خامساً: القائمون على التنصير هم أشخاص منحرفون وبلا أي أخلاق ويستخدمون وسائل لاأخلاقية في الوصول لأهدافهم. فنجلاء الإمام تحكي عن منصّر متهم بإغتصاب فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً ويقوم بإبتزاز المتنصرات بتسجيلات فيديو – طبعاً نفهم ما هو محتواها ويُظهر ذلك نوعية وأخلاق المتنصرات – ويقوم بحرق سيارته بنفسه لإيهام الشرطة بأنه مضطهد حتى يحصل على المال. هذا بجانب إستيلائه على أموال يجمعها لصالح المتنصرين. وهذه الأخلاق ليست بغريبة على المنصّرين الذين تملأ فضائحهم العالم.
سادساً: المال والحاجة هما العنصر الأساسي الذي يعتمد عليه المنصّرون في جذب من يحاولون تنصيره لأن النصرانية ببساطة لا يمكن أن تقنع أحد. فنجلاء الإمام تقول أن أحدهم وعدها بفتح حساب لها بمليون دولار وهي نفس الوعود التي يُمنّي بها أي منصّر من يقوم بتنصيره.
سابعاً: القائمون على جمعيات حقوق الإنسان والمحامون الذين يدّعون أنهم يدافعون عن المتنصرين لا يدافعون عنهم إلا للحصول على الدعم المالي من المنظمات والهيئات الدولية والأفراد. وأن كل منهم يرغب في الظهور الإعلامي كحامى حمى الحريات حتى يزيد تدفق الأموال له ولذلك لا يخلو يوم من ظهور أحدهم على الفضائيات.
هذا وقد بدأ المنصرون والنصارى في قلب الطاولة على نجلاء الإمام ووصفوها بأقذع الألفاظ والإتهامات وقد نرى في الأيام القادمة المزيد من تبادل الإتهامات فيما بينها وبين الذين إحتفوا بها وجعلوها بطلة خاصة وأن الحوار مع جريدة “صوت الأمة” مسجل ولا تستطيع إنكاره ورد فعل المنصّرين هو أكبر دليل على صحة ما جاء فيه من فضائح. هذا وقد تكشف الأيام القادمة المزيد من الفضائح التي يكشفها كل طرف عن الطرف الآخر…
وهكذا ظهرت لنا حقيقة جميع الأطراف: المنصّرين والمتنصرين والكنيسة القبطية والتي إنكشفت عندما إختلف المجرمون. ولا يهمنا نوع هذا الخلاف ولكن ما يهمنا هو كشف حقيقة مافيا التنصير وما يجري فيها وأن الله قد فضحهم لأنه عز وجل هو القائل في قرآنه المجيد:
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)}
صورة حوار نجلاء الإمام مع جريدة صوت الأمة
http://www.moq3.com/up/upfiles/FQa93222.jpg
منقول من موقع الإسلام والعالم جزى الله القائمين عليه خير الجزاء
http://www.islamegy.com/articles/naglaa-al_imam-evangelism-scandals/(/)
تأييد جديد للاختلاط! من مسئول في مؤسسة دينية
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[10 - Dec-2009, صباحاً 07:23]ـ
http://www.alarabiya.net/files/gfx/img/alarabiya.gif الأربعاء 22 ذو الحجة 1430هـ - 09 ديسمبر 2009مبيوت مانعيه مليئة بالخدم من النساء والرجال الغرباء
رئيس هيئة الأمر بالمعروف بمكة: الاختلاط مشروع وأدلته صريحة
جدة - العربية. نت
قال الدكتور الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، إن مصطلح الاختلاط الذي أثار الجدل بعد تدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" لم يُعرف عند المتقدمين من أهل العلم؛ لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه، بل كان الاختلاط أمراً طبيعياً في حياة الأمة ومجتمعاتها. واعتبر أن الممانعين له يعيشونه واقعاً في بيوتهم، التي تمتلئ بالخدم من النساء اللواتي يقدمن الخدمة فيها وهي مليئة بالرجال الغرباء، وهذا من التناقض المذموم شرعاً". وعدّ الغامدي "الاختلاط" مصطلحاً طارئاً غير معروف بذلك المعنى عند المتقدمين في مباحث الفقه. وأكمل قائلاً: لذلك كان الخلط في حكمه أكثر جناية حين قال بتحريمه قلة لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه، وهو قدوتنا في امتثال التشريع في كل شؤون الحياة المختلفة، والحق أنه لم يكن الاختلاط من منهيات التشريع مطلقاً بل كان واقعاً في حياة الصحابة. وأضاف في حديث لصحيفة "عكاظ" السعودية الأربعاء 9 - 12 - 2009 أن استعمال الفقهاء لعبارة الاختلاط لا يعدو استخدامهم لمفردات المعجم العربي مثل: أخذ، وأعطى. ولذلك لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم، كمصطلح: "الخلوة، والنكاح، والطلاق، والرجعة" كما عليه بقية مصطلحات أهل العلم مثل: البيع، والربا، والسلم، والعرايا، وغيرها، وكالمصطلحات المعاصرة التي يمكن قبولها وإدخالها في المعجم الفقهي ضمن نوازله مثل: "التأمين، المرابحة، السندات، بدل الخلو، الحق المعنوي إلخ ... "، لكن بعض المتأخرين لما بالغ في موضوع اختلاط النساء بالرجال وصار اللفظ المعاصر ينصرف إليه بإطلاق، تولد ذلك المصطلح الدخيل المتأخر، فغالط به من لم يميز أو من أراد التلبيس، ومثل ذلك لو بالغ الناس في التحذير من جلوس النساء والرجال ولو كان لمصلحة أو عادة، ولا خلوة ولا ريبة فيه، فتولد من كثرة دوران ذلك اللفظ تحذيراً وزجراً مصطلح: "القعود"، كما تولد مصطلح: "الاختلاط" مثلاً بمثل، ولهذا خطورته متى ألصق بعلوم الشريعة، وفيه مد سلبي على تراثنا الفقهي متى أعطي مزية المصطلحات، فإن ذلك يعني إعطاءه هوية غير معهودة عند أهل العلم والفقه، قد يلتبس بذلك الحق بتقادم الزمن عليه كما حصل الآن في مصطلح الاختلاط. ومضى قائلاً: "لذلك لما ذكرت بعض الموسوعات الفقهية المعاصرة الاختلاط في قاموس ألفاظها، لم تستطع أن تشير إلى أن من معانيه اختلاط النساء بالرجال، بل ذهبت إلى معانٍ أخرى: في الزكاة، والحيوان، والسوائل، وألمحت إلى معناه في مصطلح الحديث.
حتى المانعون للاختلاط
وعن المانعين للاختلاط قال الدكتور الغامدي: وهكذا الحال في كثير من شؤون حياتنا اليومية، وفي واقع بيوت الكثير من المسلمين ــ ومنهم المانعون للاختلاط ــ تجدها مليئة بالخدم من النساء يقدمن الخدمة فيها وهي مليئة بالرجال الأجانب عنهن، وفي مظهر قد يكون من أشد مظاهر الاختلاط في حياتنا اليومية لا يمكن إنكاره. إن من يحرمون الاختلاط يعيشون فيه واقعاً، وهذا من التناقض المذموم شرعاً، ويجب على كل مسلم منصف عاقل لزوم أحكام الشرع دون زيادة أو نقص، فلا يجعل من حماسته وغيرته مبرراً للتعقيب على أحكام الشرع، وقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك على سعد بن عبادة -رضي الله عنه- حين قال: "والله لأضربنه بالسيف غير مصفح"، في شأن من وجد مع امرأته رجلاً آخر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: "أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأغير من سعد، والله أغير منا، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، قال الحافظ ابن عبدالبر: "يريد والله أعلم أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله وأن لا
(يُتْبَعُ)
(/)
يتعدى حدوده فالله ورسوله أغير". فكيف يزايد البعض على المشرع الحكيم، وقد زعم أنه آمن بالله مسلماً بحكمه.
مؤكداً: "لقد ارتفع ضجيج المانعين، وعلت أصواتهم في قضية "الاختلاط" مع أن الحجة مع من أجازه بأدلة صريحة صحيحة، فضلاً عن استصحاب البراءة الأصلية، وليس مع المانعين دليل إلا ضعيف الإسناد، أو صحيح دلالته عليهم لا لهم".
بالأدلة والنصوص
وأشار الدكتور الغامدي إلى أهمية سياق الأدلة الصحيحة الصريحة، وسياق ما احتج به المانعون؛ ليبصر الحق كل منصف دون تعسف أو شطط. عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرجت سودة لحاجتها ليلاً بعدما ضرب عليهن الحجاب، قالت: وكانت امرأة تفرع النساء، جسيمة، فوافقها عمر فأبصرها، فناداها: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، إذا خرجت فانظري كيف تخرجين، أو كيف تصنعين؟ فانكفت، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه ليتعشى، فأخبرته بما قال لها عمر، وإن في يده لعرقاً، فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق لفي يده، فقال: "لقد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن".
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى.
وعن سهل بن سعد قال: لما عرس أبوأسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاماً ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه "باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس"، قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه.
قلت: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطتهم.
وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه ما في الحديث السابق، وقد بوّب عليه البخاري في صحيحه "باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال"، يعني به جواز ذلك، وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه.
وعن عائشة أنها قالت: "لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبوبكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى "كيف تجدك" أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟
قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد".
قلت: أخرجه البخاري، وبوب عليه بقوله "باب عيادة النساء للرجال" قال: وعادت أم الدرداء رجلا من أهل المسجد من الأنصار. قلت: وهذا واضح أيضا في وقوع الاختلاط في عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعظم الناس تقوى وفهما لأحكام التشريع.
وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش ... الحديث".
قلت: أخرجه البخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين".
قلت: أخرجه البخاري، والجويريات تصغير جارية، وهي الفتية من النساء، والحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف.
وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: "لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم ... الحديث".
قلت: أخرجه مسلم، وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط.
وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد. قلت: أخرجه أحمد وأبوداود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.
ويشهد لذلك ما رواه ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً). قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط عموما، وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام.
وفي رواية بلفظ: (أنه ــ أي ابن عمر ــ أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم، الرجال والنساء من إناء واحد، كلهم يتطهر منه).
قلت: أخرجها ابن خزيمة، وإسنادها صحيح.
وفي رواية بلفظ: (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا).
قلت: أخرجها أبوداود، وإسنادها صحيح، والمعنى في هذه الألفاظ واحد، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموماً، وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط، وهو توجيه باطل، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموماً.
وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: فهلا آذنتموني"، فأتى قبرها، فصلى عليها.
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال: (والله إنكن لأحب الناس إلي).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وقوله: (لأحب الناس إلي) يعني بذلك الأنصار، وقد بوب عليه البخاري ــ رحمه الله ــ بقوله: "باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس"، قال الحافظ ابن حجر: أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به، كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس. وأخذ المصنف قوله في الترجمة "عند الناس" من قوله في بعض طرق الحديث "فخلا بها في بعض الطرق أو في بعض السكك" وهي الطرق المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالباً.
وفيه جواز الاختلاط، وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس، وكل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي على الصحيح، وإنما المحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط.
وعن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ... الحديث".
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها.
جميع الحقوق محفوظة لقناة العربية © 2009
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 - Dec-2009, صباحاً 11:51]ـ
أما القول بأن مصطلح الاختلاط مصطلح جديد فدعوى جاهل لم يطلع على أقوال العلماء السابقين ولم ينظر في كتبهم، أو دعوى مكابر يعلم ولكن يقول خلاف ما يعلم وهذا شرٌ من الأول، هؤلاء المشايخ يخلطون بين تحرير مسألة تاريخية والحكم الشرعي فيها، فإثبات وجود الاصطلاح عند العلماء القدامى قضية توثيقية تاريخية، وهذا ما فشل فيه بعض الأدعياء على العلم، وأما مسألة حكم الاختلاط في ضوء النصوص فقضية أخرى، ولذلك يقع بعض من لاتمييز له في خطأ غريب وهو أن كون الاصطلاح جديداً - بحسب ما يدّعون - يعني تلقائياً إباحة الشيء الموصوف بذلك الاصطلاح وهذا جهل لا غبار عليه، والأسوأ أن يحك في نفس القائل بإباحة الاختلاط الإثم بإباحته ولكنه يبيحه إرضاء لغيره ... لطلب الجمهور وصرف وجوه الناس إليه والتميز من بين الأقران الذين قالوا بخلاف قوله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 05:06]ـ
الأدلة كثيرة على منع اختلاط النساء بالرجال
بقلم: العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء اكبر مؤسسة دينية في المملكة
كتب نجيب عصام يماني في صحيفة الوطن يوم الأحد 27/ 6/1427هـ العدد 2123 في الصفحة 24 مقالاً بعنوان: رداً على الجردان وقال في أثناء رده على قول الجردان (إن الاختلاط لم يحرمه الإسلام) قال نجيب: وإنما حرم الخلوة. وكنت أتمنى أن يزودني ولو بدليل واحد من واقع الدين يحرم الاختلاط سواء بلفظه أو مدلوله أو يدلل بحادثة واحدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الاختلاط أو منع النساء عنه سواء في المسجد أو السوق وفي كافة حياة المسلم التي كان يعيشها آنذاك).
كذا قال نجيب. ولا أدري هل هو في كلامه هذا يتحدى أو يسترشد. فإن كان يتحدى فهذا يدل على أنه قد استقرأ كتب الشريعة كلها وأحاط بها فلم يجد فيها دليلاً واحداً. وهذا مستوى من العلم لم يصل إليه غيره. فإن ادعاه قلنا له: استقراؤك غير صحيح وغير دقيق فهناك أدلة كثيرة لم يقع عليها نظرك تدل على تحريم الاختلاط منها:
1 ـ قوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) لأن الحجاب يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء ويجعل النساء منعزلات من ورائه عنهم حال سؤالهم لهن ـ ومثله قوله تعالى عن مريم (فاتخذت من دونهم حجابا) أي ساتراً يعزلها عن اختلاطها بقومها.
2 ـ حديث أسيد الأنصاري: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: "استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق. عليكن بحافات الطريق" فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. أخرجه أبو داود وغيره.
3ـ حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تركنا هذا الباب للنساء) قال نافع فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. أخرجه أبو داود بسند صحيح. خصص النبي صلى الله عليه وسلم باباً للنساء يدخلن منه دون الرجال.
4 ـ حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه. ومكث يسيرا قبل أن يقوم. قال ابن شهاب: فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم. أخرجه البخاري ويوضح هذا رواية: أنها قالت: كان يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء ذلك في البخاري معلقاً بصيغة الجزم.
5 ـ ورواية النسائي: أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله. فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال. وهذا واضح في منع الاختلاط بين الرجال والنساء.
6 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صفوف النساء خلف صفوف الرجال وقال: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها. وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها، وما ذاك إلا لمنع الاختلاط.
7 ـ أن الاختلاط بين النساء والرجال سبب لافتتان بعضهم ببعض وما كان وسيلة إلى الحرام فهو حرام. ولذلك قال الموفق ابن قدامة في المغني (3/ 372) إنه يستحب تأخير طواف المرأة إلى الليل ليكون أستر لها. ولا يستحب لها مزاحمة الرجال لاستلام الحجر. لكن تشير بيدها إليه كالذي لا يمكنه الوصول إليه.
كما روى عطاء قال: (كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجَرة من الرجال لا تخالطهم. فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين قالت: انطلقي عنك وأبت) انتهى. أي أبت أن تنطلق معها لاستلام الحجر لما في ذلك من مزاحمة الرجال وهذا يدل على منع الاختلاط.
وأما استدلال من يبيح الاختلاط بين النساء والرجال في الحفلات والمنتديات وغيرها بكون النساء الآن يختلطن بالرجال في الطواف والسعي ـ فالجواب عن ذلك:
1ـ أن الأدلة السابقة دلت على تحريم الاختلاط وتصرفات الناس إذا خالفت الأدلة لا يحتج بها. بل يحتج عليها.
2 ـ أن حالة الناس في المسجد الحرام حالة ضرورة لكثرة الناس كثرة تخرج عن السيطرة مع حرص القائمين على شؤون المسجد الحرام وفقهم الله على منع ذلك ما أمكن. والله تعالى يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم).
3 ـ إذا حرم اختلاط النساء بالرجال من غير ضرورة في مواطن العبادة وهي المساجد فلأن يحرم ذلك في غير مواطن العبادة من باب أولى. لما في ذلك من الفتنة وإتاحة الفرصة للمفسدين.
4 ـ أن الاختلاط الذي قد يحصل في المسجد الحرام لشدة الزحام غير مقصود وإنما ألجأ إليه الزحام الشديد الذي لا يمكن منعه. أما ما يمكن منعه من الاختلاط فإنه لا يجوز كما دلت عليه الأدلة.
وختاماً نقول: أي مصلحة لهؤلاء الذين ينادون بجواز الاختلاط إلا تحصيل الإثم والتغرير بالناس ومخالفة الأدلة الشرعية ونرجو لهم أن يفكروا في أمرهم ويرجعوا إلى الصواب.-------
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تركي القحطاني]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 08:02]ـ
اود ان يتم توجيه سؤال لهذا الشخص هل حلال ان تجلس اخته بجانب شاب ليس محرما لها ولمدة ثمان ساعات يوميا .. ؟
او هل زوجته تجلس مع ضيوفه في بيته .. ؟؟
اذا كانت حلال حسب مايرى فنحن لانريد ولدينا قران يحرّم ذلك
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 08:41]ـ
اعتب على من ينقل عن موقع العبرية نت ويضيع وقتنا ووقته
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 08:42]ـ
تفنيد أدلة الدكتور (أحمد بن قاسم الغامدي) في إباحة الاختلاط.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله الذي الذي اصطفى ............... وبعد:.
سأقوم فقط بتفنيد أدلة الدكتور/ أحمد بن قاسم الغامدي ـ في إباحة الاختلاط.
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرجت سودة لحاجتها ليلا بعدما ضرب عليهن الحجاب، قالت: وكانت امرأة تفرع النساء، جسيمة، فوافقها عمر فأبصرها، فناداها: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، إذا خرجت فانظري كيف تخرجين، أو كيف تصنعين؟ فانكفت، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه ليتعشى، فأخبرته بما قال لها عمر، وإن في يده لعرقا، فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق لفي يده، فقال: (لقد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى.
ـ أولاً: الحديث بلفظ ((بعدما ضُرب الحجاب لحاجتها))
ثانياً: دل الحديث على أن وجه سودة كان مستوراً، ولم يعرفها عمر رضي الله عنه إلا بجسمها.
ثالثاً: إذا كان الاختلاط مباحاً، فما الفائدة أصلاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم (قد أُذِنَ لكنّ أنْ تخرجنَ لحاجتكنَّ)؟؟!!
رابعاً: كيف يستدل بخروج سودة على جواز الاختلاط!!! والله تعالى يقول: ((وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب))
وعن سهل بن سعد قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس» قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه.
قلت: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطتهم.
ـ كان ذلك العرس قبل نزول آيات الحجاب.
** قال ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول آيات الحجاب ومشروعيته)
وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه ما في الحديث السابق، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال»، يعني به جواز ذلك، وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث.
ـ المرأة في حديث سهل بن سعد من (القواعد) وقد عذرها ربها.
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نفرح يوم الجمعة. قلت: ولم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة نخل بالمدينة، فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر، وتكركر (تطحن) حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدمه إلينا فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتعذى إلا بعد الجمعة. رواه البخاري
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه.
ـ الحديث لا يدل على جواز الاختلاط!!!، فالمرأة مع زوجها وهذا جائز، كما قال بذلك النووي ,واثنان مضمونها (زوجة بوجود زوجها) , وعقيدتنا بهذا كما قال ابن حجر: (وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر). مع العلم أن هناك فرق بين الاختلاط العارض كضيافة المرأة والاختلاط الدائم كالعمل المختلط.
وعن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟
قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».
قلت: أخرجه البخاري، وبوب عليه بقوله «باب عيادة النساء للرجال»
ــ ليس في الحديث دليل على جواز الاختلاط!!!
كانت عائشة بوجود زوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وأبيها (أبو بكر) رضي الله عنه.
وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش ... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري.
وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين).
قلت: أخرجه البخاري، والجويريات تصغير جارية، وهي الفتية من النساء، والحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف.
أولاً: أنّ المغنّيتين كانتا جاريتين، والجارية هي البنت الصغيرة (الطفلة) التي لم تبلغ.
ثانياً: أنّ غناءهما كان عارضاً لأجل تلك الأيام (أيام العيد) وليستا بمحترفتين للغناء، لقول عائشة: (وليستا بمغنّيتين)
ثالثاً: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ((حوّل وجهه ولم يشهد هذا الغناء))
ـ قال: ابن حجر ـ رحمه الله (فيه إعراض عن ذلك لكون مقامه يقتضى أن يرتفع عن الإصغاء إلى ذلك، لكن عدم إنكاره دالّ على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقرّه)
رابعاً: أنّه كان في مكان محصور: في بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يكن أمام الملأ.
خامساً: أنّ هذا الغناء يقدّر بقدره، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ((فلما غفل غمزتهما فخرجتا))
وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: «لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم ... الحديث».
قلت: أخرجه مسلم، وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط.
وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.
بل حديث يدل على تحريم الاختلاط.
ألم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فاطمة بعدم الذهاب إلى أم شريك ـ والسبب ((لأن بيت أم شريك يتردد عليه الرجال من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم))
وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد.
قلت: أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.
ـ حديث مشكوك في صحته (خاصة في السند) فيه أسامة بن زيد الليثي، الذي أحاديثه بين اضطراب، ومناكير (لذا يُكتب حديثه، ولا يُحتج به)
ويشهد لذلك ما رواه ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط عموما، وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام.
وفي رواية بلفظ: (أنه ــ أي ابن عمر ــ أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم، الرجال والنساء من إناء واحد، كلهم يتطهر منه).
قلت: أخرجها ابن خزيمة، وإسنادها صحيح.
وفي رواية بلفظ: (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا).
قلت: أخرجها أبو داود، وإسنادها صحيح، والمعنى في هذه الألفاظ واحد، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموما، وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط، وهو توجيه باطل، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموما.
ـ (اجتماع الرجال والنساء للوضوء في إناء واحد فلا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم) ابن حجر في الفتح: 1/ 308
ـ وذكر ابن الجوزي في تاريخ عمر ص 113 عن أبي سلامة: انتهيت إلى عمر وهو يضرب رجالاً ونساءً في الحرم على حوض يتوضئون منه , حتى فرق بينهم , ثم قال: يا فلان. قلت: لبيك. قال: لا لبيك ولا سعديك!! ألم آمرك أن تتخذ حياضاً للرجال وحياضاً للنساء؟
وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى.
ــ أكتفي بقول ابن باز ـ رحمه الله ـ حيث قال: ((قد يتعلق بعض دعاة الاختلاط ببعض ظواهر النصوص الشرعية التي لا يدرك مغزاها ومرماها إلا من نَوَّر الله قلبه وتفقه في دين الله وضم الأدلة الشرعية بعضها إلى بعض، وكانت في تصوره وحدة لا يتجزأ بعضها عن بعض. ومن ذلك خروج بعض النساء مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات. والجواب عن ذلك: أن خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة لا يترتب عليه ما يُخشى عليهن من الفساد، لإيمانهن وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهن بالحجاب بعد نزول آيته))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.
ــ هل كانت تقم المسجد في حضرة الرّجال؟؟؟!!!
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال: (والله إنكن لأحب الناس إلي).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وقوله: (لأحب الناس إلي) يعني بذلك الأنصار، وقد بوب عليه البخاري ــ رحمه الله ــ بقوله: «باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس»، قال الحافظ ابن حجر: أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به، كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس. وأخذ المصنف قوله في الترجمة «عند الناس» من قوله في بعض طرق الحديث «فخلا بها في بعض الطرق أو في بعض السكك» وهي الطرق المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالبا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفيه جواز الاختلاط، وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس، وكل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي على الصحيح، وإنما المحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط.
وعن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها.
ــ حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن هشام قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال والله إنكن لأحب الناس إلي
(جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم) زاد في رواية بهز بن أسد ((ومعها صبي لها فكلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
((فخلا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في بعض الطرق، قال المهلب: لم يرد أنس أنه خلا بها بحيث غاب عن أبصار من كان معه، وإنما خلا بها بحيث لا يسمع من حضر شكواها ولا ما دار بينهما من الكلام، ولهذا سمع أنس آخر الكلام فنقله ولم ينقل ما دار بينهما لأنه لم يسمعه اهـ. ووقع عند مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس " أن امرأة كان في عقلها شيء قالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك " وأخرج أبو داود نحو هذا السياق من طريق حميد عن أنس لكن ليس فيه أنه كان في عقلها شيء.
(فقال والله إنكم لأحب الناس إلي) زاد في رواية بهز ((مرتين)) وأخرجه في الأيمان والنذور من طريق وهب بن جرير عن شعبة بلفظ " ثلاث مرات " وفي الحديث منقبة للأنصار، وقد تقدم في فضائل الأنصار توجيه قوله " أنتم أحب الناس إلي ". وقد تقدم فيه حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس مثل هذا اللفظ أيضا في حديث آخر، وفيه سعة حلمه وتواضعه صلى الله عليه وسلم وصبره على قضاء حوائج الصغير والكبير، وفيه أن مفاوضة المرأة الأجنبية سرا لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة،
ولكن الأمر كما قالت عائشة ((وأيكم يملك إربه كما كان صلى الله عليه وسلم يملك إربه)) ..
منقول
ـ[إمام محمود]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 09:04]ـ
حسبنا الله ونعم الوكيل، نفوض أمرنا إلى الله، اللهم إنا نجعلك في نحور كل من يلبس الحق بالباطل، ونعوذ بك من شرورهم
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 10:28]ـ
(بعد أن كان الناس يشاركون في تصاريف الحياة وهم يعرفون أن هذا الذي غُلِبوا على أمرهم فيه [نتيجة الاستعمار] ليس من الإسلام، والأمل قائم في أن تجيء بعدُ نهضة صحيحة ترد الأمور إلى نصابها عن الإمكان=يصبح الناس وهم يعتقدون أن مايفعلونه هو الإسلام [بسبب مايقوم به أمثال وزير العدل ورئيس الهيئات هذا] فإذا جاءهم من بعد من يريد أن يردهم إلى الإسلام الصحيح أنكروا عليه مايقول، واتهموه بالجمود والتمسك بظاهر النصوص دون روحها)
[الإسلام والحضارة الغربية/62 - 63]
أرجو ألا نصل يوما إلى قريبٍ من هذا ..
فليتق الله أناس تسنموا مراكب العلم وأخذوا يتخرصون بما كان يسعهم السكوت عنه ..
وحسبهم أن اشمأزت منهم قلوب الذين أوتوا العلم، ورضيت عنهم قلوب الذين لايؤمنون بالآخرة ..
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 11:20]ـ
والجزء الثاني من اللقاء اسوأ وأطم.
وهذه الشبهات لا جديد فيها إلا أن تزعمها ناعق جديد.
ـ[أحمد سمحان]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 11:29]ـ
ـ كان ذلك العرس قبل نزول آيات الحجاب.
** قال ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول آيات الحجاب ومشروعيته)
أرجو من الأخ الفاضل أن يبين، أين ذكر ابن حجر ذلك في الفتح ...
بوركت ..
ـ[أبو عبدالله الشريف]ــــــــ[11 - Dec-2009, صباحاً 12:56]ـ
ـ كان ذلك العرس قبل نزول آيات الحجاب.
** قال ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول آيات الحجاب ومشروعيته)
أرجو من الأخ الفاضل أن يبين، أين ذكر ابن حجر ذلك في الفتح ...
بوركت ..
في شرحه لباب (قوله باب الغيرة)
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 02:13]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
علق الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم - جزاه الله خيرًا وأحسن إليه وبارك فيه ورفع قدره - على هذا المقال في برنامج الجواب الكافي بما فيه فائدة، ومن أحيل على مليء فليحتلْ.
أول مفاسد هذه التعليقة الشاطحة هي قول الناقل المتهم - عكاظ -: "هيئة الأمر بالمعروف تثمن جامعة الملك عبد الله وتتصدى لدعاوى الاختلاط"!! فأين ثمنت؟ وأين تصدت؟! وهل هو إلا قولمن زلت شفتاه فنطق بغير الحق، وجاوز الإنصاف؟!
سبحانك ربنا!
فأما هذه التعليقة فهي من العجب، والبهتان عظيم - كما قال الدكتور عبد الرحمن الأطرم -.
ومثل هذا التلفيق والترقيع يتنافى تمامًا مع منهجية البحث المنصفة، والمحزن أن يخرج هذا الكلام من مسحوب على الحسبة، التي تحارب السفور والتبرج والاختلاط!
وانظروا بم يتفوه: "لكن بعض المتأخرين لما بالغ في موضوع اختلاط النساء بالرجال وصار اللفظ المعاصر ينصرف إليه بإطلاق، تولد ذلك المصطلح الدخيل المتأخر، فغالط به من لم يميز أو من أراد التلبيس"،
وقال: "ولذلك كان الخلط في حكمه أكثر جناية حين قال بتحريمه قلة لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه، وهو قدوتنا في امتثال التشريع في كل شؤون الحياة المختلفة، والحق أنه لم يكن الاختلاط من منهيات التشريع مطلقا بل كان واقعا في حياة الصحابة"!
فسبحان الله! واللهم إنا نبرأ إليك من ظلم هذا وشططه وجوره وظلمه، وتعديه على أئمة الإسلام ومنارات الهدى!
لكننا بعد هذا كله لسنا نعوِّل على هذا ولا على غيره، إنما نعول على منهج رباني جسَّده محمد صلى الله عليه وسلم، واقتفى أثره أصحابه وتابعوهم، فيا سَعْد من سلك ذلك السبيل، اللهم صل عليهم وسلم وبارك.
ولن تزال هذه الدعاوى تصدر بين الحين والآخر، وليس هو الأول، ولن يكون الأخير، بل سيتلوه آخرون يرددون صدى كلامه ورجع أوهامه، وهي فتنة "ليميز الله الخبيث من الطيب"، وليظهر فيها علماء الملة الذين لا يخشون في الله وقول الحق لومة لائم!
ژ?????پپپپ??????????
??ٹٹژ [آل عمران].
ـ[تركي القحطاني]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 03:13]ـ
هؤلاء يذكروني بجعجعة الفنانيين الجدد الذين يريدون الشهره حينما يشتمون او يتعمدون اثارة البلبله في الصحافه من باب (وجهة نظر) من اجل ان يعرف اسمه في الاعلام ودائما يفعلها الشعّار ايضا وتعتبر سياسه للرويبضه
فهل تشرهون على من اتبع أساليب الرويبضه نسأل الله لهم الهدايه
هل يوجد منّا احد اغير من الله ورسوله ونحن نغار من النظر الى محارم المسلمين فمابالكم بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم
مثل هؤلاء السفه اولى بهم ارجو ذلك يااخوتي
صدقوني بأنه الان يتابع مقابلته ويوميا يبحث في قوقل بإسمه ويبتسم لان عدد عمليات البحث اصبح بالالاف
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:50]ـ
البلاء ليس في افتئاته هو على الدين والحلال والحرام فحسب .. بل في تطاوله على العلماء الأجلاء الذي حرموا الاختلاط. ووصفهم بالتشدد والمغالط وعدم التمييز والتلبيس .. الخ
وصدقوني سأظل أردد وأردد أن هؤلاء المتعالمين المتسلقين على الدين باسم الوسطية والاعتدال هم الخطر الحقيقي على على ديننا ومنهجنا.
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=43190
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 09:43]ـ
بارك الله فيك ابا محمد الغامدي
منذ ان قرأت هذا المقال في جريد الوطن الكويتية وأنا مهتم مغتم
((وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد))
نص الحديث: يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـ[أبو فهد الأحمد]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 01:22]ـ
يقول أحمد الغامدي هداه الله:
(والصواب أن فلي المرأة رأس الرجل من الأمور الجائزة ونحوه القص والحلق) أ. هـ
ويقول:
(يجوز إرداف الرجل المرأة).
(وكذلك يجوز أن يصافح الرجل المرأة).
لاتعليق!!
ـ[عبد العزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 01:30]ـ
رد الشيخ د. عبد الرحمن الأطرم:_ حفظه الله وبارك فيه_
http://www.almoso3h.com/video/795/
ـ[تركي القحطاني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 02:20]ـ
^^^
بارك الله فيك
والشيخ عبدالرحمن اصاب والرد كافي
والمصيبه حسب ماارى وان كانت رؤيتي غير واسعه
ولكن لايوجد هرم وهذا مااراه
والهرم الذي اقصده هو هرم الاداره والهرم الاداري لايوجد به مساواه فليس من المعقول ان يأتي فنان يتكلم في التشريع او طالب علم يفتي او كاتب صحفي يفسر آيه او يستنبط حكم شرعي من تفسيره حسبنا الله ونعم الوكيل ..
لماذا كل من هب ودب يتكلم في الاحكام الشرعيه وليت هذا نقف عنده بل يأتي الجهل او الصحفي وينقض فتاوي كبار العلماء سبحان الله ..
سأضرب مثال تخيلوا سبّاك يسوي عمليه سياميه مالحكم الشرعي فيه او ماذا سيفعلون فيه ... ؟
سبحان الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 04:29]ـ
هذا الكلام يعبر عن رأي صاحبه، ولا يعبر عن رأي المؤسسة الدينية، أرجو تغيير العنوان غير الموفق
ـ[ناقل خير]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 05:43]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد هاتفني أحد أفاضل التربويين، يحمل رسالة مباشرة من وزير العدل الدكتور محمد العيسى لمنتقديه طالباً منه البلاغ قائلاً: (أنا لا أقول بجواز الاختلاط، الاختلاط في التعليم كبيرة من كبائر الذنوب، كلامي يدور حول حداثة المصطلح، وقد استُغل، حسبنا الله على الليبراليين والعلمانيين)، وهذا توضيح لا أكفره ولا أشكره، إذ للاعتذار والتوضيح مكانٌ يليق به، (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولَو أَلقى مَعاذيرهُ)، والعُتبى في ذلك لله وحده.
وقوما فقولا بالذي قد علمتما ** ولا تخمشا وجهًا ولا تحلقا الشعرَ
وقد رأيت كثيراً من يحيف بالكتابة نهاراً يعتذر ليلاً، وهذا أمر جُبل عليه الإنسان لِغلبةٍ نفسية تأطره على سلوكِ ما لا يرضاه لو تَجرَّد ورجع إلى فطرته، وهكذا فعل إخوة يوسف لما ألقوه في البئر نهاراً، (وَجاؤُا أَباهُمْ عِشاءً يبكون) جاءوا عشاء ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظلمة، ولذا قيل: "لا تطلب الحاجة بالليل، فإن الحياء في العَينين، ولا تعتذر بالنهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار"، وأما اعتذار الأنبياء فهو أعلى الاعتذار وأزكاه، قال موسى عليه السلام: (فعلتها إذاً وأنا من الضالين).
وقد رأيت أن التعدي على الحرُمات والفضيلة، والقطعيات الشرعية نهاراً يتفاقم، وليس لها من الحُرمة، ولا عليها من الحياطة ما يحفزُ أفراد العلماء للمراصدة دونها أن تُمتهن أو تُستباح، في زمنٍ القلم فيه أمضى من الرماح، ومن كتم حق الله فقد طوى جوانحه على جذوة من نار جهنم، حتى رأيت آخرها مقالاً لِمكيٍ قد تكلف ما لا يُنتفع به، وحشد نصوصاً لا يدري موضعها من الشرع، ولا يعرف صدر معناها من عَجزه، فمنها جهله بالناسخ والمنسوخ، والمتقدم والمتأخر، ومن لم يعرف الناسخ من المنسوخ أفضى إلى إثبات المنفي ونفي المثبت، وتولّد لديه شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا حرم العلماء أن يتكلم أحد في دين الله وهو لا يعرف الناسخ والمنسوخ، ثم ان الإلحاد في الحرم قد رتب رب العالمين على إرادته العذاب الأليم.
ولو أوردتُ نصوص شُرب الخمر قبل تحريمه، والمتعة قبل تحريمها، والربا قبل وضعه، والسفور قبل منعه، والصلاة قبل تمامها، والجهاد قبل فرضه، والاختلاط قبل حظره لجاءت شريعة جاهلية والنصوص محمدية.
ففي الصحيح عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل تمتع فعشرة ما بينهما ثلاثة أيام فإن أحبا أن يزدادا ازدادا وإن أحبا أن يتتاركا تتاركا".
لكنه نص قبل النسخ بلا ريب، نُسخ بنصوص أخرى، ولو كان ثمة نصوص تحمل الوصف القطعي بإباحة الاختلاط بالنص مثله، لما أشكلت على منصِفٍ مع نفسه وربه.
ولا فرق بين من يورد نصوص الاختلاط قبل تمام الشريعة وفي الناس بقايا جاهلية تستوجب الانتظار، وبين من يورد أحاديث المتعة وأكل الربا وشرب الخمر قبل تحريمها مساق الجواز، وهذا عكْسٌ للإسلام وقلبٌ لتاريخ التشريع، وكأني بمن يسلك هذا المسلك يأخذ تشريع العاشر من الهجرة وينقضه بالتاسع، والتاسع ينقضه بالثامن، والثامن ينقضه بالسابع، وتشريع المدينة ينقضه بتشريع مكة، وكأن الإسلام بساط ٌ يُطوى، وعُرى تُنقض، ليظهر تحته بساط الجاهلية.
والإحاطة بمعرفة الناسخ من المنسوخ أيسر من السير في بطون أودية الهوى، التي هي مرتع للهوام ومضارب الدواب، وإن جهل شيئاً منها، سأل من يعلم، والعِلم الحق ليس مَلَكة العَقل، أو شهادات أو تسنم مناصب، فهذا غير مراد في عد العلوم والتحقيق فيها.
والخلط في هذا الباب قديم بقدم الجهل في الإسلام، وقدم الدوافع النفسية والهوى، وقد روي عن على رضي الله عنه: أنه رأى في مسجد الكوفة خطيباً وهو يخلط الأمر بالنهي، والإباحة بالحظر، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، ثم قال له: أبو من أنت؟ قال: أبو يحيى، قال: أنت "أبو اعرفوني"، ثم أخذ أذنه ففتلها، وقال له: لا تقص في مسجدنا بعد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا كان هذا في زمن الخلافة الراشدة في نصف القرن الأول، وتوافر الصحابة وفي معاقل الفقه والعلم، وفي مساجد الله، فكيف يكون الحال في القرن الخامس عشر، وفي صحف تَنشرُ بلا رقيب.
وإني لأرجو لهذه الآذان أن تُفتل، ممن له يدٌ تَصل؛ كيد الخليفة علي رضي الله عنه من ولاة الأمر، وهُداة الحق، وهم في الأمة كثير.
والكاتب أحمد بن قاسم قلب حقائق الأمور، وما من جهالةٍ إلا وهي تفضي بصاحبها إلى أخرى مثلها، وإذا كان في الذهن طلب قاصدٌ لأمر، واستحكم منه، فلا يرى الباحث في مقصوده إلا ما يطلبه ولو كان وهماً، كالظمآن يلتمس الماء فيتبع السراب، وأما المنصفون فهم أخلياء الذهن من كل قصد إلا قصد الحق، ومن قَصد غير ذلك، طلباً للحظوة وليتقدم في الدنيا خطوة، فهو في الآخرة يتأخر خطوات.
ويكفي المُنصف أنه لا يُعلم عالم على مر قرون الإسلام الخمسة عشر قال بجواز الاختلاط في المجالس والتعليم، وكنت طالباً للإنصاف، وتحصّل لي أكثر من مائة عالم وفقيه عبر تلك القرون يقطعون بعدم الترخيص فيه، بل رأيت منهم من يسقط عدالة فاعله، بل وولايته، بل ومنهم من يُكَفِّر مستحله، قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبدالله العامري في كتابه " أحكام النظر " (287): (اتفق علماء الأمة أن من اعتقد هذه المحظورات, وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب؛ فقد كفر, واستحق القتل بردته. وإن اعتقد تحريمه وفعله وأقر عليه ورضي به؛ فقد فسق, لا يسمع له قول ولا تقبل له شهادة) انتهى.
ويكفي في ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إياكم والدخول على النساء)، وضرب عمر الرجال على القرب من النساء، وقد سُقت الأدلة وأقوال الأئمة في رسالة مُستقلة.
وإن من مواضع الخطأ عدم التفريق بين موارد النصوص وجعل المقامات الاتفاقية كالمعلومات اللزومية، وما ساقه الكاتب من أخبار هي من هذه الأنواع وسأجيب عنه بالتفصيل:
أولاً: ما ذكره وهو قبل النسخ:
يجب أن يُعلم أن الحجاب فُرض على مراحل، وقد عاش الصحابة زمناً قبل فرضه في المدينة، ولهم في ذلك مرويات وقصص، في كتب السنة والسير، وكان فرضه سنة خمس من الهجرة، أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها.
قلت: وذلك قريب سنة خمس من الهجرة، قال صالح بن كيسان قال: نزل حجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة. رواه ابن سعد.
1 - قال الكاتب: (عن سهل بن سعد قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك .. ثم عَقب بقوله: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطته).
أقول: وهذا قبل منع الاختلاط وفرض الحجاب: فإن الحجاب ولوازمه فرض في قريب السنة الخامسة، وهذا العرس كان قبل ذلك، فزوجة أبي أسيد هي سلامة بنت وهب وأولادها ثلاثة أسيد وهو الأكبر والمنذر وحمزة، كما نص عليه خليفة بن خياط في "طبقاته" (254، ط العمري)، وعمر أبي أسيد الساعدي حينما فرض الحجاب كان (67) سبعاً وستين سنة، وابنه الأكبر الذي أُمه سلامة المتزوجة كما في هذا الحديث ذكره عبدان المروزي في الصحابة، وكذلك ابن الأثير وغيرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة 11 للهجرة، والحجاب فرض سنة خمس للهجرة يعني قبل وفاته بخمس سنين، فمتى تزوج أسيد وسلامة رضي الله عنهما؟ ومتى ولد لهما؟ ومتى أمكن أن يكون ابنهما أُسيد وأن يعد صحابياً في خمس سنين.
وقال النووي عن هذا العرس في "المنهاج شرح مسلم" (13/ 177): (هذا محمول على أنه كان قبل الحجاب).
وقال العيني في عمدة القاري: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب).
وبهذا قال القرطبي في "تفسيره" (9/ 98).
وقد أشار غير واحد من الشراح إلى قدم حادثة زواج أبي أُسيد أيضاً؛ كابن بطال، بقوله: (وفيه: شرب الشراب الذي لا يسكر فى العرس، وأن ذلك من الأمر المعروف القديم).
2 - وأورد الكاتب حديث عائشة في الصحيحين في خروج سودة لحاجتها ليلاً، وقال معلقاً: (وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: هذا جاء في رواية البخاري أنه قبل الحجاب صريحاً، ففي البخاري (6240): كان عمر يقول للنبي صلى الله عليه و سلم: احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و سلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرضا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب.
3 - وقال الكاتب: (عن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟
قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».
قال معقباً: وهذا واضح أيضا في وقوع الاختلاط في عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعظم الناس تقوى وفهما لأحكام التشريع).
قلتُ: النص صريح أن هذا كان لما "قدم النبي المدينة"، يعني قبل فرض الفرائض حتى الصلوات والحج والصيام وقبل فرض الحجاب بخمس سنين، وبين ذلك ابن بطال في "شرح الصحيح" (4/ 560) قال: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب).
وقد جاء في بعض روايات الحديث: (وكان ذلك قبل فرض الحجاب)، ذكرها بعض الشّراح كمحمد الشبيهي في "شرحه".
والقلب حينما يبحث عن شبهة يُعمى عما بين عينيه من الحق، ومن أغمض عينيه عن نص أمامه في ذات الخبر، فهل سيبحث عن جمعِ أدلة الباب وتحري الحق فيها ليسلم له دينه؟!
4 - قال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش ... الحديث.
وقال معلقاً: (الحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف).
قلت: قال الحافظ البيهقي في "الآداب" (207) بعد إخراج الحديث: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب) انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب في "الفتح": (6/ 73): (هذا كان قبل نزول الحجاب).
وقال القاضي عياض مبيناً أنها قبل فرض الحجاب كما في "المعلم" (3/ 168): (مثل هذه القصة لعائشة وهى حينئذ - والله أعلم - بقرب ابتنائه بها، وفى سن من لم يكلَفُ) انتهى، وقد تزوجت وعمرها تسع سنين يعني قبل فرض الحجاب ببضع سنين.
ثم إن العرب تُغلِّب إطلاق لفظ "الجارية" على الأمة غير الحرة، أو على الحرة غير البالغة فإذا بلغت تٌسمى امرأة، ولهذا قالت عائشة: إذا بلغت الجارية تسع سنين فَهِيَّ امرأة.
ويبين أنهما إماء ويوضحه قوله في رواية أخرى: (وعندي جاريتان من جواري الأنصار) يعني من إمائهم، وكان الضرب والغناء من خصائص الموالي، قال الخطابي في "الغريب" (1/ 655): (والعرب تثبت مآثرها بالشعر فترويها أولادها وعبيدها فيكثر إنشادهم لها).
وهي من دون البلوغ كما هو معروف، قال القرطبي في "المفهم": (الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما).
5 - وقال الكاتب: (وعن الربيّع بنت معوذ أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين) .. ثم استدل على ما به من وصف يتضمن اختلاطاً.
أقول: الربيّع خطبها زوجها إياس بن بكير قبل غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، ثم خرج هو وأخواه وبعد بدر تزوجت الربيع من إياس ودخل عليها زوجها، وأنجبت محمداً منها وقد أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله ابن منده، والحجاب فرض بعد ذلك فكيف يُستدل بذلك على حُكم نزل بعد.
والربيّع بنت معوذ بن عفراء، كانت عجوزاً معمَّرة، كما قاله الذهبي في "تاريخ الإسلام" (5/ 402) وتوفيت سنة سبع وثلاثين للهجرة، وزواجها كان قبل فرض الحجاب.
6 - أورد الكاتب في حديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك)
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هذا الاستدراك في الحديث: (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعه قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون في هذه الحكاية ولا غيرها، قال الحافظ ابن حجر (7/ 256): (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً).
وهذه ستة من أدلته وأصرحها أوردها وهي قبل فرض الحجاب، وأدلة شرب الخمر قبل النسخ أكثر منها وأصرح، وسيأتي يومٌ داعيها كما في الخبر: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف".
ثانياً: ما لا حجة فيه:
1 - قال الكاتب: (في حديث عائشة في الصحيحين في خروج سودة لحاجتها ليلاً، (وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى).
أقول: تقدم أن الواقعة قبل فرض الحجاب ثم أنه لا أحد من أهل الإسلام يمنع المرأة أن تخرج لحاجة، ثم ألا يعتبر الكاتب بقصدها الخروج ليلاً، وترك النهار، وهذا من حِشمة نساء الصدر الأول وحيائهن.
أنشد النميري عند الحجاج قوله:
يخمرن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن جنح الليل معتجرات
قال الحجاج: وهكذا المرأة الحرة المسلمة.
2 - قال الكاتب: (وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
وقال: وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث).
قلت: ولا أدري لم يحشر الرجال مع أكْلة الصبيان! وسهل ابن سعد الذي يحكي عن نفسه الحضور إلى هذه المرأة صبي صغير كان عمره دون البلوغ قطعاً، قال الزهري: كان له يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنةً. كما رواه أبو زرعة في "تاريخه"، وكيف للكاتب أن يُثبت أن من معه ليسوا حُدثاء مثله، ورفيق الصبي صبيّ!.
وهذا الخبر سيق في مساق انتشار الصحابة بعد الجمعة وأنهم لا ينتظرون، وليس في هذا الخبر إلا أن المرأة تطبخ الطعام في مزرعتها ثم تدفع الطعام لهم ليأكلوا، كحال الآخذ والمُعطي، والفهم أبعد من ذلك: ظنون.
4 - قال الكاتب: (وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.
عقب عليه فقال: (وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه). أقول: قال الحافظ ابن بشكوال: إن الرجل الأنصاري هو عبدالله بن رواحة وعبد الله بن رواحة قتل بمؤتة سنة ثمان، والله أعلم، ثم إن هذا لا يثبت زمنه، والاستدلال بهذا بعيد، فتلك ضرورة شديدة، فقد جاء في أحدى الروايات - كما عند إسماعيل القاضي - أنه لم يطعم ثلاثة أيام، وإنقاذ رجل من الهلاك، لا يلتفت معه إلى وجود امرأة في مكان بليل دامس.
5 - قال الكاتب: (وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: «لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم ... الحديث.
وقال معلقاً: (وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هذه المرأة التي تُسمى أم شريك، وكانت من القواعد، كبيرة صالحة، واسمها على الصحيح غزيلة بنت داود بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة، والقواعد لا يخاطبن بالحجاب والاحتراز من الرجال بنص القرآن قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن).
قال المفسرون من السلف كعطاء وسعيد بن جبير والحسن: هي المرأة الكبيرة التي لا تلد.
قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (19/ 153) معلقاً على قصة أم شريك: (ففيه دليل على أن المرأة الصالحة المتجالة لا بأس أن يغشاها الرجال ويتحدثون عندها ومعنى الغشيان الإلمام والورود.
قال حسان بن ثابت يمدح بني جفنة:
يغشون حتى ما تهر كلابهم ** لا يسألون عن السواد المقبل).
وتجالت المرأة فهي متجالة وجلت فهي جليلة إذا كبرت وعجزت، وهذا حُكم الله فيهن، لا بنص القرآن فلا يدخل معهن غيرهن، إلا عند من لا يفرق بين أعمار الناس في الأحكام.
وليس لعالم يُدرك مواضع النصوص، أن تمر عليه مثل هذه القصة، فيدع المحكم البيّن، إلى طريق التوى به التواءً يذهب بكل ما عمد إليه، ويورد قصة امرأة لا يدري هل هي من القواعد أم لا، وهل غشيان أصحاب النبي لها يلزم معه الدخول عليها أو تخدمهم في باحة بيتها، فإن بيوتهم كانت حُجراً مسقوفة، يتصل بها باحة صغيرة مكشوفة يجلس فيها الزوار، وهكذا كانت حُجرات أمهات المؤمنين، ومن ظن أن حجراتهم غُرف بلا باحات فقد غلطَ وجهل.
6 - وقال الكاتب: (وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد).
قال معلقاً: (وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء).
أقول: أم صبية محكومة بحكم الإماء، فهي جارية من جواري عائشة، كما رواه البيهقي في "الدعوات" (1/ 135) من طريق محمد بن إسماعيل عن عبدالله بن سلمة عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة رضي الله عنهما.
وجارية الزوجة لا تحتجب من زوجها، وبه ينتقض فهمه.
وجاء عند الواقدي في السير قال: حدثني عمر بن صالح بن نافع حدثتني سودة بنت أبي ضبيس الجهني أن أم صبية الجهنية قالت: كنا نكون على عهد النبي وعهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تجاللن وربما غزلنا فيه فقال عمر لأردنكن حرائر فأخرجنا منه.
وفي الخبر فائدتان: الأولى أنها متجالة يعني كبيرة.
والثانية: أنها لم تأخذ حكم الحرائر إلا زمن عمر رضي الله عنه.
وجزم مُغلطاي في شرحه لسنن ابن ماجه (1/ 217). في كونها من الموالي، والأمة ليست مأمورة بالحجاب في الإسلام، ومع ذا فقد قال الطحاوي بعد روايته للحديث (1/ 25): (في هذا دليل على أن أحدهما قد كان يأخذ من الماء بعد صاحبه).
7 - وأما احتجاجه بحديث: " كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا".
فلا أدري كيف يُفهم ذلك، فكيف يقول النبي عن الصلاة: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها .. " وهو قد جمعهم قبل الصلاة يتوضؤون جميعاً!! ثم يفرقهم وقت الصلاة، ولا ريب أن من فهم هذا الفَهم أساء بالنبي فهماً وتشريعاً، والمقصود به غير هذا المعنى.
يُفسر هذا الأثر ما رواه عبدالرزاق في "مصنفه" وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار": عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن الوضوء الذي بباب المسجد، فقال له إنسان: إن أناسا يتوضئون منه، قال: لا بأس به، قلت له: أكنت متوضئا منه؟ قال: نعم، فراددته في ذلك، فقال: لا بأس، قد كان على عهد ابن عباس، وهو جعله، وقد علم أنه يتوضأ منه النساء والرجال، والأسود، والأحمر، فكان لا يرى به بأساً.
(يُتْبَعُ)
(/)
يعني يتناوبون على أواني واحدة يتوضأ منها الجميع لا تتنجس المياه بكثرتهم، ولا باختلاف أجناسهم، كما يتناوب المتأخرون على الحمامات والصنابير، وليس في ذلك دلالة على اجتماعهم في ساعة واحدة، وإنما يتناوبون، والعلماء عند الاستدلال ينظرون إلى القصد من سياق الخبر وروايته، لأن الراوي إذا قصد بيان حكمٍ في حديث لم يحترز إلا له، ولهذا لم أجد أحداً من الأئمة ممن أورد هذا الحديث إلا ويورده في أبواب عدم تنجس الماء من بقايا المرأة وفضلها، لا يخرجونه عن ذلك، لأن ذلك هو الذي تسبق إليه أفهامهم عند سماع الخبر.
وما جاء في لفظ: " (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا) يعني لا نغترف اغترافاً بأواني بل الماء تنغمس الأيدي فيه يشير إلى أنه لا يتنجس بورود المرأة فيه قبلنا وهكذا يقررها الفقهاء في جميع المذاهب الأربعة.
قال إمام المدينة الزهري مبيناً ذلك: تتوضأ بفضلها كما تتوضأ بفضلك.
وعلى هذا فسره أئمة الإسلام في القرون المفضلة.
8 - قال الكاتب: (عن الربيّع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قال معلقاً: (وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى).
قلت: المقطوع به أن أزواجهم معهم، ولا يُتخيل أن أزواجهم في المدينة والنساء يخرجن، وإذا كان كذلك والمرأة حال السفر مع زوجها ترحل وتنزل، تُعين الجريح المثخن لا المعافى الصحيح، وما الضير في ذلك، ولا يعدو هذا كونه سفراً من الأسفار فالنساء يذهبن للحج والعمرة قوافل والنساء مع رجالهم.
9 - وقال الكاتب: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.
قال: وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه).
قلت: اليوم أربع وعشرون ساعة، والصلوات الخمس لا تخلص بمجموعها إلى أربع ساعات متفرقات، ومحاولة إيراد عمل المرأة في المسجد وحشرها في الأربع ساعات، وترك العشرين ساعة لا يليق بحامل قلم، ثم هي لا تعمل كل يوم قطعاً فمساجدهم كانت تراباً لا فراشاً، ولا يظهر فيها ما دقَّ كمساجدنا، أما أنها تنظف والرجال يصلون والنساء خلفهم وهي منصرفه تترك الصلاة وحدها تكنس فهذا محال، وأما في حال خلو المسجد وهو أكثر الوقت فلا حرج ثَمّ، فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا أبواب تغلق فيه، كما ثبت عن ابن عمر في البخاري: قَال: كانت الكلاب تبول وتُقبل وتُدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئاً.
10 - وقال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ... ).
قال معلقاً: (فيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها).
قلت: وهذا من الجهل العريض والظن الفاحش، والهوى المُتبع، وعدم معرفة بحال الحُجرات النبوية، ولا بلسان العرب، فالحجرات غرف لها باحات صغيرة مكشوفة للضيفان والداخل إلى الباحة موصوف بالدخول، قال ابن حجر في الفتح: (9/ 286) في معنى الدخول: (لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب).
ومثل هذا احتجاجه بلفظ (الدخول) في الحديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك) هذا الاستدراك (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعة قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون، قال الحافظ ابن حجر: (7/ 256) (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً).
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - ثم أورد جملة من الأحاديث المتضمنة اختلاط النبي بالنساء، وفلي بعض النساء لرأسه، وإردافه لأسماء، وجهل أو تجاهل أن هذا من خصوصياته، فالرسول أبو المؤمنين، يزوج النساء بلا وليهم لو شاء، قال تعالى عن لوط وهو يعرض نساء قومه: (هؤلاءآء بَنَاتِى) أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، قال: لم تكن بناته ولكن كنّ من أمته، وكل نبيّ أبو أمته.
وبنحوه قال سعيد بن جبير.
وقال عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «وأزواجه أمهاتهم – قال أبي بن كعب: وهو أبوهم».
وبنحوه قال عكرمة مولى ابن عباس.
والاختلاط حُرم درءاً للمفسدة وهي منتفية منه صلى الله عليه وسلم.
ومن قال: (الأصل مشروعية التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة))، فليتأسى بزواج النبي تسعاً، وينفي الخصوصية، فالآية أباحت الأربع ولم تمنع من الزيادة، وإن رجع إلى نصوص أخرى تمنع وتُبين فذاك واجب في الحالين، في مسألة الاختلاط: "إياكم والدخول على النساء"، وفي مس المرأة ثبت عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العينان تزنيان، واللسان يزني، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويحقق ذلك الفرج أو يكذبه"
12 - قال الكاتب: (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: (أحججت)؟ قلت: نعم، قال: (بما أهللت)؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أحسنت، انطلق، فطف بالبيت وبالصفا والمروة). ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج ... الحديث»).
قلت: لا يمكن أن يكون ذلك إلا من محرم قال النووي في "المجموع" (8/ 199): (هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له).
ولو ساغ أن أستدل بكل فعل مُجمل على ظاهره، دون الرجوع للمحكم، لأحللت الحرام القطعي بالظنون، ففي نصوص كثيرة يقال: (جاء فلان ومعه امرأة) وأستدل بذلك على جواز الخلوة واتخاذ الأخدان لأنه لم يرد في النص ذكر الرحم بينهما، والأصل في الشرع أن الرجل إذا وُجد مع امرأة تحمل على أنها من محارمه إلا لِظِنَّة وشُبهة، وهذا الأصل في المسلمين، وكيف بالصحابة الصالحين.
13 - وأما احتجاجه بالطواف، وأن الرجال والنساء يطوفون جميعاً، فكلامه كلام من جهل الشرع والتاريخ، واتبع المتشابه، فأما جهله بالشرع، فذلك أن هذا من خصوصيات مكة بإجماع المُفسرين، قال تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة).
فقد أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال: إنما سميت بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عتبة بن قيس قال: إن مكة بكت بكاء الذكر فيها كالأنثى، قيل: عمن تروي هذا قال: عن ابن عمر.
وعند البيهقي عن قتادة قال: سميت بكة لأن الله بك بها الناس جميعا فيصلي النساء قدام الرجال ولا يصلح ذلك ببلد غيره.
وبنحوه قال سعيد بن جبير وغيره.
بل يُعفى عن السُّترة في مكة ولا يُعفى عن غيرها، فروى ابن جرير عن عطاء، عن أبي جعفر قال: مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت، فدفعها. قال أبو جعفر: إنها بَكَّةٌ، يبكّ بعضُها بعضًا.
وأما جهله بالتاريخ: فإن النساء كن يطفن مجتمعات حجرة عن الرجال لا معهم، وهذا في زمن النبي وزمن عمر وكان عمر يضرب الرجل الذي يطوف وسط النساء كما رواه الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:" نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلا يطوف معهن فضربه بالدرة.
وبقي الأمر على هذا قروناً طويلة، قال ابن جبير في "رحلته" (63) عام 578هـ: (وموضع الطواف مفروش بحجارة مبسوطة كأنها الرخام حسناً، منها سود وسمر وبيض قد ألصق بعضها ببعض، واتسعت عن البيت بمقدار تِسْعِ خُطاً إلاّ في الجهة التي تقابل المقام، فإنها امتدت إليه حتى أحاطت به.
وسائر الحرم مع البلاطات كلها مفروش برمل أبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة) انتهى.
وأما قوله: (والحق أن مصطلح الاختلاط بهذا الاصطلاح المتأخر لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم .. لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم)، فهو من الجهل البعيد، وقد بينت هذه الهفوة العصرية والشهوة الخفية، في "تعقيبي على الدكتور محمد العيسى" فليُنظر.
هذا؛ ولولا أن بعض مَن نحبهم في الله طلبوا إليَّ الرد على الكاتب المذكور لما سطرت سوداء في بيضاء، لأن مقالته عند أهل العلم والمعرفة مبنية على علم قليل وفهم ناقص وإتباع للمتشابه وترك للمحكم، وقد قال الأول: لهوى النفوس سريرةٌ لا تُعلم.
رأى البرقَ شرقيًا فحنّ إلى الشرقِ
ولو لاحَ غربيًا لحنّ إلى الغربِ
والله المبتغى، وهو المرتجى،،
كتبه / عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي 25/ 12/1430
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 05:44]ـ
شكر الله للمشرف تغييره للعنوان
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 07:55]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك
وبارك في الشيخ.عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي.
ـ[محب الأدب]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 08:09]ـ
بارك الله في الشيخ الجليل عبد العزيز الطريفي ونفع به ..
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 09:37]ـ
أتمنى الا يكون الرد على هذا الدعي وأمثاله، مجرد حبر على ورق.
لا يكون اختلاط في مجتمع ما، إلا برجاله ونسائه، فلماذا نستنكر الاختلاط والرجال هم من يزجون بنسائهم في الوظائف المختلطة؟
نستنكره بالألسن، ونقره بالفعل أو التطبيق!
مجتمعنا - بدء من الأسرة - بحاجة إلى توعية ومتابعة مستمرة .. أما الرد على هذا وأمثاله من المغمورين النكرات فيه ضياع للأوقات والجهد.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 09:54]ـ
لا يكون اختلاط في مجتمع ما، إلا برجاله ونسائه، فلماذا نستنكر الاختلاط والرجال هم من يزجون بنسائهم في الوظائف المختلطة؟
نستنكره بالألسن، ونقره بالفعل أو التطبيق!
هذه حقيقة بالفعل.
من لها يوم لا راعي لها ..
ـ[أبو مروان]ــــــــ[13 - Dec-2009, صباحاً 12:23]ـ
بارك الله في المشايخ الأفاضل و الإخوة الأباسل على ردهم على هذه الفرية، ونرفع رجاءنا إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تقوم بواجبها في هذا الأمر فهذا أقرب منكر إليها يجب عليها التصدي له.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[13 - Dec-2009, صباحاً 06:23]ـ
مهلا يا رئيس الهيئة لقد ارتقيت مرتقا صعبا لعبد الله حمدان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد فهذا رد على مقالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي والذي يبيح فيهما الاختلاط واللذان نشرا في صحيفة عكاظ بتاريخ 22و23/ 12/ 1430هـ العدد/3097 و 3098 والذي عنون لمقاله بـ (الاختلاط مصطلح جديد والأدلة الشرعية ترد بقوة على من يحرمه ........ ) فبدأ رأيه بإنكار وجود مصطلح الاختلاط في كتب الفقهاء و في الموسوعات الفقهية فقال (هذا المصطلح الدخيل المتأخر) وقال (لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم ,لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه) ثم في نفس الوقت يناقض نفسه يقرره ويستدل عليه بأدلة ويقول (بل كان الاختلاط أمرا طبيعيا في حياة الأمة ومجتمعاتها) يقول الباحث إبراهيم السكران: (من ذكر أن أئمة الفقه الأربعة لايعرفون لفظ الاختلاط فهذا قد وضع نفسه في حرج علمي بالغ لأن لفظ الاختلاط كالأصل الفقهي المنبثق في أبواب كثيرة بحيث يؤثر على كثير من الأحكام الشرعية واستخراج معالجات الفقهاء لمنكر الاختلاط لايحتاج لعبقرية فقهية أصلا , ومن أشهر المواضع التي يعالج فيها الفقهاء موضوع اختلاط الجنسين هي: مسألة (مكث الرجال في المسجد بقدر ما ينصرف النساء) ومسألة (صيانة المسجد عن الاختلاط) ومسألة (الاعتكاف) ومسائل (الفتيا والقضاء) ومسائل (مخالطة أنواع من الرجال كمن تعطلت غريزته) وغير ذلك من المسائل ثم دلل الشيخ على ذلك ببعض المسائل المبثوثة في كتب الفقهاء الأربعة أكتفي بذكر دليل واحد من كل مذهب فمن ذلك: ماجاء في الفقه الحنفي: يقول الإمام السرخسي في معرض كلامه على القضاء والفتيا (في اختلاط النساء مع الرجال عند الزحمة من الفتنة والقبح ما لا يخفى) انظر المبسوط للسر خسي 16/ 80 الفقه المالكي: قال الشيخ خليل رحمه الله (ينبغي للقاضي أن يفرد وقتا أو يوما للنساء كالمفتي والمدرس سترا لهن وحفظا من اختلاطهن بالرجال في مجلسه) انظر مختصر خليل 8/ 306 الفقه الشافعي: يقول المرداوي رحمه الله (والمرأة منهية عن الاختلاط بالرجال) انظر الحاوي الكبير 2/ 51 الفقه الحنبلي: يقول ابن قدامة رحمه الله (فصل: إذا كان مع الإمام رجال ونساء , فالمستحب أن يثبت هو والرجال بقدر ما يرى أنهن انصرفن ولأن الإخلال بذلك من أحدهما يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء) انظر المغني لابن قدامه 1/ 328 وهذا الإمام ابن القيم رحمه الله يعقد فصلا يقول فيه (فصل ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق
(يُتْبَعُ)
(/)
والفرج ومجامع الرجال) انظر الطرق الحكمية لابن القيم 237 أ هـ أ هـ بتصرف أقول وهب أن لفظ الاختلاط مصلح حديث ومبتدع على حد قولك هل هذا كاف في إباحته. فعلى سبيل المثال أولئك الذين خرجوا على ولي الأمر وأشهروا السلاح في وجوه المسلمين لو تسمو بالمجاهدين هل هذا سيبيح توجههم السيئ وحقيقة كنت مترددا في فهم مقصدك من الاختلاط المباح لديك أهو المصطلح المعاصر المشاهد حاله والذي لا يخفى مآله في أغلب البلاد من اختلاط الطلاب بالطالبات واختلاط الأطباء بالممرضات والمدير بالموظفات وتجاذب أطراف الحديث والتعارف والانبساط والتآلف مع بعضهم البعض وممارسة الهوايات وقضاء أوقات للنزهة بحكم الزمالة في الدراسة والعمل وهذا ما حصل ويحصل وسوف يحصل رضينا أم أبينا مما تئن لوطئت فساده وآثاره الأمم التي سبقت إلى إباحة الاختلاط حتى تجرعت آلامه وغصصه مما جعلها تبحث عن المخرج والنجاة كما ثبت ذلك في بحوثهم واعترافاتهم مما يضيق المقام في التعريج عليه ولا ينكره الا جاهل أو صاحب هوى مكابر , أم هو ما دللت عليه بالأدلة من السنة مع تحفظي على أوجه استدلالاتك التي يظهر منها عدم استيعابك للنص أصلا وعدم رجوعك لأقوال العلماء في بيان معانيها , فقط تذكر النص ثم تعلق عليه بقولك (وقلت وقلت) وكأنك أحد شراح الحديث كابن حجر أو النووي وغيرهما وتجزم بصحة قولك وكأنه آية من القرآن تتلى ضللت وبدعت من خالفه فما هذا الاستعلاء على أقوال أهل العلم ورأيهم وما هذا الغرور بالذات فذكرت جملة من الأحاديث لايعدو أن يكون منها ما تفرضه طبيعة الحال ومنها ما هو ضروري ومنها ما هو قبل الحجاب ومنها ما هو في أمر خاص ومنها ما هو عارض ولم يزد على سلام ورده وقضاء حاجة وما أشبه ذلك مما ليس فيه خلاف أصلا وقد فند علماء الإسلام هذه الأدلة وكشفوا شبهات من تمسك بها , وإن كنت أجزت الاختلاط في مقالك الأول بدون قيد أو شرط ولكني غلبت جانب إحسان الظن بك لكونك ممن ينتسب للحسبة ولا يمكن أن يظن به هذا الظن السيئ حتى أتيت بالمقال الثاني في ذات الصحيفة وياليتك اكتفيت بالأول فقد زدت الطين بلة والخرق اتساعا وصرحت بجواز الاختلاط في مجال الدراسة والعمل بل وتجاوزت ذلك إلى إباحة مصافحة المرأة الأجنبية والنظر إليها وأنها يجوز لها أن تأخذ بيد الرجل في أي السكك شاءت وأن تفلي رأسه مما تأكد إلي بعد ما ترمي إليه وأنك تقصد الأول فأي فهم سقيم أعظم من هذا الفهم المهلك وأي ضلال بعد هذا الضلال , ولم تكتف بذلك بل تهجمت وشنعت وقبحت من يخالفك الرأي من العلماء المعتبرين الذين أفتوا بحرمة الاختلاط ووصمتهم بأنههم يعيشون تناقضا وجعلوا من حماستهم وغيرتهم مبررا للتعقب على أحكام الشرع ووصفتهم بأنهم جاؤا بقول مبتدع وافتاتوا على الدين (سبحانك هذا بهتان عظيم) فأين أنت من قول الله عز وجل (وإذا قلتم فاعدلوا) (وقوله تعالى (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) وأين أنت من آداب الخلاف وآداب العلماء وآداب الحوار وأنت تدعي العلم والفقه فقل لي بربك هل هذه أخلاق تليق برئيس هيئة أو بمحتسب أو طالب علم أو حتى أحد من عامة المسلمين ألم تعلم أن من قال بعدم جواز الاختلاط هم من كبار علماء هذا البلد المبارك وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز وابن عثيمين و ابن جبرين و ابن غديان وابن غصون وصالح الفوزان وسماحة المفتي العام للمملكة عبد العزيز آل الشيخ رحم الله الميتين وحفظ الله الحي منهم وقل لي بربك ما الفرق بينك وبين أولئك في هذا المسلك الذين تهجموا على أحد أعضاء هيئة كبار العلماء وشنوا الغارات الآثمة تلو الغارات في الأيام الماضيه ممن ليسوا أهلا للحديث عن الأحكام الشرعية وليس لهم معرفة بها مع توججهم وفكرهم المشبوه؟؟؟ ولاشك أن هذا المسلك المشين ليوسع الهوة بين الأمة وعلماءها ويضعف ثقة الناس بهم وبفتاويهم المبنية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما رزئت الأمة وما بليت بشر أعظم من هذا المسلك فأصبح كل من هب ودب يفتي ويضلل الناس وما خرجت فلول الإرهاب والتكفير والتفجير إلا بسبب الفتاوى الشاذة الضالة المنحرفة وبسبب أولئك الذين تسوروا على أهل العلم وافتاتوا عليهم فأفتوهم بغير علم فضلوا وأضلوا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ
(يُتْبَعُ)
(/)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) إضافة إلى إغفالك لفتاويهم في الاختلاط وضربك بعرض الحائط أقوالهم بأدلتها بل وتجاهلت أو جهلت قواعد الشريعة ومقاصدها كقاعدة (سد الذرائع) وقاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح) والتي من فقدها ينبغي أن لا ينبري للاحتساب فضلا عن أن يكون رئيس هيئة ففاقد الشيء لا يعطيه وهذا في نظري هو الذي أوقعك في هذه الهاوية وجرك إلى إغفال مفاسد الاختلاط التي تئن من وطئتها وشرورها الأمم التي سبقتنا إليه ومجتمعنا أيضا اكتوى بناره ومثلك لا يجهل الحوادث المتكررة من التحرش والاعتداء على الأعراض والابتزاز في المجالات المختلطة مما عجت به صحفنا المحلية حتى مع الأسف ممن هم في موقع الأمانة والثقة , فلم يعد أمرا خافيا على أحد ثم ما هو قولك وموقفك كرجل دولة من المرسوم الملكي ذي الرقم 11651/ 16/ 5/ 1403هـ القاضي بمنع الاختلاط في شتى أماكن العمل.ثم لو أردت الحق فيكفيك أن تفهم قول الله عز وجل (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) وقوله صلى الله عليه وسلم (إياكم والدخول على النساء) ولاشك أن ما ذهبت إليه فرح به دعاة الاختلاط ودعاة التبرج والسفور أشد الفرح لكونه صدر من شخص يمثل جهة من أهم الجهات الحكومية التي أنيط بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه منع الاختلاط وحماية الأمة من مفاسده وأضراره ولو كتبت مقالك هذا بمجرد اسمكم الكريم فقط لما حصل على ما حصل عليه من النفخ فيه والتلميع والاهتمام البالغ وإني أخشى أن تكون قد اتخذت مطية لهم ولباطلهم الذي يقاتلون من أجله ليل نهار بل هذا ما حصل فانظر إلى مقالك كيف تصدر عنوانه الصحف المحلية والعالمية بدون قيد أو شرط فبعد هذا ما أنت قائل بحكم عملك ومسؤوليتكم وأمانتكم لو بلغك بأن مجموعة من الشباب والشابات الأجانب عن بعضهم اجتمعوا في إحدى الحدائق العامة أو في بهو الجامعة أو المستشفى على مرأى من الناس (وبدون خلوة) يتجاذبون أطراف الحديث ويتناولون بعض المرطبات؟؟؟ لا شك بأن فكرك ومذهبك هذا يقول لاخلوة ولاشبهه فلا إنكار عليهم. فتكون حين إذن قد عطلت جزءا كبيرا من أعمال الهيئة ومسؤلياتها وأقررت منكرا عظيما بحد ذاته ينكره من له أدنى حد من الدين والعقل وما أنت قائل لو سمعت بأن هناك صالونا للحلاقة يعمل فيه نساء يقمن بحلاقة رؤوس الرجال وفليها؟؟؟ أو أن هناك قصرا للأفراح يوجد فيه نساء يقمن بخدمة الرجال؟؟؟ فاتق الله يا شيخ ولا تلبس على الناس دينهم وأخلاقهم , ولله در القائل (يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن) وقول الله أبلغ (أفمن زين له سؤ عمله فرآه حسنا) أسال الله أن يهدينا وإياكم إلى طريق الصواب وأن يرينا وإياكم الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه فما قلت من صواب فمن الله وما قلت من خطأ فمن نفسي والشيطان , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,
كتبه الفقير إلى عفو ربه / عبد الله بن حمدان الحربي خريج المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (قسم الحسبة) بجامعة أم القرى ohod4@hotmail.com
ـ[أم البررة]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 02:20]ـ
وهذا مقال للشيخ د. سعد العتيبي وصلني عبر مجموعته البريدية:
العبرة بالنظام المعمول به لا بتصريحات المناقضين له
(نحو ثقافة نظامية في ظل الفوضى الإعلامية)
بغض النظر عن الآراء الفقهية مهما كانت قوية أصيلة وإن شكك بعض المنتسبين لطلبة العلم في أصالتها، أو ضعيفة حادثة مهما حاول القائلون بها إثبات صحتها، وسواء صدرت من عالم رباني أو غيره - ينبغي أن تسود بين الناس ثقافة الدولة النظام، ودولة المؤسسات النظامية، لا آراء الأفراد الخاصة مهما كانت مكانتهم العلمية. وهذه الثقافة العالية تُعرف في العالم المتقدم إداريا وتقنياً: بثقافة دولة القانون.
(يُتْبَعُ)
(/)
صحيح أنها ثقافة ليست جديدة على حضارتنا الإسلامية، وصحيح أن التفريق بين الاجتهاد الخاص والنظام العام، قضية لم تخف على مشايخنا الكبار، ولست بصدد التفصيل في هذه القضية التي تحدّث عنها العلماء قديما وحديثا في أبواب الأصول والسياسة الشرعية، غير أنني أجد من المناسب ضرب مثال عملي معاصر لعالم جليل ورمز كبير، كان يطبّق هذه الثقافة مع شدّة قرب المسؤولين منه، وليس قربه من المسؤول فقط.
إنَّه العلامة شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله! سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء السابق. لقد كان رحمه الله مثلاً عالياً للعالم الرباني الذي يتكلم عن علم وديانة، ويأمر وينهى بما يدين الله به، ويجتهد في ابتغاء الحق وسعه، ومع علمه وغيرته وأهليته المشهود له بها من علماء العصر، إلا أنه كان يتحدّث بمسؤولية فائقة، فيفرق بين مسؤوليته في وظيفته العلمية وبين مسؤوليته في وظيفته الرسمية، فلم يتعامل مع الفتوى الخاصة كتعامله مع الفتوى العامة ولا الفتوى المأمون تأثيرها مستقبلا على التي قد يكون مآلها مشكلاً؛ لأنَّه يدرك الفرق بينهما من الناحية العلمية والعملية، ولا سيما من ناحية النظر في المآلات، شأن الفقهاء الكبار!
لقد كان رحمه الله - وهو المفتي العام، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء - يكتفي بنسبة ما كان خاصاً من فتوى أو رأي - على مكانة رأيه العلمي - إلى نفسه، ويوَّقِّعه باسمه مجرداً عن أي لقب وظيفي من هذه الألقاب السابق ذكرها! بينما يضيف إلى اسمه اللقب الوظيفي حين تكون فتواه أو رأيه في موضوع من الموضوعات التي تحتاج إلى ذكر اللقب الوظيفي!
بل ربما وقَّّّع بعض الفتاوى و بعض الآراء التي تتطلب ذكر منصبه الوظيفي باسمه مجرداً عن لقبه الوظيفي، إذا بُيِّن له أن نشر رأيه بلقبه الوظيفي قد يتسبب في إحراج ما للدولة أمام جهات أجنبية، لكونه يتبوّأ منصباً كبيراً فيها، وأنَّ رأيه مهما كان صوابا، قد يفسّر على أنه موقف حكومي! في الوقت الذي قد تقتضي المصلحة عدم نسبته للحكومة، ومن ثم خشية قراءة الفتوى أو الرأي على أنه موقف حكومي.
لقد كان رحمه الله يعي جيداً ما يترتب على الرأي الخاص من آثار مهما كان قوياً من الناحية العلمية، فيتحمّل هو مسؤوليته مسؤولية علمية خاصّة.
لقد كان الشيخ رحمه الله يقوم بالموازنة الفقهية السياسية الشرعية، التي تقتضي فيها الديانة الصدع بالحق، وتقتضي فيها السياسة الشرعية نشره ولو بالصفة الشخصية!؛ فيجمع بين بيان ما يرى وجوب بيانه، وبين مراعاة المآل الذي قد يتسبب في أمر غير مرغوب يمكن دفعه، وذلك بأن يوقع البيان أو الفتوى باسمه الشخصي مجرداً عن ألقابه الوظيفية؛ بخلاف ما تقتضي المصلحة نشره باسمه الشخصي مقروناً بلقبه الوظيفي فإنه ينشره به مثل: مفتي عام المملكة العربية السعودية، أو رئيس هيئة كبار العلماء ـ أو رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء، أو بها جميعا، بحسب ما يقتضيه الحال.
ويبدو أنَّنا بحاجة إلى التذكير بهذا الفقه، ونشر الوعي به بين من لا يفقهه؛ ولا سيما في ظل الجرأة الصحفية على ثوابت الشرع الحنيف ومرجعياته الرسمية في بلادنا، وعلى النظام العام للدولة، وعلى الأنظمة المرعية الشرعية الرسمية، الصادرة من السلطة التنظيمية في المملكة العربية السعودية.
ولعلّ من آخر تلك الجرائم الصحفية، ما جرى من صحيفة عكاظ في لقائها الذي أجرته مع رئيس إحد فروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونسبة ما صدر منه من رأي شخصي إلى جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! وهذه جريمة إعلامية؛ فإنَّ الآراء الشخصية لا تمثل إلا أصحابها، ولا يمكن بحال أن تكون آراء الموظفين الشخصية مقدمة على أنظمة الدولة ولوائحها الرسمية التي تصدر بصفة رسمية، عبر السلطة التنظيمية أو بتخويل منها؛ إذْ من بدهيات الشريعة والقانون أنَّ الأنظمة الحكومية العامة تحكم الراعي والرعية، ولا يقلّل من شأنها خطأ مسؤول في التطبيق، ولا كذب صحفي في التحقيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليت الموظف الحكومي في الهيئة حين تبنى رأياً مخالفاً للفتوى الرسمية والأنظمة المرعية، بيّن أنه رأي شخصي، لا يمثل الجهة التي يعمل لديها، لكان الأمر أسهل؛ لأن النّاس يعرفون مصادر الفتوى الموثوقة.
وليت الصحيفة حين بيّنت - ولو من باب المسؤولية حين فقدت المهنية - أنَّ مقولات ضيفها تمثل رأيه، وأنها لا تتحمل مسؤولية ما يترتب على مقولاته من مخالفات للأنظمة المعمول بها، و لا تتحمل ما يترتب على تصريحاته من مسؤوليات جنائية على المخالفين للأنظمة التي تحكم الموضوع.
ففي الوقت الذي يتجرأ الإعلام على تجهيل النظام والتجهيل به، نجد النظام واضحاً صريحاً لا يمكن إخفاؤه، ولا يقبل الادعاء بجهله، ولا سيما بعد إعلانه في الجريدة الرسمية، ووجوده في مواضعه من الأنظمة الحكومية، فقد ورد التصريح بتجريم (الاختلاط المحرم) ووصفه بالمنكر، الذي يجب على الهيئة الحيلولة دون وقوعه، وذلك في اللائحة التنفيذية لنظَام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي مادته الأولى.
ومن هنا يبقى الاختلاط المحرم (الصور المحرمة من الاختلاط) فعلاً مجرّماً شرعاً بالفتوى الرسمية ونظاماً بالائحة الرسمية. ومن ثم فلا عبرة بكل ما يقال من نفي تجريمه، ويبقى مرتكبه مسؤولاً قضاءً، أي أنه يقع تحت طائلة الضبط، وضمن واجبات التحقيق والادعاء، ومستحقا للمحاكمة أمام القضاء. فلا يجوز التغرير بالمواطنين والمقيمين بمقابلات صحفية، وتصريحات شخصية، وجعلها في مقام النظام، وهي محسوبة فيه من الإجرام.
ومن هنا أقول: يجب التفريق بين التصريحات الشخصية والآارء الفردية التي تمثل أصحابها، وبين الفتاوى الرسمية والأنظمة المرعية التي تمثل الدولة.
لقد كان من الواجب على الصحافة ووسائل الإعلام تكثيف الوعي بالأنظمة، وبذل الجهد في تعميم الثاقفة النظامية وتعميقها، سعياً في تحقيق المواطنة، وتهيئة للناس لبعض المصالح التي تتطلب أنظمة تأخرت بسبب قلة الوعي النظامي، وخشية وقوع آثار سلبية في ظل ما يمكن تسميته: عدم النضج الإعلامي، الذي يتسبب في تعميق الضعف النظامي للمجتمع بصفة عامة.
سعد بن مطر العتيبي
-------------------------------------------
ملحق من نص اللائحة:
صدر قرار معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم (2740) وتاريخ 24/ 12/1407هـ بإقرار اللائحة التنفيذية ونشرت في جريدة أم القرى في عددها رقم (3203) وتاريخ 30/ 7/1408هـ
الباب الأول: واجبات الهيئة
المادة الأولى:
على أعضاء هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - القيام بواجبات الهيئة حسبما حددتها المادة التاسعة من نظَام الهيئة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/37 وتاريخ 26/ 10/1400هـ والتي أهمها إرشاد الناس، ونصحهم لاتباع الواجبات الدينية المقررة في الشريعة الإسلامية وحملهم على أدائها ـ وكذا النهي عن المنكر بما يحول دون ارتكاب المحرمات والممنوعات شرعاً، وإتباع العادات والتقاليد السيئة أو البدع المنكرة، ويكون ذلك باتباع الآتي:-
أولاً - حث الناس على التمسك بأركان الدين الحنيف من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وعلى التحلي بآدابه الكريمة، ودعوتهم إلى فضائل الأعمال المقررة شرعاً كالصدق والإخلاص، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانات، وبر الوالدين وصلة الأرحام ومراعاة حقوق الجار، والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين ومساعدة العجزة، والضعفاء وتذكير الناس بحساب اليوم الآخر، وأن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها.
ثانياً- لما كانت الصلاة هي عمود الدين، وسنامه، فيتعين على أعضاء الهيئة مراقبة إقامتها في أوقاتها المحددة شرعاً في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء إليها، وعليهم التأكد من إغلاق المتاجر، والحوانيت، وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها.
ثالثاً - مراقبة الأسواق العامة، والطرقات والحدائق، وغير ذلك من الأماكن العامة والحيلولة دون وقوع المنكرات الشرعية الآتية:-
1 - الاختلاط والتبرج المحرمين شرعاً.
2 تشبه أحد الجنسين بالآخر.
3 تعرض الرجال للنساء بالقول أو الفعل.
4 الجهر بالألفاظ المخلة بالحياء، أو المنافية للآداب.
5 تشغيل المذياع، أو التليفزيون، أو المسجلات وما ماثل ذلك بالقرب من المساجد أو على أي نحو يشوش على المصلين.
6 إظهار غير المسلمين لمعتقداتهم، أو شعائر مللهم، أو إظهارها عدم الاحترام لشعائر الإسلام وأحكامه.
7 عرض، أو بيع الصور، والكتب، أو التسجيلات المرئية، أو الصوتية المنافية للآداب الشرعية، أو المخالفة للعقيدة الإسلامية اشتراكاً مع الجهات المعنية.
8 عرض الصور المجسمة، أو الخليعة، أو شعارات الملل غير الإسلامية كالصليب، أو نجمة داود، أو صور بوذا، أو ما ماثل ذلك.
9 صنع المسكرات أو ترويجها، أو تعاطيها اشتراكاً مع الجهات المعنية.
10 منع دواعي ارتكاب الفواحش مثل الزنا واللواط والقمار أو إدارة البيوت، أوالأماكن لارتكاب المنكرات، والفواحش.
11 البدع الظاهرة كتعظيم بعض الأوقات، أو الأماكن غير المنصوص عليها شرعاً، أو الاحتفال بالأعياد، والمناسبات البدعة غير الإسلامية.
12 أعمال السحر والشعوذة، والدجل لأكل أموال الناس بالباطل.
13 تطفيف الموازين، والمكاييل.
14 مراقبة المسالخ، للتحقق من الصفة الشرعية للذبح.
15 مراقبة المعارض، ومحلات حياكة ملابس النساء.
=========================
وهذا نص نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي نص على تنظيم اللائحة السابقة:
http://www.boe.gov.sa/boe/index.html
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 09:07]ـ
تمت إقالة رئيس هيئة مكة من منصبه ولله الحمد، والخبر مؤكد.
ـ[البدري]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 10:32]ـ
قَالَ عَلِىٌّ رضي الله عنه: الْفَقِيهُ حَقُّ الْفَقِيهِ الَّذِى لاَ يُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلاَ يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَلاَ يُرَخِّصُ لَهُمْ فِى مَعَاصِى اللَّهِ، إِنَّهُ لاَ خَيْرَ فِى عِبَادَةٍ لاَ عِلْمَ فِيهَا، وَلاَ خَيْرَ فِى عِلْمٍ لاَ فَهْمَ فِيهِ، وَلاَ خَيْرَ فِى قِرَاءَةٍ لاَ تَدَبُّرَ فِيهَا.
قَالَ مُجَاهِدٍ: إِنَّمَا الْفَقِيهُ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ.
ـ[أم تميم]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 10:41]ـ
تزايدت ردود الافعال الرافضة على تصريح رئيس هيئات مكة المكرمة الدكتور الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي الذي سبق ان صرح لإحدى وسائل الإعلام المحلية بإباحة الإختلاط مابين الجنسين وجواز تفلية رأس الرجل من قبل إمرأة اجنبية اضافة الى جواز مصافحة المرأة للرجل الأجنبي عنها والاخذ بيده والذهاب به اينما شاءت , والذي أخذ حديثاً واسعاً واصبح مثار جدل في منتديات الأنترنت والصحف الورقية والالكترونية وصلت في بعض الحالات حد المطالبة بعزل الدكتور محمد الغامدي من منصبه الحالي لاسيما وان الرافضين لفتواه وجهوا له اللوم كونه في المقام الأول يشغل رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , في اطهر بقعة مباركة على وجه الأرض.
الشيخ محمد بن ناصر المنجد رفض ماذهب اليه الدكتور الغامدي بقوله:القول بجواز تفلية رأس الرجل الاجنبي من قبل إمرأة اجنبية وكذلك مصافحته لها اضافة الى القول بأن الإختلاط مابين الجنسين وكذلك القول بأن المرأة يجوز لها ان تأخذ بيد الرجل والذهاب به حيث شاءت ,مسألة خطيرة وفيها افتراء وتجني على شريعة رب العالمين , اضافة ان القول بذلك فيه معاونة لبعض المنافقين بالإستدلالات الباطلة بالسعي الحثيث لترويج الإختلاط واباحته بين الجنسين الأمر الذي يثير البلبلة بين ابناء المسلمين ويلبس عليهم.
واستشهد الشيخ المنجد بقول للشيخ بن باز رحمه الله عندما قال:
وقد يتعلق بعض دعاة الإختلاط في بعض النصوص الشرعية التي لايدرك مغزاها الا من نور الله قلبه وتفقه في الدين وضم الادلة الشرعية بعضها الى بعض وكانت في تصوره وحدة لايتجزأ بعضها من بعض ".
ويتابع المنجد القول: من يقول ذلك الكلام لايمكن ان يؤتمن على أعراض المسلمين مضيفا القول أي معروف هذا الذي سيأمر به واي منكر هذا الذي سينهى عنه في اشارة واضحة الى الدكتور محمد الغامدي.
صحيفة المصدر
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 11:14]ـ
إعفاء الغامدي وتكليف الجهني برئاسة هيئات مكة
إيجاز – خاص:
أفادت أنباء بأن الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين أصدر قرارا اليوم بإعفاء أحمد بن قاسم الغامدي مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة من منصبه، وتعيين الشيخ عبدالرحمن الجهني رئيس هيئة الطائف مديرا عاما مكلفا.
وكان الشيخ "أحمد بن قاسم الغامدي" أثار استنكار العلماء والدعاة في السعودية بكلام له حول إباحة الاختلاط، ورد عليه علماء ومشايخ في العديد من الصحف والمواقع، وامتد ذلك خارج المملكة بإصدار علماء ودعاة كويتيين بيانا - نشرت إيجاز نسخة منه اليوم - ينتقد فتواه بشدة ويصفها بالشاذة.
تجدر الإشارة إلى أن الشيخ الجهني المكلف برئاسة الهيئة يشغل المرتبة الثانية عشرة، ومسمى منصبه قبل التكليف الجديد هو مساعد مدير عام هيئات الأمر بالمعروف بمكة المكرمة. فيما يشغل المدير المعفى أحمد الغامدي المرتبة الحادية عشرة.
http://www.ejaz.ws/news.php?op=viewNews&id=264&catID=8
ـ[تركي القحطاني]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 02:54]ـ
الحمدلله
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 03:59]ـ
أسأل الله لنا له الهداية في القول والعمل .... أسأل الله لنا له الهداية في القول والعمل .... أسأل الله لنا له الهداية في القول والعمل.
..
ـ[أحمد سمحان]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 11:35]ـ
في شرحه لباب (قوله باب الغيرة)
أخي الكريم يرجى منك التثيت
القصة غير موجودة في باب الغيرة
بل في
باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس
وليس فيها أن قصة العرس كانت قبل نزول آيات الحجاب
بل الحديث هناك عن
أن فاطمة سيدة نساء العالمين شكت ما تلقى يداها من الرحى وسألت أباها خادما فدلها على خير من ذلك وهو ذكر الله تعالى
يرجى التثبت، فالحكم قد تغير الآن ...
ـ[أحمد سمحان]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 11:40]ـ
بل إن الإمام ابن حجر رحمه الله قال: الحجاب إنما هو في حق أزواج النبي صلى الله عليه و سلم خاصة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[18 - Dec-2009, صباحاً 12:25]ـ
جزاكم الله خير أنا كنت بعيد عن الجهاز و عن الأخبار و قد سررت لما سمعت بإعفائه فهذه واحدة بواحدة و الحذر الحذر من حزب متتبعي الرخص المتسمين بالوسطيين فإنهم ينخرون فينا مثل السوس و هم متعلقون بأذناب الغرب و متغلغلون في المجتمع
ـ[الأمل الراحل]ــــــــ[18 - Dec-2009, صباحاً 01:19]ـ
مع الأسف، القرار أجهض من جهات عليا والله المستعان.
ـ[ابن بجاد العصيمي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 01:27]ـ
(لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:48)
الإحباط
لمكائد من أراد إباحة الاختلاط
(نقض لشبهات الدكتور أحمد الغامدي)
كتبه
الفقير إلى عفو ربه العلي
بدر بن علي بن طامي العتيبي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة" (1/ 361): وهذا كله لأن اختلاط أحد الصنفين بالآخر سبب الفتنة فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب.
وقال الإمام ابن قيم الجوزية الحنبلي في "الطرق الحكمية" (ص407): ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال: أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة.
وقال: فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك، انتهى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد اطلعت على ما كتب الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي في لقائه بجريدة عكاظ في عدديها الصادرين يومي الأربعاء والخميس 22 – 23 ذو الحجة 1430هـ، وقد رأيت عجباً من القول، وفساداً في فهم المنقول، وسقماً في تطبيق المعقول, ولي مع كلامه مقدمة ووقفات لعلها تكون دواءً لسقم فهمه، وشفاءً لقلوب المؤمنين، فأقول:
أما المقدمة:
لا غرابة أن يكون للحق خصوم وأعداء، وخاصة في زمن الغربة وفساد الزمان، وغلبة الجهل والهوى، وتكلم الرجل التافه في أمر العامة، وقد ركب الناس اليوم الصعب والذلول، وتكلم هَنْ بن مَنْ، وهيّان بن بيّان في شرع الله تعالى ومن بينهم الكافر الزنديق، والفاسق الحلّيق، والجاهل الغريق، وأمثال هؤلاء منزلتهم تأتي على مقالتهم، وحقيقتهم تنفّر الناس من طريقتهم، فلم يلتفت عقلاء المسلمين، وفضلاء الموحدين، إلى مقالاتهم التي يبثون فيها نفثات سمومهم كلّ يوم في المجالات الإعلامية المرئية والمقروءة، (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:18)، ولكن الخطر كلّ الخطر أن يمرق بمقالة الملحدين من يُحْسَب على الدين، فهذا وجنسه من الأئمة المضلين الذين خاف علينا منهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال -فيما رواه الإمام أحمد وغيره-: (أخوفُ ما أخاف على أُمتي الأئمة المُضِلون).
والأدهى والأمرّ من ذلك لو جاءت مقالة السوء على لسان من يَظهر منه الصلاح فجعله الله فتنة لمن في قلبه مرض، فصار سبباً للصدّ عن دين الله، والتجاسر على محارم الله، فإن هذا من أعظم ما ينقض عُرى الإسلام، كما قال عمر رضي الله عنه: (يَهْدِمُ الإِسْلاَمَ زَلَّةُ عَالِمٍ وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ) رواه الدارمي وغيره.
فيا (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) (الممتحنة:5).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد حاول العلمانيون وأذنابهم في بلاد التوحيد منذ عقودٍ مضت أن ينقضوا عدداً من ثوابت الشريعة الإسلامية بشبههم وتشكيكاتهم فما استطاعوا، حتى وجدوا أن أقوى سلاحٍ للتشكيك في الدين: الكلام بلسان الدين! وهي الشبهات التي ارتضاها زعيمهم الأول إبليس -أعاذنا الله تعالى منه- فدخل بها على قلوب الصالحين! كما جاء في الحديث عند ابن أبي عاصم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهما فإن إبليس قال: أهلكتهم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار، فلما رأيت ذلك منهم أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون فلا يستغفرون).
والدجال الأكبر الذي ما من نبي إلا وحذر أمته منه لن يأتي بشيء أخطر على الناس من الشبهات، كما روى أبو داود عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ سَمِعَ بالدَّجَّال، فَلْيَنْأَ منه، فوالله إِن الرجل ليأتيه وهو يَحْسِبُ أَنه مؤمن، فيتبعُه، مما يَبْعَثُ به من الشبهات، أَو لَمَا يَبعث به من الشبهات).
وجنود إبليس والدجال هم الذي يشبهون على الناس دينهم باتباع المتشابه، كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ) (آل عمران:7)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة؛ إذا رأيتِ من سمى الله فاحذروهم) أي من الذين يتبعون المتشابه من نصوص الشرع ويلبسون على الناس أمر دينهم.
فاتباع متشابه الأدلة هي مطية أهل البدع والأهواء، ولهذا كم أعقبوا حصن المسلمين كلّ بلية، وأوقعوا بينهم الفتن والقلاقل! مما عجز عنه الكافرون المحاربون؟ ولهذا كان أهل البدع والأهواء هم أشد نكاية على الإسلام وأهله من الكفار المحاربين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" (28/ 231): ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.
فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء، انتهى.
ولنا مثل قريب توافق أحداثه ما يحصل عندنا اليوم في بلاد الحرمين! فبعدما فرض الاستدمار الإنجليزي سطوته على الديار المصرية لم يستطع الإنكليز تغيير مبادئ أهل مصر، ولا زعزعة ثوابتهم الدينية! حتى جاءوا بلسان الدين تحت عباءة الوعظ والإرشاد بلسان: رفاعة الطهطاوي (1216هـ - 1290هـ) فبث في أهل مصر ثلاث مؤلفات وهي: "تلخيص الإبريز في تلخيص باريز" و" مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية" و"المرشد الأمين للبنات والبنين"، ففتن بها من لم يرد الله به خيراً، وطار بها فرحاً العلمانيون أدعياء التحرر! فدعا في تلك المؤلفات إلى أن الاختلاط لا يمكن أن يكون سبباً في الفساد، وحث على إقامة المسارح، وجوّز مراقصة الرجال للنساء.
(يُتْبَعُ)
(/)
فيقول في مراقصة النساء في فرنسا: (ويتعلق في فرنسا كل الناس .. فلذلك كان دائماً غير خارج عن قوانين الحياء، بخلاف الرقص في أرض مصر، فإنه من خصوصيات النساء، لأنه لتهييج الشهوات، وأمّا في باريس فإنه نمطٌ مخصوص لا يشم منه رائحة العهر أبداً! وكل إنسان يعزم امرأة يرقص معها، فإذا فرغ الرقص عزمها آخر للرقصة الثانية، وهكذا وسواء كان يعرفها أو لا!) (1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=postthread&f=3#_ftn1) .
ثم جاءت نازلي فاضل في صالونها -وهو ميدان أدبي يحاكيه اليوم بعض الصحف والأندية الأدبية والجلسات الأسبوعية وخبايا الاستراحات - فاستضافت عددا من أدعياء التدين كمحمد عبده واللَّقاني ومحمد بيرم وقاسم أمين (2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=postthread&f=3#_ftn2)، فتواطؤا على المكر والمكيدة بالمسلمات، فكتب قاسم أمين (1279هـ- 1326هـ) كتاباً سماه "تحرير المرأة" تناول فيه القضية الرئيسة للمرأة وهي (الحجاب) ومسائل أخرى، وتفوّه إفكاً عندما حاول أن يسقط الحجاب بساقط الكلام، وحاول أن يطوّع نصوص الوحيين لغريزة الغربيين! وسمّى الأمر بالحجاب جموداً من رجال الدين! فلقي كتابه معارضة شديدة من بعض أهل الغيرة، حتى اعتزل خوفاً من سيل الانتقادات على كتابه ذلك، حتى ناصره على الضلالة: سعد زغلول، الذي قال له: (امض في طريقك وسوف أحميك!!) وكذا ناصره شيخه: محمد عبده، زعيم المدرسة العقلانية! الذي شاركه في كتابة بعض نصوص كتابه "تحرير المرأة".
حتى صارت فتنة نزع الحجاب وعمل المرأة واختلاطها بالرجال وذلك في:20 مارس - آذار عام 1919م في ميدان قصر النيل (ميدان الإسماعيلية) ولا زالت المرأة المصرية تعيش في ويلات تلك الفتنة وعواقبها، حتى عاد الكثير من النساء المصريات اليوم إلى الحجاب والقرار في البيوت بعد فساد التجربة بل الجريمة الطهطاوية العشراوية الاستدمارية!
واليوم لا غرابة أن يُفتن فئام من ضعفاء القلوب بزلل مقالات أدعياء العلم والدين، كما حصل لمقال وزير العدل، وفتاوى بعض أدعياء العلم والصحوة، حتى وصل المطاف آخراً بالمحسوب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينادي بأقوى عبارة، وأخبث إشارة إلى اختلاط المرأة بالرجال مشبها وملبساً بنصوص شرعية، وعبارات علمية، كان لها بالغ الأثر، وأحدثت ضجة عارمة اجتاحت البلاد من مثله في مثل منصبه!
ولكن قيض الله له من يرد مقالته، ويبطل قالته، فرد عليه جملة من الفضلاء، وكشفوا جهله وزيغه عن السبيل، وهكذا هو الواجب فلكل فرعون موسى! فالباطل لا يدلي على الحق إدلاءة كاملة، بل ينصر الله الحق، ويُزهق الباطل، (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ) (الرعد:17) وللحق قوة لا تدفعها كثرة الباطل وخطورته، قال تعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء:18).
ولكن أكثر علي بعض المحبين وطلب كتابة ردٍّ مفصّل على كلام الغامدي، وذكر أن عامة الردود جاءت على وجه الاختصار، وأن الغامدي أورث شبها في قلوب بعض القاصرين، فاغتنمت فرصة حط عصا الترحال، وهدوء البال، فكتبت هذه الورقات، سائلا الله تعالى نصرة دينه، ورفعة شريعته، وعزة أوليائه، وذلة أعدائه، وحفظ بلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين، والله ولي التوفيق.
يتبع ..
----------------------------------
(1) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=postthread&f=3#_ftnref1) من كتابه "تلخيص الإبريز" (صحيفة: 168)، بواسطة " حجاب المسلمة " لمحمد فؤاد البرازي (صحيفة: 427) ونقلت هذا كله في كتابي "الحرب الباردة على المرأة المسلمة".
(2) ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=postthread&f=3#_ftnref2) المرجع السابق: (صحيفة: 430).
ـ[ابن بجاد العصيمي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 01:29]ـ
فصل
في الوقفات مع كلام الغامدي
(يُتْبَعُ)
(/)
الوقفة الأولى: من نظر إلى مبتدأ المقال وجد أنه عن فضيلة جامعة الملك عبدالله، وأهميتها في العصر الحاضر، وكانت هذه الإشادة في بضعة أسطر! ثم دخل في موضوع (الاختلاط) وكأنه أمرٌ عارض اقتضى ذكره المقام، إذ الشيء بالشيءِ يُذكر! فقال الغامدي: (بهذه المناسبة سأتطرق في حديثي هنا عن (الاختلاط) .. ).
فلا يُدرى عن أصل موضوعه: أهو جامعة الملك عبدالله أم الاختلاط؟!
وعجباً لهذا الأمر العارض الذي استغرق حلقتين في صفحتين كاملتين، فكأنه الأصل، وأمر الجامعة هو الفرع، فيحق أن يقال: إنه أمرٌ قضي بليل! وأن منشأ الكلام كله إنما هو تقرير رأيه الفاسد في مسألة الاختلاط، والوصول إلى هذا المطلب تذرعاً بجامعة الملك عبدالله تجهيزاً لغطاء أمني وهمي! وفي إيراده مقاصد لا تخفى!
الوقفة الثانية: مسائل الدين لا تبحث في مواطن السخافة والصحافة! إلا على وجه الرد على المخالفين لدين الله تعالى، وإلا فالعلم يجل ويصان طرحه أمام النوكى والحمقى والجهال، وفي صحيفة عرفت بتوجهها المناوئ لأبسط أبسط الأخلاق الإسلامية تحت أقلام كتابها الليبراليين المنافحين عن الليبرالية بالتصريح والتلميح.
فهل تعذَّر على الغامدي أن يذكر أدلته في رسالة أو شريط كسائر مسائل الدين؟
أيبتغي العزة والشهرة بمثل هذه الصحيفة لأنها ستفرح بمقالته لموافقته لهواها؟ (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا) (النساء:139) حتى صدّرت صورته، وعنوان خبره على الصفحة الأولى من صفحاتها كأهم خبر، وأقوى مقال! ّ
سبحان الله العظيم.
الوقفة الثالثة: لا أحد يجحد فضيلة العلم الطبيعي، وأهميته في ريادة الأمم، وحاجة الأمة إليه، ولكن لم تكن ريادة وسيادة الأمة الإسلامية بعلم الكيمياء ولا الفيزياء ولا الرياضيات ولا غيرها من العلوم الطبيعية بل ولا الفنون الحربية، وإنما ريادة الأمة وسيادتها بدين الله تعالى، وبه العلو والرفعة وقد قال تعالى (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139)، فجعل شرط العلو والرفعة هو الإيمان بالله تعالى، وهذا العلو وصف دائم لأهل الإيمان على مستوى الفرد والمجتمع، وقد قال تعالى لموسى وهو على بلاط فرعون، والدولة دولة فرعون، وموسى فرد واحد، ليس معه إلا القليل من الناس، ومع ذلك قال الله تعالى له: (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى) (طه:68).
فلا نأسى على قصور المسلمين في علوم الطبيعة عن غيرهم، فغيرهم أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأعطوا فهوماً وما أعطوا علوما، وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (الأحقاف:26).
فهذه العلوم لا رفعة ولا عزة بها بذاتها، بل هي دليل على وبال من لا يؤمن بالله وسوء حاله كما قال تعالى (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الرُّوم:7).
وإنما الأسى كلّ الأسى -يا فضيلة الدكتور- عندما يتخلف المسلمون عن ركب الموحدين، وجيش المجاهدين، والتمسك بالدين، ويتجهون إلى التنكب عن سبيل المؤمنين، والتشكيك في ثوابت سنة سيد المرسلين.
إنما الأسى كلّ الأسى؛ عندما نتراجع إلى الوراء، ونحكِّم الشرع إلى أهواء البشر، بدل أن نأطرَ أهواء البشر تحت شرع الله وأمره.
إنما الأسى كلّ الأسى؛ عندما تزعزع الثوابت بلسان النوابت، ويُعرف ما كان منكرا، ويُنكر ما كان معروفاً.
إنما الأسى كلّ الأسى؛ عندما نرى شباب المسلمين يتهافتون إلى تعظيم الغرب، والاغترار بحضارتهم الزائفة، وقد كانوا على هدى وصراط مستقيم.
وإنما الأسى كلّ الأسى؛ عندما يركن البعض للكفار يريدون منهم العزة، فأذاقهم الله (ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ) (الإسراء:75) ولم يجدوا لهم على الله نصيراً.
هذا الذي يجب أن يحرك مشاعر الصادق في إسلامه، وهذا المجد الذي تحنُّ إليه قلوب الموحدين الصادقين المجددين.
فعزة الدين، والسعي إلى تعزيزه، هو بساط المجد الذي من جلس عليه رفع الله ذكره، وأخلده بين العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلم تذكر الأمة اليوم مسلماً كيميائياً ولا فيزيائياً ولا حسّاباً كما ذكرت زهد الحسن البصري وأويس القرني، وعلم أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وإمامة ابن تيمية وابن القيم.
فهذا هو المجد الذي تتطلع قلوب الموحدين إلى تجديده، والإكثار من فتح الجامعات ودور العلم لإحيائه ونشره بين المسلمين.
فإن تمّ لنا تمسكنا بدين الله تعالى، وتعظيم شرعه، والاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فنحن بحاجة إلى مثل جامعة الملك عبدالله في تقرير العلوم الطبيعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا الباب.
وأما قول الغامدي: (هنا نقف مع من ضاق بهم الأفق فأخرجوا من إرثنا الإسلامي هذه العلوم المادية فنقول: إن ذلك إرث أسسه علماء هذه الأمة آخذين بسنن الله الكونية التي جعلها الله تعالى موصلة لأسرار حكمته في الكون وسلما لعمارة الأرض وخدمة البشرية والدين) فلا يُدرى من يعني بهؤلاء! غير أنه لا يُعرف أحدٌ يُعتد بقوله أخرج الاهتمام بهذه العلوم من الشريعة الإسلامية، واهتمام (بعض) علماء المسلمين بها.
وقلت (البعض) لأن الأمر بها (كفائي) إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ولذلك فالقائمون بمهمة هذه العلوم الطبيعية قلة بالنسبة لعلوم الشريعة، فلا وكس ولا شطط، ولا إفراط ولا تفريط، فلا تهمل هذه العلوم، ولا يبالغ في التوجه إليها مقابل التفريط في دين الله تعالى، وتعظيم حرماته.
وأما قول الله تعالى: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة:11) وقد استدل به الغامدي على رفعة من تعلم العلوم الطبيعة، فإن هذا لا يدل على ذلك، مع شرف العلم في الجملة على الجهل، وإنما يدل على أن الرفعة موكولة بالإيمان بالله تعالى، فلولاه لم تكن لعلوم الدنيا بأسرها فضيلة ولا مزية على الجهل.
ومثله قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) (الزُّمر:9)، فقد جاء تفسير الذين يعلمون في أول الآية فقال تعالى: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) (الزُّمر:9).
فالعالم صدقاً وعدلاً هو القائم القانت الساجد الخائف من عذاب الآخرة، وما زاد على ذلك فهو من حلية الحياة الدنيا.
الوقفة الرابعة: زعم الغامدي أن الاختلاط لفظ محدث! والحق أن الاختلاط لفظ معهود، والقول بجوازه هو القول المحدث، وإحداث الأحكام أقبح من إحداث الألفاظ، روى الخلال في كتاب السنة عن التابعي الجليل الحسن البصري أنه قال: (إن اجتماع الرجال والنساء لبدعة) (3).
فالقول بالاختلاط هو البدعة في دين الله تعالى، بل في حياة البشرية! وقواعد الفطرة الإلهية، وقد جُبل الخلق على التفريق بين مجالس النساء وحديثهن عن مجالس الرجال وحديثهم، والله تعالى يحكي عن صالحات نساء بني إسرائيل البعد عن مواطن تزاحم الرجال، فقال تعالى عن موسى عليه السلام: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) (القصص:23).
ويقول تعالى (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (الأحزاب:53)، وبغية طهارة القلب فيمن هنّ أدنى من أمهات المؤمنين من سائر المسلمات أولى وأولى.
فلم تكن المرأة تزاحم الرجل في ميدان عمله، ولا تدخل في معترك أكتاف الرجال، وإنما هي في معزل عن الرجال كما سيأتي بيانه بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما لفظ (الاختلاط) فليس كما ذكر الغامدي أنه لم يرد في النصوص الشرعية، بل هو وارد كما روى البخاري وغيره عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال، قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال، قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حُجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك، وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال، الحديث.
وروى أبو داود في "سننه" عن أبي أسيد -مالك بن ربيعة - رضي الله عنه: أنه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد، وقد اختلط الرجال مع النِّساءِ في الطريق: (استَأْخِرْنَ، فليس لَكُنَّ أن تَحقُقْنَ الطَّرِيق، عَليكُنَّ بحافَّاتِ الطَّريق) فكانت المرأة تَلصَقُ بالجدار، حتى إِنَّ ثَوبَها ليتعلقُ بالجدارِ مِن لُصُوقِها بهِ.
وهذان الحديثان ونحوهما يقضيان بثبوت هذا اللفظ، وأنه ليس دخيلاً على الفقه الإسلامي، وأن اشتقاقه كاشتقاق غيره من الألفاظ الفقهية، وقد أوردهما الغامدي في أدلة المخالفين له! ومرّ على ذلك مروراً سريعاً، وكأنه غفل أو تغافل! والمراد بالاختلاط اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد على وجه تحصل به الفتنة، وتتحرك به الشهوة.
والشهوة تتحرك بدوام النظر، وتلاقي الأبدان، وطول المجالسة، ونحو ذلك.
والإذن باختلاط الرجال بالنساء من (المِذَاء)، وضده الغيرة، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الغيرة من الإيمان، والِمذاء (4) من النفاق) رواه البزار والبيهقي وغيرهما بإسناد فيه ضعف، وقد حسَّنه المناوي وغيره.
ونقل البيهقي في "شعب الإيمان" بعد إيراده لهذا الحديث عن الحليمي قوله في تفسيره: المذاء؛ أن يجمع الرجال و النساء ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضا، وأخذ من المذي و قيل: هو إرسال الرجال مع النساء من قولهم مذيت فرس إذا أرسلتها ترعى (5).
فجعْلُ لفظ (الاختلاط) مصطلحاً منصرفا إلى اجتماع النساء بالرجال على الصورة المذكورة يوافق نصوص الشريعة ومقاصدها، والمخالفة لهذا من (المغالطة ممن لم يميز أو ممن أراد التلبيس) فالملبس هو من خالف الأصل بغير دليل شرعي، والأصل الشرعي الفصل بين الجنسين.
وقول الغامدي: (لذلك لما ذكرت بعض الموسوعات الفقهية المعاصرة الاختلاط في قاموس ألفاظها، لم تستطع أن تشير إلى أن من معانيه اختلاط النساء بالرجال، بل ذهبت إلى معان أخرى: في الزكاة، والحيوان، والسوائل، وألمحت إلى معناه في مصطلح الحديث) قول لا قيمة له عند التحقيق، منقوض بما تقدم، وهذا العيني الحنفي يقول في كتابه "عمدة القارئ" عند شرحه لقول البخاري رحمه الله تعالى: (باب طواف النساء مع الرجال) يقول: أي هذا باب في بيان حكم طواف النساء مع الرجال هل يختلطن بالرجال أو يطفن معهم على حدة من غير اختلاط بهم أو ينفردن، انتهى.
وفي "حاشية ابن عابدين" (2/ 233) في فقه الحنفية، في ذكر ما يكره في المقابر: والكراهة فيها من وجوه عدم اللحد ودفن الجماعة في قبر واحد بلا ضرورة واختلاط الرجال بالنساء بلا حاجز وتجصيصها والبناء عليها، انتهى.
قلت: وتأمل أن منع الاختلاط بين الجنسين حتى بعد الموت، تعظيما لجناب كلّ جنس.
وقال الشاطبي المالكي في "الاعتصام" (1/ 397): ومثله إيقاد الشمع بعرفة ليلة الثامن، ذكر النووي أنها من البدع القبيحة، وأنها ضلالة فاحشة جمع فيها أنواع من القبائح، منها إضاعة المال في غير وجهه، ومنها إظهار شعائر المجوس، ومنها اختلاط الرجال والنساء والشمع بينهم ووجوههم بارزة، ومنها تقديم دخول عرفة قبل وقتها المشروع، انتهى.
وهذا ابن أبي شامة الشافعي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص34) عن بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان: ويجري فيه الفسوق والعصيان واختلاط الرجال بالنساء، انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال (ص39) في إنكاره لاجتماع الرجال والنساء ليلة ختم القرآن: وأما إن كان على الوجه الذي يجري في هذا الزمان من اختلاط الرجال والنساء ومضامة أجسامهم ومزاحمة من في قلبه مرض من أهل الريب ومعانقة بعضهم لبعض كما حُكي لنا أن رجلا وجد يطأ امرأة وهم وقوف في زحام الناس قال وحكت لنا امرأة أن رجلا واقعها فما حال بينهما إلا الثياب وأمثال ذلك من الفسق واللغط فهذا فسق فيفسق الذي يكون سببا لاجتماعهم، انتهى.
وقال (ص94) في الكلام عن بعض البدع التي تحدث على جبل عرفات من بعض الحجاج: منها إيقاد النيران عليه ليلة عرفة واهتمامهم لذلك باستصحاب الشمع له من بلادهم واختلاط الرجال بالنساء في ذلك صعودا وهبوطا بالشموع المشتعلة الكثيرة وقد تزاحم المرأة الجميلة بيدها الشمع الموقد كاشفة عن وجهها وهي ضلالة شابهوا فيها أهل الشرك في مثل ذلك الموقف الجليل، وإنما أحدثوا ذلك من قريب حين انقرض أكابر العلماء العاملين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وحين تركوا سنة رسول الله، انتهى.
ومثل ما قال العيني سابقاً قال الحافظ ابن حجر الشافعي في "فتح الباري" (3/ 480): أي هل يختلطن بهم أو يطفن معهم على حدة بغير اختلاط أو ينفردن، انتهى.
وقال الماوردي في "الحاوي" (2/ 148) في فقه الشافعية: وإن كان معه رجال ونساء، الإمام في الصلاة ثبت قليلا لينصرف النساء، فإن انصرفن وثب لئلا يختلط الرجال بالنساء، انتهى.
وقال البجيرمي في "حاشيته على الخطيب في حل ألفاظ أبي شجاع" في فقه الشافعية في كلامه عن الحالات التي يباح فيها عدم الإجابة لوليمة العرس: المرأة إذا خافت من حضورها ريبة أو تهمة أو قالة لا تجب عليها الإجابة وإن أذن الزوج وأولى، خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه اختلاط الأجانب من الرجال والنساء في مثل ذلك من غير مبالاة بكشف ما هو عورة كما هو معلوم مشاهد، انتهى.
وفي "حاشية الشرواني مغني المحتاج على منهاج النووي " (1/ 497) في فقه الشافعية في الكلام عن الاجتماع يوم عرفة لغير الحاج، عند قول المصنف (ومن جعله بدعة لم يلحقه بفاحش البدع بل يخفف أمره): أي إذا خلا من اختلاط الرجال بالنساء وإلا فهو من أفحشها، انتهى.
وفي "الإقناع" (1/ 330) في فقه الحنابلة في حقوق المسجد: ويمنع فيه اختلاط الرجال والنساء.
وفي "المغني" (1/ 632) لأبي محمد ابن قدامة الحنبلي في ذكر استحباب تأخر الإمام والمأموم في الانصراف من الصلاة، قال: ولأن الإخلال بذلك من أحدهما يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء، انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة" (1/ 361): وهذا كله لأن اختلاط أحد الصنفين بالآخر سبب الفتنة فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب، انتهى.
وقال الإمام ابن قيم الجوزية الحنبلي في "الطرق الحكمية" (ص407): ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال: أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة.
إلى أن قال: فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك، انتهى.
وذكر البصروي في "تاريخه" (ص 176) في أحداث عام 901هـ بشأن مسجد فتن به بعض الناس، وأفتى بعض العلماء بهدمه، فكان مما قال: ثم حضر إلى ابن خطيب المعضمية والشيخ محمد البصير إمام جامع منجك وذكر ما في هذا المكان بالبقاع من المفاسد واختلاط الرجال بالنساء في مكان ضيق بهم مسفرات عن وجوههن وقبائح أخرى كثيرة فلا قوة إلا بالله تعالى، انتهى.
فهذه بعض النقول من كتب بعض علماء المذاهب الأربعة نصوا فيها على (الاختلاط) ومرادهم (بين الرجال والنساء) فدلّ على أنه مصطلح فقهي وارد، تناقله العلماء جيلاً بعد جيل، فكيف يزعم الغامدي أنه محدث مخترع، وأنه خارج عن قواميس الفقهاء قديماً وحديثاً؟! وأن (الاختلاط بهذا المعنى المعاصر مصطلح طارئ غير معروف بذلك المعنى عند المتقدمين في مباحث الفقه).
(يُتْبَعُ)
(/)
وتأمل كيف يجزم بأن (الموسوعات الفقهية المعاصرة) لم تذكر هذا المعنى في كلمة (الاختلاط) بينما أقرب وأشهر الموسوعات "الموسوعة الكويتية" ذكرت هذا في بحث مفصل في حرف (الخاء) عند مادة (اختلاط) فليراجع (2/ 290).
فأين الأمانة العلمية يا دكتور؟!
الوقفة الخامسة: قال الغامدي فيما يرى أنه من المبالغة في المنع من الاختلاط: (ومثل ذلك لو بالغ الناس في التحذير من جلوس النساء والرجال ولو كان لمصلحة أو عادة، ولا خلوة ولا ريبة فيه).
فلم يقتصر على إباحة الاختلاط لـ (الحاجة والضرورة!) بل اتسعت الدائرة عنده إلى أن وصل الاختلاط مباحٌ لتحقيق (المصلحة!) والمصالح أوسع من الضروريات، بل زاد الأمر إلى توسيع الدائرة إلى (العادة).
و (الضرورات) و (المصالح) و (العادات) لا ينظر فيها إلا إذا كان الأصل خلاف ذلك، فيكون الأصل عند الغامدي هو المنع! ومع ذلك فقد زعم أن الأصل هو الاختلاط، فقال: (ولذلك كان الخلط في حكمه أكثر جناية حين قال بتحريمه قلة لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه).
والبراءة الأصلية إنما هي بما يوافق الشرع لا بما يخالفه، والأصل في الشرع المفارقة بين الجنسين، والتحذير من كلّ ما يسبب الفتنة بينهما، فلا يُخرج عنه إلا بدليل شرعي، أو ما يسوغه الأصل الشرعي.
أما (العادة) فلا يجوز أن تُخالف بها النصوص والأصول الشرعية، بل مخالفة الأصول والنصوص الشرعية بـ (العادة) من جنس دين المشركين الذين حكى الله قولهم: (إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (الزُّخرف:23).
أما الضرورة والمصلحة، فلو وجدت فإنها تبيح الخروج عن الأصل للأفراد في القضايا العينية لا أن يعمم حكمها للمضطر وغير المضطر، بله أن يقال بأنها الأصل في حال الجنسين!
الوقفة السادسة: قال الغامدي في جناية من جناياته: (قال بتحريمه قلة لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه).
قلت: أهل العلم قاطبة على المنع من الاختلاط، والبراءة الأصلية هي الحظر من اجتماع الجنسين، والله تعالى يقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) (الأحزاب:33).
وما ظنّ الغامدي فيما أورد من أدلة أنها تدل على الجواز كلها بعيدة كلّ البعد عن الدلالة على المطلوب كما سيأتي، وهدي المجتمع النبوي قضى بـ:
الفصل بين الرجال والنساء في الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خيرُ صفوفِ الرِّجالِ أوَّلُها، وشرُّها آخِرُها، وخيرُ صفُوفِ النِّساءِ آخِرُها، وشَرُّها أوَّلُها) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
وفي صحيح ابن خزيمة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا رأى النساء قال: (أخروهن حيث جعلهن الله).
بل فصل النبي بين الرجال والنساء في الدخول في المسجد كما روى الإمام أبو داود في باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال من حديث ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تركنا هذا الباب للنساء).
وفضل النبي صلى الله عليه وسلم صلاتها في بيتها عن الصلاة في المسجد: (صلاةُ المرأةِ في بيتها أفضلُ من صلاتها في حُجرتها، وصلاتُها في مَخْدَعِها أفضل من صلاتها في بيتها) أخرجه أبو داود.
والفصل بينهن في الجهاد، كما روى الإمام أحمد من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صف الرجال، ثم صف النساء من وراء الرجال.
والفصل بين الرجال في الطواف كما ثبت في الصحيح عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال، قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال، قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حُجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك، وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال، الحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
وروى الفاكهي وغيره عن إبراهيم قال: نهى عمر رضي الله عنه أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلا معهن فضربه بالدرة.
وفصل بين الجنسين في الطرقات، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمشيَ الرَّجُلُ بين المرأتين) أخرجه أبو داود والحاكم وصححه، وفي إسناده ضعف.
وتقدم حديث الأمر بسيرهن على جنبات الطريق، وقوله صلى الله عليه وسلم: (استَأْخِرْنَ، فليس لَكُنَّ أن تَحقُقْنَ الطَّرِيق، عَليكُنَّ بحافَّاتِ الطَّريق).
وحذر من الدخول على النساء فقال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء) متفق عليه (6).
وأخبر النبي صلى الله عليها وسلم أن المرأة إذا خرجت كانت محط نظر الشيطان، وجلب الأنظار إليها فتنة بها، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الإمام الترمذي وابن خزيمة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (احبسوا النساء في البيوت، فإن النساء عورة، وإن المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وقال لها: انك لا تمرين بأحد إلا أعجب بك)، أخرجه ابن أبي شيبة.
وروى ابن أبي حاتم عن أم نائلة رضي الله عنها قالت: جاء أبو برزة فلم يجد أم ولده في البيت، وقالوا: ذهبت إلى المسجد، فلما جاءت صاح بها فقال: (إن الله نهى النساء أن يخرجن، وأمرهن يقرن في بيوتهن، ولا يتبعن جنازة، ولا يأتين مسجداً، ولا يشهدن جمعة).
كلّ هذه النصوص وأشباهها تدل على صورة هدي المجتمع النبوي في معايشة الرجال للنساء، وأن الأصل الفصل بين الجنسين حسماً لمادة الشر، ودرءً للفتنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة" (1/ 359 - 361): وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء والمتأهلين والعزاب فكان المندوب في الصلاة أن يكون الرجال في مقدم المسجد والنساء في مؤخره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) وقال: (يا معشر النساء لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال رؤوسهم) من ضيق الأزر، وكان إذا سلم لبث هنيهة هو والرجال لينصرف النساء أولا، لئلا يختلط الرجال والنساء، وكذلك يوم العيد كان النساء يصلين في ناحية، فكان إذا قضى الصلاة خطب الرجال ثم ذهب فخطب النساء فوعظهن وحثهن على الصدقة، كما ثبت ذلك في الصحيح، وقد كان عمر بن الخطاب -وبعضهم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- قد قال عن أحد أبواب المسجد -أظنه الباب الشرقي-: (لو تركنا هذا الباب للنساء) فما دخله عبد الله بن عمر حتى مات، وفي "السنن" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للنساء: (لا تحققن الطريق وامشين في حافته) أي لا تمشين في حق الطريق -وهو وسطه-، وقال على عليه السلام: (ما يغار أحدكم أن يزاحم امرأته العلوج بمنكبها) يعني في السوق، وكذلك لما قدم المهاجرون المدينة كان العزاب ينزلون دارا معروفة لهم متميزة عن دور المتأهلين، فلا ينزل العزب بين المتأهلين، وهذا كله لأن اختلاط أحد المصنفين بالآخر سبب الفتنة فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب، انتهى المقصود.
الوقفة السابعة: قال الغامدي: (والحق أنه لم يكن الاختلاط من منهيات التشريع مطلقا بل كان واقعا في حياة الصحابة، ولقد استمر ذلك الحال على مر العصور حتى طرأ على ذلك الأصل ما غيره من العادات والتقاليد).
قلت: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا) (الكهف:5) وأين تذهب النصوص الشرعية المتقدم ذكرها؟ وفهم علماء الأمة لها؟
وتأمل يا طالب الحق فاسد استدلاله! وكيف يستدل بما تعاقب عليه الناس على مر العصور! مع أن عمل سائر أهل العصور على مر الدهور كان على الفصل بين الجنسين، وأن الاختلاط بلية حادثة.
بل أول ما دخل النقص على الأمم السابقة كان به وبغيره، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "الطرق الحكمية" (ص409): ولما اختلط البغايا بعسكر موسى وفشت فيهم الفاحشة أرسل الله عليهم الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفا والقصة مشهورة في كتب التفاسير، انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم تأمل كيف أوحى كلام الغامدي إلى أن (منع الاختلاط) لا يجاوز أن يكون عادة وتقليداً لمن مضى! ويرى أن هذه العادة والتقليد غيرت الأصل المزعوم! سوى ما له ارتباط بشرع الله كالطواف والسعي والصلاة لتعذر التغيير في ذلك، فقال: (حتى طرأ على ذلك الأصل ما غيره من العادات والتقاليد، وبقي منه ما لا يمكن أن تمحوه تلك العادات والتقاليد، فظل كما هو؛ لأنه ارتبط بما شرع الله امتثاله من الطاعات على النساء والرجال كالطواف والسعي والصلاة فهم يؤدونها في مكان واحد).
بل زعم أنه لا يوجد عالم من علماء المسلمين منع من (الاختلاط) وهذا زيف وكذب وزور، وينقضه كثير، ويكفينا صراحة ودلالة ما تقدم في شأن الطواف ما رواه البخاري عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، فقال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال، قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال، قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حُجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك، وأبت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال، الحديث.
وتقدمت عدة أخبار في الفصل بين الجنسين في الصلاة في دخولهن، وفي صفوفهن، وفي انصرافهن، وكذلك جاءت الأخبار بالفصل بينهن وبين الرجال في جلوسهن في مصلى العيد وغيره، بل جاء تفضيل صلاتها في بيتها على الصلاة في المسجد صيانة لها.
وليكن هذا الاختلاط باقياً في هذه الحالات الثلاث لضرورة الحال، ولزوم المقام، فهل لدى الغامدي دليل واحدٌ على تزاحم و (اختلاط) جماعات الرجال بجموع (النساء) في غير الشعائر المقدسة؟!
الوقفة الثامنة: ومن فاسد استدلال الغامدي قوله: (وهكذا الحال في كثير من شؤون حياتنا اليومية، وفي واقع بيوت الكثير من المسلمين -ومنهم المانعون للاختلاط- تجدها مليئة بالخدم من النساء يقدمن الخدمة فيها وهي مليئة بالرجال الأجانب عنهن، وفي مظهر قد يكون من أشد مظاهر الاختلاط في حياتنا اليومية لا يمكن إنكاره).
وليتأمل الناقد العاقل سخف هذا الدليل، وأي دلالة فيه على المطلوب، كيف وأصل الدليل غير موافق للواقع، والقول به تحكم لا دليل عليه، وإلا فمن قال له بأن الخادمات يختلطن مع أصحاب البيوت؟
فكما ينزل على النساء ضيوف، فهي ضيفة مقيمة على نساء البيت، ولا يجوز بحال تبرجها وسفورها واختلاطها بصاحب المنزل، ولا بسائر الرجال، ومن فعل شيئاً من ذلك فلا شك أن المظنون به الاعتراف بالخطأ والتقصير، لا أن يجعله أمراً مباحاً يبيحه لنفسه ولغيره.
الوقفة التاسعة: زعم الغامدي في فحوى كلامه أن منع الاختلاط بين الرجال والنساء إنما هو من فرط الغيرة، وأن هذا لا يجوز، فقال: (ويجب على كل مسلم منصف عاقل لزوم أحكام الشرع دون زيادة أو نقص، فلا يجعل من حماسته وغيرته مبررا للتعقب على أحكام الشرع، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على سعد بن عبادة رضي الله عنه حين قال: (والله لأضربنه بالسيف غير مصفح) ... ).
قلت: وهذا قلب للحقائق، واستدلال بالدليل في غير محله، فالنبي صلى الله عليه وسلم قَبِل غيرة سعد ولم ينكرها، وإنما عرّض بعدم الموافقة على القتل، وهذا مخالف للنص الدال على إقامة الشهداء على ذلك، ولكن هل أقر أصل الفعل المنكر من فعل الفاحشة؟
والمبالغة في العقوبة بما يخالف النص لا تقاس بالمبالغة في التحرز من الفتنة ولو لم يرد فيها النص، كيف والنص قد ورد؟!
فالأولى مذمومة، والثانية محمودة، حيث حث الشرع عليها، وذم الدياثة، والرضى بالمنكر، وقد ثبتت العديد من الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غيرتهم على النساء، وحسم مادة الفتنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوقفة العاشرة: ذكر الغامدي أدلته على إباحة الاختلاط! مصدراً ذلك بقاعدة كلية كاذبة خاطئة! يزعم فيها بطلان كل دليل يمنع من الاختلاط! فقال: (وليس مع المانعين دليل إلا ضعيف الإسناد، أو صحيح دلالته عليهم لا لهم) وهذا كلام مزيف مرفوض منقوض بما تقدم من أدلة وغيرها الكثير والكثير، بل قاعدته منه بدأت وإليه تعود، فهو المعنيُّ بها حتما لا محالة، كما سيتحقق ذلك قريباً، وقبل البدء في مناقشة ما أورده من أدلة أصدّر تمهيداً وطرفة!
أما التمهيد:
فالغامدي عمد إلى نصوصٍ في قضايا فردية حصلت من التقاء أحد الجنسين بالآخر، فجعله حكماً عاماً، وهذا فساد في الاستدلال، فليس الكلام عن لقاء رجل بامرأة، أو سيره في طريق وهي تسير فيه، وإنما الكلام في حث جموع الرجال والنساء على ذلك، والتزاحم في قاعات الدراسة والعمل والأسواق بهذه الحجج الممجوجة.
فالغامدي نظر إلى اجتماع الرجل بالمرأة في غير خبر، فجعل ذلك أصلاً شرعياً يعمم على جنس الرجال وجنس النساء؟ وهذا ذكرني بطرفة تاريخية! وهي:
(طرفة)
ما جاء في "أخبار القضاة" لأبي بكر البغدادي المعروف بوكيع (1/ 394) و"تاريخ ابن عساكر" (10/ 22) عن المستنير بْن أخضر، عَن إياس بْن معاوية؛ قال: إسماعيل، عَن عمه إياس؛ قال: شهدت دهقاناً أتاه، فقال: يا أبا واثلة ما تقول في المسكر؟ قال: حرام؛ قال: وما حرمه؟ وإنما هو تمر، وماء، وكشوت؛ قال: فرغت يا دهقان؟ قال: نعم؛ قال: أرأيت لو أخذت كفاً من ماء فضربتك به، كان يوجعك؟ قال: لا قال: أفرأيت لو أخذت كفاً من تراب فضربتك به، أكان يوجعك؟ قال: لا؛ قال: فأخذت كف تبن فضربتك به، أكان يوجعك؟ قال: لا؛ قال: فأخذت التراب، ثم طرحت عليه التبن، وصببت عليه الماء، ثم كمزته كمزاً، وجعلته في الشمس، ثم ضربتك به، أكان يوجعك؟ قال: نعم، ويقتلني؛ قال: فكذاك هَذَا؛ حين جمعت أخلاطه وخمر حرم.
فكذلك الغامدي جاء إلى (مفترق) نصوص تدل على الإباحة من وجه من الوجوه (فجمعها) فأطلق القول بالإباحة المطلقة العامة في اجتماع الرجال بالنساء! كهذا الدهقان الذي جاء إلى (مفترق) النصوص الدالة على إباحة أجزاء الخمر! (فجمعها) فاستخرج بها إباحة الخمر!
فتأمل!
وبعد هذا أورد أدلة الغامدي دليلاً دليلاً، وأقف مع كلّ دليل بما يقتضيه ليرى طالب الحق مبلغ سوء فهمه واستدلاله.
يتبع ...
----------------------------------
(3) "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص311).
(4) وقد نقله بعضهم: (المراء) بالراء من الجدل والممارة، والصواب أنه بالذال.
(5) ومثله قاله أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره، وانظر "الفائق" (3/ 354) مادة: مذى.
(6) وفي الباب أخبار أخرى كالنهي عن دخول الحمام، والنهي عن اتباع الجنائز، ونهي من نهى عن اعتكاف النساء، وغير ذلك مما فيه التحرز من مخالطة الرجال.
ـ[ابن بجاد العصيمي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 01:34]ـ
فصل
في مناقشة أدلة الغامدي على إباحة الاختلاط
الدليل الأول: قال الغامدي: (عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرجت سودة لحاجتها ليلا بعدما ضرب عليهن الحجاب، قالت: وكانت امرأة تفرع النساء، جسيمة، فوافقها عمر فأبصرها، فناداها: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، إذا خرجت فانظري كيف تخرجين، أو كيف تصنعين؟ فانكفت، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه ليتعشى، فأخبرته بما قال لها عمر، وإن في يده لعرقا، فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق لفي يده، فقال: (لقد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى)
قلت: وهذا فهم سقيم من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا دليل ينقض أصله السابق! فالإذن إنما هو من (الاستثناء) من الأصل العام وهو المنع، فصار الأصل هو المنع من الخروج والاختلاط.
الوجه الثاني: أن سودة رضي الله عنها كانت تخرج ليلاً لا نهاراً طلباً في عدم معرفة الرجال لها.
الوجه الثالث: أن عمر رضي الله عنها طلب من سودة أن تخفي ما تُعرف به حتى لا تعرف، فكيف بالتي تخالط الرجال ويعرفونها وتعرفهم؟!
الوجه الرابع: أن سودة الطاهرة النقية رضي الله عنها ساءها معرفة الرجال لها، وتمييزهم لشخصها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهن في الخروج، وليس من لوازم الإذن بالخروج الإذن بـ (مخالطة) الرجال، كيف وخروج سودة وسائر النساء كان ليلاً للحاجة لا لمزيد المتعة، أو للطلب ولا لغيره.
الوجه السادس وهو أقواها: أن هذه القصة كانت قبل نزول الحجاب، كما روى الإمام البخاري في "الصحيح" أن عمر رضي الله عنه كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، فلم يكن رسول اللهصلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و سلم ليلةمن الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرضا على أنينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب.
الدليل الثاني: قال الغامدي: (وعن سهل بن سعد قال: لما عرّس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه (باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس)
قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه.
قلت: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطتهم).
قلت: الجواب عن هذا من وجوه:
الوجه الأول: أن صنع الطعام لا يلزم منه المخالطة، أما تقديمه فلم يخالف في مثل ذلك أحد، فليس في الخبر جلوسها معهم، وأكلها، وهذا ما ينادي به الغامدي، فلئن أبيح مثل ذلك بقيوده، فتجاوز الغامدي إلى ما هو أكبر من ذلك وأخطر لمن الغلو المفرط، الذي ذمه في أول كلامه!
الوجه الثاني: أن هذا كان في بيتها، فأين هو عن الدعوة إلى الاختلاط في الجامعات والمدارس والأسواق وغيرها؟
الوجه الثالث: أن هذا جاء من امرأة لا من مجموعة نساء.
الوجه الرابع: أن تقريب الطعام يتحقق بكامل الحجاب وعدم الاقتراب من الرجال، وأما السقيا فالوارد سقياها للنبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في لفظ في غير "الصحيح": (تخصه بذلك)، والنبي صلى الله عليه وسلم له من شأن النساء ما لا يكون لغيره، لكمال دينه وفضله صلى الله عليه وسلم، حتى أبيح له رؤية وجوه نساء المؤمنين على الصحيح من كلام أهل العلم.
الوجه الخامس: أن ابن حجر قيد هذا بقيد مهم لم يذكره الغامدي تلبيساً وتدليساً فقال (9/ 251): (وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك).
الوجه السادس: قال الحافظ النووي في "شرح مسلم" (13/ 177): هذا محمول على أنه كان قبل الحجاب.
ومثل ذلك قاله العيني في "عمدة القاري".
الدليل الثالث: قال الغامدي: (وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه ما في الحديث السابق، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال»، يعني به جواز ذلك، وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث).
قلت: وهذا استدلال باطل من وجوه:
الوجه الأول: أن المرأة منهم، فهذا محمول على أنها من محارمهم.
الوجه الثاني: أنه جاء في لفظٍ آخر أنها امرأة عجوز!
الوجه الثالث: أن سهلاً لم يكن بلغ الحلم! فقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وعمره خمسة عشر سنة كما قاله الزهري فيما حكاه عنه ابن حجر في "الإصابة" (3/ 200) فإن كان كذلك فلا كلام.
الوجه الرابع: لفظ ترجمة الإمام البخاري يدل على مجرد السلام، ولا تلازم بين السلام والاختلاط! وطول المؤاخاة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حجر في "فتح الباري" (11/ 34): وقال ابن بطال عن المهلب: سلام الرجال على النساء، والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة، وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سدا للذريعة، ومنع منه ربيعة مطلقا، وقال الكوفيون لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، قالوا: ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام على محرمها، قال المهلب: وحجة مالك حديث سهل في الباب، فان الرجال الذين كانوا يزورونها وتطعمهم لم يكونوا من محارمها، انتهى.
ومثل السلام تقريب الطعام مهما كانت قرابتها، وكان عمرها، فإنه لا يدل على الجلوس معهم، وإطالة المكث بينهم، وإنما فيه مجرد التقريب، وهذا يتحقق بالمرور السريع، بل ربما من وراء حجاب، وهذا لا مانع منه شريطة الأمن من الفتنة، وهذا يحصل في قضية عينية فردية لا في حكمٍ جماعي يشمل جمعاً من النساء مع جمعٍ من الرجال كما هو حال الاختلاط الذي يجتهد الغامدي لإباحته.
الدليل الرابع: قال الغامدي: (وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله ?ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون?.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه)
قلت: وهذا استدلال فاسد من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا وقع من امرأة مع رجل بحضور زوجها، فكيف توسع دائرة الحكم إلى اجتماع عشرات النساء بعشرات الرجال، يجلس بعضهم مع بعض، وينظر بعضهم إلى بعض.
الوجه الثاني: أن الرجل ضمن عدم الرؤية بإضعاف قوة المصباح، وفي رواية: (ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته)، وهذا يزيل قوة النظر، فتؤمن بذلك الفتنة.
الوجه الثالث: أن هذا محمول على أنه كان قبل فرض الحجاب.
الدليل الخامس: قال الغامدي: (وعن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟
قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».قلت: أخرجه البخاري، وبوب عليه بقوله «باب عيادة النساء للرجال» قال: وعادت أم الدرداء رجلا من أهل المسجد من الأنصار.
قلت: وهذا واضح أيضا في وقوع الاختلاط في عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعظم الناس تقوى وفهما لأحكام التشريع).
قلت: وهذا لا دليل فيه لوجوه:
الوجه الأول: مراد الإمام البخاري الكلام عن جنس الرجال وجنس النساء، لا عن الجماعة من الجنسين، وهذا جائز بضوابطه الشرعية من عدم الخلوة، وأسباب الفتنة من أفراد النساء مع الرجال، فلا ارتباط بين هذا وبين إباحة اختلاط الرجال بالنساء في محل البحث من دور العمل والدراسة والأسواق ونحوها.
الوجه الثاني: أن الزائرة هي عائشة رضي الله عنها، تزور أباها، ومعه مولاه بلال،، وهما في القرابة لعائشة ما يباح لمثلها فعل فعلها.
الوجه الثالث: أن هذا في عيادة مريضٍ من الأقارب في أمر صحيٍّ عارض، فهل يجوز لمسلم منصف أن يطرد هذا الحكم على كلّ الأيام، وفي كلّ الأحوال؟
الوجه الرابع: قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 118): وقد اعترض عليه –أي على البخاري- أن ذلك قبل الحجاب قطعا وقد تقدم أن في بعض طرقه (وذلك قبل الحجاب) وأجيب بأن ذلك لا يضره فيما ترجم له من عيادة المرأة الرجل فإنه يجوز بشرط التستر والذي يجمع بين الأمرين ما قبل الحجاب وما بعده الأمن من الفتنة، انتهى.
قلت: فأين نزاهة الغامدي عن هذا التوجيه، وعن تلك الزيادة؟ نسأل الله العفو والعافية.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الخامس: بخصوص زيارة أم الدرداء –الصغرى- للرجل الأنصاري في المسجد فإنه هذا لا يسمى اختلاطاً بالمعنى المذموم عند من ذمّه، فهو خارج عن محل النزاع، كما سبق الإشارة إليه مراراً ومنه الوجه الأول هنا.
الدليل السادس والسابع: قال الغامدي: (وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش ... الحديث». قلت: أخرجه البخاري.
وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين).
قلت: أخرجه البخاري، والجويريات تصغير جارية، وهي الفتية من النساء، والحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف).
قلت: وهذا استدلال فاسد لوجوه:
الوجه الأول: أن الداخل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بمثل هذا، قال الحافظ في " الفتح " (9/ 118): (والذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره).
الوجه الثاني: أنهما جاريتان؛ فلم يبلغنّ سن التكليف، أو أنهما من الإماء، وهذا خارج عن معنى الاختلاط المحظور.
الوجه الثالث: أن هذا في غير محل النزاع لأنه قبل فرض الحجاب، نص على ذلك البيهقي فقال في "الآداب" (ص207): وكان ذلك قبل نزول الحجاب.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 203): قال الكرماني هو محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب، أو كان قبل نزول آية الحجاب، أو جاز النظر للحاجة، أو عند الأمن من الفتنة، انتهى، والأخير هو المعتمد والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلى الله عليه و سلم جواز الخلوة بالاجنبية والنظر إليها وهو الجواب الصحيح، انتهى.
وبعد هذا فقول الغامدي: (والحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف) كله من زيف القول، أما الاختلاط فمنقوض بما تقدم، وأما دخول الرجل على النساء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء) وأما استماع الرجل لغناء النساء فإن أراد به عموم النساء فمنكر من القول وزور، وإنما الأمر مخصوص بغناء الجواري، بما يباح، في عرس أو عيد، وفي الكلام تفصيل لا يليق إطلاق إباحته ولا منعه، وبابه غير هذا الباب، وإنما القصد إيضاح تهور هذا المخذول، والله المستعان.
الدليل الثامن: قال الغامدي: (وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: «لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم ... الحديث».
قلت: أخرجه مسلم، وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط).
قلت: وهذا استدلال فاسد من وجوه:
الوجه الأول: أن الضيوف كانوا من محارم أم شريك، حيث خاف النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة بنت قيس ما لم يخفه على أم شريك، وإلا لصارت أم شريك فيما خشيه النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة بنت قيس.
وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث في غير "الصحيح": (إن أم شريك يدخل عليها إخوانها من المهاجرين الأولين).
الوجه الثاني: أنه ولو قيل بأنهم ليسوا من محارمها، كما جاء في بعض الألفاظ: (يغشاها أصحابي) فليس في الخبر دليل على المخالطة لإمكان الضيافة بغير ذلك، ويكون خوف النبي صلى الله عليه وسلم طلباً في الأكمل والأولى لها، والبحث عن المكان الأكثر ستراً.
ومثل هذا محمول على ما يدفع الفتنة، قال الحافظ النووي في "شرح مسلم" (10/ 106): فيه استحباب زيارة النساء الصالحات للرجال بحيث لا تقع خلوة محرمة، انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الثالث: أنه لو جاز الاختلاط بالقيود (الوهمية) التي يذكرها الغامدي ومن على شاكلته لأذن النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس بالمكث عند أم شريك، مع التحرز.
الوجه الرابع: أن أم شريك رضي الله عنها؛ ذكر غير واحد من العلماء أنها من القواعد من النساء، والقواعد من النساء الأمر فيهن أسهل من غيرهن وإن كان الأولى لهن الحجاب كما قال تعالى: (وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60).
قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (19/ 153) معلقاً على هذه القصة: (ففيهدليل على أن المرأة الصالحة المتجالة لا بأس أن يغشاها الرجال ويتحدثون عندها).
وقوله: (المتجالة) أي الكبيرة المسنة.
الوجه الخامس: ما سبق ذكره مراراً وتكراراً أن هذا لو جاز في امرأة مع ضيوفها، فكيف يطلق الحكم على نساء المسلمين، ويباح لهن الاختلاط بالرجال في عموم أوضاعهن من دراسة وعمل وتسوق ونحوه؟!
الدليل التاسع والعاشر: قال الغامدي: (وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد.
قلت: أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.
ويشهد لذلك ما رواه ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط عموما، وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام.
وفي رواية بلفظ: (أنه ــ أي ابن عمر ــ أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم، الرجال والنساء من إناء واحد، كلهم يتطهر منه).
قلت: أخرجها ابن خزيمة، وإسنادها صحيح.
وفي رواية بلفظ: (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا).
قلت: أخرجها أبو داود، وإسنادها صحيح، والمعنى في هذه الألفاظ واحد، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموما، وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط، وهو توجيه باطل، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموما.)
قلت: بل استدلالك هو الباطل! من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا محمول على ما قبل الحجاب، لأن أم صبية متقدمة الإسلام، حيث أسلمت وبايعت بعد الهجرة، قاله ابن سعد في "الطبقات" (8/ 295).
الوجه الثاني: أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وسبق نقل كلام الحافظ ابن حجر.
الوجه الثالث: أن هذا لا يدل على معنى الاختلاط محط الاختلاف، فلا مانع من اختلاف أيديهما في إناء واحد من وراء حجاب.
الوجه الرابع: أنه قد جاء ما يدل على أن أم صبية جارية من جواري عائشة رضي الله عنها، كما روى البيهقي في "الدعوات الكبير" (ح71) من حديث عبد الله بن سلمة بن أسلم عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة رضي الله عنها بحديث آخر.
ويؤيد هذا ما رواه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 295) عن أم صبية خولة بنت قيس قالت كنا نكون في عهد النبي وأبي بكر وصدر من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تخاللن، وربما غزلنا، وربما عالج بعضنا فيه الخوص، فقال: عمر لأردنكن حرائر فأخرجنا منه.
فدل على أنها من الإماء، وعلى أنها كانت من القواعد من قولها: (قد تخاللن) أي بلغن سناً كبيراً.
وعجباً لقول الغامدي بأن في الخبر: (جواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة) وكيف أطلق حكم الأفراد على الجماعات؟ وأن هذا ممكن من غير رؤية شيءٍ من النساء ولا من الرجال؟
وهل هذا إلا سخف القول، الناتج عن سقم العقل بل سقم القلب، والله المستعان.
الوجه الخامس: أن ما قاله ابن عمر رضي الله عنهما: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً) وما في معناه، كله –جزماً- محمول على المحارم، وزعم الغامدي بطلان هذا القول تحكم مخالف للأصل، ومنه ما أثر من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض أزواجه، واغتساله معهن.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 300): لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم، انتهى.
ولئن كان الشارع منع من اختلاط الرجال بالنساء فيما لا تكشف فيه، فكيف بإباحة الوضوء المشترك بين الرجال والنساء، وفيه ما لابدّ منه من حسر اللباس عن الذراعين، ورفع القدمين وغير ذلك؟!
كلّ هذا يدل على أن هذا القول محمول على عدة محامل؛ فإما أن يكون قبل نزول الحجاب، أو على خصوص المحارم، أو أن مراده من ماء واحد دلالة على جواز وضوء الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل.
الدليل الحادي عشر: قال الغامدي: (وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى).
قلت: يجاب عنه من وجوه:
الوجه الأول: تقدم ما روى الإمام أحمد من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صف الرجال، ثم صف النساء من وراء الرجال في إحدى غزواته، فدل على أصل الفصل بين الجنسين.
الوجه الثاني: أن النساء وإن كنّ يخرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فلا دلالة على (الاختلاط) المطلوب إباحته من الغامدي ومن شاكله، فسقاية المجاهدين، وخدمتهم بتقريب السلاح لا يلزم من ذلك كله دوام الاختلاط، ومزاحمة الرجال.
الوجه الثالث: أن هذا محمول على ما قبل نزول الحجاب، أو محمول على المحارم، أو على الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وتقيد بصورتها، ولا تصير حكماً مطرداً في كل الأحوال، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 136): وإنما لم يجزم بالحكم لاحتمال أن يكون ذلك قبل الحجاب أو كانت المرأة تصنع ذلك بمن يكون زوجا لها أو محرما وأما حكم المسألة فتجوز مداواة الأجانب عند الضرورة وتقدر بقدرها فيما يتعلق بالنظر والجس باليد وغير ذلك، انتهى.
الدليل الثاني عشر: قال الغامدي: (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه).
قلت: وهذا مجون، بل ضرب من الجنون! وما علاقة هذا بأصل المسألة، والمرأة السوداء كانت جارية، ويخصها من الحكم ما لا يشمل الحرائر، ولا يلزم من قمّها للمسجد أن يكون ذلك بمحضر الرجال ومشاهدتهم! فأين الدليل في هذا الحديث على مطلوبه؟!
وقد جاء في "الصحيحين" الشك في كون الذي يقم المسجد رجلاً أو امرأة، فإن كان رجلاً فلا إشكال، وإن كان امرأة –وهو الأقوى- فقد تقدم وجهه، وعدم ارتباطه بأصل المسألة.
ثم ليتأمل طالب الحق مبلغ الهوى في صنيع الغامدي، وكيف لم يذكر الشك الوارد في الرواية، والله المستعان.
الدليل الثالث عشر: قال الغامدي: (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال: (والله إنكن لأحب الناس إلي).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وقوله: (لأحب الناس إلي) يعني بذلك الأنصار، وقد بوب عليه البخاري - رحمه الله - بقوله: «باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس»، قال الحافظ ابن حجر: أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به، كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس. وأخذ المصنف قوله في الترجمة «عند الناس» من قوله في بعض طرق الحديث «فخلا بها في بعض الطرق أو في بعض السكك» وهي الطرق المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالبا.
وفيه جواز الاختلاط، وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس، وكل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي على الصحيح، وإنما المحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط.)
قلت: والكلام على هذا من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الأول: قال الله تعالى عن سبيل أهل الزيع: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (النور:49) ففي كثير من المواطن السابقة لم ينقل الغامدي كلام الحافظ ابن حجر ولا غيره من العلماء عن تلك الأحاديث لأنها تخالف قوله! ولم ينقل من كلامه إلا ما توهم موافقته لهواه! وإلا فالحافظ ابن حجر قد ذكر في شرحه للحديث ما يقيد الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم بمن كمل صلاحه ولم يطلقه لعموم الناس كما صنع الغامدي، فقال الحافظ رحمه الله في "فتح الباري" (9/ 333): وفيه أن مفاوضة المرأة الأجنبية سرا لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة، ولكن الأمر كما قالت عائشة وأيكم يملك إربه كما كان صلى الله عليه و سلم يملك إربه، انتهى.
فتأمل هذا.
روى الخرائطي في "مكارم الأخلاق" بإسناد فيه ضعف عن عمرو بن دينار عن موسى بن خلف: أن عمر بن الخطاب مر برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة، فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين إنها امرأتي، قال: فهلا حيث لا يراك الناس.
فما أحوج أرباب الاختلاط لدِرةٍ كدِرة عمر رضي الله عنه.
ثم هذا الحديث ينقض قوله ولا ينصره، ويبينه:
الوجه الثاني: وهو أنه لو جاز اختلاط المرأة بالرجال لما احتاجت إلى الانفراد بالنبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الناس، ولزاحمت الرجال وهمست في أذن الرسول صلى الله عليه وسلم بأمرها.
وجاء في رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يا أم فلان اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك) فلو جاز اختلاطها بالرجال لما تنحى بها في من الطريق إلى جنبات السكك.
والوجه الثالث: قول الغامدي: (والمحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط) قول فاسد، بل الأمر في هذا الظن معمول به فيه، سداً للذريعة، وحسماً لمادة الشر، وعامة الأمور المنهي عنه قبل الفعل على هذا الأصل في نظائر عدة من أبواب الشرع، إذا تبين هذا فربط الأمر (بتحقق التهمة) إنما جاء به لنفي التهمة عن كثير من صور الاختلاط الواقعة والمأمولة! بدعوى أن التهمة غير متحققة، وهذا من أخبث المكر وأفسده.
والنبي صلى الله عليه وسلم في القصة المذكورة لم يكن في خلوة مع المرأة، وكل خلوة محرمة سواء تحققت التهمة أم كانت ظنية، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أَلا لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إِلا كانَ ثالثَهُمَا الشيطانُ) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.
الدليل الرابع عشر: قال الغامدي: (وعن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها).
قلت: وهذا فاسد من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا خارج عن موطن البحث، وليس هو من الاختلاط الذي يمنعه العلماء، لكمال حجاب عائشة رضي الله عنها، وارتفاع الخلوة.
الوجه الثاني: النقض عليه بكلام الحافظ ابن حجر –وهو ينقل رأيه فيما يوافق هواه ويهمله فيما لا يوافق هواه- حيث قال (9/ 286) رحمه الله تعالى عن معنى دخول صفوان رضي الله عنه: لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب، انتهى.
الوجه الثالث: أن هذا ينقض أصله المزعوم، ويثبت أن الأصل منع الاختلاط، إذ لو كان أصله الجواز، لكان من كمال براءة عائشة وصدقها الإذن بدخوله عليها بدون محرم، فهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صاحبه عليهم رضوان الله، وهما أبعد الناس عن الريبة، ومع ذلك لم يكن هذا من شأنهم ولا من عاداتهم، مهما كان مبلغ الصلاح بين الطرفين.
الدليل الخامس عشر: قال الغامدي: (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد برأها من ذلك). ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: (لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: أخرجه مسلم والنسائي وابن حبان، وفيه جواز الاختلاط، كما يفيده الحديث، والمغيبة هي ذات الزوج التي غاب عنها زوجها).
قلت: وهذا الاستدلال فاسد أيضاً لوجوه:
الوجه الأول: في الخبر دليل على أن الأصل منع الاختلاط، وذلك لكراهة أبي بكر الصديق لذلك، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له، وإنما خفف عنه ببراءة أهله من الرذيلة.
الوجه الثاني: أن النبي أذن بدخول الرجل بيت من غاب زوجها مع رجلٍ أو اثنين، دفعاً للخلوة، ولا يلزم من ذلك كله حصول الاختلاط، إذ قد تقوم صاحبة البيت بخدمة الداخلين ومخاطبتهم من وراء حجاب، وبقدر الحاجة، فليست مطالب الرجال ذلك الحين، مجرد الدخول على النساء، وإنما مطلبهم الدخول لحاجة من طعام وشراب وضيافة ونحوه، وبيت أبي بكر الصديق من كرام بيوت الصحابة رضي الله عنهم، فإن كان كذلك، فالقصد ليس لقاء أهل أبي بكر، وإنما كسب ضيافتهم، والله أعلم (7).
ثم تأمل أخي القارئ الكريم تكرار قول الغامدي: (وفيه جواز الاختلاط) وكيف رجع إلى استخدام هذا اللفظ، مع قوله بأنه بدعة!
الدليل السادس عشر: قال الغامدي: (وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطعمته، وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ، وهو يضحك، قالت فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه جواز دخول الرجل على المرأة في غير تهمة، وفيه جواز فلي المرأة رأس الرجل، ونحوه القص والحلق.
وقصة أم حرام هذه وقعت بعد نزول الحجاب، وبعد حجة الوداع كما حكاه ابن حجر في الفتح في شرح كتاب الاستئذان، وقد أشكل توجيهها على البعض فقال ابن عبدالبر: أظن أن أم حرام قد أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة.
قلت: لم يذكر ابن عبدالبر لذلك دليلا إلا قوله أظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، وليس له في ذلك مستند يعتمد عليه، فإن أمهات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع معلومات، ليس فيهن أحد من الأنصار البتة، وأم حرام من خؤولة النبي صلى الله عليه وسلم وهي خؤولة لا تثبت بها محرمية، فإنها من بني النجار، يجتمع نسبها مع أم عبدالمطلب جدة النبي صلى الله عليه وسلم في عامر بن غنم جدهما الأعلى.
فأم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
وأم عبدالمطلب هي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن حراش بن عامر بن غنم المذكور.
أفاد ذلك ابن حجر نقلا عن الدمياطي (انظر فتح الباري 11/ 80، فإن الشرح هناك مستوفى).
ومن زعم أن ذلك من خصوصياته عليه السلام، فقد تحكم بغير برهان فإن الخصوصية حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل، والأصل مشروعية التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ولا يترفع عن التأسي بأفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا متهوك ضال.
والصواب أن فلي المرأة رأس الرجل من الأمور الجائزة ونحوه القص والحلق، فالحديث يفيد جواز ه وجواز الاختلاط.)
قلت: والكلام على هذا الدليل من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا –رغم أنف الغامدي- متأول بأحد أمرين:
الأمر الأول: أن يكون من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم نقله من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، وجعل هذا من خصوصياته لم يكن بمحض التخرص بل بمسلك عظيم من مسالك الأدلة أعرض عنه الغامدي وهو (الجمع بين نصوص الشارع بما يوافق مقاصد الشريعة) فالأدلة على منع مباشرة المرأة لغير محرمها كثيرة مستفيضة، وهذا الخبر ونظائره ظاهره معارضة تلك الأخبار المشهورة من النهي عن مس المرأة، وشم طيبها، والنظر إليها، والخلوة بها، والخضوع بالقول لها، ونحو ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم) ونحو ذلك من الأحاديث.
فتحتم أن يحمل هذا على كونه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
والأمر الثاني: أن تكون أم حرام من محارم النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس ببعيد، وقد قال النووي في "شرح مسلم" (13/ 57): اتفق العلماء على أنها كانت محرما له.
فهذا يغنينا عن مشاغبة الغامدي وتضليله.
ونقل الحافظ ابن عبدالبر في "التمهيد" (1/ 226) عن يحيى بن إبراهيم بن مزين أنه قال: إنما استجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفلي أم حرام رأسه لأنها كانت منه ذات محرم من قبل خالاته لأن أم عبد المطلب بن هاشم كانت من بني النجار.
ونقل عن يونس بن عبدالأعلى أنه قال: قال لنا ابن وهب: حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فلهذا كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه.
ولهذا قال الحافظ ابن عبدالبر قبل ذلك: وأظنها أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أم سليم أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصلت أم حرام خالة له من الرضاعة فلذلك كانت تفلي رأسه وينام عندها وكذلك كان ينام عند أم سليم وتنال منه ما يجوز لذي المحرم أن يناله من محارمه، انتهى.
وهذا ليس ببعيد إعمالاً لجميع النصوص، ولكثرة وقوع مثل هذا مع هاتين المرأتين رضي الله عنهما، والله أعلم.
الوجه الثاني: أن هذا محمول على أنه قبل نزول الحجاب، كما قاله ابن بطال والدمياطي وغيرهما، نقل هذا كله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/ 78 - 79).
الوجه الثالث: انتصر له الدمياطي فيما ذكره عنه الحافظ ابن حجر، أن هذا كان بغير خلوة، لاحتمال وجود خادم أو ابن ونحوه، وهذا غير متيقن، إضافة إلى إنه عند الخصم لم يرفع كلّ الإشكال، وإنما حقق نفي الخلوة، ولم يحقق نفي الاختلاط مع غير المحارم، إضافة إلى إشكال فلي الرأس، وحتمية مس أحدهما للآخر، فكلّ هذا يقوي ما تقدم من حمل الخبر إما على الخصوصية أو على المحرمية أو على ما قبل نزول الحجاب، والله أعلم.
الدليل السابع عشر: قال الغامدي: (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: (أحججت)؟ قلت: نعم، قال: (بما أهللت)؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أحسنت، انطلق، فطف بالبيت وبالصفا والمروة). ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج ... الحديث».
قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وهذا الفعل من أبي موسى يشعر بأن ذلك أمر لم يكن يستخفى به، بل حدث به دون نكير وفعل أبي موسى رضي الله عنه وفهمه يعضد ما تقدم من الرد على من زعم خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.)
قلت: وهذا استدلال فاسد بدلالة أن المرأة من محارمه لقوله: من بني قيس، فكأنها من عماته، أو من بنات إخوانه، ولهذا قال الحافظ النووي في "شرح مسلم" (8/ 199): هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرماً له.
ومثل ذلك قاله الكرماني وغيره.
الدليل الثامن عشر: قال الغامدي: (وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا: (أن لا يشركن بالله شيئا) ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلقت ورجعت، فبايعها.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه ما يشير لمشروعية مصافحة النساء من قولها «فقبضت امرأة يدها» ولا صارف يصرف النص عن ظاهره فضلا عما يشهد له من النصوص الأخرى، فحديث أم عطية رضي الله عنها يفيد جواز ما هو أكثر من الاختلاط وهي المصافحة.
وهذا لا يعارضه ما روته عائشة رضي الله عنها بقولها «ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها»؛ فإن ذلك لا يؤخذ منه تحريم المصافحة؛ لأنه ليس فيه إلا إخبار عائشة رضي الله عنها عما رأته وليس فيه نهي ولا نفي لما لم تره، وقد روى ما يدل على مشروعية مصافحة المرأة غير عائشة رضي الله عنها، ويشهد لصحة معناه أحاديث أخرى.
وروي بنحوه عن فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها ولفظه (فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده وكفت يدها).
أخرجه الحاكم وصححه الذهبي وحسن إسناده الألباني. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.
قلت: أخرجه البخاري تعليقا وإسناده صحيح وليس بين الأمة والحرة فرق في ذلك ففيه جواز ما هو أكثر من الاختلاط كالمصافحة ونحوها.)
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هذا كلام من اتبع هواه وأضله الله على علم، وهو فاسد من وجوه:
الوجه الأول: أخذ الغامدي من قولها في الحديث: (فقبضت امرأة يدها) أي كفت يدها عن المبايعة حتى يتحقق شرطها، فدل على أن الأخريات بايعن بالمصافحة! وليس هذا في الحديث لا بصريح العبارة ولا بمدلول الإشارة، وغاية ما فيه (مدّ اليد) تمييزاً للمعاهدة، وشعاراً لثبوتها، وقد كان النساء داخل البيت والنبي صلى الله عليه وسلم خارجه، وجاء أن البيعة بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، وجاء بواسطة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الوجه الثاني: أن عائشة رضي الله عنها أخبرت عن شأن رسول الله خلال البيعة، وأنه بايع يدون مصافحة، كما روى البخاري ومسلم عنها رضي الله عنها أنه قالت: (والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة وما بايعهن إلا بقوله). وقولها يؤخذ على إطلاقه ما لم يرد الدليل المثبت لخلافه، فيقال بعد ذلك إنما حكت ما رأت.
بل أين الغامدي عن صاحب الشأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يخبر عن نفسه فيقول: (إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة)؟ وقد رواه الإمام مالك في الموطأ والإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
قال ابن عبدالبر في "التمهيد" (12/ 243): في قوله: (إني لا أصافح النساء) دليل على أنه لا يجوز لرجل أن يباشر امرأة لا تحل له، ولا يمسها بيده، ولا يصافحها، انتهى.
كيف والأدلة الشرعية تنصر المنع من المصافحة؟ فقد روى الطبراني وغيره بإسناد جيد من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).
وقد أمر الله تعالى بغض النظر، فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور:30)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والملامسة أبلغ من النظر (8).
الوجه الثالث: استدلال الغامدي بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عندما قال: (كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت). فقال الغامدي في تهوره: (وليس بين الأمة والحرة فرق في ذلك ففيه جواز ما هو أكثر من الاختلاط كالمصافحة ونحوها).
قلت: هذا باطل من جهتين:
الجهة الأولى: أن الحديث أصلاً في الجارية الصغيرة، كما جاء في لفظ عند الإمام أحمد: (إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة) وهذا من أبلغ التواضع، ولو كانت امرأة كبيرة لم يكن فيه من التواضع شيء.
الجهة الثانية: أن ذكر الأمة إنما هو لعظم تواضعه صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 490): وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل والأمة دون الحرة وحيث عمم بلفظ الإماء أي أمة كانت وبقوله حيث شاءت أي من الأمكنة والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك وهذا دال على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه و سلم، انتهى.
فقول الغامدي بأنه لا فرق بين الأمة والحرة! إن أراد الصغيرة في هذا المقام، فنعم؛ فكل ذلك من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، أما إن أراد في عموم أحكام الشرع، فهذا غيٌّ وضلال، حيث فرَّق الشارع بين حكم الحرة والمملوكة في كثيرٍ من أحكام الشرع سواء في دعائمه العظام أم في فروع المسائل الشرعية، وهذا أمر مشهور مقرر لا حاجة إلى سياق الإثبات عليه.
وليتأمل مبلغ خطأ الناتج المبني على خطأ الفهم كيف أباح للغامدي أن يبيح ما هو أخطر من مجرد الاختلاط، فأباح المصافحة و (نحوها) ولا يدرى ماذا يُدخل في نيته تحت هذا المنحى؟ غير أنه يُدرى أن الجهل إذا تلاقح مع الهوى ولدا العجائب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
يتبع ..
----------------------------------
(7) ولا يقال بأن هذا كان قبل نزول الحجاب، لأن أبا بكر لم يتزوج بأسماء بنت عميس إلا بعد موت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنها، وجعفر استشهد في مؤتة سنة ثمان للهجرة، أي بعد فرضية الحجاب، فيُكتفى بما سبق، والله أعلم.
(8) "الإنصاف" (8/ 8).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن بجاد العصيمي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 01:36]ـ
الدليل التاسع عشر والأخير: قال الغامدي: (وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: تزوجني الزبير، وما له من الأرض من مال ولا مملوك ... الحديث بطوله، وفيه، قالت: (لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب معه).
قلت: أخرجه البخاري ومسلم.
وفي لفظ آخر ( ... فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال «إخ إخ» ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت لقيني النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه، وعرفت غيرتك. فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز إرداف المرأة وهو يفيد جواز ما هو أكثر من الاختلاط كالإرداف والمصافحة ونحوها وهو على ملأ من الصحابة ولم يخصص نفسه عليه السلام بذلك.).
قلت: وهذا فهم سقيم من وجوه:
الأول: أن هذا خارج عن محل النزاع كما تقدم إيراده مراراً، فهو وإن حصل من امرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل عندك دليل على (إرداف مجموع) النساء مع غير محارمهن!
وهل يرضى الغيورون أن تركب زوجاتهم مع غيرهم، وهم يُركبون أزواج غيرهم معهم؟
هذا لا يقوله غيور بله مسلم عاقل تقي.
الوجه الثاني: أن الحديث فيه دليل على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم من قولها: (فاستحييت أن أسير مع الرجال) ولم تقل: (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ولهذا قال الزبير: (والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه) فعظّم حملها للنوى، وتميزها بشيء أمام الرجال وما فيه من توهم خسة النفس وقلة الغيرة، ولم يعظّم ركوبها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يقوي حمله على الخصوصية.
الوجه الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ لها فعلها، وحياءها من الرجال، فدل على أن هذا هو الأصل، وهو حياء النساء من مخالطة الرجال، وأن هذا هو المحمود الموافق للحياء الذي لا يأتي إلا بخير.
الوجه الرابع: أن قولها: (فأناخ لأركب معه) أو (خلفه) له محمل لا يلزم منه (الإرداف على الراحلة) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 323): كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه و سلم أراد أن يركبها وما معها ويركب هو شيئا آخر غير ذلك، انتهى.
الوجه الخامس: أن خروج أسماء وتعرضها لمثل هذا الموقف كان للضرورة، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 324): والذي يظهر أن هذه الواقعة وأمثالها كانت في حال ضرورة كما تقدم فلا يطرد الحكم في غيرها ممن لم يكن في مثل حالهم، انتهى.
فكيف يقاس على هذه القضية الفردية الضرورية خروج النساء إلى الحدائق والمنتزهات، والمدارس والجامعات مختلطات بالرجال؟
هذه أدلة الغامدي، وتبين أن جملة ما استدل به لا يدل على إباحة (الاختلاط) الممنوع عند العلماء، وأنه عمد إلى أدلة فردية في قضايا عينية فجعلها أصلاً عاماً كلياً يباح به فعل جموع الناس كفعل تلك المفردات!
كما تبين أنه ضرب بكلام أهل العلم عرض الحائط من المتقدمين والمتأخرين، ولم يأخذ من قولهم إلا (ما توهم) أنه يوافق قوله، وهذا من أقبح الهوى، وقلة الأمانة العلمية، والله المستعان.
فصل
في مناقشة ما ردّه الغامدي من أدلة المانعين
بعدما فرغ الغامدي من ذكر أدلته التي زعم تحقيقها لمبدأ جواز اختلاط الرجال بالنساء في المرافق العامة والخاصة! أورد في (مقاله الصحفي) أدلة المخالفين له! وكأن المخالفين له من شرار الخلق، وأهل الضلال! فيا ليته على وجه القسمة المرضية، والعدل في القضية ينزل لنا في الأسبوع المقبل بطرح واسع مثله في نقض مذهب (الرافضة) و (الصوفية) و (الجهمية) و (الليبرالية) فيورد أدلة أهل السنة ويؤيدها، ثم يورد أدلة أهل الضلالة ويفندها، ولكن:
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
(يُتْبَعُ)
(/)
فهو وأمثاله –من المخذولين- هلكوا تحت محبة الظهور والشهرة مع أقرب طريق، بإظهار الموافقة لأهواء أرباب الإعلام المنحرف، حتى يشهروا ذكره عبر صفحات الصحف، وتتناقل قنوات الفساد قوله فتنة للعالمين!
ولكن أبى الله تعالى إلا أن يذل من ابتغى العزة بغير الله ودينه، فيكون ارتفاعه ارتفاع الدخان الذي ما يلبث إلا ويتبدد ويتفرق ويزول! كأممٍ من أهل الضلال والانحراف الذين غابوا في زبالة التاريخ (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (الدُخان:29).
وحان الآن الوقوف مع الأدلة التي زعم الغامدي فساد الاستدلال بها، فأقول:
الدليل الأول: قال الغامدي: (ما رواه ابن جريج أخبرنا عطاء ــ إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال ــ قال: كيف يمنعهن، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: عنك، وأبت، فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمنا حتى يدخلن، وأخرج الرجال ... الحديث.
قلت: أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه بقوله «باب طواف النساء مع الرجال»، فطواف النساء مع الرجال قد أقره عليه السلام، وعليه عمل السلف، ولو كان الاختلاط محرما لكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين طافوا معه بالبيت الحرام نساء ورجالا أحق الناس بامتثال ذلك، ولا يزايد على تقواهم إلا ضال.
أما قول عطاء: (لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم) فإن ذلك لا يعني نفي مطلق الاختلاط، كما قد يغالط به العوام وأشباههم، وإنما معناه لم يكن أزواجه عليه السلام يزاحمن الرجال؛ فإن المزاحمة لا تجوز، وإنما تسمى اختلاطا تجوزا في العبارة، وقد كن يطفن حجرة عن الرجال أي ناحية عنهم فالاختلاط عموما واقع في الطواف، ولذلك بوب عليه البخاري بقوله «باب طواف النساء مع الرجال» استنباطا من ذلك الحديث، ويصحح ذلك الاستنباط ما جاء في أول الحديث من إثبات طواف الرجال مع النساء بقوله: (كيف يمنعهن، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟). وعلى هذا فغير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، ولذلك لم تنكر عائشة رضي الله عنها على من قالت لها (انطلقي نستلم) وتركتها وما أرادت.
قال الحافظ ابن حجر قوله: (حجرة) بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها راء أي ناحية، قلت: أما قوله (إذا دخلن البيت) فالمراد بالبيت الكعبة فإنه كان يخرج الرجال حينذاك ليتيسر للنساء الصلاة فيها بغير مزاحمة).
قلت: وهذا تعقيب فاسد، ومن استدل به على منع الاختلاط بين الجنسين هو الأولى بالصواب، فاللفظ واضح لا يحتاج إلى تهوك الغامدي وتنطعه! فعطاء نفي المخالطة وقال: (قال: لم يكن يخالطن الرجال) وهذا كلام يفهم منه العوام وأشباههم نفي تداخل جموع النساء مع جموع الرجال، وخاب وخسر من العوام وأشباههم أصح منه فهما وهو يدعي العلم والمعرفة.
وكيف وهذا الفهم هو فهم العلماء الأتقياء صدقاً وعدلا؟ كما سيأتي.
فإن مراده جزما: هو تداخل جمع النساء مع جمع الرجال، فلما اجتهد ابن هشام وجعل طواف النساء في غير وقت طواف الرجال، أخبر عطاءٌ أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم –وهنّ قدوة نساء العالمين- كنّ يطفن مع الرجال في (معزلٍ) عنهم.
قال العيني عند قوله: (وقد طاف نساء النبي مع الرجال) يعني طفن في وقت واحد غير مختلطات بالرجال لأن سنتهن أن يطفن ويصلين من وراء الرجال، انتهى.
وقول الغامدي: (فإن المزاحمة لا تجوز، وإنما تسمى اختلاطا تجوزا في العبارة) يدل على مبلغ فهم الرجل وفقهه، بل وأمانته! فها هو أثبت مسمى الاختلاط هنا، وقد أنكره من قبل بشدة، فنقض ما كان أثبت (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) (النحل:92) والمزاحمة معنى أبلغ من معنى الاختلاط، وحمل الغامدي الاختلاط على المزاحمة تحكم لا دليل عليه، ويخالف أصله في التشبث بظواهر الألفاظ في أدلته والبعد عن غور معانيها!
ولو أراد عطاء وابن جريج المزاحمة لتكلموا بها ولم يذكروا الاختلاط.
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف وعطاء جعل (الاختلاط) مقابل معنى (الحُجرة!) وقال: (كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم).
قال العيني في معنى قوله: (حجرة): ناحية من الناس معتزلة.
ولم يكمل الغامدي كلام ابن حجر في تفسير معنى (الحجرة) وفيه مزيد بيان حيث قال (3/ 481): قال القزاز هو مأخوذ من قولهم: نزل فلان حُجرة من الناس، أي معتزلاً، وفي رواية الكشميهني: (حُجزة) بالزاي، وهي رواية عبد الرزاق، فإنه فسره في آخره، فقال: يعني محجوزاً بينها وبين الرجال بثوب، انتهى.
ومن ذلك الحاجز، فدل ذلك على أن النساء كنّ من وراء الرجال لا بينهم كما يزعمه الغامدي.
وتأمل قول الغامدي: (وقد كن يطفن حجرة عن الرجال أي ناحية عنهم) وما فيه من إثبات نفي الاختلاط المذموم، وهذا هو المطلوب! حيث قال: (في ناحية عنهم) وهو لا ينقض معنى (المعية) فهنّ معهم وإن كنّ من وراء الطائفين أو في (حجرة) عنهم، وبهذا لا يخالف قول عطاء والبخاري وغيره بأن النساء كنّ يطفن مع الرجال.
قال العيني في شرح قول البخاري في الترجمة: (باب طواف النساء مع الرجال): أي هذا باب في بيان حكم طواف النساء مع الرجال هل يختلطن بالرجال أو يطفن معهم على حدة من غير اختلاط بهم أو ينفردن.
وقال الحافظ ابن حجر: أي هل يختلطن بهم أو يطفن معهم على حدة بغير اختلاط أو ينفردن.
وقول الغامدي: (لم تنكر عائشة رضي الله عنها على من قالت لها (انطلقي نستلم) وتركتها وما أرادت) غير مقبول، أما عائشة فقد حققت معنى ترك (الاختلاط) فلم تدخل بين الرجال لاستلام الحجر!
وأما من كانت معها فقد زعم الغامدي أن عائشة (تركتها وما أرادت!) وهذا غير وارد، وإنما من زياداته! بينما الوارد أن عائشة (جذبتها) كما عند عبدالرزاق وغيره، وقولها: (انطلقي عنكِ) أي عن نفسك، أي: اتركي الاستلام عنك، قاله صاحب "مطالب أولي النهى" (2/ 394).
ثم ليتأمل القارئ في قول عطاء: (فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال) وكيف أن عائشة رضي الله عنها ونساء النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يطفن بالليل، وخفاء الناس بعضهم عن بعض، وهذا أبلغ في طلب الستر، والبعد عن رؤية الرجال للنساء.
فرضي الله عنهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن في عبادة وفي جنح الظلام، فكيف بمن تخرج في وضح النهار، وفي مجامع الرجال، في غير مصلحة دينية، ولا ضرورة دنيوية؟!
الدليل الثاني: قال الغامدي: (وعن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي، فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.
قلت: أخرجه البخاري وليس فيه إلا إرشادها لما كانت شاكية أي مريضة أن تطوف راكبة من وراء الناس؛ لئلا تؤذيهم بدابتها، وهذا يشير إلى جواز الطواف مع الرجال لو لم تكن راكبة على الدابة).
قلت: قوله: (وهذا يشير إلى جواز الطواف مع الرجال لو لم تكن راكبة على الدابة) غير مسلّم، فالنبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعير بين الناس كما هو ثابت مشهور، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة أن تطوف من وراء الناس لأن الناس كانوا في صلاة، ولهذا قالت: (فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بـ: الطور وكتاب مسطور).
وجاء في رواية في غير الصحيح عند النسائي وغيره: (طوفي من وراء المصلين).
فلو لم يكن الناس في صلاة لكان طوافها مع النساء من وراء الرجال.
الدليل الثالث: قال الغامدي: (وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم، قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث يسيرا قبل أن يقوم. قال ابن شهاب: فنرى ــ والله أعلم ــ لكي ينفذ من ينصرف من النساء قلت: أخرجه البخاري وغيره وهو لا يفيد تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع فيه، وإنما يفيد الأخذ بالاحتياط؛ لمنع مزاحمة الرجال للنساء.).
قلت: قوله: (لا يفيد تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع فيه) غير مقبول، فالاختلاط غير واقع، وكيف يقع؟ والرجال في الأمام، والنساء خلف الرجال؟ والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تأخر لكي لا يختلط الرجال بالنساء كما جاء في لفظ: (لكي ينصرفَ النساءُ قبل أن يدرِكهنَّ الرجالُ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا واضح في طلب الفصل بين الجنسين، وترك الاختلاط، ودعوى الغامدي أن هذا (احتياط) لدفع (المزاحمة) قول ممجوج يدل على غلبة الهوى! ولا دليل عليه، كيف وتفسير الزهري وغيره إنما جاء مجردا لكونهن نساء لا للخوف عليهن من الزحام، مع أن دعوى الزحام مدفوع بكثرة أبواب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كيف وقد روى الإمام أبو داود في باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال من حديث ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تركنا هذا الباب للنساء).
فهذا كله يدل على أن موجب تأخر النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للسبب الذي ذكره الزهري وهو (انصراف النساء قبل أن يدركهن القوم).
قال النووي في "المجموع" (3/ 490): لأن الاختلاط بهن مظنة الفساد.
وقال ابن قدامة في "المغني" (1/ 632): لأن الإخلال به من أحد الفريقين يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة" (1/ 360): وكان إذا سلم لبث هنيهة هو والرجال لينصرف النساء أولا لئلا يختلط الرجال والنساء.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 336): وفي الحديث مراعاة الإمام أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد يفضى إلى المحذور وفيه اجتناب مواضع التهم وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت، انتهى.
الدليل الرابع: قال الغامدي: (كما استدل بعض من منع الاختلاط بحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها).
قلت: أخرجه أبو يعلى وإسناده صحيح وليس فيه ما يدل على تحريم الاختلاط، بل الاختلاط واقع فيه كما ترى، وليس فيه أكثر من حث الرجال على الصف الأول، وإرشاد النساء بالتباعد عن صفوف الرجال، تجنبا لأسباب الفتنة بين الجنسين في الصلاة، فضلا عما في الوقوف بين يدي الله في الصلاة من لزوم التخلي عما قد يقطع المصلي عن الخشوع وهذا ما تفيده لفظة (خير) ولا تفيد تحريم الاختلاط، كما زعم من احتج بهذا على المنع.
والشر هنا نسبي فإن الصلاة خير كلها للرجال والنساء فإنهم بلا شك مأجورون في الصلاة كلهم وليس منهم آثم.)
قلت: قوله: (وليس فيه ما يدل على تحريم الاختلاط، بل الاختلاط واقع فيه كما ترى) قول باطل، بل هو صريح في الفصل بين الجنسين، ولا اختلاط بينهما، بل فيه المبالغة في أفضلية بعد الرجال عن النساء، فكلما ابتعد مكان المرأة عن الرجال كلما كان أفضل في حقها.
ووجود الرجال والنساء كلّ من الجنسين على حده لا يُعد اختلاطاً كما زعم الغامدي، بل هذا هو المطلوب، وكلما زِيد في صور الفصل كلما كان أولى وأفضل، وليس هذا تنطعاً ولا غلوا كما يزعمه الغامدي، ولهذا فضلت صلاة المرأة عن صلاتها في المسجد بصريح السنة النبوية.
وبقية كلامه عن تفسير الخيرية لا يعنينا في هذا المقام مع ما فيه من موجبات الاستدراك.
الدليل الخامس: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل بين المرأتين.
قلت: أخرجه البيهقي وإسناده ضعيف جدا فيه داود ابن أبي صالح الليثي وهو منكر الحديث).
قلت: عزو الغامدي الحديث إلى البيهقي لا يجاوز أن يكون جهلاً منه وتقصيراً أو تضليلاً وهوى! وذلك لأن الحديث رواه أبو داود في "سننه" (4/ 543) (5275) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن داود بن أبي صالح المزنى عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يمشى - يعنى الرجل - بين المرأتين).
ورواه من طريقه الرافعي في أخبار قزوين (2/ 135) والحاكم في المستدرك (4/ 312) وقال: صحيح الإسناد، والبيهقي في "شعب الإيمان" (ح5446) والبخاري في "تاريخه" (1/ 2/83) وأبو بكر الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ح94) والعقيلي في الضعفاء (2/ 33) وابن عدي في الكامل (3/ 87) كلهم من حديث داود بن أبي صالح به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يعرف هذا الحديث إلا به، وهو حديث منكر من حيث الصناعة الحديثية، غير أن معناه موافق لأصول الشرع، ولهذا رواه أبو داود في "سننه" وعمل به الإمام أحمد كما روى الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" عقب ذكره مباشرة عن ابن هانئ قال: رأيت أبا عبد الله إذا لقي امرأتين في الطريق وكان طريقه بينهما وقف ولم يمر حتى يجوزا.
فمعناه صحيح، والنكارة في انفراد راويه به لا في معناه.
الدليل السادس: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس للنساء وسط الطريق).
قلت: أخرجه ابن حبان وإسناده ضعيف جدا، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي قال البخاري فيه: منكر الحديث، ذاهب الحديث).
قلت: مسلم بن خالد، وشريك بن عبدالله حديثهما مقبول في المتابعات، وهذا الحديث وإن كان إسناده ضعيفاً من هذه الطريق، ولكنه بمجموعه مع حديث أبي أسيد الأنصاري وابن عمر وغيرهما مما ذكره الغامدي كلها ترتقي به إلى درجة الحسن والاحتجاج به، وقد صححه ابن حبان، وحسنه الألباني.
الدليل السابع: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو تركنا هذا الباب للنساء). قال نافع: فلم يدخل ابن عمر حتى مات.
قلت: أخرجه أبو داود وغيره واختلف فيه رفعا ووقفا والصحيح وقفه على عمر فليس هو من عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان اجتهادا من عمر رضي الله عنه وليس في تخصيص باب للنساء للخروج والدخول منه، ما يدل على تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع في المسجد كما ترى.).
قلت: الحديث إسناده صحيح موصولاً، وقد صوّب الدارقطني وقفه كما في "العلل" (13/ 31) والذي رفعه أيوب السختياني، وهو من الأئمة الثقات، فالقول بقبول رفعه للخبر قوي، ويزيده قوة التزام ابن عمر رضي الله عنه عدم الدخول من ذلك الباب، وهذا -عادةً- يكون من تمسك ابن عمر بالسنة.
وحتى مع القول بوقف الخبر على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأكرم وأنعم، خليفة رسول الله، وصاحبه، والمحدَّث الملهم، وقد أُمرنا باتباع سنته، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين.
وقول الغامدي: (وليس في تخصيص باب للنساء للخروج والدخول منه، ما يدل على تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع في المسجد كما ترى) همط من القول، لا مستند له، بل هو صريح في طلب المفارقة، ودفع الاختلاط، واجتماع الجنسين في المسجد لا يدل على الاختلاط بالمعنى الذي يقرره الغامدي، لأن الرجال في معزل عن النساء، وللنساء باب يخرجن منه لا يشاركهن فيه الرجال، وينصرفن قبلهم، ولا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال، كلّ ذلك واضح لمن أنصف وعدل على طلب الفصل، ودفع الاختلاط.
الدليل الثامن: قال الغامدي: (واحتجوا في منع جواز نظر المرأة للرجل الأجنبي بحديث نبهان مولى أم سلمة أن أم سلمة رضي الله عنها حدثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتجبا منه) فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه).
قلت: أخرجه الترمذي والطحاوي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف لجهالة نبهان مولى أم سلمة قد ضعفه الألباني أيضا، والصحيح الثابت المعارض له هو المحفوظ).
قلت: هذا الحديث مع ضعفه لا يدل على نفي الاختلاط ولا إثباته، وغاية ما فيه المنع من نظر المرأة إلى غير المحارم، وهذا يغني عنه عموم قول الله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (النور:31).
الدليل التاسع: قال الغامدي: (واحتجوا في منع جواز المصافحة بحديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له).
قلت: أخرجه الطبراني والروياني واختلف فيه رفعا ووقفا والموقوف أرجح إلا أنه ليس مما له حكم الرفع وإسناد المرفوع ضعيف لضعف شداد بن سعيد وتفرده به).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: بل الحديث صحيح، وقد صححه المنذري في "الترغيب" وابن حجر الهيتمي في "الزواجر" وغيرهم، وإطلاق الغامدي الضعف على شداد بن سعيد تهور بيّن، فأكثر النقاد على توثيقه، وثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة والنسائي وابن حبان والبزار، وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا وأرجو انه لا بأس به، وروى له الإمام مسلم، فهو ثقة.
الدليل العاشر: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقلنا يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف قال: فيما استطعتن وأطقتن، قالت فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله: (إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة).
قلت أخرجه أحمد والحاكم وأصحاب السنن وإسناده ضعيف تفرد محمد بن المنكدر به، وهو كثير الإرسال روى عن كثير من الصحابة، وهو لم يلقهم أو يسمع منهم، ولم يتابعه عليه أحد، وأميمة لم يروى لها إلا هذا الحديث وفي معناه نكارة فضلا عن مخالفته لما صح.
أما النكارة ففي قوله «فيما استطعتن وأطقتن» فقيده بالطاقة مع تضمنه أعظم المنهيات وهو الشرك وترك الشرك لا يحتاج فيه المكلف إلا الكف عنه، ولذلك لم يرد التقييد بالطاقة في المنهيات، وإنما جاء في المأمورات. والمخالفة لما جاء في النصوص الصحيحة الدالة على خلافه).
قلت: هذا كلام جاهل بالحديث ودرايته، فمحمد بن المنكدر إمام ثقة، وقد سمع هذا الحديث من أميمة كما جاء مصرحاً به عند الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما.
والإرسال في الحديث من الراوي لا يعد من أسباب جرحه.
وقد قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان، ويكفيه متانة أنه من أحاديث "الموطأ" أصح الكتب تحت أديم السماء، فأي تهور هذا التهور؟!
كيف والحديث يشهد له غيره من الأحاديث المرفوعة والمرسلة؟
ودعواه أنه قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما اسطعتن وأطقتن) منكر! قول باطل، وفهم سقيم، فهذا القيد إنما هو فيما قبله من قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا نعصيك في معروف) وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، فهل يدخل في هذا الحديث! فيقول الغامدي بنكارته أيضاً وهو في "الصحيحين"؟
أما دعواه المخالفة فهمط من القول، ولم يأت بدليلٍ واحدٍ صريح صحيح يدل على مصافحة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، كيف وعامة الأدلة تدل على خلاف ذلك كما تقدم؟
الدليل الحادي عشر: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن).
قلت: أخرجه الحميدي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف في سنده شهر بن حوشب وهو ضعيف).
قلت: بل هو حسن لذاته لأن شهر بن حوشب صدوق، كما قاله الحافظ ابن حجر، وقد حسنه الحافظ في "فتح الباري" (13/ 204).
كيف والحديث السابق يشهد له ويقويه؟ وفي الباب أحاديث أخرى تؤكد هذا الأصل.
ثم ذكر الغامدي أحاديث أخرى كلها ضعاف لا سبب لذكرها غير إظهار ضعف حجة المخالف، مع قوة الأحاديث الدالة على المنع من الاختلاط والمصافحة، ولكنه يستكثر من إيراد أمثال هذه الأحاديث ونقدها كي يظهر للناظر ضعف حجة المخالفين له!
فصل
في خاتمة مقال الغامدي أعاد تقرير أصله الفاسد، وفهمه الخاطئ، وقرر جواز الاختلاط في الأسواق والمحال للبيع والشراء أو العمل والدراسة، والمساجد والمصليات، والطرقات، وغيرها من الأماكن.
وزعم أنه لا يوجد نص لمن قال بتحريم شيء من ذلك دون شيء في غير تهمة أو مزاحمة.
وكل هذا من التلفيق والتزوير، والقول على الله بغير علم، وليت شعري كيف يحمي الإنسان نفسه من أشد فتنة خافها علينا النبي صلى الله عليه وسلم وكلّ هذا يباح له؟
وما ضابط المزاحمة التي تعد شرطاً لمنع الاختلاط، وقد أباح الغامدي المصافحة (ونحوها!!)؟
وأي أصل مزعوم باطل يفتريه الغامدي، والأصل في نصوص الشرع التفريق بين الجنسين في مواطن عدة من أمور الدين، وهي مواطن العفة والتعبد، فكيف بأمور الدنيا التي يركز فيها الشيطان رايته؟
ولعل الناظر يلحظ في مقال الغامدي ليقف أمراً خطيراً لعله يوعظ به، وهو أن من دلائل زيغه إعراضه كلام العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة الدين، ووكل الأمر إلى فهمه واستدلاله! وهذه آفة الآفات.
بل زاد على ذلك استهجان قول أهل العلم، والتعريض بهم، والتهكم بدينهم، فتراه يقول عن المخالفين له -ومنهم من مرّ ذكره في الكتاب-: أنهم جاءوا بالـ (مد سلبي على تراثنا الفقهي) وأنهم أهل (التناقض المذموم شرعاً) و (يتعقبون ويزايدون على الشرع ويزعمون بعد ذلك أنهم آمنوا بالله!!) و (لم يقتفوا هدي المجتمع النبوي!) ووصف منعهم من الاختلاط بـ (الضجيج!!) وأنه (ليس مع المانعين دليل إلا ضعيف الإسناد، أو صحيح دلالته عليهم لا لهم) فكأن كلّ أولئك الأئمة إنما تكلموا من فراغ! وأن منهم (المتحكم بغير برهان) و (المتهوك الضال!!) وأن المانعين (يزايدون على تقوى السلف!) وأنهم (لم يميزوا أو يريدون التلبيس!) وأنهم (عوام وأشباه العوام) وأنهم (يفتاتون على الشرع!! ويبتدعون في الدين!!) وغير ذلك من العبارات التي يطلقها على الأئمة أمثال ابن قدامة وابن عبدالبر والنووي وابن تيمية وابن القيم وابن حجر وابن باز وأمثالهم رحمهم الله، فهم فريق، والغامدي ومن جاء منافحاً عن فكرهم فريق (فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنعام:81) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
الأحد 26 ذو الحجة 1430هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 09:44]ـ
تصرّف الشيخ الغامدي غفر الله لي وله أزعجني جداً وأغضب كل غيور لأن من يظنه عالماً من الجهال طاروا بكلامه وترتب عليه مفاسد كثيرة من أسوأها كره جماعات من الناس لسلفهم من علماء هذه الأمة الذين لولا الله ثم هم ما عرفنا صلاة ولا صيام ولاسنة ولا أدب.
ـ[عالي السند]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 08:10]ـ
سبحان الله!! نسأل الله الثبات على دينه، ونعوذ بالله من مضلات الفتن، الحقيقة عندما سكت الكبار تحدث الصغار؟ الشيئ الذي يجب أن يعلمه الجميع أن أحمد الغامدي وقبله عيسى الغيث وقبلهما محمد العيسى هداهم الله سبقهم عبد الحليم أبو شقه في كتابه الخطير " تحرير المرأة في عصر الرسالة "
والظاهر أن هؤلاء وغيرهم قد تأثروا بهذه الأطروحة الخطيرة بما حوته من شبهات، والغامدي نقل منها حرفياً، وليس له أي تحرير أو تدقيق مما يدل على جهل مركب، ورحم الله أهل الورع والعلم الذين يصفهم الغيث والغامدي وأضرابهما بالمتشددين!! حسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[عبد الرحمان المغربي]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 09:23]ـ
http://www.mmf-4.com/vb/t4372.html#post24205 (http://www.mmf-4.com/vb/t4372.html#post24205)
ـ[القرتشائي]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 05:49]ـ
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/002.gif
بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو: أحمد قاسم الغامدي حول موضوع الاختلاط الذي قامت بنشره صحيفة عكاظ بتاريخ 23 - 24/ 12/1430هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذا بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو: أحمد قاسم الغامدي حول موضوع الاختلاط الذي قامت بنشره صحيفة عكاظ بتاريخ 23 - 24/ 12/1430هـ.
ونقول ما يلي:
أولاً:- أن الله تعالى أخذ العهد والميثاق على أهل العلم أن يبينوه ولا يكتموه إبراءً للذمة ونصحاً للأمة. قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة:174].
ثانياً:- أن ما صدر عن المذكور في موضوع الاختلاط مشتمل على أغلاط وتخليط، وجهل بأحكام الشرع، ونقص في الأهلية في كيفية التعامل مع الأدلة واستنباط الأحكام، كما أن فيه جرءةً وافتياتاً على أهل العلم، ومصادرة لأقوالهم وآرائهم، منذ زمن الصحابة رضوان الله عليهم حتى زماننا الذي نعيش فيه، وقبل ذلك فيه تعد على الله تعالى إذ يقول سبحانه {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل:116]، وقال تعالى {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46]
والأدلة على تحريم اختلاط الرجال بالنساء كثيرة تبلغ حد التواتر ونقتصر على بعض الأدلة من الكتاب ومن السنة والإجماع:
• قال الله تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:153] وهذا في حق أمهات المؤمنين فغيرهن من باب أولى.
• وقوله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (31) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور]، وفيها أمر صريح بغض البصر، والاختلاط بين الرجال والنساء يفضي إلى الوقوع في النظر لبعضهم ومخالفة أمر الله عز وجل.
(يُتْبَعُ)
(/)
• وفي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟
قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ.
• ولقد تنبهت أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلى خطر تساهل المرأة في خروجها من بيتها فقالت: (لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِى إِسْرَائِيلَ) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
• وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى النساء أن يتوسطن الطريق ويأمرهن بلزوم حافاته حذرا من الاختلاط بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا أثناء السير في الطريق، فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال بالنساء في الطريق: ((اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ))، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ.
رواه أبو داود في سننه في كتاب (الأدب)، باب (في مشي النساء مع الرجال في الطريق)، الحديث رقم (5272) ج4 ص369، وقد حسنه الألباني في (صحيح الجامع الصغير) برقم (942) ج1 ص317 تحققن الطريق: أي تتوسطنه. انظر: لسان العرب، مادة (حقق).
• والمتتبع لما ذكره أهل العلم يفيد أن علماء الأمة المعتبرين في كل عصر ومصر مجمعون على تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء وخاصة في دور التعليم فمن خالف ذلك فهو خارق للإجماع وخارج عن الجماعة وقوله يعد شاذاً.
ثالثاً:- مخالفته الصريحة لما أفتى به المفتون الرسميون للملكة العربية السعودية، الذين لا يزن عندهم كاتب المقال مثقال ذرة، في علمهم واجتهادهم في الفتوى، ولا مكانتهم، ولا منزلتهم التي عينتهم الدولة فيها كمفتين للبلاد:
1 - فتوى سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى
عندما سئل عن حكم اختلاط النساء بالرجال في المستشفيات قال رحمه الله: (وذلك أن الرجال والنساء الذين يرتادون المستشفيات للعلاج ينبغي أن يكون لكل منهم قسم خاص من المستشفى، فقسم الرجال لا يقربه النساء بحال، ومثله قسم النساء، حتى تؤمن المفسدة، وتسير مستشفيات البلاد على وضع سليم من كل شبهة، موافقاً لبيئة البلاد ودينها وطبائع أهلها، وهذا لا يكلف شيئاً، ولا يوجب التزامات مالية أكثر مما كان، فإن الإدارة واحدة، والتكاليف واحدة، مع أن ذلك متعين شرعاً مهما كلف) أهـ. (فتاوى الشيخ 13/ 221)
وكذلك فتواه المطولة في تحريم الاختلاط واضحة وجلية ونحيل للرجوع إليها (فتاوى الشيخ 2/ 82 - 93).
2 - فتوى سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
حول توظيف النساء في الدوائر الحكومية وتحريمه للاختلاط بين الرجال والنساء وهي مطولة ويمكن الرجوع إليها في موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، (6/ 276) من فتاوى الشيخ ابن باز.
وفتوى سماحته أيضاً في تحريم الاختلاط في الدراسة ونحيل للرجوع اليها. (فتاوى اللجنة الدائمة 17/ 54)
3 - فتوى سماحة مفتي المملكة المعاصر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله
سئل الشيخ ضمن اللجنة الدائمة عن الاختلاط فتوى (رقم 17929) ونصها: (الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس وغيرها من المنكرات العظيمة والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك) أهـ.
4 - فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
- الفتوى (رقم 2922) ونصها: (اختلاط البنين والبنات في الدراسة حرام). وقع عليها أصحاب السماحة والفضيلة الشيخ عبد الله بن قعود والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد العزيز بن باز.
• الفتوى (رقم 6758) ونصها (اختلاط النساء والرجال في التعليم حرام ومنكر عظيم)
(يُتْبَعُ)
(/)
• الفتوى (رقم 13947) سؤال عن حكم تدريس الرجال للفتيات ونصها: (لا يجوز للرجال تدريس البنات مباشرة لما في ذلك من الخطر العظيم والعواقب الوخيمة).
• الفتوى رقم (4945) س2: ما حكم المرأة التي تعمل وهي متزوجة؟
ج2: لا يجوز للمرأة العمل مع الاختلاط بالرجال، سواء المتزوجة وغيرها؛ لأن الله -سبحانه- جبل الرجال على الميل إلى النساء، والنساء جبلهن على الميل إلى الرجال، مع وجود ضعف فيهن، فإذا حصل الاختلاط وقعت الفتنة، وصار سببا في وقوع الفساد؛ لأن النفس أمارة بالسوء.
لكن يجوز العمل في محيط ليس فيه اختلاط بالرجال بإذن زوجها، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. أصحاب السماحة والفضيلة الشيخ عبد الله بن قعود والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. انتهى.
مع العلم أن الإسلام قد أكرم المرأة،والتاريخ أكبر شاهد للنساء الصالحات اللاتي ساهمن في رقي المجتمعات، وشاركن في نهضة الأمة، مع المحافظة على المهمة العظيمة التي خُلقن من أجلها، فجمعن بين أحكام الدين، والقيام بمهام الدنيا، فمنهن التاجرات العفيفات، كخديجة بنت خويلد، ومنهن المفتيات للأمَّة، والحافظات للسنَّة، كعائشة بنت أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ومنهن الشاعرات الباهرات (كالخنساء)، ومنهن المحدثات المسندات ككريمة المروزية، وغيرهن كثيرات سلفًا وخلفًا، فما نُقل عنهن أنهن تبرجن تبرج الجاهلية الأولى , أو تمردن على الحجاب , أو خرجن عن الحياء والحشمة والعفاف، أوتعرضن للفتنة، لأنهن جميعًا يعملن بما يعلمن من قول الله {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} , ويعملن بقوله تعالى {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
رابعاً:- جهل أحمد قاسم بأنظمة المملكة والمراسيم الملكية السامية الصادرة من ولاة الأمر وتعليمات صاحب السمو الملكي وزير الداخلية التي صدرت في شأن اختلاط الرجال بالنساء، أو علمه بها مع الإعراض عنها وتجاهلها، خاصة أنه ملزم أولاً بتطبيقها، ومسؤول ومحاسب على تنفيذها؛ إلا أنه يخالفها، وهذا خطر إداري فاحش.
1 - جاء في نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولائحته التنفيذية الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (م / 37) وتاريخ 26/ 10/1400هـ المنشور في صحيفة أم القرى في عددها
رقم (2853) في 17/ 3/1401هـ ما ورد بالفقرة الثالثة من المادة الأولى بالباب الأول: واجبات الهيئة والتي نصت:
ثالثاً: مراقبة الأسواق العامة والطرقات والحدائق وغير ذلك من الأماكن العامة والحيلولة دون وقوع المنكرات الشرعية الآتية:
1 - الاختلاط والتبرج المحرمين شرعاً.
وجاء في اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التفسير الآتي للمادة السابقة: ويقصد بالاختلاط التجمع بين الرجال والنساء الذي يؤدي إلى مفسدة ظاهرة. أهـ
فما ندري هل أحمد قاسم وهو مكلف بالإنابة ليقوم بعمل مدير فرع الرئاسة بمكة قد أطلع على هذا النظام أو لا؟!!، والأصل أنه مطلع على ذلك، وبدون شك ما ورد في مقاله رد للأمر السامي واعتراض عليه وعلى اللائحة المفسرة للنظام، ونحن وبكل أسف نرى أن تعيين مثله في الهيئة سُبَّةٌ وعارٌ فضلاً عن تكليفه بإدارة الفرع، ثم إن اختصاصه في دراسته الجامعية والعليا لا علاقة له بالعلم الشرعي، المُؤَهِّلِ لِتَقلُدِ مثل هذا المنصب لا من قريب ولا من بعيد.
2 - مخالفته الصريحة لما ورد في الأمر السامي من خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء
((رقم 2966/م بتاريخ 19/ 9/1404هـ: ونصه:
(يُتْبَعُ)
(/)
((نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/ 5/1403هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن، سواء كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرم شرعاً، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال، فهذا خطأ يجب تلافيه، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه)).
وأكد ذلك بأمره السامي (رقم 759/ 8) في 5/ 10/1421هـ
3 - مخالفته للأمر السامي رقم (1631/ 8) بتاريخ 17/ 9/1400هـ (والذي يقضي بمنع الاختلاط في المطاعم، وعدم السماح للرجال بخدمة النساء في حفلات الزواج التي تقام في الفنادق، ومنع المشتبه فيهم من دخول المطاعم).
4 - مخالفته للأمر السامي الصادر من نائب رئيس مجلس الوزراء رقم (1960/ 8)
في 27/ 12/1399هـ (بشأن منع المرأة من الاختلاط بالرجال في مجال العمل)
5 - مخالفته لتعليمات وزارة الداخلية والتي تقضي بمنع اختلاط النساء بالرجال في الفنادق والأسواق والملاهي والشواطئ.
خامساً:- إن المتتبع للمقال يلحظ جرأة الكاتب في تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة، والتقليل من شأن فهم الصحابة رضوان الله عليهم، وانتقاء ما يراه بزعمه يؤيد ما توصل إليه في مقاله من إباحة اختلاط الرجال بالنساء الأجانب في جميع المجالات، وتجاهله للأدلة الصريحة في حرمة ذلك، من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وإجماع علماء الأمة، مما يخالف قوله وينقضه من أصله، مما يستحق معه أن يلاحق قضائياً، ويحتسب عليه في ذلك لو كان فرداً عادياً؛ فكيف وهو من منسوبي جهاز الهيئة، بل ومكلف بإدارة فرع منطقة مكة المكرمة.
سادساً:- إن الذين عاشروا كاتب المقال، وعملوا معه زملاء، يذكرون أن أحمد قاسم مضطرب ومتناقض في قراراته ومن ذلك:
1 - منع أولاده من دخول مدارس الدولة واستمر ذلك بضع سنين حتى أقنعه بعض المشايخ بالعدول عن رأيه المتطرف.
2 - أنا لا نعلم له تخصصا شرعيا ولا يعرف بملازمة وثني ركب عند أهل العلم، مع العلم أن تخصصه محاسبه وقد جاء للهيئة بوظيفة محاسب، والشهادة التي حصل عليها في الدكتوراة ليست في العلم الشرعي وهي غير معترف بها أكاديميا في المملكة العربية السعودية.
3 - كان متشدداً في قضايا الاختلاط وأصدر أوامر قبض وتحقيق، مما ترتب على ذلك صدور أحكام في بعض الوقوعات، والآن يفتح الباب على مصراعيه، ويفتي بحله في أي مجال حتى في التعليم، وعمله هذا يوقع أفراد المجتمع في أمر مريج، فماذا يأخذون عنه كرجل هيئة؟!
أيأخذون بفعله القديم في الإنكار عليهم، أم بقوله الجديد في إباحة وتحليل ما كان يؤاخذهم عليه ويأخذهم به؟!.
بل إن اختياراته المزاجية الشاذة توقع جهاز الحسبة والإفتاء والقضاء وأهل العلم في مواجهة مع الناس، لاسيما أنه متقلد منصباً إدارياً عالياً في جهاز الحسبة.
وقد شكى كثير من الناس ما أحدثه مقاله من البلبلة والتشكيك في حكم الاختلاط المحرم شرعاً بالمنقول والمعقول.
سابعاً:
ما نطالب به:-
1 - نطالب الأخ أحمد قاسم بالتوبة والأوبة، والرجوع إلى الله تعالى، وإعلان ذلك في نفس الصحيفة التي نشرت مقاليه فيها، وليس عيباً إذا تبين للرجل الحق أن يرجع إليه فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
2 - نطالب المسئولين عن الكتابة في الصحف خاصة ووسائل الإعلام عامة أن يحافظوا على الأمانة الإعلامية، بأن يحسنوا الاختيار عند إرادة الحديث عن أمور الدين الإسلامي، ولا يعطى السماح والإذن إلا لمن هو أهل لذلك، وعدم الترويج للآراء الفردية والفتاوى الشخصية باسم المؤسسات الرسمية؛ مما يحدث الفتنة، ويثير البلية والتشويش على ما استقر عند الناس.
3 - نطالب معالي رئيس الهيئات بالأخذ على يدي الكاتب، وإذا كان هناك رغبة في بقائه فيعطى العمل الذي يناسب اختصاصه، وإلا فإن تثبيته في عمل الحسبة من باب إسناد الأمر إلى غير أهله، كما يجب محاسبته لمخالفته ومعارضته للأنظمة واللوائح المنصوص عليها أعلاه
(يُتْبَعُ)
(/)
بناءً على ما نصت عليه الأنظمة الخاصة بمخالفة الموظفين ومحاسبتهم، كما أنه من المعلوم أنه لا يُصَرِّحُ للصحف أي موظف قبل الرجوع وأخذ الأذن من رئيسه، ولا يعقل أن معالي الرئيس قد سمح له بهذه التصريحات، مع أن هذه التصريحات عند العامة محسوبة على جهاز الهيئة ورؤسائها.
ثامناً:- ما صدر عن كاتب المقال المذكور إنما يمثل رأيه الخاص به، وإن طلاب العلم والدعاة والمحتسبين من قبيلة غامد يبرؤون إلى الله من عمله وقوله، حتى يظهر توبته ويرجع إلى الصواب، ويتوب الله على من تاب.
هذا ما جرى تحريره إبراءً للذمة ونصحاً للأمة وتحذيراً لمن تسول له نفسه أن يتعدى على ثوابت دين الإسلام والله الهادي إلى سواء السبيل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
الموقعو ن:
1 - الشيخ: أ. د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي
رئيس قسم الدعوة والاحتساب بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة النبوية والمدرس بالمسجد النبوي الشريف (سابقا)
2 - الشيخ إبراهيم بن مسلم الحزنوي الغامدي
تلميذ الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والمدرس بالمعهد العلمي ببلجرشي،وإمام وخطيب الجامع القديم ببلجرشي. (سابقا)
3 - الشيخ محمد بن سعد الفقيه البركي الغامدي
الفقيه المؤرخ ….وأستاذ الأجيال القدير.
4 - الشيخ الداعية المحدث: علي بن عبد الرحيم الغامدي
مدير مركز الدعوة والإرشاد بجدة (سابقا)
5 – الشيخ:د. عبد الله بن علي بن أحمد الغامدي
رئيس قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى (سابقا)
6 - الشيخ:ذياب بن سعدآل حمدان الغامدي
الباحث الشرعي، وصاحب المؤلفات المشهورة.
7 - الشيخ: د. مسفر بن دماس الغامدي
أستاذ مشارك بمعهد إعداد الدعاة برابطة العالم الإسلامي، وعميد كلية المعلمين سابقا بالباحة.
8 - الشيخ: د. أحمد بن سعد الغامدي
الداعية المعروف.والمربي الفاضل
9 - الشيخ: د. حامد بن مسفر غرابان الغامدي
رئيس قسم الدراسات القرآنية بجامعة الباحة.
10 - الشيخ:د. احمد بن محمد بن علي العمودي الغامدي
داعية بمدينة بلجرشي
11 - الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله غبيشة الغامدي
رئيس مركز الهيئة في الرويس بجدة (سابقا) وعضو لجنة الإصلاح بالمحكمة الكبرى بجدة.
12 ـ الشيخ: عبد الله بن أحمد العلاف الغامدي
كاتب وداعية بمنطقة الطائف.
13 - الشيخ:د. سعيد بن احمد الافندي الغامدي
الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز
14 - الشيخ: عبد الله بن سفر آل عبادة العبدلي الغامدي
داعية وكاتب بمنطقة الطائف.
15 - الشيخ:عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
خطيب جامع الملك عبد العزيز بالبلد في جدة
16 - الشيخ:عبدالله بن علي بن عبدالله الحوالي الغامدي.
المدرس بالمعهد العلمي بالرياض
17 - الشيخ: محمد بن حامد آل عثمان الغامدي
داعية وكاتب
18 - الشيخ::عبد الله بن محمد آل يحيى الغامدي
إمام وخطيب مسجد خديجة بغلف بجدة.
19 - الشيخ:خضر بن صالح بن سند الغامدي
إمام وخطيب جامع الملك عبدالعزيز بمدينة الحجاج بجدة
20 - الشيخ:عبدالرحمن بن عمر الفقيه الغامدي
المشرف العام على موقع ملتقى أهل الحديث.
21 - الشيخ: د. موفق بن عبدالله بن كدسة الغامدي
الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
=============================
هنا جميع الردود على أحمد قاسم الغامدي الذي اجاز الإختلاط وتفنيد استدلالاته الباطلة
http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=3753 (http://www.soufia-h.net/showthread.php?t=3753)
ـ[أسامة]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 06:28]ـ
جزاكم الله خيرًا وسددكم جميعًا.
ـ[إمام محمود]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 08:56]ـ
سدد الله خطاهم وجزاهم خيراً ... آمين
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[24 - Dec-2009, مساء 07:19]ـ
التعليق على حديث خدمة الصحابية لضيوف زوجها
http://islamqa.com/ar/ref/144883
ـ[إياد القيسي]ــــــــ[30 - Dec-2009, مساء 02:08]ـ
يا أهل السعودية الموج أكبر منكم عالجوا الأمور من جذورها وليس من الظواهر، ظاهرة الإختلاط والكلام فيها هي نتيجة لظاهرة أخرى.
وأكرر عالج الأمور من نتائجها الحقيقية، ولم ينفع نفعا حقيقيا كلمة ورد هنا وهناك، هناك سيل جارف:
والسؤال: هل أعد أهل الدعوة والإيمان والعلماء شيئا للإنفتاح الإعلامي الذي لم تشهد تاريخ البشرية مثله؟
والجواب: أعدوا شيئا يسيرا لا يتناسب مع الإنفتاح، هناك في مجتمع السعودية والخليجية طلاقات كثيرة،
هناك انحلال في المجتمع،
الخطاب القديم لم يعد نافعا،
طلبة العلم لا يزالوا في برج عاجي،
هناك عقوبات قدرية (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).
وغير ذلك كثير.
والواجب على موقع مثل الألوكة، موقع مبارك باذن المولى تشارك فيه النخب هي من يبادر لطرح العلاج أو شيئا من العلاج بدلا من اغراق الموقع بطروحات غير مهمة في يومنا هذا، وهم بذلك كمن يأخذ رسالة دكتوراة في أحكام الإماء!!!
إن أريد إلا الإصلاح وما توفيقي إلا بالله(/)
حجية خبر الآحاد
ـ[بن مصدق]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 01:07]ـ
تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها، أو التقدم عليها، من غير تفريق بين متواترها وآحادها، حتى شذت طوائف عبر التاريخ لم تقم للسنة وزناً، ولم ترفع بها رأساً، فمنهم من رفضها جملة وتفصيلاً، وأنكر أن تكون أصلاً من أصول التشريع، زاعمين أن في القرآن غنية لهم عن كل ما سواه، وأنه يتعذر الاطمئنان إلى الأحاديث من جهة الشك في طريقها، وأنه يجوز على رواتها الخطأ والنسيان والكذب، فقالوا بوجوب الاقتصار على القرآن، ومنهم من لجأ إلى التشكيك في بعض أنواعها، فرأى الحجية في نوع منها دون غيره، وقالوا: لا نقبل من السنة أخبار الخاصة التي تعرف عند المحدثين بأخبار الآحاد (وهي ما لم تجمع شروط التواتر) زعماً منهم أنها لا تفيد اليقين، ورفضوا العمل والاحتجاج بها، مهما كان رواتها من العدالة والضبط، ولم يعتمدوا إلا ما تواتر نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسقطوا بذلك جملة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تعارض ما ابتدعوه في أبواب الدين، وسدُّوا جميع الطرق أمام معرفة الله وأسمائه وصفاته، وفي مقابل ذلك أحالوا الناس على أمور وهمية، ومقدمات خيالية سمُّوها - بزعمهم - قواطع عقلية وبراهين يقينية قدَّموها على الوحي، وحاكموا النصوص إليها.
وقد تكاثرت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وأقوال السلف - بل وإجماعهم - على الاحتجاج بحديث الآحاد، ولزوم العمل به:
فمن أدلة القرآن: قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} (التوبة 122)، فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه، مما يدل على قيام الحجة بخبرها.
ومنها قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، وفي قراءة {فتثبتوا} (الحجرات 6)، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره، ولا يلزمنا التثبت فيه، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين.
ومنها قوله سبحانه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (النحل 43)، فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة.
وقوله سبحانه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} (المائدة67)، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد.
كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد، والعمل بمضمونه، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فجزم بخبره وخرج هارباً، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} (القصص 25)، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه، فتزوج إحداهما بناء على خبره.
وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} (يوسف50)، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) رواه ابن ماجه وغيره، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً، مما يدل على قيام الحجة بخبره، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر.
وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) متفق عليه، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن بليل، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) متفق عليه، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة، والإفطار والإمساك مع أنه واحد، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد.
واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم-: (واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها)، فاعترفت فرجمها، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها، مع ما فيه من إقامة حد، وقتل نفس مسلمة، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال: (من يأتيني بخبر القوم؟).
وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عن عمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت: " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد "، وحديث يزيد بن شيبان قال: كنا في موقف لنا بعرفة، بعيداً عن موقف الإمام، فأتانا ابن مربع الأنصاري قال: " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين: (لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين)، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم-، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم، وبلغ عنه أول سورة براءة، وبعث قيس بن عاصم، و الزبرقان بن بدر، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم، لتعليمهم الأحكام، وقبض الزكاة، وبعث معاذاً و أبا موسى و عماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن.
واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه، كان يتولى كتابتها واحد، ويحملها شخص واحد غالباً، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته، يكتبها واحد، ويحملها واحد، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً، ولحصل التوقف من المدعوين، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين، أو طلب منه جزية، أو زكاة أو نحوها: إن خبرك لا يفيد العلم، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت.
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به، ولم ينقل أن أحداً منهم قال: " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة "، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة.
وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال: " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ، فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها "، حيث قطعوا بتحريم الخمر، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر، ولم يقولوا: نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع قربهم منه، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت.
وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه: " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً، فقام حمل بن مالك فقال: " كنت بين جارتين لي، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنيناً ميتاً، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة، فقال عمر:" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه) متفق عليه، وقبل خبر عبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر، بعد أن قال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم، وغيرها كثير.
ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك، قال الإمام الشافعي رحمه الله (الرسالة 1/ 451): " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ...... ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله، والانتهاء إليه، والإفتاء به، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه، ويقبله عنه من تحته، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ.
وقال في (الأم 7/ 460): " لم أسمع أحداً - نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم - يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتسليم لحكمه، فإن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قولٌ بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد لا يختلف فيه الفرض وواجب قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، إلا فرقة سأصف قولها- إن شاء الله تعالى – " أهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم (مختصر الصواعق 2/ 372): " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه، ولم يتواتر لفظه ولا معناه، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له … .... فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع " أهـ.
وبهذا يتضح - بما لا يدع مجالاً للشك- حجية أخبار الآحاد ولزوم العمل بها في أمور الدين كله متى ما ثبتت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم-، وأن القول بعدم حجيتها قول باطل لا يعرف إلا عن أهل البدع ومن تبعهم، ولو ترك الاحتجاج بها لهجرت السنة، وتهاوت أركان الشريعة، واندثر الحق، قال الإمام ابن حبان في مقدمة صحيحة (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/ 156): " فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد "، إلى أن قال: " وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد، فقد عمد إلى ترك السنن كلها، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد ".أهـ.
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t44573.html#post135108)(/)
لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية
ـ[أبوعبيدة الوهراني]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 03:18]ـ
لا ينبغي مناظرة أهل البدع في القنوات الفضائية
إلا لمن كان ذو قدم راسخة في العلم
لاشك أن بيان الحق واجب على كل من استطاع إلى ذلك سبيلا (ولكن كل على حسب قدرته).
فعلى طالب العلم أن يحرص على تعلم ما ينفعه، وأن لا يضع وقته ونفسه في تعلم ما لا ينفعه، بل يضره، ويضر غيره، كما جاء في سير أعلام النبلاء {14/ 59} في ترجمة ابن الرّيوندي الملحد، قال: << وكان يلازم الرافضة والملاحدة، فإذا عوتب، قال: إنما أريد أن أعرف أقوالهم>> إلى أن صار ملحدا، وحطّ على دين الملة، ومثله في السير أيضا {19/ 447} قي ترجمة ابن عقيل الحنبلي (وما أدرك من هو ابن عقيل)، حيث نقل عنه قوله:<< كان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علما نافعا>>، فعلق عليه الذهبي بقوله:<< كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة ويأبى، حتى وقع في حبالهم، وتجسر على تأويل النصوص نسأل الله السلامة>> فلا تغتر يأخي بكثرة علمك وصدق نيتك.
فهؤلاء كانوا علماء، واغتروا بعلمهم، فانظر إلى ما حدث لهم وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: << السعيد من وعظ بغيره >>.
فالشبه كالجرب لا يكاد يبرأ منها واحد حتى يمرض بها آخر.
جاء في سير أعلام النبلاء (7/ 261): << عن سفيان الثوري أنه قال:
من سمع ببدعة فلا يحكيها لجلسائه، لا يلقيها بينهم {ذكره البغوي في شرح السنة1/ 227} وعقب عليه الإمام الذهبي بقوله:
أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أنّ القلوب ضعيفة والشبه خطاّفة).
ولهذا فإنّ مناظرة أهل البدع لمن له القدرة على دحضها واجب، لكن ليس أمام الملأ، لا يكون ذلك أمام عامة الناس، لأن سبيل أهل البدع قائم على التلبيس والتدليس.
فالبدع سموم، ونشرها أمام عامة الناس طاعون، قد لا ينجوا منها إلا خاصة الخاصة.
وكما هو معلوم في علم الأصول << أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة >>.
ولهذا كان لزاما على كل من أراد أن يدعوا إلى الله، أن يراعي المفسدة والمصلحة في ذلك.
قال الإمام أبو عثمان الصابوني في (عقيدة السلف أصحاب الحديث ص100):
<< ويرون (أي أهل الحديث) صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرّت بالأذان وقعت في القلوب، ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت>>.
ولأن المناظر (طالب الحق) يكون قصده بيان الحق واتباعه، فيكفيه دليل واحد. بخلاف أهل البدع، فإنه لا يكفيهم ألف دليل لأن قصدهم خبيث.
فهم يصطادون في المياه العكرة، فتراهم يتربصون بالناس ينصبون لهم الفخاخ (خاصة ممن اشتهر من طلبة العلم في بعض القنوات).
فينبغي الحذر لأن مناقشة هؤلاء أمام الملأ بلية، و قد تزيد الطينة بلة (كأن يصبح المناظر منهم، أو أن يصيبه سهم من سهامهم).
قال الإمام ابن بطة رحمه الله في (الإبانة 2/ 470):
<< لا يحملنّ أحدا منكم حسن ظنه بنفسه، وما عهدت من معرفته بصحة مذهبه، على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول أداخله لأناظره، أو لأستخرج منه مذهبه، فإنهم أشد فتنة من الدجال، وكلامهم ألصق من الجرب و أحرق من اللهب>>.
فالصحيح الذي لا غبار علية: أنه لا ينبغي مناظرة أهل البدع لصغار طلبة العلم (فإننا لا نشك في غيرتهم على الدين وحرصهم على بيانه ونشره، و لكن كما قال الشاعر: خلي عنك العناء ........... واعط القوس باريها) الذين بضاعتهم في العلم قليلة، كما فعل بعض المغرورين بمناظرات تلو مناظرات في الإذاعات و القنوات التلفزيونية، أقحم نفسه فيما هو بعيد عنه، فتغيرت بسببه الموازين.
فبعد أن كان يريد نصرة الحق أصبح سببا في قهره.
نهيك عن التشهير بالبدعة وأهلها، فبعد أن كانت في مهدها لا يعلمها إلا القليل، أصبحت عالمية دخل فيها كثير من الناس.
ولأن أهل البدع غاية دليلهم و مدلولهم هو اتباع الهوى، وهو سهل يسير مذاقه على عامة الناس.
أما استنباط الأدلة و الأحكام فإنه قد يخفى على بعض طلبة العلم، فضلا عن غيرهم من العامة، (ففهم وتدبر!!).
كان ذلك أعظم دليل على عدم جواز مناظرة أهل البدع و الأهواء، أمام الناس. ورضي الله عن أمير المؤمنين علي لمّا قال: << حدثوا الناس حسب عقولهم أتريدون أن يكذّب الله و رسوله>>.
فعدم إقحام الناس في ما هم أغنياء عنه هو سبيل سلامتهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالمقابل فإنّ تعليمهم يكون بالتصفية والتربية (التصفية: تصفية الدين مما دخل فيه من البدع والشبهات، والتربية: تربية الناس على هذا الدين الصافي) هو السبيل الوحيد لحمايتهم من أهل البدع والأهواء.
لقد كان السلف رضي الله عنهم يتركون مناظرة أهل البدع، حتى يموتوا غيظا، و حتى لا يكون ذلك سببا في نشر بدعتهم.
قال اللالكائي رحمه الله في (شرح أصول الإعتقاد 1/ 19):
<< فما جنى المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، ولم يكن لهم قهر و لا ذلّ أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة_} ْيقصد بالجملة: ما روي عن سعيد بن عامر قال: سمعت جدتي أسماء تحدث قالت: دخل رجلان على محمد ابن سرين من أهل الأهواء، فقالا يا أبا بكر نحدثك بحديث؟
قال: لا، قالا: فنقرأ عليك أية من كتاب الله؟
قال: لا، لتقومان عني أو لأقومن {رواه الدارمي 1/ 109)} _ يموتون غيظا، كمدا و دردا، ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا.
حتى جاء المغرورون، ففتحوا لهم إليها طريقا، وصاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلا، حتى كثرت بينهم المشاجرة، وظهرت دعوتهم بالمناظرة، وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة، حتى تقابلت الشبه في الحجج، وبلغوا من التدقيق في اللجج، فصاروا أقرانا وأخدانا، وعلى المداهنة خلانا وإخوانا، بعد أن كانوا في دين الله أعداءا وأضدادا، وفي الهجرة أعوانا: يكفرونهم في وجوههم عيانا ويلعنونهم جهارا، وشتانا ما بين المنزلتين، وهيهات ما بين المقامين).
فكما أن الرد في بعض الأحيان أفضل من السكوت، فأيضا السكوت في بعض الأحيان أفضل من الكلام (على حسب المصلحة والمفسدة) ينبغي يا طالب الحق أن تعلم أنّ_<< البدعة إذا كانت مقموعة خافتة، والمبتدع إذا كان منقمعا مكسور النفس (بكبت بدعته)، فلا يحرّك النفوس بتحريك المبتدع وبدعته، فإنها إذا حّركت نمت وظهرت، وهذا أمر جبلت عليه النفوس، ومنه في الخير: أنّ النفوس تتحرك إلى الحج إذا ذكرت المشاعر، وفي الشرّ إذا ذكرت النساء والتغزل والتّشبيب بهن، تحرّك النفوس إلى الفواحش.
وهذا الكتمان والإعراض من باب المجاهدة والجهاد، فكما يكون الحق في الكلام، فإنه يكون في السكوت والإعراض أيضا، فتنزّل كل حالة منزلتها والله أعلم (هجر المبتدع ص50) >>.
وكلامنا هذا لا يعني البتة عدم الرد عليهم (أي على أهل البدع) لمن له القدرة على كشف زيوفهم، ونقض شبههم، وإبطال تلبيساتهم وتدليساتهم، ممن توسعت مداركه ورسخ في العلم قدمه << لأنّ الرد على أهل البدع جهاد>>.
ولكن من المصلحة و الله أعلم أن لا يكون ذلك أمام عامة الناس، لأن الشبه خطافة، ورب وقاية خير من ألف علاج.
هذا ما تم لي جمعه وكتابته، فأرجوا من إخواننا طلبة العلم الكرام أن لا يبخلوا علينا بالنصح و الرشاد، ومن المشايخ الأفاضل التنبيه والتوجيه، والله هو الهادي للتوفيق والصواب.
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك و أتوب إليه.
ـ[أبو نافع البجمعوي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 12:57]ـ
بارك الله فيكم للرفع.
ـ[صالح عبدربه]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 01:03]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 01:23]ـ
.........
/// ورود الشُّبهة على قلب أوسمع الرَّاسخين في الإيمان والاعتقاد تمنعهم من العجلة في الافتنان بها، مهما كان قوَّة زخرفتها وتلوِّنها.
فيتمسَّك بالمحكم الذي قد رسخ في قلبه، ممَّا قد دلَّت عليه تواتر الأدلَّة وتظافرها، بل إجماع السَّلف وأتباعهم عليه.
إذ مِن أولى الرَّاسخات اعتقاد أنَّ الحق لا يخرج عمَّا كان عليه الأوائل -إن ثبَت أنَّه كذلك-، كما في بيت الشَّاعر (النَّاظم):
وكلُّ خيرٍ في اتِّباع مَن سَلَف /// /// /// وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خلف
ومن اللَّطائف أنَّ البيت عينه من خواتيم منظومة الجوهرة الأشعريَّة؟! التي يردِّد أصحابها قضية (أسلم - وأحكم - وأعلم)!
/// فيستمسك الرَّاسخ في الإيمان بمدلول وصيَّة الرحمن المضمَّن في خبره: ((والرَّاسخون في العِلم يقولون: (آمنَّا به كلٌّ من عند ربِّنا) وما يتذكر إلَّا أولو الألباب)).
(يُتْبَعُ)
(/)
/// ولئن أخبر الله بموقف أولئك الرَّاسخين فيما قد يعرض في شيءٍ من آيات كتابه فقال: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ وأُخر متشابهات)، أيات كتابه السَّالمة من التناقض والخطأ والقصور في الإهام وغير ذلك من آفات الخطاب البشري = فكيف بتخليطات ووساوس فاسدي الأفكار من البشر، وزبالة المقالات التي تطفح الفينة والأخرى، من أناسٍ منطلق تفكيرهم الشك، والشك في كلِّ شيءٍ! وتوهُّم التناقض في كلِّ شيءٍ.
/// إنَّ الحذر من الانخداع -بَلْهَ التأثُّر بها- أولى، والرُّجوع للحصن الحصين، والخندق المنيع لصدِّ هذه الشُّبهات أحرى.
والتأثُّر بهذه الشُّبهات حتى يسري الشَّكُّ في القلوب هو اتبِّاعٌ لمنهج الزَّائغة قلوبهم الذين (يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)، وشرُّ النَّاس من تشرَّف للفتنة، ومن أعظم أبواب الفتن فتن الشُّبهات.
/// بل الفتن كلُّ الفتن هذا شأنها وحالها أنَّها: (إذا أقبلت شبَّهَت وإذا أدْبَرَت بيَّنَت).
/// وقد قال أبوعبدالله البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وقال ابن عيينة عن خَلَف بن حَوْشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلُوا بهذه الأبيات عند الفتن:
قال امرؤ القيس:
الحرب أول ما تكون فتيَّةً /// /// /// تسْعَى بزِينتها لكلِّ جَهُولِ
حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضِرامها /// /// /// ولَّت عجوزًا غير ذات حليلِ
شمطاء يُنْكَر لونها وتغيَّرت /// /// /// مكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ
/// إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله.
سبكناهُ ونحسبهُ لُجينًا /// /// /// فأبدى الكير عن خبث الحديد
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 02:34]ـ
جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم.(/)
حكم اشتقاق اسماء الله تعالى من الافعال
ـ[محمودفتحي المصري]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 11:30]ـ
حدث خلاف في المسجد بين الاخوة حول جواز اشتقاق اسماء الله تعالي من افعاله جل وعلا فمن يجوز يستدل بعلماء كبار حتي حدث بعض الخلل في المجلس فما ترون بارك الله فيكم
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 11:36]ـ
من قواعد أهل السنة والجماعة أنَّ أسماء الله تعالى توقيفية، لا تشتق من الصفات ولا من الأفعال.
فقد يوصف الله بصفة، أوفعل، لكن لا يسمَّى به.
وعليك بكتاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين: القواعد المثلى في أسماء الله وصفاته الحسنى
ـ[محمودفتحي المصري]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 11:42]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا لكن ما تقول فيمن يستدل بكلام للدكتور ياسر برهامي في احدي كتبه وكذلك ابن القيم وغيرهم ماذا نقول لهم
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[10 - Dec-2009, مساء 11:43]ـ
وفيك بارك الله .. لعل الكلام الذي يستدل به لم يفهم على وجهه، فلا بد من معرفته بدل الرد عليه بارتجال.
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[11 - Dec-2009, صباحاً 12:42]ـ
من قواعد أهل السنة والجماعة أنَّ أسماء الله تعالى توقيفية، لا تشتق من الصفات ولا من الأفعال.
فقد يوصف الله بصفة، أوفعل، لكن لا يسمَّى به.
وعليك بكتاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين: القواعد المثلى في أسماء الله وصفاته الحسنى
شيخنا الفاضل.
أرى أنك استدللت بمحل النزاع.
والذي ينبغي هو التدليل على صحة هذه القاعدة.
ومحاولة الوصول لتصور لفعل السلف. حيث إن ظاهر صنيعهم يشعر بجواز الاشتقاق. والله أعلم.
(ملحوظة): لا أتبنى رأئياً معيناً ولكنها إيرادات ترد على ذهني.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Dec-2009, صباحاً 12:58]ـ
بارك الله فيك .. لا أدري ما النزاع المقصود حتى أستدل بمحله أوغيره؟ ولم أسمع عنه؟ فضلا أن أعرف تفاصيله.
لذا فالمعول على الأصل، والأولى ذكر هذه الحجج لمن يقول بخلافه حتى نستفيد، وإن كان ثم أمورًا تحتاج إلى إعادة نظر وتحاور لتحصل الفائدة، مثل ما ذكرته من فعلٍ للسلف يدل على جوازه .. الخ
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[11 - Dec-2009, صباحاً 01:51]ـ
أقصد بمحل النزاع تفسير التوقبف في أسماء الله تعالى.
هل المراد التوقيف ما ورد بصيغة الاسم فقط أم أن المراد كون أصل الاسم المشتق توقيفاً؟
ومرادي بفعل السلف. أنه اشتهر كثيراً من الأسماء المشتقة في عصرهم ولم ينقل لنا كبير نكير لهم على هذا.
بل أشهر ما في الأمر حديث الوليد بن مسلم. فباعتبار أن هذه الأسماء مدرجة. فهذا في ذاته يدل على أن من السلف - وهو الوليد بن مسلم - من اشتق من الصفات أسماء. وهناك أيضاً رواية الإحصاء لسفيان بن عيينة. ومحمد الباقر ولم أبحث ثبوتهما, فإن ثبتا رأينا أن من السلف من اشتق ولم ينكر عليهم من تبعهم.
هذا ما أعنيه. ولا أدعي أنه صواب ولكنها أشياء ينبغي أن تُتَأمل. والله أعلم.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Dec-2009, صباحاً 11:09]ـ
/// لا بأس ..
ومرادي بفعل السلف. أنه اشتهر كثيراً من الأسماء المشتقة في عصرهم ولم ينقل لنا كبير نكير لهم على هذا.
بل أشهر ما في الأمر حديث الوليد بن مسلم. فباعتبار أن هذه الأسماء مدرجة. فهذا في ذاته يدل على أن من السلف - وهو الوليد بن مسلم - من اشتق من الصفات أسماء. وهناك أيضاً رواية الإحصاء لسفيان بن عيينة. ومحمد الباقر ولم أبحث ثبوتهما, فإن ثبتا رأينا أن من السلف من اشتق ولم ينكر عليهم من تبعهم.
هذا ما أعنيه. ولا أدعي أنه صواب ولكنها أشياء ينبغي أن تُتَأمل. والله أعلم.
/// هل هذا الدليل الوحيد أوهناك أدلَّة أخرى على كونها ليست توقيفية الاشتقاق؟
/// لو ذكرت لنا الأدلة كلها حتى تتم مناقشتها. ويستفاد من النقاش.
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 12:33]ـ
جزاكم الله خيرًا ...
وهو كما قال الشيخ عدنان البخاري ... بأن أسماء الله عز وجل - توقيفية على النص في الإثبات ...
شأنها شأن أي شيء عقدي آخر ... لا يثبت إلا بنص دال عليه.
فلا يجوز لأحد أن يسمى الله - عز وجل - بما لم يسمي به نفسه.
وأما عن وقوع بعض الناس في الاشتقاق، ويسمى الله بما شاء له أن يسميه من أفعاله عز وجل ... فهذا لا يجوز لأحد.
يقول الله - عز وجل - (وللهِ الأسماء الحسنى) فالله أعلم بها.
يا أخي ... خذ مثال توضيحي ...
أنت تكتب مشاركة ... وتعدل فيها ... وتحذف ...
هل تحب أن أقول لك ... يا كاتب ... يا حاذف ... يا معدل؟
إن فعلت هذا معك أنت، وأنت العبد الضعيف الفقير المربوب ... لقلت هذا سفيه ومسيء للأدب.
ما بالك بشيء حرمه الله - عز وجل على عبيده (وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) وتبعها بقوله تعالى (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
سبحانك ربي ... هذا في شأن العبيد.
وفقنا الله وإياكم لمرضاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 02:17]ـ
/// لا بأس ..
/// هل هذا الدليل الوحيد أوهناك أدلَّة أخرى على كونها ليست توقيفية الاشتقاق؟
/// لو ذكرت لنا الأدلة كلها حتى تتم مناقشتها. ويستفاد من النقاش.
شيخنا الحبيب,
ما ذكرتُه ليس دليلاً ولكن هذا الفعل يلزمه توجيه جيد.
واعذرني فليس المبحث محرر عندي بأدلته, والأمر كما قلتُ سابقاً هب إيرادات يلزم من يقول بالتوقيف توجيهها. والله أعلم.
جزاكم الله خيرًا ...
وهو كما قال الشيخ عدنان البخاري ... بأن أسماء الله عز وجل - توقيفية على النص في الإثبات ...
شأنها شأن أي شيء عقدي آخر ... لا يثبت إلا بنص دال عليه.
فلا يجوز لأحد أن يسمى الله - عز وجل - بما لم يسمي به نفسه.
وأما عن وقوع بعض الناس في الاشتقاق، ويسمى الله بما شاء له أن يسميه من أفعاله عز وجل ... فهذا لا يجوز لأحد.
يقول الله - عز وجل - (وللهِ الأسماء الحسنى) فالله أعلم بها.
يا أخي ... خذ مثال توضيحي ...
أنت تكتب مشاركة ... وتعدل فيها ... وتحذف ...
هل تحب أن أقول لك ... يا كاتب ... يا حاذف ... يا معدل؟
إن فعلت هذا معك أنت، وأنت العبد الضعيف الفقير المربوب ... لقلت هذا سفيه ومسيء للأدب.
ما بالك بشيء حرمه الله - عز وجل على عبيده (وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) وتبعها بقوله تعالى (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
سبحانك ربي ... هذا في شأن العبيد.
وفقنا الله وإياكم لمرضاته.
جزاك الله خيراً أخي أسامة.
حنانيك علي يا أخي (ابتسامة)
نحن نتكلم عن الأسماء المشتقة من الصفات العلى الثابتة لله تعالى. ولا يخفى عليك أن من شروط إثبات الصفة لله عز وجل أن تكون كمالاً من كل وجه. وما كان كذلك فلا يلزم منه ما أوردته. والله أعلم.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 02:19]ـ
بارك الله فيك .. قصدي: ما أدلَّة الشيخ البرهامي ومن يقول بقوله هذا، هل هو ما أوردَّته ويلزم توجيهه أو هناك أمورٌ أخرى؟
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 03:00]ـ
شيخنا الحبيب,
لم أقرأ كلام الشيخ البرهامي ولعلي فعلتُ ولا أذكر.
فأنا لست من تلاميذه, لا المباشرين ولا غير المباشرين.
وأختلف معه في مسائل أرى أن الشيخ قد خالف الجادة فيها. ولسنا بصدد الكلام عنها.
ولم أذكر هذا إلا لسبب. وهو ألا يظن قارئ أني تبعاً للشيخ في رأيه فيحاسبني بما لم أقله.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 03:03]ـ
وجزاك خيرا وبارك فيك ..
أحببت فقط معرفة قول الشيخ، وأنا مثلك فلستُ أعرفه غير سماعٍ ضعيفٍ عنه .. ولا يهمني الآن إن كانت له أخطاءٌ أخرى في أبواب أخرى أو لا، وهل يخالف فيها أو لا ..
وكان مقصودي موضوعيًّا بحتًا، وهو معرفة قوله بدقة وإنصاف، إذ لو كان قائلاً بهذا فما هي ضوابط هذا الاشتقاق؟ ... الخ.
إذ من الإنصاف عرض القول بتمامه مع حججه ثم نقضه.
وأيضًا .. فقد يكون لقوله سلفًا نجهله حتى لا يشنَّع عليه بما قد يفيد من مسائل الخلاف الفرعيَّة بين السَّلف.
وبارك الله فيك على تنبيهك على قضيَّة حسن نيَّتك في تعقيباتك، إذ بعض من يخالف بعض الشيوخ قد يحمله على ذلك سوء طويَّة أووحشة بينهما، فيظن أنَّ غيره مثله .. والله المستعان.
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:21]ـ
قمت بعمل بحث عبر الشبكة للوصول لكلام الشيخ البرهامي في المسألة, وهذا نصه:
وَقَوْلهمْ: إِنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ وَلَمْ يَصِحّ فِيهِ شَيْء؛وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ، وَأَسْمَاء اللَّه تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ وهذاكلام حسن ذلك أن الأحاديث الضعيفة لا يثبت بها أمر من أمور الاعتقاد ولا العمل وبالتالي فكون أن رمضان اسم من أسماء الله لا يثبت ولم يرد في كتاب ولا سنة فلا يجوز أن يُقال أنه من أسماء الله تعالى، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اِسْم لَمْ يَلْزَم مِنْهُ كَرَاهَة كما في كثير من الأسماء التي هي من أسماء الله الحسنى ولا يُكره أن يتسمى بها العباد ككريم ورءوف وحليم على سبيل المثال فهذه الأسماء لا كراهة فيها لأنه لم يرد نهي عن ذلك والله قد تسمى بهذه الأسماء ومعنى أسماء الله
(يُتْبَعُ)
(/)
توقيفية ليست هي التي فهمها بعض المعاصرين من أن ذلك لا يصلح فيه الاشتقاق التوقيف الذي عليه عامة السلف معناه أن يرد الاسم أو الفعل الذي يشتق منه الاسم الدال على الكمال فليس هذا مخالفاً للتوقيف وإنما كما ترون في هذا أن من أسماء الله رمضان فهذا أين ورد ما ورد اسماً ولا صفةً ولا فعلاًفليس هذا الاشتقاق هو التوقيف المقصود عند السلف والذي أكثر فيه الكلام المتأخرون أما عامة من يتكلمون من السلف في هذا الباب فتجدهم على اختلافهم في عدّ الأسماء تجدهم يشتقّون من الأفعال التي وردت في الكتاب والسنة وإنما العبرة في ذلك بثبوت الكمال حتى لو لم يرد الاسم بصيغة الاسم بل لوورد بصيغة الاسم ولم يدل إطلاقه على الكمال لم يكن من أسماء الله الحسنىفلا يقال مثلاً أن من أسماء الله الزارع وقد ورد بصيغة الاسم فليس البابباب الاشتقاق ورابع ثلاثة وسادس خمسة ورد بصيغة الاسم وليس هذا في بابالاشتقاق ولكن لأنه يوهم نقصاً رابع ثلاثة هذا يوهم نقصاً ولكن يجب أنيُقال رابع كل ثلاثة في نجواهم وسادس كل خمسة في نجواهم فإذا قيدت وذكرتفي السياق ولو كان بصيغة الاسم صح ذلك فالعبرة إذاً ليست في الاشتقاق فلايصح إطلاق الأفعال ولا الأسماء التي إذا أطلقت أوهمت نقصاً أو لم تفدكمالاً كما ذكرنا في اسم الزارع والله أعلى وأعلم فقد ورد أن نحن الزارعونبصيغة الاسم ومع ذلك لا يجوز باتفاق العلماء أن يقال مثلاً عبد الزارعينباتفاق أهل العلم ليست العبرة كما ذكرنا بورود الصيغة فعل أم اسم إنما العبرة بثبوت الكمال والله أعلم أما ما لم يرد كالمهندس مثلاً ونحو ذلككرمضان مثلاً ونحو هذا أو أن يقول مثلاً أسماء بالسريانية يقولون حروف كمايفعلها الكهان والسحرة إذا قلت لهم ما هذه الحروف كهموش يقولون لك هذهأسماء الله بالسريانية هذا الكلام كلام باطل جداًَ بلا شك ولا يجوز أن يسمى الله عز وجل بهذا بدعوى أن هذه أسماء بالسريانية أو العبرانية أو غيرذلك ...
وسئل أيضاً:
- هل يصح اسم "عبد المتجلي"؟
الجواب:
"المتجلي" لم يرد في الأسماء الحسنى في الكتاب والسنة -فيما أعلم- وإطلاقه لا يدلعلى الكمال من كل وجه؛ ففيه نظر -والله أعلم- لأن شرط صحة الاشتقاق أن يدل الاسم المطلق على الكمال من كل وجه.
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:29]ـ
بارك الله فيكم أيها الأفاضل ...
أثناء مراجعتي لموقع الشيخ البرهامي ... وجدت ما يلي "لعله يفيد في هذا الطرح":
السؤال: ( http://www.salafvoice.com/article.php?a=3218&mode=r)
هل يصح اسم المتجلي؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالمتجلي لم يرد في الأسماء الحسنى في الكتاب والسنة فيما أعلم، وإطلاقه لا يدل على الكمال من كل وجه. ففيه نظر والله أعلم؛ لأن شرط صحة الاشتقاق أن يدل الاسم المطلق على الكمال من كل وجه.
السؤال ( http://www.salafvoice.com/article.php?a=987):
قرأت كتاب الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني "الأسماء الحسنى الثابتة بالكتاب والسنة", وقال بإنكار اشتقاق الأسماء من الصفات والأفعال والأخبار, وعلى هذا ضعف أسماء كثيرة من الأسماء المتداولة، والتي ذكرها ابن تيمية وابن القيم وحافظ الحكمي وغيرهم.
فأود معرفة الرأي الفصل في اشتقاق الاسم من الصفة أو الفعل. وما دامت الأسماء والصفات توقيفية، فلماذا نشتق الصفة من الاسم وليس العكس؟
وما الفرق بين الاسم المطلق و المقيد؟ وما رأى فضيلتكم في بحث الأسماء الحسنى للشيخ محمود؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
الراجح صحة الاشتقاق من الأفعال والصفات الواردة إذا كانت الأسماء تدل على الكمال المطلق لله -عز وجل-، ولا توهم نقصاً وهذا قول عامة السلف. وهذا لا ينافى التوقيف، راجع البحث في هذا في كتاب "المنة شرح عقيدة أهل السنة"
والاسم المطلق الذي ورد مطلقا، وهو يدل على الكمال حيثما ذكر. والمقيد ورد مقيداً كنحو (خير الماكرين)، ولم يرد مطلقا بل لو أطلق أوهم نقصاً كما لو قلنا ماكر أو مكار، فلا يجوز هذا في حق الله -تعالى-.
وبحث الشيخ محمود -حفظه الله- فيه نظر لتخطئته عامة السلف وأهل العلم، وهناك قواعد لم يسبق إليها، ولا دليل عليها هي التي دفعته لتخطئة غيره.
السؤال ( http://www.salafvoice.com/article.php?mod=1&c=141&sc=141&a=2502&back=aHR0cDovL3d3dy5zYWxhZnZva WNlLmNvbS9hZHZhbmNlZHNlYXJjaC5 waHA/Y3JpdGVyaWE9JUM3JUUxJUM3JUQ0JU NBJURFJUM3JURFJmF1dGhvcj0md29y ZG9wdGlvbj0wJndoZXJlPTEmYWw9MS ZzdWJtaXQ9JUM3JUM4JUNGJUMzKyVD NyVFMSVDOCVDRCVDQiZzZWFyY2hpbj 0w):
ما حكم التسمية بعبد المعين من الناحية الشرعية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالذي ورد في القرآن في أسماء الله -تعالى- اسم "المستعان"، وإن كان مقتضى تصرف السلف أو أكثرهم في أمر الاشتقاق صحة اشتقاق اسم المعين لما في الحديث: (ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وحسنه الألباني.
يتبع ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:31]ـ
المنة شرح اعتقاد أهل السنة - عقيدة السلف في الصفات .. شرح المنة (8): الرابط ( http://www.salafvoice.com/article.php?mod=1&c=158&sc=158&a=829&back=aHR0cDovL3d3dy5zYWxhZnZva WNlLmNvbS9hZHZhbmNlZHNlYXJjaC5 waHA/Y3JpdGVyaWE9JUM3JUUxJUM3JUQ0JU NBJURFJUM3JURFJmF1dGhvcj0md29y ZG9wdGlvbj0wJndoZXJlPTEmYWw9MS ZzdWJtaXQ9JUM3JUM4JUNGJUMzKyVD NyVFMSVDOCVDRCVDQiZzZWFyY2hpbj 0w&)
الأسماء الحسنى
( http://www.salafvoice.com/article.php?mod=1&c=158&sc=158&a=829&back=aHR0cDovL3d3dy5zYWxhZnZva WNlLmNvbS9hZHZhbmNlZHNlYXJjaC5 waHA/Y3JpdGVyaWE9JUM3JUUxJUM3JUQ0JU NBJURFJUM3JURFJmF1dGhvcj0md29y ZG9wdGlvbj0wJndoZXJlPTEmYWw9MS ZzdWJtaXQ9JUM3JUM4JUNGJUMzKyVD NyVFMSVDOCVDRCVDQiZzZWFyY2hpbj 0w&)
جاء في الحديث المرفوع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ)، هذا الحديث متفق على صحته.
فهل معنى ذلك أن أسماء الله -عز وجل- تسعة وتسعون فقط؟ الجواب: لا، ليس ذلك معنى الحديث، بل معناه أن هذه الأسماء التسعة والتسعين من يحصيها ويقوم بحق كل اسم منها، ويتعبد لله بمقتضى كل اسم منها، ويدعو الله به، مع حفظ هذه الأسماء يدخل الجنة، وليس معنى ذلك أنها ـ فقط ـ تسعة وتسعون، بل هناك أسماء حسنى لله -عز وجل- نحن لا نعلمها، كما في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم الذي أصابته الديون أن يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهَ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي) ([3]).
هذا دليل على أن هناك أسماء استأثر الله -سبحانه وتعالى- بعلمها، وهناك أسماء علَّمَها الله بعض خلقه، ولذلك نقول: إن هذا الحديث يقرر أن هذه الأسماء التسعة والتسعين مَنْ أحصاها دخل الجنة.
الأسماء التسعة والتسعون:
هذه الأسماء موجودة في الكتاب والسنة، ولكنها غير محددة بعددها في الكتاب والسنة حتى يجتهد الناس في الدعاء بكل الأسماء الحسنى الموجودة في الكتاب والسنة لكي يكون بذلك قد دعا الله بالتسعة والتسعين اسماً، وشبيه ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-عن يوم الجمعة: (فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ الله شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ) ([4])، حتى وإن قلنا هي آخر ساعة بعد العصر، فنحن لا نعرفها تحديداً، فالذي يمكث من العصر إلى المغرب يوم الجمعة يذكر الله، سوف يدرك هذه الساعة، وكذلك ليلة القدر في العشر الأواخر، لكن أية ليلة هي تحديداً؟! فنحن نطلبها في العشر الأواخر بأن نقوم العشر الأواخر كلها حتى ندرك ليلة القدر.
فكذلك لكي ندرك التسعة والتسعين اسماً، وندعو الله بها، ونتعبد لله بها، فالسبيل لذلك أن نتعبد بكل ما ورد في الكتاب والسنة.
واجتهاد بعض العلماء القدامى والمعاصرين في تحديد تسعة وتسعين اسماً لله تعالى، بما فيها الأخذ برواية الترمذي ([5])، فجَمْعُ هذه الأسماء محاولة من أهل العلم لحصر الأسماء التسعة والتسعين، والصحيح أنه مجرد اجتهاد، ونحن نحاول أن نجتهد في كل الأسماء التي وردت، وندعو الله -عز وجل- بها، فإذا فعلنا ذلك فبإذن الله تبارك وتعالى نكون دعونا الله بالتسعة والتسعين اسماً، وأحصينا التسعة والتسعين اسماً ضمن هذه الأسماء الحسنى الموجودة في الكتاب والسنة.
اشتقاق الأسماء
هل يصح اشتقاق أسماء لله -تعالى- مما ورد فيه أفعال في القرآن العظيم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
نقول: قال الله -تعالى-: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (لأعراف:180) فالأسماء لابد أن تكون حسنى ـ سواء أكان ذلك في اشتقاق أم كان ذلك في إطلاق الأسماء التي وردت بصيغة الاسم ـ، فمثلاً قوله -تعالى-: (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:64)، قد ورد هذا الاسم بصيغة الاسم «الزارعون»، فهل نقول إن من أسماء الله الحسنى «الزارع»؟! نقول: لابد أن تكون الأسماء حسنى، فهذا الاسم عندما ورد في هذا السياق دل على الكمال، لكن لا يجوز أن تجرده عن السياق، بمعنى أنه لا يجوز أن تطلقه بعيداً عن السياق، وكذلك لا يجوز أن يُقال: إن الله رابع ثلاثة، ولا سادس خمسة، لأن ذلك يوهم نقصاً، وكذلك لا نقول: إن الله ماكر، أو خادع، أو مستهزئ، استناداً إلى قوله -تعالى-: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ) (آل عمران:54)، وقوله: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (البقرة: من الآية15)، وقوله: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء: 142).
لأن كلمات: «ماكر، وخادع، ومستهزئ» تستعمل في اللغة على معنى النقص والذم، وأسماء الله حسنى، فلابد أن تُسْتَعْمَل أو تشتق اشتقاقاَ يدل على الكمال المطلق لله -تعالى-، فنقول: الله خير الماكرين، الله مستهزئ بالمنافقين، إن المنافقين يخادعون الله وهو خادِعُهم، فكلمة «خادِعُهم» اسم، ولكن لا نقول: هو خادع، بل نقولها في سياقها.
أما الأسماء المطلقة ـ في السياق أو خارجه ـ فهي التي تدل بذاتها على الكمال المطلق، مثل: «العلي، العظيم، الحليم، العليم، السميع، البصير» سواء أكانت مشتقة أم وردت بصيغة الاسم فلا يشتق مطلقاً إلا ما دل على الكمال، والله أعلى وأعلم
وبعض العلماء يرفض الاشتقاق أصلاً، بل لابد عندهم أن يكون الاسم ورد بلفظ الاسم، لكن الصحيح الذي عليه عامة السلف أنهم يصححون الاشتقاق بشرط أن يكون المعنى صحيحاً، دالاً على الكمال (1) ولا يوهم نقصاً بوجه من الوجوه، مثل: اسم «الستَّار» مثلاً، فالذي ورد في الحديث «الستير»، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) (?)، وكذلك يجوز أن نقول: إن الله ستَّار، لأن هذا الاسم قريب جداً في المعنى من اسم الستير، ويدل على معنى كمال مثلما يدل اسم الستير تماماً، فلا مانع من أن نقول: إن الله هو الستَّار، أما كلمة «ساتر»: فقد تستعمل بمعنى الحائط، وبمعنى الستارة، فلا يجوز أن نقول: «يا ساتر يا رب»، بل نقول: «يا سَتَّار يا رب»، والأفضل أن نقول: «يا ستِّير يا رب».
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:39]ـ
بحث ذو صلة ... من نفس الموقع .... الرابط ( http://www.salafvoice.com/article.php?mod=1&c=122&sc=122&a=2810&back=aHR0cDovL3d3dy5zYWxhZnZva WNlLmNvbS9hZHZhbmNlZHNlYXJjaC5 waHA/Y3JpdGVyaWE9JUM3JUUxJUM3JUQ0JU NBJURFJUM3JURFJmF1dGhvcj0md29y ZG9wdGlvbj0wJndoZXJlPTEmYWw9MS ZzdWJtaXQ9JUM3JUM4JUNGJUMzKyVD NyVFMSVDOCVDRCVDQiZzZWFyY2hpbj 0w)
الحاسوب لا يرفعُ خلافاً، ولا يقعِّدُ قاعدةً، ولا يقدِّرُ عاقبةً
كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فمن الأحاديث التي أولاها العلماء عناية كبيرة قديمًا وحديثًا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة) متفق عليه.
والمتأمل في هذا الحديث سوف يكتشف بادي الرأي أن هذا الحديث يتكلم عن فضل التعبُّد بتسعة وتسعين اسمًا من أسماء الله الحسنى، وأنها لم تأت مجموعة في مكان واحد، لا في هذا الحديث ولا في غيره، ومن هنا فقد أدرك العلماء الحكمة من ذلك، وهي كالحكمة في عدم تعيين ليلة القدر ليجتهد الناس في عشر ليالٍ بدلاً من واحدة، وكذلك الأمر هنا: علم العلماء أن هذا الباب باب اجتهاد للعلماء يعملون فيه جهدهم.
وطبعا ليس المقصود بالاجتهاد أن يخترعوا لله أسماء وصفات، ولكن المقصود تتبع ما ذكر لله من أسماء في القرآن والسنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هنا بحث العلماء مسألة الاشتقاق، وهي: هل يجب الالتزام بما ورد بصيغة الاسم، فيكون اسمًا لله وما ورد بصيغة الفعل فيكون صفة لا اسمًا؟ فمنهم من ذهب إلى عدم الاشتقاق، ومنهم من ذهب إلى جوازه.
فأما القائلون بعدم جواز الاشتقاق فمعظمهم لمَّا أراد أن يجمع الأسماء الحسنى لم يبلغ بها التسعة والتسعين، وهو ما أخذه عليهم القائلون بالاشتقاق؛ حيث علق الشرع فضلاً خاصًّا على التعبد لله بتسعة وتسعين اسمًا، مما يعني أن جمع هذا العدد من أسماء الله ممكن.
وأما الذين قالوا بجواز الاشتقاق فمنهم من ذهل عن أن الاشتقاق بمعنى تغيير صيغة الفعل إلى اسم الفاعل أو صيغة المبالغة مع إسناد ذلك إلى الفاعل وإن كانت صحيحة لغة، إلا أن هذا لا يتيح إغفال القيود الأخرى في الكلام، فوقع في خطأ بالغ، ومن أمثلة ذلك قوله -تعالى-: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (البقرة:15)، فلا يجوز لنا أن نقول: إن الله "يستهزئ" ونسكت، بل لا بد من تقييد ذلك بأنه يستهزئ بالمستهزئين، ولا يجوز بطبيعة الحال أن نقول: "إن الله مستهزئ" ونسكت، ولكن إن قيدناه بالمستهزئين فالراجح صحة ذلك.
وقد ورد ذلك المعنى بصيغة الفاعل في قوله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء:142)، فالكلام ليس في الصيغة الصرفية بقدر ما هو في المعنى.
ولذلك اشتد نكير كثير من العلماء على من أورد "المستهزئ، والماكر، والزارع"، في أسماء الله، وإن بقي الاختلاف بينهم في الاشتقاق من الصفات الأخرى، بل معظم من تكلم في جمع الأسماء الحسنى استعمل الاشتقاق بصورة أو بأخرى ابتداءً من "الوليد بن مسلم" -رحمه الله- صاحب أشهر محاولة وأكثرها قبولاً لدى المؤلفين من بعده، ساعد في ذلك أنها رُويت مدرجة مع أصل الحديث، مما أغرى العلماء بشرحها، مع أن معظمهم قد نص على إدراجها، إلا أنهم وافقوه على اجتهاده في الأعم الأغلب منها.
وأما الذين ذهبوا إلى عدم جواز الاشتقاق فإنهم احتاجوا أيضًا إلى قيد مراعاة السياق الذي قال به المجوزون للاشتقاق؛ لورود الماكر والزارع في نصوص الشرع بصيغة اسم الفاعل.
هذا وقد تعاقب على محاولة جمع الأسماء الحسنى علماء اتفقوا على جملة من الأسماء، وهي التي وردت بصيغة الاسم متضمنة الكمال المطلق من كل وجه، ومنهم من اقتصر عليها وإن لم يجمع تسعة وتسعين اسمًا، ومنهم من ألحق بها أولى الأسماء بها مما ورد في الشرع، بل وإن لم يكن اسما في اصطلاح النحويين مثل "ذي الجلال والإكرام"، وهو من المعاني الثابتة جزمًا والتي أثنى الله على نفسه بها، والخلاف في تسميتها اسمًا ومن ثَمَّ إدخالها في عدد الأسماء المشار إليها في الحديث أمر وسع الأمة فيه الخلاف.
وكان يسع الدكتور "محمود عبد الرازق" أن يكون واحدًا من هؤلاء، وربما كان في بحثه إضافة ثرية في جمع الأسماء وشرحها وبيان صور التعبد بها، لاسيما وأنه لم يغب عنه -كما ذكر في مقدمة كتابه- جهود العلماء السابقين والمعاصرين واتفاقهم الضمني، بل الصريح على أن الأمر فيه مساحة من الاجتهاد.
إلا أن الدكتور أبى إلا أن يرفع الخلاف في المسألة، وهذا هو بيت الداء، ولا أظنه يخفى عليه أن المسائل الخلافية بين علماء الأمة المعتبرين لا يرفع الخلاف فيها إلا إجماع لاحق، لا بحث رجل مهما بلغت قوة هذا البحث وجزالته، ولا أدري هل رام الدكتور بحثًا يبلغ من القوة مبلغًا يقنع علماء الأمة قاطبة بأن هذه هي الأسماء المقصودة من الحديث؟!! هذا إذا قلنا بإمكان ضبط الإجماع في زماننا أصلاً، ثم إنه طالما لم يحصل الإجماع فستبقى المسألة خلافية.
لقد علق الدكتور الخلاف بين العلماء على عدم وجود ضوابط، وكان ينبغي عليه أن ينتبه إلى أن عدم إفصاح المجتهد عن قواعده لا يعني عدمها، ولكن على أية حال ففي إطار مشروعه الشخصي كان وضع الضوابط أولاً خطوة مطلوبة، ثم إنه وضع ضوابط كان منها رفضه للاشتقاق، وهذا مذهب يقول به بعض أهل العلم ولا حرج عليه إن ترجح ذلك لديه، ولكنه تجاوز ذلك إلى الادعاء بأنه إجماع السلف، مع أن الدكتور قد ذكر من صنفوا قبله في الأسماء، وهو أدرى بما في كتبهم من إثبات أسماء بالاشتقاق، ناهيك عما تعج به كتب ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله- في تضاعيف كلامهم مما يفوق ذلك بكثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن جملة الضوابط التي وضعها أن يكون الاسم قد أريد به العلمية، ولا خلاف في أن الأسماء التي تحقق هذا الشرط هي من المتفق عليه، ولكن من اقتصر عليها قبل الدكتور محمود عبد الرازق لم يعد تسعة وتسعين اسمًا، إلا أن الدكتور أصر على أن يستكمل التسعة والتسعين فتسامح في تطبيق هذا الشرط على بعض الأسماء، منها الحديث المشهور عندما سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسعر لهم، فقال: (إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق) رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
ومع أن السياق واضح جدًّا في عدم إرادة العلمية، بل المراد ذكر الأوصاف، فإن الدكتور قد اعتبر هذا الحديث مرادًا به العلمية، ومرر به هذه الأسماء جملة واحدة، بل لم يشترط ما اشترطه معظم العلماء قبله بلزوم الاقتران بين القابض والباسط -لأن القابض بمفرده يوهم النقص-؛ لأن هذا سوف يعكر عليه صفو قواعده.
وقد ذكر الدكتور أنه امتحن من استطاع الوصول إليه من المعاصرين ممن صنفوا في أسماء الله في اسم "المسعر"، ولماذا لم يدرجوه في كتاباتهم، فأفاد أنه لم يلقَ إجابة شافية، وذكر أنه كلم بعضهم في الهاتف فلعلهم أعرضوا عن المناقشات الهاتفية، وإلا فالتعليل واضح من أن هذا الوصف الوارد بصيغة اسم الفاعل لم ترد به العلمية، كما أنه ليس مدحًا بإطلاق، فمثله مثل الزارع لا يطلق إلا مقترنًا بمتعلقه، ومثل ذلك فقل على انتزاعه اسم "الطيب" من حديث: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا) رواه مسلم.
وكل هذا كان يمكن احتماله لولا أن الدكتور قد اغتر بنتائج بحثه، فظن أن هناك ضوابط صارمة أخرجت تسعة وتسعين اسمًا بالتمام والكمال، مما يعني أنه بصدد فرصة ذهبية لإغلاق باب الخلاف في المسألة.
وكدَّر على صفو تلك الفكرة أن الدكتور بحكم سلفيته يعلم أن السلفيين لا يمكن أن يَنسبوا إلى السلف أنه قد فاتهم شيء قطعي كان ينبغي أن يجمعوا عليه، ولكنه تفرق بينهم حتى لا يوجد منهم واحد عبر التاريخ قد قال بالحق كله مجموعًا في هذا الباب بناءً على ما يراه الدكتور، وهنا تفتق ذهن الدكتور عن عذر يعتذر به عن السلف أنهم فاتهم عقيدة قطعية بهذا القدر من الوضوح الذي يدعيه الدكتور، وهو أنه لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بمساعدة الحاسوب، وأن السلف لو كان معهم الحاسوب لوصلوا إلى ما وصل إليه الدكتور.
وهذه سقطة لا يجبرها إلا الرجوع التام عنها؛ فإن الدكتور من أدرى الناس بأن علماء السلف لم يقبلوا من الأشاعرة ما هو أفضل من هذا حينما زعموا أن السلف شغلهم الجهاد عن تدبر آيات الصفات، بل لم يقبلوا منهم الزعم بأن منهج السلف "أسلم"، وأن السلف لسلامة قلوبهم اختاروا الأسلم، واضطر من بعدهم إلى الخوض في التأويل والمعاني؛ لأن أي تجهيل للسلف في أمر من أمور الدين لا يمكن أن يقبل تحت أي ظرف من الظروف!! فضلاً أن كلام الدكتور ينقل التهمة من السلف إلى الشرع ذاته، فيكون الشرع قد أمر الأمة باعتقاد عقيدة تبقى مغيبة عنهم خمسة عشر قرنًا من الزمان.
ثم إن الدكتور قد نسي أن الخطوة الأولى عنده لم تكن الجمع، وإنما كانت وضع الضوابط والتي يراها قطعية ملزمة، وهذه الخطوة ليس للحاسوب أي دور فيها، فأي عذر للأمة في تركها الاتفاق على تلك القواعد التي يراها الدكتور قطعية؟
إنَّ الحاسوب إن أفاد فلن يفيد إلا في الجمع، ولكن بالتأمل في الأدلة التي استفاد منها الدكتور الأسماء، تجد أنه ليس شيئًا منها مما يفوت الحفاظ جمعه بلا حاسوب، لاسيما المتأخرين منهم.
ثم إن كان الدكتور يرى أن عذر الأمة في الجهل بهذه العقيدة القطعية هو عدم وجود الحاسوب فنحن نسأل بدورنا متى ارتفع هذا العذر: أهو من تاريخ معرفة البشرية بالحاسوب في منتصف القرن الماضي، أم منذ شيوع النوع الشخصي منه في الربع الأخير منه، أم من تاريخ اقتناء الدكتور للحاسوب؟؟!
ثم إن الدكتور ليس من المعنيين -فيما نعلم- بعلوم الحاسوب والتي بلغت من تشعبها الآن مبلغًا جعلها تفوق علوم الطب في عدد فروعها، بحيث يكون غاية آمال من تخصص في جانب منها أن يلم إلمامًا عامًّا بالجوانب الأخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن خلال ما حكاه الدكتور في مقدمة كتابه عن دور الحاسوب في هذا البحث -واستخدامه ثلاثة حاسبات!!! - ومساعدة زوجته له ندرك أن الدكتور لم يستعن مثلاً بخبراء في مجال البرامج الخبيرة أو الذكاء الصناعي، ولا حتى برمجة الكائنات ليصمم برنامج بحث صرفي يعطيه الصور المختلفة للتصريف أو نحو ذلك، فهذا مما يجعل دور الحاسوب في بحث الدكتور كدوره في بحوث طلاب المدارس والجامعات.
ثم هب أن الدكتور باستخدام برامج البحث البدائية الموجودة في نظام تشغيل "الويندوز" أو حتى "اليونكس"، استطاع أن يحصر كل النصوص التي فيها ذكر الله، ونخلها جميعها، فيبقى أن الحاسب لم يقعد له قواعد، كما أنه لم يطبقها له، وحديث: (إن الله هو المسعر) من الشهرة بمكان، وكثير ممن نظر فيه قبل الدكتور لم يجدوا ضوابطهم منطبقة عليه، مع أن ضوابطهم كانت أيسر من ضوابط الدكتور.
ظهر الكتاب وكالعادة طارت الأسئلة، وأجبنا إجابات مختصرة فيها تخطئة الدكتور محمود عبد الرازق في تخطئته للأمة، فاتخذ منا هدفًاً لفترة طال أمدها، ونحن معرضون عن إعطاء الأمر أكبر من حجمه حتى لا يتسع الخرق على الراقع -كما يقولون-.
إلا أن الدكتور قرر هو ومجموعة ممن وافقه أن يحاربوا الدنيا بأسرها، وأن يقاضوا الأزهر والأوقاف، بل والمغنين الذين يغنون الأسماء الحسنى القديمة.
وكما كان الحاسب بريئًا من وضع القواعد، بريئًا من تطبيقها، بريئًا من تخطئة الأمة، فقد كان أكثر براءة من عدم حساب العواقب التي لا ندري كيف حسبها أصحاب ذلك الموقف!!
لو كانت المعارك القضائية يمكن أن تغير مناهج الأزهر فلماذا يترك هؤلاء الأزهر وهو يدرس عقيدة الأشاعرة في جميع مراحله العلمية على الرغم أن من علمائه من طالب بتدريس منهج السلف، منهم الشيخ "هراس" -رحمه الله- عميد كلية أصول الدين الأسبق؟!
ولو كانت المعارك القضائية يمكن أن تغير الأسماء المنقوشة على جدران مساجد الأوقاف فلماذا لا يطالبون بإزالة جميع هذه النقوش، ومن باب أولى إزالة القبور من المساجد مع وجود فتاوى لشيوخ كثيرين شغلوا كرسي الإفتاء في مصر سابقًا بضرورة إخراج القبور من المساجد؟!
وإذا كانت المعارك القضائية يمكن أن تسحب معها أغنية فلماذا السكوت عن الأغاني هابطِها وشعبيِّها وشبابيِّها؟!
ثم أين حساب العواقب في مردود ذلك على العوام الذين لن يتمكنوا إلا من سماع الخبر دون أن يعرفوا الخلاف في الأسماء الحسنى، وهل يجوز فيها الاشتقاق أم لا، والفرق بين المراد به العلمية والذي لم يراد به العلمية؟!
وما مدى وقع خبر أن الحاسوب قد اكتشف خطأ الأسماء التي كانت الأمة ترددها عبر خمسة عشر قرنًا من الزمان على المتابعين من غير المسلمين؟!
إن الحاسوب بريء من كل هذه التبعات، وإذا كان الدارس لعلوم الحاسب يكون أول ما يتعلمه أن الحاسب لا يستطيع أن يحل مسألة لا نعرف نحن حلها، وإنما غاية ما هنالك أن يكون أداة توفر الوقت والجهد في تنفيذ حل محدد لمشكلة محددة، وهذا لا يكون إلا إذا عرفنا نحن الحل، ثم استطعنا وضعه في إطار منطقي صارم، ثم تأتي مرحلة برمجة الحاسب وفق هذا الحل.
ونحن بدورنا نقول: "الحاسوب لا يرفعُ خلافاً، ولا يقعِّدُ قاعدةً، ولا يقدِّرُ عاقبةً".
نسأل الله أن يهدينا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:43]ـ
إضافات قيِّمة تحتاج إلى تأمُّلٍ وتحليل ومناقشة.
وهذا الموضوع مهم جدا
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 04:50]ـ
إضافات قيِّمة تحتاج إلى تأمُّلٍ وتحليل ومناقشة.
وهذا الموضوع مهم جدا
بارك الله فيك شيخنا الحبيب,
وما قلتَه هو عين ما أردتُ قوله في أول مشاركة لي.
أن الموضوع يحتاج مزيد بحث وتأمل في فعل السلف وليس مجرد قاعدة نسردها سرد المسَلَّمات.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 05:01]ـ
أقول:
الاشتقاق هاهنا ... مسألة استحسان عقلي ... لا شيء فيه يرجع للسلف ... كما قد ادعى أصحاب هذا القول.
وإن رُجع لأحد منهم ... فالإثبات بالقرآن والسنة و (إجماع) السلف.
وهذا الاستحسان العقلي كانت نتيجته:
ما يراه كاملاً "في نظره" يثبته ... وما لا يراه كاملاً "في نظره" ينفيه.
وهذا من باب إخراج الأسماء الحسنى عن باقي مسائل العقيدة ... وهذا قول بعيد تمامًا عن السلف.
قال أحمد: ائتوني بآية من كتاب الله، أو حديث من حديث رسول الله أقل لكم به
هكذا كان يقول السلف رحمهم الله.
فلا إثبات إلا بنص.
ـ[أم تميم]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 08:36]ـ
أهل السنة والجماعة مجمعون على التوقيف في أسماء الله، ولا نزاع في هذا ..
بل حتى الفرق الضالّة لم يخالفوا في هذه المسألة .. عدا المعتزلة ..
وكذا شذَّ الباقلاني عن إجماع الأشاعرة ..
إنما الخلاف في [اشتقاق الأسماء من الأفعال والأوصاف] ..
ففريقٌ حرَّمَ اشتقاق الأسماء من الأوصاف والأفعال .. وعلَّلَ ذللك بالتوقيف .. وهو الصواب - والله أعلم -
وهذا ماعليه غالب علماءنا المتقدمين منهم والمتأخرين ..
وفريقٌ أجازَ اشتقاق الأسماء من الأوصاف والأفعال وفق قواعد معينة .. هذا مع قولهم بالتوقيف ..
فهم لا يرون أن اشتقاق الأسماء من الأوصاف والأفعال يتعارض مع التوقيف إذ أنهم يعتمدون على النصوص في اشتقاقها ..
بخلاف الفريق الأول الذي يرى أن هذا الاشتقاق يتعارض مع التوقيف ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 08:38]ـ
/// نرجو من الإخوة ألذين يشاركون في هذا الموضوع توثيق ما يذكرونه من الكلام لأهميَّته، سواء كان ذلك من المراجع المكتوبة أوروابط الإنترنت، أوإنشاء من عند أنفسهم استفادوه من غيرهم.
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 09:35]ـ
فهم لا يرون أن اشتقاق الأسماء من الأوصاف والأفعال يتعارض مع التوقيف إذ أنهم يعتمدون على النصوص في اشتقاقها ..
الاشتقاق تصريف وليس توقيف
ـ[أم تميم]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 10:10]ـ
الاشتقاق تصريف وليس توقيف
جزاكم الله خيرًا لكن ..
لم أفهم وجه الاعتراض؟!
فهم لا يرون أن اشتقاق الأسماء من الأوصاف والأفعال يتعارض مع التوقيف إذ أنهم يعتمدون على النصوص في اشتقاقها ..
لا أخالف لو قلت ..
فهُم لا يرون أن تصريف الأسماء من الأوصاف والأفعال يتعارض مع التوقيف إذ أنهم يعتمدون على النصوص في تصريفها .. !!
المعنِي بالمصطلحين في هذا السياق واحد ..
وإن كان التصريف أوسعُ نطاقًا بحكم أن الاشتقاق يندرج تحته ..
والمقصود: أن الفريق الثاني لا يرى أن [الاشتقاق / التصريف] يتعارض مع التوقيف في أسماء الله الحسنى ..
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 11:11]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
/// ليس في كلام السلف والأئمة ما يدل على أن التوقيف في الأسماء = وروده في النصوص اسمًا ..
/// صنيع عامة السلف والأئمة مع الأسماء الحسنى يدل ضمنيًا على جواز الاشتقاق ..
ولقد ذكر بعضهم في مشاركة له الوليد بن مسلم وابن القيم وغيرهم ..
/// الظاهر أن صنيعهم لا ينافي التوقيف!
/// الشيخ الرضواني مسبوق إلى صنيعه مع الأسماء الحسنى والسابق (= الإمام ابن حجر)؛ وهذا الأخير اقتصر على القرءان فقط ..
/// المسألة فيما يظهر خلافية! للإعتبارات السابق ذكرها ..
لي عودة إن شاء الله ..
ـ[أسامة]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 11:37]ـ
بارك الله فيكم ...
التصريف يضاد التوقيف
فمتي صرفته ... لم توقفه.
وأما التوقيف فهو في كل ما يختص بذات الله عز وجل من أسماءه وصفاته وأفعاله.
لا تثبت إلا بنص ... وأما إجراء قواعد اللغة العربية على ذات الله عز وجل ... فلا.
تسميه ما تراه كمالاً ولا تسميه ما لا تراه بكمال؟ من قال بهذا؟
هذا كله يرجع للقياس العقلي ... أو قل للفساد العقلي.
فالكلام صفة من صفات الكمال ... والمتكلم أحسن من الأبكم ... فلما لا تقول أن من أسماءه المتكلم؟
فتقول ... لا لأنها لا تتصف بالكمال المطلق ...
وما الدليل؟ لا دليل ... بل تعليل فقط ... وإعمال العقول بلا حُجَّة.
أنكروا تأويل الأشاعرة على قواعد اللغة ... ثم تلاعبوا بالأسماء على قواعد اللغة.
ـ[أم تميم]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 11:42]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=127980
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 12:02]ـ
الأخ الفاضل أسامة , الأخ الفاضلة أم تميم.
كل ما نقلتموه هو مفهوم لكلام عام. وليس منصوص السلف.
فهلا نقل لنا من نقل إجماع السلف على التوقيف ما يفيد أن التوقيف هو الاسم الوارد بالنص فقط.
وكيف لا يكون للسلف كلام حول هذا الأمر مع اشتهار هذا الصنيع بينهم وعدم انكاره.
نرجو توثيق الكلام قدر المستطاع والبعد عن الاطلاقات والتقريرات بدون نقول. فما أسهل أن أقول أن الإجماع العملي للسلف على الجواز. ولكن هذه دعوى عريضة لا أقدر عليها.
فالمطلوب البعد عن الدعاوى ومحاولة التقيد بكلام السلف أنفسهم إذا أردتم الكلام على إجماع السلف.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 12:15]ـ
الإخوة والأخوات الأفاضل ...
من يريد أن يثبت بلا نص ... فهو مفترٍ على الله ما ليس له به علم.
من الرابط المحال عليه هذه المشاركة
هذا قول لابن جماعة وقفت عليه أثناء نسخي لمخطوط في شرح الأربعين له يسر الله إتمامه
وكذلك اختلفوا في أسمائه تعالى، فمنعت طائفة من الاشتقاق في أسمائه تعالى، وأجازته طائفة.
مستند الأول: أن المشتق يتقدمه أصله المشتق منه. قالوا: وأسماء الله تعالى قديمة،
والقديم لا يُقدَّم عليه شيء، إذ لا أول فلا اشتقاق لأسمائه بقدمها.
ومستند الثاني: أن الاشتقاق إنما هو في العبارات واللغات، وهي حادثة، والمعاني التي هي
(يُتْبَعُ)
(/)
مفهومة من المسمَّيات هي أسماؤه دون العبارات.
والقائلون بالاشتقاق اختلفوا في ذلك على وجوه كثيرة، والذي قالوه لا أصل له إلا القياس،
وأسماء الله تعالى لا تثبت قياساً، وكما لا تثبت بالقياس فكذلك لا تتصرف، فهذا بالقياس،
والقياس النحوي لا يعتد به في إثارة حكم شرعي فضلاً عن أن يعتد به في شرح تصريف
اسم من أسمائه؛ إذ المعتمد في اللغة السمع دون قياس العقل.
انتهى من كلام ابن جماعة في شرحه للأربعين (ورقة 3/ و) مخطوط
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 12:30]ـ
الإخوة والأخوات الأفاضل ...
من يريد أن يثبت بلا نص ... فهو مفترٍ على الله ما ليس له به علم.
من الرابط المحال عليه هذه المشاركة
أخي الحبيب أسامة,
أرجو الترفق في الرد ودعك من موضوع الافتراء على الله عز وجل فهذا بعينه محل النزاع. لأن من اشتق يقول أنا أثبت بنص وهو أصل الصفة. قيكون محل النزاع هل المراد بالتوقيف هو ورود الاسم بالنص أم أن المراد أن الاسم مشتق من نص.
فمثلاً إذا أراد أن يطلق أحدهم اسم المهندس على الله تعالى. نقول له هذا بعيد عن النوقيف. بالاتفاق. أما إذا أراد الرازق مثلاً قلنا له على القول الأول لا يجوز لأنه ليس توقيفاً وعلى الثاني فلا بأس به لأن أصله ثابت لله تعالى. فهذا هو محل النزاع الذي ينبغي تحريره.
وأما عن نقل ابن جماعة, فهو ليس من السلف. بل ليس من أهل السنة والجماعة أصلاً, ومع ذلك فلا نفتري ونقول أن قوله هو قول الأشاعرة. ولكن نترك النظر في كلام من تأخر حتى نتأتي على كلام من تقدم, ثم ننتقل إلى من هو يليه وهكذا.
حتى إذا جمعنا الكلام في المسئلة, صارت عندنا ذخيرة جيدة لأبحاثنا.
والهذف الوصول إلى الحق. كان مع هذا أو مع ذاك.
وأحب أن أقول أني لا أتبنى هذا الرأي أو ذاك. فالمسئلة فيها نوع عدم تحرير واشكال عندي.
ولكن هذا لا يمنعني أن أتكلم إذا كان كلام أي الفريقين لا ينسجم مع البحث العلمي وفيه نوع تحكم. وكما قلتُ الهدف الوصول إلى الحق.
والله تعالى تعالى وأعلم.
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 12:37]ـ
بارك الله فيك أيها الحبيب ...
وأما قولي ...
فأكرر ...
أنكروا تأويل الأشاعرة على قواعد اللغة ... ثم تلاعبوا بالأسماء على قواعد اللغة.
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 12:52]ـ
حديث التسعة وتسعون اسمًا ... لم يحددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وترك هذا للأمة ليجتهدوا في العبادة وتحصيل هذه الأسماء من القرآن والسنة.
وعلى هذا ... فالعرب أعلم بلغتهم من غيرهم ... ويتنزل القرآن ويحدثهم الرسول.
فلا شك أنهم اجتهدوا ... ولكن هذه الاجتهادات لم تصل إلينا لأنها اجتهادات تعبدية .... لا ضير أن تصل إلينا أو لا تصل ...
فما ينفع المسلمون فعندنا ... القرآن والسنة ... بقى الاجتهاد في التحصيل.
فحين يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: إن لله تسع وتسعون اسمًا ...
فأفرد الأسماء ...
أنت عربي ... ويكلمك بما تفهم ... له تسعة وتسعون اسمًا ...
فكيف أعرف الاسم؟
العرب يعرفون الاسماء بأداة التعريف ... بالتنوين ... ونحو هذا ...
فهكذا الفطرة السليمة ...
وأما أن أبحث عن الصفات والأفعال ... ثم أجري عليها قواعد اللغة ... ثم أُعْمِل العقل ليأتي بافرازات عقيمة وقياسات فاسدة ... هذا كمال؟ هذا كمال مطلق؟
أيظن أحدهم أن هذا فعل السلف؟ أو هذا ما يفعله العرب في معرفة الاسماء؟
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 01:30]ـ
إليكم بعض النقول عن السلف في توقيفية الأسماء والصفات.
يقول ابن القيم في بدائع الفوائد (فصل فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى):
((السابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه في باب الإخبار لا يجب أن يكون توقيفيا، كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه، فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع؟))
ويقول ابن منده في كتابه التوحيد: ((وأسماء الله وصفاته توقيفيةوأهل السنة والجماعة لا يثبتون لله إلا ما أثبته لنفسه في كتابه أو صح عن رسول اللهصلى الله عليه وعلى آله وسلم)) التوحيد لابن منده [2/ 135]
وقال الامام النووي: ((اسماء الله توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح)) [صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الصيام/ باب فضل شهر رمضان].
وقال بن حجر في الفتح:
واختلف في الأسماء الحسنى هل هيتوقيفيةبمعنى أنه لا يجوزلأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله أسماء , إلا إذا ورد نص إما في الكتاب أوالسنة , فقال الفخر: المشهور عن أصحابنا أنهاتوقيفية. وقالت المعتزلة والكرامية: إذا دل العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حق الله جازإطلاقه على الله. وقال القاضي أبو بكر والغزالي: الأسماءتوقيفيةدون الصفات , قال: وهذا هو المختار. واحتج الغزالي بالاتفاق على أنه لايجوز لنا أن نسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم لم يسمه به أبوه ولا سمى بهنفسه وكذا كل كبير من الخلق. وقال أيضا: ((قال أبو القاسم القشيري: الأسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والإجماع , فكلاسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه , وما لم يرد لا يجوز ولو صح معناه)) فتح الباري [11/ 220]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 01:36]ـ
إليكم بعض النقول عن السلف في توقيفية الأسماء والصفات.
يقول ابن القيم في بدائع الفوائد (فصل فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى):
((السابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه في باب الإخبار لا يجب أن يكون توقيفيا، كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه، فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع؟))
ويقول ابن منده في كتابه التوحيد: ((وأسماء الله وصفاته توقيفيةوأهل السنة والجماعة لا يثبتون لله إلا ما أثبته لنفسه في كتابه أو صح عن رسول اللهصلى الله عليه وعلى آله وسلم)) التوحيد لابن منده [2/ 135]
وقال الامام النووي: ((اسماء الله توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح)) [صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الصيام/ باب فضل شهر رمضان].
وقال بن حجر في الفتح:
واختلف في الأسماء الحسنى هل هيتوقيفيةبمعنى أنه لا يجوزلأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله أسماء , إلا إذا ورد نص إما في الكتاب أوالسنة , فقال الفخر: المشهور عن أصحابنا أنهاتوقيفية. وقالت المعتزلة والكرامية: إذا دل العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حق الله جازإطلاقه على الله. وقال القاضي أبو بكر والغزالي: الأسماءتوقيفيةدون الصفات , قال: وهذا هو المختار. واحتج الغزالي بالاتفاق على أنه لايجوز لنا أن نسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم لم يسمه به أبوه ولا سمى بهنفسه وكذا كل كبير من الخلق. وقال أيضا: ((قال أبو القاسم القشيري: الأسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والإجماع , فكلاسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه , وما لم يرد لا يجوز ولو صح معناه)) فتح الباري [11/ 220]
ونِعْم المشاركة الطيبة ... أحسن الله إليك ... ورفع شأنك.
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 02:48]ـ
الأخت الكريمة شذى الجنوب,
جزاك الله خيراً على هذه المشاركة الطيبة. وحقيقة أعتبرها أول مشاركة جدية في هذا الموضوع لتركها فضول الكلام والتركيز على نقولات السلف.
وكلام ابن القيم المذكور في رأيي يدعم من قول من يرى بجواز الاشتقاق, لأنه رحمه الله نصب خلافاً بين من يقول بتوقيف الأسماء وبين من يقول بجواز اطلاق أسماء لم يرد يها السمع. والأسماء المشتقة ليس من النوع الثاني, والقرينة على ذلك الأمثلة التي فرضها كالقديم , والموجود, والشيء. وعموماً إذا احتج بهذا القول من يقول بالاشتقاق لجاز, لأن من يقول بالاشتقاق يرى أن التوقيف معناه ورود السمع بأصل الاسم المشتق وليس الورود بصيغة الاسم. وهذا هو محور النزاع.
وكلام ابن منده رحمه الله تعالى, ليس صريحاً أيضاً لأنه كما سبق من يقول بالاشتقاق يدعي أن المراد بالورود في الكتاب أو السنة = أن يرد أصل الاسم المشتق. والله أعلم.
وأما كلام ابن فهو أصرح في هذا الباب, ولكن هذا الكلام لا يعدوا إلا أن يكون قولاً مخالفاً لمن يقول بعدم جواز الاشتقاق, لاسيما أنه لم ينقل في هذا الباب عن عالم واحد من أهل السنة والجماعة, عموماً مناقشة كلام السلف أولى قبل أن نصل لكلام الخلف.
وأما يا أخي الحبيب أسامة.
لا أسلم لك أصلاً أن تأويل الأشاعرة هو مقتضى قواعد اللغة, بل هو تحريف صريح ولا يخفاك كلام شيخ الإسلام في هذا الباب. وليس هذا بموضوعنا فقد نُوقش هذا الموضوع كثيراً هنا وفي أهل الحديث.
أعيد وأذكر أن ما سطرتُه سابقاً يحتمل الصواب والخطأ, فما كان صواباً فمن الله وأما الخطأ فمن الشيطان ومني. والله المستعان.
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 03:18]ـ
السلام عليكم
ما شاء الله موضوع مميز جدا .. بارك الله في كل من شارك
ولكن عندي استشكال في فهم حديث التسعة وتسعين اسما. إذ قال بعض أهل العلم بجمعها من القرآن والسنة معا!!
والاستشكال هنا في أن السنة قد لا تصل إلى كثير من المسلمين سواء في المكان أو الزمان, فكيف يجمعون التسعة وتسعين اسما
من هذا الكم الهائل من الأحاديث؟!
بل إن كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم لم تبلغهم كل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لبعدهم عنه أو تأخر إسلامهم أو غير ذلك -فكيف يجمعون هذه الأسماء إن لم تكن في القرآن وحده؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو فتحنا باب السنة المطهرة سنجد أكثر من تسعة وتسعين اسما بلاشك, فكيف نعين التسعة والتسعين من بينهم؟!
أرجو الإجابة شاكرين
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 04:55]ـ
أخي الفاضل أبو وليد ...
كلام ابن قيم الجوزية يفرق فيه بين أسماءه وصفاته من ناحية ... وفي ما يجوز الإخبار به على أن لا يكون اسمًا في ذاته. والمثال لا يعني الحصر وإن أتي بنوعية، فلحاجة في نفس يعقوب، وهو الاشكال في ما قد استُخْدِم في مناظرة المعتزلة ومن نحا نحوهم.
خاصة أن مبلغ الشدة كان في الأسماء والصفات ... فكيف تقول أنها توقيفية وتناظرهم بها .. فأراد أن يفتح باب الإخبار ... لا الأسماء في ذاتها.
وكلام ابن منده ... غاية في ذاته ... إذا قال لا يثبتون إلا ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو صح عن رسوله.
فالإثبات يعني النص، والنص على ظاهره دون تأويله ولا تصريفه ولا التلاعب به. وهذا ما نقول به.
فورود الصفة شيء وورود الاسم شيء آخر ... فالاسم يتضمن الصفة .... لا العكس.
وما ذهب إليه ابن حجر فهو عدم الجواز أيضًا.
من ناحية الأشاعرة ومقتضى قواعد اللغة ... فعندهم ما الأقوال ما لا يختلف عليه في اللغة، إلا أن صرفهم لها دون دليل فهذا في عينه هو التحريف، إلا أن خطأ قولهم في الاستواء للمخالفة لقواعد اللغة ... فلا نقول بأن تحريفهم لليد أيضًا لا يجوز في اللغة.
وخلاصة القول عندي ... لا يجوز إعمال قواعد اللغة العربية لإثبات شيء ما لله - عز وجل.
فقواعد اللغة مبنية على القياس ... ولا يجوز القياس في حق الله.
فمن أراد أن يسيرها ليسمى الله عز وجل بما ترائى له أن اسمًا كاملاً في نظره ... فلابٌّد له أن يثبت أيضًا القياس في حق الله.
وصفات الله عز وجل ... كلها كمال ... سواء مفردة أم مقيدة ... سواء ذاتية أو فعلية أو ذاتية فعلية ... فالذي يقول بأن هذه الصفة تجوز وهذه لا تجوز ... على أي أساس؟
أقول لك على أي أساس ... على أساس القياس العقلي.
هل عندك تعليل آخر؟
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 05:43]ـ
أخي الحبيب أسامة,
حتى لا ندخل في معارك كلامية.
أنت تفهم من كلام ابن منده شيء وغيرك قد يفهم منه شيء آخر, والمسألة مسألة اجتهادية.
وأما عن الأشاعرة وقواعد اللغة, فدعه أفضل.
وأما المهم, هل عندك نقل واحد عن السلف يفيد أن التوقيف هو ورود الاسم بالنص ولا يشمل الاشتقاق من الصفة الواردة بالنص؟ وهذه المسألة ليست حادثة بل نقل عن السلف تداول هذه الأسماء امشتقة بدون نكير. فكيف تنقل الإجماع على شيء حدث لا تستطيع أن تأتي بنص عن السلف صريح في ذلك والمسألة حادثة ومتصورة في عصرهم.
فالمطلوب الآن الآثار الواردة عن السلف في هذا الباب. وتوجيه عدم انكارهم لمسألة هي شائعة في عصرهم.
والمسألة عندي مسألة اجتهادية يُحترم فيها المخالف, والله أعلم.
ـ[أبوعبيدة المصري]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 06:02]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حياكم الله جميعا , و جزاكم الله خيرا
الأخوة الأفاضل أبو أويس , و أم تميم , و أبو الوليد
كلامكم سليم و منضبط
و هذا هو محل الخلاف
العلماء اتفقوا على توقيف الأسماء
لكن ما هو التوقيف الذي اتفقوا عليه
التوقيف الذي اتفقوا عليه , ليس معناه وجوب ورود الاسم في القران أو السنة بصيغة الاسم , كما يقول البغض.
العلماء لم يتفقوا على هذا
بل هذا محل الخلاف
العلماء اتفقوا على التوقيف , بمعنى وجوب ورود الاسم , أو ما يدل عليه , كصفة أو فعل.
هذا هو الذي اتفق عليه العلماء , كما تفضلت الأخت الفاضلة أم تميم
فالذين قالوا بعدم جواز الاشتقاق , قالوا يجب ورود الاسم بصيغة الاسم
و الذين قالوا بجواز الاشتقاق , قالوا يجب ورود الاسم او ما يدل عليه من صفة أو فعل
و الكل قال بالتوقيف
الاشتقاق عند سلف الأمة لا ينافي التوقيف , مادامت الأسماء تدل على الكمال المطلق , و إنما الذي ينافيه اختراع أسماء لم ترد , و لم يدل عليها فعل و لا صفة ك (مهندس الكون العظيم) , و (العلة الأولى) , و نحو ذلك.
قال ابن القيم "رحمه الله" في بدائع الفوائد -كما قدم الأخ-:
السابع: " أن ما يطلق عليه في باب الأسماء و الصفات توقيفي ..... "
و مع هذا قال "رحمه الله" بعدها:
(يُتْبَعُ)
(/)
السابع عشر أن أسماءه تعالى منها ما يطلق عليه مفردا ومقترنا بغيره ,وهو غالب الأسماء كالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم , وهذا يسوغ أن يدعى به مفردا ومقترنا بغيره, فتقول: يا عزيز يا حليم يا غفور يا رحيم , وأن يفرد كل اسم , وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع
ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده , بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم , فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو , فهو المعطي المانع , الضار النافع , المنتقم العفو , المعز المذل , لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله , لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاء ومنعا , ونفعا وضرا , وعفوا وانتقاما , وأما أن يثنى عليه بمجرد المنع والإنتقام والإضرار فلا يسوغ , فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الإسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض , فهي وإن تعددت جارية مجرى الإسم الواحد , ولذلك لم تجيء مفردة ولم تطلق عليه إلا مقترنة فاعلمه
فلو قلت يا مذل , يا ضار , يا مانع , وأخبرت بذلك لم تكن مثنيا عليه , ولا حامدا له حتى تذكر مقابلها " بدائع الفوائد (1 - 177)
انظر حفظك الله , ابن القيم يقول انها توقيفة , مع أنه "رحمه الله" يقول أن من أسماءه (المعطي المانع , الضار النافع , المنتقم العفو , المعز المذل)
وكل هذه أسماء مشتقة
يقول هذا "رحمه الله" لأن الاشتقاق لا ينافي التوقيف
كذلك شيخ الاسلام يقول "رحمه الله":
" قالوا من أسماء الله تعالى المغيث و الغياث , و قد جاء ذكر المغيث ي حديث أبي هريرة , قالوا و اجتمعت الأمة على ذلك " مجموع الفتاوى (1 - 111)
و معلوم ان هذه الأسماء لم ترد بسند صحيح بلفظ الاسم مطلقا , و انما استخرجها العلماء بالاشتقاق
و مع هذا يقول: قالوا و اجتمعت الامة على ذلك
لأن الاشتقاق لا ينافي التوقيف
أرجوا أن يكون الكلام واضح
و يراجع ايضا ما كتبه ياسر برهامي في المنة شرح اعتقاد اهل السنة
جزاكم الله خيرا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 06:28]ـ
ابو الوليد السلفي
وكلام ابن القيم المذكور في رأيي يدعم من قول من يرى بجواز الاشتقاق, لأنه رحمه الله نصب خلافاً بين من يقول بتوقيف الأسماء وبين من يقول بجواز اطلاق أسماء لم يرد يها السمع. والأسماء المشتقة ليس من النوع الثاني, والقرينة على ذلك الأمثلة التي فرضها كالقديم , والموجود, والشيء. وعموماً إذا احتج بهذا القول من يقول بالاشتقاق لجاز, لأن من يقول بالاشتقاق يرى أن التوقيف معناه ورود السمع بأصل الاسم المشتق وليس الورود بصيغة الاسم. وهذا هو محور النزاع.
تقصد بالقرينة أن الأمثلة التي أوردها ليست من القرآن؟!
لكن الشيء ورد في قوله تعالى: ((قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)) الأنعام [آية9]
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[12 - Dec-2009, صباحاً 09:12]ـ
///المطلوب ممن يقول أن الاشتقاق يضاد التوقيف؛ توجيه صنيع السلف والأئمة مع أسماء الله الحسنى!
في الانتظار ..
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 07:39]ـ
بل أنا أقول لك ... ما دليلك الشرعي من القرآن والسنة وإجماع الأمة على تسمية الله بالآراء من إعمال قواعد اللغة حتى تسمي الله ما لم يسمي به نفسه؟
وأما أنا فلا أقول إلا بما سمى الله به نفسه وأخبر به رسوله.
فدليلي قال الله قال الرسول ... ولا أحتاج إلى قول أحد من البشر ... لا من السلف ولا الخلف.
وأرجو من المشتركين في هذا الموضوع أن يكون لديهم خلفية مسبقة عن الأسماء خاصة، وما هي الأسماء الحسنى والفرق بينها وبين ما يجوز الإخبار به.
وما معنى الاسم في كلام العرب وما هي علاماته ونحو ذلك.
فلا أقول لك الشيخ / عدنان البخاري له ثلاثة أسماء ... فتتبع أقواله .. فتجده يقول: "كتبت مقالاً الأسبوع الماضي" و "أرسلته للشيخ عبد الله" و "وشكرت الشيخ على تقريظه"
فتأتي قائلاً:
أعرف أسماءه الآن: الكاتب والراسل والشاكر.
فهذا تحايل وتلاعب ... وليست أسماءه ... بل مخترعاتك ... وما أفرزه عقلك.
وأما من ناحية الإخبار به: فتقول الشيخ عدنان البخاري خير كاتب.
وما بين هذا وذاك من فارق جليّ.
والله الموفق.
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 11:53]ـ
أخي أسامة ..
/// لا أحد يختلف معك في الوحيين ..
لكننا اختلفنا في الفهم!
فإلى أي فهم نرجع؟!
هل يسوغُ ترك صنيع السلف والأئمة والأخذ بفهمكَ!!
ََفَرِّق بين الكتاب والسنَّة وفهمكَ للكتاب والسنة!!
فما تقوله = فهمك وفهم فلان وعلان! .. فتأمل أخي الكريم!
/// مازال السؤال قائمًا ..
كيف نوجه صنيع السلف والأئمة مع الأسماء الحسنى؟
إلى ذلكم حين ..
لكَ مني أجملُ تحية ..
تنبيه: الذين قالوا بجواز الاشتقاق ذكروا شروطًا ضوابطًا = كلامك ولوزامك لا تلزمهم لأنها ليست على شروطهم وضوابطهم!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة]ــــــــ[13 - Dec-2009, صباحاً 08:43]ـ
صنيع السلف ... أنهم قالوا أن أسماء الله - عز وجل - من كلامه ردًا على الذين قالوا بأن الله كان ولا اسم له، وكلام الله غير مخلوق.
فما أثبته الله فهو الحق.
وقال كثير من السلف: "لازال الله متكلمًا" ... فهذا من الاشتقاق لا شك، ولكنه ليس تسمية لله، فهذا باب الإخبار ... ويستخدم في باب الإخبار وحده لا على سبيل المخاطبة.
فالمخاطبة من الدعاء ... ولا يجوز لك أن تدعو الله إلا بما سمى به نفسه ... كما أمر (فادعوه بها)
وأنا وأنت لا نتفق على هذا .. كما قلتَ ..
فأنا أسمي الله بما سمى به نفسه ... وأنت تسمي الله بما لم يسم به نفسه.
أقول لك نحن نتوقف في هذا على النص ... فتقول لي ويجوز الاشتقاق.
الاشتقاق من التصريف ...
وصرف الشيء لا يعني توقيفه ... لا في اللغة ولا الشرع .. وإن قلتَ أنهما سواء .. فعليك بالدليل.
قال ابن منظور في لسان العرب "وإذا وقفت الرجل على كلمة قلتَ: أوقفته توقيفًا".
والتوقيف تفعيل من وقف ... وهو الامتناع والكف، وتوقف عليه: أي تَثَبَّت.
وأما الاشتقاق: فهو تصويغ كلمة من أخرى حسب قوانين الصرف. وقال ابن منظور: "اشتقاق الكلام: الأخذ فيه يمينًا وشمالاً".
وهو أن تقيس قياسًا متبعًا فيه لقوانين الصرف.
وأثناء بحثي ...
توقفت على مناظرة نافعة .. :
[دخل رجل على الجُبَّائي، فقال: هل يجوز أن يسمى الله تعالى عاقلاً؟
فققال الجُبَّائي: لا؛ لأن العقل مشتق من العِقال، وهو المانع، والمنع في حق الله مُحال، فامتنع الإطلاق.
قال الشيخ أبو الحسن: فقلت له: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيمًا؛ لأن هذا الاسم مشتق من حَكَمَة اللجام، وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج، ويشهد لذلك قول حَسَّان بن ثابت - رضي الله عنه-:
فَنَحْكِم بالقوافِي من هجانا ... ونضرب حين تختلِطُ الدِّماء
....
فقال الجبائي: فلِم منعت أنت أن تسمي الله سبحانه عاقلاً، وأجزت أن يسمى حكيمًا؟
قال: فقلت له: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي، فأطلقت حكيمًا؛ لأن الشرع أطلقه، ومنعت عاقلاً؛ لأن الشرع منعه، ولو أطلقه الشرع لأطلقته.] اهـ
قلتُ: ومن تبع القياس العقلي لقال بنفي صفات كمال لأنه قد يرِد على عقله سببًا نافيًا.
ولربما نفي حقًا وما يدريه ... ولربما ظن الباطل فأثبته.
فهو ينهج في طريق ليس له فيه آثارة من علم ويقفو ما ليس له به علم. وليس هذا بطريق الحق.
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 02:01]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أشكر من فتح باب النقاش في هذا الباب فهو بحق موضوع جيد جدا بارك الله فيكم
ثانيا تعقيبا على الردود في الجملة:
1 - قبل بحث الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني لم نسمع - ربما لقلة علمنا- خلافا في كون أسماء الله توقيفية بمعنى لا يجوز الاشتقاق من الأفعال والصفات، ولم نسمع أن هناك خلافا إلا بعد البحث ربما لما صاحبه البحث من ضجة.
2 - ما ذكره السلف في مسألة الإشتقاق -تصريحا - هي كون الأسماء مشتقة وليست جامدة بمعنى أن كل اسم يتضمن صفة، أما في المسألة - موضوع المناقشة - فبعد ذكر الخلاف بدأ كلا الفريقين يقول أن الكلام محتمل وليس صريح.
ومعظم ما قرأت في كتب الاعتقاد كان يذكر الجملة هكذا ومعذرة على عدم الإحالة:
كل اسم يتضمن صفة ولا عكس
ومعلوم أن هذه العبارة لا تجزم بعدم جواز الاشتقاق لكن أوردتها للفائدة
وأنقل بعض كلام السلف في الاشتقاق بمعنى عدم الجمود:
المسألة الثانية: اشتقاق أسماء الله وصفاته ودلالتها على الوصفية. ref{color:#ce7d04;marg in-top:10px;}.aaya{color:#630601; }.sora{color:#55760a;}.hadith{ color:blue;} table { ****-align:justify; font-weight:bold; } table tr{ padding-left:-100px; ****-align:justify; }
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل اسم من أسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم كالعليم يدل على الذات والعلم والقدير يدل على الذات والقدرة والرحيم يدل على الذات والرحمة ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون لا يقال هو حي ولا ليس بحي بل ينفون عنه النقيضين فإن أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض كالمضمرات وإنما ينكرون ما في أسمائه الحسنى من صفات الإثبات فمن وافقهم على مقصودهم كان مع دعواه الغلو في الظاهر موافقا لغلاة الباطنية في ذلك وليس هذا موضع بسط ذلك وإنما المقصود أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته ويدل أيضا على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم وكذلك أسماء النبي مثل محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب وكذلك أسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب وأمثال ذلك
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - 13/ 333
ويوافق ذلك كلام ابن عثيمين:
هل أسماء الله مشتقة أو جامدة (يعني: هل المراد بها الدلالة على الذات فقط، أو على الذات والصفة)؟
الجواب: على الذات والصفة، أما أسماؤنا نحن، فيراد بها الدلالة على الذات فقط، فقد يسمى محمداً وهو من أشد الناس ذماً، وقد يسمى عبد الله وهو من أفجر عباد الله أما أسماء الله عز وجل، وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن، وأسماء اليوم الآخر، وما أشبه ذلك، فإنها أسماء متضمنة للأوصاف
القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - 3/ 15
منقول من موقع الدرر السنية: الرابط:
http://www.dorar.net/enc/aqadia/266
2- عندما قرأت بحث الدكتور محمود عبد الرازق لم أستغرب للبحث لأن الشيخ ابن العثيمين سبقه ببحث مماثل، وجدير بالذكر أن الخلاف بين البحثين 5 أسماء، وأن القواعد تكاد تكون متماثلة، وأن قول ابن عثيمين في مسألة الاشتقاق هو عدم الجواز
3 - الدكتور محمود له بحثين وليس بحث واحد، بحث في الأسماء المقيدة وأخر في الأسماء المطلقة وهي ملحوظة هامة، ومع اعجابي بالبحثين لدي تساؤل لا أجد له إجابة وهو ما ثمرة الخلاف في هذه المسألة إذا كنا سندعو الله تعالى بالاسم المقيد والمطلق والصفة والفعل فيصح أن نقول مثلا: يا منزل الغيث أغثنا،
لا أقلل من أهمية معرفة الأسماء وتمييزها سواء لتسمية الأشخاص بها أو لاجصائها أو للعمل بالآية وهي الدعاء بها - وهو من الاحصاء،
4 - اسم الله المسعر، ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في الشريط رقم 732 أو 363 من سلسلة الهدى والنور أنه اسم من أسماء الله معذرة تعذر تحديد أحد الشريطين وأحتاج لاعادة السماع مرة أخرى
5 - من يريد رقم هاتف الشيخ محمود عبد الرازق ليناقشه في المسألة الرقم لدي ويمكنني وضعه في الموضوع إن كان هذا لا يخالف قوانين المنتدى
6 - أقوى دليل ذكره أصحاب الرأي القائل بجواز الاشتقاق هو أنه ورد عن السلف ذكر أسماء عدوها مشتقة من الصفات والأفعال، ولكن أتسائل أيضا إذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لله 99 اسما مئة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة، ثم وجدنا في القرءان وما صح من الحديث أسماء تعد في اللغة والشرع أسماء (يعني هي ابتداءا أسماء لم نتكلف لها اشتقاق من الصفات والأفعال) ألا يجوز لنا ويسوغ أن نقدمها على غيرها؟؟ خاصة أن الاشتقاق سيوسع دائرة الخلاف
فمثلا بعد ما قالوا أن من أسماء الله الضار، قالوا لا يصح اطلاقه دون تقييده بالنافع، وإذا قلنا أن الأسماء يجب أن تكون كاملة من كل وجه - وهي قاعدة ولا مخالف لها فيما أعلم، فسيكون من أقر أن الضار من أسماء الله قد خالف قواعده هو نفسه أم أنني أسأت التقدير؟؟
7 - أنقل فتوى من إسلام ويب:
رقم الفتوى: 100094 عنوان الفتوى: الاشتقاق من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا تاريخ الفتوى: 08 شوال 1428/ 20 - 10 - 2007 السؤال
هل يجوز الاشتقاق من الأسماء والصفات، والرجاء منكم أن تدلوني على شيخ بمصر كي أدرس على يديه العقيدة السليمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسماء الله تعالى وصفاته توقيفية لا تثبت إلا بدليل، ولا يصح الا شتقاق منها إلا بدليل كذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه معجم المناهي اللفظية ص 3838: ومن هذا الغلط التعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله تعالى، وهي ليست كذلك ... والجهة الثانية: التعبد بما لم يسم الله به نفسه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وكثير منها من صفات الله، لكن قد غلط غلطا ً بيناً من جعل لله من كل صفة أسماء واشتق منها، فقول الله تعالى: وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ. لا يشتق منها اسم القاضي لهذا فلا يقال عبد القاضي وهكذا. انتهى.
وأما الدلالة على شيخ بمصر كي تدرس على يديه العقيدة السليمة، فالأولى أن تسأل عن ذلك في مصر نفسها، فنحن هنا ليست لنا معرفة بالأشياخ هناك.
والله أعلم.
الرابط: http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=100094
وفتوى أخرى:
رقم الفتوى: 124345 عنوان الفتوى: حكم الدعاء بما ليس من الأسماء الحسنى تاريخ الفتوى: 12 رجب 1430/ 05 - 07 - 2009 السؤال
هل يجوز أن يقول الإنسان يا مسهل الحال، يا رب، بالرغم من أن اسم مسهل ليس من الأسماء الحسنى أو يقول يا ميسر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في هذا الموضوع، فمنهم من منع تسمية الله بغير ما صح في الشرع من أسمائه الحسنى، ومنهم من أجاز تسميته بكل ما صح معناه في اللغة، ومنهم من فرق في ذلك بين الدعاء والإخبار.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح: إن المسلمين في أسماء الله تعالى على طريقتين: فكثير منهم يقول: إن أسماءه سمعية شرعية فلا يسمى إلا بالأسماء التي جاءت بها الشريعة؛ فإن هذه عبادة، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع.
ومنهم من يقول: ما صح معناه في اللغة وكان معناه ثابتا له، لم يحرم تسميته به؛ فإن الشارع لم يحرم علينا ذلك فيكون عفوا. والصواب القول الثالث، وهو أن يفرق بين أن يدعى بالأسماء أو يخبر بها عنه، فإذا دعي لم يدع إلا بالأسماء الحسنى كما قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ. {الأعراف: 180} وأما الإخبار عنه فهو بحسب الحاجة. اهـ
وقال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد: ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود، والقائم بنفسه. فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
وقال أيضا: ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه. اهـ.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية بجواز الدعاء بمثل ما سألت عنه وهذا نص السؤال وجوابها:
س: هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلا -بالله عز وجل: يا معين، يا رب، أو عند طلب التيسير فيأمر: يا مسهل، أو يا ميسر يا رب، وما الضابط في ذلك؟ وما حكم من يقول ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا؟
ج: يجوز لك أن تقول ما ذكرت؛ لأن المقصود من المعين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى؛ لتصريحك بقولك: يا رب، آخر النداء، سواء قلت ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
وبما أن المسألة مسألة اجتهاد وهي مما يسوغ فيه الاختلاف، فلا حرج في أن يدعو المرء على النحو الذي سألت عنه، لكن الأورع له أن يخرج من الخلاف فيقتصر على الدعاء بما صح من أسمائه الحسنى.
والله أعلم.
الرابط:
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=124345&Option=FatwaId
وفتوى أخرى:
قم الفتوى: 108284 عنوان الفتوى: صفات الله لا يشتق منها أسماء له سبحانه تاريخ الفتوى: 11 جمادي الأولى 1429/ 17 - 05 - 2008 السؤال
والقاعدة الثالثة: أن صفات الله لا يجوز أن يشتق منها أسماء لله فلا يشتق من صفة المشيئة اسم الشائي، ولا من صفة المجيء اسم الجائي.
(يُتْبَعُ)
(/)
تدل هذه القاعدة أنه لا يجوز ذكر صفة و هي بالأصل اسم من أسماء الله عز وجل وقد أتت بعض الصفات مخالفة لما ذكر في القاعدة الثالثة ومثال على ذلك الباطنية: وهي صفة من صفات الله تعالى مأخوذة من اسمه (الباطن) الوارد في قوله تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} (الحديد:3) والوارد في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر) رواه مسلم ومعنى صفة الباطنية: احتجاب الله عن الخلق في الدنيا فلا يرونه ولا يحسونه.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة التي ذكرت صحيحة، كما أنها غير متعارضة مع ما مثلت به لأن المثال يفيد أن الاسم يشتمل على وصف له عز وجل، لا أن الوصف يشتق منه اسم له سبحانه. وهذا قد بينه أهل العلم ونصوا على كونه منهج أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة الذين يثبتون الأسماء وينفون الصفات. ثم إننا ننبهك على إن تفسير الباطن بما ذكرت ليس هو الأولى بل الأولى أن يفسر بأنه الأقرب إلى كل شيء، كما قد فسره النبي فيما ذكرت في الحديث من قوله وأنت الباطن فليس دونك شيء، فاسْمُهُ الْبَاطِنُ: دَالٌّ عَلَى قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِهِ.
قال ابن القيم في طريق الهجرتين: وهو تبارك وتعالى، كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس في قبضة نفسه، فهذا قرب الإحاطة العامة، انتهى.
وقيل معناه: العالم بالخفيات. كما ذكره النووي في شرح مسلم.
. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: الْبَاطِنُ أَيْ الْمُحْتَجِبُ عَنْ أَبْصَارِ الْخَلَائِقِ وَأَوْهَامِهِمْ فَلَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَهْمٌ. اهـ.
وجاء في تفسير السراج المنير: ظاهر وباطن: جامع للظهور بالأدلة، والخفاء فلا يدرك بالحواس. اهـ.
والله أعلم.
الرابط:
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=108284&Option=FatwaId
رقم الفتوى: 69818 عنوان الفتوى: لا مجال للرأي في اسماء الله الحسنى تاريخ الفتوى: 12 ذو القعدة 1426/ 13 - 12 - 2005 السؤال
إني قرأت مقالة في جريدة الأهرام تفيد بأن أسماء الله الحسنى التي نعرفها جميعا لم يرد بها نص صريح و صحيح من النبي وأن الوليد بن مسلم عندما ذكر حديث النبي إن الله له 99 اسما كان يذكر معها الأسماء التي نعرفها و لكنها كانت من اجتهاده ووصلت للناس على أساس أنها نص من النبي وأفاد بأن الاسم لابد أن يذكر اسما كما هو سواء في القرآن أوأحاديث صحيحة ولا يجوز أن نستنبط من الفعل أما مثل يعز لا نجعلها المعز و هكذا. فأفيدوني أثابكم الله هل من المعقول بعد هذه السنين يقال لنا ذلك ولماذا تكتب في هذا التوقيت للأسف الشديد أنها تجعل الناس تشك في أحاديث كثيرة فإني أتمني أن يعمل كتاب واحد به نص الأحاديث الصحيحة و يتم نشره بقوة لجميع الناس حتي لا نضع مجالا للتشكيك مثل القرآن الكريم خاصة أن أحد زملائي قال لي بالحرف الواحد تخيل أن حديث إن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران الذي نسمعه كل سنة في الراديو و التليفزيون وفي المساجد حديث ضعيف و قال لي إنه قرأها ومتأكد من ذلك فهل علماؤنا لا يعلمون ذلك و زميلي المجتهد يعلم ذلك فلماذا لم يصل لنا الأشياء الصحيحة فقط فإني حزين أن يكون الأشياء الأكثر شيوعا تكون ضعيفة رجاء عمل هذا الكتاب وأفيدوني هل هذه المقالة سليمة أم لا وخاصة أنه أقنعني بأن لفظ الضار لا يصح أن يكون من أسماء الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الذي ورد فيه سرد الأسماء الحسنى سبق أن بينا الكلام عليه في الفتوى رقم: 49892 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=49892) ، والفتوى رقم: 50733 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=50733) ، كما بينا أن أسماء الله توقيفية في الفتوى رقم: 6057 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=6057) ، وراجع في حديث رمضان وفي موضوع الأحاديث الصحيحة الفتوى رقم: 25773 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=25773) ، والفتوى رقم: 69275 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=69275) ، والكلام في هذين الحديثين وغيرهما ليس جديداً بل المتكلم إنما ينقل كلام أهل العلم القدامى.
هذا وليعلم أنه لا داعي للحزن من كثرة سماعك للأحاديث الضعيفة ممن يذكرونها، فإن الحديث الضعيف تجوز حكايته إذا كان في فضائل الأعمال مع شروط بينها أهل العلم، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أقارمها: 16194 ( http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=16194) // 41058 (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=41058) // 19826 (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=19826) // 13202 (http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=13202) .
هذا وننصحك بدراسة العلم الشرعي وكثرة المطالعة في كتب السنة وسؤال الله أن يهديك للحق في كل ما اختلف فيه.
والله أعلم.
الرابط:
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=69818&Option=FatwaId
يتبع لنقل بعض أقوال السلف في مسألة الاشتقاق ودراستها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 02:24]ـ
يقول ابن القيم:
"فائدة اسم الله والإشتقاق
زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي أن اسم الله غير مشتق لأن الإشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالإشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل
ولكن الذين قالوا بالإشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألم بقلوبهم وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسم الله ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله
وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة
وقول سيبويه إن الفعل أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء هو بهذا الإعتبار لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولا ثم اشتقوا منها الأفعال فإن التخاطب بالأفعال ضروري كالتخاطب بالأسماء لا فرق بينهما
فالإشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى فائدة
هل الرحمن في البسملة نعت
استبعد قوم أن يكون الرحمن نعتا لله تعالى من قولنا بسم الله الرحمن الرحيم وقالوا الرحمن علم والأعلام لا ينعت بها ثم قالوا هو بدل من اسم الله قالوا ويدل على هذا أن الرحمن علم مختص بالله تعالى لا يشاركه فيه غيره فليس هو كالصفات التي هي العليم القدير والسميع والبصير ولهذا تجري على غيره تعالى
قالوا ويدل عليه أيضا وروده في القرآن غير تابع لما قبله كقوله الرحمن على العرش استوى طه 5 و الرحمن علم القرآن الرحمن 2 و أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن الملك 20 وهذا شأن الأسماء المحضة لأن الصفات لا يقتصر على ذكرها دون الموصوف
قال السهيلي والبدل عندي فيه ممتنع وكذلك عطف البيان لأن الإسم الأول لا يفتقر إلى تبيين فإنه أعرف المعارف كلها وأبينها ولهذا قالوا وما الرحمن ولم يقولوا وما الله ولكنه وإن جرى مجرى الأعلام فهو وصف يراد به الثناء وكذلك الرحيم" اهـ كلام ابن القيم - بدائع الفوائد
منقول من بدائع الفوائد
http://islamport.com/w/qym/Web/3181/21.htm
http://islamport.com/w/qym/Web/3181/22.htm
والمتأمل في الكلام يجد أن الاشتقاق الذي يعنيه ابن القيم والذي قال بجوازه وأنه مقبول هو أن الاشتقاق اللغوي الذي يعني أن الأسماء ليست جامدة بل هي متضمنة للصفات
يتبع
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 02:38]ـ
يقول ابن القيم:
في امتناع اطلاق القول نفيا وإثباتا أن الرب تعالى مريد للشر وفاعل له
هذا موضع خلاف اختلف فيه مثبتوا القدر ونفاته فقال النفاة لا يجوز أن يقال أن الله سبحانه مريد للشر أو فاعل له قالوا لا يريد الشر وفاعله شرير هذا هو المعروف لغة وعقلا وشرعا كما أن الظالم فاعل الظلم والفاجر فاعل الفجور ومريده والرب يتعالى ويتنزه عن ثبوت معاني أسماء السوء له فإن أسمائه كلها حسنى وأفعاله كلها خير فيستحيل أن يريد الشر فالشر ليس بإرادته ولا بفعله قالوا وقد قام الدليل على أن فعله سبحانه غير مفعوله والشر ليس بفعل له فلا يكون مفعولا له وقابلهم الجبرية فقالوا بل الرب سبحانه يريد الشر ويفعله قالوا لأن الشر موجود فلا بد له من خالق ولا خالق إلا الله وهو سبحانه إنما يخلق بإرادته فكل مخلوق فهو مراد له وهو فعله ووافقوا إخوانهم على أن الفعل عين المفعول والخلق نفس المخلوق ثم قالوا والشر مخلوق له ومفعول فهو فعله وخلقه وواقع بإرادته قالوا وإنما لم يطلق القول أنه يريد الشر ويفعل الشر أدبا لفظيا فقط كما لا يطلق القول بأنه رب الكلاب والخنازير ويطلق القول بأنه رب كل شيء وخالقه قالوا وأما قولكم أن الشرير مريد الشر وفاعله فجوابه من وجهين
أحدهما إنما يمنع ذلك بأن الشرير من قام به الشر وفعل الشر لم يقم بذات الرب فإن أفعاله لا تقوم به إذ هي نفس مفعولاته وإنما هي قائمة بالخلق وكذلك اشتقت لهم منها الأسماء كالفاجر والفاسق والمصلي والحاج والصائم ونحوها
الجواب الثاني أن أسماء الله تعالى توقيفية ولم يسم نفسه إلا بأحسن الأسماء قالوا والرب تعالى أعظم من أن يكون في ملكه مالا يريده ولا يخلقه فإنه الغالب غير المغلوب " اهـ كلامه رحمه الله من كتاب شفاء العليل
الرابط:
http://islamport.com/w/qym/Web/3190/269.htm
والجملة التي تحتها خط هي عين الجملة التي يقال أنها مشتبهه في مدلولها لكن اثباتها هنا للسياق، فابن القيم قال أن الأسماء توقيفية وأنه سبحانه لم يسم نفسه إلا بأحسن الأسماء، إذا الكلام يتضمن أن الله سمى نفسه، وأنه سماها بأحسن الأسماء، فما أفهمه من السياق أن كلمة " سمى " تعني ذكر الله سبحانه للفظ كاسم وليس ذكره كصفة أو فعل ثم يترك الأمر للعباد "يسمون" هم الله تعالى بما يرونه ويدعون ما لا يرونه "أحسن" الأسماء
فكأن العبارة فسرت كلمة توقيف، ولايزال البحث جاريا والله المستعان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 02:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 - قبل بحث الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني لم نسمع - ربما لقلة علمنا- خلافا في كون أسماء الله توقيفية بمعنى لا يجوز الاشتقاق من الأفعال والصفات، ولم نسمع أن هناك خلافا إلا بعد البحث ربما لما صاحبه البحث من ضجة.
ومعظم ما قرأت في كتب الاعتقاد كان يذكر الجملة هكذا ومعذرة على عدم الإحالة:
كل اسم يتضمن صفة ولا عكس
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختنا الفاضلة ...
بالنسبة لكتاب الدكتور محمود عبد الرزاق الرضواني، فأتذكر أن جمعني الله به في احد قلاع أهل السنة والجماعة منذ سنوات عديدة يتحدث فيها عن كتابه في الأسماء، والرجل أعلن لنا أنه اعتمد على قواعد الشيخ العثيمين - رحمه الله.
فمن باب القواعد لم يأتي بجديد من عنده ... وهذا ما تفضلتي به في مشاركتك بالاستقراء أيضًا ... وفقك الله.
وجٌّل ما يُعتمد عليه الكلام في هذا الباب في التأصيل فيرجع لكلام ابن القيم في الفوائد والقواعد للعثيمين.
وأما من ناحية المطلق والمقيد ... فهذا الكلام من باب تقريب العلم ... وبيان أثر الصفة والرد على المخالفين وبيان العلم.
وقول أهل العلم بأن كل اسم يتضمن صفة لا العكس.
هذا لبيان أن الأسماء توقيفية على النص.
وبيان خطأ من قال بالاشتقاق من الصفات ... كما حدث مع ابن العربي في الأحكام.
فخرج علينا قوم يقولون ... نتبع ابن العربي ولكن بضوابط.
فكيف تطبق هذه الضوابط؟
بالأقيسة لا شك بعد إعمال قواعد اللغة
وهذا إن سُكت عليه في باب الإخبار ... إلا أنه لا يجب به تسمية لله ولا يُقال أن هذا من أسماءه - عز وجل-.
هذا ولا شك أنه يدخل في باب القول على الله بلا علم ... أو تسميته بما لم يسم به نفسه.
فإن سألت أحدهم: ما أسماء شهداء بدر؟ ... لتتبع النقل لمعرفة الأسماء.
وإن سألتهم: ما أسماء الله الحسنى ... تتبعوا الصفات؟!
قول بعيد ... بل شطحة غير موفقة.
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 03:16]ـ
يقول ابن القيم:
"فائدة جليلة ما يجري صفة أو خبرا على الرب
ما يجري صفة أو خبرا على الرب تبارك وتعالى أقسام
أحدها ما يرجع إلى نفس الذات كقولك ذات وموجود وشيء
الثاني ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم والقدير والسميع
الثالث ما يرجع إلى أفعاله نحو الخالق والرزاق
الرابع ما يرجع إلى التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتا إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس والسلام
الخامس ولم يذكره أكثر الناس وهو الإسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة معينة بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد نحو المجيد العظيم الصمد فإن المجيد من اتصف
بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة فمنه استمجد المرخ والغفار وأمجد الناقة علفا
ومنه ذوالعرش المجيد البروج 15 صفة للعرش لسعته وعظمه وشرفه
وتأمل كيف جاء هذا الإسم مقترنا بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ولا يحسن إنك أنت السميع البصير فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه ومنه الحديث الذي في المسند والترمذي ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام
ومنه اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فهذا سؤال له وتوسل إليه وبحمده وأنه الذي لا إله إلا هو المنان فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته وما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعا عند المسؤول وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد أشرنا إليه إشارة وقد فتح لمن بصره الله تعالى تفسر الإسم الإلهي العظيم والصمد
ولنرجع إلى المقصود وهو وصفه تعالى بالإسم المتضمن لصفات عديدة فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال
وكذلك الصمد قال ابن عباس هو السيد الذي كمل في سؤدده وقال ابن وائل هو السيد الذي انتهى سؤدده
وقال عكرمة الذي ليس فوقه أحد وكذلك قال الزجاج الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء وقال ابن الأنباري لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم
(يُتْبَعُ)
(/)
واشتقاقه يدل على هذا فإنه من الجمع والقصد الذي اجتمع القصد نحوه واجتمعت فيه صفات السؤدد وهذا أصله في اللغة كما قال
ألا بكر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن يربوع وبالسيد الصمد
والعرب تسمي أشرافها بالصمد لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه
السادس صفة تحصل من اقتران أحد الإسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد العفو القدير الحميد المجيد وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن فإن الغنى صفة كمال والحمد كذلك واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما وكذلك العفو القدير والحميد المجيد والعزيز الحكيم فتأمله فإنه من أشرف المعارف تسليط صفات السلب على أسماء الله تعالى
وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية
والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتا كقوله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم البقرة 255 فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته وكذلك قوله تعالى وما مسنا من لغوب ق 38 متضمن لكمال قدرته
وكذلك قوله وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة يونس 61 متضمن لكمال علمه وكذلك قوله لم يلد ولم يولد الإخلاص 3 متضمن لكمال صمديته وغناه
وكذلك قوله ولم يكن له كفوا أحد الإخلاص 4 متضمن لتفرده بكماله وأنه لا نظير له
وكذلك قوله تعالى لا تدركه الأبصار الأنعام 103 متضمن لعظمته وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به وهذا مطرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب ويجب أن تعلم هنا أمور
أحدها أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا
الثاني أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا
الثالث أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها
الرابع أن أسماءه عز و جل الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى
الخامس أن الإسم من أسمائه له دلالات دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ودلالة على أحدهما بالتضمن ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم
السادس أن أسماءه الحسنى لها اعتباران اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالإعتبار الأول مترادفة وبالإعتبار الثاني متباينة
السابع أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه
فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع
الثامن أن الإسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو قد سمع الله المجادلة 1 وقدرنا فنعم القادرون المرسلات 23 هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الإسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي
التاسع أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله
والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل
فالرب لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كمل ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به
(يُتْبَعُ)
(/)
العاشر إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا
وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته
وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض
الحادي عشر أن أسماءه كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلا وقد تقدم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق والرازق والمحيي والمميت وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى وهذا باطل فالشر ليس إليه فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته
وفرق بين الفعل والمفعول فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله
فتأمل هذا فإنه خفي على كثير من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
الثاني عشر في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة ومدار النجاة والفلاح
المرتبة الأولى إحصاء ألفاظها وعددها
المرتبة الثانية فهم معانيها ومدلولها
المرتبة الثالثة دعاؤه بها كما قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الأعراف 180 وهو مرتبتان حداهما دعاء ثناء وعبادة والثاني دعاء طلب ومسألة فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل إلا بها فلا يقال يا موجود أو يا شيء أو يا ذات اغفر لي وارحمني بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الإسم
ومن تأمل أدعية الرسل ولا سيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا وهذه العبارة أولى من عبارة من قال يتخلق بأسماء الله فإنها ليست بعبارة سديدة وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة
وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال
فمراتبها أربعة أشدها إنكارا عبارة الفلاسفة وهي التشبه وأحسن منها عبارة من قال التخلق وأحسن منها عبارة من قال التعبد وأحسن من الجميع الدعاء وهي لفظ القرآن
الثالث عشر اختلف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد كالحي والسميع والبصير والعليم والقدير والملك ونحوها
فقالت طائفة من المتكلمين هي حقيقة في العبد مجاز في الرب وهذا قول غلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فسادا
الثاني مقابله وهو أنها حقيقة في الرب مجاز في العبد وهذا قول أبي العباس الناشيء
الثالث أنها حقيقة فيهما وهذا قول أهل السنة وهو الصواب واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما وللرب تعالى منها ما يليق بجلاله وللعبد منها ما يليق به
وليس هذا موضع التعرض لمأخذ هذه الأقوال وإبطال باطلها وتصحيح صحيحها فإن الغرض الإشارة إلى أمور ينبغي معرفتها في هذا الباب ولو كان المقصود بسطها لاستدعت سفرين أو أكثر
الرابع عشر أن الإسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات
اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد
(يُتْبَعُ)
(/)
اعتباره مضافا إلى الرب مختصا به اعتباره مضافا إلى العبد مقيدا به فما لزم الإسم لذاته وحقيقته كان ثابتا للرب والعبد وللرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به
وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات والعليم والقدير وسائر الأسماء فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه بل ثبتت له على وجه لا يماثله فيه خلقه ولا يشابههم فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله
ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد بريء من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك
وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به
وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى ما هو عال عليه وكونه محمولا به مفتقرا إليه محاطا به
كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق فإذا أحطت بهذه القاعدة خبرا وعقلتها كما ينبغي خلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين آفة التعطيل وآفة التشبيه فإنك إذا وفيت هذا المقام حقه من التصور أثبت لله الأسماء الحسنى والصفات العلى حقيقة فخلصت من التعطيل ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه فتدبر هذا الموضع واجعله جنتك التي ترجع إليها في هذا الباب والله الموفق للصواب
الخامس العشر أن الصفة متى قامت بموصوف لزمها أمور أربعة أمران لفظيان وأمران معنويان
فاللفظيان ثبوتي وسلبي فالثبوتي أن يشتق للموصوف منها اسم والسلبي أن يمتنع الإشتقاق لغيره والمعنويان ثبوتي وسلبي فالثبوتي أن يعود حكمها إلى الموصوف ويخبر بها عنه والسلبي أن لا يعود حكمها إلى غيره ولا يكون خبرا عنه وهي قاعدة عظيمة في معرفة الأسماء والصفات
فلنذكر من ذلك مثالا واحدا وهو صفة الكلام فإنه إذا قامت بمحل كانت هو التكلم دون من لم تقم به وأخبر عنه بها وعاد حكمها إليه دون غيره فيقال قال وأمر ونهى ونادى وناجى وأخبر وخاطب وتكلم وكلم ونحو ذلك وامتنعت هذه الأحكام لغيره فيستدل بهذه الأحكام والأسماء على قيام الصفة به وسلبها عن غيره على عدم قيامها به وهذا هو أصل السنة الذي ردوا به على المعتزلة والجهمية وهو من أصح الأصول طردا وعكسا
السادس عشر أن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك // صحيح على الراجح // فجعل أسماءه ثلاثة أقسام سم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده
وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ولهذا قال استأثرت به أي انفردت بعلمه وليس المراد انفراده بالتسمي به لأن هذا الإنفراد ثابت في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه
ومن هذا قول النبي في حديث الشفاعة فيفتح علي من محامده بما لا أحسنه الآن // رواه البخاري ومسلم // وتلك المحامد تفي بأسمائه وصفاته
ومنه قوله لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك // رواه مسلم وأبو داود وغيرهما // وأما قوله إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة // رواه البخاري ومسلم // فالكلام جملة واحدة وقوله ومن أحصاها دخل الجنة صفة لا خبر مستقبل والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها
وهذا كما تقول لفلان مائة مملوك وقد أعدهم للجهاد فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد وهذا لا خلاف بين العلماء فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
السابع عشر أن أسماءه تعالى منها ما يطلق عليه مفردا ومقترنا بغيره وهو غالب الأسماء فالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم وهذا يسوغ أن يدعى به مفردا ومقترنا بغيره فتقول يا عزيز يا حليم يا غفور يا رحيم وأن يفرد كل اسم وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع
ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو فهو المعطي المانع الضار النافع المنتقم العفو المعز المذل لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاء ومنعا ونفعا وضرا وعفوا وانتقاما
وأما أن يثنى عليه بمجرد المنع والإنتقام والإضرار فلا يسوغ فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الإسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض فهي وإن تعددت جارية مجرى الإسم الواحد ولذلك لم تجيء مفردة ولم تطلق عليه إلا مقترنة فاعلمه
فلو قلت يا مذل يا ضار يا مانع وأخبرت بذلك لم تكن مثنيا عليه ولا حامدا له حتى تذكر مقابلها
الثامن عشر أن الصفات ثلاثة أنواع صفات كمال وصفات نقص وصفات لا تقتضي كمالا ولا نقصا وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسما رابعا وهو ما يكون كمالا ونقصا باعتبارين والرب تعالى منزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول وصفاته كلها صفات كمال محض فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الإسم منها بغيره ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر
ومن صفات الإحسان البر الرحيم الودود دون الرفيق والشفوق ونحوهما وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف وكذلك الكريم دون السخي والخالق الباريء المصور دون الفاعل الصانع المشكل
والغفور العفو دون الصفوح الساتر وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه فتأكل ذلك فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون
التاسع عشر أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ويكون ذلك الإسم متناولا لجميعها تناول الإسم الدال على الصفة الواحدة لها كما تقدم بيانه كاسمه العظيم والمجيد والصمد كما قال ابن عباس فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره الصمد: السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف: الذي قد كمل في شرفه والعظيم: الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه // إسناده ضعيف //
هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفوا أحد وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار هذا لفظه
وهذا مما خفى على كثير ممن تعاطى الكلام في تفسير الأسماء الحسنى ففسر الإسم بدون معناه ونقصه من حيث لا يعلم فمن لم يحط بهذا علما بخس الإسم الأعظم حقه وهضمه معناه فتدبره
العشرون وهي الجامعة لما تقدم من الوجوه وهي معرفة الإلحاد في أسمائه حتى لا يقع فيه
قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعلمون الأعراف 80 والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها وهو مأخوذ من الميل كما يدل عليه مادته ل ح د فمنه اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط
ومنه الملحد في الدين المائل عن الحق إلى الباطل
قال ابن السكيت الملحد المائل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه
ومنه الملتحد وهو مفتعل من ذلك وقوله تعالى ولن تجد من دونه ملتحدا الكهف 27 أي من تعدل إليه وتهرب إليه وتلتجيء إليه وتبتهل فتميل إليه عن غيره
تقول العرب التحد فلان إلى فلان إذا عدل إليه
إذا عرف هذا فالإحاد في أسمائه تعالى أنواع
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدها أن يسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية والعزى من العزيز وتسميتهم الصنم إلها وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة
الثاني تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك
وثالثها وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود إنه فقير وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه
وقولهم يد الله مغلولة المائدة 64 وأمثال ذلم مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته ورابعها تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها فكلاهما ملحد في أسمائه ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب
وكل من جحد شيئا عما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر
وخامسها تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا
فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد ونغرقت بهم طرقه وبرأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ولم يجحدوا صفاته ولم يشبهوها بصفات خلقه ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظا ولا معنى بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريئا من التشبيه وتنزيههم خليا من التعطيل لا كمن شبه حتى كأنه يعبد صنما أو عطل حتى كأنه لا يعبد إلا عدما
وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل توقد مصابيح معارفهم من شجرة مباركة زيتونة لا شرقة ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء النور 35 فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته ومتابعة رسوله إنه قريب مجيب
فهذه عشرون فائدة مضافة إلى القاعدة التي بدأنا بها في أقسام ما يوصف به الرب تبارك وتعالى فعليك بمعرفتها ومراعاتها ثم اشرح الأسماء الحسنى إن وجدت قلبا عاقلا ولسانا قائلا ومحلا قابلا وإلا فالسكوت أولى بك فجناب الربوبية أجل وأعز مما يخطر بالبال أو يعبر عنه المقال وفوق كل ذي علم عليم يوسف 76 حتى ينتهي العلم إلى من أحاط بكل شيء علما
وعسى الله أن يعين بفضله على تعليق شرح الأسماء الحسنى مراعيا فيه أحكام هذه القواعد بريئا من الإلحاد في أسمائه وتعطيل صفاته فهو المان بفضله والله ذو الفضل العظيم
" اهـ كلامه من كتاب بدائع الفوائد
الرابط: http://islamport.com/w/qym/Web/3181/171.htm#
وما قبله من الصفحات
وقد صرح ابن القيم باشتقاق الأسماء من الصفات تصريحا خاصة، فيما باللون الأحمر والأزرق، واعتبر صراحة أن من قامت به صفة يشتق له منها اسم، ولكن أين الدليل؟؟
يبدو ان الدليل هو اعتبار أن ورود الصفات في الكتاب والسنة كافيا لامكانية اطلاقها كأسماء مع وضع الضوابط التي ذكرها من وجوب دلالتها على الحسن المطلق، أو لا يطلقها إلا إن كانت مقيدة.
ولكن يبقى الإشكال الذي لم يحله ابن القيم بشرحه لحديث إن لله 99 اسما، وهو كيف نختار هذه الأسماء ونقول أنها الأسماء المقصودة في الحديث، وإن قيل ندعو الله بكل اسم وصفة باعتبار أن الأسماء ال99 ستكون متضمنة ولا ريب، سيصير لدينا اشكال أخر وهو ما فائدة التعيين مادامت النتيجة أننا ندعو الله تعالى بكل الأسماء وكل الصفات، وحتى ما كان مقيد الكمال ندعوه بها مقيدا، ونقرن الأسماء مثل الضار النافع ونمنع اطلاقها، فما فائدة تعيين الرقم ب 99؟؟
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 03:22]ـ
عندما بدأت البحث لم يكن لدي أدنى شك في أن أسماء الله توقيفية بمعنى عدم جواز الاشتقاق من الصفات والأفعال
بعد ما نقلت أعلاه من كتاب بدائع الفوائد لابن القيم صرت على الحياد فكلام ابن القيم صريح وابن القيم له ثقل في هذا الباب، كما أن كلام الشيخ ابن العثيمين صريح وهو أيضا ذو ثقل في هذا الباب، والحق أحق أن يتبع فلا يمكنني أن أميل لقول إلا بعد استقصاء أكثر لما ورد في الباب خاصة أن الأمر صار عائدا لفهم العلماء للنصوص
الله المستعان إن شاء الله لنا عودة للبحث في كتب السلف في هذه المسألة
ـ[أسامة]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 03:55]ـ
القائلون بالتوقيف: يقولون بما سمى الله به نفسه.
القائلون بالاشتقاق: بما سمى به نفسه ... ولا مانع بما وصف به نفسه بضوابط نضعها.
وهذه الضوابط بالاستقراء ... على أن تكون غاية في الحسن.
وكيف تحكم أنها غاية في الحسن؟
بالقياس.
والقياس في ذات الله فاسد.
والاسم يدل على المسمى ... كما حقق هذا ابن سلام وكذلك شيخ الإسلام.
قال السلف ... الأسماء من كلام الله ... وكلام الله غير مخلوق.
هذا نص ما قاله السلف في الردود ... لمن قال: كان الله ولا اسم له.
وأما انفعلاتك وتسميتك أنت وأقيستك ... فأنت وما تفعل مخلوقان.
قد تستخدمها في التعبير في مناظرة اضطررت إليها.
فتستخدمها لا على سبيل التقرير والإيمان ... بل على سبيل الإخبار والتقريب والردّ.
وهنا الخلل ... في بابي التسمية والإخبار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 12:10]ـ
السلام عليكم
كلامكم منطقي لكن يرد عليه إشكال، وهو أن من السلف ومنهم ابن القيم مثلا (باعتبار ما نقلت عن كلامه) وهو من هو في الذب عن منهج السلف اعتبر الاشتقاق توقيف باعتبار أن النص ورد به كفعل أو صفة وأنه غاية الكمال فجاز اطلاقه كاسم، فهل غفل ابن القيم عن هذا؟
هذا إشكال ولا يعني هذا أنني أميل لجواز اشتقاق الاسم من الصفة والفعل لأن الاشكال على هذا القول أوضح و أشد، وهو ما الفائدة من تعيين 99 اسم في حديث: إن لله 99 اسما من أحصاها دخل الجنة؟؟ كان يكفي أن يقال إن لله أسماءً وردت م أحصاها دخل الجنة، والنتيجة أننا نجنهد في الدعاء أيضا بكل اسم، أما التعيين فله مدلول ولابد ولم يطلق عبثا، خاصة عندما نجد ان الأسماء التي وردت نصا في الكتاب والسنة الصحيحة بالفعل 99 اسم!!
فلكي أجزم الآن بعدم جواز الاشتقاق لابد من قول فصل أو دليل صريح يرجح - ولو أن حديث ال99 له دلالة قوية جدا -، لأن كل التنظير الكلامي كان أمثال ابن القيم على علم به ومع ذلك جزم وصرح بجواز الاشتقاق واعتبره لا يخالف التوقيف على النصوص.
فالبحث لازال مفتوحا حتى نجد ردا على كلام ابن القيم وفعل بعض السلف أو نتوقف في المسألة والله المستعان
ـ[أسامة]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 12:28]ـ
جزاكم الله خيرًا ... على هذا التتبع ... نسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
لا إشكال في كلام ابن القيم ... وكلامه لا يختلف مع كلام السلف ... ولا شك في أنه يتبع السلف.
والمسألة تنتهي بأنه لا يجوز القياس في حق الله.
ومن أراد الاشتقاق فليس عنده سبيل غيره.
وبالتتبع لأهل العلم في إنكارهم تسمية الله ببعض الأسماء التي لم ترد على سبيل الإخبار ...
فالاعتماد على النقل في معرفة أسماء الله - عز وجل-.
ومن هذا الإنكار وجدت للشيخ سليمان في شرحه لكتاب التوحيد ... والشيخ العباد ... والشيخ العثيمين ... وغيرهم.
ولا ينكرون أن هذه الأسماء من باب الإخبار ... ويقولون بهذا.
وفائدة أخرى: جوز الشيخ العثيمين في التسمية بها تعبيدًا ولم يجوزه الشيخ بكر أبو زيد .. في تسمية المولود.
بارك الله فيكم.
ـ[أسامة]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 12:58]ـ
فائدة أخرى:
أخبرنا الشيخ محمود عبد الرزاق أثناء كلامه عن كتابه، أنه أثناء البحث ... كانت النتيجة لما يوافق علامات الاسم في اللغة حوالي 138 على ما أتذكر ... في القرآن والسنة الصحيحة.
حتى لا يُظن أن الأسماء الحسنى في القرآن والسنة لن يصلوا إلى رقم 99.
ـ[روضة المحب]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 04:24]ـ
أقول:
الاشتقاق هاهنا ... مسألة استحسان عقلي ... لا شيء فيه يرجع للسلف ... كما قد ادعى أصحاب هذا القول.
وإن رُجع لأحد منهم ... فالإثبات بالقرآن والسنة و (إجماع) السلف.
وهذا الاستحسان العقلي كانت نتيجته:
ما يراه كاملاً "في نظره" يثبته ... وما لا يراه كاملاً "في نظره" ينفيه.
وهذا من باب إخراج الأسماء الحسنى عن باقي مسائل العقيدة ... وهذا قول بعيد تمامًا عن السلف.
قال أحمد: ائتوني بآية من كتاب الله، أو حديث من حديث رسول الله أقل لكم به
هكذا كان يقول السلف رحمهم الله.
فلا إثبات إلا بنص.
وهم لا يخرجون عن النصوص .. !!
وقل لنا يا شيخنا من الذي منع اشتقاق الاسماء من صفات الله التوقيفية؟
ثم ان أكثر كلامهم في الاشتقاق الدال على الكمال غالبا ما يكون محل اتفاق الا فيما ندر
وانت تعلم ان كل من نفوا الاشتقاق كان كلامهم أنه لا يشتق أسماء لله من كل افعاله
فدل ذلك على انه يشتق بعض الاسماء من بعض الأفعال والصفات
ـ[أسامة]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 07:36]ـ
وهم لا يخرجون عن النصوص .. !!
وقل لنا يا شيخنا من الذي منع اشتقاق الاسماء من صفات الله التوقيفية؟
ثم ان أكثر كلامهم في الاشتقاق الدال على الكمال غالبا ما يكون محل اتفاق الا فيما ندر
وانت تعلم ان كل من نفوا الاشتقاق كان كلامهم أنه لا يشتق أسماء لله من كل افعاله
فدل ذلك على انه يشتق بعض الاسماء من بعض الأفعال والصفات
الاشتقاق أحد أنواع القياس.
وهذا النوع من القياس يسمى: القياس اللغوي
والاشتقاق هو التصرف في النص ... لذا هو مدرج تحت "التصريف"
ونحن نقول بالتوقيف ... لا التصريف.
بارك الله فيكم.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[16 - Jan-2010, مساء 07:38]ـ
للفائدة ..
/// قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في الجواب الصَّحيح (5/ 7 - 8): « ... وذلك أنَّ المسلمين في أسماء الله تعالى على طريقتين:
فكثيرٌ منهم يقول: إنَّ أسماءَه سمعيَّة شرعيَّة، فلا يُسمَّى إلَّا بالأسماء التي جاءت بها الشَّريعة؛ فإن هذه عبادةٌ، والعبادات مبناها على التَّوفيق والاتِّباع.
ومنهم من يقول: ما صحَّ معناه في اللُّغة وكان معناه ثابِتًا له لم يحرُم تسميته به؛ فإنَّ الشَّارع لم يحرِّم علينا ذلك، فيكون عفوًا.
والصَّواب القول الثَّالث وهو: أن يفرَّق بين أن يُدْعَى بالأسماء أو يخبر بها عنه.
فإذا دُعِي لم يُدْعَ إلَّا بالأسماء الحسنى، كما قال تعالى: ?ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه?.
وأمَّا الإخبار عنه فهو بحسب الحاجة .. ».
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[باعث الخير]ــــــــ[17 - Jan-2010, صباحاً 01:01]ـ
ما شاء الله
موضوع في غاية الاهمية وانا في امس الحاجة اليه
فليت الاخوة الافاضل وعلى راسهم الشيخ الفاضل عدنان البخارى يزيدوا المسألة وضوحا لانها مسألة شائكة جداا بين طلبة العلم في مصر(/)
طلب: مراجع عن الحوثيين
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[11 - Dec-2009, صباحاً 12:43]ـ
من من الأخوة يعينني على ذكر مراجع حول الموضوع المشار إليه؟(/)
الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن .. !!
ـ[الأثري الفراتي]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 02:53]ـ
الحكمة من عدم رواية أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث الفتن
السؤال: ورد في صحيح البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعائين، أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فكتمته ولو بثثته لقطع هذا الحلقوم) فما معنى هذا الحديث؟ ولماذا يكتم أبو هريرة هذا العلم؟ أرجو الشرح والتفصيل.
الجواب:
الحمد لله: روى البخاري (120) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ).
قال الحافظ رحمه الله:
"قَوْله: (وِعَاءَيْنِ) أَيْ ظَرْفَيْنِ ... أَيْ: نَوْعَيْنِ مِنْ الْعِلْم , ومُرَاده: أَنَّ مَحْفُوظه مِنْ الْحَدِيث لَوْ كُتِبَ لَمَلَأَ وِعَاءَيْنِ" انتهى ملخصا.
وبثثته: أذعته ونشرته.
والبلعوم: مجرى الطعام
قال الحافظ في "الفتح" (1/ 216):
"حَمَلَ الْعُلَمَاء الْوِعَاء الَّذِي لَمْ يَبُثّهُ عَلَى الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا تَبْيِين أَسَامِي أُمَرَاء السُّوء وَأَحْوَالهمْ وَزَمَنهمْ , وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَكُنِّي عَنْ بَعْضه وَلَا يُصَرِّح بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كَقَوْلِهِ: (أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ رَأْس السِّتِّينَ وَإِمَارَة الصِّبْيَان). يُشِير إِلَى خِلَافَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة، لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَة سِتِّينَ مِنْ الْهِجْرَة. وَاسْتَجَابَ اللَّه دُعَاء أَبِي هُرَيْرَة فَمَاتَ قَبْلهَا بِسَنَةٍ.
قَالَ اِبْن الْمُنِير: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَة بِقَوْلِهِ: " قُطِعَ " أَيْ: قَطَعَ أَهْل الْجَوْر رَأْسه إِذَا سَمِعُوا عَيْبه لِفِعْلِهِمْ وَتَضْلِيله لِسَعْيِهِمْ, وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيث الْمَكْتُومة لَوْ كَانَتْ مِنْ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَا وَسِعَهُ كِتْمَانهَا. وَقَالَ غَيْره: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مَعَ الصِّنْف الْمَذْكُور مَا يَتَعَلَّق بِأَشْرَاطِ السَّاعَة وَتَغَيُّر الْأَحْوَال وَالْمَلَاحِم فِي آخِر الزَّمَان, فَيُنْكِر ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَأْلَفهُ, وَيَعْتَرِض عَلَيْهِ مَنْ لَا شُعُور لَهُ بِهِ " انتهى ملخصا.
وقال العيني:
" أراد به نوعين من العلم، وأراد بالأول الذي حفظه من السنن المذاعة لو كتبت لاحتمل أن يملأ منها وعاء، وبالثاني ما كتمه من أخبار الفتن كذلك.
ويقال: حمل الوعاء الثاني على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء الجور وأحوالهم وذمهم " انتهى. "عمدة القاري" (3/ 364).
وقال القرطبي رحمه الله: " حُمل على ما يتعلق بالفتن من أسماء المنافقين ونحوه، أما كتمه عن غير أهله فمطلوب بل واجب " انتهى.
"التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 852).
وقال ابن بطال رحمه الله:
" قال المهلب، وأبو الزناد: يعنى أنها كانت أحاديث أشراط الساعة، وما عَرَّف به صلى الله عليه وسلم من فساد الدين، وتغيير الأحوال، والتضييع لحقوق الله تعالى، كقوله صلى الله عليه وسلم: (يكون فساد هذا الدين على يدى أغيلمة سفهاء من قريش)، وكان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم، فخشى على نفسه، فلم يُصَرِّح. وكذلك ينبغى لكل من أمر بمعروف إذا خاف على نفسه في التصريح أن يُعَرِّض. ولو كانت الأحاديث التي لم يحدث بها من الحلال والحرام ما وَسِعَهُ تركها، لأنه قال: " لولا آيتان في كتاب الله ما حدثتكم"، ثم يتلو: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) البقرة /159 " انتهى.
"شرح صحيح البخارى" لابن بطال (1/ 195).
وقال ابن الجوزي رحمه الله:
" ولقائل أن يقول: كيف استجاز كتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال:
(بلغوا عني)؟ وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إذا ذُكِرَ قُتِلَ راويه؟ وكيف يستجيز المسلمون من الصحابة الأخيار والتابعين قتل من يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فالجواب: أن هذا الذي كتمه ليس من أمر الشريعة؛ فإنه لا يجوز كتمانها وقد كان أبو هريرة يقول: " لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم " وهي قوله: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) " فكيف يظن به أن يكتم شيئا من الشريعة بعد هذه الآية وبعد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ عنه؟ وقد كان يقول لهم: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) وإنما هذا المكتوم مثل أن يقول: فلان منافق، وستقتلون عثمان، و (هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش) بنو فلان، فلو صرح بأسمائهم لكذبوه وقتلوه " انتهى.
"كشف المشكل من حديث الصحيحين" (ص/1014).
والخلاصة:
أن ما كتمه أبو هريرة رضي الله عنه من العلم مختص بأخبار الفتن وأمراء السوء وأحوالهم وزمانهم، وأسماء المنافقين، وما يحصل آخر الزمان من تغير الأحوال ووقوع الفتن ونحو ذلك مما لا يألفه الناس.
وإنما كتمه أبو هريرة رضي الله عنه ولم ينشره للمصلحة الراجحة؛ فإنه لو ذكر أمراء السوء، أو عين أحدا منهم، أو كنّى عنه بما يدل عليه لوقع الناس في الفتن ولكثر القيل والقال، ولتعرض أبو هريرة للأذى، ولتحمس بعض هؤلاء الأحداث ممن لا علم لهم ولا روية عندهم وأثار القلاقل وأحدث الفتن، بدعوى أن هؤلاء أمراء السوء الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بد من تطهير الأرض منهم وإراحة الناس من شرهم وأذاهم، فيخرجون على الخلفاء والأمراء، ويحدثون الفتن.
وكذا لو أخبر أبو هريرة رضي الله عنه بما يحصل من الملاحم والفتن آخر الزمان لسارع كثير ممن لا علم له من السفهاء والدهماء إلى تكذيبه، ولكثر الجدل ولاحتدّ النقاش فيما يرويه ويقوله، فينصرف الناس – كما هي عادتهم في مثل ذلك – عن الانشغال بما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم إلى أندية الجدل ومحاطّ الخصام.
وقد كانوا لا يقبلون بعض ما يروي من أحاديث الأحكام، ويستكثرون عليه ما يروي في الحلال والحرام، فكيف لو روى لهم شيئا من أحاديث الفتن؟!
فكان كتمانه هذا النوع من العلم من حكمته وتمام فقهه وعلمه رضي الله عنه.
أما أحاديث الأحكام ونحوها: فلم يكن بدّ من روايتها، روى البخاري (2350) ومسلم (2492) عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ... إلى أن قال: وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (126377 ( http://islamqa.com/ar/ref/126377))
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب ( http://www.islamqa.com/ar/ref/139569)(/)
حاورته فقال لي لم أرى توضيحا وتشبيها أجمل من هذا التشبيه ..... حول التوسل ....
ـ[عبدالرحمن بن شيخنا]ــــــــ[11 - Dec-2009, مساء 03:01]ـ
كنت أحاور أحد الأحبة حول التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وبعباد الله الصالحين.
وكنت أبين له أن أخذ الحاجة لابد أن يكون من الطريق التي إذن الله بها
وقد أذن الله بطلب الحاجة من أخ حاضر كأن تطلبه أن يعطيك كتابا أما مه
وأذن في أن تقول له أن يقول لأحد أن يعطيك الكتاب
وأذن سبحانه في أن تسأله أو تتوسل بصفاته وأسمائه الحسنى لحصول مراد
وأذن سبحانه في أن تتوسل بعملك الخالص لوجه الله
وأذن في أن تسأل أحدا أن يدعو الله لك.
ولم يأذن بل وليس من الأدب أن تقول يالله أعطني هذا الكتاب بدون أن تمد يدك فتأخذه
ولم يأذن في أن تقول ياكتاب تعال إلي
ولم يأذن في أن ان تتوسل بعمل غيرك الخالص لو جه الله
كأن تقول اللهم أن فلان عمل عملا خالصا لوجك في ما أحسب اللهم إن كنت تعلم أنه خالصا لوجهك فإني أسألك أن تعطيني كذا وكذ
فهذ عمل صالح خالص لوجه الله ولكن لاعلاقة لك به فهل قال أحد أن التوسل به جائز.
فكذلك ذات غيرك إن كانت متصفة بالنبوة أو الصلاح لم يرد الإذن بأن تكون وسيلة لحصول المراد كما أن عمل الآخر الصالح لم يرد أنه وسيله لحصول المراد
فقال:
لم أرى توضيحا وتشبيها أجمل من هذا التشبيه.
.
ـ[عبدالرحمن بن شيخنا]ــــــــ[06 - Feb-2010, مساء 07:10]ـ
من يقرأ كتاب الله كثيرا وما صح من السنة النبوية يلاحظ أ ن الله سبحانه وتعالى
يوجه عباده إليه مباشرة ويربطهم به ويدعوهم لتكبيره وتعظيمه عن ما سواه
وفي الحديث الصحيح
عن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ
.
ـ[جذيل]ــــــــ[07 - Feb-2010, صباحاً 06:47]ـ
جزيت خيرا اخي الكريم
فائدة جليلة
ـ[عبدالرحمن بن شيخنا]ــــــــ[29 - Oct-2010, مساء 05:40]ـ
وجزاك الله خيرا أخي الكريم(/)
رسالة في الرد على شبهة للمرجئة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
ـ[ابو نذر الرحمان]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 01:37]ـ
رسالة في
الرد على شبهة للمرجئة
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
كتبه
ناصر بن حمد الفهد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبعد:
فقد ورد نص لشيخ الإسلام هذا لفظه (الفتاوى 14/ 120):
(وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلكلكونه مستلزما لكفر الباطن وإلا فلو قدر انه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود لهبل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفرا وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهمعلى نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله كما ذكر أن بعض علماءالمسلمين وعلماء أهل الكتاب فعل نحو ذلك مع قوم من المشركين حتى دعاهم إلى الإسلامفاسلموا على يديه ولم يظهر منافرتهم في أول الأمر) انتهى.
وقد شبه به بعض أهل الأهواء في أربع مسائل:
المسألة الأولى: اشتراط الاستحلال في الكفر.
المسألة الثانية: اشتراط القصد في الكفر.
المسألة الثالثة: أن القول أو العمل الظاهر ليس كفرا بذاته بل هو دليل على الكفر الباطن.
المسألة الرابعة: جواز الكفر للمصلحة (كالدعوة).
والجواب على هذه الشبه من طريقين (مجمل ومفصل):
الطريق الأول: المجمل وهو من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن أقوال الرجال يحتج لها ولا يحتج بها، فليس قول العالم بمجرده دليلا على أي مسألة كانت، بل لابد لكل قول من حجة شرعية يحتج بها له، فإن وجدت وإلا فالقول مع صاحب الحجة، ولو سلمنا –جدلا- بدلالة هذا النص على هذه المسائل –مع أنها لا تدل عليها- فإن هذا القول مردود بكلام شيخ الإسلام نفسه وتقريراته الكثيرة في عدم اشتراط الاستحلال والقصد في الكفر ونحوه مما قرره في كثير من كتبه الأخرى بالحجة الظاهرة القاهرة.
الوجه الثاني: أن النصوص المجملة هذه أشبه ما تكون بالمتشابه في نصوص الشرع، والمتشابه يرد إلى المحكم فيتبين منه المقصود، وإذا كانت النصوص الشرعية لو أخذ أحد بأحدها بدون نظر للنصوص الأخرى المبينة لكان متبعا لهواه بل ولأداه إلى باطل، بل الواجب أن تضم النصوص بعضها إلى بعض ويبحث عن تفسيرها من النصوص الأخرى، وهذا الكلام في النصوص الشرعية التي لا يأتيها الباطل، فكيف بنصوص الرجال الذين قد يعتريهم النقص والذهول؟؟!! فلا بد من ضم أقوال الشيخ بعضها إلى بعض ويفسر ما أجمل هنا بما فصله في كتبه الأخرى.
الوجه الثالث: أن المسائل التي يذكرها العالم عرضا من باب الاستطراد غير المقصود أو من باب المحاجة أو التنزل مع الخصوم أو التقدير أو غير ذلك لا يؤخذ منها مذهبه، وهذا النص المذكور إنما ذكره عرضا لا أصلا وذكره تقديرا لا تقريرا أثناء كلامه على تفسير بعض الآيات، فكيف يعارض به ما قرره وأصله بالأدلة الكثيرة في ردوده على المرجئة وغيرهم في كتابيه في (الإيمان) و في (الصارم) و في ردوده على الأشاعرة وغيرهم؟؟!!
الطريق الثاني: الجواب المفصل:
وهو من وجوه:
الوجه الأول: - وهو في الاستحلال -، فإن الشيخ لم يذكر الاستحلال هنا مطلقا فتسقط هذه الشبهة من الأساس، وإنما أتى هذا اللبس من قوله (لكونه مستلزما لكفر الباطن) وهذا لا يدل بوجه من الوجوه على الاستحلال كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: أن الاستلزام يدل على عدم انفكاك الظاهر والباطن، فقول الشيخ (وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلكلكونه مستلزما لكفر الباطن) حق يوافق كلام شيخ الإسلام في باقي تقريراته، ومن يعرف العلاقة بين الظاهر والباطن التي يقررها شيخ الإسلام في كثير من المواضع يعرف معنى هذا الكلام، فهو يذكر هنا أن القول والفعل الكفري الظاهر يلزم منه كفر الباطن (دلالة لزوم لا انفكاك لها) ولكن مناط التكفير هنا هو القول والفعل فقط لا الاعتقاد وأعمال القلوب، ولكنه يلزم من كفره الظاهر كفره الباطن، فهو لا يشترط في التكفير بالقول أو العمل وجود الكفر الباطن، بل يجعل كفره الظاهر مستلزما لكفر الباطن، وفرق بين قوله هنا وبين قول المرجئة إنه قد يسب الله والرسول وقد يكون في الباطن مؤمنا، فإنهم لا يجعلون كفر الظاهر مستلزما لكفر الباطن، فأين
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله من قولهم؟؟!!
الوجه الثالث:-وهو عن القصد- فالشيخ هنا لم يشترط قصد الكفر بل اشترط قصد الفعل، وفرق بين الأمرين، فمن قصد قول الكفر أو فعل الكفر كفر ظاهرا وباطنا وإن لم يقصد الكفركما قرره الشيخ –وسيأتي إن شاء الله تعالى -، فهو هنا اشترط وجود السبب ليترتب الحكم عليه، والسبب هنا هو قصد الفعل، أما الكفر فهو الحكم والمكلف إذا وجد منه السبب فالحكم للشارع ليس له حتى يقول لم أقصد بهذا السبب هذا الحكم!!، فمتى وجد قصد الفعل أو القول الكفري فإنه يحكم عليه بالكفر.
الوجه الرابع: أن الشيخ هنا مثل لعدم قصد الفعل بقوله (فلو قدر انه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود لهبل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفرا وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهمعلى نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله)، وهنا أمور:
الأول: أن قوله (فلو قدر) وهو من باب التقدير لا التقرير، والفارق كبير جدا بينهما، فقد يقدر العالم فرضا ممتنعا ويرتب عليه الحكم من باب التنزل، أو التبيين.
الثاني: قوله (ولم يقصد بقلبه السجود له) فهنا لم يقصد الفعل (الذي هو مناط التكفير) فهو كالذي قال (أنت عبدي وأنا ربك) فهو هنا لم يقصد القول، ولم يكفّر في الحالتين لوجود المانع من إلحاق الحكم بالسبب وذلك لأن الأول مكره والثاني مخطئ –وهما من موانع التكفير -.
الثالث: قوله (وقد يباح ذلك إذا كان ... الخ) يدل على ما سبق ذكره بأن فعله هذا ظاهره كفر وإنما لوجود المانع وهو (الإكراه) لم يرتب الحكم على وجود السبب.
الوجه الخامس: يتبين من جميع ما سبق أن كلام الشيخ هنا موافق لتقريراته الأخرى في اللزوم بين الظاهر والباطن، وأن من أتى بقول أو عمل كفري كفر ظاهرا وباطنا إلا عند وجود مانع يمنع من ترتيب الحكم على السبب، فالعمدة عنده هنا هو الظاهر وهو مناط التكفير، بخلاف المرجئة الذين جعلوا الباطن هو العمدة واضطربوا في ذلك ما شاء الله أن يضطربوا.
الوجه السادس: - وهو في الكفر من أجل المصلحة-:
وهذا قطعا لا يفهم من كلام شيخ الإسلام، وهو فهم باطل، ويدل على بطلان هذا الفهم أنه قال (وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهمعلى نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر) وهذا هو الإكراه، والإكراه كمانع من التكفير متفق عليه بين العلماء ولكن اختلفوا في صور الإكراه، ويوضح هذا قول الشيخ نفسه في (الفتاوى 7/ 219):
(ولهذا كان القول الظاهر من الإيمان الذى لا نجاة للعبد إلا به عند عامة السلف والخلف من الأولين والآخرين إلا الجهمية جهما ومن وافقه؛ فإنه إذا قدر أنه معذور لكونه أخرس، أو لكونه خائفا من قوم إن أظهر الإسلام آذوه، ونحو ذلك، فهذا يمكن أن لا يتكلم مع إيمان فى قلبه كالمكره على كلمة الكفر قال الله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)، وهذه الآية مما يدل على فساد قول جهم ومن اتبعه؛ فإنه جعل كل من تكلم بالكفر من أهل وعيد الكفار إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان. فإن قيل: فقد قال تعالى (ولكن من شرح بالكفر صدرا)، قيل: وهذا موافق لأولها فإنه من كفر من غير إكراه فقد شرح بالكفر صدرا، وإلا ناقض أول الآية آخرها، ولو كان المراد بمن كفر هو الشارح صدره وذلك يكون بلا إكراه لم يستثن المكره فقط، بل كان يجب أن يستثنى المكره وغير المكره إذا لم يشرح صدره، وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعا فقد شرح بها صدرا، وهي كفر وقد دل على ذلك قوله تعالى (يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزؤا أن الله مخرج ما تحذرون، ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين)، فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له بل كنا نخوض ونلعب، وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام ولو كان الإيمان فى قلبه منعه أن يتكلم بهذا الكلام) انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا النقل بيان لمراد الشيخ هنا وأن المسلم لا يعذر في الكفر فعلا أو قولا إلا عند الإكراه فقط، وفيه أيضا بيان العلاقة بين الظاهر والباطن على نحو لا تقول به المرجئة.
الوجه السابع: أن كلام شيخ الإسلام وتقريراته الأخرى تزيد هذا الأمر بيانا وإيضاحا بما لا مزيد عليه، وهذه بعضها:
قال في الصارم 3/ 976:
(وقال تعالى في حق المستهزئين (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) فبين أنهم كفاربالقول مع أنهم لم يعتقدوا صحته، وهذا باب واسع، والفقه فيه ما تقدم من أن التصديقبالقلب يمنع إرادة التكلم وإرادة فعل فيه استهانة واستخفاف، كما أنه يوجب المحبةوالتعظيم واقتضاؤه وجود هذا وعدم هذا أمر جرت به سنة الله في مخلوقاته؛ كاقتضاءإدراك الموافق للذة وإدراك المخالف للألم، فإذا عدم المعلول كان مستلزما لعدم العلة، وإذا وجد الضد كان مستلزما لعدم الضد الاخر، فالكلام والفعل المتضمن للاستخفافوالاستهانة مستلزم لعدم التصديق النافع ولعدم الانقياد والاستسلام فلذلك كان كفرا)
وقال فيه 3/ 955:
(إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهرا وباطنا، وسواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كانمستحلا له، أو كان ذاهلا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأنالإيمان قول وعمل، وقد قال الإمام أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - المعروف بابنراهويه - وهو أحد الائمة يعدل بالشافعي وأحمد: "قد أجمع المسلمون على: أن من سب الله، أو سبرسوله، أو دفع شيئا مما انزل الله، أو قتل نبيا من أنبياء الله؛ أنه كافر بذلك وإن كانمقرا بكل ما أنزل الله ")
وقال أيضا 3/ 975:
(فمن قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة عامدا لها عالما بأنها كلمة كفر فإنه يكفربذلك ظاهرا وباطنا، ولايجوز أن يقال: إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمنا، ومن قال ذلكفقد مرق من الاسلام، قال الله سبحانه (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكرهوقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)، و معلوم أنه لم يرد بالكفر هنا اعتقاد القلب فقط؛ لأن ذلك لا يكره الرجل عليه وهو قداستثنى من أكره، ولم يرد من قال واعتقد؛ لأنه استثنى المكره وهو لا يكره على العقدوالقول، وإنما يكره على القول فقط، فعلم أنه أراد من تكلم بكلمة الكفر فعليه غضب منالله).
وقال أيضا 3/ 963:
(إنه إذا كان المكفر هو اعتقاد الحل فليس في السب ما يدل على أن الساب مستحل، فيجب أنلايكفر، لا سيما إذا قال: أنا اعتقد أن هذا حرام وإنما قلته غيظا وسفها أو عبثاأو لعبا كما قال المنافقون (إنما كنا نخوض ونلعب)،كما إذا قال: إنما قذفت هذا أو كذبت عليه لعبا وعبثا، فإن قيل: لايكونون كفارا فهو خلاف نص القرآن، وإن قيل: يكونون كفارا فهو تكفير بغير موجب إذا لميجعل نفس السب مكفرا، وقول القائل: أنا لا أصدقه في هذا لا يستقيم، فإن التكفير لايكون بأمر محتمل فإذا كان قد قال: أنا اعتقد أن ذلك ذنب ومعصية وأنا أفعله فكيف يكفرإن لم يكن ذلك كفرا؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى (لاتعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم)، ولميقل: قد كذبتم في قولكم: إنما كنا نخوض ونلعب، فلم يكذبهم في هذا العذر كما كذبهم فيسائر ما أظهروه من العذر الذي يوجب براءتهم من الكفر كما لو كانوا صادقين، بل بينأنهم كفروا بعد إيمانهم بهذا الخوض واللعب، وإذا تبين أن مذهب سلف الامة ومن اتبعهممن الخلف أن هذه المقالة في نفسها كفر - استحلها صاحبها او لم يستحلها - فالدليل علىذلك جميع ما قدمناه في المسألة الاولى)
وقال أيضا 3/ 965:
(ومنشأ هذه الشبهة التي أوجبت هذا الوهم من المتكلمين أو من حذا حذوهم من الفقهاء: أنهم رأوا أن الايمان هو تصديق الرسول فيما أخبر به، ورأوا أن اعتقاد صدقة لا ينافيالسب والشتم بالذات، كما أن اعتقاد إيجاب طاعته لا ينافي معصيته؛ فإن الإنسان قد يهينمن يعتقد وجوب إكرامه، كما يترك ما يعتقد وجوب فعله، ويفعل ما يعتقد وجوب تركه، ثمرأوا أن الامة قد كفرت الساب؛ فقالوا: إنما كفر لأن سبه دليل على أنه لم يعتقد أنهحرام واعتقاد حله تكذيب للرسول فكفر بهذا التكذيب لا بتلك الإهانة، وإنما الإهانةدليل على التكذيب، فإذا فرض أنه في نفس الأمر ليس بمكذب كان في نفس الأمر مؤمنا، وإنكان حكم
(يُتْبَعُ)
(/)
الظاهر إنما يجري عليه بما أظهره. فهذا مأخذ المرجئة ومعتضديهم، وهم الذينيقولون: الإيمان هو الاعتقاد والقول، وغلاتهم - وهم الكرامية - الذين يقولون: هو مجردالقول وإن عري عن الاعتقاد .. الخ كلامه وفيه رد عليهم)
وقال أيضا 3/ 955:
(إن من سب الله ورسوله كفر ظاهرا وباطنا، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كانمستحلا له، أو كان ذاهلا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلينبأن الإيمان قول وعمل ... ويجب أن يعلم أن القول بأن كفر الساب في نفس الأمرإنما هو لاستحلاله السب زلة منكرة وهفوة عظيمة)
وقال أيضا 2/ 339:
(وبالجملة: فمن قال أو فعل ما هو كُفْرٌ كَفَرَ بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرا؛ إذ لا يكاد يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله)
قال في منهاج السنة النبوية (5/ 251 - 252):
(فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبهوعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمةالعلم وسائر الطوائف، إلا الجهم ومن وافقه كالصالحي والأشعري وغيرهم، فإنهم قالواهذا كفر في الظاهر وأما في الباطن فلا يكون كفرا إلا إذا استلزم الجهل)
ونصوصه في هذا الباب كثيرة جدا ويظهر منها بوضوح أنها مع نص الباب كلها تخرج من مشكاة واحدة وتتفق فيما يلي:
1 - أن الحكم يكون على الظاهر.
2 - أن كفر الظاهر يلزم منه الكفر الباطن.
3 - أنه قد يوجد سبب التكفير الظاهر –فقط- ويمنع من كفره الباطن مانع شرعي.
4 - أن الكفر الباطن إذا وجد فلا يلتفت إلى مانع من موانع التكفير لأنها مختصة بالظاهر فقط.
5 - أن القول باشتراط الاستحلال أو القصد (قصد الكفر لا قصد السبب) أو الاعتقاد هو قول الجهمية والمرجئة لا قول السلف.
والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
كتبه / ناصر بن حمد الفهد
يوم السبت 22 شوال 1420
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 11:51]ـ
رسالة في
الرد على شبهة للمرجئة
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
كتبه
ناصر بن حمد الفهد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبعد:
فقد ورد نص لشيخ الإسلام هذا لفظه (الفتاوى 14/ 120):
(وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلكلكونه مستلزما لكفر الباطن وإلا فلو قدر انه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود لهبل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفرا وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهمعلى نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله كما ذكر أن بعض علماءالمسلمين وعلماء أهل الكتاب فعل نحو ذلك مع قوم من المشركين حتى دعاهم إلى الإسلامفاسلموا على يديه ولم يظهر منافرتهم في أول الأمر) انتهى.
وقد شبه به بعض أهل الأهواء في أربع مسائل:
المسألة الأولى: اشتراط الاستحلال في الكفر.
المسألة الثانية: اشتراط القصد في الكفر.
المسألة الثالثة: أن القول أو العمل الظاهر ليس كفرا بذاته بل هو دليل على الكفر الباطن.
المسألة الرابعة: جواز الكفر للمصلحة (كالدعوة).
والجواب على هذه الشبه من طريقين (مجمل ومفصل):
الطريق الأول: المجمل وهو من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن أقوال الرجال يحتج لها ولا يحتج بها، فليس قول العالم بمجرده دليلا على أي مسألة كانت، بل لابد لكل قول من حجة شرعية يحتج بها له، فإن وجدت وإلا فالقول مع صاحب الحجة، ولو سلمنا –جدلا- بدلالة هذا النص على هذه المسائل –مع أنها لا تدل عليها- فإن هذا القول مردود بكلام شيخ الإسلام نفسه وتقريراته الكثيرة في عدم اشتراط الاستحلال والقصد في الكفر ونحوه مما قرره في كثير من كتبه الأخرى بالحجة الظاهرة القاهرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الثاني: أن النصوص المجملة هذه أشبه ما تكون بالمتشابه في نصوص الشرع، والمتشابه يرد إلى المحكم فيتبين منه المقصود، وإذا كانت النصوص الشرعية لو أخذ أحد بأحدها بدون نظر للنصوص الأخرى المبينة لكان متبعا لهواه بل ولأداه إلى باطل، بل الواجب أن تضم النصوص بعضها إلى بعض ويبحث عن تفسيرها من النصوص الأخرى، وهذا الكلام في النصوص الشرعية التي لا يأتيها الباطل، فكيف بنصوص الرجال الذين قد يعتريهم النقص والذهول؟؟!! فلا بد من ضم أقوال الشيخ بعضها إلى بعض ويفسر ما أجمل هنا بما فصله في كتبه الأخرى.
الوجه الثالث: أن المسائل التي يذكرها العالم عرضا من باب الاستطراد غير المقصود أو من باب المحاجة أو التنزل مع الخصوم أو التقدير أو غير ذلك لا يؤخذ منها مذهبه، وهذا النص المذكور إنما ذكره عرضا لا أصلا وذكره تقديرا لا تقريرا أثناء كلامه على تفسير بعض الآيات، فكيف يعارض به ما قرره وأصله بالأدلة الكثيرة في ردوده على المرجئة وغيرهم في كتابيه في (الإيمان) و في (الصارم) و في ردوده على الأشاعرة وغيرهم؟؟!!
الطريق الثاني: الجواب المفصل:
وهو من وجوه:
الوجه الأول: - وهو في الاستحلال -، فإن الشيخ لم يذكر الاستحلال هنا مطلقا فتسقط هذه الشبهة من الأساس، وإنما أتى هذا اللبس من قوله (لكونه مستلزما لكفر الباطن) وهذا لا يدل بوجه من الوجوه على الاستحلال كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: أن الاستلزام يدل على عدم انفكاك الظاهر والباطن، فقول الشيخ (وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلكلكونه مستلزما لكفر الباطن) حق يوافق كلام شيخ الإسلام في باقي تقريراته، ومن يعرف العلاقة بين الظاهر والباطن التي يقررها شيخ الإسلام في كثير من المواضع يعرف معنى هذا الكلام، فهو يذكر هنا أن القول والفعل الكفري الظاهر يلزم منه كفر الباطن (دلالة لزوم لا انفكاك لها)
لم يذكر شيخ الإسلام هذا، وإنما بين أن ما كان كفرًا من الأعمال الظاهرة؛ كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك؛ فإنما ذلك؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن، في الأصل، وإلا فإن العمل الظاهر إذا لم يكن مستلزمًا لكفر الباطن، كما لو وقع بدون قصد له أو بإكراه؛ لم يكن كفرًا؛ أي أن تلك الأعمال قد تنفك عن أن تكون مستلزمة لكفر الباطن.
ولكن مناط التكفير هنا هو القول والفعل فقط لا الاعتقاد وأعمال القلوب، ولكنه يلزم من كفره الظاهر كفره الباطن، فهو لا يشترط في التكفير بالقول أو العمل وجود الكفر الباطن، بل يجعل كفره الظاهر مستلزما لكفر الباطن
مناط التكفير بالقول والفعل الظاهر استلزام ذلك القول والفعل لكفر الباطن؛ فلا يقال: مناط التكفير هنا هو القول والفعل فقط لا الاعتقاد وأعمال القلوب، ولا أنه لا يشترط في التكفير بالقول أو العمل وجود الكفر الباطن.
أن قوله (فلو قدر) وهو من باب التقدير لا التقرير، والفارق كبير جدا بينهما، فقد يقدر العالم فرضا ممتنعا ويرتب عليه الحكم من باب التنزل، أو التبيين.
لكن شيخ الإسلام لم يقدر في قوله: (وإلا فلو قدر أنه سجد قدام وثن، ولم يقصد بقلبه السجود لهبل؛ قصد السجود لله بقلبه؛ لم يكن ذلك كفرًا، وقد يباح ذلك؛ إذا كان بين مشركين يخافهم على نفسه؛ فيوافقهم في الفعل الظاهر، ويقصد بقلبه السجود لله) = فرضًا ممتنعًا، ولم يرتب عليه الحكم من باب التنزل. بل قدر أمرًا ممكنًا، ورتب عليه الحكم تقريرًا ...
يتبين من جميع ما سبق أن كلام الشيخ هنا موافق لتقريراته الأخرى في اللزوم بين الظاهر والباطن، وأن من أتى بقول أو عمل كفري كفر ظاهرا وباطنا إلا عند وجود مانع يمنع من ترتيب الحكم على السبب، فالعمدة عنده هنا هو الظاهر وهو مناط التكفير
لو كان العمدة عنده هنا هو الظاهر لما كان للقصد أثر في الحكم بل العمدة في الحكم بالكفر على العمل الظاهر أن يكون مستلزمًا لكفر الباطن.
وفي هذا النقل بيان لمراد الشيخ هنا وأن المسلم لا يعذر في الكفر فعلا أو قولا إلا عند الإكراه فقط، وفيه أيضا بيان العلاقة بين الظاهر والباطن على نحو لا تقول به المرجئة.
العذر المانع من التكفير لا ينحصر في الإكراه؛ فيعذر ولا يكفر من وقع في الكفر جهلاً أو خطأ ...
ونصوصه في هذا الباب كثيرة جدا ويظهر منها بوضوح أنها مع نص الباب كلها تخرج من مشكاة واحدة وتتفق فيما يلي:
1 - أن الحكم يكون على الظاهر.
إلا إذا لم يكن مستلزمًا للباطن ...
2 - أن كفر الظاهر يلزم منه الكفر الباطن.
في الأصل، وقد لا يلزم منه الكفر الباطن؛ إذا وقع بدون قصد.
4 - أن الكفر الباطن إذا وجد فلا يلتفت إلى مانع من موانع التكفير لأنها مختصة بالظاهر فقط.
هذا يناقض:
3 - أنه قد يوجد سبب التكفير الظاهر –فقط- ويمنع من كفره الباطن مانع شرعي.
5 - أن القول باشتراط الاستحلال أو القصد (قصد الكفر لا قصد السبب) أو الاعتقاد هو قول الجهمية والمرجئة لا قول السلف.
القول باشتراط الاعتقاد: اعتقاد ماذا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[درداء]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 01:06]ـ
[ quote= أبو عبد الله الغيثي;304205] لم يذكر شيخ الإسلام هذا، وإنما بين أن ما كان كفرًا من الأعمال الظاهرة؛ كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك؛ فإنما ذلك؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن، في الأصل، وإلا فإن العمل الظاهر إذا لم يكن مستلزمًا لكفر الباطن، كما لو وقع بدون قصد له أو بإكراه؛ لم يكن كفرًا؛ أي أن تلك الأعمال قد تنفك عن أن تكون مستلزمة لكفر الباطن.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاكراه مانع من موانع التكفير
هل " بدون قصد" هي مانع من موانع التكفير؟ وما المعنى الشرعي ل "بدون قصد"
ـ[درداء]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 02:00]ـ
هل يعني" ان من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ثوابه، أو عقابه؛ ولم يقصد حقيقة الاستهزاء " لا يكفر؟
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 02:21]ـ
[ quote= أبو عبد الله الغيثي;304205] لم يذكر شيخ الإسلام هذا، وإنما بين أن ما كان كفرًا من الأعمال الظاهرة؛ كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك؛ فإنما ذلك؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن، في الأصل، وإلا فإن العمل الظاهر إذا لم يكن مستلزمًا لكفر الباطن، كما لو وقع بدون قصد له أو بإكراه؛ لم يكن كفرًا؛ أي أن تلك الأعمال قد تنفك عن أن تكون مستلزمة لكفر الباطن.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاكراه مانع من موانع التكفير
هل " بدون قصد" هي مانع من موانع التكفير؟ وما المعنى الشرعي ل "بدون قصد"
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم عدم القصد مانع من موانع التكفير، ومعنى عدم القصد: عدم التعمد وعدم الإرادة؛ مثل: أن يركل المصحف بدون قصد بأن لم يره ... فركل المصحف كفر، ومن فعله كفر، لكن إذا وقع بدون قصد بأن لم ير المصحف؛ فهذا مانع يمنع من تكفير من وقع منه هذا الفعل ...
ـ[درداء]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 02:41]ـ
[ quote= درداء;304653]
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم عدم القصد مانع من موانع التكفير، ومعنى عدم القصد: عدم التعمد وعدم الإرادة؛ مثل: أن يركل المصحف بدون قصد بأن لم يره ... فركل المصحف كفر، ومن فعله كفر، لكن إذا وقع بدون قصد بأن لم ير المصحف؛ فهذا مانع يمنع من تكفير من وقع منه هذا الفعل ...
هل يعني" ان من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ثوابه، أو عقابه؛ ولم يقصد حقيقة الاستهزاء " لا يكفر؟
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 02:49]ـ
هل يعني" ان من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ثوابه، أو عقابه؛ ولم يقصد حقيقة الاستهزاء " لا يكفر؟
إذا لم يقصد الاستهزاء بأن قال كلمة يعتقد أن معناها حسن أو لا بأس به، وهو في الحقيقة سيء، ويلزم منه العيب والتنقص؛ فإنه لا يكفر؛ لأنه لم يقصد ذلك المعنى السيء والعيب والتنقص ...
ـ[درداء]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 03:05]ـ
[ quote= درداء;304653]
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم عدم القصد مانع من موانع التكفير، ومعنى عدم القصد: عدم التعمد وعدم الإرادة؛ مثل: أن يركل المصحف بدون قصد بأن لم يره ... فركل المصحف كفر، ومن فعله كفر، لكن إذا وقع بدون قصد بأن لم ير المصحف؛ فهذا مانع يمنع من تكفير من وقع منه هذا الفعل ...
اخي ماهو الدليل الشرعي ان عدم القصد هو مانع من موانع التكفير؟ وهل قال احد من علماء السلف بهذا القول " عدم القصد هو مانع من موانع التكفير"
ـ[درداء]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 03:19]ـ
[ quote= درداء;304653]
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم عدم القصد مانع من موانع التكفير، ومعنى عدم القصد: عدم التعمد وعدم الإرادة؛ مثل: أن يركل المصحف بدون قصد بأن لم يره ... فركل المصحف كفر، ومن فعله كفر، لكن إذا وقع بدون قصد بأن لم ير المصحف؛ فهذا مانع يمنع من تكفير من وقع منه هذا الفعل ...
اخي هل تعني القصد: العمد المقابل للخطأ , اذا كنت تقصد هذا المعنى يصبح الكلام واضح بالنسبة لي وجزاك الله خير
ـ[حارث البديع]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 04:09]ـ
وبالجملة فمن قال أو فعل ماهو كفر َكفر بذلك ولاعبرة بإعتقاده إذ
لايقصد الكفر أحد إلا ماشاء الله
ابن تيمية
ـ[جذيل]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 04:29]ـ
ومعنى عدم القصد: عدم التعمد وعدم الإرادة؛ مثل: أن يركل المصحف بدون قصد بأن لم يره
هذه عوارض أخرى .. لا علاقة لها بالقصد .. !!
ـ[درداء]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 04:34]ـ
اخي الكريم ..
القصد عندك ماهو .. ممكن تعرفه لنا رعاك الله .. ؟
هل السؤال موجه لي؟
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 04:44]ـ
اخي هل تعني القصد: العمد المقابل للخطأ , اذا كنت تقصد هذا المعنى يصبح الكلام واضح بالنسبة لي وجزاك الله خير
نعم، القصد: العمد والإرادة، كما سبق:
معنى عدم القصد: عدم التعمد وعدم الإرادة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 04:54]ـ
وبالجملة فمن قال أو فعل ماهو كفر َكفر بذلك ولاعبرة بإعتقاده إذ
لايقصد الكفر أحد إلا ماشاء الله
ابن تيمية
القصد المشترط للتكفير في بحثنا قصد الفعل لا قصد الكفر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول على شاتم الرسول (1/ 184): (وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرًا؛ إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله).
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 05:05]ـ
هذه عوارض أخرى .. لا علاقة لها بالقصد .. !!
إن كنت تعني أن عدم رؤية المصحف - التي جعلتها باللون الأحمر- لا علاقة لها بالقصد؛ فإن عدم رؤية المصحف سبب لعدم قصد ركله؛ فالشخص في المثال المذكور لم يقصد ركل المصحف؛ لأنه لم يره.
ـ[أم تميم]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 08:36]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمهُ الله - ..
من سب دين الإسلام فهو كافر سواءٌ كان جادًا أو مازحًا حتى وإن كان يزعم أنه مؤمن فليس بمؤمن وكيف يكون مؤمناً بالله عز وجل وبكتابه وبدينه وبرسوله وهو يسب الدين كيف يكون مؤمناً وهو يسب ديناً قال الله فيه (ورضيت لكم الإسلام ديناً) وقال الله تعالى فيه (ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وقال الله فيه (إن الدين عند الله الإسلام) كيف يكون مؤمناً من سب هذا الدين ولو كان مازحاً إذا كان قد قصد الكلام فإن من سب دين الإسلام جاداً أو مازحاً فإنه كافرٌ كفراً مخرجاً عن الملة عليه أن يتوب إلى الله عز وجل وسب الدين مازحاً أشد من سبه جاداً وأعظم ذلك لأن من سب شيئاً جاداً وكان هذا السب واقعاً على هذا الشيء فإنه قد لا يكون عند الناس مثل الذي سبه مازحاً مستهزئاً وإن كان فيه هذا الشيء والدين الإسلامي والحمد لله دينٌ كامل كما قال الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم) وهو أعظم منةٍ من الله بها على عباده كما قال (وأتممت عليكم نعمتي) فإذا سبه أحد ولو مازحاً فإنه يكفر فعليه أن يتوب إلى الله ويقلع عما صنع وأن يعظم دين الله عز وجل في قلبه حتى يدين الله به وينقاد لله بالعمل بما جاء في هذا الدين ..
أما شئٌ سبق على لسانه بأن كان يريد أن يمدح الدين فقال كلمة سبٍ بدون قصد بل سبقاً على اللسان فهذا لا يكفر لأنه ما قصد السب ..
بخلاف الذي يقصده وهو يمزح فإن هنا قصداً وقع في قلبه فصار له حكم الجاد أما هذا الذي ما قصد ولكن سبق على اللسان فإن هذا لا يضر ولهذا ثبت في الصحيح في قصة الرجل الذي كان في فلاةٍ فأضاع راحلته وعليها طعامه وشرابه فلم يجدها ثم نام تحت شجرةٍ ينتظر الموت فإذا بناقته على رأسه فأخذ بزمامها وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح فلم يؤاخذ لأن هذا القول الذي صدر منه غير مقصودٍ له بل سبق على لسانه فأخطأ من شدة الفرح فمثل هذا لا يضر الإنسان لا يضر الإنسان لأنه ما قصده فيجب أن نعرف الفرق بين القصد وعدمه يجب أن نعرف الفرق بين قصد الكلام وعدم قصد الكلام ليس بين القصد السب وعدم قصده لأن هنا ثلاثة مراتب المرتبة الأولى أن يقصد الكلام والسب وهذا فعل الجاد كما يصنع أعداء الإسلام بسب الإسلام الثاني أن يقصد الكلام دون السب بمعنى يقصد ما يدل على السب لكنه مازحاً غير جاد فهذا حكمه كالأول يكون كافراً لأنه استهزاء وسخرية المرتبة الثالثة أن لا يقصد الكلام ولا السب وإنما يسبق لسانه فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً لا قصد الكلام ولا قصد السب فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ..
نور على الدرب
ـ[حارث البديع]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 09:06]ـ
من الخطأ التعميم في قضية القصد
وجعلها مانعا للتكفير في كل الأمور
ففي المسائل الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة
لااعتبار فيها للقصد
ولاأدل على ذلك من الذين استهزئوا بدين الله
فأنزل الله تعالى الحكم لاتعتذروا قد كفرتم
علما أنهم قالوا إنما كنا نخوض ونلعب
اي لم يقصدوا الكفر ولا الفعل ولاأرادوه
وكان الحكم مع ذلك جليا
وإقحام القصد في كل مكفر ليس منهج السلف.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 11:19]ـ
من الخطأ التعميم في قضية القصد
وجعلها مانعا للتكفير في كل الأمور
ففي المسائل الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة
لااعتبار فيها للقصد
(يُتْبَعُ)
(/)
ولاأدل على ذلك من الذين استهزئوا بدين الله
فأنزل الله تعالى الحكم لاتعتذروا قد كفرتم
علما أنهم قالوا إنما كنا نخوض ونلعب
اي لم يقصدوا الكفر ولا الفعل ولاأرادوه
وكان الحكم مع ذلك جليا
وإقحام القصد في كل مكفر ليس منهج السلف.
عدم قصد الفعل مانع من التكفير سواء في المسائل الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة أو في غيرها؛ فمن عمل عملاً كفريًا بدون قصد؛ لم يكفر.
أما عدم قصد الكفر فليس بمانع من التكفير، ولا اعتبار به، إذا كان العمل مقصودًا.
والذين استهزؤا بآيات الله قد عرفوا أن عملهم محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، ولا استحلال المحرم، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
فلا يصح القول بأنهم لم يقصدوا الفعل ولاأرادوه. الذي أضافه القائل بعد أن اعتمد المشاركة أولاً بدونه.
فلماذا كفرهم الله تعالى إذا لم يقصدوا الكفر ولا الفعل ولاأرادوه؟!
قال الشيخ ابن عثيمين كما في مشاركة أختنا أم تميم:
هنا ثلاثة مراتب:
المرتبة الأولى: أن يقصد الكلام والسب، وهذا فعل الجاد، كما يصنع أعداء الإسلام بسب الإسلام.
المرتبة الثانية: أن يقصد الكلام دون السب؛ بمعنى يقصد ما يدل على السب، لكنه مازح غير جاد؛ فهذا حكمه كالأول؛ يكون كافراً؛ لأنه استهزاء وسخرية. [وهذه حال الذين قال الله تعالى فيهم: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل: استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن: إنما كنا نخوض ونلعب قل: أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم طائفة بأنهم كانوا مجرمين) [التوبة: 64 ـ 66].
المرتبة الثالثة: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه؛ فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً؛ لا قصد الكلام، ولا قصد السب؛ فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ..
ـ[القضاعي]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 01:16]ـ
يجب التنبه إلى نقاط تحتاج إلى تحرير في الأذهان ومنها:
- أن الاستحلال لا يكون في المكفرات المخرجة من الملة بالإجماع.
- التفريق بين الأعمال المكفرة من الأعمال المفسقة ... وهنا يقع الخلل في مسألة الاستحلال , ففي بعض القضايا يختلف أهل العلم في الفعل هل هو مفسق أو مكفر , فمن عده مسفقًا اشترط الاستحلال لتكفير فاعله , ومن عده مكفرًا استقلالًا لا يشترط الاستحلال , فتكون المسألة خلافية مبنية على مسألة خلافية , فلا يجوز فيها الإتهام المتبادل بالخارجية والإرجاء , إلا لمن عُلم منه شوب بدعة في الخروج أو الإرجاء.
- التلازم بين الكفر الظاهر والكفر الباطن وأنهما غير منفكين , وإنما المنفك هو: إيقاع الحكم بالكفر على المعين بسبب الشروط والموانع , ومعنى ذلك أن الفعل الكفري في الظاهر مستلزم لكفر الباطن , ولا يعلق الحكم بوصف هذا الفعل بالكفر على توافر شروط وانتفاء موانع لأن ذلك خاص بالأعيان لا بالأنواع.
- أن المانع من التكفير يختص بالمعين لا بوقوع الكفر , أي أن المكره على الكفر هو كافر ظاهرًا وباطنًا عند من لم يعلم عذره , فمتى وقف على عذره , امتنع تكفيره.
- الفرق بين الوقوع في الكفر , وبين وقوع الكفر على الفاعل , وهي معنى العبارة المشهورة عند الشيخ الألباني ((ليس كل من وقع في الكفر , وقع الكفر عليه)).
فالشيخ يصف الفعل بأنه كفر مخرج من الملة , ولكنه لا يوقع الكفر على الفاعل إلا بعد التحقق من توفر الشروط وانتفاء الموانع , وهذا هو مذهب أهل السنة بلا خلاف.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 09:47]ـ
يجب التنبه إلى نقاط تحتاج إلى تحرير في الأذهان ومنها:
- أن الاستحلال لا يكون في المكفرات المخرجة من الملة بالإجماع.
(يُتْبَعُ)
(/)
- التفريق بين الأعمال المكفرة من الأعمال المفسقة ... وهنا يقع الخلل في مسألة الاستحلال , ففي بعض القضايا يختلف أهل العلم في الفعل هل هو مفسق أو مكفر , فمن عده مسفقًا اشترط الاستحلال لتكفير فاعله , ومن عده مكفرًا استقلالًا لا يشترط الاستحلال , فتكون المسألة خلافية مبنية على مسألة خلافية , فلا يجوز فيها الإتهام المتبادل بالخارجية والإرجاء , إلا لمن عُلم منه شوب بدعة في الخروج أو الإرجاء.
الأوضح من هذا أن يقال:
إن من الأعمال الظاهرة (المعاصي) ما يكون كفرًا مخرجًا من الملة بذاته لكونه مستلزمًا لكفر الباطن غير الاستحلال، ومنها ما لا يكون كفرًا مخرجًا من الملة إلا إذا استحله الفاعل.
- التلازم بين الكفر الظاهر والكفر الباطن وأنهما غير منفكين , وإنما المنفك هو: إيقاع الحكم بالكفر على المعين بسبب الشروط والموانع , ومعنى ذلك أن الفعل الكفري في الظاهر مستلزم لكفر الباطن , ولا يعلق الحكم بوصف هذا الفعل بالكفر على توافر شروط وانتفاء موانع لأن ذلك خاص بالأعيان لا بالأنواع.
توفر الشروط وانتفاء الموانع معتبر، وإن لم يذكر عند الكلام في الجملة والعموم؛ لأنه يجري على الأصل، ووجود الموانع استثناء، ولو ذكر اشتراط وجود الشروط وانتفاء الموانع عند الكلام في الجملة والعموم؛ لما كان خطأ؛ فيصح أن يقال: الفعل الظاهر المستلزم لكفر الباطن يكون كفرًا إذا توفرت شروط وانتفت موانع ...
فيصبح هذا التنبيه كالتالي:
- التلازم بين الكفر الظاهر والكفر الباطن، وأنهما غير منفكين في الأصل, وإلا فقد لا يستلزم فعل الكفر الظاهر الكفر الباطن في غير الأصل، كما قد ينفك إيقاع الحكم بالكفر على المعين بسبب تخلف الشروط أو وجود الموانع.
ومعنى ذلك أن يقال عند الكلام في الجملة والعموم: الفعل الكفري في الظاهر مستلزم لكفر الباطن , ولا يعلق الحكم بوصف هذا الفعل بالكفرعلى توافر شروط وانتفاء موانع؛ لأن ذلك خاص بالكلام في الأعيان لا بالكلام في الأنواع.
- أن المانع من التكفير يختص بالمعين لا بوقوع الكفر , أي أن المكره على الكفر هو كافر ظاهرًا وباطنًا عند من لم يعلم عذره , فمتى وقف على عذره , امتنع تكفيره.
هذا فيه نظر كما في الذي قبله، وهو يناقض أنه:
لا يوقع الكفر على الفاعل إلا بعد التحقق من توفر الشروط وانتفاء الموانع , وهذا هو مذهب أهل السنة بلا خلاف.
فليتأمل:
- أن المانع من التكفير يختص بالمعين لا بوقوع الكفر , أي أن المكره على الكفر هو كافر ظاهرًا وباطنًا عند من لم يعلم عذره , فمتى وقف على عذره , امتنع تكفيره.
ـ[حارث البديع]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 11:37]ـ
مالفرق بين قصد الفعل وقصد الكفر؟
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 01:29]ـ
مالفرق بين قصد الفعل وقصد الكفر؟
الفرق أن:
قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب.
أما قصد الكفر فهو إرادة الكفر، مع إرادة الفعل.
ويمكن توضيح مراتب القصد بتمثيلها بمراتب القصد في القتل:
فالمرتبة الأولى: أن يقصد القاتل الفعل (السبب) و (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل العمد.
والمرتبة الثانية: أن يقصد القاتل الفعل (السبب) دون (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل شبه العمد.
والمرتبة الثالثة: أن لا يقصد القاتل الفعل (السبب) ولا (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل الخطأ.
فالذين استهزؤا بآيات الله قد أرادوا ذلك، بمعنى أنهم أرادوا ما يدل عليه كلامهم من الاستهزاء، ولم يريدوا الكفر؛ لأنهم لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
ـ[درداء]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 01:40]ـ
الفرق أن:
قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب.
أما قصد الكفر فهو إرادة الكفر، مع إرادة الفعل.
ويمكن توضيح مراتب القصد بتمثيلها بمراتب القصد في القتل:
فالمرتبة الأولى: أن يقصد القاتل الفعل (السبب) و (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل العمد.
والمرتبة الثانية: أن يقصد القاتل الفعل (السبب) دون (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل شبه العمد.
والمرتبة الثالثة: أن لا يقصد القاتل الفعل (السبب) ولا (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل الخطأ.
فالذين استهزؤا بآيات الله قد أرادوا ذلك، بمعنى أنهم أرادوا ما يدل عليه كلامهم من الاستهزاء، ولم يريدوا الكفر؛ لأنهم لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
اخي في الله ممكن توضح لي اكثر
" أن يقصد القاتل الفعل (السبب) و (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل العمد"
ـ[حارث البديع]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 01:43]ـ
إذا مادام قصد الفعل إرادته في القلب لاسبيل لنا لمعرفته
فلايتأهل أن يكون مانعا للتكفير
اللهم ماعدا إن دلت قرائن تؤيد مايريد
فالصحابة كانوا يقولون للنبي
راعنا
ولم يكفرهم الله تعالى
بل نهاهم فقط لأن ماكان قصدهم قصد المشركين الذين قالوها له
فالقصد عذرا في المسائل الخفية
والأقوال التى تحتمل أكثر من وجه
فهذا لايكفر حتى يسأل عن قصده
كما ذكر ابن تيمية وغيره
بخلاف ماإذا كان سبا صريحا لله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 02:18]ـ
اخي في الله ممكن توضح لي اكثر
" أن يقصد القاتل الفعل (السبب) و (النتيجة) القتل، وهذا هو القتل العمد"
الفعل (السبب)؛ كالضرب مثلاً ...
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 03:06]ـ
إذا مادام قصد الفعل إرادته في القلب لاسبيل لنا لمعرفته
فلايتأهل أن يكون مانعا للتكفير
لنا سبيل إلى معرفة قصد الفعل بسؤال الفاعل.
وهذا القول يناقض هذا:
فالقصد عذرا في المسائل الخفية
والأقوال التى تحتمل أكثر من وجه
فهذا لايكفر حتى يسأل عن قصده
كما ذكر ابن تيمية وغيره
بخلاف ماإذا كان سبا صريحا لله.
السب الصريح يمكن أن يقع بدون قصد؛ فلا يكفر قائله.
وقد وقع أن شخصًا أراد أن يسب الشيطان؛ فسبق لسانه؛ فسب الله تعالى.
وقد قال الشيخ ابن عثيمين في مراتب قصد السب: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه؛ فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً؛ لا قصد الكلام، ولا قصد السب؛ فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ...
ـ[درداء]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 03:19]ـ
لنا سبيل إلى معرفة قصد الفعل بسؤال الفاعل.
وهذا القول يناقض هذا:
السب الصريح يمكن أن يقع بدون قصد؛ فلا يكفر قائله.
] وقد وقع أن شخصًا أراد أن يسب الشيطان؛ فسبق لسانه؛ فسب الله تعالى. [/ u]
وقد قال الشيخ ابن عثيمين في مراتب قصد السب: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه؛ فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً؛ لا قصد الكلام، ولا قصد السب؛ فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ...
اخي هذا ما لايعقل ان شخصا اراد ان يسب الشيطان فسبق لسانه فسب الله
هذا كلام غير صحيح
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 05:40]ـ
اخي هذا ما لايعقل ان شخصا اراد ان يسب الشيطان فسبق لسانه فسب الله
هذا كلام غير صحيح
لا أذكر الألفاظ بالضبط، لكن هذا معنى ما وقع.
وهذا يعقل كما يعقل أن يُسب الله عز وجل بسبق اللسان دون قصد؛ فمن وقع منه ذلك؛ فلا بد أنه كان يريد يقول شيئًا سبًا أو نحوه، وأن يذكر الله تعالى؛ فتداخل بعض كلامه في بعض واختلط؛ فوقع على نحو لم يقصده أو على نقيض مقصوده ...
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 07:06]ـ
وقد وقع أن شخصًا أراد أن يسب الشيطان؛ فسبق لسانه؛ فسب الله تعالى.
رجعت عن القول بوقوع ذلك؛ لعدم ضبطه، أما إمكان وقوعه؛ فإن وقوع ذلك ممكن، كما سبق بيانه.
ـ[حارث البديع]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 08:35]ـ
لنا سبيل إلى معرفة قصد الفعل بسؤال الفاعل.
هذا في الكلام المشتبه الذي يحتمل أكثر من معنى
قال ابن تيمية:
(أجمع أئمة الاسلام أن المسلم إذا عنى معنى صحيحا في حق الله
أو رسوله ولم يكن خبيرا بدلالة الألفاظ
فأطلق لفظا يظنه دالا على ذلك المعنى
وكان دالا على غيره أنه لايكفر)
السب الصريح يمكن أن يقع بدون قصد؛ فلا يكفر قائله.
وقد وقع أن شخصًا أراد أن يسب الشيطان؛ فسبق لسانه؛ فسب الله تعالى
هذا ليس على كل حاله فلايقعدبه (وقلتَ أنها قاعدة لاتنضبط) ولايستأهل فنقول كل من سب الله
= يقصد الشيطان حتى نسأله عن قصده
إنما له قرائنه ومنطاته
وهذا المنهج الذي لايكفر الا المعاند, كلامه الكفري واضح
فلايكفره حتى يسأله عن قصده
لم يدل عليه لاكتاب ولاسنة ولااجماع.
وقد قال الشيخ ابن عثيمين في مراتب قصد السب: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه؛ فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً؛ لا قصد الكلام، ولا قصد السب؛ فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ...
وهذا محل اتفاق إذ صدر عن الصحابة مثل
ذلك في قولهم راعنا ولم يكفرهم الله تعالى
وهذا الحكم له مناطاته فلاينزل في كل شئ
والشيخ ابن عثيمين وضح المراتب ال3.
ـ[أم تميم]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 11:10]ـ
مثلُ ذلك ..
العبد الذي أخطأ من شدة الفرح ..
فقال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك)
فهذه المقولة كفر لا شك ..
لكن العبد لم يقصد القول ..
وهذا هو المانع الذي نقصد ..
[القصد = العمد]، والذي ضده [عدم القصد = الخطأ] ..
ـ[القضاعي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 11:13]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
- التلازم بين الكفر الظاهر والكفر الباطن، وأنهما غير منفكين في الأصل, وإلا فقد لا يستلزم فعل الكفر الظاهر الكفر الباطن في غير الأصل، كما قد ينفك إيقاع الحكم بالكفر على المعين بسبب تخلف الشروط أو وجود الموانع.
ومعنى ذلك أن يقال عند الكلام في الجملة والعموم: الفعل الكفري في الظاهر مستلزم لكفر الباطن , ولا يعلق الحكم بوصف هذا الفعل بالكفرعلى توافر شروط وانتفاء موانع؛ لأن ذلك خاص بالكلام في الأعيان لا بالكلام في الأنواع.
هذا التفصيل لا إشكال فيه , وهو الحق.
ويبقى الخلاف شكليًا وقد يكون مؤثرًا , وذلك أن باب الإعذار , باب مستقل , ولا يصح حشره عند تقرير مناط الكفر في الأفعال , وتأثير ذلك يكمن في التباس مناط عدم التكفير على البعض , فيجعلون بعض المكفرات مفسقات لوجود العذر المانع من كفر الفاعل.
فالفعل المكفر , هو كفر , وفاعله وقع في الكفر , فلا يقال: لا لم يقع في الكفر لجهله مثلًا أو لعدم قصده الفعل , فضلًا أن يقال: ليس فعله هذا بكفر أصلًا.
بل الفاعل وقع في الكفر , وإنما منع من ترتيب أحكام الكفر عليه قاعدة توافر الشروط وانتفاء الموانع.
وأما ما استشكلته وظننته متناقضًا , فليس هو كذلك.
وكلامي هو أن من يقع في الكفر , ظاهر فعله الكفر , ولازم ذلك كفر الباطن وهذا هو الأصل , فمن الخطأ التوقف في كل من يقع في الكفر بحجة التحقق من وقوع الكفر به.
ولكن من أراد التفصيل لقطع الطريق على غلاة التكفير , فيجب عليه التفريع على الأصل , بحيث يقرر الفرق بين الكلام على الفعل والفاعل , والعين والنوع , لا أن يُخلط الأصل بالفرع.
وأما مسألة معرفة قصد الفاعل , وهل قصد الفعل , أم لم يقصده , فيُعرف ذلك بتصريحه قولًا , أو بالقرائن الدالة على كفره الظاهر المستلزم لكفر باطنه كحكم أهل العلم على الهالك الخميني وغيره بمجرد كتاباته.
فإذا وجدنا رجل يطئ المصحف , وقبل التحقق من فعله سقط ميتًا , فماذا يقال؟
وقع في الكفر , ولكننا لا نكفره؟
أم نقول الأصل أن ظاهر فعله الكفر , والظاهر دليل على الباطن؟
الصحيح: أن القرائن تدل على حقيقة حاله , ومن ذلك حُسن إسلامه , أو أن يكون به نفاق , وغير ذلك من القرائن , والقاعدة أن الحدود تدرء بالشبهات , والمقصود أن معرفة قصد الفاعل بفعله لا تنحصر , بالتصريح باللسان فقط , وإن كان هو الأصل.
وقد غلا في نفي الحصر جماعة من الناس , حتى وقعوا في مذهب الخوارج , وكفروا العصاة بالإصرار على فعل الكبائر , واستشهدوا بحديث " الرجل الذي نكح امرأة أبيه " وهو محمول على الاستحلال , أو على الامتناع كحال الطائفة الممتنعة تاركي الزكاة في عهد أبي بكر رضي الله عنه , وليس على الإصرار على الكبيرة.
ولازم استدلالهم طرد التكفير بالإصرار على كل كبيرة , وهو عين مذهب الخوارج عافانا الله ومن يقرأ.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 11:44]ـ
لناسبيل إلى معرفة قصد الفعل بسؤال الفاعل.
هذا في الكلام المشتبه الذي يحتمل أكثر من معنى
معنى الكلام في الحقيقة لا يلزم أن يكون هو ما عناه المتكلم.
قال ابن تيمية:
(أجمع أئمة الاسلام أن المسلمإذا عنى معنى صحيحا في حق الله
أو رسوله ولم يكن خبيرابدلالة الألفاظ
فأطلق لفظا يظنه دالا على ذلك المعنى
وكان دالا على غيره أنه لايكفر)
فهذا مما يدل على أن الحكم يتطلب التحقق والتبين ...
والسؤال ليس عن المعنى فقط، فقد يكون المعنى صريحًا، ولكن القائل أو الفاعل لم يقصده، كما سبق.
السب الصريح يمكن أن يقع بدون قصد؛ فلايكفر قائله.
وقد وقع أن شخصًا أراد أن يسب الشيطان؛ فسبق لسانه؛ فسب الله تعالى
هذا ليس على كل حاله فلايقعدبه ولايستأهل فنقول كل من سب الله
= يقصد الشيطان حتى نسأله عنقصده
إنما له قرائنه ومنطاته
ليس كل سب يقع بدون قصد ... وليس كل ساب يقصد السب حتى لا نسأل عن القصد ...
وهذا المنهج الذي لايكفر الاالمعاند, كلامه الكفري واضح
فلايكفره حتى يسأله عن قصده
لم يدل عليه لاكتاب ولاسنة ولااجماع.
لا يلزم من تبين القصد أنه لا يكفر إلا المعاند.
واعتبار القصد في الحكم على الأعمال قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع؛ فمن الكتاب قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا)، وقوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، قال الله تعالى: نعم قد فعلت.رواه مسلم، ومن السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... )، وقوله في الحديث الصحيح: (لله أشد فرحًا بتوبة عبده، حين يتوب إليه؛ من أحدكم؛ كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه؛ فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك؛ إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال - من شدة الفرح -: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك؛ أخطأ من شدة الفرح). قال عياض: فيه أن ما قاله الإنسان من مثل هذا في حال دهشته وذهوله لا يؤاخذ به، وكذا حكايته عنه على طريق علمي وفائدة شرعية لا على الهزل والمحاكاة والعبث، ويدل على ذلك حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو كان منكرًا ما حكاه، والله أعلم. وقد أجمع أهل العلم على ما دل عليه الكتاب والسنة من اعتبار القصد في الحكم على الأعمال، وأن الإنسان لا يؤاخذ على ما لا يقصد ...
وقد قال الشيخ ابن عثيمين في مراتب قصدالسب: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه؛ فيتكلم بما يدل على السب دونقصدٍ إطلاقاً؛ لا قصد الكلام، ولا قصد السب؛ فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ...
وهذا محل اتفاق إذ صدر عن الصحابة مثل
ذلك في قولهم راعنا ولم يكفرهم الله تعالى
وهذا الحكم له مناطاته فلاينزل في كل شئ
والشيخ ابن عثيمين وضحالمراتب ال3.
قد تم الرد على القول بأن هذا الحكم لا ينزل في كل شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حارث البديع]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 11:47]ـ
مثلُ ذلك ..
العبد الذي أخطأ من شدة الفرح ..
فقال: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك)
فهذه المقولة كفر لا شك ..
لكن العبد لم يقصد القول ..
وهذا هو المانع الذي نقصد ..
[القصد = العمد]، والذي ضده [عدم القصد = الخطأ] ..
أحسنت
لذلك أهل العلم عدوا الغضب الشديد
ومثله الفرح الشديد مانعا للتكفير.
ـ[درداء]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 07:07]ـ
عدم قصد الفعل مانع من التكفير سواء في المسائل الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة أو في غيرها؛ فمن عمل عملاً كفريًا بدون قصد؛ لم يكفر.
أما عدم قصد الكفر فليس بمانع من التكفير، ولا اعتبار به، إذا كان العمل مقصودًا.
والذين استهزؤا بآيات الله قد عرفوا أن عملهم محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، ولا استحلال المحرم، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
فلا يصح القول بأنهم لم يقصدوا الفعل ولاأرادوه. الذي أضافه القائل بعد أن اعتمد المشاركة أولاً بدونه.
فلماذا كفرهم الله تعالى إذا لم يقصدوا الكفر ولا الفعل ولاأرادوه؟!
قال الشيخ ابن عثيمين كما في مشاركة أختنا أم تميم:
هنا ثلاثة مراتب:
المرتبة الأولى: أن يقصد الكلام والسب، وهذا فعل الجاد، كما يصنع أعداء الإسلام بسب الإسلام.
المرتبة الثانية: أن يقصد الكلام دون السب؛ بمعنى يقصد ما يدل على السب، لكنه مازح غير جاد؛ فهذا حكمه كالأول؛ يكون كافراً؛ لأنه استهزاء وسخرية. [وهذه حال الذين قال الله تعالى فيهم: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل: استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن: إنما كنا نخوض ونلعب قل: أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم طائفة بأنهم كانوا مجرمين) [التوبة: 64 ـ 66].
المرتبة الثالثة: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه؛ فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً؛ لا قصد الكلام، ولا قصد السب؛ فهذا هو الذي لا يؤاخذ به ..
اخي قولك "عدم قصد الفعل مانع من التكفير سواء في المسائل الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة أو في غيرها؛ فمن عمل عملاً كفريًا بدون قصد؛ لم يكفر. [/ size]"
هذا تأصيل غير صحيح وليس له دليل شرعي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
"فهناك من الاقوال والافعال ما يعتبر كفرا بذاته او بجنسه، وصاحبها كافر مرتد سواء كان لايقصدها او ذاهلا عنها، او لا يعتقدها، وهي التي تناقض اصل الدين، الذي هو الاعتقاد والانقياد؛ المناقضة لقول القلب وعمله، وهناك من الاقوال والافعال مايعتبر كفرا بذاته او بجنسه، لكن لايكفر صاحبها حيث لاتوجد مظنة العلم بها، فيحتاج الى اقامة الحجة عليه، فاذا انكر بعد ذلك كفر بذلك عينا ولا كرامة، وهذا يقع في المقالات الخفية والمسائل غير الظاهرة فقط، التي يقال في صاحبها "مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها" (مجموعة الفتاوى 4/ 37 لابن تيمية)
وقولك اخي "] والذين استهزؤا بآيات الله قد عرفوا أن عملهم محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، ولا استحلال المحرم، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام."
هذا الكلام فيه اشكال
انت عرفت قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب.
على كلامك اخي اذا كان قصد الفعل هو تعمد الفعل وإرادته بالقلب اي مكانه قلبي، ومعنى كلامك انهم كفروا بعد ايمانهم بلسانهم مع كفرهم اولا بقلوبهم (قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب) وهذا الكلام لايصح
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله "قال تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ (66)) -التوبة-
(يُتْبَعُ)
(/)
فَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ. وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ: إنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ بِلِسَانِهِمْ مَعَ كُفْرِهِمْ أَوَّلًا بِقُلُوبِهِمْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِاللِّسَانِ مَعَ كُفْرِ الْقَلْبِ قَدْ قَارَنَهُ الْكُفْرُ فَلَا يُقَالُ: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا كَافِرِينَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّكُمْ أَظْهَرْتُمْ الْكُفْرَ بَعْدَ إظْهَارِكُمْ الْإِيمَانَ فَهُمْ لَمْ يُظْهِرُوا لِلنَّاسِ إلَّا لِخَوَاصِّهِمْ وَهُمْ مَعَ خَوَاصِّهِمْ مَا زَالُوا هَكَذَا؛ بَلْ لَمَّا نَافَقُوا وَحَذِرُوا أَنْ تَنْزِلَ سُورَةٌ تُبَيِّنُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ النِّفَاقِ وَتَكَلَّمُوا بِالِاسْتِهْزَاءِ صَارُوا كَافِرِينَ بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَلَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى أَنَّهُمْ مَا زَالُوا مُنَافِقِينَ، ... - الى ان قال -:قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} فَاعْتَرَفُوا وَاعْتَذَرُوا؛ وَلِهَذَا قِيلَ: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ قَدْ أَتَوْا كُفْرًا بَلْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْرِ فَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ بِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُفْرٌ يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ بَعْدَ إيمَانِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ إيمَانٌ ضَعِيفٌ فَفَعَلُوا هَذَا الْمُحَرَّمَ الَّذِي عَرَفُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلَكِنْ لَمْ يَظُنُّوهُ كُفْرًا وَكَانَ كُفْرًا كَفَرُوا بِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا جَوَازَهُ.مجموعة الفتاوى 7/ 172
ويقول رحمه الله ايضا:" وقال تعالى في حق المستهزئين: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ} فبين انهم كفار بالقول مع انهم لم يعتقدوا صحته" (الصارم المسلول 3/ 973)
اخي (عدم قصد الفعل: عدم تعمد الفعل وإرادته بالقلب) على تعريفك لايصح ان يكون مانع من موانع التكفير.
اما اذا قلت القصد: العمد المقابل للخطأ فنعم هذا الصواب والله اعلم
[/ SIZE]
ـ[درداء]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 07:19]ـ
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو نذر الرحمان
2 - أن كفر الظاهر يلزم منه الكفر الباطن.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله الغيثي ردا على الاخ ابو نذر
في الأصل، وقد لا يلزم منه الكفر الباطن؛ إذا وقع بدون قصد.
اخي هذا يناقض قولك
القصد المشترط للتكفير في بحثنا قصد الفعل لا قصد الكفر
وكذلك يناقض قولك
أما عدم قصد الكفر فليس بمانع من التكفير، ولا اعتبار به، إذا كان العمل مقصودًا.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 11:15]ـ
اخي قولك "عدم قصد الفعل مانع من التكفير سواء في المسائل الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة أو في غيرها؛ فمن عمل عملاً كفريًا بدون قصد؛ لم يكفر. [/ size]"
هذا تأصيل غير صحيح وليس له دليل شرعي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
"فهناك من الاقوال والافعال ما يعتبر كفرا بذاته او بجنسه، وصاحبها كافر مرتد سواء كان لايقصدها او ذاهلا عنها، او لا يعتقدها، وهي التي تناقض اصل الدين، الذي هو الاعتقاد والانقياد؛ المناقضة لقول القلب وعمله، وهناك من الاقوال والافعال مايعتبر كفرا بذاته او بجنسه، لكن لايكفر صاحبها حيث لاتوجد مظنة العلم بها، فيحتاج الى اقامة الحجة عليه، فاذا انكر بعد ذلك كفر بذلك عينا ولا كرامة، وهذا يقع في المقالات الخفية والمسائل غير الظاهرة فقط، التي يقال في صاحبها "مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها" (مجموعة الفتاوى 4/ 37 لابن تيمية)
[/ size]
لا يوجد هذا الكلام في المرجع المحال إليه (مجموعة الفتاوى 4/ 37 لابن تيمية). بل لا يوجد في أي كتاب لشيخ الإسلام ابن تيمية. بل لم يقله قطعًا!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وقولك اخي "] والذين استهزؤا بآيات الله قد عرفوا أن عملهم محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، ولا استحلال المحرم، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام."
هذا الكلام فيه اشكال
انت عرفت قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب.
على كلامك اخي اذا كان قصد الفعل هو تعمد الفعل وإرادته بالقلب اي مكانه قلبي، ومعنى كلامك انهم كفروا بعد ايمانهم بلسانهم مع كفرهم اولا بقلوبهم (قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب) وهذا الكلام لايصح
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله "قال تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ (66)) -التوبة-
فَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ. وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ: إنَّهُمْ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ بِلِسَانِهِمْ مَعَ كُفْرِهِمْ أَوَّلًا بِقُلُوبِهِمْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِاللِّسَانِ مَعَ كُفْرِ الْقَلْبِ قَدْ قَارَنَهُ الْكُفْرُ فَلَا يُقَالُ: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا كَافِرِينَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّكُمْ أَظْهَرْتُمْ الْكُفْرَ بَعْدَ إظْهَارِكُمْ الْإِيمَانَ فَهُمْ لَمْ يُظْهِرُوا لِلنَّاسِ إلَّا لِخَوَاصِّهِمْ وَهُمْ مَعَ خَوَاصِّهِمْ مَا زَالُوا هَكَذَا؛ بَلْ لَمَّا نَافَقُوا وَحَذِرُوا أَنْ تَنْزِلَ سُورَةٌ تُبَيِّنُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ النِّفَاقِ وَتَكَلَّمُوا بِالِاسْتِهْزَاءِ صَارُوا كَافِرِينَ بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَلَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى أَنَّهُمْ مَا زَالُوا مُنَافِقِينَ، ... - الى ان قال -:قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} فَاعْتَرَفُوا وَاعْتَذَرُوا؛ وَلِهَذَا قِيلَ: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ قَدْ أَتَوْا كُفْرًا بَلْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْرِ فَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِهْزَاءَ بِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُفْرٌ يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ بَعْدَ إيمَانِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ إيمَانٌ ضَعِيفٌ فَفَعَلُوا هَذَا الْمُحَرَّمَ الَّذِي عَرَفُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلَكِنْ لَمْ يَظُنُّوهُ كُفْرًا وَكَانَ كُفْرًا كَفَرُوا بِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا جَوَازَهُ.مجموعة الفتاوى 7/ 172
ويقول رحمه الله ايضا:" وقال تعالى في حق المستهزئين: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ} فبين انهم كفار بالقول مع انهم لم يعتقدوا صحته" (الصارم المسلول 3/ 973)
[/ size]
القول بأن قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب؛ ليس معناه أنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولاً بقلوبهم؛ فلا علاقة للقول بأن قصد الفعل: تعمد الفعل وإرادته بالقلب؛ بحكم أولئك قبل ذلك الفعل، ولا يدل بأي نوع من أنواع الدلالة على أن أولئك كانوا كفارًا أصلاً، ولم يكفروا بذلك العمل؛ أي الاستهزاء، وليس في القول الأول الذي حُكِم عليه بأنه غير صحيح، ولا في هذا الكلام الذي حُكِم عليه بأنه لا يصح؛ ما يخالف قول شيخ الإسلام ابن تيمية في اعتبار القصد (قصد الفعل)، وكلامه في تفسير قول الله تعالى: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم، قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون، ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم، إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين).
اخي (عدم قصد الفعل: عدم تعمد الفعل وإرادته بالقلب) على تعريفك لايصح ان يكون مانع من موانع التكفير.
اما اذا قلت القصد: العمد المقابل للخطأ فنعم هذا الصواب والله اعلم
[/ size]
لا فرق بين ما قيل إنه لا يصح أن يكون مانعًا من موانع التكفير، وبين ما قيل إنه الصواب!!
وينبغي على المعترض بيان الفرق، وتعليل القول بأن تعريف عدم قصد الفعل بعدم تعمد الفعل وإرادته بالقلب؛ لا يصح أن يكون مانعًا من موانع التكفير.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 11:23]ـ
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو نذر الرحمان
2 - أن كفر الظاهر يلزم منه الكفر الباطن.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله الغيثي ردا على الاخ ابو نذر
في الأصل، وقد لا يلزم منه الكفر الباطن؛ إذا وقع بدون قصد.
الرد ليس على الأخ أبي نذر؛ فالقول المذكور ليس قوله ...
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو نذر الرحمان
2 - أن كفر الظاهر يلزم منه الكفر الباطن.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله الغيثي ردا على الاخ ابو نذر
في الأصل، وقد لا يلزم منه الكفر الباطن؛ إذا وقع بدون قصد.
اخي هذا يناقض قولك
القصد المشترط للتكفير في بحثنا قصد الفعل لا قصد الكفر
وكذلك يناقض قولك
أما عدم قصد الكفر فليس بمانع من التكفير، ولا اعتبار به، إذا كان العمل مقصودًا.
المطلق لا يناقض المقيد؛ لأن المطلق يحمل على المقيد!!
ولو ورد هذا الاعتراض قبل بيان القيد؛ لكان في محله، أما بعد التقييد؛ فلا يرد هذا الاعتراض.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حارث البديع]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 12:02]ـ
[ quote= أبو عبد الله الغيثي;305122] معنى الكلام في الحقيقة لا يلزم أن يكون هو ما عناه المتكلم.
ولايلزم أن يكون غير ماعناه المتكلم
وهذه كذلك لاتنضبط
وقعّد لها إجماع المسلمين الذي لاخلاف فيه
مانقله ابن تيمية آنفا
ليس كل سب يقع بدون قصد ... وليس كل ساب يقصد السب حتى لا نسأل عن القصد ...
وهذا وضحناه بأن السب الصريح لايحتاج فيه سؤال عن القصد
ولم يقل به أحد من أهل العلم, وأجمعوا عليه
قال ابن تيمة:
(من سب الله ورسوله كفر ظاهرا وباطنا سواء كان يعتقد ذلك محرم
أو كان مستحلا له أو ذاهلا عن اعتقاده
وهذا مذهب سائر أهل السنة القائلين بأن الايمان قول وعمل)
لا يلزم من تبين القصد أنه لا يكفر إلا المعاند
إذا كيف تفسر أن لانكفر أحدا حتى نسأله عن قصده.
واعتبار القصد في الحكم على الأعمال قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع؛ فمن الكتاب قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا)، وقوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، قال الله تعالى: نعم قد فعلت.رواه مسلم، ومن السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... )، وقوله في الحديث الصحيح: (لله أشد فرحًا بتوبة عبده، حين يتوب إليه؛ من أحدكم؛ كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه؛ فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا ...
هذا متفق عليه وقلناه سابقا أن الفرح الشديد أو الغضب الشديد
مانعا للتكفير.
وننوه حتى تتحرر الألفظ ونكون دقيقين
أن القصد الذي نتكلم عنه هو
أن قائل الكفر أو فاعله يعتقد أنه أتى كفرا
ويكون ناويا للوقوع فيه
(الإعتقاد والنية).
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 02:48]ـ
معنى الكلام في الحقيقة لا يلزم أن يكون هو ما عناه المتكلم.
ولايلزم أن يكون غير ماعناه المتكلم
وهذه كذلك لاتنضبط
وقعّد لها إجماع المسلمين الذي لاخلاف فيه
مانقله ابن تيمية آنفا
لا يتبين معنى هذا الكلام.
وقعّد لها إجماع المسلمين الذي لاخلاف فيه
مانقله ابن تيمية آنفا
قعد لأيش؟!!
سبق أن الكلام وإن كان معناه صريحًا؛ فإن احتمال أن يكون معناه عند المتكلم به غير معناه في الحقيقة، واحتمال أنه لم يقصده؛ بأن سبق لسانه به دون قصد؛ يتطلب التحقق والتبين؛ فهذه علة القول بأن الحكم على المتكلم يتطلب التحقق والتبين.
فما علة القول:
بأن السب الصريح لايحتاج فيه سؤال عن القصد
هل هي أنه:
لم يقل به أحد من أهل العلم, وأجمعوا عليه
إن كانت العلة هي هذا؛ فقد نبه عليه أهل العلم في كلامهم عن شروط التكفير وموانعه، كما نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه الذي عليه مدار البحث هنا:
هذا لفظه (الفتاوى 14/ 120):
(وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلكلكونه مستلزما لكفر الباطن وإلا فلو قدر انه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود لهبل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفرا وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهمعلى نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله كما ذكر أن بعض علماءالمسلمين وعلماء أهل الكتاب فعل نحو ذلك مع قوم من المشركين حتى دعاهم إلى الإسلامفاسلموا على يديه ولم يظهر منافرتهم في أول الأمر) انتهى.
والشيخ ابن عثيمين في كلامه عن مراتب القصد في السب.
ولم ينف أحد من أهل العلم اشتراط قصد الفعل للتكفير، ولا أن يكون عدم قصد الفعل مانعًا من التكفير.
قال ابن تيمة:
(من سب الله ورسوله كفر ظاهرا وباطنا سواء كان يعتقد ذلك محرم
أو كان مستحلا له أو ذاهلا عن اعتقاده
وهذا مذهب سائر أهل السنة القائلين بأن الايمان قول وعمل)
وقال:
في الصارم المسلول على شاتم الرسول (1/ 184): (وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرًا؛ إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله).
لكنه لم يقل قط: سواء قصد السب أو لم يقصد!!
يظهر أن علة القول: بأن السب الصريح لايحتاج فيه سؤال عن القصد، وسره: في الكلام الذي جعل باللون الأحمر؛ إشارة إلى أن القول باشتراط قصد الفعل للتكفير مطلقًا يخالف القول بأن الايمانقول وعمل، والقولان غير مختلفين؛ لأن القول باشتراط قصد الفعل للتكفير مطلقًا يؤكد التلازم بين ما في القلب والعمل الظاهر ...
ـ[حارث البديع]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 04:20]ـ
يبدوا أننا متفقين لكن ربما اختلاف في المصطلحات
فسبق اللسان شئ وزلته
واشتراط الاستحلال شئ آخر
ف1 - عذر الله بها كحديث الفرحان من عودة راحلته
أما 2 - فلا في المسائل الظاهرة وأصول الدين
فالسّاب لايسئل إن كنت تعتقد جواز ذلك من عدمه
والذي ركل المصحف ولم يتنبه له
خلاف من كان يراه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 12:32]ـ
قول القائل: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" سبٌّ صريحٌ في نفس الأمر ومع ذلك فقد وقع من بعضهم من غير قصد!
وهذا الأمر يغلط فيه الكثير
أما سبق اللسان؛ فالعذر فيه = عدم القصد مع سبب أوجبه (= كشدة الفرح وغيرها من الأسباب الشرعية)
ولي عودة مع مشاركة سابقة ..
وبالنسبة لمَ نقله الدرداء عن ابن تيمية فإنيأحسست أنه ليس من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ثم بحث عنه فلم أجده!!
ـ[محمد السالم]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 05:52]ـ
العجيب أن الجميع متفق على أن التكليف ثوابا وعقابا لا يقع إلا بالنية والعلم ثم يتم الخوض في هذه المسائل ويكثر فيها الخلاف!!
عجيب من يريد ترتيب الأحكام على المسلم بلفظ لم يقصده ولم يرد صدوره منه.
وأوضح مثال على ذلك لفظ صريح الطلاق.
فلفظ " الطلاق " إذا صدر من الزوج فهو واقع بكل حال إلا في حالة واحدة، إذا قال الزوج قصدت أن أقول " طارق " فخرجت مني " طالق " فهذا لا يقع ديانة، وإن أوقعه القاضي.
فلفظ الطلاق لا يحتاج إلا إلى أمر واحد وهو قصد إيقاع الكلمة، سواء أكان مريدا للطلاق أم لا.
أما من قصد كلمة أخرى فخرجت من دون قصد كلمة طالق فهذا لا يعد طلاقا ديانة وإن عد طلاقا حكما.
ـ[ابن العباس]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 07:24]ـ
هناك خلط في كلام الأخ الغيثي -سدده الله لإصابة الحق-
فالقصد له معنيان, فإن أريد به أنه لا يكفر إذا قالها عن غير نية بمعنى الخطأ والنسيان وما أشبهه
كالذي قال:أنت عبدي وأنا ربك, فهذا نعم لا يكفر
أما لو استحضر المعنى وقالها دون قصد الإساءة ولا الاعتقاد بل كان مازحا, أو ما أشبه ذلك أيا كان
فهو كافر اتفاقاً ومن قال بغير هذا فهي أمارة تلبسه بالإرجاء.
قال تعالى "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" وكانوا اعتذروا بأنهم غير قاصدين "إنما كنا نخوض ونلعب" فلم يقبل الله عذرهم "أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" .. وجاء الحكم القاطع "قد كفرتم" وأثبت لهم الإيمان قبله "بعد إيمانكم"
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 07:39]ـ
لا أرى في كلام الأخ الغيثي خلطًا بل كلامه في غاية الوضوح ..
يقول قصد الفعل شرط فينسب له اشتراط قصد الكفر!
يعيد ويقول أن الذي اشترطه أهل السنة هو قصد الفعل فينسب له اشتراط قصد الاستهزاء والإساءة!
والمعنى الأول الذي ذكرته في مشاركته هو مقصود الأخ!
ويمكن تفصيل مسألة القصد على ثلاث مراتب:
قصد الكفر = هذا كفر لا شك فيه وليس محل البحث
قصد الفعل المكفر أو اللفظ مع معناه = وهذا كفر باتفاق أهل السنة والجماعة
قصد الفعل أو اللفظ دون معناه (ضده الخطأ) = وهذا ليس بكفر باتفاق أهل السنة سواء في المسائل الظاهرة أو في المسائل الخفية! وهذه هي نقطة البحث ..
قولك:
أما لو استحضر المعنى ...
= قصد الفعل .. وهذا هو المعنى الذي كان يدندن حوله الغيثي ..
ولا يهمنا بعدها إن كان قصد الاستهزاء أو لم يقصده!
والله أعلم ..
ـ[ابن العباس]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 08:09]ـ
الخلط في كلامه موجود, أما ما قررته أنت فصحيح
فقوله:فلا يقال: مناط التكفير هنا هو القول والفعل فقط لا الاعتقاد وأعمال القلوب، ولا أنه لا يشترط في التكفير بالقول أو العمل وجود الكفر الباطن.
بل يقال ذلك , والواقع يصدقه , كمن يحكي" ُطرفة" عن الأنبياء بقصد إضحاك الآخرين لا غير,
وهو مع هذا يصلي ويصوم ويؤمن بوحدانية الله وعامة هذه المسائل
فمجرد العمل الكفري أو القول المكفر يقع به التكفير وليس المناط هو وقوع كفر الباطن والحكم إنما يناط بالظاهر لا بشيء خفيّ لا يُعلم
وأما القول بأن الكفر العملي الأكبر مسلتزم لكفر الباطن فهذه مسألة أخرى
وأنبه أن الشيخ ناصر الفهد فرج الله عنه دقيق في هذه القضايا مع سعة علم كبيرة
والله الموفق للحق
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 08:16]ـ
ننتظر ردَّ الأخ الفاضل الغيثي .. فإنه المقصود بكلامك
ويأتي تعليقي بعدها إن شاء الله ..
بوركتم ..
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 12:41]ـ
هناك خلط في كلام الأخ الغيثي -سدده الله لإصابة الحق-
فالقصد له معنيان, فإن أريد به أنه لا يكفر إذا قالها عن غير نية بمعنى الخطأ والنسيان وما أشبهه
(يُتْبَعُ)
(/)
كالذي قال:أنت عبدي وأنا ربك, فهذا نعم لا يكفر
اعتبار القصد في الحكم على الأعمال قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع؛ فمن الكتاب قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا)، وقوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، قال الله تعالى: نعم قد فعلت.رواه مسلم، ومن السنة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... )، وقوله في الحديث الصحيح: (لله أشد فرحًا بتوبة عبده، حين يتوب إليه؛ من أحدكم؛ كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه؛ فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك؛ إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال - من شدة الفرح -: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك؛ أخطأ من شدة الفرح). قال عياض: فيه أن ما قاله الإنسان من مثل هذا في حال دهشته وذهوله لا يؤاخذ به، وكذا حكايته عنه على طريق علمي وفائدة شرعية لا على الهزل والمحاكاة والعبث، ويدل على ذلك حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو كان منكرًا ما حكاه، والله أعلم. وقد أجمع أهل العلم على ما دل عليه الكتاب والسنة من اعتبار القصد في الحكم على الأعمال، وأن الإنسان لا يؤاخذ على ما لا يقصد ...
سبق أن الكلام وإن كان معناه صريحًا؛ فإن احتمال أن يكون معناه عند المتكلم به غير معناه في الحقيقة، واحتمال أنه لم يقصده؛ بأن سبق لسانه به دون قصد؛ يتطلب التحقق والتبين؛ فهذه علة القول بأن الحكم على المتكلم يتطلب التحقق والتبين.
أما لو استحضر المعنى وقالها دون قصد الإساءة ولا الاعتقاد بل كان مازحا, أو ما أشبه ذلك أيا كان
فهو كافر اتفاقاً ومن قال بغير هذا فهي أمارة تلبسه بالإرجاء.
قال تعالى "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" وكانوا اعتذروا بأنهم غير قاصدين "إنما كنا نخوض ونلعب" فلم يقبل الله عذرهم "أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" .. وجاء الحكم القاطع "قد كفرتم" وأثبت لهم الإيمان قبله "بعد إيمانكم"
وازن هذا بما يأتي، وانظر ما الكلام الذي فيه خلط، وما الكلام الأوضح والأدق:
والذين استهزؤا بآيات الله قد عرفوا أن عملهم محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، ولا استحلال المحرم، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
فلا يصح القول بأنهم لم يقصدوا الفعل ولاأرادوه.
المرتبة الثانية: أن يقصد الكلام دون السب؛ بمعنى يقصد ما يدل على السب، لكنه مازح غير جاد؛ فهذا حكمه كالأول؛ يكون كافراً؛ لأنه استهزاء وسخرية. [وهذه حال الذين قال الله تعالى فيهم: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل: استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن: إنما كنا نخوض ونلعب قل: أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم طائفة بأنهم كانوا مجرمين) [التوبة: 64 ـ 66].
فالذين استهزؤا بآيات الله قد أرادوا ذلك، بمعنى أنهم أرادوا ما يدل عليه كلامهم من الاستهزاء، ولم يريدوا الكفر؛ لأنهم لم يظنوه كفرًا؛ إذا كانوا مازحين غير جادين؛ فقد قصدوا ذلك الكلام، ولم يقصدوا الكفر، كما بين الله أن ذلك لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
الخلط في كلامه موجود, أما ما قررته أنت فصحيح
فقوله: فلا يقال: مناط التكفير هنا هو القول والفعل فقط لا الاعتقاد وأعمال القلوب، ولا أنه لا يشترط في التكفير بالقول أو العمل وجود الكفر الباطن.
بل يقال ذلك , والواقع يصدقه , كمن يحكي" ُطرفة" عن الأنبياء بقصد إضحاك الآخرين لا غير,
وهو مع هذا يصلي ويصوم ويؤمن بوحدانية الله وعامة هذه المسائل
مناط التكفير بالقول والفعل الظاهر استلزام ذلك القول والفعل لكفر الباطن؛ فلا يقال: مناط التكفير هنا هو القول والفعل فقط لا الاعتقاد وأعمال القلوب، ولا أنه لا يشترط في التكفير بالقول أو العمل وجود الكفر الباطن.
مناط التكفير لا يقال: إنه القول فقط لا الاعتقاد وعمل القلب، ولا يشترط فيه وجود الكفر الباطن؛ لأن القول المعتبر لا يكون إلا مقصودًا معبرًا عما في القلب، أما القول الذي يكون بدون قصد له (لمعناه)، ويكون غير لازم لما في القلب؛ فهو لغو. والاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن؛ لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام. وكونه يصلي، ويصوم، ويؤمن بوحدانية الله، وعامة هذه المسائل؛ لا ينافي كفره بعدم تعظيم الله والذل له الذي يمنعه أن يتكلم بذلك الكلام.
فمجرد العمل الكفري أو القول المكفر يقع به التكفير وليس المناط هو وقوع كفر الباطن والحكم إنما يناط بالظاهر لا بشيء خفيّ لا يُعلم
وأما القول بأن الكفر العملي الأكبر مسلتزم لكفر الباطن فهذه مسألة أخرى
وازن هذا بهذا:
ورد نص لشيخ الإسلام هذا لفظه (الفتاوى 14/ 120):
(وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلك لكونه مستلزما لكفر الباطن وإلا فلو قدر انه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود لهبل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفرا وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهم على نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله كما ذكر أن بعض علماء المسلمين وعلماء أهل الكتاب فعل نحو ذلك مع قوم من المشركين حتى دعاهم إلى الإسلام فاسلموا على يديه ولم يظهر منافرتهم في أول الأمر) انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 12:50]ـ
بوركت أبا عبدالله ..
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 12:58]ـ
بعضهم يفهم من كلام الأخ الغيثي أنه يشترط الاستحلال في المكفرات
والاشكال في تسويتهم بين القصد والاستحلال وجعلهما شيئًا واحدًا
والمطلوب أن يتم تحرير هذه المسائل تحريرًا قبل الخوض فيها ..
والله الموفق ..
ـ[ابن العباس]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 12:58]ـ
مازلت مصراً على إثبات خلافي معك, وأن هناك خلطاً في كلامك
وإن كان في حقيقة الأمر قد يؤول لخلاف لفظي, فلا أرى أن مناط التكفير هو هذا
وكلامك عن القصد أشكل على القراء كما هو واضح, إذا لا يشك أحد أن من لم يقصد الكفر فلا يؤاخذ عليه
باتفاق جميع الفرق والملل على وجه الأرض (فالنصراني مثلا إذا أتى بالكفر على مذهبهم دون قصد لم يعدوه كافرا) , إذا كان عدم القصد بمعنى الخطأ والنسيان كما سبق بيانه
بل نقول مناط التكفير كما قال الله "وقالوا كلمة الكفر" فأكفرهم بالقول
ولا حاجة للتكلف بجعل المناط شيئا باطنياً فهذه طريقة الأشاعرة فإنهم قالوا بقول المرجئة في الإيمان, فإذا سجد أحد لصنم
قالوا هو لم يكفر بالعمل نفسه لكن قد علمنا بظاهر عمله على وجود كفر الباطن أو على انتفاء التصديق فهو قرينة عندهم وهذا غلط,
وحيث إن الإيمان قول وعمل واعتقاد
فإذا انتقض ركن منها انتقض الإيمان, دون ضرورة الربط بحصول كفر الباطن,
إذ لازم الشيء قد يكون كفراً ولا يكفر صاحبه بالشيء نفسه
والله الموفق
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:10]ـ
إذا لا يشك أحد أن من لم يقصد الكفر فلا يؤاخذ عليه
وها قد جانبت الصواب .. ومتى كان قصد الكفر شرطًا للتكفير!! (قلت هذا للتوضيح)
والصواب من لم يقصد الفعل المفكر!
ولا أراه إلا زلة اصبع منك أيها الفاضل فعدلها ..
ولي عودة ..
ـ[ابن العباس]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:16]ـ
أكمل الجملة بارك الله فيك يتضح المقصود لترى فيها الشرط جاء متأخراً:
إذا كان عدم القصد بمعنى الخطأ والنسيان كما سبق بيانه
وهذا على إضمار .. أعني لم يقصد الشيء (قولا أو فعلاً ولو بالقلب كما لو هجم عليه خاطر كفري) الذي هو كُفرٌ
وهو ما سميته:العمل المكفّر
وفقك الله سبحانه
والله الموفق للحق
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:29]ـ
بل الجملة التي جاءت بعد ذلك معناها = قصد الفعل وليس قصد الكفر
على أني أشرت أنك لم ترد ما كتبت فخالف قلمك قلبك وهذا ينافي قصد الفعل -وحوله ندندن ونثبت أنه شرط في الحكم- فإنك من المعذورين -ابتسامة-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول على شاتم الرسول (1/ 184): (وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرًا؛ إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله).
دمت مباركًا أستاذنا ابن العباس
ـ[ابن العباس]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:40]ـ
أخي المبجل أبا أويس, سدده الله تعالى
هذا توضيح أرجو أن يكون وافياً بالمقصود:-
-قال خالد:قصدُ العلم حسنٌ .. وأراد:قصد تدريس العلم
-وقال مجاهد: قصد العلم حسن. وأراد: قصد طلب العلم
فتأمل حذف المضاف وجوازه في اللغة وهو كثير,
فقولي:قصد الكفر, لم أرد به ما أردتَه, من انعقاد القلب على الكفر
ولكني استعملت ما أتاحته لغة العرب لأن المقصود واضح
وليس هذا من التكلف في الجواب حتى تقول إنك عذرتني بارك الله فيك فإني أتفهم حسن مقصدك وإعذارك لإخوانك
ولكن مرادي بيان أن الجملة صحيحة, وكثيرا ما يكون عدم فهم هذه المعاني
سببا للإشكال في فهم كلام العلماء
----
استعملت خالدا ومجاهداً ثورة على زيد وعمرو
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:50]ـ
يقبل كلامك ذاك لو لم يكن مخالفا لمََ جرى عليه العلماء!
ولو قلتَ تلك الكلمة لأحد المشايخ المعاصرين وخذ مثل العلامة سفر الحوالي -ألبسه الله ثوب الصحة والعافية- لسارع إلى تخطئتك ..
والأمر هين إن شاء الله
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:55]ـ
وكلامك عن القصد أشكل على القراء كما هو واضح, إذا لا يشك أحد أن من لم يقصد الكفر فلا يؤاخذ عليهبل بعض الفهوم غير سليمة! أو تكلم في هذا الموضوع من لا يحسنه .. والله المستعان
ولأن رجعت وقرأت لوجدت بعضهم يفرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية فيشترط للأخيرة القصد ولا يشترط للأولى!
ومنهم من سَوَّى بين قصد الكفر وقصد الفعل! ومنهم جعل القصد = الاستحلال .. وهلُمَّ جرًا ..
وتبقى الجزئية التي ذكرتها في إحدى مشاركاتك ورد عليها الأخ الغيثي .. ثم قررت أن لازال خلافا فيها؛ فأكملا حتى نستفيد جميعًا إن شاء الله وتصلان إلى نتيجة واحدة كما نرجوا .. والله الموفق
ـ[ابن العباس]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 02:34]ـ
هل المقصود تخطئتي ولابد؟
حسنا لم أدع العصمة لنفسي يا شيخ وأخوك منغمس في أوحال المعاصي والغلط
ولكن الجملة نفسها مبينة عن المراد لو أحسنت قراءتها
قصد الكفر في جملتي=قصد العمل أو القول الذي حقيقته الكفر
ويدخل فيها ما يهجم على الخاطر من كفر. فاختصرت ذلك كله , وهاهي الجملة بعد تجريدها من الجملة الاعتراضية
إذا لا يشك أحد أن من لم يقصد الكفر فلا يؤاخذ عليه ,إذا كان عدم القصد بمعنى الخطأ والنسيان كما سبق بيانه
والله المستعان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 02:47]ـ
أستغفر الله وأتوب إليه ..
لم يكن ذاك قصدي وقد وضحته ولن أضيف كلمة حول الموضوع تعكر اخوتنا
وإني أستميحك عذرا
والله يغفر لي ..
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 10:52]ـ
بل نقول مناط التكفير كما قال الله "وقالوا كلمة الكفر" فأكفرهم بالقول
فمجرد العمل الكفري أو القول المكفر يقع به التكفير وليس المناط هو وقوع كفر الباطن والحكم إنما يناط بالظاهر لا بشيء خفيّ لا يُعلم
وأما القول بأن الكفر العملي الأكبر مسلتزم لكفر الباطن فهذه مسألة أخرى
الاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن؛ لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام.
ولا حاجة للتكلف بجعل المناط شيئا باطنياً فهذه طريقة الأشاعرة فإنهم قالوا بقول المرجئة في الإيمان, فإذا سجد أحد لصنم
قالوا هو لم يكفر بالعمل نفسه لكن قد علمنا بظاهر عمله على وجود كفر الباطن أو على انتفاء التصديق فهو قرينة عندهم وهذا غلط,
لا يصح وصف القول بأن الاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن؛ بالتكلف؛ لأن الاستلزام والتكلف متنافيان.
وفرق بين القول بأن هذا القول أو العمل مستلزم لكفر الباطن، والقول بأنه دال أو قرينة على كفر الباطن.
ألم تقرأ:
فقد ورد نص لشيخ الإسلام هذا لفظه (الفتاوى 14/ 120):
(وما كان كفرا من الأعمال الظاهرة: كالسجود للأوثان وسب الرسول ونحو ذلك فإنما ذلك لكونه مستلزما لكفر الباطن وإلا فلو قدر انه سجد قدام وثن ولم يقصد بقلبه السجود لهبل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفرا وقد يباح ذلك إذا كان بين مشركين يخافهم على نفسه فيوافقهم في الفعل الظاهر ويقصد بقلبه السجود لله كما ذكر أن بعض علماء المسلمين وعلماء أهل الكتاب فعل نحو ذلك مع قوم من المشركين حتى دعاهم إلى الإسلام فاسلموا على يديه ولم يظهر منافرتهم في أول الأمر) انتهى.
وحيث إن الإيمان قول وعمل واعتقاد
فإذا انتقض ركن منها انتقض الإيمان, دون ضرورة الربط بحصول كفر الباطن,
هي متلازمة، وقول:
دون ضرورة الربط بحصول كفر الباطن,
يناقض:
فإذا انتقض ركن منها انتقض الإيمان
فهذا ربط بينها!!
إذ لازم الشيء قد يكون كفراً ولا يكفر صاحبه بالشيء نفسه
معنى هذه العبارة: إذ الظاهر قد يكون كفرًا، ولا يكفر صاحبه بالباطن.
ولا يظهر أن هذا هو معناها عند المتكلم بها.
بل يظهر أن معناها عنده: إذ الباطن قد يكون كفرًا، ولا يكفر صاحبه بالظاهر. يعني أن هذا يرِد: إذا قيل بأن العمل الظاهر إنما يكون كفرًا إذا كان مستلزمًا لكفر الباطن.
فجعل القول بالتلازم يرد عليه أو يلزم منه القول بعدم التلازم!!
ـ[ابن العباس]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 01:58]ـ
مع الأسف لم تفهم كلامي, والتناقض في فهمك,
وبدل أن تقول "عنده "- فإني كما ترى:حيٌ أمامك- ,
ينبغي أن تسأل عن المراد دون هذا الأسلوب الغريب
إذ الخطاب بالغائب تسفيه لأخيك
وإذا وصل النقاش لهذا الحد فلا أحب الاستغراق فيه
حتى لا يتحول لطلب نصرة النفس
والخلاصة التي أدين الله بها أن أهل السنة يكفرون بالقول والعمل الظاهر
ولا يجعلون موجب التكفير أن هذا قرينة على التكذيب أو الكفر الاعتقادي
فإن أردت أن من كفر بالظاهر انهدم إيمانه الداخلي بطريق اللزوم
فهذه مسألة أخرى كما أسلفت وهي خارج محل النزاع عندي
وإذا تحرر معنى كفر الباطن اتضح الأمر, فإذا عني به التكذيب مثلا وما أشبه
فما من شك أن كفر الظاهر لا يستوجب تكذيب الباطن ولا يستلزمه
وإن أريد به أن من كفر بعمل أو قول كفراً أكبر:انهدم إيمانه
وإذا انهدم إيمانه: لاإشكال في الحكم عليه بأنه كفرَ ظاهرا وباطناً بهذا المعنى
مثال ذلك:بناء قائم على ثلاثة أعمدة
إذا انتقض منه عمود, انهدم البناء
فانتقاض أحدها لا يلزم تعلقه بالآخر
ولكن في النتيجة المحصلة لا يبقى هناك بناء
ولا أعمدة إذا انهد عمود منها
ـ[درداء]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 01:00]ـ
وازن هذا بما يأتي، وانظر ما الكلام الذي فيه خلط، وما الكلام الأوضح والأدق:
مناط التكفير لا يقال: إنه القول فقط لا الاعتقاد وعمل القلب، ولا يشترط فيه وجود الكفر الباطن؛ لأن القول المعتبر لا يكون إلا مقصودًا معبرًا عما في القلب، أما القول الذي يكون بدون قصد له (لمعناه)، ويكون غير لازم لما في القلب؛ فهو لغو. والاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن؛ لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام. وكونه يصلي، ويصوم، ويؤمن بوحدانية الله، وعامة هذه المسائل؛ لا ينافي كفره بعدم تعظيم الله والذل له الذي يمنعه أن يتكلم بذلك الكلام.
وازن هذا بهذا:
اخي ما تعني بكفر الباطن هنا هل هو
قول القلب وعمل القلب؟
ام
قول القلب؟
ام
عمل القلب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 02:45]ـ
اخي ما تعني بكفر الباطن هنا هل هو
قول القلب وعمل القلب؟
ام
قول القلب؟
ام
عمل القلب؟
كفر الباطن عدم الإيمان الذي في القلب؛ إما بعدم قول القلب أو بعدم عمل القلب.
ـ[درداء]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 02:58]ـ
وازن هذا بما يأتي، وانظر ما الكلام الذي فيه خلط، وما الكلام الأوضح والأدق:
مناط التكفير لا يقال: إنه القول فقط لا الاعتقاد وعمل القلب، ولا يشترط فيه وجود الكفر الباطن؛ لأن القول المعتبر لا يكون إلا مقصودًا معبرًا عما في القلب، أما القول الذي يكون بدون قصد له (لمعناه)، ويكون غير لازم لما في القلب؛ فهو لغو. والاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه مستلزمًا لكفر الباطن؛ لا يكون إلا ممن شرح صدره به، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بذلك الكلام. وكونه يصلي، ويصوم، ويؤمن بوحدانية الله، وعامة هذه المسائل؛ لا ينافي كفره بعدم تعظيم الله والذل له الذي يمنعه أن يتكلم بذلك الكلام.
وازن هذا بهذا:
اخي الفاضل في حالة الاستهزاء بآيات الله الذي هو مستلزمًا لكفر الباطن:
ما تعني بكفر الباطن في هذه الحالة؟
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 05:15]ـ
اخي الفاضل في حالة الاستهزاء بآيات الله الذي هو مستلزمًا لكفر الباطن:
ما تعني بكفر الباطن في هذه الحالة؟
الاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه يستلزم:
عدم تعظيم الله والذل له الذي يمنعه أن يتكلم بذلك الكلام.
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 05:58]ـ
راجع الخاص يا أبا عبدالله ..
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 07:59]ـ
الاستهزاء بآيات الله كفر بالقول؛ لكونه يستلزم:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله الغيثي http://majles.alukah.net/majimgs/buttons/viewpost.gif (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=306788#post30 6788)
عدم تعظيم الله والذل له الذي يمنعه أن يتكلم بذلك الكلام.
فمن كان في قلبه تعظيم الله والذل له = قلبه مطمئن بالإيمان ..
وصدر منه قول كفري بذاته، لم يكفر لوجود مانع!
وما الموانع إلا فاصل بين اثنين صدرا منهما قول كفري؛ على أن الأول كان قلبه مطمئنا بالإيمان؛ دلنا عليه قيام مانعٍ من الموانع به، والثاني لم يقم به أي مانع من الموانع = فكفر ظاهرًا وباطنًا لإنشراح صدره بالكفر ..
والقصد شرطٌ مقابلٌ لأحد تلك الموانع = الخطأ ..
النتيجة:
الموانع وجودًا و عدمًا = كالدال على ما في القلب من اطمئنانه أو عدم اطمئنانه (= شرحه بالكفر)
والله أعلم ..
ـ[درداء]ــــــــ[22 - Dec-2009, صباحاً 06:20]ـ
عدم تعظيم الله والذل له الذي يمنعه أن يتكلم بذلك الكلام.:
اخي الفاضل
هل تعظيم الله والذل له من قول القلب ام عمل القلب؟
اي هل (عدم تعظيم الله والذل له: الكفر الباطن) هي من قول القلب ام عمله؟
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[22 - Dec-2009, صباحاً 09:35]ـ
اخي الفاضل
هل تعظيم الله والذل له من قول القلب ام عمل القلب؟
اي هل (عدم تعظيم الله والذل له: الكفر الباطن) هي من قول القلب ام عمله؟
تعظيم الله والذل له من عمل القلب ...
ـ[درداء]ــــــــ[22 - Dec-2009, مساء 01:55]ـ
تعظيم الله والذل له من عمل القلب ...
بارك الله فيك اتضحت الصورة لدي
الاستهزاء بآيات الله الذي هو مستلزمًا لكفر الباطن (انتفاء عمل القلب - اذا حصل في القلب استخفاف واهانة امتنع ان يكون فيه انقياد واستسلام فلا يكون فيه ايمان)
الاستهزاء بآيات الله الذي هو مستلزمًا لكفر الباطن من جهة عمل القلب وليس قوله - التصديق-.
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الصارم المسلول:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن الإيمان و إن كان يتضمن التصديق فليس هو مجرد التصديق و إنما هو الإقرار و الطمأنينة و ذلك لأن التصديق إنما يعرض للخبر فقط فأما الأمر فليس فيه تصديق من حيث هو أمر و كلام الله خبر و أمر فالخبر يستوجب تصديق المخبر و الأمر يستوجب الانقياد و الاستسلام و هو عمل في القلب جماعه الخضوع و الانقياد للأمر و إن لم يفعل المأمور به فإذا قوبل الخبر بالتصديق و الأمر بالانقياد فقد حصل أصل الإيمان في القلب و هو الطمأنينة و الإقرار فإن اشتقاقه من الأمن الذي هو القرار و الطمأنينة و ذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق و الانقياد و إذا كان كذلك فالسب إهانة و استخفاف و الانقياد للأمر إكرام و إعزاز و محال أن يهين القلب من قد انقاد له و خضع و استسلم أو يستخف به
فإذا حصل في القلب استخفاف و استهانة امتنع أن يكون فيه انقياد أو استسلام فلا يكون فيه إيمان و هذا هو بعينه كفر إبليس فإنه سمع أمر الله فلم يكذب رسولا و لكن لم ينقد للأمر و لم يخضع له و استكبر عن الطاعة فصار كافرا و هذا موضع زاغ فيه خلق من الخلف: تخيل لهم أن الإيمان ليس في الأصل إلا التصديق ثم يرون مثل إبليس و فرعون ممن لم يصدر عنه تكذيب أو صدر عنه تكذيب أو صدر عنه تكذيب باللسان لا بالقلب و كفره من أغلظ الكفر فيتحيرون و لو أنهم هدوا لما هدي إليه السلف الصالح لعملوا أن الإيمان قول و عمل أعني في الأصل قولا في القلب و عملا في القلب
فإن الإيمان بحسب كلام الله و رسالته و كلام الله و رسالته يتضمن إخباره و أوامره فيصدق القلب إخباره تصديقا يوجب حالا في القلب بحسب المصدق به و التصديق هو من نوع العلم و القول و ينقاد لأمره و يستسلم و هذا الإنقياد و الاستسلام هو من نوع الإرادة و العمل و لا يكون مؤمنا إلا بمجموع الأمرين فمتى ترك الانقياد كان مستكبرا فصار من الكافرين و إن كان مصدقا للكفر أعم من التكذيب يكون تكذيبا و جهلا و يكون استكبارا و ظلما و لهذا لم يوصف إبليس إلا بالكفر و الاستكبار دون التكذيب و لهذا كان كفر من يعلم مثل اليهود و نحوهم من جنس كفر إبليس و كان كفر من يجهل مثل النصارى و نحوهم ضلالا و هو الجهل
ألا ترى أن نفرا من اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه و سلم و سألوه عن أشياء فأخبرهم فقالوا: نشهد أنك نبي و لم يتبعوه و كذلك هرقل و غيره فلم ينفعهم هذا العلم و هذا التصديق؟
ألا ترى أن من صدق الرسول بأن ما جاء به هو رسالة الله و قد تضمنت خبرا و أمرا فإنه يحتاج إلى مقام ثان و هو تصديقه خبر الله و انقياده لأمر الله فإذا قال: [أشهد أن لا إله إلا الله] فهذه الشهادة تتضمن تصديق خبره و الانقياد لأمره [و أشهد أن محمدا رسول الله] تضمنت تصديق فيما جاء به من عند الله فبمجموع هاتين الشهادتين يتم الإقرار
فلما كان التصديق لابد منه في كلتا الشهادتين ـ و هو الذي يتلقى الرسالة بالقبول ـ ظن من ظن أن أصل لجميع الإيمان و غفل عن أن أصل الآخر لابد منه و هو الانقياد و إلا فقد يصدق الرسول ظاهرا و باطنا ثم يمتنع من الانقياد للأمر إذ غايته تصديق الرسول أن يكون بمنزلة من سمع الرسالة من الله سبحانه و تعالى كإبليس و هذا مما بين لك أن الاستهزاء بالله أو برسوله ينافي الانقياد له لأنه قد بلغ عن الله أنه أمر بطاعته فصار الانقياد له من تصديقه في خبره
فمن لم ينقد لأمره فهو إما مكذب له أو ممتنع عن الانقياد لربه و كلاهما كفر صريح و من استخف به و استهزأ بقلبه امتنع أن يكون منقادا لأمره فإن الانقياد إجلال و إكرام و الاستخفاف إهانة و إذلال و هذان ضدان فمتى حصل في القلب أحدهما انتفى الآخر فعلم أن الاستخفاف و الاستهانة به ينافي الإيمان منافاة الضد للضد
*(/)
اثبات الحد لله
ـ[المزوغى]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 02:22]ـ
هل اهل السنة يثبتون الحد لله الرجاء نقل اقوال علماء اهل السنةوهل صحيح ما نقله الامام البغدادى فى كتاب الفرق بين الفرق من ان اهل السنة متفقون على نفى الحد والنهاية وجعله قول الرافضة الهاشمبة اصحاب هشام بن الحكم والكرامية افيدونا نفع الله بكم
ـ[أم تميم]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 10:17]ـ
السؤال: هل الله عز وجل محدود أم غير محدود؟!
الجواب:
الحمد لله
أولا:
الأصل في الكلام عن الأسماء والصفات النقل، إذ إن أسماء الله وصفاته توقيفية كما حرر ذلك أهل العلم.
ينظر: إجابة السؤال رقم: (106256)
ثانيا:
باب الإخبار عن الله تعالى أوسع من باب الأسماء والصفات.
قال ابن القيم رحمه الله:
" ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، كالشيء والموجود والقائم بنفسه؛ فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا " انتهى.
"بدائع الفوائد" (1/ 169)
وقال أيضا:
" ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا، فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه: هل هي توقيفية، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع " انتهى مختصرا.
"بدائع الفوائد" (1/ 170)
ثالثا:
قد ذم أهل العلم إطلاق القول، نفياً أو إثباتاً، في الألفاظ المحدثة المجملة، قبل الاستفصال عن معناها عند قائلها، ورد القول في ذلك إلى المحكم الثابت من الكتاب والسنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله:
" إذا منع إطلاق هذه المجملات المحدثات في النفي والإثبات، ووقع الاستفسار والتفصيل: تبيَّنَ سواءُ السبيل.
وبذلك يتبين أن الشارع عليه الصلاة والسلام، نص على كل ما يعصم من المهالك، نصا قاطعا للعذر، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) سورة التوبة /115، وقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) المائدة/3 ".
ثم قال:
" وهذه الجملة: يُعلم تفصيلها بالبحث والنظر، والتتبع والاستقراء، والطلب لعلم هذه المسائل في الكتاب والسنة؛ فمن طلب ذلك وجد في الكتاب والسنة من النصوص القاطعة للعذر في هذه المسائل، ما فيه غاية الهدي والبيان والشفاء. وذلك يكون بشيئين:
أحدهما: معرفة معاني الكتاب والسنة.
والثاني: معرفة معاني الألفاظ التي ينطق بها هؤلاء المختلفون، حتى يحسن أن يطبق بين معاني التنزيل، ومعاني أهل الخوض في أصول الدين؛ فحينئذ يتبين له أن الكتاب حاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، كما قال تعالي: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} البقرة /213، وقال تعالي {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} الشورى /10، وقال {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} النساء / 59 – 61.
ولهذا يوجد كثيرا في كلام السلف والأئمة: النهي عن إطلاق موارد النزاع بالنفي والإثبات، وليس ذلك لخلو النقيضين عن الحق، ولا قصور أو تقصير في بيان الحق؛ ولكن لأن تلك العبارة من الألفاظ المجملة المتشابهة، المشتملة علي حق وباطل؛ ففي إثباتها إثبات حق وباطل، وفي نفيها نفي حق وباطل، فيمنع من كلا الإطلاقين.
(يُتْبَعُ)
(/)
بخلاف النصوص الإلهية، فإنها فرقان فرق الله بها بين الحق والباطل. ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها يجعلون كلام الله ورسوله هو الإمام والفرقان الذي يجب اتباعه؛ فيثبتون ما أثبته الله ورسوله، وينفون ما نفاه الله ورسوله، ويجعلون العبارات المحدثة المجملة المتشابهة ممنوعا من إطلاقها: نفيا وإثباتا؛ لا يطلقون اللفظ ولا ينفونه إلا بعد الاستفسار والتفصيل؛ فإذا تبين المعنى أثبت حقه ونفي باطله، بخلاف كلام الله ورسوله فإنه حق يجب قبوله وإن لم يفهم معناه، وكلام غير المعصوم لا يجب قبوله حتى يفهم معناه.
وأما المختلفون في الكتاب، المخالفون له، المتفقون علي مفارقته: فتجعل كل طائفة ما أصلته من أصول دينها الذي ابتدعته هو الإمام الذي يجب اتباعه، وتجعل ما خالف ذلك من نصوص الكتاب والسنة من المجملات المتشابهات التي لا يجوز اتباعها، بل يتعين حملها علي ما وافق أصلهم الذي ابتدعوه، أوالإعراض عنها وترك التدبر لها ".
"درء تعارض العقل والنقل" (1/ 73 - 77).
رابعاً:
إذا وقع الاستفصال عن المعنى، ورددنا محل النزاع إلى كتاب وسنة رسوله: ساغ استخدام اللفظ الحادث، للدلالة على معنى ثابت، عند من يحتاج إلى ذلك.
قال شيخ الإسلام:
" اذا أثبت الرجل معنى حقا، ونفى معنى باطلا، واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب، لأنها من لغة المخاطب ونحو ذلك: لم يكن ذلك منهيا عنه؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه وآياته بلغة أخرى، ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه، وهذا جائز، بل مستحب أحيانا، بل واجب أحيانا. وإن لم يكن ذلك مشروعا على الإطلاق؛ كمخاطبة أهل هذه الاصطلاحات الخاصة في أسماء الله وصفاته وأصول الدين باصطلاحهم الخاص، إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة، ... وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب، بلا نزاع بين العلماء ". انتهى.
بيان تلبيس الجهمية (2/ 389).
خامسا:
من هذا الباب لفظ " الحد " المذكور في السؤال؛ فمن أراد بإثبات الحد، أنه سبحانه وتعالى بائن عن خلقه بحد فاصل، بين الخالق والمخلوق، فلا يحل شيء من المخلوقات بذاته جل جلاله، كما أنه لا يحل بشيء من خلقه ولا يتّحد به: فهذا معنى صحيح، يُخْبَر به عن الله تعالى، وإن لم يكن صفة ثبوتية، تضاف إليه سبحانه.
قال شيخ الإسلام:
" ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه: إن الخالقَ لا يتميّز عن الخلقِ، فيجحدون صفاته التي يتميّز بها، ويجحدون قدره، فبيّن ابن المبارك أنّ الرب سبحانه وتعالى على عرشه مباين لخلقه، منفصلٌ عنه، وذكر الحدّ لأن الجهمية كانوا يقولون: ليس له حدٌّ، وما لا حدّ له لا يباينُ المخلوقاتِ، ولا يكون فوق العالم، لأن ذلك مستلزم للحدِّ، فلما سألوا أمير المؤمنين عبد الله بن المبارك: بماذا نعرفه؟ قال: بأنه فوق سماواته، على عرشه، بائن من خلقه، فذكروا لازم ذلك الذي تنفيه الجهمية، وبنفيهم له ينفون ملزومه الذي هو وجوده فوق العرشِ، ومباينته للمخلوقات، فقالوا له: بحدٍّ؟ قال: بحدّ.".
انتهى باختصار. بيان تلبيس الجهمية (1/ 443).
وقال شيخ الإسلام أيضا:
" هذا اللفظ لم نثبت به صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة؛ بل بيّنّا به ما عطله المبطلون من وجود الرب تعالى ومباينته لخلقه وثبوت حقيقته ".
"بيان تلبيس الجهمية" (1/ 445)
ومن هنا نتبين أن إطلاق جمع من السلف لهذا اللفظ كان ردا على الجهمية والحلولية وأشباههم من أهل البدعة، وبياناً لمعنى شرعي صحيح في نفس الأمر، وإن كان الشرع لم يعبر عنه بهذا اللفظ.
سادساً:
إثبات الحد لله تعالى، والإخبار به عنه: لا يعني أن الخلق يُحيطون به علماً، سبحانه، أو أنهم يعلمون منتهى ذلك الحد، قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) طه/110، وقال: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء) البقرة/255.
قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله:
" والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره، ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، ولكن يؤمن بالحد، ويَكِل علم ذلك إلى الله.
ولمكانه أيضا حد، وهو على عرشه فوق سماواته.
فهذان حدان اثنان ". انتهى.
"نقض الدارمي على بشر المريسي" (223 - 224)، وينظر: "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (7/ 193).
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/127681
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 11:06]ـ
كثيرا ما ينسب متكلمو الأشاعرة بهدف التشنيع أقوالا للسلف الى الكرامية و حصرها فيهم لمجرد موافقتهم للسلف فيها ... فان ووجهوا بالأسانيد الصحيحة عن أئمة السلف أفصحوا عن ما يعتقدونه من صريح قول المعتزلة: أن أئمة السلف و الحديث قد سرت اليهم لوثة التجسيم عن طريق الكرامية .. وتصرفهم هذا نتيجة طبيعية لانقطاع سلسلتهم بالنبي صلى الله عليه و سلم حين الوصول الى طبقة السلف .. فيفضلون الاعتقاد بأن معاني الصفات لم يبينها أحد و لم ينقلها أحد ... و أن المعاني المنقولة عنهم انما هي من تأثير خارجي عنهم ... يفضلون هذا على أن يقروا باتصال سلسلة نقل المعاني عن النبي صلى الله عليه و سلم و عدم انقطاعها .. و بالتالي أن أقوالهم هم هي المحدثة و المتأثرة بالتأثير الخارجي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المزوغى]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 05:14]ـ
بارك الله فيك اختى الكريمة ام تميم على هذا الايضاح والتفصيل
ـ[ابن العباس]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 09:49]ـ
أخي وفقك الله
العنوان خطأ .. والصواب أن يكون بصورة استفهامية
والله الموفق
ـ[ابو عبدالعزيز]ــــــــ[18 - Dec-2009, صباحاً 01:21]ـ
اذكر شيخنا الشيخ عبدالعزيز ال عبداللطيف يقول:
إذا ورد الحد مثبتا في كلام السلف فالقصد اثبات انه تعالى فوق سماواته بائن من خلقه .. فهم يعبرون عن البينونة بالحد.
واذا ورد الحد منفيا في كلامهم فهم يريدون العلم بالكيفية ..
ذكر ذلك حفظه الله في شرحه للحموية
ـ[من أهل الحديث]ــــــــ[19 - Nov-2010, مساء 09:37]ـ
صدر كتاب اثبات الحد لله للدشتي رحمه الله
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=49483
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[20 - Nov-2010, مساء 06:22]ـ
/// الكلام عن الحد المثبت والمنفي لله عند السلف:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=59435(/)
مفهوم العبادة والتزكية عند شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
ـ[رشيد الكيلاني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 03:33]ـ
منهج التزكية عند شيخ الإسلام ابن تيمية
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد طغت موجة من الماديات على قلوب المسلمين قطعت صلتهم بالله،وتعلقهم به، فابتعدوا عن كل مظاهر العبودية والالتجاء الصادق إلى الله، حتى وصلوا إلى ما نراه من حيرة وقلق واضطراب. ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالتزام العبودية لله تعالى،والتحرر من عبودية الوثنيات،والطواغيت على اختلاف أشكالها وأنواعها، تلك العبودية التي لو استجاب الناس لها لعاشوا في اطمئنان وسعادة وسلام، والتي هي أساس العمل الصالح الذي يثمر نهضة الأمة، وينقذ الإنسانية جمعاء من جحيم العبودية، والخضوع للبشر، ويرد عليها عزتها، ويرفع منزلتها، ويمنحها السعادة والفوز في الدارين.
والكتابة في هذا الموضوع ليس بالأمر السهل، لأنه متشعب وذو فروع، ولأن الشيخ ـ رحمه الله - كتب فيه، في عامة مؤلفاته،ورسائله تقريباً، فدافع عن الحق الواضح فيه، ورد على ألوان الانحراف في حياة المسلمين في مجال العبودية، وردهم إلى المنهل الصافي من الكتاب والسنة.
وقد رأيت رسالة العبودية للشيخ -رحمه الله -من أجمع وأنفع ما كتب في هذا الموضوع، فقد وضع فيها نظرية متكاملة المعالم، وبين فيها معنى العبودية.- وهي نظرية غنية بالتحقيقات النافعة،والقواعد الجامعة، والتوجيهات التربوية التي تحتاجها المؤسسات التربوية، والاجتماعية في عصرنا اليوم.
ولذلك سنتعرض في هذا البحث لأهم الركائز التي تقوم عليها فكرة العبودية ([1] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)).، بعد أن نذكر أهم الأصول العامة في تزكية النفس، وطريقة القرآن في عرض منهج التزكية.
ولما كانت أي فكرة ما لم يقارنها عمل وسلوك،فإنها لا تعطي ثمارها؛ ولا يكتب لها النجاح والقبول، فقد ذكرت لأجل ذلك في نهاية البحث الناحية العلمية لحياة الشيخ ـ رحمه الله ـ وبيان تعبده لله، وهذا من أصول أهل السنة والجماعة التي يتميزون بها عن غيرهم من المناهج البدعية ([2] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)).
وإني لأرجو الله لهذه الأمة التوفيق والهداية، وأن يردها إلى العبودية له دون غيره، وأن يوفقها إلى الحق في القول والعمل. وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، ولا يجعل لأحد فيه شيئاً.
الأصول العامة في تزكية النفس
التزكية:
ومعناها تطهير النفس،وتنقيتها من الرذائل. وهي تجمع بين إزالة الشر،وتطييبها بالخير، قال تعالى: ?خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا? (التوبة: من الآية103).
وتجمع بين التطهير والتزكية لأنهما متلازمان.
والتزكية وإن كان أصلها النماء والزيادة؛ فهي لا تحصل إلا بإزالة الشر الموجود في النفس كي ترتاح وتطمئن، وهذا لا يحصل إلا بالتوحيد وإخلاص العبودية لله وحده،والبراءة من الشرك كما سيأتي توضيحه بإذن الله تعالى. يقول شيخ الإسلام في توضيح ذلك:
((فإن التزكي هو التطهر بترك السيئات الموجب لزكاة النفس. كما قال تعالى: ?قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا? (الشمس:9). ولهذا تفسر الزكاة تارة بالنماء وبالزيادة، وتارة بالنظافة والإماطة، والحقيقة أن الزكاة تجمع بين الأمرين إزالة الشر، وزيادة الخير وهذا هو العمل الصالح، وهو الإحسان)) ([3] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3))
والتزكي بترك السيئات أصله بترك الشرك قليله وكثيرة، لأنه يدنس القلب، وليس هناك حق أعظم من حق الله وصرف العبادة لله. فإنكاره ـ أي حق الله ـ والشرك بالله من أعظم ما يدنس القلب، قال تعالى: ? إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ? (التوبة: من الآية28).ـ بفتح الجيم ـ والمراد بالنجاسة النجاسة المعنوية، لا البدنية، فقد وصف الله المشركين بالنجاسة قلوبهم ونفوسهم بما يتلبسونه من الشرك والتعبد لغير الله.
وسيأتي توضيح ذلك في وسائل تزكية النفس. وبالله التوفيق.
التزكية من أعظم مهمات الرسل (صلوات الله وسلامه عليهم)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ? (الجمعة: من الآية2) فالله قد امتن على عباده بإرسال الرسل الذين بعثهم إلى أقوامهم، ومن مهماتهم التي كلفهم الله بها تبليغ الدين،وإقامة الحجة،وإسماعهم كلام الله عز وجل الذي به زكاة الأرواح والنفوس، وتعليمهم الكتاب والحكمة.
ولما كانت التزكية لا تحصل إلا بالتوحيد وإخلاص العبادة لله وحده؛ لذا جاءت الرسل والأنبياء بدعوة أقوامهم إلى هذا الأصل العظيم وتذكيرهم به، قال تعالى: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ? (النحل: من الآية36) والتوحيد من أعظم الركائز التي قامت عليها دعوة الأنبياء من أولهم إلى آخرهم، وكذلك التحذير من الشرك وبيان أثره السيئ. ولا يمكن بحال أن يكون الأنبياء قد قصروا في دعوتهم إلى هذا الأصل؛ لأنه أعظم ما يحتاجه العباد في تزكية نفوسهم وأرواحهم، ومن أعظم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
الرسول أتم منهج التزكية علماً وعملاً:
قال تعالى: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ? (المائدة: من الآية3) فقد أتم الله علينا النعمة،وأكمل لنا الدين ببعثة الرسول e ، ومما يوضح هذا المعني أن الله نعت رسوله بأنه على دين عظيم فقال تعالى: ?وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ? (القلم:4)
وقد تمثل هذا الخلق بالعمل بكتاب الله الذي تضمن كل أنواع التزكية والتطهير. فمن المحال أن يكون الرسول e ترك تعليم الناس ما يزكي قلوبهم،ويهذب نفوسهم،ويقربهم إلى الجنة. يقول شيخ الإسلام في معرض الرد على أهل البدع ممن يزعم أن الرسول الكريم e وأصحابه رضي الله عنهم لم يحكموا هذا الباب ـ باب التزكية والتعبد ـ قولاً وعملاً؛ بل ترك ذلك إلى أذواقهم، وأهوائهم،يقول رحمه الله: ((ومحال مع تعليمهم كل شئ لهم فيه منفعة في الدين وإن دقت، أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم وقلوبهم، في ربهم ومعبودهم، ورب العالمين الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد، والوصول إليه غاية المطالب، هذا خلاصة الدعوة النبوية،وزيدة الرسالة الإلهية)) ([4] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4)).
والسبب في ذلك أن معرفة الله من أعظم مقاصد الدين. والنفوس الصحيحة تشتاق إلى التقرب إليه، والتعبد له بأنواع القرب والطاعات أعظم إشتياقها إلى الطعام والشراب الذي هو مادة الحياة.،فمن غير المعقول أن يكون باب التعبد لله والتقرب إليه وقع من الرسول e على غير التمام والكمال، ثم يترك هذا الباب مفتوحاً للاجتهادات والآراء الشخصية،يقول رحمه الله: ((فلأن من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم أو نهمة للعبادة، يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه، ومعرفة الحق فيه، أكبر مقاصده وأعظم مطالبه، وليست النفوس الصحيحة إلى شئ أشواق منها إلى معرفة هذا الأمر، وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجدية- الوجدانية -)) ([5] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)).
وسيأتي بيان أن عبادة الله،والتقرب إليه غذاء الروح،وسعادة القلب، وبهجة النفس.
ضرورة التمسك بالسنة في أمور التعبد والتزكية
وذلك لأن إتباع السنة في مسائل العبادات، والقرب هو المصدر الصافي لطريقة الهداية،وتزكية النفس.، وهو الذي يحمي المسلم من الوقوع في الابتداع والتقول على الله بلا علم، ويجنبه من ضياع الأجر والثواب، يقول الشيخ رحمه الله في الصراط المستقيم في باب العبادات: (في الصراط المستقيم في الزهد والعبادة والورع، في ترك المحرمات والشهوات والاقتصاد في العبادة): ((لزوم السنة هو يحفظ من شر النفس والشيطان بدون الطرق المبتدعة، فإن أصحابها لا بد أن يقعوا في الإصر والانحلال وإن كانوا متأولين، فلا بد لهم من إتباع الهوى، ولهذا أسس أصحاب البدع أصحاب الأهواء، فأما طريق السنة علم وقول وهدى، وفي البدعة جهل وظلم، وفيها إتباع الظن وما تهوى الأنفس)) ([6] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويجب الحذر من النظر إلى حال أكثر الخلق،وما هم عليه من بدع في العبادة؛ لأن الحق هو ما كان عليه الجماعة الأولى من عهد النبي e وأصحابه. ولا ينظر إلى كثرة أهل البدع من بعدهم, يقول ابن القيم مبيناً أن من علامات سعة القلب،وعبوديته لله هو التمسك بالحق الذي كان عليه أصحاب الرسول e (( والبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق، ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول، الذي أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين،والشهداء والصالحين،وحسن أولئك رفيقاً، فتفرد العبد في طريق طلبه دليل على صدق الطلب)) ([7] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7)).
خطورة الابتداع في أمور العبادة:
وهذا يدلك أخي المسلم على أن الإحداث في العبادات، والزيادة عليها،يؤدي إلى الانحلال والفوضى، فضلاً عن ذلك فإنه غير معقول عند الله، ولو كان العمل كثيراً،ما لم يكن موافقاً لما جاء به الرسول e ، وقد أدى فتح باب الاجتهاد في العبادات إلى دخول أنواع من الشر والبلاء على عقائد المسلمين وتحت شعار (التصوف) ونحو ذلك من المسميات. وما زال الشيطان يتدرج بالمسلمين،ويزين لهم البدع،حتى جعلهم يعتقدون بالأفكار الباطلة، والفلسفات المهلكة: كالقول بالحقيقة وشهودها ومضمونه هو الرضى بالواقع، وما فيه من كفر وفسوق، والسكوت عن إنكار المنكر بحجة أن العارف إذا شهد الحقيقة استوي عنده القبيح والحسن. وأعظم من ذلك هو القول بعقيدة وحدة الوجود التي نادى بها ابن عربي والتلمساني وغيره، وكذلك الاتحاد الخاص أو العام وقد أدى القول بهذه العقائد الباطلة إلى تحطيم الشرع وإفساد الدين ([8] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn8))؛ فيجب الحذر أشد من الابتداع في الدين. فإن اقتصاد في سنة خيراً من اجتهاد في بدعة، وما على المسلم إلا التفويض والاستسلام للشرع الحنيف، والنظر فيما عليه الرعيل الأول، والجماعة الأولى. فإن الأول لم يدع شيئاً للآخر غالباً.
لا يجوز الفصل بين العبادات وثمرتها:
ولما كانت الأعمال والقربات كالصلاة والزكاة وغيرها. إنما شرعها الله لتزكية النفس، وتطهيرها من الرذائل،ولتبلغ الكمال في العبودية والطاعة لله، فلا يجوز والحال هذه الفصل بين العبادات وثمرتها؛ لأن الله قرن بينهما فلا تزكية إلا بالعبادة. وكذلك العبادة ما لم يظهر آثرها على سلوك المسلم وتصرفاته، فتمنعه من ارتكاب الحرام، فإنها قد لا تنفع صاحبها في الآخرة،وإن كانت تسقط عنه الواجب في الدنيا، والناس في هذا على صنفين:
القسم الأول:
ظنوا أن أعمال القربات والعبادات مقصودة لذاتها - أي يؤديها شكلياً - وإن لم يظهر آثرها على أخلاق المسلم ـ،وهؤلاء فرغوا العبادة من ثمرتها ومقصودها الأعظم وهي التقوى، وقد بين الله أن من لم يحصل له التقوى من عبادته لله فهو لم يقم بحق العبادة لله؛ لأن شأن المسلم أن يكون مستقيماً خائفاً وجلاً من الذنوب،حريصاًً على حب الخير وفعله، والله دائماً يقرن بين العبادة وثمرتها،قال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? (البقرة:183)
. والتعامل مع العبادة على هذا الأساس يجعل القلوب قاسية بعيدة عن الله، وبهذا يسهل الخروج عن أوامر الله، والتحايل علي شرعه لضعف الوازع والخوف من الله.
القسم الثاني:
الذين ظنوا أن العبادات مقصودة لغيرها، فإذا حصل عندهم المقصود من العبادة وهو التقوى – زعموا - فلا عليهم لو تركوا العبادات، والمقصود عندهم عكوف القلب على الله،وحصول الجمع فإذا جاءهم ما يفرق جمعيتهم -ولو كان صلاة الفريضة في المسجد –تركوه، ويتأولون قوله تعالى: ? وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ? (الحجر:99)، وخطر هؤلاء أعظم من القسم الأول؛ لأن إتباع الأهواء والآراء في الديانات أعظم منه في الشهوات كما قال الشيخ ابن تيمية، والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية كما قال بعض السلف، ومع ذلك فهم لم تحصل لهم التقوى الواجبة، لأن التقوى هي فعل المأمور وترك المحظور،والصبر على المقدور، كما قال شيخ الطريقة، وناصر السنة عبد القادر الكيلاني رحمه الله ([9]
(يُتْبَعُ)
(/)
( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn9)).
طريقة القرآن في عرض منهج التزكية
قال تعالى: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ? (الجمعة: من الآية2) فقد امتن الله على هذه الأمة ببعثة الرسول الكريم، يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم،ويرشدهم إلى ما فيه صلاحهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، وقدم في الآية العلم على التزكية من باب تقديم العلم على العمل، لأن التزكية ثمرة من ثمار سماع كلام الأنبياء وإرشاداتهم، وهذا يحصل بالعلم الإجمالي،والذكر العام الذي ينتفع به أقوامهم،فيهتدون إلى الحق وتقوم به الحجة على آخرين فيستحقون العذاب في الآخرة، يقول شيخ الإسلام في التذكير العام وافتراق الناس فيه: ((والتذكير المطلق العام ينفع، فإن من الناس من يتذكر فينتفع به، والآخر تقوم عليه الحجة ويستحق العذاب على ذلك، فيكون عبره لغيره، فيحصل بتذكيره نفع أيضاً، ولأن بتذكيره تقوم عليه الحجة، فتجوز عقوبته بعد هذا بالجهاد وغيره فتحصل بالذكرى منفعة)) ([10] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn10)).
وقال أيضاً: ((كذلك التذكير عام وخاص، فالعام هو تبليغ الرسالة إلى كل أحد، وهذا يحصل بإبلاغهم ما أرسل به من الرسالة ([11] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn11)).
والمقصود أن التزكي لا بد أن يسبقه علم عام،وتذكرة عامة كما قال تعالى: ? فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ? (الأعلى:9)
. فهذا لابد منه لحصول التزكي، فإذا حصل التزكي حصل التذكر التام النافع المؤثر. ولهذا قال تعالى في حق الأعمى الذي جاء إلى الرسول يطلب منه التعليم والإرشاد والنفع: ? عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ? (عبس:1 - 4)
. فأمر رسوله أن يقبل على من جاء يطلب التزكي والتذكر، وذكر هنا الذكر التذكير بعد التزكي، وهذا والله أعلم غير التذكر الذي تقوم به الحجة، فقد ذكر هنا الذكر التام الذي ينكره المذكر به وينتفع به كقوله تعالى: ? فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ? (الأعلى: 9 - 11)
. قال الشيخ رحمه الله في بيان ذلك: ((فذكر التذكر والتزكي، كما ذكرهما هناك ([12] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn12)). وأمر أن يقبل على من أقبل عليه دون من أعرض منه، فإن هذا ينتفع بالذكرى دون ذاك، فيكون مأموراً أن يذكر المنتفعين بالذكرى تذكيراً يخصهم به غير التبليغ العام الذي تقوم به الحجة)) ([13] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn13)). وهذا هو التذكير التام النافع الذي خص الله به المؤمنين قال تعالى: ? وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ? (الذريات:55)
.فهم إذا آمنوا ذكرهم بما أنزل عليهم، وكلما نزل عليهم شئ من معاني القرآن ذكرهم به فيزدادوا إيماناًً.
والتذكير التام يقود إلى الخشية والخوف من الله كما قال تعالى: ? سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى? (الأعلى:10)، والعلم التفصيلي والتذكرة التامة توجب الخشية والتفكير في عواقب الأمور- فليس من يعلم كنت لا يعلم -،والخشية قد تحصل عقب التذكر وقد تحصل قبله، لأنه إذا خشي أوجب له ذلك علوماً وتذكرة وإرادة صالحة.
الخشية في القرآن:
والخشية هي الخوف من عذاب الله في الدنيا وفي الآخرة، أما في الدنيا فلأن الذنوب لها عقوبات عاجلة، والخشية لا تكون لمن تيقن أنه معذب، وإنما تكون لمن رجا السلامة من عذاب الله غداً، قال تعالى في ذلك: ? تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ ? (الشورى: من الآية22) وقد يعرض الإنسان في بداية أمره عن طلب السلامة ولا يتذكره لأنه مشغول بالخوف من العذاب على الذنب الذي يقتضيه كما ذكر شيخ الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمقصود أن الخشية تدعو الإنسان إلى التذكر التام والتزكي كما قال شيخ الإسلام: ((لأن الذي يخشى الله لابد أن يرجوه ويطمع في رحمته فينيب إليه،ويحبه ويحب عبادته وطاعته، فإن ذلك هو الذي ينجيه مما يخشاه ويحصل به ما يحبه)) ([14] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn14)).
وقد يرد على ما ذكرنا من أن التزكي لابد أن يسبقه الذكر العام قوله تعالى: ? لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ? (طه: من الآية44) في قصة فرعون الطاغية: فقد ذكر التذكر قبل الخشية. وفرعون لم يحصل عنده من الذكر العام والعلم ما يدعوه إلى خشية الله،والاستجابة لموسى، فكيف يوافق ذلك قوله تعالى: ? سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ? (الأعلى:10)
والجواب هو أن قوله تعالى: ? لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ? لا يناقض قو له تعالى: ? سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ? لأنه لم يقل (سيخشى من يتذكر). بل ذكر أن كل من خشي فإنه يتذكر ولا يخاف، والتذكر كالعلم كما سبق إن كان تاماًً أوجب الخشية والاستجابة قال تعالى ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ? (فاطر: من الآية28)،والعلماء هم أعظم من يخشى الله لما حصل عندهم من العلم بالحق والعمل به،وقد بينا أن التذكر عام لكل ما يحصل به التذكر، ويشمل أيضاً التذكر الذي تقوم به الحجة وينقطع به العذر.
أما حصول الخشية بلا تذكر كصاحب النظرة السليمة التي لم تشوبها الأكدار، فإنه إذا سمع بوعيد الله وعقابه خاف وأناب،والمؤمن قلبه مضيء يكاد يعرف الحق وإن لم يسمع به، لاجتماع نور الوحي مع نور الفطرة، فإذا سمع به ازداد نور على نور ((فهذا شأن المؤمن يدرك الحق بفطرته مجملاً، ثم يسمع الأثر الذي جاء به مفصلاً، فينشأ إيمانه على شهادة الوحي مع شهادة الفطرة)) ([15] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn15))
يقول الشيخ رحمه الله: ((وأيضاً فذكر الإنسان يحصل بما عرفه من العلوم قبل هذا فيحصل بمجرد عقله، وخشيته تكون بما سمعه من الوعيد)) ([16] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn16)). والأغلب حصولهما معاً أي الخشية والتذكر.
وعلى هذا فقوله تعالى في قصة فرعون: ? لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ? تبين أن التذكر يوافق العلم العام وهو الاعتراف بربوبية الله فيدعوا ذلك فرعون إلى الشكر والإيمان بالله،وأن لا يطغى (وإن قدر أن الله لا يعذبه فإن مجرد كون الشيء حقاً ونافعاً يقتضي طلبه،وإن لم يخف ضرراً بعدمه كما يسارع المؤمنون إلى فعل التطوعات والنوافل، لما فيها من النفع وإن كان لا عقوبة في تركها كما،يحب الإنسان علوماً نافعة وإن لم يتضرر بتركها). وقوله (أو يخشى) (ونفس الخشية إذا ذكر له موسى ما توعده الله له من عذاب الدنيا والآخرة فإن هذا الخوف قد يحمله على الطاعة والانقياد إلى التذكر).
فهذا بعض أسرار الجمع بين التذكر والخشية في قوله ? لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ?،وهذا يدلك على إعجاز القرآن،وما يحويه من أسرار وعجائب،وأنه من عند الله. ? وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ? (النساء: من الآية82)
التزكية امتثال حقيقي للعبادة لا امتثال صوري:
ذكرنا أن التزكية لابد أن يقرنها العلم التام المؤثر لا الإجمالي التي تقوم به الحجة، فلا تكفي العمومات (3) في تزكية النفس وثباتها على الحق،بل لا بد من تعلم ودراسة العلم الشرعي بالقدر المستطاع، ثم العمل به وانصياع القلب بموجب معاني العلم النافع والعقيدة السليمة، وكذلك الحذر من وسائل الشرك التي تدنس القلب، وتضعف إرادة الخير فيه.
وعدم معرفة الحق والعمل به يؤدي إلى وقوع المسلم في بعض وسائل الشرك وهو لا يشعر، وربما يعرضه للردة - والعياذ بالله - أو السير على غير هدى وبصيرة فيكون حاله كحال الذي قال الله فيه: ? وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ? (الحج: من الآية11) وما أكثر فتن الدنيا في هذا الزمان. فيحتاج المؤمن إلى حصانة علمية،وزاد إيماني يحميه من الوقوع في المخالفات الشرعية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا كانت تربية الرسول e لأصحابه الكرام في مكة تركز بشكل أساسي على تزكية النفوس على معاني العقيدة الصحيحة،والعلم النافع،حتى صفت نفوسهم وأرواحهم، وأصبحوا القدوة العليا والمثل الحي في طهارة النفس، والتعبد لله ظاهراً وباطناً، ومكن الله لهم في الأرض، وأسعدهم في الآخرة. يتبع باذن الله.
ـ[رشيد الكيلاني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 03:40]ـ
الأصول الأساسية في العبودية:
ويعد هذا العرض السريع لمنهج التزكية، وبيان بعض معالمه، نذكر أهم الركائز التي تقوم عليها نظرية العبودية عند شيخ الإسلام، وذلك لأن التزكية كما قدمنا لها ارتباط وثيق بالعبودية، فلا تزكية إلا بعبادة الله وحده لا شريك له.
أولاً: المصادر التي اعتمدها الشيخ في رسالته: (العبودية):
الملاحظ أن الشيخ رحمه الله في رسالته (العبودية)، اعتمد على مصادر أصيلة كون من خلالها نظرية متكاملة في العبودية من جميع الجوانب، وهذه المصادر هي:
أ-النصوص الشرعية والاستفادة منها في كل صغيرة وكبيرة، وهو الذي يقول: ((قل من تعوز النصوص من يكون خيراً بدلالاتها)) ([17] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn17)).
ب- الدلالات اللغوية،والاعتماد على قواعد اللغة في تحليل الألفاظ، ومثاله ما ذكر الشيخ رحمه الله في معنى العبادة،وأنها تجمع بين عنصرين وهما (المحبة والذل والخضوع).
جـ- ملاحظة الحقائق النفسية،ودراسة الطبيعة البشرية وما يعتريها من علل وأمراض، وتقديم العلاج النافع من القرآن والسنة لترجع النفس إلى حالتها الطبيعية، والشيخ يبدو في رسالته طبيباً مصلحاً حاذقا،يعرف كل ما تعانيه النفس البشرية من انحرافات ومشكلات (نفسية)،ثم يقدم لها العلاج الذي يحفظ للنفس كرامتها ويرفع منزلتها.
د-التوفيق بين النقل والعقل: وهذا واضح في جميع جوانب الرسالة، ومن أمثلة ذلك عندما تكلم عن الاتحاد واعتقاد الصوفية فيه،وما يصدر عن أرباب الأحوال ومشايخ السلوك من شطحات، وبين أن ذلك اضطراب عقلي وضعف تمييز، وفي الحقيقة فلا وجود له في الخارج وهذا هو الاتجاه العام ـ التوفيق بين العقل والنقل ـ واضح في جميع رسائل الشيخ ومصنفاته.
- المنهج التاريخي وتتبع الأحداث وملاحقتها،ثم استخلاص النتائج التي تبين الحق، فهو مثلاً يذكر أن ما طرأ على عقائد المسلمين من انحرافات وضلالات مخالفة للشرع، لم تكن موجودة في العصر الأول من الصحابة والتابعين الذين هم أفضل القرون، ومن أمثلة ذلك عندما تكلم عن مسألة الفناء وأقسامه، ومسألة الطريقة الصحيحة في ذكر الله، وأن الاسم المفرد مظهراً ومضمراً غير صحيح،بل هو بدعة.
ثانياً: عبادة الله متفق عليها بين أهل الأديان:
فالأنبياء كلهم بلا استثناء دعوا أقوامهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وتوحيد الله زبدة رسالات الأنبياء من أولهم إلى آخرهم.
يقول رحمه الله ((وبها أرسل جميع الرسل ـ أي العبادة لله ـ كما قال نوح لقومه: ? اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ? (المؤمنون: من الآية23)، وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم وقال تعالى: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ? (النحل: من الآية36). ([18] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn18))، وهذا هو حقيقة الإسلام الذي بعث الله به رسله. وهو الاستسلام لله وحدة دون غيره من المعبودات الأرضية، من بشر أو حجر أو شجر، لأن ضد الإسلام الشرك واتخاذ الأنداد مع الله،وهو يضاد حقيقة الاستسلام لله، يقول الشيخ: ((ولما كان الكبر مستلزماً للشرك، والشرك ضد الإسلام وهو الذنب الذي لا يغفره الله .... كان الأنبياء جميعهم مبعوثين بدين الإسلام، فهو الدين الذي لا يقبل الله غيره من الأولين ولا من الآخرين)) ([19] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn19)).
ولقد تحمل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في تبليغ هذا الأصل العظيم كل أنواع السخرية حتى أتاهم اليقين من ربهم.
ثالثاًُ: الدين كله داخل في عبادة الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الشيخ رحمه الله في توضيح معنى العبادة وتعريفها بأنها: ((اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه،من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة)) وعلى هذا فالعبادة بمفهومها الواسع تشمل كل مناحي الحياة والدين، فكل عمل ابتغي به وجه الله فهو من العبادة، فهي تشمل الأمور التالية:
1 - الفرائض وشعائر الإسلام،الظاهرة كالصلاة،والزكاة وغيرها،وما زاد على ذلك من النوافل والتطوع ووجوه القربات والطاعات.
2 - وتشمل أيضاً الأخلاق الفاضلة التي تسعد المجتمع،كصلة الأرحام،والوفاء بالعهود والإحسان لليتيم وغير ذلك.
3 - وتشمل الأعمال القبلية التي هي من أصول الإيمان كحب الله وخشيته، والتوكل عليه.
4 - وتشمل سياج الأمة وحصنها الأكبر ألا وهو الجهاد في سبيل الله، وقتال المارقين والمنافقين والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
5 - بل وتشمل العبادة كل عمل نافع يقصد به فاعله ابتغاء رضا الله،والحصول على الأجر كإطعام البهائم،والإحسان إلى المملوك، وتشمل الحاجات الضرورية التي يقصد منها الحفاظ على النوع الإنساني كالأكل والشرب،وتمتع الزوج مع زوجته وغير ذلك.
وبهذا يظهر خطأ فيمن يقصر العبادة على بعض جوانبها ويهمل الجوانب الأخرى، كمن يهتم بالأعمال الظاهرة مثلاً ويهمل من أعمال القلوب كحب الله والإنابة إليه ما هو من أعظم أصول الدين، ويظن بعض المتدينين أنه إذا أتى بالأعمال الظاهرة فهو مؤمن ولو علق قلبه بغير الله حباًَ ورجاء كرئاسة أو جاه أو مال ونحو ذلك، فليست الأعمال الباطنة بأقل أهمية من الأعمال الظاهرة، والدين كل لا يتجزأ.
رابعاً: العبادة لازمة للعبد حتى يموت:
وعبادة الله لازمة لكل أحد لا تسقط عن أحد مهما بلغ من العلم والإيمان،بل هي لازمة لأشرف المخلوقات وهم الملائكة والرسل، وقد نعتهم الله بالعبودية قال تعالى في وصف الملائكة: ?وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ? (الأنبياء:19).
ونعت صفوة خلقه بالعبودية له: ?عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً? (الإنسان:6).
ونعت رسوله بالعبودية في أكمل أحواله فقال في الإسراء?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً? (الإسراء: من الآية1). وقال في الإيحاء ?فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى? (النجم:10).
وقال في الدعوة: ?وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً? (الجن:19).
وقال في التحدي: ?وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ? ([20] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn20)).
( البقرة: من الآية23).
وأما من تأول الآية: ?وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ? (الحجر:99). على أن المراد باليقين الوصول إلى مقام يسقط عنه التعبد لله فهذا خطأ وضلال، بل المراد باليقين بإجماع المفسرين هنا (الموت)،وفي الصحيح لما دخل رسول الله r على عثمان بن مظعون وهو يعاني سكرات الموت ثم مات بعدها قال: ((أما عثمان فقد جاءه اليقين من ربه)) أي الموت بما فيه، فلا ينفك المرء عن العبودية ما دام في دار الدنيا والتكاليف.
يقول ابن القيم:
((وكلما تمكن العبد في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم والواجب عليه منها أكثر من الواجب على من دونه، ولهذا كان الواجب على رسول الله r بل على جميع الرسل أعظم من الواجب على أممهم)) ([21] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn21)). بل هناك عبودية أخرى على العبد بعد موته وذلك عندما يسأله الملكان في قبره، ماذا كنت تعبد؟ ويختبرون عبوديته لله بتوجيه أسئلة ثلاثة، وتكون الأجوبة على قدر عبودية المرء لله في دار الدنيا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما تقسيم الناس في أمور العبادة إلى خاصة،وخاصة الخاصة وهم الذين وصلوا إلى مقام استوت عندهم الأشياء،وأدركوا الحقيقة اليقينية فيقول الشيخ عنهم ((وقول هؤلاء كفر صريح وإن وقع فيه طوائف لم يعلموا أنه كفر، فإنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الأمر والنهي لازم لكل عبد ما دام عقله حاضراً إلى أن يموت، لا يسقط عنه الأمر والنهي لا بشهوده القدر ولا بغير ذلك، فمن لم يعرف ذلك عرفه وبين له، فإن أصر على اعتقاد سقوط الأمر والنهي فإنه يقتل)) ([22] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn22)).
خامساًً: في انقسام العبودية إلى عامة وخاصة (عبودية قسرية، عبودية اختيارية):
ذكر ابن تيمية رحمه الله أن الناس في عبوديتهم لله ينقسمون إلى قسمين:
1 - العبودية العامة: وهي عبودية أهل السموات والأرض برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، وهذه العبودية لا يتعلق بها ثواب ولا مدح،يقول شيخ الإسلام رحمه الله: ((وتحرير ذلك: أن العبد الذي عبد الله فذلله ودبره وصرفه، وبهذا الاعتبار: فالمخلوقون كلهم عباد الله من الأبرار والفجار، والمؤمنين والكفار وأهل الجنة،وأهل النار، إذ هو ربهم كلهم ومليكهم لا يخرجون عن مشيئته وقدرته وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، فما شاء كان وإن لم يشاءوا، وما شاءوا إن لم يشأه لم يكن)) ([23] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn23)).
2- العبودية الخاصة (عبودية الطاعة والمحبة): وهذه العبودية هي المحبوبة المرضية التي تتعلق بالإلهية وإتباع أوامر الله.، وهي التي استجاب لها المؤمنون طوعاً واختياراً (وهذه العبادات متعلقة بإلهيته ولهذا كان عنوان التوحيد لا إله إلا الله) ([24] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn24)). بخلاف من يقر بربوبيته ولا يعبده،أو يعبد معه إلهاً آخر، (فالإله الذي يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم، والإجلال والإكرام،والخوف والرجاء ونحو ذلك، وهذه العبادة: هي التي يحبها الله ويرضاها،وبها وصف المصطفين من عبادة وبها بعث رسله، وأما العبد: بمعنى المعبد، سواء أقر بذلك أو أنكر فتلك يشترك فيه المؤمن والكافر) ([25] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn25)).
وإنما انقسمت العبودية إلى هذين القسمين: لأن أصل هذه اللفظة (العبادة): الذل والخضوع يقال طريق معبد إذا كان مذللاً يوطأ بالأقدام.
فلا يكفي في سعادة المسلم ونجاته من عذاب الله تعالى التزامه بالعبودية القسرية، فيأكل ويشرب وينكح ويملك الأموال والمناصب ?وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ? (محمد: من الآية12)، فلا يكفي ذلك حتى يلتزم بالعبودية الاختيارية،فيعبد الله ويطيع أمره ويسارع إلى مرضاته، ويوالي أولياء الله ويعادي أعداءه.
وكذلك ينقسم الناس في العبودية الخاصة إلى أهل عبودية مطلقة ومقيدة،وصاحب العبودية المطلقة هو الذي دخل إلى الإسلام من جميع أبوابه، والذي يقوم على مرضاة الله في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته فهو (لا زال متصلاً في منازل العبودية،كلما رفعت له منزلة عمل على مسيره إليها. ... فإن رأيت العلماء رأيته معهم،وإن رأيت العباد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم) ([26] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn26)). بخلاف صاحب العبودية المقيدة والذي تقيد بعبادة دون أخرى.
فالناس يتفاضلون في العبودية لله كما يتفاضلون في حقيقة الإيمان،فأكملهم عبودية لله من جمع بين مراتب العلم والعمل، أما المرتبة العلمية فهي العلم بالله وأسمائه وصفاته،والتعبد لله بمقتضاها. والعلم بشرعه ودينه، وأما المرتبة العملية فإما أن يكون من السابقين المقربين الذين - أدوا جميع الواجبات والمستحبات،وتركوا المحرمات والمتشبهات،وإما أن يكون من أصحاب اليمين الذين فعلوا الواجبات،وتركوا المحرمات مع ارتكاب المباحات، وبعض المكروهات، وترك بعض المستحبات.
سادساً: الحق في مسائل العبادات ما كان عليه أصحاب رسول الله r :
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا ما تدل عليه الأحاديث الكثيرة كقوله r في الحديث الصحيح: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) فإن الدين الواضح هو ما كان عليه رسول الله وأصحابه الكرام، وليس هناك أعظم رغبة في الآخرة، وحباً للعبادة والتقرب إلى الله من الصحابة الكرام، وخاصة في باب التعبد لأن الفطرة السليمة تشتاق إلى التقرب إلى الله وبأنواع النوافل والطاعات، والقربات،لما فيها من اللذة والسرور، ومن غير الممكن أن يكون المتأخرون الذين أحدثوا في الدين هم أعظم رغبة في الخير،وشوقاً إلى العبادة من الصحابة الكرام، وقد بين الشيخ ذلك في مواضع عديد من رسالته،وهو بهذا يوضح أن ما طرأ على المسلمين من بدع وضلالات في مجال العبادة يعتبر بدعة، وذلك من خلال المقارنة بين ما كان عليه الرعيل الأول، ثم النظر إلى ما صار إليه الناس، ثم يشتق من ذلك دليلاً شرعياً تاريخياً يوضح به بالدليل،والبرهان العقلي، أن ما كان عليه أصحاب رسول الله r هو الأكمل والأفضل قولاً وعملاَ، ومن أمثلة ذلك ما ذكره الشيخ في بيان أن الطريقة الصحيحة في ذكر الله هو بالجملة التامة مثل (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وغير ذلك من الأذكار المأثورة، أما طريقة الذكر بالاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فإنه بدعة،وفوق ذلك فإنه لا يعطي القلب بنفسه معرفة تفيد ولا علماً نافعاً، وإنما يعطيه تصوراً مطلقاً لا يحكم فيه بنفي ولا إثبات، والمواظبة على هذا النوع من الذكر جر طوائف من المسلمين إلى أنواع من الإلحاد والضلال،وأوقعهم في أوحال الاتحاد والحلول ([27] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn27)).
ثم أورد الشيخ أقوال وردت عن بعض مشايخ السلوك بالدفاع عن طريقة الذكر بالاسم المفرد،وناقش هذه الأقوال مناقشة علمية رصينة كقول بعضهم: ((أخاف أن أموت بين النفي والإثبات)) أي أموت بين لا إله وبين إلا الله فلذلك فهو يقول: (يا هو)،ثم بين الشيخ أن هذا القول باطل عقلاً وشرعاً، لأن العبد لو مات في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه، فالحق أن ما عليه سلف الأمة وخيارها من الذكر بالجملة التامة هو الصواب النافع ([28] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn28)).
ـ[رشيد الكيلاني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 03:43]ـ
سابعاً: العبادة مبناها على التوقيف لا الاجتهاد:
والتحقق بالعبودية لله لا يسلك فيها الطرق المخالفة للشرع،بل لا بد من سلوك الطرق المرضية في الشرع الموافقة لما جاء به الرسول r ، وقد بين الشيخ أن العبادة تناط بأصلين عظيمين وهما من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله،وأن محمداً عبده ورسوله، والأصل الأول: أن لا يعبد إلا الله،والأصل الثاني: أن يعبد بما شرعه على لسان رسوله الكريم، يقول رحمه الله في هذا المعنى:
((والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ونحو ذلك من الأسماء مقصودها واحد ولها أصلان: أحدهما: أن لا يعبد إلا الله. والثاني: أن لا يعبد إلا بما أمر وشرع، لا يعبد بغير ذلك من الأهواء والظنون والبدع قال تعالى: ? فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً? (الكهف: من الآية110). ثم يقول بعد ذلك فما كان من البدع في الدين التي ليست مشروعة فإن الله لا يحبها ولا رسوله،فلا تكون من الحسنات ولا من العمل الصالح)) ([29] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn29)).
والنص الأخير من كلام الشيخ يذكرنا بالمنهج الخاطئ الذي يعتمده أهل البدع على خلاف مناهجهم في فهم الدين،وتناول قضاياه ألا وهو تقديم آراء الرجال والنظر إلى أعمالهم،واتخاذها حجة في الدين مثل أقوال وأعمال أرباب السلوك والمقامات- الأحوال - ومعلوم أن هذا المنهج مردود، لأن الله تعبدنا بالقرآن والسنة، فلا يجوز تقديم قول أحد أو عمله ذوقه أو رأيه ما لم يكن موافقاً لهما.
ثامناً: تحقيق العبودية أساس السعادة:
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكرنا أن الإنسان كائن حي،وأنه مدني بالطبع لا يستقل بنفسه،وهو ذو حاجات ومطامع ولا بد له من معبود يوجه له إرادته، فأما أن يكون عبد الله مخلصاً له، وإما أن تستعبده الأهواء والشهوات والطواغيت من الجن والأنس الذين يزينون له المعصية،ويرتبونها في نفسه ويكون عبداً لهم، وهكذا كل من استكبر عن عبادة الله وقع في عبادة غيره شاء أم أبي.
يقول الشيخ رحمه الله في توضيح هذه الفكرة: ((فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة وقد ثبت في الصحيح عن النبي r : ( أصدق الأسماء حارث وهمام) .... فلا بد لكل عبد من مراد ومحبوب هو منتهى حبه وإرادته، فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وإرادته بل استكبر عن ذلك فلا بد أن يكون له مراد محبوب يستعبده غير الله،فيكون عبداً لذلك المراد المحبوب)) ([30] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn30)).
والقلب فيه فقر ذاتي وفيه فراغ لا يملأه إلا حب الله،وشعت لا يلمه إلا التوكل على الله،ولو حصل له كل أنواع اللذات الدنيوية فإن لا يجد ما يملئ قلبه ويسد خلته،بل يبقى مهموم ينتقل من لذة إلى أخرى،يقول الشيخ رحمه الله في بيان فقر الإنسان لربه وأنه لا غنى له عنه: ((فالقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين: من جهة العبادة وهي العلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية، ثم يقول (فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة): ?إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ? (الفاتحة:5)
فإنه لو أعين على حصول كل ما يحب ويطلب، ويشتهيه ويريده، ولم يحصل له عبادته لله بحيث يكون هو غاية مراده،ونهاية مقصوده وهو المحبوب له بالقصد الأول، وكل ما سواه إنما يحبه لأجله. لا يحب شيئاً لذاته إلا الله، فمتى لم يحصل هذا لم يكن قد حقق حقيقة (لا إله إلا الله)، ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة، وكان فيه من النقص والعيب،بل من الألم والحسرة والعذاب بحسب ذلك)) ([31] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn31)).
والعبادة غذاء الروح وسعادة النفس، وسرور القلب،ولهذا لم يجئ في القرآن إطلاق القول بأن العبادة والعمل الصالح: إنه تكليف، وإنما جاء ذكرنا التكليف في موضع النفي كقوله تعالى: ? لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ? (البقرة: من الآية286). أي وإن وقع في الأعمال تكليف، فلا تكليف إلا قدر الواسع، يقول الشيخ في بيان أن نفس العبادة غذاء الإنسان: ((ونفس الإيمان بالله وعبادته ومحبته وإجلال هو غذاء الإنسان، وقوته وصلاحه، وقوامه كما عليه أهل الإيمان،وكما دل عليه القرآن، لا كما يقول من يعتقد من أهل الكلام ونحوهم: إن عبادته تكليف ومشقة! وخلاف مقصود لمجرد الامتحان والاختبار)) ([32] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn32)).
وبهذا يتضح أن العبودية لله هي التي تحرر الإنسان من عبودية ما سواه، هي التي ترد على الإنسان كرامته وعزته، فتمنعه من أن يذل نفسه لغير الله أو يخضع لغيره، وهي التي تمنحه السعادة والاطمئنان وتجعله يعيش في روضة من رياض الجنة، وتأخذ به إلى مرضاة الله والأنس بذكره والتلذذ بمناجاته.
ويمكن لنا أن نعرف ذلك يقيناً وذلك باستقراء أحوال الناس،وما هم عليه من عبوديات لغير الله هل هناك منهم من يشعر بالراحة القلبية،والسعادة النفسية، والشيخ هنا يستعرض نماذج من حياة البشر وأصنافهم ممن عبدوا غير الله،ويقيم ذلك وفق تحليل دقيق رائع لنفسياتهم،وما يعانونه من علل نفسية واضطرابات (جنسية) وإليك البيان:
أولاً: من علق قلبه بامرأة. يقول الشيخ ((فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له (أي زوجته) ([33] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn33)). يبقى قلبه أسيراً لها تحكم فيه، وتتصرف بما تريد، وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها، ولا سيما إذا درت بفقره إليها، وعشقة لها)) ([34] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn34)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: من تعلق بالنساء والنظر إليهن ـ ولو لم يفعل المحرمات ـ: ((فأما من استعبد قلبه صورة محرمة: امرأة أو صبي فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه وهؤلاء ـ عشاق الصور والنساء ـ من أعظم الناس عذاباً وأقلهم ثواباً، فإن العاشق لصورة، إذا بقي قلبه متعلقاً بها مستعبداًَ لها، اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لايحصية إلا رب العباد ـ ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى)) ([35] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn35)).
ثالثاً: من علق قلبه بمنصب أو رئاسة أو جاه: ((وكذلك طالب الرئاسة، والعلو في الأرض قلبه رقيق لمن يعينه عليها ولو كان في الظاهر مقدمهم،ومطاع فيهم،فهو في الحقيقة يرجوهم ويخافهم،فيبذل لهم الأموال والولايات، ويعفو عما يجير حونه ليطيعوه ويمنعوه،فهو في الظاهر رئيس مطاع وفي الحقيقة عبد مطيع لهم)).
رابعاً: من علق قلبه بحب المال والحرص عليه: ((وهكذا طالب المال، فإن ذلك المال يستعبده ويسرقه)) إذا أعطى من المال رضى وزال غضبه، وإن دفع سخط وقد سماه الرسول r عبد الدرهم والدنيا فقال: (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، إن أعطى رضي، وإن منع سخط) ([36] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn36)).
ومن هذا يتبين أن عبودية القلب هي المقصودة،والبدن تبع لها، فإذا تعلق قلبه بأحد هذه الأشياء أو غيرها صار عنده شعبة من العبادة لغير الله،ووقع في الشرك بحسب ذلك، يقول الشيخ: ((فإذا تعلق قلبه صار مستعبداً له، وربما صار معتمداً على غير الله، فلا يبقى معه حقيقة العبادة ولا حقيقة التوكل عليه،بل فيه شعبة من العبادة لغير الله)) ([37] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn37)).
وسبيل التحرر من هذه العبوديات جملة وسائل ذكرها الشيخ هي التي تحقق له العبودية لله، وهذا يذكرنا بمبدأ إيجاد (البديل أو البدائل)، وهو ما يذكره علماء النفس والتربية، وقد قرره شيخ الإسلام في هذه الرسالة إذ يقول: ((الإنسان لا يترك محبوب إلا لمحبوب آخر)) ([38] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn38)).
وسائل تحقيق عبودية المسلم لربه سبحانه:
- إخلاص الدين لله، والبراءة من الشرك: يقول رحمه الله: ((فكلما قوي إخلاص دينه لله كملت عبوديته،واستغناؤه عن المخلوقات، وبكمال عبوديته لله يبرئه من الكبر والشرك)) ([39] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn39)).
وإذا خلص دينه لله انصرف عن قلبه السوء والفحشاء، وانقهر هواه وشيطانه دون تكلف، لقوة تعلقه بالله ومراقبته له قال تعالى: ? كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ? (يوسف: من الآية24). ((وهكذا يكون قبل أن يذوق حلاوة العبودية له، والإخلاص له بحيث تغلبه نفسه على إتباع هواها،وإذا ذاق طعم الإخلاص وقوي في قلبه، أنقهر له هواه بلا علاج)) ([40] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn40)).
- قوة الحب لله والمتابعة للرسول r: يقول الشيخ رحمه الله: ((فكلما ازداد القلب حبا له – لله – ازداد له عبودية، وكلما ازداد عبودية ازداد حباً وفضله عما سواه)) ([41] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn41)).
ومحبة الله لا تنال بالأماني الفارغة،والدعاوى العريضة، بل تنال بأمرين عظيمين لا ينالهما إلا من أراد الله به خيراً، يقول الشيخ رحمه الله: ((وقد جعل الله لأهل محبته علامتين: إتباع الرسول. والجهاد في سبيله، وذلك لأن الجهاد حقيقتة الاجتهاد في حصول ما يحبه من الإيمان،والعمل الصالح ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان، فإذا ترك المسلم الجهاد بأنواعه،ولم يتحمل التعب والملام في سبيل الله دل على ضعف المحبة لله في قلبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
- قوة الطمع في فضل الله،ودعاؤه والتضرع إليه في كل حال: يقول رحمه الله: ((وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته لقضاء حاجته،ودفع ضرورته، قويت عبوديته، وحريته مما سواه، فكما أن طمعه في المخلوقين يوجب عبوديته له، فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه)) ([42] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn42)).
- الاستغناء عن المخلوقين وعدم سؤالهم، والتذلل لهم، لكن دون جفوة وإساءة إليهم، بل الإحسان إليهم وإرادة الخير والنصح لهم: يقول رحمه الله في ذلك: ((ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقين إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه، ولا يستعين إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه، ولا يكره إلا ما يبغضه الرب ويكرهه ... )). ولأجل هذا جاء النهي عن سؤال المخلوقين لأنه في الأصل محرم ولكن أبيح بقدر الحاجة ([43] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn43)).
- ذكر الله أفضل الأعمال بعد أداء الفرائض والاعتناء بها: ((وأقل ذلك أن يلازم العبد الأذكار المأثورة عن معلم الخير، وإمام المتقين r الأذكار المؤقتة من أول النهار وآخره،وعند أخذ المضجع وعند الاستيقاظ من المنام، وأدبار الصلوات، والأذكار المقيدة مثل ما يقال عند الأكل والشرب واللباس والجماع، ودخول المنزل،والمسجد والدخول والخروج من ذلك،وعند المطر والرعد إلى غير ذلك)) ([44] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn44)). وأفضل الذكر على الإطلاق تلاوة القرآن،فقد جعل الله في تلاوته الشفاء والضياء، وأفضل ما يتقرب العبد به إلى ربه هو كلامه الذي خرج منه.
فإذا حصلت العبودية لله حصل المسلم على السعادة والاطمئنان،وانشراح الصدر وقرة العين قال تعالى: ?مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? (النحل:97). وانصرف عن قلبه من السوء،والفحشاء والتفكر فيهما ما لا يمكن دفعه بنفسه، وكل ذلك يحصل بإعانة الله: ((فإن المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله ما يمنعه من عبوديته لغيره، إذ ليس في القلب السليم أحلى ولا أطيب،ولا ألذ ولا أسر،ولا أنعم من حلاوة الإيمان المتضمن عبوديته لله،ومحبته له وإخلاص الدين له، وذلك يقتضي انجذاب القلب إلى الله فيصير القلب منيباً إلى الله خائفاً منه راغباً راهباً)) ([45] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn45)).
وبذلك يستريح من التفكير بالوساوس الشيطانية،ويستريح أيضاً من كلفة الطلب والنظر.
لقد أصبحت الصحة النفسية للقلب مطلباً جماهيرياً – إن صح التعبير- في عصرنا الحاضر، وذلك لتفشي الأمراض النفسية كالقلق، والكآبة وضيق الصدر ومرارته, وطغيان هذه الأمراض على مظاهر السلوك، وسيطرة السعار المادي على القلوب والعقول وهذا بلا شك عامل هدام في حياة الأفراد والمجتمعات، ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بكمال العبودية لله والتضرع إليه.
وما أحوج الأمة- والخطر يدق أبوابها – أن ترجع إلى المنهل العذب، والنبع الصافي وتحاول علاج أمراضها النفسية بالعلاج النبوي الرباني، وأن تتدبر هذه الكلمات الطيبة وتعمل بها،بدلاً من التقلد الأعمى للغرب ومراجعة العيادات النفسية التي يتولاها أحياناً الدجالون،والذين لم يعرفوا الإسلام ولم يفقهوه، وبدلاً من اللجوء إلى السحرة والمشعوذين،والكهنة الذين أضلوا الناس وأبعدوهم عن عبوديتهم لله.
تاسعاً: محبة الله عنصر أساسي في العبودية:
بين الشيخ في مواضع عديدة من كتبه ([46] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn46)). أن المحبة أصل كل حركة في العالم العلوي والسفلي، وأن وجود الفعل لا يكون إلا عن محبة وإرادة،وهذا يحصل بتدبير الملائكة الكرام الذين وكلهم الله تعالى بتصريف الأمور بإذن الله،وحتى دفع الإنسان للأمور التي يكرهها، أصله أيضاً المحبة، فهو يحب العاقبة المستلزمة لشرب الدواء المكروه، وقطع اليد الشلاء، ولكنه لا يترك ما يحبه ويهواه، وهذا يدل على أن المحبة أصل كل فعل ومبدؤه، وهذا من الأدلة على أن الحب من أعظم الدوافع إلى السلوك والعمل،
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الشيخ رحمه الله: ((ومعلوم أن الحب يحرك إرادة القلب فكلما قويت المحبة في القلب طلب فعل المحبوبات)).
وهذا بخلاف الخوف فإنه يحصل لسبب ويزول لزواله.
وإذا كان كذلك فليس في الوجود من يحب لذاته إلا الله لما أنعم علينا من النعم العظيمة،والآلاء الجسيمة،وأتمها بنزول القرآن العظيم، وببعثة الرسل الكرام والصالحين، فنحن نحبهم لأن الله أمرنا بهذا الحب، والمحبة من أعظم العبادات القلبية التي يجب صرفها لله، أعني المحبة التي تستلزم الخضوع والذل وإيثار المحبوب- بخلاف المحبة المشتركة التي لا يقرنها الخضوع مثل محبة الوالد لولده،والصديق لقرينه فلا يكون وجودها شركاً، ولكن من تمام المحبة وكمالها أن تحب ما أحبة الله من الأشياء، وفرق بين الحب مع الله، وهو الشرك الذي لا يغفر والحب لله.
والشيخ رحمه الله يربط بين المحبة والعبودية فيبين أنه لا بد من اجتماع الحب،والخضوع لله وحدة فيقول: ((بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شئ، وأن يكون أعظم عنده من كل شئ)) ([47] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn47)).
وقد انقسم الناس في هذا الأمر إلى طائفتين:
أ- من ظن أن الحبة مجرد ذل وخضوع لا محبة فيه، فجرد المحبة من أعظم خصائصها، وابن تيمية يهتم اهتماماً بالغاً بالجانب العاطفي، فللمحبة دافع قوي في تحريك الإرادة والخير، وهذا بخلاف العرض الجاف الخالي من الانفعال عند علماء الكلام في كتبهم ومصنفاتهم ([48] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn48))، ولهذا أنكر الجهم بن صفوان مخالة العبد لربه،وحادثة ذبح خالد القسري أمير العراق للجعد بن درهم مشهورة.
ب- من يتوهم أن محبة الله مجرد انبساط في الأهواء،وأنها مجردة عن البذل والخضوع، وقد أخرجهم ذلك إلى نوع من الرعونة – الشطحات – والدعوى التي تنافي العبودية،والأدب مع الله.
وقد ترتب على ذلك جملة من الأخطاء والشطحات صدرت عن بعض السالكين وهي إما غلط- فيهم- أو كذب عليهم، ومن هذه الشطحات التي انتقدها الشيخ عليهم:
- الرضا بكل شئ ومحبة كل شئ حتى الكفر والفسوق والعصيان لأن (المحبة نار تحرق في القلب ما سوى مراد المحبوب) ([49] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn49))، ومعني هذا الكلام أن المعاصي بقضاء الله،ونحن مأمورون أن نرضى بالقضاء ... ولم يفرقوا بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية.
ولأهل السنة ثلاثة أجوبة على هذه الشبهة وهي:
1 - علينا أن نرضى بما أمرنا الله أن نرضى به كطاعة الله ورسوله.
2 - علينا أن نرضى بالقضاء الذي هو صفة الله أو فعله بالمقضي.
3 - أن المعاصي لها وجهان:وجه من العبد حيث هي من فعله وكسبه، ووجه إلى الرب من حيث هو قدرها فالعبد عليه أن يرضى عن الوجه الذي يضاف إلى الله.
والشيخ يرى أن أفضل الأجوبة هي الإجابة الأولى ([50] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn50)) ، فالإنسان مفطور على دفع ما يضره ويؤذيه وأن كانت لله، فكذلك الكفر ونحوه وإن كان بقدر الله فعلينا دفعه وعدم الرضا به من هذه الناحية،
وعلى العبد أن يفرق بين الإرادة الكونية التي يشترك في شهودها البر والفاجر، والإرادة الدينية التي يحبها الله ويرضاها وهي التي شرعها وأمر بها، عدم التفريق بين هذين النوعين جر طوائف إلى الوقوع في أنواع الإلحاد والكفر، يقول رحمه الله: ((فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها،ولم يقم بما أمر الله به من الحقيقة الدنيوية التي هي عبادته المتعلقة بإلوهيته وطاعة أمر وأمر رسوله كان من جنس إبليس وأهل النار، فإن ظن مع ذلك أنه خواص أولياء الله،وأهل المعرفة الذين سقط عنهم الأمر والنهي الشرعيان فإنه من شر أهل الكفر والإلحاد)) ([51] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn51)).
- ومن هذه الشطحات التي ردها الشيخ الدعاوى الطويلة في طلب الوصال، والتي جعلت هؤلاء يتكلمون بما ينافي العبودية لله مع ما هم فيه من تضييع الحقوق،وتعدي الحدود، ومن هذه الأقوال التي نقلها الشيخ:
قول البعض: أي مريد لي ترك في النار أحد فأنا برئ منه.
وقول الآخر: أي مريد لي ترك أحداً من المؤمنين يدخل النار فأنا برئ منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقول الآخر أيضاً: إذا كان يوم القيامة نصبت خيمتي على جهنم حتى لا يدخلها أحد ([52] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn52)).
ولم يعلم هؤلاء أن أحداً من الملائكة المقربين،والأنبياء لا يشفع لأحد إلا بإذن الله،وبعد أن يرضى عن المشفوع له، وذلك لكمال الهيبة وجلالة الموقف يوم القيامة، وأن دعوى الأنبياء على الصراط (اللهم سلم اللهم سلم)، وقد طارد ابن تيمية كل مظاهر السخف والرعونة والدعاوى الباطلة،والتي جعلت هؤلاء يتكلمون بما ينافي العبودية والطاعة لله، وبين الشيخ أن سبب صدورها من هؤلاء الشيوخ يرجع إلى سببين:
1 - بعض هؤلاء السالكين،وأرباب الأحوال يكون لأحدهم وجد صحيح لكن ليس له عبارة توضح مراده، فيقع في كلامه من الغلط،وسوء الأدب مع صحة المقصود كقول الشبلي لما سمع قارئاً يقرأ قوله تعالى: ?وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ? (آل عمران: من الآية152)، فقال أين مريد الله؟، مع أن في الآخرة كل أنواع النعيم،وأعظمها نعيم النظر إلى وجه الله الكريم، وسبب ذلك اعتقاد هؤلاء أن الجنة ليس فيها إلا الأكل والشرب، وهذا من آثار طغيان الفلسفة المنحرفة على أفكار المسلمين ودينهم.
2 - صدور مثل هذه الأقوال في حال سكر واصطلام – لذة مع عدم تمييز – يسقط فيه تمييز الإنسان،أو يضعف حتى لا يدرى ما قال ([53] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn53)).
وهذه الأقوال لو قالها الإنسان في كامل وعيه وتفكيره لكان كافراًَ يستتاب وإلا قتل،يقول الشيخ رحمه الله – حينما سئل – في قوله رابعة رحمها الله (لما حجت البيت ونظرت إليه فقالت: ((هذا الصنم المعبود في الأرض،وأنه ما ولجه الله ولا خلا منه)) ([54] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn54)).
فبين أن هذا كذب على رابعة، ولو قال هذا من قال لكان كافراً يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهو كذب فإن المسلمين لا يعبدون البيت، ولكن يعبدون رب البيت بالصلاة والطواف. يتبع
ـ[رشيد الكيلاني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 03:46]ـ
القسم الاخير:
الفناء وأقسامه:
وموضوع المحبة المجردة عن الذل والخضوع يجرنا إلى موضوع الفناء وهو: الاستغراق في الحق بحيث لا يشعر بغيره، وقد فتح هذا الموضوع على مدعيه ألواناً من البلاء والشر،وهو يكشف عن فهم معكوس لمعني العبودية عند القائلين به، فهم يدعون أنهم يزدادون توغلاً في مشاهدة الحق،والحقيقة أنهم يزدادون ضلالاً وبعداً عن العبودية وإتباعا للشيطان.
ومنهج الشيخ في الكلام عن هذا الموضوع كغيره من المواضيع لا يطلق الأحكام العامة فيها، بل يستفصل لأن هذه الألفاظ: -الفناء وغيره- فيها لبس الحق بالباطل، ولهذا قسم الشيخ الفناء إلى ثلاثة أنواع وهي:
النوع الأول: الفناء عن إرادة ما سوى الله:
وهذا هو الفناء الكامل الواجب على كل مسلم بحيث لا يحب إلا الله ولا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، فينفي عن عبادة الله عبادة ما سواه وهذا الفناء هو ((تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، فإنها تنفي عن قلبه إلوهية ما سوى الله، وتثبت في قلبه إلوهية الحق، فيكون نافياً لإلوهية كل شئ من المخلوقات، مثبتاً لإلوهية رب العالمين، ورب الأرض والسماوات، وبذلك يتضمن اجتماع القلب على الله، وعلى مفارقة ما سواه)) ([55] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn55)).
النوع الثاني: الفناء عن شهود السوى:
وهذا النوع هو (أن يغيب بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمذكوره عن ذكره، حتى يفني من لم يكن، -وهي المخلوقات-، ويبقى من لم يزل، -وهو الرب تعالى-) وهذا النوع سببه كما قلنا المحبة المجردة عن الذل والخضوع، وهو يحصل لكثير من السالكين. كمن يدهمه أمر عظيم فيبقى قلبه من كل شئ، إلا ما يخافه أو يحبه أو يرجوه.
وهذا النوع من الفناء يبين الشيخ أنه نقص، والدليل على ذلك أنه لم يقع فيه خير القرون من الصحابة كأبي بكر وعمر وغيرهم: ((فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أكمل وأقوى، وأثبت في الأحوال الإيمانية من أن تغيب عقولهم،أو يحصل لهم غشي،أو ضعف أو سكر، أو فناء وله أو جنون)) ([56] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn56)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان الصحابة رضي الله عنهم مع قيامهم بالواجبات الإيمانية:كالصلاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الواجبات العظيمة لم يقعوا في هذا الفناء،بل عندهم من سعة العلم وقوة الفرقان ما يشهدوه الأمور على ما هي عليه، فيفرقون بين الخالق والمخلوق، والقديم والمحدث، ومن الأدلة التي استدل بها الشيخ على نقص هذا الفناء:أن النبي r لما عرج به إلى السماوات وعاين ما هنالك من الآيات، وأوحى إليه ما أوحى من أنواع المناجاة، أصبح فيهم وهو لم يتغير حاله، ولا ظهر عليه ذلك ([57] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn57)).
وكلما بعد العصر عن عصر النبوة والولاية قل العلم،وفشى الجهل،وظهرت البدع ولهذا بين الشيخ أن مبادئ ظهور مثل هذه الأمور لم تقع في العصر الأول لقوة نور السنة،ومقاومة الصحابة رضي الله عنهم للبدع وأهلها: ((وإنما كان مبادئ هذه الأمور في التابعين من عباد البصرة،فإنه كان فيهم من يغشي عليه إذا سمع القرآن، ومنهم من يموت)) ([58] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn58)). وهذا ما يسمى (بالشهقة) التي تعرض عند سماع القرآن،يذكر ابن القيم أن من ذلك قوة الوارد وضعف المحمل ([59] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn59))، بخلاف الصحابة رضي الله عنهم فالذي كان فيهم هو البكاء ولين القلوب وقشعريرة الجلد.
أما ما يفعله صوفية زماننا من الصياح، والزعيق في سماع القرآن، أو غيره من هذا النوع بل هو شهقة المنافق، فلو وقف أحدهم على حائط،أو مرتفع لما حصل له ذلك،لأنه يفعله تصنعاً ورياء.
النوع الثالث: الفناء عن وجود السوى:
وهو فناء الملاحدة والمنافقين، والذين جعلوا الوجود وجوداً واحداًَ، وقد أوقع هذا الفناء بالكثير من أدعياء التصوف إلى فعل المعاصي والفسوق، وأوقع بالآخرين إلى عبادة الأصنام والأوثان، وتساوت عندهم جميع الحوادث،فلم يفرقوا بين البر والفاجر،والمأمور والمحظور،وهذا الفناء (هو تحقيق آل فرعون ومعرفتهم وتوحيدهم كالقرامطة وأمثالهم) ([60] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn60)).
وقد بين الشيخ أن من الأصول التي يعتمد عليها هؤلاء الاتحادية ما يؤثرونه عن رسول الله r في الحديث القدسي: (من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه .... الحديث).
وهذا الحديث حجة عليهم لا لهم،فقد أثبت الله سبحانه نفسه ووليه ومعادي لوليه، وأخطئوا في استدلالهم بهذا الحديث على الاتحاد العام، بل هو دليل على الاتحاد الوصفي،يقول الشيخ في رده على هؤلاء: ((وهذا الموضع زلت فيه أقدام ـ أي الفناء عن شهود السوى،إذا قوى وضعف التمييزـ وظنوا أنه اتحاد، وأن المحب يتحد بالمحبوب، حتى لا يكون بينهما فرق في نفس وجودها، وهذا غلط، فإن الخالق لا يتحد به شئ أصلاً)) ([61] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn61)).
ولهذا اتفق سلف الأئمة على أن الخالق مباين لمخلوقاته، وليس في مخلوقاته شئ في ذاته، ولا في ذاته شئ من مخلوقاته.
وقد اعتنى بالرد على هؤلاء، بل أعلن حربه عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عامة كتبه ([62] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn62))، لما تضمنت أقوالهم من الكفر الصريح،والإنكار لوجود الرب ومباينته لمخلوقاته، وقد تعرض على أيديهم لأنواع من الأذى، وأدخل السجن بسببهم مراراً حتى مات رحمه الله في محبسه الأخير بدمشق وهو يتلو قول الله عز وجل ([63] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn63)).
? إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ? (القمر: 54 - 55).
الناحية العملية في حياة الشيخ
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكرنا أن التزكية امتثال حقيقي للإسلام لا ظاهر صوري، يشمل الظاهر والباطن،والقول والسلوك،وقد تمثلت في ابن تيميه رحمه الله صورة العابد الورع الزاهد، المجاهد في سبيل الله،ففي الوقت الذي كان فيه الشيخ يطارد كل مظاهر الانحراف والضلال التي لحقت بعقول المسلمين،وراجت في عصره مظاهر الابتداع وخاصة في أمور العبادة،وحاول إرجاع المسلمين إلى المصادر الأصلية (الكتاب والسنة)، كان في الوقت نفسه صورة حية تعكس للناس مدى التزام الشيخ بمظاهر العبودية الحقة، و الالتجاء الصادق إلى الله، وأنقل إليك أخي القارئ نماذج حية من أقوال تلامذته ومن عاصره تدل على ذلك:
فقد نشأ الشيخ في أسرة كريمة اشتهرت بالعلم والورع والزهد،وحب العلم والعلماء، وقد ورث ابن تيمية رحمه الله من أسرته الورع والزهد واللجوء إلى الله،والدعوة إلى دينه وحفظ القرآن فقد تحدث كتاب التراجم ومؤرخو الإسلام بأنه " نشأ في تصوف تام، وعفاف، وتأله واقتصاد في الملبس والمأكل،فلم يزل ذلك خلقه، صالحاً برً بوالديه تقياً، ورعاً ([64] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn64))، عابداً، ناسكاً، صواماً، قواماً، ذاكراً لله تعالى في كل أمر وفي كل حال، رجاعاً إلى الله تعالى، وقافاً عند حدود الله وأوامره ونواهيه، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر لا تكاد نفسه تشبع من العلم،ولا تروى من المطالعة،ولا تمل من الاشتغال ولا تكل في البحث ... " ([65] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn65)).
ومن تلاميذه ابن القيم رحمه الله الذي لازمه مدة طويلة جداً، ووقف معه في المحن التي تعرض لها،وقد حبس هو ايضا بسبب التهم الباطلة التي وجهت إليهما، ولم يفرج عن ابن القيم إلا بعد وفاة شيخه يقول رحمه الله واصفاً مدة إقامته بالحبس،وما عليه حال الشيخ ابن تيمية من انشراح الصدر وقوة القلب: " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة، وقال لي مرة: ما يصنع بي أعدائي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة ([66] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn66))، وكان يقول في محبسه الأخير في القلعة: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكري هذه النعمة، أو قال ما جزيتهم عني ما تسببوا لي فيه من الخير، ونحو هذا، وكان يقول في سجوده وهو محبوس: " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" ما شاء الله، وقال لي مرة: المحبوس من حبس قلبه من ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه، ولما دخل القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: (فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب)، وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش،وخلاف الرفاهية والنعيم،بل ضدهما، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق،وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً،وأشرحهم صدراً،وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف،وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه،فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل .... ([67] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn67)).
وقال الحافظ البزار في المناقب العلية وقد سأله جماعة أن يكتب لهم عن عبادة الشيخ بعد ما ت فقال رحمه الله: " أما تعبده رضي الله عنه، فإنه قد أن سمع بمثله، لأنه كان قد قطع جل وقته وزمانه فيه، حتى أنه لم يجعل لنفسه شاغله تشغله عن الله تعالى، ما يراد له لا من أهل ولا من مال،
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان في ليلة متفرداً عن الناس كلهم، خالياً بربه عز وجل،ضارعاً مواظباً على تلاوة القرآن ا لكريم مكرراً لأنواع التعبدات الليلية والنهارية، وكان إذا ذهب الليل وحضر مع الناس بدأ بصلاة الفجر يأتي بسنتها قبل إتيانه إليهم – أي في البيت –،وكان إذا أحرم بالصلاة تكاد تنخلع القلوب لهيبة إتيانه بتكبيرة الإحرام، فإذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤه حتى يميله يمنة ويسرة، وكان إذا قرأ يمد قراءته مداً كما صح في قراءة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،. فإذا فرغ من الصلاة أثنى على الله عز وجل،وكان دعائه يفتتحه ويختتمه بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم). ثم يشرع في الذكر، وكان قد عرفت عادته لا يكلمه أحد بغير ضرورة بعد صلاة الفجر، فلا يزال في الذكر يسمع نفسه، وربما سمع ذكره من إلى جانبه هكذا دأبه حتى ترتفع الشمس،ويزول وقت النهي عن الصلاة، وكان إذا رأى في طريقه منكراً أزاله، أو سمع جنازة سارع إلى الصلاة عليها، أو تأسف على فواتها وربما ذهب إلى قبر صاحبها بعد فراغه من سماع الحديث، فصلى عليه ([68] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn68))، ثم يعود إلى المسجد فلا يزال تارة في إفتاء الناس، وتارة في قضاء حوائجهم حتى يصلي الظهر مع الجماعة، ثم كذلك بقية يومه، ثم يقول البزار رحمه الله وهو يتحسر على قلة صحبته للشيخ:" فسبحان الله ما أقصر ما كانت! يا ليتها كانت طالبت – أي صحبته للشيخ – ولا والله ما مر في عمري إلى الآن، زمان كنت أحب إلي من ذلك الحين، ولا رأيتني في وقت أحسن حالاً من حينئذ، وما كان إلا ببركة الشيخ رحمه الله" ([69] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn69)).
ويحدثنا الحافظ محمد عبد الهادي عن – وهو من تلامذة الشيخ -حياة الشيخ في آخر جزء من حياته:" وأقبل الشيخ بعد إخراجها – الكتب والأوراق التي يكتب فيها – على العبادة والتلاوة والتذكر والتهجد حتى أتاه اليقين.
وختم القرآن مدة إقامته بالقلعة ثمانين، أو إحدى وثمانين ختمة انتهى في آخر ختمة إلى آخر سورة اقتربت الساعة من قوله تعالى ?إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ? (القمر:55) ثم كملت عليه بعد وفاته، وهو مسجي كان كل يوم يقرأ ثلاثة أجزاء،يختم في عشرة أيام ([70] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn70)). هذا كما أخبرني أخوه زين الدين.
وكانت مدة مرضه بعضة وعشرين يوماً، وأكثر الناس علموا بمرضه، فلم يفجأ الخلق إلا فيه فاشتد التأسف عليه،وكثر البكاء والحزن، ودخل إليه أقاربه وأصحابه، وازدحموا على باب القلعة والطرقات، ([71] ( http://www.mazameer.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn71)). وامتلأ جامع دمشق وصلوا عليه، وحمل على الرؤوس رحمه الله ورضي عنه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
______________________________ ____________________ __________
([1]) كتب الأستاذ عبد الرحمن الباني مقدمة رائعة للرسالة تستحق العناية (طبع المكتب الإسلامي) الطبعة السادسة.
([2]) انظر ما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله في آخر (الواسطية)، فقد ذكر جماع مكارم الأخلاق التي يتخلق بها أهل السنة والجماعة (ص 127) بشرح العلامة محمد خليل هراس رحمه الله،وقد طبعت الرسالة لأهميتها طبعات عدة.
([3]) دقائق التفسير لابن تيمية، تحقيق محمد الجليند، (5/ 100) جمع الأستاذ ما تيسر له من تفسير ابن تيمية في هذا الكتاب.
([4]) مجموعة الرسائل الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية،انظر1/ 426).
([5]) المصدر السابق (1/ 427).
([6]) الصراط المستقيم، للإمام ابن تيميه (ص5)،رسالة مستلة من مجموع الفتاوى للشيخ.
([7]). إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم (1/ 69) تحقيق العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله.
([8]) انظر بعض الآثار السيئة لهذه العقائد الباطلة في ((حقيقة التصوف)) بقلم د. محمد بن ربيع المدخلى (ص18) وما بعدها من الصفحات.
([9]) راجع ((شرح كلمات الشيخ عبد القادر الكيلاني)) للشيخ لابن تيمية، بتحقيق الأخ الأستاذ إياد عبد اللطيف إبراهيم، طبع مكتبة المثنى ببغداد.
([10]) دقائق التفسير لابن تيمية، (5/ 79).
([11]) نفس المصدر (5/ 77).
(يُتْبَعُ)
(/)
([12]) دقائق التفسير (5/ 88).
([13]) أي في سورة عبس.
([14]) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (16/ 172).
([15]) التفسير القيم (ص374)،جمع محمد أريس النووي، وتحقيق محمد حامد الفقي رحمه الله.
([16]) دقائق التفسير (51/ 89)
(3) من هذه العمومات كون الإسلام حق يجب إتباعه فمثل العلم بهذا لا يكفي بل لابد من العلم بالتفصيل.
([17]) انظر (مقدمة في التفسير لابن تيمية):بتحقيق محمود محمد نصار ... وهي كلمة عظيمة جداً تدل على فقه الشيخ ومعرفته بالقرآن ومعانيه وانه كما قيل حامل لوائه.
([18]) رسالة العبودية (ص 5) لشيخ الإسلام، طبع في بغداد (مطبعة منير).
([19]) رسالة العبودية (ص 81).
([20]) العبودية (ص7) لابن تيمية.
([21]) التفسير القيم (ص 95).
([22]) العبودية (ص 31).
([23]) العبودية (ص 7).
([24]) العبودية (ص 13).
([25]) التفسير القيم (ص80) بتحقيق محمد حامد الفقي.
([26]) العبودية (ص 17).
([27]) والتعبد لله بموجب الأسماء والصفات العليا،والعمل بمقتضاها من أجل العبوديات وأعظمها نفعاً، لا باسم لم يرد به الشرع وانظر في ذلك (مدارج السالكين) لابن القيم (ج3).،ولولا خوف الإطالة لذكرنا فائدة هذا العلم الجليل، وأثره على قلب المسلم، ونسأل الله أن يوفقنا لأن نفرد في ذلك بحثاً مستقلاً والله المعين.
([28]) العبودية (ص124).
([29]) العبودية (ص40).
([30]) العبودية (ص78).
([31]) العبودية (ص75).
([32]) ((قاعدة في التوحيد والإخلاص)) لابن تيمية: تحقيق الأخ أحمد الحمداني -فرج الله عنه كربه-، طبع مكتبة المثنى ببغداد.
([33]) وهذا لا يدل على الكراهة أو التحريم: وهو بين ظاهر، ولكن المحذور الذي نبه إليه الشيخ أن يصل الحال إلى درجة التعلق – تعلق القلب – وعدم الاستغناء، وإذا علمت هي بذلك حصل ما لا يحمد عقباه،بل يفعل ذلك عند الحاجة مع تعلق القلب بالله سبحانه والله اعلم.
([34]) العبودية (ص 62ـ 63).
([35]) العبودية (ص 67).
([36]) الحديث رواه البخاري عن أبو هريرة رضي الله عنه.
([37]) العبودية (ص54).
([38]) العبودية (ص78).
([39]) العبودية (ص80).
([40]) العبودية (ص80).
([41]) العبودية (ص70).
([42]) العبودية (ص60).
([43]) العبودية (ص65) وانظر بعض الآثار في النهي عن المسألة وسؤال الناس في ((التوسل والوسيلة)) للشيخ: (ص34)، منشورات دار الآفاق الجديد.
([44]) مسائل في الزهد، (ص15)، مكتبة التراث.
([45]) العبودية (ص6).
([46]) انظر مثلاً رسالة المحبة ضمن جامع الرسائل المجلد الثاني والاستقامة، روضة المحبين لابن القيم.
([47]) العبودية (ص10).
([48]) وانظر مثلا العقيدة النسفية، وجوهرة التوحيد وغيرها فإن مطالعتها لا تحرك معاني الحب في قلب المسلم بل تزيده شكوكاً وحيرة, وقد ازدادت بالشرح تعقيداً. فأين هذا ممن يطالع رسالة العبودية ويقرأها، فإنه سيجد فيها كل الخير والبركة.
([49]) وقد قال أحد مدعي المحبة للشيخ هذا الكلام .. ، ومقصوده أن الكون كله بما فيه أراد الله وجوده فهو يحبه، فأجاب الشيخ بالفرق الثاني الشرعي وقال له: ((إذا كان الله قد أبغض قوماً وكرههم وأحببتهم أنت أتكون مرافقاً له؟!)) فكأنما ألقم حجراًََ .....
([50]) الفتاوى الكبرى (1/ 214ـ 215).
([51]) العبودية (ص16).
([52]) العبودية (ص95).
([53]) العبودية (ص96).
([54]) مجموعة الرسائل والمسائل: (1/ 80).
([55]) العبودية (ص 111).
([56]) العبودية (ص 114).
([57]) العبودية (ص 116).
([58]) العبودية (ص 114).
([59]) الفوائدص5).
([60]) العبودية (ص128).
([61]) وانظر على سبيل المثال لا الحصر ((مجموعة الرسائل والمسائل)) الجزء الأول، فقد تضمن رسالة فيها إبطال وحدة الوجود والرد على القائلين به، والجزء الرابع وفيه حقيقة مذهب الاتحاديين وبيان شبهاتهم والرد عليهم بالبراهين النقلية والعقلية.
ومن الكتب النافعة في هذا المجال أيضاً ((الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)) و ((ولرسالة السبعينية)) وغيرها من الرسائل النافعة في بيان حقيقة مذهب هؤلاء القوم.
([62]) وانظر العقود الدرية: وفيه بعض المحن التي تعرض لها الشيخ بسبب ضلال الصوفية وانظر مثلاً الصفحات التالية: (ص 194 - 197 - 267 - 285).
(يُتْبَعُ)
(/)
([63]) وهذه الآية الكريمة هي آخر ما تلفظ بها الشيخ. وقد رؤي بعدها في المنام حيث رآه ابن القيم: فسأل كيف منزلتك؟ فأشار الشيخ إلى علو منزلتة فوق أكابر هذه الآمة.
([64]) إن أموالاً عظيمة كانت تصل من الملوك والتجار إلى الشيخ، وكان لا يبقي منها درهماً واحداً لنفسه بل يوزعها على المستحقين.
([65]) انظر: مقدمة كتاب (الصارم المسلول) بتحقيق محمد حامد الفقي.
([66]) وما أحوج المسلم اليوم وهو يعيش في خضم هذه الفتن أن يتحلى بهذه الروح الإيمانية، فتنير له الطريق إلى الآخرة ورضوان الله، فيظفر بإحدى الحسنين إما النصر أو الشهادة.
([67]) الوابل الصيب لابن القيم: بتحقيق الأخ إياد عبد اللطيف إبراهيم، طبع مكتبة المثنى، وهكذا يكون المسلم ثابتا على معاني الحق ويكون مثبتاً لغيره – وذلك بالنصح والإرشاد.
([68]) وقد جمع الشيخ رحمه الله بين العبادة والتزكية،وبين الدعوة والجهاد،بل قيل أنه قضى عمره بزيارة المرضى،وتفقد أحوال الناس والسؤال عنهم.
([69]) الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية: (ص38)، والمقصود ببركة الشيخ أي بإتباعه والاقتداء به.
([70]) وهذا يدل على مدى ما كان يعانيه الشيخ من الم الشيخ رحمه الله ومع ذلك لم ينقطع عن تلاوة القرآن وتدبر معانيه آناء الليل وأطراف النهار، وما أحوج المسلم الذي يريد تحقيق العبودية لله من أن يكثر من تلاوة كتاب الله ليلاً ونهاراً، وأن لا يتركه لأي ظرف، فإن الله علق النجاة في الدنيا والآخرة بقراءته، وتدبره والعمل به.
([71]) انظر تفصيل ذلك في العقود الدرية (ص361)، وقد قال البرزالي – وكان حاضراً وقت الجنازة – في عدد الذين صلوا عليه تخميناً، أن النساء حزرن به (15) ألفاً، والرجال ما بين (60 - 200) ألف، وانظر الأعلام العلية (ص 84) وهي أكبر جنازة تشيع بعد جنازة الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله جميعاً.
البحث كتبته قبل 15 سنة باسمك مستعار في عراقنا الحبيب وقد قام بنشره
أبو مهند النجدي جزاه الله خير الجزاء وجعل ما يقوم به من جهد في ميزان حسناته يوم الدين
Almodhe1405@hotmail.com (Almodhe1405@hotmail.com)
almodhe@yahoo.com
ـ[بدرالسعد]ــــــــ[13 - Dec-2009, صباحاً 09:45]ـ
بارك الله في جهدك
يكفيني دعوة ابراهيم عليه السلام: (ربنا وابعث فيهم رسولا ...... ويزكيهم)(/)
الْمُبْتَدِعُ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ:
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 04:47]ـ
جاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ (13/ 535):
" ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَلامَةُ أَبُو الْحَسَنِ الْحَلَبِيُّ، فَقِيهُ الشِّيعَةِ، وَنَحْوِيُّ حَلَبَ وَمِنْ كِبَارِ تَلامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي الصَّلاحِ.
تَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي كَشْفِ عُوَارِ الإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَبَدْءِ دَعْوَتِهِمْ، وَأَنَّهَا عَلَى الْمَخَارِيقِ، فَأَخْذَهُ دَاعِي الْقَوْمِ، وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ، فَصَلَبَهُ الْمُسْتَنْصِرُ فَلا رَضِيَ اللَّهُ عَمَّنْ قَتَلَهُ، وَأُحْرِقَتْ لِذَلِكَ خِزَانَةُ الْكُتُبِ بِحَلَبَ، وَكَانَ فِيهَا عَشْرَةُ آلافِ مُجَلَّدَةٍ، فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ ".
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 04:56]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
ورحم الله هذا الرجل في ذبه عن الحق
ـ[ناقل خير]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:04]ـ
وفقكم الله
إن كان (رافضيًا) من شاتمي الصحابة رضي الله عنهم .. فلا رحمه الله .. !
ويكون فعله من قبيل صراع " الأجنحة " في المدرسة الشيعية .. كما حدث بين الزيود والمطرفية في اليمن .. نعم؛ نفرح بهدم بعضهم بنيان بعض .. ولكن لا نتجاوز بهم قدْرهم الوضيع ..
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:21]ـ
توقفت عند قول الذهبي: " فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ، وَالأَمْرُ لِلَّهِ " طويلاً ووقع في نفسي ما قاله أخي ناقل خير، كيف يترحم على من يسب صحابة رسول الله ـ إذا كان ممن يسبهم ـ؟ فلم أجد إلا قوله: والأمر لله، أي في قبول هذا الترحم. والله أعلم.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:28]ـ
الْمُبْتَدِعَ الَّذِي ذَبَّ عَنِ الْمِلَّةِ
ذَبَّ وليس ذَبَّ.
ولعله لم يكن من غلاة الشيعة، كما يظهر من رده على الإسماعيلية.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:35]ـ
أخي أبا عبد الله:
قولك (ذَبَّ وليس ذَبَّ)
الكل صحيح عند شكل الكلمة (ذبَّ) و (ذبِّ) وإذا أردنا الكسر كتبناها هكذا: (ذبِّ).
أرأيت كلمةَ (نَحْوِيُّ) وغيرها.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:43]ـ
أخي أبا عبد الله:
قولك (ذَبَّ وليس ذَبَّ)
الكل صحيح عند شكل الكلمة (ذبَّ) و (ذبِّ) وإذا أردنا الكسر كتبناها هكذا: (ذبِّ).
أرأيت كلمةَ (نَحْوِيُّ) وغيرها.
فائدة ٌ طيّبة ..
طيّبكَ الله
ـ[رشيد الكيلاني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 07:52]ـ
هل هو تلميذ ام استاذ ابن الصلاح المحدث المشهور فقد قرأت ما يلي: (مكتبة الجامع الأموى الكبير بحلب وقد كان مديرها أبو الحسن ثابت بن أسلم بن عبد الوهاب النحوى الحلبى أحد علماء الشيعة المبرزّين فى علم النحو والقراءآت وقد ألف كتابا فى تأييد قراءة عاصم خلص فيه الى أنّ قراءة قريش وهو أستاذ ابن الصلاح صاحب المقدمة وهو أحد علماء السنة المشهورين) اما الخليفة المستنصر فهو المستنصر بالله بن علي وهو الخليفة الفاطمي الثامن من ائمة الاسماعيلة ومن ذلك يفهم ان صلبه من قبل الخليفة الفاطمي دليل على انه ليس من غلاتهم وان كان يعتقد ما يعتقده القوم من الاعتقاد الفاسد اما اليوم فليس هناك منهم من على شاكلته - يعني اسوء بمئات المرات -والامر لله وحده
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 08:13]ـ
هل هو تلميذ ام استاذ ابن الصلاح المحدث المشهور فقد قرأت ما يلي: (مكتبة الجامع الأموى الكبير بحلب وقد كان مديرها أبو الحسن ثابت بن أسلم بن عبد الوهاب النحوى الحلبى أحد علماء الشيعة المبرزّين فى علم النحو والقراءآت وقد ألف كتابا فى تأييد قراءة عاصم خلص فيه الى أنّ قراءة قريش وهو أستاذ ابن الصلاح صاحب المقدمة وهو أحد علماء السنة المشهورين) اما الخليفة المستنصر فهو المستنصر بالله بن علي وهو الخليفة الفاطمي الثامن من ائمة الاسماعيلة ومن ذلك يفهم ان صلبه من قبل الخليفة الفاطمي دليل على انه ليس من غلاتهم وان كان يعتقد ما يعتقده القوم من الاعتقاد الفاسد اما اليوم فليس هناك منهم من على شاكلته - يعني اسوء بمئات المرات -والامر لله وحده
أحسنت بارك الله فيك ..
ويبدو أن كل منهم تتلمذ على الآخر.
ـ[أبو عبد الله الغيثي]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 11:25]ـ
أخي أبا عبد الله:
قولك (ذَبَّ وليس ذَبَّ)
الكل صحيح عند شكل الكلمة (ذبَّ) و (ذبِّ) وإذا أردنا الكسر كتبناها هكذا: (ذبِّ).
أرأيت كلمةَ (نَحْوِيُّ) وغيرها.
جزاك الله خيرًا أخي ضيدان، ولكني لم أر هذا في كتاب؛ فأرشدني إلى كتاب يبين هذا.
وَمِنْ كِبَارِ تَلامِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي الصَّلاحِ.
هل هو تلميذ ام استاذ ابن الصلاح المحدث المشهور فقد قرأت ما يلي: (مكتبة الجامع الأموى الكبير بحلب وقد كان مديرها أبو الحسن ثابت بن أسلم بن عبد الوهاب النحوى الحلبى أحد علماء الشيعة المبرزّين فى علم النحو والقراءآت وقد ألف كتابا فى تأييد قراءة عاصم خلص فيه الى أنّ قراءة قريش وهو أستاذ ابن الصلاح صاحب المقدمة وهو أحد علماء السنة المشهورين)
ويبدو أن كل منهم تتلمذ على الآخر.
يبدو أنه من تلامذة الشيخ أبي الصلاح، وأستاذ ابن الصلاح، إلا أن يكون النصان أو أحدهما أو فهمي بحاجة إلى إصلاح!!(/)
يعتقد أهل السنة أن لله عينين ... فماهو الدليل على ذلك؟!
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:41]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني في الله!
إن عقيدتنا -نحن أهل السنة والجماعة- كما ورد في كتيب الشيخ العثيمين رحمه الله، أن لله عينين وأن هذا ما اجتمع عليه السلف.
ولكن كيف يتفق ذلك مع النصوص الواردة في القرآن والسنة في إفراد العين له كقوله تعالى: (ولتصنع على عيني) كما جاء أيضا جمعا كما في قوله تعالى: (واصنع الفلك بأعيننا)
فليس في النص الصحيح-كما أعلم- ذكر العينين لله تعالى.
............
فكيف نجيب من سألنا عن الحجة في اعتقادنا هذا؟
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:47]ـ
أخي الكريم، بوب البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى ولتصنع على عيني
قال فيه:
باب قول الله تعالى ولتصنع على عيني تغذى وقوله جل ذكره تجري بأعيننا
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله قال ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لا يخفى عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة أخبرنا قتادة قال سمعت أنسا رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر اهـ
إذن الله ليس بأعور و العَوَرُ لغة: ذهابُ حِسِّ إِحدى العينين، فمنه نستخلص أن لله عينين.
و يمكن النظر في كتاب التوحيد لإبن خزيمة رحمه الله ستجد فيه الكثير و الله أعلم
ـ[أسامة]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 06:58]ـ
جزاكما الله خيرًا ... سؤال جيد وإجابة مسددة ... سددكم الله ووفقكم.
ـ[أم تميم]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 07:16]ـ
العين: صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، وأهل السنة والجماعة يعتقدون أنَّ الله يبصر بعين، كما يعتقدون أن الله عَزَّ وجلَّ له عينان تليقان به (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).
· الدليل من الكتاب:
1 - قوله تعالى:) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ([هود: 37].
2 - وقوله:) وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ([طه: 39]
3 - و قوله:) وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ([الطور: 48].
· الدليل من السنة:
1 - روى أبو داود (13/ 37 - عون) بإسناد حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية) إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (، فَوَضَعَ إبْهَامَهُ عَلَى أذنه، والتي تليها على عينيه)).
2 - حديث أنس رضي الله عنه: ((إنَّ الله لا يخفى عليكم إنَّ الله ليس بأعور (وأشار إلى عينيه)، وإن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية)). رواه البخاري (7407).
قال ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/ 97) بعد أن ذكر جملة من الآيات
تثبت صفة العين: ((فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ في قوله:) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل، الذي هو مسطور بين الدفتين، مقروء في المحاريب والكتاتيب)).
وقال (1/ 114): ((نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السماوات العلى 000)) اهـ.
وبوَّب الَّلالَكَائي في ((أصول الاعتقاد)) (3/ 412) بقوله: ((سياق ما دل من كتاب الله عَزَّ وجلَّ وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن صفات الله عَزَّ وجلَّ الوجه والعينين واليدين)) اهـ.
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/ 285): ((قوله: ((إن الله ليس بأعور)): هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب؛ فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة؛ لأن العور فقدُ أحد العينين أو ذهاب نورها)). اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في ((عقيدة أهل السنة والجماعة)) (ص 12): ((وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجَّال: ((إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور)))) اهـ.
وله -رحمه الله- إجابة مطولة حول هذه الصفة، وإثبات أن لله عينين في ((مجموع الفتاوى)) (3/ 41 - 50 – الطبعة الأولى)؛ فلتراجع.
من كتاب صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنّة ..
للشيخ علوي السقَّاف ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 07:19]ـ
أخي الكريم، بوب البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى ولتصنع على عيني
قال فيه:
باب قول الله تعالى ولتصنع على عيني تغذى وقوله جل ذكره تجري بأعيننا
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله قال ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لا يخفى عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة أخبرنا قتادة قال سمعت أنسا رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر اهـ
إذن الله ليس بأعور و العَوَرُ لغة: ذهابُ حِسِّ إِحدى العينين، فمنه نستخلص أن لله عينين.
و يمكن النظر في كتاب التوحيد لإبن خزيمة رحمه الله ستجد فيه الكثير و الله أعلم
أخي بارك الله فيك ونفع بك!!!
ما نقلته أخي الفاضل ليست فيه دلالة على أن لله عينين، بل غاية ما فيه بيان كمال الله تعالى، وبيان الأمارة التي تدل على كذب الدجال.
قال الإمام النووي رحمه الله:
قوله: (ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور)
. هو بيان علامة تدل على كذب الدجال دلالة قطعية بديهية يدركها كل أحد , ولم يقتصر على كونه جسما أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لا يهتدي إليها اهـ.
والآية القرآنية واضحة وضوحا لايقبل -كما أعلم- التأويل (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا)
وعقيدتنا إثبات ما أثبته سبحانه لنفسه من غير تأويل ولا تعطيل و ....
..........
وعلى العموم شكرالله سعيك وبارك فيك ..
...........
فأرجو مشاركة الإخوة المشايخ النبلاء بارك فيهم اللهُ تعالى.
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 07:42]ـ
أخي بارك الله فيك ونفع بك!!!
ما نقلته أخي الفاضل ليست فيه دلالة على أن لله عينين، بل غاية ما فيه بيان كمال الله تعالى، وبيان الأمارة التي تدل على كذب الدجال.
قال الإمام النووي رحمه الله:
قوله: (ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور)
. هو بيان علامة تدل على كذب الدجال دلالة قطعية بديهية يدركها كل أحد , ولم يقتصر على كونه جسما أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لا يهتدي إليها اهـ.
والآية القرآنية واضحة وضوحا لايقبل -كما أعلم- التأويل (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا)
وعقيدتنا إثبات ما أثبته سبحانه لنفسه من غير تأويل ولا تعطيل و ....
..........
وعلى العموم شكرالله سعيك وبارك فيك ..
...........
فأرجو مشاركة الإخوة المشايخ النبلاء بارك فيهم اللهُ تعالى.
أخي الكريم الدليل يخصص بالاجماع و مادام هذا الدليل فهمه خصص بالاجماع على أن ذلك يعني أن لله عينين تليقان به لم يبقى لإستشكالك معنى لأن الأئمة الكرام هذا ما فهموه من هذا الحديث بدليل أن البخاري جعله تحت باب إثبات العينين و كذلك ابن خزيمة رحمه الله.
إذن الحديث دال على أن لله عينين و انما المشكلة في فهم اللغة و فهم أساليب العرب.
أما النووي فلا تؤخد منه العقيدة كما هو معلوم لذلك لا معنى لنقل كلامه و ترك كلام السلف.
أما الآية فكما تعلم أن الاثنان يجمعا كقوله تعالى إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. و هما قلبان فقط.
أما قولك أن غاية ما في الحديث بيان امارة كذب الدجال فخطأ واضح لأن عكس العور معلوم باللغة و اثبات عكس العور هو اثبات عكس اللفظ العور ذهابُ حِسِّ إِحدى العينين. فلو كان لله عين واحدة لما جاء الجمع و لوكان له أكثر من ذلك فلا معنى لذكر العور لأن العور لابد فيه من ذهاب أحد العينين و الله أعلم
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 09:12]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرالله الإخوة الكرام وبارك فيهم ...
ثم رجعت لجواب الشيخ العثيمين رحمه الله المطول في المسألة فكان جوابا شافيا ..
لقد سئل فضيلته هل ثبت أن لله عينين؟
فأجاب قائلا:
الجواب على ذلك يتحرر في مقامين:
(يُتْبَعُ)
(/)
المقام الأول: أن لله تعالى عينين، فهذا هو المعروف عن أهل السنة والجماعة، ولم يصرّح أحد منهم بخلافه فيما أعلم، وقد نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري في كتابه: "اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين"، قال: مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث فذكر أشياء ثم قال: "وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تجري بأعيننا}، نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص 90/ 5 من مجموع الفتاوى لابن قاسم، ونقل عنه أيضاً مثله في ص 92 عن كتابه: "اختلاف أهل القبلة في العرش"، ونقل عنه أيضاً مثله في ص 94 عن كتابه: "الإبانة في أصول الديانة"، وذكر له في هذا الكتاب ترجمة باب بلفظ: "باب الكلام في الوجه، والعينين، والبصر، واليدين"، ونقل شيخ الإسلام في هذه الفتوى ص 99 عن الباقلاني في كتابه: "الإبانة"، قوله: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها هي الحياة والعلم، إلى أن قال: "والعينان واليدان".
ونقل ابن القيم ص 118، 119، 120 في كتابه: "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة و الجهمية"عن أبي الحسن الأشعري وعن الباقلاني في كتابيه: "الإبانة والتمهيد" مثل ما نقل عنه شيخ الإسلام، ونقل قبل ذلك في ص 114 عن الأشعري في كتابه: "الإبانة" أنه ذكر ما خالفت به المعتزلة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة إلى أن قال: "وأنكروا أن يكون لله عينان مع قوله تعالى: {تجري بأعيننا}.
وقال الحافظ ابن خزيمة في: "كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب" ص 30 بيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله مبيناً عنه في قوله عز وجل: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التنزيل، ثم ذكر الأدلة، ثم قال في ص 35: "نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى".
وقال في ص 55، 56: "فتدبروا يا أولي الألباب ما نقوله في هذا الباب في ذكر اليدين ليجري قولنا في ذكر الوجه والعينين تستيقنوا بهداية الله إياكم، وشرحه جل وعلا صدوركم للإيمان بما قصه الله عز وجل في محكم تنزيله، وبينه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من صفات خالقنا عز وجل، وتعلموا بتوفيق الله إياكم أن الحق والصواب والعدل في هذا الجنس مذهباً مذهب أهل الآثار ومتبعي السنن، وتقفوا على جهل من يسميهم مشبهة" أ. هـ.
فتبين بما نقلناه أن مقالة أهل السنة والحديث أن لله تعالى عينين تليقان بجلاله وعظمته لا تُكيّفان، ولا تشبهان أعين المخلوقين، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، روى عثمان بن سعيد الدارمي ص 47 من رده على المريسي بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله كان سميعاً بصيراً}، فوضع أصبعه الدعاء على عينيه وإبهامه على أذنيه.
المقام الثاني: في ذكر الأدلة على إثبات العينين:
قال البخاري رحمه الله تعالى: باب قول الله تعالى: {ولتصنع على عيني}، وقوله جل ذكره: {تجري بأعيننا} ثم ساق بسنده حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه لا يخفى عليكم أن الله ليس بأعور، وأشار بيده إلى عينه، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية".
وقد استدل بحديث الدجال على أن لله تعالى عينين عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: "الرد على بشر المريس" الذي أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: "إن فيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما" يعني هذا الكتاب، وكتابه الثاني: "الرد على الجهمية" قال الدارمي في الكتاب المذكور (ص 43 ط أنصار السنة المحمدية)، بعد أن ساق آيتي صفة العينين: ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: "إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور"، قال: والعور عند الناس ضد البصر، والأعور عندهم ضد البصير بالعينين.
وقال في ص 48 ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليس بأعور بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور.
واستدل به أيضاً الحافظ ابن خزيمة في كتاب التوحيد كما في ص 31 وما بعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ووجه الاستدلال به ظاهر جداً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين لأمته شيئاً مما ينتفي به الاشتباه عليهم في شأن الدجال في أمر محسوس، يتبين لذوي التفكير العالمين بالطرق العقلية وغيرهم، بذكر أن الدجال أعور العين والرب سبحانه ليس بأعور، ولو كان لله تعالى أكثر من عينين لكان البيان به أولى لظهوره وزيادة الثناء به على الله تعالى، فإن العين صفة كمال فلو كان لله أكثر من اثنتين كان الثناء بذلك على الله أبلغ.
وتقرير ذلك أن يقال: ما زاد على العينين فإما أن يكون كمالاً في حق الله تعالى أو نقصاً، فإن كان نقصاً فهو ممتنع على الله تعالى لامتناع صفات النقص في حقه، وإن كان كمالاً فكيف يهمله النبي صلى الله عليه وسلم مع كونه أبلغ في الثناء على الله تعالى!! فلما لم يذكره النبي صلى الله عليه وسلم عُلم أنه ليس بثابت لله عز وجل، وهذا هو المطلوب.
فإن قيل: ترك ذكره من أجل بيان نقص الدجال بكونه أعور.
قلنا: يمكن أن يذكر مع بيان نقص الدجال فيجمع بين الأمرين حتى لا يفوت ذكر كمال صفة الله عز وجل.
واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه العلامة الحسيّة ليبين نقص الدجال وأنه ليس بصالح لأن يكون رباً، ولظهورها لجميع الناس لكونها علامة حسية بخلاف العلامات العقلية، فإنها قد تحتاج إلى مقدمات تخفى على كثير من الناس، لاسيما عند قوة الفتنة، واشتداد المحنة، كما في هذه الفتنة فتنة الدجال، وكان هذا من حسن تعليمه صلى الله عليه وسلم حيث يعدل في بيانه إلى ما هو أظهر وأجلى مع وجود علامات أخرى.
وقد ذكر ابن خزيمة رحمه الله في "كتاب التوحيد" ص 31 حديثاً ساقه في ضمن الأدلة على أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن لله تعالى عينين، فساقه بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه يقرأ قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، إلى قوله: {سميعاً بصيراً}، فيضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه، ويقول: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع أصبعيه.
وقد سبقت رواية الدارمي له بلفظ التثنية، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (ص 373/ 13 ط خطيب) أن البيهقي ذكر له شاهداً من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "إن ربنا سميع بصير وأشار إلى عينيه" وسنده حسن أ. هـ.
وقد ذكر صاحب مختصر الصواعق (ص 359 ط الإمام)، قبيل المثال السادس حديثاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن" الحديث لكنه لم يعزُه فلينظر في صحته.
وبهذا تبين وجوب اعتقاد أن لله تعالى عينين، لأنه مقتضى النص وهو المنقول عن أهل السنة والحديث.
فإن قيل: ما تصنعون بقوله تعالى: {أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا}، وقوله: {تجري بأعيننا} حيث ذكر الله تعالى العين بلفظ الجمع؟
قلنا: نتلقاها بالقبول والتسليم، ونقول: إن كان أقل الجمع اثنين كما قيل به إما مطلقاً أو مع الدليل فلا إشكال لأن الجمع هنا قد دل الدليل على أن المراد به اثنتان فيكون المراد به ذلك، وإن كان أقل الجمع ثلاثة فإننا نقول جمع العين هنا كجمع اليد في قوله تعالى: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً}، يراد به التعظيم والمطابقة بين المضاف والمضاف إليه، وهو: "نا" المفيد للتعظيم دون حقيقة العدد، وحينئذ لا يصادم التثنية.
فإن قيل: فما تصنعون بقوله تعالى يخاطب موسى: {ولتصنع على عيني}، حيث جاءت بالإفراد؟
قلنا: لا مصادمة بينها وبين التثنية، لأن المفرد المضاف لا يمنع التعدد فيما كان متعدداً، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، وقوله تعالى: {واذكروا نعمة الله عليكم}، فإن النعمة اسم مفرد، ومع ذلك فأفرادها لا تحصى.
وبهذا تبين ائتلاف النصوص واتفاقها وتلاؤمها، وأنها ولله الحمد كلها حق، وجاءت بالحق، لكنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تأمل وتفكير، بقصد حسن، وأداة تامة، بحيث يكون عند العبد صدق نية بطلب الحق واستعداد تام لقبوله، وعلم بمدلولات الألفاظ، ومصادر الشرع وموارده، قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}، فحث على تدبر القرآن الكريم وأشار إلى أنه بتدبره يزول عن العبد ما يجد في قلبه من الشبهات، حتى يتبين له أن القرآن حقٌ يصدق بعضه بعضاً، والله المستعان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الأسماء والصفات.
...............
وأرجو من المشايخ الكرام الإفادة في تخريج هذا النص الوارد في مختصر الصواعق
وقد ذكر صاحب مختصر الصواعق (ص 359 ط الإمام)، قبيل المثال السادس حديثاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن" الحديث لكنه لم يعزُه فلينظر في صحته.
.........
وجزاكم الله خيرا ووفقنا للعلم النافع والعمل الصالح
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم تميم]ــــــــ[12 - Dec-2009, مساء 10:14]ـ
جزاكم الله خيرًا ..
ـ[أسامة]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 01:09]ـ
وأرجو من المشايخ الكرام الإفادة في تخريج هذا النص الوارد في مختصر الصواعق
وقد ذكر صاحب مختصر الصواعق (ص 359 ط الإمام)، قبيل المثال السادس حديثاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن" الحديث لكنه لم يعزُه فلينظر في صحته.
.........
وجزاكم الله خيرا ووفقنا للعلم النافع والعمل الصالح
التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - باب جامع من التهجد وقيام الليل
حديث: 505
حدثنا محمد بن حسان الأزرق، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا إبراهيم الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن عز وجل فإذا التفت قال له الرب عز وجل: ابن آدم، إلى من تلتفت إلى خير لك مني تلتفت؟ ابن آدم، أقبل إلى خير لك ممن تلتفت إليه "
تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي - كلام الرب تعالى لمن يلتفت في الصلاة
حديث: 116
حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، قال: سمعت إبراهيم أبا إسماعيل الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنما هو بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب تبارك وتعالى: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثانية قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثالثة أو الرابعة قال له الرب: يا ابن آدم لا حاجة لي فيك " حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: إن العبد إذا التفت في الصلاة قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فذكر بمثله قال أبو قدامة: هذا الحديث مثل حديث إبراهيم الخوزي، وحدثنا بهما جميعا، فلا أدري وهم أو سمع منهما جميعا، هو لفظ واحد.
الضعفاء الكبير للعقيلي - باب الألف
باب إبراهيم - إبراهيم بن يزيد الخوزي
حديث: 119
ومن حديثه ما حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم , قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي , قال: حدثنا إبراهيم بن يزيد الخوزي , عن عطاء , قال: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن فإذا التفت قال له الرب: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من خير لك مني , ابن آدم أقبل على صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه "
الحكم: ضعيف الإسناد، غير معلوم إلا من طريق الخوزي
وهو إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي - وكنيته: أبو إسحق وقيل: أبو إسماعيل
قال أحمد: متروك
قال يحيى: ليس بثقة، وعنه أيضًا: ليس بشيء
قال البخاري: سكتوا عنه "أي: تركوه ولم يحدثوا عنه"
أبو زرعة وأبو حاتم وابن حبان: منكر الحديث
ـ[المزوغى]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 05:44]ـ
قد يقال فى الاية باعيننا ليس فيها اثبات لصفة العينين لان معناها ما ذكره بن كثير بمرأى منى وفى تفسير البغوى قال قال ابن العباس بمراى منى وقال مقاتل بعلمنا وقيل بحفظنا وكذلك تفسير البيضاوى والقرطبى فليس فى المعنى المذكور اثبات لصفة العينين او فى اللفظ دلالة على ذلك ارجو من المشائخ الكرام الافادة ولكم جزيل الثواب
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 05:47]ـ
التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - باب جامع من التهجد وقيام الليل
حديث: 505
حدثنا محمد بن حسان الأزرق، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا إبراهيم الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن عز وجل فإذا التفت قال له الرب عز وجل: ابن آدم، إلى من تلتفت إلى خير لك مني تلتفت؟ ابن آدم، أقبل إلى خير لك ممن تلتفت إليه "
تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي - كلام الرب تعالى لمن يلتفت في الصلاة
حديث: 116
حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، قال: سمعت إبراهيم أبا إسماعيل الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنما هو بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب تبارك وتعالى: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثانية قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثالثة أو الرابعة قال له الرب: يا ابن آدم لا حاجة لي فيك " حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: إن العبد إذا التفت في الصلاة قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فذكر بمثله قال أبو قدامة: هذا الحديث مثل حديث إبراهيم الخوزي، وحدثنا بهما جميعا، فلا أدري وهم أو سمع منهما جميعا، هو لفظ واحد.
الضعفاء الكبير للعقيلي - باب الألف
باب إبراهيم - إبراهيم بن يزيد الخوزي
حديث: 119
ومن حديثه ما حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم , قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي , قال: حدثنا إبراهيم بن يزيد الخوزي , عن عطاء , قال: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن فإذا التفت قال له الرب: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من خير لك مني , ابن آدم أقبل على صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه "
الحكم: ضعيف الإسناد، غير معلوم إلا من طريق الخوزي
وهو إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي - وكنيته: أبو إسحق وقيل: أبو إسماعيل
قال أحمد: متروك
قال يحيى: ليس بثقة، وعنه أيضًا: ليس بشيء
قال البخاري: سكتوا عنه "أي: تركوه ولم يحدثوا عنه"
أبو زرعة وأبو حاتم وابن حبان: منكر الحديث
...........
لقد أفدت وأجدت فبارك الله فيك وزادك عونا لإخوانك المسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تعارف]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 12:04]ـ
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
ـ[الحبروك]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 12:16]ـ
أعيننا
و ليس عينين
لله أعين لا عينان
بذا جاء القرءان
و أخيرا
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 12:47]ـ
أعيننا
و ليس عينين
لله أعين لا عينان
بذا جاء القرءان
و أخيرا
................
أخي كلام جميل يرفع المشكل:
قال الإمام ابن القيم: إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ، كقوله تعالى: «تجرى بأعيننا». و «فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا». وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد كقوله تعالى: «بيدك الخير».، و «بيده الملك». وإن أضيفت إلى جمع جمعت كقوله تعالى: «مما عملت أيدينا».
وتدل النصوص على أن لله تعالى عينين وأما قوله {بأعيننا} في الآيات المذكورة فإن لفظ عينين إذا أضيف إلى ضمير الجمع جمع كما يجمع مثنى قلب إذا أضيف إلى ضمير مثنى أو جمع كما في قوله تعالى: «إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما».
ـ[أم تميم]ــــــــ[18 - Dec-2009, مساء 07:31]ـ
إثبات صفة العينين للباري جلّ جلاله
بقلم» أبو عبدالله أسامة الطيبي
الحمد لله المتصف بصفات الجلال والكمال، والصلاة والسلام على خير الرجال، نبيّنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن من منهج أهل السنة والجماعة ـ السلفيين ـ إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تشبيه ولا تعطيل، وقد وصف الله ـ عزّ وجلّ ـ نفسه بصفات الجلال، والجمال، والكمال، ومن هذه الصفات التي أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له نبيّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صفة العينين على ما يليق بجلاله، وعظمته، وسلطانه.
ومن الأدلة التي استدل بها أهل السنة لإثبات هذه الصفة العظيمة ـ ولا يستدلون في هذا المقام إلا بنصوص الوحيين الشريفين ـ.
أولا: الأدلة من كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ:
قال الله ـ تعالى ـ: «وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي» [طه:39]، وقال ـ جلّ ثناؤه ـ: «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا» [الطور:48]، وقال ـ سبحانه ـ: «تَجْرِي بِأَعْيُنِناَ» [القمر:14].
ففي هذه الآيات الكريمات ـ وغيرها كثير ـ إضافة صفة العين لله ـ عزّ وجلّ ـ مفردة ومجموعة؛ ففهم أهل السنة السنيّة من هذه الآيات وما شابهها أن لله ـ تعالى ـ عينين اثنتين، ولم يقل أحد من السلف أن لله ـ سبحانه ـ عيناً واحدة، أو عدة أعين؛ ف «ذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة فقط؛ لأن المفرد المضاف يراد به أكثر من واحد؛ مثل قوله ـ تعالى ـ: «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا»، فالمراد نعم الله المتنوعة التي لا تدخل تحت الحصر والعدّ. وقوله ـ تعالى ـ: «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ «فالمراد بها جميع ليالي رمضان. ولو قال قائل: نظرت بعيني، أو وضعت المنظار على عيني. لا يكاد يخطر ببال أحد ممن سمع هذا الكلام أن هذا القائل ليست له إلا عين واحدة. هذا ما لا يخطر ببال أحد أبداً. قال الإمام ابن القيم: إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهراً، أو مضمراً فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ؛ كقوله تعالى: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا»، و «فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا»، وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد؛ كقوله ـ تعالى ـ: «بِيَدِكَ الْخَيْرُ «، و «بِيَدِهِ الْمُلْكُ «. وإن أضيفت إلى جمع جمعت كقوله تعالى: «مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا».
«الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية» (ص317 ـ 318).
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا الصدد ما وقع فيه ابن حزم ـ رحمه الله ـ من الخطأ الجسيم في هذا الباب؛ إذ يقول في كتابه «المحلى «(1/ 33): «وأن لله ـ عزّ وجلّ ـ عزاً وعزة، وجلالاً وإكراماً، ويداً ويدين وأيدياً، ووجهاً، وعيناً وأعين «.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذه زلة عظيمة من مثل هذا العالم، لا يتابع عليها، وما حمله على هذا إلا أنه من نفاة الصفات، مع تعظيمه ـ غفر الله له ـ للحديث والسنة، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية «(2/ 584).
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:
أخرج البخاري في «صحيحه «(7407) من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ذُكر الدجال عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: «إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية «.
فهذا الحديث وما جاء في معناه حجة لأهل الحق ـ أهل السنة ـ في إثبات العينين لله ـ تبارك وتعالى ـ وقد نصص على هذه العقيدة العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين لا خلاف بينهم في ذلك؛ مثل: عثمان بن سعيد الدارمي، وإمام الإئمة أبو بكر بن خزيمة، وأبو إسماعيل الهروي، وابن قتيبة الدينوري، وأبو الحسن الأشعري، واللالكائي, وأبو عمرو الداني, وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، وغيرهم كثير.
قال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن إثبات العينين لله ـ تعالى ـ، ودليل ذلك؟
فأجاب بقوله: الجواب على ذلك يتحرر في مقامين:
المقام الأول:
أن لله تعالى عينين، فهذا هو المعروف عن أهل السنة والجماعة، ولم يصرح أحد منهم بخلافه فيما أعلم. وقد نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري في كتابه: «اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين «. قال: «مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث «فذكر أشياء ثم قال: «وأن له عينين بلا كيف كما قال: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا «[القمر:14] «. نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية (ص 90/ 5) من مجموع الفتاوى لابن قاسم، ونقل عنه أيضاً مثله في (ص92) عن كتابه: «اختلاف أهل القبلة في العرش «. ونقل عنه أيضاً مثله في (ص94) عن كتابه: «الإبانة في أصول الديانة «. وذكر له في هذا الكتاب ترجمة باب بلفظ: «باب الكلام في الوجه، والعينين، والبصر، واليدين «. ونقل شيخ الإسلام في هذه الفتوى (ص99) عن الباقلاني في كتابه: «الإبانة «. قوله: «صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها هي الحياة والعلم «، إلى أن قال: «والعينان واليدان «.
ونقل ابن القيم (ص 118، 119، 120) في كتابه: «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية «عن أبي الحسن الأشعري، وعن الباقلاني في كتابيه: «الإبانة «و «التمهيد «مثل ما نقل عنه شيخ الإسلام، ونقل قبل ذلك في (ص114) عن الأشعري في كتابه: «الإبانة «أنه ذكر ما خَالفتْ به المعتزلة كتاب الله ـ تعالى ـ، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وإجماع الصحابة إلى أن قال: «وأنكروا أن يكون لله عينان مع قوله ـ تعالى ـ: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا «[القمر:14].
وقال الحافظ ابن خزيمة في «كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب «(ص30): «بيان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جعله الله مبيناً عنه في قوله ـ عزّ وجلّ ـ: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ «[النحل:44] فبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لله عينين، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التنزيل، ثم ذكر الأدلة، ثم قال في (ص35): «نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى «.
وقال في (ص 55، 56): «فتدبروا يا أولي الألباب ما نقوله في هذا الباب في ذكر اليدين؛ ليجري قولنا في ذكر الوجه والعينين تستيقنوا بهداية الله إياكم، وشرحه ـ جلّ وعلا ـ صدوركم للإيمان بما قصه الله ـ عزّ وجلّ ـ في محكم تنزيله، وبينه على لسان نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من صفات خالقنا ـ عزّ وجلّ ـ وتعلموا بتوفيق الله إياكم أن الحق والصواب والعدل في هذا الجنس مذهباً مذهب أهل الآثار ومتبعي السنن، وتقفوا على جهل من يسميهم مشبهة «ا. هـ.
فتبين بما نقلناه أن مقالة أهل السنة والحديث أن لله تعالى عينين تليقان بجلاله وعظمته لا تُكيّفان، ولا تشبهان أعين المخلوقين، لقوله ـ تعالى ـ: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ «[الشورى:11].
(يُتْبَعُ)
(/)
روى عثمان بن سعيد الدارمي (ص47) من رده على المريسي بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قرأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِير «. فوضع إصبعه الدعاء على عينيه، وإبهامه على أذنيه.
المقام الثاني:
في ذكر الأدلة على إثبات العينين:
1 - قال البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ: باب قول الله ـ تعالى ـ: «وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي «[طه:39]. وقوله ـ جل ذكره ـ: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا «[القمر:14] ثم ساق بسنده حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ذكر الدجال عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: «إنه لا يخفى عليكم أن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية»
2 - وقد استدل بحديث الدجال على أن لله تعالى عينين عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: «الرد على بشر المريسي» الذي أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. وقال: «إن فيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهم «ـ يعني ـ هذا الكتاب وكتابه الثاني: «الرد على الجهمية»
قال الدارمي في الكتاب المذكور (ص 43 ـ ط: أنصار السنة المحمدية)، بعد أن ساق آيتي صفة العينين: «ثم ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدجال فقال: إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور. قال: والعور عند الناس ضد البصر، والأعور عندهم ضد البصير بالعينين «.
وقال في (ص 48): «ففي تأويل قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إن الله ليس بأعور «بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور «.
واستدل به أيضاً الحافظ ابن خزيمة في «كتاب التوحيد «كما في (ص31) وما بعدها.
ووجه الاستدلال به ظاهر جداً؛ فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أراد أن يبين لأمته شيئاً مما ينتفي به الاشتباه عليهم في شأن الدجال في أمر محسوس، يتبين لذوي التفكير العالمين بالطرق العقلية وغيرهم، بذكر أن الدجال أعور العين، والرب ـ سبحانه ـ ليس بأعور، ولو كان لله ـ تعالى ـ أكثر من عينين لكان البيان به أولى لظهوره، وزيادة الثناء به على الله ـ تعالى ـ؛ فإن العين صفة كمال، فلو كان لله أكثر من اثنتين كان الثناء بذلك على الله أبلغ.
وتقرير ذلك أن يقال: ما زاد على العينين فإما أن يكون كمالاً في حق الله ـ تعالى ـ أو نقصاً، فإن كان نقصاً فهو ممتنع على الله ـ تعالى ـ لامتناع صفات النقص في حقه، وإن كان كمالاً فكيف يهمله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع كونه أبلغ في الثناء على الله تعالى!! فلما لم يذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علم أنه ليس بثابت لله ـ عزّ وجلّ ـ وهذا هو المطلوب.
3 - فإن قيل: ترك ذكره من أجل بيان نقص الدجال بكونه أعور.
قلنا:
يمكن أن يذكر مع بيان نقص الدجال فيجمع بين الأمرين حتى لا يفوت ذكر كمال صفة الله ـ عزّ وجلّ ـ.
واعلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر هذه العلامة الحسية ليبين نقص الدجال، وأنه ليس بصالح لأن يكون رباً، ولظهورها لجميع الناس لكونها علامة حسية بخلاف العلامات العقلية، فإنها قد تحتاج إلى مقدمات تخفى على كثير من الناس، لا سيما عند قوة الفتنة، واشتداد المحنة، كما في هذه الفتنة فتنة الدجال، وكان هذا من حسن تعليمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث يعدل في بيانه إلى ما هو أظهر وأجلى مع وجود علامات أخرى.
3 - وقد ذكر ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ في «كتاب التوحيد «(ص31) حديثاً ساقه في ضمن الأدلة على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أن لله ـ تعالى عينين ـ، فساقه بسنده إلى أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه يقرأ قوله ـ تعالى ـ: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا «إلى قوله: «سَمِيعاً بَصِير «فيضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه. ويقول: هكذا سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرؤها ويضع أصبعيه.
وقد سبقت رواية الدارمي له بلفظ التثنية، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (ص373/ 13 ـ ط: خطيب) أن البيهقي ذكر له شاهداً من حديث عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول على المنبر: «إن ربنا سميع بصير، وأشار إلى عينيه «وسنده حسن ا. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذكر صاحب مختصر الصواعق (ص359 ـ ط: الإمام)، قبيل المثال السادس حديثاً عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن «. الحديث لكنه لم يعزه، فلينظر في صحته.
وبهذا تبين وجوب اعتقاد أن لله ـ تعالى ـ عينين؛ لأنه مقتضى النص، وهو المنقول عن أهل السنة والحديث.
رد شبهات:
1 - فإن قيل: ما تصنعون بقوله تعالى: «أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا «. وقوله: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا «حيث ذكر الله ـ تعالى ـ العين بلفظ الجمع؟
قلنا:
نتلقاها بالقبول والتسليم، ونقول: إن كان أقل الجمع اثنين ـ كما قيل به إما مطلقاً أو مع الدليل ـ فلا إشكال لأن الجمع هنا قد دل الدليل على أن المراد به اثنتان فيكون المراد به ذلك، وإن كان أقل الجمع ثلاثة فإننا نقول جمع العين هنا كجمع اليد في قوله تعالى: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا «. يراد به التعظيم والمطابقة بين المضاف والمضاف إليه، وهو ـ نا ـ المفيد للتعظيم دون حقيقة العدد، وحينئذ لا يصادم التثنية.
2 - فإن قيل: فما تصنعون بقوله تعالى يخاطب موسى: «وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي «. حيث جاءت بالإفراد؟
قلنا:
لا مصادمة بينها وبين التثنية، لأن المفرد المضاف لا يمنع التعدد فيما كان متعدداً، ألا ترى إلى قوله تعالى: «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا «. وقوله تعالى: «وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ «. فإن النعمة اسم مفرد، ومع ذلك فأَفرادها لا تحصى.
الخلاصة:
وبهذا تبين ائتلاف النصوص واتفاقها وتلاؤمها، وأنها ـ ولله الحمد ـ كلها حق، وجاءت بالحق، لكنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تأمل وتفكير بقصد حسن، وأداة تامة، بحيث يكون عند العبد صدق نية بطلب الحق، واستعداد تام لقبوله، وعلم بمدلولات الألفاظ، ومصادر الشرع وموارده، قال الله تعالى: «أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرا «[النساء:82].
فحث على تدبر القرآن الكريم، وأشار إلى أنه بتدبره يزول عن العبد ما يجد في قلبه من الشبهات، حتى يتبين له أن القرآن حق يصدق بعضه بعضاً. والله المستعان. «مجموع فتاوى ابن عثيمين «(1/ 146 ـ 153).
قلت: الحديث الذي طلب الشيخ التحقق من صحته: «إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن «، لا يصح، ولا تقوم به حجة؛ فانظر غير مأمور «السلسلة الضعيفة «(1024) و (4399).
وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: «ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين؛ لقوله ـ تعالى ـ: «وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا «[هود:37]. وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه «.
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان؛ ويؤيده قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدجال: «إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور «. «مجموع فتاوى ابن عثيمين «(3/ 234 ـ 235).
وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: «مذهب أهل السنة والجماعة أن لله عينين اثنتين، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به. وهما من الصفات الذاتية الثابتة بالكتاب، والسنة.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى: «تَجْرِي بِأَعْيُنِنَ «[القمر:14]. ومن أدلة السنة قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إن ربكم ليس بأعور «، «ينظر إليكم أزلين قنطين «، «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه «. فهما عينان حقيقيتان لا تشبهان أعين المخلوقين. «مجموع فتاوى ابن عثيمين «(4/ 58).
رد الإمام الألباني
وقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ: «المنقول في كتب التوحيد، وكتب العقائد أن له عينين، وبعض العلماء القدامى يستدلون بحديث الدجال: «أنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت «. ليس عندنا نص صريح بأن له أكثر من عينين، والمتوارث عن عقيدة السلف هو إثبات العينين على ظاهر حديث الدجال على كثرة طرقه، فالذي يتبادر من هذا الحديث، ولا يخطر في البال سواه أن الدجال إحدى عينيه طافية, وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور؛ معنى ذلك: أن الله موصوف بالعينين، وليس بالثلاثة أو أكثر؛ لأنه ما عندنا نص بالأكثر، وكما نقول دائماً وأبداً: الأمور الغيبية ـ وبخاصة ـ ما يتعلق بغيب الغيوب؛ وهو رب العالمين ـ تبارك وتعالى ـ لا ينبغي أن نصفه بالأقيسة والعمومات وما شابه ذلك؛ وإنما بالشيء الذي جاءنا عن سلفنا الصالح، وجاءت به الأحاديث. «سلسلة الهدى والنور «شريط رقم (183).
قلت: ومن يَنقل عن الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ خلاف هذه العقيدة السلفية إما مخطئ أو كاذب؛ فقد قال له قائل كما في شريط رقم (189) من «سلسلة الهدى والنور: ««بلغنا أنك تقول أن لله عيناً واحدة».
فقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ بعد أن كان قد فصل عقيدة السلف في إثبات العينين الاثنتين لله ـ سبحانه: «ظهرت الكذبة، لا، هذا كذب». (11)
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
http://www.almenhaj.net/Report.php?linkid=%207446
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالمومن براهيم الجزائري]ــــــــ[18 - Dec-2009, مساء 08:52]ـ
بارك الله فيكم على هذه المعلومات القيمة.العقيدة نسير على درب السلف أهل السنة و الجماعة القرأن السنة الإجماع
ـ[أبو يوسف الحلبي]ــــــــ[04 - Jan-2010, صباحاً 02:21]ـ
التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - باب جامع من التهجد وقيام الليل
حديث: 505
حدثنا محمد بن حسان الأزرق، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا إبراهيم الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن عز وجل فإذا التفت قال له الرب عز وجل: ابن آدم، إلى من تلتفت إلى خير لك مني تلتفت؟ ابن آدم، أقبل إلى خير لك ممن تلتفت إليه "
تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي - كلام الرب تعالى لمن يلتفت في الصلاة
حديث: 116
حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، قال: سمعت إبراهيم أبا إسماعيل الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنما هو بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب تبارك وتعالى: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثانية قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثالثة أو الرابعة قال له الرب: يا ابن آدم لا حاجة لي فيك " حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: إن العبد إذا التفت في الصلاة قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فذكر بمثله قال أبو قدامة: هذا الحديث مثل حديث إبراهيم الخوزي، وحدثنا بهما جميعا، فلا أدري وهم أو سمع منهما جميعا، هو لفظ واحد.
الضعفاء الكبير للعقيلي - باب الألف
باب إبراهيم - إبراهيم بن يزيد الخوزي
حديث: 119
ومن حديثه ما حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم , قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي , قال: حدثنا إبراهيم بن يزيد الخوزي , عن عطاء , قال: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن فإذا التفت قال له الرب: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من خير لك مني , ابن آدم أقبل على صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه "
الحكم: ضعيف الإسناد، غير معلوم إلا من طريق الخوزي
وهو إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي - وكنيته: أبو إسحق وقيل: أبو إسماعيل
قال أحمد: متروك
قال يحيى: ليس بثقة، وعنه أيضًا: ليس بشيء
قال البخاري: سكتوا عنه "أي: تركوه ولم يحدثوا عنه"
أبو زرعة وأبو حاتم وابن حبان: منكر الحديث
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيراً على ما أتحفتمونا به من خلال هذه المدارسة القيمة.
للفائدة >>>من موقع الدرر السنية:-
إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني؟ ابن آدم أقبل على صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم: 1024
خلاصة حكم المحدث: ضعيف جداً
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[04 - Jan-2010, مساء 11:37]ـ
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أمروها كما جاءت
أحسنت أخى الكريم
ـ[تركي القحطاني]ــــــــ[11 - Jan-2010, صباحاً 01:09]ـ
بارك الله فيكم جميعا
وجدنا الفائده
ـ[العمطهطباوي]ــــــــ[05 - Nov-2010, مساء 08:58]ـ
سُئل شيخُنا المحقّقُ العلَّامةُ عبدُ الرّحمنِ بنُ ناصِرٍ البرَّاك:
صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك سلمه الله
يذهب بعض الناس في هذا العصر (1) إلى القدح في إثبات أهل السنة صفة العينين لله تعالى زاعماً أن أهل السنة اعتمدوا في ذلك على قياس الغائب على الشاهد أي قياس الخالق على المخلوق، فهل هذا المذهب والزعم صحيح؟ أفيدونا أثابكم الله.
فأجاب ـ رفع اللَّهُ قدره ـ:
الحمد لله قال الله تعالى: "تجري بأعيننا" وقال سبحانه: "فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" وقال: "ولتصنع على عيني"
ففي هذه الآيات إضافة العين إلى الله مفردة ومجموعة، ففهم أهل السنة من هذه الآيات أن لله عينين، ولم يقل أحد منهم بأنه ليس لله إلا عين واحدة أو له أعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإنّ ذكر العين مفردة ومجموعة في هذه الآيات لا يدل على ذلك، وسبب هذا أنه يصح في اللغة أن تقول: رأيت بعيني، وإن كان لك عينان، ومن قواعد لغة العرب ذكر المثنى بلفظ الجمع إذا أضيف إلى صيغة الجمع أو التثنية، كقوله تعالى: "فبما كسبت أيديكم" وقوله: "فقد صغت قلوبكما"
ونظير هذه الآيات في العينين في الجمع والإفراد قوله تعالى في اليدين: "مما عملت أيدينا"وقوله: "بيده الملك"
والجمع والإفراد لليدين في الآيتين لا ينافي التصريح بأن لله تعالى يدين، كقوله تعالى: "بل يداه مبسوطتان"لأن الجمع والإفراد في الخبر عن المثنى له في اللغة أساليب تقتضيه، كما تقدم.
والسلف والأئمة أعلم باللغة التي نزل بها القرآن وجاءت بها السنة. فهم أعلم بدلالات الكتاب والسنة وأعلم بمراد الله من كلامه وبمراد سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن جاء بعدهم، فكل فهم في القرآن أو في السنة يخالف فهم السلف فهو باطل مردود.
هذا، وقد استدل بعض أئمة السنة على إثبات العينين لله بقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال: "إن ربكم ليس بأعور، وإن الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية" (2)
وممن نص على إثبات العينين لله تعالى واستدل بالحديث: أبو محمد بن قتيبة (3) وعثمان ابن سعيد الدارمي (4)،وأبو بكربن خزيمة، وأبو بكر الباقلاني في كتابه (الرد على من نسب إلى الأشعري خلاف قوله كما نقلع شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/ 34) (5)،واللالكائي (6)، وأبو عمرو الداني (7)، وشيخ الإسلام بن تيمية (8)، وابن القيم (9)
وممن نص على أيضاً على إثبات العينين لله تعالى أبو الحسن الأشعري (10) وأبو إسماعيل الهروي (11) وزَعْم المعترض أن"أهل السنة اعتمدوا في هذا الاستدلال على قياس الخالق على المخلوق"
زعم باطل وقول قبيح وافتراء على أئمة السنة، كيف وهم أعظم الناس إنكاراً على أهل التمثيل، وأبعد الناس عن هذا القياس الباطل.
وهل يقول المعترض: إن سمع الله إدراك الأصوات، وبصره إدراك المرئيات، أو له
وبعد فالمنكر على أهل السنة إثبات العينين لله يلزمه واحد من أربعة أمور:
1 - أن لله عيناً واحدة.
2 - أو له أعين كثيرة.
3 - أو تجويز الأمرين.
وكل هذا لم يقل به أحد من أهل السنة، والرابع- مم يلزم المعترض- أن ينفي العين لله مطلقاً، وهذا سبيل الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة والأشاعرة الذين لايثبتون لله لا عينين ولا وجهاً ولا يدين.
وأما قول ابن حزم: إن لله عينا واحدة وله أعين، فهذا من غلوه في ظاهرتيه. ولهذا يصرح بأن لا يقال: له سمع وبصر وحياة. ومن ذلك يعلم مذهبه في الصفات أنه لا يثبت عينا ولا أعينا صفة قائمة به سبحانه وتعالى تكون بها الرؤية. فحقيقة قوله إثبات هذه الألفاظ لورودها في القرآن، فابن حزم -رحمه الله- ممن لا يعتمد بقوله في الإعتقاد خصوصا في باب الأسماء والصفات، وهذا نظير قوله: (إن لله يدا ويدين وأيديا ومقصوده إثبات ألفاظ القرآن، ولا ينازعه أحد في ذلك، فإن جميع المسلمين يؤمنون بأن هذه الألفاظ جاءت في القرآن، ولا يجحدها إلا كافر بالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به. ومعلوم أن من سلك هذا المسلك لا يثبت لله يدين يكون بهما الفعل كخلق آدم بيديه سبحانه، وأخذه السماوات بيده يوم القيامة. فحقيقة مذهب ابن حزم مذهب المعطلة من الجهمية ومن وافقهم.
فعلى هذا المعترض أن يوضح مذهبه في ذلك وفهمه للآيات.
ولا ريب أنه في هذه المسألة التي خالف فيها أهل السنة قد اتبع غير سبيل المؤمنين. فالله يهدبنا ويهدبه إلى معرفة الحق أتباعه والله الهادي إلى سواء السبيل.
رقم الفتوى: 36601
المصدر: الموقع الرّسمي للشّيخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
(1) ومنهم الشيخ عبدالله بن يوسف الجديع في كتابيه تيسير علم أصول الفقه (378) والمقدمات الأساسية في علوم القرآن (365)
(2) رواه البخاري 4/ 1598 (4141) ومسلم1/ 155 (169) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3) الرد على بشر المريسي (ضمن عقائد السلف406).
(4) الرد على المريسي (48) (5) التوحيد (1/ 101) تحقيق عبدالعزيز الشهولن.
(5) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 471).
(6) الرسالة الوافية (49) تحقيق محمد بن سعيد القحطاني.
(7) الجواب الصحيح (4/ 413) تحقيق الحسن العلوي.
(8) مختصر الصواعق المرسلة (1/ 66).
(9) الإبانة (129) ط الجامعة الإسلامية.
(10) كتاب الأربعين في دلائل التوحيد (64) تحقيق د. علي الفقيهي
(11) تحقيق د. ناصر الفقيهي
ـ[دامو]ــــــــ[06 - Nov-2010, صباحاً 12:03]ـ
بارك الله فيكم و حفظ الله الشيخ البراك و رحم الله الشيخ ابن عثيمين، كلامهم واضح كافي شافي و لله الحمد
ـ[أبو سفيان الأثرى]ــــــــ[06 - Nov-2010, صباحاً 01:58]ـ
1 - روى أبو داود (13/ 37 - عون) بإسناد حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)، فَوَضَعَ إبْهَامَهُ عَلَى أذنه، والتي تليها على عينيه)).
صفة العينين ثابتة لله جل فى علاه بأدلة كثيرة؛
لكن ما وجه الدلالة فى هذا الحديث؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 03:41]ـ
لماذا تنتزع كلمة من سياقها ثم يبنى على انتزاعها حكماً؟؟
لماذا لا تفهم كما هي في سياقها وكما يرشد السلف: أمروها كما جاءت بلا كيف - كما جاءت هل جاءت " لله عينان " أم جاءت " فإنك بأعيننا "؟
إن الآيات التي ذكر فيها لفظ العين مفردة أو جمعاً إنما جاءت في سياق بعيد عن مجال ذكر صفات الله عز وجل
ارجعوا إلى تفسير السلف لهذه الآيات
القرآن عربي ... والعرب تستخدم هذه الأساليب للدلالة على الرعاية والعناية .... بل نحن نستخدمها أيضاً ونقول لمن نحب: أنت في عيني
ولمن يستدل بقوله تعالى " إن الله كان سميعاً بصيراً " فهل يستلزم بصر الله عز وجل وجود عين له؟؟
وهل يثبت لله عز وجل أذنين بدلالة قوله سميعاً؟؟؟
وعجيب من قال: أما النووي فلا تؤخد منه العقيدة كما هو معلوم لذلك لا معنى لنقل كلامه!
ما هذه الانتقائية العجيبة؟ وما الذي أهدر كلام النووي؟ ألأنه على مذهب الخلف كما يزعم البعض؟
والحقيقة غير ذلك وارجعوا الى كلامه وكلام ابن حجر تجدونهما يصرحان بتقديم مذهب السلف على مذهب الخلف ولكن المشكلة الحقيقية أنهما وغيرهما من علماء المسلمين - الذين يوصمون بمخالفة مذهب السلف ويهدر كلامهم لذلك - يفهمون مذهب السلف غير ما تفهمون.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 03:50]ـ
إن الآيات التي ذكر فيها لفظ العين مفردة أو جمعاً إنما جاءت في سياق بعيد عن مجال ذكر صفات الله عز وجل
ارجعوا إلى تفسير السلف لهذه الآيات ما معنى (مجال ذكر صفات الله) يا أخي الفاضل، وما هي صفة النص الذي ترى أنت أنه داخل في (مجال ذكر الصفات)؟
ونقول لمن نحب: أنت في عيني لو لم يكن للبشر في صفتهم أن لهم عينا لما صح لهم - لغة - أن يستعملوا هذا الأسلوب، ولما كان له معنى! وهل عدمت اللغة العربية على فساحتها وسعتها أساليب أخرى لبيان معنى العناية والرعاية والكلإ لا يلزم منها هذا اللازم الواضح، بحيث تكون أحكم وأضبط لمراد الله تعالى من أن توحي بما لا تصح نسبته إلى الله من صفات؟؟
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 04:32]ـ
قلت: لو لم يكن للبشر في صفتهم أن لهم عينا لما صح لهم.
أقول: الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالتواضع للمؤمنين فقال " واخفض جناحك للمؤمنين " فهل للنبي جناح؟؟
وهل عدمت اللغة العربية على فساحتها وسعتها أساليب أخرى لبيان معنى التواضع إلا استخدام لفظ الجناح؟؟؟
أما حديثي عن مجال ذكر الصفات أقصد به أن هناك من الآيات ما يكون موضوعها الحديث عن صفات الله وأسمائه أفعاله والتعريف به مثل خواتيم كثير من الآيات وسورة الاخلاص وآخر سورة الحشر وكثير من الآيات في ثنايا السور يكون مقصودها الأول التعريف برب العزة جل وعلا وأسمائه وصفاته وأفعاله.
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 04:49]ـ
سبحان الله ... الفرق بين السلفي و الخلفي يتضح هنا ...
السلفي يأخذ عقيدته من الكتاب و السنة بفهم السلف الصالح - أهل السنة و الجماعة - الأئمة الأربعة و من قبلهم ومن بعدهم ممن هم على منهج و اعتقاد أهل الحديث مثل سفيان الثوري و الأوزاعي وابن المبارك و مالك و الشافعي و أحمد بن حنيل ثم من بعدهم كالبخاري و مسلم و الترمذي و ابوداود والنسائي وابن خزيمة وغيرهم ...
كل هؤلاء وغيرهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه و ما أثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه ولا تأويل ولا تعطيل ويقولون معاني الصفات معلومة و الإيمان بها واجب وكيفها مجهول .. فما سمعنا أحدا من الصحابة الكرام ناقش هذه الصفات وأولها بل أمروها رضي الله عنهم كما جاءت وفهموها على حقيقتها الواضحة فقد ذكر لهم النبي صلى الله عليه و سلم أن الله تعالى له يدين و كلتا يديه يمين و أنه تعالى يضع الأشجار على أصبع والجبال على أصبع ثم يهزها و يقول أنا الملك أين ملوك الأرض أين الجبارون أين المتكبرون وأن السموات و الأرض مطويات بيمين الله تعالى يوم القيامة و غيرها من الصفات الكثيرة التي وردت في الكتاب و السنة وما خاضوا في الحديث عنها و حتى سلف هذه الأمة ما تكلموا في أسماء الله وصفاته و فصلوا فيها و وضعوا القواعد فيها إلا بعد أن خاض فيها أهل البدع من المعتزلة والجهمية و المعطلة و الأشاعره وغيرهم فلما تكلموا تكلم علماء الأمة وأزالوا الشبهات و وضحوا الأمور الخفيات التي قد تشكل على الناس ...
أما الخلفي الذي يتكلم في هذا المسائل فلا دليل عنده ولا سلف له بل تخبط وكلام متناقض ...
وأعظم وسيلة ينال بها العبد العلم الصحيح بصفات الله تعالى وفهم مراد كلام الله في كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم هو في دعائه تبارك وتعالى ومنها دعاء .... اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
أسأل الله العظيم أن يثبتنا على دينه و طاعته
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 05:12]ـ
الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالتواضع للمؤمنين فقال " واخفض جناحك للمؤمنين " فهل للنبي جناح؟؟ هذا استشكال جيد في الحقيقة. والمسألة هنا في مقدار التجوز في الكلام (مقدار المجاز في المعنى المراد)، هل الأصل أن يُحمل الكلام على الحقيقة أم على المجاز؟ وهل يمكن أن يكون التعبير الواحد فيه حقيقة ومجاز معا؟ الأصل في الكلام الحقيقة لا المجاز. ولا يتطرق الذهن إلى إرادة المجاز إلا بمقدار ما عُلم من القرائن والأدلة المحتفة بالكلام أن مراده المجاز لا الحقيقة. فإذا كان ذلك كذلك، عُلم أن الكلام قد يجتمع فيه حقيقة ومجاز معا. فأما الحقيقة منه فما هو باق على الأصل دون وجود صارف له إلى المجاز. فإذا قيل لرجل اخفض جناحك لفلان، امتنع أن يُحمل هذا المعنى أو شيء منه على الحقيقة لأن الرجل معلوم بدلالة الحس والمشاهدة أنه لا جناح له! ولكن عندما يكون النص مما يتكلم به رب العزة تبارك وتعالى عن نفسه، فلا حس ولا مشاهدة هنا، وإنما يحمل المعنى على ما أفاده مجموع القرائن. فإن قال (فإنك بأعيننا) علم لجريان المعنى على هذا الوجه ولقرائن أخرى ظاهرة أن المراد "إنك بحفظنا ورعايتنا"، ولكن يبقى السؤال هل يشتمل هذا المعنى على لازم إثبات حقيقة العين لله تعالى فيصح دليلا عليها أم لا؟ الظاهر هو ثبوت حقيقة العين لله تعالى في هذا التعبير دون صارف ولا دافع، لأن الأصل أنك لن تستعمل مجازا كهذا في الكلام عن نفسك إلا إن كنت من جنس من الموجودات له من الصفات - على الحقيقة - ما ينبني عليه مفهوم المعنى المجازي في ذهن السامع على النحو اللائق بذاتك. وسواء كانت لله عينا على الحقيقة أم لم تكن له عين، فإن معنى وجود المخاطب بقوله تعالى (إنك بأعيننا) داخل تلك العين على الحقيقة ممتنع على أي حال، ومن ثمّ فهو مجاز ولابد بثبوت العين لله أو بعدم ثبوتها، ولكن لو لم تكن لله عين على الحقيقة كان المعنى أبعد عن الأصل الظاهر القريب من أذهان أهل هذا اللسان، وكان الأليق بذات الله تعالى والأقرب لأذهان الناس والأجرى على أصول اللغة أن تُثبت حقيقة العين في تلك العبارة، وكان النافي لحقيقة العين هنا هو المطالب بالدليل وليس المثبت، لأن في نفيه خرقا للأصل. بخلاف معنى الجناح التي تفضلت بذكره، فإنه إما أن يكون للنبي جناح، فالعبارة إذن كلها حقيقة لا مجاز، وإما ألا يكون له جناح، فهي كلها مجاز لا حقيقة.
فإن قيل إن ثبوت هذا اللازم المعنوي الحقيقي في الآية مدفوع بلزوم التشبيه بالمخلوقات قلنا هذا لزوم باطل يدفعه قوله تعالى (ليس كمثله شيء)، وانتقل النزاع حالئذ إلى أصل الخلاف فيما بيننا وبين الأشاعرة، وهو قولهم بلزوم التشبيه والتجسيم من مجرد إثبات تلك الصفات! فإنه إذا كان الإنسان يمتنع بالحس والمشاهدة أن يكون له جناح، فإن الله لا يمتنع لا حسا ولا عقلا أن تكون له عين لا يعلم كيفها وحقيقتها إلا هو سبحانه! بل هذا ثابت من أدلة شتى كما هو مزبور في هذه الصفحة! فإذا كان ذلك كذلك، بقينا على الأصل فيها وقلنا إنها تعضد أدلة إثبات العين لله تعالى مع كونها تحمل معنى مجازيا.
والذي ذكرته لك من كون اللغة تتسع إنما أردت به أن الله تعالى أحكم وأعلم من أن يستعمل في القرءان صورا مجازية في الكلام عن نفسه جل وعلا، يُنسب إليه منها - بإعمال الأصول اللغوية وإثبات المعاني الأقرب إلى الأذهان كما تقدم - صفات هو بريء منها، دون أن يترك لنا نصا واحدا يدفع فيه تلك المعاني الذاتية عن نفسه جل وعلا بجلاء! فالذين ينفون الصفات لا حجة لهم إلا أن مجرد ثبوت هذه المعاني يلزم منه التشبيه، وهذا لازم باطل لا دليل عليه من عقل ولا نقل! فكيف وقد توافرت الأدلة على إثبات تلك المعاني، وتقرر في القرءان الأصل المحكم الذي ترد إليه حقيقة تلك المعاني جميعا، ألا وهو قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)؟
أما حديثي عن مجال ذكر الصفات أقصد به أن هناك من الآيات ما يكون موضوعها الحديث عن صفات الله وأسمائه أفعاله والتعريف به مثل خواتيم كثير من الآيات وسورة الاخلاص وآخر سورة الحشر وكثير من الآيات في ثنايا السور يكون مقصودها الأول التعريف برب العزة جل وعلا وأسمائه وصفاته وأفعاله.هذا منك تحكم باطل، لأنك - على الأقل - تثبت لله صفة الرعاية والكلأ من قوله (فإنك بأعيننا) فبطل بذلك شرطك هذا، إذ هذه الآية حالئذ تكون داخلة في مجال ذكر الصفات والأفعال!!
ـ[دامو]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 10:22]ـ
لا أريد الخروج عن الموضوع لكن ما توجيه لأهل العلم الذين يرون أنه لا مجاز في القرآن لهذه الآية" " واخفض جناحك للمؤمنين " يكفيني أن تعطوني مصدر للنظر فيه، بارك الله فيكم
ـ[ابو نسيبة]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 10:40]ـ
أليس الاصل في الجناح هنا الاضافة كما في الاية:
وَاخْفِضْ لَهُمَا (جَنَاحَ الذُّلِّ) مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء: 24]
يعني من باب اضافة: سيارتك أو نقودك .. فهل السيارة عضو أو النقود أعضاء للمرء؟
فالجناح هنا الكلمة المركبة: (جناح الذل) وليس فقط المفردة المضافة: جناحك. وبالتالي جناحك فيها تقدير محذوف: الذل.
بعبارة اخرى اضافة الجناح للذل لا للمرء. والذل شئ معنوي.
مجرد تساؤل ما رأيكم فلست أفقه العربية في الواقع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو معاذ المكي]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 10:44]ـ
جزاكم الله خير اخوتي
وبارك الله فيكم
تكلم الشيخ إبن عثيمين رحمة الله في هذه المسألة فأحسن الكلام وكان ردة بالنقل والعقل وإليكالجواب على ذلك يتحرَّر في مقامين:
المقام الأول: أن لله – تعالى - عينين، فهذا هو المعروف عن أهل السنة والجماعة، ولم يصرح أحد منهم بخلافه فيما أعلم. وقد نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعرى في كتابه: "اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين". قال: مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث ـ فذكر أشياء ثم قال: ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]. نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص 90/ 5 مجموع الفتاوى لابن قاسم، ونقل عنه أيضًا مثله في ص 92 عن كتابة: "اختلاف أهل القبلة في العرش". ونقل عنه أيضًا مثله في ص 94 عن كتابه: "الإبانة في أصول الديانة". وذكر له في هذا الكتاب ترجمة باب بلفظ: "باب الكلام في الوجه، والعينين، والبصر، واليدين". ونقل شيخ الإسلام في هذه الفتوى ص 99 عن الباقلاني في كتابه: "الإبانة". قوله: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال متصفًا بها هي الحياة والعلم، إلى أن قال: "والعينان واليدان".
ونقل ابن القيم ص 188، 119، 120 في كتابه: "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية" عن أبي الحسن الأشعري وعن الباقلاني في كتابيه: "الإبانة والتمهيد" مثل ما نقل عنه شيخ الإسلام، ونقل قبل ذلك في ص 114 عن الأشعري في كتابه: "الإبانة" أنه ذكر ما خالفت به المعتزلة كتاب الله – تعالى - وسنة رسوله، صلى الله عليه سلم، وإجماع الصحابة إلى أن قال: "أنكروا أن يكون لله عينان مع قوله – تعالى -: {تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا} ".
وقال الحافظ ابن خزيمة في: "كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب" ص 30 بيان النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله مبينًا عنه في قوله – عز وجل-: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ?لذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين، فكان بيانه موافقًا لبيان محكم التنزيل، ثم ذكر الأدلة، ثم قال في ص 35: "نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى".
وقال في ص 55، 56: "فتدبروا يا أولي الألباب ما نقوله في هذا الباب في ذكر اليدين ليجري قولنا في ذكر الوجه والعينين تستيقنوا بهداية الله إياكم، وشرحه – جل وعلا- صدوركم للإيمان بما قصه الله – عز وجل- في محكم تنزيله، وبينه على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم، من صفات خالقنا – عز وجل- وتعلموا بتوفيق الله إياكم أن الحق والصواب والعدل في هذا الجنس مذهبًا مذهب أهل الآثار ومتبعي السنن، وتقفوا على جهل من يسميهم مشبهة" اهـ.
فتبين بما نقلناه أن مقالة أهل السنة والحديث أن لله – تعالى - عينين تليقان بجلاله وعظمته لا تكيفان، ولا تشبهان أعين المخلوقين، لقوله – تعالى -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. روى عثمان بن سعيد الدارمي ص 47 من رده على المريسي بسنده عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: 58]. فوضع أصبعه الدعاء على عينيه وإبهامه على أذنيه.
المقام الثاني: في ذكر الأدلة على إثبات العينين:
قال البخاري – رحمه الله تعالى - باب قول الله – تعالى -: {وَلِتُصْنَعَ عَلَىا عَيْنِى} [طه:39]. وقوله –جل ذكره-: {تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لّمَن كَانَ كُفِرَ} [القمر:14] ثم ساق بسنده حديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال ذكر الدجال عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إنه لا يخفى عليكم أن الله ليس بأعور – وأشار بيده إلى عينه- وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد استدل بحديث الدجال على أن لله – تعالى - عينين عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: "الرد على بشر المريسي" الذي أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. وقال: "إن فيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما" يعني هذا الكتاب وكتابه الثاني: "الرد على الجهمية" قال الدارمي في الكتاب المذكور: (ص 43 ط أنصار السنة المحمدية)، بعد أن ساق آيتي صفة العينين: ثم ذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الدجال فقال: إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، قال: والعور عند الناس ضد البصر، والأعور عندهم ضد البصير بالعينين. وقال في ص 48: ففي تأويل قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن الله ليس بأعور بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور.
واستدل به أيضًا الحافظ ابن خزيمة في كتاب التوحيد كما في ص 31 وما بعدها.
ووجه الاستدلال به ظاهر جدًّا فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، أراد أن يبين لأمته شيئًا مما ينتفي به الاشتباه عليهم في شأن الدجال في أمر محسوس، يتبين لذوي التفكير العالمين بالطرق العقلية وغيرهم، بذكر أن الدجال أعور العين والرب – سبحانه - ليس بأعور، ولو كان لله – تعالى - أكثر من عينين لكان البيان به أولى لظهوره وزيادة الثناء به على الله – تعالى -، فإنَّ العين صفة كمال فلو كان لله أكثر من اثنتين كان الثناء بذلك على الله أبلغ.
وتقرير ذلك أن يقال: ما زاد على العينين فإما أن يكون كمالاً في حق الله – تعالى - أو نقصًا، فإن كان نقصًا فهو ممتنع على الله – تعالى - لامتناع صفات النقص في حقه، وإن كان كمالاً فكيف يهمله النبي، صلى الله عليه وسلم، مع كونه أبلغ في الثناء على الله تعالى!! فلما لم يذكره النبي، صلى الله عليه وسلم، علم أنه ليس بثابت لله – عز وجل- وهذا هو المطلوب.
فإن قيل: ترك ذكره من أجل بيان نقص الدجال بكونه أعور.
قلنا: يمكن أن يذكر مع بيان نقص الدجال فيجمع بين الأمرين حتى لا يفوت ذكر كمال صفة الله – عز وجل-.
واعلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، ذكر هذه العلامة الحسية ليبين نقص الدجال وأنه ليس بصالح لأن يكون ربًّا، ولظهورها لجميع الناس لكونها علامة حسية بخلاف العلامات العقلية، فإنها قد تحتاج إلى مقدمات تخفى على كثير من الناس، لاسيما عند قوة الفتنة، واشتداد المحنة، كما في هذه الفتنة فتنة الدجال، وكان هذا من حسن تعليمه، صلى الله عليه وسلم، حيث يعدل في بيانه إلى ما هو أظهر وأجلى مع وجود علامات أخرى.
وقد ذكر ابن خزيمة –رحمه الله- في» كتاب التوحيد «ص 31 حديثًا ساقه في ضمن الأدلة على أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بيَّن أن لله – تعالى - عينين، فساقه بسنده إلى أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه يقرأ قوله – تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الامَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إلى قوله: {سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء:58]. فيضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه. ويقول: هكذا سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقرؤها ويضع أصبعيه.
وقد سبقت رواية الدارمي له بلفظ التثنية، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (ص 373/ 13 ط خطيب) أن البيهقي ذكر له شاهدًا من حديث عقبة بن عامر –رضي الله عنه- سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول على المنبر: ((إن ربنا بصير وأشار إلى عينيه)) وسنده حسن. اهـ.
وقد ذكر صاحب مختصر الصواعق (ص 359 ط الإمام)، قبيل المثال السادس حديثًا عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن)). الحديث لكنه لم يعزه فلينظر في صحته.
وبهذا تبين وجوب اعتقاد أن لله – تعالى - عينين، لأنه مقتضى النص وهو المنقول عن أهل السنة والحديث.
فإن قيل ما تصنعون بقوله – تعالى -: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [المؤمنون: 27]. وقوله: {تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] حيث ذكر الله – تعالى - العين بلفظ الجمع؟
قلنا: نتلقاها بالقبول والتسليم، ونقول إن كان أقل الجمع اثنين –كما قيل به إما مطلقًا أو مع الدليل- فلا إشكال لأن الجمع هنا قد دل الدليل على أن المراد به اثنتان فيكون المراد به ذلك، وإن كان أقل الجمع ثلاثة فإننا نقول جمع العين هنا كجمع اليد في قوله – تعالى -: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعـ?ماً} [يس: 71]. يراد به التعظيم والمطابقة بين المضاف والمضاف إليه، وهو – نا- المفيد للتعظيم دون حقيقة العدد، وحينئٍذ لا يصادم التثنية.
فإن قيل: فما تصنعون بقوله – تعالى - يخاطب موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَىا عَيْنِى} حيث جاءت بالإفراد؟
قلنا: لا مصادمة بينها وبين التثنية، لأن المفرد المضاف لا يمنع التعدد فيما كان متعددًا، ألا ترى إلى قوله – تعالى -: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ?للَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34]. وقوله – تعالى -: {وَ?ذْكُرُواْ نِعْمَةَ ?للَّهِ عَلَيْكُمْ}. فإن النعمة اسم مفرد، ومع ذلك فأفرادها لا تحصى.
وبهذا تبين ائتلاف النصوص واتفاقها وتلاؤمها، وأنها –ولله الحمد- كلها حق، وجاءت بالحق، لكنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تأمل وتفكير، بقصد حسن، وأداة تامة، بحيث يكون عند العبد صدق نية بطلب الحق واستعداد تام لقبوله، وعلم بمدلولات الألفاظ، ومصادر الشرع وموارده، قال الله – تعالى -: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ?لْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ?للَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ?خْتِلَـ?فاً كَثِيراً} [النساء:82]. فحث على تدبر القرآن الكريم وأشار إلى أنه بتدبره يزول عن العبد ما يجد في قلبه من الشبهات، حتى يتبين له أن القرآن حق يصدق بعضه بعضًا. والله المستعان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
مصدرالفتوى: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين - (1/ 146) [رقم الفتوى في مصدرها: 63]
**********************
وفقنا ربي واياكم لما فيه الحق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Nov-2010, مساء 10:55]ـ
الأخ الفاضل العزيز المهذب / ابو الفدا
أشكر لك أولاً أسلوبك الهادي الرصين
ثانياً: ألا ترى أن الوقوف عند لفظ الآيات هو الأولى والأسلم والأقرب الى توجيهات السلف؟
فقد قالو عن مثل هذه الآيات: تأويلها تلاوتها ...... وهو يعني عدم التنطع والزيادة على ما في الآيات والنصوص فنقول مثلاً صنع الله موسى على عينه ونقف عند ذلك ولا نتعداه الى غيره
ولا الى القول لله عينان ونجتهد باحثين عن نص يذكر العينين فلا نجد، وفي نفس الوقت نتحرج أن ننفي العينين الاثنتين لدلالته الظاهرة على النقص
وننظر الى النصوص التي تذكر العين الواحدة والأعين الجمع ولا نجرؤ على اثباتها كما هي أيضاً لدلالته الظاهرة أيضاً على النقص ثم نضطر الى تأويل الآيات التي ذكرت ذلك - تماماً كما يفعل الاشاعرة الذين ننكر عليهم.
ولقد كنا في غنية عن ذلك بالتمسك باللفظ والاسلوب القرآني كما هو من غير زيادة عليه أو استنتاج منه ..... والله أعلم
ـ[أبو سفيان الأثرى]ــــــــ[09 - Nov-2010, صباحاً 12:23]ـ
لا أريد الخروج عن الموضوع لكن ما توجيه لأهل العلم الذين يرون أنه لا مجاز في القرآن لهذه الآية" " واخفض جناحك للمؤمنين " يكفيني أن تعطوني مصدر للنظر فيه، بارك الله فيكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وصحبه وبعد،
الجناح يطلق لغة على يد الإنسان وعضده، قال الأزهرى: ومعنى جَناحَك ههنا يقال العَضُدُ ويقال اليدُ كلُّها جَناحٌ (انظر لسان العرب، مادة "رهب")
لذا فإن الجناح فى الآية مستعمل فى معناه الحقيقى، كما أن الخفض مستعمل فى معناه الحقيقى أيضاً، فالخفض ضد الرفع، ومريد البطش يرفع جناحه، والمتواضع يخفضه.
ـ[أبو سفيان الأثرى]ــــــــ[09 - Nov-2010, صباحاً 12:37]ـ
أليس الاصل في الجناح هنا الاضافة كما في الاية:
وَاخْفِضْ لَهُمَا (جَنَاحَ الذُّلِّ) مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء: 24]
يعني من باب اضافة: سيارتك أو نقودك .. فهل السيارة عضو أو النقود أعضاء للمرء؟
فالجناح هنا الكلمة المركبة: (جناح الذل) وليس فقط المفردة المضافة: جناحك. وبالتالي جناحك فيها تقدير محذوف: الذل.
بعبارة اخرى اضافة الجناح للذل لا للمرء. والذل شئ معنوي.
مجرد تساؤل ما رأيكم فلست أفقه العربية في الواقع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وصحبه وبعد،
قوله تعالى فى واجب الابن اتجاه والديه:
{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}
لا ريب أن الذل ليس له جناح مثل جناح الطائر، كما أنه ليس للطائر جناح مثل أجنحة الملائكة، وإنما جناح الإنسان جانبه، كما أن جناح الطار جانبه أيضاً، والولد مأمور بخفض جانبه لأبويه، وينبغى أن يكون ذلك على وجه الذل لهما، لا على وجه الخفض الذى ليس معه ذل.
أما قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} فأمره بخفض الجناح لهم فقط، من غير ذل، فلم يقل: واخفض جناح الذل لمن اتبعك، فالرسول مأمور بخفض جناحه - وهو جانبه - للمؤمنين، أما الولد فإنه مأمور بخفض جناحه أولاً، ومأمور - مع خفضه لجناحه أيضاً - أن يذل لأبويه ثانياً، بخلاف الرسول الذى لم يؤمر بالذل.
ـ[أبو سفيان الأثرى]ــــــــ[09 - Nov-2010, صباحاً 12:39]ـ
انظر فضلاً: بطلان المجاز وأثره فى إفساد التصور وتعطيل الكتاب والسنة (102 وما بعدها)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[09 - Nov-2010, صباحاً 12:42]ـ
بارك الله فيك أخي شريف،
توجيهات السلف ليس حاصلها منع الناس من السؤال عن معاني صفات الله تبارك وتعالى (تفويض المعنى)، وإنما حاصلها تفويض الكيف والسؤال عن حقائق الصفات، وهذا أمر يطول بسطه وليس هذا مقامه.
وقول القائل منهم - رضي الله عنهم - "تأيولها تلاوتها" إنما يدلك على أن معاني الصفات التي جاءت بها تلك النصوص أجلى وأظهر من أن تحتاج إلى أكثر من تلاوتها حتى يفهمها العربي صحيح اللسان، السالم من شبهات المتكلمين! فهذا من قائله نكير على المؤولة والمفوضة ومن لف لفهم في الحقيقة، وليس نكيرا على من أثبت الصفات على حقيقتها ومعناها الظاهر على مقتضى اللسان العربي الصحيح!
باختصار أخي الفاضل أقول: هل إثبات العينين لله - على نحو يليق بذاته جل وعلا - من قوله (تجري بأعيننا) و (فإنك بأعيننا) ونحوهما = أكمل في حقه سبحانه أم نفيها عنه أكمل؟ لا شك أن الإثبات أكمل، وإليه ينصرف الذهن عند من برأت نفسه من شبهة لزوم التشبيه!
فإن المتبادر إلى الذهن - بلا تكلف ولا تنطع - من هذا المجاز: إثبات العين على الحقيقة، ولا مدفع لذلك من نقل ولا من عقل! فكان المصير إلى هذا الإثبات = هو العمل بظاهر النص وهو الوقوف عند معناه كما وقف الأولون. والسبب في أنك لن تجد في المنقول من تفاسير الصحابة والتابعين - فيما جمعه أئمة التفاسير في كتبهم عند تلك الآيات - أنهم قالوا (نثبت لله عينا على الحقيقة من هذه النصوص) لأن الحاجة لم تكن تدعو لتقرير هذا الإثبات عند بيان المراد من تلك الآيات! وإنما احتيج إلى ذلك في مقام المحاججة، عندما خرج علينا النفاة والمعطلة والمؤولة من أذناب الفلاسفة بقولهم إن هذه الصفات لا يجوز إثباتها على ظاهرها لأن الإثبات فيه كذا ولازمه كذا، والله المستعان!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو نسيبة]ــــــــ[09 - Nov-2010, صباحاً 01:10]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وصحبه وبعد،
قوله تعالى فى واجب الابن اتجاه والديه:
{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}
لا ريب أن الذل ليس له جناح مثل جناح الطائر، كما أنه ليس للطائر جناح مثل أجنحة الملائكة، وإنما جناح الإنسان جانبه، كما أن جناح الطار جانبه أيضاً، والولد مأمور بخفض جانبه لأبويه، وينبغى أن يكون ذلك على وجه الذل لهما، لا على وجه الخفض الذى ليس معه ذل.
أما قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} فأمره بخفض الجناح لهم فقط، من غير ذل، فلم يقل: واخفض جناح الذل لمن اتبعك، فالرسول مأمور بخفض جناحه - وهو جانبه - للمؤمنين، أما الولد فإنه مأمور بخفض جناحه أولاً، ومأمور - مع خفضه لجناحه أيضاً - أن يذل لأبويه ثانياً، بخلاف الرسول الذى لم يؤمر بالذل.
جزاك الله خيرا فلم انتبه لذلك وإلا فلا يقول بذلك مسلم.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[09 - Nov-2010, مساء 01:23]ـ
باختصار أخي الفاضل أقول: هل إثبات العينين لله - على نحو يليق بذاته جل وعلا - من قوله (تجري بأعيننا) و (فإنك بأعيننا) ونحوهما = أكمل في حقه سبحانه أم نفيها عنه أكمل؟ لا شك أن الإثبات أكمل،
وإليه ينصرف الذهن عند من برأت نفسه من شبهة لزوم التشبيه!
والسبب في أنك لن تجد في المنقول من تفاسير الصحابة والتابعين - فيما جمعه أئمة التفاسير في كتبهم عند تلك الآيات - أنهم قالوا (نثبت لله عينا على الحقيقة من هذه النصوص) لأن الحاجة لم تكن تدعو لتقرير هذا الإثبات عند بيان المراد من تلك الآيات! وإنما احتيج إلى ذلك في مقام المحاججة، عندما خرج علينا النفاة والمعطلة والمؤولة من أذناب الفلاسفة.
أولاً: القول بأن اثبات العينين أكمل في حق الله من نفيهما - غير مسلم به، هو كذلك عند البشر يقيناً، أما عندالله فالأمر مختلف، فالولد مثلاً كمال للبشر بينما هو سب لذي الجلال والاكرام، والقول بأن الاثبات أكمل انما ينطوي في حقيقته على قياس الرب عز وجل بخلقه!!
ثانياً: تالله لقد برأت أنفسنا من شبهة لزوم التشبيه عند الاثبات، ولقد كنا نعتقد ما تعتقدون قرابة خمسة عشر عاماً على أنه مذهب السلف الصالح وارتضينا تضليل جماهير علماء المسلمين أمثال النووي وابن حجر وغيرهما الكثير لمخالفتهم - في نظرنا وقتها - مذهب السلف، بيد أنه قد اتضح لنا بعد ذلك أن مذهب الاثبات بهذا الشكل إنما هو رؤية بعض علماء المسلمين مثل ابن خزيمة والدارمي والبيهقي وشيخ الاسلام ابن تيمية لمذهب السلف، وأن غيرهم خالفهم في رؤيتهم لمذهب السلف.
ثالثاً: حجتك في عدم وجود نصوص عن السلف من الصحابة والتابعين في الاثبات الصريح بأن الحاجة ساعتها لم تكن تدعو الى ذلك، فهي حجة - سامحني - داحضة، فبوسع أي طرف مخالف لك في مذهبك من المؤولة بحق أو باطل أو من النافية أو من المفوضة أن يدعي مثل ما ادعيت!!!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[09 - Nov-2010, مساء 01:50]ـ
القول بأن اثبات العينين أكمل في حق الله من نفيهما - غير مسلم به، هو كذلك عند البشر يقيناً، أما عندالله فالأمر مختلف، فالولد مثلاً كمال للبشر بينما هو سب لذي الجلال والاكرام، والقول بأن الاثبات أكمل انما ينطوي في حقيقته على قياس الرب عز وجل بخلقه!! ليس بصحيح. فإن إثبات هذه الصفة ليست حجته هذا الكلام في تلك الآية وحدها! وليس هو بقياس وإنما إجراء لأصل لغوي واضح كما تقدم، وإعمال لما هو أقرب إلى ذهن السامع العربي صحيح اللسان.
تالله لقد برأت أنفسنا من شبهة لزوم التشبيه عند الاثبات، ولقد كنا نعتقد ما تعتقدون قرابة خمسة عشر عاماً على أنه مذهب السلف الصالح وارتضينا تضليل جماهير علماء المسلمين أمثال النووي وابن حجر وغيرهما الكثير لمخالفتهم - في نظرنا وقتها - مذهب السلف، بيد أنه قد اتضح لنا بعد ذلك أن مذهب الاثبات بهذا الشكل إنما هو رؤية بعض علماء المسلمين مثل ابن خزيمة والدارمي والبيهقي وشيخ الاسلام ابن تيمية لمذهب السلف، وأن غيرهم خالفهم في رؤيتهم لمذهب السلف.عجيب كلامك هذا، فإن أوله يخالف آخره! مذهب من سميتهم بجماهير العلماء في التأويل إنما حملهم عليه مخافة لزوم التشبيه، واختلافهم في
(يُتْبَعُ)
(/)
مقدار ذلك اللزوم العقلي وما يستتبعه من نفي وإثبات، أو من تأويل وتفويض، تبعا لاختلاف عقولهم في ذلك = معلوم مبذول في مظانه!! فإن كنت قد برأت من هذا اللزوم نفسه جملة واحدة فما بالك ترتضي مذهبهم بعدُ؟
أما قولك بأننا نضلل من ذكرت من العلماء - هكذا بهذا الإطلاق - فباطل واضح، فإن كان هذا مذهبك أنت في القديم فهذا شأنك ولا دخل لنا به.
فإن الإمامين النووي وابن حجر لأهل السنة في مذهبهما تفصيل معروف، فلا نخرجهما من أهل السنة رحمهما الله ولا نقرهما على ما وافقا فيه الأشاعرة.
وأما قولك بانحصار مذهبنا في كونه رؤية من سميت من العلماء فليس بصحيح، وقد سبق طرح هذا الأمر للنقاش هنا مرارا وقامت عليه البراهين الواضحة في غير موضع من هذا المجلس فلتنظر في مواضعها.
ولا شيء أسهل - على أي حال - من دعوى كل فريق إن مذهبهم مذهب جمهور العلماء ومذهب مخالفيهم مذهب قلة قليلة منهم! وأرجو أنك لا ترى في شيء من ذلك دليلا على صحة هذا المذهب أو ذاك!
فبوسع أي طرف مخالف لك في مذهبك من المؤولة بحق أو باطل أو من النافية أو من المفوضة أن يدعي مثل ما ادعيت!!! كلا ليس بوسعه ذلك، فهو صاحب الدعوى وهو المطالب بالبينة، لأنه ينسبهم إلى مذهب هو يدعيه، ويدعي أنه سبب سكوتهم! نحن نقول إن أصحاب النبي عليه السلام فهموا تلك النصوص على مقتضى اللسان العربي المستقيم، فلم يحملوا منها شيئا على المجاز إلا ما كانت قرائن اللغة تحمله عليه، وهذا هو الأصل في فهم خطاب اللغة. أما هم فيقولون ما حاصله أن الصحابة والتابعين اتخذوا لأنفسهم قاعدة عقلية مفادها تفويض كل نص يظهر منه التشبيه والتجسيم، أو تأويله على خلاف الظاهر! فأي الفريقين هو المطالب بالنقل عنهم لإثبات دعواه؟؟ نقول لهم إيتونا ببينة على مذهبكم من كلام الصحابة، ودونكم من اليوم إلى عشر سنوات قابلة، إن كنتم فاعلين.
ـ[دامو]ــــــــ[09 - Nov-2010, مساء 11:04]ـ
بارك الله فيكم أبو سفيان الأثرى
ـ[أبو سفيان الأثرى]ــــــــ[10 - Nov-2010, صباحاً 12:48]ـ
وفيك بارك أخى الحبيب
ـ[عبد الرحمن م]ــــــــ[14 - Nov-2010, صباحاً 08:39]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[17 - Nov-2010, مساء 03:30]ـ
ردا على الأخ شريف شلبي .. إضافة لما قاله الشيخ أبو الفداء ..
قال الأخ شلبي سدده الله: هل للنبي جناح؟
الجواب: نعم .. وحصر الجناح بما كان للطائر غير صحيح لأنه استعمل في كلام العرب من غير نكير في كل ما دل عليه أصله وهو الميل كما سيأتي ,فيصح أن يقال جناحا الطائر:يداه .. ويداه:جناحاه .. كما في قول الله عز وجل "واضمم يدك إلى جناحك"
وليس السياق هنا لإرادة معنى غير حسى حتى يؤول بالمجاز
قال صاحب اللسان:والجَوانح أَوائل الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر، كالضلوع مما يلي الظهر، سميت بذلك لجنوحها على القلب، ووقال ابن فارس: الجيم والنون والحاء أصلٌ واحدٌ يدل على الميل والعدوان.
ويقال جنح إلى كذا، أي مال إليه. انتهى
وهذا الاستقراء من ابن فارس غير منقوض ألبتة , وحينئذ لا يستشكل بمثل هذا من وجوه:
-أن نسبة الجناح للإنسان إنما ساغت لنفس السبب الذي من أجله استعملت مع الطائر وهو أصل الميل
-أنه على التسليم بأنه استعير من الطائر من باب التشبيه وأنه يخص الطير وحده ,فهذا لا ينفي صحة نسبة الجناح للإنسان
لأن معنى الشبه واضح فصار استعارة اسم الجناح لجانب الإنسان أو يده دالة على المقصود
فإذا قيل لم يصح أن يقال لفلان علي أياد بيضاء لولا وجود يدين كما قال أبو الفداء, فكذلك لم يصح إطلاق اسم الجناح إلا لوجود معنى الجُنح
بمنزلة قول القائل: محمد أسد .. فمع إضمار أداة التشبيه كان هذا بنفس وضوح:محمد كالأسد في شجاعته
وحينئذ يكون السؤال هل محمد أسد ,بمنزلة السؤال: هل محمد شجاع جدا؟
فثبت لمحمد القدر المعين من مشابهة الأسد وهو الشجاعة .. كما ثبت جانبا الإنسان المشبّهان بجناحي الطائر
ولا أحد يقول إن القدر المشترك بين المشبه والمشبه به مجاز بل هو حقيقة وقصاراه أن يكون مشتملا على مبالغة في القدر
فنقول للنبي جناح كما أن محمدا أسد .. والمقصود: إذا عرف وجه المشاكلة من النص بقرينة .. امتنع أن ينفى ما يسمى مجازا ,عنه .. لأن في الكلام تقديرا محذوفا .. يدل عليه الأسلوب والقرائن,
ثالثا-إذا تلا القاريء "واخفض جناحك" فقيل هل للنبي جناح ,فأجيب: لا .. هكذا! كان هذا بادي القبح , بخلاف ما لو أجيب بنعم .. كان هذا موافقا للقرآن ثم يفسر معنى الجناح سواء قلنا بالمجاز أو لم نقل
نعم لا مانع أن يقال: ليس المقصود بالجناح أنه يطير به او يشبه جناح الطائر .. إلخ
وإذا صح إثبات هذا -وهو مما سمي مجازاً -لوجود قرينة ,فلأن يتعين إثبات العين لله عز وجل من باب اولى
لأنه لا قرينة تبيح نفي النسبة إلا استعمال الأهواء والعقليات ,والله تعالى نزه نفسه عما يصفه غير المرسلين
وقد علمنا هذه النسبة من النبي صلى الله عليه وسلم كتابا وسنة ,ولا أحد أعرف بالله منه ,
بخلاف الإنسان فنحن نراه ويمكننا أن نقيم الدليل على نفي نسبة إليه بالمعاينة .. وحينئذ لا يكون نفيك للجناح عن الإنسان بمثابة نفي يد الله أو عينه لأنك لم تر الله ولا رأيت مقيساً عليه
خامسا-الاحتجاج بأن هذا مجاز احتجاج بشيء غير مسلم به بل هو محل النزاع بين السلف والخلف, فلا يستقيم حينئذ
أخيرا-الإجماع في إثبات العين لله عز وجل وغيرها من الصفات متحقق في عهد السلف , ولا ينقضه مخالفة من جاء بعد ذلك, وقد آسفني مقالتك عن أنك كنت مخدوعا لسنوات حتى وقعت على الحقيقة! , فأسأل الله أن يغفر لنا ولكم
أكتفي بهذا الآن ..
والله المستعان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الصديق]ــــــــ[17 - Nov-2010, مساء 08:29]ـ
بارك الله فيكم وهدانا واياكم الى الحق
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[18 - Nov-2010, مساء 09:37]ـ
إذا سلمت لك أن للانسان جناح حقيقي وأنه ليس في الآية مجاز فما قولك في خفضه - أي الجناح؟؟؟
هل هو على حقيقته أيضاَ؟ وهل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يخفض يديه حقيقةً أو أن يضعهما على الأرض حينما يقبل عليه المؤمنون؟
....
وتقول إن القول بأنه ليس للنبي جناح قول بادي القبح، وأنت لا تستطيع أن تثبت على لازم هذا القول، فما قولك فيمن سمع قوله تعالى " فنسيهم " فقال " الله لا ينسى ولكن معنى ذلك أنه تعالى أوكلهم الى نفوسهم ومنعهم توفيقه وهداه.
وما قولك فيمن سمع قول النبي فوالله لا يمل الله حتى تملوا فقال إن الله تعالى لا يمل، ومن سمع قول الله فأتى الله بنيانهم فقال الله لم يجئ الى بنيانهم ولكن معناه هدم بنيان مكرهم وأبطل أثره.
أما قولك الأخير أن هذا إجماع السلف - فلإن أتيتني بقول صاحب واحد فقط - واحد فقط - صح السند اليه بأنه قال " لله عين " لتركت قولي وقلت به، بل كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أورع من التلفظ بذلك وإنما كان دينهم إمرار هذه الايات وفهمها كما هي.
ثم إني أعظكم ... أن تقومو لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا 0000 هل لو كان في الامر اجماع حقيقي .. هل كان يحدث مثل هذا الاختلاف العظيم بين علماء الأمة فيه؟؟
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[18 - Nov-2010, مساء 11:37]ـ
أوصي نفسي وإياك بتقوى الله والتواضع .. فالجدل أخي الفاضل كلٌ يقدر عليه .. وقد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير فلا تخيب ظني فيك, والله المستعان
-نعم الإجماع معقود .. وقد اعترف الغزالي وغيره أن طريقة المتكلمين مخالفة لما عليه السلف واشتهر عن بعض المتكلمين قولهم: طريقة السلف أسلم وطريقتنا أحكم, ونقل الإجماع المحكي ابن عبدالبر والترمذي وابن خزيمة وابن تيمية وغيرهم كثير وأقر ابن العربي المالكي الأشعري أن طريقة الإمام مالك هي ما نقوله من إثبات الصفة والمعنى مع تفويض الكيفية وكذا القرطبي ثم خالفاه! ,قال الخطيب البغدادي: (أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها .. إلى أن يقول: والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته) ولايجوز اتهام السلف بتفويض المعنى كما فهمه بعض الأشعرية حيث وهموا أن معنى قولهم "بلا كيف" أي لا وجود للكيف أصلا! ,وإنما قلت لا يجوز فهم السلف بهذا لما تقرر عنهم من أن الله خاطبنا بما نعقل ونفهم ,ولما يلزم من اتهامهم بهذا أن تكون هذه الصفات بمنزلة الأسماء الجامدة التي لا معنى لها فتكون خالية من الدلالة على الكمال, وباختصار:مقالة أهل التفويض إنما يقولها أشرار أو جهلة
قال الإمام الحافظ الترمذي في جامعه (وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده. وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة.) فتأمل كيف مايز بين أهل العلم والجهمية مقابلة الحق للباطل, وقد انتهيت أخيراً مع الأسف إلى قول الجهمية
فأسأل الله لي ولك الهداية والسداد, لأن هذه المسائل إذا لم يوفق الله صاحبها لدرك الحق فلا ينفعه عبقريته ولو استعار عقول الناس أجمعين
-كلامك عن خفض الجناح فرغت من الجواب عنه في أصل ردي ولله الحمد, فالحقيقة هنا تشبيه شيء بشيء وليس عندنا لله شبيه فنشبهه به فخلص لنا حقيقة مذهب السلف, فلو سلمنا لك بكل ما تقوله عن الجناح فليس لك فيه حجة قط وقد رد عليه أخونا أبو الفداء بما يكفي, والحمدلله
-النسيان من معانيه الترك , وليس هذا من التأويل في شيء ,ولايمل حتى تملوا, ونحوها فما يكون من أفعال المقابلة كالاستهزاء والمكر يثبت منها وجه الكمال اللائق بالمعنى بقرينة المقابلة في سياقها الخاص بها واختلفوا في هذا الضرب خاصة ولايخلط بغيره مما جاء صفة مطلقة فالقياس عليه لا يصح.وباب الأفعال ليس كالأسماء ومطلق الصفات, بلا خلاف, وأما "فأتى الله بنيانهم من القواعد" ففي الكلام محذوف مقدر تعرفه العرب من كلامها ,والمعنى: أتاها بهدم
والأفعال التي تعدى بحرف لا تستوي مع التي تعدى بنفسها في المعنى ,وما تتم به الجملة من الفضلات قد يغير المعنى أيضا فإذا قلت: أتى محمد, وسكتّ يفهم منها كل عربي خلاف ما يفهمه من: أتى محمد بحجة, وهذه تختلف عما لو قال: أتى بيت العدو من قواعده فخرّ, ولكن الأصل أنه سيثبت نوعاً من الإتيان في كل حال ,ولن يعود بالنقض على الأصل لوجود شاهد فهم منه دلالة خاصة في سياق معين فهذا من التحكم وضرب المعاني بعضها ببعض.
فأي الفريقين أحق بالصدق: من يقول:الله لا يأتي بدليل هذا الشاهد! أم من يقول: الله يأتي ,وإتيانه في هذه الآية خاصة مفسر مبين بتتمتها وهو إتيان بالهدم لأنه لم يقل أتى وسكت, فكأن الآتي هو الهدم ونسبه لنفسه لأنه خالقه ومسببه كما لو قلت أتيتك بهدية سأرسلها مع صديق, والخلاصة فرق بين:أتى فلان وأتى فلان بكذا ونحوها, وفي كل إتيان ,فالمطلق يثبت بإطلاقه والمقيد يفسر بسياقه دون أن يعود بالنقض على أصل الصفة
وهذا خارج موضوعنا
والله الهادي إلى أقوم السبل(/)
العلامة والداعية الشيخ محمد السعيد رحمه الله
ـ[الشيخ محمد سعيد]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 03:12]ـ
رزئت فيه الأمة باغتيال على أيدي المجرمين، فذهب ضحية الحسابات الحزبية والسياسية الضيقة قاتلها الله .. تهيبك طلعته، قدمته يوما في محاضرة بإحدى مساجد جامعة باتنة فأمطرتُه بوابل من أسئلة الحضور دفعة واحدة قصدت الإيجاز، وشعرت أنه قلق مني فهبته .. ولكن أحببته لما رأيت فيه من خلق رفيع وعلم غزير، وإذا كان الشيخ الغزالي يجمع بين الإثارة والتفقيه فإن الشيخ محمد السعيد أضاف إلى ذلك عمق الفكرة والقدرة على تبسيط أفكار الرجال الكبار كالشاطبي ومالك بن نبي بأسلوبه الذي يتسم ببلاغة وبيان رفيع جعله مبدعا للبيان "وإن من البيان لسحرا" كما قال الرسول -صلى لله عليه وسلم-، كان الشيخ محمد الغزالي يقول عنه "مارأيت خطيبا مثله قط"، قرأت ذلك في جريدة الموعد ..
رغم أن الرجل قبائلي ويجيد الفرنسية وكان شخصية محبوبة لها وزنها في بلاد القبائل، ولاعجب فبلاد القبائل هي من أنجبت أمثال الورتيلاني ومولود قاسم نايت بلقاسم، رحمهم الله وأسرة آل شيبان الذين كان لهم فضل ويد بيضاء على وزارة الشؤون الدينية في عهد الرئيس السابق الشادلي بن جديد.
ليس بيدي مقالات الشيخ أو محاضراته لأكتب عنه وأدعو تلامذته إلى إعداد دراسة في فقة الدعوة في فكر الشيخ الراحل، ولكن أذكر الأمة بالدرس التاريخي الذي ألقاه بالجامعة المركزية عقب أحداث 1982 حينما اعتقلت السلطة الدكتور بوجلخة وعباسي مدني ومن معهم من العلماء والدعاة، وقال يومها للشباب: ادعو إلى الله في كل مكان في الطرقات في الحافلات، اسمعوا كلمة الله في كل مكان وهي الخطبة التي أعتقل بعدها.
كذلك أذكر له درسه التاريخي الذي ألقاه بأحد مساجد الجامعة بالجزائر عقب الإهانة التي تعرض لها من أوغاد العامة أثناء تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الذين شتموه وهموا بضربه وقد ذهب ينقل إليهم رسالة موقعة من الشيخ أحمد سحنون يدعوهم فيها إلى التريث ومشاورة جميع الدعاة والعلماء وعدم التسرع في الإعلان عن حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ يومها في مسجد السنة، وهي النصيحة التي لم يصغ إليها هؤلاء، لقد ألقى عقبها الشيخ درسا بمسجد من مساجد الجامعة فبكى وأبكى الحضور، وقال -كما أذكر- إننا نعيش نهضة فقهية كبيرة ولكنها عرجاء تسير على قدم واحدة لأنها تفتقر إلى الأخلاق.
كذلك أذكر أنه حينما قال له الشيخ عباسي مدني في ملتقى الدعوة الإسلامية الثاني بالجزائر بأنه يراه رمز علماء الأمة وأن العلماء يعملون ويخططون وأنهم إن لم يفعلوا ذلك واكتفوا بمثل هذه الملتقيات كان كمن يحضر حفلا، ثم استطرد يقول إن الذي يذهب إلى الحفل قد يعود على الأقل بقفة من الحلوى بخلاف هذه الملتقيات، ودعا الشيخ محمد السعيد إلى عدم التخلي عن الجبهة، وقال له الجبهة جبهتكم، وكان ذلك استدراجا للشيخ، أقحمه في ميدان العمل السياسي الذي أودى بحياته.
كذلك حينما أطلق خطبته النارية في مسجد السنة عقب اعتقال شيوخ الجبهة الإسلامية يومها عباسي مدني وعلي بن حاج، وقال موجها خطابه إلى الجميع "إما جبهة إسلامية أصيلة وإما السجون والمعتقلات"، ثم قال:"إننا نريد الحوار إننا نريد الحوار إننا نريد الحوار، إن هذه الجبهة قلمت كثيرا من الأظافر الحادة، فإذا ضربت الجبهة لا قدر الله فإن الأمور ستنفلت" .. وحينما عقد ندوته الصُحفية التي أعتقل فيها قال محذرا السلطة "إنني أمسك بيدي قنبلة مفككة وشيكة الإنفجار وساعة أطلقها ستنفجر فساعدوني على تفادي انفجارها"، وحينما سأله أحدهم هل تملك بطاقة الجبهة الإسلامية للإنقاذ حتى تتحدث باسمها، فقال: إن الذي يربطني بالجبهة هو الإسلام وليس البطاقة. داهمت قوات الأمن الندوة الصحفية واعتقل الشيخ على مرأى ومسمع وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ليطلق سراحه قبل الانتخابات التشريعية التي فازت فيها الجبهة الإسلامية المحظورة يومها.
كان من حسنات الشيخ عباسي مدني أنه أقحم تيار النخبة في ضمير الأمة وكذا الفكرة الإسلامية برمتها وليته استشار وأحسن اختيار الرجال من بدء الإنطلاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
حسب علمي الشيخ محمد السعيد كان مع الشيخ عباسي مدني ساعة اعتقاله وأنه حين فر هو من الاعتقال لم يحمل السلاح قط وكان يقول لإخوانه إنهم ورطوا الحركة في هذا العمل للقضاء عليها، لقد نصحه الأستاذ الطيب برغوث بالإنسحاب من ميدان السياسة حينما أفرجت عنه المحكمة العسكرية ولم يستطع إقناعه بهذا المسلك لأنه كان يرى أن مسؤولية الدعاة أعظم من مسؤولية الساسة، لأنهم أمناء على الدعوة وعلى السياسة في نفس الوقت ..
إنني أرى أن علوج الإستئصاليين وطراطير الإسلاميين وحمقى الوطنيين وأوغاد العامة، وخوارج الزمن صنعوا أو ساهموا جميعا في صنع الأيدي الآثمة التي اغتالت هذا الرمز الكبير.
الأستاذ الطيب برغوث حفظه الله
كان له فضل فتح أعيننا وبصائرنا على أولئك العلماء والرجال والشيخ قد كتب وحاضر وهو غني عن التعريف ولايزال حيا يرزق وأشهد للتاريخ أنه نصح الإخوان في "البناء الحضاري" باجتناب المواجهة مع السلطة واجتناب العنف.
والشيخ الطيب واحد من القلائل من مثقفي الصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر الذين نذروا أنفسهم لمهمة نبيلة رابط فيها دهرا من الزمن ورفض مغادرة موقعه وهي العمل الثقافي الفكري. ولم تجذبه كل الاغراءات والجواذب إلى مواقع أخرى وكان يردد دائما أن المرابط على ثغر يجب أن لا يغادره حتى لا يؤتى المسلمون من قبله.
بدأ الكتابة والتأليف في مطلع الثمانينات وصدرت له عدة مؤلفات التي تعكس سعة اطلاعه ورحابة الأفق الثقافي والفكري الذي ينهل منه وقد كان متميزا بشكل كبير سواء من حيث المواضيع التي يطرقها أو من حيث الشواهد العلمية التي أتاه الله فيها مقدرة وبسطة في ضمها وتنسيقها.
وبانفجار المحنة الوطنية بعد إلغاء المسار الانتخابي بقي الشيخ المفكر مرابطا في موقعه محاضرا في الجامعات وكاتبا في الصحف والمجلات إلا أنه كغيره من أخيار هذه الأمة ضايقوه وتعقبوا خطواته وأنفاسه فاضطر إلى مغادرة البلاد في ظروف صعبة جدا وتقاذفته ديار الغربة وذاق فيها ويلات التشرد والعوز ومع ذلك بقي صابرا محتسبا مرابطا في موقعه لم يغادره أو يغير قناعته بأولوية العمل الثقافي وأهمية البناء الدعوي واستمر يكتب ويؤلف وكل أمله في مستقبل الخير الذي يكون جزاء سننيا للمحن التي مرت بها هذه الأمة والذي يراه قريبا بإذن الله.
كذلك أجد نفسي في نهاية هذا الحديث مضطرا لأذكر أستاذي الفاضل البشير قادرة الذي كانت على يده النفثة الروحية الأولى التي أنقذتنا في الوقت المناسب من طريق الضلال، الشيخ كان منذ باكورة عمله الدعوي يفضل أسلوب الدعوة والحكمة ويكره الخوض في السياسة، مشغول بتربية الشباب. أرجو ألا أكون قد أحرجت إخواني بهذا الحديث فقد قصدت تبصير الأجيال الإسلامية الراهنة التي تاهت في مسارات شتى لعلها تتدارك بعض الأخطاء وتعيد قراءة الأحداث في ضوء الملاحظات التي أثرتها في هذا الحديث، وتعيد صياغة عملها الدعوى وفق أساس جديد يراعي متغيرات الواقع، وتستشرف آفاق المستقبل مستبصرة بآراء العلماء والمفكرين المستبصرين وتكف عن الزج بالمسلمين في المتاهات المتعرجة والمسالك العمياء التي أدت إلى استنزاف الطاقات وإهدارها بأثمان بخسة هزيلة والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
هذه صرخة تائه لكل الرجال المخلصين أن يسرد كل واحد مالديه للتأريخ لملرحلة مرة مرت علينا والله الموفق(/)
هل يصح القول بأن الله احترم العلماء؟
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 04:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تخفى عليكم النصوص القرآنية والنبوية في فضل العلم والعلماء ..
ومنها قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ... )
وقوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسسط .. )
وبناءا على هذه النصوص وغيرها هل يصح القول بأن الله احترم العلماء؟
أو احترم العلم؟
............
يعني استعمال لفظ الإحترام!!!؟
نرجو النبلاء من الإخوة المشايخ التفضل والتكرم.
ـ[أحمد السكندرى]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 04:16]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخ الكريم نياونى
على ما أظن أن لكل مقام مقال
فالله فى هذه الآيات قدر العلماء و أعلى منزلتهم و ذكر فضلهم
و على ذلك لا يصح هذا اللفظ فى التحدث عن الذات الالهية
و الله أعلم
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 05:37]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخ الكريم نياونى
على ما أظن أن لكل مقام مقال
فالله فى هذه الآيات قدر العلماء و أعلى منزلتهم و ذكر فضلهم
و على ذلك لا يصح هذا اللفظ فى التحدث عن الذات الالهية
و الله أعلم
.............
بورك فيك أخي الكريم أحمد!
كلامك صريح وهذا ما يغلب على الظن لولا افتقاره إلى حجة أو أقوال السلف.
فقد يقول قائل:
إن كان الله قد قدر العلماء وأعلا منزلتهم وذكرهم فضلهم كما تقول، أليس ذلك احتراما من الله لهم؟
ـ[حميد المرزوقي]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 06:43]ـ
أرى أن يترك القول بذلك حتى يقوم الدليل على جوازه بنص صريح لا بفهم مخافة الوقوع في محذور. والقاعدة أن دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 04:15]ـ
أرى أن يترك القول بذلك حتى يقوم الدليل على جوازه بنص صريح لا بفهم مخافة الوقوع في محذور. والقاعدة أن دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
شكرالله لك أخي الكريم!!
ولكن ماذا لو قال قائل: الأصل هو الجواز حتى يقوم دليل على عكسه؟!
وما هو هذا المحذور المحتمل؟!
ـ[أسامة]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 07:18]ـ
لفظ غريب منكر
ـ[أبو عبدالله النعيمي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 09:20]ـ
كلمة (احترم) جاء في القواميس الحديثة أنها تدل على عدة معاني
منها: التزم
-تقيد
-راعي
-بجل
فعليه هذه من الألفاظ الموهمة التي لا تطلق على المولى تبارك لان احتمال النقص وارد عليها والله أعلم.
ـ[جمانة انس]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 01:06]ـ
??
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 11:35]ـ
كلمة (احترم) جاء في القواميس الحديثة أنها تدل على عدة معاني
منها: التزم
-تقيد
-راعي
-بجل
فعليه هذه من الألفاظ الموهمة التي لا تطلق على المولى تبارك لان احتمال النقص وارد عليها والله أعلم.
أخي بارك الله فيك!!
ماذا لو قال قائل بأن هذا اللفظ لا يطلق على المولى تبارك وتعالى، لم يقل بأن الله (محترم) وإنما ذكر لفظ الإحترام إخبارا لما فعله لأهل العلم ولكن لا صفة لله تعالى.
مثله ما قاله عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عند قوله تعالى تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) قال: مدح الله العلماء في هذه الآية .. ذكره القرطبي في تفسيره.
وماذا لو قال قائل: باب الإخبار أوسع من باب الصفات؟
.........
وجزاكم لله خيرا
ـ[أبو عبدالله النعيمي]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 06:30]ـ
صحيح باب الأخبار اوسع من باب الصفات لكن شرط ذلك أن لا يكون الكلام موهما يحتمل عدة معاني كما في كلمة (احترم) مع أني أشك هل هذه الكلمة عربية أم لا. لأني بحثت عنها في معاجم اللغة العربية و لم أجدها إلا في القواميس الحديثة التي تترجم اللغة العربية للأنجليزية أو الفرنسية. والله أعلم بالصواب
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 04:41]ـ
/// إن كان المراد من كلمة (احترم) أنه جعل لهم حرما (من صيغة "افتعل" لمادة "حَرَم")، وجعلهم موقرين في الملأ الأعلى وبين الناس، فصحيح ولا إشكال، وإن كان المراد أنه كرمهم فلا يسيء إليهم فصحيح كذلك، والله أعلم.
/// المعتاد في مقابل لفظة (احترم) = قولهم (امتهن)، من المهانة أو الهوان، وهو يقع من الله تعالى لمن هم أهل له، فضده واقع أيضا لمن هم أهل له.
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 04:50]ـ
/// إن كان المراد من كلمة (احترم) أنه جعل لهم حرما (من صيغة "افتعل" لمادة "حَرَم")، وجعلهم موقرين في الملأ الأعلى وبين الناس، فصحيح ولا إشكال، وإن كان المراد أنه كرمهم فلا يسيء إليهم فصحيح كذلك، والله أعلم.
/// المعتاد في مقابل لفظة (احترم) = قولهم (امتهن)، من المهانة أو الهوان، وهو يقع من الله تعالى لمن هم أهل له، فضده واقع أيضا لمن هم أهل له.
يا شيخ هل يجوز أن ننسب إلى الله من الأفعال ما لم ينسبه لنفسه؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 05:02]ـ
بارك الله فيك، إن كان المعنى صحيحا فهو من باب الإخبار، والأمر فيه أوسع من باب الوصف كما هو معلوم، والله أعلم.
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 05:14]ـ
بارك الله فيك، إن كان المعنى صحيحا فهو من باب الإخبار، والأمر فيه أوسع من باب الوصف كما هو معلوم، والله أعلم.
جزاكم الله خيرا، وهو من باب افخبار الذي الضابط فيه ما يؤدي إليه من معنى، وإنما أردت أن يتضح لإحدى الأخوات تتابع الموضوع واستشكلت عليها إجابتكم.
وليتكم -أو أحد طلاب العلم- يوضح قاعدة الإخبار عن الله والفرق بينها وبين التسمية والوصف بشكل أوسع.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 05:29]ـ
هنا موضوع قديم كنت قد كتبته في هذه المسألة ..
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13878
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 06:01]ـ
شكرالله لك أخي الكريم!!
ولكن ماذا لو قال قائل: الأصل هو الجواز حتى يقوم دليل على عكسه؟!
وما هو هذا المحذور المحتمل؟!
في الأمور العقدية أو التعبُّدية الأصل هوالحظر لا الإباحة.
ـ[التبريزي]ــــــــ[18 - Dec-2009, مساء 07:25]ـ
- احترم فعلٌ من مادة حرم مزيد بحرفين: الهمزة والتاء، واحترم على وزن: افتعل، لذلك لن تجد كلمة "احترم" في أي قاموس ضمن حرف الألف ..
- احترم لها استخدام في لغة العرب، وفي الحديث: (من تعظيم الله احترام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، والإمام العدل) أورده ابن حجر في المطالب العالية (لا أدري عن درجة صحته) ..
- ما يُنسب لله سبحانه وتعالى توقيفي، وليس الأصل الجواز، وكلمة "احترم" لم ترد منسوبة لله في قرآن أو سنة ..
- من معاني احترم مهابة المُحترَم واظهار حرمته، ولذلك أرى أنه لا ينبغي نسبة هذه الكلمة إلى أفعال الله سبحانه ..
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[18 - Dec-2009, مساء 07:33]ـ
ما يُنسب لله سبحانه وتعالى توقيفي، وليس الأصل الجواز، وكلمة "احترم" لم ترد منسوبة لله في قرآن أو سنة
صدقت، من الخطإ أن يقال إن الأصل الجواز.
ولكن ما يُنسب لله تعالى قد يكون وصفا وقد يكون إخبارا بمعاني مأخوذة من الصفات الثابتة (وذلك في إطار دلالة اللزوم أو الاقتضاء أو المطابقة أو التضمن في معاني تلك الصفات)، وهذا باب واسع كما هو معلوم. فما دام المعنى صحيحا فليسعنا ما وسع سلفنا.
من معاني احترم مهابة المُحترَم واظهار حرمته
لو صح هذا على سبيل اللزوم، وكان مؤداه ألا تخرج تلك الكلمة إلا ممن هو أدنى لمن هو أعلى في كل حال وليس العكس، لوافقتك في المنع ولابد، ولكن لا يظهر لي هذا اللزوم، والله أعلم.(/)
الفوضى المنهجية .. " لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها "
ـ[أبو عبد الله عادل السلفي]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 09:48]ـ
الفوضى المنهجية ..
" لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها "
الشيخ أبو أويس مولاي رشيد الإدريسي
احتضنت هذه المقالة التحذير من بلاء يتنزه عنه النجباء، لعلمهم بحقيقته وبجلاء، ولمعرفتهم بعواقبه وما يحصل بسببه من اعتداء، فكم اكتوى بناره من الفضلاء، وكم حصل من جرائه من أدواء، إنها الفوضى العلمية والاضطرابات المنهجية، حتى ادعى كل واحد " وصلا بليلاه " تبعا لطائفته وهواه، فما ترى إلا من يصد ويعادي، وفي كل واد يتكلم وينادي، فتفرقت الجموع وهي تظن أنها تذوق في سبيل الله صنوف الأذى، مع أنها تتجرع في الحقيقة كؤوس الردى كل واحدة منها تظن " أن العلم ما معها وفرحت وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون وأكثر ما عندهم كلام وآراء وخرص والعلم وراء الكلام كما قال حماد بن زيد قلت لأيوب: العلم اليوم أكثر أو فيما تقدم فقال الكلام اليوم أكثر والعلم فيما تقدم أكثر.
ففرق هذا الراسخ بين العلم والكلام فالكتب كثيرة جدا والكلام والجدال والمقدرات الذهنية كثيرة والعلم بمعزل عن أكثرها"1.
ولا غرابة في حصول هذا الواقع المرير في مثل هذا الزمن الذي فيه "الورع قل بل كاد يعدم، والتحفظ على الديانات كذلك، وكثرة الشهوات، وكثُر من يدعي العلم، ويتجاسر على الفتوى فيه"2.
وبدل أن يكون منهج صارت مناهج، وعوض طريق صارت طرائق، والعجيب والغريب ادعاء التدقيق ودعوى السير على منهاج الأسلاف على التحقيق، والأمر لا يعدوا أن يكون من الخلط والخبط وعدم الضبط أو التزويق.
فإن " كثيرا من الناس المتأخرين لم يعرفوا حقيقة كلام السلف والأئمة فمنهم من يعظمهم ويقول انه متبع لهم مع انه مخالف لهم من حيث لا يشعر .. "3 مع التنبيه عند هذا المقام أنه عند " بعد العهد بكلام السلف، وطول المدة، وانتشار كلام المتأخرين في معاني الحديث والفقه انتشارا كثيرا بما يخالف كلام السلف الأول، يتعين ضبط كلام السلف من الأئمة وجمعه 4 وكتابته والرجوع إليه ليتميز بذلك ما هو مأثور عنهم مما أحدث بعدهم مما هو مخالف لهم " 5.
نعم عم الوباء، وكثر هذا البلاء، وتنوع الانحراف في القالات والأفكار والأعمال والاعتقادات، حين تُكُلِم في الأمور العلمية والطرائق المنهجية دون إحكام ولا أهلية هذا مع التلاعب بالألقاب العلمية والرتب السنية لأهل العلم فـ "كم من مدَّع للمشيخة وفيه نقص من العلم والإيمان ما لا يعلمه إلا الله تعالى" 6، فاللهم لطفك ورحماك.
والمصيبة تعظم عندما يخوض في المنهاج تأصيلا وتنزيلا العوام الدهماء، مع أن الواجب في حقهم معلوم عند العقلاء بله العلماء.
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله:"حق العوام أن يؤمنوا ويسلموا ويشتغلوا بعبادتهم ومعايشهم ويتركوا العلم للعلماء فالعامي لو يزني ويسرق كان خيرا له من أن يتكلم في العلم" 7.
بل لا يصلح أن يتكلم في هذه الأبواب خاصة حتى الأنصاف في معرفتها لأن الأمر يخص القواعد والتأصيل التي ينطلق في تحريرها من النقل الصحيح، والتصور الفصيح 8، مع التبيين والتفصيل، والحذر من العوائد وكل ما هو دخيل، والرجوع في ذلك إلى تقريرات الأسلاف وإلى ما هو أصيل.
قال بعضهم: "أكثر ما يفسد الدنيا: نصف متكلم، ونصف متفقه، ونصف متطبب، ونصف نحوي، هذا يفسد الأديان، وهذا يفسد البلدان، وهذا يفسد الأبدان، وهذا يفسد اللسان" 9.
وأخرج الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في جامع بيان العلم بإسناد صحيح عن مالك رحمه الله قال: "أخبرني رجل دخل على ربيعة بن أبي عبد الرحمن فوجده يبكي، فقال له ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه، فقال له: أدخلت عليك مصيبة؟ فقال: لا ولكن استفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، ولبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السراق".
وهكذا تتابعت شكاوى أهل العلم والعرفان يرددون معنى كلمة ربيعة رحمه الله كابن الجوزي 10، وابن الصلاح 11، وابن حمدان 12، وابن القيم 13 وغيرهم رحمة الله عليهم، كل يبكي على أحوال زمانه ويتحسر من أوضاع العلم وأهله، فكيف لو رأو زماننا وما نحن فيه؟!.
(يُتْبَعُ)
(/)
فوضى عريضة، وتناقضات غريبة، واضطرابات شديدة، وجرأة عجيبة!! "فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله" 14.
أما بلغك يا من تتكلم في مسائل المنهاج بل في دقائقه وأنت لا تدرك طرائق الاحتجاج مقولة الحافظ ابن حجر رحمه الله في معرض كلامه عن مسألة حديثية أغرب فيها العلامة الكرماني رحمه الله حيث قال:" إذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب؟! "15، فما الذي يقال عنك وقد أتيت بالغرائب وتسلل إليك نَفَس بعض المذاهب؟!.
فاعلم يارعاك الله أن الكلام في مسائل المنهاج خاصة مع غياب الميزان، واهتزاز المعيار، ولو كان صاحبه على شيء من العلم، فإن علمه يقوده إلى الشقاق بعد الوفاق، ويحمله على الإجحاف دون إنصاف.
ولذا قيل:" لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون"16.
ورحم الله من قال: "إذا ازدحم الجواب خفي الصواب"، و" اللغط يكون منه الغلط"، و"لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف" 17.
وصدق من قال: "الحَجرُ لاستصلاح الأديان أولى من الحجر لاستصلاح الأموال والأبدان" 18.
واعلم أنه مما أعان على هذه الفوضى المنهجية تكثير الناس لسواد من لا علم عنده، ولا دراية لديه، فيسأل ويتلقى عنه ذلك، ويفعل ويتصرف فيقتدى به في تلك المسالك.
قال الشاطبي رحمه الله: " .. السائل لا يصح أن يسأل من لا يعتبر في الشريعة جوابه، لأنه إسناد أمر إلى غير أهله، والإجماع على عدم صحة مثل هذا، بل لا يمكن في الواقع .. " 19.
وإذا وقع - وقد وقع - فحينئد فليس بمستغرب: أن يسمع المرء مالا يستعذب، لاسيما إذا كان ذا منهج حق، يسعى على نشره في كل أفق " إذ دون المكارم مكاره لايتلقاها إلا العود الباذل، وقبل المعالي عوالٍ لا يغشاها إلاَّ البطل الباسل، ومع المغانم مغارم لا يتحملها إلا الأكارم الأفاضل، وأمام العز الشَّامخ مذاهب لا تُسْلك إلاَّ على جسْر من التَّعب ممدود، وقُدَّام الشرف الباذخ مراتب لا تُنال إلاَّ بمساورة أساود وأسُود " 20.
.............................. .....
1. الفوائد لابن القيم رحمه الله 1/ 103 - 104.
2. الموافقات للشاطبي رحمه الله 4/ 146.
3. مجموع الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 12/ 87.
4. إشارة إلى تتبع جزئياته وفروعه فإن الاستقراء ضروري لضبط قواعد منهاج السلف الصالح فتأمل.
5. شرح علل الترمذي رحمه الله لابن رجب رحمه الله 1/ 41.
6. الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 11/ 513.
7. الإحياء 3/ 36.
8. فكم وظفت من نصوص في غير مجالها، وكم خرجت من قواعد في غير براقعها.
9. الفتاوي 5/ 118.
10. في تعظيم الفتيا 113.
11. في أدب المفتي والمستفتي 80.
12. في صفة الفتوى والمفتي والمستفتي 11.
13. في إعلام الموقعين 6/ 118.
14. من قالات الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة 41.
15. الفتح لابن حجر رحمه الله 3/ 584، وقال العلامة أحمد شاكر رحمه الله معلقا على هذه الكلمة في كتابه كلمة الحق 76 في حق ابن حجر رحمه الله:"وقد قال هذه الحكمة الصادقة في شأن رجل عالم كبير من طبقة شيوخه وهو محمد بن يوسف الكرماني شارح البخاري، إذ تعرض في شرحه لمسألة من دقائق فن الحديث لم يكن من أهلها على علمه وفضله، فتعرض لما لم يتقن معرفته، والكرماني هو الكرماني، وابن حجر هو ابن حجر".
16. مداواة النفوس 23.
17. انظرها في جامع بيان العلم 11/ 148.
18. التعالم للشيخ بكر رحمه الله 10.
19. الموافقات 4/ 192.
20. انظر غاية الأماني لأبي المعالي 2/ 264.
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 07:19]ـ
جزاكم الله خيرا ..
من صاحب المقال؟
ـ[أبو عبد الله عادل السلفي]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 01:09]ـ
هو أبو أويس رشيد مؤمن الإدريسي من المغرب.
تفرغ لطلب العلم في سن مبكرة، كان في بداية طلبه كثير الاستماع لدروس وأشرطة الشيوخ:
فضيلة الشيخ المحدث/محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-
وفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
والعلامة عبد العزيز بن باز،
والشيخ صالح آل الشيخ وغيرهم من علماء السنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان كثير الاطلاع على مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وكذلك مؤلفات العلامة السعدي رحمة الله على الجميع.
حضر ودرس على عدة مشايخ وحضر عدة دورات علمية.
* من الشيوخ الذين أخذ عنهم:
الشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن المغراوي،الشيخ عبد الحميد جنان، وكان من طلابه المقربين، والدكتور سعيد بهي والشيخ الغراوي، والشيخ أبو النعيم وغيرهم.
عمل مدرسا في دور القرآن بمدينة سلا المغربية لما يربو عن 4 سنوات.
*وللشيخ عمل دؤوب ونشاط بارز في الدعوة إلى الله ونشر عقيدة التوحيد.
*من الدروس المسجلة له:
- شرح منظومة السير إلى الله للشيخ السعدي.
- شرح مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام رحمه الله
- شرح رسالة المعين في طلب العلم للسعدي
-. شرح الحائية لابن أبي داود
- تفسير حزب سبح.
- شرح منظومة القواعد الفقهية للشيخ السعدي رحمه الله
- سلسلة القواعد والعظات عند حلول الفتن والشبهات.
- سلسلة فتح الرحمن في بيان ضوابط البدعة وضوابط الهجران.
- مئات الدروس العلمية والوعظية والمنهجية.
إضافة إلى شروحات أخرى لمتون ومباحث علمية ألقيت في دورات مباشرة و لم تسجل، منها:
- مباحث في علوم القرآن.
- شرح كتاب حلية طالب العلم.
- شرح كتاب الطهارة من الرسالة لابن أبي زيد ومن عمدة الأحكام.
- شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة.
- شرح نظم الورقات في أصول الفقه.
له بحوث علمية قيمة ارتأى عدم نشرها الآن لمزيد التأمل فيها والنظر والتحرير من ذلك:
-إرشاد المستبصرين بقواعد قراءة كتاب مدارج السالكين.
-إتحاف أولي النظر بشروط وآداب الخلاف المعتبر.
-فقه الأولوبات ضوابط ومعايير.
-الورود الزاهرة في شرح منظومة السير إلى الله والدار الآخرة.
-الإحكام والتقرير لضوابط الكفرو التكفير.
-كشف اللثام عن قول أحمد الهمام "لا تقل قولا إلا ولك فيه إمام".
وما زال الشيخ -حفظه الله - يدعو إلى الخير من خلال محاضراته ومقالاته، نسأل الله -عز وجل- أن يبارك فيه ويزيده من فضله وعلمه
ـ[ابو الفداء المصرى]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 09:47]ـ
بارك الله فى الكاتب و الناقل
ـ[أبو يوسف المنصوري]ــــــــ[18 - Dec-2009, صباحاً 12:08]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[18 - Dec-2009, صباحاً 12:24]ـ
نقل رائع،بارك الله فيك وفي القائل(/)
فَتَرْضَّ عَنْهُمْ يَا شِيعِيُّ تفلحْ ..
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[13 - Dec-2009, مساء 11:53]ـ
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (4/ 400، 401) في خاتمة ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ:
" أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنَ الْفِتَنِ، وَرَضِيَ عَنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، فَتَرْضَّ عَنْهُمْ يَا شِيعِيُّ تفلحْ، وَلا تَدْخُلْ بَيْنَهُمْ، فَاللَّهُ حَكَمٌ عَدَلٌ، يَفْعَلُ فِيهِمْ سَابِقَ عِلْمِه ِ، وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ الْقَائِلُ: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي) وَ (لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون) فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَعْفُوَ عَنَّا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، آمِينَ ".
ـ[عبد الله نياوني]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 12:12]ـ
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
هم نقلة الكتاب والسنة، هم الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الدين، هم الذين قال عنهم رب العزة سبحانه: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة) هم الذين رضي الله تعالى عنهم، هم القدوة والأسوة الحسنة للمسلمين الذين باعوا أرواحهم لله لحمل بيضة لا إله إلا الله.
عن الإمام أحمد أنه قال: إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء ـ فاتهمه على الإسلام.
وقال الإمام البربهاري: واعلم أن من تناول أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنما أراد محمداً، وقد آذاه في قبره.
الإمام أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة!!.
.................
جزاك الله خيرا أخي في الله الشيخ ضيدان وبارك فيك وفي بنانك.
ـ[أبو الطيب المتنبي]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 12:52]ـ
بارك الله في بنانك، يا محب الطنطاوي(/)
النفسية المريضة ..
ـ[أبو عبد الله عادل السلفي]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 12:46]ـ
النفسية المريضة ..
" إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة
في الدين يتعلم الوقيعة في الناس فمتى يفلح؟ "
الشيخ أبو أويس مولاي رشيد الإدريسي
تجد النفسية المريضة شغوفة بتتبع الزلات، باحثة عن السقطات، حريصة على تصدر المجالس من أجل تجريح ذوي الهيئات، إذا رأى صاحبها سقطة أو كلمة عوراء هرول إلى إشهارها دونما زمام، وجعلها فاكهة لسانه 1 دون إحكام، مع أن الواجب على العبد أن " يتوجع لعثرة أخيه المؤمن إذا عثر حتى كأنه هو الذي عثر بها، ولا يشمت به " 2، وأصل هذا راجع إلى سخاء النفس، وسلامة الصدر، وصفاء السريرة التي بها أدرك الأسلاف المكانة العلية، والمنازل الزكية، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله:" لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صلاة ولا صيام، وإنما أدرك بسخاء النفس، وسلامة الصدر، والنصح للأمة " 3.
فالحذر الحذر من تتبع المثاقب خاصة ما يعرض للدعاة والعلماء وأصحاب المناقب، فإنه سبيل وخيم يحرم بسببه المرء التوفيق، ويحيد عن سواء الطريق ولذا فـ " قول الأئمة الجلة الثقات السادة بعضهم في بعض: مما يجب أن لا يلتفت فيهم إليه، ولا يعرج عليه 4، ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض، على الحسد والهفوات، والغضب والشهوات، دون أن يعنى بفضائلهم، ويروي مناقبهم: حرم التوفيق، ودخل الغيبة، وحاد عن الطريق. جعلنا الله وإياك ممن يستمع القول فيتبع أحسنه "5.
ومما امتطاه البعض في هذا المضمار فحصل منهم تهور في إطلاق اللسان بالتهمة، ومجازفة في توزيع الأحكام بالضلال والبدعة: دعوى الانتصار للصواب بصورة لا تشم فيها رائحة العلم والانضباط والسير وفق سنن أولي الألباب، مع أن الغيرة على الحق لا تسوغ العدوان على الفضلاء وذوي السبق، وصدور ذلك ممن صدر من أسبابه شدة التعصب وسوء النظر و من تم " وقع اليأس منهم، إذ التعصب سبب يرسخ العقائد في النفوس، وهو من آفات علماء السوء فإنهم يبالغون في التعصب للحق، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار"6، ففتنوا بالتعصب وسب الخصوم وظنوا أنهم يقدمون خيرا بل " سموه ذبا عن الدين، ونضالا عن المسلمين، وفيه على التحقيق هلاك الخلق ورسوخ البدعة في النفوس "7.
وننبه هنا حتى لا يغتر مغتر: أن شيئا من هذا الاندفاع في وقتنا الحاضر - كما وقع في الزمن الغابر- قد جرى من بعض أهل العلم والفهم فلم يهذبوا حاشية منطقهم 8 .. فبدت الزلة والوهم، وفي حق أمثال هؤلاء الأخيار وذوي المكرمات أقول لك يا طالب العلم النجيب: استفد العلم منهم وتجنب الرعونات، حتى تفلح وتدرك سني المقامات.
قال سليمان بن سالم المالكي رحمه الله: كنا نقرأ على أبي سنان زيد بن سنان الأسدي رحمه الله في مسألة، فتكلم أحدنا ببعض أهل العلم يتنقصه فيها، فنهاه أبو سنان وأسكته ثم قال:" إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس فمتى يفلح؟ " 9.
فاعلم يا رعاك الله أن الهفوة وأدنى ابتداع لا يقدح في التوثيق والإتباع 10 و لا يُِِعترض على هذا بأن أهل العلم في كتب التراجم يذكرون زلات بعض العلماء والفضلاء أو هفواتهم، لأن ذلك ليس لأجل الانتقاص منهم، وإنما ليتمكن الباحث من التمييز بين الرجال وتجنب المغالطة ومعرفة الأوثق والأرجح عند التعارض والمخالفة، يقول الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة علي بن المديني رحمه الله:" ثم ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ، ولكن فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة، أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم، أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم، فزن الأشياء بالعدل والورع " 11.
ومنه فما ينبغي أن نعطي للزلات والغلطات أكثر من حجمها فنرتب عليها الأحكام الجاهزة وكثرة المغالطات فهذا من قبيح المنكرات، خاصة في حق أصحاب الأصول الصحيحات فـ " من جعل كل مجتهد في طاعة، أخطأ في بعض الأمور، مذموما معيبا ممقوتا، فهو مخطئ ضال مبتدع " 12.
(يُتْبَعُ)
(/)
وصدق من قال موصيا 13:" عَدُوا رجالكم، واغفروا لهم بعض زلاتهم، وعضوا عليهم بالنواجذ لتستفيد الأمة منهم، ولا تنفروهم لئلا يزهدوا في خدمتكم "، فنحرم علمهم ويضيع علينا فقههم.
قال العلامة المعلمي رحمه الله:" الحكم على العلماء والرواة يحتاج إلى نظر وتدبر وتثبت أشد مما يحتاج إلى الحكم في كثير من الخصومات، فقد تكون الخصومة في عشرة دراهم فلا يخشى من الحكم فيها عند الغضب إلا تفويت عشرة دراهم، فأما الحكم على العالم والراوي فيخشى منه تفويت علم كثير وأحاديث كثيرة، ولو لم يكن إلا حديثا واحدا لكان عظيما " 14.
ولا نعني بهذا الكلام بحال عدم رد الخطأ لأن بيانه من باب حظ الشريعة ولا يلزم من ذلك دوما الكلام في صاحب الغلط لأن هذا الأخير من باب حظ المخالف والواجب أن نعطي كل حظ حقه ومستحقه 15.
فالقاعدة الأصيلة المقررة في الشريعة الغراء والمعلومة عند العلماء أن الأصل هو بيان الأخطاء دون التعرض للأشخاص خاصة النجباء 16.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في معرض كلامه عن رد الباطل والخطأ:" فيكون ذلك بأحسن عبارة، وألطف إشارة، دون تهجم، أو تجريح، أو شطط في القول يدعو إلى رد الحق، أو الإعراض عنه.
ودون تعرض للأشخاص، أو اتهام للنيات، أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها " 17.
والمتأمل في منهج النبي عليه الصلاة والسلام في التنبيه على الأخطاء يجد أنه عليه الصلاة والسلام في معظم أحواله يكتفي بالبيان العام كقوله: "ما بال أقوام، أو ما بال رجال" ونحو ذلك، ومن ذلك ما ورد في قصة الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيوت النبي عليه الصلاة والسلام ليسألوا عن عبادته فقال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء، فلما علم النبي عليه الصلاة والسلام قال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا" متفق عليه.
وعلى هذا النهج سار الأئمة والعلماء، ففي قصة الخلاف الذي وقع بين الزبير رضي الله عنه ورجل من الأنصار في السقي، وفيه أنهما تحاكما إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال للزبير: "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك" متفق عليه.
يقول العلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله: "لله در أصحاب الصحاح حيث أبهموا في قصة الزبير اسم خصمه ستراً عليه، كي لا يغضي من مقامه، وهكذا فليكن الأدب، وكفانا في هذا الباب إبهام التنزيل في كثير من قصصه الكريمة" 18.
ومن عظيم ما ينبغي أن يكون مقررا عندنا في هذا الصدد: عدم التلازم بين الخطأ والإثم كما هو معتقد أهل السنة والحديث فإن "أهل الضلال هم الذين يجعلون الخطأ والإثم متلازمين"19.
فإذا اتضح ما سبق، واستقر في الخفق: فهل ستسعى لتنقية نفسك من عللها؟ أم ستولي معرضا عن قبحها؟!.
فشمر يا هذا إلى إحكام علمك، واحرص على تطهير نفسك، فإن الأخلاق أنفاس، تؤخذ بالاقتباس، وصحبة الأكياس، وتعهد الأساس.
.............................. .................... .............
1. يقول الإمام القرافي رحمه الله:" والتفكه بأعراض المسلمين حرام والأصل فيها العصمة " الفروق 8/ 259.
2. كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين 1/ 439.
3. غربة الإسلام لابن رجب رحمه الله 87، وقال إياس بن معاوية رحمه الله:" كان أفضلهم عندهم (أي: السلف) أسلمهم صدرا وأقلهم غيبة "أخرجه الطذبراني في مكارم الأخلاق 388.
4. قال الحافظ الذهبي رحمه الله:" كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، ما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس " ميزان الاعتدال 1/ 111.
5. قاله الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في جامع بيان العلم وفضله 2/ 152.
6. الإحياء للغزالي رحمه الله 1/ 41.
7. نفسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
8. كما في كلمة العلامة الخضر حسين رحمه الله عند حديثه عن الإمام ابن حزم رحمه الله حيث قال:" هو الحافظ أبو محمد علي ابن الوزير أحمد بن سعيد بن حزم القرطبي ... بلغ من الذكاء وغزارة العلم منزلة فائقة، فألف الكتب القيمة، وناضل عن كثير من حقائق الدين بالحجج الباهرة، ولكنه لم يهذب حاشية منطقه، ولم يحتمل منه علماء عصره هذه السيرة الشاذة فنهضوا في وجهه .. " نقلا عن كتاب " الوقفات على المقدمات " لعبد القادر حرز ص:176 حاشية: 1.
9. ترتيب المدارك لعياض رحمه الله 4/ 104.
10. وفي هذا الصدد نورد كلمة الإمام الذهبي رحمه الله في حق الإمام العقيلي رحمه الله حيث أورد هذا الأخير الإمام علي بن المديني رحمه الله في كتابه الضعفاء لهفوة بدت منه، فقال الذهبي رحمه الله:" وقد بدت منه (أي: المديني) هفوة ثم تاب منها، وهذا أبو عبد الله البخاري - وناهيك به - قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني.
ولو تركت حديث علي، وصاحبه محمد، وشيخه عبد الرزاق، وعثمان بن أبي شيبة ... لغلقنا الباب، وانقطع الخطاب، ولماتت الآثار، واستولت الزنادقة، ولخرج الدجال.
أفما لك عقل يا عقيلي؟! أتدري فيمن تتكلم؟ وإنما تبعناك في ذكر هذا النمط لنذب عنهم، ولنزيف ما قيل فيهم.
كأنك لا تدري أن كل واحد من هؤلاء أوثق منك بطبقات، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك، فهذا مما لا يرتاب فيه محدث.
وأنا أشتهي أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه .. " ميزان الاعتدال 3/ 140_141.
11. نفسه 3/ 141.
12. كما قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوي 11/ 15.
13. وهو الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله، وقد استشهد بكلامه هذا الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في رسالته تصنيف الناس 91.
14. التنكيل 1/ 53.
15. والتفريق بين المقامين من المهمات التي ينبغي فهمها ومضغها انظر الفتاوي الكبرى لابن تيمية رحمه الله 3/ 177 - 178.
16. هذا باعتبار الأصل وإلا في حالات معينة يستدعي المقام ذكرهم كما قال ابن تيمية رحمه الله:" فلا بد من التحذير من تلك البدع، وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم .. " الفتاوي 28/ 233.
17. مجموع فتاوي الشيخ ابن باز رحمه الله 7/ 313.
18. محاسن التأويل 5/ 278.
19. مجموع الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 35/ 69، بتصرف يسير، ومما ينبغي أن يقرر عند هذا المقام مزلة بعض الباحثين الذين بنو نقد مخالفيهم على التلازم بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذا خطأ فاحش يؤول إلى الغلط في الأحكام فتنبه.(/)
[!!] حتى الأطفال يُلاحقون بتهمة (الإرهاب)، يا للعجب [!!]
ـ[الصامت]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 08:04]ـ
شرطة "الإرهاب" البريطانية تلاحق الأطفال! ( http://www.islammemo.cc/akhbar/Africa-we-Europe/2009/12/13/91843.html)
http://www.islammemo.cc:1589/memoadmin/media//_new_crychildern_390_310_.jpg
مفكرة الإسلام: ( http://www.islammemo.cc/) أوكلت السلطات البريطانية إلى بعض عناصر الشرطة المتخصصين فى مكافحة "الإرهاب" مهمة الكشف عن أي مظاهر تدل على ميول الأطفال في سن مبكرة لما يسمى "الأفكار الأصولية الإسلامية".
وبدأت هذه العناصر الأمنية البريطانية في مراقبة بعض دور الحضانة لرصد الأطفال، الذين لا تتجاوز أعمارهم سنوات بزعم أنهم يكونون عرضة للتأثر بالأفكار "الأصولية" من جانب محيط أسرتهم.
وتقول صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إن هناك رسالة إكترونية نشرتها صحيفة "التايمز" البريطانية بعث بها ضابط في منطقة وست ميدلاندز في وسط شرق انجلترا ينقل فيها تعليماته لمرؤوسيه، ويقول: "آمل أن تطلعونى على جميع الأشخاص، أيا كانت أعمارهم، "الراديكاليين" منهم أو الذين يُحتمل أن يكونوا كذلك والذين قد تبلغ أعمارهم حتى 4 سنوات".
وأكدت الشرطة المحلية قيام أحد ضباطها فى إدارة مكافحة "الإرهاب" بزيارة دور حضانة، وتوجد قوة مؤلفة من 21 ضابطًا على اتصال بالمدارس.
دلائل الكشف عن الأطفال "الإرهابيين":
وعن العناصر التى يستند إليها ضباط الشرطة للكشف عن المخاطر المدعاة لما يسمى عدوى "الأصولية الإسلامية"، قال أحد ممثلي معهد العلاقات العرقية وهي منظمة بريطانية تعمل على مكافحة عدم المساواة العرقية: "لقد قال لي الضابط إن الدلائل التي يستندون إليها هي أن يرسم الأطفال قنابل، أو يقولون إن جميع المسيحيين سيئون أو يعتقدون في إقامة دولة إسلامية".
وأضاف هذا الضابط أن موظفي دور الحضانة هم المسئولون عن إبلاغ السلطات بوجود أي مظهر من مظاهر "الراديكالية".
وادعت وزارة الداخلية البريطانية رصد طفل يبلغ سبع سنوات في إطار عملية الرصد للأطفال المشتبه في تبنيهم لـ"الإرهاب"، وفق ادعاء السلطات البريطانية.
ـ[رهج السنابك]ــــــــ[14 - Dec-2009, صباحاً 09:06]ـ
أو يعتقدون في إقامة دولة إسلامية".
حسبنا الله ونعم الوكيل(/)
ما رأيكم في مصطلح "مؤسسة دينية"؟
ـ[عمر ابو الحسن]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 01:18]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
ما رأي الاخوة الكرام في هذا المصطلح في وصف بعض الهيئات و اللجان الشرعية؟
لا اخفيكم اني اشعر بانقباض كلما سمعت او قرأت هذه الكلمات لما توحيه - في ذهني - من شعور بجوٍ طبقي كهنوتي شبيه بالكنيسة الكاثولوكية!
لعلها حساسية مفرطة ... :)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 01:52]ـ
هو مصطلح نشأ في المطابخ العلمانية ثم استوردته بعض الأوساط الإسلامية للتنفير من العلماء والفقهاء الذين لم يشقوا عصا الطاعة ولم يخرجوا على السلطان تنفيرا منهم وإسقاط للمفهوم السلبي لل (الإكليروس) المسيحي عليهم .. تمهيدا لإسقاط مصداقيتهم وجاههم عند العامة من المسلمين وعندها يقفز أنصاق المثقفين وأرباع المفكرين إلى مناصب التوجيه ومنابر التأثير وما الفتن التي تراها هنا وهناك إلا أثرا بسيطا من آثار هذه الأسلحة الفتاكة .. هذا رأيي والله أعلم(/)
في ذكرى رحيل أب الحركة الإسلامية في الجزائر الشيخ أحمد سحنون
ـ[الشيخ محمد سعيد]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 05:12]ـ
مرت الذكرى الأولى لوفاة أب الحركة الإسلامية في الجزائر، الشيخ أحمد سحنون مرور الكرام،لم يلتفت إليها أحد. على رغم علو كعب الشيخ رضي الله عنه، وتفانيه في خدمة الإسلام والمسلمين والجزائر. فلا أحد ذكره، ولو لماما. وقد كنا ننتظر من التلفزيون الرسمي، أن يبادر إلى إحياء ذكرى وفاته الأولى كمجاهد من المجاهدين الأفذاذ الذين قدموا مهجهم، قربانا من أجل أن تعرف الجزائر نور الحرية، كما كنا نتمنى من الجهات الرسمية كوزارة الشؤون الدينية التي كان إطارا فيها، وخطيبا في مساجدها، أن تقوم على تعريف الناس
http://nashiri.net/aimages/ahmed_sahnoun.jpg
الكاتب عبد الباقي صلاي والشيخ أحمد سحنون شهور قليلة قبل وفاته
بهذا الشيخ الذي توفي وهو غريب في بيته، غريب بين أهله. لكن لم يحصل من كل هذا شيء على الرغم من أن المغنيين الذين يموتون وهم سكارى، يفرد لهم التلفزيون المبجل الحصص تلو الحصص للتعريف بعفنهم وبسقطم. ولا تمر ذكرى وفاتهم حتى تقام لهم التأبينات، وتكثر عليم التحليلات، ككبار المنظرين للحضارة والتقدم. يعد الشيخ أحمد سحنون ركنا ركينا من أركان الدعوة والإصلاح في الجزائر،ورمزا من رموز الدعوة إلى الله. فهو شاعر تتدفق الكلمات من فمه، تدفق الماء الطهور، مفلق، متحكم،وبإتقان في ناصية الكلمة، مستنير الفكر. عاش كالأسد في عرينه، لا يقبل المهادنة كما لا يرضى بالمداهنة،صلب المواقف. عاش حياة بسيطة، فلم تشغله عن الدعوة إلى الله بهرج الحياة، أو بطش البغاة. كان شغله الشاغل رحمه الله العمل في صمت بعيدا عن الأضواء، همه الكبير أن يكون قدوة صالحة، في مجال يتحتم على أي داعية كي ينجح أن يخلص عمله لوجه الله، لا يريد جزاء ولا شكورا،وفي هذا الباب يقول الشيخ رحمه الله"إن القدوة الحسنة هي التي تنشئ البيئة الصالحة وإن الله إذ يأمرنا بالدعوة إلى الكمال إنما يأمرنا بإيجاد القدوة الحسنة التي تنشئ البيئة الصالحة،كما أنه إذ يأمرنا بمقاومة الشر إنما يأمرنا بقتل القدوة السيئة التي تنشئ البيئة السيئة، فكل رجل خير هو قدوة حسنة،وكل رجل شرير هو قدوة سيئة".
من ركائز التفكير عند الشيخ أحمد سحنون…
لم يكن تفكير الشيخ أحمد سحنون رحمه الله منصبا فقط على التلقين الأجوف لتعاليم الإسلام، كما يحلو للبعض أن يقولوا بذلك اتهاما وبهتانا. بل كان تفكيره متماشيا مع العصر، مسايرا لقضاياه،عارفا لأغواره، مدركا ببصيرة العالم المخلص لما يطرأ على الحياة من تغيير وتبدل وفي هذا الصدد يقول"إن الدين –يا وقوم-ليس مجموعة ضرورات،ولا مجرد صلوات، ولا محض أخلاق، ولكنه قانون اجتماعي شامل، لا ينتفع به إلا من عمل به كله،إنه قانون الله لعباده وليس من صنع مخلوق ضعيف تستبد به مشاعر، وتدفعه مصالح،وتتحكم فيه ظروف، وإننا لو فهمناه حق الفهم وطبقناه على حياتنا خير تطبيق لما احتجنا إلى هذه الاستعارة المفضوحة من غيرنا".ويعتبر الشيخ التجديد من المستلزمات التي يتوجب الحرص عليها، لكن جديد من جديد، وتجديد من تجديد" .. أنه ليس كل جديد صالحا تجب الدعوة إليه، ولا كل قديم غير صالح تجب الثورة عليه والقرآن –قانون الله الذي لا ينسخ بقانون الإنسان يعطينا هذه القاعدة إذ يقول –منددا بالجامدين الذين كلما جاءهم من الله رسول-بجديد فاسد ينسخ قديمهم الفاسد-:" وإذا قيل لهم:اتبعوا ما أنزل الله، قالوا: بل نتبع ما ألقينا عليه آباءنا، أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"فالتجديد عند الشيخ أحمد سحنون من الركائز التي يعتمد عليها تفكيره. لكن ينظر إلى الجديد، أو المعصرن بشيء من الحذر، محددا ما يجب منه،وما لا يجب منه"ومن هنا لم يتناول الإسلام في ثورته الكبرى كل شيئ، إنما ثار على الفاسد الضار، أما الصالح النافع،كرعي الذمام، وإكرام الضيف وحسن الجوار، فلم يثر عليه، بل أبقاه وأقر ودعا إليه،ومن هنا –كذلك-ندد ببني إسرائيل عندما سئموا ما فيه نفعهم، فثاروا عليه، وطلبوا شيئا جديدا تافها،بالنسبة لما سئموه وثاروا عليه فقال تعالى":"وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد،فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، قال: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ "وليتأمل جيدا، الرد
(يُتْبَعُ)
(/)
الحاسم في قوله:" أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير"فهو التطبيق الكامل للقاعدة المتقدمة في الآية السابقة. هذا هو الجديد الذي جاء به الإسلام والذي ثار ليه عبيد – الشهوات من أعداء الإسلام وأبناء الإسلام الذين لم يعرفوا الإسلام""ليعلم أعدا الإسلام، والعاقون للإسلام من أبناء الإسلام،أن الإسلام تجديد وثورة،واندفاع إلى الأمام، وهو دين الله الخالد الذي جعله يساير تطور الزمن ولا يجمد أمام مقتضيات كل عصر،لأنه الدين الذي ختم به رسالات السماء فلا بد أن يصلح لكل جيل،ويتلاءم مع حاجات العصر، إنما يجب أن نميز بين جديد وجديد، وبين قديم وقديم، على مقتضى القاعدة الإسلامية السابقة فثم أشياء تبقى جديدة، ولو عمرت آمادا مديدة، كالعفة والإنصاف، والغيرة،والحياء، فإذا طغى تيار المدنية الغربية فجرف كل شيئ، فإن أمثال هذه الصخور الضخمة تبقى ثابتة تتحدى كل تيار وتشير إلى ضعف الإنسان، وانهزامه أمام مغريات الحياة وتعلن عن أصالة وأهداف الإسلام"
الشيخ و جمعية العلماء المسلمين …
ما صنعته جمعية العلماء المسلمين في ميدان التربية،والتصدي للهجمة الاستعمارية التغريبية على الجزائر في ثلاثينيات القرن الماضي، لا يستطيع أن ينكره متنكر،أو مكابر. فالفضل الأول والأخير يعود إليها في أنها استطاعت بوسائل بسيطة أن تحافظ على النسيج الإجتماعي والديني الذي أراد المستعمر الفرنسي أن يفككه، كما استطاعت أن تكون الجيل القادر على تحمل ما تنوء بحمله الجبال الراسيات. وقد كان الشيخ أحمد سحنون من الرجال القلائل الذين حملوا عبء مسؤولية استمرار الخط النير الذي خطته جمعية العلماء المسلمين بإمامة الشيخ المصلح عبد الحميد بن باديس. فكان الكاتب والأديب والشاعر الذي ارتبط اسمه بالبصائر، وبالقلم الثر الذي يذود على حمى الإسلام، وينافح من أجل"إنشاء جيل قوي يحسن التعبير باللسان والقلم يكون الغرة الوضاءة في جبين الجزائر والكتيبة الأولى في معركة تحريرها".لقد ارتبط اسمه بجريدة البصائر، لما أراد أن يخدمها فخدمته من غير أن يدري."أذكر من هذه العبارة وأنا خجل:- إن ما كتبته في البصائر هو حلية البصائر كما لا أنسى كلمة قالها لي عندما رأى البصائر يسمو نجها ويتضاعف رواجها والإقبال عليها حتى يطبع منها 8000 نسخة فتنفد كلها وعندما رأى كتابها تعظم شهرتهم وتلتمع في سماء المجد الأدبي أسماؤهم،وتصبح لأسرتها ثروة أدبية كبيرة، قال لي عند ذلك:" أرأيت كيف أننا أردنا أن نخدم البصائر فخدمتنا".هذا ما أثنى به الشيخ البشير الإبراهيمي، على الشيخ أحمد سحنون. وقد اتفق معه الشيخ الفضيل الورتلاني في أن الشيخ أحمد سحنون درة مكنونة، أكتشفت فجأة في البصائر،أو كأن البصائر بصرته لما أراد أن يبصرها، يقول الفضيل الورتلاني"وفي غرة ذلك التأثر والإعجاب تناولت رزمة من البصائر كانت أمامي،وأدت قراءة ما فيها من كلمات الأستاذ سحنون، قراءة وتأملا وموازنة، فازددت إيمانا بأنها صنف واحد في الإصابة وحسن التنزيل، وعمق التحليل لأمراضنا النفسية وعلاجها بأخلاق أسلافنا الطاهرين التي ملكوا أنفسهم أولا،وملكوا بها الكون ثانيا… .. وأنا حين أسجل حزني وتطيري التدهور الأخلاقي الذي أشاده – أسجل اغتباطي بما قرأته للأخ سحنون وأعتبره من الأغذية الصالحة والأدوية النافعة،وأعده بداية يجب أن تتسع، وواجبا يطلب التعاون،وطريقة مثلى في إحياء التأسي والاتباع بسوق الأمثلة وضرب الأمثال. فطر في هذه الأجواء الروحية يا سحنون، وعسى أن تكون هذه الكلمة شادة لعضدك حافزة لك على المزيد،وما زلت أذكر قولهم:البركة في سحنون"
علاقته بالجبهة الإسلامية للإنقاذ ..
لم يكن الشيخ منضويا تحت راية أي تنظيم سياسي، أو تحت أي تكتل حزبي كل ما هنالك أن الشيخ أحمد سحنون، كأحد كبار جمعية العلماء المسلمين وأحد كتابها، أراد أن يجع من حوله رجالا يقومون العوج لا يزيدون اعوجاجا. وقد كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي ارتبط اسمه ببعض قادتها كالدكتور عباسي مدني .. لم يكن ذلك حقيقة سوى أن الصحبة،والأخوة وربما القاسم المشترك وهو التمكين لدين الله في الأرض. و لأن نظرته كانت متفتحة وأكبر من أن تحصر في بنود حزب قد لا يقوى على التحمل في الانتخابات. فأراد جمع من حوله كل المشتغلين في الحقل الإسلامي تحت رابطة الدعوة الإسلامية التي انفضت على بكرة أبيها
(يُتْبَعُ)
(/)
لما أراد كل حزب أن يفرح بما لديه. ويجعل نفسه الزعيم الإسلامي الأوحد. وإذا كان الشيخ قد استبشر خيرا للجبهة الإسلامية،على تبنيها النهج الإسلامي. إلا أنه انسحب من الساحة لما كثر الهرج والمرج وعرف أن الجميع كان يريد أن يستغل إسمه في معمعة السياسة. حتى وصل بأحد القادة السياسيين الإسلاميين بأن كان يمضي باسمه بعض المنشورات. وهذا هو السبب الوحيد الذي جعل الشيخ ينكفئ على نفسه في بيته، بعيدا عن الصب وضوضاء المغرضين باسم الإسلام.
ما قاله في الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ..
عندما أراد الشيخ محمد الغزالي رحمه الله مغادرة الجزائر بسبب مرض، أقعده عن الاستمرار في مهمته الدعوية بالجزائر على إلحاح الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، بأن يبقى ويعالج على حساب الجزائر. قرر أن يلتقي محبيه بالجزائر ويكون اللقاء في مسجد الأرقم الذي كان يخطب فيه الشيخ أحمد سحنون رحمه الله.وكان حفلا مشهودا، وقدمه الشيخ أحمد سحنون للجمهور بكلمات مؤثرة، بليغة، مليئة بالصدق، مليئة بالحب جعلت الشيخ محمد الغزالي يجهش بالبكاء. زبدة القول أن الشيخ أحمد سحنون قال: أن عمر جمع ذات مرة الصحابة الكرام وقال لهم تمنوا: فتمنى بعضهم أن يرزق المال الوفير، ليتفقه في سبيل الله، وتمنى البعض الآخر أن يجاهد في سبيل الله إلى أن يلقى الله وهو عنه راض، وبعد أن استمع سيدنا عمر إلى أماني الجميع عقب بالقول: أما أنا فأتمنى لو أن بهذه الدار رجالا يدعون إلى الله. ثم أردف الشيخ سحنون قائلا: وأنا أتمنى لو أن أمثال الشيخ محمد الغزالي بالمئات يجوبون العالم الإسلامي دعاة إلى الله، معرفين بهذا الدين.هكذا كان الشيخ أحمد سحنون محبا للدعاة الذي يخلصون العمل لله
وحده. قد يطول الحديث عن الشيخ أحمد سحنون لكن ما أردناه في هذه العجالة سوى تذكرة فقط. ورجاؤنا أننا وفينا ولو بالقليل. فرح الله الشيخ ومن عمل بإخلاص لهذه الأمة.
ـ[عبدالمومن براهيم الجزائري]ــــــــ[18 - Dec-2009, مساء 05:05]ـ
رحم الله الشيخ(/)
خمس مسائل فى الإنذار عن الشرك واتباع الرسول والإيمان بما جاء به
ـ[نبض الإيمان]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 07:11]ـ
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله:
الواجب عليك: أن تعرف خمس مسائل،
الأولى: أن الله لما أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق: أن أول كلمة أرسله الله بها، قوله تعالى: (يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر) ومعنى قوله: (فأنذر) الإنذار عن الشرك بالله، وكانوا يجعلونه ديناً، يتقربون به إلى الله تعالى، مع أنهم يفعلون من الظلم، والفواحش، ما لا يحصى، ويعلمون أنه معصية.
فمن فهم فهماً جيداً: أن الله أمره بالإنذار عن دينهم الذي يتقربون به إلى لله قبل الإنذار عن الزنا، أو نكاح الأمهات والأخوات، وعرف الشرك الذي يفعلونه، رأى العجب العجاب، خصوصاً: إن عرف أن شركهم دون شرك كثير من الناس اليوم، لقوله تعالى: (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ثم إذاخوّله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أنداداً ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار) [الزمر:8].
الثانية: أنه لما أنذرهم عن الشرك، أمرهم بالتوحيد، الذي هو: إخلاص الدين لله؛ وهو معنى قوله تعالى: (وربك فكبر) يعني: عظمه بالإخلاص، وليس المراد تكبير الأذان وغيره، فإنه لم يشرع إلا ّفي المدينة، فإذا عرف الإنسان: أن ترك الشرك لا ينفع إلا إذا لبس ثوب الإخلاص،
وفهم الإخلاص فهماً جيداً، وعرف ما عليه كثير من الناس، من ظنهم أن الإخلاص، وترك دعوة الصالحين: نقص لهم كما قال النصارى: إن محمداً يشتم عيسى، لما ذكر أنه عبد الله ورسوله، ليس يعبد مع الله تعالى.
فمن فهم هذا: عرف غربة الإسلام، خصوصاً: إن أحضر بقلبه، ما فعل الذين يدعون أنهم من العلماء، من معاداة أهل هذه المسألة، وتكفيرهم من دان بها، وجاهدهم، مع عباد قبة أبي طالب، وأمثالها؛ وقبة الكواز، وأمثالها؛ وفتواهم لهم: بحل دمائنا، وأموالنا، لتركنا ما هم عليه؛ ويقولون: إنهم ينكرون دينكم، فلا تعرف هذه، والتي قبلها، إلا بإحضارك في ذهنك، ما علمت أنهم فعلوا معأه لهذه المسألة، وما فعلوا مع المشركين؛ فحينئذ: تعرف أن دين الإسلام، ليس بمجرد المعرفة، فإن إبليس، وفرعون، يعرفونه، وكذلك اليهود، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وإنما الإسلام، هو: العمل بذلك. والحب والبغض، وترك مولاة الآباء، والأبناء في هذا.
الثالثة: أن تحضر بقلبك: أن الله سبحانه، لم يرسل الرسول، إلا ليصدق ويتبع، ولم يرسله ليكذب، ويعصى؛فإذا تأملت: إقرار من يدعي أنه من العلماء بالتوحيد، وأنه دين الله ورسوله، لكن من دخل فيه، فهو من الخوارج، الذين تحل دماؤهم، ومن أبغضه، وسبه، وصد الناس عنه
فهو الذي على الحق، وكذلك إقراهم بالشرك، وقولهم: ليس عندنا قبة نعبدها، بل جهادهم: الجهاد المعروف، مع أهل القباب، وأن من فارقهم، حل ماله ودمه.
فإذا عرف الإنسان هذه المسألة الثالثة كما ينبغي، وعرف: أنه اجتمع في قلبه ولو يوماً واحداً، أن قلبه قبل كلامهم: أن التوحيد دين الله ورسوله، ولكن لابد من بغضه، وعداوته، وأن ما عليه أهل القباب، هو الشرك، ولكنهم هم السواد الأعظم، وهم على الحق، ولا يقول: إنهم يفعلون، فاجتماع هذه الأضداد في القلب، مع أنها أبلغ من الجنون، فهي: من أعظم قدرة الله تعالى، وهي: من أعظم ما يعرفك بالله، وبنفسك؛ فمن عرف نفسه، وعرف ربه، تم أمره، فكيف إذاعلمت أن هذين الضدين اجتمعا في قلب صالح؟ وحيوان؟ وأمثالهما أكثر من عشرين سنة.
الرابعة: أنك تعلم أن الله أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) [الزمر:65] مع أنهم راوده، على قول كلمة، أو فعل مرة واحدة، ووعدوه: أن ذلك يقودهم إلى الإسلام، فقد ترى، بلإذا عرفت: أن أعظم أهل الإخلاص، وأكثرهم حسنات، لو يقول كلمة الشرك، مع كراهيته لها، ليقود غيره بها إلى الإسلام: حبط عمله، وصار من الخاسرين.
فكيف بمن أظهر أنه منهم، وتكلم بمائه كلمة، لأجل تجارة، أو لأجل أنه يحج، لما منع الموحدون من الحج، كما منعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى فتح الله مكة، فمن فهم هذا فهماً جيداً، انفتح له معرفة: قدر التوحيد عند الله عزجل، وقدر الشرك؛ ولكن إن عرفت هذه بعد أربع سنين فنعماً لك، أعني المعرفة التامة، كما تعرف: أن الفطرة من البول تنقض الوضوء الكامل، إذاخرجت، ولو بغير اختياره
الخامسة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرض الإيمان بما جاء به كله، لا تفريق فيه، فمن آمن ببعض، وكفر ببعض، فهو كافر حقاً، بل لابد من الإيمان بالكتاب كله، فإذاعرفت: أن من الناس من يصلي ويصوم، ويترك كثيراً من المحرمات، لكن لا يورثون المرأة، ويزعمون أن ذلك هو الذي ينبغي اتباعه، بل لو يورثها أحد عندهم، ويخلف عادتهم، أنكرت قلوبهم ذلك، أو ينكر عدة المرأة في بيت زوجها، مع علمه بقول الله تعالى: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) [الطلاق:1] ويزعم أن تركها في بيت زوجها لا يصلح، وأن إخراجها عنه، هو: الذي ينبغي فعله؛ وأنكر: التحية بالسلام، مع معرفة أن الله شرعه، حباً لتحية الجاهلية لما ألفها، فهذا يكفر، لأنه آمن ببعض وكفر ببعض، بخلاف من عمل المعصية، أو ترك الفرض، مثل فعل الزنا، وترك بر الوالدين، مع اعترافه أنه مخطيء، وأن أمر الله، هو / الصواب.
واعلم. أني مثلت لك بهذه الثلاث، لتحذو عليها، فإن عند الناس من هذا كثير، يخالف ما حد الله في القرآن، وصار المعروف عندهم: ما ألفوه عند أهليهم، ولو يفعل أحد ما ذكر الله، ويترك العادة، لأنكروا عليه، واستسفهوه، بخلاف من يفعل أو يترك، مع اعترافه بالخطأ، وإيمانه بما ذكر الله.
واعلم: أن هذه المسألة الخامسة، من أشد ما على الناس خطراً في وقتنا، بسبب غربة الإسلام، والله أعلم.
الدرر السنية فى الأجوبة النجدية الجزء الأول(/)
تساؤلات حول الصفات الخبرية وصفات الافعال
ـ[المزوغى]ــــــــ[14 - Dec-2009, مساء 10:32]ـ
من عقيدة اهل السنة ان الاشتراك فى معنى الصفات بين الخالق والمخلوق كالسمع والبصر لايقتضى تشبيها اذ الاشتراك فى المعنى لايعنى تماثلا فى الصفة والقاعدة معروفة فسمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا فاثبات المعنى هنا لايقتضى التشبيه ولاالمماثلة وايضا لانضطر ان نقول سمعا يليق بجلاله لان السمع لايحمل معنى نقص ننزه الحق عنه و هونفس المعنى المعهود المتبادر للاذهان والمماثلة منفية ولوجمع بين الصفات الاشتراك فى المعنى ولكن السؤال هو لماذا فى الصفات الخبرية وصفات الافعال كالمجئ والنزول نضطر لذلك بقولنا مثلا نزولا يليق بجلاله هل لانها تحمل معنى ظاهرا لايليق بجلال الله فاذا كان الجواب قد يتبادر لاذهان البعض ان فى اثباتها واثبات معانيها تجسيما اقول لماذا لم يتبادر فى الاذهان تجسيما فى حمل السمع والبصر وغيرها على ماهو متبادر ومعروف قد تكون هذه التساؤلات لاتروق للكثيرين وقد يعتبره البعض شبها اوقد يقال كما هو الحال دائما اننى اشعرى مندس او متخفى فاقول لاانا لاانتمى لمذهب فكرى فلسفى اوعقائدى بل اطرح تساؤلات لاابتغى من ورائها الا النقاش والاستفادة لى شخصيا قبل غيىرى والله من وراء القصد
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 04:40]ـ
قلتَ:
لانضطر ان نقول سمعا يليق بجلاله لان السمع لايحمل معنى نقص ننزه الحق عنه
-أما وإن قولنا يليق بالله عزوجل ليس لدفع النقص بل هي لبيان المفارقة بين صفات الله وصفات المخلوقين؛ فنقول سمع الله يليق به سبحانه وسمع البشر يليق به أيضا وهكذا في سائر الصفات ..
النتيجة = أن الاضافة لإثبات القدر الفارق بين الخالق والمخلوق بعد اثباتنا للقدر المشترك (=المعنى الكلي)!
وعلى هذا فقولك:
السؤال هو لماذا فى الصفات الخبرية وصفات الافعال كالمجئ والنزول نضطر لذلك بقولنا مثلا نزولا يليق بجلاله هل لانها تحمل معنى ظاهرا لايليق بجلال الله فاذا كان الجواب قد يتبادر لاذهان البعض ان فى اثباتها واثبات معانيها تجسيما اقول لماذا لم يتبادر فى الاذهان تجسيما فى حمل السمع والبصر وغيرها على ماهو متبادر ومعروف قد تكون هذه التساؤلات لاتروق للكثيرين وقد يعتبره البعض شبها اوقد يقال كما هو الحال دائما اننى اشعرى مندس او متخفى فاقول لاانا لاانتمى لمذهب فكرى فلسفى اوعقائدى بل اطرح تساؤلات لاابتغى من ورائها الا النقاش والاستفادة لى شخصيا قبل غيىرى والله من وراء القصد
غير ورادٍ! ..
لأن الصفات (التي نثبتها) نضيفها إلى الله، والاضافة كافية لدفع التشبيه وإثبات القدر الفارق وباقي الكلام هو لزيادة التوضيح
ولسنا مضطررين في جميع الصفات أن نقول تليق بالله عزوجل حتى يوجبه المقام!
فإن قلتَ: لقد حصل هذا كثيرًا ورأيته بعيني وقرأته مرارًا وسمعته!
فأقول: ذلك لأن المقام هو من أوجب المقال؛ كالرد على الأشاعرة مثلا وإلا لو كان المقام مقام ردٍّ على المعتزلة لكان الأمر مختلفًا ..
والله أعلم ..
ـ[المزوغى]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 06:35]ـ
بارك الله فيك شيخنا لكن بقى لسؤال واحد ان سمحت لى يقال القدر المشترك فى المعنى الكلى بين الخالق والمخلوق فى الصفات الا فعال كالمجى والنزول ممتنع فى حق الله وقول بلاكيف لم تنفى المعنى الممتنع ولو كان التفويض فى الكيفيةارجو الافادة فى هذه النقطة حتى يتضح لى الامر وانا اتحدث اليك بلسان السائل الطالب للعلم والمعرفة لاالمحاور ودمت برعاية الله
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 06:48]ـ
إن كان المعنى الكلي في الصفات السبع لا يوجد إلا في الأذهان فكذلك في الصفات الخبرية؛ فمعناها الكلي لا يوجد إلا في الأذهان ..
مثال:
-السمع معناه الكلي = إدراك المسموعات
فهذا المعنى لا يوجد إلا في الذهن وفي الخارج سمع الخالق وسمع المخلوق وليس السمع كالسمع ..
- اليد معناه الكلي = صفة ذات يكون بها الفعل؛ الخلق، الكتابة،،، تقبض وتبسط، ولها أصابع وراحة ..
وهذا القدر لا يوجد إلا في الأذهان، وفي الخارج يوجد يد الخالق ويد المخلوق وليس اليد كاليد ..
والله تعالى أعلم ..
ـ[المزوغى]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 06:59]ـ
هل افهم من كلامك سيدى انها صفات معانى للخالق وصفات اعيان للمخلوق
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 07:12]ـ
هل تريد بكلامك أن صفات الله ليست لها كيفية وماهية!!
كلامك غير سليم .. وليس هو مفهوم كلامي فأشر على الموضع الذي فهمت منه ذلك الفهم الغريب!
لو قلتَ أن صفات الله مجهولة الكيف = كلامك صحيح ..
المعنى الكلي للإسم (= اليد، السمع، الوجه، النزول، الاستواء ... الخ) ينطبق على الخالق والمخلوق، لكن هذا المعنى يوجد في الأذهان، أما في الخارج فلكل موجود ذات وصفات تخصه؛ فوجود الله يخصه ووجود المخلوق يخصه مع أنهما اشتركا في اسم الوجود (=الشيء الثابت)، وكذلك صفات الخالق تليق به وصفات المخلوق تليق به مع أنهما اشتركا في اسم الصفة ..
ولولا المعنى الكلي لمَا أمكن تفهيم المخاطب معاني الكلام!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المزوغى]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 10:52]ـ
انا لست فى جدال معك فرويدك قلت لك انى اتحدث لك بلسان السائل لاالمحاور واعذرنى على ازعاجك وشكرا على رحابة صدرك
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 11:47]ـ
ولكن السؤال هو لماذا فى الصفات الخبرية وصفات الافعال كالمجئ والنزول نضطر لذلك بقولنا مثلا نزولا يليق بجلاله هل لانها تحمل معنى ظاهرا لايليق بجلال الله فاذا كان الجواب قد يتبادر لاذهان البعض ان فى اثباتها واثبات معانيها تجسيما اقول لماذا لم يتبادر فى الاذهان تجسيما فى حمل السمع والبصر وغيرها على ماهو متبادر ومعروف
بارك الله فيك .. أنت بدأت بمقدمة باطلة بنيت عليها السؤال. فأنت تسأل لماذا نضظر إلى كذا في كذا ولا نظر إليه في غيره .. فمن أين جئت - في الابتداء - بأن أحدا من أهل السنة يضطر إلى هذا في الحال التي ذكرتها؟ لا يضطرنا شيء إلى الاستدراك بقولنا (كما يليق بجلاله) عند ذكر صفة من الصفات ... إلا إن كان الكلام في مقام الرد على المخالفين الذين لابست أفهامهم بدع المتكلمين، فهذا شأن آخر، وعندئذ فلا يكون عندنا في خطابهم تفريق بين الصفات الخبرية والفعلية، فكلها لا يلزم من إطلاق معناها أي تشبيه أو تمثيل، وكلها ثابتة على النحو الذي يليق بالموصوف بها، سبحانه وتعالى .. فيضاف قول القائل (كما يليق بجلاله) لبيان هذا المعنى عند الحاجة إليه.
قد تكون هذه التساؤلات لاتروق للكثيرين وقد يعتبره البعض شبها اوقد يقال كما هو الحال دائما اننى اشعرى مندس او متخفى فاقول لاانا لاانتمى لمذهب فكرى فلسفى اوعقائدى بل اطرح تساؤلات لاابتغى من ورائها الا النقاش والاستفادة لى شخصيا قبل غيىرى والله من وراء القصد
ليست كذلك يا أخي ولا يرميك أحد بشيء فلا داعي للتحسس من الكلام .. وطالب العلم معرض لأن تطرأ أمامه الإشكالات، فلا تجزع من جواب إخوانك، وفقك الله إلى الرشاد.
وأنبهك إلى أن قولك "لا أنتمي إلى مذهب فكري فلسفي أو عقائدي" لا يصح، إذ ما من إنسان من بني آدم إلا وينتمي إلى مذهب فكري وعقائدي .. فإما أن يكون هو منهج أهل السنة أو منهجا من مناهج الفرق الضالة، أو مذهبا خارجا عن الإسلام جملة .. فلعلك تقصد أنك لا تنتمي إلى فرقة من الفرق الفلسفية، ولكن خانتك العبارة، بارك الله فيك.
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:17]ـ
بوركتَ يا شيخ أبا الفداء .. لا حرمنا الله من درركَ ..
أخي المزوغي وفقك الله قلت:
أنا أتحدت بلسان السائل
فأقول: وأنا أتحدث بلسان المجيب -ابتسامة-
وفقني الله وإياك لمحابه ..
ـ[المزوغى]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 01:43]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الله الأعصر]ــــــــ[24 - Feb-2010, مساء 08:43]ـ
- اليد معناه الكلي = صفة ذات يكون بها الفعل؛ الخلق، الكتابة،،، تقبض وتبسط، ولها أصابع وراحة ..
وهذا القدر لا يوجد إلا في الأذهان، وفي الخارج يوجد يد الخالق ويد المخلوق وليس اليد كاليد ..
جزاكم الله خيرا ..
وما هو المعنى الكلي للوجه والعينين والساق والقدم؟(/)
حُكم أهل الفترة في كتاب الله
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 12:07]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه ..... وبعد،،،،
فقد وجدتُ القرآن الكريم يتحدث عن أهلِ الفترة الذين انقطع الوحيُ في زمانهم، فلم يُنْزِل اللهُ عليهم كتاباً ولا أرسلَ إليهم نذيراً. وذَكَرَ أنه لا عذاب عليهم لا في الدنيا ولا في الآخرة. ثم وجدتُ الإمام مسلماً صحَّحَ حديثين مفادهما أنّ أبوَي النبي r مِن أهل النار، بالرغم مِن أنهما ماتا في الجاهلية قبل بعثته. ثم وجدتُ الحديثين مِمَّا تفرّد بهما مسلم وأعرض عنهما البخاريّ، بالرغم مِن أنّهما مِن أعلام المسائل. والعلماء تناولوا هذه القضية قديماً وحديثاً، ولم يزل الخلاف قائماً بالرغم مِمَّا أخرجه مسلم في صحيحه.
فترة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما
يقول الله تعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 19]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: ((والمقصود أن الله بعث محمداً r على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان. فكانت النعمة به أتم النعم، والحاجة إليه أمر عمم. فإن الفساد كان قد عم جميع البلاد، والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد، إلا قليلاً من المتمسكين ببقايا من دين الأنبياء الأقدمين، من بعض أحبار اليهود وعباد النصارى والصابئين)). اهـ
وقد أخرج البخاري في صحيحه (3948) عن سلمان الفارسي t قال: ((فترةُ بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة سنة)). اهـ قال ابن حجر في شرح هذا الحديث (الفتح 7/ 325): ((والمرادُ بالفترةِ المدةُ التي لا يُبعَث فيها رسولٌ مِن الله، ولا يمتنع أن يُنبأ فيها مَن يدعو إلى شريعة الرسول الأخير)). اهـ قلتُ: وقوله "ولا يمتنع أن يُنبأ فيها" إلخ إن قَصَدَ فترة ما بين المسيح ومحمد صلوات الله عليهما، فمردود لأنه ليس بينه وبينه نبيّ، بل فَتَرَ الوحيُ طوال هذه القرون. وذلك لما أخرجه البخاري (3442) عن أبي هريرة t قال: سمعتُ رسول الله r يقول: ((أنا أَوْلَى الناسِ بابن مريم – والأنبياءُ أولادُ عَلاَّتٍ – ليس بيني وبينه نبيّ)). اهـ
بل إنه ليس في القرآن فَتْرةٌ إلاّ هذه، فالقرآنُ على أنَّ رُسَلَ اللهِ تتابَعوا على أقوامهم. يقول تعالى {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 44]. ويقول سبحانه {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24]. فوضحَ أن المقصود بقوله تعالى {عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ} هي المدة المتطاولة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما.
أمَّا أهلُ الكتاب مِن اليهود والنصارى، فالأمر فيهم ظاهرٌ لأنهم داخلون في قوله تعالى {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ}. فلقد أُرسِلَ فيهم الرسل وجاءتهم النُذُر مِن ربّهم، وأُمِروا بالتوحيد والإيمان باليوم الآخِر، وذلك قبلَ محمد r. ولكنْ ماذا عن قومِه r مِن العرب؟ هل أَرسلَ الله إليهم نذيراً قبله؟ وهل هم داخلون أيضاً في قوله تعالى {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ}؟
قومُ النبيِّ لم يأتِهم نذيرٌ قبلَه
آياتُ القرآن صريحةٌ في أن قومَ النبيِّ r لم يُرسِل الله تعالى إليهم نذيراً قبل محمد r، وهذا مقطوعٌ به. يقول تعالى {وَمَا أَرْسَلْنآ إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ} [سبأ: 44]، ويقول {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: 6] ويقول {لِتُنذِرَ قَوْماً مّآ أَتَـ?هُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ} [القصص: 46/ السجدة: 3]. فهذه الآياتُ الكريماتُ على أنَّ هؤلاء القوم قبل بعثة النبيّ r معذورون، وذلك أنهم لم تَقُمْ عليهم الحُجّة. فإنّ الحُجّة لا يُقيمها الله على عباده إلاّ بعد إرسال الرسل، كما قال تعالى {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ
(يُتْبَعُ)
(/)
لِلنَّاسِ عَلَى ?للَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ?لرُّسُلِ} [النساء: 165].
قومُ النبيِّ مِن الغافلين
هؤلاء القوم وصفهم الله تعالى بأنهم غافلون، لأنهم لم يأتِهم نذير ولا نزل عليهم كتاب. يقول تعالى {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: 6]، وهي الغفلة التي وردت في قوله سبحانه عن المشركين الذين أدركوا البعثة {أَن تَقُولُو?اْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ?لْكِتَـ?بُ عَلَى? طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَـ?فِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ?لْكِتَـ?بُ لَكُنَّآ أَهْدَى? مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [الأنعام: 156 - 157]. فقد بيَّن سبحانه أن هؤلاء المشركين ليسوا بمعذورين كآبائهم، وذلك أنهم قد جاءهم محمد r ونزل عليهم كتاب الله وهو القرآن، فانقطعت معذرتهم. والغفلة التي وُصف بها هؤلاء القوم هي نفسها التي وصف الله بها نبيَّه محمداً r قبل نزول القرآن عليه، فقال عز وجلّ {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـ?ذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: 3]. وهذا صريحٌ في أنَّه r هو وقومَه كانوا مِن الغافلين قبل بعثته ونزول الوحي.
لا عذاب على الغافلين
نصَّ الحقُّ سبحانه في كتابه العزيز على أن الغافلين الذين لم يأتِهم رسولٌ يُنذرهم: لا عذاب عليهم لا في الدنيا ولا في الآخرة. فأمّا في الدنيا، فيقول تعالى {ذ?لِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ?لْقُرَى? بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَـ?فِلُونَ} [الأنعام: 131]، ويقول {وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ} [الشعراء: 208]. ويقول عن المشركين الذين بُعث فيهم محمد r { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَـ?هُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا? أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَـ?تِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى?} [طه: 134]. فهذا صريحٌ في أنّ الحُجّة إنما تقومُ على القومِ بعد إرسال النذير.
وأمَّا أنه لا عذاب عليهم في الآخرة، فيقول سبحانه {وَسِيقَ ?لَّذِينَ كَفَرُو?اْ إِلَى? جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى? إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَ?بُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـ?تِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـ?ذَا قَالُواْ بَلَى? وَلَـ?كِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ?لْعَذَابِ عَلَى ?لْكَـ?فِرِينَ} [الزمر: 71]. والملائكة تقول هذا لكل فوجٍ يُلقى في النار، كما قال تعالى {كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُواْ بَلَى? قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ?للَّهُ مِن شَىْءٍ} [الملك: 8]. فهذا صريحٌ في أنَّ أهل النار لم يدخلوها إلاّ بعد إرسال النذير.
ولقد قرَّر جلَّ شأنُه ذلك الأمرَ بما لا لبس فيه مِن أن العذابَ مرهونٌ بإرسال الرسُل، فقال وقولُه الحقّ {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى? نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15]، والعذاب يشمل الدنيا والآخرة كما أخبر سبحانه في الآيات التي أسلفنا ذِكرَها. وكيف يُعَذِبّ الله قوماً لم يَبعث إليهم رسولاً فينذرهم لقاء الآخرة؟ هذا محالٌ على الله تعالى لأنه لا يظلم مثقال ذرة.
هل تُمرَّر الأخبار المخالفة لهذا الحُكم؟
أخرج الإمام مسلم في صحيحه حديثين تفرَّد بهما وتركهما البخاريّ: أحدهما رواه يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة في زيارةِ النبيِّ r قبرَ أُمِّه ومَنْعِه مِن الاستغفار. والثاني ما رواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن النبيَّ r قال لرجلٍ: ((إن أبي وأباكَ في النار)). وقد تمسّك بهما فريقٌ مِن العلماء، واستدلّوا بهما على أنّ أبوَي النبيِّ r كانا مِن الكافرين. وتمسّك غيرُهم مِن العلماء بما نصَّ عليه القرآنُ مِن أنّ أهلَ الفترة لا عذاب عليهم، فكيف يكون والدا النبي r في النار؟ ولكن بعضَهم استدلّ بحديثٍ موضوعٍ في إحيائهما وإيمانهما، وهو كذبٌ لا شكّ فيه. وذهبَ فريقٌ إلى أنّ أهل الفترة يُمتحنون يومَ القيامة! والبعضُ لم يهتدِ إلى قولٍ في المسألة، فتوقَّف في أمرِهم!
(يُتْبَعُ)
(/)
والسؤال الآن: "يزيد بن كيسان" كان صدوقاً يُخطئ، يُكتب حديثه ولا يُحتجّ به. و "حمَّاد بن سلمة" لمّا كبر ساء حفظه، فكان يُخطئ كثيراً. وقد اجتهد مسلم في أن يُخرج مِن حديث حمّاد ما سمعه مِن ثابت قبل تغيُّرِه. فهل ما رواه يزيد وحمّاد مِمَّا فيه مخالفةٌ لكتاب الله يُمرَّر نزولاً على اجتهاد الإمام مسلم، أم يُحتكَم إلى كتاب الله الذي هو الفيصل في هذه المسألة؟
والله هو الهادي إلى سواء السبيل ...
ـ[أبوبكر الذيب]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 09:58]ـ
جواب شيخنا أبي إسحاق الحويني سؤالك
سؤال الفتوى: هل صحيحٌ ما ذكره الحافظ جلال الدين السيوطي في ((كتاب الحاوي)) أن حديث: ((أبي وأبوك في النار)) من جملة الأحاديث الضعيفة برغم أن مسلمًا رواه في ((صحيحه))؟ نريد جوابًا شافيًا، وهل توافقونه في هذا التضعيف؟
جواب الفتوى
نعم
فقد أورد السيوطي في ((مسالك الحنفا في والدي المصطفى)) (2/ 432 - 435) سؤالاً في مسألة إيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (فإن قلت: بقيت عقدةٌ واحدةٌ وهي ما رواه مسلمٌ عن أنسٍ أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، أين أبي؟ قال: ((في النار))، فلما قفَّى دعاه، فقال: ((إن أبي وأباك في النار)). وحديث ((مسلم)) و ((أبي داود)) عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم استأذن في الاستغفار لأمه فلم يُؤذن له. فاحلل هذه العقدة. قُلْتُ: على الرأس والعين، والجواب: أن هذه اللفظة، وهي قوله: ((إن أبي وأباك في النار)) لم يتفق على ذكرها الرواة، وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنسٍ، وهي الطريق التي رواه مسلمٌ منها، وقد خالفه معمر عن ثابت، فلم يذكر: ((إن أبي وأباك في النار))، ولكن قال: ((إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار))، وهذا اللفظ لا دلالة فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمرٍ البتة، وهو أثبت من حيث الرواية، فإن معمرًا أثبت من حمادٍ، فإن حمادًا تكلِّم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه، وكان حمادٌ لا يحفظ فحدَّث بها فوهم، ومن ثمَّ لم يخرج له البخاري شيئًا، ولا خرَّج له مسلم في الأصول إلاَّ من حديثه عن ثابتٍ .. وأمَّا معمر فلم يتكلَّم في حفظه، ولا استنكر شيءٌ من حديثه، واتفق الشيخان على التخريج
له، فكان لفظه أثبت ... ثم ذكر السيوطي شاهدًا لحديث معمر من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه ... وقد ألَّف السيوطي في هذه المسألة مؤلفات سبعة، وهو يكرر في كل جزءٍ ما يكون مذكورًا في جزء آخر، وقلما يأتي بزيادةٍ نافعةٍ، بل التكلُّفُ هو السمةُ الظاهرةُ فيها، بحيث يقلِّبُ المرءُ كفيه عجبًا من ضياع المنهج العلمي الرصين في سائرها، وقد وقع السيوطي في سائرها في تكلُّف مدهشٍ، حتى وصل به الحال أن خالف قانون العلم في مسائل يطول الأمر بذكرها، ومنها هذه المسألة التي يسأل عنها القارئ، وسأجعل هذه المسألة آيةً يقيس عليها القارئ ما غاب عنه من جواب السيوطي رحمه اللَّه ... والجوابُ من وجوهٍ:
الأول: أن السيوطي ضعَّف حديث مسلمٍ، وبنى تضعيفه على مقدمةٍ وهي أن معمر بن راشد خالف حماد بن سلمة في لفظه، ومعمر بن راشد أوثق من حماد بن سلمة، وهذه المقارنةُ حيدةٌ مكشوفة، فإن الأمر لا يخفى على أحدٍ من المشتغلين بالحديث، ومنهم السيوطي نفسه، فإن أهل العلم بالحديث قالوا: أثبت الناس في ثابت البناني هو حمادُ بن سلمة، ومهما خالفه من أحدٍ فالقولُ قولُ حمادٍ. فقال أبو حاتم الرازي - كما في ((العلل)) (2185) -: (حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابتٍ وفي علي بن زيد). وقال أحمد بن حنبل: (حماد بن سلمة أثبت في ثابتٍ من معمر). وقال يحيى بن معينٍ: (من خالف حماد بن سلمة فالقول قول حمادٍ. قيل: فسليمانُ بن المغيرة عن ثابت؟ قال: سليمانُ ثبتٌ، وحماد أعلم الناس بثابت
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابنُ معينٍ مرة: (أثبت الناس في ثابت: حماد بن سلمة). وقال العقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 291): (أصح الناس حديثًا عن ثابت: حماد بن سلمة)، وقد أكثر مسلمٌ من التخريج لحماد بن سلمة عن ثابت في الأصول، أما معمر بن راشد فإنه وإن كان ثقةً في نفسه إلاَّ أن أهل العلم بالحديث كانوا يضعفون روايته عن ثابت البناني ولم يخرج له مسلمٌ شيئًا في ((صحيحه)) عن ثابت إلا حديثًا واحدًا في المتابعات، ومقرونًا بعاصم الأحول، وهذا يدلك على مدى ضعف رواية معمر عن ثابت. ولذلك قال ابنُ معين: (معمر عن ثابت: ضعيفٌ). وقال مرَّةً: (وحديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطربٌ كثيرُ الأوهام). وقال العقلي في
((الضعفاء)) (2/ 291): (أنكرُ الناس حديثًا عن ثابت: معمر بن راشد)
وبعد هذا البيان فما هي قيمة المفاضلة التي عقدها السيوطي بين الرجلين، فالصوابُ: رواية حماد بن سلمة، ورواية معمر بن راشد منكرة
الثاني: قولُ السيوطي: إن ربيب حماد بن سلمة دسَّ في كتبه أحاديث مناكير وانطلى أمرها على حمادٍ لسوء حفظه. وهذه تهمة فاجرةٌ، كما قال الشيخ المعلمي رحمه اللَّه في ((التنكيل)) (1/ 243)، ومستند كل من تكلَّم بهذه التهمة ما ذكره الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/ 593) من طريق الدولابي قال: حدثنا محمد بن شجاع بن الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث - يعني أحاديث الصفات - حتى خرج مرة إلى عبادان، فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانًا خرج إليه من البحر فألقاها إليه. قال ابن الثلجي: فسمعتُ عباد بن صهيب يقول: إن حمادًا كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه، وعلَّق الذهبي على هذه الحكاية بقوله: (ابن الثلجي ليس بمصدق على حمادٍ وأمثاله، وقد اتُهم. نسأل اللَّه السلامة). انتهى
وابن الثلجي هذا كان جهميًا عدوًا للسنة، وقد اتهمه ابنُ عدي بوضع الأحاديث وينسبها لأهل الحديث يثلبهم بذلك، فالحكاية كلُّها كذب، فكيف يُثلب حماد بن سلمة بمثل هذا، ولو جاز لنا أن نرد على السيوطي بمثل صنيعه لذكرنا ما روى عن أبي حامد بن الشرقي - كما في ((تاريخ بغداد)) (4/ 42) - أنه سئل عن حديث أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمر في فضائل علي بن أبي طالب، فقال أبو حامد: هذا حديثٌ باطل، والسببُ فيه أن معمرًا كان له ابنُ أخٍ رافضيٌّ، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيبًا لا يقدرُ أحدٌ عليه في السؤال والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخى معمر). فعلَّق الذهبي في ((السير)) (9/ 576) قائلاً: (هذه حكاية منقطعةٌ، وما كان معمرُ شيخًا مغفلاً يروج عليه هذا، كان حافظًا بصيرًا بحديث الزهري). ولكننا لا نستجيز أن نطعن على الثقات بمثل هذه الحكاية
الوجه الثالث: قولُهُ: (ولم يخرج له البخاري شيئًا)، وقد تقرر عند أهل العلم أن ترك البخاري التخريج لراوٍ لا يعني أنه ضعيفٌ، وقد عاب ابنُ حبان على البخاري أنه ترك حماد بن سلمة وخرَّج لمن هو أدنى منه حفظًا وفضلاً، فقال: (ولم ينصف من جانب حديث حماد بن سلمة، واحتج بأبي بكر بن عياش، وبابن أخى الزهري، وبعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار، فإن كان تركُه إياه لما كان يخطئُ، فغيرُهُ من أقرانه مثل الثوري وشعبة وذويهما كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجودًا، وأنَّى يبلغُ أبو بكر حماد بن سلمة في إتقانه، أم في جمعه؟ أم في عمله؟ أم في ضبطه). انتهى
الوجه الرابع: في ذكر الشاهد الذي احتج به السيوطي لتقوية لفظ معمر بن راشد، فهذا الحديث أخرجه البزار (27 - مسند سعد)، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (600)، والطبراني في ((الكبير)) (ج1/ رقم 326)، والبيهقي في ((الدلائل)) (1/ 191، 192)، وأبو نعيم في ((المعرفة)) (ج1/ رقم 540)، والضياء المقدسي في
(يُتْبَعُ)
(/)
المختارة (1/ 333) - كما في ((الصحيحة)) (18) - من طريق زيد بن أخزم، ثنا يزيد بن هارون، ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد عن أبيه أن أعرابيًّا قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أين أبي؟ قال: ((في النار)). قال: فأين أبوك؟ قال: ((حيثما مررت بقبر كافرٍ فبشره بالنار)). قال السيوطي: (وهذا إسنادٌ على شرط الشيخين)، وليس كما قال لما يأتي
وذكر ابنُ كثير هذا الحديث في ((البداية والنهاية)) (2/ 280)، وقال: (غريبٌ). وقد خولف زيد بن أخزم في إسناده. فخالفه محمد بن إسماعيل بن البختري الواسطيُّ، فرواه عن يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد، عن سالم، عن أبيه. فذكره.
أخرجه ابن ماجه 1573. قال البوصيري في ((الزوائد)) (1/ 515): (هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقات. ومحمد بن إسماعيل وثقه ابنُ حبان والدارقطني والذهبيُّ، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين
قُلْتُ: ولا شك في تقديم رواية زيد بن أخزم لأمرين
الأول: أنه أثبت من محمد بن إسماعيل بن البختري
الثاني: أنه توبع عليه كما في رواية البزار، والذي تابعه هو محمد بن عثمان بن مخلد، وقد سُئل عنه أبو حاتم - كما في ((الجرح والتعديل)) (4/ 1/25) - فقال: (شيخ)، وقال ابنُ أبي حاتم: (صدوق)، ووثقه ابنُ حبان (9/ 120)، وقد ذكر البزار أن يزيد بن هارون تفرّد به، وليس كما قال، فقد تابعه محمد بن أبي نعيم الواسطي قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (326) قال: حدثنا عليُّ بن عبد العزيز، نا محمد بن أبي نعيم. وهذه متابعةٌ جيدة، وابن أبي نعيم وثقه أبو حاتم وابن حبان، وكذا صدَّقه أحمد بن سنان القطان. وكذبه ابنُ معينٍ وأبعد في ذلك. وقد أعلَّ أبو حاتم هذا الحديث بقوله: (كذا رواه يزيد وابن أبي نعيم، ولا أعلمُ أحدًا يجاوز به الزهري غيرهما، إنما يرونه عن الزهري، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... والمرسل أشبه). ذكره ولده في ((العلل)) (ج2/ رقم 2263)
قُلْتُ: وقولُ أبي حاتم متعقَّبٌ أيضًا بأنه قد رواه اثنان آخران متصلاً وهما: الوليد بن عطاء بن الأغر، عن إبراهيم بن سعد به. ذكره الدارقطنيُّ في ((العلل)) (4/ 334). والوليد صدوق
والثاني: الفضل بن دكين عن إبراهيم بن سعد. أخرجه البيهقيُّ في ((الدلائل)) (1/ 191)، وسنده صحيحٌ. وقد رجح الضياء المقدسي الرواية المتصلة. بينما رجح أبو حاتم الرواية المرسلة، وقول أبي حاتم هو الصواب، وهذه الرواية المرسلة أخرجها عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج10/ رقم 19687) عن معمر بن راشد، عن الزهري قال: جاء أعرابي ... وساق الحديث. فهكذا اختلف إبراهيمُ بن سعد ومعمر بن راشد، ولا شك عندنا في تقديم رواية معمر المرسلة؛ لأن معمرًا ثبتًا في الزهري، وأما إبراهيم بن سعد فقال قال صالح بن محمد الحافظ: (سماعه من الزهري ليس بذاك؛ لأنه كان صغيرًا حين سمع من الزهري). وقال ابن معين وسئل: إبراهيم بن سعد أحب إليك في الزهري أو ليث بن سعد؟ قال: كلاهما ثقتان. فإذا تدبرت قول يعقوب بن شيبة في الليث: (ثقة وهو دونهم في الزهري - يعني: دون مالك ومعمر وابن عيينة - وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب). عملت أن قول ابن معين لا يفيد أنه ثبت في الزهري مثل معمر
فالذي يتحرر من هذا البحث أن الرواية المرسلة هي المحفوظة، وهي التي رجحها أبو حاتم الرازي والدارقطني، فلا معنى للقول أنه على شرط الشيخين بعد ثبوت هذه المخالفة
وبعد؛ فهذا مثالٌ واحدٌ بيِّن لك كيف عالج السيوطي المسألة، وما تركتُه أعجب وأعجب، وهكذا عارض السيوطي هذه الأحاديث الصحيحة بأحاديث منكرة وباطلة، ومن التجني أن يوصف من يتمسك بالأحاديث الصحيحة بسوء الأدب، وواللَّه لو صحت الأحاديث في إسلام والدي النبي صلى الله عليه وسلم لكنا أسعد الناس بها، كيف وهم أقربُ الناس لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الذي هو أحبُّ إليَّ من نفسي، واللَّه على ما أقول وكيلٌ
ولكننا لا نتبنى قولاً ليس عليه دليلٌ صحيح، لكن كثيرًا من الناس من يتخطى المحبة الشرعية، ويخالف الحجة ويحاربها. واللَّه المستعان لا ربَّ سواه. وهو أعلى وأعلم
وقد قال البيهقي في ((الدلائل)) (1/ 192، 193) بعد تخريجه لهذا الحديث: (وكيف لا يكون أبواه وجدُّه بهذه الصفة في الآخرة، وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا، ولم يدينوا دين عيسى ابن مريم عليه السلام، وأمرُهم لا يقدح في نسب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن؛ إذ كان مثلُه يجوز في الإسلام. وباللَّه التوفيق). انتهى
وقال النووي في ((شرح مسلم)): (3/ 79): (فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم). انتهى
أما حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه وهو في ((صحيح مسلم)) أيضًا، وفيه أن اللَّه نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لأمه، فلم يتعرض له السيوطي إلا بجوابٍ مجملٍ، وهذا الحديث صريح في عدم إيمانها؛ لأن اللَّه عز وجل قال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، وقد نزلت هذه الآية في أبي طالبٍ، فعقب الحافظ ابنُ كثيرٍ في ((السيرة النبوية)) (2/ 132 - البداية) قائلاً: (ولولا ما نهانا اللَّه عز وجل عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه). اهـ
فقد تبين من هذا الجواب - على اختصاره - أن الحديثين صحيحان لا مطعن فيهما، والحمد للَّه رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حاتم بن عاشور]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 10:33]ـ
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=44825
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 08:00]ـ
فقد تبين من هذا الجواب - على اختصاره - أن الحديثين صحيحان لا مطعن فيهما، والحمد للَّه رب العالمين
بارك الله فيك .. أمّا أنَّ الحديثين "صحيحان" فغير مسلَّم به، إذ إن صحّة السند لا يلزم منها صحة المتن. كما قال ابن كثير في مختصر علوم الحديث: ((والحُكم بالصحة أو الحُسن على الإسناد لا يلزم منه الحُكم بذلك على المتن، إذ قد يكون شاذاً أو معلَّلاً)). اهـ وأمّا أنه "لا مطعن فيهما" فغير مسلَّم به أيضاً، فمعارضتهما لصريح القرآن ظاهرة.
ما تفرّد به مسلم عن البخاري
الحديثُ إن كان أصلاً في بابه وتركه البخاريُّ، ففيه عِلَّةٌ خَفِيَت على مَن صحَّحه. قال ابن الصلاح (صيانة صحيح مسلم ص95): ((إذا كان الحديثُ الذي تركاه - أو أحدُهما - مع صحّة إسنادِه أصلاً في معناه عُمدةً في بابه، ولم يُخرجا له نظيراً: فذلك لا يكون إلا لعِلَّةٍ فيه خَفِيَتْ واطّلعا عليها - أو التاركُ له منهما - أو لغفلةٍ عرَضَت، والله أعلم)). اهـ
وقال ابن تيمية (مجموع الفتاوي 8/ 17 فما بعد): ((ومما قد يُسمَّى صحيحاً ما يصححه بعض علماء الحديث، وآخرون يخالفونهم فى تصحيحه فيقولون: هو ضعيف ليس بصحيح. مثل ألفاظ رواها مسلم فى صحيحه، ونازعه فى صحتها غيرُه من أهل العلم - إما مثله أو دونه أو فوقه - فهذا لا يُجزَم بصِدقه إلا بدليل. مثل حديث ابن وعلة عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". فإن هذا انفرد به مسلم عن البخاري، وقد ضعفه الإمام أحمد وغيره، وقد رواه مسلم. ومثل ما روى مسلم: أن النبي صلى الكسوف ثلاث ركوعات وأربع ركوعات، انفرد بذلك عن البخاري. فإن هذا ضعفه حذاق أهل العلم وقالوا: إن النبي لم يصلِّ الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم. وفي نفس هذه الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركوعات وأربع ركوعات: أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم. ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين! ولا كان له إبراهيمان! وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذ ركوعين فى كل ركعة، كما روى ذلك عنه عائشة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم. فلهذا لم يرو البخاري إلا هذه الأحاديث، وهو أحذق مِن مسلم ...
ومثله حديث مسلم: "إن الله خلق التربة يوم السبت ... " فإن هذا طَعَنَ فيه مَن هو أعلم من مسلم، مثل يحيى بن معين ومثل البخاري وغيرهما. وذكر البخاري أن هذا مِن كلام كعب الأحبار ...... والبخاري أحذق وأخبر بالفن من مسلم، ولهذا لا يتفقان على حديث إلا يكون صحيحاً لا ريب فيه، قد اتفق أهل العلم على صحته. ثم ينفرد مسلم فيه بألفاظ يُعرض عنها البخاري، ويقول بعض أهل الحديث إنها ضعيفة. ثم قد يكون الصواب مع مَن ضعفها، كمثل صلاة الكسوف بثلاث ركوعات وأربع. وقد يكون الصواب مع مسلم، وهذا أكثر)). اهـ
قلتُ: وكلامُ شيخِ الإسلام في محلِّه، لأن الحديث إذا تفرّد به مسلم عن البخاريّ وتكلّم فيه أهلُ العِلم ((فهذا لا يُجزَم بصدقه إلا بدليل)). فكيف إذا كان مخالفاً للمقطوع به في كتاب الله! وكيف إذا كان مدارُه على رواةٍ نصَّ الأئمةُ على أنهم يُخطئون كثيراً! فهذان الحديثان معلولانِ مِن حيث الصناعة الحديثية، ناهيك عن إشكالات المتن.
فحديث يزيد بن كيسان
- أخرجه أحمد (9686). وأخرجه ابن أبي شيبة (11807) وعنه مسلم (976) وابن ماجه (1572). وأخرجه النسائي (الكبرى 2033) عن قتيبة. وأبو داود (3234) عن محمد بن سليمان الأنباري. والبيهقي (الكبرى 6950) من طريق إبراهيم بن عبد الله.
خمستهم (أحمد، وابن أبي شيبة، وقتيبة، والأنباري، وإبراهيم): عن محمد بن عبيد.
- وأخرجه مسلم (976) عن يحيى بن أيوب ومحمد بن عباد. وأبو يعلى (6193) عن أحمد بن منيع. والفاكهي (أخبار مكة 2307) عن محمد بن أبي عمر.
أربعتهم (يحيى، وابن عباد، وابن منيع، وابن أبي عمر): عن مروان بن معاوية.
- وأخرجه الفاكهي (أخبار مكة 2307) عن محمد بن علي. وابن حبان (3169) من طريق عثمان بن أبي شيبة. والحاكم (1390) وعنه البيهقي (الكبرى 6949) من طريق محمد بن عبد الوهاب الفراء.
ثلاثتهم (محمد بن علي، وعثمان، والفراء): عن يعلى بن عبيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
. وثلاثتهم (محمد بن عبيد، ومروان بن معاوية، ويعلى بن عبيد): عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة t قال: زار النبي r قبرَ أمه، فبكى وبكى مَن حوله. فقال رسول الله r:
(( استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي. واستأذنته في أن أزور قبرها، فأذن لي. فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت)).
قلتُ: وهذا الحديث لا تنهض به حُجّة على عذاب أهل الفترة، وذلك مِن ثلاثة أوجه:
الأول: أنه لم يَرِدْ في الحديث أكثر مِن عدم الإذن في الاستغفار، ولم يُذكَر أنها مِن أهل النار. فيكون المانع مِن ذلك أنها ليست مِن المستحقين لاستغفاره r لأنها مِن أهل الفترة الذين لا عذاب عليهم بنصّ القرآن. ويكون بكاءُ النبي r - لو صحّ - سَبَبُه زيارة قبر أمه، ولهذا رخَّص لأصحابه في زيارة القبور.
والثاني: أن يزيد بن كيسان محلّه الستر لا يُحتجّ بحديثه، فكيف يصحّ هذا الخبر؟ قال البخاري في التاريخ الكبير (3309، 8/ 354): ((قال يحيى القطان: هو صالح وسط وليس ممن يُعتمد عليه)). اهـ وقال ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 1209، 9/ 285): ((سمعت أبى يقول: "يزيد بن كيسان يُكتب حديثه، ومحله الستر، صالح الحديث". قلت له: يُحتج بحديثه؟ قال: "لا")). اهـ وبالرغم مِن إدخال ابن حبان له في الثقات، إلا أنه قال (الثقات 11803): ((وكان يخطئ ويخالف، لم يفحش خطؤه حتى يعدل به عن سبيل العدول، ولا أتى من الخلاف بما تنكره القلوب. فهو مقبول الرواية، إلا ما يُعلم أنه أخطأ فيه. فحينئذٍ يُترَك خطؤه، كما يُترك خطأ غيره من الثقات)). اهـ وقال فيه ابن حجر (التقريب 7767): ((صدوق يخطئ)). اهـ
والثالث: أنَّ استئذانَ النبيِّ ربَّه في زيارة أمّه وترخيصه لصحبه في زيارة القبور ليس بمحفوظٍ عن أبي هريرة، بل تفرّد به يزيد بن كيسان وقد علمتَ حالَه. وإنما هذا حديث بريدة بن الحصيب وهو ما:
- أخرجه أحمد (23066) عن مؤمل. وابن أبي شيبة (11808) عن محمد بن عبد الله الأسدي. ومسلم (977) والفاكهي (أخبار مكة 2308) من طريق قبيصة بن عقبة. وأبو عوانة (6351) وابن الجارود (المنتقى 863) من طريق أبي عاصم. وابن الجعد (1997، 1/ 294) من طريق محمد بن كثير. والحاكم (1389) من طريق يحيى بن يمان.
ستتهم (مؤمل، والأسدي، وقبيصة، وأبو عاصم، ومحمد بن كثير، ويحيى): عن سفيان الثوري.
- وأخرجه ابن حبان (3168) من طريق عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة.
- وأخرجه أبو يوسف (الآثار 996، 1/ 224). وأخرجه أبو نعيم (الحلية 7/ 367) من طريق داود الطائي. كلاهما (أبو يوسف، وداود): عن أبي حنيفة.
ثلاثتهم (سفيان، وزيد، وأبو حنيفة): عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة.
- وأخرجه أحمد (23053) ومسلم (977) والحاكم (1391) وأبو عوانة (6354) من طريق أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن زبيد اليامي.
- وأخرجه مسلم (977) وابن الجعد (1992، 1/ 293) وأبو عوانة (6355) والنسائي (الكبرى 2031) من طريق محمد بن فضيل، عن ضرار بن مرة.
- وأخرجه أبو داود (3235) عن أحمد بن يونس. وأخرجه ابن الجعد (1989، 1/ 293) عن علي. كلاهما (أحمد، وعلي): عن معرف بن واصل.
ثلاثتهم (زبيد، وضرار، ومعرف): عن محارب بن دثار.
- وأخرجه عبد الرزاق (6708) ومن طريقه مسلم (977) عن معمر، عن عطاء الخراساني.
- وأخرجه أحمد (23065) من طريق محمد بن إسحاق، عن سلمة بن كهيل.
- وأخرجه النسائي (الكبرى 2032) من طريق أبي فروة عن المغيرة بن سبيع.
- وأخرجه أبو عوانة (6356) من طريق أبي إسحاق، عن الزبيد بن عدي.
خمستهم (محارب، وعطاء، وسلمة، والمغيرة، والزبيد): عن عبد الله بن بريدة.
.. وكلاهما (سليمان بن بريدة، وأخوه عبد الله): عن أبيهما بريدة بن الحصيب قال: قال رسول الله r:
(( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن محمداً أُذن له في زيارة أمه، وإنها تذكر الآخرة. ونهيتكم عن أن تمسكوا عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، أردت بذلك أن يتسع أهل السعة على مَن لا سعة له، فكلوا وادخروا. ونهيتكم عن الظروف، وإن ظرفاً لا يحل شيئاً ولا يحرمه، وكل مسكر حرام)).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلتُ: أحاديث سليمان عن أبيه منقطعة عند البخاري، وهو لم يُدخِله في رجاله ولا أخرج له شيئاً في صحيحه. يقول البخاري: ((لم يَذكر سماعاً عن أبيه)). اهـ ولم تُذكَر زيارة النبي r لقبر أمه في حديث سليمان إلاّ في بعض روايات سفيان الثوري، ولم يتابعه عليها أبو حنيفة ولا زيد بن أبي أنيسة عن علقمة. وأما حديث عبد الله، فلم تقع فيه هذه القصة إلا في رواية أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن زبيد اليامي. ولم يُتقِن أبو خيثمة حديثَه، فقد قال يحيى بن يحيى عند مسلم: أخبرنا أبو خيثمة، عن زبيد اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، أراه عن أبيه - الشك من أبي خيثمة - عن النبي r. اهـ فقوله "أراه عن أبيه" وقوله "الشك من أبي خيثمة"، مع تفرّده بإدراج القصة في حديث عبد الله بن بريدة هو مِمَّا تُعلّ به روايته.
والذي نخلُص إليه بتتبُّع الطرق والروايات، أنّ حديث يزيد بن كيسان هذا لا يُحتجّ به، وإنما هو حديث بريدة بن الحصيب رواه عنه ابناه سليمان وعبد الله. فاختصره يزيد وأسنده إلى أبي هريرة وهو غير محفوظ عنه، ولم يُتابَع يزيد على حديثه.
وأما حديث حماد بن سلمة
- فأخرجه أحمد (12213) ومن طريقه أبو نعيم (المستخرج 502) عن وكيع.
- وأخرجه مسلم (203) وأبو نعيم (المستخرج 503) والبيهقي (الكبرى 13856) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة. وأبو يعلى (3516) عن زهير. وأبو عوانة (215) عن جعفر بن محمد الصائغ. وابن حبان (578) من طريق إسحاق بن إبراهيم. وابن منده (الإيمان 926) من طريق عبد الله بن جعفر العسكري.
خمستهم (ابن أبي شيبة، وزهير، والصائغ، وابن راهويه، والعسكري): عن عفان بن مسلم.
- وأخرجه أبو داود (4718) وعنه أبو عوانة (215). وأخرجه البيهقي (الكبرى 13856) من طريق عثمان الدارمي. كلاهما (أبو داود، والدارمي): عن موسى بن إسماعيل.
.. وثلاثتهم (وكيع، وعفان، وموسى): عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن رجلاً قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال: ((في النار)). فلما قفى، دعاه فقال: ((إن أبي وأباك في النار)). اهـ
قلتُ: وهذا الحديث كذلك لا يسلَم مِن العِلَل مِن أكثر مِن وجه:
أما أولاً: فقد تفرَّد به حماد بن سلمة، لم يُسنده إلى أنس غيرُه. وهو وإن كان أثبتَ الناسِ في ثابت كما قال الأئمة، إلاّ أنه كان يُخطئ في الحديث، حتى إنّ البخاريّ تركه ولم يُخرج له في صحيحه لا عن ثابت ولا عن غيره. قال أحمد (شرح علل الترمذي ص113): ((كان حماد بن سلمة يخطئ - وأومأ أحمد بيده - خطأً كثيراً)). اهـ وقد استنكر ابنُ حبان تَرْكَ البخاريِّ لحمّاد، فقال (الثقات 7434): ((فإنْ كان تَرْكُه إياه لما كان يخطئ، فغيرُه مِن أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون! فإنْ زعم أنَّ خطأه قد كثر مِن تغيُّرِ حِفظه، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً!)). اهـ وقال البيهقي (تهذيب الكمال 3/ 13): ((هو أحد أئمة المسلمين، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فلذا تركه البخاري. وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره)). اهـ فاحتجاجُ مسلم بهذا الحديث مستنده الاجتهاد، لا أنه يعلَم يقيناً أنّ حماداً حدّث به قبل تغيُّره. بل الاحتمالُ قائمٌ بأنه حدّث به بعد أن تغيّر، لا سيما وقد رُوي هذا الخبر مُرسَلاً مِن حديث الزهري، وهو ما:
ثانياً: أخرجه عبد الرزاق (19687، 10/ 454) عن معمر.
- وأخرجه ابن ماجه (1573) والبزار (93) وابن السني (عمل اليوم والليلة 594) من طريق يزيد بن هارون. وأخرجه الطبراني (الكبير 1/ 145) وعنه أبو نعيم (معرفة الصحابة 522) من طريق محمد بن أبي نعيم. وأخرجه البيهقي (الدلائل 105) من طريق الفضل بن دكين.
ثلاثتهم (يزيد، وابن أبي نعيم، والفضل): عن إبراهيم بن سعد.
.. وكلاهما (معمر، وإبراهيم): عن الزهري. واختُلف عنه: فرواه معمر عنه مرسَلاً. ورواه إبراهيم عنه، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه: أن أعرابياً أتى النبيَّ r فقال: يا رسول الله، أين أبي؟ فقال: ((في النار)). قال: فأين أبوك؟ قال: ((حيث مررتَ بقبرِ كافرٍ، فبشّره بالنار)). اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ولفظُ معمر: جاء أعرابي إلى النبي r فقال: يا نبي الله، إن أبي كان يكفل الأيتام ويصل الأرحام ويفعل كذا، فأين مدخله؟ قال: ((هلك أبوك في الجاهلية؟)) قال: نعم. قال: ((فمدخله النار)). قال: فغضب الأعرابي، وقال: فأين مدخل أبيك؟ فقال له النبي r: (( حيث ما مررت بقبر كافر، فبشره بالنار)). فقال الأعرابي: لقد كلفني رسول الله r تعباً! ما مررت بقبر كافر، إلا بشرته بالنار. اهـ
قال البزار: ((لا نعلَم روى هذا إلا سعد، ولا عن إبراهيم إلا يزيد)). اهـ قلتُ: رواه معمر عن الزهري مرسلاً وهو الصواب. قال أبو حاتم في علله (2263، 2/ 256): ((كذا رواه يزيد وابن أبي نعيم، ولا أعلم أحداً يجاوز به الزهري غيرهما. إنما يروونه عن الزهري قال: "جاء أعرابي إلى النبي r". والمرسل أشبه)). اهـ وقال الدارقطني في علله (607، 4/ 334): ((يرويه محمد بن أبي نعيم والوليد بن عطاء بن الأغر، عن إبراهيم بن سعد. وغيره يرويه عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري مرسلاً وهو الصواب)). اهـ
ثالثاً: وقد روى هذا الخبرَ داود بن أبي هند مِن وجه آخر، وأسنده إلى عمران بن حصين. وهو ما:
- أخرجه الشيباني (الآحاد والمثاني 2356) والطبراني (الكبير 4/ 27) من طريق أبي خالد الأحمر. و الطبراني (الكبير 4/ 28) والطحاوي (مشكل الآثار 2114) من طريق علي بن مسهر.
كلاهما (أبو خالد، وابن مسهر): عن داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن، عن عمران بن الحصين: أن أباه الحصين بن عبيد أتى النبي r - وكان مشركاً - فقال: أرأيت رجلاً كان يقري الضيف ويصل الرحم، مات قبلك؟ فقال رسول الله r: (( إن أبي وأباك في النار)). قال: فما مرت عشرون ليلة، حتى مات مشركاً. اهـ
قلتُ: هذا حديث منكر، العباس بن عبد الرحمن مجهول لم يروِ عنه إلا داود. وخالفه ربعي بن خراش عن عمران بن حصين، وذلك فيما: أخرجه الشيباني (الآحاد والمثاني 2354) من طريق إسرائيل بن يونس. والطحاوي (مشكل الآثار 2113) من طريق زكريا بن أبي زائدة. كلاهما (إسرائيل، وزكريا): عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن خراش، عن عمران بن حصين قال: جاء حصين إلى النبي r قبل أن يسلم، فقال: يا محمد، كان عبد المطلب خيراً لقومه منك. كان يطعمهم الكبد والسنام، وأنت تنخرهم! فقال له رسول الله r ما شاء الله أن يقول. ثم إن حصيناً قال: يا محمد، ماذا تأمرني أن أقول؟ قال: ((قل: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وأسألك أن تعزم لي على رشد أمري)). قال: ثم إن حصيناً أسلم، ثم أتى النبي r فقال: إني كنت سألتك المرة الأولى، وإني الآن أقول: ما تأمرني أن أقول؟ قال: ((قل: اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت، وما أخطأت وما عمدت، وما جهلت وما علمت)). اهـ
قلتُ: فلم يَرِد في حديث عمران قوله ((إن أبي وأباك في النار))، ثم فيه أن الحصين أسلم لا أنه مات مشركاً كما قال العباس بن عبد الرحمن.
.. فهذا ما وقفتُ عليه في هذين الحديثين، وهما لا يخلوان مِن مقال.
والله أعلى وأعلم
ـ[محمود الرضواني]ــــــــ[03 - Mar-2010, مساء 07:55]ـ
فتح الله لك مغالق الأبواب أخي الشيخ أحمد الأقطش فيما أثبته أولا وآخرا، ولا فض فوك، فهو الصواب إن شاء الله تعالى، فإن حديث حماد بن سلمة على الرغم مما قاله بعض أهل العلم فيما يرويه عن ثابت، فإنه في حاجة إلى مراجعة جديدة وشديدة من خلال جمع رواياته ومخالفاته وألفاظها، خاصة التي رواها عن شيخيه، لأنني من خلال متابعة رواية حماد في المعراج وبعض الأحاديث التي صححها له بعض أهل العلم وجدت فيها خللا ظاهرا، ومخالفات ضارة بالنص النبوي، وقد ركن كثير من طلبة الحديث إلى الكلام النظري، وترك تتبع أحاديثه بعيدا التأثر بالقيل والقال.
ثم إنني أتساءل ما ينفع الراوي الذي يخطئ ولا يضبط، والراوي الذي يتصرف لفظ الحديث فينقلب عليه المعني، والرواي الذي يجمع بين أسانيد شيوخة الثقات، ماذا ينفع مثل هذا الراوي متابعة شيخ فيوصف بأنه أثبت الناس فيه، وماالدليل القاطع على تميز مثل هذه الرواية، على غيرها نريد شواهد واضحة وجديدة.
الرجاء إعادة النظر في القطع بأن حماد أثبت الناس في ثابت. ومن العجيب أننا نغمز في البخاري ومنهجه وحديثه من أجل حماد؟!!!
محمود إبراهيم الرضواني
ـ[ابو البراء الغزي]ــــــــ[05 - Mar-2010, مساء 12:56]ـ
كشف السترة عن حكم أهل الفترة
تأليف
(يُتْبَعُ)
(/)
محمد بن محمود بن مصطفى الإسكندري
تقديم العلامة
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
أمابعد:
فان حضرت الشيخ محمد مصطفى السكندرانى له ايادي، بيضاء بارك الله فيه ونفع الله به ونفعه.
هذه المقاله "كشف الستره"
قد اجاد وافاد واطال النفَس ولايحتاج لتزكيه وقد زكاه الشيخ الفوزان.
ولاشك ان النصوص في هذا الموضوع "اهل الفترة"تكلم فيها بعض العلماء بلا درايه ولاروايه وانما اعملواالعقل حتي منهم، كبار مثل "السيوطي" الا انه كان حاطب ليل، وان كان من اهل الصناعه لكنه غلب عليه التعصب كما تعصب في مواضع ومقامات كثيره بلا علم نافع وإنما بالضعيف والموضوع والمنامات ومنهم كذلك الكوثري المتعصب تعصباً أعمى لارائه ولو خالفت الامةُ. حتي سبَََََ على القارئ الحنفي مثله عند حديث "نجاه والدي النبي صلي الله عليه وسلم " مع انه سبقه أي القارئ جماعات منهم مسلم والنسائى وابو داود وبقية من روى الاحاديث في هذا الباب والبيهقي والنواوى وغير واحد، ومنهم الشيخ العلامه "محمد الامين الشنقطي"صاحب اضواء البيان وكانت حجته الايات دون الرجوع للسنة وقد اخطأ خطاً فادحاً لاننا لانفقه القران الابمشكاته السنة وقد وردت الفاظ وان كانت افرادا في مواضع شتى دلالاتها تدل علي شهرة هذا الامر ان لم يكن متواتراً.
اللهم الا مذهب اهل الكلام، ذكر الالباني في كتابه الذي جمعه بعض محبيه "فوائد الشوارد لما في كتب الالباني من فوائد "في بحث علمي اجاد فيه ولعله لا يستطيع احد ان يجمع فيه ما جمّع وجوب الاخذ بحديث الاحاد في العقيده "من"ص"335 الي"ص"362"،وفي هذه الصفحات من العلم ما فيه نقضٌ لما يقوله علماء الكلام والاصول مثل عذاب القبر والدجال "اذا جلس احدكم في التشهد فليستعذ بالله من اربع، يقول اللهم اني اعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال "رواه الشيخان،وعلماء الكلام والاصول وحتي كثيراً من الفقهاء عندهم هذا من الاحاد" ولايفيد إلا الظن،ويعملون به مع انه علي قاعدتهم لاينبغي العمل به (لانه عقيدة) فنقضوا قاعدتهم والحق ان الحديث عن عذاب القبر والدجال متواتراً، لانهم لاعلم لهم وليس من صناعتهم، ولذلك كما قال ابن القيم في الصواعق "وقول القادحين في اخباره وسنته يجوز ان يكون رواه هذه الأخبار كاذبين أو غالطين، بمنزلة قول أعدائه:يجوز أن يكون الذي جاءه شيطان كاذب! وكل أحد يعلم أن أهل الحديث أصدق أهل الطوائف كما قال عبد الله ابن المبارك: "وجدت الدين لاهل الحديث، والكلام للمعتزلة، والكذب للرافضة، والحيل لاهل الرأي".
وتكفي هذه الشهادة ومعلوم أن النبي لم يُخلف ولم يُورث إلاَّ أقواله وأفعاله وتقريراته التي هي "السنة" المبيَنة للقرآن. صلى الله عليه واله وصحبه وسلم.
وجزى الله خيرا الاسكندراني
كتبه مساعد بشير علي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العليم الخبير، العالم بمواقع الفضل في عباده ومواضع التقصير، الذي أحاط علمه بجميع المعلومات من ماض وآت، وظاهر وباطن، ومتحرك وساكن، وجليل وحقير، الذي علم بسابق علمه عدد أنفاس خلقه وأعمالهم ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو منهم من أهل السعير، كل ذلك في كتاب، إن ذلك على الله يسير، الواسع الذي وسع كل شيء علما، يعلم كل شيء ولا يحيطون به علما، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وهو سبحانه الجامع لشتات الأمور، وهو جامع الناس ليوم لا ريب فيه، لا فرق فيه بين غني وفقير، وعظيم وحقير،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، تعالى سبحانه في ألوهيته عن الشريك والوزير، وتقدس عن الصاحبة والولد، والولي والنصير، وعز في سلطانه عن المنازع والمغالب والمعين والمشير،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا محمدا عبد الله ورسوله، البشير النذير، والرسول النحرير، الذي أرسل إلى الناس كافة بالهدي المنير، والمنهج المستنير، في وقت ارتفع فيه أمر الشرك، واضطرمت ناره، وطار شراره، وارتفع غباره،لا مغير له ولا نكير، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى علت كلمة الله، وأسفر فجر الإسلام، وجاء الحق وزهق الباطل، ونشرت أعلام التوحيد، ونكست راية الشرك، وانكسرت شوكته، وخمدت ناره، ورمي بناؤه بالهدم والتكسير والتدمير، صلى الله عليه، وعلى أله وصحبه، وتابعيهم، ومن سلك طريقهم، واقتفى أثاراهم، وجعلنا الله بمنه وكرمه من المتمسكين بالكتاب والسنة، نقف بوقوفهما، وبسيرهما نسير
أما بعد،
فإن من نعمة الله تعالى أن أكمل لهذه الأمة المحمدية أمر دينها، وأتم عليها نعمته، وظهر أمر الله تعالى رغم أنف المعاندين والحاقدين والحاسدين، فقال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة:3)
وذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه، وقد بلغ البلاغ المبين، وترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها،لا يزيغ عنها إلا هالك،
وقام بعده الخليفة الصديق، رضي الله عنه، بالأمر أكمل قيام، وأتم نهوض، حتى قويت شوكة الإسلام.
وقاد عمر، رضي الله عنه، الأمة إلى أن ملكت من الخليج إلى المحيط،وهكذا في القرون الخيرية الأولى، حتى تحقق فيهم موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم)، ثم خلف من بعدهم خلوف أعجب كل امرئ رأيه، وقدم البعض منهم عقله،وبعضهم قدم مشاعره وعاطفته، والأخير قدم هواه، فصادم كل واحد منهم شرع ربه، برأيه وعقله ومشاعره وعاطفته وهواه (فكلا أخذنا بذنبه) (العنكبوت:40)، فتكالبت على الأمة الأهواء والفتن، من كل حدب وصوب، ولولا رعاية الله تعالى للأمة لتخطفتها هذه الأهواء إلى كل جانب،
فخوارج، ونواصب، وروافض، ومرجئة، ومعتزلة، وجهمية، ومشبهة، وقدرية، وأشعرية، وصوفية ...... إلى آخر هذه المذاهب الفاسدة، والعقائد الباطلة، التي أثرت على المسلمين، حتى خرج كثير منهم، إلا من رحمه الله، من دائرة الإسلام إلى غياهب الكفر والشرك، وظلمات الفتن والضلال، وأدركت الأمة عناية الله ورحمته، فانطفأت كثير من نار هذه الفرق، وكسرت شوكة الكثير منها،وبقت فلول الهزائم، وكتائب الخسارة، الذين لم يتجاسروا أن يقاتلوا قتال الشجعان، ولا أن يتشبهوا بالكرام، في مقارعة الأبطال من العلماء، حيث لا بيان عندهم ولا حجج فـ (حجتهم داحضة عند ربهم) (الشورى:16)، ولكن تلاعبوا بمشاعر عوام المسلمين الذين لا تأصيل عندهم لمعرفة دقائق الحق من دقائق الباطل، وأتوا بتلبيسات وتوهيمات ليخدعوا فطر المسلمين النقية، وقلوبهم الصفية (ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم) (الأنعام:137)
وهؤلاء الدعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، إما أنهم جهلاء متجرئون على شرع رب العالمين، وهدي سيد المرسلين، فحق الجاهل أن يتعلم، وحق المتجرئ أن يؤدب، وإما أنهم معاندون، يعرفون الحق ويخالفونه؛ لمجرد اتباع الهوى والرأي، وحب الظهور والشهرة، اتباعا للأمة الغضبية؛ اليهود الذين عرفوا الحق وعاندوه.
فالله سبحانه وتعالى نسأل، وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى نتوسل، أن يهدينا إلى صراطه المستقيم: صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
وهذه الثلة الخاسرة، والفلول المهزومة، تخرج على الأمة بين الحين والآخر بمسألة عقيمة، كان يجب أن يكلوا العلم فيها إلى العليم الخبير، وهي من الأغلوطات؛ التي نهى الشرع عن الخوض فيها (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) (النحل:116)
أو يخرجوا بمسألة حسم النزاع فيها، واستقر فيها الأمر بين علماء أهل السنة والجماعة؛
وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
وقد كتبت هذه السطور بعد ما نما إلى سمعي: خبر متصوف مشعوذ جديد، يحدث الناس بالأغلوطات على ساحات الإعلام الوسيعة الرحبة، ويتبجح بطلب المجادل، والعالم المعترض؛ ليقرع حجته بالحجة، وقوله بالبرهان، وقد سمعته عبر هذه الوسائل؛ التي أصبح مشاركا في أغلبها.
وأقسم بالذي له الملك والملكوت، لكلامه أوهى من بيت العنكبوت.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحسن الظن به أنه جاهل متجرئ، وسبق وذكرت أن حق الجاهل: التعليم، وهذا ما سأفعله،بحول الله تعالى، وأما التأديب فمسؤولية من بيدهم أمور البلاد، وأحوال العباد، فإن فرط قسم فلا يفرط الأخر.
فالله عز و جل يقول (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) (الأنعام:74)،والرجل يقول: بل هو عمه.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أبي وأباك في النار)، وهو يقول: ليس في النار.
وخلط خلطا عجيبا في أحكام أهل الفترة، وهم: قوم بين بعثة رسولين، لم يعاصروا الأول، ولم يدركوا الثاني؛ كزيد بن عمرو بن نفيل،وورقة بن نوفل، وقس بن ساعدة، وغيرهم، وكل من مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) (الحديد:26)
فأردت، بحول الله تعالى، أن أجلي هذا الأمر بالآية والحديث وبالنقول عن سلف الأمة الصالحين، والعلماء القدوة المتبعين (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة) (الأنفال:42)
ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإليه يرجع الأمر كله، ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون
وقسمت كتابي هذا إلى فصول:
الأول: بيان أن العرب لا تطلق لفظ الأب وتريد به العم حقيقة أبدا.
الثاني: بيان الأدلة من الكتاب والسنة أن أبا إبراهيم في النار.
الثالث: بيان الأدلة من الكتاب والسنة عن حكم أهل الفترة.
الرابع: بيان الأدلة من الكتاب والسنة عن حال والدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان ينبغي التقديم بعدة فصول هامة، تختص بالنهي عن الأغلوطات العلمية، وعن التجرؤ على الشريعة وأهلها، وكذلك النهي عن أن يتقمص العبد قميصا ليس له، وقد جعل الله لكل شيء قدرا، والتنبيه على اعتماد منهج أهل السنة والجماعة في ضرورة فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالحين، وكذلك التحذير من مواقعة وموافقة أهل الوهم والتخيل، وحدثني قلبي عن ربي، من المتصوفة الغلاة، لكن هذه المسائل قد كتب فيها من قبل بعض الكتب، والرسائل العلمية، فيرجع إليها.
وقد سميته حال شروعي في كتابته: (كشف السترة عن حكم أهل الفترة)
وأسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يتقبله مني، وأن ينفع به المسلمين، وأن يوفق الأمة إلى مذهب أهل السنة والجماعة.
وينبغي أن يعلم] أنه لا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه على أن الدين كله لله، وأن الهدى هدى الله،وأن الحق دائر مع الرسول وجودا وعدما، وأنه لا مطاع سواه، ولا متبوع غيره،وأن كلام غيره يعرض على كلامه، فإن وافقه قبلناه، لا لأنه قاله، بل لأنه أخبر به عن الله ورسوله، وإن خالفه رددناه، ولا يعرض كلامه صلى الله عليه وسلم على آراء القياسيين، ولا على عقول الفلاسفة والمتكلمين، ولا أذواق المتزهدين، بل تعرض هذه كلها على ما جاء به عرض الدراهم المجهولة على أخبر الناقدين، فما حكم بصحته فهو منها المقبول، وما حكم برده فهو المردود [
وهذا أوان الشروع في المقصود
والله أرجو في أموري كلها معتصما في صعبها وسهلها
وكتب
أبو عبد الرحمن
محمد بن محمود بن مصطفى الإسكندري
الفصل الأول
بيان أن العرب لا تطلق لفظ الأب وتريد غيره حقيقة أبدا
تمهيد
الدافع إلى الاستفتاح بهذا الفصل: أن غلاة المتصوفة الزاعمين محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآل البيت، يعلمون أن الحجج الواهية، والأوهام الخيالية، لا تغني في مجال التحقيق العلمي عنهم شيئا، ويعلمون كذلك أن القول الصحيح في مبحث أحوال، وأحكام أهل الفترة،يقضي بتكفير جماعة كبيرة ممن يحبونهم، ويترضون عنهم، بل يعتقدون فيهم أنهم من أولياء الله الأخيار، المتقين الأبرار؛ كوالد إبراهيم، عليه السلام، وكذا والدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتمشيا مع منهج الباطنية، والشيعة الاثني عشرية، سارت الصوفية مسيرهم، وسلكت سبيلهم بأن للقرآن ظاهرا وباطنا، فقالوا: الأب المقصود في آية سورة الأنعام، هو: العم، والأب المقصود في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو: أبو لهب العم؛ لعلمهم أن هذين الدليلين هما كحجر العثرة في وجوههم، ويزعمون أن هذا القول يتنافى مع مقام الحضرة النبوية، والذات المصطفوية، ويزعمون كذلك أن تأويلهم الأب بالعم يتماشى مع مشاعر المحبين الصادقين للنبي صلى الله عليه وسلم، وآل بيته الأطهار، وأنه يتناغم مع عظيم شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم، والذي يستلزم: عدم إيذائه في والديه.
(يُتْبَعُ)
(/)
(وهي تخريفات وتحريفات للقرآن، الذي أنزله الله بلسان عربي مبين، وصرف له عن ظاهره المراد لغة وشرعا، وهؤلاء أضر على الإسلام من أعدائه، والعدو المداجي المتستر بالتشيع أو التصوف ونحوه، شر من العدو المكاشف المستعلن)
وأصحاب هذه المذاهب المبتدعة، التي أشرت إليها آنفا؛ كالشيعة، والمعتزلة، والصوفية، وأضرابهم قد نحوا بالتفسير والحديث ناحية مذهبهم، وفي سبيل ذلك حرفوا كثيرا من الآيات والأحاديث؛ لخدمة زبالة أفكارهم، وخرجوا بها عن معانيها المرادة، وعن قواعد اللغة، وأصول الشريعة، وكلما لاحت لأحد هؤلاء المبتدعة فرصة لإظهار مذهبه، والقدح في مذهب السلف، اهتبلها واغتنمها، ونفث سمومه في تفسيره للقرآن، والحديث؛ لينخدع بذلك من لا علم عنده، ويظن أنهم على الصواب،
من حيث لم يدري أن السم في الدسم
وإليك البرهان من أصحاب اللغة والبيان، وأهل التحرير والإتقان:
قال اللغوي أحمد بن محمد بن علي الفيومي في (المصباح المنير) (ص3،2):
الأب: لامه محذوفة، وهي: واو؛ لأنه يثنى أبوين، والجمع: آباء، مثل سبب وأسباب، ويطلق على الجد مجازا .......
وعلى اللغة المشهورة، إذا أضيف إلى غير الياء، وهو مكبر، أعرب بالحروف، فيقال: هذا أبوه، ورأيت أباه، ومررت بأبيه.
والأبوة مصدر من الأب، مثل الأمومة مصدر من الأم. انتهى
وقال أبو البقاء الكفوي في " الكليات" (ص25):
الأب هو: إنسان تولد من نطفته ولد أخر.
ولا بد من أن يذكر الابن في تعريف الأب، فالأب من حيث هو الأب، لا يمكن تصوره بدون تصور الابن ..... وكل من كان سببا لإيجاد شيء، أو إصلاحه، أو ظهوره فهو أب له ...... ولا يراد بالأب: المربي أو العم من غير قرينة. انتهى
وفي" الجامع لأحكام القرآن" (7/ 16 - 17) بحث طويل في اسم أبي إبراهيم، عليه السلام، في تفسير قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) (الأنعام 74)
وخلاصته ما ذكره الشوكاني في " فتح القدير" (2/ 151):
قال الجوهري: آزر اسم أعجمي، وهو مشتق من: آزر فلان فلانا، إذا عاونه، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام.
وقال ابن فارس: أنه مشتق من القوة.
وقال الجويني في "النكت من التفسير " له: ليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارخ، والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر، وقد تعقب في دعوة الاتفاق بما روي عن ابن إسحاق، والضحاك، والكلبي، أنه كان له اسمان آزر، وتارخ، وقال مقاتل: آزر لقب، وتارخ اسم ............. انتهى
قال الحافظ ابن كثير في" البداية والنهاية" (1/ 134) بعد ذكر الآية: وهذا يدل على أن اسم أبي إبراهيم آزر وجمهور أهل النسب، منهم: ابن عباس على أن اسم أبيه تارح،وأهل الكتاب يقولون: تارخ، بالخاء المعجمة، فقيل: إنه لقب لصنم كان يعبده اسمه آزر.
وقال ابن جرير: والصواب أن اسمه آزر، ولعل له اسمان علمان، أو أحدهما لقب والآخر علم، وهذا الذي قاله محتمل والله أعلم. انتهى
وقال الفيروزآبادي في"القاموس المحيط" (ص1257)
والأبا لغة في الأب، وأصل الأب: أبوٌ محركة، ج: أباء، وأبون،
وأبوت وأبيت: صرت أباً ...... انتهى
فبان مما سبق: أن العرب لا تطلق الأب وتريد غيره، إلا على سبيل المجاز، والمجاز لا يصار إليه إلا بقرينة،
حيث عرف أهل اللغة والأصول المجاز بأنه: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما وقرينة تمنع إرادة المعنى الحقيقي للفظ.
ويقصد بالقرينة: العلامة الصالحة الدالة على عدم إرادة المعنى الحقيقي للفظ من قبل المتكلم، وأنه أراد المنى المجازي.
ويحسن هنا إيراد فتوى الإمام العلم أبي عمر ابن الصلاح الشافعي بشأن هذا الأمر، فقد سئل، رحمه الله، في الأبوة هل يجوز أن يطلق في الكتاب العزيز، والحديث الصحيح على الأب من غير صلب؟ وايش الفرق بين آدم أبي البشر، وبين إبراهيم الخليل صلى الله على نبينا وعليه وعلى النبيين والكل وسلم: أب، فآدم أبو البشر وإبراهيم أبو الإيمان أو لمعنى آخر، ونرى مشايخ الطرق يسموهم: آباء المريدين، فيجب بيان هذا من الكتاب العزيز والحديث الصحيح ........
(يُتْبَعُ)
(/)
أجاب، رضي الله عنه، قال الله تعالى (قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل) (البقرة 133)، وإسماعيل من أعمامه لا من آبائه، وقال سبحانه وتعالى (ورفع أبويه على العرش) (يوسف 100)، وأمه كان قد تقدم وفاتها قالوا: والمراد: خالته، ففي هذا استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقية، وهو مجاز صحيح في اللسان العربي، واجراء ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم، والعالم، والشيخ، والمريد: سائغ من حيث اللغة والمعنى، وأما من حيث الشرع، فقد قال سبحانه وتعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) (الأحزاب 40) وفي الحديث الثابت عنه صلى الله عليه وسلم (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم) فذهب لهذا بعض علمائنا: إلى أنه لا يقال فيه صلى الله عليه وسلم أنه أبو المؤمنين، وإن كان يقال في أزواجه أمهات المؤمنين، وحجته: ما ذكرت، فعلى هذا يقال: هو مثل الأب، أو كالأب، أو بمنزلة أبينا، ولا يقال: هو أبونا، ووالدنا، وفي هذا للمحقق مجال بحث يطول والأحوط: التورع والتحرز من ذلك .............. انتهى
فثبت لدى كل منصف عاقل: أن الأب لا يطلق لغة ولا شرعا إلا على الأب الصلبي؛ الذي تولد من نطفته إنسان آخر، ولا يطلق على غيره إلا مجازا، ولا يصح المجاز إلا بقرينة، يستحيل معها إرادة المعنى الحقيقي، كما سبق بيانه، ولو أردنا التوسع في بيان الحقيقة والمجاز لما وسعتنا هذه الصفحات، فلتراجع أمثلتهما في كتب الأصول،
وأي قرينة قوية تصلح لصرف مقصود لفظ الأب إلى العم، في هذا العدد الكبير من الآيات المثبتة أن إبراهيم حاج والده وخاصمه، سبحانك أين عقول هؤلاء؟
قال الله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ........ ) (الأنعام 74)
وقال تعالى (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه ........... ) (التوبة114)
وقال تعالى (ولقد آتينا إبراهيم رشده .............. ) (الأنبياء 51 - 52)
وقال تعالى (واتل عليهم نبأ إبراهيم ............ ) (الشعراء 69 - 70)
وقال تعالى (وإن من شيعته لإبراهيم ............. ) (الصافات 83 - 85)
وقال عز وجل في أوضح الآيات وأصرحها دلالة (واذكر في الكتاب إبراهيم .............. ) (مريم 41 - 48)
فذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة، وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة، وأحسن إشارة، بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأوثان؛ التي لا تسمع دعاء عابدها؛ ولا تبصر مكانه، فكيف تغني عنه شيئا، أو تفعل به خيرا؛ من رزق أو نصر، ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى، والعلم النافع، وإن كان أصغر سنا من أبيه (يا أبت إني قد جاءني من العلم مالم يأتك فاتبعني أهديك صراطا سويا) أي: مستقيما واضحا سهلا حنيفا، يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك، فلما عرض هذا الرشد عليه، وأهدى هذه النصيحة إليه، لم يقبلها منه، ولا أخذها عنه، بل تهدده وتوعده قال (أراغب أنت عن آلهتي ............. لأرجمنك) قيل: بالمقال، وقيل: بالفعال (واهجرني مليا) أي: واقطعني، وأطل هجراني، فعندها قال له خيرا فقال (سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) قال ابن عباس وغيره: أي: لطيف، يعني: في أن هداني لعبادته والإخلاص له ولهذا قال (وأعتزلكم ........ ) وقد استغفر له إبراهيم، عليه السلام، كما وعده في أدعيته، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه
فواضح بين، لا إشكال، في أن الآيات تضافرت، مع أقوال أهل العلم المعتبرين من اللغويين والمفسرين: أن المقصود في هذه الآيات، هو: أبو إبراهيم الصلبي، لا المجازي؛ المراد به العم.
والسؤال الآن: أين هي القرينة الصالحة لصرف نص قرآني صريح يقول (لأبيه) إلى معنى آخر مجازي (لعمه)؟
ولماذا قال إبراهيم في دعائه (واغفر لأبي إنه كان من الضالين) (الشعراء86) ولم يقل لعمي؟!
وهنا سؤال أخير وهام: هل يقتنع الصوفية الغلاة، أصحاب التأويلات الباطنية، بهذه النصوص القرآنية، وهذه الأقوال من أئمة العربية والتفسير؟!!!!
الفصل الثاني
بيان الأدلة من الكتاب والسنة أن أبا إبراهيم في النار
إن الأدلة في هذا الموضوع كثيرة وواضحة، لمن يسر الله تعالى له سبيل الاهتداء، والتوفيق لما عليه سلف الأمة الصالحون، من التوقف عند مدلولات الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة:
? قال تعالى: (ما كان للنبي والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ............ ) (التوبة 113 - 114)
(يُتْبَعُ)
(/)
والشاهد: قوله تعالى: (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه)
قال ابن عباس: مازال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه
وفي رواية: لما مات تبين له أنه عدو لله، وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم، رحمهم الله
وإن تعجب فعجب لأقوام غضبوا لوالد إبراهيم، عليه السلام، ولوالدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ بزعم أن هذا قدح في مقام النبوة، ولم يغضبوا لابن نوح، عليه السلام، حيث قال تعالى (ونادى نوح ربه ......... ) (هود 45 - 46)
بل ولم يغضبوا لولد آدم، عليه السلام، القاتل الذي قتل أخاه؛ حيث قال تعالى (فأصبح من الخاسرين) (المائدة30)
ولم يغضبوا لزوجتا نوح ولوط، عليهما السلام، حيث قال تعالى (ضرب الله مثلا للذين كفروا ... ) (التحريم 10) فكان حريا بهم أن يغضبوا لهؤلاء تمشيا مع قاعدتهم: أن هذا قدح في مقام النبوة، بل ويجب عليهم أن يغضبوا لمقام فرعون، قبحه الله، حيث تربى موسى، عليه السلام، في بيته، وأكل من أكله، وشرب من شربه، ولبس من ملبسه، وكفله ورعاه، حتى قال له (ألم نربك فينا وليدا ........... ) (الشعراء 18)
والأصل على قاعدتهم: أن ابن نوح لم يكن ابنه على الحقيقة، بل هو مجاز في أبناء الرعية، وزوجتي نوح ولوط ليس المقصود بهما الزوجة، وإنما هو مجاز في أي امرأة أخرى، غير الزوجتين، فنصل معهم إلى إنكار القرآن بالكلية، واتباع التأويلات الشيعية الباطنية، وأن لكل شيء ظاهرا وباطنا، وواضحا وخفيا، وشريعة وحقيقة.
? روى البخاري في "الصحيح" في كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا) (النساء 165)
برقم (3350) عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك، فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه، فيلقى في النار.)
? ثم رواه في كتاب التفسير، باب: (ولا تخزني يوم تبعثون)، غير أنه اختصره برقم (4469) ولفظه:
(يلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا رب، إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين)
وفي الحديث مسائل:
الأولى: أن السنة وافقت ظاهر القرآن؛ بأن المقصود بالأب في الآيات، هو: الأب الصلبي، حيث قال في الحديث (يلقى إبراهيم أباه)، ولم يقل (عمه).
الثانية: وصف أبيه بالأبعد، فهي صفة لأبيه؛ لأنه شديد البعد من رحمة الله تعالى، فإذا كان الفاسق بعيدا منها، فالكافر منها أبعد، وقيل: الأبعد بمعنى البعيد، والمراد: الهالك، وهو نطق العرب.
الثالثة: في تفسير الذيخ، وهو بكسر الذال المعجمة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم خاء معجمة: ذكر الضباع، وقيل: لا يقال له ذيخ إلا إذا كان كثير الشعر. "فتح الباري" (8/ 359)
الرابعة: قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري":
الحكمة في مسخ آزر أبي إبراهيم إلى ضبع؛ لتنفر نفس إبراهيم منه،ولئلا يبقى في النار على صورته، فيكون فيه غضاضة على إبراهيم.
وقيل: الحكمة في مسخه ضبعا: أن الضبع من أحمق الحيوان، وآزر كان من أحمق البشر؛ لأنه بعد أن ظهر له من ولده من الآيات البينات، أصر على الكفر حتى مات، واقتصر في مسخه على هذا الحيوان؛ لأنه وسط في التشويه بالنسبة إلى مادونه؛ كالكلب والخنزير، وإلى ما فوقه كالأسد مثلا،ولأن إبراهيم بالغ في الخضوع له، وخفض الجناح، فأبى واستكبر، وأصر على الكفر، فعومل بصفة الذل يوم القيامة، ولأن للضبع عوجا، فأشير إلى أن آزر لم يستقم فيؤمن، بل استمر على عوجه في الدين. انتهى
وفي الحديث مسائل أخرى يراجع لها المصدر المذكور، وقد اخترت منها ما يدل على المقصود، وهو: أن والد إبراهيم، عليه السلام، آزر أو تارح، كما سبق بيانه، هو من أهل الكفر، وهو من الضالين؛ الذين خرجوا عن منهج الأنبياء والمرسلين، وعن عقيدة التوحيد، وهو يوم القيامة كالذيخ المتلطخ، يؤخذ بقوائمه، فيلقى في النار، كما ثبت في الكتاب والسنة، رغم أنف المعاندين المتوهمين، والله يقضي ما يشاء، لايسأل عما يفعل وهم يسألون،
(يُتْبَعُ)
(/)
وإبراهيم، عليه السلام، هو: أبو الأنبياء، وإمام التوحيد، وشيخ العقيدة، وقدوة المرسلين، لا يضره ضلال من ضل، ولا إعراض من أعرض، ولا إباء من أبى، ولا كفر من كفر.
(فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام .......... ) (الأنعام125)
والله تعالى أعلم بمواقع الخير في عباده، وأبصر بمواطن الفضل فيهم، والحمد لله على توفيقه.
الفصل الثالث
بيان الأدلة من الكتاب والسنة عن حكم أهل الفترة
ينبغي هنا أن يعلم: أن النصوص الواردة في كفر بعض العرب، وتعذيبهم قبل البعثة، أخطأ فيها فريقان:
فريق ردها بدعوى أنها أخبار آحاد، ووقائع أعيان، لا تعارض النصوص القطعية في أنه لا يعذب أحد حتى تبلغه الحجة الرسالية.
وفريق أثبتها، واستدل بها على أنهم عذبوا قبل الحجة الرسالية، بما قام عليهم من حجة الميثاق، فالفريقان مخطئان، في أنه لم تقم على هؤلاء حجة رسالية، وأخطأ الفريق الثاني بأنهم عذبوا بإقامة حجة الميثاق عليهم.
وإليك البيان، فإنه تندرج تحت هذا الفصل جملة مسائل:
الأولى: حجة الله تعالى على خلقه تقوم بالرسل، عليهم الصلاة والسلام. وأدلة هذا الأمر مستفيضة من الكتاب والسنة، وستظهر هذه الأدلة في ثنايا كلام أهل العلم؛ الذي سأنقله بعد قليل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، كما في " مجموع الفتاوى" (2/ 403):
وتقرير الحجة في القرآن بالرسل كثير كقوله (لئلا يكون للناس ............. ) (النساء:165)،
وقوله (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (الإسراء:15)،
وقوله (ولو أنا أهلكناهم بعذاب ........ ) (طه: 134)،
إلى قوله (وما كان ربك مهلك القرى ............ ) (القصص:59)،
وقوله (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ...... ) (الملك:8)،
وقوله: (وسيق الذين كفروا ............. ) (الزمر:71)،
وقوله (يا معشر الجن والإنس ................. ) (الأنعام: 130).
ولهذا كان طائفة من أئمة المصنفين للسنة على الأبواب، إذا جمعوا فيها أصناف العلم، ابتدؤوها بأصل العلم والإيمان، كما ابتدأ البخاري" صحيحه" ببدء الوحي ونزوله، فأخبر عن صفة نزول العلم والإيمان على الرسول أولا، ثم أتبعه بكتاب الإيمان الذي هو الإقرار بما جاء به، ثم بكتاب العلم الذي هو معرفة ما جاء به، فرتبه الترتيب الحقيقي، وكذلك الإمام أبو محمد الدارمي صاحب " المسند": ابتدأ كتابه بدلائل النبوة، وذكر في ذلك طرفا صالحا. انتهى
وقال، رحمه الله في" الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (1/ 309 - 310):
وهنا أصل لا بد من اتباعه، وهو: أنه قد دلت النصوص على أن الله لا يعذب إلا من أرسل إليه رسولا، تقوم به الحجة عليه،
قال تعالى (وكل إنسان ............ ) (الإسراء: 13 - 15)
وقال تعالى (رسلا .............. ) (النس اء:165)
وقال تعالى عن أهل النار (كلما ألقي فيها فوج سألهم ............... ) (الملك 8 - 9)
وذكر الآيات التي ذكرها سابقا، وزاد فيها
(يا أهل الكتاب ............ ) (المائدة: 19) ثم قال:
وإذا كان كذلك فمعلوم: أن الحجة إنما تقوم بالقرآن على من بلغه (لأنذركم به ومن بلغ) (الأنعام: 19) فمن بلغه بعض القرآن دون البعض، قامت عليه الحجة بما بلغه دون ما لم يبلغه. انتهى
وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام، وعلم الأعلام، قدس الله ثراه، هو مذهب أهل السنة والجماعة، لا يختلفون في ذلك،: أن الحجة على الخلق إنما تقوم بالسمع، أي: عن طريق ما جاءت به الرسل، وقد حكى هذا أبو القاسم اللالكائي في "شرح مختصر اعتقاد أهل السنة" (1/ 196)
الثانية من المسائل: حكم من لم تبلغه دعوة الرسل في الدنيا،
وهذا إما أن يكون حقيقة، أي: لا تبلغه الدعوة حقيقة: كالبالغ العاقل؛ الذي لم يسمع برسالة نبي أبدا، وإما أن لا تبلغه حكما: كالشخص غير القادر على فهم خطاب التكليف – كالصبي والمجنون والكبير المختل، والثاني وجدت أمامه دعوة الرسول واشتهرت.
ومذهب أهل السنة والجماعة: أن هؤلاء بنوعيهما يمتحنون يوم القيامة، وبذلك تقوم حجة الله بالرسل على جميع خلقه إما في الدنيا وإما في الآخرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال شيخ الإسلام في "الجواب الصحيح" (1/ 312): ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة؛ كالأطفال، والمجانين، وأهل الفترات، فهؤلاء فيهم أقوال، أظهرها ماجاءت به الآثار: أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيبعث إليهم من يأمرهم بطاعته، فإن أطاعوه استحقوا الثواب، وإن عصوه استحقوا العذاب. انتهى
وقال كما في " مجموع الفتاوى" (14/ 447):
ولكن لا يعذب الله أحدا حتى يبعث إليه رسولا، وكما أنه لا يعذبه، فلا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة مؤمنة، ولا يدخلها مشرك، ولا مستكبر عن عبادة ربه، فمن لم تبلغه الدعوة في الدنيا امتحن في الآخرة، ولا يدخل النار إلا من اتبع الشيطان، فمن لاذنب له لا يدخل النار، ولا يعذب الله بالنار أحدا إلا بعد أن يبعث إليه رسولا، فمن لم تبلغه دعوة رسول إليه كالصغير والمجنون، والميت في الفترة المحضة، فهذا يمتحن في الآخرة كما جاءت بهذا الآثار. انتهى
وهذه الآثار التي أشار إليها شيخ الإسلام ذكرها ابن كثير في تفسيره (في تفسير سورة الإسراء)
وقال ابن القيم، رحمه الله في" طريق الهجرتين" (702 - 706):
وقد جاءت بذلك أثار كثيرة يؤيد بعضها بعضا فمنها:
ما رواه الإمام أحمد في " مسنده"، والبزار أيضا بإسناد صحيح، فقال الإمام أحمد: حدثنا معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الأحنف بن قيس، عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربعة يمتحنون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع، ورجل هرم، ورجل أحمق، ورجل مات في الفترة، أما الأصم، فيقول: رب لقد جاء الإسلام وأنا ما أسمع شيئا، وأما الأحمق، فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر، وأما الهرم، فيقول: رب لقد جاء الإسلام وأنا ما أعقل، وأما الذي في الفترة، فيقول: رب ما أتاني رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار، فوالذي نفسي بيده، لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما،
قال معاذ بن هشام: وحدثني أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، بمثل هذا الحديث، وقال في آخره: فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن لم يدخلها رد إليها –إلى أن قال-
قال الحافظ عبد الحق في حديث الأسود: قد جاء هذا الحديث، وهو صحيح فيما أعلم، والآخرة ليست دار تكليف ولا عمل، ولكن الله يخص ما يشاء بما يشاء، ويكلف من يشاء ما يشاء وحيثما شاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .......
ورواه علي بن المديني، عن معاذ بنحوه، قال البيهقي: حدثنا علي بن محمد بن بشران، أخبرنا أبو جعفر الرازي، أخبرنا حنبل بن الحسين، أخبرنا علي بن عبد الله، وقال: هذا إسناد صحيح. انتهى
ثم ذكر العلامة ابن القيم بقية مرويات الخبر ثم قال: فهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا، وتشهد لها أصول الشرع وقواعده، والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنة، نقله عنهم الأشعري، رحمه الله، في "المقالات" وغيرها.
فإن قيل: قد أنكر ابن عبد البر هذه الأحاديث، وقال: أهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب؛ لأن الآخرة ليست دار عمل ولا ابتلاء، وكيف يكلفون دخول النار، وليس في وسع المخلوقين، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها؟
فالجواب من وجوه:
أحدهما: أن أهل العلم لم يتفقوا على إنكارها، بل ولا أكثرهم، وإن أنكرها بعضهم، فقد صحح غيره بعضها، كما تقدم.
الثاني: أن أبا الحسن الأشعري حكى هذا المذهب عن أهل السنة والحديث، فدل على أنهم ذهبوا إلى موجب هذه الأحاديث.
الثالث: أن إسناد حديث الأسود أجود من كثير من الأحاديث؛ التي يحتج بها في الأحكام، ولهذا رواه الأئمة أحمد، وإسحاق، وعلي بن المديني.
الرابع: أنه قد نص جماعة من الأئمة، كعلي، على وقوع الامتحان في الدار الآخرة، وقالوا: لا ينقطع التكليف إلا بدخول دار القرار، ذكره البيهقي عن غير واحد من السلف.
الخامس: ما ثبت في " الصحيحين" من حديث أبي هريرة وأبي سعيد: في الرجل الذي هو آخر أهل الجنة دخولا إليها؛ أن الله سبحانه وتعالى يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأله غير الذي يعطيه، وأنه يخالفه ويسأله غيره، ف (يقول الله تعالى: ما أغدرك)، وهذا الغدر منه، هو: مخالفته العهد الذي عاهد ربه عليه.
السادس: قوله: وليس ذلك في وسع المخلوقين، جوابه من وجهين:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: أن ذلك ليس تكليفا بما ليس في الوسع، وإنما تكليف بما فيه مشقة شديدة، وهو كتكليف بني إسرائيل قتل أولادهم وأزواجهم وآبائهم حين عبدوا العجل، وكتكليف المؤمنين إذا رأوا الرجل ومعه مثال الجنة والنار أن يقعوا في الذي يرونه نارا.
والثاني: أنهم لو أطاعوه ودخلوها لم يضرهم، وكانت بردا وسلاما، فلم يكلفوا بممتنع ن ولا بما لم يستطع.
السابع: إنه قد ثبت أنه سبحانه وتعالى يأمرهم في القيامة بالسجود، ويحول بين المنافقين، وبينه، وهذا تكليف بما ليس في الوسع قطعا، فكيف ينكر التكليف بدخول النار في رأي العين، إذا كان سببا، كما قال أبو سعيد الخدري (هو أدق من الشعرة وأحد من السيف) رواه مسلم، فركوب هذا الصراط الذي هو في غاية المشقة كالنار، ولهذا كلاهما يفضي منه إلى النجاة، والله أعلم ..
الثامن: أن هذا استبعاد مجرد، لا ترد بمثله الأحاديث، والناس لهم طريقان: فمن سلك طريق المشيئة المجردة، لم يمكنه أن يستبعد هذا التكليف، ومن سلك طريق الحكمة والتعليل لم يكن معه حجة تنفي أن يكون هذا التكليف موافقا للحكم، بل الأدلة الصحيحة تدل على أنه مقتضى الحكمة كما ذكرناه.
التاسع: أنه في أصح هذه الاحاديث، وهو حديث الأسود؛ أنهم يعطون ربهم المواثيق ليطيعنه فيما أمرهم به، فيأمرهم أن يدخلوا نار الإمتحان، فيتركون الدخول معصية لأمره، لا بعجزهم عنه، فكيف يقال أنه ليس في الوسع؟!
فإن قيل: فالآخرة دار جزاء، وليست دار تكليف، فكيف يمتحنون في غير دار التكليف؟
فالجواب: أن التكليف إنما ينقطع بعد دخول دار القرار، وأما في البرزخ، وعرضة القيامة فلا ينقطع، وهذا معلوم بالضرورة من الدين من وقوع التكليف بمسألة الملكين في البرزخ، وهي تكليف،
وأما في عرضة القيامة، فقال تعالى: (يوم يكشف عن ساق ..... ) (القلم:42)،صريح في أن الله يدعو الخلائق إلى السجود يوم القيامة، وأن الكفار يحال بينهم وبين السجود إذ ذاك، ويكون هذا التكليف بما لا يطاق حينئذ حسا عقوبة لهم؛ لأنهم كلفوا في الدنيا، وهم يطيقونه فلما امتنعوا منه، وهو مقدور لهم، كلفوا به، وهم لا يقدرون عليه حسرة عليهم وعقوبة لهم، ولهذا قال الله تعالى: (وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون) (القلم:43)، دعوا إليه في وقت حيل بينهم وبينه، كما في " الصحيح" من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد، رضي الله عنه، إن ناسا قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا؟ ـــــ فذكر الحديث بطوله، إلى أن قال: (فيقول: تتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيقول المؤمنون: فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئا- مرتين أو ثلاثا- حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم) وذكر الحديث.
وهذا التكليف نظير تكليف البرزخ بالمسألة، فمن أجاب في الدنيا طوعا واختيارا أجاب في البرزخ، ولم يكن تكليفه في الحال، وهو غير قادر قبيحا، بل هو مقتضى الحكمة الإلاهية؛ لأنه مكلف وقت القدرة وأبى، فإذا كلف وقت العجز، وقد حيل بينه وبين الفعل كان عقوبة له وحسرة.
والمقصود: أن التكليف لا ينقطع إلا بعد دخول الجنة أو النار، وقد تقدم أن حديث الأسود بن سريع صحيح، وفيه التكليف في عرضة القيامة، فهو مطابق لما ذكرنا من النصوص الصريحة الصحيحة، فعلم أن الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة، وتأتلف به النصوص، ومقتضى الحكمة هذا القول، والله أعلم. انتهى بتمامه
وهذا التحقيق؛ الذي لا يدع مقالة لقائل، يقود إلى النصوص المثبتة والقاطعة والصريحة في أن بعض مشركي العرب في النار، وأنهم كانوا كفارا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم،
وهي نصوص كثيرة صريحة، ليس لها مدفع،
ومن ذلك:
- قوله تعالى (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) (آل عمران: 103)
- وقوله تعالى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى ........ ) (البنية: 1 - 2)
- وقوله تعالى (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) (البقرة: 89)
(يُتْبَعُ)
(/)
أي: أن اليهود كانوا يستفتحون على الذين كفروا، وهم العرب، بنبي يأتي من اليهود،
- قوله صلى الله عليه وسلم في حديث وفاة أبي طالب: أن آخر ما قال: (أنه على ملة عبد المطلب)
فدل على أن عبد المطلب مات على الشرك، وذلك قبل البعثة
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، ابن جدعان، كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: لا ينفعه، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي بوم الدين
- وعن أنس، رضي الله عنه، أن رجلا قال: يارسول الله، أين أبي؟ قال: (في النار)، فلما قفًّى دعاه فقال: (إن أبي وأباك في النار).
- وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي.
- ومنها، وهو من أصرحها، ما جاء في حديث لقيط بن عامر الطويل وفيه: قال:
فقلت: يا رسول الله، هل لأحد مما مضى من خير في جاهليتهم؟ قال: فقال رجل من عرض قريش: والله، إن أباك المنتفق لفي النار، فكأنه وقع حر بين جلدي ووجهي مما قال لأبي على رؤوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله؟ فإذا الأخرى أجمل، فقلت: وأهلك يا رسول الله؟ قال: وأهلي، لعمر الله، ما أتيت عليه من قبر عامري أو قرشي من مشرك فقل: أرسلني إليك محمد، يبشرك بما يسوؤك، تجر على وجهك وبطنك في النار.
والذي يعنينا هنا أن هذه النصوص دالة على أن أغلب العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كفار معذبون في النار، فطعن قوم في هذه النصوص بأنها أحاديث آحاد، ووقائع أعيان لا تعارض النصوص القطعية في أنه لا يعذب أحد حتى تبلغه الحجة الرسالية، وهؤلاء لم تبلغهم،
وممن ذهب إلى هذا السيوطي، رحمه الله، وأفرط فرتب على هذا القول بنجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم من النار، ثم غلا فقال: إن الله بعثهما من موتهما فآمنا به، وصحح حديثا في ذلك عن طريق الكشف والمنام. وهذا مما عابه عليه العلماء.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيميه عن هذا كما في " مجموع الفتاوى" (4/ 324):
هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك؟
فأجاب:
لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث، بل أهل المعرفة متفقون على أن ذلك كذب مختلق، وإن كان قد روي في ذلك أبو بكر- يعني: الخطيب- في كتابه" السابق واللاحق"، وذكره أبو القاسم الهيلي في " شرح السيرة" بإسناد فيه مجاهيل، وذكره أبو عبد الله القرطبي في " التذكرة" وأمثال هذه المواضع،
فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات، كذبا كما نص عليه أهل العلم، وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث، لا في الصحيح، ولا في السنن، ولا في المسند، ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة، ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير، وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح، لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين، فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة ........ انتهى
فقد ثبت مما سبق:
أنه لا يدخل النار إلا من بلغته دعوة رسول، ولكن لا يلزم أن يكون الرسول هو: محمد صلى الله عليه وسلم، فالقول بأن مشركي العرب لم تبلغهم الحجة الرسالية؛ لكونهم ماتوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هو قول غير صحيح، فقد قامت عليهم الحجة الرسالية بدين إبراهيم، عليه السلام، وإن دخله التحريف، إلا أنه كان فيهم من يعرف التوحيد، ويحتج عليهم به، ومنهم: زيد بن عمرو بن نفيل؛ الذي كان يقول لكفار قريش: (يا معشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري).
وعن ابن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد، إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله، إنكارا لذلك وإعظاما له.
(يُتْبَعُ)
(/)
وزيد هذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم، كما في هذا الحديث، غير أنه مات قبل البعثة، وعمل بما أمكنه معرفته من دين إبراهيم الحق، وكان كفار قريش يؤذونه على ذلك.
فالحجة كانت قائمة على العرب قبل البعثة بدين إبراهيم، وكان منهم من هو على بقية من الدين الحق، وهم الحنفاء، ومنهم زيد بن عمرو، وكانت قريش تفخر على العرب بأنهم نسل إبراهيم، ويسمون أنفسهم: الحُمْس، كما ورد في أول سيرة ابن هشام.
ولهذا قال الإمام النووي في"شرح مسلم" (3/ 79) في شرح حديث (إن أبي وأباك في النار): فيه: أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين،
وفيه: أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة؛ فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم، وغيره من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم. انتهى
وهذا من أبين التحقيق وأظهره،
ولا يشكل على هذا الضابط آية سورة القصص، وهو قوله تعالى (لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبل ...... ) (46)
فتدل هذه على أن العرب لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن يعارضها قوله تعالى (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (فاطر:24)
فمقتضاه: أنه جاءهم نذير، وهو: إبراهيم، عليه السلام، كما ثبت بالنصوص السالفة الذكر.
وعلى هذا، فإن آية القصص، ونحوها لا تشكل على أن العرب كانوا محجوجين بدين إبراهيم، عليه السلام، وأن الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم في النار، ممن ماتوا قبل بعثته، قامت عليهم الحجة الرسالية بدين إبراهيم، عليه السلام، وبهذا يظل الضابط الفقهي في هذا الباب صحيحا غير منخرم، وهو: أنه لا يدخل النار إلا من قامت عليه الحجة الرسالية؛ إما بدعوة رسول في الدنيا، وإما باختبار في عرصات يوم القيامة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
الفصل الرابع
بيان الأدلة على حال والدي النبي صلى الله عليه وسلم
عن أنس، رضي الله عنه، أن رجلا قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال: في النار، فلما قفى دعاه فقال: (إن أبي وأباك في النار).
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنت أن أزور قبرها فأذن لي)
قال الشيخ محمد أبو زهرة في " خاتم النبيين" (1/ 132) تعليقا على هذا الحديث:
"إنه خبر غريب في معناه، كما هو غريب في سنده؛ لأن الله تعالى يقول (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (الإسراء:15)، وقد كان أبو محمد، عليه الصلاة والسلام، وأمه على فترة من الرسل فكيف يعذبون؟! ...
وفي الحق: إني ضرست في سمعي وفهمي عندما تصورت أن عبد الله وآمنة يتصور أن يدخلا النار. انتهى
وتعقبه العلامة الألباني رحمه الله في "صحيح السيرة" (24 - 25):
فأقول: يا سبحان الله، هل هذا موقف من يؤمن برسول الله أولا، ثم بالعلماء الصادقين المخلصين ثانيا؛ الذين رووا لنا أحاديثه صلى الله عليه وسلم، وحفظوها لنا، وميزوا ما صح مما لم يصح منها، واتفقوا على أن هذا الحديث من الصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم؟ أليس موقف (أبو زهرة) هذا هو سبيل أهل الأهواء؛ كالمعتزلة، وغيرهم؛ الذين قالوا بالتحسين والتقبيح العقليين، مما رده عليهم أهل السنة، والشيخ يزعم أنه منهم، فما باله خالفهم وسلك سبيل المعتزلة في تحكيم العقل، وردهم للأحاديث الصحيحة؛ لمجرد مخالفتها لأهوائهم، إما أصلا، وإما تأويلا إذا لم يستطيعوا رده من أصله، وهذا عين ما فعله الشيخ، فإنه رد هذا الحديث؛ لظنه أنه حديث غريب، كما رأيت، وتأول أحاديث الزيارة بقوله" ولعل نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لأمه؛ لأن الاستغفار لا موضع له، إذ أنه لم يكن خطاب بالتكليف من نبي مبعوث "
ونحن نقول له كما تعلمنا من بعض السلف: اجعل لعل عند ذاك الكوكب،
فإن أحاديث الزيارة تدل دلالة قاطعة على أن بكاءه صلى الله عليه وسلم، إنما كان شفقة عليها من النار، و هذا صريح في بعض طرق حديث بريدة، ....................
ولذلك علق الإمام النووي على حديث أبي هريرة منها بقوله في " شرح مسلم": "فيه جواز زيارة المشركين في الحياة وقبورهم بعد الوفاة؛ لأنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة، ففي الحياة أولى، وفيه النهي عن الاستغفار للكافر"
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال في شرح حديث أنس هذا "فيه أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات على الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم، وغيره من الأنبياء، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم"
قلت- والكلام للألباني-: وفي كلام الإمام النووي: رد صريح على زعم (أبو زهرة) أن أهل الفترة الذين كانوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لا يعذبون، ومع أن قوله هذا مجرد دعوى؛ لأنه لا يلزم من صحة القاعدة – وهي هنا أن من لم تبلغه الدعوة لا يعذب – أن الشخص الفلاني، أو الأمة الفلانية، لم تبلغهم الدعوة، بل هذا لابد له من دليل، كما هو ظاهر، وهذا مما لم يعرج عليه (أبو زهرة) مطلقا، وحينئذ يتبين للقارئ الكريم كم قد تجنى على العلم حين رد حديث أنس، وتأول أحاديث الزيارة بما يفسد دلالتها بمجرد هذه الدعوة الباطلة. انتهى كلامه
وقد سبقت بعض الأدلة على حكم والدي النبي صلى الله عليه وسلم في فصل أهل الفترة
قال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية" (2/ 261):
والمقصود أن عبد المطلب مات على ما كان عليه من دين الجاهلية، خلافا لفرقة الشيعة فيه وفي ابنه أبي طالب ....... وقد قال البيهقي ....... : وكيف لا يكون أبواه وجده،عليه الصلاة والسلام، بهذه الصفة في الآخرة، وقد كانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا، ولم يدينوا دين عيسى ابن مريم، عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه، عليه الصلاة والسلام، لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن، إذا كان مثله يجوز في الإسلام وبالله التوفيق. انتهى كلامه
قلت-أي: ابن كثير -: وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار، لا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سندا ومتنا في" تفسيرنا" عند قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (الإسراء:15) فيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة لا يجيب، فلا منافاة ولله الحمد والمنة. انتهى كلامه
وقد قال الله تعالى (ما كان للنبي والذين آمنوا ...... ) (التوبة113 - 114)
قال شيخ الإسلام كما في " مجموع الفتاوى" (1/ 145 - 146):
وأما الشفاعة والدعاء فانتفاع العباد به موقوف على شروط، وله موانع، فالشفاعة للكفار للنجاة من النار، والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر، لا تنفعهم ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاها، فلا شفيع أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخليل إبراهيم، وقد دعا الخليل إبراهيم لأبيه واستغفر له، كما قال تعالى (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين ..... ) (إبراهيم:41) وقد كان صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأبي طالب، إقتداء بإبراهيم، وأراد بعض المسلمين أن يستغفر لبعض أقاربه، فأنزل الله تعالى (ما كان للنبي ........ ) (التوبة:113) ثم ذكر عذر إبراهيم فقال (وما كان استغفار إبراهيم ....... ) (التوبة:114 - 115)
وقال شيخ الإسلام قبلها: والتوسل بدعائه وشفاعته ينفع مع الإيمان به، وأما بدون الإيمان به فالكفار والمنافقون لا تغني عنهم شفاعة الشافعين، ولهذا نهي عن الاستغفار لعمه وأبيه وغيرهما من الكفار. انتهى
ولعل فيما ذكرت من الكتاب والسنة، وفيما نقلت من أقول أهل العلم المعتبرين: مقنع لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، في مسألة لم تشغل حيزا كبيرا في مناقشات أهل العلم، ولكن يثيرها كل فترة: من لا علم له، ولا منهجا صحيحا يعتمد له عليه،
وهذا مني جهدي المقل في تعليم من لا يعلم، وتبصير من لا يبصر،
وأنا أهيب بكل ذي سلطان أن يخرس لسان كل من تسول له نفسه العبث بعقيدة الأمة أو منهجها، وأن يضرب بيد من حديد على أصحاب الدعوات الباطلة، والمذاهب الهدامة؛ من صوفية، و أشعرية، وخوارج، ورافضة شيعية، وغيرهم ممن ذكرت في أثناء كلامي،
وهذا أوان وضع القلم، وجفاف الحبر، عن ما قصدت إبانته وإظهاره في هذه المسألة
وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وهو المستعان وعليه التكلان، وما كان فيها من خطأ، فأستغفر الله عز وجل منه، وأنا راجع عنه، إن جاءني خير منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله
(يُتْبَعُ)
(/)
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله وسلم وبارك على سيد الخلق أجمعين، و حبيب رب العالمين، وعلى آله و أصحابه و التابعين.
و كتب حامدا مصليا
أبو عبد الرحمن
محمد بن محمود بن مصطفى الإسكندري
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[05 - Mar-2010, مساء 01:57]ـ
ينظر هنا للفائدة والأهمية:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=31962
ـ[أشجعي]ــــــــ[05 - Mar-2010, مساء 02:53]ـ
جواب شيخنا أبي إسحاق الحويني سؤالك
سؤال الفتوى: هل صحيحٌ ما ذكره الحافظ جلال الدين السيوطي في ((كتاب الحاوي)) أن حديث: ((أبي وأبوك في النار)) من جملة الأحاديث الضعيفة برغم أن مسلمًا رواه في ((صحيحه))؟ نريد جوابًا شافيًا، وهل توافقونه في هذا التضعيف؟
جواب الفتوى
نعم
فقد أورد السيوطي في ((مسالك الحنفا في والدي المصطفى)) (2/ 432 - 435) سؤالاً في مسألة إيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (فإن قلت: بقيت عقدةٌ واحدةٌ وهي ما رواه مسلمٌ عن أنسٍ أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، أين أبي؟ قال: ((في النار))، فلما قفَّى دعاه، فقال: ((إن أبي وأباك في النار)). وحديث ((مسلم)) و ((أبي داود)) عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم استأذن في الاستغفار لأمه فلم يُؤذن له. فاحلل هذه العقدة. قُلْتُ: على الرأس والعين، والجواب: أن هذه اللفظة، وهي قوله: ((إن أبي وأباك في النار)) لم يتفق على ذكرها الرواة، وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنسٍ، وهي الطريق التي رواه مسلمٌ منها، وقد خالفه معمر عن ثابت، فلم يذكر: ((إن أبي وأباك في النار))، ولكن قال: ((إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار))، وهذا اللفظ لا دلالة فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمرٍ البتة، وهو أثبت من حيث الرواية، فإن معمرًا أثبت من حمادٍ، فإن حمادًا تكلِّم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه، وكان حمادٌ لا يحفظ فحدَّث بها فوهم، ومن ثمَّ لم يخرج له البخاري شيئًا، ولا خرَّج له مسلم في الأصول إلاَّ من حديثه عن ثابتٍ .. وأمَّا معمر فلم يتكلَّم في حفظه، ولا استنكر شيءٌ من حديثه، واتفق الشيخان على التخريج
له، فكان لفظه أثبت ... ثم ذكر السيوطي شاهدًا لحديث معمر من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه ... وقد ألَّف السيوطي في هذه المسألة مؤلفات سبعة، وهو يكرر في كل جزءٍ ما يكون مذكورًا في جزء آخر، وقلما يأتي بزيادةٍ نافعةٍ، بل التكلُّفُ هو السمةُ الظاهرةُ فيها، بحيث يقلِّبُ المرءُ كفيه عجبًا من ضياع المنهج العلمي الرصين في سائرها، وقد وقع السيوطي في سائرها في تكلُّف مدهشٍ، حتى وصل به الحال أن خالف قانون العلم في مسائل يطول الأمر بذكرها، ومنها هذه المسألة التي يسأل عنها القارئ، وسأجعل هذه المسألة آيةً يقيس عليها القارئ ما غاب عنه من جواب السيوطي رحمه اللَّه ... والجوابُ من وجوهٍ:
الأول: أن السيوطي ضعَّف حديث مسلمٍ، وبنى تضعيفه على مقدمةٍ وهي أن معمر بن راشد خالف حماد بن سلمة في لفظه، ومعمر بن راشد أوثق من حماد بن سلمة، وهذه المقارنةُ حيدةٌ مكشوفة، فإن الأمر لا يخفى على أحدٍ من المشتغلين بالحديث، ومنهم السيوطي نفسه، فإن أهل العلم بالحديث قالوا: أثبت الناس في ثابت البناني هو حمادُ بن سلمة، ومهما خالفه من أحدٍ فالقولُ قولُ حمادٍ. فقال أبو حاتم الرازي - كما في ((العلل)) (2185) -: (حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابتٍ وفي علي بن زيد). وقال أحمد بن حنبل: (حماد بن سلمة أثبت في ثابتٍ من معمر). وقال يحيى بن معينٍ: (من خالف حماد بن سلمة فالقول قول حمادٍ. قيل: فسليمانُ بن المغيرة عن ثابت؟ قال: سليمانُ ثبتٌ، وحماد أعلم الناس بثابت
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابنُ معينٍ مرة: (أثبت الناس في ثابت: حماد بن سلمة). وقال العقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 291): (أصح الناس حديثًا عن ثابت: حماد بن سلمة)، وقد أكثر مسلمٌ من التخريج لحماد بن سلمة عن ثابت في الأصول، أما معمر بن راشد فإنه وإن كان ثقةً في نفسه إلاَّ أن أهل العلم بالحديث كانوا يضعفون روايته عن ثابت البناني ولم يخرج له مسلمٌ شيئًا في ((صحيحه)) عن ثابت إلا حديثًا واحدًا في المتابعات، ومقرونًا بعاصم الأحول، وهذا يدلك على مدى ضعف رواية معمر عن ثابت. ولذلك قال ابنُ معين: (معمر عن ثابت: ضعيفٌ). وقال مرَّةً: (وحديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطربٌ كثيرُ الأوهام). وقال العقلي في
((الضعفاء)) (2/ 291): (أنكرُ الناس حديثًا عن ثابت: معمر بن راشد)
وبعد هذا البيان فما هي قيمة المفاضلة التي عقدها السيوطي بين الرجلين، فالصوابُ: رواية حماد بن سلمة، ورواية معمر بن راشد منكرة
الثاني: قولُ السيوطي: إن ربيب حماد بن سلمة دسَّ في كتبه أحاديث مناكير وانطلى أمرها على حمادٍ لسوء حفظه. وهذه تهمة فاجرةٌ، كما قال الشيخ المعلمي رحمه اللَّه في ((التنكيل)) (1/ 243)، ومستند كل من تكلَّم بهذه التهمة ما ذكره الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/ 593) من طريق الدولابي قال: حدثنا محمد بن شجاع بن الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث - يعني أحاديث الصفات - حتى خرج مرة إلى عبادان، فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانًا خرج إليه من البحر فألقاها إليه. قال ابن الثلجي: فسمعتُ عباد بن صهيب يقول: إن حمادًا كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه، وعلَّق الذهبي على هذه الحكاية بقوله: (ابن الثلجي ليس بمصدق على حمادٍ وأمثاله، وقد اتُهم. نسأل اللَّه السلامة). انتهى
وابن الثلجي هذا كان جهميًا عدوًا للسنة، وقد اتهمه ابنُ عدي بوضع الأحاديث وينسبها لأهل الحديث يثلبهم بذلك، فالحكاية كلُّها كذب، فكيف يُثلب حماد بن سلمة بمثل هذا، ولو جاز لنا أن نرد على السيوطي بمثل صنيعه لذكرنا ما روى عن أبي حامد بن الشرقي - كما في ((تاريخ بغداد)) (4/ 42) - أنه سئل عن حديث أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمر في فضائل علي بن أبي طالب، فقال أبو حامد: هذا حديثٌ باطل، والسببُ فيه أن معمرًا كان له ابنُ أخٍ رافضيٌّ، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيبًا لا يقدرُ أحدٌ عليه في السؤال والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخى معمر). فعلَّق الذهبي في ((السير)) (9/ 576) قائلاً: (هذه حكاية منقطعةٌ، وما كان معمرُ شيخًا مغفلاً يروج عليه هذا، كان حافظًا بصيرًا بحديث الزهري). ولكننا لا نستجيز أن نطعن على الثقات بمثل هذه الحكاية
الوجه الثالث: قولُهُ: (ولم يخرج له البخاري شيئًا)، وقد تقرر عند أهل العلم أن ترك البخاري التخريج لراوٍ لا يعني أنه ضعيفٌ، وقد عاب ابنُ حبان على البخاري أنه ترك حماد بن سلمة وخرَّج لمن هو أدنى منه حفظًا وفضلاً، فقال: (ولم ينصف من جانب حديث حماد بن سلمة، واحتج بأبي بكر بن عياش، وبابن أخى الزهري، وبعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار، فإن كان تركُه إياه لما كان يخطئُ، فغيرُهُ من أقرانه مثل الثوري وشعبة وذويهما كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه، فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجودًا، وأنَّى يبلغُ أبو بكر حماد بن سلمة في إتقانه، أم في جمعه؟ أم في عمله؟ أم في ضبطه). انتهى
الوجه الرابع: في ذكر الشاهد الذي احتج به السيوطي لتقوية لفظ معمر بن راشد، فهذا الحديث أخرجه البزار (27 - مسند سعد)، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (600)، والطبراني في ((الكبير)) (ج1/ رقم 326)، والبيهقي في ((الدلائل)) (1/ 191، 192)، وأبو نعيم في ((المعرفة)) (ج1/ رقم 540)، والضياء المقدسي في
(يُتْبَعُ)
(/)
المختارة (1/ 333) - كما في ((الصحيحة)) (18) - من طريق زيد بن أخزم، ثنا يزيد بن هارون، ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد عن أبيه أن أعرابيًّا قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أين أبي؟ قال: ((في النار)). قال: فأين أبوك؟ قال: ((حيثما مررت بقبر كافرٍ فبشره بالنار)). قال السيوطي: (وهذا إسنادٌ على شرط الشيخين)، وليس كما قال لما يأتي
وذكر ابنُ كثير هذا الحديث في ((البداية والنهاية)) (2/ 280)، وقال: (غريبٌ). وقد خولف زيد بن أخزم في إسناده. فخالفه محمد بن إسماعيل بن البختري الواسطيُّ، فرواه عن يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد، عن سالم، عن أبيه. فذكره.
أخرجه ابن ماجه 1573. قال البوصيري في ((الزوائد)) (1/ 515): (هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقات. ومحمد بن إسماعيل وثقه ابنُ حبان والدارقطني والذهبيُّ، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين
قُلْتُ: ولا شك في تقديم رواية زيد بن أخزم لأمرين
الأول: أنه أثبت من محمد بن إسماعيل بن البختري
الثاني: أنه توبع عليه كما في رواية البزار، والذي تابعه هو محمد بن عثمان بن مخلد، وقد سُئل عنه أبو حاتم - كما في ((الجرح والتعديل)) (4/ 1/25) - فقال: (شيخ)، وقال ابنُ أبي حاتم: (صدوق)، ووثقه ابنُ حبان (9/ 120)، وقد ذكر البزار أن يزيد بن هارون تفرّد به، وليس كما قال، فقد تابعه محمد بن أبي نعيم الواسطي قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (326) قال: حدثنا عليُّ بن عبد العزيز، نا محمد بن أبي نعيم. وهذه متابعةٌ جيدة، وابن أبي نعيم وثقه أبو حاتم وابن حبان، وكذا صدَّقه أحمد بن سنان القطان. وكذبه ابنُ معينٍ وأبعد في ذلك. وقد أعلَّ أبو حاتم هذا الحديث بقوله: (كذا رواه يزيد وابن أبي نعيم، ولا أعلمُ أحدًا يجاوز به الزهري غيرهما، إنما يرونه عن الزهري، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... والمرسل أشبه). ذكره ولده في ((العلل)) (ج2/ رقم 2263)
قُلْتُ: وقولُ أبي حاتم متعقَّبٌ أيضًا بأنه قد رواه اثنان آخران متصلاً وهما: الوليد بن عطاء بن الأغر، عن إبراهيم بن سعد به. ذكره الدارقطنيُّ في ((العلل)) (4/ 334). والوليد صدوق
والثاني: الفضل بن دكين عن إبراهيم بن سعد. أخرجه البيهقيُّ في ((الدلائل)) (1/ 191)، وسنده صحيحٌ. وقد رجح الضياء المقدسي الرواية المتصلة. بينما رجح أبو حاتم الرواية المرسلة، وقول أبي حاتم هو الصواب، وهذه الرواية المرسلة أخرجها عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج10/ رقم 19687) عن معمر بن راشد، عن الزهري قال: جاء أعرابي ... وساق الحديث. فهكذا اختلف إبراهيمُ بن سعد ومعمر بن راشد، ولا شك عندنا في تقديم رواية معمر المرسلة؛ لأن معمرًا ثبتًا في الزهري، وأما إبراهيم بن سعد فقال قال صالح بن محمد الحافظ: (سماعه من الزهري ليس بذاك؛ لأنه كان صغيرًا حين سمع من الزهري). وقال ابن معين وسئل: إبراهيم بن سعد أحب إليك في الزهري أو ليث بن سعد؟ قال: كلاهما ثقتان. فإذا تدبرت قول يعقوب بن شيبة في الليث: (ثقة وهو دونهم في الزهري - يعني: دون مالك ومعمر وابن عيينة - وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب). عملت أن قول ابن معين لا يفيد أنه ثبت في الزهري مثل معمر
فالذي يتحرر من هذا البحث أن الرواية المرسلة هي المحفوظة، وهي التي رجحها أبو حاتم الرازي والدارقطني، فلا معنى للقول أنه على شرط الشيخين بعد ثبوت هذه المخالفة
وبعد؛ فهذا مثالٌ واحدٌ بيِّن لك كيف عالج السيوطي المسألة، وما تركتُه أعجب وأعجب، وهكذا عارض السيوطي هذه الأحاديث الصحيحة بأحاديث منكرة وباطلة، ومن التجني أن يوصف من يتمسك بالأحاديث الصحيحة بسوء الأدب، وواللَّه لو صحت الأحاديث في إسلام والدي النبي صلى الله عليه وسلم لكنا أسعد الناس بها، كيف وهم أقربُ الناس لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الذي هو أحبُّ إليَّ من نفسي، واللَّه على ما أقول وكيلٌ
ولكننا لا نتبنى قولاً ليس عليه دليلٌ صحيح، لكن كثيرًا من الناس من يتخطى المحبة الشرعية، ويخالف الحجة ويحاربها. واللَّه المستعان لا ربَّ سواه. وهو أعلى وأعلم
وقد قال البيهقي في ((الدلائل)) (1/ 192، 193) بعد تخريجه لهذا الحديث: (وكيف لا يكون أبواه وجدُّه بهذه الصفة في الآخرة، وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا، ولم يدينوا دين عيسى ابن مريم عليه السلام، وأمرُهم لا يقدح في نسب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن؛ إذ كان مثلُه يجوز في الإسلام. وباللَّه التوفيق). انتهى
وقال النووي في ((شرح مسلم)): (3/ 79): (فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم). انتهى
أما حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه وهو في ((صحيح مسلم)) أيضًا، وفيه أن اللَّه نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لأمه، فلم يتعرض له السيوطي إلا بجوابٍ مجملٍ، وهذا الحديث صريح في عدم إيمانها؛ لأن اللَّه عز وجل قال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، وقد نزلت هذه الآية في أبي طالبٍ، فعقب الحافظ ابنُ كثيرٍ في ((السيرة النبوية)) (2/ 132 - البداية) قائلاً: (ولولا ما نهانا اللَّه عز وجل عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه). اهـ
فقد تبين من هذا الجواب - على اختصاره - أن الحديثين صحيحان لا مطعن فيهما، والحمد للَّه رب العالمين
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة القيمة(/)
هذا العالم الزيدي تحول للسنة وانتصر للصحابة رضي الله عنهم:فحاول الزيود تجاهل تراثه!
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 07:03]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هو يحيى بن الحسين بن القاسم، المتوفى (عام 1099هـ)، الذي ينتهي نسبه إلى إمام الزيود المسمى " الهادي "، وأول من لفت الأنظار إليه في هذا العصر: الشيخ إسماعيل الأكوع - رحمه الله – في كتابه الفذ " هِجَر العلم ومعاقله "، في ترجمته (ص 1086 – 1088)، وفيما ينقله عنه من ردود على الزيود الجارودية المترفضين. قال عنه: (وقع بينه وبين بعض علماء عصره منافرة وخصومة؛ لميله للعمل بالكتاب وصحيح السنة النبوية، وهذا هو السبب في تجاهل مؤرخي علماء الزيدية المقلدين لذكره والإشادة به، وذلك لأنه كان نصيرًا للسنة وأهلها، وسوطَ عذابٍ على الجارودية).
وقال الشيخ إسماعيل رحمه الله - أيضًا - في تقديمه لكتاب يحيى بن الحسين " الإيضاح لما خفا من الاتفاق على تعظيم صحابة المصطفى " - الذي حققه مؤخرًا الأستاذ عبدالرحمن بن عبدالقادر المعلمي عام 1426هـ (ص 3): (قليلٌ من العلماء من يعرف يحيى بن الحُسين ابن الإمام المنصور القاسم بن محمد، أحد فطاحل علماء اليمن، الذي يُعد بصدق أعلم علماء أسرته " آل القاسم "، على كثرة من ظهر في هذه الأسرة الكبيرة من العلماء والمؤرخين، ومن الأئمة أيضًا على مدى أربعة قرون، وذلك لتجاهل مؤرخي عصره له، وإذا ترجم له أحد، فعلى استحياء، إذ لا يذكر مكانته العلمية، ومناقبه الحميدة، ومؤلفاته الفريدة؛ نكايةً به؛ لعزوفه عن المذهب الهادوي الزيدي، وتحوله إلى ما كان عليه السلف الصالح، من العمل بأحكام الكتاب وصحيح السنة، والتصدي للدفاع عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم شأنهم، ورفع مكانتهم؛ مما أغضب عليه كبار أسرته، من أئمة وولاة، وقادة وغيرهم، ممن أنكر عليهم ظلمهم، وسيئات أعمالهم، وقسوة أحكامهم لغير أهل مذهبهم .. ).
قلت: لقد مال يحيى بن الحسين – رحمه الله – إلى السنة، ولعله تأثر بابن الوزير – رحمه الله – كما سيأتي، فتبين له أن مَن يُسمون أنفسهم بالزيود، وينتسبون لزيد بن علي – رضي الله عنه -، من بني قومه، إنما هم هادوية جارودية رافضة، وأن زيد بن علي براء من عقائدهم. والجارودية – كما هو معلوم – فرقة من الزيدية توافقت مع الرافضة في مسألة الطعن في الخلفاء الراشدين الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم)، ولهذا تراه يُشنع عليهم، ويُلح على انحرافهم في هذا الباب.
وأنقل هنا من كتابه " بهجة الزمن في تاريخ اليمن " الذي حققته الدكتورة أمة الغفور الأمير قريبًا (عام 1429هـ) شذراتٍ من حملته على الزيود الجارودية، ومواقفه المشرفة مع الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -:
قال - رحمه الله - (1/ 372) عن شاه إيران: (أخبرني السيد حسين بن محمد التهامي عن شريف من أشراف مكة قال: إنه أخبره لما سار إلى حضرة الشاه، وجده حال وصوله إليه في النزهة بخيامه، ووطاقه وأجناده وأتباعه. قال: وتلك المحطة في الطول فوق الميل، ثم دخل ديوانه، وولج إيوانه، فإذا هو مفروش بأنواع الحرير، وجميع الآلات من الصحون المرصعة بالجواهر، والغالي الثمين، وآلات الصحون فضة، يأكلون في صحافها مخالفة لما ورد النهي من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنها، وشدة الوعيد فيها، قال: والبغايا في المحطة ساهرون، ولعساكره مخالطون ظاهرون، لأجل ما يرونه في المتعة، فانجر إله هذه البدعة، وتستقر البغية عند أحدهم بدرهم ليلة، ثم تنتقل إلى آخر بدرهم مرة، ثم كذلك. اختلط عليهم الأمر، فنعوذ بالله من ذلك الجهل. قال: وفي كل عام يُسلطون الأنعام من البقر، والخيل والحمير، والجمال بعضها على بعض، ويغرونها بالانتطاح، والتراكب بعضها على بعض والنكاح، ويتفرجون عليها، ويرسمون الضعيف منها بفلان من الصحابة، فإذا غُلب تضاحكوا وفرحوا، واستراحوا، وعجائب من هذه البدع والأفعال، ويرقمون مشايخ الصحابة رضي الله عنهم في النعال، ويرفعون أصواتهم باللعن لهم على كل حال، فلا قوة إلا بالله العلي العظيم كيف قد صار آخر هذه الأمة يلعن أولها).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال مُلمحًا إلى تأثره بابن الوزير (1/ 406): (وكان يرى رأي السيد محمد بن إبراهيم الوزير صاحب (العواصم والقواصم) ويميل إلى رأي أهل السنة في كثير من أصولهم، ولا يكفر بالإلزام، كما عليه أكثر المحققين من علماء الإسلام، وصنف في أصول الدين كتاباً سماه (الدراري) وشرحه شرح لطيف، وجمع فيه مناقضات كلامات المعتزلة، ومن تابعهم من الهدوية).
وقال (2/ 512 - 513): (وفيها خرج السيد محمد بن علي الحيداني من بيته إلى بلاد برط، ثم نزل منه إلى الجوف، ثم إلى بلاد خولان في صنعاء، ثم جاوز عنه إلى بلاد المَصْعَبَين بلاد قايفة. وأظهر في سفره هذا أنه المهدي المنتظر الذي يؤم آخر الزمان. وذكر أن عنده صحة إمامين في عصر واحد. وأنشأ عقيدته، وذكر من جملتها تكفير جميع المسلمين من المعتزلة والأشاعرة، وتكفير الصحابة الكرام. وذكر أن النص في علي جلي، يَكْفر مخالفه، فكفَّر صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كالخلفاء الثلاثة ومن قال بقولهم، وبايعهم، واعتقد إمامهم، وعجائب يقشعر به الجلد. نعوذ بالله من الضلال والغلو في الدين والخروج عن طريقة العُقَّال، وعلى الجملة إنه كفَّر أكثر المسلمين. وفي الحديث الصحيح: " من قال لأخيه يا كافر حار عليه " أي رجع، ولقد تحجر السيد واسعاً، كالأعرابي الذي بال بالمسجد، فنهره الناس، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "دعوه وصبوا عليه ذَنُوباً من ماء"، فقال الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " لقد تحجرت واسعاً" وهذه بلية عظيمة، فإن كثيراً من الشيعة يعتقدون أن النص جلي، من الجارودية، على مثل قول الرافضة الإمامية، فتراهم يكفِّرون المسلمين لكنهم لا يُظهرون ما أظهر هذا السيد من التكفير، وإن كان ذلك مذهبهم. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وزيد بن علي من اعتقادهم بريء، حاشاه من ذلك).
وقال (2/ 512 - 513): (وفيها طافت رسالة من الشيخ أحمد بن علي بن مطير الحكمي الشافعي يذكر فيها أن الزيدية صاروا يخالفون كثيراً من أقوال الإمام زيد بن علي، ولا يذهبون إلى أقواله، مع انتسابهم في المذاهب إلى اجتهاده، فكيف هذه النسبة مع المخالفة! وفي التحقيق أنهم هدويَّه؛ لاتِّباعهم مذاهب الهادي في الأصول والفروع، فالنسبة إليه أولى).
وقال (2/ 563 – 564): (والسلف يرون أحاديث الصفات والآيات على ظاهرها من غير تأويل مع اعتقاد أن الله ليس كمثله شيء، وهو مذهب كثير من السلف .. فسلف الزيدية يوافقون السلف وأهل السنة، والمتأخرون وهم الهادوِّية يوافقون المعتزلة).
وقال مستنكرًا على إمام الزيود في عصره تآخيه مع الرافضة (2/ 626 – 628): (وفي شهر الحجة من هذه السنة ترجح للمتوكل أن يكتب إلى الشاه عباس بن شاه صفي بن شاه عباس، صاحب العجم وسلطانها الاثني عشري الإمامي بما هذا لفظه ... – ثم ذكر رسالته وقال - وأجاب عليه الشاه في ذلك معاهدة كما هو مقتضى هذا الابتداء. وما كان للمكاتبة هذه معنى؛ لأن الشاه في طرفٍ نقيض هو والمذكور؛ لأن ذلك اثنا عشري، يقول: بأن الأئمة إنما هم اثنا عشر لا غير، فعنده أن المتوكل سلطان، وكذلك هو في جهاته، وكان جوابه كما قيل: جوابٌ يابس ليس فيه هدية ولا صلة، بخلاف سلطان الهند فإنه لما كتب المتوكل إليه مع السيد أحمد سعيد الذي كان مفتي المخا، كان جواب سلطان الهند بهدية عظيمة، وحالة فخيمة).
وقال (2/ 654): (واعلم أن الخسوفات هذه كثرت في بلاد العجم هذا الزمان، وسببه ـ والله أعلم ـ ما يصدر من الإمامية والعجم من السب واللعن للصحابة في السر والعلن، وجعلوه لهم بضاعة وعبادة. وقد جاء في الحديث الذي أخرج الترمذي وغيره عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: " إذا لعن آخر هذه الأمة ألها فليرتقبوا ريحاً حمراء" الحديث إلى آخره).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال (2/ 694 - 702): (وفي هذه السنة والتي قبلها ظهر مع جماعات الأخذ في جانب الصحابة رضي الله عنهم، ولم يُعرف لأحد في الزمان المتقدم، وكان سبب ذلك أبيات قالها الفقيه صالح المقبلي الثلائي، فحصل هذا الأخذ في الصحابة، والتّجاري في السِبابة، وحصل مع ذلك أيضاً الأخذ في الأئمة كالهادي والإمام المهدي، وقالوا: خالفوا زيد بن علي، ومن تأخر منهم معتزلي .. إلى غير ذلك. وكان السيد أحمد الآنسي خبيث العقيدة رافضيًا فقال:
إذا غضبت أمنا فاطمة
فكيف نرضي عن المغضيين
وفيم التحرج من لعن من
ومن كان خصماً لبنت الرسول
وماتت بغُصَّتها الدائمة
لها كالإبل السائمة
على لعنه حجة قائمة
فهي له في غد خاصمة
فأجبت عليه:
لقد رضيت أمنا فاطمة
فرضينا لرضاها عن المغضبين لها
فكيف التحرج عند الترضي بمن
ومن كان خَلفاً لبنت الرسول
وماتت ولم تك باللائمة
لا كالإبل السائمة
في اللعن له حجة قائمة
فهي له في غدٍ خاصمة
وقال أحمد الآنسي المذكور في قصيدة أخرى:
وترى النواصب كل نص
فحديث يوم غدير خم
لم يختلف فيه الأُلى
ولوى الذي قد غا
واللفظ مشترك لديك
أنَسِيْت تخصيص المقا
في أبي حسن خفيَّا
لم يزل أبداً جليَّا
شهدوه نقلاً أوليا
ب عنه لسانه للنصب ليَّا
كنا نظنك ألمعيَّا
م أراك يا لغوي نسيا
فأجبت عليه بشعر ضعيف:
قد رميتَ أئمة بالنصب
هم بأجمعهم يرون
ابحث كتبْهم إن كنت تعرفها
قد صرح المنصور بالله وغيره
انسيت تخصيص المقام بأنه
هذي المعاني والأصول
في الفِرَق ثابت الدلالة
يا من نظنك ألمعيَّا
ذاك النص نصاً خفيا
تجدْ ما قلتهُ جليا
في كتبهم راجعها أوَّليا
للدليل أي كان خفيا
إليك راجعها مَليَّا
والدليل وما ذاك الجَليَّا
وكل هذا السب والقصائد من هؤلاء في هذا العصر نشأ من بيتين أنشأهما الفقيه صالح بن مهدي المقبلي، أصله من جبل تيس، ثم استقر بمدينة ثلا المحروسة، فقال فيها:
قَبَح الإلَه مُفرقاً
من كان هذا دينه
بين الصحابة والقرابة
فهو الشقي بلا استرابة
فلما وقف عليها السيد أحمد الآنسي أنشأ هذه القصائد، وخص الجواب على هذين البيتين بقصيدة قال فيها:
تُربٌ بفيك وجندل
ماذا خصصت أبا تُراب
ماذا وفَرتَ على الذُّؤَابة
به إذا سَاوى تُرابَه
وقال فيها:
أما الذي آذى النبي فيهم
ورقى منابرهم وقال أنا
قد جادبهم ثيابه
الولي وذو الحجابة
إلى آخرها، وفيه سب تحاشيت عن ذكره.
وجوابها ما أجبت به:
لا جهل أعظم من جهل ذا
أفك الصحابة بالفِرا فحسبُه
جحد الذي أتى عن النبي
وخصوصه بالرفع عن الخطأ
إجماع آل محمد خالفته
لا شك أن مخالف الإجماع
المُستراب بما أرابه
أخذاً بظاهر ما أصابه
وكذا القرابة
ولا خلابة
فيما أتيت من السبابة
هو الشقي بلا استرابة
وقال السيد أحمد الآنسي أيضاً:
أتحرق عم المصطفى ووصيه
فأين بحبل الله أو بنييه
وماذا الذي أبقى لأم جميل أو
وما الفرق في بين فعلين مستويين يا
وما فاعل إلا تراه كفاعل
وفاطمة وابناها كما جاء في النقل
تمسك من يخطب لأهليه بالحبل
أبي لهب أو ما بقى لأبي جهل
أخا العلم والإنصاف عن نظر قل لي
إذا اتحد الفعلان والمثلان كالمثل
جوابه هو ما أجبت به:
لا حريق صح لعم المصطفى ووصيه
به قال شراح البلاغة والأُلى
فما فاعل إذا صح كفاعل
فذا الفرق في الفعلين يا
وفاطمة وابنيها كما جاء في النقل
ومن كان في العلم كامل في العقل
ولا اتحاد ولا مثل كالمثل
أخا العلم والإنصاف في النقل
انتهى والله الموفق للصواب.
وزاد على السيد أحمد الآنسي حسن بن علي بن جابر الهَبَل بما هو أعظم وأكبر من قوله أخزاه الله، وعاد لعنه عليه فيما لعنه:
العن أبا بكر الطاغي وثانيه
ثلاثة لهم في النار منزلة
يا رب فالعنهم والعن مُحبَّهم
تقدموا صِنْو الرسولِ واغتصبوا
والثالث الرجس عثمان عفان
من تحت منزل فرعون وهامان
ولا تُقِمْ لهم في الخير ميزانا
ما أحلَّ ابنته ظلماً وعدوانا
وقد أجاب عليه السيد لطف الله بن علي بن لطف الله بن مطهر بن شرف الدين والفقيه حسن الفضلي الآنسي. فمن جواب السيد لطف الله قوله:
تَبَّتْ يدا حسنِ ثاني أبي لَهَب
أضحى مع الكافرين الطُّغم في سَقَرٍ
يا ميتة السوء مات الرجس فاضحة
قد خالف الله ثم المصطفى سَفَهاً
قد أُصْليَا لَهَباً مُحْمى ونيرانا
مأواه من تحت فرعون وهامانا
ولًَّى مصراً على العصيان خوانا
(يُتْبَعُ)
(/)
والمؤمنين معاً ظُلماً وطُغيانا
إلى آخرها. ولهذا الرافضي ديوان يتضمن الشتم للصحابة عليهم الرضوان، قد أضل به كثيراً من إخوانه الرافضة والطغيان والجهال، الذي قد ثبت أن أجهل الناس مَنْ سب الصحابة، وزاد هذا الرافضي بما لم يتفوّه به رافضي قبله في قوله (والعن محبهم) لأن الله تعالى يقول: (فَسَوْفَ يَأتي اللهُ بِقومٍ يُحبُّهمْ ويُُحبُّونَهُ) وبالإجماع من المفسرين أنها نزلت في أبي بكر لمّا قاتل أهل الردة من بني حنيفة وغيرهم، لأن الآية في المائدة في سياق قوله تعالى: (مَن يَرْتَدَّ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأتي اللهُ بِقَومٍ يُحبُّهم ويُحِبُّونَهُ)، وهو خطاب للمؤمنين، وحصلت الردة بعد موته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممّن كان أسلم في حياته، وهم مثل: بني حنيفة، وجماعة باليمن وعُمان ارتدوا، فقاتلهم أبوبكر بسبب ذلك، لم يقاتلهم غيره رضي الله عنه. فالله تعالى حكم بأنه يحبهم، أعني الذين قاتلوا أهل الرِّدّة، الذين منهم أبوبكر وقومه كأبي موسى الأشعري وأصحابه وغيرهم، فقد أتى هذا الرافضي شططاً عظيماً وقولاً جسيما ما قال به أحد من الرافضة قبله، ولكن ما عصي بشيء أعظم من الجهل، فإن الرجل كان شاباً، ورأى بعض المتشابهات من أقوال الرافضة، فقال من حيث لا يدري بالمقيدات، وبالمرويات الصحيحات، ولم يخالط العلماء، ويسأل ويأخذ الحقيقة، ويستكشف المُشكل، بل وقع فيما وقع فيه، فلا قوة إلا بالله، نعوذ بالله من الجهل، ونسأله الثبات الذي وعد به تعالى بقوله تعالى: (يُثَبِّتُ الله الذينَ ءَامَنوا بالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخِرة)، ونعوذ بالله من الضلال، ومما بلغ بهذا الرافضي من المزال، ونستغفر الله من حكاية لفظه وكَتْبِه، لكن ذلك كله لأجل لا يغتر به من يغتر من الجُهَّال، لأن قد صار ديوانه وأقواله منقولة مع الجهال من إخوانه الرافضة والله أعلم.
والرافضة هذا الزمان الذين من الزيدية كثير، إلا أن منهم من يتستر بمذهبه، ولا يُظهره عن سائر الزيدية غير الرافضة، ولم يُظْهِر الرفض إلا هذا حسن بن علي الرافضي والسيد أحمد الآنسي والسيد صلاح بن محمد العبالي والفقيه أحمد بن عبدالحق الحيمي ويحيى بن المؤيد، فهؤلاء الذين أظهروا الرفض والشتم للصحابة رضي الله عنهم، وباؤوا بآثامهم، وكبيرهم الذي أفظع حسن بن علي بن جابر الهبل لا رحمه الله.
وعندما جرى هذا ترجَّح للفقيه صالح المقبلي الثُّلائي اليمني أن باع أملاكه، ورحل بأولاده إلى مكة، واستقر بها ودخل في مذهب الشافعي رحمه الله.
وللفقيه الفاضل حسن بن علي الفضلي في الرد على حسن بن علي بن جابر:
امدح أبا بكر السّامي وثانيه
ثلاثة لهم في الخُلدِ منزلةٌ
يا رب فلتجزِهم ولتجزِ مادحهم
قد آثروا صنو خير الرسُل واعترفوا
والثالث الحَبر عثمان بن عفانا
حُفَّت بمنزل موسى ابن عِمرانا
يومَ القيامة فوق الناس بُنْيَانَا
بِكُلّ حَقٍ له سِراً وإعلانا
وقد جرى مع كثير ممن ولع بسبب الصحابة رضي الله عنهم سوء الخاتمة، نعوذ بالله من سوء الخاتمة، ونسأله أن يرحمنا بصلاح الخاتمة والرضا والتوفيق. أخبرني الثقة أن هذا حسن بن علي بن جابر لما ذُكر له في مرض موته التوبة، فقال: ذاك هو الذي يلقى الله به، وأن ذاك سببه على علي بن أبي طالب، هو الذي ترك حقه، وأنه قد عَصى بترك حقه، وربما سبه، فاعجبْ وانظر كيف خُتِم له سب الصحابة من أجل علي، ثم طغى إلى سب علي رضي الله عنه.
وكان رجلاً يقال له الفقيه صلاح القاعي، من رافضة الهدوية، لما حضرته الوفاة قال لزوجته: إنها تنادي أن الفقيه صلاح القاعي مات كافراً، هكذا روى لي هذا السيد لطف الله بن علي عنها. وروى هذه الرواية الأخرى عن صهره محمد بن حسن الحيمي وهو ممن حَضَرَ مَوْتَ خاله صلاح القاعي المذكور. ولما مات محمد صالح العجمي الرافضي من الاثني عشرية قال الراوي: أنه ظهر في لسانه سواد عظيم، قال الراوي: وكثير من الرافضة وغالبهم أو جميعهم تكون خواتمهم خواتم سوء، فنسأل الله السلامة والأمان من العذاب. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان منهم السيد صلاح بن محمد العبالي، فأمر محمد بن المتوكل بحبسه لأجل تعصبه وامتناعه عن ترك ذلك، وأمر بإخراجه من القصر إلى حصن ثُلاء، فاجتمع كثير من عامة صنعاء وصبيانهم يقولون عند خروجه: هذا جزاء من سب صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، مع أن زيد بن علي رضي الله عنه ممن حرّم سبَّ الصحابة، وغلَّظ في النهي عنه، كما عُلم عنه بالتواتر ضرورة، حتى أن بعض جهلتهم قال لبعض من راجعه فيهم، واحتج عليه بأنه يجب القدوة بالإمام علي، فإنه قعد وسكن وحضر جماعاتهم وجُمَعِهم، ولم ينكر أحوالهم، فقال عند ذلك: تركُ عَلي خطأ وغلط، وإلاَّ فكان عليه القيام عليهم!!
وهؤلاء الذين أخذوا في جانب الصحابة رضي الله عنهم كلهم أحداث صبيان، ما قد عرفوا العلم بالحقيقة، ولا أخذوا بالطريقة، فيعملون بالظواهر والإطلاقات، ولا يضمون الكلامات بعضها إلى بعض، ويجمعون بينها ويوافقونها، فبسببه حصل هذا الأمر العظيم، نسأل الله التوفيق. ثم انجرَّ ذلك إلى كتابة اللَّعن في كل ما وقفوا عليه من الكتب في ذكر أحد من الصحابة، ويخالفون مقصد المصنفين: " والمؤمن ليس بلعَّان"، وتلعبوا بكثير من هذه الكتب، وزادوا ونقَّصوا فيها فلا حول ولا قوة إلا بالله. ثم انجر إلى طمس بعض شيء من نصوص زيد بن علي رضي الله عنه في مجموعه مما ظاهره موافقة أهل السنة في المشيئة والقَدَر وإمامة قريش، وقص ورقه بالمقاريض. فلا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم نقلوا على هذه النسخة المُغَيّرة المنقَّصة المُحَرَّفة نسخاً، فيتوهم المتوهم ممن رأى اختلاف النسخ ـ والعياذ بالله ـ الدس بالزيادة، وليس كذلك، فإن التحريف حصل بالنقص كما هو في النسخ القديمة ثابت، والنقص باطل، فليُعلم ذلك إن شاء الله، وقد أحسن من قال في هذا الوقت والفعال، وهو السيد إسماعيل بن محمد بن صلاح جحاف الحبوري:
رأيٌ طري عن سبيل الحق معدول
من خالف الناس طراً في مذاهبهم
ومذهبٌ حادثٌ لا شك مجهول
فإنه بسيوف العدل مخذول)
وقال (3/ 1029 - 1030): (وكان المذكور محترقاً جارودياً، يتحامل على صحابة المصطفى، ويأكل لحومهم بالأهوى، فلا قوة إلا بالله، استعار مني كتاب (الاستيعاب) للحافظ بن عبدالبر، وضع في بعض هوامش الكتاب من الشتم ما يقشعر الجلد عنه، فطمسته وأزلته؛ لأنه كتبه من غير معرفة ولا احترام لكتب غيره وهو أعظم معصية، ثم طلب بعد ذلك عارية فلم أعره، لمحقه للكتب وتغيير مقاصد المصنفين، وما لا يحل ذكره من السب، وذكرت عند ذلك قول إسماعيل المقري في الروض في باب الوصايا: أن أجهل الناس من تعرض للصحابة بالسب. مع أنه لم يكن له من المعرفة بدقائق العلم وحقائقه، كان إذا اتفقت شيء من المسائل موجهاً على غيره عارضها بالوهم الباطل، والغلط العاطل، والخروج عن مقصد السائل، وكان عاطلاً عن غير معرفة المثالب والمناقب كما هو حال الإمامية وغلاة الشيعة، فإنهم يجتهدن في تقول ما وجدوه من المثالب والمناقب، وما شجر بين الأوائل، هذا غاية مرماة، وصيده الذي كان يهواه ..
ومرة قلت له: ما ينبغي سب الصحابة، فأجاب علي بقوله تعالى: (ولا تَسُبُّوا الَّذينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدْوا بِغَيْرِ عِلمٍ)! فتجارى على تحريف القرآن كما ترى، وجعل الصحابة رضي الله عنهم ممن يدعون من دون الله بمثابة الكفار، فاستوحشت من عقيدته هذه، ونَفَرَتْ نفسي عنه، فلم أكالمه بعد ذلك إلا جواباً ..
ومن العجائب أنه استعار مني نسخة سنن أبي داود وقال: يريد السماع فيها، فبقيت عاجباً ورجوت أن إسعافه إلى ذلك فيه: إما رجوع عن قوله، أو مزيد حجة تقرر عليه في نظره، فسمعها على الفقيه علي بن محمد بن سلامة عن الفقيه هادي بن عبدالله القويعي الحضرمي الشافعي عن مشائخه إلى آخرها، ولم يتعرض لمحق شيء فيها، فكانت حجة عليه قائمة، وسنة على بدعته قاهرة، والله أعلم).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال (3/ 1091): (وفي العشر الآخرة من هذا الشهر توفي يحيى بن حسين بن المؤيد بالله محمد بن القاسم بعد عوده من الحج بجهة شهارة، وكان المذكور له بعض معرفة بعلم النحو، وكان جارودياً في عقيدته، متحاملاً على الصحابة رضي الله عنهم، غالياً في الرفض لهم، محترقاً داعية، وكان جماعاً لكتب المثالب فيهم، مطرحاً لكتب المناقب، مبالغاً في إحصاء عثراتهم، معرضاً عن فضائلهم، آخذاً للمثالب من كتب الرافضة والكذابين، مثل كتاب المناقب والمثالب لأبي حنيفة محمد بن النعمان الرافضي الإسماعيلي العبيدي قاضي العبيدية الذي كان بمصر أيام العبيدية، وهو من الرافضة الباطنة، ومن كتب غيره من الرافضة، وكان يطعن في مذهب الهدوية والمعتزلة وأهل السنة وينتصر للإمامية، ويدَّعي أن زيد بن علي رحمه الله كان رافضياً سباباً للصحابة، وحاشاه من ذلك، فإنه متواتر عنه خلافه، بل كان بسببه رفض الرافضة له وترك بيعته؛ لأنهم كانوا طالبوه بالكوفة لما وصل إليها أن يتبرأ من المشايخ، فامتنع، وأملى فيهم حديث الرافضة المشهور، وهذا ظاهر عنه في جميع كتبه ـ رحمه الله ـ، وفي التواريخ لا يمكن رده، وطُمس من مجموع الفقه الكبير له بعض مسائله، مثل: مسألة إمامة قريش، وما ذكره في الأصول، وذمه للقدرية، وإثبات المشيئة لله، وغير ذلك، فلا قوة إلا بالله).
تنبيهات
1 - أفادني أخي الشيخ محمد الغانم – وهو يعمل على رسالة جامعية عن " الزيدية " وعقائدهم - بقول إمامهم المنصور بالله عبدالله بن حمزة – كما نقله ابن حابس الصعدي في كتابه " الإيضاح شرح المصباح المشهور بشرح الثلاثين مسألة " (ص 336 – 337) -:
(إن الزيدية على الحقيقة هم الجارودية، ولا نعلم في الأئمة عليهم السلام بعد زيد بن علي عليه السلام من ليس بجارودي، وأشياعهم كذلك). وهذا اعتراف منه يشهد لما ذكره يحيى بن الحسين – رحمه الله – عنهم - كما سبق -.
2 - أجاد الأستاذ عبدالرحمن المعلمي محقق كتاب " الإيضاح لما خفا .. " في رده (ص 83 – 84) على الزيدي المعاصر المتعصب: عبدالسلام الوجيه، الذي اتهم يحيى ابن الحسين بأنه غير ثقة في تواريخه!! " كما في كتابه " أعلام المؤلفين الزيدية " (ص 1111 - 1118) ".
3 - يُستغرب طباعة الدكتورة أمة الغفور تحقيقها لتاريخ يحيى بن الحسين السابق " بهجة الزمن .. " لدى مؤسسة الإمام زيد بن علي! وهي مؤسسة أخذت على عاتقها نشر كتب الزيود الجارودية، رغم مافيها من انحرافات عن السنة، ونيل من الصحابة رضي الله عنهم. ولهذا حاولوا – هداهم الله - التشغيب على يحيى بن الحسين، بقولهم في مقدمة الكتاب: (1/ 9): (ورغم إشارة الباحثة إلى موضوعيته ودقته في نقد بعض علماء عصره، إلا أنا نخالفها الرأي في بعض ما استشهدت به على موضوعيته في نقده لمعاصريه، ففي بعض ما أورده الكثير من التحامل والتجني، يتضح ذلك في نقده لبعض الشخصيات، كالحافظ أحمد بن سعد الدين، وعشرات ممن ترجم لهم)!
وقولهم (1/ 10 – 11): (ونقول: لقد كان ميل يحيى بن الحسين عن مذهبه واضحاً، وكان سنياً أكثر من كونه زيدياً، وبالتالي لم يهتم علماء الزيدية بمؤلفاته في غير التاريخ والتراجم، وبقيت في معظمها مسودات بقلمه، أما الباحثة فتسرد إهمال المؤرخين لترجمته قائلة: "ولعل ذلك يعود إلى ما ذهب إليه الشوكاني وهو: ميله إلى العمل بما في أمهات الحديث ورده على من خالف النصوص الصريحة". وفي كلام الشوكاني من التصريح ما فيه، وقد أوردناه في هذه العجالة للتنبيه فقط،، وكي لا تؤخذ آرائه وأحكامه واجتهاداته في بعض القضايا الأصولية والفرعية ونظرته إلى الزيدية على أنها آراء جماهير علماء الزيدية ومذهبها، مع التأكيد على أن المؤرخ يحيى بن الحسين اعتمد في بعض ما أورده على أسانيد وروايات ضعيفة لا يغني عن الحق والصواب أوردها كمسلمات وحكم على بعضهم بموجبها)!!
فلعل الدكتورة – وفقها الله – تُعيد النظر في نشر الطبعات التالية من تحقيقها القيّم لدى هذه المؤسسة المتعصبة، وتحيله إلى دار نشر سنية. ولعل أصحاب مؤسسة زيد ينتهون عن نشر ما يخالف السنة، ويعودون إلى مذهب زيد بن علي – رحمه الله – الحقيقي.والله الهادي.
ـ[أسامة]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 08:05]ـ
جزاك الله خيرًا يا شيخ سليمان
ورحم الله يحيى بن الحسين ...
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[15 - Dec-2009, صباحاً 09:21]ـ
وجزاك خيرًا أخي أسامة
غلاف كتاب يحيى بن الحسين
http://img195.imageshack.us/img195/4973/72253399.jpg
http://img46.imageshack.us/img46/9562/43591154.jpg
ـ[أم تميم]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 10:53]ـ
جزاكم الله خيرًا ..
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[09 - Jan-2010, صباحاً 12:31]ـ
الأخت الكريمة: أم تميم: وجزاكِ الله خيرًا ..
ـ[آدم الجماعي]ــــــــ[14 - Jan-2010, صباحاً 11:43]ـ
المؤرخ العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم ... كان زيدياً مجتهداً متجرداً
بل وكان محدثاً
وهو معاصر لابن عمه الإمام يحيى بن الحسين المؤيد .. الذي كان جارودياً صرفاً
وهو الذي جمع القرآن الكريم ومسند زيد بين دفتين
ووزعه على أمصار اليمن وقال لهم:
هذا الكتاب والسنة
واتركوا ما خالفهما (أي من كتب الحديث عند أهل السنة)
وهو أول من احتفل بعيد الغدير
وهو أول من جاهر باللعن للصحابة، وأمر به.
وهو الذي حذف أسماء الخلفاء الثلاثة من جامع صنعاء الكبير
وهو الذي أدخل الأذان بـ (أشهد أن عليا ولي الله) لكن واجهه متحرروا اليمن
وهو الذي شجع الشعراء الجاروديين في الطعن في الصحابة ومن هؤلاء الشعراء الذين تحضرني أسماؤهم:
ـ الشاعر الهبل .. العدو اللدود للصحابة والخلفاء الثلاثة. (وقد تكلم فيه الشوكاني بالبدر الطالع)
ـ والشاعر الشرفي.
ـ والشاعر الآتسي .. آنف الذكر ضمن كلام الأخ سليمان.
وله صنائع قبيحة .. واشتهر في عهده الخزي والفضائح في من يسبون الأصحاب
وقد ذكر بعضها مؤرخنا (يحيى بن الحسين بن القاسم رحمه الله) في كتابه
بهجة الزمن
هذا للإفادة
إذ نحن من أهل اليمن
نقرأ تاريخ الزيدية بمشاكله الفكرية المتضاربة
والسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[14 - Jan-2010, مساء 04:26]ـ
الأخ الكريم: آدم الجماعي: وعليكم السلام. وبارك الله فيكم ..
نسأل الله أن يُكثر " الزيدية المجتهدين "؛ لأن اجتهادهم - حتمًا - سيقودهم للسنة ومذهب أهل الحديث.
ولعلهم يواجهون المحطوري وأمثاله من " الجارودية " الرافضة ..(/)
البراهين الجلية على براءة الإمام ابن كثير من التصوف و الطرقية
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[15 - Dec-2009, مساء 07:54]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله بارئ الخلق و مظهر الحق و الصلاة و السلام على نبينا و قدوتنا محمد و آله وأصحابه أولى الشرف و السبق , وبعد:
فلم يزل المتصوفة على مر العصور يحاولون تلميع وجه التصوف المشوه و ترقيع ثوبه الممزق و ترميم جذعه المكسور , بنسبة بعض أكابر أهل العلم من السلف و الخلف إليه, و من ذلك ما وقفت عليه منذ مدة من أباطيل يرددها الصوفية في منتدياتهم و مواقعهم يزعمون فيها أن الإمام الحافظ عماد الدين ابن كثير كان صوفيا على الطريقة الشاذلية , و يعتمدون في هذا على نص نقلوه عن كتاب نكت الهميان و كتاب الوافي بالوفيات للإمام الصفدي في ترجمته لأبي الحسن الشاذلي وفيهما: (وقد رأيت شيخنا عماد الدين قد فتر عنه في الآخر وبقي واقفاً في هذه العبارات حائراً في الرجل لأنه كان قد تصوف على طريقته). ثم راحوا يطبلون و يزمرون بناء على ذلك زاعمين أن ابن كثير كان صوفيا على طريقة الشاذلي.
و قد يظن القارئ أن هذا صادر فقط عن بعض مرتادي المنتديات الذين ليس لهم في هذا الميدان قدم ولا حتى اصبع , لكن الدهشة تشتد حين تجد بعض كبرائهم الذين تصدوا للتأليف قد ضمنوا هذه الفرية كتبهم دفاعا عن مسالك التصوف المُغْوِلة , وممن اطلعت على هذا الصنيع منه مرشد جماعة العدل و الإحسان عبد السلام ياسين - أرشدنا الله و إياه لما يحبه ويرضاه – فقد زعم أن الإمام ابن كثير كان صوفيا شاذليا قائلا:
كان الحافظ المفسر الشافعي المذهب ابن كثير رحمه الله ممن ينكرون على الصوفية ويشتدون. في أخريات عمره رجع واعترف وتتلمذ ودخل في صف الشاذلية. قال الصلاح الصفدي في كتابه "نكت الهميان": "ورأيت شيخنا عماد الدين (ابن كثير) قد فتر عنه (أي عن أبي الحسن الشاذلي) وبقي واقفا في هذه العبارات حائرا في الرجل لأنه كان قد تصوف على طريقته. وأخذ عن نجم الدين الأصفهاني نزيل الحرم، ونجم الدين صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشيخ أبي الحسن" كتاب الإحسان ص 70.
و الكلام الذي بين قوسين ليس للإمام الصفدي وإنما لمن نقل عنه الشيخ ياسين وهو الشيخ أحمد بن الصديق الغماري , فقد قال في الهامش: كذا نقله الشيخ أحمد بن الصديق في كتابه البرهان الجلي ص 50.
و لا يخفى ما في صنيع الشيخ الغماري من التدليس على القراء لإيهامهم بأن الصفدي قد صرح بذكر ابن كثير.كما لا يخفى ما في اعتماد الشيخ ياسين كلامَ الغماري دون الرجوع إلى أصل الكتاب المنقول عنه من دلالة على مبلغ اطلاعه و علمه و (كشفه) , وقد مر على نشر كتابه سنوات عديدة دون أن يتنبه إلى خطئه – احسانا للظن به وإلا فقد نبهه أهل العلم إليه – ودون أن يصححه ولو حتى في النسخة التي يعرضها في موقعه الخاص.
و بعد هذا العرض المختصر لافتراءات القوم على الإمام الجليل و الحافظ الكبير تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , أبين بإذن الله بطلان هذه المزاعم:
فعند الرجوع إلى كلام الصفدي في كتابه نكت الهميان ص 213, نجد النص هكذا: (وقد انتسب في بعض مصنفاته إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقال: بعد يوسف المذكورين يوشع بن برد بن بطال بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قال الشيخ شمس الدين الذهبي: هذا نسب مجهول لا يصح ولا يثبت وكان الأولى به تركه وترك كثير مما قاله في تآليفه من الحقيقة. وهو رجل، كبير القدر. كثير الكلام. عالي المقام. له نظم ونثر، فيه متشابهات وعبارات. يتكلف له في الاعتذار عنها. ورأيت شيخنا عماد الدين قد فتر عنه في الآخر، وبقي واقفاً في هذه العبارات حائراً في الرجل. لأنه كان قد تصوف على طريقته. وصحب الشيخ نجم الدين الأصفهاني نزيل الحرم، ونجم الدين صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشاذلي).
و مما نلاحظه في هذا النص:
- أن الكلام للذهبي أصلا و ليس للصفدي , و إنما الأخير ناقل. و مما يؤكد ذلك أنك تجد هذا الكلام بتمامه في كتاب تاريخ الإسلام للذهبي عند ترجمته للشاذلي.
- الشيخ عماد الدين المذكور في النص قد صحب نجم الدين نزيل الحرم و هو ما لا نجد له أدنى إشارة عند من ترجم للحافظ ابن كثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
- كيف يكون ابن كثير قد تصوف في آخر عمره و صحب نجم الدين الأصبهاني (حسب قول الشيخ ياسين: ... في أخريات عمره رجع واعترف وتتلمذ ودخل في صف الشاذلية). و الشيخ نجم الدين قد توفي سنة 721 هـ كما في الوافي بالوفيات , بينما كانت ولادة ابن كثير سنة700 هـ.أي أن عمر ابن كثير عند وفاة نجم الدين كان إحدى وعشرين سنة تقريبا.
- كل من ترجم لابن كثير رحمه الله لم يذكر أنه كان صوفيا أو شاذليا , و لسنا واجدين في كتبه التي بين أيدينا ذكرا لهذا الأمر و لا إشارة.
- الذين يلقبون بعماد الدين في زمن الذهبي بل ومن شيوخه الذين ذكرهم في معجم شيوخه خلق كثير جدا , فلم لا يكون المقصود رجلا آخر غير ابن كثير؟
و للإجابة عن هذا التساؤل نطل بسرعة على ترجمة نجم الدين الإصبهاني فنجد: (نجم الدين الإصبهاني عبد الله بن محمد بن محمد بن علي، الإمام القدوة شيخ الحرم نجم الدين الإصبهاني الشافعي المجاور. ولد سنة ثلاث وأربعين وستمائة وتوفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وصحب أبا العباس المرسي تلميذ الشاذلي وتفقه وبرع في الأصول، ودخل في طريق الحب صحبة الشيخ عماد الدين الحزامي، وكان شيخاً مهيباً منقبضاً عن الناس وجاور بضعاً وعشرين سنة.) الوافي بالوفيات ص 321ج 17.
ومن هذا النص يتبين لنا أن المقصود بعماد الدين هو الشيخ عماد الدين الحزامي و ليس عماد الدين بن كثير.
كما نجد نصا آخر يؤكد ذلك حيث يقول الذهبي:
(قلت: كان شيخنا عماد الدين الخزامي يعظم أبا العباس، ويذكر أن شيخه نجم الدين الإصبهاني صحبه وأخذ عنه طريق السَّير، وكذالك صحبه الشيخ تاج الدين بن عطاء الله والله أعلم بحقيقة سره. وكان من الشهود بالثغر.) تاريخ الإسلام 256/ 51.
و الذي ترجح لي بعد البحث أن الشيخ عماد الدين الحزامي هو الشيخ أحمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن عماد الدين ابن شيخ الحزامية المتوفى سنة 711 هـ. و قد جاء في ترجمة ابن رجب له في ذيل طبقات الحنابلة: (أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود بن عمر الواسطي الحزامي، الزاهد القدوة العارف، عماد الدين أبو العباس، ابن شيخ الحزاميين: ولد في حادي عشر - أو ثاني عشر - ذي الحجة سنة سبع وخمسين وستمائة بشرقي واسط.
وكان أبوه شيخ الطائفة الأحمدية. ونشأ الشيخ عماد الدين بينهم، وألهمه اللّه من صغره طلب الحق ومحبته، والنفور عن البدع وأهلها، فاجتمع بالفقهاء بواسط كالشيخ عز الدين الفاروتي وغيره. وقرأ شيئاً من الفقه على مذهب الشافعي. ثم دخل بغداد، وصحب بها طوائف من الفقهاء، وحج واجتمع بمكة بجماعة منهم. وأقام بالقاهرة مدة ببعض خوانقها، وخالط طوائف الفقهاء، ولم يسكن قلبه إلى شيء من الطوائف المحدثة. واجتمع بالإِسكندرية بالطائفة الشاذلية، فوجد عندهم ما يطلبه من لوايح المعرفة، والمحبة والسلوك، فأخذ ذلك عنهم، وانتفع بهم، واقتفى طريقتهم وهديهم.
ثم قدم دمشق، فرأى الشيخ تقي الدين ابن تيمية وصاحبه، فدله على مطالعة السيرة النبوية، فأقبل على سيرة ابن إسحاق تهذيب ابن هشام، فلخصها واختصرها، وأقبل على مطالعة كتب الحديث والسنة والآثار، وتخلى من جميع طرائقه وأحواله، وأذواقه وسلوكه، واقتفى آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه، وطرائقه المأثورة عنه في كتب السنن والآثار، واعتنى بأمر السنة أصولاً وفروعاً، وشرع في الرد على طوائف المبتدعة الذين خالطهم وعرفهم من الاتحادية وغيرهم، وبين عوراتهم، وكشف أستارهم، وانتقل إلى مذهب الإمام أحمد. وبلغني: أنه كان يقرأ في " الكافي " على الشيخ مجد الدين الحراني الآتي ذكره إن شاء الله تعالى. واختصره في مجلد سماه " البلغة " وألف تآليف كثيرة في الطريقة النبوية، والسلوك الآثري والفقر المحمدي؛ وهي من أنفع كتب الصوفية للمريدين، انتفع بها خلق من متصوفة أهل الحديث ومتعبديها.) ذيل طبقات الحنابلة ص 358 ج2.
و لعل تتلمذه على شيخ الإسلام ابن تيمية و تمسكه بالسنة و محاربته للبدع هو السر في قول الذهبي عنه (ورأيت شيخنا عماد الدين قد فتر عنه في الآخر، وبقي واقفاً في هذه العبارات حائراً في الرجل)
و في هذا ما يكفي لبيان براءة الحافظ ابن كثير من التصوف و من الطريقة الشاذلية , فعماد الدين المذكور في النص , المقصود به عماد الدين الحزامي الذي بين الذهبي أنه قد فتر عن الشاذلي بسبب مانقل عنه من العبارات المخالفة للحق, وقد رأينا في ترجمة ابن رجب له كيف أنه تخلى من جميع طرائقه و أحواله و أذواقه و سلوكه و اقتفى آثار الرسول صلى الله عليه و سلم وهديه. فلا مجال للصوفية بعد ذلك للاستدلال بهذا النص , إذ هو ضدهم كيفما قلبوه.
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
أهم المصادر و المراجع:
* تاريخ الاسلام – الذهبي –ت الدكتور عمر عبد السلام تدمري – دار الكتاب العربي بيروت – الطبعة الاولى -1409 هـ 1989م.
* ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي – تصحيح محمد حامد الفقي – ط مصر 1372 هـ
* الوافي بالوفيات – الصفدي – دار احياء التراث العربي – بيروت لبنان – الطبعة الأولى 1420هـ 2000م
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القرتشائي]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 12:23]ـ
يرفع رفع الله قدر كاتب الموضوع في أعلى عليين في جنات النعيم
جزاك الله خير وكتب الله لك الأجر
ـ[المزوغى]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 04:39]ـ
قال بن تيمية فى مجموع الفتاوى الجزء 14 الصفحة355 فمن سلك مسلك الجنيد من اهل التصوف والمعرفة كان قد اهتدى ونجا وسعد قال بن تيمية الجزء 20صفحة63ثم هم اما قائمون بظاهر الشاعرفقط كعموم اهل الحديث والمؤمنين فى العلم بمنزلة العباد الظاهرين فى العبادةواما عالمون بمعانى ذلك وعارفون به فهم فىالعلوم كالعارفين من الصوفية الشرعية فهؤلاء هم علماء امة محمدالمحضةوهم افضل الخلق واكملهم واقومهم طريقة هذه بعض اقوال الشيخ ابن تيمية شيخ ابن كثير ام انه هو الاخر يحاول تلميع التصوف كان الاجدر بك عزيزى الكاتب ان االتصوف الشرعى السنى الذى ذكره ابن تيمية شئ وتصوف الشعوذة والارزاق والبدع شئ اخر فاللفظ مجمل يحتاج الى تفصيل وليتك حذوت حذو شي الاسلام فىذلك ولاتعمم
ـ[ابن الموقت المراكشي]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 08:34]ـ
مهلا أخي المزوغي بارك الله فيك
فكلامنا إنما هو عن حقيقة انتساب ابن كثير إلى التصوف عموما و إلى الطريقة الشاذلية على وجه الخصوص.
أما ما تفضلت به حول أقسام الصوفية و مراتبهم قربا وبعدا من السنة النبوية , فهو موضوع آخر. و العبرة باتباع هدي النبي صلى الله عليه و سلم فمن تحقق بذلك فهو المهتدي - و هذا ما قصده شيخ الإسلام بكلامه الذي نقلته - مهما سمى نفسه أو سماه غيره , إلا أن التزام الأسماء الشرعية هو المتعين.
ـ[المزوغى]ــــــــ[18 - Dec-2009, مساء 01:29]ـ
اخى وعزيزى المراكشى السلام عليكم انا معك ان ابن كثير لم يكن صوفيا ولم يكن من اتباع الطريقة الشاذلية ولكن ماأردت قوله ان التصوف الشرعى كان هو اصحابه كالجنيد وعبد القادر الجيلانى محل احترام وتقدير العلماء كابن تيمية رحمه الله وكانوا دائما يفصلون القول فى مسألة التصوف ويعطون كل ذى حق حقه وانهم كانوا لاينكرون التصوف من حيث ماهيته بل ينكرون البدع والمحرمات التى ترتكب باسم التصوف حتى صار التصوف ضرب من الشركيات والخرافات الخ ولبس عليهم ابليس حتى صارت المتوصفون شر الفرق ضلالا فلا الشيخ بن كثير رحمه الله ولاحتى عامة المسلمين يشرفهم الانتساب الى صوفية زماننا(/)
هل التحذير من المخالف من أصول الدين عند أهل السنة و الجماعة؟
ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 12:54]ـ
هل التحذير من المخالف من أصول الدين عند أهل السنة و الجماعة؟
سؤالي له سبب:
بعض الاخوة يشغلون انفسهم و غيرهم من المسلمين في هذه الردود او التحذير او بعبارة صريحة التجريح باسم المنهج او التحذير من اهل البدعة الخ ...
سألتهم لماذا هذا انفعال؟ فقالوا ان هذا من اصول اهل السنة و من يخالف هذه الاصول فليس بسلفي.
كلامي هذا هو الحاصل بين المسلمين الذين يعيشون في بعض الاقليات في الغرب مثلا. حيث لا توجد في مدينة سوى مصلى واحدة و عدد المسلمين لا يتجاوز 30 و نصفهم من المسلمين الجدد.
ثم يأتي من يجعل الهدف الاسمى في الدعوة الى الله التحذير ممن لا يبدّع الشيخ فلان او الداعية فلان. حتى وصل الى امتحان في عقائد المسلمين مثلا:
يقول هذا: اذهب و اسئله ما رايك في محمد المنجد او محمد حسان او سلمان العودة او ابن جبرين (رحمه الله رحمة واسعة) فاذا اثنى عليهم فليس من اهل السنة و يجب ان يهاجره و ان يحذر منه .... الخ ..
لقد رايت هذه البلية التي تضحك الثكلى يحدث من شاب و عمره في الاسلام 7 أشهر يعني اول ما لقنوه انتبه من فلان الحزبي. حتى لما التقيت ببعض الاخوة الذين اسلموا حديثا فكان او سؤال قبل كيف الصحة؟ و العائلة ... من المشائخ الذين تعتبر بكلامهم؟
ما ادري بصراحة كيف اتعامل مع هؤلاء. هل العيب فيهم او فيمن شوش عليهم او فينا او في مشائخنا؟
صراحة ما ادري كيف اتصرف. هل احذر الناس منهم او ارد عليهم باسلوبهم هم او اسكت حتى ياتي الله بأمره ...
افيدوني يا اهل الخير.
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 01:08]ـ
ما ذكرته عن أحوال الدعوة إلى الله في أوروبا صحيح ...
وصل الحال في بعض المساجد إلى الخصومة الجسدية بين أتباع فلان وأتباع علان ...
ما يحصل هناك = مأساة بمعنى الكلمة ... ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
التحذير من المخالف شيء، وما تراه هناك شيء آخر ... بدليل أن من يتكلم عمره في الإسلام = شهرين ونص!
عندي في جعبتي الكثير لأقوله، ولكن أرى أن هذا من العبث!
نصيحتي لك أن تصرف نفسك عن سفاسف الأمور، وأن تتجه لطلب العلم ...
ـ[أسامة]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 09:35]ـ
جزاك الله خيرًا.
وسؤالك: هل التحذير من المخالف من أصول الدين عند أهل السنة والجماعة؟
والجواب: التحذير في عمومه ضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأعزنا الله بهذا.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}
إلا
أن هذا التحذير ينضبط بضوابط.
وسبب داع له، ويبنى على هذا السبب توجيه التحذير والنصح.
ولكن
جميع ما قد تفضلت به لا يندرج تحت التحذير، بل يندرج تحت الوقيعة في العلماء وفي الغيبة والنميمة ... وهي من كبائر الإثم .. أعاذنا الله من سوء المنقلب.
وقد تفضل عدد من العلماء الكبار المعتبرين بالرد على هؤلاء. وإليك كتاب:
تصنيف الناس بين الظن واليقين - بكر أبو زيد ... اضغط (هنا ( http://www.waqfeya.com/book.php?bid=240) ) للذهاب إلى صفحة الكتاب.
وسبق أن نوقش نحو هذا في موضوع آخر ... قريب الصلة بما تفضلت به. اضغط (هنا ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=43180) ) للذهاب إلى صفحة الموضوع.
وهذا السلوك لا تجده فيمن ترسخت قدماه في العلم الشرعي، وهو كما تفضلت بأنه سلوك قلة من حديثي العهد بالعلم الشرعي.
وأما العلماء الذين ذكرتهم أمثال الشيوخ الأفضل محمد صالح المنجد، ومحمد حسان، وسلمان العودة، وابن جبرين -رحمه الله-، فهذا دليل صريح على سوء منهج هؤلاء الفتية.
فإن رأيت أن تنبذهم حتى ينتهوا ... فهذا أمر جيد؛ لسببين:
1 - زجرهم حتى يعرفوا سوء فعلهم.
2 - اجتناب الفتن، فما هم عليه فتنة، وأولى الخطوات لعدم الوقوع في الفتن هو الابتعاد عنها.
وإن كان لديك من العلم ما يمكنك أن تحاجهم به، فنسأل الله لك التوفيق.
ونسأل الله لنا ولهم السلامة في الدين والدنيا والآخرة ... وهم إخواننا وإن بغوا.
جزاك الله خيرًا وبارك فيك ونفع بك.
ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 11:38]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسنتم جميعا
بارك الله فيكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم تميم]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 02:03]ـ
فتنة التجريح والهجر من بعض أهل السنة في هذا العصر، وطريق السلامة منها
حصل في هذا الزمان انشغال بعض أهل السنة ببعض تجريحاً وتحذيراً، وترتب على ذلك التفرق والاختلاف والتهاجر، وكان اللائق بل المتعين التواد والتراحم بينهم، ووقوفهم صفاً واحداً في وجه أهل البدع والأهواء المخالفين لأهل السنة والجماعة، ويرجع ذلك إلى سببين:
أحدهما: أن من أهل السنة في هذا العصر من يكون ديدنه وشغله الشاغل تتبع الأخطاء والبحث عنها، سواء كانت في المؤلفات أو الأشرطة، ثم التحذير ممن حصل منه شيءٌ من هذه الأخطاء، ومن هذه الأخطاء التي يُجرح بها الشخص ويحذر منه بسببها تعاونه مثلاً مع إحدى الجمعيات بإلقاء المحاضرات أو المشاركة في الندوات، وهذه الجمعية قد كان الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله يُلقيان عليها المحاضرات عن طريق الهاتف، ويعاب عليها دخولها في أمر قد أفتاها به هذان العالمان الجليلان، واتهام المرء رأيه أولى من اتهامه رأي غيره، ولا سيما إذا كان رأياً أفتى به كبار العلماء، وكان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعدما جرى في صلح الحديبية يقول: يا أيها الناس! اتهموا الرأي في الدين.
ومن المجروحين من يكون نفعه عظيماً، سواء عن طريق الدروس أو التأليف أو الخطب، ويُحذر منه لكونه لا يعرف عنه الكلام في فلان أو الجماعة الفلانية مثلاً، بل لقد وصل التجريح والتحذير إلى البقية الباقية في بعض الدول العربية، ممن نفعهم عميم وجهودهم عظيمة في إظهار السنة ونشرها والدعوة إليها، ولا شك أن التحذير من مثل هؤلاء فيه قطع الطريق بين طلبة العلم ومن يمكنهم الاستفادة منهم علماً وخلقاً.
والثاني: أن من أهل السنة من إذا رأى أخطاء لأحد من أهل السنة كتب في الرد عليه، ثم إن المردود عليه يقابل الرد برد، ثم يشتغل كل منهما بقراءة ما للآخر من كتابات قديمة أو حديثة والسماع لما كان له من أشرطة كذلك؛ لالتقاط الأخطاء وتصيد المثالب، وقد يكون بعضها من قبيل سبق اللسان، يتولى ذلك بنفسه، أو يقوم له غيره به، ثم يسعى كل منهما إلى الاستكثار من المؤيدين له المدينين للآخر، ثم يجتهد المؤيدون لكل واحد منهما بالإشادة بقول من يؤيده وثم غيره، وإلزام من يلقاه بأن يكون له موقف ممن لا يؤيده، فإن لم يفعل بدعه تبعاً لتبديع الطرف الآخر، وأتبع ذلك بهجره، وعمل هؤلاء المؤيدين لأحد الطرفين الذامين للطرف الآخر من أعظم الأسباب في إظهار الفتنة ونشرها على نطاق واسع، ويزداد الأمر سوءاً إذا قام كل من الطرفين والمؤيدين لهما بنشر ما يُذم به الآخر في شبكة المعلومات (الانترنت)، ثم ينشغل الشباب من أهل السنة في مختلف البلاد بل في القارات بمتابعة الإطلاع على ما ينشر بالمواقع التي تنشر لهؤلاء وهؤلاء من القيل والقال الذي لا يأتي بخير، وإنما يأتي بالضرر والتفرق، مما جعل هؤلاء وهؤلاء المؤيدين لكل من الطرفين يشبهون المترددين على لوحات الإعلانات للوقوف على ما يجد نشره فيها، ويشبهون أيضاً المفتونين بالأندية الرياضية الذين يشجع كل منهم فريقاً، فيحصل بينهم الخصام والوحشة والتنازع نتيجة لذلك.
وطريق السلامة من هذه الفتن تكون بما يأتي:
أولاً: فيما يتعلَّق بالتجريح والتحذير ينبغي مراعاة ما يلي:
1. أن يتقي الله من أشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم والتحذير منهم، فينشغل بالبحث عن عيوبه للتخلص منها بدلاً من الاشتغال بعيوب الآخرين، ويحافظ على الإبقاء على حسناته فلا يضيق بها ذرعاً، فيوزعها على من ابتلي بتجريحهم والنيل منهم، وهو أحوج من غيره على تلك الحسنات في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
2. أن يشغل نفسه بدلاً من التجريح والتحذير بتحصيل العلم النافع، والجد والاجتهاد فيه ليستفيد ويفيد، وينتفع وينفع، فمن الخير للإنسان أن يشتغل بالعلم تعلماً وتعليماً ودعوة وتأليفاً، إذا تمكن من ذلك ليكون من أهل البناء، وألا يشغل نفسه بتجريح العلماء وطلبة العلم من أهل السنة، وقطع الطريق الموصلة إلى الاستفادة منهم، فيكون من أهل الهدم، ومثل هذا المشتغل بالتجريح لا يخلف بعده إذا مات علماً يُنتفع به، ولا يفقد الناس بموته عالماً ينفعهم، بل بموته يسلمون من شره.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. أن ينصرف الطلبة من أهل السنة في كل مكان إلى الاشتغال بالعلم، بقراءة الكتب المفيدة وسماع الأشرطة لعلماء أهل السنة مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، بدلاً من انشغالهم بالاتصال بفلان أو فلان، سائلين: (ما رأيك في فلان أو فلان؟)، (وماذا تقول في قول فلان في فلان، وقول فلان في فلان).
4. عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المشتغلين بالعلم، ينبغي رجوعهم إلى رئاسة الإفتاء بالرياض للسؤال عنهم، وهل يرجع إليهم في الفتوى وأخذ العلم عنهم أو لا؟ ومن كان عنده علم بأحوال أشخاص معينين يمكنه أن يكتب إلى رئاسة الإفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر في ذلك، وليكون صدور التجريح والتحذير إذا صدر يكون من جهة يعتمد عليها في الفتوى وفي بيان من يؤخذ عنه العلم ويرجع إليه في الفتوى، ولا شك أن الجهة التي يرجع إليها للإفتاء في المسائل هي التي ينبغي الرجوع إليها في معرفة من يُستفتى ويؤخذ عنه العلم، وألا يجعل أحد نفسه مرجعاً في مثل هذه المهمات؛ فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
ثانيا: فيما يتعلق بالرد على من أخطأ، ينبغي مراعاة ما يلي:
1. أن يكون الرد برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ واضحاً جلياً، وينبغي الرجوع إلى ردود الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – للاستفادة منها في الطريقة التي ينبغي أن يكون الرد عليها.
2. إذا كان الخطأ الذي رد عليه فيه غير واضح، بل هو من الأمور التي يحتمل أن يكون الراد فيها مصيباً أو مخطئاً، فينبغي الرجوع إلى رئاسة الإفتاء للفصل في ذلك، وأما إذا كان الخطأ واضحاً، فعلى المردود عليه أن يرجع عنه، فإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل.
3. إذا حصل الرد في إنسان على آخر يكون قد أدى ما عليه، فلا يشغل نفسه بمتابعة المردود عليه، بل يشتغل بالعلم الذي يعود عليه وعلى غيره بالنفع العظيم، وهذه هي طريقة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
4. لا يجوز أن يمتحن أي طالب علم غيره بأن يكون له موقف من فلان المردود عليه أو الراد، فإن وافق سلم، وإن لم يوافق بدع وهجر، وليس لأحد أن ينسب إلى أهل السنة مثل هذه الفوضى في التبديع والهجر، وليس لأحد أيضاً أن يصف من لا يسلك هذا المسلك الفوضوي بأنه مميع لمنهج السلف، والهجر المفيد بين أهل السنة ما كان نافعاً للمهجور، كهجر الوالد ولده، والشيخ تلميذه، وكذا صدور الهجر ممن يكون له منزلة رفيعة ومكانة عالية، فإن هجر مثل هؤلاء يكون مفيداً للمهجور، وأما إذا صدر الهجر من بعض الطلبة لغيرهم، لا سيما إذا كان في أمور لا يسوغ الهجر بسببها، فذلك لا يفيد المهجور شيئاً، بل يترتب عليه وجود الوحشة والتدابر والتقاطع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى [3/ 413 - 414]: في كلام له عن يزيد بن معاوية: " والصواب هو ما عليه الأئمة، من أنه لا يخص بمحبة ولا يلعن، ومع هذا فإن كان فاسقاً أو ظالماً فالله يغفر للفاسق والظالم، ولا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة، وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له "، وأول جيش غزاها كان أميرهم يزيد بن معاوية، وكان معه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه ...
فالواجب الاقتصاد في ذلك، والإعراض عن ذكر يزيد بن معاوية وامتحان المسلمين به، فإن هذا من البدع المخالفة لأهل السنة ".
وقال [3/ 415]: " وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ".
وقال [20/ 164]: " وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون ".
وقال [28/ 15 - 16]: " فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك نظر فيه: فإن كان قد فعل ذنباً شرعياً عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنباً شرعياً لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى، كما قال الله تعالى: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) "، قال الحافظ ابن رجب في شرح حديث: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " من كتابه جامع العلوم والحكم [1/ 288]: " وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب، وقد حكى الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن أبي محمد بن أبي زيد – إمام المالكية في زمانه – أنه قال جماع آداب الخير وأزمته تتفرع من أربعة أحاديث، قول النبي صلى الله عليه وسلم: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه}، وقوله للذي اختصر له في الوصية: {لا تغضب}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه} ".
أقول: ما أحوج طلبة العلم إلى التأدب بهذه الآداب التي تعود عليهم وعلى غيرهم بالخير والفائدة، مع البعد من الجفاء والفظاظة التي لا تثمر إلا الوحشة والفرقة وتنافر القلوب وتمزيق الشمل.
5. على كل طالب علم ناصح لنفسه أن يعرف عن متابعة ما ينشر في شبكة المعلومات الانترنت، عما يقوله هؤلاء في هؤلاء، وهؤلاء في هؤلاء، والإقبال عند استعمال شبكة الانترنت على النظر في مثل موقع الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – ومطالعة بحوثه وفتاواه التي بلغت حتى الآن واحداً وعشرين مجلداً، وفتاوى اللجنة الدائمة التي بلغت حتى الآن عشرين مجلداً، وكذا موقع الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله – ومطالعة كتبه وفتاواه الكثيرة الواسعة.
من كتاب رفقًا أهل السنة بأهل السنة ..
للشيخ / عبد المحسن بن حمد العباد ..
http://www.saaid.net/book/172.zip
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الله عادل السلفي]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 02:18]ـ
قريبا سأقوم بإنزال مقالات للشيخ المختار الطيباوي الجزائري (حفظه الله) في هذه المسألة. فقد ألقم إخواننا غلاة التجريح حجرا يتعسر بلعه.
و فيها تأصيلاة علمية مفيدة.(/)
حكم الوقوف مع التحية للعلم وغيره؟
ـ[أبو سلمان الجزائري]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 01:45]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فتوى الشيخ عبدالله الغنيمان في اللقاء الذي تم معه في منبر الدين النصيحة سنة 1424هـ
السؤال:
ماحكم القيام على وجه القنوت والخشوع للأوثان والصلبان والأعلام وماأشبه ذلك وهل هذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة وهل هناك فرق بين من يسجد ويركع ويطوف حول العلم وبين من يقوم له القيام الذي فيه معنى الخشوع والسكون؟
الجواب:
القيام كما ذكرت عبادة عبادة يجب أن تكون خالصة لله جل وعلا {وقوموا لله قانتين} فالقيام على وجه التعظيم والخضوع والذل لا يجوز أن يكون لمخلوق أما مجرد قيام مثل يستقبل قادما من سفر أو قادم على المجلس أو قام ليسلم عليه فهذا عادة لا بأس بها وإن كان تركها أولى بها كما أخبر الرسول وأمر بذلك وكان يكره أن يقوم له أصحابه وكانوا لا يقومون له وهم أحب الخلق إليهم كما هو معلوم بل أعظم من هذا أنه لما سقط عن الفرس وعاده أصحابه في بيته وحضرت الصلاة فأمهم جالسا فأشار إليهم أن اجلسوا ثم لما سلم قال ((كدتم أن تفعلوا كما تفعل الأعاجم عند عظمائها)) وقال في حديث آخر ((من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبؤا مقعده من النار)) وكل هذا حماية لجانب التوحيد لأن القيام على وجه التعظيم والخضوع والذل عبادة فإذا كان القيام مثلا لرجل أو لصليب أو لعلم على وجه الخضوع والذل والتعظيم فإنه عبادة وفاعله ناقض للتوحيد والواجب على من وقع منه شئ من ذلك بغير علمه فعليه أن يتوب والدنيا والوظائف وغيرها والدنيا كلها بأسرها لا تكون عوضا عن الأخرة ولا تجدي شيئا نسأل الله أن يحمينا من الوقوع في المخالفات.
ـ[صالح الطريف]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 07:00]ـ
هل يعني هذا أن الوقوف أثناء الاصطفاف الصباحي في المدارس حينما يُنشد مايسمى بنشيد العلم ناقض للتوحيد ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 12:32]ـ
هل يعني هذا أن الوقوف أثناء الاصطفاف الصباحي في المدارس حينما يُنشد مايسمى بنشيد العلم ناقض للتوحيد ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نعم ... نسأل الله السلامة
ـ[جذيل]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 01:29]ـ
هل يعني هذا أن الوقوف أثناء الاصطفاف الصباحي في المدارس حينما يُنشد مايسمى بنشيد العلم ناقض للتوحيد ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لا يعني ان يكون ناقضا للتوحيد ان يكون كفرا مخرجا من الملة .. فانتبه
الا ان كان المعظم مساو لله تعالى في نفس صاحب التحية ..
وكلام أئمة الدعوة عن هذه المسألة مشهور متداول ..
والمشايخ في الافتاء لهم فتوى مخصوصة لهذه المسألة ..
وفقك الله.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 01:57]ـ
.... والمشايخ في الافتاء لهم فتوى مخصوصة لهذه المسألة ..
....
هل من نسخة منها؟
ـ[أبو عبدالله النعيمي]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 06:26]ـ
سُأل ابن عثيمين في (شرح العقيدة السفارينية - (ج 5 / ص 95)
سؤال: نؤمر (كلمة غير واضحة) الموسيقية مثل تحية العَلَم، وقد نؤمر أحياناً بقتال المسلمين فما رأيكم؟
الجواب: أما تحية العَلَم فلا نسلِّم أنها شرك تحية العَلَم ليست بشرك هل سجد له؟ هل ركع له؟ هل ذبح له؟ حتى التعظيم بالسلام هل هو شرك؟ ليس بشرك ثم بإمكان الإنسان أن يقول كذا للعلم وهو يقول: قبحك الله، نعم الكلام على النية
_____________________________
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء للدويش 26 مجلد - (ج 1 / ص 174)
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 236)
السؤال الثالث من الفتوى رقم (5963):
س3: ما حكم تحية العلم في الجيش وتعظيم الضباط وحلق اللحية فيه؟
ج3: لا تجوز تحية العلم، بل هي بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الصلح (2550) ,صحيح مسلم الأقضية (1718) ,سنن أبو داود السنة (4606) ,سنن ابن ماجه المقدمة (14) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 270). من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد رواه البخاري ومسلم وأما تعظيم الضباط باحترامهم وإنزالهم منازلهم فجائز، أما الغلو في ذلك فممنوع، سواء كانوا ضباطا أم غير ضباط.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
(يُتْبَعُ)
(/)
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
______________________________ _
والرأي المخالف للشيخ عبدالمحسن العبيكان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ...... أما بعد:
فإن من النوازل التي تحتاج إلى فقه دقيق هي ما ظهر في هذا الزمن من مسألة تتعلق باحترام الدولة ونظامها وتعظيم رمزها ألا وهي تحية العلم , والمقصود القيام تعظيماً للعلم وقد تكلم البعض في هذه المسألة من غير تأصيل ولا تكييف فقهي فأصدروا أحكاماً لها لا تتوافق مع الواقع المحسوس ولا مع ما يقصده من يأتي بالتحية وإذا نظرنا إلى أن العلم أو اللواء في الأصل هو ما تلتف حوله الجيوش وتخاض تحته الحروب فكان رمزاً للقيادة وبسقوطه تحصل الهزيمة , وفي هذا الزمن أصبح العلم هو شعار الدولة فيرفع في المناسبات ويحصل بتعظيمه تعظيم القيادة , وإذا نظرنا إلى حال الذين يقومون بتحية العلم وجدنا أنهم لا يعظمون نوع القماش الذي صنع منه العلم وإنما يعظمون ما هو شعار له, فمن قال من العلماء إن تحية العلم بدعة فإنه يلزم من حكمه أن يكون المحيي للعلم متعبداً لله عز وجل بهذه الوسيلة التي هي تحية العلم وهذا معنى البدعة في الشريعة ولا نجد أحداً يقصد بالتحية هذا المعنى , ولو قال قائل إنه بهذه التحية يعظم نفس العلم تعظيم عبادة فهذا ولا شك شرك بالله عز وجل لا نعلم أحداً فعله, وبتحقيق المناط يتضح جلياً أن الذي يحيي العلم لا يقصد ما تقدم ذكره وإنما يقصد تعظيم الدولة ورمزها ,وبالنسبة لعلم المملكة العربية السعودية فهو يحوي كلمة التوحيد والتي يجب تعظيمها من كل مسلم , ومن المعلوم شرعاً أن تعظيم المخلوق إذا لم يكن من باب تعظيم الخالق عز وجل فهو جائز كما فعل صلى الله عليه وسلم عندما كتب إلى هرقل فقال (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم) , وقال عندما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه ليقضي في بني قريظة (قوموا إلى سيدكم) و (القيام تعظيم للقادم تعظيم عادة لا تعظيم عبادة) فهو لا يرتقي إلى درجة تعظيم الخالق وهذا سائغ في حق المخلوق كما جاءت به الأدلة والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
أملاه الفقير إلى ربه المنان
عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان
ـ[أبو سلمان الجزائري]ــــــــ[18 - Dec-2009, صباحاً 02:29]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
معلوم ما نص عليه أئمة الدعوة في هذه النازلة تأصيلا وتنزيلا
ولا نجد لما ذكره العبيكان من متعلقات ترجيحا لما ذَكر إذ يُعلم مقصده في هذه المسائل ونظائرها أصلحنا الله وإياه
أما بالنسبة للحالات التي يكون فيها الفعل ناقضا للتوحيد والحالات التي يكون فيها فسقا فكل ذلك قد بينه الشيخ العلامة عبد الله الغنيمان في فتواه
الحالة1: متى يكون ناقضا للتوحيد
في قول الشيخ:لأن القيام على وجه التعظيم والخضوع والذل عبادة فإذا كان القيام مثلا لرجل أو لصليب أو لعلم على وجه الخضوع والذل والتعظيم فإنه عبادة وفاعله ناقض للتوحيد
فتبين أن الفعل يكون ناقضا للتوحيد متى ما كان على وجه الذل والخضوع والتعظيم
الحالة2:متى يكون الفعل بدعة
في قول الشيخ: ((كدتم أن تفعلوا كما تفعل الأعاجم عند عظمائها)) وقال في حديث آخر ((من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبؤا مقعده من النار)) وكل هذا حماية لجانب التوحيد
فاستفيد من استدلال الشيخ بالحديثين أن الفعل ـ وقوف وغيره ـ متى ما وجد غير مستصحب صاحبَه نية التذلل والتعظيم كان الفعل بدعة محدثة وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة
ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يقصدوا بذلك التذلل والتعظيم فكان نهي النبي صلى الله عليه وسلم لهم نهيا عن الفعل المجرد
وفي قول الشيخ وكل هذا حماية لجانب التوحيد
اشارة إلى ذلك
الحالة3: تركه أولى من فعله ولا بأس في فعله
في قول الشيخ:أما مجرد قيام مثل يستقبل قادما من سفر أو قادم على المجلس أو قام ليسلم عليه فهذا عادة لا بأس بها وإن كان تركها أولى بها كما أخبر الرسول وأمر بذلك وكان يكره أن يقوم له أصحابه
وهذا ما تعارف القوم عليه ولم يُخل بجانب العقيدة لكن تركه أولى اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم
الحالة4: ما يتعلق بالمدراء والإطارات وغيرهم ...
أورد الشيخ الحديث: ((من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبؤا مقعده من النار))
الذي يدل صراحة على عدم جواز طلب القيام من الغير أو حب ذلك
ويتوجه ذلك أيضا لمن له السلطة والسيادة
والله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
ـ[خالد بن عبد الرحمن]ــــــــ[25 - Mar-2010, مساء 11:49]ـ
لي تعليق على الاستدلال بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيدكم"، فالحديث يقول: "قوموا إلى ... " ولم يقل "قوموا لـ ... " وكل من يفقه العربية ويفهمها يعلم أن سعداً رضي الله عنه كان على دابته وأن القيام إليه لا له لينزلوه عنها!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الطيب صياد]ــــــــ[26 - Mar-2010, صباحاً 01:12]ـ
و لشيخنا أبي عبد المعز العاصمي كلام في كون القيام للعلم و رفع الرأس له و الاعتناء به و تعظيمه و الانبطاح أرضًا لأجله إذا سقط و تقبيله و نحو ذلك من المظاهر المعروفة - أنَّ ذلك من مظاهر الوثنية المجلوبة من أوروبا النصرانية و أنه لا فرق بين القائم للعلم المعظِّم له و بين ذلك الذي يقدس القبر و يعظمه فكلاهما واقع في الشرك الذي هو صرف عبادة التعظيم لغير الله تعالى و الله المستعان .. سمعتُ ذلك منه و قد سئل عن حكم مشاهدة المباريات فتكلم عن الأصل و ما يعتريه من أفعال محرمة شرعا و استطرد كثيرا في مسألة المظاهر الوثنية التي تقع في أجواء المباريات من تقديس الأعلام - التي هي قطع من القماش - و عقد الولاء و البراء على تلك الرايات العنصرية و محبة أهل الكفر و بغض أهل الإسلام و الله المستعان على ما يحدث للشباب الإسلامي من مثل هذه الفتن القادمة من الغرب الكافر ...
ـ[عبد الله آل سيف]ــــــــ[26 - Mar-2010, صباحاً 01:13]ـ
والرأي المخالف للشيخ عبدالمحسن العبيكان
وبتحقيق المناط يتضح جلياً أن الذي يحيي العلم لا يقصد ما تقدم ذكره وإنما يقصد تعظيم الدولة ورمزها ,وبالنسبة لعلم المملكة العربية السعودية فهو يحوي كلمة التوحيد والتي يجب تعظيمها من كل مسلم
طيب إذا كانت دولة نظامها طاغوتي وهذا العلم رمز على هذا النظام الطاغوتي هل يتغير الحكم عند الأستاذ العبيكان؟
ـ[خالد بن عبد الرحمن]ــــــــ[27 - Mar-2010, مساء 11:31]ـ
جزاك الله خيراً!(/)
ما الفرق بين الفتوى الحموية الصغرى والفتوى الحموية الكبرى لشيخ الاسلام؟
ـ[نايف المعمر]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 02:03]ـ
ما الفرق بين الفتوى الحموية الصغرى والفتوى الحموية الكبرى لشيخ الاسلام؟
وما هي الموضوعات التي احتواها الكتابان؟
ـ[ابو عبدالعزيز]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 12:34]ـ
يقول ابن عثيمين الله يرحمه: (هذه الفتوى الحموية كتبها رحمه الله في قعدة واحدة بين الظهر والعصر. لكن يقال إنها كانت أقل مماهي عليه الآن. وأنه بعد ذلك زاد بعد ذلك نقولا. وليس هذا ببعيد. فيكون أصل الكلام الذي في الفتوى من الشيخ رحمه الله. وأما النقول فقد ألحقها بها أخيرا. لانه ينقل عن بعضهم إلى ما يكون ثلاثة صفحات او أربع أو خمس من كتبهم. وهو يقول إنما نقلت هذا لا لأني أقول بكل ما يقول. لكن لما صار بعض الناس منتسبا الى طائفة معينة. صار لا يقبل الحق من غيرهم. فرأيت أني آتي بشيء من كلامهم فيطمئن.
ولا شك ان من كان لا يقبل الحق إلا من طائفة معينة فإنه مشابه لليهود. لقوله تعالى: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم). إلى آخرها. فالحاصل أن المؤلف رحمه الله كتب هذه الفتوى العظيمة في جلسة واحدة بين الظهر والعصر. إلا انه ألحقها نقولا بعد ذلك. ولهذا تسمى هذه الفتوى: الفتوى الحموية الكبرى. وكلمة الكبرى فيه إشارة إلى أن هناك صغرى).
من كتاب الدرة العثيمينية (صفحة 38 - 39)
ـ[إياد القيسي]ــــــــ[21 - Dec-2009, صباحاً 12:29]ـ
يقول ابن عثيمين الله يرحمه: (هذه الفتوى الحموية كتبها رحمه الله في قعدة واحدة بين الظهر والعصر. لكن يقال إنها كانت أقل مماهي عليه الآن. وأنه بعد ذلك زاد بعد ذلك نقولا. وليس هذا ببعيد. فيكون أصل الكلام الذي في الفتوى من الشيخ رحمه الله. وأما النقول فقد ألحقها بها أخيرا. لانه ينقل عن بعضهم إلى ما يكون ثلاثة صفحات او أربع أو خمس من كتبهم. وهو يقول إنما نقلت هذا لا لأني أقول بكل ما يقول. لكن لما صار بعض الناس منتسبا الى طائفة معينة. صار لا يقبل الحق من غيرهم. فرأيت أني آتي بشيء من كلامهم فيطمئن.
ولا شك ان من كان لا يقبل الحق إلا من طائفة معينة فإنه مشابه لليهود. لقوله تعالى: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم). إلى آخرها. فالحاصل أن المؤلف رحمه الله كتب هذه الفتوى العظيمة في جلسة واحدة بين الظهر والعصر. إلا انه ألحقها نقولا بعد ذلك. ولهذا تسمى هذه الفتوى: الفتوى الحموية الكبرى. وكلمة الكبرى فيه إشارة إلى أن هناك صغرى).
من كتاب الدرة العثيمينية (صفحة 38 - 39)
التسمية بالصغرى والكبرى لا ندري هل هي قديمة أم حديثة، والراجح أنها قديمة و الذي طبع الرسائل الكبرى في بداية القرن العشرين سماها الصغرى، وتلك المشهورة لدينا هي الكبرى وفي التسمية دلالة إلى أمرين:
الأول: أما أن شخصا ما لخص الكبرى وسماها الصغرى.
الثاني ما ذكره ابن عثيمين رحمه الله
لكن لا يسعفنا شئ ممن ترجم لشيخ الإسلام لسبب التسمية.(/)
لا إله إلا الله مفتاح الجنة
ـ[هدى على]ــــــــ[16 - Dec-2009, صباحاً 05:45]ـ
لفضيلة الشيخ/ د:
ياسر بن حسين بن
وبسم الله الرحمن الرحيم.
لاإله إلا الله
كلمة نجامنهاج حياة
هل تساءلت يا أخي يوماً:
لاشك أنك وكل إنسان على ظهر الأرض تبحث عن السعادة والطمأنينة وسكون النفس , ولا شك أن هذا الأمر لا يتماذايرد الله من إيجادنا في هذه الحياة؟ حقق إلا بحصول التوافق بين إرادتنا وبين الغ
تريد من هذه الحياة؟ وماذا اية التي خلقنا الله من أجلها وركب صورتنا لتحقيقها ونحن خلقنا بلا إستشارة منا ولا رضا كما نرحل عن هذه الدنيا بالموت دون إستشارة ولا رضا وفيما بين البداية والنهاية نعيش أيضاً على ما فرطنا وجبلنا عليه إلا أن الله جعل لنا الإرادة والاختيار امتحاناً لنا واختباراً , وأرسل إلينا الرسل وأنزل عليهم الكتب إبلاغاً وإعذاراً , وأوحى إلى جميع الرسل دعوة واحدة لا تتغير , تبين للناس هذه الغاية التي خلقوا من أجلها وفطروا عليها ولا يسعدون إلا بحصولها: فقال الله عز وجل:
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (36) سورة النحل.
وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (25) سورة الأنبياء.
وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)} سورة الزخرف.
قال العلماء: هي كلمة لا إله إلا الله.
وقال عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه: {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} (26) سورة هود.
وكذلك هود وصالح وغيرهم من الرسل عليهم السلام.
وقال المسيح: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة.
فكلمة " لا إله إلا الله " هي دعوة الرسل أجمعين وهي عنوان التوحيد وهي العروة الوثقى وهي كلمة النجاة _ فهل هي كلمة تقال ونفعل بعد ذلك ما نفعل؟
لا إله إلا الله منهاج حياة
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} سورة الأنعام.
فليس التوحيد مجرد كلام يُقال أو أفكار تعتنق فحسب بل الإيمان علم وعمل , عقيدة وشريعة , فهو إيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره , وهو طاعة لله وإخلاص واتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانقياد , وهو حب لله وشوق له وخوف منه وحده ورجاء لفضله , وهو دعاء وتضرع وخضوع واستسلام لله وحده وهو شكر للنعم وصبر على البلاء وعلى الطاعة وبُعد عن الشهوات.
وهو صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد , وهو ذبح ونذر وحلف بالله وحده لا شريك له , وهو أكل الحلال وترك للحرام في المأكل والمشرب والملبس والمكسب , وهو بر الوالدين وصلة أرحام وإحسان إلى الجيران وحسن خلق مع كل الناس من وفاء بالعهد وأداء للأمانة وترك الغش , وهو تحاكم إلى شرع الله والتزام به واللاضا بحكمه , وهو غض للبصر وحفظ للفرج وحجاب وستر للعورة , وهو دعوة إلى الله ونصرة للدين وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة الشرع في الأرض كلها , وهو إنتماء إلى حزب المؤمنين , حزب الله سبحانه وتعالى وترك أحزاب الضلال أتبْاع الشيطان.
فهو إجمالاًأن الإنسان في كل أموره حنيفاً لله , أي متوجهاً إليه , متقرباً إليه على ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم.
معنى لاإله إلا الله
قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (19) سورة محمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالعلم بمعنى لا إله إلا الله فرض على كل مُكلف , والإله: هو المعبود والذي (يفزع) إليه الخلائق في حوائجهم.
فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله ولا يلجأ العباد ويضرعون ويفزعون في كل ما ينوبهم إلا إلى الله وهو الذي تشتاق إليه وتميل إليه.
ومن هنا تعلم خطأ من ظن أن معنى الإله أنه القادر على الخلق والإختراع فحسب , حيث أن (المشركين) كانوا يقرون بذلك وإنما طالبهم رسلهم بان يقروا بأنه لا يستحق العبادة إلا الله , فمن أقر بوجود الله ثم عبد غيره أو كذب رسله فهو كافر بالله مخلد في النار , وكذلك من دعا غير الله أو استغاث به أو ذبح له من دون الله بعد بلوغ الحجة.
وكلمة لا إله إلا الله تتضمن الكفر بالطاغوت في شقها الأول (لا إله) وهي نفي الإلهية واستحقاق العبادة عن كل أحد دون الله , وتتضمن الإيمان بالله في شقها الثاني (إلا الله).
قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة.
قال العلماء (العروة الوثقى: هي لا إله إلا الله) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله " رواه مسلم وأحمد.
فالنطق بها علامة على الكفر بما يعبد من دون الله فلا يتم الإيمان بالله إلا بالكفر بالطاغوت , فما هو الطاغوت؟ وما معنى الكفر به؟
معنى الطاغوت وصفته الكفرية
الطاغوت: أصله الطغيان وهو مجاوزة الحد , فالطاغوت هو كل ما جاوز العبد به حده_ أي حد العبودية _وادعى لنفسه صفة أو حقاً من حقوق الألوهية أو الربوبية , فالطاغوت يشمل كل من عبد من دون الله وهو راض ويشمل رؤوساً خمسة هم السبب في ضلال أكثر العالم.
أولهم الشيطان الداعى لعبادة غير الله , قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (60) سورة يس.
فما معنى عبادة الشيطان؟ وهل هُناك من يقول أن إلهه هو الشيطان؟
ألا نرى أن الجميع حتى الكفار يسبون الشيطان ويلعنونه؟! بلى ولكن عبادة الشيطان هي طاعة في الكفر والشرك وتكذيب الرُسل عليهم السلام , فمن قبل ذلك منه وأطاعه فيه فقد عبده من دون الله.
الثاني من رؤوس الطواغيت:
الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله والدليل القاطع عل ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} (60) سورة النساء.
نزلت فيمن أراد التحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي أو إلى بعض الكُهان وهي تشمل كل من يتحاكم إلى من يحكم بغير ما أنزل الله , لا شك أن الذي يحكم بغير ما أنزل الله قد جاوز حد العبودية التي تستلزم تلقي أحكام الله وشرعه بالقبول (والأذعان) ونسب إلى نفسه الربوبية في التشريع.
قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} (54) سورة الأعراف.
وقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} (21) سورة الشورى.
فسمى الله من اتخذ من يُشرع له من دون الله مشركاً وهؤلاء المشرعين شركاء بالباطل فالله لا شريك له في خلقه كذلك.
والثالث من رؤوس الطواغيت: الأحبار والرهبان الذين يُبدلون الشرع.
(أي علماء السوء وعباد السوء) جرياً وراء الدنيا , قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (31) سورة التوبة.
فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقولهِ: " ألم يحلوا لكم الحرام , ويحرموا عليكم الحلال فأتبعتومُهم فتلك عبادتهم " (1)
والرابع والخامس من رؤوس الطواغيت:
(يُتْبَعُ)
(/)
الساحر والكاهن , فالساحر يدعي الضر , والنفع والخلق , وتقليب القلوب وكل هذه من صفات الربوبية , والكاهن يدعى علم الغيب , وعلم الغيب استأثر سبحانه وتعالى به.
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (59) سورة الأنعام.
وصفات الكفر بالطاغوت: أن يعتقد بطلان ما زعموه لأنفسهم من صفات أو حقوق الإله الحق لا شريك له , وأن يُصرح بلسانه بذلك , وبأن يعلم أنه حين ينطق بلاَ إله إلا الله فإنه يعني بها تكذيب كل هؤلاء أو غيرهم ممن يعبد من دون الله , ثم يكون عمله مُطَابقاً لقوله وأعتقاده فلا يُطيع الشيطان ولا يستجيب لدعائه فيما يأمرون به من الكفر والمعاصي ولا يتحاكم إلى من يحكم بغير ما أنزل الله , ولا يتبع من بدل شرع الله , ولا يأتي السحرة والكهان ثم تكميل هذا كله بالجهاد باللسان واليد والمال والنفس لإبطال عبادة الطواغيت من على ظهر الأرض وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد:
(1) هذا الحديث حسن: رواه الترمذي والبيهقي في الكبير وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (39) سورة الأنفال.
الولاء والبراء
من حقيقة معنى لا إله إلا الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبُغض في الله) (1).
هل يتصور مؤمن يحب الله ويعبده وفي نفس الوقت يكره المؤمنين ويعاديهم ولا يُنصرهم؟!.
لا يتصور هذا إلا ممن لا يعرف حقيقة الإيمان.
قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (22) سورة المجادلة.
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (51) سورة المائدة.
فإن قال قائل: أليس اليهود والنصارى يؤمنون بالله؟
نقول لا نجيب نحن ولكن يجيبكم القرآن , قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} (72) سورة المائدة.
وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} (73) سورة المائدة.
(1) حسن رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2536).
وقال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} سورة التوبة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا أدخله الله النار " رواه مسلم والإمام أحمد.
و إن قال قائل: أليسوا أهل كتاب؟ فنقول , قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6) سورة البينة , فمن كذب محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وإن كان من أهل الكتاب.
فإن قيل لنا: أليس الدين لله والوطن للجميع؟
قلنا: بل الدين له والأرض كُلها _وليس الوطن فقط_ لله رب العالمين بلا شريك له , قال تعالى: {إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعراف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويكفي في إبطال روابط القومية والوطنية هذه الآيات البينات من سورة الممتحنة.
قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (4) سورة الممتحنة.
فإن قالوا: ألم يقل الله: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} (82) سورة المائدة.
قلنا لهم: أكملوا الآية ولا تبتلروها حتى تعلموا من هؤلاء.
قال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (83) سورة المائدة.
فهذه الآية نزلت فيمن آمن منهم كالنجاشي وغيرهم وأما من لم يؤمن فقد قال الله فيهم: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (29) سورة التوبة.
ومن أوضح صور موالاة المشركين النهي التشبيه بهم في هديهم سواء الظاهر منه أو الباطن , قال صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقومٍ فهو منهم"
ومن التشبه بهم في أعيادهم الباطلة التي هي من شعائر دينهم الباطل.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (72) سورة الفرقان.
قال المفسرون في تفسيرها: أي أعياد المشركين
الإسلام دين السماحة والعدل
نعم ولكن هناك فرق بين المحبة والرضا بملة غير الإسلام , وبين العدل والسماحة.
فالمسلم لا يظلم ولو كافراً , ولا يغدر , ولا ينقض عهداً , وهويحسن إلى من لم يحاربه في الدين وإن كان يكرهه ويبغضه على كفره , فالبر والقسط غير المحبة والموالاة والتشبه , ويجوز للمسلم البيع والشراء والإجارة وقبول الهدية والإهداء تألفاً للكفار , ولا يجوز له محبتهم , ولا نصرتهم ولا مدحهم على باطلهم ولا متابعتهم ولا طاعتهم ولا صداقتهم قال صلى الله عليه وسلم: " لا تصاحب إلا مؤمناً " رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
هل نحن متطرفون؟؟
أخي: عرضنا عليك عقيدتنا في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) بالأدلة الواضحة من الكتاب والسنة الصحيحةفليس من حقنا أو حق أي إنسان أن ينسب إلى الإسلام قولاً أو فعلاً إلا بدليل من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وعلمائها , فهل من أعتقد ذلك وعمل بها يكون متطرفاً؟
فإن كان كذلك فوالله إنا لفي الطرف الذي عليه الكتاب السنة وإن فارقنا العالم أجمع , والموعد غداً بين يدي الله {يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (3) سورة الممتحنة.
فانظر لنفسك أين تكون غداً , فأنت تقرره اليوم.
{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (173) سورة الصافات.
كتبهُ:
ياسر برهامي
برهامي ..
ـ[لينااسماعيل]ــــــــ[19 - Dec-2009, صباحاً 12:48]ـ
جزاك الله خير على هذا الشرح المفيد افادك الله وزادك علما ونفع بك الامه الاسلاميه وهدانا وايك الى عمل الخيرات ..... انار الله عقلك بالعلم وذادك علمنا وحفظك الله يا د ياسر
ـ[هدى على]ــــــــ[20 - Dec-2009, صباحاً 01:03]ـ
جزاك الله خيرا
لكم مني كل الإحترام
دمتم ودامت ردودكم المميزه
ـ[أبو يعلى البيضاوي]ــــــــ[18 - Jul-2010, مساء 10:04]ـ
الهدية (149)
وهي كتاب:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=75 110&stc=1&d=1271317386
مفتاح الجنة لا إله إلا الله
تأليف
محمد سلطان المعصومي الخجندي
ت 1379 هـ
تحقيق علي حسن علي عبد الحميد الحلبي
طبعة دار الامام احمد
الطبعة الاولى 1428 هـ
رابط التحميل:
http://www.archive.org/download/koto..._khoujandi.pdf (http://www.archive.org/download/kotob14042010/miftah_khoujandi.pdf)
ـــــ
رحم الله امرءا أعجبته هديتي فدعا لوالدتي بالشفاء من مرضها
اللهم أعط منفقا خلفا اللهم أعط ممسكا تلفا
سلسلة عمل من طب لمن حب ( http://amalmantab.blogspot.com/)
تراث شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله ( http://bentaimiya.blogspot.com/)
خزانة المذهب الحنبلي ( http://hanabila.blogspot.com/)
خزانة المذهب المالكي ( http://malikiaa.blogspot.com/)
المصطفى من المخطوطات العربية والإسلامية ( http://mostafamakhtot.blogspot.com/)
خزانة التراث العربي ( http://khizana.blogspot.com/)
ديوان السنة المسندة ( http://diwansunna.blogspot.com/)
إسنادنا / مدونة الأثبات والفهارس والمشيخات ( http://isnaduna.blogspot.com/)(/)
هل الإسترقاء يقدح في كمال التوكل؟
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 02:04]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على نبيه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
كثير من العلماء يقررون أن طلب الرقية مكروه بنص حديث النبي عليه الصلاة والسلام -حديث السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ذكر منهم أنهم لا يسترقون
ويستدلون بحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال " من اكتوى أو إسترقى فقد بريء من التوكل " رواه الإمام-أحمد-
إلا أن الناظر في المسألة ترده أشياء على ذهنه منها جائت الأخبار من ذكره عليه الصلاة والسلام الحث على التداوي والرجل المصاب بالسحر أو المس غالبا يكون في موقع ضعف فعليه البدار بطلب الرقية لإنه لا يستطيع رقية نفسه خاصة حالات السحر الظاهرة في البدن والصرع
في هذه الحالة هل لنا القول بأن طلب الرقية لا يعد مكروها؟
ـ[جذيل]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 08:36]ـ
إلا أن الناظر في المسألة ترده أشياء على ذهنه منها جائت الأخبار من ذكره عليه الصلاة والسلام الحث على التداوي
اخي حمدان
طلب التداوي من المباحات لحديث المراة السوداء التي كانت تصرع , فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يأمرها او يحثها على التدوي , بل نصحها بترك التداوي ..
ـ[أسامة]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 09:32]ـ
الحديث عند الترمذي ... ودرجته حسن
وعنون له الترمذي ..
باب النهي عن الرقي
والباب الذي يليه
باب الرخصة في ذلك
جمع بينهما أهل العلم ... وإليك قول الإمام التوربشتي كما نقله عنه العلامة المباركفوري:
(والرخصة إنما تكون بعد النهي، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن الرقي لما عسى أن يكون فيها من الألفاظ الجاهلية، فانتهى الناس عن الرقي فرخص لهم فيها إذا عُريب عن الألفاظ الجاهلية.) اهـ
جزاكم الله خيرًا.
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 10:48]ـ
اخي حمدان
طلب التداوي من المباحات لحديث المراة السوداء التي كانت تصرع , فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يأمرها او يحثها على التدوي , بل نصحها بترك التداوي ..
وما أنت قائل في حديث النبي عليه الصلاة والسلام او في معناه" تداوو عباد الله ولا تتداوو بحرام "؟؟؟
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 10:54]ـ
الحديث عند الترمذي ... ودرجته حسن
وعنون له الترمذي ..
باب النهي عن الرقي
والباب الذي يليه
باب الرخصة في ذلك
جمع بينهما أهل العلم ... وإليك قول الإمام التوربشتي كما نقله عنه العلامة المباركفوري:
(والرخصة إنما تكون بعد النهي، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن الرقي لما عسى أن يكون فيها من الألفاظ الجاهلية، فانتهى الناس عن الرقي فرخص لهم فيها إذا عُريب عن الألفاظ الجاهلية.) اهـ
جزاكم الله خيرًا.
أخي الفاضل موضوعي على طلب الرقية -الإسترقاء- وليس الرقية كما أشرت
ـ[أسامة]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 11:21]ـ
وهذا هو كلام أهل العلم تبعًا للحديث عن طلب الرقي - أي: الاسترقاء -.
وهذا نقلاً عنهم ... عسى أن تجد في تبويب الترمذي وكلام التوربشتي ما يفيدك.
فتأمل.
وراجع كلام المباكفوري في شرحه على الترمذي.
وفي الترمذي وعند ابن ماجة والمسند ومستدرك الحاكم (عن أبي خزامة قال، قلت: يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئًا؟ فقال: هي من قدر الله.)
فعدم الأخذ بالأسباب يقدح في التوكل ... والاعتماد عليها يقدح في التوكل. وهذا كان في الجاهلية ولقرب العهد بالجاهلية تم النهي عن أشياء ثم الترخيص فيها ... مثل زيارة القبور وهذا الباب الذي تتكلم فيه.
عسى أن تكون الصورة قد اتضحت.
والله الموفق.
ـ[جذيل]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 01:23]ـ
وما أنت قائل في حديث النبي عليه الصلاة والسلام او في معناه" تداوو عباد الله ولا تتداوو بحرام "؟؟؟
سياق الحديث يبين ان النبي عليه الصلاة والسلام قال ذلك للجواز كما عند ابن ماجه حينما سأله بعض الاعراب عن التداوي: هل علينا جناج اذا تداوينا؟ فقال تداووا .. الحديث.
يعني لا حرج عليكم , وليس يعني الامر , ولا اظنك تقول بالامر يعني الوجوب ..
وفقك الله ورعاك.
ـ[أبو عبدالله النعيمي]ــــــــ[17 - Dec-2009, صباحاً 06:36]ـ
الصحيح أن طلب الاسترقاء لا ينافي كمال التوكل. هذا إنما هو قول طائفة من المتأخرين وليس حتى بقول شيخ الإسلام كما يظنه البعض بل شيخ الإسلام يرى أن الاسترقاء من جنس طلب الدعاء الأولى تركه وهذا لا يلتزمه المتأخرون
وطائفة من السلف يرن ترك التداوي أفضل ومن ضمنها الرقى سواء كان استرقاء او رقى نفسه
وطائفة تراه مستحبا.
ولفظة (يسترقون) في الحديث فهما سعيد بن جبير على كراهة الرقى مطلقا سواء كانت بطلب أو بدون طلب وهو رواي الحديث. فمذهب سعيد بن جبير كراهة الرقى مطلقا كما حكاه ابن عبدالبر عنه في "التمهيد"
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 01:45]ـ
وهذا هو كلام أهل العلم تبعًا للحديث عن طلب الرقي - أي: الاسترقاء -.
وهذا نقلاً عنهم ... عسى أن تجد في تبويب الترمذي وكلام التوربشتي ما يفيدك.
فتأمل.
وراجع كلام المباكفوري في شرحه على الترمذي.
وفي الترمذي وعند ابن ماجة والمسند ومستدرك الحاكم (عن أبي خزامة قال، قلت: يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئًا؟ فقال: هي من قدر الله.)
فعدم الأخذ بالأسباب يقدح في التوكل ... والاعتماد عليها يقدح في التوكل. وهذا كان في الجاهلية ولقرب العهد بالجاهلية تم النهي عن أشياء ثم الترخيص فيها ... مثل زيارة القبور وهذا الباب الذي تتكلم فيه.
عسى أن تكون الصورة قد اتضحت.
والله الموفق.
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
بل قالو أن ترك الأسباب قدح في العقل والإعتماد على الأسباب قدح في التوحيد
والوسط هو الاخذ بالأسباب مع تفويض أمر الشفاء لله جل وعلا
العلماء يقولون لا باس بل المستحب أن يذهب المطبوب للطبيب للعلاج فلماذا كرهوا الذهاب للراقي في الأمراض الروحية كالعين وغيرها؟
من هذا وجدت أن تقرير الكراهة لطلب الرقية فيه نظر والله أعلم
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 01:47]ـ
سياق الحديث يبين ان النبي عليه الصلاة والسلام قال ذلك للجواز كما عند ابن ماجه حينما سأله بعض الاعراب عن التداوي: هل علينا جناج اذا تداوينا؟ فقال تداووا .. الحديث.
يعني لا حرج عليكم , وليس يعني الامر , ولا اظنك تقول بالامر يعني الوجوب ..
وفقك الله ورعاك.
أحسنت أخي الفاضل،لكن لا تنسى أن طلب الرقية قد يتعين على الإنسان المريض خاصة إذا وجد من هو أهل للرقية لان بشفاء المرأ ووجود أسباب الشفاء بإذن الله سيقوى على العبادة والوسائل لها أحكام المقاصد فانتبه رعاك الله
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[17 - Dec-2009, مساء 01:53]ـ
الصحيح أن طلب الاسترقاء لا ينافي كمال التوكل. هذا إنما هو قول طائفة من المتأخرين وليس حتى بقول شيخ الإسلام كما يظنه البعض بل شيخ الإسلام يرى أن الاسترقاء من جنس طلب الدعاء الأولى تركه وهذا لا يلتزمه المتأخرون
وطائفة من السلف يرن ترك التداوي أفضل ومن ضمنها الرقى سواء كان استرقاء او رقى نفسه
وطائفة تراه مستحبا.
ولفظة (يسترقون) في الحديث فهما سعيد بن جبير على كراهة الرقى مطلقا سواء كانت بطلب أو بدون طلب وهو رواي الحديث. فمذهب سعيد بن جبير كراهة الرقى مطلقا كما حكاه ابن عبدالبر عنه في "التمهيد"
وإبن عبد البر وإبن قتيبة والقرطبي -رحمهم الله - يقررون أن طلب الرقية لا يقدح في تمام التوكل أصلا
أنظر التمهيدلابن عبد البر -المجلد الخامس،صفحة 278 -
حفظكم الله
ـ[أبو خالد الغامدي]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 12:13]ـ
وروى البخاري (5783) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْنِ.
الاسترقاء: طلب الرقية: " الرُّقْيَة والرُّقَى والرَّقْي والاسْتِرْقاء في الحديث، والرُّقْيَة: العُوذة التي يُرْقَى بها صاحِب الآفة كالحُمَّى والصَّرع وغير ذلك يمن الآفات. "
أيضا في مسلم (2198) عن أَبي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولا: رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لآلِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ، وَقَالَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمْ الْحَاجَةُ؟ قَالَتْ: لا وَلَكِنْ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ.
قَالَ: ارْقِيهِمْ
قَالَتْ: فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ
فَقَالَ: ارْقِيهِمْ.
وروى البخاري (3759) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا؛ فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ.
السفعة: أثر تغير بالبشرة فيها بعض السواد أو الاحمرار(/)
الرد على قبوري محتج بشبهة إجماع الصحابة رضي الله عنهم
ـ[طاهر مراد الجزائري]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 04:36]ـ
{الرد على قبوري محتج بشبهة إجماع الصحابة رضي الله عنهم}
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فقد احتجَّ من يستحبُّ الصلاةَ في المساجد المبنية على الأضرحة والقبور ?هداه الله? بشُبهة إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وقد جاء نصُّ احتجاجه على ما يلي:
«أمَّا فِعل الصحابة رضي الله عنهم يتَّضح في موقف دفن سيِّدنا رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم واختلافهم فيه، وهو ما حكاه الإمام مالك رضي الله عنه عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكانِ دَفْنِ الحبيب صَلَّى الله عليه وآله وسلم فقال: «فقال ناسٌ: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِيَّ فِيهِ فَحفرَ لَهُ فِيهِ» (1 - رواه مالك في «الموطأ»: (1/ 231). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_1')))، ووجه الاستدلال أنَّ أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم اقترحوا أن يدفن صَلَّى الله عليه وآله وسلم عند المنبر وهو داخل المسجد قطعًا، ولم ينكر عليهم أحدٌ هذا الاقتراح، بل إنَّ أبا بكر رضي الله عنه اعترض على هذا الاقتراح ليس لحرمة دفنه صَلَّى الله عليه وآله وسلم في المسجد، وإنما تطبيقًا لأمره صَلَّى الله عليه وآله وسلم بأن يُدفن في مكانِ قَبْضِ روحه الشريف صَلَّى الله عليه وآله وسلم.
وبتأمُّلنا إلى دفنه صَلَّى الله عليه وآله وسلم في ذلك المكان؛ نجد أنه صَلَّى الله عليه وآله وسلم قُبض في حجرة السيِّدة عائشة رضي الله عنها، وهذه الحجرة كانت متصلةً بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمون. فوضع الحجرة بالنسبة للمسجد كان -تقريبًا- هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرة فيها ضريح لأحد الأولياء في زماننا، بأن يكون ضريحه متصلاً بالمسجد والناس يصلون في صحن المسجد بالخارج.
وهناك من يعترض على هذا الكلام ويقول: إنَّ هذا خاصٌّ بالنبي صَلَّى الله عليه وآله وسلم، والردُّ عليه أنَّ الخصوصية في الأحكام بالنبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم تحتاج إلى دليل، والأصل أنَّ الحكم عامٌّ ما لم يرد دليلٌ يثبت الخصوصيةَ، ولا دليل، فَبَطَلَتْ الخصوصية المزعومة في هذا الموطن، ونزولاً على قول الخصم من أنَّ هذه خصوصية للنبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم -وهو باطل كما بيَّنَّا- فالجواب أنَّ هذه الحجرة دفن فيها سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، ومن بعده سيدنا عمر رضي الله عنه، والحجرة متَّصلة بالمسجد، فهل الخصوصية انسحبت إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أم ماذا؟ والصحابة يصلون في المسجد المتصل بهذه الحجرة التي بها ثلاثة قبور، والسيدة عائشة رضي الله عنها تعيش في هذه الحجرة، وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة، ألا يُعدُّ هذا فعل الصحابة وإجماعًا عمليًّا لهم».
فالجواب عنه على التفصيل التالي:
- إنَّ ما استند إليه القبوريُّ ?هداه الله? من حديث مالكِ بن أنسٍ ?رحمه الله? بقوله: «وهو ما حكاه مالك ?رحمه الله? عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم» فإنما أورده مالك ?رحمه الله? في «الموطأ» بلاغًا منقطعًا دون إسناد، وجاء في سياقه «أنه بلغه أنَّ رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء وصَلَّى الناس عليه أفذاذًا، لا يؤمُّهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يقول: مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ .. » (2 - «موطأ مالك بشرح تنوير الحوالك» للسيوطي: (1/ 229 - 231). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_2'))).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الحديث معضلٌ، قال الحافظ ابن عبد البر ?رحمه الله?: «هذا الحديث لا يُروى على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالكٍ هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديثُ شتى جمعها مالك» (3 - «التمهيد» لابن عبد البر: (24/ 398 - 399). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_3')))، ثم تناول الحافظ ابن عبد البر ?رحمه الله? الحديث ببيان جميع شواهد فقراته ما عدا تلك المتعلقة بالدفن عند المنبر فلم يذكر لها ما يشهد لها بالصحة.
وقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» قال: «أخبرنا محمَّد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: قال أبو بكر أين يدفن رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم؟ قال قائلٌ منهم: عند المنبر، وقال قائل منهم: حيث كان يصلي يؤمُّ الناس، فقال أبو بكر: بل يدفنُ حيث توفى الله نفسَه، فأخَّر الفراش ثمَّ حفر له تحته» (4 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 552). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_4'))).
وسنده ضعيفٌ لإرساله، فأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبي بكر، «قال أبو زرعة: هو عن أبي بكر مرسلٌ» (5 - «تهذيب التهذيب» لابن حجر: (12/ 117). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_5')))، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب كانت ولادته في خلافة عثمان ولم يسمع من أبي بكر (6 - المصدر السابق نفسه: (11/ 250). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_6')))، ومحمَّد بن عمرو بن علقمة صدوقٌ له أوهام (7 - المصدر السابق: (9/ 375)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر: (2/ 196). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_7'))).
والحديث رواه محمَّد بن إسحاق موصولاً، أخرجه ابن ماجه في «السنن» (8 - «سنن ابن ماجه» (1/ 520) (رقم: 1628). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_8'))) والبزار (9 - «مسند البزار» (1/ 70) (رقم: 18). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_9'))) وأبو يعلى (10 - «مسند أبي يعلى» (1/ 45، 46) (رقم: 22، 23). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_10'))) والبيهقي في «دلائل النبوة» (11 - «دلائل النبوة» للبيهقي (7/ 260). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_11')))، وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (12 - «مسند أبي بكر» (66) (رقم: 26، 27). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_12')))، وابن هشام (13 - «السيرة النبوية» لابن هشام (2/ 663). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_13')))، وابن كثير (14 - «البداية والنهاية» لابن كثير (5/ 266). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_14'))) قال: «حدثني حسين بنُ عبد الله عن عكرمة عن ابن عباسٍ قال: .. وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يقول: مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ».
والحديث ضعيف لأنَّ في سنده حسين بن عبد الله بن عبيد ضعَّفه ابنُ معينٍ والنسائي وأبو زرعة والبخاري، وكثيرٌ من أهل الحديث لم يحتجوا بحديثه (15 - انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/ 537)، و «تهذيب التهذيب»: (2/ 341)، و «تقريب التهذيب» كلاهما لابن حجر: (1/ 176). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_15')))، والحديث ضعَّفه الألباني (16 - «ضعيف سنن بن ماجه» للألباني (127 - 128). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_16'))).
وتابعه من هو دونه وأوهى منه، قال السيوطي: «وصله ابن سعد من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة» (17 - الته «تنوير الحوالك» للسيوطي: (1/ 230).ميش ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_17'))).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: فقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» قال: «أخبرنا محمَّد بن عمر، أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحُصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما فرغ من جهاز رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يوم الثلاثاء وُضع على سرير في بيته، وكان المسلمون قد اختلفوا في دفنه فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه بالبقيع، قال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مَاتَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ»، فرفع فراش النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الذي توفي عليه ثم حفر له تحته» (18 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 552). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_18'))).
وسند هذا الحديث ضعيف جدًّا، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ضعيف وعنده مناكير (19 - انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/ 19)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر: (1/ 31). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_19')))، وداود بن الحُصين ثقة إلا في عكرمة ورمي برأي الخوارج كما صرح ابن حجر في «التقريب» (20 - «تقريب التهذيب» لابن حجر: (1/ 231). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_20')))، ومحمَّد بن عمر بن واقد الأسلمي هو الواقدي متروك الحديث، فلا يصلح هذا الطريق لا في المتابعات ولا في الشواهد.
ولا يشفع لحال الواقدي إسناده الآخر الذي ذكره الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»: «قال الواقدي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عثمان بن محمَّد الأخنسي عن عبد الرحمن بن سعيد قال: لما توفي النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم اختلفوا في موضع قبره، قال قائل: في البقيع، فقد كان يكثر الاستغفار لهم، وقال قائل: عند قبره، وقال قائل، في مُصلاَّه، فجاء أبو بكر فقال: إن عندي من هذا خبرًا وعلمًا، سمعت رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يقول: «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ تُوُفِّيَ» (21 - «البداية والنهاية» لابن كثير: (5/ 267). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_21'))).
وهذا الحديث مرسل، وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي لم يدرك أبا بكر، وفيه الواقدي ?كما ترى?.
وأمَّا طريق ابن هشام بن عروة فليس فيه ذكر لمحلِّ الشاهد.
هذا، والناظر في مجموع طرق الحديث يدرك أنَّ الطريق الأول وإن كان ضعيفًا من جهة الإرسال وليس فيه تهمة في صدق الراوي وديانته إلاَّ أنَّ الطرق الأخرى لا تخلو من ذلك, فإنَّ طريق عكرمة عن ابن عباس فيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس تركه أحمد وله أشياء منكرة، وقال النسائي: متروك، وتركه البخاري، وقال: يقال إنه متهم بالزندقة (22 - «تهذيب التهذيب» لابن حجر (2/ 341 - 342). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_22'))).
أمَّا الطريق الثالث ففيه إبراهيم بن أبي حبيبة ضعيف له مناكير، وفيه الواقدي متروك الحديث، وكذا الطرق الأخرى.
وعليه، فلا يتقوى الحديث بكثرة طرقه مهما تعدَّدت؛ لأنها ناشئة من تهمة في صدق الرواة ودينهم، وإنما يرتقي ويتقوَّى بكثرة الطرق إذا كان ضعف رواته في مختلف الطرق ناشئًا من جهة سوء حفظهم كما نبَّه إليه أهلُ الحديث.
هذا، وعلى فرض صحة الأثر فإنَّ قول القائل: «ندفنه في مسجده» أو «عند المنبر» معارض بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «لما نزل برسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم طفق يطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها فقال: وهو كذلك: لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أُبْرِزَ قبرُه، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا» (23 - أخرجه البخاري (3/ 628) كتاب «الجنائز»، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومسلم (1/ 239)، كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» رقم: (529). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_23'))).
(يُتْبَعُ)
(/)
والمرادُ أنه لولا تحذير النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ما صنعوا ولعن مَن يفعل ذلك لدفن خارج بيته، غير أنه خَشِي [أي النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم] أن يُتخذ قبرُه مسجدًا على رواية الفتح، أمَّا «خُشِيَ» على رواية الضم فهي خشية واقعة من الصحابة رضي الله عنهم، ولا تعارضها روايةُ عائشة رضي الله عنها: «غير أني أخشى»؛ لأنَّ إخبار وقوع الخشية من فرد لا ينافي وقوعها في مجموع الأفراد.
ومن جهة أخرى: يجوز أن يشير أحدُهم بأن يدفن في بيته ?قطعًا لذريعة الشرك? وليس في ذهنه إلاَّ تلك الخشية، وبعضهم يشير إلى الرأي نفسه ومعه علم بأن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ»، كما يجوز على بعضهم أن لا يتفطن إلى هذا المعنى لغلبة معنى آخر في الرأي فيشير إلى دفنه بالبقيع لعلة أنه كان كثيرًا ما يستغفر لهم فيدفن مع أصحابه، أو يشير بعضهم إلى أنَّ دفنه في مسجده أو عند منبره لعلة موضع خطابته وصلاته وإمامته بالناس مع غياب المعنى الأول، وهو ?بلا شك? قول موقوف على اجتهاد صحابي لم يعينه الحديث مع احتمال أنه لم يبلغه التحريم، وخاصة أن أحاديث التحريم كانت قريبة العهد بوفاته صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ولا يلزم من سكوت الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الوقت سكوتهم في أي وقت وإقرارهم على مبلغ اجتهاده، فهم أعلم بذلك الظرف ومناسبته لمقام الإنكار فيه من عدمه، علمًا بأنَّ جمهور الصحابة رضي الله عنهم قد بيَّنوا الحكمَ بيانًا يسقط وجوب الإنكار فيما نقلوا من أحاديثَ مرفوعةٍ ومتواترة وصريحة في تحريم بناء المساجد على القبور، وهي نصٌّ في المسألة. ويؤيِّد قيام الإنكار من النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ما روى ابن سعد بسند صحيح عن الحسن (وهو البصري) قال: «ائتمروا (24 - أي: تشاوروا. انظر: «النهاية» لابن الأثير (1/ 66). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_24'))) أن يدفنوه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في المسجد فقالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كان واضعًا رأسه في حجري إذ قال: «قَاتَلَ اللهُ أَقْوَامًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، واجتمع رأيهم أن يدفنوه حيث قبض في بيت عائشة (25 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد (1/ 516). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_25'))).
- وفي قوله ?هداه الله?: «وبتأمُّلنا إلى دفنه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في ذلك المكان، نجد أنه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قبض في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها…».
فجوابه من وجوه:
• الوجه الأول: أنَّ النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لم يدفن في مسجده، إذ المسجد بناه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في حياته، وإنما دفن حيث قبض في أحد بيوته صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وهي حجرة عائشة رضي الله عنها التي كانت بجوار المسجد وخارجة عنه، يفصل بينهما جدار فيه باب، وإنما دفنه الصحابة رضي الله عنهم في ذلك المكان عملاً بمقتضى الحديث، وحتى لا يتركوا مجالاً لمن بعدهم أن يتخذ قبره عيدًا ومسجدًا.
• الوجه الثاني: أن توسيع مسجده صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في عهد خلافة عمر بن الخطاب ثمَّ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهما لم يُدخِلاَ القبر فيه، وإنما تَمَّ توسيعهما للمسجد من الجهات الأخرى دون تعرُّض للحجرة الشريفة عملاً بمقتضى الأحاديث الناهية عن اتخاذ القبور مساجد، وإنما أدخلت الحجرة النبوية في المسجد في أواخر القرن الأول في عهد خلافة الوليد بن عبد الملك الذي أمر بهدم المسجد النبوي وإضافة حُجُرِ أزواج رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إليه، وذلك سنة ثمان وثمانين من الهجرة (88ه)، كما صرَّح بذلك الطبري (26 - «تاريخ الطبري» (5/ 222 - 223). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_26'))) وابن كثير (27 - «البداية والنهاية» لابن كثير: (9/ 74 - 75). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_27')))، وعليه يتجلَّى بوضوح أنَّ إدخال الحجرة الشريفة في المسجد ليس ممَّا أجازه الصحابة رضي الله عنهم، ولا أجمعوا عليه كما يَدَّعي ?هداه الله? إذ لم يكن ?آنذاك بالمدينة النبوية? أحدٌ من الصحابة على قيد الحياة، وكان آخرهم موتًا
(يُتْبَعُ)
(/)
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما سنة ثمان وسبعين (78ه)، ومع ذلك أنكر هذا العمل بعض كبار التابعين كسعيد بن المسيب ?رحمه الله? (28 - لمصدر السابق: (9/ 75). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_28'))).
قال الحافظ محمَّد بن عبد الهادي: «وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك، بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان من آخرهم موتًا جابر بن عبد الله، وتوفي في خلافة عبد الملك، فإنه توفي سنة ثمان وسبعين، والوليد تولى سنة ست وثمانين، وتوفي سنة ست وتسعين، فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك، وقذ ذكر أبو زيد عمر بن شبَّة النميري في كتاب «أخبار المدينة» مدينة رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن أشياخه عمن حدثوا عنه أنَّ عمر بن عبد العزيز لما كان نائبًا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة، وعمل سقفه بالساج وماء الذهب، وهدم حجرات النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه» (29 - «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي: (136 - 137). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_29')))، فأين حصل إجماع الصحابة رضي الله عنهم المزعوم يا ترى؟!
- وقوله ?هداه الله?: «والسيدة عائشة رضي الله عنها تعيش في هذه الحجرة، وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة، ألا يُعدُّ هذا فعل الصحابة وإجماعًا عمليًّا لهم».
فجوابه: أنَّ حجرة عائشة رضي الله عنها كانت مفصولةً بجدارٍ بينها وبين قبرِ النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ويدلُّ عليه ما أخرجه أحمد في «مسنده» من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وإني واضعٌ ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلاَّ وأنا مشدودة على ثيابي حياءً من عمر رضي الله عنه» (30 - أخرجه أحمد في أخرجه أحمد في «مسنده»: (6/ 202)، والحاكم في «المستدرك»: (3/ 63)، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 57): «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «دفاع عن الحديث النبوي»: (95). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_30'))).
فالحديث يشير إلى أنَّ عائشة رضي الله عنها كانت تدخل حجرتها بعدما فصلت بجدار عن قبر النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: إذ لا يستقيم في العادة أن تبقى مشدودة على ثيابها فلا تضعه ولو في وقت راحتها. ويؤيِّده ما أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» أنَّ مالك بن أنس قال: «قُسم بين عائشة باثنين: قسم كان فيه القبرُ، وقسم كان تكون فيه عائشة، وبينهما حائط، فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فُضُلاً، فلما دُفن عمر لم تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها» (31 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 553). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_31'))).
• الوجه الثالث:
والذين أدخلوا القبر النبوي في المسجد مع اعترافهم بمخالفة الهدي الصريح في النهي عن بناء المساجد على القبور ومخالفة سنة الخلفاء الراشدين المهديين وسيرة الصحابة الكرام لذلك حاولوا تقليل المخالفة ما وسعهم بالمبالغة في الاحتياط درءًا للفتنة وصيانة لجناب التوحيد لئلاَّ يتخذ قبره عيدًا ووثنًا يعبد.
قال ابن رجب ?رحمه الله?: «قال القرطبي: ولهذا بالغ المسلمون في سدِّ الذريعة في قبر النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فأعلوا حيطان تربته، وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ثمَّ خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلةً إذا كان مستقبل المصلين، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره، ولهذا المعنى قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره» (32 - «فتح الباري» لابن رجب: (3/ 217). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_32'))).
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا الاحتياط المبالغ فيه حيال القبر الشريف وقبري صاحبيه إنما هو استجابة دعائه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» (33 - أخرجه أحمد في «مسنده»: (7352)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1/ 312)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحح إسناده الألباني في «تحذير الساجد»: (22) ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_33')))، فحماه الله تعالى بما حال بينه وبين الناس فلا يوصل إليه. وضمن هذا المعنى يقول ابن تيمية ?رحمه الله?: «ولهذا لما أدخلت الحجرة في مسجده المفضل في خلافة الوليد بن عبد الملك ?كما تقدم? بنوا عليها حائطًا وسنموه وحرفوه لئلاَّ يصلي أحد إلى قبره الكريم صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وفي موطأ مالك عنه أنه قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمِ مَسَاجِدَ»، وقد استجاب الله دعوته فلم يُتخذ ?ولله الحمد? وثنًا كما اتخذ قبر غيره، بل ولا يتمكن أحد من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة، وقبل ذلك ما كانوا يمكِّنون أحدًا من أن يدخل إليه ليدعو عنده، ولا يصلي عنده، ولا غير ذلك ممَّا يفعل عند قبر غيره، لكن من الجهال من يصلي إلى حجرته، أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه، وهذا إنما يفعل خارجًا عن حجرته لا عند قبره، وإلا فهو ?ولله الحمد? استجاب الله دعوته فلم يمكن أحد قط أن يدخل إلى قبره فيصلي عنده أو يدعو أو يشرك به كما فعل بغيره اتخذ قبره وثنًا، فإنه في حياة عائشة رضي الله عنها ما كان أحد يدخل إلاَّ لأجلها، ولم تكن تمكِّن أحدًا أن يفعل عند قبره شيئًا مما نهى عنه، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسدَّ بابها وبني عليها حائط آخر، كلُّ ذلك صيانة له صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أن يتخذ بيته عيدًا وقبره وثنًا، وإلاَّ فالمعلوم أنَّ أهل المدينة كلهم مسلمون ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم، وكلهم مُعظِّمون للرسول صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وقبور آحاد أمته في البلاد معظمة، فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم، بل فعلوه لئلاَّ يتخذ وثنًا يعبد، ولا يتخذ بيته عيدًا، ولئلاَّ يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم» (34 - «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/ 237 - 328). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_34'))).
وفي هذا السياق نختم بقول ابن القيم ?في نونيته? وهو من أشد الناس إنكارًا على شبهات الشرك كشيخه ابن تيمية ?رحمهم الله تعالى? قال:
وَلَقَدْ نَهَانَا أَنْ نُصَيِّرَ قَبْرَهُ
وَدَعَا بِأَنْ لاَ يُجْعَلَ القَبْرُ الَّذِي
فَأَجَابَ رَبُّ العَالَمِينَ دُعَاءَهُ
حَتَّى اغْتَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ
وَلَقَدْ غَدَا عِنْدَ الوَفَاةِ مُصَرِّحًا
وَعَنَى الأُلَى جَعَلُوا القُبُورَ مَسَاجِدًا
وَاللهِ لَوْلاَ ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ
قَصَدُوا إِلَى تَسْنِيمِ حُجْرَتِهِ ليمـ
قَصَدُوا مُوَافَقَةَ الرَّسُولِ وَقَصْدُهُ
عِيدًا حَذَارِ الشِّرْكَ بِالرَّحْمَنِ
قَدْ ضَمَّهُ وَثَنًا مِنَ الأَوْثَانِ
وَأَحَاطَهُ بِثَلاَثَةِ الجُدْرَانِ
فِي عِزَّةٍ وَحِمَايَةٍ وَصِيَانِ
بِاللَّعْنِ يَصْرُخُ فِيهِمْ بِأَذَانِ
وَهُمُ اليَهُودُ وَعَابِدُوا الصُّلْبَانِ
لَكِنْ حَجَبُوهُ بِالحِيطَانِ
ـتنع السُّجُودُ لَهُ عَلَى الأَذْقَانِ
التَّجْرِيدُ لِلتَّوْحِيدِ لِلرَّحْمَنِ (35 - «الكافية الشافية» لابن القيم: (2/ 352 - 354). ( http://java******:AppendPopup(this,'p jdefOutline_35')))
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 28 ربيع الأول 1430ه
الموافق ل: 25 مارس 2009م
1 - رواه مالك في «الموطأ»: (1/ 231).
2 - «موطأ مالك بشرح تنوير الحوالك» للسيوطي: (1/ 229 - 231).
3 - «التمهيد» لابن عبد البر: (24/ 398 - 399).
4 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 552).
5 - «تهذيب التهذيب» لابن حجر: (12/ 117).
6 - المصدر السابق نفسه: (11/ 250).
7 - المصدر السابق: (9/ 375)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر: (2/ 196).
8 - «سنن ابن ماجه» (1/ 520) (رقم: 1628).
9 - «مسند البزار» (1/ 70) (رقم: 18).
(يُتْبَعُ)
(/)
10 - «مسند أبي يعلى» (1/ 45، 46) (رقم: 22، 23).
11 - «دلائل النبوة» للبيهقي (7/ 260).
12 - «مسند أبي بكر» (66) (رقم: 26، 27).
13 - «السيرة النبوية» لابن هشام (2/ 663).
14 - «البداية والنهاية» لابن كثير (5/ 266).
15 - انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/ 537)، و «تهذيب التهذيب»: (2/ 341)، و «تقريب التهذيب» كلاهما لابن حجر: (1/ 176).
16 - «ضعيف سنن بن ماجه» للألباني (127 - 128).
17 - «تنوير الحوالك» للسيوطي: (1/ 230).
18 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 552).
19 - انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/ 19)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر: (1/ 31).
20 - «تقريب التهذيب» لابن حجر: (1/ 231).
21 - «البداية والنهاية» لابن كثير: (5/ 267).
22 - «تهذيب التهذيب» لابن حجر (2/ 341 - 342).
23 - أخرجه البخاري (3/ 628) كتاب «الجنائز»، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ومسلم (1/ 239)، كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» رقم: (529).
24 - أي: تشاوروا. انظر: «النهاية» لابن الأثير (1/ 66).
25 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد (1/ 516).
26 - «تاريخ الطبري» (5/ 222 - 223).
27 - «البداية والنهاية» لابن كثير: (9/ 74 - 75).
28 - المصدر السابق: (9/ 75).
29 - «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي: (136 - 137).
30 - أخرجه أحمد في أخرجه أحمد في «مسنده»: (6/ 202)، والحاكم في «المستدرك»: (3/ 63)، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 57): «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «دفاع عن الحديث النبوي»: (95).
31 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 553).
32 - «فتح الباري» لابن رجب: (3/ 217).
33 - أخرجه أحمد في «مسنده»: (7352)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1/ 312)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحح إسناده الألباني في «تحذير الساجد»: (22).
34 - «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/ 237 - 328).
35 - «الكافية الشافية» لابن القيم: (2/ 352 - 354).
منقول من موقع الشيخ فركوس الجزائري حفظه الله.
ـ[أسامة]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 05:22]ـ
جزاكم الله خيرًا(/)
مقدمة كتاب ((منهج الأشاعرة في العقيدة)) الطبعة الجديدة
ـ[ابو البراء الغزي]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 04:36]ـ
مقدمة كتاب ((منهج الأشاعرة في العقيدة)) الطبعة الجديدة
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
إنّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يُضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
فإنّ العالم البشري كله يشهد في هذا العصر من الاضطراب والضياع والفوضى، وسواد المستقبل، وتجهّم المصير ما يُرعب القلوب، ويُزلزل الأفكار، فهو أشبه ما يكون بسفينة مهترئةٍ تتقاذفها أمواج متلاطمة في غمرات بحر لجّي لا تجد من اجتيازها مناصاً، ولا من سطوته خلاصاً.
وقد أمسك بزمامها أمم كافرة عملاقة "تستعمل قوة العفاريت بعقول الأطفال" – كما قال جود -، ويحفزها التنافس الضاري إلى مزيد من الصراع والتهور والاندفاع، وتأتي أمم الكفر الأقلّ شأناً، فتحاول أن تثب وثبات كبرى؛ لتصل إلى مستوى الصراع مع العمالقة المسيطرين، وتبحث لنفسها عن موضع قدم في هذه السفينة الهائجة، وأصبح التفكير في هذا الواقع الأسود والمصير الكالح، هو الشغل الشاغل للمفكّرين والمتعلقين في الغرب وغيره، بل أصبح بفعل التدفّق الإعلامي الهائل من الهموم اليومية لرجل الشارع – كما يسمونه -، إذ ما من نشرة أخبار يسمعها، أو صحيفة يُطالعها، إلا ويجد فيها النذر الصارخة بهذا المصير، فأخبار الحروب والفتن، والانفجارات، والانهيارات، والزلازل، والانقلابات، والجفاف، والفيضانات، والكوارث، والانتحارات ... إلخ.
أصبحت من كثرة ما ترددت في ذهنه مثل: أخبار الرياضة، وأحوال الطقس!
ومع سباق التسليح الرهيب، والتنافس في نشر أسلحة الفتك المبيد، أحسّ الناس حقيقة بالهلع الذي يقض المضاجع، وهرع الفلاسفة والمفكرون إلى التنقيب عن حل للمعضلة الإنسانية الكبرى، وتلمّسوا أيّ مخرج للانعتاق من الظلمة الكثيفة التي غطّت وجه الأرض وردمت الإنسان في المفاوز المهلكة، والأحراج الشائكة.
ووصل الأمر بكثير منهم إلى الاقتناع المطلق بأنّ خلاص هذا العالم - إن قُدّر له الخلاص - لن يكون من داخله، وأن السفينة الهاوية إلى أعماق المحيط لن ينتشلها من هو قابع في داخلها.
ومع هذا لم يظهر - مع الأسف الشديد - ما يدل على أوبة صادقة إلى الله، واستجابة لدينه الحقّ الوحيد الذي ما زال غضّاً طريّاً في مسمع الدنيا ومرآها.
بل دفعت عوامل أخرى – ولا مجال هنا لتفصيلها، ولبيان ذنبنا نحن المسلمين فيها – إلى أن قامت كل أمةٍ من الأمم تشحذ همتها، وتقدح زناد فكرها، وتستلهم من عتيق حضارتها وماضي أسلافها؛ فمع إفلاس المذاهب الوضعيّة الحديثة ارتد الناس قروناً إلى الوراء، وبدأوا يستعرضون الذاكرة البشرية على ما فيها من قتم وغبش وإسفاف، لعل في متاهات الماضي ما يقيهم شر غوائل المستقبل، ولعل في خبايا القرون الخوالي كوة صغيرة ينفذ فيها اللاهثون العصريون إلى بَرّ الأمان.
لقد كانت أوروبا القرون التاسع عشر تدين بالعقلانية، والإطلاق بعقلانية لا تتردد في تفسير أي شيء، وإطلاق لا يستثني من قواعده الصارمة شيئاً، فلما صدمتها السنن الربانية الثابتة، وعصفت بها التحولات الخطيرة حتى أشرفت على الهاوية، عادت إلى مذاهب "اللامعقول" (1)، الذي يرفض أن يضبطه شيء، والنسبية التي تأبى كل أحكام العموم والإطلاق، حتى أن مذهباً إطلاقياً حتماً – كالشيوعية – تراجع من الحلم بالسيطرة على معظم العالم في الستينيات، يُصبح في نهاية الثمانينات رأسمالية حمراء.
وبتبني اللامعقول، والنسبية انتكست أوروبا من جديد، وأعلنت – وهي في قمة السيادة الحضارية – إفلاسها وانهيارها، واختبأ رواتها وشعراؤها وعامة أبطال فكرها وفنّها في أقبية الجاهلية اليونانية الهالكة، يحتمون بظلامها وظلالها من لظى الأفكار المادية المهترئة، والشعارات المجدبة، وسعير التطبيقات الرعناء لآراء وضعها في القرن الماضي جهلاء ارتدوا زيّ الحكماء.
ومع عودة سيدة الحضارة العجوز وانتكاستها عادت الأمم التابعة تلهث في الطريق نفسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فانتفضت الصين على "ماو"، وحطمت تماثيله على يد الجماهير الكادحة التي كانت تصرخ منذ سنوات ليست بالكثيرة: "ماو ماو، رب الكادحين"، وعادت بلهفة وشوق إلى "كونفشيوس" الدفين منذ آلاف السنين في أعماق الذاكرة الصينية.
وبدأت الهند في ترميم أصنامها العتيقة بعد أن أصبحت تستقبل من الغربيين اللاهثين بحثاً عن "بوذا"، و"كرشنا" أكثر مما تستقبل من الإرساليين الكنسيين الطامعين في إدخال الهند إلى دين "بولس" (2) وبابواته.
وتفوّقت اليابان على أمريكا في كثير من مجالات التكنولوجيا – أو نافستها – في حين أنه ما يزال الإمبراطور منسوباً إلى سلالة الآلهة، وكأن اليابانيين قد اقتنعوا – أمام عودة الغرب الحائرة – بأن التقدم التكنولوجي لا يزيد هذا النسب الإلهي إلا عراقة ورسوخاً.
وظهرت أمريكا الجنوبية وأستراليا دعاوى عريضة بأن لها حضارات ماضية، وأمجاداً وطنية غابرة.
ومهما قيل عن عدم مطابقتها للحقيقة؛ فالغرض المهم هو أنها إعلان للعودة وللتوقف عن السير وراء الضائعين في الغرب المفلس.
لقد أخذت كل أمة من الأمم تبحث في مجاهل تاريخها عن فيلسوف قديم، أو شاعر غابر، أو مصلح سالف؛ لتقدمه للبشرية على أنه منقذ جديد، وأن في "إلهاماته" ما ينير الطريق لإنسان القرن العشرين الحائر المضطرب، وأصبحت الميادين الكبرى في عواصم هذه الأمم معابد عصرية تتوسطها تماثيل أولئك الغابرين.
وهكذا برزت ظاهرة إنسانية كبرى هي ظاهرة "العودة إلى الماضي"، التي هي تعبير صارخ عن عدم الثقة في الحاضر، والتي لا تعدو في مقاييسنا الإسلامية أن تكون عرضاً من أعراض الخسران الأكبر، والإفلاس الماحق لقوم كفروا بالله ورسوله {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} *النمل: 66*.
ومع بروز هذه الظاهرة - عالمياً - بدأ التيار التغريبي العلماني في العالم الإسلامي يتردد، بل ينحسر ويندحر، وبدأت جمع جمة من القطيع السائر خلفه تتوقف وترعوع، وانكسرت حدة الانبهار بالغرب الكافر لدى عدد لا يستهان به، وتنادوا – لا سيما الشباب منهم – بالعودة لماضينا الذي ليس ماضي سائر الأمم بأولى منه.
وفي وسط طريق العودة التقى هذا الرافد العالمي العصري بالرافد الأصلي الذي ظل في غمرات القرون مستقيماً، لم يشذ مستعلياً، ولم ينبهر، ألا وهو بقايا الخير في هذه الأمة من رجال ما تزعزع يقينهم لحظة واحدة في أنه لا يصلح هذا العالم إلا بهذه الأمة، وأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
وبدأ هذان الرافدان في تشكيل نهر لا بد أن يصبح في يوم من الأيام تياراً، ومن ثَمَّ يجتاح ما على هذه الأرض من الشرور والأدران والأوثان، كما وعد الله وبشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم!
لكن الشيطان الذي تعهد بإضلال بني آدم إلى يوم يبعثون، وأعوانه بل أقرانه الذين ما فتئ الشيطان يتعلم منهم فنون المكر والتآمر، عمدوا إلى إحباط هذا الأمل العظيم من طريقين:
الأولى: تضخيم هذه العودة الإسلامية البريئة – بل الساذجة في كثير من مظاهرها – وتسميتها "يقظة العملاق"، و"قوة الغد"، و"صحوة الإسلام"، ونحو ذلك مما هو إغراءٌ صارخٌ للقوى العالمية ووكلائها المحليين باستئصال هذه النبتات الغضة في مهدها، مع أن الحقيقة أنه حتى هذه اللحظة ما تزال ظاهرة العودة في العالم الإسلامي متأخرة عملياً عما وصلت إليه في البلاد الأخرى، حيث وصلت هناك إلى دفّة الحكم أو قاربت!!
إن الإعلام الغربي لا يستكثر على "الدالاي لاما" المطالبة بدولة بوذية مستقلة عن الصين، بل لم يستكثر على الهندوس المتعصبين أن يحكموا الهند، وإنما يستكثر على أمة الإسلام العظيمة الممتدة من المحيط الهادي إلى المحيط الأطلسي أن يكون في بعض جامعاتها شباب متدينون، ويستغرب وجود جامعات غير مختلطة، أو جامعيات غير متبرجات، مع أن ذلك لا يمثل إلا نسبة ضئيلة من الانتشار السكاني الهائل للأمة.
يستكثرون ذلك ويستغربونه، ويتابعهم عليه في بلاد الإسلام من يتابعهم، مع أن الأصل في الأمة الإسلامية ألا تنحرف ولا تنبهر، مع أن الأصل في المسلم إذا انحرف وعصى أن يتوب ويستقيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الأصنام العصرية الكبرى تعرضت لنسف تماثيل "لينين"، و"ستالين"، وتماثيل "ماو"، وتماثيل "شاوسكو" بمباركة الغرب إلا صنماً واحداً يحرسه الإعلام الغربي أكثر مما يحرس تماثيل المسيح عليه السلام، ذلك هو صنم "أتاتورك"!!
تماماً مثلما ضاقت باريس – عاصمة النور والحرية عند كثير من المخدوعين – بغطاء رأس فتاة مسلمة من بين ألوف الأزياء والموضات!!
ومثلما ضاقت دولة الحياء والكرامة الإنسانية و .. "سويسرا"!!
في نظر الغرب لا ضير في عودة الملايين إلى أسفار "فيدا"، وتعاليم "بوذا"، أما عودة بعض أمة الإسلام إلى نور القرآن وهدي محمد صلى الله عليه وسلم فهي وحدها نذير الشؤم، وداعية الويل والثبور، وعظائم الأمور!!
وليس أعجب حالاً من هؤلاء إلا من يصدقهم ويجاريهم من أبناء جلدتنا المستغربين، أو من يأخذه الغرور بقولهم من التائبين العائدين.
نعم إن إفلاس المذاهب الأرضية في العالم الإسلامي وسقوط ممثليها أصبح حقيقة ثابتة وقد جرى ذلك وفق سنة إلهية ثابتة.
ولكن رجوع المسلمين إلى الإسلام ما يزال في أول بشائره، وأمامه عقبات كبرى ذاتية خارجية، كما أن له سنته الإلهية الأخرى التي ما لم يرعاها ويسير بمقتضاها فلن نصل أبداً.
الثاني: استنفار أفاعي "الطابور الخامس" من قطّاع الطريق إلى الله الذين عملوا منذ عهد عبدالله بن سبأ، والجعد بن درهم، وبشر المريسي، والنظام (3) .... إلخ، لنسف القلعة الإسلامية من داخلها، وإجهاض كل محاولة لرفع هذه الأمة إلى القمة التي أراد الله أن تكون عليها.
فأما العدو الخارجي: فللحديث عنه مواضعه الأخرى، وما عداؤه لنا، واستعداؤه علينا بجديد، وما هو بالذي يُحسب له كل هذا الحساب لو كنا في أنفسنا أمةً تعيش وتسير كما أمر الله، فالله تعالى يقول: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} *آل عمران: 120*. ونحن قد فقدنا الخصلتين كلتيهما إلا من رحم الله.
وأما قُطّاع الطريق فهم لعمر الله آفة هذه الأمة قديماً وحديثاً، وهم "حصان طروادة" الذي ما دخلت إلينا الأفكار الغربية قديمها وحديثها إلا من خلاله وبآثاره.
ولن نستعرض تاريخهم القديم، وهل في الإمكان استعراض المحيط الزاخر؟ ولكننا نشير بإجمال إلى دورهم في ركوب موجة التوبة الجماعية التي نسميها – ولو على سبيل التفاؤل – "الصحوة الإسلامية"!!
لقد أراد كل كمين من هذه السبل المتفرقة التي نهى الله عن أتباعها أن يستغل بواكير هذه الصحوة، ويستغفل شبابها الغض، فيلقي عليهم ثوب بدعته، ويقنعهم بقناع مذهبه حتى تصبح الأمة العائدة – وهي التي أراد الله لها، ونريد لها أن تكون أمة واحدة على المنهج الأبلج النقي – تصبح شيعاً وأحزاباً، كما كان حالها أيام الزحف التتري أو الصليبي.
فأحدهم "صوفي" لا يعرف من التدين إلا الطبل والمزمار، والحضرة والتواجد ... يندس في الصفوف العائدة رافعاً راية التصوف، - أو خرقته -، ساعياً بأقصى جهده إلى تصويف المسيرة كلها.
وذاك رافضي خبيث يتقمص شخصية الدجال تحت عمامة المجدد، ويلوّح للجموح الباحثة عن الطريق: أن تعالوا إلى الإسلام، وما غايته إلا ترفيض القافلة بأجمعها.
وذلك مستشرق عربي! غذّاه المستشرقون الغربيون بما استطاعت عقولهم الضحلة أن تلتقطه من فتات أفكار الفرق البائدة، وأظهروا أمامه التباكي على تراثها الإسلامي المفقود، وكنوزه الضائعة، واستحثوه أن يشتغل بالتنقيب عنها ونشرها (4)، فجاء المخدوع أو المتآمر ينبش رميم الباطنية والحلولية، وينفض الغبار عن هرطقة الفلاسفة والمعتزلة، ويحقق كتب البدع والفرقة، تحت ستار إحياء التراث والتحقيق العلمي النزيه .. وما الغرض إلا تمزيق طريق العودة، وتشتيته ذات اليمين وذات الشمال، وإذكاء القروح الميتة في كبد الأمة الجريحة، وأقل ما فيه صرف النظر عن الكنوز الحقيقية التي ليست مجرد تراث!! بل هي منبع الحياة الفكرية، ومعالم على طريق المنهج القويم. وجاءت سبل وطوائف أخرى ... وتكدست في المكتبة الإسلامية.
وفي أخطر ركن فيها - وهو ركن العقيدة - صحائف سود، لا أعني سواد مدادها ولكن سواد فكرها، واستشرت ظلمات بدعتها حتى ظهرت على صفحات المجلات والجرائد، فأخرجوها من دوائر المتخصصين إلى متناول العوام المساكين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه الكتب والمقالات قد تبدوا للناظر أولّ وهلة وكأنها هي مجرد امتداد للفرق المنحرفة القديمة، ولا دافع لها إلاّ التعصب لتلك الفرق والمذاهب. والواقع أن وراء تلك الأكمة ما وراءها، وأن هذه النظرة إن صدقت على بعضهم لا تصدق على كلهم، فهي لا تهدف للتعصب للماضي بقدر ما هي تخطط وتبرمج للمستقبل، مستغلة سذاجة غالب شباب الصحوة كما أسلفنا.
ومن الأدلة على ذلك: ما يفتعله أصحاب هذا الاتجاه البدعي المقنع حين ينشرون أفكارهم وكتبهم على الملأ، ويحثون الشباب على قراءتها، ثم لا يفوتهم أن يقرنوا ذلك بالتباكي على ما تعيشه أمة الإسلام من تفرق وتمزق، وأنها ما تزال تبحث مسألة "أين الله؟ "، ومسألة "القرآن مخلوق أم قديم؟ "، و "قضايا الفلاسفة والمعتزلة والصوفية والأشاعرة ... إلخ".
في حين أن العدو يحتل أراضيها ويهدد كيانها، ولا يفرق بين أحد منها، فهلا انصرف المسلمون لمحاربة الشيوعية، ومقاومة الخطط الصهيونية، وتركوا هذه الخلافات.
يتباكون على هذا، وهم يقدمون للشباب مؤلفات كلها تفلسف وتجهّم واعتزال وتصوف وتشعر ... إلخ.
وأشهد أن بعضهم - إن لم أقل كثيراً منهم - قد كتب الكثير من المؤلفات في الطعن على السلف، والنيل من عقيدتهم، والدعوة الصريحة إلى البدعة التي هي أصل الانقسام والفرقة، وما كتب حرفاً واحداً قطّ عن الشيوعية والصهيونية، بل إنّ واقع حاله يدل على أن تضليل - أو تكفير - أئمة عقيدة السلف أولى عنده وأهم من محاربة الشيوعية والصهيونية.
وأخطر من هؤلاء طائفة من القطّاع هالها كساد سوقها، وتكدّس مصنفاتها البدعية، فعمدت إلى أسلوب أمكر وأخبث، وهو انتحال مذهب السلف الصالح ظاهراً، وادعاء أنه ومذهبها سواء، وزعمت أنها بذلك تخدم مصلحة الإسلام، وتسعى لجمع المسلمين، فبعثروا المعالم والمعايير أمام الشباب الحائر، فلم يعد يدري كيف يسير؟!
هذا الأسلوب بدأه الرافضة منذ مطلع القرن العشرين بما أسموه "التقريب بين المذاهب الإسلامية"، ثم تبعتهم الفرق البدعية الأخرى تحت شعار "توحيد الصفوف"، فقدموا للشباب الذهب مع البهرج والحجارة والنحاس، وقالوا: لا بد من صهر الجميع في بوتقة واحدة، ولا عليك إن اخترت منها ما شئت، فالكل يسمى معدناً.
وإن مما يدمي القلب أن كثيراً من شباب الصحوة خدعته هذه الدعاوى الزائفة، وعصبت عينيه عن رؤية الحق الصراح، فتطوعوا بخدمة قطّاع الطريق الماكرين، حتى أن بعض المراكز الإسلامية في الغرب وغيره أصبحت أوكاراً للرافضة وغيرها، وانتعشت البدع والشركيات حتى صرح بعض سدنة الأضرحة أن إقبال الشباب عليهم في زيادة مستمرة، وأن المريدين أخذت أعدادهم في السنوات الأخيرة تتضاعف، وكلما سمعت أو رأيت شيئاً من هذه الظواهر المرعبة أسأل نفسي بحق، هذه الصحوة الإسلامية التي نبتهج ببشائرها، ونتطلع إلى بواكيرها، أهي صحوة فعلاً، أم هي - عياذاً بالله - انتكاسة جديدة إلى موروثات الوثنية الإغريقية، والصوفية الهندية؟
أم أن الخمر المسكرة الوحيدة في نظر بعضنا، هي خمرة الافتتان بالغرب، وأفكاره ونظمه ومن صحا منها، فلا عليه أن يسكر بخمرة الوجد والفناء، أو نبيذ البدع والأهواء، فلا يصحو إلى يوم يبعثون؟!
وأسأل نفسي أيضاً لماذا يرفض الشباب الإسلام الفكرة الواحدة نفسها إن كان سندها - مثلاً -: ماركس عن هيجل عن أرسطو، ويعدها كفراً وإلحاداً، ويقبلها ويتعصب لها - بذاتها - إذا كان سندها: الرازي عن ابن سينا عن أرسطو؟!
أم أن عداوتنا أصبحت كعداوة الثور للون الأحمر فقط، فنعادي الباطل؛ لأنه منقول عن الغرب وأذنابه، لا لأنه باطل يجب معاداته أينما وجد في واقع أنفسنا، أو في صفحات تاريخنا، أو موروثات مجتمعاتنا ومذاهبنا.
واسم الإسلام يطلق على:
1 - المنتحلون لمذهب السلف اسماً، والمخالفون له سلوكاً وفهماً.
2 - عموم الاسم لكل مسلم لم ينتسب لعقيدة بدعية، وظل على الإيمان المجمل الصحيح، أو أيّاً كان تخصصه العلمي؛ فقيها، محدثاً، لغويا، مؤرخاً، شاعراً، بل العامي من المسلمين يطلق عليه ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما كلمة "أهل السنة والجماعة" فهو مصطلح عزيز، وشعار عظيم، وكيف لا وهو يعبر عن حقيقة الإسلام الصافية النقية التي لا شائبة فيها ولا زيغ، وهو منار وعلم على الفرقة الناجية من أمة الإجابة، تلك الفرقة التي تمسكت بما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وصبرت عليه، وجاهدت في سبيله، فكانوا كما قال بعض السلف: "أهل السنة في الإسلام كأهل الإسلام في سائر الملل".
والتفرق والاختلاف من البلاء الذي لم يرفعه الله عن هذه الأمة منذ أن قتلت خليفتها الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ظلماً وعدواناً، كما أشار حديث حذيفة في الفتن التي تموج موج البحر (5).
فهو في حقيقته عقوبة جرى بها القدر المحكم، تحقيقا لقوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ} *الأنعام: 65*.
على ما فسرتها به الأحاديث الصحيحة (6)، ولله في ذلك الحكمة البالغة، وما أصاب المسلمين عامة من مصيبة فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير، وليس بخارج عن سنة الله أن يبتليهم بما لم يبتل به أمم الكفر، أو يذيقهم من البأس ما لم يذقها.
وليس عجيباً في سنة الله أن يأتي عصر يقل فيه أهل السنة والجماعة ويستضعفون، ويعلو فيه أهل البدعة والفرقة ويسيطرون، فهذا أيضاً من الابتلاء - ابتلاء التمحيص والرفع - الذي هو سنة الله في الأنبياء من قبل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} *الفرقان: 31*.
{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} *الأنعام: 53*.
ولكن العجب المستنكر أن تطغى البدع حتى يبلغ من جرأة أصحابها أن يدعوا أنهم هم أهل السنة والجماعة، وأن أهل السنة والجماعة هم أهل الضلالة والفرقة!
أو يضيع الحق بين تفريط أهل السنة والجماعة، وتلبيس أهل الضلالة والفرقة؛ فيقال: إن هؤلاء من هؤلاء، وأن الفرقتين سواء - دون نكير ولا اعتراض -.
فهذا - حسب التشبيه المأثور في حال أهل السنة بين أهل الإسلام - مثلما لو ادعى عدو للإسلام أن أهل الإسلام بين أهل الأديان قليل؛ كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، ورتب على هذا أنهم شذّاذ لا اعتداد بخلافهم، ولا اعتبار لدينهم الذي خالفوا به سائر أمم الأرض.
فهذا ادعاء لا يستحق كبير اهتمام، ولا يبعث كثير عجب، ولكن لو ادعى هذا العدو أن اليهود والنصارى هم المسلمون المتمسكون بما كان عليه الأنبياء جميعاً، وأنهم هم الأمة المصطفاة التي أورثها الله الكتاب، وأن المسلمين هم المخالفون لمنهج الأنبياء، وهم أولى أن يسموا بكل اسم سمي به أعداء الأنبياء ومخالفوهم، وسماهم هذا العدو "المشركين أو الصابئين" (6)، أو نحو ذلك.
فهذا ما لا يملك أي مسلم يعرف حقيقة دينه أن يسكت عليه؛ لأنه قلب للحقائق، ومكابرة للعقول، ولو شاع مثل هذا الادعاء وسكت عليه المسلمون أو أقروه – كلهم أو بعضهم – حتى أصبح مصطلح "المشركين" أو "الصابئين" يعنيهم عند الإطلاق، ومصطلح "المسلمين" يعني اليهود أو النصارى أو المشركين ... لكان هذا خرقاً فظيعاً لما استقرت عليه الأفهام، وأجمعت عليه العقول، وتعارف عليه التاريخ المتواتر.
والمؤلم حقاً أن هذا الذي لا يصدقه العقل بالنسبة للإسلام مع الملل قد أصبح - إلى حد ما - حقيقة واقعة بالنسبة لأهل السنة والجماعة مع الفِرَق!
وقد يكون سبب ذلك أن بعض أهل السنة والجماعة لا يعرفون المضمون الكامل، والمنهج الشامل الذي يحويه مدلول "أهل السنة والجماعة"، ولا يدركون حقيقة مناهج الفرق البدعية وأصولها، ومن ثَمَّ كانت الخسارة الكبرى لأهل السنة والجماعة، لا أعني خسارة الأتباع، ولكن اضمحلال الشعار، وضياع الحقيقة في ركام الزيف، وفقدان المنهج المتميز في زحمة المناهج.
وقد ركب الله تعالى في نفوس بني آدم كافة من معرفة العدل ما ينكرون به أن يتقمص اللص شخص الحارس، وأن ينتحل الفاجر شخصية التقي، وأن يدعي الشيطان حقيقة الملك.
وعن هذا عبر شاعر المعرة بقوله:
فوا عجباً كم يدّعي الفضل ناقصٌ
ووا أسفا كم يُظهر النقص فاضلُ
إذا وصف الطائي بالبخل مادرٌ
(يُتْبَعُ)
(/)
وعير قسًّا بالفهاهة باقلُ
وقال السهي: يا شمسُ أنتِ خفيةٌ
وقال الدجي: يا صُبح لونك حائلُ
وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهةٌ
وفاخرت الشهب الحصى والجنادلُ
فيا موت زُرْ إن الحياة ذميمةٌ
ويا نفس جدِّي إن دهرك هازلُ
إن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن أصحاب جهنم أنهم يقولون: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} *الملك: 10*. فنفهم من هذا: أن الكفار لا سمع لهم ولا عقل، وأن المؤمنين أهل السنة والجماعة هم أصحاب السمع الصحيح، والعقل الكامل؛ من جهة أنهم يتلقون عن القرآن والسنة الصحيحة، ويستخدمون قوة العقل، وملكة الفهم للتمييز بين الحق والباطل، وأن أصحاب البدع أصحاب فساد في السمع وخلل في العقل.
ومن فساد السمع التلقي عن الدجالين والكهان والمشعوذين، أو الفلاسفة والملاحدة والصابئين، والاستشهاد بالروايات الموضوعة والواهية.
ومن فساد العقل عندهم تحريف معاني النصوص الصحيحة، والتأويلات الباطلة، وضرب الوحي بعضه ببعض من أجل تغيير البدعة التي لا أصل لها فيه.
فللمعرفة إذن مصدران لا ثالث لهما:
1 - إما الوحي، والعقل السليم، والفطرة المستقيمة، كل منها يصدق الآخر، وهذا من نصيب أهل السنة والجماعة دون سائر الفرق والملل.
2 - وإما الأساطير والأوهام والتخرّصات والخيالات والوساوس، وهذه تسمّيها كل ملة منحرفة باسم تزعمه:
فالكفار أصحاب النظريات الكونية والنفسية المخالفة للوحي يسمونها "حقائق علمية"، وهؤلاء كذّبهم الله تعالى وهدم منهجهم بآية واحدة من كتابه: {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} *الكهف: 51*.
والفلاسفة ومن حذا حذوهم من المتكلمين المنتسبين للإسلام يسمونها "البراهين" أو "القواطع العقلية"، وهؤلاء ساروا على المنهج الإبليسي في معارضة الوحي بالرأي {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} *الأعراف: 12*.
والمشعوذون والدجّالون وغلاة الصوفية المنتسبون للإسلام يسمونها "كشفاً وفيضاً ووجداً وذوقاً ... "، وهؤلاء اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما ورثوه من تعاليم هاروت وماروت، وسحرة الفراعنة، وكهّان الهندوس، وأصحاب البدود (8)، كما كانوا يسمونهم.
-----------------
(1) أو "اللاعقلي"، ومن مذاهبه: الروحية (برجسون)، والوجودية (سارتر)، والبعثية (ألبير كامو)، واتجاهات أخرى كالرمزية والسوريالية، وكثير من المدارس النفسية والاجتماعية.
(2) المؤسس للدين المعروف حالياً باسم "المسيحية"، واسمه الأصلي "شاؤل" اليهودي، وهو النموذج الذي احتذا حذوه عبدالله بن سبأ اليهودي لإفساد الإسلام، فأسس دين التشيع وفروعه. انظر: مقدمة منهاج السنة.
(3) ذكر الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء (10/ 542) أنه كان برهميا، فأراد أن يبرهم الإسلام عن طريق الاعتزال، كما أراد عبدالله بن سبأ أن يهوده عن طريق التشيع!!.
(4) انظر على سبيل المثال: تقديم المستشرق "ألفرد جيوم" لكتاب المعتزلة لزهدي جار الله، وكلام المستشرق "اربري" في مقدمة كتاب التوحيد لأبي منصور الماتريدي، تحقيق فتح الله خليفة. أما جهد "ماسينيون" و"نيكلسون" لإحياء الفكر الصوفي، وما بذله تلامذتهم الشرقيون، فلا تحتاج إلى تمثيل.
(5) أخرجه مسلم (144).
(6) وهي أحاديث كثيرة، جمعها الحافظ ابن كثير رحمه الله، انظر: الطبعة المحققة من تفسيره (3/ 264 - 272).
(7) كما كانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه "الصباة".
(8) وهم البوذيون، فأصل الكلمة واحد (بوذا) أو (بذ) ومعناها: العارف.
http://www.dorar.net/art/394
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 05:34]ـ
ليت أنّ أحد المقربين من الشيخ ينقل له ردود بعض المثقفين الأشاعرة على كتابه
ـ[جذيل]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 08:08]ـ
فيه رد متهافت بيع في بعض المكتبات , لكنه لم يسم الشيخ ولا كتابه ..
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 08:16]ـ
فيه رد متهافت بيع في بعض المكتبات , لكنه لم يسم الشيخ ولا كتابه ..
الرد الذي أقصده هو كتاب (عقائد الأشاعرة في حوار هادئ مع شبهات المناوئين) للشيخ صلاح الدين الإدلبي
وكتاب (دررالألفاظ العوالي في الرد على الموجان والحوالي) تأليف غيث بن عبدالله الغالبي
ـ[جذيل]ــــــــ[16 - Dec-2009, مساء 08:30]ـ
عقائد الأشاعرة في حوار هادئ مع شبهات المناوئين
هذا الذي اعنيه بارك الله فيك .. ولعل ما يبين هذا قول الادلبي:
فنحن امة أغنانا الله تعالى بالطرق القرآنية في اثبات العقائد , ولا حاجة لنا الى غيرها .. !!
طيب أين - على الاقل - المتواتر من السنة .. !؟
مع انه قال قبل هذا بقليل انه يحب الكتاب والسنة منذ نعومة اظفاره ..
فياليته اخبرنا عن نوعية هذه المحبة ... !
هذا الكلام شيء من بعض ما في مقدمته ..
والله المستعان ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العباس]ــــــــ[19 - Dec-2009, مساء 06:39]ـ
الشيخ سفر لم يضيع من وقته ساعة في الرد على مناوئيه والقادحين فيه ولهذا علا وأركسوا
وكما قال أخونا جذيل فالرد المذكور مما يرده أي طالب علم قطع شوطا يسيراً
في العقيدة
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 04:35]ـ
الشيخ سفر لم يضيع من وقته ساعة في الرد على مناوئيه والقادحين فيه ولهذا علا وأركسوا
وكما قال أخونا جذيل فالرد المذكور مما يرده أي طالب علم قطع شوطا يسيراً
في العقيدة
بل الواجب في حق الشيخ هو أن يرد خصوصا وقد تتبعه الكاتب في كلّ فصول كتابه وتناولها بالتسفيه وعليه فلن يكفي هنا قولك (لم يضيع من وقته ساعة في الرد على مناوئيه والقادحين فيه ولهذا علا وأركسوا!!!) لأنه عند مخالفيك عجز عن مقارعة الحجة وظهور (بطلان) مزاعمه وحيث أن الشيخ في كتابه كان مدافعا عن منهج أهل السنة صار نقضه محاولة لنقض منهج أهل السنة فلزم الرد على كلّ غيور على السنة وهو في تصوري نوع من أنواع الفروض الكفائية والجهاد بالقلم ولا يكفي هنا إدعاء أخونا (جذيل) فهو استخفاف باهت بخصم قوي ومن كان هذا حاله سهل قطعه عند الكلام فاحذر من الإستخفاف فالشبهات تغزوا المنتديات وكثرت التساؤلات عند العوام وصغار الطلبة وبعض كبار طلاب العلم غير مدرب على فنون المناظرة والأخذ والرد فاحذر من الإستخفاف فإنه قاتل
ـ[جذيل]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 05:29]ـ
ولا يكفي هنا إدعاء أخونا (جذيل) فهو استخفاف باهت بخصم قوي ومن كان هذا حاله سهل قطعه عند الكلام فاحذر من الإستخفاف فالشبهات تغزوا المنتديات وكثرت التساؤلات عند العوام وصغار الطلبة وبعض كبار طلاب العلم غير مدرب على فنون المناظرة والأخذ والرد فاحذر من الإستخفاف فإنه قاتل
نعم اخي الكريم
جزيت خيرا على حرصك , ولكن الحقيقة ما ذكرته لك , وتاثر بعض الناس في مثل هذه الامور حاصة ما يتعلق بمنهج الشاعرة اظنه في غير محله لو تسمح لي , هل من الممكن ان تذكر لنا عددا قليلا ممن تأثر بالمنهج الاشعري .. ؟
نعم قد يتأثر البعض ببعض المسائل او الفروع العقدية , لكن ان يكون التأثير بهذه الصورة التي ذكرت فأنا استبعد مع المعذرة ..
اما المنهج الاشعري ذاته فالاشاعرة والمتحمسون من شبابهم يرون ان العالم الاسلامي اكثره اشاعرة , وهم مع هذا القول من اكثر الناس خوفا على منهجهم وعقيدتهم , وهم يرون الجموع تتجه الى المنهج السلفي .. إن لم نقل ان تلك الجموع ان لم تتحول فهي في اضمحلال , اما بسبب وفيات جيل سابق حارب من اجل الاشعرية .. او بسبب نشأة شباب الامة في عصر الصحوة الاسلامية , والتي هي صحوة سلفية , بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
أما كون الخصم قوي فلا اظن المسألة بهذه الصورة .. ولعل ما يتناقله البعض عن مقولة تلك العجوز من اوضح ما يبين ضعفهم وشكوكهم , وقد رات الرازي فلما سألت عنه قيل هذا الذي يحفظ مائة دليل على وجود الله أجابت قائلة: لو لم يكن عنده مائة شبهة او شك ما احتاج الى مائة برهان ..
بل ان طريقة الاشاعرة من اضعف المناهج وقد عدهم الهروي او غيره من المخانيث لضعف استدلالهم وبرهانهم ..
وما تلك المراحل التي مرت بالاشعرية الا اوضح دليل على ما اقوله لك بارك الله فيك ..
والسلام عليكم
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[20 - Dec-2009, مساء 06:48]ـ
كونه قويا في الجدل لا يعني قوة الأصول التي يبني عليها أخي الفاضل فنحن لا نتحدث عجزا ولا قهرا بل نريد إسكات الباطل بقذائف الحق حتى تنهار تلك السقف الهشة على رؤوس أصحابها فقد أضحت لسكوتنا ذات أضواء تسلب العقول وتجري مدامع السذج فخرا أمّا عن الإحصائيات التي تطالب بها رغم عدم جدية هذا الطلب فالجواب عليه هو مقارنة حجم المؤلفات والرسائل الجامعية التي بدأت تطفوا على الساحة من سنين وبين مثيلاتها قبل خمسة عشر إلى عشرين سنة فأنا أتحدّث عن واقع أعيشه في بلدي لا عن السعودية فالواقع غير الواقع والحال غير الحال أمّا حديثك عن (صحوة سلفية) فالواقع يرده بل هي (صحوة أشعرية ماتريدية صوفية) بوجه علمي جديد يحاول استخدام وتوظيف نفس آليات المنهج السلفي وهذا هو الواقع
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[21 - Dec-2009, صباحاً 01:45]ـ
السلام عليكم.
أستحلفكم بالله أن توضحوا لي هذا الأمر:
هل تعتقدون أن الله عز وجل وفق أماجد من أمثال النووي وابن حجر وابن العربي والقاضي عياض ولمازري والرامهرمزي والبيهقي والسرخسي ـ وفقهم في الفروع الفقهية، وفي علوم السنة والتفسير، وخذلهم في الأصول وفي العقيدة، فلم يتبينوا الحق من الباطل، ولم يعرفوا الصواب من ضده، فكانوا ـ بزعم بعض الناس ـ متذبذبين في العقيدة؟
هل لي بمن يوضح هذا توضيحا سهلا بينا؟
والسلام عليكم.
ـ[جذيل]ــــــــ[21 - Dec-2009, صباحاً 06:47]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم .. هل تقول ان هؤلاء العلماء الذين ذكرتهم - او غيرهم - معصومين من الخطأ .. ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[21 - Dec-2009, صباحاً 11:10]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم .. هل تقول ان هؤلاء العلماء الذين ذكرتهم - او غيرهم - معصومين من الخطأ .. ؟
وعليكم السلام أخي الكريم، وأشكرك على دماثة الخلق.
لكن ألا ترى أخي أن الخطأ لم يكن من واحد أو اثنين، كلا بل من غالب أماجد الأمة على مر العصور، ممن تعلم وأعلم والكل يعلم أنهم كانوا من التقى والورع والقرب من الله بحيث يستحيل شرعا أن يجانبوا الصواب في أخص خصوصيات الدين، ألا وهو العقيدة. كيف وقد وفقوا أيما توفيق في تبيين وتوضويح مفردات الشريعة في كل العلوم، بحيث لو لم يكونوا ثمة ما كنت أنت ولا أنا ولا أحد لنعلم ونفهم من أمر الشريعة إلا النزر اليسير، فتدبر.
والسلام عليكم.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[21 - Dec-2009, صباحاً 11:34]ـ
وعليكم السلام أخي الكريم، وأشكرك على دماثة الخلق.
لكن ألا ترى أخي أن الخطأ لم يكن من واحد أو اثنين، كلا بل من غالب أماجد الأمة على مر العصور، ممن تعلم وأعلم والكل يعلم أنهم كانوا من التقى والورع والقرب من الله بحيث يستحيل شرعا أن يجانبوا الصواب في أخص خصوصيات الدين، ألا وهو العقيدة. كيف وقد وفقوا أيما توفيق في تبيين وتوضويح مفردات الشريعة في كل العلوم، بحيث لو لم يكونوا ثمة ما كنت أنت ولا أنا ولا أحد لنعلم ونفهم من أمر الشريعة إلا النزر اليسير، فتدبر.
والسلام عليكم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وما ذا عن مخالفتهم لجماهير الصحابة والتابعين والأئمة السابقين مما لا يحصيهم إلاّ الله عزّ وجل؟؟؟؟ ولم لم تفكّر الأشعرية بهذه المنهجية يوم لم يكن منها غير الأشعري؟؟؟ لم لم تكن الأمور مطروحة بهذه الطريقة يومها أخي الفاضل؟؟؟ جوابك سهل ميسور أخي الفاضل ( ... وقليل من الآخرين)
ـ[جذيل]ــــــــ[21 - Dec-2009, مساء 05:29]ـ
لكن ألا ترى أخي أن الخطأ لم يكن من واحد أو اثنين، كلا بل من غالب أماجد الأمة على مر العصور، ممن تعلم وأعلم والكل يعلم أنهم كانوا من التقى والورع والقرب من الله بحيث يستحيل شرعا أن يجانبوا الصواب في أخص خصوصيات الدين، ألا وهو العقيدة. كيف وقد وفقوا أيما توفيق في تبيين وتوضويح مفردات الشريعة في كل العلوم، بحيث لو لم يكونوا ثمة ما كنت أنت ولا أنا ولا أحد لنعلم ونفهم من أمر الشريعة إلا النزر اليسير، فتدبر.
والسلام عليكم.
اخي الكريم
الجواب على كلام على عدة فروع
الاول: على قولك ان غالب اماجد الامة كانوا ما تذكر
الثاني: ان التقوى والورع يستحيل معها ان يجانب معها الصواب
الثالث: الاستدلال على تصويبهم بتوفيقهم وتوضيحهم مفردات الشريعة.
الرابع: ان فهمي وفهمك وفهم غيرنا كان متكئا على توضيحهم وتبيينهم.
فالجواب عن الاول:
أن غالب الامة اشاعرة , والسؤال: اين القرون الأولى المفضلة وما يليها بقليل .. أين موقعهم من حساباتك رعاك الله , وأين المخالفين لهم من معتزلة وقدرية وبقية السبعين فرقة , ثم الاشاعرة انفسهم يرون ان من سبقهم من القرون الاولى ليسوا على طريقتهم , ولهم الكلمة المشهورة: طريقة السلف اسلم وطريقتهم اعلم .. !
الجواب عن الثاني:
التقوى لا علاقة لها بالصواب والخطا , ولا اظنه يخفى عليك تقوى ابي حنيفة وورعه - احسبه كذلك ولا ازكيه على الله - ومع ذلك ذكر بعض اهل العلم الاتفاق على ضعفه في الحديث , بل ليس له ولا حديث واحد في الكتب الستة , بينما هناك من رجالات البخاري او مسلم اقل بكثير من مستوى فهم وعلم بل وورع ابي حنيفة ومع ذلك تجده معدود من الثقات الاثبات.
الجواب عن الثالث:
وهو الاستدلال بتوفيقهم وتوضيحهم مفردات الشريعة , فلعله لا يخفاك انه ليس كل من اصاب في مسألة فيلزم ان يصيب في أخرى , ثم يقال: غالب الحنابلة وغيرهم من الفرق من المخالفين للاشاعرة , فكيف تخطئ الحنابلة ومن يخالف الاشاعرة مع توفيقهم وتوضيحهم لمفردات الشريعة .. !
الجواب عن الرابع:
اتكاء فهمي وفهكم عليهم , وهذا في الحقيقة اجحاف لغيرهم .. والسؤال: اين فهم الصحابة وتفسيرهم لنا , وأين فهم الطبقة الاولى من التابعين والطبقة الثانية منهم , بل والقرن الثاني , ثم الثالث , ثم الرابع .. ثم الذين يلونهم ممن هم مخالفون للاشاعرة - عن هذا الاتكاء ..
ثم نحن لم نقل ان من ذكرت مخطئون في كل شيء .. بل فيما نعلمه من خطأ سواء في التاويل او ما يماثله .. ولسنا في مزايدة حتى نذكر لك حبنا لهم وتقديرنا ودعائنا لهم , بل والاشادة بجهودهم .. اما ما اخطاوا فيهم فيبين ولا يعني اسقاط حقهم او جحد فضلهم ..
نعم نحن نقول ان الاشاعرة كثرة .. لكن ليست كل كثرة تعني الصواب .. ولو تتبعت لفظ الكثرة في القرآن لوجدت الذم له , على العكس من القلة ..
وفقك الله ورعاك
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[22 - Dec-2009, صباحاً 03:19]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وما ذا عن مخالفتهم لجماهير الصحابة والتابعين والأئمة السابقين مما لا يحصيهم إلاّ الله عزّ وجل؟؟؟؟
وعليكم السلام.
الأخ الفاضل: هذه دعوى تحتاج منك لدليل يثبتها، ولازم كلامك يقتضي أن أمثال النووي وابن حجر والمازري وعياض وابن رشد والباقلاني والبيهقي والرامهرمزي والسرخسي وابن الجوزي وابن عقيل ... إلى آخر من هو على شاكلتهم هم إما فهموا ووعوا مذهب جماهير الصحابة والتابعين والأئمة السابقين ثم خالفوهم عمدا، وإما لم يفهموا ولم يعوا مذهبهم، فإن كانت الأولى فالواجب طرح كلامهم والإعراض بالكلية عنهم، بل وتبديعهم وتفسيقهم والتحذير منهم ومن كتاباتهم، كيف وقد خالفوا عمدا أهل القرون المفضلة!! وإن كانت الأخرى فكيف نثق بما سطروه في كتبهم مما هو من أساسيات الشريعة؟!! وكيف تأتى لنا نحن أن يكون فهمنا أصوب من فهمهم؟!! ولماذا فهموا مذاهب السلف في الفروع، ولم يفهموا مذاهبهم في الأصول؟
لا يخفى ما في هذين الطرحين من خطر، لأن أيا من الإجابات على الأسئلة المطروحة سينتج عنه نقض لعرى المعرفة الإسلامية، فقليل غير هؤلاء الأعلام ساهموا في إقامة صرحها.
والسلام عليكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[22 - Dec-2009, صباحاً 09:46]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(كلامك مردود عليك)
أخي الكريم:
لا يجاب عن سؤال بسؤال ... وجميع ما أوردته يرد على شيخك الأشعري!! فإمّا أن يكون جماهير الأئمة السابقين (= قبل الأشعري) فهموا ووعوا مذهب جماهير الصحابة والتابعين ثم خالفوهم عمدا .... وإما لم يفهموا ولم يعوا مذهبهم؟!!!
فإن كانت الأولى فالواجب طرح كلامهم والإعراض بالكلية عنهم، بل وتبديعهم وتفسيقهم والتحذير منهم ومن كتاباتهم، كيف وقد خالفوا عمدا أهل القرون المفضلة!! وإن كانت الأخرى فكيف نثق بما سطروه في كتبهم مما هو من أساسيات الشريعة؟!! وكيف تأتى لنا نحن أن يكون فهمنا أصوب من فهمهم؟!! ولماذا فهموا مذاهب السلف في الفروع، ولم يفهموا مذاهبهم في الأصول؟ حتى قال قائل القوم: أشعرية في الأصول مالكية في الفروع!!!
لا يخفى ما في هذين الطرحين من خطر، لأن أيا من الإجابات على الأسئلة المطروحة سينتج عنه نقض لعرى المعرفة الإسلامية، فقليل غير هؤلاء الأعلام ساهموا في إقامة صرحها.
والسلام عليكم.
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[22 - Dec-2009, مساء 12:01]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(كلامك مردود عليك)
أخي الكريم:
لا يجاب عن سؤال بسؤال ... وجميع ما أوردته يرد على شيخك الأشعري!! فإمّا أن يكون جماهير الأئمة السابقين (= قبل الأشعري) فهموا ووعوا مذهب جماهير الصحابة والتابعين ثم خالفوهم عمدا .....
الأخ الفاضل
السلام عليكم
هذا هروب منك للأمام، وعجز واضح عن الإجابة، فأنا لم أجب عن سؤالك بسؤال، لأني أجبتك عن سؤالك بقولي: هذه دعوى تحتاج منك لإثبات، يعني أن دعوى مخالفة الأعلام النبلاء الذين ذكرتهم وأمثالهم {ومن بينهم الإمام الأشعري} لجماهير الصحابة والتابعين والأئمة السابقين تحتاج منك لإقامة الأدلة على صحتها، فإن لم تفعل فما وجه النقد لهم وتخطئتهم، وإن فعلت فعند ذلك ترد عليك الأسئلة الأخرى التي ذكرتها آنفا.
والله المستعان.
والسلام عليكم.
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[22 - Dec-2009, مساء 12:45]ـ
أما مخالفة المتكلمين للسلف الصالح؛ فإنه معروف مشهور لا يرده إلا مكابر ..
بل يوجد من المنتسبين للأشعرية (معدودين في الأئمة) اعترفوا بتلكم المباينة ..
فما أدري ما سبب إصرار بعضهم على رد هاتيك المباينة، وهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار!
والله المستعان لا رب سواه ..
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[22 - Dec-2009, مساء 12:53]ـ
هذه دعوى تحتاج منك لإثبات،
فما رأيك أن نثبتها بقولِ إمام أشعري ..
لكن أخشى ما أخشاه ..
عند انقطاع المخالف ..
نسمع نفس الشريط الذي سمعناه ..
من مثل قولهم:
-كلام مدسوس
-ألم تر قوله في كيت وكيت
الخ هذه الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ..
والتي هي أولى باستحقاق قولهم: "هذه دعوى تحتاج منك لإثبات"
والله المستعان ..
-فهل أنت مستعدٌ لردِّ إثبات الدعوى بالدليل دون الكلام الإنشائي والمهاترات؟!
في انتظار الجواب على السؤال الأخير
بعدها أنقل ما يثبت تلكم الدعوى!
والله الموفق ..
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[22 - Dec-2009, مساء 08:38]ـ
فما رأيك أن نثبتها بقولِ إمام أشعري ..
لكن أخشى ما أخشاه ..
عند انقطاع المخالف ..
نسمع نفس الشريط الذي سمعناه ..
من مثل قولهم:
-كلام مدسوس
-ألم تر قوله في كيت وكيت
الخ هذه الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ..
والتي هي أولى باستحقاق قولهم: "هذه دعوى تحتاج منك لإثبات"
والله المستعان ..
-فهل أنت مستعدٌ لردِّ إثبات الدعوى بالدليل دون الكلام الإنشائي والمهاترات؟!
في انتظار الجواب على السؤال الأخير
بعدها أنقل ما يثبت تلكم الدعوى!
والله الموفق ..
الأخ الفاضل
السلام عليكم
هات ما عندك أخي، مع علمي مسبقا بما ستذكر، ومن ستذكر، لكن رجائي المواصلة والثبات بعدذلك، فسنحتاج بعد نقولاتك لتحرير محل النزاع، وعلى أساسه تكون المناظرة حتى يستبين الأمر وينجلي.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما قولك أن البعض من المخالفين عندما ينقطع ـ على حد تعبيرك ـ يتعذر بمثل قوله: كلام مدسوس، وغير ذلك، فاعلم أخي أن الأمر فيه من ذلك شيء كثير، ولا أدل على ذلك من كتاب الإمام الأشعري الإبانة، فإن المتداول بين الناس في السعودية وغيرها فيه سقط وحذف وزيادة، وأن أصح النسخ هو ما طبع محققا من قبل دكتورة اسمها (فوقية) التي قامت بعملها معتمدة على ست نسخ للكتاب بالإضافة للمطبوعة، بحيث استدركت فيه ووضحت الزيادة والنقص والسقط وغير ذلك، فلا تظنن أن مثل تلك المقولة مهرب من قبل بعض من ينقطع ـ زعمت.
ورجائي من المشرفين عدم حذف الموضوع، كما فعل ببعض مداخلاتي في السابق، فإن الغرض إنما هو إجلاء للأمر، ودفاع عن أهل العلم والحلم والورع.
والسلام عليكم.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[23 - Dec-2009, صباحاً 10:11]ـ
الأخ الفاضل
السلام عليكم
هذا هروب منك للأمام، وعجز واضح عن الإجابة، فأنا لم أجب عن سؤالك بسؤال، لأني أجبتك عن سؤالك بقولي: هذه دعوى تحتاج منك لإثبات، يعني أن دعوى مخالفة الأعلام النبلاء الذين ذكرتهم وأمثالهم {ومن بينهم الإمام الأشعري} لجماهير الصحابة والتابعين والأئمة السابقين تحتاج منك لإقامة الأدلة على صحتها، فإن لم تفعل فما وجه النقد لهم وتخطئتهم، وإن فعلت فعند ذلك ترد عليك الأسئلة الأخرى التي ذكرتها آنفا.
والله المستعان.
والسلام عليكم.
أخي الكريم!! بل أنت أولى بوصف الهروب منّي ذلك أنّي من سأل أوّلا فاخترت أنت تجاهل الجواب ثمّ رحت تقرر إلزاماتك الباهتة ظنا منك غفلة محاوريك عن أساليبكم في تحوير الكلام وتفضيل السياقات الجدلية على الكلام الواضح الصريح فحفرت حفرة أراك تعلق في شراكها التي نصبتها بيديك ولن يخرجك منها أحد أمّا عن طلبك فهو مجاب بإذن الله وفوق ما تتصور وحسبي أنّه سؤال مضحك جاء في ثنايا موضوع يدور حول كتاب يردّ على الأشعرية وينقض أصولها ويبين مجانبتها لمنهج أهل السنة في العديد من أبواب الإعتقاد بدء من مسائل التوحيد إلى مسائل الإيمان إلى القضاء القدر والحكمة والتعليل إلى النبوات وغيرها فهلاّ قرأ المخالف الكتاب وأتحفنا بملاحظاته أم تراه إطّلع عليه وأقرّ بما جاء فيه!! ثمّ الأشعرية نفسها تعترف بمباينتها للسلف وإلاّ فما الذي دفعهم لقول (مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم) كما هو معروف في مؤلفاتهم وما الدافع لقولهم إذا (أشعرية الأصول مالكية-مثلا- الفروع ... ) فإن لم يكن هذا إقرارا منهم بمخالفتهم للسلف فماذا يكون؟!! ولكن لي طلب بسيط قبل أن أثبت لك المباينة تفصيلا وهو أن تقرني في كل مرة أنسب فيها قولا ما للأشعرية بأنّه قولهم حتى لا تأتي في الأخير وتتهمني بما تعلم قبل غيرك براءتي منه وهو شرط نتج عن تجربة سابقة في الحوار مع -بعض-الأشعرية - دفعت إليها دفعا - لانعدام من يكفيني ذلك من طلاّب العلم حينها أمّا الآن فلن أسوق لك شيئا حتى تخبرني:
هل القول بأنّ ظاهر الصفات - ما عدا سبعا منها كالسمع والبصر والحياة ... - يقتضي التشبيه هو قول الأشعرية أم هذا إفتراء عليهم؟؟؟
ـ[سفينة الصحراء]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 02:19]ـ
الأخ العاصمي
أعجبتني طريقتك في هذا الموضوع
ولكن عندي استفسار:
متى تهتم أخي الكريم بردود الأشاعرة، ومتى تنبه القراء إلى ردودهم على أهل السنة!!؟
ماذا لو كان صاحب الكتاب ليس سفر الحوالي، وكان مثلا علي حسن السلفي الأثري؟
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 03:54]ـ
أخي الكريم!! بل أنت أولى بوصف الهروب منّي ذلك أنّي من سأل أوّلا فاخترت أنت تجاهل الجواب ثمّ رحت تقرر إلزاماتك الباهتة ظنا منك غفلة محاوريك عن أساليبكم في تحوير الكلام وتفضيل السياقات الجدلية على الكلام الواضح الصريح فحفرت حفرة أراك تعلق في شراكها التي نصبتها بيديك ولن يخرجك منها أحد
السلام عليكم.
هذا والله العجب، لقد أجبتك أيها الفاضل وقلت لك ما مؤداه أن من ذكرت لم يخالفوا السلف فيما ذهبوا إليه، وطلبت منك أن تثبت مخالفتهم للسلف؛ لأن المطالب بالدليل والإثبات إنما هو النافي لاتفاقهم مع السلف ـ الذي هو أنت، لا المثبت ـ الذي هو أنا، فتعقل.
والتي سميتها إلزامات باهتة هي في حقيقتها من القوة بحيث لم تستطع الإجابة عنها، ولم تأت لي بشيء يثبت أن من ذكرت من أعلام ومن هو على شاكلتهم خالفوا السلف عموما، وفي مسائل الصفات على وجه الخصوص، بل رحت تراوغ وتصفني بأني أفضل السياقات الجدلية على الكلام الواضح الصريح، فلا أدري عن أي سياقات جدلية تتحدث، فكلامي وسؤالاتي هي من الوضوح والصراحة بحيث يفهمها كل عربي أو ناطق بالعربية من غير العرب، ومع ذلك فإنني أتحداك مرة أخرى أن تجيب عليها إجابة بكلام واضح وصريح ـ على حد تعبيرك.
أمّا عن طلبك فهو مجاب بإذن الله وفوق ما تتصور
هات ما عندك أخي فأنا في الانتظار.
ثمّ الأشعرية نفسها تعترف بمباينتها للسلف وإلاّ فما الذي دفعهم لقول (مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم) كما هو معروف في مؤلفاتهم وما الدافع لقولهم إذا (أشعرية الأصول مالكية-مثلا- الفروع ... ) فإن لم يكن هذا إقرارا منهم بمخالفتهم للسلف فماذا يكون؟!!
أما القول الأول (مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم) فهو مبني على ما ذكرت لك أعلاه أننا نريد تحرير محل النزاع أولا، لنستبين رأي السلف الصحيح في هذه المباحث حتى نتبين الفرق بين الرأيين، وإلى أي مدى يصدق هذا القول، وهل كان رأي السلف دائما على منوال واحد، أم أيضا ثبت عنهم ما يظن كثيرون أنه مقصور على خلفهم؟
وأما القول الثاني (أشعرية الأصول مالكية-مثلا- الفروع ... ) فهو أعجب ما يمكن أن يستدل به على مخالفة الخلف للسلف؟ فالفروع شيء والأصول شيء آخر، فالجصاص هو من الأئمة المعتبرين في المذهب الحنفي، وهومع ذلك معتزلي، والقاضي عبد الجبار كان شافعيا مع أنه رئيس المعتزلة، وابن الجوزي حنبلي أشعري.
فأجب على تساؤلاتي أولا ثم أنا أرد على كل ما أردته.
ولك الشكر.
والسلام عليكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو اسحاق المغربي]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 07:34]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حياكم الله بالاسلام
ممكن نعيد النظر في كل الكلام و نبحث هل كلام الرجال يستدل به ام له؟
فاذا كان يستدل به فباي الكلام نأخذ أ بكلام اهل الكلام، ام بمن قال فيهم عز و جل {فان امنوا بمثل ما امنتم به فقد اهتدوا وان تولوا فانما هم في شقاق} هذا من جهة
و من جهة اخرى اذا كان كلام الرجال يستدل له فما علينا الا الالتزام بنصوص الوحيين و نمرها كما جاءت و لا يلزمنا كل قول خالف النصوص سواء كان من عالم من اهل السنة مثل النووي او بن حجر العسقلاني او من غيرهم مثل الباقلاني و بن العربي ...
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[23 - Dec-2009, مساء 08:34]ـ
الأخ العاصمي
أعجبتني طريقتك في هذا الموضوع
ولكن عندي استفسار:
متى تهتم أخي الكريم بردود الأشاعرة، ومتى تنبه القراء إلى ردودهم على أهل السنة!!؟
ماذا لو كان صاحب الكتاب ليس سفر الحوالي، وكان مثلا علي حسن السلفي الأثري؟
أخي الكريم: عندما يهاجم الشيخ سفر لأنّه دافع عن السنة يكون خذلانه خذلانا للسنة وعندما يهاجم الشيخ علي لأنّه دافع عن السنة يكون خذلانه خذلانا للسنة .... فالعبرة بالسنة التي يدافع عنها سفر وعلي لا بشخصيهما ... أتمنى أن يفهم أخي الكلام على وجهه ولا أخالني غامضا إلى الدرجة التي أضطر فيها كلّ مرة إلى شرح أقوالي فإن كان الخلل في الأسلوب الذي يسيل به قلمي فأرجوا من الإخوة المعذرة إذ لو كنت أعتقد بأنني مع غير إخوتي ما بقيت بينكم وما أنست برفقتكم وكوني أخالف بعضكم في كثير من تصوراته التي يظنها حقا وأظنها باطلا إلا أنّ هذا لم يدفعني يوما إلى حمل الغلّ أو الحقد على أحد بل تعلمت من استماعي لمحاضرات العلامة الألباني رحمه الله النافعة ومجالسه الماتعة وحفظت عنه قوله (قل كلمتك وامشي) أرجوا أن يكون جوابي صريحا وأن يكون فهم أخي صحيحا فإن كان له إشكال فليراسلني على الخاص ولن يجد من أخيه إلا الصدق والصراحة وأنا في الإنتظار ....
ـ[ابو البراء الغزي]ــــــــ[24 - Dec-2009, مساء 02:06]ـ
اخي العاصمي غفر الله لك و لوالديك و لمحبيك امين و الحاضرين
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[24 - Dec-2009, مساء 06:31]ـ
السلام عليكم.
هذا والله العجب، لقد أجبتك أيها الفاضل وقلت لك ما مؤداه أن من ذكرت لم يخالفوا السلف فيما ذهبوا إليه، وطلبت منك أن تثبت مخالفتهم للسلف؛ لأن المطالب بالدليل والإثبات إنما هو النافي لاتفاقهم مع السلف ـ الذي هو أنت، لا المثبت ـ الذي هو أنا، فتعقل.
والتي سميتها إلزامات باهتة هي في حقيقتها من القوة بحيث لم تستطع الإجابة عنها، ولم تأت لي بشيء يثبت أن من ذكرت من أعلام ومن هو على شاكلتهم خالفوا السلف عموما، وفي مسائل الصفات على وجه الخصوص، بل رحت تراوغ وتصفني بأني أفضل السياقات الجدلية على الكلام الواضح الصريح، فلا أدري عن أي سياقات جدلية تتحدث، فكلامي وسؤالاتي هي من الوضوح والصراحة بحيث يفهمها كل عربي أو ناطق بالعربية من غير العرب، ومع ذلك فإنني أتحداك مرة أخرى أن تجيب عليها إجابة بكلام واضح وصريح ـ على حد تعبيرك. .
وعليكم السلام
بل هي تساؤلات باهتة وفاسدة خرجت من عقل مكابر ينكر الشمس المشرقة في اليوم الصافي وقد تأمّلت في قولك (هي في حقيقتها من القوة بحيث لم تستطع الإجابة عنها) فعلت محياي ابتسامة عريضة وحمدت الله على نعمة العقل ثمّ قلت في نفسي ترى أي نوع من الأشخاص هو فوزي فإذا بي وقد حملتني الذكرى إلى أيام الصبى فتذكرت روايات الأدب الغربي وأبطاله الخياليين وقد شدني كلامك إلى شخصية حالمة تدعى (الدونكيشوت دي لا مانشا) فقد كان مثلك غارقا في أوهامه يظنّ حماره الصغير حصانا فيراه القوم مارا بمجالسهم وهو يلوّح بسيفه الخشبي فيعجبون من حاله ويستغربون من جرأته وخياله فأنت كذلك أخي فوزي تظن تلك الأعجاز الخاوية أدلة قاهرة وبراهين تسلب العقول لكنها سرعان ما تنهار عند أول هبوب للرياح وحسبي من غفلتك أنك لم تنتبه لما أوردته عليك أو لعلك لم تدركه ولم تستطع استيعابه فالعتب علي لأنني وثقت في ذكائك إلاّ أنّ الأمر على خلاف ما اشتهيت فلا بأس بالإعادة ولا أظننا نختلف بأن لا أشعرية قبل الأشعري ومن إدعى ذلك فعليه الدليل!! فإذا كان الأمر كذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
-وهو كذلك- علم الجميع بأنّ الحق مستغن عن الأشعري لأن الحق كان ولم يكن الأشعري موجودا فإذا كان الأمر كذلك حينها فهو كذلك إلى يوم القيامة إذ لم تكن الأمة يوما ضالة تائهة ضائعة تنتظر توبة معتزلي من بدعته حتى يبين لها الحق ويخرجها من التيه وهذا ما لا سبيل لك لدفعه بل هو سيف مسلط على رأسك والعجيب أنني قد أشرت عليك بقراءة كتاب الشيخ الفاضل سفر إلا أنّك قد تجاهلت الأمر غفلة أو مكرا وهذه الثانية عليك إذ في كتاب الشيخ ما تطالبني بنقله فقد تتبعأهل نحلتك في جميع الأبواب التي بان فيها فساد نهجهم واضطراب تصورهم ومباينتهم للسلف ولم يترك منها شيئا فيما أظنّ إلاّ أنّك لم تعر تلك الإشارة اهتماما مثلما هو المفروض لكنك فضّلت الشغب والاستنسار والصراخ وإثارة الغبار وقد توقعت هذا منك لسابق عهدي بأمثالك فطلبت منك طلبا بسيطا حتى لا تتهمني بما هو حالك الآن بأن تقرّ في كلّ مرة أسوق لك فيها قولا من أقوال قومك بأنّه قولهم حتى لا تقول بعد أن ننقضه ونبين مخالفته للسلف بأنّنا نفتري عليك وعلى قومك إلاّ أنّك وللمرة الثانية فضلت التجاهل والمضي قدما فيما تريد إقناع نفسك به فهل تريد فعلا برهانا آخر على تهافت (القوة التي لا يستطيع أحد الإجابة عنها)؟!!! أظن بأنّ الأمر واضح وواضح جدا واضح إلى الدرجة التي صرت معها لا تبصر إلاّ نفسك فإليك هدية ولتجعلها فوق الحساب فقط فليس البخل من شيم العرب فقد جاء في كتاب (رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري وكتابه الإبانة) للقاضي أبو القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس (ينسبها بعض المحققين لابن أخيه الفقيه إبراهيم ابن الفقيه الإمام أبي عمرو عثمان بن عيسى بن درباس) بعد ثنائه على أبي الحسن الأشعري رحمه الله وإثبات رجوعه إلى عقيدة السلف من خلال تأليفه للإبانة هذا الكتاب الذي تقشعر من ذكره قلوب أمثال فوزي رغم كونه رجوعا غير تام لم تزل تشوبه بقايا ورواسب الكلابية قال في فضح أسلاف فوزي
((ومنهم الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي فإنه قال في بيان مسألة الاستواء من تواليفه [من تأليفه]:
ما أخبرنا به الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت قال: رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي العرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري.
وما هذا بأول باطل ادَّعوه وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه المرسوم بـ (الإبانة عن أصول الديانة) أدلة من جملة ما ذكرته في إثبات الاستواء.
وقال في [جملة] ذلك: ومن دعاء أهل الإسلام جميعًا إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل [هم] يقولون: يا ساكن العرش.
ثم قال: ومن حَلِفِهِمء جميعًا [قولهم:] لا والذي احتجب بسبع سماوات.
هذا آخر ما حكاه، وهو في الإبانة كما ذكره [(ص 115)].)) انتهى
وهذا النص مفيد جدا لمن أراد دراسة أطوار المذهب الأشعري ودرجات إنحرافه عن منهج أهل الحديث المهم هو أنّ هذا النص هو من أبلغ الأدلة على انحراف القوم وكما قلت ليس هذا سوى هدية فوق الحساب ولا يزال أمامه أمور للجواب عنها ستأتي في وقتها إن شاء الله ومنها منابذة أئمة أهل السنة للأشعرية وعدم رضاهم عنهم وعن نهجهم وقد اعترف الحافظ ابن عساكر وهو من الاشاعرة بهذه الحقيقة الصارخة اذ يقول في التبيين ص 331
(فان قيل ان الجم الغفير في سائر الازمان واكثر العامة في جميع البلدان
لا يقتدون بالاشعري ولايقلدونه ولا يرون مذهبه وهم السواد الاعظم وسبيلهم السبيل الاقوم .. )
وعلق ابن المبرد على هذا الكلام بقوله:
(وهذا الكلام يدل على صحة ما قلنا وانه في ذلك العصر وما بعده كانت الغلبة عليهم وبعد لم يظهر
شانهم) ص 2283 ورحم الله شيخ الشافعية أبو إسحاق الشيرازي (ت476ه) إذ يقول: (إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم إلى الحنابلة)
أما القول الأول (مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم) فهو مبني على ما ذكرت لك أعلاه أننا نريد تحرير محل النزاع أولا، لنستبين رأي السلف الصحيح في هذه المباحث حتى نتبين الفرق بين الرأيين، وإلى أي مدى يصدق هذا القول، وهل كان رأي السلف دائما على منوال واحد، أم أيضا ثبت عنهم ما يظن كثيرون أنه مقصور على خلفهم؟.
بل هو اعتراف صريح من قومك على مخالفتهم لمنهج السلف وإلاّ فما معنى تفريقهم بين المنهجين؟
وأما القول الثاني (أشعرية الأصول مالكية-مثلا- الفروع ... ) فهو أعجب ما يمكن أن يستدل به على مخالفة الخلف للسلف؟ فالفروع شيء والأصول شيء آخر،.
بل هذا من اعترافات قومك!! فلو كانوا موافقين لمالك رحمه الله لقالوا نحن مالكية وكفى وإلاّ فما معنى تفريقهم بين أصول وفروع مالك رحمه الله؟!! ما الذي أقلقهم في أصول مالك حتى تبرؤوا منه وانتسبوا لغيره؟!! هذا ما أردت تنبيهك إليه فافهمه فإنه بسيط
ختاما أعيد عليك طلبي وأرجوا أن لا تخيبني هذه المرة:
هل القول بأنّ ظاهر الصفات - ما عدا سبعا منها كالسمع والبصر والحياة ... - يقتضي التشبيه هو قول الأشعرية أم هذا إفتراء عليهم؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[26 - Dec-2009, صباحاً 01:46]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تحية طيبة وبعد ـ
كلا يا أخي فليست تساؤلاتي تساؤلات باهتة وفاسدة خرجت ـ على رأيك ـ من عقل مكابر ينكر الشمس المشرقة في اليوم الصافي، ولا هي بأعجاز خاوية كما وصفتها، بل هي غصص في حلقك وحلوق من هو على شاكلتك، كيف لا، وأنتم ترون أن غالب أئمة أهل الحديث والأثر شراح الصحيحين والسنن، والجمهور الأعظم من الفقهاء والمفسرين واللغويين ليسوا على طريقتكم، فأنى لك ولأمثالك أن تجيب عن هذه (الكارثة الشنعاء والورطة الدهياء التي أصابتكم)، فرحت تراوغ وتراوغ، وتتهمني بنقص العقل، وأنني غارق في أوهامي، مشبها إياي بدونكيشوت، ثم عتبت على نفسك أنك وثقت في ذكائي، فحسبي وحسبك الله، واعلم أن كلامك في وفي غيري من طلاب العلم هو منك متوقع، فمن يتهم أماجد الأمة وأعلامها بالابتداع فلأن يجرؤ على من هو دونهم أولى، كيف وقد قسا القلب، وإني لأرجو أن تعود لنفسك فتنظر كيف أن حالك تغير إلى سوء بعد أن انضممت لمن يلغون في أعراض العلماء، وينهشون لحومهم، وأنا أعتقد جازما أن ذلك حصل، ولو حاولت إخفاءه، أو إقناع نفسك أنه لا علاقة، فالله آذن بالحرب من يعادي أولياءه، ولا أظنك تنكر أن أمثال النووي وابن حجر والبيهقي والرامهرمزي وعياض والمازري والأشعري وغيرهم ممن اتهمتهم ومن على شاكلتك في عقيدتهم، وأن بعضهم متذبذبون في العقيدة ـ كما قال الشيخ سفر في ابن حجر ـ عليه رحمة الله ـ لا أظن أنك تنكر أنهم من أولياء الله وخاصته، ولا نزكيهم على الله، وعموما فأنا أدعوك لفتح الرابط المرفق ففيه مفاجأة لك؛ فإن نفرا من قومك الجدد يرون في جماهير علماء الأمة غير ما ترى أنت ومن على شاكلتك، (أقول قومك الجدد لأنني أعلم أن علماء الجزائر المجاهدة ليسوا على ما أنت عليه عدا نفر ممن تمسلفوا، والله المستعان).
http://islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-109797.htm
أما إشارتك علي بأن أقرأ كتاب الشيخ سفر الحوالي ـ غفر الله له ـ فقد فعلت منذ سنوات، وقد وجدته جانب الصواب فيه، فلم يكن منصفا البتة، ولم يتبع فيه المنهج العلمي في تتبع أقوال القوم من كتبهم في أكثر مباحثه، بل نقله عن كتب مناوئيهم من أمثال الشيخين الإمامين ابن تيمية وابن القيم ـ رحمهما الله. وحتى ما نقله عن كتبهم لم يعرضه على الكتاب والسنة فيعلم هل هو موافق أم مخالف، بل فيه من الإيهام والتدليس على القراء الشيء الكثير، صحيح أن في بعض كتب المطولات عندهم مباحث فلسفية وكلامية ليست وثيقة الصلة بموضوعات العقيدة، وإنما أوردوها من باب الترف العلمي، وتأثرا ببعض المناهج الفلسلفية، وهي لا تسلم لهم ولا يتبعون فيها. وأنا أدعوك في هذا المقام لمعاودة الاطلاع على رد الدكتور صلاح الدين الأدلبي على الشيخ صفر، وكتاب درر الألفاظ العوالي في الرد على الموجان والحوالي للشيخ غيث الغالبي، وتأمل مباحثهما والردود التي فيهما جيدا، وابتعد عافاك الله عن التقليد الأعمى تنج، وإن كنت تريد ردا لحسن السقاف ـ هداه الله من تشيعه ـ فسأرسله لك، وأسجل هنا ملاحظة وهي أنني تعلوني ابتسامة عريضة كلما قرأت قول الدكتور سفر الحوالي في كتابه هذا: "ولولا ضيق المجال لسردت قائمة متوازية أذكر فيها كبار الأشاعرة ومن عاصرهم من كبار أهل السنة والجماعة الذين يفوقون أولئك عدداً وعلماً وفضلاً "، فأنا وأنت وهو نعلم يقينا أنه لو كان الأمر كذلك فإنه والله لن يتوانى لحظة واحدة في سرد تلك القائمة، لكن هيهات فالعدد لا يسعفه بغير النزر من العلماء، يغفر الله لنا ولهم.
أما قولك بأن لا أشعرية قبل الأشعري فأنا متفق معك تماما، وأزيدك بأن لا مالكية قبل مالك!!! ولا شافعية قبل الشافعي!!! ولا حنبلية قبل أحمد!!! ـ رحمة الله على الجميع. وأتفق معك تماما أيضا بأنّ الحق مستغن عن الأشعري لكن لو قام غيره ببيان الحق كما بينه هو، وقولك هذا ينبئ عن جهل بما كانت عليه أحوال الأمة وقت خروج الأشعري من انتشار للفتن في جانب العقيدة، وظهور للفرق البدعية التي نفثت سمومها في الأمة، كالمعتزلة والمرجئة والجهمية والرافضة والخوارج. نعم كان لجهود كثير من الفقهاء والمحدثين أثر كبير في دفع هذه الفتن، ولكن مجهوداتهم لم تكن كافية مع تعاظم الشبهات، التي استعمل فيها أصحابها ما
(يُتْبَعُ)
(/)
ظنوه حججا عقلية، أثرت تأثيرا واقعيا في عوام الأمة، بل وفي بعض فقهائها وأمرائها، ولك فيما وقع للإمام أحمد وكثير غيره من فقهاء وعلماء الأمةـ رحمهم الله جميعا ـ من محنة من خلفاء بني العباس الذين تبنوا رأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن ـ لك في ذلك المثال الواضح والأوفى، فلم يبق لقولك: "إذ لم تكن الأمة يوما ضالة تائهة ضائعة تنتظر توبة معتزلي من بدعته حتى يبين لها الحق ويخرجها من التيه" والذي وصفته بأنه "ما لا سبيل لك لدفعه بل هو سيف مسلط على رأسك" ـ أقول: لم يبق له وزن، والذي أخشاه عليك أن يمسك الله بتذكير من عنده أنك تتهجم على أوليائه بلمزك إياهم بكلام فاحش.
هل تعلم ما هي مشكلتك ومن هو على شاكلتك؟ إنكم لا تقرؤون ومع ذلك تتعالمون، وإذا قرأتم لا تنصفون، يعمد أحدكم إلى كتب فئة معينة من المؤلفين فيشربها نفسه، ويعتنق الأفكار التي فيها دون عرضها على ميزان الكتاب والسنة، وميزان أهل العلم القائم على التحقق من الأخبار والدعاوى، والمؤسس على تلك القاعدة الذهبية: "إن كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيا فالدليل". إن شيخ الإسلام ابن تيمية إمام من أئمة المسلمين، ساهم في بناء صرح هذا العلم، وفي تشييد أسس الثقافة الإسلامية العامرة، وبحوثه وكتاباته فيها من الاجتهاد والعلم غير المسبوق ما لا يخفى على كل منصف، لكن ابن تيمية بشر يصيب ويخطأ، ومن ثم فهو داخل قسرا في قول الإمام مالك ـ رحمه الله ـ "كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر"، (ومن المجانبة للإنصاف تقديره لدرجة التقديس، ورفعه إلى مرتبة تكاد تصل به إلى العصمة، التي لا يستحقها مَن سوى الأنبياء والمرسلين؛ حتى إن أقوال سابقيه ولاحقيه من العلماء توزن ـ عند كثير ممن فُتنوا به لحد التقديس ـ بالعرض على كلامه، لا على نصوص الكتاب والسنة، وأساليب اللغة وموازين العقول)، ولك أن تستعرض كتب كثير من مؤلفي الدراسات الفقهية والحديثية والعقدية في هذا العصر وستجد صدق ما ذكرته، مع الادعاء دائما أن الكل يؤخذ منه ويرد، ولكن الواقع يكذبه، فهل رأيت أحدا انتقد رأيا لابن تيمية، ولو كان عكس ما عليه الأمة، بل عكس ما هو واضح وصريح في القرآن والسنة!! وإن وقع فيعدون قوله من الأقوال الاجتهادية في المسألة المعروضة، فلا يتعرضون له بتخطئة مهما قال، ولك في مسألة فناء النار أوضح مثال على ذلك، حيث وصل الحد بأحدهم إلى المباهلة على أن النار تفنى، وما ذلك إلا لأنه رأي لابن تيمية ـ رحمه الله تعالى. فهل رأيت تقديسا أكثر من هذا التقديس، ثم يرمون الغير بما هو فيهم، بحيث ينطبق عليهم المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت.
والآن ما هو برأيكم الأمر الذي خرج به الأشاعرة عن دائرة أهل السنة والجماعة بالمعنى الخاص، وإن كانوا هم من أهل السنة بالمعنى العام ـ كما زعم ونظر لذلك الدكتور الفاضل سفر الحوالي؟ إن أهم مسألة تلوكونها وتدعون فيها أن الأشاعرة خالفوا فيها السلف هي مسألة تأويل الصفات، فالمعروف أن الأشاعرة لهم في ذلك منهجان: منهج تفويض المعنى، ومنهج التأويل. فهل يا ترى حقا لم يرد عن السلف أنهم فوضوا معاني هذه الصفات؟ وهل ترى حقا كذلك أنه لم يرد عن بعضهم تأويل؟
والجواب: كلا، وألف كلا. فقد ورد عنهم كل ذلك، وهاك البيان، ولنبدأ بالتأويل:
1. تأويل ابن عباس وغيره للساق بالشدة:
روى ابن أبي حاتم في تفسيره عند قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق " من طريق عكرمة، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه سئل عن قوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق" قال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر؛ فإنه ديوان العرب ... ثم قال ابن عباس:" هذا يوم كرب وشدة".
وعن ابن عباس في قوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق" قال: هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة".
وفي تفسير عبد الرزاق: روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى "يوم يكشف عن ساق" قال: "يكشف عن شدة الأمر"
وفي تفسير الطبري: قال الإمام الطبري عليه رحمة الله:
حدثنا ابن حميد، قال ثنا مهران، عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن عباس: "يوم يكشف عن ساق" قال: "عن أمر عظيم"، كقول الشاعر: وقامت الحرب بنا على ساق.
وحدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن ابن عباس:قوله: "يوم يكشف عن ساق" هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحدثني الحارث، قال: شدة الأمر، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
قوله" يوم يكشف عن ساق" قال: "شدة الأمر".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بن جبير، قال: "عن شدة الأمر".
2. تأويل ابن عباس وغيره من السلف الإتيان بإتيان الأمر:
قال القرطبي في تفسيره: عند قوله تعالى: "أو يأتي ربك"، قال ابن عباس و الضحاك: أمر ربك فيهم بالقتل أو غيره، قال: وقد يذكر المضاف إليه والمراد به المضاف، كقوله تعالى: "واسأل القرية" (يوسف: 82) يعني أهل القرية، وقوله: "وأشربوا في قلوبهم العجل" (البقرة: 93) أي حب العجل، كذلك هنا: يأتي أمر ربك، أي: عقوبة ربك وعذاب ربك. اهـ
3. تأويل ابن عباس وغيره من السلف الكرسي بالعلم:
في تفسير ابن أبي حاتم عند تفسير قوله تعالى: "وسع كرسيه السموات والأرض" قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا ابن إدريس، عن مطرف بن طريف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قوله: "وسع كرسيه السموات والأرض" قال: علمه.
وفي تفسير ابن جرير
حدثنا أبو كريب ومسلم بن جنادة، قالا: حدثنا ابن إدريس، عن مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"وسع كرسيه" قال: كرسيه علمه.
ثم قال ابن جرير بعد ذلك:وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن، فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال: هو علمه؛ وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره: "ولا يؤوده حفظهما" على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم وأحاط به مما في السماوات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: "ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما". قال أبو جعفر: وأصل الكرسي العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة، ومنه قول الراجز في صفة قانص: حتى إذا ما احتازها تكرسا
يعني علم، ومنه يقال للعلماء الكراسي، لأنهم المعتمد عليهم ...
4. تأويل ابن عباس وغيره من السلف الأيدي بالقوة:
في تفسير ابن جرير في قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" يقول تعالى ذكره: والسماء رفعناها سقفاً بقوة، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس:قوله "والسماء بنيناها بأيد" يقول: بقوة. حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد:قوله "بأيد" قال: بقوة.
حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة:"والسماء بنيناها بأيد" أي بقوة.
حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة عن منصور:أنه قال في هذه الآية: "والسماء بنيناها بأيد" قال: بقوة.
حدثنا ابن حميد قال: ثنا مهران عن سفيان: "والسماء بنيناها بأيد قال بقوة. اهـ
5. تأويل الامام أحمد للمجئ بمجئ القدرة:
جاء في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير (10/ 327 نقلا عن البيهقي في كتابه (مناقب أحمد) قوله: وأنبأنا الحاكم، قال حدثنا أبو عمرو السماك، قال حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: سمعت عمي أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ يقول: احتجوا علي يومئذ (يعني يوم نوظر) في دار أمير المؤمنين، فقالوا تجئ سورة البقرة يوم القيامة وتجئ سورة تبارك فقلت لهم إنما هو الثواب قال تعالى وجاء ربك إنما تأتي قدرته وإنما القرآن أمثال ومواعظ.
قال البيهقي: هذا إسناد صحيح لا غبار عليه، وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيء الذي ورد به الكتاب و النزول الذي وردت به السنة انتقالا من مكان إلى مكان كمجيء ذوات الأجسام ونزولها وإنما هو عبارة عن ظهور آيات قدرته، ... وهذا الجواب الذي أجابهم به أبو عبد الله لا يهتدي إليه إلا الحذاق من أهل العلم المنزهون عن التشبيه. اهـ
وأعلم أن هناك من رد هذه الرواية عن الإمام أحمد بأنها من رواية حنبل عنه، وروايات حنبل فيها ما فيها، وادعى بأنها لو صدقت فإن مراد أحمد كذا وكذا، وروى تأويلات تعسفية لا تمت للوارد بصلة، ولكنه التعصب.
6. تأويل الإمام البخاري الضحك بالرحمة:
في الأسماء والصفات للبيهقي، ص 470 عن البخاري قال: "معنى الضحك الرحمة" اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفيه في الصفحة رقم 298: روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال:"معنى الضحك فيه - أي حديث الضحك – الرحمة. اهـ
7. تأويل الحسن البصري والنضر بن شميل القدم بمن سبق بهم العلم:
في الأسماء والصفات للبيهقي ص 352 أن النضر بن شميل قال في حديث "حتى يضع الجبار فيها قدمه" أي: من سبق في علمه أنه من أهل النار.
وفي دفع شبه التشبيه لابن الجوزي: وقد حكي أبو عبيد الهروي - صاحب كتاب غريب القرآن والحديث - عن الحسن البصري أنه قال:القدم هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها. اهـ
8. تأويل ابن جرير الطبري للاستواء بعلو السلطان:
في تفسير ابن جرير في قوله تعالى: " ثم استوى إلى السماء" قال: والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: (ثم استوى إلى السماء) الذي هو بمعنى: العلو والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم يبج مما هرب منه، فيقال له:زعمت أن تأويل قوله: "استوى: أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال) اهـ
9. تأويل ابن حبان القدم بالموضع:
في صحيح ابن حبان 1/ 502:في حديث "حتى يضع الرب قدمه فيها - أي جهنم"قال:
" هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة، وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي يعصى الله عليها، فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والأمكنة في النار فتمتلئ، فتقول: قط قط، تريد: حسبي، حسبي، لان العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع، قال الله جل وعلا: (لهم قدم صدق عند ربهم) يريد موضع صدق، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار، جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه) اهـ
10. تأويل الإمام مالك ويحي بن بكير النزول بنزول الأمر:
في التمهيد لابن عبد البر 7/ 143 وسير أعلام النبلاء 8 105 /
قال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، حدثنا صالح بن أيوب حدثنا حبيب بن أبي حبيب حدثني مالك قال: " يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره، فأما هو فدائم لا يزول "
قال صالح: فذكرت ذلك ليحيى بن بكير، فقال حسن والله، ولم أسمعه من مالك) اهـ
11. تأويل الحسن المجيء بمجيء الأمر والقضاء، وتأويله الكلبي بنزول الحكم:
في تفسير الإمام البغوي 4/ 454 عند قوله تعالى: "وجاء ربك والملك صفا" وجاء ربك، قال الحسن: جاء أمره وقضاؤه، وقال الكلبي: ينزل حكمه.
12. تأويل الأعمش و الترمذي الهرولة بالمغفرة والرحمة:
في سنن الترمذي 5/ 581:عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن اقترب إلي شبرا اقتربت منه ذراعا، وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح، ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث "من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا" يعني بالمغفرة والرحمة، وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا إنما معناه يقول: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وما أمرت أسرعت إليه بمغفرتي ورحمتي. قال: وروي عن سعيد ابن جبير أنه قال في هذه الآية: " فاذكروني أذكركم" قال: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي. حدثنا عبد بن حميد، قال حدثنا الحسن بن موسى وعمرو بن هاشم الرملي عن بن لهيعة عن عطاء بن يسار عن سعيد بن جبير بهذا.
13. تأويل ابن المبارك الكنف بالستر:
في خلق أفعال العباد ص 78:
عن صفوان بن محرز، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: بينما أنا أمشي معه إذ جاءه رجل فقال يا بن عمر كيف سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يذكر في النجوى؟ قال سمعته يقول: "يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه، قال: فذكر صحيفة، فيقرره بذنوبه هل تعرف؟ فيقول رب أعرف، حتى يبلغ به ما شاء أن يبلغ، فيقول إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر فينادي على رؤوس الأشهاد، قال الله: "ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين"، قال بن المبارك كنفه يعني ستره.
فما رأيك الآن يا عاصمي يابن الجزائر المجاهدة.
لنا لقاء آخر إن شاء الله لأنقل لك بعض ما ورد عن السلف في تفويض المعنى، وأطلب من السادة المشرفين عدم حذف مشاركاتي.
والسلام عليكم.
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[26 - Dec-2009, صباحاً 02:02]ـ
أرجو عفو القراء؛ فقد التصقت بعض الكلمات بعضها ببعض في مشاركتي السابقة، مما هو ليس مسؤوليتي؛ فإن النص الذي كتبته على الوورد سليم مائة بالمائة، وعلى كل فإن السياق مفهوم.
والسلام عليكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[26 - Dec-2009, صباحاً 05:38]ـ
أود التنبيه الى أمر مهم .. أن محك التفرقة بين السلف و الأشاعرة المتأخرين-لكون المتقدمين على أصول أهل السنة في الغالب و ان خالفوا في بعض التطبيقات - ... ليس هو نفس التأويل ... فهذه مغالطة قد بينها شيخ الاسلام حين احتجوا عليه بنفس هذه النقول عن السلف و أمهلهم ثلاث سنين فلم يأتوا بشيء .. بل المحك هو في بيان غرض التأويل و هو الذي يفرق بين معنى التأويل عند السلف و معناه عند الجهمية و المعتزلة و الباطنية و متأخري الأشاعرة من المتكلمين .. فغرض السلف فيما سموه تأويلا هو التفسير من داخل الوحي سواء بعضه ببعض او بما يقتضيه الراجح من اللغة .. لا بشيء من خارج الوحي و ما أقره الوحي كأداة لتفسيره ... أي عند السلف التأويل عندهم تأويل من الداخل و هو معنى التفسير و تأويلاتهم و تفسيراتهم هي بهدف بيان النص و الظاهر بما فيها التأويلات المذكورة ... بخلاف المتكلمين الذين يقرون أنهم يعدلون عن الظاهر الى المعنى المرجوح .. فجعل التأويلين في سلة واحدة و ردهما الى جنس واحد سفسطة ... و الذي يفرق بين معنى التأويل عند المتكلمين و عند السلف أن المتكلمين تأويلهم لغرض خارجي عن مابين الشارع من وسائل التفسير .. فالمتكلمون في تأويلاتهم لا يقومون ببحث قرائن التفسير من داخل منظومة الوحي .. بل يصلون أولا الى قناعات من مجادلاتهم مع بعضهم و مع الملاحدة مبنية على أساس المنطق اليوناني الذي ارتضوه حكما معهم .. و حين يتناولون تفسير الوحي يحاولون مطابقة نصوصه مع هذه النتائج المنطقية .. أي استخدام معطى تفسيري خارج غريب عن منظومة الوحي .. و لهذا في تأويلاتهم لا يرون بأسا بالقول أنهم لا يبحثون عن الظاهر و أنهم يعدلون عنه لقرينة خارجية .. بينما السلف لم يقولوا قط أن تأويلاتهم ليست من ظاهر النص و لا أنهم يعدلون عنه .. بل يقولون انه هو الظاهر لقرائن داخلية .. و لهذا صح عنهم في مواضع أخرى في القرآن و السنة القول بالصفة و انها هي الظاهر لانعدام القرائن الموجودة في المواضع المسماة مأولة ... بينما تجد قول المتكلمين فيها قولا واحدا لا يختلف .. لوجود القرينة دائما كونها قرينة خارجية .. و لهذا حين تنبه الى هذا الخلل الكبير في مناهج المتكلمين الامام العبقري الفذ حجة الاسلام ابو حامد الغزالي أيام ثقته في مناهج الكلام .. صرح بما لم يجرؤ قبله من المتكلمين أن يصرحوا به .. من ضرورة ادماج هذه القرينة الخارجية المنطق اليوناني في ادوات المعرفة الاسلامية وجعلها قرينة داخلية و ان لا ثقة بمعرفة لا تقوم عليه .. و معروف اطباق الكبار على انكارها عليه
المقصود أن الضابط لمعرفة الفرق بين التأويلين هو الغرض منهما .. اذ الغرض عند السلف يبقى دائما بيان الظاهر و عند غيرهم من المتاخرين هو العدول عنه .. و آية ذلك الدالة على كون القرينة داخلية او خارجية ان الآخرين يصرحون دائما ان العلة الأساسية للتأويل هو منع التشبيه الذي يفيده ظاهر الآية بينما الآولون لم يقولوا قط هذا .. و البيان أن يقال ...
المطلوب أن يؤتى بما يسمى تأويلا لأحد من السلف يقول فيه أنه لمنع التشبيه او ان الاعتقاد بأن الله له ساق او أنه يجيء او ان له كرسيا يفيد التشبيه ... فلن تجده الا لهؤلاء المتكلمين و ان مددت المهلة الى أكثر من ثلاث سنوات
و ختاما اوصي نفسي و اخوتي بالابتعاد عن الشخصنة و التركيز على دحض المقالات و لو بشدة .. كفاني الله و اياكم شرور انفسنا
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[26 - Dec-2009, مساء 03:29]ـ
سبحان الله، عنزا ولو طارت يابن الرومية.
أود التنبيه الى أمر مهم .. أن محك التفرقة بين السلف و الأشاعرة المتأخرين-لكون المتقدمين على أصول أهل السنة في الغالب و ان خالفوا في بعض التطبيقات - ... ليس هو نفس التأويل ... فهذه مغالطة قد بينها شيخ الاسلام حين احتجوا عليه بنفس هذه النقول عن السلف و أمهلهم ثلاث سنين فلم يأتوا بشيء
من هم هؤلاء الذين أمهلهم شيخ الإسلام ثلاث سنوات، هلا ذكرتهم لنا، أم هي مجرد دعوى عارية عن أي دليل.
(يُتْبَعُ)
(/)
بل المحك هو في بيان غرض التأويل و هو الذي يفرق بين معنى التأويل عند السلف و معناه عند الجهمية و المعتزلة و الباطنية و متأخري الأشاعرة من المتكلمين .. فغرض السلف فيما سموه تأويلا هو التفسير من داخل الوحي سواء بعضه ببعض او بما يقتضيه الراجح من اللغة .. لا بشيء من خارج الوحي و ما أقره الوحي كأداة لتفسيره ... أي عند السلف التأويل عندهم تأويل من الداخل و هو معنى التفسير و تأويلاتهم و تفسيراتهم هي بهدف بيان النص و الظاهر بما فيها التأويلات المذكورة.
الحمد لله، فأنت ـ نقلا عن شيخ الإسلام ـ تقر بأن هذه النقولات عن هؤلاء الأئمة من السلف هي تأويلات، فلا يسعفك بعد ذلك ما ذكرته من أنها من داخل الوحي، أو أنها بما يقتضيه الراجح من اللغة، فذلك لا يغير من الأمر شيئا لأنها مجرد هروب من واقع مرير؛ وإلا فأين تجد صريحا في الوحي أن الضحك هو الرحمة، أو أن الأيدي هي القوة، أو أن الساق هي الكرب والشدة، لو كان ذلك موجودا لما أرشد ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أصحابه للتعرف عما أشكل عليهم معرفته من معاني القرآن لشعر العرب. ثم لو سلمنا جدلا أن ما ذكرته صحيح ألا ترى أن قولكم أن هذه التأويلات هي من داخل الوحي هو أرقى أنواع التفسير ألا وهو تفسير القرآن بالقرآن، أو السنة بالسنة؟
بخلاف المتكلمين الذين يقرون أنهم يعدلون عن الظاهر الى المعنى المرجوح .. فجعل التأويلين في سلة واحدة و ردهما الى جنس واحد سفسطة
عجبا؟!!! كلامك هو السفسطة يابن الرومية، لأنه لف ودوران.
و الذي يفرق بين معنى التأويل عند المتكلمين و عند السلف أن المتكلمين تأويلهم لغرض خارجي عن مابين الشارع من وسائل التفسير .. فالمتكلمون في تأويلاتهم لا يقومون ببحث قرائن التفسير من داخل منظومة الوحي .. بل يصلون أولا الى قناعات من مجادلاتهم مع بعضهم و مع الملاحدة مبنية على أساس المنطق اليوناني الذي ارتضوه حكما معهم .. و حين يتناولون تفسير الوحي يحاولون مطابقة نصوصه مع هذه النتائج المنطقية .. أي استخدام معطى تفسيري خارج غريب عن منظومة الوحي .. و لهذا في تأويلاتهم لا يرون بأسا بالقول أنهم لا يبحثون عن الظاهر و أنهم يعدلون عنه لقرينة خارجية ..
دعاوى عارية عن الدليل، واستمرار للسفسطة.
بينما السلف لم يقولوا قط أن تأويلاتهم ليست من ظاهر النص و لا أنهم يعدلون عنه .. بل يقولون انه هو الظاهر لقرائن داخلية .. و لهذا صح عنهم في مواضع أخرى في القرآن و السنة القول بالصفة و انها هي الظاهر لانعدام القرائن الموجودة في المواضع المسماة مأولة
من أصل لهذا من السلف يابن الرومية، هلا ذكرت لنا؟
أما قولك أنهم {صح عنهم في مواضع أخرى من القرآن والسنة القول بالصفة وأنها هي الظاهر لانعدام القرائن في المواضع المسماة مؤولة} هلا أسعفتنا بتلك المواضع التي صح عنهم القول بالصفة وأنها هي الظواهر لانعدام القرائن؟
المقصود أن الضابط لمعرفة الفرق بين التأويلين هو الغرض منهما .. اذ الغرض عند السلف يبقى دائما بيان الظاهر و عند غيرهم من المتاخرين هو العدول عنه .. و آية ذلك الدالة على كون القرينة داخلية او خارجية ان الآخرين يصرحون دائما ان العلة الأساسية للتأويل هو منع التشبيه الذي يفيده ظاهر الآية بينما الآولون لم يقولوا قط هذا .. و البيان أن يقال ...
المطلوب أن يؤتى بما يسمى تأويلا لأحد من السلف يقول فيه أنه لمنع التشبيه او ان الاعتقاد بأن الله له ساق او أنه يجيء او ان له كرسيا يفيد التشبيه ... فلن تجده الا لهؤلاء المتكلمين و ان مددت المهلة الى أكثر من ثلاث سنوات
يا سبحان الله!! ما الذي ألجأ من ذكرت من السلف أن يؤولوا هذه الصفات إلا لأنها قد توهم التشبيه!! ومع ذلك فإليك ما أردته، ولا حاجة لك لأن تمد المهلة:
في صحيح ابن حبان 1/ 502:في حديث "حتى يضع الرب قدمه فيها - أي جهنم"قال:
" هذاالخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة، وذلك أن يوم القيامة يلقى في النارمن الأمم والأمكنة التي يعصى الله عليها، فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلاموضعا من الكفار والأمكنة في النار فتمتلئ، فتقول: قط قط، تريد: حسبي، حسبي، لان العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع، قال الله جل وعلا: (لهم قدمصدق عند ربهم) يريد موضع صدق، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار، جل ربناوتعالى عن مثل هذا وأشباهه) اهـ
في التمهيد لابن عبد البر 7/ 143وسير أعلام النبلاء 8 105 /
قال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، حدثنا صالح بن أيوبحدثنا حبيب بن أبي حبيب حدثني مالك قال: " يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره، فأما هوفدائم لا يزول"
تأويل ابن جرير الطبري للاستواء بعلو السلطان:
في تفسير ابن جرير في قوله تعالى: " ثم استوى إلى السماء"قال: والعجب ممن أنكر المعنىالمفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: (ثم استوى إلى السماء) الذي هو بمعنى: العلو والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلكأن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويلهالمستنكر، ثم لم يبج مما هرب منه، فيقال له:زعمت أن تأويل قوله: "استوى: أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعلولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال) اهـ
وفي الختام أود أن أستفسر لماذا يا ترى حاول الإمام ابن ابن تيمية رد ما ورد عن الإمام أحمد ـ رحمة الله على الجميع ـ في قوله تعالى: "وجاء ربك" أن المراد أن تأتي قدرته؟ ألا ترى أن ذلك إنما كان لأن هذه الرواية كانت على غير ما عليه ابن تيمية رحمه الله؟
والسلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العباس]ــــــــ[26 - Dec-2009, مساء 04:46]ـ
المكابرة في كلام الأخ فوزي واضحة فهو يطلب إثبات الشمس في رابعة النهار
والنقول عن السلف سواء في منهجهم في الأسماء والصفات أو غيرها من عقائد الأشاعرة الضالة
كما في القدر والإيمان والنبوات وغيرها تجعل المطالبة بإثبات ذلك نوع دعابة يستخف بنا عن طريقها
ثم يقول:وأين تحداهم ابن تيمية, فإما أنك تكذّب ابن تيمية في كلامه عن الواسطية وما جرى له بسببها
وإما أنك تجهل فبئس الأمران
ولولم يكن للأشاعرة سوى عقيدتهم الإرجائية الغالية لكفى بهم ضلالاً
وأما زعمك أن الشيخ سفر أخذ كلامه عن ابن تيمية دون كلام الأشاعرة فوالله إنه لباطل
بل قد قرأ كلامهم من مظانه سواء في تفسير الرازي أو المواقف للإيجي أو كتب الباقلاني وانتهاء يالأشعري
كما قرأ كتاباتهم في العصر الحديث فأي تجن هذا الذي تنتهجه؟
ونحن نقول:وجدت الشيخ سفر جانب الصواب في كتابه, حسنا دعك من الشيخ سفر
وبين لنا أخطاء الإمام ابن تيمية في الواسطية أو التدمرية أو الحموية
وما نقلته عن ابن حبان لا يشهد لك بشيء فابن حبان منهجه في العقيدة متأثر بالأشاعرة كما لايخفى
رحمه الله وغفر له
وأما سؤال أيعقل أن هؤلاء الأكابر يوفقون في الفروع .. إلخ؟
فنقول هؤلاء لهم أخطاء في الأصول وفي الفروع, ولما كان الفروع أمرها يسيرا إذ هي تقبل الخلاف
ركزنا على الأخطاء التي في الأصول, كما نقول -على طريقتك في السؤال-أيعقل أن ابن مسعود وهو فقيه الصحابة الكبير (وهو على التحقيق أفقه من ابن عباس)
أن يذهل عن كون المعوذتين من القرآن؟ .. وقس عليها
ولمعرفة مباينة منهج الصحابة والسلف عن الأشاعرة طرق
-استقراء كلام السلف في عموم الصفات وغيرها من مباحث العقيدة وهو واضح جدا (انظر مثلا ذم الكلام للهروي وطبع منه أجزاء) ويكفي مثالا صفة العلو
-إقرار الأشاعرة أنفسهم بهذه المباينة كما في قول أبي حامد الغزالي في الإحياء ففيه اعتراف واضح
-رجوع أعيان منهم لعقيدة السلف قديما وحديثاً, وعلى رأسهم الأشعري رحمه الله تعالى
-مشابهة كلامهم لكلام المعتزلة والفلاسفة من حيث التأصيل وكذلك النتيجة في أحيان كثيرة وهذا يخالف طريقة أهل السنة
وغير ذلك .. إلخ
والله المستعان
ـ[ابن العباس]ــــــــ[26 - Dec-2009, مساء 06:02]ـ
بخصوص ما نقلته من بعض التأويلات, فبعضها ليس من باب الصفات أصلاً أو هو مما وقع فيه الخلاف في كونه يدخل في الباب من عدمه
كالهرولة مثلاً,,والترمذي نفسه ممن نقل الإجماع على إمرار الصفات كما جاءت دون تأويل كما نقله الحافظ ابن عبدالبر وغيرهما
وأما الكلام عن صفة معينة وكونها من باب الصفات أو لا, فهذا خارج محل النزاع
وأما تأويل المجيء, فلأن آية أخرى جاءت وفيها النص على ذلك فكان كلامهم فيها من باب تفسير القرآن بالقرآن -حسب اجتهادهم- كقوله تعالى مثلا"فإذا جاء أمرنا" , وإن شئت استقصاء أقوال السلف في هذا ومعرفة تأصيل أقوالهم بالاستقراء
فعليك مثلا باجتماع الجيوش الإسلامية مثالاً على صفة العلو وحدها, أو ذم الكلام للهروي, أو عقيدة أصحاب الحديث للصابوني
أو اللالكائي, أو السنة لابن أبي عاصم
أو درء تعارض العقل والنقل للإمام الفحل ابن تيمية, أو مختصر الصواعق المرسلة
أما أن تمثل بمثال مبتور ثم تبني عليه عقيدة باطلة في منهج متكامل محدث فمعاذ الله أن يكون من الحق في شيء
لاعلميا ولا شرعاً
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[26 - Dec-2009, مساء 07:56]ـ
مرة أخرى .. يتجاهل فوزي ما يورده محاوره عليه ويفضل الشغب بعيدا مسلطا براعته في المؤثرات الصوتية فيضع رأسه في التراب ثمّ يصرّ على غيه قائلا: (بل هي غصص في حلقك وحلوق من هو على شاكلتك) ترى!! أيعقل فوزي ما يكتب؟!! أم تراه يكتب ما لا يعقل؟!! وهل يشك عاقل في أنّ شبهته الهزيلة تحتاج كلّ هذا الكلام؟ تراه يعتقد العصمة في أقوال أشياخه المتأخرين مع بعدها ومناقضتها حتى لمنهج أشياخه المتقدمين فضلا عن جماهير السلف قبل الأشعري - والذين اعترف شيخه ابن عساكر بمناوأتهم لإمامه وعدم رضاهم عن طريقته - فقال في تبيينه ص 331
(يُتْبَعُ)
(/)
(فإن قيل أن الجم الغفير في سائر الازمان واكثر العامة في جميع البلدان لا يقتدون بالاشعري ولايقلدونه ولا يرون مذهبه وهم السواد الاعظم وسبيلهم السبيل الاقوم .. ) أهناك اعتراف أكبر من هذا الإعتراف؟!!! .. فحين يعترف أكبر مدافع عن الأشعري بمخالفة الأشعري لجماهير السلف قبله لم يعد لمثل فوزي كلام بل عليه أن يمسح دمعته ويعالج حرقة قلبه لا أن يصرخ قائلا (وأين الدليل؟) فيستدل على دعوى صحة مذهبه الفاسد بما ليس بدليل ويالها .. من حجة هزيلة (كثرة المتأخرين) تك التي يهيم في عشقها فوزي حتى أنسته ما هو فيه وهل كانت (كثرة المتأخرين) يوما دليلا؟!! وماذا لو ألزم النصارى أهل الإسلام بهذا الإلزام الباطل؟!! وماذا لو ألزمهم به عبّاد البقر من الهنود وعبّاد النار من المجوس؟!! أكان فوزي سيستمر في اعتبار (كثرة المتأخرين) دليلا؟؟ ربما فقد صار عندي شك في عقله فيا لهذا الدليل الغريب!! حقا إنها (الكارثة الشنعاء والورطة الدهياء) لكنها (التي أصابت عقلك يا فوزي)!! أما التباكي على رمي من تسميهم بأماجد الأمة بالإبتداع فلا يصدر إلاّ من مفتر كاذب وإلاّ فأين رأيت في كلامي أنّي أبدّع أمثال الووي وابن حجر؟!! أرجوا أن تسعفني بالدليل وإلاّ فأنت مفتر لا ترعى الله فيما تقول وتكتب أو جاهل متجاهل لا يفرق بين تخطئة الأئمة وبين تبديعهم أوتكفيرهم ولن أخوض معك كثيرا في هذا فالمسألة أظهر من أن يكثر فيها الكلام يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله خطأه،وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة).
ويقول (إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم، فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول، فلهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك، ولا تبدع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم، فهذا أصل عظيم، فتدبره فغنه نافع).
ويقول: (وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، وفي الحديث أن الله قال: (قد فعلت)، وبسط هذا له موضع آخر) [معارج الوصول ص:43].
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ما هو موقفنا من العلماء الذين أوَّلوا في الصفات، مثل ابن حجر، والنووي، وابن الجوزي، وغيرهم، هل نعتبرهم من أئمة أهل السنَّة والجماعة أم ماذا؟ وهل نقول: إنهم أخطأوا في تأويلاتهم، أم كانوا ضالين في ذلك؟
فأجابوا:
" موقفنا من أبي بكر الباقلاني، والبيهقي، وأبي الفرج بن الجوزي، وأبي زكريا النووي، وابن حجر، وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى، أو فوَّضوا في أصل معناها: أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم، فرحمهم الله رحمة واسعة، وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله، سواء تأولوا الصفات الذاتية، وصفات الأفعال، أم بعض ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز. الشيخ عبد الرزاق عفيفي. الشيخ عبد الله بن قعود
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/ 241)
(يُتْبَعُ)
(/)
وما أثار استغرابي أكثر هو قولك (وإني لأرجو أن تعود لنفسك فتنظر كيف أن حالك تغير إلى سوء بعد أن انضممت لمن يلغون في أعراض العلماء) إذ لست أدري متى تحولت إلى مذهب الولوغ في العلماء وهل بإمكانك أن تحدد لي تاريخ هذا الإنتماء!!! وهل العلماء والأئمة الذين أنا على نهجهم ومن استفدت أقوالي هم أيضا على هذا النهج أم الأمر متعلّق بشخصي؟!! أظنّ بأنّ التناقض هو سمت أمثالك ففي الوقت الذي تدعي فيه تبجيل ابن تيمية وتقديره وأنه ممن (إن شيخ الإسلام ابن تيمية إمام من أئمة المسلمين، ساهم في بناء صرح هذا العلم، وفي تشييد أسس الثقافة الإسلامية العامرة، وبحوثه وكتاباته فيها من الاجتهاد والعلم غير المسبوق ما لا يخفى على كل منصف) وتقول (لكن ابن تيمية بشر يصيب ويخطأ، ومن ثم فهو داخل قسرا في قول الإمام مالك ـ رحمه الله ـ "كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر) وهو الحق فهلاّ عملة مخالفك بمثل ما تدعيه في نفسك؟!! لم لم نراك فهمت أقوالنا بمثل ما تريدنا أن نصدّقك فيه؟ لم لم تقل بأنّ أمثال النووي والمازري والبيهقي وغيرهم (بشر يصيب ويخطأ)!!! لم اتهمت من يخطؤهم بهدم العلم وقسوة القلب ورمي الأماجد بالفواقر؟!!
كثرة تناقضاتك يا فوزي بل كثر سقطك!!
وقد أعجبني اعترافك بأن (لا أشعرية قبل الأشعري) لكن ساءني خلطك بين هذا وبين المذاهب الفقهية ألست أنت من قال: (وأما القول الثاني (أشعرية الأصول مالكية-مثلا- الفروع ... ) فهو أعجب ما يمكن أن يستدل به على مخالفة الخلف للسلف؟ فالفروع شيء والأصول شيء آخر) فلم هي هناك شيء آخر بينما هي هنا نفس الشيء!! أليس هذا دليل على أنك انتقائي في أحكامك بينك وبين الموضوعية مفاوز وأحقابا أما عن وصفك للشيخ سفر بأنه جانب الصواب وأنه فلم يكن منصفا البتة ولم يتبع فيه المنهج العلمي في تتبع أقوال القوم من كتبهم في أكثر مباحثه وأنه ينقل من كتب مناوئيهم وبغض النظر عن تهافت هذه الدعاوى وافتقارها للدليل فقد فهمت من قولك أنك ترمي الإمامين ابن تيمية وابن القيم بالخيانة العلمية وأنهما يكذبان على القوم فأنا أتحدّاك أن تثبت هذا وأمهلك فيه عشر سنين ونحن في الإنتظار إن شاء الله فإن عجزت فقد سقط إدّعاؤك على رأسك ولزمك الإعتذار من الشيخ والحق أنّ الشيخ قد استقرأ مخالفات قومك والعجيب أنّك تعترف بهذا وتقول (وإنما أوردوها من باب الترف العلمي وتأثرا ببعض المناهج الفلسلفية، وهي لا تسلم لهم ولا يتبعون فيها) فهل كان الرازي والإيجي و البيجوري أصحاب ترف علمي؟ وهل تبحث عن دليل آخر لمخالفتهم السلف وأنت تعترف بذلك قائلا (وهي لا تسلم لهم ولا يتبعون فيها) فلم تنكر على من أنكر عليهم إذا؟ فإن كانت هذه الأمور مخالفة لمذهب السلف فقد اعترفت بذلك وانتهى البحث وإن كانت موافقة لمذهب السلف فلم قلت (وهي لا تسلم لهم ولا يتبعون فيها)؟؟؟ أعتقد بأن الحق واضح وهذا إسقاط منك لما ادعيته في حق الدكتور سفر فقد بين هذه الأمور وأصولها وعرى حقائقها وما بنيت عليه فهل يقال بعد هذا الإعتراف (وقد وجدته جانب الصواب فيه) أما عن قولك (وأسجل هنا ملاحظة وهي أنني تعلوني ابتسامة عريضة كلما قرأت قول الدكتور سفر الحوالي في كتابه هذا: "ولولا ضيق المجال لسردت قائمة متوازية أذكر فيها كبار الأشاعرة ومن عاصرهم من كبار أهل السنة والجماعة الذين يفوقون أولئك عدداً وعلماً وفضلاً ") فأقول كلام الشيخ لا يثير إبتسام الأشعرية بل يحرق كبدها جاء في كتاب جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر لابن المبرد (منقولا عن الشيخ العاصمي من ملتقى أهل الحديث):
(فصل): و نحن نذكر جماعة ممّن ورد عنهم مجانبة الأشاعرة، و مجانبة الأشعري و أصحابه، من زمنه، و إلى اليوم، على طريق الاختصار، لا على باب التطويل في التراجم ـ كما فعل (1) ـ و الاتّساع، و لو فعلتُ ذلك؛ لوضعتُ مجلداتٍ عديدةً في هذا الباب.
منهم:
1ـ أبو محمد الحسن بن علي البربهاري (2)، الفقيه القدوة، شيخ العراق قالا و حالا، و كان له صيت عظيم، و حرمة تامّة، أخذ عن المرّوذي (3)، و صحب سهل بن عبد الله التستري (4)، و صنّف التصانيف (5).
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء إليه الأشعري، فجعل يقول له: رددت على الجُبَّائيّ (6)، و المعتزلة، و فعلتُ، و قلتُ، فقال له: لا أعرف ممّا تقول قليلا و لا كثيرا، و إنما نعرف ما قاله أحمد بن حنبل (7).
و كان المخالفون يغلظون (8) قلب الدولة عليه، فقُبِض على جماعة من
أصحابه، و استتر هو في سنة إحدى و عشرين (1)، ثم تغيّرت الدولة، و زادت حرمة البربهاري، ثم سَعَت المبتدعة به، فنُودي بأمر الراضي (2) في بغداد: لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري، فاختفى إلى أن مات في رجب سنة إحدى (3) و عشرين و ثلاثمئة، رحمة الله عليه.
و كان إماما مُقدَّما في سائر العلوم، مُعظّما، مجانبا للأشعري، لا يرى شيئا من كلامه، و لا يقبل له قولا.
2 ـ و منهم: أبو زيد (4)، قد ذكره هو (5) من أصحابه / و ذكر
ترجمته، و يَرُدّ قوله فيه، ما: أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنا ابن الزعبوب (6)، أنا الحجّار (7)،
أنا ابن اللتي (1)، أنا السجزي (2)، أنا الأنصاري (3): سمعتُ غير واحد من مشايخنا ـ منهم: منصور بن إسماعيل الفقيه (4) ـ، قال سمعت محمد بن محمد بن عبد الله الحاكم (5) يقول: سمعت أبا زيد = قال شيخ الإسلام: و كتب به إليَّ أحمد بن الفضل البخاري: سمعت أبا زيد الفقيه المروزي يقول: أتيتُ الأشعري بالبصرة، فأخذت عنه شيئا من الكلام، فرأيت من ليلتي في المنام كأني عَمِيتُ، فقصصتُها على المعبّر، فقال: إنك تأخذ علما تضلّ به؛ فأمسكتُ عن الأشعري، فرآني بعدُ يوما في الطريق فقال لي: يا أبا زيد، أما تأنَف ترجع إلى خراسان، عاما بالفروع، جاهلا بالأصول؟! فقصصتُ عليه الرؤيا، فقال: اكتُمْها عليَّ ههنا.
3 ـ و منهم: زاهر (6) بن أحمد، كان إماما مُقدَّما، قال شيخ الإسلام الأنصاري (7): " كان للمسلمين إماما "، رُوِي (8) عنه ثلب الأشعري.
4 ـ و منهم: أبو محمد الحسن بن أحمد البغدادي الجريري، كان من المقدَّمين المبرّزين في العلم، روي (1) عنه مجانبة أصحاب الكلام.
5 ـ و منهم: أبو علي الرفاء (2)، كان من أئمة الحديث، روي (3) عنه مجانبتهم و لعنهم! /
[82/ب] 6 ـ و منهم: أبو حامد الشاركي (4)، كان إماما محدّثا، متّبعا للسنة،
و كان شديداً عليهم (5).
7 ـ و منهم: أبو يعقوب (6) بن زُوران، الفقيه الفارسي المجاور، مفتي الحرم بمكة، كان إماما عالما، مجانبا لهم (7).
8 ـ و منهم: الإمام أبو محمد عبد الله (8) بن عدي الصابوني، كان إماما جليلا، لمّا حُمِل إلى بُخارا، أحْضِر
أبو بكر القفّال (1)، ليكلّمه، فقال لا أكلمه؛ إنه متكلم (2).
9 ـ و منهم: يحيى (3) بن عمار، كان إماما مُقدَّما، مجانبا لهم، قال شيخ الإسلام الأنصاري (4): رأيتُه ما لا أُحصي من مرّة، على منبره، يكفّرهم، و يلعنهم، و يشهد على الأشعري بالزندقة!!
ـ و منهم: أبو إسحاق القراب (5)، كان إماما كبيرا، مجانبا لهم (6)، ينهى الناس عنهم.
11 ـ و منهم: أبو العباس أحمد بن محمد
النهاوندي (1)، كان إماما جليلا.
ذكر أبو بكر الحداد (2) عِظم شأنه، و أنه كان منكرا على أهل الكلام، و تكفير الأشعرية (3)!
و هجر أبا الفوارس على حرف واحد (4).
قال الدينوري (5): لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي. /
[83/أ]
12 ـ و منهم: أبو علي الحدّاد، كان إماما مُعظّما، تابعا للسنة، مجانبا
لهم (6).
13 ـ و منهم: أبو عبد الله الدينوري (7)،كان إماما مُعظّما، مجانبا لهم (8).
14 ـ و منهم: الإمام أحمد بن حمزة (9)، كان إماما محدّثا، مجانبا لهم (10).
15 ـ و منهم: أبو (سعيد) (1) الزاهد الهروي، كان إماما محدّثا نبيلا، معظما للسنة، يلعنهم!
قال أبو الحسن (2) الماليني: قيل له: إن أبا الحسن الديناري ناضل عنك، فقال: و إيَّاه فلعن الله؛ لأنه كلَّابيّ (3)!
16 ـ و منهم: أبو الطيب سهل بن محمد الصعلوكي (4)، خلافا لمَا ذكره عنه (5)، و قد قدَّمنا عنه طرفا من ذلك (6).
(و) (7) ذكر عنه عدّة من أهل العلم أنه كان مجانبا لهم (8). /
17 ـ و منهم أبو حامد الإسفراييني (9)، ذكر عنه جماعة أنه كان مجانبا [83/ب]
لهم، خلافاً لمَا ذكره (1).
18 ـ و منهم: أبو بكر القفال (2)، ذكر بعضهم (3) ذمَّه للكلام و أهله.
19 ـ و منهم: أبو منصور الحاكم (4)، ذكر الأنصاري (5) و غيرُه مجانبته لهم، و ذمَّه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن دبّاس (6): ذُكر بين يديه شيء من الكلام، فأدخل أصبعيه في أذنيه.
20 ـ و منهم: أبو عمر البسطامي (7)، كان ذامّا لهم، مشنّعا عليهم (8).
21 ـ و منهم: أبو المظفر الترمذي حبال بن أحمد، إمام أهل ترمذ، كان مجانبا لهم، يشهد عليهم بالزندقة (1).
22 ـ و منهم: أبو القاسم العالمي، كان إماما محدّثا، مجانبا لهم (2).
23 ـ و منهم: أبو عبد الله (3)، محمد بن الحسين السلمي، كان إماما جليلا، مجانبا لهم (4).
24 ـ و منهم: هيصم بن محمد بن إبراهيم بن هيصم، كان إماما محدّثا، مجانبا لهم. /
25 ـ و منهم: أبو نصر ابن الصابوني، كان إماما جليلا، كبير القدر، [84/أ]
و ذكر عنه جماعة مجانبته لهم.
قال عبد الله بن أبي نصر: ما صلى أبو نصر الصابوني على أبيه؛ للمذهب (5).
26 ـ و منهم: الحس
ـن بن أبي أسامة المكي (6)، و كان (7)
يلعن أبا ذر (1)، يقول: هو أول من حمل الكلام إلى الحرم، و بثّه في المغاربة.
27 ـ و منهم: منصور بن إسماعيل الفقيه (2)، كان مجانبا لهم.
28 ـ و منهم: زيد بن محمد الأصبهاني، كان إماما مُعظَّما، مجانبا لهم (3).
29 ـ و منهم: أحمد بن نصر الماليني، كان إماما كبيرا، مجانبا لهم (4).
30 ـ و منهم: الجنيد بن محمد الخطيب، كان إماما، و كان يشهد على الأشعري بالزندقة (1)!
31 ـ و منهم: أبو سعيد الطالقاني، كان إماما، مجانبا لهم، يلعنهم (2)!
32 ـ و منهم أبو نصر الزراد، كان يذمّهم و يجانبهم (3). /
33 ـ و منهم: أحمد بن الحسن الخاموشي (4)، الفقيه الرازي، كان إماماً [84/ب]
محدّثاً، مجانبا لهم، يلعنهم، و يُطري الحنابلة (5).
ـ و منهم: أبو العباس القصّاب الآملي، كان إماما، يذمّهم (6).
35 ـ و منهم: أبو عبد الله محمد بن منده (7) الحافظ، كان إماما كبيرا حافظا، مجانبا لهم، رادّاً عليهم (8).
36 ـ و منهم: أبو سعيد بن أبي سهل، الفقيه الحنبلي، كان إماما كبيرا.
قال أبو بكر المقرئ (1): كان يلعنهم كل يوم، بعد صلاة الغداة، في المحراب، في الجَمْع، و هم يُؤمّنون (2)!
37 ـ و منهم: أبو عبد الله الحمراني، كان إماما في النحو، و اللغة، و العربية، و غير ذلك!
كان ذامّا لهم، مشنعا عليهم (3).
38 ـ و منهم: أبو علي أحمد بن الفضل بن خزيمة (4)، الإمام المحدّث، كان مجانبا لهم.
39 ـ و منهم: أبو الحسن الشعراني، إسماعيل بن محمد بن الفضل، كان إماما كبيراً محدّثا، مجانبا لهم. /
[85/أ] 40 ـ و منهم: أبو بكر أحمد بن (سليمان) (5) بن الحسن، الفقيه
الحافظ، شيخ العراق، و صاحب التصانيف و» السنن «(1)، و كانت له حلقتان، حلقة الفتوى، و حلقة الإملاء، و كان رأسا في الفقه، رأسا في الحديث، يصوم الدهر (2)، و يُفطر على رغيف، و يترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة، أكل تلك اللُّقَم، و تصدّق بالرغيف.
كان ـ رحمه الله ـ مجانبا لهم.
41 ـ و منهم: أبو علي بن جامع القاضي، مِنْ فضلاء أهل البصرة (3)، و هو إمام كبير، له مدح كبير، كان مجانبا له (4)، (ذمّا) (5) له.
42 ـ و منهم: أبو الفضل ابن النعال، كان إماما محدّثا، كان مجانبا لهم، ذامّا لهم (6).
43 ـ و منهم أبو الحسن محمد بن أحمد الأهوازي العدل، كان مجانبا لهم، ذامّا.
44 ـ و منهم: أبو محمد الحسن بن محمد العسكري الأهوازي، و كان من المخلصين، كان ذامّا لهم، مجانبا.
45 ـ و منهم: أبو عَمْرو (2) بن مطر النيسابوري، شيخ السنة، كان قانعا متعفّفا، مجانبا لهم، رحمه الله. /
[85/ب] 46 ـ و منهم: العميد (3) الوزير أبو الفضل الكاتب، كان مجانبا لهم،
و هو الذي أمر بلعنهم على المنابر، مع جملة أهل البدع.
47 ـ و منها أبو بكر الآجري البغدادي، المحدّث، الإمام الكبير، كان مجانبا لهم (4).
48 ـ و منهم: أبو حامد أحمد (1) بن محمد بن شارك، الفقيه الشافعي، مفتي هراة، كان مجانبا لهم.
49 ـ و منهم: أبو علي النجاد، الحسن (2) بن عبد الله البغدادي، تلميذ أبي محمد البربهاري، صنّف في الأصول و الفروع، و كان مجانبا لهم، رادّاً عليهم، كشيخه.
50 ـ و منهم: أبو حامد المروروذي، أحمد (3) بن عامر الشافعي، الإمام الكبير، كان مجانبا لهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
51 ـ و منهم: أبو إسحاق المزكي، إبراهيم (4) بن محمد بن يحيى النيسابوري، كان إماما كبيرا، مجانبا لهم.
52 ـ و منهم: أبو بكر عبد العزيز (5) بن جعفر، صاحب الخلال، و شيخ الحنابلة و عالمهم المشهور، كان مجانبا لهم، ذامّا.
53 ـ و منهم: أبو بكر ابن السُّنِّيّ، الإمام الكبير (1) صاحب» عمل اليوم و الليلة «، الإمام المحدّث، كان مجانبا لهم. /
[86/أ] 54 ـ و منهم: أبو بكر أحمد (2) بن جعفر القطيعي، مسند العراق،
صاحب عبد الله ابن الإمام أحمد، و راوي» المسند «عنه، كان إماما محدّثا، مجانبا لهم.
55 ـ و منهم: أبو أحمد الجلودي (3)، راوي» مسلم «، كان إماما جليلا، مجانبا لهم.
56 ـ و منهم: أبو القاسم الآبنودي (4) الحافظ، كان إماما كبيرا، مجانبا لهم.
57 ـ و منهم: أبو إسحاق إبراهيم (5) بن أحمد، المعروف بـ (ابن شاقلا)، البغدادي، كان له حلقة فُتْيا و إِشْغال (6)، و هو تلميذ أبي بكر عبد العزيز بن جعفر، توفي كهلا، و كان مجانبا لهم، كشيخه.
58 ـ و منهم: أبو الشيخ (7) الحافظ، أبو محمد بن حيّان، الإمام
الكبير، كان مجانبا لهم.
59 ـ و منهم: أبو إسحاق إبراهيم (1) بن أحمد المستملي، الإمام الثقة، كان مجانبا لهم.
60 ـ و منهم: أبو أحمد الغطريفي (2)، الإمام الكبير المحدّث، كان مجانبا لهم.
61 ـ و منهم: أبو أحمد الحاكم (3)، الإمام الحافظ، ذكر شيخ الإسلام الأنصاري و غيرُه مجانبتَه لهم. /
62 ـ و منهم: أبو عمر بن حيويه (4) الخراز، الإمام الكبير المحدّث، [86/ب]
صاحب الرواية الكثيرة، كان مجانبا لهم.
63 ـ و منهم: أبو بكر بن شاذان (5)، الإمام الكبير المحدّث، كان مجانبا لهم.
64 ـ و منهم: الإمام أبو الحسن الدارقطني (1)، كان مجانبا لهم، و له كلام في ذمهم.
65 ـ و منهم: أبو حفص (2) عمر بن أحمد بن شاهين، أحد أوعية العلم، كان مجانبا لهم، و رأيتُ في مصنفاته ذمَّهم.
66 ـ و منهم: أبو حامد النعيمي (3)، أحمد بن عبد الله بن نعيم، نزيل هراة، كان مجانبا لهم.
67 ـ و منهم: أبو عبد الله، عبيد الله (4) بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطّة العكبري، الإمام الفقيه، العبد الصالح، و كان مستجاب الدعوة، كان
مجانبا لهم.
68 ـ و منهم: أبو الحسين (1) بن سمعون، الواعظ الحنبلي، صاحب الأحوال و المقامات، و وهم ابن عساكر (2) في ذكره إيّاه من أصحابه.
ـ و منهم: أبو سليمان الخطّابيّ (3)، الشافعيّ، كان إماما محدّثا شافعيّا، مجانبا لهم، و صنّف في ذمّ الكلام.
70 ـ و منهم: أبو بكر الجوزقي الشيباني الحافظ (4)، كان مجانبا لهم، ذامّا، ذكر ذلك عنه شيخ الإسلام الأنصاري (5) و غيرُه. /
71 ـ و منهم: أبو محمد المخلدي (6) المحدّث، شيخ العدالة، كان مجانبا [87/أ]
لهم.
72 ـ و منهم: أبو علي زاهر (1) بن أحمد السرخسي، الفقيه الشافعي، له ذمّ فيهم، ذكره شيخ الإسلام، و غيرُه، خلافا لِمَا ذكره عنه ابن عساكر (3) من أنه من أصحابه، مع أن الذهبيَّ و غيرَه ذكروا أنه أخذ علم الكلام عن الأشعري، فكأنه رجع عن ذلك.
73 ـ و منهم: عبد الرحمن (5) بن أبي شريح، أبو محمد الأنصاري، محدّث هراة، كان مجانبا لهم (6).
74 ـ و منهم: أبو طاهر المخلّص (7)، مسند وقته، الإمام المحدّث، كان مجانبا لهم.
75 ـ و منهم: أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي (8)، الإمام الفقيه المحدّث، شيخ وقته، كان مجانبا لهم، و له أمور و أخبار في ذمّهم.
76 ـ و منهم: القاضي أبو عبد الله الحليمي (9) الشافعي، كان من الأئمة الكبار، و أصحاب الوجوه، و كان
مجانبا لهم (1)!!!
77 ـ و منهم: أبو الفرج النهرواني (2)، كان من الأئمة، مجانبا لهم.
78 ـ و منهم: أبو عبد الله الحاكم، محمد (3) بن عبد الله، المعروف بـ (ابن البيّع)، الإمام الكبير الحافظ، كان مجانبا لهم.
79 ـ و منهم: أبو الحسين (4) المحاملي، الإمام الكبير المحدّث، كان مجانبا لهم. /
80 ـ و منهم: الحافظ أبو بكر (5) بن مردويه، الإمام الكبير، المحدّث [87/ب]
الحافظ، كان مجانباً لهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
81 ـ و منهم: القاضي أبو منصور (1) محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي الهروي الفقيه، شيخ الشافعية بهراة، و مسند البلد، كان مجانبا لهم، ذكره شيخ الإسلام الأنصاري.
82 ـ و منهم: أبو طاهر محمد (2) بن محمد بن محمش الزيادي، الفقيه الشافعي، عالم نيسابور و مُسنِدها، كان مجانبا لهم.
83 ـ و منهم: هبة الله (3) بن سلامة، أبو القاسم البغداديّ، المفسّر، كان مجانبا لهم.
84 ـ و منهم: أبو نصر (4) أحمد بن محمد بن أحمد النرسي، كان مجانبا لهم.
85 ـ و منهم: أبو سعد الماليني، أحمد (5) بن محمد بن أحمد الهروي، الصوفي، الحافظ، كان مجانبا لهم.
86 ـ و منهم: الحافظ أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه (1)، الإمام الكبير المحدّث، كان مجانبا لهم.
87 ـ و منهم: الحافظ أبو الفتح ابن أبي الفوارس (2)، الإمام الحافظ الكبير، كان مجانبا لهم.
88 ـ و منهم: أبو عبد الرحمن (3) السلمي، الحافظ الصوفي، كان مجانبا لهم، رُوي عنه حكايات في اجتنابهم. /
89 ـ و منهم: أبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي الهرويّ الحافظ، قال [88/أ]
شيخ الإسلام (4):» إمام أهل المشرق «، و قال غيره (5):» كان عديم النَّظِير في العلوم «. كان مجانبا لهم.
90 ـ و منهم: أبو القاسم تمّام (6) بن محمد الرازيّ الحافظ، الإمام الكبير، كان مجانبا لهم.
91 ـ و منهم: أبو عبد الله الحسين (1) بن الحسن الغضائري، الإمام المحدّث، كان مجانبا لهم.
92 ـ و منهم أبو سعيد (2) النقاش الأصبهاني، الحافظ الحنبلي، كان مجانبا لهم.
93 ـ و منهم: أبو الحسن المحاملي (3)، شيخ الشافعية، الضّبّيّ، كان فقيها نَزِهاً (4)، محدّثا، مجانباً لهم.
94 ـ و منهم: أبو الحسين (5) بن بشران، الإمام المحدّث الكبير، كان مجانبا لهم.
95 ـ و منهم: أبو الحسن (6) الحمامي، مُقْرِئ العراق، كان مجانبا لهم.
96 ـ و منهم: أبو محمد (7) السكري، الإمام المحدّث، كان مجانبا لهم.
97 ـ و منهم: أبو بكر الأردستاني، محمد بن إبراهيم (1) الحافظ الصالح، كان مجانبا لهم.
98 ـ و منهم: أبو علي (2) بن شاذان، الإمام الكبير، كان مجانبا لهم (3)، ذكره بعضهم، و ذكر ابن عساكر (4) أنه من أصحابه، و كذلك ذكر الذهبي (5) أنه يفهم الكلام على مذهب الأشعري. /
99 ـ و منهم: الحافظ أبو الفضل علي بن الحسين الفلكي (6)، رجل [88/ب]
كبير، قال شيخ الإسلام الأنصاري:» ما رأيتُ أحداً أحفظ منه «. و كان مجانبا لهم.
100 ـ و منهم: أبو بكر أحمد بن علي بن (فنجويه) (7) الحافظ، قال شيخ الإسلام الأنصاري:» هو أحفظ من رأيتُ من البَشَر «. كان مجانبا لهم.
101 ـ و منهم: عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست (الحلاق) (1)، كان إماما صدوقا، مجانبا لهم.
102 ـ و منهم: أبو الحسن (2) الحنّائيّ، الإمام المحدّث المقرئ، الحافظ الزاهد، كان مجانبا لهم.
103 ـ و منهم: أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي (3)، صاحب التصانيف، و انتهت إليه رئاسة مذهب أحمد، كان مجانبا لهم.
104 ـ و منهم: الإمام أبو عبد الله (4) محمد بن عبد الله بن باكويه الصوفي، أحد المشايخ الكبار، كان مجانبا لهم.
105 ـ و منهم: أبو عمر الطلمنكيّ الحافظ، صاحب التصانيف، كان سيفا عليهم، و على غيرهم (5).
106 ـ و منهم: أبو يعقوب القرَّاب (1) السرخسي الهرويّ الحافظ، محدّث هراة، كان زاهدا صالحا مصنفا، و كان ـ رحمه الله ـ مجانبا لهم، له كلام في ذمّهم.
فذكر ما يقارب من 400 امام أثري مجانبين للأشاعرة و مما قاله عند انتهاء سرده للائمة الأثريين:
(و والله ثم و الله ثم والله من تركنا اكثر ممن ذكرنا , و لو ذهبنا نستقصي كل من جانبهم من يومهم الى الان لزادوا على عشرة الالاف نفس) اهـ ...
فهل يثير هذا ضحك الأشعرية؟!! ما أرى إلاّ أنّ صاحبنا قد فقد عقله
(يُتْبَعُ)
(/)
أمّا عن حال الأمة قبل الأشعرية فهو قطعا أحسن منه حالا بعدها فلم يكن ثمة إلا سني أو مبتدع فلما ظهر هؤلاء خفيت محنتهم على الكثير من الناس قال الإمام الإمام أبو نصر السجزي رحمه الله (: (فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو يناظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي ... ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمى محدثاً بل يسمى سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف له لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً، مخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا) انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص100 - 101).
-ثم قال ص222 - 223 - : (ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري ... وفي وقتنا أبو بكر الباقلاني ببغداد وأبو إسحاق الإسفرائني وأبوبكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة - ثم قال: وكلّهم أئمّةُ ضَلالة يدعونَ النّاسَ إلى مخالفةِ السّنةِ وتركِ الحديث» .... ) وبين - رحمه الله- وجه كونهم أشد من المعتزلة فقال ص177 - 178: (لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه. بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر ولا علم ولا قدرة ولا قوة ... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه) ا. هـ.
يتبع إن شاء الله
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[27 - Dec-2009, صباحاً 02:28]ـ
غفر الله لي و لك ...
تأويلات، فلا يسعفك بعد ذلك ما ذكرته من أنها من داخل الوحي، أو أنها بما يقتضيه الراجح من اللغة، فذلك لا يغير من الأمر شيئا لأنها مجرد هروب من واقع مرير؛
أنا يكفيني .. لأن غرضي هو تحقيق غرض السلف من اتباث أن منظومة الوحي كاملة لا تحتاج الى شيء من خارجها لبيانها .. و الواقع الذي يبدو لي مريرا هو احتياج هذه المنظومة الى عنصر خارجي عنها لبيانها لم يبينه لا رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا صحابته و لا التابعين باحسان ... لأن في هذا الواقع مرارة الاذعان لكلام الملحدين قديما و حديثا أن الوحي المحمدي غير كامل بل و كما يقول الحداثيون .. لولا المنطق اليوناني لما حققت المعرفة الاسلامية ما حققت من الازدهار .. فكان بحسبهم -و هو ما أصله لهم المتكلمون للأسف- أن المعرفة الاسلامية بقيت ناقصة الى حين دخول الرواسب الهيلينية و اليونانية عليها و هي التي جعلتها منطقية و عقلانية .. و بالتالي التفوق دائما و أبدا هو للحضارة الغربية قديما و حديثا .. و أننا دونهم لا نساوي شيئا و لن نساوي قط شيئا ...
وإلا فأين تجد صريحا في الوحي أن الضحك هو الرحمة، أو أن الأيدي هي القوة، أو أن الساق هي الكرب والشدة، لو كان ذلك موجودا لما أرشد ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أصحابه للتعرف عما أشكل عليهم معرفته من معاني القرآن لشعر العرب. ثم لو سلمنا جدلا أن ما ذكرته صحيح ألا ترى أن قولكم أن هذه التأويلات هي من داخل الوحي هو أرقى أنواع التفسير ألا وهو تفسير القرآن بالقرآن، أو السنة بالسنة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لأن أجد ذلك أنا صريحا أو لا أجده .. لا يغير شيئا من محل النزاع .. انما هو رأي الصحابي او التابعي .. في هذه الآية او الحديث .. و قد يراه غيره من السلف-و قد رأوا- أنه غير واضح في هذا الموضع او ذاك و لم تتبث عندهم القرائن .. فيقولون بأنها صفة أيضا في هذا الموضع .. و لكن لا أحد منهم ينشد العدول عن الظاهر و لا يصرح أنه عدل عن الظاهر لافادته التشبيه ... و المقصود هنا افادة التشبيه بشيء من خارج الوحي .. أما ما نص الشرع انه منفي عن الله كالنوم و الزوال و العدم و غيره .. فهذه قرينة داخلية من داخل المنظومة .. فما دلت عليه القرائن بما فيها نحو العرب في كلامها الذي حث عليه ابن عباس أصحابه هو الظاهر عندهم .. و هم في ذلك يبحثون عن الظاهر لا عن المعنى المرجوح ... أما المتكلمين فهم يصرحون أصلا ان معاني الصفات هي من الظاهر و يقرون بأنه بحسب القرائن الداخلية هي ظاهر .. و لكن يعدلون عنه الى معنى آخر لقرينة .. و حين تبحث تجد ان القرينة هي منع التشبيه بدلالة مستفادة من المنطق اليوناني ... لا بقرينة من الوحي .. و هذا ما يجعله مناقضا لتأويل السلف و ليسا من جنس واحد .. فالأول يقر بمعاكسته للظاهر و الثاني يعلن ابتغاءه الظاهر ... فيكون الجواب على سؤالك نعم ... تأويل السلف من أرقى انواع التأويلات و تأويل الخلف من أبشعها.
أما قول الامام ابن حبان فلا حاجة فيما أظن أن أذكر بترجمته و لا الى وجوده في غير القرون المحتج بها و لا الى انكار الناس عليه مخالفته لشيخه في تاُثره بمذاهب الامام ابي علي الثقفي و غيره ممن تأثروا بالكلابية .. و أما قول الامام مالك فلم يتكلم عن ان الظاهر لوحده يفيد التشبيه بل نفى الزوال و اتبث الدوام و هو مما نفي في الكتاب و السنة بعينه كما نفي النوم و الموت .. فكلامه حجة لنا .. اذ هذا يبين انه من تأويل السلف الذي هو بمعنى التفسير من داخل الوحي .. لا من تأويل الخلف الذين لا يبتغون الظاهر و يبتغون ما وراء الوحي. فقد أتيت بشاهد على ما نقول بتعليله بقرينة خاصة من الكتاب و السنة فلن تجد أحدا يقول في تأويله لآي من الصفات انه اولها الى خلاف ظاهرها و لا لأن مجرد ظاهرها يفيد التشبيه (أي بدون ان يشير الى قرينة من نفس الوحي) كما يفعل المتكلمون.
من أصل لهذا من السلف يابن الرومية، هلا ذكرت لنا؟
هي كثيرة نقول السلف في هذا و نقلها قد يقودنا الى صفحات و لا يخلو منها كتاب من كتب اهل الحديث ... و هذا بعض منها قد يفيد ان شاء الله في الدلالة علي ما وراءه جمع كثيرا منها صاحب كتاب الأشاعرة في ميزان اهل السنة
"قال عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي: سمعت محمد بن الحسن يقول: (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في صفة الرب عز وجل من غير تغيير، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئاً من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم، وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء) "
فهذا تفريق واضح من امام اهل الرأي بين منهج السلف من الاكتفاء بما في داخل الوحي لاعتقادهم بكماله و بين منهج امام المتكلمين من اللجوء الى ما وراء الوحي لتفسيره .. ففرق بذلك بين التفسيرين ... و بيان التفسير السلفي يزيد من ايضاحه اهل هذه الطبقة كقول الامام ابو عبيد القاسم ابن سلام
قال العباس بن محمد الدوري: (سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، وذكر الباب الذي يروي فيه الرؤية، والكرسي، وموضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك عز وجل قدمه فيها فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث، فقال: هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا لا يفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره)
(يُتْبَعُ)
(/)
انظر كيف لم يفرق رحمه الله بين الرؤية و غيرها من الضفات كما يفعله متأخرو المتكلمين.ما دل ان القول عندهم في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر .. ثم انظر كيف بين ان التفسير الممنوع عندهم هو تفسير الكيفية .. و هو منطقي لقول الامام الشيباني قبلا أن الشرع سكت عنه .. فلا سبيل الى ايجاد قرائن داخلية لتفسيره .. الا ان يدعي احد وجود قرينة خارجية .. وهو ما ادعاه المتكلمون في نفيهم ...
و قد زاد من بيانه الامام ابن سريج أحببت ان اورده ايضا و ان لم يكن من شرطنا (اعتقادنا فيه وفي الآي المتشابه في القرآن أن نقبلها، ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهر تنزيلها)
و هو هنا رحمه الله بين الفرق بين تفسير السلف و تفسير المخالفين من المشبهة و المعطلة على السواء .. و بين المحك في ذلك و هو الظاهر .. اذ المشبهة يظنون ان مجرد الآية بنفسها او الحديث بنفسه يبين ظاهره بنفسه .. فالظاهر بالنسبة لهم هو كل ما تبادر من الآية وحدها او الحديث وحده .. دون الالتفات الى بقية القرائن الداخلية من الآيات و الأحاديث الأخرى .. كأن تقول بالنسيان لله سبحانه تعالى الله عن ذلك او بالبداء له ... كما فعلته المشبهة و ظنت ان هذا هو اتباع الظاهر ... و المعطلة و ان كانوا على النقيض و لكن اتفقوا معهم في نفس الخطأ من حسبان الظاهر كل ما تبادر الى الذهن دائما ... فأقروا بأنهم يعدلون عنه لقرينة خارجية .. مع ان الظاهر عند السلف لا مع هؤلاء و لا مع اولئك ... انما الظاهر هو ما أفاده مجموع الكتاب و السنة في المسألة بما أقره الوحي من وسائل التفسير. و لهذا ترى امام التفسير الطبري حتى فيما حسبته تأويلا من تأويلات المتكلمين يقول .. وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن، ... و الظاهر من الآية .... الخ
أما ان المتكلمين قاموا بذلك من جراء تسليمهم بقليل او كثير من نتائج منطق الملاحدة و محاولة تطويع ظواهر الكتاب و السنة لهذه النتائج ... فيكفي بيان انه ما وقع لامامهم الأول جهم بن صفوان والدافع الى ما حاوله .. نقله و بينه السلف كخالد بن سليمان و الامام احمد و غيرهم .. و ان تأملت عامة كتب المتكلمين المتأخرين من الأشاعرة و المعتزلة تجدها للأسف ملأى بشواهد هذا .. تجدهم يعقتدون استحالة اليد والعينين لله و كون الله فوق عرشه دون أرضه .. بسبب ما يسمونه الدليل العقلي القاطع الذي استمدوه من مسلمات المنطق اليوناني .. ثم ينتقلون بعدها الى ما يسمونه صرف الظاهر عن المراد .. أما السلف فما يمكن لأحد قط أن ينقل عن واحد منهم في أي تفسير من تفسيراتهم ما يدل لا نصا ولا ظاهرا أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش، ولا أن الله ليس له سمع وبصر ويد حقيقة .. و بالتالي ان تفسيرهم هو لصرف المعنى عن الظاهر لأنه يقتضي التشبيه.
أما قولك أنهم {صح عنهم في مواضع أخرى من القرآن والسنة القول بالصفة وأنها هي الظاهر لانعدام القرائن في المواضع المسماة مؤولة} هلا أسعفتنا بتلك المواضع التي صح عنهم القول بالصفة وأنها هي الظواهر لانعدام القرائن؟
كلام السلف كثير في اتباث هذه الصفات المؤولة و انظر فقط على سبيل المثال النقول المتكاثرة عنهم في صفة اليد مثلا ... مع عدم انكارهم على من أولها بالتأويل الداخلي في بعض المواضع التي لم يعدها من آيات الصفات .. و في نفس الوقت انكارهم الشديد على من تأولها التأويل الكلامي الخارجي ..
و لهذا أختم بسؤالين راجيا من الله أن يعيننا على الخروج من هذا التخلف في التعايش و المدافعة بيننا .. و ان يحسن أخلاقنا جميعا:
ان كان حقا أن التأويل الكلامي هو هو نفسه التأويل السلفي و أنه لهذا السلف كان فيهم التأويل الكلامي و التفويض .. فما معنى اذن انكار السلف الشديد على تأويلات الجهمية و المعتزلة و هجرهم و الغلظة عليهم حتى درجة الافتاء بكفرهم و استتابتهم .. وهم ما فعلوا الا نفس ما قام به متأخرو الأشاعرة من استخدام هذه التأويلات للصفات عينها .. اذ هي هي نفس التأويلات حذو القذة بالقذة .. حتى جزم كبار المتعصبين للأشاعرة المتأخرين بأن كبارا من السلف كانوا حشوية و مشبهة؟؟؟ ما معنى هذا الانكار الا ان يكون السلف كمايتهمهم القوم بأنهم لا يفهمون ما ينقلون و أنهم منافقون حاشاهم .. و أن أول من يتوجه له التهمة بالتشدد في انكار التأويلات للصفات هم نفس السلف لا السجزي و لا ابن خزيمة و لا ابن تيمية و بن عبد الوهاب؟ ... و لم يجبهم الجاحظ و لا النظام و لا بشر و لا الامام ابن كلاب أن فيكم أنتم أيضا من هو على قولنا في التأويل كما يدعيه المتأخرون من الزمخشري و عبد الجبار الى اللقاني .. فكيف ينكرون عليهم ما هم واقعون بالضرورة فيه ان كان فعلا كما يزعم من تطابق التأويلين؟؟
و السؤال الثاني:فلنفرض جدلا صحة المقولة بتطابقهما .. او عدم قدرة البعض على التمييز بينهما .. طيب .. لم لا يجتمع الجميع على المرجعية المتفق عليها بيننا جميعا ... و لا نتجاوزها الى غيرهم كائنا من كان ... و نكتفي فقط بهذه الآيات و الأحاديث التي أولت بحسب المعترضين و لانتجاوزها ... و لننشر ما صخ من أقوال السلف و نبثها بين الناس ... فان جاءنا الامام الرازي و قال بأن الله لا داخل العالم و لا خارجه .. قلنا له عفوا نحبك و لكن لم يصح عن السلف و نكتفي بالمعاني التي صرحوا بها دون ان نزيد عليها قطميرا .. و ان جاءنا الامام ابن تيمية بان النار تفنى لمقتضى صفة الرحمة ..... قلنا له عفوا نحبك و لكن لم يصح عن السلف و نكتفي بالمعاني التي صرحوا بها دون ان نزيد عليها قطميرا ... ونسكت جميعا و نسد علينا هذا الباب الذي أغلبه دقائق و مضايق لا يفهمها عامة الناس والذي طالما جرنا الى الخلاف و الشقاق والتكفير في الأمة ... و نفتح الباب فقط للاختلاف الذي فعلا يثمر و يورث المزيد من العمل و يقال لك فيه فقط أخطأت ... و رحم الله الامام الشافعي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[27 - Dec-2009, مساء 07:06]ـ
عود على بدء ..
قولك: (نعم كان لجهود كثير من الفقهاء والمحدثين أثر كبير في دفع هذه الفتن، ولكن مجهوداتهم لم تكن كافية مع تعاظم الشبهات، التي استعمل فيها أصحابها ما ظنوه حججا عقلية، أثرت تأثيرا واقعيا في عوام الأمة، بل وفي بعض فقهائها وأمرائها) هو تماما الحدّ الفاصل بين المنهجين منهج أهل الحديث ومنهج المتكلمين فقد بلغ من افتتان المتكلمين بأساليب اليونان حتى زعموا أنّ الحقّ مفتقر إلى عناصر من خارجية أسموها عقليات وهي في حقيقتها تخرّصات وأوهام وافترضوا لفساد عقولهم تعارضها مع مقررات الوحي والتي أسموها سمعيات وزعموا أنّ كلّ دليل خالف أهواءهم فهو إما مؤوّل أو مكذوب
يقول الرازي في كتابه (أساس التقديس في علم الكلام):
(اعلم أن الدلائل القطعية إذا قامت على ثبوت شئ ثمّ وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لايخلوا الحال من أحد أمور أربعة:
إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهومحال
وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال
وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل
لأنه لا يمكننا معرفة صحة الظواهرالنقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وظهور المعجزات على محمد صلى الله عليه وسلم ولوجوّزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهما غير مقبول ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معا وأنه باطل
ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا القطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال إنها غير صحيحة أو يقال إنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها
ثم إن جوزنا التأويل واشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى
فهذا هوالقانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات وبالله التوفيق)
ويقول في المطالب العالية (مخطوط رقم 45 توحيد (م) بدار الكتب ص 310:
(الثامن: ويتوقف على سلامتها عن المعارض العقلي وأن آيات التشبيه كثيرة ولكنها لما كانت معارضة بالدلائل العقلية لاجرم أوجبنا صرفها عن ظواهرها فكذا هاهنا
وأيا كان عند حصول التعارض بين ظواهر النقل وقواطع العقل: لا يمكن تصديقهما معا وإلا لزم تصديق النقيضين.
ولا ترجيح النقل على القواطع العقلية لأن النقل لا يمكن التصديق به إلا بالدلائل العقلية فترجحالنقل على العقل يقتضي الطعن في العقل
ولما كان العقل أصلا للنقل كان الطعن في العقل موجبا للطعن في العقل والنقل معا وإنه محال
فلم يبق إلا القسم الرابع وهو القطع لمقتضيات الدلائل العقلية وحمل الظواهر النقلية على التأويل
فثبت بهذا أن الدلائل النقلية يتوقف الحكم بمقتضياتها على عدم المعارض العقلي إلا أن ذلك مظنون لا معلوم)
ويقول في كتابه (محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين) ص31 (ط الحسينية القاهرة 1323):
(مسألة: الدليل اللفظي لا يفيد اليقين إلا عند تيقن أمور عشرة: *عصمة رواة مفردات تلك الألفاظ وإعرابها وتصريفها وعدم الإشتراك والمجاز والنقل والتخصيص بالأشخاص والأزمنة وعدم الإضمار
والتأخير والتقديم والنسخ وعدم المعارض العقلي الذيلو كان لرجح عليه
.إذ ترجيح النقل على العقل يقتضي القدح فيالعقلالمستلزم القدح في النقل لافتقاره إليهوإذا كان المنتج ظنيا فماظنك بالنتيحة)
وهذا الذي قرره الرازي رحمه الله هو ما يطلق عليه العلماء مصدر التلقي فقد ثبت باعتراف صاحبنا مخالفة قومه لمنهج السلف في التلقي وأنّ منهج السلف لم يكن كافيا في دفع شبه المعتزلة بل هو مفتقر إلى منطق اليونان وأساليبهم ثم راح تستدل على دعواه تلك بحال بعض خلفاء بني العباس مع أنّ هذه الحجة تنقض دعواه من أساسها فليس تبني المأمون وغيره لمذهب المعتزلة ناتجا عن دراسة المذاهب والنظر في الأدلة بل هو ناتج عن تعاظم نفوذ العناصر الأجنبية في الدولة وتربيتهم لأبناء الخلفاء على المناهج الغريبة عن الثقافة الإسلامية فالعامل كان عامل
(يُتْبَعُ)
(/)
(السياسة) لا عامل (الدليل) ففي أوّل فرصة حصل فيها احتكاك بين الحق ممثلا في الإمام أحمد والباطل ممثلا في ابن أبي داوود ظهرت فيها الحجة مع الحق وأهله فالعامل هو عامل القمع والإرهاب الفكري لا عامل الإقناع وحرية التفكير قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله كما في الفرقان بين أهل السنة وأهل البدعة: (فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل فهذا أصل أهل السنة
وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول بل على ما رأوه أوذاقوه ثم إن وجدوا السنة توافقه وإلاّ لم يبالوا بذلك فإن وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا أو حرّفوها تأويلا
فهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدعة)
ويقول الإمام أبو المظفر السمعاني رحمه الله الحجة في بيان المحجة 2/ 223 - 227: (إنّ الله أبى أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة إلاّ مع أهل الحديث والآثار لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفا عن سلف وقرنا عن قرن إلى أن انتهوا إلى التابعين وأخذه التابعون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأخذه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من محمد صلى الله عليه وسلم ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من الدين المستقيم والصراط القويم إلاّ هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث
وأما سائر الفرق فطلبوا الدين لا بطريقه لأنهم رجعوا إلى معقولهم وخواطرهم وآرائهم فطلبوا الدين من قبله فإذا سمعوا شيئا من الكتاب والسنة عرضوه على معيار عقولهم فإن استقام قبلوه وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردوه فإن اضطرّوا إلى قبوله حرّفوه بالتأويلات البعيدة والمعاني المستكرهة فحادوا عن الحق وزاغوا عنه ونبذوا الدين وراء ظهورهم وجعلوا السنة تحت أقدامهم تعالى الله عما يصفون
وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم وطلبوا الدين من قبلهما وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتاب والسنة فإن وجدوه موافقا لهما قبلوه وشكروا الله حيث أراهم ذلك ووفقهم عليه وإن وجدوه مخالفا لهم تركوا ما وقع لهم وأقبلوا على الكتاب والسنة ورجعوا بالتهمة على أنفسهم فإنّ الكتاب والسنة لا يهديان إلاّ إلى الحق ورأي الإنسان قد يرى الحقّ وقد يرى الباطل ...
وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعا وأحزابا لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الإعتقاد يبدع بعضهم بعضا بل يرتقون إلى التكفير ..
وكان السبب فياتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل فأورثهم الاتفاق والإئتلاف وأهل البدعة أخذوا الدين من المعقولات والآراء فأورثهم الإفتراق والاختلاف فإن النقل والرواية من الثقات والمتقنين قلما يختلف وإن اختلف في لفظ أو كلمة فذلك اختلاف لا يضر في الدين ولا يقدح فيه
وأما دلائل العقل فقلما تتفق بل عقل كل واحد يري صاحبه غير ما يرى الآخر وهذا بين والحمد لله)
ويقول أيضا: (واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول وجعلوا الاتباع والمأثور تبعا للمعقول
وأما أهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتباع والعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم ولبطل معنى الأمر والنهي ولقال من شاء ما شاء ولو كان الدين مبني على المعقول وجب أن لا يجوز للمؤمنين أن يقبلوا أشياء حتى يعقلوا
ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله عزّ وجلّ وما تعبد الناس من اعتقاده وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط وصفات الجنة وصفات النار وتخليد الفريقين فيهما أمور لا تدرك حقائقها بعقولنا وإنما ورد الأمر بقبولها وال، يمان بها فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين وعقلناه وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر ومنه التوفيق وما لم يمكننا إدراكه وفهمه ولم تبلغه عقولنا آمنا به وصدقنا واعتقدنا أن هذا من قبل ربوبيته وقدرته واكتفينا في ذلك بعلمه ومشيئته) انتهى
فها أنت ترى بأمّ عينك التباين بين المنهجين بل وباعترافك!!
أما تمثيلك لدعوى قصور منهج أهل الحديث بمحنة الإمام أحمد رحمه الله فهي والله سقطة مدوية إقشعرّ لها شعري فما كنت أظنّ بأن منتسبا للسنة سيقع فيها فلتهنئ المعتزلة إذا إذ لم يكسر شوكتها الإمام أحمد وانتظرت الأمة كلّها توبة الأشعري ليتم ذلك!!! لا بارك الله في التعصب والهوى ثمّ تدعي زورا بأنّ مخالفيك متعصبون لابن تيمية!! ألم أقل بأنّ ذلك سيف مسلط على رأسك ورأس أمثالك لن تتحرروا منه إلا بمزيد مما يكشف حقدكم ومخالفتكم للسلف فحق لي أن أقول (والذي أخشاه عليك أن يمسك الله بتذكير من عنده أنك تتهجم على أوليائه بلمزك إياهم) فأي لمز أكبر من دعوى أنّ الإمام أحمدا لم يكسر المعتزلة وبقت الأمة في اضطراب إلى غاية توبة معتزلي من اعتزاله بل أي (فحش) أكبر من هذه الدعوى؟!!! بل الحق أن الإمام أحمدا قد كسر شوكة المبتدعة جميعا ورفع لاء السنة عاليا فها هي ذي أقواله كشهب حارقة في وجه كلّ مبطل وسنأتي على التأويلات المزعومة في حلقة قادمة إن شاء الله
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[27 - Dec-2009, مساء 08:44]ـ
بارك الله فيكم على التوضيح .. الا أنه قد يلزم التنبيه و الله أعلم الى أن قول الامام
واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول وجعلوا الاتباع والمأثور تبعا للمعقول
انما يصح كليا في المتأخرين من الأشاعرة ممن قاربوا المعتزلة .. فهم من قاموا بقلب الميزان من جعل العقل مؤسسا و النقل عاضدا بخلاف ما كان الأمر عليه عند المتقدمين من الأشاعرة من كون النقل هو المؤسس و العقل هو العاضد .. اذ أن المتقدمين كانوا على نفس أصل أهل السنة. قالوا: الأصل في الدين الاتباع والعقول تبع
الا أنه قد يقع لهم كما يقع لغيرهم من الطوائف المنتسبة الى السنة و اهل الحديث تقديم جزئي للعقل على النقل في فروع التطبيقات .. و هو ما قد أصاب منه أغلبية الطوائف و العلماء بعد انصرام القرون الثلاثة .. فمن مقل و من مستكثر .. الا انهم كانوا مجمعين على هذا الأصل و منتسبين جميعا الى السنة ... و لهذا كانوا يدا واحدة على المعتزلة و الباطنية و القرامطة و الرافضة .. و مؤتلفين ائتلافا لا تفسده بعض المناوشات الناتجة عن تقديم جزئي لهؤلاء لفاسد العقل او تقديم جزئي لأولئك لفاسد النقل .. حتى بدأت بوادر تفريخ بقايا المفاهيم الاعتزالية في المنهج الأشعري و بدأت تظهر بوادر الأخذ بالعقل أولا و الاقتراب أكثر فأكثر الى حظيرة الاعتزال .. فوقعت الفتنة الكبرى و افترق الناس و أخذ المنهج الأشعري يأخذ ملامح اعتزالية أكثر فأكثر
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[27 - Dec-2009, مساء 09:00]ـ
أحسن الله إليكم أستاذي الفاضل .. ومنكم نستفيد.
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[27 - Dec-2009, مساء 11:33]ـ
انما يصح كليا في المتأخرين من الأشاعرة ممن قاربوا المعتزلة .. فهم من قاموا بقلب الميزان من جعل العقل مؤسسا و النقل عاضدا بخلاف ما كان الأمر عليه عند المتقدمين من الأشاعرة من كون النقل هو المؤسس و العقل هو العاضد .. اذ أن المتقدمين كانوا على نفس أصل
ومع ذلك فقد اتفقوا على أدلة سموها عقلية والتي كان لها التأثير في النتيجة (=نفيهم للصفات) سواء المتقدمين أو المتأخرين ..
مثل دليل الأعراض ودليل الاختصاص .. وهذان الدليلان مركبان من كليات شرعية وكليات عقلية ومفصلات فلسفية
ونتيجة الدليل إنما تتغير بتلكم المفصلات الفلسفية، وليس للشرع ولا صحيح العقل أي تأثير في النتيجة ..
ولهذا ترى أن الأشعري ومتقدمي أصحابه أثبتوا الصفات الخبرية = لأنها ليست أعراضا -على حد زعمهم-
وبدليل الأعراض نفوا الصفات الفعلية ..
وإن كانت المقدمات الفلسفية لهذين الدليلين -أعني الأعراض والاختصاص- كثرت في المتأخرين، الأمر الذي أدى بهم إلى إثبات سبع صفات فقط!
والله أعلم ..
ـ[ابن العباس]ــــــــ[28 - Dec-2009, صباحاً 01:33]ـ
يصح كليا في المتأخرين من الأشاعرة ممن قاربوا المعتزلة .. فهم من قاموا بقلب الميزان من جعل العقل مؤسسا و النقل عاضدا بخلاف ما كان الأمر عليه عند المتقدمين من الأشاعرة من كون النقل هو المؤسس و العقل هو العاضد .. اذ أن المتقدمين كانوا على نفس أصل
الباقلاني من أوائل من أسس لهيمنة العقل على النص , وليس هو من المتأخرين
وكذلك الجويني, ولهما في ذلك نصوص معروفة
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[28 - Dec-2009, صباحاً 02:10]ـ
ومع ذلك فقد اتفقوا على أدلة سموها عقلية والتي كان لها التأثير في النتيجة (=نفيهم للصفات) سواء المتقدمين أو المتأخرين ..
مثل دليل الأعراض ودليل الاختصاص .. وهذان الدليلان مركبان من كليات شرعية وكليات عقلية ومفصلات فلسفية
ونتيجة الدليل إنما تتغير بتلكم المفصلات الفلسفية، وليس للشرع ولا صحيح العقل أي تأثير في النتيجة ..
ولهذا ترى أن الأشعري ومتقدمي أصحابه أثبتوا الصفات الخبرية = لأنها ليست أعراضا -على حد زعمهم-
وبدليل الأعراض نفوا الصفات الفعلية ..
وإن كانت المقدمات الفلسفية لهذين الدليلين -أعني الأعراض والاختصاص- كثرت في المتأخرين، الأمر الذي أدى بهم إلى إثبات سبع صفات فقط!
والله أعلم ..
قد بينته حفظك الله بعد ذلك في قولي
الا أنه قد يقع لهم كما يقع لغيرهم من الطوائف المنتسبة الى السنة و اهل الحديث تقديم جزئي للعقل على النقل في فروع التطبيقات .. و هو ما قد أصاب منه أغلبية الطوائف و العلماء بعد انصرام القرون الثلاثة .. فمن مقل و من مستكثر
وهو شيء لم يختص به الأشاعرة المتقدمون-خاصة هذا الدليل العقلي اليوناني الخاص الذي تشير اليه- بل دخل عليهم و على غيرهم و أصاب رذاذه أغلب الطوائف و العلماء المنتسبين الى السنة بعد انصرام القرون الثلاثة و كثرة الاختلاف .. الا من رحم ربك من كبار الآخذين بقوة بمذاهب السلف .. الا ان الجميع كان يجمعهم هذا الأصل من جعل النقل مؤسسا و العقل عاضدا .. ما جعلهم- رغم انكار و تناصح و مناظرات بينهم أدت أحيانا الى بعض شنآن و في كثير من الأحيان ادت الى حسن تقويم و تدافع - يدا واحدة.
الباقلاني من أوائل من أسس لهيمنة العقل على النص , وليس هو من المتأخرين
وكذلك الجويني, ولهما في ذلك نصوص معروفة
حفظك الله .. أنا محتاج أكثر لتوضيح رؤيتي أكثر عن هذه الحقب .. فلو أكرمتني بايراد نصوص للباقلاني يؤصل فيها هيمنة العقل على النص كليا كما فعله المتأخرون ... أكن لك شاكرا حسن افادتك ... و ان كان ما انطبع لدي مما قرأته من كتبه أنه اكثر ايغالا في الاثبات و تحكيم النقل و تعظيمه و تطويع مقتضيات العقل له من كثير من حنابلة عصره بل و من الأشعري نفسه ... حتى ترك في انطباعا انه يخالفه في مسألة الكلام و هي من المسائل الرئيسية التي تشترك مع صفات الأفعال في نفس الجذور العقلية ..
أما امام الحرمين فهو الباب و المنظر له فكيف لا يكون من المتأخرين؟؟:):):) و ان كانت هناك قبله بقليل بوادر و محاولات الا انه هو رحمه الله من وضع و بلور و أكمل التنظير .. ليأتي الامام الرازي ليؤصل و يفرع ويطور التطبيق ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العباس]ــــــــ[28 - Dec-2009, صباحاً 02:58]ـ
أخي الفاضل:ابن الرومية .. سدده الله لإصابة الحق
أتعجب في الحقيقة من طول نفسك في تقريرات أنت في غنى عنها وهي مع هذا خارجة عن الموضوع
فإن تقديم العقل على النقل عند الأشاعرة سمة فارقة تميزهم ولا معنى للتفصيل في هذا, وقد لحظ هذا كل من درس مذهبهم
وعلى رأسهم الإمام ابن تيمية وكلامه في هذا أشهر من أن يذكر
كما أعجب من محاولة إقحام أهل السنة في تقديم العقل على النقل .. , فنحن نتحدث عن منهج عام له معالم مؤسَسة
ويبقى بيان معنى المتقدم والمتأخر في عرفك, حتى نفهم
وأما أقوالهما فلعي آتيك بها إن فسح الله في العمر إن شاء الله تعالى
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[28 - Dec-2009, صباحاً 04:20]ـ
و اياك اخي الكريم ..
انما أنا باحث و أطمع في مزيد من توضيح الصورة عن هذه الحقب من حقب أمتنا و لست عالما ليكون كلامي مرجعا مستقرا ... لهذا رجوت أن تكون وقفت فعلا على كتب الباقلاني فتفيدني ... و أنا في انتظار افادتك الغالية لأني أحب أن أقف على كلام أهل الدار أنفسهم لا من تكلم عنهم و درس مذهبهم و لو كان شيخ الاسلام .. لأن أخي العزيز ما ذكرته من الاختلاف بين جيلي الأشاعرة في علاقة النقل و العقل و بيان ان الأولين كانوا يجعلون السمع أصلا و المتأخرين يجعلون العقل أصلا ليس من كيسي و انما هو من كلام دارسي المذهب و على رأسهم شيخ الاسلام نفسه .. يعرف ذلك من له أدنى معرفة بكتبه ... :) و لكن كما قلت لك الأفضل الرجوع الى المصادر الأصلية لمن أراد التأكد من صحة تحليل الدارسين و مزيدا من وضوح الرؤية ...
ـ[أسامة]ــــــــ[28 - Dec-2009, صباحاً 05:45]ـ
فإن تقديم العقل على النقل عند الأشاعرة
بارك الله فيك على هذا التلخيص المفيد.
طامة الأشاعرة ... في منهج التلقي والاستدلال. فإذا فسد الأصل فسد الفرع.
ـ[أبو أويس الفَلاَحي]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 05:30]ـ
ويبقى بيان معنى المتقدم والمتأخر في عرفك, حتى نفهم
المعنى الذي يقصده الأخ ابن الرومية وفقه الله .. هو ما تعارف عليه العلماء .. نصل إلى هذا من خلال مشاركاته ..
والجويني معدود في المتأخرين بلا شك!
والله أعلم ..
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 07:46]ـ
الأخ العاصمي من الجزائر السلام عليكم
#حرره الإشراف #
##########################
ولكني هنا أسجل ملاحظاتي على ما نقلته من كتاب المبرد من أسماء، فاستمع:
أولا: أقول لك النووي وابن حجر والرامهرمزي والبيهقي والمزي والمازري والزركشي والبيضاوي وابن رشد والسيوطي والعراقي والبغدادي والسرخسي وابن جماعة والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد والشاطبي وابن العربي وعياض والسبكي والقرافي وابن نجيم والآمدي والبغدادي والحاكم وابن عساكر والرازي والمقري والتلمساني والباقلاني والغزالي والجويني والهيتمي وابن الجوزي وابن عطية والألوسي وابن الصلاح وابن عقيل والقاري وابن منظور والزبيدي والفيروزابادي والنسفي والجرجاني والكفوي والمسعودي وابن خلدون وابن شاس وزروق والدردير والدسوقي والأمير وابن عاشور وغيرهم وغيرهم من أعلام الأمة وأقطابها ونجومها الزاهرة الذين تملأ مؤلفاتهم المكتبات والذين لا غنى لك عن كتبهم وعلومهم، ولولاهم ما قامت للأمة قائمة، ولا بلغنا نور النبوة، وأنت تقول لي: الهاشمي والقراب وابن باكويه والحنائي وابن دوست والفلكي والأردستاني والسكري والحمامي وابن بشران والغضائري وابن رزقويه والنرسي والمحاملي وابن سمعون والنعيمي والغطريفي والجلودي والآبنودي وابن شارك وابن مطر وابن النعال والحمراني والآملي والخاروشي والزراد والطالقاني والماليني وابن هيصم والعالمي والبسطامي والشاركي وابن زوران وغيرهم من النكرات في دنيا العلم والمعرفة والتأليف، ـ وإن كانوا ربما فيهم الصالحون. وأنا أستحلفك وأستحلف القراء بالله إن كان أحد منهم سمع بهذه الأسماء من قبل أو وقف لهم على كتاب؟ عجبا لك ثم عجبا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا بعض ممن ذكرتهم ممن لهم في عالم العلم والمعرفة والكتاب ذكر لا يسلم لك ولا لمؤلف هذا الكتاب أنهم كذلك، كالحاكم وابن الجوزي وابن عقيل وابن هشام النحوي، كما أن الخطابي صاحب معالم السنن يعرف الكل أنه كان ممن يؤول الصفات، وأما كتابه الغنية فهو انتهج فيه مذهب السلف في تفويض معاني النصوص المتشابهة ورد معرفة حقيقتها إلى قائلها.
ثالثا إن بعضا ممن ذكرتهم للعلماء فيهم مقال فابن بطة ـ رحمه الله مثلا ـ رمي بالتجسيم، وقال فيه ابن حجر في "لسان الميزان" (4/ 145) في ترجمة له "وقد وقفت لابن بطة على أمر استعظمته واقشعر جلدي منه".
رابعا: لو سلمنا جدلا أن هؤلاء كلهم أعلام فإنه لم يرد في كثير من النقولات عن هؤلاء المذكورين إلا أنهم جانبوهم، وتلك لها محامل، وبعضهم نقلت عنهم المجانبة بلفظ رُوي، وهي فيها ما فيها من الضعف والغموض.
خامسا: لو سلمنا جدلا أيضا أنهم أعلام، أفلا تنظر إلى كمهم مقارنة بأهل السنة، فأنت ذكرت منهم 100، وصاحب الكتاب عد منهم 400، وادعى أن لو أراد لأوصل العدد إلى 10000، وهو تدليس كما لا يخفى، لأنه لو كان في استطاعته عد من هو أكثر منهم لم يتوانى لحظة في ذكرهم، بينما تعال إلى أهل السنة فأعدادهم بالألوف على الحقيقة، ويكفيك أن ترجع إلى كتب التراجم وتنظر، ونسبة عظمى منهم لهم مشاركات في العلم والمعرفة بشتى مجالاتها، منها ما هو منشور، والأغلب ما زال مخطوطا حبيس المكتبات ودور الأوقاف والمؤسسات المتخصصة، ولا تقل لي بأن العدد هنا ليس معيارا للتفاضل، بل إنه لكذلك هنا لأن فريق الكثرة أفراده أئمة عظام ومشايخ أجلاء تركوا بصماتهم في شتى فروع المعرفة، فاجتمع إذن الكم والكيف، فتعقل يا هذا، فإنه لا يستقيم القياس الذي ذكرته على النصارى والبوذيين أو الهندوس.
سادسا: ألا ترى أن بعضا من المذكورين قد وصف بأنه صوفي، وهذا منك كيل بمكيالين، فمن جهة لا نرى منك ومن أمثالك إلا القدح في الصوفية وأنهم على غير منهج أهل السنة في العقيدة، ومن جهة ها أنت تستكثر بهم العدد في مقابلة علماء أهل السنة، وكفى بذلك عجزا.
أما قولك أنك لم تبدع النووي وابن حجر فيكفي أنك تعتقد وأمثالك أن من يؤول ما ورد في النصوص المتشابهة أنهم مبتدعة وضلال، بل تسمونهم مخانيث، وابن حجر والنووي منهم وإن لم تذكروهم بالاسم، فإنهم رضوا التأويل وانتهجوه في كتبهم، والنووي كثيرا ما يقول في كتبه: قال أصحابنا المتكلمون، فدعوى إخراجهم من زمرة هؤلاء هي في الحقيقة باطلة.
أما أنت فيا أخ ابن الرومية فأشكرك على دماثة خلقك وطيب أسلوبك، وأشهد أنك قارئ جيد لكتابات ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، لكن أود منك الإجابة على هذه التساؤلات:
1. ما الذي ألجأ ابن عباس وقتادة ومجاهد ومالك والطبري وأحمد لتأويل تلك النصوص، حتى لو سلمنا جدلا أنهم كما ذكرت ما خرجوا بعملهم هذا عن منظومة الوحي ـ على حد تعبيرك؟
2. ما الذي ألجأ الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى محاولة رد تأويل الإمام أحمد لقوله تعالى: "وجاء ربك" أنها: وجاء أمر ربك؟
3. ألا ترى معي أنه لما انتهج الكثرة الكاثرة من علماء المسلمين على مر العصور منهجا غير المنهج الذي انتهجه ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ممن حدا حدوهما ـ ألا ترى في ذلك أمرا لا يساعد على ما ذكرته؟ وهل فهمكم لمراد السلف أصح من فهمهم، بحيث غاب عنهم ما وضح لكم، وأنتم ـ ونحن معكم ـ من نكون أمامهم علما وفهما ودراية، ناهيك عن التقوى والإخلاص؟
أنا في انتظار إجابة شافية، والمتوقع منك أن لا تصف ما أوردته من تساؤلات من قبل بالباهتة كما فعل العاصمي من الجزائر.
وللحديث بقية، والسلام عليكم.
ـ[أسامة]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 08:17]ـ
أخي فوزي ... بارك الله فيك.
أربأ بنفسي وبك وبجميع الإخوة عن الجدال والخصومة في دين الله، فقط انتهاجًا لأقوال الرجال.
فحتى لا يبقى الجدل في هذا النطاق الضيق الأفق والأبعد عن الشرع.
فعود جميل للقرآن والسنة ... ومناقشة المسائل المتعلقة. كل مسألة ودليلها من القرآن والسنة.
والإجماع إن وُجد.
بداية من الأصول .... ثم الفروع.
فتفضل بما عندك.
ـ[محمد الدجوي]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 10:08]ـ
إخواني الأحبة في هذا المنتدى المبارك السلام عليكم،
(يُتْبَعُ)
(/)
أسأل الله ان يجنبنا الزلل فيما نكتب. انني ارى أن الشيخ سفر قد جانبه الصواب في هذا الكتاب بالذات. فهل الامة الآن بحاجة إلى ثقافة التسامح أم الكراهية؟! يعني التراث الاسلامي جله كتب بايدي اقوام نريد ان نقول عنهم مبتدعة؟ والله هذا لايقبله عقل عاقل! ارى ان الشيخ سفر لو ركز على مواضيع تهم المسلمين لكان خيرا له .. صحيح الكلام ولا لا؟
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 10:42]ـ
أخي فوزي ... بارك الله فيك.
أربأ بنفسي وبك وبجميع الإخوة عن الجدال والخصومة في دين الله، فقط انتهاجًا لأقوال الرجال.
فحتى لا يبقى الجدل في هذا النطاق الضيق الأفق والأبعد عن الشرع.
فعود جميل للقرآن والسنة ... ومناقشة المسائل المتعلقة. كل مسألة ودليلها من القرآن والسنة.
والإجماع إن وُجد.
بداية من الأصول .... ثم الفروع.
فتفضل بما عندك.
الأستاذ أسامة
جزاك الله خيرا على كلماتك النيرات، ويعلم الله أنني من أبعد الناس عن الجدل والخصومة، ولا أحب ذلك، لكن والله هي الغيرة على أهل الله وعلماء الأمة من أن تطالهم الألسنة، وينال منهم من لا يعرف قدرهم، ولا والله ما عندي وقت زائد، و إن الوقت الذي أقضيه في الردود والردود المضادة لهي مما كان يجب أن أقضيه في دراستي لتحضير ماابتعثت من قبل بلدي له، ولكن ما العمل، ومنتداكم ـ على كثرة ما فيه من خير ونشر للعلم ـ هو كثير المواضيع التي فيها الحط من أقدار العلماء والثقات من أكابر الناس على مر العصور، والطعن في عقائدهم، ولو لم يسموهم بأسمائهم، فيكفي أن يذكروا ضمنا على أنهم مبتدعة وضالون، والحال أنهم هم من أنار للأمة طريقها، وأزال عنها غشاوة الجهل، وإن كان من أخطاء فليس ذلك إلا لأنهم بشر، ومما زاد المشاركين في هذه المجالس تطاولا أن لا أحد يرد عليهم، فظنوا أنهم أصحاب حق، وأن حقهم أبلج، ولكن الله غالب على أمره. وكم قدمت النصح لشباب على هؤلاء الشاكلة، بدل أن يعملوا على رفعة أمتهم والرقي بها إذا هم ينزلون إلى مثل هذه الدركات، ويظنون أنهم يحسنون صنعا، فيزعمون أنهم يدافعون عن العقيدة الصافية، حتى غدت العقيدة كلاما يقال، وجدلا وهياما به، وأنت تعرف أن العقيدة ثمرتها أن تنعكس على السلوك فتهذبه، فإذا لم يتهذب السلوك ففي الأمر خطأ ما.
أشكرك على نصجك مرة أخرى، وأناشد عبر هذه النافذة القائمين على هذا الموقع أن يكفوا عن عرض مثل هذه المواضيع التي تثير الحزن في النفوس وتعمق الهوة.
والسلام عليكم.
ـ[أسامة]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 10:47]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبًا بالأخ الكريم / محمد الدجوي - في المجلس العلمي.
- الشيخ سفر يقوم بالدعوة إلى العودة إلى القرآن والسنة ونبذ الحيد عنهما.
- وأما السكوت على الخطأ فهو من أشد أنواع الباطل، كما لا يخفى عليكم.
- والمسألة ليست في عالم أو مجموعة من العلماء ... المشكلة في المنهجية ... وما ينتج عنها في القول على الله بقول عظيم ... والخوض في صفات الله تعالى، فلا يمروها كما جاءت ولا يثبتوها أصلاً .... بل يثبتوا غير ما أثبته الله وينفوا ما أثبته الله.
فهذه ليست دعوة للتفرقة بين المسلمين أو الكراهية ... بل دعوة للاجتماع على القرآن والسنة.
ـ[أسامة]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 11:03]ـ
بارك الله فيك أخي فوزي ...
المجلس العلمي أحد الأماكن التي أراد الله لها أن تكون منبرًا للدعوة ... نسأل الله أن يجزي القائمين عليه خيرًا، وأن يجعل فيه الخير لنا ولهم وللمسلمين أجمعين.
حقيقة الأمر ...
توجد إشكالات عظيمة مع منهج الأشاعرة عمومًا ... وليس في أحد العلماء تحديدًا.
- ومن ناحية أخرى، ليس موافقة أحد العلماء مذهب الأشاعرة في مسألة أو بعض المسائل أنه أشعري صرف، بل وقع بعض أهل العلم في تأويل ما أشكل عليهم.
وهذه اجتهادات أصحابها، ولكن ليس معنى ذلك أن يُترك الناس ليتتبعوا هذه الأخطاء ليتخذوها معتقدًا.
فنحن لا ندعو إلا للقرآن والسنة ... ولا نقدس الأشخاص ... بل كل قول نعرضه على القرآن والسنة ... إن قبلاه قبلناه ... وإلا فلا.
وهذا هو الحق ... الذي نجتمع عليه ونتفرق عليه.
وهذا ليس من باب التعريض ولا التعدي على أحد الأشخاص، بل لرد المنهجية التي حادت عن القرآن والسنة.
لا شك بأن صاحبها يخزى بأقواله في هذه المسألة، ولكن أهل السنة أهل إنصاف، ولا يتخذ أحدهم مثل هذه الأمور حجِّة للطعن في أحد بعينه .... للنيل منه أو التعرض له.
بل لدحض ما خالف القرآن والسنة ... وإن كان كائنًا من كان.
والنور الحقيقي في الهدى النبوي .. لا أحد من العلماء ولا مجموعة منهم بعينهم ... بل من المعين الصافي ... (القرآن والسنة النبوية).
وأخيرًا ..
إن كنت ترى أن مذهب الأشاعرة فيه من الصواب فيما خالفوا فيه أهل السنة والجماعة ... فتفضل بطرحه لنناقشه سويًا ونعرضه على القرآن والسنة.
جزاك الله خيرًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صاحب الأثر]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 11:38]ـ
أرجو من جميع الإخوة بدون استثناء الالتزام بتقوى الله عز وجل و بمنهج السلف في المحاورة وعدم الخروج عن الكتاب والسنة ..
ـ[محمد الدجوي]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 11:43]ـ
الأخ أسامة جزاك الله خيرا على اسلوبك الجميل في المحاورة. لكن كتاب الشيخ سفر المشار إليه فيه تحامل و### مع أئمة نحن جميعا متفقون على أنهم حاملوا راية العلوم الشرعية على مر العصور. فلو فتحنا هذا الباب لما نجا ### أحد بما في ذلك ابن تيمية وابن القيم ..
ـ[أسامة]ــــــــ[28 - Dec-2009, مساء 11:59]ـ
وجزاك ربي خيرًا أخي محمد الدجوي
لسنا بحاجة للخروج عن الأصل للفرع.
فالإشكالية ليست في الشيخ سفر ولا أحد من العلماء بعينه كما قد توهم البعض.
الإشكالية في المنهجية.
إن لم توجد هذه المنهجية ... ما خرج الشيخ سفر بهذا الكتاب.
فلعلنا نركز على المنهجية والمسائل تفصيليًا.
بارك الله فيك ... وفي جميع الإخوة الأفاضل.
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[29 - Dec-2009, صباحاً 03:33]ـ
وجزاك ربي خيرًا أخي محمد الدجوي
لسنا بحاجة للخروج عن الأصل للفرع.
فالإشكالية ليست في الشيخ سفر ولا أحد من العلماء بعينه كما قد توهم البعض.
الإشكالية في المنهجية.
إن لم توجد هذه المنهجية ... ما خرج الشيخ سفر بهذا الكتاب.
فلعلنا نركز على المنهجية والمسائل تفصيليًا.
بارك الله فيك ... وفي جميع الإخوة الأفاضل.
الأخ أسامة
أحسن الله إليك.
أما وقد دعيت إلى المنهجية فدعنا ننظر إلى السبب الرئيسي لمشاركتنا في هذا الموضوع، وهو كتاب الدكتور سفر الحوالي ـ غفر الله له، ودعنا نقتطف منه بعض المسائل التي طرحها، ونرى مدى مطابقتها للمنهجية العلمية، ومن ثم ننطلق إن شاء الله، لو توفر الوقت الكافي، والمقصود ليس الدكتور سفر في شخصه، فللرجل إسهاماته العلمية التي لا تنكر، لعل أبرزها كتاب العلمانية.
لقد كان من أوائل المسائل التي طرحها في كتابه هي حكم الأشاعرة عند أئمة المذاهب الأربعة، (وهو لا شك يقصد حكم منهجهم أو طريقتهم أو عقائدهم؛ لأن الحكم لا يكون على الذوات كما هو مقرر)، وأعتقد أنه إنما قصد حكم المذاهب الأربعة، لا أئمة المذاهب، لأن آخرهم موتا ـ وهو الإمام أحمد ـ رحمة الله على الجميع ـ مات قبل مولد الأشعري بتسع عشرة سنة، وذكر في ذلك شهادات لبعض رجال المذهب بذم الأشاعرة ومنهجهم وعقائدهم، والآن لننظر ما إذا كان الدكتور سفر التزم المنهجية العلمية أم لا.
المنهجية يا سادة تقتضي أن يختار من المذهب رجلا من اللذين إذا قيل (فلان) عرفت مكانته فيه، ويكون قوله في الغالب معتبرا، حتى يمكن أن يكون هو رأي المذهب عموما، وهو من القوة بحيث حتى لو انفرد برأيه يجعل لرأيه وزن ولا يطرح بالكلية إلا لمعارض قوي، أو ينقل كلام عدة رجال لهم وزنهم في المذهب بحيث يتكون من آرائهم ما يمكن أن يعتبر رأي المذهب ككل. والمنهجية العلمية تقتضي كذلك التثبت من المنقول ما وسع الباحث الجهد، ويلتزم أن ينقل الآراء من كتب أصحابها أو على الأقل ممن لا يظن أنه بينه وبين المنقول عنه اختلاف أو خلاف، حتى لا يتطرق الشك إلى المنقول.
والآن لننظر إلى صنيع الشيخ سفر، ونرى هل يصدق عليه ما ذكر، والكلام ليس لي، بل لمن رد على الدكتور سفر كالشيخ الأدلبي والسقاف، ولي منه أحيانا إعادة الصياغة.
اختار من المالكية ابن خويزمنداد ـ رحمه الله ـ ووصفه بأنه فقيه المالكية بالمشرق، ولعل للرجل إسهاماته العلمية، لا ندري، لكن المؤكد أنه ليس من الرجال المعتمد على أقوالهم في المذهب، بحيث لا يعرفه إلا القليل من طلاب العلم، فاسمه لا يكاد يذكر في كتابات المؤلفين فيه. ولننظر ماذا قال فيه الإمام ابن حجر في (لسان الميزان) (5/ 291 من الطبعة الهند ية) و (5/ 329 من طبعة دار الفكر)، قال ما نصه: "عنده شواذ عن مالك، واختيارات وتأويلات لم يعرج عليها حذاق المذهب، كقوله إن العبيد لا يدخلون في خطاب الأحرار، وأن خبر الواحد مفيد العلم. . . وقد تكلم فيه أبو الوليد الباجي، ولم يكن بالجيد النظر، ولا بالقوي في الفقه، وكان يزعم أن مذهب مالك أنه لا يشهد جنازة متكلم، ولا يجوز شهادتهم، ولا منا كحتهم، ولا أماناتهم، وطعن ابن عبد البر فيه أيضا"، فهو إذن بشهادة ابن حجر والباجي وابن عبد البر ليس من المعولين عليهم
(يُتْبَعُ)
(/)
في المذهب، فلا أدري ماذا يسمى هذا الصنيع في مجال البحث العلمي؟
أما من الشافعية فقد ذكر قولاً منسوباً لأبي العباس ابن سريج، الفقيه المعروف، ناقلا إياه من كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم رحمه الله، وفي هذا ما يكفي للحكم عليه بأنه مشكوك فيه؛ لأن المعاداة والمنافرة قد تحول بين المرء وبين دقة التحري، لا للتهمة بالكذب، ولكن للتسرع في قبول ما ينقل دون تمحيص رغبة في انتصار الكاتب لقوله، فيتساهل في قبول الرواية عن المنقول عنه، دون نقد ولا تمحيص. ويبدو أن ابن القيم ـ رحمه الله وغفر له ـ قد وقع في ذلك التساهل، إذ نقل شيئاً من العقيدة المنسوبة لابن سريج، دون أن ينقد الرواية، لا سنداً، ولا متناً، ونقلها عنه الدكتور سفر دون نقد أيضا، فأما السند فهو منقطع، لأن الذي ذكرها عن ابن سريج ـ كما قال ابن القيم ـ هو أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني، وهذا قد ولد سنة (380هـ) تقريباً، وتوفي سنة (471هـ). أي إنه ولد بعد وفاة ابن سريج بخمسة وسبعين عاماً تقريباً، ولم يذكر من الذي بلغه إياها، وكل سند منقطع فهو ضعيف. ثم إن ابن سريج لا يمكن أن يصح عنه هذا القول؛ لان ابن سريج مات قبل الأشعري ب (21) سنة، وأبو الحسن الأشعري عاش (64) سنة، يعني لما مات ابن سريج كان عمره (43) سنة، ولم يظهر إذ ذاك مذهب، فقد توفي ابن سريج سنة (303) كما في (سير أعلام النبلاء) وولد الأشعري سنة (260) وقيل (270) كما في (سير أعلام النبلاء) أيضا، فيكون عمره عند موت ابن سريج على القول الأول (43) وعلى الثاني (33) وهذا مما يؤكد عدم إدراك ابن سريج للأشعرية تأكيدا مبرما، لأنه كما تواتر عنه أنه صحب الجبائي يدرس عليه ويتعلم ويأخذ عنه (40) سنة، وكم كان عمره لما بدأ بالاخذ عنه؟ ربما كان عشر سنوات أو ثمانية مثلا، فيستحيل إذ ذاك أن يدرك ابن سريج الأشاعرة حتى يقول ما نقله، ولذلك فإنه حتى على فرض صحة نسبة هذا القول لابن سريج فالواضح أن كلمة [والأشعرية] ليست من كلامه، وإنما هي مقحمة فيه.
ثم ذكر قولاً منسوباً لأبي الحسن الكرجي، وهو فقيه توفى سنة (532هـ) ناقلاً إياه من كتب ابن تيمية وابن القيم، وهما مخالفان ومخاصمان للأشاعرة، ويجران بذلك النقل لنفسيهما نفعاً، فهذا النقل لا يصح أن يعتمد عليه. وقد أشار السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" إلى وقوفه على قصيدة تنسب إليه في العقيدة، وأبدى شكه في جزء منها على الأقل، وهو المشتمل على ما يقتضي التجسيم وعلى مخالفة الأشاعرة والطعن في الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله، ومن أهم الأسباب التي دعته للشك في ذلك الجزء منها هو قول ابن السمعاني: [وله قصيدة بائية في السُّنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف، تزيد على مئتي بيت، قرأتها عليه في داره بالكرج]. وابن السمعاني كان أشعري العقيدة، فلو كان فيها ما اشتمل عليه ذلك الجزء لما أثنى عليها. ومن ذلك عنده كذلك أن بعض أبيات القصيدة شعر مقبول، بينما بعضها الآخر في غاية الرداءة، وهو الجزء المشتمل على تلك القبائح، ثم إن فيها الطعن في الأشعري وأنه لم يك ذا علم ودين!!! والحال هو أنه قد اتفق الجميع على علمه ودينه وزهده وورعه. هذا وقد نقل ابن تيمية الكلام المنسوب إلى أبي الحسن الكرجي من الكتاب المسمى بـ "الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاماً لذوي البدع والفضول"، ونسب الكتاب للكرجي، وقد قال الإسنوي في ترجمة الكرجي في "طبقات الشافعية": [وله تصانيف في الفقه والتفسير، وله تصنيف يقال له الذرائع في علم الشرائع]. ولم يذكر أن له كتاباً في العقيدة أو الأصول، فربما كان هذا الكتاب منحولاً مكذوباً، أو مقحماً فيه مثل ذلك الطعن في الأشعري والأشاعرة. وابن تيمية ـ رحمه الله وغفر له ـ ينقل ما يجده في الكتب دون أن يتحقق من صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف الذي نسب إليه، ولما كانت حاله كذلك ووجدنا ابن السمعاني وابن السبكي ـ وهما من كبار الأشاعرة ـ يثنيان على الكرجي؛ تبين لنا أنه لم يثبت من الطعن في الأشاعرة عن الكرجي شيء.
ثم ذكر الدكتور سفر ما يدل على نفور الفقيهين الشافعيين الكبيرين أبي حامد الإسفراييني وأبي إسحاق الشيرازي من مذهب الأشاعرة، وهذا منقول من كلام ابن تيمية، وهو قد نقله عن الكرجي، فرجع الأمر إلى ما ذكر في الفقرة السابقة، يؤكد ذلك أن أبا إسحاق الشيرازي أشعري العقيدة، واقرأ إن شئت معتقده المطبوع في مقدمة شرح اللمع له، وفيه قوله في اعتقادات أهل الحق: [فمن ذلك أنهم يعتقدون أن أول ما يجب على العاقل البالغ: القصد إلى النظر والاستدلال المؤديين إلى معرفة الله عز وجل] [ثم يعتقدون أن التقليد في معرفة الله عز وجل لا يجوز، لأن التقليد قبول قول الغير من غير حجة] [ثم يعتقدون أن الله تعالى ليس بجسم]. وقوله [العقل عند أهل الحق لا يوجب ولا يحسن ولا يقبح] [ولا يقال إن كلام الله لغات مختلفة، لأن اللغات صفة المخلوقين]. وقوله [ثم يعتقدون أن الله تعالى مستو على العرش، ... وأن استواءه ليس باستقرار ولا ملاصقة، لأن الاستقرار والملاصقة صفة الأجسام المخلوقة، والرب عز وجل قديم أزلي، فدل على أنه كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو على ما عليه كان]. ثم قال عن المخالفين للأشاعرة: [فإظهارهم لما هم عليه من التشبيه ولعنة المسلمين وتكفيرهم لا يدل على أنهم على الحق، ... ومن شرهم: لعنهم لأهل الحق وغيبتهم لهم وتقبيح اسمهم عند العامة وتلقيبهم لهم بالأشعرية]. فهذا هو أبو إسحاق الشيرازي، أشعري محض، وكلامه من صميم مذهب الأشاعرة، بخلاف قول الدكتور سفر عنه، وهذا عاقبة التسرع وعدم التحقيق والاعتماد على ما ينقله المتسرعون!!!
وللحديث بقية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة]ــــــــ[29 - Dec-2009, صباحاً 06:15]ـ
أخي فوزي ...
حفظك الله
لستُ هنا لتقييم أو نقد كتاب الشيخ سفر أو ماذا قاله ... أو غيره من العلماء أو الشيوخ.
فالعبرة ليست بالقائل ... ولكن بقوله.
وكما قال الإمام مالك: كلٌ يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
فدعنا بارك الله فيك من الأشخاص وندخل في المهم ... المنهج والمسائل المترتبة عليه.
(أقصد بالمنهج: منهج الأشاعرة فيما يخالفون فيه أهل السنة والجماعة في العقيدة - أصول الدين) وليس منهج الشيخ سفر في كتابه.
بارك الله فيك.
ـ[صاحب الأثر]ــــــــ[29 - Dec-2009, مساء 03:42]ـ
أرى والله أعلم أن النقاش لابد أن يكون محصوراً في الكتاب الذي هو أصل الموضوع وليس في الطوائف والفرق لأن ذلك سيكون حيدة .. ناقشوا الكتاب بارك الله فيكم ولكن بمنهج السلف رحمهم الله. أما مناقشة طوائف المبتدعة فهذا موضوع قد يمتد لسنوات وسنوات. أخي أسامة أرى أن مطلبك فيه تطويل مخل بأصل النقاش. أرجو أن ترد على الكاتب فوزي حتى لا يعتبر خروجك عن الموضوع هروبا من المحاورة.
ـ[ابن العباس]ــــــــ[29 - Dec-2009, مساء 03:52]ـ
للأخ فوزي أقول:التكثر من ذكر أسماء العلماء ليس منهجاً علميا في نصرة الحق
بل هي طريق أهل الرفض, مع أنك لم تجب على ما أورده عليك الإخوة
على أن من ذكرتهم كل واحد مدرسة قائمة تحتاج التفصيل في أمره وليسوا سواء كما أوهمت
فيكفي في رد كلامك أن الأشاعرة أنفسهم يقرون أن طريقتهم مغايرة للسلف قولا واحداً
بل بعضهم يصدر عنه سخرية بعقول أئمة السلف ولا حاجة بنا لنقل ذلك كله
ـ[ابن العباس]ــــــــ[29 - Dec-2009, مساء 04:33]ـ
و اياك اخي الكريم ..
انما أنا باحث و أطمع في مزيد من توضيح الصورة عن هذه الحقب من حقب أمتنا و لست عالما ليكون كلامي مرجعا مستقرا ... لهذا رجوت أن تكون وقفت فعلا على كتب الباقلاني فتفيدني ... و أنا في انتظار افادتك الغالية لأني أحب أن أقف على كلام أهل الدار أنفسهم لا من تكلم عنهم و درس مذهبهم و لو كان شيخ الاسلام .. لأن أخي العزيز ما ذكرته من الاختلاف بين جيلي الأشاعرة في علاقة النقل و العقل و بيان ان الأولين كانوا يجعلون السمع أصلا و المتأخرين يجعلون العقل أصلا ليس من كيسي و انما هو من كلام دارسي المذهب و على رأسهم شيخ الاسلام نفسه .. يعرف ذلك من له أدنى معرفة بكتبه ... :) و لكن كما قلت لك الأفضل الرجوع الى المصادر الأصلية لمن أراد التأكد من صحة تحليل الدارسين و مزيدا من وضوح الرؤية ...
أخي الحبيب ابن الروميّة .. سدده الله لإصابة الحق
أشكرك على التشكيك في أهليتي وقراءتي, بارك الله فيك
ابن تيمية فرق بين المتقدمين والمتأخرين في كل شيء
وبين أن المتأخرين أبعدوا النجعة أكثر بالنسبة للمتقدمين
أما تقديم العقل على النقل فهو من لب المنهج الأشعري والمتكلمين عموما
ولولاه لما وجد شيء اسمه الأشاعرة , وكذا عند المتصوفة ما يقابله من تقديم إملاءات القلب والوجد والخيالات والمنامات .. إلخ على الشرع
واستمع لقول الباقلاني كمثال عاجل إذ إني بعيد عن مكتبتي:"ويجب أن يعلم أن كل ماورد به الشرع من عذاب القبر وسؤال منكر ونكير .. والحوض والشفاعة .. يجب الإيمان به والقطع به لأن جميع ذلك غير مستحيل في العقل" الإنصاف ص 51
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[29 - Dec-2009, مساء 04:48]ـ
الحلقة الثالثة في الردّ على المشاركة رقم "28" لفوزي:
أمّا قولك: (هل تعلم ما هي مشكلتك ومن هو على شاكلتك؟ إنكم لا تقرؤون ومع ذلك تتعالمون، وإذا قرأتم لا تنصفون، يعمد أحدكم إلى كتب فئة معينة من المؤلفين فيشربها نفسه، ويعتنق الأفكار التي فيها دون عرضها على ميزان الكتاب والسنة، وميزان أهل العلم القائم على التحقق من الأخبار والدعاوى، والمؤسس على تلك القاعدة الذهبية: "إن كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيا فالدليل") فلا يزيد عن كونه كلاما إنشائيا باستطاعة أيّ أحد سبك مثله أو ردّه على صاحبه ف (هل تعلم ما هي مشكلتك ومن هو على شاكلتك؟ إنكم لا تقرؤون ومع ذلك تتعالمون، وإذا قرأتم لا تنصفون، يعمد أحدكم إلى كتب فئة معينة من المؤلفين فيشربها نفسه، ويعتنق الأفكار التي فيها دون عرضها على ميزان الكتاب والسنة، وميزان أهل العلم القائم على التحقق من الأخبار والدعاوى، والمؤسس على تلك القاعدة الذهبية:
(يُتْبَعُ)
(/)
"إن كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيا فالدليل") والعجيب أن يدعي فوزي التحقيق وجلّ اعتماده في تقرير معتقده هو على أسانيد واهية لا يصح منها شيء عند التحقيق وما صحّ منها لا يخدم ما يحاول فوزي قوله والأعجب من هذا أنّه وقومه يردّون ما صحّ من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلّم بدعوى أنها أحاديث آحاد فإذا جاؤوا لتقرير مذهبهم ومحاولة وصل سلسلتهم المنقطعة اضطرّوا إلى كلّ ما أظلم سنده أو شذّ فهمه من الأقوال ولا يرون في ذلك حرحا ولا يقطر وجههم حياء فرغم توالي المتناقضات لم يزل فوزي يردد دعواه التي لم يستطع أن يثبتها بنقل صحيح فإن صحّ نقله انحرف فهمه فهو يتخبط بين الأمرين لا تكاد تنفك إيراداته عن أحدهما وسيأتي البيان إن شاء الله ..
أمّا قولك: (ومن المجانبة للإنصاف تقديره لدرجة التقديس، ورفعه إلى مرتبة تكاد تصل به إلى العصمة، التي لا يستحقها مَن سوى الأنبياء والمرسلين؛ حتى إن أقوال سابقيه ولاحقيه من العلماء توزن ـ عند كثير ممن فُتنوا به لحد التقديس ـ بالعرض على كلامه، لا على نصوص الكتاب والسنة، وأساليب اللغة وموازين العقول) فهو صحيح إلاّ أنّ حصر هذا الكلام بشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وبعض من تعصب له هو الإجحاف بعينه ذلك أنّه من المجانبة للإنصاف تقدير أيّ عالم لدرجة التقديس، ورفعه إلى مرتبة تكاد تصل به إلى العصمة، التي لا يستحقها مَن سوى الأنبياء والمرسلين بما في ذلك علماء الأشعرية ومن تزعم الأشعرية أنّه منها من بعض أهل الحديث أما أن يعمد أشعري إلى كلام أهل العلم في الإنتصار لمذهب السلف الذي بيّنه ابن تيمية ويحاول جهده ثنيهم عن الإنتصار للحق ورد مخالفات الأشعرية للسلف بدعوى عدم التعصب وتقديس الأشخاص ثمّ لا يجد ما يستدل به على دعواه غير تكرار الدعاوى وشتم المخالفين فهذا هو الظلال بعينه أما الإستدلال بما يدعيه من حال بعض ممن يسميهم المتعصبة فهذا مردود عليه أيضا إذ لا يعرف متعصب أكبر من الأشعرية وما انتشر مذهبهم إلاّ بحد السيف فهم غلاة في التكفير منحرفون في الأسماء والأحكام وقد شهد بهذه الحقيقة التاريخية العلامة المقريزي في"المواعظ" (4\ 160) فقال: «وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري. وصار يحفّظها صغار أولاده. فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه. فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك (يقصد المماليك). واتفق مع ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزاليّ مذهب الأشعريّ. فلما عاد إلى بلاد المغرب وقّام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم. ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ الميسيّ وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسموا بالموحدين! فلذلك صارتّ دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت. إذ هو عندهم الإمام المعلوم المهديّ المعصوم. فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلاّ اللّه خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ. فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نُسي غيره من المذاهب وجُهِلَ، حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه. إلاّ أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد اللّه أحمد بن محمد بن حنبل رضي اللّه عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف: لا يرون تأويل ما ورد من الصفات. إلى أن كان بعد السبعمئة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحكم بن عبد السلام بن تيمية الحرّانيّ. فتصدّى للانتصار لمذهب السلف، وبالغ في الردّ على مذهب الأشاعرة، وصَدَعَ بالنكير عليهم وعلى الرافضة وعلى الصوفية».
(يُتْبَعُ)
(/)
فها أنت ترى سرّ (كثرة المتأخرين) التي تباهي بها اليوم مخالفيك وسرّ تغير عقيدة قومي الذين تسميهم أنت وأمثالك بالمتسلفة والذين قلت فيهم (أقول قومك الجدد لأنني أعلم أن علماء الجزائر المجاهدة ليسوا على ما أنت عليه عدا نفر ممن تمسلفوا، والله المستعان) أعرفت الآن السرّ؟!! قتل وتعذيب وإجرام وسفك دماء فبماذا تفخر يا فوزي!!!!!!
أما قولك (فهل رأيت أحدا انتقد رأيا لابن تيمية) فهو والله عجيب ولست أدري إن كنت حقا جاهلا أو متجاهلا أم تريد من محاورك أن يجمع لك مخالفات العلماء لشيخ الإسلام رحمه الله في فروع العقيدة والأحكام وحسبك أن تقرأ ردّ العلامة الألباني رحمه الله على مسألة فناء النار وغيرها وبغض النظر عن تحقيق قول شيخ الإسلام رحمه الله في المسألة فالمعلوم أنّ من أشياخك المعاصرين من يستأنس بمثل هذه الردود للطعن على أئمة الإسلام وما حال السقاف عنا ببعيد فكيف تزعم الجهل بذلك بل الشيخ العثيمين نفسه وهو حنبلي كما نعلم قد خالف شيخ الإسلام في عشرات المسائل وكتبه مليئة بذلك فنحن لسنا تيميين أخي الفاضل بل سلفيين وهذه أمة مرحومة لا تجتمع على ضلالة وأخطاء العلماء مغفورة بإذن الله في بحر حسناتهم قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: " ولو أنَّا كلما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له, قمنا عليه وبدَّعناه, وهجرناه, لما سَلِمَ معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما, والله الهادي إلى الحق, وهو أرحم الراحمين, فنعوذ بالله مِن الهوى والفظاظة " السير 14/ 40
ويقول الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله:
" ومتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبين لكم خطأه، بل الواجب السكوت والتوقف، فإذا تحققتم بينتموه ولم تهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة أو مائة أو مائتين أخطأت فيهن فإني لا أدعي العصمة " تاريخ نجد 2/ 161
ومن هنا يظهر مدى مصداقية قولك (فلا يتعرضون له بتخطئة مهما قال) وقولك (ولك في مسألة فناء النار أوضح مثال على ذلك) بل في هذا المثال نفسه حجة عليك خصوصا وقد رد فيها على شيخ الإسلام رحمه الله علم معاصر في حجم العلامة الألباني أقول وبغض النظر عن تحقيق قول شيخ الإسلام رحمه الله فيها فمجرّد اطّلاعك على ردّ العلامة الألباني كاف في رد مشاغباتك أما قولك (رمتني بدائها وانسلت) فقد ذكّرني بقول العرب (وتلك شكاة ظاهر عنك عارها) بل المثل الذي سقته ينطبق عليك تماما فالمعلوم بأنّ التأويل والتفويض منهجان مختلفان والأشاعرة أنفسهم مختلفون إختلافا كبيرا فيما بينهم حتى قسمهم المهتمون بالشأن الأشعري إلى أقسام عدة متقدمين ومتأخرين مؤولة ومفوضة وهكذا كما أن الأشاعرة ومن وافقهم لا يوجد فيهم إلا من قال بالإثبات أو من قال بالتأويل أو قال بالتفويض أما وجود من يقول بكل هذا كما هو حال فوزي ومحاولة جعل ذلك في إطار منهجي واحد مع إختلاف أصول المثبتة عن أصول المعطلة وأصول المفوضة عن أصول المؤولة فهذا تناقض كبير و تعصب مقيت وهو إن دلّ على شيء فإنّما يدل على أنّ صاحبنا ليس بباحث عن الحق بل هو صاحب منهج جدلي سبيله إبطال الحقائق لا إقرارها مستعملا كل ما يقع تحت يديه من عبارات مجملة أو مطلقة ولو خالفت عشرات العبارات الصريحة ومما يدلك على افتقاده إلى منهج علمي متكامل يمكن طرده في جميع مسالك الكلام أنّه حاول إثبات أنّ السلف كانوا يقولون بالتأويل فهو أولا لم يفرق بين التأويل الكلامي الذي هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى المرجوح بدعوى دلالة النصوص على ما لا يليق بجلال الله وبين التأويل عند السلف والذي معناه تفسير اللفظ وبيان معناه وهذا هو ما نبه عليه الأستاذ بن الرومية جزاه الله خيرا وكون السلف كانوا مثبتة ينفرون من التأويل البدعي و يذمونه أمر متواتر عندهم وعند خصومهم بحيث هو منقول في كتبهم بألفاظهم قال الذهبي في" السير" {505/ 10}: (قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم و ما أبقوا ممكنا و آيات الصفات و أحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين فلو كان تأويلها سائغا أو حتما لبادروا إليه فعلم قطعا أن قراءتها و إمرارها على ما جاءت هو الحق لا تفسير لها غير ذلك)
كما أنه يعتقد انه بمجرد ثبوت التأويل عند إمام ما لمسألة واحدة ولو لم تكن من أمهات المسائل العقدية بل من فروعها يدعي عليه مذهب التأويل ولا يهمه في منهجه هذا أن هذا الإمام يثبت عشرات الصفات
كما فعل مع الإمام ابن عبد البر في حديث النزول مع أنّ هذا لهذا الإمام قولا آخر ومن نفس الموضع الذي ينقل منه فوزي إلاّ أنّه أخفاه
ولو كان محقا لنقل ما له وما عليه أما محاولة نقض مذهب الخصوم باعتماد الأسانيد المظلمة وإجتزاء الأقوال فهذا ما لا سبيل لقبوله وسنبدأ بإذن الله بالرد على التأويلات المزعومة ..
يتبع إن شاء الله (ملاحظة: آسف لبطئي الشديد في تحرير المشاركات فأنا أكتب على ال google arabic key board وليس في الإمكان غيره على الأقل حاليا ومع هذا فسأستمر في التعقيب على المشاركة 28 إلى نهايتها ثمّ أنتقل إلى غيرها بإذن الله)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[29 - Dec-2009, مساء 11:06]ـ
الأخ العاصمي من الجزائر السلام عليكم
قلت فيما سبق بأنكم تنتهجون التدليس على القراء، و أنت هنا ما زلت على ما أنت عليه، فما نقلته عن المقريزي باطل كما سنرى، والغريب أنك بنيت عليه حكما هو في غاية الشناعة والاتهام لعلماء المسلمين بالتخاذل، ولأبطال كبار كصلاح الدين بإرغام الناس أن يعتقدوا غير الاعتقاد الصحيح، وهاك البيان:
توفي صلاح الدين رحمه الله سنة 589 هـ وهو قد ولد سنة 532 هـ، ومعلوم أن من أكابر العلماء الذين برزوا في مذهب أهل السنة الباقلاني والجويني والغزالي والرازي، وهؤلاء إما ماتوا قبل أن يولد كالباقلاني {ت 403} والجويني {478} أو عاصروه وتوفوا حال حياته أو بعده بقليل وليس له بعد نفوذ، أو عاشوا بعيدا عن سلطان نفوذه، كما هو الحال مع الغزالي {555} والرازي {606}، وكذلك الحال مع ابن تومرت الذي مات سنة 524، وكان المذهب قبله منتشرا في بلاد المغرب والأندلس، ومن أبرز أعلامه: القاضي عياض {544} الباجي {474} المرادي الحضرمي القيرواني {489} أبو الحسن القابسي {430} ابن العربي {514} ابن عطية {546}، فهل هؤلاء يا ترى كانوا مجبرين على انتهاجهم هذا المنهج؟ كلام فارغ. بل هو لأنه المذهب الحق قيض الله له من ينشره من العلماء والحكام. قبل صلاح الدين وابن تومرت.
ولو كان ما حكاه المقريزي صحيحا فلماذا لم يذكر لنا التاريخ مقاومة المشايخ له، وهل تراهم نكصوا عن رد الباطل، وسلفهم كان الإمام أحمد؟
عجبا لكم ثم عجبا؟ إذا قلنا ورد التأويل عن سلف الأمة ونقلنا لكم نقولات عنهم، قلتم لا إنما هو تفسير للألفاظ، فليكن فلا مشاحة في الاصطلاح، ما دام المؤدى واحد.
والآن أود منك الإجابة عن الأسئلة التي طرحتها عن الأخ ابن الرومية، واعتبرها إن شئت تافهة أو ما شئت من الأوصاف، فقط أجب عليها دون لف ولا دوران.
1. ما الذي ألجأ ابن عباس وقتادة ومجاهد ومالك والطبري وأحمد لتأويل تلك النصوص، حتى لو سلمنا جدلا أنهم كما ذكرت ما خرجوا بعملهم هذا عن منظومة الوحي ـ على حد تعبيرك؟
2. ما الذي ألجأ الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى محاولة رد تأويل الإمام أحمد لقوله تعالى: "وجاء ربك" أنها: وجاء أمر ربك؟
3. ألا ترى معي أنه لما انتهج الكثرة الكاثرة من علماء المسلمين على مر العصور منهجا غير المنهج الذي انتهجه ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ممن حدا حدوهما ـ ألا ترى في ذلك أمرا لا يساعد على ما ذكرته؟ وهل فهمكم لمراد السلف أصح من فهمهم، بحيث غاب عنهم ما وضح لكم، وأنتم ـ ونحن معكم ـ من نكون أمامهم علما وفهما ودراية، ناهيك عن التقوى والإخلاص؟
والسلام عليكم.
ـ[ابن العباس]ــــــــ[29 - Dec-2009, مساء 11:30]ـ
قبل أن يجيبك أحد على هذه الأسئلة الغريبة
هل ترى أن ابن تيمية وابن القيم افتريا على السلف فجاءوا بعقيدة جديدة؟
نرجو الجواب:بنعم .. أو لا .. دون تطويل
والسؤال بشكل أوضح هل افترى ابن تيمية على السلف في هذا النقل الآتي:
وكلام السلف في هذا الباب موجود في كتب كثيرة لا يمكن أن نذكر هنا إلا قليلا منه، مثل كتاب (السنن) للالكائي، و (الإبانة) لابن بطة، و (السنة) لأبي ذر الهروي، و (الأصول) لأبي عمرو الطلمنكي، وكلام أبي عمر بن عبد البر، والأسماء والصفات للبيهقي، وقبل ذلك (السنة) للطبراني ولأبي الشيخ الأصبهاني ولأبي عبد الله بن منده ولأبي أحمد العسال الأصبهاني.وقبل ذلك (السنة) للخلال، و (التوحيد) لابن خزيمة، وكلام أبي العباس بن سريج، (والرد على الجهمية) لجماعة، وقبل ذلك (السنة) لعبد الله بن أحمد، و (السنة) لأبي بكر بن الأثرم، و (السنة) لحنبل وللمروزي ولأبي داود السجستاني ولابن أبي شيبة، و (السنة) لأبي بكر بن أبي عاصم، وكتاب (الرد على الجهمية) لعبد الله بن محمد الجعفي شيخ البخاري، وكتاب (خلق أفعال العباد) لأبي عبد الله البخاري، وكتاب (الرد على الجهمية) لعثمان بن سعيد الدارمي، وكلام عبد العزيز المكي صاحب (الحيدة في الرد على الجهمية) وكلام نُعيم بن حماد الخزاعي، وكلام الإمام أحمد بن حنبل، وكلام إسحاق بن راهويه، ويحيى بن يحيى النيسابوري وأمثالهم. وقبل هؤلاء عبد الله بن المبارك وأمثاله وأشياء كثيرة.
؟؟
السؤال الثاني: هل ترى أن هناك فرقاً بين عقيدة الأشاعرة وبين عقيدة السلف من أئمة الحديث أم هما متحدان؟
السؤال الثالث: هل تفرق بين المنهج العام وبين آحاد المسائل الجزئية أم عندك الأمران مستويان .. ولن أخوض معك في مناقشة ما مثّلت به
من بعض التأويلات هنا وهناك مما هو تارة ليس داخلا في باب الصفات, وتارة لايصح سنده, وتارة يكون محتملاً , .. إلخ
والسلام عليكم
ـ[ابن العباس]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 12:15]ـ
السؤال الرابع: ما معنى اسم الله "الظاهر" عندك؟
وفقك الله لحسن الجواب على جميع الأسئلة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الدجوي]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 12:33]ـ
سؤال للأخ العاصمي: هل الشيخ محمد الهاشمي رقم 103 هو نفسه الشيخ صاحب قناة المستقلة من الجزائر؟ أرجو التوضيح والإجابة ..
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 02:29]ـ
و لم لا تتوجه الى من طرحت عليه الأسئلة و اجابك عليها أخي الكريم الا ان تكون اجاباته تافهة .... :)
على أي حال سأحاول تلخيص ما سبق ممافيه اجابة
1 - ما الذي ألجأ ابن عباس وقتادة ومجاهد ومالك والطبري وأحمد لتأويل تلك النصوص، حتى لو سلمنا جدلا أنهم كما ذكرت ما خرجوا بعملهم هذا عن منظومة الوحي ـ على حد تعبيرك؟
هذا هو نفسه الذي يبين الفارق بين التأويلين .. فالسلف دائما ما يصرحون أن غرضهم .. او ما يلجؤهم هو البحث عن الظاهر ... ظاهر الكتاب و السنة ... كما حين تلقي على عامي قول الله سبحانه و ما كان ربك نسيا ... ثم تلقي على مسامعه اليوم ننساهم ... فتلقائيا بفهمه البياني البسيط سيعرف ان النسيان في الآية الثانية ليس بمعنى النسيان نسيان الغفلة ... و لا له معرفة بالجوهر و لا العرض و لا بالمقولات العشر ... فدافعه هو البحث في كلا الآيتين عن الظاهر لا غيره .. أما المتكلمين فهم مصرحون أصلا انهم لا يلجؤهم لذلك البحث عن الظاهر بل هم مصرحون بالعكس .. أن الذي يلجؤهم هو افادة الظاهر للتجسيم بحسب المقولات العشر و الجوهر و العرض .. اي أن ما يلجؤهم هو الحقيقة المنطقية اليونانية لمعنى التشبيه ... و هي قرينة خارجية ... أما العامي البسيط الذي يسر له الذكر قبل ان يعرف المسلمون حتى ما هي المقولات العشر .. فدافعه هو ابتغاء الظاهر من الخطاب .. و لهذا لن تجد ممن ذكرت من قال انه أول الآية الفلانية لأن ظاهرها يفيد التشبيه .. و التحدي مرفوع حتى قبل شيخ الاسلام و لاأحد استطاع ان يأتي بشيء لا الشيخ السقاف و لا غيره
ـ[ابن العباس]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 02:31]ـ
أخي ابن الرومية أسئلتي ليست موجهة لك .. وأظنني وفيت بأصل مطلبك
والله الموفق
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 03:16]ـ
2. ما الذي ألجأ الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى محاولة رد تأويل الإمام أحمد لقوله تعالى: "وجاء ربك" أنها: وجاء أمر ربك؟
نفس الذي ألجأ العلماء الى محاولة رد قول صاحب كتاب الحيدة في نفيه أن يكون الله سميع بسمع بصير ببصر مما أجمعت عليه الأمة و بالتالي تناقض ما هو معروف من أقواله ... و ردوها كما رد ابن تيمية رحمه الله قول الامام احمد الى انها من باب الزام الخصم في المناظرة ... فان كان ما علل به شيخ الاسلام من التأويل البارد المتعسف .. فليكن نفس الأمر في تأويل العلماء لقول صاحب الحيدة و لنتسرع بسبب ذلك فنجازف و نجزم أن السلف كان فيهم من هو على خط الامام احمد و منهم من هو على خط المعتزلة في نفي الصفات ... لمجرد كلمة مجملة قيلت في مناظرة و تحت الاستضعاف الزاما .. فلما زال قال بالحق تفصيلا .. فنترك التفصيل المستفيض و نأخذ بالمجمل الشاذ و تجعله قاعدة .. بل حالة اجتماعية علمية بأسرها في مجتمع العلماء .. أين هذا من التحقيق العلمي؟؟؟
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 04:13]ـ
-3. ألا ترى معي أنه لما انتهج الكثرة الكاثرة من علماء المسلمين على مر العصور منهجا غير المنهج الذي انتهجه ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ممن حدا حدوهما ـ ألا ترى في ذلك أمرا لا يساعد على ما ذكرته؟ وهل فهمكم لمراد السلف أصح من فهمهم، بحيث غاب عنهم ما وضح لكم، وأنتم ـ ونحن معكم ـ من نكون أمامهم علما وفهما ودراية، ناهيك عن التقوى والإخلاص؟
والسلام عليكم
هذا ما يسمى بالمصادرة على المطلوب ... لأن أصلا المذاكرة بين الجميع بدأت بسؤال:كيف وفق امثال النووي و ابن حجر و وابن العربي والقاضي عياض ولمازري والرامهرمزي والبيهقي والسرخسي و ابن الجوزي .. وفقوا في الفروع و لم يوفقوا في العقائد ... - مع أن لا أحد قال هذا اذ قد انتقدوا في الفروع كما انتقدوا في الأصول كحال جميع علماء الأمة و لم يسكت عن أخطائهم و لا عن أخطاء غيرهم غيرهم الا من ضاقت حويصلته عن تقبل معنى النقد .. كما ان من جهة أخرى بعض المذكورين ليسوا أشاعرة- .. و المقصود أن الأصل الذي يجيب عن هذا السؤال هو ما قد بيناه طول الخط في بيان الفرق بين المتقدمين و المتأخرين .. (وان لم ينتبه لذلك الأخ ابن العباس
(يُتْبَعُ)
(/)
فظنه خارج الموضوع -ابتسامة محيلة-) و هو أن حال أغلب هؤلاء الأئمة ان لم يكن كلهم كحال متقدمي الأشاعرة .. كان عندهم المعظم و المقصود الأول بالاستدلال و مصدر التلقي الأول و المؤسس للمعرفة هو النقل و السمع .. أما العقل عندهم فلا يتجاوز كونه عاضدا ... و هذا من أثر توجههم بالأساس الى الاشتغال بالنقل فأصابتهم بركة الحديث. و لهذا ما تجد لهم تأصيلات المتأخرين الكلامية و لا تجد أصلا لهم هوى في الاشتغال بمسائل علم الكلام كما تجده عند معاصريهم من المتأخرين .... و هذا كان التيار المقدم للسمع كان هو السائد في المتكلمين المتقدمين المنتسبين للسنة من الأشاعرة و الماتريدية و الكلابية .. و الذين كانوا يجعلون العقل فيهم مؤسسا ضمنيا او حتى صراحة كانوا قلة فيهم. .. و لهذا كانوا على تآلف في الغالب مع الحنابلة و من قال بالسنة المحضة من العلماء .. و لكن بعد ذلك بعد قرن قلة العلم القرن الخامس .. بدأ التيار الأقل بالانتشار و اخذ الريادة و هو ما أدى الى فتنة القشيري و امثالها من الفتن ثم التقعيد النهائي للجويني حيث بدأت المفاصلة ... و أصبحت الكلمة لمن يجعلون العقل مؤسسا على غرار المعتزلة ... و أصبح من كان على نهج الأقدمين كابن عساكر و النووي و ابن دقيق العيد و غيره من القلة و جلهم من المشتغلين بالحديث قلة من جهة انتشار منهجهم ... و لهذا السائل تجنب ذكر الرازي أو الآمدي او الجويني او غيرهم ... لأن أمرهم أقل اختلاطا .. و أكثر وضوحا فهم مصرحون بقلب مصدر التلقي .. و جعل الصحة أقوى في العقليات اليونانية منها في السمعيات المحمدية ... و هو ما لن تجده أيضا لأحد من هؤلاء الأئمة الأكارم من سادة الأشاعرة من المتحدثين قديما او حديثا ولو اعطيت مهلة ثلاث سنين أخرى ..
و هذا ما يرد على سؤال أن الكثرة الكاثرة لم تتبع منهج ابن تيمية .. بل هؤلاء الكثرة الكاثرة على منهج الامام ابن تيمية الذي رد فيه على أساس التقديس في تقديم العقل اليوناني على السمع المحمدي .. بل ان كثيرا مما رده على الامام الرازي انما استفاده من هؤلاء الأئمة من الأشاعرة المعظمين للنقل حتى أحيانا ما ابكاني انأ يرد بكلام احدهم على بعض من طائفته من الحنابلة ... فكل من كان منهم اكثر تعظيما للنقل ومقدما له على العقل اليوناني الا تجده أقرب لفهم السلف و ادرى بهم .. و قلت أخطاؤه التي لم تفلت من الانكار ... فليس الأمر كما قال الاخ ان لم يكن هناك انكار ... بل في كل طبقة من طبقات علماء اهل الاسلام الا و هناك من انكر على من أتى بقول مبتدع .. و لن تأتي بعالم بقول ببدعة في عصر الا امكن الاتيان بعالم مثله في عصره ينكرها ان لم بنكر على هذا العالم بعينه ... و في عهد الأيوبيين اشتد انكار الحنابلة لبدعة تقديم العقل هذه خاصة من المقدسيين و ان كانوا يلتزمون الصفوف الأولى في حروب الامام ضد الصليبيين ... فماكانوا قوما قليلي العقل مثلنا لا يقدرون الأمور بقدرها .. فما كان خير يمنعهم من خير ... و في كل ما كانوا يبغون الا الخير بصدق لأمتهم و نجحوا فيما أردوا على اخطاءهم .. و ما ذلك الا ببركة الصدق .. و الحمد لله رب العالمين
ـ[محمد الدجوي]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 08:20]ـ
سؤال للأخ العاصمي: هل الشيخ محمد الهاشمي رقم 103 هو نفسه الشيخ صاحب قناة المستقلة من الجزائر؟ أرجو التوضيح والإجابة ..
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 08:42]ـ
سؤال للأخ العاصمي: هل الشيخ محمد الهاشمي رقم 103 هو نفسه الشيخ صاحب قناة المستقلة من الجزائر؟ أرجو التوضيح والإجابة ..
محمد الهاشمي صاحب قناة المستقلة تونسي الأصل ...
ـ[محمد الدجوي]ــــــــ[30 - Dec-2009, صباحاً 09:43]ـ
جزاكم الله خيرا أخي ابن الزهراء.
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 02:16]ـ
السلام عليكم
والآن نرى أن مذهب السلف في النصوص الموهمة للتشبيه هو الإمرار والسكوت وترك التفسير {الذي هو البحث عن المعنى} وتفويض المعنى إلى الله، وهو أحد مذهبي الأشاعرة حيال هذه النصوص، حتى من ورد عنهم الرجوع ‘لى مذهب السلف فإنما رجع إلى هذا المذهب.
تأملوا هذه النقولات:
1. قال الإمام أحمد فقد جاء في كتاب الورع له ص 199:
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر فمن ابصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار ازدجر واعلم أن الله تعالى بصفاته ليس كالبشر والرؤية حق لأهل الجنة من غير إحاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وتفسيره على ما أراد الله تعالى وعلمه وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو كما قال ومعناه على ما أراد الله ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله عليه الصلاة والسلام ورد ما اشتبه عليه إلى عالمه ولا يثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم ومن رام ما حظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان فيتذبذب بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيب والإنكار موسوسا تائها شاكا زائغا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا.أ. هـ.
2. سئل شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية قدس الله روحه ما قولكم في مذهب السلف في الاعتقاد ومذهب غيرهم من المتأخرين؟ ما الصواب منهما؟ وما تنتحلونه أنتم من المذهبين؟ وفي أهل الحديث: هل هم أولى بالصواب من غيرهم؟ وهل هم المرادون بالفرقة الناجية؟ وهل حدث بعدهم علوم جهلوها وعلمها غيرهم؟.
فأجاب: -
الحمد لله. هذه المسائل بسطها يحتمل مجلدات لكن نشير إلى المهم منها والله الموفق. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ( java******:openquran(3,115,11 5)) [ النساء: 115]. وقد شهد الله لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان بالإيمان. فعلم قطعا أنهم المراد بالآية الكريمة فقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ( java******:openquran(8,100,10 0)) [ التوبة: 100]. وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} ( java******:openquran(47,18,18 )) [ الفتح: 18]. فحيث تقرر أن من اتبع غير سبيلهم ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم. فمن سبيلهم في الاعتقاد: [الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه] التي وصف بها نفسه وسمى بها نفسه في كتابه وتنزيله أو على لسان رسوله من غير زيادة عليها ولا نقص منها ولا تجاوز لها ولا تفسير لها ولا تأويل لها بما يخالف ظاهرها ولا تشبيه لها بصفات المخلوقين ; ولا سمات المحدثين بل أمروها كما جاءت وردوا علمها إلى قائلها؛ ومعناها إلى المتكلم بها. وقال بعضهم - ويروى عن الشافعي: [آمنت بما جاء عن الله وبما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد رسول الله]. وعلموا أن المتكلم بها صادق لا شك في صدقه فصدقوه ولم يعلموا حقيقة معناها فسكتوا عما لم يعلموه. وأخذ ذلك الآخر عن الأول ووصى بعضهم بعضا بحسن الاتباع والوقوف حيث وقف أولهم وحذروا من التجاوز لهم والعدول عن طريقتهم وبينوا لنا سبيلهم ومذهبهم ونرجو أن يجعلنا الله تعالى ممن اقتدى بهم في بيان ما بينوه؛ وسلوك الطريق الذي سلكوه.
مجموع فتاوى ابن تيمية – 04 – الجزء الرابع
3. قال الإمام "الذهبي""فقولنا في ذلك وبابه: الإقرار، والإمرار، وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم " اهـ السير 8/ 105
4. وقد علّق الذهبي رحمه الله على قول الله تعالى: " الرحمنُ على العرشِ استوى " قائلاً: من أقرّ بذلك تصديقاً لكتاب الله ولأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلّم وآمن به مفوّضاً معناه الى الله ولم يخض في التأويل ولا عمق فهو المسلم المتبع (السير 14/ 373).
-الإمام مرعي بن يوسف الكرمي في كتابه "أقاويل الثقات" لمذهب السلف فقد قال ما لفظه أن منهج السلف هو"تفويض معناها".
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - يقول الإمام الصنعاني في "إجابة السائل شرح بغية الآمل" ص 114:
(الأحوط الإيمان بما ورد وتفويض بيان معناه إلى الله وهذا لا بد منه في كل صفة له تعالى ثابتة بالنصوص القرآنية والأحاديث الثابتة فإن صفة القادر والعالم وغيرهما كلها لا يعرفها من خوطب بها إلا في الأجسام وقد آمنوا بها وأطلقوها عليه تعالى من غير تشبيه فليطلق عليه ما ثبت وروده وصح سنده وتفوض كيفية معناه إلى الرب تعالى.
7. - قول الإمام إسحاق بن راهويه في ما رواه عنه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه ((السنة)) بسند صحيح:
((و لا يعقل نبي مرسل و لا ملك مقرب تلك الصفات إلا بالأسماء التي عرفهم الرب تبارك و تعالى، فأما أن يدرك أحد من بني آدم معنى تلك الصفات فلا يدركه أحد.
8. - وقال الإمام أبو عبيد: نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني (أي لا نطلب لها المعاني).
انظر الأسماء والصفات للبيهقي 2/ 192
9 - قال ابن بطة العكبري في الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة بعد أن سرد كثيرا من هذه النصوص:
(فكل هذه الأحاديث وما شاكلها تمر كما جاءت لا تعارض ولا تضرب لها الأمثال ولا يواضع فيها القول فقد رواها العلماء وتلقاها الأكابر منهم بالقبول لها وتركوا المسألة عن تفسيرها ورأوا أن العلم بها ترك الكلام في معانيها).
أقول: والتأويل المنهي عنه إنما هو التفسير الذي هو بيان وتوضيح المعنى
يقول الإمام الذهبي في السير (8/ 163):
(قَدْ صَنَّفَ أَبُو عُبَيْدٍ-يقصد القاسم بن سلام- كِتَابَ (غَرِيْبِ الحَدِيْثِ)، وَمَا تَعرَّضَ لأَخْبَارِ الصِّفَاتِ الإِلَهِيَّةِ بِتَأْوِيلٍ أَبَداً، وَلاَ فَسَّرَ مِنْهَا شَيْئاً. وَقَدْ أَخَبَرَ بِأَنَّهُ مَا لَحِقَ أَحَداً يُفَسِّرُهَا، فَلَو كَانَ -وَاللهِ- تَفْسِيْرُهَا سَائِغاً، أَوْ حَتماً، لأَوْشَكَ أَنْ يَكُوْنَ اهْتِمَامُهُم بِذَلِكَ فَوْقَ اهْتِمَامِهِم بِأَحَادِيْثِ الفُرُوْعِ وَالآدَابِ، فَلَمَّا لَمْ يَتعَرَّضُوا لَهَا بِتَأْوِيلٍ، وَأَقَرُّوهَا عَلَى مَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ، عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الحَقُّ الَّذِي لاَ حَيْدَةَ عَنْهُ).
والسلام عليكم
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 02:34]ـ
أخي فوزي، هل تريد أن تثبت لنا أن عقيدة أهل السنة في الصفات هي التفويض؟!
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 04:52]ـ
بل السؤال الأولى بالاجابة أخي أسامة و أحرى أن يجيب عنه الأخ فوزي ان لم يرد الاجابة عن ما تلقى من الأسئلة .. أن يقول لنا الأخ فوزي
حتى ان غضضنا الطرف عن ما يبين بيانا شافيا من نفس النقول التي ينقلها ان المقصود بالنفي نفي العلم بتفسير الكيفية ومعنى الكيفية لا نفي تفسير الظاهر و لا نفي المعنى الظاهر كقوله من غير إحاطة ولا كيفية أو قوله ولا تفسير لها ولا تأويل لهابما يخالف ظاهرها أو قوله وتفوض كيفية معناه إلى الرب تعالى ... والذي أمثاله من بيان ان السلف يقصدو نفي معنى الكيفية لا المعنى الظاهر مستفيض في كلامهم نصا و ظاهرا دع عنك تضمنا. كقول الامام ابي عبيد الذي نقلناه آنفا:سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، وذكر الباب الذي يروي فيه الرؤية، والكرسي، وموضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك عز وجل قدمه فيها فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث، فقال: هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا لا يفسر هذا ولا سمعنا أحداً يفسره ....
المهم ... ان غضضنا الطرف عن هذه البينات في نفس نقول الأخ فوزي التي استدل بها دع عنك غيرها .. و سلمنا أن المراد عندهم نفي العلم بالمعنى الظاهر ... فالآن السؤال:
هل تلتزم يا أخ فوزي القول بهذافي الصفات التي ذكروها في نقولك التي استدللت بها ... اذ هم قالوا ماقالوا اثناء كلامهم عن صفات امثال القدرة و العلم و الرؤية .. (و الحقيقة انهم عمموا ذلك على كل الصفات دون استثناء) هل تلتزم ان صفة العلم مثلا لا يدرى ما المقصود بها و ان الواجب قراء ان الله عليم و ان لا احد يعرف ما معنى عليم و فوق ذلك ان ظاهرها غير مراد و فوق ذلك ان لامعنى مفهوم لصفة العلم يستفاد من قراءتها الا كالمعنى المستفاد من قراءة كهيعص ... هل تلتزم بهذا؟؟ ان التزمت ... فقد خرجت الى اتباث قول المعتزلة عند السلف ... اذ هذا ليس حتى من أقوال الأشاعرة ... وفوق ذلك يلزمك كما قلنا اتباث ان السلف كانوا منافقين وحاشاهم يحرمون على الناس ما يحلونه لأنفسهم و يأمرون الناس بالبر و ينسون انفسهم ... و لا أدري ما سيبقى لمن أراد اسقاط سلطة السلف من الحداثيين الذين يدخلون من هذا الباب الذي فتحتموه لهم دون ان تشعروا فينعتون السلف بالتناقض و السطحية و انعدام الانسجام المنطقي عندهم كما وصفهم بذلك الجابري واحمد امين و غيرهم و حجتهم هي نفس حجتكم م السفسطة في بيان مراد السف من كلامهم ...
و النكتة في ذلك ن كل من سعى مصدر خارجي عن منظومة الوحي لبيان امر الوحي .. فهذا يأتي بالمنظق اليوناني وذاك بالعصمة الفارسية و ذاك بالغنويصي الهندية كل من هؤلاء يبحث في منظومة الوحي ما يؤيد ما عنده و لهذا لا يهمه بقية كلام السلف و الوحيين ... فتراه يأتي الى 1 % من كلام السلف يبدو انه يؤيد كلامه و يعض عليه و يريدان يجعله القاعدة و المحكم و يضرب بالحائط كل 90 % التي تفسره على وجهه وتبينه .. و من هنا يدخل الملحدون و الحداثيون ... فيلعبون على هذه التناقضات و لهذا يكثر اعتمادم على كتبهم و لا ترى فيها أثرا لشرح كلام اهل الحديث من كافة الطوائف بل يكتفغون بنعتهم انهم سذج منغلقون ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 08:48]ـ
1.تأويل ابن عباس وغيره للساق بالشدة:
روى ابنأبي حاتم في تفسيره عند قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق " من طريق عكرمة، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه سئل عن قولهتعالى: "يوم يكشف عن ساق" قال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر؛ فإنهديوان العرب ... ثم قال ابن عباس:" هذا يوم كرب وشدة".
وعنابن عباس في قوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق" قال: هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة".
وفي تفسير عبد الرزاق: روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى "يوم يكشف عنساق" قال: "يكشف عن شدة الأمر"
وفي تفسير الطبري: قال الإمام الطبري عليه رحمة الله:
حدثنا ابن حميد، قال ثنا مهران، عن سفيان عن المغيرةعن إبراهيم عن ابن عباس: "يوم يكشف عن ساق" قال: "عن أمر عظيم"، كقول الشاعر: وقامت الحرب بنا على ساق.
وحدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن ابن عباس:قوله: "يوم يكشف عن ساق"هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.
وحدثني الحارث، قال: شدة الأمر، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
قوله" يوم يكشف عن ساق" قال: "شدة الأمر".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بنجبير، قال:"عن شدة الأمر".
.
الحلقة الرابعة من الرد على المشاركة 28 لفوزي:
يزعم فوزي فيما يزعم أنّ التأويل ثابت عن السلف الصالح رضوان الله عليهم وحيث أنّ هذه الدعوى لا يمكن أن تقبل بغير دليل حشد فوزي النقول التي ضنها تخدم ما يدّعيه في حق السلف وقد كنت أضنّه أعقل من أن يعتمد على مثل تلك النقول ذات الأسانيد المظلمة إلاّ أنه ليس باليد حيلة فالقوم مجمعون على تكرار الشبهات وترديد التناقضات
وليس لآخرهم من حظ غير ما كان لأولهم حيرة وشك واضطراب وتناقض - ولاعجب - فعجز القوم عن الظفر بأثر صحيح من حيث السند صريح من حيث الدلالة هو الذي أوقعهم في مثل ما وقعوا فيه ففي الوقت الذي يزعمون فيه عدم حجيّة الأحاديث الصحيحة التي هي دون شرط التواتر في تقرير العقائد بدعوى أنْها أحاديث آحاد نجدهم يتعلّقون بالأسانيد الساقطة والعبارات المجملة والنقول المجتزأة في البرهنة على عقائدهم وتقريراتهم المحدثة وهذا المنهج الذي يسير عليه القوم قد أوقعهم في العديد من الأخطاء والتناقضات ونسبة أقوال للسلف لم يقولوا بها ولم تخطر على بالهم وقد لاحظت بأنّ المحاور:
1 - لم يتأكد من صحة وثبوت ما نسبه للسلف بل اكتفى بالدعوى المجردة
2 - أنه ينقل ما يوافق هواه من كلام لبعض السلف من غير أن يجمع كل كلامه في المسألة ليتبين معنى كلامه ومراده ومن المعلوم أنه لا بد من جمع كلام الإمام أو الصاحب في الباب حتى يمكن التحقق من رأيه كما يفعله أتباع الأئمة الفقهاء من جمع كلام أئمتهم كله في كل باب
3 - أنه ينقل كلاما لبعض السلف في غير موضعه كأن ينقلا بعض كلامهم في غير آيات الصفات، أو في آية مختلف على كونها من آيات الصفات
وأما طريقة أهل العلم في مثل هذه المسائل فعلى خطوات:
الخطوة الأولى: التحقق من كون الآية المستدل على كلام السلف فيها أنها مما اتُّفق على كونها من آيات الصفات وكذا الأحاديث.
الخطوة الثانية: جمع كلام السلف في الآية أو الحديث من الكتب المسندة حتى يُتحقق من وجود أصل لها.
الخطوة الثالثة: جمع قول كل إمام على حدة.
الخطوة الرابعة: نخل هذه الآثار وتمييز الصحيح والثابت منها من الضعيف.
الخطوة الخامسة: محاولة الجمع بين ما صح عن كل إمام إن كان ثمة شيء من التعارض.
الخطوة السادسة: التوصل إلى الصحيح من قول كل إمام والجمع بينه وبين كلام غيره من الأئمة.
وبهذه الخطوات يمكن الوصول إلى نتيجة علمية صحيحة في كل دعوى وإلا كان الجدال عبثاً وسفها
وبالنظر إلى ما استدلّ به فوزي من كلام زاعما أنه يدل على صحة ورود التأويل عن السلف يتبين أنه لا يخرج عن أحد أمرين:
الأول: عدم ثبوته عمن نقل عنه إما لكونه:
1 - لا أصل له
2 - ضعف سنده
3 - لمعارضته لما هو أصح وأشهر من كلامه.
الثاني: أنه في غير موضعه كأن يكون:
1 - في غير آيات الصفات
2 - مختلفاً فيه
وسنبدأ بمناقشة دعواه نقلا نقلا بإذن الله:
1 - دعوى تأويل ابن عباس رضي الله عنه للفظ (الساق):
(يُتْبَعُ)
(/)
من حيث الرواية (وأنا هنا أنقل من كتاب: لا دفاعا عن الألباني بل دفاعا عن السلفية للشيخ الفاضل عمرو عبد المنعم سليم):
خبر ابن عباس رضي الله عنه في ذلك في ذلك (2):
وقد ورد عنه من طرق:
*- الأول: ما رواه ابن جرير في ((التفسير)) (29/ 24)، والحاكم في ((المستدرك)) (2/ 499)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (746) من طريق: ابن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: {يوم يكشف عن ساق}. قال: ((هو يوم كرب وشدة)). ولفظه عند البيهقي: ((هذا يوم كرب وشدة)) وصححه الحاكم.
*- قلت: بل هذا سند ضعيف، ففيه أسامة بن زيد، وهو وإن كان ابن أسلم أو الليثى فكلاهما ضعيف لا يحتج به، إلا أن ابن أسلم ضعيف جداً. وأما الليثى: فقال أحمد: ((ليس بشىء))، وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ((روى عن نافع أحاديث مناكير))، فقلت له: ((أُراه حسن الحديث))، فقال: ((إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة)). وقال ابن معين في بعض الروايات: ((ثقة))، وزاد في رواية الدورى: ((غير حجة))، أى أنه ثقة من حيث العدالة، إلا أنه ضعيف من حيث الضبط، وبسط الكلام في حاله يطول.
*- الثاني: ما رواه ابن جرير في ((تفسيره)) (29/ 24)، والبيهقى في ((الأسماء والصفات)) من طريق: محمد بن سعد بن الحسين بن عطية، حدثني أبي، حدثني الحسين ين الحسن بن عطية، حدثني أبي، عن جدي عطية ابن سعد، عن ابن عباس: في قوله: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود} يقول: ((يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، كشفه دخول الآخرة، وكشف الأمر عنه)).
*- قلت: أما محمد بن سعد فهو ابن محمد الحسين، قال الخطيب – كما في ((الميزان)) (3/ 560) -: ((كان ليناً في الحديث)). وأما أبوه سعد بن محمد بن الحسين العوفى فله ترجمة في ((تاريخ بغداد)) (9/ 127)، وفيه نقل الخطيب البغدادى عن الأثرم قوله: قلت لأبي عبد الله – (أي الإمام أحمد) – أخبرني اليوم إنسان بشيء عجب، زعم أن فلانا أمر بالكتابة عن سعد بن العوفى، وقال: هو أوثق الناس في الحديث، فاستعظم ذاك أبو عبدالله جداً، وقال: لا إله إلا الله، سبحان الله، ذاك جهمي امتحن أول شيء قبل أن يُخَوّفوا، وقبل أن يكون ترهيب، فأجابهم؟! قلت لأبي عبدالله: فهذا جهمي إذاً؟ فقال: فأي شيء؟!، ثم قال أبو عبدالله: ((لو لم يكن هذا أيضاً لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعاً لذلك)). والحسين بن الحسن العوفى له ترجمة في ((تاريخ بغداد)) (8/ 29)، وقد ضعفه ابن معين النسائي. والحسن بن عطية بن سعد العوفى وأبوه كلاهما من رجال التهذيب، وهما ضعيفان، والأخير مدلس.
*- الثالث: ما رواه ابن جرير في ((تفسيره)) (29/ 24): حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سيفان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس: {يوم يكشف عن ساق} قال: ((عن أمر عظيم، كقول الشاعر: وقامت الحرب بنا على ساق)).
*- وسنده ضعيف، فيه شيخ ابن جرير، وهو محمد بن حميد وهو ضعيف الحديث، وإبراهيم النخعى لم يدرك ابن عباس ومهران بن أبي عمر شيئ الحفظ. وقد اختلف فيه على مهران: فرواه ابن جرير عن ابن حميد، حدثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم، عن سعيد بن جبير، قال: عن شدة الأمر. وهذا يدل على الاضطراب فيه.
*-الرابع: ما رواه ابن جرير في ((تفسيره)) (29/ 24)، والبيهقى في ((الأسماء والصفات)) من طريق: أبى صالح، قال: حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس: قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: ((هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة)).
*-قلت: فيه أبو صالح عبدالله بن صالح – كاتب الليث – وهو ضعيف من قبل حفظه، وعلى هو ابن أبي طلحة، روى عن ابن عباس ولم يسمع منه، فهو منقطع.
*- الخامس: ما رواه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (29/ 24): حُدَّثت عن الحسين، قال سمعت أبا معاذ، يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: {يوم يكشف عن ساق} – وكان ابن عباس يقول: ((كان أهل الجاهلية يقولون: شمرت الحرب عن ساق)) -: ((يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا)).
(يُتْبَعُ)
(/)
*-وسنده ضعيف لجهالة شيخ ابن جرير، ورواية الضحاك عن ابن عباس منقطعة، ثم ليس هو من مسند ابن عباس، وإنما هو من قول الضحاك.
*-السادس: ما رواه الطستى في ((مسائله عن ابن عباس)) – كما في ((الدر المنثور)) (8/ 254) – أن نافع بن الأزرق سأله عنم قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: ((عن شدة الآخرة)). وقد أورده السيوطى في ((الإتقان)) (1/ 120) من طريق الطستى: حدثنا أبو سهل السرى بن سهل الجند يسابورى، حدثنا يحيى بن أبي عبيدة بحر بن فروخ الملكى، أخبرنا سعيد بن أبي سعيد، أخبرنا عيسى بن داب، عن حميد الأعرج، وعبدالله بن أبي بكر بن محمد، عن أبيه، عن نافع به، وفيه قصة.
*-قلت: وهذه القصة موضوعة، فإن حميداً الأعرج ضعيف جداً، وله ترجمة في ((التهذيب))، وعيسى بن داب، هو ابن يزيد بن داب، قال الذهبي في ((الميزان)) (33/ 328): ((كان أخبارياً علامة نسابة، لكن حديثه واه، قال خلف الأحمر: كان يضع الحديث، وقال البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث)). وفي الإسناد لم أعرفه.
*-السابع: وأخرج ابن جرير (24/ 29): حدثنى الحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: شدة الأمر. وقال ابن عباس: ((هي شر ساعة تكون في يوم القيامة)).
*-قلت: وهذا سند ضعيف، ورقاء ضعفه أحمد في التفسير، وابن أبي نجيح مدلس وقد عنعن، ثم إنه لم يسمع التفسير من مجاهد بن جبر.
*-الثامن: ما رواه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (724): أخبرنا علي بن عمر بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الصمد بن علي، قال: حدثنا الحسين بن سعيد السلمي، قال: حدثنى أحمد بن الحسن بن علي بن أربان البصرى المرادى، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن دياب،عن أبان بن ثعلب، عن سعيد بن جبير: أن ابن عباس - في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} – قال: ((عن بلاء عظيم)).
*-قلت: وآفة هذا الإسناد جهالة رواته، فإني اجتهدت في البحث لهم عن تراجم، فلم أقف على من ترجمهم، أو ذكرهم بجرح أو تعديل.
*-التاسع: وأخرج ابن منده في ((الرد على الجهمية)): حدثنا عمرو بن الربيع بن سلمان، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الغني بن سعيد، حدثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: وعن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس: في قوله: {يوم يكشف عن ساق}، قال: ((شدة الآخرة)).
*-قلت:وهذا إسناد موضوع، والمتهم به موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعانى، قال ابن حبان: ((دجال، وضع على ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس كتاباً في التفسير))، وقال ابن عدى: ((منكر الحديث)) وذكر له جملة من الأخبار، ثم قال: ((هذه الأحاديث بواطيل)). وعبد الغني بن سعيد أورده الذهبي في ((الميزان)) (2/ 642)، وقال: ((ضعفه ابن يونس))، وبكر بن سهل هو الدمياطى، ضعفه النسائي، وقال الذهبي (1/ 346) في ((الميزان)): ((حمل الناس عنه وهو مقارب الحال))، ومقاتل في السند الثاني هو ابن سليمان، قال الحافظ في ((التقريب)) (6868): ((كذَّبوه وهجروه ورمى بالتجسيم)). والضحاك بن مزاحم لم يلق ابن عباس.
*-العاشر: وروى البيهقي في ((الأسماء والصفات)).من طريق: محمد بن الجهم، حدثنا يحيى بن زياد الفراء، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قرأ: {يوم يكشف عن ساق}. يريد: يوم القيامة لشدتها.
*-قلت: وهذا سند صحيح لاعلة فيه (3). إلا أنه ورد في ((المطبوعة)) (يكشف) بالياء، وهو تصحيف، وإنما هي (تكشف) فقد أورد السيوطي هذا الخبر في ((الدر المنثور)) (6/ 255) وقال: ((وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن منده من طريق: عمرو ابن دينار، قال: كان ابن عباس يقرأ: {يوم يكشف عن ساق} – بفتح التاء -. قال أبو حاتم السجستاني: أي تكشف الآخرة عن ساقها، يستبين منها ما كان غائباً. قلت: وهذا الوجه هو الثابت عن ابن عباس، وليس فيه على ما يدل على التأويل، فإن قراءته على بناء الفعل للمعلوم المؤنث ثم إنه لم يفسر قراءته بالشدة – وإن حدث وفعل على هذه القراءة لم يقع في التأويل – بل الذي فسرها هو عمرو بن دينار، وليس هو
(يُتْبَعُ)
(/)
متأول بل مبين لبناء الفعل، وصفة الفاعل. وقد ذهب ابن جرير إلى إثبات هذا القول عن ابن عباس، فقال في ((التفسير)) (29/ 27). ((وذكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك {يوم يكشف عن ساق} بمعنى يوم تكشف عن شدة شديدة، والعرب تقول: كشف هذا الأمر عن ساق إذا صار إلى شدة ومنه قول الشاعر: كشف لهم عن ساقها وبدا من الشعر الصراح)) فقول ابن عباس هذا تبعاً لهذه القراءة لا يعد تأويلاً للنص. وسوف يأتي ذكر من قال بالساق من الصحابة وأئمة السلف في باب: إثبات صفة الساق للرب جل وعلا – إن شاء الله تعالى -.
جواب آخر (إعتمادا على كتاب الأشاعرة للشيخ فيصل قزار الجاسم وفتوى للشيخ الفقيه أبي عبد المعز فركوس)
أولاً: أن الصحابة متنازعون في هذه الآية، فابن عباس وطائفة يفسرون الآية بالشدة، وأبو سعيد وابن مسعود وطائفة يعدونها من الصفات، وليس هذا تنازعاً في إثبات الصفة، وإنما تنازع في كونها من آيات الصفات؟
ولا ريب أن ظاهر الآية لا يدل على أنها من الصفات، لأن الساق فيها جاءت نكرة في سياق الإثبات، لم يضفها سبحانه لنفسه، فلم يقل (ساقه)، فلما لم يعرّفها بالإضافة، لم تكن دالة على صفة لله، ولذلك لم يعدها ابن عباس من آيات الصفات.
والذين جعلوها من آيات الصفات، إنما عدوها للحديث الذي في الصحيحين، لا لظاهر الآية. ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف.
وعلى هذا فلا يصح أن يقال أن ابن عباس تأول الآية!
ثانياً: أن صفة الساق لله تعالى ثابتة في السنة:
فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً) رواه البخاري (4/ 1871) واللفظ له، ومسلم (183)
وقد جاء في فتوى للشيخ الفقيه أبي عبد المعز فركوس حفظه الله مناقشة هذه الدعوى بشيء من التفصيل فقال:
إنَّ مِن أهل العلم من ضعَّف ما ورد عن ابن عباس من تفسير الآية بشدَّة الأمر والهَوْلِ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والرواية في ذلك عن ابن عباس ساقطة الإسناد». [«الردُّ على البكري»: (293)].
*- إنه ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ هذه الآية: ?يَوْمَ تُكْشَفُ عَن سَاقٍ? بالتاء المثناة الفوقية من «تكشف».
وإذا كان كذلك فلا إشكال في تفسيرها بالشِّدة والكرب كما هو ظاهر، قال ابن جرير: «وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: «يوم تكشف عن ساق»، بمعنى: تكشف القيامة عن شدَّة شديدة». [«جامع البيان» لابن جرير (29/ 42)، وانظر: «معاني القرآن» للفرّاء: (3/ 177)].
... -على فرض ثبوت هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما، فليس من باب التأويل لصفة من صفات الله تعالى؛ لأنَّ كلمة «الساق» في الآية نكرةٌ غير مضافة إلى الله تعالى، فلا يلزم من تفسير «الساق» في الآية بالشدَّة تفسيرها كذلك إذا وردت مضافة إلى الله تعالى، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند البخاري (4919) بلفظ: «يكشف ربُّنا عن ساقه»، وهذا المعنى الذي قرّره الشيخ محمّد علي فركوس في فتواه.
قال القاضي أبو يعلى: «والذي رُوي عن ابن عباس والحسن فالكلام عليه من وجهين: أحدهما: أنه يحتمل أن يكون هذا التفسير منهما على مقتضى اللغة، وأنَّ الساق في اللغة هو الشِّدَّة، ولم يقصدَا بذلك تفسيره في صفات الله تعالى بموجب الشرع، والثاني: أنه يعارض ما قاله قول عبد الله بن مسعود ... ». [«إبطال التأويلات» للقاضي أبي يعلى: (1/ 160)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى؛ لأنه قال: «يوم يكشف عن ساق»، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقًا منكَّرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرَّده لا يدلُّ على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسِّر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرَّج في الصحيحين الذي قال فيه: «فيكشف الرب عن ساقه». [«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية: (5/ 473)، وانظر: «مجموع الفتاوى» له: (6/ 394 - 395)].
(يُتْبَعُ)
(/)
****-إنه قد ثبت عن طائفة من السلف كأبي سعيد الخدري وابن مسعود تفسير «الساق» في الآية بساق الله تعالى. [انظر: «إبطال التأويلات» لأبي يعلى: (1/ 160 - 161)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (6/ 394)].
وتفسير الآية بذلك أولى موافقة لحديث أبي سعيد عند البخاري.
قال ابن القيم: «ومن حمل الآية على ذلك، [أي: على أنها من آيات الصفات] قال: قوله تعالى: ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ? مطابق لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فيكشف عن ساقه»، وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة» [«مختصر الصواعق المرسلة» لأحمد الموصلي: (1/ 23)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وقد يقال: إنَّ ظاهر القرآن يدلُّ على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود، والسجود لا يصلح إلاَّ لله، فعلم أنَّه هو الكاشف عن ساقه، وأيضًا فحمل ذلك على الشدة لا يصح؛ لأنَّ المستعمل في الشدة أن يقال: كشف الله الشدة، أي: أزالها كما قال: ?فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ? [الزخرف: 50]، وقال: ?فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ? [الأعراف: 135]، وقال: ?وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ? [المؤمنون: 75]، وإذا كان المعروف من ذلك في اللغة أنه يقال: كشف الشدّة، أي: أزالها، فلفظ الآية: ?يُكْشَفُ عَن سَاقٍ?، وهذا يراد به الإظهار والإبانة، كما قال: ?كَشَفْنَا عَنْهُمُ?، وأيضًا فهناك تحدث الشدَّة لا يُزِيلها، فلا يكشف الشدَّة يوم القيامة، لكنَّ هذا الظاهر ليس ظاهرًا من مجرَّد لفظ ساق، بل بالتركيب والسياق وتدبُّر المعنى المقصود». [«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية: (5/ 473 - 474)، وانظر: «الرَّد على البكري» له: (293)].
فإن قيل: قد رجَّح الحافظ الإسماعيلي في حديث أبي سعيد الخدري روايةَ حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ «يكشف عن ساق» على لفظة عن «ساقه» [انظر: «الفتح» لابن حجر: (8/ 664)]، وبذلك يكون لفظ الحديث موافقًا للفظ الآية، أي: ليس فيه إضافة الساق لله تعالى فلا يكون الحديث دالاًّ على الصفة أيضًا!
فالجواب من وجهين:
- الأوَّل: أنَّ سياق الحديث دالٌّ على أنَّ المقصود ساق الله تعالى.
قال القاضي أبو يعلى عن تفسير الساق في الحديث بشدَّة الأمر:
«هذا غلط لوجوه:
أحدها: أنَّه قال: «فيتمثَّل لهم الرَّب وقد كشف عن ساقه»، والشدائد لا تسمَّى ربًّا.
والثاني: أنَّهم التمسوه ليتَّبعوه فينجوا من الأهوال والشدائد التي وقع فيها من كان يعبد غيره، وإذا كان كذلك لم يجز أن يلتمسوه على صفة تلحقهم فيها الشدَّة والأهوال.
الثالث: أنَّه قال: «فيخرون سُجَّدًا»، والسجود لا يكون للشدائد، وهذا جواب أبي بكر رأيته في تعاليق أبي إسحاق عنه.
الرابع: إن جاز تأويل هذا على الشدَّة جاز تأويل قوله: «ترون ربَّكم» على رؤية أفعاله وكراماته، وقد امتنع مثبتوا الصفات من ذلك». [«إبطال التأويلات» لأبي يعلى: (1/ 159 - 160)].
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: «وأنا وإن كنت أرى من حيث الرواية أنَّ لفظ: «ساق» أصحُّ من لفظ «ساقه» فإنَّه لا فرق بينهما عندي من حيث الدِّراية؛ لأنَّ سياق الحديث يدلُّ على أنَّ المعنى هو ساق الله تبارك وتعالى، وأصرح الروايات في ذلك رواية هشام عند الحاكم بلفظ: «هَل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق ... »، قلت: فهذا صريح أو كالصريح بأنَّ المعنى إنَّما هو ساق ذي الجلالة تبارك وتعالى، فالظاهر أنَّ سعيد بن أبي هلال كان يرويه تارة بالمعنى حيث كان يقول: «عن ساقه»، ولا بأس عليه من ذلك ما دام أنَّه أصاب الحقَّ». [«السلسلة الصحيحة» للألباني: (2/ 128)].
- الوجه الثاني:
أنَّ لحديث أبي سعيد الخدري بلفظ «ساقه» شاهدًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ «فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجودًا، وذلك قول الله تعالى: ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ? [القلم: 42]. [رواه الدارمي في «سننه» (2/ 327) بإسناد جيِّد كما قال العلاَّمة الألباني رحمه الله تعالى في «السلسلة الصحيحة» (2/ 129)].
يتبع إن شاء الله (هذه المشاركة ليست من كيسي وليس لي فيها غير النقل ذلك أني قد وقفت على كتابين فيهما مناقشات تفصيلية لما أورده فوزي من تأويلات والكتابان هما: (الأشاعرة في ميزان أهل السنة) لفضيلة الشيخ فيصل بن قزار الجاسم حفظه الله وكتاب (لا دفاعا عن الألباني ... فحسب بل دفاعا عن السلفية) لفضيلة الشيخ عمرو عبد المنعم سليم حفظه الله فليراجعهما من شاء مع ملاحظة أني قد أدرجت شيئا من كلام الشيخين في كلامي فالفضل لله عزّ وجل ثمْ لهذين الفاضلين وأأكد مرة أخرى أن ليس للعاصمي من الجزائر غير النقل)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الدجوي]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 08:59]ـ
الأخ العاصمي السلام عليكم:
قولك إن استدلال الأخ فوزي بآيات مختلف في أنها من آيات الصفات ـ لم أفهمه! أحتاج إلى سؤالك هنا: ما الميزان الذي نعرف به أن هذه الآية من آيات الصفات أم لا؟! وهل كل آية نُقِلَ فيها عن السلف قول يخالف ما تعتقده تأتي لتقول لنا: إنها ليست من آيات الصفات؟! أظن أن هذا تلاعب بالعقيدة لايليق بمن ينتهج منهج السلف. ما رأيك أخي الكريم؟
ـ[فوزي أبو محمد]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 09:15]ـ
السلام عليكم
أرجو من الإخوة قراءة ما يلي بتمعن وروية، وإعمال للعقل والفكر، وبعيدا عن التعصب، وهو منقول من كتاب أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم لحمد السنان وفوزي العنجريالتفويض والتأويل
التفويض: مأخوذ من قولهم فوض إليه الأمر. أي ردّه إليه.
والمعنى الشرعي لا يخرج عن المعنى اللغوي، فهو شرعاً: ردُّ العلم بهذه المتشابهات إلى الله تعالى وعدم الخوض في معناها وذلك بعد تنزيه الله تعالى عن ظواهرها غير المرادة للشارع.
والتأويل: أصله من الأَوْلِ وهو الرجوع.
وهو شرعاً: صرف اللفظ عن الظاهر بقرينة تقتضي ذلك.
وهذان المذهبان كما أسلفنا هما المذهبان المعتبران المأثوران عن أهل السنة والجماعة في أبواب المتشابه، ولا اعتبار لمن جنح إلى التعطيل أو التشبيه من المذاهب الأخرى التي رفضتها الأمة ولفظتها.
· انحصار الحق في التفويض والتأويل:
هذه النصوص المتشابهة في الصفات إما أن تُثبت أو تُنفى، ونفيها تعطيل ظاهر، لأنه نفيٌ لما أثبت الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والإثبات إما أن يكون معه حمل الكلام على ظاهره وحقيقته التي يعهدها البشر، أو يصرف الكلام معه عن هذا الظاهر وهذه الحقيقة، والأول نعني حملَ الكلام على الظاهر والحقيقة يفضي قطعاً إلى التشبيه، لأن حقائق وظواهر هذه الألفاظ أجسام وكيفيات مخلوقة، والله تعالى منزه عنها.
ولا يقال: نحملها على الظاهر ونفوض العلم بالكيفية إلى الله تعالى.
لأن هذا القول تناقض صريح أوقعت فيه الغفلة، إذ ليس من ظاهر ولا حقيقة هنا إلا الجسم، وهذا لا يصح قطعاً وصف الله تعالى به.
بقي القسم الأخير الذي هو صرف الكلام عن الحقيقة والظاهر، ثم بعد صرفه عن الظاهر إما أن يُتوقفَ عن التماس معنى له ويوكلَ العلمُ به إلى الله تعالى، وهذا هو التفويض الذي عليه جماهير السلف الصالح، أو يلتمسَ له معنى لائقٌ بالله تعالى حسب مناحي الكلام عند العرب وما تسيغه لغتهم، وهذا هو التأويل الذي عليه خلف الأمة وجماعات من سلفها الصالح.
بهذين المذهبين تنحصر القسمة الصحيحة في هذه القضية.
لهذا نرى العلماء ينصّون عندما يعرض لهم شيء من هذه المتشابهات على أنه (إما تفويض وإما تأويل) إذ ليس بعدهما إلا التشبيه أو التعطيل.
قال الإمام الأبّي رحمه الله تعالى (شرح صحيح مسلم للأبي 7/ 190) أثناء شرحه لحديث " إن الله يمسك السموات على أصبع ":
(والحديث من أحاديث الصفات فيصرف الكلام عن ظاهره المحال الموهم للجارحة، ويكون فيه المذهبان المتقدمان، إما الإمساك عن التأويل والإيمان به على ما يليق، ويصرف علمه إلى الله تعالى، أو يتأول) اهـ.
وقال الإمام العلامة بدر الدين بن جماعة (إيضاح الدليل ص/103):
(واتفق السلف وأهل التأويل على أن ما لا يليق من ذلك بجلال الرب تعالى غير مراد ... واختلفوا في تعيين ما يليق بجلاله من المعاني المحتملة ... فسكت السلف عنه، وأوله المتأولون) اهـ.
وقال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في حديث النزول (دفع شبه التشبيه 194):
(روى حديث النزول عشرون صحابياً، وقد تقدم أنه يستحيل على الله عز وجل الحركة والنقلة والتغير، فيبقى الناس رجلين: أحدهما، المتأول بمعنى أنه يقرب برحمته ... والثاني، الساكت عن الكلام في ذلك مع اعتقاد التنزيه) اهـ.
وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في شرحه على صحيح مسلم (5/ 24) أثناء الكلام على حديث الجارية، ما نصه:
(هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان، أحدهما، الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وتنزيهه عن سمات المخلوقات، والثاني، تأويله بما يليق) ’اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أيضاً أثناء الكلام على حديث إمساك السماوات على أصبع والأرضين على أصبع (17/ 129) ما نصه: (هذا من أحاديث الصفات، وقد سبق فيها المذهبان، التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها ومع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد) اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر قول ابن دقيق العيد مؤيداً له وموافقاً عليه في حديث " لا شخص أغير من الله " (الفتح 13/ 411): (قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكت عن التأويل، وإما مؤول) اهـ.
وعلى الجملة فإن أقوال العلماء في حصر الحق في هذين المذهبين لا تحصى كثرة، وبما نقلناه من نصوصهم مقنع
* * * * *
مذهب جمهور السلف التفويض
قال الإمام الترمذي - رحمه الله - (سنن الترمذي 4/ 492) مثبتاً للسلف الصالح مذهب التفويض:
(والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه) اهـ.
وقوله (يؤمن بها) إثبات لها، وبه يفارقون أصحاب التعطيل، وقوله (ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف) تفويض لله تعالى في معانيها، وقوله (ولا يقال كيف) أي بلا استفسار عن معانيها، أو تعيين المراد بها، وبه يفارقون أصحاب التشبيه.
وروى الخلال بسند صحيح عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال في مثل هذه النصوص: (نؤمن بها ونصدق ولا كيف ولا معنى) اهـ.
وروى الإمام الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى بسنده عن الإمام والأوزاعي ـ رحمه الله (الاعتقاد ص / 93) قال:
(كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه) اهـ.
والنصوص في هذا المعنى عن السلف كثيرة جدّاً كلها يفيد إيمانهم بها وإمرارها وعدم الخوض في تفسير معناها.
ولقد نقل الحافظ ابن حجر (الفتح 6/ 48) عن الحافظ ابن الجوزي معنى قولهم: أمروها كما جاءت. قال:
(قال ابن الجوزي: أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا ـ يشير إلى حديث يضحك الله إلى رجلين ـ ويمرونه كما جاء، وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق، ومعنى الإمرار عدم العلم بالمراد ([1] ( http://www.almostaneer.com/show_book.aspx?id=114#_ftn1)) منه مع اعتقاد التنزيه) ’اهـ.
قال الإمام عدي بن مسافر ([2] ( http://www.almostaneer.com/show_book.aspx?id=114#_ftn2)) رحمه الله تعالى (اعتقاد أهل السنة والجماعة ص / 26):
(وتقرير مذهب السلف كما جاء من غير تمثيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا حمل على الظاهر) اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن المنير (الفتح 13/ 190) قوله:
(لأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال ... والثالث إمرارها على ما جاءت مفوضاً معناها إلى الله تعالى، وقال الشيخ السهروردي في كتاب العقيدة له: أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنزول والنفس واليد والعين فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل، إذ لولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى. قال الطيبي: هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح) اهـ.
وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - (المجموع 1/ 25):
(اختلفوا في آيات الصفات وأخبارها هل يخاض فيها بالتأويل أم لا؟ فقال قائلون تتأول على ما يليق بها، وهذا أشهر المذهبين للمتكلمين، وقال آخرون: لا تتأول بل يمسك عن الكلام في معناها ويوكل علمها إلى الله تعالى ويعتقد مع ذلك تنزيه الله تعالى وانتفاء صفات الحوادث عنه، فيقال مثلاً: نؤمن بأن الرحمن على العرش استوى، ولا نعلم حقيقة معنى ذلك والمراد به، مع أنا نعتقد أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه منزه عن الحلول وسمات الحدوث، وهذه طريقة السلف أو جماهيرهم وهي أسلم) اهـ.
قال الإمام الجلال السيوطي - رحمه الله تعالى - (الإتقان في علوم القرآن 2/ 10):
(من المتشابه آيات الصفات ... وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نفسرها مع تنزيهنا له - تعالى - عن حقيقتها) اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه نصوص صريحة في إثبات التفويض للسلف الصالح لا سبيل إلى إنكارها أو حملها على معاني أخرى لا تتفق وجلالة أقدارهم وتنزيههم للباري سبحانه، كمن ينسب لهم إثبات الحقائق الظاهرة المتعارف عليها بين البشر وتفويض كيفياتها لله تعالى، فيقول إنهم يثبتون المعنى الحقيقي ويفوضون الكيف، وقائل هذا لا يدري ما يقول، وقد جره إلى هذا الفهم عبارة (بلا كيف) التي كثيراً ما ترد على ألسنة السلف عند الكلام على النصوص المتشابهة، ففهم منها أنهم يثبتون المعنى الحقيقي ويفوضون الكيف، وهذا فهم باطل، بل هي عبارةٌ المقصودُ منها زجرُ السائل عن البحث والتقصِّي، لا إثبات المعنى الحقيقي وتفويض الكيف!!
فإن أي لفظ يدلُّ في حقيقته على شيء من الجسمانيات والكيفيات متى ما جُهِل معناه كان السؤال عن المراد منه بكلمة (كيف)، وفي حديث فضل عيادة المريض الذي أخرجه مسلم ما يدل على هذا، وذلك حين يقول الله تعالى لعبده (مرضت فلم تعدني .. استطعمتك فلم تطعمني .. استسقيتك فلم تسقني .. ) كل ذلك والعبد يقول: (رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! .. رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! .. رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟!) فهو لم يفهم المعنى المراد من اللفظ بعد أن استحالت حقيقته في عقله، فسأل بـ (كيف؟) عن المعنى المراد، لا أنه أثبت حقيقة المرض والاستطعام والاستسقاء لله تعالى لكنه لم يعلم كيفياتها!!
فعندما يقال في جواب السائل (بلا كيف) يفهم منه أنه (بلا معنى) لأن لفظ الـ (كيف) هنا مستفهم به عن المعنى، وبنفيه ينتفي المعنى المستفهم عنه به، فهو من قبيل نفي الملزوم عن طريق نفي اللازم، فالكيف لازم للمعنى الظاهر، وبنفيه نفيٌ للمعنى الظاهر، وذلك كمن يقول لك: إن هذا العدد ليس بزوج. فتفهم منه أنه ليس اثنين ولا أربعة ولا ستة ... الخ لأن الزوجية لازم غير قابل للانفكاك عن الاثنين والأربعة والستة .. الخ.
من هنا يتبين مراد السلف بقولهم (بلا كيف)، ومنه تعلم أن من ينسب للسلف إثبات المعاني الحقيقية لهذه الألفاظ والتفويض في كيفياتها ينسب لهم التشبيه من حيث لا يدري.
تنبيه
هل كان السلف يدركون أي معنى لهذه النصوص المتشابهة؟ أم أنها بالنسبة لهم كالحروف التي في أوائل السور؟
وإذا كانوا يدركون لها معنى، كيف يُوفَّق بين إدراكهم هذا وبين ما مرَّ من تفسير الإمرار بأنه عدم العلم بالمراد؟
يبدو للوهلة الأولى أن ثمة تعارض بين إدراك معاني هذا النصوص وبين إمرارها الذي هو عدم العلم بالمراد منها، وفي الحقيقة ليس ثمة أي تعارض بين الأمرين، فالمقصود بعدم العلم بالمراد الذي فُسِّر به الإمرار هو عدم العلم بالمراد تفصيلاً وعلى سبيل القطع والتحديد، وهذا لا يقتضي عدم علمهم بالمراد إجمالاً.
مثال على هذا قوله تعالى (بل يداه مبسوطتان) يفهم منه على سبيل الإجمال معنى الكرم والجود المطلق والعطاء الذي لا ينقطع اللائق بصفة الرب تعالى، أما لفظ اليدين المضاف لله تعالى في الآية فبعد استبعاد المعنى الظاهر المتبادر من إطلاقه وهو الحقيقة اللغوية التي وضع اللفظ ليدلَّ عليها بين المخلوقين وهي الجارحة، نقول بعد استبعاد هذه الحقيقة احتمل اللفظ عدة معانٍ مجازية، ولهذا الاحتمال توقف جمهور السلف عن التعيين والقطع بأحدها، وهذا هو معنى عدم علمهم بالمراد لا أنهم لا يفهمون لهذه النصوص أي معنى، تعالى الله أن يخاطب الناس بما لا يُفهم.
هذا هو اللائق بمقامات السلف في العلم، إذ لا يعقل أنهم كانوا يسمعون مثلاً قول الله تعالى (يد الله فوق أيديهم) أو (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) أو (الرحمن على العرش استوى) أو (ثم استوى إلى السماء) أو (يوم يكشف عن ساق)، أو قول رسول الله ‘ (يضحك ربنا) أو (ينزل ربنا) أو (يعجب ربنا) الخ، ثم لا يفهمون من كل ذلك أي معنى، كما هو الحال مع الحروف التي في فواتح السور، كلا، فإن هذه الألفاظ لها في لغة العرب معانٍ مجازيةٌ معروفةٌ ومشهورةٌ لا شك أن السلف فهموها إجمالاً، ولكنهم لفرط تقواهم وخشيتهم لله تعالى وتهيبهم لذلك المقام الأقدس ثم لعدم الاضطرار إلى التعيين لأحد المعاني لخلو عصرهم من المبطلين الذين يحملون كلام الله تعالى وكلام رسوله ‘ على وجوه فاسدة لا تحتملها لغة العرب وتتنافى مع التقديس والتنزيه، لهذا ولذاك أحجموا عن التعيين والتصريح، واكتفوا بهذا
(يُتْبَعُ)
(/)
الفهم الإجمالي لها، وصرح بها الخلف بعدهم لطروِّ ما اقتضى ذلك وحتّمه عليهم.
قال الشيخ العلامة العزامي القضاعي (فرقان القرآن مطبوع في ذيل الأسماء والصفات للبيهقي ص / 104):
(وقال تعالى: (الله نور السموات والأرض) هل فهم أحد من السلف أنه هو ذلك النور الفائض على الحيطان والجدران المنتشر في الجو؟ جل مقام العلماء بالله وكتابه أن يفهموا هذا المعنى الظاهر العامي. قال حبر الأمة ابن عباس فيما رواه عنه الطبري بالسند الصحيح: الله سبحانه هادي أهل السموات والأرض. وروى نحوه عن أنس بن مالك. وروى عن مجاهد أن معناه المدبر. ورجح الإمامُ الأوّلَ وزيف ما عداه … تعالى الله عن صفات الأجسام وسمات الحدوث. وهكذا لو استقريت أقوال السلف من مظانها لرأيت الكثير الطيب من بيان المعاني اللائقة بالله تعالى على سبيل التعيين، فمن نقل عدم التعيين مطلقاً عن السلف فما دقق البحث ولا اتسع اطلاعه) اهـ.
وقال أيضاً مُوضّحاً هذا المعنى:
(تنبيه مهم: إذا سمعت في عبارات بعض السلف " إننا نؤمن بأن له - تعالى - وجها لا كالوجوه ويداً لا كالأيدي " فلا تظن أنهم أرادوا أن ذاته العلية منقسمة إلى أجزاء وأبعاض، فجزءٌ منها يدٌ وجزءٌ منها وجهٌ غير أنه لا يشابه الأيدي والوجوه التي للخلق!! حاشاهم من ذلك، وما هذا إلا التشبيه بعينه، وإنما أرادوا بذلك أن لفظ الوجه واليد قد استعمل في معنى من المعاني، وصفة من الصفات التي تليق بالذات العلية كالعظمة والقدرة، غير أنهم يتورعون عن تعيين تلك الصفة تهيباً من التهجم على ذلك المقام الأقدس) اهـ.
وجاء في كتاب تاريخ المذاهب الإسلامية للشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - (1/ 237) ما نصه:
(فهل يتصور أن الذين يبايعون النبي ‘ تحت الشجرة عندما يتلون قوله تعالى (إنّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما) يفهمون أن اليد هنا يد ليست كيد المخلوقات – يعني يدا حقيقية كما يقول أصحاب الظاهر ولكنها ليست كيد المخلوقات – ولا يفهمون أن المراد سلطان الله تعالى وقدرته، بدليل ما فيها من تهديد لمن ينكث بأن مغبة النكث تعود عليه. ولذلك نحن نرجح منهاج الماتريدي ومنهاج ابن الجوزي ومنهاج الغزالي، ونرى أن الصحابة كانوا يفسرون بالمجاز إن تعذر إطلاق الحقيقة، كما يفسرون بالحقيقة في ذاتها) اهـ.
يؤيد هذا ما نقل عن جماعات منهم من التصريح بذكر هذه المعاني المجازية مثل سيدنا ابن عباس وابن مسعود وعلي رضي الله عنهم والحسن البصري ومالك والأوزاعي وقتادة والثوري ومجاهد وعكرمة رحمهم الله وغيرهم ممن تزخر بنصوصهم كتب التفسير والحديث وغيرها.
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 10:32]ـ
و الله لو مضى الاخوان من الطرفين في سرد نقليات عن هذا الباحث او ذاك .. فلن ننتهي الا ان تناقش الحجج لا المقالات المطولة ...
و مع ذلك فالمقال لا يسمن و لايغني من جوع و لا يرد على الأسئلة و لا أصحابه فهموا موضع النزاع و المشكلة فعلا:
فمن بابه و عنوانه يبدأ بتعريف للتفويض و التأويل الكلامي و ينسبه للسلف و يعتبره مسلما فقوله -وذلك بعد تنزيه الله تعالى عن ظواهرها غير المرادة للشارع- و- صرف اللفظ عن الظاهر بقرينة تقتضي ذلك-. أين دليله؟؟؟ مع ان السلف مصرحون دائما ان الظاهر مقصود؟؟؟ و سواء في تأويلهم او تفويضهم انما يقصدون الظاهر؟؟؟
و ما أداهم الى ذلك هو تعظيمهم اللاواعي لنتائج علم المنطق اليوناني المبثوثة في ثنايا علم الكلام .. فقبل ان يقدموا على الدين و اقوال يقومون بوضع تقسيمات من عندهم ما لها وجود في الدين و يزعمون ان الدين هكذا يبينها لاعتقادهم ان الدين لن يخالف ما صح عندهم عقلا .. لا ان ذلك هو ما وجدوه في الدين بعد البحث .. و من ذلك تقسيمهم للاتباث و النفي:
(يُتْبَعُ)
(/)
و يجعلون الاتباث لاظاهر له الا ما افادالتجسيم ... والإثبات إما أن يكون معه حمل الكلام على ظاهره وحقيقته التي يعهدها البشر، ... و لا يشعرون انهم يسقطون انفسهم في الفخ الاعتزالي دون ان يشعروا ... اذ هذا ليس من بنات أفكارهم بل هو تقسيم للمعتزلة اصلا ... و المعتزلة و الحق يقال أدرى بهذه الصنعة اليونانية و فرسان هذا الميدان .. فان وضعوا تقسيما و بلعته .. فاعلم انك لا محالة اما ستتبعهم في نتائج التقسيم ... او ستتناقض تناقضا بينا ... و هو الحاصل ... اذ ان كان فعلا هذه هي القسمة الجامعة المانعة .. فهذا يلزم منه صحة قول المعتزلة بنفي كافة الصفات اذ اننا التزمنا ان لامنزلة بين المنزلتين .. فابقاؤها على ظاهرها يفيد التجسيم ... فالسمع و البصر و الحياة و الكلام و غيرها لا ظاهر لها بحسب هذا التقسيم الا ما عهده البشر فوجب صرفها عن ظواهرها و تأويلها أيضا ... لأن حملَ الكلام على الظاهر والحقيقة يفضي قطعاً إلى التشبيه، لأن حقائق وظواهر هذه الألفاظ أجسام وكيفيات مخلوقة، والله تعالى منزه عنها
ولا يقال: نحملها على الظاهر ونفوض العلم بالكيفية إلى الله تعالى.
لأن هذا القول تناقض صريح أوقعت فيه الغفلة، إذ ليس من ظاهر ولا حقيقة هنا إلا الجسم، وهذا لا يصح قطعاً وصف الله تعالى به ..... :):):) ...
و سر على ذلك الى آخر المقال يصبح المقال اعتزاليا بامتياز ... :):) اذ لا السلف فرقوا بين صفات و صفات و لا المعتزلة فرقوا و لا الجهمية فرقوا و لاالفلاسفة فرقوا بل و لا حتى متقدمي الأشاعرة فرقوا ... فتحمل المنهجية المذكورة في المقال على جميع الصفات بلا استثاء .. فيصبح المقال على ما خططت له المعتزلة منافحا عنهم ... و هذا الخلل المنهجي يبين لك السر في توجه متأخري الأشاعرة الى الاعتزال ... اذ لا دليل لا عقلا و لا شرعا و لا في اقوال السلف يدل على هذه التفرقة ...
و الطريف انه حين اورد عليه الايراد الشهير بأن الصفات ستصبح من جنس الحروف المقطعة .... عاد و فسر ان عدم العلم عند المفوض انما هو عدم العلم بالتفصيل و ان العلم عنده هو على الاجمال .... و هو طريف .. اذ ما العلم عند المأول الا العلم الاجمالي؟؟؟ اذ المأول لا يعين على سبيل التفصيل اي المعاني هو المقصود ... فهو يفهم من يداه مبسوطتان أيضا انها على سبيل الإجمال معنى الكرم والجود المطلق والعطاء ... فما بقي للمفوض حتى يصير مؤولا؟؟؟ فعاد امر التفويض الى التأويل .. اذ هو لازم قسمتهم التي لا تعترف للظاهر الا بمعنى واحد وهو الجارحة ... فان نفيت للظاهر معنى لم يبق لك الا ان تأول .. او ان تقر بجهلك التام كجهلك معنى الحروف المقطعة ... فان قلت لالالا أنا اعلم معنى ... فهذا المعنى حسب تقسيمك ليس الا احد معنيين .. معنى الظاهر الجارحة ... او معنى المؤول ... و ليس بينهما الا الجهل ... و الطريف ان الباحث ارادالهرب من اتباث معنى متوسط بين معنى الظاهر الجارحة و بين المعنى المؤول .. فوقع في شر هذا التقسيم فحاول اتباث معنى متوسط بين الجهل و العلم بالمعنى ... وهو من سنن الله في كلامه كما هو من سننه في كونه ... اذ علماء الفيزياء يدركون انك ان نزعت قيمة صحيحة من موضع فلا بد ان يظهر الاحتياج اليها من موضع آخر .. فكلام الله متناسق مبين احسن بيان كتناسق مواقع النجوم ... ما أن تنفي منها حقا حتى يظهر الخلل في موضع آخر ...
أما كلام الترمذي و بقية كلامه فقد بين ايما بيان كيف انهم يقرنون المعنى المعروف بالظاهر و يقرنون المعنى الغير معروف بالكيف في جحافل من أقوالهم و لا يستثنون من ذلك أية صفة بل يقرنون نصا بين الصفات المعنوية و الخبرية و صفات الأفعال و يشملونها جميعا بنفس المنهج ... و يقولون انهم يبحثون عن الظاهر و يؤمنون بالظاهر. و لا يقولون قط انهم عدلوا عنه و لاأنهم أولوا لأن الظاهر يفيد التشبيه هذا ما لا يقدر أحد ان ينقل عنهم حرفا ...
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 11:44]ـ
السلام عليكم
أرجو من الإخوة قراءة ما يلي بتمعن وروية، وإعمال للعقل والفكر، وبعيدا عن التعصب، وهو منقول من كتاب أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم لحمد السنان وفوزي العنجريالتفويض والتأويل
التفويض: مأخوذ من قولهم فوض إليه الأمر. أي ردّه إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمعنى الشرعي لا يخرج عن المعنى اللغوي، فهو شرعاً: ردُّ العلم بهذه المتشابهات إلى الله تعالى وعدم الخوض في معناها وذلك بعد تنزيه الله تعالى عن ظواهرها غير المرادة للشارع.
والتأويل: أصله من الأَوْلِ وهو الرجوع.
وهو شرعاً: صرف اللفظ عن الظاهر بقرينة تقتضي ذلك.
وهذان المذهبان كما أسلفنا هما المذهبان المعتبران المأثوران عن أهل السنة والجماعة في أبواب المتشابه، ولا اعتبار لمن جنح إلى التعطيل أو التشبيه من المذاهب الأخرى التي رفضتها الأمة ولفظتها.
·انحصار الحق في التفويض والتأويل:
هذه النصوص المتشابهة في الصفات إما أن تُثبت أو تُنفى، ونفيها تعطيل ظاهر، لأنه نفيٌ لما أثبت الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والإثبات إما أن يكون معه حمل الكلام على ظاهره وحقيقته التي يعهدها البشر، أو يصرف الكلام معه عن هذا الظاهر وهذه الحقيقة، والأول نعني حملَ الكلام على الظاهر والحقيقة يفضي قطعاً إلى التشبيه، لأن حقائق وظواهر هذه الألفاظ أجسام وكيفيات مخلوقة، والله تعالى منزه عنها.
ولا يقال: نحملها على الظاهر ونفوض العلم بالكيفية إلى الله تعالى.
لأن هذا القول تناقض صريح أوقعت فيه الغفلة، إذ ليس من ظاهر ولا حقيقة هنا إلا الجسم، وهذا لا يصح قطعاً وصف الله تعالى به.
بقي القسم الأخير الذي هو صرف الكلام عن الحقيقة والظاهر، ثم بعد صرفه عن الظاهر إما أن يُتوقفَ عن التماس معنى له ويوكلَ العلمُ به إلى الله تعالى، وهذا هو التفويض الذي عليه جماهير السلف الصالح، أو يلتمسَ له معنى لائقٌ بالله تعالى حسب مناحي الكلام عند العرب وما تسيغه لغتهم، وهذا هو التأويل الذي عليه خلف الأمة وجماعات من سلفها الصالح.
بهذين المذهبين تنحصر القسمة الصحيحة في هذه القضية.
لهذا نرى العلماء ينصّون عندما يعرض لهم شيء من هذه المتشابهات على أنه (إما تفويض وإما تأويل) إذ ليس بعدهما إلا التشبيه أو التعطيل.
قال الإمام الأبّي رحمه الله تعالى (شرح صحيح مسلم للأبي 7/ 190) أثناء شرحه لحديث " إن الله يمسك السموات على أصبع ":
(والحديث من أحاديث الصفات فيصرف الكلام عن ظاهره المحال الموهم للجارحة، ويكون فيه المذهبان المتقدمان، إما الإمساك عن التأويل والإيمان به على ما يليق، ويصرف علمه إلى الله تعالى، أو يتأول) اهـ.
وقال الإمام العلامة بدر الدين بن جماعة (إيضاح الدليل ص/103):
(واتفق السلف وأهل التأويل على أن ما لا يليق من ذلك بجلال الرب تعالى غير مراد ... واختلفوا في تعيين ما يليق بجلاله من المعاني المحتملة ... فسكت السلف عنه، وأوله المتأولون) اهـ.
وقال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في حديث النزول (دفع شبه التشبيه 194):
(روى حديث النزول عشرون صحابياً، وقد تقدم أنه يستحيل على الله عز وجل الحركة والنقلة والتغير، فيبقى الناس رجلين: أحدهما، المتأول بمعنى أنه يقرب برحمته ... والثاني، الساكت عن الكلام في ذلك مع اعتقاد التنزيه) اهـ.
وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في شرحه على صحيح مسلم (5/ 24) أثناء الكلام على حديث الجارية، ما نصه:
(هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان، أحدهما، الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وتنزيهه عن سمات المخلوقات، والثاني، تأويله بما يليق) ’اهـ.
وقال أيضاً أثناء الكلام على حديث إمساك السماوات على أصبع والأرضين على أصبع (17/ 129) ما نصه: (هذا من أحاديث الصفات، وقد سبق فيها المذهبان، التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها ومع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد) اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر قول ابن دقيق العيد مؤيداً له وموافقاً عليه في حديث " لا شخص أغير من الله " (الفتح 13/ 411): (قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكت عن التأويل، وإما مؤول) اهـ.
وعلى الجملة فإن أقوال العلماء في حصر الحق في هذين المذهبين لا تحصى كثرة، وبما نقلناه من نصوصهم مقنع
* * * * *
مذهب جمهور السلف التفويض
قال الإمام الترمذي - رحمه الله - (سنن الترمذي 4/ 492) مثبتاً للسلف الصالح مذهب التفويض:
(يُتْبَعُ)
(/)
(والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه) اهـ.
وقوله (يؤمن بها) إثبات لها، وبه يفارقون أصحاب التعطيل، وقوله (ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف) تفويض لله تعالى في معانيها، وقوله (ولا يقال كيف) أي بلا استفسار عن معانيها، أو تعيين المراد بها، وبه يفارقون أصحاب التشبيه.
وروى الخلال بسند صحيح عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه قال في مثل هذه النصوص: (نؤمن بها ونصدق ولا كيف ولا معنى) اهـ.
وروى الإمام الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى بسنده عن الإمام والأوزاعي ـ رحمه الله (الاعتقاد ص / 93) قال:
(كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه) اهـ.
والنصوص في هذا المعنى عن السلف كثيرة جدّاً كلها يفيد إيمانهم بها وإمرارها وعدم الخوض في تفسير معناها.
ولقد نقل الحافظ ابن حجر (الفتح 6/ 48) عن الحافظ ابن الجوزي معنى قولهم: أمروها كما جاءت. قال:
(قال ابن الجوزي: أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا ـ يشير إلى حديث يضحك الله إلى رجلين ـ ويمرونه كما جاء، وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق، ومعنى الإمرار عدم العلم بالمراد ([1] ( http://www.almostaneer.com/show_book.aspx?id=114#_ftn1)) منه مع اعتقاد التنزيه) ’اهـ.
قال الإمام عدي بن مسافر ([2] ( http://www.almostaneer.com/show_book.aspx?id=114#_ftn2)) رحمه الله تعالى (اعتقاد أهل السنة والجماعة ص / 26):
(وتقرير مذهب السلف كما جاء من غير تمثيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا حمل على الظاهر) اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن المنير (الفتح 13/ 190) قوله:
(لأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال ... والثالث إمرارها على ما جاءت مفوضاً معناها إلى الله تعالى، وقال الشيخ السهروردي في كتاب العقيدة له: أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنزول والنفس واليد والعين فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل، إذ لولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى. قال الطيبي: هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح) اهـ.
وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - (المجموع 1/ 25):
(اختلفوا في آيات الصفات وأخبارها هل يخاض فيها بالتأويل أم لا؟ فقال قائلون تتأول على ما يليق بها، وهذا أشهر المذهبين للمتكلمين، وقال آخرون: لا تتأول بل يمسك عن الكلام في معناها ويوكل علمها إلى الله تعالى ويعتقد مع ذلك تنزيه الله تعالى وانتفاء صفات الحوادث عنه، فيقال مثلاً: نؤمن بأن الرحمن على العرش استوى، ولا نعلم حقيقة معنى ذلك والمراد به، مع أنا نعتقد أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه منزه عن الحلول وسمات الحدوث، وهذه طريقة السلف أو جماهيرهم وهي أسلم) اهـ.
قال الإمام الجلال السيوطي - رحمه الله تعالى - (الإتقان في علوم القرآن 2/ 10):
(من المتشابه آيات الصفات ... وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نفسرها مع تنزيهنا له - تعالى - عن حقيقتها) اهـ.
هذه نصوص صريحة في إثبات التفويض للسلف الصالح لا سبيل إلى إنكارها أو حملها على معاني أخرى لا تتفق وجلالة أقدارهم وتنزيههم للباري سبحانه، كمن ينسب لهم إثبات الحقائق الظاهرة المتعارف عليها بين البشر وتفويض كيفياتها لله تعالى، فيقول إنهم يثبتون المعنى الحقيقي ويفوضون الكيف، وقائل هذا لا يدري ما يقول، وقد جره إلى هذا الفهم عبارة (بلا كيف) التي كثيراً ما ترد على ألسنة السلف عند الكلام على النصوص المتشابهة، ففهم منها أنهم يثبتون المعنى الحقيقي ويفوضون الكيف، وهذا فهم باطل، بل هي عبارةٌ المقصودُ منها زجرُ السائل عن البحث والتقصِّي، لا إثبات المعنى الحقيقي وتفويض الكيف!!
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن أي لفظ يدلُّ في حقيقته على شيء من الجسمانيات والكيفيات متى ما جُهِل معناه كان السؤال عن المراد منه بكلمة (كيف)، وفي حديث فضل عيادة المريض الذي أخرجه مسلم ما يدل على هذا، وذلك حين يقول الله تعالى لعبده (مرضت فلم تعدني .. استطعمتك فلم تطعمني .. استسقيتك فلم تسقني .. ) كل ذلك والعبد يقول: (رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! .. رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! .. رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟!) فهو لم يفهم المعنى المراد من اللفظ بعد أن استحالت حقيقته في عقله، فسأل بـ (كيف؟) عن المعنى المراد، لا أنه أثبت حقيقة المرض والاستطعام والاستسقاء لله تعالى لكنه لم يعلم كيفياتها!!
فعندما يقال في جواب السائل (بلا كيف) يفهم منه أنه (بلا معنى) لأن لفظ الـ (كيف) هنا مستفهم به عن المعنى، وبنفيه ينتفي المعنى المستفهم عنه به، فهو من قبيل نفي الملزوم عن طريق نفي اللازم، فالكيف لازم للمعنى الظاهر، وبنفيه نفيٌ للمعنى الظاهر، وذلك كمن يقول لك: إن هذا العدد ليس بزوج. فتفهم منه أنه ليس اثنين ولا أربعة ولا ستة ... الخ لأن الزوجية لازم غير قابل للانفكاك عن الاثنين والأربعة والستة .. الخ.
من هنا يتبين مراد السلف بقولهم (بلا كيف)، ومنه تعلم أن من ينسب للسلف إثبات المعاني الحقيقية لهذه الألفاظ والتفويض في كيفياتها ينسب لهم التشبيه من حيث لا يدري.
تنبيه
هل كان السلف يدركون أي معنى لهذه النصوص المتشابهة؟ أم أنها بالنسبة لهم كالحروف التي في أوائل السور؟
وإذا كانوا يدركون لها معنى، كيف يُوفَّق بين إدراكهم هذا وبين ما مرَّ من تفسير الإمرار بأنه عدم العلم بالمراد؟
يبدو للوهلة الأولى أن ثمة تعارض بين إدراك معاني هذا النصوص وبين إمرارها الذي هو عدم العلم بالمراد منها، وفي الحقيقة ليس ثمة أي تعارض بين الأمرين، فالمقصود بعدم العلم بالمراد الذي فُسِّر به الإمرار هو عدم العلم بالمراد تفصيلاً وعلى سبيل القطع والتحديد، وهذا لا يقتضي عدم علمهم بالمراد إجمالاً.
مثال على هذا قوله تعالى (بل يداه مبسوطتان) يفهم منه على سبيل الإجمال معنى الكرم والجود المطلق والعطاء الذي لا ينقطع اللائق بصفة الرب تعالى، أما لفظ اليدين المضاف لله تعالى في الآية فبعد استبعاد المعنى الظاهر المتبادر من إطلاقه وهو الحقيقة اللغوية التي وضع اللفظ ليدلَّ عليها بين المخلوقين وهي الجارحة، نقول بعد استبعاد هذه الحقيقة احتمل اللفظ عدة معانٍ مجازية، ولهذا الاحتمال توقف جمهور السلف عن التعيين والقطع بأحدها، وهذا هو معنى عدم علمهم بالمراد لا أنهم لا يفهمون لهذه النصوص أي معنى، تعالى الله أن يخاطب الناس بما لا يُفهم.
هذا هو اللائق بمقامات السلف في العلم، إذ لا يعقل أنهم كانوا يسمعون مثلاً قول الله تعالى (يد الله فوق أيديهم) أو (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) أو (الرحمن على العرش استوى) أو (ثم استوى إلى السماء) أو (يوم يكشف عن ساق)، أو قول رسول الله‘ (يضحك ربنا) أو (ينزل ربنا) أو (يعجب ربنا) الخ، ثم لا يفهمون من كل ذلك أي معنى، كما هو الحال مع الحروف التي في فواتح السور، كلا، فإن هذه الألفاظ لها في لغة العرب معانٍ مجازيةٌ معروفةٌ ومشهورةٌ لا شك أن السلف فهموها إجمالاً، ولكنهم لفرط تقواهم وخشيتهم لله تعالى وتهيبهم لذلك المقام الأقدس ثم لعدم الاضطرار إلى التعيين لأحد المعاني لخلو عصرهم من المبطلين الذين يحملون كلام الله تعالى وكلام رسوله‘ على وجوه فاسدة لا تحتملها لغة العرب وتتنافى مع التقديس والتنزيه، لهذا ولذاك أحجموا عن التعيين والتصريح، واكتفوا بهذا الفهم الإجمالي لها، وصرح بها الخلف بعدهم لطروِّ ما اقتضى ذلك وحتّمه عليهم.
قال الشيخ العلامة العزامي القضاعي (فرقان القرآن مطبوع في ذيل الأسماء والصفات للبيهقي ص / 104):
(يُتْبَعُ)
(/)
(وقال تعالى: (الله نور السموات والأرض) هل فهم أحد من السلف أنه هو ذلك النور الفائض على الحيطان والجدران المنتشر في الجو؟ جل مقام العلماء بالله وكتابه أن يفهموا هذا المعنى الظاهر العامي. قال حبر الأمة ابن عباس فيما رواه عنه الطبري بالسند الصحيح: الله سبحانه هادي أهل السموات والأرض. وروى نحوه عن أنس بن مالك. وروى عن مجاهد أن معناه المدبر. ورجح الإمامُ الأوّلَ وزيف ما عداه … تعالى الله عن صفات الأجسام وسمات الحدوث. وهكذا لو استقريت أقوال السلف من مظانها لرأيت الكثير الطيب من بيان المعاني اللائقة بالله تعالى على سبيل التعيين، فمن نقل عدم التعيين مطلقاً عن السلف فما دقق البحث ولا اتسع اطلاعه) اهـ.
وقال أيضاً مُوضّحاً هذا المعنى:
(تنبيه مهم: إذا سمعت في عبارات بعض السلف " إننا نؤمن بأن له - تعالى - وجها لا كالوجوه ويداً لا كالأيدي " فلا تظن أنهم أرادوا أن ذاته العلية منقسمة إلى أجزاء وأبعاض، فجزءٌ منها يدٌ وجزءٌ منها وجهٌ غير أنه لا يشابه الأيدي والوجوه التي للخلق!! حاشاهم من ذلك، وما هذا إلا التشبيه بعينه، وإنما أرادوا بذلك أن لفظ الوجه واليد قد استعمل في معنى من المعاني، وصفة من الصفات التي تليق بالذات العلية كالعظمة والقدرة، غير أنهم يتورعون عن تعيين تلك الصفة تهيباً من التهجم على ذلك المقام الأقدس) اهـ.
وجاء في كتاب تاريخ المذاهب الإسلامية للشيخ محمد أبو زهرة - رحمه الله - (1/ 237) ما نصه:
(فهل يتصور أن الذين يبايعون النبي ‘تحت الشجرة عندما يتلون قوله تعالى (إنّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما) يفهمون أن اليد هنا يد ليست كيد المخلوقات – يعني يدا حقيقية كما يقول أصحاب الظاهر ولكنها ليست كيد المخلوقات – ولا يفهمون أن المراد سلطان الله تعالى وقدرته، بدليل ما فيها من تهديد لمن ينكث بأن مغبة النكث تعود عليه. ولذلك نحن نرجح منهاج الماتريدي ومنهاج ابن الجوزي ومنهاج الغزالي، ونرى أن الصحابة كانوا يفسرون بالمجاز إن تعذر إطلاق الحقيقة، كما يفسرون بالحقيقة في ذاتها) اهـ.
يؤيد هذا ما نقل عن جماعات منهم من التصريح بذكر هذه المعاني المجازية مثل سيدنا ابن عباس وابن مسعود وعلي رضي الله عنهم والحسن البصري ومالك والأوزاعي وقتادة والثوري ومجاهد وعكرمة رحمهم الله وغيرهم ممن تزخر بنصوصهم كتب التفسير والحديث وغيرها.
هذا الكلام من أبطل الباطل وأشنعه ... وهؤلاء (أهل التفويض) وصفهم ابن القيم عليه رحمة الله في كتابه: الصواعق المرسلة ب: أهل التجهيل ... حيث قال:
" أصحاب التجهيل الذين قالوا: نصوص الصفات ألفاظ لا تعقل معانيها، ولا يدرى ما أراد الله ورسوله منها، ولكن نقرؤها ألفاظ لا معاني لها، ونعلم أن لها تأويلا لا يعلمه الله تعالى ...
وبنوا هذا المذهب على أصلين:
أحدهما: أن هذه النصوص من المتشابه.
والثاني: أن للمتشابه تأويلا لا يعلمه إلا الله.
فنتج من هذه الأصلين استجهال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وسائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأنهم كانوا يقرؤون هذه الآيات المتعلقة بالصفات ولا يعرفون معنى ذلك ولا ما أريد به، ولازم قولهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بذلك ولا يعلم معناه." اهـ
فنسبة التفويض إلى السلف الصالح من جملة الأخطاء الفاحشة في تاريخ العقيدة الإسلامية، وتوارث هذه الفكرة الخاطئة جيلا بعد جيل إلى وقتنا الحاضر حتى صارت لدى كثير من المسلمات التي لا يتطرق إليها الجدل ...
وقد عرض هؤلاء مذهب التفويض منسوبا إلى السلف بازاء مذهب التأويل منسوبا إلى الخلف، بوصفهما مذهبين لأهل السنة الأخذ بأي منهما دون حرج، حتى صار هذا التقسيم سنة ثابتة يأخذها اللاحق عن السابق، وطريقا يسلكه أهل البدع والتحريف لتبرير وترجيح مذهبهم ...
يضاف إلى ذلك أن مقالة التفويض لم يكن لها أثر حتى نهاية القرن الثالث، مع فشو مقالة التعطيل والتأويل ... يدلك على هذا ردود أهل السنة على الزائغين في باب الصفات، ومن هذه الردود: رد الإمام الدارمي على بشر المريسي ...
هذا كله استفدته من رسالة الشيخ الفاضل: أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان القاضي
مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات، عرض ونقد
وأظنها مصورة على الشبكة ...
والله أعلم
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[31 - Dec-2009, مساء 11:51]ـ
(فهل يتصور أن الذين يبايعون النبي ‘تحت الشجرة عندما يتلون قوله تعالى (إنّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما) يفهمون أن اليد هنا يد ليست كيد المخلوقات – يعني يدا حقيقية كما يقول أصحاب الظاهر ولكنها ليست كيد المخلوقات – ولا يفهمون أن المراد سلطان الله تعالى وقدرته، بدليل ما فيها من تهديد لمن ينكث بأن مغبة النكث تعود عليه. ولذلك نحن نرجح منهاج الماتريدي ومنهاج ابن الجوزي ومنهاج الغزالي، ونرى أن الصحابة كانوا يفسرون بالمجاز إن تعذر إطلاق الحقيقة، كما يفسرون بالحقيقة في ذاتها) اهـ.
ويعلق الشيخ وفقه الله على كلام أبي زهرة، ص 270:
" إن الشيخ محمد أبا زهرة - عفا الله عنه - ينفرد بين الأولين والآخرين بوصف السلف الصالح بالأخذ بالمجاز وسلوك سبيل التأويل. وقد أطبق الجميع على مجانبة السلف للتأويل، وإنما ضل الأكثرون بنسبة السلف إلى التفويض. " اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)