الكفر المطلق وكفر المعين
ـ[الرياني]ــــــــ[24 - Apr-2009, مساء 10:47]ـ
http://up2.m5zn.com/photo/2009/4/24/12/38y3zvhgx.bmp/bmp (http://up2.m5zn.com)"]http://up2.m5zn.com/photo/2009/4/24/12/38y3zvhgx.bmp/bmp (http://up2.m5zn.com)[/url]
مجموع الفتاوى
ـ[أمين بن محمد]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 12:34]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[الرياني]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 08:35]ـ
وفيكم بارك الله(/)
العالياه انتهت الشيخ حامد بن عبدالله العلي
ـ[ابو نذر الرحمان]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 12:11]ـ
العالياه انتهت
حامد بن عبدالله العلي
"هو ذا شعب مقبل من أرض الشمال، وأمَّة عظيمة ناهضة من أقاصي الأرض، قابضون على القوس، والحربة، صوتهم كهدير البحر، وعلى الخيل راكبون مصطفون كرجل واحد للمعركة ضدَّك يا بنت صهيون " سفرأرمياء 6: 22، 23
" أسمعوا هذا يا رؤساء بيت يعقوب، وقضاة بيت إسرائيل الذين يكرهون الحق، ويعوِّجون كلَّ مستقيم الذين يبنون صهيون بالدماء، وأورشليم بالظلم، رؤساؤها يقضون بالرشوة، وكهنتها يعملون بالأجرة " سفر ميخا 3: 9ـ 11
"إنّ نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا،وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني " أبراهام بورج، يديعوت أحرونوت، 29أغسطس/ آب 2003
الأمة العظيمة الناهضة من أقاصي الأرض، القابضون على القوس، والحربة، المصطفُّون كرجل واحد للمعركة، التي ستُنهي المشروع الصهيوني، هم أمَّة محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم، التي أنهضها الجهاد في هذا العصر، وفشلت جميع المحاولات لإجهاض روحه، وتشويه صورته في أمّتنا.
والحركات الجهادية الممتدة من أقاصي الأرض حول بيت الله محسود، وكلِّ الحركات الجهادية في باكستان، مرورا بعقر دار الجهاد، وقلعة العزِّ أفغانستان، تحت قيادة الملا عمر البشتوني، وإلى أسود أفريقيا في الصومال إلى حدود أثيوبيا، وتلك الناشرة ألويتها الماجدة في أرض الرافدين، بجميع فصائل الجهاد والمقاومة.
ثم رأس حربة الجهاد الإسلامي، تلك المعتزة بالله في غزِّة، وبيت المقدس، المدافعون عن مهاجر الأنبياء، ومسرى خاتمهم صلى الله عليه وسلم، أبطال الأرض المقدَّسة، المواجهون لنواة المكر الصهيوصليبي على أمِّتنا في عقر داره.
أولئك هم القابضون على القوس والحربة، المصطفُّون لمعركة الإسلام، الثابتون ثبات الجبال الرواسي، إذ كانوا هم الرافضين لروح الهزيمة، ومشاريع الإنبطاح،ولنهج الإلتواء عن الثوابت، وثقافة المداهنة.
وهم الذين سيُنْهون (العالياه)، و (العالياه) هي الإسم العبري لعلوِّ اليهود في أرض فلسطين، إذْ يحلو لهم إطلاقه على الإستيطان اليهودي بالهجرة إليها.
وهم ـ إن شاء الله تعالى ـ الداخلون المعنيُّون بقوله تعالى: (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوَّل مرَّة، وليتبِّروا ما علوْا تتْبيرا)، وعلوِّ اليهود، هو (العالياه).
أي سيدخلون المسجد الأقصى فاتحين، كالدخول الإسلامي الأوّل في عهد الخلافة، وسيدمِّرون علوّ اليهود تدميرا.
وهذا الذي استظهره فضيلة شيخنا الشيخ عمر الأشقر، في كتاب سيصدر قريبا عن الصراع مع اليهود، كما حدثنا في مؤتمر لجنة مقاومة العدوان المنعقد قبل شهرين في استنبول، عن غزَّة.
أو هم المقصودون بقوله تعالى بعد هذه الآية: (وإن عدتم عدنا)، أيْ إن عدتم أيها اليهود إلى العلوّ، فسنعود عليكم بجنود يدمِّرونكم، وهم أمة محمِّد صلى الله عليه وسلم، فالآيتان ترجعان إلى معنى واحد.
تماما كما قال رئيس مجلس السامرة الإقليمي في مشادة مع شارون: (إن هذا الطريق، هو نهاية المستوطنات، إنه نهاية إسرائيل) هآرتس 17/ 1/2002
ولاريب أن كلَّ متابع لما يجري في الكيان الصهيوني، يشهد أنه يعيش أزمة خانقة، وما صعود ما يسمى اليمين المتطرف ـ وكلهم متطرف في الخبث ـ إلاَّ ثمرة لهذه الأزمة، وأن الصهاينة في حالة صدمة، منذ هزيمتهم في حرب الفرقان الماضية في غزَّة.
لاسيما بعد السقوط المخزي لحرب عصابة بوش الصليبية على عتبات الجهاد العراقي، وإن الصليبية الغربية لموعودة ـ بإذن الله ـ بمستنقع أشد وطأة عليها في أفغانستان،
ذلك أنَّ الأمر كما قال المفكر العملاق عبدالوهاب المسيري رحمه الله: (ومما يعمق من هاجس النهاية أن الوجدان الغربي، والصهيوني، يوحد من البداية بين المشروع الصليبي، والمشروع الصهيوني ويقرن بينهما، فلويد جورج رئيس الوزارة البريطانية التي أصدرت وعد بلفور، صرح بأن الجنرال اللنبي الذي قاد القوات الإنجليزية التي احتلت فلسطين، شنَّ وربح آخر الحملات الصليبية وأعظمها انتصاراً)!
(يُتْبَعُ)
(/)
ويصف الكاتب المشهور في " يديعوت أحرنوت " أعني إيتان هابر كيف أن روح الإصرار على استرجاع الحق تعني النصر، واليأس هو الذي سيهزم الكيان فيقول: (إن جيش الحفاة في فيتنام الشمالية قد هزم المسلحين بأحدث الوسائل القتالية، ويكمن السر في أنَّ الروح هي التي دفعت المقاتلين، وقادتهم إلى الانتصار، الروح تعنى المعنويات، والتصميم، والوعي بعدالة النهج، والإحساس بعدم وجود خيار آخر، وهو ما تفتقده إسرائيل التي يكتنفها اليأس) يديعوت أحرونوت11نوفمبر2001
والخلاصة: أن استعار الإستيطان، وتهويد القدس، لا يعني سوى اقتراب المشروع الصهيوني من نهايته بإذن الله.
غير أنَّ ذلك مشروط بالوعي بعدالة جهادنا، والثبات عليه، وأنه لاخيار آخر أمامنا سوى الثبات عليه، واليقين بأنَّ نهايته لايمكن أن تكون إلاَّ انتصار الحقِّ، وإلحاق الهزيمة بالباطل، وجنده.
فيا أيها السالكون نهج الجهاد، اثبتوا، واصبروا، وصابروا، واعلموا أن نصر الصابرين على الحق ِّمعجل لهم إذ هو صبرهم، وهو قائدهم إلى الفتح، وأن هزيمة المتخاذلين لاتغير من الأمر شيئا، وإنما جعلها الله ليميز الخبيث من الطيب، والصادقين من الكاذبين.
قال تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
أي ما كان الله تعالى ليطلعكم على ما غاب في القلوب، ولكن يعقد المحنة، لكي يتميز الناس، فيظهر ما في قلوبهم على أعمالهم، فتميزون حينئذ بين المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر.
ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الثبات في الأمر، و العزيمة على الرشد، وأن يجعلنا من جنود الحق، ويرزقنا الشهادة في سبيله آمين؟
المصدر:
http://www.h-alali.cc/m_open.php?id=d38eb21c-6cea-102c-844a-00e04d932bf7(/)
المتوارون عن الولاء الشيخ د. عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
ـ[ابو نذر الرحمان]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 01:23]ـ
المتوارون عن الولاء
يهوِّل اللاهثون خلف سراب الإنسانية من مكاسب الحوارات الموبوءة، ويغرقون في تشييد أمانٍ وأمنيات على جرف هارٍ من الأوهام والظنون، ويهيمون في مسارب حب «مصطلم» وعشق مغيّب، ويتعامون عن براهين الشرع المنزَّل، وحقائق التاريخ السابق والحاضر.
إنَّه الهروب من الواقع والنكوص عن ميادين المدافعة والدعوة، والحيدة عن معالي الأمور ومجالدة الأعداء وجهادهم، والاستمتاع بملاينة الطغاة والمستبدين، والركون إلى عاجل الفانية وحطامها.
ولم يقف القوم عند هذه المهانة والخنوع للأعداء، واستملاح الذل والصغار، بل هرعوا إلى العبث بالنصوص الشرعية وليِّها، من أجل أن تتفق مع مسلك الخَوْر ومركب العجز.
وقبل أن نورد نماذج من تلك التحريفات والتأويلات الفاسدة لنصوص الولاء والبراء؛ نؤكد على استصحاب ما كان معلوماً من الدين بالضرورة؛ من وجوب موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين، حتى قال بعض العلماء: «فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله - سبحانه وتعالي - قد أوجب ذلك، وأكد إيجابه، وحرَّم موالاتهم وشدَّد فيها، حتى إنه ليس في كتاب الله - تعالى - حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده» [1] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn1).
كما أن دعوى إلغاء العداء مخالفة لطبيعة الإنسان وفطرته، إذ لا ينفك الإنسان عن حبٍّ وبغض، وموالاة ومعاداة، فأصل كل فعل وحركة في العالم الحب والبغض؛ كما بسطه ابن تيمية في رسالته: قاعدة في المحبة.
ومعسول السلام، والترنُّم بالوئام مع أعداء الله - تعالى - يخالف سنة التدافع والصراع بين الحق والباطل، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
ورحم الله الأستاذ الكبير (محمد محمد حسين) حيث يقول: «وقد جربنا الكلام عن الإنسانية والتسامح والسلام، وحقوق الإنسان في عصرنا؛ فوجدناه كلاماً يصنعه الأقوياء في وزارات الدعاية والإعلام؛ ليَنْفَق ويروج عند الضعفاء، فهو بضاعة للتصدير الخارجي، وليست معدَّة للاستهلاك الداخلي، لا يستفيد منها دائماً إلا القوي؛ لأنها تساعد على تمكينه من استغلال الضعيف الذي يعيش تحت تخدير هذه الدعوات، في ولاء مع مستغلِّه ومستعبده يستنفد طاقاته وقدراته في الأحلام بدل أن يوجهها لعمل نافع، يحرِّره من قيود ضعفه وعجزه .. » [2] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn2).
ومن هذا العبث في تفسير نصوص البراءة من المشركين: دعوى بعضهم أن العداء والبراء لمجرد الكفر والشرك لا للكافرين ولا للمشركين .. وهذه سفسطة مكشوفة ومكابرة ظاهرة؛ إذ الكفر والشرك وصف قائم بأشخاص وأنظمة ودول! وقد أمر الله - تعالى - في محكم التنزيل بالبراءة من الشرك وأهله، بل قدَّم البراءة من المشركين على البراءة من معبوداتهم قال - تعالى - على لسان إبراهيم الخليل - عليه السلام -: {إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} [الممتحنة: 4].
وقال - تعالى - عن الخليل إبراهيم - عليه السلام -: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} [مريم: 94].
ويفتري بعضهم الكذب على الله عند قوله - تعالى -: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 46] فيزعمون أن كلمة (سواء) هي الإقرار بالربّ، فهو القاسم المشترك بيننا وبينهم! وقد تعاموا عن سائر الآية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 46].
فالكلمة السواء هي عبادة الله - تعالى - وحده لا شريك له، وهذا ما ينقضه النصارى جهاراً نهاراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتحتج طوائف على تبرير ملاينة النصارى واللياذ بأهل الصليب بقوله - عز وجل -: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 28]. ويغفلون عن الآية التي بعدها: {وَإذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 38]؛فالمقصود بهم من آمن بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهم شهدوا لله بالوحدانية ولنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة والرسالة، فأين هؤلاء من عموم النصارى الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وتنقصوا عظمته وكماله وطعنوا في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قال ابن حزم: «ولو أن الله وصف قولهم (طائفة اليعقوبية من النصارى القائلين: إن المسيح هو الله) في كتابه؛ لما انطلق لسان مؤمن بحكاية هذا القول العظيم الشنيع السمج السخيف» [3] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn3).
وقال ابن تيمية: «ففي الجملة ما قال قوم من أهل الملل قولاً على الله إلا وقول النصارى أقبح منه، ولهذا كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - يقول: لا ترحموهم فقد سبُّوا الله مسبَّة ما سبَّه إياها أحد من البشر» [4] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn4).
وتكايس آخرون فحصروا البغض والعداء في شأن الكافر المحارب دون المسالم، وهذا مردود بصريح القرآن في آيات كثيرة؛ كقوله - تعالى - على لسان إبراهيم الخليل - عليه السلام -: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]؛ فجعل للعداوة والبغضاء غاية وهي دخولهم في الإيمان بالله وحده، وقال - عز وجل - {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 82]، وقال - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} [المائدة: 15]، فموجب العداوة لهم وعدم اتخاذهم أولياء لأجل كونهم كفاراً يهوداً ونصارى؛ فلم يُعلِّق العداء بالمحاربين ولا الصهاينة المعتدين!
ويتحذلق بعضهم في تسويغ الديانات المنسوخة المبدلة، ويستبدل بقوله - تعالى -: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]. وهذه الآية الكريمة حجة عليهم كما حرره ابن تيمية قائلاً: «هي كلمة توجب براءاته من عملهم وبراءاتهم من عمله، فإن حرف «اللام» في لغة العرب يدل على الاختصاص .. ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - - عن هذه السورة -: «هي براءة من الشرك» [5] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn5).
وليس في هذه الآية أنه رضى بدين المشركين ولا أهل الكتاب كما يظن بعض الملحدين، ولا أنه نهى عن جهادهم كما ظنه بعض الغالطين .. بل فيها براءته من دينهم وبراءاتهم من دينه .. وهنا أمر محكم لا يقبل النسخ .. فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرضَ قط إلا بدين الله، ما رضي قط بدين الكفار لا من المشركين ولا من أهل الكتاب» [6] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn6).
قد يعتل بعضهم على محبة الكافر بقوله - تعالى -: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 65]. إذ نزلت الآية في أبي طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي مات مشركاً على ملة عبد المطلب؛ كما ثبت في حديث المسيَّب بن حزْن - رضي الله عنهما - والذي أخرجه البخاري ومسلم.
والجواب عن ذلك الاستدلال أن معنى الآية: من أحببتَ هدايته كما هو ظاهر السياق.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما قال شيخ المفسرين ابن جرير - رحمه الله -: «يقول - تعالى ذكره - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - (إنَّك) يا محمد! (لا تهدي من أحببت) هدايته (ولكن الله يهدي من يشاء) أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان به وبرسوله، ولو قيل: معناه إنك لا تهدي من أحببته لقرابته منك، ولكن الله يهدي من يشاء؛ كان مذهباً» [7] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn7).
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي: «ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن نبيه - صلى الله عليه وسلم - لا يهدي من أحبَّ هدايته .. » [8] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn8).
وتفوَّه آخرون بتوقير الكافر والاحتفاء به؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام لجنازة يهودي .. وقد جاء في الروايات الثابتة ما يبيِّن ذلك؛ فمن ذلك: «إن الموت فزع»، ومعناه: أن الموت يفزع منه، إشارة إلى استعظامه، وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب، وفي رواية ثانية «إنما قمنا للملائكة»، وفي لفظ ثالث «إنما تقومون إعظاماً للذي يقبض النفوس»، وفي رواية رابعة «إعظاماً لله الذي يقبض الأرواح». ولا تعارض بين ذلك كله؛ فالقيام للفزع من الموت هو من تعظيم أمر الله تعالى، وتعظيم للقائمين بأمره وهم الملائكة؛ كما قره الحافظ ابن حجر في الفتح [9] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn9).
فكيف وقد توافرت النصوص الصريحة الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشروعية مجانبة اليهود - وسائر الكفرة - ومخالفتهم حتى قالت يهود: «ما يريد هذا الرجل - يعنون نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - - أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه» [10] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn10).
والمقصود أن الولاء للمؤمنين والعداوة للكافرين من آكد المحكمات البيّنات والثوابت القطعيات كما جاء واضحاً جلياً في نصوص الوحيين وقواعد الشريعة .. وإن تطاول أحدهم على هذا الأصل الكبير، ولوَّح بنص أو دليل يعكر على هذا الأصل؛ فهذا من المتشابه الذي ينبغي ردُّه إلى المحكم البيِّن، ولا يُعرض عن المحكمات، ويتبع المشتبهات إلا أهل الزيغ من النصارى وأشباههم؛ كما قال - تعالى- عنهم: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].
مع يقيننا أن كل دليل يتشبَّث به المخالف لباطله؛ فإن في هذا الدليل ما ينقض مذهبه ويزهق باطله؛ إذ النصوص يصدق بعضها بعضاً، والدليل الصحيح لا يدل إلا على حق وصواب.
«إن لرسالات السماء أعداء موغلين في الخصام، لهم بيان حسن، ومقالات مزخرفة، واغترار بالباطل، وتأميل في نجاحة وكسب المعركة به.
وأعداء الإسلام من هذا القبيل لن ينقطعوا، ولن يهادنوا.
ترى أيغني في لقائهم الإحساس البارد والقلب الفارغ والابتسام المبذول؟ هيهات {فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} 8 {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 8 - 9] [11] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftn11).
[1] (http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref1) النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الأشراك، ص 15، لحمد بن عتيق.
[2] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref2) الإسلام والحضارة الغربية، ص 192.
[3] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref3) الفصل 1/ 111، وانظر: 2/ 199.
[4] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref4) الجواب الصحيح 3/ 173.
[5] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref5) أخرجه أحمد وأبو داود.
[6] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref6) الجواب الصحيح 2/ 31 - 32 باختصار.
[7] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref7) تفسير ابن جرير 11/ 91، وانظر: فتح الباري لابن حجر 8/ 506.
[8] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref8) أضواء البيان 6/ 456.
[9] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref9) 3/180.
[10] (http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref10) أخرجه مسلم ح (302).
[11] ( http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005#_ftnref11) تأملات في الدين والحياة لمحمد الغزالي ص 163.
المصدر:
http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005 (http://www.alabdulltif.net/index.php?option=*******&task=view&id=13005)(/)
البيان حوار مع الشيخ د. عبدالرحمن بن صالح المحمود
ـ[ابو نذر الرحمان]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 01:27]ـ
حوار مع الشيخ د. عبدالرحمن بن صالح المحمود
الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود
لم يتم حوار حضارات حقيقي
- الآخر مصطلح لغوي وقرآني، لكن لنحذر من أبعاده الجديدة التي يتخفّى وراءها.
- يمكن للعلماء المسلمين ودُعاتهم وضع إطار عام للمبادئ الإنسانية يقرُّها الإسلام للتعايش والتفاهم والتعاون حولها بين الأمم.
- الحاجز النفسي الذي تقيمه الأديان لحماية أتباعها من الذوبان في غيرها يُعدُّ عائقاً للحوار بين الحضارات.
- بيانات عَلْمانيينا وليبراليينا أخذت طابع الدفاع والتنازلات عن مسلَّمات الدين والبحث عن أُطر التقاء لا يمكن أن تروي غليلاً.
- إذا أُريد للحوار أن يتم وينجح فلا بد من توفر شروط مهمة.
- البيان -: إذا حررنا أن المراد بـ (نحن) أهل الإسلام؛ فهل يمكن قبول لفظ (الآخر) لغيرهم؟
مصطلح الآخر من الناحية اللغوية ومن ناحية الاستعمال في مجالات الحياة؛ مصطلح عادي لا شيء فيه، هذا في الأصل، فأنت تقول في رجلين: هذا فعل كذا أو قال كذا؛ والآخر لم يفعل أو لم يقل، فيكون دالاً على نوع من التقابل. وقد يستعمل فيما طريقه التنويع دون تقابل؛ كأن تقول: تكلم الأول بكذا ثم تكلم الآخر الذي معه بمثل كلامه، أو أيَّده الآخر .. وهكذا.
وقد جاء كتاب الله - تعالى - بهذه المعاني؛ فجاء في آيات كثيرة:
- لفظ (آخر)، قال - تعالى -: {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ} [المائدة: 72].
وقال - تعالى -: {خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 201]. وتكرَّر هذا في مقام التوحيد ونفي الشرك؛ فقال - تعالى - مثلاً: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ} [الإسراء: 22].
- ولفظ (آخرون)؛ كقوله - تعالى -: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: 201]، وقوله - تعالى -: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ} [التوبة: 601]، وفي آخر المزمل: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: 02]، {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 02].
- ولفظ (آخرين) أيضاً في موضع النصب أو الجر: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ} [الشعراء: 271].
- ولفظ (أخرى)؛ كقوله - تعالى -: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: 02]، وتكرر في هذه السورة أربع مرات.
- ولفظ (أخراهم)؛ كقوله - تعالى -: {وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 93]. وأخراكم كقوله: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 351].
- ولفظ (أُخر)؛ كقوله - سبحانه -: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
[البقرة: 481]
وهكذا فهو - أي: مصطلح الآخر - مصطلح قرآني، ولكن بالمعاني اللغوية التي وردت عن العرب.
وأردت من هذا دفع توهُّم الاعتراض على هذا المصطلح بأنه ليس في كتاب الله، وإنما في كتاب الله الكافر واليهودي والنصراني والمشرك ... فقد يظن الظانُّ - لأول وهلة - أن لفظ (الآخر) لم يرد في كتاب الله تعالى، والأمر ليس كذلك كما سبق.
ولكن المشكلة في الموضوع هي استخدام لفظ (الآخر) مصطلحاً له مدلول خاص في عصرنا هذا، ولا أدري من الذي استخدمه أولاً. ولكن - مع العولمة الثقافية والفكرية والعقدية والتشريعية، ومع ظروف وأحوال وأحداث معروفة - تحوَّل هذا المصطلح من بُعْده اللغوي إلى بُعْد عقدي وفكري، أي: انتقل من الحقيقة اللغوية إلى حقيقة اصطلاحية تحمل أبعاداً كثيرة تخفّى بها، ومن أبرزها:
1 - تخصيصها بفئات دينية معينة من اليهود والنصارى والمشركين؛ فتسمية هؤلاء بـ (الآخر) مما لا تجمله دلالة هذا المصطلح مباشرة دون قيد في السياق ونحوه.
2 - اختلاط هذا المصطلح (الآخر) بغيره؛ فمثلاً: المخالف من أهل البدع يسمَّى: الآخر، والمخالف من أصحاب الفكر المنحرف يسمَّى: الآخر، والمخالف في اللغة يسمَّى: الآخر، والمخالف في الانتساب إلى وطنٍ ما يُسمَّى: الآخر.
بل قد سرى هذا - ضرورة - إلى مصطلح (نحن)؛ فهل يُقصَد به المسلمون عموماً، أو يُقصَد به أهل السنة أو العرب أو أهل مصر؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نشأ عن ذلك اضطراب وتناقض في الخطاب الإعلامي؛ فمرة يكون الآخر الكافر (البعيد أو القريب في داخل بلاد المسلمين)، ومرة يكون الآخر المخالف لك في الاتجاه السياسي، ومرة يكون الآخر المخالف لك في الرأي أو المذهب؛ سواء كان عقدياً أو فقهياً، ومرات يكون الآخر هو من كان من بلد غير بلدك أو قبيلة غير قبيلتك .. وهكذا.
3 - أنه قصد به تخفيف الفارق بين المسلمين والكفار، وهذا من أخطر آثار هذا المصطلح، حيث إن من أطلقه أو أشاع استعماله عن قصد إنما أراد إلغاء عقيدة الولاء والبراء أو إضعافها، ومحو التوحيد والإيمان والإسلام المفرِّق بين المسلمين والكافرين أو إضعاف ذلك.
فبناء على ذلك لا يمكن قبول لفظ (الآخر) بهذا الاعتبار؛ نظراً إلى آثاره الخطيرة التي سبق الإشارة إلى بعضها.
- البيان -: هل نصوص الولاء والبراء والتضييق على الكافر في الطريق وعدم بدئه بالسلام؛ ترفض أرضية قبول التعايش مع الآخر؟
جواب هذا السؤال يكمن في الاستفصال عن مصطلح ورد في آخره وهو (التعايش مع الآخر)؛ فمصطلح (التعايش) دخله ما دخل مصطلح (الآخر)؛ إذ إن مدلوله اللغوي واضح وهو العيش على هذه الأرض من بني آدم كافة دون تفريق.
وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله تعالى:
- فقال - سبحانه -: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11]؛ فهو معاش للمخلوقات كافة.
- وقال - تعالى -: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 23]. والمعيشة والأرزاق مقسومة في هذه الدنيا لكل الناس، ومن ذلك ما يحتاج فيه بعضهم إلى بعض لتعمر هذه الحياة.
- وقال - تعالى -: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} [الأعراف: 01]. وقال: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ=} [الحجر: 02].
وبناء على هذا؛ فقضية عيش بني الإنسان وتعامل بعضهم مع بعض سنَّة كونية؛ فإذا أُطلق التعايش بين الأمم - على اختلاف أديانهم - مقصوداً به هذ المعنى؛ فهو حق. ومنذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم تزل أكثر المأكولات والمصنوعات والملبوسات والآلات الحربية ونحوها تتبادل بين المسلمين وغيرهم، وهذا ظاهر معلوم، وكلام العلماء والفقهاء في ذلك واضح.
والمشكلة هي انتقال هذا المعنى إلى مصطلح (التعايش) بمدلول جديد يحمل معاني ودلالات ولوازم تمسُّ جوهر عقيدة الإسلام وشريعته ونظامه.
وهذا ما يفسِّر شيوع هذا المصطلح والزجَّ به في لغة الإعلام والخطاب والثقافة والفكر والحوار والعلاقات .. إلخ.
ومن أخطر المعاني والدلالات التي أريد لهذا المصطلح أن يحملها:
1 - إلغاء الفارق العقدي والشرعي والسلوكي بين المسلمين والكفار أو إضعافه؛ فهو مصطلح يحمل بديلاً عن أشياء أخرى عرفها المسلمون وعايشوها وأساسها الفارق بين الإسلام والكفر وفروع هذا الفارق ولوازمه.
2 - الانتقال من البُعْد النظري أو العلمي إلى البُعْد العملي في حياة المسلمين، وذلك بأن يعايشوا الكفار على أساس إلغاء تلك الفروق بين المسلمين والكفار أو إضعافها؛ فهو مصطلح يرمي بالمسلم - والمسلمين عموماً - إلى أن يعايش الكفار في عباداتهم وأخلاقهم وقوانينهم دون التفات إلى أصولها العقدية والفكرية.
3 - الخطورة في هذا المصطلح الظرف الزماني والآني الذي به يرفع اليوم؛ وهو طغيان الحضارة الغربية بعقائدها ونُظمها وأخلاقها، حتى وُصفت بأنها هي الأعلى، وهي القدوة، وهي الغاية التي يسعى كل شعب للحاق بها. كيف لا؛ وهي نهاية التاريخ؛ كما عبر بعضهم.
فهي تدعو المغلوب إلى أن يقلِّد الغالب ويعايشه ويسير خلفه، وليس التعايش الذي هو التفاعل بين الطرفين على أقل تقدير.
4 - إن هذا التعايش له آثار سلبية في أمور كثيرة، منها:
- ضعف اعتزاز المسلم بدينه.
- إضعاف عقيدة الولاء والبراء أو إلغاؤها.
- ضعف وحدة المسلمين وأخوّتهم.
- الذوبان في تلك الحضارة في الطرف الأسوأ فيها؛ كالفلسفات الإلحادية، وأفكار الحداثة والعبثية والوجودية، وأخلاقيات الإباحة والشذوذ والتفكك الأسري .. إلخ.
5 - أما ما يُزعم من الاستفادة من الحضارة الغربية وتقدُّمها العلمي والمادي والتقني والصناعي .. إلخ؛ فهذا غير مقصود - حسب استعمال مصطلح (التعايش) -؛ لأمرين:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: أن هذا لو كان مقصوداً لكانت وسائله سهلة؛ ومنها: نقل التقنية إلى داخل بلاد المسلمين.
الثاني: أن التجربة والواقع يشهدان بأن ما نخسره من التعايش عشرة أضعاف ما نكسبه من مكتسبات الحضارة وأكثر.
وبناء على ما سبق يكون الجواب عن السؤال كما يلي:
1 - نصوص الولاء والبراء والتضييق على الكافر وعدم بَدْئه بالسلام جاءت بها أدلة صريحة من الكتاب والسنة الصحيحة، وهي جزء من كلّ مرتبط بالتوحيد والإسلام، والقرآن ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتفاصيل العقيدة والشريعة، ومنها: ما يتعلق بعلاقة المسلمين مع بعضهم، وعلاقاتهم مع الكفار على مختلف الأحوال؛ في الحرب والذمة والعهد .. إلخ.
ولهذه المسائل - التي وردت في السؤال - أحكام تفصيلية، كما أن الحكمة منها كلها ظاهرة جليَّة في الدين، بل إن البراءة من الكافرين، وشروط الذمة المعروفة، وجهاد الكافر؛ هي من الأسس العظيمة للدعوة إلى الله تعالى وإخراج الكفار من الظلمات إلى النور، على عكس ما قد يظن مَنْ ضد ذلك (وتفصيل هذا ليس هنا موضعه).
2 - وعلى ذلك فنصوص الولاء والبراء والتضييق .. إلخ تتصادم مع مصطلح (التعايش مع الآخر)؛ لأنها جزء من كل، ولأن الإسلام يرفض الذوبان في الآخر أو التنازل عن أصوله وشريعته أو بعضها بحجة التعايش مع الآخر؛ كما هو مفهوم وغاية هذا المصطلح من جانب المنادين به من تيارات العَلْمانية والعقلانية البدعية ونحوها.
3 - ثم نقول: هذه النصوص ونحوها لا تعزل الأمة الإسلامية عزلاً تاماً عن بقية العالم؛ فعندها ألوان من التعايش بالمصطلح اللغوي لا المصطلح الجديد الذي شاع لدى العَلْمانيين والمفتونين بالغرب من المسلمين؛ فالعلاقات التجارية، والاستفادة مما عند الأمم الأخرى من التجارب والأمور النافعة - ألم يأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الأحزاب بنظام الفرس في الحرب؟ وكذلك العلاقة بأهل الذمة داخل البلاد الإسلامية - غير جزيرة العرب - وكذلك علاقة المسلم بأبيه أو أمه أو أخيه أو أخته أو قريبه الكافر أو زوجته الكتابية، أو جاره الكافر .. إلخ؛ كل هذا لا تلغيه عقيدة الولاء والبراء والتضييق .. إلخ.
4 - أخيراً: يجب وضع النصوص في موضعها الصحيح حسب دلالاتها وحسب تطبيق الصحابة ثم السلف لها، وأما تحميلها ما لم تحتمله من طرفي الإفراط أو التفريط فهو خطأ.
وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسِيَر الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وسير الصحابة - رضي الله عنهم - أكبر شاهد على هذا المنهج الوسطي الواضح.
- البيان -: هل يصح القول باحترام المعتقدات والمبادئ الأساسية لكل طرف من منطلق قوله - تعالى -: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 801]؟
هناك فرق بين احترام المعتقدات والسبّ. والآية إنما جاءت بالنهي عن السبِّ لآلهة المشركين؛ دفعاً لمفسدة سبِّهم لله تعالى، وعلى هذا:
1 - فالنهي عن سبِّ آلهة الكفار وشتمها لا ينفي وجوب بيان بطلان عبادتها بالأدلة النقلية والعقلية المتعددة؛ كما هو منهج القرآن الكريم ومنهج نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويدخل في ذلك بيان التوحيد وأدلته والدعوة إليه - كما هو معلوم - ومعلوم أن هذا يغضب الكفار ولا يرضيهم.
2 - هناك قيود ينبغي اعتبارها في مسألة سبِّ آلهة الكفار، منها:
أ - الابتداء بالسبِّ هو المنهيُّ عنه، لكن لو سبوا إلهنا فلا مانع من مقابلة ذلك: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}.
[الشورى: 04]
ب - قوله - تعالى -: {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 801] فيه إشارة إلى عُبَّاد الأصنام الجهلة الذين يظنون صواب دينهم ويتعصبون له.
أما العتاة من الطواغيت فإنهم لا ينتظرون في عدوانهم مبادأة المسلمين لهم كما هي الحال في طغاة الغرب الصليبي اليوم.
وأما عامة النصارى أو البوذيين ونحوهم فينطبق عليهم ما جاء في آية النهي عن سبِّ آلهة المشركين؛ والله أعلم.
3 - احترام المعتقدات الفاسدة للمخالفين له شقان:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: مطلوب في مراحل الدعوة لا الجهاد؛ وهو السكوت عن إهانتها واحتقارها. وانظر إلى الفرق بين حالتي عمرة القضاء حين كانت الأصنام حول الكعبة فلم يتعرَّض لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام وهم يطوفون حول الكعبة، وحالة الفتح حين كسرها - صلى الله عليه وسلم - وأهانها.
ثانيهما: منهيٌّ عنه؛ وهو احترامها المقتضي الإقرار بها، والاعتراف بأحقيتها، أو مدحها والثناء على أصحابها.
4 - ومن تأمَّل التاريخ القديم والحديث رأى الفرق واضحاً بين أفعال المسلمين في حسن تعاملهم مع معتقدات مخالفيهم؛ وما يفعله الأعداء اليوم من اعتداء وإهانات لمعتقدات المسلمين، وما الذي فعله المسلمون في كنائس النصارى وماذا فعل الصليبيون قديماً وحديثاً في مساجد المسلمين.
- البيان -: احترام المبادئ الإنسانية المشتركة؛ كالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ونحوها؛ هل يمكن جعله منطلقاً لحوار الحضارات؟
1 - ملحوظة على السؤال:
من الأمور العجيبة غلبة المصطلحات الغربية علينا، فإذا استخدم الغرب مصطلحاً تحوَّل إلى مصطلح عالمي يقاس به تقدُّم الأمم وتأخُّرها، وقد سرى هذا إلينا نحن المسلمين.
وإذا كانت الحرية وحقوق الإنسان فيها وفيها؛ فما معنى إقحام الديمقراطية - وهي منهج عَلْماني غربي - لتكون من المبادئ العالمية التي تحولت إلى غاية الغايات؛ وخاصة النموذج والتطبيق الغربي لها؟
2 - هناك مبادئ كبرى وعظمى جاء بها الإسلام وشريعته الخالدة ويجمعها حفظ الضروريات الخمس المعروفة:
- حفظ الدين.
- حفظ العقل.
- حفظ العرض.
- حفظ المال.
- حفظ النفس.
وفي الشريعة من تفصيلاتها العجب العجاب.
وإذا كانت هذه لنا فيمكن أن نقدِّمها للعالم كله، ولو تأمَّلت الانهيار الحضاري اليوم لوجدت من أهمِّ أسبابه الإخلال بهذه الضروريات، وتأمَّل - مثلاً - مسألتَيْ العقل والعرض، وكيف أن الإخلال بهما يكاد يحوِّل حضارة الغرب إلى مزبلة.
3 - ونقول في الجملة: هذه المبادئ - التي وردت في السؤال ونحوها - تعتمد على الإجابة عن سؤال كبير وكبير جداً؛ ألا وهو:
بأيِّ مقياس وميزان ستُوزن هذه المبادئ؟
- بالميزان الغربي؟ (والغرب لأنه قوي مادياً لا يقبل إلا موازينه ويرفض بل يحتقر موازين الآخرين).
- أم بغيره من الموازين؟ ومن؟ الصينيون، أم الهنود، أم اليابانيون، أم الأفارقة، أم المسلمون؟
4 - وبالنسبة للمبادئ المذكورة ونحوها؛ هل يمكن أن تكون منطلقاً لحوار الحضارات؟
أ - هناك مبادئ أخرى يتفق عليها الجميع وتنادي بها الشعوب كلها؛ ومنها:
- العدل.
- عدم الظلم.
- الإحسان.
- وحقوق الإنسان (في الجملة).
ولكن كما قال العلماء - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -: معرفة تلك الأمور على وجه التفصيل لا يُعرف إلا عن طريق الرسل. (وليس للعالم اليوم طريق إليهم إلا الطريق الذي جاء به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ نظراً إلى التحريف والتبديل للكتب والأديان السابقة).
ب - هذه المبادئ العالمية - للأسف - يقترحها المجرمون الكبار في الغرب، وهم الذين يحدِّدون معالمها ويشرفون على تطبيقها.
فحوار بهذه الكيفية هو حوار فاشل ومن جانب واحد.
ج - من الممكن أن يعقد الثقاة من علماء المسلمين ودعاتهم مؤتمرات أو ندوات يحددون فيها هذه المبادئ على ضوء قواعد الشرع ويقدمونها للعالم ويحاورونهم عليها.
- البيان -: هل يمكن وضع إطار عام يقرُّه الإسلام للتعايش والتفاهم والتعاون بين الأمم؟
1 - في آخر الجواب السابق جاءت الإشارة إلى ذلك.
2 - ينبغي أن يُعلَم أن الإسلام ليس للمسلمين فقط؛ فهو للعالم كله، ومن ثم فلا يملك أحد - كائناً من كان - أن يحدِّد للإسلام معالم أو أطراً يحشره فيها لا يتجاوزها في دعوته للناس كافة.
أعني بذلك: أن الإسلام ليس ملكاً للمسلمين يأخذون منه ما يريدون ويعطون الناس الباقي، أي: ليس لهم أن يتنازلوا عن أمور أصيلة في هذا الدين، منها:
- عالمية الإسلام.
- نسخه لما قبله من الديانات.
- الأساس الذي يقوم عليه توحيد الله وحده لا شريك له واتِّباع شرعه.
- محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين وهو رسول إلى الناس كافة.
- من لم يوحِّد الله فهو كافر تجب عداوته، ومن لم يتبع نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فهو كذلك.
- إن الإسلام يقسم العالم إلى كفر وإيمان، وليس إلى شرق وغرب ونحو ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - وبناء على ذلك فلا يملك أحد أن يتحدث باسم الإسلام؛ بل لا يجوز له ذلك بحيث يرضى في دعوته ونشر مبادئه أن يكتفي بالحرية وحقوق الإنسان بدل التوحيد والعبادة لله رب العالمين، كما لا يجوز له أن يقدِّم ذلك للناس باسم الإسلام.
ونحن إنما نتحدث عن حوار حضارات ولا نتحدث عن مجموعة من المتسوِّلين على أبواب الغرب ينادون: يا محسنون! أعطونا (شوية) حرية و (شوية) حقوق إنسان؛ كما هو حاصل الآن.
4 - هناك فرق بين حالتي الضعف والقوة، وذلك لكل الأمم.
وفي سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان واضح لذلك في مرحلتَيْ العهد المكي والعهد المدني.
وهذا واضح لا يحتاج إلى شرح؛ ومع هذا:
أ - لم يتنازل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن دعوته وأصول دينه، بل تحمَّل هو وأصحابه في سبيل ذلك الصعاب والشدائد في مكة.
ب - استفاد - صلى الله عليه وسلم - من النظام العشائري للعرب، كما استفاد من مجامع العرب وأسواقهم ونحو ذلك.
وهذا يشبه استفادة المسلمين مما عند الغرب من حرية في بلادهم.
6 - وأخيراً: فإنني لا أظن أنه يمكن وضع إطار عام - في ظل الهيمنة الغربية الصليبية - للتعايش يقرُّه الإسلام؛ لأن الأمر سيؤول إلى إسلام أو لا إسلام: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 021].
وأنا أعلم أن الشواهد في الكتاب والسنة والسيرة وأفعال الصحابة على كثير من تلك المبادئ في العدل والإحسان والحرية وحقوق الإنسان والحيوان؛ كثيرة.
ولكن الكلام هنا عن أسسٍ ومبادئ لحوار حضاراتٍ لكل منها أسسه العقدية والفكرية والشرعية، ولا تنفك المبادئ التفصيلية عن تلك الأسس، وانظر إلى مبادئ الأمم المتحدة؛ على أي أساس تقوم؟ وتصوَّر مبادئ يمكن أن تقوم عالمياً بدون تلك الأسس؛ لا يمكن على حدِّ علمي؛ والله أعلم.
- البيان -: بعضهم ينطلق من مفهوم جهاد الطلب أنه هو أساس مفهوم التصادم، وسلب حق الآخرين في حرية المعتقد؛ فهل هذا صحيح؟
1 - للأسف يُفهم الجهاد - وأساسه عند الإطلاق جهاد الطلب - على أنه - بالنسبة للمسلمين - ممارسة القتل والاحتلال والتسلُّط على الأمم الأخرى ولا شيء غير ذلك.
ومعلوم أن شريعة الجاهلية هي السائدة لدى كل الأمم التي لم تتَّبع الرُّسُل قديماً وحديثاً؛ إذ كل دولة أو أمة أو قبيلة ترى من نفسها قوة، ومن عدوها أو من جاورها ضعفاً؛ فإنها تبادر إلى غزوه واحتلال أرضه وشعبه وممتلكاته.
وأشهر صور ذلك:
- حروب الرومان.
- وحروب الصليبيين حين عبروا المحيط لغزو بلاد المسلمين.
- والتتار الذين جاؤوا بعدهم.
- وأبشع الصور ما جرى في العصر الحديث وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى وإلى يومنا هذا فيما يجري في أفغانستان والعراق وفلسطين والصومال، ودول الجمهوريات الإسلامية في الشرق أو دول البلقان.
إذن؛ هي حالة عالمية، تشبه ما يجري بين الناس من اعتداء وسرقة وانتهاك أعراض وغصب وظلم، ما لم يضبطه دين وشريعة أو قانون، فلا يمكن وجود المدينة المثالية الأفلاطونية، ومن ثم فلا بدّ لكل الأمم من أحكام وشريعة وقوانين تنظم حياتهم.
- قد يسارع القارئ ويقول تعليقاً على ما سبق: وكذا المسلمون احتلوا بلاد فارس والروم والقبط والبربر والشرق والغرب.
والجواب في الفقرة التالية:
2 - الجهاد في الإسلام قام على أسس تخالف جميع المناهج الأرضية الجاهلية، وهذا ليس مختصاً بالإسلام الذي جاء به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل هو شريعة الرسل من قبله ممن شرع لهم الجهاد في سبيل الله؛ كما جاء مفصلاً في القرآن.
وأهم هذه الأسس:
أ - أنه لإعلاء كلمة الله، وإقامة توحيده وحده لا شريك له والبراءة من الشرك وأهله، وكثيراً ما يأتي القيد في كتاب الله عند ذكر الجهاد والقتال والحث عليه ومدح أصحابه وبيان جزائهم عند الله - تعالى - بأنه في سبيل الله.
وقد فرَّق - تعالى - بين قتال المؤمنين وقتال الكافرين فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} [النساء: 67].
(يُتْبَعُ)
(/)
ب - أن أيَّ قتال وجهاد لا يكون في سبيل الله ولتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو جهاد للدنيا؛ أي: أنه ليس في سبيل الله، قال - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل للمغنم ويقاتل رياء أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله». بل جاء أن أول من تُسَعَّر بهم جهنم يوم القيامة ثلاثة: أحدهم مات في المعركة مجاهداً كما يزعم لكنه قاتل ليقال: جريء، فيقول الله له: كذبت، ثم يؤمر به إلى نار جهنم.
وعلى هذا فأيُّ قتال لدول أو لأفراد لا يراد به إعلاء كلمة الله فليس جهاداً في سبيل الله.
ج - أن تكون غاية الجهاد ونتائجه على أرض الواقع إقامة دين الله وتحكيم شريعته، قال - تعالى -: {الَّذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: 14].
إذاً؛ ليس الجهاد لأجل طغيان قوم على قوم أو تنفيذ قوانين أمة ونُظمها على أمة أخرى، وإنما هو لإقامة حكم الله على الجميع.
د - الانضباط والتقيُّد بأحكام الله - تعالى - في الجهاد في سبيل الله قبل المعركة وأثناءها وبعدها، وهي آداب وضوابط لا يوجد لها مثيل في أنظمة العالم كله ولن يوجد.
والشاهد التاريخي يشهد بكل وضوح كيف كان جهاد المسلمين الأوائل وكيف حال البلاد التي فتحوها، حيث أخرجوهم من الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الجور إلى عدل الإسلام، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام.
وقد شهد بذلك أصحاب البلاد المفتوحة حيث فضَّلوا المسلمين على من كان قبلهم من حكَّامهم، وفتحوا للمسلمين بلدانهم وقلوبهم، ودخلوا في دين الله أفواجاً بلا إكراه.
هـ - والجهاد له غاية وهي إزالة الطواغيت الذين يصدون عن الحق، فإذا ما تحقق ذلك رجعت الأمة إلى السلم والإسلام والإيمان.
3 - الجهاد شريعة الله التي شرعها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن اتَّبعه من المؤمنين إلى يوم القيامة، ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق تجاهد في سبيل الله حتى يأتي أمر الله - تعالى - كما جاء بذلك الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبناء على ذلك؛ فحكمه قائم وباقٍ ولا يملك أحد له إلغاءً أو تأويلاً أو ادِّعاءَ نسخ، أو أنه لعصور سابقة ولا يصلح لعصرنا الحاضر، ونحو ذلك مما يزعمه تلامذة الاستعمار وعبدة الغرب من العَلْمانيين المعاصرين وأذنابهم أو يتأثر بهم من أصحاب الاتجاهات العقلانية المهزومة فكرياً.
4 - إذا تبيَّن ما سبق فخلاصة جواب السؤال:
أ - مسألة التصادم وصدام الحضارات سيأتي الحديث عنها (في جواب السؤال السابع).
ب - ومسألة حرية المعتقد لها تفصيل مرتبط بأحكام شرعية مفصلة في كتب الجهاد وغيرها، والإسلام جاءت أحكامه بإبقاء أهل الذمة من أهل الكتاب على معتقدهم في غير جزيرة العرب بشروط ذكرها العلماء، حيث تكلموا عنها وعن أحكام الردة.
وشواهد التاريخ كثيرة في أن اليهود والنصارى لم يجدوا أحسن حكماً وأَرْأف من المسلمين لما كانوا مطبِّقين لدينهم وأحكام شريعتهم.
ج - ليس مفهوم الجهاد هو أساس التصادم - بالمفهوم الغربي المعاصر - الذي هو الحروب المدمرة التي لا تبقي ولا تذر دون أن يكون له غاية إلا حب التسلُّط والقضاء على الآخرين وإذلالهم.
وإنما مفهوم الجهاد هو أساس التوحيد والإيمان والرحمة بالخلق ونشر الأمن والحياة المستقرة وإسعاد البشر في الدنيا والآخرة.
نعم؛ مفهوم وشريعة الجهاد تصادم رؤوس الكفر والطواغيت ومن شايعهم - كما سبق - والله أعلم.
ـ[ابو نذر الرحمان]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 01:31]ـ
- البيان -: ينظر بعضهم إلى أيديولوجية صدام الحضارات ذات الصدى في الأوساط الأكاديمية بأنها هي التي تحول دون المقاربة السليمة للعالم الإسلامي مع الغرب؛ فما رأيكم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - هذا السؤال مع السؤال السابق حول الجهاد وهل مفهومه أساس التصادم يوحي برأي ربما تداولته بعض الكتابات حول هذا الموضوع؛ خلاصته: أن المشكلة القائمة في العالم اليوم بين الشرق والغرب، أو بين العالم الإسلامي والعالم الغربي؛ إنما نشأت بسبب المتطرفين من الطرفين؛ من المسلمين الذين ينطلقون من شريعتهم ومنها الجهاد في سبيل الله، ومن الغربيين الذين يغذون الصراع من خلال نظرية صدام الحضارات حيث يؤطِّرون القضية من خلال دراسات أكاديمية توحي بهيبة البحث والتحليل.
ونتيجة هذا الرأي الحالم أننا لو سلمنا من هؤلاء وهؤلاء لعاد السلام والتعايش والوئام بين أمم الأرض؛ ومنهم المسلمون والغرب، ولساد العالم التعاون والرخاء وإسعاد هذا الإنسان على وجه هذه الأرض .. إلخ.
ويكفي في التعليق على هذا أنه رأي حالم ومثالي وخيالي.
2 - نظرية صدام الحضارات التي كُتب عنها كثيراً واشتهرت باسم من ألَّف فيها كتاباً وهو (هنتنجتون) - كما هو معروف -؛ نظريةٌ كَثُر الكلام والجدل حولها في الغرب والشرق. ولا يمكن في هذه العجالة أن نشير إلا إلى خطوط عريضة تفيدنا في الجواب عن السؤال فقط.
وقد وقفتُ عند مفارقة عجيبة في التعامل مع هذه النظرية بين الغرب والشرق - أعني: المسلمين -:
1 - حيث استغلّ هذه النظرية سَدَنة الغرب وكثير من قادة الفكر والسياسة وغيرهم، وعلى رأس هؤلاء أصحاب العقيدة الأصولية الإنجيلية المتحدة مع الصهيونية في أمريكا وأوروبا، حيث تبنَّوْا ما في هذه النظرية من زعم بأن الإسلام وحضارته هما الخطر، وأنه لا بدّ من الصدام مع المسلمين، ولا خيار إلا التعجيل بهذا الصدام.
وهذا ما وقع ونُفِّذ فعلاً في حرب الخليج الأولى والثانية وحروب البلقان، ثم بعد أحداث سبتمبر 2001م وغزو أفغانستان والعراق، والصومال - عن طريق الوكلاء الإثيوبيين - ولا تزال المعركة على أشدِّها إلى اليوم؛ حيث امتدت إلى حرب عقدية وأخلاقية تدخل بلاد المسلمين كافة؛ حيث شمل الصدام والحرب الاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافية والنُّظم والتعليم والمرأة وفوق ذلك الدين والعقيدة والإيمان والشريعة - كما سبق - حتى أصبح كثير من هذه الدول ممن لا حول له ولا قوة إلا ما أراده الصليبيون.
2 - يقابل ذلك هلع من بعض المسلمين من هذه النظرية - نظرية صدام الحضارات - حيث انتقدها هؤلاء، وشنَّعوا عليها، وحزنوا أشدّ الحزن؛ لأنها صدرت عن البلاد الغربية الديمقراطية التي تقود العالم إلى الحضارة والرقي، وبادر هؤلاء إلى الدفاع عن أنفسهم وعن الإسلام الذي يُنسبون إليه شاؤوا أو أبوا، وانقسم هؤلاء إلى فئات:
فئة: انتهزت الفرصة لتنتقم من الإسلام وحَمَلَته، فشنَّت حَمْلَة شعواء على الإسلام والأصولية والتطرف الكامن فيه، وقادوا حملة عَلْمانية ضد الإسلام تفوق عَلْمانية الغرب عدة مرات، واستعانوا بالغرب على ذلك.
وفئة: هالها الهجوم على الإسلام فتراجعت ونكصت على عقبيها تتبرَّأ من كثير من أُسسه وثوابته العقدية والشرعية، وانبرت مستخدمة ما عندها من خلفية ثقافية - وشرعية أحياناً - لتُعْمل في الإسلام التأويل والتحريف والإنكار.
وهذا ما فعلته الفئات التي تطلق على نفسها التنويرية والعقلانية، المنتسبة إلى الإسلام.
وفئة: صار همها أن تحافظ على كيانها ومصالحها؛ فأصبحت تنفِّذ ما يريده الغرب منها، ولو على كرهٍ منها في بعض الأحيان.
ويقابل هؤلاء من انطلق في تحليله لهذه النظرية ولما صحبها من الهجوم الصليبي على المسلمين؛ من خلال أسسه وثوابته العقدية والشرعية المنطلقة من الكتاب والسنة ومنهاج السلف الصالح، مع دراسة الواقع: واقع الغرب وأهدافه وحضارته وواقع المسلمين وتفرُّقهم وضعفهم؛ فأظهروا الرأي السديد والمنهج الشرعي الرشيد ونصحوا أنفسهم وقومهم وبيَّنوا أسس النهوض بهذه الأمة في المجالات كافة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهؤلاء - والحمد لله - ليسوا قلة، بل هم كثيرون في بلدان المسلمين كافة وصوتهم مسموع وجماهير المسلمين المسلمة إنما تسمع لهم؛ خاصة بعد أن فُضح الغرب في دعاويه وأكاذيبه: في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبعد أن فُضح المدّ العَلْماني في بلاد المسلمين حيث فشل في أن يقدِّم للمسلمين أيَّ مشروع للنهوض بالأمة؛ ففشلت مشاريعه الأممية الشيوعية، كما فشلت مشاريعه القومية، وأخيراً فشلت مشاريعه التي يسوقها من بلاد الغرب؛ لأن أسياده فشلوا وفُضِحوا. وكذلك بعد أن فُضِحت الاتجاهات التنويرية والعقلانية؛ حيث انكشف عوارها وشكها وتأرجحها وتبعيتها للمناهج العَلْمانية والاستشراقية والتنصيرية؛ فأصبح يصدق عليهم أنهم في مشروعهم: (لا للإسلام نصروا، ولا للغرب الصليبي كسروا).
3 - خلاصة ما أراه حيال نظرية صدام الحضارات يقوم على أساسين:
أحدهما: أن هذه النظرية صحيحة من جهة الصراع بين الكفر والإسلام، حيث إن الإسلام بتوحيده وعبوديته لله والإيمان بأركان الإيمان الستة، وما ينبثق عن ذلك من شريعة ونظام حياة؛ لا بدّ أن يصطدم بالغرب الصليبي الكافر العابد لغير الله والخاضع لشريعة الطاغوت.
والحضارة والثقافة الإسلامية بأُسسها وثوابتها تصطدم بحضارة الغرب بأُسسها وثوابتها.
وهذا الصراع أو الصدام هو حكم رباني جاء به الأنبياء جميعاً، ونصوص الكتاب والسنة قائمة على هذا الفرقان بين الحق والباطل، والأدلة حاسمة في هذا الباب. قال - تعالى - عن الكفار: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 712]، وقال - تعالى -: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 021]، ونصوص السنة الصحيحة جاءت مبيِّنة أن القتال مع اليهود والنصارى سيبقى حتى يخرج الدجال وينزل عيسى بن مريم؛ عليه الصلاة والسلام.
وإنني أقول بكل وضوح: إنه لا مهرب من هذا الصراع أو الصدام بين المسلمين والكفار من الغرب الصليبي - ونحوهم - حتى لو أُنشئت مئات المنظمات العالمية ووقَّع عليها الزعماء كافة، ودبج المثقفون والمفكرون من الطرفين عشرات البيانات للتعايش والوئام؛ إذا لم يجمعهم التوحيد والإسلام الذي جاء به خاتم الرسل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ومن المعلوم أن الشرك وعبادة غير الله لا يمكن أن يلتقيا مع التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له، كما أن من كفر بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد كفر ببقية الرُّسُل؛ لأن الإيمان بهم جميعاً متلازم.
الثاني: هناك منطلقات وفروع لهذه النظرية غير مسلَّم بها، ويجب الاعتراض عليها، ومن ذلك:
أ - الإيحاء بأن الصراع أو الصدام إنما هو مع حضارة الغرب في جانبها المادي والتقني، والزعم بأن الإسلام يعادي الحضارة؛ لأنها تقدُّم وحضارة.
وهذا كذب على الإسلام وفرية. وقد توسَّع عدد كبير من الكتّاب الإسلاميين في بيان ذلك والرد على الغرب ودهاقنته في مجال الفكر من المستشرقين والمنصِّرين وأذنابهم من العَلْمانيين في بلاد المسلمين.
وهي من الوضوح بحيث أصبح الحديث عنها مكرراً مملاً.
ب - أيضاً الإيحاء بأن الإسلام يحقد على الغرب حسداً منه، أو خوفاً من الحضارة واكتشافاتها ونحو ذلك، وهذا فيه ما فيه من البهت؛ حيث ما من مسلم صادق إلا وهو يفرح ويتمنى لو أن الغرب وغيرهم أطاعوا الله وعبدوه وحده لا شريك له، وهم على ما هم عليه من القوة والسلطان. والمسلمون ليس عداؤهم شخصياً للغرب، وإنما هو الولاء والبراء في الله، هكذا علَّمهم دينهم، وهكذا تلقَّوا عن نبيهم نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم -.
ج - استغلال هذه النظرية لشنِّ حملة على الإسلام وعلى المسلمين وتصوير المسلمين بأنهم إرهابيون أصوليون متطرفون معادون للحضارة؛ لأنهم ضد الحضارة، ولأنهم متخلِّفون عن ركب العالم الذي هو الغرب بعولمته.
د - حصر الصدام بأنه مع المسلمين فقط، بينما يصطرع العالم قديماً وحديثاً صراعات مادية أساسها اختلاف المناهج وبسط النفوذ، والشواهد على ذلك كثيرة، منها:
- الحرب العالمية الأولى والثانية كانت بين دول أوروبية نصرانية، وقد أزهقت ملايين الأنفس ودمَّرت بلداناً ومدناً بأكملها.
(يُتْبَعُ)
(/)
- قامت الشيوعية في روسيا وامتدَّ نفوذها إلى عدد كبير من البلدان الإسلامية التي أُدخلت بالقوة والحديد ضمن الحكم الشيوعي؛ كما هو معلوم.
- الصراع بين الشرق والغرب تحت مسمى: الصراع بين الشيوعية والرأسمالية، وكل منهما ماديّ عَلْماني ملحد، وقد استمرت الحرب الباردة عشرات السنين وكادت أن تتحول إلى حرب حقيقية بينهما في عدة مناسبات؛ منها: أزمة خليج الخنازير المعروفة.
- وبوادر الصرع مع الصين قائمة اليوم والله أعلم بما ستؤول إليه.
ومع هذا كله تجد نظرية صدام الحضارات تحولت إلى نظرية أيديولوجية ضد الإسلام؛ والإسلام فقط.
4 - أخيراً: لا شك أن نظرية صدام الحضارات تؤجج الصراع، وقد قُصِد منها ذلك، واستُخدمت لهذا الغرض، فحالت دون نوع من المقاربة للعالم الإسلامي مع الغرب والتي قد يسعى إليها فئام من الطرفين؛ من المسلمين، ومن الغرب المنصفين الذين قد لا يحملون عداءً محدداً للمسلمين.
أما رأيي في هذه المقاربة وإن وصفت بأنها مقاربة سليمة؛ إلا أنها صعبة المنال في ظل قوة الغرب وجبروته وغطرسته وسياسة الإخضاع لعولمته:
أ - العسكرية.
ب - السياسية.
ج - الاقتصادية.
د - التقنية.
هـ - الفكرية والعقدية والثقافية.
والتي يوجهها للعالم أجمع، ولكن يركز في تطبيقها وتسويقها - ولو بالقوة - على العالم الإسلامي وعلى المسلمين في كل مكان نظراً لإدراكه أن الخطر عليه قادم من الإسلام.
وفي المقابل؛ فالمسلمون لن يتخلَّوا عن إسلامهم ودينهم لأجل الغرب أو خوفاً منه، وهم وإن كانوا ضعفاء مادياً وفيهم من يسعى جاهداً للارتماء في أحضان الغرب مهما كان الثمن؛ إلا أن علماءهم ودُعاتهم ورجالهم وأهل الرأي فيهم - ومعهم عامة المسلمين - يرفضون الخضوع والاستسلام للغرب، مهما كان ثمن هذا الرفض، والله معهم وهو مولاهم؛ فنعم المولى ونعم النصير.
- البيان -: رفض بعض المسلمين المؤسسات الدولية العامة مثل: الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية ونحوهما .. هل هذا الرفض سيعيق حوار الحضارات، أم هو جزء من حرية المشتركات الإنسانية؟
1 - المؤسسات الدولية اليوم وعلى رأسها الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها؛ أصبحت - فيما آلت إليه - مرفوضة من عموم المسلمين إلا القليل، وسبب ذلك معلوم ومشاهد ولا يحتاج إلى بحث واستدلال بحيث أصبحت لا يوثق بها، بل الأمر أدهى وأمرّ؛ فقد أصبحت سيفاً مصلتاً على رقاب المسلمين وبلدانهم في أية قضية من قضاياهم.
وهذه المؤسسات العالمية منذ تأسيسها إنما قامت من أجل مصالح الغرب وهيمنته على ما يسمونه بدول العالم الثالث وعلى رأس هذا العالم الثالث العالم الإسلامي.
- فمن الذي وراء هذه المنظمات ويتحكم فيها؟
- وكيف تصدر قرارات نظام مجلس الأمن الجائر؟ ولمن؟ وعلى من؟
- وغزو أفغانستان والعراق وغيرهما تباركه المنظمات الدولية، وإن اعترضت بعض المنظمات فإنما هو اعتراض على الممارسة، ويأتي بصوت خافت.
- وما موقف الغرب ومنظماته مما عملته دولة اليهود؟
- وأنظمة التعليم العالمي تحت مظلة اليونسكو تُدار بنُظم غربية عَلْمانية ويُرغم المسلمون على تطبيقها في تعليمهم.
- ومؤتمرات السكان والمرأة وغيرها هي حرب عالمية على الفضيلة ونشر للرذيلة، ومن ثم إرغام الدول الإسلامية على السير في هذا الركب القذر.
- وفضيحة الكيل بمكيالين أصبحت على كل لسان.
2 - ولهذا أقول: يحق للمسلمين كافة رفض هذه المؤسسات الدولية؛ لأنها مؤسسات مفضوحة كما سبق، ولأن الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه وثقافته هو المستهدف.
ولا شك أن هذا الرفض سيعيق حوار الحضارات. وسبب الإعاقة جاء من الغرب أولاً؛ لأنه يريد حوار الاستسلام والخنوع والخضوع.
3 - وكثير من أنظمة تلك المؤسسات العالمية على مستوى التنظير - وإن كان على مستوى التطبيق تتخذ أبعاداً استعمارية بشعة - فيها كثير مما يخالف شريعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويخالف شريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في عقيدته وأحكام دينه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كانت السياسة الشرعية في التعامل مع هذه الدول وتلك القوى والمؤسسات مما تضبطه قواعد الشريعة وأسسها حسب حال المسلمين قوة وضعفاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها بعد تقواها لربها تبارك وتعالى؛ إلا أن الأمر زاد على حدّه في سعي تلك المؤسسات العالمية لنشر الإلحاد، وحرب التدين، والاعتداء على خصوصيات الأمم في شريعتها وأحكام دينها، وتجاوزت في باب الأخلاقيات تحت مسمى المساواة بين الرجل والمرأة والحرية حدَّ ما هو متفق عليه بين العقلاء قبل أن يكون هناك دين وشريعة، وتسويق الرذيلة والشذوذ وحرب الحشمة ومعاداة من يعارض هذا كله.
وهذا ما لا يقبله عقلاء الأمم فضلاً عن أمة الإسلام أمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وبناء على ذلك؛ فلنحذر من أن نصنِّف من يعترض على هذه الأمور بأنه ضد العالم كله وأنه شاذ مارق .. إلخ؛ فالمسألة مفضوحة سياسياً ومكشوفة أخلاقياً وهي مصادمة لديننا وثوابتنا.
- البيان -: هل الحاجز النفسي الذي تقيمه الأديان لحماية أتباعها من الذوبان في غيرهم يُعدُّ عائقاً لحوار الحضارات؟
1 - الجواب في الجملة: نعم! والأمر طبيعي، خاصة في ظل حوار الحضارات القائم على عولمة الغرب في ثقافته وأخلاقه ونُظمه.
ومع التلاقي السياسي والعسكري والاستراتيجي بين أوروبا وأمريكا مثلاً؛ إلا أن بعض دول أوروبا ترفض عولمة أمريكا، وهذا مشاهَد وقائم في ألمانيا، وفرنسا، واليابان أيضاً. وإنما ذكرت العولمة لأن أساس حوار الحضارات فكري وثقافي وأخلاقي ونُظم حياة قبل أن يكون سياسياً وعسكرياً.
فإذا كانت هذه حال من يسير في ركب الغرب وسياساته؛ فكيف بالأمم الأخرى التي لا ترى من الغرب إلا استعماراً وتدخُّلاً في شؤونها؟ ثم كيف بالمسلمين الذين نالهم النصيب الأوفر من عِداء الغرب وحربه وتدخّلاته في بلادهم وشؤونهم؟
2 - الإسلام يختلف عن الأديان والمِلَل الأخرى الكافرة؛ لأن تلك الأديان محرَّفة، ولا ضيرَ عندها في أن تغيِّر دينها وشريعتها، وأن تقتبس من غيرها ما تشاء، بناء على أنها ديانات قابلة للتطوير والتحوير وإن كان هذا صعباً في بعض الأحيان.
أما الإسلام فهو دين محفوظ وقائم، أسسه ومصادره من الكتاب والسنة قائمة كالجبال الراسيات؛ فلا يملك أحد ولا يستطيع لها تغييراً ولا تبديلاً، وكل المحاولات من هذا النوع منذ بعثة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - باءت بالفشل الذريع. والمحاولات المعاصرة التي تقوم بها دوائر الاستعمار والاستشراق والاستخبارات في الغرب بجهود وضغوط منها وباستخدام العَلْمانيين أو الليبراليين أو مَنْ دونَهم من أصحاب الأهواء من الفرق الإسلامية أو أصحاب الاتجاهات التنويرية ونحوها في بلاد المسلمين، وتجييش ذلك كله لإخضاع الإسلام وتغيير أصوله وقواعده وشريعته؛ باءت كلها وستبوء بالفشل الذريع.
3 - أرى أن نقوم - نحن المسلمين - بحماية أمتنا من ذلك الذوبان ولو على حساب ضعف حوار الحضارات وما أشبهه، لكن على ألا ننسى أن ديننا للعالم أجمع، وأن ديننا هو دين التوحيد والرحمة بالخلق، قال - تعالى - عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 701].
يضاف إلى ذلك أن نأخذ بأسباب القوة والرقي الحضاري النافع - ومسائله متاحة إذا صدقنا العزم والنية والعمل - حتى لا نكون عالة على غيرنا، وحتى نكون نحن الأقوى بعون من الله وتوفيقه، وفي هذه الحالة سنكون نحن الهداة - كما كانت أمتنا سابقاً - الذين يقدمون للعالم كله المبادئ والأسس والأصول التي تسعده.
- البيان -: هل لكم أن تقيِّموا تجربة حوار الحضارات خلال السنوات العشر الماضية من خلال اطِّلاعكم ورؤيتكم لمجريات الأحداث في الساحة العالمية؟
1 - الأجوبة السابقة فيها بيان لجزء كبير من تقويمي لما يُسمَّى بحوار الحضارات، وقد مرت مسائل وتساؤلات مهمة في هذا الباب.
2 - وخلاصة تقويمي لما جرى على ضوء الواقع كما يلي:
أ - لم يتم حوار حضارات حقيقي - على حدِّ علمي - وإنما هي محاولات ثقافية بين المثقفين هنا أو هناك، وحوارات مع النصارى في إيطاليا وغيرها بما يدخل تحت مسمى (التقارب بين الأديان) ونحو ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ب - الذي وقع ويمارس هو حوار حضارات من طرف واحد قوي مادياً متغلِّب مغرور، يريد إخضاع الحضارات الأخرى لنفوذه السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي والأخلاقي ... يقابل ذلك طرف أو أطراف ليس لها من الأمر شيء سوى أن تسمع وتطيع، أو تقول: لا؛ وعليها أن تتحمَّل العواقب.
ج - بيانات المثقفين في أوروبا وأمريكا الموجهة إلى المسلمين، وكذلك بيانات المثقفين في بلاد العرب والمسلمين الموجهة إلى الغرب؛ كانت كلها بيانات تثير التساؤلات أكثر مما تجيب عما ينبغي أن يكون عليه الواقع والعلاقة مع الغرب.
فبيان الأمريكان والغربيين ينطلق من الغرور الثقافي عندهم ويحمل الاتهامات للمسلمين ولدينهم.
وبعض بيانات العرب - خاصة التي تبنّاها جمع من العَلْمانيين والليبراليين العرب - أخذت طابع الدفاع والتنازلات عن مسلَّمات الدين والعقيدة، والبحث عن أُطر التقاء لا يمكن أن تروي غليلاً أو تشفي عليلاً.
ومن أحسنها مشروع البيان الذي قُدِّم إلى مؤتمر الكويت لتعظيم حرمات الإسلام، وللأسف لم يحظ بالقبول لدى بعضهم.
د - عنوان حوار الحضارات مع الغرب اليوم ما يجري في فلسطين - ومنها: غزة المحاصرة - وما جرى ويجري في أفغانستان والعراق والصومال، وما يجري كل يوم من ضغط على البلاد العربية والإسلامية لتنوب عن الغرب في حرب الإسلام وثوابته باسم حرب التطرف والإرهاب.
وأظن أن ما جرى خلال السنوات العشر الماضية وما سيجري لاحقاً زاد وسيزيد الأمر تعقيداً، ولذا فالتفاؤل بعيد عن تحقيق بعض ما يصبو إليه من يحسن الظن بتلك المحاولات.
هـ - إذا أُريد لحوار أن يتم وينجح فلا بد من توفر شروط؛ أهمها: الأسس والمنطلقات التي ينشأ عليها ويبنى عليها مثل هذا الحوار، وهذا في الحوارات الجزئية أو بين أتباع الدين الواحد.
أما حوار الحضارات بين الشرق والغرب فالأمر يحتاج إلى مرتكزات كبرى أساسُها اتِّباع الدين الذي رضيه الله - تعالى - للعالمين جميعاً وهو الإسلام الذي جاء به النبي الخاتم - صلى الله عليه وسلم -. والبشرية لن تجد استقراراً وأمناً وخروجاً من هذا المأزق الذي تعيشه الأمم إلا بذلك. ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ، وله الحكمة البالغة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[ابو نذر الرحمان]ــــــــ[27 - Jun-2009, مساء 12:36]ـ
يرفع للفائدة(/)
مستقر الأرواح بعد الموت 2
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 05:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مستقر الأرواح الخبيثة في حياة البرزخ
الأرواح الخبيثة في حياة البرزخ تكون في عذاب وضيق وغم
بعضها يعذب في فناء القبر وبعضها يعذب في النار وبعضها يعذب في أماكن أخرى أجارنا الله من ذلك!
*عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الموتى ليعذبون في قبورهم حتى إن البهائم لتسمع أصواتهم " رواه الطبراني في الكبير وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن صحيح
*عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار قال قلت من هؤلاء قالوا خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون " رواه أحمد وصححه شعيب الأرنؤوط.
*عن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا». قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ «إِنَّهُ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِى، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِى انْطَلِقْ. وَإِنِّى انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِى أَحَدَ شِقَّىْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ - قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ - قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ - قَالَ - فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِى النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِى ذَلِكَ الَّذِى قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ. .............. . قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِى رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِى أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِى. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِى النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، ..... ». رواه البخاري.
*وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في النار المرأة التي حبست الهرة حتى ماتت جوعا فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ورد ذلك في الصحيحين.
*ورأى صلى الله عليه وسلم عمرو بن عامر الخزاعي وهو أول من سيب السوائب رآه يجر قصبه أي أمعاءه في النار ورد ذلك في الصحيحين.
*ورأى أيضا في النار صاحب المحجن الذي كان يسرق الحجيج بمحجنه فإن فطن له قال تعلق بمحجني وإن لم يفطن له ذهب به ورد ذلك في صحيح مسلم.
*وبعض الشهداء يعذب في حياة البرزخ على ذنب ارتكبه فإن حقوق العباد لا تغفر للشهيد
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى خَيْبَرَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ وَرِقًا غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الْوَادِى وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَبْدٌ لَهُ وَهَبَهُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُذَامٍ يُدْعَى رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ مِنْ بَنِى الضُّبَيْبِ فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِىَ قَامَ عَبْدُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَحُلُّ رَحْلَهُ فَرُمِىَ بِسَهْمٍ فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ فَقُلْنَا هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كَلاَّ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ». قَالَ فَفَزِعَ النَّاسُ. فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» متفق عليه.
كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين
www.salafien.com (http://www.salafien.com)(/)
عدل الله ورحمته وتنزهه عن الظلم
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 06:15]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من عدل الله سبحانه وحكمته أنه لا يعذب أحدا إلا بذنب ولا ينقص أحدا من حسناته ولا يعطي أحدا من سيئات غيره ولا يكلف نفسا إلا ما تقدر عليه ولا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه.
قال ابن كثير في تفسيره:"وقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} [طه] لما ذكر الظالمين ووعيدهم، ثنى بالمتقين وحكمهم، وهو أنهم لا يُظْلَمُون ولا يُهضَمون، أي: لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم. قاله ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والحسن، وقتادة، وغير واحد. فالظلم: الزيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره، والهضم: النقص".
وقال ابن كثير -أيضا- في تفسيره قوله تعالى:
" {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيد} ِ [فصلت:46]:"يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} أي: إنما يعود نفع ذلك على نفسه، {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} أي: إنما يرجع وبال ذلك عليه، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} أي: لا يعاقب أحدا إلا بذنب، ولا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه".
وجاء في تفسير ابن كثير- أيضا-:
"وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} أي: لا يكلف أحدًا فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم".
وجاء في الحديث القدسي:
"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"رواه مسلم.
والظلم الذي حرمه الله على نفسه هو وضع الشيء في غير موضعه اللائق به الموافق للحكمة.
عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب فقلت له وقع في نفسي شىء من القدر فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي قال لو أن الله عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لدخلت النار قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك قال ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك قال ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه و سلم مثل ذلك ". رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم " لو أن الله عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم" لعذبهم بغير ذنب فإن الله سبحانه منزه عن الظلم قد حرمه على نفسه فلا يمكن أن يعذب أحدا بدون ذنب لكمال عدله سبحانه ولكن معنى الحديث لعذبهم على تقصيرهم في حقه فإن كل أحد في السموات والأرض مقصر في حق الله تعالى وشكر نعمه فإن العبد مهما عمل لا يمكن أن يقابل القليل من نعم الله فما بالك بها كلها وقبول الله توبة عبده إذا أذنب إحسان منه فلو أن الله سبحانه لم يقبل التوبة من عبده وطالبه عند محاسبته بمقابلة كل نعمه بالشكر الموازي لها فسيكون حينئذ مستحقا للعذاب فلو عذبه الله بسبب ذلك لم يكن ظالما ولكن سبحانه يعامل عباده برحمته وقد جعل الإيمان والعمل الصالح سببا لنيل رحمته.
فدخول الجنة يكون بسبب العمل الصالح لا ثمنا له وعوضا عنه.
لذلك قال تعالى: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} [الأعراف]. وفي مسند أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: لا يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة وفضل ووضع يده على رأسه" صححه شعيب الأرنؤوط وفي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ " مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ". فَقِيلَ وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ " وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى رَبِّى بِرَحْمَةٍ ".
فأثبتت الآية الكريمة أن دخول الجنة يكون بسبب الأعمال وأثبت الحديث الشريف أن دخول الجنة ليس عوضا عن العمل. لأن نعمة واحدة من نعم الله كالبصر أو التنفس تفوق كل عمل يعمله العبد فما بالك بسائر نعم الله التي لا تحصى ولا تعد.
فدخول الجنة يكون برحمة الله بسبب العمل الصالح لأن عمل العبد لا يعادل نعم الله عليه فيبقى عنده تقصير في شكر نعمه يستحق عليه العذاب قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق].
قال ابن كثير - رحمه الله-"أي: سهلا بلا تعسير، أي: لا يحقق عليه جَميعُ دقائق أعماله؛ فإن من حوسب كذلك يهلك لا محالة".
عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ". قلت: أو ليس يقول الله: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} فقال: " إنما ذلك العرض ولكن من نوقش في الحساب يهلك ". متفق عليه.
كتبه أبو معاوية غالب الساقي(/)
ثقافة التلبيس (17): تقسيم أهل السنة إلى " حنابلة - أشاعرة - ماتريدية " .. !
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[25 - Apr-2009, صباحاً 08:20]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- هذا التلبيس ينسب أصحابه عقيدة أهل السنة والجماعة لـ" الحنابلة " فقط! ثم يجمعون بينهم وبين " الأشاعرة والماتريدية " تحت مسمى " أهل السنة والجماعة "!
- وهذا التلبيس يقع فيه ثلاثة أصناف:
الأول: بعض الأشاعرة والماتريدية، بهدف إقحام عقيدتهم " البدعية " ضمن عقيدة أهل السنة؛ لعلها تروج بين المسلمين، أو لعل هذا يزيل الحرج الذي يجدونه في صدورهم عندما يوصمون بالبدعة.
الثاني: بعض أهل السنة - للأسف -، ممن يسوؤهم تفرق الأمة الإسلامية إلى " سنة "، و" أشاعرة .. "، فيسعون – باجتهاد خاطئ - إلى هذا التلبيس؛ لـ" جمع " كلمتها، فيدَّعون أن أهل السنة ينقسمون إلى " أشاعرة وماتريدية وحنابلة "! فالجميع متساوون في الحق، فلا يُثرّب أحد على أحد!. يظنون أنهم بهذا " التلبيس " والحل الخيالي يجمعون كلمة الأمة، فيقعون فيما نهى الله عنه بقوله: (ولاتلبسوا الحق بالباطل)، ويغشون الأمة؛ حيث يزهد السني في دعوة المبتدعة إلى السنة، ويبقى المبتدع على بدعته؛ لظنه – بسبب تلبيسهم – أنه على الحق.
ثم نهاية " تجميعهم " أن تصبح الأمة كما قال الله: (تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى). أوكما قال الشاعر:
فان الجُرح ينفر بعد حينٍ
إذا كان البناءُ على فسادِ
وهذا الصنف أكثر مايوجد في عصرنا الحاضر في بعض دعاة جماعة الإخوان المسلمين، ومن تأثر بمنهجهم من " الدعاة " الذين تتمحور دعوتهم حول " التجميع " و " التركيز على الحاكمية " ..
الصنف الثالث: مقلد. رأى هذا التقسيم الخاطئ في كتب من سبقه، فسار عليه.
نماذج ممن وقع في هذا التلبيس قديمًا وحديثًا:
" العين والأثر " لعبد الباقي المواهبي الحنبلي، (ص 52)، والسفاريني في " لوامع الأنوار "، (1/ 73)، و" المذاهب الفقهية الأربعة "؛ لأحمد تيمور، (ص 95)، و " تاريخ المذاهب الإسلامية "؛ للشيخ محمد أبوزهرة، (ص 103)، و " هكذا ظهر جيل صلاح الدين "؛ للدكتور ماجد الكيلاني، (ص 43)، و " العقيدة وعلم الكلام "؛ للدكتور محمود الخالدي، (ص 71)، و" شرح كتاب التوحيد "؛ للشيخ الددو، و " المنهجية العامة في العقيدة .. "؛ لعبدالفتاح اليافعي، (ص 22). ورسالة " أسس الاتفاق والاختلاف في قضايا أصول الدين بين متكلمي الحنابلة والأشاعرة .. "؛ لمشعل الضفيري ... وغيرهم.
كشف هذا التلبيس:
أن يُقال: الإمام أحمد - رحمه الله -، والحنابلة من بعده، ليس لهم أي اختصاص عن غيرهم من أهل السنة بعقيدة. فالإمام أحمد والإمام أبوحنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي – رحمهم الله – جميعهم على عقيدة واحدة هي عقيدة أهل السنة. وإنما اشتهرت نسبة عقيدة أهل السنة لأحمد؛ لموقفه المشرِّف زمن المحنة أيام الخليفة العباسي المأمون ومن بعده. وإلا فلا تميز له عن غيره من أئمة أهل السنة في العقيدة.
ولأجل أن " التلبيس " السابق كان رائجًا زمن شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقد أبدأ فيه وأعاد، وأطال القول؛ لكشفه. ومن أقواله:
قال - رحمه الله -: " وأحمد وغيره من علماء أهل السنة والحديث مازالوا يعرفون فساد مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة، ولكن بسبب المحنة كثر الكلام، ورفع الله قدر هذا الإمام فصار إمامًا من أئمة السنة وعَلمًا من أعلامها؛ لقيامه بإعلامها وإظهارها، واطلاعه على نصوصها وآثارها، وبيانه لخفي أسرارها، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيًا. ولهذا قال بعض شيوخ المغرب: المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد. يعنى أن مذاهب الأئمة في الأصول مذهب واحد. وهو كما قال ". "منهاج السنة "، (2/ 605 - 606).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال - أيضًا -: " الإمام أحمد رحمه الله لما انتهى إليه من السنة، ونصوص رسول الله، أكثر مما انتهى إلى غيره، وابتلي بالمحنة، والرد على أهل البدع، أكثر من غيره؛ كان كلامه وعلمه في هذا الباب أكثر من غيره، فصار إمامًا في السنة أظهر من غيره، وإلا فالأمر كما قاله بعض شيوخ المغاربة العلماء الصلحاء، قال: المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد بن حنبل. يعنى أن الذي كان عليه أحمد عليه جميع أئمة الإسلام "." الفتاوى "، (3/ 170).
وقال - أيضًا -: " والاعتقاد إنما أضيف إلى أحمد؛ لأنه أظهره وبينه عند ظهور البدع، وإلا فهو كتاب الله وسنة رسوله، حظ أحمد منه كحظ غيره من السلف: معرفته والإيمان به وتبليغه والذب عنه، كما قال بعض أكابر الشيوخ: الاعتقاد لمالك والشافعي ونحوهما من الأئمة، والظهور لأحمد بن حنبل ... "." درء التعارض "، (2/ 327).
وقال – أيضًا -: " ولهذا ما زال كثير من أئمة الطوائف: الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وإن كانوا في فروع الشريعة متبعين بعض أئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين، فإنهم يقولون: نحن في الأصول أو في السنة على مذهب أحمد بن حنبل، لا يقولون ذلك لاختصاص أحمد بقول لم يقله الأئمة، ولا طعنًا في غيره من الأئمة بمخالفة السنة، بل لأنه أظهر من السنة التي اتفقت عليها الأئمة قبله أكثر مما أظهروه، فظهر تأثير ذلك لوقوعه وقت الحاجة إليه، وظهور المخالفين للسنة، وقلة أنصار الحق وأعوانه، حتى كانوا يشبهون قيامه بأمر الدين ومنعه من تحريف المبتدعين المشابهين للمرتدين بأبي بكر يوم الردة وعمر يوم السقيفة وعثمان يوم الدار وعلي يوم حروراء ونحو ذلك مما فيه تشبيه له بالخلفاء الراشدين فيما خلفت فيه الرسل وقام فيه مقامهم، وكذلك سائر أئمة الدين كلٌ منهم يخلف الأنبياء بقدر ما قام به من ميراثهم وما خلفهم فيه من دعوتهم، والله يرضى عن جميع السابقين الأولين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ". " بيان تلبيس الجهمية "، (2/ 91 – 92).
بقي أن يُقال:
1 - المذهب " الحنبلي " و " الحنفي " و " المالكي " و " الشافعي "، هي مجرد مذاهب " فقهية " داخل إطار " أهل السنة "، كغيرها من المذاهب " الفقهية " " السنية " التي اندثرت؛ كمذهب الأوزاعي أو الليث بن سعد أو غيرهم من أئمة أهل السنة.
2 - قد تجد في المنتسبين " فقهيًا " للمذاهب السابقة – خاصة من المتأخرين - من هو " سني " العقيدة، موافق لأئمة تلك المذاهب. وقد تجد من هو بدعي العقيدة " أشعري أو ماتريدي "، فهذا قد خالف الأئمة الأربعة في عقيدتهم السنية. ومثله يُقال له ما قاله الإمام السمعاني الشافعي: " فلا ينبغي لأحد أن ينصر مذهبه – أي الشافعي – في الفروع، ثم يرغب عن طريقته في الأصول ". " فصول من كتاب الانتصار لأصحاب الحديث "؛ للسمعاني، (ص 9).
فأهل السنة قد تجد فيهم " الحنبلي " و " الحنفي " و" المالكي " و " الشافعي ".
والأشاعرة والماتريدية قد تجد فيهم " الحنبلي " و " الحنفي " و" المالكي " و " الشافعي ".
3 - يُنصح - للمزيد - بهذه الرسائل:
- (منهج الإمام مالك رحمه الله تعالى في إثبات العقيدة)؛ للشيخ سعود بن عبدالعزيز الدعجان.
- (منهج الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في إثبات العقيدة)؛ للشيخ محمد بن عبدالوهاب العقيل.
- (عقيدة الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رحمه الله تعالى)؛ للشيخ محمد الخميِّس.
- (اعتقاد الأئمة الأربعة: أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد)؛ للشيخ محمد الخميِّس.
حمل رسالة (أصول الدين عند الأئمة الأربعة واحدة)
للدكتور ناصر القفاري
http://kabah.info/uploaders/norh/asol.pdf (http://kabah.info/uploaders/norh/asol.pdf)
الحلقات السابقة من (ثقافة التلبيس)
ثقافة التلبيس (16): تعظيم الفلسفة والمطالبة بتدريسها
ثقافة التلبيس (15): (مصطلح التنوير)
ثقافة التلبيس (14): الوسطْ .. الغلطْ
ثقافة التلبيس (13): عدم تكفير اليهود والنصارى .. !
ثقافة التلبيس (12): خلطهم بين الحب الشرعي للوطن والحب الوثني!
ثقافة التلبيس (11): قولهم: لابد من فتح المجال لجميع المذاهب في السعودية!!
ثقافة التلبيس (10): مصطلح: " الآخر " .. !
ثقافة التلبيس (9): قولهم بـ (نسبية الحقيقة)
ثقافة التلبيس (8): (مصطلح: الإسلام السياسي)
ثقافة التلبيس (7): الإسلام دين العدل لا المساواة
ثقافة التلبيس (6): مصطلح التسامح
ثقافة التلبيس (5): مدح الاختلاف بين المسلمين وتسويغه
ثقافة التلبيس (4) " المجتمع المدني " الموضة الجديدة لأصحاب " اللحى الليبرالية "
ثقافة التلبيس (3): مصطلح (الحياد)
ثقافة التلبيس (2): مصطلح (الإصلاح)
ثقافة التلبيس (1): مصطلح "أهل القبلة"! ..
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/thkafa.htm (http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/thkafa.htm)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد العزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 03:11]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم.
ومحاولة التلبيس قديمة خاصة في زمان انتشار السنة.
قال ابن تيمية _في مناضرة الواسطية_ " ولما رأى الإمام ممالأتهم , وتعصبهم, ورأى قلة العرف الناصر, وخافهم قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد, فتقول هذا اعتقاد أحمد, يعني والرجل يصنف على مذهبه فلايعترض عليه, فإن هذا مذهب متبوع, وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.
فقلت: ماجمعت إلاعقيدة السلف الصالح, ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم , ولو قال أحمد من تلقاء نفسه مالم يجئ به الرسول لم نقبله, وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم" {الفتاوى3/ 169}
والله الموفق.
ـ[عبد العزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 03:26]ـ
وإن مما يؤسف وقوع جمع كبير من العلماء _من الأشاعرة_ في هذا التفريق فتجده عندما يشرح مسئلة في العقيدة يقول وذهب الأشاعرة ... وذهب الحنابلة_ والمراد قول أهل السنة_ إلى كذا وكذا ... وهذا موجود بكثرة.
من أجل ذلك _والله أعلم_ قال الشيخ أبو اسماعيل الهروي_رحمه الله_:
أنا حنبلي ماحييت وإن أمت ... فوصيتي للناس أن يتحنبلوا.
راجع "المدخل المفصل1/ 56"
ـ[ابن تيمية]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 03:51]ـ
(ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).
من عرف معتقد السلف عليهم رحمة الله وظهرت له أقوالهم من جهة , وعرف مذهب الأشاعرة من جهة أخرى تيقن وجود بضعة عشر فرقا في مسائل الاعتقاد بين الفريقين , والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والله من وراء القصد.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 05:12]ـ
الأخ الشيخ "سليمان الخراشي": أحسن الله إليكم وبارك فيكم ..
ومن المعاصرين ممن قال بتقسيم أهل السنة إلى: سلفيين و أشاعرة، الشيخ مبارك الميلي- رحمه الله تعالى - كما في كتابه: (تاريخ الجزائر .. )، والشيخ أحمد حماني - رحمه الله تعالى-، ولعلهم من الصنف الثاني الذي ذكرت، والله أعلم.
ـ[خلوصي]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 11:25]ـ
كنت أتمنى أن يراجع المجلس نفسه بخصوص حذف موضوع الرسائل الشمولية للحميدي و الذي يتعلق بهذا " التلبيس " كذلك ليصبح مدار مناقشة علمية؟! مع استضافة الشيخ نفسه حفظه الله.
ـ[ابو عبد الملك الجهني]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 11:45]ـ
كذلك ليصبح مدار مناقشة علمية؟! مع استضافة الشيخ نفسه حفظه الله
انا مع الاخ خلوصي.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 11:46]ـ
-الأخ الكريم: عبدالعزيز بن إبراهيم: بارك الله فيك. وفي إضافتك.
ولذلك - أيضًا - قال شيخ الحنابلة في الري أبو حاتم أحمد بن الحسن الرازي المعروف بـ " خاموش ": (كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)." سير أعلام النبلاء "، (17/ 625).
- الأخ الكريم: ابن تيمية: جزاكم الله خيرًا.
- الأخ الكريم: عبدالحق: وأحسن ربي إليك وبارك فيك. وفي إضافتك.
- الأخ الكريم: خلوصي: بارك الله فيك. إن كنت تقصد صاحب كتاب " شمول الاجتهاد في الدين "، فهو - عندي - من الصنف الثاني - هداه الله -. (طالع ص 135و136من كتابه).
ولعلك - لكي لا ينحرف مسار المقال - تتنبه إلى أن مقالي موجه إلى من يرى أن الأشاعرة والماتريدية فرقتان كلاميتان بدعيتان. أما من يراهما من أهل السنة، فيحتاج إلى نقاش آخر، ليس هنا موضعه.وفقك الله ..
- الأخ الكريم: أباعبدالملك: شكرًا لمرورك، بارك الله فيك. وعلى الرحب والسعة.
ـ[عبدالرزاق الحيدر]ــــــــ[26 - Apr-2009, صباحاً 08:27]ـ
# قال الامام أبي الحسن الأشعري -رحمه الله- في كتابه "الإبانة عن أصول الديانة":
باب
في إبانة قول أهل السنة والحق
(فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة, فعرفونا قولكم الذي تقولون, وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها, التمسك بكتاب ربنا عز وجل, وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما روى الصحابة والتابعين وأئمة المحدثين, ونحن بذلك معتصمون, وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته- قائلون, ولما خالف قوله مخالفون, لأنه الإمام الفاضل, والرئيس الكامل, الذي أبان الله به الحق, ودفع به الضلال, وأوضح به المنهاج, وقمع به بدع المبتدعين, وزيغ الزائغين, وشك الشاكين, فرحمة الله عليه من إمام مقدم, وجليل معظم, وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين.
# نسخة مقابلة على خمسة نسخ خطية, واحدى النسخ كتبت في يوم السبت من شهر ذي الحجة سنة ثلاث مئة وسبعة هجريا, يعني في حياة الامام رحمه الله, طبعة دار الابانة- مصر - (1/ 42) - تحقيق وتعليق ابو عمرو محمد بن علي بن ريحان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[02 - Jun-2009, صباحاً 01:31]ـ
كنت أتمنى أن يراجع المجلس نفسه بخصوص حذف موضوع الرسائل الشمولية للحميدي و الذي يتعلق بهذا " التلبيس " كذلك ليصبح مدار مناقشة علمية؟! مع استضافة الشيخ نفسه حفظه الله.
كذلك ليصبح مدار مناقشة علمية؟! مع استضافة الشيخ نفسه حفظه الله
انا مع الاخ خلوصي.
نريد أخا آخر معنا و حبذا لو كان من المشرفين:)
ـ[محمد بن علي بن مصطفى]ــــــــ[23 - May-2010, مساء 06:09]ـ
(كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)."!!!!!!
الحمد لله فقد كفرنا مليار ونصف من المسلميين بهذا التضييق!
لقد حجرت واسعا يا اخا العرب
المقرر انه لا يخرج من الاسلام الا من جحد ضروريا من الدين
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[23 - May-2010, مساء 08:43]ـ
(كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)."!!!!!!
من أين لك هذا يا أخ محمد ...
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[24 - May-2010, مساء 10:23]ـ
(كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)."!!!!!!
الحمد لله فقد كفرنا مليار ونصف من المسلميين بهذا التضييق!
لقد حجرت واسعا يا اخا العرب
المقرر انه لا يخرج من الاسلام الا من جحد ضروريا من الدين
الأخ الكريم" محمد بن علي بن مصطفى"-عفا الله عن الجميع-:
أين تقرر ما قلته -الملون بالأحمر-؟! .. آعند أهل السنة المحضة أم غيرهم من مبتدعة؟! ..
الذي أعلمه الثاني!؛ فهم من يحصر التكفير في الجحود، وهذا قول مرجئة الأشاعرة والصوفية وأمثالهم .. فيرجى التنبه لما تقول، فإن الأمر خطير خطير!!
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[25 - May-2010, صباحاً 09:32]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الجليل / سليمان الخراشي.
ومن مراجع " الموسوعة الميسرة في الفرق والأديان المعاصرة " كتبكم وكتب الشيخ الدكتور ناصر القفاري
وفقكما الله وجعل الجنة مثواكما
ـ[محمد بن علي بن مصطفى]ــــــــ[26 - May-2010, صباحاً 11:04]ـ
الاخ العاصمي انا قرأت العبارة ن هنا:
[ quote= سليمان الخراشي;221253]-الأخ الكريم: عبدالعزيز بن إبراهيم: بارك الله فيك. وفي إضافتك.
ولذلك - أيضًا - قال شيخ الحنابلة في الري أبو حاتم أحمد بن الحسن الرازي المعروف بـ " خاموش ": (كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)." سير أعلام النبلاء "، (17/ 625).
ـ[محمد بن علي بن مصطفى]ــــــــ[26 - May-2010, صباحاً 11:13]ـ
الاخ عبد الحق بارك الله بك وارشدني واياك للصواب
ارجو منك التوضيح بالنسبة للتكفير عند اهل السنة
لان الذي اعلمه ان الخوارج هي من تكفر بالمعاصي لا السنة واهلها (حيث يكفرون بالاعتقاد الموجب لذلك او بالمعصية الناشئة عن ذلك الاعتقاد)
ثم الحكم على الناس يكون حسب اعتقادهم لا انتسابهم المذهبي فكم وكم بينا من مالكية وشافعية في هذا المندى المبارك فعجيب جدا ان يكفر المرء لانه ليس حنبليا (وما الحنابلة الا الجزء الاقل كماً من اهل السنة والجماعة)!!
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[27 - May-2010, مساء 11:33]ـ
(كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)
لا شك منتهى الضلال.
ـ[ابن وقيت]ــــــــ[29 - May-2010, صباحاً 01:53]ـ
(كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)
لا شك منتهى الضلال.
رد الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله - على خطأ هذه الكلمة - حسبما أذكر - وذكر احتمال تأويلها، ولا يوجد سلفي يقول بها؛ فليُترك التشنيع بأقوال مهجورة مقبورة ...
ـ[محمد بن علي بن مصطفى]ــــــــ[29 - May-2010, صباحاً 11:18]ـ
(فليُترك التشنيع بأقوال مهجورة مقبورة ... )
الاخ الكريم ليس القصد التشنيع ولكن تصحيح الاخطاء ثم اني اوافقك الرأي ولكن اوجه ملاحظتك الى من بعث هذه الكلمة من قبرها
ـ[محمد بن علي بن مصطفى]ــــــــ[29 - May-2010, صباحاً 11:31]ـ
الاخ الكريم عبد الحق
دفعني كلامك وتحذيرك من خطورة كلامي ان موجب التكفير هو الجحود عند اهل السنه وقلت ان هذا مذهب المرجئة فراجعت العقيدة الطحاوية فوجدتها تقرر ما قلت من ان مذهب اهل السنه هو ان التكفير لا يكون الا بالجحود او الاستحلال وهذا نص الطحاوية:
(ولا نكفر احدا من اهل القبلة بذنب ما لم يستحله) (ولا نخرج العبد من الايمان الا بجحود ما ادخله فيه)
كما يمكنك اخي ان تراجع كتب المذاهب الاربعة في باب الردة لتعرف موجباتها وتتبيين صحة ما قلت راجع ابن قدامة (في الكافي) على سبيل المثال
وفقني الله واياكم للخير والرشاد
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[29 - May-2010, مساء 02:52]ـ
أخي محمد بن علي:
ماذا فهمتَ من عبارة: (كل من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)؟! وهل قرأتَ مقالي كاملاً؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - Jul-2010, صباحاً 01:01]ـ
أليس الماتريدية مُنحصرين في الأحناف؟
ـ[تهامي من عسير]ــــــــ[14 - Oct-2010, مساء 10:15]ـ
عن نفسي ..
أرى أن النووي والسيوطي والعز ابن عبدالسلام كانوا من أهل السنة(/)
ست سمات لصدق المحبة
ـ[أبو عبد الأكرم الجزائري]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 02:16]ـ
الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتّقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله، وصلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أمّا بعد؛ فإنّ محبّة النبيّ r من أعظم الطّاعات، وأجلّ القربات، فهو سيّد ولد آدم وإمام الورى وقدوة عباد الله والداعي إلى صراطه المستقيم، المبعوث رحمة للعالمين، ومحجّة للسالكين، وحجّة على الخلائق أجمعين، افترض الله على العباد طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بأداء حقوقه صلوات الله وسلامه عليه. ولما كان لا بد لكلِّ دعوى من برهان يدلُّ على صدقها، فإنّ لدعوى محبة النبي r سمات وعلامات تدلّ على صدقها، كلّما عظم نصيب العبد وحظُّه منها عظم نصيبه وحظُّه من المحبّة، ولعلّ جماع هذه السِّمات ما يلي:
1) اتباع سنته r والتّمسك بهديه. قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آل عمران31.قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ((هذه الآية الكريمة حاكمة على من ادّعى محبّة الله، وليس هو على الطّريقة المحمديّة فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشّرع المحمديّ والدّين النبويّ في جميع أقواله وأفعاله وأحواله كما ثبت في الصّحيح عن رسول الله r أنه قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ)) ولهذا قال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبّتكم إياه، وهو محبته إيّاكم، وهو أعظم من الأوّل)) انتهى ملخصاً من تفسيره. وشواهد ضرورة الاتباع وأهمية الاتّساء على صدق المحبّة كثيرة ... فعن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي قراد السُّلمي قال: كنا عند رسول الله r فدعا بطهور غمس يده فيه ثم توضّأ، فتتبعناه فحسوناه، فقال r: (( ما حملكم على ما صنعتم؟ قلنا: حبّ الله ورسوله. قال: فإن أحببتم أن يحبّكم الله ورسولُه، فأدّوا إذا ائتمنتم، واصدقوا إذا حدّثتم، وأحسنوا جوار من جاوركم)) رواه الطبراني وحسنه الألباني.
2) الإكثار من ذكره ومحبة رؤيته. قال ابن القيم رحمه الله: ((العبد كلّما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبّه تضاعف حبُّه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميع قلبه. وإذا أعرض عن ذكره وإخطاره وإخطار محاسنه بقلبه نقص حبُّه من قلبه، ولا شيءٌ أقرّ لعين المحِب من رؤية محبوبه، ولا أقرّ لقلبه من ذكره وإخطار محاسنه، إذا قوي هذا في قلبه جرى لسانُه بمدحه والثّناء عليه وذكر محاسنه وتكون زيادةُ ذلك ونقصانُه بحسب زيادة الحبِّ ونقصانه في قلبه)). اهـ من جلاء الأفهام. ومن شواهد ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" عن النبي r أنه قال: ((من أشدّ أمتي لي حبّاً ناسٌ يكونون بعدي يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله)).وذكرُه عليه الصّلاة والسلام يكون بذكر مناقبه وشمائله الكريمة وبيان سننه وآثاره العظيمة وبالإكثار من الصّلاة والسّلام عليه. ومحبّة رؤيته r ثمرتها عزم صادق وجدّ واجتهاد وتأس واقتداء بهديه القويم، يكسب العبد رؤيته ومرافقته في الجنان.
3) تعلم القرآن الكريم والعمل به والتأدّب بآدابه. روى البيهقي في كتابه الآداب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((لا يَسأل أحد عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله)).وحبُّ القرآن وتلاوته وتدبّره هو أعظم أبواب الهداية، فإنّ الله تبارك وتعالى قد أنزل كتابه المبين على عباده هدى ورحمة وضياءً ونوراً وبشرى وذكرى للذاكرين، وجعله مباركاً وهدى للعالمين، يهدي للتي هي أقوم، وصرّف فيه من الآيات والوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرى، وجعل فيه شفاءً من الأسقام ولا سيما أسقام القلوب وأمراضها من شبهات وشهوات. وحريٌّ بكلِّ مسلم أراد لنفسه بلوغ أعلى درجات المحبِّين الصّادقين أن يعظم حظه من القرآن الكريم بأن يتلوه حقّ تلاوته بتدبر آياته والتفكر والتعقّل لمعانيه، وبالعمل بما يقتضيه، وكما يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: ((فلا شيءٌ أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبّر والتفكّر؛ فإنه جامعٌ لجميع منازل السّائرين وأحوال العاملين
(يُتْبَعُ)
(/)
ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبّة والشوق والخوف والرّجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشّكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن جميع الصّفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه. فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبّر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكّر حتى مرَّ بآية وهو محتاجٌ إليها في شفاء قلبه كرّرها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكر وتفهّم خيرٌ من قراءة ختمة بغير تدبّر وتفهّم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن)) اهـ من مفتاح دار السعادة.
4) محبّةُ مَنْ أحبّ وبُغض مَنْ أبغض. وهذا أوثق عرى الإيمان كما صحّ عنه الحديث بذلك عليه الصّلاة والسلام، وذلك بمحبّة ما أحبّ من الأعمال والخصال والآداب ومحبّة مَنْ أحبّ من الأشخاص، وبغض ما أبغض من الأعمال والخصال والآداب، وبغض مَنْ أبغض من الأشخاص، ولا يكون صادقاً في حبِّه مَنْ يحبّ ما يبغض ويبغض ما يحبّ، وشواهد هذا ودلائله كثيرة: قال r: (( من أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني)) رواه الحاكم عن سلمان. وقال r: (( من أحبّهما فقد أحبّني ومن أبغضهما فقد أبغضني)) يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما. رواه أحمد عن أبي هريرة. وقال r: (( من أحبّني فليحب أسامة)) رواه مسلم عن فاطمة بنت قيس. وقال r: (( آية الإيمان حبّ الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار)) رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك. فحبّ الصّحابة وآل بيت النبيِّ r ومن اتبعهم بإحسان من أهل العلم والفضل وأهل العبادة والزّهد وأهل البذل والجود وأهل المعروف والإحسان كلّ ذلك من حبّ من أحبّ، وكذلك حبّ الأعمال الفاضلة والآداب الكاملة والمعاملة الحسنة كلّ ذلك من حبّ ما أحبّ، وهكذا القول في أضداد ذلك من أهل السّوء وأعمال السّوء، فبغضهم مِن بغض ما أبغض، على أن رتب الناس في هذا الباب ثلاثة:
1 ـ من لهم حبّ لا بغض معه وهم أهل الإيمان والصّلاح والاستقامة.
2 ـ من لهم بغض لا حبّ معه وهم أهل الكفر والشِّرك والنّفاق.
3 ـ من لهم حبّ وبغض وهم عصاة أهل الإيمان فلهم حبّ لما عندهم من الصّلاح والإيمان وبغض لما عندهم من الفسوق والعصيان. ومن عظيم الدّعوات المأثورة عنه r: (( اللهم إني أسألك حبّك وحبّ من يحبُّك والعمل الذي يقرّبني إلى حبِّك)).
5) الحذر من الغلو فيه ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها. ومن خفي عليه هذا الأصل زلّت قدمُه بالغلو في شخصه عليه الصلاة والسلام بدعوى إظهار محبّته وقد حذّر النبيّ r من ذلك أشدّ التحذير في أحاديث كثيرة. فعن يحيى بن سعيد قال: كنا عند علي بن الحسين فجاء قوم من الكوفيين، فقال علي: يا أهل العراق أحبّونا حبّ الإسلام، سمعت أبي يقول: قال رسول الله r: (( يا أيها الناس لا ترفعوني فوق قدري، فإن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني نبياً)). وليتأمل قوله ((أحبونا حبَّ الإسلام) إذ هو الحبُّ النافع المقبول، وأما حبّ الغلاة فليس هو حبّ الإسلام الذي أمرنا به في القرآن والسنة. وعن أنس رضي الله عنه أن ناساً قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال: ((يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينّكم الشيطان، أنا محمّد عبد الله ورسوله، ما أحبّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجل)) رواه النسائي بسند جيد. وعن عمر أنّ رسول الله r قال: ((لا تطروني كما أطرت النّصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)) رواه البخاري ومسلم.
6) الحذر من البدع والبعد عن الأهواء. والأحاديث عنه r في التحذير من البدع كثيرة معروفة، ولربما ظنّ بعضُ الناس أنّ الطّريقة المثلى لإظهار محبّته ركوب البدع واتباع الأهواء وإحالة الدِّين إلى طقوس ورسوم وأعمال لا أثارة عليها من علم ولا شاهد عليه من الكتاب والسنة، يمارسونها زعماً منهم أن هذا علمُ المحبة وشاهدُ المودّة ودليل الوفاء، وفي خضم غربة الدِّين وقلّة المعرفة والدِّراية بهدي سيّد الأنبياء والمرسلين، نشأ في أوساط بعض المسلمين أمور غريبة ومحدثات عجيبة، أراد بعضهم التعبير من خلالها عن محبّته للنبي r، فاتخذوا يوم مولده عيداً، ويوم هجرته إلى المدينة محتفلاً، وليلة الإسراء به موسماً ونحو ذلك من الأيام، فيجتمعون فيها على إنشاد القصائد
(يُتْبَعُ)
(/)
وتلاوة المدائح وقراءة الأراجيز، وهؤلاء وإن كان قصدهم بذلك إظهار محبة النبي r وهو قصد حسن، إلا أنّ إظهار محبته عليه الصّلاة والسلام لا تصح إلا باتّباعه ولزوم نهجه وترسم خطاه، ولهذا لم ينقل عن أحد من الصّحابة ولا التابعين ولا الأئمة المعتبرين شيء من هذه الأمور المحدثة، بل الذي نقل عنهم ذمّ الإحداث وبيان خطورته. قال أبو بكر رضي الله عنه: ((إنما أنا متّبع ولست بمبتدع، فإن استقمت فتابعوني وإن زغت فقوموني)). رواه ابن سعد في الطبقات. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((اتّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم)) رواه الدّارمي. وقال رضي الله عنه: ((الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة)) رواه الحاكم في المستدرك. وعن عثمان الأزي قال: ((دخلت على ابن عباس رضي الله عنه فقلت له: أوصني، فقال: عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع)) رواه الدارمي. والنقول عنهم في هذا المعنى كثيرة. ومن عرف حقّ النبي الكريم عليه الصلاة والسّلام وواجب الأمّة نحوه لم يلتفت إلى شيء من هذه المحدثات بل يلزم نهجه ويقتفي أثره، وقد أدرك تمام الإدراك الرَّعيلُ الأوّل من هذه الأمّة، الصّحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم حقّ هذا النبيّ الكريم عليه الصّلاة والسلام والواجب نحوه، ففدوه بآبائهم وأمّهاتهم وأنفسهم وقدّموا محبّته على النّفس والنّفيس، وبذلوا مهجهم وأوقاتهم وأموالهم في سبيل نصرته، وعزّروه ووقروه، وقاموا بحقوقه على التّمام والكمال، فكانوا أحقّ الناس به، وأولاهم بمرافقته، وأهداهم سبيلاً في اتباعه ولزوم نهجه. والموفَّق من اتبع خطاهم ولزم نهجهم وسلك سبيلهم، فهم أهدى أمّة محمّد r سبيلاً، وأقومهم قيلاً، وأحسنهم طريقاً، ألحقنا الله وإيّاكم بهم، ورزقنا متابعتهم وسلوك سبيلهم، وجعلنا جميعاً من عباده المتّقين. ونسأله سبحانه أن يجعلنا من المتبعين له المؤمنين به، الصّادقين في محبته، وأن يحيينا على سنته ويتوفانا عليها، وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته وتحت لوائه، وأن يمنَّ علينا بشفاعته، وأن يغفر لنا خطأنا وتقصيرنا، إنه سبحانه سميع الدّعاء، وأهل الرّجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(/)
استشكال في حديث ابن عباس رضي الله عنه حول نزول القرآن جملة واحدة
ـ[ابن تيمية]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 03:42]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .............................. .وبعد:
فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنه القول بنزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا , ثم نزل مفرقا حسب الوقائع.
وعلى هذا القول استشكلت أمرين أعرضهما بين يدي إخواني من طلبة العلم للمباحثة.
أولهما: ألا يكون في هذا القول ما يدعم حجة المبتدعة في القول بقدم الكلام الإلهي نوعه وآحاده ......... ؟ (ولا أريد تقرير الشبهة , وفي الإشارة ما يغني عن تطويل العبارة).
ثانيهما: هل من مخرج لـ "ما يقتضيه هذا القول" مع "النصوص التي نزلت على سبب مخصوص" , (مثل قوله تعالى: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" .... الآية) غير القول: بأنه تعالى لا تعلق لأفعاله بالزمن , أي أن المخلوق هو وحده المحكوم بالزمن (ماضيه وحاضره ومستقبله) دون أن يكون للزمن تعلق بالفعل الإلهي ..... ؟ , وبالتالي فما يصح "من الخطاب" في حق المخلوق تعلقه بزمن دون زمن لا يصح قول مثله فيما يتعلق بالباري سبحانه وتعالى.
أرجو ممن كان لديه أثارة من علم الاقتصار على مورد الإشكال دون سواه.
والله من وراء القصد.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 07:07]ـ
بارك الله فيك .. ما أوردته من استشكال فيما يبدو لي مداره القول بنتزيل القرءان منجما، بغض النظر عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما وعن تنزيله جملة واحدة ..
وقولك:
أولهما: ألا يكون في هذا القول ما يدعم حجة المبتدعة في القول بقدم الكلام الإلهي نوعه وآحاده ......... ؟ قلت أما قدم نوع الكلام فهو معتقد أهل السنة ولا إشكال فيه، ولا يظهر لي تعلقه بتنزيل القرءان جملة واحدة ولا بتنزيله منجما! وأما دعواهم بقدم آحاد الكلام نفسه فإنه ينقضها عند التأمل .. فلو كان لفظ القرءان قديما لما كان من نزول أول ولا تنزلات منجمة كلها جاء النص بأنها كلام مباشر من الرب جل وعلا لأمين الوحي جبريل عليه السلام! والله تعالى لم يزل متكلما بما يشاء وقتما يشاء، من الأزل وإلى الأبد .. هذا من جهة صفة الكلام كصفة ذاتية .. أما من جهة صفة الفعل فقد شاء الرب جل وعلا أن يتكلم بالقرءان، فتكلم به ونزله نزول تشريف في بيت العزة أولا، وتكلم به كذلك منجما، كل آية في مناسبتها .. فما وجه انتصار أهل البدع بهذا القول - بارك الله فيك - وهو يقرر نزولا حدث في شهر رمضان، وتنزلات متتابعة منجمة، كلها كان مبدؤها فعل الكلام من الرب جل وعلا، في الوقت الذي أراده سبحانه، دون وجود أزلي قديم سابق لآحاد هذا الكلام الذي تكلم به الرب سبحانه؟
هل من مخرج لـ "ما يقتضيه هذا القول" مع "النصوص التي نزلت على سبب مخصوص" , (مثل قوله تعالى: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" .... الآية) غير القول: بأنه تعالى لا تعلق لأفعاله بالزمن , أي أن المخلوق هو وحده المحكوم بالزمن (ماضيه وحاضره ومستقبله) دون أن يكون للزمن تعلق بالفعل الإلهي ..... ؟ , وبالتالي فما يصح "من الخطاب" في حق المخلوق تعلقه بزمن دون زمن لا يصح قول مثله فيما يتعلق بالباري سبحانه وتعالى.بارك الله فيك .. الله تعالى لا يحده الزمان، فهو خالق الزمان .. أما قولك "لا تعلق لأفعاله بالزمان" ففيه إجمال مبهم يحتاج إلى تفصيل وتحرير .. ومثله أن يقول القائل: "الله تعالى لا تعلق لأفعاله بالمخلوقين"! فيقال كيف هذا والله إنما يفعل كل ما أخبرنا أنه يفعله سبحانه: في خلقه وفي الكون المخلوق، على النحو اللائق بذاته جل وعلا؟ فكلمة التعلق هذه غير محررة ..
وهو خالق كل شيء جل وعلا .. فإذا شاء أن يتكلم في وقت يختاره لمخلوق يختاره على النحو الذي يختاره فهو فاعل لما يريد وقتما يريد كيفما يريد، ولا يقال أن هذا لازمه أن يشبه المخلوقين في التقيد بالزمن أو بغيره مما خلق جل وعلا، فانتبه لهذا أكرمك الله. شاء سبحانه أن يكلم خلقا من خلقه على النحو الذي يريده سبحانه في أوقات قد علمها من قبل خلقها .. فأين الإشكال في هذا، وأين الحجة لأهل البدع؟
هذا جوابي على ما فهمته من كلامك، والله أعلى وأعلم.
ـ[ابن تيمية]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 06:44]ـ
لا يزال الإشكال قائما من الجهتين اللتين أوردتهما.
وقولك أخي الكريم:
الله تعالى لا يحده الزمان، فهو خالق الزمان .. . يرد عليه الإشكال الوارد سابقا في قضية الزمن , وذلك أن الزمن ما هو إلا الماضي والحاضر والمستقبل ,فإذا كان فعله تعالى لا يحده الزمن أمكن أن يفعل فعلا دون أن يوصف هذا الفعل بأنه متعلق بأحد الأزمنة الثلاثة , وعليه يكون تقرير ما سبق وذكرته لك من نزول القرآن جملة واحدة رغم أنه فيما يتعلق بالناس نزل وفق أزمان محددة (تبينها أسباب النزول) , وبالتالي فقضية المضي والاستقبال إنما هي في المخلوق الذي شاء تعالى أن تتعلق أفعاله بالزمن على جهة عدم الانفكاك.
وما ذكرته حفظك الله من تعلق فعله تعالى بالمخلوق هو دليل لما أوردته من حيث أن فعله تعالى قد يتعلق بالمخلوق (كالإحياء والإماتة) , وقد يتعلق بذاته سبحانه وتعالى (كالاستواء والنزول .... ) وبالتالي فيصح أن يقال (بناء على ما أورتده أخي في مشاركتك) قد تتعلق أفعاله تعالى بالزمن وقد لا تتعلق به. فإذا صح هذا انحل الإشكال المتعلق بنزول القرآن جملة واحدة مع أنه في تعلقه بالناس نزل منجما.
ويبقى الإشكال الآخر وهو: هل في هذا التقرير ما يمكن أن يكون دليلا لمن يرى قدم آحاد الكلام الإلهي .... ؟ وذلك أن حقيقة القدم هي: الأولية , ولازمها عدم التعاقب , والتي لا تجتمع مع القول بأن القرآن نزل بعضه بعد بعض. وهو حقيقة قولنا أهل السنة والجماعة.
والله من وراء القصد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 07:22]ـ
أخي الحبيب بارك الله فيك، بدا لي من طرحك للإشكال أنك تتصور النزولين (المجمل والمنجم) في الحقيقة نزولا واحدا، على أنه كان في حق الله نزولا واحدا مجملا، بينما كان في حق العباد - أي بالنسبة إليهم - نزولا منجما، هذا ما فهمته من قولك:
وذلك أن الزمن ما هو إلا الماضي والحاضر والمستقبل ,فإذا كان فعله تعالى لا يحده الزمن أمكن أن يفعل فعلا دون أن يوصف هذا الفعل بأنه متعلق بأحد الأزمنة الثلاثة , وعليه يكون تقرير ما سبق وذكرته لك من نزول القرآن جملة واحدة رغم أنه فيما يتعلق بالناس نزل وفق أزمان محددة (تبينها أسباب النزول) , وبالتالي فقضية المضي والاستقبال إنما هي في المخلوق الذي شاء تعالى أن تتعلق أفعاله بالزمن على جهة عدم الانفكاك.وهذا التصور، أكرمك الله، باطل (على الصحيح من كلام أهل العلم)! فهما كما دل النص الواضح في المسألة، نزولان منفصلان، أحدهما مجمل إلى بيت العزة من باب التشريف والتكريم، والآخر مفصل منجم على أسباب النزول، وكلاهما تكلم الله به في الوقت الذي شاءه سبحانه وتعالى! فالالتباس دخل عليك - بارك الله فيك - من إبهام المراد عندك بعدم تعلق أفعال الله بالزمن .. عدم التعلق معناه عدم التقيد على نحو ما هو كائن في المخلوقين، فهو سبحانه خالق كل شيء، وليس كمثله شيء فلا يحده ولا يقيده شيء من خلقه! أما أن يقال أن نزول القرءان كان في حق الله نزولا واحدا مجملا، ولكن في حق العباد كان مفرقا على الأزمنة التي نزل فيها، فهذا لا يفيده ظاهر كلام ابن عباس ولا أعلم قائلا به من السلف والأئمة من أهل السنة قط، ولا دليل عليه البتة، وفوق ذلك كله، لا تعلق له من قريب أو بعيد بزعمهم أن آحاد كلام الله قديمة كذاته! فحتى لو تنزلنا وقلنا بهذا الزعم بأن نزول القرءان لم يكن إلا نزولا واحدا في حق الله تعالى، وهو النزول المجمل، وفي حق العباد كان نزولا منجما، فهذا يهدم زعمهم بقدم آحاد كلام الله! فعل الإنزال المجمل الذي كان في شهر رمضان في ليلة القدر، سبقه فعل التكلم بالقرءان وإسماعه للروح القدس عليه السلام، وقبل فعل الكلام، لم يكن لهذا القرءان وجود .. فزعمهم قدم آحاد الكلام باطل على أي حال، والله أعلم.
أرجو أن يكون الإشكال قد زال بهذا البيان، والله الموفق المستعان.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 11:24]ـ
يا شيخنا الفاضل، وهل قال أحد من المبتدعة بقدم آحاد الكلام؟
المعروف عن الأشاعرة أن الكلام القديم عندهم شيء واحد فقط لا يتعدد أصلا، فليس له آحاد.
وأما الآيات التي بين أيدينا فهي عندهم مخلوقة وليست قديمة.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 11:54]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل .. حقيقة أنا لم أقف على من قال بهذا القول من قبل، والأخ لم ينسبه إلى الأشاعرة، ولا أنا نسبته إلى طائفة من الطوائف .. ولكني لا أستغرب أن يوجد من أهل الكلام من يقول به على أي حال، فكما تعلمون، أصحاب الكلام لا حد لألوان مذاهبهم وأشكالها، وما دام باب العبث العقلي المنبت عن فهم السلف مفتوحا عندهم، فالأقوال تتوالد والآراء البدعية لا حصر لها .. والله المستعان.
على أي الأحوال، أرجو أن يكون الإشكال عند أخينا الكريم قد زال .. فلا علاقة لهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الكلام.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 12:00]ـ
حياك الله يا شيخنا الفاضل
ولكن بغض النظر عن هذه المسألة، فلا يصح افتراض أقوال باطلة لم يقل بها أحد ثم محاولة الرد عليها؛ لأن الأهواء والشبهات الشيطانية لا نهاية لها كما يقول شيخ الإسلام، وإذا وقع شيء منها في الأمة قيض الله من أهل العلم من يدفعها ويقوم بالحق.
ولكن بغض النظر عن كل هذا، فالأثر عن ابن عباس لا تعلق به البتة حتى في مسألة قدم الكلام النفسي؛ لأن نزوله جملة واحدة لا يدل على أنه شيء واحد، ولا يدل أيضا على أنه قديم، فأين موضع تعلقهم بالأثر أصلا؟!
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 12:06]ـ
صدقت وأبررت .. أحسن الله إليك.
ونحن في انتظار جواب الأخ الفاضل لنرى أصل هذا الكلام عنده ومن أين أتى به.
ـ[ابن تيمية]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 02:27]ـ
لا يصح افتراض أقوال باطلة لم يقل بها أحد ثم محاولة الرد عليها
ما أجمل ما ذكرت , لكن إن كان المقصود مطلق القول بها فنعم , وإن كان المقصود ظهور الرأي والدعوة إليه فلا , وبحكم التخصص يمر علينا من هذه الإشكالات التي يوردها المخالفون لمنهج أهل السنة ما لا يخفى على من له أدنى ممارسة للحجاج مع أهل البدع. ومن هنا كان طرح الاستشكال لوجود من أورده , فأحببت المباحثة حوله.
ولكي يكون التباحث منهجيا أسأل عن أمرين ثم ننتقل إلى ما يترتب على ذلك حتى يتضح وجه الإشكال:
1ـــ ما معنى نزول القرآن جملة واحدة ................ ؟
هل قال تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) قبل وقوع الحدث , وكذا بقية الآيات .... ؟
2ــــ هل سمع جبريل القرآن من الله تعالى قبل ورود أسبابه , وهل سمعه مرتين (مرة جملة واحدة وأخرى حال تنزله منجما) ............... ؟
والله من وراء القصد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 02:56]ـ
حياك الله يا شيخنا الفاضل
لا بأس بدراسة هذه المسائل وما فيها من إشكالات، ولكن النقطة التي أحببت التنبيه عليها في كلامي السابق أن هذه الآثار والنصوص ليس لها تعلق بكلام المبتدعة، فهذا هو المهم، فإن كان هناك حقا من يورد هذه الشبهة فينبغي أن يبين له أن ما يتعلق به ليس فيه دلالة على ما خطر على باله أصلا.
يعني مثلا لو قلنا: إن القرآن نزل جملة واحدة، فليس لهذا تعلق بالكلام النفسي؛ أيا كان التفسير الذي تفسر به هذا الكلام؛ لأنه لم يقل أحد مطلقا: إن الكلام النفسي نزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا.
والمراد بكلامي هذا سد للباب في وجوه المبتدعة؛ لأنك إذا دخلت معهم في باب التفسير ستجد ألف اعتراض واعتراض على تفسيرك، ويخرج الكلام عن نصابه، فالطريقة التي أراها صحيحة في الرد عليهم أن تبين أن الأثر لا يتعلق بمذهبهم الباطل من قريب ولا بعيد بغض النظر عن تفسيره.
وأما السؤال: هل سمع جبريل الكلام من الله عز وجل مرة واحدة أو مرتين؟
فنقول: الجواب عن هذا أيضا لا يتعلق بمذاهب المبتدعة؛ لأنهم لا يقولون: إن جبريل قد سمع الكلام النفسي أصلا، فما معنى اتكائهم على مثل هذا؟
وأما سؤال: هل قال الله عز وجل {قد سمع الله قول التي تجادلك} قبل وقوع القصة أو بعد وقوعها؟
فنقول: أيا كان الجواب، فهذا لا علاقة له بالكلام النفسي مطلقا؛ لأنه لو كان قبل وقوعها فلا يلزم من ذلك أن يكون قديما، وإن كان بعدها فهو أولى.
فهذا مرادي من التعليق السابق.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 03:33]ـ
بارك الله فيكم شيخنا أبا مالك ..
لا أحب التقديم بين يديكم، ولكن رأيت أن المشاركة الأخيرة لأخينا الحبيب تحتاج إلى جواب أكثر تفصيلا حتى لا يبقى للشبهة عوالق في ذهن القارئ، والله الموفق.
ما معنى نزول القرآن جملة واحدة ................ ؟ قلت معناه نزوله إلى السماء الدنيا كاملا، بعد أن تكلم الله به وسمعه جبريل عليه السلام .. ولا إشكال - عقلا - في أن ينزل على جبريل قوله تعالى ((قد سمع الله قول التي تجادلك)) وسائر القرءان قبل وقوع الأحداث التي يتعلق بها النص! بل إن أهل العلم منهم من قال بأن من حكم الله تعالى في هذا النزول المجمل لكامل النص القرءاني تعظيم شأن هذا الكتاب عند الملأ الأعلى وملائكة السماوات جميعا من السفرة وغيرهم إذ يتابعون تأويل النصوص القرءانية المحفوظة في بيت العزة وهي تتنزل تنجيما على وفق الأحداث التي قدرها الرب جل وعلا .. فالقصد أنه لا إشكال على الإطلاق في أن يسمع جبريل من الله تعالى كلاما لا يدري تأويله، ولا في أن يسمع النص من الله مرتين، مرة مع الأمر بتنزيله إلى بيت العزة، ومرة مع الأمر بتنزيل آحاد الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم! فما جبريل إلا رسول - عليه السلام - يأتمر بأمر ربه، هو وسائر الملائكة في الملأ الأعلى .. والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو ندى]ــــــــ[04 - Jun-2009, صباحاً 02:14]ـ
للفائدة
في شرح الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
(هل القرآن الكريم حروفه ومعانيه مكتوب في اللوح المحفوظ؟
ج/ نعم، كما قال سبحانه {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:21 - 22]، وقال - عز وجل - {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة:75 - 78] الله - عز وجل - جَعَلَ القرآن في اللوح المحفوظ مكتوباً قبل أن يتكلم به فما في اللوح المحفوظ هذه مرتبة الكتابة، مرتبة الكتابة لا علاقة لها بالكلام كما أنَّه سبحانه جعل في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء وفيه ثَمَّ تقدير سنوي وتقدير عمري وتقدير يومي إلى آخره، فكذلك جعل الله - عز وجل - كلامه الذي هو القرآن، جعله في اللوح المحفوظ تكرمَةً له ويصان، يعني مجموعاً كاملاً، ثم هو - عز وجل - تكلم به فسمعه منه جبريل .... )
( ...
وأما قول من قال من الأشاعرة إنه يأخذه من اللوح المحفوظ، فهذا ليس بصحيح وليس من أقوال أهل السنة البتة؛ لأنَّ ما في اللوح المحفوظ من القرآن هذا مجموع على جهة الكتابة، والقرآن له جهتان:
- جهة سماع.
- وجهة كتابة.
جهة كلام من الله - عز وجل - يُسمع، وجهة كتابة.
وجهة الكتابة هي ما في اللوح المحفوظ من القرآن بأجمعه من أوله إلى آخره، وجبريل عليه السلام لا ينتقي هذه الآية يأخذها وينزلها في الوقت المحدد، ثم يأخذ الآية الأخرى وينزلها في الوقت المحدد، وإنما هو وحي الله - عز وجل -.
قال سبحانه {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة:1]، قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان الذي وسع سمعُه الأصوات، فقد جاءت المجادلة تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حجرتي لا أسمعها (3)، وهذا مصيرٌ من عائشة رضي الله عنها إلى أنَّ الله - عز وجل - سمع ذلك منها فقال {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}.
المقصود من ذلك أنَّ تنزيل القرآن تنزيل سماع، أما الكتابة فهي موجودة في ثلاثة أشياء:
1 -
موجودة في اللوح المحفوظ كما قال - عز وجل - {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:77 - 79]، وقال - عز وجل - {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:21 - 22]، هذه الأولى.
2 -
والثانية في الكتابة ما هو موجود في بيت العزة في السماء الدنيا، وهذا على القول بصحة أثر ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك.
- والثالث المكتوب في المصاحف التي بين أيدي المسلمين.
هذه ثلاثة كتابات، والكتابة ليست تكليما وإنما هي كتابة.
وحيثما وجد في اللوح المحفوظ أو في بيت العزة أو في المصاحف كله كلام الله - عز وجل - ينسب إلى الله - عز وجل - أو يضاف إلى الله - عز وجل - إضافة صفة إلى موصوف.) ا هـ
عذرا على طول المنقول(/)
[الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- والديمقراطية] ضمن سلسلة (التنبيهات السَّلفية .. ) [1]
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - Apr-2009, مساء 05:04]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- والديمقراطية]
الحمد لله – جل في علاه – القائل: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}، والقائل – وقوله الحق -: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
و الصلاة و السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد:
فهذه كلمات ضمن سلسلة (التنبيهات السَّلفية على أغلاط عقدية) ظهرت – لي- في بعض المقالات و الكتابات لمشايخ وكُتَّاب ينتمون لدعوة أهل السنة والسَّلفية، وأخص بالذكر منهم رجال (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) ..
وحقيقة تلك الأغلاط: مخالفات لصريح منهج و عقيدة أهل السنة و الجماعة (السلف الصالح) ..
فامتثالا لقول نبينا – صلى الله عليه و سلم -: ((الدين النصيحة))، ومشاركةً منِّي في النصح للخلق و بيان الحق، سطَّرت بعض ما ينبغي ذكره في هذه السلسلة، سائلا الله – جل وعلا – أن ينفعني و القُرَّاء بها، يوم لا ينفع مال ولا بنون ..
[الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- والديمقراطية]
ولد الشيخ عبد الحميد بن باديس- رحمه الله تعالى-بتاريخ: (4/ديسمبر/1889م) بقسنطينة شرق الجزائر، وانحدر من أسرة عريقة، ورغم نفوذها السياسي منذ قرون إلا أنها أعلنت ولاءها للفرنسيين في وقت مبكر من الإحتلال بحكم مكانتها البارزة في المجتمع، وجده (المكي بن باديس) كان قاضيا، و أول مستشار عام بقسنطينة لدى الفرنسيين، وقد تقلد وساما من يد نابليون الثالث، ودُعي للإستشارة في الجزائر، وباريس.
أما أبوه فقد كان مندوبا ماليا و عضوا في المجلس الأعلى، وباش آغا شرفيا، كما ذكر الأستاذ: عبد الكريم بوصفصاف في كتابه: (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و علاقتها بالحركات التحررية الجزائرية الأخرى)، والشيخ – رحمه الله - من خريجي جامعة الزيتونة، ومن أبرز الدعاة المصلحين من رجال (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين)، وله جهود في الدعوة و الإصلاح الإسلامي - لا تنكر - متأثرة بأفكار: جمال الدين الأفغاني و محمد عبده و الطاهر بن عاشور و محمد رشيد رضا وغيرهم؛ ممن انحرف عن العقيدة السلفية المحضة على تفاوت بينهم ..
توفي- رحمه الله تعالى، و غفر له، و أسكنه فسيح جناته- بتاريخ: (16/أفريل/1940م)، وبموته خسرت الجزائر رجلا من رجالها المصلحين، الذابين عن الدين، وسيفا مصلتا على التيجانيين المبتدعين في الدين، و فرقة "العليوي" الحلوليين ..
أسأل الله -تعالى- أن يغفر زلاته و يرفع درجاته، اللَّهم آمين.
[حقيقة الديمقراطية ولوازمها]
أخي القاري؛ إن موضوع (الديمقراطية) ألفت فيه المؤلفات، وكثرت فيه الكتابات، وكل مؤلف له وجهة فيها هو موليها، والذي يهمني وإياك منها:
1 - معرفة حقيقتها، والبراءة منها، ومن أهلها، وتنبيه المخدوعين بها.
2 - تعظيم قدر الحكم بما أنزل الله، والدعوة إليه.
ولذلك أحيلك – يا باغي الخير - على المصادر التالية:
- (حقيقة الديمقراطية و أنها ليست من الإسلام) لفضيلة الشيخ العلامة محمد أمان الجامي – رحمه الله تعالى –، وهو من أحسنها على وجازته.
- (تنوير الظلمات لكشف مفاسد و شبهات الانتخابات) للشيخ محمد بن عبد الله الإمام- وفقه الله تعالى-.
- (مذاهب فكرية معاصرة) للأستاذ محمد قطب- وفقه الله تعالى- وهو من الكتَّاب المعاصرين الذين لهم خبرة في القوانين الدوليَّة.
- (حقيقة الديمقراطية) للأستاذ محمد شاكر الشريف-وفقه الله تعالى-.
- (الديمقراطية: مفهومها-حكمها-وقفات مع لقائلين بها-المصالح المتوهمة فيها) للشيخ أحمد بن الكوري العلوي الشنقيطي-وفقه الله تعالى-، ومع إفادته إلاَّ أنني استغربت الكثير من نقولاته عمن غلا في التكفير و استوطن بلاد الكفار و المشركين و أقر نشراً - في موقعه - مقالات لقائلين بالديمقراطية لبعض الغلاة في التكفير من الجزائريين، والله المستعان.
[الديمقراطية ليست من الإسلام]
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد الإطلاع على ما سبق في موضوع الديمقراطية، تلاحظ - أخي الكريم - بمقتضى تعريف أهلها ما يلي:
-الديمقراطية لفظة أجنبية يونانية، ومعناها: حكم الشعب، وهي تعني: أن الشعب يحكم نفسه بنفسه (حكم الشعب بالشعب) فالشعب مصدر السلطة!.
-للديمقراطية عناصر أساسية لا بدَّ من توافرها؛ ليكون النظام ديمقراطيا، ومن أهم تلك العناصر عنصران اثنان:
أحدهم/ السيادة والسلطة للشعب: السلطة التشريعية، و السلطة القضائية، و السلطة التنفيذية.
ثانيهما/ الحقوق و الحريات مكفولة قانونيا لكل فرد يعيش تحت ذلك النظام: ومن بين الحريات المكفولة في النظام الديمقراطي: حرية العقيدة = حرية الرِدَّة.
[حقيقة الحكم الإسلامي]
ومن خلال الإطلاع على كلام لبعض العلماء فيما يتعلق بتوحيد العبادة – كما في شرح كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغيره - خلصتُ إلى نتائج ملخصها في نقاط:
-العقيدة الإسلامية توجب على المسلمين توحيد الله في عبادته، بما في ذلك توحيده في حاكميته، و أنه سبحانه له الحكم وحده، قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
-الله سبحانه وتعالى هو الذي يشرِّع وحده، ومحل التشريع الإلهي الكامل الكتاب و السنة الصحيحة، قال الله تعالى: (ولا يشرك في حكمه أحدا)، وقال تعالى: (قل إنما أنذركم بالوحي).
-قضاء وتنفيذ ذلك (التشريع = حكم الله) يتولاه ولاة أمور المسلمين، من ولي الأمر رئيس الدولة، ورجال حكومته، من وزرائه و أمرائه و رجال الشورى و القضاء ..
-وليُّ الأمر في النظام الإسلامي مسئول أمام الله، ليطبق في شعبه نظام الحكم الإسلامي فقط، وانطلاقا من هذه المسئولية؛ فعليه أن يطبق نظام الشورى الإسلامي، فيتشاور قبل البتِّ مع أهل العلم و الخبرة و التخصُّص فيما يحتاج إلى تشاور.
- الحريات في الإسلام مقيدة بقيود الشريعة، و حرية العقيدة و الأديان موقف الإسلام منها واضح، إذ يقول رسول الهدى محمَّد -صلى الله عليه و سلم-: ((من بدَّل دينه، فاقتلوه)) [متفق عليه].
[لا ديمقراطية في الإسلام]
أخي الكريم؛ إذا تبينت لك حقيقة الديمقراطية، وأنها ليست من الإسلام، بل هي:
-رأي يوناني خبيث.
- فكرة إلحادية ونظام أجنبي.
-بله: نظام جاهلي و طاغوتي.
وتبين لك أنها: تشريع من دون الله و شرك في الطاعة و الإتباع، وهذا النوع من الشرك يُعتبر في الوقت الحاضر هو السِّمة المشتركة بين الجاهليات المعاصرة كلها من الديمقراطية و أصلها العلمانية، وكلها من الجاهليات.
إذا تبين لك حقيقة كل ذلك؛ فهل يصح بعد ذلك أن يقال:
(الديمقراطية الحقيقية عند العرب لا في غرب القرن العشرين)
أو: (النظام الصحيح هو النظام الديمقراطي المعتدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط)
أو: (والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل)
أو: (والدَّاعي إليها – أي الديمقراطية- مأجور)
أو: (ولابد أيضاً من هيئات لتشريع القانون وتطبيقه وتنفيذه) .. الخ.
إن كان الجواب بـ: (لا) ..
فالحقيقة المرة أن هذه أقوال الشيخ ابن باديس و رجال جمعيه، وإليكها معزوةً بالمصدر موثقة غير ملفقة:
[قول بن باديس و أعضاء جمعية العلماء بالديمقراطية]
فمن باب التنبيه و النهي عن المنكر - خاصة مع وجود من يروج للديمقراطية إما (تقريرا) أو (دفاعا)، إمَّا عن حسن نية أو العكس-، أنقل لأخي القاري بعض الأقوال الصريحة للشيخ ابن باديس و بعض رجال جمعيته، فحواها: إقرارٌ للديمقراطية، و تلميع لها، ومناداة أهلها للحكم في الخصومة مع الاستعمار؛ ولم يكتف الشيخ – عفا الله عنه –ولا الرجال البارزين في الجمعية بهذا بل دعو إلى الأخوَّة الإنسانية واحترام الأديان وحريتها، كما في جريدة "الشهاب" (السنة الثانية، العدد:49/ص:3) تحت عنوان (أيها المسلم الجزائري!) بتوقيعه، حيث قال بن باديس: ((كن أخاً إنسانيا لكل جنس من أجناس البشر للإفرنسي للإسرائلي لغيرهما .. )).اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال كما في (الآثار: 4/ 204): ((نعم نهضنا نهضة: نبني على الدين أركانها، فكانت سلاماً على البشرية لا يخشاها – والله -النصراني لنصرانيته، ولا اليهودي ليهوديته، بل ولا المجوسي لمجوسيته، ولكن يجب – والله - أن يخشاها الظالم لظلمه، والدجال لدجله، والخائن لخيانته)).اهـ.
وقال الشيخ الطيب العقبي - عفا الله عنه –كما في جريدة "الشهاب" (11/ 326) (غرة جمادىالأولى:1354هـ/أوت:1935): (( .. ويكفي في نظري لربط العلائق بين المتدينين من المسلمين و المسيحيين أن يعمل كل منهما بما جاءت به تعاليم دينه الصحيح، ومتى حققوا العمل بما جاء به (سيدنا عيسى) و (سيدنا محمد) صلى الله وسلم عليهما من مظاهر العدل و الرحمة كانوا أمة واحدة تعمل لخير الإنسانية و صالح هذا المجتمع الإنساني الذي يجب أن تراعي له كرامته و يجب أن لا يحتقر أو يهان في حال من الأحوال)).اهـ. وهذا مخالفا لقول النبي -صلى الله عليه و سلم-: (لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي)، [رواه ابن عبد البر المالكي في (جامع بيان العلم وفضله)]، وينظر قوله بالديمقراطية كما في جريدة "البصائر" (السنة الأولى، عدد:49/ص:2).
و ردّ هذه الأقوال الشنيعة الفضيعة – ومثيلاتها - المخالفة للعقيدة السلفية المحضة، سيأتي في مقالة: (الأخوة الإنسانية وحرية الأديان عند الشيخ ابن باديس .. )، نسأل الله العافية و السلامة، و إلى أقوالهم في (الديمقراطية):
1 - أقوال الشيخ عبد الحميد بن باديس:
ـ قال كما في (الآثار:3/ 166) تحت عنوان: (الديموقراطية عند العرب): ((الديمقراطية الحقيقية عند العرب لا في غرب القرن العشرين .... )).اهـ
ـ و قال كما في (الآثار:5/ 182) تحت عنوان: (الانتخابات و تمثيل الأمة): (( .. ليست الحرية إلا (السلطة على إتيان كل شيء لا يضر بالغير)،فإذا لابد من نظام تعرف به حقوق النفس من حقوق الغير، ويوصل كل أحد إلى حقه ويوقفه عند حده، ولابد أيضاً من هيئات لتشريع القانون وتطبيقه وتنفيذه.
ولا تسلم حرية الشعب والفرد من الأذى وكرامته من المساس إلا إذا كانت هاته الهيئات منه لا من غيره.
والطريق الموصل إلى تكوين هذه الهيئات هو الانتخاب العام الحر الذي تعرب فيه جميع طبقات الأمة عند إرادتها في اختيار هيئاتها .. )).اهـ
ـ وقال كما في (الآثار:5/ 252): ((إن القياصرة سادوا الأمة الروسية أنواع الخسف والذل باستبدادهم، وأن لنين ورفقاءه رموا بها في تجربة مؤلمة بفشلهم، ولعل ما شاهدته الأمة الروسية من البلايا والمحن في العهدين يعرفها هي وغيرها، أن النظام الصحيح هو النظام الديمقراطي المعتدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط)).اهـ
2 - أقوال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي:
ـ قال كما في (آثاره:2/ 376): ((و الأستاذ إنعام الله خان يمثل ديمقراطية الإسلام الصحيحة، فهو يتمنى الخير لجميع الناس بشرط أن يكون حظ المسلمين من ذلك الير موفورًا .. )).اهـ
ـ و قال كما في (آثاره:2/ 376): ((والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبه، وهو قائم على أن الشعب مصدر السلطة، ومن ثم فهو صاحب الحق في الحكم و التشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق، ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضاً، اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع، وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل رأي ديمقراط تدور بين فلاسفة اليونان و قياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً، إلى أن انتصف الله للحق بالإسلام، فجاء بالشورى و المساواة - حكماً من الله - وأين حكم العقول من حكم خالق العقول؟ وجاء عمر فلقَّن العالم درساً عملياً في المثل الأعلى للحكم، ثم جاءت الحضارة الغربية المجتهدة في إثمار الحقول، المقلدة في أثمار العقول، وكان من آثار التعصّب فيها للآريَّة و المسيحية أنها آثرت الديمقراطية على العُمَرية، آثرتها في التسمية و النسبة، أما في التطبيق و العمل، فإن هذه الحضارة - وهي حاضنة المتناقضات - اتسعت لرأي ديمقراط و لرأي ميكيافيلي صاحب كتاب ((الأمير))، فإذا أرادت التلبيس ألبست الثاني ثوب الأول.
(يُتْبَعُ)
(/)
لم تُظلَم هذه الكلمة ما ظُلمت في هذه العهود الأخيرة، فقد أصبحت أداة خداع في الحرب و السلم، وجاءت الحرب فجندها الاستعمار في كتائبه، وجاء السلم فكانت سرابًا بقيعة، ولقد كثر أدعياؤها و مدَّعوها و الداعون إليها، والمدعي لها مغرور، والدَّاعي إليها مأجور، والدعيّ فيها لابسٌ ثوب زور.
أصبح استعمار الأقوياء للضعفاء ديمقراطية، وتقتيلهم للعزل الأبرياء ديمقراطية، ونقض المواثيق ديمقراطية.
لك الله أيتها الديمقراطية .. )).اهـ
3 - أقوال الشيخ العربي بن بلقاسم التبسي:
ـ قال كما في (مقالات في الدعوة: 1/ 180): ((الإسلام في الجزائر بمعابده و أوقافه و رجاله كانت تتصرف فيه تركيا بحكم أنها خلافة إسلامية لا بحكم انها دولة دنيوية.
فكيف تحل فرنسا الاستعمارية محلها في الاستيلاء على الإسلام و شؤونه؟
أيها السادة. هذا هو الدور الأول الذي اعتدت فيه الحكومة الفرنسية الاستعمارية على مبدأ من مبادئ الديمقراطية وهو مبدأ الدولة مفصولة عن الدين)).اهـ
ـ وقال كما في (مقالات في الدعوة:1/ 180 - 181): (( .. ثم جاء دور من أدوار تحديد علاقة الدولة الفرنسية بالأديان و ذلك حين صدر قرار 9 ديسمبر 1905 القاضي بفصل الدين عن الدولة، وكان موقف الحكومة الاستعمارية في الجزائر من الدين الإسلامي أنه ليس بدين، وليس بأهل لأن تطبق عليه قوانين فصل الدين عن الدولة ... إلى أن قال: .. إن هذه المسألة لا ينبغي للديمقراطيين كيفما كان دينهم وكيفما كانت جنسيتهم أن ينظروا إليها كمسألة بين الحكومة الاستعمارية و بين المسلمين الجزائريين. بل الواجب على كل ديمقراطي حر الضمير أن ينظر للمسألة من جهتها الديمقراطية التي هي فصل الدين عن الدولة ووجوب احترام الناس في أديانهم وعقائدهم، وشعائر دينهم، ومنع الحكومة من التفريق بين الأديان التي يعيش معتنقوها في وطن واحد وحتى يعيش الناس في وئام و اتفاق ومع حكومة واحدة. هذا موقف – أيها الديمقراطيون- يجب علينا أن نقفه كلما حاولت الحكومة أن تعتدي على مظهر من مظاهر الديمقراطية)).اهـ
ـ وقال كما في (مقالات في الدعوة:1/ 185): (( .. جمعية العلماء المسلمين عقدت العزم على أن تحقق فصل الدين عن الدولة أو تعيش في خصومة مع الاستعمار بالجزائر، وعلمت أن المسألة يجب أن تنشر في باريس بين الكتل البرلمانية، وتلقى المسؤولية على وزراء فرنسا، وتبلغ إلى العالم الديمقراطي صوتها الشرعي و ظلم الاستعمار للديمقراطية و الدين الإسلامي في هذه البلاد)).اهـ
هذه بعض النقولات في موضوع الديمقراطية لمشايخ ثلاثة – لا على سبيل الحصر – من رؤوس رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين؛ ينبغي التنبيه و التحذير منها و عدم إقرارها، ومن رام الإطلاع فللشيخ أبي يعلى الزواوي – عفا الله عنه - كما في جريدة "البصائر" كلام يفيد أننا " أمة مقيدة بالدستور ديموقراطية". وكذا الشيخ الطيب العقبي – رحمه الله تعالى – كما في المصدر السابق مقالة بعنوان: (جمعية العلماء المسلمين و حكومة الجزائر)، والشيخ مبارك الميلي- رحمه الله تعالى- كما في إهداءه لكتاب (تاريخ الجزائر .. )، وغيرها من آثار الجمعية، وكما يقل في المثل: (حَرِّكْ تَجِدْ)، والنبيه تكفيه الإشارة و التنبيه، والله وحده ولي التوفيق.
[ختاما]
هذه بعض الأقوال الصريحة – نسبةً و مفهومًا - لرجال هذه الجمعيَّة في موضوع: (الديمقراطيَّة=الكفر)، ورغم أنني قرأته لكثير من أعضائها ورجالها: كالشيخ بن باديس و الشيخ أبي يعلى الزواوي و الشيخ البشير الإبراهيمي و الشيخ مبارك الميلي و الشيخ الطيب العقبي و الشيخ العربي التبسي .. إلا أنني مع حسن الظن بهم - أخيراً – لم أتحمس لكتابة تنبيه، أو تنويه، أو تحذير من تلك الأغلاط والأخطاء، وإن نويت فيما مضى، ولكن سطرتُ ما سبق ذكره لوجود من يروج لها إمَّا:
- (تقريرا): كما في بعض الجرائد، والمجلات الجامعية، والرسمية، والكتب المقررة في مدارسنا الابتدائية وغيرها .. مادة: التربية المدنية!، والإسلامية!، والفلسفة! ..
(يُتْبَعُ)
(/)
- أو (دفاعا): كبعض الكُتَّاب و المنتديات العنكبوتية، و مثاله: ما سوَّده الأخ "محمد حاج عيسى" – عفا الله عنه – كما في كتابه: (الرد النفيس على الطاعن في العلامة ابن باديس)، (ص: 253 - 254) حيث قال في مطلبه الثالث: (قضية تحكيم الشريعة): (( .. إن المتكلم بلفظ الديمقراطية قد لا يعني بذلك مبدأها الأصلي الذي هو الحكم للشعب الذي هو كفر، كما لا يعني فصل الدين عن الدولة، وهو من الأسس التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية، ولكن بعضهم يعني بها حرية التعبير و الانتقاد بالطرق السليمة، ومنه ما يستعمله السياسيون المسلمون في معنى حرية المعارضة السياسية المنظمة، وقد يراد بها حرية العقيدة بحيث لا يضيق على أهل الديانات المختلفة و تضمن لهم حرية ممارسة شعائرهم الدينية، فيجعلونها مقابلة للحكم الجبري "الديكتاتوري"، وهذه المعاني لا ترقى إلى كونها من نواقض الإسلام أو لا تعني بالضرورة أن المعبر بها مرتد كافر أو مضلل للناس، وحرية التعبير و حرية العقيدة و إن كانت لها ضوابطها الشرعية المخالفة للطريقة الديمقراطية، فإنه في باب المداراة يجوز استعمال اللفظ المشترك الذي يفهم منه السامع شيئا و يريد به المتكلم شيئا آخر، بل هذا هو معنى التورية التي لا شك في جوازها في حالة الاضطرار، وأنها من الكذب المباح كما قال إبراهيم – عليه السلام – للملك الظالم عن سارة بأنها أخته هو يقصد في الدين و الملك فهم أنها أخته في النسب)).اهـ.
وكلامه هذا فيه مغالطة و أغلاط من وجوه عدة:
-منها: تأويله السمج لكلام ابن باديس في الديمقراطية وتشنيعه على من رد عليه فيها بكلام حق وقال: ((تضليل الشعب بفكرة الديمقراطية، و الديمقراطية هي الكفر عينه إذ أنها تنادي بوجوب إخضاع الحكم للشعب، و الحكم لله عز وجل في شريعتنا و عقيدتنا، فكيف خفي هذا على الشيخ ابن باديس؟)).اهـ.
- ومنها: تكلف الأعذار في حمل الكلام غير ما يحتمل، كقوله: ((إن المتكلم بلفظ الديمقراطية قد لا يعني بذلك مبدأها الأصلي الذي هو الحكم للشعب الذي هو كفر، كما لا يعني فصل الدين عن الدولة، وهو من الأسس التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية)).اهـ.
وكلام ابن باديس في الديمقراطية واضح وضوح الشمس، و يعني كل ما سبق ومنها مبدأها الأصلي كما عبر الرَّاد، و القدقدة - هنا - في غير محلها، ودليل ذلك:
قول ابن باديس كما في (آثاره: 5/ 182): (( .. ليست الحرية إلا"السلطة على إتيان كل شيء لا يضر بالغير"، فإذا لابد من نظام تعرف به حقوق النفس من حقوق الغير، ويوصل كل أحد إلى حقه ويوقفه عند حده، ولابد أيضاً من هيئات لتشريع القانون وتطبيقه وتنفيذه. ولا تسلم حرية الشعب والفرد من الأذى وكرامته من المساس إلا إذا كانت هاته الهيئات منه لا من غيره. والطريق الموصل إلى تكوين هذه الهيئات هو الانتخاب العام الحر الذي تعرب فيه جميع طبقات الأمة عند إرادتها في اختيار هيئاتها).اهـ.
وقوله كما في (آثاره: 5/ 252): ((إن القياصرة سادوا الأمة الروسية أنواع الخسف والذل باستبدادهم، وأن لنين ورفقاءه رموا بها في تجربة مؤلمة بفشلهم، ولعل ما شاهدته الأمة الروسية من البلايا والمحن في العهدين يعرفها هي وغيرها، أن النظام الصحيح هو النظام الديمقراطي المعتدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط)).اهـ.
-ومنها: قول الكاتب - هداه الله تعالى – عن معاني الديمقراطية أنها ((لا ترقى إلى كونها من نواقض الإسلام أو لا تعني بالضرورة أن المعبر بها مرتد كافر أو مضلل للناس))، وهذا فيه من المغالطة ما فيه، حيث أوهم القاري أن القول بها ليس من نواقض الإسلام وأن من رد على خطأ ابن باديس وأمثاله من الكتاب الإسلاميين القائلين بالديمقراطية؛ فقد يلزم منه تكفيرهم ..
وليَعلم الأخ الكاتب – عفا الله عنه – أن (الديمقراطية = الكفر)، وأنها ليست من الإسلام، أما تكفير القائل بها فإنَّ ردَّ الخطأ لا يلزم منه الحكم بالتكفير، أما التضليل فقد ضل الشيخ ابن باديس - و غيره - عن الحق في هذه المسألة و غيرها .. و الحكم بالتكفير في مثل هذه القضايا لأهل العلم الراسخين، وليس لكل من هب ودب.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما خلط الكاتب وعدم ضبطه في المسائل العلمية، راجع فيما يظهر لي- و الله أعلم - لعُقدة عنده – أي: الأخ "عيسى" - نتيجة غلوِّه في الرد على (غلاة التكفير)، ودليل ذلك مقالاته في الرد على من لم يعذر بالجهل في المسائل الواضحة الجلية كشرك العبادة -مثلا-، و مبحثه الثالث العاشر: (عقيدة العذر بالجهل) ضمن كتابه (الرد النفيس .. )، و إقراره لكلام ابن باديس في (الآثار:1/ 158) حول عدم تكفير من وقع في الشرك الواضح الجلي إلاَّ إذا استحل وجَعْله نظير استحلال المعاصي كما في رسالته: (أصول الدعوة السلفية عند ابن باديس و محمد بن عبد الوهاب) صفحة (14و15)، وهذه طامة عقديَّة وافق به -الكاتب - المبتدعة من مرجئة و غيرهم، ويكفي طالب الحق لرد الأولى وتفنيد الثانية -ومثيلاتها- كتاب (عارض الجهل وأثره على أحكام الاعتقاد عند أهل السنة و الجماعة) و (تكفير المعيَّن عند شيخ الإسلام ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب – رحمهما الله تعالى- .. ) للشيخ الفاضل: أبي العلا بن راشد – حفظه الله تعالى - بتقديم عضو هيئة كبار العلماء العلامة الشيخ: صالح بن عبد الله الفوزان - حفظه الله تعالى ونفعنا بعلمه -، والحمد لله رب العالمين.
-ومنها: قوله عن قول ابن باديس بالديمقراطية أنها من باب المداراة، و التورية، ومن باب الاضطرار، و الحقيقة بخلاف ذلك؛ فالشيخ يعبِّر بصريح العبارة عن مبدأها الأصلي، وبعض معانيها، وطبقها في واقعه الدعوي .. الخ.
ألم تقرأ كما في (آثاره: 5/ 138): "أيها الشعب الكريم، كن-كلك-مع الحكومة الفرنسية الممثلة للشعب الفرنسي الديمقراطي اصدق تمثيل. كن كلك ضد كل متعصب ضد أي جنس أو دين.
... ناد من كل قلبك: لتحي الجزائر! لتحي فرنسا الشعبية! ليسقط الظلم والاستعباد! ليسقط أضداد الأجناس وحرية الأديان والأفكار .. ".اهـ.
ألم تقرأ كما في (الآثار: 5/ 519) قوله: ((عجبنا أن تعطل جريدة تصرع بمبدئها السني الديمقراطي على رأس كل عدد منها)).اهـ
أهذا الكلام من باب الاضطرار!!
وبالله عليك عرف المداراة و التورية وهل تنطبق على مثالك؟!
وما وجه القول بها في جميع الحالات؟!
وهل الضرورة ملحة لذلك؟!
وهل لو لم يقل بها بن باديس -وغيره- في مقالاته السابقة - على فرض عدم اعتقاد بعض مباديها - لا تتحقق مصلحة للإسلام؟!
سبحان الله العظيم.
والذي يظهر من خلال تتبعي لكلام ابن باديس فيها و كلام بعض رجال الجمعية مع حسن الظن و مراعاة الظرف الزماني، أن أسباب قولهم بالديمقراطية هي: (الظن أن المناداة بالديمقراطية توفر لهم الحرية في وسط الاستعمار الفرنسي الكافر للقيام بواجب الدعوة).
وهذا التصور قاصر، إذا عُلم أن اليهود و النصارى لن ترضى عن المسلمين حتى يتبعوا ملتهم، والديمقراطية جزء من ملتهم، فهل سيتركون لهم المجال لأن يدعوا إلى ملتهم الإسلامية بما يناقض ملتهم الكفرية؟! اللَّهم (لا)، إلاَّ إذا تبعوهم على ملتهم الكفرية، و الواقع شاهد على ذلك ..
أسأل الله لي ولك الهداية ..
وهذا آخر ما تيسر لي كتابته في هذه الحلقة ..
و الله أسأل و بأسمائه الحسنى و صفاته العُلا أتوسل؛ أن يغفر ذوبنا، ويستر عيوبنا، ويحبب الإيمان في قلوبنا، ويزينه لنا، ويكرّه إلينا الفسوق، و الكفر، و العصيان، إنه ولي ذلك و القادر عليه.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
وَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.
وكتبه/ عبد الحق آل أحمد الجلفاوي
21/ربيع الثاني/1430هـ.
- الجزائر-
ـ[عبدالله الجنوبي]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 04:41]ـ
جزاك الله خيرا أخي
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 09:23]ـ
جزاك الله خيرا أخي
الأخ الكريم: "عبد الله الجنوبي" وإيّاك و بارك الله فيك ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 09:32]ـ
ـ إضافة لما سبق:
(يُتْبَعُ)
(/)
وممن قال بـ (الديمقراطية = الكفر)؛ مُقرا لها، داعيًا إليهَا، جاعلا إيَّاها قرينة الشورى أو بمعنى الشورى، الشيخ عبد الرحمن شيبان – عفا الله عنه - رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المعاصرة، كما في سلسلته (الجزائر مع الديمقراطية في الاحتلال والاستقلال) ضمن جريدة "البصائر"، حيث قال في العدد:440، الاثنين 24 - 30 ربيع الثاني 1430هـ / 19 - 25 أفريل 2009): (( .. فقد كان الدافع لنا لكتابة هذه السلسلة هو مشاركتنا في الندوة العلمية التي نظمتهاجامعة الجزائر في شهر ماي المنصرم تحت عنوان: (التجربة الديمقراطية في البلدانالإسلامية - الجزائر وإندونيسيا نموذجا)، والتي شارك فيها عالمان بارزان منإندونيسيا هما: الشيخ الدكتور أحمد هاشمي موازدي، رئيس جمعية نهضة العلماءبإندونيسيا، والأستاذ الدكتور عبد المالك مدني، عميد كلية الشريعة بجامعة سونانكالي جاكا الإسلامية، وكوكبة من الأساتذة الجامعيينالجزائريين.
وقد اتفق المشاركون في الندوة من الجزائر ومنإندونيسيا على أن الديمقراطية وإن كانت مصطلحا سياسيا غربيا، وتراكما تاريخياللتجربة السياسية في المجتمعات الغربية، إلا أن المجتمعات الإسلامية قد عرفت نظامالحكم الشوري، وعملت به في أزهى عصور الحضارة الإسلامية، وخصوصا في عهد الخلفاءالراشدين، عليهم رضوان الله أجمعين، فالشورى والديمقراطية يلتقيان في معارضةالاستبداد السياسي، ومصادرة إرادة الأمة، ويعترفان بحق الأمة في تولية من تختارهمللحكم وسحبه منهم.
ومن هنا يمكن القول أن المنطلق الفكري لدعوةالإمام المصلح المرحوم الشيخ محمد البشير الإبراهيمي إلى الديمقراطية كانتالمرجعية الإسلامية بكل ثرائها الفكري، والسياسي، والتشريعي، والأخلاقي، وإذا كانتغيوم الاستبداد، وغواية التسلط على رقاب العباد، قد حجبت - في الكثير من المراحلالتاريخية وخصوصا في مراحل الانحطاط وضمور الاجتهاد في الأمة الإسلامية- صفاءوأصالة النموذج السياسي الإسلامي، القائم على الشورى واحترام إرادة الأمة، إلا أنهذا النموذج ظل هو مقياس الحكم الراشد، والمنشود عند أقطاب الحركة الإصلاحية، وزعماء النهضة في المشرق والمغرب، ونذكر منهم في المشرق الإسلامي الشيوخ: جمالالدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وعبد الرحمن الكواكبي الذي خصص لهذا الغرضكتابا بعنوان: (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) الذي جاء فيه:" إن الاستبدادوالعلم ضدان متغالبان فكل إدارة مستبدة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم، وحصر الرعيةفي حالك الجهل، وأخوفُ ما يخافه المستبدون من العلم أن يعرف الناسُ حقيقةً أنالحرية أفضل من الحياة، وأن يعرفوا النفس وعزَّها، والشرفَ وعظمته، والحقوق وكيفتحفظ، والظلم وكيف يرفع، والإنسانية وما هي وظائفها، والرحمة وما هي لذتها ")).اهـ
وقال كما في (الحلقة الرابعة من سلسلته السابقة): ((عرفنا في الحلقات السابقة من هذه السلسلة المعنونة (الجزائر مع الديمقراطية في الاحتلال والاستقلال) التي خصصناها لمحطات هامة فيتاريخ الشعب الجزائري، نماذج متنوعة ومتكاملة للقيادة الرشيدة في الميادينالجهادية والعلمية والسياسية والثقافية، المعبِّرة – بحق – عن تعلق الشعب الجزائريالأبيّ، بالديمقراطية، كما تسمّى في الاصطلاح السياسي العصري، أو النظام الشوري فيالتعبير الإسلامي الأصيل)).اهـ.
وقال - في المصدر السابق - مقرا تأصيل ابن باديس –رحمه الله - للدعوة إليها: ((أما الحلقة الثانية فقد خصصناها لموقف إمام النهضة الجزائرية الحديثة الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي نشر معالم الدستور الجزائري في مجلته "الشهاب" مستهدفا توجيه الأمة إلى ضرورة اتخاذ الديمقراطية منهاجا للحكم عندماينعم الله على الشعب الجزائري باسترجاع السيادة الوطنية.
وقدأصَّلَ الإمامُ ابن باديس دعوتَهُ إلى الديمقراطية من خلال استنباطه موادَّ الدستورالديمقراطي الإسلامي من خطبة الخليفة الأول في الإسلام، أمير المؤمنين، أبي بكرالصديق، رضي الله عنه، بعد مبايعته بالخلافة، وهي تعتبر النموذج الأمثل للديمقراطية الإسلامية)).اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عفا الله عنه: ((ولم تكن دعوة الإمام ابن باديس إلى اعتماد الديمقراطية نظاما للحكم الرشيدنابعة من تأثره بمُوْضَةٍ سياسية، أو بسبب سيطرة الديمقراطية على أنظمة الحكم فيأيامه، فقد نشر مقاله في "الشهاب" في سنة 1938، وكانت هذه الحقبةالتاريخية تكاد تتسم بصعود الأنظمة الشمولية والديكتاتورية، فألمانيا، القوةالرئيسية في القارة الأوروبية، كانت خاضعة للحكم النازي، بقيادة أدولف هتلر، وكانتإيطاليا، ترزح تحت حكم النظام الفاشي، بزعامة بينيتو موسوليني، بينما كان الاتحادالسوفياتي، يمجد النظام الشيوعي وديكتاتورية البروليتاريا، وتوجيهات جوزيف ستالين!
وهي كلها أنظمة تعادي الديمقراطية وتحتقرها. ولكن الإمام ابنباديس كان يؤمن أن الأمة لا تحكم إلا بإرادتها، لأنها صاحبة السلطة الحقيقية، وهيتُفوِّضُها لمن تشاء، وذلك هو نظام الحكم الإسلامي الأصيل)).اهـ
وقال هداه الله: ((أما الحلقة الرابعة لسلسلة (الجزائر مع الديمقراطية في الاحتلال والاستقلال) فنخصصها لموقف أحد أعلام الجزائر الخالدين، وهو الإمام المصلح الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، كنموذج مشرق للدفاع عن الديمقراطية، ومعارضة سلطةالحكم الفردي، ومحاولة فرض مذاهب أجنبية على الشعب الجزائري، تلك المذاهب التيتتصادم في كثير من الأحيان مع الأسس والقيم المستمدة من عمقه الحضاريالإسلامي!
وبهذا نكون قد قدمنا للقراء نموذجين للدفاع عنالديمقراطية والتمسك بها في زمن الاحتلال وعهد المقاومة العسكرية والثقافةوالسياسة للمستعمر، وهما: الأمير عبد القادر الجزائري، والإمام عبد الحميد بنباديس، ونموذجين آخرين في عهد الاستقلال للدفاع عن حق الشعب في الحريةوالديمقراطية، وهما: الرئيس فرحات عباس، والإمام الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، عليهم جميعا رحمة الله)).اهـ
قال عبد الحق غفر الله له: إنًَّ حكاية هذه الأقوال تغني عن ردها و إبطالها، و في سلسلة و ردود الأخ الشيخ سليمان الخراشي – بارك الله فيه – كما سلسلته (نظرات شرعية في فكر منحرف) حول الديمقراطية، كفاية لمن طلب الحق و الهداية.
والله ولي التوفيق.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 12:29]ـ
أخي الكريم آل أحمد:
أعتقد أن اجتزاء الكلمات من سياقها التاريخي يعد جناية كبيرة على الحقيقة وتشويها سيئا لما عرف عن أمثال هؤلاء الأعلام من نصرة للحق ودفع للباطل ورغم موافقتي لك في موقفك من هذا الوثن القديم الجديد (الديمقراطية) وعملك الجاد على اسقاطه والتحذير منه الا أني أحب تنبيهك الى أن هذه الطريقة في عرض مواقف علماء الجمعية من (الديمقراطية) لا يمكن أبدا أن تعبر عن حقيقة موقفهم بل هي -ان شئت- تعبير عن تصورك لحقيقة موقفهم والتي لا تنسجم أبدا مع الحقيقة التي أعرفها وهي أن هذه الكلمات الصادرة عنهم لم تكن سوى حلقة من حلقات مكافحة الاستعمار بنفس أسلحته وتعريته أمام المثقفين من أبناء الشعب ممن رضعوا تلك السموم في محاضن المستشرقين والآباء البيض والتي لم يجد علماؤنا -رحمهم الله- بدا من كشفها وبيان زيفها حتى يفيق أمثال أولئك السكارى من غفلتهم وحسبك بقصة أبراهيم عليه السلام مع قومه أصلا يمكن تخريج هذا الاسلوب عليه وان كنت أقر أن في كلام بعضهم خطأ ظاهرا لا يعبر عن حقيقة الموقف المنهجي بل هو مما لا يكاد يسلم منه أحد الا من عصمه الله وأرجوا أن تحمل كلامي على وجهه الذي اجتهدت في ابرازه رغم ما أتصورلاه في نفسي من قصور وعجز عن البيان ..... أخوك
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 03:56]ـ
بارك الله فيك أخي العاصمي، وغفر لأخي عبد الحق، فكم من مريد للخير لن يصيبه، وكما قالت العرب في المثل السائر: " تعست العجلة "!!!.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه.
ـ[محي الدين ولحين]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 04:36]ـ
اشكر الاخ الكريم على هذه المعلومات التي خصها عن الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى و الذي هو رائد نهضة وعلم في الجزائروله عدة اعمال في مجال تحرير الجزائر.
ـ[جمال الجزائري]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 08:29]ـ
أخي الكريم آل أحمد:
أعتقد أن اجتزاء الكلمات من سياقها التاريخي يعد جناية كبيرة على الحقيقة وتشويها سيئا لما عرف عن أمثال هؤلاء الأعلام من نصرة للحق ودفع للباطل ورغم موافقتي لك في موقفك من هذا الوثن القديم الجديد (الديمقراطية) وعملك الجاد على اسقاطه والتحذير منه الا أني أحب تنبيهك الى أن هذه الطريقة في عرض مواقف علماء الجمعية من (الديمقراطية) لا يمكن أبدا أن تعبر عن حقيقة موقفهم بل هي -ان شئت- تعبير عن تصورك لحقيقة موقفهم والتي لا تنسجم أبدا مع الحقيقة التي أعرفها وهي أن هذه الكلمات الصادرة عنهم لم تكن سوى حلقة من حلقات مكافحة الاستعمار بنفس أسلحته وتعريته أمام المثقفين من أبناء الشعب ممن رضعوا تلك السموم في محاضن المستشرقين والآباء البيض والتي لم يجد علماؤنا -رحمهم الله- بدا من كشفها وبيان زيفها حتى يفيق أمثال أولئك السكارى من غفلتهم وحسبك بقصة أبراهيم عليه السلام مع قومه أصلا يمكن تخريج هذا الاسلوب عليه وان كنت أقر أن في كلام بعضهم خطأ ظاهرا لا يعبر عن حقيقة الموقف المنهجي بل هو مما لا يكاد يسلم منه أحد الا من عصمه الله وأرجوا أن تحمل كلامي على وجهه الذي اجتهدت في ابرازه رغم ما أتصورلاه في نفسي من قصور وعجز عن البيان ..... أخوك
لا فض فاك أخي الكريم
بارك الله فيكما ووفقني وإياكما لما يحب ويرضى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 08:46]ـ
الأخ الكريم"العاصمي من الجزائر":
الجواب على تعليقك:
1 - قولك (أعتقد أن اجتزاء الكلمات من سياقها التاريخي يعد جناية كبيرة على الحقيقة وتشويها سيئا لما عرف عن أمثال هؤلاء الأعلام من نصرة للحق ودفع للباطل)، فيه نوع مبالغة، فالكلام المنقول لم يُبتر وذُكر بسباقه ولحاقه، إلاَّ إذا رغبت في نقل جميع المقال وذكر تاريخ المقال و ملابساته فلك ذلك، وقد يكون حجة لي لا لك، على أن تنصف أخاك، ولك ذلك.
ثم أخي الكريم؛ أيُّ تشويه - سيء - أعظم من تشويه الدِّين الإسلامي– وهو محفوظ بحفظ الله تعالى -، أيخفى عليك حقيقة ما يعقد في المؤتمرات من استدلالات على مشروعية الديمقراطية ومن كلام ابن باديس؟! فهذا واقع ينبغي للسَّلفي فقهه لمعرفة حقيقة (تصور الحقيقة) في انطباق الحكم. فتنبه!
2 - قولك: (ورغم موافقتي لك في موقفك من هذا الوثن القديم الجديد (الديمقراطية) وعملك الجاد على اسقاطه والتحذير منه): ليس موقفي فحسب بل هي عقيدة لأهل السنة و الجماعة، وتحقيق لركن الكفر بالطاغوت.
3 - قولك (أحب تنبيهك الى أن هذه الطريقة في عرض مواقف علماء الجمعية من (الديمقراطية) لا يمكن أبدا أن تعبر عن حقيقة موقفهم بل هي -ان شئت- تعبير عن تصورك لحقيقة موقفهم والتي لا تنسجم أبدا مع الحقيقة التي أعرفها وهي أن هذه الكلمات الصادرة عنهم لم تكن سوى حلقة من حلقات مكافحة الاستعمار بنفس أسلحته وتعريته أمام المثقفين من أبناء الشعب ممن رضعوا تلك السموم في محاضن المستشرقين والآباء البيض .. ) الجواب: العبرة بالصواب، و بما أن هناك حقيقة لموقفهم، و الحقيقة التي تعرفها، و تصوري لحقيقة موقفهم، فلا بد من صواب أحدنا مادام أننا نختلف في الحقيقة، فالحكم بالصواب إذن لأهل العلم، وبما أن أقوال بن باديس –رحمه الله- جزم بخطئها أحد المشايخ الفضلاء من جنوب الجزائر وآخر من مدينة رسول الله - صلى الله عليه و سلم-، والمقال (ومقالات أخر في الموضوع) قرأها و نصح بنشرها -مع نصائح في مضانها- أحد المشايخ الكرام من المملكة - ولا أريد أن أسميه لعدم رغبته في ذلك- أظن تصوري لحقيقة موقفهم صواب. ومع ذلك أخي الكريم يمكنك نقل المقال بفصه و نصه إلى أي شيخ من أهل السنة ووافني بصواب الحقيقة، وأنا شاكر لك، والله الموفق.
4 - قولك ( .. وحسبك بقصة أبراهيم عليه السلام مع قومه أصلا يمكن تخريج هذا الاسلوب عليه) لم أفهمه فلعلك توضح أكثر؟!
5 - قولك (وان كنت أقر أن في كلام بعضهم خطأ ظاهرا لا يعبر عن حقيقة الموقف المنهجي بل هو مما لا يكاد يسلم منه أحد الا من عصمه الله وأرجوا أن تحمل كلامي على وجهه الذي اجتهدت في ابرازه رغم ما أتصورلاه في نفسي من قصور وعجز عن البيان ..... أخوك)، بارك الله فيك وفي إنصافك، وحقيقة الموقف المنهجي رد مثل تلك الأقوال، خاصة مع وجود من يروج لها، ويريد أن يغطي حقيقتها الظاهرة البطلان، فحقيقٌ بطالب الحق الذي علم ثل تلك الحقائق أن يبيّن الباطل من الحق و يحذر من الباطل وينبه، تقربا إلى الله -جل وعلا-، أما حقيقة موقفهم من الديمقراطية و لوازمها، فأقل شيء يمكن أن يقال عن تلك الحقائق أنها (سياسة غير شرعية)، وإن كان الباعث (دعوي =سياسي) – على فرض عدم اعتقاد بعض أصولها لشبهة-فالحقيقة واضحة جليَّة لا تحتاج لتجلية. والله أعلم.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 08:52]ـ
بارك الله فيك أخي العاصمي، وغفر لأخي عبد الحق، فكم من مريد للخير لن يصيبه، وكما قالت العرب في المثل السائر: " تعست العجلة "!!!.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه.
الأخ الكريم"فريد المرادي": اللهم آمين، ومع ذلك أقول لك؛ العجلة في الخير محمودة بدليل إخبار الله - جل وعلا- عن موسى عليه السلام في قوله: ((وعجلت إليك ربي لترضى)) الآية. و لا ينطبق المثل العربي على عملي، لأن حفظ الدين أولى من حفظ العرض، والحق فوق الأشخاص، ناهيك عن المصالح المتحققة في مثل هته المقالات، وهذا معلوم لا يخفى على أمثالكم بارك الله فيكم ووفقني الله و إياكم لمرضاته.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 08:54]ـ
اشكر الاخ الكريم على هذه المعلومات التي خصها عن الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى و الذي هو رائد نهضة وعلم في الجزائروله عدة اعمال في مجال تحرير الجزائر.
الأخ الكريم"محي الدين ولحين": وشكر الله لك وغفر للشيخ بن باديس وغيره من علماء السنة.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 08:57]ـ
الأخ الكريم: "جمال الجزائري": وفيكم بارك الله، وأسأل الله تعالى ان يوفقك للخير، وراجع تعليقي على الأخ الكريم "العاصمي من الجزائر"، والله الموفق.
ـ[أم معاذة]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 09:12]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه المعلومات.
وعلى الإخوة المعترضين أن يبينوا الخطأ في كلام الأخ، فالإعتراض بهذا الشكل لا ينفع والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 03:29]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه المعلومات.
وعلى الإخوة المعترضين أن يبينوا الخطأ في كلام الأخ، فالإعتراض بهذا الشكل لا ينفع والله أعلم.
الأخت الفاضلة الكريمة/ أم معاذة: بارك الله فيك، وسددك الله في القول و العمل. آمين.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 04:49]ـ
أرجوا أن تقبل هذه التعقيبات المقتضبة فأنا أحادثك الآن بال ( google arabic key board) فلا عتب -ان شاء الله-
الأخ الكريم"العاصمي من الجزائر":
الجواب على تعليقك:
1 - قولك (أعتقد أن اجتزاء الكلمات منسياقها التاريخي يعد جناية كبيرة على الحقيقةوتشويها سيئا لما عرف عن أمثال هؤلاءالأعلام من نصرة للحق ودفع للباطل)، فيه نوع مبالغة، فالكلام المنقول لم يُبتر وذُكر بسباقه ولحاقه، إلاَّ إذا رغبت في نقل جميع المقال وذكر تاريخ المقال و ملابساته فلك ذلك، وقد يكون حجة لي لا لك، على أن تنصف أخاك، ولك ذلك.
ثم أخي الكريم؛ أيُّ تشويه - سيء - أعظم من تشويه الدِّين الإسلامي– وهو محفوظ بحفظ الله تعالى -، أيخفى عليك حقيقة ما يعقد في المؤتمرات من استدلالات على مشروعية الديمقراطية ومن كلام ابن باديس؟! فهذا واقع ينبغي للسَّلفي فقهه لمعرفة حقيقة (تصور الحقيقة) في انطباق الحكم. فتنبه!
أخي الكريم:
1 - قلت "السياق التاريخي" ولم أقل "سياق الكلام" والفرق بين العبارتين واضح كما أتصور .. أليس كذلك؟!!
2 - أعتقد بأن تشويه الإسلام باسم ابن باديس لا يعطينا الحق في طعن ابن باديس بدعوى تشويه الاسلام فكلتا النظرتين توظف "ابن باديس" ولا تحاول "فهمه" او على الأقل "فهم حقيقة موقفه" فحتى لو اخطأ هذا الامام في اسقاط مصطلح "دخيل" على معاني "أصيلة" فهذا لا يعطينا الحق أبدا في محاكمة هذا الامام الى دلالة تلك المصطلحات عند غيره ممن يحاول "توظيفه" في "تسويقها" .. أليس كذلك؟!!
2 - قولك: (ورغم موافقتي لك في موقفك من هذا الوثن القديمالجديد (الديمقراطية) وعملك الجاد على اسقاطه والتحذير منه): ليس موقفي فحسب بل هي عقيدة لأهل السنة و الجماعة، وتحقيق لركن الكفر بالطاغوت.
أعتقد بأن وصفي للديمقراطية بال "وثن" كفيل باغنائك عن تكلف مثل هذه الملاحظة (وتحقيق لركن الكفر بالطاغوت) إلا اذا كنت تعتقد فعلا بأن الامام كان يدعوا للتحاكم لغير شريعة الاسلام؟!! وأن أخاك يدافع عن دعوة الامام لمثل هذه الدعاية؟!!
3 - قولك (أحب تنبيهك الىأن هذه الطريقة في عرض مواقف علماء الجمعية من (الديمقراطية) لا يمكن أبداأن تعبر عن حقيقة موقفهمبل هي -ان شئت- تعبير عن تصورك لحقيقة موقفهموالتي لا تنسجم أبدامع الحقيقة التي أعرفها وهي أن هذه الكلمات الصادرة عنهم لم تكن سوى حلقة من حلقاتمكافحة الاستعمار بنفس أسلحته وتعريته أمام المثقفين من أبناء الشعب ممن رضعوا تلكالسموم في محاضن المستشرقين والآباء البيض .. ) الجواب: العبرة بالصواب، و بما أن هناك حقيقة لموقفهم، و الحقيقة التي تعرفها، و تصوري لحقيقة موقفهم، فلا بد من صواب أحدنا مادام أننا نختلف في الحقيقة، فالحكم بالصواب إذن لأهل العلم، وبما أن أقوال بن باديس –رحمه الله- جزم بخطئها أحد المشايخ الفضلاء من جنوب الجزائر وآخر من مدينة رسول الله - صلى الله عليه و سلم-، والمقال (ومقالات أخر في الموضوع) قرأها و نصح بنشرها -مع نصائح في مضانها- أحد المشايخ الكرام من المملكة - ولا أريد أن أسميه لعدم رغبته في ذلك- أظن تصوري لحقيقة موقفهم صواب. ومع ذلك أخي الكريم يمكنك نقل المقال بفصه و نصه إلى أي شيخ من أهل السنة ووافني بصواب الحقيقة، وأنا شاكر لك، والله الموفق.
يتوقف هذا على تحقيق العلاقة بين مصطلحي 'الديمقراطية" و"الحاكمية"
عند ابن باديس وغيره من علماء الجمعية والتي أعتقد جازما أنك لم تحسن تصويرها والفرق بين عرض بعض أقوال علماء الجمعية وبين جمع أقوالهم وتتبعها أوضح من أن يشرح ومع هذا أقول: قد يحكم عالم بخطأ قول من الأقوال لكنه أبدا لن يحكم بأن هذا القول هو التعبير الصادق عن موقف "المخطئ" من المسألة التي يراد بيان "موقفه" منها فمن اكتفى بالأولى "أجحف" و من تكلف عناء الثانية "أنصف" والله أعلم؟
4 - قولك ( .. وحسبك بقصة أبراهيمعليه السلام مع قومه أصلا يمكن تخريج هذا الاسلوب عليه) لم أفهمه فلعلك توضح أكثر؟!
أفضل تركها لوقت لاحق وارجو ان تكتفي بهذه الاشارة الآن ..
أشار ابراهيم عليه السلام لكبير الأصنام حتى يسأله قومه عن "الجاني" حتى يردهم لعقولهم فيسقط سحر "الشرك" الذي غشي "فطرهم" ولا اعلم منتقدا للديمقراطية الا ولجأ لهذه الوسيلة في كشف زيفها وتناقض الداعين إليها رغم اختلافهم في صور هذا الاستخدام والله أعلم
5 - قولك (وان كنت أقر أن في كلامبعضهم خطأ ظاهرا لا يعبر عن حقيقة الموقف المنهجي بل هو مما لا يكاد يسلم منه أحدالا من عصمه الله وأرجوا أن تحمل كلامي على وجهه الذي اجتهدت في ابرازه رغم ماأتصورلاه في نفسي من قصور وعجز عن البيان ..... أخوك)، بارك الله فيك وفي إنصافك، وحقيقة الموقف المنهجي رد مثل تلك الأقوال، خاصة مع وجود من يروج لها، ويريد أن يغطي حقيقتها الظاهرة البطلان، فحقيقٌ بطالب الحق الذي علم ثل تلك الحقائق أن يبيّن الباطل من الحق و يحذر من الباطل وينبه، تقربا إلى الله -جل وعلا-، أما حقيقة موقفهم من الديمقراطية و لوازمها، فأقل شيء يمكن أن يقال عن تلك الحقائق أنها (سياسة غير شرعية)، وإن كان الباعث (دعوي =سياسي) – على فرض عدم اعتقاد بعض أصولها لشبهة-فالحقيقة واضحة جليَّة لا تحتاج لتجلية. والله أعلم.
سبق بيان رأيي في هذه المسألة ولست أخالفك في كل ما ذهبت إليه حتى أعقب عن كل ما أوردت فلا مزيد ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 04:55]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه المعلومات.
وعلى الإخوة المعترضين أن يبينوا الخطأ في كلام الأخ، فالإعتراض بهذا الشكل لا ينفع والله أعلم.
الاخت الفاضلة
أرجوا أن تعيدي القراءة .. فضلا
والاعتراض بهذا الشكل ينفع او على الاقل .. قد ينفع
اذ فيه تنبيه الى أمور متعلقة بواقع الجزائر قد لا ينتبه لها بعض طلاب العلم والذين لا أشك أبدا أنهم أرفع من أخيهم هذا قدرا ولكن كما يقال:
قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر وحسبي أن أكون ساقية صغيرة
أسأل الله أن ينفع بها
ـ[محمد الذهبي]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 01:42]ـ
أخي الحبيب العاصمي أحسنت أحسن الله إليك
وما دعوت إليه مطلب عزيز,
يا صاحب المقال كيف يستقيم عندك الجمع بين الدعوة إلى الله والدعوة إلى الكفر الذي تجمعه إلى الديمقراطية في صنيعك هذا (الديمقراطية = الكفر)!! ليخلص القارئ بهذا إلى أن علماء الجمعية كانوا يدعون إلى الكفر!!!
نعم إنك تحسن التفتيش, والتغبيش, والتحريش, أما أنك تحسن التدقيق والتحقيق فلا وربك, وإلا فقل لي ما تفهم من قول الشيخ ابن باديس: "الديمقراطية الحقيقية", وقوله "أن النظام الصحيح هو النظام الديمقراطي المعتدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط"؟ , وما صلة هذا النقل عن الشيخ العُقبي بموضوعك ( .. ويكفي في نظري لربط العلائق بين المتدينين من المسلمين و المسيحيين أن يعمل كل منهما بما جاءت به تعاليم دينه الصحيح، .... )؟ , والسؤال مثله في قول الشيخ العربي التبسي) ..... أيها السادة. هذا هو الدور الأول الذي اعتدت فيه الحكومة الفرنسية الاستعمارية على مبدأ من مبادئ الديمقراطية وهو مبدأ الدولة مفصولة عن الدين)).اهـ
ـ[أم معاذة]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 02:10]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل العاصمي، ما كنت أبدا لأعلق دون قراءة ما كُتب من قبل.
وقولك "قد ينفع" يدخل في ردك الأول على صاحب الموضوع، فالردود لا بد وأن تكون بالأدلة والبراهين لا بمجرد التخمين والقدقدة. والله أعلم.
وأعلمك بأني قرأت ردك الثاني ولم أجد ما يرد كلام الأخ فيما نقله عن أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، سوى أنك تفرض فرضيات وهذا نابع عن حسن ظنك بما عليه هؤلاء، وهذا من حقك، ولكن الآن أمامنا نقولات من كلامهم لابد و أن يكون الرد مقنعا - بارك الله فيك -، بمعنى أنه لابد و أن تكون هناك نقولات من كلامهم يوضح المعنى الذي ترمي إليه، فانظر إلى كلام البشير الإبراهيمي مثلا كما نقله هو " و قال كما في (آثاره:2/ 376): ((والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبه، وهو قائم على أن الشعب مصدر السلطة، ومن ثم فهو صاحب الحق في الحكم و التشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق، ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضاً، اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع، وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل رأي ديمقراط تدور بين فلاسفة اليونان و قياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً .. "
فواضح أنه يعرف معنى الديموقراطية وبالرغم من هذا يقول عنها بأنها رأي يوناني جميل!! بل ويكرر قوله هذا وفي نفس الفقرة!
فكيف يمكن أن يحمل هذا الكلام على غير ظاهره؟
بارك الله في الجميع.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 03:28]ـ
الخطأ خطأ مهما كان مصدره
أعتقد أن هذه هي القاعدة التي صدر عنها صاحب الموضوع جزاه الله خيرا فلا ضير إذن و لا عتب
إلا أنه من الضروري ولكي يتسنى لنا و ضع كلام هؤلاء الأعلام في قالب معناه الصحيح لا القالب الظاهر فحسب , فينبغي فهم الواقع و إدراك الملابسات التي صدر فيها.
كما أن نصب خلفيات المشايخ العقدية و الفكرية يؤطر لعملية تبيُن المشكل من الصريح المفسر.
و أعتقد أن هذا ما قصده الأخ العاصمي بقوله: "السياق التاريخي"
هذا هو المنهج الذي يفرضه الميزان الشرعي و الذي بإهماله ظُلم الكثير من الذين صدرت ضدهم أحكام بالتضليل أو التكفير لكلمات وُزنت بسياقات غير السياق الذي صدرت عنه أو بإهمال عامل القرينة
و أعتقد أن من أبرز هؤلاء محمد عبده (الماسونية) الواقع
و سيد قطب (وحدة الوجود) القرينة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 04:59]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل العاصمي، ما كنت أبدا لأعلق دون قراءة ما كُتب من قبل.
وقولك "قد ينفع" يدخل في ردك الأول على صاحب الموضوع، فالردود لا بد وأن تكون بالأدلة والبراهين لا بمجرد التخمين والقدقدة. والله أعلم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي الفاضلة - سامحك الله-:
1 - ليس كل تعقيب هو رد على الموضوع فمن التعقيبات ما هو رد على خطئ متصور ومنها ما هو توجيه إلى حقيقة غائبة
2 - قلت (قد ينفع) تنزلا وإلا فقد صدرت قولي بعبارت (والاعتراض بهذا الشكل ينفع) فأرجوا أن تنتبهي
3 - ليس ما أقوله من قبيل التخمين بل هو رأي وصلت إليه من مطالعتي لمؤلفات علماء الجمعية ولك أن تقرئي ما جاء في عيون البصائر حول القضاء الشرعي لتعلمي أن الأمر بحاجة إلى تحرير وبحكم أن أخاك لا يملك الوقت لذلك فقد اكتفيت بالتنبيه ولا أظن بأنني قد أخطأت في حق أحد فلم العتب
وأعلمك بأني قرأت ردك الثاني ولم أجد ما يرد كلام الأخ فيما نقله عن أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، سوى أنك تفرض فرضيات وهذا نابع عن حسن ظنك بما عليه هؤلاء، وهذا من حقك، ولكن الآن أمامنا نقولات من كلامهم لابد و أن يكون الرد مقنعا - بارك الله فيك -، بمعنى أنه لابد و أن تكون هناك نقولات من كلامهم يوضح المعنى الذي ترمي إليه
راجعي النقطة الثالثة مما سبق
فانظر إلى كلام البشير الإبراهيمي مثلا كما نقله هو " و قال كما في (آثاره:2/ 376): ((والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبه، وهو قائم على أن الشعب مصدر السلطة، ومن ثم فهو صاحب الحق في الحكم و التشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق، ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضاً، اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع، وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل رأي ديمقراط تدور بين فلاسفة اليونان و قياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً .. "
فواضح أنه يعرف معنى الديموقراطية وبالرغم من هذا يقول عنها بأنها رأي يوناني جميل!! بل ويكرر قوله هذا وفي نفس الفقرة!
فكيف يمكن أن يحمل هذا الكلام على غير ظاهره؟
بارك الله في الجميع.
يمكن ذلك من نفس النص الذي تنقلين منه فبالاضافة الى ما نقلته قال الشيخ:
اثباته للفرق بين الديمقراطية والعمرية:
1 - إلى أن انتصف الله للحق بالإسلام، فجاء بالشورى و المساواة - حكماً من الله - وأين حكم العقول من حكم خالق العقول؟
2 - وجاء عمر فلقَّن العالم درساً عملياً في المثل الأعلى للحكم، ثم جاءت الحضارة الغربية المجتهدة في إثمار الحقول، المقلدة في أثمار العقول، وكان من آثار التعصّب فيها للآريَّة و المسيحية أنها آثرت الديمقراطية على العُمَرية
حقيقة الديمقراطية عندهم:
1 - أما في التطبيق و العمل، فإن هذه الحضارة - وهي حاضنة المتناقضات - اتسعت لرأي ديمقراط و لرأي ميكيافيلي صاحب كتاب ((الأمير))، فإذا أرادت التلبيس ألبست الثاني ثوب الأول
2 - تُظلَم هذه الكلمة ما ظُلمت في هذه العهود الأخيرة، فقد أصبحت أداة خداع في الحرب و السلم، وجاءت الحرب فجندها الاستعمار في كتائبه، وجاء السلم فكانت سرابًا بقيعة، ولقد كثر أدعياؤها و مدَّعوها و الداعون إليها، والمدعي لها مغرور، والدَّاعي إليها مأجور، والدعيّ فيها لابسٌ ثوب زور
3 - أصبح استعمار الأقوياء للضعفاء ديمقراطية، وتقتيلهم للعزل الأبرياء ديمقراطية، ونقض المواثيق ديمقراطية.
لك الله أيتها الديمقراطية.
وأرجوا أن تكتفي الأخت بهذه الإشارات إلى أن يأذن الله بكتابة موضوع حولها فأنا الآن أكتب من خلال ال google arabic key board كما سبق وأشرت إليه ولا وقت عندي لتتبع مثل هذا لأمر
ـ[أم معاذة]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 09:01]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفاضل العاصمي لا يصح – بارك الله فيك – أن ترد برد كامل على كل ما قلتُه وتطلب مني في الأخير أن أكتفي بتلكم الإشارات ريثما تنتهي من كتابة موضوع حول هذا الأمر، ومع ذلك فلك ما طلبت؛ وردي التالي ليس موجها إليك بل هو توضيح لما ورد في الفقرة التي أشرت إليها من كلام البشير الإبراهيمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هو كلام البشير الإبراهيمي المقتبس من المشاركة الأصلية
بسم الله الرحمن الرحيم
2 - أقوال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي:
ـ و قال كما في (آثاره:2/ 376): ((والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبه، وهو قائم على أن الشعب مصدر السلطة، ومن ثم فهو صاحب الحق في الحكم و التشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق، ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضاً، اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع، وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل رأي ديمقراط تدور بين فلاسفة اليونان و قياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً، إلى أن انتصف الله للحق بالإسلام، فجاء بالشورى و المساواة - حكماً من الله - وأين حكم العقول من حكم خالق العقول؟ وجاء عمر فلقَّن العالم درساً عملياً في المثل الأعلى للحكم، ثم جاءت الحضارة الغربية المجتهدة في إثمار الحقول، المقلدة في أثمار العقول، وكان من آثار التعصّب فيها للآريَّة و المسيحية أنها آثرت الديمقراطية على العُمَرية، آثرتها في التسمية و النسبة، أما في التطبيق و العمل، فإن هذه الحضارة - وهي حاضنة المتناقضات - اتسعت لرأي ديمقراط و لرأي ميكيافيلي صاحب كتاب ((الأمير))، فإذا أرادت التلبيس ألبست الثاني ثوب الأول.
لم تُظلَم هذه الكلمة ما ظُلمت في هذه العهود الأخيرة، فقد أصبحت أداة خداع في الحرب و السلم، وجاءت الحرب فجندها الاستعمار في كتائبه، وجاء السلم فكانت سرابًا بقيعة، ولقد كثر أدعياؤها و مدَّعوها و الداعون إليها، والمدعي لها مغرور، والدَّاعي إليها مأجور، والدعيّ فيها لابسٌ ثوب زور.
أصبح استعمار الأقوياء للضعفاء ديمقراطية، وتقتيلهم للعزل الأبرياء ديمقراطية، ونقض المواثيق ديمقراطية.
لك الله أيتها الديمقراطية .. )).اهـ
ولننظر هل يمكننا حمله على غير ما ظهر منه أم لا!
1 - تكلم البشير الإبراهيمي عن مفهوم الديمقراطية فقال:-
والديمقراطية رأي يوناني نظري جميل، منسوب إلى اسم صاحبه، وهو قائم على أن الشعب مصدر السلطة، ومن ثم فهو صاحب الحق في الحكم و التشريع، وعلى أن الأفراد متساوون في هذا الحق
ورأيه في الديمقراطية مع توضيحه للمعنى خطير جدا وزلة عظيمة، إذ كيف يقول عنها بأنه رأي جميل؟! وأي دافع وسياق تاريخي هذا الذي يجعلنا نشيد بالكفر؟!
ويناقضه رأي آخر يوناني النشأة أيضاً، اصطرع الرأيان في ميدان الجدل، ثم اصطرعا في ميدان العمل حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم، وبابين في فلسفة الاجتماع،
2 – يذكر في هذه الفقرة رأيا آخر يناقض الرأي الأول، موضحا الصراع الذي قام بين الرأيين في مجال الفلسفة والأخذ والرد، إلى أن انتقل هذا الصراع من علم الكلام إلى المجال العملي، حتى أصبحا مذهبين في سياسة الحكم " الجانب العملي " وبابين في فلسفة الإجتماع " الجانب النظري ".
وكانت هذه الآراء الجميلة في الحياة مثل رأي ديمقراط تدور بين فلاسفة اليونان و قياصرة الرومان، أولئك يدرسونها جدلاً، وهؤلاء يدرسونها عملاً
3 - يؤكد مرة ثانية على إعجابه بتلك الآراء ولست أدري ما هي!! ولكن من المؤكد أن رأي ديمقراط داخل فيها، ومبديا تأسفه على بقاء الأخير داخل حيز الصراع الدراسي بين الحكام والفلاسفة، بمعنى أنه لم يتم تحقيقها على أرض الواقع.
إلى أن انتصف الله للحق بالإسلام، فجاء بالشورى و المساواة - حكماً من الله - وأين حكم العقول من حكم خالق العقول؟ وجاء عمر فلقَّن العالم درساً عملياً في المثل الأعلى للحكم
4 - حتى جاء الإسلام وحقق المعضلة، وانتصف للحق، ماهو هذا الحق؟ هو ذاك الذي عجز عن تحقيقه الفلاسفة والحكام، وما الذي عجز عنه أولئك؟ هو جعل الديمقراطية واقعا معاشا، فجاء الإسلام بهذه الديمقراطية والتي هي الشورى والمساواة، ومثل لهذا الواقع العملي المعاش بفترة حكم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - والذي أطلق على تجربته لقب العمرية، طبعا من خلال هذه الفقرة بالذات يتضح بأن البشير الإبراهيمي لم يفهم معنى الشورى والمساواة في الإسلام، ولا معنى الديمقراطية التي أشاد بها في بداية كلامه، فظن أنهما بمعنى واحد وهو المعنى الذي وضحه في البداية، ولا يمكن أن يقال أنه يعبر عن الشورى والمساوة
(يُتْبَعُ)
(/)
بالديمقراطية اسما دون معنى،لأن هذا لا يستقيم مع ما قاله سابقا ومع ما سيأتي لاحقا.
ثم جاءت الحضارة الغربية المجتهدة في إثمار الحقول، المقلدة في أثمار العقول، وكان من آثار التعصّب فيها للآريَّة و المسيحية أنها آثرت الديمقراطية على العُمَرية، آثرتها في التسمية و النسبة
5 - تكلم هنا عن الحضارة الغربية وتعصبها للآرية والمسيحية والذي كان حاملا لها على تفضيلها الديمقراطية " اسما ونسبا " على العمرية " اسما ونسبا "، طبعا العمرية هي نفسها الديمقراطية عند البشير الإبراهيمي، بمعنى: بدلا من أن يقولوا العمرية قالوا:لا، بل ديمقراطية نسبة إلى ديموقراط، تعصبا منهم وحقنا على كل ما هو إسلامي، وكأن لسان حالهم يقول – كما فهمته من كلام الكاتب – الديمقراطية منا وفينا، لا دخل لكم أيها المسلمون فيها! ومما يؤكد هذا قوله " آثرتها في التسمية والنسبة " أي ليس في المعنى، وهذا يدل على أنه يعتبر معنى الديمقراطية والعمرية واحد، وإلا فما الداعي لهذا الحصر؟!
أما في التطبيق و العمل، فإن هذه الحضارة - وهي حاضنة المتناقضات - اتسعت لرأي ديمقراط و لرأي ميكيافيلي صاحب كتاب ((الأمير))، فإذا أرادت التلبيس ألبست الثاني ثوب الأول.
6 - يتكلم الآن عن مدى تطبيق الغرب للديمقراطية والتي تساوي العمرية – عند الكاتب –، فهو يعترف بأن الغرب تناقض من جهة تطبيقها، حيث كان لرأي ديمقراط مكانا واضحا فيها كما كان لرأي ميكيافلي أيضا، فإذا أرادوا – أي الغرب – التلبيس على الناس وادعوا أنهم يطبقون الديمقراطية، جعلوا من الديكتاتورية " رأي ميكيافيلي " ديمقراطية " رأي ديمقراط = العمرية " وهذا ما سيوضحه في الفقرة التالية حيث قال:-
لم تُظلَم هذه الكلمة ما ظُلمت في هذه العهود الأخيرة، فقد أصبحت أداة خداع في الحرب و السلم، وجاءت الحرب فجندها الاستعمار في كتائبه، وجاء السلم فكانت سرابًا بقيعة، ولقد كثر أدعياؤها و مدَّعوها و الداعون إليها، والمدعي لها مغرور، والدَّاعي إليها مأجور، والدعيّ فيها لابسٌ ثوب زور.
أصبح استعمار الأقوياء للضعفاء ديمقراطية، وتقتيلهم للعزل الأبرياء ديمقراطية، ونقض المواثيق ديمقراطية.
لك الله أيتها الديمقراطية .. )).اهـ
هذا ما فهمته من كلامه المنقول هنا.
بارك الله في الجميع.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[09 - May-2009, مساء 09:51]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طبعا من خلال هذه الفقرة بالذات يتضح بأن البشير الإبراهيمي لم يفهم معنى الشورى والمساواة في الإسلام، ولا معنى الديمقراطية التي أشاد بها في بداية كلامه، فظن أنهما بمعنى واحد وهو المعنى الذي وضحه في البداية، ولا يمكن أن يقال أنه يعبر عن الشورى والمساوة بالديمقراطية اسما دون معنى،لأن هذا لا يستقيم مع ما قاله سابقا ومع ما سيأتي لاحقا.
بارك الله في الجميع.
أو يقال أنه فهم معنى الشورى و لكن المعنى الحقيقي للديمقراطية هو الذي غاب عنه و من ثم ظن أن معناهما واحد فينبغي و الحال كذالك أن ننسب له المعنى الذي أراده لا المعنى الذي نقصده نحن
ـ[أم معاذة]ــــــــ[10 - May-2009, مساء 01:22]ـ
أو يقال أنه فهم معنى الشورى و لكن المعنى الحقيقي للديمقراطية هو الذي غاب عنه و من ثم ظن أن معناهما واحد فينبغي و الحال كذالك أن ننسب له المعنى الذي أراده لا المعنى الذي نقصده نحن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غير ممكن، لأنه عرف الديمقراطية ولم يعرف الشورى، وعليه فمعنى الشورى- في كلامه - يُحمل على الديمقراطية التي عرفها بداية لا العكس، فلو أنه ترك مفهوم الديمقراطية والشورى مبهما أو عرف الشورى وتكلم عنها وعن الديمقراطية أو عرف الديمقراطية بتعريف ينطبق على الشورى لأمكن الإحتمال الذي أوردته؛ هذا إضافة إلى أن حديثه الرئيسي كان عن الديمقراطية. والله أعلم.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[10 - May-2009, مساء 06:34]ـ
لازم قولك أختي الكريمة أنه كان يعتقد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ديمقراطيا ديمقراطية غربية و هذا ظاهر الفساد لمعرفتنا بعلم الشيخ و عقيدته و جهاده و هو ما يحملنا على التيقن من معرفته للشورى معرفة العالم المتبصر , و من ثم لزم المعنى الأول و هو فهم الشورى لا العكس.
ـ[أم معاذة]ــــــــ[10 - May-2009, مساء 10:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هو ظاهر كلامه أخي الفاضل، وما حكمتُ إلا بما هو مكتوب أمامي.
بارك الله في الجميع.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[11 - May-2009, صباحاً 03:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الديمقراطية دين مصادم لدين الله عز و جل حيث أنها ـ الديمقراطية ـ تنازعه في أخص خصائصه و هي الألوهية.
فالله سبحانه هو المعبود , و هو المعبود وحده , و معبود بشرعه.
فمن نازعه في شيء من ذالك فقد ادعى لنفسه الألوهية.
و الديمقراطية تجعل حق التشريع للبشر و من ثم تخرجهم من بشريتهم لتجعلهم آلهة يعبد بعضهم بعضا.
ثم جاءنا عالم يزعم أن الديمقراطية هي العمرية!
فنظرنا إلى هذا الزاعم فوجدناه عالما لغويا أصوليا أمضى حياته كلها داعيا إلى الله ساعيا لإعلاء دينه درسا و كتابا و محاضرة , مصرحا أن الناس لن يكونوا مسلمين و لن تستقيم لهم دنياهم و لا أخراهم إلا إذا أذعنوا لشرع الله و أسلموا له تسليما كليا مطلقا , و كان منهجه في ذالك كله سلفيا لا يتنكبه قيد أنمله.
فلا شك أن هذا سيحيرنا و مع ذالك فالصورة التي حاولت إبرازها عن الشيخ كافية للمنصف المريد للحق في أن تجعله يحسن الظن و يتريث و أن لا يستعجل في إصدار الأحكام.
ثم نظرنا إلى الزمن الذي صدر فيه الكلام فوجدنا الناس ـ خاصة المثقفين و العلماء ـ قد اجتروا كلمة الديمقراطية و حملوها في الغالب على محمل حسن , فتارة هي العدل و طورا هي الشورى و أحيانا هي المساواة أو الحرية أو تساوي الفرص .... الخ حتى انطمس معناها الحقيقي أو كاد.
فأسألكم بالله عليكم
على ماذا ينبغي حمل كلام الشيخ رحمه الله
على المعنى الذي صدّرتُ به هذا المقال
أو على المعنى الذي اعتاده الناس في زمنه و ألفوه
إن الاجتزاء الذي مارسه صاحب الموضوع و ما استتبع ذالك من توهم المشكل ظاهرا , منهج خطير و آثاره مدمرة حيث أن نتيجته حتمية هي التكفير أو التبديع و التضليل , و للأسف فقد وجدته قد اعتاد ممارسة مثل هذه التمويهات في مواضيع سابقة مسطرا لكلام خال من العلم و الحكمة أسأل الله أن يهديه.
و ما يثير العجب إصراره على مواصلة الكتابة في نقد علماء الجمعية و محاولة تصويرهم تصويرا غريبا مشوها, متجاهلا دورهم في هدم معالم الشرك و تجديد الدين بحيث أن دعوتهم لا تختلف عن الدعوة النجدية إلا في الزمن أو نوعية العدو و طبيعة الواقع و أقول جازما أنه لا يخالف في ذالك إلا جاهل معاند أو مريض حاقد و صل اللهم و سلم و بارك على محمد و على آله و صحبه.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[13 - May-2009, مساء 10:50]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم: "العاصمي من الجزائر":
-قولك"قلت "السياقالتاريخي" ولمأقل "سياقالكلام" والفرقبين العبارتين واضح كما أتصور .. أليس كذلك" الجواب: بلى أخي الكريم! الفرق واضح ولكنك لم تفهم عبارتي و فهمي لعبارتك أوضح منه بدليل قولي: ( .. فالكلام المنقول لم يُبتر وذُكر بسباقه ولحاقه، إلاَّ إذا رغبت في نقل جميع المقال وذكر تاريخ المقال و ملابساته فلك ذلك، وقد يكون حجة لي لا لك، على أن تنصف أخاك، ولك ذلك.) فتنبه!
-قولك"ابراهيم عليه السلام لكبير الأصنام حتى يسأله قومه عن "الجاني" حتى يردهم لعقولهم فيسقط سحر "الشرك" الذي غشي "فطرهم" ولا اعلممنتقدا للديمقراطية الا ولجأ لهذه الوسيلة في كشف زيفها وتناقض الداعين إليها رغماختلافهم في صور هذا الاستخدام والله أعلم" استدلالك بفعل إبراهيم-عليه السلام- غير مسلّم به، لأن القائلين بالديمقراطية لا ينتقدونها ولا يريدون اسقاطها بل يمدحونها بأنها رأي يوناني جميل، وأن الحقيقية منها عند العرب .. لباعث دعوي سياسي مع معرفتهم أنها حكم الشعب؟! فكيف يستقيم لك استدلالك هذا؟! سبحان الله العظيم!
-أما تعقيبات الأخرى على تعليقاتك أخي الفاضل فقد تركتها لما أعجبني من إنصافك وقولك-زادك الله علما و أدبا-: "ولست أخالفك في كل ما ذهبت إليه حتى أعقب عن كل ما أوردت فلا مزيد .. "فبارك الله فيكم.
---
الأخ الكريم: "محمد الذهبي":
- لفهم معادلة: (الديمقراطية =الكفر) >>> مع >>> (سياق ذكري لها): ينبغي تطبيق عملي لقاعدة مهمة وهي: (ضرب الوسطين=ضرب الطرفين) >>> (النتيجة).ويظهر عندها فهمك الثاقب و أفق التصوّر! لديك أو التدحرج والتكوّر!، والله الموفق.
---
الأخ الكريم:"أبا محمد الإدريسي":
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - هل (الإدريسي) نسبة إلى بلدية (الإيدريسية) المعروفة بـ: (زنينة) غرب ولاية (الجلفة)؟!
2 - جاء في مقالي: (يظهر من خلال تتبعي لكلام ابن باديس فيها (الديمقراطية) و كلام بعض رجال الجمعية مع حسن الظن ومراعاة الظرف الزماني، أن أسباب قولهم بالديمقراطية هي: (الظن أن المناداةبالديمقراطية توفر لهم الحرية في وسط الاستعمار الفرنسي الكافر للقيام بواجب الدعوة)، و في تعليق على أخي الفاضل "العاصمي من الجزائر" بينت أن من باعث قولهم بالديمقراطية الباعث الدعوي السياسي، وهذا يرد ما شنعت به على أخيكم في هذه الجزئية في قولك (إن الاجتزاء الذي مارسه صاحب الموضوع و ما استتبع ذالك من توهم المشكل ظاهرا , منهج خطير و آثاره مدمرة حيث أن نتيجته حتمية هي التكفير أو التبديع و التضليل , و للأسففقد وجدته قد اعتاد ممارسة مثل هذه التمويهات في مواضيع سابقة مسطرا لكلام خال منالعلم و الحكمة أسأل الله أن يهديه.
و ما يثير العجب إصراره على مواصلة الكتابة في نقد علماء الجمعية و محاولة تصويرهم تصويرا غريبا مشوها, متجاهلا دورهم في هدم معالم الشرك و تجديد الدين بحيث أن دعوتهم لا تختلف عن الدعوة النجدية إلا في الزمن أو نوعية العدو و طبيعة الواقع و أقول جازما أنه لا يخالف في ذالك إلا جاهل معاندأو مريض حاقد). ولو تدبرت الترجمة الموجزة للشيخ بن باديس – رحمه الله تعالى- وقولي: ( .. وبموته خسرت الجزائر رجلا من رجالها المصلحين، الذابين عن الدين، وسيفا مصلتا علىالتيجانيين المبتدعين في الدين، و فرقة "العليوي" الحلوليين .. أسأل الله -تعالى- أن يغفر زلاته و يرفع درجاته، اللَّهم آمين.) لما شنعت قائلا: ( .. متجاهلا دورهم في هدممعالم الشرك و تجديد الدين .. ) والذي يرده قولك الآخر: (الخطأ خطأ مهما كان مصدره أعتقد أن هذه هي القاعدة التي صدر عنها صاحب الموضوعجزاه الله خيرا فلا ضير إذن و لا عتب إلا أنه من الضروري ولكي يتسنى لنا و ضعكلام هؤلاء الأعلام في قالب معناه الصحيح لا القالب الظاهر فحسب , فينبغي فهمالواقع و إدراك الملابسات التي صدر فيها.).
3 - أما قولك عن دعوة رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأن: (دعوتهم لا تختلف عن الدعوة النجدية إلا في الزمن أو نوعية العدو و طبيعة الواقع .. ) فمغالطة كبيرة، ومن طالع آثار الجمعية وكتاب الشيخ العلامة صالح العبود-حفظه الله تعالى-حول دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى- علم أنها دعوة متأثرة -أساسا- بدعوة جمال الدين الأفغاني و محمد عبده .. وأقول (جازما أنه لا يخالف في ذالك إلا جاهل معاندأو مريض حاقد) أو ملبس عليه .. والله أعلم.
----
الأخت الفاضلة الكريمة: "أم معاذة":
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
ولا يسعني إلا أن شكرك امتثالا لقول النبي – صلى الله عليه و سلم- (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) على ما تبذلينه من بيان للحق، وإنصاف للخلق، وهكذا العلم و الفهم – نحسبك و الله حسيبك - ..
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[14 - May-2009, صباحاً 03:42]ـ
أخي الكريم عبد الحق آل أحمد
أعتقد أن استحسان الديمقراطية و إن قُصد بها غير حقيقتها الكفرية خطأ فاحش ولهذا قلتُ ما قلت في تعليقي الأول, مع ما نبهت عليه من ضرورة مراعاة سياق الحدث.
و أما ما علقتُه بعد ذالك فكان بعد قراءة بعض مقالاتك التي خصصت بها الجمعية , و لقد هالني ما وجدت فيها من التجني بسبب التسرع في تقرير الفهم من غير اجتهاد لمحاولة تبيُن المعنى المقصود مما يقتضيه البحث من طلب للحق و العدل.
فانظر إلى قولك مثلا:
بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيهات على كتاب: (مجالس التذكير من حديث البشير النذير) للشيخ عبد الحميد بن باديس – رحمه الله تعالى –
التنبيه الثالث:
[تكفير بكبائر الذنوب موافقا بذلك المعتزلة وغيرهم]
قال الشيخ ابن باديس – رحمه الله تعالى - ص (126):" أما الذي يجاهر بمعصيته ويعلن بها، فهذا قد تعدى على مجتمع الناس بما أظهر من فساد، وما أوجد من قدوة سيئة، وما عمل بمجاهرته على شيوع الفاحشة فيهم، وقد تعدى على الشرع بما انتهك من حرمته، وجرأ من السفهاء عليه، وهو بمجاهرته قد دل على استخفافه بحق الله وحق عباده وعلى عناده للدين، وخلو قلبه من الخوف والحياء، وأي إيمان يبقى بعدهما".اهـ
أقول و بالله التوفيق:
(يُتْبَعُ)
(/)
يفهم من كلام ابن باديس أن المجاهر بالمعصية والمعلن بها دليل على استخفافه بحق الله و حق عباده وعناده للدين وبهذا لا يبقى إيمان في قلبه ولا خوف ولا حياء؛ وهذا تكفير بالمعاصي واضح منه – عفا الله عنه – وافق به مذهب الخوارج و المعتزلة، فمن عقيدة أهل السنة و الجماعة أنهم لا يكفرون بمطلق المعاصي ولا المجاهرة بها إلاَّ إذا استحلها استحلالا عقديا لا عمليا، كما هو مقرر في عقائد أهل السنة و الجماعة أتباع السلف الصالح:
ـ قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى و أجزل له الثواب – كما في كتابه (الكبائر): " ولهما – أي البخاري و مسلم - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملا بالليل، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه، وأصبح يكشف ستر الله عليه)) ".
كل أمتي معافى: من العافية وهو إما بمعنى عفا الله عنه وإما سلمه الله.
والمجاهر: الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها.
قال النووي: إن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به.
قال ابن بطال: وفي الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم.
وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل أهلها وستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه، فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد الستر بها حياء من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه ".اهـ
أخي القاري؛ لم يظهر من كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – ونقولاته عن بعض الحفاظ من شُرَّاحِ الحديث كالنووي و ابن بطال؛ أن المجاهر بالمعصية باستخفافه يكفر ويخلو قلبه من الخوف والحياء، بله خلوه من الإيمان كما صرح ابن باديس عقب كلامه عن المجاهر بالمعصية في قوله: "وأي إيمان يبقى بعدهما " (!)، بل غاية ما قالوا أن الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم ومن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره .. إلى غير ذلك من الشرحات والمعاني والفوائد على الحديث التي لم يُذكر منها – فيما علمتُ- التكفير بالاستخفاف وخلو القلب من الإيمان و الحياء و الخوف كما ظهر من كلام ابن باديس - رحمه الله وغفر له زلاته - موافقا بذلك الخوارج و المعتزلة ونحوهم ممن كفر بكبائر الذنوب، فينبغي التنبه و التنبيه لذلك، والله أعلم.
-------------
هذا مثال واحد يكشف مدى التسرع و مجانبة العلم و الحكمة و هي ظاهرة ـ للأسف ـ لونت جل مقالاتك رغم محاولة تزيينها بشواهد يأتي كثير منها في غير محله.
لذا أخي الجلفاوي ـ و الجلفة مدينة الأصالة و الشرف و المعدن الطيب ـ أنصحك بالتريث و استرشاد من تثق في علمه و حكمته قبل النشر. هذه نصيحة أخ مشفق محب, حتى إذا ارتدت ساحة الشيخوخة ـ و ربما لا زلت شابا ـ رضيت بما كتبت و رجوت نفعها يوم لا ينفع فيه سوى الخالص الصالح.
أخيرا أخوك إدريسي نسبا و أما الدار فمدينة معسكر.
أسال الله العلي القدير أن يغفر لنا خطأنا و عمدنا و صلى الله و سلم و بارك على محمد و على آله و صحبه.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[14 - May-2009, مساء 11:19]ـ
المجاهر بالمعصية يقع في عدة معاصي أخرى منها:
1كشف ستر الله تعالى
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ".
البخاري (5721) ومسلم (2990).
2نشر الرذيلة بين المسلمين
3الدعوة إلى المعصية والفساد
قال الله تعالى:
((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة))
النور 19
4المفاخرة بالمعصية و هذه خطرها أعظم حيث أنها قد تؤدي إلى الردة و الخروج عن الدين و العياذ بالله.
قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم،
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها من إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير إن لم يوجب حدّاً،
وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة،
والذي يجاهر يفوته جميع ذلك.
" فتح الباري " (10/ 487 - 488)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هناك قسم ثالث فاسق مارد ماجن، يتحدث بالزنى افتخاراً والعياذ بالله، يقول: إنه سافر إلى البلد الفلاني، وفجر وفعل وزنى بعدة نساء، وما أشبه ذلك يفتخر بهذا:
هذا يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل؛ لأن الذي يفتخر بالزنى: مقتضى حاله أنه استحل الزنى والعياذ بالله، ومن استحل الزنى فهو كافر.
ويوجد بعض الناس الفسقة يفعل ذلك، الذين أصيب المسلمون بالمصائب من أجلهم ومن أجل أفعالهم.
يوجد من يتبجح بهذا الأمر، إذا سافر إلى بلد معروف بالفسق والمجون مثل (بانكوك) وغيرها من البلاد الخبيثة التي كلها زنى ولواط وخمر وغير ذلك: رجع إلى أصحابه يتبجح بما فعل.
هذا - كما قلت - يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ لأن من استحل الزنى أو غيره من المحرمات الظاهرة المجمع عليها , فإنه يَكفر.
شرح رياض الصالحين (1/ 116).
و هل صنيع ابن عثيمين (تكفير بالمعاصي واضح منه – عفا الله عنه – وافق به مذهب الخوارج و المعتزلة)؟.
و هل ابن بطال يكفر بالكبيرة؟
و هل ابن حجر كذالك لأنه لم يتعقبه؟
و لا يقال أن الاستخفاف بحق الله ليس كفرا كما هو مفهوم من كلامك
بل هو من أعظم الكفر ,لكنه غير مراد هنا حقيقة و لكن لما كان الغرظ هو النصح و التذكير, خرج الكلام مخرج الزجر و الترهيب فذكر الاستهزاء لمشابهته للجهر بالمعصية صورة , و هذا مسلك معروف في كلام العلماء قديما و حديثا بخلاف الكلام الذي يصدر تقريرا للقواعد فهذا يلزم تحرير الدقة فيه.
و أما قول الشيخ رحمه الله: (وخلو قلبه من الخوف والحياء، وأي إيمان يبقى بعدهما)
فالشرع قد نزع عن مثل هذا صفة الإيمان " لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن "
فإن قلت: أن الحد المنفي هو الواجب لا الأصل كما هو مقرر في معتقد أهل السنة خلافا للخوارج و المعتزلة.
قيل أن هذا هو الذي يتعين حمل كلام الشيخ عليه و هو من هو علما و متابعة و ما قيل في الإيمان يقال عن الخوف و الحياء و الله المستعان.
ـ[أم معاذة]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 03:42]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال - بارك الله فيك -، أنت قلت بأن كلام الشيخ ابن عثيمين فيه تكفير بالمعاصي وهذا واضح منه، فما المانع من أن يقال بأن الشيخ وافق الخوارج والمعتزلة بهذا الكلام؟
سؤال للإستفادة.
بارك الله في الجميع
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 06:51]ـ
الشيخ علم من أعلام أهل السنة , و المفاخرة شبيهة بالاستحلال صورة , فصدر كلامه رحمه الله زجرا للمفاخر و تحذيرا من أن يتطابق الفعل شكلا و قصدا.
و أما قولي: و هل صنيع ابن عثيمين (تكفير بالمعاصي واضح منه – عفا الله عنه – وافق به مذهب الخوارج و المعتزلة)؟.
فهذه صيغة استنكار مقتبسة من كلام الأخ رعاه الله على ما أورده في تنبيهه على الشيخ ابن باديس بقوله: وهذا تكفير بالمعاصي واضح منه – عفا الله عنه – وافق به مذهب الخوارج و المعتزلة.
ـ[أم معاذة]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 07:42]ـ
و المفاخرة شبيهة بالاستحلال صورة , فصدر كلامه رحمه الله زجرا للمفاخر و تحذيرا من أن يتطابق الفعل شكلا و قصدا.
.
أرجو أن توضح لي أكثر لو تكرمت.
بارك الله في الجميع.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 07:57]ـ
عندما يصدر عن أهل العلم من أهل السنة كلام مشكل فإما أن السياق ذاته قد يفسر آخرُه أوله, أو ربما يتعين حمله على الواضح من الكلام في موضع آخر.
و المفاخرة هي الدافع للجهر بالمعصية , و قد يكون الاستحلال لازما للمفاخرة , إلا أننا لا يمكننا تقريره إلا بالتزام المفاخر له أو بإصرار منه مستتبع بالقتل. و هذا ما نص عليه الشيخ بقوله:
(هذا - كما قلت - يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ لأن من استحل الزنى أو غيره من المحرمات الظاهرة المجمع عليها , فإنه يَكفر.)
و لا يمكننا القول أن المفاخرة استحلال مطلقا , لأنه حينها لا انفكاك من العود على المجاهرة بوصم الاستحلال و هذا باطل.
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 09:26]ـ
أرجو أن توضح لي أكثر لو تكرمت.
بارك الله في الجميع.
قصد الفعل لازم لإسقاط وصف الكفر بخلاف قصد الكفر فإنه ليس شرطا , و من ثم فعند الاشتباه ينبغي تبين القصد (مفاخرة , استحلال , استهزاء).و قد يكون للقرائن دور في الترجيح.
قوليه = التزام
فعلية = إصرار مع مظنة القتل
ـ[أم معاذة]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 09:51]ـ
و المفاخرة هي الدافع للجهر بالمعصية , و قد يكون الاستحلال لازما للمفاخرة , إلا أننا لا يمكننا تقريره إلا بالتزام المفاخر له
هل تعني إقرار المفاخر باستحلاله للمعصية؟
أو بإصرار منه مستتبع بالقتل. و هذا ما نص عليه الشيخ بقوله:
(هذا - كما قلت - يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ لأن من استحل الزنى أو غيره من المحرمات الظاهرة المجمع عليها , فإنه يَكفر.).
يبدو أنك لم تع كلام الشيخ – بارك الله فيك - فهو قال أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل وكما هو معلوم فالإستتابة تكون للمرتد لدرء العقاب عنه، بمعنى أن الشيخ حكم بردته قبل عرضه على السيف وليس بعد ذلك، ولهذا قال بعدها "لأن من استحل الزنى أو غيره من المحرمات الظاهرة المجمع عليها , فإنه يَكفر" فهنا بين الشيخ علة قوله بوجوب استتابة المجاهر، وهو الإستحلال لما حرم الله المجمع عليه، وهذا كفر.
فالشيخ يرى – في هذه الفقرة - كفر المجاهر بالمعصية.
بارك الله في الجميع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومحمدالإدريسي]ــــــــ[15 - May-2009, مساء 10:10]ـ
الاستتابة لا تكون للمرتد فحسب بارك الله فيك بل تكون كذالك عن المعصية التي تكون داعية للرذيلة وناشرة للفساد.
و لا شك أن المفاخرة فيها تشجيع على الحرام و تزيين له ودعوة إليه و هذه كلها مظنة استحلال فالاستتابة منها واجبة و أما قوله رحمه الله: لأن من استحل الزنى أو غيره من المحرمات الظاهرة المجمع عليها , "فإنه يَكفر".
فهذا يكون بعد الإصرار مع مظنة القتل لا قبل.
ـ[أبو أسامة الشاوي]ــــــــ[29 - Sep-2009, مساء 12:55]ـ
قرأتُ اللحظة ما كتبه الإخوة الموفّقون عن أشياخ النهضة والعلم، وقد شدّني ما كتب الأخ الجلفاوي الكريم، وتبيّن لي وأنا أعاود النظر في ثنايا تقرياته وما ألزم به أئمة الهدى من لوازمَ غاية في الخطورة، ونهاية في السقوط، فهي بحقّ لوازمُ مرّةٌ مبكية.
ليت شعري لو كان البشير حيّاً وقرأ ما وُصم به، كيف كان سيقول، وماذا كان سيخط بقلمه؟
أو لو كان شيخ النهضة بين أظهرنا ماذا كان يعتريه، وقد صوّب له الأخ الكريم كلّ هذه المهلكات، وناشَه بسهام طائشة يميناً وشمالاً؟
ثم الغريب المغرِب والعجيب المعجِب أن الأخ الجلفاوي وبعد أن يلصق بأولئك الأطهار صنوف الموبقات؛ يترحّم عليهم ويثني على جملتهم وأفرادهم، وكأنّ ما أخطأوا فيه (بفهمه الطيب) أشياء فروعية لا تفسد للودّ قضيّة؟
وعلى كلٍّ فيظهر من حال الأخ الجلفاوي أنه حضّر نفسه لهذه الجزئيّة، وحشد لها ما استطاع مما عساه ينفعه في تجويد فهمه وتسويغه وتمريره، وذلك اختيارُه.
ولستُ الآن أمام مكتبتي حتى أراجع منقولاتهم المسوقةَ هنا، فكم من منقول يتبيّن وجهْه الحقّ عند مراجعة أصله، ولكن يكفي أن يُقال لمن أراد الحق على وجه القطع-دون مثنوية-: هذه أمامك كتب علماء الجمعية؛ ابن باديس والبشير والعقبي والتبسي، شاهدةٌ بنقض ما قرره الأخ الجلفاوي، وعشرات النصوص الصريحة منهم تنسف ما فهمه عنهم، ودونك ما كتبوا ولا تغترّ بكلام من يَسوق لك عصارة ما فهمه هو ولزمه هو ...
وغريبٌ ألا يثير الأخ الكريم زوبعة أخرى، وهي تلك التي دندن حولها الشيخ البشير في آثاره كثيراً، وهي مطالبته بالعلمانية، وأنها أنفع للشعب الجزائريّ من غيرها؟!
عجيبٌ ألا يثيره هذا (مع أن كلام البشير نهاية في الإبداع وحسن العرض والاستدلال= لمن حسُن فهمه واتسع درْكه وانفسحت أمام ناظره شواهد كليات الشرع وآحاده)؟
أخي الجلفاوي: وفقك الله للخير وصدّ عنك فهم السوء وعصمك من شر كلّ ذي شر، لو علمتَ أيّ مرتقى رقيْت! غفر الله لك
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[25 - Oct-2009, مساء 09:29]ـ
الأخ الكريم "أبا أسامة الشاوي"- وفقني الله و إياك -:قولك: (ولستُ الآن أمام مكتبتي حتى أراجع منقولاتهم المسوقةَ هنا، فكم من منقول يتبيّن وجهْه الحقّ عند مراجعة أصله، ولكن يكفي أن يُقال لمن أراد الحق على وجه القطع-دون مثنوية-: هذه أمامك كتب علماء الجمعية؛ ابن باديس والبشير والعقبي والتبسي، شاهدةٌ بنقض ما قرره الأخ الجلفاوي، وعشرات النصوص الصريحة منهم تنسف ما فهمه عنهم، ودونك ما كتبوا ولا تغترّ بكلام من يَسوق لك عصارة ما فهمه هو ولزمه هو ... ).اهـ
فيه تناقض يهدم ما قلته من حكم دون مراجعة و تحرير، "فكم من منقول يتبيّن وجهْه الحقّ عند مراجعة أصله" فهلا راجعت ثم حكمت؟ أم هو الهـ. ى و التعصب الأعـ. ى .. غفر الله لك ..
ولا أدري هل فهم أمثالك معتبر أم فهم أهل العلم و طلبة العلم ممن أيدوا هذه المقالة و فيهم مشايخ فضلاء يحبذون عدم ذكر أسمائهم؟؟(/)
الإسلاميون والبطالة ... الشيخ عبد المنعم الشحات حفظه الله
ـ[ابن الزبير]ــــــــ[26 - Apr-2009, صباحاً 01:48]ـ
الإسلاميون والبطالة
كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالإسلام عقيدة وشريعة جاء لينظم لأتباعه كل شئون حياتهم (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162).
هذه القضية تعتبر من المسلمات بالنسبة لأبناء الصحوة الإسلامية كما أنها معلومة لعوام المسلمين بصورة أو بأخرى، بينما يصر العلمانيون على التغريد خارج السرب وعلى رفض التحاكم إلى الشرع مع استمرار انتسابهم إلى الإسلام، ولحل هذه الإشكالية فإن العلمانيين عادة ما يصورون أن تطبيق الشريعة هي مسألة خصومة بينهم وبين الإسلاميين؛ أي أنها ليست خصومة مع الإسلام ذاته من وجهة نظرهم طبعًا، لم يكلف أحدهم نفسه عناء أن يقدم لنا تفسيرًا لنصوص الأحكام من القرآن والسنة وما هو موقفه منه.
وتستر القوم وراء ستار مهاجمة الإسلاميين، هذا إذا التزموا بأعلى درجات ضبط النفس وإلا فهناك قاموس آخر من الألقاب من عينة الإرهابيين والظلاميين والرجعيين ... إلخ.
والذي أقل أحواله أن يأتي من باب مفهوم المخالفة؛ كتسمية أنفسهم بالتنويريين في مقابلة الإسلاميين الذي يسبق إلى ذهن القارئ أنهم هم الظلاميون ولا شك.
وللعلمانيين التنويريين في مواجهة الإسلاميين حيل غاية في العجب: منها أنهم يقبلون من أصحاب كل منهج وأتباع كل نحلة أن يعرضوا فكرتهم مجملة ولا يطالبون بالتفصيل إلا إذا اقتضى الأمر ذلك؛ فهم يهللون مثلاً لعبارة: "أنا أشك إذن أنا موجود" ويعتبرون هذه الكلمة مدرسة يتربى عليها أجيال من التنويريين؛ مع أن الكلمة في غاية الإجمال وطبعًا نحن نرفض هذه الكلمة شكلاً ومضمونًا ولا نعترض عليها لمجرد إجمالها، ولكن المقصود الموازنة بين قبولهم لهذا الإجمال الشديد هنا وبين ما يكررونه ليل نهار من أن الحركة الإسلامية تكتفي بالإجمال ولا تقدم حلولاً تفصيلية.
ولو سلمنا جدلاً أن الحركة الإسلامية اكتفت ببيان أن تطبيق الشرع يحقق للناس المصلحة في الدنيا والآخرة (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف:96)، ألا يعد هذا حلاً إجماليًّا مقبولاً؟
ألا يكون ذلك بمثابة من يصف لك الطريق إلى الطبيب الماهر حتى وإن لم يخبرك بما سيصف لك من دواء؟ أم أنهم يخفون خجلهم من الاعتراف بأنهم لا يرون في تطبيق الشرع أنه سوف يحقق ما وعد الله به من البركات في الدنيا والآخرة؟!
الحاصل أن الإسلاميين وحدهم هم المطالبون بالتفصيل، وإلا اتهم مشروعهم بعدم العملية، وكلما انبرى بعض الإسلاميين لكي يقدم المشروع التفصيلي المتضمن للتشريعات الإسلامية والاقتصادية والاجتماعية وبعض هذه المشاريع مطبق عمليًا على أرض الواقع؛ مثل البنوك الإسلامية والمدارس الإسلامية والقنوات الفضائية الإسلامية "مع التحفظ على كثير من ممارستها" حاول العلمانيون أن يهونوا من نجاح هذه التجارب العملية، وفي نفس الوقت يحاولون إثارة التساؤلات عن المنهج الإسلامي لحل بعض المشاكل التي يغلب على ظنهم أن الإسلاميين لا يملكون فيها حلاً؛ حتى خشينا أن يتساءلوا عن الحل الإسلامي لعلاج ثقب الأوزون مع أن الإسلاميين لم يدعوا أن الوحي ما يزال يتنزل عليهم على طريقة رجال الكنيسة في العصور الوسطى؛ وإنما يدعون لتطبيق قواعد الشرع المنزل في جميع مناحي الحياة، ومن هذا الشرع: الأمر بالسير في الأرض، ومن هذا الشرع: إن الأصل في المعاملات الإباحة.
بيد إن معظم القضايا التي يتعرضون سوف يساهم تطبيق الشرع في حلها على الأقل من باب أنها من جملة فروض الكفايات مما يوجد دافعًا دينيًّا يلزم المتخصصين بالقيام بحل هذه المشكلات، وهو دافع تبحث عنه الحكومات المدنية في كثير من الأحوال.
ومن هذه القضايا التي يظن العلمانيون أن الإسلاميين لا يملكون فيها حلولا تفصيلية: مشكلة البطالة؛ ذلك لأنها ترتبط في كثير من الأحيان بأوضاع اقتصادية تفصيلية.
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا أن مشكلة البطالة من المشاكل التي يؤدي تطبيق الشريعة في المجتمع إلى حل جزء كبير منها مع اختلاف الظروف، ونضرب أمثلة لبعض التشريعات التي تؤدي إلى انخفاض معدل البطالة:
- الأول: من أهمها تحريم الربا، والذي يكون بديله أن أصحاب المدخرات المتوسطة والصغيرة عليهم أن يستثمروها عن طريق العمل وليس عن طريق إعطائها للمستثمرين الكبار بالربا؛ إما مباشرة وإما عن طريق البنوك، وهذا يوفر عددًا لا بأس به من المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ والتي تعاني الدول معاناة كبيرة في محاولة توفيرها لتوفر من خلالها فرص عمل للشباب.
- الثاني: من مصارف الزكاة توفير آلة الحرف للفقير القادر على الكسب والذي لا يجد آلة حرفة، وهي فكرة مطبقة على بعض المستويات في بعض الجمعيات الخيرية.
- الثالث: التربية الإسلامية التي تزهد في متاع الحياة الدنيا -لا سيما المفقود منها- يعين الشباب على القبول بالأعمال الشاقة بدلاً من التسكع انتظارًا للوظيفة المرموقة.
- الرابع: التشريع الإسلامي في شأن المرأة؛ والذي اعتبر مجال عملها الأول هو بيتها -وإن أباح لها العمل كاستثناء وليس قاعدة- يوفر فرص عمل للرجال، ويضمن توزيعًا عادلاً لفرص العمل بين الأسر؛ بخلاف الوضع الحالي الذي يمكن أن تحصل فيه بعض الأسر على فرصتي عمل في مقابل فقدان أسرة أخرى لأية فرصة عمل.
بالإضافة إلى أن الأسرة التي فيها امرأة عاملة غالبًا ما يرتفع مستوى إنفاقها؛ كنتيجة لارتفاع دخلها ولاحتياج المرأة فيها إلى الكثير من التسهيلات وكثير من الكماليات، ولو أضفنا إلى هذا شيوع التبرج وكم الإنفاق الذي يتم عليه علمنا أن عمل المرأة غالبًا ما يعود إلى تجارات تسحب الثروة إلى خارج البلاد بلا فائدة؛ بل وبفرص عمل محدودة فضلاً عن كونها محرمة في الغالب.
- الخامس: تحريم الإسلام لكثير من صور اللهو، وتحريمه للتكسب من اللهو حتى المباح منه يمنع وجود الصور المثبطة عن العمل؛ كما يحدث الإحباط لدى الشباب عندما يشاهد الدخول الفلكية للفنانين ولاعبي الكرة مما يجعل بعضهم يلهث خلف هذا السراب وبعضهم على الأقل يصيبه الإحباط العام.
- السادس: التشريع الإسلامي في شأن تنظيم إحياء الموات وتمليك الموات لمن أحياه يساعد على سرعة انتشار العمران وتناسبه مع الازدياد في حاجة الناس، وهذا لا يمنع أن الدولة الإسلامية من الممكن أن تسبق إلى إحياء موات ثم تعيد توزيعها بالضوابط التي تراها؛ ولكن هذا لا يمنع من الإقرار لمن أحيا مواتًا من تلقاء نفسه بحقه الشرعي في تملكه.
هذه بعض للتشريعات الإسلامية ذات الأثر في علاج قضية البطالة؛ هذا بخلاف مبادئ الشريعة العامة: من العدالة، والإخوة الإيمانية، وحرمة المال العام، وتحريم الرشوة -ولو تحت مسمى الهدية- كل ذلك مما قد تحرمه أيضًا القوانين الوضعية؛ ولكنها لا تستطيع اكتشاف إلا القدر اليسير منه بينما يؤدي التطبيق الشامل للشرع وتربية الناس على هذه المعاني إلى وجود الوازع الإيماني الذي يقلل جدًا من هذه المظاهر.
هذا كله في حالة التطبيق الشامل للشرع أما وفي الحال الذي نعيشه فما يزال أمام الإسلاميين كثير من الحلول يمكن تقديمها إلى الناس.
منها: الزكاة عبر الجمعيات الخيرية وغيرها مع التركيز على الأسر التي يوجد أمل في نقلها من حالة الحاجة إلى حالة الاكتساب ولو بإعانتهم على الاتجار بالسلع الخفيفة في الأسواق.
ومنها: حث رجال الأعمال على إدخال البعد الاجتماعي "الأخوة الإيمانية" في مشروعاتهم التجارية فمثلاً يمكن لكثير من رجال الأعمال أن يتنازلوا عن مشاريع المكينة لصالح تشغيل كم أكبر من العمالة محتسبين بذلك الأجر عند الله طالما أن هذا لن يؤثر تأثيرًا كبيرًا على جودة منتجه، وهو حل تحاول بعض الدول الاشتراكية فرضه بالقوة، ويمكن بالموعظة أن يستجيب عدد من رجال الأعمال المسلمين.
ومنها: حث ذوي الخبرة بالمشروعات الصغيرة على تقديم استشارات مجانية للشباب عبر الجمعيات الخيرية ومواقع النت.
نسأل الله -تعالى- أن يغني المسلمين بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
www.salafvoice.com (http://www.salafvoice.com/)
موقع صوت السلف ( http://www.salafvoice.com/)(/)
التحذير من استعمال كلمة البربرية بمعناها المُحرف
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[26 - Apr-2009, صباحاً 08:18]ـ
فى حوار مع الدكتور محمد المختار المهدى الرئيس العام للجمعيات الشرعية بمصر
قال المحاور
نُسب اليكم اعتراضكم على وصف ما جرى فى غزة بأنه هجوم بربرى أو وحشى .. نريد توضيحا؟
الدكتور فعلا تسرب الى ثقافتنا العربية والاسلامية مصطلح _ الوحشية البربرية - ونحن لانقبل أن نبتلع الطعم بتمرير هذا المصطلح الوافد الينا من الغرب وصفا لاخواننا البربر الذين فتحوا الاندلس على يد البطل المسلم طارق بن زياد , حين رأوا شجاعتهم واقدامهم واستبسالهم فجعلوهم مثلا للقسوة, وما كانوا كذلك .. بل كانوا ملتزمين بضوابط الجهاد الاسلامى فلم يسجل التاريخ عليهم عدوانا على أطفال او نساء ولم نسمع أنهم هدموا بيوت أو الكنائس على أهلها - الى اخر ما فقال(/)
تأثير الثقافة الهلينية علي العقيدة النصرانية_ توثيق من كلام القس فهيم عزيز
ـ[المحدث]ــــــــ[26 - Apr-2009, صباحاً 09:40]ـ
المدخل الي العهد الجديد
الدكتور القس فهيم عزيز
عميد كلية اللاهوت الانجيلية
طبعة دار الثقافة المسيحية
العلاقة التي تربط العهد الجديد بالهلينية
((66_75))
معنى الهلينية:
إذا كان الأمر كذلك فما هو المعنى للهلينية؟ وماذا يقصد بها؟ يفرق العلماء بين اصطلاحيين: Hellenistic Hellenic ويقصدون بالاصطلاح الأول Hellenic الثقافة اليونانية الكلاسيكية من القرون التي سبقت مجيء الاسكندر الأكبر أي أنها الثقافة التي انتشرت في " المدن والدول" كمدينة أثينا وغيرها، وتشمل هذه الثقافة التفكير اليوناني في كل أوجهه إلى جانب العوائد والتقاليد وطرق المعيشة والسياسة، وبمعنى أدق كل نشاط برز في الحياة اليونانية سواء أكان فكرياً أم عملياً. ولقد امتازت هذه الثقافة بامتيازات سامية، فقد بدأت ترفع قيمة الفرد وحولت نظرة من السماء إلى نفسه كما ظهر في فلسفة سقراط بشعارها الخالد " اعرف نفسك" وبهذا العمل حولت الفلسفة من فلسفة إلهية تدرس ما وراء الطبيعة إلى فلسفة إنسانية تبحث في مشاكل الإنسان والمدينة. ثم هذبت الديانة فتحول الآلهة من قوى عمياء متصارعة مخيفة إلى كائنات أو آلهة أبطال يمثلون كثيراً من الصفات النبيلة بحسب التفكير اليوناني من أمثال زيوس وهرقل وغيرهما.
1 - العلاقة التي تربط العهد الجديد بالهلينية:
لا يستطيع أي دارس أن ينكر أن هناك علاقة ما بين العهد الجديد وبين تيار الثقافة الهلينية الذي ساد ذلك العصر. ولا يعقل أن الكنيسة المسيحية التي نبتت في وسط ذلك التيار الجارف ظلت بمنأى عنه غير متأثر به. ومن يفتح العهد الجديد ويقرأه لأول مرة وهو يعرف بيئة ذلك العصر، لا يخفى عليه ذلك الأثر الذي تركته تلك البيئة عليه. إن الاختلاف بين دارسي الكتاب لا ينصب على الارتباط بين العهد الجديد والمسيحية من جانب والهلينية من جانب والهلينية من جانب أخر، فغالبيتهم تقريبا متفق في ذلك، ولكن الاختلاف يكمن في تحديد نوع ذلك التأثير ومداه. ولا يسعنا هنا أن نضع تحديد لذلك قبل أن نورد بعض النقط التي عندها يتلاقى العهد الجديد بالهلينية، لنرى مقدار تأثر أحدهما بالأخر. ويمكن القول بأن أشهر المراكز الهلينية التي تهمنا في هذا المضمار هي
1. الديانات السرية.
2. الغنوسية.
(1) الديانات السرية:
الديانات السرية هي أقوى محاولة قام بها الإنسان لكي يتخلص من سجن التعاسة، والإحساس بالخطبة، والخوف من الموت، ثم لضمان الخلود لنفسه. ولقد بدأت في بلاد اليونان قبل العصر الهليني في ديانتين سريتين: الأولى هي الديانة الأوروفية Orphism نسبة لذلك المعن اليوناني الأسطوري أورفوس وقد انتشرت في القرن السادس قبل الميلاد في بلاد اليونان. ثم الديانة الأسوسينية، وقد كانت الديانة الرسمية، وترتبط بالإله ديمترويوس Demeter الذي كان يمثل قيامه الحياة النباتية في الربيع بعد موتها في الشتاء"
ولكن يعد فتوحات الاسكندر بدأت الديانات تختلط بما حولها ونظراً لما كان عليه الرومانيون من تساهل وتسامح بالنسبة للديانات الأخرى فقد بدأت عناصر جديدة غريبة تدخل إلى الثقافة الهلينية وخصوصاً .. تلك الديانات والطقوس الكثيرة التي انتشرت في شرق حوض البحر البيض المتوسط. فظهرت بذلك مجموعة كبيرة من الديانات السرية ذات الطقوس الغريبة التي كان يمارسها المتمسكون بها.
ولكن ما هي الديانة السرية؟ رغم كل الاختلافات الكثيرة في التفاصيل ورغم السرية الكاملة التي كانت تفرض على طقوس الديانة وعدم البوح بها لدى إنسان خارجي، رغم ذلك فالديانات السرية كلها تشترك في عناصر أساسية لا تختلف فيها ديانتان: هذه العناصر تتلخص في أن الإنسان عنصراً إلهيا جاء من الإله من السماء، ولكن هذا العنصر السامي سجن في سجن المادة في جسد الإنسان، سجن ليتعذب ويتألم، ولابد له من التحرر من هذا السجن ليصعد إلى مصدره الذي جاء منه. ولا توجد طريقة لذلك سوى الاجتياز في اختبار الإله العميق. ذلك الاختبار هو الموت والقيامة. ولكن قبل ذلك الاختبار عليه أن يقوم ببعض الطقوس، فهناك طقس للتطهير من الخطايا، كالمعمودية، ثم هناك فريضة أخرى هي الأكل مع الإله والاشتراك معه في مائدة مقدسة واحدة هي مائدة
(يُتْبَعُ)
(/)
الإله. ثم بعد ذلك الدخول في ذلك الاختبار السري اختبار الموت مع الإله. فآلهة الديانات السرية هي آلهة تشترك مع البشر في الألم. وهي تموت ثم تحيا من الموت مرة أخرى. ويجوز المؤمن بها، ذك الاختيار " الموت والقيامة" وبذلك يقال عنه بأنه ولد من جديد، أو أنه جاز اختيار الولادة الجديدة، وهكذا يضمن لنفسه الحياة الخالدة. وبهذه الطقوس يحاول الإنسان أن يتلخص من الشعور بالخطية والتعاسة، ثم يضمن لنفسه الخلود والحياة اللانهائية.
ويقابل هذا كله ذلك المستقبل المظلم الصعب الذي يقابله الإنسان الخارجي الذي لا يقوم بهذه المراسم.
ومع ذلك فلم يحاول أي مؤمن بديانة من هذه الديانات أن يشجب الديانات الأخرى على أنها لا نفع منها أو فيها، ولكنه كان يعتقد أن كل الديانات السرية نافعة، وكثيراً ما كان يشترك في ديانتين أو أكثر ضماناً منه للفائدة ولراحة النفس من العذاب.
وكان يمر في مراحل متعددة تبقى كلها سرية مطلقة لا يعرفها إنسان أخر ممن لم يدخلوا ضمن الأتباع.
هذه هي الخطوط العريضة للديانات السرية. ويستحسن هنا أن ندرس تفاصيل إحدى هذه الديانات كمثل من الأمثال المشهورة التي يقابلها من يدرس ذلك العصر. هذه الديانة اسمها Mithraism.
وكانت ديانة المثرية ديانة شعبية انتشرت بشكل خطير في الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني والثالث الميلاديين، وكانت أكبر منافس للمسيحية، حتى أن رينان الفليلسوف الفرنسي كان يتخيل أنه لو لصارت المسيحية عطب ما يمنعها من الانتشار لصارت ديانة مثرا هي الديانة البديلة لها التي تستولى على عقول الناس، ولكن هذه الديانة أوقفت بقوة القانون في أوائل القرن الرابع عندما أعلن قسطنطين أن الديانة المسيحية أن الديانة المسيحية هي ديانة الدولة الرسمية. ولما حالو بوليانس المرتد إرجاعها فشل زعم ما استخدمه من عنف وقسوة وتنسب هذه الديانة إلى الإله مثرا وهو أحد الآلهة الهندية وقد ظهر اسمه في القرن السادس عشر قبل الميلاد كشاهد قوي على معاهدة ابرمن بين ملكين. وقد كشفت النقوش القديمة على أن آلهة تلك الشعوب كانت تنقسم إلى مجموعتين: المجموعة الأولى هي ألهة الطبيعة، أما المجموعة الثانية هي آلهة المجتمع البشري، وكان مثرا من آلهة المجموعة الثانية وكانت وظيفته هي مراقبة المعاهدات التي يعقدها الأفراد أو الدول بعضها مع بعض، ومراقبة تنفيذ تلك المعاهدات.
ولما ظهرت الديانة الزرادشتية انتقل مثرا من غرب آسيا إلى بلاد فارس، وارتفع في أعين الزرادشين حتى صار الإله الثاني بعد أهوراما زادا إله الخير، وكانوا يطلقون عليه لقب إله النور. ثم ارتفع حتى صار حارس البشرية، الموجود في كل مكان، مراقب كل المعاهدات، والمنتقم من كاسري العهود، والمنتصر في كل الحروب، واخيراً أضحى الوسيط بين الناس وبين أهورا ازادا.
وأخيراً دخل مثرا إلى الإمبراطورية الرومانية وبدأت ديانته تنتشر بين شعوب الإمبراطورية من بدء حكم قيصر تراجان، واتسعت إلى أن فاقت كل الديانات، ويعزي انتشارها هكذا بهذه السرعة وهذا العمق إلى عساكر الجيوش الرومانية الذين اعتنقوها وحملوها إلى أي مكان ذهبوا غليه، ثم إلى أسرى الحروب، الذين حملوها معهم إلى روما قلب الدولة الرومانية.
هذا هو تاريخ مثرا كإله عندما انتشرت في الدولة الرومانية، ولكن هناك أسطورة Myth تحكي قصة حياة مثرا لنفسه، تقول الأسطورة إن مثرا ولد من الصخرة العظمى. وعندما خلق أهورا مازادا الثور العظيم هرب منه، فما كان من مثرا إلا أن تعقبه ثد قدم ذلك الثور ذبيحة حتى يمكن للأرض أن تخصب من دمائه المنبثقة منه. لكن أهوراما إله الشر أراد أنه يمنع تلك الدماء من أن تنسكب على الأرض فتخصبها فأرسل العقارب حتى يمنع مثرا من ذبح الثور. ولكن مثرا انتصر على العقارب وانسكبت الدماء. وكان مع مثرا كلبه الأمين وحية تمتص دماء الثور وهي تعبير عن الخصب والنماء.
هذه هي الأسطورة وهذا هو تاريخ الديانة. ولكن هناك ما هو أهم لنا من تاريخ الديانة وأسطورة الإله. إن المهم لدراستنا هو تلك الطقوس الدينية التي كان يقوم بها معتنقو هذه الديانة.
(يُتْبَعُ)
(/)
يؤخذ من دراسة كتابات الآباء (جيروم، رسالة 107) أن من كان ينضم إلى جماعة مثرا لا يستطيع أن يدخل دفعة واحدة، بل عليه أن يمر في سبع درجات متتالية، هي سبع أبراج الكواكب، تمر فيها الروح حتى تصل إلى نهاية الرؤيا والمجد الأعظم. وهذه الدرجات حسب ترتيبها هي: الغراب – العريس – الجندي – الأسد – الفارس – مخدع الشمس – الآب. وعلى المؤمن، عندما يصل إلى درجة معينة، أن يلبس لباساً خاصاً بها، فمثلاً عندما يصل إلى برج الجندي فإنه يلبس لباس الجندية ثم يدخل إلى كهف عسكري ويمسك بسيف يضعه على رأسه، ثم يرفعه ويضعه على كتفه ليظهر أن مثرا هو تاجه ومجده، وأنه هو جنديه وشهيده إذا لزم الأمر، ثم يسام على جبهته بعلامة بقضيب محمي بالنار، وبعد ذلك يسمى بالخادم. وعندما يصل إلى برج الشمس فإنه يسمى شريكا، وعندما يصل إلى نهاية يدخل في عهد السرية التام.
وإلى جانب هذه الرحلة الدينية عليه أن يقوم بطقوس أخرى. فهناك المعمودية بالتغطيس لإزالة ثقل الخطية والتطهير من الشر، وبعد المعمودية يولد الإنسان ولادة ثانية.
وهناك مائدة مثرا وهي مائدة مقدسة يأكل منها مع الإله مثرا ليشترك في خبرة الإله .... موته وقيامته.
وعندما يصل إلى برج الأسد فإنه يتناول الخبز والخمر المقدس. وعيد مثرا هو يوم 25 ديسمبر وهو عيد قيامة الشمس، فإن الناس قديماُ كانت تظن أن الشمس تسير في طريها إلى الموت حتى تصل إلى أقصى الضعف يوم 21 ديسمبر ثم تبدأ بعد ذلك في الحياة.
هذه هي ديانة مثرا وفيها نجد التشابه الكبير بينها وبين المسيحية في الطقوس: المعمودية والولادة الثانية والأكل مع الإله واختبار الموت والقيامه مع الإله. ولكن ماذا يميز المسيحية عن المثرائية؟ إن الفرق العظيم الذي يكون فجوة لا تعبر بين الإثنين هي أن المسيحية ديانة بنيت على حقيقة تاريخية ملموسة .. ومركزها هو شخص عاش في التاريخ مات وقام ... عرفوه ورأوه ولمسوه وشهدوا له بحياتهم. أما ديانة مثرا وغيرها فهي ديانة طقسية بنيت على أسطورة لا أساس تاريخي لها .. هي من خيال الإنسان الذي يريد الخلاص.
(2) الغنوسية:
هي حركو دينية اختلطت فيها مجموعة من الظواهر والمعتقدات، ظهرت بوضوح في القرن الثاني الميلادي، واستمرت إلى القرن الرابع بل والخامس ولكن هذا لا يعني أنها ظهرت فجأة، بل كانت لها جذورها التي بدأت تنمو وتتكون قبل هذا الوقت بكثير.
والمصدر الأساسي الذي نعرف منه الغنوسية هي كتابات جماعات من الناس متفرقة وغير مرتبطة، حرمتها الكنيسة باعتبارها جماعات هرطوقية.
وقد فقدت كتابات كثيرة منها ولم نعرف عنها شيئا سوى من كتابات الآباء الذين كانوا يردون عليهم ويفندون آرائهم. ولكن العصر الحديث كشف عن كنز ثمين من أوراق البردي في منظمة نجح حمادي هي عبارة عن كتابات كثيرة غنوسية. منها مثلا "إنجيل الحق" وغيره، فألقى نوراً واضحاً على عقائدهم وآرائهم.
ونظراً للأفكار الكثيرة الغير مترابطة، والاختلافات المتعددة التي تصل إلى حد التناقض في كتاباتهم، فلا يمكننا أن نعمل دراسة منظمة عن أسلوب التفكير والحياة فيها، ولكننا مروراً عابراً على بعض أوجهها المختلفة التي ظهرت. هناك مجموعة من النظم والمظاهر فيها منها:
1. الغنوسية السريانية:
وتنسب إلى سيمون ماجوس. ولقد اعتبر سيمون نفسه الثالوث القدس وأنه هو الذي يخلص أتباعه بنعمته وليس بأعمال الناموس. واستشهد بما جاء في (أفسس 2:8 9). ويظن أتباعه أنه نزل من السماء. وقد تطرف تلاميذه فظهر واحد منهم اسمه ميناندر Menandor قال أيضاً إنه نزل من السماء وأوجد نظام المعمودية السحرية التي توجد الشباب الدائم.
وقد ظهرت نسخة أخرى من هذه العقيدة في أنطاكية صاحبها رجل اسمه ستورنيس Saturenius الذي قال إن الإله الأعلى مجهول، وقد خلق كائنات روحية التي خلقت العالم. وقد رأت هذه الكائنات صورة مضيئة آتية من السماء فأرادوا تقليدها ولكنهم لم ينجحوا في ذلك إلا بعد أن انطلقت شرارة سماوية فأعطت الحياة لما عملوه. هذه الشرارة هي العنصر السماوي الذي يجب أن يخلص من شر المادة. وقد جاء المسيح لكي يخلص هذا العنصر السماوي. ولم يكن هذا المسيح إلا جسداً ظاهراً فقط. وقال ميناندر إن الناموس قد أعطى بواسطة الملائكة الذين ألهموا الأنبياء.
(يُتْبَعُ)
(/)
جمع الغنوسية السريانية كانت تحتوي على عنصر أنثوي يسمى "فكر الله" وقد بنى الغنوسيون حياتهم على هذا الأساس، فكانت حياتهم إباحية وبلا ناموس فيما عدا استاوروس الذي أنكر العنصر الأنثوي ونادى بالتعفف وادعى بأن المسيح جاء لكي يبيد العنصر الأنثوي هذا.
2. مارسيون:
ويعتقد أنه كان من الغنوسيين، وسوف ندرس عنه شيئاً في الفصل الخاص بقانونية الكتاب المقدس.
3. فالينتينوس Valentinus:
هو الذي كتب إنجيل الحق، الذي اكتشف في نجح حمادي (نشر في سنة 1956). هذا الكتاب أكثر بساطة وشاعرية وأميل إلى اليهودية من الكتابات الغنوسية الأخرى، حتى قال عنه إيريناوس إنه يمثل دوراً مبكراً من تعاليم فالينتينوس.
ويظهر من كتابات إيريناوس أن فالينتينوس نادى بانبثاق العناصر السماوية من الإله الأعظم. وأخر عنصر من هذه العناصر الإثنى عشر كان الأنثى:صوفيا" أو الحكمة. وكانت غير مستقرة، ودفعها عدم استقرارها هذا إلى السقوط في الظلمة الخارجية، وهناك حبلت تلقائيا وولدت ابنا غير ناضج هو الذي خلق الكون، واستخدم عواطف أمه المتجمدة في خلق العالم، فمن دموعها عمل المياه، وهكذا. ولكن أمه وضعت في المخلوقات الشرارة المقدسة فتشاجر معها، ولكن لكي تخلص نفسها والجنس البشري منه، أرسلت يسوع ليجمع العنصر المقدس. ويقول فالينتينوس إن الزواج في الجنس البشري هو تقليد رمزي للصلة الروحية في العالم الروحي حيث يتزوجون هناك زواجاً مقدساً.
4. باسيليدس Basilides:
هو معاصر عجوز لفالينتينوس. علم باسيليوس هذا أن في البدء لم يكن شيء ولكن غله غير موجود خلق بذرة من لاشيء. ومنها أوجد أنواعاً مخلفة من الموجودات هو هدف التاريخ، وعندما ينتهي هذا الرجوع يأتي النسيان على الأرض ولا يوجد هناك خلاص. لكن باسيليدس لم يستطيع أن يجتذب إلى تعاليمه أناساً كثيرين نسبة لما ينادي به من عقيدة "الفناء"
5. النظم اللاحقة:
في القرون التالية حاول العنوسيون أن يربطوا تلك العناصر الموجودة في النظم المبكرة التي سبق ذكرها، وحاولوا أن يجدوا أساساً في الفلسفة اليونانية والفلسفة الشرقية والتاريخ والأساطير، ولكن أهم ما كان يضع الغنوسية في مكان الهرطقة في نظر المسيحيين هو الثنائية المطلقة، وأن المادة شريرة ولا خلاص لها، وأن العنصر السماوي في الإنسان خير ويجب أن يخلص. والخلاص يقوم عن طريق المعرفة وإذا كان يسوع هو المخلص فذلك لأنه جاء بالمعرفة.
وعلى أساس هاتين العقيدتين الغنوسيتين بدأ العلماء يفسرون موقف إنجيل يوحنا وكتابات الرسول بولس مثلا: فالمعرفة تحتل مركزاً كبيراً في هذه الكتابات (يوحنا 3: 11 – 13، 8: 32، 17:3، 1 كورنثوس 2) وإلى جانب ذلك ظنوا أن التقابل بين الجسد والروح، النور والظلمة، الحق والكذب في كتابات الرسولين يوحنا وبولس هي عقائد غنوسية ثنائية.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[26 - Apr-2009, صباحاً 11:49]ـ
بوركتَ ..
وما دخلت هذه الثقافة على أهل ملة إلا أفسدتهم وأفسدت عليهم ديانتهم،ولولا تكفل الله تبارك وتعالى بحفظ هذا الدين، ولو طائفة القائمين على الحق من أهله = لأصابنا ما أصاب الأمم قبلنا ..
ـ[المحدث]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 08:59]ـ
بل ان العقائد المسيحية هي عين العقائد التي في الديانات السرية
1_هذه العناصر تتلخص في أن الإنسان عنصراً إلهيا جاء من الإله من السماء، ولكن هذا العنصر السامي سجن في سجن المادة في جسد الإنسان=عقيدة التجسد
2_سجن ليتعذب ويتألم، ولابد له من التحرر من هذا السجن ليصعد إلى مصدره الذي جاء منه.=الصلب والفداء.
3_ذلك الاختبار هو الموت والقيامة= عقيدة موت الناسوت وقيامة المسيح.
4_فهناك طقس للتطهير من الخطايا، كالمعمودية = طقس التعميد.
5_الأكل مع الإله والاشتراك معه في مائدة مقدسة واحدة هي مائدة الإله=القربان، سر الافخاريستا، المائدة الالهيه.
6_ويظهر من كتابات إيريناوس أن فالينتينوس نادى بانبثاق العناصر السماوية من الإله الأعظم. وأخر عنصر من هذه العناصر الإثنى عشر كان الأنثى:صوفيا" أو الحكمة. وكانت غير مستقرة، ودفعها عدم استقرارها هذا إلى السقوط في الظلمة الخارجية، وهناك حبلت تلقائيا وولدت ابنا غير ناضج هو الذي خلق الكون، واستخدم عواطف أمه المتجمدة في خلق العالم،
جمع الغنوسية السريانية كانت تحتوي على عنصر أنثوي يسمى "فكر الله" وقد بنى الغنوسيون حياتهم على هذا الأساس،
= الاب، الابن=الكلمة= الحكمة =نطق الله العاقل=عقل الله الناطق، الروح القدس، والدة الاله .....
انها مفردات الايمان المسيحي الحالي بعينها حتي الولادة الجديده مذكوره في العهد الجديد والالفاظ كلها هلينية .......(/)
شطط الأدباء. وغيرة العلماء. وصمت الأمراء. وضجيج الغوغاء
ـ[أبو ثابت النجدي]ــــــــ[26 - Apr-2009, صباحاً 11:20]ـ
هذا مقال كتبه فضيلة الشيخ عيسى المبلع حفظه الله ورعاه
شطط الأدباء. وغيرة العلماء. وصمت الأمراء. وضجيج الغوغاء
بسم الله أبدأ , وإليه أسعى وألجأ. أما بعد: فحيا معي حتى نصل المرفأ.
حُقَّ لقلمٍ لا يرفع صاحبه بالحق أن يكسر , وحُقَّ لسطر لا ينفع كاتبه عند الله أن يحظر. فاللسان نعمة , وتسخيره في غير ما خلق لأجله نقمة. (الرَّحْمَ?نُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ). (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).
. لن أتكلم في هذا المقال عن قوالب الأدب , وإنما عن غايته وما يؤول إليه من العطب. فالحياة هدف ومنهاج , فما فيها من أمر تعبدي فهو للشرع محتاج. وما كان من أمر دنيوي فالأمر واسع في منهجه , مقيد ٌ شرعاً بغايته ومقصده.
. فالأدب لسنا متعبدين بذاته , وإنما محاسبون على أهدافه وغاياته. (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ? وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
. فقف معي أيها الأديب الرشيد , على ميراث حسان بن ثابت ولبيد.
حسان. (لسانك أشد عليهم من النبل) , لبيد. (أبَعد البقرة وآل عمران يا أمير المؤمنين شعر ونبل).
. إنها مسؤولية الرسالة , وعظم شأن الأمانة. (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ? بَلَى? وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).
. فهل وعيت أيها الأديب مابه كُلّفت , وما لأجله خلقت وشرِّفت.
. فشكراً لكل أدب نظيف , من رواية ونثر وشعر لطيف. فلنا في شواطئه مقام ومصيف.
. وعذراً عن كل أدب عقيم , من رواية ونثر وشعر سقيم. فنغسل أيدينا عنه سبعاً بزمزم والحميم.
. إنه العار والنار والشنار , والخزي والخيبة وسوء القرار , لمن وهبه لساناً وأناملاً العزيزُ الغفار , فحارب بهما الله الواحد القهار.
(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ)
. فواعجباً! كيف حُوِّلت مهمة حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة , إلى مهمة إيليا أبو ماضي وشعراء الحداثة.
. سبرت أحوالهم , واستقرأت أهدافهم , فوجدتها تصب في مستنقع آسن , مشوبة بحلوان كاهن. يرومون تحقيق ثلاثة أمور , تداعوا من أجلها على مر الدهور:
أولها: خلخلة العقيدة , ونسف الشريعة , ونشر الرذيلة , ووأد الفضيلة.
وثانيها: الحرية المطلقة بلا وازع , من الدين أو العقل أو العرف الرادع. شيوعية بعباءة إسلامية , وفوضوية بلا هوية.
وثالثها: إخراج الحرَّة المصونة , من صدفتها المكنونة. لتعرض الجمال , وتخالط الرجال. وترتوي من رؤيتها خائنة الأعين , وتتحدث معها منحرفة الألسن. فتُقضى معها الشهوات , ثم ترمى في سلة المهملات.
. فهل من أديب رجَّاع , وعالم صداع , وأمير شجاع , وتابع واع؟
. يصونون الأمانة , ويحجبون الخيانة. (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ? إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
إلى هنا. نختم المقال بالسلام , من الملك القدوس السلام. على كل كريم يَرام , في جنة الخلد مقام. وإلى لقاء مع الأيام , إن أبقانا الحي الذي لا ينام.(/)
سمّوا لنا نساءكم
ـ[ماجد الأسمري]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 02:38]ـ
سمّوا لنا نساءكم
في زمن الخلط واللبس والتيه, تميل شخصية المرأة الواثقة من نفسها إلى الإعلان عن ذاتها وتمييز شخصيتها , لا تريد لصوتها أن يغيب في لُجّة الأصوات، ولا لملامحها أن تختفي لأجل إرضاء الصويحبات, ولا لرغباتها أن تتبدد لإنجاز رغبات أخرى ليست منها في شيء.
ترى من نفسها قدرة على العطاء والتأثير و الاحتواء, يجبرك منطقها وحسن تدبيرها وسمو همتها على الإصغاء والرضا , يشدك فيها النشاط الذي لا يستحيل كموناً, وقوة الحضور التي لا تعرف كللاً.
تلك هي المرأة التي نريد لمجتمعنا الحاضر, وسأسوق لك طرفاً من أمثلة تلك القامات والمنارات , تلك المرأة ستجدها معلمة في حقل التعليم تصنع ممن هن تحت يدها نماذج نفاخر بهن.
وستجدها طالبة علم ترشد السائلة وتفتح المستغلق من المسائل.
وستجدها أديبة لا تمل من إرغام عيوننا من البكاء لفرط إبداعها.
وقبل كل هذا ستجدها أماً وكفى بمعنى الأمومة طموحاً ومُبتغى.
نماذجنا حيّة يا رفاق, لم تكن مُجرد أوهام أخطها على ورق, فجوسوا خلال المدينة والقرية وحتى الهجرة , وسترصدون حالات أرضى وأبهج في نفوسكم مما ذكرت.
أولئك هن نساؤنا فسمّوا لنا نساءكم يا أهل التغريب , وسأكفيكم المئونة هذه المرة- ولا شرف في ذلك- نساؤكم هي تلك المذيعة التي تتغنج في عباراتها لفقر الحياء فيها.
وهي تلك الكاتبة في صحيفة, استهوتها الإثارة وكثرة الرسائل فكّرست همها وهمتها في المساس بالثوابت والقيم.
وهي عارضة الأزياء التي تعمل على فتنة القلب قبل العين.
و هي مطربة ذات صوت سمج نالت بعارها خزي الأولين والآخرين.
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 07:28]ـ
اخي ماجد الاسمري جزاك الله كل خير وبارك فيك على ماكتبت
والعجيب اخي ان احدى النساء المتفرنجات التي تخصصت في الطب لم تقدم لنا ولو بحث واحد
ولكنها نجحت في نشر اول رواية ماجنة تصور بنات المجتمع في اقبح صورة عليها من الله ماتستحق(/)
الرد على قبوري محتج بشبهة إجماع الصحابة (الشيخ فركوس)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 03:16]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على قبوري محتج بشبهة إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -
بقلم: الشيخ د. محمد علي فركوس - حفظه الله -
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فقد احتجَّ من يستحبُّ الصلاةَ في المساجد المبنية على الأضرحة والقبور - هداه الله - بشُبهة إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد جاء نصُّ احتجاجه على ما يلي:
«أمَّا فِعل الصحابة - رضي الله عنهم - يتَّضح في موقف دفن سيِّدنا رسول الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - واختلافهم فيه، وهو ما حكاه الإمام مالك - رضي الله عنه - عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكانِ دَفْنِ الحبيب - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - فقال: «فقال ناسٌ: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - يقول: «مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِيَّ فِيهِ فَحفرَ لَهُ فِيهِ» (1)، ووجه الاستدلال أنَّ أصحاب رسول الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - اقترحوا أن يدفن - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - عند المنبر وهو داخل المسجد قطعًا، ولم ينكر عليهم أحدٌ هذا الاقتراح، بل إنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - اعترض على هذا الاقتراح ليس لحرمة دفنه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - في المسجد، وإنما تطبيقًا لأمره - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - بأن يُدفن في مكانِ قَبْضِ روحه الشريف - صَلَّى الله عليه وآله وسلم -.
وبتأمُّلنا إلى دفنه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - في ذلك المكان؛ نجد أنه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - قُبض في حجرة السيِّدة عائشة - رضي الله عنها -، وهذه الحجرة كانت متصلةً بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمون. فوضع الحجرة بالنسبة للمسجد كان - تقريبًا - هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرة فيها ضريح لأحد الأولياء في زماننا، بأن يكون ضريحه متصلاً بالمسجد والناس يصلون في صحن المسجد بالخارج.
وهناك من يعترض على هذا الكلام ويقول: إنَّ هذا خاصٌّ بالنبي - صَلَّى الله عليه وآله وسلم -، والردُّ عليه أنَّ الخصوصية في الأحكام بالنبيِّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم -تحتاج إلى دليل، والأصل أنَّ الحكم عامٌّ ما لم يرد دليلٌ يثبت الخصوصيةَ، ولا دليل، فَبَطَلَتْ الخصوصية المزعومة في هذا الموطن، ونزولاً على قول الخصم من أنَّ هذه خصوصية للنبيِّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - وهو باطل كما بيَّنَّا - فالجواب أنَّ هذه الحجرة دفن فيها سيدنا أبو بكر - رضي الله عنه -، ومن بعده سيدنا عمر - رضي الله عنه -، والحجرة متَّصلة بالمسجد، فهل الخصوصية انسحبت إلى أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أم ماذا؟ والصحابة يصلون في المسجد المتصل بهذه الحجرة التي بها ثلاثة قبور، والسيدة عائشة - رضي الله عنها - تعيش في هذه الحجرة، وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة، ألا يُعدُّ هذا فعل الصحابة وإجماعًا عمليًّا لهم».
فالجواب عنه على التفصيل التالي:
- إنَّ ما استند إليه القبوريُّ - هداه الله - من حديث مالكِ بن أنسٍ - رحمه الله - بقوله: «وهو ما حكاه مالك - رحمه الله - عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -» فإنما أورده مالك - رحمه الله - في «الموطأ» بلاغًا منقطعًا دون إسناد، وجاء في سياقه «أنه بلغه أنَّ رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء وصَلَّى الناس عليه أفذاذًا، لا يؤمُّهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يقول: مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ .. » (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الحديث معضلٌ، قال الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله -: «هذا الحديث لا يُروى على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالكٍ هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديثُ شتى جمعها مالك» (3)، ثم تناول الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله - الحديث ببيان جميع شواهد فقراته ما عدا تلك المتعلقة بالدفن عند المنبر فلم يذكر لها ما يشهد لها بالصحة.
وقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» قال: «أخبرنا محمَّد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: قال أبو بكر أين يدفن رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -؟ قال قائلٌ منهم: عند المنبر، وقال قائل منهم: حيث كان يصلي يؤمُّ الناس، فقال أبو بكر: بل يدفنُ حيث توفى الله نفسَه، فأخَّر الفراش ثمَّ حفر له تحته» (4).
وسنده ضعيفٌ لإرساله، فأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبي بكر، «قال أبو زرعة: هو عن أبي بكر مرسلٌ» (5)، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب كانت ولادته في خلافة عثمان ولم يسمع من أبي بكر (6)، ومحمَّد بن عمرو بن علقمة صدوقٌ له أوهام (7).
والحديث رواه محمَّد بن إسحاق موصولاً، أخرجه ابن ماجه في «السنن» (8) والبزار (9) وأبو يعلى (10) والبيهقي في «دلائل النبوة» (11)، وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (12)، وابن هشام (13)، وابن كثير (14) قال: «حدثني حسين بنُ عبد الله عن عكرمة عن ابن عباسٍ قال: .. وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يقول: مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ».
والحديث ضعيف لأنَّ في سنده حسين بن عبد الله بن عبيد ضعَّفه ابنُ معينٍ والنسائي وأبو زرعة والبخاري، وكثيرٌ من أهل الحديث لم يحتجوا بحديثه (15)، والحديث ضعَّفه الألباني (16).
وتابعه من هو دونه وأوهى منه، قال السيوطي: «وصله ابن سعد من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة» (17).
قلت: فقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» قال: «أخبرنا محمَّد بن عمر، أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحُصين عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لما فرغ من جهاز رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يوم الثلاثاء وُضع على سرير في بيته، وكان المسلمون قد اختلفوا في دفنه فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه بالبقيع، قال أبو بكر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «مَا مَاتَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ»، فرفع فراش النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - الذي توفي عليه ثم حفر له تحته» (18).
وسند هذا الحديث ضعيف جدًّا، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ضعيف وعنده مناكير (19)، وداود بن الحُصين ثقة إلا في عكرمة ورمي برأي الخوارج كما صرح ابن حجر في «التقريب» (20)، ومحمَّد بن عمر بن واقد الأسلمي هو الواقدي متروك الحديث، فلا يصلح هذا الطريق لا في المتابعات ولا في الشواهد.
ولا يشفع لحال الواقدي إسناده الآخر الذي ذكره الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»: «قال الواقدي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عثمان بن محمَّد الأخنسي عن عبد الرحمن بن سعيد قال: لما توفي النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - اختلفوا في موضع قبره، قال قائل: في البقيع، فقد كان يكثر الاستغفار لهم، وقال قائل: عند قبره، وقال قائل، في مُصلاَّه، فجاء أبو بكر فقال: إن عندي من هذا خبرًا وعلمًا، سمعت رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يقول: «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ تُوُفِّيَ» (21).
وهذا الحديث مرسل، وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي لم يدرك أبا بكر، وفيه الواقدي كما ترى.
وأمَّا طريق ابن هشام بن عروة فليس فيه ذكر لمحلِّ الشاهد.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا، والناظر في مجموع طرق الحديث يدرك أنَّ الطريق الأول وإن كان ضعيفًا من جهة الإرسال وليس فيه تهمة في صدق الراوي وديانته إلاَّ أنَّ الطرق الأخرى لا تخلو من ذلك , فإنَّ طريق عكرمة عن ابن عباس فيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس تركه أحمد وله أشياء منكرة، وقال النسائي: متروك، وتركه البخاري، وقال: يقال إنه متهم بالزندقة (22).
أمَّا الطريق الثالث ففيه إبراهيم بن أبي حبيبة ضعيف له مناكير، وفيه الواقدي متروك الحديث، وكذا الطرق الأخرى.
وعليه، فلا يتقوى الحديث بكثرة طرقه مهما تعدَّدت؛ لأنها ناشئة من تهمة في صدق الرواة ودينهم، وإنما يرتقي ويتقوَّى بكثرة الطرق إذا كان ضعف رواته في مختلف الطرق ناشئًا من جهة سوء حفظهم كما نبَّه إليه أهلُ الحديث.
هذا، وعلى فرض صحة الأثر فإنَّ قول القائل: «ندفنه في مسجده» أو «عند المنبر» معارض بحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما نزل برسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - طفق يطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها فقال: وهو كذلك: لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أُبْرِزَ قبرُه، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا» (23).
والمرادُ أنه لولا تحذير النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - ما صنعوا ولعن مَن يفعل ذلك لدفن خارج بيته، غير أنه خَشِي [أي النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -] أن يُتخذ قبرُه مسجدًا على رواية الفتح، أمَّا «خُشِيَ» على رواية الضم فهي خشية واقعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا تعارضها روايةُ عائشة - رضي الله عنها -: «غير أني أخشى»؛ لأنَّ إخبار وقوع الخشية من فرد لا ينافي وقوعها في مجموع الأفراد.
ومن جهة أخرى: يجوز أن يشير أحدُهم بأن يدفن في بيته قطعًا لذريعة الشرك وليس في ذهنه إلاَّ تلك الخشية، وبعضهم يشير إلى الرأي نفسه ومعه علم بأن النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - قال: «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ»، كما يجوز على بعضهم أن لا يتفطن إلى هذا المعنى لغلبة معنى آخر في الرأي فيشير إلى دفنه بالبقيع لعلة أنه كان كثيرًا ما يستغفر لهم فيدفن مع أصحابه، أو يشير بعضهم إلى أنَّ دفنه في مسجده أو عند منبره لعلة موضع خطابته وصلاته وإمامته بالناس مع غياب المعنى الأول، وهو - بلا شك - قول موقوف على اجتهاد صحابي لم يعينه الحديث مع احتمال أنه لم يبلغه التحريم، وخاصة أن أحاديث التحريم كانت قريبة العهد بوفاته - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، ولا يلزم من سكوت الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك الوقت سكوتهم في أي وقت وإقرارهم على مبلغ اجتهاده، فهم أعلم بذلك الظرف ومناسبته لمقام الإنكار فيه من عدمه، علمًا بأنَّ جمهور الصحابة - رضي الله عنهم - قد بيَّنوا الحكمَ بيانًا يسقط وجوب الإنكار فيما نقلوا من أحاديثَ مرفوعةٍ ومتواترة وصريحة في تحريم بناء المساجد على القبور، وهي نصٌّ في المسألة. ويؤيِّد قيام الإنكار من النبيِّ - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - ما روى ابن سعد بسند صحيح عن الحسن (وهو البصري) قال: «ائتمروا (24) أن يدفنوه - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - في المسجد فقالت عائشة - رضي الله عنها -: إنَّ رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - كان واضعًا رأسه في حجري إذ قال: «قَاتَلَ اللهُ أَقْوَامًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، واجتمع رأيهم أن يدفنوه حيث قبض في بيت عائشة (25).
- وفي قوله - هداه الله -: «وبتأمُّلنا إلى دفنه - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - في ذلك المكان، نجد أنه - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - قبض في حجرة السيدة عائشة - رضي الله عنها - …».
فجوابه من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
• الوجه الأول: أنَّ النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - لم يدفن في مسجده، إذ المسجد بناه - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - في حياته، وإنما دفن حيث قبض في أحد بيوته - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، وهي حجرة عائشة - رضي الله عنها -التي كانت بجوار المسجد وخارجة عنه، يفصل بينهما جدار فيه باب، وإنما دفنه الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك المكان عملاً بمقتضى الحديث، وحتى لا يتركوا مجالاً لمن بعدهم أن يتخذ قبره عيدًا ومسجدًا.
• الوجه الثاني: أن توسيع مسجده - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - في عهد خلافة عمر بن الخطاب ثمَّ في خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنهما - لم يُدخِلاَ القبر فيه، وإنما تَمَّ توسيعهما للمسجد من الجهات الأخرى دون تعرُّض للحجرة الشريفة عملاً بمقتضى الأحاديث الناهية عن اتخاذ القبور مساجد، وإنما أدخلت الحجرة النبوية في المسجد في أواخر القرن الأول في عهد خلافة الوليد بن عبد الملك الذي أمر بهدم المسجد النبوي وإضافة حُجُرِ أزواج رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - إليه، وذلك سنة ثمان وثمانين من الهجرة (88ه)، كما صرَّح بذلك الطبري (26) وابن كثير (27)، وعليه يتجلَّى بوضوح أنَّ إدخال الحجرة الشريفة في المسجد ليس ممَّا أجازه الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا أجمعوا عليه كما يَدَّعي - هداه الله - إذ لم يكن - آنذاك بالمدينة النبوية - أحدٌ من الصحابة على قيد الحياة، وكان آخرهم موتًا جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - سنة ثمان وسبعين (78ه)، ومع ذلك أنكر هذا العمل بعض كبار التابعين كسعيد بن المسيب - رحمه الله - (28).
قال الحافظ محمَّد بن عبد الهادي: «وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك، بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان من آخرهم موتًا جابر بن عبد الله، وتوفي في خلافة عبد الملك، فإنه توفي سنة ثمان وسبعين، والوليد تولى سنة ست وثمانين، وتوفي سنة ست وتسعين، فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك، وقذ ذكر أبو زيد عمر بن شبَّة النميري في كتاب «أخبار المدينة» مدينة رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - عن أشياخه عمن حدثوا عنه أنَّ عمر بن عبد العزيز لما كان نائبًا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة، وعمل سقفه بالساج وماء الذهب، وهدم حجرات النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه» (29)، فأين حصل إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - المزعوم يا ترى؟!
- وقوله - هداه الله -: «والسيدة عائشة - رضي الله عنها - تعيش في هذه الحجرة، وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة، ألا يُعدُّ هذا فعل الصحابة وإجماعًا عمليًّا لهم».
فجوابه: أنَّ حجرة عائشة - رضي الله عنها - كانت مفصولةً بجدارٍ بينها وبين قبرِ النبي - صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، ويدلُّ عليه ما أخرجه أحمد في «مسنده» من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، وإني واضعٌ ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلاَّ وأنا مشدودة على ثيابي حياءً من عمر - رضي الله عنه -» (30).
فالحديث يشير إلى أنَّ عائشة - رضي الله عنها - كانت تدخل حجرتها بعدما فصلت بجدار عن قبر النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: إذ لا يستقيم في العادة أن تبقى مشدودة على ثيابها فلا تضعه ولو في وقت راحتها. ويؤيِّده ما أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» أنَّ مالك بن أنس قال: «قُسم بين عائشة باثنين: قسم كان فيه القبرُ، وقسم كان تكون فيه عائشة، وبينهما حائط، فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فُضُلاً، فلما دُفن عمر لم تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها» (31).
• الوجه الثالث:
والذين أدخلوا القبر النبوي في المسجد مع اعترافهم بمخالفة الهدي الصريح في النهي عن بناء المساجد على القبور ومخالفة سنة الخلفاء الراشدين المهديين وسيرة الصحابة الكرام لذلك حاولوا تقليل المخالفة ما وسعهم بالمبالغة في الاحتياط درءًا للفتنة وصيانة لجناب التوحيد لئلاَّ يتخذ قبره عيدًا ووثنًا يعبد.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن رجب - رحمه الله -: «قال القرطبي: ولهذا بالغ المسلمون في سدِّ الذريعة في قبر النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - فأعلوا حيطان تربته، وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، ثمَّ خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلةً إذا كان مستقبل المصلين، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره، ولهذا المعنى قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره» (32).
فهذا الاحتياط المبالغ فيه حيال القبر الشريف وقبري صاحبيه إنما هو استجابة دعائه - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» (33)، فحماه الله - تعالى -بما حال بينه وبين الناس فلا يوصل إليه. وضمن هذا المعنى يقول ابن تيمية - رحمه الله -: «ولهذا لما أدخلت الحجرة في مسجده المفضل في خلافة الوليد بن عبد الملك - كما تقدم - بنوا عليها حائطًا وسنموه وحرفوه لئلاَّ يصلي أحد إلى قبره الكريم - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، وفي موطأ مالك عنه أنه قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمِ مَسَاجِدَ»، وقد استجاب الله دعوته فلم يُتخذ - ولله الحمد - وثنًا كما اتخذ قبر غيره، بل ولا يتمكن أحد من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة، وقبل ذلك ما كانوا يمكِّنون أحدًا من أن يدخل إليه ليدعو عنده، ولا يصلي عنده، ولا غير ذلك ممَّا يفعل عند قبر غيره، لكن من الجهال من يصلي إلى حجرته، أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه، وهذا إنما يفعل خارجًا عن حجرته لا عند قبره، وإلا فهو - ولله الحمد - استجاب الله دعوته فلم يمكن أحد قط أن يدخل إلى قبره فيصلي عنده أو يدعو أو يشرك به كما فعل بغيره اتخذ قبره وثنًا، فإنه في حياة عائشة - رضي الله عنها - ما كان أحد يدخل إلاَّ لأجلها، ولم تكن تمكِّن أحدًا أن يفعل عند قبره شيئًا مما نهى عنه، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسدَّ بابها وبني عليها حائط آخر، كلُّ ذلك صيانة له - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - أن يتخذ بيته عيدًا وقبره وثنًا، وإلاَّ فالمعلوم أنَّ أهل المدينة كلهم مسلمون ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم، وكلهم مُعظِّمون للرسول - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -، وقبور آحاد أمته في البلاد معظمة، فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم، بل فعلوه لئلاَّ يتخذ وثنًا يعبد، ولا يتخذ بيته عيدًا، ولئلاَّ يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم» (34).
وفي هذا السياق نختم بقول ابن القيم في نونيته وهو من أشد الناس إنكارًا على شبهات الشرك كشيخه ابن تيمية -رحمهم الله تعالى - قال:
وَلَقَدْ نَهَانَا أَنْ نُصَيِّرَ قَبْرَهُ
وَدَعَا بِأَنْ لاَ يُجْعَلَ القَبْرُ الَّذِي
فَأَجَابَ رَبُّ العَالَمِينَ دُعَاءَهُ
حَتَّى اغْتَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ
وَلَقَدْ غَدَا عِنْدَ الوَفَاةِ مُصَرِّحًا
وَعَنَى الأُلَى جَعَلُوا القُبُورَ مَسَاجِدًا
وَاللهِ لَوْلاَ ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ
قَصَدُوا إِلَى تَسْنِيمِ حُجْرَتِهِ ليمـ
قَصَدُوا مُوَافَقَةَ الرَّسُولِ وَقَصْدُهُ
عِيدًا حَذَارِ الشِّرْكَ بِالرَّحْمَنِ
قَدْ ضَمَّهُ وَثَنًا مِنَ الأَوْثَانِ
وَأَحَاطَهُ بِثَلاَثَةِ الجُدْرَانِ
فِي عِزَّةٍ وَحِمَايَةٍ وَصِيَانِ
بِاللَّعْنِ يَصْرُخُ فِيهِمْ بِأَذَانِ
وَهُمُ اليَهُودُ وَعَابِدُوا الصُّلْبَانِ
لَكِنْ حَجَبُوهُ بِالحِيطَانِ
ـتنع السُّجُودُ لَهُ عَلَى الأَذْقَانِ
التَّجْرِيدُ لِلتَّوْحِيدِ لِلرَّحْمَنِ (35).
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 28 ربيع الأول 1430ه
الموافق ل: 25 مارس 2009م.
=======
1 - رواه مالك في «الموطأ»: (1/ 231).
2 - «موطأ مالك بشرح تنوير الحوالك» للسيوطي: (1/ 229 - 231).
3 - «التمهيد» لابن عبد البر: (24/ 398 - 399).
4 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 552).
5 - «تهذيب التهذيب» لابن حجر: (12/ 117).
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - المصدر السابق نفسه: (11/ 250).
7 - المصدر السابق: (9/ 375)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر: (2/ 196).
8 - «سنن ابن ماجه» (1/ 520) (رقم: 1628).
9 - «مسند البزار» (1/ 70) (رقم: 18).
10 - «مسند أبي يعلى» (1/ 45، 46) (رقم: 22، 23).
11 - «دلائل النبوة» للبيهقي (7/ 260).
12 - «مسند أبي بكر» (66) (رقم: 26، 27).
13 - «السيرة النبوية» لابن هشام (2/ 663).
14 - «البداية والنهاية» لابن كثير (5/ 266).
15 - انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/ 537)، و «تهذيب التهذيب»: (2/ 341)، و «تقريب التهذيب» كلاهما لابن حجر: (1/ 176).
16 - «ضعيف سنن بن ماجه» للألباني (127 - 128).
17 - «تنوير الحوالك» للسيوطي: (1/ 230).
18 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 552).
19 - انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي: (1/ 19)، و «تقريب التهذيب» لابن حجر: (1/ 31).
20 - «تقريب التهذيب» لابن حجر: (1/ 231).
21 - «البداية والنهاية» لابن كثير: (5/ 267).
22 - «تهذيب التهذيب» لابن حجر (2/ 341 - 342).
23 - أخرجه البخاري (3/ 628) كتاب «الجنائز»، باب ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ومسلم (1/ 239)، كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» رقم: (529).
24 - أي: تشاوروا. انظر: «النهاية» لابن الأثير (1/ 66).
25 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد (1/ 516).
26 - «تاريخ الطبري» (5/ 222 - 223).
27 - «البداية والنهاية» لابن كثير: (9/ 74 - 75).
28 - المصدر السابق: (9/ 75).
29 - «الصارم المنكي» لابن عبد الهادي: (136 - 137).
30 - أخرجه أحمد في أخرجه أحمد في «مسنده»: (6/ 202)، والحاكم في «المستدرك»: (3/ 63)، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 57): «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «دفاع عن الحديث النبوي»: (95).
31 - «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (1/ 553).
32 - «فتح الباري» لابن رجب: (3/ 217).
33 - أخرجه أحمد في «مسنده»: (7352)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1/ 312)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وصحح إسناده الألباني في «تحذير الساجد»: (22).
34 - «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/ 237 - 328).
35 - «الكافية الشافية» لابن القيم: (2/ 352 - 354).
http://ferkous.com/rep/M39.php
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 07:26]ـ
للفائدة ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Sep-2009, مساء 05:26]ـ
للفائدة،،،(/)
قرار سيصدر خلال الأيام بتعين مديرة تعليم الطايف ...
ـ[عضو جدة]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 04:43]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وفي خطوة ثالثة .. قرار سيصدر خلال الأيام القادمة بتعيين الأستاذة عزة العوفي مديرة تعليم البنات بمحافظة الطايف وذلك في اطار خطوة وزارة التربية والتعليم في تأنيث قطاع تعليم البنات. (الوئام)
بادروا بالإبراق والزيارة لولاة الامر وفقهم الله وتبيين خطورة هذا الأمر خاصة وأنها ستتولى على جمع من الرجال والنساء ويخشى من بعد ذلك.
جاء بفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم (11780) ما نصه (دلت السنة ومقاصد الشريعة والإجماع والواقع على أن المرأة لا تتولى منصب الإمارة والقضاء لعموم (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) ولأن شأن الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية فيضطر إلى السفر والإختلاط بأفراد الأمة وجماعاتها مما لا يناسب أحوال المرأة وما يتعلق من أحكام شرعية لحماية عرضها اهـ
منقول للفائدة وبالتوفيق.
ـ[فهد محمد النميري]ــــــــ[29 - Apr-2009, صباحاً 01:18]ـ
إن كان من إبراق فهو للتأييد لا المعارضة , فما المانع أن تتولى المرأة قيادة منشأة تُعنى بالنساء وتعليمهن , كما أنني -بنفس الحماس- أؤيد أن تقوم أقسام مستقلة استقلالاً تاما للنساء في المستشفيات: إدارةً وكادراً طبياً وعاملات نظافة , لا أدري ما المانع من ذلك , غريبٌ فهم بعضهم بأن المرأة: لا يجوز لها أن تقود إطلاقاً حتى فيما يختص بها.
ما المانع أن نؤيد هذه الخطوة مطالبين بتضييق أو إعدام تدخل الرجل في الشؤون النسائية إلا في حالات استثنائية وفقاً لنظام واضح محدد , أما الاحتجاج بالحديث المذكور لمنع تسنم المرأة المناصب؛ فدليلٌ على عاميّة فهم الأخ وسذاجة عقله , فالكلام على الولاية العامة لا تولي مناصب أقل من ذلك , بدليل أنه تعليق نبوي كريم على واقعة تولي بنت كسرى ملكَ فارس.
والحاصل أنني أرى أن للمرأة في مجتمعنا دوراً يجب أن تتبوأه وفقاً لشريعة الله التي متى ما فهمناها حق الفهم صلحت أمورنا دنياً وأخرى , فهي عدلٌ وسط بين من يدفعون بالمرأة لتكون طُعمةً لكل آكل مبتذلةً رخيصةً نالت كثيراً ونِيلَ منها أكثر , فانهدمت الأسرة وتشتت الأمة , وتأملوا كتاب "موت الغرب" لبيكانون؛ تجدون الخبر , وبين من لا يرضون للمرأة إلا قعرَ الدار , زاعمين أنهم لشرائع الدين مناقدون , ولم يعلموا أنهم لأعراف باديتهم متبعون وهم عنها لا ولن يحيدون , ونحن تقول: تجمدوا ما شاء لكم الانغلاق , أما أن تنسبوا هذا للدين فكلا ثم كلا.
ـ[أبو أحمد العنزي]ــــــــ[29 - Apr-2009, صباحاً 11:36]ـ
إن كان من إبراق فهو للتأييد لا المعارضة , فما المانع أن تتولى المرأة قيادة منشأة تُعنى بالنساء وتعليمهن , كما أنني -بنفس الحماس- أؤيد أن تقوم أقسام مستقلة استقلالاً تاما للنساء في المستشفيات: إدارةً وكادراً طبياً وعاملات نظافة , لا أدري ما المانع من ذلك , غريبٌ فهم بعضهم بأن المرأة: لا يجوز لها أن تقود إطلاقاً حتى فيما يختص بها.
ما المانع أن نؤيد هذه الخطوة مطالبين بتضييق أو إعدام تدخل الرجل في الشؤون النسائية إلا في حالات استثنائية وفقاً لنظام واضح محدد , أما الاحتجاج بالحديث المذكور لمنع تسنم المرأة المناصب؛ فدليلٌ على عاميّة فهم الأخ وسذاجة عقله , فالكلام على الولاية العامة لا تولي مناصب أقل من ذلك , بدليل أنه تعليق نبوي كريم على واقعة تولي بنت كسرى ملكَ فارس.
والحاصل أنني أرى أن للمرأة في مجتمعنا دوراً يجب أن تتبوأه وفقاً لشريعة الله التي متى ما فهمناها حق الفهم صلحت أمورنا دنياً وأخرى , فهي عدلٌ وسط بين من يدفعون بالمرأة لتكون طُعمةً لكل آكل مبتذلةً رخيصةً نالت كثيراً ونِيلَ منها أكثر , فانهدمت الأسرة وتشتت الأمة , وتأملوا كتاب "موت الغرب" لبيكانون؛ تجدون الخبر , وبين من لا يرضون للمرأة إلا قعرَ الدار , زاعمين أنهم لشرائع الدين مناقدون , ولم يعلموا أنهم لأعراف باديتهم متبعون وهم عنها لا ولن يحيدون , ونحن تقول: تجمدوا ما شاء لكم الانغلاق , أما أن تنسبوا هذا للدين فكلا ثم كلا.
ليست القضية كما تقول بل المسألة الآن وزارة التربية والتعليم تمر بمشروع تغريبي قوي قادم ...
ولا أحد يعارض أن المرأة تتولى رئاسة النساء ولكن مديرة التعليم التي ستوضع ستترأس الرجال بحكم أن رئاسة البنات يوجد بها إدارات رجالية ونسائية والمفاسد كثيرة بهذا ... وكلامك صحيح إذا كانوا سيأنثون قطاع البنات جميعه.
وقد رأى الناس ما ظهر من مديرة جامعة الأمير نورة بالأمس من اجتماعها ونساء معها مع مساعد وزير المالية!! مع أن هذا الإجتماع ليس بذات أهمية وليس هناك حاجة ماسة من الإجتماع، إلا أنهم أقاموه وحرصوا على إظهاره!! وهذا ما حذر منه العلماء.
هناك وكيله الوزارة الجديدة لشؤون البنات ... فلماذا الوزير يقابل نساء دوماً!
ولماذا مادة الإنجليزي الجديدة التي ستكون السنة القادمة تم تغييره ووضع فيه ثقافات غربية مع صور سيئة!! ولعلي أضعها لكم لترونها.
ولماذا الوزارة تطرق باب دمج الصفوف الاولية أولاد مع البنات (صف أول وثاني وثالث ابتدائي).
تأصيل فقهي لحكم تولي المرأة للإدارات النسائية الفرعية العامة
http://www.islamfeqh.com/News/NewsItem.aspx?NewsItemID=853
تأصيل فقهي لحكم تولي المرأة للإدارات النسائية الفرعية العامة
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=27600
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 02:39]ـ
والله يا اخوان اني لا اتوقع إلا الاسوء والمجتمع يدبر له مخطط تغريبي سوف يعصف به
إلا ان يرحمنا الله برحمته ثم بتحرك الغيورين لانكار هذه المنكرات(/)
ويخفون كثيرا _ أشهر اباء الكنيسة في القرن الثالث: اليهود حرفوا واخفوا الاسفار
ـ[المحدث]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 09:37]ـ
دار مجلة مرقس
(2)
كتاب:العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية
ترجمة وإعداد: رهبان دير القديس أنبا مقار
الناشر: دار مجلة مرقس
الطبعة الأولى:1994
, فقد أرسل إليه أحد الذين درسوا في مدرسة الإسكندرية , يوليوس أفريكانوس [1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1) ينتقده في شرحه لنبوة دانيال لانه استعمل قصة سوسنا العفيفة وعلق على تسبيحة الثلاث الفتية. فيقول أوريجانوس في رده على رسالة أفريكانوس إنه يعلم أن} تاريخ سوسنا التي في سفر دانيال المستعمل الآن في كل كنائس المسيح في ترجمته اليونانية لاوجود له في العبرية , وكذلك قصة البعل والتنين , ... هل نستبعد هذه الترجمة المستعملة في كنائسنا , ونوصى الإخوة أن يطرحو الكتب المقدسة المنتشرة بينهم ,
(57)
ونتملق اليهود متوسلين إليهم أن يعطونا ماعندهم من نصوص اصلية خالية من التزييف؟! .. هل نفترض أن العناية الإلهية المكروز به افي الكتب المقدسة لمنفعة كنائس المسيح لم تعر اهتماما بالذين مات المسيح لأجلهم واشتراهم بدمه؟ .. هؤلاء الذين لأجلهم لم يشفق على ابنه بل أسلمه لاجلهم , ألايهبهم معه كل شىء؟ لأجل كل هذه الأسباب أذكرك بهذه الكلمات:"لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك" (أم 28:22) لا أقول هذا لأردع الباحثين في الأسفار اليهودية ومقارنتها مع ما لدينا من نصوص وقراءات مختلفة. فهذا ما فعلته بكل طاقتي لأحصل على المعني الموجود في كل النصوص والقراءات المختلفة معتنيا بالسبعينية , حتى لا أسلم في يد الكنائس التي تحت السماء أي شيء مزيف , ولا أعطي فرصة للمقاومين أن يتهموا جماعتنا {[2] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)
أما سبب غياب بعض الأسفار اليونانية من العهد القديم العبري لدى اليهود فيرجع –حسب تعليل أوريجانوس إلى رغبتهم في إخفاء كل ما يمس رؤساءهم وشيوخهم كما هو مذكور في بداية خبر سوسنا: " وعين للقضاء فى تلك السنة شيخان من الشعب وهما اللذان تكلم الرب عنهما انه خيرج الإثم من بابل من القضاة الشيوخ".
ويقدم أمثلة من الإنجيل لتأكيد ما يقوله , حيث يخاطب السيد المسيح الكتبة والفريسيين بقوله: " لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على
(58)
الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح " (مت 35:23). فالسيد المسيح هنا يتكلم عن وقائع حدثت , كما يكتب أوريجانوس , ومع ذلك لم تذكر فى العهد القديم. ثم يتسائل:أين جاء فى الأسفار المقدسة شيء عن الأنبياء الذين قتلهم اليهود؟ ثم يورد أوريجانوس مثلا آخر من رسالة العبرانيين " آخرون تجربوا ... نشروا , جربوا ماتو قتلا بالسيف " (عب 36:11و37). لأنه معروف فى التقليد اليهودي خارجا عن الأسفار العبرية أن إشعياء النبي فقط هو الذي نشر بالمنشار.
وسنرى في الفصول القادمة , وجود نصوص عبرية وشروحات أرامية لبعض فصول النص السبعيني الغائب عن الأصل العبري للعهد القديم في الاكتشافات الحديثة في كهوف قمران , وفي منطقة "المربعات" في فلسطين , ومخطوطات أخرى أرامية وعبرية , خرجت من مجمع لعازر اليهودي في مصر القديمة في بداية هذا القرن.
[1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1)
[2] (http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref2) Origen . ad africanus 2-4(/)
بعد البيانات الجديدة والتصريحات المشينة من زعماء الرفض في مملكتنا الحبيبة
ـ[العقل العربي]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 10:01]ـ
بعد البيانات الجديدة والتصريحات المشينة من زعماء الرفض في مملكتنا الحبيبة بشأن الإنفصال عن الحكومة وما يشاهده الجميع ومايشاهده كاتب هذه السطور بحكم أن عملي يتوسط مناطقهم في المنطقة الشرقية أقول أيها الأحباب أن الوضع بدأ يزداد سوءً من حيث تمادي الرافضة بمعاداتهم للدولة وإعلان التحدي لأهل السنة وكذلك إظهار شعائرهم التعبدية فأحث إخواني بتكثيف الجهد من:
1 - مخاطبة المسؤولين بتشديد محاسبتهم على أي خطأ يصدر منهم.
2 - إذا وجدت أي شئ يدين الرافضة عند الدولة فلا تتردد بنشره ومخاطبة المسؤولين بهذا الأمر.
3 - زيادة التحذير منهم خاصة في الأمور التي (تخل بأمن البلاد).
4 - جمع القصص الواقعية من أهل السنة الذين يعملون في مناطقهم عن أعمالهم وتحركاتهم المشبوهة.
وهناك الكثير من الأفكار أنتظرها من الأخوة
وهذا الرابط ((يدل على تماديهم)) ""فستذكرون ماأقول لكم"" http://www.frqan.com/shows.php?showid=226
ـ[التقرتي]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 10:19]ـ
هل يوجد رافضة في السعودية؟
ـ[العقل العربي]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 11:25]ـ
هل يوجد رافضة في السعودية؟
نعم وأخبث رافضة على وجه الأرض
ـ[التقرتي]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 11:26]ـ
من اين جاؤوا؟ هل هم هناك ابا عن جد؟
ـ[فارس الأزدي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 12:11]ـ
من اين جاؤوا؟ هل هم هناك ابا عن جد؟
لا أعلم عنهم الكثير لكنهم متمركزين في الشرقية وهم لا يشكلون نسبة كبيرة لكن في هذه الآونة علت أصواتهم وأصبحت نسائهم تفرخ بشكل مخيف والأدهى والأمر أن الدولة أعطتهم صلاحيات أكثر من اللازم (غير عن العشر السنين التي مضت حيث كانوا يهابون الحكومة).
والله أعلم
ـ[العقل العربي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 01:02]ـ
لا أعلم عنهم الكثير لكنهم متمركزين في الشرقية وهم لا يشكلون نسبة كبيرة لكن في هذه الآونة علت أصواتهم وأصبحت نسائهم تفرخ بشكل مخيف والأدهى والأمر أن الدولة أعطتهم صلاحيات أكثر من اللازم (غير عن العشر السنين التي مضت حيث كانوا يهابون الحكومة).
والله أعلم
ولكي تعرف حقبقة العيش المترف الذي يعيشونه في بلادنا مقارنة مع أهل السنة في إيران والذين يتجاوز عددهم على العشرين مليون ويعيشون تحت سياط حكومة المجوس.
إقرأ هذا المقال:
http://www.lojainiat.com/?action=showMaqal&id=7787
ـ[العقل العربي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 04:36]ـ
أيها الأحباب الأمر جد خطير على بلاد الحرمين
ووالله ثم والله أن الأمر يحاك ليل نهار لبلاد التوحيد من داخلها ويعلم الله أني أعيش بعض الأيام و الليالي في حالة من الضيق لايعلمها إلا الله بسبب هذا الأمر.
ـ[فارس الأزدي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 09:44]ـ
أيها الأحباب الأمر جد خطير على بلاد الحرمين
ووالله ثم والله أن الأمر يحاك ليل نهار لبلاد التوحيد من داخلها ويعلم الله أني أعيش بعض الأيام و الليالي في حالة من الضيق لايعلمها إلا الله بسبب هذا الأمر.
أنت من أهل الشرقية أو ساكن فيها؟.
إذا الجواب نعم أعطنا تجربتك معهم
ـ[العقل العربي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 01:12]ـ
أنت من أهل الشرقية أو ساكن فيها؟.
إذا الجواب نعم أعطنا تجربتك معهم
من سكان الشرقية وأعمل مدرسا في مناطقهم
ولي تجارب سوف أخبركم عنها وكذلك تجارب لزملاء لي في العمل.(/)
رد الشيخ المحدث "احمد شاكر" على "العقاد"
ـ[ابو عبد الملك الجهني]ــــــــ[26 - Apr-2009, مساء 10:34]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا مقال لأحمد شمس الائمة ابو الاشبال محمد شاكر رحمه الله عن كتاب لعباس محمود العقاد (الصديقة بنت الصديق) نشر هذا المقال في مجلة المقتطف , عدد ربيع الثاني 1363هـ ابريل 1944م.
تحقيق سن عائشة
يقول صحاب كتاب " الصديقة بنت الصديق ":
" كانت روايات من اقوال الاقدمين تذكر ان النبي عليه السلام خطب السيدة عائشة وهي في السادسة وبنى بها وهي في التاسعة وكان هذا مجالا لأعداء الاسلام واعداء نبي الاسلام يبدؤون فيه ويعيدون ويجدون المستمعين المتشككين حتى بين المسلمين. فهنا مجال لاطالة الوقوف يعبره امثال هذا الناقد الحاقد مهرولين ويجهلون ما ورائه من الزور الأثيم والبهتان بن بنات الجزيرة العربية فأثبتناه على رغم الاقاويل والسنين " (الرسالة 551 في 29 يناير سنة 1944)
وهذه الروايات التي تجهل ما وراءها " من الزور الأثيم والبهتان المبين " هي الروايات الصحيحة التي لا شك في صحة اسنادها والثقة برواتها عن سن عائشه حين زواج رسول الله بها وانه عقد عليها وسنها ست سنوات وبنى بها وسنها تسع سنوات وهي الاحاديث التي رواها البخاري ومسلم ابو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي واحمد بن حنبل وابن سعد , كلهم من حديث عائشة بالاسانيد الثابتة الصحاح , وبالالفاظ الواضحة التي لا تحتمل تأويل المتأولين ولا لعب العابثين والتي رواها ابن ماجه من حديث عبدالله بن مسعود وابن سعد من حديث ابي عبيدة بن عبدالله بن مسعود ومصعب ابن ابي هري وحبيب مولى عروة ابن الزبير كل هؤلاء الائمة الثقات الاثبات الذين يروون ويصدقون ما يروون هم عنده مثلنا " يجهلون ما وراءه من الزور الأثيم والبهتان المبين " ويدركه هو وحده بما اوتي من جرأة وتهجم وبما فقد من بحث وتحقيق فهو يثبت وينفي " على رغم الاقاويل والسنين " فهو يلعب بلاروايات ويحرفها كيف شاء ثم يقول: " ولهذا نرجح انها كانت بين الثانية عشرة والخامسة عشرة يوم زفت إليه " (كتاب الصديقة ص 65) ثم ينسى ما اجترحت يداه فيقول (ص78):
" فعائشة البكر التي لم يتزوج النبي بكرا غيرها , قد مات عنها عليه السلام وهي دون العشرين"
"فهاهنا انفلات من ذلك الجزم " كما قال الدكتور بشر فارس في نقده (ص193)
وهو يبني تحقيقه هذا العجيب على مقدمات اخترع بعضها اختراعا وحرف بعضها تحريفا منكرا بالتحوير او التأويل.
ثم ما باله يدع الروايات الصحيحة المتواترة ولا يستند الا الى الروايات الشاذة او المنكرة التي تخالف كل رواية صحيحة؟ امامه الروايات الصحيحة في كتاب ابن سعد وغيره عن الزهري وعن هشام ابن عروة وعن غيرهما ان رسول الله تزوج عائشة وهي بنت ست سنين وفي بعضها " سبع سنين " ودخل بها وهي بنت تسع سنين.
وليعلم الكاتب الجريء ايضا ان كل ما ينسب الى رسول الله صىلى الله عليه وسلم من (قول او فعل او تقرير) هو عند المسلمين من الحديث وانه لا يجوز لأحد ان ينسب الى الرسول شيئا من هذا الا عن ثقة وثبت وباسناد صحيح على النحو الذي قام به ائمة الحديث ووضعوا له القواعد والقيود في فن واسع المدى لعله قد سمع به وانه لا يعذر احد ف التحديث عن رسول الله بغير ثبت لقوله عليه السلام:" من حدث عني بحديث يرى انه كذب فهو احد الكاذبين " وان العمد الى التحدث عنه بما ليس بصحيح من اعظم الآثام لقوله صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا ليتبوأ مقعده من النار " فليعد نظرا الى ما قدمت يداه في هذه المسألة بعينها يجد انه انكر الصحيح الثابت الذي لا خلاف فيه عند المحدثين وغيرهم.
وبعد: فما الذي دفع به الى هذه المضايق واورده هذه الموارد واقحمه؟ يظن انه يسوغ عمله اذ يقول: " ذلك هو التقدير الراجح الذي ينفي ما تقوله المستشرقون على النبي بصدد زواج عائشة في سن الطفولة الباكرة " ويقول: " وانما عنانا ان نبطل قو القادحين في النبي انه عليه السلام بنى ببنت صغيرة لا تصلح للزواج وقد ابطلنا ذلك بالادلة التي لا نكررها هنا" هذا عذره الظاهر لنتا من كلامه وليس لنا ان نخوض فيما وراءه.
ولكن أهذا هكذا؟ قال مستشرق او طعن مبشر او قدح ملحد فقال احدهم ما شاء من قدح في عمل بعينه افترى انت هذا العمل معيبا يجب التبرؤ منه ام تراه جائزا لا شيء فيه ولا غبار على من يعمله وان العائب انما ينظر اليه من ناحية غير صحيحة وبعين مغرضة ليست بريئة افلا ترى انك اذا نفيت هذا العمل وانكرته فقد رأيته معيبا كما رأى العائب , وقادحا كما فعل القادح , فما حاجتك الى التستر وراءه وما يمنعك ان تصرح بأن هذا العمل غير جائز وانك توافق في استنكاره من سبقك من المستشرقين؟
هذا هو الطريق المنطقي للبحث العلمي العالم لا يدافع عن نظرية علمية ولا ينصرها الا اذا رآها رأيه والتزمها قوله. ثم ألم يكن الاجدر بالكاتب الجريء ان يصنع ما يصنع الرجال فيصرح بإنكار كل الاحاديث التي فيها سن عائشة وينقدها على طريقة المحدثين فيبين ضعف اسانيدها وبطلان روايتها ان استطاع فذلك خير له من تأويلها وتحريفها والتزيد فيها ثم مناقضته نفسه بالاحتجاج ببعض ألفاضها على اسلوب عائشة المرسل السهل الجزل الفصيح كمال استدرك عليه الدكتور بشر في نقد كتابه. (بتصرف واختصار لكي لا اطيل)
من كتاب جمهرة مقالات العلامة الشيخ احمد محمد شاكر
جمع واعداد واعتناء: عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حماد العقيل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 06:06]ـ
بارك الله فيكم أخي أباعبدالملك ..
ورحم الله الشيخ العلاّمة أحمد شاكر رحمة واسعة ..
ـ[ابو عبد الملك الجهني]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 10:22]ـ
بارك الله فيك اخي سليمان.
وجزاك الله خيرا على مرورك.(/)
إنّهم يفترون كذِباً على القراصنة / يوهان هاري.
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 12:36]ـ
مَن كان يتصوّر أن حكومات العالَم عام 2009، ستعلِن حرباً جديدةً على القراصنة؟ - كما قرأتُم، تبحرُ البحريةُ الملكيةُ، تساندها سفنٌ من حوالي عشرين دولة من الولايات المتحدة إلى الصين، في المياه الصومالية، للقبض على أشرارٍ ما زالوا يُقَدَّمونَ والببغاواتُ على أكتافهم. - وسرعان ما سوف يقاتلون سفناً صوماليةً، أو يطاردون القراصنة على اليابسة في بلدٍ من أتعسِ بلدان الدنيا. لكن وراء الأكمة ما وراءها. ثمّة فضيحةٌ لا يعرفها أحد. فالناسُ الموصوفون بأنهم أخطرُ مَن يتهدّدُنا، لديهم قصةٌ يروونها وحقٌّ إلى جانبهم. - لم يكن القراصنةُ، البتّةَ، مثلَ ما تصوّرناهم. في «العصر الذهبيّ للقرصنة» - من 1650 إلى1730 - قدّمت الحكومةُ البريطانيةُ القرصانَ باعتباره لصاً شريراً عديم الإحساس. أناسٌ كثارٌ اقتنعوا بأن الصورة زائفةٌ. وغالباً ما كان القراصنةُ ينجون من حبل المشنقة بفضل الجماهير. - المؤرخ ماركوس رَدِيكَر تابَعَ الأمرَ في كتابه «أشرارُ كلِّ الأمم». لو حدثَ أنك صرتَ بحّارً في الأسطول التجاري أو القوّة البحرية - بعد التقاطك وأنت شابٌّ جائعٌ من شرقيّ لندن - فإنك ستنتهي إلى جحيمٍ من لوحٍ عائمٍ. ستعمل ساعاتٍ طوالاً، نصف جائعٍ، في سفينةٍ مكتظةٍ. وإن تراخيتَ لحظةً تعرّضتَ لسوطِ القبطان ذي الشعَبِ التسعِ. فإن تكرّرَ تراخيكَ أُلقِيَ بك في البحر. وفي النهاية، بعد شهورٍ، أو أعوامٍ، سيغشّونك في أجورك. - كان القراصنةُ أول المتمردين على هذا العالَم. لقد تمردوا على طغيان القباطنة، وابتدعوا طريقةً جديدةً للعمل في البحر. حالما يستولون على سفينةٍ، ينتخبون قباطنتَهم، ويتخذون قراراتِهم بصورةٍ جمعية. - كانوا يتقاسمون الغنائم بطريقةٍ سمّاها رَديكَرْ «الأكثر مساواتيةً في توزيع الثروة في القرن الثامن عشر». بل إنهم كانوا يأخذون أفارقةً رقيقاً ليعيشوا معهم على قدم المساواة. لقد بيّنَ القراصنةُ «بوضوحٍ تامٍّ وتخريبيّ أنّ بالإمكان تسيير السفن بطريقةٍ مختلفة، غير قمعيّة، كما هو الأمر في البحرية الملكية». - لهذا السبب كانت شعبيّتُهم الكبيرة بالرغم من كونهم لصوصاً غير منتِجين. كلماتُ قرصانٍ من ذلك الزمن المنسيّ ــ شابّ بريطانيّ اسمه وليم سكوت ــ ينبغي أن يتردد صداها في آذاننا اليوم في عصر القرصنة الجديد هذا. لقد قال، قبل أن يُشنَق في شارلستون في كارولاينا الجنوبية: «فعلتُ ما فعلتُ لأظل على قيد الحياة. أُرغِمتُ على القرصنةِ لأعيش». - في 1991، انهارت الحكومة الصوماليةُ في القَرن الأفريقيّ. ومُذذاك ظلَّ السكانُ، وهم تسعة ملايين، جياعاً. وقد رأت قوى شريرةٌ في الغرب، في هذا، فرصةً كبرى لسرقة موارد البلد الغذائية، ودفنِ المخلّفاتِ النووية في مياه الصومال. المخلّفات النووية. نعم. - وبعد رحيل الحكومة، شرعت سفنٌ أوروبيةٌ غامضةٌ تظهر على شاطئ الصومال، لتتخلّص من براميلَ ضخمةٍ في المحيط. بدأ سكّانُ السواحلِ يمرضون. في أول الأمر عانَوا طفَحاً غريباً، وتقيّؤاً ومواليد مشوَّهين. ثم في 2005، بعد التسونامي، قذفَ البحرُ إلى الساحل مئات البراميلِ المنخوبة. - شرع الناس يعانون أمراض الإشعاع، ومات أكثرُ من ثلاثمئة منهم. - أخبرني أحمدو وِلد عبد الله، موفَد الأمم المتحدة إلى الصومال أنّ «هناك مَن يدفن موادّ نوويةً هنا. هناك رصاصٌ أيضاً ومعادنُ ثقيلةٌ مثل الكادميوم والزئبق ــ أنت سَمِّها». الكثير من هذا يعود إلى مستشفيات ومصانع أوروبية، تَعهَد بالموادّ إلى المافيا الإيطالية لتتخلّص منها بأرخص الأثمان. وحين استفسرتُ من وِلد عبد الله عمّا تفعله الحكومات الأوروبية بصدد هذا، قال متحسراً: «لا شيء. لا تنظيف. لا تعويض. لا وقاية». - وفي الوقت نفسه، كانت سفنٌ أوروبيةٌ أخرى تنهب البحار الصومالية من موردها الرئيس: الغذاء البحريّ. - لقد دمّرنا ثروتَنا السمكية بزيادة الاستغلال، والآنَ ذهبنا إليهم. أكثر ممّا قيمتُه 300 مليون دولار من سمك التونة والروبيان واللوبستر وسواها، تُسرَق سنوياً بسفن صيدٍ عملاقةٍ تبحرُ بطريقةٍ غير مشروعةٍ في مياه الصومال غيرِ المحميّة. - لقد فقد الصيادون المحليون وسيلة عيشهم، وهم الآن جائعون. قال محمد
(يُتْبَعُ)
(/)
حسين وهو صيادٌ من ماركا التي تبعد 100 كيلومتر عن العاصمة الصومالية مقديشو، متحدثاً إلى وكالة «رويترز»: إن استمرّ الأمر هكذا، فلن يبقى سمكٌ في سواحلنا. - هاهو ذا السياقُ الذي برزَ فيه من نسمِّيهم «القراصنة». - يتفق الجميعُ على أنهم كانوا صيّادي سمكٍ صوماليين عاديّين، استخدموا زوارقَ سريعةً للمرة الأولى، بُغْيةَ إبعادِ سفن النفايات وسفن الصيد، أو لفرض ضريبةٍ عليها في الأقل. كانوا يُطْلِقون على أنفسهم «حرس شواطئ الصومال المتطوعين». - ومن السهل معرفة السبب. - في مقابلة هاتفية سُريالية قال سيغول علي، أحد زعماء القراصنة إن دوافعهم كانت تتمثّل «في منع الصيد وإلقاء النفايات في مياهنا. نحن لا نعتبر أنفسَنا لصوص بحرٍ. لصوصُ البحر هم أولئك الذين يصطادون أسماكنا ويلقون النفايات ويحملون الأسلحةَ في مياهنا». كان وليم سكوت سيفهم هذه الكلمات. نعم. لكن هذا لا يبرر أخذ الرهائن. - بعضهم رجال عصابات حقاً، وبخاصة أولئك الذين أوقفوا برنامج الغذاء العالمي. لكن «القراصنة» يحظون بتأييد السكّان لسبب وجيهٍ. موقع الأخبار الصومالي المستقل، «واردهَر نيوز»، أجرى استبياناً أظهرَ أن 70 في المئة من السكان «يؤيدون تأييداً شديداً، القرصنةَ، باعتبارها شكلاً من أشكال الدفاع الوطني عن مياه البلد الإقليمية». - في الحرب الثورية الأميركية، دفَعَ جورج واشنطن والآباءُ المؤسسون مبالغ للقراصنة، بُغْيةَ حمايةِ مياه أميركا الإقليمية، إذ لم تكن لديهم آنذاك بحريةٌ ولا حرس سواحل. غالبية الأميركيين أيدت ذلك. ما الفرق؟ هل نتوقّع من الجياع الصوماليين أن يقفوا على سواحلهم، غير مبالين، يجذفون في نفاياتنا النووية، ويتفرجون علينا ونحن نسرق أسماكهم لنأكلها في مطاعم لندن وباريس وروما؟ - نحن لم نعترض على هذه الجرائم، لكن لو اعترض بضعة صيادين بعرقلة ممرّ العبور لعشرين في المئة من بترول العالَم، فلسوف نصيح بأعلى أصواتنا: إنه الشرّ. - لو أردنا، بالفعل، معالجة القرصنة، فعلينا أن نعالج أساسَها - جرائمَنا نحن - قبل أن نرسل سفننا الحربية للقضاء على المجرمين الصوماليين. - خيرُ مَن يلخِّص حكاية حرب 2009 على القراصنةِ، قرصانٌ آخر، عاش ومات في القرن الرابع قبل الميلاد. لقد ألقيَ القبضُ عليه وجيء به إلى الإسكندر المقدوني الذي أراد أن يعرف منه «سبب استحواذه على البحر». - ابتسم القرصانُ وقال: «وأنت، ما سبب استحواذك على الأرض كلها؟ أنا أُدْعى لصّاً لأنني أستخدمُ سفينتي الصغيرةَ، أمّا أنت الذي تستخدم أسطولاً ضخماً فتُدْعى إمبراطوراً. فمن هو اللصّ؟». المصدر: جريدة الأخبار
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 07:21]ـ
الشيخ محمد المبارك جزاك الله كل خير على التوضيح المهم
واحب ان اضيف ان القرصنة في عصر من العصور كانت تشبه قانون محاربة الارهاب والضربات الاستباقية في عصرنا هذا
ففي عصر الامبروطورية البريطانية كان الصراع الاسباني البريطاني في اوجه وكان البحر هو مكان ذلك الصراع
اكتشف الفريقين ان الحرب سوف تهدر ثراتهم وقواهم الاستعمارية فتمت المصالحة ولكن المكر البريطاني رفض الصلح
فتم اختراع من يسمون بـ (البكانيرز) وهم قراصنة رسميين يعملون لصالح التاج البريطاني وهدفهم الوحيد هو
مطاردة والقضاء على السفن الاسبانية الحكومية والتجارية وسلب ونهب تلك السفن على ان الفاعل هم قراصنة
زعيم اولئك القراصنة تم اعطائه لقب (فارس) على يد ملكة بريطاني لجهوده في حرب الاسبان
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 10:19]ـ
بارك الله فيكم ..
نفس مصطلح القرصنة الكاذب كان يطلقه الأوربيُّون اللُّصوص على أساطيل الترك الجزائريَّة المتحالفة مع الدولة العثمانية، بقيادة "خير الدِّين بربروسا"، وأخوه "عرُّوج" ...
كان خير الدين "ذو اللحية الحمراء" ببساطة قد سيطر على حوض البحر الأبيض المتوسِّط ونظَّم التجارة فيه، وقمع جشع السَّرقة الأوربييِّن.
ولو قدَّر الله أن تظلَّ السيطرة لهم لما وقعت دول الحوض الإسلاميَّة في احتلال اللُّصوص في القرن التاسع عشر ومطلع العشرين لميلادي.
ـ[التقرتي]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 11:06]ـ
لكن ما يحدث في الصومال اليوم؟ الم يستولوا على بواخر سعودية و بواخر تجارية؟
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 11:06]ـ
الاساتذة الكرام:
ماجد العتيبي
عدنان البخاري
شكرا على هذه الفوائد
و المشكلة في وسائل الإعلام العربية التي لا تزال تتابع وكالات الاعلام الغربية دون تمحيص
مع أن هذه الأحداث تجري في أراض و شواطئ عربية
فالله المستعان
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 11:17]ـ
/// الذي يبدو لي أنَّ بداية الأمر كانت كما ذكر في الموضوع، وهو الدفاع عن شواطئ الصومال من القراصنة الحقيقيين، ثم اتَّسع الخرق ودخلت الدواخل ..
/// ومعلومٌ أنَّ الفوضى إذا سادت دخل في الأمر المرتزقة المتكسِّبون من الفتن والفوضى.(/)
تلخيص البهائية الباب الثامن من فرق معاصرة للعواجي
ـ[محمد الظفيري]ــــــــ[27 - Apr-2009, صباحاً 03:29]ـ
الباب الثامن
دراسة عن البهائية
- البهائية والبابنية والشيخية والرشتية حلقات متصلة بعضها بالبعض الآخر وتعتبر الشيخية والرشتية هي النواة الأولى للبابنية.
- زعيمها هو علي بن محمد الشيرازي ولد سنة 1235هـ.
- قيل في الكتاب المقدس للبابنية:
- إنا قد جعلناك جليلا للجالسين وجعلناك به عظيما.
- خاض البهائيون بزعامة حسين المازندراني مواجهات عنيفة حتى هزموا البابنية.
- مات حاكم شيراز بعد أن أخفاه الحاكم منهو جهر خان في قصره.
- من مخاطر البهائية: تعتبر إحدى الحركات الهدامة التي أقتضتها الصهيونية.
- تمت محاكمة البهائيين وأتضح أنهم فئة خارجة على جميع الأديان السماوية
- مؤسسها حسين علي ولد في إيران وأعتنق البابنية وعمره 27
- كانت أسرته عميلة وفية للروس فهيأوا له قصر في عكا.
- أشتمل كتابه الأقدس على بشارات للصهاينة
- مات المازندراني وعمره 75 وقيل جن وقيل بسبب الحمى ودفن في منزله بعكا.
- وبعد موته إنقسم البهائيون على: الموالية العباسية والموالية الموحدون.
- ومن بعض دعايات البهائيون وحدة جميع الأديان على دين واحد.
- وحدة الأوطان ووحدة اللغة والسلام والمساواة بين الرجل والمرأة.
- أما ما يتعلق بعقائدهم: هم من كبار القائلين بالحلول والإتحاد.
- لايؤمنون بما جاء بالقرآن والسنة.
- لايؤمنون بالملائكة والجن.
- والصلاة عند البهائية عددها عندهم 3 مرات باليوم والزكاة يجهلونها والصوم 19 يوم فقط والحج يتجهون إلى عكا مدفن البهاء والزواج لا يكون إلا بواحدة والطلاق مكروه والمواريث زعموا أن الرجال والنساء سواء. ومن الأحكام الأخرى: سن الرشد 15 ولايجوز للمرأة الحجاب.
- أمثلة من تأويلات البهائية للقرآن: قالوا أن المقصود بيوم القيامة قيامة البهاء وإنتهاء الرسالة المحمدية
- النفخ في الصور دعوة الناس إلى إتباع البهاء.
- مواقف البهائية من السنة النبوية: صرح الحاقد محمد رشاد أنما السنة هي بدع شيطانية
- زعم أن القرآن حذر المسلمين من أخذ الدين عن الرسول.
- أما السبب في إنتشار البهائية: جهل كثير من المسلمين بحقيقتهم.
- تظاهر هؤلاء تقية ونفاقا بالإسلام.
- كتاب البهائية الذي يقدسونه ورد فيه:
- من ذلك زعمه أنه أحاط بعلم مافي اللوح.
- يندب حظ من أعرض عن ذكره.
- ومن بعض نبوءات المازنداني: 1) تنبأ به من أن البهائية سيكون لها مستقبل مشرق في العراق.
2) بأن طهران ستكون بهائية كلها.
أماكن تواجد البهائية: العراق , إيران , ومركزهم الأصلي فلسطين , والمغرب والخليج وغيرها.(/)
لماذا لا نجاهد؟؟؟
ـ[أبو أميمة العباسي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 12:03]ـ
الواقع يفرض علينا أن نقيم فريضة الجهاد في هذا الزمن، وقبله كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وصار الكثير أبواقا للغرب في أن الجهاد في هذا الزمان ليس بضرورة، ولا بد من التربية ولا ندري إلى متى هذه التربية، وهل هناك تربية أفضل من الجهاد، بل صار المجاهدون في سبيل الله يحكم عليهم بالخوارج.
فما الذي أصابك أمتي، وماهو الحل من وجهة نظر أخواني وأحبتي طلبة العلم؟ والله إني أحترق من داخلي فمن لك أمتي.
حاولوا تفهموا مقصودي أيها الأخوة فأنا لست داعية إلى الفتنة، ولكني أغار على ديني، وأحزن على حال ووضع أمتي.
فمن يطمئن القلب بكلمات تدعم موقفي ياإخوة؟؟
ـ[التقرتي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 12:13]ـ
لما لم يجاهد الرسول عليه الصلاة و السلام و هو بمكة؟
هل تغار على الأمة اكثر من علمائها؟
ستجاهد ضد من؟ ضد الكفار او ضد اخوانك في بلادك؟
ستجاهد تحت راية من؟ هل عندك حاكم اعلن الجهاد او تريد الخروج عن الحاكم اولا؟
اهل العلم ادرى بمصلحة الأمة و عندما يقولون ان العصر عصر تربية فهم اعلم بما يقولون فليس الأمر بالعاطفة انما الأمر بالحكمة، نعالج الأمة اولا ثم نقيم دولة الاسلام ثم بعدها نجاهد ان شاء الله
ـ[أبو أميمة العباسي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 12:18]ـ
لأنه مأمور شرعاً بعدم البدء بالقتال، ولأنهم كانوا قلة ومستضعفين ولاقدرة لهم على القتال.
ولعلي بك تريد القول ونحن المسلمون ضعفاء وقلة: أقول لا نامت أعين الجبناء، بل نحن قوة بإيماننا ولعلك تستطيع ذكر غزوة واحدة أو معركة إسلامية قاتل فيها الرسول صلى الله عليه و سلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان وكان المسلمون أكثر عدد وعدة، يا إخوة نحن صرنا أذلة لأننا رضينا بالدنيا وخشينا الموت في سبيل الله، هذه هي الحقيقة، و الاستدلال بما ذكرت لم لا نستدل بغزواته ومعاركه صلى الله عليه وسلم ونذكر العزة والمهابة التي صار فيها الحبيب عليه الصلاة والسلام.
أخي الموفق: اقرأ الكتب المفيدة واطلب العلم ولا تتكلم بلسان المرجئة حفظك الله.
ـ[أبو أميمة العباسي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 12:45]ـ
قولك ضد
ـ[التقرتي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 01:06]ـ
اعوذ بالله، هل تعني انك تتهم العلماء بالمرجئة لأنهم لم يعلنوا الجهاد؟
هداك الله اخي اطلب العلم اولا و اعرف قدر العلماء ثم ارجع اطرح هذه المسألة كي نشرحها لك فإن كنت اصلا لا تأبه لكلام العلماء فلماذا تطرح علينا هذه المسائل!!!!
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 01:40]ـ
بارك الله فيكما
لا مكان لهذه المجادلات في المجلس
ولا هذه المناقشات التي لا فائدة منها في الغالب إلا إيغار الصدور ونشر البغضاء والعداوة
فلنشتغل بما ينفع ولنحافظ على مكانة المجلس
النصيحة للجميع
بارك الله فيكم(/)
رسالة الى الصفويين الجدد: قاتلي الأئمة وبائعي الذمّة
ـ[عزالدين بن حسين القوطالي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 02:15]ـ
رسالة الى الصفويين الجدد
قاتلي الأئمة وبائعي الذمّة
عزالدين بن حسين القوطالي
تونس
إن المتتبع لتاريخ بعض من يسمون أنفسهم اليوم بشيعة أهل البيت وحملة لواء التشيّع والمدافعين عن خطّ الإمام سوف يقف بالضرورة عند حقيقة ثابتة واضحة لا غبار عليها تتكرر بإستمرار وتتواصل في أشكال وصور ومهازل متشابهة عبر تاريخ طويل من الآلام والمحن والإنكسارات والدماء الغزيرة التي سفكت وسالت من أجل غايات سامية في جوهرها ولكن إعتمادا على أدوات وقوى وشخصيات لم يشهد التاريخ لها مثيلا في إنتهازيتها ووصوليتها وخياناتها حتى أصبحت مضربا للأمثال على مرّ العصور والحقب والأزمان كما هو حال المؤيد ابن العلقمي وزير المستعصم العباسي ونصر الدين الطوسي أحد أكبر المراجع الشيعية زمن سقوط بغداد على يد المغول والتتار.
إن هؤلاء وأمثالهم من الحاملين لعباءة أهل البيت والمتباكين على مقتل الإمام علي وإبنيه الحسن والحسين لم يستحقوا يوما أن يكونوا محل إحترام أو تقدير ولن يستحقوا ذلك طالما تمادوا في ذرفهم لدموع التماسيح التي تغطي وراءها حقدا دفينا على العروبة والإسلام وسعيا مستمرا لتدمير وحدة الأمة والشعب عبر التحالف مع الأجنبي المحتلّ ودعمه بشتى الوسائل والمطالبة بتمديد بقائه والتصفيق للمجازر التي يرتكبها يوميا ومباركة إعتداءاته الهمجية البربرية حتى وصل الأمر ببعضهم الى حدّ إصدار فتوى بعدم جواز مقاتلة الغزاة كما هو الحال في الفتوى الشهيرة لكلّ من المراجع علي السيستاني وبشير النجفي وسعيد الحكيم والفياض الصادرة بالنجف الأشرف يوم السبت 12 رجب 1425 هـ وهي الفتوى التي تدلّ على عمالة بعض من يوصفون بالمراجع الدينية وتحالفهم المكشوف مع الغزاة والمحتلين وتآمرهم العلني على الإسلام والمسلمين تحت غطاء ديني ومرجعية زائفة تنسب الى الإسلام زورا وبهتانا وتكفي الإشارة الى الرسالة التي بعث بها المرجع الشيعي المجاهد آية الله العظمى أحمد الحسني البغدادي الى المفكر العراقي عادل رؤوف بتاريخ 28 صفر 1422 هـ بمناسبة صدور كتابه المعنون عراق بلا قيادة للتدليل على حقيقة أولائك الدجالين في النجف الأشرف إذ يقول: ((يعدّ كتابك صرخة مدوية على ديكتاتورية المؤسسة الدينية التي تنتسب الى الشريعة الإسلامية ظلما وعدوانا وتدرس فقه الشريعة وقلبها عنه بعيد ولا تأخذه عقيدة رسالية حركية و لاتتقي الله ولا ترهبه وإنما تدرسه لتتأول وتحتال بإسم تضخيم العناوين الثانوية والحيل الشرعية وتوجهه كيف تشاء في تلبية الرغبات والأطماع حيثما إنكشف لها أن هناك مصلحة ذاتية تنجز وأن هناك شيئا من أشياء هذه الدنيا يكسب. من هنا – يا أخي – نريد أن تكشف لنا الشيء الكثير عن هؤلاء الرموز الحوزية المتسترين والمحترفين بإسم الدين الذين تحولت حياتهم المعيشية الضيقة الى قصور شامخة وحياة مترفة في دول الخليج وأروبا وأمريكا الإستكبارية ... )).
ومع إحترامنا الشديد لكلّ المذاهب الإسلامية وتراثها الفلسفي والفقهي فإنه من المؤسف القول إن البعض من المنافقين والقوادين والخونة والإنتهازيين قد ركبوا موجة التشيع الى آل البيت ورفعوا راية الإمام علي ابن أبي طالب فكان الغوغاء أول من لبس عمامة التشيع الى آل البيت وأوّل من خان العهد والميثاق وكيف ننسى أو يطلب منا نسيان تآمر أولائك الخونة أجداد من يحكمون اليوم داخل المنطقة الخضراء في العراق على أيمّة آل البيت ونكثهم العهد الذي قطعوه بمحاربة الظلم والطغيان ألم يقل الإمام علي ابن أبي طالب في هؤلاء: ((فيا عجبا عجبا والله يميت القلب ويجلب الهم من إجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى يغار عليكم ولا تغيرون وتغزون ولا تغزون ويعصى الله وترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحرّ قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا يسبّخ عنا الحرّ وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القرّ أمهلنا ينسلخ عنا البرد كلّ هذا فرارا من الحر والقر فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فإذا أنتم والله من السيف أفرّ يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم
(يُتْبَعُ)
(/)
معرفة والله جرّت ندما وأعقبت سدما قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيضا وأفسدتم رأيي بالعصيان والخذلان ... )) ومثلها كثير من الأقوال التي أطلقها الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه في شيعته وأتباعه ويكفي الرجوع الى نهج البلاغة للوقوف على حجم المعاناة التي لقيها الإمام علي وأبنائه الحسن والحسين من أتباعهم ومريديهم المنافقين الخونة الذين يتجسّدون اليوم في المجاميع الصفوية والغوغائيين من أتباع مقتدى الصدر والعميل الحكيم وغيرهم.
فبعض ممن يطلقون اليوم على أنفسهم لقب شيعة أهل البيت هم نسخة طبق الأصل من أولائك الذين حملوا نفس اللقب أيام الفتنة الكبرى مع إختلاف جوهري يتمثل في أن الأولين قد خانوا آل البيت العرب المسلمين في مواجهة بني أمية العرب المسلمين كذلك في حين أن الأخيرين قد خانوا آل البيت والعروبة والإسلام لمصلحة الغزاة الصليبيين المحتلين الأجانب وبالتالي فإن منزلة الصفويين الجدد أمثال الحكيم والجعفري والمالكي وغيرهم لم ترتقي حتى الى منزلة أتباع الإمام علي من المنافقين والغوغاء فالولاء للأجنبي يعتبر خطيئة كبرى لا يمكن أن تغتفر دينيا ودنيويا وبهذا يكون الصفوييون الجدد قد خسروا الدين والدنيا معا ولذلك نجدهم بلا ضمير أو خلق أو حسّ وطني يحرّضون بإستمرار على قتل العراقيين وهتك أعراضهم وهدم منازلهم ونهب أرزاقهم لا همّ لهم سوى جمع الثروات الطائلة وإعداد الحقائب للسفر في أول طائرة عند إندحار قوات الغزو على يد المقاومة العراقية البطلة فلا عجب والحالة تلك أن يصبح العراق في ظلّ الحكم الصفوي الجديد من أكثر البلدان فسادا في العالم حسب آخر إحصائية لمنظمة الشفافية العالمية إذ تسرق أموال العراقيين ليلا نهارا وترسل الى الحسابات السرية في بنوك أمريكا وأوروبا بينما لا يجد أبناء شعبنا في العراق الجريح مالا لشراء الدواء ولتوفير لقمة العيش ومع ذلك يقف الصفويون الجدد بكلّ وقاحة وصفاقة أمام شاشات التلفزيون الرافعة للراية الصفوية كمحطة الفرات والفيحاء والكوثر وغيرها مدّعين أنهم يعملون من أجل رفاهة العراقيين وتقدمهم وإزدهارهم فعن أي رفاهة يتحدّث أولائك المجرمين وعن أي إزدهار وحال العراق اليوم كحاله أيام إحتله التتار والمغول لم يبق فيه شجر ولا حجر بيوته هدّمت وآثاره نهبت ونساؤه أغتصبت ورجاله قتلت أو أسرت وأمواله سرقت.
إن ما إقترفه الصفويون الجدد في بلاد الرافدين يشكل في نهاية المطاف تعبيرا لا مثيل له عن مدى الحقد التاريخي الذي يحمله هؤلاء تجاه العروبة والإسلام وصورة مصغّرة لحجم الكراهية التي رضعها أتباع البهيمة منذ الولادة ودليلا قاطعا على دماء الخيانة والعمالة التي تسيل في عروقهم منذ الفتنة الكبرى والى يومنا هذا إذ قال فيهم الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ((كنتم جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فهربتم أخلاقكم دقاق وعهدكم شقاق ودينكم نفاق وماؤكم زعاق والمقيم بين أظهركم مرهن بذنبه والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ... )).(/)
وصية ابن عباس لبعض جلسائه
ـ[محمد الحجي]ــــــــ[27 - Apr-2009, مساء 09:49]ـ
قال ابن عباس يوما لبعض جلسائه:
لا تكلمن فيما لا يعنيك حتى تجد له له موضعا، ولا تمار سفيها ولا حليما، فإن الحليم يغلبك، والسفيه يزدريك، ولاتذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يتكلم فيك إذا تواريت عنه، واعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالإحسان، مأخوذ بالإجرام.
فقال رجل عنده يابن عباس: هذا خير من عشرة الآف، قال: كلمة منه خير من عشرة الآف.!
وقفات ..
الأولى:
1 - لا تكلمن فيما لا يعنيك: كم من المشكلات والفتن أفسدت وأحرقت بسبب المتجرئ بالقول فيما لا يحسنه بل ويجهل كثيرا من واقعه فكانت العدواة والوشاية بل وقطع الأرحام والتفجير والتسرع في التكفير وفي الحديث " من حسن إسلام المرء ترك مالا يعنيه " اي الذي لا يتقنه وليس من اختصاصه.
2 - حتى تجد له موضعا: أي يناسبه وما يناسب الكبير لا يناسب الصغير وما تستوعبه الخاصة لا تستوعبه العامة، وليست العقول واحدة فرب كلمة قيلت في مجلس مُدح صاحبها، ثم أعيدت في مجلس آخر كادت أن تذهب بقائلها.
3 - ولا تمار سفيها: وأصل المماراة (الكذب) والسفاهة (سلاطة اللسان وسرعة الإنفعال والإعتداد بالرأي في حال الخطأ) فكيف ظنك بمن هذه صفاته أيَحترم من أمامه! ولذا قال " فإن السفيه يزدريك" أي يحتقرك ولو كان أمامه عالما أو حاكما وفي الحديث المرفوع " أنا ضامن بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا".
4 - والحليم يغلبك: وهو واسع الصدر ولا يبادر بالإساءة ولا يسارع في العقوبة، وغلبته بالعزة التي وُعد بها في الحديث المرفوع: "ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله". [رواه مسلم]، وتكاثر أخطاء الخصم تسقطه وتحرجه وتذله.
5 - ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك: فمن ضعف النفس وقلة الحياء والمروءة أن تلق أخاك مبتسما ثم، إذا توارى عنك ذممته وشوهت سمعته (وهذه آفة منتشرة).
6 - إلا بمثل الذي تحب أن يتكلم فيك إذا تواريت عنه: فالجزاء من جنس العمل، وهذا باب جمع بين حرمة الغيبة، وضرورة حفظ الجميل فإنها من حسن العشرة وعظيم الأخلاق، وسمو النفس، حتى لو كان خلاف بين الأصحاب على اختلاف درجاته.
7 - واعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالإحسان: لأنه سيزداد بهذ العلم قربة إلى الله.
8 - مأخوذ بالإجرام: وعلمه بعقوبة الدارين كافية لحجزه عن الظلم وإذا غابت العقوبة الآخروية تولدت الجرأة على انتهاك محارم الله.
والحمدلله رب العالمين
كتبه: محمد الحجي(/)
دراسة المنطق في جامعاتنا؟
ـ[أم فراس]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 12:01]ـ
السلام عليكم: قضية تشغل تفكيري وأنا أدرس الآن في منهجية الدكتوراة
هل تؤيدون دراسة المنطق في قسم العقيدة، وهل لها من فائدة؟ أو هل تحقق فائدتها المرجوة وهي تدرس بهذه الطريقة؟
لا يتبادر إلى الذهن رفضها من قبلي، ولكن أنا لا أجدها تسمن ولا تغني من جوع، درسنا المادة في مرحلة الماجستير وتسمى نقد المنطق، كنا ندرسها بشكل ممتاز وجميل جدا، ولكن أخذنا للنقد حوالي ثلاث محاضرات،
والآن ندرس في الدكتوراة المنطق الحديث، وعليه لا يمكن توظيف علم المنطق في داخل علومنا إذا كنا لا ندرسه إلا بطريقة مبسطة،فإما أن يأخذ وضعه الكامل وإما أن يترك.
كذلك الفلسفة، درسنا في الماجستير نقد الفلسفة القديمة أذكر ملحمة جلجامش، وآراء طاليس وفيثاغورس والفلسفات الهندية القديمة ثم انتهى الفصل قبل النقد.، ثم لا أجد مجال تطبيقها.
لذا أرى فرقا بين من أسس سنوات ومستويات على دراستها وبين طلابنا في قسم العقيدة،
رغم أن ماننقده من علم الكلام وبعض العلوم وبعض الفرق الباطنية كله مرتبط بالفلسفة،
لو قرأت جزءا من نظرية الفيض أو نظرية الأدوار والأكوار أو غيرها من النظريات فليس كل طلاب الدراسات العليا يستوعب هذه المصطلحات، وقس عليها فلسفات الفرق الأخرى.
من وجهة نظري نحتاج ونحتاج بشدة إلى دراسة هذه المواد في مراحل الدراسات العليا بطريقة جيدة، فهل تؤيدون؟ أو تعارضون؟ ولماذا؟
عن نفسي أرى أن الفلسفة أو المنطق تعطيني الأساس الذي انطلق منه الآخر، فإذا أسست الطلاب في مرحلة البكالوريوس على عقيدة أهل السنة الجماعة فلا مانع في نظري من اطلاعهم على فلسفات الآخر في مرحلة الدراسات العليا. بل حتى فهم ردود شيخ الإسلام على الفلاسفة لا نفهمها مالم ندرك معنى مصطلحات الفلاسفة أنفسهم. هذه وجهة نظر
والله من وراء القصد
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 10:06]ـ
اختي الفاضلة بالنسبة لدراسة المنطق في قسم العقيدة في نظري انه مهم جداً وصدقيني يا اختي اني كنت اقراء في كتب العقيدة بعض الردود وما كنت اظن اني سوف احتاج إلى تلك الردود فقط قبل ايام كنت اناقش احد الباطنية في منتدى من المنتديات وقد رايت الخبيث يستخدم الحجج والشبهات الفلسفية في اسماا الله عز وجل وصفاته .. !!! كقوله ان صفات الله عز وجل هي صفات كمال وليست صفات يتصف بها لذاته وان الاسماء والصفات كلمات وحروف طارئة والله كان موجوداً قبل ان يخلق الخلق وقبل ان يخلق هذه الكلمات والحروف .. !!!
ولا ننسى ان الفرق الاسلامية الضالة المعتزلة والصوفية والشيعة الاثنى عشرية والشيعة الاسماعيلية وخاصة الاخيرة لهم اعتماد كبير على الفلسفة بل انهم يقدسون ارسطوا وافلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان ويكرهون ويبغضون علماء الحديث الشريف
وعلى هذا اتمنى لو تبقى دراسة نقد الفلسفة والرد على المناطقة في قسم العقيدة وان يعتنى بها
ـ[واحد مسلم]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 07:17]ـ
الأخت أم فارس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من واقع دراستي وتخصصي أرى أن مسائل الإعتقاد هي في حقيقتها مسائل إجماع في الغالب وتستند مباشرة على كم كبير من الأدلة الصريحة في الكتاب والسنة
وبالتالي فإن عرض عقيدة أهل السنة وتفهيمها أمر ميسور لمن لا يعاني من شبهات الفلاسفة والمتكلمين
لكن تخصص العقيدة لا يمكن أن يكون دوره مجرد عرض عقيدة أهل السنة والجماعة وإنما خاصة هذا القسم انه يدرس ضلال الفرق ومحل شبهاتهم وبيانها وسد ثغرات التضليل التي يلج منها أهل الأهواء والبدع
وهذا باب لا ينحصر لأن الشبهات لا تنحصر والمناهج التي يستخدمها أهل البدع تتبدل وتتغير مما يمثل تحديا لكل دارس في قسم العقيدة حتى يبدو لي ان الباحث يجب ان يجعل لنفسه تخصصا دقيقا كالتخصص في عقائد الرافضة أو النصارى أو دراسة ونقد الفلسفات القديمة أو الفلسفة الغربية وربما دوائر أضيق من ذلك حتى نستطيع أن ننتج شيئا له قيمة يلتفت اليه أهل الإختصاص في العلم المنتقد ويتعاملوا معه بجدية تناسب جدية الطرح
وبالتالي فإن تعلم المنطق والفلسفة بل ودراسة الحجج السوفسطائية التي يسلكها كثير من الناس في هذه الايام من الصحفيين واشباه المثقفين واجب لا يمكن تصور متخصص في هذا المجال ليس على دراية كافية به والمنطق بالذات له اهمية كبرى بين المناهج العلمية لأنه الأساس الذي يعتمد عليه اصحاب الآراء النظرية في العقائد والفلسفات
وأريد ان أؤكد كلام الأخت الفاضلة فيما يخص عدم إمكانية فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بدون دراسة المنطق والمعرفة بأقوال الفرق التي يرد عليها شيخ الإسلام
وهذا الراي بالطبع لاينطبق الا على الحقل الاكاديمي والبحثي بينما ينبغي ان تحجب مثل هذه الاهتمامات عن غير المتخصصين فان تحقيق الحق فيها لا يكون الا مع الجهد الجهيد الذي لا يطيقه غير الشغوف المقبل الذي تشرب عقيدة اهل السنة والجماعة
هذا والله اعلم
وجزاكم الله خيرا على طرح هذا الموضوع المهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم فراس]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 09:18]ـ
الأخوة الأفاضل: ماجدالعتيبي و (واحد مسلم): أشكر لكما مروركما العاطر،وأظن الأخ العتيبي لم يتضح عنده مقصودي، الحقيقة أني أطالب وبشدة أن ندرس الفلسفة والمنطق ونأخذ نقدها بشكل أفضل وبخاصة ونحن في الدكتوراة،
شكرا لكما.
ـ[التقرتي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 09:22]ـ
الذي اراه ان يمنع الناس من ادخال المنطق و علم الكلام في الشرع، لم تعرف هذه الأمور عند السلف و ما وسع السلف يسعنا و الله اعلم
ـ[واحد مسلم]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 07:01]ـ
الذي اراه ان يمنع الناس من ادخال المنطق و علم الكلام في الشرع، لم تعرف هذه الأمور عند السلف و ما وسع السلف يسعنا و الله اعلم
الاخ الكريم التقرتي
اعتقد ان الموضوع عن دراسة المنطق ونقده والفلسفة ونقدها وهذا من نفس المنطلق الذي تفضلت بذكره وهو منع الناس من ادخال المنطق وعلم الكلام في الشرع وتحقيق ما تقول لايكون باهمال الدراسة كما قد فهمت من كلامك وانما بالتعمق في دراسة المنطق والفلسفة ونقدهما كما ورد في المشاركة الاصلية
ثم ان العنوان قيد دراسة المنطق بالجامعات اي للمختصين وليس عاما للناس بل ان المشاركة كانت تؤكدعلى مرحلة الدكتوراه
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 08:44]ـ
الاخ التقريتي جزاك الله كل خير على حرصك وبارك فيك ولكن كما ذكر الاخ واحد مسلم
دراسة الفلسفة تكون للمتخصصين في العقيدة وللمتقدمين (الماجستير والدكتوراه)
ـ[التقرتي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 08:50]ـ
السلف كانوا علماء و ليسوا من العامة، و انتم تعلمون الخلاف القائم بين العلماء في مثل هذه العلوم.
فإن كان الكثير من الجهابذة ضلوا من قبل بسببها فما بالكم بدكاترة اليوم و انتم تعلمون كم من دكتور احدث ما احدث في الدين.
الذي اعتقده انه اصلا لا نقبل ادخال العقل في الامور العقدية فمن البداية لابد من الحفاظ على هذا الأصل و اتباع الاثار.
التاريخ يرينا كم من عالم دخل في هذا الميدان و زاغ فما بالك بنحن اليوم و الله اعلم
ـ[واحد مسلم]ــــــــ[11 - Nov-2009, صباحاً 12:24]ـ
السلف كانوا علماء و ليسوا من العامة، و انتم تعلمون الخلاف القائم بين العلماء في مثل هذه العلوم.
السلف كانوا علماء لكن الشبه التي قامت على أساسٍ من المنطق و الفلسفة لم تكن موجودة في عصورهم فكان مقتضى الرد غير موجود وقد ردوا على ما نبت في زمانهم من الشبه
فإن كان الكثير من الجهابذة ضلوا من قبل بسببها فما بالكم بدكاترة اليوم و انتم تعلمون كم من دكتور احدث ما احدث في الدين.
الذين ضلوا في هذه السبل كانوا يبحثون عن الحق بالمنطق والفلسفة أما حديثنا اليوم عن طلبة العلم الذين حصلوا اعتقاد أهل السنة من القرآن والسنة ثم يبحثون في هذه العلوم ليقفوا على مواطن الضلال فيها وينبهوا أهل الزيغ والضلالة الى فسادها
الذي اعتقده انه اصلا لا نقبل ادخال العقل في الامور العقدية
هذا الاطلاق لادليل عليه بل نحن نستدل على عقائدنا بالعقل ثم إننا لا نتحدث عن رجلٍ يقبل ادخال العقل أو لا يقبل بل أحدثك عن رجلٍ امتلئ قلبه بالشبهات كيف تكون دعوته وهدايته إن لم ترد له على شبهته وتبين موطن الضلال فيها
فمن البداية لابد من الحفاظ على هذا الأصل و اتباع الاثار.
أى أصل تقصد؟؟ ثم ماذا تفيد الآثار رجلاً لايومن بقطعية النصوص التي يسمونها سمعية ويرى لها معارضات عقلية ألا يجب أن تثبت له أولاً غنى النصوص الشرعية بالحجج و الدلائل العقلية التي تثبت عقائد هذا الدين وأن تريه رأي العين خواء حججه العقلية التي يحسب أنها قطعية تعارض القرآن؟؟ فهل يمكن لرجل لم يطلع على شبهات القوم وطرق استدلالهم أن يفهم مرادهم فضلاً عن الرد عليهم؟؟
التاريخ يرينا كم من عالم دخل في هذا الميدان و زاغ
الكثير ضلوا والكثير اهتدوا ونفع الله بهم أحدهم شيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم ومن زعم انه يمكن قراءة كتب ابن تيمية العقدية التي يرد بها على الفرق دون دراسة المنطق فهو جاهل بكتب شيخ الاسلام ولا ريب
فما بالك بنحن اليوم و الله اعلم
أما نحن اليوم ففي حالٍ خير من حال من سبقونا فنحن لا نبحث في علم الكلام عن عقيدتنا بل نبحث فيه عن مواطن الضعف و التناقض
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم اننا مسبوقون بشيخ الاسلام بعلمه الغزير وتراثه النافع وتلميذه ابن القيم وتلامذتهم
وأخيراً فان الدعوة الى ترك التبصر بعلوم المنطق اغلاق لبابٍ من العلم أصبح مفروضاً على كل باحثٍ في المذاهب و الفرق ودعوة الى سطحية التعامل مع المخالفين من الفرق القديمة والحديثة.
ـ[من صاحب النقب]ــــــــ[11 - Nov-2009, صباحاً 01:43]ـ
العلماء تكلموا في حكم تعلم المنطق و هو قواعد عقلية محضة خالية من عقائد الفلاسفة و المتكلمين قال الأخضري في السلم:
و الخلف في جواز الاشتغال ***** به على ثلاثة أقوال
فابن الصلاح و النواوي حرما **و قال قوم ينبغي أن يعلما
و القولة المشهورة الصحيحة ... جوازه لكامل القريحة
ممارس السنة و الكتاب ********ليهتدي به إلى الصواب
القول الأول: يحرم سداً للذريعة حتى لا تدخل على المسلمين عقائد الفلاسفة و المتكلمين
القول الثاني: أنه يجوز للمصلحة
القول الثالث: أنه يجوز للعالم دون العامي و هو الذي رجحه الأخضري جمعاً بين المصلحتين
و المنطق يستعمله الفلاسفة و المتكلمون في إثبات العقائد و الأصول أما الذي يستعملونه للفروع عندهم فهو الجدل المسمى آداب البحث و المناظرة و هو متفرع عن المنطق و الظاهر أن له حكمه
أما الفلسفة فهي محرمة حتى عند المتكلمين، أما الكلام فهو محرم عند السلف أما المتكلمون ففيه ثلاث مراتب الاقتصاد و الاقتصار و هو الذي تقول به الماتريدية و الأشاعرة غالباً و الاستقصاء و هو الذي تقول به الجهمية غالباً
يتبين من هذا أن هذه العلوم العقلية لا يحمد تعلمها لذاتها و إنما للرد على أهلها إذا كان المسلمون في حاجة لذلك بسبب ظهور الفلاسفة و المتكلمين عليهم و حكمهم لهم فيحتاجون للرد عليهم بأدلتهم فيتصدى لها من يأمن على نفسه الافتتان بها من العلماء
و إلا فإن كان السلف هم الظاهرون في البلد فإنهم يردون بالكتاب و السنة و لا حاجة لهم في تعلم هذه العلوم و من لم يسمع من المتكلمين للكتاب و السنة ضرب بالجريد و النعال و طيف به في البلد و قيل هذا جزاء من أعرض عن كتاب الله و سنة رسوله و أخذ بعلم الكلام
ثم إن هذه قاعدة في كل علم محرم و قد ظهرت علينا علوم جديدة و كادت أن تختفي هذه العلوم:
فانظر الآن للتنمية البشرية و الريكي و المايكروبوتيك و البرمجة اللغوية العصبية و كافة علوم الطاقة و التنويم المغناطيسي و ما هب و دب فهل نطالب بتدريس هذه العلوم كي نستطيع الرد عليها؟
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[11 - Nov-2009, مساء 06:45]ـ
أما وقد قررت، وأصبحت من المواد المطلوبة، فلتدرس ولتفهم، حتى يتضح كلام القوم وحججهم ومنطلقاتهم ..
ولن تستطيع أن ترد على شبهاتهم بالاكتفاء بكتب السلف فقط (مع ما فيها من علم غزير وبركة) ..(/)
بالفيديو: فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد العريفي .. يكشف حقيقة صوفية حضرموت .. !!
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[28 - Apr-2009, صباحاً 11:19]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/alarefe_2.gif
حلقة مميزة من برنامج ضع بصمتك الذي بث في قناة اقرأ للشيخ الدكتور / محمد بن عبدالرحمن العريفي
وعنوان الحلقة ((التوحيد)) والتي كانت يوم الجمعة الموافق 12/ 4/1430هـ
تحدث فيها عن التوحيد وسلط الضوء على دعاء الأموات وغيرها من الأمور التي تنحر التوحيد
ونقل لنا مشاهد حية للحال المزري التي وصلت إليه صوفية حضرموت وكيفية تعليم عوام المسلمين على الشرك بالله والتعلق بأصحاب القبور وبناء التوابيث وغيرها من البدع والخرافات
ونحن بموقع صوفية حضرموت نهدي لكم هذه الحلقة المميزة
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/alarefe.jpg
ويُكثر الصوفية من كتابة المناقب والكرامات لمشايخهم، والفائدة من ذلك أنه يقوي اعتقاد العامة في هؤلاء المشايخ، فتكثر الزيارات لقبورهم، وتكثر القرابين التي تُقرب لأصحاب المشاهد، والمستفيد الأول من هذه القرابين هم السدنة، وغالباً ما يكون هؤلاء السدنة من أحفاد المترجم له أو من أقاربهم، فيتقاسمون هذه القرابين بينهم، وأحياناً يحصل اختلافات في تقسيمها، فيتنازعون ويتلاعنون ويتعاركون ويتحاكمون إلى غيرهم في ذلك، وصدق الله حيث يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله} [التوبة: 34] .. !!
شاهدوا الصور لتعلموا ان التوابيت والأضرحة لم تعمل إلا لأكل اموال الناس بالباطل
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/alarefe_3.jpg
..:: لتحميل الحلقة كاملة حجم الحلقة 101 م:: ..
رابط مباشر من سيرفر الموقع
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/imovie.gif (http://www.soufia-h.com/soufia-h/video/alarefe.wmv)
http://www.soufia-h.com/soufia-h/video/alarefe.wmv (http://www.soufia-h.com/soufia-h/video/alarefe.wmv)
روابط اخرى للتحميل
روابط مباشرة
http://www.archive.org/download/alar...-h/alarefe.wmv (http://www.archive.org/download/alarefe_soufia-h/alarefe.wmv)
http://ia301521.us.archive.org/0/ite...-h/alarefe.wmv (http://ia301521.us.archive.org/0/items/alarefe_soufia-h/alarefe.wmv)
روابط أخرى
http://ifile.it/y4krfz9 (http://ifile.it/y4krfz9)
http://openfile.ru/272154/ (http://openfile.ru/272154/)
http://gettyfile.ru/290239/ (http://gettyfile.ru/290239/)
http://gettyfile.ru/290240/ (http://gettyfile.ru/290240/)
http://gettyfile.ru/290243/ (http://gettyfile.ru/290243/)
http://gettyfile.ru/290245/ (http://gettyfile.ru/290245/)
http://gettyfile.ru/290246/ (http://gettyfile.ru/290246/)
http://gettyfile.ru/290248/ (http://gettyfile.ru/290248/)
http://gettyfile.ru/290250/ (http://gettyfile.ru/290250/)
http://gettyfile.ru/290252/ (http://gettyfile.ru/290252/)
http://gettyfile.ru/290255/ (http://gettyfile.ru/290255/)
http://gettyfile.ru/290258/ (http://gettyfile.ru/290258/)
http://gettyfile.ru/290265/ (http://gettyfile.ru/290265/)
http://gettyfile.ru/290270/ (http://gettyfile.ru/290270/)
http://gettyfile.ru/290276/ (http://gettyfile.ru/290276/)
http://gettyfile.ru/290279/ (http://gettyfile.ru/290279/)
http://www.axifile.com/?2044473 (http://www.axifile.com/?2044473)
http://www.badongo.com/vid/1102052 (http://www.badongo.com/vid/1102052)
http://depositfiles.com/files/ofvs0n2uk (http://depositfiles.com/files/ofvs0n2uk)
http://depositfiles.com/files/20q1q865f (http://depositfiles.com/files/20q1q865f)
http://depositfiles.com/files/7xlaviegb (http://depositfiles.com/files/7xlaviegb)
http://depositfiles.com/files/i9uakembx (http://depositfiles.com/files/i9uakembx)
(يُتْبَعُ)
(/)
http://depositfiles.com/files/lkvxgkiii (http://depositfiles.com/files/lkvxgkiii)
http://depositfiles.com/files/rj07ftwjq (http://depositfiles.com/files/rj07ftwjq)
http://depositfiles.com/files/qb3ee90cq (http://depositfiles.com/files/qb3ee90cq)
http://depositfiles.com/files/bi5cvfckx (http://depositfiles.com/files/bi5cvfckx)
http://depositfiles.com/files/3qzq4obwa (http://depositfiles.com/files/3qzq4obwa)
http://depositfiles.com/files/aa4db2utj (http://depositfiles.com/files/aa4db2utj)
http://depositfiles.com/files/gfmga9szs (http://depositfiles.com/files/gfmga9szs)
http://depositfiles.com/files/l7db0z30c (http://depositfiles.com/files/l7db0z30c)
http://depositfiles.com/files/akgwv10lm (http://depositfiles.com/files/akgwv10lm)
http://depositfiles.com/files/6s4qefjo5 (http://depositfiles.com/files/6s4qefjo5)
http://depositfiles.com/files/ldshg7gjc (http://depositfiles.com/files/ldshg7gjc)
http://www.fileflyer.com/view/y5Js1Ak (http://www.fileflyer.com/view/y5Js1Ak)
http://www.fileflyer.com/view/5ILEJCh (http://www.fileflyer.com/view/5ILEJCh)
http://www.fileflyer.com/view/5xlc8A8 (http://www.fileflyer.com/view/5xlc8A8)
http://www.fileflyer.com/view/O8tm9Bq (http://www.fileflyer.com/view/O8tm9Bq)
http://www.fileflyer.com/view/yD54VAE (http://www.fileflyer.com/view/yD54VAE)
http://www.fileflyer.com/view/DOPFjAb (http://www.fileflyer.com/view/DOPFjAb)
http://www.fileflyer.com/view/PgAGXBg (http://www.fileflyer.com/view/PgAGXBg)
http://www.fileflyer.com/view/zMswZAQ (http://www.fileflyer.com/view/zMswZAQ)
http://www.fileflyer.com/view/G1AutAq (http://www.fileflyer.com/view/G1AutAq)
http://www.fileflyer.com/view/MWUYhAE (http://www.fileflyer.com/view/MWUYhAE)
http://www.fileflyer.com/view/iBeKwAV (http://www.fileflyer.com/view/iBeKwAV)
http://www.fileflyer.com/view/mVsZPAj (http://www.fileflyer.com/view/mVsZPAj)
http://www.fileflyer.com/view/mVsZPAj (http://www.fileflyer.com/view/mVsZPAj)
http://www.fileflyer.com/view/pH89JC7 (http://www.fileflyer.com/view/pH89JC7)
http://www.fileflyer.com/view/5NZlDBW (http://www.fileflyer.com/view/5NZlDBW)
http://www.fileflyer.com/view/WD2oJCQ (http://www.fileflyer.com/view/WD2oJCQ)
http://www.fileflyer.com/view/BKbisAO (http://www.fileflyer.com/view/BKbisAO)
http://www.fileflyer.com/view/XTyeVBk (http://www.fileflyer.com/view/XTyeVBk)
http://www.fileflyer.com/view/lYQVUBF (http://www.fileflyer.com/view/lYQVUBF)
http://www.fileflyer.com/view/60DhBCc (http://www.fileflyer.com/view/60DhBCc)
http://www.fileflyer.com/view/1xnCtBS (http://www.fileflyer.com/view/1xnCtBS)
http://www.fileflyer.com/view/rx4X9A3 (http://www.fileflyer.com/view/rx4X9A3)
http://www.fileflyer.com/view/156UAA2 (http://www.fileflyer.com/view/156UAA2)
http://www.fileflyer.com/view/KPz5tBC (http://www.fileflyer.com/view/KPz5tBC)
http://www.fileflyer.com/view/uLigRAm (http://www.fileflyer.com/view/uLigRAm)
http://www.fileflyer.com/view/fNxryAc (http://www.fileflyer.com/view/fNxryAc)
http://www.fileflyer.com/view/4OrkKAz (http://www.fileflyer.com/view/4OrkKAz)
http://www.fileflyer.com/view/CG9lfAd (http://www.fileflyer.com/view/CG9lfAd)
http://www.fileflyer.com/view/FjMg4Ag (http://www.fileflyer.com/view/FjMg4Ag)
http://www.fileflyer.com/view/2FYYZAM (http://www.fileflyer.com/view/2FYYZAM)
http://www.fileflyer.com/view/XIKcGAe (http://www.fileflyer.com/view/XIKcGAe)
http://www.fileflyer.com/view/mb7lJBA (http://www.fileflyer.com/view/mb7lJBA)
http://www.fileflyer.com/view/8HaxeBC (http://www.fileflyer.com/view/8HaxeBC)
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.fileflyer.com/view/bYsgwAR (http://www.fileflyer.com/view/bYsgwAR)
http://www.fileflyer.com/view/8V6tQCT (http://www.fileflyer.com/view/8V6tQCT)
http://www.files.to/get/646723/fi3ozuowq7 (http://www.files.to/get/646723/fi3ozuowq7)
http://www.files.to/get/646724/og055lsyf6 (http://www.files.to/get/646724/og055lsyf6)
http://www.files.to/get/646731/i3rn33sgzg (http://www.files.to/get/646731/i3rn33sgzg)
http://www.files.to/get/646733/kaiy6el837 (http://www.files.to/get/646733/kaiy6el837)
http://www.files.to/get/646732/a4t20ul9zr (http://www.files.to/get/646732/a4t20ul9zr)
http://www.files.to/get/646736/22rzjhq7oq (http://www.files.to/get/646736/22rzjhq7oq)
http://www.files.to/get/646739/2fyxykuujl (http://www.files.to/get/646739/2fyxykuujl)
http://www.files.to/get/646741/ut9e6w8aiv (http://www.files.to/get/646741/ut9e6w8aiv)
http://www.files.to/get/646745/kw1g6pa9x3 (http://www.files.to/get/646745/kw1g6pa9x3)
http://www.files.to/get/646790/ki59nworl9 (http://www.files.to/get/646790/ki59nworl9)
http://www.files.to/get/646794/hfddu8kxsr (http://www.files.to/get/646794/hfddu8kxsr)
http://www.files.to/get/646795/5vxchhrbr8 (http://www.files.to/get/646795/5vxchhrbr8)
http://www.files.to/get/646797/luc429r5z5 (http://www.files.to/get/646797/luc429r5z5)
http://www.files.to/get/646800/tgsesm2t2p (http://www.files.to/get/646800/tgsesm2t2p)
http://www.files.to/get/646805/1rsqvshn3y (http://www.files.to/get/646805/1rsqvshn3y)
http://www.files.to/get/646808/b0leyepdes (http://www.files.to/get/646808/b0leyepdes)
http://www.files.to/get/646812/4uwr1qhjtu (http://www.files.to/get/646812/4uwr1qhjtu)
http://www.files.to/get/646809/v9w2s4qkg5 (http://www.files.to/get/646809/v9w2s4qkg5)
http://www.files.to/get/646811/sd9qr6rta8 (http://www.files.to/get/646811/sd9qr6rta8)
http://www.files.to/get/646812/4uwr1qhjtu (http://www.files.to/get/646812/4uwr1qhjtu)
http://www.load.to/VGk39CSJdK/alarefe.wmv (http://www.load.to/VGk39CSJdK/alarefe.wmv)
http://www.zshare.net/video/5927190766a36454/ (http://www.zshare.net/video/5927190766a36454/)
http://www.zshare.net/video/59259922c698fbd7/ (http://www.zshare.net/video/59259922c698fbd7/)
http://www.zshare.net/video/5927068452002278/ (http://www.zshare.net/video/5927068452002278/)
http://www.zshare.net/video/5927069980f820a5/ (http://www.zshare.net/video/5927069980f820a5/)
http://www.zshare.net/video/59270712b9d3846f/ (http://www.zshare.net/video/59270712b9d3846f/)
http://www.zshare.net/video/59270742947db530/ (http://www.zshare.net/video/59270742947db530/)
http://www.zshare.net/video/592707982624bf2b/ (http://www.zshare.net/video/592707982624bf2b/)
http://www.zshare.net/video/59270891c55347ab/ (http://www.zshare.net/video/59270891c55347ab/)
http://www.zshare.net/video/59270997bc376510/ (http://www.zshare.net/video/59270997bc376510/)
http://www.zshare.net/video/592710184658e3b5/ (http://www.zshare.net/video/592710184658e3b5/)
http://www.zshare.net/video/592710864627e87f/ (http://www.zshare.net/video/592710864627e87f/)
http://www.zshare.net/video/592712085f5d86da/ (http://www.zshare.net/video/592712085f5d86da/)
http://www.zshare.net/video/59271287dada6a4f/ (http://www.zshare.net/video/59271287dada6a4f/)
http://www.zshare.net/video/59271315d4285e2c/ (http://www.zshare.net/video/59271315d4285e2c/)
http://www.zshare.net/video/592714466deedf08/ (http://www.zshare.net/video/592714466deedf08/)
http://www.zshare.net/video/59271464f67ae87f/ (http://www.zshare.net/video/59271464f67ae87f/)
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.zshare.net/video/592714893c812502/ (http://www.zshare.net/video/592714893c812502/)
http://www.zshare.net/video/59271515b8ff11cf/ (http://www.zshare.net/video/59271515b8ff11cf/)
http://www.zshare.net/video/592715354ccfbc3f/ (http://www.zshare.net/video/592715354ccfbc3f/)
http://www.zshare.net/video/5927156800b19185/ (http://www.zshare.net/video/5927156800b19185/)
http://www.zshare.net/video/5927158661b58d9b/ (http://www.zshare.net/video/5927158661b58d9b/)
http://www.zshare.net/video/59271882eae87966/ (http://www.zshare.net/video/59271882eae87966/)
http://www.zshare.net/video/59271617ad0fbba6/ (http://www.zshare.net/video/59271617ad0fbba6/)
http://www.zshare.net/video/592716925f43c1ed/ (http://www.zshare.net/video/592716925f43c1ed/)
http://www.zshare.net/video/5927166174078b8d/ (http://www.zshare.net/video/5927166174078b8d/)
http://www.egoshare.com/download.php?id=EB0236975 (http://www.egoshare.com/download.php?id=EB0236975)
http://www.egoshare.com/download.php?id=C5F7C3398 (http://www.egoshare.com/download.php?id=C5F7C3398)
http://www.egoshare.com/download.php?id=B3DE782D34 (http://www.egoshare.com/download.php?id=B3DE782D34)
http://www.egoshare.com/download.php?id=E472F8C036 (http://www.egoshare.com/download.php?id=E472F8C036)
http://www.egoshare.com/download.php?id=E60525D925 (http://www.egoshare.com/download.php?id=E60525D925)
http://www.egoshare.com/download.php?id=223D7E3C36 (http://www.egoshare.com/download.php?id=223D7E3C36)
http://www.egoshare.com/download.php?id=13CEF16127 (http://www.egoshare.com/download.php?id=13CEF16127)
http://www.egoshare.com/download.php?id=B553E9B83 (http://www.egoshare.com/download.php?id=B553E9B83)
http://www.egoshare.com/download.php?id=21069D2E25 (http://www.egoshare.com/download.php?id=21069D2E25)
http://www.egoshare.com/download.php?id=35AF203A31 (http://www.egoshare.com/download.php?id=35AF203A31)
http://www.egoshare.com/download.php?id=14271CFE30 (http://www.egoshare.com/download.php?id=14271CFE30)
http://www.egoshare.com/download.php?id=E3B05EE534 (http://www.egoshare.com/download.php?id=E3B05EE534)
http://www.egoshare.com/download.php?id=A51CB88631 (http://www.egoshare.com/download.php?id=A51CB88631)
http://www.egoshare.com/download.php?id=6DEEAE8A19 (http://www.egoshare.com/download.php?id=6DEEAE8A19)
http://www.egoshare.com/download.php?id=0C68D0838 (http://www.egoshare.com/download.php?id=0C68D0838)
http://www.egoshare.com/download.php?id=F6EB80FF8 (http://www.egoshare.com/download.php?id=F6EB80FF8)
http://www.egoshare.com/download.php?id=6101924436 (http://www.egoshare.com/download.php?id=6101924436)
http://www.egoshare.com/download.php?id=5CA5DB5C3 (http://www.egoshare.com/download.php?id=5CA5DB5C3)
http://www.egoshare.com/download.php?id=E7DE743834 (http://www.egoshare.com/download.php?id=E7DE743834)
http://www.egoshare.com/download.php?id=831F8E5924 (http://www.egoshare.com/download.php?id=831F8E5924)
http://www.uploadstube.de/download.php?file=626492 (http://www.uploadstube.de/download.php?file=626492)
http://www.uploadstube.de/download.php?file=830648 (http://www.uploadstube.de/download.php?file=830648)
http://share-now.net/files/185550-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185550-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185551-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185551-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185552-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185552-alarefe.wmv.html)
(يُتْبَعُ)
(/)
http://share-now.net/files/185553-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185553-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185556-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185556-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185554-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185554-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185558-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185558-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185557-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185557-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185559-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185559-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185560-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185560-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185561-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185561-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185562-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185562-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185563-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185563-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185565-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185565-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185564-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185564-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185566-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185566-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185568-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185568-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185569-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185569-alarefe.wmv.html)
http://share-now.net/files/185555-alarefe.wmv.html (http://share-now.net/files/185555-alarefe.wmv.html)
http://www.filefactory.com/file/agd9g2c/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g2c/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g30/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g30/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g5h/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g5h/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g4c/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g4c/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g48/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g48/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9hbf/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9hbf/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g6e/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g6e/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g94/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g94/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9hb4/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9hb4/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g7f/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g7f/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9hc1/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9hc1/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9g8h/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9g8h/n/alarefe_wmv)
http://www.filefactory.com/file/agd9hc6/n/alarefe_wmv (http://www.filefactory.com/file/agd9hc6/n/alarefe_wmv)
http://rapidshare.com/files/226440690/alarefe.wmv.html (http://rapidshare.com/files/226440690/alarefe.wmv.html)
http://rapidshare.com/files/226465403/alarefe.wmv.html (http://rapidshare.com/files/226465403/alarefe.wmv.html)
http://www.2shared.com/file/5516733/...3/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516733/867de3a3/alarefe.html)
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.2shared.com/file/5516737/...a/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516737/811027ba/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516743/...4/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516743/c93c7564/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516752/...3/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516752/a72074b3/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516757/...c/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516757/d74a803c/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516768/...e/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516768/6cd8ce6e/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516780/...2/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516780/fc806bd2/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516785/...d/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516785/8cea9f5d/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516799/...7/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516799/9c47e237/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516806/...2/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516806/d66603d2/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516815/...9/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516815/56746329/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516821/...3/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516821/7a34f4f3/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516825/...a/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516825/7d5930ea/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516828/...7/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516828/3e84c57/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516834/...d/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516834/1345313d/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516838/...6/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516838/1af37d16/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516847/...0/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516847/c50df640/alarefe.html)
http://www.2shared.com/file/5516859/...6/alarefe.html (http://www.2shared.com/file/5516859/3baeea06/alarefe.html)
http://www.wikiupload.com/download_page.php?id=119595 (http://www.wikiupload.com/download_page.php?id=119595)
http://g.zhubajie.com/urllink.php?id...iuiw6k3itskwh z (http://g.zhubajie.com/urllink.php?id=4991519kuiuiw6k 3itskwhz)
http://www.filesend.net/download.php...923f9ebb570ad3 (http://www.filesend.net/download.php?f=7a4738bc3cac92f 687923f9ebb570ad3)
http://www.filesend.net/download.php...0e5646ae1cc37a (http://www.filesend.net/download.php?f=7d66e7ccad14bb2 4d50e5646ae1cc37a)
http://www.filesend.net/download.php...4518657a453a33 (http://www.filesend.net/download.php?f=6ba6529af82dd6c 2e74518657a453a33)
http://www.filesend.net/download.php...6dc0d488e888ed (http://www.filesend.net/download.php?f=24419dfb4735f78 03a6dc0d488e888ed)
http://www.filesend.net/download.php...dc47ac9e32b221 (http://www.filesend.net/download.php?f=626dc4b8a5fb205 ebcdc47ac9e32b221)
http://www.filesend.net/download.php...f580b60ab55b1b (http://www.filesend.net/download.php?f=0af16e4adf6819a 7e1f580b60ab55b1b)
http://www.filesend.net/download.php...ca20b9352eba49 (http://www.filesend.net/download.php?f=be361a1eb5e52dd 4bbca20b9352eba49)
http://www.filesend.net/download.php...63323ee955400a (http://www.filesend.net/download.php?f=edd942ed618152b 25263323ee955400a)
http://www.filesend.net/download.php...9ebdc81e4731a0 (http://www.filesend.net/download.php?f=4102199a2a2b5be 1639ebdc81e4731a0)
http://www.filesend.net/download.php...0af3c07b203ca6 (http://www.filesend.net/download.php?f=06a57d4f2dea6c0 6c10af3c07b203ca6)
http://www.filesend.net/download.php...a9450394041740 (http://www.filesend.net/download.php?f=c70bbc1d54da951 55ba9450394041740)
http://www.filesend.net/download.php...63f3f6c41c4092 (http://www.filesend.net/download.php?f=9430de639f9ad93 f2063f3f6c41c4092)
----------------------------------------------
جودة mp4
http://www.archive.org/download/alar...refe_512kb.mp4 (http://www.archive.org/download/alarefe_soufia-h/alarefe_512kb.mp4)
http://ia301521.us.archive.org/0/ite...refe_512kb.mp4 (http://ia301521.us.archive.org/0/items/alarefe_soufia-h/alarefe_512kb.mp4)
----------------------------------------------
جودة ogv
http://www.archive.org/download/alar...-h/alarefe.ogv (http://www.archive.org/download/alarefe_soufia-h/alarefe.ogv)
http://ia301521.us.archive.org/0/ite...-h/alarefe.ogv (http://ia301521.us.archive.org/0/items/alarefe_soufia-h/alarefe.ogv)
ولا تنسونا من صالح دعائكم
إخوانكم في موقع صوفية حضرموت
http://www.soufia-h.com/soufia-h/banner/soufia-h.net.11gif
www.souafia-h.com (http://www.souafia-h.com/)
نكشف الحقائق الغائبة للباحثين عن الحقيقة
حقوق النسخ لكل مسلم بشرط ذكر المصدر
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=80350
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المعنى]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 07:08]ـ
جزاكم الله الف خير نحن هنا في تريم في قلب الحدث نعاني كثيرا من الصوفية وتمددهم الكبير على كل المستويات وذلك بالسلطة تارة وبالمال تارة اخرى لكن اقول مع هذه القوة كلها الا ان اهل السنة ولله الحمد يجتهدون ويبذلون قصارى جهدهم في صد هذا التمدد ولدينا من المشاريع الكثير لكن اترك لكم الإجابة ............ وما احد ينتبه الى ما يجري في تريم وكأنها غائبة الى ان جاء برنامج ضع بصمتك ونحن نرحب بكل من يساهم معنا وسوف نتعاون معه على اضهار هذا الفساد العقدي الكبير في مدينة تريم حرسها الله للتواصل .......
OSPAN_19@HOTMAIL.COM
http://www.tariim.com(/)
النوادي الرياضية النسائية بين الرد والقبول
ـ[أبو ثابت النجدي]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 02:27]ـ
النوادي الرياضية النسائية بين الرد والقبول)
نظرة شرعية عقلية واقعية // الشيخ عيسى المبلع
كعادة الوسائل الإعلامية وتوجهاتها المعروفة بنشر كل إثارة وغارة , تسابقت الوسائل الإعلامية , ودندنت حول النوادي الرياضية النسائية وافتتاحها. وباشرت مأزورة غير مأجورة إلى نشر صور اللاعبات , كما في فريق جده النسائي لكرة السلة المتواجد في الأردن للعب مع قرينه الأردني , وظهرت اللاعبات السعوديات بألبسة رياضية ضيقة , بعض من الجسد مكشوف والآخر شبه مكشوف , أمام جمهور من الرجال والنساء , يتبجحن بأن حجابهن الشرعي – كما يزعمن – لا يمنع من الرياضة. وكذا اللاعبات السعوديات في كندا يحملن علم المملكة الحامل (لا إله إلا الله محمد رسول الله) يتسابقن مع الرجال متبجحات بأن دين الإسلام دين يسرٍ ومحبة ٍوصفاء ونقاء لا يمنع من مثل تلك المباريات مع العراة! (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً)
ولي مع هذا الحدث – عفواً – الفتنة. وقفات:
الوقفة الأولى: لنعلم جميعاً أن جميع قضايانا الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية وغيرها لابد من إرجاعها إلى أحكام الشريعة كما قال تعالى (وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً) وربَّان الشريعة وأطباؤها هم العلماء الربانيون. فالمؤمنون كواكب والعلماء شموس , والكواكب تدور في فلك الشمس ومن زل عن مداره سقط فصار شهاباً وشررا. ونحن متعبدون بمحبة العلماء وطاعتهم والصدور عن رأيهم كما قال تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقوله تعالى (وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وأولوا الأمر في هذه الآية هم العلماء. فالمجتمع ثُلاثي الأطراف: عالمٌ وحاكمٌ ومحكوم. فالعالم مبينٌ للحكم , والحاكم منفذ له , والمحكوم ممتثل له (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) والمنافق من الثلاثة من أخل بتنفيذ ما كلف به إن لم يكن مكرهاً أو جاهلاً أو ناسياً , ككتم العالم , وإعراض الحاكم , ورد المحكوم للحكم الشرعي. وثروتنا الكبرى التي هي أعظم من البترول ومشتقاته ((هم علماؤنا)) الأجلاء , فهم كنوزٌ لا يعدلها ثمن. فإذا صدر قرار من هيئة كبار العلماء , أو فتوى من اللجنة الدائمة للإفتاء , أو إفتاءٌ وتصريحٌ من مفتي عام المملكة فما علينا إلا أن نقول سمعنا وأطعنا كما قال تعالى (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا) ونحن لا ندعي العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن رأي أكابر العلماء الجماعي أقرب إلى الحق من غيره , أما الآراء الفردية لآحاد العلماء فهي محل نظر. وقد تحدث مفتي عام المملكة الأسبوع الماضي محذراً من النوادي الرياضية النسائية وافتتاحها وهو يعلم ما يقول ويدرك أبعاد وآثار النوادي وأهدافها ومآلاتها. فهل سنقول: سمعنا وأطعنا وانتهينا , أم سنقول: سمعنا وعصينا؟ هذا ما ستبينه الأيام القادمة.
الوقفة الثانية: حقيقة رياضة المرأة ومقرها وضوابطها:
أما محلها الدائم , وقرارها الملائم ففي بيتها , ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة مع تقيدها بضوابط الخروج الشرعية كما قال تعالى (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)
وأما رياضتها الحقيقية ففي أمرين:
الأول: الجانب التعبدي. فالصلاة أعظم وأشمل رياضة. وقد نشرت الجرائد قبل أسابيع خبر من استقام على دينه بسبب مدرب نصراني كان يدربهم على تمارين رياضية فلما انتهت الدورة قال لهم: كل ما دربتكم عليه موجود في عبادة في دينكم إن أديتموها على وجهها الصحيح ألا وهي الصلاة. وكذا غيرها من العبادات كالصيام والحج والعمرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: رياضتها المنزلية أثناء أداء أعمالها المنزلية , قاطعة مئات الأمتار جالسة ومنحنية وقائمة , كالنحلة المحلقة بين جوانب منزلها , ومن المعلوم أن المنازل الخالية من الخادمات نساؤها أفضل النساء صحة , وأشرح صدوراً , وأطيب نفوساً , فيالها من رياضة لا تعدلها رياضة , فهل سنطهر بيوتنا من الخادمات ونجعل نساءنا يمارسن رياضتهن المباركة داخل منازلهن ومع أولادهن في نواديهن المصغرة.
الوقفة الثالثة: دعوى القضاء على السمنة والتخفيف منها. فتلك الدعوى قد بين النبي صلى الله عليه وسلم علاجها بقوله: ما ملأ آدميٌ وعاءً شراً من بطنه , بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه , فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. فلو تقيدت النساء بهذا الحديث ما ظهرت السمنة , فهذا علاجها الحقيقي لا أن تدك بطنها بعشرات الصحون ثم تبحث عن سبيل لتهضيمه وإزالة الشحوم من أثره. وكذا الصيام صوم يوم يباعدها عن النار سبعين خريفاً , ويخفف عنها سبعين غراماً من الشحوم.
الوقفة الرابعة: لو سلمنا بحاجة المجتمع إلى نوادٍ رياضية نسائية , فمن الجهة الأمينة التي تشرف على تلك النوادي؟ ومن هي اللجنة الشرعية التي تضع الضوابط الشرعية لكل لعبة ولباس وهيئة وتتابع تطبيقها؟ وهل المجتمع لديه من الوعي الثقافي والخلقي القدر الكافي ليتعامل مع تلك النوادي بنظرة راقية واعية؟ فها هي البدايات ظهرت عليها الانحرافات فكيف بالنهايات؟!
الوقفة الخامسة: إن كانت الغاية من النوادي التسلية والترفيه. فأين نحن من السعادة الحقيقية لا الزائفة وهي العيش بكنف الله ومعيته والقرب منه والأنس به كما قال تعالى (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) تلك السعادة التي وصفها ابن تيمة بقوله: ماذا يفعل بي أعدائي , أنا جنتي وبستاني في صدري , سجني خلوة , وقتلي شهادة , ونفيي سياحة. وقول إبراهيم بن أدهم: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف.
فلماذا نعرض عن السعادة الحقيقية , والتي هي مقدمة للسعادة الكبرى في جنات عدن , ونبحث عن سعادة جزئية وهمية وقتية , يعقبها الهم والكدر , كما قال ابن تيمية: لا يستطيع أهل الباطل العيش إلا بملهٍ أو مسكر. وهل نحن لم نكتف بالمنتزهات والمهرجانات الحاوية لكثير من الجوانب الترفيهية؟!
وأخيراً نهنئ أهل منطقة حائل على افتتاح المشروع الصحي الصناعي الزراعي التجاري الثقافي الكبير! الذي تناقلت صحف الأمس خبره وهو (افتتاح نادي رياضي نسائي بجامعة حائل) فالحمد لله على كل حال , ها هو حلمنا قد تحقق على أرضنا الذي كنا نطالب به منذ أمدٍ بعيد وهو افتتاح كلية شريعة , فتحول بين يومٍ وليلة إلى نادٍ رياضي نسائي , وبتعاونه مع النادي الأدبي ستتحقق النهضة والرقي والتطور المنشود للمنطقة!!! وإلى مشاريع أخرى نهضوية قادمة. مع التحية.
بقلم الشيخ / عيسى المبلع
الثلاثاء 3/ 5/1430هـ[/ size]
وفق الله الشيخ لكل خير ونفع الله به الإسلام والمسلمين
فهو من الذين بذلوا أنفسهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة
فبارك الله فيه(/)
حكم ترك السنة لفعل مبتدع لها
ـ[ابو عبد الملك الجهني]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 03:20]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مسئلة: اذا ثبت عن النبي (ص) سنة هل يجوز تركها لكون المبتدع يفعلها ام لا؟
الجواب: لا يجوز ترك السنة لمشاركة المبتدعين فيها اذ لا يترك الحق لأجل الباطل وما زال العلماء والصالحون يقيمون السنن مع العلم بمشاركة المبتدعين , واذا لم يترك الحق لأجل الباطل , فكيف يترك الحق لأجل المشاركة , ولو ساغ ذلك لترك الأذان , والاقامة والسنن الراتبة وصلاة الاعياد وعيادة المرضى والتسليم وتشميت العاطس والصدقات والضيافات وجميع المبرات المندوبات والله اعلم. من فتاوى الامام العز بن عبدالسلام (ت660هـ)
ـ[أبو قتادة العماني]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 05:07]ـ
أسأل الله عزوجل أن يجنبنا البدع والمعاصي والفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن
جزاك الله خيراً أخي الكريم(/)
هل هناك ردود على القاضي النعمان الاسماعيلي؟
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 03:31]ـ
يعتبر القاضي النعمان بن حيوه التميمي المغربي من اقدم علماء الشيعة الاسماعيلية ويقال انه كان سنياً مالكياً ومن عائلة علم ولكن افتتن في دينه وباع اخرته بديناه وصار من خواص الدولة العبيدية (الفاطمية) يضع لهم الدين كما تشتهي انفسهم.
واشهر كتبه (دعائم الاسلام) وهذا الكتاب هو من الكتب اتلي يجاهر بها الاسماعيلية على خجل ربما لانها من اقل كتبهم انحرافاً وايضاً فان القاضي النعمان الف هذا الكتاب على طريقة اهل الحديث وهو يشبه إلى حداً ما موطأ الامام مالك رحمه اله في العرض. والاحاديث التي يرويها القاضي جميعها منقطع منه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى علي بن ابي طالب رضي الله عنه وكذلك ما يرويه عن جعفر الصادق رحمه الله.
هل هناك من ردود عليه قديمه او حديثه؟
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[29 - Apr-2009, صباحاً 11:14]ـ
للرفع
ـ[عبد الله المزروع]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 01:26]ـ
يعتبر القاضي النعمان بن حيوه التميمي المغربي من اقدم علماء الشيعة الاسماعيلية ويقال انه كان سنياً مالكياً ومن عائلة علم ولكن افتتن في دينه وباع اخرته بديناه وصار من خواص الدولة العبيدية (الفاطمية) يضع لهم الدين كما تشتهي انفسهم.
واشهر كتبه (دعائم الاسلام) وهذا الكتاب هو من الكتب اتلي يجاهر بها الاسماعيلية على خجل ربما لانها من اقل كتبهم انحرافاً وايضاً فان القاضي النعمان الف هذا الكتاب على طريقة اهل الحديث وهو يشبه إلى حداً ما موطأ الامام مالك رحمه اله في العرض. والاحاديث التي يرويها القاضي جميعها منقطع منه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى علي بن ابي طالب رضي الله عنه وكذلك ما يرويه عن جعفر الصادق رحمه الله.
هل هناك من ردود عليه قديمه او حديثه؟
أحسنت - بارك الله فيك - ...
وهل اطلعت على شروحه؟ فهي تنضح بالكفر والإلحاد!
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 02:23]ـ
حياك الله اخي عبد الله المزروع وبياك
انا لم اطلع سوى على كتاب (دعائم الاسلام) وقد حمّلته من الانرنت وهذا هو رابطه
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/09/no0988.html
و على ما اذكر اني سمعت في ترجمة احد فقها المغرب او المالكية انه فند كتب هذا الخبيث
ولكن لا اذكر من هو او ربما اني تشابهت علي لاسماء الله أعلم علماً بانه كما قلت هذا الكتاب
مهم جداً لانه من كتب الشيعة الاسماعيلية المطبوعة النادرة وهو قديم جداً يرجع للقرن الرابع
ومن يقراء الكتاب يجد ان مؤلفه الشيعي يروي الاحاديث والاثار الموجودة فيه باسانيد منقطعة
عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي بن ابي طالب رضي الله عنه وجعفر الصادق رحمه الله(/)
إذا كتب العبد من " الأشقياء " منذ ولد هل قد يمحى ويوضع من " السعداء"؟
ـ[مُسلم]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 08:52]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي في الله أحببت أن أسأل
سؤالا يحيرني
إذا كتب العبد " من أهل الشقاء "
هل قد يمحوه الله من كتاب الاشقياء ويكتبه في السعداء؟. وما الأدلة على ذلك؟.
مثلا شخص ضال دعا لنفسه بالهدايه فهل يمحى من الاشقياء ويوضع مع السعداء؟
خصوصا لما قرأت هذا الحديث:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان؟ فقلنا: لا يا رسول الله إلا أن تخبرنا، فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا. ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا. فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال: سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما ثم قال: فرغ ربكم من العباد، فريق في الجنة وفريق في السعير
صححه الشيخ الالباني وأحمد شاكر والوادعي وغيرهم.
ـ[مُسلم]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 09:39]ـ
أفيدونا أثابكم الرحمن بسكنى الجنان
ـ[التقرتي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 09:51]ـ
الشيخ عبد المحسن العباد يشرحه هنا صوتيا اخي
http://www.alathar.net/esound/index.php?page=tadevi&id=5660&coid=68697
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ)
اِسْمُهُ حُيَيٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ مُهْمَلَةً وَبِيَاءَيْنِ مُصَغَّرًا قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: حُيَيُّ بْنُ هَانِئِ بْنِ نَاضِرٍ , بِنُونٍ وَمُعْجَمَةٍ أَبُو قَبِيلٍ , بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ الْمَعَافِرِيُّ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنْ الثَّالِثَةِ
(عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ)
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: شُفَيٌّ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْفَاءِ مُصَغَّرًا , اِبْنُ مَاتِعٍ بِمُثَنَّاةٍ الْأَصْبَحِيُّ , ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ. أَرْسَلَ حَدِيثًا فَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الصَّحَابَةِ خَطَأً , مَاتَ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ , قَالَهُ خَلِيفَةُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي يَدِهِ)
بِالْإِفْرَادِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ وَفِي الْمِشْكَاةِ: يَدَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ
(أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ)
الظَّاهِرُ مِنْ الْإِشَارَةِ أَنَّهُمَا حِسِّيَّانِ وَقِيلَ تَمْثِيلٌ وَاسْتِحْضَارٌ لِلْمَعْنَى الدَّقِيقِ الْخَفِيِّ فِي مُشَاهَدَةِ السَّامِعِ حَتَّى كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ رَأْيَ الْعَيْنِ , فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كُوشِفَ لَهُ بِحَقِيقَةِ هَذَا الْأَمْرِ وَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ اِطِّلَاعًا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ خَفَاءُ صُوَرِ الشَّيْءِ الْحَاصِلِ فِي قَلْبِهِ بِصُورَةِ الشَّيْءِ الْحَاصِلِ فِي يَدِهِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ إِشَارَةً إِلَى الْمَحْسُوسِ
(فَقُلْنَا لَا)
أَيْ لَا نَدْرِي
(يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنَا)
اِسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ , أَيْ لَا نَعْلَمُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إِلَّا إِخْبَارُك إِيَّانَا. وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ إِنْ أَخْبَرْتنَا عَلِمْنَا , وَكَأَنَّهُمْ طَلَبُوا بِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ إِخْبَارَهُ إِيَّاهُمْ
(فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى)
أَيْ لِأَهْلِهِ وَفِي شَأْنِهِ أَوْ عَنْهُ , وَقِيلَ قَالَ بِمَعْنَى أَشَارَ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى (
هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
(يُتْبَعُ)
(/)
خَصَّهُ بِالذِّكْرِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَالِكُهُمْ وَهُمْ لَهُ مَمْلُوكُونَ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ كَيْفَ يَشَاءُ فَيُسْعِدُ مَنْ يَشَاءُ وَيُشْقِي مَنْ يَشَاءُ وَكُلُّ ذَلِكَ عَدْلٌ وَصَوَابٌ فَلَا اِعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ , وَقِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ صَادِرٌ عَلَى طَرِيقِ التَّصْوِيرِ وَالتَّمْثِيلِ مِثْلُ الثَّابِتِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْمُثْبَتِ فِي اللَّوْحِ بِالْمُثْبَتِ بِالْكِتَابِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ وَلَا يُسْتَبْعَدُ إِجْرَاؤُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَعِدٌّ لِإِدْرَاكِ الْمَعَانِي الْغَيْبِيَّةِ وَمُشَاهَدَةِ الصُّوَرِ الْمَصُوغَةِ لَهَا
(فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ)
الظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ يُكْتَبُ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ لِلتَّمْيِيزِ التَّامِّ كَمَا يُكْتَبُ فِي الصُّكُوكِ
(ثُمَّ أَجْمَلَ عَلَى آخِرِهِمْ)
مِنْ قَوْلِهِمْ أَجْمَلَ الْحِسَابَ إِذَا تَمَّمَ وَرَدَّ التَّفْصِيلَ إِلَى الْإِجْمَالِ , وَأَثْبَتَ فِي آخِرِ الْوَرَقَةِ مَجْمُوعَ ذَلِكَ وَجُمْلَتُهُ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُحَاسِبِينَ أَنْ يَكْتُبُوا الْأَشْيَاءَ مُفَصَّلَةً ثُمَّ يُوَقِّعُوا فِي آخِرِهَا فَذْلَكَةً تَرُدُّ التَّفْصِيلَ إِلَى الْإِجْمَالِ , وَضَمَّنَ أَجْمَلَ مَعْنَى أَوْقَعَ فَعُدِّيَ بِعَلَى , أَيْ أَوْقَعَ الْإِجْمَالَ عَلَى مَنْ اِنْتَهَى إِلَيْهِ التَّفْصِيلُ , وَقِيلَ ضَرَبَ بِالْإِجْمَالِ عَلَى آخِرِ التَّفْصِيلِ أَيْ كَتَبَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ أَجْمَلَ فِي حَالِ اِنْتِهَاءِ التَّفْصِيلِ إِلَى آخِرِهِمْ , فَعَلَى بِمَعْنَى إِلَى
(فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ)
جَزَاءُ شَرْطٍ أَيْ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ وَالْإِجْمَالِ بَعْدَ التَّفْصِيلِ فِي الصَّكِّ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ
(وَلَا يُنْقَصُ)
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
(مِنْهُمْ أَبَدًا)
لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ لَا يَتَغَيَّرُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} فَمَعْنَاهُ لِكُلِّ اِنْتِهَاءِ مُدَّةٍ وَقْتٌ مَضْرُوبٌ , فَمَنْ اِنْتَهَى أَجَلُهُ يَمْحُوهُ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ يُبْقِيهِ عَلَى مَا هُوَ مُثْبَتٌ فِيهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُثْبَتٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهُوَ الْقَدَرُ , كَمَا يَمْحُو وَيُثْبِتُ هُوَ الْقَضَاءُ , فَيَكُونُ ذَلِكَ عَيْنَ مَا قُدِّرَ وَجَرَى فِي الْأَجَلِ فَلَا يَكُونُ تَغْيِيرًا أَوْ الْمُرَادُ مِنْهُ مَحْوُ الْمَنْسُوخِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِثْبَاتُ النَّاسِخِ أَوْ مَحْوُ السَّيِّئَاتِ مِنْ التَّائِبِ وَإِثْبَاتُ الْحَسَنَاتِ بِمُكَافَأَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ يَتَعَلَّقَانِ بِالْأُمُورِ الْمُعَلَّقَةِ دُونَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَكَّمَةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
(فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ)
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ , يَعْنِي إِذَا كَانَ الْمَدَارُ عَلَى كِتَابَةِ الْأَزَلِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي اِكْتِسَابِ الْعَمَلِ
(فَقَالَ سَدِّدُوا)
أَيْ اُطْلُبُوا بِأَعْمَالِكُمْ السَّدَادَ وَالِاسْتِقَامَةَ , وَهُوَ الْقَصْدُ فِي الْأَمْرِ وَالْعَدْلُ فِيهِ , قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ.
(وَقَارِبُوا)
(يُتْبَعُ)
(/)
أَيْ اِقْتَصِدُوا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَاتْرُكُوا الْغُلُوَّ فِيهَا وَالتَّقْصِيرَ , يُقَالُ قَارَبَ فُلَانٌ فِي أُمُورِهِ إِذَا اِقْتَصَدَ , كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْجَوَابُ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ أَيْ فِيمَ أَنْتُمْ مِنْ ذِكْرِ الْقَدَرِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ وَإِنَّمَا خُلِقْتُمْ لِلْعِبَادَةِ فَاعْمَلُوا وَسَدِّدُوا. قَالَهُ الطِّيبِيُّ
(فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ)
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
(بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)
: أَيْ بِعَمَلٍ مُشْعِرٍ بِإِيمَانِهِ وَمُشِيرٍ بِإِبْقَائِهِ
(وَإِنْ عَمِلَ)
أَيْ وَلَوْ عَمِلَ قَبْلَ ذَلِكَ
(أَيَّ عَمَلٍ)
مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ
(وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ)
أَعَمُّ مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي
(وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ)
أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
(ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ)
أَيْ أَشَارَ بِهِمَا , وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْقَوْلَ عِبَارَةً عَنْ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ فَتُطْلِقُهُ عَلَى غَيْرِ الْكَلَامِ وَاللِّسَانِ , فَتَقُولُ قَالَ بِيَدِهِ , أَيْ أَخَذَ وَقَالَ بِرِجْلِهِ أَيْ مَشَى
(فَنَبَذَهُمَا)
أَيْ طَرَحَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْكِتَابَيْنِ وَفِي الْأَزْهَارِ: الضَّمِيرُ فِي نَبَذَهُمَا لِلْيَدَيْنِ لِأَنَّ نَبْذَ الْكِتَابَيْنِ بَعِيدٌ مِنْ دَأْبِهِ اِنْتَهَى. قَالَ الْقَارِي وَفِيهِ أَنَّ نَبْذَهُمَا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِهَانَةِ بَلْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ نَبَذَهُمَا إِلَى عَالَمِ الْغَيْبِ. ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ كِتَابٌ حَقِيقِيٌّ , وَأَمَّا عَلَى التَّمْثِيلِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى نَبَذَهُمَا أَيْ الْيَدَيْنِ. قُلْت: وَلَا مُلْجِئَ لِحَمْلِ لَفْظِ الْكِتَابِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ , وَلَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ , فَالظَّاهِرُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ الْمِصْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوْ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنْ الثَّامِنَةِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْبَابِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ)
أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ كَذَا فِي الْفَتْحِ.
قَوْلُهُ: (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ)
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 12:16]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
روى علي رضي الله عنه قال: كنا في جنازة، فلما انتهينا إلى بقيع الغرقد قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدنا حوله، فأخذ عودا فنكت به في الأرض، ثم رفع رأسه فقال: "ما منكم من نفس منفوسة إلا وقد علم مكانها من الجنة والنار، وشقية أم سعيدة" قال: فقال رجل من القوم: يا رسول الله ألا ندع العمل ونتكل على كتابنا فمن كان منا من أهل السعادة صار إلى السعادة ومن كان من أهل الشقوة صار إلى الشقاء؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعملوا فكل ميسر، فمن كان من أهل الشقوة ييسر لعملها، ومن كان من أهل السعادة ييسر لعملها" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى".
وعن عمر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت ما يعمل فيه؛ قد فرغ منه أو في أمر مبتدأ؟ قال: "فيما قد فرغ منه" فقال عمر: أفلا نتكل؟ فقال: "اعمل يا ابن الخطاب فكل ميسر؛ أما من كان من أهل السعادة يعمل للسعادة ومن كان من أهل الشقاء يعمل للشقاء".
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قابض على شيئين في يديه، ففتح اليمين فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الرحمن الرحيم فيه أهل الجنة بأعدادهم وأحسابهم وأنسابهم، مجمل عليهم إلى يوم القيامة لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد"، ثم فتح يده اليسرى فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الرحمن الرحيم فيه أهل النار بأحسابهم وأعمالهم وأنسابهم، مجمل عليهم إلى يوم القيامة لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد، وقد يسلك بالسعداء طريق أهل الشقاء حتى يقال: هم منهم هم هم، ثم يدرك أحدهم سعادته ولو قبل موته بفواق ناقة، وقد يسلك بالأشقياء طريق أهل السعادة حتى يقال: هم منهم هم هم، ثم يدرك أحدهم شقاوته ولو قبل موته بفواق ناقة" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العمل بخواتمه، العمل بخواتمه، العمل بخواتمه".
وعن ابن عباس في قوله عز وجل: [يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب] قال: الشقاء والسعادة والموت.
وعنه في قوله: [يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب] قال: ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا في شهر رمضان فيدبر أمر السنة فيمحو ما يشاء من الشقاء والسعادة والموت والحياة.
قال ابن القيم في (شفاء العليل ج1/ص291):
وأما جواب أحمد: أنه على ما فطر من شقاوة وسعادة؛ الذي ذكر محمد بن نصر أنه كان يقول به ثم تركه، فقال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد الله: "كل مولود يولد على الفطرة" ما تفسيرها؟ قال: هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها شقي أو سعيد.
وكذلك نقل عنه الفضل بن زياد، وحنبل، وأبو الحارث، أنهم سمعوا أبا عبد الله في هذه المسألة قال: الفطرة التي فطر الله العباد عليها من الشقاوة والسعادة.
وكذلك نقل عنه علي بن سعيد أنه سأل أبا عبد الله عن: "كل مولود يولد على الفطرة" قال: الشقاوة والسعادة، قال: يرجع إلى ما خلق.
وعن الحسن بن بواب قال: سألت أبا عبد الله عن أولاد المشركين؛ قلت: أن ابن أبي شيبة أبا بكر قال: هو على الفطرة حتى يهوداه أبواه أو ينصرانه، فلم يعجبه شيء من هذا القول، وقال: كل مولود من أطفال المشركين على الفطرة؛ يولد على الفطرة التي خلق عليها من الشقاء والسعادة التي سبقت في أم الكتاب، أرفع ذلك إلى الأصل.
هذا معنى "كل مولود يولد على الفطرة" فمن أصحابه من قال: هذا قولا قديما له ثم تركه، ومنهم: من جعل المسألة على روايتين وأطلق، ومنهم: من حكى عنه فيه ثلاث روايات؛ الثالثة الوقف.
قال شيخنا: والإجماع والآثار المنقولة عن السلف لا تدل إلا على القول الذي رجحناه، وهو أنهم على الفطرة ثم صاروا إلى ما سبق في علم الله فيهم من سعادة وشقاوة، لا يدل على أنهم حين الولادة لم يكونوا على فطرة سليمة مقتضية للإيمان ومستلزمة له لولا العارض، وروى ابن عبد البر بإسناده عن موسى بن عبيدة سمعت محمد بن كعب القرظي في قوله: [كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة] قال: من ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره إلى الهدى؛ وإن عمل بعمل أهل الضلالة، ومن ابتدأ خلقه للضلالة، صيره إلى الضلالة وإن عمل بعمل أهل الهدى. ابتدأ خلق إبليس على الضلالة وعمل بعمل أهل السعادة مع الملائكة ثم رده الله إلى ما ابتدأ خلقه عليه من الضلالة؛ فقال: [وكان من الكافرين]، وابتدأ خلق السحرة على الهدى وعملوا بعمل أهل الضلالة ثم هداهم الله إلى الهدى والسعادة وتوفاهم عليها مسلمين.
فهذا المنقول عن محمد بن كعب يبين أن الذي ابتدأهم عليه هو ما كتب أنهم صائرون إليه وأنهم قد يعملون قبل ذلك غيره وان من ابتدئ على الضلالة أي كتب أن يموت ضالا فقد يكون قبل ذلك عاملا بعمل أهل الهدى، وحينئذ فمن ولد على الفطرة السليمة المقتضية للهدى لا يمنع أن يعرض لها ما يغيرها فيصير إلى ما سبق به القدر، كما في الحديث الصحيح: "إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال سعيد بن جبير في قوله: [كما بدأ كم تعودون] قال: كما كتب عليكم تكونون. وقال مجاهد: كما بدأكم تعودون شقي وسعيد. وقال أيضا: يبعث المسلم مسلما والكافر كافرا. وقال أبو العالية: عادوا إلى علمه فيهم؛ فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة.
قال ابن القيم: قلت: هذا المعنى صحيح في نفسه دل عليه القرآن والسنة والآثار السلفية وإجماع أهل السنة، وأما كونه هو المراد بالآية ففيه ما فيه، والذي يظهر من الآية أن معناها معنى نظرائها وأمثالها من الآيات التي يحتج الله سبحانه فيها على النشأة الثانية بالأولى، وعلى المعاد بالمبدأ، فجاء باحتجاج في غاية الاختصار والبيان فقال: [كما بدأكم تعودون] كقوله: [يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب] وقوله [وضرب لنا مثلا ونسي خلقه] الآية، وقوله: [أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى] إلى قوله: [أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى]، وقول: [فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر] أي: على رجع الإنسان حيا بعد موته.
هذا هو الصواب في معنى الآية، يبقى أن يقال: فكيف يرتبط هذا بقوله: [فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلال]؟ فيقال: هذا الذي أوجب لأصحاب ذلك القول ما تأولوا به الآية، ومن تأمل الآية علم أن القول أولى بها، ووجه الارتباط أن الآية تضمنت قواعد الدين علما وعملا واعتقادا؛ فأمر سبحانه فيها بالقسط هو الذي هو حقيقة شرعه ودينه، وهو يتضمن التوحيد فإنه أعدل العدل، والعدل في معاملة الخلق، والعدل في العبادة، وهو الاقتصاد في السنة، ويتضمن الأمر بالإقبال على الله وإقامة عبوديته في ثبوته ويتضمن الإخلاص له؛ وهو عبوديته وحده لا شريك له. فهذا ما فيها من العمل.
ثم أخبر بمبدئهم ومعادهم فتضمن ذلك حدوث الخلق وإعادته فذلك الإيمان بالمبدأ والمعاد، ثم أخبر عن القدر الذي هو نظام التوحيد فقال: [فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة، فتضمنت الآية الإيمان بالقدر، والشرع، والمبدأ، والمعاد، والأمر بالعدل، والإخلاص.
ثم ختم الآية بذكر حال من لم يصدق هذا الخبر ولم يطع هنا الأمر بأنه قدوا للشيطان دون ربه وأنه على ضلال وهو يحسب أنه على هدى. والله أعلم
ـ[مُسلم]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 10:01]ـ
التقرتي، التميمي
جزاكما الله كل خير على المجهود الطيب بارك الله فيكما
واثابكما جنان الخلد
ـ[التقرتي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 10:32]ـ
التقرتي، التميمي
جزاكما الله كل خير على المجهود الطيب بارك الله فيكما
واثابكما جنان الخلد
بارك الله فيك اخي و جمعنا الله معك في الجنة
ـ[مُسلم]ــــــــ[03 - May-2009, صباحاً 12:23]ـ
حياك الله اخي التقرتي
لكن مازال عندي اشكال
كلام ابن عباس رضي الله عنه يقول انه قد يمحى من اهل السعاده ويوضع في الشقاء والعكس في تفسيره للآيه
[يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب] قال: الشقاء والسعادة والموت.
وعنه في قوله: [يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب] قال: ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا في شهر رمضان فيدبر أمر السنة فيمحو ما يشاء من الشقاء والسعادة والموت والحياة. اللي وضعه الاخ التميمي
والشرح اللي وضعته اخي التقرتي يوضح عكس ماقاله ابن عباس رضي الله عنه(/)
البدعة وأحكامها عند العلامة ابن باديس رحمه الله
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 09:22]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي الكرام: هذا بحث ماتع لشيخنا الفاضل أبي عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري حول البدعة وأحكامها عند العلامة ابن باديس أسمخ لنفسي بوضعه بين يديكم عسى أن يجيب عن بعض التساؤلات التي تثار هنا وهناك عن حقيقة موقف الامام رحمه الله من مثل هذه المسائل فانبرى له شيخنا الحبيب- زاده الله توفيقا - فجلى عن وجهه الناصع غبار السنين وعرضه على المهتمين في أبهى صورة سماء صافية ليس دونها غمام فلتتفضلوه مشكورين ...
البدعة وأحكامها عند العلامة عبد الحميد ابن باديس الجزائري رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فهذه نصوص للعلامة ابن باديس رحمه الله في بيان البدعة وأنواعها وذمها والرد على شبهات المتمسكين بها رتبناها وأضفنا اليها العناوين التي تدل على مضمونها نسأل الله أن ينفع بها
حقيقة البدعة
قال في الآثار (5/ 154) ((البدعة كل ما احدث على أنه عبادة وقربة ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وكل بدعة ضلالة))
وقال رحمه الله (1/ 224) ((من أبين المخالفة عن أمره صلى الله عليه وسلم وأقبحها الزيادة في العبادة التي يتعبد الله بها على ما مضى من سنته فيها واحداث محدثات على وجه العبادة في مواطن مرت عليه ولم يتعبد بمثل ذلك فيها وكلا هذين زيادة واحداث مذموم يكون مرتكبه كمن يرى أنه اهتدى الى طاعة لم يهتد اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبق الى فضيلة قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وكفى بهذا وحده فتنة وبلاء ودع ما يجر اليه من بلايا أخرى))
أنواع البدع
أولا: البدع الحقيقية
قال رحمه الله في الآثار (87/ 1) ((من الناس من يخترع أعمالا من عند نفسه ويتقرب بها الى الله مثل ما اخترع المشركون عبادة الاوثان بدعائها والذبح عليها والخضوع لديها وانتظار قضاء الحوائج منها وهم يعلمون أنها مخلوقة مملوكة له وانما يعبدونها-كما قالوا-لتقربهم الى الله زلفى .... وكما اخترع طوائف من المسلمين الرقص والزمر والطواف حول القبور والنذر لها والذبح عندها ونداء أصحابها وتقبيل أحجارها ونصب التوابيت عليها وحرق البخور عندها وصب العطور عليها فكل هذه اختراعات فاسدة ليست من سعي الآخرة الذي كان يسعاه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده فساعيها موزور غير مشكور))
و قال في الآثار (5/ 155) ((الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف ومبناها كلها على الغلو في الشيخ والتحيز لأتباعه الشيخ وخدمة دار الشيخ وأولاد الشيخ الى ما هنالك من استغلال واذلال واعانة لأهل الاذلال و الاستغلال ومن تجميد للعقول واماتة للهمم وقتل للشعور وغير ذلك من الشرور))
ثانيا: البدع الاضافية (تقييد العبادة)
قال في الآثار (2/ 57) ((ان ما ورد من العبادة مقيدا بقيده يلتزم قيده وما ورد منها مطلقا يلتزم اطلاقه فالآتي بالعبادة المقيدة دون قيدها مخالف لأمر الشرع ووضعه والآتي بالعبادة المطلقة ملتزما فيها ما جعله بالتزامه كالقيد مخالف كذلك لأمر الشرع ووضعه وهو أصل في جميع العبادات))
ومنه قال رحمه الله عن تقييد زيارة القبور في وقت معين (3/ 235) ((وكذلك التوامها في وقت مخصوص بشكل مخصوص كما تلتزم الطاعات التي فرضها الشارع وجعل لها أوقاتا فان هذا ليس مما يتسع له صدر الدين ولا مما كان في عهد السلف الصالحين ولاسيما مع التكلف الذي كثر من يرتكبه بالزام وبغير الزام))
أحكام البدعة
أولا: البدعة غير مقبولة
قال رحمه الله في الآثار (1/ 370) ((مرجع الاسلام في أصوله وفروعه الى القرآن وهو وحي من الله والى السنة النبوية وهي وحي أيضا لقوله تعالى ((وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى)) وكل دليل من أدلة الشريعة فانه يرجع الى هذين الأصلين ولا يقبل الا اذا قبلاه ودلا عليه وكل شئ ينسب الى الاسلام ولا أصل له فيهما فهو مردود على قائله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد))))
ثانيا: البدعة كلها ضلالة وصاحبها آثم
(يُتْبَعُ)
(/)
قال رحمه الله في الآثار (3/ 275) ((ان الذي ابتدع مثل هذه البدعة التي هي تقرب فيما لم يكن قربة كأنه يرى أن طاعة الله تنقث هذه الشريعة فهو يستدركها وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خفيت عليه قربة هو اهتدى اليها أو لم تخف عليه ولكنه كتمها وهذه كلها مهلكات لصاحبها فلا يكون ما أوقعه فيها من ابتداع تلك التييحسبها قربة الا محرما وقد قال مالك فيما سمعه منه ابن الماجشون ((من ابتدع في الاسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول ((اليوم أكملت لكم دينكم)) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا)) وهذا من جهة النظر المؤيد بكلام مالك وأما من جهة الأثر فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته ((أما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) وفيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهمشيئا ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الاثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)) ووجه الدليل من الحديثين أنه سمى في الحديث الأول البدعة شرا وضلالا فعم ولم يخص وأثبت الاثم لمرتكب الضلالة والداعي اليها والاثم لا يكون الا في الحرام فيكون النظر هكذا كل بدعة ضلالة وكل ضلالة يؤثم صاحبها فكل بدعة يؤثم صاحبها وكل ما يؤثم عليه فهو حرام فكل بدعة حرام))
ثالثا: المبتدع لا يستحق أن يقتدى به
قال رحمه الله في الآثار (320/ 1) ((فالذين أحدثوا في الدين مالم يعرفه السلف الصالح لم يقتدوا بمن قبلهم فليسوا أهلا لأن يقتدي بهم من بعدهم فكل من اخترع في الدين ما لم يعرفه السلف الصالح فهو ساقط عن رتبة الامامة))
شبهات أهل البدع
أولا: قولهم أين الدليل على البدعية؟
قال رحمه الله (295/ 3) ((الاستدلال بترك النبي صلى الله عليه وسلم أصل عظيم في الدين والعمل النبوي دائر بين الفعل والترك ولهذا تكلم علماء الأصول على تركه كما تكلموا على فعله وقد ذكرنا جملة من كلامهم فيما قدمنا غير أن تقرير هذا الأصل الذي يهدم بدعا كثيرة من فعل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مما يتأكد مزيد تثبيته وبيانه اذ بالغفلة عنه ارتكبت بدع وزيدت زيادات ليست مما زيدت عليه في شئ))
وقال رحمه الله في حكم قراءة القرآن على الموتى عند الاحتضار وعند الدفن وبعده (3/ 273) ((واذا كان ترك القراءة هو السنة فالقراءة قطعا بدعة اذ ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من القربات ففعله سنة وما تركه مما يحسب قربة مع وجود سببه فتركه هو السنة وفعله قطعا بدعة
والقراءة في هذه المواطن الثلاثة التي حسب أنها قربة قد وجد سببها في زمنه فمات الناس وشيع جنائزهم وحضر دفنهم ولم يفعل هذا الذي حسب اليوم قربة ومن المستحيل شرعا أن يترك قربة مع وجود سببها بين يديه ثم يهتدي اليها من يجئ من بعده ويسبق هو الى قربة فاتت محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح من أمته ولا يكون الاقدام على احداث شئ للتقرب به مع ترك النبي صلى الله عليه وسلم له مع وجود سببه الا افتئاتا عليه وتشريعا من بعده وادعاء ضمنيا للتفوق عليه في معرفة ما يتقرب به والحرص عليه والهداية اليه فلن يكون فعل ما تركه والحالة ما ذكر من المباحات أبدا بل لا يكون الا من البدع والمنكرات))
ثانيا: الاستدلال بحديث السنة الحسنة
قال (1/ 386) ((علمنا أن المراد بمن سن سنة حسنة هو من ابتدأ طريقا من الخير في أعمال البر والاحسان وما ينفع الناس في شؤون الحياة ولا يشمل ذلك ما يحدثه المحدثون من البدع في العبادات من الزيادات والاختراعات اذ الزيادة على ما وضعه الشرع من العبادات افتئات عليه واستنقاص له وهذه هي البدعة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ((كل بدعة ضلالة))))
ثالثا: قولهم نيتنا حسنة
قال (2/ 65 - 66) ((وكثيرا ما يرتكبون البدع كدعاء المخلوقات وكالحج الى الأضرحة وايقاد الشموع عليها والنذر لها وضرب الدف في بيوت الله وغير هذا من أنواع البدع والمنكرات ويتوكئون في ذلك كله على ((انما الأعمال بالنيات))
(يُتْبَعُ)
(/)
كلا .. ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب فان البدع كلها من قسم المخالفات والمخالفات لا تنقلب طاعات بالنيات))
رابعا: قولهم نحن نتبع الامام مالكا
قال ردا على أحدهم (2/ 238) ((ثم يقول (نحن مالكيون) ومن ينازع في هذا وما يقرئ علماء الجمعية الا فقه مالك وياليت الناس كانوا مالكية حقيقة اذا لطرحوا كل بدعة وضلالة فقد كان مالك كثيرا ما ينشد:
وخير الأمور ما كان سنة .. .. وشر الأمور المحدثات البدائع))
خامسا: قولهم جرى عليها عمل الناس
قال رحمه الله (3/ 248) ((ما يجري به عمل الناس ينقسم الى قسمين قسم المعاملات وقسم العبادات وقسم المعاملات هو الذي يتسع النظر فيه للمصلحة والقياس والأعراف وهو الذي تجب توسعته على الناس بسعة مدارك الفقه وأقوال الأئمة والاعتبارات المتقدمة وفي هذا القسم جاء كلام أبي سعيد هذا وغيره وفيه نقله الفقهاء أوما تراه كيف يعبر بالعرف والعادة؟
وأما قسم العبادات فانه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص منه فلا يقبل منه الا ماثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتقرب الا بما تقرب به وعلى الوجه الذي كان تقربه به ومن نقص فقد أخل ومن زاد فقد ابتدع وشرع وذلك هو الظلام والضلال))
الحجة في الكتاب والسنة وهدي السلف
قال في الرد على أحد الطرقيين (5/ 108) ((لما كتبناه في الجزء الماضي في تحقيق العبادة الشرعية تحرينا الاستدلال بالكتاب والسنة وهدي الصحابة لأن المسألة مسألة دينية وهذه هي مآخذها ولأنها جرى فيها خلاف والله تعالى يقول: ((فان تنازعتم في شئ فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) (النساء 95)
فقال أحد الكاتبين في جريدة أتى البيوت من ظهورها فسمى استدلالنا بالكتاب والسنة وهدي الصحابة اتيانا للبيوت من ظهورها وهي كلمة مصادمة للآية القطعية المتقدمة وغيرها ولعل الكاتب لم يتفهمها ولم يدر ما مقتضاها والا فما كان لمسلم أن يقولها ثم اذا كان الكتاب والسنة وهدي سادات الأمة ظهورا للبيوت فما هي يا صوفي الزمان أبوابها))
محاربة البدع من ركائز الدعوة
قال رحمه الله في الآثار (5/ 571) ((ونحارب على الخصوص البدع التي أدخلت على الدين الذي هو قوام الاخلاص فأفسدته وعاد وبال ذلك الفساد علينا وتأخرنا من حيث يكون تقدمنا وسقطنا بما لا نرتفخ الا به))
.............................. ..............................
تنبيه:
1 - أصل الموضوع مطوية من سلسلة في طريق الاصلاح رقم 48 لم يسجل عليها اسم الناشر بل غاية ما يوجد عليها هو عنوان السلسلة مع رقم الهاتف النقال
2 - (نون) شيخنا هي (نون) المحبة وليست (نون) التلمذة وان كنت ممن يتابع دروس الشيخ ومؤلفاته
3 - ما يمكن أن تقع عليه عين القارئ من أخطاء املائية فهي من كسب أخيكم ولا علاقة للشيخ -حفظه الله - بها و شكرا
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 03:50]ـ
للفائدة وشكرا
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[03 - Jun-2009, مساء 11:48]ـ
بارك الله فيك، ورحم الله الشيخ ابن باديس
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[28 - Jun-2009, صباحاً 12:43]ـ
بارك الله فيك، ورحم الله الشيخ ابن باديس
أحسن الله اليك أخي ابراهيم وقد وقفت اليوم صباحا أي 26 - جوان-2009 على المقال منشورا على موقع منار الجزائر مع بحث آخر لشيخنا الكريم حول: الشرك ومظاهره عند العلامة عبد الحميد بن باديس الجزائري ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=624&Itemid=5) وهذا بعد نسخي للموضوع قبل نشره هناك فاليكم الرابط الجديد والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البدعة وأحكامها عند العلامة عبد الحميد بن باديس الجزائري رحمه الله ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=625&Itemid=5)(/)
مقولة (كُنْ قدر الله) ماذا تقولون فيها؟
ـ[باعث الخير]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 10:13]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد
مشايخنا واخواننا الكرام
قرأت هذه الجملة في عنوان لمقال في احدى الصحف
فهل هذا القول يجوز؟
افيدونا بارك الله فيكم(/)
أريد بحثا شرعيا تفصيليا عن حكم تطبيق الحدود على غير المسلمين
ـ[أبوهمام البدرى]ــــــــ[28 - Apr-2009, مساء 11:24]ـ
هنالك جدل كبير فى ظل انتشار ثقافة الحريات ومراعاة حقوق الاقليات فى ديار المسلمين فذهب بعضهم الى الترخيص لغير المسلمين بتعاطى الخمور وبيعها بينما يرى آخرون ان يتم تحريم ذلك كله على المسلمين وغير المسلمين الا ان غير المسلم اذا ارتكب جرما لا تطبق عليه الحدود الشرعية وانما يحاكم الى دينه او الى القانون الوضعى اريد دراسة تناقش هذين الرأيين من ناحية شرعية فقهية(/)
هل مدح القرآن النصارى رؤيه أسلامية
ـ[خالد عبد المعطى كروم]ــــــــ[29 - Apr-2009, صباحاً 08:16]ـ
قال النصارى: في الكتاب العزيز يقول الله: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}؛ فهذا مدح لنا.
والجواب: أن الذين اتبعوه ليسوا النصارى الذين اعتقدوا أنه ابن الله، وسلكوا مسلك هؤلاء الجهلة، فإن اتباع الإنسان موافقته فيما جاء به، وكون هؤلاء المتأخرين اتبعوه غير صحيح، بل متبعوه هم الحواريون، ومن تابعهم قبل ظهور القول بالتثليث، أولئك هم الذين رفعهم الله في الدنيا والآخرة، ونحن إنما نطالب هؤلاء بالرجوع إلى ما كان أولئك عليه، فإنهم قدس الله أرواحهم آمنوا بعيسى وبجملة النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، وكان عيسى عليه السلام بشرهم بمحمد –صلى الله عليه وسلم-، فكانوا ينتظرون ظهوره ليؤمنوا به عليه السلام، وكذلك لما ظهر عليه السلام جاءه أربعون راهبا من نجران فتأملوه فوجدوه هو الموعود به في ساعة واحدة بمجرد النظر والتأمل لعلاماته، فهؤلاء هم الذين اتبعوه وهم المرفوعون المعظمون، وأما هؤلاء النصارى فهم الذين كفروا به مع من كفر، وجعلوه سببا لانتهاك حرمة الربوبية بنسبة واجب الوجود المقدس عن صفات البشر إلى الصاحبة والولد الذي ينفر منها أقل رهبانهم، حتى إنه قد ورد أن الله تعالى إذا قال لعيسى عليه السلام يوم القيامة: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}. يسكت أربعين سنة خجلا من الله تعالى؛ حيث جُعل سببا للكفر به، وانتهاك حرمة جلاله، فخواص الله تعالى يألمون ويخجلون من اطلاعهم على انتهاك الحرمة،وإن لم يكن لهم فيها مدخل ولا لهم فيها تعلق، فكيف إذا كان لهم فيها تعلق من حيث الجملة؟! ومن عاشر أماثل الناس ورؤسائهم، وله عقل قويم وطبع مستقيم غير طبع النصارى أدرك هذا، فما آذى أحد عيسى عليه السلام ما آذته هؤلاء النصارى، نسأل الله العفو والعافية بمنه وكرمه
(المرجع: رسالة " إفحام النصارى " للشيخ سليمان الخراشي، وهي مختصر مهذب من رسالة (الأجوبة الفاخرة) للقرافي).
www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/11.doc(/)
متى يقبل كلام المبتدع؟
ـ[بلقاسمي الجزائري]ــــــــ[29 - Apr-2009, صباحاً 09:25]ـ
متى يقبل كلام المبتدع؟
يمتاز "أهل السنة والجماعة" بالعدل والإنصاف، قال معاذ بن جبل (اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافرا أو فاجرا، واحذروا زيغة الحكيم، قالوا:كيف نعلم أن الكافر يقول الحق؟ قال: على الحق نور) رواه أبو داود وأخرجه الحاكم وصححه الذهبي
وقال ابن تيمية: (والله أمرنا ألاّ نقول إلاّ الحق، وألاّ نقل عليه إلاّ بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا عن رافضي، قولا فيه حق أن نتركه أو نردّه كله، بل لا نرد إلاّ مافيه من الباطل دون مافيه من الحق) منهاج السنة2/ 342
وقال ابن القيم: (اقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضا، ورد الباطل على من قاله وإن كان حبيبا) مدارج السالكين 3/ 522. وقال أيضا في نفس الكتاب (فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة، وأهدرت حسناته لفسدت العلوم والصناعات)
وقال أيضا (… .. فإن كل طائفة معها حق وباطل، فالواجب موافقتهم فيما قالوا من الحق، ورد ما قالوه من الباطل.) طريق الهجرتين وباب السعادتين/387
سؤال: ما رأيك في كلام شيخ الإسلام وتلميذه؟ إن أقنعك فالحمد لله على سلامة قلبك ورزانة عقلك. وإن رددته فسلام عليك. (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) القصص
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: (إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة بقدر ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا ومن هذا، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويُعطى من بيت المال ما يكفي حاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنّة و الجماعة). انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية مجلد 28/ 209
ـ[التقرتي]ــــــــ[29 - Apr-2009, صباحاً 11:37]ـ
سؤال: ما رأيك في كلام شيخ الإسلام وتلميذه؟ إن أقنعك فالحمد لله على سلامة قلبك ورزانة عقلك. وإن رددته فسلام عليك. (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) القصص
ماذا تقصد بهذا اخي؟(/)
مقتدى الصدر ... منتهى الغدر
ـ[عزالدين بن حسين القوطالي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 12:50]ـ
مقتدى الصدر .... منتهى الغدر
عزالدين بن حسين القوطالي
تونس
قال الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حينما سؤل في صفة الغوغاء: هم الذين إذا إجتمعوا غلبوا وإذا تفرقوا لم يعرفوا. وقيل أيضا هم الذين إذا إجتمعوا ضروا وإذا تفرقوا نفعوا فقيل عرفنا مضرة إجتماعهم فما منفعة إفتراقهم؟ فقال: يرجع أصحاب المهن الى مهنهم فينتفع الناس بهم كرجوع البناء الى بنائه والنساج الى منسجه والخباز الى مخبزه وأتي بجان ومعه غوغاء فقال لا مرحبا بوجوه لا ترى إلا عند كل سوأة؛ وقال الشيخ محمد عبده في شرحه لنهج البلاغة: ((الغوغاء بغينين معجمتين أوباش الناس يجتمعون على غير ترتيب وهم يغلبون على ما إجتمعوا عليه ولكنهم إذا تفرقوا لا يعرفهم أحد لإنحطاط درجة كل منهم)).
ذلك هو بالضبط حال من يسمون أنفسهم اليوم بجيش المهدي أنصار الفتى الغبي المعتوه الأحمق مقتدى الصدر أو الملا أتاري كما يسمونه في الأحياء الشيعية بالعراق لولوعه بالألعاب الإلكترونية حينما كان صغيرا ومحاولته تحويل هوايات الطفولة والصبى الى حقائق على أرض الواقع وممارسات طفولية يومية من خلال الإعتماد على مجموعة من القتلة والمنحرفين والمشبوهين والمجرمين والمختبلين لتنفيذ ما وقع إختزانه في ذاته وشخصيته من مزوشية قوامها التلذذ بآلام الغير والإنتقام من العراقيين شيوخا وأطفالا ونساءا ومن العراق حضارة وتاريخا ومعالما.
إن أولائك المجرمين المنضوين تحت لواء ما يسمى جيش المهدي لم يكونوا يوما ذوي مبادئ أو قيم يدافعون عنها اللهمّ إلا إذا إعتبرنا أن السرقة والنهب والخيانة والعمالة مبادئا والحقد الطائفي والفساد الأخلاقي قيما وأغلب الظنّ أنها كذلك بالنسبة لمن لا شرف ولا كرامة ولا مروؤة لهم من الغوغاء والسفلة الذين عاثوا في البلاد فسادا تحت شعار الحوزة الناطقة والوفاء لصاحب الزمان مهديّهم المنتظر وبقيادة طفل مراهق لم يفطم بعد عن حليب أمه ولم يحرز من العلم بمقوّمات الحياة والفهم لطبيعة المشكلات التي تعاني منها الأمة إلا النزر القليل وكيف يطلب منه أكثر من ذلك وهو لم يتجاوز في دراسته الدينية مجرّد مستوى – طالب بحث خارجي – ولم يتجاوز من العمر الثلاثة والثلاثون سنة ولم يتحرر بعد من عقدة الإحساس بالدونية والجهل والأمية السياسية ولم يتمكّن من نحت شخصية مستقلة حرة مثله كمثل الدجاجة التي حاولت أن تقلّد الأسد في مشيته فلا هي إستطاعت أن تمشي مثله ولا هي إستطاعت أن تحافظ على مشيتها الأصلية.
فذاك المقتدى حاول مرارا وتكرارا أن يقتدي بأسياده الفرس المجوس الصفويين وأساتذته من الآيات الشيطانية القابعة في قم وطهران فلا هو إستطاع أن يكون مثلهم ولا هو إستطاع أن يحافظ على عروبته وإسلامه فأضحى هجينا مختلطا لا طعم ولا رائحة ولا لون له مزدوج الشخصية والهوية عربي في النهار فارسي في الليل مسلم في القول كافرا أشدّ ما يكون الكفر في الفعل مناضل ضد الإحتلال في الخطابات والتصريحات والشعارات عميل صغير حقير في الممارسات اليومية عظيم كبير في عيون أتباعه ومريديه صغير أبله معتوه لدى أغلب أبناء شعبنا في العراق العظيم ولله في خلقه شؤون إذ صدق من قال إنه كما تكونون يولى عليكم فهذا الفرع من تلك الشجرة الضاربة بجذورها في أعماق تاريخ الأمة والتي أثمرت على مرّ العصور مجموعة من المنافقين والعملاء والخونة الذين إحتار في أمرهم الإمام علي ابن أبي طالب رضوان الله عليه إذ قال فيهم: ((لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها وأصبحت أخاف ظلم رعيتي أستنفرتكم للجهاد فلم تنفروا وأسمعتكم فلم تسمعوا ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا ونصحت لكم فلم تقبلوا ... أشهود كغياب وعبيد كأرباب؟ أتلوا عليكم الحكم فتنفرون منها وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبا ترجعون الى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم ... أيها الشاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم المختلفة أهواؤهم المبتلى بهم أمراؤهم لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجل منهم)).
(يُتْبَعُ)
(/)
فكأنّ الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يتحدّث عن هؤلاء المجتمعين اليوم حول راية الدجال الصغير مقتدى وتحت عنوان هلامي خرافي أسطوري إبتدعه السابقون في النفاق والخداع والتآمر وصدّقه اللاحقون ممن يسمون أنفسهم بجيش المهدي والذين يتكونون من شقين إثنين الشق الأول وهم الأغلبية ونعني بهؤلاء الشروقيين أو الشروكيين على إعتبار إنحدارهم من أصول غير عربية إذ ترجع أصول هؤلاء الى مناطق بلوشستان ولورستان والهند وباكستان وظلوا مستقرين في العراق لعشرات السنين بدون وثائق هوية أو جنسيات أو جوازات سفر حتى جاء عبد الكريم قاسم ومنحهم الجنسية العراقية نظرا الى أن والدته من تلك الأصول وشيد لهم المجمعات السكنية حول العاصمة بغداد كحي الثورة والأمين والفضيلية والعبيدي والشماعية والحسينية وأبو دشير والدباش والشعلة والحرية والإسكان وغيرها من الأحياء الشعبية في بغداد ورغم حصولهم على الجنسية العراقية فإنهم ظلوا محتفظين بأصولهم العرقية الى يومنا هذا فلا عجب والحالة تلك أن تكون السمة البارزة والصفة المميزة لهؤلاء الأعاجم هي تغليب الإنتماء الطائفي والمذهبي على الإنتماء الوطني وهذا يعني أن مصطلحات الوطنية والقومية لا وجود لها إطلاقا في قاموسهم ومعجمهم الأسود أما الشق الثاني من عصابة مقتدى فيتكون أساسا من المجرمين وقطاع الطرق واللصوص وذي السوابق العدلية ومساجين الحق العام الذين أفرجت عنهم قوات الغزو الأمريكية حينما سقطت العاصمة العراقية بغداد في 09/ 04/2003 ومن الطبيعي أن تلتحق هذه الشرذمة الضالة بما يسمى بجيش المهدي لتحتمي به وتختبئ تحت شعاراته لتحقيق أهدافها الإجرامية التي إبتدأت منذ اليوم الأول لإحتلال بغداد من خلال سلسلة السرقات التي طالت أغلب دوائر الدولة ومرافقها العامة وكلّ ما له علاقة بالوثائق الثبوتية وهويات المواطنين وسجلات الحالة المدنية وشهادات التملك وغيرها فأختلط بذلك الحابل بالنابل وأصبح بإمكان المجرم والمنحرف والسارق أن يدعي بكلّ وقاحة أنه مواطنا شريفا أبيض اليدين بإعتبار أن سجلاته بوزارة الداخلية ومصالح السجون قد وقع إتلافها وإعدامها وأصبح بإمكان الفارسي المجوسي بل وحتى عميل الموساد أن يدّعي بكلّ صفاقة أنه عربي إبن عربي ويتّخذ لنفسه إسما عربيا كما فعل العديد من الأعاجم في ما يسمى بالحكومة العراقية الحالية أمثال موفق الربيعي وباقر صولاغ وعلي الدباغ وغيرهم ممن إدعوا لإنفسهم هوية عربية وهم في الحقيقة أعاجم لا يعرف لهم أصل ولا ولا فصل ولا نسب مثلهم كمثل أسطورة أساف ونائلة الذين زنيا في الكعبة فمسخا حجرين ووضعا عند الكعبة ليتعظ بهما الناس فلما طال مكثهما بذلك المكان وعبدت الأصنام عبدا معها وأصبحا مزارا لقبائل الجزيرة عند الحجّ يتمسّح بهما وتذبح عندهما القرابين تكرّما وعبادة.
وبعد كلّ ما تقدّم يطلع علينا الدعيّ الكذاب الدجال مقتدى ليسمي عصابته الإجرامية بجيش المهدي وحزب الله وأنصار آل البيت والحاملين لراية المستضعفين في الأرض والمقارعين للإحتلال وغيرها من التسميات الفضفاضة وكأنهم ملائكة نزلت من السماء لتحقق العدل والأخلاق في الأرض وهم كما يعلم القاصي والداني شياطين من الإنس وعصبة من الأشرار الحاقدين جاؤا مع الإحتلال لينتقموا من العراق تاريخا وحضارة ولينشروا الموت في كلّ زاوية وركن وبيت وشارع في أرض السلام وبلاد الرافدين لا همّ لهم إلاّ تقسيم البلد الى دويلات وطوائف متناحرة والقضاء على كلّ صوت مقاوم والذبح على الهوية والتطهير المذهبي والتهجير القسري بمباركة وتشجيع قوات الغزو الأمريكية التي يدّعون زورا وبهتانا أنهم يحاربونها ويقاومون وجودها والحال أنهم حماة لها ومنفذين مخلصين لمشاريعها وأهدافها في العراق رغم بعض المناوشات التي تحصل هنا وهناك بين الطرفين لأسباب مصلحية مثلما كان الأمر في النجف الأشرف حينما تمّ إغتيال عبد المجيد الخوئي من طرف عصابات جيش المهدي بسبب الصراع على مقام الإمام علي ابن أبي طالب ومفتاح الباب السري للهبات والصدقات والنذور والأموال المخزونة بالمزار ولكن سرعان ما تمّ حسم الخلاف وتصفيته وإرجاع المياه الى مجاريها بعد إبرام صفقة مخزية مهينة تمّ من خلالها تسليم أسلحة ما يسمى بجيش المهدي الى قوات الغزو مقابل بضعة دولارات ولن ننسى تلك الصورة الكاريكاتورية التي وقف فيها الغوغاء الصدريون مصطفين في طوابير لا نهاية لها لتسلّم ثمن بيع سلاحهم الى الغزاة وقد فاتهم وغاب عنهم أن من باع سلاحه باع شرفه وعرضه ومن باع شرفه وعرضه قادر على بيع وطنه وأمته وتاريخه الى الشيطان إن لزم الأمر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
ومن هناك فإن هذه الشرذمة الضالة المنضوية تحت لواء ما يسمى بجيش المهدي تعكس بالضرورة صورة قائدها وزعيمها وملهمها الفتى مقتدى الصدر الذي يعكس بدوره صورة النفاق والخداع والحقد الطائفي والجهل والأمية السياسية والغدر وكلّ الصفات السيئة التي إتسعت لها مفردات اللغة العربية فصدق فيه ومن والاه قول الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ((أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذركم أهل النفاق فإنهم الضالون المضلّون والزالون المزلّون يتلوّنون ألوانا ويفتنّون إفتنانا ويعمدونكم بكلّ عماد ويرصدونكم بكل مرصاد قلوبهم دوية وصفاحهم نقية يمشون الخفاء ويدبون الضراء ... يتوصّلون الى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم وينفقوا به أعلاقهم يقولون فيشبّهون ويصفون فيموّهون قد هوّنوا الطريق وأضلعوا المضيق فهم لمّة الشيطان وحمّة النيران)).
وكما جاء في قوله تعالى بسورة المجادلة الآية 19: ((إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولائك هم حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون)).(/)
الأمّة المقاتلة
ـ[عزالدين بن حسين القوطالي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 12:54]ـ
الأمة المقاتلة
عزالدين بن حسين القوطالي
تونس
يفرض القتال عادة في ظروف القهر والظلم والإستبداد والإستعباد حينما تعجز الكلمة وتتوقف لغة الحوار وتصمّ الآذان الصاغية الى منطق التفاهم والتسوية المبنية على تحقيق التوازن في مصالح الأفراد والشعوب والأمم وعندئذ تندلع شرارة الدفاع والمدافعة من طرف الشعوب المظطهدة المسلوبة الحرية وتشتعل نار الإنتقام والترهيب من طرف قوى البغي والظلم والعدوان سعيا من أجل إخماد فورة البركان في مهدها ووأد أية محاولة للمقاومة في منطلقها وكتم أي نفس ثوري إنقلابي يهدف الى رفع الظلم وإحلال قيم الحق والعدل والحرية.
فالقتال والحالة تلك هو نتيجة طبيعية ومنطقية وحتمية لإنعدام أي سبيل لحل المشكلات العالقة والمستعصية لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بما هو أساسي وجوهري في وجود الأمة وبقائها وستمرارها ضمن معادلة الكينونة والوجود التي تقوم بالأساس على مقولة: إمّا أن نكون أو لا نكون مطلقا لأن كينونتنا ضمان لبقائنا وإستمراريتنا تلك المعادلة الشكسبيرية التي جعلت من معركة الوجود الإنساني معركة مصير أو لنقل معركة حياة أو موت كما هو بالضبط حال أمتنا العربية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة والحاسمة حيث تتكالب عليها الذئاب وتنهشها الكلاب السائبة وتتصارع حولها قوى البغي والعدوان مجسدة في الثالوث الإمبريالي – الصهيوني – الفارسي.
ولقد مرّ زمن على الأمة العربية وهي تمني النفس بتحقيق أهدافها ومطامحها وإنجاز وحدتها والتوصل الى حريتها بدون قتال أو صراع أو منازلة وكأنها كانت تنتظر تحقيق معجزة أو حصول هبة إلاهية ربانية تغنيها عن النضال والتضحية في سبيل تحقيق أهدافها القومية المشروعة؛ وقد نسيت أن طريق الوحدة والحرية والإشتراكية وعرة شائكة ملغومة تصطدم في مختلف منعطفاتها وسبلها بمخططات التفتيت والتقسيم والتجزئة المحاكة بإمتياز وتخطيط وإتقان من طرف قوى لا ترغب في نهضة هذه الأمة وإحتلالها لموقع في المجتمع الإنساني الحر والمتقدّم.
فنضال الأمة العربية في أعين الذين يوجّه ضدهم من إمبرياليين وصهاينة وصفويين ورجعيين يعتبر خطّا أحمرا وناقوس خطر ينذر بعواقب وخيمة ويعتبر في قاموسهم ومفرداتهم ولغتهم عاملا من عوامل الهدم لن مجرّد التفكير في النضال والمقاومة والنهوض الحضاري والإنبعاث القومي هو بمثابة إلغاء للدور القذر الذي تلعبه تلك القوى من أجل الحفاظ على الوضع القائم وضع الإنبطاح والإنحطاط والتخلف والضعف والخنوع ولذلك فإن نضال الأمة وثورتها ووثبتها يعدّ في النهاية كشف دراماتيكي لعورة الظلم والإستعباد والإستغلال الذي يمارس ضدها وكما يقول الأستاذ أحمد ميشيل عفلق رحمه الله فإن: ((مجرد ظهور العمل الصحيح يهدم أعمالهم الفاسدة ومجرد إنتهاج السبيل القويم يبدو تحديا لإعوجاج سيرهم ومجرّد إرتفاع البناء الجديد يحجب النور عن أبنيتهم الهرمة ويحد من المكان الذي كانت تستأثر به ... )) -1 - .
فكلّما سعت الأمة العربية وجماهيرها المناضلة الى النهوض والتقدم والتحرر الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والثقافي والتقني والحضاري العام كلّما إشتدت القبضة الإمبريالية والهجمة الإستعمارية وإرتفعت وتيرة الإضطهاد والإستعباد وتنامت الرغبة الجامحة في الإستغلال والسيطرة والإستحواذ إستباقا لأية محاولة جدية للخروج من بوتقة الإنحطاط والتخلف ولقد عاشت الأمة العربية عبر تاريخها الحديث من المآسي والآلام والتضحيات والمؤامرات والدسائس ما يغني عن أي تفسير أو تذكير بداية من تجربة النهضة الأولى على يد محمد علي باشا مرورا بالتجربة الناصرية وصولا الى تجربة حزب البعث العربي الإشتراكي في العراق وكلها محاولات للإنبعاث الحضاري والنهوض القومي الرامي الى إحتلال موقع ملائم لحجم آلام ولآمال الأمة العربية ومن ورائها شعوب العالم التواقة الى الحرية والتقدم وكلّ تلك المحاولات إصطدمت في البداية والنهاية بمخططات القوى الإمبريالية والإستعمارية الواقفة بالمرصاد لحركة الثورة العربية وطموحها في إنجاز المهام القومية والإنسانية الخلاقة والأهداف الأخلاقية والقيمية والحضارية المبدعة. ولهذا فإننا لا نبالغ حينما نقول إن التاريخ: ((لم يشهد أن تعرضت
(يُتْبَعُ)
(/)
أمة للعدوان عليها قديما وحديثا كما تعرضت له الأمة العربية ومازالت كما لم يشهد التاريخ أن تعرض وطن على سطح الكرة الأرضية للأطماع المستمرة قديما وحديثا كما تعرض له الوطن العربي وما زال ... )) -2 - .
وبعيدا عن نظرية المؤامرة والتفسير العاطفي للتاريخ فإن الأمة العربية شكّلت بالفعل محورا للأطماع الأجنبية بسبب ما تميّزت به من موقع إستراتيجي على الكرة الأرضية وثروات هائلة وطاقات بشرية ومادية ضخمة وحافز نهضوي في غاية الأهمية يمتد بجذوره الى أعماق التاريخ البشري ليؤثر ويتأثر ويغني الحضارة الإنسانية ويمدها بروافد لا تنضب من المعرفة والعلم والقيم التي نشأ عليها المجتمع الحديث وتربي في أحضانها عشاق الديمقراطية والعدالة والحرية والوحدة والإنصاف في العالم المعاصر.
فأمة كهذه لها من التراث والتاريخ والحضارة والطموح تعتبر لا محالة خطرا محدقا بقوى البغي والعدوان والإستغلال على إعتبار أنها تشكل بالضرورة والنتيجة تهديدا محتملا ومستقبليا للسيطرة الإمبريالية والسطوة الإستعمارية الجديدة والنفوذ الرجعي المتخلف الذي من مصلحته بقاء الحال على ما هو عليه من خضوع وإستسلام وإستمرار حالة الخنوع والإنحطاط وتواصل وضعية الخوف وغرس الرؤوس في الرمال؛ فالمسألة إذن هي مسألة حياة أو موت بقاء أو إندثار إستمرار أو إنقطاع صراع بين متناقضين لا يلتقيان أبدا ومتضادين لا يستمر أحدهما إلاّ إذا زال الآخر وأصبح أثرا بعد عين وهكذا يظل العداء بين الأمة العربية من ناحية وبين الإستعمار وامبريالية والصهيونية قائما الى أبد الآبدين ومتواصلا طالما كانت هناك رغبة في الإنبعاث والنهوض يقابلها رغبة في الإستعباد والإستغلال وكما يقول الدكتور حسن حنفي فإنه: ((لا بقاء لأحد الجانبين إلا بفناء الآخر فالإستعمار سيطرة والقومية العربية تحرر والصهيونية إحتلال إستيطاني وعدوان وتوسع والقومية العربية تحرر وسلام والإستعمار عنصرية دفينة ورغبة في إحتواء المركز للأطراف والقومية العربية رسالة إنسانية ترد الإعتبار للأطراف حتى تنشأ مراكز متعددة للتطور البشري والصهيونية عنصرية صريحة ومعلنة لا تعترف بأحد سواها دينا وشعبا وقومية والقومية العربية رسالة إنسانية خالدة تضع الشعوب والأجناس والأديان كلها على مستوى واحد من الإحترام المتبادل ... )) -3 - .
ونضيف الى ذلك أن القومية العربية متحررة من العقد النفسية والأحقاد التاريخية في حين أن أعداءها الصفويين لا هم لهم سوى تصفية الحساب مع من تسببوا في سقوط الإمبراطورية الفارسية ولا عمل لديهم سوى التآمر المستمرّ على وحدة وتقدم ونهضة هذه الأمة تحت غطاء مذهبي طائفي بغيض برز بشكل جلي في حلبة الصراع القائم الآن ببلاد الرافدين. فالثالوث الإمبريالي – الصهيوني – الصفوي قد وضع نفسه إستراتيجيا ومصلحيا في موضع معاد بالضرورة لمصالح وهداف ومطامح الأمة العربية من خلال إصراره على تنفيذ مشاريع التفتيت والتقسيم والتجزئة وعمله المستمر على الوقوف في وجه أية محاولة للنهضة والتقدم بداية من إتفاقية سايكس بيكو السيئة الصيت وتقسيم الوطن العربي الى دول وممالك وإمارات مرورا بغرس كيان غريب في قلب الأرض العربية وتسليط فئة باغية رجعية متخلفة على رقاب الجماهير العربية تمارس حكمها بالحديد والنار ولا تولي أية أهمية لقيم العدل والحرية ولا همّ إلاّ الحفاظ على كرسي الحكم والنهب المتواصل لثروات وخيرات الشعب العربي وصولا الى اللعب على أوتار الورقة الطائفية والمذهبية وإثارة النعرات العرقية وتشجيع الدعوات الإنفصالية وشحن الخلافات بين بناء الشعب الواحد والوطن الواحد.
وهكذا توضع الأمة العربية في موضع الدفاع والتمترس والتخندق في مواجهة الحملات التصفوية الإستيطانية الإستئصالية المستمرة وموجات الغزو الثقافي والسياسي والعسكري المتواصلة ومشاريع التجزئة والتقسيم والتفتيت التي لا تنتهي أبدا والتي تخضع الى التطوير الدائم في الأساليب والوسائل والتكتيكات بشكل يتلاءم مع تطور حال الأمة العربية صعودا ونزولا تقدما وتأخرا إنتصارا وإنكسارا حركة وسكونا صمودا وإستسلاما كل ذلك لمنع أية محاولة لجمع الأنفاس أو مجرد التفكير الهادئ في سبل الخلاص والإنعتاق لأن الضغط المتواصل والمسترسل يشوّش الأفكار عادة ويعيق إنسيابها المبدع والخلاق ويقلص في
(يُتْبَعُ)
(/)
قدرة العقل البشري على التوصل الى الحلول الملائمة في وقت سريع وملائم ويشلّ حركة الأمة وقدرتها على تنظيم صفوفها ومنهجة أساليب نضالها وكفاحها القومي التقدمي.
ولقد أدرك أعداء الأمة ما للضغط النفسي والسياسي والعسكري من تأثير على قدرات الجماهير العربية وإمكانات النهوض والإنبعاث لديها فالضغط يزداد عادة في تأثيره عندما يصل الى مستوى عالي من الشدة ويقل كلما قلت هذه الشدة كما يختلف من أزمة الى أخرى بل ويتنوع في مراحل الأزمة الواحدة وبذلك يكون قليله نافع وكثيره ضار ولهذا السبب بالذات عملت القوى المعادية للأمة على التشديد في ضغوطها والترفيع في مستوياتها بإستمرار ودون هوادة أو إنقطاع حتى لا تفسح المجال للتفكير الهادئ أو العمل النضالي المنظم وحتى تقطع الطريق أمام أية محاولة جدية للنهوض والتقدم تماما كما كان الأمر مع ثورة البعث العربي الإشتراكي في العراق حيث تكثّفت الضغوط والمؤامرات والعراقيل والدسائس منذ اليوم الأول للثورة والى تاريخ إحتلال العاصمة بغداد.
ولعلّه من المفيد التذكير بأن الضغط الإمبريالي الصهيوني الصفوي قد وقعت ترجمته من خلال ما يسمى بنظرية التفكيك أو التفتيت وكما يقول المفكر برنارد لويس فإن: ((التغريب في المنطقة العربية أدى الى تفكيكها وتجزئتها وأن هذا التفكيك واكبه تفكيك إجتماعي وثقافي والواقع أن إلحاق المنطقة بالغرب لم يكن ممكنا إلا عن طريق تفكيكها وتجزئتها وهو تفكيك المنطقة بالفتن الطائفية والتفتيت الإجتماعي والثقافي وإفتعال الخصومات والفروقات وتوسيع مواطن الإختلاف والمبالغة في إبرازها ... )) -4 - .
فتطبيق نظرية التفكيك أو التفتيت لم يأت إعتباطا أو من باب الصدفة بل جاء نتيجة لوعي سابق بخطورة وحدة الوطن والأمة على المشاريع الإستراتيجية الكبرى للقوى الإمبريالية والصهيونية والرجعية وتأثير نهضة العرب كشعب ذو رسالة على مستقبل النفوذ والسيطرة على مقدرات وثروات وإمكانات الشعوب المضطهدة في العالم بأسره على إعتبار أن معركة العرب الوحدوية التحررية الإشتراكية هي معركة إنسانية ومعركة في سبيل بناء عالم خال من الكراهية والإستغلال.
ومهما يكن من أمر فقد فات أعداء الأمة والمتربصين بها والمصاصين لدمائها أن الضغط في جانبه الآخر يولّد بالضرورة والحتمية ضغطا مضادا وردّ فعل إنفعالي لا يمكن حصره وتحديد وإستشراف نتائجه وتجلياته وعواقبه الآنية والمستقبلية تمثلا للمعادلة الفيزيائية القائلة بأن لكل فعل ردّ فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الإتجاه. فمن الغباء تصوّر إمكانية بقاء الأمة العربية في وضعية الجمود والخمود والإنحطاط الى أبد الآبدين دون حركة أو فعل بينما تتعرض في كل يوم الى الضربات المتتالية التي تستهدف وجودها وكينونتها فحتى المخلوقات المكروسكوبية تدافع عن نفسها في ظل مثل هذه الظروف ودفاعها عن نفسها في الخلاصة هو دفاع عن بقائها وإستمرارها ولهذا كان قدر الأمة العربية وطلائعها الجهادية المناضلة أن تقود بالنيابة ووكالة عن الإنسانية بأسرها المعركة تلو الأخرى ضد قوى البغي والعدوان والإستعباد وأن تحارب على جبهات متعددة في نفس الوقت وأن تواجه أعداءا متعددين تجمعهم المصلحة والرغبة في إبقاء الأمة العربية مجزّءة منقسمة ضعيفة متخلفة حتّى يتيسّر إستغلالها والتحكّم في مصيرها وسرقة ثرواتها.
فالأمة العربية هي بالنتيجة أمة مقاتلة بالضرورة لأن المعركة التي تخوضها تتنزّل في إطار حماية النفس ضدّ قوى الإستئصال والإستيطان وحماية الآخرين من الشعوب المستعبدة التواقة الى الحرية والإنعتاق من سياسة العدوان التي تمارس يوميا على يد الإمبريالية العالمية العدوّ المشترك لكلّ الشعوب الحرة والباحثة عن الحرية ولهذا فإن نضال شعبنا العربي في فلسطين والعراق ولبنان والأحواز لا يمكن فهمه إلاّ من خلال وضعه في إطاره الإنساني ذلك أن مصير معركة الإنسانية من أجل قيم العدل والتسامح والتحرر يتوقّف على نتائج المعركة الحاسمة التي تخوضها الأمة العربية وجماهيرها الشعبية في ساحات الوغى على إمتداد الوطن العربي وكما يقول الأستاذ ميشيل عفلق رحمه الله فإن: ((القومية التي تخرج من تجربة الشعوب التي عانت الظلم وعانت الإستعمار وتحررت دون أن يستنفد الحقد ألمها وتجربتها أي التي عانت تجربة الظلم والتأخر
(يُتْبَعُ)
(/)
وتطالب بتجربة إيجابية متفائلة هذه القومية هي التي تطبق القيم الإنسانية في حدودها فالقومية هي المسرح الواقعي لتحقق الإنسانية والإنسانية التي تقفز من فوق القومية وتكون خيالية لا تجد أرضا تستقر عليها فهي تكون في الذهن أكثر منها في الواقع .... )) -5 -
فمعركة المصير العربي الواحد التي تخوضها الأمة العربية هي مقدّمة لإنتصار الإنسانية في كفاحها ضدّ الظلم والجبروت والنهب والإستغلال ومن خلال هذه المعركة تتحقّق إرادة الشعوب الحرّة في كسر أغلال الذلّ والإستعباد على إعتبار أن معركة العرب من أجل وحدتهم وحريّتهم وإشتراكيتهم هي في النهاية معركة إنسانية بأتمّ معنى الكلمة ولقد تشرّف العرب بحمل رايتها في هذه المرحلة التاريخية كما تشرّفوا من قبل بحمل راية العلم والمعرفة والتسامح والإخاء الى العالم بأسره وسوف يسجّل التاريخ كما سجّل من قبل أن الأمة العربية كانت في طليعة الأمم المقاتلة من أجل قيم الحق والعدل والحرية وأن قتال الأمة من أجل تلك القيم هو تعبير صادق عن إيمانها القوي بحتمية الإنتصار عملا بقوله تعالى في كتابه العزيز:
((ألم. غلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)).
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
-1 - أحمد ميشيل عفلق: مقال حركة البعث العربي: في سبيل البعث: صفحة 26 – دار الحرية للطباعة بغداد 1985.
-2 - ناصيف عوّاد: القضية الفلسطينية في فكر الأستاذ ميشيل عفلق: بحث مقدّم في الندوة القومية حول فكر ميشيل عفلق بغداد في 23 - 26 حزيران 1990 الجزء الأول صفحة 250.
-3 - الدكتور حسن حنفي: العروبة والإسلام في فكر الأستاذ ميشيل عفلق / بحث مقدم في الندوة القومية حول فكر ميشيل عفلق بغداد في 23 - 26 حزيران 1990 الجزء الأول صفحة 134.
-4 - نقلا عن فكتور سحاب: مناقشات ندوة ناصر حول ملامح المشروع الحضاري العربي: دار الوحدة بيروت 1982 صفحة 299.
-5 - أحمد ميشيل عفلق: مقال معالم القومية التقدمية / مصدر سابق صفحة 190.(/)
فوائد من كتاب: (الردود) للشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد-رحمة الله عليه- ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 02:42]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد من كتاب: (الردود) طبعة دار العاصمة- الرياض.
للشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمة الله عليه -
الفائدة/01
" ((البدعة)): إفراز لمرض الشُّبهة: والشبهة باب البدعة، و البدعة: بريد الكفر، وشَرَكُ الشِّرْكِ". (ص:9)
الفائدة/02
" ((مشروعية الرد على المخالف)): أصل عقدي معلوم في سلَّم المسلّمات في أصول الإسلام" بالمعنى. ينظر: (ص:14)
الفائدة/03
"رد الهوى و البدعة، ونقد الشبهة، ورفض داعي الشهوة: أصل عقدي، متصل العقد في اعتقد أهل السنة و الجماعة". (ص:18)
الفائدة/04
"أول بدعة حدثت في الإسلام ((بدعة الخوارج))، فهم أول من فارق جماعة المسلمين من أهل البدع المارقين، وهم أول من كفر المسلمين بالذنوب؛ وهذه حال أهل البدع يبتدعون البدعة، و يكفرون من خالفهم فيها، فأثاروا ((مسألة الوعد و الوعيد)) وتلقب بمسألة ((الفاسق المليِّ)) هل هو كافر أو مؤمن.
فهي أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار.
فرَّد الصحابة – رضي الله عنهم – على الخوارج بدعة الافتراق، وبدعة التكفير، فكشفوا منهم الأسرار، وهتكوا الأسرار، وفضحوهم على المنابر، ثم بدا الرفض، و النصب، ثم القدرية، و المرجئة، ثم الاعتزال، فقام عليهم الصحابة – رضي الله عنهم- باللسان، و السنان، فقُتل من قُتل، وخصم من خُصم. فتزلزلت هذه البدع و رقَّت، واندحرت وذلّت". (ص:30)
الفائدة/05
"فالرَّدُّ على أهل البدع و الأهواء: باب شريف من أبواب الجهاد عظيم وكيف لا يكونون كذلك، وهم في موقع الحراسة، وأفضل الجهاد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: ((فالرَّدُّ عل أهل البدع مُجهاد، حتى كان يحي بن يحي، يقول: الذَّبُّ عن السنة أفضل من الجهاد ... )) انتهى.
فالرَّدُّ على أهل الباطل، ومجادلتهم، ومناظرتهم، حتى تنقطع شبهتهم، ويزول على المسلمين ضررهم، مرتبة عظيمة من منازل الجهاد باللسان، والقلمُ أَحَدُ اللِّسانين.
وقد صحَّ من حديث أنس – رضي الله عنه – أنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه و سلم – قال: ((جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، و ألسنتكم)).
رواه أحمد، و أبو داود، والنسائي، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي". (ص:40)
الفائدة/06
"الأخ المؤمن إن كان صادقا في إيمانه لم يكره ما قُلْتَهُ من [الحق] الذي يحبه الله و رسوله، وإن كان فيه شهادة عليه، وعلى ذويه، بل عليه أن يقوم بالقسط، ويكون شاهدا لله و لو على نفسه، أو والديه، أو أقربيه، ومتى كره هذا الحق، كان ناقصا في إيمانه، ينقص من أُخُوَّتِهِ بقدر ما نَقَصَ من إيمانه ". (ص:44)
الفائدة/07
"بيان زلَّة العَالِم: مَحمدة في الإِسلام". (ص:45)
الفائدة/08
" [إذا] رأيت من رد على مخالف في شذوذ فقهي، أو قول بدعي، فاشكر له دفاعه بقدر ما وسعه، ولا تخذله بتلك المقولة المهينة ((لماذا لا يرد على العلمانيين))، فالناس قدرات و مواهب، ورد الباطل واجب مهما كانت رتبته، وكل مسلم على ثغر من ثغور ملَّته ". (ص:59)
الفائدة/09
"قال حاتم الأصم – رحمه الله تعالى -: ((معي ثلاث خصال أظهر بها على خصمي، قالوا: وما هي؟ قال: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ نفسي لا تتجاهل عليه)).
فبلغ ذلك الإمام أحمد – رحمه الله تعالى - فقال: ((سبحان الله ما كان أعقله من رجل)) ". (ص:62)
الفائدة/10
"غاية الردود تنبني على أمرين: العمل على دلالة المخالف إلى الصراط المستقيم لكسب أوبته إلى السنة، وَفَتْلِ الخصم عن مخالفته إلى الحقِّ بحجته، و الإذعان له.
أو كف بأس بدعته عن المسلمين بقطعه وكف عدوانه". (ص:63)
الفائدة/11
"المُعْرِضُ عن رد الباطل بعد تذكيره، يُخشى أن يدخل في الذين إذا ذُكِرُوا بآيات ربهم: يخرون عليها صمّاً و عمياناً ". (ص:75)
الفائدة/12
" .. الساكت عن كلمة الحق كالناطق بالباطل في ((الإثم)).
قال أبو علي الدقاق: ((الساكت عن الحق شيطان أخرس، و المتكلم بالباطل شيطان ناطق)) ". (ص:77 - 78)
الفائدة/13
"السكوت أبداً عن رد الباطل: إِثم، من جهتين، في السكوت، وفي
مظاهرة المبطل بالسكوت عنه". (ص:88)
الفائدة/14
(يُتْبَعُ)
(/)
" .. فكن – يا طالب العلم – على تقيّة، من كتب ((غلاة المتعصّبة)): أهل الأهواء، فكم بها من عسل مقلوب، ونصٍّ محرف مبتور، لا سيما في مواطن المحاجَّة، لما ينفردون به، من آراء، ومذاهب، ومعتقدات، نَأَتْ بهم عن الدليل، وقعدت بهم عن نزل الصَّادقين". (ص:101)
الفائدة/15
"المَحَبَّة رحى العبوديَّة، يوهنها كرُّ الإفراط، وكرُّ التفريط ". (ص:102)
الفائدة/16
"قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: (ولا ريب أن الألفاظ في المخاطبات، تكون بحسب الحاجات، كالسّلاح في المحاربات، فإذا كان عدو المسلمين – في تحصُّنِهم و تسلُّحِهم – على صفة غير الصفة التي كان عليها الفرس و الروم، كان جهادهم بحسب ما توجبه الشريعة التي مبناها على تحري ما هو لله أطوع، وللعبد أنفع، وهو الأصلح في الدنيا و الآخرة ... ) انتهى ". (ص:108)
الفائدة/17
" [من] خان الأمانة فحرَّف في آية في نصها، أو الاستدلال منها، فهذا ساقط العدالة، مستوجب للجرح الشديد، و العذاب الأليم، ومن خان الأمانة بالتحريف في حديث نبوي شريف، فكذلك. ومن خان في نقل كلام عالم، وقَوَّلَهُ ما لم يقل، أو لبَّس فيه ببتر، ونحوه، فهذا ضرب من التحريف و الخيانة.
وهكذا من ضروب قصد التحريف، حاشا الغلط، والوَهْم". (ص:115)
الفائدة/18
"من الأمانة الرجوع إلى الحق، وهو كمال لا تحرس عليه إلى نفوس قد ذللت لها سبل المكارم تذليلا، ومن الأمانة أن تنقد الآراء ولا تغمض فيما تراه باطلا، وإن كان بينك و بين صاحبه صلة الصداقة، أو القربى". (ص:122)
الفائدة/19
" .. قد قيل: ((الناسخ ماسخ)).
وللأديب إبراهيم الصولي، المتوفَّى سنة243هـ- قولته المشهورة:
((المتصفح للكتاب أبصر بمواقع الخلل فيه من منشئه)) ". (ص:126 - 127)
الفائدة/20
"قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: (والتَّحريف: العدول بالكلام عن وجهه، وصوابه إلى غيره، وهو نوعان: تحريف لفظه، وتحريف معناه. والنوعان مأخوذان من الأصل عن اليهود فهم الراسخون فيهما، وهم شيوخ المحرفين، وسلفهم، فإنهم حرفوا الكثير من ألفاظ التوارة وما غلبوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه، ولهذا وصفوا بالتحريف في القرآن، دون غيرهم من الأمم. ودرج على آثارهم الرافضة، فهم أشبه بهم من القُذَّة بالقُذَّة، والجهمية فإنهم سلكوا في تحريف النصوص ((الواردة)) في الصفات مسالك إخوانهم من اليهود ولما لم يتمكنوا من تحريف نصوص القرآن حرَّفوا معانيه، وسطوا عليها، وفتحوا باب التأويل لكل ملحد يكيد الدين ... ) ". (ص:133)
الفائدة/21
"قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: (فالحب لغير الله، كحب النصارى للمسيح، وحب اليهود لموسى، وحب الرافضة لعلي، وحب الغلاة لشيوخهم، وأئمتهم مثل من يوالي شيخا، أو إماما، وينفر عن نظيره، وهما متقاربان، أو متساويان في الرتبة. فهذا من جنس أهل الكتاب الذين آمنوا ببعض الرسل و كفروا ببعض، وحال الرافضة الذين يوالون بعض الصحابة، ويعادون بعضهم، وحال أهل العصبية المنتسبين إلى فقه و زهد الذين يوالون الشيوخ و الأئمة دون البعض) ". (ص:148 - 149)
الفائدة/22
"ادعاء مذهب السلف - مع مخالفته - للتغرير، و التلبيس: دعوى قديمة، كشفها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في كتبها منها في ((الفتاوى)): (4/ 194، 151، 164). وإن الدعوى دون النصرة لهم، والبراءة من المخالفين لهم، تبقى دعوة بلا بينة، فهي مردودة.
ونظير هذا تلقيب الأشاعرة، والماتريدية لأنفسهم بأنهم: ((أهل السنة)).
وهذا من التغرير من وجه، ونكاية بأهل السنة و الجماعة من وجه آخر،
حتى لا تبقى لأهل السنة و الجماعة صفة التميز بهذا اللقب الشريف بالنسبة إلى ((السنة)) في وسط تلكم الأهواء المضلة.
وهذا الصنيع منهم يذكرنا من وجه آخر، ما ذكر عن واعظ، قيل له ما مذهبك؟ قال: في أي مدينة ". (ص:162 - 163)
الفائدة/23
"قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: (ومن كتم الحق احتاج أن يقيم موضعه باطلا، فيلبس الحق بالباطل؛ ولهذا كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل الله فلا بد أن يظهر باطلا. وهكذا أهل البدع .. ) انتهى.
وقال أيضا: (فلا تجد قط مبتدعا إلاَّ وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه، ويبغضها، ويبغض إظهارها، وروايتها، والتحدث بها .. ) انتهى". (ص:165 - 166)
الفائدة/24
(يُتْبَعُ)
(/)
"البدعة تكون في أولها شبرا ثم تكثر في الأتباع، حتى تصير ذراعا، وأميالا، وفراسخ ". (ص:194)
الفائدة/25
وصف الشيخ العلامة بكر أبو زيد– رحمه الله تعالى – عبد الفتاح أبو غدة بعدة أوصاف منها:" مُرْجِئاً حَادَّ النَّفَسِ في التمشعر". (ص:196)
الفائدة/26
" .. ثبت الله الذين آمنوا ((أهل السنة و الجماعة)) على أصل الملة، وحقائقها الشرعية من أن الإيمان: ((قول، وعمل، ونية، وسنة، يزيد بالطاعة، و ينقص بالمعصية)).
وعليه: فالإيمان إذا كان قولا بلا عمل، فهو كفر.
وإذا كان قولا وعملا بلا نية، فهو نفاق.
وإذا كان قولا و عملا ونية بلا سنة، فهو بدعة.
كما قال سهل بن عبد الله التستري، و الأوزاعي، والشافعي، وغيرهم". (ص:201)
الفائدة/27
" .. ينبغي التنبيه على أمر مهم، وهو أن ما ورد عن كثير من التابعين، وتلامذتهم، في ذم الإرجاء، وأهله، والتحذير من بدعتهم إنما المقصود به هؤلاء المرجئة الفقهاء- الذين يقولون: الإيمان التصديق و القول- فإن جهما لم يكن قد ظهر بعد، وحتى بعد ظهوره كان بخرسان، ولم يَعْلَمْ عن عقيدته بعض من ذم الإرجاء من علماء العراق، وغيره، الذين ما كانوا يعرفون إلاَّ إرجاء فقهاء الكوفة، ومن اتبعهم، حتى إن بعض علماء المغرب كابن عبد البر لم يذكر إرجاء الجهمية بالمرة ". (ص:201)
الفائدة/28
"بين شيخ المفسرين ابن جرير الطبري – رحمه الله تعالى – معنى ((الإرجاء)) وأنه التأخير، ساق بسنده عن ابن عيينة، أنه سئل عن الإرجاء فقال: ((الإرجاء على وجهين: قوم أرجوا أمر علي و عثمان، فقد مضى أولئك. فأما المرجئة اليوم: فهم يقولون: الإيمان قول بلا عمل.
فلا تجالسوهم، و لا تؤاكلوهم، ولا تشاربوهم، ولا تصلُّوا معهم، ولا تصلوا عليهم.
ثم قال الطبري- بعد نقل آثار عنهم-: ((والصواب من القول في المعنى الذي من أجله سميت مرجئة، أن يقال: إن الإرجاء معناه ما بيناه من قبل من تأخير الشيء.
فَمُؤَخِّرٌ أمر علي و عثمان – رضي الله عنهما – وتارك ولايتهما، والبراءة منها مُرْجِىءٌ أمرهما فهو مرجىء.
ومؤخر العمل و الطاعة عن الإيمان، مرجئهما عنه، فهو مرجىء. غير أن الأغلب من استعمال أهل المعرفة بمذاهب المختلقين في الديانات في دهرنا، هذا الاسم. فيمن كان من قوله: الإيمان قول بلا عمل، وفيمن كان مذهبه، أن الشرائع ليست من الإيمان وأن الإيمان، إنما هو التصديق بالقول دون العلم المصدق بوجوبه)) انتهى ". (ص:201 - 202)
الفائدة/29
"وهذا ((الإرجاء)): تأخير العمل عن حقيقة الإيمان اخطر باب لإكفار الأمة، وتهالكها في الذنوب، والمعاصي، والآثام، وما يترتب عليه من انحسار في مفهوم العبادة، وتمييع التوحيد العملي ((توحيد الألوهية))، وكان من أسوأ آثاره في عصرنا ((شرك التشريع)) بالخروج على شريعة رب الأرض و السماء، بالقوانين الوضعية فهذه على مقتضى هذا الإرجاء، ليست كفراً.
ومعلوم أن الحكم بغير ما أنزل الله معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله و رسوله .. ". (ص:203)
الفائدة/30
"الزركلي- تجاوز الله عنا و عنه – عضو حزب الاستقلال العربي. فيه نفس قومي حاد وهو القائل:
لو مثلوا لي موطني وثنا لهممت أعبد ذلك الوثنا
لهذا لم يترجم - حسب التتبع- لاحد من سلاطين الدولة العثمانية في ((الأعلام)). وهذه لفتة نفيسة، لم أر من تنبه لها، وهي منقصة للزركلي، وكتابه؛ إذ كيف يترجم للأعلام: وفيهم الكافر، والضلال من أهل القبلة ويترك تراجم سلاطين دولة عاشت نحو سبعة قرون، أليس في وسعه أن يترجم للعلم بما له و ما عليه، أو يعرف به فحسب كشأنه في بعض الأعلام.
هذا وللأستاذ محمد أحمد دهمان، مقال ذكر فيه بعض أوهام الزركلي في الأعلام، ولديَّ ضعفها، فإن نشطت جمعت ما هنالك في كتاب مستقل. ومنها قوله في ترجمة أبي بن كعب- رضي الله عنه-: ((كان قبل الإسلام حبر من أحبار اليهود)) اهـ. وحاشا أبياً من ذلك، فلعله انقلب على الزركلي: كعب الأحبار فالله أعلم ". (ص:206 - حاشية:01)
الفائدة/31
(يُتْبَعُ)
(/)
"قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: نقلاً عن أبي الحسن الكرجي الشافعي في كتابه: ((الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع و الفضول)) لما ذكر أنه اقتصر في النقل عن الأئمة المقتدى بهم- قال: (إن في النقل عن هؤلاء إلزاما في الحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة، فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه، أو يبدعه، أو يُكفره، فانتحال مذهبه - مع مخالفته له في العقيدة- مستنكر- والله- شرعا و طبعا، فمن قال: أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد، قلنا هذا من الأضداد، لا بل من الارتداد؛ إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد.
ومن قال: أنا حنبلي في الفروع، معتزلي في الأصول، قلنا: قد ضللت عن سواء السبيل فيما تزعمه؛ إذ لم يكن أحمد، معتزلي الدين و الاجتهاد.
قال- أي الكرجي- وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية، وهذه – والله –سبة وعار ... ) انتهى". (ص:210 - 211)
الفائدة/32
"رحم الله أبا حاتم الرازي إذ قال: (علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر). (وعلامة المبتدع إطراء المبتدعة) ". (ص:279)
الفائدة/33
"وجميل بمن سمع الحق: أن يقيم الوزن بالقسط فيتبعه بوضوح و جلاء، فالاعتقاد لا يحتمل المجاملة ولا المتاجرة، ولا نثر ماء الوجه و إهداء صيانته.
فليصل العبد قلبه بربه.
وليقطع أسباب مثل تلك المحبة الجامحة به إلى الهلكة.
وليبحث: ليتعلم.
وليكتب: ليفيد.
ولينقد: لنصرة الحق و الحقيقة المستقيمة على الطريقة بمثل ما كان عليه النبي – صلى الله عليه و سلم – وأصحابه- رضي الله عنهم-.
ومن حاد: فسيكون علمه و بالا، وبحثه ضلالا، وجهده هباء، نعوذ بالله من الشقاء، و الفتن الصماء.
وإن وراء الأكمة رجالا وللحق أنصارا.
{وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
و الحمد لله رب العالمين ". (ص:301 - 302)
الفائدة/34
"قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – في ((روضة المحبين)) (ص/473): (وسمعت رجلا يقول لشيخنا: إذا خان الرجل في نقد الدراهم، سلبه الله معرفة النقد، فقال الشيخ: هكذا من خان الله و رسوله في مسائل العلم) اهـ. ". (ص:316)
الفائدة/35
"وهذا التقسيم الاستقرائي- يقصد أقسام التوحيد الثلاثة- لدى متقدمي علماء السلف: أشار إليه ابن منده، وابن جرير الطبري، وغيرهما، وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية و ابن القيم، وقرره الزبيدي في ((تاج العروس)) وشيخنا الشنقيطي في ((أضواء البيان)) في آخرين رحم الله الجميع. وهو استقراء تام لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى كل فن كما في استقراء النحاة: كلام العرب إلى (اسم، وفعل، وحرف)، والعرب لم تَفُهْ بهذا ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء، وهذه إشارة مما قيدته في الاعتقاد، يسر الله طبعها آمين ". (ص:331 - حاشية رقم:02)
الفائدة/36
قال الشيخ العلامة بكر – رحمه الله تعالى – في وصف محمد علي الصابوني صاحب المختصرات في التفسير:"و الكاتب مرجىء، يؤخر الأعمال عن مسمى الإيمان، ويقصره على التصديق". (ص:332)
الفائدة/37
"ارتسام علمية الألباني في نفوس أهل العلم، ونصرته لأهل السنة، وعقيدة السلف أمر لا ينازع فيه إلاَّ عَدُوٌّ جاهل ". (ص:344)
الفائدة/38
"قال ابن عبد البر، المتوفى سنة 462هـ- رحمه الله تعالى – في ((جامع بيان العلم و فضله)): (ص/365 - 366)، وعنه ابن القيم – رحمه الله تعالى في ((الصواعق المرسلة)): (4/ 127): (وكل متكلم هو من أهل الأهواء و البدع عند مالك و أصحابه، أشعريا كان أو غير أشعري) اهـ". (ص:345 - 346)
الفائدة/39
"ويظهر أن أول من فتح باب الفتنة في نسج الخرافات و الضلالات حول الخضر -عليه السلام-وولايته هو: الحكيم الترمذي، المتوفى سنة 320هـ في كتابه ((ختم الولاية)).
ورحم الله الحافظ ابن حجر إذ قال في ((الزهر النضر)) (ص/68): (كان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقدة تحل من الزندقة، اعتقاد كون الخضر نبيا؛ لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي ... ) اهـ.". (ص:364)
الفائدة/40
"إن كشف الأهواء، و البدع المضلة، ونقد المقالات المخالفة للكتاب، و السنة، وتعرية الدعاة إليها، وهجرهم، وتحذير الناس منهم، وإقصاءهم، والباءة من فعلاتهم، سنةٌ ماضيةٌ في تاريخ المسلمين في إطار أهل السنة، معتمدين شرطي النقد: العلم، وسلامة القصد ". (ص:387)
(يُتْبَعُ)
(/)
الفائدة/41
"و إذا كانت: ((ظاهرة التجريح)) وقيعة بغير حق، فإن ((منح الامتياز)) بغير حق، يفسد الأخلاق، ويجلب الغرور و الاستعلاء، ويَغُرُّ الجاهلين بمن يضرهم في دينهم و دنياهم". (ص:393)
الفائدة/42
"الذي تحرر لي أن العلماء لا ينقلون عن أهل الأهواء المغلَّظَة، والبدع الكبرى – المُكَفِّرَةِ-، ولا عن صاحب هوى أو بدعة في بدعته، ولا متظاهر ببدعته متسافه بها، داعية إليها.
وما دون ذلك ينقلون نهم على الجادة أي: على سبيل الاعتبار، كالشأن في سياق الشواهد و المتابعات في المرويات ". (ص:403)
الفائدة/43
"وتجريح الناس وتصنيفهم بغير حق، شعبة من شعب الظلم، فهو من كبائر الذنوب و المعاصي، فاحذر سلوك جَادَّةٍ يَمَسُّكَ منها عذاب.
وقد ثبت من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه و سلم – أنه قال: ((لتؤدن الحقوق يوم القيامة حتى يقاد من الشاة الجلحاء من القرناء)). رواه أحمد، ومسلم ". (ص:419)
الفائدة/44
"إنَّ تَحَرُّكَ هؤلاء الذين يجولون في أعراض العلماء اليوم سوف يجرون – غداً- شباب الأمة إلى مرحلتهم الثانية: الوقيعة في أعراض الولاة من أهل السنة، وقد قيل: ((الحركة وَلُودٌ، و الساكن عاقر)). وهو أسوأ أثر يجره المنشقون وهذا خرق آخر لجانب الاعتقاد الواجب في موالاة ولي أمر المسلمين منهم.
((وسوف يحصد الزَّوْبَعَةَ مَنْ حَرَّكَ الرِّيح)) ". (ص:421 - 422)
الفائدة/45
"ليكن من سيرتك و سريرتك من النقاء، و الصفاء، والشفقة على الخلق، ما يحملك على استيعاب الآخرين، وكظم الغيظ، و الإعراض عن عرض من وقع فيك، ولا تشغل نفسك بذكره، واستعمل: ((العزلة الشعورية)).
فهذا غاية في نبل النفس، وصفاء المعدن، وخلق المسلم.
وأنت بهذا فكأنما تُسِفُّ الظالم الْمَلَّ.
والأمور مرهونة بحقائقها، أمَّا الزَّبَد فَيَذْهَبُ جُفَاء". (ص:434)
الفائدة/46
"أسند البخاري في: كتاب الشروط من صحيحه: قصة الحديبية ومسير النبي -صلى الله عليه و سلم- إليها و فيها:
وسار النبي –صلى الله عليه و سلم-حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألَحَّت فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي –صلى الله عليه و سلم-: ((ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل)). الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في فقه هذا الحديث:
(جواز الحكم على الشيء بما عرف من عادته، وإن جاز أن يطرأ غيره، فإذا وقع من شخص هفوة لا يعهد منه مثلها، لا ينسب إليها، ويُرد على من نسبه إليها، ومعذرة من نسبه إليها ممن لا يعرف صورة حاله؛ لأن خلأ القصواء لولا خارق العادة لكان ما ظنه الصحابة: صحيحاً، ولم يعاتبهم النبي- صلى الله عليه و سلم- على ذلك لعذرهم في ظنهم) اهـ". (ص:440)
تم بحمد الله نقل بعض الفوائد كتاب: (الردود) طبعة دار العاصمة- الرياض. تأليف الشيخ العلامة بكر أبو زيد رحمه الله تعالى وكان ذلك بعد صلاة العشاء ليوم الأربعاء من 19شوال1429هـ. الجزائر
ـ[أبو قتادة العماني]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 05:00]ـ
أخي زادك الله علما وحرصا، وبارك في مسعاك.
ـ[محي الدين ولحين]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 05:19]ـ
رحم الله الشيخ بكر ابو زيد وجزا الله الاخ خير الجزاء
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 05:22]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل،،وننتظر المزيد من نقل فوائد ودرر الشيخ-رحمه الله-
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 05:30]ـ
جزاكُم اللَّهُ خَيرًا،
ورَحِمَ شيخَنا المحقّق العلَّامة الكبير بكْرًا أبُو زَيدٍ.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 03:34]ـ
أخي زادك الله علما وحرصا، وبارك في مسعاك.
اللهم آمين، ..
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 03:35]ـ
رحم الله الشيخ بكر ابو زيد وجزا الله الاخ خير الجزاء
وإياكم،
وأسأل الله تعالى أن يرحمه و يغفر له زلاته.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 03:37]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل،،وننتظر المزيد من نقل فوائد ودرر الشيخ-رحمه الله-
الأخ الفاضل/حمدان: إن شاء الله تعالى أنقل بعض الفوائد الأخر على كتبه رحمه الله تعالى، فمنها ما تم تدوينه، ومنها لا زال قيد التقييد، وفقني الله و إياك لمرضاته.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[05 - May-2009, مساء 03:38]ـ
جزاكُم اللَّهُ خَيرًا،
ورَحِمَ شيخَنا المحقّق العلَّامة الكبير بكْرًا أبُو زَيدٍ.
الأخ الكريم/ سليمان: وجزاكم الله بمثله، نسأل الله تعالى أن يغفر للشيخ، فكم - والله- استفدت من كتبه، غفر الله له و أسكنه بحبوحة الجنة.
ـ[السليماني]ــــــــ[11 - Aug-2010, مساء 05:30]ـ
بارك الله فيكم
ورحم الله الشيخ بكر وأسكنه الجنة.
ـ[حارث البديع]ــــــــ[12 - Aug-2010, صباحاً 01:29]ـ
شكرالك على هذا النقل البديع
وشهر مبارك(/)
من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر
ـ[الرياني]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 04:57]ـ
http://up2.m5zn.com/photo/2009/4/29/06/t16p6c6g6.bmp/bmp (http://up2.m5zn.com)"][/url]
الدكتور/ عمر سليمان الأشقر
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 05:11]ـ
لفتة مهمة ..
جزاك الله خيرا أخي الفاضل ..
وفقكم المولى ..
ـ[الرياني]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 08:50]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم(/)
ما حكم من سب الصحابة؟
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 06:24]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السب: هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم من السب بعقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوهما.
وحكم ساب الصحابة فيه تفصيل بيانه فيما يلي:
1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم فهو كافر بالإجماع.
2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينه وعدالته وكان ممن تواترت النصوص بفضله كالخلفاء الراشدين فللعلماء قولان فيه منهم من يكفره ومنهم من يفسقه والراجح تكفيره. هذا إذا كان يسبهم بدون استحلال أما مع الاستحلال أو التعبد بسبهم فهو كافر بالإجماع.
3 - من سب صحابيا لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في دينه يفسق ولا يكفر إلا إذا سبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه حينئذ يكفر.
4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد فهو يستحق التأديب والتعزير ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك.
حكم قذف أمهات المؤمنين
من سب عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فهو كافر بالإجماع.
وأما من قذف غيرها من أمهات المؤمنين فالراجح الذي عليه الأكثرون كفر من يفعل ذلك.
لخصه من رسالة (اعتقاد أهل السنة في الصحابة لمحمد الوهيبي) غالب الساقي.
ـ[احميشان]ــــــــ[07 - Aug-2010, مساء 08:14]ـ
سب الصحابة أو أحدهم كبيرة من الكبائر
ذكره الذهبي في كتاب الكباءر
والله أعلم(/)
الطريق إلى الألفة و اجتماع الكلمة
ـ[عبد القادر ابن احمد]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 11:07]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
الطريق إلى الألفة و اجتماع الكلمة
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد .....
قيل:"كنا بالأمس يدا على من سوانا و أصبحنا اليوم جبلين من حديد يزحف أحدنا إلى صاحبه"
إن الذين يأخذون دينهم أو منهجهم كلمة من هنا، وكلمة من هناك منقولة عن إمام أطلقها لها خصوصها و ضوابطها وشروطها، ثم يرفعونها إلى مصاف النص النبوي المعصوم، ويتخذونها دينا يوالون عليه و يعادون لأجله، لا شك أن منهجهم هذا منهج مبدل، فإن إطلاق المقيد بلا دليل شرعي، و تقييد المطلق بلا دليل شرعي بدعة في الدين، بسببها وقع ما وقع في الأمة، وحتى لا يذهب التخمين بنا بعيدا فلننظر في قاعدة المصالح و المفاسد في باب الألفة و الاجتماع بين توصيات الشريعة، و ممارسات بعض الناس.
الطريق إلى الألفة واجتماع الكلمة
يتفطر قلب المسلم السني حسرة على ما أصاب أهل السنة خصوصا و المسلمين عموما من ضياع حقوقهم، وتخلفهم وهوانهم أمام طوائف ضالة مضلة،و أمم كافرة في الشرق و الغرب، يأكل الفرد فيها كل نجس، و يعمل كل قبيح، يخالف أخاه في كل شيء، إلا فيما يوجب القوة والاتحاد على المصلحة و المضرة المشتركة، أمم أقل عقلا من المسلمين، تقوم على دين كله خرافات وهرطقات،عاقلة في الدنيا بهيمة في الدين، استطاعت رغم فساد عقلها في أهم المطالب الإلهية أن تجتمع وتتجاوز خلافتها، وتكون أمة واحدة في جلب مصالحها المشتركة، واحدة على عدوها.
فهل ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه و سلم، وهو الكتاب الحكيم، و المهيمن على ما سواه يدعونا عندما نقرأه إلى التفرق و التناحر و التصارع، و ينمي العداوات بيننا، أم العكس تماما؟
هو يدعونا إلى اتجاه، ونحن نذهب في اتجاه آخر، فهل من كان إلههم واحدا، و نبيهم واحدا، و كتابهم واحدا، ولغتهم واحدة، وبلدهم واحدا، و تاريخهم واحدا، ومصيرهم واحدا، ومذهبهم واحدا،ومصدر التلقي واحدا، بل أئمتهم جماعة واحدة، يكون مصيرهم الاختلاف،و التناحر، و البغضاء، و العداوة، و التفرق، و التشتت؛أم إن الإشكال في إيمانهم وفهمهم؟
ألم ينهانا الله عز وجل و نبيه صلى الله عليه و سلم عن الفرقة و التباغض فتذهب ريحنا {إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم في شيء} إنه لا جواب صريح صحيح على التناقض بين ما يدعو إليه القرآن و السنة وبين حالنا، إلا أن ما يجمعنا ويوحدنا وهو الإيمان بالله الواحد، و الكتاب الواحد، و النبي الواحد، ووحدة المصير في الدنيا والآخرة، لم يعد له القيمة العلمية و الإيمانية و الرمزية التي كانت له عند الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ،و أصبح أقل قيمة من كل ما نختلف فيه و يشتتنا، إما من أمور الدين التي يسع فيها الاختلاف، ووقع فيها الاختلاف حتى عند الصحابة، فضلا عن التابعين، فضلا عن الأئمة، و إما من أمور الدنيا، أفليس هذا الوضع المزري سببا كافيا يدعونا إلى الشك في صحة إيماننا، أو على الأقل الشك في أفهامنا، و صحة عقولنا و سلامتها.
إن في أفهامنا و عقولنا بدون شك سقما سببه أشياء من الهوى، و حب الخلود إلى الأرض كامنة في قلوبنا، سممت عقولنا و أفهامنا، فكيف يدعو القرآن و السنة إلى الشيء، ونذهب إلى ما يناقضه و ينافره، أي عقل هذا؟
أسباب اجتماع الكلمة في القرآن:
إن على أهل السنة اليوم، وهم قلب الأمة ومحركها أن يجتمعوا، فإنها لا تجتمع بدونهم، وكيف تجتمع وهي أهواء و بدع مختلفة،ومن يزعمون أنهم أهل الحق فيها و المطالبون شرعا بإصلاحها و ترشيدها مشتتون، متناحرون، متحاربون.
إن على أهل السنة إن كانوا حقا أهل سنة، فاسمهم: أهل السنة و الجماعة، وليس أهل السنة فقط، تجاوز الاختلافات التي لم ينزل الله بها من سلطان، لينظروا في حالهم وحال أمتهم، وماكان من قواعد التعامل بين المسلمين في العصور الغابرة من باب السياسة الشرعية و سد الذرائع فيجب تجديدها لا باختراع قواعد جديدة بدعية، ولكن بتجديد القواعد الشرعية على ضوء الحنفية السمحة لا العصبية المذمومة، وذلك من خلال فهم مقاصد الأئمة،فإنهم ما عملوا بقاعدة الهجر و التحذير إلا للحفاظ على جماعة المسلمين، فإن تغير الحال، و صار المطلب الشرعي إيجاد الجماعة و إصلاح السواد الأعظم
(يُتْبَعُ)
(/)
من الأمة، فلا شك انه لن يصلح بالهجر و التحذير، وقد فقد شروطه.
و في ديننا ما يكفي من النصوص لاستخلاص ما يدعونا إلى الاجتماع و العمل به، فقط يجب إبرازه وتركيز النظر عليه.
لقد أشار النبي صلى الله عليه و سلم إلى قواعد التعامل بين المسلمين، التي توجب الائتلاف و اجتماع الكلمة، وتنفي التفرق و التشتت عندما قال:" اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا عنه" البخاري في"فضائل القرآن " و" الاعتصام".
وقد فسر العلماء هذا الحديث تفسيرا مطابقا للقرآن، مطابقا لجوهر الدعوة الإسلامية، منهم القاضي عياض ـ رحمه الله ـ فقالوا: اقرؤوا القرآن و ألزموا الائتلاف على ما دل عليه، و قاد إليه، ــ و القرآن دل على أن أمتنا واحدة، لأن ربها واحد، و نبيها واحد، و كتابها واحد، وهذا أصل اجتماعها و أصل قوتها، ودل على الأخوة الإسلامية، و المحبة بين المسلمين، وعلى تعاونهم على البر و التقوى، ودل على خفض الجناح للمسلمين، و التذلل لهم الذلة المشروعةـ و إذا وقع الاختلاف، أو عرض عارض شبهة، يقتضي المنازعة الداعية للافتراق، فأمر بترك القراءة، و التمسك بالمحكم الذي يوجب الألفة، و اعرضوا عن المتشابه المؤدي للفرقة.
فما كان متشابها في المنهج، قال به إمام، وتركه إمام، أو مطلقا يقيد أحيانا، و يبقى على إطلاقه أحيانا، فيجب التعامل معه على هذا الأساس، فلا وقوف إلا عند القطعي من قواعد المنهج، وهو إما ما قامت عليه أدلة الكتاب و السنة، أو ما اجتمع عليه أئمة السنة.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم:" فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم".
فإذا كانت هذه وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم في القرآن، يقدم الائتلاف و اجتماع الكلمة على مواصلة قراءة القرآن، و الخوض فيما اختلفنا فيه، وقد علمنا أن المتشابه أمر نسبي، فما هو متشابه عند هذا، قد يكون محكما عند الآخر، ومع ذلك يحثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على ترك ما يوجب اختلافنا، و التمسك بما يوجب ائتلافنا، أفليس أحرى بنا أن نعمل بهذا الأصل فيما هو دون القرآن مكانة وقيمة، ككثير من المباحث الكلامية التي لم يشر إليها النبي صراحة، ولم يمتحن عليها الأمة، وما إلى ذلك من أمور منهجية وفقهية وغيرها.
أفليس كثير من الخلافات بين أهل السنة المعاصرين أقل شأنا من الاختلاف في القرآن؟
وفي الحديث الذي روى بعضه الإمام مسلم، و سائره في " مسند" الإمام احمد، لما خرج النبي صلى الله عليه و سلم على بعض الصحابة،و هم يتناظرون في القدر، فغضب وقال لهم:"أبهذا أمرتم، إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض و إنما نزل كتاب الله ليصدق بعضه بعضا لا ليكذب بعضه بعضا انظروا ما أمرتم به فافعلوه وما نهيتم عنه فاجتنبوه" [1] ( http://montada.echoroukonline.com/#_ftn1).
لم يقل لهم صلى الله عليهم وسلم: بعضكم على حق، وبعضكم أخطأ، ولكنه علم خطر الاختلاف في مثل هذه الأمور، و أمرهم بلزوم الأوامر وترك النواهي، فهي ما يمثل حقيقة الإيمان بالله، و حقيقة الطاعة، ونحن مأمورون بهذا الأمر النبوي، فلندع ما يفرقنا من هذا القبيل، و لننظر فيما أمرنا الله به لنأتيه، وما نهانا عنه لنتركه.
وقد شدد الوعيد على الاختلاف في القرآن وقال:" المراء في القرآن كفر".
و إذا كانت الأمور التي تفرقنا، و تشتت قلوبنا سببا في ضياع أحوالنا، وهواننا أمام أمتنا و أمام الأمم، و تخلفنا، فالأمر باجتنابها أوكد و أظهر، وعليه يجب الحذر ممن همه إبراز الاختلاف بين أهل السنة و الجماعة بصورة عصبية، بحيث لا يحتمل الخلاف السائغ، ولا يبحث عن القواسم المشتركة يظهرها و ينميها و يقويها، فإنه سبب من أسباب الهلاك و الضياع.
إن الافتراق يتضمن الإيحاش، و قطع الألفة، وترك التعاضد على الحق و الخير، فلئن حافظت كل فرقة على نفسها مبدئيا لأن أهل السنة صاروا فرقا، أقصد على شكلها، فإن الأمة تضيع فيه بلا أدنى شك، ومتى ضاعت جماعة أهل السنة ضاعت الأمة، و انهارت الملة، فما فائدة الجماعات، ولا بقاء لأهل السنة إلا كجماعة واحدة قوية، تحرص الدين و تجمع المسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
و عليه، يجب أن نعلم أن الإسلام ألفة و اجتماع كلمة، لا تفرق و تشتت، وقد علمنا نقلا وواقعا أن الألفة رحمة، و الفرقة عذاب وسخط، فمن دعا إلى الألفة دعا إلى الرحمة، ومن دعا إلى الفرقة دعا إلى العذاب، قال قتادة:" الإسلام ألفة و اجتماع الكلمة، أما و الله الذي لا إله إلا هو إن الألفة لرحمة و إن الفرقة لعذاب" القرطبي في"التفسير".
طرق الألفة و أسباب الاتفاق:
قال الله عز وجل عن اليهود: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} أي قلوبهم متفرقة لا ألفة بينها فما بينهم إلا الإحن و العداوات، هذه نتيجة وخلاصة، وليست السبب، إنما السبب لهذا التفرق و التشتت هو {ذلك بأنهم قوم لا يعقلون} أي لا يعلمون طرق الألفة، و أسباب الاتفاق الموجبة لاتحاد الكلمة، و اجتماع القلوب.
فإذا كان تشتت القلوب يوهن العقول، فكيف صار عدم العقل سببا لتشتت القلوب؟
إن أهمية القلوب هنا في كونها محل النيات، و الألفة و أسبابها يبدأ بالنيات، فمن كانت نيته إلى الألفة قادت عقله إلى طلب أسبابها و اجتناب عوائقها، ومن لم تكن نيته كذلك، و إن أظهر بعض موجباتها، فإن النية غالبة و مسيطرة على عقل الإنسان و عمله، فستظهر في أول فرصة، ولما كان الاختلاف في الرأي أمرا طبيعيا فطريا، فإن عديم النية بمجرد ظهور بوادر اختلاف الرأي تطفو نيته إلى السطح، و يبادر إلى إبراز هذا الاختلاف، و تضخيمه فيقطع بذلك أول أسباب الألفة.
إن استواء النيات في طلب الألفة، و الثبات على موجباتها من الاحترام و التقدير للآخر، و عقد النية على اجتماع الكلمة، و الحرص عليها بترك الخلاف السائغ جانبا، و الحرص على التعاضد على الحق، ورمي العدو المشترك لكل أهل السنة عن قوس واحدة، هو ما يجعل العقول خاضعة و تابعة للقلوب، فيتوجه عمل العقول من فكر وتدبر و علم ونظر نحو ما يعقد أواصر الألفة، لا إلى ما يوهننا كما هو حاصل اليوم، فلما لم تنعقد النيات و العزائم على طلب الألفة و اجتماع الكلمة صارت العقول تعمل لتتبع العثرات و الهفوات ونقاط الاختلاف، وقد علمنا أن تركيز النظر و الفكر على نقاط الاختلاف، و الغرق فيه، غالب و قاض على القواسم المشتركة ونقاط الائتلاف.
أن أسباب الألفة و اجتماع الكلمة: التحاب، و اتصال الأيدي، و التعاضد على الخير، و الشورى، فهذا هو السبيل الوحيد لاجتماع الكلمة.
السبب الثاني:
التشاور، قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ:" ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم وفي الشورى اجتماع الكلمة و التحاب و التعاضد على الخير".قال ابن حجر في"الفتح":"أخرجه البخاري في"الأدب المفرد"و أبن أبي حاتم بسند قوي".
لا يترك قوم الشورى فيما بينهم إلا إذا احتقروا بعضهم البعض، ولا يعقدون الشورى إلا إذا كانوا متآلفين متحابين متعاونين على الخير، فالشورى سبب لتوطيد الأواصر و اجتماع الكلمة، ونتيجة للاحترام المتبادل، وتقدير كل فئة سنية لأختها.
فيجب على الدعاة و العلماء الالتقاء و التشاور، وترك الانفراد، ومجانبة من ينفرد عن جماعتهم مفرقا لهم، فإنهم بذلك يكشف لهم الله طرق الخير، ووسائل النجاح، و يجمع الأمة حولهم.
و اجتماع الكلمة ليس أمرا معنويا، ولكنه جوهري في قيام أهل السنة بدورهم التاريخي و انتصارهم على أعدائهم بجلب السواد الأعظم إليهم، فإذا كانت أسباب النصر اتفاق القلوب، و عدم التفرق و التنازع، لأن الفرقة تحلل القوى وتوجب الفشل، وتفرق الكلمة وتزيل الألفة بين المؤمنين، وبدون اجتماع الكلمة فلن يستطع أهل السنة إقامة دينهم، ولا الانتصار له ولأمتهم.
فمتى لم يظهر أهل السنة وهم من يقول: بالكتاب و السنة و الإجماع، يدا واحدة على أحوالهم الفاسدة داخليا بسبب ظلم بعضهم لبعض و بغيهم على أنفسهم، وبسبب رواج فكر المنافقين وأعداء الدين الذي يسلط بعضهم على بعض، ويفرق صفوفهم من حيث لا يدرون، لن تظهر شوكتهم، و ليس ذلك إلا في اجتماع الكلمة على الكتاب و السنة و الإجماع.
إن أحوال أهل السنة اليوم في الداخل و الخارج ضائعة لعدم اجتماع الكلمة، ومتى اجتمعت كلمة أهل العلم منهم بالتخلص من النيات الفاسدة و السلبية، اجتمع غيرهم من الأتباع، فإذا لم يكن العلم المنتشر عند علماء أهل السنة اليوم داعيا لاجتماع قلوبهم و كلمتهم على الحق و الخير، فإنه بلا شك علم فاسد، تلبس بكثير من شهوات النفس، من حب العلو، وما يستتبعه من ضغائن و إحن و تحاسد.
فإن العلم يدعو لاجتماع الكلمة، و الجهل يدعو إلى التفرق، و أخطر ما في التفرق عدم المبالاة بمخاطره.
إذ كل الجماعات الإسلامية البدعية تختلف، ولكنها لاتتفرق ـ في هذا العصر ـ، لان سبب التفرق شيئان لا ثالث لهما: الغلو في الدين و البغي قبل الاختلاف باتباع الهوى، و بعده في الزيادة بالإنكار، وتجاهل الحق الذي مع الآخر، و الظلم بالهجر و المقاطعة، و الذم و الطعن في دينه.
فإذا وقع هذا بين من يقول بالكتاب و السنة و الإجماع، و يتولى ابن تيمية و البخاري و احمد و مالك و سعيد بن المسيب و الحسن البصري، و الصحابة كلهم، فما هذا الاختلاف إلا لشيء خارج عن هذا كله، لا شك انه الهوى.
[1] ( http://montada.echoroukonline.com/#_ftnref1) ـ إننا حين نتكلم في أمور الدين لا يجب أبدا أن نغفل هذه الوصية النبوية،فالكلام في القدر من ركائز الدين لان الإيمان بالقدر من أركان الإيمان، و القدر نظام التوحيد كما قال ابن العباس رضي الله عنهما، ولا شك أنه أجل من أية مسألة منهجية تتعلق بالجرح المفسر و بقدح الساخط ومدح المحب و مجالسة المبتدع و الامتحان بالأشخاص ومع ذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الاختلاف فيه و أمرنا بتعظيم الأمر و النهي، و إن كان هذا لا يعني عدم الكلام في القدر، ولكنه يعني عدم ضرب القران بعضه ببعض، فليكن هذا الحديث قاعدة نقيس عليها المسائل الأخرى التي تشبهه.(/)
تصحيح الأخطاء العلمية للشيخ شمس الدين بروبي
ـ[عبد القادر ابن احمد]ــــــــ[29 - Apr-2009, مساء 11:11]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
تصحيح الأخطاء العلمية للشيخ شمس الدين بروبي
الحلقة الثامنة
الأسباب الخفية لدفاع الشيخ شمس الدين على الجعد بن درهم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، وبعد
قال الشيخ شمس الدين في مقال نشر على جريدة الخبر الأسبوعي العدد529 من 15 ـــ21/ 4/2009 تحت عنوان:"الافتخار بذبح المخالف"ما مفاده [1] ( http://majles.alukah.net/#_ftn1): أن السلفيين يحمدون خالد بن عبد الله القسري لأنه ذبح الجعد بن درهم، مع ما عرف عنه من فسق، و ما اتهم به في كتب التاريخ، فكل من خالفهم يستحق الذبح، ولو كان في المساجد، و طبقا للقاعدة البربهارية التي ذكرها فإنهم يفضلون الفسقة الفجار على المتدينين ".
وحتى نكشف مغالطته نبدأ في شرح القاعدة البربهارية، و التدليل على صحتها، و توضيح المبهم منها، ثم نعرج على قضية الجعد بن درهم سلف الشيخ شمس الدين، الذي يتألم على موته لسبب معروف، فنقول:
كلام البربهاري الذي نقله الشيخ شمس الدين لا يحث على مصاحبة الفسقة و الفجار، و إنما جاء في سياق المقارنة بينهم و بين المبتدعة، فالمعصية لا تضر إلا صاحبها، بينما البدعة تضر الكافة ومن هنا كان أهون على المسلم، و اسلم لدينه أن يصاحب فاجرا على أن يصاحب مبتدعا يضله،
قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره:" إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منها،والمعصية يتاب منها"
قال ابن تيمية: ومعنى قولهم: إن البدعة لا يتاب منها: أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله، قد زين له سوء عمله فرآه حسنا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنا،وهو سيئ في نفس الأمر فإنه لا يتوب.
ولكن التوبة من المبتدع من بدعته ممكنة وواقعة،بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق كما هدى سبحانه وتعالى من هدى من الكفار والمنافقين، وطوائف من أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه، فمن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم،كما قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} وقال تعالى: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا} {وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما}، {ولهديناهم صراطا مستقيما}."
لكن حتى نكون منصفين يجب التفريق بين البدع الغليظة التي تقتضي التضليل،و بين البدع الإضافية أو النسبية التي تكون في الأعمال التي أصلها مشروع، فيزيد فيها الناس أو ينقصون، فهذه ليس لها حكم الأولى، و قلما ينجو منها الإنسان، إن لم تكن له معرفة بالسنة النبوية الصحيحة.
ومجالسة من هذه حاله يبتدع في شيء يسير خير من مجالسة فاجر، فيجب فهم البربهاري و انه كان يقصد المبتدعة في العقائد كما هو سياق كلامه في " شرح السنة".
ولعل الشيخ شمس الدين إن خير بين مجالسة الخوارج بكل أصنافهم، الذين يذبحون كل من ليس منهم، كما هو معروف عنهم،وبين فاجر فاسق فسيختار هذا الثاني حتما، فعادت الحجة عليه.
ثم لنسأل الشيخ شمس الدين ماذا يفضل مجالسة سلفي "متمسلف في قاموسه" أم مجالسة الفجار و الفسقة؟!
أما خالد القسري فلم يمدحه المسلمون على سبه ولعنه عليا رضي الله عنه، و السلفيون يتحدون الشيخ شمس الدين أن ينقل كلمة واحدة عن أئمة السنة، و حتى عن السلفيين في هذا العصر يمدحون بها خالدا القسري على سب علي و لعنه،فإن لم يقدر فما حكم الشيخ شمس الدين في نقل الأخبار و تفسيرها، صادق أم ..... ؟
وما يكون من ينشر له مثل هذه الأساطير الإغريقية دون تثبت، فهل كذاب ربيعة أفضل من صادق مضر؟!
وكذلك يتحدونه في مسألة تسليم خالد القسري لسعيد بن جبير للحجاج بن يوسف الثقفي ليقتله بسبب خروجه على حاكم المسلمين آنذاك، إن كانوا مدحوه عليها أو ذموه.
وهنا يجب أن نقف لنسأل الشيخ شمس الدين عن موقفه هو،فمعلوم أن خالدا القسري كان آنذاك أميرا على مكة التي كان سعيد بن جبير يختفي فيها بعد خروجه في فتنة ابن الأشعث، فقام خالد بدوره بحكم وظيفته كحاكم، إذ دور الحكام والولاة تسليم المجرمين في نظرهم إلى السلطات.
(يُتْبَعُ)
(/)
و خالد القسري كان عثمانيا ناصبيا يوالي الأمويين فلا يستغرب منه هذا العمل، و إن أنكره العلماء و الصالحون على الحجاج بن يوسف فهو من قتل سعيدا بن جبير، لأنه قتل عالما صالحا يندر مثله.
وهنا يستلزم أن الشيخ شمس الدين من المروجين للخروج على الحكام، و إن كان يظهر انتقاد من يخرج عليهم في هذا العصر، فلست أدري آ لأنه سلفي، ولو كان خلفيا لقام معه الشيخ شمس الدين؟!
فلحد الآن لم افهم مذهبه، و أظنه مذهب: لا ترحم خصمك، ولا تعترف له بحسنة، و حط عليه بما تملك وبما لا تملك.
وعليه، فإنما حمد المسلمون خالدا القسري على تخليصهم ممن مدح موته أئمة الإسلام، حتى الذين يحبهم الشيخ شمس الدين، وهذه ترجمة موجزة، لقصة الجعد بن درهم و الجهم بن صفوان.
2 ـ قال ابن حجر "فتح الباري" الرد على الجهمية:" وقال البخاري في " كتاب خلق أفعال العباد " بلغني أن جهما كان يأخذ عن الجعد بن درهم، وكان خالد القسري وهو أمير العراق خطب فقال: إني مضح بالجعد بن درهم؛ لأنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما. قلت: وكان ذلك في خلافة هشام بن عبد الملك".
3 ـ وكون الجعد بن درهم كان ملحدا في أسماء الله و صفاته أمر ثابت عنه، فصحة مقالته المنسوبة إليه،قال الحافظ ابن عساكر - رحمه الله -: "وكان الجعد يسأل وهباً عن صفات الله - عز وجل -، فقال له وهب يوماً: ويلك يا جعد، أقصر المسألة عن ذلك، إني لأظنك من الهالكين، لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يداً ما قلنا ذلك، وأن له عيناً ما قلنا ذلك، وأن له سمعاً ما قلنا ذلك" [2] ( http://majles.alukah.net/#_ftn2).
قال ابن حجر في "لسان الميزان" {248/ 1}:الجعد بن درهم: عداده في التابعين مبتدع ضال زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر والقصة مشهورة انتهى. وللجعد أخبار كثيرة في الزندقة منها: أنه جعل في قارورة تراباً وماء فاستحال دوداً وهوام فقال: أنا خلقت هذا لأني كنت سبب كونه فبلغ ذلك جعفر بن محمد فقال: ليقل كم هو وكم الذكران منه والإناث إن كان خلقه؟ وليأمر الذي يسعى إلى هذا أن يرجع إلى غيره فبلغه ذلك فرجع.
قال العصامي"العوالي في أنباء الأوائل" {167/ 2} ناقلا عن ابن خلدون و السيوطي:"قال ابن خلدون في ترجمة عبد الله بن مروان، كان حاكمَاً سائساً لقب بالجعدي، قال العلامة السيوطي في تاريخه: نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم؛ لتمسكه بمذهبه، كان يقول بخلق القرآن، ويتزندق، أمر هشام بن عبد الملك خالداً القسري بقتله لذلك فقتله."
لا أظن أن الحافظ ابن حجر و السيوطي من المتمسلفة عند الشيخ شمس الدين!
قال الصفدي "الوافي بالوافيات {13/ 4}:"يروى أن خالد بن عبد الله القسري خطب الناس يوم الأضحى بواسطة وقال أيها الناس ضحوا تقبل الله منكم ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليماً ثم نزل وذبحه وهي قصة مشهورة رواها قتيبة بن سعيد والحسن بن الصباح وذلك في حدود سنة عشرين ومائة."
"الجعد بن درهم مؤدب مروان الحمار،هو أول من ابتدع بأن الله ما اتخذ إبراهيم خليلا، ولا كلم موسى، وأن ذلك لا يجوز على الله.
قال المدائني: كان زنديقا.
وقد قال له وهب: إني لأظنك من الهالكين، لو لم يخبرنا الله أن له يدا، وأن له عينا ما قلنا ذلك، ثم لم يلبث الجعد أن صلب.
وتأويلها المفضي إلى تعطيله عنه مقالة التعطيل في الإسلام وهو الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت إليه".
قلت: قد بينا في هذا الفصل من هم الأئمة الذين اتهموا الجعد بن درهم بالزندقة و الإلحاد وهم كثير كما مر عليك ومن أساطين العلم.
فهذا حال الجعد بن درهم.
و السلفيون ترجموا خالدا القسري في كتب الجرح و التعديل بما هو مطابق، ولم يمدحوه إلا على قتله الجعد بن درهم،كما نمدح الكفار اليوم على أفعالهم الحسنة و نذمهم على أفعالهم السيئة، والقول عليهم بغير ذلك إفك مبين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قال أئمة الإسلام بقتل الزنديق، فإن أراد الشيخ شمس الدين أن يلوم أحدا على قتل الزنديق، فليلم مالكا و الشافعي وكل أئمة السنة فإنهم نصّوا على ذلك بل اختلفوا في قبول توبته، قال ابن حجر في " فتح الباري":"وقد نص الشافعي كما تقدم على القبول مطلقا وقال يستتاب الزنديق كما يستتاب المرتد، وعن أحمد وأبي حنيفة روايتان إحداهما لا يستتاب والأخرى إن تكرر منه لم تقبل توبته، وهو قول الليث وإسحاق، وحكي عن أبي إسحاق المروزي من أئمة الشافعية ولا يثبت عنه بل قيل إنه تحريف من إسحاق بن راهويه والأول هو المشهور عند المالكية، وحكى عن مالك إن جاء تائبا يقبل منه وإلا فلا، وبه قال أبو يوسف، واختاره الأستاذان أبو إسحاق الإسفرايني وأبو منصور البغدادي. وعن بقية الشافعية أوجه كالمذاهب المذكورة، وخامس يفصل بين الداعية فلا يقبل منه وتقبل توبة غير الداعية، وأفتى ابن الصلاح بأن الزنديق إذا تاب تقبل توبته ويعزر فإن عاد بادرناه بضرب عنقه ولم يمهل".
و السلفيون عندما يوردون هذه القصة لا يوردونهم شماتة في الجعد بن درهم، ولا حبا في خالد القسري، و إنما ليبينوا للناس أن العقيدة التي يدافع عنها الشيخ شمس الدين وهي التعطيل جاء بها الجعد بن درهم وليس السلف الصالح،و ليبينوا كيف كان ينظر إليها المسلمون و أئمة الإسلام يوم أظهرها الجعد بن درهم في ذاك الزمان، و أنها إن لم تكن مقبولة في ذاك الزمان،فلن تكون مقبولة في هذا الزمان.
و إن كان عند الشيخ شمس الدين نقل أو شبه نقل أو بعض نقل أو ظل نقل فيه أن السلفيين يطالبون بقتل المخالف فليتحفنا به، فهذا ابن تيمية سجنه سلف شمس الدين، و بيتوا اله لقتله، و كذبوا عليه، و اتهموه زورا، فلما تغير السلطان وجاء الناصر قلاوون، و أراد أن ينصفه من خصومه الذين اختفوا في بيوتهم،قال:"كل من آذني فهو في حل".
وكل سلفي يظلم على دينه في حال ضعفه لا يعفو في حال قوته،فما اقتدى بالسلف الصالح أولهم الإمام مالك الذي ضرب و أركب على حمار و طيف به في المدينة المنورة، ولم ينتقم لنفسه، ثم الإمام أحمد الذي تعاقب عليه ثلاثة خلفاء يسجنونه ليلا و يجلدونه نهارا، وما انتقم لنفسه، وكان يدعو لهم بالمغفرة، هذه هي أخلاق السلفيين، و رأفتهم بالأمة، و عذرهم للناس بالجهل.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين.
أرزيو/ الجزائر في 2009 - 04 - 25
مختار الأخضر طيباوي
[1] ( http://majles.alukah.net/#_ftnref1) ـ هذا ملخص كلامه الكثير، و المقصود من تطويله الكلام،لا يستحق الوقوف عنده طويلا.
[2] ( http://majles.alukah.net/#_ftnref2) ـ قال الذهبي في"سير أعلام النبلاء" {547/ 4}:"قال عبد الصمد بن معقل،"ابن أخ وهب بن منبه قال الجعد بن درهم: ما كلمت عالما قط إلا غضب، وحل حبوته غير وهب" وعن عبد الصمد بن معقل عرفنا مناقشته لوهب في الصفات.(/)
ما معنى أن تؤمن بالقدر؟
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 12:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما معنى أن تؤمن بالقدر؟
القدر:"معناه أن الله سبحانه وتعالى علم الأشياء كلها قبل وجودها وكتبها عنده وشاء ما وجد منها وخلق ما أراد خلقه" [فتاوى اللجنة الدائمة].
والإيمان بالقدرهو الركن السادس من أركان الإيمان
فإن جبريل عليه السلام حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال له: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم.
وقد قال تعالى:
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ:" جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) " أخرجه مسلم.
وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر" رواه أحمد وحسنه الألباني.
وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة لا يقبل الله لهم صرفا ولا عدلا عاق ومنان ومكذب بالقدر " رواه ابن أبي عاصم وحسنه الألباني.
وعن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث الاستسقاء بالأنواء وحيف السلطان والتكذيب بالقدر" أخرجه ابن أبي عصام وصححه الألباني.
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم ". رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم" رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة " أخرجه الحاكم وحسنه الألباني.
أركان الإيمان بالقدر
المؤمن بالقدر هو من يعتقد اعتقادا جازما أن كل ما يحدث في هذا الوجود قد علمه الله وكتبه في اللوح المحفوظ قبل أن يوجده سبحانه ثم خلقه وشاءه وفق علمه وكتابته.
فالإيمان بالقدر له أركان أو مراتب أربعة لا يتم إلا بها هي كالتالي:
الركن الأول:
الإيمان بأن الله سبحانه كان عالما بكل شيء قبل إيجاده وخلقه له.
قال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق:12].، {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} [البقرة:255].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» متفق عليه.
الركن الثاني:
الإيمان بأن الله سبحانه كتب كل شيء في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [يونس].
وقال-سبحانه-: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام:59].
وقال تعالى:
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)} [يس].
(يُتْبَعُ)
(/)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ - قَالَ - وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» أخرجه مسلم.
عن أبي حفصة قال قال عبادة بن الصامت لابنه" يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني"رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وأيضا يكتب على الإنسان وهو في بطن أمه رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه- قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا "متفق عليه.
الركن الثالث:
الإيمان بأن كل ما وجد في الكون من الذوات والصفات والحركات والأفعال قد خلقه الله وأوجده فلا خالق غيره ولا رب سواه.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} [الرعد].
وقال سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات].
عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله خلق كل صانع وصنعته"رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" وابن أبي عصام في "السنة" وصححه الألباني.
الركن الرابع:
الإيمان بأن كل شيء يقع في هذا الكون من خير أو شر لم يقع إلا بمشيئة الله تعالى.
قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)} [البقرة].
وقال تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)} [الأنعام].
كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com (http://www.salafien.com/)
ـ[أبو جهاد]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 01:24]ـ
وأيضا يكتب على الإنسان وهو في بطن أمه رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد
هذا الشيء لم أفهمه منذ زمن , وهو: التوفيق بين كون الإنسان قد كتب عمله وشقي أو سعيد , وبين النصوص التي تحث على الدعوة إلى الله و ... إلخ
يعني ما الفائدة من الدعوة إلى الله مادام أن كل البشر قد كتب عملهم؟! فهل سيتغير المكتوب إذا دعوة إلى الله؟!
أسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى سبيله المستقيم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 05:30]ـ
الله سبحانه حين قدر الأقدار عالم بما الخلق عاملون فهو يقدر الأشياء بأسبابها فالأسباب هي من قدر الله ولا تنافيه وارجع إلى مقالي: هل الأخذ بالأسباب ينافي الإيمان بالقدر. في نفس هذا المنتدى.
ـ[علي الزيود]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 10:39]ـ
يعني ما الفائدة من الدعوة إلى الله مادام أن كل البشر قد كتب عملهم؟! فهل سيتغير المكتوب إذا دعوة إلى الله؟!
ان الله علم وكتب والله علم ان نتائج دعوتنا سوف تكون على هذه الصورة ولكن ليكون على الناس حجة وبرهان , حتى لا يحتج الانسان ويقول لو هديت او دعيت او .... هذا شيء
والشيء الاخر انه قد يرد القدر بالدعاء (لا يرد القدر الا الدعاء , حسنه شيخنا الالباني رحمه الله)
ـ[عاصم طلال]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 12:19]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
بين الشيخ سفر الحوالي وشعيب الارناؤوط .. !!!
ـ[جذيل]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 04:57]ـ
الشيخ سفر شفاه الله رأيت له في عدة مواضع من شرحه للطحاوية وقد المح الى الشيخ شعيب الارناؤوط وكلامه في ابن تيمية , مع ذكره للكوثري وعلي سامي النشار , فهل هناك تلازم بين هذه الاسماء التي ذكرها الشيخ سفر في المنهج او المذهب؟
وفق الله الجميع.
ـ[عبدالرزاق الحيدر]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 12:40]ـ
http://catalog.library.ksu.edu.sa/digital/400231.html
ـ[جذيل]ــــــــ[06 - May-2009, مساء 05:55]ـ
جزيت خيرا اخي الكريم
ـ[سيف جمعه]ــــــــ[06 - May-2009, مساء 07:23]ـ
تعقيب الشيخ الشايع على تعليقات الشيخ شعيب رحمه الله في عدة كتب ومنها:
1 - رياض الصالحين
2 - المسند
3 - صحيح ابن حبان
4 - شرح السنة للبغوي
5 - زاد المعاد
لتحميل الرسالة من الوقفية
http://s203978783.onlinehome.us/waqfeya/books/24/03/itssa.rar
ـ[سيف جمعه]ــــــــ[06 - May-2009, مساء 07:32]ـ
كذلك في تعليق الشيخ شعيب رحمه الله على جامع العلوم والحكم / طبعة مؤسسة الرسالة المضغوطة/ص114.
وذلك في مسألة الإيمان عند السلف. عند منتصف شرح الحديث الثاني لابن رجب.
ـ[أبو عمر الجداوي]ــــــــ[21 - May-2009, مساء 11:48]ـ
كذلك في تعليق الشيخ شعيب رحمه الله على جامع العلوم والحكم / طبعة مؤسسة الرسالة المضغوطة/ص114.
وذلك في مسألة الإيمان عند السلف. عند منتصف شرح الحديث الثاني لابن رجب.
حفظه الله ورحمه حيّاً وميِّتاً
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[22 - May-2009, مساء 04:25]ـ
الأرناؤوط أشعري .. (لكنه غير متعصب)
ولهذا تعقبه الشيخ سفر بالرد
ـ[الورقات]ــــــــ[24 - May-2009, صباحاً 06:19]ـ
تعقيب الشيخ الشايع على تعليقات الشيخ شعيب رحمه الله في عدة كتب ومنها:
1 - رياض الصالحين
2 - المسند
3 - صحيح ابن حبان
4 - شرح السنة للبغوي
5 - زاد المعاد
لتحميل الرسالة من الوقفية
http://s203978783.onlinehome.us/waqfeya/books/24/03/itssa.rar
أخي سيف .. أتقصد بالشيخ الشايع: الشيخ عبدالإله بن عثمان؟
ولم أستطع تحميل الرسالة .. فالصفحة لا تفتح، ليتك تضع رابطاً آخر للرسالة .. جزاك الله خير
ـ[الورقات]ــــــــ[24 - May-2009, صباحاً 06:31]ـ
الأرناؤوط أشعري .. (لكنه غير متعصب)
ولهذا تعقبه الشيخ سفر بالرد
بارك الله فيك .. ما الدليل على أشعرية الشيخ؟
(المعلومة جديده علي .. ما كنت أعلم أنه أشعري)
ـ[الورقات]ــــــــ[24 - May-2009, صباحاً 07:28]ـ
تبين لي (بعد الاطلاع على موضوع: هل الشيخ شعيب الأرناؤوط أشعري؟ في ملتقى أهل الحديث) أن مراد الأخ سيف حفظه الله بـ " الشيخ الشايع " هو الشيخ خالد بن عبد الرحمن الشايع، وهذا الاطلاق منك أخي يوقع بعض القارئين في لبس .. فليس قولك " الشيخ الشايع " كقولك " الشيخ الراجحي " و " الشيخ الخضير "! حيث يتبادر إلى ذهن السامع مباشره أنه الشيخ عبدالعزيز والشيخ عبدالكريم،
بخالف " الشيخ الشايع " فيُشكل على القارىء المراد .. أهو الشيخ عبدالإله الشايع أو الشيخ خالد بن عبدالرحمن الشايع أو الشيخ خالد بن عبدالله الشايع أو محمد الشايع أو الشيخ هشام الشايع أو الشيخ عبدالعزيز الشايع (وكلهم "شيخ" وله دروس موجوده في موقع البث الاسلامي) .. مقصودي: أن التعيين - بذكر الاسم كاملا - يكون في هذه الحال أفضل تجبنا لللبس .. وجزيت خيرا أخي الكريم
وللاستزادة في موضوع عقيدة الشيخ يُنظر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=135133
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=104289
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=294971
( واطلعت على هذه الروابط بعد مطالبتي الأخ الكريم بالدليل)
بارك الله في الجميع
ـ[سيف جمعه]ــــــــ[24 - May-2009, مساء 01:10]ـ
الأخوة الكرام أبو عمر الجداوي و الورقات
جزاكم الله خيراً على التنبيهات المفيدة و بارك الله فيكما ونفع بكما.
ـ[الورقات]ــــــــ[24 - May-2009, مساء 03:04]ـ
وبارك الله فيك ورفع الله قدرك
ـ[الورقات]ــــــــ[24 - May-2009, مساء 03:26]ـ
وجزاك وبارك فيك ورفع قدرك
أشكر لك رحابة صدرك
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[25 - May-2009, صباحاً 02:58]ـ
نعم عنده بعض الأشعرية بسبب مذهبه في الإيمان
(يُتْبَعُ)
(/)
وتأويله لبعض الصفات .. ومدحه ما يسمى بـ" فلاسفة الإسلام"
والله أعلم ..
ـ[معاذ احسان العتيبي]ــــــــ[02 - Dec-2009, مساء 07:39]ـ
حفظه الله ورحمه حيّاً وميِّتاً
الشيخ بحمد الله - من الأحياء - النشيطين في التخريج والبحث مع بعض باحثين شرعيين.
وهو شيخ الشيخ: زياد عوض الفقيه.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 - Dec-2009, مساء 09:39]ـ
الحمد لله، وبعد ..
سبحان الله يأبى الرجل إلا أن يحرم الخير ويقحم نفسه في السوء والعياذ بالله.
شنشنات وهنات من مجهولين مغمورين يتكأ أحدهم على أريكته ويطلق للسانه الباطل العنان في الكلام على أهل العلم، ولو جلس عمره وعمر أبيه وأمه لما نفع الإسلام لبعض ما خدم به الشيخ الإسلام والمسلمين.
قاتل الله العجب والغرور كم فتك بأصحابه.
ألا يعقل هذا الكاتب الجاهل أن المنهج في التعامل مع أهل العلم الكبار تعامل محفوف بالمخاطر، والوقيعة في أهل العلم خطيرة! فكيف لو كانت هذه الوقيعة في رجل خدم الكتاب والسنة على منهج محمود عند أهل الرسوخ في العلم و بما لا يشق له غبار (وليس أحد بمعصوم) والقاعدة في ذلك قول الحق جل في علاه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
والميزان بالقسط فمن رجحت حسناته على سيئاته، غمرت هذه بتلك والعكس بالعكس.
ألا فليتق الله من جعل من نفسه طالباً للعلم وليصطبغ بصبغة أهل العلم في القول والعمل وخشية الله وتقواه، وليمسك على لسانه فما أحقه لطول حبس.
والشيخ حفظه الله على قيد الحياة، ومن خالطه عن قرب عرف عنه أن كثيراً مما يكتب هنا وهناك لم يقم على أساس صحيح، ومع حبنا للشيخ أطال الله في عمره إلا أن بعض ما يراه الشيخ من صواب هو مجتهد فيه، ومن بلغ كعبه حق له ذلك، لا سيما إن كان له سلف صالح في المسألة، وتبقى محبة الحق والدليل أحب إلينا من كل شيخ على وجه الأرض، بل والله هو يقول دائماً لنا _ بعض طلبته _ لا تقلدني، ولكن لا تجعل خطئي عندك مسقطي فإن فعلت لم تنتفع، وأن تعرف من أين أقول بالقول مع دليله .. إلخ
وفمن وجد من الشيخ ما أشكل عليه فليراجعه فسيجد عجباً من أخلاق أهل العلم الكبار، والشيخ يرحب بكل طالب علم يتأدب بأدب الإسلام ويناقش بعلم فسيجد أن الشيخ رفع الله قدره غير ما ذكر عنه وما تناقلته أقلام الصعاليك وبعض الجهلة.
ومن كان من أهل العلم والفضل ناقش الشيخ بمسلك محمود مع علم وأدب.
وإنك لتعجب أشد العجب من قول هؤلاء الجهلة في الشيخ:
أشعري جلد
وآخر يقول ماتريدي محترق
وآخر يقول منهجه فيه نظر في التحقيق
ومن المضحك المبكي ان يحسب الشيخ على الحبشي!! سبحانك ربي هذا بهتان عظيم
وهلم جرى من الهرطقات التي يعجب منها طالب العلم المنصف.
فيا قوم أربعوا على أنفسكم، وادخروا حسناتكم لأنفسكم، فإني أخبِر عن حالي ما وجدت مسألة سلك الشيخ فيها مسلكاً وخالفه غيره أو رد عليه إلا وتتبع ذلك متحرياً الصواب والصحة ويقول دائماً: (لا يكون نحن أخطأنا) ووالله يتعب نفسه في التفتيش والتنقيب والتحرير.
ألا فلنتق الله، ولا يدخل الأغمار بين أهل العلم الكبار
لا اطيل فالحديث يطول .. فليتق الله كل طالب علم في أهل العلم
وأما العالة على أهل العلم، أو أهل التعالم والخنفشارية فالحديث معهم لا ينفع لا سيما إن عشش الاعتقاد ثم تبعه الاستدلال، وتلك مسالك أهل الباطل، عصمنا الله والجميع من كل سوء
كتبه نصحاً لإخوانه
أبو العالية
غفر الله له
ـ[أبو بكر المكي]ــــــــ[02 - Dec-2009, مساء 10:25]ـ
جزى الله العلامة شعيبًا خير الجزاء على ما أسدى لأهل العلم من تحقيق للكتب ونشرها ..
وغفر له ما أخطأ فيه، وسامحه، ورزقه خيري الدنيا والآخرة ..
ومن باب الحق: هناك تعليقات على سير أعلام النبلاء، لا أدري هل هي من د. بشار، أم من الشيخ شعيب، أم ممن يعملون في المكتب من الباحثين؟
وفقنا الله جميعًا بأخلاق الإسلام ..
قواعد في التعامل مع للتأدب العلماء: http://www.waqfeya.net/book.php?bid=1298
ـ[محبة الكتاب والسنة]ــــــــ[02 - Dec-2009, مساء 10:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله نعرفه عن قرب وهو أشعري في تأويل الصفات والأسماء
ورسالة الشيخ الشايع قد وصلت ليديه والحمدلله وقد نوقش بها من قبل مشايخ افاضل
يتبعون نهج السلف الصالح، يوقرون الشيخ شعيب ويحترمونه
والشيخ بفضل الله أقرّ بتراجعه عماذكره في تعقيباته، نسأل الله تعالى ان يوفقه للتصريح
بذلك كرد على رسالة الشيخ الشايع ..
ومن يقرأ رسالة الشيخ جزاه الله تعالى عنا كل خير يتبين له أن الشيخ أراد التوضيح للخطأ والتصويب لاغير.
عفى الله عنا وغفر لنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوندى شاذلى محمد الصعيدى]ــــــــ[05 - Dec-2009, مساء 07:45]ـ
أخى أبو العالية جزاك الله خير على غيرتك على أهل العلم
ونحن لا ننكر خير الشيخ شعيب على خدمة السنة
ولكن
هل رددت كل هذا الكلام بالدليل مثل ما فعل الاخوة
فهذا بدل من أن تأتى بخيلك وركبك دونا أن تفعل شىء اللى أسارت الغبار
وهذا الذى أتى بة الآخوة غيض من فيض
لا أقصد فقد الكلام على أشعرية الرجل بل على الصنعة الحديثية
فلبد ان تكون غيرتك على دين الله أفضل من غيرتك على من يخدم دين الله(/)
من ثمرات الإيمان بالقدر
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 05:56]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يثمر الإيمان بالقدر للعبد صدق الاعتماد على الله واللجوء إليه والاستعانة به والافتقار إليه لكون المؤمن به يعلم أن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء وأنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الأعلى].
قال ابن سعدي - رحمه الله - في تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير الأحكام:
"قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: الآيات 5 - 7].جمعت السعادة وجميع الأسباب التي تنال بها السعادة، وهي ثلاثة أشياء: فعل المأمور، واجتناب المحظور، وتصديق خبر الله ورسوله، فهذه الثلاثة يدخل فيها الدين كله، وذلك أن قوله: (أَعْطَى) أي: جميع ما أمر به من قول وعمل ونية، (وَاتَّقَى): جميع ما نهي عنه من كفر وفسوق وعصيان، {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}: بما أخبر الله به ورسوله من الجزاء، فصدَّق بالتوحيد وحقوقه وجزاء أهله. . فمن جمع ثلاثة الأمور يسره الله لليسرى، أي: لكل حالة فيها تيسير أموره وأحواله كلها، ومقابل هذا قوله:
{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ} [الليل: 8].أي: ترك ما أمر به ليس خاصا بالنفقة، بل معنى البخل المنع، فإذا منع الواجبات المتوجهة إليه القولية أو الفعلية أو المالية فقد بخل.
{وَاسْتَغْنَى} [الليل: 8].
أي: رأى نفسه غير مفتقر إلى ربه، وذلك عنوان الكبر والتجرؤ على محارم الله.
{وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 9].أي: بلا إله إلا الله وحقوقها، وجزاء المقيمين لها والتاركين لها
{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 10].
أي: لكل حالة عسرة في معاشه ومعاده "انتهى كلامه.
* وكذلك الإيمان بالقدر يستدعي من المؤمن أن لا يعجب بنفسه مهما عمل من خير لأنه يعلم أنه لم يعمل ذلك إلا بمشيئة الله وعونه وتوفيقه وتيسيره ولولا الله ما تمكن من فعل شيء من الخير.
* وكذلك الإيمان بالقدر يثمر للمسلم راحة البال وطمأنينة النفس ويبعده عن التحسر على ما فات لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن المصيبة لا تقع إلا بإذن الله لحكمة يريدها الله تعالى وأن ما قدره الله له لا بد أن يصيبه وأن الأمر كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)} [البقرة].
* ويتحقق عنده القناعة بما رزقه الله وقسمه له فيكون أغنى الناس ولا يمد عينه إلى من هو فوقه فيتحقق له بذلك الغنى الحقيقي غنى النفس بخلاف غيره من الناس فإنه لا يحصل له القناعة مهما مهد الله له وأعطاه.
* ومن ثمرات الإيمان بالقدر الإقدام على فعل ما ينفع بدون تردد لكون المؤمن به يعلم أن الله سبحانه بيده تسهيل الأمور وأن ما قدر الله أن يكون لا يستطيع الخلق كلهم دفعه وأنه لا يصيبه من المخاطر في أي عمل يقدم عليه إلا ما قدر له فهو يلجأ إلى الله ويستعين به ولا يلتفت إلى خطرات النفس ووساوس الشيطان التي تثبط الإنسان عن فعل الخير والسعي في مصالح دينه ودنياه.
كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com (http://www.salafien.com)
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[03 - Jul-2009, صباحاً 06:09]ـ
جزاك الله خيرا(/)
صفة الاستواء والعلو _ من الكتاب المقدس!!
ـ[المحدث]ــــــــ[30 - Apr-2009, صباحاً 08:16]ـ
بسم الله والحمد لله، اللهم صلي وسلم وزد وبارك علي الحبيب المصطفي المشرف بالشفاعة المخصوص ببقاء شريعته الي قيام الساعة صلاة باقية ما تعاقب الليل والنهار.
أثناء بحثي في كتاب حوار يستينوس مع تريفون اليهودي وهو عبارة عن مناظرة بين أحد أباء الكنيسة ويهودي رافض للعقيدة النصرانية_ لكن الكتاب يعرض العقيدة المحرفة بالطبع _ومكذب بعيسي عليه السلام وجدت هذا النص الذي يتكلم عن صفة الاستواء لله عز وجل في سفر المزامير _ الاصحاح 46 علي حسب الترقيم العبري
أقدم النصوص المسيحية
سلسلة النصوص الليتورجية
7
القديس يوستينوس
الدفاع عن المسيحيين
الحوار مع تريفون
تعريب الأب جورج نصور
(1976)
الكلسليك
2007
ص 179
"صعد الله بهتاف، الرب بصوت البوق، أشيدوا لله أشيدوا لملكنا أشيدوا، فإن الله هو ملك الأرض كلها، أشيدوا بشعر تعليم ملك الله على الامم. الله استوى على عرش قدسه.
اجتمع أشراف الشعوب، شعب إله إبراهيم، لأنه لله تروس الأرض، وهو متعال جدا" ([1] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1))
صفة العلو بسؤال جلي واجابة واضحة:
[الفاندايك]-[ Ps:115:2 ]-[ لماذا يقول الامم اين هو الههم.]
[الفاندايك]-[ Ps:115:3 ]-[ ان الهنا في السماء. كلما شاء صنع.]
وهذه بعض النصوص التي تتكلم عن صفة العلو لله عز وجل من الكتاب المقدس
[الفاندايك]-[ Ps:2:4 ]-[ الساكن في السموات يضحك. الرب يستهزئ بهم.]
[الفاندايك]-[ Ps:33:13 ]-[ من السموات نظر الرب. رأى جميع بني البشر.]
[الفاندايك]-[ Jb:22:12 ]-[ هوذا الله في علو السموات. وانظر راس الكواكب ما اعلاه.]
[الفاندايك]-[ Lam:3:41 ]-[ لنرفع قلوبنا وايدينا الى الله في السموات]
[الفاندايك]-[ Kgs1:8:27 ]-[ لانه هل يسكن الله حقا على الارض. هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك فكم بالاقل هذا البيت الذي بنيت.]
[الفاندايك]-[ Ps:11:4 ]-[ الرب في هيكل قدسه. الرب في السماء كرسيه. عيناه تنظران اجفانه تمتحن بني آدم.]
[الفاندايك]-[ Ps:14:2 ]-[ الرب من السماء اشرف على بني البشر لينظر هل من فاهم طالب الله.]
([1]) مز 46: 6 - 10
ـ[المحدث]ــــــــ[03 - May-2009, مساء 09:54]ـ
نص آخر وجدته في سفر الجامعه وهو أحد أسفار العهد القديم
الاصحاح الخامس
العدد الثاني والعدد الثالث
(2) لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك الى نطق كلام قدام الله. (3) لان الله في السموات وانت على الارض فلذلك لتكن كلماتك قليلة.
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 01:56]ـ
سبحان الله
هل نحن بهذا الضعف والافلاس حتى يكون الكتاب المحرف من مراجعنا التى نطير فرحا بها
عقيدة اليهود يااخى تجسيم محض وهل قول (يسكن السماء) الا زعمهم ان السماء محيطة به كمسكن احدنا والكتاب يطفح بهذا خلاف قول اهل السنة ان الله لايحيطه شىء سبحانه وقوله ءامنتم من فى السماء اى على السماء الا اذا كنت تعتقد ان ربك يقيم فى السماء ويتخذها مسكنا حاشاه
ومما نقلته قول (اجفانه)
هل ثبت هذا عندنا؟
فى منتديات الروافض والصوفيه مواضيع تزعم ان عقيدة الوهابية هى عقيدة اليهود وحينما قرأت التفاصيل لم تكن الا مواضيع مثل موضوعك فيه هذه الفرحة بالنصوص نقلوها ليثبتوا مازعموه
صدقنى قريبا سينزل موضوعك عندهم وسوف احضر لك الرابط قريبا
ـ[المحدث]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 04:25]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أخي الحبيب الغالي، بارك الله فيك وفي جهدك واهتمامك وغيرتك
من قال أني أسرد هذه النصوص للدلاله علي عقيدة أهل السنه والجماعه في الله أو لتأكيدها؟ حتي نتكلم عن الضعف الذي عندنا أو القوة؟.
بل أنا أورد هذه النصوص علي سبيل الحق الذي وجدته الموافق لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه فما الاشكال؟
واما قولك ان الرواقض والصوفية سينقلون الموضوع وانهم يعتقدون ان عقيدتنا موافقة لعقيدة اليهود والنصاري فهذا أمر عجيب منهم _ وخوف ليس له داعي منك _ لأن المعتقد متعلق بفهم النصوص، فالسلفي يعتقد في آيه من كتاب الله ما لا يعتقده الاشعري والاشعري يعتقد في اية ما لا يعتقده المعتزلي! فالامر متعلق بالمنهج لا بذات النص،.اما مبحث الصفات في الكتاب المقدس فالصفات التي وافقت الكتاب والسنه هي صحيحة واما المخالفة باطلة واما التي لم ياتي فيها نص كالأجفان فالتوقف هو المذهب لنا. وهناك نصوص تنفي المثلية في الكتاب المقدس منها علي سبيل المثال ما ورد في اشعياء الاصحاح 40 العدد 25 (فبمن تشبهونني فاساويه يقول القدوس) ...
وهذا النص يدفع الاحاطه التي فهمتها من كلمة الساكن
[الفاندايك]-[ Kgs1:8:27 ]-[ لانه هل يسكن الله حقا على الارض. هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك فكم بالاقل هذا البيت الذي بنيت.]
وهناك فرق بين ما يعتقده اليهود والنصاري في الكتاب وما يعرضه الكتاب نفسه فأنت تتناول الكتاب فتنفي به الوهية المسيح_ عليه السلام _ المزعومه، وتنفي عقيدة الخطيئة المتوارثة والصلب والفداء وتقر الحق فيه وتبطل الباطل فيه.
هذا انما يتم بتطبيق قواعد التفسير الصحيحة علي الكتاب، فالكتاب نص وقواعد التفسير الشرعية تتطبق علي فهم اي نص، وكذا منهج أهل السنه والجماعة في فهم نصوص الصفات تطبق علي الكتاب المقدس ..
,وانظر هذا النقل: وروى ابن أبي حاتم ( http://audio.islam ... .net/audio/index.php?page=ft&sh=911&ftp=alam&id=1000337&spid=911) في كتاب الرد على الجهمية عن سعيد بن عامر الضبعي ( http://audio.islam ... .net/audio/index.php?page=ft&sh=911&ftp=alam&id=1000333&spid=911) - إمام أهل البصرة علماً وديناً، من شيوخ الإمام أحمد ( http://audio.islam ... .net/audio/index.php?page=ft&sh=911&ftp=alam&id=1000008&spid=911) - أنه ذكر عنده الجهمية فقال: أشر قولاً من اليهود والنصارى، وقد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش، وهم قالوا: ليس على شي ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومعاذالمصرى]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 05:38]ـ
الفاضل الكريم اخى المحدث
صدقت زادكم الله علما
ولكن كان ينبغى اظهار مالايتوافق مع عقيدتنا ولو بين قوسين خلال السياق من اجل من هم مثلى من قليلى العلم
شكرا لسعة صدرك وهذه شيم من نحسبهم من المخلصين
بارك الله فيك
ـ[المحدث]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 06:17]ـ
بارك الله فيك، حبيبي في الله
وقبول الحق شيمة أهل الحق، وصاحب النفس السوية الطيبه.
حفظك الله بحفظه ولا أخرجك من حصنه .... اللهم آمين.
ـ[عالمة المستقبل]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 10:14]ـ
جزاكم الله خير ولدي تعليق يسير:
في أن ابن تيمية رد على نفاة الصفات في كتابه الفتوى الحموية فيما يقارب ماذكرتم من قول الضبعي .. وهو برده هذه يقارن بين موقف المبتدعه من نصوص الصفات وبين موقف الكفار من أهل الكتاب
وايضا وجدت نصوص للعلماء المتقدمين ينقلونها من التوراة لإثبات مسأله عقائدية, وإيرادهم هذا من باب الشواهد وليس هو بمثل الإستدلال من الكتاب والسنة, فمعلوم أن الكتاب والسنة هما المصدران الأساسان في الإستدلال عند أهل السنة والجماعة.
ـ[المقدادي]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 03:17]ـ
جزاك الله خيرا
و قد ذكر أئمة أهل السنة ان علو الله تعالى مذكور في كل كتاب أنزله جل و علا على رسله و ما هذه النصوص إلا شيء يسير من ذلك , دع ما حرّفه أهل التحريف و التعطيل من ذلك
و لسنا نحتج باليهود و النصارى إنما نستأنس بالحق الذي عندهم من نصوص التوراة و الانجيل - رغم ان التحريف وقع فيهما و لكن ظل فيهما شيء يسير من الحق و لا غضاضة بالاستشهاد بالحق الذي فيهما كما استأنس جماعة من العلماء بالإسرائيليات الموافقة لما جاءت عندنا -(/)
من إنصاف العلامة عبد الكريم الخضير - حفظه الله - بالمبتدعة
ـ[فيصل بن المبارك أبو حزم]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 02:37]ـ
كلام العلامة الشيخ عبد الكريم الخضير
حفظه الله تعالى
يقول: يقال إن تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد هو من تقسيم المعتزلة كالرازي المفسّر، هل هذا صحيح؟
الجواب
أولاً الرازي أشعري وليس بمعتزلي، ومن أشد الناس على المعتزلة -وإن كان يوافقهم في كثير من أمور العقيدة- هو أشعري من جهة، وجبري في باب القضاء والقدر، وعليه ملاحظات وطوام، وتفسيره لا ينبغي لطالب العلم المتوسط -فضلاً عن المبتدئ- أن يقرأ فيه؛ لأنه مشحون بالشبه، مع ضعف الرد على هذه الشبه، وهو من أشد الناس في بدعته، وتكلم في أهل السنة بكلامٍ قبيح، ومع ذلكم لما سئل شيخ الإسلام عنه وعن غيره من رؤوس المبتدعة قال: وأما أبو عبد الله الرازي فكثير من الناس يطعن في قصده، والذي أراه أنه ينثر ما يراه حقاً.
وليس معنى هذا أننا نقلل من الشر الذي تضمنته كتب الرازي، لا، لكن لا بد من الاعتدال والإنصاف، لا بد من الاعتدال والإنصاف، ولذا لا ينصح طالب العلم أن يقرأ في تفسيره، ويقول عن كتاب التوحيد لابن خزيمة: (كتاب الشرك)، ورمى إمام الأئمة ابن خزيمة بعظائم الأمور، تهجّم على غيره من أئمة السنة، لكن يبقى أن الميزان له كفتان، والله المستعان، وكلام شيخ الإسلام مثل ما سمعتم، لكن على طالب العلم أن يجتنب مثل هذه الكتب المشتملة على البدعة التي تقرر البدع وتذب عنها وتورث الشبه التي قد لا يستطيع الإنسان اجتثاثها.
http://www.khudheir.com/ref/1192/**** (http://www.khudheir.com/ref/1192/****)
ـ[ابن تيميه الصغير]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 03:16]ـ
كتفسير الأديب سيد قطب
فيغلب عليه حسن النية والمقصد مع وجود مخالفات عديدة
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 12:16]ـ
جزاك الله كل خير اخي ابو حزم وبارك فيك وحفظ الله الشيخ الخضير
وللاسف فان الحكم على المتبدعة فضلاً عن غير المبتدعه اصبح خبط عشوا عند الكثيرين(/)
أسباب إنتكاس عبدالله القصيمي + صور له + القول الصائب في إنتكاسه
ـ[ابن تيميه الصغير]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 03:13]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله مقلب القلوب الذي بيده قلوب العباد لا اله الا هو الحي القيوم
أساله وأتوسل إليه وحده لا شريك له فأقول: يا مولى الحق يا اله العالمين
ثبتنا على دينك حتى نلقاك عليه ثبتنا عليه أمام زيف الأفكارالمبعثرة من الخارج
وأصلي وأسلم على النبي مخرج المؤمنين من الظلمات إلى النور وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
http://upload.onaizah.net/13745/1210106728.jpg
شخصية عبدالله القصيمي من الشخصيات التي بحثت عنها كثيراً فقصته عجيبة جداً
ومما أثار أعجابي الشديد هو إلحاده الشديد فبعد ان قدم قبل إلحاده كتاب من 2500 صفحة
يفند فيه الشبهات ويرد عليها وأشتهر بعده شهرة عظمى انتكس! ولو أستمر على عطاءه
لكن كما قال أحد العلماء المصريين (أن يطال رأس ابن تيمية رحمه الله تعالى)
ولكن من العجيب أن الشيخ عبدالرحمن البراك قال: (أننا لسنا بحاجة كتبه قبل إلحاده ولا بعد إلحاده)
ومع الأسباب المفسرة لإنتكاس القصيمي سيتضح سبب قول الشيخ البراك مثل هذا الكلام.
التفسير الأول:
يتمحور حول مسألة الشكوك والشبهات ومفاده: أنه يستحيل أن ينقلب متدين متمسك بدينه
إلى ملحد مرة واحده فلابد من التدرج ومن خطوات تمهيدية
فبدأ القصيمي موقناً بالعقيدة ومخلصاً لكن بدأ يتساقط أمام سلطان الشك وبريق الريب
بعد القراءت الفلسفية المختلفة التي كانت في الساحة الفكرية وضلت بذرة الشك
فيه حتى استحكمت عليه أشد الإستحكام وعاش صراع طويل معها بين الحق والباطل
http://www.mafhoum.com/press4/1kas133_files/alqasimy.jpg
حيث يقول الاستاذ عبدالله بن يابس (أنه كانت تعتريه الشكوك إذا جن الليل فيسخن جسمه ويطير النوم
من جفونه) ويقول (كان يجادلني في الله وفي النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكنت أجيء
لزيارتكم فأجده يقرأ صحيح مسلم مع بعض الأخوان فأقول: لعلها وساوس وليست عقائد)
التفسير الثاني:
هو إتهام القصيمي بالغطرسة والتكبر بعد أن ذاع صيته وأشتهر فأغتر بنفسه رغم أن الفضل بيد
الله عز وجل لكن سبحان الله كيف طغت النفس فياربي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين
وهذا التفسير له شواهد قوية ومدعومة حيث يبدأ في مقدمة كتبه قصيدة يمدح نفسه
ممجداً لها حيث يقول:
كفى احمداً أني نظرت كتابه ........ لأن يدعي أن الإله مخاطبه
ولو شامني أني قرأت كتابه ......... لقال إليه الكون أني وخالقه
فنبه الشيخ عبدالعزيز ابن بشر أن صاحب هذا الكلام منحرف كما عاتبه الشيخ فوزان السابق وأخبروه
أن هذا كفر وضلال فتراجع القصيمي وحذف البيت الأخير وبعد أن دخل الإلحاد
بقي فيه حب الذات ومدحها وتمجيدها حيث كتب على كتابه هذه هي الأغلال
http://1.bp.blogspot.com/_sCHK-qdrunU/SW4WcaAD_9I/AAAAAAAAAEo/euPv1YnbMY8/s320/SPXImage.jpg
( سيقول مؤرخو الفكر أنه بهذا الكتاب بدأت الأمم العربية تبصر طريق العقل)
قال الشيخ سليمان الخراشي: (من يقرأ كتب القصيمي خصوصاً القديمة يلحظ بوضوح وجلاء
نبرة الإعجاب بالنفس) والعياذ بالله من الإعجاب بالنفس المهلك
التفسير الثالث:
أن عبدالله القصيمي كان له اندفاع قوي وشديد مفعم بالتولد الثوري الدائم لا يمكن أن يركن أو يسكن
بالأمس كان صراعه مع الوثنية واليوم صراعه مع الدين
التفسير الرابع والأخير:
أنه عميل للصهيونه العالمية
http://4.bp.blogspot.com/_3-oO0YDdGJQ/SOC4Nnt7XTI/AAAAAAAABd4/-LAkjbVP3WY/s400/2.jpg
ومن يرى ويتأمل سيرة القصيمي يستبعد هذا التفسير لأسباب منها:
1 - لم يكن هو من الحريصين على جمع المال وإكتناز الأموال ولم تكن ذمته تشترى بالمال
حتى قال أحد الرموز القريبين منه (أن القصيمي لا يمكن أن يُشترى)
2 - ان القصيمي كان لا يأخذ مالاً على كتبه ومقالاته بل كان يتبرع بها على من يحتاج من أصدقائه
وأصحابه
3 - ان القصيمي كان يناصر دولة فتية وغنية بالبترول وتحوله عن الدفاع عنها يفقده الكثير من الدعم
وأخيراً يقال (ماذا جنى القصيمي من الأموال ألم يشرد ويطرد إلم يمت منفياً وحيداً؟)
والراجح من التفاسير هذه هو التفسير الثاني وهو الإعجاب بالنفس
وفقد الإخلاص فكان سببه الإنقاص إلى نهاية الإنقاص فأنقلب إلى الإلحاد.
منقول بتصرف من المرجع:
عبدالله القصيمي وجهة نظر أخرى: للشيخ سليمان الخراشي
كتاب قيم أنصحكم بإقتنائه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ـ[التقرتي]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 03:21]ـ
التفسير الخامس
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ( java******:ShowAyah('arb','10 ','108'))
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبدالرحمن بن ناصر]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 05:13]ـ
نعوذ بالله من الحور بعد الكور
يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا على طاعتك.(/)
سؤال عن مقال حكاية فتوى الشيخ شلتوت
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 03:32]ـ
حكاية فتوى الشيخ شلتوت
جمال سلطان (المصريون): بتاريخ 21 - 4 - 2009لا يوجد فتوى شرعية منضبطة للشيخ شلتوت ولا غيره من علماء الأزهر تفيد صحة مذهب الشيعة الإثنا عشرية، وما نسب للشيخ شلتوت هو حوار صحفي، استغل حماسة الشيخ شلتوت لفكرة التقريب المذهبي، ولا يوجد في أي بحث علمي أو الفتاوى المعتمدة في تراث الشيخ شلتوت هذه الفتوى كما قال العلامة يوسف القرضاوي، وكان هناك بعض علماء الشيعة يزورون القاهرة بين الحين والآخر في الأربعينات والخمسينات ويتوددون إلى بعض العلماء ويوحون إليهم بأنهم راغبون في إذابة الخلاف المذهبي، رغم أن القاهرة في ذلك الوقت لم تكن تعرف شيئا عن مذهب التشيع، وهو ما أثار استغراب بعض أهل العلم من مجيئهم إلى القاهرة وليس إلى طهران أو بغداد أو النجف مثلا، فيبتزون عواطف علماء مصر البعيدة عن إدراك كامل أبعاد المشهد الطائفي، وتصريحات الشيخ شلتوت التي حسبوها فتوى كانت غير واضحة المعالم، فهو قال للصحفي أن مذهب الجعفرية يجوز التعبد به شرعا، لكنه فسر كلامه بعد ذلك بأنه لا يقصد مطلق المذهب، وإنما يقصد ما وافق منه القرآن والسنة الصحيحة، وقال بالحرف الواحد " كثير من علمائنا عمل ببعض أحكام العبادات عندهم ـ يعني الشيعة ـ، ونحن إنما نرجع إلى الكتاب والسنة، فمتى لم يخالف الرأي أصلا من الأصول الإسلامية الصحيحة، ولم يتعارض مع نص شرعي، فلا بأس من تطبيقه، والأخذ به، وذك هو التقريب المنشود، والتيسير المرجو " انتهى، فمن الواضح من كلامه أنه يقصد أن "بعض" أحكام العبادات عندهم تتوافق مع ما عند أهل السنة، أو أنها لا تتعارض مع النص القرآني أو النبوي الصحيح، وهو ما أزال الالتباس في فهم الجملة الصحفية التي أطلقها في حواره الصحفي الأول، ولذلك ينبغي الحذر من أخذ الأحكام الشرعية أو الفتاوى من الحوارات الصحفية العارضة، كما أنه لم يكن يليق بالشيخ شلتوت أن يطلق كلاما مشتبها بهذا الشكل في قضية حساسة، مدفوعا بحماسة عاطفية لا تليق بشخصية مسؤولة مثله، والذي يؤكد اضطراب الرؤية والتعبير عند الشيخ شلتوت تجاه هذه المسألة ما ذكره في فتاويه المعتمدة من استبشاعه لبعض ما في فقه الشيعة واعتباره أنه لا يمكن أن ينسب إلى شريعة الله، ففي " فتاويه " ص (275) يقول عن زواج المتعة: (إن الشريعة التي تبيح للمرأة أن تتزوج في السنة الواحدة أحد عشر رجلا وتبيح للرجل أن يتزوج كل يوم ما تمكن من النساء دون تحميله شيئا من تبعات الزواج؛ إن شريعة تبيح هذا لا يمكن أن تكون هي شريعة الله رب العالمين!!) انتهى نص شلتوت في فتاويه المعتمدة، فكيف يمكن أن يقرر جواز التعبد بشريعة يقول هو نفسه بأنها لا يمكن نسبتها إلى شريعة رب العالمين؟!، هذه هي قصة تصريحات الشيخ شلتوت، ويبدو أن الرجل استشعر الحرج منها بعد ذلك، فلم يضمها إلى تراثه أو أي من كتبه، فضلا عن أن يكتب فيها أي رسالة أو مقالة أو بحث، نهائيا لم يحدث ذلك، كذلك فرغم أنه قال في نفس الحوار الصحفي أنه لا يمانع في تدريس المذهب الشيعي في الأزهر، إلا أنه لم ينفذ هذا الوعد أو هذه الرغبة ولم يدخل مذهب الإثنا عشرية إلى الأزهر منذ هذا التاريخ وحتى اليوم، والغريب أن العديد من علماء الأمة ومفكريها آنذاك كانوا متبصرين تماما بعمليات الخداع المذهبي التي يروج لها بعض الرموز الشيعية التي تزور القاهرة، في الوقت الذي يحجبون فيه دعوى التقريب عن المجتمعات الشيعية، ومما يؤثر عن العلامة محب الدين الخطيب قوله الخطير: (إن الثمن الذي يطالبنا به الشيعة للتقرب منهم ثمن باهظ، نخسر معه كل شيء ولا نأخذ به شيئا .. ومما لاريب فيه أن الشيعة الإمامية هي التي لا ترضى بالتقريب ولذلك ضحت وبذلت لتنشر التقريب في ديارنا، وأبت أن يرتفع لها صوت أو تخطو في سبيله أية خطوة في البلاد الشيعية أو أن نرى أثرا له في معاهدها العلمية .. ولذلك فإن كل عمل في هذا السبيل سيبقى عبثا كعبث الأطفال ولا طائل تحته إلا إذا تركت الشيعة لعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والبراءة من كل من ليس شيعيا منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة وإلا إذا تبرأ الشيعة من عقيدة رفع أئمة آل البيت الصالحين عن مرتبة البشر الصالحين إلى مرتبة الآلهة اليونانيين؛ لأن هذا كله بغي على الإسلام وتحويل له عن طريقه الذي وجهه إليه صاحب الشريعة الإسلامية صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ومنهم علي بن أبي طالب وبنوه رضي الله عنهم، فإن لم تترك الشيعة هذا البغي على الإسلام وعقيدته وتاريخه فستبقى منفردة وحدها بأصولها المخالفة لجميع أصول المسلمين ومنبوذة من جميع المسلمين) انتهى كلامه، يرحمه الله.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 03:33]ـ
وسؤالى
ما مدى تحقيق هذا الكلام علميا لأننى لم أسمعه من علمائنا فى توجيه الفتوى وتحليلها ولو كان صحيحا لكان أولى بالاستدلال به على بطلان تلك الفتوى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال سعدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 07:47]ـ
الشيخ عبد الله السلفي أثبت هذه الفتوى لشيخ شلتوت و شيوخ الازهر مازالو على ذلك
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 10:01]ـ
هناك كتاب اسمه فتاوى كبار علماء الازهر فى الشيعة جمع الدكتور محمد يسرى
وفى الكتاب منقول بيان للناس من الأزهر الشريف حول الشيعة وفرقها والبيان صدر فى عهد الشيخ جاد الحق على جاد الحق(/)
التنديد بإنكار شمس الدين بروبي لأقسام التوحيد
ـ[عبد القادر ابن احمد]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 10:44]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
التنديد بإنكار شمس الدين بروبي لأقسام التوحيد
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، وبعد.
قال الشيخ شمس الدين بروبي في جريدة العربي العدد 288 من 16 إلى23 أبريل2009 في زاوية مظلمة لإحدى صفحاتها تحت عنوان":رد خاص عن {العجالة} في تشويه الرسالة .. ؟ " وهو هنا يقصد كتاب الشيخ الفاضل:بن عابدين حنفية:" العجالة في شرح الرسالة" التي شرح فيها رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي، و بالضبط مقدمته التي تناولت قضايا التوحيد، شرحا رائقا، وافيا بقصد ابن أبي زيد القيرواني، جامعا لشتات المسائل في التوحيد.
ولما كان الشيخ شمس الدين غارقا في علم الكلام البدعي الذي ذمه أئمة الإسلام لم يعجبه أن يقوم شيخ سني بشرح الرسالة، لا، لأن صاحبها كان متكلما، ولكن لأنه كان مالكيا.
وقبل أن ندخل معه في مسألة "أقسام التوحيد" التي ينكرها و يتحدى فيها، لابد أن نبين له باختصار شديد عقيدة ابن أبي زيد القيرواني السنية المناقضة لعقيدة شمس الدين بروبي،و إن اشتركوا في المذهب الفقهي، ثم نخر على إنكاره أقسام التوحيد عند أهل السنة.
ترجمة ابن أبي زيد القيرواني:
هو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي. ويُقال له: مالك الصغير. قال عنه الذهبي: "الإمام، العلامة، القدوة، الفقيه، عالم أهل المغرب ... وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلام، ولا يتأوّل". توفي سنة 386
انظر: سير أعلام النبلاء {17/ 10}، و"شذرات الذهب" {3/ 131}
قال الشيخ ابن أبي زيد «وأن الإيمان قولُ باللسان وإخلاص بالقلب وعملٌ بالجوارح يزيد بزيادة الأعمال وينقص بنقص الأعمال فيكون فيها النقص وبها الزيادة»، وهو جار على طريقة السلف من إقرار ظواهر القرآن والسنة، في الأمور الاعتقادية ولكن وصف الإيمان بالنقص لا داعي إليه لعدم وجود مقتضيه لعدم وصفه بالنقص في القرآن والسنة ولهذا قال مالك الإيمان يزيد ولا ينقص."التحرير و التنوير" لابن عاشور {75/ 6}.
قلت: وفي هذا رد مفحم على الشيخ شمس الدين الذي قال في العربي هذا الأسبوع أن الإيمان هو التصديق فقط، الذي هو مذهب الجهمية، و ليس مذهب أهل السنة و الجماعة، بما فيهم الإمام مالك، فضلا عن النصوص الكثيرة التي سنتحف بها ردنا الخاص بهذه المسألة، إن شاء الله، لنبين من السني ومن المبتدع بالأدلة، لا بالتهويل و التحريف.
وقال الشيخ العلامة المحدث عبد المحسن بن حمد العباد البدر -حفظه الله-في شرحه لمقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني:
"رسالة ابن أبي زيد القيرواني، عبد الله بن أبي زيد القيرواني، ت: 386هـ، مطبوعة مع شرحها الثمر الداني في تقريب المعاني، للشيخ صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري، طبع: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
جاء في "سير أعلام النبلاء" {252/ 16}:"قال عبدالله بن الوليد: سمعت أبا محمد بن أبي زيد يسأل ابن سعدي لما جاء من الشرق: أحضرت مجالس الكلام؟ قال: مرتين ولم أعد، فأول مجلس جمعوا الفرق من السنة والمبتدعة واليهود والنصارى والمجوس والدهرية، ولكل فرق رئيس يتكلم وينصر مذهبه، فإذا جاء رئيس قام الكل له، فيقول واحد: تناظروا ولا يحتج أحد بكتابه، ولا بنبيه، فإنا لا نصدق بذلك ولا نقر به.
بل هاتوا العقل والقياس، فلما سمعت هذا لم أعد، ثم قيل لي: ها هنا مجلس آخر للكلام، فذهبت فوجدتهم على مثل سيرة أصحابهم سواء، فجعل ابن أبي زيد يتعجب، وقال: ذهبت العلماء،
وذهبت حرمة الدين.
قلت: فنحمد الله على العافية، فلقد جرى على الإسلام في المئة الرابعة بلاء شديد بالدولة العبيدية بالمغرب، وبالدولة البويهية بالمشرق، وبالأعراب القرامطة.
فالأمر لله تعالى.".
قلت: فهذه هي عقيدة ابن أبي زيد القيرواني في الصفات كالعلو وفي الأسماء و الأحكام، وهذا هو منهجه في ذم علم الكلام،فأين هو و أين الشيخ شمس الدين؟!!
مسألة أقسام التوحيد:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ شمس الدين:" كنت منذ ثلاث سنوات تحديت الحشوية أن يذكروا لنا آية واحدة قسم الله فيها التوحيد إلى ثلاثة أقسام و تحديتهم أن يذكروا لنا حديثا واحدا قسم فيه النبي صلى الله عليه و سلم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، حديثا واحدا ولو ضعيفا ... ولا زال التحدي قائما، ولازلنا ننتظر".
أقول و بالله أستعين:
لقد كثر التفاوض حول مسائل الاعتقاد وتطاحنت الفرق و الجماعات فيما بينها حتى أصاب أمتنا ما أصابها من تشتت جهدها و تلاشي قواها وتفكك عرى الألفة و التضامن في ما بين أبنائها، حتى إن بعض فضلاء أهل العلم من غير السلفيين ممن لهم مساع كبيرة في الدفاع عن الإسلام والمسلمين والوقوف في وجوه أعدائهم من المستشرقين والعلمانيين ودعاة الانحلال،يعيبون أقرب الناس إلى الحق من أهل السنة والحديث، فيطعنون في طريقتهم ومنهجهم ويصفونهم بالجهل والتقليد و الجمود والتحجر على النصوص و حشو القول، مما تلقوه عن المعتزلة في ثلبهم أهل السنة.
وحتى يكون كلامنا بعلم وعدل وإنصاف، لابد من سلوك سبيل الموضوعية مع التجرد من الهوى والتعصب، ومن البغي والعدوان، و إن كانت هذه الدعوى قد يزين بها كل كاتب صحفه و كل متحدث مقاله فإن معرفة سبيل المؤمنين المتبعين لسنة نبيهم صلى الله عليه و سلم و تمييزها عن سبيل المبتدعين في دينهم ما ليس منه هو من يعطي هذه الشعارات تزكيتها.
فمن لم يعرف طريق المنحرفين عن السنة استدلالا و اعتمادا، ولم يعرف خلفية البدع و مصدرها قد يظن في بعض أدلة المبتدعين أنها من سبيل المتبعين.
فمن أهل العلم من عرف السنة و ميز بين ما يوافقها و ما ينافرها على التفصيل علما وعملا.
ومنهم من صرف جهده و طاقته إلى معرفة السنة دون ضدها، فهو يعرف ضدها من حيث الجملة والمخالفة، وأن كل ما خالف سبيل المؤمنين من الصحابة فهو باطل وإن لم يتصوره على التفصيل، بل إذا سمع شيئا مما خالف سبيل الصحابة و التابعين لهم بإحسان صرف سمعه عنه، ولم يشغل نفسه بفهمه ومعرفة وجه بطلانه.
وهكذا من عرف البدع والشرك والباطل وطرقه، حذر منها، ودفعها عن نفسه، وعن أمته ما وسعه الجهد، ولم يدعها تطعن في إيمانه فتورثه الشبه و تدعه شاكا في دلالات النصوص حائرا في مقارنتها بما يعارضها، بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق ومحبة له.
ومنهم من عرف البدع مفصلة، والسنة مجملة، وهذا حال كثير ممن اعتنى بمقالات الفرق فعرفها على التفصيل، ولم يعرف ما جاء به الرسول على التفصيل لأنه لم يعتن به، بل عرفه معرفة مجملة وإن فصّلها في بعض الأشياء.
ومن تأمل كتبهم رأى ذلك واضحا جليا.
ومسألة إنكار أقسام التوحيد أخذها الشيخ شمس الدين عن بعض الشيعة المعتزلة وهو علوي السقاف فهو من كتب فيها، و الاعتماد على السقاف يورث إشكالات عويصة في الفهم، فإن من يلج مسائل الاعتقاد طالبا للحق و الإنصاف غير من يلجها طالبا إبطال قول خصومه بأي سبب ووسيلة، فالأول يعتمد منهجا علميا معياره الصدق و اعتماد الدليل الصحيح الصريح المعتبر مع الأمانة في نقل مقالات الخصوم و استعراض أدلتهم، لا إهمالها كلية أو عرضها بإيجاز مخل، و الاسترواح عند بسط أدلته هو.
فالشيخ شمس الدين باعتماده على السقاف ـ سنترجمه بعد قليل ترجمة علمية ـ كان الأولى به أن يدافع عن الحق لا عن مذهب معين، و أن يبحث عن حجج تؤيد الحق لا لتبطل مذهب خصومه وترد عليه إذ كان يرمي إلى الحياد و المناصفة و العدل،فإن تلفيق النقول و ترتيب الأدلة يعود لقصد المتكلم، و قد يظهر منه أن سياق كلامه يتمتع بنوع من المنطق، ولكننا نعرف أن الحقيقة اكبر من السياق المنطقي المحدود، فالحقيقة تتوقف أولا على النصوص وما ستنبط منها.
ومتى دخل الرجل مسائل الاعتقاد مشبعا بفكر معين فإنه سيكون حبيس خلفيته الفكرية ولو من غير شعور، و بالتالي تجده حريصا على الإشارة إلى وسائل مغالطة الخصم الذي احكم حجته.
ولو كان الشيخ شمس الدين حريصا على الدفاع عن مذهب ما مع الموضوعية في الطرح، و التأول للأئمة التأويل الحسن، لكان الأجدر به تتبع مغالطات السقاف فإنه أبعد عن الأشاعرة من السلفيين الذين يتعرض لهم الشيخ في مقالاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولابد أن نشير إلى أن المؤمن لا يكون كذابا، فمن ثبت عليه الكذب سقط كلية، فإما هو من العوام ممن لا يأنف من الكذب، ولا يعرف مخاطره على الدين، و يريد أن ينتصر لمذهبه بما وقع تحت يديه،و إما هو رافضي يتلبس بدعوى السنة ليهدها من الداخل، فالرافضة وحدهم هم من يستحل الكذب على الناس، و يعتبره من وسائل الدعوة و نصرة الحق، كما هو معروف عنهم في تسمية النفاق بالتقية، وكون علوي السقاف يكذب على أهل العلم، وفي الدين ثابت عليه في كتبه.
يبقى على من يحسن الظن به، ممن ينتسب إلى السنة ـ ربما شعورا فقط ـ أن ينظر من أين يأخذ دينه؟ وهل يهمه أمر دينه كما يهمه صيته بين الناس؟ لا أقول أكثر من ذلك، بل نرضى منهم بالمساواة، فإن أمر هؤلاء عجيب، كيف يلعب بعقولهم رجل بلغ به الجهل هذا الحد؟ أبسبب بغضهم و حقدهم على السلفية عموما، و ابن تيمية و الألباني خصوصا؟ فلينظروا في أعماق أنفسهم، و ليصدقوا مع الله ثم مع أنفسهم، وليحترموا عقولهم التي سنحيلهم عليها في هذا الرد.
ولا أقول هذا تقليلا من قدرهم، ولكن لا أجد سببا يدفعهم إلى التشبث بالسقاف، وهو ساقط في العلم و التقوى إلى هذا الحد إلا هذا العذر، فلو أن احدهم اكتفى بما قعده في هذا الميدان الجويني أو الرازي لكان أحسن له، فإن الرجل يخربط في العقيدة أيما خربطة، و ظني بهؤلاء أنهم ممن ينتسب للعلم، وله به عناية، فكيف يجمعون في عقولهم بإتباعهم هذا الرجل بين المتناقضات العقلية، و بين الأشعرية و الاعتزال، ونحن نعلم ما بينهما من الفرق، إلا عند من هو معتزلي عقيدة وفكرا و مرجعا، أشعري بالنسبة فقط.
فهذا الرجل ليس له من الصنيع سوى مدح ما يوافقه، وتكلف الأدلة له بصورة مستبشعة، وما لم يوافقه حط عليه، فما وافق هواه في الصحيحين جزم بصحته، وإن لم يدل مفهومه على ما ذهب إليه، وما خالف ضعفه بشتى وسائل الطعن. وكذلك يصنع مع العلماء يمدح هنا و يذم هناك، يرفع من قيمة هذا لأنه خالف ابن تيمية في موضع، و يضع من قيمته هناك لأنه خالف المعتزلة.
المهم لا يمكن وصف حال هذا الرجل، جمع بين دعوى السنة والرفض و الاعتزال، و أحيانا التجهم الصراح،وخلاصة القول أنه انتهى بمن يحسن الظن به إلى نوع سفسطة في العقليات و قرمطة في السمعيات.
وعليه، فإن الشيخ شمس الدين باعتماده على مثل شبه السقاف يساهم في الجناية على عقيدة أهل السنة و الجماعة أولا، و يخلط بين النسبة إليهم،وعقائد الفرق المنحرفة: من جهمية، ومعتزلة، و جبرية، و قدرية نفاة.
ـ قاموس السقاف في الطعن في الأشعري:
كما أن السقاف سيء الأدب مع أهل العلم ومع أتباعهم، ومن عجيب وقاحته وسماجة عقله وقوعه في الأشعري، فلقد أغرق شرحه لإبانة الأشعري بسيل من الشتائم تعافها النفوس السوية منها:
ـ إما أن المصنف يعرفه و أخفاه و إما أنه يجهله و أحلاهما مر.
ـ لكن مكايدة المعتزلة و أتباع مدرسة آل البيت ومناحرتهم تجري في دمه و لحمه.
ـ وهذا المصنف كذاب أشر.
ـ وهذا يدل على انه مفلس من أساليب الاحتجاج ويتهم الناس بما هم برءاء منه.
ـ من العجيب الغريب أن جهله مكعب و يصف الناس بالجهل.
ـ ما شاء الله أعجب من هذه التخريفات التي ليس لها خطام ولا زمام، يبني كلامه و عقيدته وحججه على خرافات و يصدقها، لأنها دالة على أن قائلها يصوغ الكلام بلا عقل.
ـ يا ليت المصنف كان يتقي الله و يفهم العربية ولا يغالط.
ـ أيها المصنف المفلس.
ـ وهو لا شيء في اللغة.
ـ إني أتصور أن هذا المصنف لم يكن عقله معه بل كان يحلم فهو يخرط الأقوال خرطا.
ـ مثل هذه العبارات يجب أن تشحن إلى مختبرات خاصة للتحليل ... ربما نكتشف أنه أراد أن يثبت القدر بالضغط الاسموزي.
ـ كلام غير مترابط، وهذا مثل قول القائل الدليل على أن صلاة الظهر أربع ركعات قوله تعالى {لم يلد ولم يولد}.
ـ ذكرني هذا المصنف بأدلة جحا و بالحمقى و المغفلين.
ـ وهذا الإيراد يدل على حمق المصنف.
ـ هناك احتمال ثالث وهو أنه كان غبيا."شرح الإبانة" للسقاف
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: هذا هو أدب من ينسب نفسه إلى النسب الشريف و يدعي العلم مع من هو خير منه بآلاف المرات لا يراعي حرمته ولا حرمة أتباعه، فإن الأشعري رحمه الله له أتباع كثر، و إذا قدر أن خالفه أحد في مسألة لا يعني أبدا استحقاقه لكل تلك الشتائم فما بالك و المخطئ هو السقاف أخذ وثنية أرسطو و ابن سينا و أضاف إليها شيئا من حقد الشيعة الرافضة وزعم أن هذا هو دين محمد صلى الله عليه و سلم.
إني أشفق على هؤلاء الذين وقعوا ضحية وفريسة لهذا الرجل، فلعل الله يخرج ما في بطونهم من حسن الظن بالسلف، ومن بركة القرآن و السنة ما يزيل عنهم شبه السقاف و ألاعيبه، ولكن عليهم ترك الغرور بالنفس والأحقاد جانبا فإنها من أعظم ما يصد عن الحق و يزين الباطل، وهي أمور باطنة تتلبس بصور شتى و تدفع الإنسان في اتجاهات وهو لا يدري، كذلك عليهم ملاحظ الفرق بين اعتقاد الرجحان و رجحان الاعتقاد، بين العلم بالعدم وعدم العلم، فإنه ما ضاع أحد بين أهل البدع إلا لتقصيره في السنة اعتقادا و استدلالا، أعانهم الله و هداهم لما اختلف فيه من الحق بإذنه أنه ولي ذلك و القادر عليه.
ولكن عليهم أولا: أن يعلموا أن كل شيء حتى الشعور و الاعتقاد و الهواجس و الظنون و الخواطر و الوساوس قد خلقها الله، وخلق ما يدفعها و يداويها، لكن بشرط أن يعتقد المرء أن الله عنده الحق و يهدي للحق، و أن يطلب منه أن يهديه للحق.
على كل حال الأمثلة على انحراف السقاف و تعاطيه التحريف و التلبيس و التلفيق في الروايات كثيرة جدا ليس هذا موضع سردها.
منهج الشيخ بلقرد:
وبهذا تعرف أن منهج الشيخ شمس الدين ليس محاولة استخلاص الحقائق العلمية أو البحث عن المشترك بين المسلمين للتنبيه عليه و الإشارة إليه وتركيز الجهود على إبرازه ليكون وسيلة للتقريب بين المسلمين و معالجة الخلاف عن طريق إدارة هذا الخلاف و عدم العمل على تضخيمه بطمس الحقائق العلمية و التاريخية و طلب العذر للأئمة و فهم طبقاتهم في العلم، بل جهده يصب في إطار محاولة تأصيل الأخطاء سواء العلمية أو السلوكية فمثله و مثل السلفيين الذين يبحث لهم على الهفوات و الأخطاء ولو بالتضخيم مثل ما قال الشاعر
ولو أسقيتهم عسلا مصفى ... بماء النيل أو ماء الفرات
لقالوا أنه ملح أجاج ... أراد به لنا إحدى الهنات
فهذا الذي وقع بين الأئمة ما كان ليبلغ هذه الدرجة من العداوة لو التزم الأتباع في ردودهم على الأدلة العلمية وحدها، و لم يزيدوا عليها تلك الأمور الشخصية التي أخرجت ردودهم عن حد الاعتدال و كانت أحرى بأن تعود عليهم بالذم سواء كانوا من هذا الفريق أو من ذاك.
و المسائل التي ينقمها الشيخ شمس الدين على السلفيين كان يمكن أن نعذره عليها بغض النظر عن كونه أصاب أم أخطا لو انه التزم بالموضوعية و الروح العلمية ولم يستعين بمن هب ودب كالسقاف و بعض الرافضة كجعفرالسبحاني ممن يستحل الكذب و التحريف في النقل.
وإن كنا نعلم أن الشبهات قد ترد و تدخل على قوم لهم دين وعندهم إيمان و خير و لكنهم عجزوا عن دفعها فقد يتخذونها دينا و يظنونها تحقيقا لمنهج أهل لسنة و الجماعة، فإن لم يحاربوا عليها و يستحلوا من مخالفهم ما حرمه الله من الطعن و البهتان و القذع كان المرجو أن يتداركهم الله برحمته فيلهمهم الصواب.
أما إن فعلوا غير ذلك فإنهم يصيرون بغاة معتدين و هذا لازم للشيخ شمس الدين فإن ما يعتقد انه هو الحق سنبين في هذه السلسلة بالأدلة الدالة على مدلولاتها أنه باطل لبس بحق و أن أخطأه العلمية كثيرة جدا.
والشيخ شمس الدين يخطئ السلفيين على مسائل هي عين ما قاله أهل السنة، و ما دل عليه الكتاب و السنة.
إن السلفيين إذ يؤكدون على ضرورة تنقية التوحيد من مظاهر الشرك لا ينطلقون من تصور كلامي استوردوه من بنات أفكار الإغريق أو الفرس ولكنهم ينطلقون من كتاب الله،هذا الكتاب المبارك الذي لم يجدوا فيه أدنى إشارة إلى استحباب الدعاء عند القبور و اعتقاد أن لذلك مزية على ما سواه من بقاع الأرض، كما لم يجدوا فيه تعظيم الموتى و نسبة النفع و الضر إليهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أن السلفيين ليس من أصولهم العلمية تشريع العبادات بمجرد أن بعض الأئمة أو الفضلاء استحبها أو فعلها، فإنه و إن قدر وجود بعض أهل العلم ممن فعلها فإنه يوجد في من تركها ونهى عنها من هو اجل و أعظم منهم، و العبرة بمن وافق الكتاب و السنة، أما الاستدلال على جوازها أو استحبابها بمجرد فعل بعض الفاضلين لها فليس هذا من أصولهم ولا من أصول الإسلام.
فالسلفيون بما يذيعونه من عقيدة في هذا الباب توحيد الألوهية إنما قصدهم أن يكون الله هو معبودهم وحده، و إياه يعبدون و عليه يتوكلون وله يخشون ويرجون و به يستعينون و يستغيثون وله يدعون و يسألون، فإن خرجوا إلى الصلاة في المساجد كانوا مبتغين فضلا منه و رضوانا، كما قال تعالى في نعت الصحابة: {تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا} "الفتح".
و كذلك إذا سافروا إلى أحد المساجد الثلاثة لا سيما المسجد الحرام الذي أمروا بالحج إليه، قال تعالى: {لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام و لا الهدي و لا القلائد، ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} " المائدة"، فهم يؤمون بيته يبتغون فضلا من ربهم و رضوانا لا يرغبون إلى غيره ولا يرجون سواه ولا يخافون إلا إياه.
وقد علمنا أن الشيء لا يكتسب شرعيته من مجرد كونه مختلفا فيه إذ الناس اختلفوا في كل شيء، و إنما يكون الشيء مشروعا في ديننا إذا كان مما أمر الله به ورسوله.
وعليه، فالمشكل الذي تعاني منه الأمة الإسلامية في هذا العصر ليس هو مشكل تراثها وما يوجد فيه من نعرات و عصبيات و اختلاف في أهم مسائل الدين ولكنه مشكل أهل العلم وكيفية تعاملهم مع هذا الموروث، فإن الواحد منهم إما يدخل هذه المسائل محاولا تحري الحقائق العلمية و تصفية الشرع المنزل من الشرع المبدل مراعيا مشاعر الناس، مجتنبا قدر الإمكان طريقة الاستعراض أي إظهار الخلاف في شكل استعراضي و إبقائه داخل دوائره العلمية.
أما محاولة تبرير الأخطاء السابقة بتكرارها وتكرير الأدلة الواهية فهذا ما يبقي الأمة الإسلامية تتخبط في صراعاتها الداخلية، في حين كان من المفروض أن يمثل الاختلاف العلمي المبني على الأدلة المعتبرة خصوبة الفكر عند المسلمين صار نتيجة سلوكيات خاطئة تتلبس في كثير من الأحيان بالبغي على الآخر يمثل الضعف و الهوان و التخلف.
فإذا كان بعض المنسوبين إلى العلم لا يتركون فرصة تمر إلا وهم يصّفون حسابهم مع من لا يوافقهم في بعض المسائل فهذا دأب ذوي القصور في الفهم ومن حرمهم الله معرفته.
من المعلوم أن أهل السنة لم يكووا متوافقين في كل شيء حتى في العبارات بل المعتبر عندهم الاتفاق في الكليات و إن اختلفوا في جزئيات القضية وعلى هذا عشرات الأمثلة فالناظر في المسائل الشرعية إما ناظر في أصولها أو في جزئياتها الفرعية و قد يلوح الخلاف إذا كان أحد المتقاولين ناظرا في أصول المسألة والآخر ناظر في جزئياتها و متى كانا متفقين على كلية القضية مختلفي في جزئياتها كان ذلك تعارضا وترجيحا.
فالخلاف إن كان لفظيا لم يكن ذلك منافيا لاتفاقنا من جهة المعنى و إن كان النزاع معنويا فهو أيضا قسمان أحدهما اختلاف تنوع كأن يثبت العالم الفلاني شيئا و ينفي العالم الآخر شيئا آخر، و لكن لعدم الدقة يظن المقتبس عن احدهما أن الثاني ينفي ما أثبته الأول.
والشيخ شمس الدين لم يتصور مسألة تقسيم التوحيد تصورا صحيحا، ولذلك أوقفها على أصلها اللغوي وهذا خطأ جسيم، فإن الأنبياء جاؤوا بمعاني كلية تعم ما تحتها من جزئيات نستخلصها بأنواع من الدلالات،ومن قال من المسلمين أن الحقائق العلمية متوقفة على ألفاظ الأنبياء و يجب أن تطابقها بالتمام فقد قال ما ليس له به علم.
و الشيخ شمس الدين حاول نقض تقسيم التوحيد بذكر لوازم لم يقصدها السلفيون معتمدا على أدلة جدلية وليست علمية، و قد علمنا أن الحقيقة العلمية لا تتوقف على السياق الجدلي وخلوه من التناقض اللفظي، لأن الدليل لا يكون علميا حتى يكون مستندا على دليل شرعي أما كون المقدمة صحيحة أو فاسدة فهذا من قسم الجدل وليس من قسم العلم يبينه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أنه إذا منع الشيخ شمس الدين السلفيين الاستدلال على أصل المسألة بأن قال هذا التقسيم لم يرد في شيء من نصوص الكتاب و السنة ولا في كلام السلف فيجب أن يفرق حينئذ بين الاستحداث اللغوي و بين استحداث المعاني، فهل هذا التقسيم مستحدث المعاني أم الألفاظ هي المستحدثة فقط.
فإذا عرفنا بالأدلة الشرعية أن الله عز وجل قد بين في كتابه وجوب إفراده بالعبادة زيادة على أنه الرب الخالق المدبر ووصف نفسه في القرآن بصفات الكمال و تسمى بالأسماء الحسنى و كذلك في سنة النبي صلى الله عليه و سلم ولم نجد من السلف الصالح من الصحابة و التابعين لهم بإحسان ـ يعني من غير مخالفة لهم لان الباء هنا باء التعليل أو المصاحبة ـ من أجاز أن يقصد غير الله بالصلاة و النسك و الدعاء و غيرها من عبادات علمنا حينئذ أن معاني هذا التقسيم ليست مستحدثة و إنما استحدث المصدر الصناعي كما هو الحال في علوم اللغة و الفقه و أصوله و مصطلح الحديث و سائر الفنون.
فنحن نعلم أن العرب لم تكن تستعمل المصادر الصناعية و إنما تجدد المعاني و تطورها و اتساعها،و ظهور الخلاف هو ما اضطر إلى استحداث المصادر الصناعية بقصد الدقة وترك الإجمال في الكلام هذا الإجمال الذي و إن كان في زمن السلف كافيا لسلامة فطرتهم و بعدهم عن البدع لم يعد يكفي في الأزمنة المتأخرة و قد ظهر من احدث في الدين ما ليس منه و نسبه لله ورسوله.
وعليه، لم تنقطع أدلة السلفيين لمجرد كون هذا التقسيم مستحدث الألفاظ، فإننا لو سايرنا الشيخ شمس الدين لوجب علينا رفض الصوفية برمتها حتى السنية منها لان لفظ" الصوفية" مصدر صناعي مستحدث، و كذلك "الماهية" و "الهوية" و "الفاعلية" و "المفعولية" و" الحاكمية".
ومعلوم أن تقسيم التوحيد هو من جنس الاستقراء والاستدلال لبيان أنه لا يكفي المسلم أن ينطق بالشهادتين دون فهم لمعناها ومعرفة ما يناقضها فلما كثرت في الأزمان المتأخرة ـ بعد القرون المفضلة ـ البدع والجهل بحقائق الرسالة و آثار النبوة و ضعفت اللغة عند عامة الناس بحيث صاروا يطلقون عبارات لا يعلمون معانيها كما كان يعلمها الصحابة و التابعون لهم بإحسان صار واجبا تعليم الناس معاني التوحيد ونواقضه و أنهم ليكونوا موحدين لا يكفي الإقرار بالله ربا خالقا فقط ثم طلب النصر و الرزق و الشفاء و الولد من بعض المقبورين فإن هذا يناقض الإقرار بالربوبية كما هو واضح.
فالمقصود بهذا التقسيم إشعار التنبيه بالعلة المؤثرة و الملائمة وهي وجوب إفراد الله بالعبودية بجميع أشكالها و أنواعها، فهذا هو حقيقة التوحيد لا الإقرار بالله ربا خالقا ثم التوجه بالعبادة إلى بعض المخلوقين.
فالسلفيون لا يحتاجون إلى الشيخ شمس الدين و السقاف و الرافضة ممن يرى الحج إلى المشاهد بحجة تعظيم أئمة البيت أو الأولياء أو لا يعتبر تحري الدعاء عند القبور و قصدها بالتعظيم و الاستغاثة بالمقبورين و الذبح عند الأضرحة واعتقاد في رجال الغيب و الأبدال يدبرون هذا الكون من الشرك ومن نواقض الإقرار بالربوبية لتقرير هذا التقسيم إذا كانوا ملتزمين بما دل عليه كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم.
فالحقائق لا تتوقف على اعتقاد هؤلاء و لا على اعتقاد السلفيين ولكن على أدلة الكتاب و السنة، و أدلة الكتاب و السنة تقر هذا التقسيم لا تقر مفهوم التوحيد عند المعتزلة و من سلك سبيلهم.
فليس من شرط الاستنباط والاستقراء و استخراج العلة أن تكون مؤثرة بالإجماع بل هذا كلام المعتزلة، وعلة هذا التقسيم من قسم العلل المسطورة فهي واضحة في القرآن و السنة كما سنبينه بعد قليل.
فالسلفيون عندما اقروا هذا التقسيم وهو من جنس الاستقراء و الاستنباط ونهوا عن القياس بالرأي أرادوا أنه لابد في القياس من أصل يرد الحكم إليه يريدون بذلك مخالفة ما عليه أهل الرأي من الاستحسان وهو وضع المسائل بالرأي و المناسبة المجردة ثم التفريع عليها ولذلك فالقياس عندهم ـ إذا قدرنا أنهم انتهوا إلى هذا التقسيم بنوع قياس و استنباط ـ أن يقيس على أصل، أما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه ثم تقول قياس فعلى أي شئت قست؟
(يُتْبَعُ)
(/)
و تقسيم التوحيد و بيان الفرق بين توحيد الربوبية و توحيد العبودية أصل ثابت في الشريعة وإن زعم الشيخ شمس الدين أنه لا دليل عليه لأن تأثير ذلك الوصف ـ وجوب إفراد الله بالعبودية كلها ـ في الحكم الذي في الأصل بنص الكتاب و السنة.
ومتى علمنا تأثير الوصف في حكم الأصل بالاستنباط وكان الوصف مناسبا فإما أن يعلم تأثيره في غير الأصل بنص أو إجماع أو لا يعلم له تأثير والأول هو المناسب المؤثر الملائم.
وعليه فكلام السلفيين في هذا التقسيم و ضرورته الشرعية و استدلالهم مناسب و مؤثر وملائم.
و إذا قدر أن الشيخ شمس الدين قد أفسد بعض أدلة السلفيين الفرعية فيما يخص إثبات هذا التقسيم من الناحية اللغوية، فهذا لا يعني أن أدلته هو صحيحة، بل قد يكون الحق خارجا عنهما و يكون الصواب إثباته أحيانا ونفيه في أحيا أخرى بحسب الحاجة في الخطاب، فمن فهم التوحيد من القرآن و السنة و عرف وجوب إفراد الله بالعبودية كلها و عرف حقيقة لا إله إلا الله العلمية و العملية لم يحتاج إلى هذا التقسيم كما كان الحال بالنسبة للصحابة و التابعين.
و كما أن الأحكام تكون عامة فالعلل كذلك يعتريها العموم، والسلفيون خصّوا العلل التي احتجوا بها على هذا التقسيم وهي وجود الفرق بين معنى الربوبية ومعنى الإلوهية بعموم الأدلة وخاصتها، والحكمة أو العلة لها تأثير في الأحكام من جهة التنبيه المعتبر.
و ما يقوم به الشيخ شمس الدين من تفسير لأدلة السلفيين على خلاف ظاهرها لا يقبل منه فإنه بذكر تلك اللوازم التي لم يقصدها السلفيون فقد زاد في عللهم و أسبابهم أوصافا لم تكن فيها و هذا باطل قطعا.
و قد تكون بعض أدلة السلفيين إنما ذكروها لبيان جواز هذا التقسيم عقلا و نقلا، فلا يمكن أن ينتقض أصل تقسيمهم بنقض هذه الأدلة لان أصل التقسيم يعتمد على أدلة شرعية صحيحة صريحة.
ونحن نعلم أنه لا يجوز لأحد أن يلزم خصمه مالا يقول به أو أن يحتج عليه بأدلة لا يعتقدها هو فيعارضه بما ليس دليلا عنده، و إن كانت معارضة الشيخ شمس الدين لأدلة السلفيين في فرع كمسائل السياسة و الدعوة وهجر المبتدع لهان الأمر فهناك أدلة أخرى أقوى تبين ما أراد السلفيون تبيانه.
أما إن كانت معارضة في الأصل فهي باطلة قطعا إذ قاعدة السقاف أن كل لفظ لم يرد في القران و السنة أو عند الصحابة فمعانيه باطلة قطعا قاعدة سفسطائية القصد منها إبطال الحقائق و إلا فإن جل مصطلحات الشيعة و المعتزلة و المتكلمين لا أصل لها في الكتاب و السنة و عند الصحابة.
نعم رعاية الألفاظ عمل جيد، ولكن رعاية المعاني بسبب تجدد اللغات و تطورها و تجدد الفكر و تطوره و تنوع لغات الناس هي القاعدة الشرعية الثابتة بنص الكتاب و السنة.
ومعلوم أن الاستنباط قياس و استدلال، و الاستدلال يكون بأمارة أو علة، و يكون بشهادة الأصول، ومعلوم كذلك عند علماء الأصول أن الاستدلال بالعلة أو الأمارة هو المعتبر قال ابن برهان: الحق ما قاله الشافعي قال: إن كانت ملائمة لأصل كلي من أصول الشريعة أو لأصل جزئي جاز لنا بناء الأحكام عليها و إلا فلا"
وعلة التقسيم عند السلفيين دلت عليها أصول الإسلام و الإيمان.
وبعض السلفيين يبنون منهجهم على قول الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في رواية الميموني:" إياك أن تتكلم بكلمة واحدة ليس لك فيها إمام"
فهذه الكلمة قد تعلق بها قوم من السلفيين وهم مخطئون إذ يجب بيان الحق و رد الباطل، و تعلق آخرون بغيرها وقد ذكر كل ذلك ابن حامد في كتابه"تهذيب الأجوبة"ضمن مسألة هل يجوز للمجتهد أن يحكم في الحادثة و إن لم يحكم فيها قبله وهل الأفضل به ذلك أو التوقف إذا وجد غيره؟ و بين أن الحنابلة اختلفوا في ذلك ومنهم من فرق بين الأصول و الفروع ورجح هو أن الأفضل أن يحكم في الجميع مطلقا انظر " المسودة" {ص:45}.
هذا إذا افترضنا أن السلفيين ـ ابن تيمية ـ قد جاءوا بمسألة لم يسبقهم إليها أحد فلا إشكال عليهم، أما إذا عرفنا أنه رحمه الله لم يكن بدعا من العلماء في تقريره هذه القاعدة كما سنبينه، و أن اللوازم الباطلة التي يقيمها الشيخ شمس الدين ومن سبقه في هذا الإنكار على هذا التقسيم ليست لازمة له و لا للسلفيين عموما.
الموضوع:
يجب هنا ملاحظ أصلين معتبرين هما:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ عدم خوض السلف في بعض المسائل لا يعني أن أتباعهم أحدثوها، فإن عدم قيام المقتضى عند السلف للكلام في هذه المسائل العقدية هو عدم وجود المبتدعين فيها، أما و قد تكلم بعض الناس بالباطل فواجب أتباع السلف الرد عليهم بما يحفظ أصالة النصوص ومنزلتها في التشريع.
فكما كان القرآن و السنة هما مصدر التلقي عند المسلمين حتى احدث المحدثون بدعا تلقوها عن الفلاسفة جعلت كتاب الله و سنة نبيه من الأدلة الظنية التي لا تفيد اليقين وزعموا أن ظاهرهما كفر وجب رد هذا الباطل حتى يبقى الكتاب و السنة هما مصدر التلقي عند المسلمين كافة تماما كما كان الحال عند السلف الصالح.
2 ـ لو ترك أهل السنة الرد على المبطلين لكانوا مقصرين في تبليغ الدين، مقصرين في رد ما يناقضه و يعارضه، فإنه لا يتم بيان مراد الله ومراد رسوله و تبليغه إلا بدرء ما يعارضه من شبهات.
والفرق بين السلفيين و غيرهم أنهم يأخذون الدين على فهم السلف الصالح لا يخالفونهم في شيء مهما لفق لهم خصومهم الشبهات و التهم، بينما غيرهم ينتسب إلى السلف و يأخذ بأقوال اليونان في عقيدته.
دلالة القرآن على هذا التقسيم:
قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله}
قلت: مثل هذه الآيات التي يحتج بها السلفيون في هذا الباب مستغنية بنفسها عن الخصوص كما هو واضح من سياقها، وكونها نزلت في حق مشركي العرب فهذا سبب نزولها لا يعني انتفاء هذه المعاني في غيرهم، فمن يزعم أن الله هو خالقه ورازقه ومدبره ومع ذلك يذبح لغير الله و يقسم بغير الله و يستنصر بغير الله و يدعو ويستغيث بغير الله تعمه معاني هذه الآيات شاء المنكرون أم أبوا إذا العبرة بالمعاني و المقاصد و ليس بالألفاظ.
والقرآن نزل ليبقى دالا على الهدى و الحق إلى يوم القيامة لا يهم ذكر الأسماء فيه بل الذي يهم المعاني التي أمر بها و المعاني التي نهى عنها كما ستراه في موضعه.
الآيات التي ورد فيها اسم الجلالة بدل اسمه الرب تدل على وجود الفرق بين الاسمين، فنحن مثلا نقول: رب البيت ونقصد به صاحب البيت، ورب الإبل ونقصد به صاحب الإبل ورب الأمر، ولا نقول: أله البيت و إله الإبل و إله الأمر، لما كان اسم الله هو الجامع للأسماء الحسنى فكلها تضاف إليه فيقال الغفور الرحيم السميع البصير من أسماء الله و لا يقال العكس قال تعالى: {و لله الأسماء الحسنى} كاسم الله تعالى فإنه دال على صفة الألوهية ولم يجيء قط تابعا لغيره بل متبوعا وهذا بخلاف العليم والقدير والسميع والبصير ونحوها ولهذا لا تجيء هذه مفردة بل تابعة، فاسم (الله) متضمّن لصفات الألوهيّة, واسم (الرب) متضمّن لصفات الربوبية, واسم (الرحمن) متضمن لصفات الإحسان والجود والبر، ومعاني أسمائه تدور على هذا كان توحيد الألوهية جامعا لتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء و الصفات.
وكما جاء في النص الصحيح الذي رواه البخاري في" صحيحه" {2644} عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه انه قال:" كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير فقال يا معاذ هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا فقلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا " أي متى صرف العبد شيئا من عبادته لغير الله كان مشركا بالله ما لا يجوز له، و بالتالي لم يستحق النجاة من عقاب الله كما هو مفهوم الحديث.
توحيد الربوبية كسائر الاعتقادات له طرفان ووسط:
توحيد الربوبية كسائر المعاني و العقائد له طرفان ووسط، قد يتحقق الإنسان بكل معناه و قد يحقق بعضه و يضيع بعضه وقد ينكره كلية كما هو حال الملحدين و الدهرين، و إذا قدر أن بعض المشركين أنكروا بعض لوازمه وملحقاته فهذا لا يعني أنهم ينكرونه كلية.
بيان مشكلة الشيخ شمس الدين مع المصدر الصناعي:
قلت: الشيخ له مشكلة مع المصادر الصناعية،فالسلف كذلك لم يتكلموا بلفظ: "الصوفية "، و "الجسمية"، و "الماهية" و "الهوية" و "الجهة" و "الحيز" و "الافتقار" و "التركيب" وغيرها من مصطلحات، ولا دل عليها القرآن بخلاف هذا التقسيم الذين دل عليه القرآن في مواضع كثيرة ودلت عليه السنة النبوية و يدل عليه العقل، ودل عليه كلام السلف كما سنوضحه لاحقا.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أن هذا التقسيم لا يستدل عليه بعمومات القرآن و السنة ولكن بأدلة خاصة تعينه و تخصه من كل وجه، وما اندرج من العبادات تحت العموم لا يقول به السلفيون ليسا تعطيلا للعموم أو توقفا فيه بحثا عن تخصيصاته إذ عموم الدليل لا يترك إلا في صورة التخصيص و تبقى باقي الصور محفوظة.
أما تقسيم التوحيد إلى هذه الأقسام الثلاثة فقد دل عليه كلامهم وحالهم، فلم نجد واحدا منهم صرفا شيئا من عبادته لغير الله، فذبح لغيره أو سجد عند قبر أو استغاث بغير الله وهذا هو توحيد العبودية أو توحيد الإلوهية.
بيان خطأ الشيخ شمس الدين و تناقضه في اعتبار الدليل السمعي هنا:
قلت: اشتراط الشيخ شمس الدين آية او حديث ولو ضعيف يذكر هذا التقسيم وهو استدلال بعدم العلم على النفي وعدم الدليل السمعي على التقسيم اللفظي على تنوع معاني التوحيد، مع فرض انه لا يوجد دليل سمعي يدل على هذا التقسيم.
و إذا جئنا إلى باب المعاني و جعلنا المعتبر في صحتها أو فسادها وجود الدليل السمعي كان جل دين الشيخ شمس الدين ساقطا إذ لا يوجد دليل سمعي على جل معتقد المتكلمين و مصطلحهم و ألفاظهم وكذلك مصطلحات الصوفية و غيرها.
لقد جعل الشيخ شمس الدين عدم العلم علما، وعدم الدليل دليلا، دون تفريق بين المسائل التي يعد عدم الدليل السمعي فيها دليلا على عدمها، و بين المسائل التي عدم الدليل فيها ليس إلا عدم العلم وهو الجهل، فهذا الخلط تجده في بحوث بعض المعاصرين ينفون بعض الحقائق لعدم علمهم بها، ويعدون عدم علمهم بها علما ودليلا على عدمها، كما هو موضح في ردنا على بعضهم.
الجواب المفصل لبيان ما اغفل الشيخ شمس الدين ذكره:
قلت:
1 ـ الشيخ شمس الدين في نقد غيره لفظي يقف عند الألفاظ ولا يتجاوزها إلى المعاني،ويفهم من كلامه أنه يمنع تجدد الاصطلاحات، فإذا لم يستعمل السلف الصالح لفظ "الربوبية" و "الألوهية" فهو بدعة و باطل.
وعليه فكل اصطلاح بل واشتقاق لم يجر العهد عليه عند السلف، ولم يكن من عاداتهم في الكلام فهو بدعة و باطل، ومعلوم شناعة هذا الاستلزام.
و الشيخ دخل عليه الخطأ في هذه المسألة المهمة جدا لأن التوحيد أو مفهوم التوحيد الذي يدعو إليه ليس هو التوحيد الذي كان الأنبياء يدعون إليه، بل توحيد عنده عبارة عن خليط من مفاهيم إسلامية و أخرى إغريقية منطقية ليس هو التوحيد القرآني النبوي بحال.
فالشيخ ممن لا يفيد القرآن عندهم العلم، بل جله في مسائل الاعتقاد ظواهر غير مرادة، فهو إما يظهر من نصوصه الكفر و الضلال الذي يجب تأويله أو لا يدل بحال على شيء، كأن نصوصه أعلام لا معاني تحتها حسب ترجحه بين التأويل و التفويض.
وقد دخل عليه الخطأ من جهتين اثنين:
1 ـ من حيث دراسة ألفاظ التقسيم من جهة صحة الاشتقاق اللغوي و استعماله عند كثير من أهل العلم قبل ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لا كما زعم الشيخ شمس الدين.
ومن جهة معاني هذه الألفاظ هل يدل عليها الاستقراء من القرآن و السنة و بالتالي هل هي معان صحيحة؟
وهذا الشق يبين مدى ابتعاد الشيخ عن المنهج العلمي و الموضوعية في المقاربة إذ لازم قوله انه لا يجوز تجدد مصطلحات في الدين الإسلامي تتحملها قواعد اللغة العربية، في حين يجوز أن ندخل مصطلحات يونانية على التوحيد الإسلامي ثم نعرّبها، وهي تحمل معاني مضادة و مناقضة لمعاني القرآن، فهذا جائز!
ثم هو من جهة يقول ببدعية هذا التقسيم، مما يدل على عدم فهمه القرآن، لأنه ليس مصدرا لعلم التوحيد عنده و إن زين مقاله ببعض الآيات وهذا معروف عن الذين ينقل عنهم شبهه و يدافع عن تصورهم لمسائل العقيدة أمثال السقاف.
فعند هؤلاء القرآن ظواهر يجب صرفها إلى معاني مرجوحة موافقة للمنطق الأرسطي اليوناني مثل الجوهر الفرد و تماثل الأجسام وغيرها مما ستراه في موضعه.
فمن جهة يجب تعطيل الدلالة اللفظية للقرآن لصالح الدلالة العقلية خدمة لعلم الكلام المبتدع، ومن جهة لا اعتراف إلا بالدلالة اللفظية أما العقلية الاستقرائية من النصوص كدلالة اللزوم و التضمن ودلالة السياق و قياس الأولى فبدعة ضلالة!
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا وجه التناقض في فهم الشيخ شمس الدين يدلك عليه انه زعم في مقاله هذا أن العقائد توقيفية، فلم يفهم معنى توقفية إذ ظن أن مقصودهم بتوقيفية الحرفية اللفظية وليس هذا مقصود أهل العلم، فكل ما دل عليه القرآن و السنة بأحد أنواع الدلالات المعتبرة دخل في معنى التوقيف.
وفي هذا الرد سنثبت له بالقرآن أن قياس الأولى و قاعدة الكمال طرق قرآنية في إثبات العقائد.
أما الشبهة الثانية التي أوجبت له هذا الخطأ وهي شبهة تلقاها عن المعتزلة إذ يخالف بها مكنونات نفسه و فطرته هو ظنه أن معرفة الله نظرية من النظريات خاضعة للتدليل العقلي، فهذا الذي دفعه إلى أن ينكر هذا التقسيم لانه يستلزم كما في عدة آيات قرآنية أن المشركين كانوا مقرين بتوحيد الربوبية ولم ينفعهم ذلك إذ أشركوا في توحيد الألوهية.
ثم هو من جهة أخرى لم يفهم مبدأ التفاضل في هذا التوحيد و أن الإقرار بأصله الذي هو أن الله تعالى هو الخالق المميت المحي الرزاق أي المدبر لا ينفي الشرك فيه،كما أشار إلى ذلك القرآن، فالآيات التي يحتج بها السلفيون على أن مشركي العرب كان عندهم توحيد الربوبية إنما تفيد وجود أصله عندهم و تلومهم على عدم طرده و العمل بلوازمه من صرف العبادة إلى الله سبحانه و تعالى.
وعليه سنخوض في المسألة كالتالي:
نذكر صحة ألفاظ هذا التقسيم وشرعية معانيه ومن استعمله من العلماء غير ابن تيمية و أنواع التوحيد و الفروق بينها و أوجه تداخلها ثم نختم ببيان مفهوم التوحيد عند المتكلمين ومفهوم التوحيد في القرآن و السنة.
1 ـ مسألة ألفاظ التقسيم وموجبه ومورده:
أول من تنبه إلى هذه المسألة أو اضطر إلى تفصيلها وشرح الشبه التي يمكن أن تورد عليها و ردها بالأدلة و بين أقسام التوحيد و أن العبادة تدخل في توحيد الإلوهية و أنها من خصائصه سواء سميت توحيد العبودية أو توحيد الألوهية هو الإمام أبو جرير الطبري في كتابه" التفسير"، قال رحمه الله:
بيان أن توحيد الألوهية هو صرف العبادة إلى الله:
قال الطبري في"تفسيره" {123/ 1}:" وأما تأويل قول الله تعالى ذكره "الله"، فإنه على معنى ما رُوي لنا عن عبد الله بن عباس-: هو الذي يَألَهه كل شيء، ويعبده كل خلْقٍ.
فإن قال لنا قائل: فهل لذلك في "فعل ويفعل" أصل كان منه بناءُ هذا الاسم؟
قيل: أمّا سماعًا من العرب فلا ولكن استدلالا [1] ( http://majles.alukah.net/#_ftn1).
فإن قال: وما دلّ على أن الألوهية هي العبادة، وأنّ الإله هو المعبود، وأنّ له أصلا في "فعل ويفعل".
قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل - يصف رجلا بعبادة، وبطلب مما عند الله جل ذكره: "تألَّه فلان" - بالصحة ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج:
للهِ دَرُّ الغانِيات المُدَّهِ سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِي
يعني: من تعبدي وطلبي اللهَ بعملي.
ولا شك أنّ "التألُّه"، التفعُّل من: "ألَه يأله"، وأن معنى "أله" - إذا نُطق به:- عَبَدَ اللهَ. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل" يغير زيادة.
وذلك ما حدثنا به سفيان بن وكيع، قال حدثنا أبي، عن نافع بن عُمر، عن عَمرو بن دينار، عن ابن عباس: أنه قرأ (وَيَذَرَكَ وإلاهَتَكَ) [سورة الأعراف] قال: عبادتَك، ويقال: إنه كان يُعبَد ولا يَعبُد.
- حدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن ابن عباس: (وَيَذَرَكَ وَإلاهَتَك)، قال: إنما كان فرعونُ يُعبَد ولا يَعبُد وكذلك كان عبدُ الله يقرؤها ومجاهد.
- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: أخبرني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: قوله "ويذرَكَ وإلاهتك" قال: وعبادتَك ولا شك أن الإلاهة - على ما فسره ابن عباس ومجاهد - مصدرٌ من قول القائل: ألَه اللهَ فلانٌ إلاهةً، كما يقال: عَبَد الله فلانٌ عبادةً، وعَبَرَ الرؤيا عبارةً. فقد بين قول ابن عباس ومجاهد هذا: أنّ "أله" عَبد، وأن "الإلاهة" مصدرُه.
وقال الطبري أيضا: أن يقال: الله جل جلاله ألَهَ العبدَ، والعبدُ ألَهَه. وأنْ يكون قولُ القائل "الله" - من كلام العرب أصله "الإله" [2] ( http://majles.alukah.net/#_ftn2).
فإن قال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك، مع اختلاف لفظيهما؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قيل: كما جاز أن يكون قوله: (لكِنَّ هُوَ اللهُ رَبِّي) [سورة الكهف] أصله: لكن أنا، هو الله ربي، كما قال الشاعر:
وَتَرْمِينَنِي بالطَّرْف، أَيْ أَنتَ مُذْنبٌ ... وتَقْلينَني، لكِنَّ إياكِ لا أَقْلِي
يريد: لكن أنا إياك لا أقلي، فحذَف الهمزة من "أنا" فالتقت نون "أنا" "ونون "لكنْ" وهي ساكنة، فأدغمت في نون "أنا" فصارتا نونًا مشددة. فكذلك "الله" أصله "الإله"، أسقطت الهمزةُ التي هي فاء الاسم، فالتقت اللام التي هي عين الاسم، واللام الزائدة التي دخلت مع الألف الزائدة وهي ساكنة، فأدغمت في الأخرى التي هي عين الاسم، فصارتا في اللفظ لامًا واحدة مشددة، كما وصفنا من قول الله (لكنَّ هوَ الله رَبي)."
وهذا نقل آخر عن الطبري يبين أن معنى الألوهية هو العبودية:
قال {133/ 1}:"فبدأ الله جل ذكره باسمه الذي هو "الله"، لأن الألوهية ليست لغيره جلّ ثناؤه من وجهٍ من الوجوه، لا من جهة التسمِّي به، ولا من جهة المعنى. وذلك أنا قد بينَّا أن معنى "الله" تعالى ذكره المعبود، ولا معبودَ غيرُه جل جلاله، وأن التسمِّي به قد حرّمه الله جل ثناؤه، وإن قصد المتسمِّي به ما يقصدُ المتسمِّي بسعيد وهو شقي، وبحسَنٍ وهو قبيح.
أوَلا تَرى أنّ الله جلّ جلاله قال في غير آية من كتابه: (أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ) فاستكبر ذلك من المقرِّ به، وقال تعالى في خُصوصه نَفسَه بالله وبالرحمن: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [سورة الإسراء]. ثم ثنَّى باسمه، الذي هو الرحمن، إذ كان قد مَنع أيضًا خلقه التسمي به، وإن كان من خلْقه من قد يستحق تسميته ببعض معانيه، وذلك أنه قد يجوز وصْف كثير ممّن هو دون الله من خلقه، ببعض صفات الرحمة. وغير جائز أن يستحق بعضَ الألوهية أحد دونه. فلذلك جاء الرحمن ثانيًا لاسمه الذي هو "الله".
وأما اسمه الذي هو"الرحيم" فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصْف غيره به. والرحمة من صفاته جل ذكره، فكان - إذ كان الأمرُ على ما وصفنا - واقعًا مواقع نعوت الأسماء اللواتي هنّ توابعُها، بعد تقدم الأسماء عليها. فهذا وجه تقديم اسم الله الذي هو "الله"،
[1] ( http://majles.alukah.net/#_ftnref1) ـ لم يرد عند العرب استعماله لأنه لفظ:" الربوبية" و "الألوهية" من المصادر الصناعية التي كلما تجددت الأحداث و الأعراف و الحياة العلمية و الثقافية للعرب اشتقت مصادر صناعية جديدة حسب الحاجة، ومعلوم أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم عهد بهذا التقسيم ولا بألفاظه فلم نجدهم يستعملون هذه الألفاظ لأنها شرعية و ليست عرفية و لذلك قال الطبري أن العرب لم تعهدها ولكن يستدل عليها بالقرآن و السنة، فهي من خصوصيات الدين الإسلامي، فليس لكونها مصدرا صناعيا يعني أنها باطلة.
شرح المصادر الصناعية:
قد ورد عن العرب بضع عشرات من المصادر الصناعية، منها: الجاهلية، الأريحية، الفروسية، العبقرية، العبودية، الألمعية، الألوهية، الربوبية، الوحدانية ...
وكثير من المصادر الصناعية قد تحوّلت في الأصل عن أسماء منسوبة أُنزلت منْزلة الصفات المشتقة للدلالة على حال الموصوف وهيئته، واستُعملت كذلك، نحو قولك: (إنسانيّ، حيوانيّ، كَمِّيّ، كيفيّ، جزئيّ، كلّيّ ... ). فإذا أُريد التعبير بها عن جوهر حال الموصوف ومجرّد حقيقته، أُحيل الوصف إلى (مصدر صناعي) بإلحاق تاء "النقل من الوصفية إلى الاسمية" نحو: الإنسانية، الحيوانية، الكمية، الكيفية، الجزئية، الكُلِّية ...
وقد أكثر المولَّدون من هذه المصادر بعد ترجمة العلوم بالعربية، وقرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قياسيّة صوغ هذا المصدر، لِسَدِّ حاجة العلوم والصناعات إلى ألفاظ جديدة تعبِّر عن معانٍ جديدة، وعليه فمعنى الربوبية و الألوهية و العبودية معان صحيحة من جهة لغة العرب و صحيحة من جهة المعاني بحيث تعبر عن النقلة من الوصفية إلى الاسمية بحيث صار لفظ الألوهية تعبيرا عن مجموعة أشياء و أفعال من قام بها فقد تأله الله بمعنى عبده و أحبه.
ولكن متى نصنع مصدراً من المصدر الأصلي؟ أو من اسم المعنى عامةً؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب: لا معنى لإلحاق الياء والتاء بالمصدر إذا كنت تبغي معنى المصدر، أو الاسم، وحَسْب. فإن اتخاذ (العدلية) بمعنى العدل، و (الخيرية) بمعنى الخير، غير سائغ، واللغة تأباه، والعرب لم تَجْرِ به وإنما قالت: فَعَلَ ذلك على جهة العدل، وعلى جهة الخير ... ولم تقل: على العدلية، ولا على الخيرية ... لذلك كان الأصل في إلحاق الياء والتاء بالمصدر أو اسم المعنى عامةً، أن تزيد في معناه شيئاً، أو تبتغي خصوصية في دلالته.
· فَ (الإنتاج) مثلاً مصدر. فإذا قلت (الإنتاجية)، فلا بد أنك أردت به شيئاً آخر لا يمكن التعبير عنه بمجرد لفظ (الإنتاج). والإنتاجية في الاقتصاد: العائد من سلعة أو خدمة في مدةٍ مّا، مقدّراً بوحدات عينية أو نقدية، منسوباً إلى نفقة إنتاجه.
و (الاشتراك) مصدر، معناه معروف. أما (الاشتراكية) فتعني المذهب السياسي والاقتصادي القائم على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج وعدالة التوزيع والتخطيط الشامل ...
و (التقدم) مصدر معناه معروف. أما (التقدمية) فتعني المذهب السياسي والاقتصادي الذي يدافع عنه أنصار التطور (التقدميون).
و (الشيوع) مصدر معناه معروف. أما (الشيوعية) فمذهبٌ يقوم على إشاعة الملكية، وأن يعمل الفرد على قدر طاقته، وأن يأخذ على قدر حاجته ..
و (الرأسمال) اسم، وهو المال المستثمر في عمل ما. أما (الرأسمالية) فتعني النظام الاقتصادي الذي يقوم على الملكية الخاصة لموارد الثروة.
و (الشخص): كل جسم له ارتفاع وظهور، وغَلَبَ في الإنسان. أما (الشخصية) فهي مجموعة الصفات التي تميز الشخص من غيره. يقال: فلان ذو شخصية قوية.
و (الخاص): خلاف العام. أما (الخاصية) فهي صفة لا تنفك عن الشيء وتُميّزه من غيره.
· و (الإحصاء) مصدر أحصى الشيءَ: عَرَف قَدْره. أما (الإحصائية) فهي إحصاءٌ مبني على منهج علم الإحصاء، لحالةٍ تقع تحت الإحصاء، كإحصائية السكان في بلدٍ ما.
· و (الخصوص) مصدر. ولكن (الخصوصية) تدل على معنى (الخصوص) وزيادة. وقد أشار الأئمة إلى هذا بقولهم: التاء فيه للمبالغة، (المراد: تاء النقل).
ولعل من السائغ أن نكرر قول الأئمة هذا في توجيه بعض المصادر الصناعية التي استُعملت حديثاً، مثل: الاحتفالية والجمالية ...
و (المنهج): الخطة المرسومة. أما (المنهجية) فهي نظام طرق البحث.
- ويؤدي المصدر الصناعي أحياناً معنى (القابليّة لِ ... ) كما في المصطلحات الآتية مثلاً: التطورية (قابلية التطور)؛ الصيانيّة؛ الأدائية؛ تَحَمُّليّة الكلفة، الالتصاقية، النفاذية ...
- ويكون أحياناً أخرى مصطلحاً يعبّر عن حالة الشيء واتّصافه بكونه كذا ... مثل: مُتاحِيّة الشيء (أي كونه مُتاحاً)؛ الموثوقية الجاهزية؛ السُّمّيّة؛ الحمضية، القلوية ...
- ويستعمل المصدر الصناعي أيضاً للتعبير عن أسماء بعض الفروع أو المقادير المميِّزة العلمية، نحو: المِطيافية؛ المِجراعية؛ المِضوائية؛ المِحْساسية؛ المعلوماتية؛ التأثرية؛ الاستقطابية؛ النفوذية؛ التحريضية؛ المقاومّية، الناقلية، الأنتروبية ... البرمجية (الحاسوبية).
ومن المصادر الصناعية الشائعة:
الحرية، الوطنية، الأهمية، الهُوِيّة، الأنانية، الغَيْرية، الماهِيّة، الألفية، الأربعينية، الخمسينية، الآلية، الأولية، الآخرية، الأولوية، الأفضلية، الأرجحية، الأكثرية، الأقلية، الجنسية، البشرية، المفوضية، المندوبية ... الفردية، الطائفية، القومية، الحزبية، الروحانية، العدوانية، الهمجية، الوحشية ... الجسمية، الصوفية، الرومانسية، الواقعية، السريانية، التجديدية، الحتمية ... المسؤولية، المصداقية، المشروعية، المديونية، المعقولية، المفهومية، المشغولية، المحدودية، المجهولية ...
ويستعمل النحاة:
المصدرية، الاسمية، العَلَمية، الفاعلية، المفعولية، الحالية، الوصفية، الظرفية، المعِية ...
والأصل - كما ذكرت في بداية هذا البحث - أن يستعمل المصدر الصناعي لأداء معنىً لا يؤديه المصدر الأصلي. و إلا كان هذا من الإباحية اللغوية التي تخرب اللغة.
نقلا عن مكي الحسني"إتقان الكتابة باللغة العربية".
[2] ( http://majles.alukah.net/#_ftnref2) ـ قال الصاحب بن عباد في "المحيط في اللغة" {320/ 1}:"اله التأله التعبد. والآلهة الأصنام التي تعبد. ويقرأ " ويذرك وإلاهتك " يعني عبادتك. والإله - عز وجل - إنما قيل لأن القلوب تأله عند التفكر في عظمته أي تتحير. واسم الله الأعظم الله. والأصل فيه إلاه - على فعال -. ويقولون لله ما فعلت يريدون والله ما فعلت. ويقولون في الاستغاثة يا لله - بالفتح - ما صنع، وفي التعجب يا لله - بكسر اللام -. ولاه أنت. ولاهم اغفر لي بمعنى اللهم. ولاه ابن عمك. واختلفوا في معنى اللهم فقالوا معناه 112أ يا الله أمنا بخير، وقيل يا أللهم. وألهت على فلان اشتد جزعه. والإلاهة عين الشمس، وكذلك الأليهة. والله - منقوص مثل الدم والفم - لغة في المدود."
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد القادر ابن احمد]ــــــــ[30 - Apr-2009, مساء 10:46]ـ
على اسمه الذي هو "الرحمن"، واسمه الذي هو "الرحمن" على اسمه الذي هو "الرحيم".
وقد كان الحسنُ البصريّ يقول في "الرحمن" مثل ما قلنا، أنه من أسماء الله التي مَنَعَ التسميَ بها العبادَ.
- حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا حماد بن مسعدة، عن عوف، عن الحسن، قال: "الرحمن" اسمٌ ممنوع.
مع أن في إجماع الأمة من منع التسمِّي به جميعَ الناس، ما يُغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقول الحسن وغيره.
وقال الطبري أيضا: {265/ 3}:"قد بينا فيما مضى معنى"الألوهية"، وأنها اعتباد الخلق.
فمعنى قوله:"وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إلهَ إلا هو الرحمن الرحيم": والذي يستحق عَليكم أيها الناس الطاعةَ له، ويستوجب منكم العبادة، معبودٌ واحدٌ وربٌّ واحد، فلا تعبدوا غيرَه، ولا تشركوا معه سواه، فإنّ من تُشركونه معه في عبادتكم إياه، هو خَلقٌ من خلق إلهكم مثلكم، وإلهكم إله واحد، لا مثلَ لهُ وَلا نَظير."
"وأما قوله:"لا إله إلا هو"، فإنه خبرٌ منه تعالى ذكره أنه لا رب للعالمين غيرُه، ولا يستوجبُ على العبادِ العبادةَ سواه، وأنّ كلّ ما سواه فهُم خَلقه، والواجبُ على جميعهم طاعته والانقيادُ لأمره، وتركُ عبادة ما سواه من الأنداد والآلهة، وهجْر الأوثان والأصنام. لأنّ جميع ذلك خلقُه، وعلى جميعهم الدينونة له بالوحدانية والألوهة، ولا تَنبغي الألوهة إلا له، إذ كان ما بهم من نعمة في الدنيا فمنه، دون ما يعبدونه من الأوثان ويشركون معه من الأشراك؛ وما يصيرون إليه من نعمة في الآخرة فمنه، وأن ما أشركوا معه من الأشراك لا يضر ولا ينفعُ في عاجل ولا في آجل، ولا في دنيا ولا في آخرة.
وهذا تنبيه من الله تعالى ذكره أهلَ الشرك به على ضلالهم، ودعاءٌ منه لهم إلى الأوبة من كفرهم، والإنابة من شركهم."
وقال:"148/ 6":"أما معنى قوله:"لا اله إلا هو"، فإنه خبرٌ من الله جل وعز، أخبرَ عبادَه أن الألوهية خاصةٌ به دون ما سواه من الآلهة والأنداد، وأن العبادة لا تصلحُ ولا تجوز إلا له لانفراده بالربوبية، وتوحُّده بالألوهية، وأن كل ما دونه فملكه، وأنّ كل ما سواه فخلقه، لا شريك له في سلطانه ومُلكه احتجاجًا منه تعالى ذكره عليهم بأن ذلك إذْ كان كذلك، فغيرُ جائزة لهم عبادةُ غيره، ولا إشراك أحد معه في سلطانه، إذ كان كلّ معبود سواه فملكه، وكل معظَّم غيرُه فخلقهُ، وعلى المملوك إفرادُ الطاعة لمالكه، وصرفُ خدمته إلى مولاه ورازقه ومعرِّفًا مَنْ كان مِنْ خَلقه يَوم أنزل ذلك إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بتنزيله ذلك إليه، وإرساله به إليهم على لسانه صلوات الله عليه وسلامه - مقيمًا على عبادة وثن أو صنم أو شمس أو قمر أو إنسي أو مَلَك أو غير ذلك من الأشياء التي كانت بنو آدم مقيمةً على عبادته وإلاهته - ومتَّخذَه دون مالكه وخالقه إلهًا وربًّا أنه مقيم على ضلالة، ومُنعدلٌ عن المحجة، وراكبٌ غير السبيل المستقيمة، بصرفه العبادة إلى غيره، ولا أحدَ له الألوهية غيره."
قلت: بين الطبري ـ رحمه الله ـ في هذه النقول الفرق بين توحيد الربوبية و توحيد الإلوهية و بين أن هذا الأخير هو العبادة أو العبودية الذي يسميه السلفيون توحيد العبودية أو توحيد الإلوهية،وهو كما قال الطبري صرف العبادة إلى الله ومن لم يأتي به فهو مشرك.
وكون بعض الناس يقول الشهادة و يدعو غير الله أو يطوف بقبة و ضريح أو يدعو مقبورا من المقبورين أو يذبح لولي أو يقسم به و يتوكل عليه ويرجوه و يحبه أكثر مما يحب الله فهذا صرف للعبادة أي الألوهية لغير الله،وهذا هو الشرك الذي ذم به الله مشركي العرب و غيرهم كالنصارى و اليهود.
فنطق الرجل بالشهادة ليس مجرد التلفظ بها وهو لا يدري معانيها فإنه حينما يقول: لا إله إلا الله يقصد نفي الإلوهية عن كل ما سوى الله، و إذا كانت الإلوهية هي العبودية لله فما ذكرناه عن بعض الناس من استغاثة ونذر و ذبح و غيرها هو عين العبادة.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك يدل على هذا الشطر الثاني من الشهادة، فإن دل الأول على انه لا معبود بحق إلا الله دل الشطر الثاني: محمد رسول الله على أننا لا نعبد الله إلا بما شرع، فما لم يتقرب به النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله ولم يتخذه عبادة لا يجوز لنا أن نتخذه عبادة و إن استحسنه من استحسنه إذ الدين لا يتلقى إلا عن الله ورسوله.
وزيادة في التوضيح ننقل ما قاله الطبري:
قال: {213/ 14}:"قوله: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا)، فإنه يعني به: وما أمر هؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا الأحبارَ والرهبان والمسيحَ أربابًا، إلا أن يعبدوا معبودًا واحدًا، وأن يطيعوا إلا ربًّا واحدًا دون أرباب شتَّى، وهو الله الذي له عبادة كل شيء، وطاعةُ كل خلق، المستحقُّ على جميع خلقه الدينونة له بالوحدانية والربوبية "لا إله إلا هو"، يقول تعالى ذكره: لا تنبغي الألوهية إلا للواحد الذي أمر الخلقُ بعبادته، ولزمت جميع العباد طاعته (سبحانه عما يشركون)، يقول: تنزيهًا وتطهيرًا لله عما يُشرك في طاعته وربوبيته، القائلون: (عزير ابن الله)، والقائلون: (المسيح ابن الله)، المتخذون أحبارهم أربابًا من دون الله."
قلت: بين الطبري ـ رحمه الله ـ في هذا النقل والتفسير الدقيق أن الله تعالى لم يلم اليهود و النصارى على دعواهم بنوة عزير و المسيح بل كذلك على طاعتهم أحبارهم و رهبانهم فيما لم يأمر به الله تعالى، وهذا الذي أجاب به النبي صلى الله عليه و سلم عدي بن حاتم لما قرأ عليه هذه الآيات فقال عدي: لم يعبدوهم، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ألم يحلوا لهم الحرام و يحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فتلك عبادتهم.
أي أن الطاعة لا تكون إلا لله ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم: لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق، فهذا شرك الطاعة وهناك شرك المحبة وشرك الخوف وغيرها من الأنواع.
قال الطبري:"فاعبدوا ربكم الذي هذه صفته، وأخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهية والربوبية، بالذلة منكم له، دون أوثانكم وسائر ما تشركون معه في العبادة"
يقصد أن الشرك في العبادة هو الشرك في الألوهية وهو منافي للتوحيد مناف للشهادة.
وكون الشهادة لا تعصم إلا بحقها" يعصموا مني دماءهم إلا بحقها" ظاهر من القرآن، فإنها لم ترد في كلام النبي صلى الله عليه و سلم إلا مقرونة بالإخلاص و الإخلاص في الشهادة ينافي كل أنواع الشرك وصرف العبادة لغير الله ..
بيان من استعمل هذه الألفاظ من العلماء:
الفرق بين الربوبية و الألوهية [1] ( http://majles.alukah.net/#_ftn1):
قال ابن حجر في"فتح الباري" {22/ 8}:" قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمهَا} و قوله:إله محمد، إله الناس ورب الناس و إضافة الربوبية إلى المخلوقات المعظّمة تنويها بتعظيمها لأن الرّب هو المالك و القائم بالشيء".
ثم بين ـ رحمه الله ـ خلافا للشيخ بلقرد أن مشركي العرب كانوا مقرين بتوحيد الربوبية و أن القرآن احتج عليهم بذلك ليلومهم على الشرك فقال:
{126}:" وصله الطبري عن هناد بن السري عن أبي الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة في قوله تعالى (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) قال يسألهم من خلقهم ومن خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره، ومن طريق يزيد بن الفضل الثماني عن عكرمة في هذه الآية (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) قال هو قول الله (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) فإذا سئلوا عن الله وعن صفته وصفوه بغير صفته وجعلوا له ولدا وأشركوا به وبأسانيد صحيحة عن عطاء وعن مجاهد نحوه وبسند حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: من إيمانهم إذا قيل لهم من خلق السماوات ومن خلق الأرض ومن خلق الجبال قالوا الله وهم به مشركون" [2] ( http://majles.alukah.net/#_ftn2)
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا ابن حجر يبين نقلا عن الطبري بأسانيد موصولة عن ابن عباس و غيره أن معنى الآيات التي يحتج بها السلفيون على أن توحيد الربوبية كان معروفا عند مشركي العرب، وكانوا مقرين به خلافا للشيخ بلقرد الذي يزعم ـ مخالفا نص القرآن ـ أنهم لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية، لأنه في زعمه ووهمه أنهم إذا نسبوا خلق أنفسهم و خلق السماوات و الأرض و خلق أرزاقهم و أن الله يحي و يميت و انه إله آلهتهم كما كانوا يقولون في تلبيتهم " تملكه وما ملك" فليس هذا من توحيد الربوبية في شيء؟!
فلم يفرق بين المقر بتوحيد الربوبية و المشرك فيه عندما ينسب الإعانة و النصر إلى غير الله، فكون الشخص يقر بتوحيد الربوبية لا يعني أنه لا يشرك فيه، وكونه يقر بتوحيد الأولهية و يأتي بغالبيته لا يعني أنه لا يشرك فيه عندما يصرف بعض أعماله العبادية إلى غير الله، فهناك فرق واضح بين الإقرار و الشرك فيه.
ثم إن من عجيب ما يستدل به الشيخ بلقرد على أن مشركي العرب لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية هو أنهم لم يكونوا يؤمون بالبعث و النشور، ومعلوم أن من العرب من كان يؤمن بالبعث و النشور كأمية بن أبي الصلت و زهير بن أبي سلمى كماهو موضح في كتب السيرة.
كما أن الإيمان بالبعث و النشور ليس من لوازم صفات الربوبية بل هو مما نتلقاه بالخبر الشرعي قد يستدل عليه بالعقل بعض الناس، ولكن هو من الأخبار الشرعية ولو كان من لوازم الربوبية ليس من لواحقها كان من ينكر حشر الأجساد من المتكلمين و الفلاسفة وينكر عذاب القبر من منكري هذا التوحيد.
عودة إلى بيان من استعمل هذه الألفاظ من العلماء:
قال المناوي في "فيض القدير" {206/ 6}:" - (من شهد أن لا إله إلا الله) أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك غيره معه وليس قصر قلب لأن أحدا من الكفار لم ينفها عن الله وإنما أشرك معه غيره (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) [لقمان: 25] "
قلت: فهذا المناوي يستعمل مصطلح الألوهية في معنى العبودية، و يبين أن مشركي العرب لم ينفوا استحقاق الله معنى الشهادة ولكنهم أشركوا به.
قال في "عون المعبود" {106/ 3} في تفسير دعاء الإصباح:" أُشْهِدك":أي أجعلك شاهدا على إقراري بوحدانيتك في الإلوهية و الربوبية وهو إقرار للشهادة و تأكيد لها و تجديد لها في كل صباح ومساء".
ومثله في " تحفة الأحوذي" {400/ 8}:" من الإشهاد أي نجعلك شاهدا على إقرارنا بوحدانيتك في الألوهية و الربوبية وهو إقرار للشهادة و تأكيد لها و تجديد لها في كل صباح و مساء و عرض من أنفسهم أنهم ليسوا عنها غافلين".
ومعلوم أن دلالة الاقتران في السياق تدل على المغايرة في المعنى فهنا إثبات للوحدانية في الإلوهية وللوحدانية في الربوبية وهي معان متغايرة كما هو واضح.
قال في " العرف الشذى للكشميري" {180/ 3}: (اللَّه اللَّه الخ) الأول مبتدأ و الثاني تأكيد له و"ربي" خبر، وجملة " لا أشرك" خبر بعد خبر، ومعنى " لا أشرك به" أي في العبادة أو إثبات الإلوهية".
قال المناوي في"فيض القدير" {18/ 1}:"الشريك من المشاركة وهي المعاونة والمساعدة في الشئ أو عليه وذلك ينافي الألوهية وهو تأكيد لتوحيد الذات والمتوحد ذو الوحدانية وزاد مقام الخطاب بالثناء توضيحا وتقريرا بقوله ضرورة احتياجه إلى الغير فانتفائه ضروري قطعا وهو توكيد لتوحيد الأفعال ردا على المعتزلة".
وهذه نقول أخرى عن بعض العلماء تبين استعمالهم لهذه الألفاظ في التوحيد ولو على مرادهم هم المقصود أنهم لا يعدونها مستحدثة.
قال أبو حيان التوحيدي في"البصائرو الذخائر" {113/ 1}:" وكذلك يفعل الله بمن لا يحفظ شرائط العبودية، ولا يقف عند حدود البشرية، ولا ينصاع لأمر الألوهية، ولا يسلم لله أحكام الربوبية."
قال أبو حاتم محمد ابن حبان البستي في"روضة العقلاء و نزهة الفضلاء" {1/ 1}:" الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، المتعزز بعظمة الربوبية".
(يُتْبَعُ)
(/)
قال المقري في ترجمة أبي العباس المرسي في كتابه"نفح الطيب" {192/ 2}:" قال، رضي الله تعالى عنه: التقوى في كتاب الله، عزّ وجلّ، على أقسام: تقوى النّار، قال الله سبحانه وتعالى " واتّقوا النّار " وتقوى اليوم، قال الله تعالى " واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، وتقوى الربوبية، قال الله تعالى " يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم " وتقوى الألوهية " واتّقوا الله " وتقوى الإنّية " واتّقوى يا أولي الألباب "
قال ابن عجيبة التطواني في"إيقاظ الهمم شرح متن الحكم العطائية" {133/ 1}:" حكمة الحكيم اقتضت تغطية أسرار الربوبية بأنوار سبحات الألوهية"
قال محي الدين بن عربي في"الفتوحات المكية" {213/ 1}:" توحيد الذات وتوحيد المرتبة وهي الألوهية بلوازمها من الأحكام المشروعة التي هي حق الإسلام في قوله صلى الله عليه وسلم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"
وقال" منه ما هو توحيد الواحد ولهذا يرى بعض العلماء الإلهيين أن الله هو الذي توحيد الألوهية ومنه ما هو توحيد الهوية".
معنى ذلك أن اسم الجلالة"الله" يدل على الألوهية التي هي صرف الأحكام المشروعة لله تعالى.
وقال:" قد يكون عتق الرقاب من الألوهية بالعبودة فإن الشخص يتقيد بالربوبية فيطلب منه ما ليس بيده منه شيء وإنما ذلك بيد الله فيحار فيعتقه الله من هذه النسبة إليه بما أظهر فيه عند المعتقد فيه ذلك من الجبر والافتقار وسلب هذه الأوصاف فعاد حرّاً في عبوديته فلم يكن له قدم في الربوبية فاستراح فهذا عتق أيضاً شريف حيث تخلص لنفسه من تعلق الغير به كما خلص بالتهليل الألوهة لله"
هذه النقول عن ابن عربي لبيان انه كان يعلم أن الألوهية المقصود منها صرف العبادة إلى الله و أن معناها غير معنى الربوبية.
نقل أبو نعيم الأصبهاني في"حلية الأولياء" {380/ 4}:" حدثني عنه عثمان قال: كنت أمشي مع الجنيد فلقيه الشبلي فقال له: يا أبا القاسم ما تقول فيمن الحق حسبه نعتاً وعلماً ووجوداً؟ فقال له: يا أبا بكر جلت الألوهية، وتعاظمت الربوبية، بينك وبين أكابر الطبقة ألف طبقة في أول طبقة منها ذهب الاسم."
قال الزركشي في"البرهان في علوم القرآن" {201/ 2}:"قوله تعالى: {ادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} {شُهَدَاءَكُمْ} احتمل معنيين: أحدهما: أن يكون المعنى ادعوا الذين تجاوزتم في زعمكم شهادة الله أي شهادتهم لكم يوم القيامة والثاني: على أن يراد بشهدائكم آلهتكم أي ادعوا الذين تجاوزتم في اتخاذكم ألوهية الله إلى إلوهيتهم"
أي شرككم في عبادته بجمعكم بين ألوهية الله و إلوهية أصنامكم.
قال الألوسي في "تفسيره" {394/ 2}:" {وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ} في الخيانة وإنكار الحق وفي الجمع بين عنوان الألوهية وصفة الربوبية من التأكيد والتحذير ما لا يخفى، وقد أمر سبحانه بالتقوى عند الوفاء حسبما أمر بها عند الإقرار تعظيماً لحقوق العباد وتحذيراً عما يوجب وقوع الفساد."
"آمن {بالله} أي صدق به وبصفاته ونفى التشبيه عنه وتنزيهه عما لا يليق بكبريائه من نحو الشريك في الألوهية والربوبية وغير ذلك"
وقال في تفسير طلب عيسى عليه السلام نزول المائدة {189/ 5}:" دعا الله تعالى فقال: {اللهم رَبَّنَا} ناداه سبحانه وتعالى مرتين على ما قيل مرة بوصف الألوهية الجامعة لجميع الكمالات وأخرى بوصف الربوبية المنبئة عن التربية إظهاراً لغاية التضرع ومبالغة في الاستدعاء وإنما لم يجعل نداء واحداً بأن يعرب {رَبَّنَا} بدلاً أو صفة لأنهم قالوا: إن لفظ اللهم لا يتبع، وفيه خلاف لبعض النحاة. وحذف حرف النداء في الأول وعوض عنه الميم وكذا في الثاني إلا أن التعويض من خواص الاسم الجليل أي يا الله يا ربنا."
قوله تعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ {قُل لِلَّهِ} تقرير للجواب نيابة عنهم أو إلجاء لهم إلى الإقرار بأن الكل له سبحانه وتعالى وفيه إشارة إلى أن الجواب قد بلغ من الظهور إلى حيث لا يقدر على إنكاره منكر ولا على دفعه دافع فإن أمر السائل بالجواب إنما يحسن كما قال الإمام في موضع يكون فيه الجواب كذلك، قيل: وفيه إشارة إلى أنهم تثاقلوا في الجواب مع
(يُتْبَعُ)
(/)
تعينه لكونهم محجوجين، وذكر عصام الملة أن قوله سبحانه وتعالى: {قُل لّمَنِ} الخ معناه الأمر بطلب هذا المطلب والتوجه إلى تحصيله. وقوله عز وجل: {قُل لِلَّهِ} معناه أنك إذا طلبت وأدى نظرك إلى الحق فاعترف به ولا تنكره. وهذا إرشاد إلى طريق التوحيد في الأفعال بعد الإرشاد إلى التوحيد في الألوهية وهو الاحتراز عن حال المكذبين. وفي هذا إشارة إلى وجه الربط وسيأتي إن شاء الله تعالى قريباً ما يعلم منه الوجه الوجيه لذلك، والجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف أي لله تعالى ذلك أو ذلك لله تعالى شأنه.
قوله تعالى: {{قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا} أي أنعبد متجاوزين عبادة الله تعالى الجامع لجميع صفات الألوهية التي من جملتها القدرة على النفع والضر ما لا يقدر على نفعنا أن عبدناه ولا على ضرنا إذا تركناه، وأدنى مراتب المعبودية القدرة على ذلك."
قال الشوكاني في"فتح القدير" {90/ 8}:" {إله الناس} هو أيضاً عطف بيان كالذي قبله لبيان أن ربوبيته، وملكه قد انضمّ إليهما المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي بالاتحاد والإعدام، وأيضاً الربّ قد يكون ملكاً، وقد لا يكون ملكاً، كما يقال ربّ الدار، وربّ المتاع، ومنه قوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً مّن دُونِ الله} [التوبة: 31] فبين أنه ملك الناس. ثم الملك قد يكون إلها، وقد لا يكون، فبيّن أنه إله؛ لأن اسم الإله خاصّ به لا يشاركه فيه أحد، وأيضاً بدأ باسم الربّ، وهو اسم لمن قام بتدبيره، وإصلاحه من أوائل عمره إلى أن صار عاقلاً كاملاً، فحينئذ عرف بالدليل أنه عبد مملوك، فذكر أنه ملك الناس. ثم لما علم أن العبادة لازمة له واجبة عليه، وأنه عبد مخلوق، وأن خالقه إله معبود بيّن سبحانه أنه إله الناس، وكرّر لفظ الناس في الثلاثة المواضع؛ لأن عطف البيان يحتاج إلى مزية الإظهار؛ ولأن التكرير يقتضي مزيد شرف الناس."
قال الرازي في "تفسيره" {321/ 7}:" الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، من لوازم الإيمان بالله وحده، إذ المراد من قوله: {وَحْدَهُ} هو وحده في الألوهية، ولا نشك في أن الإيمان بإلوهية غيره، لا يكون إيماناً بالله، إذ هو الإشراك في الحقيقة، والمشرك لا يكون مؤمناً"
قال في "تفسير البيضاوي {351/ 3}:" كما ذكر الواحد في قوله: {إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ} للدلالة على أن المقصود إثبات الوحدانية دون الإِلهية، أو للتنبيه على أن الوحدة من لوازم الإِلهية"
قلت: هذه بعض النقول عن السلف وعن العلماء تبين وجه الفرق بين الربوبية و الألوهية ومشروعية هذا التفريق و التقسيم، وتبين أن توحيد الألوهية هو توحيد العبودية أي صرف العبادة كل العبادة لله تعالى كما تبين أن مشركي العرب كانوا مشركين في الألوهية أكثر من شركهم في الربوبية التي كانوا مقرين بها.
قال الطبري:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال: سمعت ابن زيد يقول: (وما يؤمن أكثرهم بالله)، الآية، قال: ليس أحدٌ يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله، ويعرف أن الله ربه، وأن الله خالقه ورازقه، وهو يشرك به. ألا ترى كيف قال إبراهيم: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ) [سورة الشعراء:]؟ قد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون. قال: فليس أحد يشرك به إلا وهو مؤمن به. ألا ترى كيف كانت العرب تلبِّي تقول:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك".
قال القرطبي في"تفسيره" {303/ 9}:" (قل أفأتخذتم من دونه أولياء) هذا يدل على اعترافهم بأن الله هو الخالق [وإلا] لم يكن للاحتجاج بقوله: " قل أفاتخذتم من دونه أولياء " معنى، دليله قوله: " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله " [الزمر:] أي فإذا اعترفتم فلم تعبدون غيره؟! وذلك الغير لا ينفع ولا يضر، وهو إلزام صحيح.
ثم ضرب لهم مثلا فقال: (قل هل يستوي الأعمى والبصير) فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر الحق، والمشرك الذي لا يبصر الحق."
(يُتْبَعُ)
(/)
"قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} قوله تعالى: " ولئن سألتهم " يعني المشركين.
" من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم " فأقروا له بالخلق والإيجاد، ثم عبدوا معه غيره جهلا منهم."
بيان معنى توحيد الربوبية:
لكي نفهم توحيد الربوبية وكونه من المعارف الفطرية الضرورية ولذلك لم يأت القرآن على ذكره إلى لبيان أنه يستلزم توحيد الإلوهية يجب أن نبحث ولو بإيجاز مسألة معرفة الله فإن الذين أنكروا تقسيم التوحيد إنما ينطلقون من خلفية اعتزالية في هذه المسألة معروفة عنهم وهي أن المعارف نظرية أي تحصل بالعقل و النظر.
أما من أدرك أن معرفة الله من المعارف المغروسة في فطرة الإنسان فهي ضرورية أصلا، ولكنها تدرك كذلك بالعقل و النظر،يفهم أهمية تركيز القران على توحيد الإلوهية و قيام الخصومة بين الأنبياء و قومهم من آجله.
1 ـ معرفة الله تعالى [3] ( http://majles.alukah.net/#_ftn3):
الدليل على أن المخلوقات تعرف الله من غير طريق النظر:
لقد أخبر الله سبحانه و تعالى في كتابه عن معرفته فقال: {و إن من شيء إلا يسبح بحمده} قال ابن عباس: حتى النبات الذي خلقه يسبح بحمده، و قال تعالى: {يا جبال أوبي معه و الطير}، وقال: {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجدا لله وهم داخرون} يعني:صاغرون، و قال سبحانه: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب وكثير من الناس و كثير حق عليه العذاب}،وهذا إعلام للبشر بأن كل شيء يسبح بحمده و يسجد لعظمته، ويعترف بإلوهيته ووحدانيته، وقد علمنا أنه لا يجوز أن تسجد الأشياء و تسبح لمجهول.
كذلك اعتراف المخلوقات بفضائل رسله و ما استفاض من مخاطبات الجمادات له صلى الله عليه و سلم و سلامها عليه وحنين الجذع إليه يدل على هذه المعرفة.
فالبهائم أبهمت إلا عن معرفة بارئها.
و النتيجة أن هذه الأشياء عرفت الله من غير طريق العقل و الاستدلال مما يلزم منه أن معرفة الله مغروسة في الإنسان من طريق أولى، فهو لا يكتسبها نتيجة نظره و استدلاله إنما النظر و الاستدلال يزيدان فيها.
لماذا لا تعتمد معرفة الله على غيره؟
ـ لقد علمنا أن معرفة الله حق لنفسه إذ هو الخالق لكل شيء، وهو خلق الأشياء مجهولة ثم عرّفها لخلقه و جلاها لهم بالأسماء فعرفت من بعد جهلها، وهذا دليل حدوثها، فلزم منه أن الله سبحانه ليس كالحوادث التي عرفت بغيرها، لأن كل معروف بغير نفسه مجهول وكل تام بغيره معلول.
إذ معرفة الله بغيره دليل قاطع على وجود علة المجهول فيه، فمتى عرف بغيره استلزم ذلك ارتفاع الجهالة عنه بغيره الذي لولاه لم يعرف الله، فصارت معرفته بغيره صارخة بفقره إلى من ارتفعت عنه به علة المجهول، و الغيرية علة، و العلة لا تصحب إلا معلولا.
فلولا وجود زيد ما عرف عمرو، وبوجود زيد زالت الجهالة عن عمرو، فصار زيد مفتقرا إلى وجود عمرو و اسمه لزوال الجهالة عنه به و باسمه.
فمن المعارف الضرورية الأولية أن المخلوق يفتقر إلى علة يعرف بها، بخلاف الله سبحانه الذي لا نظير له فهو غير مفتقر إلى علة يعرف بها ويقوم بها، بل الخلق كلهم مفتقرون إليه و على معرفته
فهذا إشارة إلى المعرفة الفطرية، فإنه لم يعرف فيها بغيره، بل كان هو المعروف بها بنفسه إلى خلقه، فالمعرفة الفطرية هي التي تنفي عنه سبحانه أن يقوم بالعلل فيصير مدلولا بعدما كان دليلا.
فمن ثبت بغيره و نفي بغيره كان إثباته تخييرا، وتلك علل المحدثات الممكنات، والله ثابت بثباته معروف بنفسه، لم يعرف بعد جهل.
وعليه فهذه المعرفة الفطرية هي أساس توحيد الربوبية ولكنها ليست هذا التوحيد بتمامه لذلك كانت معرفة لا يقع بها إيمان ولا توحيد لأنها إقرار للضرورة، ليس للكافر فيها اختيار ولو كانت كذلك لجحدها، والملحد في حقيقته معاند في جحوده الخالق إذ لا يوجد ملحد زعم انه خلق نفسه لأنه من المعارف الضرورية فيه انه لم يوجد نفسه وسواء سمى من أوجده الطبيعة أو البكتريا فقد نسب إيجاده إلى محدثات مثله علم بالضرورة انه هو الآخر لم يوجد نفسه.
ولو كانت هذه المعرفة الفطرية مكتسبة لوقع بها إيمان و ثواب بل هي ضرورة يرجع إليها في الشدائد، قال تعالى: {ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون}.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذه الضرورة ألزم بها الخلق كما في قوله تعالى: {وله اسلم من في السماوات و الأرض طوعا وكرها}، فالله سبحانه المعروف الذي لا ينكره شيء و المعلوم الذي لا يجهله شيء.
ولذلك بين القرآن أن الرسل دعت إلى توحيد الإلوهية، وبه وقع الكفر من منكريه، وهو مكتسب لم يجب بالعقل كما زعمت المعتزلة، لان هذه المقالة تضاهي مقالة البراهمة حيث زعمت أن في قوة العقل كفاية عن بعثة الرسل، و الله تعالى لم يخبرنا أنه ما كان يعذبنا حتى يرزقنا عقولا ولكن حتى يبعث رسولا.
و إن كان العقل حجة فهو حجة تابعة و الرسل حجة الله الظاهرة فالسمع يرشد العقل، وبوجود الرسل صح التكليف فهم الحجة الظاهرة المبلغة عن الله مراده والمخبرة بأمره و الداعية إلى سبيله، و الرسل لم تأت للإقرار المعارف الفطرية و لكن لإتمامها،وقد قيل لبعض العارفين: بم عرفت الله؟ قال: بالله، فقيل: فأين العقل؟، فقال: العقل عاجز يدل على عاجز.
ولو كان توحيد الله بالربوبية معروفا عن طريق العقل لما قالت قريش مع كونها ذوي عقول كما اخبر الله عنهم: {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب}، فإن كان لا عقل لها فلا حجة عليها، و إن كانت ذوي عقول فما أغنت عنهم عقولهم.
خلاصة هذا الباب:
معرفة الله أجل و أعظم و اكبر من أن تخفى، و أشرف من أن يتناولها معقول، فالله سبحانه و تعالى ليس في حيز المجهولات فيستدل عليه، ولا محدود بالعقل،عرفه المسلمون و غيرهم بما تعرف به إليهم، ووصفه أهل السنة بما وصف به نفسه، إذ به عرفت المعارف ووجدت الدلائل، عرّفنا نفسه، وعرّفنا رسله بما اظهر على أيديهم من المعجزات و البراهين والآيات، وتعرّف إلينا على ألسنتهم، إذ لا وصول لنا إلى مراده منا إلا بما أرسل، فوجب أن نوحده بما وحد به نفسه، ونثني عليه بثنائه ونشكره على آلائه كما علمنا رسوله، إذ الله جل في علاه الغني عن كل شيء، وكل شيء إليه فقير، فلفقرنا لم نعرفه بنا ولغنائه عنا عرفناه به.
لقد خلق البشر على الفطرة، وبعث إليهم الرسل، وعلمهم العلم، وركب فيهم العقل بالفكر و النظر و القياس، فبالفطرة عرفوه، و بالوسائل عبدوه، فلولا ما عرفوه من طريق ربوبيته بالفطرة و الضرورة، ولولا إرسال الرسل ما عرفوا توحيده حقيقة التوحيد ولا كيف يطيعوه.
وإذا أثبت أهل الكلام معارف ضرورية كمعرفة الإنسان بوجود نفسه لزم أن معرفة الربوبية أولى بهذا الإنسان ولازمة لمعرفة نفسه.
تعريف الفطرة:
هي معرفة الربوبية، فهو سبحانه يخلق خلقه مقرين عارفين، لا موحدين ولا جاحدين، وقد بين القران أن الله خلق عباده على الفطرة قال تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}،ومعناه أن الرسل بعثوا بتكميل الفطرة و تقريرها لا إفسادها و تغييرها.
وفي صحيح مسلم:"إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم و أمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا" [4] ( http://majles.alukah.net/#_ftn4). يعني عارفين عرفوه بوحدانيته، و أقروا له بمعرفة ربوبيته، و إنما جحدوا معرفة توحيد الألوهية الذي تعبدهم به على ألسنة الرسل، وهو قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}.
وعليه يستلزم أن العقول السليمة مفطورة على معرفة الحق كالإقرار بالخالق و الاعتراف بوجود واجب الوجود أزلي، فالمحدث يعلم ضرورة أنه لم يحدث نفسه، ويعرف أنه لكل أثر مؤثر، ولكل بناء بان، ولكل كتابة كاتب، فالمحدث يعلم انه في وجوده وكماله عاجز فكيف في عدمه و عجزه؟
قال الله تعالى: {أفي الله شك}،وقال: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}، و قال: {و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم}.
بيان أن النزاع بين الرسل و أقوامهم في توحيد الإلوهية:
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذه الآيات و غيرها تبين أن التكليف لم يرد بمعرفة الصانع، و إنما ورد بمعرفة التوحيد ونفي الشريك، قال النبي صلى الله عليه و سلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"، لم يقل: حتى يعرفوا الله أو حتى يقولوا: إن ربهم ربا، إذ هم عارفون بذلك، و إنما أمرتهم الرسل أن يصلوا معرفة توحيد الربوبية بتوحيد العبودية، فالأنبياء لهم مدخل في معرفة توحيد الألوهية دون معرفة الوحدانية و الربوبية، إذ لكل معرفة مقام، فليس للعقل و النظر و الاستدلال في معرفة الربوبية حكم، لكونها عامة موجودة ممن يصح منه النظر والاستدلال وممن لا يصح منه، فلو كلفهم كلهم النظر و الاستدلال لكان مكلفا لهم شططا، إذ لا يصح من الكل النظر و الاستدلال،ويصح من الكل المعرفة الضرورية، فحملهم من ذلك ما رفع به عنهم الشطط.
ولهذا جعل محل النزاع بين الرسل و بين الخلق في توحيد الألوهية، قال تعالى: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم و إن يشرك به تؤمنوا}، و قال: {و إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة}،و قال: {و إذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولو على أدبارهم نفورا}.
فالتوحيد عند أهل السنة كما دل عليه القرآن و السنة ليس مجرد الإقرار بالصانع، بل يجب أن يتبعه عبودية لله بالحب و التعظيم،و إخلاص الدين له، و أصل الإيمان: قول القلب وعمله أي: علمه بالخالق و عبوديته للخالق، والقلب مفطور على هذا وهذا، و بعض الناس يخرج عن الفطرة بما يعرض له من المرض بسبب الجهل أو الظلم الذي هو جحود آيات الله المتلوة و المجلوة.
ومعلوم أن وجود حب الله و خشيته و الرغبة إليه و تألهه في القلب فرع وجود الإقرار به، وهذا الثاني مستلزم للأول، فإذا كان هذا يكون ضروريا في القلب فوجود الإقرار السابق عليه اللازم له أولى أن يكون ضروريا، فإن ثبوت الملزوم لا يكون إلا مع ثبوت اللازم.
وهذا لا يمنع من أن صحة الفطرة تحتاج إلى حسن النظر لمعرفة فساد الاعتراضات على الكتاب و السنة قال تعالى: {ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا}، و قال: {و لقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}، و قال: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون}،و قال: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا}.
فالعلوم الفطرية الضرورية حاصلة مع صحة الفطرة و سلامتها، وقد يعرض للفطرة ما يفسدها ويمرضها فترى الحق باطلا، فما يخطر على البال من شبهات فلا يمكن أن يبينه خطاب على وجه التفصيل:
و كون معرفة الله بالفطرة و الضرورة لازم للبشر حتى في علومهم فغنها لا تقوم بدون هذه الفطرة و الضرورة المغروسة فيهم، فبدون معرفة الله المغروسة فيهم لا يقوم للبشر علم صحيح.
فالبرهان الذي ينال بالنظر فيه العلم لابد أن ينتهي إلى مقدمات ضرورية فطرية، فإن كل علم ليس بضروري لابد أن ينتهي إلى علم ضروري، إذ المقدمات النظرية لو أثبتت بمقدمات نظرية دائما لزم الدور القبلي أو التسلسل في المؤثرات في محل له ابتداء وكلاهما باطل بالضرورة، فإن العلم النظري الكسبي هو ما يحصل بالنظر في مقدمات معلومة بدون النظر، إذ لو كانت تلك المقدمات أيضا نظرية لتوقفها على غيرها، فيلزم تسلسل العلوم النظرية في الإنسان، و الإنسان حادث كائن بعد أن لم يكن، و العلم الحاصل في قلبه حادث، فلو لم يحصل في قلبه علم إلا بعد علم قلبه، للزم أن لا يحصل في قلبه علم ابتداء، فلابد من علوم بديهية أولية يبدؤها الله في قلبه، و غاية البرهان أن ينتهي إليها ثم تلك العلوم الضرورية قد يعرض فيها شبهات ووساوس.
و الشبهات القادحة في تلك العلوم لا يمكن الجواب عنها بالبرهان، لأن غاية البرهان أن ينتهي إليها، فإذا وقع الشك فيها انقطع طريق النظر و البحث، ولهذا كان من أنكر العلوم الحسية و الضرورية لم يناظر بل يجب مداواته،ولهذا اتفق العقلاء أن كل شبهة تعرض لا يمكن إزالتها بالبرهان و النظر و الاستدلال، و إنما يخاطب بالبرهان و النظر و الاستدلال من كانت عنده مقدمات علمية،وكان ممن يمكنه أن ينظر فيها نظرا يفيده العلم بغيرها، فإن لم يكن عنده مقدمات علمية،أو لم يكن قادرا على النظر لم تمكن مخاطبته بالنظر و الاستدلال.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا كان لا طريق إلى المطلوب من معرفة الله إلا الاستشهاد بالأفعال الإلهية، ولا شهادة للفعل إلا من حيث احتياج الفطرة و اضطرار الخلقة فحيثما كان الاضطرار و العجز أشد كان اليقين أوفر و أوكد، قال تعالى: {و إذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه}، {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} و المعارف التي تحصل من تعريفات أحوال الاضطرار أشد رسوخا في القلب من المعارف التي هي نتائج الأفكار في حال الاختيار".
الخلاصة:
معرفة الله الأولية ليست معدودة من النظريات التي يقام عليها البرهان، و أن الفطرة تشهد بضرورتها، و بديهة فكرتها بالصانع الحكيم، و أن ما تنتهي إليه مقدمات الاستدلال بإمكان الممكنات أو حدوثها من القضايا الضرورية، دون ما شهدت به الفطرة الإنسانية من احتياج الإنسان في ذاته إلى مدبر.
الأدلة على أن معرفة الله تكون أولا بالفطرة ثم بالسمع:
الدليل على أن معرفة الله الكاملة إنما تدرك بالسمع، وأنه لا مدخل للعقول فيها قبل ورود السمع بها: أن العقل مخلوق كالحواس الخمس من البصر والسمع والشم واللمس والمذاق، ثم المقسوم منه يتفاضل الخلق فيه، يعلم ذلك كل أحد ضرورة،فإذا كان كذلك وجملة هذا أن الله لم يجعل اللمس سبيلا إلى إدراك الأراييح، ولا الشم سبيلا إلى إدراك المسموعات، بل جعل كل واحد منهما سبيلا لإدراك ما خص به، وإن كنا نجوز أن يفعل ذلك.
كذلك العقل لم يجعل الله له سبيلا إلى إدراك السواد والبياض، ولا إلى إدراك المشام والطعوم، بل جعل الله له سبيلا إلى التمييز بين الموجودات، وإلى إدراك فهم السمعيات والفرق بين الحسن منها والقبيح، والباطل منها والصحيح، فإذا نظر إلى المصنوعات التي لا سبيل للخلق إلى مثلها، ويعجز كل فاعل عنها، وتحقق بصحة التمييز المركب فيه - إذا أراد الله هدايته - أن المحدثات لا تصنع نفسها علم أنها مفتقرة إلى صانع،غير أنه لا يعرف من هو قبل ورود السمع، فإذا ورد السمع بأن الصانع هو الله قبله العقل، ووقع له فهم في السمع، وتحقق صحة الخبر، وعرف الله من ناحية السمع، لا من ناحية العقل، لأن العقل بمجرده لا يعلم من الصانع قط، وأكثر ما في بابه أن يقع به التمييز، فيبقى أن يفعل الجماد نفسه، ويقتضي بالشاهد على الغائب، فأما أن يعرف من الصانع، فمحال إلا من جهة السمع.
والدليل على صحة اعتبارنا أن الله خاطب العقلاء بالاعتبار فقال {فاعتبروا يا أولي الأبصار} يعني البصائر وقال: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب} أي عقل وقال: {ليتذكر أولو الألباب} فأمرهم باعتبار ما جعل لهم سبيلا إلى اعتباره دون غيره.
ثم الدليل القاهر هو القاضي بصحة ما ذكرت: أن الله عز وجل حجب عن الخلق - من الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وسائر الخلق أجمعين - معرفة ما هو، ولم يجعل لهم طريقا إلى علم مائيته، ولا سبيل إلى إدراك كيفيته، جل أن يدرك، أو يحاط به علما وتعالى علوا كبيرا: {ولا يحيطون به علما} فمنع من إحاطة العلم به، فلا سبيل لأحد إليه.
وقال: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فنفى عن نفسه الأشباه والأمثال، فمنع من الاستدلال عليه بالمثلية، كما منع الدليل على إدراك كيفيته أو علم ماهيته، فهذا الذي لا سبيل للعقل إلى معرفته، ولا طريق له إلى علمه.
ثم كلف جل اسمه سائر بريته، وأفترض على جميع المكلفين من خليقته علم من هو ليعرف الخلق معبودهم، ويعلموا أمر إلههم وخالقهم، فلما كلفهم ذلك نصب لهم الدليل عليه سمعا، ليتوصلوا به إلى أداء ما افترض عليهم من عبادته، وعلم ما كلفهم من معرفته، علمنا منه، جلت عظمته بأن لا طريق للعقل إلى علم ذلك بحال فقال تعالى: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} وقال: {ذلكم الله ربكم} وقال: {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم} وقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}
ولو سألهم قبل أن يسمعوا باسمه عن تأويل من خلقهم ما كان لهم طريق إلى علم ذلك، لأن الأسماء لا تسمع من جهة العقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: فثبت وتقرر بالدليل الذي لا يحتمل إلا ما ذكرناه: أن الله العظيم لم يعرف إلا من جهة السمع، لإحاطة العلم أنه لا طريق للعقل بمجرده إلى معرفة هذه الأسماء، ولا إلى معرفة المسمى، لو لم يرد السمع بذلك، ومدعي ذلك ومجوزه من ناحية العقل يعلم بطلان دعواه ضرورة.
وعليه فمعرفة الله الأولية فطرية ضرورية، ومعرفته الشرعية الكاملة تقع استدلالا، لا اضطرارا، لأنه لو كانت تعلم بضرورة لاستوى فيها العقلاء، فثبت أن هذه المعرفة الثانية وهي معرفته بأسمائه و صفاته وما يحب و ما يبغض و ما يسخط وما يرضى لا تقع إلا من ناحية السمع على ما نقول: إن الله لا يخلى خلقه في وقت من الأوقات، ولا في عصر من الأعصار ممن يعرفه إليهم، فتعرف إليهم على ألسنة رسله، وأرسل الرسل بالدعاء إليه، والدلالة عليه لكيلا تسقط حجج الله.
وكان كل نبي يعرف أمته معبودهم كقول نوح لقومه: {يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله} وكقول شعيب: {يا قوم اعبدوا الله}
وكذلك في قصص غيرهم من الرسل، كل منهم يديم الدعوة لقومه، فإذا قبض كان حكم شريعته قائما في حال الفترة إلى أن ينسخها الله بإرسال نبي آخر، فيقوم الثاني لأمته في التعريف والدعوة قيام الماضي لأمته، فما أخلى الله الخلق من سمع يعرفونه به، ويستدلون به على ربوبيته ومعرفة أسمائه.
تعليق ابن تيمية
قلت: ففي هذا الكلام قد جعل العلم ثلاثة أنواع: أحدها: هو الذي يعرف بالعقل والثاني: المعرفة التي لا تحصل إلا بالسمع والثالث: ما لا سبيل إلى معرفته لا بعقل ولا بسمع.
إن المعرفة لو كانت بالعقل لكان كل عاقل عارفا، ولما وجد جماعة من العقلاء كفارا دل على أن المعرفة لم تثبت بالعقل، ألا ترى أن ما يدرك بالضرورة لا يختلف أرباب النظر فيه؟ وهذا إنما ينفي المعرفة الإيمانية، وإلا فعامة العقلاء يقرون بالصانع.
وأيضا فهذا ينفي أن تكون المعرفة الإيمانية ضرورية، وهو أيضا يوجب أن الطرق العقلية لا تفصل مورد النزاع، ولا يحصل عليها الإجماع، فإن الطرق القياسية العقلية النظرية وإن كان منها ما يفضى إلى العلم، فهي لا تفصل النزاع بين أهل الأرض تارة لدقتها وغموضها، وتارة لأن النفوس قد تنازع في المقدمات الضرورية، كما ينازع أكثر النظار في كثير من المقدمات الضرورية.
ولهذا لم يأمر الله عند التنازع إلا بالرد إلى الكتب المنزلة، قال تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} فجعل الحاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه الكتاب المنزل من السماء.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} فأمر عند التنازع بالرد إلى الله والرسول.
ولهذا المعرفة لا تحصل بمجرد العقل،لأن المعرفة لو كانت بالعقل لوجب أن يكون كل عاقل عارفا بالله تعالى، مجمعا على رأي واحد في التوحيد، ولما وجدنا جماعة من العقلاء كفارا مع صحة عقولهم ودقة نظرهم - دل على أن المعرفة لم تحصل بالعقل، لأن العقل حاسة من جملة الحواس، فالحواس لا تختلف في محسوساتها، ألا ترى أن ما يدرك بالنظر من أسود وأحمر وأخضر وأصفر وحيوان وحجر لا يختلف أرباب النظر فيه؟ فدل على أن معرفة الله حصلت بمعنى غير العقل لوجود الاختلاف في المعرفة، والاتفاق فيما طريقة العقل والحواس.
لو كان العقل علة في معرفة الباري لوجب أن تحصل المعرفة بوجوده وتعدم بعدمه كالمنظورات تدرك بوجود البصر وتعدم معرفتها ونظرها بعدم البصر وكذلك المسموعات وسائر المحسوسات، ولما رأينا المسلم يرتد عن الإسلام مع وجود عقله الذي كان به قبل الارتداد مؤمنا، علمنا أن المعرفة حصلت له بغير ذلك، وكذلك نرى المؤمن بالله يذهب عقله، ويحكم بجنونه، وهو باق على المعرفة،مقر بالتوحيد، عارف بالله، وعقلاء كثيرون يكفرون بالله، ويشركون به، فدل على أن المعرفة مستفادة بمعنى غير العقل.
وهذا الكلام يقتضي أن مجرد الغريزة ولوازمها لا تستلزم المعرفة الواجبة على العباد وهذا مما لا ينازع فيه أحد فإن من يقول: إن المعرفة تحصل بالعقل يقول: إن أصل الإقرار بالصانع يحصل بعلوم عقلية، ولكن ليس ذلك هو جميع المعرفة الواجبة، ولا بمجرد ذلك يصير مؤمنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا العقل هوالعقل الذي هو شرط في الأمر والنهي، وقد يراد بالعقل ما تحصل به النجاة كما قال تعالى عن أهل النار: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}
وقال تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}،وقال تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}
وقال: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وأمثال ذلك في القرآن.
واحتجوا على أن المعرفة لا تحصل بمجرد العقل بقوله تعالى: {وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله}
وهذه الآية وأمثالها تدل على أن السمع والأبصار والأفئدة لا تنفع صاحبها مع جحده بآيات الله، فتبين أن العقل الذي هو مناط التكليف لا يحصل بمجرده الإيمان النافع، والمعرفة المنجية من عذاب الله، وهذا العقل شرط في العلم والتكليف لا موجب له.
فالآيات الدالة على الرب تعالى: آياته القولية التي تكلم بها كالقرآن، وآياته الفعلية التي خلقها في الأنفس والآفاق تدل عليه، وتحصل بها التبصرة والذكرى، وإن كان الرب تعالى قد عرفته الفطرة قبل هذا، ثم حصل لبعض الناس نوع من الجهل أو الشك أو النسيان ونحو ذلك.
وبهذا البحث المقتضب عن معرفة الله نعرف لم أكد القرآن على توحيد العبودية و الألوهية ولم الشرك في هذا التوحيد هو الشرك الذي ابتلي به أكثر البشر.
أنواع الشرك:
قال الألوسي في"تفسيره" {263/ 3}:"أما في الإشراك بالربوبية فظاهر إذ كيف يأمر الله سبحانه باعتقاد أن خالق العالم اثنان مشتركان في وجوب الوجود والاتصاف بكل كمال، وأما الإشراك في الألوهية الذي عليه أكثر المشركين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأنه يفضي إلى الأمر باعتقاد أشياء خلاف الواقع مما كان المشركون يعتقدونه في أصنامهم وقد ردّه عليهم"
{82/ 4}:"والشرك يكون بمعنى اعتقاد أن لله تعالى شأنه شريكاً إما في الألوهية أو في الربوبية، وبمعنى الكفر مطلقاً وهو المراد هنا كما أشار إليه ابن عباس فيدخل فيه كفر اليهود دخولاً أولياً فإن الشرع قد نص على إشراك أهل الكتاب قاطبة وقضى بخلود أصناف الكفرة كيف كانوا، ونزول الآية في حق اليهود على ما روي عن مقاتل لا يقتضي الاختصاص بكفرهم بل يكفي الاندراج فيما يقتضيه عموم اللفظ، والمشهور أنها نزلت مطلقة، فقد أخرج ابن المنذر عن أبي مجلز قال: «لما نزل قوله تعالى: {قُلْ يا عِبَادِى الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ} [الزمر: 53] الآية قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فتلاها على الناس فقام إليه رجل فقال: والشرك بالله؟ فسكت، ثم قام إليه فقال: يا رسول الله والشرك بالله تعالى؟ فسكت مرتين أو ثلاثاً فنزلت هذه الآية: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}» الخ والمعنى أن الله تعالى لا يغفر الكفر لمن اتصف به بلا توبة وإيمان لأنه سبحانه بت الحكم على خلود عذابه، وحكمه لا يتغير، ولأن الحكمة التشريعية مقتضية لسد باب الكفر ولذا لم يبعث نبي إلا لسده وجواز مغفرته بلا إيمان مما يؤدي إلى فتحه، وقيل: لأن ذنبه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعد للعفو بخلاف غيره، ولا يخفى أن هذا مبني على أن فعل الله تعالى تابع لاستعداد المحل، وإليه ذهب أكثر الصوفية وجميع الفلاسفة، فإن {يُشْرَكَ} في موضع النصب على المفعولية؛ وقيل: المفعول محذوف والمعنى لا يغفر من أجل أن يشرك به شيئاً من الذنوب فيفيد عدم غفران الشرك من باب أولى، والذي عليه المحققون هو الأول"
أهمية توحيد الألوهية:
من يشاهد ربوبية الله تعالى لعباده التي عمت جميع البرايا يعلم أن دين الله في البراءة من عبادة الأوثان واتخاذ الشركاء والشفعاء من دونه، وسواء كان الرجل مؤمنا بالله وكتبه و رسله و ينطق بالشهادتين فمتى اتخذ الشركاء و الشفعاء دون الله وصرف بعض عبادته لغير الله فقد أشرك وحينئذ من ينفي وجود توحيد العبودية وهو توحيد الألوهية فهو ممن يسوون بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات وبين المفسدين في الأرض وبين المتقين والفجار، ويجعلون المسلمين كالمجرمين ويجعلون الإيمان والتقوى والعمل الصالح بمنزلة الكفر والفسوق والعصيان، وأهل الجنة كأهل النار، وأولياء الله كأعداء الله، وهؤلاء نفاة
(يُتْبَعُ)
(/)
توحيد الألوهية ينتهوا إلى مشاهدة القدر التي يستوي فيها الموحد و المشرك برسم العبودية الكونية لله فهؤلاء لم يتفطنوا على أن توحيد الربوبية الذي يقربه المشركون هو من الحقيقة الكونية، ضروري في نفوس جميع الخلق لا يتميز به الموحد المؤمن عن المشرك الكافر أو الفاجر، وهؤلاء النفاة لتوحيد الألوهية غير المميزين بينه و بين توحيد الربوبية في ثبوت رسالة الأنبياء و ظهور التكليف و الحجة عند الله، يتوسعون في ذلك حتى ينتهون إلى الاتحاد أو وحدة الوجود إذ برسم توحيد الربوبية كل الخلق موحدون إذ كلهم مقر بأنه مخلوق غير خالق من غير تعيين الرب الخالق، ويقولون ما في الوجود غيره ولا سواه، بناء على وحدة الحقيقة في الربوبية و القدر، وهؤلاء مشركون في بأصل الإسلام، وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن التوحيد الواجب أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً فلا نجعل له نداً في ألوهيته ولا شريكاً ولا شفيعاً، فأما توحيد الربوبية وهو الإقرار بأنه خالق كل شيء فهذا قد قاله المشركون الذين قال الله فيهم {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، قال ابن عباس: تسألهم من خلق السموات والأرض فيقولون الله وهم يعبدون غيره.
وقال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله}، {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله قل أفلا تذكرون، قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم، سيقولون لله قل أفلا تتقون، قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون الله فأنى تسحرون}.
فالكفار المشركون مقرون بأن الله خالق السموات والأرض وليس في جميع الكفار من جعل لله شريكاً مساوياً له في ذاته وصفاته وأفعاله، هذا لم يقله أحد قط لا من المجوس الثنوية ولا من أهل التثليث ولا من الصابئة المشركين الذين يعبدون الكواكب والملائكة ولا من عباد الأنبياء والصالحين ولا من عباد التماثيل والقبور وغيرهم فإن جميع هؤلاء وإن كانوا كفاراً مشركين متنوعين في الشرك فهم يقرون بالرب الحق الذي ليس له مثل في ذاته وصفاته وجميع أفعاله ولكنهم مع هذا مشركون به في ألوهيته بأن يعبدوا معه آلهة أخرى يتخذونها شركاء أو شفعاء - أو في ربوبيته بأن يجعلوا غيره رب الكائنات دونه مع اعترافهم بأنه رب ذلك الرب وخالق ذلك الخالق كما كان مشركو العرب يقولون في التلبية.
وقد أرسل الله جميع الرسل وأنزل جميع الكتب بالتوحيد الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}. وقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون}
وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة}
وقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً أني بما تعملون عليم، وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون}.
مفهوم التوحيد عند المتكلمين:
إن السبب الذي يدعو أمثال الشيخ شمس الدين إلى إنكار تقسيم التوحيد و غرضهم إنكار توحيد الإلوهية حتى يسلموا من الوصم بالشرك لاتخذاهم أندادا من دون الله سواء كانوا أئمة غائبين محجوبين ينسبون لهم الخوارق و تدبير الكون أو بعض المقبورين أو لإباحتهم الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله و غير ذلك هو مفهومهم للتوحيد، فحتى تفهم سبب هذا الإنكار و الجحود للحقائق القرآنية النبوية نستطلع بإيجاز مفهوم هؤلاء للتوحيد.
الوحدانية في عرف المتكلمين سلف الشيخ شمس الدين و اتبعهم معناها سلب تصور الكمية في ذاته وصفاته سبحانه وتعالى: سواء الكمية المتصلة و الكمية المنفصلة،أي: فهو سبحانه وتعالى ليس مركبا من أجزاء ولا مكونا من جزئيات، وكذلك صفاته تقتضي عندهم هذا التركيب و الجزئية و الافتقار و التبعيض فهذا هو نفي الأجزاء عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هو مفهوم التوحيد عند المعتزلة و من قلدهم، وليس هو التوحيد الذي جاء به الأنبياء، بل هو توحيد الفلاسفة، وهو توحيد لا ينجي من عذاب الله إذ لا يخرج به الإنسان من دائرة الشرك، فهذا التوحيد كما تراه في كلام بعض المعروفين هو عقائد ميتافيزيقية لعباد الأولنب من اليونان، الذين قسموا الموجودات إلى مقولات عشر و أدرجوا الله في هذه الموجودات، ثم حكموا أنه واحد بمعنى بسيط، لا يقبل التجزؤ والتفكك وغير ذلك مما بيناه بالأدلة العقلية والنقلية في غير هذا الموضع. ولكن لا بأس بان نعيد الرد عليهم من أوجه أخرى لتعم الفائدة، ويظهر مدى بعد هؤلاء عن الكتاب والسنة وكيف جعلوا الكليات المنطقية أصل دينهم و النصوص تبعا لها، فنقول وبالله نستعين:
الجواب المجمل:
التوحيد عند المعتزلة وأتباعهم ثلاثة أنواع أو معاني [5] ( http://majles.alukah.net/#_ftn5):
فيقولون: 1 ـ هو واحد في ذاته لا قسيم له،2 ـ وواحد في صفاته لا شبيه له،3 ـ وواحد في أفعاله لا شريك له، فبالأول ينفون الصفات والأسماء كل على قدر بدعته، لأن الواحد في ذاته الذي لا قسيم له يقصدون منه نفي التجزؤ والتبعض والتركيب، لأن هذه عندهم تقتضي الافتقار، فالكل مفتقر إلى أجزائه التي بها يكون كلا،وقد خالفوا العقل والضرورة في هذا الباب إذ حصروا التركيب والافتقار والتجزؤ في معاني قررها الفلاسفة في المنطق، وهي تنطبق على الأجناس العشرة التي زعموا أنه لا يخرج عنها موجود، وقد بينا قبل هذا أن معنى التركيب لغة وشرعا وعقلا غير ما ذهبوا إليه، وبينا من جميع الاحتمالات وجوب وصف الله بصفات الكمال حتى ولو سميت تركيبا، وذلك بنفي معاني النقص في لفظ التركيب.
أما المعنى الثاني للتوحيد عندهم وهو قولهم: واحد في صفاته لا شبيه له، فقد أوضحنا معنى التشابه وبينا غلطهم في هذا الباب و انه قد علم بالعقل امتناع أن يكون له مثل في المخلوقات يشاركه فيما يجب أو يجوز أو يمتنع عليه، فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين، وبينا كذلك أن كل موجودين قائمين بأنفسهما فلا بد بينهما من قدر مشترك كاتفاقهما في مسمى الوجود، والقيام بالنفس والذات ونحو ذلك، فإن نفي ذلك يقود للتعطيل المحض،و أن الاشتباه في هذا الباب يزول بذكر خصائص الربوبية والفروق المميزة.
الفرق بين معنى الواحد في القران وفي الكلام:
لفظ الواحد مثلا في القرآن هو الذي لا شريك له كما في قوله تعالى: {و إلهكم إله واحد} البقرة، و قوله: {وهو الواحد القهار} الرعد، أما الواحد عند هؤلاء هو الذي لا جزء له ولا قسيم له أي: ذات مجردة عن الصفات، فهذا الواحد لا ذكر له في النصوص، بل لا وجود له في الخارج إنما هو تقدير ذهني لأنه يمتنع وجود حي عليم قدير مريد متكلم لا حياة له ولا قدرة ولا علم ولا إرادة ولا كلام فإثبات الأسماء دون الصفات سفسطة في العقليات وقرمطة في السمعيات كما يقول شيخ الإسلام.
فهذه الألفاظ التي يستعملها المتكلمة في حقه تعالى، مثل: المركب، والجزء، والجسم، والجوهر، والكل، وغيرها ألفاظ محدثة مبتدعة غريبة عن لغة العرب بالمعاني التي ركبتها عليها المتكلمة.
والذي عليه السلف أن إثبات وجود الله إثبات وجود لا إثبات تكييف وكذلك إثبات الصفات، وما لم ينفه الشرع لا ننفيه وما لم يثبته لا نثبته،فتسلم العقائد و تعرف المخلوقات ربها و خالقها كما أراد لها أن تعرفه.
حقيقة التوحيد عند السلف:
التوحيد عند السلف ما دل عليه الكتاب والسنة، وهو الذي أنزلت من أجله الكتب،وبعثت به الرسل و اتفقت عليه جميع الديانات السماوية، هو شهادة أن لا إله إلا الله، وعبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون} النحل.
فالتوحيد في كتاب الله وسنة نبيه عبادة الله وحده، وينافيه الشرك بعبادة غيره من المخلوقات كعبادة الملائكة والكواكب والأنبياء و الصالحين وعبادة الموتى والقبور والتماثيل والقباب والأضرحة وغيرها مما هو موجود في كثير من المعتزلة والشيعة و غيرهم ممن يزعم تحقيق التوحيد بنفي التجزؤ والانقسام والتركيب الذين يستغيثون بالموتى ويدعونهم ويرجونهم ويستشفعون بهم في الحياة الدنيا، ويذبحون لهم القرابين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعليه فما يثبته هؤلاء المتكلمون من توحيد الربوبية ويجعلونه الغاية من التوحيد، وأسمى المطالب العالية قد ذكره الله عن الكفار والمشركين فقال: {و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} يوسف، وبين أنهم كانوا مقرين به ربا خالقا ولكنهم أشركوا معه غيره من تماثيل وكواكب وموتى وملائكة وغيرهم، فلم ينفعهم إقرارهم به ربا لما أشركوا في عبادته.
قال تعالى: {شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام} آل عمران.
قال شيخ الإسلام في تفسيرها:" فذكر أن الدين عند الله الإسلام، بعد إخباره بشهادته وشهادة الملائكة و أولي العلم أنه لا إله إلا هو،والإله هو المستحق للعبادة، فأما من اعتقد في الله أنه رب كل شيء وخالقه وهو مع هذا يعبد غيره فإنه مشرك بربه متخذ من دونه إلها آخر.
فليست الإلهية {توحيد الألوهية} هي الخلق أو القدرة على الخلق أو القدم، كما يفسرها هؤلاء المبتدعون في التوحيد من أهل الكلام، إذ المشركون الذين شهد الله ورسوله بأنهم مشركون من العرب وغيرهم، لم يكونوا يشكون في أن الله خالق كل شيء وربه، فلو كان هذا هو إلهية {توحيد الألوهية} لكانوا قائلين: إنه لا إله إلا هو". {التسعينية:801/ 3}
لقد ضلت طوائف عظيمة من الأمة في أصل الإسلام حتى أدخلوا فيه جملة عظيمة من الشرك المنافي للإسلام وهم لا يحسبونها شركا، وأدخلوا في التوحيد أمورا باطلة ظنوها من التوحيد وهي تنافيه وبالمقابل أخرجوا من الإسلام والتوحيد أمورا عظيمة لم يظنوها من التوحيد وهي من أصله كعدم دعاء غيره والاستعانة به والتوكل عليه.
وحقيقة التوحيد الذي هو الإسلام هو توحيد الإرادة والقصد، وهو توحيد العبادة بصرف جميع العبادات والأعمال البدنية من صدقة وصلاة وزكاة وحج ودعاء وجهاد وذبح، وجميع أعمال القلوب من محبة وتعظيم وخوف ورجاء وتوكل ويقينا إلى الله وحده لا شريك له، فتحقيق شهادة لا إله إلا الله التي هي أصل الإسلام لا يكون إلا بتوحيد الإرادة والقصد، فلا يراد من وراء العبادات إلا الله و لا يقصد بها إلا هو.
أصول الإسلام:
إن الإسلام يتضمن أصلين:
الأول: الاستسلام لله، ولا يكون ذلك إلا بالخضوع له قلبا وضميرا، اعتقادا وعملا، فالاستسلام يعني عدم المعارضة وعدم المنازعة، فمن يعارض أمر الله و ينازعه لم يكن مستسلما له تمام الاستسلام، وكذلك الاستسلام له لا يكون إلا بطاعة رسوله وإتباعه، فمن زعم أنه مسلم مستسلم لله، ومع ذلك لا يطيع الرسول الذي أمره الله بطاعته، ولا يتبعه ويري إتباع رأيه، أو إتباع غيره من الناس، أو يري أنه يمكنه أن يجد ما عند الرسول من الحق والهدى والمعرفة عند غيره كالفلاسفة والمتكلمين وغيرهم لم يكن مستسلما لله، و بقدر نقصان استسلام العبد لله بقدر نقصان إسلامه.
الثاني: أن يكون هذا الاستسلام له سالما من الشريك، فالاستسلام يكون لله دون ما سواه، فلا يستسلم لله في شيء، ويستسلم لغيره، ولأعدائه من شياطين الجن والإنس في أشياء أخرى فإذا تعارضت طاعة الله مع طاعة رئيسه أو شيخه أو مخلوق من المخلوقات قدم طاعته لهؤلاء على طاعته لله، بل يجب توحيد الاستسلام ليتبعه توحيد العبادة.
أقسام التوحيد عند السلف:
التوحيد عند السلف يكون بالعلم والقول والعمل، فتوحيد الإرادة والقصد أو التوحيد العملي وهو عبادة الله وحده لا شريك له بصرف جميع الأعمال البدنية واللسانية والقلبية له وحده، وهو المسمى توحيد الألوهية يسبقه التوحيد العلمي الخبري المسمى توحيد الأسماء والصفات، فلا بد أن يعلم و يشهد أن لا إله إلا الله ولا يعرف ما الله؟ حتى يعرف أسمائه وصفاته فبها يتعين الإله المستحق للعبادة، الإله الحق ويتبين بطلان ما سواه من معبودات البشر، فالمسلم لا يعرف ربه حقيقة المعرفة إلا بمعرفة صفاته و أسمائه فيميزه عن غيره فيعرف بالتالي من يعبد وكيف يعبد.
و أما التوحيد القولي فهو توحيد اللسان المترجم لما يصدقه القلب وهو الإخبار عن الله بكونه واحدا لا شريك له و، والإخبار عن أسمائه وصفاته وعبادته بدعائه بها، فهذه أقسام التوحيد يصب بعضها في بعض، ولا يكون المسلم موحدا مسلما إلا بها مجتمعة، كل على قدر فهمه وعلمه واستطاعته.
والمتكلمون لا يعرفون من التوحيد إلا توحيد الربوبية الذي يشركهم فيه المشركون الذين أقروا بأن الله رب كل شيء ومع ذلك لم ينجيهم حتى أقروا بتوحيد الألوهية وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله.
هذا خلاصة موجزة في هذه المسألة المتعلقة بأقسام التوحيد ردا على الشيخ شمس الدين وغيره، أعاننا الله و إياه لقول الحق ووفقنا للصواب بمنه وكرمه.
و الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أرزيو/ الجزائر بتاريخ 2009 - 04 - 27
مختارالأخضر طيباوي
( http://majles.alukah.net/#_ftnref1)(/)
ملاحظة على كلام الأستاذ محمود سلطان، حول وصفه الأزهر بالوسطية
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 09:47]ـ
الاستاذ محمود قليل الثقافة الدينية فضلا عن كونه غير قادر على حكم على الامور بالمنهجة الشرعية العلمية المطلوبة وواضح ذلك فى مقال له قبل الذى سأنتقده عليه ببضع مقالات قال فيه عن القوة المعادية للاسلام ووصف وحشيتها الاجرامية بالبربرية
ولفظ الربربية هذا مشهور عند قراء التاريخ وعند من يستمعون شرايط الدعاة عن التاريخ أنه حُرف معناه واُستعمل ضد المسلمين فى حوار مع الدكتور محمد المختار المهدى الرئيس العام للجمعيات الشرعية بمصر
قال المحاور
نُسب اليكم اعتراضكم على وصف ما جرى فى غزة بأنه هجوم بربرى أو وحشى .. نريد توضيحا؟
الدكتور فعلا تسرب الى ثقافتنا العربية والاسلامية مصطلح _ الوحشية البربرية - ونحن لانقبل أن نبتلع الطعم بتمرير هذا المصطلح الوافد الينا من الغرب وصفا لاخواننا البربر الذين فتحوا الاندلس على يد البطل المسلم طارق بن زياد , حين رأوا شجاعتهم واقدامهم واستبسالهم فجعلوهم مثلا للقسوة, وما كانوا كذلك .. بل كانوا ملتزمين بضوابط الجهاد الاسلامى فلم يسجل التاريخ عليهم عدوانا على أطفال او نساء ولم نسمع أنهم هدموا بيوت أو الكنائس على أهلها - الى اخر ما فقال
وهذا المقال الذى سأنتقده فيه وأبين خطأه
مناهج الأزهر والتطرف!
محمود سلطان (المصريون): بتاريخ 26 - 4 - 2009أتمنى أن تتحلى المراكز القومية المتخصصة بالشفافية، وتعلن عن أسماء الباحثين العاملين في المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي، وعن مؤهلاتهم العلمية وانتماءاتهم الأيديولوجية، وعن خبراتهم العلمية والبحثية .. أطالب بذلك بعد أن اطلعت على جانب من التقرير الذي وضعه المجلس القومي للتعليم، عن "مناهج الأزهر"، ووصفه للأخير بأنه داع إلى "التطرف" و"التشدد" وأنه لا يدرك مسئولية المجتمع المتعدد الأديان والملل، ولا يعمل على غرس ثقافة احترام الآخر، إنما يساعد على "إثارة الفتن الدينية"، متجاهلاً إبراز ما فى الأديان من قيم مشتركة، وأن المجتمع الإسلامى يشهد خطاباً دينياً بعيداً كل البعد عن جوهر الدين الصحيح!
ليس ذلك وحسب بل وأن مناهج الأزهر "تهدد الأمن" وتعمل على "زعزعة الاستقرار" و"فقدان المواطن للأمن والأمان"!
طلبي يظل مشروعا بعد كل هذا الاتهامات المرسلة والتي يبدو أنه استقاها "الكسالى" في المركزالقومي للتعليم، من الاتهامات المعلبة والجاهزة، والتي ربما توزع الآن "دليفيري" إلى المراكز والصحف ووسائل الاعلام، وأحسب أن طلبي أيضا يمكن يكون بلاغا إلى رئيس الوزراء للتحقيق بشأن الآليات التي اختير على أساسها "كتاب هذا التقرير" لما بدا فيه من "خفة" و"ستسهال" و"لخبطة" واضطراب وارتباك يعكس مبدأ "السمك لبن تمر هندي" الذي استند إليه "تنابلة" مجلس الوزاء وهم يكتبون هذا التقرير الفضائحي.
لقد بات من ابجديات خبرة الأزهر العلمية، أنه المؤسسة السنية الوحيدة تقريبا في العالم التي تنتمي إلى مدرسة الوسطية والاعتدال خاصة في "المعاملات" .. وهو الشق الأوسع في منظومة الفقة الإسلامي، ولم يثبت مطلقا أن انضم إلى جماعات العنف السياسي الذي مارسه الإسلاميون منذ سبعينيات القرن الماضي (العشرين) إلا الدكتور عمر عبد الرحمن، وقد برأته المحاكم التي نظرت قضايا العنف في تلك الفترة، ثم إنه هو الحالة الأزهرية الوحيدة البارزة في تراث المواجهات بين الفصائل الإسلامية الجهادية والدولة، وهي تحسب للأزهر ولا تؤخذ عليه.
ثم إن اسامة بن لادن ونائبه ومساعده الأبرز أيمن الظواهري، تخرجا من كليات وجامعات علمية وعلمانية وينتميان إلى أسر عربية ثرية وتقطن أكثر الأحياء ترفا ووجاهة عمرانية .. فالأول خريج هندسة والثاني خرج كلية الطب .. وغالبية القيادات السياسية والدينية للجماعات الإسلامية درسوا وتخرجوا في ما تسمى بكليات القمة في مصر كالطب والهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية .. ولم يتخرج واحد منهم في الأزهر .. وهي شهادة تؤكد على اعتدال المناهج الأزهرية ووسطيتها، وقدرتها على تحدي المحن التي تتعرض لها، كلما فرض على المجتمع السؤال، حول استقامة وسلامة عقيدته الدينية، سيما الذي يطرح في صيغة حدية متطرفة ومتشددة، تصنف المسلمين بين مؤمن وكافر.
أنا على ثقة من أن وراء هذا التقرير، عتاة العلمانيين .. واليساريون المتطرفون، ممن يستخدمون لغة فضفاضة ومرسلة واتهامات جاهزة ومعلبة ومبتذلة لم يعد يصدقها أحد من الناس فيما يتهربون من النقاش والجدل والمحاججة، ويتخفون وراء مؤسسات الدولة ومن بينها المراكز البحثية المتخصصة .. وأشعر في هذا السياق أن ثمة مؤامرة حقيقية على الأزهر وعلى مناهجة لم تعد تحاك فقط في جمعيات المتاجرة بحقوق الإنسان، والممولة من المال الأمريكي والطائفي والتطبيعي مع الكيان الصهيوني، وإنما داخل مؤسسات رسمية اخترقها المارنز اليساري المتطرف، وأحيلت إلى "منصة" متقدمة لقصف حصون الأمة الدينية والثقافية والحضارية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 10:00]ـ
أولا أنصح الاستاذ محمود بقراءة مقال بناء المنهجية الشرعية مطلب للشيخ محمد الدويش المنشور فى مجلة البيان العدد ربيع أخر لسنة 1430 فهو يتكلم عن مشكلة الميقفين والمفكرين الذين لايفصلون بين أدوات معالجة القضايا الفكرية والثقافية وأدوات البحث فى المسائل الشرعية
فالاستاذ محمود يستدل بكل قادة الجماعات الذين ذكرهم ليسوا أزهريين بأن الازهر هو المنهج الوسط فهل هذا يصح دليل؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ألايعلم بأن جماعة أنصار السنة المحمدية خرجت من رحم الازهر فمؤسسها العالم الربانى الشيخ حامد الفقى العالم الازهرى الذى كان شيخ الاسلام عبد العزيز بن باز لايجلس قبل أن يجلس الشيخ حامد اجلالا له ومن علماء الجماعة المحدث الازهرى أحمد شاكر وغيرهم كثير والان الدكتور عبد الله شاكر الرئيس العام ونائبه الدكتور عبد العظيم بدوى أزهريان
وهل يوجد رجال دين يحتكرون منصب الدعوة؟؟؟؟ لكل مسلم رجل دين وألا تعلم بقصة بن حزم وهو اما صاحب مذهب مُعتبر كيف كان طلبه للعلم وبن القيم كان يدرس فى بداية عمره الطب ثم لم يستسيغ هذا التخصص فتركه الى العلم الشرعى والشاشى القفال لم يطلب العلم الا عن كبر وأصبه له كتب مهمة جدا فى المذهب الحنبلى ومن علماء السلف من لقبه الخياط والحذاء اُشتهروا بأسماء مهنهم وكانوا حرفيين بل وأبو السلفية فى مصر محمد رشيد رضا لم يكن أزهريا وليت أحد الاخوة يذكرنا بالحوار الذى حدث بين الامام المجدد ناصر الدين الالبانى وأحد الدكاترة الازاهرة لما الثانى سأل الامام بتنقص وقال له ما تعليمك وماهى شهادتك فقال - فيما أظن أجابه بحديث نبوى ليت أحدكم يذكرنا به -
فان المنهج الوسط هو المنهج السلفى المعصوم لأنه الاسلام كما أنزله الله صافى من البدع أما منهج الازهر فليس سلفيا بل مدخول بكثير من البدع والخرافات الا أنه ثم علماء أزهريين لاينتمون لجماعة أنصار السنة لكن عقيدتهم سلفية ويدعون للمنهج السلفى من على منابرهم
وأذكرك بحديث النبى صلى الله عليه وسلم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF إِنَّ اَلرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَهْوِي بِهَا فِي اَلنَّارِ، أَبَعْدَ مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ( java******:OpenHT('Tak/Hits24011356.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 10:44]ـ
كلام الاستاذ محمود سطان في واد ونقد الناقد في واد آخر!
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 10:50]ـ
كلام الاستاذ محمود سطان في واد ونقد الناقد في واد آخر!
أحسن الله اليك
أنا ليس عندى تحفظ أو رسميات فى مناقشة المسائل
فأرجو منك تبيين ما قلت فان صح سأنشر كلام فى المنتديات التى نشرت فيها هذا الموضوع
ورحم الله امرءا أهدى الى عيوبى
ـ[ابن الرومية]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 01:06]ـ
الخلط بين barbari و bérbére فالأولى أطلقت في العهد الروماني على جميع الشعوب المتمردة على روما بل و على الأخص القبائل الجرمانية لما عرفت به من سفك دماء و فساد فلم يكن اللفظ مختصا باهل شمال افريقيا فان استعملت بمعنى الوحشية فلا داع لربطها بأحد هذه الشعوب تحديدا
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 09:57]ـ
هذا الموضوع ليس لنقده فى كلمة الببربية فهى لاتستحق موضوع خاص
لكنى أنتقد وصفه الازهر بما وصفه به وكذلك استدلاله لهذا الوصف بما ذكر
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 11:59]ـ
قرأت مقال الاستاذ محمود سلطان عدة مرات فوجدته مقالاً رائعاُ محكماً
ولو كنت في مكان الأخ خالد لقلتُ له:
بارك الله فيك، ومزيداً من هذه المقالات الرائعة، ولكنني لا أتفق مع قولك (الأزهر هو المؤسسة السنية الوحيدة تقريبا في العالم التي تنتمي إلى مدرسة الوسطية والاعتدال)، فالخير في هذه الأمة أكثر من ذلك.
أما أن يكون أحدنا شوكة في حلق أخيه، لأنه لا يوافق على هذه الجملة أو تلك، فأمر غير مستحسن.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 12:24]ـ
قرأت مقال الاستاذ محمود سلطان عدة مرات فوجدته مقالاً رائعاُ محكماً
ولو كنت في مكان الأخ خالد لقلتُ له:
بارك الله فيك، ومزيداً من هذه المقالات الرائعة، ولكنني لا أتفق مع قولك (الأزهر هو المؤسسة السنية الوحيدة تقريبا في العالم التي تنتمي إلى مدرسة الوسطية والاعتدال)، فالخير في هذه الأمة أكثر من ذلك.
أما أن يكون أحدنا شوكة في حلق أخيه، لأنه لا يوافق على هذه الجملة أو تلك، فأمر غير مستحسن.
هو أستاذ محمود معروف بمقالاته الجيدة وعاطفته الاسلامية كن اذا تكلم فى الدين وأخطأ يجب رد خطأه
ولعله ينقل ما قال عن أحد علماء الشرع الذين هم رموز فى غير المنهج السلفى فيعتبرون الازهر أهل سنة صافى ويرمون أنصار السنة بالتشدد
فهو يحصر تقريبا الازهر بانه الوحيد فى العالم بالوسط طيب وكيف بالجامعة الاسلامية ولجنة الفتاوى بالمملكة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم ماذا يقصد بخريجى العلوم السياسية هل يقصد مثلا الشيخ محمد صفوت نور الدين أم ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ونسيت ن اذكر الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة فهى تشترط فى امامها ان يكون عالما أزهريا
ثم ان الازهر ليس سنيا خالصا منذ زمن!!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 12:37]ـ
من ذا الذي ما ساء قط؟!
ومن له الحسنى فقط؟!
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 01:28]ـ
من ذا الذي ما ساء قط؟!
ومن له الحسنى فقط؟!
طبعا
وانا كتبت ما كتبت باعتبار ان هذا معلوم عند القراء ونا أجزم انه افضل منى واننى لم أقدم للدعوة مثل ما قدم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 10:14]ـ
أخي العزيز
يظهر أنني لم أوفَّق بعد إلى إيصال الرسالة!
إذا كنتَ - أو كنتُ - موافقاً على مضمون المقال كله ما عدا جملة واحدة أرى أنها غير دقيقة، ومعتقداً بأن المقالة وصاحبها يسيران في الاتجاه الصحيح، فينبغي أن يكون تركيز الرد على تأييد المقالة وليس على خذلان صاحبها والتشهير به بعناوين مثيرة:
الاستاذ محمود قليل الثقافة الدينية فضلا عن كونه غير قادر على حكم على الامور بالمنهجة الشرعية العلمية المطلوبة
يا أستاذ محمود سلطان اما أن تتكلم بعلم أو تسكت خيرا لك
ألم تقرأ كذا؟ ألا تعرف كذا؟
وليس معنى ذلك السكوت عن الجملة التي لا نوافق عليها، ولكن معناه أن يكون الكلام عليها بمقدار حجمها من سياق كلام الرجل، فإذا كان الكلام معقوداً لأجلها - وهذا خلاف الواقع هنا - فيكون الرد معقوداً لأجلها، وإلا فيكون الرد بمجرد جملة خفيفة بعد إيفاء الرجل حقه من الثناء والتأييد.
وقد أخذ الموضوع أكثر مما يستحق، وأنا لا أعرف من يكون الأستاذ محمود سلطان، ولكنني لم أجد في مقالته ما يوجب هذه الحدَّة في الإنكار عليه.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[04 - Jun-2009, صباحاً 03:34]ـ
[ quote]
الذى كان شيخ الاسلام عبد العزيز بن باز لايجلس قبل أن يجلس الشيخ حامد اجلالا له
[/ quo
غالب على ظنى أننى قرأت هذا الكلام فى فتاوى موقع صوت السلف لكن احد الاخوة قال لى انه سمع الشيخ ياسر يقول هذا الكلام عن الشيخعبد الرزاق العفيفى لاحامد الفقى
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[10 - Sep-2009, مساء 03:01]ـ
أنا رجعت عن أسلوبى المتشنج هنا وطريق عرضى الغير مهذبة والغير واعية
وينطبق على قول الأستاذ ابراهيم العسعس التى
هذا العقل المسلم الذي تشكل منذ قرون الانتكاس، والذي نظن أحياناً أنه صُفي من الخزعبلات والدروشة، ومن الفكر الميت، والفكر القاتل، فإذا بالوقائع تخيب ظنوننا
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[22 - Nov-2009, صباحاً 04:51]ـ
العجيب أن كلمة (البربرية) التى استعملها الاستاذ محمود سلطان واستدللت بها انا على ضعف ثقافته الاسلامية
هى هى الكلمة التى استعملها العلامة مجدد الثقافة محمود شاكر فى كتابه رسالة فى الطريق الى ثقافتنا!!
أرجو من الاخوة أن يتعلموا من هذا الخطأ العملى الشاخص أمام عيونهم ويفكروا كثيرا قبل الانكار ويفكروا أيضا فى تحديد درجات الانكار(/)
زكريا بطرس: الهي في الحمام وجائز قراءة الكتاب المقدس في الحمام
ـ[المحدث]ــــــــ[01 - May-2009, صباحاً 09:51]ـ
رابط التسجيل
http://www.barsoomyat.com/Files/Audios/zakaria-wc.zip
تفريع التسجيل
سؤال:_ لدى اطفال لا يحلوا لهم الجلوس على الارجل واللعب وعمل هيصه إلا عندما أضع أمامي الكتاب المقدس لكي أقرأ لذلك أصبحت أقرا الكتاب المقدس وأعمل خلوتى فى الحمام فهو المكان الوحيد الذى اتمكن فيه من القراءة بهدوء ولكن أحيانا أحس اننى اقلل من قيمة اللؤلؤة التى بين يدى وأنا فى الحمام نرجوا الافادة؟ فى مرة جوبت على سؤال بالشكل ده وسمعوه جماعه أخونا الاحباء بتوع لندن من الكروكدشن بس ماشى ويانا فى الخط يعنى وخدوها نكته كل ام يقابلو الشخص يقلولو انته بقى من ال بيتصلى فى الحمام وهات يا ضحك وعملوها نكته وفكاهه واستمرت سنين يعنى قال احنا هرطقنا وقولنا الناس ايه ممكن انها تصلى فى الحمام اد خدو بقى خد يا خويا ادى الناس بتوع الحمام الوسخين يقولك تصلى قال فى الحمام وتقرأ الانجيل فى الحمام شوف الوساخه واعتبروها نكته. ده فكرنى بالظبط لما كنا فى المعتقل سنة 81 و82 وكنا فى الزنازين وكان عندنا ناس سجانا يعنى السجان يعنى ايه الحارس فكان منهم راجل نكته اسمه عبد الغنى منساش يعنى عم عبد الغنى فا فى مرة من المرات كان عندنا كانوا بيطلعونا من الزنزانه بالدور يعنى كده كل حين ومين علشان خاطر نروح الحمام والحمام عبارة عن زنزانتين جمب بعض شيلين الحيطه الى فى نص وعاملينها كتف صغيره كده زى بتاع التوليتات العامه كتف صغنتوت كده بين الاتنين والاتنين يخشوا يستحموا سوا مع بعض وشرط الحما الاتنين ده الواحد مايخدش أكتر من خمس دقايق يستحمه ويسميه كده الراجل عم عبد الغنى ده هو بيدخل واحد يقول تخش تستحمه نقط غزال نقط غزال نقط غزال يعنى ايه؟؟ يعنى الغزال وهو بيجرى رجليه ماتلحقش الارض يعنى بيطير كده فانته بتستحمه طيران يعنى نقط غزال فاتت على الحاجات دى كام سنه 18 سنه والواحد لسه فاكرها طيب وبعدين كان ويانا كاهان الله ينح نفسه دلوقتى انتقل بعد أم طلع من المعتقل فكان يخش يستحمه وعلشان يطول جوه يبتدى قداس هو صوت حلو قوى جميل كان صوته جميل روعه يعنى ويعد أول مايخش الحمام يبتدى بقى ايه يالله العظيم الابدى علشان خاطرايه مايسمعش عم عبد الغنى وهومن بره عمال يخبط ويقله نقط غزال وباله بسرعه وبتاع
فهو يعليلى الصوت قوى و صوته حلو فعم عبد الغنى يعنى ايه يتبسط من الصوت فيسيبه يعنى فاول ما يبتدى فى القداس عم عبد الغنى يصوت يصوت ويجرى بين الزنازين ويصوت الحقونا يا خلق هوو الحقونى الراجل بيصلى فى الحمام وهو عريان الى تعبه قوى ان ازاى بيكلم ربنا وهو عريان ازاى بيصلى فى الحمام وهو عريان فهى العمليه بالشكل ده برده يعنى بس انا عايز اسال سؤال هل يوجد مكان يخلو من وجود الله فى مكان فى الدنيا يخلو من وجود ربنا الله موجود فى كل مكان والا لو الحمامات مفيهاش ربنا أصبح ربنا محدود مبقاش غير محدود بقى غير محدود يعنى موجود فى كل حته لكن نقدر نقول ايه الكبنيهات دى مفهاش ربنا مين قال الله موجود فى كل مكان الله وجوده فى أى مكان يقدسه ولا يتاثر به سلبا لكن هو الى يقدسه مش كده واحد داخل الحمام ربنا موجود فى الحمام ولا مش موجود 100% موجود موجود فى الحمام بيعمل ايه فى الحمام.؟ بيقدسه بقى مكان مقدسه صح طاب ينفع بقى الواحد يصلى وياخد خلوته فى الحمام ولا ده ما يصحش اضربلك سؤال تانى هديلك تشبيه تانى ربنا فى قلوبنا ولا مش فى قلوبنا وفى أجسادنا ولا مش فى اجسادنا لان جسدكم هو هيكل الله أم تعملون انكم هيكل الله واجسادكم هيكل وروح الله سكان فيكم مش كده طيب ايه رايكم فى المصران الغليظ؟؟ فى الانسان مش ربنا موجود فى جسد الانسان المصران الغليظ ده محشى ايه؟؟ فضلات ولا مفهش فضلات الاكل مش فيه المادة الى بتروح الكبانيه يعنى بصراحة كده الواحد ماشى وشايل كبينه فى بطنه يعنى كبينه فى بطنه صح طيب وربنا موجود فى وسط الهلمه دى كلها أيوه طبعا لاما يبقى نصنا مفهش ربنا بقى الحته القذره دى مفهاش ربنا يبقى ده مش اسمه كلام الناس دى مخها ضيق لكن الكتاب محتاج لواحد برود مايندد واحد مستنير اسمها الاستنارة الروحيه الله موجود فى كل مكان ويقدس هذا المكان ولا يتلوث به اضربك تشبيه تانى تشبيه مش هنا مش من انجلترا لان ما أعتقدش ان فى اماكن بالشكل ده فى انجلترا لكن يمكن فى بلدنا فيه ساعات فى بلدنا فيه تلاقى ايه مجرور بتاع مجارى مكشوف حته بينزلوا بيرموا فيها المجارى صح علشان ينشفهوا وبعد كده يخدوها ايه السماد فحته مكشوفه الحته المكشوفه دى بتزل فيها اشعة الشمس ولا ما بتنزلش مش بتضربها اشعة الشمس طول النهارطاب أشعة الشمس بتتوسخ لما تخش هناك وبعدين انا لما بتوقع عليه شوية أشعه شمس؟ اقول لحس اتكون أتوسخت من المجرور ده لما أمسح اشعة الشمس دى اشعه الشمس تطهر المكان من الجراثيم من الوساخه تنشفه ولكنها لا تتاثر اذا كان دى الشمس العاديه امال شمس البر يبقى ايه؟؟ اى مكان اى مكان الانسان يلاقيه هادى وحلو وكويس يعد فيه .. طاب انا هقولك حاجه لما احنا كنا فى الزنازين كل زنزانه كان فيها كبنيه من غير باب يعنى كبنيه كده فى وسط الزنانه طيب يبقى ربنا مش فى الزنزانه دى ولا ايه علشان فيه كبينه ربنا يقولك لا مش دخلك دول انته عندك كبينه انا ما بحبش الكبينهات مقدرش اخش فيها ينفع؟؟ لا طبعا طبعا الاخت دى ولا الاخ ده انا مش عارف هو لازم اخت طبعا علشان خاطر العيال مايعملوش هيصه غير مع الام لكن مع الرجال يعنى يخاف شويه من ابوه اذا كان ابوه حمش المهم المكان السليم الى فيه هدوء والانسان يقعد ممكن قوى قوى اذا كان ده مكان مريح ماهو اسمه بيه الراحه طبا فا بيبقى مريح فيقدر ميفش دوشه فيقدر ياخد خلوته وثق ان ربنا هيكون وياه ويباركه الله لا يتاثر بالمكان الوحش ناخد سؤال تانى ...(/)
هل يجوز الاحتجاج بالقدر؟
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 02:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبه غالب الساقي
ما دام أن الله سبحانه خلق للإنسان قدرة واختيارا وإرادة وهو لا يحاسبه سبحانه إلا على ما يقدر عليه أما ما يعجز عنه فهو لا يحاسبه عليه ولا يكلفه ما لا يطيقه فلا يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر على فعل المعاصي لكونه إنما يفعل المعصية باختياره ويترك الطاعة باختياره
? إن من يحتج بالقدر على فعل المعاصي وترك الطاعات يسير على خطا المشركين ويتبع سبيلهم فقد حكى الله سبحانه عنهم سلوك هذا السبيل وخيم العواقب، قال سبحانه وتعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)} [الأنعام].
وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)} [النحل].
وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)} [يس].
وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)} [الزخرف].
فمن يحتج بقدر الله على الاستمرار على الكفر والمعاصي هو يأخذ بمذهب المشركية الذي حكاه الله عنهم.
? إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوضح لنا عدم جواز ترك العمل بحجة الإيمان بالقدر حين سألة بعض أصحابه: "أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ "فأجابهم بقوله: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ». ثُمَّ قَرَأَ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) " متفق عليه.
? تارك الأسباب الشرعية الموصلة إلى جنة الله ورضوانه والنجاة من عذابه احتجاجا بالقدر لا نجده تاركا للأسباب المادية الموصلة إلى جلب المنافع ودفع المفاسد الدنيوية.
فهو مثلا لا يقبل أن يتناول السموم ويرتكب المخاطر في أمور الدنيا احتجاجا بالقدر في حين أنه يحتج به على ما هو أخطر من ذلك على فعل المعاصي التي توصل إلى الخسران المبين في الآخرة.
وفي حين أنه يحتج بالقدر على ترك الطاعات هو مقبل على جلب مصالح دنياه آخذ بالأسباب التي توصله إلى مبتغاه لا يترك شيئا منها ولا يقصر في سلوك كل سبيل يوصل إليها احتجاجا بالقدر.
فهو إذا طلب الولد أخذ بأسبابه ولم يطلبه بدون زواج.
وإذا طلب المال سلك السبل التي توصله إليه ولا يجلس في بيته عاطلا عن العمل محتجا بالقدر على حصول الرزق.
وإذا أحس بالجوع تناول الطعام لينال الشبع ولا يترك ذلك احتجاجا بالقدر.
فكونه يأخذ بالأسباب الدنيوية ولا يحتج بالقدر على تركها ولا يأخذ بالأسباب الشرعية محتجا بالقدر على تركها يدل بوضوح على أنه متناقض مبطل يدعي ما لا حقيقة له ولا نصيب له من الصحة.
? ثم يقال لهذا المحتج هل تقبل هذه الحجة نفسها التي تحتج بها لتستمر على معصية الله وترك طاعته لو صدرت من شخص ظلمك أو أساء إليك؟ حتما لا تعد ذلك عذرا مقبولا فلو كان احتجاجك أمرا صوابا لقبلته من غيرك حين يظلمك ورضيت به عذرا ولكن هيهات هيهات.
(يُتْبَعُ)
(/)
? ثم يقال له هل اطلعت على اللوح المحفوظ ورأيت فيه أنك ستستمر على هذه المعصية حتى الموت ما أدراك قد يكون مقدرا لك التوبة والموت على الطاعة فكيف تزعم أنه قد قدر لك المعصية مع أنك لا تعلم الغيب ولا تعلم ما في اللوح المحفوظ.
? ونقول له أيضا لو أن هذا المنهج الذي سلكته سلكه من يريد قتل الناس وقطع الطريق عليهم ونهب أموالهم واحتج على ذلك بالقدر هل تعد ذلك لهم عذرا مقبولا فإن قلت نعم قيل إذا فلا يحق لأحد أن يمنعهم من ذلك ولا أن يعقابهم على ذلك وعلينا أن لا نحول بينهم وبين ما أرادوا وهذا لا يمكن أن يقوله من له مسكة من عقل.
فإذا ما تبين بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعايب
فاعلم أن الاحتجاج بالقدر يكون محمودا ومطلوبا عند المصائب لكوننا مأمورين بالصبر والرضى عند المصائب والاستغفار والتوبة عند المعائب.
قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)} [غافر].
وقال-تبارك وتعالى-" {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} [الحديد].
وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)} [التغابن].
قال ابن كثير في تفسيره:" {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي: ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله، هدى الله قلبه، وعَوَّضه عما فاته من الدنيا هُدى في قلبه، ويقينا صادقًا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرًا منه".
ولا بأس أيضا بالاحتجاج بالقدر بعد التوبة من المعصية لارتفاع اللوم عن التائب وعدم إسقاط حق أو إثبات باطل في هذا الاحتجاج.(/)
إثبات حكمة الله في شرعه وقدره
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 02:59]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كل ما قدره الله وشرعه فهو مشتمل على الحكمة فإن الله سبحانه لم يخلق شيئا إلا وفيه مصلحة راجحة أو محضة ولم يشرع شيئا إلا وفيه مصلحة راجحة أو محضة فهو سبحانه منزه عن العبث وكل ما ينافي الحكمة قال تعالى:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون].
وبين الله سبحانه أنه خلق الجن والإنس لغاية عظيمة وحكمة كبيرة وهي أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات].
وبين سبحانه أن حكمته تأبى أن يترك الإنسان سدى لا يؤمر ولا ينهى أو أن يسوي بين الكافر والمسلم فقال:
{أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)} [القيامة].
وقال -سبحانه-: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} [القلم].
وقال-أيضا-" {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)} [ص].
وكشف الله لنا عن بعض حكمته في عدم بسطه الرزق لجميع عباده فقال: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)} [الشورى]. فهو سبحانه لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وعدله ورحمته وسلطانه.
ولكن نحن لا علم لنا بجميع حكم الله فلا نعلم من حكم الله إلا ما علمنا الله إياه. وعلينا أن نتمثل أوامر الله سواء أعلمنا حكمته في ذلك أم لم نعلم استسلاما لأمره وإيمانا بكمال عدله وحكمته ورحمته وسلطانه وقدرته.
نسأل الله تعالى أن يقوي إيماننا بقدره وحكمته وجلاله وعظمته بمنه وكرمه!
كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com (http://www.salafien.com)(/)
بطلان [جواز سفر الرسول - البطاقة العائلية] للشيخ علوي السقاف
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 04:42]ـ
حكم شراء وإهداء ما يسمى البطاقة العائلية للنبي صلى الله عليه وسلم
السؤال:
انتشر في بعض البلدان والأسواق كتيب على أنه البطاقة العائلية للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه معلومات مفيدة عن حياته، فهل اطلعتم عليه؟ وما حكم شرائه وإهدائه؟
الجواب:
الحمد لله:
لا شك أن مقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في نفوس المؤمنين مقامٌ عظيمٌ جليل، وكلُّ مؤمن يفديه بنفسه وماله ويجب أن يكون العالم كله محباً ومجلاً ومعظماً له صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتختلف أساليب الناس في التعبير عن هذا الحب، فمنهم من يؤلف كتاباً مطولاً في سيرته ومنهم من يختصر، ولكن الذي فاجأ العالم الإسلامي هو تدني أسلوب البعض في التعريف به صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى درجة السخف والسماجة حيث انتشر بين الناس هذا الكتيب الصغير والذي يشبه جواز السفر وكأنه بطاقة عائلية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجُعل لون الجواز وشكله يشبه جوازات السفر المستخدمة حالياً، وجُعل لهذا الجواز رقماً عالمياً، وعليه ختم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم المعروف "محمد رسول الله"، والكتيب مكون من 32 صفحة تتضمن معلومات شخصية عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعن أفراد أسرته، بل وفيه أيضاً فصيلة الدم وهي: (ن و ر) من الله، ودُوِّن فيه تاريخ التسجيل "قيود ونفوس" الرسول صلى الله عليه وسلم وتاريخ ولادته في الثاني عشر من ربيعٍ الأول، وفي هذه الوثيقة أيضا التوثيق التالي:
إصدار: أمين سجل يثرب
مسؤول الإحصاء: حذيفة بن اليمان
هذا ملخص ما في الكتيب والذي سموه بجواز سفر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وزعموا أنه طريقة عصرية للتعريف به.
والناظر إلى هذا الكتيب يجد فيه كثيراً من المغالطات والتي منها:
1 - تسمية المدينة بيثرب والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سماها المدينة كما في صحيح مسلم مرفوعاً: (يقولون يثرب، وهي المدينة).
2 - زعمهم أن حذيفة رضي الله عنه كان مسؤول الإحصاء في عهد النبي وهذا غير صحيح بل كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
3 - زعمهم أن زمرة (أي: فصيلة) دم النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي: (ن و ر) من الله، وهذا من عقائد غلاة الصوفية الذين يعتقدون أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم خلق من نور الله وهذا باطل.
4 - إثباتهم لتاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنها في الثاني عشر من ربيع الأول، مع العلم أن فيها خلافاً مشهوراً والصواب عدم معرفتها بالتحديد.
هذا وقد أعجبني قول الشيخ يوسف القرضاوي عن هذا الكتيب: (إنه من عجائب ما ولدته الليالي، مما لا يفهم له غرض، ولا يفقه له معنى، ولا يعرف له فائدة، إلا أنه من (تقاليع) الفارغين، الذين فرغت عقولهم من العلم، وقلوبهم من الآلام والآمال، فشُغلوا بهذه التوافه، التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولا قام عليها من العقل أو النقل برهان. وأقلَّ ما يُقال في هذا: إنه من البدع المرفوضة في الدين، أو من التقاليع المذمومة في الدنيا. ومن المقرَّر أن "كلَّ بدعة ضلالة"، وكلَّ ضلالة في النار. ثم إنه لم يحسن أن يعرِّف به أدنى تعريف، وقد وضع مبتدع الجواز المزعوم للنبي صلى الله عليه وسلم مقابل صفحة الجواز: صفحة أخرى، يبدو أن المقصود منها: الدعوة إلى رسالة محمد، وتعاليم محمد صلى الله عليه وسلم، وكنا نتخيَّل أن تشتمل هذه الصفحة على أساسيات الرسالة، والمبادئ العامة لعقيدة الإسلام وشريعته وأخلاقه وقِيَمه، والمقاصد الكلية لهذا الدين. ولكن خاب أملنا، حيث لم نجد فيها دعوة إلى التوحيد، ولا إلى الإيمان بالآخرة، ولا الإيمان بكتب الله ورسله، ولا إلى العبادات والشعائرية الكبرى: من الصلاة والزكاة والصيام والحج، ولا إلى مكارم الأخلاق التي بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليتمِّمها) أ. هـ
ولا شك أن مثل هذا الفعل ليس فيه توقيرٌ للنبي صلى الله عليه وسلم والله سبحانه وتعالى يقول: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح: 9] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الصارم المسلول على شاتم الرسول): التعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه منكل ما يؤذيه، والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار. اهـ
وقد أمر الله تعالى المسلمين أن لا يخاطبوا نبيهم كما يخاطبون بعضهم بعضاً فقال: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63] قال ابن كثير: فهذا كله من باب الأدب في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم والكلام معه. أ.هـ وهؤلاء جعلوه كغيره من البشر.
فليس من الأدب ولا التوقير صناعة مثل هذه الأشياء ونسبتها إلى نبي الأمة وعظيمها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمسلم عليه أن يتعالى عن مثل هذه السفاهات، فأيُّ فائدة في صناعة مثل هذا، مع وجود البدائل الكثيرة والكثيرة جداً مما يتفق العلماء والعقلاء على جوازه وحسنه: كطباعة ونشر الكتب، والكتيبات، والمطويات، وإلقاء الدروس، والمحاضرات، وتوزيع الأشرطة، وغير ذلك مما فيه الحديث عن سيرته وشمائله صلى الله عليه وسلم، ثم إن جواز السفر المعروف اليوم لا يحصل عليه الفرد إلا بعد انتسابه وتجنسه بجنسية بلد معين فليت شعري إلى أي بلد ينتسب خليل الله وبأي جنسية يريد هؤلاء العابثون أن يجنسوه بها حاشاه بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
وعليه فلا يجوز شراء مثل هذا الكتيب ولا بيعه ولا نشره ولا توزيعه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(/)
الإمام مالك يخبر عن حقيقة وأصل دين الرافضة
ـ[عبد العزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 05:19]ـ
الإمام مالك يخبر عن حقيقة وأصل دين الرافضة
قال الإمام مالك رحمه الله _ متحدثا عن سبب طعن الرافضة في الصحابة_: (إنما أراد هؤلاء الطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم, ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء , ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين)
قال ابن تيمية: ولهذا قال أهل العلم: إن الرافضة دسيسة الزندقة. <منهاج السنة7/ 459>
فبين رحمه الله أن أصل مذهبهم قائم على الكفر والزندقة , وإرادة الطعن في دين الإسلام.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/misc/progress.gif
ـ[أمة الله أم عبد الله]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 04:32]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبد العزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[08 - Oct-2009, صباحاً 01:29]ـ
جزاك الله خيرا
وإياك.(/)
ثبوت ظهور المهدي وخلاصة ما جاء فيه
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 06:39]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ثبوت ظهور المهدي وخلاصة ما جاء فيه
إن ظهور المهدي في آخر الزمان أمر ثابت في الأحاديث الصحيحة لا شك فيه عند علماء الحديث جميعا وقد نص على تواتر الأحاديث فيه جماعة من أهل العلم منهم الشوكاني والسفاريني وصديق حسن خان والكتاني والحافظ محمد بن الحسين الآبري السجزي وأقره جماعة من كبار حفاظ أهل الحديث كابن القيم وابن حجر.
وذكر الشيخ عبد المحسن العباد في رسالته (عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر) أن أحاديث المهدي رواها ستة وعشرون صحابيا وأن أحاديث المهدي ذكرت في ثمانية وثلاثين كتابا من كتب الحديث منها السنن الأربعة ومسند أحمد ومستدرك الحاكم وصحيح ابن حبان.
ووردت الإشارة إليه في الصحيحين.
فهو رجل اسمه محمد بن عبد الله من عترة النبي صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة رضي الله عنها أجلى الجبهة (أي شعره منحسر من مقدم رأسه) أقنى الأنف (أي طويله) يصلحه الله في ليلة أي يهيئه لأمر الخلافة في ليلة.
يأتي برايات سود من خراسان.
يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع أو تسع سنين في عهده لا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها وتعظم الأمة وتنعم به نعمة لم ينعموا بمثلها قط. والمال يومئذ كثير يأتي إليه الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيحثو له في ثوبه ما استطاع أن يحمله فهو يحثو المال حثوا ولا يعده عدا لسخاوة نفسه وكثرة الغنائم في عهده بسبب الفتوحات العظيمة التي يحققها الله علي يديه.
وفي عهده يظهر المسيح الدجال ثم ينزل عيسى ابن مريم فيقول المهدي تعال صل بنا فيقول لا إن بعضكم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة.
هذا خلاصة ما ذكر عنه في الأحاديث الصحيحة الصريحة.
كتبه غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com (http://www.salafien.com)
ـ[التقرتي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 06:50]ـ
عندي تعقيب على قولك يصلحه الله في ليلة:
أخرج الإمام أحمد في مسنده (2/ 75/ الرسالة)، وابن ماجة في سننه (5/ 541) بشار) وغيرهما من طرق عن ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد الحنفية عن أبيه عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ)
وهذا إسناد له علتان:
الأولى: إبراهيم بن محمد الحنفية مجهول الحال لم يوثقه إلا العجلي وابن حبان
الثانية: ياسين العجلي ضعفه البخاري، وقواه غيره
وقد أعل هذا الحديث نقاد أهل الحديث من المتقدمين:
قال الإمام البخاري في تاريخه (1/ 317) (وفي إسناده نظر)
قال العقيلي في ضعفائه (4/ 466) (لا يتابع ياسين على هذا اللفظ وفي المهدي أحاديث صالحة الإسناد من غير هذا الطريق)
قال البزار في مسنده (2/ 244) (وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، وإنما كتبناه مع لين ياسين لأنا لم نعرفه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد فلذلك كتبناه وبينا العلة فيه)
ابن حبان في المجروحين:
(منكر الحديث على قلة روايته، يجب التنكُّب عما انفرد من الروايات
وإن اعتبر معتبرٌ بما وافقَ الثقات من غير أن يحتجَّ به لم أرَ بذلك بأساً)
قال أبو نعيم قال في حليته (13/ 177) (هذا حديث غريب من حديث محمد)
قال البوصيري قال في (المصباح) (528) (إسناد حديث علي بن أبي طالب فيه مقال)
و الله اعلم
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 11:05]ـ
السلسلة الصحيحة - (ج 5 / ص 370)
2371 - " المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة ".
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5/ 486:
رواه ابن ماجة (4075) و أحمد (1/ 84) و العقيلي في " الضعفاء " (470) و
ابن عدي (360/ 2) و أبو نعيم في " الحلية " (3/ 177) عن ياسين العجلي عن
إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي مرفوعا. و قال: " لا يتابع
ياسين على هذا اللفظ و في المهدي أحاديث صالحة الأسانيد من غير هذا الطريق ".
قلت: بلى، قد تابعه سالم بن أبي حفصة، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (
1/ 170) عنه مقرونا مع ياسين هذا، و هو ابن شيبان، قال البخاري: " في
حديثه نظر ". قال ابن معين: " ليس به بأس، و في رواية: صالح ". و قال أبو
زرعة " لا بأس به ". قال الحافظ في " تهذيب التهذيب ". " و وقع في " سنن ابن
ماجة " عن ياسين غير منسوب، فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات،
فضعف الحديث به، فلم يصنع شيئا ". و قال في " التقريب ": " لا بأس به، و
وهم من زعم أنه ابن معاذ الزيات ". قلت: و سائر الرواة ثقات، فالإسناد حسن.
لكن متابعة سالم بن أبي حفصة المتقدمة - و هو صدوق في الحديث - ترفع الحديث إلى
مرتبة الصحيح. و الله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 11:07]ـ
أرشيف ملتقى أهل الحديث 2 - (ج 1 / ص 6879)
** وعن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"المهدي منا -أهل البيت- يصلحه الله في ليلة" أخرجه أحمد (2/ 58)، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجة
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 12:11]ـ
قال العلامة الكبير في كتابه:الرد على من كذَّب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - (ج 19 / ص 91):
"لمثال الأول: قال الشيخ ابن محمود في ص 48:
"روى الإمام أحمد حدثنا أبو نعيم حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية عن أبيه عن علي قال: "المهدى منا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة"، وقد رأيت من ينتقد هذا الحديث قائلا: والعجيب أن يكون المهدي بعيدا عن التوفيق والفهم والرشد ثم يهبط عليه الصلاح في ليلة ليكون في صبيحتها داعية هداية ومنقذ أمة ورواه ابن ماجه عن عثمان ابن أبي شيبة وقال: "ياسين العجلي ضعيف"فهذا من جملة الأحاديث التي فيه التصريح باسم المهدي لكنها ليست بصحيحة كما أشار ابن ماجه إلى تضعيفه ومن الأمر العجيب في هذا الحديث كون المهدي بعيدا عن الهداية والتوفيق والرشد، ثم يهبط عليه في ليلة فيكون في صبيحتها هاديا مهديا ومنقذ أمة من جورها وفجورها".
أقول: بنى الشيخ ابن محمود إنكاره لهذا الحديث على أمرين:
أحدهما: أن ابن ماجه قال: "ياسين العجلي ضعيف".
والثاني: استنكار معناه وهو كون المهدي يصلحه الله في ليلة.
ويجاب عن ذلك: بأن ابن ماجه لم يضعف ياسين العجلي في كتابه السنن عندما أورد هذا الحديث عنه وليس من عادته في سننه أن يشير إلى أحوال الرجال، وإنما طبعة سنن ابن ماجه المشتملة على ترقيم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي اشتملت أحيانا على إيراد كلام البوصيري في زوائد ابن ماجه عقب إيراد الحديث وهو من عمل الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي، ثم إن الذين ترجموا لياسين العجلي مثل الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب والحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال لم يذكروا في ترجمته أن ابن ماجه ضعفه ولعل الشيخ ابن محمود لم يسبق إلى نسبة تضعيف ياسين العجلي إلى ابن ماجه، وحاصل ما قاله أهل العلم في تعديل ياسين العجلي أن عباس الدوري قال سمعت يحي بن معين قال: "ليس به بأس"وقال إسحاق بن منصور عن يحي بن معين: "صالح"وقال أبو زرعة: "لا بأس به"ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ولم يزد ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل في بيان حاله على قول ابن معين وأبي زرعة أنه لا بأس به. وقال عنه الحافظ في التقريب: "لا بأس به"، أما ما قيل فيه من الجرح، فقد قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب. وقال البخاري: "فيه نظر"ولا أعلم له حديثا غير هذا يعني هذا الحديث انتهى، ولم يترجم البخاري لياسين في كتابه الضعفاء الصغير وترجم له في التاريخ الكبير ترجمة لم يزد فيها على قوله: "ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، روى عنه أبو نعيم والعكلي يعد من الكوفيين" وقد أورد البخاري الحديث في ترجمة إبراهيم بن محمد بن الحنفية بإسناد الإمام أحمد وقال: "وفي إسناده نظر"وقال الذهبي في الكاشف: ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية وعنه وكيع وأبو نعيم: ضعيف وحاصل ما قيل في جرحه أن البخاري قال فيه: "فيه نظر"كما نقله الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب غير أن البخاري لم يورده في كتابه الضعفاء الصغير ولم يذكر هذا القدح في ترجمته في التاريخ الكبير وإنما قال في إسناده
نظر يعني الحديث فيحتمل أن يكون ذلك النظر الذي في إسناد الحديث لكون ياسين العجلي ليس له إلا هذا الحديث وهو غير مؤثر ويحتمل غير ذلك مما لا يؤثر ويوضح عدم تأثير هذه الكلمة في قبول حديث ياسين العجلي أن الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب أشار إلى ثبوت حديثه هذا فقال: "ووقع في سند ابن ماجه غير منسوب فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به فلم يصنع شيئا"- انتهى.
وأما قول الذهبي في الكاشف: "ضعف"فهو إشارة إلى ما نقل عن البخاري بشأن ياسين وذلك غير مؤثر وقد رمز السيوطي في الجامع الصغير لحسن هذا الحديث واحد من أحاديث كثيرة دالة على ثبوت خروج المهدي في آخر الزمان. وأما القدح في هذا الحديث من جهة استنكار معناه فإن الشيخ ابن محمود تبع في ذلك محمد أبا عبية فإنه هو الذي قال هذا الكلام في تعليقه علن النهاية لابن كثير وقلده فيه ابن محمود ولا شك أن العقل السليم يتفق مع النقل الصحيح، وأي غرابة في معناه حتى يتعجبا منه تعجب المنكر لمقتضاه فالله على كل شيء قدير وهو فعال لما يريد ومن يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ومن أوضح الأمثلة في ذلك ما حصل لمن هو أفضل من المهدي ومن سائر الأمة سوى أبي بكر رضي الله عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد كان من أشد الناس على المسلمين ثم تحول بقدرة الله وتوفيقه فصارت شدته على أعداء الإسلام والمسلمين وأصبح ذلك الرجل العظيم الذي إذا سلك فجا سلك الشيطان فجا غيره كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وبعد هذا أقول: أي تحقيق معتبر قام به الشيخ ابن محمود في الكلام على الحديث؟ أهو إضافة كلام إلى ابن ماجه لم يسبق في إضافته إليه؟ أو هو التقليد للكاتب أبي عبية في إنكار معناه؟ " انتهى كلام العلامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التقرتي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 02:06]ـ
لا يمكن الاحتاج بمتابعة سالم بن أبي حفصة:
انظر للسند
أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني - باب الألف
باب من اسمه إبراهيم - إبراهيم بن محمد ابن الحنيفة
حديث: 580
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا محمد بن علي العلوي، ثنا محمد بن علي بن خلف، ثنا حسن بن صالح بن أبي الأسود , عن محمد بن فضيل، حدثني سالم بن أبي حفصة، عن إبراهيم بن محمد ابن الحنيفة، عن أبيه، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة ". ورواه ياسين العجلي , عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية، عن أبيه، عن علي *
فالحديث من طريق الحسن بن صالح بن الأسود
قال بن حجر في اللسان:
زائغ حائد عن الحق قاله الأزدي انتهى وذكره ابن حبان في الثقات فقال الحسن بن صالح بن أبي الأسود الليثي روى عن عمه ومنصور بن أبي الأسود وأهل العراق روى عنه أحمد بن عبدة الضبي اهـ
اما سالم بن ابي حفصة فقال فيه العجلي:
ترك لغلوه. وبحق ترك
و قال فيه الجوزاني: زائغ. وبالغ فيه كعادته فى أمثاله.
و قال فيه عمرو بن علي: ضعيف الحديث، يفرط فى التشيع، حدث عنه الثورى وابن عيينة. وقال فى موضع آخر: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن سالم بن أبى حفصة.وسمعت يحيى يوما يقول: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو يونس، عن منذر الثورى فقال له رجل من أصحابنا: هذا سالم بن أبى حفصة؟ فقال: لا فقال: بلى، حدثنا سفيان بن عيينة بهذا الحديث، فقال: حدثنا سالم بن أبى حفصة أبو يونس.
و قال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: شيعى.
و قال الذهبي في الكشاف: لا يحتج بحديثه، شيعى
حتى أن الحاكم قال فيه ليس بالقوى عندهم.
و قال ابو بشر الدلابي: ليس بثقة
و قال النسائي: ليس بثقة
و قال ابو حاتم: هو من عتق الشيعة، يكتب حديثه، ولا يحتج به.
و قال بن حبان: يقلب الأخبار، و يهم فى الروايات.
فكيف يصح الحديث من طريقة
لهذا ضعفه المتقدمون
ـ[هدهد الدعوه]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 07:44]ـ
عند ظهور المهدي
ان شاء الله نكون من جنوده
ـ[التقرتي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 08:32]ـ
ملخص ما وجدت في الحديث:
الحديث فيه إبراهيم بن محمد الحنفية مجهول الحال لم يوثقه إلا العجلي وابن حبان
و يرويه عنه ياسين العجلي ضعفه البخاري و ابن حبان المشهور بالتساهل، وقواه غيره
و قد اعل هذا الحديث الإمام البخاري و العقيلي و البزار
هذا ملخص من أقوال السلف:
إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي وهو بن الحنفية أخو الحسن وعبد الله سمع منه محمد بن إسحاق وعمر مولى غفرة قال لي أبو نعيم قال حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه عن علي رفعه قال المهدي منا أهل البيت وفي إسناده نظر ـ التاريخ الكبير ج1/ص317
ياسين بن شيبان العجلي كوفي سمعت بن حماد يقول قال البخاري ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية فيه نظر ـ الكامل في ضعفاء الرجال ج7/ص185
ياسين العجلي شيخ من أهل الكوفة يروي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية روى عنه أهل الكوفة منكر الحديث على قلة روايته يجب التنكب عما انفرد من الروايات وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من غير أن يحتج به لم أر بذلك بأسا ـ المجروحين ج3/ص143
ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية وعنه وكيع وأبو نعيم ضعف ق ـ الكاشف ج2/ص360
واما حديث علي عليه السلام ففيه ياسين العجلي قال البخاري فيه نظر ـ العلل المتناهية ج2/ص861
أما السند الذي ذكره الالباني رحمه الله في المتابعات هو عن الحسن بن صالح بن الأسود الذي قال عنه بن حجر زائغ
و يرويه عن سالم بن ابي حفصة الذي ضعفه ائمة الصنعة
قال العجلي:
ترك لغلوه. وبحق ترك
و قال فيه الجوزاني: زائغ. وبالغ فيه كعادته فى أمثاله.
و قال فيه عمرو بن علي: ضعيف الحديث، يفرط فى التشيع، حدث عنه الثورى وابن عيينة. وقال فى موضع آخر: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن سالم بن أبى حفصة.وسمعت يحيى يوما يقول: حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو يونس، عن منذر الثورى فقال له رجل من أصحابنا: هذا سالم بن أبى حفصة؟ فقال: لا فقال: بلى، حدثنا سفيان بن عيينة بهذا الحديث، فقال: حدثنا سالم بن أبى حفصة أبو يونس.
و قال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: شيعى.
و قال الذهبي في الكشاف: لا يحتج بحديثه، شيعى
حتى أن الحاكم قال فيه ليس بالقوى عندهم.
و قال ابو بشر الدلابي: ليس بثقة
و قال النسائي: ليس بثقة
و قال ابو حاتم: هو من عتق الشيعة، يكتب حديثه، ولا يحتج به.
و قال بن حبان: يقلب الأخبار، و يهم فى الروايات.
و الحديث في العقائد، لا يمكن التسليم بصحته تقليدا فإذا كان تحسين الحديث بعد كل ما قاله المتقدمون فيه نظر فكيف يرتقي إلى الصحيح؟
و الله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السكران التميمي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 11:56]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
هذا أحبتي الكرام ما توصلت له من الحكم على هذا الحديث بعد تمحيص عميق له، من غير محاباة أو ممالأة لأحد، فأقول وبالله التوفيق:
· الحديث أخرجه: ابن أبي شيبة في (المصنف رقم 37644) ومن طريقه كلٌ من: ابن ماجة في (السنن رقم 4085)، وأبو يعلى الموصلي في (المسند برقم 465)، وابن عدي في (الكامل ترجمة 2095).
· كما أخرجه الإمام أحمد في (المسند برقم 645)، ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل المتناهية برقم 1432).
· كما أخرجه أبو نعيم في (الحلية 3/ 177) و (تاريخ أصبهان ترجمة 308) ومن طريقه كلٌ من: البزار في (المسند برقم 644)، والداني في (السنن الواردة في الفتن برقم 579)، وابن عدي في (الكامل ترجمة 2095)، والعقيلي في (الضعفاء ترجمة 2100).
ومداره من هذه الطرق كلها أحبتي على (ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية).
أما (إبراهيم بن محمد بن الحنفية) فمعروف ثقة، قد روى عنه جماعة معروفين. ولا عبرة بمن جهله. فقد وثق من قبل الأئمة، وروايته ثابتة، إلا أنه مقل لها، ليس بالمكثر.
فلذلك قال عنه ابن حجر: صدوق. ولم يصفه بالجهالة أبدا.
وقد ذكره في (طبقات المحدثين بأصبهان ترجمة 46)، و (تاريخ أصبهان ترجمة 308) وبين طرفا من أحواله لا يستهان بها.
وأمه هي: بسرة بنت عباد بن شيبان بن جابر السلمي حليف بني هاشم.
أما (ياسين العجلي) فقال ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال ج7/ص185):
ياسين بن شيبان العجلي كوفي، سمعت بن حماد يقول: قال البخاري: ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية فيه نظر. ثنا بن أبى بكر، ثنا عباس: سمعت يحيى يقول: ياسين العجلي ليس به باس.
وقال في أثناء سياق السند عن أبي نعيم: ثنا عبد الله بن أبى سفيان، ثنا زكريا بن الحكم، ثنا أبو نعيم، ثنا ياسين وكان يجالسنا عند الثوري. قال ابن يمان: سمعت سفيان يسأل ياسين عن هذا الحديث. وياسين العجلي هذا يعرف بهذا الحديث المهدي. ورواه أبو داود الجفري وأبو نعيم والثوري على ما ذكرناه وهو يعرف به.
وقال المزي في (تهذيب الكمال ج31/ص181):
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ليس به بأس. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال البخاري: فيه نظر. ولا أعلم له حديثا غير هذا.
وقال ابن حبان في (المجروحين ج3/ص143):
ياسين العجلي؛ شيخ من أهل الكوفة يروي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، روى عنه أهل الكوفة. منكر الحديث على قلة روايته، يجب التنكب عما انفرد من الروايات، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من غير أن يحتج به لم أر بذلك بأسا.
وقال الحافظ ابن حجر: لا بأس به.
وبالنسبة لكلام الأئمة على الحديث:
· فقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإنما كتبناه مع لين ياسين؛ لأنا لم نعرفه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، فلذلك كتبناه وبينا العلة فيه.
· وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة ج4/ص204): هذا إسناد فيه مقال، إبراهيم بن محمد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال البخاري في (التاريخ): في إسناده نظر. وياسين العجلي قال البخاري: فيه نظر؛ قال: ولا أعلم له حديثا غير هذا. وقال ابن معين وأبو زرعة: لا بأس به. وأبو داود الحفري اسمه عمر بن سعد احتج به مسلم في (صحيحه) وباقي رجال الإسناد ثقات، رواه أبو يعلى الموصلي، وأبو بكر، ثنا أبو داود عم ابن سعد ثنا ياسين فذكره.
· وقال العقيلي في (الضعفاء ج4/ص465): لا يتابع ياسين على هذا اللفظ، وفي المهدي أحاديث صالحة الأسانيد من غير هذا الطريق.
قلت: بل توبع عليه، حيث وقفت عليه من رواية (سالم بن أبي حفصة عن إبراهيم بن محمد) أخرجها أبو نعيم في (تاريخ أصبهان ج1/ص209) وأشار إليها في (الحلية) قال:
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا محمد بن علي العلوي، ثنا محمد بن علي بن خلف، ثنا حسن بن صالح بن أبي الأسود، عن محمد بن فضيل، حدثني سالم بن أبي حفصة، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة".
وهي وإن كانت متابعة ضعيفة؛ إلا أنها تعضد حديثنا، ويستأنس بها له. فلذلك أعتقد أن من قبل الحديث من المتأخرين قد أنصف. والله أعلم
وعلى كلٍ فقد ثبتت أحاديث المهدي بما يغنينا عن هذا الحديث ومتابعته.
تنبيهان مهمان جدا:
التنبيه الأول: بعض الأئمة جعل (ياسين العجلي) هذا هو (ياسين الزيات)، وصنيع الإمام البخاري في تاريخه الكبير يبين تباينهما واختلافهما، فقد ترجم للاثنين، وبين أن المنتقد منهما (ياسين بن معاذ الزيات).فتأمل
والذي أراه أن مثل هذا الخلط قد أوقع بعض الأئمة في الخلط بين حالة الرجلين. فتنبه
قال الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب ج11/ص152): ووقع في سنن بن ماجة عن ياسين غير منسوب؛ فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به، فلم يصنع شيئا. انتهى
قلت: وهذا إيحاء من الحافظ رحمه الله بقول رواية العجلي.
التنبيه الثاني: أتت بعض الروايات عن البخاري قوله: (فيه نظر) كما عند ابن عدي وغيره ممن نقل عنه، وأتت العبارة عند العقيلي: (في حديثه نظر) وهذا أولى، فإن المترجم معروف بحديث واحد هو هذا الحديث.
ويستأنس لأولوية لفظ العقيلي؛ أن البخاري نفسه قال في (تاريخه الكبير) في ترجمة إبراهيم بن محمد بن الحنفية بعد أن ساق الحديث: (في إسناده نظر). فتنبه
والحديث قد حسنه السيوطي رحمه الله.
وعلى كلٍ لا يرتقي للصحيح أبدا، ولا يوصف بالوضع أبدا.
والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التقرتي]ــــــــ[03 - May-2009, صباحاً 12:07]ـ
بارك الله فيك اخي التميمي
اضف إلى بحثك ما نقلته عن حسن بن صالح و سالم بن أبي حفصة
و كما قلت ياسين العجلي لا يؤخد بما تفرد به و إنما بما وافق عليه الثقات
في حديثنا هذا لا يوجد ثقة وافقه كما نبهت سابقا
و ان كانت هناك متابعة فمتابعة فيها متروك و زائغ فلا يعتد بها و الذي جرى عليه العمل التشديد في احاديث العقائد
فلا يمكنه الإرتقاء إلى الصحيح و انظر السيوطي رغم تساهله فقد حسنه فقط
اكثر ما يمكن ان نقول فيه انه يدور بين الحسن و الضعيف و الله اعلم(/)
شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 07:48]ـ
شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها:
اعلم رحمك الله أنه ما من صاحب بدعة وهوى إلا وينتصر لباطله بشبهات وإعتراضات واهيات و إلزامات ,والنصوص الدالة على علو الله تعالى على خلقه ((لم يعاضرها قط صريح معقول, فضلا على أن يكون مقدما عليها, وإنما الذي يعارضها ((جهليات)) ’و ((ضلالات)) ,و ((شبهات مكذوبات)) ,و ((أوهام فاسدات)) ,وأن تلك الأسماء ليست مطابقة لمسماها, بل هي من جنس تسمية الأوثان ((آلهة)) و ((أربابا)) ,وتسمية ((مسيلمة الكذاب)) وأمثاله ((أنبياء)): ((إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى)) النجم23 (1)
,مبناها على معاني متشابهة وألفاظ مجملة, فمتى وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سوفسطائية, لا براهين عقلية.
قال ابن القيم رحمه الله:
فأدلة الإثبات حقا لا يقوم ... لها الجبال وسائر الأكوان
تنزيل رب العالمين ووحيه ... مع فطرة الرحمن والبرهان
أنى يعارضها كناسة هذه ... الأذهان بالشبهات والهذيان
وجعاجع وفراقع ما تحتها ... إلا السراب لوارد ظمآن (2)
وإن المشتغلين بعلم الكلام قد جعلوا أقوالهم التي ابتدعوها, أصول دينهم –وإن سموها ((أصول العلم والدين)) فهي (ترتيب الأصول في مخالفة الرسول والمعقول)) -ومعتقدهم في رب العالمين هي المحكمة, وجعلوا قول الله ورسوله هو المتشابه الذي لا يستفاد منه علم ولا يقين, ثم ردوا تشابه الوحي إلى محكم كلامهم وقواعدهم.
وهذا كما أحدثوه من الأصول التي نفوا بها صفات الرب جلا جلاله ,ونعوت كماله, ونفوا بها كلامه, وتكلميه, وعلو على عرشه, محكما, وجعلوا وجعلوا النصوص الدالة على خلاف تلك القواعد والأصول متشابهة يقضي بتلك القواعد عليها وترد النصوص إليها.
وأما أهل العلم والإيمان فطريقهم عكس هذه الطريقة من كل وجه, يجعلون كلام الله ورسوله هو الأصل الذي يعتمد عليه, ويرد ما يتنازع الناس فيه إليه, فما وافقه كان حقا, وما خالفه كان باطلا, وإذا ورد عليهم لفظ مشتبه ليس في القرآن ولا في السنة] كالحيز والجهة والمكان والجسم والحركة [لم يتلقوه بالقبول, ولم يردوه بالإنكار حتى يستفصلوا قائله عن مراده, فإن كان حقا موافقا للعقل والنقل قبلوه, وإن كان باطلا مخالفا للعقل والنقل ردوه, ونصوص الوحي عندهم أعظم وأكبر في صدورهم من أن يقدموا عليها ألفاظ مجملة ,لها معاني مشتبهة (3).
وهذا أصل مهم ,من تصوره وتدبره انتفع به غاية النفع وتخلص به من ضلال المتفلسفين, وحيرة المتكلمين, ((وعرف حقيقة الأقوال الباطلة ,وما يلزمها من اللوازم ,وعرف الحق الذي دل عليه صحيح المنقول, وصريح المعقول لا سيما في هذه الأصول التي هي أصول كل الأصول, و الضالون فيها لما ضيعوا الأصول حرموا الوصول)) (4).والأصول اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم (5).كما قيل:
أيها المتغذي لتطلب علما ... كل علم عبد لعلم الرسول
تطلب الفرع كي تصحح حكما ... ثم أغفلت أصل الأصول (6).
يتبع ...
(1) درء تعارض العقل والنقل (5/ 255 - 256)
(2) الكافية الشافية ص154
(3) الصواعق (ص991 - 992).
(4) مجموع الفتاوى (8/ 27)
(5) مجموع الفتاوى (13/ 157).
(6) مجموع الفتاوى (13/ 158).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 07:50]ـ
الرد المجمل على جميع الشبهات والاعتراضات:
قد تبين مما تقدم أن شبهات المنكرين للعلو أو غيرها من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة هي عبارة عن ألفاظ مجملة ولوازم باطلة ردو بها الآيات والأحاديث الصريحة ,فالرد عليهم من وجهين:
الوجه الأول: إجمالي وهو أن يقال: إن الله أخبرنا بأنه مستو على عرشه، عال على خلقه، ونحن نصدقه فيما قال، ونؤمن بما أخبر، ونسكت عما وراء ذلك، ولا نخوض في تلك اللوازم المدعاة ولا نتكلم فيها، فإنها من جملة المسكوت عنه في الشرع؛ إذ لم يرد في الشرع نفي أو إثبات أن يكون الله جسماً، أو محدوداً، أو محصوراً، فالسكوت فيه سلامة للمرء في دينه واعتقاده.
الوجه الثاني: تفصيلي وهو بأن نسأل عن تلك اللوازم، فنقول إن أردتم بالجسم ما هو قائم بذاته مستغن عن خلقه فذلك ما نثبته ونؤيده ونلتزم به مع عدم تسميتنا له جسماً لكونه لم يرد في الشرع وصفه بذلك، وإن أردتم بالجسم ما زعمتم أن كل طرف فيه محتاج للطرف الآخر فذلك مما نكره وننفيه، ولكننا لا نعتقد أن نفيه يلزم منه نفي العلو. بل نرى أن قولكم: أنه من لوازم القول بالعلو ما هو إلا بسبب تشبيهكم أولاً فأنتم شبهتم استواء الله على عرشه باستواء المخلوقين، فقلتم: كل مستو فهو جسم، والله ليس بجسم، فهو ليس بمستو والمقدمة باطلة وما ترتب عليها باطل، فالله ليس كمثله شيء، واستواؤه ليس كاستواء المخلوقين.
يتبع .......
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 07:52]ـ
شبهة الجهة:
والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في (التدمرية) (ص 45): قد يراد ب (الجهة) شيء موجود غير الله فيكون مخلوقا كما إذا أريد ب (الجهة) نفس العرش أو نفس السماوات وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم. ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والوفوقية والعروج إليه ونحو ذلك وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته فيقال لمن نفى: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة. أتريد بذلك أن الله فوق العالم أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل).
وقد يقول قائل: ((هل كان الله تعالى في هذا الحال – أي قبل خلق الكون – جهة وغيرها , إن قالوا نعم كفروا وتناقضوا) شبهة ذكرها سعيد فودة.
والجواب ما جاء في رسالة إثبات الفوقية للجويني:
((، فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ذات الجهات اقتضت الإرادة المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو، والسفل، وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث، فكوَّن الأكوان، وجعل لها جهتا العلو والسفل، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت؛ لكونه مربوباً مخلوقاً، واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته، فهو الآن كما كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة اليمنى، أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية)) (1)
وقال ابن القيم: وكذلك قولهم ننزهه عن الجهة؛ إن أردتم أنه منزه عن جهة وجودية تحيط به وتحويه وتحصره إحاطة الظرف بالمظروف فنعم هو أعظم من ذلك وأكبر وأعلى. ولكن لا يلزم من كونه فوق العرش هذا المعنى. وإن أردتم بالجهة أمراً يوجب مباينة الخالق للمخلوق, وعلوه على خلقه, واستواءه على عرشه فنفيكم لهذا المعنى الباطل, وتسميته جهة اصطلاح منكم توصلتم به إلى نفي ما دل عليه العقل والنقل والفطرة, وسميتم ما فوق العالم جهة, وقلتم منزه عن الجهات, وسميتم العرش حيزاً, و قلتم ليس بمتحيز, وسميتم الصفات أعراضاً, وقلتم الرب منزه عن قيام الأعراض به ([2]).
ومنه يتبين أن لفظة الجهة غير وارد في الكتاب والسنة وعليه فلا ينبغي إثباتها ولا نفيها لأن في كل من الإثبات والنفي ما تقدم من المحذور ولو لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا يقولون به لكفى.
وقال القرطبي (671 هـ) بعدما ذكر مذهب المعطلة نفاة العلو لله تعالى (وقد كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة , ولا ينطقون بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله , كما نطق كتابه وأخبرت رسله , ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة .... , وإنما جهلوا كيفية الاستواء) الجامع لأحكام القرآن 7/ 219 - 220
وكذلك لا ينبغي نفي الجهة توهما من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة لأن في ذلك محاذير عديدة منها نفي الأدلة القاطعة على العلو له تعالى. ومنها نفي رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة فصرح بنفيها المعتزلة والشيعة وعلل ابن المطهر الشيعي في (منهاجه) النفي المذكور بقوله: (لأنه ليس في جهة) وأما الأشاعرة أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا: (إنه يرى لا في جهة) يعنون العلو قال شيخ الإسلام في (منهاج السنة) (2/ 252):
(يُتْبَعُ)
(/)
(وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل كقولهم في الكلام ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين
ثم أخذ يرد على النفاة من المعتزلة والشيعة بكلام رصين متين فراجعه فإنه نفيس
وجملة القول في الجهة أنه إن أريد به أمر وجودي غير الله كان مخلوقا والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات فإنه بائن من المخلوقات كما سيأتي في الكتاب عن جمع من الأئمة وإن أريد ب (الجهة) أمر عدمي وهو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده
قال ابن رشد في "مناهج الأدلة": وأما هذه الصفة – أي الجهة - فلم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي, ومن اقتدى بقوله, وظواهر الشرع تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، ومثل قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}، ومثل قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، ومثل قوله: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}، ومثل قوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، ومثل قوله: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}، إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها عاد الشرع كله مؤولاً, وإن قيل فيها: إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابهاً، لأن الشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء, وأن منها تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين, وأن من السماء نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى قرب من سدرة المنتهى.
قال: "وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك, والشبهة التي قادت نفاة الجهة إلى نفيها هو أنهم اعتقدوا أن إثبات الجهة يوجب إثبات المكان وإثبات المكان يوجب إثبات الجسمية. قال: ونحن نقول: إن هذا كله غير لازم؛ فإن الجهة غير المكان" ([3]).
-----------
(1) رسالة إثبات الفوقية للجويني.
(2) "مختصر الصواعق" (1/ 181).
(3 "در التعارض" (3/ 211).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 07:57]ـ
شبهة الحيز والمكان و الحد:
إذا عرفت الجواب عن الشبهة السابقة (الجهة) يسهل عليك فهم الجواب عن هذه الشبهة وهو أن يقال:
إما أن يراد بالمكان أمر وجودي وهو الذي يتبادر لأذهان جماهير الناس اليوم ويتوهمون أنه المراد بإثباتنا لله تعالى صفة العلو.
فالجواب: أن الله تعالى منزه عن أن يكون في مكان بهذا الاعتبار فهو تعالى لا تحوزه المخلوقات إذ هو أعظم وأكبر بل قد وسع كرسيه السموات والأرض وقد قال تعالى: {وما قدر الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} وثبت في (الصحيحين) وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقبض الله بالأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟)
وأما أن يراد بالمكان أمر عدمي وهو ما وراء العالم من العلو فالله تعالى فوق العالم وليس في مكان بالمعنى الوجودي كما كان قبل أن يخلق المخلوقات
فإذا سمعت أوقرأت عن أحد الأئمة والعلماء نسبة المكان إليه تعالى.
فاعلم أن المراد به معناه العدمي يريدون به إثبات صفة العلو له تعالى والرد على الجهمية والمعطلة الذين نفو عنه سبحانه هذه الصفة ثم زعموا أنه في كل مكان بمعناه الوجودي قال العلامة ابن القيم في قصيدته (النونية) (2/ 446 - 447 - المطبوعة مع شرحها (توضيح المقاصد) طبع المكتب الإسلامي)
والله أكبر ظاهر ما فوقه شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السما والأرض والكرسي ذا الأركان
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا ق السبع والأرضين بالبرهان
والله فوق العرش والكرسي لا تخفى عليه خواطر الإنسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو لوا: ربنا حقا بكل مكان
نزهمتوه بجهلكم عن عرشه وحصرتموه في مكان ثان
لا تعدموه بقولكم: لا داخل فينا ولا هو خارج الأكوان
(يُتْبَعُ)
(/)
الله أكبر هتكت أستاركم وبدت لمن كانت له عينان
والله أكبر جل عن شبه وعن مثل وعن تعطيل ذي كفران.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ومن قال بنفي المكان عن الله عن الله عز وجل فقد يراد بالمكان ما يحويه الشيء ويحيط به, وقد يراد به ما يستقر الشيء عليه بحيث يكون محتاجا إليه, وقد يراد به ما كان الشيء فوقه وإن لم يكن محتاجا إليه, وقد يراد به ما فوق العالم وإن لم يكن شيئا موجودا. فإن قيل
هو في مكان بمعنى إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره
فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك
وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه
قيل إذا لم يكن إلا خالق أو مخلوق والخالق بائن من المخلوق كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء
وإذا قال القائل
هو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه فهذا المعنى حق سواء سميت ذلك مكانا أو لم تسمه
وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة وهو القول المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول)) (1).
وقال رحمه الله ((وحقيقة الأمر في المعنى أن ينظر في المقصود ,فمن اعتقد أن المكان لا يكون إلا ما يفتقر إليه المتمكن, سواء كان محيطا به, أو كان تحته, فمعلوم أن الله سبحانه ليس في مكان بهذا الإعتبار ,ومن اعتقد أن العرش هو المكان, وأن الله فوقه, مع غناه عنه ,فلا ريب أنه في مكان بهذا الإعتبار.
فمما يجب نفيه بلا ريب افتقار الله تعالى إلى ما سواه, فإنه سبحانه غني عن ما سواه, وكل شيء فقير إليه ,فلا يجوز أن يوصف بصفة تتضمن افتقاره إلى ما سواه)) (2).
الحيز:
وما قيل في المكان يقال في الحيز ((إن أراد بقوله متحيز أن المخلوقات تحوزه وتحيط به ,وليس هو بقدرته يحمل عرشه وحملته, وليس هو العلي الأعلى الكبير العظيم الذي لا تدركه الأبصار, فقد أخطأ. وإن أراد بأنه منحاز عن المخلوقات مباين لها عال عليها فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه فقد أصاب. ومن قال: ليس متحيز ,إن أراد المخلوقات لا تحوزه فقد أصاب. وإن أراد ليس ببائن عنها بل هو لا داخل فيها ولا خارج عنها فقد أخطأ.)) (3)
الحد:
وكذلك يقال في الحد
فتقول: ما المراد من قولكم (الحد) , و (المحدود)؟
فإن كنتم تعنون أن المراد من الحد والمحدود: أن يكون الله تعالى محبوساً محاطاً , فهذا منفي عن الله تعالى بلاريب ولكن لا يلزم من قولنا (إن الله فوق العالم بائن عنه) أن الله محدود محبوس محاط.
فإن الله تعالى وهو المدبر وهو الرب الخالق للخلق والكون , على هذا المعنى يحمل قول من نفي (الحد) عن الله تعالى من بعض السلف (4).
وإن كنتم تعنون بالحد والمحدود: أن الله تعالى متميز عن الخلق بائن عنه.
فالحد بهذا المعنى صحيح , ولا يلزم عن هذا المعنى أي محذور , لأن الله فوق العالم عال على العرش , وعلى هذا المعنى يحمل قول من أثبت الحد لله تعالى من بعض السلف كعبدالله بن المبارك والدارمي , وهو رواية عن الإمام أحمد (5).
يتبع ........
-------------------
(1) منهاج السنة (2/ 144 - 145).
(2) درء تعارض العقل والنقل (6/ 249).
(3) المصدر السابق.
(4) انظر التمهيد لابن عبدالبر 7/ 142 , ورد الدارمي على المريسي 23 - 25 , ودرء التعارض 2/ 34.
(5) التدمرية 66 - 67 , مجموع الفتاوى 3/ 41 - 42 , 4/ 58 - 59 , 5/ 262 - 263 , 6/ 38 - 40 , ونقض المنطق 50 , ودرء التعارض 1/ 253 - 254 , والتسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/ 4 - 5 , 23 , 21 , 31 , 37 , ومختصر الفتاوى المصرية 585 , وشرح الطحاوية 242 - 244 , وروح المعاني 7/ 116 , وجلاء العينين 359 , وغاية الأماني 1/ 77 , 493.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:01]ـ
شبهة التشبيه:
إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق، ولكننا مختلفون في حدود هذا النفي، ونرى أن الناس فيه طرفان ووسط، فأما الطرف الأول فاتخذ قاعدة التنزيه ذريعة لنفي كل أو أكثر الصفات الثابتة لله - عز وجل - حتى نفى الغلاة منهم أن يوصف الله بالوجود أو الحياة، فعندما يُسأل عن صفة الله لا يجد سوى النفي سبيلا لتعريف ربه، فيقول: لا هو موجود ولا معدوم، ولا عَرَضٌ ولا جَوْهَرٌ، ولا حي ولا ميت، ويظن بذلك أنه فر من التشبيه وما علم أنه وقع في التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات
(يُتْبَعُ)
(/)
والممتنعات والمعدومات.
والطرف الثاني: ألغى قاعدة التنزيه فشبه الله بخلقه تشبيها مطلقا أو جزئياً، وهو مذهب لا شك في بطلانه وضلاله.
والمذهب الوسط هو المذهب الحق الذي أثبت الصفات ونفى المشابهة، وهو ما تنص عليه الآية الكريمة حيث صرّحت بالتنزيه {ليس كمثله شيء} وفي ذات الوقت صرّحت بالإثبات {وهو السميع البصير} فأخذ مذهب أهل الحق بجزئي الآية، أما المذهبان السابقان فأخذ كل منهم بأحد شطري الآية - وفق فهمه - ولم يأخذ بالآخر.
وعليه، فيجب الوقوف عند حدود النفي، وحدود الإثبات، فنثبت الصفة التي أخبر بها الله ورسوله، وننفي المماثلة، فنقول: لله علمٌ ليس كعلمنا، وسمعٌ ليس كسمعنا، واستواء ليس كاستوائنا، وهكذا. وهو المنهج الوسط الذي سار عليه الأئمة، وإليك أخي القارئ نصوصهم حول هذا:
((1 - قال نعيم بن حماد الحافظ: من شبه الله بخلقه, فقد كفر, ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر, وليس ما وصف به نفسه, ولا رسوله تشبيها.
2 - يقول الإمام إسحاق بن راهويه:" إنما يكون التشبيه إذا قال: يد مثل يدي، أو سمع كسمعي، فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال الله: يد وسمع وبصر، فلا يقول: كيف ولا يقول: مثل، فهذا لا يكون تشبيهاً، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} " ذكره الترمذي في جامعه.
ولو كان إثبات الفوقية لله تعالى معناه التشبيه, لكان كل من أثبت الصفات الأخرى لله تعالى ككونه حيا قديرا سميعا بصيرا مشبها أيضا, وهذا ما لا يقول به مسلم ممن ينتسبون اليوم إلى أهل السنة والجماعة خلافا لنفات الصفات والمعتزلة وغيرهم قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" "2/ 75":
"فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفات الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسما مشبها, ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم, كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب "الزينة" وغيره.
وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق, ويقولون: إن الله يرى في الآخرة". هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم.
ثم قال ص80:
"والمقصود هنا أن أهل السنة متفقون على أن الله ليس كمثله شيء, لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله, ولكن لفظ التشبيه في كلام الناس لفظ مجمل, فإن أراد بنفي التشبيه ما نفاه القرآن, ودل عليه العقل فهذا حق, فإن خصائص الرب تعالى لا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من
صفاته .. , وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات, فلا يقال له علم, ولا قدرة ولا حياة, لأن العبد موضوف بهذه الصفات فيلزم أن لا يقال له: حي, عليم, قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء, وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك, وهم يوافقون أهل السنة على أن الله موجود حي عليم قادر, والمخلوق يقال له: موجود حي عليم قادر, ولا يقال: هذا تشبيه يجب نفيه".)) (1)
وقد إعترف كبار الأشاعرة بهذا فقال الرازي في رده على المعتزلة ((إن كنتم بالمشبهة من يقول بكون الله مشابها لخلقه من بعض الوجوه فهذا لا يقتضي الكفر لأن المسلمين اتفقوا على أن الله موجود ... )). .
يتبع ........
-------------
(1) مختصر العلو للألباني.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:03]ـ
شبهة التجسيم:
قولهم: ((لو كان موصوفا بالعلو لكان جسما, ولو كان جسما لكان مماثلا لسائر الأجسام, والله قد نفى عنه المثل)).
والجواب على هذا من أوجه:
الوجه الأول: قد ادعيت أيها الجهمي أن ظاهر القرآن, الذي هو حجة الله على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه, وأحسنه, وأفصحه, وهو الذي هدى الله به عباده, وجعله شفاء لما في الصدور, وهدى ورحمة للمؤمنين, ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا أكمل, فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم (1).وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على عرشه, وتكلم بها, ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها, ونهاهم عن تحريفها وتبدليها.
يا قوم والله العظيم أسأتم ... بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ.
ما ذنبهم ونبيهم قد قال ... ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ
ما الذنب إلا للنصوص لديكم ... إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ
ما ذنب من قد قال ما نطقت به ... مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ (2).
الوجه الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
نحن أثبتنا لله غاية الكمال, ونعوت الجلال, ووصفناه بكل صفة كمال فإن لزم من هذا تجسيم ,أو تشبيه لم يكن هذا نقصا ولا ذما ولا عيبا ,بوجه من الوجوه ,فإن لا زم الحق حق, ومالزم من إثبات كمال الرب ليس بنقص ,وأما أنتم فنيتم عنه صفات الكمال ,ولا ريب أن لازم هذا النفي وصفه بأضدادها العيوب, والنقائص, فما سَوَّى الله ولا رسوله ولا عقلاء عباده بين من نفى كماله المقدس حذرا من التجسيم, وبين من أثبت كماله الأعظم وصفاته العلى بلوازم ذلك كائنة من كانت (3).
لا تجعلوا الإثبات تشبيها له يا فرقة التشبيه والطغيان
كم ترتقون بسلم التنزيه للت عطيل ترويجا على العميان
فالله أكبر أن تكون صفاته كصفاتنا جل عظيم الشَّانِ
هذا هو التشبيه لا إثبات أوصاف كمال فما هما سِيَّانِ (4)
سميتم التحريف تأويلا كذا التعطيل تنزيها هما لقبان
وأضفتم أمرا إلى ذا ثالثا شرا وأقبح منه ذا بهتان
فجعلتم الإثبات تجسيما و تشبيها وذا من أقبح العدوان
فقلبتم تلك الحقائق مثل ما قُلِبَتْ قلوبكم عن الإيمان
وجعلتم الممدوح مذموما كذا بالعكس حتى استكمل اللّبْسَانِ (5).
الوجه الثالث: ماذا تعنون بقولكم ((لو كان فوق العرش لكان جسما))؟
أتعنون به أنه ما يتضمن مماثلة الله لشي من المخلوقات في شيء من صفاته, فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من الصفات المختصة بالمخلوقين ,وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص, والله تعالى منزه عن كل نقصو مستحق لغاية الكمال, وليس له مثل في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن النقص مطلقا ومنزه في الكمال أن يكون له مثل كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص فبين أنه أحد صمد واسمه الأحد يتضمن نفى المثل واسمه الصمد يتضمن جميع صفات الكمال (6).
وإذا كان الله ليس من جنس الماء والهواء ولا الروح المنفوخة فينا ولا من جنس الملائكة ولا الأفلاك فلأن لا يكون من جنس بدن الإنسان ولحمه وعصبه وعظامه ويده ورجله ووجهه وغير ذلك من أعضائه وأبعاضه أولى وأحرى (7).
وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة
والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك (8) فهو من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله (9).
وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار, ويتكلم, و يُكلِمْ, ويسمع, ويبصر, ويرضى ويغضب, فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها, فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما, ولا نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية, ولا نجحد صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه, لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما مشبها.
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ... على عرشه إني إذا لمجسم
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته ... فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه ... وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا ... بتوفيقه والله أعلى وأعلم.
وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية, فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ الجمع الأعظم مشيرا له.
وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟ فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.
وإن أردتم بالجسم ما يلحقه (من) و (إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده, وعلاج برسوله صلى الله عليه وسلم إليه, وإليه يصعد الكلم الطيب, وعنده المسيح رفع إليه.
وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.
الوجه الرابع:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا يلزم من إستواء الله على عرشه, أن يكون جسما بالمعنى الذي اصطلحوا عليه, لا عقلا ولا سمعا إلا بالدعاوي الكاذبة. فدعوى هذا اللزوم عين البهت والكذب الصراح, بل العرش خلق من خلقه, ولا يلزم من كونه فوق السموات كلها أن يكون مركبا من جواهر الفردة ولا من المادة والصورة ولا مماثلا لغيره من الأجسام ,وكذلك جبريل مخلوق من مخلوقاته وهو ذو قوة وحياء وسمع وبصر وأجنحة ويصعد وينزل ويرى بالأبصار ,ولا يلزم منه وصفه بذلك أن يكون مركبا من الجواهر الفردة, ولا من المادة والصورة, ولا أن يكون جسمه مماثلا لأجسام الشياطين, فدعونا من هذا الفشر (10) والهذيان, والدعاوى الكاذبة, والتفاوت الذي بين الله وخلقه أعظم من التفاوت الذي بين جسم العرش وجسم الثرى والهواء والماء, وأعظم من التفاوت الذي بين أجسام الملائكة وأجسام الشياطين, والعاقل إذا أطلق على جسم صفة من صفاته-وعنده من كل وجه موصوف بتلك الصفة-لم يلزم من ذلك تماثلها, فإذا أطلق على الرجيع, الذي بلغ غاية الخبث, أنه جسم قائم بنفسه ذو رائحة ولون, وأطلق ذلك على المسك, لم يقل ذو حس سليم ولا عقل مستقيم, إنهما متماثلان, وأين التفاوت الذي بينهما من التفاوت الذي بين الله وخلقه ,فَكَمْ تُلَبِسُونْ وكم تُدلسونْ وكم تُمَوِّهون؟!
فكيف يجوز بعد هذا أن يقال: إذا كان الرحمن فوق العرش أن يكون مماثلا لخلقه؟! والله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله حتَّى لو قُدِّر لزوم ذلك كله لكان التزامه سهل من تعطيل علوه على عرشه, وجعله بمنزلة المعدوم الممتنع, الذي لا هو داخل العالم ولا خارجه (11).
عطلتم السبع السموات العلى والعرش أخليتم من الرحمن (12)
قال ابن القيم رحمه الله:
قد عطل الرحمن أفئدة لهم ... من كل معرفة وإيمان
إذ عطلوا الرحمن من أوصافه ... والعرش أخلوه من الرحمن (13)
أيها المشتغلون بعلم الكلام: إن نفيكم لعلو الله تعالى على العرش بدعوى التجسيم خطأ في اللفظ والمعنى ,وجناية على ألفاظ الوحي.
أما اللفظي: فتسميتكم علو الله على العرش تجسيما وتشبيها وتحيزا. وتواصيكم بهذا المكر الكبار إلى نفي ما دل عليه الوحي, والعقل والفطرة, فكذبتم على القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اللغة, ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود.
وأما خطأكم في المعنى: فنفيكم, وتعطيلكم لعلو الرحمن بواسطة هذه التسميات والألقاب ,فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ,وكنتم في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يراه, فسأل عنه فقيل له: مائع رقيق أصفر يشبه العذرة تتقيأه الزنابير, ومن لم يعرف العسل ينفر عنه بهذا التعريف ,ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة له, ورغبة فيه, وما أحسن ما قال القائل:
تقول هذا جني النحل تمدحه ... وإن تشاء قل ذا قيئ الزنابير
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء التعبير
أ فيظن الجاهل أنَّا نجحد علو الله على عرشه, لأسماء سموها, هم وسلفهم, ما أنزل الله بها من سلطان, وألقاب وضعوها من تلقاء أنفسهم, لم يأت بها سنة ولا قرآن ,وشبهات قذفت بها قلوب, ما استنارت بنور الوحي, ولا خالطتها بشاشة الإيمان, وخيالات هي من تخييلات الممرورين, وأصحاب الهوس, أشبه منها بقضايا العقل والبرهان, ووهميات نسبتها إلى العقل الصحيح كنسبة السراب إلى الأبصار في القيعان.
فدعونا من هذه الدعاوي الباطلة ,التي لا تفيد إلا تضييع الزمان, وإتعاب الأذهان, وكثرة الهذيان, وحاكمونا إلى الوحي, لا إلى نخالة الأفكار وزبالة الأذهان وعفارة الآراء, ووساوس الصدور, التي لا حقيقة لها في التحقيق ,ولا تثبت على قدم الحق والتصديق, فملأتم بها الأوراق سوادا ,والقلوب شكوكا, والعالم فاسدا.
يا قومنا والله إن لقولنا ألفا تدل عليه بل ألفان
عقلا ونقلا مع صريح الفطرة الأ ولى وذوق حلاوة القرآن
كل يدل بأنه سبحانه فوق السماء مباين الأكوان
أترون أنا تاركون ذا كله لجعاجع التعطيل والهذيان (14)
وهذه الشبهة قد تكلمنا عنها ((بالإستقصاء حتى يتبين أنها من القول الهراء فهاتو برهانكم إن كنتم صادقين)) (15)
نقلته كاملا من كتاب (الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان).
----------------
(1) الصواعق (239)
(2) الكافية الشافية (ص129).
(3) الصواعق (ص263).
(4) الكافية الشافية (ص336).
(5) الكافية الشافية (ص155).
(6) منهاج السنة (2/ 527 - 530).
(يُتْبَعُ)
(/)
(7) درء تعارض العقل والنقل (10/ 307).
(8) درء التعارض (5/ 145).
(9) مجموع الفتاوى (427 - 428).
(10) الفشر: فشر فشرا كذب وبالغ في الكذب والإدعاء.
(11) الصواعق (ص1016 - 1017).
(12) نونية القحطاني.
(13) الكافية الشافية (ص268).
(14) الكافية الشافية (ص131).
(15) الفتاوى الكبرى (6/ 355).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:05]ـ
الشبهة الخامسة: قولهم: لو كان الخالق فوق العرش لكان حامل العرش حاملا لمن فوق العرش فيلزم احتياج الخالق للمخلوق.
والرد على هذه الشبهة السفسوطائية من أوجه:
الأول: هؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة ويصفون الله بالنقائص ولآفات ويمثلونه بالمخلوقات بل بالناقصات بل بالمعدومات بل بالممتنعات فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات الذين يصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن النقائص والعيوب وأن يكون له في شيء من صفاته كفو أو سمي فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم والخيال الفاسد أو أنهم يصفون الله بالنقائص والعيوب أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات هو بهم أخلق وهو بهم أعلق وهم به أحق فإنك لا تجد أحدا سلب الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال إلا وقوله يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ولمثيله بالمخلوقات وتجده قد توهم وتخيل أوهاما وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا الوهم والخيال وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش محتاجا إلى العرش كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه (1) ,وكما يحتاج الإنسان إلى السطح أوالسرير.وهذا (تشبيه له بالمخلوق الضعيف العاجز الفقير)) (2) وقياس فاسد لأن ((قياس الله الخالق لكل شيء الغني عن كل شيء الصمد الذي يفتقر إليه كل شيء بالمخلوقات الضعيفة المحتاجة عدل لها برب العالمين ومن عدلها برب العالمين فإنه في ضلال مبين)) (3)
وهؤلاء الجهمية دائما يشركون بالله ,ويعدلون به, ويضربون له الأمثال (4).فإنه كلامهم هذا وأمثاله عدل بالله, وإشراك به, وجعل أنداد له ,وضرب أمثال له: فكلامهم في علو الله يوجب لهم أنهم جعلوا مثل هذا العلو: يجمع من التمثيل لله والعدل به ابتداءا, ومن جحد علوه المستلزم لجحود ذاته انتهاءا, ظانين أن هذا تنزيه لله وتقديس. (5)
أولا يعلمون أن الله يحب أن نثبت له صفات الكمال وننفي عنه مماثلة المخلوقات وأنه {ليس كمثله شيء} سورة الشورى 11 لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة شيء من المخلوقات وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال والتمام التي ليس فيها كفو لذي الجلال والإكرام
وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه وهو خالق كل مخلوق ولم يصر عاليا على الخلق بشيء من المخلوقات بل هو سبحانه خلق المخلوقات وهو بنفسه عال عليها لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش ولحملة العرش فإنما أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله من عظمته وغيرها فهو بقوته وقدرته الحامل للحامل والمحمول فكيف يكون مفتقرا إلى شيء وأيضا فالمحمول من العباد بشيء عال لو سقط ذلك العالي سقط هو والله أغنى وأجل وأعظم من أن يوصف بشيء من ذلك (6)
قال ابن القيم رحمه الله: ((واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه بل العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه فهو الغنى عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى بل كان سبحانه ولا عرش ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني الحميد بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما)) (7)
وهو السلام على الحقيقة سالم ... من كل نقص وتمثيل (8)
الوجه الثاني: لا نسلم أن من حمل العرش يجب أن يحمل ما فوقه إلا أن يكون ما فوقه معتمدا عليه, وإلا فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها, وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها, والسماء فوق الأرض وليست محتاجة إليها وكذلك العرش فوق السموات وليس محتاجا إليها فإذا كان كثير من الأمور العالية فوق غيرها ليس محتاجا إليها فكيف يجب أن يكون خالق الخلق الغني الصمد محتاجا إلى ما هو عال عليه وهو فوقه مع أنه هو خالقه وربه ومليكه وذلك المخلوق بعض مخلوقاته مفتقر في كل أموره إليه فإذا كان المخلوق إذا علا على كل شيء غني عنه لم يجب أن يكون محتاجا إليه فكيف يجب على الرب إذا علا على كل شيء من مخلوقاته وذلك الشيء مفتقر إليه أن يكون الله محتاجا إليه؟!)) (9).
---------
(1) دراء تعارض العقل والنقل (7/ 19).
(2) بيان تلبيس الجهمية (2/ 126).
(3) بيان تلبيس الجهمية (2/ 125).
(4) بيان تلبيس الجهمية-2/ 126).
(5) بيان تلبيس الجهمية (2/ 283) بتصرف يسير.
(6) درء التعارض (7/ 19 - 20).
(7) بدائع الفوائد (2/ 136).
(8) الكافية الشافية (ص247).
(9) بيان تلبيس الجهمية (2/ 144).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:07]ـ
الشبهة السادسة: لو كان الله في السماء لكان محصورا.
هؤلاء النفاة يوهمون عامة المسلمين أن مقصودهم تنزيه الله عن أن يكون محصورا في بعض المخلوقات,] أو مفتقرا إلى مخلوق [,ويفترون الكذب على أهل الإثبات أنهم يقولون ذلك ,كقول بعضهم أنهم يقولون إن الله في جوف السموات, إلى أمثال هذه الأكاذيب التي يفترونها على أهل الإثبات, فيخدعون بذلك جهال الناس, فإذا وقع الاستفصال والاستفسار ,انكشفت الأسرار, وتبين الليل من النهار, وتميز أهل الإيمان واليقين من أهل النفاق المدلسين, الذين لبسوا الحق بالباطل, وكتموا الحق وهم يعلمون (1).
والرد على الشبهة المذكورة أن يقال:
من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب-إن نقله عن غيره-وضال – إن اعتقده في ربه-وما سمعنا أحد يفهم هذا من اللفظ, ولا رأينا أحد نقله عن واحد, ولو سئل سائر المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله (إن الله في السماء)) أن السماء تحتويه لبادر كل واحد منهم إلى أن يقول: هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا.
وإذا كان الأمر هكذا: فمن التكلف أن يُجْعَلْ ظاهر اللفظ شيء محال لا يفهمه الناس منه ,ثم يريد أن يتأوله, بل عند الناس (إن الله في السماء) ((وهو على العرش)) واحد, إذ السماء إنما يراد بها العلو, وكل ما علا فهو سماء. يقال: سما يسمو سموا ,أي: علا يعلو علوا.
فإن قيل: نزل المطر من السماء كان نزوله من السحاب.
وإذا قيل: العرش والجنة في السماء, لا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات, بل ولا الجنة.
والسلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا ((الله في السماء)) ,فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها ,والمعنى: أن الله في العلو لا في السفل ,وهو العلي الأعلى, فله أعلى العلو, وهو ما فوق العرش, وليس هناك غيره-العلي الأعلى سبحانه وتعالى- ((لا يقولون أن هناك شيء يحويه أو يحصره, أو يكون محلا له أو ظرفا ووعاء سبحانه وتعالى عن ذلك بل هو فوق كل شيء, وهو مستغن عن كل شيء وكل شيء مفتقر إليه, وهو عال على كل شيء, وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته, وكل مخلوق مفتقر إليه وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق)) (2).فأما أن يكون في جوف السموات فليس هذا قول أهل الإثبات, أهل العلم والسنة, ومن قال بذلك فهو جاهل, كمن يقول: إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه, أو يقول: إنه يحصره شيء من مخلوقاته, فهؤلاء ضلال, كما أن أهل النفي ضلال (3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وليس معنى قوله: ? وهو معكم ? أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا توجبه اللغة، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان.
وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه، مهيمن عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته.
وكل هذا الكلام الذي ذكره الله ــ من أنه فوق العرش وأنه معنا ــ حق على حقيقته، لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة، مثل أن يُظنّ أن ظاهر قوله: ? في السماء ? أن السماء تظله أو تقله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض، إلاّ بإذنه، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بإذنه, ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره (4).
فمن يمسك السموات والأرض؟ وبأمره تقوم السماء والأرض, وهو الذي يمسكهما أن تزولا ,أيكون محتاجا إليهما مفتقرا إليهما؟.
وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول: إن السموات تقله أو تظله, لما في ذلك إلى احتياجه إلى مخلوقاته, فمن قال إنه في استوائه على العرش محتاج إلى العرش كاحتياج المحمول إلى حامله فانه كافر لأن الله غنى عن العالمين حي قيوم هو الغنى المطلق وما سواه فقير إليه. فكيف بمن يقول إنه مفتقر إلى السموات والأرض؟ فأين حاجته في الحمل إلى العرش, من حاجة ذاته إلى ماهو دون العرش (5)؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
فكيف يُتَوَهَمْ بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه؟! وقد قال سبحانه ((وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ))] طه71 [.,أي ((على جذوع النخل)) (((فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ)))] آل عمران137 [بمعنى ((على الأرض)) ونحو ذلك, وهو كلام عربي حقيقة لا مجازا وهذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف, وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة (6).
يتبع ......
--------------
(1) الفتاوى الكبرى (6/ 353)
(2) مجموع الفتاوى (16/ 100 - 101).
(3) درء تعارض العقل والنقل (7/ 15 - 16).
(4) شرح العقيدة الواسطية (ص194 - 195).
(5) مجموع الفتاوى (2/ 187 - 188).
(6) الرسالة التدميرية (ص85 - 89) بتحقيق: محمود عودة السعودي, وانظر مجموع الفتاوى (5/ 106).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:16]ـ
الشبهة السابعة: كروية الأرض
قال الرازي رحمه الله: ((العالم كرة ... فلو كان الله في جهة فوق لكان أسفل بالنسبة إلى سكان الوجه الآخر.)).
وهذا الكلام ((إذا تدبره العاقل تبين له أن القوم يقولون على الله ما لا يعلمون ويقولون على الله غير الحق)) (1).
وهذه الشبه وأمثالها ((من الخيالات والأوهام الباطلة التي تعارض بها فطرة الله التي فطر الناس عليها والعلوم الضرورية والقصود الضرورية والعلوم البرهانية القياسية والكتب الإلهية والسنن النبوية وإجماع أهل العلم والإيمان من سائر البرية)) (2)
((فيقال رداً على هذا الكلام:
أولاً: جهة السماء ثابتة وهي فوق. وجهة الأرض ثابتة وهي تحت ... و لاأحد عاقل يقول أن السماء الآن تحتي أو ستكون تحتي بعد زمن معين .. !! ولو قالها شخص لأتهم في عقله.
ثانيا: أن الآرض تدور حول نفسها وليس حول السماء حتى تكون السماء مرة فوق ومرة تحت.
ثالثا: قولنا ان الله تعالى في السماء لا يعني انه تعالى حال فيها بل له تعالى العلو المطلق و هذا معلوم مشهور من كلام أهل السنة
رابعا: يلزم من هذا الكلام ان تكون الملائكة التي في السموات تحت الأرض تارة و بجانب الأرض تارة أخرى! و معلوم انه ما من عاقل يقول ذلك
خامسا: يلزم أيضا ان يكون العرش فوق بعض الناس و تحت البعض الاخر! و الاشاعرة يقولون بأن العرش هو اعلى الأفلاك
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
" أحدها أن قوله أن الأرض إذا كانت كرة فالجهة التي هي فوق بالنسبة إلى سكان أهل المشرق هي تحت بالنسبة إلى سكان المغرب فلو اختص الباري بشيء من الجهات لكان في جهة التحت بالنسبة إلى بعض الناس يقال له كان الواجب إذا احتجت بما ذكرته من أمر الهيئة تتم ما يقولونه هم وما يعلمه الناس كلهم فإنه لا نزاع بينهم ولا بين أحد من بني آدم أن الأرض هي تحت السماء حيث كانت وأن السماء فوق الأرض حيث كانت وهذا وهم متفقون مع جملة الناس على أن الجهة الشرقية سماؤها وأرضها ليست تحت الغربية ولا الجهة الغربية سماؤها وأرضها تحت الشرقية ومتفقون على جهل من جعل إحدى الجهتين في نفسها فوق الأخرى أو تحتها وذلك يتضح بما قدمناه قبل هذا من أن الجهات نوعان جهات ثابتة لازمة لا تتحول وجهات إضافية نسبية تتبدل وتتحول فأما الأولى وهي الجهة الثابتة اللازمة الحقيقية فهي جهة العلو والسفل فالسماء أبدا في الجهة العالية التي علوها ثابت لازم لايتبدل وكلما علت اتسعت وكلما والأرض أبدا في الجهة السافلة التي سفلوها ثابت لازم لا يتبدل سفلت ضاقت فلهذا كان الأعلا هو الأوسع وكان السفل هو الأضيق ولهذا قابل الله تعالى بين عليين وبين سجين في كتابه فقال ((كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين)) وقال ((كلا إن كتاب الفجار لفي سجين)) ولم يقل في سفلين كما لم يقل هناك في وسعين ليبين الضيق والحرج الذي في المكان كما بين سفوله بمقابلته بعليين وبين أيضا سعة عليين بمقابلة سجين فيكون قد دل على العلو والسعة التي للأبرار وعلى السفول والضيق الذي للفجار
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الجهات الست فقد ذكرنا أنها تقال بالنسبة والاضافة إلى الحيوان وحركته ولهذا تتبدل بتبدل حركته وأعضائه فإذا تحرك إلى المشرق كان المشرق أمامه والمغرب خلفه والجنوب يمينه والشمال شامه وعلى هذا بنيت الكعبة لأن وجهها مستقبل مهب الصبا بين المشرق والشمال وأركانها على الجهات الأربع فالحجر الأسود مستقبل المشرق واليماني مستقبل اليمن والغربي مستقبل الغرب والشامي مستقبل الشام إلى القطب الشمالي وهو محاذ أرض الجزيرة كالرقة وحران ونحوهما ولهذا قال من قال من المصنفين في دلائل القبلة كأبي العباس بن القاص وغيره إن قبلة هذه البلاد أعدل القبل لأن سكانها يستدبرون القطب الشمالي لا يحتاجون أن ينحرفوا عنه إلى المشرق كما يفعل أهل الشام ولا إلى المغرب كما يفعل أهل العراق فالانسان تتبدل جهاته بتبدل حركاتهم مع أن الجهات نفسها لم تختلف أصلا ولم يصر الشرق منها غربيا ولا الغربي شرقيا وكذلك الجهة التي تحاذي رأسه هي علوه والتي تحاذي رجليه هي سفله فإذا كان رجلان في أقصى المشرق منتهى الأرض عند ساحل البحر هناك وفي أقصى المغرب منتهى الأرض عند ساحل البحر هناك فكل منهما تكون السماء فوقه لأنها تحاذي رأسه وكذلك الأرض تحته لأنها تحاذي رجليه كما أن السماء فوق الأرض في نفسها وليس أحد هذين تحت الآخر في نفس الأمر كما أن سجين الذي هو أسفل السافلين تحتهما ولو هبط شيئان ثقيلان من عندهما لانتهى إلى أسفل السافلين وهو سجين لم يلتق ذلك الشيئان الثقيلان لكن لو قدر أن تخرق الأرض فيلتقيان هناك لكانت رجلا أحدهما إلى رجلي الآخر ولو فرض أن أحدهما أخرقت له الأرض حتى يمر في جوفها ويصل إلى الآخر لكانت رجلاه تلاقي رجلي الآخر فبهذا الاعتبار يتخيل كل واحد منهما أن الآخر تحته بمحاذاته ناحية رجليه لكن الحركة السفلية هي إلى أسفل الأرض وقعرها ومن هناك تبقى الحركة صاعدة إلى فوق كحركة الصاعد من الأرض إلى السماء فيكون المتحرك من أسفل الأرض وقعرها إلى ظهرها وعلوها على هذا الوجه كهيئة المعلق برجليه إلى ناحية السماء وذراعيه إلى ناحية الأرض وكهيئة النملة المتحركة تحت السقف والسقف يحاذي رجليها فتصير بهذا الاعتبار السماء تحاذي رجليه والأرض تحاذي رأسه فمن هنا يقال إن السماء تحته والأرض فوقه إذا كان مقلوبا منكوسا فيجتمع من هذا أمران أحدهما أن تكون حركته على خلاف الحركة التي جعلها الله في خلقه والثاني أن تبدل الجهة تبدلا إضافيا لا حقيقيا كما تتبدل اليمين باليسار والأمام بالوراء ومن المعلوم أن المشرق والمغرب لا يتبدلان قط باستقبالهما تارة واستدبارهما أخرى فكيف يتبدل العلو والسفل بتنكيس الانسان وقلبه على رأسه والمحاذاة حينئذ للسماء برجليه والأرض برأسه بل هذا المنكوس يعلم أن السماء فوقه والأرض تحته ونحن لا نمنع أن هذا قد يسمى علوا وسفلا بهذا الاعتبار التقديري الاضافي لكن هذا لا يعتبر الجهة الحقيقية الثابتة وبهذا الاعتبار سمى في هذا الحديث المروي عن أبي هريرة وأبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال فيه لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله فإنه قدر ضعيف الادلاء وهو ممتنع فسماه هبوطا على هذا التقدير كما لو قلبت رجلا الانسان ورمي إلى ناحية السماء لكن قائما على السماء وإذا ظهر هذا علم أن الله سبحانه لا يكون في الحقيقة قط إلا عاليا.
وذلك يظهر بالوجه الثاني وهو أن يقال هذا الذي ذكرته وارد في جميع الأمور العالية من العرش والكرسي والسموات السبع وما فيهن من الجنة والملائكة والكواكب والشمس والقمر ومن الرياح وغير ذلك فإن هذه الأجسام مستديرة كما ذكرت ومعلوم أنها فوق الأرض حقيقة وإن كان على مقتضى ما ذكرته تكون هذه الأمور دائما تحت قوم كما تكون فوق آخرين وتكون موصوفة بالتحت بالنسبة إلى بعض الناس وهي التحتية التقديرية الاضافية وإن كانت موصوفة بالعلو الحقيقي الثابت كما أنها أيضا عالية بالعلو الإضافي الوجودي دون الإضافي التقديري وإذا كان الأمر كذلك ولم يكن في ذلك من الأحالة إلا ما هو مثلما في هذا ودونه لم يكن في ذلك محذورا فإن المقصود أن الله فوق السموات وهذا ثابت على كل تقدير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا يظهر بالوجه الثالث وهو أن يقال هذا الذي ذكرته من هذا الوجه لا يدفع فإنه كما أنه معلوم بالحساب والعقل فإنه ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى ((هو الأول والآخر والظاهر والباطن)) وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول'' أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأعننا من الفقر فأخبر أنه الظاهر الذي ليس فوقه شيء وأنه الباطن الذي ليس دونه شيء " فهذا خبر بأنه ليس فوقه شيء في ظهوره وعلوه على الأشياء وإنه ليس دونه شيء فلا يكون أعظم بطونا منه حيث بطن من الجهة الأخرى من العباد جمع فيها لفظ البطون ولفظ الدون وليس هو لفظ الدون بقوله وأنت الباطن فليس دونك شيء فعلم أن بطونه أوجب أن لا يكون شيء دونه فلا شيء دونه باعتبار بطونه والبطون يكون باعتبار الجهة التي ليست ظاهرة , ولهذا لم يقل أنت السافل ولهذا لم يجئ هذا الاسم الباطن كقوله وأنت الباطن فليس دونك شيء إلا مقرونا بالاسم الظاهر الذي فيه ظهوره وعلوه فلا يكون شيء فوقه لأن مجموع الاسمين يدلان على الاحاطة والسعة وأنه الظاهر فلا شيء فوقه والباطن فلا شيء دونه , لم يقل أنت السافل ولا وصف الله قط بالسفول لا حقيقة ولا مجازا بل قال ليس دونك شيء فأخبر أنه لا يكون شيء دونه هناك كما جاء في الأثر الذي ذكره مالك في الموطأ أنه يقال حسبنا الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى فالأمر متناه مداه ولا شيء دونه في معنى اسمه الباطن ليبين أنه ليس يخرج عنه من الوجهين جميعا وذلك لأن ما في هذا المعنى من نفي الجهة شيء دونه هو بالنسبة والاضافة التقديرية وإلا ففي الحقيقة هو عال أيضا من هناك والأشياء كلها تحته , وهذا كما أن الضار والمانع والخافض لا تذكر إلا مقرونة بالنافع المعطي الرافع لأن ما فعله من الضرر والمنع والخفظ فيه حكمة بالغة أوجب أن تكون فيه رحمة واسعة ونعمة سابغة فليس في الحقيقة ضررا عاما وإن كان فيه ضرر فالضرر الاضافي بالنسبه إلى بعض المخلوقات يشبه ما في البطون من كونه ليس تحته شيء وأنه لو أدلى بحبل لهبط عليه فإن الهبوط والتحتية أمر اضافي بالنسبة إلى تقدير حال لبعض المخلوقات هذا في قدره وهذا في فعله وضلال هؤلاء الجهمية في قدره كضلال القدرية في فعله وكلاهما من وصفه ولهذا كانت المعتزلة ضالة في الوجهين جميعا وقد قابلهم بنوع من الضلال بعض أهل الاثبات حتى نفوا ما أثبتته النصوص والله يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (3) (("
يتبع ..........
-------------
(1) الفتاوى الكبرى (6/ 555).
(2) درء التعارض (7/ 21).
(3) (من جهل المبتدعة: كروية الأرض و دورانها ينفيان علو الله تعالى!) للشيخ المقدادي
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=5405 (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=5405)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:19]ـ
الشبهة الثامنة: قولهم: ((لو كان الله فوق العرش للزم أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساويا وكل ذلك من المحال)).
والجواب على هذه الشبهة:
أن هذا المعطل بنى كلامه على لوازم فاسدة تصورها في عقله وخياله فهو لا يرى من الصفات إلا التمثيل والتجسيم أما أهل السنة فإنهم لا يقولون بذلك بل يقولون إن الله (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فلا شك عندهم أن الله أكبر من كل مخلوقاته وهو (العلي الكبير) سبحانه تعالى واستواءه على عرشه قد دلت عليه النصوص الصريحة الصحيحة وهو إستواء يليق بجلاله لا نعلم كيفيته بل نفوضها ,أما هذا المعطل فإنه يخوض في الكيفية بهذه اللوازم الفاسدة ولسان حاله يقول ((كيف استوى على العرش وهو أكبر منه)) وهذا هو عين كلام المبتدع الذي زجره الإمام مالك رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
((وحينئذ فإن نفاة العلو هم بين أمرين إن سلموا أنه على العرش مع أنه ليس بجسم ولا متحيز، بطل كل دليل لهم على نفي علوه على عرشه؛ فإنهم إنما بنوا ذلك على أن علوه على العرش مستلزم لكونه جسمًا متحيزًا، واللازم منتف، فينتفي الملزوم؛ فإذا لم تثبت الملازمة لم يكن لهم دليل على النفي، ولا يبقى للنصوص الواردة في الكتاب والسنة بإثبات علوه على العالم ما يعارضها، وهذا هو المطلوب.
وإن قالوا: متى قلتم: على العرش، لزم أن يكون متحيزًا أو جوهرًا منفردًا، وإثبات العلو على العرش مع نفي التحيز معلوم الفساد بالضرورة.
قيل لهم: لا ريب أن هذا القول أقرب إلى المعقول من إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه؛ فإنا إذا عرضنا على عقول العقلاء قول قائلين: أحدهما يقول بوجود موجود خارج لا داخل العالم ولا خارجه، وآخر يقول بوجود موجود خارج العالم وليس بجسم، كان القول الأول أبعد عن المعقول، وكانت الفطرة والضرورة للأول أعظم إنكارًا، فإن كان حكم هذه الفطرة والضرورة مقبولا لزم بطلان الأول، وإن لم يكن مقبولًا لم يجز إنكارهم للقول الثاني، وعلى التقديرين لا يبقى لهم حجة على أنه ليس بخارج العالم، وهو المطلوب.
وهذا تقرير لا حيلة لهم فيه، يبين به تناقض أصولهم، وأنهم يقبلون حكم الفطرة ويردونه بالتشهي والتحكم، بل يردون من أحكام الفطرة والضرورة ما هو أقوى وأبين وأبده للعقول مما يقبلونه.)) (1)
وقد رد على هذه الشبهة شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: ((أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل مثلوا أولا وعطلوا آخرا وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى. فإنه إذا قال القائل: لو كان الله فوق العرش للزم إما أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساويا وكل ذلك من المحال ونحو ذلك من الكلام: فإنه لم يفهم من كون الله على العرش إلا ما يثبت لأي جسم كان على أي جسم كان وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم. إما استواء يليق بجلال الله تعالى ويختص به فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم من سائر الأجسام وصار هذا مثل قول المثل: إذا كان للعالم صانع فإما أن يكون جوهرا أو عرضا. وكلاهما محال؛ إذ لا يعقل موجود إلا هذان. وقوله: إذا كان مستويا على العرش فهو مماثل لاستواء الإنسان على السرير أو الفلك؛ إذ لا يعلم الاستواء إلا هكذا فإن كليهما مثل وكليهما عطل حقيقة ما وصف الله به نفسه وامتاز الأول بتعطيل كل اسم للاستواء الحقيقي وامتاز الثاني بإثبات استواء هو من خصائص المخلوقين. والقول الفاصل: هو ما عليه الأمة الوسط؛ من أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله ويختص به فكما أنه موصوف بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك. ولا يجوز أن يثبت للعلم والقدرة خصائص الأعراض التي لعلم المخلوقين وقدرتهم فكذلك هو سبحانه فوق العرش ولا يثبت لفوقيته خصائص فوقية المخلوق على المخلوق ولوازمها. واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريق السلفية أصلا)) 2).
يتبع ..........
-------------
(1) مجموع الفتاوى (5/ 285).
(2) مجموع الفتاوى (5/ 28).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:21]ـ
الشبهة التاسعة: يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة ,فإن الله قبل وجهه ,فلا يبصق قبل وجهه)) (1) على نفي العلو.
الرد:
لا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه.
لهذا قال ابن عبد البر تعليقا على الحديث ((وقد نزع بهذا الحديث بعض من ذهب مذهب المعتزلة في أن الله عزوجل في كل مكان ,وليس على العرش, وهذا جدل من قائله)) (2).
وقد رد على الشبهة شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/ 101):
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: (إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ) حَقٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَاتِ. فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ وَجْهِهِ اهـ.
وقال أيضاً (5/ 672):
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ. . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين:
الدليل على أن الله قبل وجه المصلي:
قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه).
وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به ولا تنافي علوه والجمع بينهما من وجهين:
1 - أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند طلوعها فإنها قبل وجه من استقبل المشرق وهي في السماء فإذا جاز اجتماعهما في المخلوق فالخالق أولى.
2 - أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في حق الخالق لأن الله ليس كمثله شئ. اهـ "فتاوى ابن عثيمين" (4/ 287).
يتبع .......
-----------------------
(1) رواه البخاري (406و753 و1213و6111) ومسلم (547).
(2) التمهيد (14/ 157).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:23]ـ
شبهة العاشرة: يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أنت الظاهر فليس فوقك شيء, وأنت الباطن فليس دونك شيء)) (1) على نفي علو الله.
وهذا الإستدلال باطل من وجهين:
الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم ((أنت الظاهر فليس فوقك شيء, وأنت الباطن فليس دونك شيء)) إثبات صريح لفوقية الله على كل شيء, ونفيها عن كل شيء, فإن الظاهر معناه: هو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه.وهذا غاية الكمال في العلو أن لا يكون فوق العالي شيء موجود ,والله موصوف بذلك (2)
وكل شيء علا شيء فقد ظهر ,قال الله عزوجل ((فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)) الكهف] 97 [
أي يعلو عليه (3).
ومنه قوله تعالى ((وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ))] المعارج33 [أي يرتفعون ويصعدون ويعلون عليه (أي على الدرج).
وقال تعالى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))] التوبة33 [أي ليعليه ,ومه ظهر الدابة ,لأنه عالى عليها.
ويقال: ظهر الخطيب على المنبر ,وظاهر الثوب أعلاه, بخلاف بطانته. وكذلك ظاهر البيت أعلاه. وظاهر القول ماظهر منه وبان.وظاهر الإنسان خلاف باطنه ,فكلما علا الشيء ظهر (4).
قال ابن القيم رحمه الله:
والظاهر العالي الذي ما فوقه ***** شيء كما قد قال ذو البرهان
حقا رسول الله ذا تفسيره ***** ولقد رواه مسلم بضمان
فاقبله لا تقبل سواه من التفا ***** سير التي قيلت بلا برهان
والشيء حين يتم منه علوه ***** فظهوره في غاية التبيان
أو ما ترى هذي السما وعلوها ***** وظهورها وكذلك القمران (5)
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وأنت الباطن فليس دونك شيء)) ولم يقل: ((فليس تحتك شيء)).
والمعنى: ليس دون الله شيء, لا أحد يدبر دون الله, لا أحد ينفرد بشيء دون الله, ولا أحد يخفى على الله, كل شيء فالله محيط به, ولهذا قال: (ليس دونك شيء)) يعني: لا يحول دونك شيء ,ولا يمنع دونك شيء, ولا ينفع ذا الجد منك الجد ..... وهكذا (6)
قال ابن جرير: ((والباطن)) يقول: وهو الباطن لجميع الأشياء، فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال: ((ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)).
وقال الخطابي: ((الباطن)) هو المحتجب عن أبصار الخلق، وهو الذي لايستولي عليه توهم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجليه لبصائر المتفكرين، ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور، والمطلع على ما بطن من الغيوب.
قال ابن القيم: وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء، فهو (الباطن) بذاته فليس دونه شيء، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه .... وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقر ب إليه من نفسه .. فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه ... وعلا كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه، فلا توارى منه سماءٌ سماءً ولا أرضٌ أرضاً، ولا يحجب عنه ظاهر باطناً، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب والسر عنده علانية.
يتبع .........
---------
(1) رواه مسلم (2713).
(2) درء التعارض (7/ 11).
(3) التمهيد (8/ 97).
(4) مجموع الفتاوى (5/ 244).
(5) الكافية الشافية (ص113 - 114).
(6) شرح العقيدة الواسطية للعلامة العثيمين رحمه الله.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:26]ـ
الشبهة الحادية عشر:
قال الجويني: ((فإن استدلوا-يعني أهل السنة-بظاهر قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)] طه5 [فالوجه معارضتهم بآي يساعدونا على تأويلها: منها قوله تعالى ((وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ))] الحديد4 [ ... فنسألهم عن معنى ذلك ,فإن حملوه على كونه معنا بالإحاطة والعلم ,لم يمتنع حمل الاستواء على القهر والغلبة)) (1)
والجواب عليه:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن قدامة رحمه الله: قلنا نحن لم نتأول شيئا وحمل هذه اللفظات على هذه المعاني ليس بتأويل لأن التأويل صرف اللفظ عن ظاهره وهذه المعاني هي الظاهر من هذه الألفاظ بدليل أنه المتبادر إلى الأفهام منها وظاهر اللفظ هو ما يسبق إلى الفهم منه حقيقة كان أو مجازا ولذلك كان ظاهر الأسماء العرفية المجاز دون الحقيقة كاسم الراوية و الظعينة وغيرهما من الأسماء العرفية فإن ظاهر هذا المجاز دون الحقيقة وصرفها إلى الحقيقة يكون تأويلا يحتاج إلى دليل وكذلك الألفاظ التي لها عرف شرعي وحقيقة لغوية كالوضوء والطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج إنما ظاهرها العرف الشرعي دون الحقيقة اللغوية.
وإذا تقرر هذا فالمتبادر إلى الفهم من قولهم الله معك أي بالحفظ و الكلاءة ولذلك قال الله تعالى فيما أخبر عن نبيه إذ يقول لصاحبه ((لا تحزن إن الله معنا التوبة)) 40 وقال لموسى ((إنني معكما أسمع وأرى)) طه 46 ولو أراد أنه بذاته مع كل أحد لم يكن لهم بذلك اختصاص لوجوده في حق غيرهم كوجوده فيهم ولم يكن ذلك موجبا لنفي الحزن عن أبي بكر ولا علة له
فعلم أن ظاهر هذه الألفاظ هو ما حملت عليه فلم يكن تأويلا ثم لو كان تأويلا فما نحن تأولنا وإنما السلف رحمة الله عليهم الذي ثبت صوابهم ووجب اتباعهم هم الذين تأولوه فإن ابن عباس والضحاك ومالكا وسفيان وكثيرا من العلماء قالوا في قوله وهو معكم أي علمه ثم قد ثبت بكتاب الله والمتواتر عن رسول الله وإجماع السلف أن الله تعالى في السماء على عرشه وجاءت هذه اللفظة مع قرائن محفوفة بها دالة على إرادة العلم منها وهو قوله ((ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض)) (المجادلة 7) ثم قال في آخرها ((إن الله بكل شيء عليم)) فبدأها بالعلم وختمها به ثم سياقها لتخويفهم بعلم الله تعالى بحالهم و أنه ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ويجازيهم عليه.
وهذه قرائن كلها دالة على إرادة العلم فقد اتفق فيها هذه القرائن ودلالة الأخبار على معناها ومقالة السلف وتأويلهم فكيف يلحق بها ما يخالف الكتاب والأخبار ومقالات السلف فهذا لا يخفى على عاقل إن شاء الله تعالى وإن خفي فقد كشفناه وبيناه بحمد الله تعالى (2)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ولا يحسب الحاسب أنَّ شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة؛ مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه في الظاهر من قوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإنّ الله قِبل وجهه)) ونحو ذلك فإن هذا غلط، وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة؛ كما جمع الله بينهما في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأََرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأََرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: (والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه).
وذلك أن كلمة "مَعَ" في اللغة إذا أُطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين وشمال، فإذا قُيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك؛ فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة.
هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} إلى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [15] دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف: أنه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته.
وكذلك في قوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [16].
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما قال النبي لصاحبه في الغار: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا} [17] كان هذا أيضا حقًا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع، والنصر والتأييد.
وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} وكذلك قوله لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}. هنا المعية على ظاهرها، وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد.
وقد يدخل على صبي من يخيفه فيبكي، فيشرف عليه أبوه من فوق السقف فيقول: لا تخف أنا معك أو أنا هنا، أو أنا حاضر ونحو ذلك. ينبهه على المعية الموجبة بحكم الحال دفع المكروه ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها، وربما صار مقتضاها من معناها، فيختلف باختلاف المواضع.
فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أمورًا لا يقتضيها في الموضع الآخر، فأما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها وإن امتاز كل موضع بخاصية فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق، حتى يقال: قد صرفت عن ظاهرها.)) (3)
((فبهذا الجمع والتوفيق بين نصوص العلو، وبين نصوص المعية تلتئم النصوص، وتنسجم، وتفسر بعضها بعضاً، لا تتنافر ولا تتضارب، ولله الحمد والمنة)) (4).
وهذا الذي كان عليه سلف الأمة من أهل القرون المفضلة
قال الحافظ ابن عبد البر - وهو يناقش نفاة العلو-: "وأما احتجاجهم بقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}، فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله" (5).
قال الشيخ محمد أمان جامي رحمه الله: ((وهذا الكلام من ابن عبد البر لا يعني إلا الإجماع، وإذا أضفناه إلى ما تقدم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وكلام تلميذه ابن القيم، وكلام من نقلنا كلامهم من الأئمة والعلماء، إن مجموع ذلك يفيد ضرورة أن هذا المفهوم هو المفهوم الوحيد الذي كان عليه المسلمون الأولون قبل أن تظهر فرق أهل الكلام التي فرقت المسلمين بآرائها وفلسفتها، ولقد كان المسلمون في عافية من شرهم.)) (6)
وقال ابن رجب الحنبلي ((وحكى ابن عبد البر وغيره إجماع العلماء من الصحابة والتابعين في تأويل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} أن المراد علمه، وكل هذا قصدوا به رد قول من قال إنه تعالى بذاته في كل مكان"7
يتبع .........
(1) الإرشاد للجويني (ص113 - 114).
(2) ذم التأويل (ص45 - 46).
(3) مجموع الفتاوى (5/ 231)
(4) الصفات الإلهية في الكتاب والسنة للعلامة محمد أمان جامي رحمه الله.
(5) التمهيد 7/ 139.
(6) الصفات الإلهية للشيخ محمد أمان جامي رحمه الله.
(7) فتح الباري لابن رجب 2/ 331 - 332.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:27]ـ
الآثار والأقوال المروية عن أئمة السلف في الجمع بين صفتي العلو والمعية:
وإليك الآثار الواردة في ذلك مرتبة ترتيباً زمانياً:
1 - قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ما بين السماء القصوى والكرسي خمسمائة عام، ويبن الكرسي والماء كذلك، والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم" [1]
2 - قول كعب الأحبار رحمه الله [2]
قال: "قال الله في التوراة: أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق خلقي، وأنا على عرشي، أدبر أمر عبادي، ولا يخفى علي شيء في السماء، ولا في الأرض" [3].
3 - قول عبد الله بن المبارك رحمه الله (181 هـ)
ثبت عن علي بن الحسن بن شقيق، شيخ البخاري، قال: قلت لعبد الله ابن المبارك كيف نعرف ربنا؟ قال: "في السماء السابعة على عرشه".
وفي لفظ "على السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض".
وقال أيضاً: سألت ابن المبارك: كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا؟. قال: "على السماء السابعة، على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض" [4].
4 - قول أبي يوسف [5] صاحب أبي حنيفة رحمه الله (182 هـ)
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء بشر بن الوليد إلى أبي يوسف فقال له: "تنهاني عن الكلام وبشر المريسي، وعلي الأحول، وفلان يتكلمون، فقال: وما يقولون؟ قال: يقولون: إن الله في كل مكان. فبعث أبو يوسف فقال: علي بهم، فانتهوا إليهم، وقد قام بشر، فجيء بعلي الأحول والشيخ -يعني الآخر-، فنظر أبو يوسف إلى الشيخ وقال: لو أن فيك موضع أدب لأوجعتك، فأمر به إلى الحبس، وضرب عليا الأحول وطوَّف به" [6].
5 - قول علي بن عاصم الواسطي [7] رحمه الله (201هـ)
وقال يحي بن علي بن عاصم [8]: "كنت عند أبي، فاستأذن عليه المريسي، فقلت له: يأبه مثل هذا يدخل عليك! فقال: وماله؟؛ قلت: إنه يقول إن القرآن مخلوق، ويزعم أن الله معه في الأرض، وكلاما ذكرته، فما رأيته اشتد عليه مثل ما اشتد عليه في القرآن أنه مخلوق، وأنه معه في الأرض" [9].
6 - قول أصبغ بن الفرج المالكي [10] رحمه الله (225 هـ)
"وهو مستو على عرشه وبكل مكان علمه وإحاطته" [11]
7 - قول بشر الحافي [12] رحمه الله (227 هـ)
"والإيمان بأن الله على عرشه كما شاء، وأنه عالم بكل مكان، وأن الله يقول، ويخلق، فقوله كن ليس بمخلوق" [13].
8 - قول حماد بن هنَّاد [14] رحمه الله (230 هـ)
قال: "هذا ما رأينا عليه أهل الأمصار وما دلت عليه مذاهبهم فيه، وإيضاح مناهج العلماء وطرق الفقهاء، وصفة السنة وأهلها أن الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وعلمه وقدرته وسلطانه بكل مكان" [15].
9 - قول أحمد بن نصر الخزاعي [16] الشهيد رحمه الله (231 هـ)
قال إبراهيم الحربي فيما صح عنه: قال أحمد بن نصر وسئل عن علم الله فقال: "علم الله معنا وهو على عرشه" [17].
10 - قول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (241 هـ)
قال يوسف بن موسى القطان: وقيل لأبي عبد الله: الله فوق السماء السابعة على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه وقدرته بكل مكان. قال: "نعم" [18].
قال أحمد بن حنبل رحمه الله في كتاب "الرد على الجهمية" مما جمعه ورواه عبد الله ابنه عنه:
"باب بيان ما أنكرت الجهمية أن يكون الله على العرش، قلت لهم: أنكرتم أن يكون الله على العرش، وقد قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟
فقالوا: هو تحت الأرض السابعة، كما هو على العرش، وفي السموات والأرض.
فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء، أجسامكم وأجوافكم والأماكن القذرة ليس فيها من عظمته شيء، وقد أخبرنا عز وجل أنه في السماء فقال تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}، فقد أخبرنا سبحانه أنه في السماء" [19].
11 - قول الحارث بن أسد المحاسبي [20] (243هـ)
قال: "وأما قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} {إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} هذا يوجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لايخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد أنه بنفسه فوق عباده؛ لأنه قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} يعني فوق العرش، والعرش على السماء لأن من قد كان فوق كل شيء على السماء، في السماء وقد قال {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} يعني علي الأرض لايريد الدخول في جوفها .... " [21]
12 - قول عبد الوهاب بن الحكم الورَّاق [22] (251هـ)
قال عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق لما روى حديث ابن عباس «ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة ألاف نور، وهو فوق ذلك قال: "من زعم أن الله ههنا فهو جهمي خبيث، إن الله فوق العرش، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة" [23].
13 - قول يحي بن معاذ الرازي [24] رحمه الله (258هـ)
قال: "الله تعالى على العرش، بائن من الخلق، قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، ولا يشك في هذه المقالة إلا جهمي رديء ضليل هالك مرتاب، يمزج الله بخلقه ويخلط الذات بالأقذار والأنتان" [25]
(يُتْبَعُ)
(/)
14 - قول محمد بن يحي الذهلي [26] رحمه الله (258هـ)
سئل محمد بن يحي عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليعلم العبد أن الله معه حيث ما كان" [27]، فقال: "يريد أن الله علمه محيط بكل مكان والله على العرش" [28].
15 - قول المزني [29] رحمه الله (264هـ)
قال"الحمد لله أحق من ذكر وأولى من شكر ... إلى أن قال .. علا على عرشه في مجده بذاته، وهو دان بعلمه من خلقه، أحاط علمه بالأمور ... " [30].
16 - قول أبي حاتم الرازي (277هـ)
وأبي زرعة الرازي (264هـ) رحمهما الله
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رحمهما الله عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك، فقالا: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازاً، وعراقاً، ومصراً، وشاماً، ويمناً، وكان من مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف، أحاط بكل شيء علماً" [31].
17 - عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله (280هـ)
قال في كتابه "النقض على بشر المريسي": "قد اتفقت الكلمة من المسلمين، أن الله بكماله فوق عرشه، فوق سمواته" [32].
وقال أيضاً في موضع آخر من الكتاب: "وقال أهل السنة: إن الله بكماله فوق عرشه، يعلم ويسمع من فوق العرش، لا يخفى عليه خافية من خلقه، ولا يحجبهم عنه شيء" [33].
18 - قول زكريا بن يحي الساجي [34] رحمه الله (307هـ)
قال: "القول في السنة التي رأيت عليها أصحابنا أهل الحديث، إن الله تعالى على عرشه، في سمائه، يقرب من خلقه كيف شاء" [35].
19 - قول الحسن بن علي بن خلف البربهاري [36] رحمه الله (329 هـ)
"وهو جل ثناؤه واحد ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، ربنا أول بلا متى وآخر بلا منتهى، يعلم السر وأخفى، وعلى عرشه استوى، وعلمه بكل مكان، لايخلو من علمه مكان" [37].
20 - قول علي بن مهدي الطبري [38] رحمه الله
قيل لعلي بن مهدي ما تقولون في قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}؟، قال: "إن بعض القراء يجعل الوقف {فِي السَّمَاوَاتِ}، ثم يبتديء {وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}، وكيف ما كان، ولو أن قائلاً قال: فلان بالشام والعراق ملك، يدل على أن ملكه بالشام والعراق لا أن ذاته فيهما" [39].
21 - قول ابن أبي زيد القيرواني [40] رحمه الله (386هـ)
قال الإمام أبو محمد بن أبي زيد المالكي المغربي في رسالته في مذهب مالك، أولها: "وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه" [41].
وقال في كتابه المفرد في السنة: "وأنه فوق سمواته على عرشه دون أرضه وأنه في كل مكان بعلمه" [42].
22 - قول محمد بن عبد الله ابن أبي زمنين [43] رحمه الله (399هـ)
قال محمد بن عبد الله "ومن قول أهل السنة إن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق ثم استوى عليه كيف شاء كما أخبر عن نفسه في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ... فسبحان من بعد فلا يرى، وقرب بعلمه وقدرته فسمع النجوى" [44].
23 - قول أبي بكر الباقلاني [45] رحمه الله (403هـ)
قال أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتاب "الإبانة":
"فإن قيل: هل تقولون إنه في كل مكان؟؛
قيل له: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه، كما أخبر في كتابه وقال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وقال {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}، وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان، وفمه، والحشوش، ولوجب أن يزيد بزيادات الأماكن، إذا خلق منها ما لم يكن، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا، وإلى يميننا، وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله" [46].
24 - قول أبي بكر محمد بن موهب المالكي [47] رحمه الله (406 هـ)
قال رحمه الله:" ... فلذلك قال الشيخ أبو محمد [48]: "إنه فوق عرشه" ثم بين أن علوه فوق عرشه، إنما هو بذاته، لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف، وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته" [49].
25 - قول اللالكائي [50] رحمه الله (418هـ)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن الشافعي، في كتاب شرح أصول السنة له: "سياق ما روي في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، و أن الله على عرشه في السماء، قال عزوجل {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}، وقال {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، وقال {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}، قال: فدلت هذه الآيات أنه في السماء وعلمه محيط بكل مكان" [51].
26 - قول معمر بن أحمد الأصبهاني [52] رحمه الله (428هـ)
قال رحمه الله في رسالته إلى بعض أصحابه: "وأن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل والإستواء معقول والكيف مجهول وأنه عز وجل بائن من خلقه والخلق بائنون منه بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة" [53]
27 - قول أبي نصر السجزي [54] رحمه الله (444هـ)
قال الإمام أبو نصر السجزي الحافظ، في كتاب "الإبانة" له: "وأئمتنا الثوري، ومالك، وابن عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وابن المبارك، وفضيل بن عياض، وأحمد، وإسحاق، متفقون على أن الله فوق عرشه بذاته، وأن علمه بكل مكان" [55].
28 - قول أبي إسماعيل الأنصاري [56] رحمه الله (481هـ)
قال الإمام أبو إسماعيل الأنصاري في كتاب "الصفات" له: - باب اثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة، بائناً من خلقه، من الكتاب والسنة -. فذكر رحمه الله دلالات ذلك من الكتاب والسنة -إلى أن قال-: "في أخبار شتى أن الله عزوجل في السماء السابعة على العرش بنفسه، وهو ينظر كيف تعملون، علمه، وقدرته، واستماعه، ونظره، ورحمته، في كل مكان" [57].
29 - قول أبي الحسن الكرجي [58] رحمه الله (491هـ)
قال الإمام أبو الحسن الكرجي في عقيدته المعروفة التي أولها:
محاسن جسمي بدلت بالمعايب
وشيب فَوْدي شيب وصل الحبائب
إلى أن قال:
وأفضل زاد في المعاد عقيدة
على منهج في الصدق والصبر لاحب
عقائدهم أن الإ له بذاته
على عرشه مع علمه بالغوائب
وأن استواء الرب يعقل كونه
ويجهل فيه الكيف جهل الشهارب [59]
30 - قول عبد القادر الجيلي [60] رحمه الله (561 هـ)
قال الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، في كتاب "الغنية" له: "وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، وكونه سبحانه وتعالى على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف" [61].
31 - قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (728 هـ)
" ... وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله: الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سمواته على عرشه، عليٌّ على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون كما جمع بين ذلك في قوله {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [62] " [63].
32 - قول محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله (748 هـ)
صنف الإمام الذهبي كتاب العلو وكتاب العرش في إثبات علو الله على عرشه، وأنه مع خلقه بعلمه، وساق فيه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم إلى قريب من زمانه، وحكى الإجماع عن كثير منهم على أن الله تعالى فوق عرشه، ومع الخلق بعلمه. ومما قاله في أثناء كتابه العلو "ويدل على أن الباري تبارك وتعالى عالٍ على الأشياء، فوق عرشه المجيد، غير حالٍ بالأمكنة قوله تعالى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [64] " [65].
33 - قول الإمام شمس الدين ابن القيم رحمه الله (751 هـ)
(يُتْبَعُ)
(/)
صنف الإمام ابن القيم كتابه إجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لبيان مسألة علو الله على عرشه ومعيته لخلقه، فساق الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه، وحكى الإجماع عن كثير منهم على ذلك، كما اشتمل كتابه الصواعق المرسلة، وقصيدته الكافية الشافية على فصول كثيرة في تقرير هذه المسألة.
34 - قول ابن رجب الحنبلي رحمه الله (795 هـ)
وقد ردّ ابن رجب رحمه الله تعالى على الذين فسروا المعية بتفسير لا يليق بالله عزوجل وهم الذين يقولون: إن الله بذاته في كل مكان، وهم الحلولية من الجهمية ومن نحا نحوهم.
فقال رحمه الله تعالى: "ولم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفهمون من هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله واطلاعه على عباده وإحاطته بهم وقربه من عابديه وإجابته لدعائهم، فيزدادون به خشية لله وتعظيماً وإجلالاً ومهابة ومراقبة واستحياء ويعبدونه كأنهم يرونه، ثم حدث بعدهم من قل ورعه وانتكس فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره وأراد أن يرى الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله بذاته في كل مكان كما حكى ذلك طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى عما يقولون علواً كبيراً.
وهذا شئ ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم، وهؤلاء ممن يتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منهم في حديث عائشة المتفق عليه.
وتعلقوا أيضاً بما فهموه بفهمهم القاصر مع قصدهم الفاسد بآيات في كتاب الله تعالى مثل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}
فقال من قال من علماء السلف حينئذ إنما أراد أنه معهم بعلمه وقصدوا بذلك إبطال ما قال أولئك مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن.
وحكى ابن عبد البر وغيره إجماع العلماء من الصحابة والتابعين في تأويل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} أن المراد علمه، وكل هذا قصدوا به رد قول من قال إنه تعالى بذاته في كل مكان" [66].
35 - قول صديق حسن خان رحمه الله (1307 هـ)
"وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا كلام الصحابة والتابعين، وسائر الأئمة، قد دل ذلك بما هو نص أو ظاهرٌ، في أن الله سبحانه فوق العرش، فوق السموات، استوى على عرشه، بائن من خلقه، ... وهو معهم أينما كانوا. قال نعيم بن حماد لما سئل عن معنى هذه الآية {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} معناها: (أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه) وليس معناه أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا توجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق ... -إلى أن قال-: ... فكل ما في الكتاب والسنة من الادلةة الدالة على قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه سبحانه عليٌّ في دنوِّه وقريب في عُلوِّه، والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة جداً." [67].
--------------------------------------------- -----------------------------------
[1] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 395ـ396، ح 659) والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 186ـ187).والدارمي في الرد على الجهمية (ص275 - ضمن عقائد السلف-). وابن خزيمة في التوحيد (1/ 242 - 243، ح149). والطبراني في الكبير (9/ 228). وأبو الشيخ في العظمة (2/ 688 - 689، ح279). وابن عبد البر في التمهيد (7/). وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص104 - 105، ح75). وأورده الذهبي في العلو (ص64)، وعزاه لعبد الله بن الإمام أحمد في السنة، وأبي بكر بن المنذر، وأبي أحمد العسال، وأبي القاسم الطبراني، وأبي الشيخ، واللالكائي، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي عمر بن عبد البر، وقال: (وإسناده صحيح). وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص122)، وفي مختصر الصواعق (2/ 210). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 86)، وعزاه للطبراني وقال: (رجاله رجال الصحيح).
(يُتْبَعُ)
(/)
[2] كعب بن مانع الحِميري، أبو إسحاق، أسلم في خلافة الصديق رضي الله عنه، ومات في خلافة عثمان رضي الله عنه، وقد جاوز المائة،. انظر الكاشف (3/ 9)، التقريب (ص812).
[3] أخرجه أبو الشيخ في العظمة (2/ 625 - 626، ح244). وابن بطة في الإبانة -الرد على الجهمية-، (3/ 185 - 186، برقم137). وأبو نعيم في الحلية (6/ 7). وأورده القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات (ق149/ب) وعزاه لابن بطة في الإبانة. وأورده الجيلاني في الغنية لطالبي طريق الحق (1/ 57). وأورده الذهبي في العلو (ص92)، وقال: (رواته ثقات)، وفي الأربعين (ص45)، وفي العرش 2/ 143 رقم 121. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص129، و260)، وقال قبله: (وروى أبو نعيم بإسناد صحيح عن كعب) وذكره. وأورده ابن القيم كذلك كما في مختصر الصواعق (2/ 373) وعزاه لأبي الشيخ وابن بطة وغيرهما بإسناد صحيح.
وصححه الألباني في مختصر العلو (ص128).
[4] أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص8).
والدارمي في الرد على المريسي (ص103)، والرد على الجهمية (ص50). وعبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/ 111، ح22)، و (1/ 174 - 175، ح216). وابن بطة في الإبانة (3/ 155 - 156، ح112). وابن منده في التوحيد (3/ 308، برقم899). والصابوني في عقيدة السلف (ص20، برقم28). والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 336، رقم903). وابن عبد البر في التمهيد (7/ 142). وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص117 - 118، ح99، 100). وأورده ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (6/ 264)، وعزاه للبخاري في خلق أفعال العباد. وأورده كذلك في الفتوى الحموية (ص91) وقال: (وروى عبد الله بن الإمام أحمد وغيره بأسانيد صحيحة عن ابن المبارك)، وأورده في نقض تأسيس الجهمية (2/ 525). وأورده الذهبي في العلو (ص110)، وفي سير أعلام النبلاء (8/ 402)، وفي الأربعين في صفات رب العالمين (ص40، برقم10) وفي العرش 2/ 187 رقم 161، 162 وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص134 - 135) وقال: (روى الدارمي، والحاكم والبيهقي، وغيرهم، بأصح إسناد إلى علي بن الحسين بن شقيق) وذكره، وفي (ص213 - 214) وقال: (وقد صح عنه صحة قريبة من التواتر)، وعزاه للبيهقي، والحاكم، والدارمي. وأورده أيضاً كما في مختصر الصواعق (2/ 212).
[5] يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، القاضي، أبو يوسف الكوفي، صاحب الإمام أبي حنيفة، المجتهد، العلامة، المحدث، أفقه أهل الرأي بعد أبي حنيفة، ولد سنة (113هـ)، وتوفي سنة (182هـ). تاريخ بغداد (14/ 242)، السير (8/ 535).
[6] أورد القصة ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 45)، وفي نقض تأسيس الجهمية (2/ 525 - 526)، وعزاها لابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية، وساق الأثر بسنده. وأوردها الذهبي في العلو (ص112). وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص222)، وقال: (وهي قصة مشهورة ذكرها عبد الرحمن بن أبي حاتم). وأوردها أيضاً كما في مختصر الصواعق (2/ 212) وقال: (وبشر لم ينكر أن الله أفضل من العرش، وإنما أنكر ما أنكرته المعطلة أن ذاته تعالى فوق العرش). وأوردها شارح الطحاوية (ص323).
[7] علي بن عاصم بن صهيب الواسطي التيمي مولاهم، صدوق يخطىء ويصر، رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة إحدى ومائتين، وقد جاوز التسعين. التقريب (ص699)، تاريخ بغداد (11/ 446).
[8] يحي بن علي بن عاصم الواسطي، روى عن أبيه. انظر الثقات لابن حبان (9/ 258).
[9] أورده الذهبي في العلو (ص116)، وفي العرش
وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص216 - 217) وعزاه لابن أبي حاتم.
[9] أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع،،فقيه من كبار المالكية بمصر، قال ابن الماجشون: (ما أخرجت مصر مثل أصبغ وكان كاتب ابن وهب)، توفي سنة (225هـ). وفيات الأعيان 1/ 79، الأعلام 1/ 333.
[10] انظر: إجتماع الجيوش الإسلامية ص 142.
تهذيب سنن أبي داود 7/ 102.
[11] بشر بن الحارث بن عبد الرحمن، أبو نصر المروزي البغدادي الحافي، إمام، ورع، زاهد، مات سنة سبع وعشرين ومائتين، وله خمس وسبعون سنة. تاريخ بغداد (7/ 67)، السير (10/ 469).
[12] أوردها الذهبي في العلو (ص127)، وفي الأربعين (ص43).وفي العرش 2/ 244 رقم 216.
(يُتْبَعُ)
(/)
[13] هكذا أورده الذهبي في العلو، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية، وقال محققه: (لم أقف على ترجمته بهذا الإسم، فلعلها محرفة عن محمد بن سعيد بن هنَّاد البوشنجي، وترجمته في الأنساب 2/ 259، والكاشف 3/ 42.
[14]---
[15] انظر العلو للذهبي ص 151
و إجتماع الجيوش الإسلامية ص242.
[16] أحمد بن نصر بن مالك، الخزاعي، أبو عبد الله، ثقة، قتل شهيداً في خلافة الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن سنة (231 هـ). سير أعلام النبلاء (11/ 166)، تهذيب التهذيب (1/ 87).
[17] أورده الذهبي في العلو ص 128.
[18] أخرجه ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/ 159، ح115).
واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 401 - 402، برقم674).
وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 421).
وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص116، برقم96).
والذهبي في العلو (130).، وفي العرش (2/ 248، برقم 221)
و ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص200) وعزاه للخلال في كتاب السنة له.
[19] انظر الرد على الجهمية للإمام أحمد بن حنبل (ص92 - 93، -ضمن عقائد السلف).
وأورده الذهبي في العرش (2/ 250ـ251 برقم 224.)
وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص201 - 202).
[20] الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي أبو عبد الله عاش في بغداد اشتهر بالتصوف وألف فيه كتبا أشهرها الرعاية لحقوق الله ورسالة المسترشدين توفي سنة 243 هـ تاريخ بغداد 8/ 211 السير 12/ 110.
[21] انظر مجموع الفتاوى (5/ 69)
واجتماع الجيوش الإسلامية ص272.
[22] عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع النسائي، ثم البغدادي، أبو الحسن الوراق، صحب الإمام أحمد وسمع منه، وكان صالحاً، ورعاً، زاهداً، توفي سنة (251هـ) على القول الراجح. طبقات الحنابلة (1/ 209 - 212)، التقريب (ص633).
[23] أورده الذهبي في العلو (ص142)، وفي العرش" 2/ 253 رقم 226.
وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص232)، وقال: (صح ذلك عنه، حكاه عنه محمد بن أحمد بن عثمان -يعني الذهبي- في رسالته الفوقية وقال: ثقة حافظ، روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي، مات سنة خمسين ومائتين) اهـ.
[24] يحي بن معاذ الرازي، أبو زكريا، الواعظ، ذكره أبو القاسم القشيري في الرسالة وعده من جملة المشايخ، توفي سنة (258 هـ) بنيسابور. وفيات الأعيان 6/ 165.
[25] انظر: مجموع الفتاوى 5/ 49
واجتماع الجيوش الإسلامية ص270.
[26] محمد بن يحي بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري الزهري، ثقة، حافظ، جليل، من الحادية عشرة، مات ستة (258هـ) على الصحيح وله ست وثمانون سنة. التقريب (ص907)، السير (12/ 273).
[27] رواه الطبراني في الصغير ص 115، وقال الألباني: (إسناده صحيح)، انظر: سلسة الأحاديث الصحيحة رقم (1046).
[28] أورده الذهبي في العلو ص 136.
[29] إسماعيل بن يحي بن إسماعيل المزني، أبو إبراهيم، المصري، تلميذ الشافعي، إمام، علامة، فقيه، كان زاهدا، عالما، مجتهدا، قوي الحجة، توفي سنة (264هـ). السير (12/ 492).
[30] انظر: شرح السنة. للمزني ص75
شرح العقيدة الواسطية ص134.
والأربعين في صفات رب العالمين رقم 51.
ومختصر الصواعق 2/ 262 - 279.
[31] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 176 - 179، برقم321)، وقد ذكر الاعتقاد بتمامه والنص المذكور هنا تجده في (ص177).
والذهبي في سير أعلام النبلاء (13/ 84) بالسند المذكور هنا، وأخرجه في العلو (ص137 - 138) وقد ساقها بأسانيد ثلاثة، وأخرجه في العرش 2/ 257 رقم 228.
وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص125، برقم110)،
وأورده ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (6/ 257).
قال الألباني في مختصر العلو (ص204 - 205): (قلت: هذا صحيح ثابت عن أبي زرعة وأبي حاتم رحمة الله عليهما ... ) إلى أن قال: (ورسالة بن أبي حاتم محفوظة في المجموع (11) في الظاهرية في آخر كتاب (زهد الثمانية من التابعين).
وقد طبعت ضمن " روائع التراث " تحقيق محمد عزيز شمس، ونشرته الدار السلفية بالهند. انظر (ص19 - 26).
[32] انظر الرد على بشر المريسي (ص408 - ضمن عقائد السلف -)،
وأورده الذهبي في السير (13/ 325)،
وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص228)،
وانظر مختصر الصواعق (2/ 213).
(يُتْبَعُ)
(/)
[33] انظر الرد على بشر المريسي (ص438 - ضمن عقائد السلف -) مع تقديم وتأخير و انظر: "الرد على الجهمية" ص 268 (ضمن عقائد السلف) و العرش للذهبي 2/ 260 رقم 230.
[34] زكريا بن يحي بن عبد الرحمن بن محمد بن عدي الضبي البصري الساجي، أبو يحي، محدث البصرة في عصره، وكان من الحفاظ الثقات، كان مولده (220هـ) وتوفي سنة (307هـ). طبقات الشافعية (2/ 226)، البداية (11/ 131).
[35] أورده ابن تيمية في نقض تأسيس الجهمية (2/ 527ـ528)
والذهبي في العلو (ص150) وفي العرش (2/ 278 رقم 240.)
وابن القيم في اجتماع الجيوش الأسلامية (ص 245ـ246)
[36] الحسن بن علي بن خلف، البربهاري، الإمام، الحافظ، رأس الحنابلة في بغداد، وكان معروفاً بشدته في السنة، توفي رحمه الله سنة (329 هـ).طبقات الحنابلة 2/ 18 - 45.
[37] انظر: شرح السنة للبربهاري ص 71.
[38] علي بن محمد بن مهدي الطبري، أبو الحسن صحب أبا الحسن الأشعري بالبصرة، ألف كتاب (تأويل الأحاديث المشكلات الواردة في الصفات). انظر تبيين كذب المفتري (ص195 - 196).
[39] أورد هذا الكلام ابن تيمية في نقض تأسيس الجهمية (2/ 335 - 337).
والذهبي في العرش 2/ 322 رقم 256.
[40] أبو محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن النفزي، القيرواني، المالكي، فقيه، مفسر، مشارك، له مصنفات كثيرة منها، كتاب النوادر والزيادات، ومختصر المدونة، وكتاب الرسالة، وإعجاز القرآن، توفي سنة (386هـ). السير (17/ 10)، شذرات الذهب (3/ 131).
[41] انظر رسالة القيرواني (ص4)، باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات، ط: مطبعة مصطفى الحلبي، الطبعة الثانية (1368هـ)،
وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 189).
أورده الذهبي في العلو (ص171)، وفي العرش 2/ 341 رقم 263.
وأورده ابن القيم كما في مختصر الصواعق (2/ 134) وقال: (فصرح به أبو محمد بن أبي زيد في ثلاثة مواضع من كتبه أشهرها الرسالة، وفي كتاب جامع النوادر، وفي كتاب الآداب)،
[42] اجتماع الجيوش الإسلامية ص 151.
[43] أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى المري الأندلسي المالكي المعروف بابن زمنين محدث فقيه أصولي مفسر صوفي أديب شاعر ولد سنة 324 هـ وتوفي سنة 399 هـ من أشهر مؤلفاته أصول السنة الوافي بالوفيات 2/ 321، شذرات الذهب 3/ 156.
[44] رياض الجنة بتخريج أصول السنة ص 88.
[45] محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، البصري، ثم البغدادي، أبو بكر، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، مات سنة (403هـ).قال عنه الذهبي: "الذي ليس في متكلمي الأشاعرة أفضل منه، لا قبله ولا بعده" تاريخ بغداد (5/ 379)، السير (17/ 190).
[46] هذا الكلام ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 98 - 99)، وقد نقله الذهبي في العرش 2/ 338 رقم 261. ومختصراً في سير أعلام النبلاء (17/ 558 - 559).
[47] محمد بن موهب، التجيبي، أبو بكر، الحصَّار، المعروف بالقبري، كان من العلماء الزهَّاد الفضلاء، له مؤلفات كثيرة في العقائد، توفي بقرطبة سنة (406 هـ). ترتيب المدارك 7/ 188.
[48] يريد الإمام أبا محمد بن أبي زيد القيرواني، وذلك في شرحه على الرسالة.
[49] أورده الذهبي في العلو ص 192.
وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 156.
[50] هبة الله بن الحسن بن منصور، الطبري، أبو القاسم، اللالكائي، نسبته إلى بيع اللوالك، -وهي التي تلبس في الأرجل-، الشافعي، إمام حافظ، مجود، صاحب شرح أصول اعتقاد أهل السنة، توفي سنة (418هـ). تاريخ بغداد (14/ 70)، السير (17/ 419).
[51] انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 387 - 388).
وأورده الذهبي في العرش 2/ 344 رقم 264.
[52] أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد الأصبهاني كان كبير الصوفية في أصبهان وروى عن الطبراني المحدث توفي سنة 428 هـ شذرات الذهب 3/ 311.
[53] أورده ابن تيمية في القتاوى 5/ 61.
والذهبي في العلو ص 262.
وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 276.
[54] عبيد الله بن سعيد بن حاتم السجزي الوائلي، أبو نصر، محدث، حافظ، صنف، وخرج، وعالماً بالأصول والفروع، توفي في الحرم سنة (444هـ). تذكرة الحفاظ (3/ 1118)، السير (17/ 654)
[55] أورده ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (6/ 250)،
وفي نقض تأسيس الجهمية (2/ 38، 416 - 417)، وفي مجموع الفتاوى (5/ 190)،
والذهبي في العلو (ص172)، وفي سير أعلام النبلاء (17/ 656)، وفي كتاب العرش" 2/ 342 رقم 263/ 3، و2/ 353 رقم 270.
وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص246)، وأورده أيضاً كما في مختصر الصواعق (2/ 214).
[56] عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري، أبو إسماعيل الهروي، شيخ خراسان، إمام قدوة، حافظ كبير، توفي سنة (481هـ) وله أربع وثمانون سنة ونيف. الأنساب (1/ 367)، السير (18/ 503).
[57] أورده الذهبي في العلو (ص189). وفي العرش 2/ 365 رقم 279.
[58] مكي بن محمد بن علاَّن، أبو الحسن الكرجي، المعتمد، المعروف بالسّلار، الشيخ الجليل، المسند، المعمر، مات بأصبهان سنة (491هـ). السير (19/ 71)، شذرات الذهب (3/ 397).
[59] أورده الذهبي في العرش 2/ 368 رقم 282.
[60] عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست الجيلي، أبو محمد الحنبلي، شيخ بغداد، الإمام، الزاهد، العارف، القدوة، ولد سنة (471هـ) وتوفي سنة (561هـ). ذيل طبقات الحنابلة (1/ 290)، السير (20/ 439).
[61] انظر كتاب الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني (1/ 54 - 57)، ط: الحلبي،
وطبقات الحنابلة (1/ 296).
ومجموع الفتاوى ()، 5/ 85).
والعلو للذهبي (ص193). و العرش 2/ 369 رقم 282.
واجتماع الجيوش الإسلامية (ص277).
[62] الآية 4 من سورة الحديد.
[63] انظر: المجموع 3/ 142.
[64] الآية 255 من سورة البقرة.
[65] انظر: العلو ص83.
[66] فتح الباري لابن رجب 2/ 331 - 332.
[67] قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر لصديق حسن خان ص 50 - 51.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 08:30]ـ
الشبهة الثانية عشر: لو كان الله تعالى فوق العرش لما صح القول بأنه تعالى قريب من عباده.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
ليس في القرآن وصف الله بالقرب من كل شيء أصلا بل قربه الذي في القرآن خاص لا عام؛ كقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [11] فهو سبحانه قريب ممن دعاه.
وكذلك ما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع النبي في سفر، فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير؛ فقال: «يأيها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصَمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عُنُق راحلته» فقال: «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم» لم يقل: إنه قريب إلى كل موجود، وكذلك قول صالح عليه السلام: {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [12] هو كقول شعيب: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [13]، ومعلوم أن قوله: {قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال: إنه مجيب لكل موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه، فكذلك قربه سبحانه وتعالى.
وكذلك قال النبي في الحديث المتفق على صحته: «إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته».
وذلك لأن الله سبحانه قريب من قلب الداعي، فهو أقرب إليه من عنق راحلته. وقربه من قلب الداعي له معنى متفق عليه بين أهل الإثبات الذين يقولون: إن الله فوق العرش، ومعنى آخر فيه نزاع.
فالمعنى المتفق عليه عندهم يكون بتقريبه قلب الداعي إليه، كما يقرب إليه قلب الساجد؛ كما ثبت في الصحيح: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» فالساجد يقرب الرب إليه فيدنو قلبه من ربه، وإن كان بدنه على الأرض. ومتى قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبًا بالضرورة. وإن قدر أنه لم يصدر من الآخر تحرك بذاته، كما أن من قرب من مكة قربت مكة منه.
وقد وصف الله أنه يقرب إليه من يقربه من الملائكة والبشر، فقال: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدا لله وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [60]، وقال: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [61]، وقال تعالى: {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [62]، وقال تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [63]، وقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [64]، وقال: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [65].
وأما قرب الرب قربًا يقوم به بفعله القائم بنفسه، فهذا تنفيه الكُلابية ومن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته. وأما السلف وأئمة الحديث والسنة، فلا يمنعون ذلك، وكذلك كثير من أهل الكلام.
فنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا، ونزوله عشية عرفة، ونحو ذلك هو من هذا الباب؛ ولهذا حد النزول بأنه إلى السماء الدنيا، وكذلك تكليمه لموسى عليه السلام فإنهلو أريد مجرد تقريب الحجاج وقوام الليل إليه، لم يخص نزوله بسماء الدنيا، كما لم يخص ذلكفي إجابة الداعي وقرب العابدين له، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [66].
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال: «من تقرب إلى شبرًا تقربت إليه ذراعًا» وهذه الزيادة تكون على الوجه المتفق عليه، بزيادة تقريبه للعبد إليه جزاء على تقربه باختياره. فكلما تقرب العبد باختياره قَدْر شبر زاده الرب قربًا إليه حتى يكون كالمتقرب بذراع. فكذلك قرب الرب من قلب العابد، وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة الرب والإيمان به، وهو المثل الأعلى، وهذا أيضا لا نزاع فيه، وذلك أن العبد يصير محبًا لما أحب الرب، مبغضًا لما أبغض، مواليًا لمن يوالي، معاديا لمن يعادي، فيتحد مراده مع المراد المأمور به الذي يحبه الله ويرضاه. (1)
وقال صلى الله عليه وسلم ((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر, فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن) (2)
وليس هذا القرب كقرب الخلق المعهود منهم, كما ظنه من ظنه من أهل الضلال, وإنما هو قرب ليس يشبه قرب المخلوقين, كما أن الموصوف به (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))))) (3).
بل هو قرب حقيقي والرب تعالى فوق سماواته على عرشه والعبد في الأرض (4)
و قد ((ذكر الله تعالى قربه من بعض عباده في حالتين اثنتين فقط: الأولى: ذكر في معرض إجابة دعاء من دعاه حيث يقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} 421، ومعنى القرب هنا واضح، وهو قرب إجابة من دعاه، إذ هو معه، قريب منه، يرى مكانه، ويسمع دعاءه، ويعلم ما يريد العبد أن يقوله قبل أن يقوله لأنه هو الذي وفقه ليدعوه، ثم هو الذي يجيب دعاءه، فهذا قربه من داعيه. يقول بعض أهل العلم: إن الآية المذكورة نزلت جواباً للصحابة رضي الله عنهم حين سألوا رسول الله عليه الصلاة والسلام قائلين: "ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه"؟ فأنزل الله هذه الآية.
الثانية: ذكر القرب في إثابة عابديه، والمتقربين إليه بالأعمال الصالحة، وذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد"422، وقال عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر"423. وورد في صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر، فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: "يا أيها الناس! أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته". هكذا ينتهي الحديث عن المعية والقرب معاً بهد التوفيق بينهما، وبين علو الله تعالى على خلقه، لنثبت بأنه تعالى مع عباده، وقريب منهم وهو في علوه، والعلو وصف ذاتي له سبحانه، دائماً وأبداً.)) (5)
والسلف "أهل السنة والجماعة" يجرون هذه النصوص على ظاهرها وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل. قال شيخ الإسلام ابن تيميه في شرح حديث النزول ص466 جـ5 من مجموع الفتاوى: "وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر". أهـ.
فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟
وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟
وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالاً لما يريد على الوجه الذي يليق به؟ (6)
وقال سبحانه وتعالى: ((فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ))] هود61 [
وقال عز وجل: ((وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ))] هود90 [.
ومعلوم أن قوله: {قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال: إنه مجيب لكل موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه، فكذلك قربه سبحانه وتعالى.
وقال تعالى: ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ))] الأعراف56 [
فذكر الخبر وهو ((قريب)) عن لفظ ((الرحمة)) وهي مؤنثة, إيذانا بقربه تعالى من المحسنين, فكأنه قال: إن الله برحمته قريب من المحسنين.
ويوضح ذلك: أن الرحمة لما كانت صفة من صفات الله تعالى, وصفاته قائمة بذاته, فإذا كانت قريبة من المحسنين, فهو قريب سبحانه منهم قطعا.
فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين، ورحمته قريبة منهم، وقربه يستلزم قرب رحمته. ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة. إن الله تعالى قريب من المحسنين، وذلك يستلزم القربين: قربه وقرب رحمته؛ ولو قال: إن رحمة الله قريبة من المحسنين، لم يدل على قربه تعالى منهم؛ لأن قربه تعالى أخص من قرب رحمته، والأعم لا يستلزم الأخص، بخلاف قربه، فإنه لما كان أخص استلزم الأعم، وهو قرب رحمته.
فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين، من التحريض على الإحسان، واستدعائه من النفوس، وترغيبها فيه غاية حظ لها، وأشرفه وأجلُّه على الإطلاق، وهو أفضل إعطاء أُعطيه العبد، وهو قربه تبارك وتعالى من عبده، الذي هو غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها. فكان في العدول عن (قريبة) إلى (قريب) من استدعاء الإحسان، وترغيب النفوس فيه، ما لا يختلف بعده إلا من غلبت عليه شقاوته، ولا قوة إلا بالله.
فتبين بهذا: أن الله سبحانه وتعالى قريب من المحسنين بذاته ورحمته قربا ليس له نظير وهو مع ذلك فوق سماواته على عرشه فإنّ علوّه سبحانه على سمواته من لوازم ذاته فلا يكون قط إلاّ عاليا ولا يكون فوقه شيء البتة كما قال أعلم الخلق صلى الله عليه وسلم ((وأنت الظاهر فليس فوقك شيء) (7)
يتبع ...........
------------------
(1) مجموع الفتاوى (5/ 503 - 513).
(2) رواه النسائي وصححه الألباني.
(3) فتح الباري لابن رجب.
(4) مدارج السالكين لابن القيم (3/ 272).
(5) الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية للشيخ محمد أمان جامي رحمه الله.
(6) القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
(7) أنظر مجموع الفتاوى (5/ 493) وبدائع الفوائد (3/ 17 - 32) ومختصر الصواعق (2/ 268 - 271).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[03 - May-2009, مساء 05:11]ـ
الشبهة الثالثة عشر:
قال النسفي في قوله تعالى: ((أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ))] الملك16 [أي: من ملكوته في السماء, لأنها مسكن ملائكته, ومنها منزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه, فكأنما قال: أأمنتم خالق السماء وملكه, أو لاأنهم] المشركين [كانوا يعتقدون التشبيه ,وأنه في السماء, وأن الرحمة والعذاب ينزلان منه ,فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء وهو متعال عن المكان)) (1).
والجواب عليه:
هذا تحريف لكتاب الله تعالى, فقد حرّف هذه الآية بتحريفين فاضحين
أما التحريف الأول: فهو تأويل قوله تعالى: ((مَنْ فِي السَّمَاءِ)) بمن ملكوته في السماء, يعني أن الله تعالى ليس في السماء بل ملكوته في السماء ,وهذا تحريف محض ,لأنه خارج عن لغة العرب ولا يقتضيه سياق هذه الآية ألبتة ,فإن كلمة ((من)) اسم موصول بممعنى (الذي) والمراد هو الله تعالى وكلمة (في) بمعنى (على) و (السماء) هو (العلو) فكل ما علا فهو سماء, فكلمة (في) ليست للظرفية, و ((السماء)) ليس المراد منها الفلك والجسم, بل المراد جهة العلو.
فمعنى هذه الآية الكريمة عند سلف هذه الأمة وأئمة السنة: أما تخافون الله الذي هو على السماء العالي على خلقه وفوق عباده أن يرسل عليكم حاصبا ,وأن يخسف بكم الأرض.
ثم سياق هذه الآية وكلمة (من) الموصولة, وكلمة (يرسل) وكلمة (يخسف) مع كثرة تلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وفطرة جميع بني آدم عليها كلها تدل دلالة قاطعة على أن تأويل النسفي لهذه الآية تحريف وهمي, كما تدل على أن الصحيح الحق الصريح هو أن الله تعالى في جهة العلو فوق العالم عال على خلقه أجمعين.
وأما التحريف الثاني: وهو قول النسفي: إن هذه الآية محمولة على زعم المشركين من المشبهة: أن الله تعالى فوق السماء, فقال الله تعالى لهم: أنتم أيها المشركون المشبهون تعتقدون أن الله تعالى في السماء, فلم لا تخافونه.
أقول (2): قصد النسفي أن عقيدة كون الله تعالى في السماء ,من العقائد الفاسدة للمشبهة المشركين, وليست هذه العقيدة من العقائد الصحيحة للموحدين المسلمين!!.
وانظر أيها المسلم كيف حرف المصنف معنى هذه الآية!! حتى جعل العقيدة السلفية-أي العلو لله تعالى- عقيدة للمشبهة والمشركين, فقد حكم على عقيدة جميع الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين وأئئمة هذا الدين-وهي عقيدة علو الله تعالى على خلقه-بأنها عقيدة المشبهة والمشركين.
وقد رد عليه العلامة الألوسي المفسر حيث قال:
((وقيل هو مبني على زعم العرب حيث كانوا يزعمون أنه سبحانه في السماء, فكأنه قيل: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء, وهو متعال عن المكان!! وهذا في غاية السخافة ,فكيف يناسب بناء الكلام في مثل هذا المقام على زعم بعض الجهلة, كما لا يخفى على المنصف)) (3)
ثم ذكر الألوسي عدة نصوص لأئمة الإسلام على إقرار الصفات لله تعالى ولا سيما صفة العلو له تعالى, وقال ((وأئمة السلف لم يذهبوا إلى غيره تعالى)).
أقول (4): يعني الألوسي: أن معنى الآية عند السلف أأمنتم الله الذي في السماء أي في العلو, بأن المراد من قوله (من) هو الله تعالى لا غير.
ثم قال الألوسي أيضا ((وحديث الجارية من أقوى الأدلة لهم في هذا الباب ,وتأويله بما أوّلَ به الخلف خروج عن دائرة الإنصاف عند أولي الألباب)) (5).
وهذا كلام في غاية الإنصاف لمن فهمه (6). (أ)
وهذه جملة من تفسيرات العلماء للآية:
- قال محمد بن يزيد المبرد (286 هـ) في كتابه المقتضب: (والسؤال عن كل ما يعقل بـ"مَن" كما قال عز وجل: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}. فـ"مَن " لله عز وجل)
- قال الطبري (310 هـ) في تفسيره: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو الله.
- قال ابن أبي زَمَنِين (399هـ) في تفسيره: {من في السماء} يعني نفسه.
قال أبو بكر محمد الصبغي (342 هـ): (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض}، وقال {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل، فكذلك قوله: {في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) الاسماء و الصفات للبيهقي
قال البيهقي في الأسماء والصفات (2:165): «ومعنى قوله في هذه الأخبار "من في السماء" أي فوق السماء على العرش كما نطق به الكتاب والسنة».
قال أبو مظفر السمعاني (489 هـ) في تفسير الآية: أأمنتم ربكم.
بل وقد قال ابن فورك الأشعري: «إعلم أنه ليس يُنكر قولُ من قال: إنّ الله في السماء. لأجل أن لفظ الكتاب قد ورد به، وهو قوله:) أأمنتم من في السماء (ومعنى ذلك أنه فوق السماء» [مشكل الحديث وبيانه 392 ط: دار عالم الكتب].
---------------
(1) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (4/ 22) للنسفي.
(2) الكلام لصاحب كتاب (الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان) للشيخ عبد الهادي بن حسن وهبي.
(3) روح المعاني (29/ 15).
(4) والكلام للشيخ عبد الهادي بن حسن وهبي.
(5) التنبيهات السنية (108 - 111).
(6) بيان تلبيس الجهمية (2/ 75).
(أ) إلى هنا ينتهي النقل من كتاب (الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[11 - Jun-2009, مساء 10:05]ـ
الشبهة الرابعة عشر: قال الزرقاني)) إن كنتم تأخذون بظواهر النصوص على حقيقتها فماذا تفعلون بمثل قوله تعالى (أأمنتم من في السماء))] الملك16 [مع قوله تعالى ((وهو الله في السماء وفي الأرض))] الأنعام3 [أتقولون: أنه في السماء حقيقة؟ أم على الأرض حقيقة؟ أم فيهما معا حقيقة؟ وإذا كان في الأرض وحدها حقيقة فكيف تكون له جهة فوق ولا يقال: له جهة تحت؟ ولماذا يشار إليه فوق ولا يشار إليه تحت؟)) (1)
إن هذا الكلام أشبه بكلام أهل الجهل والضلال, ومن لا يدري ما يخرج منه من مقال ,من كلام أهل العقل والعلم والبيان, وهو أشبه بكلام جهال القصاص والمغالطين, من كلام العلماء المجادلين بالحق (2)
فهو يحاول إثبات التناقض في آيات القرآن ليدعم بتعطيله وإنكاره لصفة العلو لله عز وجل, وإلا فالجواب واضح ولا تناقض ولا اضطراب في كلام الله تعالى, لأننا نقول: إنه لا شك أن الله تعالى في السماء, أي على السماء, ولا نقول: إنه في الأرض ,كما لا نقول: إنه فيهما.
ولا نقول أيضا: أنه يشار إليه إلى التحت, كما لا نقول: أنه يشار إليه إلى التحت والفوق جميعا.بل نقول: إنه فوق العالم عال على خلقه ,ويشار إليه إلى جهة الفوق سبحانه وتعالى.
ولا يناقض ذلك قوله تعالى (((وهو الله في السماء وفي الأرض))] الأنعام3 [.فإن معنى الآية كما قال الإمام أحمد رحمه الله: هو إله من في السماء وإله من في الأرض ,وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش ,ولا يخلو من علم الله مكان.ولا يكون علم الله في مكان دون مكان, فذلك قوله تعالى ((ليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما))] الطلاق12 [(3)
قال الآجري رحمه الله: ومما يلبسون به على من لا علم معه احتجوا بقوله عزوجل ((وهو الله في السماء وفي الأرض)) وبقوله ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله))
وهذا كله إنما يطلبون الفتنة , كما قال الله تعالى ((فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله))
وعند أهل العلم من أهل الحق ((وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون)) فهو كما قال العلم مما جاءت به السنن: إن الله عز وجل على عرشه وعلمه محيط بجميع خلقه يعلم ما تسرون وما تعلنون ,يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون.
وقوله عز وجل ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) فمعناه:أنه جل ذكره إله من في السموات وإله من في الأرض ,إله يعبد في السماء وإله يعبد في الأرض هكذا فسره العلماء)) (4)
((فقوله سبحانه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} فيها الدلالة على أن المدعو الله في السماوات وفي الأرض، ويعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السماوات ومن في الأرض، ويسمونه الله ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والإنس، وفيها الدلالة على سعة علم الله سبحانه واطلاعه على عباده وإحاطته بما يعملونه سواء كان سراً أو جهراً، فالسر والجهر عنده سواء سبحانه وتعالى، فهو يحصي على العباد جميع أعمالهم خيرها وشرها.
وقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} معناها: أنه سبحانه هو إله من في السماء وإله من في الأرض يعبده أهلهما وكلهم خاضعون له أذلاء بين يديه إلا من غلبت عليه الشقاوة فكفر بالله ولم يؤمن به، وهو الحكيم في شرعه وقدره العليم بجميع أعمال عباده سبحانه.)) (5)
قال الجوهري "ألّه بالفتح إلاهة أي: عبده عبادة، قال: ومنه قولنا: الله. وأصله: إلاه، على فِعَال، بمعنى: مفعول. بمعنى معبود، كقولنا: إمام: فِعَال بمعنى: مفعول لأنه مؤتم به. والتأليهك التعبيد والتأله: التنسك والتعبد (6) ولذلك لم يقل الله تعالى (إله السماوات والأرض) وإنما قال {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.
--------
(1) مناهل العرفان (2/ 316) طبعة دار الكتب العلمية-الطبعةالأولى.
(2) تلبيس الجهمية (1/ 329 - 370).
(3) الرد على الجهمية ص39 المطبعة السلفية القاهرة-الطبعة الأولى-
(4) الشريعة ص 1072 - 1105)
(5) إجابة عن أسئلة في العقيدة للشيخ ابن باز رحمه الله نقلا عن موقعه الإلكتروني.
(6) مختار الصحاح 22.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سيف الإسلام الجزائري]ــــــــ[12 - Jun-2009, مساء 08:56]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا أخي جمال
حفظك الله
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[13 - Jun-2009, مساء 06:17]ـ
وعليكم السلام أخي أبو سيف وجزاكم الله خيرا.
الشبهة الخامسة عشر: قول حسن المحاججة (إذا كان الله تعالى – عندكم – فوق العالم بائناً منه خارجاً منه فهو – إذاً – إما أن يكون مماساً للعالم أو منفصلاً عنه , فإن قلتم: إنه مماس للعالم فأنتم مبتدعة مجسمة.
وإن قلتم: إنه منفصل عن العالم – فيقال إذن توجد المسافة بين العالم وبين الله تعالى فهذه المسافة إن كانت عدمية فصار الله مماساً بالعالم , وإن كانت وجودية , فهو جزء من العالم , فيلزم أن الله منفصل عن العالم بجزء من العالم)
الجواب: (إن السلف قالوا: إن الله تعالى فوق العالم بائن عنه وهذا القدر كاف في العقيدة , ولم يخوضوا في المسافة , هل بين الله وبين العالم مسافة أم لا , وكم مقدار هذه المسافة وهل تلك المسافة جزء من العالم أم لا؟.
وذلك لوجهين:
الأول: خشية الدخول في الكيف ,
الثاني: خشية الدخول في دائرة الغيب بدون الإخبار من الله تعالى.
فالواجب على المسلم أن يعتقد أن الله تعالى فوق العرش وقاهر فوق عباده عالٍ على الكون بائن عن خلقه , ولا يدخل في الكيف ولكن إذا خاصمنا مبتدع معطل فلا بد أن نقول له بذاته وقلعاً لشبهاته وقطعاً لدابره: إننا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام: إن الموجود موجودان: خالق ومخلوق.
فالله تعالى بذاته وصفاته خالق , وما سواه عالم وهو الكون – وهو مخلوق والله تعالى فوق الكون بائن عن خلقه.
فليس وراء هذا الكون شيء موجود غير الله تعالى لا المسافة ولا غيرها , فالذي ينكر علو الله تعالى على خلقه بشبهة المسافة , فهو المشبه في الحقيقة أولاً لأنه قد شبه فوقية الله تعالى بفوقية رجل على سطح بيته , ولذلك دخل في المسافة وكيفيتها , ثم هو المعطل ثانياً لأنه عطل صفة علو الله تعالى خشية المسافة ثم هو المشبة ثانياً لأنه قد وقع في أشنع مما فر منه وهو خوف الوقوع في التشبيه , لأنه لما عطل صفة علو الله تعالى خشية التشبيه وقال: إن الله (لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته) شبه الله تعالى المعدوم بل بالممتنع) (1)
-----------
(1) التنبيهات السنية (ص395 - 400)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[20 - Jun-2009, مساء 06:36]ـ
الشبهة السادسة عشر:
كان في الأزل ليس مستويا على العرش وهو الآن على ما عليه كان, فلا يكون على العرش, لأن الاستواء فعل حادث-كان بعد أن لم يكن-فلو قام به الإستواء قامت به الحوادث, وإن قيام الحوادث بذاته تغير والله منزه عن التغير.
الرد:
ينبغي أن يعلم بأن المشتغلين بعلم الكلام إذا قالوا (لا تحله الحوادث)) أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلا للتغيرات والاستحالات ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحليهم وتفسدهم, وهذا معنى صحيح, ولكن مقصودهم بذلك أنه لا ينزل إلى السماء الدنيا ,ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء, ولا يغضب بعد أن كان راضيا, ولا يرضى بعد أن كان غضبان, ولا يقوم به فعل ألبتة, ولا أمر مجدد بعد أن لم يكن, ولم يستوي على عرشه بعد أن لم يكن مستويا عليه, ولا يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ,ولن يغضب بعده مثله ,ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا لهم, فإن هذه كلها حوادث, وهو منزه عن حلول الحوادث (1) فإن هذا من اللبس والتلبيس ,وتسمية المعاني الصحيحة الثابتة بالأسماء القبيحة المنفرة, وتلك طريقة للنفاة مألوفة وسجية معروفة (2).
والجواب على الشبهة المذكورة-التي هي أوهن من بيت العنكبوت – من وجوه:
الوجه الأول: من قال لكم أن الحادث لا يقوم إلا بحادث. من أين جاءت هذه القاعدة؟ هل هي في القرآن الكريم؟ هل هي في السنة المطهرة؟ هل هي في العقل؟ وكل من أمعن النظر وفهم حقيقة الأمر علم أن السلف كانوا أعمق من هؤلاء علما ,وأبر قلوبا, وأقل تكلفا, وأنهم فهموا من حقائق الأمور مالم يفهمه هؤلاء ,الذين خالفوهم, وقبلوا الحق وردوا الباطل ومن هداه الله سبحانه وتعالى أيقن فساد هذا الكلام (3)
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الثاني: إننا نقابل هذه القاعدة الفاسدة بقاعدة أكمل منها وأوضح وهو: أن الفعال لما يريد أكمل من الذي لا يفعل. والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء, والله يحدثُ ما يشاء, لا معقب لحكمه, فما من فعل يفعله إلا وقد حدث بعد أن لم يكن. وأنتم إذا عطلتم الله عز وجل عن الأفعال الإختيارية –كالإستواء والنزول والضحك والفرح والغضب-معنى ذلك: وصفتمو: بأنقص ما يكون ((والكمال في اتصافه بهذه الصفات لا في نفي اتصافه بها)) (4)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((الله سبحانه موصوف بصفات الكمال, منزه عن النقائص ,وكل كمال وصف به المخلوق من غير استلزامه لنقص فالخالق أحق به, وكل نقص نزه عنه المخلوق فالخالق أحق بأن ينزه عنه, و الفعل صفة كمال لا صفة نقص ,كالكلام والقدرة, وعدم الفعل صفة نقص, كعدم الكلام وعدم القدرة, فدل العقل على صحة ما دل عليه الشرع ,وهو المطلوب)) (5)
وقال ابن القيم رحمه الله:
والرب ليس معطلا عن فعله ... ؤبل كل يوم ربنا في شان.
الوجه الثالث: لفظ التغير لفظ مجمل.فالتغير في اللغة المعروفة لا يراد به مجرد كون المحل قامت به الحوادث (6)) ,بل إن لفظ التغير في كلام الناس المعروف يتضمن استحالة الشيء.
والناس إنما يقولون تغير: لمن استحال من صفة إلى صفة.
فالإنسان مثلا إذا مرض وتغير في مرضه كأن اصفر لونه أو شحب أو نحل جسمه يقال: غيره المرض.
وكذا إذا تغير جسمه بجوع أو تعب ,قيل قد تغير.
وكذا إذا غير لون شعر رأسه ولحيته ,قيل قد غير ذلك.
وكذا إذا تغير خلقه ودينه, مثل أن يكون فاجرا فيتوب ويصير برا أو يكون برا فينقلب فاجرا.فهذا يقال عنه: أنه تغير.
ومن هذا الباب, قول النبي صلى الله عليه وسلم ((غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد)) رواه مسلم.
وكذا الشمس إذا اصفرت ,قيل: تغيرت.ويقال: وقت العصر مالم يتغير لون الشمس.
والأطعمة إذا استحالت يقال لها تغيرت قال تعالى {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين} محمد: 15 فتغير الطعم استحالت من الحلاوة إلى الحموضة ونحو ذلك
ومنه قول الفقهاء إذا وقعت النجاسة في الماء الكثير لم ينجس إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه وقولهم إذا نجس الماء بالتغير زال بزوال التغير ولا يقولون إن الماء إذا جرى مع بقاء صفائه أنه تغير ولا يقال عند الإطلاق للفاكهة والطعام إذا حول من مكان إلى مكان انه تغير ولا يقال للإنسان إذا مشى أو قام أو قعد قد تغير اللهم إلا مع قرينة ولا يقولون للشمس والكواكب إذا كانت ذاهبة من المشرق إلى المغرب إنها متغيرة بل يقولون إذا إصفر لون الشمس إنها تغيرت ويقال وقت العصر ما لم يتغير لون الشمس ويقولون تغير الهواء إذا برد بعد السخونة ولا يكادون يسمون مجرد هبوبه تغيرا وإن سمى بذلك فهم يفرقون بين هذا وهذا لونه لون لباس المسلمين وتقول العرب تغايرت الأشياء إذا اختلفت والغيار البدال
والناس إذا قيل لهم التغير على الله ممتنع فهموا من ذلك الاستحالة والفساد مثل انقلاب صفات الكمال إلى صفات نقص أو تفرق الذات ونحو ذلك مما يجب تنزيه الله عنه
وأما كونه سبحانه يتصرف بقدرته فيخلق ويستوي ويفعل ما يشاء بنفسه ويتكلم إذا شاء ونحو هذا لا يسمونه تغيرا
ولكن حجج النفاة مبناها على ألفاظ مجملة موهمة كما قال الإمام أحمد: يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويلبسون على جهال الناس بما يشبهون عليهم حتى يتوهم الجاهل أنهم يعظمون الله وهم إنما يقودون قولهم إلى فرية على الله. (7)
الوجه الرابع: لقد جاءت الآية وفيها لفظ (ثم) مما يدل على أن الله استوى على العرش بعد أن خلق السموات والأرض
قال تعالى ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) فالله فعال لما يريد يفعل ما يشاء متى شاء جلا جلاله ولست تاركي ما جاء في القرآن بسبب تمويه الجهمية ونبزهم وإختراعهم لألفاظ مجملة يحاربون بها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
جاء في حديث قتادة " لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه " (8). وقال الطبري " فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش " (9).
ويبطل ذلك أيضاً:
• ما حكاه البيهقى أن أبا الحسن الأشعري كان يذهب إلى أن الاستواء من صفات الفعل لله، وأن الله فعل فعلاً سماه الاستواء وأن (ثم) تفيد التراخي وأن التراخي إنما يكون في الأفعال (10).
• قولُ الله {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} وهذا بخلاف قوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فالعرش (كان) قبل خلق السموات والأرض، أما الاستواء الذي تحدث الله عنه فهو فعلٌ فعله الله بعد خلق السموات والأرض.
وهذا يقتضيه عمل (ثم) التي إذا أتت بين فعلين ماضيين أفادت الترتيب بينهما.
---------------------------
(1) الصواعق المرسلة (ص935 - 936)
(2) الصواعق المرسلة (ص1500).
(3) انظر النبوات (ص79) وشرح حديث النزول (ص417)
(4) مجموع الفتاوى (6/ 242).
(5) درء تعارض العقل والنقل (2/ 6).
(6) جامع الرسائل (2/ 44).
(7) درء التعارض مع تصرف يسير.
(8) رواه البيهقي في الأسماء والصفات بسند صحيح 2/ 120 والذهبي في مختصر العلو 98.
(9) تفسيرالطبري 1/ 152.
(10) الأسماء والصفات 2/ 152.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[20 - Jun-2009, مساء 11:51]ـ
بارك الله فيكم أخي جمال ..
حبذا بعد الانتهاء منها، تُنسقونها في ملف وورد؛ لننشرها في " صيد الفوائد " ..
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[21 - Jun-2009, صباحاً 01:34]ـ
بارك الله فيكم أخي جمال ..
حبذا بعد الانتهاء منها، تُنسقونها في ملف وورد؛ لننشرها في " صيد الفوائد " ..
وفيكم بارك الله شيخنا الكريم.
هذا الذي أنقله هنا هو فصل فقط من بحثي (أقوى الردود على من أنكر علو العزيز الودود) ولعلي سأغير عنوانه كما نصحني بذلك بعض المشايخ الفضلاء .. إن شاء لما أكمله سأجعله في ملف وورد بإذن الله.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[23 - Jun-2009, مساء 11:08]ـ
آثار ضعيفة
الشبهة السابعة عشر: قال عبدُ القاهر البغداديُّ: قال عليٌّ: كانَ اللهُ ولا مكانَ، وهوَ الآنَ على ما عليهِ كانَ.
ما زال الجهمية ومن وافقهم يضربون نصوص علو الله فوق خلقه بهذه الرواية "كان الله ولا مكان" "وهو الآن على ما عليه كان" وهذه الرواية باطلة رواية ودارية
أما بطلانها روايةً فقد نص أهل العلم على أنها لا أصل لها في كتب الحديث المعتمدة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله -:" وهذه الزيادة-وهو قوله:"وهو الآن على ما عليه كان"كذب مفترى على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،اتفق أهل العلم بالحديث على أنه موضوع مختلق، وليس هو في شئ من دواوين الحديث لا كبارها ولا صغارها، ولا رواه أحد من أهل العلم بإسناد لا صحيح ولا ضعيف ولا بإسناد مجهول"ا. هـ."مجموع الفتاوى"2/ 272،وانظر:18/ 221،"درء تعارض العقل والنقل"5/ 227،"مدارج السالكين"3/ 56.
وقال ابن حجر-رحمه الله -:" وقع في بعض الكتب في هذا الحديث:"كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان"،وهي زيادة ليست في شيء من كتب الحديث، نبه على ذلك العلامة تقي الدين ابن تيمية " ا. هـ."فتح الباري شرح صحيح البخاري"6/ 244،وانظر:"عمدة القاري"15/ 89. وهذه الرواية أجلُّ عندهم من قوله تعالى {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} إذ هذه الآيات عندهم موهمة للتشبيه والتجسيم والكفر، أما هذه الرواية المكذوبة فهي صريحة في التنزيه.
ألم يعلم هؤلاء أن هذه الرواية المكذوبة كانت من أعظم ما يحتج به المعتزلة، وذكر الأشعري احتجاج العتزلة بها وأنها من جملة مقالاتهم (1). فانظر كم ورثوا عن المعتزلة حتى الآن من أمور يظنونها راية أهل السنة والجماعة.
وأما بطلانها دراية فإنها مخالفة للأدلة النقلية والعقلية، وبيان ذلك أن يقال:
إن هذه اللفظة يطلقها من أهل الضلال طائفتان:
الطائفة الأولى: المعطلة من الجهمية وغيرهم قاصدين بها " نفي الصفات-التي وصف بها نفسه من استوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك.
فقالوا:"كان في الأزل ليس مستوياً على العرش، وهو الآن على ما عليه كان؛ فلا يكون على العرش لما يقتضي ذلك من التحول والتغير"."مجموع الفتاوى"2/ 273.
ولا ريب أن هذا مخالف للأدلة الكثيرة المتنوعة الدالة على ثبوت قيام الصفات الاختيارية بالله-تعالى-كما تقدم.
الطائفة الثانية: الملاحدة الاتحادية قاصدين بها أن الله-تعالى-"ليس معه غيره كما كان في الأزل، ولا شئ معه.
قالوا:"إذ الكائنات ليست غيره، ولا سواه؛ فليس إلا هو؛ فليس معه شئ آخر لا أزلاً ولا أبداً، بل هو عين الموجودات، ونفس الكائنات ".
وجعلوا المخلوقات المصنوعات هي نفس الخالق البارئ المصور.
وهم دائماً يهذون بهذه الكلمة:"وهو الآن على ما عليه كان"،وهي أجل-عندهم-من"قل هو الله أحد"ومن آية الكرسي؛ لما فيها من الدلالة على الاتحاد-الذي هو إلحادهم-،وهم يعتقدون أنها ثابتة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-،وأنها من كلامه، ومن أسرار معرفته"."مجموع الفتاوى"2/ 274،وانظر18/ 221.
وهذا مخالف للأدلة النقلية والعقلية من عدة أوجه:
(يُتْبَعُ)
(/)
" أحدها: أن الله قد أخبر بأنه مع عباده في غير موضع من الكتاب عموماً وخصوصاً مثل قوله:"وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش"إلى قوله:"وهو معكم أينما كنتم"،وقوله:"ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم"إلى قوله:"أينما كانوا"،وقوله:"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"،وقال:"والله مع الصابرين"في موضعين، وقوله:"إنني معكما أسمع وأرى"،"لا تحزن إن الله معنا"،"وقال الله إني معكم"،"إن معي ربى سيهدين"،وكان النبي-صلى الله عليه وسلم-إذا سافر يقول:"اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا"؛فلو كان الخلق عموماً وخصوصاً ليسوا غيره، ولا هم معه، بل ما معه شئ آخر امتنع أن يكون هو مع نفسه وذاته؛ فإن المعية توجب شيئين كون أحدهما مع الآخر، فلما أخبر الله أنه مع هؤلاء علم بطلان قولهم:"هو الآن على ما عليه كان، لا شئ معه، بل هو عين المخلوقات ".
وأيضاً؛ فإن المعية لا تكون إلا من الطرفين؛ فإن معناها المقارنة والمصاحبة؛ فإذا كان أحد الشيئين مع الآخر امتنع ألا يكون الآخر معه، فمن الممتنع أن يكون الله مع خلقه، ولا يكون لهم وجود معه، ولا حقيقة أصلاً، بل هم هو!.
الوجه الثاني: أن الله قال في كتابه:"ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً"،وقال-تعالى-:"فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين"،وقال:"ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه"،فنهاه أن يجعل أو يدعو معه إلهاً آخر، ولم ينهه أن يثبت معه مخلوقاً أو يقول:"إن معه عبداً مملوكاً أو مربوباً فقيراً أو معه شيئاً موجوداً خلقه"كما قال:"لا إله إلا هو"،ولم يقل:"لا موجود إلا هو"أو"لا هو إلا هو"أو"لا شئ معه إلا هو"بمعنى أنه نفس الموجودات وعينها، وهذا كما قال:"وإلهكم إله واحد" [؛فأثبت وحدانيته في الألوهية، ولم يقل:"إن الموجودات واحد"،فهذا التوحيد الذي في كتاب الله هو توحيد الألوهية، وهو أن لا تجعل معه ولا تدعو معه إلهاً غيره؛ فأين هذا من أن يجعل نفس الوجود هو إياه؟!.
وأيضاً؛ فنهيه أن يجعل معه أو يدعو معه إلهاً آخر دليل على أن ذلك ممكن كما فعله المشركون الذين دعوا مع الله آلهة أخرى؛ فلو كانت تلك الآلهة هي إياه، ولا شيء معه أصلاً امتنع أن يدعى معه آلهة أخرى.
فهذه النصوص تدل على أن معه أشياء ليست بآلهة، ولا يجوز أن تجعل آلهة، ولا تدعى آلهة. وأيضاً؛ فعند الملحدين يجوز أن يعبد كل شئ، ويدعى كل شئ؛ إذ لا يتصور أن يعبد غيره؛ فإنه هو الأشياء؛ فيجوز للإنسان حينئذٍ أن يدعو كل شئ من الآلهة المعبودة من دون الله، وهو عند الملاحدة ما دعا معه إلهاً آخر؛ فجعل نفس ما حرمه الله، وجعله شركاً جعله توحيداً، والشرك عنده لا يتصور بحال!.
الوجه الثالث: أن الله لما كان، ولا شئ معه لم يكن معه سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس ولا دواب ولا شجر ولا جنة ولا نار ولا جبال ولا بحار؛ فإن كان الآن على ما عليه كان فيجب أن لا يكون معه شئ من هذه الأعيان، وهذا مكابرة للعيان، وكفر بالقرآن والإيمان.
الوجه الرابع: أن الله كان، ولا شئ معه، ثم كتب في الذكر كل شئ-كما جاء في الحديث الصحيح-،فإن كان لا شئ معه فيما بعد، فما الفرق بين حال الكتابة وقبلها-وهو عين الكتابة واللوح عند الفراعنة الملاحدة-؟! "ا. هـ." مجموع الفتاوى"2/ 272 - 278
----------------------------
(1) مقالات الإسلاميين 157.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[23 - Jun-2009, مساء 11:15]ـ
الشبهة الثامنة عشر
قال القشيريُّ: «قال جعفرُ الصَّادقُ: مَنْ زعمَ أنَّ الله في شيءٍ أو منْ شيءٍ أو على شيءٍ فقدْ أشركَ؛ إذ لو كانَ على شيءٍ لكانَ محمولًا، أو كانَ في شيءٍ لكانَ محصورًا، أو كانَ من شيءٍ لكانَ محدثًا» [1].
سبحانَ الله!! كيفَ قوبلَ هذَا الكلامُ بأعظمِ القبولِ، وقدِّمَ على الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ الدَّالةِ على علوِّ الله على العرشِ. فليسَ الدينُ بكثرةِ الكلامِ ولكنْ بالهدى والسدادِ.
والكلامُ على الأثرِ المذكورِ منْ وجهينِ:
الأوَّلُ:
هذَا الكلامُ وأشباهُه ممَّا اتَّفَقَ أهلُ المعرفةِ على أنَّهُ مكذوبٌ عنْ جعفرٍ، والكذبُ على جعفر كثيرٌ منتشرٌ. والذي نقلهُ العلماءُ الثقاتُ عنهُ معروفٌ، يخالفُ روايةَ المفترينَ عليهِ [2].
الثاني:
أنَّ المعاني المذكورةَ فيهِ صحيحةٌ إلَّا قولهُ «أو على شيءٍ» ففيهِ مصادمةٌ لقولهِ تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5] فإنَّ استواءَ الرَّبِّ سبحانه بغيرِ كيفيَّةٍ كما قالَ الإمامُ مالكٍ وغيرهُ. وجلَّ الله سبحانهُ أنْ يكونَ محمولًا أو محصورًا؛ بلْ جميعُ الخلقِ محمولونَ بقدرتهِ محصورونَ في قبضتهِ. تعالى الله عمَّا يقولُ المعطِّلة والمشبِّهةُ علوًّا كبيرًا [3].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الرسالة القشيرية (1/ 40 - 41).
[2] الاستقامة (1/ 191).
[3] تنبيه النبيه والغبي في الرد على المدارسي والحلبي (ص28 - 29).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[23 - Jun-2009, مساء 11:32]ـ
الشبهة التاسعة عشر: خلق العرش إظهارا لقدرته
زعم الحبشي أن الله تعالى إنما اتخذ العرش إظهاراً لقدرته أمام الملائكة ليزدادوا خشوعاً وتعظيماً له ([1] ( http://www.alagidah.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=13911#_ftn1)).
لو قلتم: خلق الله الجن والإنس ليعبدوه. لصدقناكم لأن الله أبان علة خلقه الجن والإنس. مع أن هذا عندكم تعليل والتعليل عندكم لا يجوز على الله لأن فيه إثبات الحاجة.
ولكن حين تقولون: خلق الله العرش ليزداد الملائكة خشوعا لكذبناكم لأن هذا التعليل هن عندكم لم يبينه الله.
ثم أليس قولكم (ليزدادوا خشوعاً) يعني ليزدادوا إيماناً؟ وهل إيمان الملائكة متفاوت بحسب طاعتهم ومعصيتهم؟
ثم إن هذا قول باطل: إذ ما الذي يظهر لنا من العرش حتى يكون مخلوقاً لإظهار قدرته؟ فالله تعالى قال {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ 17 وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ 18 وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} فلم يقل تعالى أفلا ينظرون إلى العرش!
وهذا الإظهار لمن؟ ولم يكن قبل خلق العرش أحد مع الله. بل قد بينا الله حكمته من خلق العرش فقال {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [هود 7].
ولو سألت الحبشي من مِن السلف قال بهذه الرواية؟ فسيقول: رواه أبو منصور البغدادي. وهذه رواية أشعرية، لا أصل لها رواها البغدادي وليس هو معدوداً من المحدثين، وكيف يكون من المحدثين وقد اشترط لصحة الحديث أن يكون موافقاً للعقل وإلا كان خبراً مردوداً (أصول الدين 23). وكتابه (أصول الدين) أحرى أن يسمى (أصول علم الكلام) لو كان الشافعي حياً لحذر منه كما كان يحذر من حفص الفرد. ثم الاحتكام إلى كتب الأشاعرة عند الخلاف تحكم وليس تحاكماً.
بل قد قرر الاشاعرة أن كل خبر في العقيدة لا بد أن يتواتر سنده وإلا كان مردوداً. وهذه الرواية المنسوبة إلى علي رضي الله عنه هي " عقيدة " فنشترط عليكم ما اشترطتموه على أنفسكم أن لا ترووا في العقائد إلا المتواتر. فهل تواترت الرواية عن علي أم ليس عندكم رواية صحيحة أخرى غير هذه الرواية لتثبتوا بها دعواكم؟
--------
([1]) الدر المفيد في دروس الفقه والتوحيد 56 و 139 نقله عن البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق 321 وهو من أهل الكلام، وأهل الكلام ليسوا من أهل السنة. قال الذهبي في السير (18/ 521) " له كتب في النظر والعقليات ".
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[23 - Jun-2009, مساء 11:38]ـ
الشبهة العشرون: إحتجاجهم بالأثر المنسوب لعلي ابن أبي طالب: ((من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" اهـ. (المحدود: ما له حجم صغيرا كان أو كبيرا)). [حلية الأولياء: ترجمة علي بن أبي طالب (73/ 1)].
والجواب من وجهين:
الوجه الأول:
هذا الأثر المروي عن علي رضي الله عنه فلا يصح، فقد رواه أبو نعيم في حلية الأولياء من طريق عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن إسحاق عن النعمان بن سعد قال: كنت بالكوفة في دار الإمارة دار علي بن أبي طالب فذكر قصة فيها الكلام المذكور ضمن كلام طويل، ثم قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث النعمان كذا رواه ابن إسحاق عنه مرسلاً. اهـ.
وهذا إسناد لا يصح لعلتين: الأولى لأن النعمان بن سعد قال فيه الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: النعمان بن سعد الأنصاري الكوفي روى عن علي .. روى عنه ابن أخته عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ولم يرو عنه غيره فيما قال أبو حاتم، وذكره بن حبان في الثقات قلت – القائل هو الحافظ ابن حجر: والراوي عنه ضعيف كما تقدم فلا يحتج بخبره. اهـ. وعبد الرحمن بن إسحاق الذي تفرد بالرواية عن خاله النعمان بن سعد متفق على تضعيفه كما في تهذيب الكمال وتقريب التهذيب.
العلة الثانية: أن في السند انقطاعاً بين محمد بن إسحاق و النعمان بن سعد، فإن النعمان بن سعد لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن إسحاق فهناك واسطة بين محمد بن إسحاق والنعمان بن سعد، ولهذا قال أبو نعيم: كذا رواه ابن إسحاق عنه مرسلاً.
</ i>
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الثاني: حتى لو سلمنا لكم جدلا بصحة الأثر فلا دلالة فيه في إنكار علو الله تعالى على خلقه فلفظ (الحد) لم يرد لا في كتاب ولا في سنة وقد تقدم بيان ذلك في الرد على الشبهة الحد فليراجع.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - Jul-2009, صباحاً 01:33]ـ
رد الإعتراضات
الإعتراض الأول: تفسير الفوقية بالمجاز على أنها فوقية قدر ورتبة.
اعلمْ رحمكَ الله بأنَّ المعطِّلةَ ادَّعوْا أنَّ علوَّ الله سبحانه وتعالى مجازٌ فِي فوقيَّة الرُّتبةِ والقهرِ والقدْرِ كَمَا يقالُ: الذهبُ فوقَ الفضَّة، والأميرُ فوقَ الوزيرِ، والدينارُ فوقَ الدرهمِ، والمسكُ فوقَ العنبرِ أي في القيمةِ والقدرِ.
قال ابنُ القيِّم رحمه الله:
وَالفَوْقُ وَصفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ لِفَاطِرِ الأكْوَانِ
لَكِن نُفَاةَ الفَوْقِ مَا وَافُوا بِهِ جَحَدُوا كَمَالَ الفَوْقِ لِلدَّيَّانِ
بَلْ فَسَّرُوهُ بِأن قَدْرَ الله أعْـ ـلَى لاَ بِفَوْق الذَّات للِرَّحْمَنِ
قَالُوا وَهَذَا مِثْل قَوْلِ النَّاسِ فِي ذَهَبٍ يُرَى مِن خَالِص العِقْيَانِ
هُو فَوْقَ جِنْسِ الفِضةِ البَيْضَاء لاَ بِالذَّاتِ بَلْ فِي مُقْتَضَى الأثْمَانِ
وَالفَوْقُ أنْوَاع ثَلاَث كُلُّهَا لله ثَابِتةٌ بِلاَ نُكْرَانِ
هَذَا الذِي قَالُوا وَفَوْقُ القَهْرِ وَالْـ فَوْقِيةُ العُلْيَا عَلَى الأكْوَانِ [1]
وعلوُّ القدرِ والقهرِ وإنْ كان ثابتًا للرَّبِّ سبحانه وتعالى لكنَّ إنكارَ حقيقةِ فوقيَّته سبحانه وتعالى وحملهَا عَلَى المجازِ باطلٌ منْ وجوهٍ عديدةٍ:
أحدُها:
أنَّ الأصلَ الحقيقةُ والمجازُ على خلافِ الأصْلِ. والقولُ بالمجازِ في الصِّفاتِ، يفضي بصاحبهِ إلى تكذيبِ النُّصوصِ الصَّريحةِ الصَّحيحةِ المحكمةِ، المفهومةِ اللَّفظِ، المعقولةِ المعنى.
قالَ أبو عمرو الدانيُّ رحمه الله: «كُلُّ ما قالَهُ اللهُ تعالى، فعلى الحقيقةِ، لا على المجازِ، ولا تُحْمَلُ صِفَاتُ اللهِ تعالى على العُقُولِ والمَقَايِيسِ، ولا يُوصَفُ إلَّا بما وَصَفَ به نَفْسَهُ أو وَصَفَهُ به نَبِيُّهُ، أو أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عليهِ» [2].
وقال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «أهلُ السُّنةِ مجمعونَ على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كلِّها في القرآنِ والسُّنَّةِ والإيمانِ بها وحملهَا على الحقيقةِ لا على المجازِ إلَّا أنَّهم لا يكيِّفونَ شيئًا منْ ذلكَ» [3].
قالَ الذهبيُّ معقبًا: صدقَ والله، فإنَّ منْ تأوَّلَ سائرَ الصفاتِ، وحملَ ما وردَ منها على مجازِ الكلامِ، أدَّاهُ ذلكَ السلبُ إلى تعطيلِ الرَّبِّ، وأنْ يُشابه المعدومَ، كما نُقِلَ عنْ حماد بن زيد أنَّهُ قال: «مثَلُ الجهميَّةِ، كقومٍ قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سعفٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها كَرَبٌ؟ قالوا: لا، قيل: لها رطبٌ وقِنْوٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها ساقٌ؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة» [4].
(قلت): كذلكَ هؤلاء النُّفاة قالوا: إلهنا الله تعالى، وهو لا في زمانٍ ولا في مكانٍ، ولا يرى ... وقالوا: سبحانَ المنزَّه عن الصفاتِ! بلْ نقولُ: سبحان الله العلي العظيم السميع البصير المريد، الذي كلَّمَ موسى تكليمًا، واتخذَ إبراهيمَ خليلًا، ويُرى في الآخرة، المتَّصف بما وصفَ بهِ نفسهُ، ووصفه بهِ رسله، المنزَّه عنْ سماتِ المخلوقينَ، وعنْ جحدِ الجاحدينَ، ليس كمثلهِ شيءٌ وهو السميع البصير [5].
وقالَ الحافظُ الإمامُ أبو أحمد بن علي بن محمد القصَّاب رحمه الله (400هـ): «كلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللهُ بها نفسَه، أو وَصَفَهُ بها نبيُّه، فهي صفةٌ حقيقيةٌ لا مجازًا» [6].
قال الذهبيُّ رحمه الله معقِّبًا: «نعمْ لوْ كانتْ صفاتُه مجازًا لَتَحَتَّمَ تأويلُهَا ولقيلَ: معنى البصرِ كذا، ومعنى السَّمعِ كذا، ومعنى الحياةِ كذا، ولفُسِّرَت بغيرِ السَّابقِ إلى الأفهامِ، فلمَّا كانَ مذهبُ السَّلفِ إمرارهَا بلا تأويلٍ عُلِمَ أنَّها غيرُ محمولةٍ على المَجَازِ وأنَّها حَقٌّ بَيِّنٌ» [7].
وقال رحمه الله: «إنَّ النُّصوصَ في الصفاتِ واضحةٌ، ولو كانتِ الصفاتُ تُردُّ إلى المجازِ، لبطلَ أنْ تكونَ صفاتٍ لله، وإنَّما الصفةُ تابعةٌ للموصوفِ، فهو موجودٌ حقيقةً لا مجازًا، وصفاتهُ ليستْ مجازًا، فإذا كانَ لا مثلَ لهُ ولا نظيرَ لزمَ أنْ يكونَ لا مِثْلَ لها» [8].
الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
معلومٌ باتِّفاقِ العقلاءِ: أنَّ المخاطبَ المبيِّنَ إذا تكلَّمَ بالمجازِ المخالفِ للحقيقةِ، والباطنِ المخالفِ للظاهرِ، فلا بدَّ أنْ يقرِنَ بخطابهِ ما يدلُّ على إرادةِ المعنى المجازيِّ؛ فإذا كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم - الذي بعثَ بأفصحِ اللُّغاتِ وأبينِ الألسنةِ والعباراتِ - المبلِّغُ المبيِّنُ الذي بيَّنَ للنَّاسِ ما نزِّلَ إليهم تكلَّمَ بالكلامِ الذي يفهمُ منهُ معنًى وأعادهُ مرَّاتٍ كثيرةٍ؛ وخاطبَ بهِ الخلقَ كلَّهم وفيهم الذكيُّ والبليدُ، والفقيهُ وغيرُ الفقيهِ، وقدْ أوجبَ عليهم أنْ يتدبَّروا ذلكَ الخطابَ ويعقلوهُ، ويتفكَّروا فيه ويعتقدوا موجبهُ، ثمَّ أوجبَ أنْ لا يعتقدوا بهذا الخطابِ شيئًا منْ ظاهرهِ [9]؛ وهو «يعلمُ أنَّ المرادَ بالكلامِ خلافُ مفهومهِ ومقتضاهُ، كانَ عليهِ أنْ يقرِنَ بخطابهِ ما يصرفُ القلوبَ عنْ فهمِ المعنى الذي لم يردْ؛ لا سيَّما إذا كانَ باطلًا لا يجوزُ اعتقادهُ في الله، فإنَّ عليهِ أنْ ينهاهم عنْ أنْ يعتقدوا في الله ما لا يجوزُ اعتقادهُ إذا كان ذلكَ مخوفًا عليهم؛ ولوْ لمْ يخاطبهمْ بما يدلُّ على ذلكَ، فكيفَ إذا كانَ خطابهُ هو الذي يدلُّهم على ذلكَ الاعتقادِ الذي تقولُ النُّفاةُ: هو اعتقادٌ باطلٌ؟!.
فكيفَ يجوزُ أنْ يعلِّمنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كلَّ شيءٍ حتَّى «الخراءةَ» ويقولُ: «ما بَقِيَ شَيءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجَنَّةِ، ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ، إلَّا وقَدْ بُيِّنَ لَكُم» [10] ويقولُ: «لقدْ تَرَكْتُكُم على مِثْلِ البَيْضَاءِ لَيْلُها كَنَهَارِهَا لا يزيغُ عنها إلا هَالِكٌ» [11] ثمَّ يتركُ الكتابَ المنزلَ عليهِ وسنَّتهُ الغرَّاءَ مملؤةٌ ممَّا يزعمُ الخصمُ أنَّ ظاهرهُ تشبيهٌ وتجسيمٌ، وأنَّ اعتقادَ ظاهرهِ ضلالٌ، وهو لا يبيِّنُ ذلكَ ولا يوضِّحُه؟!» [12].
الثالثُ:
إنَّ لفظَ «العليِّ» و «العلوِّ» لمْ يستعملْ في القرآنِ عندَ الإطلاقِ في مجرَّدِ القدرةِ، ولا في مجرَّدِ الفضيلةِ. ولفظُ «العلوِّ» يتضمنُ الاستعلاءَ، وغيرَ ذلكَ مِنَ الأفعال إذا عديَ بحرفِ الاستعلاء دلَّ على العلوِّ، كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4] فهو يدلُّ على علوِّهِ على العرشِ [13].
الرابعُ:
أنَّ القائلَ إِذَا قالَ: الذهبُ فوقَ الفضَّةِ قدْ أحالَ المخاطَبَ عَلَى مَا يفهَمُ مِنْ هَذَا السِّياقِ والمعتد بأمرينِ عُهِدَ تساويهما فِي المكانِ وتفاوتهما فِي المكانةِ فانصرفَ الخطابُ إلى مَا يعرفهُ السَّامعُ، وَلاَ يلتبسُ عَلَيهِ. فهل لأحدٍ منْ أهلِ الإسلامِ وغيرهم عهدَ بمثلِ ذلكَ فِي فوقيَّةِ الرَّبِّ تعالى حتَّى ينصرفَ فهمُ السَّامعِ إليهَا.
الخامسُ:
أنَّ الفِطَرَ والعقولَ والشَّرائعَ وجميعَ كتبِ الله المنزلةِ عَلَى خلافِ ذلكَ وأنَّه سبحانه وتعالى فوقَ العالمِ بذاتهِ، فالخطابُ بفوقيَّتهِ ينصرفُ إلى مَا استقرَّ فِي الفطرِ والعقولِ والكتبِ السَّماويةِ.
السادسُ:
أنَّ هَذَا المجازَ لَوْ صُرِّحَ بهِ فِي حقِّ الله كانَ قبيحًا، فإنَّ ذلك إنَّما يقالُ فِي المتقاربينِ فِي المنزلةِ وأحدُهما أفضلُ مِنَ الآخرِ، وأمَّا إِذَا لمْ يتقاربا بوجهٍ فإنَّهُ لا يصحُّ فيهما ذلكَ، وإذا كانَ يقبحُ كلَّ القبحِ أنْ تقولَ: «الجوهرُ فوقَ قشرِ البَصلِ» وإِذَا قلتَ ذلكَ ضحكتْ منكَ العقلاءُ للتَّفاوتِ العظيمِ الَّذي بينهما، فالتَّفاوتُ الَّذي بينَ الخالقِ والمخلوقِ أعظمُ وأعظمُ، وفي مثلِ هَذَا قِيلَ شعرًا:
ألم تَرَ أنَّ السيفَ ينْقُصُ قَدْرُهُ إ ِذَا قِيلَ إنَّ السيفَ أمضى من العصا
السابعُ: أنَّ الرَّبَّ سبحانه وتعالى لم يمتدحْ نفسَهُ فِي كتابهِ وَلاَ عَلَى لسانِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم بأنَّه أفضلُ مِنَ العرشِ، وأنَّ رتبتهُ فوقَ رتبةِ العرشِ، وأنَّهُ خيرٌ مِنَ السَّماواتِ والعرشِ. وهذا ممَّا تنفرُ منهُ العقولُ السَّليمةُ، وتشمئزُ منهُ القلوبُ الصَّحيحةُ. فإنَّ قولَ القائلِ ابتداءً: الله خيرٌ منْ عبادهِ، أو خيرٌ منْ عرشهِ، منْ جنسِ قولهِ: الشمسُ أضوأُ مِنَ السِّراجِ، والسَّماءُ أعلى مِنْ سقفِ الدَّارِ، والجبلُ أثقلُ مِنَ الحصى، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم أفضلُ منْ فلانٍ اليهوديِّ، وليسَ في ذلكَ تمجيدٌ، ولا تعظيمٌ، ولا مدحٌ؛ بلْ هوَ منْ أرذلِ الكلامِ، وأسْمجهِ،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأهْجَنِهِ! فكيفَ يليقُ حملُ الكلامِ المجيدِ عليه؟! وحيثُ وردَ ذلكَ فِي الكتابِ فإنَّما هو فِي سياق الرَّدِّ لمنْ سوَّى بينهُ وبينَ غيرهِ في العبادةِ والتألُّهِ، فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّه خيرٌ منْ تلكَ الآلهةِ كقولهِ: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] وقولهِ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] وقولِ السَّحرةِ: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 73].
فهذا السِّياقُ يقالُ في مثلهِ: إنَّ الله خيرٌ ممَّا سواهُ مِنَ الآلهةِ الباطلةِ، وأمَّا بعدَ أنْ يذكرَ أنَّهُ مالكُ الكائناتِ كما في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] ويقالُ مَعَ ذلكَ: هوَ أفضلُ منْ مخلوقاتهِ، وأعظمُ منْ مصنوعاتهِ فهذا ينزَّهُ عنهُ كلامُ الله [14]. وَلاَ يصحُّ إلحاقُ هَذَا بذلكَ، وَلاَ يُنكرُ هَذَا إلَّا غبيٌّ.
الثامنُ:
أنَّ هَذَا المجازَ محتملٌ إذا كانَ هناكَ مقارنةٌ في الصِّفاتِ بينَ مخلوقٍ ومخلوقٍ، كما في قولهِ تعالى لموسى عليه السلام: {لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى} [طه: 68]، وكما في قولهِ تعالى للمؤمنينَ: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *} [آل عمران: 139] وكما في قولهِ تعالى: {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127] فذلكَ لأنَّه قدْ عُلِمَ أنَّهم جميعًا مستقرُّونَ عَلَى الأرضِ فهيَ فوقيَّةُ قهرٍ وغلبةٍ، لمْ يلزمْ مثلهُ فِي قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18 و16] إذْ قدْ عُلِمَ بالضَّرورةِ أنَّهُ وعبادَهُ ليسوا مستوينِ فِي مكانٍ واحدٍ حتىَّ تكونَ فوقيَّةَ قهرٍ وغلبةٍ.
التاسعُ:
هبْ أنَّ هَذَا يحتملُ فِي مثلِ قولهِ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] لدلالةِ السِّياقِ والقرائنِ المقترنةِ باللَّفظِ عَلَى فوقيَّةِ الرُّتبةِ، ولكنْ هَذَا إنَّما يأتي مجرَّدًا عنْ «مِنْ» وَلاَ يستعملُ مقرونًا بـ «مِنْ» فلا يُعْرَفُ فِي اللُّغةِ البتَّة أنْ يقالَ: الذَّهبُ مِنْ فوقِ الفضَّةِ، وَلاَ عالمٌ مِنْ فوقِ الجاهلِ، وقدْ جاءتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ مقرونةً بـ «منْ» كقولهِ تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} [النحل: 50] فهذا صريحٌ فِي فوقيَّةِ الذَّاتِ؛ وَلاَ يصِحُّ حملهُ عَلَى فوقيَّةِ الرتبةِ؛ لأنَّ الظرفَ (فوق) جاءَ في هذهِ الآيةِ مقيَّدًا بحرفِ الجرِّ (مِنْ)، والظُّروفُ المقيَّدةُ في اللُّغةِ العربيةِ مثلُ (منْ فوقِ) و (منْ تحتِ) لا تعني إلَّا معاني الظُّروفِ الحقيقيَّةِ لا المجازيةِ، وتختلفُ عنْ جميعِ الظُّروفِ التي تأتي غيرَ مقيَّدةٍ مثل (فوق) و (تحت) التي قد تعني الحقيقةَ أوالمجازَ أو كليهما معًا، ويحدِّدُ ذلكَ القرآنُ. انظر مثلًا قوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 26] {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} [الشورى: 5]، {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} [فصلت: 10]، {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16]. {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الزمر: 20]. {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} [النور: 40]. {وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51]. {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} [مريم: 24]. {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]. {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50].
العاشرُ:
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا كان العلوُّ والفوقيَّةُ صفةَ كمالٍ لا نقصَ فيه وَلاَ يستلزمُ نقصًا وَلاَ يوجبُ محذورًا وَلاَ يخالفُ كتابًا وَلاَ سنَّةً وَلاَ إجماعًا فنفيُ حقيقتِهَا عينُ الباطلِ ... فلو لم يقبلِ العلوَّ والفوقيَّةَ لكانَ كلُّ عالٍ عَلَى غيرهِ أكملَ منهُ. فإنَّ في المخلوقاتِ ما يوصفُ بالعلوِّ دونَ السُّفولِ كالسَّمواتِ، وما كان موصوفًا بالعلوِّ دونَ السُّفولِ كانَ أفضلَ ممَّا لا يوصفُ بالعلوِّ [15] والخالقُ أكملُ مِنَ المخلوقِ. فكيفَ تكونُ المخلوقاتُ أكملَ مِنَ الخالقِ سبحانه وتعالى؟! [16].
فأنتم لم ترضوا أنْ تجعلوا علوَّ الله أكملَ منْ علوِّ غيرهِ، ولا جعلتموه مثلَ علوِّهِ؛ بل جعلتم علوَّ الغيرِ أكملَ منْ علوِّهِ، وهو يحتاجُ إلى ذلكَ الغيرِ الذي هو مستغنٍ عنهُ، وكلُّ هذا إفكٌ وبهتانٌ عظيمٌ على ربِّ العالمينَ [17].
الحادي عَشَرَ:
أنَّهُ لَوْ كانتْ فوقيَّتهُ سبحانه وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، لمْ يُتصرَّف فِي أنواعِهَا وأقسامها ولوازمِهَا، ولم يُتوسَّع فيهَا غايةَ التَّوسُّعِ؛ فإنَّ فوقيَّةَ الرُّتبةِ والفضيلةِ لا يُتصرَّفُ فِي تنويعها إلَّا بما شاكلَ معناهَا نحو قولنا: هَذَا خيرٌ منْ هَذَا وأفضلُ وأجلُّ وأعلى قيمةً ونحو ذلكَ.
وأمَّا فوقيَّةُ الذَّاتِ فإنَّها تتنوعُ بحسبِ معناها فيقالُ فيها: استوى، ويعرجُ إليه كذا، ويصعدُ إليه وينزلُ مِنْ عندهِ، ورفيعُ الدرجاتِ، وتُرفعُ إليه الأيدي، وأنَّ عبادهُ يخافونهُ مِنْ فوقهم، وأنَّهُ ينزلُ إلى السَّمَاء الدُّنْيَا، وأنَّ عبادَهُ المؤمنينَ إِذَا نظروا إليه فِي الجنَّةِ رفعوا رؤوسهم. فهذهِ لوازمُ أنواعِ فوقيَّةِ الذَّاتِ لا أنواع فوقيَّة الفضيلةِ والمرتبةِ.
ومنْ تأمَّلَ هَذَا عرفَ أنَّ النُّفاةَ أفسدوا اللُّغةَ والفطرةَ والعقلَ والشَّرعَ.
الثاني عَشَرَ:
أنَّهُ لَوْ كانتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، لكانَ إطلاقُ القولِ بأنَّهُ ليسَ فوقَ العرشِ وَلاَ استوى عَلَيهِ وَلاَ هو العليُّ وَلاَ الرفيعُ وَلاَ هو فِي السَّمَاءِ، أصحُّ منْ إطلاقِ ذلكَ، وأدنى الأحوالِ أنْ يصحَّ النَّفيُ كَمَا يصحُّ الإطلاقُ المجازيُّ. ومعلومٌ قطعًا أنَّ إطلاقَ هَذَا النفيَ تكذيبٌ صريحٌ لله ولرسولهِ صلى الله عليه وسلم، ولو كانتْ هذهِ الإطلاقاتُ إنَّما هي عَلَى سبيلِ المجازِ لم يكنْ فِي نفيهَا محذورٌ لا سيَّما ونفيهَا (عندَ المعطِّلةِ) عينُ التنزيهِ والتَّعظيمِ [18].
قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: «كلُّ منْ أنْكَرَ أنْ يكونَ اللَّفظُ حقيقةً لزمهُ جوازُ إطلاقِ نفيهِ. فمنْ أنكرَ أنْ يكونَ استوى على عرشِهِ حقيقةً، فإنَّهُ يقولُ: ليسَ الرحمنُ على العرشِ استوى، كما أنَّ منْ قالَ: إنَّ لفظَ الأسدِ للرَّجلِ الشجاعِ والحمارِ للبليدِ ليسَ بحقيقةٍ، فإنَّهُ يلزمهُ صحةَ نفيِهِ. فيقولُ: هذا ليسَ بأسدٍ، ولا بحمارٍ، ولكنَّهُ آدميٌّ» [19].
الثالثُ عَشَرَ:
إنَّ الجهميَّةَ المعطِّلةَ معترفونَ بوصفهِ تَعَالَى بعلوِّ القهرِ وعلوِّ القدرِ، وإنَّ ذَلِكَ كمالٌ لاَ نقصٌ، فإنَّهُ منْ لوازمِ ذاتهِ، فيقالُ: مَا أثبتم بِهِ هذينِ النوعينِ مِنَ العلوِّ والفوقيَّةِ هُوَ بعينهِ حجةُ خصومكم عليكم فِي إثبات علوِّ الذَّاتِ لَهُ سُبْحَانهُ، وَمَا نفيتمْ بِهِ علوَّ الذَّاتِ يلزمكم أَنْ تنفوا بِهِ ذينك الوجهينِ من العلوِّ، فأحدُ الأمرينِ لازمٌ لكم وَلاَ بدَّ، إمَّا أَنْ تثبتوا لَهُ سبحانه وتعالى العلوَّ المطلقَ منْ كلِّ جهةٍ ذاتًا وقهرًا وقدرًا، وإمَّا أَنْ تنفوا ذَلِكَ كلَّهُ، فإنَّكم إنَّما نفيتم علوَّ ذاتهِ سبحانه وتعالى بناءً عَلَى لزومِ التَّجسيمِ، وَهُوَ لازمٌ لكم فيما أثبتموهُ منْ وجهي العلوِّ، فإنَّ الذَّاتَ القاهرةَ لغيرهَا الَّتِي هِيَ أعلى قدرًا منْ غيرهَا إنْ لَمْ يُعْقَلْ كونها غيرُ جسمٍ لزمكم التَّجسيمُ، وإنْ عقلَ كونها غير جسمٍ فكيفَ لاَ يعقل أَنْ تكونَ الذَّاتُ العاليةُ عَلَى سائرِ الذَّواتِ غيرَ جسمٍ؟! وكيفَ لزمَ التَّجسيمُ مِنْ هَذَا العلوِّ ولمْ يلزمْ منْ ذَلِكَ العلوِّ؟! [20].
الرابعُ عَشَر:
(يُتْبَعُ)
(/)
لَوْ كانتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، وأنَّ الحقَّ فِي أقوالِ النُّفاةِ المعطِّلينَ، وأنَّ تأويلاتهم هي المرادةُ منْ هذهِ النُّصوصِ، يلزمُ منْ ذلكَ أحدُ محاذيرَ ثلاثةٍ لا بدَّ منها أو منْ بعضِها وهيَ: القدحُ فِي علمِ المتكلِّمِ بها. أو فِي بيانِهِ. أو فِي نصحِهِ.
وتقريرُ ذلكَ أنْ يقالَ:
إمَّا أنْ يكونَ المتكلِّمُ بهذه النُّصوصِ عالمًا أنَّ الحقَّ فِي تأويلاتِ النُّفاةِ المعطِّلينَ أوْ لا يعلمُ ذلكَ.
فإنْ لم يعلمْ ذلكَ، كانَ قدحًا فِي علمهِ.
وإنْ كانَ عالمًا أنَّ الحقَّ فِيهَا فلا يخلو إمَّا أنْ يكونَ قادرًا عَلَى التعبيرِ بعباراتهم - التي هي تنزيهٌ للهِ بزعمهم عَنِ التَّشبيهِ والتَّمثيلِ والتَّجسيمِ، وأنَّه لا يعرفُ الله منْ لم ينزِّههُ بها - أو لا يكونُ قادرًا عَلَى تلكَ العباراتِ.
فإنْ لمْ يكنْ قادرًا على التعبيرِ بذلكَ، لزمَ القدحُ فِي فصاحتهِ، وكانَ ورثةُ المعتزلةِ والجهميَّةِ، أفصحَ منهُ، وأحسنَ بيانًا وتعبيرًا عَنِ الحقِّ.
وإنْ كانَ قادرًا عَلَى ذلكَ، ولمْ يتكلَّمْ بهِ، وتكلَّم دائمًا بخلافهِ وما يناقضهُ، كانَ ذلكَ قدحًا فِي نصحهِ.
وقدْ وصفَ اللهُ رسلَهُ بكمالِ النُّصحِ والبيانِ، فقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، وقال سبحانه وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وأخبرَ عنْ رسلهِ عليهم السلام بأنَّهم أنصحُ النَّاسِ لأممهم قالَ عزَّ وجلَّ: {ياقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 93] وقالَ سبحانه وتعالى: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 62] وقال عزَّ وجلَّ: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68].
فمع النُّصحِ والبيانِ والمعرفةِ التَّامةِ، كيفَ يكونُ مذهبُ النُّفاةِ المعطِّلةِ أصحابُ التَّحريفِ هوَ الصَّوابُ وقولُ أهلِ الإثباتِ أتباعِ القرآنِ والسنَّةِ باطلًا؟! [21].
قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله:
فَسَلِ المُعَطِّلَ عَنْ ثَلاثِ مَسَائِلَ تَقْضِي عَلَى التَعْطيلِ بالبُطْلاَنِ
مَاذَا تقُولُ أَكَانَ يَعْرِفُ رَبَّهُ هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ العُرْفَانِ
أَمْ لاَ وَهَلْ كَانَتْ نَصيحَتُهُ لَنَا كُلَّ النَّصِيحَةِ لَيْسَ بالخَوَّانِ
أَمْ لاَ وَهَلْ حَازَ البلاغَةَ كلَّهَا فَاللَّفْظُ والمَعْنَى لَهُ طَوْعَانِ
فَإِذَا انْتَهَتْ هَذي الثلاثَةُ فِيهِ كَا مِلَةً مُبرَّأةً مِنَ النُّقْصَانِ
فَلأيِّ شَيءٍ عَاشَ فِينَا كَاتمًا للنَّفْيِ والتَّعْطِيلِ فِي الأَزْمَانِ
بَلْ مُفْصِحًَا بِالضدِّ مِنْهُ حَقِيقَةَ الـ إفْصَاحِ مُوَضَّحَةً بِكلِّ بَيَانِ
وَلأيِّ شَيْءٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِالَّذِي صَرَّحْتُمُ فِي رَبِّنَا الرَّحمَنِ
ألِعَجْزِهِ عَنْ ذَاكَ أَمْ تَقْصِيرِهِ فِي النُّصْحِ أمْ لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ
حَاشَاهُ بَلْ ذَا وَصْفُكُمْ يَا أُمَّة التَّ ـعْطِيلِ لاَ المَبْعُوثِ بالْقُرْآنِ
وَلأيِّ شَيْءٍ كَانَ يَذْكُرُ ضِدَّ ذَا فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ وَكُلِّ زَمَانِ
أَتَرَاهُ أَصْبَحَ عَاجِزًَا عَنْ قَوْلِه اسْـ ـتَوْلَى وَيَنْزِلُ أمرُهُ وَفُلاَنِ [22]
ومعنى هذا الكلامِ: أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ أعلمَ الخلقِ بالحقِّ، و «كانتْ نصيحتهُ لأمَّتهِ كاملةً تامَّةً لا يمكنُ أنْ يساويهُ فيهَا أحدٌ، وكانَ فصيحًا بليغًا مقْتدرًا على التعبيرِ عَنِ المعاني المقْصودةِ بالألفاظِ الجليةِ الفصيحةِ - فمعاني كلامهِ أجلُّ المعاني، وألفاظُه أفْصحُ الألفاظِ - كانَ منْ أعْظمِ المحالِ أنْ يكتمَ ما يجبُ لله مِنَ العلوِّ والفوقيَّةِ وصفاتِ الكمالِ ويفْصحُ بضدِّ ذلكَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
بلْ لمَّا كانَ صلى الله عليه وسلم كاملَ العلمِ برَبِّهِ وبدينهِ فهوَ أعلمُ الخلقِ وأخْشاهم لربِّهِ وكانَ بالمؤمنينَ رحيمًا أرْحمُ بهمْ منْ آبائهم وأمَّهاتهم وأنفسهم وأبلغُ الخلقِ وأقْدرهم على التعبيرِ عَنِ المعاني النافعةِ، علَّمهم صلى الله عليه وسلم ما لمْ يكونوا يعلمونَ، وقدْ بيَّن للنَّاس جميعَ ما يحتاجونَ إليهِ، خصوصًا الأمورَ المهمَّةَ والعقائدَ الدينيَّةَ والأصولَ الإيمانيَّةَ؛ فلو كانَ الحقُّ فيما يقولهُ النُّفاةُ والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يصرِّحْ بشيءٍ منهُ؛ بلْ صرَّحَ بضدِّهِ وجعلَ الأمْرَ موكولًا لعقولِ النَّاس وآرائهمْ الضعيفةِ لزمَ انْتفاءُ هذهِ الأمورِ الثلاثةِ كلِّهَا، وهذا لا يفوهُ بهِ مسْلمٌ يؤمنُ بالله ورسولهِ صلى الله عليه وسلم» [23].
وفي ذلكَ بلاغٌ لمنْ تدبَّر، وكفايةٌ لمنِ استبصرَ إنْ شاءَ الله تعالى.
ومنْ تدبَّرَ ما كتبناهُ، وأعطى منْ قلبهِ النَّصَفَةَ، وأعرضَ عنْ هواه، واستمعَ وأصغى بقلبٍ حاضرٍ، وكانَ مسترشدًا مهتدياَ، ولمْ يكنْ متعنِّتًا، وأمدَّهُ اللهُ بنورِ اليقينِ، عرفَ صحَّةَ جميعِ ما قلناهُ، ولمْ يخف عليهِ شيءٌ منْ ذلكَ، واللهُ الموفِّقُ: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39] [24].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الكافية الشافية (ص106).
[2] الرسالة الوافية (ص254 - 255).
[3] التمهيد (7/ 145).
[4] أخرجه ابن شاهين في الكتاب اللطيف (ص79) وذكره الأصبهاني في «الحجة» (1/ 441).
[5] العلو (2/ 1326 - 1327).
[6] تذكرة الحفاظ (3/ 338 - 339).
[7] تذكرة الحفاظ (3/ 338 - 339).
[8] العلو (2/ 1304).
[9] مجموع الفتاوى (6/ 355 - 362).
[10] رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (2/ 155 - 156) (1647) بلفظ: وصححه المحدث الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (1803).
[11] رواه ابن ماجه (43)، وصححه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (41).
[12] مجموع الفتاوى (6/ 367 - 369) بتصرف يسير.
[13] مجموع الفتاوى (16/ 359).
[14] الصواعق (ص1373).
[15] مجموع الفتاوى (16/ 102).
[16] درء تعارض العقل والنقل (7/ 18).
[17] بيان تلبيس الجهمية (2/ 287).
[18] مختصر الصواعق (2/ 216).
[19] مجموع الفتاوى (3/ 219).
[20] الصواعق (ص1324 - 1325).
[21] الصواعق (1/ 324 - 326).
[22] الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (ص137).
[23] توضيح الكافية الشافية (ص337 - 338).
[24] الحجة في بيان المحجة (2/ 229 - 230).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[01 - Jul-2009, مساء 06:05]ـ
الإعتراض الثاني: قولهم بأن آيات الصفات من المتشابه الذي لا يعرف معناه
اعلمْ رحمكَ الله بأنَّ أهلَ الكلامِ جعلوا آياتِ الصفاتِ مِنَ المتشابَهِ التي لا يعلمُ معناها إلَّا الله سبحانه وتعالى.
وهذا افتراءٌ قبيحٌ، وبهتٌ صريحٌ، وكذبٌ شنيعٌ، وتقوُّلٌ فظيعٌ، وضلالٌ وإضْلالٌ. وهذا يتبيَّنُ منْ وجوهٍ:
الوجهُ الأولُ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قالَ في كتابهِ العزيزِ: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا *} [محمد: 24]، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ *} [ص: 29]، وقال تبارك وتعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمْ الأَوَّلِينَ *} [المؤمنون: 68]، وقال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا *} [النساء: 82].
فالله سبحانه وتعالى «قدْ أمرَ بتدبُّر القرآنِ مطلقًا، ولم يستثن منهُ شيئًا لا يتدبَّر، ولا قالَ: لا تدبَّروا المتشابه، والتدبُّر بدونِ الفهمِ ممتنعٌ، ولو كانَ مِنَ القرآنِ ما لا يُتَدبَّر لم يعرفْ، فإنَّ الله لم يميِّز المتشابه بحدٍ ظاهرٍ حتَّى يجتنبَ تدبُّرُه» [1].
الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
أنَّ الله سبحانه وتعالى وصفَ القرآنَ بأنَّه: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]، ووصفهُ بقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15]، وقالَ تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
فلمَّا أخبرَ سبحانه وتعالى بأنَّ القرآنَ شفاءٌ، وهدىً، ورحمةٌ، ونورٌ، ومبينٌ، ولم يستثنِ منهُ شيئًا دلَّ على أنَّهُ كلَّهُ كذلكَ، وأنَّهُ ممَّا يمكنُ فهمُ معناه، ولو لمْ يمكنْ فهمُ معناه لمْ تتحقَّقْ فيهِ هذهِ الصفاتُ [2].
الثالثُ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [يوسف: 2]، وقال: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [الزخرف: 3].
فبيَّن سبحانهُ أنَّهُ أنزلهُ عربيًّا ليعقلَ، والعقلُ لا يكونُ إلَّا معَ العلمِ بمعانيه [3].
الرابعُ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ *} [البقرة: 78].
فالله تعالى قدْ ذَمَّ هؤلاءِ الذينَ لا يعرفونَ الكتابَ إلَّا تلاوةً دونَ فهمِ معانيهِ، كما ذمَّ الذين يحرِّفون الكلمَ عنْ مواضعهِ منْ بعد ما عقلوهُ وهم يعلمونَ، فإنَّه سبحانه وتعالى قالَ عقبَ الآيةِ السابقةِ: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيدِيهِمْ وَوَيلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ *} [البقرة: 79].
فهذا يدلُّ على أنَّ كلا النوعينِ مذمومٌ: الجاهلُ الذي لا يفهمُ معاني النُّصوصِ، والكاذبُ الذي يحرِّفُ الكلمَ عنْ مواضعهِ [4].
والمقصودُ أنَّ الله سبحانه وتعالى ذمَّ منْ لا يعرفُ منْ كتابهِ إلَّا مجرَّد التلاوةِ دونَ فقهٍ ولا فهمٍ لمعانيهِ، وأنَّ ذلكَ منْ خصالِ اليهودِ.
ولذلكَ فإنَّ الله تعالى يقولُ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الإسراء: 45 - 46].
وقال تعالى: {فَمَالِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 78].
فلو «كان المؤمنون لا يفقهونهُ أيضًا لكانوا مشاركينَ للكفَّارِ والمنافقينَ فيما ذمَّهمُ الله تعالى بهِ» [5].
الخامسُ:
أنَّهُ تعالى ذمَّ منْ لمْ يكنْ حظُّهُ مِنَ السَّماعِ إلَّا سماع الصَّوتِ دونَ فهمِ المعنى واتِّباعهِ، فقالَ: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ *} [البقرة: 171]، وقالَ تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا *} [الفرقان: 44]، وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ *} [محمد: 16].
فمنْ جعلَ السَّابقينَ الأوَّلِينَ مِنَ المهاجرينَ والأنصارِ والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ غير عالمين بمعاني القرآن جعلهم بمنزلةِ الكفَّارِ والمنافقينَ فيما ذمَّهم الله تعالى عليه [6].
السادسُ:
أنَّ الله تعالى قالَ: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى} [العنكبوت: 51]، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174].
ولوْ لمْ يكنِ القرآنُ مفهومًا ومعلومًا لمْ يكنْ كافيًا ولمْ يكنْ برهانًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله: ومِنَ المحالِ أن يكونَ الكتابُ الذي يخالفهُ صريحُ العقلِ كافيًا، وإنما يكون كافيًا لمنْ قدَّمهُ على كلِّ معقولٍ ورأيٍّ وقياسٍ وذوقٍ، وحقيقةٍ وسياسةٍ، فهذا الكتابُ في حقِّهِ كافٍ لهُ، كما أنَّهُ إنَّما يكونُ رحمةً وذكرى لهُ دونَ غيرهِ، وأمَّا منْ أعرضَ عنهُ أو عارضهُ بآراءِ الرجالِ فليس بكافٍ لهُ ولا هو في حقِّهِ هدًى ولا رحمةً، بلْ هوَ مِنَ الذين آمنوا بالباطلِ وكفروا بالله [7].
السابعُ:
قولُهُ تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
فإنَّهُ يدلُّ على أنَّهُ يبيِّنُ للنَّاسِ جميعَ ما نُزِّلَ إليهم فيكونُ جميعُ المنزل مبينًا عنه يمكنُ معرفتهُ وفهمهُ، وقولُهُ تعالى: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] يدلُّ على ذلكَ، فإنَّ التفكُّرَ طريقٌ إلى العلمِ وما لا يمكنُ العلمُ بهِ لا يؤمرَ بالتفكُّرِ فيهِ.
الثامنُ:
قولُهُ تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ *} [الأعراف: 3]، وقولُهُ تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأنعام: 106].
ومعلومٌ أنَّ اتباعَ ما أمرهم الله تعالى مِنَ الكتاب والحكمة إنَّما يمكنُ بعدَ فهمهِ وتصوُّرِ معناه، ومَا كانَ مِنَ الكلامِ لا يمكنُ أحدًا فهمهُ لمْ يمكن اتباعهُ، بلْ كانَ الذي يسمعهُ كالذي لا يسمعُ إلَّا دعاءً ونداءً، وإنَّما الاتباعُ لمعاني الكلامِ.
التاسعُ:
قولُهُ تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213].
ومعلومٌ أنَّ حكمَ الله بالكتابِ أو حكمَ الكتابِ بين المختلفين لا يمكنُ إلَّا إذا عرفوا ما حكمَ بهِ مِنَ الكتابِ، وما تضمَّنهُ الكتابُ مِنَ الحكمِ، وذلكَ إنَّما يمكنُ إذا كانَ ممَّا يمكنُ فهمُ معناهُ وتصوُّرُ المرادُ بهِ دونَ ما يمتنعُ ذلكَ منهُ.
العاشرُ:
قولُهُ تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44].
قال المفسِّرونَ: لو جعلهُ قرآنًا أعجميًا لأنكروا ذلكَ، وقالوا: هلَّا بَيَّنْتَ آياتهِ بلغةِ العربِ لنفهمهُ، أقرآنٌ أعجميٌّ ورسولٌ عربيٌّ؟! [8].
فقدْ بيَّن سبحانه وتعالى أنَّه لو جعلهُ أعجميًا لأنكروهُ، فجعلهُ عربيًا ليفهمَ معناهُ، وليندفعَ مثلُ هذا القولِ، ومعلومٌ أنَّه لو كان أعجميًا لأمكنهم التَّوصلُ إلى فهمهِ بأنْ يترجمَ لهم مترجمٌ، إمَّا أنْ يسمعَهُ مِنَ الرسولِ ويترجمهُ، أو يحفظهُ لهم أعجميًا ثمَّ يترجمهُ لهم، كما أنَّ مِنَ العجمِ منْ يحفظُ القرآنَ عربيًا ولا يفهمُ، ويُتَرْجَمُ لهُ، وأمَّا إذا كان عربيًا لا يمكنُ أحدًا أنْ يفهمهُ لا الرسولُ ولا المرسلُ إليهم فإنكارُ هذا أعظمُ منْ إنكارِ كونهِ أعجميًا، وإذا كان الله تعالى قدْ بيَّن أنَّه لا يفعلُ الأوَّلَ فهوَ ألَّا يفعل هذا أولى وأحرى.
الحادي عَشَرَ:
أنَّ الله تعالى وصفَ آياتِ القرآنِ بقولهِ: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1]، وقوله: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1]، وقولُهُ: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1].
وما لا يمكن فهمهُ فإنَّهُ لم يُحْكَمْ، ولم يُفَصَّلْ، ولم يبَيَّنْ.
الثاني عَشَرَ:
أنَّ الله مدحَ القرآنَ وبيَّنَ اشتماله على علمهِ، كمَا قالَ سبحانه وتعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166].
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كانَ كذلكَ دلَّ على أنَّ ما فيهِ منَ العلمِ لمْ يستأثرِ الله تعالى بهِ بلْ أنزلهُ إلى عبادهِ وعلَّمهم إيَّاه، وهوَ منْ علمهِ الذي قالَ فيهِ: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255]، وهذا لا يكونُ إلَّا إذا أمكنَ فهمُ معناه، وإلَّا فاللَّفظُ الذي لا يمكنُ فهمُ معناه لا علمَ فيهِ لأحدٍ، ومثلُ هذا قولُهُ تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: 14].
الثَّالِثُ عَشَرَ:
وأيضًا فالكلامُ إنَّما المقصودُ بهِ الإفهامُ، فإذا لمْ يُقصدْ بهِ ذلكَ كان عبثًا وباطلًا، والله تعالى قدْ نزَّهَ نفسَهُ عنْ فعلِ الباطلِ والعبثِ. فكيفَ يقولُ الباطلَ والعبثَ ويتكلَّمُ بكلامٍ ينزلهُ على خلقهِ لا يريدُ بهِ إفهامهم؟! [9].
الرابع عَشَرَ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى تحدَّى العربَ بالقرآنِ، ولوْ لمْ تكنْ معانيه معلومةً لديهم لمْ يصحَّ أنْ يتحدَّاهم بهِ.
الخامس عَشَرَ:
إنَّ الصَّحابةَ والتَّابِعينَ قد تكلَّموا في معاني آياتِ الصفاتِ بل قدْ فَسَّروا جميعَ القرآنِ وعلِموا معانيه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «فالسَّلفُ مِنَ الصَّحابةِ والتابعينَ وسائرِ الأمَّةِ قدْ تكلَّموا في جميعِ نصوصِ القرآنِ: آياتُ الصفاتِ وغيرهَا، وفسَّروها بما يوافقُ دلالتها وبيانها، ورووا عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحاديثَ كثيرةً توافقُ القرآنَ، وأئمَّةُ الصَّحابةِ في هذا أعظمُ منْ غيرهم» [10].
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه: «والله الذي لا إلَه غيرُه ما أنزلت سورةٌ منْ كتابِ الله إلَّا أنا أعلمُ أينَ أنزلتْ، ولا أنزلتْ آيةٌ منْ كتابِ الله إلَّا أنَا أعلمُ فيما أنزلتْ، ولو أعلمُ أحدًا أعلَمَ مني بكتاب الله تبلغه الإبلُ لركِبْتُ إليه» [11].
وقال رضي الله عنه: «كُنَّا إذا تَعَلَّمْنَا من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عشرَ آيات مِنَ القرآنِ لم نتعلَّم مِنَ العشرِ الذي نزلت بعدها حتَّى نعلم ما فيه» [12].
فالصَّحابة رضي الله عنهم نقلوا عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهم كانوا يتعلَّمُون منهُ التفسيرَ مَعَ التلاوةِ، ولم يذكرْ أحدٌ منهم عنه قطٌ أنه امتنع من تفسير آية [13].
فمنْ قالَ إنَّ جبريلَ عليه السلام ومحمدًا صلى الله عليه وسلم والصَّحابةَ والتابعينَ وسلفَ الأمَّةِ كانوا يقرءونَ نصوصَ الصِّفاتِ ولا يعرفونَ لها معنًى بلْ معناها ممَّا استأثرَ الله بهِ فقدْ كذبَ على القومِ، والنُّقولُ المتواترةُ عنهم تكذِّب هذا الزعمَ [14].
السَّادس عَشَرَ:
قولُهُ تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِيَ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ *} [سبأ: 5]. فلولاَ أنَّهم عرفوا معنى ما أنزلَ كيفَ عرفوا أنَّه حقٌ أو باطلٌ، وهل يحكمُ على كلامٍ لم يُتَصَوَّر معناه أنَّهُ حقٌّ أو باطلٌ؟ [15].
السابعُ عَشَرَ:
قولُهُ تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ *} [الطارق: 13] أي: فاصلٌ يفصلُ بينَ الحقِّ والباطلِ، فكيفَ يكونُ فصلًا إذا لم يكنْ إلى معرفةِ معناه سبيلٌ؟ [16].
الثامنُ عَشَرَ:
أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يَسَّرَ القرآنَ للذِّكرِ، قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ *} [القمر: 17]. وتيسيرهُ للذِّكرِ يتضمَّنُ أنواعًا مِنَ التيسيرِ:
إحداها: تيسيرُ ألفاظهِ للحفظِ.
الثاني: تيسيرُ معانيهِ للفهمِ.
الثالث: تيسيرُ أوامرهِ ونواهيهِ للامتثالِ.
ومعلومٌ أنَّه لو كانَ بألفاظٍ لا يفهمهَا المخاطَبُ، لم يكنْ ميسَّرًا لهُ، بلْ كانَ معسَّرًا عليهِ، فهكذا إذا أريدَ مِنَ المخاطَبِ أنْ يفهمَ مِنْ ألفاظهِ ما لا يدلُّ عليهِ مِنَ المعاني، أو يدلُّ على خلافهِ فهذا منْ أشدِّ التعسيرِ، وهوَ منافٍ للتيسيرِ؛ فإنَّه لا شيءَ أعسرُ على الأمَّةِ منْ أنْ يرادَ منهمْ أن يفهموا منْ آياتِ الصِّفاتِ ما لا تدلُ عليهِ، بل تَدلُّ على خلافهِ ويقولُ: اعلموا يا عبادي أنِّي أردتُ منكم أنْ تعلموا أنِّي لستُ فوقَ العالمِ، ولا تحتَهُ، ولا فوقَ عرشي، ولا ترفعُ الأيدي إليَّ ولا يعرجُ إليَّ شيءٌ، ولا ينزلُ منْ عندي شيءٌ منْ قولي: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]. ومن قولي:
(يُتْبَعُ)
(/)
{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]. ومنْ قولي: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]. ومنْ قولي: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]. ومنْ قولي: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غافر: 15]. ومنْ قولي: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]. ومنْ قولي: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى *} [الأعلى: 1]. ومنْ قولي: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16]. ومنْ قولي: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]. ومنْ قولي: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: 102].
فإنَّكم إذا فهمتم منْ هذهِ الألفاظِ حقائقهَا وظواهرهَا فهمتم خلافَ مرادي منها، بلْ مرادي منكم أنْ تفهموا منها ما يدلُّ على خلافِ حقائقهَا وظواهرهَا. فأيُّ تيسيرٍ يكونُ هناكَ وأيُّ تعقيدٍ وتعسيرٍ لم يحصلْ بذلكَ، ومعلومٌ أنَّ خطابَ الرجلِ بما لا يفهمهُ إلَّا بترجمةٍ أيسرُ عليهِ منْ خطابهِ بما كلِّفَ أنْ يفهمَ منهُ خلافَ موضوعهِ وحقيقتهِ بكثيرٍ. فإنَّ تيسيرَ القرآنِ منافٍ لطريقةِ النُّفاةِ المحرِّفِينَ أعظمُ منافاةٍ [17]. الذينَ يقولونَ إنَّ آياتِ الصِّفاتِ ظاهرهَا التَّشْبيهُ فنفوِّضُ أو نؤوِّلُ، كمَا قالَ قائلهم:
وكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا أَوِّلْهُ أو فَوِّضْ ورُمْ تَنْزِيها
فمنْ تدبَّرَ القرآنَ، وعرفَ مقصودَ القرآنِ: تبيَّن لهُ المرادُ، وعرفَ الهدى والرسالةَ، وعرفَ السَّدادَ مِنَ الانحرافِ والاعوجاجِ [18]، وتبيَّنَ لهُ بُطْلانُ قولِ منْ يقولُ: إنَّ آياتِ الصِّفاتِ مِنَ المتشابَه.
والحَقُّ أَبْلَجُ لا تَزِيغُ سَبِيلُهُ والحَقُّ يَعْرِفُهُ ذوُو الأَلْبَابِ [19]
التاسع عشر:
يقال لهم: هل كل الصفات من المتشابه أم بعضها دون بعض؟ بالطبع لا، فالأشاعرة يثبتون سبع صفات هي محكمة عندهم وغيرها متشابه، وقد أخذوها على ظاهرها ولم تُحدث في عقولهم تشبيهاً مع أنها مما يرصف به المخلوق كالسمع والبصر والكلام. . .
فبأي دليل أو ضابط حكمتم بأن الصفات السبعة محكمة لا تشابه فيها وأما غيرها فهو متشابه؟ فإذا طولبوا بالفرق لم يجدوا جواباً مقنعاً ...
العشرون:
إن الأشاعرة مختلفون فيما بينهم هل آيات الصفات من المتشابه أم لا!
قال أبو منصور البغدادي " واختلف أصحابنا في هذا فمنهم من قال إن آية الاستواء من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله " (20) فهلا اتفقتم فيما بينكم على نوع المتشابه وإلا زدتم حيرة الحيارى حيرة.
--
--------------------------------------------------------------------------------
[1] مجموع الفتاوى (17/ 396).
[2] انظر: مجموع الفتاوى (17/ 396).
[3] انظر: مجموع الفتاوى (5/ 158).
[4] انظر: مجموع الفتاوى (17/ 432 - 442).
[5] مجموع الفتاوى (5/ 158).
[6] انظر: مجموع الفتاوى (5/ 158 - 159).
[7] الصواعق (ص1352 - 1353).
[8] انظر: تفسير ابن كثير (4/ 104) [طبعة دار الفكر - بيروت].
[9] مجموع الفتاوى (17/ 397).
[10] مجموع الفتاوى (13/ 307).
[11] رواه البخاري (5002)، ومسلم (2463).
[12] رواه الحاكم (1/ 557) وصححه ووافقه الذهبي.
[13] مجموع الفتاوى (13/ 308).
[14] انظر: مجموع الفتاوى (17/ 425).
[15] مجموع الفتاوى (17/ 429).
[16] مجموع الفتاوى (17/ 432).
[17] الصواعق (ص330 - 336).
[18] مجموع الفتاوى (15/ 94).
[19] منع جواز المجاز (ص62).
(20) - أصول الدين 112.
ـ[العاصمي من الجزائر]ــــــــ[03 - Jul-2009, مساء 12:26]ـ
أحسن الله اليك أخي جمال ولكن لماذا لا تضع رابط الكتاب مباشرة لمن أراد تحميله!!
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[03 - Jul-2009, مساء 05:02]ـ
وإياكم أخي الحبيب العاصمي (هذه مدة طويلة لم نراك على المنتديات) لكن لم أفهم سؤالك فعن أي كتاب تتحدث!!!
الموضوع مجموع ولم أكمله بعد فقد اعتمدت على كتب ومقالات متنوعة أذكر منها:
1 - موسوعة أهل السنة في نقد الأحباش للشيخ دمشقية
2 - القواعد المثلى لابن عثيمين
3 - مختصر العلو للألباني
4 - رسالة إثبات الفوقة للجويني
5 - الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان لعبد الهادي بن حسن وهبي
6 - العلو لابن قدامة
7 - الصفات الإلهية للشيخ الجامي
8 - الأشاعرة في ميزان أهل السنة لفيصل جاسم
(يُتْبَعُ)
(/)
9 - الرد على المدارسي والحلبي لأحمد عيسى النجدي.
10 - الصواعق المرسلة لابن القيم
11 - نونية ابن القيم
12 - درء التعارض لابن تيمية.
13 - إجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم
بالإضافة إلى مقالات متنوعة في الألوكة وأهل الحديث.
وإن شاء الله لما أكمل الجمع سأجعله في كتاب وورد بإذن الله.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[03 - Jul-2009, مساء 05:55]ـ
الإعتراض الثالث: إستنكارهم إطلاق لفظ (بذاته) ولفظ (حقيقة) على العلو والإستواء.
والرد على هذا الإستنكار من أوجه:
الوجه الأول: لقد ثبتت هذه الألفاظ عن السلف فقد قال القرطبي رحمه الله في تفسيره ((وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم -يعني في اللغة- والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء. والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار.)).
بل قد نقل الإمام أبو نصر السجزي الإجماع على ذلك فقال في الإبانة ((وأئمتنا كسفيان الثوري, ومالك بن أنس, وسفيان بن عيينة ,وحماد بن زيد, وحماد بن سلمة, وعبد الله بن المبارك, وفضيل بن عياض, وأحمد بن حنبل, وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي, متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وعلمه بكل مكان)).
وسبقه المزني حيث قال في شرح (أصول السنة): ((عال على عرشه في مجده بذاته)) ثم حكى الإجماع على ذلك فقال ((هذه مقالات وأفعال اجتمع عليها الماضون الأولون من أئمة الهدى, وبتوفيق الله اعتصم بها التابعون قدوة ورضى).
ونقل الطلمنكي الإجماع كذلك كما في كتابه الوصول إلى معرفة الأصول: (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله وهو معكم أينما كنتم ونحو ذلك من القرآن أنه علمه وأن الله تعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء. وقال أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى إن الإستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز)
وقد قالها عبد القادر الجيلاني ومن قبله الحارث المحاسبي
وقالها أبو المظفر السمعاني إمام الشافعية في زمانه في قصيدته التي شرح بها عقيدة أهل السنة:
عقائدهم أن الإله بذاته على عرشه مع علمه بالغوائب.
وقال الذهبي: ((وقد تقدم مثل هذه العبارة عن أبي جعفر بن أبي شيبة ,وعثمان بن سعيد الدارمي ,وكذاك أطلقها يحي بن عمار واعظ سجستان في رسالته, والحافظ أبو نصر الوائلي السجزي في كتاب"الإبانة" له ,فإنه قال: ((وأئمتنا كالثوري, ومالك, والحماد, وابن عيينة, وابن المبارك, والفضيل, وأحمد, وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته ,وأن علمه بكل مكان)).وكذلك أطلقها ابن عبد البر كما سياتي
وكذا عبارة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري فإنه قال وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه وكذا قال أبو الحسن الكرجي الشافعي في تلك القصيدة
عقائدهم أن الإله بذاته ... على عرشه مع علمه بالغوائب
وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدين بن الصلاح هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث
وكذا أطلق هذه اللفظة أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ والشيخ عبد القادر الجيلي والمفتي عبد العزيز القحيطي وطائفة
والله تعالى خالق كل شيء بذاته ومدبر الخلائق بذاته بلا معين ولا مؤازر
وإنما أراد ابن أبي زيد وغيره التفرقة بين كونه تعالى معنا وبين كونه تعالى فوق العرش فهو كما قال ومعنا بالعلم وأنه على العرش كما أعلمنا حيث يقول الرحمن على العرش استوى وقد تلفظ بالكلمة المذكورة جماعة من العلماء كما قدمناه)) كتاب العلو ص235 - 236
الوجه الثاني: إن قول من قال من السلف ((بذاته)) هو من باب التأكيد والتنصيص, والرد على المعطلة الذين يفسرون صفات الله تعالى بما قام بغيره, وينكرون أن يقوم بذات الله تعالى صفة متعلقة بمشيئته. فيقولون: نزوله نزول أمره وملائكته ومجيئه مجيئ ثوابه, وهكذا.
وكذا قولهم "حقيقة" تأكيد لحقيقة الصفة ,ورد على من جعلها مجازا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا كما زاد السلف لفظ (بائن) في إثباتهم لعلو الله تعالى فقالوا"على عرشه بائن من خلقه" وذلك ردا على الجهمية الذين يزعمون أن الله في مكان بذاته ,تعالى الله عن ذلك.
ومعلوم أن الخبر وقع عن نفس ذات الله تعالى لا عن غيره, كما في قوله ((الرحمان على العرش استوى)) ,وقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله ينزل إلى السماء الدنيا)) وهذا خبر عن مسمى هذا الإسم العظيم.
فيقال لهم: كيف سوغتم لأنفسكم هذه الزيادات في النفي كنفي الجهة والحيز ونحو ذلك من الألفاظ التي اخترعتموها ثم ونفيتموها لتنفوا بها بعد ذلك الصفات الثابتة في الكتاب والسنة ,وفي المقابل نجد عندكم التقصير في الإثبات على ما أوجبه الكتاب و السنة, وأنكرتم على أئمة الدين ردهم لبدعة ابتدعها أهل التعطيل والتهجيم مضمونها إنكار حقائق صفات الله تعالى, وعبروا عن ذلك بعبارة كقوله (بذاته) و (حقيقة) ,فأثبتوا تلك العبارة ليبينوا ثبوت المعنى الذي نفاه أولئك؟! وأين في الكتاب والسنة أنه يحرم رد الباطل بعبارة مطابقة له, فإن هذه الألفاظ لم تثبت صفة زائدة على ما في الكتاب والسنة ,بل بينت ما عطله المبطلون من حقيقة اتصافه بصفات الكمال.
الوجه الثالث: أن يقال لهم: أمامكم واحدة من اثنتين: إما أن تقولوا استوى بذاته أو تقولوا استوى بغيره. أنتم تجعلون لله صفة القيام بالنفس مع أن الله ذكر بأنه قائم على كل نفس. فلماذا قلتم هو قائم بالنفس وليس على كل نفس. فقولنا: استوى بذاته لا بغيره كقولكم قائم بنفسه لا بغيره.
الوجه الرابع: قال الشيخ أسامة القصاص رحمه الله "قال لي أحدهم (أي الأحباش): أعطني دليلاً على أن الله في السماء بذاته بهذا اللفظ.
فقلت له: وهل إذا أخبرتك أن أبي في البيت تقول لي بذاته أم بغير ذاته! سؤالك ليس سؤال الفاهمين بل الجاهلين للعربية لأن هذا معنى العبارات وملزوماتها. . . ثم هل يجرؤ متقول على أن يقول: (الله خالق بذاته؟). فهذه الزيادة ركيكة، ولهذا كان الإمام الذهبي يستشنعها لأنها متضمَنَة غير مطلوبة رسماً، إذ كيف لا يكون الله تعالى خالقاً بذاته؟
ثم هل من العربية أن تسأل المتكلم عن أي شيء، كأن تقول له: هل أتى أبوك بذاته؟ هل أنت هنا بذاتك؟ هل أمك ولدتك بذاتها؟ بل هل يعقل أن يقول قائل: هل الله موجود بذاته؟
قال: فالمعاني شقائق الألفاظ والعبارات (1) انتهى رحمه الله.
وهذا الكلام صحيح ونفيس جداً، فإن الخبر عن الذات لا عن اللفظ، فإذا قيل: قَدِمَ فلان كان الخبر عن ذاته لا عن اسمه، وهذا أمر يفهمه كل عربي، ووضع العربية يقتضي هذا، فلا ينازع فيه إلا من أعمى الله قلبه.
--------------------
(1) إثبات علو الله على خلقه 1/ 50.
ـ[أسامة شبل السنة]ــــــــ[04 - Jul-2009, مساء 12:00]ـ
بارك الله فيك وأثابك حسن الثواب
ـ[أسامة شبل السنة]ــــــــ[04 - Jul-2009, مساء 12:06]ـ
فإن كان تجسما ثبوت استوائه على عرشه إني إذا لمجسم
وإن كان تشبيه ثبوت صفاته فمن ذالك التشبيه لا أتكلم
وإن كان تنزيها جهود استوائه وأوصافه أوكونه يتكلم
فعن ذالك التنزيه نزهة ربنا بتوفيقه والله اعلى وأعظم
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[09 - Jul-2009, مساء 05:18]ـ
وفيك بارك الله أخي أسامة.
---
الإعتراض الرابع: تفسيرهم الإستواء بالإستيلاء
اعلمْ رحمكَ الله تعالى بأنَّهُ يجبُ قبولُ ما دلَّ عليهِ الخبرُ، إذا اجتمعت فيهِ أوصافٌ أربعةٌ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ صادرًا عنْ عِلمٍ.
الثاني: الصِّدْقُ.
الثالثُ: البَيَانُ والفَصَاحَةُ.
الرابعُ: سلامَةُ القَصْدِ والإرادَةِ؛ بأنْ يريدَ المخبرُ هدايةَ منْ أخبرهم.
فدليلُ الأوَّلِ - وهو العِلْمُ -: قولهُ سبحانه وتعالى: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة: 140] وقولُهُ سبحانه وتعالى: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ *} [النحل: 74]. وقولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الإسراء: 55]؛ فهوَ أعلمُ بنفسهِ وبغيرهِ منْ غيرهِ؛ فهوَ أعلمُ بكَ منْ نفسكَ؛ لأنَّهُ يعلمُ ما سيكونُ لكَ في المستقبلِ، وأنتَ لا تعلمُ ماذا تكسبُ غدًا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ودَليلُ الوصفِ الثاني - الصِّدقُ -: قولُهُ سبحانه وتعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] وقولُهُ سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]؛ أي: لا أحد أصدقُ منهُ، فأصدقُ الكلامِ كلامُ الله. والكلامُ الصِّدقُ يتضمَّنُ مطابقةَ الكلامِ للواقعِ أي: الإخبارُ عَنِ الأمورِ على ما هي عليهِ، لا على خلافِ ما هيَ عليهِ [1]. ولا شيءَ مِنَ الكلامِ يطابقُ الواقعَ كما يطابقهُ كلامُ الله سبحانه وتعالى فكلُّ ما أخبرَ الله بهِ؛ فهو صدقٌ، بلْ أصدقُ منْ كلِّ قولٍ.
ودليلُ الوصفِ الثالثِ - البيانُ والفصاحةُ -: قولهُ تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87] وحسنُ حديثهِ يتضمَّنُ الحسنَ اللَّفظيَّ والمعنويَّ.
ودليلُ الوصفِ الرابعِ - سلامةُ القصدِ والإرادةِ -: قولُه تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176]، {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء: 26]. وقولُه سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *} [التوبة: 115].
فاجتمعَ في كلامِ الله سبحانه وتعالى الأوصافُ الأربعةُ التي توجبُ قبولَ الخبرِ.
وإذا كانَ كذلكَ؛ فإنَّهُ يجبُ أنْ نقبلَ كلامهُ على ما هو عليهِ، وأنْ لا يلحقنا شكٌ في مدلولهِ؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى لم يتكلَّم بهذا الكلامِ لأجلِ إضلالِ الخلقِ، بلْ ليبيِّنَ لهم ويهديهم، وصدرَ كلامُ الله عزَّ وجلَّ عنْ نفسهِ أو عنْ غيرهِ منْ أعلمِ القائلينَ، ولا يمكنُ أنْ يعتريهُ خلافُ الصِّدقِ، ولا يمكنُ أنْ يكونَ كلامًا عييًّا غيرَ فصيحٍ، وكلامُ الله سبحانه وتعالى لو اجتمعتِ الإنسُ والجنُ على أن يأتوا بمثلهِ؛ لما استطاعوا؛ فإذا اجتمعت هذه الأمورُ الأربعةُ في الكلامِ؛ وجبَ على المخاطبِ القبولُ بما دلَّ عليه [2]. وأنْ لا يترك ذلكَ إلى قولِ مَنْ يفترونَ على الله الكذبَ ويقولونَ عليهِ ما لا يعلمونَ؛ فإنَّ هذا هو غايةُ الضَّلاَلِ، ومُنتهى الخُذْلاَنِ [3].
ومنْ تأوَّلَ الاستواءَ بالاستيلاءِ «فهذا - عندَ السَّلفِ والأئمَّةِ - باطلٌ لا حقيقةَ لهُ؛ بلْ هوَ منْ بابِ تحريفِ الكلمِ عنْ مواضعهِ، والإلحادِ في أسماءِ الله وآياتهِ» [4]. وهذا يتبيَّنُ منْ وجوهٍ:
أحدُها:
أنَّ الاستواءَ فِي اللُّغةِ يُستعملُ على وجوهٍ:
الأولُ: أنْ يكونَ مطلقًا غيرَ مقيَّدٍ فيكونُ معناهُ الكمالُ كقولهِ عزَّ وجلَّ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14]، وهذا معناهُ: كملَ وتمَّ. يقالُ: استوى النباتُ واستوى الطَّعامُ.
الثاني: أنْ يكونَ مقرونًا بـ (الواو) فيكونُ بمعنى التساوي كقولهم: استوى الماءُ والخشبةُ. واستوى الليلُ والنَّهارُ.
الثالثُ: أنْ يكونَ مقرونًا بـ (إلى) فيكون المعنى قصدَ إليهِ علوًّا وارتفاعًا كقولهِ سبحانه وتعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29].
الرابعُ: أنْ يكونَ مقرونًا بـ (على) فيكونُ بمعنى العلوِّ والارتفاعِ كقولهِ سبحانه وتعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13]، وقولهِ: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44] وقولهِ: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29].
هذه معاني الاستواءِ المعقولةِ فِي كلامهم، ليسَ فيهَا معنى (استولى) البتةَ، وَلاَ نقلهُ أحدٌ منْ أئمَّةِ اللُّغةِ الذينَ يُعْتَمَدُ قولهم، وإنَّما قالهُ متأخرو النُّفاةِ ممَّنْ سلكَ طريقَ المعتزلةِ والجهميَّةِ.
الثاني:
أنَّ الذينَ قالوا ذلكَ استدلوا بقولِ الشَّاعرِ:
قد استوى بشْرٌ عَلَى العراقِ من غير سيْفٍ أو دمٍ مُهْراق
(يُتْبَعُ)
(/)
قالَ ابنُ كثيرٍرحمه الله: وهذاَ البيتُ تستدلُّ بهِ الجهميَّةُ على أنَّ الاستواءَ على العرشِ بمعنى الاستيلاءِ، وهذا منْ تحريفِ الكلمِ عنْ مواضعهِ، وليستْ في بيتِ هذا النصرانيِّ حجةٌ ولا دليلٌ على ذلكَ، ولا أرادَ الله عزَّ وجلَّ باستوائهِ على عرشهِ استيلاَءهُ عليه - تعالى الله عنْ قولِ الجهميَّةِ علوًّا كبيرًا - فإنَّهُ إنَّما يقالُ: استولى على الشيءِ إذا كانَ ذلكَ الشيءُ عاصيًا عليهِ قبلَ استيلائهِ عليهِ، كاستيلاءِ بشرٍ على العراقِ، واستيلاءِ عبدِ الملكِ على المدينةِ بعدَ عصيانها عليهِ، وعرشُ الرَّبِّ لمْ يكنْ ممتنعًا عليهِ نفسًا واحدًا، حتَّى يقالَ استولى عليهِ، أو معنى الاستواءِ الاستيلاءِ، ولا تجدُ أضعفَ منْ حججِ الجهميَّةِ، حتَّى أدَّاهمُ الافلاسُ مِنَ الحججِ إلى بيتِ هذا النَّصرانيِّ المقبوحِ وليسَ فيه حجةٌ واللهُ أعلمُ [5].
وقدْ أنْشَدَ فيهمُ المنْشِدُ:
قبْحًا لمنْ نبَذَ القرآنَ وراءهُ فإذا استدلَّ يقولُ قال الأخطل [6]
الثالثُ:
أنَّ أهلَ اللُّغةَ لمَّا سمعوا ذلكَ، أنكروهُ غايةَ الإنكارِ، ولمْ يجعلوه منْ لغةِ العربِ.
قَالَ ابنُ الأعرابيِّ - وقد سئلَ: هل يصحُّ أنْ يكونَ (استوى) بمعنى استولى؟ - فقالَ: لا تعرفُ العربُ ذلكَ. وهوَ منْ أكابرِ أئمَّةِ اللُّغةِ.
الرابعُ:
أنَّ هذا تفسيرٌ لكلامِ الله بالرأيِ المجرَّدِ الَّذي لم يذهبْ إليهِ صاحبٌ وَلاَ تابعٌ، وَلاَ قالهُ إمامٌ منْ أئمَّةِ المسلمينَ، وَلاَ أحدٌ منْ أهلِ التفسيرِ الذينَ يحكونَ أقوالَ السَّلفِ.
الخامسُ:
أنَّ إحداثَ القولِ فِي تفسيرِ كتابِ الله الَّذي كانَ السَّلفُ والأئمَّةُ عَلَى خلافهِ يستلزمُ أحدَ أمرينِ: إمَّا أنْ يكونَ خطأً فِي نفسهِ، أو تكونَ أقوالُ السَّلفِ المخالفةِ لهُ خطأً، وَلاَ يشكُّ عاقلٌ أنَّهُ أولى بالغلطِ والخطأ منْ قولِ السَّلفِ.
السادسُ:
أنَّه أتى بلفظةِ (ثمَّ) التي حقيقتها الترتيبُ والمهلةُ، ولوْ كانَ معناهُ القدرةَ عَلَى العرشِ والاستيلاءَ عَلَيهِ؛ لمْ يتأخَّر ذلكَ إلى مَا بعد خلقِ السَّماواتِ والأرضِ، فإنَّ العرشَ كانَ موجودًا قبلَ خلقِ السَّماواتِ والأرضِ بخمسينَ ألفِ عام كَمَا ثبتَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» [7]. وقالَ سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] فكيفَ يجوزُ أنْ يكونَ غيرَ قادرٍ وَلاَ مستولٍ عَلَى العرشِ إلى أنْ خلقَ السَّماواتِ والأرضَ؟!.
السابعُ:
أنَّ القائلَ بأنَّ معنى (استوى) بمعنى (استولى) شاهدٌ عَلَى الله أنَّه أرادَ بكلامهِ هذا المعنى، وهذهِ شهادةٌ لا علمَ لقائلهَا بمضمونها، بلْ هيَ قولٌ عَلَى الله بلا علمٍ، وقدْ حرَّم الله تعالى الكلامَ بلا علمٍ مطلقًا، وخصَّ القولَ عليهِ بلا علمٍ بالنَّهيِ، وأخبرَ أنَّ الذي يأمرُ بالقولِ بغيرِ علمٍ هو الشيطانُ فقالَ سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقالَ سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *} [البقرة: 169] وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *} [الأعراف: 33]. فلوْ كانَ اللَّفظُ محتمِلًا لها فِي اللُّغةِ وهيهات!! لَمْ يجز أَنْ يشهدَ عَلَى الله أنَّهُ أرادَ هذا المعنى، بخلافِ منْ أخبرَ عَنِ الله تعالى أنَّهُ أرادَ الحقيقةَ والظاهرَ، فإنَّهُ شاهدٌ بما أجرى الله سبحانه عادتَهُ مِنَ خطابِ خلقهِ بحقائقِ لغتهم وظواهرها؛ كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4].
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا كان الاستواءُ فِي لغةِ العرب معلومًا؛ كانَ هو المرادُ؛ لكونِ الخطابِ بلسانهم، وهو المقتضي لقيامِ الحجَّةِ عليهم فإذا خاطبهم بغيرِ مَا يعرفونَهُ كانَ بمنزلةِ خطابِ العربيِّ بالعجمية.
قالَ ابنُ قدامة رحمه الله: إنَّ المتأوِّلَ يجمعَ بينَ وصفِ الله تعالى بصفةٍ ما وصفَ بها نفسَهُ ولا أضافها إليهِ، وبين نفيِ صفةٍ أضافها الله تعالى إليهِ.
فإذا قالَ: معنى استوى «استولى» فقدْ وصفَ الله تعالى بالاستيلاءِ واللهُ تعالى لم يصفْ بذلكَ نفسَهُ، ونفى صفةَ الاستواءِ مع ذكرِ الله تبارك وتعالى لهَا في القرآنِ في سبعةِ مواضعَ. أفمَا كانَ اللهُ سبحانه وتعالى قادرًا على أنْ يقولَ: «استولى» حتَّى جاءَ المتكلِّفُ المتأوِّلُ فتطرَّف وتحكَّمَ على الله سبحانهُ وعلى رسولهِ؟ تعالى الله عمَّا يقولُ الظَّالمونَ علوًّا كبيرًا! [8].
الثامنُ:
أنَّهُ لا يقالُ لمنِ استولى عَلَى بلدةٍ ولم يدخلْهَا ولمْ يستقرَّ فيها بلْ بينهُ وبينها بعدٌ كثيرٌ: أنَّهُ قَدِ استوى عليها، فلا يقالُ استوى أبو بكرٍ عَلَى الشامِ، وَلاَ استوى عمرُ عَلَى مصرَ والعراقِ، ولا قَالَ أحدٌ قطٌّ استوى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى اليمنِ، مع أنَّهُ استولى خلفاؤهُ عَلَى هذهِ البلادِ، ولم يزلْ الشعراءُ يمدحونَ الملوكَ والخلفاءَ بالفتوحاتِ، فلمْ يسمَعْ عنْ قديمٍ منهم جاهليٍّ وَلاَ إسلاميٍّ وَلاَ محدثٍ أنَّهُ مدحَ أحدًا قطُّ أنَّهُ استوى عَلَى البلدِ الفُلانيِّ الّذي فتحهُ واستولى عَلَيهِ، فهذهِ دواوينهم وأشعارهم موجودةٌ.
التاسعُ:
أنَّهُ لَوْ كانَ الاستواءُ بمعنى الملكِ والقهرِ؛ لجازَ أنْ يقالَ: استوى عَلَى ابنِ آدمَ وعلى الجبلِ وعلى الشَّمسِ والقمرِ وعلى البحرِ والشجرِ والدَّوابِ، وهذا لا يطلقهُ مسلمٌ. «ولا استعملَ ذلكَ أحدٌ مِنَ المسلِمينَ في كلِّ شيءٍ، ولا يوجدُ في كتابٍ ولا سنةٍ، كما استعملَ لفظُ الربوبيةِ في العرشِ خاصَّةً {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] وفي كلِّ شيءٍ عامَّةً {رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] وكذلكَ لفظُ الخلقِ ونحوه مِنَ الألفاظِ التي تخصُّ، وتعمُّ. كقولهِ سبحانه وتعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *} [العلق: 1 - 2] فالاستواءُ مِنَ الألفاظِ المختصَّةِ بالعرشِ، لا تضافُ إلى غيرهِ لا خصوصًا ولا عمومًا» [9].
العاشرُ:
أنَّهُ إِذَا فسِّرَ الاسْتِوَاءُ بالغلبةِ والقهرِ؛ عادَ معنى هذه الآياتِ كلِّها إلى أنَّ الله تعالى أعلمَ عبادهُ بأنَّهُ خلقَ السَّماواتِ والأرضَ ثمَّ غلبَ العرشَ بعدَ ذلكَ وقهرهُ وحكمَ عَلَيهِ، أفلا يستحي مِنَ الله مَنْ فِي قلبهِ أدنى وقارٍ لله ولكلامهِ أنْ ينسبَ ذلكَ إليهِ، وأنَّهُ أرادهُ بقوله: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]؛ أي: اعلموا يا عبادي أنِّي بعدَ فراغي منْ خلقِ السَّماواتِ والأرضِ غلبتُ عرشي وقهرتهُ واستوليتُ عَلَيهِ؟!.
الحادي عَشَرَ:
أنَّ أئمَّةَ السنَّةِ متَّفقونَ عَلَى أنَّ تفسيرَ الاسْتِوَاءِ بالاستيلاءِ إنَّما هو متلقًّى عَنِ الجهميَّةِ والمعتزلةِ والخوارجِ .. فلا يجوزُ العدولُ عنْ تفسيرِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ إلى تفسيرهمْ.
الثاني عَشَرَ:
أنَّ الاستيلاءَ يكونُ مَعَ مزايلةِ المستولي للمستولى عَلَيهِ ومفارقتهِ؛ كَمَا يقالُ: استولى عثمانُ بنُ عفَّانَ عَلَى خراسانَ، واستولى عبدُ الملكِ بنُ مروانَ عَلَى بلادِ المغربِ، واستولى الجوادُ عَلَى الأمدِ، قَالَ الشاعرُ:
ألا لمثلكَ أوْ مَنْ أنتَ سابقُهُ سَبْقَ الجَوادِ إذا استولى عَلَى الأمَدِ
فجعلهُ مستوليًا عَلَيهِ بعدَ مفارقتهِ لهُ وقطعِ مسافتهِ، والاستواءُ لا يكونُ إلَّا مَعَ مجاورةِ الشَّيءِ الَّذي يستوى عَلَيهِ؛ كَمَا في قولهِ تعالى: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44] {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13]، وقولهِ: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28]، وهكذا فِي جميعِ مواردهِ فِي اللُّغةِ التي خوطبنا بها، وَلاَ يصحُّ أنْ يقالَ: استوى عَلَى الدَّابة والسطحِ إِذَا نزل عنها وفارقها؛ كَمَا يقالُ: استولى عليها، هَذَا عكسُ اللُّغةِ وقلبُ الحقائقِ، وهذا قطعيٌّ بحمدِ الله.
الثالثُ عَشَرَ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أنَّ نقلَ معنى الاسْتِوَاءِ وحقيقتهِ كنقلِ لفظهِ، بل أبلغُ فإنَّ الأمَّةَ كلَّها تعلمُ بالضَّرورةِ أنَّ الرسولَ أخبرَ عنْ ربِّهِ بأنَّهُ استوى عَلَى عرشِهِ، منْ يحفظُ القرآنَ منهم ومنْ لا يحفظهُ، وهذا المعنى عندهم كَمَا قَالَ مالكٌ وأئمَّةُ السنَّةِ: الاسْتِوَاءُ غيرُ مجهولٍ، كَمَا أنَّ معنى السَّمعِ والبصرِ والقدرةِ والحياةِ والإرادةِ وسائرِ مَا أخبرَ بهِ عنْ نفسهِ معلومٌ، وإنْ كانتْ كيفيَّتهُ غيرَ معلومةٍ للبشرِ؛ فإنَّهم لم يُخَاطَبُوا بالكيفيَّةِ، ولم يردْ منهم العلمُ بها، فإخراجُ الاسْتِوَاءِ عنْ حقيقتهِ المعلومةِ؛ كإنكارِ ورودِ لفظهِ؛ بل أبلغُ، وهذا ممَّا يعلمُ أنَّهُ مناقضٌ لما أخبرَ الله بهِ ورسولُهُ.
الرابعُ عَشَرَ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى وصفَ نفسَهُ بأنَّهُ بيَّنَ لعبادهِ غايةَ البيانِ - وبيانُ الرَّبِّ تعالى فوقَ كلِّ بيانٍ ـ، وأمرَ رسولَهُ بالبيانِ، وأخْبرَ أنَّهُ أنْزلَ عليهِ كتابهُ ليبيِّنَ للنَّاسِ، وقدْ فعلَ سبحانهُ مَا عليهِ، وفعلَ رسولُهُ ما عليهِ، فماذا نشأَ بعدَ ذلكَ إلَّا أنْ نأتيَ بمَا علينا، كما قال الزهْريُّ: «مِنَ الله الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغُ، وعَلَيْنَا التَّسْليمُ» [10] فهذا البيانُ الذي تَكَفَّلَ بهِ سبحانهُ، وأمرَ بهِ رسولهُ، إمَّا أنْ يكونَ المرادُ بهِ بيانَ اللَّفظِ وحدهُ، أو المعْنى وحدهُ، أو اللَّفظِ والمعْنى جميعًا، ولا يجوزُ أنْ يكونَ المرادُ بهِ بيانَ اللَّفظِ دونَ المعْنى، فإنَّ هذا لا فائدةَ فيهِ، ولا يحْصلُ به مقْصودُ الرسالةِ [11]، بل كانَ ترْكهُ أنْفعَ مِنَ الاتيانِ بهِ؛ فإنَّ الاتيانَ بهِ إنَّما حصلَ منهُ إيهامُ المحالِ والتَّشْبيهِ، وأوْقعَ الأمَّةَ في اعْتقادِ الباطلِ. ولا ريبَ أنَّ هذا إذا نسبَ إلى آحادِ النَّاسِ كانَ ذمُّهُ أقْربَ مِنْ مدْحهِ؛ فكيفَ يليقُ نسبتهُ إلى مَنْ كلامهُ هدًى وشفاءٌ، وبيانٌ ورحمةٌ؟ هذا منْ أمْحلِ المحالِ [12]؛ بلْ كانتْ عنايتهُ ببيانِ المعْنى أشدَّ منْ عنايتهِ ببيانِ اللَّفظِ، وهذا هوَ الذي ينْبغي، فإنَّ المعْنى هو المقْصودُ، وأمَّا اللَّفظُ فوسيلةٌ إليهِ ودليلٌ عليهِ، فكيفَ تكونُ عنايتهُ بالوسيلةِ أهمَّ منْ عنايتهِ بالمقْصودِ؟ وكيفَ نتيقنُ بيانَهُ للوسيلةِ، ولا نتيقنُ بيانهُ للمقْصودِ؟ وهلْ هذا إلَّا منْ أبينِ المحال؟!
الخامسُ عَشَرَ:
أنَّ الله سبحانه وتعالى ذمَّ المحرِّفينَ للكلمِ، والتَّحريفُ نوعان: تحريفُ اللَّفظِ، وتحريفُ المعنى.
أمَّا في اللَّفظِ، فمثالهُ نصبُ اسمِ الجلالةِ بدلَ رفعهِ في قولهِ تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ليكونَ التكليمُ منْ موسى عليه السلام.
وأمَّا في المعنى؛ كتحريفِ معنى الاستواءِ إلى الاستيلاءِ.
ولو تدبَّرَ المشتغلونَ بعلمِ الكلامِ كتابَ الله، لمنعهم ذلكَ منْ تبديلِ الاستواءِ بالاستيلاءِ، لأنَّ الله جلَّ وعلا يقولُ في محكمِ كتابهِ: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ *} [البقرة: 59]. ويقولُ: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ *} [الأعراف: 162]، فالقولُ الذي قالهُ الله لهم، هوَ قولهُ حطةٌ، فقالوا حنطةٌ وهي القمحُ. «فَلَقُوا من البلاء ما لَقُوا - وإنَّما زادوا حَرْفًا في الكلمة ـ؛ يُعَرِّفُهُمْ أنَّ الزيادةَ في الدِّين والابتداعَ في الشَّرعِ عظيمُ الخَطَرِ.
وإذا كانَ تغييرُ كلمةٍ في بابِ التوبةِ - وذلكَ أمرٌ يرجعُ إلى المخلوقِ - يوجبُ كلَّ ذلكَ العذابِ؛ فما ظنُّكَ بتغييرِ ما هوُ خبرٌ عنْ صفاتِ المعبودِ؟!» [13].
وأهلُ التَّأويلِ قيلَ لهم: على العرشِ استوى. فزادوا لامًا فقالوا: استولى. وهذهِ اللامُ التي زادوها أشبهُ شيءٍ بالنُّونِ التي زادهَا اليهودُ في قولهِ تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58].
قال ابن القيِّمِ رحمه الله:
أُمِرَ اليهودُ أن يقولوا حِطَّةٌ فَأَبَوْا وقالوا حِنْطَةٌ لِهَوَانِ
وكذلكَ الجهميُّ قيل له استوى فأَبَى وزادَ الحَرْفَ للنُّقْصَانِ
(يُتْبَعُ)
(/)
قَالَ اسْتَوَى اسْتَوْلَى وذَا مِنْ جَهْلِهِ لغةً وعقلًا مَا هما سيَّانِ
نُون اليهودِ ولامُ جَهْمِيٍّ هما فِي وَحْيِ رَبِّ العرشِ زَائِدَتَانِ
وكذلكَ الجَهْميُّ عَطَّلَ وَصْفَهُ وَيَهُودُ قَدْ وَصَفُوهُ بالنُّقْصَانِ
فَهُمَا إِذًا فِي نَفْيِهِمْ لِصفَاتِهِ الـ عُلْيَا كَمَا بَيَّنْتُهُ أَخَوَانِ [14]
ولا شكَّ أنَّ منْ بدَّل استوى بـ (استولى) لم يتَّبعْ ما أوحيَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. فعليهِ أنْ يجتنبَ التبديلَ ويخافَ العذابَ العظيمَ، الذي خافهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لو عصا الله فبدَّلَ قرآنًا بغيرهِ المذكورُ في قولهِ تبارك وتعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15].
وأهلُ [التَّحريفِ] لم ينكروا أنَّ كلمةَ القرآنِ هي استوى، ولكنْ حرَّفوها وقالوا في معناها استولى وإنَّما أبدلوها بها، لأنَّها أصلحُ في زعمهمْ منْ لفظِ كلمةِ القرآنِ، لأنَّ كلمةَ القرآنِ توهمُ غيرَ اللائقِ، وكلمَةُ استولى في زعمهم هي المنزِّهةُ اللائقةُ بالله مَعَ أنَّهُ لا يعقلُ تشبيهٌ أشنعُ منْ تشبيهِ استيلاءِ اللهِ على عرشهِ المزعومِ، باستيلاءِ بشرٍ على العراقِ.
وليسَ بلائقٍ قطعًا، إلَّا أنَّهُ يقولُ: إنَّ الاستيلاءَ المزعومَ منزَّهٌ، عنْ مشابهةِ استيلاءِ الخلقِ، معْ أنَّهُ ضربَ لهُ المثلَ باستيلاءِ بشرٍ على العراقِ واللهُ يقولُ: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ *} [النحل: 74] [15].
ونحنُ نقولُ: أيُّها المؤوِّلُ هذا التَّأويل، نحنُ نسألكَ إذا علمتَ أنَّهُ لا بدَّ منْ تنزيهِ أحدِ اللَّفظينِ أعنىَ لفظَ (استوى) الذي أنزلَ الله بهِ الملَكَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم قرآنًا يتلى، كلُّ حرفٍ منهُ عشرُ حسناتٍ ومنْ أنكرَ أنَّهُ منْ كتابِ الله كفرَ. ولفظة استولى التي جاءَ بها قومٌ منْ تلقاءِ أنفسهم منْ غيرِ استنادٍ إلى نصٍّ منْ كتابِ الله ولا سنَّةِ رسولهِ ولا قولِ أحدٍ مِنَ السَّلفِ. فأيُّ الكلمتينِ أحقُّ بالتنزيهِ في رأيِكَ؟! [16].
والظَّاهر أنَّك ستضطرُ إلى أنْ تقولَ: إنَّ كلامَ ربِّ العالمينَ أحقُّ بالتنزيهِ منْ كلامٍ جاءَ بهِ ناسٌ منْ تلقاءِ أنفسهم منْ غيرِ استنادٍ إلى دليلٍ منْ نقلٍ ولا عقلٍ إلَّا إذا كنت مُكَابِرًا، والمُكَابِرُ لا داعي للكلامِ معهُ {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ *} [الأنعام: 104] [17].
وهذه الوجوهُ كافيةٌ شافيةٌ نافعةٌ لمنْ أرادَ الهدايةَ.
ونختمُ هذا الفصلَ بنقطتينِ:
إحداهُما: أنَّهُ ينبغي للمُؤَوِّلِينَ أنْ يتأمَّلُوا آيةً منْ «سورةِ الفرقان» وهيَ قولهُ تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] ويتأمَّلوا معها قولَهُ تعالى في سورةِ فاطر: {وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 14].
فإنَّ قولَهُ في الفرقانِ: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] بعدَ قولهِ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الفرقان: 59] يدلُّ دلالةً واضحةً: أنَّ الله الذي وصفَ نفسهُ بـ «الاستواءِ» خبيرٌ بما يصفُ بهِ نفسهُ لا تخفى عليهِ الصِّفةَ اللائقةَ منْ غيرهَا.
ويفهمُ منهُ: أنَّ الذي ينفي عنهُ «صِفَةَ الاسْتِوَاءِ» ليسَ بخبيرٍ، نعمْ هُو واللهِ ليسَ بخبيرٍ [18].
الثانيةُ: إنَّ السَّلَفِيِّينَ إذا قيلَ لهم: ما الدليلُ على أنَّ اللهَ تعالى فَوْقَ العَرْشِ؟ قالوا: قالَ اللهُ سبحانه وتعالى كذا، وقالَ رسولُهُ صلى الله عليه وسلم كذا. وأنتم إذا قيلَ لكم: ما الدليلُ على تفسيرِ الاستواءِ بالاستيلاءِ؟ قلتم: قالَ الأخْطلُ:
استوى بشرٌ على العراقِ ...
بَنَيْتُمْ مذْهبَكُم على بيتِ شعرٍ منْ قولهِ، وتركْتُمْ الكتابَ والسُّنَّةَ؟!
وهذا قطرةٌ منْ بحرٍ نبَّهنا بهِ تنْبيهًا يعلمُ بهِ اللَّبيبُ ما وراءهُ. وإلَّا لو أعْطينا هذا الموضعَ حقَّهُ - وهيهاتَ أنْ يصلَ إلى ذلكَ علْمنا، أوْ قدرتنا - لكتبنا فيهِ عدَّةَ أسْفارٍ، وكذا كلُّ وجهٍ منْ هذهِ الوجوهِ، فإنَّهُ لو بسطَ، وفصِّلَ لاحْتملَ سفرًا أو أكْثرَ [19].
فعلى المتأوِّل أنْ يجيبَ عنْ ذلكَ كلِّه! وهيهاتَ لهُ بجوابٍ صحيحٍ عنْ بعضِ ذلكَ!
--------------------------------------------------------------------------------
[1] درء تعارض العقل والنقل (7/ 123).
[2] انظر: شرح العقيدة الواسطية (ص107 - 108)، للعلامة: ابن عثيمين رحمه الله.
[3] شرح العقيدة الواسطية (ص75)، للعلامة: محمد خليل هراس رحمه الله.
[4] درء تعارض العقل والنقل (5/ 382).
[5] البداية والنهاية (9/ 8 و273).
[6] مجموع الفتاوى (6/ 297).
[7] رواه مسلم (2653).
[8] تحريمُ النظر في كتب الكلام (ص53)، للإمام: موفّق الدين ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
[9] انظر: مجموع الفتاوى (17/ 376).
[10] أخرجه البخاري (6/ 2738) تعليقًا [طبعة دار ابن كثير، الطبعة الثالثة].
[11] الصواعق (ص737).
[12] مختصر الصواعق (2/ 145).
[13] الحوادث والبدع (ص27 - 28).
[14] الكافية الشافية (ص157).
[15] قال أبو هريرة رضي الله عنه لرجل: «يا ابنَ أخي! إذا حدَّثْتُكَ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلا تَضْرِبْ له الأمثالَ» أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب: تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على منْ عارضه (22)، وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في «صحيح سنن ابن ماجه» (20).
[16] أضواء البيان (7/ 452 - 453).
[17] آداب البحث والمناظرة (2/ 161).
[18] منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات (ص88)، للعلامة الشنقيطي رحمه الله.
[19] الصواعق (ص917).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[11 - Jul-2009, مساء 06:01]ـ
الإعتراض الخامس: إعتراضهم على الإستدلال بآيات الصعود والعروج والرفع والفوقية وتنزيل الكتب
قال ابن جهبل ((فأوّل ما استدل به قوله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب)!
فليت شعري أي نص في الآية أو ظاهر على أنّ الله تعالى في السماء أو على العرش؟ ثم نهاية ما يتمسك به أنه يدل على علوّ يُفهم منه الصعود وهيهات، زلّ حمار العلم في الطين؟! فإنّ الصعود في الكلام كيف يكون حقيقته مع أن المفهوم في الحقائق أن الصعود من صفات الأجسام!!! فليس المراد إلا القبول و مع هذا لا حد و لا مكان.
وأتبعهما بقوله تعالى: (إنّي متوفيك و رافعك إليّ) و ما أدري من أين استنبط من هذا الخبر أن الله تعالى فوق العرش من هذه الآية؟! هل ذلك بدلالة المطابقة أو التضمن أو الالتزام أو هو شيء أخذه بطريق الكشف والنفث في الروع! و لعله أعتقد أن الرَّفع إنّما يكون في العلو في الجهة فإنّ كان كما خطر له فذالك أيضا لا يُعقل إلا في الجسميّة و الحدّيّة!!! وإنّ لم يقل بهما فلا حقيقة فيما استدلّ به وإن قال بهما فلا حاجة إلى المغالطة و لعلّه لم يسمع الرفعة في المرتبة و التقريب في المكانة من استعمال العرب و العرف و لا " فلان رفع الله شأنه "
وأتبع ذالك بقوله: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) و خصّ هذا المُستدل " من " بالله تعالى! و لعلّهُ لم يُجوّز أن المراد به ملائكة الله تعالى! و لعلّهُ يقول: إنّ الملائكة لا تفعل ذالك! و لا أنّ جبريل عليه السلام خسف بأهل سدوم! فلذلك استدل بهذه الآية و لعلها النّص الذي أشار إليه.
وأتبعه بقوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه) و العروج و الصعود شيء واحد و لا دلالة في الآية على أن العروج إلى سماء و لا عرش و لا شيء من الأشياء التي ادّعاها بوجه من الوجوه لأنّ حقيقته المستعملة في لغة العرب في الأنتقال في حق الأجسام إذ لا تعرف العرب إلا ذالك فليت لو أظهره و استراح من كتمانه. وأردفه بقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) و تلك أيضا لا دلالة له فيها على سماء ولا عرش و لا أنّه في شيء من ذالك حقيقة.))
إلى أن قال ((وختم الآيات الكريمة بالإستدلال بقوله تعالى: (تنزيل من حكيم حميد) (مُنزل من ربك بالحق) و ما في الآيتين لا عرش ولا كرسي ولا أرض بل ما فيهما إلا مجرد التنزيل وما أدري من أي الدّلالات استنبطها االمُدّعي؟!
فإنّ السماء لا تُفهم من التنزيل فإن التنزيل قد يكون من السماء وقد يكون من غيرها و لا تنزيل القرآن كيف يُفهم من النّزول الذي هو انتقال من فوق إلى أسفل؟!
فإنّ العرب لا تفهم ذالك في كلام سواء كان من عرض أو غير عرش و كما تُطلِق العرب النزول على الإنتقال تُطلقه على غيره كما جاء في كتابه العزيز: (و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد) و قوله تعالى: (و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) و لم ير أحد قطعة حديد نازلة من السماء في الهواء و لا جملاً يُحلّق من السماء إلى الأرض!!! فكما جوّز هنا أن النّزول غير الانتقال من العلو إلى السفل فليجوّزه هناك)).انتهى
والجواب عليه:
أولا: المعلوم أن الصعود والرفع يكون من أسفل إلى أعلى.
قال الله جل وعلا في كتابه (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وقال جل وعلا في حق عيسى عليه السلام (بل رفعه الله إليه) وقال جل وعلا (يا عيسى إني متوفيك (ورافعك إليّ) وهذا الرفع وهذا الصعود معلوم ضرورة في اللغة أنه من، أنزل إلى أعلى ومن أسفل إلى أعلى، والدلالة واضحة.
فالكلمات تصعد إلى الله، والعمل الصالح يرفعه الله، وهذا يدل على أن الله عال بذاته، لأن الأشياء تصعد إليه وترفع.
وإن لم تكن هذه الآية ونحوها نصا في إثبات العلو فما هو النص, والنص هو الذي لا يحتمل غير معناه ,فإن "إلى" لانتهاء الغاية والمعنى أن الصعود ينتهي إلى الله.
-جاء في تفسير ابن كثير ((وقوله تعالى: " والعمل الصالح يرفعه " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما الكلم الطيب ذكر الله تعالى يصعد به إلى الله عز وجل)).
-وجاء في تفسير الطبري (وقوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} يقول تعالى ذكره: إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه).
(يُتْبَعُ)
(/)
-قال الإمام أحمد: (و قد اخبرنا انه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)
(أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)
وقال: (إليه يصعد الكلم الطيب)
وقال: (إني متوفيك ورافعك إلي)
وقال: (بل رفعه الله إليه)
وقال: (يخافون ربهم من فوقهم)
وقال: (وهو القاهر فوق عباده)
وقال: (وهو العلي العظيم)
فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ, أَخْبَرَنَا أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ, وَوَجَدْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَسْفَلَ مِنْهُ مَذْمُومًا, يَقُولُ اللَّهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ -: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) (الرد على الجهمية و الزنادقة).
تأمل ولو لمرة هذا الكلام الذي أورده في الرد على الجهمية الذين ظهروا قبل الأشاعرة أفلا يدلك هذا أن شبهات الأشاعرة اليوم لا تختلف عن شبهات أجدادهم الجهمية المعطلة؟!!!.
وقال الإمام الحافظ الحجة أبو عاصم خشيش بن أصرم النسائي المتوفى سنة 253 للهجرة - شيخ أبي داود والنسائي - في كتابه الإستقامة:
((وأنكر جهم أن يكون الله في السماء دون الأرض، وقد دل في كتابه أنه في السماء دون الأرض:
بقوله: ((إني متوفيك ورافعك إلي وطهرك من الذين كفروا)) وقوله: ((وما قتلوه يقيناً))
وقوله: ((بل رفعه الله إليه))
وقال: ((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه))
وقوله: ((إليه يصعد الكلم الطيب))
وذكر أكثر من 75 دليل من القرآن مثل ((ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور () أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا)) ثم قال:
لو كان في الأرض كما هو في السماء لم ينزل من السماء إلى الأرض شيء ولكان يصعد من الأرض إلى السماء كما ينزل من الأرض إلى السماء، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله في السماء دون الأرض ثم ذكر أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.)) نقله بنصه الملطي الشافعي مرتضياً له في التنبيه والرد ص104
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية ((وقد قال عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وقال سبحانه: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وقال سبحانه: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} وهذه الآيات التي استشهد بها الإمام أحمد لقول ابن المبارك وكذلك هي التي احتج بها عثمان بن سعيد الدارمي وغيره على ذلك فهذا الرازي وموافقوه على النفي من المعتزلة ومتأخري الأشعرية يسلمون أن الاستدلال بهذه الآيات على أن الله فوق العرش يستلزم القول بدلالتها على أن الله متحيز في جهة وأن له حدا وقد تقدم تمام قول الأشعري.
قال أيضا: "وقد قال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} وقال سبحانه: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} وقال سبحانه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} قال: "وكل هذا يدل على أنه في السماء مستو على عرشه" قال: "والسماء بإجماع الناس ليست في الأرض فدل على أنه عز وجل منفرد بوحدانيته مستو على عرشه كما وصف نفسه قال وقال سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} وقال عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} وهاتان الآيتان هما اللتان احتج بهما أحمد على قول ابن المبارك في الرواية الأخرى ".
قال: وقال سبحانه: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} وقال سبحانه: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} قال: "واجتمعت الأمة على أن الله رفع عيسى إلى السماء" قال: "ومن دعاء المسلمين جميعا إذا هم رغبوا إلى الله في الأمر النازل بهم أنهم يقولون يا ساكن العرش أو يا من احتجب بالعرش أو بسبع سموات وهذا تصريح منه باحتجابه بالأجسام المخلوقة وهذا عند منازعيه من نفاة أصحابه وغيرهم يستلزم أن يكون جسما متحيزا" ......
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد رد على ابن جهبل: العلامة أحمد عيسى في كتابه تنبيه النبيه فقال رحمه الله: ((أنت الذي زل حمارك وكثر خطؤك وعثارك فإن الصعود إن كان لا يعقل إلا في الأجسام فقد نقل مقلدك المدارسي قال روي عن عبد الله بن مسعود قال: إذا حدثنا كم بحديث أتينا كم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل أن العبد المسلم إذا قال الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله أخذها الملك فجعلها تحت جناحه ثم يصعد بها فلا يمر على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحي بها وجه الرحمن ثم تلا عبد الله: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح)) أخرجه ابن جرير وابن منذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات.فإذا كان الصعود لا يعقل إلا في الأجسام فقد كفانا المدارسي المؤونة ونقل أن الذي يصعد بهن ملك فتقرر النص ولله الحمد) انتهى.
ثانيا: هذه الآيات لا نريد إثبات بها العرش إنما نثبت فوقية الله تعالى فكون الآية لم يرد فيها (العرش) ولا (السماء) لا يعني انكار العلو لأن نصوص الكتاب في إثبات العلو تنوعت منها نصوص كونه سبحانه في السماء ومنها نصوص إستواءه سبحانه على العرش ومنها نصوص الصعود ومنها نصوص النزول وكلامنا الآن عن نصوص الصعود فقد جاءت بكل وضوح تدل على صعود الكلم الطيب إلى الله تعالى وكذلك رفع الأعمال إليه وأما قولك بأن الصعود يكون للأجسام فمن سبقك لهذا؟ ثم أليس نبي الله المسيح عليه السلام بشرا أي من الأجسام المخلوقة؟!!
وهذا الحديث القاطع يقصم ظهر كل محرف أو معطل
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله - تعالى - يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل. ورواه مسلم أيضا، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون.
.
وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان ملك الموت يأتي الناس عيانا، فأتى موسى - عليه الصلاة والسلام - فلطمه فذهب بعينه، فعرج إلى ربه - عز وجل - فقال: يا رب، بعثتني إلى موسى فلطمني فذهب بعيني، ولولا كرامته عليك، لشققت عليه. قال: ارجع إلى عبدي، فقل له: فليضع يده على ثور، فله بكل شعرة وارت كفه سنة يعيشها، فأتاه فبلغه ما أمره، فقال: ثم ماذا بعد ذلك؟ قال: الموت. قال: الآن، فشمه شمة قبض فيها روحه، ورد الله على ملك الموت بصره. وفي لفظ: فلطم عينه ففقأها، فرجع فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فرد الله عليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي، فقل له: إن كنت تريد الحياة، فضع يدك على متن ثور، وفيه قال: يا رب، فالآن. وقال: رب، أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر. متفق عليه.
ثالثا: أما تأويل ابن حهبل للعروج فقد رد عليه العلامة ابن عيسى في كتابه: تنبيه النبيه و الغبي ":
(أقول: لما عجز عن تأويل هذا النص عدل الى المكابرة لأنه لم يمكنه تأويل صعود الملائكة و عروجهم الى ربهم بالقبول و نحوه قال: ان العروج هو الانتقال في الأجسام
يقال له: ان الملائكة أجسام نورانية و صعودهم و نزولهم في الكتاب و السنة فإن كذّبت بذلك فقد كفرت نعوذ بالله من ذلك , و قوله: " لا دلالة في الآية على أن العروج إلى سماء و لا عرش " يقال له: بل هي نص في ان العروج الى الله لأن الى لانتهاء الغاية , و الضمير في إليه عائد الى الله بالضرورة نعوذ بالله من التمحل) اهـ من تنبيه النبيه و الغبي ص 339 - 340
قلت: و الرد على كلام ابن جهبل له وجوه أخرى أيضا منها هذا الوجه:
و هو ان يقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله ان العروج حقيقته المستعملة في لغة العرب للأجسام: فهذا لا يصح له , لأن الألفاظ في لغة العرب لا تخرج عن ان تكون مضافة الى مخلوق: فحقيقة اللفظ المضاف (أي كنهه و كيفيته) على حسب حقيقة المخلوق و ان كان المعنى معلوما , كقولنا ان فلانا رحيم بأهله , فنحن نعرف معناها و حقيقتها فنصف حقيقتها بأنها رقة في القلب
أو: ان تكون مضافة للخالق , فحقيقة اللفظ المضاف (أي كنهه و كيفيته) غير معروفة لنا , كقولنا ان الله تعالى رحيم , فنحن نعرف معنى الرحمة و لكننا نجهل حقيقتها و كنهها لأن هذا مما استأثر به الله تعالى
أو: ن لا يكون مضافا لشيء , فهذا لا يصح فيه التفذلك على حقيقته لأن الحقيقة أصلا غير معلومة إلا بالإضافة فإن كانت لمخلوق فربما عرفنا كيفية ذلك و ربما لم نعرف و ان كانت للخالق عز و جل: كنا بذلك جاهلين فنؤمن بذلك و لا نتمحل
فهذه ثلاث حالات في مسألة الألفاظ في لغة العرب
رابعا: أما عن التنزيل والنزول فيقال لك: ان التنزيل و النزول إنما يكون في لغة العرب من العلو دوما , و قد عهد نزول أصل الإنسان و هو آدم عليه السلام من علو الى سفل كما قال تعالى " اهبطا منها جميعا " فما المانع ان ينزل أصل الأنعام مع أصل الأنام؟ و قد ورد في نزول الكبش فدية لنبينا إسماعيل عليه السلام ما هو معروف و أيضا فإن نزول الانعام من أرحام الإناث يقتضي النزول من علو الى سفل بهذا ينتقض كلامك و يستبين جهالة مرامك.
و الحديد نزل من السماء الى الأرض و ان كنتَ لم تره فهذا من المعلوم من الكتاب و السنة و قد رويت آثار في نزول الحديد , و أيضا فإن الحديد يكون في الجبال و هي عالية و هذا وجه آخر في إبطال كلامك.
وأما قوله: (أن العرب لا تفهم ذلك أي النزول في كلام سواء كان من عرض أم من غير عرض) فيقال في جوابه ((لكن يفهم نزول الملك به وهو جبريل عليه السلام كما قال تعالى ((وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين) وقوله تعالى ((قل نزله روح القدس من ربك)) فمن أنكر أن جبريل ينزل بكلام الله تعالى فقد رد النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وكفى بذلك ضلالا ,وقوله تعالى ((تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) فإن التنزيل يستلزم علو المنزل من عنده لا تعقل العرب من لغاتها بل ولا غيرها من الأمم إلا ذلك ,وقد أخبرنا أن التنزيل الكتاب منه فهذا يدل على شيئين:
أحدهما: علوه تبارك وتعالى على خلقه.
الثاني: أنه هو المتكلم بالكتاب المنزل لا غيره فانه أخبر أنه منه وهذا يقتضي أن يكون منه قولا كما أنه منه تنزيلا.
خامسا: الفوقية تأتي بالمعنيين: تأتي حسية ومعنوية، فالحسية مثل قوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50]، ففي هذه الآية إثبات صفة الفوقية الحسية، وأما الفوقية المعنوية فمثل قوله تعالى في أتباع عيسى: وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55] فهذه الفوقية ليست حسية، بل المقصود بها الفوقية المعنوية بالترفع عليهم فقط. وكذلك فوقية الله سبحانه وتعالى على خلقه فوقية حسية وفوقية معنوية: فوقية حسية بارتفاعه وعلوه واستوائه على عرشه، وفوقيته المعنوية بمخالفته للحوادث وقهرهم بإحاطته بما هم فيه. فالله له العلو المطلق، فله علو الشأن، فشأنه عظيم، ولا يحيطون بشيء من علمه، ولا يحيطون به علماً سبحانه وتعالى، وله علو القهر، فقد غلب كل شيء، وقهر كل شيء، وعلا على كل شيء، وله علو الذات سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فاستوى فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته، كما جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة، والكرسي بجوار العرش كحلقة في فلاه)، والله على عرشه استوى.
وقد يقول قائل: ولماذا فسرتم قوله تعالى ((يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) بالفوية الحسية دون المعنوية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فيقال: لأن سياق الكلام في كلام العرب يدل على الفوقية الحسية لا المعنوية فقد جاءت الآيات تتحدث عن عباد الله المتقين الذين يخافون ربهم الذي فوقهم (من فوقهم) فلا شك أن لفظ الفوق إذا جاء مجرورا ب (من) لا يفهم منه إلا الفوقية الحسية كما في قوله تعالى ((إذا جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم)) وكقوله تعالى ((قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم .. )) فإذا لم تكن هذه فوقية حسية فماعساها أن تكون؟!!!!
أما تفسيرك للفوقية الحسية التي يثبتها السلفيين بأنها جسم فوق جسم فذاك في حق المخلوقات ولكن كلامنا عن الخالق جلا جلاله الذي (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). وقد تقدم الرد على هذا في الرد على الشبهات فليراجع.
من طرائف ابن جهبل
و للعلم: لم يكن ابن جهبل محققا لمذهب السلف بل من طرائفه في رده على شيخ الإسلام ابن تيمية انه أدرج كلام الإمام أحمد مع كلام ابن تيمية و ظن انه كله كلام الامام أحمد! فقال:
(و لو تنازل واكتفى بما نُقل عن إمامه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، حيث قال: " لا يُوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نتجاوز القرآن والحديث، ونعلم أن ما وُصِفَ اللهُ به من ذلك فهو حق، ليس فيه لغو ولا أحاج، بل معناه يُعرف من حيث يُعرف مقصود المتكلم بكلامه، وهو مع ذلك (ليس كمثله شيء) في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكان ينبغي أن الله سبحانه له ذات حقيقية، وأفعال حقيقية، وكذلك له صفات حقيقية، وهو (ليس كمثله شيء) لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكل ما أوجب له نقصاً أو حُدوثاً فإن الله عز وجل منزه عنه حقيقةً، فإنه سبحانه مُستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وممتنع عليه الحدوث لا متناع العدم عليه، واستلزام الحدوث سابقة العدم، وافتقار المُحدَث إلى مُحدِث ووجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى "
ولقد أتى إمامك في هذا المكان بجوامع الكلم، وساق أدلة المتكلمين على ما تدعيه بأحسن رد وأوضح معان، مع أنه لم يأمر بما أمر به هذا الفريق.) اهـ كلام ابن جهبل في رسالته تلك!
و الطريف ان الكلام الملّون باللون الأحمر هو كلام شيخ الإسلام أصلاً! و لكن ابن جهبل ظنه كلام الإمام أحمد! و كلام الإمام أحمد انتهى عند قوله: " لا يُوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نتجاوز القرآن والحديث "
فامتدح كلام شيخ الإسلام ظانا أنه كلام الامام أحمد! و احتج بكلامه عليه! و هذا يدلك على مدى تحقيق مثل هذا لمذهب السلف!
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[11 - Jul-2009, مساء 08:33]ـ
الإعتراض السادس: إعتراضهم على دليل:رفع الأيدي إلى السماء.
قالو: أنَّ ذلكَ إنَّما لكونِ السَّماءِ قبلةَ الدعاءِ، كمَا أنَّ الكعبةَ قبلةٌ للصَّلاةِ، ثمَّ هوَ منْقوضٌ بوضعِ الجبْهةِ على الأرضِ معَ أنَّهُ ليسَ في جهةِ الأرضِ)) انتهى
وهذا الكلامُ باطلٌ معلومٌ بالاضطرارِ بطلانُهُ، مخالفٌ لصريحِ المعقولِ، وصحيحِ المنقولِ عنْ الرسولِ صلى الله عليه وسلم. وذلكَ يظهرُ بوجوهٍ:
أحدُها:
أنَّ قولَكُم: إنَّ السَّماءَ قبْلَةُ الدُّعاءِ لمْ يقلْهُ أحدٌ منْ سلفِ الأمَّةِ، ولا أنْزلَ اللهُ بهِ منْ سُلطانٍ، وهوَ قولٌ مُحْدَثٌ، ومخالفٌ لإجماعِ المسلمينَ، ولما عُلِمَ بالاضطرارِ منْ دينِ الإسلامِ، فيكونُ منْ أبطلِ الباطلِ.
الوجهُ الثاني:
أنَّ توجُّهَ الخلائقِ بقلوبهم وأيديهم وأبصارهم إلى السَّمَاءِ حالَ الدُّعاءِ أمرٌ فطريٌّ ضروريٌّ لا يختصُّ بهِ أهلُ المللِ والشرائعِ؛ والمسْتقبلُ للكعبةِ يعْلمُ أنَّ الله تعالى ليسَ هناكَ، بخلافِ الدَّاعي، فإنَّه يتوجَّهُ إلى ربِّهِ وخالقهِ، ويرجو الرَّحمةَ أنْ تَنْزِلَ منْ عندهِ.
الوجهُ الثالثُ:
أنَّ قبلةَ الدُّعاءِ هي قبْلةُ الصَّلاةِ، فإنَّهُ يسْتحبُّ للدَّاعي أنْ يسْتقْبلَ القِبْلَةَ، وكانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسْتقبلُ القبْلةَ في دعائهِ في مواطنَ كثيرةٍ، فمنْ قالَ: إنَّ للدُّعاءِ قبْلةً غيْرُ قبْلةِ الصَّلاةِ، أو إنَّ لهُ قبْلتينِ: إحْداهما الكعْبةُ، والأخْرى السَّماءُ، فقدِ ابْتدعَ في الدِّينِ، وخالفَ جماعةَ المسْلمينَ.
الوجهُ الرابعُ:
(يُتْبَعُ)
(/)
أنَّ القبلةَ تقبلُ النَّسخَ، كما نُسِخَتْ منْ بيتِ المقْدِسِ إلى المسجدِ الحرامِ، أمَّا التَّوجُّهُ إلى السَّماءِ حالَ الدُّعاءِ فهوَ أمْرٌ مركوزٌ في الفطرِ، لا يتوجَّهونَ إلى غيرِ جهةِ العلوِّ، يفعلهُ العالمُ والجاهلُ.
وإذا كانتِ القبلةُ أمرًا يقبلُ النَّسخَ والتبديلَ فيجبُ على هذا التقديرِ إذا كانتِ السَّماء قدْ جعلتْ قبلةً للدعاءِ أنْ يجوز تغييرُ ذلكَ وتبديلُه؛ حتىَّ يجوز أنْ يُدْعا الله إلى نحو الأرضِ، ويجوزُ أنْ يدعوهُ الإنسانُ مِنَ الجهاتِ السِتِّ، ويمدُّ يدَهُ وعينيهِ إلى سائرِ جهاتهِ، وأنْ يكونَ ذلكَ قبلةً لبعضِ الدَّاعينَ دونَ بعضٍ [1].
الوجهُ الخامسُ:
أنَّ القبلةَ: مَا يستقبلهُ العابدُ بوجههِ، كما تُسْتَقْبَلُ الكعبةُ في الصَّلاةِ والدُّعاءِ والذِّكرِ والذَّبْحِ، ولذلك سمِّيتْ وُجْهَةً، والاسْتقْبالُ خلافُ الاسْتدْبارِ، فالاسْتقْبالُ بالوجْهِ، والاستدْبارُ بالدُّبرِ، فأمَّا مَا حاذاهُ الإنْسانُ برأسهِ أو يديهِ أو جنْبهِ، فهذا لا يسمَّى قبْلةً، لا حقيقةً ولا مجازًا، فلو كانتِ السَّماءُ قبلةَ الدُّعاءِ، لكانَ المشروعُ أنْ يوجِّهَ الدَّاعي وجههُ إليها، وهذا لمْ يشْرعْ.
الوجهُ السادسُ:
أنَّ القبلةَ لا يجدُ النَّاسُ فِي أنفسهم معنًى يطلب تعيينها، وَلاَ فرقَ بين قبلةٍ وقبلةٍ، بخلافِ التَّوجُّهِ في الدُّعاءِ نحوَ السَّماءِ، فالنَّاسُ يجدونَ في أنْفسهم طلبًا ضروريًّا لما فوق.
الوجهُ السابعُ:
عندما كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقَلِّبُ وجههُ (في السَّماء) يسألُ الله عزَّ وجلَّ - وهوَ أعلمُ بهِ - عن القبلةِ، استجابَ لهُ ربُّه وحدَّد لهُ المسجدَ الحرامَ، كما قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144] والنصُّ هنا يشيرُ بوضوحٍ إلى أنَّ الله عزَّ وجلَّ أبدلَ نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم قبلةً جديدةً يرضاها هي المسجدُ الحرامُ بدلًا منْ بيتِ المقدسِ، ولم يسمِّ تَقَلُّبَ وجهِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في السَّماءِ توجُّهًا نحو القبلةِ، بلْ إنَّ النَّصَّ يشيرُ إلى أنَّ تَقَلُّبَ وجههِ في السَّماءِ إنَّما كانَ ينتظرُ الأمرَ مِنَ الله في السَّماء، الذي استجابَ لهُ وعيَّن لهُ قبلةً في الأرضِ لا في السَّماء [2].
الوجهُ الثامنُ:
رفعُ الأيدي بالدعاءِ «يتضمنُ ثلاثةَ أشياء: الرفعُ الذي فيهِ الإشارة الحسية الظاهرة، والقصدُ والإرادة التي يقصدُ بها الصمدُ الأعلى، والاعتقاد الذي هو أصلُ القصدِ الذي هو أصلُ العمل. [والجهمية يزعمون] أن الثلاثة فاسدة. فيقال: لو كانَ الأمرُ كذلك لكانَ النهيُ عن ذلك من أعظمِ الواجباتِ في الدينِ، إذ ذاكَ من أعظمِ المنكراتِ لتضمنهِ اعتقادًا فاسدًا في حقِّ اللهِ تعالى، ودعًا فاسدًا متعلقًا بهِ، وعبادةً غير صالحة لهُ.
ومِنَ المعلومِ أنَّ اللهَ قد بعثَ الأولينَ والآخرينَ مِنَ النبيِّين مبشرين ومنذرين، ولم ينه أحدٌ من الأنبياء والمرسلين لبني آدمَ عن شيء من ذلك، لا عن هذا الرفعِ ولا عن هذا القصدِ ولا عن هذا الاعتقاد، بل كانَ الأنبياءُ موافقين لهم على هذا العمل، وذلك يوجب العلم الضروري من دين النبيين: أن ذلك عندهم ليس من المنكر بل من المعروف، وذلك يبطلُ كونهُ مبنيًّا على اعتقادٍ فاسدٍ في حقِّ الله تعالى مستلزمًا له ودالًّا عليهِ، فإن كلَّ ما كانَ متفرعًا عن الاعتقاد الفاسد أو كانَ مستلزمًا له مثل أن يكونَ دليلًا عليه فإنهُ يجبُ النهي عنهُ، فإن العقائدَ الفاسدةَ، والمقاصدَ الفاسدةَ، في حقِّ الله تعالى تجبُ إزالتها وإزالةُ فروعها وأصولها التي توجبها.
وإذا كان كذلك فالجهمية تنهى عن هذا الاعتقادِ وهذه الإرادةِ، فهم ناهونَ عن معرفةِ اللهِ تعالى وعبادتهِ» [3].
فتبيَّنَ منْ هذا الكلامِ: أنَّ القولَ بأنَّ السَّماءَ قبلةُ الدُّعاءِ منْ أعْظمِ الفريةِ على الله، وأنَّهُ منْ جملةِ افْتراءاتِ الجهميَّةِ ونحوهم على اللهِ وعلى رسلهِ ودينهِ.
الوجه التاسع: أن هذا الرفع يستدل به من وجوه:
أحدها: أن العبد الباقي على فطرته يجد في قلبه أمرا ضروريا إذا دعا الله دعاء المضطر أنه يقصد بقلبه الله الذي هو عال وهو فوق.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أنه يجد حركة عينه ويديه بالإشارة إلى فوق تتبع إشارة قلبه إلى فوق وهو يجد ذلك أيضا ضرورة.
الثالث: أن الأمم المختلفة متفقة على ذلك من غير مواطأة.
الرابع: أنهم يقولون بألسنتهم أنا نرفع أيدينا إلى الله ويخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون في قلوبهم اضطرارا إلى قصد العلو فالحجة تارة بما يجده الإنسان من العلم الضروري وتارة بما يدل على العلم الضروري في حق الناس وتارة بأن الناس لا يتفقون على ضلالة فإنه إذا كان إجماع المسلمين وحدهم لا يكون إلا حقا فإجماع جميع الخلق الذين منهم المسلمون أولى أن لا يكون إلا حقا.
وبهذه المجامع يظهر الجواب عما تذكر الجهمية وجماعة شيئان: أحدهما: أن يكون الناس مخطئين في هذا الرفع لاعتقادهم أن الله فوق وليس هو فوق.
الوجه العاشر: أن يقال كون العرش أو السماء قبلة للدعاء لا يثبت بغير الشرع فإن اختصاص بعض الجهات والأمكنة بأنه يستقبل دون غيرها هو أمر شرعي ولهذا افترقت أهل الملل كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} فلو كان الله جعل العرش أو السماء قبلة للدعاء كان في الشريعة ما يبين ذلك ومعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة ولا شيء من الآثار عن سلف الأمة ولا أئمتها ولا في الإثارة عن الأنبياء المتقدمين كموسى وعيسى وغيرهما من المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين أن العرش أو السماء قبلة للدعاء فعلم أن دعوى ذلك من أعظم الفرية على الله وأن هذا من جملة افتراء الجهمية ونحوهم على الله وعلى رسله ودينه.
الوجه الحادي عشر: أن الناس مع اختلاف عقائدهم واديانهم يشيرون إلى السماء عند الدعاء لله تعالى والرغبة إليه وكلما عظمت رغبتهم واشتد الحاحهم قوي رفعهم واشارتهم ولهذا لما كان دعاء الاستسقاء فيه من الرغبة والإلحاح ما ليس في غيره كان رفع النبي صلى الله عليه وسلم وإشارته فيه أعظم منه في غيره وهذا يفعلونه إذا دعوا الله مخلصين له الدين عندما يكونون مضطرين إلى الله عند الرغبة والرهبة مثل ركوب البحر وغيره وفي تلك الحال يكونون قاصدين الله قصدا قويا بل لا يقصدون غيره ويقرنون بقصد قلوبهم وتوجهها اشارتهم بعيونهم ووجوهم وأيديهم إلى فوق ومعلوم أن الإشارة تتبع قصد المشير وإرادته فإذا لم يكونوا قاصدين إلا الله ولا مريدين إلا إياه لم تكن الإشارة إلا إلى ما قصدوه وسألوه فإنه في تلك الحال لا يكون في قلوبهم إلا شيئان المسؤول والمسؤول منه ومعلوم أن هذه الإشارة باليد وغيرها ليست إلى الشيء المسؤول المطلوب من الله ولا يخطر بقلوبهم أن هذه الإشارة إلى ذلك ولا ادعاه المنازع في ذلك في يقصده الداعي ولم يشعر به وهذا ممتنع وهذا واضح لمن تدبره.
الوجه الثاني عشر: أنه قد نهى عن رفع البصر في الصلاة إلى فوق أمرا بالخشوع الذي أثنى الله على أهله حيث قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} وقال: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} والخشوع يكون مع تحفض البصر كما قال تعالى: {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} وقال تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} وقال: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ}: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} كما وصف الأصوات بالخشوع في قوله: {وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً} وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم" فاشتد قوله في ذلك حتى قال: "لينتهن أو لتخطفن أبصارهم" رواه البخاري وأكثر أهل السنن وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم" رواه مسلم وغيره ولو كان الله ليس فوق بل هو في السفل كما هو في الفوق لا لاختصاص لأحد الجهتين به لم يكن رفع البصر إلى السماء ينافي
(يُتْبَعُ)
(/)
الخشوع بل كان يكون بمنزلة حفظها.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[11 - Jul-2009, مساء 08:35]ـ
وأمَّا النَّقْضُ بوضْعِ الجبهة، فما أفْسَدَهُ منْ نقْضٍ، وهذا يتبيَّنُ منْ وجوهٍ:
أحدُها:
أن يُقالَ: وضعُ الجبهةِ على الأرضِ لم يتضمَّنْ قصدَهُمْ لأحدٍ في السُّفلِ، بل السُّجودُ بها يُعقلُ أنَّهُ تواضعٌ وخضوعٌ للمسجودِ لهُ، لا طلبٌ وقصدٌ ممَّنْ هو في السُّفلِ، بخلافِ رفعِ الأيدي إلى العلوِّ عندَ الدعاءِ، فإنَّهم يقصدونَ بهِ الطلبَ ممنْ هوَ في العلوِّ.
والاستدلالُ هوَ بقصدهم القائمِ بقلوبهم، وما يتبعهُ منْ حركاتِ أبدانهم، والداعي يجدُ منْ قلبهِ معنًى يطلبُ العلوَّ، والساجدُ لا يجدُ منْ قلبهِ معنًى يطلبُ السُّفلَ، بلِ السَّاجدُ أيضًا يقصدُ في دعائهِ العلوَّ، فقصدُ العلوِّ عندَ الدعاءِ يتناولُ القائمَ والقاعدَ والراكعَ والسَّاجدَ [4].
الوجهُ الثاني:
أنَّ وضعَ الجبهةِ على الأرضِ يفعلهُ النَّاسُ لكلِّ منْ تواضعوا لهُ منْ أهلِ الأرضِ والسَّماء، ولهذا يسجدُ المشركونَ للأصنامِ والشَّمْسِ والقمرِ سجودَ عبادةٍ، وقدْ سجدَ ليوسفَ أبواهُ وإخوتهُ سجودَ تحيةٍ لا عبادةٍ، لكونِ ذلكَ كانَ جائزًا في شرعهم، وأمرَ الله الملائكةَ بالسُّجودِ لآدمَ، والسُّجودُ لا يختصُّ بمنْ هو في الأرضِ، بلْ لاَ يكادُ يُفْعَلُ لمنْ هو في بطنها، بلْ لمنْ هو على ظهرهَا عالٍ عليها، وأمَّا توجيهُ القلوبِ والأبصارِ والأيدي عندَ الدعاءِ إلى السَّماء فيفعلونهُ إذا كان المَدْعُوُّ في العُلُوِّ، فإذا دَعَوُا اللهَ فَعَلُوا ذلكَ، وإنْ قُدِّرَ منهم منْ يدعو الكواكبَ ويسألها، أو يدعو الملائكةَ، فإنَّهُ يفعلُ ذلكَ.
فعُلمَ أنَّ قصدَهم بذلكَ التوجُّهِ إلى جهةِ المدعوِّ المسؤولِ الذي يسألونهُ ويدعونهُ، حتى لو قُدِّرَ أنَّ أحدهم يدعو صنمًا أو غيرهُ ممَّا يكونُ على الأرضِ لكانَ توجُّهُ قلبهِ ووجههِ وبدنهِ إلى جهةِ معبودهِ الذي يسألهُ ويدعوهُ، كما يفعلهُ النَّصارى في كنائسهم فإنَّهم يوجِّهونَ قلوبهم وأبصارهم وأيديهم إلى الصُّوَرِ المصوَّرةِ في الحيطانِ وإنْ كانَ قصدهم صاحبَ الصُّورةِ، وكذلكَ مَنْ قصدَ الموتى في قبورهم، فإنَّه يوجِّهُ قصدَهُ وعينَهُ إلى منْ في القبرِ، فإذا قَدَّرَ أنَّ القبرَ أسفلُ منهُ توجَّهَ إلى أسفلَ، وكذلكَ عابدُ الصَّنمِ إذا كان فوقَ المكانِ الذي فيهِ الصنمُ، فإنَّهُ يُوَجِّهُ قَلْبَهُ وطَرْفَهُ إلى أسفلَ، لكونِ معبودهِ هناكَ.
فعُلمَ بذلكَ أنَّ الخلقَ متَّفقونَ على أنَّ توجيهَ القلبِ والعينِ واليدِ عندَ الدُّعاءِ إلى جهةِ المدعوِّ، فلما كانوا يُوَجِّهون ذلكَ إلى جهةِ السَّماءِ عندَ الله، عُلم إطباقُهم على أنَّ اللهَ في جِهَةِ السَّمَاءِ.
الوجهُ الثالث:
أنَّ الواحدَ منهم إذا اجتهدَ في الدُّعاءِ حالَ سجودِهِ يجدُ قلبَهُ يَقْصِدُ العُلُوَّ، مع أنَّ وجههُ يلي الأرضَ، بل كلَّما ازدادَ وجههُ ذُلًّا وتواضعًا، ازدادَ قلبهُ قصدًا للعلوِّ، كمَا قالَ تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19].
وقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ من رَبِّهِ وهو سَاجِدٌ» [5].
فعلمَ أنَّهم يفرِّقونَ بين توجُّهِ وجوههم في حالِ السُّجودِ إلى الأرضِ، وتوجيهِ القلوبِ في حالِ الدُّعاء إلى منْ في السَّماءِ. والقلوبُ حالَ الدُّعاءِ لا تقصدُ إلَّا العُلُوَّ، وأمَّا الوجوهُ والأيدي فيتنوعُ حالها: تارةً تكونُ في حالِ السُّجودِ إلى جهةِ الأرضِ، لكونِ ذلكَ غايةُ الخضوعِ، وتارةً تكونُ حالَ القيامِ مطرقةً، لكونِ ذلكَ أقربُ إلى الخشوعِ، وتارةً تتوجَّهُ إلى السَّماءِ لتوجُّهِ القلبِ.
وقد صحَّ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عَنْ رفعِ البصرِ في الصَّلاةِ إلى السَّماءِ، وقال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ من رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إلى السَّمَاءِ في الصَّلاَةِ أو لا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ أَبْصَارُهُم» [6].
وإنما نُهِيَ عنْ رفعِ البصرِ في الصَّلاة لأنَّهُ يُنافي الخشوعَ المأمورَ به في الصَّلاةِ.
قال تبارك وتعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [القمر: 6 - 7].
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [المعارج: 43 - 44].
وقال جلَّ وعَلا: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45].
ولهذا يوجدُ منْ يخاطبُ المعظَّمَ عنده لا يرفع بصرهُ إليهِ. ومعلومٌ أنَّهُ لو كانت الجهاتُ بالنسبةِ إلى الله سواء لم نؤمرْ بهذا.
الوجهُ الرابعُ:
أنَّ السجودَ من بابِ العبادةِ والخضوعِ للمسجودِ لهُ، كالرُّكوعِ والطَّوافِ بالبيتِ. وأمَّا السؤالُ والدُّعاءُ ففيهِ قصدُ المسؤولِ المدعوِّ، وتوجيهُ القلبِ نحوهُ، لا سيَّما عندَ الضَّرورةِ! فإنَّ السائلَ الداعي يقصدُ بقلبهِ جهةَ المدعوِّ المسؤولِ بحسب ضرورتِهِ واحتياجِهِ إليهِ.
وإذا كانَ كذلكَ، كانَ رفعُ رأسِهِ وطَرْفِهِ ويديهِ إلى جهةٍ، متضمِّنًا لقصدهِ إيَّاهُ في تلكَ الجهةِ، بخلافِ السَّاجدِ فإنَّهُ عابدٌ ذليلٌ خاشعٌ، وذلكَ يقتضي الذُّلَّ والخُضُوعَ، ليسَ فيهِ ما يقتضي توجيهَ الوَجْهِ واليَدِ نَحْوَهُ، لكن إنْ كان داعيًا وَجَّهَ قَلْبَهُ إليهِ.
الوجهُ الخامسُ:
أنْ يُقالَ: قصدُ القلوبِ للمَدْعُوِّ في العلوِّ أمرٌ فِطْرِيٌّ عَقْلِيٌّ اتفقت عليهِ الأممُ منْ غيرِ مُوَاطَأَةٍ، وأمَّا السُّجودُ فأمرٌ شرعيٌّ يُفعلُ طاعةً للآمرِ، كما تُستقبلُ الكعبةُ حالَ العبادةِ طاعةً للآمرِ [7].
وهكذا الحقُّ ينتصرُ على الباطلِ، فيتركهُ صريعًا زهوقًا: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا *} [الإسراء: 81].
فاحْمَدْ إِلَهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إِذْ عَافَاكَ مِنْ تَحْريفِ ذِي بُهْتَانِ [8]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] بيان تلبيس الجهمية (2/ 461) بتصرف يسير.
[2] الرحمن على العرش استوى (ص69 - 70)، تأليف: الدكتور عوض منصور.
[3] بيان تلبيس الجهمية (4/ 603 - 604) طبعة مجمع الملك الفهد.
[4] درء تعارض العقل والنقل (7/ 21 - 22).
[5] رواه مسلم (482).
[6] رواه البخاري (750).
[7] درء تعارض العقل والنقل (7/ 21 - 25).
[8] الكافية الشافية (ص53).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[12 - Jul-2009, مساء 07:47]ـ
الإعتراض السابع: إعتراضاتهم على حديث الجارية.
اعلم رحمك الله أن حديث الجارية من أقوى الأدلة في إثبات علو الله تعالى على خلقه وهو بمثابة صاعقة على رؤوس المعطلة
في ((الاستذكار)) (23/ 167):
((وأمّا قوله في هذا الحديث للجارية ((أين الله؟)) فعلى ذلك جماعة أهل السنّة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه وسائر نقلته، كلّهم يقول ما قال الله في كتابه .. . ومخالفونا ينسبونا في ذلك إلى التشبيه، والله المستعان، ومن قال بما نطق به القرآن، فلا عيب عليه عند ذوي الألباب)).
وقد حاول بعض الخلف تعطيله تارة والتشكيك في صحته تارة أخرى بشبهات واهيات سنعرضها في هذا البحث ونورد الرد الشافي عليها:
نص الحديث:
قال معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه:
((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية، فقلت: يا رسول الله، عليّ رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله: ((أين الله؟)) فقالت: في السماء، فقال: ((من أنا؟))، قالت: رسول الله، قال: ((اعتقها فإنّها مؤمنة)))) أهـ.
رواه الإمام مالك في ((الموطأ)) (2/ 776)، والإمام الشافعيّ في ((الرّسالة)) (ص/75 - واللفظ له-)، وابن أبي شيبة في ((الإيمان)) (ص/36 رقم: 84)، والإمام أحمد في ((المسند)) (5/ 448)، وأبو داود في ((السنن)) (1/ 260 الصحيح)، والدّارميّ في ((الرّد على الجهميّة)) (ص/39)، وفي ((الرّد على المريسي)) (1/ 491)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في ((السنّة)) (1/ 306)، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (1/ 279)، واللالكائيّ في ((شرح أصول الاعتقاد)) (3/ 392)، والبيهقيّ في ((الأسماء والصفات)) (ص/532)، وفي ((السنن الكبرى)) (7/ 354 و10/ 98)، ومسلمٌ في ((صحيحه)) (5/ 23 رقم: 1199)، والذّهبي في ((العلو)) (ص/81 المختصر)، وغيرهم -رحم الله الجميع-.
(يُتْبَعُ)
(/)
من طرق؛ عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم به؛ ورواه من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معاوية بن الحكم جماعة كما في ((المصنّف لعبد الرزاق)) (10/ 402)، و ((مسند الإمام أحمد)) (3/ 443 و5/ 448) وغيرهم -رحم الله الجميع-.
وقد ذكر طرق الحديث وخرّجه بإيعابٍ واستيعاب شيخنا البحاثة، مشهور بن حسن -حفظه الله- في تحقيقه على كتاب ((الموافقات)) (1/ 60 - 64) للشاطبيّ، فلينظره من شاء التفصيل ().
وهذا الحديث، وهو المشهور بحديث الجارية، حديثٌ صحيحٌ باتفاق أهل النقل، صححه-تصريحاً أو ما يقوم مقامه- جمهرةٌ من أهل العلم؛ منهم الإمام مسلم حيث أخرجه في ((صحيحه)) (5/ 23 رقم: 1199)، والحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (13/ 359)، والبيهقيُّ في ((الأسماء والصفات)) (ص/533)، والذهبيّ في ((العلو)) (ص/81 مختصر)، والألبانيّ في مواضع منها ((الإيمان)) (ص/36) لابن أبي شيبة، حيث قال-رحمه الله-: ((إسناده صحيحٌ على شرط الشيخين)) ()، وقال في ((مختصر العلو)) (ص/81): ((فإنّه مع صحّةِ إسناده، وتصحيح أئمة الحديث إيّاه دون خلافٍ بينهم أعلمه)) أهـ.
فلا نعلم في صحّة هذا الحديث خلافاً، ولم نرَ أحداً تعرّض له بتضعيف، بل إجماع أهل الحديث والسنّة منعقدٌ على صحته، ولم يخالف في ذلك إلاّ المتأخرون من شذاذ الجهميّة ()، كالكوثري والغماري والسقاف، وذلك موافقة منهم لأهوائهم، ولتسلم لهم عقيدة التعطيل، وإن كان ذلك على حساب النّص الشرعيّ، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
شبهاتهم حول الحديث:
الشبهة الأولى:
قولهم بأن الحديث أحاد ,ولا يصح الأخذ بالأحاد في العقيدة لأنه دليل ظني وليس قطعي
والجواب على هذا من أوجه:
الوجه الأول: أنه لم يعرف عن السلف الصالح تقسيم الحديث إلى متواتر وأحاد إنما هذا تقسيم محدث من طرف أهل البدع والكلام بل إن الصحابة كان يأخطذون بحديث الواحد
قال الإمام النووي رحمه الله: (((ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد) = [شرح صحيح مسلم 1/ 130]، وعلق على حديث الجساسة الطويل والذي رأى فيه الصحابة الدجال (وفيه قبول خبر الواحد) = [انظر شرح النووي على مسلم 18/ 80].
وقال الغزالي (تواتر واشتهر عمل الصحابة بخبر الواحد في وقائع شتى لا تنحصر وان لم تتوافر آحادها فيحصل العلم بمجموعها) = [المستصفى 173].
وقال السفاريني (يعمل بخبر الآحاد في أصول الدين وحكى الامام ابن عبد البر الاجماع على ذلك) = [لوامع الأنوار البهية 1/ 19 وانظر التمهيد لابن عبد البر 1/ 8].
قال الخطيب البغدادي (فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر واشتهر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد .. وعلى خبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصارنا الى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن احد منهم انكار لذلك ولا اعتراض عليه) = [الكفاية ص 31].
ويدل على هذا أن الصحابة رضوان الله عليهم لما أخبرهم الواحد وهم بقباء في صلاة الصبح أن القبلة قد حولت إلى الكعبة قبلوا خبره وتركوا الحجة التي كانوا عليها واستداروا إلى القبلة، ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل شكروا على ذلك وكانوا على أمر مقطوع به من القبلة الأولى فلولا حصول العلم لهم بخبر الواحد لم يتركوا المقطوع به المعلوم لخبر لا يفيد العلم، وغاية ما يقال فيه: إنه خبر اقترنته قرينة، وكثير منهم يقول لا يفيد العلم بقرينة ولا غيرها وهذا في غاية المكابرة. ومعلوم أن قرينة تلقى الأمة له بالقبول وروايته قرناً بعد قرن من غير نكير من أقوى القرائن وأظهرها فأي قرينة فرضتها كانت تلك أقوى منها.
الوجه الثاني: لقد أجمعت الأمة على قبول خبر الواحد الثقة
قال الشافعي " لم أحفظ عن علماء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد".= [الرسالة ص 457].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حجر (الخبر المحتف بالقرائن قد يفيد العلم خلافا لمن أبى ذلك .. وهو أنواع: منها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ التواتر فانه احتف به قرائن، منها: جلالتهما في هذا الشأن، وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، وتلقى العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقي وحده أقوى في افادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة على التواتر) قال (فالاجماع حاصل على تسليم صحته) = [شرح النخبة (ص6) وانظر تدريب الراوي للسيوطي 1/ 133]، (وقد شاع فاشيا عمل الصحابة والتابعين بخبر الواحد من غير نكير، فاقتضى الاتفاق منهم على القبول).= [فتح الباري 13/ 234].
وقال ابن الصلاح في مقدمته (وما اتفق عليه البخاري ومسلم جميعه مقطوع به، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافا لقول من نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله الا الظن، وانما تلقته الأمة بالقبول ... وما انفرد به البخاري ومسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول).= [القييد والأيضاح 41 علوم الحديث ص 25 تدريب الراوي 1/ 133].
وحكى ابن الصلاح أنه كان أول الأمر يميل الى رد خبر الواحد في العقائد قال (ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح).
قال السخاوي (فقد سبقه [أي ابن الصلاح] الى القول بذلك في الخبر المتلقى بالقبول الجمهور من المحدثين والأصوليين وعامة السلف).= [قواعد التحديث 85 فتح المغيث 1/ 51].
وقال عمر بكري (عندي لائحة باسماء مئة وثلاثة وثلاثين عالماً كلهم قالوا ان حديث الآحاد ظني ولا يؤخذ به في العقائد). واذا نقبت عن هؤلاء العلماء وجدتهم بين أشعري وماتريدي التزموا بهذا القول تبعاً لمذهبهم.
ونحن عندنا عالم واحد وهو الشافعي من علماء الأمة المشهورين يغلب ألفا من أمثال من ذكرت أسماءهم.
فقد كتب الشافعي ما يزيد على مائة صفحة = [الرسالة من صفحة 369 الى 471]،
في أعظم كتاب في أصول الفقه اسمه (الرسالة) أثبت به حجية خبر الواحد وبوبه بالعنوان التالي (باب: حجية خبر الواحد) أكد فيه أن (أهل السنة قد تلقوا خبر الواحد العدل بالقبول). وقال (لم أحفظ عن علماء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد).= [الرسالة من صفحة 453 الى 457 سير أعلام النبلاء 10/ 24].
وكذلك دافع عن حديث الآحاد في كتابه (اختلاف الحديث) = [مطبوع على حاشية كتاب الأم 7/ 2 - 38]، وفي كتابه (الأم) بوّب بعنوان "باب حكاية قول من رد خبر الخاصة" ومراده بخبر الخاصة خبر الآحاد.
فهذه ثلاثة كتب للشافعي ذكر فيها كل ما يحتاج بيانه حول خبر الآحاد لم يقل في شيء منها ان خبر الواحد مقبول في الأحكام مردود في العقائد. ومن خصص فعليه الدليل والا كان محرفاً لقول الأئمة. والمحرفون لن يقيموا الخلافة الراشدة على منهاج النبوة!
نحن عندنا دليل واضح من الشافعي في تثبيت خبر الواحد فقد قال (باب تثبيت خبر الواحد) وهذا لفظ صريح فأين حجتكم التي يجب أن تكون بمثل وضوح كلام الشافعي هكذا (باب تثبيت خبر الواحد في الأحكام دون العقائد)؟
ولا يعقل أن يكتب في هذه الصفحات كل ما يحتاج معرفته عن خبر الواحد ولا يأتي بعبارة صريحة يفرق فيها العقائد والأحكام.
فانه لما أثبت الشافعي خبر الواحد أثبته عموما لم يخصه في شيء دون شيء. ولم يقل الأخذ به حرام حلال: حرام في العقائد حلال في الأحكام كما يذهب اليه المتناقضون!
الوجه الثالث:
اجماع العلماء على كفاءة الصحيحين
ولا ننسى أن غالب أحاديث الصحيحين من نوع خبر الواحد، ومعلوم أن الأمة قد تلقت هذين الكتابين بالقبول والتسليم. وهي لا تجتمع على ضلالة. فإجماعها حجة على من زعم رد خبر الآحاد.
وقد أدى موقف هؤلاء الى الطعن في أكثر أحاديث الشيخين اللذين اتفقت الأمة على صحتها وتلقتها بالقبول. وأثاروا الشك في أوثق مصدرين لهذه الأمة بعد كتاب الله.
نقل السيوطي في التدريب عن الحافظ السجزي اجماع الفقهاء أن من حلف على صحة ما في البخاري لم يحنث. ونقل عن امام الحرمين أنه قال: لو حلف بطلاق زوجته أن ما في الصحيحين من كلام النبي صلى الله عليه و سلم لما ألزمته بالطلاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد صدّر البخاري ومسلم كتابيهما بحديث آحاد (إنما الأعمال بالنيات) = [قد قالوا عن الحديث: أصله آحاد لكنه من جهة الصحابي الثقة نقله عنه صحابة آخرون فصار متواترا. ولكن لو اتفقت الأمة على راو ثقة ضابط فهل يتراجع الحزب عن موقفه من خبر الواحد ويصير عنده بعض خبر الواحد الثقة مفيدا للعلم أم أنهم لا يتراجعون؟]. وهذا الحديث يتضمن مواضيع في العقائد. وكفى بها دعوى واكتساء ثوب الزور أن يدعي أهل الكلام أنهم أحرص على العقيدة وأدق في فن الرواية وأورع في الدين من الشيخين.
قال ابن تيمية (ان مما اجمعت الأمة على صحته: أحاديث البخاري ومسلم) = [مجموع الفتاوى 18:16]. مع أن غالب ما فيهما من خبر الواحد حتى قال بعض العلماء لا يوجد خبر متواتر الا أربعة أحاديث بل قال ابن الصلاح أنه لا يوجد متواتر الا حديث (من كذب علي متعمداً). وهنا يبرز سؤال مهم: اذا كان سند خبر الواحد غير قطعي الثبوت فلماذا جعل الله أكثر روايات السنة من هذا النوع؟ لا أعتقد أن هؤلاء يستطيعون الاجابة عن ذلك؟
قال ابن الصلاح في مقدمته (وما اتفق عليه البخاري ومسلم جميعه مقطوع به، والعلم اليقين النظري واقع به، خلافا لقول من نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله الا الظن، وانما تلقته الأمة بالقبول ... وما انفرد به البخاري ومسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول) = [التقييد والأيضاح ص 41 علوم الحديث ص 25 تدريب الراوي 131].
الوجه الرابع:
إن خبر الأحاد المتحف بالقرائن -كحديث الجارية- يفيد العلم وليس الظن
قال ابن حجر في شرح النخبة (ص 6) (الخبر المحتف بالقرائن قد يفيد العلم خلافا لمن أبى ذلك). وقوله (قد يفيد) مهم جداً ومعناه عدم افادته العلم دائما بالضرورة. ولكن إذا ثبتت قرائن الصدق واستوفى شروط الصحة أفاد العلم.
وقال ابن حزم (قال أبو سليمان والكرابيسي والمحاسبي وغيرهم أن خبر الواحد عن العدل الى مثله الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل معا وبهذا نقول ... واذا صح هذا فقد ثبت يقينا أن خبر العدل عن مثله مبلغا الى رسول الله حق مقطوع به موجب للعلم والعمل معا) = [الإحكام في أصول الأحكام 1/ 119 - 124].
وقال أبو المظفر السمعاني الشافعي (إن الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه سلم ورواه الأئمة الثقات وأسنده خلفهم عن سلفهم الى رسول الله وتلقته الأمة بالقبول فإنه يوجب العلم فيما سبيله العلم، هذا عامة قول أهل الحديث والمتقنين من القائمين على السنة، وإنما هذا القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال ولا بد من نقله بطريق التواتر لوقوع العلم به شيء اخترعته القدرية والمعتزلة وكان قصدهم منه رد الأخبار) = [رسالة الأنتصار لأهل الحديث اختصرها السيوطي في صون الكلام والمنطق ص 160 - 167]. وذكر مثله في كتاب القواطع الذي أثنى عليه السبكي في طبقاته (5/ 343).
الوجه الخامس: لو سلمنا لكم جدلا بأن خبر الأحاد يفيد الظن لا العلم فهذا لا يلزم عدم الأخذ به
فقد ذكر الله الظن في مواطن الاعتقاد ومدحه.
قال تعالى (إني ظننت أني ملاق حِسَابِية فهو في عيشة راضية) [الحاقة20 - 21] وقال (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه) [التوبة 118] وقال (الذين يظنون أنهم مُلاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) [البقرة 46] وقال (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) [البقرة 249 [
فما هو الظن الذي يذم الله المشركين على اتباعه ويمدح المؤمنين على فعله أهو هو؟ إذن فلا بد من تحقيق معنى كلمة الظن.
التحقيق في ذلك أن الظن:
اذا كان مرجوحاً كان وهماً وتخرصاً وتخميناً وهو لا مكان له في الشريعة. وإذا كان راجحاً كان علماً ويقيناً، وعلى ذلك يُحمل قول أهل اللغة " الظن شك ويقين"= [النهاية 3/ 163 لسان العرب 13/ 272] قال الأنباري في كتاب "الأضداد" أن كلمة الظن من الأضداد.
علم من ذلك أن الظن الممدوح في الآيات الأخرى هو الظن الراجح الذي يفيد العلم واليقين. وهو غير الظن الذي حذر منه صلى الله عليه وسلم قائلاً (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) (متفق عليه) المنافي للجزم كما قال تعالى (ما لهم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالظن الراجح خرج عند أهل فن الحديث عن الخرص الى اليقين لأنهم تفحصوا سند الرواية فلما استوفى عندهم شروط الصحة صار صار الشك بالرواية هو المرجوح واليقين فيها هو الراجح. وهو ما يراد عند أهل العلم الذين وصفوه بأنه ظني ولم يعهد عنهم النهي عن الأخذ به في شيء دون شيء. بل أنكروا على المعتزلة الطعن به.
فالظن الذي تفيده أحاديث الآحاد الصحيحة السند هو اليقين إذ أن دلائل الحق في خبر الواحد العدل أكثر وأوفر لأن المنكرين أنفسهم اختاروا حجية خبر الواحد في الأحكام الشرعية. فثبت أنهم يقولون بأن الظن الذي يفيده خبر الواحد هو الراجح لا المرجوح لأن الظن المرجوح لا يجوز الأخذ به في العقائد والأحكام اتفاقاً. وبهذا فقد قرروا أن أحاديث الآحاد تفيد العلم من حيث لا يشعرون.
فإن أبوا لزمهم القول بعدم حجية أحاديث الآحاد في الأحكام أيضاً وإلا وقعوا مرة أخرى في التناقض، فقد كان الخوارج والمعتزلة منطقيين مع أنفسهم عندما جعلوا الآيات الناهية عن الظن ناهية عن الاحتجاج بحديث الآحاد في العقائد والأحكام.
الشبهة الثانية: قال الكوثري: إنّ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع الجارية لم يكن إلاّ بالإشارة، فعبّر الرّاوي عمّا فهمه من إشارة الجارية باللّفظ المذكور، ثمّ اشتهر اللفظ بعد ذلك بين الصحابة، وصواب الحديث وأصله ... فمدّ النبي صلى الله عليه وسلم يده إليها مستفهماً، من في السماء؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله.
والجواب عليه:
الوجه الأول: هذا تأويلٌ سنّه الأعاجم الذين دخلوا العراق كما قال ابن الجوزي "قَدِمَ إلى بغداد جماعة من أهل البدع الأعاجم… وقالوا: إن الله ليس في السماء وأن الجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أين الله؟ كانت خرساء فأشارت إلى السماء (5).
ولكن نص الحديث يدل على أنها كانت ناطقة، ولذلك لما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أنا؟ " قالت: "أنت رسول الله".
الوجه الثاني: أمّا دعوى أنّ الصحابي قد صاغ الحديث من عند نفسه، وعبّر عن إشارة الجارية بهذا اللفظ، فكلامٌ سخيفٌ ودعوى باطلة، وما أسهل الدعاوى أن تطلق، ولكنّها عند التحقيق لا تكون شيئاً، فأين الدليل على ذلك؟! أهو اللّفظ الضعيف الذي فيه سعيد بن زيد؟، أم هو الهوى ورفض الحق؟ -وعلى فرض التسليم بقوله من باب المناظرة- أليس هذا دليلاً واضحاً على أنّ الصحابة رضي الله عنهم قد تلقّوا الحديث بهذا اللّفظ بالقبول، من غير إنكارٍ ولا ردّ؟ ألم يكن الصحابة يفهمون عقيدة التنزيه فيبادروا إلى رد الحديث ورفضه ()، وهذه اعتراضات ملزمة، إذ لا مفرّ منها لمن سلك هذا المسلك المنحرف.
الشبهة الثالثة: طعن السقاف في هلال بن أبي ميمونة ناقلاً ما جاء في ترجمته في تهذيب الكمال فقط!!! _ مع زيادة قولين فقط _ انظر تنقيح الفهوم ص9_
وهي قول النسائي ((لا بأس به))
وقول أبوحاتم الرازي ((شيخ))
قلت: ولا يخفى على أحد له معرفة بالفن أنهما متشددان
ثم تفضل علينا بنقل توثيق ابن حبان الراوي
ثم اعتبر ما نقله ذريعة له للطعن في هذا الحديث والحكم على هلال بأنه ((صدوق)) فقط!!
(فأقول رداً على هذا الهراء:
لقد أخفى هذا الجهول كون هلال بن أبي ميمونة ممن احتج بهم البخاري في صحيحه في غير ما موضع فهو ثقة عنده، وكذلك احتج به مسلم لهذا قال الحاكم في شأن هلال في مستدركه (1/ 208) ((فقد اتفقا على الحجة بروايات هلال بن أبي هلال ويقال ابن أبي ميمونة ويقال ابن علي ويقال ابن أسامة وكله واحد))
وقال عنه الدارقطني ((ثقة)) وكذلك قال عنه مسلمة بن القاسم
ولهذا قال عنه الذهبي في الميزان ((ثقة))
وتابعه الحافظ في التقريب
ولا يفوتني أن أذكر تصحيح ابن خزيمة في صحيحه (859) وأبوعوانة في مستخرجه (1727) وابن الجارود في المنتقى (212) لأحاديث هلال
وقد تجاهل هذا الجهول هذه الحقائق العلمية المبددة لظلمات جهله وقد رأيناه هو وأشياخه يمشون أحاديث جمع من الضعفاء ظاهري الضعف فكيف يقدم على الطعن في أحد رجال الشيخين!!!!
وبإمكاننا أن نضيف إلى قائمة موثقي هلال بن علي الإمام مالك
قال الحافظ الذهبي في: (سير أعلام النبلاء) (8/ 71 - 72):
(وقد كان مالكٌ إماماً في نقد الرجال، حافظا، مجوداً، متقناً.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال بشر بن عمر الزهراني: سألتُ مالكاً عن رجل، فقال: هل رأيته في كتبي؟ قلت: لا، قال: لو كان ثقة لرأيته في كُتُبي.
قلت قد روى مالك عن هلال في الموطأ فهو ثقة عنده ولا شك _ انظر ترجمته من تهذيب الكمال _
قال يحيى بن معين: كل من روى عنه مالك بن أنس فهو ثقة إلا عبد الكريم البصري أبو أمية
قلت: هذا يشمل هلال فيقال أن ابن معين وثقه أيضاً وخصوصاً وأن رواية مالك عن هلال في أشهر كتبه (الموطأ)
وقال الإمام أحمد (كما نقل عنه ابن هانيء في مسائله) ((كل من روى عنه مالك فهو ثقة))
و البيهقي أيضاً ممن وثق هلال فقد صحح إسناد حديث الجارية في كتابه الأسماء والصفات ص 422 كما نقل السقاف نفسه وهذا يقتضي توثيق هلال
وهذه الحقائق العلمية مجتمعة تدل على أن إقدام السقاف على الحكم على هلال بأنه ((صدوق)) مجازفة أوقعته بتناقضات عديدة لاحقاً
وبقي أن نقول أن هلال بن أبي ميمونة مدني وانتقاء مالك لشيوخه من المدنيين أمر مسلم عند أهل الفن.
وقال أحمد: ((لا تبالِ أن لا تسأل عن رجل روى عنه مالك، ولا سيما مدني".
نقله ابن رجب في شرح العلل (2/ 876)
وقال ابن حبان في (الثقات): كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يكن يروي إلا ما صح، ولا يحدث إلا عن ثقة مع الفقه والدين والفضل والنسك، وبه تخرج الشافعي؛ وروى ابن خزيمة في (صحيحه) عن ابن عيينة قال: إنما كنا نتبع آثار مالك، وننظر إلى الشيخ إن كتب عنه، وإلا تركناه، وما مثلي ومثل مالك إلا كما قال الشاعر:
وابنُ اللّبُون إِذَا مَا لز في قرن **** لَمْ يَسْتَطِع صَولة البزل القناعيس)
وقال ابن حبان في (الثقات) (7/ 459) وابن منجويه في (رجال صحيح مسلم) (2/ 220): ((كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يكن يروي إلا ما صح ولا يحدث إلا عن ثقة، مع الفقه والدين والفضل والنسك))
وقد روى يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة
قال أبو حاتم الرازي ((يحيى إمام لا يحدث إلا عن ثقة))
انظر ترجمة يحيى في تهذيب الكمال وفروعه ولا أعزو لمجلد وصفحة لأنها مرتبة على أحرف الهجاء.
وأما قول الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 466) ((ثقة حسن الحديث))
فالعبارة عند الجهلة بالفن ظاهرها التعارض فالثقة حديثه صحيح وليس حسناً
غير أنه لا تعارض فالمقصود هنا الحسن المعنوي وهذا يستخدمه المتقدمون كثيراً
قال الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (1/ 425) ((وأما أحمد: فإنه سئل فيما حكاه الخلال عن أحاديث نقض الوضوء بمس الذكر فقال: أصح ما فيها
حديث أم حبيبة ـ رضي الله تعالى عنها.
قال: وسئل عن حديث بسرة ـ رضي الله عنها ـ فقال: صحيح.
قال الخلال: حدثنا أحمد بن أصرم أنه سأل أحمد عن حديث أم حبيبة ـ رضي الله عنها ـ في مس الذكر فقال: هو حديث حسن. فظاهر هذا أنه لم يقصد المعنى الاصطلاحي، لأن الحسن لا يكون أصح من الصحيح))
ومثله قول ابن عبد البر في الإستيعاب (3/ 403) - في ترجمة معاوية بن الحكم السلمي: " له عن النبي (ص) حديث واحد حسن في الكهانة والطيرة والخط وتشميت العاطس في الصلاة جاهلا وفي عتق الجارية "
فالمقصود حسن المعنى
وهذا كثير في كلام ابن عبد البر فقد قال في كتابه ((جامع بيان العلم وفضله)) (1/ 65) وهو يتكلم على حديث ((تعلموا العلم ..... )) ((وهو حديثٌ حسنٌ جداً، ولكن ليس له إسنادٌ قوي))
قال العراقي في تخريج (1/ 12) ((قوله حسن أراد به الحسن المعنوي فإن موسى بن محمد البلقاوي كذبه أبو زرعة وأبو حاتم))) نقلا عن كتاب (الدفاع عن حديث الجارية) للأخ عبد الله خليفي.
الشبهة الرابعة: زعم نبيل الشريف (حبشي) أن حديث الجارية مضطرب "ظاهر" الاضطراب!! فقد رواه مالك بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ فقالت: أشهد. وأما رواية مسلم: قال لها: أين الله؟ .. " قال: فهذا الاختلاف في اللفظ يوضح الاضطراب. ومالك أضبط للحديث من مسلم، بل اتفق العلماء على أن مالكاً أضبط رواة الحديث" (1). انتهى.
والجواب:
* قد شهد الحافظ ابن حجر بصحة الحديث ولم يذكر فيه اضطراباً ولا علة فقال "وهو حديث صحيح أخرجه مسلم" (2). فخذه "حيث حافظ عليه نص".
(يُتْبَعُ)
(/)
* بل الرواية عند مالك بلفظ: "أين الله" فلماذا التلبيس والخداع (3)؟ غير أنكم تتجاهلونها وتتمسكون بالرواية التي تليها وهي حادثة أخرى لا تتعلق بما قبلها بتاتاً بدليل رواية عتبة بن مسعود أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم "إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت تراها مؤمنة أُعتِقُها. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين… الخ". أما رواية معاوية بن الحكم ففيها أنه ضربها وأسف لما فعل فاستدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألها: "أين الله". وقد استغل أهل الزيغ إبهام اسم الرجل من الأنصار وجعلوه وحديث معاوية بن الحكم حديثاً واحداً مروياً من عدة طرق ليتمكنوا بعد ذلك من ادعاء الاضطراب فيه. بينما الحديثان متنان اثنان لقصة متعددة كما نص عليه الحافظ ابن عبد البر ونقله عنه في "شرح الزرقاني على موطأ مالك 4/ 86". ألا فبُعداً وسُحقاً لمن ورث مكر اليهود في تلبيس الحق بالباطل.
* أن كون الإمام مالك رحمه الله أضبط من مسلم: فهذا ليس قاعدة دائمة يحتج بها، والدليل على ذلك أن مالكاً أخطأ في ضبط اسم راوي هذا الحديث حينما روى حديث (أين الله) فسماه (عمر بن الحكم) وإنما هو (معاوية بن الحكم السلمي).
وقد نبه الشافعي على ذلك فروى حديث الجارية (أين الله) ثم استدرك على مالك هذا الخطأ فقال "وهو معاوية بن الحكم: وأظن مالكاً لم يحفظ اسمه" (الرسالة ص 76) وكذلك انظر كتابه (الأم 5/ 280).
وكذلك استدرك النسائي هذا الوهم في (التفسير من الكبرى 8/ 427 تحفة).
وقال الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير 3/ 222) "وهو من أوهام مالك في اسمه". فها هو الشافعي الذي تدعون اتباعه يصرح لكم بأن مالكاً أخطأ فتجاهلتم تنبيهه وتنبيه الحافظ ابن حجر والنسائي وتمسكتم بخطأ مالك!
الشبهة الخامسة:
ذهب أحدهم وهو عبد الله الغماري المغربي إلى أن الحديث شاذ ومردود (4).
قلت: بالطبع مردود عند أتباع جهم بن صفوان الذين يعرضون الكتاب والسنة على موازين عقولهم المتلوثة بعلم الكلام فما استساغته عقولهم أثبتوه، وما نفرت منه أوّلوه أو حكموا بشذوذه.
ثم إن الشاذ في اصطلاح المحدثين: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه. فأين يوجد في الحديث ما يفيد ذلك.
فما نصروا الدين ولا رفعوا راية السنة وإنما ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وضربوا السنة بعضها ببعض كل هذا من أجل تنزيه مزعوم حملهم على العبث والتشكيك.
ولم يستفيدوا بعد هذه المحاولات من الطعن بالحديث لأن القرآن أثبت أن الله في السماء. قال تعالى {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} والضمير عائد على الله بدليل قوله تعالى {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ}.
الشبهة السادسة: احتج السقاف برواية عبدالرزاق في المصنف (9/ 175) عن ابن جريج عن عطاء أن رجلا كانت له جارية في غنم ترعاها وكانت له شاة صفي يعني عزيزة في غنمه تلك فأراد أن يعطيها نبي الله صلى الله عليه و سلم فجاء السبع فانتزع ضرعها فغضب الرجل فصك وجه جاريته فجاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكر أنها كانت عليه رقبة مؤمنة وأنه قد هم أن يجعلها اياها حين صكها فقال الني صلى الله عليه وسلم ((ائتني بها)) فسألها النبي صلى الله عليه وسلم ((أتشهدين أن لا اله الا الله)) قالت نعم ((وأن محمدا عبده ورسوله)) قالت نعم ((وأن الموت والبعث حق)) قالت نعم ((وأن الجنة والنار حق)) قالت نعم فلما فرغت قال ((اعتقها أو أمسك)).
ثم قال السقاف: هذا اسناد صحيح عال، بل وادعى أن صحابي هذا الحديث هو معاوية بن الحكم السلمي راوي حديث الجارية في صحيح مسلم ليتسنى له الحكم على الحديث بالاضطراب.
(فأقول ردا على هذه السفسطة:
حكم السقاف على الحديث دليل على جهله بهذا العلم رواية ودراية:
أما من حيث الرواية فصحابي هذا الحديث ليس معاوية السلمي لأن عطاء ((وهو الراوي عن معاوية)) في رواية عبدالرزاق غير عطاء في رواية مسلم فعطاء في رواية مسلم هو عطاء بن يسار كما جاء مصرحا به وابن جريج لا يروي عن عطاء بن يسار اذن من هو عطاء في رواية عبدا لرزاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
انه عطاء بن ابي رباح على الراجح عندي وكل من اسمه عطاء _ وهم ابن أبي رباح والخراساني وابن السائب _ ويروي عنه ابن جريج لا يعرف له سماع من معاوية السلمي ومطعون بسماعه من جمع الصحابة ولم يسم عطاء الصحابي في الحديث
ولم يصرح بالسماع منه فالرواية مرسلة لا صحيحة كما زعم هذا الغر.
أما من ناحية الدراية فالحادثة في صحيح مسلم غير الحادثة في مصنف عبدالرزاق واليك الفروق بينها:
الفرق الأول:
هو أن الرجل صاحب الجارية عند عبدا لرزاق أراد أن يهدي الشاة الى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يوجد في رواية مسلم
الفرق الثاني:
هو أن الرجل صاحب الجارية في مصنف عبدالرزاق يعرف الحكم الشرعي في المسألة على عكس معاوية بن الحكم السلمي عند مسلم فانه جاء مستفتياً
الفرق الثالث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاوية بن الحكم السلمي باعتاق الجارية على عكس صاحب الجارية عند عبدالرزاق فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد خيره بين الاعتاق والامساك) نقلا عن كتاب الدفاع عن حديث الجارية للأخ عبد الله خليفي.
الشبهة السابعة:
احتج السقاف بما بما رواه أحمد (4/ 222 و 388 و 389) وأبو داود (3/ 230) وغيرهما من من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن الشريد بن السويد الثقفي قال قلت يا رسول الله ان أمي أوصت أن أعتق رقبة وان عندي جارية سوداء نوبية فقال رسول ((من ربك)) قالت الله قال ((فمن أنا)) قالت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة
الرد:
(قلت هذا مرسل حسن أما الارسال فلأن أبا سلمة مطعون بسماعه من جمع من الصحابة ولا نعرف تاريخ وفاة الشريد بن سويد حتى نعرف أكان معاصراً له أم لا
أما الحسن فمن أجل محمد بن عمرو بن علقمة فهو صدوق مختلفٌ فيه وهذه الجارية غير جارية معاوية بن الحكم السلمي فاالإسناد غير الإسناد والصحابي غير الصحابي والمتن غير المتن فمعاوية أراد اعتاق جاريته لأنه صكها على وجهها أما الشريد فأراد اعتاقها لأن أمه أوصت بذلك وعلى فرض أنهما رواية واحدة فرواية مسلم الصحيحة المتصلة أرجح
وقد خولف حماد في الاسناد و المتن فرواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (ص 122) من طريق محمد بن يحي القطعي حدثنا زياد بن الربيع ثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن محمد بن الشريد جاء بخادمة سوداء عتماء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان أمي جعلت عليها عتق رقبة فهل تجزي أن أعتق هذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للخادمة ((أين)) فرفعت برأسها فقالت في السماء ثم ذكر بقية الحديث
قلت هذا إسناد حسن متصل وأميل الى ترجيح هذه الرواية على سابقتها لأن حماد بن سلمة في روايته عن غير ثابت شيء مع كونه ثقة ولم يرو له مسلم ما رواه عن محمد بن عمرو بن علقمة على خلاف زياد بن الربيع فهو من رجال البخاري ولم يطعن في شيء من مروياته وروايته شاهد قوي لرواية معاوية بن الحكم السلمي عند مسلم
ثم تبين لي أنها معلولة لما جاء في ترجمة محمد بن عمرو في تهذيب التهذيب
حيث قال الحافظ ((وقال بن خيثمة سئل بن معين عن محمد بن عمرو فقال ما زال الناس يتقون حديثه قيل له وما علة ذلك قال كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من روايته ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة))
قلت هذا يقتضي ضعف روايته عن أبي سلمة عن أبي هريرة خاصة وهذه منها غير أنها صالحة للإعتبار فتعضد معى حديث الجارية في صحيح مسلم) نقلا عن كتاب (الدفاع عن حديث الجارية) للأخ عبد الله خليفي.
الشبهة الثامنة: زعم الكوثري أن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية "أين الله" سؤال عن المكانة لا المكان" (6).
وهذا باطل من أوجه:
* أن الأشعرية لا يرضون أصلاً بإطلاق هذا الوصف على الله. كما قال القشيري "تعالى الله أن يقال (أين) (7).
* أن المكانة لا يقال عنها (أين) ولا يجاب عنها بأنها في السماء. الله إلا إذا دخلت عليها (من) كقولك: أين أنت من فلان. أين الثرا من الثريا.
(يُتْبَعُ)
(/)
* أنهم جعلوا فوقية الله على خلقه بمعنى أنه خير منهم وأفضل منهم منزلة، فإن الله لم يمتدح نفسه ابتداءً بأنه أفضل من أحد من خلقه. وكيف يقبل عاقل فيه شيء من إيمان أن يعتقد أن (الله فوق العرش) بمعنى هو خير وأفضل منزلة من عرشه؟ وأن معنى قول زينب "زّوجني الله من فوق سبع سماوات" بمعنى أن الله خير وأفضل من السماوات؟
وهذا إنما يقال في المتقاربين في المنزلة وأحدهما أفضل من الآخر، وأما إذا لم يتقاربا فإنه لا يصح ذلك، وحينما يقول الله {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ} فإنه العلو الحقيقي، إذ لا يعرف في اللغة استعمال "فوق" مقروناً بـ (من) بمعنى فوقية الخيرية والأفضلية فلا يصح أن يقال "الذهب من فوق الفضة" ولا يقال "العلم من فوق الجاهل".
وإذا كان من القبيح أن تقول: الجوهر فوق البصل، والذهب فوق التنك، مما يُضحك الناس منك: فكيف تقول: الله فوق عباده بمعنى أنه خير منهم وأفضل؟!
* أن قوله مردود بحديث النزول، فإذا كان العلو على مكانة: فماذا نقول عن حديث النزول؟ أنقول بأنه نزول مكانة؟ تعالى الله عن قبح تأويل أدعياء التنزيه.
* أن المكانة تأنيث المكان، والمنزلة تأنيث المنزل.
فهذه جملة من شبه النفاة حول الحديث، والرّد عليها باختصار.
وإليك أخي القارئ شيئاً من كلام أهل العلم وأئمته على هذا الحديث حتى تطمئن نفسك.
يقولُ الحافظ ابن عبد البرّ-رحمه الله-في ((التمهيد)) (22/ 80):
((معاني هذا الحديث واضحة، يستغنى عن الكلام فيها، وأمّا قوله: ((أين الله؟)) فعلى هذا أهل الحق لقوله تعالى:} أمنتم من في السماء {ولقوله:} إليه يصعد الكلم الطيّب {ولقوله} تعرج الملائكة والروح إليه {ومثل هذا في القرآن كثير))؛ وانظر (7/ 128) فإنّه مهم.
وقد تقدم كلامه في الإستذكار كذلك.
ويقول الذهبي -رحمه الله- في ((مختصر العلو)) (ص/81):
((ففي الخبر مسألتان:
إحداهما: شرعية قول المسلم: أين الله؟.
ثانيهما: قول المسؤول: في السماء، فمن أنكر هاتين المسألتين فإنّما يُنكر على المصطفى صلى الله عليه وسلم)).
ويقول شيخ الإسلام (4/ 62):
((والجارية التي قال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((أين الله؟)) قالت: في السماء، قال: ((اعتقها فإنها مؤمنة))، جارية أعجمية، أرأيت من فقهها وأخبرها بما ذكرته؟ وإنّما أخبرت عن الفطرة التي فطرها الله تعالى عليها، وأقرّها النبيّ صلى الله عليه وسلم على ذلك وشهد لها بالإيمان، فليتأمّل العاقل ذلك يجده هادياً له على معرفة ربّه بالإقرار به كما ينبغي، لا ما أحدثه المتعمقون المتشدقون ممّن سوّل لهم الشيطان وأملى لهم)) أهـ
ويقولُ الإمام أبو محمد عبد الغني المقدسي () بعد ذكره لحديث معاوية بن الحكم:
(( ... ومن أجهل جهلاً وأسخف عقلاً وأضلّ سبيلاً ممن يقول أنّه لا يجوز أن يقال: ((أين الله؟)) بعد تصريح صاحب الشريعة بقوله ((أين الله؟)))) أهـ.
وبعد؛ فهذه عقيدة أهل السنّة، وهذا كلام أئمتهم، فأيُّ عيب على من نطق بما في الكتاب والسنّة، مثبتاً ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) مجلة منار "الهدى" 16/ 27 قال ابن حجر الهيتمي في فتح المبين (55) تعليقاً على قول الشافعي "لا أعلم كتاباً بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك" (إنما كان قبل ظهورهما [أي البخاري ومسلم] فلما ظهراً كانا أحقّ بذلك وأولى).
(2) فتح الباري 13/ 359.
(3) موطأ مالك 2/ 776 كتاب العتق والولاء باب عتق أمهات الأولاد.
(4) فتح المعين بنقد كتاب الأربعين ص 16.
(5) صيد الخاطر 115 و116 و181 ط: المكتبة العلمية – بيروت.
(6) الدليل القويم 51.
(7) الرسالة القشيرية ص 2.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[12 - Jul-2009, مساء 08:21]ـ
السؤال بأين الله ليس بدعةً (1)
من الأدلة الصحيحة على جواز السؤال بأين الله ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (13054) من طريق محمد بن نصر الصائغ ثنا أبو مصعب الزهري ثنا عبدالله بن الحارث الجمحي ثنا زيد بن أسلم قال مر ابن عمر براع فقال:هل من جزرة؟ فقال ليس ها هنا ربها قال ابن عمر تقول له أكلها الذئب قال فرفع رأسه الى السماء وقال فأين الله؟ فقال أنا والله أحق أن أقول أين الله؟ واشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم
قال الألباني في مختصر العلو ((رجاله ثقات مترجمون في التهذيب إلا شيخ الطبراني وهو ثقة مترجم في تاريخ بغداد))
قلت: تأمل معي رفع رأسه الى السماء حينما قال فأين الله مما يدل أن المتقرر عندهم هو أن الله في السماء
الدليل الثاني:
ما رواه أحمد مسنده (4/ 11 - 12) الترمذي (3109) وحسنه وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية (1/ 64) من حديث وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول أين كان ربنا قبل أن يخلق؟ قال ((كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء))
قلت هذا حديث حسن أعله جمع من الأفاضل بجهالة وكيع بن عدس ويقال حدس والصواب أنه معروف ذكره ابن حبان في كتاب مشاهير علماء الأمصار (ص124) وقال انه من الأثبات وقال عنه الجورقاني في كتابه الأباطيل و المناكير والصحاح المشاهير (1/ 232) صدوق صالح الحديث وصحح له الترمذي وابن خزيمة _ كما في التذييل على كتب الجرح والتعديل ص125 _
والجوزقاني هذا صنفه التهانوي مع المتشددين في كتابه ((قواعد في علم الحديث)) ص191 وأقره المحقق عبدالفتاح أبو غدة
وقد صحح هذا الحديث ابن جرير الطبري في تاريخه (1/ 19)
-------
(1) هذا الفصل نقلته من كتاب (الدفاع عن حديث الجارية) للأخ الفاضل: عبد الله خليفي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[12 - Jul-2009, مساء 11:22]ـ
الإعتراض الثامن:
شبهاتهم حول حديث النزول.
قبلَ البدءِ بذكرِ الشُّبهاتِ الواردةِ على حديثِ النزولِ والردِّ عليها أذكرُ كلامًا نفيسًا يزيلُ كثيرًا منَ الشُّبهاتِ في هذا البابِ وغيرهِ.
اعلمْ رحمكَ اللهُ بأنَّ صفاتِ الله لا يتوهَّمُ فيها شيءٌ منْ خصائصِ المخلوقينَ لا في لفظهَا ولا في ثبوتِ معناهَا. فإثباتهَا للرَّبِّ تعالى لا محذورَ فيهِ بوجهٍ، بلْ تثبتُ لهُ على وجهٍ لا يماثلُ فيها خلقهُ، ولا يشابههم، فمنْ نفاها عنهُ لإطلاقهَا على المخلوقِ ألحدَ في أسمائهِ، وجحدَ صفاتِ كمالهِ. ومنْ أثبتهَا على وجهٍ يماثلُ فيها خلقهُ فقدْ شبَّههُ بخلقهِ، ومنْ شبَّهَ الله بخلقهِ فقدْ كفرَ، ومنْ أثبتهَا لهُ على وجهٍ لا يماثلُ فيها خلقهُ، بلْ كما يليقُ بجلالهِ وعظمتهِ فقد برىءَ من فرثِ التَّشبيهِ ودمِ التَّعطيلِ، وهذا طريقُ أهلِ السنَّةِ.
فما لزمَ الصفَّة لإضافتها إلى العبدِ وجبَ نفيهُ عَنِ الله كما يلزمُ حياةُ العبدِ منَ النَّومِ والسِّنةِ والحاجةِ إلى الغذاءِ والمرضِ والموتِ، وكذلكَ علمهُ محفوفٌ بنقصينِ: جهلٌ سابقٌ، ونسيانٌ لاحقٌ؛ وكذلكَ ما يلزمُ إرادتهُ عنْ حركةِ نفسهِ في جلبِ ما ينتفعُ بهِ ودفعِ ما يتضررُ بهِ، وكذلكَ ما يلزمُ علوُّهُ من احتياجهِ إلى ما هو عالٍ عليهِ وكونهِ محمولًا بهِ مفتقرًا إليهِ محاطًا بهِ، كلُّ هذا يجبُ نفيهُ عنِ القدُّوسِ السَّلامِ - تباركَ وتعالى ـ.
فإذا أحطتَ بهذهِ القاعدةِ خبرًا وعقلتهَا كما ينبغي خلصتَ مِنَ الآفتينِ اللتينِ هما أصلُ بلاءِ المتكلِّمينَ، آفةُ التَّعطيلِ وآفةُ التَّشبيهِ، فإنَّكَ إذا وفَّيتَ هذا المقامَ حقَّهُ أثبتَ لله الأسماءَ الحسنى والصفِّاتِ العلى حقيقةً، فخلصتَ مِنَ التَّعطيلِ ونفيتَ عنهَا خصائصَ المخلوقينَ ومشابهتهم فخلصتَ مِنَ التَّشبيهِ.
فعليكَ بمراعاةِ هذا الأصلِ والاعتصامِ بهِ، واجعلهُ جُنَّتَكَ التي ترجعُ إليهَا في كلِّ ما يطلقُ على الرَّبِّ تعالى وعلى العبدِ.
وبعدَ هذا الكلامِ النَّفيسِ نذكرُ شبهاتِ القومِ ونأتي عليهَا مِنَ القواعدِ بإذنِ العليِّ الأعلى الكبيرِ المتعالِ سبحانه وتعالى.
الشبهة الأولى: تأويلهم للنزول على أنه نزول الملك أو الأمر من الله أو الرحمة.
والرد على هذا التأويل المعتزلي الأشعري من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن أمره وملائكته ورحمته دائما تنزل أناء الليل وأطراف النهار وفي كل ساعة فلما تخصيص الثلث الأخير من الليل فقط؟!
قال الطبري رحمه الله (((ويهبط إلى السماء الدنيا وينزل إليها كل ليلة, ولا نقول: معنى ذلك ينزل أمره, بل نقول: أمره نازل إليها كل لحظة وساعة وإلى غيرها من جميع خلقه الموجودين مادامت موجودة. ولا تخلو ساعة من أمره, فلا وجه لخصوص نزول أمره إليها وقتا دون وقت, مادامت موجودة باقية)) (25).
قال ابن عبد البر رحمه الله ((وقد قال قوم: إنه ينزل أمره وتنزل رحمته ونعمته. وهذا ليس بشيء ,لأن أمره بما شاء من رحمته ونقمه ينزل بالليل والنهار بلا تقويت ثلث الليل ولا غيره)) (26)
وقال ابن خزيمة ((وأنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا, ومن زعم أن علمه ينزل أو أمره ضل) (27)
الوجه الثاني: كيف نجيب عن قوله " من يدعوني. . .إلخ" فهل يعقل أن يكون هذا قول الملك؟ فإنه حينئذ يكون كافراً. قال تعالى {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ}.
الوجه الثالث: أن ألفاظ الحديث تبطل التأويل بنزول الملك, ففي بعض الروايات أن الرب تعالى يقول (أنا الملك, أنا الملك, من يدعوني فأستجيب له) (28 (
وفي بعضها أن تعالى يقو ((لا أسأل عن عبادي أحدا غيري)) (29)
وكلاهما صحيح.
قال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله ((وهذان الحديثان يقطعان تأويل كل متأول ويدحضان حجة كل مبطل))
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلوم أن الكلام المذكور في الحديث هو كلام الله الذي لا يقوله غيره فإن الملك لا يقول ((لا أسأل عن عبادي أحدا غيري)) ولا يقول ((من يسألني فاعطينه)). بل الذي يقول الملك:ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)) وذكر البغض مثل ذلك.
فالملك إذا نادى عن الله لا يتكلم بصيغة المخاطب, إنما يقول: إن الله أمر بكذا وكذا وقال بكذا.
والسلطان إذا أمر خادمه بشيء فإن الخادم لن يقول مباشرة كذا كذا بل يقول: قال لكم السلطان كذا وكذا.
الوجه الرابع: أنه قال ((من ذا يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطينه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر)) ومعلوم أنه لا يجيب الدعاء ولا يغفر الذنوب إلا الله تعالى.
الوجه الخامس: نزول رحمته وأمره لا يكون إلا منه وهذا يقتضي أن الله في العلو ,وإلا من تنزل الرحمة؟!!
ولهذا قال بعض النفاة لبعض المثبتين: ينزل أمره ورحمته, فقال المثبت: فممن ينزل؟ ما عندك فوق العالم شيء ,فممن ينزل الأمر؟ من العدم المحض؟؟؟ فبهت النافي وكان كبيرا فيهم (31)
قال الإمام الدارمي رحمه الله (ونفس الحديث يبطل هذا التفسير ويكذبه, غير أنه أغيظ حديث للجهمية, وأنقض شيء لدعواهم, لأنهم لا يقرون أن الله فوق عرشه فوق سمواته, ونفس الحديث ناقض لدعواهم وقاطع لحججهم) (32)
الوجه السادس: لو كان النزول هو نزول الملائكة والرحمة والأمر لكان أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي تركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك فلا شك أن صرف النصوص المحكمة الصريحة عن ظاهرها يعتبر تحريفا للشرع وتكذيب للإسلام شعروا بذلك أم لم يشعروا.
الوجه السابع: إن سلف الأمة وأئمتها مجمعون على إثبات صفة النزول لله تعالى من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل. ولم يثبت عن أي واحد منهم أنه تأول شيئا من الصفات ألبتة
بل الثابت عن السلف والأئمة أنه لما ظهرت الجهمية والزنادقة وأنكروا نزول الله تعالى ردوا عليهم وشنعوا عليهم وبينوا أن الله عز وجل ينزل إلى السماء دنيا نزولا حقيقيا يليق بجلاله وعظمته.
حدث الإمام حماد بن سلمة رحمه الله (167ه) بحديث النزول ثم قال ((من رأيتموه ينكر هذا فاتهموه) (33)
وقال الإمام نعيم بن حماد رحمه الله ((228ه) http://www.shobohat.com/vb/images/smilies/frown.gif( حديث نزول يرد على الجهمية قولهم)) (34)
وأفرد الإمام أبو داود في (كتاب السنة) بابا في الرد على الجهمية وأورد حديث النزول (11).
وقال عباد بن العوام ((قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة , فقلت له: يا أبا عبد الله إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث (أي أحاديث النزول) قال: فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا. وقال: أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمن أخذوا)) (35)
وقد وقع بين إسحاق بن راهويه وبين إبراهيم بن صالح المعتزلي، وبينه وبين منصور بن طلحة أيضاً منهم كلام، بعضه عند عبد الله بن طاهر بن عبد الله المعتزلي، وبعضه عند أبيه طاهر بن عبد الله.
قال إسحاق بن راهويه: جمعني وهذا المبتدع ـ يعني إبراهيم بن صالح ـ مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها، فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقلت آمنت برب يفعل ما يشاء، قال فرضي عبد الله كلامي وأنكر على إبراهيم. وقد أخذ إسحاق كلامه هذا عن الفضيل بن عياض رحمه الله فإنه قال: إذا قال الجهمي: أنا أكفر برب ينزل ويصعد، فقل آمنت برب يفعل ما يشاء، ذكره أبو الشيخ ابن حبان في كتاب السنة.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[12 - Jul-2009, مساء 11:23]ـ
الشبهة الثانية: قولهم بأن الليل ينتقل من مكان إلى مكان
قال أحد الأحباش ((ويلزم من حديث النزول أن يكون الله فيما بين النصف الثاني من الليل والفجر مستمراً في النزول والصعود، وذلك أن الليل يختلف باختلاف البلاد، فنصف الليل في بلد هو أول النهار في بلد آخر)).
والجواب عليه:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الحافظ "وقد استشكل ذلك (الحديث) وهو أنه يستلزم استغراق الزمان كله في ذلك لاتصال الصلاة والسلام عليه الصلاة والسلام في أقطار الأرض ممن لا يحصى كثرة، وأجيب بأن أمور الآخرة لا تُدرك بالعقل، وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة" (2).
فإذا كان العقل لا يدرك كيفية رجوع الروح إلى جسد النبي فمن باب أولى أن لا يدرك كيفية نزول الله. ولكن أهل البدع يتناقضون: فتارة يقدّمون العقل على النقل وتارة يقدمون النقل على العقل وتارة يجوّزون عقلاً ما لا يجوز شرعاً وتارة يجوّزون شرعاً ما لا يجوز عقلاً.
وهذا المثال يظهر به ما تعانيه نفوسهم من مرض التشبيه، وحيازتهم لأدواء فاسدة يسمونها التأويل يظنون أن بها شفاءهم.
والحجة الدامغة في ذلك أن أفاضل هذه الأمة رووا هذا الحديث وكتبوه في كتبهم وسئلوا عن معناه فلم يعارضوه بعقولهم ولم يضربوا له مثل السوء الذي ضربتموه، بل المعروف عنهم عدم التعرض لأحاديث الصفات بما يعرض للعقول من وساوس.
ولهذا أجاب الحافظ ابن رجب (3) على من قال "إن ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين" فقال رحمه الله "معلوم بالضرورة قبح هذا الاعتراض وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه، بل بادروا إلى عقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين".
وقد رد على هذه الشبهة السخيفة شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: ((ومن هنا يظهر عما ذكره ابن حزم وغيره في حديث النزول حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له حتى يطلع الفجر ".
فقالوا: قد ثبت أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس فيكون أوله ونصفه وثلثه بالمشرق قبل أوله ونصفه وثلثه بالمغرب قالوا فلو كان النزول هو النزول المعروف للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل إذ لا يزال في الأرض ليل قالوا أو لا يزال نازلا وصاعدا وهو جمع بين الضدين.
وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم وهذا عين التمثيل ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يومالقيامة كل منهم يراه مخليا به ويناجيه لا يرى أنه متخليا لغيره ولا مخاطب لغيره, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبدي ".
فكل من الناس يناجيه والله تعالى يقول لكل منهم ذلك ولا يشغله شأن عن شأن, وذلك كما قيل لابن عباس كيف يحاسب الله تعالى الخلق في ساعة واحدة فقال: كما يرزقهم في ساعة واحدة.
ومن مثل مفعولاته التي خلقها بمفعولات غيره فقد وقع في تمثيل المجوس القدرية فكيف بمن مثل أفعاله بنفسه أو صفاته بفعل غيره وصفته.
يقال لهؤلاء أنتم تعلمون أن الشمس جسم واحد وهي متحركة حركة واحدة متناسبة لا تختلف ثم إنه بهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم , وغاربة عن آخرين, وقريبة من قوم وبعيدة من آخرين؛ فيكون عند قوم عنها ليل وعند قوم نهار وعند قوم شتاء وعند قوم صيف وعند قوم حر وعند قوم برد؛ فإذا كانت حركة واحدة يكون عنها ليل ونهار في وقت واحد لطائفتين وشتاء وصيف في وقت واحد لطائفتين فكيف يمتنع على خالق كل شيء الواحد القهار أن يكون نزوله إلى عباده ونداه إياهم في ثلث ليلهم, وإن كان مختلفا بالنسبة إليهم وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن ولا يحتاج أن ينزل عن هؤلاء ثم ينزل على هؤلاء بل في الوقت الواحد الذي يكون ثلثا عند هؤلاء وفجرا عند هؤلاء يكون نزوله إلى سماء هؤلاء الدنيا وصعوده عن سماء هؤلاء الدنيا فسبحان الله الواحد القهار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ".
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[12 - Jul-2009, مساء 11:36]ـ
الشبهة الثالثة: احتجاجهم بما رواه النسائي في (عمل اليوم والليلة) http://www.shobohat.com/vb/images/smilies/frown.gif( أن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا ينادي فيقول هل من داع فيستجاب له)).
والجواب على ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: أن هذه الرواية لا ذكر فيها: لا لنزول الله ولا نزول الملك، فمن أين حكمت بأن النزول هو نزول الملك بأمره؟ فالتعويل على هذه الرواية يلغي موضوع النزول برمته.
ثانياً: أنه تفرد بهذه اللفظة حفص بن غياث (38) وهو ممن تغير حفظه قليلا بأخرة, وخالفه غير واحد من الثقات ,مثل: شعبة ومنصور بن المعتمر وفضيل بن غزوان ومعمر بن راشد, فرووه بلفظ ((إن الله يمهمل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول ,نزل إلى السماء الدنيا, فيقول: هل من مستغفر .... )).
فروايته السابقة شاذة وإن صحت فلها وجه وهو:
الثالث: إن هذا إن كان ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرب يقول ذلك, .. ويأمر مناديا فينادي ... لا أن المنادي يقول ((من يدعوني فاستجيب له)) ومن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنادي يقول ذلك فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه-مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذي نقلته الأمة خلفا عن السلف-فاسد في المعقول, يعلم أنه من كذب بعض المبتدعين, كما روى بعضهم ((يُنزِّلٌ)) بالضم وكما قرأ بعضهم (وكلم اللهَ موسى تكليما)) (39) ونحو ذلك من تحريفهم للفظ والمعنى.
الرابع: أن الرواية على ضعفها خبر آحاد وتمسككم ينقض ما زعمتم التزامه وهو عدم الاحتجاج بحديث الآحاد في العقائد.
الخامس: أن تحريفكم هذا يحقق حكم أبي الحسن الأشعري فيكم أنكم من أهل الزيغ والضلالة. فقد روى الحافظ ابن عساكر عن أبي الحسن الأشعري أن الله هو الذي "يقول (هل من سائل هل من مستغفر) خلافاً لما قاله أهل الزيغ والضلالة (40)
وقال "ومما يؤكد أن الله عز وجل مستو على عرشه دون الأشياء كلها، ما نقله أهل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا (41)
فاعدد: كم من المسائل خالفت بها الأشعري ووافقت بها المعتزلة.
الشبهة الرابعة: قولهم ((هل يستلزم نزول الله عز وجل أن يخلو العرش منه أو لا؟)).
والجواب:
((علينا أن نثبت النزول على الوجه الذي يليق بالله، ومع كونه استوى على العرش، فهو ينزل كما يليق به عز وجل ليس كنزولنا، إذا نزل فلان من السطح خلا منه السطح، وإذا نزل من السيارة خلت منه السيارة فهذا قياس فاسد له؛ لأنه سبحانه لا يقاس بخلقه، ولا يشبه خلقه في شيء من صفاته. كما أننا نقول استوى على العرش على الوجه الذي يليق به سبحانه، ولا نعلم كيفية استوائه، فلا نشبهه بالخلق ولا نمثله، وإنما نقول استوى استواء يليق بجلاله وعظمته، ولما خاض المتكلمون في هذا المقام بغير حق حصل لهم بذلك حيرة عظيمة حتى آل بهم الكلام إلى إنكار الله بالكلية، حتى قالوا: لا داخل العالم ولا خارج العالم، ولا كذا ولا كذا، حتى وصفوه بصفات معناها العدم وإنكار وجوده سبحانه بالكلية، ولهذا ذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل السنة والجماعة تبعاً لهم فأقروا بما جاءت به النصوص من الكتاب والسنة، وقالوا لا يعلم كيفية صفاته إلا هو سبحانه، ومن هذا ما قاله مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) يعني عن الكيفية، ومثل ذلك ما يروى عن أم سلمة رضي الله عنها عن ربيعه بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رحمهما الله: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان بذلك واجب)، ومن التزم بهذا الأمر سلم من شبهات كثيرة ومن اعتقادات لأهل الباطل كثيرة عديدة، وحسبنا أن نثبت ما جاء في النصوص وأن لا نزيد على ذلك، وهكذا نقول يسمع ويتكلم ويبصر، ويغضب ويرضى على وجه يليق به سبحانه، ولا يعلم كيفية صفاته إلا هو، وهذا هو طريق السلامة وطريق النجاة، وطريق العلم وهو مذهب السلف الصالح، وهو المذهب الأسلم والأعلم والأحكم، وبذلك يسلم المؤمن من شبهات المشبهين، وضلالات المضللين، ويعتصم بالسنة والكتاب المبين، ويرد علم الكيفية إلى ربه سبحانه وتعالى، والله سبحانه ولي التوفيق.)) من فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله.
الشبهة الخامسة: قولهم بأن النزول يقتضي الحركة والإنتقال وهذا من خصائص الأجسام.
والجواب من عدة أوجه:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالحق ,وأنصح الخلق للخلق, وأفصح الخلق في بيان الحق, وأحرص الخلق في هداية الخلق, فما بينه من أسماء الله وصفاته هو الغاية في هذا الباب"فإن كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس ,وأجهلهم وأسوئهم أدبا, بل يجب تأديبه وتعزيره, ويجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة, والإعتقادات الفاسدة" (42)
ولفظ (الحركة) لم يثبت لا في الكتاب ولا في السنة وبالتالي هو لفظ مجمل يجب الإستفصال في معناه في إن كان حق قبلناه وإن كان باطلا رددناه.
فإن كان قصدكم بالحركة أن الله إستوى العرش وكلم موسى وينزل كل ليلة في الثلث الأخير وأنه خلق السموات وخلق الخلق وأنه أنزل الله الكتب وأنه يجيء يوم القيامة ليحاسب العباد فهذا المعنى حق دل عليه الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ((واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله. وهذه النصوص في إثبات الفعل، والمجيء، والاستواء، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة)) (1).
أما إذا كنتم تقصدون بلفظ (الحركة) أن الله يماثل أحد مخلوقاته في شيء من صفاتهم فهذا المعنى باطل ننكره والإمام الدارمي ينكره كذلك.
لكن اللفظ حادث وموقف أهل السنة من الألفاظ الحادثة هو:
- إما نفيها تماما والوقوف على الألفاظ الواردة فقط
- إما إثبات المعنى الصحيح منها وترك المعنى الخاطئ وإبقاء اللفظ (وهذه طريقة الدارمي)
- إما إثبات المعنى الصحيح والوقف عن اللفظ وعدم القول به (وهذه طريقة بعض السلف وطريقة ابن تيمية رحمه الله).
الثاني: إن الإنتقال إن لزم من إثبات ما أثبته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ,فلا بد من إثباته ضرورة ,إذ لا زم الحق حق, وإن لم يكن ذلك لازم له, فأنتم معترضون على الرسول صلى الله عليه وسلم كاذبون عليه, متقدمون بين يديه, فبطل إلزامك إن صح.
قال ابن رجب رحمه الله: (لا نسلم لزومه, فإن نزوله ليس كنزول المخلوقين) (43)
وقال الحافظ الذهبي http://www.shobohat.com/vb/images/smilies/frown.gif (( الصواب في حديث النزول ونحوه ما قاله مالك وأقرانه يُمر كما جاء بلا كيفية , و لازم الحق حق , و نفي الإنتقال و إثباته عبارة محدثة , فإن ثبتت في الأثر رويناها و نطقنا بها , و ان نفيت في الأثر نطقنا بالنفي , و إلا لزمنا السكوت و آمنا بما ثبت في الكتاب و السنة على مقتضاه " اهـ (44)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((والأحسن في هذا الباب مراعاة ألفاظ النصوص. فالألفاظ التي جاء بها الكتاب والسنة في الإثبات تثبت ,والتي جاءت في النفي تنفى.والألفاظ المجملة كلفظ (الحركة) و (النزول) و (الإنتقال) يجب أن يقال فيها: أنه منزه عن مماثلة المخلوقين من كل وجه, لا يماثل المخلوق لا في نزول, ولا في حركة ولا انتقال ولا زوال ولا غير ذلك (45).وهذه سبيل من اعتصم بالعروة الوثقى (46))).
الثالث: يقال لهم: رب العالمين إما أن يقبل الاتصاف بالإئتيان والمجيء والنزول وجنس الحركة, وإما أن لا يقبله, فإن لم يقبله كانت الأجسام التي تقبل الحركة ولم تتحرك أكمل منه, وإن قبل ذلك ولم يفعله كان ما يتحرك أكمل منه, فإن الحركة كمال للمتحرك, ومعلوم أن من يمكنه أن يتحرك بنفسه أكمل ممن لا يمكنه التحرك ,وما يقبل الحركة أكمل ممن لا يقبها (47)
قال ابن القيم رحمه الله: ((ومن نزهه عن نزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا, ودنوه عشية عرفة من أهل الموقف, ومجيئه يوم القيامة للقضاء بين عباده فرار من تشبيهه بالأجسام, فقد شبهه بالجماد الذي لا يتصرف ولا يفعل ولا يجيئ ولا يأتي ولا ينزل)) (48).
الرابع: قولكم أن هذه الأمور كالمجيئ والإتيان والنزول من خصائص أجسام قول باطل قطعا لأن الأعراض كذلك توصف بذلك فيقال: جاء البرد ,جاء الحر, جاء الصيف ,وجاءت الحمى ... فهل هذه أجسام عندكم؟ وبالتالي قولكم هذا من الهذيان والهراء والحمد لله.
الخامس: أن يقال: المجيء والإتيان والصعود والنزول توصف بها روح الإنسان التي تفارقه بالموت, وتسمى النفس, وتوصف به الملائكة.وليس نزول الروح وصعودها من جنس نزول البدن وصعوده, فإن روح المؤمن تصعد إلى فوق السموات ثم تهبط إلى الأرض فيما بين قبضها ووضع الميت في قبره.وهذا زمن يسير لا يصعد البدن إلى فوق السماوات ثم ينزل إلى الأرض في مثل هذا الزمن.
وإذا كانت الروح تعرج إلى السماء مع أنها في البدن، علم أنه ليس عروجها من جنس عروج البدن الذي يمتنع هذا فيه. وعروج الملائكة ونزولها من جنس عروج الروح ونزولها، لا من جنس عروج البدن ونزوله. وصعود الرب عز وجل فوق هذا كله وأجل من هذا كله؛ فإنه تعالى أبعد عن مماثلة كل مخلوق من مماثلة مخلوق لمخلوق.
فتدبر أيها القارئ اللبيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[12 - Jul-2009, مساء 11:37]ـ
الشبهة السادسة: هل النزول يستلزم أن تكون السماء الدنيا تقله، والسماء الثانية فوقه؟
والجواب ماقاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة السفارينية:272: لا يلزم، بل نعلم أنه لا يمكن، وذلك لأنه لو أقلته السماء الدنيا لكان محتاجاً إليها، ولو أقلته السماء الثانية لكانت فوقه، والله سبحانه وتعالى له العلو المطلق أزلاً وأبداً، إذاً فليست السماء الدنيا تقله ولا السماء الأخرى تظله.
المبحث الثالث: هل إذا نزل إلى السماء الدنيا يخلو منه العرش أو لا يخلو؟
في هذا ثلاثةُ أقوال لعلماء السنة:
• فمنهم من قال: إن العرش يخلو منه.
• ومنهم من قال: إن العرش لا يخلو منه.
• ومنهم من توقف.
فأما الذين قالوا: إن العرش يخلو منه، فقولهم باطل، لأن الله أثبت أنه استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض، ولم ينفِ هذا الاستواء في الحديث حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ينزلُ ربنا إلى السماء الدنيا)، فوجب إبقاء ما كان على ما كان، وليس الله عز وجل كالمخلوقات، إذا شغل حيزاً فرغ منه الحيز الآخر، نعم، نحن إذا نزلنا مكاناً خلا منا المكان الآخر، أما الله عز وجل فلا يقاس بخلقه. فهذا القول باطل لا شك فيه.
ويبقى النظر في القولين الآخرين، وهما: التوقف، أو أن نقول: إنه لا يخلو منه العرش.
فذهبت جماعة من العلماء رحمهم الله إلى التوقف، وقالوا: ما لنا ولهذا السؤال أصلاً. ولا ينبغي أن نورد هذا السؤال؛ لأننا لسنا أشد حرصاً على العلم بالله من الصحابة رضي الله عنهم، ولم يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام عن هذا، فنقول: هذا السؤال من أصله غير وارد، ونقول لمن أورده: أنت مبتدع ودعنا من هذا.
وعندي أن هذه الطريقة أسلم طريقة؛أن لا نسأل عن شيء لم يسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم، وأن نلقم من سأل عنه حجراً، فإذا قال قائل: أنا أريد المعقول، قلنا: اجعل عقلك في نفسك، وفكر في نفسك، أما في مثل هذا الأمر فلا تفكر فيه ما دام لم يأتك خبر عنه.
وللأسف فإن بعض الناس يجادل ويقول: دعوني أتصور النزول حقيقة حتى أتبين هل خلا منه العرش أم لا؟، فنقول: سبحان الله! ألا يسعك ما وسع الصحابة رضي الله عنهم؟ اسكت واترك هذا الكلام الذي لم يقله الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وهم أشد الناس حرصاً على العلم بالله، وأعلم الناس بالله.
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يخلو منه العرش، لأن الله تعالى ذكر أنه استوى على العرش حين خلق السموات والأرض، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا نزل خلا منه العرش، فالواجب بقاء ما كان على ما كان، فهو سبحانه استوى على العرش، ولم يزل مستوياً عليه، وينزل إلى السماء الدنيا في هذا الوقت، والله على كل شيء قدير، وهو سبحانه لا يقاس بخلقه.
كما إننا نقول جزماً: إنه إذا نزل إلى السماء الدنيا لم يكن نازلاً على المخلوقات، بل هو فوق كل شيء، وإن كان نازلاً إلى السماء الدنيا؛ لأن الله لا يقاس بخلقه، والى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن العرش لا يخلو منه. ولكني أميل إلى ترجيح القول الثاني وهو التوقف وألا يورد هذا السؤال أصلا، وإذا كان الإمام مالك رحمه الله لما قال له القائل: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال: السؤال عن هذا بدعة، فإننا نقول في هذا: السؤال عنه بدعة.
الشبهة السابعة: نسبتهم التأويل للإمام مالك رحمه الله
قال الحبشي "فقد ثبت التأويل عن مالك في حديث النزول أنه قال: نزول رحمة لا نزول نقلة" (49)
وقوله هذا مردود من وجوه عديدة:
أولاً: أن هذه الرواية إن صحت (وهي ضعيفة السند) تعارض رواية مالك الصحيحة المشهورة في الاستواء.
والأشاعرة تتناقض موافقهم ففي حديث العلو يحتجون بقول مالك (وكيف عنه مرفوع) وفي حديث النزول يجعلون الكيف معقولاً ومؤولاً بنزول الرحمة.
ففي حين ينهى مالك عن إعطاء كيفية للاستواء يجيز حسب هذه الرواية إعطاء تكييف للنزول بأنه رحمة لا نقلة. وكان بإمكانه أن يقول في الاستواء (علو مكانة لا علو جهة وتحيز). فكيف ينهى مالك عن طلب الكيفية في الاستواء ثم يفصل النزول بكيفية نزول؟ هذا تناقض!
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: أن المعتمد عند الحبشي وعند عامة الأشاعرة والماتريدية أن السلف فوضوا آيات الصفات ولم يتأولوها وإنما كان التأويل بدعة الخلف. فكيف يذهب مالك إلى قول الخلف؟
ثالثاً: أن الرواية عن مالك لم تصح، فيها حبيب بن أب حبيب قال أحمد "كان يكذب" وقال أبو داود "كان من أكذب الناس" وقال ابن حبان "أحاديثه كلها موضوعة، كان يُدخل على الشيوخ الثقات ما ليس من حديثهم" (50).
وقال الحافظ ابن عبد البر شيخ المالكية في عصره عن رواية حبيب "وأنكره آخرون فقالوا: هذا ليس بشيء لأن أمره ورحمته لا يزالان ينزلان أبداً في الليل والنهار". وشكك الذهبي في صحة الروية عن حبيب (51).
وفيها محمد بن علي الجبلّي فقيل إنه كان رافضياً شديد الرفض (52).
وفيها جامع بن سوادة "ضعيف" (53) ومطرف بن عبد الله بن مطرف اليساري أبو مصعب المدني ابن أخت الإمام مالك: كان مضطرب الحديث وكان يحدث عن مالك وغيره بالمناكير فلعل هذا من مناكيره (54).
فرواية الاستواء قد تلقاها سائر أهل العلم بالقبول وتواترت عندهم. أما رواية النزول فهي واهية معلولة لو صحت لكانت شاذة فكيف وقد ثبت ضعفها!
رابعاً: أن الثابت عن مالك خلاف ذلك، فقد ذكر البيهقي صفات الفوقية والنزول والإتيان، ثم روى بسنده عن الوليد بن مسلم قال: سئل الأوزاعي ومالك والثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا "أمرّوها كما جاءت" (55).
هكذا أثبته الصابوني عنهم في كتابه عقيدة السلف وأصحاب الحديث، وأثبته ابن عبد البر عن مالك: وهو أعلم بمذهب مالك من غيره.
ولذا حكى الشيخ عبد القادر الجيلاني عقيدة أهل السنة وذكر منها إيمانهم بأنه تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء، ونسب تأويل النزول بنزول الرحمة إلى الأشاعرة والمعتزلة (56).
خامساً: أن مالكاً لم يتأول صفة الاستواء حين سأله السائل عن كيفية الاستواء، وإنما اكتفى بالقول: الاستواء معلوم والكيف مجهول. ولو كان متأولاً شيئاً من صفات الله لتأول صفة الاستواء من باب أولى. وسئل أبو حنيفة عن النزول فقال "ينزل بلا كيف" فأثبت أبو حنيفة النزول ولم يبطله بنزول الملك بأمره أو نزول رحمته. وليس من العقل الجمع بين النقيضين كأن نقول: ينزل، ولكن ينزل الملك بأمره!
ـ أن تأويل النزول بنزول الرحمة باطل فإن الرحمة لا ينقطع نزولها. وتأويلها بنزول الملائكة أكثر بطلاناً فإن الملائكة لا تزال تنزل بالليل والنهار وليس في الثلث الأخير من الليل فقط.
ـ وقولهم ينزل أمره باطل ومتناقض فإنه ليس عندهم في السماء شيء فمن أين ينزل أمره؟ أليس ينزل الأمر ممن هو فوق؟.
ـ ومن المعلوم عند أهل الكلام أن الرحمة صفة، وأن الصفة لا تقوم بنفسها بل لا بد لها من محل، وهي لا تتكلم بنفسها ولا تقول أنا الله، فالقائل هو الله حقيقة والفاعل هو الله حقيقة. ثم إذا نزلت الرحمة إلى السماء الدنيا ولم يتنزل إلينا فأي منفعة لنا في ذلك؟
سابعاً: أنه إذا ثبت عن مالك وأحمد وغيرهما تأويل شيء في موارد النزاع فهو تنازع يُرَدّ إلى الكتاب والسنة. وهو تنازع مسبوق بتنازع الصحابة في تفسير القرآن وغيره. فقد اختلف ابن عباس وابن مسعود في قوله تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} قال ابن عباس "هو دخان يجيء قبل يوم القيامة، بينما قال ابن مسعود "هو ما أصاب قريشاً من الجوع.
ـ وروى البخاري عن الفضيل بن عياض أنه قال "إذا قال لك الجهمي أننا لا نؤمن بربٍ ينزل عن مكانه فقل له أنت: أنا أؤمن بربٍ كيف يشاء" (57).
وسئل ابن المبارك عن حديث النزول – كيف ينزل؟ فأجابك "ينزل كيف يشاء" (58).
ـ فلماذا الميل إلى تأويل صفة النزول؟ أخوفاً من التشبيه، فإنه لا يعتبر تشبيهاً إلا عند أهل الوسوسة. فكما أنهم يؤمنون بإرادةٍ لله ليست كإرادتنا وبكلام ليس ككلامنا: فما الذي يمنعهم أن يؤمنوا بنزول ليس كنزولنا وباستواء ليس كاستوائنا؟!
وأما احتجاجهم بقول الحافظ ابن حجر أن "المشبهة حملوا النزول على ظاهره" (59).
والجواب: أننا نحتج عليكم وعلى الحافظ رحمه الله بقوله هو "أن المعتزلة والجهمية تذرّعوا بالذريعة عينها فقالوا من أثبت هذه الصفات فهو مشبّه. ثم نقل عن الجويني ارتضاؤه في نهاية المطاف ترك 60 (().
(يُتْبَعُ)
(/)
ونقول: نعم، من حمله على ظاهره من غير الضابط الحاسم للنزاع وهو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فهو مشبه حقاً، أما أهل السنة والجماعة فإنهم يراعون هذه الآية دائماً عند إثبات كل صفة أثبتها الله لنفسه.
-----
(25) التبصير في معالم الدين 'ص142 - 147) طبعة دار العاصمة 1416
(26) الاستذكار (8/ 148).
(27) تذكرة الحفاظ (2/ 728).
(28) أخرجه مسلم (758) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(29) أخرجه النسائي في (اليوم والليلة) (475) والدارمي (1481و1482) وأحمد (4/ 16 - 17) (16265و16268) وصححه الألباني.
(31) مجموع الفتاوى (5/ 416).
(32) نقضه على المريسي (1/ 500).
(33 9) سير أعلام النبلاء (7/ 451).
(34) التمهيد (7/ 44)
(35 1) سنن أبي داود (4/ 243) (4733)
(36) رواه البيهقي في الأسماء والصفات (949) بسند صحيح
(37) بيان تلبيس الجهمية (2|229)
(38) وقد حكم بضعف اللفظة المذكورة الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (3897)
(39) النساء164 وتوجيه التحريف نصب لفظ الجلالة على أنه مفعول ورفع موسى على أنه الفاعل وهذا من تحريفات المعتزلة ..
(40) تبيين كذب المفتري ص 161 الإبانة 25.
(41) الإبانة 88 وانظر مقالات الإسلاميين 290 - 291.
(42) مجموع الفتاوى (18/ 129 - 130).
(43) الذيل على طبقات الحنابلة (4/ 34).
(44) المهذب في اختصار السنن الكبير (2/ 470)
(45) مجموع الفتاوى (16/ 426)
(46) مجموع الفتاوى (16/ 432)
(47) مجموع الفتاوى (8/ 23).
(48) طريق الهجرتين ص295
(49) الدليل القويم 49.
(50) تهذيب التهذيب 2/ 181 وانظر التقريب (1087).
(51) التمهيد 7/ 143 سير أعلام النبلاء 8/ 105.
(52) انظر ترجمته: تاريخ بغداد 3/ 101 - 103 والمنتظم لابن الجوزي 8/ 135 وميزان الاعتدال 3/ 657 ولسان الميزان 5/ 343 ترجمة رقم (7805).
(53) ميزان الاعتدال 1/ 387 لسان الميزان 2/ 119 ترجمة رقم (1896).
(54) الكامل لابن عدي 6/ 2374 ميزان الاعتدال 4/ 124 تهذيب التهذيب 10/ 175.
(55) الأسماء والصفات 569.
(56) الغنية لطالبي طريق الحق 57.
(57) رواه البخاري في خلق أفعال العباد ص 17 وشرح اعتقاد أهل السنة للالكائي 3/ 452 وعقيدة السلف للصابوني 1/ 118 واحتج بها الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه الغنية لطالبي الحق (ص 58) وانظر الأسماء والصفات للبيهقي 569 أو 2/ 197 تحقيق حيدر.
(58) رواه البيهقي في الأسماء والصفات 569 نسخة حيدر 2/ 198 - 199 وهذا القول من ابن المبارك يبطل تحريف الأشاعرة لقول السلف (بلا كيف).
(59) مجلة منار الهدى 11/ 28.
(60) فتح الباري 13/ 407.
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[13 - Jul-2009, مساء 05:47]ـ
لا تعارض بين النزول والعلو
لا تعارضَ بينَ نزولهِ تعالى إلى السَّماءِ الدُّنيا في الثلثِ الأخيرِ منْ كلِّ ليلةٍ مع اختلافِ الأقطارِ، وبينَ استوائهِ عزَّ وجلَّ على العرشِ؛ لأنَّهُ سبحانهُ لا يشبهُ خلقهُ في شيءٍ منْ صفاتهِ، ففي الإمكانِ أن ينزلَ كمَا يشاءُ نزولًا يليقُ بجلالهِ في ثلثِ الليلِ الأخيرِ بالنسبةِ إلى كلِّ قطرٍ، ولا ينافي ذلكَ علوَّهُ واستواءهُ على العرش، لأننا في ذلكَ لا نعلمَ كيفيَّةَ النزولِ، ولا كيفيَّةَ الاستواءِ، بلْ ذلكَ مختصٌّ بهِ سبحانهُ، بخلافِ المخلوقِ فإنَّهُ يستحيلُ في حقِّهِ أنْ ينزلَ في مكانٍ ويوجدُ بمكانٍ آخر في تلكَ اللحظةِ كمَا هو معلومٌ، إلَّا الله عزَّ وجلَّ، فهوَ على كلِّ شيءٍ قدير. ولا يقاسُ ولا يمثَّلُ بهم لقوله عزَّ وجلَّ: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ} [النحل: 74]، وقولهِ سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] [1].
قال إسْحاق بنُ راهويه رحمه الله (238هـ): دخلتُ على ابنِ طاهرٍ فقال: ما هذه الأحاديث؟ تروونَ أنَّ الله ينْزلُ إلى السَّماءِ الدُّنيا؟ قلتُ: نعمْ، رواها الثقاتُ الذينَ يروونَ الأحْكامَ. فقالَ: ينْزلُ ويدعُ عرْشهُ؟ فقلتُ: يقْدرُ أنْ ينزلَ منْ غيرِ أنْ يخلوَ منهُ العرشُ؟ قال: نعمْ. قلتُ: فلمَ تتكلَّم في هذَا [2].
قال شيخُ الإسلامِ رحمه الله: وعبدُ الله بنُ طاهرٍ - وهوَ منْ خيارِ منْ وليَ الأمرَ بخراسان - كانَ يعْرفُ أنَّ اللهَ فَوْقَ العَرْشِ، وأشْكلَ عليهِ أنَّهُ ينزلُ لتوهمهِ أنَّ ذلكَ يقْتضي أنْ يخْلوَ منهُ العرشُ، فأقرَّهُ الإمامُ إسحاقُ على أنَّهُ فوقَ العرشِ، وقالَ لهُ: يقدرُ أنْ ينزلَ منْ غيرِ أنْ يخلوَ منهُ العرشُ؟ فقالَ لهُ الأميرُ: نعمْ. فقالَ لهُ إسْحاق: لمَ تتكلَّمْ في هذا؟
يقولُ: فإذا كانَ قادرًا على ذلكَ لمْ يلزمْ من نزولهِ خلوُّ العرشِ منهُ، فلا يجوزُ أنْ يعترضَ على النزولِ بأنَّه يلْزمُ منهُ خلوُّ العرشِ، وكان هذا أهْونَ من اعْتراضِ منْ يقولُ: ليسَ فوقَ العرشِ شيءٌ، فينكرُ هذا وهذا [3].
وممَّا ذكرنا يتضحُ لكَ أنَّهُ لا تعارضَ بينَ نزولِ الله تبارك وتعالى واستوائهِ على العرشِ.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/ 136)، فتوى رقم (1643).
[2] أخرجه الذهبي في «العلو» (ص1125)، وصحّح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح حديث النزول» (ص152).
[3] مجموع الفتاوى (5/ 377).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[13 - Jul-2009, مساء 05:52]ـ
الإعتراض التاسع: إعتراضهم على دليل الإسراء والمعراج في إثبات العلو:
قال ابن جهبل: ((ولم يرد في حديث المعراج أن الله فوق السماء أو فوق العرش حقيقة ولا كلمة واحدة واحدة من ذلك)).
ومثل ذلك ذكره السقاف واحتج بحديث نقله عن الزبيدي وهو (((لا تفضلوني على يونس بن متى)) وادعى أن قرب النبي صلى الله وسلم في المعراج لا يختلف عن قرب يونس في بطن الحوت.
والجواب عليهما من أوجه:
الوجه الأول: لقد أقام السقاف الحجة على نفسه بنفسه حيث قال في ص62 ((وفي صحيح مسلم (1/ 161) عن أبي ذر قال: سألت رسول الله (ص) هل رأيت ربك، قال: " نور أنى أراه ". وفي البخاري (8/ 606) ومسلم (1/ 159) عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه هل رأى محمد (ص) ربه؟ فقالمت: لقد قف شعري مما قلت!! أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب. ثم قرأت * (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير) *. * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب))
ومن هنا تأتي حجتنا فلم يسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ((هل رأيت ربك)) بعدما علموا أنه عرج به إلى السماء؟
الجواب: أنهم يعتقدون أن الله في السماء فلما علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء فكروا في احتمال رؤيته لربه فتأمل.
الوجه الثاني: إن ألفاظ الحديث تهدم تأويلاتكما وإنكاركما للعلو مثل قوله ((ودنى الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أوأدنى)) ومنها قوله ((ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال يا محمد ماذا عهد إليك ربك قال عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة قال إن أمتك لا تستسطع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره فأشار إليه جبريل أي نعم إن شئت فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه يارب خفف عنا) الحديث.
فياليت شعري ماذا يقولان في تردد النبي صلى الله عليه وسلم بين موسى وربه صعودا وهبوطا؟.
الوجه الثالث: أما الإستدلال بحديث (لا تفضلوني على يونس بن متى) فلا دلالة فيه على إنكار العلو كما حاول أن يفعل السقاف وهنا نقول: لا ذكر في الحديث للعرش ولا للعلو ولا للسماء لا نفيا ولا إثباتا!
و هذا الحديث بهذا اللفظ لم يروه أحد من أهل الكتب التي يعتمد عليها، وإنما اللفظ الذي في الصحيح {لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى} وفي رواية {من قَالَ: إني خير من يونس بن متى فقد كذب}
وقد اختلف العلماء في فهم هذا الحديث، فبعض العلماء فهم من هذا أنه يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي: لا أحد يقول: إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير من يونس.
والبعض الآخر قالوا: إن المقصود من قوله: إني -أي المتكلم- خير من يونس بن متى، فقد كذب، ويقول الحافظ ابن حجر: الرواية الأخرى {من قَالَ: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب} هي في صحيح البُخَارِيّ وتدل عَلَى أن المقصود من قوله "إني" أي المتكلم، لأنه يقول: من قال "أنا"، فأي أحد من النَّاس يقول: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب، لكن يُقال له:
وعَلَى فرض أنها ثبتت، فإن هذا المعنى الذي فهمه بعض العلماء، ليس عَلَى إطلاقه، لكن عَلَى فرض ذلك فلا يكون تفسيره بأن قرب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ربه ليلة الإسراء والمعراج مثل قرب يونس، وهو في بطن الحوت، هذا المعنى باطل؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما اختص الملائكة قَالَ: وَمَنْ عِنْدَهُ [الأنبياء:19] وقَالَ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب [فاطر:10].
فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما عرج به إِلَى السماء كَانَ في موضع التكريم، وهناك ما يدل عَلَى أن العلو كلما كَانَ أكثر، كلما كَانَ فيه تكريم، وقرب من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عنده، ولهذا سمى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الملأ الأعلى بهذا الإسم، لأنهم أعلى من أهل الدنيا لقربهم منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكما جَاءَ في الحديث الآخر {وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه}.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالشاهد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما وصل إِلَى ذلك المقام الأعلى الذي لم يصل ولن يصل إليه مخلوق قط، كَانَ هذا تكريماً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو في هذه الحالة وبهذا العمل أفضل من كل النَّاس الذين لم يصلوا إليه وكذلك الأَنْبِيَاء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لم يحظوا بأن يصلوا إِلَى هذه الدرجة وإلى هذه المكانة، فهذا تعظيم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو أفضل من يونس بن متى عليهما الصلاة والسلام.
فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا يقل أحد: إني خير من يونس بن متى} ليس فيه منع تفضيل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يونس عَلَيْهِ السَّلام، وإنما الذي فيه النهي بأن أحداً لايجوز له أن يفضل نفسه عَلَى يونس عَلَيْهِ السَّلام، بأن يقول: إن يونس فعل ما يلام عليه، وأنا لم أفعل ما ألام عليه، ومع ذلك فإن يونس عَلَيْهِ السَّلام قد استغفر وتاب، وقَالَ: سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]. وفي قوله هذا دليل عَلَى أنه فعل ما يلام عليه، كما خاطب الله تَعَالَى نبيه بقوله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:48].
فالرد على هذا التأويل أن الحديث عام وتخصيصه بهذا الأمر تحكم مكشوف والمعنى الصحيح أن منع التفضيل من حيث النبوة والرسالة قال تعالى ((لا نفرق بين أحد من رسله)) ويدخل في ذلك غير الأنبياء من باب أولى
فمنع التفضيل -عليه الصلاة والسلام- وهذا محمول على حالة واحدة وهي: إذا ما اقتضى المقام تنقص المفضل عليه، إذا اقتضى المقام تنقص المفضول، يقال: لا تفضلوا الأنبياء، وإلا فالتفضيل بين الأنبياء في منطوق الكتاب العزيز تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(253) سورة البقرة] والمنع من تفضيل الأنبياء ((لا تفضلوا بين الأنبياء)) معروف أنه حينما يقتضى هذا التفضيل التنقص للمفضول كما هو ظاهر في قوله: ((لا تفضلوني على يونس بن متى))، لأن ما حصل من يونس -عليه السلام- قد يتطاول عليه بعض السفهاء الذي لا يعرف منازل الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، الذي يقرأ عنه قد يقع في نفسه شيء من التنقص، لكن الله -جل وعلا- أنجاه {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [(143 - 144) سورة الصافات] {لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [(87) سورة الأنبياء] دعوة أخي ذو النون، وليست خاصة به بل له ولغيره ممن يقولها في هذه المضايق {وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [(88) سورة الأنبياء] ليست خاصة بيونس، على كل حال إذا اقتضى التفضيل تنقص المفضول منع وحسمت مادته ((لا تفضلوا بين الأنبياء))، وإلا فالأصل أن التفضيل واقع وثابت في منطوق القرآن.
الوجه الرابع: أن يقال:ما الذي يمنع من أن يكون الله فوق العرش عال على خلقه ويكون أقرب إلى عباده؟ فلا تعارض بين علو الله تعالى على خلقه وبين قربه إلى عباده كما يشاء لأننا لا نعلم لا كيفية العلو ولا كيفية القرب فالأولى إثباتهما معا بدلا من ضرب بعضهما ببعض
ف (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 01:37]ـ
الإعتراض العاشر: إعتراضهم على دليل فطرة
قالوا: لا يمكن الإستدلال بالفطرة في إثبات العلو لأن الإنسان يولد ولا يعرف شيء.
والجواب على هذه الشبهة من أوجه:
الأول:
إن أول من عرف عنه إنكار المعرفة بالفطرة هم أهل الكلام الذين اتفق السلف على ذمهم من الجهمية والقدرية , وهم عند سلف الأمة من أضل الطوائف وأجهلهم.
"مجموع الفتاوى" (16/ 340)
وهو كذلك قول المعتزلة
الثاني: قد رجح العلماء بأن الفطرة هي الإسلام
قال ابن حجر:
وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف.
وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} الإسلام
واحتجوا بقول أبي هريرة في آخر حديث الباب: اقرؤوا إن شئتم {فطرة الله التي فطر الناس عليها}.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم. الحديث.
وقد رواه غيره فزاد فيه: حنفاء مسلمين , ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى: {فطرة الله} لأنها إضافة مدح , وقد أمر نبيه بلزومها فعلم أنها الإسلام.
وقال ابن جرير: قوله: {فأقم وجهك للدين} أي سدد لطاعته حنيفاً أي مستقيماً فطرة الله- أي صبغة الله - وهو منصوب على المصدر الذي دل عليه الفعل الأول أو منصوب بفعل مقدر أي الزم , وقد سبق قبل أبواب قول الزهري في الصلاة على المولود من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام , وسيأتي في تفسير سورة الروم جزم المصنف بأن الفطرة الإسلام , وقد قال أحمد: من مات أبواه , وهما كافران حكم بإسلامه , واستدل بحديث الباب؛ فدل على أنه فسر الفطرة بالإسلام.
"الفتح" (3|292)
وقال ابن حجر:قال ابن القيم: وقد جاء عن أحمد أجوبة كثيرة يحتج فيها بهذا الحديث على أن الطفل إنما يحكم بكفره بأبويه؛ فإذا لم يكن بين أبوين كافرين فهو مسلم.
وروى أبو داود عن حماد بن سلمة أنه قال: المراد أن ذلك حيث أخذ الله عليهم العهد حيث قال: {ألست بربكم قالوا بلى} , ونقله ابن عبد البر عن الأوزاعي , وعن سحنون , ونقله أبو يعلى بن الفراء عن إحدى الروايتين عن أحمد , وهو ما حكاه الميموني عنه وذكره ابن بطة ...
قال الطيبي: ذكر هذه الآية عقب هذا الحديث يقوي ما أوله حماد بن سلمة من أوجه أحدها: أن التعريف في قوله على الفطرة إشارة إلى معهود , وهو قوله تعالى {فطرة الله} ومعنى المأمور في قوله {فأقم وجهك} أي: اثبت على العهد القديم.
ثانيها: ورود الرواية بلفظ الملة بدل الفطرة والدين في قوله للدين حنيفا هو عين الملة قال تعالى: {دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا} , ويؤيده حديث عياض المتقدم.
ثالثها: التشبيه بالمحسوس المعاين ليفيد أن ظهوره يقع في البيان مبلغ هذا المحسوس قال: والمراد تمكن الناس من الهدى في أصل الجبلة , والتهيؤ لقبول الدين فلو ترك المرء عليها لاستمر على لزومها , ولم يفارقها إلى غيرها لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس , وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية كالتقليد انتهى.
وإلى هذا مال القرطبي في "المفهم "
فقال:" المعنى أن الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات؛ فما دامت باقية على ذلك القبول , وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام هو الدين الحق , وقد دل على هذا المعنى بقية الحديث حيث قال: كما تنتج البهيمة يعني أن البهيمة تلد الولد كامل الخلقة؛ فلو ترك كذلك كان بريئاً من العيب لكنهم تصرفوا فيه بقطع أذنه مثلاً؛ فخرج عن الأصل , وهو تشبيه واقع ووجهه واضح , والله أعلم.
"الفتح" (3|293)
وانظر تفسير ابن جرير الطبري (10/ 183) فقد نقل عن عدة من السلف في تفسير الفطرة بالإسلام
وقال ابن كثير رحمه الله (3/ 416) عند قوله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها}: فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملة إبراهيم الذي هداك الله لها, وكملها لك غاية الكمال وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها , فإنه تعالى فطر خلقا على معرفته وتوحيده , وأنه لا إله إلا هو كما تقدم عند قوله تعالى: {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى}.
ثم قال رحمه الله بعد كلام: والفطرة الإسلام.
الثالث: أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على هذا الإشكال فقال رحمه الله: ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالفعل؛ فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا , ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق الذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلما , وهذه القوة العلمية العملية التي تقتضي بذاتها الإسلام ما لم يمنعها مانع هي فطرة الله التي فطر الناس عليها.
"مجموع ا لفتاوى" (4/ 247)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن القيم - رحمه الله-: ليس المراد بقوله يولد على الفطرة أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين لأن الله يقول: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} , ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته؛ فنفس الفطرة تستلزم الإقرار والمحبة , وليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلا بحيث يخرجان الفطرة عن القبول , وإنما المراد أن كل مولود يولد على إقراره بالربوبية فلو خلي؛ وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه الصارف , ومن ثم شبهت الفطرة باللبن بل كانت إياه في تأويل الرؤيا.والله أعلم
"الفتح" (3|293)
الرابع: إن الفطرة قطعاً دلت على علو الله تعالى علو ذات وعلو قهر وعلو منزلة سبحانه وتعالى , وعلى ذلك مذهب الأشعري وشيخه ابن كلاب.
قال ابن القيم رحمه الله:
الطريق الثاني: أن يقال علوه سبحانه على العالم , وأنه فوق السماوات كلها , وأنه فوق عرشه أمر مستقر في فطر العباد معلوم لهم بالضرورة كما اتفق عليه جميع الأمم إقراراً بذلك , وتصديقاً من غير تواطؤ منهم على ذلك ولا تشاعر , وهم يخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون ذلك بالضرورة , وجميع الطوائف تنكر قول المعطلة إلا من تلقاه منهم , وأما العامة من جميع الأمم ففطرهم جميعهم مقرة بأن الله فوق العالم , وإذا قيل لهم لا داخل العالم , ولا خارجه , ولا فوقه , ولا تحته , ولا مباين لهو , ولا محايث , ولا يصعد إليه شيء , ولا ينزل منه شيء , ولا يقرب إليه شيء, ولا يقرب هو من شيء , ولا يحجب العباد عنه حجاب منفصل , ولا ترفع إليه الأيدي , ولا تتوجه إليه القلوب نحو العلو أنكرت فطرهم ذلك غاية الإنكار ودفعته غاية الدفع.
قال أبو الحسن الأشعري في كتبه: ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السماوات؛ فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو السماء كما لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض.
هذا لفظه في أجل كتبه وأكبرها وهو الموجز , وفي أشهرها وهو الإبانة التي اعتمد عليها أبصر الناس له , وأعظمهم ذبا عنه من أهل الحديث أبو القاسم ابن عساكر؛ فإنه اعتمد على هذا الكتاب وجعله من أعظم مناقبه في كتاب "تبيين كذب المفتري " ثم قال في كتابه: ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم يقولون يا ساكن العرش ويقولون: لا والذي احتجب بسبع سماوات.
وقال أبو محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب في كتاب الصفات , وقد ذكر مسألة الاستواء ... قال: ولو لم يشهد بصحة مذهب الجماعة في هذا إلا ما ذكرنا من هذه الأمور لكان فيه ما يكفي؛ كيف وقد غرس في بنية الفطرة , ومعارف الآدميين من ذلك ما لا شيء أبين منه , ولا أوكد لأنك لا تسأل أحدا عنه عربياً ولا عجمياً ولا مؤمناً ولا كافراً فتقول أين ربك؟ إلا قال: في السماء إن أفصح أو أومأ بيده أو أشار بطرفه إن كان لا يفصح لا يشير إلى غير ذلك من أرض ولا سهل ولا جبل , ولا رأينا أحدا داعيا إلا رافعا يديه إلى السماء.
وقال ابن عبدالبر إمام أهل السنة ببلاد المغرب في التمهيد لما تكلم على حديث النزول قال: هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته , وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي , وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش فوق سبع سماوات كما قال الجماعة , وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم إن الله بكل مكان قال: والدليل على صحة قول أهل الحق قوله تعالى -وذكر عدة آيات - إلى أن قال:
وهذا أشهر وأعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد , ولا أنكره عليهم مسلم وهذا قليل من كثير من كلام من ذكر أن مسألة العلو فطرية ضرورية , وأما من نقل إجماع الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين؛ فأكثر من أن يذكر ولكن ننبه على اليسير منه ....
"الصواعق المرسلة" (4|1282)
ومن ذلك ما دار بين أبي المعالي وأبي جعفر
قال شيخ الإسلام: الوجه الرابع أن الذين يرفعون أيديهم وأبصارهم وغير ذلك إلى السماء وقت الدعاء تقصد قلوبهم الرب الذي هو فوق , وتكون حركة جوارحهم بالإشارة إلى فوق تبعاً لحركة قلوبهم إلى فوق , وهذا أمر يجدونه كلهم في قلوبهم وجداً ضرورياً إلا من غيرت فطرته باعتقاد يصرفه عن ذلك.
وقد حكى محمد بن طاهر المقدسي عن الشيخ أبي جعفر الهمداني أنه حضر مجلس أبي المعالي فذكر العرش , وقال: كان الله ولا عرش ونحو ذلك وقام إليه الشيخ أبو جعفر فقال: يا شيخ دعنا من ذكر العرش , وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا؛ فإنه ما قال عارف قط: يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة لطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة , قال فضرب أبو المعالي على رأسه وقال: حيرني الهمداني.
فأخبر هذا الشيخ عن كل من عرف الله أنه يجد في قلبه حركة ضرورية إلى العلو إذا قال: يا الله , وهذا يقتضي أنه في فطرتهم وخلقتهم العلم بأن الله فوق , وقصده والتوجه إليه إلى فوق.
بيان تلبيس الجهمية" (2|445)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 03:30]ـ
معنى قول بعض السلف" أمروها كما جاءت":
ان معنى قول السلف أمروها كما جاءت أي اعتقدوها وءامنوا بها وبما دلت عليه من المعنى دون التعرض لها بالتحريف ولا بالتأويل ولا بالتشبيه ولابالتمثيل مع عدم التعرض للكيفية.
ولذلك فان بعض الروايات كما عند البيهقي في الاعتقاد واللالكائي في اعتقادأهل السنة والذهبي في العلو (أمروها كما جاءت بلا كيف) وهذا نص صريح في الايمان بها وبمعناها دون التعرض للكيفية, ولو لم يكونوا يؤمنون بمعناها ما كان لتخصيص ذكر الكيفية فائدة.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد إيراده لرواية أبو بكر الخلال عن مكحول والزهري (أمروها كما جاءت) وفي رواية بلا كيف قال: (فقولهم رضى الله عنهم أمروها كما جاءت رد على المعطلة وقولهم بلا كيف رد على الممثلة والزهرى ومكحول هما أعلم التابعين فى زمانهم)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتوى الحموية) ص 109 مطبعة السنة المحمدية
(فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول. . . موافق لقول الباقين
(أمروها كما جاءت بلا كيف) فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة.
ولو كان القوم آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول) ولما قالوا: (أمروها كما جاءت بلا كيف) فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم
وأيضا فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات.
وأيضا فإن من ينفي الصفات الجزئية - أو الصفات مطلقا - لا يحتاج إلى أن يقول (بلا كيف) فمن قال: (إن الله ليس على العرش) لا يحتاج أن يقول (بلا كيف) فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر فلما قالوا: بلا كيف؟
وأيضا فقولهم (أمروها كما جاءت) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظا دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد. أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن من الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة) وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ (بلا كيف) إذا نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول).
وقال صاحب التحفة المدنية:
(قولهم رضي الله عنهم أمروها كما جاءت رد على المعطلة وقولهم بلا كيف رد على الممثلة والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم والأربعة الباقون هم أئمة الدين في عصر تابعي التابعين فمالك إمام الحجاز والأوزاعي إمام أهل الشام والليث إمام أهل مصر وسفيان الثوري إمام أهل العراق)
إشكال ورده:
قد يشكل على البعض رواية (أمروها كما جاءت بلا تفسير) وقد يتعلق بها المفوضة في تصحيح مذهبهم مدعين ان قصد السلف بها تفويض المعنى والكيف معاً , ومثلها قول أحمد بن حنبل رحمه الله (لا كيف ولا معنى)
فنقول أولا انه لفهم هذه النصوص لا بد من فهمها في ضوء ما يقول به قائلها في سائر نصوص الصفات , فان من روي عنه هذه المقوله هو هو الذي يؤمن بالمعنى ولا يخوض في الكيف.
ومقصد أهل العلم من قولهم
أمروها كما جاءت: الرد على المعطلة
وقولهم بلا تفسير: رد على المؤوله الذين يفسرونها بغير المراد منها ويحرفون الكلم عن مواضعه كتفسير الاستواء بالاستيلاء واليد بالنعمة
وقولهم بلا كيف: رد على الممثلة والمشبهة الذين يخوضون في الكيف ويشبهون كيفية الصفات في حق الخالق بكيفيتها في حق المخلوق.
ولا يفهم من قولهم بلا تفسير انه بلا معرفة معناها التي دلت عليه إذا ان الائمة كمالك وربيعة وأحمد والأوزاعي وغيرهم كانوا يؤمنون بالمعنى ويفوضون الكيف ومن الأدلة على ذلك ما اخرجه الذهبي في العلو قال:
وروى يحيى بن يحيى التميمي وجعفر بن عبد الله وطائفة قالوا جاء رجل إلى مالك فقال: يا أبا عبد الله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء يعني العرق وأطرق القوم فسري عن مالك وقال: الكيف غير معقول والإستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج)
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا مالك رحمه الله يصرح بان الاستواء غير مجهول المعنى وان المجهول لنا هو الكيف فقط فنفوض العلم به الى الله عز وجل.
وقال شيخ الاسلام:
(أمرّوها كما جاءت. يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، وتحذير الناس من التماس معان مخالفة للمعنى المتبادر من اللفظ، فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال:
أمرّوا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة)
مجموع فتاوى ابن تيمية 15/ 41
فبهذا علم معنى قولهم بلا تفسير أي بلا تفسير المتاؤولة والمعطلة الذين يوجدون معاني وتفسيرات باطلة ويردون المعنى والتفسير الحق.
أما قول أحمد رحمه الله (بلا كيف ولا معنى) فهو مما انفرد به حنبل عن الامام أحمد بن حنبل رحمه الله وانفراد حنبل عن أحمد ضعفة بعض الحنابلة قال شيخ الاسلام: (قال قوم: غلط حنبل في نقل الرواية، وحنبل له مفاريد ينفرد بها من الجمهور, وقد اختلف الأصحاب في مفاريد حنبل التي خالفه فيها هل تثبت روايته؟ على طريقين، فالخلال وصاحبه قد ينكرانها، ويثبتها غيرهما كابن حامد)
ونقول وعلى فرض صحتها عن أحمد رحمه الله فانا نفهم كلامه في ضوء سائر معتقده فانه قصد بلا كيف ردا على المشبهة والممثلة
وقصد بقوله بلا معنى ردا على على المعطلة والمؤوله الذين يثبتون معان فاسدة ويعطلون المعنى الحقيقي.
ويؤكد هذا رسالة السنة التي رواها عبدوس بن مالك العطار عن أحمد أن من السنة الإيمان بالقدر والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان بها، لا يقال: لِمَ وكيف ومثل؟ والكلام فيه بدعة والحديث عندنا على ظاهره، وحديث الرؤية كما جاء عن النبي نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا نناظر فيه أحداً، والإيمان بالميزان يوم القيامة كما جاء» طبقات لحنابلة 1/ 179 – 180 واللالكائي 1/ 156
وهذا القول شبيه بقوله في نصوص الرؤية كما عند الخلال:
(سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى (إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا) و (أن الله يُرى) و (إن الله يضع قدمه) وما أشبهه؟ فقال: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى…) طبقات الحنابلة 1/ 143
فقوله (لا كيف) رد على المشبهة.
وقوله (ولا معنى) رد على المعطلة الذين ينفون المعنى الصحيح بإيراد معانٍ باطلة لا سلف لهم بها
فالإمام أحمد يسوق الكلام في نصوص الوعيد والقدر والصفات والقيامة سوقاً واحداً، ولم يعرف عن أحمد تفويض معاني نصوص القدر والميزان والرؤية.
ويجب فهم كلام أحمد مقيداً بموقفه الفعلي من الصفات كما يدل عليها كتابه (الرد على الجهمية) الذي اثبته له الحافظ في الفتح حيث رد فيه معاني الجهمية الباطلة ولم يقف عند هذا الحد بل بيّن المعنى الصحيح لها، ولم يقل لا معنى لها.
وبهذا تبين ان نصوص السلف الواردة عنهم تدل على اثباتهم المعنى وتفويضهم الكيف مع نهيهم عن تفسير نصوص الصفات على تفسير غير تفسيرها الصحيح بالتأويلات الباطلة والمتعسفة)) (1).
-----
(1) نقلا عن الأخ هيثم عبد اللطيف حمزه
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 03:37]ـ
الرد على من يقول: الله لا داخل العالم ولا خارج عنه.
اعلم أرشدك الله تعالى إلى الحق: أن قول مصنف حسن المحاججة (بأن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه ولا فوق العالم ولا تحته ولا يمين العالم ولا شماله ولا أمام العالم ولا خلفه).
قول باطل من وجوه:
الأول: أنه مصادم لنصوص الكتاب والسنة الصحيحة , فقد تقدم أن نصوص الكتاب والسنة تواترت على أن الله تعالى فوق العالم عالٍ على خلقه فوق عباده مستوٍ على عرشه.
فول كانت هذه العقيدة من العقائد الإسلامية – لجاء النص عليها في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نرى نصوصاً لا تعد ولا تحصى ضد هذه العقيدة فكيف تجعل هذه العقيدة هي العقيدة الصحيحة؟!.
ولم يأت نص واحد لا في الكتب السماوية ولا في أحاديث الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام , على أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه إلى آخر هذا الهذيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الثاني: أن هذه العقيدة مخالفة لعقيدة الأنبياء والمرسلين وعقيدة الصحابة والتابعين وعقيدة أئمة هذا الدين , فقد تقدم أن بني آدم كلهم أجمعوا على أن الله تعالى فوق العالم وأنه عال على عرشه وأن هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة الطائفة المنصورة الفرقة الناجية أصحاب الحديث في القديم والحديث ولم يخالف في ذلك إلا الفلاسفة والجهمية المعطلة فكيف تعد هذه العقيدة عقيدة لأهل السنة والجماعة , بل هي من أعظم عقائد أهل البدع والتعطيل والتحريف.
الوجه الثالث: أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة (إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه , ولا فوقه ولا تحته ... ) مصادم لعقيدة جميع أئمة الإسلام ونصوص أعلام هذا الدين فقد صرح أئمة الإسلام بأن الله تعالى فوق عرشه عالٍ على خلقه بائن عن العالم كما تقدم بيانه.
الوجه الرابع: أن قول صاحب حسن المحاججة (إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه ولا فوق العالم ولا تحته ... )
قول مستلزم لأن يكون الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً , لأن بداهة العقول تشهد شهادة لا تقبل النقيض أن أي شيء يكون هذا صفته – فهو معدوم بل ممتنع البتة.
لأن أي موجود إما أن يكون داخلاً في هذا العالم أو خارجاً عنه أو متصلاً بالعالم أو منفصلاً عنه أو فوق العالم أو تحته , ولا يمكن أن يكون شيء موجوداً لا متصلاً بالعالم ولا منفصلاً عنه ولا داخلاً في العالم ولا خارجاً عنه ولا فوق العالم ولا تحته.
فإن يكن هذا: فلا يكون شيئاً معدوماً بل ممتنعاً , هكذا صرح كثير من أئمة الإسلام على هؤلاء الجهمية أن قولهم هذا: مستلزم لكون الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً , وإليكم نماذج من نصوص بعض أئمة الإسلام لتكون فيها عبرة.
1 - قول كثير من أهل العلم في هؤلاء المعطلة والممثلة لعلو الله تعالى ولكلامه (المعطل يعبد عدماً والمثل يعبد صنماً , والمعطل أعمى والممثل أعشى , ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه).
2 - الإمام محمد بن الحسن الشيباني (189 هـ) فقد قال ( ... فمن قال بقول الجهم فقد فارق الجماعة , لأنه قد وصفه بصفة لاشيء) ([10]).
3 - إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (241 هـ) فقد قال في شرح عقيدة من أنكر علو الله تعالى (فعند ذلك يتبين للناس أنهم لا يؤمنون بشيء) ([11]).
4 - الإمام عبدالعزيز الكناني (240 هـ) قال (قال لي أحد الجهمية: أقول: إن الله في كل مكان لا كالشيء في الشيء , ولا كالشيء على الشيء , ولا كالشيء خارجاً عن الشيء , ولا مبايناً للشيء , فقلت: فقد دللت بالقياس والمعقول على أنك لا تعبد شيئاً) ([12]).
5 - أقول: لقد ذكر شيخ الإسلام هذا النص عن الكناني ثم علق عليه بقوله (فهذا عبدالعزيز يبين أن القياس والمعقول يوجب أن ما لا يكون في الشيء ولا خارجاً عنه – فإنه لا يكون شيئاً , وأن ذلك صفة معدوم) ([13]).
6 - وقال الإمام ابن كلاب إمام الكلابية والأشعرية جميعاً (240 هـ) في الرد على المعطلة (وأخرج ([14]) من النظر والخبر قول من قال: إن الله لا في العالم ولا خارج منه , فنفاه نفياً مستوياً , لأنه لو قيل له: صفه بالعدم , ما قدر أن يقول فيه أكثر منه ... ,
فإن قالوا لا فوق ولا تحت , أعدموه , لأن ما كان لا تحت ولا فوق فعدم ,
فإذا قيل لهم: فهو لا مماس للعالم ولا مبائن للعالم , قيل لهم: فهو بصفة المحال ... ,
قيل لهم فأخبرونا عن معبودكم؟ مماس هو أم بائن؟
فإذا قالوا: يوصف بهما.
قيل لهم: فصفة إثبات خالقنا كصفة عدم المخلوق , فلم لا تقولون صريحاً: إن الله
عدم ... ) ([15]).
7 - السلطان العادل كاسر الأصنام محمود بن سبكتكين (421 هـ) لما سمع ابن فورك الأشعري ينفي فوقية الله على خلقه قال له (فلو أردت أن تصف المعدوم كيف تصفه بأكثر من هذا؟) , وقال هذا السلطان في الرد على ابن فورك أيضاً (فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم) ([16]).
8 - حافظ المغرب الإمام ابن عبدالبر (463 هـ) قال (وهم] أي المعطلة [([17]) نافون للمعبود] يلاشون أي يقولون: لا شيء [([18]) , والحق فيما قاله القائلون ربما نطق به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهم أئمة الجماعة) ([19]).
(يُتْبَعُ)
(/)
9 - شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) فقد رفع إليه سؤال في حق الأشعرية و الماتريدية والجهمية:
يا منكراً أن الإله مبائن ... للخلق يا مقتون بل فاتن
هب قد ضللت فأين أنت فإن تكن ... أنت المباين فهو أيضاً بائن
أو قلت: لست مبائناً قلنا إذن ... بالاتحاد أو الحلو تشاحن
أو قلت: ما هو داخل أو خارج ... هذا يدل بأن ما هو كائن
إذ قد جمعت نقائصاً ووصفته ... عدماً بها هل أنت عنها ضاعن ([20])
فارجع وتب من قال مثلك إنه ... لمعطل والكفر فيه كامن ([21])
أن الذي يقول: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت ولا مبائن عنه ولا متصل به – فقد جعل الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً , وهذا اللازم ولا محيد له منه.
10 - الإمام الذهبي (748 هـ) فقد قال (مقالة السلف وأئمة السنة بل الصحابة والله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: وأن الله فوق سماواته ... , ومقالة الجهمية الأولى أنه في جميع الأمكنة , ومقالة متأخري المتكلمين من المعتزلة والماتريدية و الأشعرية أن الله تعالى ليس في السماء ولا على العرش ولا على السماوات ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارج العالم ولا هو بائن عن خلقه ولا هو متصل بهم ... , قال لهم أهل السنة والأثر: فإن هذا السلوب نعوت المعدوم تعالى الله جل جلاله عن العدم , بل هو متميز هن خلقه موصوف بما وصف به نفسه في أنه فوق العرش بلا كيف) ([22]).
أقول: أرجو أن يتدبر كلام هذا الإمام فقد ذكر في مسألة علو الله ثلاثة مذاهب:
الأول: مذهب أهل السنة والجمعة أصحاب الحديث: وهو أن الله فوق العالم بائن من خلقه عال على العرش وأن هذا هو قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجميع المؤمنين.
الثاني: قول أصحاب جهم بن صفوان وهو أن الله تعالى في كل مكان , وهو قول الحلولية الصوفية أيضاً.
الثالث: قول المعطلة كالمعتزلة والماتريدية والأشعرية وهو: أن الله تعالى لا فوق العالم ولا تحته ولا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا مفصل عنه وهو قول الفلاسفة أمثال ابن سينا والفارابي والطوسي وغيرهم من الملاحدة والزنادقة.
فقول صاحب كتاب حسن المحاججة إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق العالم ولا تحته ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه بعينه قول هؤلاء الفلاسفة ومن سائرهم من المعتزلة والأشعرية والماتريدية.
11 - الإمام ابن القيم – رحمه الله – (751 هـ) فقد قال:
فاحكم على من قال ليس بخارج ... عنها ولا فيها بحكم بيان
بخلافة الوجهين والإجماع والـ ... عقل الصريح وفطرة الرحمن
فعليه أوقع حد معدوم وذا ... حد المحال بغير ما فرقان
يا للعقول إذا نفيتم مخبراً ... ونقيصه؟ هل ذاك في إمكان
إذا كان نفي دخوله وخروجه ... لا يصدقان معا لذي الإمكان
إلا على عدم صريح نفيه ... متحقق ببداهة الإنسان ([23])
12 - 15 وهكذا نرى الإمام ابن أبي العز الحنفي (792 هـ) والشوكاني (1250 هـ) , ومحمود الآلوسي (1270 هـ) , وحفيده محمود شكري (1342 هـ) قد صرحوا بأن عقيدة هؤلاء المعطلة من قولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه , مستلزم لكون الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً.
الحاصل: أنه ثبت أن صاحب كتاب حسن المحاججة مخالف لعقيدة أئمة الإسلام.
الوجه الخامس: تبين أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة (بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه) ليس قول أهل الإسلام أهل السنة والجماعة بل هو قول المعطلة والفلاسفة من الذين تفلسفوا في الإسلام ولعبوا به كما لعب بولس بالنصرانية , أمثال ابن سينا (428 هـ) فقد قال ( ... , إن التحقيق الذي ينبغي أن يرجع إليه في صحة التوحيد عن الإقرار بالصانع موحداً عقد ساعي الكم والكيف والأين والمتى والوضع والتغير , حتى يعبر الاعتقاد به , به أنه ذات واحدة لا يمكن لها شريك في النوع أو يكون لها جزء وجودي كمي أو معنوي , ولا يمكن أن يكون خارجة عن العالم أو داخله فيه , ولا بحيث تصح الإشارة إليه أنه هناك. ممتنع إلقاؤه إلى الجمهور) ([24]).
أقول الشاهد من كلام ابن سينا هذا هو قوله (أن تكون خارجة العالم أو داخلة فيه , وبحيث تصح الإشارة إليه أنه هناك).
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه السادس: أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة (إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصل به ولا منفصل عنه) رفع للنقيضين , ورفع النقيضين باطل بإجماع العقلاء.
ولقد صرح كثير من أئمة الإسلام أن قول: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصل به ولا منفصل عنه قول برفع النقيضين ([25]).
الوجه السابع: أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة (إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه ولا فوق العالم ولا تحته) قول مخالف لبداهة العقول , كما أنه مخالف للعقل الصحيح والفطرة السليمة والإجماع إجماع أهل السنة والجماعة أن الله تعالى لما خلق هذا العالم هل خلقه داخل ذاته أو خلقه خارجاً عنها فإن قالوا خلقها في داخل ذاته كفروا , وإن قالوا قد خلقه خارج ذاته فقد اعترفوا بالحق الذي أنكروه وهو أن الله خارج عن هذا العالم وفوقه ولأن الله تعالى موجود في الخارج , والموجود في الخارج لا بد إما أن يكون داخلاً في هذا الكون أو أن يكون خارجاً عنه وكذا إما أن يكون متصلاً بالعالم أو منفصلاً عنه.
أما أن يكون بحيث لا يكون لا داخل في العالم ولا خارجاً عنه فهذا شيء مخالف لبداهة العقول ([26]).
ولتحقيق أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة مخالف لبداهة العقل الصريح – يقول الإمام ابن القيم:
وسل المعطل عن مسائل خمسة ... تردى قواعده من الأركان
قل للمعطل هل الهنا الـ ... معبود حقا خارج الأذهان
فإذا نفى هذا فذاك معطل ... للرب حقا بالغ الكفران
وإذا أقر به فسله ثانياً ... أتراه غير جميع ذى الأكوان
فإذا نفى هذا وقال بأنه ... هو عينها ما ههنا غيران
فقد ارتدى بالاتحاد مصرحا ... بالكفر جاحد ربه الرحمن
حاشا النصارى أن يكونوا مثله ... وهم الحمير وعابدوا الصلبان
هم خصصه بالمسيح وأمه ... وأولاء ما صانوه عن حيوان
وإذا أقر بأنه غير الورى ... عبد ومعبود هما شيئان
فاسأله هل هذا الورى في ذاته ... أم ذاته فيه هنا أمران
وإذا أقر بواحد من ذينك الـ ... أمرين قبل خده النصراني
ويقول أهلا بالذي هو مثلنا ... خشداشنا وحبيبنا الحقاني
وإذا نفى الأمرين فاسأله إذا ... هل ذاته استغنت عن الأكوان
فلذاك قام بنفسه أم قام بالـ ... أعيان كالأعراض والأكوان
فإذا أقر وقال: بل هو قائم ... بالنفس فاسأله وقل ذاتان
إلى آخر كلامه القيم رحمه الله تعالى ([27]).
فيقال لصاحب كتاب حسن المحاججة وأمثاله: هل الله تعالى عندكم موجود ذهني أم موجود خارجي؟
فإن قلتم: هو موجود وبوجود خارجي , نقول لكم: هل الله تعالى عين هذا الكون أم غيره.
فإن قلتم: هو عين هذا الكون – فقد بحتم بعقيدة الاتحادية.
وإن قلتم: هو غير هذه الأكوان: نقول لكم: هل الله تعالى في هذه الأكوان أم الأكوان في الله تعالى أم الله تعالى خارج عن هذه الأكوان؟
فإن قلتم: إن الله في هذه الأكوان , فقد قلتم بعقيدة الحلولية , الذي هم أكفر من النصارى.
وإن قلتم: إن الأكوان في الله تعالى فقد ارتكبتم كفراً آخر حيث جعلتم الله محلاً للمخلوقات وطرفا لها.
وإن قلتم: إن الله تعالى خارج عن هذه الأكوان فقد اعترفتم بالحق وهدمتم بنيانكم.
وإن قلتم: إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه – فقد كابرتم بداهة العقول وخالفتم العقل والنقل والإجماع والفطرة في آن واحد , والله المستعان وعليه التكلان.
هذا وللإمام ابن أبي العز الحنفي (792هـ) والمفسر الآلوسي (1270هـ) , وابنه نعمان الآلوسي (1317هـ) وحفيده محمود شكري الآلوسي (1342هـ) كلام قيم مهم إلى الغاية في إبطال قول القائلين بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه وقطع دابرهم وبيان أنهم مناقضون للنقل والعقل وأن قولهم هذا مخالفة لبداهة العقول الضرورية , وأنه (قد علم العقلاء ملهم بالضرورة: أن ما كان وجوده كذلك – أي خارج الأذهان في الواقع – فهو إما داخل العالم وإما خارج عنه , وإنكار ذلك إنكار ما هو أجلى وأظهر من الأمور البديهيات الضرورية بلا ريب) ([28]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1]) الفقه الأبسط رواية أبي مطيع البلخي بتحقيق الكوثري 49 - 52 , ومع شرحه للسمرقندي 17.
(يُتْبَعُ)
(/)
[2]) رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/ 401 , وذكره البخاري معلقاً في خلق أفعال العباد 24 , 5.
[3]) رواه عبدالله بن أحمد في السنة 1/ 111 , 307 , والدرامي في الرد على الجهمية 33 , وفي الرد على المريسي 24 , 103 , والبيهقي في الأسماء والصفات 427 , ورواه الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث وابن قدامة في العلو 117 - 118 , والذهبي في العلو 110 وصححه , وذكره البخاري مستدلاً به على علو الله تعالى وعلى أنه في عقيدة أهل السنة والجماعة انظر خلق أفعال العباد 15 وصحح شيخ الإسلام في الحموية 56 , وضمن مجموع الفتاوى 5/ 184.
[4]) رواه أبو داود في مسائله 262 , وعبدالله بن أحمد في السنة 1/ 119 - 120 , وصححه الذهبي وابن القيم والألباني في العلو 118 واجتماع الجيوش 214 - 215 , ومختصر العلو 169 - 171 , وقال شيخ الإسلام (رواه أبي حاتم وغيره بأسانيد ثابتة) انظر المراكشية 22 , ومجموع الفتاوى 5/ 184.
[5]) رواه ابن أبي حاتم كما في درء التعارض 6/ 265 , والحموية 53 , ومجموع الفتاوى 5/ 49 , والعلو للذهبي 123 ومختصر 181 , ورواه في ذم الكلام (ق 120/أ) كما في مختصر العلو للألباني 181.
[6]) اجتماع الجبوش الإسلامية والعلو.
[7]) راجع تلبيس الجهمية 2/ 38 , والعلو للذهبي 128 , واجتماع الجيوش 231.
[8]) رواه ابن أبي حاتم في أصل السنة واعتقاد الدين 66/أ –169 مخطوط الظاهرية بدمشق رقم (11) والمطبوع في مجلة الجامعة الإسلامية ببنارس في الهند سنة 1403 هـ , وأصل السنة 37 - 43 ط دار الفرقان , ورواه من طريقه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/ 176 - 182 وعن طريقه ابن قدامة في العلو 125 - 126 والذهبي في العلو 137 - 138 , وقال شيخ الإسلام (هذا مشهور عن الإمام عبدالرحمن ابن أبي حاتم في معتقده) انظر تلبيس الجهمية 2/ 41 , وانظر تهذيب السن لابن القيم 7/ 144.
[9]) رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث 84 ومن تاريخ نيسابور كما قال الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث 20 , ورواه الصابوني عنه في عقيدة السلف أصحاب الحديث 20 - 21 , والهروي في ذم الكلام 6/ 124/2 كم قاله الألباني في مختصر العلو 226 , ورواه ابن قدامة في العلو , وصححه شيخ الإسلام في الحموية 56 , ومجموع الفتاوى 5/ 52 , وتنظر درء التعارض 6/ 264.
[10]) رواه اللالكائي فيشرح أصول الاعتقاد 3/ 432 - 433 , وانظر الحموية 54 ومجموع الفتاوى 5/ 50.
[11]) انظر الرد على الجهمية للإمام أحمد 105 - 106.
[12]) درء التعارض 6/ 118 - 119 , ومجموع الفتاوى 5/ 317 , وبيان تلبيس الجهمية.
[13]) درء التعارض 6/ 118 - 119 , ومجموع الفتاوى 5/ 317 , وبيان تلبيس الجهمية.
[14]) هكذا في الأصول , ولعل الصواب: (وخرج) من اللازم لا من المتعدي.
[15]) درء التعارض 6 - 119 - 121 , ومجموع الفتاوى 5/ 317 - 319 , والصواعق المرسلة 4/ 1241 , واجتماع الجيوش 282 - 283 من كتاب " المجرد " لابن فورك.
[16]) مجموع الفتاوى 3/ 37 , درء التعارض 6/ 253 , والصواعق المرسلة 4/ 1287.
[17]) الزيادة مني للإيضاح.
[18]) الزيادة من الصواعق المرسلة 4/ 1289 , ولم أجدها في التمهيد المطبوع.
[19]) التمهيد لابن عبد البر 7/ 145.
[20]) هكذا في الأصل ولم أجد مادة (ضعن) في اللغة , بالضاد المعجمة والعين المهملة ولعله (ظاعن) بالظاء المعجمة والعين المهملة , بمعنى (السير) أو (ضاغن) بالضاد والغين المعجمتين , بمعنى الميل راجع القاموس 1564 , 1566.
[21]) انظر مجموع الفتاوى 5/ 267 - 320.
[22]) العلو 107 , 195 , ومختصر العلو 146 - 147 , 287.
[23]) النوينة 55 وشرحها توضيح المقاصد 1/ 386 - 389 , وشرحها للهراس 1/ 176 - 177 , وتوضيح الكافية الشافية
للسعدي 58.
[24]) الرسالة الأضحوية في أمر المعاد 44 - 51 تحقيق سليمان دنياط , دار الفكر العربي بالقاهرة , مطبعة الاعتماد بمصر 1368هـ , 1949 الطبعة الأولى , والرسالة الأضحوية 97 - 103 تحقيق حسن عامي ط. الموسوعة الجامعية للدراساة – بيروت الطبعة الثانية 1407 هـ , 1987 , وانظر نص ابن سينا في درء التعارض 510 - 18 , والصواعق المرسلة 3/ 1097 - 1105 , ومختصر الصواعق 1/ 154 - 156.
[25]) مجموع الفتاوى 3/ 39 - 40 , 4/ 60 - 61, ونقض المنطق 51 , والقصيدة النونية 55 , وتوضيح المقاصد 1/ 386/389 , وتوضيح الكافية 58 - 59 , وشرح الهراس للنونية 1/ 176 - 177.
[26]) انظر الصواعق المرسلة 4/ 1241 - 1422 , 1279 - 1309 , 339 , وانظر الرد على الجهمية للإمام أحمد 138 - 139 , ومجموع الفتاوى 5/ 267 - 320 , والقصيدة النونية 54 - 55 , 56 , 57 , وتوضيح المقاصد 1/ 385 - 386 , وشرحها للهراس 1/ 173 - 176.
[27]) القصيدة النونية 56 - 57 , وشرحها توضيح المقاصد 1/ 393 - 396 , وشرح النونية للهراس 1/ 181 - 184.
[28]) شرح الطحاوية 318 - 319 , 325 , روح المعاني 7/ 115 , وجلاء العينين 356 - 357 , 387 - 388 , وغاية الأماني 1/ 445.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 04:44]ـ
الرد من قال: الله في كل مكان.
قال الإمام أحمد رحمه الله: ((فقلنا لهم أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى (الرحمن على العرش استوى) طه وقال (خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) يونس فقالوا هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش وفي السموات وفي الأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان وتلوا آية من القرآن (وهو الله في السموات وفي الأرض) الأنعام فقلنا قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء فقالوا أي مكان فقلنا أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء وقد أخبرنا أنه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) الملك (أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا) الملك وقال (إليه يصعد الكلم الطيب) فاطر وقال (إني متوفيك ورافعك إلي) آل عمران وقال (بل رفعه الله إليه) النساء، وقال (وله من في السموات والأرض ومن عنده) الأنبياء وقال (يخافون ربهم من فوقهم) النحل وقال (ذي المعارج) المعارج وقال (وهو القاهر فوق عباده) الأنعام وقال (وهو العلي العظيم) البقرة، فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما يقول الله جل ثناؤه (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) النساء (وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) فصلت، وقلنا لهم أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد وإنما معنى قول الله جل ثناؤه (وهو الله في السموات وفي الارض) يقول هو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان فذلك قوله (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) الطلاق.
ومن الإعتبار في ذلك: لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صاف وفيه شراب صاف كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم القدح فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه.
وخصلة أخرى: لو أن رجلا بنى دارا بجميع مرافقها ثم أغلق بابها وخرج منها كان ابن آدم لا يخفى عليه كم بيت في داره وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه وعلم كيف هو وما هو من غير أن يكون في شيء مما خلق قالوا إن الله معنا وفينا فقلنا الله جل ثناؤه يقول (ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض) المجادلة ثم قال (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم -يعنى الله بعلمه- ولا خمسة إلا هو -يعني الله بعلمه- سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا وهو معهم -يعني بعلمه فيهم- أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) المجادلة، يفتح الخبر بعلمه ويختم الخبر بعلمه ويقال للجهمي إن الله إذا كان معنا بعظمة نفسه فقل له هل يغفر الله لكم فيما بينه وبين خلقه فإن قال نعم فقد زعم أن الله بائن من خلقه دونه وإن قال لا كفر، إذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان فقل أليس الله كان ولا شيء فيقول نعم فقل له حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال لا بد له من واحد منها:
1إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه.
2 وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كان هذا كفرا أيضا حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء.
3وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله أجمع وهو قول أهل السنة.
إذا أردت أن تعلم أن الجهمي لا يقر بعلم الله فقل له الله يقول (ولا يحيطون بشيء من علمه) البقرة وقال (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه) النساء وقال (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) هود قال (وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) فصلت فيقال له تقر بعلم الله هذا الذي وقفك عليه بالأعلام والدلالات أم لا، فإن قال ليس له علم كفر، وإن قال لله علم محدث كفر حين زعم أن الله قد كان في وقت من الأوقات لا يعلم حتى أحدث له علما فعلم، فإن قال لله علم وليس مخلوقا ولا محدثا رجع عن قوله كله وقال بقول أهل السنة وهذا على وجوه:
قال الله جل ثناؤه لموسى (إنني معكما طه يقول في الدفع عنكما وقال (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) التوبة يقول في الدفع عنا وقال (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) البقرة يقول في النصر لهم على عدوهم وقال (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم) محمد في النصر لكم على عدوكم وقال (ولا يستخفون من الله وهو معهم) النساء يقول بعلمه فيهم وقال (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين) الشعراء يقول في العون على فرعون فلما ظهرت الحجة على الجهمي بما ادعى على الله أنه مع خلقه قال هو في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين منه فقلنا إذا كان غير مباين أليس هو مماس قال لا قلنا فكيف يكون في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين فلم يحسن الجواب فقال بلا كيف فيخدع جهال الناس بهذه الكلمة وموه عليهم فقلنا له أليس إذا كان يوم القيامة أليس إنما هو في الجنة والنار والعرش والهواء قال بلى فقلنا فأين يكون ربنا فقال يكون في كل شيء كما كان حين كان في الدنيا في كل شيء فقلنا فإن مذهبكم إن ما كان من الله على العرش فهو على العرش وما كان من الله في الجنة فهو في الجنة وما كان من الله في النار فهو في النار وما كان من الله في الهواء فهو في الهواء فعند ذلك تبين كذبهم على الله جل ثناؤه.)) كتاب الرد على الجهمية والزنادقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 05:07]ـ
فصل
تعقيبات على بعض تفسيرات الإمامين النووي وابن حجر
إنّ الذي دعاني إلى عقد هذا الفصل هو أنني رأيت كثيراً من أهل الكلام يتمسكون ببعض زلات كبار الحفاظ والعلماء خاصة الحافظ النووي وابن حجر رحمهما الله لأن هؤلاء قد وقعوا في بعض الأخطاء في تفسير آيات الصفات فتمسك بها الكثير من الجهمية واعتبروها حجة بالغة يوالون ويعادون عليها ,وكلما جئتهم بالنصوص الناقضة لكلامهم يأتوك بكلام النووي وابن حجر فمن أجل هذا وذاك ارتئيت أن أنقل تعقيبات أهل العلم لما وقع فيه الحافظين من أخطأء في المسألة كسرا لحاجز العصمة الذي أصبح عائق كبيرا يحول بين الجهمية وبين الرجوع إلى الحق ,وقبل أن أنقل تعقيبات أهل العلم لا بد من مسألة مهمة ألا وهي:
أن هناك فرقا بين إنسان جعل التأويل الباطل منهجا وطريقة يناضل ويجادل عليه، وبين عالم أخطا خطأ وزل زلة؛ فالأول جعل التأويل الفاسد عقيدة يسير عليها، ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهره، ولم يرجع إلى فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين كي يعينو على فهم النصوص، ولم يتحر الصواب في الوصول إلى الحق، إنما لجأ في تحرير المسائل إلى فهوم علماء الكلام والضلال؛ كالجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، والمريسي، والرازي، وجهمي العصر الكوثري؛ فمثل هذا يلحق بأحد الطوائف المبتدعة أو المارقة، والثاني لا يرى التأويل الباطل ولا التحريف مطلقا، ويتوخى الحق، ويستعين على فهم الكتاب والسنة بعلوم السلف وفهومهم، ولكنه زل زلة، فأول آية أو حديثا؛ لشبهة قامت عنده: إما لضعف الحديث عنده، وإما لعدم فهمه للمسألة على وجهها، وإما لغير ذلك؛ ففي هذه الحالة خطؤه مغفور له، ولكن يجتنب خطؤه ويبين، ولا يتابع عليه؛ لأنه ليس كل من أخطأ يكون كافرا أو مبتدعا؛ فقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان.
قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) في ترجمة ابن خزيمة (14/ 376): ((ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لإتباع الحق أهدرناه وبدعناه؛ لقل من يسلم من الأئمة معنا)).
وهذا ظاهر، وكلام علماء السلف يدل على ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ((((إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم، فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول، فلهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك، ولا تبدع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم، فهذا أصل عظيم، فتدبره فغنه نافع)).
وقال بعد أن ذكر الفرقة الناجية واعتقادها، والدليل على نجاتها:
((وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله خطأه،وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة)).
وأوضح أنه ربما يكون العالم من المتأولين ومن أهل الاجتهاد، ومن ذوي فضل وصلاح ن وحرص على إتباع الشريعة، واقتفاء آثار الرسول، ولكنه أخطأ في فهم النصوص، وغلط في اجتهاده،ن ووهم فيما ذهب إليه من تأويل، وبين أن هذا الصنف مأجور ومعذور، ولكن لا يجوز إتباعه في غلطه، فقال:
((فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكاً لله، شرع ما لم يأذن به الله، نعم، قد يكون متأولاً في هذا الشرع ن فيغفر له لأجل تأويله، إذا كان مجتهداً الاجتهاد الذي يعفي معه عن المخطئ، ويثاب أيضاً على اجتهاده، لكن لا يجوز إتباعه في ذلك، كما لا يجوز إتباع سائر من قال أو عمل قولاً أو عملاً قد علم الصواب في خلافه، وإن كان القائل أو الفاعل مأجوراً أو معذوراً)).
ومع هذا فلا يتساوى من وقع في شيء من هذا لسبب من الأسباب، فقد يُغظُ على بعض دون بعض، وهذا ما استخرجه شيخ الإسلام باستقراء النصوص الشرعية، والأحوال السلفية، وخلص إلى القول:
((فإذا رأيت إماماً قد غلظ على قائل مقالته أو كفرهن فلا يعتبر هذا حكماً عاماً في كل من قالها، إلا إذا حصل فيه الشرط الذي يستحق به التغليظ عليه، والتكفير له)).
فمن سوّى بين الأول والثاني؛ فقد جار في حكمه، ولم يعدل في قوله؛ فكيف يسوى بين رجلين: أحدهما: تحرى الحق والصواب، واجتهد في ذلك، مع حسن قصده، ولم يصبه؛ لشبهة قامت عنده. والآخر: نظر في كلام المتكلمين واتبعه، وأخذ يجادل عن الباطل، ونبذ نصوص الكتاب والسنة وراء ظهره؛ فالمعروف عنده الرد على علماء السلف وتسفيههم والطعن فيهم، وبيّن له الحق والصواب ولم يرجع، وأنكر أمورا معلومة من الدين بالضرورة، وكثر عثاره، وطال شقاقه وعناده، وكثر تحريفه للنصوص وجداله، ويسب علماء السلف وخيار هذه الأمة، ويسمي التوحيد شركا والشرك توحيدا؟!
فمن سوى بين من كانت هذه حاله وبين الأول؛ فقد أبعد النجعة، وقفا ما لا علم له به، وخالف الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة وأئمتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 05:17]ـ
تعقيبات على الإمام النووي رحمه الله (أ):
قال الإمام النووي فى شرح قول النَّبي صلى الله عليه و سلم للجارية: ((أين الله؟)). فقالت: في السماء. قال: ((من أنا؟)). قالت: أنت رسول الله. قال: ((أعتقها فإنها مؤمنة (1))) قال ما نصه (5/ 24 - 25):
((هذا الحديث من أحاديث الصفات، و فيها مذهبات تقدم ذكرهما مرات فى كتاب الإيمان:
أحدهما: الإيمان به من غير خوض فى معناه: مع اعقاد أن الله - تعالى - ليس كمثله شىء، و تنزيهه عن سمات المخلوقات. هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله و حده، و هو الذي إذا دعاهُ الداعي استقبل السماء، كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة و ليس ذلك لأنه منحصر فى السماء كما أنه ليس منحصراً فى جهة الكعبة: بل ذلك لأنَّ السَّماي قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين، أو هيَ من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بيم أيديهم؟ فلمَّا قالت: في السماء، أنَّها موحَّّدة , و ليست عابدة للأوثان (2).
قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم و محدِّثهم و متكلِّمهم و نظَّارهم و مقلِّدهم أن الظَّواهر الواردة بذكر الله فى السماء , كقوله تعالى: ((أأمنتم من في السماء أني يخسف بكم الأرض)) (3) و نحوه، ليست على ظاهرها , لا متأوَّولة عند جميعهم , فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدِّثين و الفقهاء و المتكلِّمين و أصحاب التنزيه بنفي الحج و استحالة الجهة فى حقه سبحانه و تعالى، تأولها تأويلات بحسب مقتضاها و ذكر نحو ما سبق.
قال: و يا ليت شعري! ما الذي جمع أهل السنة و الحق كلهم على وجوب الامساك عن الفكر فى الذات كما أمروا، و سكتوا لحيرة العقلو و اتفقوا على تحريم التكييف و التشكيل؟، و أن ذلك من وقوفهم و إمساكهم غير شاك في الوجود و الموجود، و غير قادح فى التوحيد , بل هو حقيقته ثم تسامح بعضهم بإثبات الجهة حاشياً من مثل هذا التسامح
و هل بين التكييف و إثبات الجهات فرق؟ لكن إطلاق ما أطلقه الشرع من أنه (القاهر فوق عباده) (4) و أنه استوى على العرش، مع التمسك بالآية الجامعة للتَّنزيه الكُلي الذي لا يصح فى المعقول غيره و هو قوله تعالى: ((ليس كمثله شيء)) عصمة لمن وفقه الله - تعالى - و هذا كلام القاضي - رحمه الله تعالى -)).
التعقيب:
تصرف النووي - رحمه الله - فى كلام القاضي عياض، و هذا نص كلام القاضي عياض بحروفه:
((و المسألة بالجملية، و إن كان تساهل في الكلام فيه بعض الأشياخ المقتدى بهم من الطائفتين، فيه من معوصات مسائل التوحيد، ويا ليت شعري ما الذي جمع أراء كافة أهل السنة و الحق على تصويب القول بوجوب الوقوف عن. لتفكر فى الذات كما أمروا، و سكتوا لحيرة العقول و هناك , و سلموا , و أطبقوا على تحريم التكييف و التخييل و التشكيل , و أن ذلك من وقوفهم و حيرتهم غر شك فى الوجود أو جهل بالموجود , و غير قادح فى التوحيد , بل هو حقيقة عندهم ,ثم تسانح بعضهم فى فصل منه بالكلام في إثبات جهة تخصه أو يشار إليه بحيز يحاذيه، و هل بين التكييف من فرق , أو بين التحديد فى الذات و الجهات من بون، لكن إطلاق ما أطلقه الشرع من أنه ((القاهر فوق عباده)) و أنه استوى على عرشه، مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلي الذي لا يصح فى معقول سواه ((لأيس كمثله شىء و هو السميع البصير)) عصمة لمن وفقه الله - تعالى - و هداه)) (5)
و قد و قع فى كلام النووي ما يستحق أن يقف عنده، و أن يُنبه إله الطلبة،فهذه مسألة من المسائل المهمة التي ينبغي أن تكون واضحة وضوح الشمس من غير أدنى لبس أو عموض، و الكلام المذكور آنفا لا يفي بشىء من ذكل، بل عليه مؤاخذات، و لما كان هذا الشرح سار فى الاقطار، فى سائر الاعصار , لا بد من الوقوف على ما في هذا الكلا لمناصرة الحق، و الوقوف على العقيدة السلفية فنقول:
أولاً: قول النووي ((من غير خوض فى معناه)) ليس مذهب السلف و إنما السلف يعلمون المعنى و يمسكون عن الخوض فى الكيفية، و ما رآه النووي من أن مذهب السلف هو تفويض المعني ليس بصحيح كما بيناه فى الباب الأول.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: قوله نقلاً عن القاضي عياض: ((إن الظواهر الواردة بذكر الله - تعالى - فى السماء .... ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم، فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحيد ولا تكييف من المحدثين و الفقهاء و المتكلمين تأول ((فى السماء)) أي: على السماء)) فما ينبغي أن يذكر هنا:
الفرق الكبير بين تفسير السلف الذي هو عين مقتضى اللفظ و تأويل الخلف المخالف لمقتضى اللفظ، فالتفصير المذكور، أعني ((على السماء)) هو التفسير السلفي للآية، و ليس فيه إخراج للفظ عن ظاهره , و هو المراد من قوله صلى الله عليه و سلم ((ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء)) (6) فكما هو مقرر في الأذهان، و مشاهد في العيان أن الناس على الأرض، و هو المراد من قوله صلى الله عليه و سلم: ((ارحمو من في الأرض)) فكذلك المراد من قوله ((يرحمكم من في السماء)) فتأمل ولا تكن من الغافلين.
ثالثاً: تفرقة النووي بين قبلة الداعي و قبلة المصلي مما لا دليل عليه، فلا قبلة للمسلم إلا واحدة و حمله جواب الجارية لرسول الله صلى الله عليه و سلم و قولها: ((في السماء)) على قبلة الداعين بعيد، يعوزه الدليل (وقد تقدم الرد على هذا التفريق).
رابعاً: عقيدة السلفة القائمة على الكتاب و السنة: أن الله - عز و جل - مستو على عرشه، بائن من خلقه، أخبر الله - عز و جل - بذلك فى مواضع كثيرة من القرآن الكريم , منها:
قوله تعالى: ((ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيراً)) (7). فان هذه الآية تدل دلالة واصحة أن الله وصف نفسه بالاستواء، خبير بما وصف به نفسه، لا تخفى عليه الصفة اللائقة من غيرها، و يفهم منه أن الذي ينفي عنه صفة الاستواء ليس بخبير، نعم، و اله هو ليس بخبير (8).
و الادلة النقلية العقلية على هذه المسألة كثيرة و شهيرة، و نقول السلف حافلةبها، و هذه الأدلة و النقول مسطرة في كتب التوحيد (9)، و أخص منها:
ما كتب مفرداً في هذا الباب (10)، من مثل كتاب الامام الذهبي ((العلو للعلي الغفار)) وكتاب ابن قدامة المقدسي ((إثبات صفة العلو)) و كتاب ابن القيم ((اجتماع الجيوش الاسلامية)) فإنه ألفه للرد على من أول الاستواء بمعني يخالف ما عليه سلف الأمة، من مثل المعتزل و الجهمية، و من سار على منهجهم فى التأويل
خامساً: و من بين الأمور التي وقعت في كلام الإمام النووي السابق و تحتاج إلى توضيح نسبة الجهة و المكان لله - عز و جل- ولإزالة الغموض في هذه المسألة، أحب أن أبين ما يلي:
أن لفظ الجهو فيه إجمال و تفصيل، فنحن نوافق على نفيه عن الله - تبارك و تعالى - و من وجه آخر، ذلك أنه قد يراد بنفي الجهة أن الله - سبحانه و تعالى - منزه عن أن يكون في شيء من مخلوقاته، و إن كان المقصود بنفي الجهة العدمية التي هي عبد عن أن اله - سبحانه و تعالى - فوق خلقه فهذا الامر مرفوض تماماً لأنه لا يجوز أن يقال أن - سبحان و تعالى - ليس فى جهة قصد نفي علوه و فوقيته على خلقه، و بناء على ما تقدم فإن الجهة قسمنا:
الأول: جهة يجب أن ينز الله - تبارك و تعالى - عنها و هي هذا العالم
الوجودي فأن الله - تبارك و تعالى - ليس حالاً في شىء من مخلوقاته، و على هذا مضى سلف الأمة
الثاني: جهة ثانية و هي عدم محض، و هي ما فوق العالم، فإثبات جهة لله تبارك و تعالى بمعنى أنه فوق العالم مستو على عرشه بائن من خلقه فهذا واجب شرعاً، مع مراعاة عدم التشبيه و التكييف، لأن هذه الجهة ثابتة لله تبارك و تعالى بما تواتر من نصوص القرآن الكريم و السنة المطهرة و إجماع سلف الأمة، بل جميع الاديات السمواي و الكتب المنزل، فمن قال أن الله تبارك و تعالى فوق العالم لم يقل بجهة وجودية بل بجهة عدمية أثبتها الشرع , و أثبتتها الفطرة , و أثبتها العقل كذلك.
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية موضحاً هذا المعنى:
(يُتْبَعُ)
(/)
((فإذا كان سبحان فوق الموجودات كلها، و هو غني لم يكن عنده جهة وجودية يكون فيها فضلاً عن أن يحتاج إليها، و إن أريد بالجهة ما فوق العالم ليس بشىء ولا هو أمر وجودي، و هؤلاء أخذوا لفظ الجهة بالاشتراك، و توهموا و أوهموا إذا كان فى جهة كان في شىء غيره، كما يكون الأنسان في بيته، ثم رتبوا على ذلم أن يكون الله محتاجاً إل غيره والله تعالى غني عن كل ما سواه)) (11)
وجملة القوة في الجهة إن أريد بها أمر وجودي فهذا ينبغي نفيه لأن الله تبارك و تعالى لا يحصره ولا يحيط به شيء من خلقه، فهو سبحانه و تعالى فوق عرشه بائن من خلقه و هو معهم بعلمه، و إن أريد بالجهة أمر عدمي و هو ما فوق العالم فهذا ينبغي اثباته لأنهي ليس هنالك فوق العالم إلا الله و حده.
-----------------
(أ) التعقيب على النووي نقلته عن كتاب ((الردود والتعقيبات على ما وقع للإمام النووي في شرح صحيح مسلم من التأويل في الصفات وغيرها من المسائل المهمات)) للشيخ مشهور حسن آل سلمان.
(1) خرجته و بينت طرقه فى تعليقي على رسالة ابن رشد ((الرد على من ذهب إلى تصحيح علم الغيب من جهة الخط)) (23 - 30))
(2) هذا معنى كلام المازري فى ((المعلم)) (1/ 275 - 276)
(3) الملك: 16
(4) الأنعام 18، 61
(5) ((إكمال العلم)) (ق 206 /ب).
(6) الحديث صحيح راجع ((السلسلة الصحيحة)) رقم (920)
(7) الفرقان: (59)
(8) ((منهج و دراسات لآيات الصفات)) (26).
(9) من مثل: ((إبطال التأويلات)) (1/ 232) لأبي يعلي الفراء، و ((التوحيد)) (101) لبن خزيمة و ((الرد على الجهمية)) (18) لعثمان بن سعيد الدرامي، و ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (3/ 387و ما بعدها) للالكائي و ((الابانة)) (36) لأبي الحسن الأشعري، و ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/ 126) لابن القيم , و ((درء تعارض العقل و النقل)) (6/ 258) لابن تيمية و كتبه حافلة في بيان هذه المسألة و ((التمهيد)) (7/ 128) لابن عبد البر القرطبي و ((عقيدة عبد الغني المقدسي)) (40) و ((شرح العقيدة الطحاوية))
325)، و غيره كثير
(10) و قد صنف فيها كثير من المحدثين مثل: أسامة القصاص - رحمه الله تعالى - و عبد الله السبت، و الأخ سليم الهلالي و عوض منصور
(11) انظر ((نقض تأسيس الجهمية)) (1/ 520) و ((التدمرية)) (ص 45)،و ((مختصر العلو)) (286 - 287)
، و ((منهاج الأدلة)) (178) , و ((البيهقي و موقفه من الألهيات)) (353) و ((ابن جرير و دفاعه عن عقيدة السلف)) (475 - 476)
ـ[جمال البليدي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 06:12]ـ
تعقيبات على الحافظ ابن حجر:
1 - قال الحافظ في المقدمة ص 136:
قوله " استوى على العرش " هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى، ووقع تفسيره في الأصل.اهـ
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قوله: " هو من المتشابه ... الخ " إن أراد ما يشتبه معناه على بعض الناس فهذا حق؛ فإن نصوص الصفات ومنها الاستواء قد خفي معناها على كثير من الناس، فوقعوا في الاضطراب فيها وعلِم العلماء من السلف وأتباعهم معانيها المرادة منها، فأثبتوها، وفوضوا علم حقائقها وكيفياتها إلى الله تعالى؛ كما قال الإمام مالك وشيخه ربيعة لما سئل عن الاستواء: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب" وهذه قاعدة يجب اتباعها في جميع صفات الله تعالى، وقد فسر السلف الاستواء: بالعلو والارتفاع والاستقرار.
وإن أراد بالمتشابه: (ما لا يفهم معناه أحد، فيجب تفويض علم معناه إلى الله تعالى) فهذا قول أهل التفويض من النفاة المعطلة، وهو باطل؛ لأنه يقتضي أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمه أحد، وهذا خلاف ما وصف الله به كتابه من البيان والهدى والشفاء.
وهذا الاحتمال الثاني هو الذي يقتضيه سياق الحافظ عفا الله عنه.
2 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 508: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته "
[أي: حديث: إن ربه بينه وبين القبلة]
التعقيب:
قال الشيخ البراك: وقوله: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ... الخ": هذا صريح في أن الحافظ ـ عفا الله عنه ـ ينفي حقيقة استواء الله على عرشه؛ وهو علوه وارتفاعه بذاته فوق عرشه العظيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب كل من ينفي علو الله على خلقه؛ ومنهم الماتريدية ومتأخرو الأشاعرة؛ وهو مذهب باطل مناقض لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة.
ومذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وجميع أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه؛ أي ليس حالاً في مخلوقاته، ولا ينافي ذلك أنه مع عباده أينما كانوا، وأنه تعالى يقرب مما شاء متى شاء كيف شاء. وكذلك لا ينافي علوه واستواؤه على عرشه ما جاء في هذا الحديث من أنه سبحانه قِِبل وجه المصلي، أو بينه وبين القبلة؛ فالقول فيه كالقول في القرب والمعية؛ كل ذلك لا ينافي علوه ولا يوجب حلوله تعالى في شيء من المخلوقات؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
"ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة; مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: {وهو معكم أين ما كنتم}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه}، ونحو ذلك؛ فإن هذا غلط؛ وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بماتعملون بصير}؛ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: {والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه}؛ وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى؛ فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك; وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة .... وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
{إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه} الحديث. حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماءوالشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى - ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به} فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر: كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله ; فالله أكبر} أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم". [مجموع الفتاوى 5/ 102 – 107 باختصار].
3 - قال الحافظ 6/ 291 على حديث رقم (3194) قوله: (فهو عنده فوق العرش)، قيل: معناه دون العرش، وهو كقوله تعالى: " بعوضة فما فوقها " والحامل على هذا التأويل استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فهو عنده " أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية، بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيًا عن الخلق مرفوعًا عن حيز إدراكهم ".
التعقيب:
قال الشيخ البراك: ما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث تخبط الحامل عليه نفي علو الله بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فإن من ذهب إلى ذلك من الأشاعرة وغيرهم ينفون عن الله عز وجل عندية المكان، فليس بعض المخلوقات عنده دون بعض لأنه تعالى بزعمهم في كل مكان فلا اختصاص لشيء بالقرب منه، فلذا يتأولون كل ما ورد مما يدل ظاهره على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى: "إن الذين عند ربك"، وكقوله في هذا الحديث: " فهو عنده فوق العرش"، فجرهم الأصل الفاسد إلى مثل هذه التأويلات المستهجنة التي ذكرها الحافظ وتعقب بعضها، وأهل السنة المثبتون للعلو والاستواء يجرون هذا الحديث وأمثاله على ظاهره، وليس عندهم بمشكل، فهذا الكتاب عنده فوق العرش، والله فوق العرش كما أخبر به سبحانه عن نفسه،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخبر به أعلم الخلق به.))).
قال ابن خزيمة: ((فالخبر دال على ربنا جلا وعلا فوق عرشه الذي كتابه-أن رحمته غلبت غضبه-عنده) كتاب التوحيد ص105
وقال صديق حسن خان رحمه الله: وهذا يدل على العندية والعلو والفوقية. ونحن نؤمن به, بلا كيف ولا تمثيل, ولا ننكره, ولا نؤوله كأهل الكلام. وهذا هو سبيل السلف في مسائل الصفات.
والحديث: دليل على سبق لرحمة وغلبتها على الغضب والسخط. وهذا هو اللائق بشأن أرحم الراحمين. ولولا ذلك لكنا جميعا خاسرين هالكين. نعوذ بالله من غضب الله ونتوب إليه من سخطه ونرجوا رحمته وكرمه وفضله ولطفه. وما أحقه بذلك) السراج الوهاج (11/ 22 - 23).
قال ابن القيم رحمه الله:
واذكر حديثا في الصحيح تضمنت ... كلماته تكذيب ذي البهتان
لما قضى الله الخليقة ربنا ... كتبت يداه كتاب ذي إحسان
وكتابه هو عنده وضع ... على العرش المجيد الثابت الأركان
إني أنا الرحمان تسبق ... رحمتي غضبي وذاك لرأفتي وحنان
4 - قال الحافظ 7/ 124 على حديث رقم (3803) قال: " وليس العرش بموضع استقرار الله .. ".
التعقيب:
قال الشيخ البراك: لا وجه لهذا النفي؛ فإن الله عز وجل مستو على عرشه كما أخبر سبحانه في سبعة مواضع من كتابه أنه استوى على العرش. ومن عبارات السلف في تفسير (استوى): استقر. ولكن نفي أن يكون العرش موضع استقرار الله مبني على نفي حقيقة الاستواء، وهو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فعندهم أن الله في كل مكان، أو يقال: إنه لا خارج العالم ولا داخله، ثم الواجب عندهم في نصوص الاستواء إما التفويض وإما التأويل؛ مثل أن يقال في معنى (استوى): استولى. وهذا هو الغالب عليهم، فيجمعون بين التعطيل والتحريف. وكل هذا بلا حجة من عقل ولا سمع.
ومذهب أهل السنة إثبات الاستواء بمعناه المعلوم في اللغة مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول".
ومعلوم أن استواء الله عز وجل على عرشه لا يستلزم حاجته سبحانه إليه؛ لأنه الغني عن كل ما سواه، وهو سبحانه الممسك للعرش وما دون العرش.
5 - قال الحافظ 7/ 156 على حديث رقم (3803) قال: " ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شيء ... ".
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قوله: " أن الله منزه عن الحركة والتحول .... ": لفظ الحركة والتحول مما لم يرد في كتاب ولا سنة، فلا يجوز الجزم بنفيه، ونسبة نفيه إلى السلف والأئمة من أهل السنة والجماعة لا تصح. بل منهم من يجوز ذلك ويثبت معناه ويمسك عن إطلاق لفظه، ومنهم من يثبت لفظ الحركة، ولا منافاة بين القولين؛ فإن أهل السنة متفقون على إثبات ما هو من جنس الحركة كالمجيء، والنزول، والدنو، والصعود، مما جاء في الكتاب والسنة. والأولى: الوقوف مع ألفاظ النصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " وكذلك لفظ الحركة: أثبته طوائف من أهل السنة ... وقال: والمنصوص عن الإمام أحمد إنكار نفي ذلك، ولم يثبت عنه إثبات لفظ الحركة، وإن أثبت أنواعًا قد يدرجها المثبت في جنس الحركة" الاستقامة: 1/ 71 – 72.
ثم ذكر قول الفضيل بن عياض: " إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه. فقل: أنا أومن برب يفعل ما يشاء " الاستقامة: 1/ 77.
ونفي الحركة يتفق مع مذهب نفاة الأفعال الاختيارية من الأشاعرة وغيرهم، وهو الذي يقتضيه كلام الحافظ رحمه الله، وأما لفظ التحول فالقول فيه يشبه القول في لفظ الحركة.))
وقد تقدم الكلام عن شبهة الحركة والإنتقال في الرد على الإعتراض الثامن.
6 - قال الحافظ 7/ 412 على حديث رقم (4121) قال: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة" وأرقعة بالقاف جمع رقيع، وهو من أسماء السماء، قيل: سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم، وهذا كله يدفع ما وقع عن الكرماني (بحكم الملك) بفتح اللام وفسّره بجبريل؛ لأنه الذي ينزل بالأحكام.
قال السهيلي: قوله: "من فوق سبع سماوات" معناه أن الحكم نزل من فوق، قال: ومثله قول زينب بنت جحش: "زوجني الله من نبيه من فوق سبع سماوات" أي نزل تزويجها من فوق، قال: ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله، لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه ... ".
التعقيب:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ البراك: قول السهيلي: "ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق ..... ": هذا يتضمن أن الفوقية منها ما يستحيل على الرب سبحانه فيجب نفيه، ومنها ما لا يستحيل عليه فلا مانع من إثباته، وعليه يحمل ما جاء من وصف الله تعالى بالفوقية. وهذا التفصيل مبني على نفي علو الله تعالى بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فالفوقية ثلاثة أنواع: فوقية الذات، وفوقية القدر، وفوقية القهر؛ فنفاة العلو من الجهمية ومن تبعهم يثبتون فوقية القدر والقهر دون فوقية الذات، وأهل السنة والجماعة يثبتون له سبحانه الفوقية بكل معانيها؛ كما قال تعالى: "وهو القاهر فوق عباده"، كما يقولون مثل ذلك في العلو؛ فعندهم أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه.
7 - قال الحافظ (10/ 488) على حديث رقم 6070
"ويدنو المؤمن من ربه أي يقرب منه قرب كرامة، وعلو منزلة".
التعقيب:
قال الشيخ البراك: يريد بقوله: "قرب كرامة وعلو منزلة" أن دنو المؤمن من ربه المذكور في الحديث دنو معنوي، لا أنه دنو بقرب المكان، بحيث يكون في مكان هو فيه أقرب إلى ربه. والأصل في القرب والدنو قرب المكان، وهذا هو المعنى المتبادر من لفظ الحديث وسياقه.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الله سبحانه بذاته في العلو فوق كل شيء، وأنه سبحانه يقرب من بعض خلقه إذا شاء، كيف شاء، ويدني ويقرب من عباده من شاء، وأن من الملائكة ملائكة مقربين، فهم عنده.
وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا كله لا يتأولون شيئا منه على خلاف ظاهره. وأما نفاة العلو القائلون بالحلول من الجهمية ومن وافقهم - ومنهم الأشاعرة - فعندهم أنه تعالى لا يقرب من شيء، ولا يقرب منه شيء، وأن نسبة جميع المخلوقات إليه نسبة واحدة. لذلك يلجأون إلى تأويل النصوص المخالفة لأصولهم، ومن ذلك دنو المؤمن من ربه أو إدناؤه له؛ فيؤولونه بقرب المكانة والمنزلة. وهذا هو الذي ذكره الحافظ، ومشى عليه في هذا الحديث ونحوه.
8 - قال الحافظ: "وقال الكرماني: ... النزول محال على الله؛ لأن حقيقة الحركة من جهة العلو إلى السفل، وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه عن ذلك، فليتأول ذلك بأن المراد نزول ملك الرحمة ونحوه، أو يفوض مع اعتقاد التنزيه .... ".
على حديث رقم 6321
التعقيب:
قال الشيخ البراك: "وقال الكرماني: ... النزول محال على الله .... ": هذا قول منكر، وردٌّ لخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم الخلق بربه، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم الخبر بنزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة؛ فقد نقل ذلك الجم الغفير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقى ذلك أهل السنة والجماعة بالقبول فأثبتوا أنه سبحانه ينزل حقيقة كيف شاء، كما قالوا: إنه استوى على العرش وإنه يجيء يوم القيامة كما أخبر عن نفسه سبحانه وتعالى، فقول أهل السنة في النزول كقولهم في سائر أفعاله وصفاته سبحانه؛ وهو إثباتها مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية.
وقول الكرماني: (النزول محال على الله) هو مذهب المعطلة من الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة والأشاعرة، ومن مذهبهم نفي علوه سبحانه بذاته واستوائه على عرشه، ونفي قيام الأفعال الاختيارية به.
ومن لا يثبت العلو يمتنع عليه أن يثبت النزول، والحامل لهم على هذا الباطل هو توهم التشبيه وقياس الخالق على المخلوق. وهو سبحانه وتعالى لا يقاس بخلقه، وما يثبت له من الصفات هو على ما يليق به لا يماثل صفات المخلوقين؛ فنزوله ليس كنزول المخلوق، كما أن علمه وسمعه وبصره ليس كعلم المخلوق وسمعه وبصره. وتأويل النفاة لنزوله سبحانه بنزول ملك، أو نزول الرحمة هو من تحريف الكلم عن مواضعه؛ فهل يجوز أن يقول الملك: "من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه"، فلفظ الحديث نص بأن الذي ينزل هو الله نفسه، وهو الذي يقول ذلك، فالذين تأولوا النزول بنزول ملك قد جمعوا بين التحريف والتعطيل فضلوا عن سواء السبيل.
9 - قال الحافظ: "ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود: لا إله إلا الذي في السماء لم يكن مؤمنا كذلك، إلا إن كان عاميًا لا يفقه معنى التجسيم فيكتفى منه بذلك، كما في قصة الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مؤمنة؟ " قالت: نعم، قال: "فأين الله؟ " قالت: في السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة"، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم .... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك في كلامه على حديث رقم 7377، كتاب التوحيد، باب 2.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: معناه أن اليهود يقرون بأن الله في السماء - يعني في العلو- وهذا عند المعطلة نفاة العلو تجسيم؛ أي أن الله لو كان في السماء لزم أن يكون جسمًا، ومن مذهبهم أن الله تعالى ليس بجسم، فوجب نفي ما يستلزم الجسمية، ومن ذلك العلو على المخلوقات؛ فلذلك نسبوا اليهود إلى التجسيم والتشبيه. ونسبوا كذلك إلى التجسيم أهل السنة المثبتين للعلو وسائر الصفات، لذلك هم يشَبِّهون أهل السنة باليهود.
وإثبات اليهود للعلو هو من الحق الذي جاءهم به موسى عليه السلام، كما جاءت به سائر الرسل، وجاء به خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وتنوعت أدلته في الكتاب والسنة، ودلت عليه الفطر والعقول السليمة. وكفر اليهود لا يقدح فيما يقرون به من الحق، وأما إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى نفيًا أو إثباتًا فقد تقدم قريبًا القول فيه، وبينَّا هناك مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك.
10 - قال الحافظ: "وليس المراد قرب المسافة؛ لأنه منزه عن الحلول كما لا يخفى، ومناسبة الغائب ظاهرة من أجل النهي عن رفع الصوت ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7386، كتاب التوحيد، باب 9.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: القرب في هذا الحديث هو القرب الخاص؛ وهو قربه سبحانه من عابديه وداعيه، ولا يلزم من هذا القرب حلول الرب سبحانه في شيء من المخلوقات، كما لا يلزم من نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة علو سائر السماوات عليه؛ بل هو العلي الأعلى، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء؛ فعلوه سبحانه فوق المخلوقات من لوازم ذاته، فنزوله وقربه لا ينافي علوه، بل هو سبحانه عال في دنوه قريب في علوه، فلا يقاس بخلقه، ولا يلزم من صفاته سبحانه ما يلزم في صفات المخلوقين، وعلى هذا فقوله: "وليس المراد قرب المسافة" احتراز لا حاجة إليه، وتقييد لا موجب له؛ لأنه مبني على أن قربه يستلزم الحلول، وهو ممنوع كما تقدم.
11 - قال الحافظ: "والله منزه عن الحلول في المواضع؛ لأن الحلول عرض يفنى وهو حادث، والحادث لا يليق بالله .... ".
وقال ابن التين: "معنى العندية في هذا الحديث العلم بأنه موضوع على العرش ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7405، كتاب التوحيد، باب 15.
التعقيب:
قال الشيخ البراك:
قوله صلى الله عليه وسلم "وهو وَضْعٌ عنده على العرش": هذا عند أهل السنة المثبتين لعلو الله على خلقه واستوائه على عرشه ليس بمشكل، بل هذا من أدلتهم على أن الله عز وجل بذاته فوق العرش، وأن هذا الكتاب عنده سبحانه فوق العرش، ولا يلزم من ذلك محذور في حقه سبحانه؛ لا حلول ولا حصر في شيء من مخلوقاته.
وإنما يُشْكِل هذا الحديث وأمثاله مِنْ وصْفِ بعض المخلوقات بأنها عنده على نفاة العلو والاستواء كالأشاعرة؛ فمن قال منهم بأنه سبحانه في كل مكان فقد تناقض أعظم تناقض، ومن قال منهم إنه لا داخل العالم ولا خارجه فقد وصف الله بالعدم؛ فإنه لا يوصف بذلك إلا المعدوم.
وقول ابن بطال وابن التين في تفسير الكتاب والعندية بالعلم في هذا الحديث هو من التأويل المذموم الذي حقيقته صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة؛ فقد جريا في ذلك على مذهب أهل التعطيل من نفاة العلو، وهو مذهب باطل تضمن التعطيل والتحريف؛ تعطيل الله عز وجل عن ما يجب إثباته له من علوه على خلقه، وتحريف النصوص الدالة على ذلك. ومذهب أهل السنة بريء من هذا وهذا.
12 - قال الحافظ: قال ابن بطال .. وقالت الجسمية: معناه الاستقرار وقال بعض أهل السنة معناه ارتفع وبعضهم معناه علا ..
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 22.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: مقصود البخاري رحمه الله بترجمة الباب تقرير علو الله بذاته على مخلوقاته واستوائه على عرشه، واكتفى بالإشارة إلى الاستواء بذكر العرش في الآية والأحاديث التي أوردها في الباب، لأن العرش متعلَّق الاستواء، وإن كان قد جاء التصريح بالاستواء على العرش في سبع آيات، وأشار إليها في نقل تفسير السلف للاستواء كأبي العالية، ومجاهد، واكتفى من أدلة العلو خاصة بحديث أنس رضي الله عنه في شأن زينب رضي الله عنها، وقولها: "وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات" مع أن أدلة العلو في الكتاب والسنة لا تحصى كثرة، وأهل السنة يثبتون ما دلت عليه هذه النصوص ويمرونها كما
(يُتْبَعُ)
(/)
جاءت بلا كيف، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب".
وأما المعطلة والجهمية ومن وافقهم، فإنهم ينفون علو الله على خلقه واستوائه على عرشه، ثم منهم من يقول بالحلول العام، أو أنه - تعالى الله عن قولهم - لا داخل العالم ولا خارجه، وفي هذا غاية التنقص لله تعالى، أو ما يتضمن وصفه بالعدم. ثم يضطربون في جوابهم عن هذه النصوص؛ فأكثرهم يذهب إلى التأويل المخالف لظاهر اللفظ كتأويل الاستواء بالاستيلاء، أو الملك والقدرة، أو التمام كما ذكر ذلك الحافظ فيما حكاه عن ابن بطال. وهؤلاء يجمعون بين التعطيل والتحريف. ومن نفاة العلو والاستواء من الأشاعرة من يذهب إلى التفويض؛ وهو الإمساك عن تدبر هذه النصوص لأنه لا سبيل إلى فهم معناها، مع نفي أن يكون ظاهرها مرادًا، ويزعم بعض أولئك أن هذا هو مذهب السلف في نصوص الصفات كالعلو والاستواء كما نقله الحافظ عن إمام الحرمين بعد ذلك، وهو خطأ ظاهر وجهل بحقيقة مذهب السلف.
ومما يدل على فساد مذهب المفوضة أن الله عز وجل أمر بتدبر الكتاب كله، وما لا يفهم معناه لا يؤمر بتدبره ولا معنى لتدبره.
وقد وصف الله كتابه بأنه هدى وشفاء وبيان، وما لا يفهم معناه لا يوصف بشيء من ذلك. فالمخرج من هذا الاضطراب هو الاعتصام بما دل عليه كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان، والله الهادي إلى الصواب.
13 - قال الحافظ: "قوله: (كان الله ولم يكن شيء قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ: "ولم يكن شيء غيره" وفي رواية أبي معاوية: "كان الله قبل كل شيء" وهو بمعنى: "كان الله ولا شيء معه"، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت على كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7418، كتاب التوحيد، باب 22.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قوله: "وفي رواية أبي معاوية: (كان الله قبل كل شيء) وهو بمعنى: (كان الله ولا شيء معه) ... إلخ": يرجح الحافظ هاتين الروايتين على رواية الباب: (كان الله ولم يكن شيء قبله)؛ وذلك من جهة المعنى الذي يرى أنهما تدلان عليه؛ وهو أن الله تعالى كان منفردًا لم يخلق شيئًا في الأزل ثم ابتدأ الخلق، وعليه فجنس المخلوقات له بداية لم يكن قبلها شيء من المخلوقات. وهذا قول من يقول بامتناع حوادث لا أول لها، وهم أكثر المتكلمين، وهو الذي يختاره المؤلف، ولهذا رجح الروايتين المشار إليهما آنفًا بناء على أنهما تدلان على مطلوبه، ولهذا قال: "وفي رواية أبي معاوية ... وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها" واستشنع من ابن تيمية القول بذلك، ولهذا ضعف ترجيح ابن تيمية لرواية: "كان الله ولم يكن شيء قبله"، وزعم أن الجمع بين هذه الروايات مقدم على الترجيح. وهذا ممنوع في الحديث الواحد الذي قصته واحدة كما في هذا الحديث؛ فإنه جاء بأربع روايات، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل إلا أحد هذه الألفاظ، والأخريات رويت بالمعنى، فتعيَّن الترجيح. وكل هذه الروايات لا تدل على مطلوب المتكلمين وهو امتناع حوادث لا أول لها. ولكن بعض هذه الروايات فيه شبهة لهم مثل رواية: "ولم يكن شيء معه"، ولهذا رجحها الحافظ على رواية الباب، ورواية الباب أرجح منها؛ لأن لها شاهدًا عند مسلم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت الأول فليس قبلك شيء" كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع وجوه أخرى من الترجيح.
ومسألة تسلسل الحوادث - أي المخلوقات في الماضي وهو معنى حوادث لا أول لها - فيها للناس قولان:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: أن دوام الحوادث ممتنع؛ وهو قول أكثر المتكلمين. وشبهه هذا القول هي اعتقاد أن ذلك يستلزم قدم العالم الذي تقول به الفلاسفة، وهو باطل عقلاً وشرعًا. وهذا الاعتقاد خطأ؛ فإن معنى تسلسل الحوادث في الماضي أنه ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق إلى ما لا نهاية، ومعنى ذلك أن كل مخلوق فهو محدث بعد أن لم يكن، فهو مسبوق بعدم نفسه، والله تعالى مقدم على كل مخلوق تقدم لا أول له، وليس هذا بقول الفلاسفة؛ فإن حقيقة قولهم أن هذا العالم قديم بقدم علته الأولى لأنه صادر عنها صدور المعلول عن علته التامة، لا صدور المفعول عن فاعله؛ فإن المفعول لا بد أن يتأخر عن الفاعل.
القول الثاني: أن تسلسل الحوادث في الماضي ممكن، وهو موجب دوام قدرة الرب تعالى وفاعليته؛ فكل من يثبت أن الله لم يزل فعالاً لما يريد وهو على كل شيء قدير، لا بد أن يقول بأن الخلق لم يزل ممكنًا. وهذا الحد لا يمكن النزول عنه؛ فإن من قال بامتناع حوادث لا أول لها منهم من يقول: إن الله لم يكن قادرًا ثم صار قادرًا، ومن قال منهم: إن الله لم يزل قادرًا كان متناقضًا؛ فإن المقدور لا يكون ممتنعًا لذاته.
أما كون تسلسل المخلوقات واقعًا أو غير واقع فهذا يُبنى على الدليل؛ فمن قام عنده الدليل على أحدها فعليه القول بموجبه. فالقول المنكر الذي لا شك في بطلانه هو القول بامتناع حوادث لا أول لها؛ لما يستلزمه من تعجيز الرب سبحانه في الأزل تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
وقد حرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه المسألة فأجاد وأفاد، فأتى بالفرقان بين الحق والباطل في هذا المقام، وقد رماه خصومه والغالطون عليه بأنه يقول بقول الفلاسفة، وهو الذي يفند قول الفلاسفة بما لم يستطعه المنازعون له. ومن رد قول الفلاسفة بالقول بامتناع حوادث لا أول لها فقد رد باطلاً بباطل، والحق في خلافهما، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
انظر: مجموع الفتاوى 18/ 210 - 244، ودرء تعارض العقل والنقل 1/ 121 - 127، 303 - 305، 2/ 344 - 399.
14 - قال الحافظ: "قال الكرماني: قوله: "في السماء" ظاهره غير مراد؛ إذ الله منزه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7420، كتاب التوحيد، باب 22.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: وصفُ اللهِ تعالى بأنه في السماء جاء في القرآن في قوله: "أأمنتم من في السماء"، وفي السنة: قال صلى الله عليه وسلم: "وأنا أمين من في السماء"، ومن هذا قول زينب رضي الله عنها: "إن الله أنكحني في السماء". ومعنى هذا كله أن الله تعالى في السماء أي في العلو فوق جميع المخلوقات، وليس ظاهره أن الله تعالى في داخل السماوات كما ظنه الكرماني، ولهذا قال: "ظاهره غير مراد".
وقوله: "إذ الله منزه عن الحلول في المكان": إن أراد أنه تعالى لا يحويه شيء من مخلوقاته ويحيط به فهو حق؛ فإن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
وإن أراد أنه ليس في العلو الذي وراء العالم، ولا هو فوق العرش بذاته فهذا باطل؛ فإن هذا هو قول الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من نفاة العلو، وأكثرهم يقول بالحلول العام؛ أي أن - الله تعالى عن قولهم - في كل مكان.
وقول الكرماني: "لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها ... ": هذا يقتضي أن الله تعالى ليس بذاته في العلو، وإنما وصف بذلك للتشريف؛ لأن السماء أشرف الجهات وفي ذلك إشارة إلى علو قدره في ذاته وصفاته. وليس هذا محل النزاع مع المبتدعة نفاة العلو، وإنما النزاع معهم في علوه سبحانه بذاته فوق مخلوقاته، وهو سبحانه العلي بكل معاني العلو، وله الفوقية بكل معانيها ذاتًا وقدرًا وقهرًا. وما ذكره الحافظ عن الراغب في مفردات القرآن إنما هو استعراض لمعاني الفوقية بحسب ما أضيفت إليه في القرآن، ولم يذكر من معاني الفوقية المضافة إلى الله تعالى إلا فوقية القهر، وأهمل الإشارة إلى فوقية ذاته سبحانه كما يدل عليها نصًا قوله تعالى:"يخافون ربهم من فوقهم".
والحافظ عفا الله عنه يكثر من النقول في هذه المسائل ولا يحررها.
15 - قال الحافظ: "ويكون معنى: "فهو عنده فوق العرش" أي ذكره وعلمه، وكل ذلك جائز في التخريج .... "الرحمن على العرش استوى" أي ما شاءه من قدرته، وهو كتابه الذي وضعه فوق العرش".
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك في كلامه على حديث رقم 7422، كتاب التوحيد، باب 22.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: هذا الحديث من أدلة أهل السنة على علو الله فوق خلقه واستوائه على عرشه، وهو يدل كذلك على أن الكتاب الذي كتبه كتب فيه على نفسه أن رحمته تغلب غضبه عنده فوق العرش، وهذه العندية عندية مكان لقوله: "فوق العرش"، وهذا الكتاب يحتمل أن يكون هو اللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب - وهو كتاب المقادير- ويحتمل أنه غيره فهو كتاب خاص، والله أعلم.
وعلى كل فلا يمتنع أن يكون الكتاب المذكور عند الله تعالى فوق العرش كما هو ظاهر الحديث، ولا موجب لتأويله بصرفه عن ظاهره كما صنع ذلك الخطابي عندما قال: "المراد بالكتاب أحد الشيئين ... إلخ"، فنفى على كل من التقديرين أن يكون فوق العرش كتاب؛ إذ تأول الكتاب بعلم الله تعالى بما كتب على نفسه، أو أن الذي عنده ذكر الكتاب وعلمه، والحامل له على هذا التأويل إما اعتقاد أن الله ليس بذاته فوق العرش، فلا يكون شيء من المخلوقات عنده فوق العرش، وإما اعتقاد امتناع أن يكون شيء غير الله فوق العرش. والأول باطل بأدلة العلو والاستواء، والثاني لا دليل عليه. بل هذا الحديث بمجموع ألفاظه يدل على بطلانه؛ فقد دلّ الحديث على أن هذا الكتاب عند الله فوق العرش، والله تعالى أعلم بنفسه، والرسول الذي أخبر بذلك أعلم بربه، فليس لأحد أن يعارض خبره صلى الله عليه وسلم. وأما ما نقله الحافظ عن ابن أبي جمرة فهو على النقيض من قول الخطابي؛ فإنه يثبت أن فوق العرش كتابًا وهو مما اقتضته حكمته وقدرته، ولكن من المنكر في كلامه قوله: "وقد يكون تفسيرًا لقوله: "الرحمن على العرش استوى" ... إلخ"؛ فإن ذلك يقتضي أن إضافة الاستواء إلى الله عز وجل مجاز، وأن المراد به كون ذلك الكتاب فوق العرش، فيؤول معنى قوله: "الرحمن على العرش استوى" إلى معنى: " كتابه على العرش استوى" وهذا ظاهر الفساد؛ فإنه تحريف للكلم عن مواضعه.
16 - قال الحافظ:" قال البيهقي: صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول، وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء، وأما ما وقع من التعبير في ذلك بقوله: "إلى الله" فهو على ما تقدم عن السلف في التفويض، وعن الأئمة بعدهم في التأويل، وقال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 23.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: فيما نقله الحافظ ابن حجر في شرح هذا الباب عن البيهقي وابن بطال تخبط وحيرة في فهم النصوص والآثار الدالة على علو الله تعالى على خلقه؛ فإن كلامهما يقتضي نفي علو الله على خلقه، فعلى هذا يجب عندهم في هذه النصوص: إما التفويض؛ وهو الإعراض عن فهمها مع اعتقاد بأن الأمر بخلاف ظاهرها، وإما التأويل. ويزعمون أن التفويض هو طريقة السلف. وهذا باطل؛ فالسلف من الصحابة والتابعين يتدبرون القرآن كله ويفهمونه كما أمرهم الله، ويؤمنون بما دلت عليه الآيات والأحاديث من صفاته تعالى.
وحقيقة التأويل - وهو طريقة أكثر النفاة - صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره بغير حجة توجب ذلك، وهذه حقيقة التحريف، ومن ذلك قول البيهقي: "صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول"، ومعنى ذلك أنه لا يصعد إلى الله شيء، وكذا قوله: "وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء"، ومعنى ذلك أنهم لا يعرجون إلى الله.
وكذا قول ابن بطال: "وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف"، ومعناه أن الملائكة لا تعرج إليه حقيقة؛ لأن الله – عنده – ليس في السماء، وعبر عن ذلك بقوله: "وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه؛ فقد كان ولا مكان"، وهو يريد بذلك نفي أن يكون الله بذاته فوق المخلوقات ومستويًا على العرش، ولكن هذه الألفاظ الواردة في عبارته ألفاظ مبتدعة مجملة لا بد فيها من التفصيل والاستفصال؛ لأنها تحتمل حقًا وباطلاً. نعم الله سبحانه لا يحتاج إلى شيء من مخلوقاته: لا مكان ولا غيره. وإذا كان سبحانه فوق مخلوقاته على عرشه فلا يلزم من ذلك أن يكون مفتقرًا إلى العرش، ولا أنه يحيط به شيء من الموجودات، بل هو سبحانه فوق جميع الموجودات، وهو الممسك بالعرش وما دون العرش.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقول ابن بطال: "ومعنى الارتفاع إليه: اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان" كلام فيه قلق؛ فإنه فسر ارتفاع بعض المخلوقات إليه باعتلائه فأضاف إليه ما هو مضاف إلى المخلوق.
وقوله: "مع تنزيهه عن المكان" فيه ما تقدم من الإجمال، وإرادة نفي علو الله تعالى بذاته فوق خلقه، وهذا هو المعنى الباطل المنافي لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة، والله أعلم.)).
وقد تكلمنا عن هذا التفصيل كما في الرد على الإعتراض الخامس.
17 - قال الحافظ: " قال ابن المنير: جميع الأحاديث في هذه الترجمة مطابقة لها إلا حديث ابن عباس" إلى أن قال: "وقِدَمُه يحيل وصفه بالتحيز فيها، والله أعلم".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7433، كتاب التوحيد، باب 23.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قول ابن المنير في حديث ابن عباس: "ومطابقته والله أعلم من جهة أنه نبه على بطلان قول من أثبت الجهة .... إلخ": يريد مطابقة الحديث للترجمة ومناسبته لها، ويزعم أن البخاري قصد بإيراد الحديث التنبيه على بطلان قول من أثبت الجهة. ويريد بمن أثبت الجهة من أثبت علو الله تعالى بذاته فوق عرشه وجميع مخلوقاته، وفي هذا غلط قبيح على البخاري؛ فإن البخاري من أئمة السنة المثبتين لعلو الله تعالى واستوائه على عرشه، وقد عقد عددًا من التراجم لتقرير هذا الأصل، فزعم ابن المنير أن قصد البخاري الرد على من أثبت العلو والاستواء على العرش قلبٌ لمقصود البخاري، بل أراد البخاري بذكر هذا الحديث إثبات علو الله تعالى واستوائه على العرش استنباطًا من ذكر العرش حيث إنه متعلق الاستواء.
وقول ابن المنير: "فبين – أي البخاري – أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء، والجهة التي يصدق عليها أنها عرش كل منهما مخلوق مربوب محدث": فيه دعوى باطلة على البخاري أنه أراد ما ذكر، وفيه دعوى أن الجهة سواء أريد بها السماء أو العرش فإنها مخلوقة، وهذه الدعوى لا تصح في السماء على الإطلاق؛ فإن السماء يراد بها السماء المبنية - وهي السماوات السبع، وهذه مخلوقة - ويراد بها العلو مطلقًا، فتتناول ما فوق المخلوقات؛ وليس فوق المخلوقات شيء موجود إلا الله تعالى. فلا يلزم من كونه في السماء الذي وراء العالم أن يكون في ظرف وجودي يحيط به تعالى؛ لأنه ليس وراء العالم شيء موجود إلا الله تعالى. بل المخلوق إذا قيل إنه في السماء بمعنى العلو لا يلزم أن يكون في ظرف وجودي؛ كما إذا قيل العرش في السماء، ومن المعلوم أن العرش فوق السماوات فالله تعالى أولى أن لا يلزم فيه ذلك. وعلى هذا فلفظ الجهة لفظ مجمل قد يراد به شيء موجود مخلوق كما إذا أريد به نفس العرش، وقد يراد به ما ليس بموجود كما إذا أريد به ما وراء العالم؛ فإنه ليس وراء العالم شيء موجود إلا الله تعالى.
وقول ابن المنير: "وقِدَمُه سبحانه وتعالى يحيل وصفه بالتحيز فيها": إن أراد أنه مستغن عن هذه المخلوقات من العرش وغيره فهذا حق، وإن أراد أن قدمه يحيل كونه بذاته فوق مخلوقاته مستو على عرشه فهذا باطل. بل هذا عين الكمال؛ فإن له سبحانه العلو بكل معانيه ذاتًا وقدرًا وقهرًا.
ولفظ التحيز لفظ مجمل مبتدع لا يجوز إطلاقه نفيًا ولا إثباتًا، ولا يجوز الحكم على قائله إلا بعد معرفة مراده، فإن أراد حقًا قُبِل، وإن أراد باطلاً رُدّ، وإن أراد حقًا وباطلاً لم يقبل مطلقًا، ولم يرد جميع معناه.)).
وقد تقدم الرد على شبهة الحد والحيز والمكان والجهة.
18 - قال الحافظ: "ومنع جمهور المعتزلة من الرؤية، متمسكين بأن من شرط المرئي أن يكون في جهة، والله منزه عن الجهة، واتفقوا على أنه يرى عباده؛ فهو راء لا من جهة، واختلف من أثبت الرؤية في معناها؛ فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب: "كما ترون القمر" إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 24.
التعقيب:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ البراك: قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة": هي أصرح آية في الدلالة على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة بأبصارهم؛ فإن النظر إذا عدي بإلى اختص بنظر العين، وقد اختلف الناس في مسألة الرؤية: فذهب أهل السنة إلى أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم عيانًا من فوقهم من غير إحاطة، كما دل على ذلك الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة كهذه الأحاديث التي ذكرها البخاري في الباب. وذهبت المعتزلة إلى نفي الرؤية وتأولوا الآيات والأحاديث بصرفها عن ظاهرها، وردّ ما أمكنهم ردّه من السنة على أصولهم. وذهب الأشاعرة إلى إثبات الرؤية بالأبصار، لكن قالوا: إن الله تعالى يُرى لا في جهة بناء على مذهبهم في نفي العلو؛ فأثبتوا رؤية غير معقولة، فخالفوا بذلك العقل والشرع، وكانوا بذلك متذبذبين بين النفاة والمثبتين، بل كانوا أقرب إلى مذهب النفاة كالمعتزلة وغيرهم.
وكل ما ذكر الحافظ في هذا المقام ونقله عن الشراح يدور حول مذهب المعتزلة ومذهب الأشاعرة، وفيه من الحق ردّ مذهب المعتزلة، ومن الباطل نفي علو الله تعالى، ونفي أن يرى في جهة العلو بل يرى لا في جهة؛ مما أوجب لهم الحيرة والاضطراب، وظهور حجة المعتزلة عليهم. وليس لمذهب أهل السنة المحضة ذكر صريح.
وقول ابن بطال: "وذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله تعالى في الآخرة ... إلخ" كلام مجمل، والظاهر أن مراده بأهل السنة: الأشاعرة.)).
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته:
فسل المعطلة هل يرى من تحتنا ... أم عن شمائلنا أم عن أيمان
أم خلفنا وأمامنا سبحانه ... أم هل يرى من فوقنا ببيان
يا قوم ما في الأمر شيء غير ذا ... أو أن رؤيته بلا إمكان
إذ رؤية لا في مقابلة من الر ... ائي محال ليس في الإمكان
ومن ادعى شيئا سوى ذا كان دعو ... اه مكابرة على الأذهان
19 - قال: "وقال البيهقي: سمعت الشيخ الإمام أبا الطيب سهل بن محمد الصعلوكي يقول في إملائه في قوله: "لا تضامون في رؤيته" بالضم والتشديد، معناه: لا تجتمعون لرؤيته في جهة، ولا يضم بعضكم إلى بعض، ومعناه بفتح التاء كذلك، والأصل: لا تتضامون في رؤيته باجتماع في جهة. وبالتخفيف من الضيم، ومعناه: لا تظلمون فيه برؤيتكم بعضكم دون بعض؛ فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعال عن الجهة".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7436، كتاب التوحيد، باب 24.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قول الصعلوكي الذي نقله البيهقي ونقله عنه الحافظ جارٍ على مذهب الأشاعرة؛ وهو إثبات الرؤية مع نفي الجهة أي نفي العلو، ومعنى ذلك أن المؤمنين يرونه سبحانه لا من فوق ولا من أسفل، ولا من أمام ولا من خلف، ولا من يمين ولا من شمال، وتقدم قريبًا أن هذه الرؤية لا حقيقة لها في الواقع [انظر التعليق السابق]؛ فهي مع مخالفتها لنص السنة المتواترة مخالفة للعقل. وبناء على نفي الصعلوكي لعلو الله تعالى نفى أن يكون في جهة من العباد، ونفى أن يكونوا في جهة منه سبحانه حيث قال في: "تضامون" معناه: لا تجتمعون لرؤيته في جهة. وأما قوله: "فإنكم ترونه في جهاتكم كلها" فيقتضي أنهم يرونه من فوقهم ومن تحتهم ومن الجهات الأربع، وهذا يتناقض مع نفيه الجهة عن الله بقوله بعده: "وهو متعال عن الجهة"، بل يناقض المعروف من قول الأشاعرة: إن الله تعالى يرى لا في جهة؛ فإنهم ينفون الجهة عن الله مطلقًا، وما يرى من جميع الجهات هو موجود في جميع الجهات، وتقدم في التعليق قريبًا [ص314،هامش1] ما في لفظ الجهة من الإجمال، وما يجب فيه من الاستفصال.)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: ((ومعلوم أنا نرى الشمس والقمر عيانا مواجهة, فيجب أن نراه كذلك, وأما رؤية مالا نعاين ولا نواجهه فهذه غير متصورة في العقل ,فضلا على أن تكون كرؤية الشمس والقمر.
وأما قوله (لا تضامون) يروى بالتخفيف.أي: لا يلحقكم ضيم في رؤيته كما يحلق الناس عند رؤية الشيء الحسن كالهلال. فإنه قد يلحقهم ضيم في طلب رؤيته حين يرى, وهو سبحانه يتجلى تجليا ظاهرا فيرونه كما ترى الشمس والقمر بلا ضيم يلحقكم في رؤيته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقيل: (لا تضامون) بالتشديد: أي لا ينضم بعضكم إلى بعضكما يتضام الناس عند رؤية الشيء الخفي كالهلال, وهذا كله بيان لرؤيته في غاية التجلي والظهور بحيث لا يلحق الرائي ضرر ولا ضيم كما يلحقه عند رؤية الشيء الخفي والبعيد والمحجوب ونحو ذلك)) (مجموع الفتاوى (16/ 85 - 86).
20 - قال الحافظ: "وقوله: فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، قال الخطابي: هذا يوهم المكان، والله منزه عن ذلك، وإنما معناه في داره التي اتخذها لأوليائه، وهي الجنة، وهي دار السلام، وأضيفت إليه إضافة تشريف مثل: بيت الله وحرم الله".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7440، كتاب التوحيد، باب 24.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قول الخطابي: "هذا يوهم المكان والله منزه عن ذلك": يقال في لفظ المكان ما يقال في لفظ الجهة بأنه لفظ مجمل؛ فإن أريد به أن الله تعالى في مكان موجود من المخلوقات يحيط به فالله منزه عن ذلك،
وإن أريد به ما فوق جميع المخلوقات - وليس فوق المخلوقات شيء موجود إلا الله تعالى - فلا يلزم بإثبات المكان بهذا المعنى محذور.
وقوله في الحديث: "في داره": لا ريب أن إضافة الدار إليه إضافة تشريف، ولا يلزم من ذلك أن يكون حالاً في هذه الدار؛ فإنه تعالى منزه عن الحلول في شيء من مخلوقاته. وأما المراد بهذه الدار فالله أعلم به، وإن كان المتبادر أنها الجنة.
21 - قال الحافظ: "وتأول ابن حزم النزول بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7494، كتاب التوحيد، باب 35.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: قول ابن حزم بأن: "النزول فعل يفعله الله في سماء الدنيا ... إلخ": معناه أن النزول ليس فعلاً قائمًا بالرب، وهذا جار على مذهب نفاة الصفات، ونفاة قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، وهو باطل.
وتنظير النزول في الحديث بقول القائل: نزل لي فلان عن حقه غفلة أو مغالطة؛ لأن الذي في الحديث معدّى (بإلى) ونوع المتعلق مختلف.
21 - قال الحافظ: "فكما قَبِلَ النزولُ التأويلَ لا يمنع قَبولُ الصعودِ التأويلَ، والتسليم أسلم كما تقدم، والله أعلم".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7494، كتاب التوحيد، باب 35.
التعقيب:
قال الشيخ البراك: الحق إمرار نصوص النزول والصعود وسائر الصفات على ظاهرها اللائق به سبحانه، ولا موجب لعقل ولا شرع لصرفها عن ذلك.
ـ[أبو شوق]ــــــــ[29 - Jul-2009, مساء 01:36]ـ
بارك الله فيك ونفع الله بك أخي جمال البليدي(/)
إطلاق كلمة (مولانا) على أهل العلم والفضل.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 09:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
اشتهر عند الكثير من المسلمين ـ في بعض البلاد الإسلامية ـ إطلاق كلمة (مولانا) على أهل العلم والفضل، ولا أدري مصدر انتشار هذه العبارة، فأحببت أن أكتب هذه الكلمات في هذه اللفظة أو العبارة وما تدل عليه من معنى، وأرجو من الأخوة الأفاضل المشاركة في هذا، حيث أن الغرض من ذلك الوصول إلى ما هو حق وصواب وإلى ما كان عليه الهدي النبوي ومن اتبع نهجه إلى يوم الدين: فأقول والله المستعان:
قال تعالى:) لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ((البقرة286) (أنت مولانا): أي أنت ولينا وناصرنا، وعليك توكلنا، وأنت المستعان، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك. تفسير ابن كثير ص (221).
وقال تعالى:) بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ((آل عمران150). قال ابن كثير في تفسيره ص (162): " ثم أمرهم بطاعته ومولاته والاستعانة به والتوكل عليه، فقال:) بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ((آل عمران150). وقال تعالى:) وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ((الأنفال40) مولاكم، سيدكم وناصركم على أعدائكم، فنعم المولى ونعم النصير. تفسير ابن كثير ص (572)
وقال تعالى:) يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ((الحج13). قال مجاهد: يعني: الوثن، يعني: بئس هذا الذي دعا من دون الله مولى، يعني: ولياً وناصراً. تفسير ابن كثير ص (884).
وقال تعالى:) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ((الحج 78)، (هو مولاكم) أي حافظكم وناصركم ومظفركم على أعدائكم. (فنعم المولى ونعم النصير): يعني نعم الولي ونعم الناصر من الأعداء. تفسير ابن كثير ص (902).
وقال تعالى:) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ((الدخان41). أي لا ينفع قريب قريباً. تفسير ابن كثير ص (1202).
وقال تعالى:) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ((الحديد15)، (هي مولاكم): أي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم وبئس المصير. تفسير ابن كثير ص (1298).
وقال تعالى:) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ((التحريم 2).
وقال تعالى:) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ((محمد11) أي لا ولي لهم.
أخرج البخاري في صحيحه (3737) في كتاب المغازي ـ باب غزوة أحد:
(يُتْبَعُ)
(/)
عَنْ الْبَرَاءِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ جَيْشًا مِنْ الرُّمَاةِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ، وَقَالَ: لَا تَبْرَحُوا إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلَا تُعِينُونَا. فَلَمَّا لَقِينَا هَرَبُوا حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ لَا تَبْرَحُوا، فَأَبَوْا فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَ وُجُوهُهُمْ فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: " لَا تُجِيبُوهُ ". فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ قَالَ: "لَا تُجِيبُوهُ ". فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " أَجِيبُوهُ "، قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ " قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " أَجِيبُوهُ "، قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ ". الحديث.
فالمولى فلها معان كثيرة منها:
1ـ السيد، والناصر على الأعداء.
2 ـ طاعة الله وموالاته والاستعانة به والتوكل عليه.
3 ـ الحافظ والناصر والمظفر على الأعداء.
وهذا جاء الوصف به لله تعالى.
فالولي أسم من أسماء الله تعالى، ذكره الشيخ العلامة ابن عثيمين في القواعد المثلى ص (40). يشمل تلك المعاني السابقة.
4 ـ الوثن. كما ذكر مجاهد في قوله تعالى:) يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ((الحج13).
5 ـ المولى بمعنى العصبة ومنه قوله تعالى:) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً ((مريم 5)
ومنه قول اللهيبي:
مهلا بني عمنا،،،،،،،،،، مهلا موالينا
امشوا رويدا كما كنتم تكونونا
6 ـ القريب.) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (.
7 ـ المولى بمعنى الحليف: وهو من انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك.
8 ـ المولى بمعنى: المعتق انتسب بنسبك ولهذا قيل للمعتقين: الموالي.
9 ـ المولى الذي يلي عليك أمرك.
10 ـ المولى: المعتق لأنه ينزل منزلة ابن العم يجب عليك نصره وترث ماله إن مات ولا وارث له. وهناك معان أخرى.
فلم يرد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ ولا التابعين لهم بإحسان ـ فيما اعلم ـ؛ أنهم كانوا يستعملون هذا اللفظ بخصوص نبينا ورسولنا محمد ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ فكيف بمن سواه؟
واستعمال لفظة أو عبارة (مولانا) على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أو على أهل العلم، لا أظن أنها استعملت إلا في العصور المتأخرة، وبالأخص يكثر استعمالها في الشيعة عند تسمية أئمتهم. وكذا الصوفية عند ذكر أوليائهم أو شيوخهم.
وقول الله تعالى:) النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ((الأحزاب6)
فهذه الآية لا علاقة لها بالمولى فان كلمة أولى مشتقة من الأولية وأولى هنا بمعنى الأحق. والله تعالى أعلم.
ـ[الرجل المحترم]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 10:43]ـ
جزاك الله خيرا
للرفع
ـ[عبد العزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 10:47]ـ
[إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا]
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[01 - May-2009, مساء 11:31]ـ
استدراك: و (المولى) جاء أسم لله تعالى أيضاً.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 11:04]ـ
أخي عبد العزيز بن ابراهيم حفظه الله، فرق بين الولي، والمولى.
و أنا لم أحكم على أنه يجوز أو لا يجوز، أنا أقول إن هذه اللفظة أو العبارة ليست واردة على ألسنة أهل العلم المتقدمين ولم تكن تستخدم وتقال ويخاطب بها أهل العلم خاصة، يا مولانا يامولانا. وأنا لم أسمع مثل هذه اللفظة تقال أو تقرأ في تراجم أهل العلم والفضل من المتقدمين ولا من المتأخرين إلا في كتب الشيعة وأهل التصوف. على كل حال الغرض هو الفائدة والمناقشة لأجل ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[06 - May-2009, مساء 05:39]ـ
ما كتبته شبيه بما قاله العلامة الشيخ محمد ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عندما سئل:
عن القول بـ السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ؟.
فأجاب قائلا: لا شك أن عائشة – رضي الله عنها – من سيدات نساء الأمة، ولكن إطلاق (السيدة) على المرأة و (السيدات) على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب حيث يسمون كل امرأة سيدة وإن كانت من أوضع النساء، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهم سيدات مطلقا، والحقيقة أن المرأة مرأة، وأن الرجل رجل، وتسميه المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة، ولكن ليس مقتضى ذلك إننا نسمي كل امرأة سيدة.
كما أن التعبير بالسيدة عائشة، والسيدة خديجة، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف بل كانوا يقولون أم المؤمنين عائشة، أم المؤمنين خديجة، فاطمة بنت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ونحو ذلك.
أنظر الموقع الرسمي لسماحته.
ـ[أحمد سمحان]ــــــــ[06 - May-2009, مساء 10:32]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على الرسول الأمين وآله الطيبين الطاهرين، ...
وبعد:
فكلمة (مولانا) يقصد بها عند قولها في الترحيب أو بعد السلام، معنى القريب أو التابع للأهل والعشيرة
كما كان يقال فلان مولى فلان، أوعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر،عبد الرحمن بن شيبة مولى عثمان، وكان سَفِينَةَ أَبِو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ولا حرج ولا غضاضة في إطلاقها لمن تحب من أهل العلم والفضل.
ومن زعم بطلان ذلك فلا دليل عنده، وقد جانب الصواب
حتى أنها (لو لم ترد على ألسنة السلف) بعد مظاهرة جميع كتب السلف وكتب السنن والصحاح والمسانيد والآثار وغيرها
لا يجوز منعها، إلا بدليل شرعي، أوبعد مخالفتها لأصل من أصول الدين أو معارضتها لسنة من سنن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
فهذا هو الضابط الصحيح للبدعة
ومن منعها محتجا بأنها لم ترد عن السلف، فهو مطالب بإثبات عدم الورود، فعدم الوجدان لا يستازم عدم الوجود، حتى إن ثبت عدم ورودها، لا تمنع أيضا حتى تخالف ما ذكرته، أو يمنع قياسها على أصل مقيس عليه
والله أعلى وأجل.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[06 - May-2009, مساء 11:06]ـ
الأخ أحمد: سبق أن بينا معنى كلمة (مولى) فلا حاجة لإعادة الكلام وقلنا أنها تأتي بمعنى:
1ـ السيد، والناصر على الأعداء.
2 ـ طاعة الله وموالاته والاستعانة به والتوكل عليه.
3 ـ الحافظ والناصر والمظفر على الأعداء.
وهذا جاء الوصف به لله تعالى.
فالولي أسم من أسماء الله تعالى، ذكره الشيخ العلامة ابن عثيمين في القواعد المثلى ص (40). يشمل تلك المعاني السابقة.
4 ـ الوثن. كما ذكر مجاهد في قوله تعالى:) يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ((الحج13).
5 ـ المولى بمعنى العصبة ومنه قوله تعالى:) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً ((مريم 5)
ومنه قول اللهيبي:
مهلا بني عمنا،،،،،،،،،، مهلا موالينا
امشوا رويدا كما كنتم تكونونا
6 ـ القريب.) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (.
7 ـ المولى بمعنى الحليف: وهو من انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك.
8 ـ المولى بمعنى: المعتق انتسب بنسبك ولهذا قيل للمعتقين: الموالي.
9 ـ المولى الذي يلي عليك أمرك.
10 ـ المولى: المعتق لأنه ينزل منزلة ابن العم يجب عليك نصره وترث ماله إن مات ولا وارث له. وهناك معان أخرى.
تأمل كلام الشيخ محمد بن عثيمين في كلمة السيدة. وتفهم المعنى والمقصود من الكلام.
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 06:21]ـ
فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ
ما حكم إطلاق كلمة مولانا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأننا نعرف أن المولى للمؤمنين هو الله سبحانه وتعالى
لا حرج في ذلك؛ لأن المولى كلمة مشتركة تطلق على الله سبحانه وتعالى، والسيد المالك، وتطلق على القريب يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا يعني قريب عن قريب، وتطلق على العتيق يقال له مولى، والمعتق يقال له مولى، فهي كلمة مشتركة، لكن الأولى والأفضل ِأن لا تطلق على الناس بمعنى الرئاسة بمعنى الكبير ونحو ذلك؛ لأنه جاء في حديث رواه مسلم في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تقل مولاي فإن مولاكم الله) وجاء في حديث آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للعبد: (وليقل سيدي ومولاي) فأخذ منه العلماء أنه يجوز إطلاق لفظ المولى على السيد أو المالك، ويلحق به السلطان والأمير وشيخ القبيلة ونحو ذلك؛ لأنهم لهم رئاسة ولهم سيادة، ولكن ترك ذلك معهم أولى وأفضل إلا في حق السيد المالك فقط للحديث الذي ورد في ذلك، وليقل سيدي ومولاي، وبكل حال فالأمر فيه واسع إن شاء الله لأجل جوازه في حق السيد المالك، فيلحق به ما كان مثله في المعنى كالسلطان والأمير وشيخ القبيلة، والوالد ونحو ذلك، ولكن تركه في حقهم أولى، فيقال أيها السلطان أيها الأمير يا فلان يا فلان يكون هذا أولى، عملاً بالحديث الذي فيه النهي من باب الحيطة؛ لأنه لما جاء فيه النهي فيكون الحيطة ترك ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضيدان بن عبد الرحمن اليامي]ــــــــ[07 - May-2009, مساء 08:59]ـ
وقال سماحة شيخنا العلامة ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ في جوابه على السؤال التالي:
أسمع بعض الناس يقولون: مولانا، وسيدنا، هل لذلكم من حكم؟
نعم ترك مولانا أولى فقد جاء في الأحاديث النهي عن ذلك, وجاء في بعضها في حق العبد وليقل سيدي ومولاي, فالأولى والأحوط للمؤمن أن لا يقولها إلا إذا كان مملوكاً يقوله للسيد, وإلا فالأفضل والأحوط ترك ذلك فلا يقول سيدي, ولا يقول مولاي, ولما قال بعض الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنت سيدنا, قال السيد الله-تبارك وتعالى-: (يا أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد عبد الله ورسوله لا أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني لله-عزوجل-مع أنه-عليه الصلاة والسلام- هو سيد ولد آدم, فقد صح-عليه الصلاة والسلام-أنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) هذا معروف, وبعد وفاته لابأس أن يقال هو سيدنا؛ لأنه غير مخاطب بها-عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته, وإذا قيل له سيد ولد آدم, أو سيدنا محمد لا بأس بذلك, أما الشخص الذي يخاطب يقال يا سيدي فينبغي ترك ذلك؛ لأن العلة التي قالها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حقه قد توجد في حق غيره, فقد يجر هذا إلى الغلو في الشخص وقد يضره هو أيضاً فيعجب بنفسه ويتكبر, فلا ينبغي للإنسان أن يرفعه أنت سيدنا أنت مولانا, فليستعمل معه شيئاً آخر يا أبا فلان, أو يا فلان بلقبه, أو باسمه, أو بكنيته, ويكفي ذلك هذا هو الذي ينبغي للمؤمن, أما إذا قيل فلان سيد بني فلان فلا بأس كما يقال: فلان سيد تميم, فلان سيد قحطان, فلان سيد قريش, لرئيسهم وكبيرهم, ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن معاذ لما جاء للحكم من بني قريظة قال: (قوموا إلى سيدكم) , وكان يسأل الناس يسأل القبائل من سيد بني فلان, من سيد بني فلان يعني من رئيسهم, وقال في حق الحسن-رضي الله عنه-: (إن ابني هذا سيد) الحسن بن علي-رضي الله تعالى عنه-هذا لا بأس به, أنما المكروه أن يخاطب بها أنت سيدنا أو ياسيدي يخاطب بهذا؛ لأن هذا قد يكسبه شيئاً من الترفع, والعلو, والتعاظم, وقد يكسب القائل شيء من الذل, والغلو, ولهذا كره النبي ذلك من الناس وهو-عليه الصلاة والسلام-معصوم أن يرضى بالشرك-عليه الصلاة والسلام-؛ لكن خاف عليهم من الغلو. أهـ
فهذه الكلمة (مولانا) ليست معروفة عند السلف، وليست مشهورة في كتب الحديث، ولم يتعارف عليها، ولم تكن مطردة بين الناس، والأولى أن نتقيد بالألفاظ الشرعية التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/misc/progress.gif(/)
هل ابن الفارض وابن سبعين وأمثالهما ضلوا عن قصد أم عن حُمق
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 01:56]ـ
الفرق بين القصد والحمق أن لو الرجل ضل عن الحق مع علمه ويقينه بأحقيته لكنه ضل لهوى فى نفسه فهذا يُوصف بأنه ضل عن قصد
اما رجال كمن كانوا يسغربون ويستنكرون على النبى لأنه جعل الالهة الها واحدا فهؤلاء منعهم حمقهم وغبائهم أن يستوعبوا هذه الحقيقة السهلة
وسؤالى انه ظهر لى من الكلام الاتى للشيخ سفر الحوالى ان من سميتهم ضلوا عن حمق لا قصد لأنهم لما كُشف لهم عن الحقيقة عند قبض أرواحهم تكلموا مستغربين وكأنهم كانوا ذاهلين عن هذا الحق قبل ذلك وان كانوا طبعا لايُعذروا
ونص الكلام
وقبيحفلماحضرت وفاةابنالفارض ( http://majles.alukah.net/CDsMake%20CD شرح%20العقيدة%20ال طحاوية%20 - %20سفر%20الحوالي1027_ htmlSafar AlHawaliindex.cfm?fuseaction=f ahrastype&ftype=alam&id=1000108) قَالَ:
إنكَانَ منزلتي في الحب عندكم ما قد رأيتفقدضيعت أحلامي
أمنيةظفرت نفسي بها زمناً واليوم أحسبهاأضغاثأحلام
عندماعاين ملائكة العذاب؟ أراد الله أن يدينه بلسانه ليسمع المريدين الذين حوله. فقَالَ: كَانَ يظن أنه يترقى حتى حلت فيه الألوهية، وإذا به في الأخير يكتشف أنه عبد مخلوق ذليل حقير، وأن ملائكة العذاب قد دنت لتنتزع منه هذه الروح، فهذا المسكين متى صار إلها ومتى حل في الله ومتى اتحد في الله؟! كله كلام فارغ لا قيمة له، عند الموت تتجلى الحقائق تماماً، ولذلك لا يَثْبُتَ إلا من ثبته الله -عَزَّ وَجَلَّ- من كَانَ في الدنيا ثابتاً عَلَى الإيمان والتقوى والاستقامة، ثبته الله -عَزَّ وَجَلَّ- عند الموت كما أخبر تَعَالَى بقوله ((يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاة ِالدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَل ُاللَّهُ مَا يَشَاءُ)) [إبراهيم:27].
ولكن أُولَئِكَ الزائغون المنحرفون الضالون، مهما تصنعوا في الدنيا ومهما جاءوا بالتأويلات والشبهات والعلل وادعوا أنهم أهل الحق، فعند الموت تتطاير وتتبخر وتتلاشى ولا يبقى إلا الحق واليقين فابن الفارض ( http://majles.alukah.net/CDsMake%20CD شرح%20العقيدة%20ال طحاوية%20 - %20سفر%20الحوالي1027_ htmlSafar AlHawaliindex.cfm?fuseaction=f ahrastype&ftype=alam&id=1000108) رأى ملائكة العذاب ورأى أن الأجل قد قرب منه فأظهرالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ذلك عَلَى لسانه، وقال هذين البيتين: الأمنية التي عاش عمره كله يحلم بها أصبحت أضغاث أحلام، ليس فيها أي حقيقة عَلَى الإطلاق.
وأماابن سبعين ( http://majles.alukah.net/CDsMake%20CD شرح%20العقيدة%20ال طحاوية%20 - %20سفر%20الحوالي1027_ htmlSafar AlHawaliindex.cfm?fuseaction=f ahrastype&ftype=alam&id=1000110) فإنه يحكي عنه مريدوه: أنه لما جاءه الموت وأراد أن يفيض اضطرب وخاف أو جزع، فَقَالَ له أحد مريديه: مالك يا شيخ؟ ما الذي تخاف منه؟ وأنت الذي كَانَ المريد يدخل عندك فيجلس ثلاثة أيام فيخرج وهو ولي من الأولياء في الطريقة، فما الذي يخيفك؟ فَقَالَ له: كل ذلك الآن لا حقيقة له.
الآن لما رأى سكرات الموت لما بدأ يشعر بالانقطاع من الدنيا والإقبال عَلَى الآخرة قَالَ: كل ذلك لا حقيقة له، وليس بصحيح، لا الخلوات ولا الأذكار المنقولة ولاالدرجات كل تلك الفلسفات سقطت، وهو الذي بلغ به الفجور وركوب الرأي عَلَى غير هدى وبصيرة -نسأل الله العافية والسلامة- إِلَى عمى البصيرة، حتى أنه جاور بمكة ( http://majles.alukah.net/CDsMake%20CD شرح%20العقيدة%20ال طحاوية%20 - %20سفر%20الحوالي1027_ htmlSafar AlHawaliindex.cfm?fuseaction=f ahrastype&ftype=amaken&id=3000009) وذهب إِلَى غار حراء ( http://majles.alukah.net/CDsMake%20CD شرح%20العقيدة%20ال طحاوية%20 - %20سفر%20الحوالي1027_ htmlSafar AlHawaliindex.cfm?fuseaction=f ahrastype&ftype=amaken&id=3000242) وكان ينام فيه الليالي ويطمع أن ينزل عليه الوحي، ولما سمع رجلا قال له: إن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لا نبي بعدي قال - والعياذ بالله -: (لقد حجَّر واسعاً) أي: ضيق شيئاً واسعاً؛ لأنه -نسأل الله العافية- كَانَ عَلَى نظريةالفلاسفة
(يُتْبَعُ)
(/)
( http://majles.alukah.net/CDsMake%20CD شرح%20العقيدة%20ال طحاوية%20 - %20سفر%20الحوالي1027_ htmlSafar AlHawaliindex.cfm?fuseaction=f ahrastype&ftype=firak&id=2000008) الذين يقولون: إن النبوة مكتسبة، وليست موهوبة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإنما هي مكتسبة يجتهد الإِنسَان كما يزعمون حتى يصل إِلَى الولاية، والولاية عندهم أعظم من النبوة، الولي عندهم فوق النبي وأعظم -فنسأل الله السلامة-
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 07:36]ـ
اما رجال كمن كانوا يسغربون ويستنكرون على النبى لأنه جعل الالهة الها واحدا فهؤلاء منعهم حمقهم وغبائهم أن يستوعبوا هذه الحقيقة السهلة
هذا الكلام غير محرر .. فإن كنت تقصد بالحمق و"الغباء" ضعف العقل وفساده المفضي إلى تخلف قيام الحجة على صاحبه أو قريبا من ذلك، تطلق ذلك المعنى على كفار قريش المحكي قولهم في هذه الآية .. فهذا غلط ولا شك، بل منعهم الهوى والاستكبار واتباع سنن الآباء- تغليبا - وقامت عليهم الحجج والبراهين البينة، وهذا أمر لا مرية فيه، فانتبه لهذا!
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند هذا الموضع: "أنكر المشركون ذلك قبحهم الله تعالى وتعجبوا من ترك الشرك بالله فإنهم قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأشربته قلوبهم فلما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الإله بالوحدانية أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب "." اهـ.
هذا وسؤالك قد أجبت أنت عنه في كلامك، إذ قلت:
وان كانوا طبعا لايُعذروا
هذا صحيح هم لا عذر لهم إذ قد قامت الحجة عليهم! ومن قامت الحجة عليهم فلا يقال فيهم
كانوا ذاهلين عن هذا الحق قبل ذلك
فينسب ضلالهم لأجل ذلك إلى الحمق والغباء وضعف العقل!
ليس كذلك، بارك الله فيك، بل كل طغاة الأرض وعتاة الضلالة ودعاتها الذين حاربوا عليها وأظهروها على العباد، لم يسعهم عند ذلك الموضع حال الإفضاء إلا التألم والتحسر والفزع، كما شهد فرعون على نفسه لما تيقن الهلاك .. ولكن منهم من يكتمها ويخفيها في نفسه فلا يظهرها أمام من حوله، ومنهم من يبديها لهم ويصرح بها ولا يسعه كتمانها فينقل الناس عنه بعد موته أنه رأى بعينيه ما كان من قبل ينكره، وشهد على نفسه بذلك! ألا ترى المجرم المحكوم عليه بالموت المتيقن أنه مقتول لا محالة في يوم كذا في ساعة كذا، يبقى ساكنا متماسكا حتى إذا ما جاءت ساعة التنفيذ، وجاءه الحرس يحملونه إلى هلكته، خارت عنه قواه وظهر منه من الخوف والجزع ما لم يكن ليظهر قبل ذلك؟ لهذا فرق العلماء في مراتب اليقين بين عين اليقين وحق اليقين .. فمع علم هؤلاء في قرارة أنفسهم بأنهم مبطلون، ومع كتمانهم لذلك، إلا أنهم ولا ريب يفزعون .. فإن تلك اللحظة لحظة مهيبة مفزعة، قد يلجم الله فيها ألسنتهم وقد يشاء سبحانه أن يشهدهم على أنفسهم وينطقهم فيها بما يرون وما يشعرون علنا ليسمعه الناس منهم ولتكون منهم آية ..
فلا عجب في أن يظهر منهم للناس التراجع والجزع والفزع وربما الندم في ذلك الموقف العصيب، موقف نزول ملائكة العذاب أمام أعينهم، فقد رأوا الهلكة بأعينهم عندئذ - نسأل الله العافية - ولم يعد ينفعهم كبرهم وإنكارهم وإباؤهم الإقرار بالحق الذي عرفوه من قبل تمام المعرفة!
بل أكثر من ذلك أن مجرد الإقبال على الموت وتيقن أن ساعة الفراق قد دنت، يحدث في قلب صاحب الضلالة من الخوف ما قد يحمله على الإقرار على نفسه بالباطل والضلالة حتى من قبل أن يرى ملائكة العذاب .. ولعله أن يريد الله به خيرا - لخير في نفسه قد علمه الله فيه وإن خفي على من حاججوه وجادلوه - فيهديه إلى الإقرار ببطلان نحلته والتوبة منها قبل الغرغرة، فيعلن على الملأ ممن حوله أنه يتراجع عن قوله بكذا وقوله بكذا، وهذه التراجعات على فراش الموت مشهورة يعتني بها الناس كثيرا كما هو معلوم ..
فالشاهد أن أخا الضلالة مهما كان مستكبرا يظهر للناس يقينه مما هو عليه، مع قيام الحجة عليه، فإنه ينهار ولا محالة في ذلك الموقف الذي لا يثبت فيه إلا صاحب الحق الذي ثبته الله، والذي وقر الحق في قلبه ورسخ وتمكن ..
نسأل الله حسن الخاتمة ونعوذ به من الخذلان
آمين.
ـ[محمد عوض السيد حسانين]ــــــــ[03 - May-2009, مساء 03:15]ـ
اخى انصحك بمطالعة كتاب " قمع المعارض فى نصرة ابن الفارض " للامام السيوطى حتى تعرف آراء العلماء فى ابن الفارض وان معظمهم اجمع أنه من أولياء الله، وان كنت لاتعتقد ذلك فعليك بالتوقف. لما سئل الامام النووى عنهم قال " تلك امة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون " وانصحك لله ايك ورمى احد بالكفر فهذه مصيبة المصائب ما دام انه نطق الشهتدتين
اما بالنسبة للا بيات التى قالها ابن الفارض فى مرض موته فلم يقل بهذا التفسير الذى قلته الا ابن تيميه واسال نفسك سؤلا كيف عرف ابن تيمية هذا؟ هل اطلع على ما فى ضمير الرجل ام انه يعلم الغيب
وان كنت تريد الحقيقه فعليك بكتاب شرح ديباجة الديوان لسبط ابن الفارض فكيف بين شرح وافى لهذين البيتين.
وأأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا حسن الفهم.
الخويدم المسكين / محمد بن عوض " ماجستير فى الاديان والمذاهب كلية الدعوة الاسلامية جامعة الأزهرالشريف "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[03 - May-2009, مساء 11:00]ـ
جزاكم الله خيرا
الاخ أبو الفداء
هذا الكلام غير محرر .. فإن كنت تقصد بالحمق و"الغباء" ضعف العقل وفساده المفضي إلى تخلف قيام الحجة على صاحبه أو قريبا من ذلك، تطلق ذلك المعنى على كفار قريش المحكي قولهم في هذه الآية .. فهذا غلط ولا شك، بل منعهم الهوى والاستكبار واتباع سنن الآباء- تغليبا - وقامت عليهم الحجج والبراهين البينة، وهذا أمر لا مرية فيه، فانتبه لهذا!
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند هذا الموضع: "أنكر المشركون ذلك قبحهم الله تعالى وتعجبوا من ترك الشرك بالله فإنهم قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأشربته قلوبهم فلما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الإله بالوحدانية أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب "." اهـ.
هذا وسؤالك قد أجبت أنت عنه في كلامك، إذ قلت:
أنا أقصد ان بعض الناس قد لايفهم الحجة لكن العبرة بكون من هو مثله فهمها فان كام من هو مثله فهمها فلا عذر لمن لايفهم الحجة فهو لم يفهم الحجة لغباءه كما قلت لك عن الحمقى الذين استغربوا جعل الاله واحدا كما قال الدكتوزر راغب السرجانى
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[03 - May-2009, مساء 11:01]ـ
اخى انصحك بمطالعة كتاب " قمع المعارض فى نصرة ابن الفارض " للامام السيوطى حتى تعرف آراء العلماء فى ابن الفارض وان معظمهم اجمع أنه من أولياء الله، وان كنت لاتعتقد ذلك فعليك بالتوقف. لما سئل الامام النووى عنهم قال " تلك امة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون " وانصحك لله ايك ورمى احد بالكفر فهذه مصيبة المصائب ما دام انه نطق الشهتدتين
اما بالنسبة للا بيات التى قالها ابن الفارض فى مرض موته فلم يقل بهذا التفسير الذى قلته الا ابن تيميه واسال نفسك سؤلا كيف عرف ابن تيمية هذا؟ هل اطلع على ما فى ضمير الرجل ام انه يعلم الغيب
وان كنت تريد الحقيقه فعليك بكتاب شرح ديباجة الديوان لسبط ابن الفارض فكيف بين شرح وافى لهذين البيتين.
وأأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا حسن الفهم.
الخويدم المسكين / محمد بن عوض " ماجستير فى الاديان والمذاهب كلية الدعوة الاسلامية جامعة الأزهرالشريف "
وما رأيك فى بن سبعين؟
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 02:36]ـ
اخى انصحك بمطالعة كتاب " قمع المعارض فى نصرة ابن الفارض " للامام السيوطى حتى تعرف آراء العلماء فى ابن الفارض وان معظمهم اجمع أنه من أولياء الله أخي الكريم وفقك الله، السيوطي رحمه الله ليس بحجة على غيره من العلماء، وهو على جلالة قدره وعلمه قد اشتهر بأنه قليل التمحيص فيما ينقل، زد على ذلك أنه كان صوفيا طرقيا يعظم من يعظمه المتصوفة، فلا عجب في أن يتأول ويعتذر ويبالغ في ذلك في حق من تربى على تعظيمهم في بيئته، هذا على فرض صحة نسبة هذا الكتاب الذي ذكرته أنت إليه أصلا وكذا نظيره الذي فيه الدفاع عن ابن عربي، وإلا فالرجل كان مشهورا كذلك بكثرة التصانيف ووفرتها واختلاط أمرها، ومن هكذا حاله فإنه يسهل نسبة الكتب بالكذب إليه، وهذه مباحث يطول بها المقام وليس هذا محلها ..
ولكن القصد أن النقول المذكورة في الكتاب المذكور لا يعتد بها في هذه المسألة .. وكيف يقال بأن هناك إجماعا نقله السيوطي على أن الرجل ليس بكافر، وقد نُقل عن الإمام الذهبي رحمه الله نسبة القول بالاتحاد إليه تصريحا في مواضع شتى، - وهو أقرب عهدا به من السيوطي - ونص على ذلك غير واحد من أهل العلم؟ ثم ما معنى قولك - بارك الله فيك - (معظمهم أجمع)؟ هل هذا لفظ إجماع؟
وان كنت لاتعتقد ذلك فعليك بالتوقف
هذا تناقض يا أخانا الكريم! التوقف ليس بقول، وكل المسلمين لهم قدر من الولاية لله عز وجل بقدر إيمانهم ما ظهر منه للناس، فإن كنت أعتقده مسلما، ولم يثبت عندي ما يحيله عن هذا الأصل، فالأصل في المسلم البراءة، أما إن كنت "أعتقد" كفر الرجل بعينه، لقيام الينة على ذلك عندي، ولتوافر أقوال العلماء بذلك سلفا لي، فكيف يقال أن علي بالتوقف فيه؟؟؟
وانصحك لله ايك ورمى احد بالكفر فهذه مصيبة المصائب ما دام انه نطق الشهتدتين
أحسنت بارك الله فيك، ولكن كيف بالرجل إن ثبت عليه النطق بما ينقض الشهادتين دونما احتمال للتأويل؟؟ هذا مبثوث في كتب الفقه في باب أحكام الردة فارجع إليها وفقك الله.
واسال نفسك سؤلا كيف عرف ابن تيمية هذا؟ هل اطلع على ما فى ضمير الرجل ام انه يعلم الغيب
لا يا أخي لا هذه ولا تلك، وإنما هو جري على أصول أهل العلم في تأويل الكلام، فإن تشابه البيتان، فالمحكم في غيرهما كثير يثبت على الرجل التهمة، ويحمل عليه ذاك المتشابه، والله المستعان! ومسألة النظر في تأويل أشعاره هذه بابها واسع أحيلك على طرف من المنقول فيها عن الذهبي وغيره في هذا البحث:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=96016
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[04 - May-2009, صباحاً 02:42]ـ
الأخ خالد وفقه الله، ليس للآية تعلق بالحمقى والأغبياء الذين لم يفهموا الحجة، إنما مدارها قوم يقلدون الآباء، ولا يرتضون إلا (الملة الآخرة)، فيعترضون على الحق باعتراضات واهية حمقاء لا دلالة في شيء منها على أنهم دون أن تبلغ الحجة عقولهم!! وهذا ما فعله المشركون في الرد على النبي صلى الله عليه وسلم، في الواقعة التي ذكرها المفسرون في سبب النزول! وقد نقلت لك كلام ابن كثير رحمه الله .. وإلا فمن من أهل العلم وأصحاب التفاسير المعتمدة وجه الآية إلى هذه الوجهة التي تذكرها قبل الدكتور راغب؟
ثم ما علاقة كون بعض الناس لا يفهم الحجة لحماقته أو لغبائه، بحال من ذكرت من أئمة الاتحاد والزندقة؟؟
تقول:
بعض الناس قد لايفهم الحجة لكن العبرة بكون من هو مثله فهمها فان كام من هو مثله فهمها فلا عذر لمن لايفهم الحجة فهو لم يفهم الحجة لغباءهفأرجو أن تبين مرادك من لفظة (لغبائه)، لأنه قد بدا لي أن مورد الالتباس إنما هو في تحرير مرادك منها. ثم لم أفهم، هل تعني بالحجة ما يكون في الدنيا (في إعذار القاضي الشرعي له عند إقامة حجة التكفير) أم في إقامة الحجة في الحساب يوم القيامة؟
ـ[ابن العاص]ــــــــ[04 - May-2009, مساء 08:38]ـ
عمر بن الفارض
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ((ابن الفارض، ناظم التائيّة في السلوك على طريقة المتصوفة المنسوبين إلى الاتحاد، هو أبو حفص عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي الأصل المصري المولد والدار والوفاة، تكلم فيه غير واحد من مشايخنا بسبب قصيدته المشار إليها وقد ذكره شيخنا أبو عبد الله الذهبي في ميزانه وحط عليه)). (البداية والنهاية: 13ـ143).
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((ولد في ذي القعدة سنة (576 هـ) بالقاهرة، ومات سنة (632 هـ) قال المنذري: سمعت منه من شعره، وقال في التكملة: كان قد جمع في شعره بين الحوالة والحلاوة، قال الذهبي: إلا أنه شابَهُ بالاتحاد في ألذ عبارة وأرق استعارة كفالوذج مسموم ثم أنشد من التائية التي سماها نظم السلوك أبياتا منها:
لها صلواتي بالمقام أقيمها وأشهد فيها أنها لي صلَّتِ
كلانا مصل واحد ساجد إلى حقيقته بالجمع في كل سجدة
ومنها:
وها أنا أبدي في اتحادي مبدأي وأنهي انتهائي في مواضع رفعتي
وفي موقفي لا بل إلى توجهي ولكن صلاتي لي ومني كعبتي
ومنها:
ولا تك ممن طيّشته دروسه بحيث استقلت عقله واستفزت
فثم وراء العقل علم يَدِقُّ عن مدارك غايات العقول السليمة
تلقيته عني ومني أخذته ونفسي كانت من خطئي محيدتي
ومنها:
وما عقد الزنار حكماً سوى يدي وان حلَّ بالإقرار فهي أحلت
وإن خرَّ للأحجار في الله عاكفٌ فلا بعد بالإنكار بالعصبية
وإن عبدَ النارَ المجوسُ وما انطفت فما قصدوا غيري لأنوار عزتي
قلت ومن هذه القصيدة:
وجُدْ في فنون الاتحاد ولا تَحِد إلى فئة في غرَّة العمر أصبت
ومنها:
إلي رسولاً كنتَ مني مرسلاً وذاتي أماني علي استقلت)).
قال الذهبي: ((فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد الذي لا حيلة في وجوده فما في العالم زندقة ولا ضلال، اللهم ألهمنا التقوى وأعذنا من الهوى فيا أئمة الدين ألا تغضبون لله فلا حول ولا قوة إلا بالله)). (سير أعلام النبلاء: 22ـ368).
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((سألت شيخنا الإمام سراج الدين البُلقيني عن ابن عربي، فبادر الجواب: بأنه كافر. فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه. قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد.؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاء عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر.
ورأيت في كتاب التوحيد للشيخ عبد القادر القوصي قال: حكى لي الشيخ عبد العزيز بن عبد الغني المنوفي قال: كنت بجامع مصر وابن الفارض في الجامع وعليه حلقة، فقام شاب من عنده وجاء إلى عندي وقال جرى لي مع هذا الشيخ حكاية عجيبة، يعني بن الفارض، قال دفع إلي دراهم وقال اشتر لنا بها شيئاً للأكل فاشتريت ومشينا إلى الساحل فنزلنا في مركب حتى طلع البهنسا فطرق باباً فنزل شخص فقال: بسم الله، وطلع الشيخ فطلعت معه وإذا بنسوة بأيديهن الدفوف والشبابات وهم يغنون له، فرقص الشيخ إلى أن انتهى وفرغ، ونزلنا وسافرنا حتى جئنا إلى مصر، فبقي في نفسي فلما كان في هذه الساعة
(يُتْبَعُ)
(/)
جاءه الشخص الذي فتح له الباب فقال له: يا سيدي فلانة ماتت، وذكر واحدة من أولئك الجواري، فقال: اطلبوا الدلال وقال: اشتر لي جارية تغني بدلها، ثم أمسك أذني فقال: لا تنكر على الفقراء)). (لسان الميزان: 4ـ364).
وقال أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير, في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} (صفحة: 14 - 143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً , وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصور الجميلة , وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج, والشوذي , وابن أحلى , وابن عربي المقيم بدمشق , وابن الفارض , وأتباع هؤلاء كابن سبعين)).
وقال الشيخ محمد بن علي النقاش في وحدة الوجود: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض)). (تنبيه الغبي: 147).
بعض العلماء الذين كفروا ابن الفارض
فقد رَمى ابن الفارض بالزندقة – بشهادة الكتب الموثوق بها – نحو من أربعين عالماً , هم دعائم الدين من عصره إلى عصرنا وهم:
1. سلطان العلماء عز الدين ابن عبد السلام الشافعي.
2. والحافظ الفقيه الأصولي تقي الدين ابن الصلاح الشافعي.
3. والإمام الفقيه المحدث الصوفي قطب الدين القسطلاني الشافعي.
4. والإمام نجم الدين أحمد بن حمدان الحنبلي – وقد شرح التائيه وبين عواره فيها بيتاً بيتاً -.
5. وأبو علي عمر بن خليل السكوتي المالكي.
6. والشيخ جمال الدين بن الحاجب المالكي.
7. وقاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد الشافعي.
8. وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز الشافعي.
9. وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة الشافعي.
10. والشرف عيسى الزواوي المالكي.
11. والسعد الحارثي الحنبلي.
12. والإمام أبو حيان الشافعي.
13. وأبو أمامة ابن النقاش الشافعي.
14. والحافظ شمس الدين الموصلي الشافعي.
15. وشيخ الإسلام تقي الدين السبكي الشافعي.
16. وشيخ الفقهاء الزين الكتاني الشافعي.
17. والشيخ تقي الدين ابن تيمية الحنبلي.
18. الكمال جعفر الأدفوي الشافعي.
19. والبرهان إبراهيم السفاقسي المالكي.
20. والشهاب أحمد بن أبي حجلة الحنفي.
21. والحافظ شمس الدين الذهبي الشافعي.
22. والحافظ عماد الدين ابن كثير الشافعي.
23. والعلامة شمس الدين محمد العيزري الشافعي.
24. وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني الشافعي.
25. وعلامة زمانه علاء الدين محمد البخاري الحنفي.
26. وقاضي القضاة ولي الدين العراقي.
27. وقاضي القضاة حافظ عصره شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني الشافعي.
28. وقاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي.
29. وقاضي القضاة شمس الدين البساطي المالكي.
30. وعلاّمة اليمن بدر الدين حسين بن الأهدل الشريف المنذري الشافعي.
كما شهد بهذا النقل عنهم نحو من عشرين كتاباً من مصنفاتهم ومصنفات غيرهم من العلماء , وهي شرح التائيه لابن حمدان , وديباجة ديوان ابن الفارض, ولحن العوام لابن خليل , وتفسير أبي حيان البحر والنهر، والفرقان لابن تيمية , وقصيدة السفاقسي التي يقول فيها:
وكالمشتري القونوي ابن فارض فلا برد الله ثراهم ولا أسقى
(والقونوي الذي ذكره صدر الدين صاحب ابن عربي)، وكتاب ابن أبي حجلة , والميزان ولسانه لابن حجر , والتاريخ لابن كثير بخطه , وناصحة الموحدين للعلاء البخاري , والفتاوى المكية للعراقي , وتاريخ العيني , وشرح التائية للبساطي , وكشف الغطاء لابن الأهدل.
فهذه ستة عشرة كتاباً شهدت بكفره من بضع وعشرين عالماً هم أعيان كل عصر.
وممن كفره من شيوخ المذاهب هم:
31. قاضي القضاة سعد الدين الديري الحنفي.
32. وقاضي القضاة محقق زمانه شمس الدين القاياتي.
33. ونادرة وقته عز الدين بن عبد السلام القدسي الشافعي.
34. والعلامة علاء الدين القلقشندي الشافعي.
35. والشيخ يحيى العجيسي المالكي.
36. والعلامة شمس الدين البلاطنيسي الشافعي شيخ الشاميين في وقته.
37. وشيخ الإسلام عبد الأول السمرقندي الحنفي.
38. والعلامة كمال الدين ابن إمام الكاملية الشافعي.
39. والعلامة شهاب الدين ابن قر الشافعي.
40. والعلامة أبو القاسم النويري المالكي.
فهولاء أعيان العلماء في عصر ابن الفارض وفي كل عصر شهدوا عليه بالكفر والزندقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وللمزيد انظر " مصرع التصوف صفحة: 214 " ترى العجب العجاب
http://www.alsoufia.com/articles.aspx?id=1195&page_id=0&page_size=15&links=False&gate_id=0
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[14 - May-2009, مساء 12:51]ـ
الأخ خالد وفقه الله، ليس للآية تعلق بالحمقى والأغبياء الذين لم يفهموا الحجة، إنما مدارها قوم يقلدون الآباء، ولا يرتضون إلا (الملة الآخرة)، فيعترضون على الحق باعتراضات واهية حمقاء لا دلالة في شيء منها على أنهم دون أن تبلغ الحجة عقولهم!! وهذا ما فعله المشركون في الرد على النبي صلى الله عليه وسلم، في الواقعة التي ذكرها المفسرون في سبب النزول! وقد نقلت لك كلام ابن كثير رحمه الله .. وإلا فمن من أهل العلم وأصحاب التفاسير المعتمدة وجه الآية إلى هذه الوجهة التي تذكرها قبل الدكتور راغب؟
ثم ما علاقة كون بعض الناس لا يفهم الحجة لحماقته أو لغبائه، بحال من ذكرت من أئمة الاتحاد والزندقة؟؟
تقول:
فأرجو أن تبين مرادك من لفظة (لغبائه)، لأنه قد بدا لي أن مورد الالتباس إنما هو في تحرير مرادك منها. ثم لم أفهم، هل تعني بالحجة ما يكون في الدنيا (في إعذار القاضي الشرعي له عند إقامة حجة التكفير) أم في إقامة الحجة في الحساب يوم القيامة؟
بخصوص الاية انا لااعرف قول العلماء فيها ولذا لن اتكلم الا بما سمعته من اللدكتور راغب فلن أناقش فى شيئ انا لااعرف فيه الا قول
ثم ما علاقة كون بعض الناس لا يفهم الحجة لحماقته أو لغبائه، بحال من ذكرت من أئمة الاتحاد والزندقة؟؟
يوجد من هؤلاء الائمة من هو غبى أو لم يفهم الدليل كما قال الدكتور احمد القاضى فى الفرقة المسماة بالصفاتية انهم لم يستطيعوا فهم ان الصفات التى نفوها عن الله شأنها شأن الصفات المعنوية التى أثبتوها له والا فما الفرق؟ فظنوا أن مذهبهم هذا مذهب السلف
وذكر الشيخ عبد الله شاكر أن الذين ينكرون مثلا كلام النملة وأولوها بأنها انسانة أنثى اسمهنا نملة ومن شابههم لم يستطيعوا فهم تلك الغيبيات لفساد فطرتهم وانشغالهم بالفلسفة وعلم الكملا - وعليه فكما ترى يوجد من الائمة اهل البدع من هو غبى غباء جزئى لمثل تلك الظروف التى تعرض لها
فأرجو أن تبين مرادك من لفظة (لغبائه)، لأنه قد بدا لي أن مورد الالتباس إنما هو في تحرير مرادك منها. ثم لم أفهم، هل تعني بالحجة ما يكون في الدنيا (في إعذار القاضي الشرعي له عند إقامة حجة التكفير) أم في إقامة الحجة في الحساب يوم القيامة؟
أقصد الحجة يعنى الدليل الذى اذا سمعه قامت عليه الحجة وانتفى عذره فيعاقب فى الدنيا او يستحق العقاب فى الاخرة ولا يكون له عذر(/)
لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى
ـ[سمير عبد الخالق]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 03:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
يقول المولى تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم في سورة الحجرات
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المقطع اول من هذه الآية الكريمة هي من بقية الآداب, وما بعدها يتعلق بالاعتقاد أدّبَنا الله تعالى نحن عباده المؤمنين وعلمنا كيف تكون الأخوة فيما بيننا , فقال عزوجل
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
وفي تعليمه عزوجل لنا بعدم السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، ونهي عن العمل بالظن والتجسس والغيبة
بعد ذلك نهانا المولى عزوجل عن التفاخر والفخر بالآباء والأجداد والأنساب والأحساب , وما الى ذلك من تفاخر
في ضمن هذه الآية خاطب الله تعالى فيها عباده جميعا وخصّ منهم الخطاب المؤمنين, وذلك ليُدخل فيها المؤمن والكافر, فتبيّن لكل منا
بأنه لا فخر إلا بالتقوى، ولا فضل لعربي على عجمي , ولا لعجمي على عربي إلا بتقوى الله تعالى
ففي هذه الآية يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وقد قيل إن المراد هو خلقهم من أصل واحد من آدم وحواء، أي أن أصلنا جميعا يرجع إلى أصل واحد أب وأم كما في قوله تعالى
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
أي من رجل خلق من تراب وهو آدم وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا خلق زوجته منه
وإذا كان الأصل واحدا فلا فخر، لا فخر بالحسب ولا بالنسب ولا بغير ذلك، إنما الفخر بالتقوى, ولهذا قال عزوجل
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
ولهذا ينادينا نحن عباده ب يا بني آدم كما في قوله تبارك وتعالى في سورة يس
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ ألاّ تعبدوا الشيطان انه لكم عدؤٌّ مُبين
وكما في قوله تعالى في سورة الاعراف
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا
وقوله تعالى في موضع آخر
يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ
وقد ردت أحاديث كثيرة في النهي عن مثل هذا التفاخر
كقوله صلى الله عليه وسلم
لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا أو ليكونن أهون على الله من الجُعل
وقوله عليه الصلاة والسلام
إن الله قد أذهب عنكم عُبية الجاهلية وفخرها بالآباء إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي الناس كلهم بنو آدم وآدم من تراب
وقوله عليه الصلاة والسلام
أربع في أمتي من أمر الجاهلية الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالأنواء، والنياحة
وكما نرى من الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل الفخر والتفاخر بالأحساب والأنساب من أمر الجاهلية الأولى, وكذلك جعل منها الطعن في الأنساب. لا شك أن ذكر الجاهلية يعد تنفيرا من هذه الخصال
ومنها الفخر؛ فالتفاخر بأفعال الآباء والأجداد لا يفيد، لا يفيد الإنسان إنما يفيده فعله وعمله هو؛ ولهذا يوبخ من يفتخر بآبائه , ورحم الله من قال:
كنْ ابن مَنْ شئتَ واكتسبْ أدباً .... يُغنيكَ محمودُهُ عن النسبِ
ذلك أنه من تحلى بهاتين الصفتين العظيمتين الأدب والعلم, فقد هدي الى صراط مستقيم, خاصة اذا علمنا أنّ الله تعالى مدح نبيه الكريم بخلقه وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس, فقال عزوجل في سورة القلم: وانك لعلى خلُقٍ عظيم
وقوله عليه الصلاة والسلام: انما بُعثتُ لأتممَ مكارم الأخلاق
ذلك أن الأخلاق هي عنوان الأمم , ورحم الله من قال
انما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
أي إذا اكتسبت أدبا واكتسبت علما أغناك عن أن تقول أنا ابن فلان أو آبائي فيهم كذا وكذا فلا فخر إلا بالتقوى،
ثم لا شك أن الآباء إذا كان لهم شرف فينتسب إليهم ويدعوا لهم وله أن يذكرهم ذكرا حسنا، ولهذا ورد أي في حديث أبي سفيان رضي الله عنه أول ما سأله هرقل عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال كيف نسبه فيكم؟
فقال رضي الله عنه: هو فينا ذو نسب
(يُتْبَعُ)
(/)
يعني أنه من أصل شريف وذلك ليكون له رفعة في قومه وإن كان لا ينفعه في الأصل أو في الآخرة إلا فعله
ولما أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم بالدوافع للنكاح قال عليه الصلاة والسلام
تُنكحُ المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك
والمراد بالحسب شهرة النسب شهرة الآباء والأجداد وأفعالهم ونحو ذلك
وهذا مما يتفاخر به بعض من يتقدم إلى قوم ليخطب منهم ولكن قد يُفسدها حسبها وشرفها، وكذلك الرجل
واذا عدنا الى قول المولى تبارك وتعالى
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
نجد أن الله تعالى قد جعل الناس قبائل متعددة ومتفرقة في نواح البلاد, قبيلة آل فلان قبيلة تميم وقبيلة أسد وقبيلة خزيمة وقبيلة مضر وقبيلة ربيعة وهكذا لماذا؛ لأجل التعارف لا لأجل التفاخر،
أن يُعرف هذا الإنسان فيقال مثلا: هذا من ربيعة، وهذا من مُضر، وهذا من أسد، وهذا من تميم وهذا من غسان
انّ العرب العاربة والعرب المستعربة هم الذين احتفظوا بأنسابهم فمنهم من يفتخر بنسبه ومنهم من يحفظ نسبه؛ لأجل أن يُعرف ويتميز عن غيره، أما غير العرب فالأكثر أنهم لا يتميزون لا يميزون أنسابهم إنما فقط يمكن الرجل يعرف آباه وجده وجد أبيه، ولا يدري ما بعدهم ولا يتميز قبيلة عن قبيلة إلا القليل
ومع اختلاط العرب بالترك وبالفرس في صدر الإسلام لما انتقل كثير من العرب وسكنوا في خراسان وفي كثير من البلاد، بلاد فارس وفي الهند وغيرها، ضاعت أنسابهم فاحتاج الرواة إلى أن ينسبوهم إلى البلدان منهم من احتفظ بنسبه ومنهم من نسب إلى بلده كالبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم
مسلم احتفظ بنسبه أي بأنه من قبيلة قشير، قبيلة عربية. وكثر- أيضا- في رواة الحديث الموالي الذين ليس لهم نسب بالعربية وإنما هم من العتقاء وصاروا- أيضا- ينسبون إلى بلدانهم أو نحو ذلك
وبكل حال فالله تعالى ذكر الحكمة من جعلهم شعوبا وقبائل، القبيلة يراد بها الأقربون ويقال لهم العشيرة والفخذ، في العشيرة قال تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ يعني أقاربكم، وهذا بيان أن الإنسان يحتفظ بعشيرته ويعرفهم ومعرفة عشيرته وأقاربه؛ لأجل صلة الرحم أي لأجل الصلة ولأجل البر بهم لا لأجل الافتخار بهم
وكذلك القبيلة لأجل الانتساب إليهم وكذلك الشعوب
الشعوب هم القبائل الكبيرة
شعوبا يعني قبائل كبيرة مثل ربيعة ومضر وتميم وحنظلة وحنيفة ويربوع
ذكروا أن قبائل العرب المستعربة هم ذرية إسماعيل الذين أخذوا العربية عن غيرهم ولكنهم أصبحوا عربا
وأما العرب العاربة فأصلهم في اليمن ثم امتدوا إلى الشام ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ
حديثا فيه أن سبأ رجل ولد له من العرب ولد له عشرة من الولد فتشاءم منهم أربعة، وتيامن منهم ستة، فأما الذين تشاءموا يعني صاروا في الشام فلخم وجزام وعاملة وغسان، وأما الذين تيامنوا فملحج وكندة والأزد والأشعريون وحمير وأنمار.
فاحتفظوا بها؛ لأجل أن يعرفوا لِتَعَارَفُوا ثم قال تعالى
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
هذا بيان لما يفتخر به، أي لا تفتخروا بالآباء والأجداد ولكن افتخروا بالتقوى
وجاء في الحديث أن قوما قالوا: يا رسول الله أي الناس أكرم؟
قال عليه الصلاة والسلام
أكرمهم عند الله أتقاهم
قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال عليه الصلاة والسلام
فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله ابن خليل الله
قالوا: ليس عن هذا نسألك
قال عليه الصلاة والسلام فعن معادن العرب تسألوني؟
قالوا: نعم
قال عليه الصلاة والسلام: فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا
يعني أن الخصال التي كانوا في الجاهلية يتمادحون بها تبقى في الإسلام.
خيارهم في الإسلام هم خيارهم في الجاهلية بشرط أن يكونوا فقهاء، يعني عالمين بما ينفعهم وعالمين بما يلزمهم من أمر الله تعالى
فالخصال التي كانوا يتمدحون بها في الجاهلية إذا كانت خصال حميدة فإنها- أيضا- يمدح بها في الإسلام، فيمدح في الجاهلية والإسلام بالكرم والجود ونحوه
يقول بعضهم
ويظهر عيب الناس في المرء بخله
ويستره عنهم جميعا سخاؤه
فالكرم والجود مما يمدح به في الإسلام والجاهلية، كذلك الشجاعة والإقدام يمدح بها في الجاهلية وهكذا في الإسلام، كذلك الأخلاق والآداب، كذلك لين الجانب وحسن الخلق هذه من الخصال التي يتأدب بها، يقول تعالى
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
التقوى
هي توقي عذاب الله تعالى وتوقي غضبه ومعصيته والبعد عن ذلك
وفسرت بتفاسير، ذكرها ابن كثير رحمه الله في أول سورة البقرة عند قوله
الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
ومنها تفسير بعضهم بقوله: التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله عزوجل، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقابه سبحانه وتعالى
وفسرها بعضهم بمثال، يعني مثال حسي، قال: إذا كنت حافيا ومشيت في أرض فيها شوك فكيف تمشي؟
قال: أتوقى ذلك وأنظر مواضع قدمي فلا أضع قدمي إلا في مكان ليس فيه شوك ولا أذى
فقال: هذا هو التقوى، يعني توقي هذا الأذى ونحوه، ورحم الله من قال
خلِّ الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
وكن كماشٍ فوق أرض الشوك يحذرُ ما يرى
لا تحقرنّ صغيرةٍ انّ الجبال من الحصى
فهذا بيان حقيقة التقوى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
والله وحده أعلم
وجزا الله عنا فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين مقدّم هذا الشرح الميسر(/)
إفحام الملاحدة بالأسئلة الضاحدة
ـ[أبو عبد البر رشيد]ــــــــ[02 - May-2009, صباحاً 05:58]ـ
إذا قال لك الملحد ما الدليل على أن الله موجود؟
فقل هل عندك ثياب؟
فسيقول نعم.
فقل له من صنعها؟
فسيقول الخياط
فقل له ما الدليل على أن الخياط الذي يصنع الثياب موجود؟
فإن كان عاقلا فسيقول الثياب هي الدليل على أن الخياط الذي يصنع الثياب موجود
فقل له إذا المخلوق هو الدليل على أن الله الذي يصنع الأشياء موجود
ثم قل له هل عندك مال؟
فسيقول نعم
فقل له ما الدليل على أن المال موجود؟
فسيقول العمل هو الدليل على أن المال موجود
فقل له العمل الصالح هو الدليل على أن الحسنات موجودة
فقل له هل إشتريت بمالك طعاما تحتاجه؟
فسيقول نعم
فقل له ما الدليل على أن الطعام موجود؟
فسيقول البائع هو الدليل على أن الطعام موجود
فقل له الله هو الدليل على أن الجنة موجودة
و يبيعها الله بالحسنات
ثم قل له هل سرقت مالا؟
فسيقول لا
فقل لو سرقت مالا فهل تستطيع أن تشتري به طعاما؟
فسيقول نعم
فقل كذالك بالسيأت تشتري بها نارا(/)
الصفة الثامنة عند الأشاعرة إدراك المذوقات والمشمومات والملموسات
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 01:15]ـ
الصفة الثامنة عند الأشاعرة إدراك المذوقات والمشمومات والملموسات
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
الصفة الثامنة عند الأشاعرة على خلاف بينهم بين إثباتها ونفيها صفة الإدراك ويعنون بذلك الإدراكات الثلاث إدراك المشمومات والملموسات والمذوقات وبعضهم طرد ذلك في الإدراكات الخمس وبعضهم طرد ذلك إلى إدراك الألم واللذة.
قال الجويني:الإدراكات خمسة: أحدها البصر المتعلق بقبيل المرئيات والثاني: السمع المتعلق بالأصوات والثالث: الإدراك المتعلق بالروائح والرابع الإدراك المتعلق بالطعوم والخامس الإدراك المتعلق بالحرارة والبرودة واللين والخشونة.
والحاسة في اصطلاح المحققين هي الجارحة التي يقوم ببعضها الإدراك وقد يعبر بالشم واللمس والذوق عن الإدراكات تجويزا.
وهذه العبارات منبئة عند المحصلين عن اتصالات بين الحواس وبين أجسام تدرك ويدرك أعراض لها وليست الاتصالات إدراكات ولا شرائط فيها , وإن استمرت العادات بها والدليل عليه أنك تقول شممت الشيء فلم أدرك ريحه وذقته فلم أجد طعمه ولمسته فلم أدرك حرارته وذلك يحقق أنه ليس المراد بها في الإطلاق أنفس الإدراكات.
وعد أئمتنا رضي الله عنهم من الإدراكات وجدان الحي من نفسه الآلام واللذات وسائر الصفات المشروطة بالحياة ولا سبيل إلى القول بأن وجدان هذه الصفات هو العلم بها فإن الإنسان قد يضطر إلى العلم بتألم غيره ويجد من نفسه الألم المختص به ويفرق ببديهة عقله بين وجدانه ذلك من نفسه وبين علمه بألم غيره.
الإرشاد (174)
وقال الجويني: فإن قيل: قد قدمتم في الصفات الواجبة أن الرب تعالى سميع بصير وأثبتم العلم بالسمع والبصر فهل تثبتون للباري تعالى سائر الادراكات؟ قلنا: الصحيح عندنا إثباتها والدال على إثبات العلم بالسمع والبصر دال على جميع الإدراكات.
الإرشاد (186)
وقال البيجوري في "شرح الجوهرة" (121): "والإدراك في حق الحادث هو تصور حقيقة الشيء المدرك, وأما في حقه تعالى على القول به فهو صفة قديمة قائمة بذاته تعالى تسمى الإدراك. قيل: إنه يدرك بها كل موجود. وقيل: يدرك بها الملموسات كالنعومة, والمشمومات كالروائح, والمذوقات كالحلاوة من غير اتصال بمحالها التي هي الأجسام, ولا تكيف بكيفيتها لأن الاتصال والتكيف إنما هو عادي في حصول الإدراك وقد ينفك.
وقد صرح بعض المتأخرين بأنها صفة واحدة لكن الواقع في كتب علم الكلام أنها ثلاث صفات: إدراك الملموسات, وإدراك المشمومات, وإدراك المذوقات, ودليل المثبتين لها كالباقلاني وإمام الحرمين بأنها كمال, وكل كمال واجب لله.
لأنه لو لم يتصف بها لا تصف بضدها, وهو نقص, والنقص عليه تعالى محال؛ فوجب أن يتصف بها على ما يليق به من غير اتصال بالأجسام ومن غير وصول اللذات, والآلام له تعالى.
نقد هذا القول
1 - أهل السنة والجماعة في مثل هذه الصفات بتفاصيلها مرجعهم في إثباتها السمع وليس العقل , فما ثبت في الكتاب والسنة هو المعول عليه , وما سكت عنه فلا يجوز القول فيه بلا علم قال تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون} ولكن الأشاعرة لا يستغرب منهم مثل ذلك لتعويلهم في الإثبات والنفي على العقل.
2 - الإدراكات عند الأشاعرة أمرا زائدا عن العلم ,ولذلك قال الجويني: فإن الإنسان قد يضطر إلى العلم بتألم غيره ويجد من نفسه الألم المختص به ويفرق ببديهة عقله بين وجدانه ذلك من نفسه وبين علمه بألم غيره.
الإرشاد (174)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الشهرستاني: قال المتكلمون الحواس الخمس مشتملة على إدراكات خمس تختلف أنواعها وحقائقها والإنسان يجد من نفسه أنه يرى ببصره ويسمع بأذنه كما يجد أنه يعلم بقلبه فالبصر محل الرؤية والأذن محل السمع كالقلب هو محل العلم وكما يجد التفرقة بين العلم والإدراك يجد التفرقة بين محل العلم ومحل الإدراك ولأن الذي يدرك ببصره من المرئي هو الألوان والأشكال فيستدعي ذلك مقابلة ومواجهة فالذي يدرك بسمعه من المسموع هو الأصوات والحروف ولا يستدعي ذلك مقابلة.
نهاية الإقدام (352)
وقال أبو الحسن الأشعري: الإدراك علم مخصوص فإنه يستدعي تعيين المدرك ويتعلق بالموجود فقط والوجود هو المصحح بخلاف العلم المطلق فإنه لا يستدعي تعيين المدرك ولا يتعلق بالموجود من حيث هو موجود بل يتعلق بالمعدوم والموجود والواجب والجائز والمستحيل.
نهاية الإقدام (352)
3 - فهم بعض الأشاعرة أنه لا يمكن إثبات هذه الصفة إلا بالاتصال بالمذوقات والمشمومات .. ولم يقبل البعض الآخر بذلك.
قال الشهرستاني: وتردد رأيه- أي الأشعري - في سائر الإدراكات أهي علوم مخصوصة أم إدراكات ورأي بعض أصحابه أنها إدراكات أخر وليس الوجود بمجرده مصححاً لها فقط بل الاتصال فيها شرط فلا يتصور شم إلا باتصال أجزاء من المتروح أو من الهوى إلى المشام وكذلك الذوق واللمس لا يتصور وجودهما إلا باتصال جرم بجرم.
نهاية الإقدام (352)
ولذلك نفى بعض المتكلمين هذه الصفة لمحذور الاتصال قال الشهرستاني: وكما يجد التفرقة بين العلم والإدراك يجد التفرقة بين محل العلم ومحل الإدراك ولأن الذي يدرك ببصره من المرئي هو الألوان والأشكال فيستدعي ذلك مقابلة ومواجهة فالذي يدرك بسمعه من المسموع هو الأصوات والحروف ولا يستدعي ذلك مقابلة وكذلك المشموم والمذوق والملموس يستدعي اتصال الأجسام ولا يستدعيه السمع والبصر فلذلك يجوز أن يوصف الباري تعالى بأنه سميع بصير ولا يجوز أن يوصف بأنه شام ذائق لامس.
نهاية الإقدام (352)
4 - طرد بعض الأشاعرة زيادة على ذلك إدراك الألم واللذة , قال الجويني: وعد أئمتنا رضي الله عنهم من الإدراكات وجدان الحي من نفسه الآلام واللذات وسائر الصفات المشروطة بالحياة ولا سبيل إلى القول بأن وجدان هذه الصفات هو العلم بها فإن الإنسان قد يضطر إلى العلم بتألم غيره ويجد من نفسه الألم المختص به ويفرق ببديهة عقله بين وجدانه ذلك من نفسه وبين علمه بألم غيره.
الإرشاد (174)
5 - جعل الأشعري المصحح للإدراك هو الوجود؛ جر ذلك إلى اعتقاد أن كل موجود تتعلق به هذه الإدراكات وهذا القول تصوره يغني عن بيان قبحه. قال شيخ الإسلام: وأما الأشعري فادعى أن كل موجود يجوز أن يرى ووافقه على ذلك طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وغيره ثم طرد قياسه فقال كل موجود يجوز أن تتعلق به الإدراكات الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس ووافقه على ذلك طائفة من أصحابه كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي والرازي.
منهاج السنة (2|153)
قال الباجوري (122) ناقلاً الخلاف بين علماء الأشاعرة هل يدرك الله؟
"وقد اختلف أيضا في كونه مُدركا أولا تبعاً للاختلاف في الإدراك "
وقال الجويني في الإرشاد: فإن قيل قدمتم أن كل إدراك فإنه متعلق جوازا بكل موجود وقول ذلك يلزمكم تجويز تعلق الإدراكات الخمس بذات الباري وصفاته وملتزم ذلك ينتهي إلى الحكم بكون الرب تعالى مشموما ملموسا مذوقا. قلنا:قد ذكرنا أن اللمس والذوق والشم عبارات عن اتصالات وليس من الإدراكات فأما الإدراكات مع القطع باستحالة الاتصال فيجوز تعلقها بكل موجود وكل دال على على جواز رؤية كل موجود يطرد في جميع الادراكات.
الإرشاد (186)
وقال الشهرستاني: واعتراض خامس قد تحقق أن الرؤية من جملة الحواس الخمس أفتقولون أنها كلها تتعلق بالوجود والمصحح لها الوجود أم الرؤية خاصة تتعلق بكل موجود فإن عممتم الحكم فقد افتتحتم أمراً وهو التزام كونه تعالى مسموعاً مشموماً مطعوماً ملموساً وذلك شرك عظيم وإن خصصتم الحكم بالرؤية وجب عليكم إظهار دليل التخصيص.
نهاية الإقدام (361)
6 - وقد قدمنا في مقال سابق أن جعلهم المصحح للإدراك هو الوجود؛ أن التزموا أن الأصوات يمكن أن ترى وأن المشمومات يمكن أن ترى.
ولذلك قال ابن رشد: وقد اضطر المتكلمون لمكان هذه المسألة وما أشبهها إلى أن يسلموا أن الألوان ممكنة أن تسمع والأصوات ممكنة أن ترى وهذا كله خروج عن الطبع وعن ما يمكن أن يعقله الإنسان؛ فإنه في الظاهر أن حاسة البصر غير حاسة السمع , وأن محوس هذه غير محوس تلك , وأن آلة هذه غير آلة تلك وأنه ليس ممكن أن ينقلب البصر سمعا كما ليس يمكن أن يعود اللون صوتا.
بيان تلبيس الجهمية (2|448)
والله أعلم
ـ[الرجل المحترم]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 02:03]ـ
جزاك الله خيرا اخى الكريم
هل ممكن تجميع هذه جميع الصفات فى ملف وورد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 03:58]ـ
جزاك الله خيرا(/)
ماذا تعرف عن "احمد سامبي"رئيس دولة جزر القمر!!
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 01:30]ـ
http://www.hrmla.com/forums/nnah.net/images/Image/0c609be05f5e8102dc99677d61df7e da.jpg
من هو هذا الرئيس الثري؟:
هو أحمد عبد الله محمد سامبي رئيس جمهورية جزر القمر الاتحادية الإسلامية، الملقب: بـ: آية الله، ينحدر من جزيرة أنجوان -أصغر الجزر الثلاث المكونة لاتحاد جزر القمر-، درس العلوم الإسلامية في الأزهر، وفي المملكة العربية السعودية وكان فاشلا في دراسته، وفي السودان، ودرس في الجمهورية الإيرانية الصفوية، ذهب إلى هذه الأخيرة شافعي المذهب، وعاد منها رافضيا بامتياز بعدما غسلت دماغه هناك، وتقديرا لولائه لجمهورية إيران الصفوية، كافأته هذه الأخيرة وسهلت له الطريق ودفعت له الأموال الطائلة ليشتري بها أصوات الناس كي يحقق لها المطالب التي تلهث خلفها، لأنها تعلم أن هذه الجزر بالنسبة لها مهمة جدا وموقع استراتيجي في المحيط الهندي ومضيق موزمبيق، لذلك هي تسعى لنشر التشيع في هذه المنطقة الإستراتيجية فمنحته هدية ثمينة أن سطا على السلطة بأموال إيران وأصبح أول رئيس منتخب لجزر القمر بعد استقلالها عن فرنسا،
منذ ذلك الحين وهو يتنعم في الخيرات ويفترش الحرير ويتلذذ أنواع الطعام، بينما الشعب القمري المسكين يعاني الأمرين التجويع والتهميش، رغم أنه كما في التصريح الصحفي الذي أدلى به لجريدة الشرق الأوسط يوم الجمعة 21 ربيع الثاني سنة 1427هـ، الموافق 19 مايو 2006، قائلا: برنامجي الانتخابي أركز على إنشاء محاكمة عادلة وتوفير العمل ومكافحة الفقر، هذه هي الأولويات الثلاث لحكومتنا خلال الفترة المقبلة.
هل فعلا حقق للشعب القمري شيئا ولو جزئيا من هذه الأمنيات؟
لا ولا شيء، هذا كذب فقط ما حقق من ذلك شيئا، كل الإعانات التي كانت تأتيه من الدول كان يستفيد منها لوحده ولا يصل للشعب المسكين المسالم الطيب إلا أخبار وصول هذه الإمدادات ولا يعلم عنها أين ذهبت، أرسلت المملكة العربية السعودية إلى شعبه المسكين أضاحي بمناسبة عيد الأضحى فباعها الرئيس في مدغشقر وموريشيوس وأخذ ثمنها، ثم أُرْسِلَت السعودية إلى شعبه المسكين من التمور ما يكفيه لشهر رمضان الكريم لكن الرئيس باعه في السوق السوداء، كما أن ليبيا أرسلت أطنان من (الأزفلت) الخاصة بتعبيد الشوارع للجزر لإصلاح الطرقات، لكن الرئيس عبد الطريق الرابطة بين المطار وقصره فقط، والباقي باعه في السوق السوداء.
هذا ما يتعلق بنهب أحمد سامبي لخيرات الشعب القمري، هذا أولا.
الأمر الثاني: لم يبق من عمر فترته الرئاسية إلا سنة فقط، وهو يرى نفسه أنه لم يحقق بعد لإيران مطالبها وأهدافها التي كانت الهدف الرئيس لتنصيبه، لذلك هو يسعى إلى تعديل الدستور القمري كي يخول له ترشيح نفسه لفترة رئاسية قادمة، لأن القانون القديم لجزر القمر لا يخول له الترشح لفترة رئاسية ثانية، فهو الآن يستخدم سلاح تركيع الشعب القمري، فقد أوقف رواتب جميع الموظفين المدنيين منهم والعسكريين من بداية شهر يوليوه 2007م إلى وقتنا هذا يعني مضت سبعة أشهر ولم يستلم الموظفون رواتبهم، لسبب واضح وهو أن الرئيس أحمد سامبي استعمل هذا السلاح إلى حين وقت الاستفتاء حينها يسدد لهم رواتبهم كي ينخدع به السدج من هذا الشعب الطيب الصبور حتى يصوتوا لصالحه، ونحن -واثقون إن شاء الله تعالى- أن نهايته ونهاية من انتدبته قد انتهت.
بينما فتح المجال لإيران الصفوية عن عمد في إنشاء مستوصف لجمعية الهلال الأحمر الإيراني لعلاج المرضى، وآخر للجنة إمداد الخميني، ومركز التبيان العلمي الثقافي، كل هذه المرافق سمح لإيران الصفوية بإنشائها لأغراض الجميع يعلمها ألا وهي تشيع الشعب السني القمري.
منقوول من: شبكة الدفاع عن السنة ..
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[24 - May-2009, مساء 01:03]ـ
..............
ـ[عالي السند]ــــــــ[24 - May-2009, مساء 08:51]ـ
أحمد سامبي واحد من عشرات ممن شرتهم المادة فقط .. !! يبيعون عقيدتهم بسبب الحاجة وقد يكون هذا الرافضي له أطماع ويحب الوجاهة والمناصب ولو على حساب عقيدته، وهناك الألوف من السنة في كل مكان في خطر من كل الجميعات التنصيرية والرافضية وغيرها، ولو كان هناك جمعيات أو قل مراكز له فروع في جميع الدول الإسلامية تتلمس حاجات الفقراء وتغنيهم عن سؤال الناس لحفظنا إخواننا السنة.
ولو دفع أغنياء أهل السنة زكاة أموالهم للمحتاجين بالفعل لأغنت الفقراء وحفظت عليهم عقيدتهم، وقد استغل ويستغل كل منحرف وضال حاجة فقراء السنة فنشطوا في التنصير والتشييع، والواجب بقي علينا بالبذل والعطاء إلى جانب الدعوة.(/)
هل تكتب الملائكة أفعال القلوب؟
ـ[الرياني]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 02:41]ـ
http://up3.m5zn.com/photo/2009/5/2/04/w327ldm1d.bmp/bmp (http://up3.m5zn.com)"][/URL] (http://up3.m5zn.com)
الدكتور / عمر سليمان الأشقر(/)
هل يثبت الأشاعرة أسماء الله؟
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 03:56]ـ
هل يثبت الأشاعرة أسماء الله؟
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
مما هو مشتهر عند طلبة العلم أن الأشاعرة يثبتون الأسماء وسبع صفات وينفون الباقي كالصفات الخبرية والفعلية؛ ولكن في الحقيقة أن القول بأن الأشاعرة يثبتون الأسماء بإطلاق على التحقيق غير دقيق.
وذلك لما يلي:
أهل السنة والجماعة في إثباتهم لأسماء الله الحسنى يثبتون:
أ- الاسم أي اللفظ كالرحمن الرحيم الغفور ... .
والأشاعرة في هذه الجزئية يوافقون أهل السنة كما وافق في ذلك المعتزلة.
ب- إثبات المعنى الحقيقي لهذا الاسم فهم يثبتون اللفظ ويثبتون ما دل عليه اللفظ من المعنى المفهوم في لغة العرب؛ لأن الله خاطبنا بلسان عربي مبين.
فمثلا اسم الله الرحمن معناه ذو الرحمة الواسعة على مايفهم من كلام العرب , ولكن هل الأشاعرة يثبتون المعنى المفهوم في لغة العرب من مسمى الاسم؟
عند التحقيق لا!.
فالرحمن معناه إرادة الإنعام وإرادة الإحسان. فيرجعون معنى الاسم إلى إرادة الإنعام وهو عند التحقيق ليس معنى الرحمة ولكن أثره.
وهذا يصنعونه في أسماء عدة.
ومثال آخر اسم الله الظاهر فسر معناه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: وهو الظاهر ليس فوقه شيء , فمن معناه العلو أما الأشاعرة ففسر اللفظ بمعنى القاهر. انظر الإرشاد (154)
ومثال ذلك أيضا:الجبار قال الجويني: وقيل الجبار معناه حامل العباد على ما يريد .. الإرشاد (147)
وهكذا يؤولون المعنى المفهوم في لغة العرب في أسماء عدة؛ فالفرق بعد ذلك فيمن نفى الاسم لفظه ومعناه , وبين من أثبت لفظه ونفى معناه , وبين من أثبت لفظه وأول معناه فرق شكلي وليس حقيقي.
وقد عد أهل السنة والجماعة نفي معاني الأسماء الحسنى من أعظم الإلحاد فيها قال تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون}
ولكن للإنصاف أن هذا التأويل للمعنى؛ كان لبعض الأسماء وليس للكل , ومن يتتبع ويقارن بين تفسيرهم لكثير من معاني الأسماء وبين تفسير السلف يجد فرقا وبونا أو نقصا في تفسير المعنى؛ فاقتضى التنبيه على هذه المسألة.
ومثال ذلك:
الرحمن فسرت عندهم بإرادة الإنعام.
المتكبر: فسرت بالمتقدس عن أمارات الحدث وسمات النقص.
الإرشاد (148) وهذا الكلمة تحتمل وجوها حقة وباطلة.
الغفار: فسر بالستر ثم يمكن حمل الستر على ترك العقاب ويمكن حمله على الإنعام.
الإرشاد (148) وهذا الأخير تفسير لأثر هذا الاسم.
وكذلك
الظاهر.
الجبار.
وإنما أردنا البيان والتنبيه على هذه النكتة وليس الاستقصاء , ولو تتبع طالب العلم لخرج بغير ذلك.
والله أعلم.
</ i>
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[31 - May-2009, مساء 10:58]ـ
وقد أشار شيخ الإسلام إلى ما قدمناه في هذه المسألة فقال رحمه الله في معرض رده على الرازي:" وهم وإن أقروا بألفاظ النصوص مثل اسمه " العلي والظاهر والكبير والمتعالي " ونحو ذلك فقد جحدوا حقائقها كما أن إخوانهم الجهمية لما نفوا أن يكون " علم وقدرة وحياة فهم في الحقيقة قد نفوا أن يكون حيا عالما قادرا موافقة للزنادقة الملاحدة النافين للأسماء ...
ثم قال: وحقيقتهم القرمطة في السمعيات والسفسطة في العقليات فهؤلاء بمنزلة الملاحدة من وجهين:
أحدهما: إقرارهم بلفظ مع جحدهم بحقيقة معناه كما هو عادة القرامطة الباطنية في تحريف الكلم عن مواضعه ... .
بيان تلبيس الجهمية (5|282 - 284)
فالله الحمد والمنة.
ـ[إمام محمود]ــــــــ[01 - Jun-2009, مساء 02:10]ـ
جزاكم الله خيراً، وزادكم من فضله علماً وعملاً
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[01 - Jun-2009, مساء 11:39]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك(/)
معنى قولهم " العقل أصل السمع "!،لشيخنا العلَّامة عبد الرَّحمنِ البرَّاك.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 04:32]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُئِلَ صَاحِبُ الفَضِيْلَةِ العَلاَّمَةُ عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَاصِرٍ البَرَّاك ـ سَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ:
عبارة: "العقل هو أصل السمع"، فهذه العبارة وإن كانت قد جاءت من أصحاب علم الكلام، كأمثال الرازي، إلا أنَّ لها معنى صحيحاً من حيث الدلالة على السمع .. ما توجيهكم لهذا؟.
فأجاب ـ رَفَعَ اللَّهُ قَدرهُ ـ:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأدلة نوعان، عقلية وسمعية:
الأدلة العقلية ما فطر الله عليه عباده من الأحكام، وما تدرك دلالته بالعقل من الأدلة الكونية والشرعية.
وأما الأدلة السمعية فهي النصوص الشرعية من الآيات والأحاديث، وما تفرَّع عنها.
ولا ريب أن النبوة مصدر الأدلة السمعية قد ثبتت بأنواع من الأدلة العقلية، ومنها ما يسمى بالمعجزات من خوارق العادات، وهي البراهين والبيانات.
وأعظم دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هذا القرآن، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم -كما جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كما الذي أوتيت وحياً أوحيَّ إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة»، فبان بهذا أن قول القائل "العقل أصل النقل".
بمعنى أن النبوة وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم عرف بالعقل؛ صحيح.
ولم يكن اعتراض أهل السنة على المتكلمين في صحة هذه المقالة، ولكن كان اعتراضهم على قولهم: (إذا تعارض العقل والنقل قُدِّم العقل).
فقولهم إن العقل أصل النقل كلمة حق أريد بها باطل، وكقول المشركين لتكذيبهم للرسل ? لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ? [الأنعام: 148] فقول المتكلمين، إذا تعارض العقل والنقل قدُِّم العقل؛ كلام باطل؛ فإن العقل الصريح لا ينافي النقل الصحيح.
وقد ألَّف ابن تيمية كتابه العظيم (درء تعارض العقل والنقل) لإبطال هذه المقولة، وقرر في ذلك الكتاب أن أي تعارض يدعى بين العقل والنقل فإنه راجع إما إلى فساد العقل، أو ضعف النقل.
فكل ما صح عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فليس في العقل الصريح ما يعارضه البتة.
فالعقل إما أن يكون شاهداً بما جاء به النقل، وموافقاً له، وإما ألا يدل على معارضة ولا موافقة .. ولهذا قيل: إنّ الرسل لا يخبرون بمحالات العقول، لكن قد يخبرون بما لا تدرك العقول نفيه ولا إثباته .. وإذ قد ثبت السمع بدلالة العقل فيجب التسليم لما جاء بالسمع.
وبهذا التسليم يحصل الانقياد لموجب العقل والسمع جميعاً.
قال الله تعالى: ? فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ? [النساء:65].
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 04:33]ـ
المصدر:
http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-185211.htm
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 08:20]ـ
بارك الله فيك وفي جهودك أخي سلمان، وحفظ الشيخ العلامة البراك ونفع بعلمه، آمين.
ـ[عادل المرشدي]ــــــــ[03 - May-2009, صباحاً 01:15]ـ
جزيت خيرا
وفي درء التعارض (1/ 87 - 91):
" قوله: إن العقل أصل للنقل إما أن يريد به: أنه أصل في ثبوته في نفس الأمر أو أصل في علمنا بصحته
والأول لا يقوله عاقل فإن ما هو ثابت في نفس الأمر بالسمع أو بغيره هو ثابت سواء علمنا بالعقل او بغير العقل ثبوته أو لم نعلم ثبوته لا بعقل ولا بغيره إذ عدم العلم ليس علما بالعدم وعدم علمنا بالحقائق لا ينفي ثبوتها في أنفسنا فما أخبر به الصادق المصدوق http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c5/Mohamed_peace_be_upon_him.svg/20px-Mohamed_peace_be_upon_him.svg. png (http://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Mohamed_pea ce_be_upon_him.svg) هو ثابت في نفس الأمر سواء علمنا صدقه أو لم نعلمه
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أرسله الله تعالى إلي الناس فهو رسوله سواء علم الناس أنه رسول أو لم يعلموا وما أخبر به فهو حق وإن لم يصدقه الناس وما أمر به عن الله فالله أمر به وإن لم يطعه الناس فثبوت الرسالة في نفسها وثبوت صدق الرسول وثبوت ما اخبر به في نفس الأمر: ليس موقوفا علي وجودنا فضلا عن أن يكون موقوفا علي عقولنا أو علي الأدلة التي نعلمها بعقولنا وهذا كما أن وجود الرب تعالى وما يستحقه من الأسماء والصفات ثابت في نفس الأمر سواء علمناه أو لم نعلمه
فتبين بذلك أن العقل ليس أصلا لثبوت الشرع في نفسه ولا معطيا له صفة لم تكن له ولا مفيدا له صفة كمال إذ العلم مطابق للمعلوم المستغني عن العلم تابع له ليس مؤثرا فيه
فإن العلم نوعان: أحدهما العملي وهو ما كان شرطا في حصول المعلوم كتصور أحدنا لما يريد أن يفعله فالمعلوم هنا متوقف علي العلم به محتاج إليه
والثاني: العلم الخبري النظري وهو ما كان المعلوم غير مفتقر في وجوده إلي العلم به كعلمنا بوحدانية الله تعالى وأسمائه وصفاته وصدق رسله وبملائكته وكتبه وغير ذلك فإن هذه المعلومات ثابتة سواء علمناها أو لم نعلمها فهي مستغنية عن علمنا بها والشرع مع العقل هو من هذا الباب فإن الشرع المنزل من عند الله ثابت في نفسه سواء علمناه بعقولنا أو لم نعلمه فهو مستغن في نفسه عن علمنا وعقلنا ولكن نحن محتاجون إليه وإلي أن نعلمه بعقولنا فإن العقل إذا علم ما هو عليه الشرع في نفسه صار عالما به وبما تضمنه من الأمور التي يحتاج إليها في دنياه وآخرته وانتفع بعلمه به وأعطاه ذلك صفة لم تكن له قبل ذلك ولو لم يعلمه لكن جاهلا ناقصا
وأما إن أراد أن العقل أصل في معرفتنا بالسمع ودليل لنا علي صحته ـ وهذا هو الذي أراده ـ فيقال له: أتعني بالعقل هنا الغريزة التي فينا أم العلوم التي استفدنا بتلك الغريزة؟
وأما الأول فلم ترده ويمتنع أن تريده لأن تلك الغريزة ليست علما يتصور أن يعارض النقل وهو شرط في كل علم عقلي أو سمعي كالحياة وما كان شرطا في الشيء امتنع أن يكون منافيا له فالحياة والغريزة شرط في كل العوم سمعيها وعقليها فامتنع أن تكون منافية لها وهى أيضا شرط في الاعتقاد الحاصل بالاستدلال وإن لم تكن علما فيمتنع أن تكن منافية له ومعارضة له
وإن أردت بالعقل الذي هو دليل السمع وأصله المعرفة الحاصلة بالعقل فيقال لك: من المعلوم أنه ليس كل ما يعرف بالعقل يكون أصلا للسمع ودليلا علي صحته فإن المعارف العقلية أكثر من أن تحصر والعلم بصحة السمع غايته أن يتوقف علي ما به يعلم صدق الرسول http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c5/Mohamed_peace_be_upon_him.svg/20px-Mohamed_peace_be_upon_him.svg. png (http://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Mohamed_pea ce_be_upon_him.svg)
وليس كل العلوم العقلية يعلم بها صدق الرسول http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c5/Mohamed_peace_be_upon_him.svg/20px-Mohamed_peace_be_upon_him.svg. png (http://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Mohamed_pea ce_be_upon_him.svg) بل ذلك يعلم بما يعلم به أن الله تعالى أرسله مثل إثبات الصانع وتصديقه للرسول بالآيات وأمثال ذلك
وإذا كان كذلك لم تكن جميع المعقولات أصلا للنقل لا بمعني توقف العلم بالسمع عليها ولا بمعني الدلالة علي صحته ولا بغير ذلك لاسيما عند كثير من متكلمة الإثبات أو أكثرهم كالأشعري في أحد قوليه وكثير من أصحابه أو أكثرهم كالأستاذأبي المعالي الجويني ومن بعده من وافقهم ـ الذين يقولون: العلم بصدق الرسول عند ظهور المعجزات التي تجري مجري تصديق الرسول علم ضروري فحينئذ ما يتوقف عليه العلم بصدق الرسول من العلم العقلي سهل يسير مع أن العلم بصدق الرسول له طرق كثيرة متنوعة كما قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع ".
فتبين أن الفرق بين قول المتكلمين وأهل السنة ان ظاهر كلام المتكلمين يوهم أن جميع المعقولات أصل للسمع وهو الاساس الباطن الذي قام عليه قانون الرازي الكلي.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[03 - May-2009, صباحاً 01:21]ـ
ووجه آخر: أن العقل قد يكون أصلاً للسمع عند بعض الناس دون بعض وليس أصلاً له مطلقاً إلا على قولهم بعدم حصول الإيمان بغير النظر ...
وإلا فالجم الغفير يحصل لهم الإيمان بالسمع من غير المقدمات العقلية ...(/)
سوء خاتمة الطاعنين في علماء المسلمين
ـ[التقرتي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 05:11]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هناك كثير من الطاعنين في علماء المسلمين يحسبون انفسهم على شيئ لكن عند لحظات الموت تسود وجوهم و يتضح لهم الحق بعد ان اضلهم ابليس لعنة الله عليه لكن هيهات هيهات.
هذه خاتمة احدهم:
محمود ابو رية الذي الف كتابه "أضواءٌ على السنّةِ المُحمّديّةِ " هاجم فيه سنة نبينا عليه الصلاة و السلام و طعن في ابي هريرة رضي الله عنه الذي يحبه كل المسلمون
قال الشيخ مُحمّدِ بنِ مُحمّدٍ المُختارِ الشنقيطيِّ أنَّ أبا ريّةَ عندما كانَ في وقتِ النزعِ الأخيرِ، وساعةِ الاحتضارِ، حضرهُ نفرٌ من النّاسِ، ورأوهُ وقد اسودَّ وجههُ – والعياذُ باللهِ – وكان يصرخُ مرعوباً فزِعاً بصوتٍ عالٍ، وهو يقولُ: آه!، آه!، أبا هريرةَ أبا هريرةَ، حتّى ماتَ على تلكَ الحالِ.
و شبيه بهده القصة ما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 2/ 619:
قال الحافظ أبو سعد السمعاني: سمعت أبا المعمر المبارك بن أحمد: سمعت أبا القاسم يوسف بن علي الزنجاني الفقيه: سمعت الفقيه أبا إسحاق الفيروزآبادي: سمعت القاضي أبا الطيب يقول: كنا في مجلس النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المُصَّراة (1)؛ فطالب بالدليل، حتى استدل بحديث أبي هريرة الوارد فيها.
فقال ـ وكان حنفيا ـ: أبو هريرة غير مقبول الحديث.
فما استتم كلامه، حتى سقط عليه حية عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب منها، وهي تتبعه.
فقيل له: تب، تب.
فقال: تبت.
فغابت الحية، فلم ير لها أثر.
إسنادها أئمة. اهـ.
ندعوا الله حسن الخاتمة
ـ[معاذ احسان العتيبي]ــــــــ[09 - May-2009, مساء 04:21]ـ
آآمين نسأل الله حسن الخاتمة وأن يحفظ علماءنا من كل سوء وشر , والله إني للأعجب كبر العجب من هولاء الطاعنين , يا سبحان الله لم يجدوا غير أولياء الله , الذين يسهرون الليالي وتمر عليهم الأيام بالسراري , هل سيتركه الله!!!
فاحذر يا سليط اللسان على أهل العلم , واحفظ لسانك عن كل مخلوق , فإن النبي (ص) أخبر أن العبد ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم أبعد ممّا بين المشرق والمغرب , فاحفظ لسانك كي يحفظك الله عن ألسنة الناس , وإلا أحدث الله لك عيبا ما تسلم من ألسنة الناس , وأذكر أنّ
أحد الأشخاص في دولتي شتم الشيخ العلامة: ابن جبرين , فما أمسى إلا ويده قد شلت.
نسأل الله العافية والعفاف والستر والتقى والغنى.(/)
تمني الإنسان الرجعة عند الاحتضار
ـ[الرياني]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 08:00]ـ
http://up3.m5zn.com/photo/2009/5/2/09/pe3wj0at9.bmp/bmp (http://up3.m5zn.com)"][/URL] (http://up3.m5zn.com)
الدكتور / عمر سليمان الأشقر(/)
يريد دليل على تحريم تسمي الإنسان بالقرآن والسنة؟
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 10:36]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعزكم الله تعالى / إن كان أحد الكُتاب في أحد المنتديات يسمي نفسه " القرآن والسنة "
ويقول إن ما في دليل على تحريم تسمي الإنسان بـ " القرآن والسنة ".
ويقول ابرزوا لي دليل إن استطعتم؟
فما الجواب عليه أعزكم الله تعالى، ونصر بكم دين الإسلام؟؟
وإن أخطأ هذا الكاتب فهل يبين خطأه ـ أم يترك من أجل ما يتسمى به؟
ردودكم وتعليقاتكم مهمة جداً.
وفقكم الله تعالى لكل خير، ولنصرة دين الإسلام.
ـ[التقرتي]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 10:44]ـ
قد سمعت الشيخ ابو اليسر ينهى عن اسماء من قبيل الله و الله اكبر و لا إله إلا الله و ما شابه.
و في الحقيقة اذا اخطأ الذي يتسمى بهذا كيف سنقول عنه اخطأ .....
اظن انه يجب اجتناب مثل هذه الأسماء و الله اعلم
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[03 - May-2009, مساء 01:14]ـ
لا يجوز التسمي باسم من أسماء الله الحسنى
و لا وصف يختص به عزو جل من صفاتِه العُلى
و القرآن هو كلام الله.
و كلام الله صفة من صفاته العُلى عزو جل.
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[13 - Jun-2009, مساء 10:27]ـ
بارك الله تعالى فيكما ونفع الله بكما.
في هذا الرابط فتوى للشيخ خالد الرفاعي مراجعة وإجازة الشيخ سعد الحميد
على بطلان تسمي البشر بـ القرآن والسنة
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=35317
السؤال:
حفِظَكم الله تَعالى،
أحدُ الكتَّاب على شبكة الإنْترنت يسمِّي نفسَه: "القُرآن والسنَّة"، ويقول: إنه ما من دليلٍ على تَحريم التَّسمِّي للبشَر بالقُرآن والسنَّة، فما الجواب عليه؟
وهل يَجوز أن يُنادى بـ: أخي، ثُم تكتب: "القُرآن والسنَّة"؟
وإن أخْطأَ هذا الكاتِب، فهل يُرَدُّ عليْه، أم يُتْرَك من أجْلِ اسمِه؟
وما حُكْم التَّسمِّي بأسْماء تبدأ بلفظِ الجلالة: "الله"، أو القُرآن الكريم، مثل: "الله كريم"، "الله ربي"، "الله المستعان"، أو "القُرآن طريقي"، "القُرآن منهجي"، "القرآن حياة القلوب"؟
وهل يَجوز أن يُنادى عليْهِم بـ: أخي، ثم تكتب: "الله كريم"، أو أخي، ثُمَّ تكتب "القُرآن طريقي"؟
عِلْمًا بأنَّ هذه الأسْماء انتشرتْ في الآوِنة الأخيرة على شبكةِ الإنتَرْنِت.
أفيدونا، جزاكم الله تعالى كلَّ خير.
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالَّذِي يظهر عدم مشروعية التَّسمِّي بتلك المعرِّفات؛ لأنَّ كلَّ إنسان عُرضةٌ للخطأ؛ ومِن ثَمَّ يُردُّ عليه، فإذا رُدَّ عليْه، فقد يُساء إلى الاسم نفسِه، فتكون الإساءة لتِلْك الأسماء، ولا يَخفى ما فيه، وربَّما انتهز أعْداء الإسلام ذلك الاسمَ، فيُسيئون إليْه؛ لذلك ينبغي أن يُصانَ اسم الله أو القُرآن عن هذا، كما لا يخفى ما في التسمي بها من التمدُّح والعلوٌّ، فيكون من الإعجاب والاغترار، وهو مذموم، والواجب ترك كل ما يحتمل الغلو والمبالغة.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومما يُمنع منه: التسميةُ بأسماء القرآن وسوره؛ مثل: طه، ويس، وحم، وقد نصَّ مالك على كراهة التسمية بـ "يس"؛ ذكره السهيلي، وأما ما يذكره العوام: أن يس وطه من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - فغير صحيح، ولا حسن، ولا مرسل، ولا أثر عن صاحب؛ وإنما هذه الحروف مثل: ألم، وحم، الر، ونحوها". اهـ.
أما التَّسمِّي بأسْماء تبدأ بلفظِ الجلالة: "الله"، أو القُرآن الكريم، فلا يجوز مطلقًا.
قال الشيخ العثيمين في "سلسلة لقاءات الباب المفتوح": "أسماء الله نوعان: نوع مختصٌّ به، لا يجوز أن يسمى به غيره؛ مثل: الله، الرحمن، الجبار، المتكبر، هذه لا يجوز أن يسمى بها أحد من الخلق؛ لأن هذه الصفة لا يتصف بها غيره" والنوع الثاني لا يختص بالله، ويجوز أن يسمى به غيره ... ، وأنتم تعرفون أن في الصحابة من كان يسمى: حكيم، ومن يسمى الحكم، وما أشبه ذلك. اهـ.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" - تعليقًا على حديث: ((أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك)) -: "واستُدلَّ بهذا الحديث على تحريم التسمِّي بهذا الاسم؛ لورود الوعيد الشديد، ويلتحق به ما في معناه؛ مثل خالق الخلق، وأحكم الحاكمين، وسلطان السلاطين، وأمير الأمراء، وقيل: يلتحق أيضًا من سمى بشيء من أسماء الله الخاصة به؛ كالرحمن والقدوس والجبار". اهـ،، والله أعلم.
إجابة: الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي - مراجعة وإجازة: الشيخ سعد الحميد
مع تحيات إخوانك في موقع الألوكة
ـ[مساعد أحمد الصبحي]ــــــــ[28 - Nov-2010, مساء 09:35]ـ
للتذكير!
ـ[أبوعبدالعزيزالتميمي]ــــــــ[29 - Nov-2010, مساء 01:31]ـ
لا يجوز التسمي باسم من أسماء الله الحسنى
و لا وصف يختص به عزو جل من صفاتِه العُلى
و القرآن هو كلام الله.
و كلام الله صفة من صفاته العُلى عزو جل.
بسم الله الرحمن الرحيم
أما على الأطلاق فلا فقد سمى الله نبيه (ص) (بالمؤمنين رؤوف رحيم) ووصف الناس ببعض صفاته مثل الحي والسميع وغيرها وباتاكيد أن الأسم غير الأسم والصفة غير الصفة كما قال تعالى (ليس كمثله شئ وهوالسميع البصير) , قد يكني الأنسان نفسه بالقرآن والسنة وهو لايقصد التسمي بهما وانما يقصد أنه يتكلم بالقرآن والسنة وهذا المعنى جيد خصوصا اذا أفصح عن هذا المعنى والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[29 - Nov-2010, مساء 07:29]ـ
قد يكني الأنسان نفسه بالقرآن والسنة وهو لايقصد التسمي بهما وانما يقصد أنه يتكلم بالقرآن والسنة وهذا المعنى جيد خصوصا اذا أفصح عن هذا المعنى والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وفقك الله تعالى لكل خير،،
لو كان القرآن الكريم مخلوق لجاز أن يتسمى به.
لكن القرآن الكريم كلام الله عز وجل غير مخلوق،
وكيف يناديه الناس؟ يقولون يا أخي أو يا أختي أو يا بني؟ ثم يذكرون القرآن والسنة؟
ومن من المسلمين من نزول القرآن الكريم إلى الآن تسمى بالقرآن؟
وهذا المتسمي بشر والبشر تصيب وتخطىء، فلو أخطأ
يقولون أخطأ ------- في كذا وكذا؟!
يا أخي الكريم يجب أن يصان كلام رب العالمين عن مثل هذه الأمور.
ـ[عاشق السنة]ــــــــ[29 - Nov-2010, مساء 09:23]ـ
لا يجوز التسمي باسم من أسماء الله الحسنى
و لا وصف يختص به عزو جل من صفاتِه العُلى
و القرآن هو كلام الله.
و كلام الله صفة من صفاته العُلى عزو جل.
وما حرم التسمية والتكنى به فى الحياه يحرم ايضا فى المنتديات(/)
نقض تعريف المنطق وبيان حكم الاشتغال به
ـ[عبد القادر ابن احمد]ــــــــ[02 - May-2009, مساء 11:28]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
سلسلة كشف المناهج الخفية و بيان المناهج الشرعية
نقض علم المنطق و تطبيقاته في العلوم الإسلامية
تابع نقض تعريف المنطق وبيان حكم الاشتغال به
تعريف المنطق:
يعرف أرسطو المنطق بأنه "أورغانون"العلم، يعني آلة العلم، وموضوعه الخاص هو العلم نفسه، فهو إذن صورة العلم أو شكل العلم ليس مادته، بينما المنطق عند الفلاسفة الرواقيين ليس أداة للعلم بل هو علم حقيقي هو جزء لا يتجزأ من الفلسفة موضوعه الاستدلالات.
وقد عرفه بعضهم بأنه: الصناعة التي تجعلنا نتصرف بنظام وسهولة و بدون خطأ، في عمل العقل ذاته"،
و أما التعريف الذي يميزه عن علم المناهج فهو:" المنطق هو علم شروط مطابقة الفكر لذاته و شروط مطابقة الفكر لموضوعاته، التي متى اجتمعت كانت الشروط الضرورية و الكافية للصدق".
وبما أن أرسطو قد عالج القياس من حيث هو قياس في تحليلاته الأولى فوجب التفريق و التمييز بين المنطق الصوري الذي هو دراسة قوانين الفكر المجرد من كل مضمون، و بين علم المناهج الذي هو علم مطابقة الفكر لموضوعاته، وهو يشمل المناهج و الطرق التي يمكن تطبيقها على العلوم الخاصة سواء كانت عقلية أو تجريبية.
تعريف المنطق الصوري وموضوعه:
إن المنطق الصوري يحد بصفته ناجما من طبيعة الفكر العامة ومنتجا بمقتضى الصورة بقطع النظر عن المضمون، فهو يدرس قوانين الفكر الضرورية حتى لا تتكون تصورات متناقضة و أحكاما غير جائزة لا مادة الفكر، وعبارة:" القوانين الضرورية " لا تعني أنها قوانين ملزمة بحيث تكون شروطا لوجود الفكر ذاته، أي أن الفكر موجود و خصيب من غير قوانين المنطق، وبمعنى آخر أكثر دقة إنه الفكر و التصور عندما ينفصل عن الواقع فهو عاجز خلال مراحل الاستدلال عن ترجمة المعاني الذهنية إلى ظواهر وهذا عيبه الكبير وهو كونه عديم الفائدة فهو لعب رفيع المستوى ولكنه عقيم، لا يكفي نفسه بنفسه بل يجب عليه أن ينطبق على شيء و أن يكون معمولا من أجل شيء آخر،
وبالتالي يمكن أن نعرف المنطق الصوري بأنه علم اللزوم، أو علم الصدق الصوري، لا الصدق الواقعي.
مصادر المنطق:
من المعلوم أن الروح النقدية لدى الناس في مختلف المجتمعات و الحضارات لم تنتظر الإغريق و بالضبط أرسطو للتولد لديهم وتنبثق، وفي افسلام تطورت بعد تدوين علم أصول الفقه في وظيفة متميزة تقتضي تجردا من الميل لا يقوى عليه إلا العلماء المخلصون.
أما المنطق الصوري الأرسطي فلابد أنه ظهر كنتيجة للعمل الفلسفي الذي قام به الفلاسفة الإغريق قبل أرسطو، خاصة و أن الجدل الإغريقي الفلسفي باعتباره منهجا في المناقشة موضوعه الاحتمالات وعماده المقدمات الظنية سبق ظهور المنطق فعرف الإغريق الجدل الإيلي و اشتهر زينون بجدل واعي.
ومعلوم أيضا أن المنطق هو فلسفة التصور كونه يبحث عن الماهية ومبدأ القياس هو الماهية و أول من بحث من الفلاسفة عن الماهية هو سقراط.
كذلك يوجد في أعمال أفلاطون ومحاورته عناصر هامة لتكوين منطق ولكن نظرية المثل التي أغرقت فلسفة أفلاطون وبقي متقيدا بها حالت دون تكوين منطق متكامل كما هو الشأن عند أرسطو.
لقد اكد أرسطو أن العلم موضوعه التصور، و المعنى العام و الكلي، و إذا كان موضوع العلم هو العام فإن الواقعي إنما هو الفرد فقط، فكان المنطق متعلق بالوجود الذهني أكثر من تعلقه بالواقع الذي يمثله الفرد، و عليه وجب على العلم في عرف المناطقة طلب الماهية أي مجموع الصفات الضرورية للكائن، و بالتالي يحل تعريف الشيء القائم على الماهية محل التصنيف في بقية العلوم.
و عليه، فإن المنطق الصوري لا يحافظ على اتصاله بالواقع الذي يمثل الفرد و ينفصل عن العلم التجريبي ليصبح علما نظريا بحث لأنه باهتمامه بالماهية وهي أمر ذهني بقي مرتبطا بميتافيزياء الوجود التي هو أداتها فهو في الحقيقة منهج موضوع من اجل الفلسفة.
ومن هنا نستخلص أن غرض المنطق هو القياس الذي يمثل الأداة الضرورية للفلسفة المشائية و بتعبير أدق المنطق هو علم القياس ذي المقدمتين الضروريتين.
(يُتْبَعُ)
(/)
و الفرق بينه و بين الجدل في عرف المناطقة أن موضوع الجدل هو الظن" ما يكون في غالب الأحيان" فهو لا يؤدي إلى العلم بل إلى الرأي وهو إنما يستعمل للتخلص من التناقض لا للحل المشاكل و إيجاد الإجابات، وهو مرتبط بالنفي و الإثبات دون تقديم السبب الحقيقي الذي هو الماهية عندهم.
ومن هنا يظهر سبب تسمية المتكلمين و المناطقة علم الفقه و العلم الشرعي رأيا أو ظنا ولا يسمونه علما لأنه في عرفهم قائم على مقدمات ظنية بخلاف المنطق الذي يقوم على مقدمات يقينية.
ومعلوم أن هذا الفصل بين القياس الجدلي و القياس المنطقي البرهاني فصل وهمي إذ كما هو الإشكال دائما في المنطق الصوري هو متعلق بشكل القياس و ليس بمادته، إذ ليس كل مقدمة غير خاضعة لقوانين المنطق يجب أن نسميها ظنية بل يجب أن نفحصها فكثير من المقدمات التي يستعملها الناس ضرورية بديهية.
وعليه فتسمية كل قياس لا ينضبط بشروط المنطق الصوري ظنيا مصادرة على المطلوب، فكون الشيء يقينيا أو ظنيا مرتبط بمادة القياس لا بصورة القياس و شكله، وما كان برهانيا من المقدمات كان صالحا للاستعمال في الجدلي و الخطابي بشرط أن يكون مشهورا، لأن الخطاب المقصود به مخاطبة الجمهور، وهم لا يدركون البراهين الخفية، فالخطابيات يراد بها خطاب الجمهور، وهذا إنما يكون بالقضايا المشهورة عند الجمهور، وان كانت ظنية.
فإذا كانت علمية فهو أجود، فليس من شرط الخطابية أن لا تكون علمية.
وأما الجدلي فإنما هو خطاب لناس معينين فإذا سلموا تلك المقدمات حصل مقصود الجدلي وان لم تكن مشهورة.
ومتى كانت القضية مبرهنة وهي مشهورة مسلمة من المخالف صلحت للبرهان والخطابة والجدل،بخلاف القياس الشعري، فانه معمول لتحريك النفس ليس المراد به أن يفيد لا علما ولا ظنا.
ولذلك يسمي الفلاسفة أهل الكلام بأهل الجدل و أنهم ليسوا أصحاب برهان ويجعلون نفوسهم هم أصحاب البرهان، ويجعلون أدلة المتكلمين من المقاييس الجدلية، إذ قد قسموا القياس خمسة أقسام: برهاني وخطابي وجدلي وشعري وسوفسطائي،ولهذا تجد ابن سينا وابن رشد وغيرهما من المتفلسفة يجعل المتكلمين أهل الجدل وان مقدماتهم التي يحتجون بها جدلية ليست برهانية ويجعلون أنفسهم أصحاب البرهان.
ونحن و إن وافقناهم بأن أكثر كلام المتكلمين باطل،لكن المتكلم إذا تكلم بإنصاف وعدل كان كلامه أحسن من كلام الفلاسفة المناطقة، فمن نظر في كلام الفلاسفة في الإلهيات وجد جلها سفسطة و جهل، و المتكلمون يوجد في كلامهم من المقدمات البرهانية اليقينية أكثر مما يوجد في كلام الفلاسفة.
وبعض الفلاسفة يجعل البرهان والجدل والخطابة هي المذكورة في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
فالحكمة هي البرهان و الموعظة الحسنة هي الخطابة و المجادلة هي الجدل،و أن الأنبياء جاؤا بجنس الخطابة لم يقصدوا تعريف الحقائق، ولذلك فخطابهم ظاهره لا يدل على الحق و إنما خيلوا للجمهور حتى يعملوا.
المقصود أن يعرف المسلم السني السلفي أن كل ما يقولونه هو من الجهل والكفرو الضلال إنما يقولونه فرارا من لازم علم المنطق الذي استحوذ على عقولهم بحيث صار طلب ماهيات الأشياء مسيطرا على عقولهم فنفوا لأجله الصفات وزعموا أن كلام الأنبياء ظواهر غير مرادة.
و أما ما جعلوه من القران مطابقا لأنواع القياس عندهم فليس صحيحا بالمرة، نعم لا شك أن ما جاء به الرسول من الحكمة والموعظة الحسنة والجدل يخالف أقوال الفلاسفة المناطقة أعظم مخالفة ومن كل وجه.
فالأقسام الثلاثة المذكورة في القران هي البرهان الصحيح، والخطابة الصحيحة والجدل الصحيح، وان لم تكن هي عين ما ذكره الإغريق، إذ المنطق الصوري لا يتعرض لشيء من مادة العلم،إنما الغرض أن صورة هذه الثلاثة هي جنس هذه الثلاثة.
ومع ذلك نقول:هذا أيضا باطل، فان الخطابة عند المناطقة هي ما كان مقدماته مشهورة سواء كانت علما مجردا أو علما يقينيا، بينما الوعظ في القران هو الأمر والنهي والترغيب والترهيب كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقوله: {مَا يُوعَظُونَ بِهِ} أي ما يؤمرون به وقال: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي ينهاكم عن ذلك.
وأيضا فالقرآن ليس فيه أنه قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ}
لأن الإنسان له ثلاثة أحوال: إما أن يعرف الحق ويعمل به، وأما أن يعرفه ولا يعمل به، وأما أن يجحده، فأفضلها أن يعرف الحق ويعمل به.
والثاني: أن يعرفه لكن نفسه تخافه فلا توافقه على العمل به.
والثالث: من لا يعرفه بل يعارضه، فصاحب الحال الأول هو الذي يدعى بالحكمة فأن الحكمة هي اللم بالحق والعمل به، فالنوع الأكمل من الناس من يعرف الحق ويعمل به فيدعون بالحكمة.
والثاني: من يعرف الحق لكن تخالفه نفسه فهذا يوعظ الموعظة الحسنة فهاتان هما الطريقان الحكمة والموعظة، وعامة الناس يحتاجون إلى هذا وهذا، فأن النفس لها أهواء تدعوها إلى خلاف الحق، وان عرفته، فالناس يحتاجون إلى الموعظة الحسنة والى الحكمة فلا بد من الدعوة بهذا وهذا.
وأما الجدل فلا يدعى به، بل هو من باب دفع الصائل، فإذا عارض الحق معارض جودل بالتي هي أحسن، ولهذا قال: وجادلهم، فجعله فعلا مأمورا به مع قوله ادعهم فأمره بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأمره أن يجادل بالتي هي أحسن، وقال في الجدال بالتي هي أحسن، ولم يقل بالحسنة، كما قال في الموعظة،لأن الجدال فيه مدافعة ومغاضبة، فيحتاج أن يكون بالتي هي أحسن حتى يصلح ما فيه من الممانعة والمدافعة، والموعظة لا تدافع كما يدافع المجادل، فما دام الرجل قابلا للحكمة أو الموعظة الحسنة أو لهما جميعا لم يحتج إلى مجادلة فإذا مانع جودل بالتي هي أحسن.
والمجادلة بعلم كما أن الحكمة بعلم، وقد ذم الله من يجادل بغير علم فقال تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} والله لا يأمر المؤمنين أن يجادلوا بمقدمة يسلمها الخصم أن لم تكن علما، فلو قدر أنه قال باطلا لم يأمر الله أن يحتج عليهم بالباطل، لكن هذا قد يفعل لبيان فساد قوله وبيان تناقضه، لا لبيان الدعوة إلى القول الحق، والقرآن مقصوده بيان الحق ودعوة العباد إليه، وليس المقصود ذكر ما تناقضوا فيه من الأقوال"الرد على المنطقيين".
فالمقدمات الجدلية التي ليست علما غنما فائدتها بيان خطأ المخالف مجملا لا إقرار الحق و المؤمن مأمور بٌرار الحق ونفي الباطل.
و المناطقة يجعلون النبوة من باب الخطابة، وتارة يجعلون الخطابة أحد أنواع كلامها فيتناقضون، وسبب ذلك أن القرآن أمر عظيم باهر لم يعرفوا قدره ولا دروا ما فيه من العلم والحكمة، وأرادوا أن يشبهوا به كلام قوم كفار اليهود والنصارى أقل ضلالا منهم في معرفة الله ومعرفة أنبيائه وكتبه وأمره ونهيه ووعده ووعيده ولو شبه مشبه القرآن بالتوراة والإنجيل لظهر خطأه غاية الظهور والجميع كلام الله تعالى، فكيف بكلام هؤلاء الملاحدة؟!
و الخلاصة المقصودة من هذا الباب أن ما تلقوه من القواعد الفاسدة المنطقية من نفى ما لم يعلم نفيه أوجب لهم من الجهل والكفر ما قادهم إلى الزندقة [1] ( http://majles.alukah.net/#_ftn1) و ما صاروا به أسوأ حالا من اليهود والنصارى فإن لم يصلح علم المنطق في الإلهيات و استغني عنه في أصول الفقه بمناهج علمية صحيحة خاصة بهذا العلم ففي أي علم يحتاجه المسلم؟!
وعليه فإن الفروق و الفواصل التي جعلها لانواع الأقيسة هي فروق وفواصل شكلية لا تتعلق بمادة القياس، فكون القضية برهانية معناه عندهم أنها معلومة للمستدل بها، وكونها جدلية معناه كونها مسلمة، وكونها خطابية معناه كونها مشهورة أو مقبولة أو مظنونة، وجميع هذه الفروق و الفواصل هي نسب وإضافات عارضة للقضية، ليس فيها ما هو صفة ملازمة لها، فضلا عن أن تكون ذاتية لها على أصلهم.
فهذه صفات نسبية باعتبار شعور الإنسان بها، ومعلوم أن القضية قد تكون حقا والإنسان لا يشعر بها، فضلا عن أن يظنها أو يعلمها، وكذلك قد تكون خطابية أو جدلية وهى حق في نفسها، بل قد تكون برهانية أيضا كما قد سلموا ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)