ربانية للشيخ عبد الفتاح زيراوي
ـ[ابو البراء]ــــــــ[22 - May-2008, مساء 12:00]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"سنية نبوية سلفية ربانية"
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على محمد النبي الأمين عبده ورسوله، ثم أما بعد: لقد ميز الله تعالى أهل السنة والجماعة على غيرهم من الفرق والطوائف المنحرفة بمنهجهم الرباني الذي يشمل جميع شعائر الدين العقدية التعبدية وشرائع الإسلام في العبودية والإلهية، ولقد كان شعار الصحابة رضي الله تعالى عنهم: [إنما أنا متبع ولست مبتدعا] كما أعلنه صديق الأمة رضي الله تعالى عنه ولقد كان أهل السنة والجماعة يتميزون عن غيرهم بهذه الخصلة العظيمة التي تعتبر بالنسبة للمسلمين أعظم ميزة بعد التوحيد والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان الرجل في زمن السلف رضي الله تعالى عنهم يعرف بسنيته لمتابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله مجموع الفتاوى [19/ 306 – 307]: " إذا قيل عن رجلٍ إنه صاحب سنة فالمقصود به أنه على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم من أمور الدين قولاً وعملاً واعتقادا"، والسني الحقيقي كما قال أئمة السنة هم الذين لا يتعصبون للأهواء ولا يميلون إليها، وقد سُئل الإمام أبو بكر بن عيَّاش رحمه الله كما أخرجه الآجري في الشريعة [3/ 581] [2112]، واللالكائي في شرح أُصول اعتقاد أهل السنة والجماعة [/ 63 53] مَن السُنِّيُّ؟ فقال: "الذي إذا ذُكِرت الأهواء لم يتعصَّب لشيءٍ منها"، وأكبر أصل يعرف به الرجل في اتباعه ومنهجه مسائل العقائد فقد كان السلف رضي الله عنهم يطلقون تسمية كتب السنة على كتب العقائد، وعلماء الحديث والأثر كانوا على رأس هذه الفرقة الناجية والطائفة المنصورة و قد سئل عبد الرحمن بن مهدي كما أخرج أبو نعيم في الحلية [6/ 332] عن الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس رحمهم الله تعالى جميعاً فأجاب رحمه الله تعالى: " سفيان عالمٌ بالحديث والأوزاعيُّ عالمٌ
بالسنة ومالك عالمٌ بالحديث والسنَّة "، وقد كان هؤلاء الجهابذة وغيرهم من أساطين السنة يدعون الناس إلى الكتاب الكريم والسنة الصحيحة والإجماع والتمسك بالجماعة التي بها ينجو المسلم من الفرقة والشقاق ولا يمتحنون الخلق بما ليس من عند الله تعالى، إذ لا معصوم عندهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم وما سوى ذلك فالعلم مأخوذ عن أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وأما غير ذلك فكل يؤخذ من قوله ويترك، وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول وبكل وضوح وشفافية: " القول في السنة التي أنا عليها و رأيتُ أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذتُ عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنَّ الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء" أوردها الذهبي في العلو ص [120] وخرجها ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية [ص 82]، وهذا الإمام أحمد رحمه الله يعرفنا بأصول أهل السنة والجماعة فيقول: " أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله"، وفي قول له آخر " التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله والصحابة والتابعين وتابع التابعين"فنسأل الله النجاة أمين
وأعظم وصف نعت به أهل السنة رحمهم الله تعالى أنهم يجتمعون ولا يتفرقون، ويتوحدون ولا يتشتتون لأن اجتماعهم دليل على الحق الذي هم عليه والذي ينص على وجوب الاجتماع وينهى عن الخلاف والفرقة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم المجتمعين"، وكما أخرج الطبري في تفسيره [5/ 397] [14171]، وابن أبي حاتم في تفسيره [1134]، والآجري في الشريعة [1/ 116] (4)، وابن بطة في الإبانة [1/ 275] بإسناده لا بأس به عن ابن عباس رضي الله عنه قال: [أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والفرقة وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبله المراء والخصومات في دين الله]، وقد جاء الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما قاله ابن عباس وغيره رضي الله عنهم أجمعين أخرج أبو داود [4618] في السنة باب: مجانبة أهل
(يُتْبَعُ)
(/)
الأهواء و بغضهم، والترمذي [2676] في العلم باب: ماجاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، وابن ماجة [42 و43 و44] في المقدمة باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين، وهذا الحديث صححه الترمذي، والبزار كما في جامع بيان العلم [2/ 924] وابن حبان [1/ 178]، والحاكم [1/ 95]، وأبو العباس الدغولي نقله عنه الهروي في ذم الكلام [4/ 37]، وابن عبد البر وابن تيمية في منهاج السنة [4/ 164]، وقال أبو نعيم بعد أن رواه في المستخرج على مسلم [/36]: هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين ... وقد روي هذا الحديث عن العرباض بن سارية ثلاثة من تابعي الشام معروفين مشهورين: عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر، ويحيى بن أبي المطاع، وقال الجوزقاني في الأباطيل [288] هذا حديث صحيح ثابت مشهور، وقال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام [4/ 31] هذا من أجود حديث أهل الشام وأحسنه وقال ابن حجر في تخريج أحاديث المختصر [1/ 137] هذا حديث صحيح رجاله ثقات قد جود الوليد بن مسلم إسناده فعن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم: [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومُحدثات الأمور فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعة وكلَّ بدعة ضلالة]، والمتأمل في حال الأمة الإسلامية يدرك تماما أن الخلاف والفرقة والتمزق هو الذي شتت شملها وفرق صفها وأذهب ريحها وحطم شوكتها وكان سببا في جلب الأعداء لها، وأما إذا وقع الخلاف فيما بينها فالواجب على أهل الحق منها اتباع الدين المستقيم والملة الربانية والمنهج السوي والطريقة المحمدية السليمة شرعة ومنهاجا سبيلا وسنة ودعوة ونصرة لدين الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكما قال أبو شامة المقدسي رحمه الله فيما أخرجه اللاكائي في شرح أصول الاعتقاد [1/ 108]، وابن عساكر في تاريخ دمشق [13/ 642 – 643] من: " حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتِّباعه، وإن كان المستمسك به قليلاً والمخالف كثيراً"، فقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه كما خرج نعيم بن حمَّاد: [إن الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وَحدَك]، وفي رواية: [الحق ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك]، وأخرج البيهقي في المدخل ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق [13/ 643] أي: " إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه قبل أن تفسد وإن كنت وحدك، فإنَّك الجماعة حينئذٍ]، ورجح أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى في سننه سنن الترمذي [4/ 467]: أن المقصود بالجماعة عند أهل العلم هم: " أهل الفقه والعلم والحديث"، ورجح البربهاريُّ في تعريف الجماعة [2/ 36]: "هم جماعة الحق وأهله "، فأهل السنة والجماعة هم أهل الحق والإتباع وأهل السنة والتوحيد وأهل الكتاب والحديث الذين يأخذون دينهم عن الحق تبارك وتعالى ولا يتقيدون بآراء الرجال و اتباعهم ...
و كتبه
عبد الفتاح زراوي حمداش
المشرف العام لموقع ميراث السنة
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1683
ـ[ابو البراء]ــــــــ[05 - Jun-2008, مساء 09:33]ـ
للفائدة(/)
الشّكر و التِّرحاب على مَقْدَم شرطة الآداب لأخينا الشيخ محمد حداد
ـ[ابو البراء]ــــــــ[22 - May-2008, مساء 12:03]ـ
الشّكر و التِّرحاب على مَقْدَم شرطة الآداب
الحمد للّه ربّ العالمين القائل في كتابه: [[اشْكُرُوا لِي وَ لاَ تَكْفُرُون]] (البقرة 152)، و القائل سبحانه: [[لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ]] (إبراهيم 7)، و الصّلاة و السّلام على أشرف المرسلين و خير الشّاكرين؛ محمّد بن عبد اللّه، و على آله و أصحابه و أتباعه إلى يوم الدّين. أمّا بعد.
فقد أَشرقَت علينا جريدة (الشّروق اليومي) الجزائرية بشيرةً بَشَّرَها اللّه بالخير و وفّقها إليه، في عددها الصّادر يوم الأربعاء 08 جمادى الأولى 1429هـ، الموافق ليوم 14/ 05/2008م؛ بنشر خبر أثلج صدور الغيورين و أقرّ عيون الصّالحين، مفاده: "قرار مصالح الأمن الجزائرية إعادة تنشيط و تعزيز شرطة الآداب في إطار الحرب على الفساد الأخلاقي، مع مراقبة القواعد الخلفيّة لشبكات الدّعارة و التّجارة بالجنس، مع اتّخاذ مصالح وزارة الدّاخلية جملة من الإجراءات لمواجهة انتهاك الآداب العامّة و الجرائم اللاّأخلاقية، مِن خلال اعتماد استراتيجية متعدّدة الاتّجاهات ترتكز على تجنيد السّلطات العمومية وسائل لتعزيز هياكل المصالح الأمنيّة بالمناطق الحضرية و الرّيفية لمكافحة جميع أشكال الإجرام".
و أقول حامدا اللّه المنعِم هذه النّعمة شاكرا له عليها طامعا في المزيد؛ على أهل هذا البلد الغالي الّذي لم يُعدم على مرّ السّنين وجود الغيورين عليه و الصّالحين فيه، و هُم كُثُر و الحمد للّه على شتّى المستويات؛ سلطةً و شعبا حكّاما و محكومين، أقول عليهم جميعا شكر هذه النّعمة العظيمة و المنحة الجليلة، مذكّرا نفسي و إيّاهم قائلا:
إنّ اللّه عزّ و جلّ قد ذكّركم بنعمه كما ذكّر بها بني إسرائيل حين قال: [[يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ]] (البقرة 47)، و إنّه سبحانه قد أسبغ عليكم نِعَمَه ظاهرة و باطنة و أمركم بشكره، ثمّ وعدكم إذا شكرتموه أن يزيدكم، و توعّدكم إذا لم تشكروه بالعذاب الشّديد، قال جلّ و علا: [[وَ اشْكُرُواْ للّهِ إِن كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ]] (البقرة 172)، و قال: [[اشْكُرُوا لِي وَ لاَ تَكْفُرُون]] (البقرة 152)، و قال: [[وَ إِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ]] (إبراهيم 7)، فانظروا موقفكم مع هذه النّعمة متأمّلين أحوال مَن قبلكم و أحوال مَن حولكم ممّن تنكّروا لنعم اللّه و استكبروا في الأرض كيف دهمهم أمر اللّه فبُدِّلوا بالنّعمة نقمة و بالعطاء حِرمانا، قال عزّ مِن قائل: [[وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ]] (النّحل 112)؛ "أي جعل اللّه هذه القرية مثلا لمن أنعم اللّه عليه فكفر بالنّعمة فأنزل اللّه عليه النّقمة" (1)، و قال تعالى: [[ذَلِكَ بِأَنّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىَ قَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ]] (الأنفال 53)، و أكثر ما يُستوجب الشّكر إذا استجدَّت نعمة قد عُدمت قبل حدوثها.
أيّها الإخوة الكرام إنّ ربّكم سبحانه قد حباكم بهذه النّعمة، فارفعوا أصواتكم بشكرها موجودةً كما رفعتموها بالإنكار عليها مفقودة، و احذروا أنْ يحلّ بكم ما حلّ بأقوام لم يشكروا نعم اللّه، و تذكّروا أنّ منزلة الشّكر مِن منازل [[إيّاك نعبد و إيّاك نستعين]] (الفاتحة 4)، بل ذكَر العلماء: "هي فوق منزلة الرّضا و زيادة. فالرّضا مندرج في الشّكر، إذْ يستحيل وجود الشّكر بدونه" (2)، و أبشروا بشُكْرِكُم أنّ اللّه قد أثنى على أهل الشّكر و وصف به خواصّ خلقه حتّى اشتقّ لهم اسما مِن أسمائه؛ فإنّه سبحانه هو (الشّكور) الّذي وصف خليله إبراهيم عليه السّلام بقوله: [[إِنّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ]] (النّحل 120)، و قال واصفا
(يُتْبَعُ)
(/)
نوحا عليه السّلام: [[إِنّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً]] (الإسراء 3)، و قال تعالى في فضل الشّاكرين و ثوابهم: [[وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ]] (آل عمران 144)، و قال: [[إِنّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لّكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ]] (لقمان 31)، و قال: [[وَ إِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ]] (الزّمر 7)، و قال: [[وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ]] (سبأ 13).
ثمّ إنّ شكر العبد لربّه يدور على أركانٍ مستنبطةٍ مِن نصوصٍ شرعيّة قد فُهمت مِن كلام العلماء، لا يكون العبد شكورا إلاّ بمجموعها، أسأل اللّه عزّ و جلّ لي و لإخواني العون على أدائها و تحقيقها، و هي كما يأتي:
أوّلا: اعتراف العبد بنعمة اللّه عليه في قرارة قلبه بأنْ يعترف بأنّ هذه النّعم واصلة إليه مِن اللّه سبحانه تفضّلا منه و إحسانا لا بحوله و قوّته.
ثانيا: التحدّث بهذه النّعم ظاهرا فيثني على اللّه و يحمده و يشكره فلا ينسب النّعم إلى غير اللّه.
ثالثا: الاستعانة بها على مرضاة اللّه فيستعملها في طاعة اللّه.
رابعا: شكر مَن جعلهم اللّه سببا و واسطة في إسباغ نعمه، ذلك أنّه ((لا يشكر اللّه مَن لا يشكر النّاس)) (رواه أحمد و أبو داود و التّرمذي).
فالحمد للّه وحده و الشّكر له على نِعمة استحداث أو تعزيز هذا القسم -شرطة الآداب-، ضِمن بقيّة أقسام شرطة بلادنا الغالية حرسها اللّه مِن كلّ سوء، و شكرٌ ملؤه قلبٌ عامر بالسّرور و لسانٌ ذاكر بالخير، أزفّه إلى الشّرطة لقاءَ هذا الاتّجاه السّديد و القرار الحكيم؛ باستحداثها أو تعزيزها قسماً معنيّاً و متخصّصاً في مواجهة انتهاك الآداب العامّة و الجرائم اللاّأخلاقية، و الشّكر موصول إلى مديرية الأمن و على رأسها وزارة الدّاخلية و إلى كلّ مَن كان وراء هذا الخير أو ساهم فيه؛ تأديةً أو قراراً أو تنظيماً أو تخطيطاً أو تفكيراً أو دعوةً أو دعاءً أو شكراً أو بشتّى المساهمات و الإعانات.
و أبشّر الجميع خاصّا مِنهم بالذّكر أصحاب الجبهة مِن أفراد و أعوان شرطة الآداب؛ بمدح اللّه عزّ و جلّ لأصحاب هذه المهمّة النّبيلة بقوله: [[وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمّن دَعَا إِلَى اللّهِ وَ عَمِلَ صَالِحاً وَ قَالَ إِنّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ]] (فصّلت 33)، و ليستحضروا أنّهم بعملهم هذا إنّما ينوبون عن ملايين الأفراد مِن أمّتهم في القيام بالرّكن العظيم و الدّور الكبير؛ ألا و هو شعيرة الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، الّتي هي عنوان الإصلاح و أساسه، و ليتخيّلوا كم سيصلهم مِن أجرٍ مقابل مَن نابوا عنه مِن أمّتهم؛ قال تعالى: [[وَ لْتَكُن مِنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ]] (آل عمران 104)، و لْيتذكّروا أنّ الإصلاح مِن منهج الأنبياء، قال ربّنا سبحانه حكايةً عن شعيب عليه السّلام: [[إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ مَا تَوْفِيقِيَ إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ]] (هود 88)، و لْيوقنوا أنّ الإصلاح مِن أسباب حِفظ الأمّة مِن الشّرور و اندفاع المصائب عنها و المآسي، قال جلّ و عزّ: [[وَ مَا كَانَ رَبّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىَ بِظُلْمٍ وَ أَهْلُهَا مُصْلِحُونَ]] (هود 117)، و قال سبحانه: [[إِنّ اللّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ]] (الرّعد 11).
أيّها الإخوة الفضلاء؛ مِن أعلى هرم جزائر الأبطال و الشّهداء إلى أصغر فرد فيها، شيباً و شباباً ذكراناً و إناثاً، إنّ مجتمعنا مع ما يُنْزف فيه مِن دماء و يئِنّ أفراده مِن ظروف الغلاء، قد داهمته أمور مِن كلّ جانب مُقْدِمةً عليه بمختلف المآرب، لا تَقلّ خطورة عن قضيّة الدّماء و الغلاء، فالبلاء واحد و الكلّ روافد لطوفان يتهدّد الجميع.
(يُتْبَعُ)
(/)
مظاهر مِن الرّذيلة و الانحطاط و سوء الأخلاق لم يعرفها مجتمعنا الطّاهر مِن قبل؛ كفْرٌ صريح بسبِّ ذاتِ الربّ سبحانه جهراً و تفنّناً و تنويعاً ... ، نوادٍ ليلية و بيوت دعارة يئِد فيها الوحوش كرامةَ الفتاة و عِرضها مقابل دراهم معدودة ... ، سحرٌ و شعوذةٌ تُفرِّق بين المرء و زوجه ... ، فسوقٌ و عقوقٌ يَرفع الخناجر على ذوي الأرحام ... ، شذوذٌ في أوساط الذّكور و الإناث كان يُقرأ عنه فأصبح يُسمع و يُرى ... ، إنتحارات لمختلف الأسباب و على شتّى الأعمار و المستويات ... ، تنصيرٌ نَتِن ينطلق مِن جحور الزّواحف ليتحدّى أهل جزائر الإسلام في عقر دارهم ... ، ألبسة عارية خالية مِن أدنى القِيم و الاحتشام مُفسِدَة للصّالحين مُطمِعَة للفاسقين ... ، خمورٌ و مخدّرات أُغلق بها على العقول لتَصِل بمتعاطيها إلى طَعْن القلوب و خراب البيوت ... ، نوادي انترنت عديمة الرّقابة يحتسي فيها أبناؤنا و بناتنا سمَّ عنكبوتِ الشّبكة العنكبوتية ... ، تعسّفات إدارية و تحرّشات جنسيّة أبطالها مديرون و مسؤولون يُساوِمون الأنوفَ و الأعراض .... ، تُجّار قوارب يعِدون و يُمنّون النّشء الّذي كان رجاء ابن باديس، يدْفعون به إلى المصير المجهول فوق مياه بحريّة تتسعَّر مِن تحتها النّيران، ...
و غير هذا مِن البلايا و الرّزايا الّتي تتقطّع منها القلوب و تذرف منها العيون، الواحد منها يتهدّد مجتمعنا فكيف بمجموعها، و ما ذكرته مِن المظاهر إلاّ غيض مِن فيض و قطرة مِن بحر.
حقّا إنّ مهمّتكم معاشر الإخوة في شرطة الآداب لضخمة و إنّ ما ينتظره شعبكم منكم لكبير، لكنّكم الأهل للمهمّة و الجديرون برفع التحدّي بإذن اللّه، ما روعي في صفوفكم الإخلاص للّه في العمل و الصّدق في الأداء و الصّلاح قبل الإصلاح، أمّا دعوات الصّالحين لكم و الخيّرين مِن أمّتكم، فالألسن بذلك لاهجة و الأكفّ لمجيب الدّعاء مرفوعة.
و الحمد اللّه و الشّكر له على ما أنعم مِن النّعم و على ما رفع مِن النّقم، سائلا له توفيق أصحابَ القرار و مَن وراءه و مَن أمامَه و منفّذيه إلى خَيْرَي الدّنيا و الآخرة، و الأخذ بنواصيهم و نواصينا و أيديهم و أيدينا جميعا إلى الصّلاح و الإصلاح، و أنْ يسدّدنا و يثبّتنا و إيّاهم في الحقّ و على الحقّ تسديدا و تثبيتا.
سبحانك اللّهمّ و بحمد، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك و أتوب إليك.
أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الجزائري
صبيحة الأحد 13 جمادى الأولى 1429هـ
الموافق لـ: 18 ماي 2008م
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1687
---------------------
(1) خطب فضيلة الشّيخ الدّكتور صالح الفوزان.
(2) مدارج السّالكين لابن القيّم.(/)
من يجيب عن هذا الإشكال؟
ـ[بحر القلزم]ــــــــ[22 - May-2008, مساء 08:08]ـ
عن ثوبان1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي (ص) قال
{لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة
فيجعلها الله عز وجل هباءا منثورا .. قال ثوبان:
يا رسول الله صفهم لنا .. جلهم لنا .. أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم
فقال (ص):
أما إنهم اخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ..
ولكنهم أقواما إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها}
كيف نجمع بينه وحديث: كل أمتي معافى إلا المجاهرين
ـ[حمد]ــــــــ[22 - May-2008, مساء 09:14]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=2012
ـ[بحر القلزم]ــــــــ[22 - May-2008, مساء 11:48]ـ
جزاك الله خيرا أخي حمد، إلا أن الإحالة لا تشفي عليلا، ولا تروي غليلا.
فهل من بحث في هذه المسألة؟
ـ[حمد]ــــــــ[23 - May-2008, صباحاً 06:36]ـ
الحديث لا يثبت أخي الحبيب.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 02:49]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد:
أما بعد:
ورد في حاشية السندي على سنن بن ماجة:
4235 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ خَدِيجٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْأَلْهَانِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
" لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا "
4235 - قَوْله (جَلِّهِمْ لَنَا)
بِالْجِيمِ مِنْ التَّجْلِيَة أَيْ اِكْشِفْ مَالَهُمْ لَنَا
(مِنْ جِلْدَتكُمْ)
بِكَسْرِ الْجِيم أَيْ مِنْ جِنْسكُمْ
(وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْل)
أَيْ يَأْخُذُونَ مِنْ عِبَادَة اللَّيْل نَصِيبًا وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاده صَحِيح رِجَاله ثِقَات وَأَبُو عَامِر الألهاني اِسْمه عَبْد اللَّه بْن غَابِر.
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2/ 18:
أخرجه ابن ماجه (4245): حدثنا عيسى بن يونس الرملي حدثنا عقبة بن علقمة بن
خديج المعافري عن أرطاة بن المنذر عن أبي عامر الألهاني عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: فذكره.
قلت: و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. و قال المنذري (3/ 178): " رواه ابن
ماجه و رواته ثقات ".
و قال البوصيري في " الزوائد " (ق 262/ 1): " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
و أبو عامر الألهاني اسمه عبد الله بن غابر ".
اخواني الأفاضل، هذا الحديث يذكرني بصفة من صفات المنافقين.
ورد في تفسير الطبري:
قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39].
وروي عن أمير المؤمنين عمر أنه تأولها في الرهبان كما سيأتي.
وأما إن كان العمل موافقًا للشريعة في الصورة الظاهرة، ولكن لم يخلص عامله القصد لله فهو أيضًا مردود على فاعله وهذا حال المنافقين والمرائين، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا} [النساء: 142]، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 4 - 7]، ولهذا قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاَءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
(يُتْبَعُ)
(/)
[الكهف: 110]. وقال في هذه الآية الكريمة: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}.
و لا حظوا مع ذلك ما ورد في تفسير ابن كثير:
وقال علي بن أبي طالب (1) والضحاك، وغير واحد: هم الحرورية.
ومعنى هذا عن علي، رضي الله عنه: أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء (2) بل هي أعم من هذا؛ فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل (3) وجود الخوارج بالكلية، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها، وأن عمله مقبول، وهو مخطئ، وعمله مردود، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 2 - 4] وقوله (4) تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39].
وقال في هذه الآية الكريمة: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ} أي: نخبركم {بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا}؟ ثم فسرهم فقال: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة، {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} أي" يعتقدون أنهم على شيء، وأنهم مقبولون محبوبون.
وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} أي: جحدوا آيات الله في الدنيا، وبراهينه التي أقام على وحدانيته، وصدق رسله، وكذبوا بالدار الآخرة، {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} أي: لا نثقل موازينهم؛ لأنها خالية عن الخير (5).
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 04:45]ـ
ورد في نفسير الطبري:
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}
قال أبو جعفر: وهذه الآية نظيرة الآية الأخرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه فيها عن المنافقين بخداعهم الله ورسولَه والمؤمنين، فقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ). ثم أكْذَبهم تعالى ذكره بقوله: (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)، وأنهم بقيلهم ذلك يخُادعون الله والذين آمنوا. وكذلك أخبر عنهم في هذه الآية أنهم يقولون -للمؤمنين المصدِّقين بالله وكتابه ورسوله- بألسنتهم: آمنا وصدَّقنا بمحمد وبما جاء به من عند الله، خِداعًا عن دمائهم وأموالهم وذَرَاريهم، ودرءًا لهم عنها، وأنهم إذا خَلَوْا إلى مَرَدَتهم وأهل العُتُوّ والشر والخُبث منهم ومن سائر أهل الشرك (1) الذين هم على مثل الذي هم عليه من الكُفر بالله وبكتابه ورسوله - وهم شياطينهم، وقد دللنا فيما مضى من كتابنا على أن شياطينَ كل شيء مَرَدَتُه - قالوا لهم:"إنا معكم"، أي إنا معكم على دينكم، وظُهراؤكم على من خالفكُم فيه، وأولياؤكم دون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،"إنما نحن مستهزِئون"
وورد في صفة المنافقين وذم النفاق للفريابي: حدثنا تميم بن المنتصر، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حريز بن عثمان، أخبرنا سليم بن عامر، عن معاوية الهذلي، وكان، من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إن المنافق ليصلي فيكذبه الله عز وجل ويصوم فيكذبه الله عز وجل ويتصدق فيكذبه الله ويجاهد فيكذبه الله ويقاتل فيقتل فيجعل في النار».
47 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن أبي الأشهب، قال: قال الحسن: من النفاق اختلاف اللسان والقلب واختلاف السر والعلانية واختلاف الدخول والخروج.
49 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي أنه سمع الحسن، يقول: إنما الناس بين ثلاثة نفر: مؤمن ومنافق وكافر فأما المؤمن فعامل بطاعة الله عز وجل وأما الكافر فقد أذله الله تعالى كما رأيتم وأما المنافق فههنا وههنا في الحجر والبيوت والطرق نعوذ بالله والله ما عرفوا ربهم بل عرفوا إنكارهم لربهم بأعمالهم الخبيثة ظهر الجفا وقل العلم وتركت السنة إنا لله وإنا إليه راجعون، حيارى سكارى ليسوا بيهود ولا نصارى ولا مجوس فيعذروا وقال: إن المؤمن لم يأخذ دينه عن الناس ولكن أتاه من قبل الله عز وجل فأخذه، وإن المنافق أعطى الناس لسانه ومنع الله قلبه وعمله. فحدثان أحدثا في الإسلام رجل ذو رأي سوء زعم أن الجنة لمن رأى مثل رأيه فسل سيفه وسفك دماء المسلمين واستحل حرمتهم، ومترف يعبد الدنيا لها يغضب وعليها يقاتل ولها يطلب وقال: يا سبحان الله ما لقيت هذه الأمة من منافق قهرها واستأثر عليها ومارق مرق من الدين فخرج عليها. صنفان خبيثان قد غما كل مسلم، يا ابن آدم دينك دينك فإنما هو لحمك ودمك فإن تسلم بها فيالها من راحة ويا لها من نعمة وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله فإنما هي نار لا تطفأ وحجر لا يبرد ونفس لا تموت.
50 - حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، حدثني أبو بشر الضحاك بن عبد الرحمن، قال: سمعت بلال بن سعد، يقول: المنافق يقول بما يعرف ويعمل بما ينكر.
66 - حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا أبو سعيد أسد بن موسى، حدثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، أنه سمع أبا أمامة الباهلي، يقول: المؤمن في الدنيا بين كافر يقتله ومنافق يبغضه ومؤمن يحسده وشيطان قد وكل به.
109 - حدثني أبو عمير بن النحاس الرملي، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، قال: قيل للحسن: يا أبا سعيد اليوم نفاق؟ قال: لو خرجوا من أزقة البصرة لاستوحشتهم فيها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 04:49]ـ
للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136469
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 11:57]ـ
عن ثوبان1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي (ص) قال
{لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة
فيجعلها الله عز وجل هباءا منثورا .. قال ثوبان:
يا رسول الله صفهم لنا .. جلهم لنا .. أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم
فقال (ص):
أما إنهم اخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ..
ولكنهم أقواما إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها}
كيف نجمع بينه وحديث: كل أمتي معافى إلا المجاهرين
الحمد لله
أخي الكريم بارك الله فيك وفي الاخوة وفقهنا في الدين:
أحسب أن هؤلاء هم أولئك، فهؤلاء المجاهرون هم أولئك الذين اذا خلوا الى محارم الله انتهكوها،
ولا تعارض بين كونهم مجاهرين وكونهم ينتهكون المحارم في الخلوة، فقد يكون لأحدهم صديق أو صديقان من دون سائر الناس يجهر لهما بما يفعل اذا انتهك محارم الله في الخلوة ويهتك ستر الله عليه عندهما، بينما يخفي حقيقة أمره عن بقية المسلمين إما لجاه او غيره.
وحال هذا كحال المنافقين، فالمنافقون فيما بينهم يعلمون ان فلانا منهم، اما سائر المسلمين فإنهم
ياخذون المنافق على ظاهره وعلى ما يبديه لهم من الاسلام.
أما من ينتهك محارم الله ثم لا يطلع على ذلك أحدا ن فهذا يرجى فيه الخير، فمالذي يمنعه إن لم يكن الحياء منعه، وما أقرب عفو الله ورحمته لمثل هذا، فقد جاء في بعض الآثار أن الله يستر عليهم ذنوبهم كما ستروا أنفسهم، وما يدريك أن لهم مكفرات من الاستغفار و التبتل و الضراعة الى الله.
فهذا نوع آخر، ولا يلزم من اتصافهم بوصف قبيح الا يتصفوا بوصف جميل في غير باب الوصف القبيح يكون مكفرا
له.
والله أعلم.
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 03:12]ـ
أحسب أن هؤلاء هم أولئك، فهؤلاء المجاهرون هم أولئك الذين اذا خلوا الى محارم الله انتهكوها
لا لا يا أيها الأخ الفاضل هناك فرق والفرق واضح:
فالمنافق غير المجاهر، وإن كانا قد يجتمعان في صفة، ومؤكد يفترقان في بعض الصفات، فأين الثرى من الثريا.
وللفائدة:
وقال النووي:
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى اِبْن آدَم الْأَوَّل كِفْلٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّل مَنْ سَنَّ الْقَتْل)
وَهَذَا الْحَدِيث مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ: أَنَّ كُلّ مَنْ اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ الشَّرّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ اِقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ الْعَمَل مِثْل عَمَله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَمِثْله مَنْ اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْخَيْر كَانَ لَهُ مِثْل أَجْر كُلّ مَنْ يَعْمَل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ مُوَافِق لِلْحَدِيثِ الصَّحِيح: " مَنْ سَنَّ سُنَّة حَسَنَة وَمَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئَة " أهـ
فلاحظ أخي الفاضل، فالمجاهر كما أنه يأثم بالطريقة المذكورة في شرح النووي، إلا أنه قد يكفر عن سيئاته بعد توبته، بالطريقة التي ذكرت في الشرح.
واستمع لفتوى العلامة الفوزان حفظه الله تعالى:
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/FatawaSearch/tabid/70/Default.aspx?PageID=3430
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 10:48]ـ
الحمد لله
لا لا يا أيها الأخ الفاضل هناك فرق والفرق واضح:
فالمنافق غير المجاهر، وإن كانا قد يجتمعان في صفة، ومؤكد يفترقان في بعض الصفات، فأين الثرى من الثريا.
اخي الفاضل:
لعلك فهمت من كلامي غير ما أردت قوله، ولعل عبارتي كانت قاصرة!
فلو أعدت النظر في ما قلته فلن تجد أبدا أني أقول في المجاهر إنه منافق، لم أقل هذا.
بل قلت بالحرف:
أحسب أن هؤلاء هم أولئك، فهؤلاء المجاهرون هم أولئك الذين اذا خلوا الى محارم الله انتهكوها،
ولا تعارض بين كونهم مجاهرين وكونهم ينتهكون المحارم في الخلوة، فقد يكون لأحدهم صديق أو صديقان من دون سائر الناس يجهر لهما بما يفعل اذا انتهك محارم الله في الخلوة ويهتك ستر الله عليه عندهما، بينما يخفي حقيقة أمره عن بقية المسلمين إما لجاه او غيره.
بمعنى أن هذا المجاهر الذي ينتهك المحارم في الخلوة توفرت فيه صفتان: الاولى انه يخفي أمره عن عموم الناس، و الثانية أنه يجهر بما فعله لبعض المقربين من بطانته. ولا شك ان في المسلمين مثل هذا.
ولما خفت ان لا يفهم كلامي، و ان لا تفهم الصفتان اللتان ظاهرهما التناقض ن ضربت مثالا بالمنافق الذي له صفتان هو ايضا. فامر المنافق مستور ومجهول لكثير من المسلمين ن لكن أمره معلوم لبطانته وخاصته من أقربائه.
فقلت بالحرف:
وحال هذا كحال المنافقين، فالمنافقون فيما بينهم يعلمون ان فلانا منهم، اما سائر المسلمين فإنهم
ياخذون المنافق على ظاهره وعلى ما يبديه لهم من الاسلام.
أي وحال هذا المجاهر المتستر في جهره لخلانه واخفاء حاله عن عموم الامة كحال المنافق في نفاقه
يظهره لشياطينه اذا خلا بهم و يخفيه اذا لقوا الذين آمنوا.
وعليه:
فلا يظهر لي وجه اعتراضكم،بارك الله فيكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الأسود البواسل]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 12:55]ـ
الحمد لله
أخي الكريم بارك الله فيك وفي الاخوة وفقهنا في الدين:
أحسب أن هؤلاء هم أولئك، فهؤلاء المجاهرون هم أولئك الذين اذا خلوا الى محارم الله انتهكوها،
ولا تعارض بين كونهم مجاهرين وكونهم ينتهكون المحارم في الخلوة، فقد يكون لأحدهم صديق أو صديقان من دون سائر الناس يجهر لهما بما يفعل اذا انتهك محارم الله في الخلوة ويهتك ستر الله عليه عندهما، بينما يخفي حقيقة أمره عن بقية المسلمين إما لجاه او غيره.
وحال هذا كحال المنافقين، فالمنافقون فيما بينهم يعلمون ان فلانا منهم، اما سائر المسلمين فإنهم
ياخذون المنافق على ظاهره وعلى ما يبديه لهم من الاسلام.
أما من ينتهك محارم الله ثم لا يطلع على ذلك أحدا ن فهذا يرجى فيه الخير، فمالذي يمنعه إن لم يكن الحياء منعه، وما أقرب عفو الله ورحمته لمثل هذا، فقد جاء في بعض الآثار أن الله يستر عليهم ذنوبهم كما ستروا أنفسهم، وما يدريك أن لهم مكفرات من الاستغفار و التبتل و الضراعة الى الله.
فهذا نوع آخر، ولا يلزم من اتصافهم بوصف قبيح الا يتصفوا بوصف جميل في غير باب الوصف القبيح يكون مكفرا
له.
والله أعلم.
النقطة الأولى:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المجلسي الشنقيطي
أحسب أن هؤلاء هم أولئك، فهؤلاء المجاهرون هم أولئك الذين اذا خلوا الى محارم الله انتهكوها،
ولا تعارض بين كونهم مجاهرين وكونهم ينتهكون المحارم في الخلوة، فقد يكون لأحدهم صديق أو صديقان من دون سائر الناس يجهر لهما بما يفعل اذا انتهك محارم الله في الخلوة ويهتك ستر الله عليه عندهما، بينما يخفي حقيقة أمره عن بقية المسلمين إما لجاه او غيره.
بمعنى أن هذا المجاهر الذي ينتهك المحارم في الخلوة توفرت فيه صفتان: الاولى انه يخفي أمره عن عموم الناس، و الثانية أنه يجهر بما فعله لبعض المقربين من بطانته. ولا شك ان في المسلمين مثل هذا.
ولما خفت ان لا يفهم كلامي، و ان لا تفهم الصفتان اللتان ظاهرهما التناقض ن ضربت مثالا بالمنافق الذي له صفتان هو ايضا. فامر المنافق مستور ومجهول لكثير من المسلمين ن لكن أمره معلوم لبطانته وخاصته من أقربائه.
النقطة الثانية:
فقلت بالحرف:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المجلسي الشنقيطي
وحال هذا كحال المنافقين، فالمنافقون فيما بينهم يعلمون ان فلانا منهم، اما سائر المسلمين فإنهم
ياخذون المنافق على ظاهره وعلى ما يبديه لهم من الاسلام.
أي وحال هذا المجاهر المتستر في جهره لخلانه واخفاء حاله عن عموم الامة كحال المنافق في نفاقه
يظهره لشياطينه اذا خلا بهم و يخفيه اذا لقوا الذين آمنوا.
أحسب أن هؤلاء هم أولئك
[ SIZE="6"]
لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا "
SIZE]
أخي الفاضل هداني الله تعالى، وإياك إلى ما يحب ويرضى.
لماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا}، ألا نفهم بذلك، أنهم يرتكبون المحارم بشرط أن يخلو بها، أليس كذلك.
وقوله صلى الله عليه وسلم: {يأخذون من الليل كما تأخذون}، أي أنهم سيظهرون لأهل الإيمان عملهم، وكيف سيعلم الناس أنهم يأخذون من الليل؟
هذا حالهم، حال شنيع.
والمجاهرة بالمعصية، لم يشترط لها حد معين، وإن كان المجاهر أمامه شخص واحد فهي مجاهرة، أليس كذلك، والمجاهر بذلك:1 - ما خاف مقام الله تعالى بالمجاهرة.
2 - ساهم بنشر الفاحشة، ففعله يشجع عليها أليس كذلك.
أما المنافقين فهم نوعين بالنسبة لهذه المسألة كما يبدو لي:
1 - فإذا نافق وأخفى نفاقه إلا على أمثاله فليس شبيها بالمجاهر، لنتذكر النقطتي السابقتين حتى نتصور الفرق:
1 - ما خاف مقام الله تعالى بالمجاهرة.
2 - ساهم بنشر الفاحشة، ففعله يشجع عليها أليس كذلك.
2 - أما القسم الآخر من المنافقين فيظهرون المعاصي على أنهم عاصين مجاهرين، وليس على سبيل النفاق، والأصل هو النفاق.
والله أعلم وأحكم.(/)
المساعدة
ـ[سالم الحداد]ــــــــ[23 - May-2008, مساء 10:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز الصلاة في مسجد بني على قبر لا يزال موجودا في قبة المسجد مع العلم ان القبة ليست في القبلة.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[17 - Jun-2009, مساء 09:33]ـ
هذا النموذج أخي من النماذج التي أتى الدين الحنيف بتحريمها وعدم جوازها، ومن فعلها عالما قاصدا فهو مخالف معادٍ لدين الله وشرعته، يخشى عليه مزلة الشرك.
ولا عبرة بكون القبر تجاه القبلة أو في آخر المسجد حتى، فالحكم واحد حفظك الله.
والله أعلم(/)
ماذا تفعل لو كنت مكاني ضميرك ودينك ارجوكم الاجابة
ـ[عمار عمار]ــــــــ[24 - May-2008, صباحاً 10:44]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اريد حكم الشرع في ذلك بحثت طويلا وسالت كثيرا لكن لامجيب كان الكل خائف من الرد المهم ارجو المساعدة
القصة تبدا على النحو التالي
شاب عمره اكثر من ثلاثين سنة لم يسبق له الزواج بحث عن فتاة للزواج ليكمل دينه لكن غلاء المهور اعاقه وليست هنا المشكلة المهم تعرف على فتاة فاعجبته اخلاقها ودينها وحسن معاملتها مع الناس فقرر ان يكلمها ليكي يرسل والدته لطلب الزواج فكان جوابها ان شاء الله ولكن لم تعطه موعد لمقابلة اهلها وبعد عدة ايام عاد ليسالها طلبها فقالت له
ان لا اريدك ان تنخدع انا فتاة معلقة لامطلقة ولامتزوجة وانا في بيتي اهلي منذ سنة فانا اهلي زوجوني وعمري 16 سنة من رجل متزوج يكبرني ب14 سنة ومنذ الاسبوع الاول بدا يضربني ضربا مبرح واولاده يؤذونني حتى انهم الان يضربونني بالعصا وابنته تعاملني كالخادمة وتصفني دائما بالحيوانة وكل ماشتكيت له ضربني واذلني صبرت لاجل ابني لكنني لم اعد اطيق العيش معه منذ اكثر من سنتين طلبت الطلاق ولكن مرض ابني اعادني فقد ضربوه ابناه لدرجة كان يموت لولا الجيران عدة لاجل ابني وفي امل ان يكون قد احس بذنبه ولكنه زاد الامر سوء وبدا يضربني ويطردني من البيت ليلا وبعد منتصف الليل ونحن نسكن منطقة مهجورة كل سكانها من الشباب الوافد للعمل وخاصة انه منطقة كلها بناء قيد الانشاء اخرج من بيتي واخاف من ذئب يلتهمني لاي امراة وحيدة بعد منتصف الليل انهارت اعصابي وخاصة ان اخر مرة ضربني ضربا كاد يميتوني ودون سبب وكالعادة امام اولاده وابني وطردني قررت الطلاق فقد كرهت ولن استطيع ان اقيم حدود الله معه لكنه رفض وقرر تركي هكذا لكي اتربى واهلي لايتحركون يخافون من نظرة المجتمع للمطلقة من الظلم صرت ادعي على نفسي بالموت والان مصرة على الطلاق وقد وعدته بالتنازل عن كل حقوقي واموالي التي يعمل بها فقط ليحررني من ظلمه لكنه رفض لكي يربيني وابقى هكذا
فقالت لا احد معي كل الدنيا ضدي واهلي يخافونه ويخافون ان تكون ابنتهم مطلقة
فقلت لها لاتخافي انا معك وقربك وسوف اساعدك وسانتظرك لنكمل العمر معا واعوضك عما لقيتيه من ظلم وقررتوا اخذها لمحام لرفع دعوة الطلاق وقد اخبرتوا اخوها وذهبنا سوياوهناك قال المحامي ان هكذا دعوة يمكن ان تاخذ سنوات وبعض الدعاوي اخذت 8 سنوات ولكن يمكن ان يرفع دعوة خلع لها وهي ان تتنازل وتعيد مهرها للزوج لكنها لاتملكه رئيتها تبكي بشدة امام المحامي وتدعي على نفسها بالموت وتقول انا بشر من لحم ودم ماذا افعل المهم قررت ان اعطيها مهرها كدين وبعد انتهى عدتها اتقدم لخطبتها واقول لها هذا مهرك
سالت الكثير ولم يجبني وكان الكل يتهرب الا شخص واحد فقال لي
من الحرام البين أن يحب الرجل امرأة متزوجة برجل آخر، فيشغل قلبها وفكرها، ويفسد عليها حياتها مع زوجها، وقد ينتهي بها الأمر إلى الخيانة الزوجية فإن لم ينته إلى ذلك، انتهى إلى اضطراب الحياة، وانشغال الفكر، وبلبلة الخاطر، وهرب السكينة من الحياة الزوجية.
وهذا الإفساد من الجرائم التي بريء النبي صلى الله عليه وسلم من فاعلها فقال: " ليس منا من خبب (أي أفسد) امرأة على زوجها ".
لا انكر انني احبها واحب ليس بايدينا ولكنني لم افسد حياتها وهي طالبة للطلاق منذ سنة وجالسة ببيت اهلها وانا تعرفت عليها بالصدفة قبل فترة قصيرة اخبرتها بالحديث فقالت لي اعلم انني اخاف الله مثلك ولكنني طالبة للطلاق ولن اعود عنه مهما كان التمن يكفيني الظلم وانني لا اطلب الطلاقمن اجلك وانت ربما لا اعجبك بعد طلاقي لكن انا اطلب الطلاق لانني كرهته جدا جدا
السؤال
1 - لو استمرت بمساعدتها هل انا ذلك الرجل
2 - هل يحق لي ان اعطيها بدل الخلع ام اتركها تدبر امرها بيدها خوفا ان اكون مخبب ولكن ماذا تفعل لو لا تملك هي تبيع نفسها
علما انها تعلم انني اريدها زوجة لانني طلبتها وانا معتقد انها غير مرتبطة
3 - لماذا كل هذا الوقت في قضايا الطلاق وهل تستطيع المراة الصبر وماذا لو انحرفت المراة لماذا يتركها المجتمع بهكذا وضع
4 - ماذا تفعل لو كنت مكاني
بعد رفض كثير من الشيوخ اجابتي قررت ان استخير الله واعمل مايمليه علي ضميري ولكن احب ان اخذ بعض ارائكم ماخاب من استشار واستخار
ـ[عمار عمار]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 03:53]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ياجماعة الخير لماذا لايجيب احد ارجوكم المساعدة حتى الشيوخ وقفت عاجزة لا احد يستطيع ان يجيب بنعم او لا ارجوكم دعونا نتناقش على الاقل
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 05:04]ـ
يا أخى الكريم
إن كان حالها كما تحكى والعهدة عليك فى ذلك أمام الله فلا حرج عليك أن تخلصها من هذا الزوج الظالم وتعينها على ذلك بإقراضها مبلغا من المال تختلع به ثم بعد انقضاء عدتها يجوز لك أن تتزوجها إن شاء الله
ولكن حتى يتم انفصالها عن زوجها وتتزوجها لا يجوزلك أن تختلى بها ولا أن تكلمها ولا ولا ...... إلا فى حدود الضرورة فهى مازالت أجنبية عنك ولاتزال زوجة لغيرك فراع ذلك
وأؤكد على أن هذا ينبنى على صدقك فى ما تحكيه وأن العهدة عليك أمام الله فإن كنت كاذبا فلا يحل لك أن تفعل شيأ من ذلك كله لأنك فى هذه الحالة تكون ممن دخل فى قول النبى صلى الله عليه وسلم ليس منا من خبب امرأة على زوجها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمار عمار]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 05:16]ـ
يا أخى الكريم
إن كان حالها كما تحكى والعهدة عليك فى ذلك أمام الله فلا حرج عليك أن تخلصها من هذا الزوج الظالم وتعينها على ذلك بإقراضها مبلغا من المال تختلع به ثم بعد انقضاء عدتها يجوز لك أن تتزوجها إن شاء الله
ولكن حتى يتم انفصالها عن زوجها وتتزوجها لا يجوزلك أن تختلى بها ولا أن تكلمها ولا ولا ...... إلا فى حدود الضرورة فهى مازالت أجنبية عنك ولاتزال زوجة لغيرك فراع ذلك
وأؤكد على أن هذا ينبنى على صدقك فى ما تحكيه وأن العهدة عليك أمام الله فإن كنت كاذبا فلا يحل لك أن تفعل شيأ من ذلك كله لأنك فى هذه الحالة تكون ممن دخل فى قول النبى صلى الله عليه وسلم ليس منا من خبب امرأة على زوجها
ان ماحدثك به هو الصدق وهي طيبة ومتدينة والحمد لله احادثها بعلم اخياها ولم اختلي بها ابدا وهي فتاة منقبة حتى انني لااعرف وجهه بل اساعدها لوجه الله والله عالم ولكن اخاف ان اكون مخبب لان في قلبي حب لها واحس ان في قلبها ذلك وهي تعلم انني اريدها زوجة بعد انقضاء عدتها فقط هذا يخيفوني لاغير استخرت الله بذلك والله جائني مال من حيث لا احتسب والحمد لله ولكن احببت ان استشير والله الموفق واريد ان اسمع اكثر من راي وشكرا(/)
التحفة الأزهرية في بيان مواقف أعلام الأزهر الشريف ومشايخه من الحركة الوهابية
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 01:19]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الخلق وسيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:
فهذا مشروع لإبراز مواقف بعض علماء الأزهر ومشايخه من الحركة الوهابية وهى تبين بوضوح ثناء بعض أعلام الأزهر الشريف ومشايخه على دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وقد كنت كتبت ذلك منذ سنتين والبحث يراجع الآن من قبل بعض أساتذة الأزهر ليقوموه وجمعت أكثر من قول مائة عالما أزهريا أثنوا على دعوة الشيخ من السابقين والمعاصرين من مشايخنا الأزهريين فرأيت أن أنشر مواقف بعض الأعلام الأزهريين من الوهابية ولم أراع الترتيب ولا استقصاء جميع الأقوال في هذا المقال نظرا لضيق الوقت والذي دفعني إلى ذلك هو كثرة الطعن فى الوهابية
وبما أني درست في الأزهر وانتميت إليه أحببت أن أذكر موقف الأزهريين من الحركة الوهابية فإلى كل طاعن خذ مواقف الأعلام من الأزهر ممن أيدوها ووافقوها في المعتقد والسلوك وقد استفدت من هذا المنتدى المبارك فللمشرف الموقر وإخوانه جزيل الشكر والدعاء والله المستعان
(موقف العلامة المتفنن محمد رشيد رضا الأزهري من الحركة الوهابية)
أولا: ترجمة الشيخ محمد رشيد رضا: كان الشيخ رشيد رضا أكبر تلامذة الأستاذ الإمام محمد عبده، وخليفته من بعده، حمل راية الإصلاح والتجديد، وبعث في الأمة روحًا جديدة، تُحرِّك الساكن، وتنبه الغافل، لا يجد وسيلة من وسائل التبليغ والدعوة إلا اتخذها منبرًا لأفكاره ودعوته ما دامت تحقق الغرض وتوصل إلى الهدف.
وكان (رحمه الله) متعدد الجوانب والمواهب، فكان مفكرًا إسلاميًا غيورًا على دينه، وصحفيًا نابهًا ينشئ مجلة "المنار" ذات الأثر العميق في الفكر الإسلامي، وكاتبًا بليغًا في كثير من الصفح، ومفسرًا نابغًا، ومحدثًا متقنًا في طليعة محدثي العصر، وأديبًا لغويًا، وخطيبًا مفوهًا تهتز له أعواد المنابر، وسياسيًا يشغل نفسه بهموم أمته وقضاياه، ومربيًا ومعلمًا يروم الإصلاح ويبغي التقدم لأمة.
وخلاصة القول: إنه كان واحدًا من رواد الإصلاح الإسلامي الذين بزغوا في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وعملوا على النهوض بأمتهم؛ حتى تستعيد مجدها الغابر، وقوتها الفتية على هدى من الإسلام، وبصر بمنجزات العصر.
المولد والنشأة
في قرية "القلمون" كان مولد "محمد رشيد بن علي رضا" في (27 من جمادى الأولى 1282هـ = 23من سبتمبر 1865م)، وهي قرية تقع على شاطئ البحر المتوسط من جبل لبنان، وتبعد عن طرابلس الشام بنحو ثلاثة أميال، وهو ينتمي إلى أسرة شريفة من العترة النبوية الشريفة، حيث يتصل نسبها بآل "الحسين بن علي" (رضي الله عنها).
وكان أبوه "علي رضا" شيخًا للقلمون وإمامًا لمسجدها، فعُني بتربية ولده وتعليمه؛ فحفظ القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم انتقل إلى طرابلس، ودخل المدرسة الرشيدية الابتدائية، وكانت تابعة للدولة العثمانية، وتعلم النحو والصرف ومبادئ الجغرافيا والحساب، وكان التدريس فيها باللغة التركية، وظل بها رشيد رضا عامًا، ثم تركها إلى المدرسة الوطنية الإسلامية بطرابلس سنة (1299هـ = 1882م)، وكانت أرقى من المدرسة السابقة، والتعليم فيها بالعربية، وتهتم بتدريس العلوم العربية والشرعية والمنطق والرياضيات والفلسفة الطبيعية، وقد أسس هذه المدرسة وأدارها الشيخ "حسين الجسر" أحد علماء الشام الأفذاذ ومن رواد النهضة الثقافية العربية، وكان يرى أن الأمة لا يصلح حالها أو ترتقي بين الأمم إلا بالجمع بين علوم الدين وعلوم الدنيا على الطريقة العصرية الأوربية مع التربية الإسلامية الوطنية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم تطل الحياة بتلك المدرسة فسرعان ما أُغلقت أبوابها، وتفرّق طلابها في المدارس الأخرى، غير أن رشيد رضا توثقت صلته بالشيخ الجسر، واتصل بحلقاته ودروسه، ووجد الشيخ الجسر في تلميذه نباهة وفهمًا، فآثره برعايته وأولاه عنايته، فأجازه سنة (1314هـ = 1897م) بتدريس العلوم الشرعية والعقلية والعربية، وهي التي كان يتلقاها عليه طالبه النابه، وفي الوقت نفسه درس "رشيد رضا" الحديث على يد الشيخ "محمود نشابة" وأجازه أيضًا برواية الحديث، كما واظب على حضور دروس نفر من علماء طرابلس، مثل: الشيخ عبد الغني الرافعي، ومحمد القاوجي، ومحمد الحسيني، وغيرهم.
في قريته
اتخذ الشيخ رشيد رضا من قريته الصغيرة ميدانًا لدعوته الإصلاحية بعد أن تزود بالعلم وتسلح بالمعرفة، وصفت نفسه بالمجاهدات والرياضيات الروحية ومحاسبة نفسه وتخليص قلبه من الغفلة وحب الدنيا، فكان يلقي الدروس والخطب في المسجد بطريقة سهلة بعيدة عن السجع الذي كان يشيع في الخطب المنبرية آنذاك، ويختار آيات من القرآن يحسن عرضها على جمهوره، ويبسط لهم مسائل الفقه، ويحارب البدع التي كانت شائعة بين أهل قريته.
ولم يكتف الشيخ رضا بمن يحضر دروسه في المسجد، فذهب هو إلى الناس في تجمعاتهم في المقاهي التي اعتادوا على الجلوس فيها لشرب القهوة والنارجيلة، ولم يخجل من جلوسه معهم يعظهم ويحثهم على الصلاة، وقد أثمرت هذه السياسة المبتكرة، فأقبل كثير منهم على أداء الفروض والالتزام بالشرع والتوبة والإقبال على الله، وبعث إلى نساء القرية من دعاهن إلى درس خاص بهن، وجعل مقر التدريس في دار الأسرة، وألقى عليهن دروسًا في الطهارة والعبادات والأخلاق، وشيئًا من العقائد في أسلوب سهل يسير.
الاتصال بالأستاذ الإمام
في الفترة التي كان يتلقى فيها رشيد رضا دروسه في طرابلس كان الشيخ محمد عبده قد نزل بيروت للإقامة بها، وكان محكومًا عليه بالنفي بتهمة الاشتراك في الثورة العرابية، وقام بالتدريس في المدرسة السلطانية ببيروت، وإلقاء دروسه التي جذبت طلبة العلم بأفكاره الجديدة ولمحاتة الذكية، وكان الشيخ محمد عبده قد أعرض عن السياسة، ورأى في التربية والتعليم سبيل الإصلاح وطريق الرقي، فركز جهده في هذا الميدان.
وعلى الرغم من طول المدة التي مكثها الشيخ محمد عبده في بيروت فإن الظروف لم تسمح لرشيد رضا بالانتقال إلى المدرسة السلطانية والاتصال بالأستاذ الإمام مباشرة، والتلمذة على يديه، وكان التلميذ النابه شديد الإعجاب بشيخه، حريصًا على اقتفاء أثره في طريق الإصلاح، غير أن الفرصة سنحت له على استحياء، فالتقى بالأستاذ الإمام مرتين في طرابلس حين جاء إلى زيارتها؛ تلبية لدعوة كبار رجالها، وتوثقت الصلة بين الرجلين، وازداد تعلق رشيد رضا بأستاذه، وقوي إيمانه به وبقدرته على أنه خير من يخلف "جمال الدين الأفغاني" في ميدان الإصلاح وإيقاظ الشرق من سباته.
وحاول رشيد رضا الاتصال بجمال الدين الأفغاني والالتقاء به، لكن جهوده توقفت عند حدود تبادل الرسائل وإبداء الإعجاب، وكان جمال الدين في الآستانة يعيش بها كالطائر الذي فقد جناحيه فلا يستطيع الطيران والتحليق، وظل تحت رقابة الدولة وبصرها حتى لقي ربه سنة (1314هـ = 1897م) دون أن تتحقق أمنية رشيد رضا في رؤيته والتلمذة على يديه.
في القاهرة
لم يجد رشيد رضا مخرجًا له في العمل في ميدان أفسح للإصلاح سوى الهجرة إلى مصر والعمل مع محمد عبده تلميذ الأفغاني حكيم الشرق، فنزل الإسكندرية في مساء الجمعة (8 من رجب 1315 هـ = 3 من يناير 1898م)، وبعد أيام قضاها في زيارة بعض مدن الوجه البحري نزل القاهرة واتصل على الفور بالأستاذ الإمام، وبدأت رحلة جديدة لرشيد رضا كانت أكثر إنتاجًا وتأثيرًا في تفكيره ومنهجه الإصلاحي.
ولم يكد يمضي شهر على نزوله القاهرة حتى صارح شيخه بأنه ينوي أن يجعل من الصحافة ميدانًا للعمل الإصلاحي، ودارت مناقشات طويلة بين الإمامين الجليلين حول سياسة الصحف وأثرها في المجتمع، وأقنع التلميذ النجيب شيخه بأن الهدف من إنشائه صحيفة هو التربية والتعليم، ونقل الأفكار الصحيحة لمقاومة الجهل والخرافات والبدع، وأنه مستعد للإنفاق عليها سنة أو سنتين دون انتظار ربح منها.
مجلة المنار
(يُتْبَعُ)
(/)
صدر العدد الأول من مجلة المنار في (22 من شوال 1315هـ = من مارس 1898م)، وحرص الشيخ رشيد على تأكيد أن هدفه من المنار هو الإصلاح الديني والاجتماعي للأمة، وبيان أن الإسلام يتفق والعقل والعلم ومصالح البشر، وإبطال الشبهات الواردة على الإسلام، وتفنيد ما يعزى إليه من الخرافات.
وأفردت المجلة إلى جانب المقالات التي تعالج الإصلاح في ميادينه المختلفة بابًا لنشر تفسير الشيخ محمد عبده، إلى جانب باب لنشر الفتاوى والإجابة على ما يرد للمجلة من أسئلة في أمور اعتقادية وفقهية، وأفردت المنار أقسامًا لأخبار الأمم الإسلامية، والتعريف بأعلام الفكر والحكم والسياسة في العالم العربي والإسلامي، وتناول قضايا الحرية في المغرب والجزائر والشام والهند.
ولم يمض خمس سنوات على صدور المجلة حتى أقبل عليها الناس، وانتشرت انتشارًا واسعًا في العالم الإسلامي، واشتهر اسم صاحبها حتى عُرف باسم رشيد رضا صاحب المنار، وعرف الناس قدره وعلمه، وصار ملجأهم فيما يعرض لهم من مشكلات، كما جاء العلماء يستزيدون من عمله، وأصبحت مجلته هي المجلة الإسلامية الأولى في العالم الإسلامي، وموئل الفتيا في التأليف بين الشريعة والعصر.
وكان الشيخ رشيد يحرر معظم مادة مجلته على مدى عمرها المديد، يمده زاد واسع من العلم، فهو عالم موسوعي ملم بالتراث الإسلامي، محيط بعلوم القرآن، على دراية واسعة بالفقه الإسلامي والسنة النبوية، عارف بأحوال المجتمع والأدوار التي مر بها التاريخ الإسلامي، شديد الإحاطة بما في العصر الذي يعيش فيه، خبير بأحوال المسلمين في الأقطار الإسلامية.
منهجه في الإصلاح
كتب رشيد مئات المقالات والدراسات التي تهدف إلى إعداد الوسائل للنهوض بالأمة وتقويتها، وخص العلماء والحكام بتوجيهاته؛ لأنهم بمنزلة العقل المدبر والروح المفكر من الإنسان، وأن في صلاح حالها صلاح حال الأمة، وغير ذلك بقوله: "إذا رأيت الكذب والزور والرياء والنفاق والحقد والحسد وأشباهها من الرذائل فاشية في أمة، فاحكم على أمرائها وحكامها بالظلم والاستبداد وعلى علمائها ومرشديها بالبدع والفساد، والعكس بالعكس".
واقترح رشيد رضا لإزالة أسباب الفرقة بين المسلمين تأليف كتاب يضم جميع ما اتفقت عليه كلمة المسلمين بكل فرقهم، في المسائل التي تتعلق بصحة الاعتقاد وتهذيب الأخلاق وإحسان العمل، والابتعاد عن مسائل الخلاف بين الطوائف الإسلامية الكبرى كالشيعة، وتُرسل نسخ بعد ذلك من هذا الكتاب إلى جميع البلاد الإسلامية، وحث الناس على دراستها والاعتماد عليها.
وطالب بتأليف كتب تهدف إلى توحيد الأحكام، فيقوم العلماء بوضع هذه الكتب على الأسس المتفق عليها في جميع المذاهب الإسلامية وتتفق مع مطالب العصر، ثم تُعرض على سائر علماء المسلمين للاتفاق عليها والتعاون في نشرها وتطبيق أحكامها.
التربية والتعليم
كان الشيخ رشيد رضا من أشد المنادين بأن يكون الإصلاح عن طريق التربية والتعليم، وهو في ذلك يتفق مع شيخه محمد عبده في أهمية هذا الميدان، "فسعادة الأمم بأعمالها، وكمال أعمالها منوط بانتشار العلوم والمعارف فيها".
وحدد "رشيد رضا" العلوم التي يجب إدخالها في ميدان التربية والتعليم لإصلاح شئون الناس، ودفعهم إلى مسايرة ركب العلم والعرفان، مثل: علم أصول الدين، علم فقه الحلال والحرام والعبادات، التاريخ، الجغرافيا، الاجتماع، الاقتصاد، التدبير المنزلي، حفظ الصحة، لغة البلاد، والخط.
ولم يكتف بدور الموجه والناصح، وإنما نزل ميدان التعليم بنفسه، وحاول تطبيق ما يراه محققًا للآمال، فأنشأ مدرسة دار الدعوة والإرشاد لتخريج الدعاة المدربين لنشر الدين الإسلامي، وجاء في مشروع تأسيس المدرسة أنها تختار طلابها من طلاب العلم الصالحين من الأقطار الإسلامية، ويُفضل من كانوا في حاجة شديدة إلى العلم كأهل جاوة والصين، وأن المدرسة ستكفل لطلابها جميع ما يحتاجون إليه من مسكن وغذاء، وأنها ستعتني بتدريس طلابها على التمسك بآداب الإسلام وأخلاقه وعبادته، كما تُعنى بتعليم التفسير والفقه والحديث، فلا خير في علم لا يصحبه خلق وسلوك رفيع، وأن المدرسة لا تشتغل بالسياسة، وسيُرسل الدعاة المتخرجون إلى أشد البلاد حاجة إلى الدعوة الإسلامية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد افتتحت المدرسة في ليلة الاحتفال بالمولد النبوي سنة (1330هـ = 1912م) في مقرها بجزيرة الروضة بالقاهرة، وبدأت الدراسة في اليوم التالي للاحتفال، وكانت المدرسة تقبل في عداد طلبتها شباب المسلمين ممن تتراوح أعمارهم ما بين العشرين والخامسة والعشرين، على أن يكونوا قد حصلوا قدرًا من التعليم يمكنهم من مواصلة الدراسة.
غير أن المدرسة كانت في حاجة إلى إعانات كبيرة ودعم قوي، وحاول رشيد رضا أن يستعين بالدولة العثمانية في إقامة مشروعه واستمراره لكنه لم يفلح، ثم جاءت الحرب العالمية لتقضي على هذا المشروع، فتعطلت الدراسة في المدرسة، ولم تفتح أبوابها مرة أخرى.
مؤلفاته
بارك الله في عمر الشيخ الجليل وفي وقته رغم انشغاله بالمجلة التي أخذت معظم وقته، وهي بلا شك أعظم أعماله، فقد استمرت من سنة (1316هـ = 1899م) إلى سنة (1354 = 1935م)، واستغرقت ثلاثة وثلاثين مجلدًا ضمت 160 ألف صفحة، فضلاً عن رحلاته التي قام بها إلى أوربا والآستانة والهند والحجاز، ومشاركته في ميادين أخرى من ميادين العمل الإسلامي.
ومن أهم مؤلفاته "تفسير المنار" الذي استكمل فيه ما بدأه شيخه محمد عبده الذي توقف عند الآية (125) من سورة النساء، وواصل رشيد رضا تفسيره حتى بلغ سورة يوسف، وحالت وفاته دون إتمام تفسيره، وهو من أجل التفاسير. وله أيضًا: الوحي المحمدي ونداء للجنس اللطيف، وتاريخ الأستاذ الإمام والخلافة، والسنة والشيعة، وحقيقة الربا، ومناسك الحج.
وفاة الشيخ
كان للشيخ رشيد روابط قوية بالمملكة العربية السعودية، فسافر بالسيارة إلى السويس لتوديع الأمير سعود بن عبد العزيز وزوده بنصائحه، وعاد في اليوم نفسه، وكان قد سهر أكثر الليل، فلم يتحمل جسده الواهن مشقة الطريق، ورفض المبيت في السويس للراحة، وأصر على الرجوع، وكان طول الطريق يقرأ القرآن كعادته، ثم أصابه دوار من ارتجاج السيارة، وطلب من رفيقيه أن يستريح داخل السيارة، ثم لم يلبث أن خرجت روحه الطاهرة في يوم الخميس الموافق (23 من جمادى الأولى 1354هـ = 22 من أغسطس 1935م)، وكانت آخر عبارة قالها في تفسيره: "فنسأله تعالى أن يجعل لنا خير حظ منه بالموت على الإسلام
--------------------------------------------------------------------------------
(ثناء الشيخ محمد رشيد رضا وموقفه من الحركة الوهابية)
قال الشيخ محمد رشيد رضا الأزهري:
في التعريف بكتاب ((صيانة الإنسان)) بعد أن ذكر فشو البدع بسبب ضعف العلم والعمل بالكتاب والسنة، ونصر الملوك والحكام لأهلها. وتأييد المعممين لها. قال رحمه الله ما نصه:
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
لم يخل قرن من القرون التي كثر فيها البدع من علماء ربانيين، يجددون لهذه الأمة أمر دينها بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، كما ورد في الأحاديث.
ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي، من هؤلاء العدول المجددين قام يدعون إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم. وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة.
فنهدت لمناهضته واضطاده، القُوى الثلاث. قوة الدولة والحكام، وقوة أنصارها من علماء النفاق، وقوة العوام الطغاة.
وكان أقوى سلاحهم في الرد عليه، أنه خالف جمهور المسلمين.
من هؤلاء المسلمون الذين خالفهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته؟
هم أعراب في البوادي شر من أهل الجاهلية يعيشون بالسلب والنهب ويستحلون قتل المسلم وغيره، لأجل الكسب، ويتحاكمون إلى طواغيتهم في كل أمر، ويجحدون كثيراً من أمور الإسلام المجمع عليها، التي لا يسع مسلماً جهلها، إلى آخر ما قال، عليه رحمه الله ذى الجلال.
وألف الشيخ رحمه الله عزوجل كتابا في نصرة دعوة الشيخ والرد على المناوئين المعارضين سماه (السنة والشيعة أو الوهابية والرافضة)
يقول الشيخ:
(يُتْبَعُ)
(/)
" ولما رأيت ما رأيت من سوء أمر مؤتمر النجف لشيعة العراق، ومن أمارات نشر الإلحاد في إيران والأفغان، ومن تجديد الشيخ العاملي في تواليفه والشيخ عارف الزين في مجلته الطعن في السنة وتنفير المسلمين من دولتها الوحيدة في إقامتها ونصرها، ومن بث الرفض والخرافات ين المسلمين؛ رأيتُ من الواجب عليّ أن أُظهرَ للمسلمين ما يخفى على جمهورهم من الحقائق التي لم يكن العاملي ولا الزين يعلمان بوقوفي عليها، ولعلهما يفيئان إلى أمر الله، فكتبت الفصول الآتية بهذه النية".
وتشير الرسالة إلى أن العاملي المسمى محسن الأمين، وهو الرافضي المتعصب، ألف كتاباً استغرق خمس مئة صفحة، جعل عنوانه "الرد على الوهابية"، ودس فيه ما يبغي من الخرافات القبورية والرفضية، والطعن في حكم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وعلى ابن تيمية وابن القيم وابن عبدالهادي والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جميعاً.
ويرد الشيخ محمد رشيد رضا بقوله:
"أقول:
أولاً: إن الوهابية يدعون بحق أنهم موحدون وحامون لحمى التوحيد من تطرق الشرك، وكان يدعي هذه الدعوى بحق قبلهم شيخ الإسلام [يعني ابن تيمية رحمه الله].
ثانياً: أن الوهابية لم يدعوا أنهم هم الموحدون وحدهم، وأن غيرهم من جميع المسلمين مشركون؛ كما افترى عليهم هذا الرافضي وإنما يقولون كما يقول غيرهم من العلماء بتوحيد الله الذي دعت إليه جميع رسله".
وله جهد طيب في طباعة كتب أئمة الدعوة في مطبعته المنار ونشرها بين المسلمين
فلهُ جهد واضح في نشر العقيدة السلفية .. والكتب السنية .. وقمع البدعة والتحذير منها .. وتحريك الجو العلمي .. وفتح مجال الاجتهاد الذي أغلقه مفتي العثمانيين .. وتحرير العقل من الموروثات الصوفية .. والعقائد الكلامية .. وتحريك الجو العلمي في البحث .. وفي التحقيق .. ونشر المؤلفات ..
وله الردود الكثيرة و المقالات النافعة في مجلته لصد عدون الطاعنين وسوف أقوم بجمعها ونشرها إن شاء ربي
ثانيا: موقف العلامة الأزهري عبدالظاهر بن محمد أبو السمح إمام وخطيب المسجد الحرام
أولا: ترجمة الشيخ:
هو الشيخ العلامة المتفنن شيخ بعض مشايخنا عبدالظاهر بن محمد أبو السمح إمام وخطيب المسجد الحرام.
ولد في بلدة تلين بمصر في عام 1300ه وهو من عائلة اشتهرت برعايتها لشؤون تحفيظ القرآن الكريم حقبة من الزمن.
حفظ القرآن الكريم على يد والده وهو في التاسعة من عمره ثم التحق بالأزهر فقرأ الروايات السبع وحفظ مجموعة في الحديث والتفسير والفقه واللغة وغيرها وعرضها على مشايخ الأزهر وكان يحضر مجلس الشيخ محمد عبده وهو صغير السن ثم اتصل بالشيخ أمين الشنقيطي فأنار له سبيل العقيدة السلفية فعكف على دراسة كتب ابن تيمية وابن القيم ثم عمل مدرسا بمدرسة ابتدائية بالسويس ثم عاد إلى القاهرة وطلب العلم ثم عين مدرسا بمدرسة الاسكندرية وهناك أسس جماعة أنصار السنة فاعتدى على الشيخ وهو يؤم الناس في المسجد بسبب دعوته إلى توحيد الله عزوجل ثم طلبه الملك عبدالعزيز آل سعود _ رحمه الله عزوجل _ فقدم إلى مكة فشمله برعايته وعينه إماما وخطيبا للمسجد الحرام ثم أسس مدرسة دار الحديث بمكة المكرمة وقد كان الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة سنده الأكبر بعد الله في بث الدعوة ونشر العقيدة العقيدة بهذه الدار التي تخرج منها الكثير من طلبة العلم وعاة التوحيد وازال إماما وداعيا إلى الله عزوجل إلى أن توفى رحمه الله بمصر عام 1370ه.
مؤلفات الشيخ:
حياة القلوب بدعاء علام الغيوب والكرامات والرسالة المكية ومنظومة في العقيدة السلفية وغير ذلك.
((((((ثناء الشيخ العلامة عبدالظاهر أبو السمح على الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب)))))))))))
قال الشيخ العلامة عبدالظاهر أبو السمح الأزهري إمام وخطيب المسجد الحرام في نونيته التي تأسف فيها على الإسلام وأهله، مما عراهم:
ابتدأها – رحمه الله بقوله:
أسفي على الإسلام والإيمان أسفي على نور الهدى القرآن
أسفي على الدين القديم وأهله أسفا يذيب القلب بالأحزان
ثم مضى فيها حتى ذكر الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب قائلا:
أسفي على الشيخ الإمام محمد حبر الأنام العالم الرباني
علم الهدى بحر الندى مفني العدا من شن غارته على الأوثان
من قام في نجد مقام نبوة يدعو إلى الإسلام والإيمان
(يُتْبَعُ)
(/)
حتى غدت نجد كروض مزهر يختال في ظل من العرفان
أحيا لنل الدين الحنيف كما أتى وأقامه بالسيف والبرهان
برهانه القرآن والسنن التي تروى لنا عن سيد الأكوان
كم حارب الشرك الخبيث وأهله وأذاقهم في الحرب كل هوان
وأبان توحيد العبادة بعدما درست معالمه من الأذهان
كم أبطل البدع التي قد عكرت صفو الشريعة مورد الظمآن
وأضاء نوراً لم يزل متألقاً يهدي به الرحمن كل أوان
يا رب دعوة مؤمن متضرع أغدق عليه سحائب الرضوان
وله رحمه الله عزوجل منظومة في العقيدة السلفية.
وقال رحمه الله في نونيته وهو يشكر ربه على نعمة الهداية:
حمداً لربي إذ هداني منّة * * منه وكنت على شفا النيران
والله لو أن الجوارح كلها ** شكرتك يا ربي مدى الأزمان
ما كنت إلا عاجزاً ومقصراً ** في جنب شكرك صاحب الإحسان
أيدتني ونصرتني وحفظتني ** من كل ذي حقد وذي شنآن
وجذلت أعدائي ولم تتركهمو ** يمضون في الإيذاء والعدوان
أورثتني الذكر الحكيم تفضيلا ** ورزقتني نعمى بلا حسبان
ورفعت ذكري إذا أرادوا خفضه ** وأعدتني لأشرف الأوطان
وأقمتني بين الحطيم ** وزمزم للمتقين أؤمهم بمثان
أكرمتني وهديتني وهديت بي ** ما شئت من ضال ومن حيران
أعليك يعترض الحسود إلهنا ** وهو الكنود وأنت ذو إحسان
وهو الظلوم وأنت أعدل عادل ** حاشاك من ظلم ومن طغيان
لولا عطاؤك لم أكن أهلاً لذا ** كلا وما إن كان في الإمكان
فأتم نعمتك التي أنعمتها ** يا خير مدعو بكل لسان
واختم لعبدك بالسعادة إنه ** يرجوك في سرٍ وفي إعلان
وأبحْه جنات النعيم ورؤية ** الوجه الكريم بها مع الأخوان
وانصر أخا التوحيد سيَّد يعرب ** عبد العزيز على ذوي الأوثان
واضرب رقاب الغادرين بسيفه ** وأذقهمُ السوء بكل مكان
وآدم صلاتك والسلام على الذي ** أرسلته بشرائع الإيمان
والآل والأصحاب ما نجمٌ بدا ** والتابعين لهم على الإحسان
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 02:18]ـ
ثالثا: موقف العلامة المتفنن محمد خليل هراس الأزهري من الحركة الوهابية
أولا: ((((ترجمة الشيخ العلامة الأزهري ذي الشهادة العالمية (الدكتوراة) محمد خليل هراس)))))
ولد في (قرية الشين) مركز قطور إحدى مدن محافظة الغربية بمصر عام 1915، ثم بدأ تعليمه في الأزهر الشريف عام 1926م ودرس وتخرج في الأزهر من كلية أصول الدين وحصل على العالمية العالية في التوحيد والمنطق عام 1940م، وعمل أستاذًا بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر ودرس في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، وجامعة أم القرى ثم عاد إلى مصر وشغل منصب نائب الرئيس العام لجماعة أنصار السنة ثم رئيسًا عامًا لها.
وفي عام (1973م) - أي قبل وفاته بسنتين- اشترك مع الدكتور عبد الفتاح سلامة في تأسيس جماعة الدعوة الإِسلامية في محافظة الغربية وكان أول رئيس لها.
وكان رحمه الله سلفي المعتقد شديدًا في الحق قوي الحجة والبيان، أفنى حياته في التعليم والتأليف ونشر السنة وعقيدة أهل السنة والجماعة شديد التمسك بها و ناصرا لها كما كان رحمه الله شوكة في حلوق المبتدعة قال عنه فضيلة الشيخ محمد رشاد الشافعي: (كان يلاقي رحمه الله من عنت الجبارين و كيد المبتدعين و زندقة الملحدين ما لا يطقه إلا الصابرون و الحتسبون) حيث ظل رحمه الله طوال حياته مدافعا عن الحديث الشريف الصحيح من اعتداءات منكري السنة فكان رحمه الله اول من رذ عليهم كيدهم فتعرض رحمه الله لمحاولات عديدة للقتل من متشددي الصوفية و منكري السنة و لكن الله أعلم بمكائدهم فنجاه الله حتى يكون شوكة في حلوقهم و قد ركز رحمه الله على كتابة كتب العقيدة مثل الصفات الإلهية عند ابن تيمية - شرح العقيدة الوسطية - ابن تيمية السلفي و قد حصل الباحث موسى واصل السلمي على درجة الماجستير من كلية الدعوة و اصول الدين بجامعة أم القرىبمكة المكرمة على درجة الماجستير في العقيدة و كان موضعه: الشيخ خليل هراس و جهوده في تقرير عقيدة السلف و كان اختياره للهراس - رحمه الله - كما يقول الباحث "لاتصاف مؤلفات الشيخ بغزارة العلم، و وضوح الأسلوب و الفهم الدقيق لما عليه المخالفون لعقيدة السلف - كما تقدم - مما يجعل القيام لإبراز هذه الجهود فيه خير عظيم و نفع عميم"
مكانته العلمية:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان رحمه الله على قدر كبير من التميز في دراسة العقيدة السلفية و ملما إلماما دقيقا بفكر الفرق الضالة المختلفة و كان رحمه الله له القدرة على أن يتكلم في موضوعات تحسبها لأول و هلة أنها من أعقاد قضايا الاعتقاد و لكن الشيخ رحمه الله كان له القدرة على أن يجلي غامض الأمور و كان من معارفه و ممن كانوا رفقاء له و كانو يقدروه حق قدره و يعرفون مكانته العلمية جماعة من كبار العلماء من أمثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الذي ألح على طلب إعارته للتدريس بمكة المكرمة و ذلك بعد معارضة الأزهر لذلك غير أن الملك فيضل رحمه الله طلب و ألح في طلبه و بقى في هذا المنصب حتى توفاه الله و كان من عارفيه أيضا الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله و فضيلة الشيخ عبد الرحمن الوكيل رئيس قسم العقيدة الإسلامية بجامعة أم القرى و فضيلة الشيخ محمد حامد الفقي و غيرهم كثير.
وفاته:
توفى رحمه الله في شهر سبتمبر عام 1975م بعد حياة حافلة بالعطاء حيث كان له نشاط ملحوظ في العام الذي توفي فيه حيث ألقى عدة محاضرات في طنطا و المحلة الكبرى و المركزالعام لأنصار السنة و كانت آخر خطبة له بعنوان التوحبد و أهمية العودة إليه.
قلت (أبو الحسن) فقد كانت حياة الشيخ كلها في التوحيد وقد أفنى عمره كله في نصرة العقيدة السلفية والذب عنها فرحمة الله عليه.
ومن تحقيقاته ومؤلفاته:
((شرح القصيدة النونية)) لابن القيم.
((شرح العقيدة الواسطية)) لابن تيمية.
كتاب ابن تيمية ونقده لمسالك المتكلمين في مسائل الإلهيات.
تحقيق كتاب ((المغني)) لابن قدامة، تحقيق كتاب ((التوحيد)) لابن خزيمة.
تحقيق كتاب الأموال لأبي عبيد، تحقيق كتاب الخصائص الكبرى للسيوطي.
ثانيا (((((((موقف العلامة الأزهري محمد خليل هراس من الحركة الوهابية)))))))
كتب رحمه الله عزوجل كتابا في نصرة الدعوة السفية والرد على المناوئين لها سماه (الحركة الوهابية رد على مقال للدكتور محمد البهى في نقد الوهابية)
قال رحمه الله عزوجل في ص (34):
( ........... هذه الحركة تنادي باتباع مذهب السلف في صفات الله تعالى ......... بل لعلها الآن هى الحركة الإسلامية الوحيدة التي تتبنى هذا المذهب السلفي وتعمل ما وسعها على نشره والدعوة إليه بمختلف الوسائل لا سيما عن طريق طبع الكتب والرسائل التي ألفت في مناصرته قديما وحديثا)
وقال في ص (35):
(إن الوهابية لم تقم للاجتهاد في الفروع ولكنها قامت لتصحيح الأصول)
وقال واصفا الدعوة بأنها أحيت آراء ابن تيمية في ص (43):
( .... تلك مفحرة من مفاخر هذه الدعوة ستظل تذكر لها بالعرفان والتقدير فإن كتب شيخ الإسلام ورسائله كانت مطمورة تحت ركام الإهمال والنسيان لا يسمح لها أهل البدع والإلحاد أن ترى النور ولا أن تقوم بدورها الخطير في توجيه العالم الإسلامي نحو الطريق الصحيح ......... فلما قامت هذه الحركة المباركة أخذت تنقب عن تلك الثورة الهائلة التي خلفها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وجد المسؤلون عن هذه الدعوة في إبراز هذه الكنوز بالطبع والنشر)
ثم وجه كلاما للدكتور محمد البهى بالرجوع إلى الحق قائلا في ص (77):
(ولقد أساء الدكتور بهذا المقال إلى نفسه أولا حيث ورطها في أخطاء ظاهرة الشناعة ثم أساء إلى الحقيقة في نفسها حيث ظلمها وتجنى عليها.
فهل للدكتور _ في ضور تعقيبنا على مقاله _ أن يراجع نفسه ويرجع عما قاله عملا بالمثل القائل إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل هذا ما نرجوه ... )
فرحمه الله عزوجل عليه وأسكنه فسيح جناته
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 12:59]ـ
(((((((رابعا: موقف العلامة المحدث الأزهري أحمد محمد شاكر من الحركة الوهابية))))))))
أولا: ترجمة الشيخ::
مولده:
هو الشيخ العلامة محدث وادي النيل شيخ مشايخنا أحمد بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر من آل أبي علياء، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. (1309 * 1377هـ * 1892 * 1958م
(يُتْبَعُ)
(/)
: ولد بعد فجر يوم الجمعة 29 جمادى الآخرة سنة 1309هـ الموافق 29 من يناير سنة 1892 (وهي نفس السنة التي ولد فيها الشيخ: محمد حامد الفقي مؤسس الجماعة)، وكان مولده بدرب الإنسية * قسم الدرب الأحمر * بالقاهرة، وسماه أبوه (أحمد شمس الأئمة، أبو الأشبال).
والده: هو الإمام العلا مة الشيخ: محمد شاكر، شغل منصب وكيل الأزهر الشريف، وأبوه وأمه جميعًا من مديرية جرجا ((محافظة سوهاج)) بصعيد مصر.
* لما عين والده الشيخ محمد شاكر قاضيًا بقضاء السودان 1900م أخذه معه وأدخله كلية غورون، فبقي بها حتى عودة والده إلى الإسكندرية سنة 1904م، فالتحق بمعهد الإسكندرية.
وفي سنة 1327هـ الموافق 1909م عين والده الشيخ محمد شاكر وكيلًا لمشيخة الأزهر الشريف، فالتحق الشيخ: أحمد شاكر وأخوه (علي) بالأزهر، فاتصل بعلماء القاهرة ورجالها وعرف طريق دور الكتب العامة والمكتبات الموجودة في مساجدها.
وقد حضر في ذلك الوقت إلى القاهرة الأستاذ عبد الله بن إدريس السنوسي عالم المغرب ومحدثها، فتلقى عنه طائفة كبيرة من ((صحيح البخاري))، فأجازه هو وأخاه برواية البخاري. كما أخذ عن الشيخ محمد بن الأمين الشنقيطي كتاب ((بلوغ المرام)).
كما كان من شيوخه أيضًا الشيخ أحمد بن الشمس الشنقيطي ((عالم القبائل الملثمة))، وتلقى أيضًا عن الشيخ شاكر العراقي فأجازه، وأجاز أخاه عليًّا بجميع كتب السنة.
كما التقى بالقاهرة من علماء السنة الشيخ: طاهر الجزائري ((عالم سوريا))، والأستاذ محمد رشيد رضا ((صاحب المنار)).
حصل على شهادة العالمية بالأزهر سنة 1917م، فعين مدرسًا بمدرسة ماهر. ثم عين عضوًا بالمحكمة الشرعية العليا، وظل في سلك القضاء حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1951م، عمل مشرفًا على التحرير بمجلة ((الهدي النبوي)) سنة 1370هـ، وكان يكتب بها مقالاً ثابتًا ب: ((اصدع بما تؤمر * كلمة الحق))، وقد طبعته دار الكتب السلفية.
مكانته العلمية:
كان والده الشيخ: محمد شاكر هو صاحب الأثر الكبير في توجيه الشيخ أحمد شاكر إلى معرفة كتب الحديث منذ عام 1909م، فلما كانت سنة 1911م اهتم بقراءة ((مسند أحمد بن حنبل)) رحمه الله، وظل منذ ذلك التاريخ مشغولًا بدراسته حتى بدأ في طبع شرحه على ((المسند)) سنة 1365هـ الموافق 1946م، وقد بذل في تحقيقه أقصى ما يستطيع عالِم من جهد في الضبط والتحقيق والتنظيم، وعاجلته المنية دون أن يتمكن من مراجعته، ولم يقدر أحد أن يكمله على النمط الذي خطه الشيخ أحمد شاكر، فقد كان المقدر لفهارس ((المسند)) أن يكون المدار فيها على مسارب شتى من المعاني التفصيلية التحليلية الدقيقة، ولقد كان الشيخ أحمد شاكر كما يقول عنه المحقق الأستاذ عبد السلام محمد هارون: ((إمامًا يَعْسر التعريف بفضله كل العُسْر، ويقصر الصنع عن الوفاء له كل الوفاء)).
وقال عنه الشيخ محمود محمد شاكر: (وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في زماننا دراسة وافية، قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى، وكان له اجتهاد عُرف به في جرح الرجال وتعديلهم، أفضى به إلى مخالفة القدماء والمحدثين، ونصر رأيه بالأدلة البينة، فصار له مذهب معروف بين المشتغلين بهذا العلم على قلتهم).
وكان لمعرفته بالسنة النبوية ودراستها أثر كبير في أحكامه، فقد تولى القضاء في مصر أكثر من ثلاثين سنة، وكان له فيها أحكام مشهورة في القضاء الشرعي، قضى فيها باجتهاده غير مقلد ولا متبع.
تصانيفه العلمية والفقهية:
(1) - تحقيق رسالة الشافعي ((كتاب الرسالة))،
(2) - ((مسند أحمد بن حنبل))، وقد طبعته دار المعارف ضمن سلسلة ((ذخائر العرب))،
(3) -و تحقق كتاب ((الشعر والشعراء لابن قتيبة))،
(4) - و ((لباب الأدب لأسامة بن منقذ))،
(5) -كتاب ((المعرب للجواليقي))،
(6) -ومن أظهر أعماله وأنفعها: شرحه المستفيض لكتاب الحافظ ابن كثير ((اختصار علوم الحديث)) في مجلد كبير،
ونجد له في مجال التفسير
(7) - ((عمدة التفسير)) تهذيبًا لتفسير ابن كثير، وقد أتم منه خمسة أجزاء.
(8) تفسير الطبرى
وفي مجال الفقه وأصوله
(9) - ((الأحكام)) لابن حزم،
(10) _ وجزأين من ((المحلى)) لابن حزم،
(11) ((العمدة في الأحكام)) للحافظ عبد الغني المقدسي،
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنتاجه في هذا المجال لا يحيط به مقال، أما عن أهم ما ألفه رحمه اللَّه فهو كتاب:_
(12) _ ((نظام الطلاق في الإسلام)) دل فيه على اجتهاده وعدم تعصبه لمذهب من المذاهب، وله فيه آراء أثارت ضجة عظيمة بين العلماء، لكنه لم يتراجع ودافع عن رأيه بالحجة والبرهان، كما طبعت له أخيرًا مكتبة السنة رسالتين هما
(13) _ ((الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين))
(14) _ ((كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر)).
(15) -تحقيق تفسير الإمام معين الدين.
وفاته::
توفي رحمه اللَّه في السادسة بعد فجر يوم السبت الموافق 26 من ذي القعدة سنة 1377هـ، الموافق 14 من يونيه سنة 1958م.
((((موقف الشيخ من الحركة الوهابية وحكامها))))
يظهر موقف الشيخ من الوهابية جليا وثنائه عليهم من تحقيقه للأصول الثلاثة والقواعد الأربع وكتاب التوحيد ثلاثتها لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب وهذا يبين بوضوح ثناء الشيخ على الدعوة السلفية بل قام رحمه الله بشرح كتاب التوحيد شرحا مختصرا
وأما موقفه من حكام الحركة الوهابية فيظهر من علاقته الوطيدة بالملك عبدالعزيز وقد بين ذلك:
قال رحمه الله عزوجل في مقدمة تحقيه للمسند::
[وطالما فكرت في نشر المسند بين الناس على النحو الذي صنفت ووصفت شغفاً بخدمة السنة وأهلها، وحرصاً على إذاعة فائدة هذا الكتاب الذي جعله مؤلفه للناس إماماً، وخشية أن يضيع هذا العمل الذي لم أسبق إليه، والذي أعتقد أنه سيكون إن شاء الله من أكبر المرغبات لأهل هذا العصر في دراسة الحديث، وأنه سيكون مفتاحاً لجميع كتب السنة لمن وفقه الله وسعيت في سبيل ذلك جهدي سنين كثيرة، حتى كدت أيأس من طبعه، إلى أن وفقت إلى الاتفاق مع (دار المعارف) على طبعه، وهي من أكبر دور النشر في القاهرة، وأوثقها وأشدها إتقاناً.
وصادف ذلك أن كانت الزيارة الرسمية التي شرف فيها مصر بزيارته، أسد الجزيرة، حامي حمى السنة، رجل العلم والعمل، والسيف والقلم الإمام العادل، (الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود) أطال الله بقاءه، وكانت هذه الزيارة المباركة من يوم الخميس 6 صفر الخير من هذا العام 1365هـ إلى يوم الثلاثاء 18 منه، فما أن رفع إلى جلالته شأن هذا الكتاب حتى أصدر أمره الكريم إلى حكومته السنية بالاشتراك في عدد كبير من نسخه. من أوله إلى آخره. إجلالاً لشأن الإمام الكبير، وعطفاً على شخصي الضعيف.
بارك الله في جلالته، وحفظه مؤيداً منصوراً، وذخراً للإسلام والمسلمين وناشراً للواء العرب ومجدداً لمجدهم.
وأقر عينه بأنجاله الأشبال الكرام، السادة النجب، قادة العرب وقدوتهم وموئل عزهم، الأمراء (سعود) و (فيصل) وإخوتهما].
وقال العلامة الأزهري أيضا:
[وكان من توفيق الله ورعايته أن تشرفت هذا العام ـ 1368هـ ـ بزيارة حضرة صاحب الجلالة الملك العادل، ناصر السنة وحامي حماها، مولاي الإمام (عبد العزيز آل سعود) في الرياض الزاهرة، وعرضت على مسامعه الكريمة حاجة العلماء والطلاب إلى اقتناء المسند بقيمة ميسرة لهم، فصدر أمره الكريم بطبع عدد آخر على ورق أقل قليلاً من الورق الأول ليباع لهم بثمن أقل كثيراً من الثمن الأول ... ]
إلى أن قال رحمه الله عزوجل:
[ثم تفضل حفظه الله وأيده فأصدر أمره بإعادة طبع الأجزاء الستة الأولى على هذا الوضع أيضاً, وها هو ذا الجزء الأول، تتلوه الأجزاء الباقية من فيض مولاي الملك الإمام وواسع كرمه، إن شاء الله أطال الله بقاءه مؤيداً منصوراً، موقداً للخير والعمل الصالح].
وما زالت علاقة أولاد الشيخ بآل سعود وآل الشيخ علاقة وطيدة وما زالت الزيارة إلى الآن بينهما وقد حدثني بذلك أحد أبنائه فرحمة الله عليه
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 07:05]ـ
بارك الله فيك أخانا المفضال، ونفع المسلمين بهذا الجهد الوافر، ورفعك به في الدنيا والآخرة ...
هذا بحث قيم حقا، ونافع للدعاة في كل مكان، سيما والأزهر له ما له من منزلة في أقطار الأمة وفي قلوب العامة، حفظه الله منارة للمسلمين، وصرف عنه كيد الكائدين ..
ولعل من المنافع الدعوية الخفية لهذا البحث، صرف ما يتوهمه بعض حدثاء العهد بالطلب والدعوة، من كون تلك الجامعة العريقة لا خير فيها اذ يغلب على رؤوس الأمر فيها فرض المنهج الأشعري في الاعتقاد .. وهذا وان كان أمرا نكرهه ونسأل الله أن يزيحه عن سماء الأزهر وأن يعجل من ذلك، الا أن الكثيرين من أستاذة وعلماء تلك الجامعة ولله الحمد سلفيون على الجادة، مستقيمو المعتقد والمنهج والسلوك، وهم ماضون الى ازدياد والحمد لله رب العالمين
أثلجت صدورنا أيها الأزهري .. (ابتسامة)
واصل يا اخانا الحبيب وفقك الله، وان كنت أرجو أن تقوم بجمع البحث في ملف واحد ورفعه على موقع كموقع زيد شير مثلا، بحيث يسهل تحميله على مرة واحدة لمن يرهقه طول القراءة على صفحات المنتديات .. بارك الله فيك ونفع بك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 01:02]ـ
(موقف العالم الأزهري محمد بن عبدالرزاق حمزة من الحركة الوهابية)
(((((ترجمة شيخ مشايخنا العلامة المحدث محمد عبدالرزاق حمزة الأزهري))))))
مولده:
ولد الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في قرية كفر عامر التابعة لمركز بنها بمصر وينتهي نسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أي أنه من سلالة آل الرسول، وكان من خلقه وطبعه عدم ذكر شيء عن نسبه؛ لأن مبدأه وعقيدته التي عاشها طوال حياته أن الأنساب لا ترفع أحدًا وأن أكرم الناس عند الله أتقاهم، وشجرة نسبه تحتفظ بها أسرته.
وقد تربى في وسط ريفي بين أبوين كريمين، تغلب عليهما السماحة والوداعة، والبعد عن التعقيد، والصراحة في القول والعمل، وكذلك كان الشيخ محمد عبد الرزاق- رحمه الله تعالى- في حياته وظل كذلك بعد أن انتقل إلى الحاضرة، وعاش في القاهرة بين صخب المدينة وزخرفة الحضر، ومعاصرة أصحاب الترف في الطبقات (المترفة) مع هذا كله لم تتغير خصال الشيخ وانطباعاته، ولم يحد عن خلقه في السماحة والمسالمة والصراحة والتمسك بمكارم الأخلاق وصفات أهل الورع والتقوى.
دراسته وتحصيله:
لقد تلقى المبادئ الأولى من القراءة والكتابة والقرآن الكريم في كُتَّاب القرية، وكانت تلك المبادئ إعدادًا لما بعدها من مراحل العلم وحقول المعرفة والتوسع في جوانب الدراسة الدينية والعربية والرياضية.
و متى بلغ الولد سن القبول في الأزهر، وتوفرت فيه الشروط المطلوبة في طلبته، كحفظ القرآن، ألحقه أبوه بالأزهر،، وكان الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة جادا في طلبه ومتقدمًا على أقرانه، دؤوبًا على التحصيل والغوص في المسائل العلمية وحلها بتحقيقه والإفادة منها.
علاقته بجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر:
كانت للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله أوثق الصلات بجماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة ممثلة في رئيسها ومؤسسها فضيلة الشيخ العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله وكانت بينهما صلات قوية تنبئ عن عمق العلاقة الأخوية والدعوية للشيخين الجليلين رحمهما، كما أن المكاتبات والمراسلات العلمية بينهما تنبئ أيضًا عن عمق هذه العلاقة ومتانتها، كما كان للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله إسهامات علمية مباركة في مجلة الهدي النبوي تبرهن على قوة صلة الشيخ بجماعة أنصار السنة المحمدية التي تؤدي دورًا فاعلاً في الساحة الإسلامية داخليًا وخارجيًا.
انتقاله إلى الحجاز:
وفي عام 1344 قصد الشيخان الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة والشيخ عبد الظاهر أبو السمح مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وكان الملك عبد العزيز آل سعود (ملك الحجاز وسلطان نجد كما كان لقبه يومئذ) حاجًا فاتصلا به مع العلماء القادمين من العالم الإسلامي، وتكررت اللقاءات معه فعرف الكثير عن نشاطهما وقيامها بالدعوة السلفية في مصر، وعرض عليها الانتقال إلى مكة المكرمة والمدينة النبوية لإمامة الحرمين الشريفين والقيام بخطابة الجُمع والتدريس فيهما.
وبناءً على الرغبة الملكية السامية انتقل الشيخان بأهلهما وأولادهما إلى مكة المكرمة سنة 1347ه (1929م) وأصدر الملك عبد العزيز أمره الكريم بتعيين الشيخ عبد الظاهر محمد أبي السمح إمامًا وخطيبًا ومدرسًا في المسجد الحرام، وتعيين الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بالمسجد النبوي بالمدينة.
نشاطه في المدينة: كان للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في خطب الجمع والتدريس في الحرم النبوي جولات واسعة في الإصلاح الديني، والتوجيه الهادف، ومعالجة الأدواء الاجتماعية، كما فتح دروسًا صباحية ومسائية في المسجد النبوي في الحديث والتفسير والتوحيد، وكان لكل ذلك الأثر الطيب في نفوس الشباب المثقف وغيرهم.
انتقاله إلى مكة المكرمة: لم تطل إقامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في المدينة فنقل إلى مكة المكرمة في غضون 1348ه (1929م) مدرسًا في الحرم المكي، ومساعدًا للشيخ عبد الظاهر محمد أبي السمح في إمامة الحرم والخطابة.
في المعهد العلمي السعودي:
كما عهد إليه في التدريس في المعهد العلمي السعودي ودروسه في المعهد لم تكن مقتصرة على المواد الدينية، بل قام بتدريس المواد الرياضية كالحساب والهندسة والجبر ومبادئ المثلثات.
دروسه في الحرم المكي:
(يُتْبَعُ)
(/)
استأنف- رحمه الله- نشاطه العلمي الإرشادي في مكة، بفتح دروس للعامة بين العشاءين، وبعد صلاة الفجر في المسجد الحرام، في التفسير والحديث بطريقة غير مألوفة للناس، وذلك بعدم التقيد بكتاب معين فكان يقرأ الآية غيبًا ثم يبدأ في تفسيرها بما وهبه الله من سعة الإطلاع وسرعة استحضار أقوال السلف مكتفيًا في ذلك بالصحيح الثابت المأثور من الأقوال والروايات، وبهذه الطريقة أكمل مرارًا تفسير القرآن الكريم، وفي الحديث أكمل قراءة الصحيحين وشرحهما على طريق تفسير القرآن، وكانت حلقات دروسه ملتقى أجناس شتى من أهل مكة والوافدين إليها، ونفر كثير من أهل جدة كانوا يحرصون على دروسه كلما جاءوا إلى الحرم، ولم تكن دروسه تخلو من طرف علمية أو نوادر أدبية دفعًا للسأم، وترويحًا لنفوس المستمعين على عادة العلماء الأقدمين الأذكياء.
وإذا تعرض لآراء الفرق المنحرفة من القدماء أو العصريين شرح للمستمعين انحرافاتهم، ثم يبدأ في نقض آرائهم بطريقة علمية منطقية سهلة، يرتاح إليها الحاضرون، ويصغون إليه وكأن على رؤوسهم الطير.
دروسه الخاصة:
وكان للشيخ- رحمه الله- بعض الدروس لأفراد من راغبي العلم في حجرته بباب علي في المسجد الحرام وكانت تعرف بقبة الساعات، وهذه الدروس كانت تشمل اللغة العربية، (النحو والصرف والبلاغة)، وأصول التفسير، وأصول الحديث، والرياضيات كالجبر والهندسة والفلك، ولم تكن دراسته لعلم الفلك على الطريقة القديمة (الربع المُجَيِّب) بل كانت على الطريقة الحديثة وقد ساعدته معرفته بمبادئ اللغة الإنجليزية للاستفادة بالتقويم الفلكي السنوي، الذي تصدره (البحرية الملكية البريطانية بلندن).
فكرة تأسيس مرصد فلكي في مكة:
وولعه بهذا الفن دفعه إلى فكرة تأسيس مرصد فلكي صغير، على رأس جبل أبي قيس بمكة المكرمة، للاستعانة بآلاته على إثبات رؤية الهلال لشهر رمضان، ورؤية هلال ذي الحجة لتحديد وقفة عرفات وعيد الأضحى، وعرض الفكرة على الملك سعود بن عبد العزيز- رحمه الله- فواق، وأصدر أمره إلى (وزارة المالية) ببناء غرفة خاصة للمرصد على قمة جبل أبي قبيس كما ساعده في جلب بعض آلات الرصد في مقدمتها (تلسكوب)، ولكن- مع الأسف- لم يكتب للفكرة الظهور إلى الوجود نظرًا لغرابتها.
تأسيسه لمدرسة دار الحديث بمكة:
كان الاهتمام بالحديث وكتبه ودراسته ودراسة فنونه في مقدمة ما كان يحرص عليه الشيخان الجليلان الشيخ عبد الظاهر محمد أبو السمح والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة وبناءً عليه قام الاثنان بتأسيس (دار الحديث بمكة) سنة 1350ه (1931م) بعد الاستئذان من الملك عبد العزيز- رحمه الله- وقد رحب بالفكرة، ووعدهما بالمساعدة في كل ما يحتاج إليه هذا المشروع.
وتم افتتاح هذه الدار تحت إدارة الشيخ عبد الظاهر أبي السمح، وعُهِدَ إلا الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة بأن يكون مدرسًا أولاً بها، واختير لها كذلك نخبة من العلماء المشتغلين بالحديث وعلومه للتدريس بها.
وبذل الشيخ محمد عبد الرزاق مجهودًا كبيرًا في رفع مستوى طلاب الدار في علوم الحديث، وكان معظم طلابها يومئذ من المجاورين، وبعد سنوات تخرج فيها عدد لا بأس به، فرجعوا إلى بلادهم بأفريقيا وآسيا دعاةً إلى الله، وهداة إلى سنة رسوله كما تولى كثير منهم المناصب الدينية الرفيعة في بلادهم.
انتداب الشيخ للتدريس في أول معهد علمي أقيم بالرياض: وفي سنة 1372ه (1952م) تأسس في الرياض أول معهد علمي تحت إشراف سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، وانتدب الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة للتدريس به في مادة التفسير والحديث وفروعهما، وقد وجد طلاب المعهد في شيخهم المنتدب كنوزًا من المعرفة، تجمع بين القديم والجديد، وكثيرًا ما كانت دروس الشيخ تتحول بالأسئلة والمناقشة إلى علم الجغرافية والهندسة والفلك وآراء المذاهب القديمة والجديدة في هذه العلوم.
واستمر انتدابه سنة واحدة تقريبًا ثم عاد إلى مكة المكرمة.
إحالته إلى التقاعد:
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد جهاد علمي متواصل، وخدمة للعلم في مختلف مجالاته، ونشر للمعرفة بكل الوسائل وبعد الأثر البارز الملحوظ الذي تركه رحمه الله في كل من الحرمين الشريفين، بلغ الشيخ السن القانونية التي يحال فيه الموظف إلى التقاعد، وهي الأربع والستون من العمر، صدرت الإرادة الملكية إلى سماحة رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ بإحالته إلى التقاعد بكامل راتبه.
لقد أحيل الشيخ محمد عبد الرزاق إلى المعاش، بيد أن أحدًا لم يدرك ذلك غير أقاربه، أما الطلاب الذين كانوا يدرسون عنده، والذين يجتمعون في حلقات درسه الصباحية والمسائية فلم يشعروا بأي فرق في مجالس دروسه في الحرم الشريف وفي حجرته، بل زاد نشاطه في ذلك، وزاد عدد الطلاب عنده، كما شاهد المتصلون به زيادة اهتمام منه في التأليف والتعليقات على الكتب وكتابة المقالات في المجلات.
مرضه ووفاته:
وفي الأيام الأخيرة أي منذ سنة 1385ه (1965) أصيب رحمه الله بعدة أمراض، وفي مقدمتها الروماتزم، وكان بقوة توكله على الله يتجلد ويقاوم تلك الأمراض، مع المحافظة على قراءة الكتب، ثم تفرغ لتلاوة القرآن والصحف أحيانًا، جالسًا أو مضطجعًا في البيت أو في غير بيته.
وقد دخل مشتشفيات مكة والطائف للاستشفاء، ثم سافر إلى بيروت وتعالج في مستشفى الجامعة الأمريكية أيامًا، وأخيرًا سافر مع ابنه الأستاذ عبد الله حمزة إلى تركيا ودخل مستشفى من مستشفياتها المشهورة أيامًا، ثم عاد إلى مكة واشتدت عليه وطأة الأمراض، فأصبح من سنة 1390ه (1970م) ملازمًا للفراش، وأخيرًا وافاه الأجل المحتوم في الساعة الثامنة بالتوقيت الغروبي من يوم الخميس 22 - 2 - 1392ه (1972م)، وصُلِّيَ عليه في المسجد الحرام بعد صلاة المغرب، ودفن بالمعلا- رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه الفردوس الأعلى.
تلاميذه:
ومن أبرز تلاميذه: العلامة عبدالله خياط، والشيخ علي الهندي، والشيخ سليمان الصنيع، والأستاذ المحقق أحمد عبدالغفور عطار، والعلامة المؤرخ حمد الجاسر، والشيخ محمد الصومالي، والشيخ إسماعيل الأنصاري، والشيخ محمد بن عمر الشايقي السوداني، وشيخنا يحيي بن عثمان المدرس عظيم أبادي، والشيخ محمد الفاداني، والشيخ محمد نور الدين حسين جِمَاوي الحبشي، والشيخ المحقق أبو تراب الظاهري، والدكتور محمد بن سعد الشويعر، والشيخ عبدالله بن سعدي العبدلي – وغيرهم رحم الله حيهم وميتهم-
مؤلفاته وآثاره العلمية:
1 - كتاب الصلاة ويعتبر كموسوعة مصغرة لموضوع الصلاة، فقد جمع فيه كل ما يتعلق بالصلاة وأنواعها (مطبعة الإمام بالقاهرة 1370ه) 200 صفحة.
2 - كتاب الشواهد والنصوص في الرد على كتاب هذي هي الأغلال (مطبعة الإمام بالقاهرة 1367ه) 200 صفحة.
3 - رسالة في الرد على بعض آراء الشيخ الكوثري (مطبعة الإمام بالقاهرة 1370ه) 72 صفحة.
4 - كتاب ظلمات أبي رية (المطبعة السلفية بالقاهرة 1378ه) 331 صفحة.
5 - الإمام الباقلاني وكتابه التمهيد في رسالة جمعت بحثه وبحث الشيخ بهجت البيطار والشيخ يحيى المعلمي- رحمهم الله- مطبعة الإمام بالقاهرة.
هذه هي مؤلفاته، وثم كتب نشرها بعد تصحيحها والتعليق عليها وهي:
1 - عنوان المجد في تاريخ نجد لابن بشر طبعة مكة المكرمة (1349ه).
2 - رسالة التوحيد للإمام جعفر الباقر دار العباد بيروت (1376ه- 1956م).
3 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان المطبعة السلفية بالقاهرة (1351ه).
4 - الباعث الحثيث إلى فن مصطلح الحديث المطبعة الماجدية بمكة المكرمة (1353ه).
5 - الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية المطبعة السلفية بمكة المكرمة (1350ه).
6 - رسالة الطلاق لشيخ الإسلام ابن تيمية دار الطباعة المحمدية الأزهر بالقاهرة (1342ه).
7 - الكبائر للذهبي مطبعة الإمام بالقاهرة (1373ه).
8 - الاختيارات الفقهية طبع على نسخة كتبها بقلمه ويده.
9 - روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، اشترك في تحقيقه وتصحيحه مع فضيلة الشيخ محمد حامد الفقي، والأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السنة المحمدية (1368ه- 1949م).
10 - ومن الرسائل التي ألفها ولم تطبع رسالة الله رب العالمين في الفطر والعقول والأديان.
(((((موقف الشيخ العلامة الأزهري محمد عبدالرزاق حمزة من الحركة الوهابية))))
ينتظم موقفه من الحركة الوهابية في عدة أمور:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأمر الأول: تصريحه رحمه الله عزوجل بتوبته من مذهب التصوف والتمشعر الرديئين
وفي ذلك يقول شيخ مشايخنا العلامة محمد عبدالرزاق حمزة الأزهري عن نفسه (وعلى ذكر الشيخ عبدالظاهر أبي السمح أ ذكر له بالثناء الجميل توجيه قلبي ونفسي إلى مطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد كان أستاذي بدار الدعوة والإرشاد في تجويد القرآن، وتجويد الخط، وبالاتصال به دارت بيننا مباحثات في مسائل التوسل، والشفاعة، ودعاء الصالحين، فأعارني كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية، في التوسل والوسيلة، فقرأته فتأثرت به أي تأثر، وانتقلت رأساً على عقب، وامتزج حب ذلك الشيخ: شيخ الإسلام ابن تيمية بلحمي وعصبي ودمي، وأصبحت حرياً على البحث عن كل كتاب له، ولمن يتابعه، وقرأت بعض كتب تلميذه كالشيخ محمد بن عبدالهادي "الصارم المنكي في الرد على السبكي" فخرجت بيقين ثابت، وإيمان قوي، ومعرفة جيدة بمذاهب السلف في هذه الأمور، وبحب مطالعة كتب الحديث، وأسانيده، والكلام على رجاله، كل ذلك ببركة مطالعة كتابي: التوسل والوسيلة والصارم المنكي)))
فهو يصرح رحمه اله عزوجل بتوبته من مذهب التمشعر ورجوعه إلى مذهب السلف الصالح
الأمر الثاني:علاقته بجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر
كانت للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله أوثق الصلات بجماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة ممثلة في رئيسها ومؤسسها فضيلة الشيخ العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله وكانت بينهما صلات قوية تنبئ عن عمق العلاقة الأخوية والدعوية للشيخين الجليلين رحمهما، كما أن المكاتبات والمراسلات العلمية بينهما تنبئ أيضًا عن عمق هذه العلاقة ومتانتها، كما كان للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله إسهامات علمية مباركة في مجلة الهدي النبوي تبرهن على قوة صلة الشيخ بجماعة أنصار السنة المحمدية التي تؤدي دورًا فاعلاً في الساحة الإسلامية داخليًا وخارجيًا
الأمر الثالث: انتقاله إلى الحجاز وعلاقته بالملك عبدالعزيز
في عام 1344 قصد الشيخان الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة والشيخ عبد الظاهر أبو السمح مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وكان الملك عبد العزيز آل سعود (ملك الحجاز وسلطان نجد كما كان لقبه يومئذ) حاجًا فاتصلا به مع العلماء القادمين من العالم الإسلامي، وتكررت اللقاءات معه فعرف الكثير عن نشاطهما وقيامها بالدعوة السلفية في مصر، وعرض عليها الانتقال إلى مكة المكرمة والمدينة النبوية لإمامة الحرمين الشريفين والقيام بخطابة الجُمع والتدريس فيهما.
وبناءً على الرغبة الملكية السامية انتقل الشيخان بأهلهما وأولادهما إلى مكة المكرمة سنة 1347ه (1929م) وأصدر الملك عبد العزيز أمره الكريم بتعيين الشيخ عبد الظاهر محمد أبي السمح إمامًا وخطيبًا ومدرسًا في المسجد الحرام، وتعيين الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بالمسجد النبوي بالمدينة.
نشاطه في المدينة: كان للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في خطب الجمع والتدريس في الحرم النبوي جولات واسعة في الإصلاح الديني، والتوجيه الهادف، ومعالجة الأدواء الاجتماعية، كما فتح دروسًا صباحية ومسائية في المسجد النبوي في الحديث والتفسير والتوحيد، وكان لكل ذلك الأثر الطيب في نفوس الشباب المثقف وغيرهم.
انتقاله إلى مكة المكرمة: لم تطل إقامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في المدينة فنقل إلى مكة المكرمة في غضون 1348ه (1929م) مدرسًا في الحرم المكي، ومساعدًا للشيخ عبد الظاهر محمد أبي السمح في إمامة الحرم والخطابة.
في المعهد العلمي السعودي: كما عهد إليه في التدريس في المعهد العلمي السعودي ودروسه في المعهد لم تكن مقتصرة على المواد الدينية، بل قام بتدريس المواد الرياضية كالحساب والهندسة والجبر ومبادئ المثلثات.
الأمر الرابع: تدريسه في الحرم المكي
(يُتْبَعُ)
(/)
استأنف- رحمه الله- نشاطه العلمي الإرشادي في مكة، بفتح دروس للعامة بين العشاءين، وبعد صلاة الفجر في المسجد الحرام، في التفسير والحديث بطريقة غير مألوفة للناس، وذلك بعدم التقيد بكتاب معين فكان يقرأ الآية غيبًا ثم يبدأ في تفسيرها بما وهبه الله من سعة الإطلاع وسرعة استحضار أقوال السلف مكتفيًا في ذلك بالصحيح الثابت المأثور من الأقوال والروايات، وبهذه الطريقة أكمل مرارًا تفسير القرآن الكريم، وفي الحديث أكمل قراءة الصحيحين وشرحهما على طريق تفسير القرآن، وكانت حلقات دروسه ملتقى أجناس شتى من أهل مكة والوافدين إليها، ونفر كثير من أهل جدة كانوا يحرصون على دروسه كلما جاءوا إلى الحرم، ولم تكن دروسه تخلو من طرف علمية أو نوادر أدبية دفعًا للسأم، وترويحًا لنفوس المستمعين على عادة العلماء الأقدمين الأذكياء.
وإذا تعرض لآراء الفرق المنحرفة من القدماء أو العصريين شرح للمستمعين انحرافاتهم، ثم يبدأ في نقض آرائهم بطريقة علمية منطقية سهلة، يرتاح إليها الحاضرون، ويصغون إليه وكأن على رؤوسهم الطير.
دروسه الخاصة: وكان للشيخ- رحمه الله- بعض الدروس لأفراد من راغبي العلم في حجرته بباب علي في المسجد الحرام وكانت تعرف بقبة الساعات، وهذه الدروس كانت تشمل اللغة العربية، (النحو والصرف والبلاغة)، وأصول التفسير، وأصول الحديث، والرياضيات كالجبر والهندسة والفلك، ولم تكن دراسته لعلم الفلك على الطريقة القديمة (الربع المُجَيِّب) بل كانت على الطريقة الحديثة وقد ساعدته معرفته بمبادئ اللغة الإنجليزية للاستفادة بالتقويم الفلكي السنوي، الذي تصدره (البحرية الملكية البريطانية بلندن).
الأمر الخامس: تأسيسه لدار الحديث بمكة
كان الاهتمام بالحديث وكتبه ودراسته ودراسة فنونه في مقدمة ما كان يحرص عليه الشيخان الجليلان الشيخ عبد الظاهر محمد أبو السمح والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة وبناءً عليه قام الاثنان بتأسيس (دار الحديث بمكة) سنة 1350ه (1931م) بعد الاستئذان من الملك عبد العزيز- رحمه الله- وقد رحب بالفكرة، ووعدهما بالمساعدة في كل ما يحتاج إليه هذا المشروع.
وتم افتتاح هذه الدار تحت إدارة الشيخ عبد الظاهر أبي السمح، وعُهِدَ إلى الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة بأن يكون مدرسًا أولاً بها، واختير لها كذلك نخبة من العلماء المشتغلين بالحديث وعلومه للتدريس بها.
كل هذه الأمور تبين بوضوح موقف العالم الأزهري محمد بن عبدالرزاق حمزة من الحركة الوهابية وحكامها فرحمه الله عزوجل وأسكنه فسيح جناته
آمين
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[01 - Jun-2008, صباحاً 01:58]ـ
(((موقف العالم الأزهري وشيخ أنصار السنة المحمدية محمد حامد الفقي من الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ:
مولده ونشأته
ولد الشيخ محمد حامد الفقي بقرية نكلا العنب في سنة 1310هـ الموافق 1892م بمركز شبراخيت مديرية البحيرة. نشأ في كنف والدين كريمين فوالده الشيخ أحمد عبده الفقي تلقى تعليمه بالأزهر ولكنه لم يكمله لظروف اضطرته لذلك. أما والدته فقد كانت تحفظ القرآن وتجيد القراءة والكتابة، وبين هذين الوالدين نما وترعرع وحفظ القرن وسنّه وقتذاك اثني عشر عامًا. ولقد كان والده أثناء تحفيظه القرآن يوضح له معاني الكلمات الغريبة ويعلمه مبادئ الفقه حتى إذا أتَّم حفظ القرآن كان ملمًا إلمامًا خفيفًا بعلومه ومهيأ في الوقت ذاته لتلقي العلوم بالأزهر على الطريقة التي كانت متبعة وقتذاك.
طلبه العلم
كان والده قد قسم أولاده الكبار على المذاهب الأربعة المشهورة ليدرس كل واحد منهم مذهبًا، فجعل الابن الأكبر مالكيًا، وجعل الثاني حنفيًا، وجعل الثالث شافعيًا، وجعل الرابع وهو الشيخ محمد حامد الفقي حنبليًا.
ودرس كل من الأبناء الثلاثة ما قد حُدد من قبل الوالد ما عدا الابن الرابع فلم يوفق لدراسة ما حدده أبوه فقُبل بالأزهر حنفيًا.
بدأ محمد حامد الفقي دراسته بالأزهر في عام 1322هـ ـ 1904م وكان الطلبة الصغار وقتذاك يبدؤون دراستهم في الأزهر بعلمين هما: علم الفقه، وعلم النحو. وكانت الدراسة المقررة كتابًا لا سنوات، فيبدأ الطالب الحنفي في الفقه بدراسة مراقي الفلاح. ويبدأ في النحو بكتاب الكفراوي وهذان الكتابان هما السنة الأولى الدراسية، ولا ينتقل منها الطالب حتى يتقن فهم الكتابين.
(يُتْبَعُ)
(/)
كان آخر كتاب في النحو هو الأشموني أما الفقه، فحسب المذاهب ففي الحنابلة الدليل، وعند الشافعية التحرير، وعند الحنفية الهداية وعند المالكية الخرشي أما بقية العلوم الأخرى كالمنطق وعلم الكلام والبلاغة وأصول الفقه فكان الطالب لا يبدأ في شيء منها إلا بعد ثلاث سنوات.
بدأ الشيخ محمد حامد الفقي دراسته في النحو بكتاب الكفراوي وفي الفقه بكتاب مراقي الفلاح وفي سنته الثانية درس كتابي الشيخ خالد في النحو وكتاب منلا مسكين في الفقه ثم بدأ في العلوم الإضافية بالسنة الثالثة، فدرس علم المنطق وفي الرابعة درس علم التوحيد ثم درس في الخامسة مع النحو والفقه علم الصرف وفي السادسة درس علوم البلاغة وفي هذه السنة وهي سنة 1910م بدأ دراسة الحديث والتفسير وكانت سنه وقتذاك ثمانية عشر عاما فتفتح بصره وبصيرته بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمسك بسنته لفظًا وروحًا.
بدايات دعوة الشيخ لنشر السنة الصحيحة
لما أمعن الشيخ في دراسة الحديث على الوجه الصحيح ومطالعة كتب السلف الصحيح والأئمة الكبار أمثال بن تيمية وبن القيم. وابن حجر والإمام أحمد بن حنبل والشاطبي وغيرهم. فدعا إلى التمسك بسنة الرسول الصحيحة والبعد عن البدع ومحدثات الأمور وأن ما حدث لأمة الإسلام بسبب بعدها عن السنة الصحيحة وانتشار البدع والخرافات والمخالفات.
فالتف حوله نفر من إخوانه وزملائه وأحبابه واتخذوه شيخًا له وكان سنه عندها ثمانية عشرة عامًا سنة 1910م بعد أن أمضى ست سنوات من دراسته بالأزهر. وهذا دلالة على نبوغ الشيخ المبكر.
وظل يدعو بحماسة من عام 1910م حتى أنه قبل أن يتخرج في الأزهر الشريف عام 1917م دعا زملائه أن يشاركوه ويساعدوه في نشر الدعوة للسنة الصحيحة والتحذير من البدع.
ولكنهم أجابوه: بأن الأمر صعب وأن الناس سوف يرفضون ذلك فأجابهم: أنها دعوة السنة والحق والله ناصرها لا محالة.
فلم يجيبوه بشيء.
فأخذ على عاتقه نشر الدعوة وحده. والله معه فتخرج عام 1917. بعد أن نال الشهادة العالمية من الأزهر وهو مستمر في الدعوة وكان عمره عندها 25 سنة.
ثم انقطع منذ تخرجه إلى خدمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وحدثت ثورة 1919م وكان له موقف فيها بأن خروج الاحتلال لا يكون بالمظاهرات التي تخرج فيها النساء متبرجات والرجال ولا تحرر فيها عقيدة الولاء والبراء لله ولرسوله. ولكنه بالرجوع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك ونبذ البدع وانكاره لمبادء الثورة (الدين لله والوطن للجميع).
(وأن خلع حجاب المرأة من التخلف)
وانتهت الثورة وصل على موقفه هذا.
تأسيس جماعة أنصار السنة المحمدية
وظل بعد ذلك يدعوا عدة أعوام حتى تهيئت الظروف وتم أشهارها ثمرة هذا المجهود وهو إنشاء جماعة أنصار السنة المحمدية التي هي ثمرة سنوات الدعوة من 1910م إلى 1926م عام أشهارها.
ثم إنشاء مجلة الهدي النبوي وصدر العدد الأول في 1937هـ.
إنشاء جماعة أنصار السنة المحمدية في عام 1345هـ/ 1926م تقريبًا واتخذ لها دارًا بعابدين ولقد حاول كبار موظفي قصر عابدين بكل السبل صد الناس عن مقابلته والاستماع إليه حتى سخَّرُوا له من شرع في قتله ولكن صرخة الحق أصمَّت آذانهم وكلمة الله فلَّت جموعهم وانتصر الإيمان الحق على البدع والأباطيل. (مجلة الشبان المسلمين رجب 1371هـ).
تأسيس مجلة الهدي النبوبي
بعد أن أسس الشيخ رحمه الله جماعة أنصار السنة المحمدية وبعد أن يسر الله له قراءة كتب الإمامين ابن تيمية وابن القيم واستوعب ما فيها ووجد فيها ضالته أسس عام 1356هـ في مارس 1936م صدر العدد الأول من مجلة الهدي لتكون لسان حال جماعته والمعبرة عن عقيدتها والناطقة بمبادئها. وقد تولى رياسة تحريرها فكان من كتاب المجلة على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ أحمد محمد شاكر، الأستاذ محب الدين الخطيب، والشيخ محيي الدين عبد الحميد، والشيخ عبد الظاهر أبو السمح، (أو إمام للحرم المكي)، والشيخ أبو الوفاء محمد درويش، والشيخ صادق عرنوس، والشيخ عبد الرحمن الوكيل، والشيخ خليل هراس، كما كان من كتابها الشيخ محمود شلتوت.
أغراض المجلة
وقد حدد الشيخ أغراض المجلة فقال في أول عدد صدر فيها:
(يُتْبَعُ)
(/)
«وإن من أول أغراض هذه المجلة أن تقدم ما تستطيعه من خدمة ونصح وإرشاد في الشئون الدينية والأخلاقية، أخذت على نفسها موثقًا من الله أن تنصح فيما تقول وأن تتحرى الحق وأن لا تأخذ إلا ما ثبت بالدليل والحجة والبرهان الصحيح من كتاب الله تعالى وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم» أهـ.
جهاده: يقول عنه الشيخ عبد الرحمن الوكيل: «لقد ظل إمام التوحيد (في العالم الإسلامي) والدنا الشيخ محمد حامد الفقي ـ رحمه الله ـ أكثر من أربعين عامًا مجاهدًا في سبيل الله. ظل يجالد قوى الشر الباغية في صبر، مارس الغلب على الخطوب واعتاد النصر على الأحداث، وإرادة تزلزل الدنيا حولها، وترجف الأرض من تحتها، فلا تميل عن قصد، ولا تجبن عن غاية، لم يكن يعرف في دعوته هذه الخوف من الناس، أو يلوذ به، إذ كان الخوف من الله آخذا بمجامع قلبه، كان يسمي كل شيء باسمه الذي هو له، فلا يُدهن في القول ولا يداجي ولا يبالي ولا يعرف المجاملة أبدًا في الحق أو الجهر به، إذ كان يسمي المجاملة نفاقًا ومداهنة، ويسمي السكوت عن قول الحق ذلا وجبنا».
عاش: رحمه الله للدعوة وحدها قبل أن يعيش لشيء آخر، عاش للجماعة قبل أن يعيش لبيته، كان في دعوته يمثل التطابق التام بين الداعي ودعوته، كان صبورًا جلدًا على الأحداث. نكب في اثنين من أبنائه الثلاث فما رأى الناس معه إلا ما يرون من مؤمن قوي أسلم لله قلبه كله (1).
ويقول الشيخ أبو الوفاء درويش: «كان يفسر آيات الكتاب العزيز فيتغلغل في أعماقها ويستخرج منها درر المعاني، ويشبعها بحثًا وفهمًا واستنباطًا، ويوضح ما فيها من الأسرار العميقة والإشارات الدقيقة والحكمة البالغة والموعظة الحسنة.
ولا يترك كلمة لقائل بعده. بعد أن يحيط القارئ أو السامع علما بالفقه اللغوي للكلمات وأصولها وتاريخ استعمالها فيكون الفهم أتم والعلم أكمل وأشمل».
قلت: لقد كانت اخر آية فسرها قوله تبارك وتعالى: {وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء:11].
وقد فسرها رحمه الله في عدد 6 و 7 لسنة 1378هـ في حوالي 22 صفحة.
إ
نتاجه
إن المكتبة العربية لتعتز بما زودها به من كتب قيمة مما ألف ومما نشر ومما صحح ومما راجع ومما علق وشرح من الإمام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما.
وكما كان الشيخ محبًا لابن تيمية وابن القيم فقد جمعت تلك المحبة لهذين الإمامين الجليلين بينه وبين الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر، وكذلك جمعت بينه وبينه الشيخ شلتوت الذي جاهر بمثل ما جاهر به الشيخ حامد.
ومن جهوده كذلك قيامه بتحقيق العديد من الكتب القيمة نذكر منها ما يأتي: ـ
1 ـ اقتضاء السراط المستقيم.
2 ـ مجموعة رسائل.
3 ـ القواعد النورانية الفقهية.
4 ـ المسائل الماردينية.
5 ـ المنتقى من أخبار المصطفى.
6 ـ موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول حققه بالاشتراك مع محمد محي الدين عبد الحميد.
7 ـ نفائس تشمل أربع رسائل منها الرسالة التدمرية.
8 ـ والحموية الكبرى.
وهذه الكتب جميعها لشيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن كتب الشيخ ابن القيم التي قام بتحقيقها نذكر:
9 ـ إغاثة اللفهان.
10 ـ المنار المنيف.
11 ـ مدارج السالكين.
12 ـ رسالة في أحكام الغناء.
13 ـ التفسير القيم.
14 ـ رسالة في زمراض القلوب.
15 ـ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية.
كما حقق كتب زخرى لمؤلفين آخرين من هذه الكتب:
16 ـ فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن آل شيخ.
17 ـ بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني.
18 ـ جامع الأصول من أحاديث الرسول.
19 ـ لابن الأثير.
20 ـ الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية لعلي بن محمد بن عباس الدمشقي.
21 ـ الأموال لابن سلام الهروي.
22 ـ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الرمام المبجل أحمد بن حنبل لعلاء الدين بن الحسن المرادي.
23 ـ جواهر العقود ومعين القضاة.
24 ـ والموقعين والشهود للسيوطي.
25 ـ رد الإمام عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد.
26 ـ شرح الكوكب المنير.
27 ـ اختصار ابن النجار.
28 ـ الشريعة للآجري.
29 ـ العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية لمحمد ابن أحمد بن عبد الهادي.
30 ـ القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية لابن اللحام.
(يُتْبَعُ)
(/)
31 ـ مختصر سنن أبي داود للمنذري حققه بالاشتراك مع أحمد شاكر.
32 ـ معارج الألباب في مناهج الحق والصواب لحسن بن مهدي.
33 ـ تيسير الوصول إلى جامع الأصول لابن الربيع الشيباني.
34 - العقود”؛ (لشيخ الإسلام)، [تحقيق، بمشاركة: الشيخ: محمد ناصر الدين الالبانى رحمه الله،
مصير هذا التراث
هذا قليل من كثير مما قام به الشيخ محمد حامد الفقي فيما مجال التحقيق وخدمة التراث الإسلامي وهذا التراث الذي تركه الشيخ إذ أن جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت قد جمعت كل هذا التراث.
وقد جاء في نشرتها (أخبار التراث الإسلامي) العدد الرابع عشر 1408هـ 1988م أنها اشترت خزانة الشيخ محمد حامد الفقي كاملةً مخطوطتها ومصورتها وكتبها وكتيباتها وقد أحصيت هذه تلك المحتويات على النحو التالي:
1 – 2000 كتاب.
2 – 70 مخطوطة أصلية.
3 – مائة مخطوطة مصورة على ورق.
وفاته
توفي رحمه الله فجر الجمعة 7 رجب 1378هـ الموافق 16 يناير 1959م على إثر عملية جراحية أجراها بمستشفى العجوزة، وبعد أن نجحت العملية أصيب بنزيف حاد وعندما اقترب أجله طلب ماء للوضوء ثم صلى ركعتي الفجر بسورة الرعد كلها. وبعد ذلك طلب من إخوانه أن ينقل إلى دار الجماعة حيث توفى بها، وقد نعاه رؤساء وعلماء من الدول الإسلامية والعربية، وحضر جنازته واشترك في تشيعها من أصحاب الفضيلة وزير الأوقاف والشيخ عبد الرحمن تاج، والشيخ محمد الحسن والشيخ محمد حسنين مخلوف، والشيخ محمد محي الدين عبد الحميد، والشيخ أحمد حسين، وجميع مشايخ كليات الأزهر وأساتذتها وعلمائها، وقضاة المحاكم.
أبناؤه: الطاهر محمد الفقي، وسيد أحمد الفقي، ومحمد الطيب الفقي وهو الوحيد الذي عاش بعد وفاة والده.
ثانيا: (((موقف العلامة الأزهري محمد حامد الفقي من الوهابية)))
ألف رحمه الله عزوجل كتابا في نصرة الدعوة السلفية وفي الثناء على الشيخ محمد بن عبدالوهاب والرد على المعارضين المناوئين أسماه
(أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها)
ملخص الكتاب:
ذكر رحمه الله عزوجل لقب الوهابية وأنه نسبة إلى الإمام المصلح شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ومن أين نشأ هذا اللقب ثم بين ما هو أهم ما خدم به الشيخ الناس ثم ذكر نبذة بسيطة من كلام الشيخ فيها الروح القوية والطريقة البسيطة وقد طلب من الطاعن في دعوة الشيخ أن يقرأ كتب شيخ الإسلام صغيرها وكبيرها وكتب أولاده وكتب العلماء الآخرين من النجديين وذكر أثر الدعايات السيئة ثم ترجم رحمه الله عزوجل للشيخ محمد بن عبدالوهاب وذكر نشأته وطلبه للعلم وطريقته في الدعوة ومنهجه وذكر ما واجهه الشيخ في بداية دعوته من صعوبات ثم ذكر أثر آل سعود في خدمة الإسلام وإحياء السنة وذكر حال الحجاز في العهد السعودي وقبله وبعده ثم ختم الكلام بالثناء على الملك عبدالعزيز
قال رحمه الله في ص 29
(الوهابية نسبة إلى الإمام المصلح شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب مجدد القرن الثاني عشر ..... )
وقال في ص30
( ..... وإنما كان عمله وجهاده (أى الشيخ محمد بن عبدالوهاب) لإحياء العمل بالدين الصحيح وإرجاع الناس إلى ما قرره القرآن في توحيد الإلهية والعبادة لله وحده ...... )
وقال في ص 31
(وكان من أهم ما خدم به الشيخ ابن عبدالوهاب الناس أن رفع عن قلوبهم غشاوة الجهل وكابوس التقليد الأعمى لكل ناعق على غير هدى ولا بصيرة)
وقال في ص 32
(فحارب الأمية بكل ما استطاع من قوة وكان يلزم كل أتباعه تعلم القراءة والكتابة مهما كانت سنه ومهما كانت منزلته حتى كان الأمراء يقرؤن مثل بقية الناس فصار منهم العلماء المدرسون كالإمام سعود الكبير فإنه كان له درس يلقيه في التوحيد فوق أعمال الإمارة)
ووصف الملك عبدالعزيز في ص 128 بأنه صقر الجزيرة وبطل الإسلام
ويتضح موقفه كذلك من الوهابية من تأسيسه لجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر وهى لسان الوهابية وكان لها الأثر الكبير في نشر الدعوة الوهابية ونشر كتب أئمة الدعوة النجدية كما قام رحمه الله بتحقيق بعض كتب الوهابية كفتح المجيد وطبع في مطبعة أنصار السنة المحمدية الكثير من كتب التوحيد والسنة.
والحق فيه ما قاله شيخ المشايخ عبدالرحمن الوكيل
(لقد ظل إمام التوحيد (في العالم الإسلامي) والدنا الشيخ محمد حامد الفقي ـ رحمه الله ـ أكثر من أربعين عامًا مجاهدًا في سبيل الله. ظل يجالد قوى الشر الباغية في صبر، مارس الغلب على الخطوب واعتاد النصر على الأحداث، وإرادة تزلزل الدنيا حولها، وترجف الأرض من تحتها، فلا تميل عن قصد، ولا تجبن عن غاية، لم يكن يعرف في دعوته هذه الخوف من الناس، أو يلوذ به، إذ كان الخوف من الله آخذا بمجامع قلبه، كان يسمي كل شيء باسمه الذي هو له، فلا يُدهن في القول ولا يداجي ولا يبالي ولا يعرف المجاملة أبدًا في الحق أو الجهر به، إذ كان يسمي المجاملة نفاقًا ومداهنة، ويسمي السكوت عن قول الحق ذلا وجبنا).
فرحمه الله عزوجل رحمة واسعة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[03 - Jun-2008, صباحاً 02:29]ـ
((موقف الشيخ العلامة المتفنن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ من الحركة الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ: -
الشيخ الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي الأزهري الحنبلي رحمهم الله بمنه وكرمه. مولده:
ولد سنة 1225هـ في بلدة العلم والعلماء: الدرعية.
حياته:
انتقل الشيخ عبد اللطيف مع والده إلى مصر, بعد خراب الدرعية, وكان عمره قرابة الثمان سنوات ونشأ بمصر وتزوج بها, وتمكن من الاشتغال بطلب العلم, والتزود منه, ثم بعد ذلك خرج إلى نجد وذلك في سنة 1264هـ, وقدم مدينة الرياض واستقر فيها بضعة أشهر درس فيها بعض الدروس, ثم انتقل بعد ذلك إلى الأحساء معلما وداعيا, ومكث فيها فترة من الزمن, ثم عاد إلى الرياض مرة أخرى.
شيوخه:
مكث الشيخ – رحمه الله –في مصر مدة من الزمن, درس فيها على عدد من المشايخ فمنهم:
1 – والده الإمام العلامة عبد الرحمن بن حسن.
2 - والشيخ عبد الرحمن بن الشيخ الإمام عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3 - الشيخ علي بن محمد بن عبدالوهاب
4 - عمه الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبدالوهاب
5 - الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ
6 - أحمد بن حسن الأحسائي
7 - الشيخ إبراهيم الباجوري
8 - الشيخ مصطفى البولاقي الأزهري
9 - الشيخ حسن القويسني وغيرهم
تلاميذه:
تتلمذ على يد الشيخ عدد من التلاميذ منهم:
1 - تلميذه الشيخ العلامة "حسان السنة" الشيخ سليمان بن سحمان.
2 – وابنه العلامة الشيخ عبد الله.
3 – وأخوه الشيخ إسحاق, وغيرهم.
وفاته:
توفي – رحمه الله – في مدينة الرياض في اليوم الرابع عشر من شهر ذي القعدة سنة 1293هـ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى.
__________________
((موقف الشيخ العلامة المتفنن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ من الحركة الوهابية)))
رد الشيخ رحمه الله عزوجل على الكثير من الطاعنين في دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب ومن ذلك
1_ مصباح الظلام في الردّ على من كذب على الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام وهو رد على عثمان بن منصور في كتابه (جلاء الغمة عن تكفير الأمة)
2 - منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داوود بن جرجيس لكنه لم يتمه فأتمه محمود شكري الآلوسي بكتاب أسماه فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان
3 - تحفة الطالب والجليس في الرد على ابن جرجيس
4 - فتح الملك الوهاب في رد شبه المرتاب
5 - البراهين الإسلامية في رد الشبه الفارسية
6 - الإتحاف في الرد على الصحاف
وغير ذلك وكلها تبين بوضوح موقفه من الحركة الوهابية فرحمه الله عزوجل
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[10 - Jun-2008, مساء 03:37]ـ
(((موقف العالم الأزهري مناع خليل القطان المنوفي من الحركة الوهابية)))
أولا: ترجمة الشيخ:
مولده ونشأته وطلبه للعلم
هو الشيخ مناع خليل القطان، ولد في شهر أكتوبر سنة 1925م 1345ه في قرية "شنشور" مركز "أشمون" من محافظة المنوفية بمصر من أسرة متوسطة الحال، وفي بيئة إسلامية مترابطة، حيث كان المجتمع الريفي يعتمد على الأرض الزراعية.
بدأ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم في الكتاب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم التحق بالمعهد الديني الأزهري بمدينة "شبين الكوم" ثم التحق بكلية أصول الدين في القاهرة.
مشايخه
ومن مشايخه الذين تأثر بهم: الشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالمتعال سيف النصر، والشيخ علي شلبي، والشيخ محمد زيدان، والدكتور محمد البهي، والدكتور محمد يوسف موسى، وهو يعتبر أن والده خليل القطان، ثم الشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ حسن البنا.
نشاطه العملي والعلمي
انتخب رئيساً للطلبة بكلية أصول الدين، وقد شارك في نشاط الإخوان الوطني سنة 1946م في التصدي للاستعمار الإنجليزي حتى ألغيت معاهدة سنة 1936م المشؤومة.
كما شارك في التطوع للجهاد في فلسطين سنة 1948م، وقد دخل السجن بعدها، كما شارك في المقاومة السرية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة قناة السويس سنة 1951 - 1952م، وكل هذه المشاركات كانت من خلال جماعة الإخوان المسلمين وشبابها المكافح المجاهد. وكان وثيق الصلة بالشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ أحمد حسن الباقوري.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد غادر مصر سنة 1953م إلى المملكة العربية السعودية للتدريس في مدارسها ومعاهدها إلى سنة 1958م، حيث انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة، وكان يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي بلغ عددها 115 رسالة، وقد وفقه الله لإقامة مجمع إسلامي خيري كبير سنة 1993م في قريته (شنشور) بمحافظة المنوفة، على نفقته الخاصة، افتتحه وزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق بحضور عدد كبير من علماء الأزهر.
وقد شارك في الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعلمية في داخل المملكة وخارجها، وأهمها: المؤتمر الأول لرابطة العالم الإسلامي، المؤتمر الإسلامي في كراتشي بباكستان، المؤتمر الإسلامي العالمي في بغداد، المؤتمر الإسلامي بالقدس، مؤتمر المنظمات الإسلامية، مؤتمر رسالة الجامعة بالرياض، أسبوع الفقه الإسلامي بالرياض، أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة، المؤتمر الجغرافي الإسلامي بالرياض، مؤتمر رسالة المسجد بمكة المكرمة، مؤتمر الدعوة والدعاة بالمدينة المنورة، مؤتمر مكافحة الجريمة بالرياض، ندوة مكافحة المخدرات، مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض، ندوة انحراف الأحداث، وغيرها من المؤتمرات والندوات في أنحاء العالم الإسلامي.
مؤلفاته
له الكثير من المؤلفات منها:
مباحث في علوم القرآن الكريم.
تفسير آيات الأحكام.
التشريع والفقه في الإسلام تاريخاً ومنهجاً.
الحديث والثقافة الإسلامية.
نظام الأسرة في الإسلام.
نزول القرآن على سبعة أحرف.
الدعوة إلى الإسلام.
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية.
موقف الإسلام من الاشتراكية.
إقامة المسلم في بلد غير مسلم.
الإسلام رسالة الإصلاح.
رعاية الإسلام للمعاقين.
التكييف الفقهي للتبرع بالأعضاء وزراعتها.
رفع الحرج في الشريعة الإسلامية.
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية.
الحاجة إلى الرسل في هداية البشرية.
مباحث في علوم الحديث.
تاريخ التفسير ومناهج المفسرين.
الفرق الإسلامية.
وفاته
توفي يوم الإثنين 6 ربيع الآخر سنة 1420ه الموافق 19 - 7 - 1999م وصُلي عليه في مسجد الراجحي بمنطقة الربوة، ودفن في مقابر النسيم بالرياض، بعد مرض عضال نتيجة إصابته بسرطان الكبد الذي استمر أكثر من ثلاث سنوات، وكان عمره خمسة وسبعين عاماً، وترك خلفه خمسة من الأولاد، ثلاثة أبناء، وبنتين، والخمسة جميعهم أطباء في تخصصات مختلفة في مستشفيات الرياض.
(((موقف الشيخ مناع خليل القطان الأزهري من الحركة الوهابية)))
يتبن موقفه من الحركة الوهابية من خلال عدة أمور:
الأمر الأول:
ألف رحمه الله عزوجل كتابا في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بين فيه اعتماد دعوة محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة وقد ترجم للشيخ في الكتاب وذكر شيئا عن بيئته وعصره ثم ذكر أن دعوة الشيخ في العقيدة تعتمد على الكتاب والسنة وكذا منهجه في الفقه يرتكز على الأدلة من الكتاب والسنة
الأمر الثاني:
سفره إلى بلاد الحرمين معقل الوهابية فقد غادر مصر سنة 1953م إلى المملكة العربية السعودية
الأمر الثالث:
تدريسه في معاهد وكليات الوهابية حيث درس أولا في مدارس ومعاهد الوهابية إلى سنة 1958 م ثم انتقل للتدريس بكلية الشريعة بالرياض، ثم كلية اللغة العربية، ثم مديراً للمعهد العالي للقضاء، ثم مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات، وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة
الأمر الرابع:
إشرافه على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراة للوهابيين في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
كل هذه الأمور تبين بوضوح موقفه من الحركة الوهابية فرحمه الله عزوجل وأسكنه فسيح جناته.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[17 - Oct-2008, صباحاً 12:51]ـ
جزاك الله خيرا على موضوعك المهم ونقولك الجيدة، ولعلي أستأذنك بمشاركة بسيطة وذلك بالنقل عن أحد قدماء المحدثين بالأزهر ممن عاصر الإمام محمد بن عبد الوهاب، وهو مفتي الجزائر العلامة محمد بن محمود الجزائري الأثري، المعروف بابن العنابي.
فقد سجّل لنا العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ نصًّا في غاية الأهمية في كتابه مصباح الظلام، فذكر (ص92) -ضمن دفاعه عن الإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهاب- أن أهل العلم والفضل في عصره شهدوا له أنه أظهر توحيد الله، وجدد دينه، ودعا إليه، ثم نقل ذلك عن المؤرخ ابن غنام في تاريخه، ثم قال (ص93): «وكذلك أهل مصر والشام والعراق والحرمين تواتر عن فضلائهم وأذكيائهم مدحه والثناء عليه، والشهادة له أنه جدد هذا الدين، كما قال شيخُنا محمد بن محمود الجزائري رحمه الله تعالى».
ويفيد هذا النص النقل عن عدد من علماء مصر في وقته ممن أدركهم، وهذا الكلام سنة 1247 تقريباً.
ومن أراد معرفة المزيد عن عقيدة هذا العالم الأثري فليراجع غير مأمور ترجمتي له المنشورة في موقع الألوكة الرئيسي، وفي مقدمة تحقيقي لعدد من إجازاته، والمنشورة ضمن المجموعة العاشرة من لقاء العشر الأواخر بدار البشائر.
**********
ولعلك أخي الفاضل تستحضر نصوص المؤرخ الجبرتي في الحركة الإصلاحية، وهو ممن درس في الأزهر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[17 - Oct-2008, صباحاً 04:26]ـ
ألف الشيخ مناع القطان رحمه الله عزوجل كتابا في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بين فيه اعتماد دعوة محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة وقد ترجم للشيخ في الكتاب وذكر شيئا عن بيئته وعصره ثم ذكر أن دعوة الشيخ في العقيدة تعتمد على الكتاب والسنة وكذا منهجه في الفقه يرتكز على الأدلة من الكتاب والسنة
هذا يثبت أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كان من أتباع الدليل وليس حنبلياً مقلداً كما يزعم للأسف بعض أتباعه بل يرجع إلى الدليل!
ـ[الدكتور عبدالباقى السيد]ــــــــ[17 - Oct-2008, مساء 03:43]ـ
يارك الله فى الأخوة جميعا وفيك يا أزهرى
العلامة محمد رشيد رضا رضى الله تعالى عنه كان شديد التبجيل للشيخ محمد بن عبدالوهاب للوهابيون فى عصره وقد صنف كتابا عظيما فى هذا الشان أسماه " الوهابيون والحجاز" وفيه دافع عن الحركة الوهابية وعن عبدالعزيز آل سعود وانتقد الشريف حسين نقدا مبرحا لمعاداة آل سعود والوهابيون
وقد نقل نقولا عن الجبرتى المصرى الذى درس بالأزهر والسلاوى المغربى تفيد تأييدهما للوهابيين
ولو شاء الإخوة أن نضع شهادة كل منهما لوضعناها ولكن أحببنا التنبيه فهذا ليس حنبليا وكان نازعا للدليل أقصد رشيد رضا، وكان معظما لابن حزم، ولكنه لم يفتأ ان يقول الحق، وكذا نحن تبعا للحق نسير.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[17 - Oct-2008, مساء 05:14]ـ
أخي الكريم أبا الحسن الأزهري: بارك الله فيكم على هذا المجهود العظيم، وجعله في ميزان حسناتكم،،،
والشكر موصول للشيخ الفاضل محمد زياد التكلة على إضافته القيمة عن مفتي الجزائر العلامة ابن العنابي - رحمه الله -، وأقول له: حفظكم الله وبارك في جهودكم ونفع بكم،،،
وهنا مقال متواضع في بيان موقف بعض علماء علماء الجزائر من الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16738
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - Aug-2010, صباحاً 06:43]ـ
بارك الله فيك ونفع بك(/)
عندما رأيتُ الشيخ العلوان .. أصابني الإحباط ولكني عرفت قدرا نفسي
ـ[تميم]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 06:41]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنتُ عند أحد طلاب العلم الفضلاء .. وكان يحدثني عن مسيرته العلمية
ومافيها من مواقف طريفة وذكريات جميلة يقول عندما بدأت في طلب العلم
الشرعي عكفتُ على كتب الشيخ الألباني رحمه الله يقول فحفظت السلسلة الصحيحة ثم الضعيفة
يقول وبعد ذلك برزتُ للناس يقول وكان الحديث الضعيف أحب إلى من الحديث الصحيح!!
يقول حتى إذا ذكر أحد حديث ضعيف أقول له هذا لحديث ضعيف ولا أعرف ماهي علته ولا أقوال الأئمة فيه ... إلا قول الشيخ الألباني فقط رحمه الله .. ولا أظن أن تحت أديم السماء أعلم مني في علم الحديث إلا الشيخ الألباني فقط!! يقول وسمعتُ أن هناك شاباً ظهر في القصيم يسمى الشيخ سليمان العلوان!! يقول فقلتُ لعلي أذهب إليه وأرى من هذا لشاب الذي يثنون عليه في علم الحديث ... يقول وعندما رأيته في بداية الأمر قلتُ ومن هذا (استحقرته) أي أنه استحقر الشيخ العلوان لصغر سنه في ذلك الوقت وكان ذلك في عام 1413هـ
يقول وعندما تكلم في الحديث فإذا به بحرُ لا ساحل ثم تكلم في الفرائض فإذا به إمام في هذا الفن ثم انتقل إلى التفسير فإذا به يذكر الأقوال من تفسير ابن كثير والقرطبي وغيره من المفسرين ويرجح
يقول وأنا لم ادرس أصلاً علم الفرائض ولم أقرأ في التفسير شيئاً .. وحينها أصابني الإحباط ولكني
عرفتُ قدرا نفسي ... وأني لاشي أمام هذا الإمام المتفنن
فك الله أسرك ياشيخنا أبي عبدالله سليمان العلوان عاجلاً غير أجل.
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 07:16]ـ
جزاك الله خيرا
عكفتُ على كتب الشيخ الألباني رحمه الله يقول فحفظت السلسلة الصحيحة ثم الضعيفة
وهذه طريقة خاطئة في الطلب وغير مثمرة ولا تخرج طلبة علم مؤصلين
وذلك أن متون الحديث إنما تحفظ من الأصول مع مراعاة التدرج في ذلك
فإن الاعتناء باللفظ المراد حفظه، يغفل عنه كثير من الحفظة اليوم
فسلسلتي الألباني رحمه الله تقرأ وتدرس ولا تحفظ بخلاف الأصول كالصحيحين وهلم جرا
أما بالنسبة لحفظ التصحيح والتضعيف فإنما هو معرفة لا حفظ فإن كان لا بد من الحفظ فحفظ كلام المتقدمين من النقاد أولى
وعلى كل لا بد من معرفة دليل المضعف أو المصحح لأن هذا هو الذي ينفق في سوق العلم والمناظرة أما التقليد فكل له إمام يقلده فلا حجة لأحد على أحد حينئذ
ولقد عاشرت كثيرا من الطلبة أخطأ هذا الطريق
فاعتنى بحفظ السلسة الصحيحة قبل المتون والأصول المعهود حفظها عند أهل العلم السابقين واللاحقين من أجل أن كلام الإمام الألباني يؤخذ بلا نقاش في المحيط العلمي الذي يعيش فيه
فلما صادف أناسا لا يقنعون بالتقليد ولا يركنون له وصادف من يقارع بالحجة وينقل كلام النقاد المتقدمين وغيرهم على الأحاديث ويعارضها بنقله لكلام الألباني رحمه الله
تذمر وعلم خطأ طريقته في التحصيل وازداد ذلك لما رأى أنه يجهل كثيرا من أحاديث الصحيحين بل تراه ينقل تصحيح الألباني رحمه الله على حديث وهو مخرج في الصحيحين من غير وجه بل بأصح الأسانيد
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 08:44]ـ
لله در الشيخ العلاّمة المُحدّث " سليمان العلوان " ..
رجل سبق عصره ولا نزكي على الله أحدا.
إن سألته في الحديث تجده يغمض عينيه ويُبحر في بحار العلم فتجزم أنه لا يتقن إلا علم الحديث!
وإذا سألته في التفسير تجده يجول ويصول فتظن أنه لا يتقن الا التفسير!! وهكذا.
وأجزم أنه أعلم بكثير من بعض العلماء الذين يتقلدون مناصب فخمة!!!
ولكنه الإعلام والحكومات واختياراتها!!
تُسلط الضوء على من تشاء وتُشوه صورة من تشاء!
ـ[أبو محمد التونسي]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 09:41]ـ
صدقت أخي عبد الرحمان الناصر,
الشيخ سليمان العلوان من خيرة الشيوخ في هذا العصر و هو شيخ فذ قل أن تجد مثله {نحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحد}
اللهم فك أسرى الشيخ عاجلا.
ـ[أبو حازم البصري]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 09:50]ـ
http://www.binbaz.org.sa/mat/10643
ـ[محمد بن مسلمة]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 11:18]ـ
بارك الله فيك أخي تميم ونفع بك
فنعم والله الشيخ العلامة المحدث الفقيه الأصولي شيخنا أبي عبدالله سليمان العلوان
ويعلم الله أني التقيت بكثير من المشائخ وطلاب العلم والعلماء ولكن لم يشفِ غليلي
مثل الشيخ سليمان .. في العلم .. ومع ذلك فهو وافر المروة شهم حيي قريب الدمعة
كريم الخلاق .. اللهم فك أسر الشيخ سليمان العلوان عاجلاً غير أجل اللهم أجعله ذخرا
للإسلام والمسلمين ياأرحم الراحمين.
ـ[أبو يوسف النجدي]ــــــــ[24 - May-2008, مساء 11:33]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[تميم]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 11:05]ـ
بارك الله فيكم جميعاً وغفر لكم وتقبل دعواتكم ..
وفك الله أسر الشيخ سليمان العلوان ... آمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مالك بن أنس]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 05:52]ـ
.
وأجزم أنه أعلم بكثير من بعض العلماء الذين يتقلدون مناصب فخمة!!!
ولكنه الإعلام والحكومات واختياراتها!!
تُسلط الضوء على من تشاء وتُشوه صورة من تشاء!
هذا هو الكلام الذي تعبنا من ترديده ولكن أصحاب الألقاب السلفية (الببغاوات) هم خلف كثير من هذا!!!
ـ[محمد علي الجزائري]ــــــــ[30 - May-2008, صباحاً 01:07]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا بأس أن أدلي بدلوي مع الدلاء (ابتسامة)
فقد حضرت للشيخ درسا -بعد ما حرصت على السفر إليه -وكان من شرح البخاري .....
ولم أر كثيرا مما كنت أسمع عن الشيخ , لكن وبعد انهاء الدرس بدأ الطلبة بالأسئلة ,فكأني بالبخاري أو بابن معين في العلل فكان يجيب على كل حديث يرد ,بعد أن يذكر إسناده والعلة فيه إن كان ضعيفا وكل هذا من حفظه
فرأيت أكبر مما سمعت ....... فما راءٍ كمن سمعا
ثم بعد العصر كنا نجلس عند الشيخ حمود بن عقله -رحمه الله- وكان يشرح -لطالبين فقط من مكة- التدمرية فلما قيل للشيخ أن العلوان حضر لزيارتك ختم الدرس وقام مسرعا وأُخِذ لاستقباله ... ودخلا يتشاوران ...
فهذه أخلاق علمائنا وهذه أقدارهم ونسأل الله أن يعيننا على القيام بحقهم وأقله الدعاء ..
فرحم الله الشيخ حمود ..
وفك أسر الشيخ أبي عبد الله ..
هذا غيض من فيض وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبوطلحة]ــــــــ[30 - May-2008, مساء 02:51]ـ
رحم الله علماءنا،،، وفك الله أسر الشيخ سليمان بن ناصر العلوان
ـ[تميم]ــــــــ[10 - Jun-2008, صباحاً 09:16]ـ
بارك الله فيكم جميعاً، ونفع بكم.
وجزاكم خيرا الجزاء.
ـ[البحث العلمي]ــــــــ[10 - Jun-2008, مساء 03:18]ـ
جزاكم الله خيرا
فك الله أسرك ياشيخنا أبي عبدالله سليمان العلوان عاجلاً غير أجل
امين
حسبنا الله و نعم الوكيل
لكم الله يا علماء الامة(/)
معاني السنة في القران للامام ابن تيمية
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[25 - May-2008, صباحاً 08:02]ـ
مختصر رسالة معاني السنة في القران للامام ابن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وعليه التكلان
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما أما بعد فهذا
فصل
اعلم أنه قد ذكر الله تعالى لفظ سننه في مواضع من كتابه فقال تعالى سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا (سورة الإسراء 77) وقال تعالى ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا (سورة الأحزاب 38) وقال تعالى في آخر السورة ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا (سورة الأحزاب 61 62)
وقال فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا (سورة فاطر 43)
وقال سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون (سورة غافر 85)
وقال ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا (سورة الفتح 22 23 وقال تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين (سورة الكهف 55)
فهذه كلها تتعلق بأوليائه كمطيعيه وعصاته كالمؤمنين والكافرين
فسنته في هؤلاء إكرامهم وسنته في هؤلاء إهانتهم وعقوبتهم
فأما الأولى فإنها تتعلق بالرسل لأنه لا حرج عليهم فيما فرض الله تعالى لهم وهذا كقوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم (سورة التحريم 2) والمفروض هنا مباح مقدر محدود مثل إباحة زوجة المتبنى بعد أن قضى منها وطرا وطلقها لا بأن تؤخذ منه بغير اختياره وقد قال تعالى وقد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم (سورة الأحزاب 50)
أي أوحينا وحرمنا قبل وهنا المراد به سنته في رسله أنه أباح لهم الأزواج وغيرها
كما قال ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية (سورة الرعد 38) وأنه لا حرج عليهم في ذلك فلم يكن محمد صلى الله عليه وسلم بدعا من الرسل ولم يقل هنا ولن تجد لسنتنا تبديلا فإنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم
والأربعة البواقي تتضمن عقوبة الكفار والمنافقين
فالأولى قوله إنهم لو استفزوه فأخرجوه لم يلبثوا خلفه إلا قليلا كسنة من أرسل قبله من الرسل فإما أن يقال وقع هذا الإخراج بالهجرة ولم يلبثوا خلفه إلا قليلا وهو ما أصابهم يوم بدر وإما أن يقال لم يقع
والثانية قوله لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض الآية (سورة الأحزاب 60) كما أصاب من قبلهم من أهل الكتاب فإن الله أخرجهم فإن لم ينته غي هؤلاء بل أظهروا الكفر كما أظهره أولئك أخرجناهم كما أخرجناهم بخلاف ما إذا كتموه
وهذه السنه تتضمن أن كل من جاور الرسول صلى الله عليه وسلم متى أظهر مخالفته مكن الله الرسول من إخراجه وهذه في أهل العمد والمنافقين وقد يقال هي لهم مع المؤمنين أبدا
والثالثة في أهل المكر السيء وأن سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا على أعدائهم وينتقم منهم وقال هنا فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا
والرابعة في حال الكفار مع المؤمنين
وهذه السنن كلها سنن تتعلق بدينه وأمره ونهيه ووعده ووعيده وليست هي السنن المتعلقة بالأمور الطبيعية كسنته في الشمس والقمر والكواكب وغير ذلك من العادات فإن هذه السنة ينقضها إذا شاء بما شاءه من الحكم كما حبس الشمس على يوشع وكما شق القمر لمحمد صلى الله عليه وسلم وكما ملأ السماء بالشهب وكما أحيا الموتى غير مرة وكما جعل العصا حية وكما أنبع الماء من الصخرة بعصا وكما أنبع الماء من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - Oct-2010, مساء 01:27]ـ
يرفع للفائدة(/)
مشروع 100 يوم حتى رمضان .... تعالوا نبدأ صح وقبل ان يفوت الوقت
ـ[راجي رضى الله]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 12:52]ـ
مرت الأيام سريعا ولم يتبقى على رمضان إلا 100 يوم فقط
فاللهم بلغنا رمضان اللهم آمين
مشروع 100 يوم حتى رمضان
من هنا ( http://www.manhag.net/mam/index.php?option=com_fireboard&Itemid=158&Itemid=158&func=view&catid=22&id=21913#21913)
ـ[ابو هادي]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 03:21]ـ
سبحان الله العظيم .... بالفعل الأيام تجري سريعه
بارك الله فيك أخي على التذكير ....
اللهم بلغنا رمضان
ـ[طويلب علم سلفي]ــــــــ[11 - Jun-2008, صباحاً 10:53]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[العفالقي]ــــــــ[11 - Jun-2008, مساء 04:55]ـ
أعاننا الله على قيامه وصيامه وبلغنا إياه.(/)
«الغلو كما يكون في التشدد يكون في التساهل»، مقال لشيخنا العلَّامة صالح الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 04:16]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وبعد:
فقد كثرت الحملات والاستنكارات على الغلو في الدين. وهي حملات واستنكارات بحق. لأن الغلو في الدين منهي عنه في الكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ? [سورة المائدة، الآية: 77] وفي الآية الأخرى: ? يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ ? [سورة النساء، الآية: 171] وقال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: «وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» والغلو في الدين هو الزيادة عن الحد المشروع فيه.
وقد يكون غلواً في العبادة كحال الثلاثة الذين قال أحدهم: أصلي ولا أنام وقال الثاني: أصوم ولا أفطر وقال الثالث: لا أتزوج النساء.
ويكون غلواً في الأحكام بأن يجعل المستحب بمنزلة الواجب ويكون غلواً بالحكم على مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك بالكفر والخروج من الملة.
وقد يكون غلواً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كغلو المعتزلة بخروجهم على ولاة أمور المسلمين بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكالغلو في التحليل والتحريم بأن يحرم الحلال أو يحلل الحرام.
فالغلو في الدين بجميع أنواعه محرم وقد يخرج من الدين ويسبب الهلاك كما أهلك من كان قبلنا ولا أحد يشك في ذلك ممن أتاه الله الفقه في الدين والبصيرة في الأحكام فأنزل الأمور في منازلها.
ولكن هناك من هو على النقيض من غلو الزيادة في ا لدين فهناك من غلا في التساهل وا لتسامح في الدين ولا شك أن ديننا دين السماحة ورفع الحرج والاعتدال. ولكن يجب أن يكون هذا التسامح في حدود ما شرعه الله من الأخذ بالرخص الشرعية عند الحاجة إليها والدين كله ولله الحمد ليس فيه أصار ولا أغلال: ? لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ? [سورة البقرة، الآية: 286]، ? وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ? [سورة الحج، الآية: 78]، ? مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ? [سورة المائدة، الآية: 6] ولكن الغلو في التسامح يكون بالخروج عما شرعه الله وهذا لا يسمى تسامحاً وإنما هو الحرج نفسه.
فإلغاء أصل الولاء والبراء في الإسلام والتسوية بين المسلم والكافر بحجة التسامح – وإلغاء تطبيق نواقض الإسلام على من انطبقت عليه كلها أو بعضها – والتسوية بين الأديان – كالتسوية بين الإسلام واليهودية والنصرانية بل بين الأديان كلها من وثنية والحادية والقول بأن لا إله إلا الله لا تقتضي الكفر بالطاغوت ولا تنفي ما عدا الإسلام من الأديان الباطلة كما تفوه به بعض الكتاب في بعض صحفنا المحلية كل هذه الأمثلة غلو في التساهل ووالتسامح؛ يجب إنكاره. كما يجب إنكار الغلو في الزيادة في الدين. بل قد يكون الغلو في التسامح والتساهل أشد خطراً من الغلو بالزيادة في الدين. لأن الغلو في التساهل والتسامح إلى حد يجعل الدين الكافر مساوياً للدين الحق كفر بإجماع المسلمين بخلاف الغلو في الزيادة فإن كثيراً من العلماء يرى أنه ضلال ولا يصل إلى حد الكفر.
وقد ذكر العلماء أن من نواقض الإسلام من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره.
فعلى من وقع في هذه الزلات الخطرة أن يتبصر في أمره ويراجع الصواب فإن الرجوع إلى الحق فضيلة. والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
وفّق اللَّهُ الجميعَ للعلم النَّافع والعمل الصَّالح. وصلَّى اللَّهُ وسلَّم على نبينا مُحمَّد وآله وصحبه.
كتبه
صَالِحُ بْنُ فَوْزَانَ الفَوْزانُ
عضو هيئة كبار العلماء
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 04:18]ـ
المصدر: الموقع الرّسمي للعلاَّمة صالح الفَوزان
( http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/MyNews/tabid/87/Default.aspx?more=454&new_id=117)
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 02:44]ـ
بارك الله في أهل العلم الناصحين المصلحين
ـ[محمد الصميلي]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 04:03]ـ
جزاك الله خيرا و بارك فيك أخي سلمان على نقلك ..
قال الشيخ صالح الفوزان: ((ولكن هناك من هو على النقيض من غلو الزيادة في ا لدين فهناك من غلا في التساهل وا لتسامح في الدين .. )). ومن الغلو في التساهل التساهل في تعديل الأشخاص مثل ما هنالك الغلو في الجرح وقد لمح الشيخ صالح الفوزان حول هذه النقطة في شرحه لكتاب الكبائر للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ..
وقال حفظه الله: (( .. قد يكون الغلو في التسامح والتساهل أشد خطراً من الغلو بالزيادة في الدين. لأن الغلو في التساهل والتسامح إلى حد يجعل الدين الكافر مساوياً للدين الحق كفر بإجماع المسلمين بخلاف الغلو في الزيادة فإن كثيراً من العلماء يرى أنه ضلال ولا يصل إلى حد الكفر .. )).
مثال ذلك العلمانية و أفراخهم، و الصوفية بطرقها، و الأشاعرة، و مرجئة العصر .. الخ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[19 - Oct-2008, مساء 02:13]ـ
الأخ الكريم / مُحمَّد الصّميليّ:
جزاكُم اللَّهُ خيرًا،وباركَ فيكم.(/)
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، محاضرة لشيخنا الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 05:04]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ،
مُحَاضَرَة لفضيلةِ شَيْخِنَا العلَّامَةِ صَالِحِ بْنِ فَوْزَانَ الفَوْزانِ
ـ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ.»
[وصلة المحاضرة (16 - 5 - 1429 هـ)]
( http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=50571)
أسأل اللَّهَ للجَمِيع التَّوفيق والعِلم النَّافِع.
أخُوكُم المُحبّ
سَلمانُ بنُ عَبدِ القَادِر أبُو زَيْدٍ
عَفَا اللَّهُ عَنْهُ بِمَنِّهِ وكَرَمِهِ،آمِين.
ـ[أسماء]ــــــــ[25 - May-2008, مساء 08:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا النقل القيم
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[28 - May-2008, مساء 04:13]ـ
وعليكنّ السَّلام ورحمة اللَّه وبركاته:
جزاكنّ اللَّهُ خيرًا،وبارك فيكنّ.(/)
الشيخ العثيمين: أعلم أنك إذا قلت حقا تريد به وجه الله فلا بُد وأن يؤثر - عبرة للدعاة
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 03:23]ـ
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح الأربعين - حديث 8:
ولكن اعلم أنك إذا قلت حقاً تريد به وجه الله فلابد أن يؤثر، حتى لو رد أمامك فلابد أن يؤثر، وفي قصة موسى عليه السلام عبرة للدعاة إلى الله، وذلك أنه جُمعَ له السحرة من كل وجه في مصر، واجتمعوا، وألقوا حبالهم وعصيّهم حتى كانت الأرض تمشي ثعابين، حتى إن موسى عليه السلام خاف (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) (طه:67)
فلما اجتمعوا كلهم قال لهم: (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طه:61)
كلمات يسيرة، قال الله عزّ وجل: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) (طه:62)
يعني أنهم تنازعوا فوراً، والفاء في قوله: (فَتَنَازَعُوا) للسببية والترتيب والتعقيب.
فتأمل كيف أثرت هذه الكلمات من موسى عليه السلام بهؤلاء السحرة، فلابد لكلمة الحق أن تؤثر، لكن قد تؤثر فوراً وقد تتأخر. والله ا لموفق.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 07:55]ـ
لله دره!
ليت عندنا تفسيرٌ يحوي هذه الدرر.
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[27 - May-2008, صباحاً 12:05]ـ
قول الشيخ رحمه الله:
ولكن اعلم أنك إذا قلت حقاً تريد به وجه الله فلابد أن يؤثر، حتى لو رد أمامك فلابد أن يؤثر، وفي قصة موسى عليه السلام عبرة للدعاة إلى الله، وذلك أنه جُمعَ له السحرة من كل وجه في مصر، واجتمعوا، وألقوا حبالهم وعصيّهم حتى كانت الأرض تمشي ثعابين، حتى إن موسى عليه السلام خاف (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) (طه:67)
فلما اجتمعوا كلهم قال لهم: (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طه:61)
ليس هذا الكلام على إطلاقه فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيح «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالنَّبِىَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ .... الحديث
ولاشك أن الأنبياء هم أخلص الناس لله عز وجل ورغم ذلك لم يستجب لبعضهم أحد كما ترى فى الحديث والله أعلم
ـ[باعث الخير]ــــــــ[27 - May-2008, صباحاً 09:48]ـ
ليس هذا الكلام على إطلاقه فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيح «عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالنَّبِىَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ .... الحديث
ولاشك أن الأنبياء هم أخلص الناس لله عز وجل ورغم ذلك لم يستجب لبعضهم أحد كما ترى فى الحديث والله أعلم
اظن ان الشيخ رحمه الله تعالى يقصد انها ستؤثر فيهم حتى ان لم يتبعوك , وكثير من الكفرة كانوا يعلمون ان الحق مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يؤمنوا به
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو حازم البصري]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 02:35]ـ
اظن ان الشيخ رحمه الله تعالى يقصد انها ستؤثر فيهم حتى ان لم يتبعوك , وكثير من الكفرة كانوا يعلمون ان الحق مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يؤمنوا به
جزاكم الله خيرا
أحسنت، وليس أدل على ذلك من الآية التي استشهد بها الشيخ -رحمه الله-.
فإن السحرة في أول الأمر إنما (تنازعوا) أمرهم، وهذا أول التأثير.
وأنت ترى الطغاة يخافون العلماء (وتأثيرهم) وإن لم يستجيبوا لدعوتهم.
فكلام الشيخ عن مطلق التأثير، والله أعلم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 08:30]ـ
اظن ان الشيخ رحمه الله تعالى يقصد انها ستؤثر فيهم حتى ان لم يتبعوك , وكثير من الكفرة كانوا يعلمون ان الحق مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يؤمنوا به
جزاكم الله خيرا
هذا ما فهمته أيضا من كلام الشيخ رحمه الله
يقصد مطلق التأثير
ـ[أبوزكرياالمهاجر]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 09:13]ـ
اظن ان الشيخ رحمه الله تعالى يقصد انها ستؤثر فيهم حتى ان لم يتبعوك , وكثير من الكفرة كانوا يعلمون ان الحق مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يؤمنوا به
جزاكم الله خيرا
أرى هذا الذى استظهرته بعيدا
لأن الشيخ قال:له فلابد أن يؤثر، حتى لو رد أمامك فلابد أن يؤثر، وفي قصة موسى عليه السلام عبرة للدعاة إلى الله،
وقال بعد ذلك: فتأمل كيف أثرت هذه الكلمات من موسى عليه السلام بهؤلاء السحرة، فلابد لكلمة الحق أن تؤثر، لكن قد تؤثر فوراً وقد تتأخر
أراد بذلك إسلامهم والله أعلم
ـ[قلب طيب]ــــــــ[18 - Oct-2009, مساء 04:32]ـ
جزيتم خيرا جميعا(/)
مشروعية طواف التطوع والرد على من أنكره للأخ أبي عبد الله الجزائري
ـ[عبد الرحيم السني]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 05:52]ـ
مشروعية طواف التطوع والرد على من أنكره للأخ أبي عبد الله الجزائري
هذا بحث قيم للأخ الفاضل أبي عبد الله بلال الجزائري بعنوان "مشروعية طواف التطوع والرد على من أنكره"
وهو رد على ما كتبه فوزي بن عبد الله الحميدي البحريني حيث أنكر مشروعية التطوع بالطواف
تقديم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: مقدمة كتاب مشروعية طواف التطوع التاريخ 24/ 11/1428هـ الرقم 565ت /11/ 28
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أما بعد:
فقد قرأت البحث الموسوم: مشروعية طواف التطوع، والرد على من أنكره. جمع وترتيب: أبي عبد الله بلال بن محمود الجزائري، فألفيته بحثا مفيدا في بابه، أثبت فيه مشروعية طواف التطوع، ورد على من أنكره، وبين المؤلف في بحثه أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف تطوعا قبل الهجرة، وأنه صلى الله عليه وسلم طاف في فتح مكة، وأنه طاف في أيام منى في حجة الوداع، وهي رواية عن الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم يزور البيت كل يوم من أيام منى، وهذا الحديث فيه نظر: وهو تطوعه في أيام منى، والأقرب أنه لا يصح كما قال ابن القيم رحمه الله. ومن نظر إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم عموما تبين له أنه لم يتطوع، لا لأنه لا يجوز التطوع، بل لأن هذه الأيام مختصة بالمناسك لأنها في وقت الزحام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التخفيف على أمته، ولو تطوع عليه الصلاة والسلام لنقله العلماء ولنقله المحققون. وذكر المؤلف أحاديث نبوية في فضل الطواف، وذكر آثارا عن الصحابة والتابعين، وبعض السلف ممن ذكروا بكثرة الطواف، وذكر مسائل فقهية تتعلق بالطواف ذكرها الفقهاء في كتبهم، وذكر مسائل تتعلق ببيت الله العتيق، وردّ على الكاتب المنكر لمشروعية طواف التطوع قوله: إن القول بمشروعية طواف التطوع قاله بعض العلماء اجتهادا منه.
وبالجملة فالبحث مفيد في بابه، ويتخلله بحوث علمية مفيدة، ونقول لأهل العلم جليلة، فجزى الله الباحث أبا عبد الله الجزائري خيرا، وأجزل له المثوبة، وجعلنا وإياه من أنصار دينه وحماة شريعته، وثبتنا على الحق، وتوفنا على الإسلام غير مغيرين ولا مبدلين إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه:
عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
حمل الملف من هنا
http://www.salafiduroos.net/tawaf.rar
ملاحظة مهمة جدا: لقراءة البحث بشكل سليم يجب تحميل الخط العثماني من هذا الرابط:
http://ahl-athar.net/download.php?id=1228(/)
هذا هو البيان لمن أراد.
ـ[الشّك العلمي]ــــــــ[26 - May-2008, مساء 09:35]ـ
النّووي، أبو عمرو بن الصلاح، الغزالي، شيخه إمام الحرمين رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة.
قال الإمام النّووي كتابه آداب الفتوى والمفتي والمستفتي في حديثه عن آداب المفتي:
"الثامنة عشرة: قال الشيخ أبو عمرو -رحمه الله -: ليس له إذا استفتي في شيء من المسائل الكلامية أن يفتي بالتفصيل، بل يمنع مستفتيه وسائر العامة من الخوض في ذلك أو في شيء منه وإن قلَّ، ويأمرهم بأن يقتصروا فيها على الإيمان جملة من غير تفصيل، ويقولوا فيها وفي كل ما ورد من آيات الصفات وأخبارها المتشابهة: إن الثابت فيها في نفس الأمر ما هو اللائق فيها بجلال الله - تبارك وتعالى -، وكماله وتقديسه المطلق، فيقول معتقدنا فيها، وليس علينا تفصيله وتعيينه، وليس البحث عنه من شأننا، بل نكل علم تفصيله إلى الله - تبارك وتعالى - ونصرف عن الخوض فيه قلوبنا وألسنتنا، فهذا ونحوه هو الصواب من أئمة الفتوى في ذلك، وهو سبيل سلف الأمة، وأئمة المذاهب المعتبرة، وأكابر العلماء والصالحين وهو أصون وأسلم للعامة وأشباههم ..........
قال: والمتكلمون من أصحابنا معترفون بصحة هذه الطريقة، وبأنها أسلم لمن سلمت له، وكان الغزالي منهم في آخر أمره شديد المبالغة في الدعاء إليها والبرهنة عليها، وذكر شيخه إمام الحرمين في كتابه الغياثي أن الإمام يحرص ما أمكنه على جمع الخلق على سلوك سبيل السلف في ذلك.
واستفتي الغزالي في كلام الله - تبارك وتعالى - فكان من جوابه: وأما الخوض في أن كلامه تعالى حرف وصوت أو ليس كذلك فهو بدعة، ........
وفي رسالة له] أي للغزاليّ [: الصواب للخلق كلهم إلا الشاذ النادر، الذي لا تسمح الأعصار إلا بواحد منهم أو اثنين، سلوك مسلك السلف في الإيمان المرسل، والتصديق المجمل، بكل ما أنزله الله تعالى، وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير بحث وتفتيش، والاشتغال بالتقوى ففيه شغل شاغل. ......
مساهمة متواضعة: بارك الله فيكم.
ـ[ابو القعقاع]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 11:54]ـ
هذا التفصيل مجمل وهومايعرف بالتفويض والمفوضة هم الذين يثبتون علم الصفات ويفوضون معانيها أماالسلف فلم يكونوا يفوضون في علم المعنى ولا كانوا يقرؤن كلاما لايفهمون معناه بل كانوا يفهمون معاني النصوص من الكتاب والسنة ويثبتونها لله عزوجل ثم يفوضون ماوراء ذلك من كنه الصفات أو كيفيتها كما قال الأمام مالك حين سئل عن معنى الرحمن على العرش استوى قال الأستواء معلوم ((اي معنا)) والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة فهذا القول الذي نقلته يحتاج الى بيان وجزاك الله خيرا(/)
حكم التوسعة الجديدة للمسعى للشيخ مشهور حسن آل سلمان
ـ[أبو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[27 - May-2008, صباحاً 10:14]ـ
حكم التوسعة الجديدة للمسعى
مقال لفضيلة الشيخ "أبو عبيدة" مشهور بن حسن آل سلمان
حفظه الله تعالى ورعاه
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
أما بعد:
علماء الأمة تحدثوا عن حكم السعي في المسعى الجديد، والمتتبع لما ينشر على الشبكة العالمية "الإنترنت"، يجد أن هناك أحاديث ومقالات وآراء ودراسات في المسألة وأنّ هناك بعض الأقوال المتعارضة، والذي فهمته أنّ في نية المسؤولين فتح المسعى الجديد الذي هو امتداد للمسعى القديم وجزء منه، وجعله للسعي بين الصفا والمروة، وجعل السعي القديم سعي من المروة للصفا، وبذا يكون المسعى قد تضاعف مرتين.
الناظر -ولا سيما فيمن منّ الله عز وجل عليه بالحج في السنوات الأخيرة- يجد ما للزحام الشديد قبل توسعة مرمى الجمار في منى من أثر بالغ في لحوق المشقة بالحجيج والتي أدّت -في بعض المواسم- إلى موت العشرات منهم، وما ذكرنا في شأن الرمي نراه ينطبق تماماً على مسألة السعي بين الصفا والمروة.
قد كان لهذه المشقة أثر واعتبار في نظر العلماء في توسيع المطاف نتيجة للزحام البالغ في طوافي الإفاضة والوداع، فما دامت الصفوف قد اتصلت في داخل صحن الكعبة والناس يطوفون فحاله حال المسجد، والتوسعات التي جرت في الحرمين الشريفين ابتداءً من عهد عمر فعثمان -رضي الله عنهما- فابن الزبير –رضي الله عنه-، ثم أحدث المهدي سنة 160هـ توسعته الأولى في الحرم، ثم في سنة 164هـ أحدث توسعة أخرى، وكانت التوسعة الثانية للمهدي، وأخذ جزءً من الرحبة من المكان الممتد الذي كان من جهة غرب المسعى وأدخله في المسعى، والأئمة ممن ألّفوا في تاريخ مكة كالفاكهي والأزرقي وغيرهما تكلموا كثيراً حتى إن القطبي في كتابه "الإعلام" ذكر إشكالات في موضوع السعي، تشبه تماماً الإشكالات الحاصلة في هذا الوقت.
وقد وردت أسئلة كثيرة من بلدان العالم من "المملكة المتحدة" و "أمستردام" وأماكن أخرى حول حكم السعي في المسعى الجديد فأجبت بما مفاده:
مسألة توسعة المسعى مسألة حاول سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -شيح المشايخ وشيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله- أن يضبط عرض المسعى في جهود مشكورة في الجزء الخامس من كتابه "الفتاوى" ودرس موضوع المسعى دراسة جيدة –أثابه الله-، وكان ذلك إبّان التوسعة السعودية الثانية في المسعى والتي كانت أكبر توسعة في التاريخ، والتي استمرت قرابة عشرين عاماً، ووجد في حينها أنّ المسعى يقبل الامتداد من جهة الشرق، وكانت هناك دور ومنازل على المسعى، والكلام عن المسعى وتوسعته طويل وكثير ولو صرنا نستعرض الكلام بالتفصيل لنصل إلى تأصيل وتقعيد في المسألة لاحتجنا إلى وقت طويل، ولكن للقضاء على الخلاف البسيط أرى أنه لا بُدَّ من دراسة هذا الموضوع في المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء، فهذه مسألة كبيرة تحتاج لاجتهاد جماعي ورأي جماعي بعد دراسة المسعى والتطورات والتغييرات التاريخية، وبعد هذه السلسلة الطويلة والكثيرة من الدراسات والأبحاث الجديدة التي لا شك أنها أضافت شيئاً يستحق معه إعادة النظر في دراسة الموضوع مجدداً، أرى أنه لا مانع من أن نذكر رأينا ونحاول أن نلملم أطراف المسألة بقدر المستطاع، أقول: سبب الخلاف في المسألة منذ أن كانت التوسعة؛ هو هل المكان الذي يسعى فيه الناس مكان مقصور محدود أم أنه ممدود؟ وهل عرض المسعى المذكور في كتب تاريخ مكة -مثل كتاب الأزرقي والفاكهي وغيرهما، وقد ذرعوه بخمسة وثلاثين ونصف ذراع- هو المكان المعدّ للسعي، أم أنّ هذا الإخبار عن الأمر الواقع فحسب، والمكان الذي يجزء السعي فيه أوسع من ذلك وأنّ السعي ما دام واقعاً بين جبلي الصفا والمروة فهو صحيح ومجزء، وإن هُجر السعي فيه فترة من الزمن، لعدم احتياج الناس لذلك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أرسل الشيخ العلامة السّعدي –رحمه الله- لشيخنا في الإجازة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل مراسلات في مسائل كثيرة ومنها توسعة المسعى بتاريخ 21 ذي الحجة سنة 1375هـ ومما جاء في الرسالة قول الشيخ السعدي لتلميذه: "وكذلك المسعى منهم من قال إنّ عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل مكان بين الصفا والمروة فهو داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة وكما هو ظاهر فعل النبي وأصحابه ومن بعده ومنهم من قال: يقتصر فيه على الموجود لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة أي في عرضه، قال: هذا هو قول أكثر الحاضرين".
وصدرت فتوى عن هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت أنّ المسعى قد حدّ في عرض محدود ولا تجوز الزيادة عليه، ولذا رأوا أنّ توسعة المسعى تكون من خلال بناء دور ثان علوي بدلاً من مدِّ المسعى من جهة الشرق.
والفتوى قد صدرت باسم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم وكان المفتي العام آنذاك.
يقول الشيخ السعدي: "ويظهر من حال الشيخ محمد بن إبراهيم أنه يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش ولا الاعتراض على أحد".
ثم ظفرت برسالة خطية بقلم العلامة المحقق ذهبي أهل العصر الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- والرسالة ليست مطولة ولم يمد فيها النفس –كعادته- ولكن ذكر فيها جواز توسعة المسعى ورأى أن العبرة بالسعي لا بالمكان.
ولسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رسالة في جواز تنحية المقام عن مكانه من أجل التوسعة على الطائفين، وقد سبق لما أن ذكرنا أن الصفوف ما دامت أنها موصولة وأنّ الطواف يقع في بيت الله الحرام فمهما زِيْد فالزيادة لها حكم الأصل، وما قارب الشيء أعطي حكمه، كما هو معلوم من كتب أهل العلم، وقد نقل في رسالته كلاماً جيداً للرملي المسمى بالشافعي الصغير في "نهاية المحتاج" وهو قوله:
"لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإنّ الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة"
ثم ظفرت بحواشي عبدالحميد الشرواني ويقول فيها ما معناه "إن ضبط العلماء للمسعى إنما هو ضبط تقريبي ولا حاجة لضبط عرض المسعى".
والسعي طولاً من حيث نقطة البدء والانتهاء في كل شوط مع المرور من بطن الوادي هو الذي فعله النبي، والفقهاء ينصون في كتبهم على وجوب استيعاب المسافة بين الصفا والمروة (1)، وأن البدء بالصفا والانتهاء بالمروة في كل مرة هو شوط، ثم العودة من المروة إلى الصفا هو شوط ثان، والواجب السعي سبعة أشواط دون النظر إلى عرض المسعى ذلك أنّ الصفا جبل والمروة جبل والعبرة أن يقع السعي بينهما، فإذا كانت التوسعة الجديدة ضمن عرض المسعى فلا ينبغي التردد في الجواز ألبتة، وعرض المسعى اليوم عشرون متراً والجبال -كما هو معلوم- من حيث العرض أوسع من عشرين متراً، ذلك أنّ أصل السعي كما في "صحيح البخاري" برقم (3364) من حديث ابن عباس في قصة إبراهيم مع أم إسماعيل والقصة طويلة وأنه تركها وابنها بقرب بيت الله الحرام وفي آخر القصة "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي وضعه بجانبها حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو يموت، فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف ذراعها ثم سعت أي ركضت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة -الجبل الذي يقابل الصفا- فقامت عليه فنظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس قال النبي: "فذلك سعي الناس بينهما" أي فعل أم إسماعيل الذي فعلته.
ولا يمكن تحديد المسار الذي سارت فيه أم إسماعيل على الجبل بل لا يمكن أن نحدد المسار الذي سار فيه النبي على الجبل، ويمكن أن نقول أنّ ما سكت عنه الشرع فهو في دائرة العفو، والنبي حدد الأمر بطرفيه طولاً وسكت عن العرض الذي بين الأمرين، وبتغيير معالم الجبلين ووجود الحواجز وبناء الجدار الذي يحد المكان في العصور المتأخرة وتحديد المقاييس في المكان الذي أصبح يؤدى فيه السعي آنذاك، وتحديده بالأذرع أو بالأمتار أو بالأصابع تولدت المشكلة ووقع الخلاف، هل هذا المكان الذي يسعى فيه هو المكان الذي يحدد ولا يقبل الزيادة عليه أم أنّ
(يُتْبَعُ)
(/)
الأمر على أصله في سعة، يقول الشرواني في "حواشيه على تحفة المحتاج" (الجزء الرابع ص98)، ونص كلامه: " ولك أن تقول الظاهر أن التقدير بعرضه بخمسة وثلاثين على التقريب إذ لا نص فيه يحفظ من السنة".
نعم، الواجب السعي في المكان الذي بين جبلي الصفا والمروة، العبرة بأصل المسعى آنذاك كما هو معلوم، فإن تعارف الناس على مكان محدد خاص في المسعى فهذا لا يلغي أن يكون ما تبقى من الصفا أو ما تبقى من المروة من شعيرة المسعى، فقد هجر الآن تحول الساعي في المسافة المعدة في الشق المخصص للتحول من الصفا إلى المروة، وكذلك في الشق المخصص للتحول من المروة إلى الصفا، فلو أنّ حاجاً أو معتمراً اقتصر في سعيه على شق واحد من المسعى لأجزأ ذلك، من غير خلاف إذ علّق الشرع الحكم بالسعي على ما بين الجبلين، فلا يدل عدم فعل السعي في المكان الذي هو من شعيرة المسعى على عدم الإجزاء إن هجر الفعل فيه، المهم أن لا يكونا قد خرجا عن كونهما من المسعى، فإذا كان المسجد -أعني المطاف- قد وسع فيه وسوغ العلماء الزيادة فيه وكذلك مسجد النبي حتى عمر رضي الله عنه لما وسع المسجد كان يقول: "لو مد مسجد النبي إلى ذي الحليفة لكان منه".
وقرر شيخ الإسلام في "الرد على الأخنائي" (ص 135) أن حكم الزيادة التي تمد في المسجد النبوي وكذا في المسجد الحرام يضعَّف فيها الأجر وليس الأجر المضعَّف الركعة بمائة ألف أو بألف ليس فقط في الصلاة التي كانت تصلى في المكان الذي صلى فيه النبي فقط، فالمسعى مع ضيقه منذ القدم من باب أولى، وقد ذكرت في نصوص كثيرة وشهيرة ولا سيما في كتب الرحلات، وقد تتبعت -فيما أزعم ذلك- تتبعاً حسناً وتبيّن لي أنّ المسعى قديماً كان يتسع للمقدار المضاف اليوم للمسعى القديم وزيادة، ذلك أنه كان باقي المسعى – الذي هجر فعل السعي فيه آنذاك - سوقاً يجلس فيه الباعة وشكا غير واحد قديماً وحديثاً أنهم كانوا يشوشون على الساعين.
فمثلاً ابن بطوطة في رحلته "تحفة النظار في غرائب الأمصار" في (الجزء الأول ص 380 - 381 من الطبعة المغربية) لما حدّ المسعى وتكلم عليه قال: "وبين الصفا والمروة مسيل فيه سوق عظيمة تباع فيها الحبوب، واللحم، والتمر، والسمن، وسواها من الفواكه، والساعون بين الصفا والمروة يكادون يغطسون من زحام الناس على حوانيت الباعة، وليس بمكة سوق منتظمة سوى هذه،-أي هذه السوق- إلا البزازون والعطارون عند باب بني شيبة".
ووجدت في كتاب "الأيام المبرورة في البقاع المقدسة" (ص72) لمحمد لطفي جمعة، -وكانت رحلته في شتاء سنة 1359هـ الموافق 1940م- قوله: "خرجنا من باب الصفا غير مصدقين أننا نغادر الكعبة حتى لضرورة السعي بين الصفا والمروة، ولكنه فراق مؤقت لم يكن منه بد، وكنا ما زلنا في وقت لا يتبين فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود -يعني في وقت السحر-، وما كان أعظم دهشتي عندما وجدت المسعى شارعا مبلطاً بالحجر الأزرق الغليظ الذي بين مربعاته الضخمة فوارق وعلى جانبه دكاكين ومتاجر ومنه تتفرع حارات وشوارع".
هذا المسعى قديماً، وبُني الجدار في عصور المتأخرين، لا نقول إنّ المسعى فقط هذا المكان جبلان عرض الواحد عشرون متراً، فالجبل أوسع من ذلك كما سيأتينا في كلام ابن جرير الطبري.
ويقول عبدالوهاب عزام في كتاب "الرحلات" (ص363) –وكان قد ذهب للحج سنة 1937م- معبراً عن مشاهداته للمسعى: "ثم يرجو كل مسلم أن يصلح المسعى بين الصفا والمروة، فيفصل عن السوق والطريق، ويجعل على شاكلة تشعر الساعي أنه في عبادة ينبغي أن تفرغ لها نفسه ويتم لها توجهه، وما أحوج الحرمين في مكة والمدينة إلى أن تزحزح عنهما الأبنية المجاورة ويدور بهما محيط واسع يظلله شجر ... "إلخ.
والذي يقرأ كتب رحلات الحج في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين الميلادي يجد عجباً يقول غير واحد: كنا نشاهد بعض الملوك يسعون بالسيارة بين الصفا والمروة وقطعاً هذا معناه أن المسعى عرضاً أوسع من المسعى الموجود اليوم.
وقد وجدت في بعض الكتب أن جملاً دفن في المسعى، بل في ترجمة الإمام النسائي قيل أنه دفن بين الصفا والمروة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الكلام في تغيير المسعى -كما ذكرت- كثير، وقد أحدث في بعض العصور إشكالات فقد ذكر الأزرقي في كتابه "وكان المسعى في بطن المسجد الحرام اليوم" يعني في توسعة المهدي سنة 164هـ، أدخل شيئاً من المسعى في بطن المسجد يعني أخذ من أطرافه من جهة الغرب، لأنّ المسعى كان في تلك الفترة فيه سعة، وفيه دور، والدار التي كانت بمسامة الميل الأخضر الأول الذي يسعى إليه كانت دار العباس عم النبي وآل هاشم وكانت رباعهم من تلك الجهة.
ووجدت في بعض الآثار عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 345 – ط الرشد) أو (8/ 331 – ط القبلة) عن مجاهد: أن المسعى قد انتقص منه، ومعنى انتقص منه أنهم كانوا يسعون ولا يستوعبون جميع المسافة آنذاك؛ أعني: من حيث العرض، فدار العباس كانت في المسعى، ودار الأرقم كانت فيه أيضاً، واشتراها أبو جعفر المنصور، وكانت دار الأرقم هي أول دار يجمع النبي الناس فيها للإسلام سراً في السنوات الثلاث الأول، وكانت قريبة من المسعى، ويقول يحيى بن عمران بن الأرقم –وهو من ذرية الأرقم بن أبي الأرقم- كما في "طبقات ابن سعد": "إني لأعلم اليوم الذي وقعت –أي الدار- في نفس أبي جعفر المنصور، اشتراها وجعلها لأم ولديه الخَيْزُران".
يقول يحيى: "إنه –أي أبا جعفر المنصور- وهذا خبر جاء عرضاً، -والأخبار التي تأتي عرضاً في كتب السيرة والتاريخ لها مصداقية وغالباً لا تقبل التزوير ولا التزييف- يقول يحيى بن عمران: وكانت داره في الصفا –إذ كان الصفا جبلاً وكان فيه دور- يقول: إني لأعلم اليوم الذي وقعت فيه –أي الدار- في نفس أبي جعفر إنه ليسعى بين الصفا والمروة في حجةٍ حجّها ونحن على ظهر الدار في فسطاس فيَمُر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوة لو كانت عليه لأخذتها –يعني أن الدار بجانب المسعى- ولو أردت أن أمسك رأسه لفعلت، -وهذا دلالة على أن المسعى كان فيه حارات وشوارع، والمسعى جبل واسع- وإنه لينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلى الصفا .. " إلخ كلامه.
فمن تلك الفترة وقعت الدار في نفس أبي جعفر المنصور فاشتراها.
يقول ابن جرير في تفسير قوله تعالى: (إن الصفا والمروة) [البقرة: 158] إن الصفا حجر أملس، وإن المروة جمع مروة والمروة الحجر الصغير يقول في (الجزء الثاني ص709 – ط هجر) وإنما عنى الله تعالى ذكره (الصفا والمروة) [البقرة: 158] في هذا الموضع الجبلين المسمين الذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، فالأحكام إذاً معلقة بالجبل، والجبل غالباً تكون مساحته واسعة قال ولذلك دخل فيهما الألف واللام ليعلم عباده أنه عني بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين دون سائر الأصفاء والمرو، والشاهد أن الشرع علق السعي بالجبلين فمتى وقع السعي بين مسمى الجبلين أجزأ، ومنهم من اشترط أن تكون الطريق في السعي طريقاً معهودة موصولة يكون فيها الحجيج.
والخلاصة أنّ الكلام على المسعى طويل وكثير، وقد قمت بدراسةٍ وحققت فيها رسالة الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- وعلقت عليها كثيراً، وقد مدّ القلم وأرخيت له العنان، وذكرت ما يمكن أن يرجِّح القول بالجواز متابعاً إياه في ذلك، وأشرت إلى المخالفين، وتبقى المسألة فيها خلاف، والقضاء على البلبلة لا يمكن أن يقع إلا من خلال كلمة تصدر من هيئة معتبرة عند أهل العلم تجتمع فيها الآراء وتقطع فيها جهيزة كل خطيب، لأن هذه المسألة خطيرة ومهمة ولها أثر على ركن من أركان الإسلام وهو الحج، وأسأل الله عز وجل أن يوفق علماء المسلمين لأن تجتمع كلمتهم في هذا الباب وغيره، وسأعمل قريباً إن شاء الله على نشر رسالة المعلمي اليماني -رحمه الله- بضميمة تعليقاتي عليها، أسأل الله عز وجل أن يجعل فيها غنية أو بلاغاً من عيش، والله تعالى أعلم وأحكم.
والخلاصة أنه لا حرج في السعي في المسعى الجديد، وأن المسعى الجديد هو في زيادة يشملها المسعى لأن النبي سعى في مكان واحد وهذا المكان لا نعرفه، وهاجر –كما قال ابن عباس في البخاري- سعت في مكان معين فلو كان لا يجزئ هذا السعي إلا فيه، لحجرنا واسعاً، وضيقنا على الناس بما لا طائل تحته، ولا فائدة منه، إذ لا أثر ولا مستند عليه وله.
(يُتْبَعُ)
(/)
والعبرة أن يكون السعي بين الصفا والمروة، وقضت سنة سبحانه أن لا يحدد الرواة مكان سير رسول الله، ولا مكان سير هاجر، وألهم نبيّه محمداً أن يسعى ماشياً أحياناً وراكباً أحياناً، ليعلم أمته أن العبرة ليست في تتبع آثار الأقدام، ولا في الخط الذي سارت فيه، بل في سعيه راكباً دليل على عدم اشتراط مس الأقدام للمسعى، وأنه لو وضع عليه ردم فانتفخ، أو قطع الجبل، وأزيل ارتفاعه، وسعي في أصل أرضه لجاز، بل في سعيه راكبا إشارة –والله أعلم- إلى جواز السعي في الأدوار العلوية، فتأمل!
ويستفاد من ذلك أيضاً صحة السعي مع تغير تضاريس الجبلين الصفا والمروة وبوجود الردم والهدم مع مرور الزمن كما حصل في التوسعة السعودية قبل الأخيرة التي وقعت سنة 1375هـ بدأوا يحفرون وينزلون في أرض المسعى حتى وجدوا الأدراج، والذي يقرأ كتب الفقهاء في الحج يجد أنه يجب عليه أن يصعد على الدرج والآن ليس هناك درج، وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج والأدراج الأولى دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة، ويقول صاحب "التاريخ القويم" -الكردي-: "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين" والجبل قمة وقاعدة الجبل أوسع من رأس الجبل، فإذا سعينا على رأس الجبل نسعى في مكان ضيق، فإذا قطعنا رأسه وسعينا في قاعدته اتسع المكان ثم السعي.
فالعبرة بالسعي أن يكون بين جبل الصفا وجبل المروة ويبعد واقعاً وعقلاً أن يكون الجبل ممتداً فقط عشرين متراً، واليوم عرض المسعى بالضبط عشرون متراً، ولو كان كذلك، فيبعد أن يكون الجبلان (الصفا) و (المروة) يقابل بعضهما بعضاً بمسافة واحدة، لا يخرج هذا عن حدِّ هذا في العرض، ولو كانا كذلك لما ترك العلماء التنصيص على ذلك، وقد ذكر غير واحد أن المروة بإزاء الصفا بمعنى أن عرض كل منهما ليس بمتساوٍ تماماً، وهذا يدل دلالة واضحةً أن حال المسعى اليوم من حيث العرض من جراء الحفريات، فاقتطع من الجبلين مسافة تسامت الأخرى، وأن عرض كل منهما ممتد، على ما شهد به مجموعة من الثقات، ممن شاهد، وبعضهم –كأصحاب كتب الرحلات إلى الديار المقدسة- أقر ذلك، وهم جماعة كبيرة تباينت أمصارهم، وتغايرت أعصارهم، ويستحيل تواطؤهم على الكذب، والموقع الذي فيه المسعى الجديد من ضمن المسافة الممتدة من جهة الشرق، يظهر هذا جليّاً لكل من تابع الشهادات والمشاهدات، سواء المرقومة منها أو المسموعة، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وقد نصوا أيضاً على وجوب الصعود على الدرج في حين أن الآن ليس هناك درج وقبل فترة قصيرة كانت هناك أدراج، والأدراج الأولى قد دفنت ثم بنوا أدراجاً جديدة وقد وجدت الأدراج عند بدء الحفر في التوسعة السعودية قبل الأخيرة والتي كانت في عام 1375هـ، وأفاد الكردي في كتابه: "التاريخ القويم": "المسافة التي كانت بين الأدراج التي رأيناها بعد الحفر قرابة المترين"، يريد أن المسعى ارتفع بأسباب الردم الذي تعاقب عليه، ومن المعلوم أن قاعدة الجبل أعرض من رأسه.
http://www.mashhoor.net/
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[28 - May-2008, صباحاً 02:43]ـ
جزاه الله خيرا ونفعنا واياه بما علمنا
ـ[أبو عثمان السلفي]ــــــــ[28 - May-2008, مساء 01:41]ـ
ولفضيلة الشيخ مشهور حسن -حفظه الله- كتاب تحت التنضيد في هذه النازلة.
ـ[أبو عبد الرحمن الجزائري]ــــــــ[05 - Jul-2008, مساء 12:54]ـ
بانتظار هذا الكتاب
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[16 - Jul-2008, صباحاً 09:52]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله لقد أخرج الشيخ حفظه الله الكتاب و هو بعنوان:
رسالة في توسعة المسعى بين الصفا والمروة - للشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
وبذيلها - السعي الحميد في مشروعية المسعى الجديد - تأليف الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان
معلومات الكتاب في موقع الشيخ: http://www.mashhoor.net
ـ[أبو عبيدة محمد السلفي]ــــــــ[16 - Jul-2008, صباحاً 10:03]ـ
للفائدة:
مقال عن حكم توسعة المسعى (مجلة الدعوة)
للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله
http://www.mashhoor.net/inside/articles/books/mas3a.htm
ـ[أبو عثمان السلفي]ــــــــ[27 - Jul-2008, مساء 06:25]ـ
يُشاع في بعض المنتديات أن فضيلة الشيخ البحاثة مشهور حسن -حفظه الله- قد تراجع عن بحثه حول نازلة (المسعى)، وهذا غير صحيح؛ بل طُبع لفضيلته كتاب مستقل ... ، وقدم له أصحاب الفضيلة المشايخ:
أ. د. باسم بن فيصل الجوابرة.
علي بن حسن الحلبي.
محمد بن موسى آل نصر.
حسين بن عودة العوايشة.(/)
الفرق بين الكفل والنصيب .. فائدة لطيفة ..
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[27 - May-2008, صباحاً 10:31]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ولمّا كان هذا القرءان العظيم معجزة باقية؛ صار من الصعب الإحاطة بجميع أسراره العظيمة، وآياته البليغة، وإن المؤمن ليعتصره الأسى؛ إذا يرى أمته أعرضت عن كتاب ربها، وما الإقبال على القرآن بالقراءة والهذ كهذ الشعر، فكل يحسنُ هذا، ولكن أين من يقف عند آياته ويتدبر كلماته؟!
ولذلك قال ابن كثير رحمه الله في آية الفرقان " وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا"، قال: "وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه ".
وكان قد أشكل عليّ قبل مدة الجمع بين آية النساء: " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها ... "، وبين آية الحديد " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ... "، فإن العطف والاقتران يفيد التغاير كما هو معلوم، وقد فرق سبحانه وتعالى بينهما في آية النساء، واستخدم لفظ الكفل مكان النصيب في الحديد ..
وقد كنتُ وقفت على ذلك قبل مدة قريبة من العام، ونسيتُ ذلك، ولمّا استشكلت علي يسر الله لي الاطلاع عليها مرة أخرى ..
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - بعد أن ساق كلامًا عن الشفاعة " فإن لفظ الكفل يُشعر بالحمل والثقل، ولفظ النصيب يُشعر بالحظ الذي ينصبُ طالبه في تحصيله، وإن كان كلٌ منهما يستعمل في الأمرين عند الانفراد، ولكن لمّا قرن بينهما؛ حسن اختصاص حظ الخير بالنصيب، وحظ الشر بالكفل". روضة المحبين (430).
وسأورد في قابل الأيام- بإذن الله - ما وقفتُ عليه من توجيهات ابن القيم الرائعة، وهي توقظ القلب، وتشعل الإحساس بالآيات عن قراءتها، ومن ذلك تفريقه بين الجنات المذكورة في سورة الرحمن، مقارنته بينهما، وتفريقه بين المشرق والمغرب، وبين المشرقين والمغربين، وبين المشارق والمغارب.
والله أعلى وأعلم، ورد العلم إليه أسلم.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 02:29]ـ
شكرا لك.و بارك الله فيك
ورحم الله الامام ابن القيم -
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 02:42]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة
ـ[حمد]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 05:30]ـ
جزاك الله خيراً، وهذه إضافة:
سؤال 227: ما الفرق بين النصيب والكِفل؟
في قوله تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ?85? النساء) عندما نرجع إلى معجمات اللغة نجد أن كلمتي نصيب وكفل يكادان يكونان بمعنى واحد بل عندما يفسرون النصيب يقولون الحظ أي الجزء ولما يأتون إلى الكفل يقولون الحظ أو النصيب أي يفسرون الكفل بالنصيب. فعندما نأتي إلى اللسان: "والنصيب الحظ من كل شيء- الحظ يعني الجزء من كل شيء- والكفل النصيب ويرجع ويقول الكفل الحظ"،وهو قال النصيب الحظ. لكن يبقى هناك فارق جزئي بسيط بين الكلمتين فعندما ننظر في كلمة نصيب نجد أن النون والصاد والباء من نصب الشيء يعني جعله شاخصاً نصبه ومنه الأنصاب وما ذبح على النصب هذه الحجارة الكبيرة الظاهرة الشاخصة فعندما يقول نصيب كأنه شيء شاخص ظاهر.
الكفل أصله في اللغة هو الثوب الذي يدار ويجعل على شكل حلقة ويوضع على سنام البعير لأن السنام لا يمكن أن يجلس عليه فيديرون ثوباً يضعونه على السنام حتى يجلس عليه الراكب أو يضعه خلف السنام فيستقر ويجلس عليه هذا أصل كلمة الكفل ولذلك هو يمثل تغطية جزء من ظهر البعير فقالوا هو كالنصيب لأنه يغطي جزءاً منه الصورة عندما يقول هذا جزء وهذا جزء. صورة الجزئية مع النصيب صورة ظاهرة بارزة وصورة الجزئية مع الكفل صورة مختفية مخفية مجلوس عليه لذلك نجد أن كلمة النصيب تستعمل في الخير وفي الشر: له نصيب من الخير وله نصيب من الشر بحسب السياق. كلمة الكفل استعملها في الشفاعة السيئة لأن هذا النصيب هو لا يريد أن يبرزه، أن يظهره، كأنه يخجل منه، يستحي منه فما استعمل النصيب هذا البارز لأن مع السيئة سيئة يريد أن يتستر لكن له منها برغم تستره لأن عامل السيئة لا يعملها جهاراً نهاراً
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا إذا كان سفيهاً والعياذ بالله وكان المجتمع يرخص له بذلك والعياذ بالله. فانظر إلى اختلاف الصورتين في اللغة واستعمل القرآن الكريم هذا الأمر أيضاً فكان ممكن أن يقول في غير القرآن (من يشفع شفاعة حسنة يكن له كفل منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) يكررها في غير القرآن أو (ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له نصيب منها) لكن كأنما أريد لقارئ القرآن أن يتذوق وأن يتحسس هذا الفارق بين الصورتين المتخيلتين: صورة النصيب البارز الشاخص وصورة الكفل المستور لهذا لما استعمل القرآن الكريم كلمة الكفل في الخير ضاعفها فقال (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ (28) الحديد) اثنان حتى يظهر ولم يقل نصيب لأن النصيب واحد وهو يريد أن يكثره وأن يضاعفه ثم هو تشجيع لهم فالآية نزلت في النصارى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ (28) الحديد) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) أي الذين آمنوا بعيسى عليه السلام (اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ) أي بمحمد صلى الله عليه وسلم (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) فعندما استعمله للخير ضاعفه هذا شيء.
شيء آخر لو نظرنا إلى كلمة نصيب وكفل من حيث أحرف اللغة: الأصوات نون – صاد - باء، النون حرف متوسط بين الشدة والرخاوة يقابله اللام بين الشدة والرخاوة لكن نجد النون في نصيب أعلى بشيء وهو الغُنّة. هذا الحرف الذي هو النون كاللام فهذا فيه حرف متوسط وهذا فيه حرف متوسط لكن النون فيه زيادة على اللام هذه الغُنّة التي يقال عنها أنها صوت محبب يخرج من الخيشوم ففيه ميزة. عندما نأتي للصاد والفاء كلاهما مهموس فالصاد مهموس والفاء مهموس الصاد رخو والفاء رخو فكأنهما بمنزل واحد ثم يرتقي الصاد لأن فيه إطباقاً والفاء مستتر. فإذن صار عندنا النون واللام مجهوران متوسطان لكن النون فيه غنة، الصاد والفاء مهموسان رخوان لكن الصاد يعلو في ما فيه من إطباق، الباء والكاف كلاهما شديد انفجاري لكن يعلو الباء في أنه معه اهتزاز الوترين مجهور فالباء شديد مجهور والكاف شديد مهموس فمجموع أحرف نصيب أبرز من مجموع أحرف كفل فواءمت العربية هنا اللغة. لكن القرآن استفاد من اللغة ووضع هذا هنا وهذا هنا في مكانه نحن- مع نظرنا حقيقة في علو لغة القرآن- نريد أن نؤكد في الوقت نفسه سمو هذه العربية التي اختارها الله عز وجل لغة لكتابه فليأتونا بمثل هذا في لغة أخرى. آلاف الألفاظ من هذه الطريقة لما نوازن بين الأصوات والاختيارات فليأتوا بعشرة ألفاظ لفظ من هنا ولفظ من هنا فيه مثل هذه الميزة. نقول هذا حتى لا ينكفئ على نفسه متكلم العربية حتى يعلم أن لغته لغة سامية ومن أجل ذلك جاء بها كتاب الله عز وجل.
لاحظ نصيب وكفل المعنى يكاد يكون متقارباً وفي العربية ليس هنالك ترادف إلا في بعض حتى بعض الأسماء. المفردات في الاسم ممكن أن يكون هذا الاسم في هذه القبيلة له هيئة مخالفة للهيئة فقضية المدية والسكين ممكن أن تكون المدى المستعملة عند غِفار لها هيئة معينة غير هيئة السكاكين عند غيره فهذه كانت مدية وهذه سكين قد يصح هذا لكن كم عندنا مما اجتمع من اللهجات من هذه المخالفة؟ قليل لكن اللغة العامة ولغة القرآن ليس فيها ترادف ولا كلمة تصح مكان كلمة ومثال هذا النصيب: الحظ من الشيء، والكفل: الحظ من الشيء ولكن لماذا مع الحسنة استعمل نصيب ومع السيئة استعمل كفل إذا كانا بمعنى واحد؟ والمعاجم تفسر بعض الكلمات ببعض على التساهل لأنه يؤدي هذا المعنى هو لا ينظر إلى تلك الدقة فهو عندما يقول له كفل من هذا الشيء أي له حظ منه جزء منه، له نصيب من هذا فله جزء، فالدلالة واحدة فالذي يشفع شفاعة حسنة له شيء من هذه الحسنة والذي يشفع شفاعة سيئة له شيء من هذه السيئة هذا المعنى العام. ولكن عندما تأتي إلى اختيار الألفاظ تجد أنه اختيرت كلمة نصيب هنا لهذا واختيرت كلمة كفل هنا لهذا. سيئة الإنسان يتستر فيها فاختير له اللفظ الذي يدل على الجزء مما هو مستور مخفي منخفض، والحسنة لأن الإنسان يظهرها ثم هي تضاعف وتنمو بخلاف السيئة الثابتة المستقرة فهذه المضاعفة والنمو تجعلها شاخصة الحسنة وفيها تشجيع ظهور فهذا معنى نصيب ومعنى كفل.
http://64.233.183.104/search?q=cache:jdEEY8ktTAAJ:ww w.islamiyyat.com/lamasat-questions11.htm+%22%D8%A7%D9%8 4%D8%AE%D9%8A%D8%B4%D9%88%D9%8 5+%D9%81%D9%81%D9%8A%D9%87%22&hl=ar&ct=clnk&cd=2&gl=sa
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[28 - May-2008, مساء 08:00]ـ
شكرا لك.و بارك الله فيك
ورحم الله الامام ابن القيم -
أهلاً بك شيخنا الفاضل ..
حياك الله.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[02 - Jun-2008, مساء 02:26]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة
وإياك جزى الله أبا فاطمة، أحسن الله إليك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[04 - Jun-2008, مساء 01:22]ـ
أخي الفاضل حمد؛ شكر الله لك إضافتك ..
بورك فيك.
ـ[حمد]ــــــــ[27 - Oct-2008, مساء 04:33]ـ
وهذه إضافة:
جواب الدكتور فاضل السامرائي:
من معاني (الكِفل) في اللغة: النصيب المساوي، المثل. والكفيل يضمن بقدر ما كفل ليس أكثر00 أما (النصيب) فمطلق غير محدد بشيء معين0
لذلك قال الله عز وجل عن السيئة (يكن له كفل منها)؛ لأن السيئة تجازى بقدرها " من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها " غافر:40
أما الحَسَنة فتضاعف كما قال تعالى:" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " الأنعام: 160. وقال عز وجل:" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا " القصص: 84
فقال عن حامل السيئة أن له الكفل. أي: المثل، أما صاحب الشفاعة الحسنة فله نصيب منها0 والنصيب لا تشترط فيه المماثلة0 وهذا من عظيم فضل الله عز وجل.
وورد في الحديث الشريف أنه عليه الصلاة والسلام قال فيما يرويه عن ربه: إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك: فمن هَمّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة".
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=4108&highlight=%DF%DD%E1%ED%E4(/)
ما الذي يريده الله؟!!
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 10:20]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما يحب أن يحمد , والشكر له كما ينبغي له أن يشكر , والصلاة والسلام على من كان لربه عبدا شكورا , وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ... أما بعد:
فيقال إن السمك لا يمكن أن يعيش خارج الماء! فهل هذا صحيح؟!
لا تستغرب السؤال؛ فهناك سؤال آخر وهو: هل صحيح أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في الماء؟!!
بما أن الإجابة على السؤالين كانت: بنعم؛ فما السبب في ذلك؟!!
السبب أنها لم تخلق لتعيش في هذه البيئة!
وإن أصرت على أن تعيش فيها! ما مصيرها؟!
بكل تأكيد تخسر حياتها!
وأنت كذلك لم تخلق إلا لعبادة ربك؛ فهل يعي بعض من ألهاهم التكاثر في الدنيا والسعي خلف حطامها , وتحطيم ما بقي في نفوسهم من شعائر الدين , أنهم لم يخلقوا لهذا!
إن الله يقول (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) فلم يأمرك بتركها بل أمرك بعمارتها وعدم نسيان نصيبك منها , لكن لا تؤثر الدنيا على الآخرة فما للدنيا خُلقت إنما بها ابتليت , وهي مزرعة الآخرة فأي عقل تحمله إن أتى موسم الحصاد ولم تزرع في أرضك شيئا!
لاشك أنك حينها الخاسر الأكبر!
** نقطة نظام **
ثبت في الحديث الصحيح كما عند البخاري في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وفيه (أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة، فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة)
فهل يدرك رواة الأخبار وطلاب الإشاعات وكُتَّاب المنتديات وعملاء أشرطة القنوات .. عظم النقل من دون بيّنة!
اللهم سلّم سلّم ..
** جزء من مقال **
كنت تسير في قاربٍ في البحر , مستمتعا بنقاوة الهواء ونسيم البحر! ويقطع استمتاعك صراخا تسمعه , فتتجه نحو الصراخ فإذا هو صراخ رجل في قارب آخر قاربَ هذا القارِب على الغرق , والنزول في أعماق البحر!
فذهبت مسرعا لتحضر أدوات النجاة لكي تنقذه , وحين أحضرتها وأردت أن ترميها عليها , قال لك الغريق: ابتعد عني!؟
فتسأله ما السبب؟!
فيقول: أنت تريد أن تغرقني وتقتلني , أتيت بهذه الحبال لكي تقيدني بها فأغرق!
فتقول له: يا أخي هذه الحبال أريدك أن تُمسك بها حتى لا تغرق مع قاربك فتموت!
فيقول لك: كلا , لا أريد مساعدتك ابتعد عني!!!
ماذا ستقول عنه حينها؟!!
إنَّ حال من ضاق بأوامر الله ذرعا كحال هذا الرجل الذي حين أتيته لتنقذه قال لك: ابتعد!
ثمة نفوس أُشْرِبت الهوى , وبلغ مرضها مبلغه , فأصبحت تنفر من الدين , وتكرر: كل شيء إسلام .. إسلام .. دين .. دين .. !
وكأن الالتزام بالشريعة والعمل بها يعد خطرا أو نذير شر سيحصل!
كنت أقرأ يوما في سورة النساء , فإذا بي أمر على آية استوقفتني كثيرا , وما أكثر الآيات التي تستوقف الإنسان , لكن قلوبنا ليست بتلك الحياة التي تستطيع من خلالها الوقوف وفهم المعنى عند كل آية!
وليس المراد بحياة القلب أن تصبح مفسرا فتفهم المعنى والمراد! كلا , إنما المراد أن يظهر تأثير ما تقرأ في نفسك وإلا فالمعاني منها ما هو ظاهر ومنها ما يحتاج إلى بحث وسؤال.
أعود إلى تلك الآية الكريمة يقول الله تعالى (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا * يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا).
الله أكبر جل جلال ربي وتقدس , كم في هذه الآية من رحمات منها:
أن رحمته مقدمة على عقابه , بل هي أحب إليه لذا أرادها سبحانه.
ومنها: رحمة النصح والبيان وذلك عند التحذير من إتباع الشهوات , وبيان حال الإنسان وأنه ضعيف , وأنه سبحانه أعلم بما يصلحه!
يقول الله تعالى (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) فلم يقل [يعذبكم] بل قال (يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) ومعلوم أن التوبة تَجُبُّ ما قبلها , بل تبدل السيئة حسنة!
(وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا) في هذه الآية ذم لأمرين وهما:
1) إتباع الشهوات. 2) طاعة أتباع الشهوات.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالله جل جلاله يريد لنا التوبة وهؤلاء ماذا يريدون؟!
يقول تعالى (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)
الميل هو الانحراف , وليس فقط الميل؛ لأن الميل قد يكون من الإنسان بسبب جهله وظلمه , فهل ما يريده هؤلاء فقط الميل؟
الجواب: كلا؛ إنما الميل العظيم , أي الانحراف الشديد!
وهذا لا يكون إلا بطمس هوية الدين والالتزام به , وليس في هذا مبالغة , لأن الواصف والمخبر هو أحكم الحاكمين وأعدلهم, وحسبك بالعظيم إذا وصف شيئا بالعظمة!
هذا الميل العظيم لو حصل؛ ما الذي سينتج عنه؟!
سينتج عنه الشقاء والعناء و الخسار والضلال؛ لذا قال الله بعدها (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ)
يريد من رحمته بنا أن يخفف عنا في الدنيا من الهموم والغموم , وضيق الصدور وكآبة النفوس , ومن نكد وكدر العيش ونحو تلك العلل التي أخبر الله عنها بقوله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا).
ويريد أن يخفف عنا في الآخرة , يوم أن نُوقف على الصراط , ويؤتى بالميزان , فلا نهلك بسبب حملنا للسيئات الناتجة عن هذا الإتباع , وأن يكون العذاب قليلا وسريع الزوال , فالإنسان لا يستطيع تحمل هذه الأشياء؛ لذا قال بعدها (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) ضعيف في تفكيره , وضعيف في عبادته لربه , وفي تحمله وصبره!
فالله تعالى هو خالق الإنسان وهو الذي يدبره, ويصرف أمره , ويعلم ما يضره وما ينفعه , كما قال الله (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
فيا للعجب! مذنب أراد ربه أن يتوب عليه! فأبى!!
وضعيف أراد القوي أن يخفف عنه! فأبى!!
إنه بحق كما أخبر الحق: ظلوما جهولا.
فإياك أن تكون من هذا الصنف فتخسر؛ وإياك أن تكون ممن يريد بالناس الميل العظيم فتهلك فقد قال الله عنهم (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
فإذا كان الله يريد أن يتوب عليك وأن يخفف عنك , فاعلم أن تسويفك للتوبة هو من إتباع من يريد بك الميل العظيم والحمل الثقيل! فاختر أي طريق تسلك , وأي حمل تحمل!
** طيور مهاجرة >>
عندما يبلغ الطفل عامه الأول وسنته الأولى غالبا ما يكون قد تعلَّم الوقوف فينظر في نفسه عندما يقف!!
وكذلك الإنسان لابد أن يقف وينظر في نفسه وفيما قدم من أعمال! ووالله إن في حياة الأطفال خصوصا في أول ثلاث سنين من عمره أعظم العبر للإنسان!
في هذا اليوم أكملت المدونة عامها الأول .. اسأل الله أن يكون ما مضى حجة لي لا علي والله يشملنا بعفوه ولطفه!
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
** نقطة عبور **
تَجُبُّ: تمحو وتزيل.(/)
3 تقارير موجزة تتعلق بالتنصير
ـ[العزة]ــــــــ[27 - May-2008, مساء 11:39]ـ
هذه 3 تقارير تتعلق بالتنصير
الأول بعنوان:
وسيلة التعليم في التنصير
الثاني بعنوان:
وسائل التنصير
الثالث بعنوان:
تقرير عن كتاب مسألة في الكنائس
وهذا الرابط راجياً من الله أن تستفيدوا:
اضغط هنا ( http://www.joreyat.org/file/56cwpzq1kqok)
:)
ـ[العزة]ــــــــ[29 - May-2008, مساء 05:35]ـ
فوق
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[29 - May-2008, مساء 05:39]ـ
جزاك الله خيرا
ولو كان موضوعك في مجلس القضايا الفكرية لانتبه إليه من يهتم بمثل هذه الموضوعات كـ جلال القصاص ووابن الشاطئ.
وترى ما طلع لنا شيء من الرابط!!
وفقك الله
ـ[أسماء]ــــــــ[29 - May-2008, مساء 06:30]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكور أخ العزة على هذا النقل
لكن الرابط لا يعمل
ـ[العزة]ــــــــ[30 - May-2008, صباحاً 02:28]ـ
بخصوص الرابط
فإنه يعمل 100 %
فقط انتظر إذا فتحت الصفحة قرابة الـ 15 ثانية
ثم سيظهر زر، قم بالضغط عليه ثم سينقلك لصفحة جديدة فيها رابط مباشر للتقارير
شكراً لكم
ـ[العزة]ــــــــ[01 - Jun-2008, مساء 05:29]ـ
فوق
ـ[أسماء]ــــــــ[01 - Jun-2008, مساء 05:56]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
http://www.joreyat.org/file/56cwpzq1kqok
ـ[العزة]ــــــــ[07 - Jun-2008, مساء 01:39]ـ
حياكم الله
ـ[العزة]ــــــــ[08 - Jun-2008, مساء 11:21]ـ
فوق(/)
من الاخطاء الشائعة والخطيرة سب اسرائيل؟؟؟؟
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[28 - May-2008, صباحاً 06:02]ـ
من الاخطاء الشائعة والخطيرة حتى عند بعض طلبة العلم
سب اسرائيل او لعن اسرائيل ..
واسرائيل هو اسم نبي الله يعقوب عليه السلام
ومن سبهم هويقصد بذلك اليهود اودولتهم ولكنه اخطا في العبارة وعليه ان يقول بدلا من ذلك قاتل الله اليهود او اخزاهم اوغير ذلك
ـ[ابن الشاطيء الحقيقي]ــــــــ[28 - May-2008, صباحاً 07:28]ـ
اذكر ان هناك فتوي لشيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي عن سب دين اليهود والنصاري
وان كان الساب يقصد سب الانبياء ودين اتلانبياء ام يسب ماهم عليه من الانحراف
وحتي لااكون ناقلا بالمعني فالرجاء لمن عنده وقت ان يحضرها لنا فهي نافعة ان شاء الله في هذا السياق
لان سب اسرائيل باعتبار ان الساب لايرد علي ذهنه هذا المعني شيء اخر غير سب النبي عليه السلام
وعموما لست بمفتي ولكن ابحث عن المعني من وراء السب!
وجزاكم الله خيرا علي تفتيح الاذهان وحماية الاعراض العظيمة والنبوة الجليلة
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[28 - May-2008, صباحاً 07:37]ـ
جزاك الله خيرا
وأذكر أنه مرّ علي في المرحلة المتوسطة في مادة النصوص إن لم اكن واهمة أن معنى إسرائيل: عبد الله.
ولا أدري عن صحة هذا الكلام.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[29 - May-2008, مساء 05:40]ـ
شكرا لكما.و. بارك الله فيكما
هذا الكلام يشبه ماذكرته في مقال سابق ماخوذ من كلام الامام ابن تيمية رحمه الله
بعنوان
هل من يسب قاضيا اومفتيا يسب الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟؟
--------------------------------------------------------------------------------
بعض الجهال يسب القضاة والمفتين اذا قضوا عليه او افتوه بماثبت في الكتاب والسنة
وهذا الامر خطيرغلى اعتقادهم
قال الامام ابن تيمية رحمه الله في اثناء شرحه لحديث سب الدهر
/وهذا كرجل قضي عليه قاض بحق أو أفتاه مُفْتٍ بحق، فجعل يقول: لعن الله من قضى بهذا أو أفتى بهذا، ويكون ذلك من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم وفتياه فيقع السب عليه، وإن كان الساب ـ لجهله ـ أضاف الأمر إلى المبلغ في الحقيقة، والمبلغ له فعل من التبليغ،
يخلاف الزمان فإن الله يقلبه ويصرفه
...(/)
نعمة النوم وأقسامه
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[28 - May-2008, صباحاً 07:55]ـ
نعمة النوم وأقسامه.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " [آل عمران:102]. "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " [النساء:1]. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " [الأحزاب:70 - 71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد؛ أيها الإخوة والأخوات في الله.فإن نعم الله علينا كثيرة لا تحصى. "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا " [إبراهيم:34] ومن بين هذه النعم نعمة النوم قال الله تعالى." وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ "سورة الروم {23} "
ويقول جل في علاه. " وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا " سورة الفرقان {47} "
ويقول سبحانه." وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ".سورة النبأ {10} "
ومن هذا ندرك أن النوم آية من آيات الله سبحانه ليستيقن الإنسان قدرة الله،ويعرف نعمة ربه، ورحمته. قال سبحانه."وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [القصص:73].
والنوم ينقسم إلى تسعة أقسام:
1ـ نوم طبيعي:
هو النوم بعد صلاة العشاء مباشرة، وقبلها مكروه لما روى أبو برزة أن النبي عليه السلام كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها. متفق عليه. أما لضرورة كمذاكرة علم أو محادثة ضيف أو مؤانسة أهل، فجائز.
2ـ نوم الخرق:
هو الذي ينام بعد صلاة الفجر سمي بذلك لأنه يخرق العادة ففي " صحيح مسلم من حديث سماك بن حرب قال. (قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، كثيراً، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح - أو الغداة - حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام؛ وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم. وأيضا فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يبارك لأمته في بكورها، كما في حديث صخر الغامدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (اللهم بارك لأمتي في بكورها) قال. وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم في أول النهار، وكان صخراً رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته أول النهار، فأثرى وأصاب مالاً. خرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد فيه جهالة، وجاء ما يشهد له من حديث علي وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم جميعاً -
3ـ نوم الخلق:
نوم خلق النبي صلى الله عليه وسلم وهو وقت القيلولة،قال النبي صلى الله وسلم: "قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل ". رواه الطبراني في الأوسط و أبو نعيم في الطب عن أنس تصحيح السيوطي: حسن، كما حسنه الألباني (صحيح الجامع الصغير 4431.
قال الجوهري: هي النوم في الظهيرة.
4ـ نوم الحمق:
هو الذي ينام بعد صلاة العصر. وينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم. " من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه " فهو حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر: " السلسة الضعيفة، رقم: 39.
قال الشيخ الألباني:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال مروان [بن محمد الأسدي]: قلت للَّيث بن سعد - ورأيتُه نام بعد العصر في شهر رمضان -: يا أبا الحارث! مالكَ تنام بعد العصر وقد حدَّثنا ابن لهيعة ... - فذكره -؟ قال الليث: لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل!.
قلت: ولقد أعجبني جواب الليث هذا، فإنه يدلُّ على فقهٍ وعلم، ولا عجب، فهو مِن أئمَّة المسلمين والفقهاء المعروفين، وإني لأَعلمُ أنَّ كثيراً مِن المشايخ اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر، ولو كانوا بحاجة إليه، فإذا قيل له: الحديث فيه: ضعيف، أجابك على الفور: " يُعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "! فتأمَّل الفرق بين فقه السلف وعِلم الخلف!.
" السلسلة الضعيفة " (الحديث رقم 39.
أقول والمجرب أن البعض إذا نام بعد صلاة العصر يصاب بالخبل الوقتي.
5ـ النومة الجهنمية:
هو الذي ينام على بطنه عن أبي أمامه رضي الله عنه قال " مر النبي صلى الله عليه و سلم على رجل نائم في المسجد منبطح على وجهه فضربه برجله و قال: قم واقعد فإنها نومة جهنمية ' رواه بن ماجة.
وعن أبى هريرة قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل مضطجع على بطنه فغمزه برجله وقال "ان هذه ضجعة لا يحبها الله"صحيح ابن حبان وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: اسناده حسن.
6ـ نوم البراءة من الذمة:
هو الذي ينام على ظهر بيت ليس له جدار لحديث ابي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. «مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بيْتٍ لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَارٌ فقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ».
7ـ نوم النهي:
هوالذي ينام وحده فعن ابن عمر: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن نوم الوَحْدَة، أن يبيت الرجل وحدَه، أو يسافر وحدَه. أخرجه أحمد.
8ـ نوم غوائل الشهوة:
هو الذي ينام مع غيره من غير الزوجة في لحاف واحد لحديث. «مُرُوا أَوْلاَدَكُم بالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْع سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ». رواه أبو داود في سننه. أما الزوجة فهو أمر شرعي وطبيعي لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ يَضْطَجِعُ مَعِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبُ. " رواه مسلم.
آداب قبل النوم.
1 - إطفاء السرج،وما يقوم مقامها، وإغلاق الأبواب وتغطية أواني الأطعمة والأشربة.
لحديث جابر رضي الله عنه." «أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: أطفِئوا المصابيحَ إذا رَقَدْتم، وغَلِّقوا الأبواب، وأوْكوا الأسقيةَ وخَمِّروا الطعامَ والشراب ـ وأحسِبُه قال ـ ولو بعُودٍ تَعرُضهُ عليه». رواه البخاري. وفي بعض الروايات زيادة (واذكروا اسم الله).
2 - نفض فراش النوم قبل النوم.
لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ "
3ـ النوم على وضوء.
لقول الرسول عليه الصلاة والسلام للبراء بن عازب رضي الله عنه " ِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ "
4ـ الذكر قبل النوم:
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " البخاري.
وغيرذلك من الأدعية الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل النوم، وبعد الاستيقاظ.
هذا وإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[28 - May-2008, مساء 02:07]ـ
جزاك الله خيرا
ولا يصح في المباركة في البكور حديث مرفوع
والحديث الذي فيه النهي عن النوم وحده معلول حيث ان المحفوظ ما رواه (سفيان بن عُيَيْنَة، ومحمد بن عُبيد، ووكيع، وهاشم، والهيثم بن جميل، وأبو الوليد، وأبو نُعيم، وبشر بن المفضل، ويحيى بن عباد) عن عاصم بن محمد عن ابيه عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:قَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ اخرجه البخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[29 - May-2008, مساء 05:06]ـ
بارك الله فيك اخي الكريم(/)
كلام. لشيخ الأسلام في سجدتين بعد الوتر ..
ـ[أبو عبيد]ــــــــ[28 - May-2008, صباحاً 10:53]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وأما الصلاة الزحافة وقولهم من لم يواظب عليها فليس من أهل السنة ومرادهم الركعتان بعد الوتر جالسا فقد أجمع المسلمون على أن هذه ليست واجبة وان تركها طول عمره وان لم يفعلها ولا مرة واحدة فى عمره لا يكون بذلك من أهل البدع ولا ممن يستحق الذم والعقاب ولا يهجر ولا يوسم بميسم مذموم أصلا بل لو ترك الرجل ما همو أثبت منها كتطويل قيام الليل كما كان النبى يطوله وكقيام احدى عشرة ركعة كما كان النبى يفعل ذلك ونحو ذلك لم يكن بذلك خارجا عن السنة ولا مبتدعا ولا مستحقا للذم مع اتفاق المسلمين على أن قيام الليل احدى عشرة ركعة طويلة كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعل أفضل من أن يدع ذلك ويصلى بعد الوتر ركعتين وهو جالس
فان الذى ثبت فى صحيح مسلم عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى من الليل احدى عشرة ركعة وهو جالس ثم صار يصلى تسعا يجلس عقيب الثامنة والتاسعة ولا يسلم الا عقيب
التاسعة ثم يصلى بعدها ركعتين وهو جالس ثم صار يوتر بسبع وبخمس فاذا أوتر بخمس لم يجلس الا عقيب الخامسة ثم يصلى بعدها ركعتين وهو جالس واذا أوتر بسبع فقد روى أنه لم يكن يجلس الا عقيب السابعة وروى أنه كان يجلس عقيب السادسة والسابعة ثم يصلى ركعتين بعد الوتر وهو جالس وهذا الحديث الصحيح دليل على أنه لم يكن يداوم عليها فكيف يقال ان من لم يداوم عليها فليس من أهل السنة
والعلماء متنازعون فيها هل تشرع أم لا فقال كثير من العلماء انها لا تشرع بحال لقوله اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ومن هؤلاء من تاول الركعتين اللتين روى أنه كان يصليهما بعد الوتر على ركعتى الفجر لكن الأحاديث صحيحة صريحة بأنه كان يصلى بعد الوتر ركعتين وهو جالس غير ركعتى الفجر وروى فى بعض الألفاظ أن كان يصلى سجدتين بعد الوتر فظن بعض الشيوخ أن المراد سجدتان مجردتان فكانوا يسجدون بعد الوتر سجدتين مجردتين وهذه بدعة لم يستحبها أحد من علماء المسلمين بل ولا فعلها أحد من السلف وانما غرهم لفظ السجدتين والمراد بالسجدتين الركعتان كما قال ابن عمر حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعدها وسجدتين بعد المغرب وسجدتين بعد العشاء
وسجدتين قبل الفجر أى ركعتين ولعل بعض الناس يقول هاتان الركعتان اللتان كان النبى يصليهما بعد الوتر جالسا نسبتها الى وتر الليل نسبة ركعتى المغرب الى وتر النهار فان النبى قال المغرب وتر النهار فأوتروا صلاة الليل رواه أحمد فى المسند
فاذا كانت المغرب وتر النهار فقد كان النبى يصلى بعد المغرب ركعتين ولم يخرج المغرب بذلك على أن يكون وترا لأن تلك الركعتين هما تكميل الفرض وجبر لما يحصل منه من سهو ونقص كما جاءت السنن عن النبى أنه قال إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها الا نصفها الا ثلثها الا ربعها الا خمسها حتى قال الا عشرها فشرعت السنن جبرا لنقص الفرائض فالركعتان بعد المغرب لما كانتا جبرا للفرض لم يخرجها عن كونها وترا كما لو سجد سجدتى السهو فكذلك وتر الليل جبره النبى بركعتين بعده ولهذا كان يجبره اذا أوتر بتسع أو سبع أو خمس لنقص عدده عن احدى عشرة فهنا نقص العدد نقص ظاهر
وان كان يصليهما اذا أوتر باحدى عشرة كان هناك جبرا لصفة
الصلاة وان كان يصليهما جالسا لأن وتر الليل دون وتر النهار فينقص عنه فى الصفة وهى مرتبة بين سجدتى السهو وبين الركعتين الكاملتين فيكون الجبر على ثلاث درجات جبر للسهو سجدتان لكن ذاك نقص فى قدر الصلاة ظاهر فهو واجب متصل بالصلاة وأما الركعتان المستقلتان فهما جبر لمعناها الباطل فلهذا كانت صلاته تامة كما فى السنن ان اول ما يحاسب عليه العبد من عمله الصلاة فان أكملها والا قيل أنظروا هل له من تطوع ثم يصنع بسائر أعماله كذلك
والله أعلم
من مجموع الفتاوى شيخ الأسلام بن تيمية
ـ[محمود الغزي]ــــــــ[29 - May-2008, مساء 03:37]ـ
بوركت
كلام بديع من إمام رفيع ...... لله دره .......(/)
صيد الخرائط. . نافذة إلى معرفة ما للنحل والملل من المذاهب والمشارب
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 12:42]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
اللهم لا إله إلا أنت. . إيك نعبد وإياك نستعين،
اهدنا الصراط المستقيم. . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 12:43]ـ
آمين
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 01:14]ـ
..................
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 01:21]ـ
قمة الصادقين
قال ربنا جل في علاه:
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا # لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ}
وقال تعالى:
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا # وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا # رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا # لَّكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}
وقال تعالى:
{كهيعص # ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا # إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا # قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} إلى قوله: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا # وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا # وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا # وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}، ثم قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا # فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا # قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا # قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا} إلى قوله: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا # قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا # وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا # وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا # وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا # ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} إلى قوله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا # إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا # يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} إلى قوله: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا # وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}، ثم قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا # وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا # وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا}، ثم قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا # وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}، ثم قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا # وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}. قال تبارك وتعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}.
وقال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ # ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
وقال تبارك وتعالى:
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ # وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[29 - May-2008, صباحاً 02:30]ـ
قمة التائهين
قال تبارك وتعالى في قصة آدم عليه السلام وسجود الملائكة له:
{إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ # قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ # قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ # قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ # وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}. وقال تعالى في موضع آخر: {# إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ # وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ # لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ}
وقال تعالى:
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ # وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ # فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ # وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ # وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ}
وقال تعالى:
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ # وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ # مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ # فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ # وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ # قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ # تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ # إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ # وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ}،
إلى قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ # إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} إلى قوله: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} إلى قوله: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} إلى قوله: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ # إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ # وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}،
ثم قال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ # إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ} إلى قوله: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ # وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ # وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ # فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} إلى قوله: {قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ # إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ # وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ # فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ # وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}
ثم قال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ # إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ} إلى قوله: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ # فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ # وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ # وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ # فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} إلى قوله: قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ # مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ # قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ # وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ # فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ # فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ # وَإِنَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}،
ثم قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ # إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ} إلى قوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ # وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ # قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ # قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ # رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ # فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ # إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ # ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ # وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ # إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ # وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}،
ثم قال تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ # إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ} إلى قوله: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ # وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ # وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ # وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ # قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ # وَمَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ # فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ # قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ # فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ # إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ # وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}،
قال تبارك وتعالى: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ # لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ # فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ # فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ # أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ # أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ # ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ # مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ # وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ}
وقال تبارك وتعالى:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ # فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ # وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} إلى قوله: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ} إلى قوله: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ # أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} إلى قوله: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ # فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ # وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ # وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}. قال تبارك وتعالى: {
(يُتْبَعُ)
(/)