ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[09 - Jul-2007, صباحاً 12:34]ـ
يُضاف: فتوى العلاّمة عبد الكريم الخُضَيْر ـ سلَّمهُ اللَّهُ ـ:
سائل يقول ... ما هي الطُّرُق العملِيَّة لِقِيَام الشَّباب لِنجدةِ التَّوحيد الذِّي غُزِيَ من كُلِّ حَدَبٍ وصوب بالفتاوى المُتساهلة بالذَّهابِ إلى السَّحرة والعرَّافين والقنوات الفضائيَّة التِّي تبُثُّ وتُعلِّم النَّاس السِّحر والبدع والشَّعوذة؟؟؟
لاشكَّ أنَّ مثل هذا الشَّر يُصيبُ المُسلم في صَمِيمِ عقيدتِهِ، ويُناقض التَّوحيد مُناقضةً تامَّة، والآن السِّحر دخل قعر بيُوت المُسلمين، بيُوت العَامَّة الذين لا يُفرِّقُون بين الحقِّ والباطل غزاهُم هذا النَّوع - نسأل الله السَّلامة والعافية –
(((((والإطلاع على هذه القنوات مع العِلم مُسْبَقاً أنَّهُ يفتح على هذه القناة هُو مثل إتيان السَّاحر، " من أتى ساحراً أو عرَّافاً لمْ تُقبل لهُ صلاةً أربعين يوماً " يعني مُجرَّد فتح القناة مع عِلْمِهِ بأنَّها قناة سِحر هذا حُكم، مثل كما لو ذهب إلى ساحر؛ لأنَّ الذِّي في هذه القناة ساحر، فإنْ صدَّقَهُ فقد كفر بما أُنْزِلَ على محمد)))))
الأمر خطير جدُّ خطير، يعني يُناقض رأس المال مُناقضة تامَّة، يعني ...
ما يُمكن التَّوفيق بين الكُفر والإسلام، لا يُمكن التَّوفيق بين الشِّرك الأكبر والتَّوحيد،
ولاشكَّ أنَّ مثل هذه الفتاوى التِّي سُهِّل فيها موضُوع الذَّهاب إلى السَّحرة والعرَّافين والكهنة لاشكَّ أنَّها تَجُرُّ إلى مِثل هذا،
فلاشكَّ أنَّ منْ ذهب إلى ساحر لِيَفُكَّ عنهُ السِّحر على حدِّ زَعمِهِ وعلى حدِّ زعم من أفتاهُ أنَّهُ سوف يُصدِّقُهُ لا مَحالة، لا يُمكن أنْ يستفيد من سِحرِهِ وهو لا يُصدِّقُهُ، تناقض، تزعُم أنَّهُ كاذب وتعمل بما يطلُب؟! هذا تناقُض، وإذا صدَّقَهُ كفر بما أُنزِلَ على مُحمد ... فكيف يُقال اذهب إلى ساحر يَفُك عنك السِّحر؟
- نسأل الله السَّلامة والعافية -
وهذا في وقتٍ لا يُوجد فيه مثل هذه القنوات، ومِمَّا يُذكر من هذه القنوات أنَّها تُظهر السَّحرة من رجال ونساء على هيئة عباد صالحين تجد المرأة مُتحجِّبة حجاب لا يُرى منها شيء بالقُفازين وبالحجاب وباللِّباس الفضفاض هذا كُلُّهُ من باب الدَّجل والضحك على النَّاس، وتغرير النَّاس بهؤُلاء، و إلا فهي قنوات شركيَّة لا يجُوزُ قَصْدُها، ولاشك أنَّها إنَّما تأتي بسبب الدُّشُوش التِّي ابتُلي بها كثير من بُيُوت المُسلمين، وفتاوى أهل العلم في تحريمها سواء كانت هذه القنوات إباحيَّة تَعرض المُنكرات أو تعرض الشُّبهات أو تعرض الكُفُر الصَّريح البواح كهذهِ، أفتى أهلُ العلم بتحريم اقتِنائِها، وأنَّ من اقتناها، وأدخلها في بيتِهِ، ومكَّنَ من ولاَّهُ اللهُ عليهم من رُؤيتِها، هذا لاشكَّ أنَّهُ غاشٌّ لرَعِيَّتِهِ، وهذا أقل ما يُقال فيه، أقل ما يُقال فيه أنَّهُ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ - نسأل الله السَّلامة والعافية - والله المُستعان، يعني طُلاب العلم منهم من يستطيع الرَّد على هؤُلاء، يتَّصل عليهم ويرد عليهم يعني لديهِ أهلِيَّة الرَّد، ويَقصد هذه القنوات بنِيَّة الرَّدِّ عليهم، هذا مأجُور ومُجاهد إذا أَمِنَ على نفسِهِ التَّأثُّر، لابُدَّ أنْ يكُون لديهِ من العلم ما يأمن معهُ بإذن الله جلَّ وعلا من التَّأثُّر بهذه القنوات، و إلاَّ فإنَّ الكارثة وإنْ كانت النِّيَّة صالحة فيما لو تأثَّر بشيءٍ من كلام هؤُلاء الفَجَرة الكَفَرَة السَّحَرَة - نسأل الله السَّلامة والعافية - وإذا كُنَّا نُحَذِّر طُلاَّب العلم من بعض الكُتُب التِّي تُؤثِّر في العقائِد مع أنَّ أمرها واضح وبَيِّن لكنْ لا يَقرَؤُها كُل طالب علم فلئِنْ يُحَذِّر من الشِّرك والكُفر البواح في مثل هذه القنوات من باب أولى، ولا يجُوزُ بحال أنْ تُقْصَدَ هذهِ القنوات إلاَّ لِمَنْ مَكَّنَهُ اللهُ جلَّ وعلا من العلم والإيمان الرَّاسِخ في الرَّدِّ على مثل هؤُلاء وبيانِ شُبَهِهِم و دعاوِيهم. أهـ.
ورد السُّؤال في مُحاضرة بعنوان (مسائل وإشكالات عند الشَّباب) للشيخ د. عبد الكريم الخضير حفظهُ الله ورعاه.
منقول.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[25 - Jan-2008, مساء 09:40]ـ
حكم مشاهدة قنوات السحر للتسلية
سُئل شيخُنا العلّامة صالِح بن فوزان الفَوْزان:
هل مشاهدة القنوات الفضائية التي يقوم عليها سحرة ويروجون له هل من يشاهدها فقط للتسلية يدخل في الوعيد لمن أتى كاهناً أو ساحراً؟
فأجاب ـ رَعاه اللَّهُ تعالى ـ:
نعم الذي يشاهدها ولا ينكرها وإنما للتسلية يدخل في الإثم ويكون شريكاً لهم في الإثم ويكون في حكم من ذهب إليهم وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) وقال عليه الصلاة والسالم: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم رواه أصحاب السنن وقال عليه الصلاة والسلام: (من أتى كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) رواه مسلم، فهذا في حكم من أتى إليهم إذا فتح المذياع أو الآلة التي معه أو الانترنت أو التلفاز على هذه المحطات ليتفرج ولا ينكر فإنه يكون شريكاً لهم في الإثم هو الذي جاء بهم وفتح المجال لهم عليه وعلى أولاده فيكون كمن ذهب إليهم وكذلك الله جل وعلا قال في القرآن: ? وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ? قال سبحانه وتعالى: ? وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ? فأنت مثل الجالس معهم أنت مثل الجالس لا فرق بينك وبين الجالس معهم تشاهد كل شيء وترى كل شيء بل قد يكون عندك أوضح من الجالس معهم فهذا خطر عظيم يجب على المسلم أن يبتعد عنه ويبعد عنه أولاده وذريته وأهل بيته وينصح أخوانه المسلمين بالابتعاد عن ذلك.(/)
أول من قال: (لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخماً).
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 - Jan-2007, مساء 01:50]ـ
الإخوة الأكارم /
اشتهرت، وانتشرت عبارة:
(لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخماً، ولو كانوا من الدواب لكانوا حمراً)
منسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
فبحثت بحثا قصيرا قاصرا فوجدتها مروية، وثابتة عن الإمام عامر بن شراحيل الشعبي رحمه الله، وهو أول من قالها - فيما يبدو -.
ووجدت أن شيخ الإسلام رحمه الله قد أشار إليها في منهاج السنة النبوية، ونسبها إلى الإمام الشعبي رحمه الله فقال في ج1/ 28:
(هذا الكلام بعضه ثابت عن الشعبي كقوله: لو كانت الشيعة من البهائم لكانوا حمرا، ولو كانوا من الطير لكانوا رخما، فإن هذا ثابت عنه).
وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى ج4/ 472:
(فهم كما قال فيهم الشعبي - وكان أعلم الناس بهم - لو كانوا من البهائم لكانوا حمرا، ولو كانوا من الطير لكانوا رخما).
وفي كتاب السنة للإمام عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمهم الله قال ج 2/ 548:
(حدثني محمد بن يحيى بن أبي سمينة نا ابن أبي زائدة عن إسماعيل يعني ابن أبي خالد وأبوه يعني زكريا ابن أبي زائدة ومالك بن مغول عن الشعبي: (لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخما ولو كانت من البهائم لكانت حمرا). إسناده حسن.
وذكر ذلك الإمام الخلال رحمه الله في السنة 1/ 497 عن الإمام الشعبي رحمه الله، فقال بعد أن ساق إسناده:
(قال الشعبي: يا مالك لو أردت أن أطأ رقابهم عبيدا، ويملؤوا بيتي ذهبا على أن أكذب لهم على عليّ، ولكن والله لا أكذب عليه أبدا، يا مالك إني درست الأهواء فلم أر قوما هم أحمق من الخشبية، لو كانوا من الدواب كانوا حمرا، ولو كانوا من الطير كانوا رخما).
وفي أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للألكائي رحمه الله ج6/ 393، وبعد أن ساق إسناده:
(قال: قال الشعبي: يا مالك، لو أردت أن يعطوني رقابهم عبيدا أو أن يملؤوا بيتي ذهبا على أن أكذب لهم على علي لفعلوا، ولكن والله لا كذبت عليه أبدا، يا مالك، إنني قد درست الأهواء كلها، فلم أر قوما هم أحمق من الخشبية، لو كانوا من الدواب لكانوا حمرا، ولو كانوا من الطير لكانوا رخما).
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - Jan-2007, مساء 02:49]ـ
فائدة في معنى (رخما):
الرخمة: طائر أبقع على شكل النسر خلقة، إلا أنه مبقع بسواد وبياض، يقال له: الأنوق. والجمع: رخَم ورخم، وهو موصوف بالغدر والموق، وقيل: بالقذر، ومنه قولهم: رخم السقاء إذا أنتن. يراجع: لسان العرب (12/ 235) مادة (رخم).
مستفاد من الموسوعة الشاملة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - Jan-2007, مساء 08:59]ـ
وقال الإمام اللالكائي رحمه الله تعالى في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (5/ 487):
1950 - أنا عبد الرحمن بن أحمد، قال: أنا محمد بن جعفر، قال: نا علي بن حرب، قال: نا أبو معاوية، قال: نا مالك بن مغول، عن الشعبي، قال: لو شئت أن يملأوا هذا البيت ذهبا وفضة على أن أكذب لهم على علي لفعلوا، وكان يقول: لو كانت الشيعة من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من الدواب لكانوا حمرا)(/)
الرد على محمد المحمود في مقاله [المستقبل يصنعه الإنسان]
ـ[صالح السويح]ــــــــ[23 - Jan-2007, مساء 03:25]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، لقد اطلعت على مقال كتبه الكاتب في جريدة الرياض محمد بن علي المحمود في يوم الخميس 15 ذي الحجة 1427هـ - 4 يناير 2007م - العدد 14073 وكان عنوانه: [الإرادة الإنسانية ... المستقبل يصنعه الإنسان]. ولي معه وقفتان، سائلاً الله تعالى أن يوفقني للسداد فأقول مستعيناً بالله:
.الوقفة الأولى: (مع العنوان!)
عنوان المقال مجمل، لأن الكاتب هداه الله لم يحدد ماهية هذا المستقبل الذي يصنعه الإنسان،فما هذا المستقبل المعني؟ وما هي الصنعة؟ فإن كان يريد المستقبل الدنيوي، ويعني بالصنعة كل ما تعنيه من تطور، وتقنية واختراعات، فهذا لا يحتاج لمقال، إذ لا يتصور أن يأتي كائن من كوكب آخر ليصنع للإنسان مستقبله!.
أما إن كان يريد بالمستقبل، ما ستؤل إليه البشرية جمعاء، بعد الموت، من البعث والنشور، فهذا حق، فأنت تصنع مستقبلك، تصنعه بما تعمله في دار العمل، ودار الحرث هذه الحياة الدنيا، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. {فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}.
أما إن كان يريدي بالمستقبل؛ المستقبل الدنيوي، إذ لا يمكن أن يصنع الإنسان مستقبله الدنيوي إلا
(بالحرية المطلقة) وهي ما أسماها بـ (الانعتاق) والتحرر من الخلفيات (العقدية) التي تقيد الإنسان، وتحد من إرادته – كما فعل الأوربيون حينما انقلبوا على الكنيسة - فقد خاب ظن الكاتب، فإنه لا خير في هذه الصناعة التي تريدها بعيدة عن الوحي، وإن الإنسان لا يجوز له أن يصنع منهجه وسلوكه وعقيدته ويحكم إرادته إلا بما شرعه الله وسوى ذلك فكسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.
فكل ذلك مسطور في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم، مقرراً الدين الذي أوجب على جميع الثقلين الأخذ به والتدين به، وجعل مصير من أعرض عنه الخسارة والهلاك فقال: {إن الدين عند الله الإسلام}. وقال سبحانه: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}. وقال تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} وقال تعالى محدداً المنهج الذي ينبغي على كل الثقلين الإنس والجن انتهاجه وسلوكه: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} وأوضح الله هذا السبيل والطريق والواجب سلوكه فقال: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين} وأفسر الله تعالى عن أولئك المنعم عليهم فقال: {ومن يطع الله ورسوله، فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم: من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً}.
فأوجب الله تعالى على الثقلين طاعته، والسير على منهجه، و التمسك بدينه دين الإسلام، وجعل مآل من أعرض عن دين الإسلام عقيدة وسلوكاً ومعاملةً؛ الخسارة.
فلم يخير الله تعالى الإنسان في أن يسلك ما يريد من الطرق والأديان والمناهج بل اثبت ضد ذلك حيث أثبت أن الحق لو اتبع أهواءهم لفسدت السماوات والأرض فقال جل وعلا: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} وقال: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسد السماوات والأرض}.
فالمستقبل لا يصنعه الإنسان بالسلوك والنهج والطريق المخالف لمراد الله بل بما شرعه الله، ولا خيرة له بذلك، بل هو وحي يوحى، يجب عليه أن يسلك الطريق الذي أوضحه الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الشريعة كاملة غير قابلة للاختراع والزيادة أو النقص، كما قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إنك إذا سرت على هذا الطريق والنهج والعقيدة التي أرادها الله لخلقه، حينها تعرف مدى الحرية التي في دين الإسلام ومدى السعة التي فيه، ففي دين الإسلام قطعيات وثوابت ونصوص لا مجال للاجتهاد معها، وفيه ما هو محل اجتهاد المجتهد المحصل شرط الاجتهاد.
فللأسف كعادة الكاتب فهو يستخدم الألفاظ المجملة والتي قد لا يعرف القارئ مراد الكاتب منها، إلا أننا والحمد لله من خلال متابعتنا لكتابات هذا الكاتب فإننا نجد لمجمل كلامه محكماً نحمله عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الوقفة الثانية: (الإرادة – الانعتاق- التحرر)
كرر الكاتب المحمود هداه الله هذه المفردات، و يتضح المراد من هذه المفردات لمن كرر قراءة المقال، وربط جمله بعضها ببعض، مع معرفته بكتابات هذا الكاتب. وباختصار: فإن الكاتب هداه الله، يقصد بهاتين المفردتين، أن الفرد لا يمكن أن يصنع عالماً، أو يغير في العالم، حتى تكون له إرادة، ولا يمكن أن نعتبر هذه الإرادة إرادة ذات اعتبار حقيقي حتى تنعتق، من أسر (الحتميات) فما الحتميات التي يريد المحمود للفرد أن ينعتق منها؟!
إنها كل ما يعيق حرية الفكر، واتخاذ القرار، من خلفيات (عقدية)، أو معرفية مكتسبة من خلال التجربة والبرهان، أو تاريخية وهذا يتضح أيما اتضاح من خلال المقتبسات التالية، يقول هداه الله:
1 - " لم يتغير الواقع الإنساني الذي كان في يوم من الأيام مستقبلا في الوعي إلا عندما تحركت الإرادة الإنسانية؛ بوصفها فاعلا حاسما في التاريخ، [أي في الصيرورة التي لا تخضع لتصورات الحتمية]؛ كما هي في الفلسفة واللاهوت. إنه [انعتاق شعوري؛ حرر الواقع الإنساني]؛ بصرف النظر عن (نسبية) هذا الانعتاق في الواقع (أو في الحقيقة!)، وإنما لمجرد كونه نوعا من التصور الذي يجعل [الأولوية للإرادة الإنسانية]، ومن ثم للفعل الإنساني في [تحديد المصير]."ا. هـ
فهو هنا يشير إلى أن الواقع الإنساني لم يتغير إلا عندما تحركت الإرادة الإنسانية وهي بعيدة عن الحتميات، بمعنى عندما اتصفت بالحرية المطلقة.
ويتبين هذا من خلال ما وضعت عليه المعقوفتين، كما يتبين من خلال ما يلي:
2 - "من الذي يحدد مصير الإنسان: فردا وجماعة؟. هل هو الوعي الإنساني [المتحرر من الحتميات] الداخلية (البيولوجية ... إلخ) والحتميات الخارجية (مجموعة الأسباب الطبيعية والحتمية التاريخية)، أم هو شيء خارج الإنسان؟، أم ليس هو هذا ولا ذاك "ا. هـ
فهنا كرر الكاتب لفظة التحرر من الحتميات لكنه فصل وبين ماهية هذه الحتميات، فبين أنها:
*- إما أن تكون حتميات ناتجة عن سبب داخلي وهي النتيجة الحتمية الناتجة عن تفاعل نفسي داخلي وهي التي سماها (بيلوجية).
*-وإما أن تكون نتيجة حتمية ناتجة عن سبب خارجي، إما طبيعي، كالتجارب والمعارف المكتسبة، أو تاريخية، ويدخل في هذا الإرث الديني كالعقائد التي تحدد مجال العقل، وتبين الحدود التي لا يجوز له أن يتجاوزها.
3 - " تحرير الإنسان من أسر الطبيعة، ومن أسر التاريخ، ومن أسر الإنسان. "ا. هـ
4 - " لا أريد أن أتحيز إلى تهميش الحتميات؛ بقدر ما أريد التأكيد على [قدرة الإرادة الإنسانية على تجاوزها، والتحرر منها]؛ مع الإقرار بنسبية هذا التحرر. بل إن حضورها الطاغي أحيانا هو ما [يبعث روح التحدي إزاءها، ويجعل من التحرر منها تحقيقا لتحرر الإرادة الإنسانية مما سوى الإنساني]. "ا. هـ
قلت: تأمل ما يعنيه الكاتب المحمود، في قوله الإرادة الإنسانية، و قوله الإنعتاق ويتبين ذلك اكثر إذا تأملت المقتبس التالي، قال:
5 - " إن الإرادة التي لا تمتلك [أولوية الفعل]، ليست إرادة، وإنما هي شبح إرادة، يراد منها تثبيت الحتميات في صلب الوعي الإنساني. ولا شك أن هذا نفي حاد للإنسان؛ إلى درجة وضعه خارج الإدراك في الحقيقة، فضلا عن وضعه خارج الفعل الحر. فهذا ليس مجرد قضاء على إمكانية التجاوز عنده، بل هو نقل له من عالم الإنسان إلى عالم الأشياء. "ا. هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: فهل يقصد المحمود أن الإرادة لابد أن تمتلك الفعل الأولي دون تقيد أو رجوع لحتميات وهي الخلفيات المسبقة لهذه الإرادة سواءً كانت داخلية أم خارجية، ومنها الحتميات الشرعية كالأصول والثوابت الشرعية القطعية. برأيي أن هذا ما يريده، وبئس ما خطت أنامله، ويتبين هذا من خلال المثال الذي ضربه لنا، ممثلاً على من يمثل قمة الوعي الإنساني فقال:
6 - " لقد تغير العالم؛ يوم تغير الإنسان. ولم يتغير الإنسان يوم تغير العالم؛ إلا وهو يعي أن الأولوية له على ما هو خارجه. وطبعا، [لا أقصد هنا أي إنسان، وإنما الإنسان الذي يمثل مقدمة الوعي الإنساني (الإنسان الغربي هنا)]، ومثال الإرادة الحرة الواعية بذاتها. فهذا الإنسان هو الأقل خضوعا للحتميات، والأشد تحررا من أسرها "ا. هـ
فأي مثال ضربه لنا هذا الكاتب، لقد ضرب لنا مثالاً بمن أخبر الله عنهم بقوله سبحانه: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً صم بكم عمي فهم لا يعقلون}. وقال عنهم: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}. وقال عنهم: {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون} وقال عنهم: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد}، فأي قوم هم أولئك الذين يمثلون قمة الوعي الإنساني، حيث أنهم أقل خضوعاً للحتميات؟! فهل يريد بنا الكاتب هداه الله ان ننحى منحاهم، ونسير على نهجهم، وذلك بالانقلاب على الشريعة كما انقلوبوا هم على الكنيسة، فتخلصوا من الأسر التاريخي والثقافي والحتمي؟!
إن الظلم كل الظلم مقارنة شريعة الرحمن بكنيسة الشيطان، ودينهم المحرف الذي لعب به رهبانهم لما اعرضوا عما يوعظون به! فحتمياتهم محرفة جائرة ظالمة، بخلاف حتمياتنا الشرعية وثوابتنا الربانية، وقواطعنا السماوية ففيها اليسر والرحمة {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
ثم إن قوله في هذا المقتبس الأخير: " لقد تغير العالم؛ يوم تغير الإنسان " فهذا حق، ولقد سبقك بها أيها الكاتب، ربنا جل وعلا، حيث يقول: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}، لكن الباطل ما أتبعه هذه المقدمة، وذلك بقوله: " وطبعا، [لا أقصد هنا أي إنسان، وإنما الإنسان الذي يمثل مقدمة الوعي الإنساني (الإنسان الغربي هنا)]،" ألا ليت شعري هل نسي هذا الكاتب أعظم إنسان عرفته البشرية؟! وهل نسي هذا الكاتب أعظم جيل عرفه التاريخ؟! أولم يتغير العالم لما جاء ذلك الجيل؟! ولم، وبم تغير ذلك الجيل؟! وكيف غير العالم حوله؟! وكيف كان العالم قبل مجيء ذلك الإنسان العظيم – صلى الله عليه وسلم؟!
لا أخال هذا الكاتب جاهلاً لهذه الحقائق، وإنما أخاله مدلساً ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً. وكفى بنا أن ننقل مقتبساً له يتهم فيه الجيل المحمدي بظلم المرأة فيقول: " ما نحتاجه، ليس السماح بهذا الأمر أو ذاك - على أهميته - من شؤوننا اليومية الضرورية، وإنما مراجعة حقوقية شاملة، تطال التراث الذي نعي أوضاعنا الحقوقية للمرأة من خلاله. التفاصيل التي تحدد حقوق المرأة لدينا تفاصيل استنبطت من قبل رجال ينتمون لغير زماننا، وكانوا يعانون من إشكال لم يعد إشكالاً لنا، [وكان السقف الحقوقي للمرأة في العالم آنذاك سقفاً متواضعاً]. "ا. هـ مقال بعنوان: المرأة: مسيرة العقوق والحقوق
إن هذا الكاتب لديه مشكلة مع ذلك الجيل الرباني، وإلا فإلى أي طريق يريد أن يسير محمد المحمود بنا؟!
وهنا يؤكد الكاتب هذا الذي قررنا في تبيين مراده من لفظة (الحتميات) ويؤكد ما قررناه من دعواه للحرية المطلقة فيقول:
7 - "اعتبار الطبيعة - الكون، والإنسان من ورائه مكتملا وخاضعا [لجبرية حتمية]، يعني إلغاء إرادة الإنسان، من حيث إنه سابق على الوجود الإنساني، ومتحكم فيه. وبهذا يكون [سجين الماضي الطبيعي - الكوني، أو الماضي التاريخي]. ولا يملك التحرر من هذا؛ إلا من يؤمن بأولوية ذاته ووعيه، على كل (شيء). حينئذ؛ لن يصنع مستقبل الإنسان إلا الإنسان "ا. هـ
خلاصة الوقفة: أن الكاتب هداه الله يدعوا للحرية المطلقة، المتحررة من القيود المسبقة التي تقيد إرادة العقل وتحد من انطلاقه! وكفى بهذه الدعوى رداً لها والطفل يعرف بطلانها، إلا أن فيما سبق من الآيات والإشارات في الوقفة الأولى ما قد يفيد في رد هذه الدعوى.
وإن هذا الاعتقاد لكفر بالله تعالى، وردّة عن دين الإسلام – ولا يعني ذلك أنني أكفر المحمود لا والله حتى تقوم فيه موجبات التكفير وتنتفي منه الموانع – لأن هذا معناه حرية الرأي في كل شيء في الله سبحانه، وفي الأنبياء، و في الصحابة، وفي الشريعة، و في الاعتقاد.
وإن من اعتقد أن أحداً يسعه الخروج عن دين الإسلام، أو أن اعتناقه لدين النصارى أو اليهود أو غيرهم كاعتناقه لدين الإسلام عند الله، أو جوز مذاهب الكفر، أو حسن دينهم فقد كفر بالله العظيم – بشروط التكفير - والأدلة كما سبق في الوقفة الأولى.
ختاما: هذا ما وسعني بذلة دفعاً لصولة هذا الكاتب على شريعة الله، وحماية للعقول من تدليسه، وخلطه، وبالله التوفيق وعليه التكلان، وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله قد قلت ما قلت، فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمن نفسي والشيطان والحمد لله رب العالمين.
صالح السويح
15/ 12/1427هـ
رابط المقال في جريدة الرياض:
http://www.alriyadh.com/2007/01/04/article213847.html
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم المديهش]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 11:22]ـ
شكر الله لك ياشيخ صالح على هذا الرد القيم.
والمؤلف ومعه عدد يسير ممن هو على شاكلته، مغرمون بالفلسفة العقلية، داعين إلى التحرر من تقييدات النص؟!!
لو سألت أحدهم عن شي يسير عن المحمود المصطفى صلى الله عليه وسلم،لحك لحييه وامتخط، ونظر إليك شزرا
وهو يردد دوما كتب الأعاجم، وينقل منها ... وقد دخل معهم بعض المنتسبين إلى العلم سابقاً .....
وقول الله أعلى ((قل كلٌ يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا))
ـ[صالح السويح]ــــــــ[22 - Dec-2007, مساء 09:18]ـ
حياك الله
ـ[زين العابدين الأثري]ــــــــ[23 - Dec-2007, صباحاً 07:28]ـ
بارك الله فيك ونفع الله بك
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[24 - Dec-2007, مساء 01:16]ـ
المحمود وابا الخيل ومن سار على نهجهم يصدق فيهم قول الله تعالى: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) ولذا هم يسيرون خلف من شغلتهم الدنيا حتى صارت أكبر همهم ومبلغ علمهم من الغربيين الكفرة، وذلك ما اخبرنا به المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة)
لكن السؤال الذي يفرض نفسه على هؤلاء المنبهرين بالحضارة الغربية الزائفة: ما دور الحتميات التي تدعون للانعتاق منها في التخلف عن حضارة أولئك؟
شكر الله لك شيخنا ما تفضلت به من الرد على المحمود هداه الله وكفى المسلمين شره.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[25 - Dec-2007, مساء 10:36]ـ
حياكم الله واسأل الله الهداية للجميع
ـ[صالح السويح]ــــــــ[18 - May-2008, صباحاً 01:40]ـ
اللهم اهدِ ضال المسلمين(/)
قواعد في العلم و العمل لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
ـ[أبو سلمان السلفي]ــــــــ[24 - Jan-2007, مساء 06:46]ـ
هذه قواعد في العلم و العمل قررها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى في رسالة معارج الوصول (19/ 169 - 173).
الْخَيْرُ وَالسَّعَادَةُ وَالْكَمَالُ وَالصَّلَاحُ مُنْحَصِرٌ فِي نَوْعَيْنِ:
فِي الْعِلْمِ النَّافِعِ
وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا بِأَفْضَلَ ذَلِكَ وَهُوَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ كَمَا قَالَ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}؟
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}. فَذَكَرَ النَّوْعَيْنِ
قَالَ الْوَالِبِيَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أُولُوا الْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ وَالسَّدِيَّ وقتادة وَأَبِي سِنَانٍ وَمُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ نَحْوُ ذَلِكَ.
و الْأَبْصَارُ قَالَ: الْأَبْصَارُ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأَبْصَارُ الصَّوَابُ فِي الْحُكْمِ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْبَصِيرَةُ بِدِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ.
وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} قَالَ: أُولُوا الْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ بِأَمْرِ اللَّهِ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَرُوِيَ عَنْ قتادة قَالَ: أُعْطُوا قُوَّةً فِي الْعِبَادَةِ وَبَصَرًا فِي الدِّينِ.
وَجَمِيعُ حُكَمَاءِ الْأُمَمِ يُفَضِّلُونَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِثْلُ حُكَمَاءِ الْيُونَانِ وَالْهِنْدِ وَالْعَرَبِ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: (الْحِكْمَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ)
فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ: هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهُوَ الدِّينُ دِينُ الْإِسْلَامِ.
وَالْعِلْمُ وَالْهُدَى: هُوَ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَالْعِلْمُ النَّافِعُ: هُوَ الْإِيمَانُ.
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ: هُوَ الْإِسْلَامُ.
الْعِلْمُ النَّافِعُ: مِنْ عِلْمِ اللَّهِ.
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ: هُوَ الْعَمَلُ بِأَمْرِ اللَّهِ.
هَذَا تَصْدِيقُ الرَّسُولِ فِيمَا أَخْبَر.
وَهَذَا طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ.
وَضِدَّ الْأَوَّلِ: أَنْ يَقُولَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمْ.وَضِدَّ الثَّانِي: أَنْ يُشْرِكَ بِاَللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا.
وَالْأَوَّلُ أَشْرَفُ فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}
وَجَمِيعُ الطَّوَائِفِ تُفَضِّلُ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ لَكِنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ هُوَ أَفْضَلُ مَا فِيهِمَا كَمَا قَالَ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ تَارَةً (سُورَةَ الْإِخْلَاصِ) و (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)
فَفِي (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ): عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ.
وَفِي (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ): صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنْ يُقَالَ فِيهِ وَيُخْبَرَ عَنْهُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ الْإِيمَانُ.
هَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ الْقَوْلِيُّ.
وَذَلِكَ هُوَ التَّوْحِيدُ الْعَمَلِيُّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَكَانَ تَارَةً يَقْرَأُ فِيهِمَا فِي الْأُولَى بِقَوْلِهِ فِي الْبَقَرَةِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.
وَفِي الثَّانِيَةِ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} إلَى قَوْلِهِ {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
قَالَ: خَلَّتَانِ يُسْأَلُ عَنْهُمَا كُلُّ أَحَدٍ: مَاذَا كُنْت تَعْبُدُ؟ وَمَاذَا أَجَبْت الْمُرْسَلِينَ؟
فَالْأُولَى: تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
وَالثَّانِيَةُ: تَحْقِيقُ الشَّهَادَةِ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
وَالصُّوفِيَّةُ بَنُو أَمْرَهُمْ عَلَى الْإِرَادَةِ.
وَلَا بُدَّ مِنْهَا لَكِنْ بِشَرْطِ: أَنْ تَكُونَ إرَادَةُ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ بِمَا أَمَرَ.
والمتكلمون بَنَوْا أَمْرَهُمْ عَلَى النَّظَرِ الْمُقْتَضِي لِلْعِلْمِ.
وَلَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ بِشَرْطِ: أَنْ يَكُونَ عِلْمًا بِمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّظَرُ فِي الْأَدِلَّةِ الَّتِي دَلَّ بِهَا الرَّسُولُ وَهِيَ آيَاتُ اللَّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَهَذَا.
وَمَنْ طَلَبَ عِلْمًا بِلَا إرَادَةٍ أَوْ إرَادَةً بِلَا عِلْمٍ فَهُوَ ضَالٌّ.
وَمَنْ طَلَبَ هَذَا وَهَذَا بِدُونِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ فِيهِمَا فَهُوَ ضَالّ.
بَلْ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: الدِّينُ وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ.
وَأَهْلُ الْفِقْهِ فِي الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ.
وَأَهْلُ التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ يَتَكَلَّمُونَ فِي قَصْدِ الْإِنْسَانِ وَإِرَادَتِهِ.
وَأَهْلُ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ وَأَهْلُ الْعَقَائِدِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِرَادَةِ.
وَيَقُولُونَ: الْعِبَادَةُ: لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَصْدِ وَالْقَصْدُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ الْمَعْبُودِ وَهَذَا صَحِيحٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَمَا يُعْبَدُ بِهِ فَالضَّالُّونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالنَّصَارَى وَأَشْبَاهِهِمْ لَهُمْ عِبَادَاتٌ وزهادات لَكِنْ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ.
وَإِنَّمَا الْقَصْدُ وَالْإِرَادَةُ النَّافِعَةُ: هُوَ إرَادَةُ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَهُوَ إنَّمَا يُعْبَدُ بِمَا شَرَعَ لَا بِالْبِدَعِ.
وَعَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ يَدُورُ دِينُ الْإِسْلَامِ: عَلَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَأَنْ يَعْبُدَ بِمَا شَرَعَ وَلَا يَعْبُدَ بِالْبِدَعِ.(/)
التحزب على الباطل أثره في توهين الصف الإسلامي.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[25 - Jan-2007, مساء 09:22]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحزبية
قال الفراهيدي في العين: " حَزب الأمر يحزب حزبا إذا نابك، وتحزب القوم: تجمعوا، وحزّبت أحزاباً جمعتهم، والحِزْب: أصحاب الرجل على رأيه وأمره، وكل طائفة تكون أهواءهم واحدة، فهم حزب."أ. هـ
والأصل في الحزبية كينونتها ووقوعها، فالناس حزبان في الدنيا والآخرة، حزب الله وحزب الشيطان. والناس لابد لهم من الافتراق في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} [9 التغابن]، وقوله تعالى: {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله،أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون} [19الحشر]، وقوله: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ... } إلى قوله {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [22 الحشر]، وهم في الآخرة حزبان، حزب أهل الجنة، وحزب أهل النار. كما قال تعالى: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً*ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} [85 - 86 مريم]. وقوله: {ويوم تقوم الساعة يومئذٍ يتفرقون} [14 الروم].
وقوله تعالى: {فريق في الجنة وفريق في السعير} [7 الشورى].
هذا من حيث الأصل، فهما حزبان، حزب أهل الحق، وهم أهل الإيمان، وحزب أهل الباطل وهم أهل الكفر والنفاق. أما حزب الله تعالى وهم أهل الإيمان، فقد أمرهم الله تعالى بإقامة شرعه وهو توحيده، وإقامة أمره، واجتناب نهيه. كما أمرهم بعدم التفرق في هذا الأمر فأمرهم بأمرين:
الأول: توحيد الكلمة.
الثاني: توحيد الصف.
فتوحيد الكلمة: بأن يشهدوا شهادة حق بأن لا إله إلا الله، ويعملوا بمقتضاها، ويحققوا شروطها وأركانها ويوالوا فيها ويعادوا فيها.
وتوحيد الصف: وذلك بالحفاظ على ترابط المجتمع الإسلامي واجتماعه على الحق، والثاني وهو توحيد الصف إنما يتحقق بتحقيق الأمر الأول، وهو إقامة شرع الله على الوجه الذي شرعه الله.
قال الله تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (أن أقيموا الدين) (ولا تتفرقوا فيه) ... } [13 الشورى]. ومع أمر الله تعالى حزب الإيمان بالاجتماع والائتلاف، ونبذ الفرقة والاختلاف، فقد دلهم على طريق عظيم، وعلاج عميم، عند الاختلاف والتنازع، وهو الرجوع للكتاب والسنة، كما قال تعالى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} [10 الشورى] قال ابن كثير: " أي هو الحاكم فيه بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " ا. هـ وجعل الله تعالى العلامة الفارقة بين أولياءه وأعداءه هو الرجوع للكتاب والسنة، كما قال الله تعالى: {يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون * الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين* ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون} [68 - 70 الزخرف].قال العلامة السعدي رحمه الله: " وصفهم الله بالإيمان بآيات الله، وذلك ليشمل التصديق بها، وبما لا يتم التصديق إلا به، من العلم بمعناها والعمل بمقتضاها وكانوا مسلمين لله منقادين له، في جميع أحوالهم؛ فجمعوا بين الاتصاف بعمل الظاهر والباطن " ا. هـ
فإذا عُلم ذلك؛ وعلم الواجب علينا حال الاختلاف وهو الرجوع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،بفهم سلف هذه الأمة للوحيين؛ فليعلم أن كل من أعرض عن الكتاب والسنة، وتحكيمهما في واقع الحياة وما ينشأ من خلاف، مع قدرته، أو أنه عرف الحق فلم ينقد له، وأصر على دعواه، فإنه قد تحزب على الباطل، وهكذا كل من اعتنق عقيدة، أو فكراً، أو منهجاً، أو رأياً، أو تحزب مع جماعة من الجماعات ولم يرجع للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ويستسلم لهما حق الاستسلام في تصحيح مساره، وتقويم اعوجاجه، فإنه قد تحزب تحزبا مذموماً، وكان سبباً لشق صف المسلمين. إذ أن من أعظم أركان القوة التي أمر الله بإعدادها هو الاجتماع على الحق، والتعاون فيه، والتراحم، وبذل الغالي والنفيس في سبيله، سعياً لرفع شأن الأمة واستعادةً لهيبتها.اجتماعاً دعامته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأعظم المعروف التوحيد والسنة، وأعظم المنكر الشرك والبدعة. والأمة عانت منذ نشأة البدع – وأولها بدعة الخروج
(يُتْبَعُ)
(/)
والقَدَر- من التحزب والتفرق، وهذا هو الذي أقض مضجعها، وأوهن قواها. وهذا والله عقوبة من الله على ما كسبت الأيدي وجنت النفوس. فسلط الله بعض الأمة على بعض، كما سلط عليها الكفار بشتى مللهم ونحلهم. والواقع شاهد على هذا. وهذا كما قال الله تعالى: {وكذالك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون}. وجاء في حديث ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ... فقال الله؛ يا محمد: إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد. أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها؛ حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضا.) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، باب: هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض.
قال العلامة ابن قاسم رحمه الله، في كتاب حاشية كتاب التوحيد (ص180 - 181): " [حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضا]: أي إذا فعل بعضهم ببعض هكذا سلط الله عليهم العدو حينئذ، وما داموا مجتمعين على الحق فلا يُسلط عليهم، ولكن عند فرقتهم يسلط عليهم عقوبة لهم ... " وقال رحمه الله " ... فإن الله لا يسلط الكفار على معظم المسلمين وجماعتهم وإمامهم ما داموا بضد هذه الأوصاف المذكورة، وأما إذا وجدت هذه الأوصاف المذكورة فقد يسلط الله الكفار على جماعتهم ومعظمهم كما وقع؛ فقد سلط الله بعضهم على بعض لكثرة اختلافهم وتفرقهم " ا. هـ
إذا! لا علاج للأمة من هذا التفرق والتمزق وتسلط الكفار عليها إلا بعودة صادقة لكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وتحكيمه في الخلاف، وعدم الحرج بذلك، والتسليم التام له. والولاء و البراء فيه، لا للأهواء، والحزبيات، والعنصريات، والعصبيات للأشخاص، والجماعات. بل دوراناً مع الحق حيث دار، حباً في الله، وبغضاً فيه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " من أحب في الله وأبغض في الله و والى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك ولن ينال عبد طعم الإيمان ولو كثرة صلاته وصومه حتى يكون كذلك وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا و ذلك لا يجدي على أهله شيئاً " ا. هـ ساقه الإمام محمد بن عبدالوهاب في كتاب التوحيد وقال رواه ابن جرير. قال العلامة ابن قاسم رحمه الله في حاشيته على كتاب التوحيد [ص241]: " من أحب الله أحب فيه، ووالى أولياءه، وعادى أهل معصيته وابغضهم،وكلما قويت محبة العبد لله في قلبه، قويت هذه الأعمال المترتبة عليها وبكمالها يكمل توحيد العبد، وبضعفها يضعف. وهذه المراتب الأربع هي ثمرة الإيمان ودعائم الملة "ا. هـ وقال رحمه الله [ص242]: " أي إذا ضعف داعي الإيمان أحب دنياه، وأحب لها، وآخى لأجلها، وهذا هو الغالب على أكثر الخلق، فإنك لا تجد غالبهم إلا وهو يقدم محبة دنياه، ويؤثر ما يهواه، على ما يحبه الله ورسوله، وإذا كانت البلوى قد عمت بهذا في زمن ابن عباس خير القرون، فما زاد الأمر بعد ذلك إلا شدّة، حتى وقعت الموالاة على الشرك والبدع والفسوق والعصيان، ووقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من غربة الإسلام، وأنه سيعود غريباً كما بدأ " ا. هـ
أختم كلامي:
بنصيحتي للجميع بتقوى الله، ومراقبته بالسر والعلن، فكلنا موقوفون أمام الله سبحانه وتعالى، وسائلنا عما علمنا، ما عملنا به؟ و حاكم بيننا بعدله فيما اختلفنا فيه فليتق الله كل مسلم.
صالح السويح
6/ 1/1428هـ
[/ align]
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[27 - Jan-2007, مساء 03:53]ـ
السلام عليكم
جزيت خيراً على هذه الكلمات الطيبات
هل لديك مصادر علمية تتحدث عن موضوع الوحدة؟
ـ[صالح السويح]ــــــــ[28 - Jan-2007, صباحاً 02:26]ـ
حياك الله أخي الكريم.
وشرفني تعليقك.
لكن ماذا تقصد بقولك (علمية) هل تقصد متخصصة؟ أم غير ذلك؟
جزاك الله خيرا.
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[28 - Jan-2007, مساء 05:15]ـ
جزيت خيراً أخي
أي مصادر للعلماء سواء كانت اولية أو ثانوية
اريدها بارك الله فيك
ـ[القضاعي]ــــــــ[07 - Mar-2010, مساء 08:46]ـ
يرفع رفع الله قدر كاتبها.(/)
((رد أوهام أبي زهرة في حق شيخي الإسلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب)) لشيخنا الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[26 - Jan-2007, صباحاً 12:22]ـ
رد أوهام أبي زهرة في حق
شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب
رحمهما الله
لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما مزيدا.
أما بعد؛ فإنه كان من الواجب علينا احترام علمائنا في حدود المشروع كما قال تعالى:
? يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ? [سورة المجادلة: 11].
وقال تعالى: ? قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ? [سورة الزمر: 9].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((وإن العلماء ورثة الأنبياء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)) [سنن الترمذي العلم (2682)،سنن أبو داود العلم (3641)،سنن ابن ماجه المقدمة (223)،مسند أحمد بن حنبل (5/ 196).] ولا سيما العلماء المجددون لدين الله، والدعاة المخلصون إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن - فكان حقهم علينا الاقتداء بهم، واحترامهم، والترحم عليهم، والدعاء لهم لقاء ما قاموا به من الواجب، وما بينوه من الحق وردوا الباطل - إلا أننا نجد بدلا من ذلك من بعض حملة الأقلام والمتطفلين على العلم والتأليف من يكيل التهم في حقهم ويرميهم بما هم بريئون منه، ويحاول صرف الناس عن دعوتهم بدافع الحقد أو سوء الاعتقاد - أو الاعتماد على ما يقوله أعداؤهم وخصومهم - ومن ذلك أني قد اطلعت على كتاب بعنوان " تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد "، " وتاريخ المذاهب الفقهية "، للشيخ محمد أبي زهرة. تعرض فيه لإمامين عظيمين، وداعيين إلى الله مخلصين، هما: شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - ووجه ضدهما نفس التهم التي يروجها ويرددها أعداؤهما المضلون في كل زمان، حيث تروعهما دعوة الإصلاح، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ويريدون أن يبقى الناس في ظلام، ويعيشوا في ضلال، حتى يتسنى لخرافاتهم أن تروج، وما كان يليق بباحث يتحرى الحقيقة مثل الشيخ أبي زهرة أن يعتمد في حق هذين الإمامين الجليلين على كلام خصومهما، بل كان الواجب عليه وعلى كل باحث منصف أن يرجع إلى كلام من يريد أن يقدم للناس معلومات عنه من كتبه، ويوثق ذلك بذكر اسم الكتاب المنقول عنه، مع ذكر الصفحة والسطر، حتى تحصل القناعة التامة من صحة ما يقول؛ لأننا والحمد لله في عصر قد وضعت فيه ضوابط للبحث العلمي، وأصبح لا يقبل فيه إطلاق القول على عواهنه من غير تقيد بتلك الضوابط،
وفوق هذه الضوابط هناك وقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى، وسؤال عما يقوله الإنسان ويكتبه في حق غيره من اتهام وكذب، قال تعالى: ? وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ? [سورة الإسراء: 36].
وقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ? [سورة الحجرات: 6].
إلا أن الشيخ أبا زهرة تجاهل ذلك كله، ونسب إلى الشيخين الإمامين الجليلين: الشيخ تقي الدين ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب ما لا يليق بمقامهما، وما يتنزهان عنه من التهم الباطلة والتهجم السخيف، اعتمادا على ما يقوله عنهما خصومهما، وما يروجه المخرفون ضدهما، غير متقيد بضوابط البحث العلمي، ولا خائف من الوعيد الذي توعد الله به من أقدم على مثل هذا العمل، وإليك بيان هذه التهم مع الرد عليها، سائلين الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
= = = = = = = = = = = = = = = =
(يُتْبَعُ)
(/)
أولا: ما نسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية:
1 - في صفحة 187 قال: (إنه أضاف إلى مذهب السلف أمورا أخرى قد بعثت إلى التفكير فيها).
أقول هذا من الافتراء على شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قد أحدث أمورا من عند نفسه، وزادها على مذهب السلف، وهو اتهام خطير قد برأ الله منه شيخ الإسلام، فإنه لم يزد شيئا ولم يخترع شيئا من عند نفسه، وإنما دعا إلى مذهب السلف، وبينه ودافع عنه بأمانة
وإخلاص، يشهد لذلك أن ما في كتبه ورسائله يتطابق تمام التطابق مع ما ذكره الأئمة قبله في كتبهم، وهو إنما ينقل كلامهم ويعزوه إلى مصادره المعروفة من غير زيادة ولا نقصان، وأبو زهرة لم يذكر مثالا واحدا يدل على صدق ما يقول.
2 - في صفحة 193 قال: (وعلى ذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن الكريم من فوقية وتحتية واستواء على العرش، ووجه ويد ومحبة وبغض، وما جاء في السنة من ذلك أيضا من غير تأويل وبالظاهر الحرفي، فهل هذا هو مذهب السلف حقا،ونقول في الإجابة عن ذلك:
ولقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بينا وادعوا أن ذلك مذهب السلف.
وناقشهم العلماء في ذلك الوقت وأثبتوا أنه يؤدي إلى التشبيه والجسمية لا محالة، وكيف لا يؤدي إليها والإشارة الحسية إليه جائزة، لهذا تصدى لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي، ونفى أن يكون ذلك مذهب السلف، ونفى أيضا أن يكون ذلك رأي الإمام أحمد. انتهى كلامه،
وفيه من الخلط والكذب ما لا يخفى، وبيان ذلك كما يلي:
(أ) اتهم شيخ الإسلام ابن تيمية واتهم معه الحنابلة بأنهم نسبوا إلى السلف ما لم يقولوه ولم يعتقدوه في صفات الله تعالى، وهذا اتهام ظاهر البطلان فإن ما قاله الحنابلة وقاله شيخ الإسلام موجود في كلام الأئمة الأربعة وغيرهم في كتبهم، وقد نقل ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وعزاه إلى مصادره من كتبهم التي يوجد غالبها في أيدي الناس اليوم، انظر على سبيل المثال ما ذكره عنهم في الرسالة الحموية.
(ب) اتهم الشيخ بأنه ينسب إلى السلف وصف الله بالتحتية حيث قال: يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن الكريم من فوقية وتحتية، وهذا كذب على القرآن الكريم وعلى الشيخ؛ فإنه لم يرد في القرآن ذكر التحتية في حق الله - تعالى الله عن ذلك - لأنها لا تليق به، ولم يقل الشيخ ذلك ولم ينسبه إلى السلف، لكنه التخبط الأعمى والتخليط العجيب من أبي زهرة.
(ج) اتهم القرآن بأنه جاء بالتشبيه والتجسيم وما لا يليق بالله تعالى، واتهم السلف الصالح بأنهم لا يعتقدون ما جاء القرآن الكريم والسنة النبوية من وصف الله بالفوقية والاستواء على العرش، وأنه له يد ووجه، وأنه يحب ويبغض؛ لأن ذلك بزعمه يؤدي إلى التشبيه والجسمية، وهذا معناه أن القرآن جاء بالباطل، وأن السلف يخالفون الكتاب والسنة في أهم الأمور وهي العقيدة، فماذا بقي بعد ذلك؟!
ما الذي يوافقون فيه الكتاب والسنة، ولم يذكر دليلا على ذلك إلا ما نقله من كلام ابن الجوزي، وكلام ابن الجوزي لا يحتج به من ناحيتين:
- إنه معروف باتجاهه المخالف لعقيدة السلف في الصفات وكلام المخالف لا يحتج به على خصمه.
- إن كلام أئمة السلف ومنهم الإمام أحمد يبطل ما قاله ابن الجوزي، وكلامهم موجود - بحمد الله - في كتبهم المتداولة المعروفة التي نقل منها شيخ الإسلام ابن تيمية.
(د) قال أبو زهرة: وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة - يعني كيف لا يؤدي إثبات ما دل عليه الكتاب والسنة من صفات الله إلى التشبيه والتجسيم، وقد جاء في الحديث أن الله يشار إليه بالإصبع في جهة العلو، كما أشار إليه أعظم الخلق به - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع، - وهذا بزعم أبي زهرة يؤدي إلى التشبيه والتجسيم فهو باطل -، وهذا مصادمة للحديث الصحيح بسبب توهم باطل، فإن الإشارة إلى الله سبحانه في جهة العلو ووصفه بما ثبت في الكتاب والسنة من صفات الكمال لا يؤديان إلى التشبيه؛ لأن الله ليس كمثله شيء، فله صفات تخصه لا يشاركه فيه أحد، وأما لفظ التجسيم فهو لفظ محدث لم يرد نفيه ولا إثباته في حق الله تعالى، ولم يتكلم فيه السلف، وإنما ورد في الكتاب والسنة تنزيه الله عن التشبيه والتمثيل
(يُتْبَعُ)
(/)
، وهو الذي ينفيه السلف عن الله تعالى.
- ينسب التفويض إلى شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول في صفحة 195: (إن هذا يؤدي عند ابن تيمية إلى أن الأسلم هو التفويض الذي يدعيه وينسبه إلى السلف الصالح فيأخذ الألفاظ بظواهرها الحرفية، ويطلقها على معانيها الظاهرة في أصل الدلالة، ولكنه يقرر أنه ليست كالحوادث ويفوض فيما بعد ذلك ولا يفسر، ويقول: إن محاولة التفسير زيغ، فابن تيمية يعتقد أنه بهذا يجمع بين التفسير والتفويض، فهو يفسر بالمعنى الظاهر وينزه عن الحوادث ويفوض في الكيف والوصف)، انتهى المقصود من كلامه،
وهو كما ترى فيه من الخلط والركاكة والكذب على الشيخ الشيء الكثير، وهو بين أمرين: إما أنه لم يفهم كلام الشيخ، وإما أنه يفهمه لكنه يحاول الالتواء والتلبيس، فإن الشيخ - رحمه الله - يقرر في سائر كتبه أن مذهب السلف وهو المذهب الذي يعتقده ويدين لله به، وكل مريد للحق يعتقده ويدين به: أن نصوص الصفات تجري على ظواهرها وتفسر بمعناها الذي تدل عليه ألفاظها من غير تأويل ولا تحريف، أما كيفيتها فيجب تفويضها إلى الله سبحانه؛ لأنه لا يعلمها إلا هو، وهذا هو الذي يقرره علماء السلف في كتبهم، وفيما يروى عنهم بالأسانيد الصحيحة أن المعنى معلوم، والكيف مجهول في كل الصفات.
فالتفويض إنما هو للكيفية، وأما المعاني فهي معلومة مفسرة لا تفويض فيها ولا غموض، ولا يلزم من إثبات صفات الله بالمعاني التي دلت عليها النصوص تشبيه الله بخلقه؛ لأن لله صفات تخصه وتليق به، وللمخلوقين صفات تخصهم وتليق بهم، ولا يلزم من الاشتراك في المعنى الكلي الموجود في الأذهان بين صفات الله وصفات خلقه الاشتراك في الحقيقة والكيفية الخارجية، وقد أثبت الله لنفسه تلك الصفات، ونفى عن نفسه المماثلة والمشابهة للمخلوقات، فقال تعالى: ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [سورة الشورى: 11].
فأثبت له السمع والبصر، ونفى عن أن يماثله شيء، وهكذا سائر الصفات، فدل على أن إثبات الصفات لا يلزم من التشبيه كما يقول أبو زهرة وأضرابه، ومن العجب أن يحتج على بطلان ما ذكره شيخ الإسلام من إثبات صفات الله على ما يليق به سبحانه بمخالفة الغزالي والماتريدي وابن الجوزي له، ويرجح مذهبهم فيقول: ولذلك فنحن نرجح منهاج الماتريدي ومنهاج ابن الجوزي ومنهاج الغزالي.
هكذا يرغب أبو زهرة عن مذهب السلف إلى مذهب هؤلاء، - وللناس فيما يعشقون مذاهب -، لكنه استبدل الباطل بالحق.
واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ? بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ? [سورة الكهف: 50].
- ينسب القول بالمجاز إلى الصحابة فيقول: إن الصحابة كانوا يفسرون بالمجاز إن تعذر إطلاق الحقيقة، كما يفسرون بالحقيقة في ذاتها، هكذا قال في حق الصحابة، ينسب إليهم القول بالمجاز في تفسير كلام الله، وأنهم يتركون الحقيقة وكأنه بهذا يريد أن ينسب إلى الصحابة نفي الصفات وحمل نصوصها على خلاف الحقيقة، وكفى بهذا تقولا على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدون دليل ولا برهان، لكنه الهوى والانتصار للباطل.
وهذا تجاوز من اتهام ابن تيمية إلى اتهام الصحابة بما هم بريئون منه، فإنه لم يعرف المجاز إلا متأخرا أحدثه الأعاجم الذين ليسوا حجة في اللغة والتفسير.
- في صفحة 199 نسب إلى الشيخ القول بأن الله لا ييسر الإنسان لفعل الشر، حيث قال: (وبهذا يقرر ابن تيمية ثلاثة أمور، ثالثها: أن الله تعالى ييسر فعل الخير ويرضاه ويحبه، ولا ييسر فعل الشر ولا يحبه، وهو في هذا يفترق عن المعتزلة) كذا قال.
وهذا كذب على الشيخ؛ لأنه كغيره من أئمة الهدى يرون أن الله قدر الخير والشر، وأنه لا يجري في ملكه ما لا يريد، فالشر يجري على العبد بسبب تصرفاته السيئة، وهو من قبل الله تعالى قدرا وبإرادته الكونية، قال تعالى: ? وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى *فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ? [سورة الليل: 8 - 10].
- في صفحة 199 - 200 يقول: (أما ابن تيمية فيرى أنه لا تلازم بين الأمر والإرادة، فالله سبحانه وتعالى يريد الطاعات ويأمر بها، ولا يريد المعاصي التي تقع من بني آدم وينهى عنها، وإرادته للمعاصي من ناحية إرادة أسبابها.) انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأقول: في هذا الذي نسبه إلى الشيخ إجمال ينبغي تفصيله، فقوله: لا تلازم بين الأمر والإرادة.
الصواب: أن يقال: لا تلازم بين الأمر الشرعي والإرادة الكونية. فقد يأمر شرعا بما لا يريده كونا، مثل الإيمان من الكافر، وقد يريد كونا ما لا يأمر به شرعا مثل الكفر والمعاصي؛ وذلك لأن الإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة كونية، وإرادة شرعية،
والأمر ينقسم إلى قسمين: أمر كوني، وأمر شرعي، فالإرادة الكونية والأمر الكوني ليس من لازمهما المحبة والرضا، وأما الإرادة الشرعية والأمر الشرعي فمن لازمهما المحبة والرضا، وهذا التقسيم هو الذي يتمشى مع منهج الشيخ الذي هو منهج السلف المبني على أدلة الكتاب والسنة، فالله لا يأمر بالمعاصي ولا يريدها ولا يرضاها شرعا، لكنه أرادها وأمر بها كونا وقدرا؛ لأنه لا يقع في ملكه ما لا يريد، قال تعالى: ? وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ? [سورة الإسراء:16].
أي أمرناهم بذلك كونا وقدرا، وقال تعالى: ? وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ? [سورة المائدة: 41]. ? إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ? [سورة هود: 34].
- في صفحة 201 يختم أبو زهرة مباحثه حول القدر بقوله: (هذه نظرات ابن تيمية في مسائل الجبر والاختيار، وتعليل أفعال الله سبحانه وتعالى، وهو يسند دائما ما يراه إلى السلف الصالح من الصحابة والتابعين) انتهى.
وكأنه بهذا التعبير يتهم الشيخ في أنه ينسب إلى السلف بمجرد رأيه ما ليس من مذهبهم، وهذه التهمة يبطلها الواقع فإن الشيخ - رحمه لله - لم ينسب إلى السلف إلا ما هو موجود في كتبهم، وما ثبتت روايته عنهم، والشيخ أتقى لله من أن يتقول على السلف ما لم يقولوه، لكن أبا زهرة لم يراجع كبت الشيخ، أو أنه يتعمد التلبيس.
- في الصفحات 202 - 206 لما ذكر كلام الشيخ في منع التوسل بالأموات والاستغاثة بهم، ومنع زيارة القبور لقصد التبرك بها وطلب الحاجات من الموتى، ومنع السفر لزيارتها، قال بعد ذلك: (ولقد خالف ابن تيمية بقوله هذا جمهور المسلمين، بل تحداهم في عنف بالنسبة لزيارة قبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نوافق إلى حد ما على قوله في زيارة قبور الصالحين والنذر لها، ولكن نخالفه مخالفة تامة في زيارة الروضة الشريفة؛ وذلك لأن الأساس الذي بني عليه منع زيارة الروضة الشريفة بقصد التبرك والتيمن هو خشية الوثنية، وأن ذلك خوف من غير مخاف، فإنه إذا كان في ذلك تقديس لمحمد فهو تقديس لنبي الوحدانية، وتقديس نبي الوحدانية إحياء لها، إذ هو تقديس للمعاني التي بعث بها. . . إلى أن قال: وإن الحديث الذي رواه ابن تيمية وغيره وهو: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) يدل على شرف المسجد الذي دفن بجواره، وقد دفن ببيت عائشة الذي كان أقرب بيوت أزواجه إليه، وقد كان متصلا بالمسجد، وأنه لو أريد منع زيارة قبره لدفن في مكان بعيد كالبقيع، ثم قال: وبعد: فإننا نقرر أن التبرك بزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحسن، وليس التقرب الذي نقصده عبادة أو قريبا منها، إنما التبرك هو التذكر والاعتبار والاستبصار.) انتهى المقصود من كلامه،
وهو يدل على ما عنده من جهل وتخليط وتخبط، وأقول في بيان ذلك ما يلي:
(أ) قوله: (ولقد خالف ابن تيمية بقوله هذا - يعني منع التوسل بالموتى والتبرك بالقبور والاستغاثة بالموتى - خالف جمهور المسلمين.)
والجواب: إن الشيخ - رحمه الله - قد وافق في قوله هذا إجماع المسلمين فلم يخالفه واحد منهم، ونعني بالمسلمين أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة ومن تبعهم بإحسان، وإنما خالفه بعض من جاء بعدهم من المخرفين والقبوريين، وهؤلاء لا يعتد بخلافهم، وليسوا جمهور المسلمين وإن سماهم هو بذلك، فالعبرة بالحقائق لا بالتسميات، وإنما هم من الشواذ المنتسبين إلى الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
(ب) قوله: ونحن نوافق إلى حد ما على قوله في زيارة قبور الصالحين والنذر له، معناه أنه لا يوافق موافقة تامة على منع زيارة قبور الصالحين للتبرك بها والاستغاثة بأصحابها والنذر لها، وهذا يدل على أنه يسمح بشيء من ذلك مع أنه عبادة لغير الله وشرك أكبر، ولا يخفى ما في هذا من التساهل في شأن الشرك، وعدم اهتمامه بالعقيدة.
(ج) وقوله: ولكن نخالف مخالفة تامة في زيارة الروضة الشريفة؛ وذلك لأن الأساس الذي بني عليه منع زيارة الروضة الشريفة بقصد التبرك والتيمن هو خشية الوثنية، وأن ذلك خوف من غير مخاف، فإنه إذا كان في ذلك تقديس لمحمد فهو تقديس لنبي الوحدانية، وتقديس نبي الوحدانية إحياء لها.
والجواب عن ذلك نقول:
أولا: الشيخ - رحمه الله - لا يمنع زيارة الروضة الشريفة بقصد الصلاة فيها، فنسبة المنع إليه غير صحيحة، بل هو يرى استحباب ذلك كغيره من علماء المسلمين عملا بالسنة الصحيحة.
ثانيا: زيارة الروضة الشريفة إنما القصد منها شرعا هو الصلاة فيها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) [صحيح البخاري الجمعة (1137)،صحيح مسلم الحج (1390).]، وليس القصد من زيارتها التبرك والتيمن بها، وتقديس محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يزعم أبو زهرة؛ لأن هذا مقصد شركي أو بدعي.
ثالثا: التقديس قد يكون غلوا ممنوعا، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - حقه علينا المحبة والمتابعة والعمل بشرعه وترك ما نهى عنه، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن إطرائه، وهو المبالغة في مدحه، ولما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني ندا لله، قل: ما شاء الله وحده [سنن ابن ماجه الكفارات (2117)،مسند أحمد بن حنبل (1/ 347).]، وليس تقديس المخلوق تقديسا لله كما يقول: بل قد يكون شركا بالله عز وجل إذا تجاوز الحد.
(د) وقوله: إن حديث: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) [صحيح البخاري الصوم (1893)] يدل على شرف المسجد الذي دفن بجواره. . .،
الجواب عنه: إن شرف المسجد النبوي ليس من أجل كون قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بجواره، فإن فضله ثابت قبل دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - بجواره؛ لأنه أول مسجد أسس على التقوى، ولأنه مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة)) [صحيح البخاري الجمعة (1133)،صحيح مسلم الحج (1394)، ولم يقل بعد موتي، والمساجد الثلاثة فضلت على غيرها؛ لكونها مساجد الأنبياء لا من أجل القبور أو مجاورة القبور، بل لأنها أسست على التوحيد والطاعة، لا على الشرك والخرافة.
(هـ) قوله: وقد دفن - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيت عائشة الذي كان أقرب بيوت أزواجه إليه - يعني المسجد -، وقد كان متصلا بالمسجد، وأنه لو أريد منع زيارة قبره لدفن في مكان بعيد عن المسجد كالبقيع.
والجواب عنه:
أولا: أن هذا كلام من لا يعرف ما جاء في السنة من الأحاديث الموضحة لملابسات دفنه - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة - رضي الله عنها - وما هو القصد من ذلك، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما مرض استأذن أزواجه أن يمرض في بيت عائشة - رضي الله عنها - لمحبته لها، ومحبة قربها منه وتمريضها له، فأذن له في ذلك، ولما توفي - صلى الله عليه وسلم - دفن في المكان الذي توفي فيه؛ لأن الأنبياء يدفنون حيث يموتون كما جاء في الحديث، والقصد من ذلك خشية أن يفتتن بقبره - صلى الله عليه وسلم - لو دفن في مكان بارز فيتخذ مسجدا وعيدا مكانيا، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحذر من ذلك فيقول: ((لا تتخذوا قبري عيدا)) [سنن أبو داود المناسك (2042)،مسند أحمد بن حنبل (2/ 367).]، ويقول: ((اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد)) [موطأ مالك النداء للصلاة (416).]، وقدر روى الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا)) [صحيح البخاري الصلاة (425)،صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة
(يُتْبَعُ)
(/)
(531)].
هذا هو القصد من دفنه - صلى الله عليه وسلم - في حجرة عائشة، وهو حماية التوحيد وحماية قبره أن يتخذ مسجدا، وليس القصد ما توهمه الخرافيون أنه دفن في بيت عائشة لأجل القرب من المسجد والتبرك بقبره - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان يحذر من اتخاذ القبور مساجد والتبرك بها، ومن بناء المساجد على القبور؛ لأن هذا من وسائل الشرك؛ فدفنه - صلى الله عليه وسلم - في بيته لمنع هذه الأشياء أن تمارس عند قبره.
ثانيا: زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - الزيارة الشرعية ليست ممنوعة، بل هي مستحبة كزيارة قبر غيره إذا كان ذلك بدون سفر، وكان القصد السلام عليه، والدعاء له - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثا: قوله: وأنه لو أريد منع زيارة قبره لدفن في مكان بعيد عن المسجد كالبقيع، أقول معنى هذا الكلام أنه - صلى الله عليه وسلم - دفن في حجرة عائشة لأجل أن يزار ويتبرك بقبره على حد قوله.
وهذا فهم يخالف ما جاء في الحديث الصحيح الذي تقدم ذكره، وهو أنه دفن في بيته لمنع أن يتخذ قبره مسجدا، ثم إن دفنه في البقيع أمكن لزيارة قبره والتبرك به من دفنه في بيته، عكس ما يقوله أبو زهرة، فلو كان ما يقوله مشروعا لدفن في البقيع لتمكين الناس من هذه المقاصد التي قالها.
(و) قوله: (وإنا لنعجب من استنكاره لزيارة الروضة للتيمن والاستئناس مع ما رواه عن الأئمة الأعلام من تسليمهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما مروا بقبره الشريف، وكانوا يذهبون إليه كلما هموا بسفر، أو أقبلوا من سفر).
الجواب عنه أن نقول:
أولا: لا عجب فيما ذكرت؛ لأن استنكار ذلك هو الحق، فإن زيارة الروضة للتبرك والتيمن مقصد شركي بدعي، لم يشرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما شرع زيارتها للصلاة فيها وعبادة الله فيها.
ثانيا: وأما قوله: إن الأئمة الأعلام يسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما مروا بقبره أو هموا بسفر، فهو قول لا أصل له ولا دليل عليه، ولم يروه الشيخ عنهم، وإنما روي عنهم خلافه، وهو أنهم لم يكونوا يترددون على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما دخلوا المسجد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك فقال: ((لا تتخذوا قبري عيدا)) [سنن أبو داود المناسك (2042)،مسند أحمد بن حنبل (2/ 367).] أي لا تترددوا عليه وتجتمعوا حوله، وإنما كانوا يسلمون عليه إذا قدموا من سفر، كما كان ابن عمر يفعل ذلك إذا قدم من سفر، ولا يزيد على قوله: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبي، ثم ينصرف، ثم ما علاقة التسليم على الرسول بالروضة؟ لأن الروضة في المسجد، وقبر الرسول كان خارج مسجده في عهد الصحابة - رضي الله عنهم -.
(ز) وقوله: وبعد: فإننا نقرر أن التبرك بزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحسن، وليس التبرك الذي نقصده عبادة أو قريبا منها، إنما التبرك هو التذكر والاعتبار والاستبصار.
والجواب عن ذلك أن نقول: أولا التبرك بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من البقاع والأشجار والأحجار أمر مستقبح وليس مستحسنا إلا عند الجهال والقبوريين، وهو شرك بالله لكونه تعلقا على غير الله، وطلبا من غيره، ولما رأى بعض الصحابة وكانوا حدثاء عهد بالإسلام أن المشركين يتبركون بشجرة، وطلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم شجرة مثلها يتبركون بها استنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك استنكارا شديدا، وقال: ((قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ?اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ? [سورة الأعراف:138]، [سنن الترمذي الفتن (2180)،مسند أحمد بن حنبل (5/ 218).].
فدل هذا الحديث على أن من يتبرك بشجرة أو حجر أو قبر أو بقعة فقد أشرك بالله واتخذ المتبرك به إلها.
ثاينا: وأما قوله: (وليس التبرك الذي نقصده عبادة أو قريبا منها، إنما التبرك هو التذكر والاعتبار والاستبصار).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالجواب عنه: أن هذا من جهله بمعنى العبادة، وعدم تفريقه بين التبرك وبين التذكر والاعتبار، أو يتجاهل ذلك من أجل التلبيس على الناس، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال، ومنها الرغبة والرهبة والرجاء، ومنها التبرك وهو طلب البركة، يكون بأسمائه سبحانه، فالتبرك بغير الله شرك، إلا التبرك بشعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضوئه، فهذا خاص به - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله جعله مباركا، ولا يمكن ذلك إلا في حال حياته ووجوده، ولم يكن الصحابة يتبركون بمنبره ولا بقبره ولا حجرته، وهم خير القرون وأعلم الأمة بما يحل وما يحرم، فلو كان جائزا لفعلوه،
وبعد أن انتهينا من رد ما نسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ننتقل إلى رد ما نسبه إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب فنقول:
ثانيا: ما نسبه إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.
- اعتبر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نحلة ومذهبا محدثا مستقلا أطلق عليه لفظ الوهابية، وعده من جملة المذاهب الضالة التي أدرجها تحت عنوان مذاهب حديثة، وهي الوهابية والبهائية والقاديانية.
ومن المعلوم وواقع دعوة الشيخ أنه ليس صاحب مذهب جديد، وإنما هو في العقيدة على مذهب السلف أهل السنة والجماعة، وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -، ولم يستقل ولا بمسألة واحدة عن هؤلاء، فكيف يعتبره أبو زهرة صاحب مذهب جديد، ويدرجه ضمن المذاهب الضالة الكافرة، والنحل الفاسدة، قاتل الله الجهل والهوى والتقليد الأعمى، وإذا كان هو يعيب على الوهابية ما توهمه في تكفيرهم للناس، فكيف يبيح لنفسه هذا الذي عابه على غيره؟
- ثم قال: ومنشئ الوهابية هو محمد بن عبد الوهاب، وقد درس مؤلفات ابن تيمية فراقت في نظره، وتعمق فيها، وأخرجها من حيز النظر إلى حيز العمل.
هكذا قال عن مرتبة الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمية أنه لم يدرس إلا مؤلفات ابن تيمية، وكأنه لم يقرأ ترجمة الشيخ وسيرته، ولم يعرف شيئا عن تحصيله العلمي، أو أنه عرف ذلك وكتمه بقصد التقليل من شأنه، والتغرير بمن لم يعرف شيئا عن الشيخ، ولكن هذا لا يستر الحقيقة، ولا يحجب الشمس في رابعة النهار، فقد كتب المنصفون عن الشيخ - رحمه الله - مؤلفات كثيرة انتشرت في الأقطار، وعرفها الخاص والعام، وأنه رحمه الله تعمق في دراسة الفقه والتفسير والحديث والأصول، وكتب العقيدة التي من جملتها مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتليمذه ابن القيم، وقد تخرج علي أيدي علماء أفذاذ، وأئمة كبار في مختلف الفنون في بلاد نجد والحجاز والأحساء والبصرة، وقد أجازوه في مروياتهم وعلومهم، وقد ناظر ودرس وأفتى وألف في الفقه والحديث والعقيدة حتى نال إعجاب من اجتمع به، أو استمع إلى دروسه ومناظراته، أو قرأ شيئا من مؤلفاته، ومؤلفاته تدل على سعة أفقه وإدراكه في علوم الشريعة، وسعة اطلاعه وفهمه، ولم يقتصر فيما ذكر في تلك المؤلفات على كتب ابن تيمية - كما يظن هذا الجاهل أو المتجاهل - بل كان ينقل آراء الأئمة الكبار في الفقه والتفسير والحديث، مما يدل على تبحره في العلوم، وعمق فهمه، ونافذ بصيرته، وهاهي كتبه المطبوعة المتداولة شاهدة بذلك والحمد لله، ولم يكن رحمه الله يأخذ من آراء شيخ الإسلام ابن تيمية ولا من آراء غيره إلا ما ترجح لديه الدليل، بل خالف شيخ الإسلام في بعض الآراء الفقهية.
- ثم قال عمن أسماهم بالوهابية: وإنهم في الحقيقة لم يزيدوا بالنسبة للعقائد شيئا عما جاء به ابن تيمية، ولكنهم شددوا فيها أكثر مما تشدد، ورتبوا أمورا علمية لم يكن قد تعرض له ابن تيمية؛ لأنها لم تشتهر في عهده، ويتلخص ذلك فيما يأتي:
(1) لم يكتفوا بجعل العبادة كما قررها الإسلام في القرآن والسنة، وكما ذكر ابن تيمية، بل أرادوا أن تكون العبادات أيضا غير خارجة على نطاق الإسلام فيلتزم المسلمون ما التزم كذا قال والعبارة ركيكة ومتناقضة، ولذا حرموا الدخان وشددوا في التحريم، حتى إن العامة منهم يعتبرون المدخن كالمشرك، فكانوا يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب.
(2) وكانوا في أول أمرهم يحرمون على أنفسهم وما يماثلها، ولكن يظهر أنهم تساهلوا فيها فيما بعد.
(يُتْبَعُ)
(/)
(3) إن الوهابية لم تقتصر على الدعوة المجردة بل عمدت إلى حمل السيف لمحاربة المخالفين لهم، باعتبار أنهم يحاربون البدع، وهي منكر تجب محاربته، ويجب الأخذ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(4) أنها كانت كلما مكن لها من قرية أو مدينة أتت على الأضرحة هدما وتخريبا.
(5) أنهم تعلقوا بأمور صغيرة ليس فيها وثنية ولا ما يؤدي إلى وثنية، وأعلنوا استنكارها، مثل التصوير الفوتوغرافي؛ ولذلك وجدنا ذلك في فتاواهم ورسائلهم التي كتبها علماؤهم.
(6) أنهم توسعوا في معنى البدعة توسعا غريبا، حتى إنهم ليزعمون أن وضع الستائر على الروضة الشريفة أمر بدعي، ولذلك منعوا تجديد الستائر عليها، إلى أن قال: وإننا لنجد فوق ذلك منهم من يعد قول المسلم: سيدنا محمد بدعة لا تجوز، ويغلون في ذلك غلوا شديدا، إلى أن قال: وإنه يلاحظ أن علماء الوهابيين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل التصويب، بل إنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من إقامة الأضرحة والطواف حولها قريبا من الوثنية - انتهى ما قاله في حق من سماهم الوهابية،
ويظهر أنه قد امتلأ صدره غلا وحقدا وغيظا عليهم فتنفس الصعداء بإفراغ بعض ما عنده - والله سبحانه عند لسان كل قائل وقلبه: ? مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ? [سورة ق: 18].
وجوابنا عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: قوله: إنهم في الحقيقة لم يزيدوا بالنسبة للعقائد شيئا عما جاء به ابن تيمية، معناه أن ابن تيمية في نظره جاء بعقائد ابتدعها من عنده، وأن الوهابية اعتبروه مشرعا، وقد سبق الجواب عن هذه الفرية وبينا أن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يبتدع شيئا من عنده، بل كان على عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة، ولم يستحدث شيئا من عنده، وإننا نتحدى كل من يقول مثل هذه المقالة الظالمة أن يبرز لنا مسألة واحدة خالف فيها شيخ الإسلام ابن تيمية من سبقه من سلف الأمة، غاية ما في الأمر أنه جدد عقيدة السلف ونشرها وأحياها بعد ما اندرست ونسيها الكثيرون.
ونقول أيضا: إن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وغيره من أئمة الدعوة لم يقتصروا على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، بل استفادوا منها ومن غيرها من الكتب السليمة المفيدة المتمشية مع منهج السلف، يعرف هذا من طالع كتبهم.
الوجه الثاني: أنه قوله: لم يكتفوا بجعل العبادة كما قررها الإسلام في القرآن والسنة، فرية عظيمة واتهام خطير لعلماء دعوة التوحيد في نجد بأنهم ابتدعوا عبادات لم يشرعها الله ورسوله، ولكن الله فضحه وبين كذبه، حيث لم يجد مثالا لما قال إلا تحريم الدخان، وهذا مما يدل على جهله، فإن تحريم الدخان ليس من قسم العبادات، وإنما هو من قسم الأطعمة والحلال والحرام، وأيضا فإن تحريم الدخان لم يختص به علماء الدعوة في نجد بل حرمه غيرهم من علماء الأمة لخبثه وضرره، وهاهي الآن تقام أنشطة مكثفة للتحذير من شرب الدخان وتوعية الناس بأضراره من قبل المنظمات الصحية العالمية.
وقوله: حتى إن العامة منهم يعتبرون المدخن كالمشرك، هذه فرية أخرى، لو صح أن أحدا من العامة حصل منه ذلك، فالعامي ليس بحجة يعاب به أهل العلم، ولكن أهل نجد - والحمد لله - يعرفون من الحق أكثر مما يعرفه علماء الضلال، يعرفون ما هو الشرك، وما هو المحرم الذي لا يعد شركا بما يقرءون ما يسمعون من دروس التوحيد وكتب العقائد الصحيحة.
الوجه الثالث: قوله: كانوا في أول أمرهم يحرمون القهوة وما يماثلها، نقول: هذا كذب ظاهر، ولم يأت بما يثبت ما يقول، وما زال علماء نجد وعامتهم يشربون القهوة في مختلف العصور، وهذه كتبهم وفتاواهم ليس فيها شيء يؤيد ما يقوله، بل فيها ما يكذبه، فإن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن - رحمه الله - أنكر على من قال بتحريم القهوة ورد عليه، وله في ذلك رسالة مطبوعة مشهورة.
الوجه الرابع: قوله: إن الوهابية لم تقتصر على الدعوة المجردة بل عمدت إلى حمل السيف لمحاربة المخالفين لهم، باعتبار أنهم يحاربون البدع.
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: أولا قوله: إن الوهابية لم تقتصر على الدعوة المجردة يدل على جهله؛ فإن الدعوة المجردة لا تكفي، مع القدرة على مجاهدة أعداء الإسلام؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاء بالدعوة والجهاد في سبيل الله.
ثانيا: قوله: إنهم حملوا السيف لمحاربة من خالفهم، هذا كذب عليهم فإنهم لم يحاربوا خصومهم لمجرد مخالفتهم، بل حاربوهم لأحد أمرين: إما للدفاع عن أنفسهم إذا اعتدى عليهم أحد، وإما لأجل إزالة الشرك إذا احتاجت إزالته إلى قتال، وتاريخ غزواتهم شاهد بذلك، وهو مطبوع متداول في أكثر من كتاب.
الوجه الخامس: قوله: إنها كانت كلما مكن لها من قرية أو مدينة أتت على الأضرحة وتخريبها.
أقول: هذا من فضائلهم وإن عده هو وأضرابه من معائبهم؛ لأنهم ينفذون بذلك وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله لعلي - رضي الله عنه -: ((لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته)) [صحيح مسلم الجنائز (969)]، فأي عيب في ذلك إذا أزالوا مظاهر الوثنية، وعملوا بالسنة النبوية، ولكن أهل الجهل والضلال لا يعلمون، فيعتقدون الحسن قبيحا والقبيح حسنا، والمنكر معروفا والمعروف منكرا، وقد تكاثرت الأدلة على تحريم البناء على القبور؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، فلا بد من هدم الأضرحة وإزالة مظاهر الوثنية، وإن غضب أبو زهرة وأضرابه ممن يرون بقاء الأضرحة التي هي منابت الوثنية وأوكارها.
الوجه السادس: قوله: إنهم تعلقوا بأمور صغيرة، ثم مثل لذلك بتحريم التصوير الفوتوغرافي.
والجواب عن ذلك أولا: إن التصوير ليس من الأمور الصغيرة بل هو من كبائر الأمور، للأحاديث الصحيحة في النهي عنه والتحذير منه، ولعن المصورين، والإخبار بأنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة من غير تفريق بين التصوير الفوتوغرافي وغيره، ومن فرق فعليه الدليل، والمحذور في التصوير والتعليل الذي حرم من أجله متحققان في جميع أنواع الصور فوتوغرافية أو غيرها.
وثانيا: قوله: إن التصوير لا يؤدي إلى وثنية قول مردود؛ لأن التصوير من أعظم الوسائل التي تؤدي إلى الوثنية كما حصل لقوم نوح لما صوروا الصالحين وعلقوا صورهم على مجالسهم، وآل بهم الأمر إلى أن عبدوا تلك الصور، كما ورد ذلك في صحيح البخاري وغيره عند تفسير قوله تعالى: ? وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ? [سورة نوح: 23].
الوجه السابع: قوله: إنهم توسعوا في معنى البدعة توسعا غريبا، حتى إنهم ليزعمون أن وضع ستائر على الروضة الشريفة أمر بدعي؛ ولذلك منعوا تجديد الستائر عليها.
والجواب عن ذلك أن نقول:
أولا: هو لا يدري ما هي الروضة الشريفة، فيظن أنها الحجرة النبوية، وليس الأمر كذلك فالروضة في المسجد، وهي ما بين منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) [صحيح البخاري الجمعة (1137)،صحيح مسلم الحج (1390).]، والحجرة النبوية خارج الروضة وكانت خارج المسجد قبل التوسعة.
ثانيا: الروضة لا يمكن وضع ستائر عليها ولا يتصور، وإنما يقصد الحجرة النبوية يريد أن تجعل مثل الأضرحة القبورية فتجعل عليها الستور كما على الأضرحة، وهذا لا يجوز.
أولا: لأنه لم يكن من عمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة، فلم يكن عليها ستائر في وقتهم،
وثانيا: لأنه وسيلة إلى الشرك، بل ستر سائر الحيطان عموما إسراف لا ينبغي فعله قال في المغني (7\ 9): (فأما ستر الحيطان بستور غير مصورة، فإن كان لحاجة من وقاية حر أو برد فلا بأس به؛ لأنه يستعمله في حاجته، فأشبه الستر على الباب، وما يلبسه على بدنه، وإن كان لغير حاجة فهو مكروه، وعذر في الرجوع عن الدعوة - يعني الوليمة - وترك الإجابة، بدليل ما روى سالم بن عبد الله بن عمر قال: أعرست في عهد أبي أيوب فآذن أبي فكان أبو أيوب فيمن آذن وقد ستروا بيتي بخباء أخضر، فأقبل أبو أيوب مسرعا فاطلع فرأى البيت مستترا بخباء أخضر، فقال: يا عبد الله، أتسترون الجدر؟ فقال أبي - واستحيا -: غلبتنا النساء يا أبا أيوب، فقال: من خشيت أن يغلبنه فلم أخش أن يغلبنك، ثم قال: لا أطعم لكم طعاما، ولا أدخل لكم بيتا،
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم خرج، رواه الأثرم.
وروي عن عبد الله بن يزيد الخطمي أنه دعي إلى طعام فرأى البيت منجدا فقعد خارجا وبكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا قد رقع بردة له بقطعة أدم، فقال: تطالعت علينا الدنيا، ثلاثا، ثم قال: أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى، وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة [سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2476).].
قال عبد الله: أفلا أبكي وقد بقيت حتى رأيتكم تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة، وقد روى الخلال بإسناده عن ابن عباس وعلي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن تستر الجدر، وروت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرنا فيما رزقنا أن نستر الجدر [سنن أبو داود اللباس (4153).]) انتهى.
الوجه الثامن: قوله: وإنا لنجد فوق ذلك منهم من يعد قول المسلم: " سيدنا محمد " بدعة لا تجوز، ويغلون في ذلك غلوا شديدا.
والجواب عن ذلك أن نقول: هذا كذب من القول، فعلماء الدعوة يثبتون ما ثبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الصفات الكريمة، ومنها أنهم يعتقدون أنه سيد ولد آدم وأفضل الخلق على الإطلاق، لكنهم يمنعون الغلو في حقه - صلى الله عليه وسلم - عملا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم)) [صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3261)]، ويمنعون الابتداع، ومن ذلك أن يقال: سيدنا في المواطن التي لم يرد قول ذلك فيها، كالأذان والإقامة والتشهد في الصلاة وكذا رفع الأصوات قبل الأذان بقول: اللهم صل وسلم على سيدنا رسول الله، أو بعد أداء الصلوات كما يفعله المبتدعة بأصوات جماعية، وهذا هو الذي أظنه يقصده في كلامه، حيث يراه يفعل عندهم فظنه مشروعا، وهذا هو الذي ينكره علماء الدعوة في المملكة العربية السعودية وينكره غيرهم من أهل التحقيق والعمل بالسنة وترك البدعة في كل مكان؛ لأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وغلو في حقه - صلى الله عليه وسلم - والغلو ممنوع، أما قول سيدنا رسول الله في غير مواطن البدعة فعلماؤنا لا ينكرونه بل يعتقدونه، ويقولون: هو سيدنا وإمامنا - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه التاسع: قوله: وفي سبيل دعوتهم يغلظون في القول حتى إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور.
والجواب عن ذلك أن نقول: أولا هذا الكلام من جملة الاتهامات التي لا حقيقة لها، وهذه كتب علمائنا ورسائلهم - والحمد لله - ليس فيها تغليظ إلا فيما يشرع فيه التغليظ، وليس فيها تنفير.
وإنما فيها الدعوة إلى الله بالبصيرة والحكمة والموعظة الحسنة، وكتبهم في ذلك مطبوعة ومتداولة ومنتشرة، وكل من اتصل بهم فإنه يثني عليهم، وقد كتب المنصفون عن الشيء الكثير في تاريخهم الماضي والحاضر من حسن السياسة، وصدق المعاملة، والوفاء بالعهود، والرفق بالمسلمين، وأكبر شاهد على ذلك من يفد إلى مكة المشرفة للحج والعمرة كل عام وما يشاهدونه من العناية بخدمة الحجيج، وبذل الجهود في توفير راحتهم، مما أطلق الألسنة والأقلام بالثناء عليهم وعلى حكومتهم، وكذلك من يفدون إلى المملكة للعمل فيها يشهد أكثرهم بذلك.
ثانيا: وأما قوله: حتى إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور، فهو من أعظم الكذب، وخلاف الواقع، فإن الدعوة التي قاموا بها من عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إلى هذا العهد، وهي الدعوة إلى الإسلام وإخلاص التوحيد، والنهي عن الشرك والبدع والخرافات، وقد لاقت هذه الدعوة في أرجاء العالم، وانتشرت انتشارا واسعا في كثير من الأقطار، وما هو على صعيد الواقع الآن أكبر شاهد وأعظم دليل على ما ذكرنا، ويتمثل ذلك فيما تبذله الحكومة السعودية - أدام الله بقاءها، وسدد خطاها، بتوجيه من علمائها، ورغبة من حكامها - بفتح الجامعات الإسلامية التي تخرج الأفواج الكثيرة من أبناء العالم الإسلامي على حسابها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويتمثل ذلك أيضا في إرسال الدعاة إلى الله في مختلف أرجاء العالم وفي توزيع الكتب المفيدة، وبذل المعونات السخية للمؤسسات الإسلامية، ومد يد العون للمعوزين في العالم الإسلامي، وإقامة المؤتمرات والندوات، وبناء المساجد والمراكز الإسلامية؛ لتبصير المسلمين بدينهم، مما كان له أعظم الأثر والقبول الحسن - والحمد لله، وهذا واقع مشاهد وهو يبطل قول هذا الحاقد: إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور، لكن كما قال الشاعر:
لي حيلة فيمن ينم * * * ومالي في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول* * * فحيلتي فيه قليلة
الوجه العاشر: قوله: وإنه يلاحظ أن علماء الوهابيين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ، وفي رأي غيرهم الخطأ الذي لا يقبل الصواب.
والجواب عنه أن نقول: هذا من جنس ما قبله من التهجم الكاذب الذي لا حقيقة له، فهذه كتب علمائنا ومناقشاتهم لخصومهم، ليس فيها شيء مما ذكره، بل فيها ما يكذبه من بيان الحق وتشجيع أهله، ورد الباطل بالحجة والبرهان ودعوة أهله إلى الرجوع إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يدعوا لأنفسهم بالعصمة من الخطأ، ويرفضوا ما عند غيرهم من الصواب كما وصفهم بذلك، وهذا إمامهم وكبيرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يقول في إحدى رسائله التي وجهها لخصومه: وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقول إلا الحق انتهى. وكلهم - والحمد لله - على هذا المنهج الذي قاله الشيخ.
الوجه الحادي عشر: قوله: بل إنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من إقامة الأضرحة والطواف حولها قريبا من الوثنية:
والجواب عنه أن نقول: كلامه هذا يدل على جهله بمعنى الوثنية، لم يدر أنها تتمثل في تعظيم القبور بالبناء عليها، والطواف حولها، وطلب الحوائج من أصحابها، والاستغاثة بهم، فلذلك استغرب استنكار ذلك واعتباره من الوثنية، وكأنه لم يقرأ ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من استنكار الاستشفاع بالموتى واتخاذهم أولياء ليقربوا إلى الله زلفى، ولم يقرأ نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن البناء على القبور واتخاذها مساجد، ولعن من فعل ذلك، وإذا لم تكن إقامة الأضرحة والطواف حولها وثنية فما هي الوثنية؟ لكن كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية)، ألم يكن شرك قوم نوح متمثلا في دعاء الأموات؟! ألم تكن اللات ضريحا لرجل صالح كان يلت السويق للحاج؟! فلما مات عكفوا عند قبره وطافوا حوله، ولو كان هذا الكلام صادرا عن عامي لا يعرف الحكم لهان الأمر؛ لأن العامي جاهل وتأثيره على الناس محدود، لكن الذي يؤسفنا أن يكون صادرا عمن يدعي العلم، وقد صدرت عنه مؤلفات كثيرة، فهذا قد يكون تأثيره على الناس خصوصا محدودي الثقافة شديدا؛ نظرا لكثرة مؤلفاته وسمعته الواسعة وإحسان الظن به، ولكن الحق سينتصر بإذن الله ? فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ? [سورة الرعد: 17].
والعلم لا يقاس بكثرة الإصدارات، وإنا يقاس بمدى معرفة الحق من الباطل، والهدى من الضلال والعمل بذلك، وإلا فكيف يتصور من مسلم - فضلا عمن ينتسب إلى العلم - أن يتفوه بأن الطواف بالأضرحة ليس من الوثنية، أليس الطواف عبادة، وصرف العبادة لغير الله وثنية وشرك؟! فالطائف بالأضرحة إن كان قصده التقرب إليها بذلك فلا شك أن هذا شرك أكبر؛ لأنه تقرب بالعبادة إلى غير الله، وإن كان قصده بالطواف حول الضريح التقرب إلى الله وحده فهذه بدعة ووسيلة إلى الشرك؛ لأن الله لم يشرع الطواف إلا حول الكعبة المشرفة.
ولا يطاف بغيره على وجه الأرض، هذا وإننا ندعو كل من بلغه شيء من تشويه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو قرأ شيئا من الكتب التي تروج هذا التشويه أمثال كتب الشيخ محمد أبي زهرة فعليه أن يتثبت، وأن يراجع كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتب العلماء الذين جاءوا من بعده، وحملوا دعوته ليرى فيها تكذيب تلك الشائعات، وقد قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ? [سورة الحجرات:6].
وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب علماء الدعوة من بعده ميسورة، والحمد لله، وهي توزع على أوسع نطاق، عن طريق الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ومكاتبها في الداخل والخارج، وفي موسم الحج كل سنة، وهي لا تدعو إلى مذهب معين أو نحلة محدثة، وإنما تدعو إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله، ومذهب أهل السنة والجماعة، ونبذ البدع والخرافات، والاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وسلف الأمة والقرون المفضلة،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
المصدر: ((البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب)) (ص161)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[آل عامر]ــــــــ[26 - Jan-2007, صباحاً 12:32]ـ
بارك الله فيك، وأحسن الله لك الأجر، و الثواب،
ـ[صالح السويح]ــــــــ[28 - Jan-2007, صباحاً 02:41]ـ
نفع الله بما نقلت.
وجزى الله العلامة المجاهد صالح الفوزان خيرا.
ووالله إننا لفي حاجة ماسة لكتاب بعنوان: تأملات في ردود العلامة صالح بن فوزان الفوزان.
ففيها التأصيل والدليل، كما أن فيها الهدوء والحكمة، وفيها الاختصار الغير مخل.
وفيها أمور أخرى حري بنا أن نتأملها.
أسأل الله أن يقر أعيننا وقلوبنا بنصر أتباع السلف حقاً ويهدي ضال المسلمين.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[28 - Jan-2007, صباحاً 03:21]ـ
قلت أخي العزيز:
تأملوا هذا الرد المفحم، من الشيخ صالح الفوزان ففيه العبر، وفيه الدروس التي تبين المنهج الصحيح في الرد على أهل الأهواء والبدع، كما أن في هذا الرد درسا عملياً في بيان:
* أن أهل الأهواء دائما تكون دعاواهم مجملة.
*وأنه لا يلزم ذكر الحسنات حين الرد على المخالف فهذا العلامة صالح الفوزان لم يذكر حسنة واحدة لأبي زهرة بل جهّلة ووصفه بالحاقد غيرها.
*وأن أهل الأهواء والبدع يعمدون إلى أحد هذه الأمور الأربع لصد دعوة الحق:
1 - إما خطأ وقع فيه أحد أتباع دعوة الحق.ولا عبرة في ذلك، فإن منهج الحق لا يبطل ببطلان منهج أتباعه كالإسلام لا يبطل بتشويه أهل البدع له، فهل ينسب للإسلام ما هو منه براء بحجة فعل من ينتسبون إليه؟!
2 - وإما كذباً لا صحة له ولا حقيقة.كما كذب أبو زهرة.
3 - وإما أقوال لأهل دعوة الحق تكون مجملة، فيأخذونها حجة عليهم للطعن فيهم.
4 - أمور حقيقية وقع فيها أهل الحق والسنة، وهي موافقة للمنهج الحق المبني على الكتاب والسنة بفهم السلف، لكن أهل البدع لم يرتضونها، ولم تقر أعينهم بها، فيشنعون على أهل الحق بتلك الخصال التي يحمد عليها أهل الحق.
وهذه الأمورالأربعة موجودة في دعاوى هذا المردود عليه وهو (أبو زهرة) وقد أفحمه العلامة صالح الفوزان أيما إفحام فجزاه الله خيرا.
وتأمل معي أخي الكريم إلى هذه الدعوى التي يرددها أهل الأهواء دائما، يتهمون أهل الحق بها، وهي (ردهم للحق الذي مع المخالف و الإقصائية المطلقة) وتأمل كيف رد عليه العلامة صالح الفوزان تهمته فهاك إياها مرحوماً:
الوجه العاشر: قوله: وإنه يلاحظ أن علماء الوهابيين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ، وفي رأي غيرهم الخطأ الذي لا يقبل الصواب.
والجواب عنه أن نقول: هذا من جنس ما قبله من التهجم الكاذب الذي لا حقيقة له، فهذه كتب علمائنا ومناقشاتهم لخصومهم، ليس فيها شيء مما ذكره، بل فيها ما يكذبه من بيان الحق وتشجيع أهله، ورد الباطل بالحجة والبرهان ودعوة أهله إلى الرجوع إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يدعوا لأنفسهم بالعصمة من الخطأ، ويرفضوا ما عند غيرهم من الصواب كما وصفهم بذلك، وهذا إمامهم وكبيرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يقول في إحدى رسائله التي وجهها لخصومه: وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقول إلا الحق انتهى. وكلهم - والحمد لله - على هذا المنهج الذي قاله الشيخ.
جزى الله الشيخ العلامة السلفي صالح الفوزان خير الجزاء.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 02:13]ـ
جزى الله الشيخ العلامة السلفي صالح الفوزان خير الجزاء.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 10:12]ـ
باركَ اللهُ فيكم وجزاكم خيرًا أخي الفاضل صالح
حفظك الله.
ـ[شتا العربي]ــــــــ[06 - Nov-2007, صباحاً 12:29]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم وأورثكم الفردوس الأعلى
وجزى الله الشيخ الفوزان خير الجزاء ونفع به وبارك فيه وأورثه الفردوس الأعلى وحفظه ورعاه
وهل كتاب البيان لأخطاء بعض الكتاب قد تم تصويره ونشره على الشبكة أم لا؟
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Nov-2007, صباحاً 12:42]ـ
جزاكم اللَّهُ خيرًا،وبارك فيكم.
وهل كتاب البيان لأخطاء بعض الكتاب قد تم تصويره ونشره على الشبكة أم لا؟
لا.
[للفَائدَةِ]: قد صدرَ الجزء الثَّالِث من «البَيَان لأخطاءِ بعض الكُتَّابِ».
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[06 - Nov-2007, صباحاً 02:29]ـ
نفع الله بكم. . .
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Nov-2007, مساء 10:36]ـ
الأخ الكريم / نضال مشهود:
شكر اللَّه لكم مروركم وتشريفكم.
ـ[أسامة]ــــــــ[07 - Nov-2007, صباحاً 12:17]ـ
جزاك الله خيرًا ... ونفع الله بكم ... وبارك الله في شيخنا الجليل.
ـ[جمال الجزائري]ــــــــ[20 - Mar-2008, صباحاً 02:44]ـ
جزاكم الله خيرا
بارك الله فيكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Apr-2008, مساء 01:54]ـ
جزاكُما اللَّهُ خيرًا، وباركَ فيكُما.
ـ[محمود الغزي]ــــــــ[15 - Apr-2008, مساء 06:45]ـ
جَزي الله العَلّامة (صَالح الفوزان) خَيْر الجَزَاءْ ..
وجَزى الله النَّاقل (الأخ سَلمان أبو زيد) خَيْر الجَزَاءْ .......
وغَفَر الله للأستاذ أبو زُهْرَة وتَجَاوَز عنه ............
آمِين ........(/)
هل هناك فرق بين الإيمان بالله وتوحيده؟
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[26 - Jan-2007, مساء 05:50]ـ
السلام عليكم
أخواني الفضلاء
أرجو أن تتفاعلوا معي في توضيح هذا الأمر لي ... ولاتخيبوا ظني بكم!
من ناحية تأثير الإيمان أو التوحيد على وحدة الأمة هل يوجد فرق؟!
ـ[كلمة حق]ــــــــ[27 - Jan-2007, مساء 08:00]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
على حسب علمي - القاصر- لا يوجد فرق بين الايمان بالله و توحيده وعليه فتاثيرهما واحد
فالايمان كما اطلقته هنا يدخل فيه الاسلام والذي من اركانه شهادة الا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله اي توحيده في الوهيته وربوبيته وكذا اسمائه وصفاته.
واذا اردت بالايمان الذي اركانه ستة فهذا ايضا يشمل التوحيد فان من مقتضيات الايمان بالله الايمان بوجوده وبالوهيته وربوبيته واسمائه وصفاته
والله اعلم.
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[27 - Jan-2007, مساء 11:50]ـ
جزيت خيراً أخي الكريم كلمة حق على التفاعل معي
وهذا ما أراه أنا أيضاً ... : rolleyes:(/)
المجموعات الشبابية الدعوية إلى أين؟!
ـ[صالح السويح]ــــــــ[28 - Jan-2007, صباحاً 02:30]ـ
[1]
بسم الله الرحمن الرحيم
فإن من نعم الله علينا في هذه البلاد أن دين الإسلام ظاهر، وشعائره قائمه، وأهله مكرمون، بخلاف كثير من الدول الإسلامية، والتي تفتقد هذه الخصائص التي حبانا الله إياها، وكل كذلك بفضل الله ثم بفضل دول التوحيد والسنة، هذه الدولة السعودية.
وإن هذه النعم لجديرة بأن تشكر، فإن النعم إذا شكرت قرّت وإذا كفرت فرّت، وشكر هذه النعمة بتحقيق توحيد الله والإخلاص له عبادة، ومعاملة، وحباً وبغضا، و بالاعتصام بحبل الله جميعاً وعدم التفرق، و مناصحة من ولاه الله أمرنا، ومن مناصحته الدعاء له بالسداد، والتوفيق لنصرة الشريعة وإقامة الملّة، ومن ذلك طاعته بغير معصية الله، وجمع قلوب رعيته عليه، والحذر من غيبته ونشر معايبه، ومن ذلك إبلاغه بمن يتربص به فهذا كله من التعاون على البر والتقوى.
وإن من نعم الله على هذه البلاد أن عامة الناس تثق بأهل الخير، وتوليهم التقدير اللائق بهم، ومن آثار ذلك، أن كثيراً من الآباء لا يمانع من تسليم ولده، وثمرة فؤاده، وريحانة قلبه، وقرّة عينه لهؤلاء الأخيار (ظاهراً) لإعانته على تربيته، و تنشئته النشأة الصالحة الخالية من الإفراط والتفريط.
وكان من آثار ذلك أن نشط عدد من الأخيار لإنشاء ما يسمى بـ: (المجموعات الشبابية الدعوية) أو (المكتبات)، وذلك لاحتواء الشباب، وإعانة والديهم على تربيتهم، وتوجيههم الوجهة الصالحة.
هذه المجموعات، هي عبارة على مجموعة من الطلاب، يقوم عليهم قائم و مسؤل، يتولى تنظيمهم، وإقامة ما يراه مناسباً لتربيتهم من الأنشطة و الوسائل. كم سمعنا أن فلاناً انظم لمجموعة، وهكذا فلان الآخر، وهلم جراً ...
هذه المجموعات فيها مصالح عظيمة إذا استغلت الاستغلال الأمثل، وأديت الأمانة، التي ائتمن الوالد ولده هذه المسؤل من أجلها، فلم يغش، أو يخون.
ولكن لابد لنا من وقفة صادقة، مخلصة، مشفقة، نقيم فيها أداء هذه المجموعات، ونضع لها الأطر التي ينبغي لكل من تصدّر لمجموعة أن يرعيها حق الاهتمام، فإننا نجد أصحاب هذه المجموعات على اختلاف بينهم في كيفية إدارة هذه المجموعات وأقصد الإدارة المنهجية التربوية، وسبب هذا هو اختلاف مناهج القائمين على هذه المجموعات – ويتبين هذا من خلال ما سيأتي من كلام.
إن الواجب علينا وضع ضوابط لهذه المجموعات، ويجب على من سلّم ابنه لمجموعة من المجموعات أن يتأكد من تطبيق هذه الضوابط في هذه المجموعة، إذ أن في ذلك سلامة ابنه من أن تخطفه الأعادي، ولأن تصحب السارق والزاني وشارب الخمر، خير لك من أن تصحب المبتدع. وقانا الله وإياكم.
فمن هذه الضوابط إجمالاً ثم تفصيلاً:
1 - أن يكون القائم على هذه المجموعة ممن عرف بالعلم، وسلامة العقيدة والمنهج.
2 - أن تكون هذه المجموعات معلنة.
3 - أن يربط الطلاب بالكتاب والسنة بفهم السلف، لا بفهم الخلف.
4 - أن يربى الطلاب تربيةً ربانية، وذلك بصغار العلم قبل كباره.
5 - أن يربى الطلاب على التعصب للحق، لا للمجموعة.
6 - أن يربط الطلاب بعلماء السنة المعاصرين فضلاً ربطهم بالمتقدمين.
أما التفصيل: (فالأول): لأن غير العالم يفسد أكثر مما يصلح، ولأنه بحاجة لأن يعلم نفسه قبل أن يعلّم غيره، ولأن الجهل قد يحمله على القول على الله بلا علم فيَضِلّ ويُضِلّ، فإن لم يكن من أهل العلم، فلابد أن يكون ممن يلزم كلام أهل العلم السلفيين كالإمام ابن باز و العثيمين والفوزان وغيرهم، أما سلامة العقيدة والنهج، فلأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن هناك دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، وأخبر أن صراط الله مستقيما لا اعوجاج فيه وهو سبيل الله، وأخبر أن على هذه الطريق شعب وطرق، وعلى رأس كل شعْبٍ وطريق دعاة يدعون إلى الضلال فمن أجابهم ضل وهلك ومن أعرض عنهم سلم وأفلح بلزوم صراط الله المستقيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلابد من كونه سالماً في معتقده، فلا يكون مختلطاً ببدعة، لأنه من أفضى إلى مبتدع فقد نزع الله منه العصمة، ومن قارب الفتنة بعدت عنه السلامة. وكذا سلامة المنهج فيكون منهجه منهج السلف الصالح، فإن من الناس من عقيدته وفق عقيدة السلف، إلا أن منهجه في التعامل من المستجدات المعاصرة، وفي الموقف من المخالف، وولي الأمر، وفي الاستدلال والاستنباط ليس على منهج السلف، وهذا ضلال، ولا يؤتمن على تمرة القلب، وقرة العين والابن والأخ.
أما (الثاني): فالإعلان، وأقصد بالإعلان أن يكون ولي أمر الطالب، ومن يعنه الأمر كالعلماء وأهل الحل والعقد على علم ببرنامج المجموعة، بأن يطلعوا عليها من قرب، فتنتفي الريبة، ولأن السنة مقرون بالإعلان، و البدعة مقرونة بالكتمان. فعند اللالكائي في كتاب: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 153) عن عمر بن عبد العزيز: " إذا رأيت قوماً يتناجون في أمر دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة ".
وقال الهروي رحمه الله في كتاب: ذم الكلام (4/ 428): " لا والله، لا دين المتناجين دين، ولا رأي المستترين متين ". فأي مجموعة تؤسس على التكتم والسر، فاحذروها، لأن الحق لا يخاف صاحبه من إظهاره، بخلاف الباطل إذا كانت الصولة لأهل الحق.قال العلامة صالح الفوزان في مقدمته على كتاب الغلو للشيخ محمد بن ناصر العريني: " يتعين على المسلمين العناية بشبابهم كل في حدود مقدرته، وأن لا يتركوهم لدعاة الضلال واصحاب الأفكار المنحرفة، والتعليم يتلقى في دور العلم وفي المساجد وعلى أيدي العلماء الأتقياء، ولا يتلقى في الاستراحات والرحلات والبراري والكهوف وعلى أيدي المتعالمين والمشبوهين وحدثاء الأسنان وأصحاب الأفكار المنحرفة والنحل الضالة، والتوجهات الحزبية " أ. هـ
أما (الثالث)، فلأن آخر هذه الأمة لا يمكن أن يصلح إلا بما صلح به أولها، وأول هذه الأمة صلحوا لما تنزهت نفوسهم عن الأهواء والأغراض الفاسدة وفقوا لفهم الكتاب والسنة فهماً صحيحاً.فهم خير القرون، وشهدوا التنزيل كالصحابة أو من شهد الصحابة فنهل منهم كالتابعين أو من شهد التابعين فنهل منهم أو من سار على طريقتهم بإحسان من بعدهم، فيربط الطلاب بالقرآن حفظاً، وفهماً، وتدبراً، فهاً بفهم السلف، لا بفهم الخلف. وكذا السنة ومنها الاعتقاد من مضانها، وكذا السلوك والمعاملة. فيربطون بالكتاب والسنة بفهم السلف، عملاً وتطبيقاً، ويحذّرون من ضد ذلك حتى لا تزل بهم الأقدام، فالشيء يعرف بضدّه، وتنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية.
أما (الرابع)، فلأن ذلك هي: الربانية التي أمرنا الله تعالى بها، فلا ينبغي أن يعرض مع الطلاب عظائم المسائل، أو يقرأ بكتاب متقدم علمياً، وهو لم يفقه ويعرف حق الله عليه وهو التوحيد، وقبل أن يعرف طهوره، وصلاته. فكيف بك أخي إذا علمت أن بعض من يتولى هذه المجموعات يشغل الطلاب بالسياسة، والتهريج، وإذا سألت هذا (السياسي) القائد لهذه المجموعة عن نواقض الوضوء تلكأ! ولا حول ولا قوة إلا بالله. ففي كتاب سير أعلام النبلاء (8/ 97): جاء الإمام ابن وهب إلى مالك بن أنس فقال: " ما تقول في طلب العلم؟ قال: حسن جميل، لكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه ". فما أشد عجبي ممن يربون الشباب تربية سياسية، أو تربية تهريجية، وبزعمهم أن هذا هو الطريق لشحذ العاطفة الدينية ونسوا، هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه الذين كانوا في الجاهلية عتاة أشداء غلاظ، فنجح في تربيتهم. ألا فأين المربون من منهجه؟!
وأما (الخامس)، فلأن التعصب للمجموعة وصاحبها دون الحق بدعة ضلالة، وتحزباً مذموماً، وتفريقاً للصف الواحد، والكلمة الواحدة، ولأن رد الحق تعصباً لمجموعته أو شيخه أو شخص ما شرك في الطاعة، فالطاعة المطلقة لا تجوز لأحد قط إلا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإنك لتلحظ في بعض أصحاب المجموعات تعصباً لمجموعاتهم، بل وسمعت أن بعضهم إذا علم أن أحد طلابه قد انظم إلى مجموعة أخرى، حذّره – من غير مبرر شرعي - من هذه المجموعة، ومن صاحبها حسداً وتحزباً، بل وتجد البعض ينصب شخصاً يعظمونه في نفوس طلابهم، ويرفعون
(يُتْبَعُ)
(/)
منزلته حتى يصل لمنزلة الأئمة المهديين بل؛ ربما المعصومين، فيبالغون في الثناء والتمجيد لمن لا يستحق كل هذا، ويجعلون الحق مناطاً بها، والباطل ما خالفه، بل و يحذرون ممن خطأه بحق ولسان حالهم: الحق يعرف بالرجال، لا الرجال يعرفون بالحق.و هذا المرض وهو التحزب، ينبغي تحذير الطلاب منه، وتربيتهم على عدم التعصب إلا للحق دون ما سواه.
إن تربية الشباب في بعض هذه المجموعات على مثل هذا إنه لمن أعظم الظلم، لأنه يقتضي أن تربيهم على الإجهاز على إنكار المنكر، ورد المقالات الباطلة، وهو تربية على عدم الاستسلام للدليل والنص، كما أنه جدير بمن ربي على هذه التربية، أن ينتكس وينكص على عقبيه متى انفك رباط الوصال بينه وبين مجموعته، أو بينه وبين من عُظِّم شخصه بنفسه هذا التعظيم السابق.
أما (السادس)، فلأن علماء السنة أعلم بالكتاب والسنة، وأعلم بمنهج السلف، فربط الشباب بهم فيه تربية لهم على الجد في الاستقامة على الدين، والأخذ من أكابر القوم، بخلاف أولئك الذين يربون طلابهم في هذه المجموعات على الارتباط بأهل الغلو أو أهل التميع أو أهل التهريج،، ومتى رأيت القوم يأخذون العلم من أصاغرهم فاعلم أنهم على شفا هلكة. وما أشد حزني حينما أعلم أن بعض تلك المجموعات تقوم على التزهيد بعلماء السنة، والطعن فيهم، وبهتانهم، تارةً بعدم فقه الواقع! وتارة بعلماء السلاطين! وتارة ببغلة السلطان! وتارة بفقهاء الحيض والنفاس! وتارة بالقاعدين! وتارة بالمداهنين!، و آخرها من يقول: إن من العلماء من يفقه عصر ابن تيمية أكثر من عصره! تزهيداً ولمزاً لهم لأنهم ليسوا مثله اشتغلوا بالقيل والقال السياسي، والعصري، وأنت ماذا أفادك معرفة عصر ابن تيمية بتطبيقه في هذا العصر؟ فهل لما عرفت البدعة التي حذّر منها ابن تيمية حذّرت منها يا مدعي الفهم؟! أو أن يلمز العلماء بما هو مديحة في الأصل فيقول: هؤلاء العلماء اشغلونا بالتوحيد وكأننا مشركين!، و لا تسأل بعد ذلك عن الآثار التي يجدونها في نفوسهم، بل وسلوكهم في التعامل مع فتاوى العلماء السلفيين، والأخذ عنهم، وعندها؛ يهدم الدين كما قال بعض السلف، فأي تربية ترجوها من مثل هذه المجموعات؟!.
أيها الأخوة: هذه بعض الضوابط التي ينبغي لكل من تصدّر لمجموعة من المجموعات أن ينتبه لها، وأن يرعيها حق الاهتمام، وكذلك ينبغي لكل ولي أمر أن لا يكون مغفلاً، ويحسن الظنّ بكل احد بل لابد من النظر في حال الشخص المربي، ومنهجه وعقيدته، وكذلك ما أشرنا إليه في هذه الضوابط.
أيها الأخوة، كما أننا ذكرنا أن هذه (المجموعات الشبابية الدعوية) أو (المكتبات) نعمة من الله، ومنة إن استغلت الاستغلال الأمثل، و تولاها الأمناء، فإنها كذلك وسيلة من وسائل الفساد الفكري والمنهجي، إن لم تستغل وفق الضوابط السابقة. ولعل من تأمل تفصيلي لهذه الضوابط يستنتج المحاذير التي ستقع حين الإخلال بهذه الضوابط.
إن الواجب على الجميع خصوصاً من تصدّر لتربية الشباب، أن يتأمل قبل أن يقدم، منهج السلف الصالح، ويحذوا حذوهم، ويقف عند ما وقف القوم، فإننا قوم نتبع ولا نبتدع، ونقتدي ولا نبتدي، فعلينا جميعاً بالأمر العتيق كتاب الله وسنة رسوله بفهم السلف الصالح.
[يتبع إن شاء الله]
صالح السويح
8/ 1/1428
ـ[آل عامر]ــــــــ[29 - Jan-2007, مساء 12:03]ـ
أحسنتم أحسن الله اليك.
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[03 - Feb-2007, صباحاً 05:44]ـ
مقال قيم
نفع الله بك.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[03 - Feb-2007, صباحاً 09:36]ـ
جميل
نسأل الله أن يصلح الأحوال، وتخلف بعض هذه الأمور سبب انحرافا شديدا ببعض الشباب إما إلى الانفلات من التدين، أو إلى الزيع عن الهدى إلى الضلال.
وقد رأيت هذا رأي العين.
ـ[الأخ أبو أسامه]ــــــــ[03 - Feb-2007, صباحاً 09:56]ـ
نشكرك شيخنا الشيخ صالح ـ رعاك الله ـ
وطرح موفق منك ـ بارك الله فيك ـ
وأرجو أن تتحفنا ببقية السلسلة. . .
ـ[الفارس]ــــــــ[04 - Feb-2007, صباحاً 03:20]ـ
بارك الله فيكم ..
المراجعة أمرٌ مهم، بودي لو عرضتها في منتدى يرتاده أهل المكتبات كالمعالي، أو موقع المربي، بارك الله فيك.
ـ[قارئ]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 05:59]ـ
جزاك الله خيراً، لكن لا يُحملون فوق ما يحتملون، أو تضخم أخطائهم.
ـ[طلال]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 03:28]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غفر الله لك واحسن اليك اخي صالح السويح
موضوع موفق
والمكتبات تختلف باختلاف المناطق
فهناك ديار العلماء فيها كثرة وافرة
واخرى بالكاد تجد طالب علم
فلعله يؤخذ ذلك في الاعتبار
وأمر آخر اكثر خصوصا مما سبق:
ليس كل عالم مربي ولا كل مربي عالم
وأن تجد العالم المربي فذاك ذاك ..
نور يستضاء به
ولا يفهم من كلامي انه طعن في بعض علماؤنا
بل كما ان العلم اي المعلومات النظرية رزق بين الخلائق يقسمه الرزاق الكريم
فكذاك فقه التربية وخلطة الناس رزق اخر ييسره الله لمن يصطفيه للامامة في الدين
ولي عودة ان شاء الله فقد افدت من مقالكم الكثير
طلال
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:21]ـ
الأخ آل عامر، وسم المعاني اشكركما على المرور.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:23]ـ
أبو أسامة، عبدالرحمن السديس: أسأل الله ان يحمي شبابنا من فتن الشبهات وفتن الشهوات.
أسعدني مروركما.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:24]ـ
الفارس: أشكرك على هذا التذكير، ولقد وضعت هذا الموضوع في منتدى المعالي لا حرمك الله الأجر.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:26]ـ
الأخ قائ، بارك الله فيك، ولا شك أن تضخيم الأخطاء لا ينبغي، والواجب إعطاء كل شيء ما يستحقه من الاهتمام.
لكن لا يعني التنبيه على الخطأ، و وجوه الخلل التي قد يتعدى ضررها تضخيماُ، بل ذلك من النصحيحة لعامة المسلمين إذا كان من أهله، وبالحكمة.
اشكر لك مرورك وتوجيهك، لا عدمتك أخي الكريم.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:32]ـ
أخي العزيز طلال: أشكر لك مرورك، وتعليقك، وأما قولك ليس كل مربي عالم، وليس كل عالم مربي.
فأقول:
الأولى مسلم بها، بل ليس كل داعية عالم، وليس كل بحّاثة عالم وهكذا.
أما الثانية، فهي تحتاج لتفصيل فبرأيي أنك أجملت. فعلك توضح مرادك أخي الكريم وتفصّل قولك. حتى يتضح ما تريد جزاك الله خيراً ونفع بما تكتب.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:33]ـ
[2]
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأحبة الكرام:
ذكرت فيما سبق من الضوابط لهذه المجموعات أن يربط المربي الطلاب بعلماء السنة المعاصرين فضلاً عن العلماء المتقدمين. فقلت عن هذا الضابط: " أما (السادس)، فلأن علماء السنة أعلم بالكتاب والسنة، وأعلم بمنهج السلف، فربط الشباب بهم فيه تربية لهم على الجد في الاستقامة على الدين، والأخذ من أكابر القوم، بخلاف أولئك الذين يربون طلابهم في هذه المجموعات على الارتباط بأهل الغلو أو أهل التميع أو أهل التهريج"
فعندنا هنا أربعة أقسام:
الأول: علماء ساروا على منهج السلف عقيدة وسلوكاً.
الثاني: أهل غلو.
الثالث: أهل تمييع.
الرابع: أهل تهريج
فأما القسم الأول: فهم أعرف من أن يعرَّفوا، و يكفي في ذلك أن نصفهم بأنهم ساروا على منهج السلف – حقيقة لا دعوىً -. فما أحرى بمن ترأس هذه المجموعات أن يربط طلابه بهؤلاء العلماء ويحببهم لهم.
وأما القسم الثاني: فأهل الغلو. وهو ما سأتحدث عنه بإسهاب نوعي في هذا المقال. فمن أهل الغلو ? وما سماتهم ?
فالجواب أن أهل الغلو هم من غلو في جانب من جوانب الدين حتى خرجوا عن المراد الشرعي وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذا فأهل الغلو هم أهل بدع يجب الحذر منهم.
فمن سمات أهل الغلو:
1 - الطعن في ولاة الأمور.
2 - الطعن في العلماء الذين يجب الأخذ عنهم وهم علماء أهل السنة السائرين على منهج السلف.
3 - التكفير، أو الدفاع عن أهل الخروج أو السكوت عنهم أو تسويغ فعلهم وتبريره.
4 - الاشتغال وإشغال الناس بالسياسة – وهذه صفة غير لازمة لأهل الغلو لكنها غالباً لا تتخلف-.
أقول: فما أعظم جناية من يتولى المجموعات الشبابية إذا ربط طلابه بمثل هؤلاء، فضلاً عن أن يكون منهم.
وحينها لا تسأل عن الحال الذي سيكون عليه هذا الطالب الذي سلم عقله لجلاده. وصدق الشيخ العلامة المجاهد صالح الفوزان حينما قال: " فالذين ينتسبون للدعوة اليوم فيهم مضللون، يريدون الانحراف بالشباب، وصرف الناس عن دين الحق، وتفريق جماعة المسلمين، والإيقاع في الفتنة والله تعالى يقول {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة. .. } الآية. فليست العبرة بالانتساب أو فيما يظهر بل العبرة بالحقائق وبعواقب الأمور. والأشخاص الذين ينتسبون للدعوة يجب إن ينظر فيهم:
أين درسوا؟
ومن أين أخذوا العلم؟
وأين نشأوا وما هي عقيدتهم؟
و تنظر أعمالهم وآثارهم. وماذا أنتجوا من الخير؟
وماذا ترتب على أعمالهم من الصلاح؟
يجب أن تدرس أحوالهم قبل أن يغترّ بأقوالهم ومظاهرهم هذا أمر لابد منه خصوصاً في هذا الزمان، الذي كثر فيه دعة الفتنة ... فعلينا أن ننتبه، ولا نحشد في الدعوة كل من هبّ ودبّ "ا. هـ أنظر المنتقى من فتاوى العلامة صالح الفوزان (1/ 320).
وما أصدق قوله حفظه الله حينما قال محذّرا من التجمعات المستخفية والتي لا يعرف منهج وعقيدة قادتها: " إننا أيها الأخوان في هذا الزمان في وقت فتن وشرور وغالب المجالس تشتغل بالغيبة والنميمة والوقيعة بأعراض العلماء وأعراض ولاة الأمر لأجل إثارة الفتنة، وتفريق الكلمة، وسوء الظن بالعلماء و إسقاط مكانتهم عند الناس كما أن هناك أفكاراً خبيثة تروّج في هذه المجالس لإفساد عقيدة المسلمين، وترويج الأفكار الهدامة والعقائد الباطلة، والآراء المضللة ... وهناك دعوة لتسميم أفكار الشباب ضد آباءهم ومجتمعهم وولاة أمورهم ودعوة إلى الإفساد، والذي يسمونه الجهاد يتمثل باستباحة دماء المسلمين ... فعليكم أيها المسلمون الحذر من هذه المجالس المستخفية والتجمعات المشبوهة والرحلات المجهولة، وحافظوا على أولادكم من دعاة الفتنة الذين يندسون بينهم و يلقنونهم تلك الأفكار ... فاحذروا دعاة الفتنة ... نعم إنهم يتكلمون باسم العلم، ويتسترون بلباس التدين –خداعاً ومكراً أو غلوا وإفراطاً- ويجهلون غيرهم أ ويصفونهم بالمداهنة والجري وراء المناصب والمكاسب الدنيوية، أو يصفونهم بالجبن والتخلف عن الجهاد إلى غير ذلك من الاتهامات الباطلة فكيف تغفلون- أيها المسلمون- عن هؤلاء وتتهاونون بشأنهم وتتركون أولادكم بأيديهم يقودونهم إلى هلاكهم و هلاككم وهلاك المجتمع " ا. هـ انظر كتاب الغلو للشيخ محمد بن ناصر العريني الذي قدم له العلامة صالح الفوزان
(ص: 19 - 21).
قلت: كفى بهذين النقلين إعذاراً وتحذيراً من أن يربط الشباب في هذه المجموعات الدعوية بمن هذا وصفهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:43]ـ
[3]
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة الكرام:
مما يجدر التفصيل فيه، وعدم الإجمال ما ذكرناه من اتصاف بعض قادة هذه المجموعات أو من يربط بهم الشباب بوصف خطير، قلّ من اتصف به وسلم من مغبته، ألا وهو:
الاشتغال بالسياسة
واقصد بقول الاشتغال بالسياسة: (الاستغراق بها) حتى تكون هي الأصل الذي ينطلق من خلاله لبناء وعي طلابه.
ولا يخفى ما لهذا من خطر فكري متى ما تمكن من نفس صاحبه أرداه وأهلكه، أو قارب الهلكة، خصوصاً إذا اقترن مع ذلك الصفات السابقة من الطعن في الولاة والعلماء – وهو الغالب – بحجة أنه هو الذي يفهم الواقع، وأن هؤلاء العلماء لا يفهمون الواقع، وأنهم مشغولون بالقلم والقرطاس. ولهذا صور و أمثله سأذكرها إن شاء الله.
ففي بداية حديثى هذا يجدر بنا أن نعرف؛ ما السياسة في لغة العرب وأهل الاصطلاح؟
فالجواب: أن السياسة لها معانٍ كثيرة في لغة العرب، فمن معانيها:" التدبير، والرعاية.
أما عند أهل الاصطلاح فلها معانٍ كثيرة منها: ولاية شؤون الرعية وتدبيرها أمراً ونهياً من الإمام أو من ينوبه." (انظر مقدمة د/ سعد العتيبي لكتاب التعليق على السياسة الشرعية لشيخ الإسلام بشرح الإمام محمد الصالح العثيمين رحمه الله.)
فمن هذا التعريف نعرف معنىً من معاني السياسة عند أهل اللغة والاصطلاح نعلم أن السياسة و التى هي بمعنى التدبير مرجعها أهل التدبير والرعاية وهم أهل الحل والعقد ممن بيدهم التدبير و مفاتيح الأمور لا إلى عامة الناس ممن ليس بأيديهم عقد ولا حل.
وعليه؛ فما فائدة الاشتغال باستغراق في الأمور السياسية، وتربية الشباب عليها؟! إن هذا إلا قطع للطريق، وأصحابه هم قطاع الطريق حقاً، لأنهم يقطعون الطريق على الشباب في أن ينشغلوا بما هو أهم وأنفع وأحوج من تعلم هدى الله الذي لا فلاح لهم ولا فوز ولا نصر للأمة إلا به.
وإن المتأمل لحال هؤلاء المستغرقين في السياسة والذين اتخذوها منطلقاً في دعوتهم ليجد أنهم كثيراً يلحقون هذا الاستغراق في هذه التربية السياسية طعناً في ولاة الأمر، وطعناً وإسقاطاً للعلماء، فبالله عليكم أحبتي، ما أثر هذه التعبئة السياسية المقرونه بهذين الأمرين على نفس الطالب الملتحق بهذه المجموعة؟! الجواب بديهي، أننا لا نستغرب غداً أن يفجّر أو يكفّر أو على الأقل أن يطعن في العلماء ويصفهم بالمداهنين.
أفلا نتقي الله في أنفسنا فأي خير أيها الأخوة يكون عندما يربى الشباب على الطعن في العلماء والتهوين من شأنهم في نفوس الناشئة والشباب في بعض هذه المجموعات القائمة على هذا المنهج.
أي تربية أسوأ من هذه التربية التي تعمل على قطع العلاقة بين شباب الأمة وعلمائها الربانيين ومن ثم يقودها الجهال والدهماء الذين يصح عليهم قول السلف إن البغاث بأرضنا يستنسر. وأي خير في قيادة الجهال لأمور الأمة الكبيرة من حدثاء الأسنا سفهاء الأحلام.
إن هؤلا الذين يربون الشباب في مثل هذه المجموعات الشبابية إنما هم في الحقيقة (خونة للأمانة)، وما من راعٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت غاش إلا حرم الله عليه الجنة، وهؤلاء قد استرعاهم الأولياء فلذات أكبادهم فغشوا الرعية بتربيتهم على هذا المنهج. فهم؛ لا للإسلام نصروا ولا للكفر كسروا بل العكس تماماً فما أسعد اليهود والنصارى بهم. إذ صرفوا الشباب عن منهج أهل السنة، وضلوهم عن الصراط المستقيم، فحقاً إن هؤلاء الذين يربون الشباب في مثل هذه المجموعات الشبابية على هذا المنهج دعاة على أبواب جهنم.
إن منهج أهل السنة والجماعة هو السمع والطاعة للولاة في غير معصية الله، والنصح للأمة جميعا أميراً وعالماً ومأموراً فهل هذه نصيحة للأمة أم هي تفريق للصف والكلمة و نشر للبدع والمحدثات والمناهج الخبيثة البدعية؟!
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في شرح حديث ((الدين النصيحة ... )) قال" .... وأما النصيحة لأئمة المسلمين، وهم ولاتهم من السلطان الأعظم إلى الأمير، إلى القاضي إلى جميع من لهم ولاية كبيرة أو صغيرة، فهؤلاء لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم، وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم، وذلك باعتقاد إمامتهم والاعتراف بولايتهم، ووجوب طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم، وحث الرعية على طاعتهم ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسوله، وبذل ما يستطيع الإنسان من نصيحتهم، وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون إليه في رعايتهم، كل بحسب حاله، والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق، فإن صلاحهم صلاح لرعيتهم، واجتناب سبهم والقدح فيهم وإشاعة مثالبهم، فإن في ذلك شرا وضررا وفسادا كبيرا فمن نصيحتهم الحذر والتحذير من ذلك، وعلى من رأى منهم- ولاة- الأمور ما لا يحل أن ينبههم سرا لا علنا بلطف وعبارة تليق بالمقام ويحصل بها المقصود, فإن هذا هو المطلوب في حق كل أحد وبالأخص ولاة الأمور, فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خير كثير, وذلك علامة الصدق والإخلاص.
واحذر أيها الناصح لهم على هذا الوجه المحمود أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناس فتقول لهم: إني نصحتهم وقلت, فإن هذا عنوان الرياء, وعلامة ضعف الإخلاص، وفيه أضرار أخر معروفة" (أنظر الرياض الناضرة ص: 49،50).
أيها الأخوة:
إن هؤلاء الذين يربون الشباب على هذا المنهج لهم أهداف وحِكَم، منها ما هو حسن لكن السبيل ليس على السنة والحق، ومنها ما هو خبيث يراد به إفساد الشباب و تفريق الصف.
وحديثي القادم سيكون عن أمرين:
1 - أهداف أصحاب هذا المنهج التي يسعون من أجلها تربية الشباب بهذه الطريقة.
2 - ثمار هذا المنهج.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب الكل]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 01:51]ـ
جزاك الله خيرا على هذه المشاركة القيمة
ولي وقفة مع الضابط الأول
وهو أن يكون القائم على هذه المجموعة من العلماء
فأنا أقول أن هذا الضابط قد لا يتسنى أن يكون موجودا في كل مكان ولكن يكفي أن نقول أن يكون معروفا عند علماء بلده وله صلة بهم ويكون همزة وصل بين الشباب وأهل العلم فإنه ليس كل عالم يستطيع أن يدير هذه المجموعات الشبابية بل أنه من الصعب أن تجد عالما يتفرغ للشباب ويعطيهم وقته كله وأنا أتكلم من واقع تجربة لا لمجرد وجهة نظر خالية من التجربة والمعايشة وليس كل عالم يحسن التعامل مع الشباب وإدارتهم والصبر عليهم خاصة المرحلة الثانوية والمتوسطة .. والله أعلم
أرجوا من فضيلتكم التعليق بارك الله فيكم
ـ[صالح السويح]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 02:26]ـ
الأخ العزيز: حبيب الكل.
قلت: من فضيلتكم، وأنا لست بصاحب فضيلة فجزاكم الله خيرا.
أما ما أشرت غليه فإنني أوافقك فيه تماماً وأنا لم أقل أن يكون من العلماء بل قلت:
أن يكون القائم على هذه المجموعة ممن عرف بالعلم، وسلامة العقيدة والمنهج
فأقله أن يكون عرف بالعلم الشرعي والارتباط بعلماء السنّة سواءً بزيارتهم أم بالاتصال فيهم ومشاورتهم أم بكتبهم و أشرطتهم. هذا مهم جداً.
وفقك الله وسددك و جعلك مباركاً أينما كنت.
ـ[طلال]ــــــــ[23 - Feb-2007, مساء 03:33]ـ
أخي العزيز طلال: أشكر لك مرورك، وتعليقك، وأما قولك ليس كل مربي عالم، وليس كل عالم مربي.
فأقول:
الأولى مسلم بها، بل ليس كل داعية عالم، وليس كل بحّاثة عالم وهكذا.
أما الثانية، فهي تحتاج لتفصيل فبرأيي أنك أجملت. فعلك توضح مرادك أخي الكريم وتفصّل قولك. حتى يتضح ما تريد جزاك الله خيراً ونفع بما تكتب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك يا أخي صالح وأحسن إليك وأجزل لك المثوبة والأجر.
موضوعك جميل ومفيد.
أما ما ذكرته عن استشكال أنه قد يكون العالم غير مربي.
فالذي يظهر أنه لا غرابة في ذلك .. وبيانه:
أن كمال الأهلية في العلميات لا يعني بالضرورة كمالها في طرائق التربية وسياسة المجتمعات ..
ألا ترى أن العالم بالحلال والحرام قد لا يصلح أن يكون قاضياً .. لشدة حاجة القضاء إلى التفطن لمعاقد الحجاج ومهاوي الخدع مع أن العالم بالحلال والحرام كامل الأهلية بالفتيا. فكذلك تربية المجتمعات وقيادة الجماهير وسياسة الشباب لا يؤهّل لها بالضرورة كل من اتصف بكونه عالماً بمسائل الفقه والشرع من غيره.
فإذا انضمّ إلى ذلك انحراف طرائق طلب العلم في زماننا بما يُشهد بتقديم من حمل ألقاباً أمام اسمه على من حمل علماً ربّانياً في صدره وانضاف إلى ذلك هجر فقه تزكية النفوس عن غالب حلقنا العلمية = كان حقيقٌ بأن يُذكر أنّه ليس بالضرورة أن يكون كل عالمٍ مربي.
دمتَ موفقاً مسدداً
محبكم
طلال
5/ 2/1428هـ
ـ[صالح السويح]ــــــــ[06 - Apr-2007, صباحاً 12:25]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[4]
الأهداف التي تحمل قادة هذه المجموعات إلى سلوك هذا السبيل؟
من هذه الأهداف إجمالاً:
1 - الاهتمام بأمر المسلمين.
2 - إيقاظ الحمية الدينية والشعور الإسلامي.
3 - بعث هم التغيير والإصلاح.
4 - فقه الواقع.
أما الأول والثاني والثالث فمقدور على تحصيلها دون هذا الاستغراق المذموم في السياسة. والذي أدت نتائجة إلى الإعراض عن السبيل الشرعي في الإصلاح والتغيير، وهو البداءة بإصلاح العقيدة و الإجتماع عليها و الولاء والبراء فيها.
إن طريق الإصلاح يبدأ بالتوحيد وينتهي بالتوحيد، والإصلاح إنما هو دائر حول ذلك، فتتويب الناس من المعاصي إنما هو لتعبيدهم لله، و إخضاعهم لوحدانيته، و لنقلهم من رجاء غير الله إلى رجاء الله وحده، ومن الخوف من غير الله إلى الخوف من الله وحدة، ومن التعلق بغير الله إلى التعلق بالله وحده.
فمن كان توحيده لله قوياً، و ولاؤه وبراؤه لعقيدة التوحيد فإنه حينها سيعرف حتما – إن صحّت نيته – الطريق الصحيح للإصلاح، وسيهتم بأمر المسلمين سعياً لإرجاعهم لمصدر عزهم وهو حقيقة التوحيد. وحتماً سيكون عنده شعور إسلامي وحمية دينة، ولكن غير جارفة طاغية لا تفرق بين الحق والباطل. وحتما سيسعى للإصلاح على منهج النبوّة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنى ذلك لمن رُبِّي على الاستغراق في السياسة، والتي سيكون من نتاجها الولاء والبراء على احداث سياسية عاطفية – ظنية خرصية -. وأني له أن يسير على منهج النبوة وقد ربي على تجاوز أهل الحل والقعد وهم ولاة الأمور من الأمراء والعلماء، فصدَر قبل أن يصدروا وقد قال الله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ... } [النساء: 83] يقول الإمام ابن كثير رحمه الله مفسراً هذه الآية: " إنكار من الله على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة " أ. هـ فما بالك إذا كانت هذه الأخبار السياسية إنما مصدرها قنوات مغرضة أو إذاعات خبيثة. فهل فيها إلا الدس والكذب، أو الزيادة أو النقصان، إذا أنها تعمل لصالح جهاتها التي تدعمها. فتربية الشباب على الاستغراق في السياسة إنما هو تربية لهم على خلاف منهج النبوة، ومنه ما أرشدنا الله تعالى إليه في هذه الآية. ولا أريد أن أستطرد في هذا إذ أنني سأتحدث – إن شاء الله – عن آثار التربية على هذا المنهج.
أما الهدف الرابع وهو (فقه الواقع) زعموا! فأي فقه؟! وأي واقع؟! فهل هذا الفقه مما علمه محمد صلى الله عليه وسلم صحاته الكرام، وحث على تعليمه؟! فإن كان كذا فاحسن به من فقه إذا كان من أهله! وأي واقع ذلك الذي يراد بطلاب هذه المجموعات الشبابية أن تفقهه؟! هل واقع الشرك الذي علت مناراته في كثير من بقاع العالم الإسلامي؟! أم هو واقع البدع التي ضربت أطنابها كثير من نفوس المسلمين؟! أم هو واقع السياسة؟!
فإن كان الأول والثاني، فهو محمود، و مفتاحه العلم الشرعي، لأن الجهل لا يزال إلا بالعلم. وأما الثالث فهل هذا القائد لهذه المجموعة معني بهذا الواقع إلى درجة أن يجعله حلّه بيده، فيستغرق في السياسة، ويضع لمشكلات السياسة الحلول – البعيدة عن الصواب، وبغير الطريق الشرعي _ ويربي طلابه على هذا السبيل؟!.
وأما الجواب على هذه الأسئلة، فإننا نقول لا بد من بيان المراد بفقه الواقع؟ حتى نعرف حكمه؟ والواقع يدل على ان المراد به الواقع السياسي. و إن هذا الفقه ليس من الفقه الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم ولا حث على تعلمه وتعليمه بل لم توجد هذه التركيبة – فقه الواقع- عن السلف الصالح. قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله في جواب عن سؤال عن فقه الواقع: " السلف لم يركبوا هذا التركيب مع وجود الكلمتين عندهم، فلم يضيفوا (الفقه) إلى (الواقع)، فلم يقولوا (فقه واقع).
قالوا: فقه الكتاب، فقه السنة، ونحو ذلك، الفقه الأكبر؛ يعني العقيدة، أما فقه الواقع فلم يرد عندهم.
فكان بهذا مع عدم تسمية معرفة الواقع بفقه الواقع، مع أن العلماء أعرضوا عنه أربعة عشر قرنا، كان هذا دليلا على أن هذه التسمية محدثة «وكل محدثة بدعة»؛ لأنها متصلة بالشريعة، ولا يخفى على كل واحد منكم أن فقه الواقع عند من يسميه بذلك له مساس بالأحكام الشرعية. " ا. هـ
ولكن هل هذا يعني أنه لا ينبغي لنا أن نعرف الواقع؟ الجواب لا بد فيه من تفصيل فإن كان السائل من أهل الحل والعقد قلنا يجب أن يعرف الواقع المحيط به معرفة صحيحة حتى لا يؤخذ على حين غرّة، وأما ما عداهم فإن الاشتغال بذلك فضلاً عن الاستغراق به أم ليس بمحمود، ولأن ذلك خلاف ما أمر الله تعالى به من إرجاع الأمور العامة التي تهم الأمة من الأمن والخوف إلى أهلها وهم ولاة الأمور.
وقال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله: " (فقه الواقع) يُعنى بها معرفة أحوال الناس والمسلمين والأعداء، وما يعدّون له، وما يخططون ونحو ذلك من علوم كثيرة، وهذا لاشك أنه كعلم –مع اعتراض على التسمية- كعلم مطلوب، أن يعرف في الأمة طائفة هذه الأمور، وهذا من أجناس فروض الكفايات كالعلوم المختلفة: علم السياسة، وعلم الفيزياء، والكيمياء، والجبر، والهندسة، ونحو ذلك، هذا من جنس العلوم تلك، فمعرفتها لا بد أن تكون في الأمة " ا. هـ وقال: " إذا تقرر هذا فإنه باتفاق أهل العلم: العلوم الكفائية لا يخاطب بها عامة الناس؛ لأنها ليست مُصلحة لدينهم، بل إنها تشغلهم عما هو أولى لهم "ا. هـ وقال: " وهذا ينبني عليه فهمنا إلى أن الانشغال بهذه الأمور لن
(يُتْبَعُ)
(/)
تحصّل من ورائها طائلا، بل إنه يصدك عمّا يجب أن تربي نفسك عليه وما تربي أحبابك عليه."ا. هـ فتبين أيها الأخوة ما هو الفقه، وما هو الواقع، ومن المعني بهذا الأمر، والواجب على من الله تعالى عليه بمعرفة شيء من مخططات الأعداء، ثم وجد من ولي أمر المسلمين ما يخالف الواجب فعله من الحيطة والحذر أن يسلك الطريق الشرعية في النصيحة، بأن ينصحه بينه وبينه مذكراً لا معلماً، لأنه قد يتوهم شيئاً يظنه الصواب، فإذا هو مخالف للواقع تماماً، لأن ولي الأمر أعرف بدقائق الأمور و تفاصيلها وخفاياها ومصالحها ومفاسدها، ومن أجل ذلك أمر الله تعالي بإرجاع الأمر له.
إذاً: ما الطائل والهدف بعد هذا؛ من سلوك طريق الاستغراق في السياسة في تربية الشباب؟! قال العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في مقدمته على كتاب مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية، والانفعالات الحماسية في سياق ثناءه على الكتاب: " فألفيته – أي الكتاب-كتاباً مفيداً، مشتملاً على التأصيل للمنهج القويم الذي يليق بالمسلم الناصح لنفسه أن يسلكه، ومشتملاً أيضاً على تصحيح مفاهيم خاطئة لبعض الشباب في داخل البلاد السعودية وفي خارجها، وخاصة تصحيح مفاهيم بعض أصحاب الفقه الجديد: فقه واقع القصاصات من الصحف والمجلات، وتتبُّع الإذاعات الكافرة وغير الكافرة، وتلقّف أخبارها، وتحليلهم إياها تحليلات اعتبروها أموراً مسلّمة، وقد أثبت الواقعُ في الغالب خطأَ نتائج هذا التحليل، ولم يقف الأمرُ بهم عند هذا الحدّ، بل تجاوز إلى النَيْل من أجِلَّة علماء هذا العصر ذوي الفقه في الدين، وحملة ميراث النبي الكريم، وفي مقدّمتهم سماحة شيخنا العلاّمة الجليل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ حفظه الله ـ، وفضيلة الشيخ العلاّمة الجليل محمد بن صالح العثيمين ـ حفظه الله ـ، الذين نفع الله بعلمهم وفتاويهم " ا. هـ وقال: " وفي الختام أوصي بقراءة هذا الكتاب والاستفادة منه، وأوصي شباب هذه البلاد السعودية أن يحذروا الأفكار الفاسدة الحاقدة الوافدة إلى بلادهم لإضعاف دينهم وتمزيق شملهم والتنكر لما كان عليه أسلافهم، وأن يأخذ كلُّ شابٍّ ناصحٍ لنفسه العبرةَ والعظةَ من قول عبد الله بن مسعود كما في ((الإبانة)) لابن بطّة: ((إنّها ستكون أمور مشتبهات! فعليكم بالتؤدة؛ فإنّك أن تكون تابعاً في الخير خيرٌ من أن تكون رأساً في الشرِّ)).ا. هـ وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في الأجوبة المفيدة [ص 191]: " والله هذا هو الواقع اليوم، الآن رؤوس جهال يتكلمون بأحكام الشريعة ويوجهون الناس ويحاضرون ويخطبون وليس عندهم من العلم والفقه شيء، إنما عندهم تهريج، وتهييج، قال فلان وقال فلان، شغلوا الناس بالقيل والقال وهذا مصداق ما أخبر به النبيصلى الله عليه وسلم، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً.
ومع الأسف يسميهم الناس علماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله. في حين لو تسأله عن نازلة من النوازل أو حكم شرعي فإنه لا يستطيع أن يجيبك بجواب صحيح، لأنه يقول هذا ليس بعلم، العلم هو الثقافة السياسية وفقه الواقع، فحُرمِوا العلم والعياذ بالله، نسأل الله العافية."ا. هـ ولما سئل حفظه الله في عن حقيقة فقه الواقع [ص 22] قال: " إنما المرد به عندهم: الاشتغال بأمور السياسة والتهييج السياسي، وصرف الأوقات والهمم إليه. أما فقه الأحكام فيسمونه: فقه الجزئيات، وفقه الحيض والنفاس، تهجيناً له وتنفيراً منه ومن الاشتغال به."ا. هـ
أيها الأخوة: وبعد أن ذكرت بعض الأهداف التي يسعى لتحقيقها قادة هذه المجموعات التي تسير على هذا النهج فإنني سأتحدث عن آثار الاستغراق في السياسة إذ لا شك أن لها آثاراً كثيرة لا تحمد عقباها. فأسأل الله الإعانة.
صالح السويح
17/ 3/1428هـ
ـ[ابن عقيل]ــــــــ[06 - Apr-2007, صباحاً 12:37]ـ
جزاك الله خيراً(/)
((توضيح لفهم خاطئ)) لصاحب الفضيلة شيخنا صالح بن فوزان الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Jan-2007, مساء 10:17]ـ
((توضيح لفهم خاطئ))
لصاحب الفضيلة شيخنا
العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأت ما كتبه الأخ الدكتور: سعد بن عبدالعزيز الراشد تعقيبا على مقالتي التي نشرت في جريدة الجزيرة عدد الثلاثاء 20 ذي الحجة 1427 هـ والتي استنكرت فيها ما ظهر الآن من تتبع الأماكن والغيران التي جلس فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أو نزل فيها ...
[تابع تعقيب الشيخ من هنا:]
http://www.al-daawah.net/images/explaining.jpg
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Jan-2007, مساء 10:19]ـ
قرأت ما كتبه الأخ الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد تعقيباً على مقالتي التي نشرت في جريدة الجزيرة عدد الثلاثاء 20 من ذي الحجة 1427هـ والتي استنكرت فيها ما ظهر الآن من تتبع الأماكن والغيران التي جلس فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أو نزل فيها هو أو أحد من أصحابه مما قد يؤثر في العقيدة خصوصاً عند العوام، لا سيما أن البلاد الأخرى وقعت من جراء ذلك في أخطاء فادحة في العقيدة بسبب ارتياد الآثار المنسوبة الى المعظمين من العلماء والصالحين بسبب الغلو الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم والذي أوقع الأمم السابقة في الشرك لما تتبعت آثار أنبيائها وصالحيها، وكأن هذا المقال لم يعجب الدكتور سعداً فعقب عليه دون أن ينظر فيما ذكرته وقصدته في التحذير من تتبع آثار الصالحين والتبرك بها وبناء المساجد عليها واتخاذها مصليات وما أظنه يمانع في التحذير من ذلك لو أنه دقق النظر فيما قلته.
فقد قلت بالحرف: (ويريدون بالآثار الأماكن التي يزعمون ان الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعض أصحابه جلسوا فيها أو سكنوها مما لم يهتم به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة من بعدهم لأنه لا جدوى فيه ولأنه يجر إلى الغلو والتبرك بتلك الآثار والدعاء والاستغاثة بمن نسبت إليه مما هو حقيقة الشرك كما حصل للأمم السابقة لما غلت في آثار أنبيائها وصالحيها) وهذا النوع هو الذي يفرح أعداء المسلمين اشغالهم فيه لما يعلمون من عواقبه الوخيمة. فهل الدكتور سعد لا يرى في هذا حرجاً لا أظنه إن شاء الله، فأرجو أن يعيد النظر فيما كتب، ومن تتبع مقالتي وتعقيبه عليها وجد بينهما بوناً شاسعاً لا يليق أن يصدر من مثله.
د. صالح بن فوزان الفوزان
المصدر: (صحيفة الجزيرة) الأربعاء 28 ذو الحجة 1427 - العدد 12529
http://www.al-jazirah.com/146991/rv3d.htm(/)
أهل السنة يقولون مالهم وما عليهم رسالة من عبيد الله العلثي إلى ابن الجوزي أنمودجا
ـ[ aborazan] ــــــــ[30 - Jan-2007, صباحاً 12:29]ـ
[ size=4] من عبيد الله إسحاق بن أحمد بن محمد بن غانم العلثي، إلى عبد الرحمن بن الجوزي، حمانا الله وإياه من الاستكبار عن قبول النصائح، ووفقنا وإياه لاتباع السلف الصالح، وبصرنا بالسنة السنية، ولا حرمنا الاهتداء باللفظات النبوية، وأعاذنا من الابتداع من الشريعة المحمدية. فلا حاجة إلى ذلك. فقد تركنا على بيضاء نقية، وأكمل الله لنا الدين، وأغنانا عن آراء المتنطعين، ففي كتاب الله وسنة رسوله مقنع لكل من رغب أو رهب، ورزقنا الله الاعتقاد السليم، ولا حرمنا التوفيق، فإذا حرمه العبد لم ينفع التعليم. وعرفنا أقدار نفوسنا، وهدانا الصراط المستقيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وفوق كل ذي علم عليم. وبعد حمد الله سبحانه، والصلاة على رسوله: فلا يخفى أن الدين النصيحة، خصوصاً للمولى الكريم، والرب الرحيم. فكم قد زل قلم، وعثر قدم، وزلق متكلم، ولا يحيطون به علماً. قال: عز من قائل " ومِنَ الناس من يُجادلُ في الله بغير عِلْم وَلا هُدىً وَلا كتابٍ مُنير ".
وأنت يا عبد الرحمن، فما يزال يبلغ عنك ويسمع منك، ويشاهد في كتبك المسموعة عليك، تذكر كثيراً ممن كان قبلك من العلماء بالخطأ، اعتقاداً منك: أنك تصدع بالحق من غير محاباة، ولا بد من الجريان في ميدان النصح: إما لتنتفع إن هداك الله، وإما لتركيب حجة الله عليك. ويحذر الناس قولك الفاسد، ولا يغرك كثرة اطلاعك على العلوم. فرب مبلَّغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه لا فقه له، ورب بحر كَدر ونهر صاف، فلستَ بأعلمِ من الرسول، حيث قال له الإمام عمر: " أتصلي على ابن أبي؟ أنزل القرآن " وَلا تصلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهمْ " ولو كان لا ينكر من قل علمه على من كثر علمه إذاً لتعطل الأمر بالمعروف، وصرنا كبني إسرائيل حيث قال تعالى: " كانوُا لاَ يَتَنَاهُوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ". " المائدة: 134 "، بل ينكر المفضول على الفاضل وينكر الفاجر على الولي، على تقدير معرفة الولي. وإلا فابن التنقا ليطلب وابن السمندل، ليجلب - إلى أن قال: واعلم أنه قد كثر النكير عليك من العلماء والفضلاء، والأخيار في الآفاق بمقالتك الفاسدة في الصفات. وقد أبانوا وَهاءَ مقالتك، وحكوا عنك أنك أبيت النصيحة، فعندك من الأقوال التي لا تليق بالسنة ما يضيق الوقت عن ذكرها، فذُكر عنك: أنك ذكرت في الملائكة المقربين، الكرام الكاتبين، فصلاً زعمت أنه مواعظ، وهو تشقيق وتفهيق، وتكلف بشع، خلا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام السلف الصالح الذي لا يخالف سنة، فعمدت وجعلتها مناظرة معهم. فمن أذن لك في ذلك. وهم مستغفرون للذين آمنوا، ولا يستكبرون عن عبادة الله. وقد قرن شهادته بشهادتهم قبل أولى العلم وما علينا كان الآدمي أفضل منهم أم لا، فتلك مسألة أخرى.
فشرعت تقول: إذا ثارت نار الحسد فمن يطفيها؟ وفي الغيبة ما فيها، مع كلام غث.
أليس منا فلان؟ ومنا فلان؟ ومنا الأنبياء والأولياء من فعل هذا من السلف قبلك؟ ولو قال لك قائل من الملائكة: أليس منكم فرعون وهامان؟ أليس منكم من ادعى الربوبية؟ فعمن أخذت هذه الأقوال المحدثة، والعبارات المزوقة، التي لا طائل تحتها وقد شغلت بها الناس عن الاشتغال بالعلم النافع أحدُهم قد أنسى القرآن وهو يعيد فضل الملائكة ومناظرتهم، ويتكلم به في الآَفاق.
فأين الوعظ والتذكير من هذه الأقوال الشنيعة البشعة.
ثم تعرضت لصفات الخالق تعالى، كأنها صدرت لا من صدر سكن فيه احتشام العلي العظيم، ولا أملاها قلب مليء بالهيبة والتعظيم، بل من واقعات النفوس البهرجية الزيوف. وزعمت أن طائفة من أهل السنة والأخيار تلقوها وما فهموا. وحاشاهم من ذلك. بل كفوا عن الثرثرة والتشدق، لا عجزاً - بحمد الله - عن الجدال والخصام، ولا جهلاً بطرق الكلام. وإنما أمسكوا عن الخوض في ذلك عن علم ودراية، لا عن جهل وعماية.
(يُتْبَعُ)
(/)
والعجب ممن ينتحل مذهب السلف، ولا يرى الخوض في الكلام. ثم يقدم على تفسير ما لم يره أولاً، ويقول: إذا قلنا كذا أدى إلى كذا، ويقيس ما ثبت من صفات الخالق على ما لم يثبت عنده. فهذا الذي نهيتُ عنه. وكيف تنقص عهدك وقولك بقول فلان وفلان من المتأخرين؟ فلا تشمت بنا المبتدعة فيقولون: تنسبوننا إلى البدع وأنتم أكثر بدعاً منا، أفلا تنظرون إلى قول من اعتقدتم سلامة عقده، وتثبتون معرفته وفضله. كيف أقول ما لم يقل، فكيف يجوز أن تتبع المتكلمين في آرائهم، وتخوض مع الخائضين فيما خاضوا فيه، ثم تنكر عليهم. هذا من العجب العجيب. ولو أن مخلوقاً وصف مخلوقاً مثله بصفات من غير رؤية ولا خبر صادق. لكان كاذباً في إخباره. فكيف تصفون الله سبحانه بشيء ما وقفتم على صحته، بل بالظنون والواقعات، وتنفون الصفات التي رضيها لنفسه، وأخبر بها رسوله بنقل الثقات الأثبات، يحتمل، ويحتمل.
ثم لك في الكتاب الني أسميته " الكشف لمشكل الصحيحين " مقالات عجيبة، تارة تحكيها عن الخطابي وغيره من المتأخرين، أطلع هؤلاء على الغيب. وأنتم تقولون: لا يجوز التقليد في هذا، ثم ذكره فلان، ذكره ابن عقيل، فنريد الدليل من الذاكر أيضاً، فهو مجرد دعوى، وليس الكلام في الله وصفاته بالهين ليلقى إلى مجاري الظنون - إلى أن قال: إذا أردت: كان ابن عقيل العالم، وإذا أردت: صار لا يفهم، أوهيت مقالته لما أردت. ثم قال: وذكرت الكلام المحدث على الحديث، ثم قلت: والذي يقع لي. فبهذا تقدم على الله، وتقول: قال علماؤنا، والذي يقع لي. تتكلمون في الله عز وجل بواقعاتكم تخبرون عن صفاته. ثم ما كفاك حتى قلت: هذا من تحريف بعض الرواة. تحكماً من غير دليل. وما رويت عن ثقة آخر أنه قال: قد غيره الراوي فلا ينبغي بالرواة العدولِ: أنهم حرفوا، ولو جوزتم لهم الرواية بالمعنى، فهم أقرب إلى الإصابة منكم. وأهل البدع إذاً كلما رويتم حديثاً ينفرون منه، يقولون: يحتمل أنه من تغيير بعض الرواة. فإذا كان المذكور في الصحيح المنقول من تحريف بعض الرواة، فقولكم ورأيكم في هذا يحتمل أنه من رأى بعض الرواة.
وتقول: قد انزعج الخطابي لهذه الألفاظ. فما الذي أزعجه دون غيره؟ ونراك تبني شيئاً ثم تنقضه، وتقول: قد قال فلان وفلان، وتنسب ذلك إلى إمامنا أحمد - رضي الله عنه - ومذهبه معروف في السكوت عن مثل هذا، ولا يفسره، بل صحح الحديث، ومن من تأويله.
وكثير ممن أخذ عنك العلم إذا رجع إلى بيته علم بما في عَيبته من العيب، وذم مقالتك وأبطلها. وقد سمعنا عنك ذلك من أعيان أصحابك المحبوبين عندك، الذين مدحتهم بالعلم، ولا غرض لهم فيك، بل أدوا النصيحة إلي عباد الله، ولك القول وضده منصوران. وكل ذلك بناء على الواقعات والخواطر.
وتدعي أن الأصحاب خلطوا في الصفات، فقد قبحت أكثر منهم، وما وسعتك السنة. فاتق الله سبحانه. ولا تتكلم فيه برأيك فهذا خبر غيب، لا يسمع إلا من الرسول المعصوم، فقد نصبتم حرباً للأحاديث الصحيحة. والذين نقلوها نقلوا شرائع الإسلام.
ثم لك قصيدة مسموعة عليك في سائر الآفاق، اعتقدها قوم، وماتوا بخلاف اعتقادك الآن فيما يبلغ عنك، وسمع منك منها:
ولو رأيت النار هبت، فعدت ... تحرق أهل البغي والعناد
وكلما ألقى فيها حطمت ... وأهلكته، وهي في ازدياد
فيضع الجبار فيها قدماً ... جلت عن التشبيه بالأجساد
فتنزوي من هيبته، وتمتلي ... فلو سمعت صوتها ينادي
حسبي حسبي، قد كفاني ما أرى ... من هيبة أذهبت اشتداد
فاحذر مقال مبتدع في قوله ... يروم تأويلاً بكل واعي
فكيف هذه الأقوال: وما معناها؟ فإنا نخاف أن تحدث لنا قولاً ثالثاً، فيذهب الاعتقاد الأول باطلاً. لقد آذيت عباد الله وأضللتهم، وصار شغلك نقل الأقوال فحسب، وابن عقيل سامحه الله، قد حكى عنه: أنه تاب بمحضر من علماء وقته من مثل هذه الأقوال، بمدينة السلام - عمرها الله بالإسلام والسنة - فهو بريء - على هذا التقدير - مما يوجد بخطه، أو ينسب إليه، من التأويلات، والأقوال المخالفة للكتاب والسنة.
وأنا وافدة الناس والعلماء والحفاظ إليك، فإما أن تنتهي عن هذه المقالات، وتتوب التوبة النصوح، كما تاب غيرك، وإلا كشفوا للناس أمرك، وسيروا ذلك في البلاد وبينوا وجه الأقوال الغثة، وهذا أمر تُشُوِر فيه، وقضى بليل، والأرض لا تخلو من قائم للّه بحجة، والجرح لا شك مقدم على التعديل، والله على ما نقول وكيل، وقد أعذر من أنذر.
وإذا تأولت الصفات على اللغة، وسوغته لنفسك، وأبيت النصيحة، فليس هو مذهب الإمام الكبير أحمد بن حنبل قدس الله روحه، فلا يمكنك الانتساب إليه بهذا، فاختر لنفسك مذهباً، إن مكنت من ذلك، وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق في كل وقت ولو ضُربوا بالسيوف، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يبالون بشناعة مشنع، ولا كذب كاذب، ولهم من الاسم العذب الهني، وتركهم الدنيا وإعراضهم عنها اشتغالاً بالآخرة: ما هو معلوم معروف.
ولقد سودت وجوهنا بمقالتك الفاسدة، وانفرادك بنفسك، كأنك جبار من الجبابرة، ولا كرامة لك ولا نعمى، ولا نمكنك من الجهر بمخالفة السنة، ولو استقبل من الرأي ما استدبر: لم يحك عنك كلام في السهل، ولا في الجبل، ولكن قدر الله، وما شاء فعل، بيننا وبينك كتاب الله وسنة رسوله، قال الله تعالى: " فإنْ تَنَازَعْتُم فِي شَيْءً فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول " ولم يقل: إلى ابن الجوزي.
وترى كل من أنكر عليك نسبته إلى الجهل، ففضل الله أُوتيته وحدك؟ وإذا جَهَّلت الناس فمن يشهد لك أنك عالم؟ ومن أجهل منك، حيث لا تصغي إلى نصيحة ناصح؟ وتقول: من كان فلان، ومن كان فلان. من الأئمة الذين وصل العلم إليك عنهم، من أنت إذاً؟ فلقد استراح من خاف مقام ربه، وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم.
فانتبه يا مسكين قبل الممات، وحَسِّن القول والعمل، فقد قرب الأجل، للّه الأمر من قبل ومن بعد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ذيل طبقات الحنابلة - (ج 1 / ص 267)(/)
ولكن لماذا ينجح العدو بسهولة في استثمار الانقسام السُّني الشيعي؟
ـ[الفلوجة]ــــــــ[30 - Jan-2007, صباحاً 01:54]ـ
• ولكن لماذا ينجح العدو بسهولة في استثمار الانقسام السُّني الشيعي؟
• بقلم: بندر بن عبدالله الشويقي
في منتصف العام المنصرم شارك الشيخ حسن الصفار في مؤتمر عُقد ببيروت عنوانه: (المؤتمر العالمي لتكريم الإمام شرف الدين). ومما قاله هناك: (إن الأمة الإسلامية غنية بأدبيات الوحدة .. فقيرة لآليات تطبيقه). تذكرتُ هذا الكلام وأنا أقرأ مقالة الشيخ الصفار في عدد الأسبوع المنصرم من ملحق الرسالة حول أحداث العراق. تلك المقالة التي أضافت المزيد لثروتنا المتنامية من الأدبيات الوحدوية الفارغة؛ إذ كرَّر الصفار فيها تأكيداته السابقة: (على نهج الوحدة والتقارب والحوار)، وقال (إن ما يحدث على الساحة العراقية من فتنة طائفية هوجاء، يجب أن نعتبره تأكيداً على ضرورة الوحدة وأهمية الحوار والتقارب).
حقاً إن أمتنا غنية بأدبيات الوحدة، فقيرة لآليات تطبيقها. والشيخ حسن الصفار واحدٌ من أفراد هذه الأمة الغنية الفقيرة. لذا فهو يملك رصيداً ضخماً من أدبيات الوحدة، ومحاضرات التقارب ومقالات نبذ الطائفية. لكن رصيده مكشوف فيما يتعلق بآليات واقعية لتحقيق هذه الوحدة.
• الفتنة العراقية جرس إنذار
حديثي هنا مع الصفار ليس عن العراق وما يجري فيه، وإنما هو حديث عن موطني وما قاربه من بلاد المسلمين. ليس لأجل رُخص دماء العراقيين عندي، ولكن لأني أظن الوقت بالنسبة للعراق قد فاتَ أو كاد، وبات من الصعوبة بمكان تلافي الوقوع في حفرة الاقتتال الداخلي. فالشعب العراقي دخل الآن في دوامةٍ كبيرة، الله وحده العالم أينَ وكيف ستنتهي. فنسأل الله أن يلطف بإخواننا هناك، وأن يحقن دماءهم، ويجعل لهم فرجاً ومخرجاً قريباً.
ما يحدث بالساحة العراقية الآن هو في الحقيقة جرس إنذار للعاملين المخلصين في مواقع أخرى ممن يجرون وراء سرابٍ لا حقيقة له، أعني أولئك الذين يسعون لتخدير الأمة بالمسكنات المؤقتة التي قد تؤخر المعاناة لكن لا تمنع وقوعها. تلك الأحداث الدامية بالعراق ما هي إلا نتيجة حتمية لمرض قديم ظلَّ طيلة قرون مضت يفتك بجسد الأمة المسلمة وينخر في أساس وحدتها القائم على مبادئ الدين الحنيف. فتجاهُلُ هذا المرض والتعلل بإمكانية استغلال العدو له لن يفيد أبداً في مداواته.
العدو الخارجي لم يخلُق الخلاف السُّني الشيعي ولم يبتدعه، لكنه وجد فيه أرضاً خصبةً جاهزة لأن يزرع فيها مكره وكيده. وهذه ليست المرة الأولى ولا أظنها ستكون الأخيرة التي يُستغل فيها هذا الخلاف من أجل تمزيق المسلمين وتفتيت قوتهم. فالعراق نفسه شهد حدثاً مطابقاً عام 656هـ حين أفاد التتار من هذا الافتراق وجعلوه مفتاحهم لدخول عاصمة الخلافة العباسية وذبح أهلها وتحطيم حضارتهم.
قضية أن العدو يؤجِّج الخلاف ويستفيد منه في تحقيق أطماعه ليست محل بحثٍ وجدل؛ إذ لا يُتوقع من العدو غير ذلك. لكنَّ التركيز على إفادة العدو من الخلافات، وغضَّ الطرف عن كونها واقعاً على الأرض منهجٌ أعوج سوف يُعمي أعيننا عن نقاط ضعفنا الواضحة، وبالتالي سوف يقطع علينا سبيل علاجها. هذا المنهج معناه باختصار: (لنغمض أعيننا عن اختلافاتنا، ولنوهم أنفسنا أننا متفقون حتى لا يفرح العدو بخلافنا)! فهل هناك أغبى من هذه الفكرة؟!
• حيرة دعاة التقارب
قرأتُ هذه الأيام لعدة كتاّب ممن كانوا يسيرون في الاتجاه الخاطئ طلباً للوحدة والتقارب الشكليين. قرأتُ لهم وهم يعربون عن صدمتهم وتعجبهم من صمت المراجع الشيعية وموقفها البارد مما يجري بالعراق من إبادة جماعية لأهل السنة على أيدي فرق الموت من جيش المهدي وفيلق الغدر. قرأت لهم وهم يقولون: نحن استنكرنا وبشدة التفجيرات الجماعية التي استهدفت الشيعة، فما بال مراجع الشيعة اليوم لا ينطقون؟!
قرأت بياناً لمجلس الإفتاء الأوربي، وكلاماً للقرضاوي، ومقالاً لفهمي هويدي، وآخر للدكتور محسن العواجي. بل رأينا الصحفيَّ المصري سليم عزوز يعلن أنه توصل اليوم إلى أن (السلفيين) كانوا على حقٍ في موقفهم من الشيعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلعل مثل هذه التصريحات العفوية تساعد على إعطاء نظرة أكثر واقعية لحقيقة وحجم الخلاف السُّني الشيعي، بعيداً عن التطرف في الجهتين. بين من يجعله خلافاً شكلياً فرعياً، وبين من يجعله خلافاً مستعصياً على الحل.
قبل أكثر من سنة حين كان الصفار ضيفاً على مكاشفات الأستاذ عبدالعزيز قاسم في ملحق (الرسالة)، حاول جاهداً أن يُحلق بقراء المكاشفات في عالم الخيال والأوهام، واجتهد في تصوير الخلاف السُّني الشيعي على أنه خلاف يسيرٌ لا يمسُّ الأصول، وإنما هو فقط في بعض تفاصيل الاعتقاد. وذكر أن ما يوجَد لدى الشيعة من غلوٍّ لا يعدو أن يكون ممارسات لبعض المتطرفين الذين يوجد مثلهم لدى السنة.
بالنسبة لي أتمنى لو كان الأمر كما يقوله الصفار، لكني أدرك كما يدرك كلُّ من له معرفة بحقيقة الحال أن الواقع يخالف كلامه تماماً، وأن هذا الخلاف يبلغ من العمق والضخامة مبلغاً يجعل مِن تجاهله والتغافل عنه مسلكاً بالغ الخطورة.
ولتوضيح هذه النقطة دعونا نتساءل مع الشيخ الصفار: فالعراق اليوم يوجد به المذهب الحنفي والمذهب الشافعي، وبين المذهبين خلافات كثيرة في الفروع. فهل يستطيع العدو استثمار هذه الخلافات لبث اقتتال داخلي؟ أو أن هذه الفكرة غير واردة إطلاقاً؟
ولماذا ينجح العدو بسهولة في استثمار الانقسام السُّني الشيعي؟ ألأجل عظمة مكره ودهائه فقط؟ أو لأجل شدة سذاجة وغباء العراقيين؟ أو أن السبب يرجع للطبيعة المعقدة لهذا الخلاف؟
جميع شواهد الحال وحقائق التاريخ تؤكد الجواب الأخير وإن كانت العوامل الأخرى غير منفية. فالواقع يشهد أن الانقسام السُّني الشيعي بطبيعته قابل للاشتعال في أي لحظة تغيب أو تضعف فيها السلطة المسيطرة. وهذا ما نراه الآن ماثلاً أمام أعيننا بالعراق.
• أسباب اشتعال الفتنة الطائفية
وسبب قابلية هذا الاختلاف للاشتعال يرجع لكون المذهبين يحملان في (أصولهما) مبادئ وقواعد متناقضة تؤسس للتناحر والتصادم. وهذه المبادئ كلها تحمل اسم الإسلام لدى الفئتين فتكتسب بذلك الشرعية الدينية. وتمسُّك الفريقين بمبادئ متناقضة يعني وقوع الصِّدام لا محالة؛ إذ كلُّ عاقلٍ يدرك أن الصِّدام على الأرض لا بدَّ أن يسبقه صدامٌ بين الأفكار والقناعات. وما لم يكن هناك استعداد لمناقشة هذه الحقيقة ومعالجتها فسوف تظل النار خامدةً تحت الرماد في انتظار من ينفخ فيها.
قد تبدو هذه النظرة متشائمة بالنسبة لبعض القراء. لكن لدينا من المصائب ما يغنينا عن مخادعة أنفسنا بواقعٍ حالمٍ لا حقيقة له. ومن أعظم الجناية على الناس تزوير الواقع وتزييف الحقائق لهم. فسبيل العلاج لا يكون عن طريق خطب ومقالات تطالب بالتخلي عن الكراهية والفرقة واللعن والتكفير، ما لم يصحب ذلك معالجة للأسباب التي أوجدت هذه النتائج.
وقد رأيت الشيخ الصفار في كتاباته ولقاءاته يحرص كلَّ الحرص على تجنب الدخول في مناقشة التناقض الخطير والكامن بين أصول المذهبين، ويكتفي فقط بالحديث عن خطورة الافتراق، وعن أهمية الاتحاد في وجه العدو الخارجي، ليزيد بكلامه هذا من ثروة الأمة من أدبيات الوحدة وفقرها المدقع لآليات التطبيق.
• بين أحمد الكاتب وحسن الصفار
ولمزيد من الإيضاح سوف أعقد هنا مقارنةً بين موقفين تجاه حدثٍ واحد. موقف للشيخ حسن الصفار وموقف آخر لباحثٍ شيعي هو في رأيي أكثر صدقاً مع نفسه ومع بني طائفته، وأكثر إدراكاً لحجم الخلاف وحقيقته ودوافعه. وهو الباحث الشيعي العراقي د. أحمد الكاتب. فحين حلَّ الصفار ضيفاً على مكاشفات ملحق الرسالة، سُئل عن حادثة الخطيب الكويتي الشيعي ياسر الحبيب الذي أثار ضجةً بالكويت حين ألقى خطبةً نال فيها من الخليفتين أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ووصفهما بالكفر والردة عن دين الإسلام! هنا علَّق الصفار بأن "هذا عملٌ فرديٌّ سيء". وذكر أن ياسر الحبيب: "ليس عالماً ولا خطيباً وليس ذا موقعية دينية أو اجتماعية".
(يُتْبَعُ)
(/)
لنقارن هذا الكلام بتعليق د. أحمد الكاتب الذي قال: "إن هذا الخطيب لم يفعل شيئاً سوى التعبير بصراحةٍ ووضوحٍ عما يحاول الشيعة التخلص منه أو تجاهله أو إخفاءه، وإن استنكار ما قال لا يكفي من دون القيام بمراجعة للفكر السَّلبي البائد الذي لا يفيدُ الشيعةَ شيئاً. ذلك الفكر الذي وصل إلى طريق مسدود، وثبت فشله عبر التاريخ". وذكر أحمد الكاتب أن نظرية الإمامة والنص لدى الشيعة هي التي تولد: "مواقف متشنجة لا تفيد الشيعة بشيء سوى تأليب عامة المسلمين ضدهم وزرع العداوة والبغضاء. وقد آن لهم أن يتخلصوا من هذه النظريات الكلامية التاريخية الواهية".
مثل هذا الكلام الصَّادق الصَّريح هو ما نحتاج إليه لمعالجة الأوضاع بمنهجية صحيحة، فأحمد الكاتب هنا يوضح لنا أحد أهم أسباب العداوة والبغضاء بين السنة والشيعة. والفرق واضح بين لغته الصادقة وبين لهجة الشيخ حسن الصفار الدبلوماسية العائمة. الصفار يتحدث وغايته الذبُّ عن الطائفة، وستر عيوب المذهب عن أعين المخالفين. وأما أحمد الكاتب فكلامه كلام الناصح الأمين، والطبيب المداوي الذي يدرك من أين يبدأ العلاج والتصحيح. وعلاوةً على إنصافه وعدله، فهو أكثر خبرةً ومعرفةً بقواعد المذهب الإمامي.
• أساس البلاء وموضع الداء
على أن الإقرار بهذه الحقيقة داخل الصَّف الشيعي ليس حكراً على د. أحمد الكاتب، بل هناك آخرون ممن تحدثوا قبله وبعده بصدقٍ ووضوحٍ، ووضعوا يدهم على موضع الداء وأساس البلاء الذي يغذِّي الفرقة وينمِّي البغضاء. فقبل بضعة عقودٍ مضت، وبعد بحثٍ وتدقيق كتب الباحث الإيراني الشيعي د. أحمد الكسروي كتابه: (التشيع والشيعة)، وهو الكتاب الذي دفع حياته ثمناً له، بعد أن قرَّر فيه أن سبب العداوة بين السنة والشيعة يرجع لانفصال الشيعة عن جماعة المسلمين، بحيث صارت لهم عقائد وأحكام (أنتجت حروباً كثيرة أهلكت النفوس وخرَّبت الديار). وأنكر في كتابه تلك المآتم والقبائح التي يمارسها الشيعة في ذكرى مقتل الحسين، وما يُردَّد في مجالس العزاء الحسينية مما يغذي الأحقاد على أهل السنة من خلال تصويرهم بصورة الراضي عن مأساة الحسين ـ رضي الله عنه ـ.
وذكر نحواً من هذا د. موسى الموسوي حفيد المرجع الشيعي الشهير أبي الحسن الأصفهاني، في كتابه الذي جعل عنوانه: (يا شيعة العالم استيقظوا) فقد ذكر هناك أن النظام المذهبي في إيران (يستغل سذاجة بعض الشيعة لضرب الدول التي هو في خصامٍ معها. (وذكر أن خَلاص الشيعة من هذه المحنة لا يكون إلا بتغيير (العقل الشيعي العام الساذج)، وأعلن أن سبب استغلال الشيعة من قبل نظام إيران يرجع إلى (البدع الموجودة في العقيدة الشيعية). وبيَّن أن هذه البدع استغلت مراتٍ ومراتٍ في التاريخ الشيعي من قبل الأنظمة، مما يدل على أن (المحنة ليست في النظام بل هي في البدع والمعتقدين بها).
وقريباً كان هناك كلام مقارب للعالم الشيعي الإيراني إسماعيل الخوئيني المتوفى سنة 1421هـ، فبعد أن وصل هذا الشيخ إلى أعلى المراتب العلمية الشيعية، وحصل على لقب (آية الله العظمى) تخلى عن ذلك كله بمجرد أن تبين له الحق، و ألف كتابه (الموسوعة القرآنية) أعلن فيه أن المذهب الشيعي يشتمل على غلوٍّ وتطرفٍ، و يمثل خروجاً عن جماعة المسلمين، وأوجب على أهله الرجوع عن تفريق الكلمة، وترك الاختلاف والشتم واللعن لبقية المسلمين. فكان جزاء هذا الشيخ حكماً بالإعدام نجا منه بتدبيرٍ إلهي حكيم.
• بين الشعارات والتطبيق
هذه جملة من المواقف الصادقة التي ننتظر مثلها من الشيخ الصفار، بدلاً من خطابات الوحدة والتقارب الجوفاء. وبمثل تلك المنهجية الصافية يمكن معالجة الداء وحسم أصله. أما الاكتفاء بترديد شعارات الوحدة والتقارب دون مواجهة الحقائق التي تحول ذلك فهذا ما لا فائدة منه. بل غايته ممارسة التخدير والاستغفال للأمة المسلمة إلى أن ينزل بها البلاء.
ولعل الشيخ الصفار يقول: ولمَ لا يُراجع أهل السنة أنفسهم؟ فأقول: أهلاً ومرحباً، فهاتِ ما عندك مما تريد منا مراجعته. وخذ ما لدينا مما نريد منك مراجعته. لكني لا أطمع من الصفار أن يدخل في مثل هذا، فقد تابعتُ كتاباته، وقرأت حواراته، وقابلته شخصياً، فرأيته يحرص كلَّ الحرص ألا يوضع مذهبه على محك النقد.
وكل بضاعته في مجالسه ومقالاته وندواته يمكن اختصارها في كلمة واحدة: هكذا نحن وسوف نبقى هكذا، فتعايشوا معنا لئلاً يستغلنا العدو الخارجي.
• محاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود
المصدر جريدة المدينة (ملحق الرسالة) ( http://www.almadinapress.com/index.aspx?Issueid=1958&pubid=5&CatID=48&articleid=202091)(/)
خدمةً لمجموع فتاوى ابن تيمية رحمه الله ..
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[30 - Jan-2007, مساء 11:37]ـ
بسم الله والحمد لله
لا يخفى على المشايخ الفضلاء أن كتب شيخ الإسلام المودعة في مجموع فتاواه خرجت محققة تحقيقات جيدة، سدّت نقصاً كان موجوداً في الفتاوى من حيث النقص في النص، وأحيانا سقوط فصول كاملة، .. فالمراد أن لو جُمعت هذه التحقيقات في مجموع فتاوى جديد، لفوائد لا تخفى على المتأمل.
لكان قد يتعثر هذا المشروع، لصعوبة جمع موافقة المحققين.
فأرجوا من المشايخ الكرام إبداء الرأي في هذا المشروع ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - Jan-2007, صباحاً 12:31]ـ
أرى أن شيخ الإسلام يحتاج تراثه لعمل كبير، أولا حصره وطبعه بعد العناية به قدر المستطاع ثم عمل الفهارس والمفاتيح الدقيقة للوصول للمعلومة.
فعسى الله أن يقيض له من يفعل ذلك.
كما أنه يحسن أن يتبنى أحد التجار نشر جميع تراث الشيخ في موقع على الشبكة باسمه توضع فيه كل كتبه المطبوعة والمخطوطة، وترجمته ...
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[02 - Feb-2007, صباحاً 11:58]ـ
نعم، شيخنا الفاضل، رأي صائب
لكن هل عندك ملاحظات على طبعة دار الوفاء
إن كانت موجودة فلا تبخل بها علي، فأخوك بحاجة إليها
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[02 - Feb-2007, مساء 04:30]ـ
بسم الله والحمد لله
جزاك الله خيراً أخي أسامة، وأنا لست بشيخ ..
بالنسبة لطبعة دار الوفاء فهي مجرد إعادة صف لمجموع الفتاوى، وفي مقدمة تحكيكهم (وليس تحقيقهم) أرادوا إيهام القارئ أنهم هم من قام بجمع هذه الفتاوى وقالوا أنهم أسموها بـ مجموعة الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، وقاموا بوضع صور لبعض المخطزطات إيهاماً أيضاً للقارئ أنهم جمعوه من مخطوطات، وإنما هو إعادة صف لما جمعه الشيخان عبدالرحمن ومحمد رحمهما الله.
وهذه الطبعة تستحق المحاكمة، لأنه سرقة بمعنى الكلمة، ومن الملاحظات على هذه الطبعة مثلاً:
1. رسالة في حياة الخضر. في طبعة ابن قاسم كتب (هكذا وجدت الرسالة).
وأما في طبعة الباز ورفيقه فقد خُذفت، مع أن لهذه العبارة معنى، وهو أن الشيخ ابن قاسم يشكك في صحة نسبة هذه الرسالة لشيخ الإسلام. انظر (صيانة مجموع الفتاوى للشيخ ناصر الفهد ص 35).
2. توجد أخطأ في عزو التخريج إلى تخريج سابق، مثلاً يقول المحقق سبق تخريج ص كذا وعندما تعود للصفحة لا تجد الحديث مخرّجاً. وكذلك توجد أخطأ مطبعية لا يخلو منها كتاب.
3. قال شيخ الإسلام (28/ 47) في القديمة، وفي طبعتهما (14/ 297): "وهم كرهوا خروج الإخنائية". علّق المحققان في الحاشية: الإخنائية ثوب مخطط، ولعله شيء كان يضع فيه الإمام كتبه. أ. هـ.
وتعلم يا أخي الكريم ان الاخنائية كتاب لشيخ الإسلام وهو الرد على الاخنائي .. فلا أدري هل المحككان لا يعلمان بأن لشيخ الإسلام كتاباً بهذا الاسم؟
ولعلك أخي اسامة تقرأ مقدمة تحقيقهما لتعلم المزيد ..
ـ[الطوفي]ــــــــ[02 - Feb-2007, مساء 07:48]ـ
وما أفضل طبعة في نظركم؟
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[02 - Feb-2007, مساء 11:03]ـ
بسم الله والحمد لله
الأخ الطوفي بارك الله فيك، مجموع الفتاوى لم يؤلفه ابن تيمية مجموعاً بهذا الاسم، وإنما هو من جمع الشيخين، وعليه فمَنْ بعدهما عالة عليهما، ولا يغرّنك قول بعضهم: تحقيق وتخريج فلان، إن لم يُشر إلى الجامع الأصلي، فعُلم منه أن أفضل طبعة هي مَنْ قام بها الجامع الأصلي.
وأسفي أن البعض ينسب الفضل إلى نفسه وليس له منه سوى إعادة الصف ..
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[03 - Feb-2007, مساء 12:10]ـ
بارك الله فيك، قرأت قسما كبيراً من الكتاب،
وكما ذكرت، فالعمل إعادة صف، وليس جمع مخطوطات،
وزيادة على ما ذكرت بخصوص الأخطاء في العزو والتخريج، هناك أخطاء كثيرة في العزو في الفهارس الموضوعية التي وضعوها، في بعض الأحيان، المجلد كله
جزاك الله خيراً، وإذا وقفت على أخطاء مطبعية أو عندك ملاحظات أخرى فليتك تتكرم بإرسالها، لأني سأضع الكتاب للموسوعة الشاملة قريبا،،،،،
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[03 - Feb-2007, مساء 02:18]ـ
بسم الله والحمد لله
الأخ المحب أسامة، هذه بعض الأخطاء، بعضها كتبته على الصواب، وبعضه يحتاج تصحيحه إلى الرجوع إلى نسخة ابن قاسم.
المجلد الأول (بحسب طبعة الباز ورفيقه) ويمثل المجلدان الأول والثاني من طبعة ابن قاسم:
ص=صفحة، س=سطر.
ص60 س2 (وجعله).
ص99 س7 (قد نفى ما من الملائكة والأنبياء)
ص163 س18 (فضلاً أن هذا من السب)
ص176 س4 (وأنه خلق قبل غيره)
ص180 س3 (ما لم يعلم أنه ثابت)
ص187 س20 (ظهر منه على الكذب)
ص189 س الأخير (إن شئت أخرجت) الصواب: (أخّرت)
ص206 س الأخير (ولا شركا) الصواب: (شركاء)
ص 269 س16 (القياسية الأصول العلمية)
ص270 س21 (للفقر إلي الصانع) الصواب: (إلى)
ص329 س5 (موسي) الصواب: (موسى)
ص329 س9 (صج) ربما تكون (ضجَّ)
ص382 س الأخير (وكثير المتنبئين)
ص406 س الأخير (فإن ـ ثم كلمة غير واضحة)
ص458 س4 (والله تعالى ـ ثم ذكر آية)
ص460 س17 (أن فلك هو فعل الله)
ص466 س2 (وهو عندهم ـ في الآخرة ـ المنكرون الذين)
ص500 س20 (أو الطبيعة) ربما تكون (الطبعية)
ص502 س2 (يخفض السقط) الصواب (القسط)
ص508 س الأخير (أحدهما: الوجود) قال الفهد (الصيانة):"لعله (الموجود) "
ص528 س4 (ملكهم نمروذ)
ص534 س20 و21 (خفو العدو)
ص536 س19 (فأما الشرعة والنهاج) والصواب (المنهاج)
ص547 س2 (بأنه ليس هو رب المخلوقات كما يقوله المسلمون)
ص548 س الأخير (واتحاد به) ربما تكون (بهم).
انتهى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[03 - Feb-2007, مساء 02:26]ـ
بارك الله فيك
وسأنقلها في النسخة التي سأضعها
وهناك مواضع كثيرة، جمعتها من خلال المطالعة، وهي بين يدي أحد مشايخنا الفضلاء من رواد هذا الملتقى لينظر فيها
فلو شئت أرسلها لك كذلك
أنتظر رأيك
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[03 - Feb-2007, مساء 10:52]ـ
بسم الله والحمد لله
أتمنى ذلك أخي أسامة، وأنا في انتظارك ..
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 03:11]ـ
بسم الله والحمد لله
أتمنى ذلك أخي أسامة، وأنا في انتظارك ..
جزاك الله خيراً،
راجع الخاص الله يبارك فيك
ـ[سميح بن الشريف]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 11:56]ـ
الأخ أسامة.
ما شاء الله على همتك العالية.
بارك الله بك.
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 02:49]ـ
الأخ أسامة.
ما شاء الله على همتك العالية.
بارك الله بك.
عجيب وغريب، أين هذه الهمة بارك الله فيك؟؟؟ (ابتسامة)
وبالمناسبة الشيخ الذي قصدته بكلمة شيخنا في أول مشاركة إنما هو: عبد الرحمن السديس،
ـ[سميح بن الشريف]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 04:52]ـ
أخي الكريم أسامة
مشاركاتك في ملتقى أهل الحديث لا تخفى علي أحد ..
وهمتك في تيسير الوصول للكتب لا تخفى على أحد أيضا ..
فكم من باحث أسعدت .. أسعدك الله.
أم أنا مخطئ!؟ [ابتسامة]
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 04:58]ـ
أخي الكريم أسامة
مشاركاتك في ملتقى أهل الحديث لا تخفى علي أحد ..
وهمتك في تيسير الوصول للكتب لا تخفى على أحد أيضا ..
فكم من باحث أسعدت .. أسعدك الله.
أم أنا مخطئ!؟ [ابتسامة]
أضحك الله سنك، الله المستعان يا شيخ
لن أقول أنك مخطئ، أقول: جزاك الله خيراً على الإبتسامة، فأنا - يعلم الله - ابتسم من أعماق قلبي
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 03:00]ـ
أين أنت يا أخ هشام؟؟
ـ[أبو المظفر الشافعي]ــــــــ[03 - Dec-2009, صباحاً 12:14]ـ
فعلاً إخواني الكرام فأنا أعاني من صعوبة الحصول على بعض النصوص من طبعة ابن قاسم.
فتحتاج الفتاوى لفهارس على الطريقة المعاصرة.
أو توضع في ملف وترفع على الشبكة.
ـ[رشيد الكيلاني]ــــــــ[03 - Dec-2009, صباحاً 08:41]ـ
طبعة المجموع بعناية الاستاذ اياد القيسي وبتحقيقه تمتاز باضافات جديدة بل ربما رسائل مخطوطة حسب علمي.(/)
إن الله على ما يشاء قدير ..
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[30 - Jan-2007, مساء 11:52]ـ
بسم الله والحمد لله
جاء في الدرر السنية (3/ 230): "كتب بعض تلامذة الشيخ: عبدالرحمن بن حسن له كتاباً، وفي آخره: إنه على ما يشاء قدير.
فقال الشيخ عبدالرحمن: هذه كلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد، وهو قول الكثير، إذا سأل الله شيئاً، قال: وهو القادر على ما يشاء، وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن [وهو على كل شيئ قدير]، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً، لأن القدرة شاملة كاملة، وهي، العلم: صفتان شاملتان يتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنما قصد أهل البدع، بقولهم: وهو القادر على ما يشاء، أي: القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت المشيئة به".
وجاء في التنبيهات السنية ص62 للرشيد: " تنبيه: يجيء في كلام بعض الناس (وهو على ما يشاء قدير) وليس ذلك بصواب بل الصواب ما جاء في الكتاب والسنة [وهو على كل شيء قدير]، لعموم قدرته ومشيئته خلافاً لأهل البدع من المعتزلة وغيرهم".
قال العلامة ابن عثيمين محرراً هذه المسألة (الشرح الممتع 5/ 322): "فإن قال قائل: عبارة ترد كثيراً عند الناس (إن الله على ما يشاء قدير) هل هذا جائز؟
قلنا: لا يجوز إلا مقيداً، لأنك إذا قلت: (إنه على ما يشاء قدير) أوهم أن ما لا يشاء لا يقدر عليه، وهو قادر على الذي يشاء والذي لا يشاء.
لكن إذا قيّدت المشيئة بشيء معيّن صح، كقوله تعالى: [وهو على جمعهم إذا يشاء قدير] أي: إذا يشاء جمعهم فهو قادر عليه.
وكذلك في قصة الرجل الذي أدخله الله الجنة آخر ما كان، فقال الله له: [إني على ما أشاء قادر]، لأنه يتعلق بفعل معين ".
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - Jan-2007, صباحاً 12:27]ـ
بارك الله فيكم
وذكر هذه المسألة الشيخ بكر في معجم المناهي فقال:
والله على (ما) يشاء قدير:?
في ترجمة الشيخ عبدالرحمن بن حسن – رحمه الله تعالى- من كتاب: عنوان المجد، قال:
(هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد وهي قول الكثير إذا سأل الله تعالى: ((وهو القادر على ما يشاء)) وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن: ((وهو على كل شيء قدير))، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً؛ لأن القدرة شاملة كاملة، وهي والعلم: صفتان شاملتان تتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنَّما قصد أهل البدع بقولهم: ((وهو على ما يشاء)) أن القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت به المشيئة) ا هـ.
وفي جواب للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – قال:
(الأولى أن لا يطلق. ويُقال: إن الله على كل شيء قدير؛ لشمولة قدرة الله عز وجل لما يشاؤه ولما لا يشاؤه) ا هـ.
هذا ما رأيته مسطراُ في المنع.
وقد جاء إطلاقها في حديث ابن مسعود الطويل: في آخره أهل النار خروجاً، في صحيح مسلم. ترجم عليه النووي بقوله:
باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار: وجاء في آخر الحديث: (قالوا ممّ تضحك يا رسول الله؟ قال: ((من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزء منك ولكني على ما أشاء قدير))) ا هـ.
وفي الرواية في: كتاب السنة لابن أبي عاصم 1/ 245 وفي كتاب: الإيمان لابن منده بلفظ: ((ولكن على ما أشاء قادر)) ا هـ.
لكن هذا الإطلاق مقيد بأفعال معينة كهذا الحديث، وكذلك في الآية {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} معلقة بالجمع؛ وعيه فإن إطلاق هذا اللفظ له حالتان، الأُولى: على وجعه العموم، فهذا ممتنع لثلاثة وجوه:
1. لأن فيها تقييداً لما أطلقه الله.
2. لأنه موهم بأن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه.
3. لأنه موح بمذهب القدرية.
والحالة الثانية: على وجه التقييد كما ذكر.
-------------
? والله على (ما) يشاء قدير: عنوان المجد لابن بشر 2/ 27. حاشية ابن مانع على الطحاوية ص/ 3. التبيان لابن القيم ص/ 99. شرح النووي لصحيح مسلم 3/ 42: باب آخر أهل النار خروجاً. الإيمان لابن منده 3/ 797 رقم 841. السنة لابن أبي عاصم 1/ 245. المجموع للنووي. شرح الأسماء الحسنى للزجاج ص/ 3. فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله تعالى – 1/ 207. المجموع الثمين 1/ 118 – 120. الدرر السنية 2/ 298 مجموع فتاوى ابن تيمية 11/ 488.
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[31 - Jan-2007, صباحاً 09:34]ـ
بسم الله والحمد لله
وبارك فيك يا شيخ عبدالرحمن، وشرفني ردك.
ـ[آل عامر]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 01:36]ـ
سبحان ربني إنه على كل شيء قدير.
ـ[آل عامر]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 01:37]ـ
سبحان ربي إنه على كل شيء قدير(/)
نداء عاجل لجميع الإخوة وللأهمية
ـ[أبو زيد الشمري]ــــــــ[31 - Jan-2007, صباحاً 07:07]ـ
إخواني الأفاضل ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذا نص رسالة جوال أتتني من أحد الإخوة:
السلام عليكم www.sally2.net هذا موقع سوداني ويوجد فيه شيعي يجادل بعض الإخوة وهم ليسوا بطلاب علم وأدخل الريب والشك في قلوبهم فاحرص على أن توقفه عند حده بقدر مايمكنك الله ويكتب في المنتدى الإسلامي باسمين: (شهيد) و ( abomahdi) .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
وقد تأكدت بنفسي من صحة كلامه فوجدته صحيحاً ووجدت المدعو (شهيد) يتكلم ولا يستطيع أحد أن يرد عليه وللأسف ...
وهذا رابط الموقع:
http://www.sally2.com/vb/forumdisplay.php?f=4
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 01:16]ـ
هناك مواقع لا تحصى كثرة تبين خزي الرافضة وفضائحهم وجرائمهم، ومخالفاتهم ... الخ
فلعلك تضع لهم هذا الرابط ففيه ما يشفي:
http://www.sultan.org/shia.html
وهذا
http://www.grnaas.com/dalil/links_showcat.php?id=10
ـ[أبو زيد الشمري]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 08:05]ـ
شكر الله لك ياشيخنا الفاضل الشيخ/ عبد الرحمن السديس ونفع بك ...
ـ[صالح السويح]ــــــــ[01 - Feb-2007, صباحاً 01:00]ـ
بارك الله فيك ورد كيد أهل البدع(/)
تنبيه على حاشية في شرح الطحاوية لابن أبي العز ..
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 01:51]ـ
بسم الله والحمد لله
قال المحقق في الحاشية رقم (3) المجلد الثاني ص459: المعتزلة قالوا: الإيمان هو العمل والنطق والاعتقاد، والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحته، السلف جعلوها شرطاً في كماله.
أرجوا توضيح ما تحته خظ .. لأنه أشكل عليَّ ..
ـ[الفتى النجدي]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 02:10]ـ
هذا رأي المرجئة، أن الأعمال شرط كمال في الإيمان، فمن ترك (كل) الأعمال فإنه لا يكفر، ولا يخلط في النار! وهو الرأي الذي ردت فيه اللجنة على بعض الكتاب، مثل: أحمد صالح الزهراني في كتابه (ضبط الضوابط)، وعلي الحلبي في (صيحة نذير) وغيرها!
وهناك كتب في الرد على هذا المذهب منها: رفع اللائمة عن فتوى اللجنة الدائمة، من تأليف الشيخ الأسير (محمد بن سعد الدوسري)، وقدم له ثلة من المشايخ: الراجحي، السعد، الحميد، الجبرين، وغيرهم!
وهناك أيضاً كتاب (براءة أهل الحديث من بدعة المرجئة) للشيخ: محمد بن سعيد الكثيري، قدّم له الشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود.
والله أعلم، والسلام.
ـ[هشام بن سعد]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 03:56]ـ
بسم الله والحمد لله
الأخ الفتى النجدي .. أرجوا إعادة الكتابة بشكل أفصح، لم أستطع فهم ما كتبت.
ـ[ابو العسل التسامرتي]ــــــــ[05 - Feb-2007, صباحاً 05:28]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حيا الله إخوتي الأفاضل و بارك فيهم و بهم و عليهم و لهم
ما أورده الحاشي على الطحاوية ليس صحيحا لا عقلا و لا نقلا
فمذهب أهل السنة في ذلك أن من الأعمال ما هو شرط صحة و منها ما هو شرط كمال
أما ماذكره فهو مذهب المرجئة.
و الله المستعان ...
و العجب كل العجب أن ترى بعض من يصنف نفسه ضمن المحققين
و يتحدث بلا علم فزاده الجهل و علمه التعالم ...
فتراه يهرف بما لا يعرف ينسب القول لغير قائله و يسدن الكلام لغير أهله و يتخبط خبط العشواء
و يصدق فيه قول ابن حجر - رحمه الله - من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب.
و يقال لأمثالهم: أدرج إلى حشك فليس بعشك
و نصيحتي لمقتني الكتب أن يتريث حتى لا يبتاع ما لا ينفعه و لا يزيده إلا جهلا بما علم و لا يورثه إلا شبها تنغص عليه ما كان يعلمه.
أخوكم // أبو السعل التسامرتي
ـ[سميح بن الشريف]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 11:26]ـ
السلام عليكم وحمة الله
ما معنى الإرجاء؟
ـ[إبراهيم العرف]ــــــــ[03 - Mar-2007, صباحاً 12:22]ـ
الإرجاء هو إخراج العمل عن مسمى الإيمان
وأهل السنة والحديث يقولون: الإيمان قول وعمل واعتقاد فيجعلون العمل جزءاً من الإيمان
أما المرجئة فمنهم من قال أن الإيمان هو تصديق القلب وإن لم يتكلم به وهو قول جهم ومن تبعه وقد كفر أحمد ووكيع من قال بهذا القول
ومنهم من قال الإيمان هو التصديق المجرد عن أعمال القلوب وهو مذهب الأشعري.
و حاول الأشاعرة التفريق بين المعرفة وبين التصديق الخالي عن الانقياد وهو أمر دقيق ينكره أكثر العقلاء.
ومنهم من يقول أن الإيمان هو مجرد قول اللسان فمن تكلم به فهو مؤمن كامل الإيمان لكن إن كان مقرا بقلبه كان من أهل الجنة وإن كان مكذبا بقلبه كان منافقا مؤمنا من أهل النار وهذا القول هو الذي اختصت به الكرامية وابتدعته ولم يسبقها أحد إلى هذا القول وهو آخر ماأحدث من الأقوال في الإيمان
ومنهم من يقول أن الإيمان تصديق القلب وقول اللسان وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم
وأصل ضلال المرجئة أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً لايتبعض ولايتجزأ فهم يقولون في الفاسق أنه مؤمن كامل الإيمان لكنهم يوافقون أهل السنة في حكمه وأنه مستحق للعقاب فلا تلازم عندهم بين الاسم والحكم في حق الفاسق.
وأهل الارجاء درجات أخفهم مرجئة الفقهاء وهم الذين يقولون:الإيمان اعتقاد القلب ونطق اللسان وأما أعمال الجوارح فشرط في كمال الإيمان فمن صدق بقلبه ونطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان ولو فعل مافعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات ولو لم يعمل خيرا قط فإن مآله وعاقبة أمره الجنة.
وقد أنكر السلف على أهلها وذموهم
ولمناقشة هذه الأقوال والرد عليها ارجع إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الإيمان أو المجموع وكتاب براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة للشيخ محمد بن سعيد الكثيري(/)
’’ علي الحلبي ... لمادا لمادا؟؟ ‘‘
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 04:58]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ علي الحلبي ... لمادا لمادا؟؟ ‘‘
وقفت ـ على عجل ـ على رسالة لطيفة الحجم بعنوان ’’الأسئلة القطريّة في مسائل الإيمان و الكفر المنهجيّة و أجوبة سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله‘‘، ضبط و تعليق الشّيخ علي بن حسن الحلبي حفظه الله، قامت على طبعها دار المنهاج بالقاهرة سنة 1426هـ.
قال في المقدمة (ص6): ((و لقد رأيت ـ بعد دراسة و تأنٍّ ـ لزوم إشاعتها بين الناس؛ نشرا للحقّ، و هداية للخلق، مع ضبط دقيق لها، و تعليق متوسط عليها ... )).
و لا شك أنّ الاعتناء بفتاوى أهل العلم ـ نشرا و ضبطا و لا أقول تعليقا ـ من أعظم الأعمال و أبركها لطلبة العلم، مع أنّ قوله: (مع ضبط دقيق لها) فيه ما فيه؛ لما سيأتي، و الله الموفق.
و قبل دلك تدكّر أخي القارئ قول الشيخ علي الحلبي سدّده المولى في ’’التنبيهات المتوائمة‘‘ (ص354)، حيث قال:
((إنّ النقل المعتدّ به عن أهل العم؛ هو النقل المنضبط معناه، المتكامل مبناه.
و كلّ نقص ـ أو نقض ـ لهدا المبنى، أو داك المعنى: فهو البتر المموم، و الحدف المسموم، و فاعله هو الملوم الملوم.
و إن كان النّقل على وجه الاختصار، مع التّنبيه للأنظار ـ دون تغيير للأفكار ـ: فهدا صنيع لا يُدّم، و فعل يُتبّع و يُؤّم.
أمّا إدا كان النقل ـ مثلا ـ حدفا لاستثناء، أو نقصا من جملة بناء، أو محض انتقاء ـ ظاهرا بجلاء ـ: فهو صنيع أهل الباطل، بالرأي العاطل)).
وبعد، فقد وقفت في (ص42) من الرسالة المذكورة على أمر مستنكر، و شيء مستهجن؛ من قطع لكلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله عن سياقه و سباقه، و بتعليق حرّف الكلام عن مراده، و أبعده عن مرامه، و الله المستعان.
و الكلام قد جاء على الصواب في مجلّة (الأصالة) الأردنية (العدد:28، ص77)، حيث نقرأ قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ((هؤلاء يُريدون سفك الدماء، و استحلال الحرام، لمادا صاحب هدا الكتاب؟ ما أصَّل أصول أهل السنة و الجماعة كما أصَّلها شيخ الإسلام ابن تيمية في ’’العقيدة الواسطيّة‘‘)) اهـ.
و المقصود هنا ـ كما هو معلوم ـ هو الشيخ عدنان عبد القادر عفا الله عنا و عنه، و كتابه ’’ حقيقة الإيمان بين غلو الخوارج و تفريط المرجئة‘‘، و الذي صدرت بحقّه ـ و تحريم نشره و تداوله ـ فتوى من (اللجنة الدائمة) برقم (21435) و تاريخ (8/ 4/1421هـ).
و لكن مادا فعل الشيخ علي الحلبي غفر الله لنا و له في طبعته من الأجوبة؟
لقد أورد نصّ كلام الشيخ العثيمين رحمه الله السابق في (ص42) كما يلي:
((هؤلاء يريدون سفك الدماء، و استحلال الحرام، لماذا صاحب هذا الكتاب؟
[قال هنا تعليقا: أي: لماذا التركيز عليه ـ بالذات ـ؟ و ما سبب ذالك؟]
ما أصلُ ـ كدا ـ أصول أهل السنة و الجماعة كما أصَّلها شيخ الإسلام ابن تيمية في ’’العقيدة الواسطية‘‘)).
فهدا التعليق، فأين الضبط؟
((و رجائي و أملي ـ مخلصا ـ أن لا تكون مقصودة)) ’’التنبيهات المتوائمة‘‘ (ص39).
و كأنّي بالشيخ علي عفا الله عنا و عنه يقول ـ كما في ’’التنبيهات المتوائمة‘‘ (ص201) ـ: ((إنّي أُشهد الله تعالى أنّي ما تعمّدت ـ يوما ـ بتر نقل، أو نقل شيء لي، و كتم آخر عليَّ)).
فأقول: (آمنت بالله و كذّبت عيني).
و المقصود تنبيه قرّاء تلكم الطبعة على ما وقع فيها، و قبل دلك تنبيه الشيخ علي بن حسن عبد الحميد غفر الله لنا و له ليُبادر إلى تصحيحها و إعادة ضبطها، و الله الموفّق لا إله غيره.
فريد المرادي.
الجزائر في: 8 محرّم 1428هـ.
ـ[محمود الشرقاوي]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 03:57]ـ
جزاك الله خيرا اخي فالشيخ على عنده اصرار عجيب على مخالفة اهل السنة في مسالة منزلة العمل من الايمان نسال الله ان يعلمنا ما ينفعنا.
ـ[ابن عبدالكريم]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 09:46]ـ
كلّ نقص ـ أو نقض ـ لهدا المبنى، أو داك المعنى: فهو البتر المموم، و الحدف المسموم، و فاعله هو الملوم الملوم.
و إن كان النّقل على وجه الاختصار، مع التّنبيه للأنظار ـ دون تغيير للأفكار ـ: فهدا صنيع لا يُدّم، و فعل يُتبّع و يُؤّم.
أمّا إدا كان النقل ـ مثلا ـ حدفا لاستثناء، أو نقصا من جملة بناء، أو محض انتقاء ـ ظاهرا بجلاء ـ: فهو صنيع أهل الباطل، بالرأي العاطل
أكثر ما أبغضه في أسلوب الأخ علي الحلبي - هداه الله - هو ذلك السجع المتكلف الذي يحرص عليه حتى صار علامة مميزة له!!
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 10:52]ـ
هدى اللَّه الشّيخ علي بن حسن،وبارك فيكم يا أخ فريد.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 04:13]ـ
جزاكم الله جميعاً على مروركم، و غفر لي و لكم و لجميع المسلمين ...
ـ[حمدان الجزائري]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 07:40]ـ
الشيخ علي نحسبه من أهل السنة والجماعة ولو قرر ما قرره المحدث الالباني رحمه الله
بارك الله فيك اخي فريد(/)
قال ابن أبي زيد: وأنه تعالى فوق عرشه المجيدِ بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه
ـ[محمد السالم]ــــــــ[31 - Jan-2007, مساء 09:26]ـ
قال شيخ المالكية، والملقب بمالك الصغير في الرسالة: وأنه تعالى فوق عرشه المجيدِ بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه
بلغ من غربة الدين، وغربة أهلها، وذهاب أعلامها أن بعض المتعصبة كفر إمام المالكية وشيخ المذهب ابن أبي زيد رحمه الله تعالى من أجل إثباته الفوقية لله تعالى، وزعم أن إثبات الفوقية كفر بالله!! وأن ذلك بإجماع الأمة المحمدية
وللأسف جاء من ينتصر لابن أبي زيد ويدفع في نحر هذا الجاهل تكفيره لأئمة الإسلام وأعلام السنة والحديث، فكان محصل دفاعه أن ابن أبي زيد ليس بكافر وإنما هو من أهل الأهواء الضلال، ومذهب مالك عدم تكفير أهل الأهواء!!
قال البرزلي في النوازل 6/ 200: وسئل عز الدين ما تقول في قول ابن أبي زيد:وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه؟ هل يفهم منه القول بالجهة أم لا؟ وهل يكفر معتقدها أم لا؟
فأجاب: بأن ظاهر ما ذكره القول بالجهة لأنه فرق بين كونه على العرش وبين كونه مع خلقه بعلمه، والأصح أن معتقد الجهة لا يكفر، لأن علماء المسلمين لم يخرجوهم عن الإسلام بل حكموا لهم بالإرث من المسلمين وبالدفن في مقابرهم، وتحريم دمائهم وأموالهم، وإيجاب الصلاة عليهم، وكذا سائر أرباب البدع، لم يزل الناس يجرون عليهم أحكامهم، وكذا سائر أحكام الإٍلام، ولا مبالاة لمن كفرهم لمراغمته لما عليه الناس، انتهى كلام عز الدين.
قال البرزلي: وبلغ هذا بعض من ينتسب للطلب!!! فقال: هذا كفر، والقائل به كافر لأن من اعتقد الجهة في حق الله تعالى جل وعلا فهو كافر بإجماع، ومن توقف في تكفيره فهو كافر، فعورض هذا الطالب في ذلك بما وقع بين الأئمة من الاختلاف في تكفير أهل الأهواء أو ما قاله القاضي في الشفاء وغيره من جريان الخلاف في المشبهة وغيرهم، وما ذكره ابن التلمساني في عين المسألة من الخلاف فلم يقبل شيئا من هذا، واستدل لنقله الإجماع في المسألة بالحلولية، وجعلها أنها في عين جواب عز الدين وإن الحلولية كفر بالإجماع.
فبالله عليك أيها السني الموحد، أترى غربة للدين أعظم من هذه الغربة، أفي تكفير ابن أبي زيد!؟ أم في تعداده ضمن أهل الأهواء والضلالة!!
وإذا صح لنا أن ابن أبي زيد كافر أو ضال على أقل الأحوال، فمن المهتدي إذا، ومن هو على الصراط المستقيم، أتباع الغزالي أم أتباع الجويني!!! إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال البرزلي: وأجاب بعض المفتين عن كلام هذا الطالب بما نصه: الصحيح قول الشيخ عز الدين ولا إجماع في المسألة، وهو أن الخلاف فيها على وجه آخر وهو أن المشبهة هل عرفوا الله أم لا. الله اكبر!! إذا كان ابن أبي زيد لا يعرف ربه!! أفتعرفونه أنتم، وههنا تسكب العبرات، ويناح على الإسلام وغربة السنة وأهلها، فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله فيما أصاب أمتنا، وحسبنا الله فيمن تطاول على ابن أبي زيد وأعلام الإسلام.
وقد صدق أبو الحسن الكرجي الشافعي رحمه الله حين ذكر عقائد الأئمة الأربعة ثم قال: إن في النقل عن هؤلاء، إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة، فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أويكفره، فانتحل مذهبه مع مخالفته له في العقيدة مستنكر والله شرعا وطبعا (مجموع ابن قاسم 4/ 176)
وهذه الجملة من كلام ابن أبي زيد رحمه الله أكثر المتأخرين على تحريفها، ونقل معناها عما أراده واضعها
فممن افتنن في التحريف الدكتور أحمد نور سيف في تحقيقه لكتاب شرح القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله لمقدمة ابن أبي زيد، فجعل (المجيد) خبرا ثانيا لإن، أو خبرا لمبتدأ محذوف تقديره: (هو) يعود على رب العزة جل جلاله،، قال والجار والمجرور متعلقان بهذا المقدر، لا بما تعلق به الظرف أي فوق، قال والمعنى: أن مجده وعظمته ذاتية لا مكتسبة بالعرش ولا بغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
كل هذا لأجل أن ينفي هذا المتكلم عن الله تعالى الفوقية التي أجمع على إثباتها أهل الإسلام، وتواترت النقول بها عن الإمام مالك وأئمة المالكية رحمهم الله تعالى، وصنيعه هذا له فيه سلف من الجهمية كما حرف بعضهم قول الله تعالى (الرحمن على العرش استوى * له ما في السماوات وما في الأرض) قال: الوقف على (الرحمن على العرش) ثم زعم أن ههنا وقفا، ثم قال واستأنف الله الآية بقوله (استوى له ما في السماوات وما في الأرض) وكل هذا لينفي الاستواء عن الكريم الرحمن جل جلاله
والجواب عنه أن يقال:
إن أعلم الناس بكلام ابن أبي زيد رحمه الله تلامذته وطلابه الذين تلقوا عنه وأخذوا العلم والدين والمذهب شفاها منه، ودرسوا العقيدة التي كتبها على يديه، وهؤلاء قد شرحوا عقيدة شيخهم وأستاذهم، وأبانوا مراده رحمه الله تعالى فيما أشكل من ألفاظها، وقد أقروا هذه الكلمة، وأن الله تعالى (فوق عرشه بذاته) ومنهم:
العلامة أبو بكر محمد بن موهب المالكي توفي سنة 406 هـ، وهو من أخص تلامذة ابن أبي زيد كما قاله القاضي عياض رحمه الله (المدارك ترتيب المدارك 7/ 188) قال ابن موهب رحمه الله شارحا الرسالة: (ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته، لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف، وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته، لا تحويه الأماكن وأنه أعظم منها، وقد كان ولا مكان .... )، نقله عنه الحافظ الذهبي في كتاب العلو ص 264
ومنهم الإمام المقرئ المحدث الحافظ أبو عمر الطلمنكي الأندلسي (توفي سنة 429 هـ) الذي قال عنه الذهبي: كان من بحور العلم، وقد أخذ عن ابن أبي زيد كما نص على ذلك الذهبي، وقال عنه ابن بشكوال: كان سيفا مجردا على أهل الأهواء والبدع قامعا لهم، قال رحمه الله: وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ مَعْنَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ: أَنَّ ذَلِكَ عِلْمُهُ وَأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ بِذَاتِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَيْفَ شَاءَ. قاله في كتاب الوصول إلى معرفة الأصول، نقله عنه الذهبي في كتاب العلو ص 246.
ومنهم القاضي عبد الوهاب المالكي فقد نقل الإمام أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي المرادي المالكي القيرواني _ ترجمته في الصلة لابن بشكوال 2/ 604 تاريخ الإسلام للذهبي وفيات 481 _ 490_ في رسالته التي سماها (الإيماء إلى مسألة الاستواء) أقوال الناس واختلافهم في الاستواء، فقال: القول السادس: قول الطبري وابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب وجماعة من شيوخ الحديث والفقه، وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر رضي الله عنه وأبي الحسن، وحكاه عنه أعني القاضي أبي بكر القاضي عبد الوهاب نصا، وهو أنه سبحانه مستو على العرش بذاته، وأطلقوا في بعض الأماكن فوق عرشه. نلقه عن الحضرمي المرادي الإمام القرطبي في الأسنى شرح أسماء الله الحسنى (2/ 123)، وكذا الحافظ الذهبي رحمه الله في العلو ص 261، وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية
والحضرمي هذا إمام من الأئمة كذا وصفه القرطبي والذهبي، وقال أبو الحسن المقرئ: كان رجلا نبيها عالما بالفقه وإماما في أصول الدين، وله في ذلك تصانيف حسان مفيدة، وله حظ وافر من البلاغة والفصاحة، وفاته سنة 489 هـ
والملاحظ في شرح القاضي لكلام ابن أبي زيد عدم الاعتراض على لفظة ابن أبي زيد
وأيضا ممن فهم من كلام ابن أبي زيد إرادة الفوقية والعلو العز بن عبد السلام كما سبق، فقد سئل عن قول ابن أبي زيد وأنه فوق العرش المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه؟ فقال: ظاهر ما ذكره ابن أبي زيد القول بالجهة، لأنه فرق بين كونه على العرش وبين كونه مع خلقه بعلمه. (نوازل البرزلي 1/ 385)
والعجب أن هذا الدكتور قال هذا الكلام معلقا على شرح القاضي عبدالوهاب رحمه الله على عقيدة ابن أبي زيد، فلا هو بعقيدة صاحب الرسالة عالم، ولا بعقيدة الشارح كذلك
والله الهادي لا هادي سواه.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[01 - Feb-2007, صباحاً 07:05]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
والهوى يهوي بصاحبه
ـ[إدارة المجلس]ــــــــ[02 - Feb-2007, صباحاً 01:06]ـ
بارك الله فيك أخي محمد
حاول بعض أهل الأهواء تكدير الموضوع بإيراد بعض الشبهات، وتصدى له أخونا الفاضل المقدادي
وحتى تصفو الفائدة مما يشوبها من كدر رأينا حذف مشاركة ذلك العضو المغالط وإيقافه، والذي سجل بأكثر من اسم خلال أيام.
ومع كثرة حوار الإخوة الأفاضل مع أهل البدع إلا أنَّ القليلَ منهم من يعود عن بدعته.
وقد طلبنا الإذن من الأخ المقدادي بحذف مشاركته تبعاً لحذف مشاركة المردود عليه، فأذن بذلك نفع الله به.
كما نستسمح الأخ آل عامر وفقه الله.
والمجلس العلمي لايسمح بمخالفة منهج أهل السنة والجماعة
وسننشر قريباً -بمشيئة الله- ضوابط الكتابة فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد السالم]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 10:18]ـ
الأخ أبو مالك سلمه الله
وأنت شكر الله، وجزاك خير الجزاء
ـ[محمد السالم]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 10:23]ـ
الإخوة في إدارة المجلس حفظهم الله
لكم جزيل الشكر والتقدير على حفظكم المجلس أن تدنسه شبهة مبتدع أو زائغ يلعب بدينه، ويحرف الكلم عن مواضعه، وهذا هو الواجب عليكم حفظكم الله
غير أن شبهة هؤلاء المبتدعة لربما يحتاج لسماعها بعض طلبة العلم، أو أهل الاختصاص في هذا المجال، لكي يرد بما عنده من علم على ما فيها من باطل وتدليس.
وأنا لا أخفيك كنت أحب قراءة ما كتبه هذا الذي تصفه بأنه مبتدع، لأني في صدد بحث علمي عن عقيدة ابن أبي زيد رحمه الله، وقد كتبت شيئا نشرته وبثثته في ثنايا بعض المنتديات، وآخر عندي غير مبثوث، وأظن أني وقفت على نكت في هذا الباب لم يطلع عليها الكثير من طلبة العلم.
وأرجو إن كان بالإمكان تزويدي بما قاله هذا المبتدع، وبما رد عليه أخونا السلفي حفظكم الله، وفي آخر المطاف الأمر إليكم
والله ولي والتوفيق
ـ[إدارة المجلس]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 10:50]ـ
بارك الله فيك أخي محمد
أما هذا المبتدع فلم يذكر شيئاً مختصاً بموضوع ابن أبي زيد، وإنما أورد شبهات المبتدعة في إنكار علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه.
وهذه الشبهات متوفرة في كتب الأشاعرة وغيرهم.
وقد بيَّن الإخوة الفضلاء مذهب السلف من الصحابة والتابعين في هذه المسألة، ولم يبق إلا العناد والمغالطة.
ولايخفى عليكم أنَّ ثمة مواقع مختصة بالحوار مع المبتدعة، وأخرى بالحوار مع الديانات الأخرى، وبإمكان أمثال هؤلاء أن ينصرفوا إلى تلك المواقع.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[11 - Apr-2008, صباحاً 09:36]ـ
بارك الله فيكم
إضافة:
قال ابن جزي الكلبي الغرناطي (ت 741 هـ) في تفسير قول الله عز وجل (ثم استوى على العرش):
(حمله قوم على ظاهره منهم ابن أبي زيد وغيره)
من "التسهيل لعلوم التنزيل" لإبن جزي
ـ[ابن الشاطيء الحقيقي]ــــــــ[11 - Apr-2008, مساء 01:53]ـ
المشكلة هي في مفهوم الجهة وقد وضح شيخ الاسلام ذلك بصورة متينة في كتابه بيان تلبيس الجهمية
فنفي فوقية الله تعالي علي خلقه ومن الخلق العرش يؤدي الي انكار الاله وكيف ينكره من يرفع يده الي اعلي للدعاء! الا ان يكون القلب حي في عقل مرتبك!
ففوقية الله تعالي هي بلاجهة مخلوقة فان سموا فوقيته علي العرش جهة فهو مصطلحهم هم وهو مصطلح يضلل فطرتهم ويخلط عندهم حقيقة المخلوق بحقيقة الخالق
الخالق العظيم كامل الغني بالمخلوق الضعيف
كما اذا شبه احدهم سمع الله بسمع المخلوق فنفي اثبات السمع لهذا التشبيه الخاطيء فكيف يكون وصف الكامل بالسميع البصير هو وصف الناقص به لايليق جعل هذا الوصف مثل هذا الوصف فوصف الله به يليق بكماله وجلاله ووصف المخلوق به يليق به!
فالله هو الغني بذاته من كل وجه وغناه غير مخلوق لان ذاته غير مخلوقة والمخلوق فقير بذاته وسمعه مخلوق ضعيف قاصر عن الالمام بالاصوات كلها او مقصور علي مسموعات محدودة يدركها هي فقط وهي قليلة مداها محدود والله هو الذي منحه السمع فالمانح المعطي هو الله ايضا
فكيف يكون السميع البصير مثل هذا او يشبهه او يماثله وكذلك الامر في العلو والفوقية والنزول نقول(/)
الهوى، وأثره في تفريق الكلمة
ـ[صالح السويح]ــــــــ[01 - Feb-2007, صباحاً 01:02]ـ
اتباع الهوى
من أعظم دواعي الضلال وأسباب الهلاك اتباع الهوى، لأنه يهوي بصاحبه إلى المهالك حتى يورده النار.قال الشاطبي في الموافقات (4/ 115): " سمى الهوى هوى، لأنه يهوي بصاحبه إلى النار، وقال ابن عباس: ما ذكر الله – عز وجل – الهوى في كتابه إلا ذمه " ا. هـ. والهوى: كل ما خالف الحق، وللنفس فيه حظ ورغبة من الأقوال والأفعال والمقاصد. وقد ذم الله اليهود لاتباعهم لأهوائهم، فكل من مال إلى هواه دون الحق فإنه مذموم، قال الله تعالى: {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عيه وكيلا} سورة الفرقان، (الآية: 43) وقال سبحانه: {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} سورة ص (الآية: 26) وقال جلّ وعلا: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه} سورة الكهف (الآية: 28) وقال سبحانه: {فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى} سورة طه (الآية: 16). وجاء في السنة عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " هذا الحديث صححه النووي وأثبته ابن حجر في الفتح (13/ 289): قال النووي في شرح الأربعين: " أي يجب على الإنسان أن يعرض عمله على الكتاب والسنة، ويخالف هواه، ويتبع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم" ا. هـ. وقال العلامة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية: " فيه أن الإنسان يستدل أولا ثم يحكم، ولا تحكم ثم تستدل، وفيه وجوب تحكيم الشريعة –في كل رأي-"ا. هـ.
وسلف هذه الأمة عرفوا خطورة الهوى، وأهله ولهذا حذروا من أهل الأهواء لأن أهل الأهواء يهدمون الدين باسم الدين وإليك نبذه من كلام السلف الصالح في أهل الأهواء:
أخرج ابن بطة في الإبانة: عن أبي قلابة: " لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما تعرفون "ا. هـ وأخرج عنه: "لا تجالسوا أهل الأهواء فإنكم إن لم تدخلوا فيما دخلوا فيه لبسوا عليكم ما تعرفون "ا. هـ وأخرج عنه- أبي قلابة- يوصي أيوب السختياني: " يا أيوب احفظ عني أربعاً: لا تقل في القرآن برأيك، وإياك والقدر، وإذا ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمسك، ولا تمكن أصحاب الأهواء من سمعك فينبذوا فيه ما شاءوا "ا. هـ وأخرج عن ابن عباس: " لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب "ا. هـ وأخرج عن ابراهيم النخعي: " لا تجالسوا أهل الأهواء فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتورث البغضة في قلوب المؤمنين "ا. هـ مجاهد: " لا تجالسوا أهل الأهواء فإن لهم عرة كعرة الجرب "ا. هـ يعني أنهم يعدون من قرب منهم، كما أن من قارب الأجرب جرب. وأخرج عن محمد بن علي: " لا تجالسوا أصحاب الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله "أ. هـ
والآثار كثيرة عن السلف الصالح رحمهم الله في ذلك وللاستزاده ارجع لأمات كتب السنة المؤلفة في العقيدة ككتاب السنة للإمام البربهاري، والإبانة لابن بطة، ووالسنة لابن أبي عاصم، وأصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالككائي رحمهم الله جميعا وغيرها من الكتب.
والخلاصة في هذه المسألة أن الهوى يعمي ويصم وأن المتعين على العبد – ولا سيما المبتدئ والشاب – أن يبتعد عن الشبه والجدال في الدين وأهل الأهواء، فإن ذلك يجر الى الردى والزيغ.
قال العلامة صالح الفوزان رحمه الله في كتاب: التعليق المختصر على القصيدة النونية (1/ 91):" من أراد معرفة الحق من الباطل فليرجع إليهما-أي الكتاب والسنة-بصدق وإخلاص وتجرد من الهوى، ولطلب الحق، وبذلك يعرف الحق من الباطل، ويكون قصده الرحمن،لا الانتصار للنفس أو الرأي ... فإذا تبين لك الحق تأخذ به ولو كان خلاف ما تقول أنت، أو خلاف ما تهواه نفسك، ورغبتك "ا.
صالح السويح
13/ 1/1428
ـ[آل عامر]ــــــــ[01 - Feb-2007, مساء 03:39]ـ
جزاك الله خير على مسطرته يراعك لا شلّت.
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[03 - Feb-2007, صباحاً 05:49]ـ
جيد أن كتبت لنا مصادر نرجع إليها , جزيت خيراً.
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[03 - Feb-2007, صباحاً 05:53]ـ
نسيت أن أذكر بأن عند كتابتكم لهذه الآية:
{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} الفرقان43
سقطت اللام في كلمة (عليه).(/)
((أعداؤنا يفرحون إذا رأوا فريقاً من المسلمين ينقب عن الآثار)) لشيخنا الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[02 - Feb-2007, مساء 07:35]ـ
((أعداؤنا يفرحون إذا رأوا فريقاً من المسلمين ينقب عن الآثار))
لصاحب الفضيلة شيخنا
العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد:
فقد كثر الحديث والكتابات عن إحياء الآثار والعناية بها في هذه الأيام مما يلفت النظر، ولا سيما في هذه الأيام التي تمر الأمة فيها بأزمة عظيمة من تسلُّط الكفار على الإسلام والمسلمين ومحاولتهم إطفاء نور الله الذي بعث به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم كما هو ديدنهم منذ بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم.
وقد اشتد تطاولهم على الإسلام ورسوله في هذا الوقت حتى دنَّسوا المصحف الشريف، وصوّروا الرسول صلى الله عليه وسلم بصور ورسومات مشوهة للصدّ عن سبيل الله، وقاموا في وجه الدعوة إلى الإسلام.
ومع هذا كان فريق من كتّابنا وصحفيينا مشغولاً بالبحث عما يسمونه بالآثار وإحيائها، ويريدون بالآثار ما يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحداً من أصحابه جلسوا فيه أو سكنوا فيه أو وقعت فيه أحداث تاريخية من البقاع والدور والغيران مما لم يهتم به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة من بعدهم؛ لأنه لا جدوى فيه من ناحية، ولأنه من ناحية أخرى قد يجرّ إلى الغلو والتبرُّك بتلك الآثار والاستغاثة ودعاء مَن نسبت إليه مما هو حقيقة الشرك بالله عز وجل كما حصل للأمم السابقة لما غلت في آثار أنبيائها وصالحيها.
وقد حذّرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلو، قال تعالى: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ ?، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)).
وأشد ذلك إذا بُني على هذه الآثار المزعومة مساجد تزار ويصلَّى فيها؛ فإن هذا من أعظم وسائل الشرك والابتداع في الدين؛ فإن المساجد لا تُبنى إلا في الأمكنة التي فيها سكان يصلون في تلك المساجد الصلوات الخمس المفروضة، ولا يجوز تحديد مكان للعبادة يُزار ويُصلَّى فيه ويُدعى فيه إلا ما حدَّده الله ورسوله من المساجد الثلاثة التي تشدّ الرحال إليها، وهي: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، وما عداها فكل الأرض سواء، فقد جعلت للرسول صلى الله عليه وسلم وأمته مسجداً وطهوراً، فمن أدركته الصلاة فإنه يصلي في أي بقعة صالحة للصلاة.
والآثار المطلوب إحياؤها في عرف أهل العلم هي ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أحاديثه الشريفة التي حثَّنا صلى الله عليه وسلم على روايتها وحفظها والمحافظة عليها والعمل بها وتبليغها للناس.
ولم يأمرنا صلى الله عليه وسلم بتتبُّع البقاع والمباني التي سكنها أو جلس فيها وبنائها والعناية بها، وإنما حدث هذا بعد القرون المفضلة لما فشا في المسلمين الجهل والابتداع والتخلف والتشبه بالأمم الأخرى، فالواجب على المسلمين أن يهتموا بإقامة دينهم والعناية بسنة رسولهم، وأن يبتعدوا عما يخالف ذلك. كما يجب عليهم الدفاع عن رسولهم وكتابهم ضد هجمات الكفار والمشركين.
وإن أعداءنا ليفرحون إذا رأوا فريقاً من المسلمين معنيين بالتنقيب عن الآثار وتعظيمها والعناية بها؛ فالكفار يحثون على ذلك لأنهم يعلمون آثاره السيئة على دين المسلمين وعقيدتهم.
فالواجب التنبه لهذا الأمر، والابتعاد عن مثل هذه الأمور التي لا مصلحة للإسلام والمسلمين فيها، بل فيها مضرَّة عليهم وعلى دينهم.
ولئن قيل: إن هذه الآثار تذكِّر بالرسول وأصحابه وتذكِّر بالسلف الماضين؛ فإن هذا مثل قول الشيطان لقوم نوح: صوِّروا صور الصالحين وانصبوها على مجالسكم لتتذكَّروا بها أحوالهم وتعملوا مثل عملهم، وكانت النتيجة أنهم عبدوها في النهاية فهلكوا.
نسأل الله أن يهدينا وإخواننا المسلمين لإحياء السنن وإماتة البدع والتمسك بالسنة.
ولئن قال قائل من دعاة إحياء آثار الصالحين: إن ذلك من محبتهم وإحياء ذكرياتهم ..
قلنا له: إن محبة الصالحين دين ندين لله به، ولكن محبتهم تقتضي اتباعهم والاقتداء بهم لا إحياء آثارهم السكنية وغيرها؛ لأن هذا من الغلو في حقهم، وقد نهى نبينا صلى الله عليه وسلم عن الغلو في حقه وفي حق غيره من باب أولى فقال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تجعلوا قبري عيداً))، وقال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد))، وقال لعليٍّ رضي الله عنه: ((لا تَدَعْ قبراً مشرفاً إلا سَوَّيْتَهُ)).
ومحبته صلى الله عليه وسلم واجبة علينا أكثر مما نحب أنفسنا وأولادنا ووالدينا والناس أجمعين، وهذا يوجب علينا طاعته في أمره واجتناب نهيه، وقد نهانا عن الغلو في الأشخاص والأماكن وفي العبادة.
نسأل الله أن يوفقنا لاتباعه والعمل بسنته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
المصدر: ((صحيفة الوطن)) الثلاثاء 20 ذو الحجة 1427هـ - العدد (2293) السنة السابعة
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007-01-09/readers.htm
= = = = = = = = = =
جزى الله فضيلة شيخنا خير الجزاء بارك في جهوده.
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد(/)
حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في جواز التبرُّك بالأماكن والآثَار
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Feb-2007, مساء 09:02]ـ
براءةُ الصَّحابة الأخيار
من
التبرُّك بالأماكن والآثَار
(حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ)
للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه:
أما بعد:
فقد اطلعت على كتاب للدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، سماه بـ " الآثار النبوية بالمدينة المنورة ووجوب المحافظة عليها وجواز التبرك بها ".
وهذا فيما يبدو لي أن من بواعثه حب النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذا الحب جر القارئ ومن على مذهبه في التعلق بالآثار إلى ما يبغضه الله ورسوله ألا وهو: الغلو في حب النبي صلى الله عليه وسلم وحب آثاره والتعلق بها والحث على تتبعها والتبرك بها والحق أن حب الله وحب أنبيائه ورسله والمؤمنين أمرٌ أوجبه الله وشرعه لعباده، والله تعالى يُحَبُّ لذاته، والأنبياء والرسل والملائكة والمؤمنون يحبون من أجل الله.
لكن هذا الحب قد ضبطه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتوسط والابتعاد عن الغلو، والغلو: هو الزيادة في الأشياء عمَّا شرعه الله وحدَّده.
فالمؤمن يحب الله تعالى، ويقبل على عبادته من صلاة وصيام وذكر وغير ذلك.
فإذا زاد في هذه العبادات عمَّا شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله وحباً فيه، اعتبرت هذه الزيادة غلواً، ولو كان باعثها حب الله وطلب الزلفى لديه.
فعن أَنَسَ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: جاء ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النبي صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ من النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفِرَ الله له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ قال: أَحَدُهُمْ أَمَّا أنا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وقال آخَرُ: أنا أَصُومُ الدَّهْرَ ولا أُفْطِرُ وقال: آخَرُ أنا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: (أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا والله إني لأخشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ له لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عن سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).
فالذي يحب الله ويخشاه، لا بد أن ينضبط بهدي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته في عبادته لله المعبرة عن حبه وخشيته لله عز وجل، فإن زاد عن ذلك كانت هذه الزيادة مؤذنة عن رغبته عن سنة رسول الله، ومن رغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس هو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بريء من هذا الغلو.
وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجب الواجبات، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين).
ومع ذلك فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إطرائه، فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله).
ولما قال بعض أصحابه أنت سيدنا وابن سيدنا قال صلى الله عليه وسلم: (قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينَّكم الشيطان).
فهذه بعض الضوابط التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لضبط هذا الحب قولاً كان أو فعلاً.
وللزجر عن الغلو المُهلك الذي أهلك من قبلنا قالصلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدِّينِ فإنه أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ في الدِّينِ).
ومن الغلو الذي أهلك اليهود والنصارى قول اليهود: عزير ابن الله، وقول النصارى: المسيح ابنُ الله أو هو الله أو ثالث ثلاثة.
ومن غلوهم المُهلك اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، قال صلى الله عليه وسلم: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور
أنبيائهم مساجد).
ومن غلوهم المهلك تتبعهم لآثار أنبيائهم وجعلها كنائس وبيعاً.
وقال الله تعالى زاجراً لهم عن هذا الغلو بكل أصنافه: ? قل يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَ الْحَقَّ ? (النساء:171). وفي هذا زجر شديد لهذه الأمة المحمدية.
ومن هنا جاء زجرُ النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الغلو.
فمن غلا من هذه الأمة في عبادته لله، أو تعظيم رسول الله أو غيره من الأنبياء والصالحين فإنما سلك طريق اليهود والنصارى الباطل المؤدي إلى الهلاك.
فهل يعتبر المسلمون بذلك فينضبطوا بهذه الضوابط الإلهية والنبوية فيبتعدوا عن الغلو ويسلكوا سبيل الرشاد والتوسُّط الذي مدح الله به هذه الأمَّة فقال تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ? (البقرة:143)
وإنِّي لأَرَى الدكتور عبد العزيز القارئ في كتابه هذا قد خرج عن هذا المنهج الوسط فكتابه هذا دعوة صارخة إلى الغلو الذي سلكه أهل الكتاب فهلكوا بسببه، فماذا يريد عبد العزيز القارئ؟!.
الظاهر أنه لا يريد إهلاك أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم،ولكنه أُتِي من جهله بهذا المنهج أو من غفلته ونسيانه له إن كان قد فهمه واستوعبه من دراسته للمنهج السلفي فأنساه الشيطان ذكره.
وإني لأرجو له العودة الجادة لهذا المنهج الذي هو سفينة النجاة لهذه الأمَّة.
قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ? (الأعراف:201).
[[تابع بقية الكتاب في موقع الشيخ ربيع المدخلي]]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحمادي]ــــــــ[03 - Feb-2007, مساء 09:13]ـ
وفقك الله أخي فريد
لم أقرأ المقال بعد، لكني أحببت التنبيه بتكبير الخط بارك الله فيك
واصل رعاك الله
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 03:43]ـ
و فيكم بارك الله أخي الحمادي ...
شكر الله مرورك ...
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 03:49]ـ
براءةُ الصَّحابة الأخيار من التبرُّك بالأماكن والآثَار
(حوار مع د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ)
للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه:
أما بعد:
فقد اطلعت على كتاب للدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، سماه بـ " الآثار النبوية بالمدينة المنورة ووجوب المحافظة عليها وجواز التبرك بها " ([1]).
وهذا فيما يبدو لي أن من بواعثه حب النبي r لكن هذا الحب جر القارئ ومن على مذهبه في التعلق بالآثار إلى ما يبغضه الله ورسوله ألا وهو: الغلو في حب النبي r وحب آثاره والتعلق بها والحث على تتبعها والتبرك بها والحق أن حب الله وحب أنبيائه ورسله والمؤمنين أمرٌ أوجبه الله وشرعه لعباده، والله تعالى يُحَبُّ لذاته، والأنبياء والرسل والملائكة والمؤمنون يحبون من أجل الله.
لكن هذا الحب قد ضبطه الله ورسوله r بالتوسط والابتعاد عن الغلو، والغلو: هو الزيادة في الأشياء عمَّا شرعه الله وحدَّده.
فالمؤمن يحب الله تعالى، ويقبل على عبادته من صلاة وصيام وذكر وغير ذلك.
فإذا زاد في هذه العبادات عمَّا شرعه الله على لسان رسول الله r تقربا إلى الله وحباً فيه، اعتبرت هذه الزيادة غلواً، ولو كان باعثها حب الله وطلب الزلفى لديه.
فعن أَنَسَ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: جاء ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النبي r يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبي r فلما أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ من النبي r قد غُفِرَ الله له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ قال: أَحَدُهُمْ أَمَّا أنا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وقال آخَرُ: أنا أَصُومُ الدَّهْرَ ولا أُفْطِرُ وقال: آخَرُ أنا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رسول اللَّهِ r فقال: (أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا والله إني لأخشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ له لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عن سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) ([2]).
فالذي يحب الله ويخشاه، لا بد أن ينضبط بهدي محمد r وسنته في عبادته لله المعبرة عن حبه وخشيته لله عز وجل، فإن زاد عن ذلك كانت هذه الزيادة مؤذنة عن رغبته عن سنة رسول الله، ومن رغب عن سنة رسول الله r فليس هو من رسول الله r، ورسول الله بريء من هذا الغلو.
وحب رسول الله r من أوجب الواجبات، قال r: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) ([3]).
ومع ذلك فقد نهى رسول الله r عن إطرائه، فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) ([4]).
ولما قال بعض أصحابه أنت سيدنا وابن سيدنا قال r: ( قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينَّكم الشيطان) ([5]).
فهذه بعض الضوابط التي وضعها رسول الله r لضبط هذا الحب قولاً كان أو فعلاً.
وللزجر عن الغلو المُهلك الذي أهلك من قبلنا قال r: ( إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدِّينِ فإنه أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ في الدِّينِ) ([6]).
ومن الغلو الذي أهلك اليهود والنصارى قول اليهود: عزير ابن الله، وقول النصارى: المسيح ابنُ الله أو هو الله أو ثالث ثلاثة.
ومن غلوهم المُهلك اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، قال r: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ([7]).
ومن غلوهم المهلك تتبعهم لآثار أنبيائهم وجعلها كنائس وبيعاً.
وقال الله تعالى زاجراً لهم عن هذا الغلو بكل أصنافه: ? قل يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَ الْحَقَّ ? (النساء:171).
وفي هذا زجر شديد لهذه الأمة المحمدية.
ومن هنا جاء زجرُ النبي r أمته عن الغلو.
فمن غلا من هذه الأمة في عبادته لله، أو تعظيم رسول الله أو غيره من الأنبياء والصالحين فإنما سلك طريق اليهود والنصارى الباطل المؤدي إلى الهلاك.
فهل يعتبر المسلمون بذلك فينضبطوا بهذه الضوابط الإلهية والنبوية فيبتعدوا عن الغلو ويسلكوا سبيل الرشاد والتوسُّط الذي مدح الله به هذه الأمَّة فقال تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ?
(البقرة:143)
وإنِّي لأَرَى الدكتور عبد العزيز القارئ في كتابه هذا قد خرج عن هذا المنهج الوسط فكتابه هذا دعوة صارخة إلى الغلو الذي سلكه أهل الكتاب فهلكوا بسببه، فماذا يريد عبد العزيز القارئ؟!.
الظاهر أنه لا يريد إهلاك أمَّة محمد r ، ولكنه أُتِي من جهله بهذا المنهج أو من غفلته ونسيانه له إن كان قد فهمه واستوعبه من دراسته للمنهج السلفي فأنساه الشيطان ذكره.
وإني لأرجو له العودة الجادة لهذا المنهج الذي هو سفينة النجاة لهذه الأمَّة.
قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ?
(الأعراف:201).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) صدر هذا الكتاب في هذا العام 1427 هـ
([2]) أخرجه البخاري (4776) ومسلم (1401).
([3]) أخرجه البخاري (15) ومسلم (44).
([4]) أخرجه البخاري في الأنبياء، حديث (3445) وأحمد (1/ 23).
([5]) أخرجه أحمد (3/ 241) وأبو داود في الأدب (4806).
([6]) أخرجه أحمد (1/ 215 - 347) والنسائي في المناسك (5/ 268/رقم: 3057) وابن ماجة في المناسك حديث (3029) من حديث ابن عباس، وإسناده صحيح.
([7]) أخرجه البخاري (1330) ومسلم (529).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 03:53]ـ
مناقشة العنوان
عنوان الكتاب كما أسلفت " " الآثار النبوية بالمدينة المنورة ووجوب المحافظة عليها وجواز التبرك بها ".
- أقول:
1 - إنَّ كلاً من الوجوب والجواز من الأحكام الشرعية، والإيجاب والتحريم والتحليل من حق الله وحده والرسول مبلغ عنه.
فهل القارئ تلقى هذا الوجوب والتحليل عن الله تعالى، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم؟!.
لم يأت بدليل عن الله تعالى أو عن رسوله r على وجوب المحافظة على هذه الآثار وجواز التبرك بها.
2 - يواجه القارئ إشكال كبير وهو: إذا كان الحفاظ على هذه الآثار من الواجبات فلماذا لم يقم الصحابة الكرام بهذا الواجب؟!!
فهل يرى القارئ أن الصحابة جهلوا هذا الحكم وعلمه هو ومن يرى رأيه؟!!
أو أن الصحابة علموا هذا الحكم، لكنهم تهاونوا في القيام به وقصروا فيه ونهض به القارئ لقوة إدراكه وشعوره بأهمية وجوبه.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 03:58]ـ
المآخذ الإجمالية
أما الكتاب فعليه مآخذ أساسية منها:
1 - من جهة تأصيله للتبرك غير المشروع.
2 - ثم رتب على هذا التأصيل تفريعات وقياسات فاسدة لم يسبقه إليها أحد.
3 - مخالفته للنصوص النبوية والأصول الشرعية التي انطلق منها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t ومعه الصحابة الذين نهوا عن تتبع الآثار النبوية وتابعهم على ذلك العلماء الواعون لما يترتب على تتبع الآثار من مفاسد وكذلك البناء عليها والصلاة فيها.
4 - حماسه في الدعوة إلى التبرك بهذه الآثار، فأداه ذلك إلى:
5 - الاستدلال بالأحاديث و الآثار الضعيفة والشديدة الضعف.
6 - وإلى معارضته للأحاديث الصحيحة أو تجاهلها.
7 - وإلى معارضته لأصل أصيل ألا وهو سد الذرائع.
8 - وإلى أخطاء في الاستدلال ببعض الأحاديث الصحيحة وإنزالها غير منازلها.
9 - وإلى قياسه التبرك بالأمكنة -التي نزلها رسول الله r أو صلَّى فيها والتي لا يثبت غالبها- على ما انفصل من حسده الشريف مثل: شعره و ريقه و عرقه r وقد فرق بين النوعين أفقه الناس وهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
10 - إنه لا فرق عنده بين التأسي بأعمال رسول الله r في الأماكن التي نزلها أو صلى فيها بحكم الاتفاق والأماكن التي قصدها بالتعبد وقصد إلى تخصيصها بتلك العبادة كالطواف بالبيت وبين الصفا والمروة والوقوف بعرفة وسائر المناسك، الأمور التي يجب التأسي به فيها ومنها ما يسن.
لا فرق عنده بين هذه الأماكن المقصودة منه r وبين الأماكن التي نزلها أو صلى أو جلس فيها بحكم الاتفاق.
11 - عدم تفريقه بين التأسي المشروع والتبرك البدعي الممنوع.
12 - حملته الشديدة على العلماء الذين أفتوا بهدم بعض المساجد التي شيدت على آثار مزعومة والتي اتخذها أهل البدع أعياداً يرتكبون فيها من البدع والأعمال الشركية ما يحتم هدم تلك المساجد التي هي من جنس المساجد التي لعن رسول الله r اليهود والنصارى من أجلها ومن جنس القبور التي أمر الرسول r بهدمها.
وشدد الحملة على جهات مسئولة لتنفيذها فتاوى العلماء تعاوناً منها على البر والتقوى وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 04:02]ـ
المناقشات التفصيلية للكتاب
تصنيف القارئ للآثار
- قال القارئ (ص1):
" الآثار في رأيي ثلاثة أصناف:
1 - آثار تاريخية يهتم بها دارسوا التاريخ والحضارة والمهندسون.
كأنواع المباني القديمة، والمدن القديمة، والأدوات الحضارية التي تكشف عنها الحفريات، من أوان ونقود وأسلحة ونحوها، وأوضح مثال لهذا النوع مدائن صالح في الشمال الغربي للمملكة والأخدود في نجران في الجنوب الغربي ".
ثم أعطى هذا الصنف حكمه فقال: " وهو نوع من الدراسات التاريخية والحضارية وربما الهندسية لا يلامون عليه فلكل علم أهله ".
- أقول:
1 - العناية بالآثار في هذا العهد على الوجه الذي يسلكه الآثاريون لم يكن معروفاً على عهد الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح رحمهم الله.
وإنما يقلد فيه المسلمون الأروبيين والأمريكان الذين من أعظم أهدافهم من دراسة الآثار في بلدان المسلمين إنما هو إحياء القوميات الجاهلية من فرعونية وبابلية وفينيقية ... الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونجحوا إلى حد بعيد في تحقيق كثير من هذه الأهداف ونشأت في بلاد الإسلام النعرات القومية الجاهلية والاعتزاز بهذه القوميات.
2 - وإني لأتعجب من تمثيلك بمدائن صالح والأخدود التي هي من مواطن غضب الله!!.
قال الإمام البخاري ([1]) -رحمه الله-: حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما مرَّ النبي r بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين) ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r لأصحاب الحجر: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم).
دل الحديثان على:
1 - خطورة دخول مواطن من غَضِبَ الله عليهم وأهلكم بسبب كفرهم وتكذيبهم للأنبياء وما جاؤوا به.
2 - لم يُجِز النبي r دخولها إلا لمن يخاف الله ويخشى عذابه فيدخلها عند الحاجة باكياً.
3 - يُخشى على من يدخل ديار المعذبين أن يصيبه من العذاب ما أصاب هؤلاء المعذبين.
4 - مشروعية الإسراع لمن أتى على هذه الديار مع تغطية وجهه تأسياً برسول الله r.
فهل يفقه المسلمون، ومنهم الآثاريون ومشجعوهم ما في هذا التوجيه النبوي الصادر من الذي لا ينطق عن الهوى.
وكذلك شرع رسول الله r الإسراع لمن يمر بوادي مُحَسِّر؛ لأن الله أهلك فيه أصحاب الفيل.
فالذين يُنَقِّبُون عن آثار عادٍ وثمود وأصحاب الأخدود، وعن آثار الفراعنة وآثار البابليين هل ينطلقون من توجيهات رسول الله r أو هم مقلدون لأعداء الله الذين نصبوا لهم شراك التنقيب عن آثار الهالكين ليعتزوا بها اعتزاز الجاهليين؟!
ثم يقوم على ذلك التفرق والتعصبات القومية والجاهلية والعداوات والبغضاء والحروب.
ولقد قرأت أنا وغيري افتخار كثير من المسلمين أو المنتسبين إلى الإسلام بمثل قول بعضهم " فافخر أيّها المصري ببناة مجدك حينما كان الناس نوما "، يفتخر بالآثار الفرعونية كالأهرامات وغيرها!!
ويقول أحمد شوقي في تمجيد الفراعنة:
أين الفراعنة الذين استذرَى بهم عيسى ويوسف والكليم المُصْعقُ
الموردون الناس منهل حكمة أفضى إليها الأنبياء ليستقوا
الرافعون إلى الضحى آباءهم فالشمس أصلهم الوضيئ المعرق
وكأنما بين البلى وقبورهم عهدٌ على أن لا مساس وموثق
فحجابهم تحت الثرى في هيبة كحجابهم فوق الثرى لا يُخرق
بلغوا الحقيقة من حياة علمُها حُجب مكثّفة وسرٌ مُغلق
وتبينوا معنى الوجود فلم يروا دون الخلود سعادة تتحققُ
أي: أنه يفتخر بالفراعنة الذين يدّعي أن هؤلاء المرسلون عاشوا في ظلالهم!
وانظر إلى هذا الغلو الشديد في تمجيد الفراعنة والغلو في صفاتهم وأحوالهم وإلى أي مستوى رفعهم شوقي.
ومع خطورة الاهتمام بهذه الآثار فقد أعطى القارئ هذا الصنف حكمه فقال: "وهو نوع من الدراسات التاريخية والحضارية وربما الهندسية ولكل علم أهله " ونسي ما تؤدّي إليه هذه الدراسة!
وأقول:
ألا ترى أن في موقف الرسول r من آثار ثمود ومصرعهم، وموقفه من مصرع أصحاب الفيل، ما يفيد المسلم الفقيه: الزهد والانصراف عن الاهتمام بهذه الآثار والدعاية لها والازدراء لمن يعتني بها
وقل مثل ذلك في آثار قوم لوط، وقوم شعيب، وقوم فرعون، وآثار هؤلاء الدالة على غضب الله عليهم.
وقولك: " فلكل علم أهله " ماذا تعني؟!
ألا ترى أن الشريعة الإسلامية شاملة لكل الأحكام على كل الناس في دينهم ودنياهم وتصرفاتهم؟! وهل معظم هؤلاء الآثاريين يعرفون أحكام هذه الآثار ويلتزمونها؟.
ثم استدرك القارئ فقال: مع أن الكشف عن آثار من قبلنا من الأمم داخل في معنى الاعتبار المأمور به في القرآن.
ثم ساق قوله تعالى: ? فسيروا في الأرض ..... ? الآيتين.
فهل يريد القرآن هذه الطريقة التي يسلكها الأوروبيون لإحياء آثار الجاهلية والكشف عن آثار الأمم عن طريق الحفريات والتخرصات عن تواريخها الخيالية والتقديرات بملايين السنين (2).
أو أن الإنسان إذا مر بها ينبغي له أن يمر وفرائصه ترتجف خوفاً من أن ينزل به ما نزل بأهل هذه الآثار كما علمنا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام؟!
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
([1]) صحيح البخاري، كتاب المغازي، حديث (4419 - 4420).
(2) لقد حمل القاريء نصوص القرآن ما لا تحتمله.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 04:04]ـ
رأي القارئ في الصنف الثاني ومناقشته فيه
قال القارئ (ص1):
" (2) آثار خرافية وهذه يُعنى بها (الخرافيون) وأكثرها يدور حول القبور وما يقام عليها من أضرحة ويبنى عليها من مساجد وأوضح مثال له في المملكة: ضريح آمنة أم الرسول r بالأبواء؛ وكان قائماً إلى عهد قريب وضريح "علي العريضي " بحرة العريض بالمدينة النبوية عليه مسجد ومنارة وكان يأتي بعض الخرافيين من حضرموت وغيرها فيعكفون عنده أياماً، وعكف أحدهم شهراً، "وعلي العريضي " هذا من آل البيت من أحفاد جعفر الصادق، وقد تم هدم المسجد والضريح، وبالغ من هدمهما فنبش القبر، وأخطأ في ذلك، ولو اكتفى بهدم البناء الذي عليه وأبقاه مسوي بالأرض لكفى لأن النبي r قال لعلي: " .. وألا تدع قبرا مشرفا إلا سويته " لم يقل (نبشته)!!.
وذكر حكم هذا الصنف في (ص5) فقال:
" أما الصنف الثاني فهو ما يجب أن نحاربه ونعلن النكير عليه لما فيه من ذريعة الشرك ولمخالفته الصريحة للنصوص الثابتة الدالة على تحريم البناء على القبور وذم شأن من فعل ذلك من اليهود والنصارى وتحذير هذه الأمة من تقليدهم ".
- أقول:
كنت أتمنى للقارئ أن يتوسع في الكلام على هذا الصنف ويبين ما يفعله الخرافيون عند القبور في مختلف البلدان من الشركيات الكبرى، كدعاء أهل القبور والاستغاثة بهم في الشدائد وشد الرحال إليهم والتقرب بالذبائح والنذور لهم وإقامة الأعياد لهم واجتماع ألوف الألوف في أعياد بعض أهل هذه المشاهد والمساجد من رجال ونساء وارتكاب المنكرات في هذه المناسبات.
وتمنيت أن يذكر النصوص النبوية في شأنها ويبين فقهها ومدى مخالفات الخرافيين لها.
بل أتمنى أن يحقق كتاباً من كتب التوحيد ويجول فيه بتعليقات قوية واضحة تدل على حبه للتوحيد وبغضه للشرك!!
أما أن يمر مرور الكرام عند الحكم على هذا الصنف فيشير إشارة إلى النصوص دون أن يذكرها ويقف عندها طويلاً كما وقف عند الكلام عن الآثار التي يزعم أنها نبوية وساق ما يراه أدلة وشدد النكير وأرغى وأزبد على من يهدمها.
وكذلك اكتفى بالحديث عن البناء على القبور بقوله: " إنها من ذرائع الشرك" ولا يدري أن أكثر من يرحبون بكتابه وينشرونه لا يعرفون ما هو الشرك وما هي ذرائعه؟!
كنت أتمنى للقارئ أن يتحدث عن كثرة المشاهد والمساجد التي بنيت على القبور في العالم الإسلامي ويشدد النكير على من يبني هذه المساجد والمشاهد وعلى رواد هذه المساجد والمعابد ويبين حكم الله فيها وفي أهلها، وينادي بهدمها قبل أن ينادي ببناء الآثار التي لا يتباكى على هدمها إلا الخرافيون ولا يفرح بالإشادة بها والمناداة ببنائها إلا الخرافيون!!
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 04:06]ـ
رأي القارئ في الصنف الثالث
قال القارئ (ص7):
" أما الصنف الثالث فهو ما ينبغي أن نُعنى به ونحافظ عليه تأسياً بالصحابة والتابعين الذين فعلوا ذلك بمحضر من بعض الصحابة وعلى رأس التابعين عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - الذي كان أول من تتبع المواقع النبوية وبنى عليها المساجد عندما كان أميراً على المدينة وقد شاور في ذلك من حضره من الصحابة وشاور كبار التابعين بالمدينة فدلوه على هذه المواقع ".
- أقول:
1 - إن أمور الدين أو الأمور المتصلة بالعقيدة لا تبنى على الحكايات التي لا تثبت.
2 - في كلامك اضطراب!
فأولاً تقول: " فهو ما ينبغي أن نُعنى به ونحافظ عليه تأسياً بالصحابة والتابعين الذين فعلوا ذلك ".
ثم تقول: " بمحضر من بعض الصحابة وعلى رأس التابعين عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- الذي كان أول من تتبع المواقع النبوية ... الخ.
وتقول في موضع آخر: " بمحضر خمسة من صغار الصحابة "! والواقع أن كلّ ذلك لا يثبت!
فهلا قلت لنا: قال رسول الله r: اعتنوا بمواقعي وحافظوا عليها. أو فعل رسول الله ذلك بهذه المواقع التي تقول: إن عمر بن عبد العزيز تتبعها وبنى عليها المساجد.
أو قلت: فعل ذلك الخلفاء الراشدون المهديون ومعهم باقي الصحابة الكرام وسقت الأدلة الصحيحة على هذه الدعوى العريضة؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم من هم الصحابة الذين حضروا فعل عمر بن عبد العزيز وهو يبني المساجد على هذه المواقع، وهل كانوا يشاركون في بناء هذه المساجد كما شاركوا في بناء مسجد رسول الله r وشاركوا في حفر الخندق؟!
ومن هم كبار التابعين الذين شاوروا عمر بن عبد العزيز ببناء هذه المساجد؟!
ومن هم الصحابة والتابعون الذين دلوا عمر بن عبد العزيز على هذه المواقع على كثرتها بدقة؟!
وأين هؤلاء الصحابة وكبار التابعين من المشورة على الخلفاء الراشدين ليقوموا بهذا العمل وهذه المحافظة على هذه الآثار؟!
أليس في انصراف الرسول r وخلفائه الراشدين وصحابته الأكرمين عن العناية بهذه الآثار دليل واضح على عدم مشروعية العناية بالآثار؟!
3 - أحال الدكتور القارئ بهذا الكلام على تاريخ المدينة لابن شبة (1/ 74) فوجدنا فيه الحكاية الآتية:
" قال أبو غسان: وقال لي غير واحد من أهل العلم من أهل البلد: إن كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة، فقد صلى فيه النبي r، وذلك أن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - حين بنى مسجد رسول الله r سأل - والناس يومئذ متوافرون - عن المساجد التي صلى فيها رسول الله r ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة ".
- أقول:
الكلام على هذه الحكاية من وجوه:
الوجه الأول: راوي هذه الحكاية هو محمد بن يحيى بن علي بن عبد الحميد الكناني أبو غسان المدني، قال فيه أبو حاتم: " شيخ ". الجرح والتعديل (8/ 123).
وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما خالف وقال أبو بكر بن مفوز: كان أحد الثقات المشاهير يحمل الحديث والأدب والتفسير.
قال هذا الكلام ردّاً على ابن حزم الذي قال فيه: مجهول ([2]).
وقال السليماني: " حديثه منكر ". قال الحافظ " ولم يتابع على هذا ".
وقال الدارقطني: " ثقة " انظر تهذيب التهذيب (9/ 518) وتهذيب الكمال (26/ 637 - 638).
وقال الذهبي في الكاشف: " صدوق، خ ".
وقال الحافظ ابن حجر: " ثقة،لم يصب السليماني في تضعيفه من العاشرة خ".
والظاهر أن القول الوسط هو قول الذهبي: "صدوق".
الوجه الثاني: على قول أبي غسان: " وقال لي غير واحد من أهل العلم من أهل البلد ... الخ".
أقول: هؤلاء أناس مجهولون فلا تقبل روايتهم عند أهل العلم من المحدثين والفقهاء وما أظن القارئ يجهل هذا، وحتى لو قال إمام أكبر وأوثق من أبي غسان: حدثني الثقة لا يقبل منه هذا التوثيق ولا تقبل رواية الموثّق، لأنه يجوز أن يكون ثقة عنده مجروحاً عند غيره من أهل العلم والنقد.
ولو قال: كل من أحدثكم عنهم ثقات، لا يؤخذ بهذا التوثيق فكيف وأبو غسان ليس من أهل النقد ومع ذلك لم يوثق من حكى عنهم.
الوجه الثالث: قال هؤلاء المجهولون: " سأل والناس متوافرون " ولم يقولوا: والصحابة متوافرون. ولم يذكروا كبار التابعين.
ولم يقولوا: وقد شاور في ذلك من حضره من الصحابة.
ولم يقولوا: وشاور كبار التابعين.
ومع جهالة هؤلاء الرواة - وقد يكونون اثنين - لم يجرؤوا أن يقولوا ما قاله القارئ!!
ولقد حمل حكايتهم هذه على ضعفها ما لم تحتمل وما هو فوق طاقتها!!
وهل يجوز للقاري أن يفعل هذا في أمر يتعلق بالعقيدة، بل لو كان في أمر مباح فهل يجوز له هذا؟!
الوجه الرابع: إنّ عمر بن عبد العزيز من صغار التابعين؛ من الطبقة الرابعة ولم يرو إلا عن اثنين من الصحابة، وهم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي وهذا قد توفي سنة ثمانين من الهجرة قبل أن يُوَلَّى عمر بن عبد العزيز على المدينة بسنوات.
والثاني: سهل بن سعد الساعدي، توفي عام ثمانية وثمانين وقد جاوز المائة ومات قبل أن يقوم عمر بن عبد العزيز بهذا العمل المزعوم!
وأدرك أنس بن مالك الذي لا يعرف إلا أنه صلى وراء عمر بن عبد العزيز أيام إمرته بالمدينة ولم يرو عنه عمر ولم يذكر أحد أنه كان من مستشاريه بل كان أنس يسكن البصرة قبل إمرة عمر للمدينة وبعدها (1).
فهل بعد هذا يجوز الأخذ بقول القارئ " أما الصنف الثالث: فهو ما ينبغي أن يعتنى به ويحافظ عليه تأسياً بالصحابة والتابعين الذين فعلوا ذلك بمحضر من الصحابة ".
لقد برأ الله الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أعمال أهل الكتاب بقبور أنبيائهم وآثارهم الذين استحقوا اللعن بهذه الأعمال، قال رسول الله r: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ([3])، فإذا استحقوا اللعن بسبب بنائهم المساجد على قبور الأنبياء أفلا يستحقون اللعن إذا بنوا المساجد على آثارهم؟!
فماذا يستحق الخرافيون إذا بنوا المساجد على القبور والآثار؛ يتبركون بها ويستغيثون بأهلها؟!
الوجه الخامس: قد نهى رسول الله r عن زخرفة المساجد واعتبر ذلك من علامات الساعة، فكيف يفعل هذه البدعة عمر بن عبد العزيز ويؤيده عليها الصحابة؟!
أيا عبد العزيز القارئ! يجب أن تتوب إلى الله من نسبة هذه الأعمال إلى دين الله وإلى أصحاب محمد r.
وعليك أن تدرك أن طريق إصلاح المسلمين غير الطرق التي تسلكها أنت. والخرافيون ليسوا بحاجة إلى من يزيدهم خرافات على خرافاتهم، وإنما يحتاجون إلى من يبدد ما عندهم من الخرافات والضلالات بنشر العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكرات البدعية والشركية.
هذا هو طريق الإصلاح الذي يحبه الله ورسوله وأهل العلم الناصحون.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) وفي كلام ابن مفوز نظر!.
(2) وأدرك ثلاثة من صغار الصحابة الذين توفي النبي r ولم يبلغوا سن التمييز، وهم محمود بن الربيع ومحمود بن لبيد والسائب بن يزيد.
([3]) تقدم تخريجه (ص 2).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 04:09]ـ
ما يزعمه من فوائد المحافظة على هذه الآثار ومناقشته فيه
ثم قال (ص8): " وقد نقل ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح ([1]) وشيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الأخنائي (2) كما سيأتي بيانه.
- أقول:
وهل يفيدك نقلهما وهي حكاية تالفة، وهل التزم الرجلان الصحة فيما ينقلانه؟!
ثم قال: " وفائدة المحافظة على هذا الصنف من الآثار النبوية:
أولاً: (الاعتبار) نص على ذلك بعض الصحابة وكبار التابعين بالمدينة، وبيانه فيما يأتي:
لما هدم عمر بن عبد العزيز بيوت أزواج النبي r، وكانت ملتصقة بجدار المسجد النبوي وأدخلها في المسجد عند توسعته بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، ومنها بيت أم المؤمنين عائشة وفيه القبور الثلاثة: قبر النبي r وقبرا الصاحبين، فصارت القبور الثلاثة الشريفة داخلَ المسجدِ، وحَزِنَ الناس حزناً شديداً، قال عطاء الخراساني:
أدركت حجرات أزواج النبي r من جريدٍ على أبوابها المسوح من شَعٍر أسود، قال فحضرت كتاب الوليد يقرأ فأمَرَ بإدخالها في المسجد فما رأيت يوماً كان أكثر من ذلك اليوم باكياً، فسمعت سعيد بن المسيب يقول: والله لودِدتُ أنهم تركوها على حالها ينشأ ناس من المدينةِ ويقدم قادم من الأفق فيرى ما أكرم به النبي r في حياته فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر.
وفي رواية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، قال سعيد بن المسيب ودَدتُ لو تركوا لنا مسجد نبيناً على حالِهِ وبيوت أزواجِهِ ومنبره ليقدم القادم فيعتبر.
وقال عمران بن أبي أنس: رأيتني وأنا في المسجد فيه نفر من أصحاب رسول الله r وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وخارجة بن زيد وإنهم يبكون حتى أخضل الدمع لحاهم، وقال يومئذ أبو أمامة:
ليتها تُركت حتى يَقصُرَ الناس عن البناء ويَرَى الناس ما رضي الله لنبيِّهِ وخزائن الدنيا بيده
وأحال في الحاشية على الرد على الأخنائي ص 190في الموضعين ".
- أقول: هذه الحكاية لا تثبت لأن في إسنادها علل:
الأولى: محمد بن عمر الواقدي:
قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-:" كذاب " وقال ابن معين "ليس بثقة " وقال مرة "لا يكتب حديثه" وقال البخاري وأبو حاتم: "متروك ".
وقال ابن المديني: " الواقدي يضع الحديث ".
وقال ابن راهوية: " هو عندي ممن يضع الحديث ".
وقال أبو داود: "بلغني أن علي بن المديني قال: كان الواقدي يروي ثلاثين ألف حديث غريب". وقال البخاري: "سكتوا عنه ماله عندي حرف".
وقد تساهل بعض الناس في توثيقه مثل محمد بن إسحاق الصاغاني ومصعب وغيرهم. انظر: الميزان (3/ 663 - 665).
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: "متروك مع سعة علمه ".
وقال الذهبي في الكاشف: "متروك ". وقال الذهبي في المغني: " مجمع على تركه ".
وقال النسائي: "كان يضع الحديث".
الثانية: عبد الله بن زيد الهذلي، لم أقف له على ترجمة.
وفي الإسناد الثاني: الواقدي وقد تقدمت ترجمته وشيخه فيه معاذ بن محمد الأنصاري.
قال فيه الحافظ: معاذ بن محمد بن معاذ بن ابن أبي بن كعب، وقيل بإسقاط محمد الثاني، وقيل بإسقاط معاذ، مقبول من الثامنة ق.
وقال الذهبي في الكاشف: "وُثِّق". والمراد به توثيق ابن حبان وهو يوثق المجهولين.
وعطاء الخراساني هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني قال فيه الذهبي في الكاشف: "أرسل عن معاذ وطائفة من الصحابة". وقال الحافظ في التقريب: "صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس من الخامسة م 4"، وانظر المراسيل لابن أبي حاتم (ص:157 رقم (575).
فظهر أن هذه الحكاية في غاية الضعف والوهاء إن لم تكن مكذوبة، والذي يتعلق بها وينسبها إلى الصحابة ويبني عليها أحكاما عظيمة وينادي بالعمل بمضمونها فإنما يجني على نفسه في الدنيا والآخرة.
وهذا شيخ الإسلام يشك فيها فيقول: " قلت: قوله في هذه الرواية: إن فيهم نفراً من أصحاب رسول الله r، إن كان هذا محفوظاً فمراده من كان صغيرا في عهد النبي r مثل أبي أمامة بن سهل بن حنيف ومثل محمود بن الربيع ومثل السائب بن يزيد وعبد الله بن أبي طلحة.
فأما من كان مميزاً على عهد النبي r، فلم يكن بقي منهم أحد، لكن في سهل بن سعد خلاف، قيل توفي سنة ثمان وثمانين فيكون قد مات قبل ذلك أو سنة إحدى وتسعين".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الذهبي في الكاشف: " عُمِّر ومات سنة ثمان وثمانين أو إحدى وتسعين ع ".
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: " مات سنة ثمان وثمانين وقيل بعدها وقد جاوز المائة ع ".
وقال شيخ الإسلام في موضع آخر من الرد على الأخنائي (ص138 - 139 - ط: المكتبة العصرية) بعد كلام له: " وكان المقصود أن المسجد لما زاد فيه الوليد وأدخلت فيه الحجرة كان قد مات عامة الصحابة، ولم يبق إلا من أدرك النبي r ولم يبلغ سن التمييز الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة، وقال النبي r: ( مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع).
ومن المعلوم بالتواتر أن ذلك كان في خلافة الوليد بن عبد الملك، وكان بعد بضع وثمانين وقد ذكروا أن ذلك كان سنة إحدى وتسعين وأن عمر بن عبد العزيز مكث في بنائه ثلاث سنين.
وسنة ثلاث وتسعين مات فيها خلق كثير من التابعين مثل سعيد ابن المسيب وغيره من الفقهاء السبعة، ويقال لها سنة الفقهاء.
وجابر بن عبد الله كان من السابقين الأولين ممن بايع بالعقبة وتحت الشجرة ولم يكن بقي من هؤلاء غيره لما مات، وذلك قبل تغيير المسجد بسنين، ولم يبق بعده ممن كان بالغاً عند موت النبي r إلا سهل بن سعد الساعدي فإنه توفي سنة ثمان وثمانين وقيل سنة إحدى وتسعين، ولهذا قيل فيه إنه آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي r كما قاله أبو حاتم البستي وغيره.
وأما من مات بعد ذلك فكانوا صغارا، مثل السائب بن يزيد الكندي (3) ابن أخت عمر فإنه مات بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وقيل: إنه مات بعده عبد الله بن أبي طلحة (4) الذي حنكه النبي r، وكذلك محمود بن الربيع (5) الذي عقل مجة مجها رسول الله r في وجهه من بئر كانت في دارهم وله خمس سنين، مات سنة تسع وتسعين أو سنه ثلاث وتسعين.
وأبو أمامة بن سهل بن حنيف سماه النبي r: أسعد باسم أسعد بن زرارة مات سنة مائة.
لكن هؤلاء لم يكن لهم في حياته r من التمييز ما ينقلون عنه أقواله وأفعاله التي ينقلها الصحابة، مثل ما ينقله جابر وسهل بن سعد وغيرهما.
وأما ابن عمر فكان قد مات قبل ذلك عام قتل ابن الزبير بمكة سنة ثنتين وسبعين وابن عباس مات قبل ذلك بالطائف سنة بضع وستين، فهؤلاء وأمثالهم من الصحابة لم يدرك أحد منهم تغيير المسجد وإدخال الحجر فيه، وأنس بن مالك كان بالبصرة لم يكن بالمدينة وقد قيل إنه آخر من مات بها من الصحابة ".
وفي كلام شيخ الإسلام بالإضافة إلى ما بينته في هذه الدراسة ما يدفع قول القارئ:
" أما الصنف الثالث فهو ما ينبغي أن يعتنى به ويحافظ عليه تأسيا بالصحابة والتابعين الذين فعلوا ذلك بمحضر من الصحابة، وعلى رأس التابعين عمر بن عبد العزيز ".
فحاشا الصحابة والتابعين من التأسيس للخرافات والبدع.
وصغار الصحابة الذين ذكرهم لا ناقة لهم ولا جمل فيما ينسبه إليهم القارئ.
فإذا كان هذا الدفاع من شيخ الإسلام عن الصحابة فيما يتعلق بتغيير مسجد رسول الله
r وإدخال الحجر فيه،فماذا سيقول في تلك المساجد الكثيرة ([6]) التي يقول في شأنها القارئ ما سلف قريباً ويقول أيضاً عن عمر بن عبدا لعزيز " وقد شاور في ذلك من حضر من الصحابة وشاور كبار التابعين بالمدينة فدلوه على تلك المواقع ومع أن الحكاية التي بني عليها ضعيفة جداً بل قد تدخل في حد البطلان فقد حملها القارئ ما لا تدل عليه ولا تحتمله؟!
نسأل الله لنا وله العافية من الأدواء والأهواء.
قال الدكتور القارئ (ص11):
"وقال إسحاق بن إبراهيم بن راهوية:
" ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله r والتبرك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدميه والعمود الذي كان يستند إليه وينزل جبريل بالوحي فيه عليه وبمن عمَّره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين والاعتبار بذلك كله ".
وأحال القارئ على (الشفاء) للقاضي عياض، و (الرد على الأخنائي).والأمر كما ذكر إلا أن فيه ما يؤخذ عليه.
والكلام عليه من وجوه:
الأول: إن الموجود في كل من (الشفاء) و (الرد على الأخنائي): إسحاق بن إبراهيم الفقيه. وليس كما ذكر: ابن راهويه!
فلا أدري أهذا سهو منه أو حصل عن قصد؟!
والظاهر أن هذا الفقيه غير ابن راهويه
1 - لأن ابن راهويه لم يشتهر بوصف الفقيه، وإنما هو من كبار أئمة الحديث وإن كان من أعظم الفقهاء ويقرن بأحمد.
2 - أن هذا الكلام يستبعد من إسحاق بن راهويه ومن أمثاله كأحمد والشافعي ومالك والبخاري، بل هذا يشبه كلام المتأخرين.
3 - ذكر القارئ في الحاشية: ترجمة إسحاق بن إبراهيم بن راهوية، وذكر أن ابن راهويه من شيوخ أحمد! والواقع أن أحمد وإسحاق قرينان، وإن كان أحمد أعلم وأفضل.
ولا يُمنع أن يأخذ العالم من قرينه وممن هو أصغر منه، ولا يصير بذلك من تلاميذ هذا القرين أو من هو أصغر منه.
ولأحمد شيوخ كُثُر منهم: هشيم ووكيع والشافعي ويحي بن سعيد القطان وابن مهدي وغيرهم.
4 - يبدو أن المراد بإسحاق بن إبراهيم الفقيه: إسحاق بن إبراهيم بن ميسرة اللخمي الطليطلي ثم القرطبي المالكي المذهب، ممن أخذ العلم عن الباجي وقاسم بن أصبغ وغيرهما توفي: سنة اثنتين، وقيل: أربع وخمسين وثلاثمائة. انظر (الديباج المذهب) (ص96 - 97).
5 - الظاهر أن مراد إسحاق بن إبراهيم هذا: الصلاة في المسجد النبوي، والصلاة في الروضة، ومعرفة المنبر والقبر وسائر ما ذكره، لا التمسح بها على طريقة أهل البدع.
والرجل مالكي، ومن مذهب مالك: النهي عن التمسح بالمنبر الذي كان r يخطب عليه فيجلس عليه ويلمسه فكيف بغيره.
--------------------------------------------------------------------------------
1 - فتح الباري (1/ 571).
2 - طبعة دلهي على هامش الرد على البكري.
(3) توفي سنة (91هـ) وقيل قبل ذلك، قال الحافظ ابن حجر وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة وقال الذهبي توفي سنة (91هـ) وقيل (86هـ).
(4) توفي سنة (84هـ).
(5) لم يذكر الحافظ سنة وفاته وقال الذهبي سنة (99هـ)، فيكون هو ومحمود بن لبيد اللذان أدركا عمل عمر بن عبد العزيز إن صح ولكنه لم يصح.
(6) ذكر القاريء في موضع آخر أنها ثلاثون مسجداً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:05]ـ
القارئ ينسب إلى السَّلف آثاراً لم تثبت عنهم
قال القارئ (ص12):
" هذه النصوص عن السلف تدل على أن الإبقاء على آثار النبي r ( مسجده الذي بناه، بيوت أزواجه، منبره) ونحو ذلك مقصد شرعي فائدته الاعتبار ".
- أقول:
إن هذه الآثار التي تنسبها إلى السلف لم تثبت في غير مسجده r الذي ثبت ثبوتاً مقطوعاً به واستمر وسيستمر إن شاء الله إلى يوم القيامة.
أما الآثار الأخرى فما ثبت منها لم يبق، بل جرت عليه سنة الله في خلقه أنه لا يدوم شيء منها في هذه الدنيا.
ومن الأسباب الواضحة اهتمام الصحابة بتبليغ رسالة محمد r والاهتمام بالجهاد في نشرها والاهتمام قبل ذلك بالمحافظة على القرآن الكريم الرسالة المعجزة الخالدة التي تحدّى الله بها الجن والإنس فعجزوا أن يأتوا بسورة من مثله فحافظوا عليه بتوفيق الله لهم ووعده الصادق بحفظه ثم عملهم بذلك وتعليمه ونشره فلم يضع منه حرف واحد.
وحافظوا على سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فلم يضع منها شيء، وتبعهم وُرَّاُثهم بإحسان في المحافظة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وحفظهما في الصدور والسطور.
وكان رسول الله r يوصي أصحابه بالقرآن والاهتداء به ويوصيهم بسنته وسنة خلفائه الراشدين ويأمرهم بالرجوع إلى ذلك عند الاختلاف.
ولم يوصهم أبداً بالحفاظ على الأماكن التي صلى فيها أو جلس فيها، بل أنكر الخليفة الراشد عمر -رضي الله عنه- على من يتتبع الأماكن التي صلى فيها رسول الله r، وتتبع غيرها من باب أولى، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.
ولو كان ذلك أمراً مشروعاً لأنكروا على عمر -رضي الله عنه - المنع من الصلاة في مكان صلى فيه رسول الله r.
القارئ يرمي إلى الحفاظ على المساجد التي تزعم الحكاية أن عمر بن عبد العزيز قام ببنائها على مواقع الرسول r، وكان هذا البناء بمحضر من الصحابة أو بعضهم وبمشورتهم ودون إثبات ذلك خرط القتاد.
بطلان نسبة التبرك بالآثار إلى الصحابة والتابعين
قال القارئ (ص12):
" الفائدة الثانية: التبرك بالآثار النبوية من مساجد، ودور، وآبار ... ونحو ذلك .. والتبرك بالنبي r ومتعلقاته أمر مشروع فعله الصحابة والتابعون، وعليه الأئمة المتبوعون، ونقل عن الإمام أحمد أنه كانت لديه شعرة من شعر النبي r يتبرك بها.
والتبرك بمتعلقات النبي r لا يشترط فيه العلم القطعي بثبوت اتصال الأثر بالنبي r، بل يكفي لثبوته الظن الراجح كما هو الشأن في سائر المسائل الشرعية.
وإلا فكيف توافر للإمام أحمد -رحمه الله- العلم القطعي بأن تلك الشعرة التي كان يتبرك بها كانت من شعر النبي r وبينه وبين النبي r قرنان ونصف من الزمان (1)، وخبر هذه الشعرة ذكره الحافظ الذهبي في " سير أعلام النبلاء" في ترجمة الإمام أحمد من رواية ابنه عبد الله " وأحال على سير أعلام النبلاء (11/ 212).
- أقول:
قد سبق بيان بطلان ما نسبه إلى الصحابة من العناية والحفاظ على الآثار ومشاورة عمر ابن عبد العزيز في بناء المساجد عليها.
وفي هذا المبحث يدّعي القارئ أن التبرك بالآثار التي ذكرها من المساجد والدور والآثار والآبار أمر مشروع فعله الصحابة والتابعون.
ونحن نطالبه بأمور:
1 - إثبات هذه المشروعية من كتاب الله ومن سنة رسوله r.
2- وإثباته من فعل الصحابة بالنقل الصحيح أنهم كانوا يتبركون بالمساجد والدور والآبار، وما هو هذا التبرك، وكذلك نطالبه بإثباته من أقوالهم ودعوتهم الناس إلى ذلك.
3 - ما نوع التبرك بموقع غزوة بدر وموقع غزوة أحد وموقع غزوة الخندق وجبل أحد وجبل ثور وجبل حراء ... الخ؟!
وهل يتبرك بترابها وحجارتها، وهل يتخذ منها قطعاً من الطين والحجارة للسجود عليها والتمسح بها كما يفعل الروافض؟!
إن قلت: لا، فهل تأمن الخرافيين أن يفعلوا ذلك، وهل تستطيع أن تردعهم عن فعل ذلك، وما هي التدابير اللازمة التي ستتخذها لردعهم عن ذلك وقد عملت لهم هذه الدعاية العريضة؟!
4 - هل تدخل الحصون في دعوتكم هذه إلى الاعتبار كحصن كعب بن الأشرف النضري اليهودي، وكذلك الآطام التي ذكرتها، وحصن مرحب بخيبر، وهل تقترح على الحجاج وزوار المدينة أن يشدوا الرحال إلى خيبر لمشاهدة حصن مرحب في خيبر للاعتبار به؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل تقترح عليهم شد الرحال إلى بدر وحنين وتبوك؟! وهل نبحث عن كل مواقع غزوات الرسول r والتي بلغت تسع عشرة غزوة؟!
وهل عندك أدلة على مشروعية البحث عن هذه الآثار والحفاظ عليها؟!
يا أخي يكفي المؤمنين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما دوَّنه الثقات من سيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولقد تفقه منها العلماء الجادون فكانوا أعظم الناس تأثراً وأعظم اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل الميادين الإسلامية.
5 - الآثار الإسلامية المتعلقة بما بعد العهد النبوي من عصور التاريخ الإسلامي، ومنها الثلاثون مسجداً التي بناها عمر بن عبد العزيز، ومنها المدارس والأربطة التي كانت في حارة الأغوات ومكتبة عارف حكمت والتي بنيت في مكان بيت السبط الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما -.
هل تهدم البيوت والعمارات التي بنيت في هذه المواطن لنعيد تلك الآثار للاعتبار بها والتبرك بجدرانها وأتربتها أو ماذا نصنع تجاه هذه المشكلة؟! نريد لهذه المشكلة حلاً.
ونقول بعد هذا للقارئ وغيره:
صحيح أن الصحابة – رضوان الله عليهم- كانوا يتبركون بشعر رسول الله r وريقه وعرقه ووضوئه، وهذه قد انتهت بوفاته عليه الصلاة والسلام فلا وجود لها.
أما تتبع آثاره فلم يحفظ عن صحابته الكرام والخلفاء الراشدين تتبع آثاره والأماكن التي صلى فيها أو مواقع الغزوات والجبال التي صعد عليها أو غار ثور أو حراء.
بل ثبت عن عمر – رضي الله عنه – أنه نهى قصد الصلاة في مكان صلى فيه النبي r، وأقرّه الصحابة.
وهذا من عمق فقههم، بل نقول: إنهم استفادوا هذا من قول رسول الله r: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ([2]) رواه ابن عباس وعائشة، وقالت عائشة عند روايتها لهذا الحديث: (يحذر ما صنعوا).
فإذا كان اليهود والنصارى لعنوا لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد تكريماً وحباً لهم فما بالك بتتبع آثارهم وبناء المساجد عليها.
إن الهيام بهذه الآثار يؤدي إلى الغلو الذي يطغى على رسالات الرسل ويؤدي إلى تحويلها إلى أوثان!!
قال تعالى: ?يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ? (سورة النساء:171)، وقال رسول الله r حينما التقطت له حصيات ليرمي بها الجمار (ألا بمثل هذه فارموا وإيَّاكم والغلو إنما أهلك من قبلكم الغلو) ([3]).
وقال r: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) ([4]).
استفاد أصحاب محمد الكرام والتابعون لهم بإحسان من هذه التوجيهات الربانية والنبوية: الابتعاد عن الغلو والإطراء، فكفّوا أنفسهم عن تتبع آثاره r لأنه من سنن اليهود والنصارى والوثنيين، واهتموا بما جاء به محمد r من كتاب وسنة فاستقامت عقائدهم ومناهجهم وأعمالهم، ومن خالفهم فإنما ينهج نهج اليهود والنصارى فكان من آثاره ما تراه اليوم ماثلاً في أعمال الروافض والخرافيين من مساجد أو مشاهد على القبور والآثار وما تراه عند هذه المساجد والمشاهد من الضلالات والشركيات.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) بين وفاة النبي r ومولد الإمام أحمد أربع وخمسون ومائة سنة لا ما ذكره القارئ ويصل الإمام أحمد إلى رسول الله r بوساطة ثلاثة رواة فقط في حوالي ثلاثمائة إسناد تسمى بالثلاثيات.
([2]) تقدم تخريجه (ص 2).
([3]) سبق تخريجه في (ص2).
([4]) سبق تخريجه في (ص2).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:13]ـ
ماذا وراء هذا التأصيل
ويقول القارئ (ص12) مؤصلاً ومقعداً التبرك بمتعلقات النبي r:
" لا يشترط فيه العلم القطعي بثبوت اتصال الأثر بالنبي r، بل يكفي لثبوته الظن الراجح كما هو الشأن في سائر المسائل الشرعية ".
- أقول:
ماذا يقصد القارئ بهذا التأصيل؟!
هل يريد أن نقبل دعاوى الخرافيين والقبوريين والمتأكلين بالآثار؟ هل نصدق مثلاً دعوى أن أثر قَدَمَيْ النبي r في المسجد الكبير بدلهي، وأن له شَعَرَات في الهند وباكستان وربما تركيا وغيرها من البلدان، فيشد أهل هذه البلدان الرحال إليها للتبرك بها بناء على فتوى القارئ!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا قيل: هذا مسجد أبي بكر وهذا مسجد عمر وهذا مسجد علي وهذا مسجد فاطمة وهذا مبرك الناقة، وهذه المساجد الثلاثين التي نقلتها الحكايات الباطلة صدقنا هذه الدعاوى وأقبلنا على التبرك بها، وسلكنا مسلك اليهود والنصارى في تتبع آثار أنبيائهم وصالحيهم!!
وأقول للقارئ: إنه لم يشبع نهم الجهال والخرافيين الآثار المنسوبة إلى رسول الله r، بل ذهبوا يقدسون آثار أناس صالحين ادُّعِيَتْ لهم آثار فقدسوها وعظموها وارتكبوا حولها من الشركيات والبدع ما يندى له جبين الإسلام، بل ذهبوا يقدسون آثار أناس طالحين ومجهولين وحيوانات من حمير وخيل وغيرها ما يبكي كل مؤمن غيور على رسالة محمد r؛ رسالة التوحيد والإيمان والإخلاص لله رب العالمين.
وأقول:
الذي نعتقده في الإمام أحمد أنه لا يقبل أن هذه الشعرة من شعرات النبي r إلا عن طريق العدول الثقات الضابطين، وهو من مواليد أربع وستين ومائة، فعهده قريب من عهد النبي r، وله أسانيد ثلاثية كثيرة؛ أي: بينه وبين رسول الله r ثلاثة من الرواة، ثالثهم الصحابي؛ فإذا قال الإمام أحمد:
ثنا سُفْيَانُ حدثني عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عَنِ ابن عُمَرَ عَنِ النبي r قال: (لاَ تَدْخُلُوا على هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ عُذِّبُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لم تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عليهم فإني أَخَافُ أَن ْيُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصَابَهُمْ) ([2]).
فكأنما أخذه الإمام أحمد مِن فِي رسول الله r.
فهل يقاس على الإمام أحمد الخرافيون والمشعوذون في القرن الخامس عشر؟!
وهل تقاس أسانيد الخرافيين الأفاكين على هذا الإسناد؟.
قال القارئ (ص13):
"ولما سئل الإمام عن التبرك بالمنبر أباحه واستدل بأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم على رمانة المنبر، وكان النبي r يضع يده الشريفة عليها عندما يخطب ".
ثم أحال على سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي.
- أقول:
رجعتُ إلى سير أعلام النبلاء فوجدت الذهبي يقول: " وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عن من يلمس رمانة منبر النبي r ويمس الحجرة النبوية ([3])، فقال: لا أرى بذلك بأساً أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع.
أقول للقارئ: هذا نص الإمام الذهبي أمامك وليس فيه قولك: " واستدل بأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم على رمانة المنبر ".
فأين الأمانة العلمية ولا سيما في هذه الأمور العظيمة؟!
فكم الفرق بين رأي ينسب إلى إمام لم يحتج على عمله بحجة، وبين رأي ينسب إليه أنه احتج عليه بعمل الصحابة، والواقع بخلاف ذلك؟!
لماذا قولت الإمام أحمد والحافظ الذهبي ما لم يقولاه في هذه القضية؟!
ولماذا تتعلق برواية عن الإمام أحمد لعله رجع عنها، وتغفل ما عليه الصحابة والتابعون الذين لم ينقل عنهم التمسح بالمنبر؟!
وهذا سعيد بن المسيب يكره التمسح بالمنبر.
قال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (5/ 685/ط: مكتبة الرشد): ثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن عبد الله بن يزيد الليثي عن سعيد بن المسيب: (أنه كره أن يضع يده على المنبر).
وهذا الإمام مالك رحمه الله يكره التمسح بالمنبر.
قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (ص368) تحقيق محمد حامد الفقي: "وكره مالك التمسح بالمنبر كما كرهوا التمسح بالقبر.
فأما اليوم فقد احترق المنبر وما بقيت الرمانة وإنما بقي من المنبر خشبة صغيرة محترقة.
فقد زال ما رخص فيه ([4]).
وروى الأثرم بإسناده عن العتبي عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت ابن عمر وغيره يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه وعلى أبي بكر وعمر".
قال الشيخ محمد حامد الفقي: " وقول مالك أصح لأن أبا بكر وعمر وغيرهما من الصحابة لم يكونوا يتمسحون بالمنبر ولا بغيره، والتمسح بالمنبر فيه نوع أو شبه من عمل أهل الجاهلية في تبركها بآثار الصالحين واتخاذها أوثاناً، ومن هنا كان غضب عمر -رضي الله عنه- وأمره بقطع شجرة البيعة فجزاه الله خير الجزاء فما كان أفقهه لدين الله وأحرصه على حماية التوحيد ".
فهل يستفيد القارئ من قول شيخ الإسلام: "وأما اليوم فقد احترق المنبر وما بقيت الرمانة وإنما بقي من المنبر خشبة صغيرة محترقة".
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل يستفيد من قول شيخ الإسلام وقد زال ما رخص فيه؟! لأن القارئ يحتج بشيخ الإسلام إذا تصور ولو خطأ أن شيخ الإسلام يوافق رأيه.
والذي يدعو إلى التبرك والتمسح بمنبر رسول الله r وغيره من آثاره المباركة التي لم يبق لها وجود، فإنما يدعو إلى مخالفة الشرع العظيم والعقل السليم، وإنما يجهد نفسه لنصرة الخرافة والخرافيين من حيث يدري أولا يدري!!
وبهذه المناسبة أنقل هنا عن الذهبي ما رواه عن ابن عمر حيث قال: "قرأت على أحمد بن عبد المنعم المعمر، عن أبي جعفر محمد بن أحمد، أخبرنا أبو علي الحداد حضوراً أخبرنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا محمد بن عاصم حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر: (أنه كان يكره مس قبر النبي r). سمعنا جزء محمد بن عاصم بالاتصال " سير إعلام النبلاء (12/ 378).
هذا الأثر في جزء محمد بن عاصم الثقفي برقم (27) وتابع محمد بن عاصم يحيى بن معين في أبي أسامة فالأثر صحيح. راجع الرد على الأخنائي (ص 170).
وقال عبد الرزاق: " عن معمر عن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي r، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه، وأخبرناه عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال معمر: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر (1)، فقال: ما نعلم أحداً من أصحاب رسول الله r فعل ذلك إلا ابن عمر"
والشاهد منه ما يؤكد النص الأول من أن ابن عمر كان ينهى عن مس القبر ولو كان يمسه لنقل ذلك عنه نافع الذي كان يشاهد زيارته لقبر النبي r وصاحبيه.
والشاهد الثاني: أنه ما كان يطيل الوقوف عند قبر النبي r وقَبْرَي صاحبيه، إنما يسلم عليهم جميعاً تسليماً خفيفاً ثم ينصرف.
فالذين يطيلون الوقوف عند قبر النبي r ويدعون كثيراً ويبكون ويضجون وربما استغاثوا بالنبي r وصاحبيه، ولا دليل للناس إلا فعل ابن عمر فانظر كيف يخالفونه؟!
والشاهد الثالث: أن ابن عمر -رضي الله عنه- قد انفرد من بين الصحابة بهذا العمل فالصحابة ما كانوا يأتون قبر النبي r لا في حال إقامتهم ولا في حال قدومهم من سفر ولا عند إرادتهم للسفر.
فهل الناس -ولا سيما أهل هذا العصر ولا سيما الخرافيون- يحبون رسول الله r ويجلونه أكثر من أصحاب محمد r الذين كانوا يفدونه r بأرواحهم وأموالهم ويحبونه أكثر من أنفسهم وأموالهم وأبنائهم؟!
لقد فهموا – رضوان الله عليهم – من قوله r: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (5])، وقوله: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) ([6]).
وقوله r: ( لا تتخذوا قبري عيداً ولا تتخذوا بيوتكم قبوراُ وصلوا عليَّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني) ([7]).
لقد فهموا تحذير النبي r من التعلق بقبره والغلو فيه فكانوا يصلون عليه وهم في بيوتهم وأعمالهم وفي مساجدهم وفي صلواتهم وعند دخولهم مسجده r.
فطريقتهم في التعامل مع رسالته أرشد وأهدى، وطريقتهم في التعامل مع آثاره r أرشد الطرق وأهداها وأشدها حماية لرسالته واحتياطاً لها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه أحمد (2/ 9) والبخاري في الصلاة حديث (433) وفي المغازي حديث (4419) وفي أبواب أخر ومسلم في الزهد حديث (2980).
([2]) وهناك رواية عن الإمام أحمد تنقض هذه الفتوى؛ قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل: قبر النبي صلى الله عليه وسلم يُمَسّ ويُتَمَسح به؟ فقال: ما أعرف هذا. قلت له: فالمنبر؟ فقال: أما المنبر فنعم، قد جاء فيه، قال أبو عبد الله: شيء يروونه عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن عمر: أنه مسح على المنبر. قال: ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة. قلت: ويروون عن يحيى بن سعيد أنه حين أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا فرأيته استحسنه. ثم قال: لعله عند الضرورة والشيء. قيل لأبي عبد الله: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر وقلت له: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه ويقومون ناحية فيسلمون. فقال أبو عبد الله: نعم وهكذا كان ابن عمر يفعل. ثم قال أبو عبد الله: بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ". انظر (اقتضاء الصراط المستقيم) (1/ 367)
وهذه الرواية أسدّ وأحكم؛ لأنها تتمشى مع منهج الصحابة ولا سيما عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بل تتمشى مع عمل ابن عمر الذي نقله الإمام أحمد نفسه.
([3]) ولو أن المنبر احترق في عصر الإمام أحمد أو قبله لما تمسّح به.
(4) عبيد الله بن عمر هذا من أكابر علماء المدينة، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته: ثقة، ثبت، قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزهري عن عروة عنها، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ع " أي أنه مات سنة أربعين ومائة، أي أنه أقدم من مالك، إذ هو من الطبقة الخامسة، ومالك من السابعة، وعبيد الله من أعلم الناس بأحوال أهل بيته وأحوال الصحابة، خاصة ما يتعلق بقبر النبي r.
([5]) تقدم تخريجه (ص 2).
([6]) أخرجه مسلم (ح532).
([7]) أخرجه أبو داود في سننه (2/ 225).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:15]ـ
لا يصح قياس البقاع التي صلى فيها النبي r
على وضوئه وما انفصل من جسده
قال القارئ (ص13 - 14):
" ومنه قصد الآبار النبوية التي نقل أن النبي r تفل فيها أو صبَّ وضوءه فيها، أو سقط شيء من متعلقاته فيها، كبئر أريس التي سقط فيها خاتمه، بقصد التبرك بالشرب منها فهذا أمر مشروع لأنه متفرع من مسألة التبرك بالنبي r لا فرق في الحكم بينه وبين وضوئه r الذي كان الصحابة يتسابقون ([1]) إلى التبرك به، وكذلك قصد البقاع التي صلىَّ فيها (المساجد النبوية) والتبرك بالصلاة فيها أمر مشروع، لأنه متفرع من مسألة التبرك بالنبي r، وثبت من فعل كثير من الصحابة والتابعين وفيه نص قطعي مرفوع، وليس مع المانعين سوى حديث موقوف على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ".
- أقول:
1 - من سبقك إلى هذه التسمية: " الآبار النبوية "؟!
2 - كم عدد هذه الآبار؟!
3 - لا أعرف أنا إلى الآن من الآبار بئراً بصق فيها رسول الله إلا بئراً واحدة هي بئر الحديبية ولم يسمها أحد بالبئر النبوية، ولا نعرف أن الصحابة والتابعين كانوا يسافرون إليها للتبرك ولا دعوا إلى ذلك.
وبئر أريس التي سقط فيها خاتم رسول الله r في عهد عثمان وعلى قربها من المدينة، فما كان أصحاب رسول الله r يذهبون إليها ليتبركوا بالشرب منها.
فلو كان الذهاب إليها للتبرك أمراً مشروعاً فلماذا لم يقم به الصحابة؟!
وهناك عين تبوك، ولها قصة، ومنها أن رسول الله r لما وصل إليها وجد هو وأصحابه ماءها مثل الشراك يبضّ بشيء من ماء، فغرفوا بأيديهم من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شيء، قال معاذ: وغسل رسول الله r فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر حتى استقى الناس منه ". ([2])
فلم نسمع أن الصحابة كانوا يسافرون إليها ليتبركوا بالشرب منها، أو إذا مروا بها فعلوا ذلك تبركاً بمائها، فهل تنصح الناس الآن بشد الرحال إليها للتبرك بمائها؟!
وهل يشرع للناس الآن التسابق إلى بئر أريس وإلى عين تبوك وإلى الآبار الأخرى التي في ذهنك؟! هل كان الصحابة يتسابقون إليها كما كانوا يتسابقون إلى وضوئه؟!
الجواب: إنه لم يكن منهم شيء مما يتوهمه القارئ، فبطل قياسه!!
ثم هل هناك دليل يثبت أن تفلته باقية إلى يومنا هذا؟!
ثم إن التشريع ليس إلا لله والحكم له وحده، ورسوله هو المبلغ، فهل شرع الله التبرك بهذه الآبار ونحوها وقَصّر الصحابة في القيام بهذا الأمر المشروع، وقصر أئمة الإسلام في القيام به؟!
ومن سبقك إلى هذا التفريع والتسوية في الحكم بين الآبار المذكورة وبين وضوئه r وعرقه ونخامه؛ الأمور المنفصلة من جسده الشريف؟!
ومن سبقك من الصحابة وأئمة الإسلام إلى القول بمشروعية قصد البقاع التي صلى فيها النبي r؟!
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (اقتضاء الصراط المستقيم) (1/ 389 - 390): " فيجب الفرق بين اتباع النبي r والاستنان به فيما فعله وبين ابتداع بدعة لم يسنها لأجل تعلقها به.
وقد تنازع العلماء فيما إذا فعل r فعلاً من المباحات لسببٍ وفعلناه نحن تشبهاً به مع انتفاء ذلك السبب فمنهم من يستحب ذلك ومنهم من لا يستحبه.
وعلى هذا يُخرَّج فعل ابن عمر رضي الله عنهما، فإنَّ النبي r كان يصلي في تلك البقاع التي في طريقه لأنها كانت منزله لم يتحرَّ الصلاة فيها لمعنىً في البقعة. فنظير هذا: أن يصلي المسافر في منزله وهذا سُنَّة.
فأما قصد الصلاة في تلك البقاع التي صلَّى فيها اتِّفاقاً فهذا لم يُنقَل عن غير ابنِ عمر من الصَّحابة، بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حُجاجاً وعُمَّاراً أو مسافرين، ولم يُنقَل عن أحدٍ منهم أنَّه تحرَّى الصَّلاة في مصليات النبي r.
ومعلوم أنَّ هذا لو كان عندهم مستحباً لكانوا إليه أسبق، فإنَّهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم، وقد قال r: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) ([3]).
وتحرِّي هذا ليس من سُنَّة الخلفاء الراشدين، بل هو مما ابتدع.
وقول الصحابي وفعله -إذا خالفه نظيره- ليس بحجة فكيف إذا انفرد به عن جماهير الصحابة؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
وأيضا فإنَّ تحرِّي الصَّلاة فيها ذريعة إلى اتِّخاذها مساجد والتَّشبه بأهل الكتاب مما نُهِينا عن التَّشبه بهم فيه؛وذلك ذريعة إلى الشِّرك بالله.
والشارع قد حسم هذه المادة بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وبالنهي عن اتخاذ القبور مساجد، فإذا كان قد نهى عن الصلاة المشروعة في هذا المكان وهذا الزمان سَداً للذَّريعة فكيف يُستحب قصد الصلاة والدعاء في مكان اتَّفق قيامهم فيه أو صلاتهم فيه من غير أن يكونوا قد قصدوه للصَّلاة فيه والدعاء فيه؟!
ولو ساغ هذا لاستُحبَّ قصد جبل حراء والصلاة فيه، وقصد جبل ثور والصلاة فيه وقصد الأماكن التي يُقال: إنَّ الأنبياء قاموا فيها كالمقامين اللَّذين بجبل قاسيون بدمشق اللَّذين يقال إنهما مقام إبراهيم وعيسى، والمقام الذي يُقال إنَّه مغارة دم قابيل وأمثال ذلك من البقاع التي بالحجاز والشام وغيرهما.
ثم ذلك يُفضِي إلى ما أفضت إليه مفاسد القبور فإنَّه يُقال إنَّ هذا مقام نبي أو قبر نبي أو ولي بخبر لا يعرف قائله أو بمنام لا تعرف حقيقته ثم يترتب على ذلك اتِّخاذه مسجداً فيصير وثناً يُعبَد من دون الله تعالى شركٌ مبنيٌّ على إفكٍ والله سبحانه يَقرن في كتابه بين الشِّرك والكذب كما يقرن بين الصدق والإخلاص " اهـ.
- وقال شيخ الإسلام في المجموع (26/ 144): " وأما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام؛ كالمسجد الذي تحت الصفا وما في سفح أبي قبيس ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي r وأصحابه، كمسجد المولد وغيره فليس قَصْدُ شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة والمشاعر: عرفة ومزدلفة والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى مثل: جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال: إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك، فإنه ليس من سنة رسول الله r زيارة شيء من ذلك، بل هو بدعة، وكذلك ما يوجد في الطرقات من المساجد المبنية على الآثار والبقاع التي يقال أنها من الآثار، لم يشرع النبي r زيارة شيء من ذلك بخصوصه، ولا زيارة شيء من ذلك " اهـ.
انظر قول شيخ الإسلام ابن تيمية عن المساجد التي بمكة والتي بُنِيت على آثار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؛حيث يرى أنَّه ليس قصدُ شيءٍ منها من السنَّة،ولا استحبَّه أحدٌ من الأئمة وكذلك ذَكَر حراءً الذي نزل فيه الوحي على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
فإذا كان قصدُ آثار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الثابتة لا يجوز قصدها بصلاة ولا غيرها فالمساجد السبعة وغيرها من الآثار المزعومة يُنكَرُ قصدها بالصلاة وغيرها من باب أولى.
فليفهم القارئ هذا الكلام المتين القائم على فهم شريعة الإسلام وفقهِ غاياتها ومقاصدها وما تدعو إليه من المصالح وسد ذرائع الفساد وسد ذرائع الشرك،الأمور التي يجهلها الخرافيون أو يحاربونها فيقعون في الجهل والضلال ويقع كثير منهم في شَرَك الشِّرك.
بطلان قياس واستدلال القارئ ودعاواه
وقولك في قياسك المؤصل للخرافات: " والتبرك بالصلاة فيها أمر مشروع، لأنه متفرع من مسألة التبرك بالنبي r، وثبت من فعل كثير من الصحابة والتابعين وفيه نص قطعي مرفوع، وليس مع المانعين سوى حديث موقوف على عمر بن الخطاب – رضي الله عنه_".
عجباً لهذا الرجل الذي يقيس التبرك غير المشروع بالأمكنة على التبرك بالنبي r وما نشأ عن جسده!!
ويقول مؤكداً لهذا القياس العجيب " وثبت من فعل كثير من الصحابة والتابعين "!
فهل تقصد بقولك " وثبت من فعل كثير من الصحابة ": أن الصحابة كانوا يتبركون بالصلاة في الأماكن التي صلى فيها رسول الله r أو مشى عليها أو جلس فيها؟! هات الأدلة على هذه الدعوى العريضة، وإن كان قصدك غير هذا فبينه لنا!!
وقولك: " وكذلك قصد البقاع التي صلىَّ فيها (المساجد النبوية) والتبرك بالصلاة فيها أمر مشروع، لأنه متفرع من مسألة التبرك بالنبي r، وثبت من فعل كثير من الصحابة والتابعين وفيه نص قطعي مرفوع، وليس مع المانعين سوى حديث موقوف على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وإليك التفصيل ".
- أقول:
يدعي القارئ أن عنده ثلاثة أدلة على مشروعية قصد البقاع التي صلى فيها (المساجد النبوية) والتبرك بالصلاة فيها.
الأول: القياس، ولأهمية القياس تراه يقدمه على النص القطعي وعلى فعل الصحابة!!
والثاني: فعل كثير من الصحابة.
والثالث: النص القطعي المرفوع.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) هذا قياس باطل، ولو كان لا فرق بينهما لتسابقوا إلى بئر أريس،كما كانوا يتسابقون إلى وضوئه، وإذن فقد فرّق الصحابة حيث لم ينقل عن أحد منهم التبرك بماء أريس فضلاً عن أن يتسابقوا إليه.
-[2] أصله في صحيح مسلم في الفضائل حديث (2282) وأحمد (5/ 238) ومالك في الموطأ في كتاب قصر الصلاة في السفر (1/ 143).
([3]) أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجة (43).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:22]ـ
التبرك بما انفصل عن النبي r كان جائزاً في حينه ثم انتهى فانتهى التبرك به.
والجواب عن الأول:
1 - أن قياس البقاع التي صلى فيها رسول الله r على النبي r، وما خرج من جسده الشريف، وما مسّه جسده، قياس باطل.
ولذا فرّق الصحابة عملياً وقولياً بين النوعين.
فكانوا يتبركون بما خرج من جسده الشريف، ولم يفعلوا الثاني لا بناء على القياس ولا اعتمادا على نص قطعي.
2 - أن ما خرج من جسده الشريف انتهى بانتهاء وقته، فلو قال قائل: إنه لم ينته وإنه مستمر إلى يوم القيامة، قلنا: هذه دعوى باطلة، لم يدّعها الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان، وما لنا ولدعاوى غيرهم!!
ويلزم على هذه الدعوى مشروعية التبرك بريق فاطمة لأنها بضعة من رسول الله r، وكذلك سائر بناته، ويلزم أن نتبرك بذريتها الذين انفصلوا منها ومن ذريتها إلى يومنا هذا!!
ولا يقول بهذا لا الصحابة ولا علماء الإسلام، ويمكن أن يقوله الروافض!!
فإذا سلمنا أن ما انفصل من جسده كان جائزاً التبرك به في حينه ثم ينتهي، بطل قياس البقاع عليه وبطلت دعوى استمرار مشروعية التبرك بها لو قلنا بمشروعيته فكيف والقياس باطل من أساسه!!
يؤكد بطلان دعوى استمرار مشروعية التبرك بما انفصل من جسده الشريف من ريق وعرق ونخام وفضل الوضوء منه r: أن كثيراً من الصحابة تبركوا بهذه الأشياء المنفصلة منه r، فلم يذهب الصحابة الآخرون إلى التبرك بهم ولم يفعله معهم التابعون، ولم يقل أحد من علماء الإسلام بمشروعية التبرك بالصحابة لا الصحابة الذين تبركوا به، ولا غيرهم، لا من أجل صحبتهم للنبي r ولا من أجل تبركهم بما انفصل من جسده الشريف، ولا من أجل مصافحتهم للنبي r.
واعتقد أن هذا التقرير كاف في بطلان دعاوى القارئ في قياس البقاع التي صلى فيها رسول الله r أو لامسها جسده أو رجلاه.
وبطلان دعوى استمرار مشروعية التبرك بالنوعين.
والجواب عن الثاني: وهو ادعاؤه أنه فعله كثير من الصحابة فقد بينا بطلانه فيما سلف.
وأما الثالث فجوابه: أن الصحابة كانوا يتأسون به في الأماكن التي قصدها بالتقرب إلى الله لا في غيرها من الأماكن التي لم يقصدها بذلك.
فهذا عمر -رضي الله عنه – قبّل الحجر ثم قال: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله r يقبلك ما قبلتك) ([1]).
فعمر -رضي الله عنه – يقبل الحجر تأسياً برسول الله r لا تبركاً به وكذلك الصحابة والتابعون ما يقبلون الحجر إلا تأسياً برسول الله r لا تبركاً به.
وابن عمر كان يزاحم على الحجر ليقبله تأسياً برسول الله r لا تبركاً به ولما قال له رجل: أرأيت إن زُحِمْتُ؟ قال: دع عنك أرأيت باليمن! إني رأيت رسول الله r يقبله.
- مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، يصلى عنده عملاً بقوله تعالى: ?وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى? (سورة البقرة:125) وتأسياً برسول الله r لا تبركاً.
وروى أحمد ([2]): " ثنا مَرْوَانُ بن شُجَاعٍ حدثني خُصَيْفٌ عن مُجَاهِدٍ عَنِ ابن عَبَّاسٍ: أنَّه طَافَ مع مُعَاوِيَةَ بِالْبَيْتِ فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ كُلَّهَا فقال له بن عَبَّاس: لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ ولم يَكُنْ رسول اللَّهِ r يَسْتَلِمُهُمَا، فقال مُعَاوِيَةُ: ليس شيء مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُوراً، فقال بن عَبَّاسٍ: ?لقد كان لَكُمْ في رسول اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ?، فقال مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ ".
فرجع معاوية إلى قول ابن عباس تأسياً برسول الله r.
فاستلام المسلمين الركنين؛ الحجر واليماني إنما هو للتأسي برسول الله r لا للتبرك، ويخص الحجر بالتقبيل، ولا يقبل الركن اليماني تأسياً برسول الله r لا من أجل التبرك.
والوقوف بعرفة والنزول بعُرَنة والمبيت بمزدلفة، والوقوف بالمشعر الحرام، والوقوف على الصفا والمروة، هذه الأماكن كان رسول الله r يقصدها ويخصّها بالعبادة، وكان الصحابة وسائر المسلمين يقصدونها بالعبادة ويخصونها تأسّياً برسول الله r.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هنا ما كان الصحابة الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون والتابعون لهم بإحسان ما كانوا يتتبعون الأماكن التي كان يمشي عليها ويقعد بها ويصلي فيها اتفاقا، وما أكثر هذه الأماكن، وما بنوا عليها أي مسجد تبركاً وحفاظاً على آثاره r لأن ذلك داخل في الغلو الذي نهى عنه رسول الله r وداخلٌ في التشبه بأهل الكتاب الموجب لغضب الله ولعنه، وقدمنا الأدلة على ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه البخاري في الحج (1597) ومسلم في الحج (1270) وأحمد (1/ 34 - 35).
([2]) في مسنده (1/ 217 - ح1877)، وأخرجه الترمذي (2/ 202 - ح858) من طريق أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:26]ـ
إبطال ما يدعيه القارئ من التأصيل
قال القارئ (ص14 - 17):
" التأصيل الشرعي للمسألة:
مسألة التبرك بما يسمى (الآثار النبوية المكانية) أي الأماكن التي وجد فيها النبي r أو صَلَّى فيها أو سكن بِها؛ أو مكث ولو لبرهةٍ، الأصل فيها ما رواه البخاري ومسلم عن عِتبان بن مالك الأنصاري - رضي الله عنه-:
ولفظ البخاري: أن عِتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله r ممن شهد بدراً من الأنصار أتى رسول الله r فقال: يا رسول الله قد أنكرت بصري وأنا أصليِّ لقومي فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم وَوَددتُ يا رسول الله أنك تأتي فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى.
قال: فقال له رسول الله r ( سأفعل إن شاء الله) قال عِتبان: فَغَدَا رسول الله r وأبو بكر حين أرتفع النهار، فاستأذن رسول الله r فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: (أين تحب أن أصلي من بيتك؟) قال: فأشرت له إلى ناحيةٍ من البيت فقام رسول الله r فكبر، فقمنا فصففنا، فصلى ركعتين ثم سلَّمَ، قال: وحبسناه على خِريزَةٍ صنعناها .. الحديث.
والدلالة من هذا الحديث واضحة في قول عِتبان -رضي الله عنه- (فأتخذه مصلى) وفي إقرار النبي r ، ومعنى قول عِتبان هذا: لأتبرك بالصلاة في المكان الذي ستصلي فيه.
قال الحافظ ابن حجر: " وفيه التبرك بالمواضع التي صلى فيها النبي r أو وطئها، قال: ويستفاد منه أن من دعي من الصالحين ليتبرك به أنه يجيب إذا أمن الفتنة".
وقد علق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – على هذه الفقرة بقوله: (هذا فيه نظر، والصواب أن مثل هذا خاص بالنبي r لما جعل الله فيه من البركة وغيره لا يقاس عليه؛ لما بينهما من الفرق العظيم؛ ولأن فتح هذا الباب قد يفضي إلى الغلو والشرك كما قد وقع من بعض الناس نسأل الله العافية، وقد كرر الشيخ ابن باز الكلام بأنه لا يُقاس على النبي r غيره من الصالحين سداً لذريعةِ الغلو والوقوع في الشرك في موضع آخر، لكنه يفهم من كلامه هذا الإقرار بدلالة حديث عِتبان على مشروعية التبرك بالمكان الذي صلى فيه النبي r وهو المقصود.
وقال النووي في شرحه على مسلم عند حديث عِتبان:
" .. وفي هذا الحديث التبركُ بآثار الصالحين .. " فوافق البغويَّ على قياس التبرك بالصالحين على التبرك بالنبي r ".
- أقول:
لا دلالة في الحديث على مسألة التبرك لعموم الناس بهذا المكان.
وقوله: " والدلالة من هذا الحديث واضحة من قول عِتبان -رضي الله عنه – وفي إقرار النبي r.
ومعنى قول عِتبان هذا لأتبرك بالصلاة في المكان الذي سيصلي فيه.
- أقول:
لا يدل قول عِتبان – رضي الله عنه – ولا إقرار النبي r لقول عِتبان على مسألة التبرك.
فلم يقلها عِتبان – أي: جملة (لأتبرك) - وإنما قالها القارئ!!
إنما قال عِتبان: (لأصلي)، ولو كان القصد التبرك لطلب من النبي r أن يمسح بيده المكان الذي يريد أن يتبرك به هو وغيره ودعا أهله وجيرانه وغيرهم إلى التبرك بهذا المكان.
وسياق القصة هو: (أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، وودت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى).
فالرجل أنكر بصره وبسب ذلك تفوته الصلاة بقومه في مسجدهم للعذر الذي ذكره، فلو كان يريد التبرك لطلب من رسول الله r أن يمسح على عينيه ليعود بصره فيتمكن من الصلاة بقومه في مسجدهم وذلك خير له وأكثر بركة بمراحل دون شك.
(يُتْبَعُ)
(/)
والذي ينبغي أن يفهم من طلب عِتبان: أنه يقصد أن يتأسى برسول الله r وأن يتأكد من صحة قبلة هذا المصلى.
وهذا التفسير هو اللائق بالصحابة وحرصهم على التأسي برسول الله r ومتابعتهم له.
وهو الذي حثهم عليه ربنا تبارك وتعالى بقوله: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا? (سورة الأحزاب:21).
والآيات في حثهم على طاعته وإتباعه كثيرة معلومة.
وليس هناك آيات تحثهم على التبرك به، فيجب أن تفسر تصرفاتهم في ضوء هذا المنهج الواضح، ولا نتكلف التفسيرات الغريبة!
ولو كان هدف عِتبان ما يدّعيه القارئ لوجدت الصحابة يتنافسون على دعوة النبي r للصلاة في بيوتهم لينالوا البركة بدخوله في بيوتهم وصلاته فيها ولأكثروا التمسح والتبرك بملامس يديه وأقدامه r ولشاع ذلك وذاع عنهم وهذا مما يهدم فكرة التبرك بالأمكنة.
وكلام الحافظ - مع علمه وخدمته الكبيرة للسنة - غير صحيح لأنه في باب العقيدة عنده أخطاء ومخالفات خالف فيها عقيدة السلف في إثبات صفات الله وفي التوسل غير الشرعي وفي التوسع في التبرك بالصالحين، جرى فيها على طريقة شيوخ الأشاعرة وعلى طريقة البيئة التي عاش فيها.
واعتراض الشيخ ابن باز وجيه وفي محله.
وقولك: " لكنه يفهم من كلامه هذا الإقرار بدلالة حديث عِتبان على مشروعية التبرك بالمكان الذي صلى فيه النبي r وهو المقصود ".
- أقول: هذا الفهم منك خطأ على الشيخ ابن باز رحمه الله، والدليل على خطأ فهمك ما قرّره الشيخ في الموضع الذي أحلت عليه، حيث صرح بمذهبه في هذه القضية فقال معلقاً على قول الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 569): " وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيث عِتبان وَسُؤَاله النَّبِيّ r أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ لِيَتَّخِذَهُ مُصَلًّى وَإِجَابَة النَّبِيِّ r إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ حُجَّةٌ فِي التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ ".
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعليقاً على كلام الحافظ:
" هذا خطأ، والصواب ما تقدم في حاشية (ص522)، وغير النبي r لا يقاس عليه في مثل هذا.
والحق أن عمر رضي الله عنه أراد بالنهي عن تتبع آثار الأنبياء، سدّ الذريعة إلى الشرك وهو أعلم بهذا الشأن من ابنه رضي الله عنهما.
وقد أخذ الجمهور بما رآه عمر، وليس في قصة عِتبان ما يخالف ذلك، لأنه في حديث عِتبان قد قصد أن يتأسى به r في ذلك، بخلاف آثاره في الطرق ونحوها فإن التأسي به فيها وتتبعها لذلك غير مشروع. كما دلّ عليه فعل عمر، وربما أفضى ذلك بمن فعله إلى الغلو والشرك كما فعل أهل الكتاب. والله أعلم " ([1])
وفي كلام الشيخ ابن باز رحمه الله ما يأتي:
1 - بيان مقصود عمر رضي الله عنه من النهي عن تتبع الآثار النبوية وأن هذا النهي لسدّ الذريعة إلى الشرك.
2 - ترجيح الشيخ إنكار عمر على ما فعله ابنه لأن عمر أعلم من ابنه بهذا الشأن وقد أخذ به الجمهور -يعني ومنهم الصحابة-.
ولا شكّ في قوله.
ويضاف إلى ما ذكره الشيخ: استناد عمر -رضي الله عنه- وغيره على لعن النبي r اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وقوله r على سبيل التحذير: (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع) رواه البخاري من حديث أبي هريرة ([2]).
وعن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ حتى لو سلكوا جحر ضَبٍّ لسلكتمُوه قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) ([3]).
وعن أبى واقد الليثي رضي الله عنه قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله: أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال: (الله أكبر إنها السنن،قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) لتركبن سنن من كان قبلكم) ([4]).
3 - قوله: " وليس في قصة عِتبان ما يخالف ذلك لأنه قصد أن يتأسّى بالنبي r ".
(يُتْبَعُ)
(/)
فقوله هنا " للتأسي " يبطل ما استنبطه القارئ من كلام الشيخ بأنه يرى مشروعية التبرك بالمكان الذي صلى فيه النبي r.
ثم انظر استنباط البخاري وفقهه العملي النافع من حديث عِتبان حيث أورده في عدة أبواب:
1 - ترجم له في كتاب الصلاة في الباب الخامس والأربعين بقوله " باب إذا دخل بيتاً يصلي حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس " حديث (424).
وفي الباب السادس والأربعين قال: "باب المساجد في البيوت: وصلى البراء بن عازب في مسجده في داره"، ثم ساقه بطوله.
وفي الباب الأربعين من أبواب الأذان بوَّب لمقطع منه بقوله: " باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله " حديث (667).
وفي الباب الخمسين من الأذان قال: " باب إذا زار الإمام قوماً فأمهم" حديث (686).
وفي الباب الثالث والخمسين بعد المائة ترجم لقطعة من هذا الحديث فقال: " باب يسلم حين يسلم الإمام " حديث (838).
وفي الباب الرابع والخمسين بعد المائة من الأذان قال: " باب من لم يرد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة " حديث (840)، وبوب له في كتاب التهجد بقوله: "باب صلاة النوافل جماعة " حديث (1186).
وأورده في المغازي، في فضل من شهد بدراً " حديث (4009 - 4010).
وأورده في الرقاق 6 - باب العمل الذي يبتغى به وجه الله حديث (6422).
وأورد قطعة منه في استتابة المرتدين 9 - باب ما جاء في المتأولين حديث (6938).
ولم يورده ولو مرة تحت باب التبرك، ولو كانت مسألة التبرك من مضامين هذا الحديث لبوب له البخاري باباً خاصاً لا سيما إذا كان يعتقد كما يعتقد القارئ أن التبرك أعظم مقاصد الحديث!!
ثم أقول للقارئ:
يبدو أنك توافق النووي والحافظ ابن حجر في مشروعية التبرك بآثار الصالحين، أما هما فيعذران إن شاء الله لأنه لم ينبهما أحد على خطئهما.
وأما أنت فدرست في المدارس السلفية على مختلف مراحلها وعايشت السلفيين أكثر عمرك وعرفت منهجهم الحق ثم بعد كل هذا وذاك تفرح بما قرره الحافظ والنووي من منهج الصوفية! أليس هذا فتحاً لباب فتنة في بلاد أكرمها الله بمنهج السلف الصالح في العقيدة والعبادة وفقهها من كتاب الله وسنة رسوله على طريقة السلف الصالح؟!
فوا حسرتاه عليك لشدة اهتمامك بالصوفية والتصوف!!
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) ويقال في كلام النووي ما قيل في كلام الحافظ ابن حجر -غفر الله لنا ولهما-.
([2]) البخاري (7319).
([3]) البخاري (7320)، مسلم (2669).
([4]) رواه أحمد (5/ 218) والترمذي في الفتن (2180) وصححه، ورواه غيرهما.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:28]ـ
البخاري لا يرى مشروعية التبرك بالأماكن
ولا ابن عمر
قال القارئ (ص 17): " وقد بوَّب البخاري في صحيحه فقال: " باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي r " وذكر فيه أحاديث فيها تتبُّع عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – لهذه المواضع والتبرك بها، ومثله سالم ابنه كان يتحرى هذه المواضع.
ويفهم من تبويب البخاري وذِكرِه لهذه المواضع أنه يرى مشروعية التبرك بذلك ".
- أقول:
ساق البخاري حديث ابن عمر مرات في هذا الباب، ولم يرد في الحديث إلا أن ابن عمر كان يصلي في تلك المواضع.
ولا يفهم من تبويب البخاري أنه يرى مشروعية التبرك، والذي يدل عليه فعل ابن عمر وواقعه أنه يقصد التأسي برسول الله r، ولا يجوز أن ينسى قضية القضايا في الإسلام، وهي إتباع الرسول r والتأسي به ولا يجوز أن نعتقد فيه أنه يقصد ما يقصده الصوفية وهو التبرك.
على أن فعل ابن عمر هذا في تحريه المواضع التي صلى فيها النبي r ليصلي فيها أمر انفرد به من بين أصحاب محمد r وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي الخلفاء الراشدون وباقي العشرة المبشرين بالجنة.
فلو كان هذا أمراً مشروعاً لقاموا به ولتواتر عنهم نقله كما في سائر الأمور المشروعة.
يؤكد عدم مشروعيته أنه لم يأمر بهذا ولم يرشد إليه رسول اله r الذي ما ترك خيراً إلا دل أمته عليه ولا شراً إلا حذر أمته منه.
وللمسلم أن يأخذ المنع من نهيه r عن إتباع سنن من قبلنا الذين كانوا يتتبعون آثار أنبيائهم فيجعلون منها كنائس وبيعاً.
ومن قوله r: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ([1]).
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان هذا التشديد قد وقع بالنسبة لقبورهم فكذلك آثارهم.
ومن هنا نهى عمر t عن تتبع المواقع التي صلى فيها رسول الله r وأيد فهمه الصحابة الحاضرون، ويدخل في هذا النهي التتبع للأماكن التي صلى فيها رسول الله r اتفاقاً لا قصدا للصلاة فيها ومنها هذه المواقع.
وابن عمر مجتهد له أجر اجتهاده، وإن كان أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران والصواب مع كبار الصحابة وسائرهم وهديهم هو الموافق لتوجيهات رسول الله r التي أسلفناها.
والرسول r يقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) ([2])
ولشيخ الإسلام كلام جيد في مثل فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- في التوسل والوسيلة (219 - 210 - ط الفرقان) حيث قال -رحمه الله-:
"وكذلك ابن عمر كان يتحرى أن يسير مواضع سير النبي r، وينزل مواضع منزله، ويتوضأ في السَّفر حيث رآه يتوضأ، ويصب فضل مائه على شجرة صبَّ عليها. ونحو ذلك مما استحبه طائفة من العلماء ورأوه مستحبا، ولم يستحب ذلك جمهور العلماء، كما لم يستحبه ولم يفعله أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم لم يفعلوا مثل ما فعل ابن عمر ولو رأوه مستحبا لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والاقتداء به.
وذلك لأن المتابعة: أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل، فإذا فعل فعلاً على وجه العبادة شرع لنا أن نفعله على وجه العبادة، وإذا قصد تخصيص مكان أو زمان بالعبادة خصَّصناه بذلك، كما كان يقصد أن يطوف حول الكعبة وأن يلتمس الحجر الأسود وأن يصلي خلف المقام وكان يتحرى الصلاة عند أسطوانة مسجد المدينة، وقصد الصعود على الصفا والمروة والدعاء والذكر هناك، وكذلك عرفة ومزدلفة وغيرهما.
وأما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل أن ينزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله لا قصداً لتخصيصه بالصلاة والنزول فيه.
فإذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه أو النزول لم نكن متبعين، بل هذا من البدع التي كان ينهى عنها عمر بن الخطاب.
كما ثبت بالإسناد الصحيح من حديث شعبة عن سليمان التيمي عن المعرور بن سويد قال: " كان عمر بن الخطاب في سفرٍ فصلى الغداة ثم أتى على مكان فجعل الناس يأتونه فيقولون: صلى فيه النبي r. فقال عمر: " إنما هلك أهل الكتاب أنهم اتَّبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعاً فمن عرضت له الصلاة فليصل وإلا فليمض ". ([3])
فلما كان النبي r لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك ففاعل ذلك متشبه بالنبي r في الصورة ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب " اهـ.
- وقال شيخ الإسلام أيضاً في مجموع الفتاوى (27/ 134 - 136): " وأما قول السائل: هل يجوز تعظيم مكان فيه خلوق وزعفران لكون النبي r رُئِي عنده؟
فيقال: بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك هو من أعمال أهل الكتاب الذين نُهِينا عن التشبه بهم فيها. وقد ثبت " أنَّ عمر بن الخطاب كان في السَّفر فرأى قوما يبتدرون مكاناً فقال: ما هذا؟! فقالوا: مكان صلَّى فيه رسول الله r فقال: ومكان صلى فيه رسول الله؟! أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟! من أدركته فيه الصلاة فليصلِّ وإلا فليمض ".
وهذا قاله عمر بمحضر من الصحابة.
ومن المعلوم أنَّ النبي r كان يصلى في أسفاره في مواضع، وكان المؤمنون يرونه في المنام في مواضع، وما اتخذ السلف شيئاً من ذلك مسجداً ولا مزاراً ولو فُتِح هذا الباب لصار كثير من ديار المسلمين أو أكثرها مساجد ومزارات؛فإنهم لا يزالون يرون النبي r في المنام وقد جاء إلى بيوتهم ومنهم من يراه مِراراً كثيرة وتخليق هذه الأمكنة بالزعفران بدعة مكروهة.
وأما ما يزيده الكذَّابون على ذلك مثل أن يرى في المكان أثر قدم فيقال: (هذا قدمه) ونحو ذلك فهذا كله كذب والأقدام الحجارة التي ينقلها من ينقلها ويقول أنها موضع قدمه كذب مختلق، ولو كانت حقا لسنَّ للمسلمين أن يتخذوا ذلك مسجداً ومزاراً، بل لم يأمر الله أن يتخذ مقام نبي من الأنبياء مصلى إلا مقام إبراهيم بقوله: ? وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ? (سورة البقرة:125)، كما أنَّه لم يأمر بالاستلام والتقبيل لحجر من الحجارة إلاَّ الحجر الأسود ولا بالصلاة إلى بيت إلاَّ البيت الحرام، ولا يجوز أن يقاس غير ذلك عليه باتفاق المسلمين بل ذلك بمنزلة من جعل للناس حجاً إلى غير البيت العتيق أو صيام شهر مفروض غير صيام شهر رمضان وأمثال ذلك.
فصخرة بيت المقدس لا يُسَنُّ استلامها ولا تقبيلها باتفاق المسلمين، بل ليس للصلاة عندها والدعاء خصوصية على سائر بقاع المسجد. والصلاة والدعاء في قبلة المسجد الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين أفضل من الصلاة والدعاء عندها وعمر بن الخطاب لما فتح البلد قال لكعب الأحبار أين ترى أن أبني مصلَّى المسلمين؟ قال: ابْنِه خلف الصخرة. قال: خالطتك يهودية يا ابن اليهودية! بل أبنيه أمامها؛ فإنَّ لنا صدور المساجد. فبنى هذا المصلَّى الذي تُسمِّيه العامة (الأقصى). ولم يتمسَّح بالصخرة ولا قبَّلها ولا صلَّى عندها، كيف وقد ثبت عنه في الصحيح أنه لما قبَّل الحجر الأسود قال: " والله إنِّي لأعلم أنَّك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك لما قبلتك ".
وكان عبد الله بن عمر إذا أتى المسجد الأقصى يُصلِّى فيه ولا يأتي الصخرة. وكذلك غيره من السَّلف. وكذلك حجرة نبيِّنا وحجرة الخليل وغيرهما من المدافن التي فيها نبيٌ أو رجل صالح لا يُستحب تقبيلها ولا التمسُّح بها باتفاق الأئمة؛بل منهيٌ عن ذلك.
وأما السجود لذلك فكفرٌ، وكذلك خطابه بمثل ما يخاطب به الرب مثل قول القائل: (اغفر لي ذنوبي أو انصرني على عدوي)، ونحو ذلك " اهـ.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تقدم تخريجه (ص2).
[2]- تقدم تخريجه (ص 35).
([3]) أخرجه عبدا لرزاق في مصنفه (2/ 118 - 119) وابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 367 - 368/ طبعة مكتبة الرشد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:37]ـ
البخاري لا يرى مشروعية التبرك بالأماكن
ولا ابن عمر
قال القارئ (ص 17): " وقد بوَّب البخاري في صحيحه فقال: " باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي r " وذكر فيه أحاديث فيها تتبُّع عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – لهذه المواضع والتبرك بها، ومثله سالم ابنه كان يتحرى هذه المواضع.
ويفهم من تبويب البخاري وذِكرِه لهذه المواضع أنه يرى مشروعية التبرك بذلك ".
- أقول:
ساق البخاري حديث ابن عمر مرات في هذا الباب، ولم يرد في الحديث إلا أن ابن عمر كان يصلي في تلك المواضع.
ولا يفهم من تبويب البخاري أنه يرى مشروعية التبرك، والذي يدل عليه فعل ابن عمر وواقعه أنه يقصد التأسي برسول الله r، ولا يجوز أن ينسى قضية القضايا في الإسلام، وهي إتباع الرسول r والتأسي به ولا يجوز أن نعتقد فيه أنه يقصد ما يقصده الصوفية وهو التبرك.
على أن فعل ابن عمر هذا في تحريه المواضع التي صلى فيها النبي r ليصلي فيها أمر انفرد به من بين أصحاب محمد r وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي الخلفاء الراشدون وباقي العشرة المبشرين بالجنة.
فلو كان هذا أمراً مشروعاً لقاموا به ولتواتر عنهم نقله كما في سائر الأمور المشروعة.
يؤكد عدم مشروعيته أنه لم يأمر بهذا ولم يرشد إليه رسول اله r الذي ما ترك خيراً إلا دل أمته عليه ولا شراً إلا حذر أمته منه.
وللمسلم أن يأخذ المنع من نهيه r عن إتباع سنن من قبلنا الذين كانوا يتتبعون آثار أنبيائهم فيجعلون منها كنائس وبيعاً.
ومن قوله r: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ([1]).
وإذا كان هذا التشديد قد وقع بالنسبة لقبورهم فكذلك آثارهم.
ومن هنا نهى عمر t عن تتبع المواقع التي صلى فيها رسول الله r وأيد فهمه الصحابة الحاضرون، ويدخل في هذا النهي التتبع للأماكن التي صلى فيها رسول الله r اتفاقاً لا قصدا للصلاة فيها ومنها هذه المواقع.
وابن عمر مجتهد له أجر اجتهاده، وإن كان أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران والصواب مع كبار الصحابة وسائرهم وهديهم هو الموافق لتوجيهات رسول الله r التي أسلفناها.
والرسول r يقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) ([2])
ولشيخ الإسلام كلام جيد في مثل فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- في التوسل والوسيلة (219 - 210 - ط الفرقان) حيث قال -رحمه الله-:
"وكذلك ابن عمر كان يتحرى أن يسير مواضع سير النبي r، وينزل مواضع منزله، ويتوضأ في السَّفر حيث رآه يتوضأ، ويصب فضل مائه على شجرة صبَّ عليها. ونحو ذلك مما استحبه طائفة من العلماء ورأوه مستحبا، ولم يستحب ذلك جمهور العلماء، كما لم يستحبه ولم يفعله أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم لم يفعلوا مثل ما فعل ابن عمر ولو رأوه مستحبا لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والاقتداء به.
وذلك لأن المتابعة: أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل، فإذا فعل فعلاً على وجه العبادة شرع لنا أن نفعله على وجه العبادة، وإذا قصد تخصيص مكان أو زمان بالعبادة خصَّصناه بذلك، كما كان يقصد أن يطوف حول الكعبة وأن يلتمس الحجر الأسود وأن يصلي خلف المقام وكان يتحرى الصلاة عند أسطوانة مسجد المدينة، وقصد الصعود على الصفا والمروة والدعاء والذكر هناك، وكذلك عرفة ومزدلفة وغيرهما.
وأما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل أن ينزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله لا قصداً لتخصيصه بالصلاة والنزول فيه.
فإذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه أو النزول لم نكن متبعين، بل هذا من البدع التي كان ينهى عنها عمر بن الخطاب.
كما ثبت بالإسناد الصحيح من حديث شعبة عن سليمان التيمي عن المعرور بن سويد قال: " كان عمر بن الخطاب في سفرٍ فصلى الغداة ثم أتى على مكان فجعل الناس يأتونه فيقولون: صلى فيه النبي r. فقال عمر: " إنما هلك أهل الكتاب أنهم اتَّبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعاً فمن عرضت له الصلاة فليصل وإلا فليمض ". ([3])
(يُتْبَعُ)
(/)
فلما كان النبي r لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك ففاعل ذلك متشبه بالنبي r في الصورة ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب " اهـ.
- وقال شيخ الإسلام أيضاً في مجموع الفتاوى (27/ 134 - 136): " وأما قول السائل: هل يجوز تعظيم مكان فيه خلوق وزعفران لكون النبي r رُئِي عنده؟
فيقال: بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك هو من أعمال أهل الكتاب الذين نُهِينا عن التشبه بهم فيها. وقد ثبت " أنَّ عمر بن الخطاب كان في السَّفر فرأى قوما يبتدرون مكاناً فقال: ما هذا؟! فقالوا: مكان صلَّى فيه رسول الله r فقال: ومكان صلى فيه رسول الله؟! أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟! من أدركته فيه الصلاة فليصلِّ وإلا فليمض ".
وهذا قاله عمر بمحضر من الصحابة.
ومن المعلوم أنَّ النبي r كان يصلى في أسفاره في مواضع، وكان المؤمنون يرونه في المنام في مواضع، وما اتخذ السلف شيئاً من ذلك مسجداً ولا مزاراً ولو فُتِح هذا الباب لصار كثير من ديار المسلمين أو أكثرها مساجد ومزارات؛فإنهم لا يزالون يرون النبي r في المنام وقد جاء إلى بيوتهم ومنهم من يراه مِراراً كثيرة وتخليق هذه الأمكنة بالزعفران بدعة مكروهة.
وأما ما يزيده الكذَّابون على ذلك مثل أن يرى في المكان أثر قدم فيقال: (هذا قدمه) ونحو ذلك فهذا كله كذب والأقدام الحجارة التي ينقلها من ينقلها ويقول أنها موضع قدمه كذب مختلق، ولو كانت حقا لسنَّ للمسلمين أن يتخذوا ذلك مسجداً ومزاراً، بل لم يأمر الله أن يتخذ مقام نبي من الأنبياء مصلى إلا مقام إبراهيم بقوله: ? وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ? (سورة البقرة:125)، كما أنَّه لم يأمر بالاستلام والتقبيل لحجر من الحجارة إلاَّ الحجر الأسود ولا بالصلاة إلى بيت إلاَّ البيت الحرام، ولا يجوز أن يقاس غير ذلك عليه باتفاق المسلمين بل ذلك بمنزلة من جعل للناس حجاً إلى غير البيت العتيق أو صيام شهر مفروض غير صيام شهر رمضان وأمثال ذلك.
فصخرة بيت المقدس لا يُسَنُّ استلامها ولا تقبيلها باتفاق المسلمين، بل ليس للصلاة عندها والدعاء خصوصية على سائر بقاع المسجد. والصلاة والدعاء في قبلة المسجد الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين أفضل من الصلاة والدعاء عندها وعمر بن الخطاب لما فتح البلد قال لكعب الأحبار أين ترى أن أبني مصلَّى المسلمين؟ قال: ابْنِه خلف الصخرة. قال: خالطتك يهودية يا ابن اليهودية! بل أبنيه أمامها؛ فإنَّ لنا صدور المساجد. فبنى هذا المصلَّى الذي تُسمِّيه العامة (الأقصى). ولم يتمسَّح بالصخرة ولا قبَّلها ولا صلَّى عندها، كيف وقد ثبت عنه في الصحيح أنه لما قبَّل الحجر الأسود قال: " والله إنِّي لأعلم أنَّك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك لما قبلتك ".
وكان عبد الله بن عمر إذا أتى المسجد الأقصى يُصلِّى فيه ولا يأتي الصخرة. وكذلك غيره من السَّلف. وكذلك حجرة نبيِّنا وحجرة الخليل وغيرهما من المدافن التي فيها نبيٌ أو رجل صالح لا يُستحب تقبيلها ولا التمسُّح بها باتفاق الأئمة؛بل منهيٌ عن ذلك.
وأما السجود لذلك فكفرٌ، وكذلك خطابه بمثل ما يخاطب به الرب مثل قول القائل: (اغفر لي ذنوبي أو انصرني على عدوي)، ونحو ذلك " اهـ.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تقدم تخريجه (ص2).
[2]- تقدم تخريجه (ص 35).
([3]) أخرجه عبدا لرزاق في مصنفه (2/ 118 - 119) وابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 367 - 368/ طبعة مكتبة الرشد.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:40]ـ
سلمة بن الأكوع لا يقصد إلا التَّأسي بالنبي r
ولا يقصد التبرُّك
قال القارئ (ص17 - 20)
" وثبت عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أنه كان يتحرى المكان الذي كان يصلي فيه رسول الله r بين المنبر والقبلة:
ففي الصحيحين عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه أنه كان يتحرَّى موضعَ مكانِ المصحفِ يسبِّح فيه، وذكر أن رسول الله r كان يتحرَّى ذلك المكان ([1]).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي رواية في الصحيح أيضاً، قال يزيد: كان سلمة يتحرَّى الصلاةَ عند الأسطوانة التي عند المصحف، فقلت يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة؟ قال: رأيت النبي r يتحَّرى الصلاة عندها.
قوله في الرواية الأولى: (يسبح فيه) أي يصلي النوافل وتُسمَّى صلاة الضحى أيضاً بالسبحة ..
وقوله في الرواية الأخرى: (عند الأسطوانة) هي التي جُعلت عَلَماً على مٌصَلَّى النبي r وهي التي على يمين الواقفِ في المحرابِ النبويِّ، وهي اليوم على يمين المحراب ِ المبنيِّ نفسِهِ ملتصقةً به، وتُسمَّى (الأسطوانة المخلقة) من الخَلُوق أي الطيب، وكلُّ الأسطوانات ثَمَّ كانت تُخَلَّق؛لكنهم كانوا يُعْنَوْنَ بهذه من بينها فيٌخَلِّقُونَهَا كلَّهَا من أسفلها إلى أعلاها، وكان الصندوق الذي فيه المصحف إلى جانبها.
فمَن أحبَّ أن يوافق المكانَ الذي كان النبي الله r يُصلِّى فيه فليجعل هذه الأسطوانة نُصْبَ عينهِ والمنبرَ على يمينه ولْيقتربْ قَدْرَ إمكانِهِ منها.
وورد النص عن بعض الفقهاء في استحباب الصلاة في هذا المكان.
نقل المرجانيِ: أن في العتبية ما لفظه: أحبُّ مواضعِ التنفل في مسجد رسول الله r مُصلاَّه حيث العمود المخلق وقال ابن قاسم: أحبُّ مواضع الصلاةِ في مسجده r في النفل العمود المخلق، وفي الفرض في الصف الأول.
وروى ابن وهب عن مالك أنه سٌئِلَ عن مسجد رسول الله r وقيل له: أيُّ المواضع أحبُّ إليك الصلاةُ فيه؟ قال: أما النافلة فموضع مُصَلاَّه، وأما المكتوبة فأولُ الصفوف".
- أقول:
تخليق هذا العمود وغيره ليس من عمل الرسول r، ولا من عمل أصحابه والتابعين لهم بإحسان، وإنما هو من عمل المتأخرين، وهو وسيلة للغلو في هذه الأعمدة والتمسح بها والاعتقاد فيها، وهذا يشبه عمل أهل الكتاب الذي نهى رسول الله r عنه، وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها.
وأقول:
إن سلمة بن الأكوع t لم يقصد بفعله هذا إلا التأسي برسول الله r وانظر إلى قوله: (وذكر أن رسول الله r كان يتحرى ذلك المكان).
فهل يؤخذ من تحري رسول الله r لهذا المكان أن رسول الله كان يتبرك بهذا المكان؟!.
أعتقد أنّ القارئ وغيره لا يستطيعون أن يقولوا هذا؛ فنقول: وكذلك سلمة وابن عمر لا يتبركان بالأمكنة، وإنما غاية عملهما التأسي برسول الله r الذي حث المؤمنين عليه اللهُ تعالى وحثهم عليه رسول الله r.
قال الله تعالى مخاطباً الناس جميعاً: ? فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ? (لأعراف:158)، فالاهتداء إلى الحق في كل مجال إنما هو في اتباع رسول الله r وطاعته ومحبته بدون غلو في كل أمر نتبعه ودون تقصير.
ويقول r: ( صلوا كما رأيتموني أصلي) ([2]) فعلى المسلمين أن يتحروا اتباعه في الصلاة في أركانها وواجباتها ومستحباتها وكيفياتها.
وقال r في شأن الحج ومناسكه: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هذه) ([3]).
والمناسك تشمل الطواف والسعي والوقوف بعرفات والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والمراد أن نفعل مثل أفعاله وأن نقول فيها مثل أقواله.
ولا يقصد رسول الله r التبرك بهذه الأماكن، ولا فهمه أحد من أصحابه ولا أحد من علماء الأمة الأعلام، فتحري سلمة للصلاة في هذا الموضع إنما هو للتأسي برسول الله r، كما يتحرى هو وغيره الصلاة في مقام إبراهيم، ويراجع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي سبق نقله قريبا ([4]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه البخاري في الصلاة (502) ومسلم في الصلاة (509).
([2]) أخرجه البخاري في الآذان حديث (631) وفي الأدب (6008)
([3]) رواه مسلم في صحيحه (الحج 1297) وأحمد في المسند (3/ 337) وأبو داود (مناسك 1970) والنسائي (مناسك الحج 3062).
([4]) انظر (ص:48 - 51) من هذا الكتاب.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:44]ـ
تكثير القارئ من الأسطوانات
بغير أدلةٍ توسعٌ في الفتنة
قال القارئ (ص20 - 22):
(يُتْبَعُ)
(/)
" ومن الأماكن النبوية في الروضة الشريفة الأسطوانات الأخرى، وهي: أسطوانة السرير وأسطوانة الحرس، وأسطوانة الوفود، وأسطوانة التوبة، وأسطوانة التهجد، وأسطوانة عائشة
وأسطوانة عائشة، كانت تسمى أسطوانة المهاجرين حيث كانوا يجتمعون عندها، وكان الصحابة يتحرون الصلاة عندها، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح لكنه – رحمه الله- التبس عليه الأسطوانة المخلقة التي هي عَلَم على مصلى النبي r بأسطوانة عائشة.
روي في أسطوانة عائشة أنها عند المكان الذي قام فيه r يصلي الفرائض بعد تحويل القبلة، صلى عندها بضع عشرة ثم تقدم إلى مصلاه المعروف وكان يجعلها خلف ظهره وأن أبا بكر وعمر والزبير وابنه عبد الله وعامر بن عبد الله كانوا يصلون إليها وأن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها، وكان يقال لها مجلس المهاجرين ".
- أقول:
لم يقم القارئ دليلاً على مشروعية التبرك بأسطوانة السرير وأسطوانة الحرس وأسطوانة الوفود وأسطوانة التوبة وأسطوانة التهجد.
وأمّا قوله:
" وأسطوانة عائشة كانت تسمى بأسطوانة المهاجرين حيث كانوا يجتمعون عندها وكان الصحابة يتحرون الصلاة عندها. ذكر ذلك الحافظ ابن حجر -رحمه الله-".
- أقول:
لم يقل الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وكان الصحابة يتحرون الصلاة عندها، وهاكم كلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- متحدثاً عن الأسطوانة التي كان سلمة بن الأكوع يتحرى الصلاة إليها.
قال: "والأسطوانة المذكورة حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة، وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين، قال: ورُوِيَ عن عائشة أنها كانت تقول: " لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام" وأنها أسرتها إلى ابن الزبير فكان يكثر الصلاة عندها، ثم وجدت في تاريخ المدينة لابن النجار وزاد: "أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها". وذكره قبله محمد بن الحسن في أخبار المدينة". فتح الباري (1/ 577).
وقد أحال القارئ إلى هذا الموضع من الفتح، فأنت ترى أن الحافظ لم يقل: وكان الصحابة يتحرون الصلاة عندها.
وأن كلامه يفيد المراد بهذه الأسطوانة: الأسطوانة التي كان سلمة بن الأكوع يتحرى الصلاة عندها.
ولا يريد ما يسمّيه القارئ بأسطوانة عائشة، ولا أدرى لماذا يُكثر من عدد الأسطوانات وبغير أدلة، ولعل القصد توسيع دائرة التبركات للخرافيين!
وقوله: " وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين".
- أقول: لم يسم لنا الحافظ شيخه ولا دليله!
وقول الحافظ:" ثم وجدت ذلك في تاريخ ابن النجار وزاد أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها وذكره قبله محمد بن الحسن في أخبار المدينة ".
- أقول: لا يبعد أن عمدة ابن النجار إنما هو محمد بن الحسن، ومحمد بن الحسن هذا هو ابن زبالة.
قال الذهبي في ترجمة محمد بن الحسن: " قال أبو داود: كذاب".
وقال يحيى: "ليس بثقة". وقال النسائي والأزدي: "متروك". وقال أبو حاتم: "واهي الحديث". وقال الدارقطني وغيره: "منكر الحديث ". الميزان (3/ 514).
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: " كذبوه ".
ومن المنكرات ما ينسب لعائشة: " أنها أسرتها إلى ابن الزبير " فحاشاها من ذلك.
وقول القارئ: " لكنه –رحمه الله- (يعني الحافظ) التبس عليه الأسطوانة المخلقة التي هي علم على مصلى النبي بأسطوانة عائشة ".
- أقول: قد سبق لك أن ما يسميه القارئ بأسطوانة عائشة خطأ، وأن الحافظ لا يفرق بينهما، وليس للقاري دليل على إثبات أسطوانة عائشة ولا على اجتماع المهاجرين إليها وليس له دليل على الأسطوانة المخلقة، وقد التبست عليه الأمور، ولا أقول: إنه يلبس على الناس.
وقول القارئ: " وروي في أسطوانة عائشة أنها عند المكان الذي قام فيه النبي r يصلى الفرائض بعد تحويل القبلة صلى عندها بضع عشرة.
ثم تقدم إلى مصلاّه المعروف، وكان يجعلها خلف ظهره.
وأن أبا بكر وعمر والزبير وابنه عبد الله وعامر بن عبد الله كانوا يصلون إليها، وأن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها، وكان يقال لها مجلس المهاجرين ".
- أقول: لا يثبت شيءٌ يُسمّى أسطوانة عائشة.
ثم لماذا لم يأت لنا القارئ بأسانيده لإثبات هذه الأسطوانة؟!، وأسانيده أنَّ الصحابة: أبا بكر وعمر ... الخ كانوا يصلون عندها؟!، وأسانيده أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها، وكان يقال لها: مجلس المهاجرين؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
لماذا لم يأت بالأسانيد ويكتفي بقوله: رُوي؟!، وهل تثبت عند طلاب الحقيقة والحق هذه الأمور العظيمة بـ (رُوي)؟! لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء!!
وكيف تتفق هذه الدعوى التي فيها أن الصحابة كانوا يعلمون هذه الأسطوانة ويصلي بعضهم عندها ويجتمع المهاجرون عندها مع الدعوى أن عائشة أخفتها عنهم وأسرتها على ابن الزبير.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:48]ـ
اعتماد القارئ على رواية راو متروك وآخر مجهول
قال القارئ (ص22):
"روى الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r قال: (إن بالمسجد لبقعة قِبَل هذه الأسطوانة لو يعلم الناس ما صلّوا فيها إلا أن تُطير لهم قرعة) وعندها جماعة من أبناء الصحابة وأبناء المهاجرين فقالوا: يا أم المؤمنين! وأين هي؟ فاستعجمت عليهم، فمكثوا عندها ثم خرجوا، وثبت عبد الله بن الزبير، فقالوا: إنها ستخبره بذلك المكان، فارمقوه في المسجد حتى ينظروا حيث يصلّي، فخرج بعد ساعة فصلّى عند الأسطوانة التي واسطة ([1]) بين القبر والمنبر عن يمينها إلى المنبر أسطوانتان وبينها وبين المنبر أسطوانتان وبينها وبين الرحبة أسطوانتان وهي واسطة بين ذلك وهي تسمى أسطوانة القرعة. أقول: وسميت أسطوانة عائشة لأجل هذا الخبر ".
- أقول:
هذا الحديث رواه الطبراني قال: "حدثنا أحمد يعني بن يحيى الحلواني ثنا عتيق بن يعقوب ثنا ابنا المنذر عبد الله و محمد، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله r به، وفي إسناده محمد بن المنذر، وهو متروك".
قال ابن حبان: "لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار".
وقال الحاكم: "يروي عن هشام بن عروة أحاديث موضوعة".
وقال أبو نعيم: "يروى عن هشام أحاديث منكرة". الميزان (4/ 47) واللسان (5/ 394).
وأخوه عبد الله لم أقف له على ترجمة!
وشيخهما عتيق بن يعقوب الزبيري وثقة الدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات لكنه لم يعرف نسبه، وقال الساجي: روى عن هشام بن عروة حديثاً منكراً، وروى حديثاً عن مالك في السفر ووهم فيه ". لسان الميزان (4/ 130)، وانظر الحديث في مجمع البحرين في زوائد المعجمين (3/ 294).
فهذا هو حال حديث عائشة في هذه الأسطوانة، ولا أدري هل عند القارئ معرفة وقدرة على دراسة الأحاديث التي يحتج بها في هذه الموضوعات التي يتحمّس لها وينادي بها أو هو يفقد ذلك؟! وعلى كلا الأمرين يقال له:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
وقد تقدم الكلام على الأسطوانة التي ينسبها القارئ إلى عائشة فلا نعيد الكلام عليها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) كذا (!) ولعله سقط هنا كلمة (هي).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:50]ـ
اعتماد القارئ على حديث جابر t
وفيه علل في إسناده ومتنه
قال القارئ (ص23):
" وثبت عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه كان يأتي مسجد الفتح الذي على الجبل يتحرى الساعة التي دعا فيها النبي r على الأحزاب ويتحرى المكان – أيضاً – ويقول: " ولم ينزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت تلك الساعة فدعوت الله فيه بين الصلاتين يوم الأربعاء إلا عرفت الإجابة ".
- أقول:
كيف يثبت هذا الحديث وفيه عدة علل:
الأولى: في إسناده كثير بن زيد الأسلمي، قال أبو زرعة: "صدوق فيه لين". وقال النسائي: " ضعيف ".
وروى ابن الدورقي عن يحيى: "ليس بذاك، ومرة قال: صالح".
وروى ابن أبي مريم عن يحي: "ثقة".
وقال ابن المديني: "صالح وليس بقوي ".
وقال ابن عدي: " ولم أر بحديث كثير بأساً ". انظر: الميزان (3/ 404) وتهذيب الكمال (24/ 115).
وقال الذهبي في الكاشف: " قال أبو زرعة: صدوق فيه لين".
وقال الحافظ ابن حجر: " صدوق يخطيء ".
الثانية: في إسناده عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال ابن أبي حاتم: "عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك روى عنه عبد الله بن محمد بن عقيل سمعت أبي يقول ذلك".
وقال أيضاً: "عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري: روى عن عمه معقل، روى عنه عبد الله بن قدامة الجمحي سمعت أبي يقول ذلك. قال أبو محمد: روى أيضاً عن جابر بن عبد الله". الجرح والتعديل (5/ 95).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال البخاري رحمه الله في التاريخ الكبير: " عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه روى عنه عبد الله بن محمد بن عقيل وعاصم بن عبيد الله ".
وترجم له ابن حبان وقال: " يروي عن أبيه وعاصم بن عبيد الله ". الثقات (7/ 3).
فهذا حال عبد الله بن عبد الرحمن هذا عند البخاري وأبي حاتم وابنه وعند ابن حبان.
وقال البخاري: " عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مالك الأنصاري سمع معقلا روى عنه عبد الملك بن قدامة "، وهذا رجل آخر عند البخاري.
وظاهر من ترجمة هؤلاء الأئمة لهذا الرجل: أنه مجهول الحال (مستور).
وإسنادٌ هذا حاله يقال في متنه: ضعيف، ولا يقال فيه: ثبت!!
والعلة الثالثة: الاختلاف عليه في الإسناد؛ فتارة يرويه كثير بن زيد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وتارة يرويه عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر. انظر الطبقات لابن سعد (2/ 73).
وكذلك يرويه عبد الملك بن عمرو عن كثير بن زيد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بنحوه. التمهيد (19/ 201).
والعلة الرابعة: اضطرابه في المتن؛ فهو مرة يقول: إن دعاء النبي r كان في مسجد الفتح، وتارة يقول: في مسجد قباء، وثالثة يقول: في مسجد الأحزاب، وراجع كتاب المساجد السبعة لأبي جابر عبد الله بن محمد الأنصاري (ص:11 - 15).
فقد ذكر كثيراً من مصادر هذا الحديث وأوجه الاختلاف على كثير بن زيد في الإسناد والمتن، وقد راجعت بعض مصادره للاطمئنان.
وإذ قد تبين للقارئ الكريم ضعف هذا الحديث إسناداً ومتناً وما فيه من علل، فهل يجوز لأحد الاحتجاج به في قضية فرعية، فضلاً عن أن تكون عقدية (التبرك) طالما حذر من مثلها رسول الله r وحذر منها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بموافقة من حضره من أصحاب محمد r وطالما حذر منها العلماء الناصحون؟!
وظهرت الآثار السيئة لمخالفاتها من تصرفات الكثير من أهل البدع وجهّال مقلديهم!!
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[04 - Feb-2007, مساء 09:54]ـ
استنتاج باطل لا يجوز نسبته
إلى أصحاب محمد r وتابعيهم
قال القارئ (ص23 - 25):
" فإذن من الصحابة y عبد الله بن عمر وأبوه عمر بن الخطاب كان مع النبي r هو وأبو بكر في بيت عِتبان بن مالك وشهدا الواقعة وفيها أقر النبي r عِتبان على التبرك بالمكان الذي صلى فيه r ولذلك لم ينقل أن عمر أنكر على ابنه عبد الله شدة تتبعه للأماكن النبوية وتبركه بها، بل لم يرد عن أي أحد من الصحابة أنه أنكر عليه ذلك فهم وإن لم ينقل عنهم أنه كانوا يفعلون ذلك مثله لكن عدم إنكارهم يدل على مشروعية فعله – رضي الله عنه – ومن الصحابة أيضاً سلمة بن الأكوع كما بينا وجابر بن عبد الله ورد عنه النص بالتبرك بالمكان الذي دعا فيه النبي r وصلى فيه واستجيب له كما ذكرنا آنفاً وبهذه النصوص الثابتة يبدو لنا أنه مذهب سائر الصحابة وإن لم يرو عنهم بالتفصيل.
ومثله القول في تابعي المدينة، فقد ورد في البخاري أن سالم بن عبد الله بن عمر كان مثل أبيه يتحرى تلك الأماكن النبوية.
ولما تتبع أمير المدينة عمر بن عبد العزيز عام (89هـ) أو بعدها هذه الأماكن النبوية لم ينكر عليه أحد من التابعين بالمدينة، ولا من الصحابة وكان بقي منهم ستة من صغار الصحابة (1)، بل نقل أنهم أعانوه على ذلك ودلوه على تلك الأماكن.
ومشروعية التبرك بالأماكن النبوية هو مذهب البخاري كما ذكرنا ومذهب البغوي والنووي وابن حجر بل هو مذهب الإمام أحمد – رحمه الله – وقد استدل الإمام على ذلك بأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم برمانة المنبر يتركون بالموضع الذي مسته يد النبي r، وهو مذهب الإمام مالك فقد روى أبو نعيم في الحلية أن هارون الرشيد أراد أن ينقض منبر النبي r ويتخذه من جوهر وذهب وفضة فقال له مالك: " لا أرى أن تحرم الناس من أثر النبي r، وسبق نقل كلامه في استحباب صلاة النافلة في مكان مصلاه r من مسجده ".
- أقول:
1 - قد سبق بيان عدم مشروعية التبرك بالأماكن وبيان بطلان استدلال القارئ وضعف أدلته وبيان بطلان تعلقه بالصحابة في مسألة التبرك بالأماكن وأن ما فعله ابن عمر وسلمة بن الأكوع وعِتبان بن مالك إنما هو من باب التأسي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأن مشروعية التأسي به r في الأمكنة ليس على إطلاقه وإنما في الأمكنة التي قصد الرسول r التعبد فيها، وأن تتبع ابن عمر للأماكن التي نزل رسول الله r فيها اتفاقاً لا قصداً أمر قد انفرد به ابن عمر من بين أصحاب رسول الله r؛ أكابرهم وأصاغرهم، وذلك من الأدلة الواضحة على عدم مشروعية هذا التتبع من ابن عمر، وهو اجتهاد منه في غير محله. وتقدم أن عمر ابن الخطاب الخليفة الراشد قد أنكر ذلك على من يفعله وأقره الصحابة الحاضرون.
2 - لم يقم القارئ دليلاً على حضور ابن عمر مع بعض الصحابة الذين حضروا صلاة النبي r في بيت عِتبان.
3 - طلب عِتبان بن مالك من النبي r أن يصلي في بيته ليجعل ذلك مسجداً، لا يدل على أن قصد عِتبان التبرك بالصلاة في هذا المسجد، وإنما يقصد التأكد من قبلة هذا المسجد حسب ما يظهر من حاله، كما يقصد التأسي بالنبي r، وقد تقدم بيان ذلك.
والنبي r لم يقر عِتبان على التبرك وإنما أقره على التأسي.
4 - وقوله: " ولم ينقل أن عمر أنكر على ابنه عبد الله " فيه نظر من وجوه:
أ - عدم نقل إنكار عمر على ابنه لا يدل على أنه أقره، وكيف ينكر على من يفعل مثل فعل ابنه ويقر ابنه؟ حاشاه وحاشا من هو دونه من هذا الفعل.
وهذا يؤدي إلى اتهام عمر – رضي الله عنه – بالمحاباة لابنه وهو الصداع بالحق، ولا يسلك فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه، فلا يجوز أن ينسب إليه ما يدعيه القارئ.
ب - ومنها: احتمال أن عمر ما كان يعلم أن ابنه يفعل هذا، بل قد يكون الصحابة جميعاً لا يعلمون هذا، فقد يعمل الإنسان العمل الذي يرى أنه يقربه إلى الله ولا يطلع عليه غيره، كما كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يفعل، فقد روى مسلم بإسناده ([1]) إلى أبي حازم قال: " كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يديه حتى تبلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ! أنتم هاهنا، لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي يقول: (تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء) ".
5 - يحتمل أن ابن عمر ما كان يفعل هذا في أول حياته في عهد أبي بكر وعمر ثم طرأ له نوع اجتهاد أن يفعله وهذا احتمال معقول لأن الرجل طال عمره بعد أبيه حيث توفي عام ثلاثة وسبعين بينما توفي أبوه في عام ثلاثة وعشرين، فالفرق بين وفاتيهما خمسون عاماً.
وربما ما كان يحب أن يُقتدى به في هذا الفعل، ولذا لم يطلع على عمله إلا سالم ابنه ومولاه نافع، هذا مع أن قصده التأسي وحاشاه أن يكون على سنن من قبلنا في الغلو والتبرك بالآثار المؤدي إلى الضلال والشرك.
وقوله: " ولم يرد عن أحد من الصحابة أنه أنكر عليه .. الخ".
- أقول:
هات الدليل أن الصحابة قد اطلعوا على فعل ابن عمر هذا ثم أقرّوه، واحتمال أنه كان يخفي هذا العمل وارد وقد سبق.
ومَن مِن الصحابة كان يرافقه في سفره ويراقب حركاته؟! هذا شيء بعيد فقد يسافر الرجل ويعمل أعمالاً لا يطلع عليها غيره، لا سيما هذا العمل الذي زجر عنه أبوه ثم اجتهد في فعله.
1 - وقولك:"وعدم إنكارهم (يعني الصحابة) يدل على مشروعيته".
أقول: سبحان الله أمر مشروع يعرض عنه الصحابة إعراضاً كلياً ثم يهتم به الخلوف ويقومون به ويدافعون عنه سبحان الله مرة أخرى وافهم مؤدى كلامك!!
وتعلقه بعمل سلمة بن الأكوع من تحريه الصلاة عند اسطوانة المصحف التي كان يشاهد رسول الله r يتحرى الصلاة عندها قد تقدم أن عمله هذا من التأسي والاقتداء المشروع لا من باب التبرك الممنوع.
وأما تعلقه بعمل جابر فقد تقدم بيان ضعف حديثه وعلله، ثم على تسليم ثبوته فليس عمله من باب التبرك المزعوم.
وقوله: " وبهذه النصوص الثابتة يبدو لنا أنه مذهب سائر الصحابة وإن لم يرو عنهم بالتفصيل ".
- أقول: هذه دعوى كبيرة تقدم بطلانها وبراءة الصحابة منها، وأن ما تعلق به من حديث ابن عمر وحديث سلمة بن الأكوع وإن صحا فليس فيهما دلالة على التبرك الذي نهى عنه عمر لأنه من إتباع أهل الكتاب، ونهى النبي r عن اتخاذ قبره مسجداً ولعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وقول النبي r لمن طلبوا منه ذات أنواط: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) ([2]).
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذه الأحاديث يفقه الفطن منها تحريم تتبع الآثار للتبرك بها وأنه من سنن من قبلنا بل أشدها خطراً وأقواها تشبها بمن قبلنا فكيف يكون هذا مذهب سائر الصحابة؟!
نزههم الله عما ينسبه إليهم القارئ!!
وقوله: " ومثله القول في تابعي المدينة، فقد ورد في البخاري أن سالم بن عبد الله بن عمر كان مثل أبيه يتحرى تلك الأماكن ".
- أقول:
سبحان الله، كيف تنسب فعل شخص واحد إلى تابعي المدينة كلهم وهل يجوز هذا شرعاً وعقلاً ولغة؟.
ثم ليس عندك دليل على أن سالماً كان يفعل هذا تبركاً.
وقوله: " ولما تتبع أمير المدينة عمر بن عبد العزيز عام (89هـ) أو بعدها هذه الأماكن النبوية لم ينكر عليه أحد من التابعين بالمدينة ولا من الصحابة وكان بقي منهم ستة من صغار الصحابة، بل نقل أنهم أعانوه ودلوه على تلك الأماكن ".
- أقول:
تقدم أن هذا النقل لم يثبت؛ ومع هذا فليس فيه أن الباقين من صغار الصحابة أعانوه، وليس فيه أن التابعين أعانوه، والظاهر أنّه لم يكن في عهد ولاية عمر بن عبد العزيز من صغار الصحابة على قيد الحياة إلا ثلاثة وهم:
1. السائب بن يزيد، ت (91هـ).
2. ومحمود بن لبيد، ت (96هـ).
3. ومحمود بن الربيع، ت (99هـ).
ولو ثبت هذا النقل الغريب فليس هناك دليل على أنهم دلوا عمر بن عبد العزيز على هذه الأماكن وأعانوه.
قوله: " ومشروعية التبرك بالأماكن النبوية هو مذهب البخاري كما ذكرنا، بل هو مذهب البغوي النووي وابن حجر، بل هو مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- ".
- أقول: لا يجوز نسبة تجويز التبرك بالأماكن إلى البخاري مِن نقله لعمل ابن عمر وقصة عِتبان بن مالك!
فنقله إن دل على شيء فإنما يدل على أنه يرى مشروعية التأسي بالصلاة في موضع صلى فيه النبي r.
وأما الإمام أحمد فلم يعرف عنه إلا تجويز مس رمانة المنبر ([3])،ولا يجوز أن ينسب إليه جواز التبرك بهذه المساجد ومنها المساجد السبعة.
وأما مالك فقد ظلمته بقولك: "وهو مذهب مالك" مع أن مذهبه كراهة التمسح بالمنبر والقبر!! وتقدم النقل عنه وعن علماء المدينة أنهم كانوا يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار بالمدينة، وتقدم النقل عن ابن تيمية إنكاره تتبع الآثار والبناء عليها، بل تقدم النقل عن عمر بن الخطاب ومن معه من الصحابة الإنكار على من تتبع آثار النبي r.
وما أعتقد أنك نقلت عنه من مصدر موثوق!
قولك: " واستدل الإمام على ذلك بأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم برمانة المنبر".
- أقول: فإن كان عندك نقل صحيح عنه فبين لنا مصدرك بالجزء والصحيفة وإلا فالمأخذ عليك كبير!
وقصة إرادة الرشيد نقض المنبر وتوجيه الإمام مالك إلى تركه بقوله: "لا أرى أن تحرم الناس من أثر النبي r".
لم تثبت هذه القصة لأن أبا نعيم ([4]) رواها من طريق المقدام بن داود متكلم فيه.
قال ابن أبي حاتم: " سمعت منه بمصر وتكلموا فيه". الجرح والتعديل (8/ 303).
وقال الذهبي فيه: "قال النسائي في الكنى: ليس بثقة. وقال ابن يونس وغيره تكلموا فيه. وقال محمد بن يونس البيكندي: كان فقيهاً لم يكن بالمحمود في الرواية ت (283هـ) " الميزان (4/ 175 - 176).
وقولك: " وسبق نقل كلامه في استحباب صلاة النافلة في مكان مصلاه r من مسجده ".
-أقول:
إذا أجاز الإمام مالك الصلاة في مصلى النبي r الذي كان يتحرى الصلاة فيه كما في حديث سلمة بن الأكوع تأسياً بالنبي r.
فهل يجوز لك أن تنسب إلى هذا الإمام أنه يجيز التبرك في المساجد الكثيرة والأماكن غيرها التي تدّعى أن النبي صلى فيها أو مشى فيها أو وجد فيها؟!
لقد توسعت كثيراً في نسبة هذا المذهب إلى الصحابة أحياناً وإلى بعضهم أحياناً وإلى التابعين أحياناً وإلى كبارهم أحياناً، وكل ذلك لا يثبت عنهم، وما هكذا يا سعد تورد الإبل!!
قال القارئ (ص25 - 26):
" ومما يلاحظ في هذا الباب أنه منذ بنى عمر بن عبد العزيز المساجدَ النبويةَ على المواضع التي صَلَّى فيها النبي r وذلك عام (89) من الهجرة، وأجيالُ العلماء تترى بالمدينة النبوية منذ عصر التابعين لم ينقل أن أحداً أنكر التبرك بالصلاة في هذه المساجد أو طالب بهدمها وإزالتها بأي ذريعةٍ كانت لم يحدث شيء من هذا إلا اليوم، وجد من ينادي بذلك من المشايخ، ويؤلف فيه الرسائل".
- أقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - تسمية غير مسجد رسول الله r بالمساجد النبوية لا أعرفها إلا عن القارئ!
2 - قوله: "وذلك في عام (89) من الهجرة".
- أقول: قد تكرر منه ذلك وفيه نظر من جهتين:
الأولى: هذا التحديد بعام (89هـ).
والثانية: جزمه بأن عمر بن عبد العزيز قد بنى هذه المساجد الكثيرة في عام (89هـ) والمعروف الثابت المتواتر عن عمر بن عبد العزيز هو بناء المسجد النبوي فقط بأمر الوليد بن عبد الملك الخليفة آنذاك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: " ومن المعلوم المتواتر أن ذلك كان في خلافة الوليد بن عبد الملك وكان بعد بضع وثمانين وقد ذكروا أن ذلك كان سنة إحدى وتسعين وأن عمر بن عبد العزيز مكث في بنائه ثلاث سنين " كتاب الرد على الأخنائي (ص138).
وقول القارئ: " وأجيال العلماء تترى (يعني من التاريخ السابق) بالمدينة النبوية منذ عصر التابعين لم ينقل أن أحداً أنكر التبرك بالصلاة في هذه المساجد أو طالب بهدمها وإزالتها بأي ذريعة كانت، لم يحدث شيء من هذا إلا اليوم وجد من ينادي بذلك من المشايخ ويؤلف فيه الرسائل ".
- أقول:
لم توجد هذه المساجد في عصر التابعين ولم يثبت أن عمر بن عبد العزيز قام ببنائها وهذا التاريخ الذي ذكرته وذكر شيخ الإسلام خلافه إنما هو تاريخ بناء مسجد الرسول r.
ولا تستطيع أن تثبت بالأسانيد الصحيحة متى بنيت هذه المساجد خاصة في القرون المفضلة التي شهد لها رسول الله r بالخيرية: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي بعدهم أناس يشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يوفون ويكثر فيهم السمن) ([5]).
ويمكن وجود أولها على أيدي الروافض، مثل مسجد علي ومسجد سلمان -رضي الله عنهما- ثم قلدهم الصوفية فأكملوا المساجد السبعة في العصور المتأخرة.
وقولك: "لم ينقل أن أحداً أنكر التبرك بالصلاة في هذه المساجد".
- أقول:
إن هذا الكلام غير صحيح.
فقد حذر رسول الله r أمته من أن تسير على سنن من قبلنا من الأمم كاليهود والنصارى.
ونهى عمر بن الخطاب t من يتتبع مثل هذه الآثار وأقره كبار الصحابة وغيرهم.
- قال الإمام محمد بن وضاح القرطبي -رحمه الله- في كتابه ما جاء في البدع (ص91 - 92) ما نصه:
"وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجدِ وتلك الآثار للنبي r بالمدينة ما عدا قباءً وأحداً.
قال وسمعتُهم: يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه ولم يتبع تلك الآثارِ ولا الصلاةَ فيها، وكذلك فعل غيره أيضاً ممن يقتدى به. وقَدِمَ وكيع أيضاً مسجدَ بيتِ المقدسِ فلم يَعْدُ فعِل سفيان.
قال ابن وضاح: فعليكم بالإتباع لأئمةِ الهُدى المعروفينَ، فقد قال بعضُ مَنْ مَضى: كَمْ مِن أمْرٍ هو اليومَ معروفّ عند كثير ٍ من الناس كان منكراً عند مَنْ مضى ومتحبِّبٍ إليه بما يُبْغِضُه عليه ومتقرب إليه بما يُبعِدُه منه، وكٌلُّ بدعةٍ عليها زينةُ وبهجةُ".
- وقال زين الدين مرعي بن يوسف الكرمي -رحمه الله- في كتابه شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور (ص301 - 302) ما نصه:
"وقال محمد بن وضاح كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان المساجد وتلك الآثار بالمدينة ما عدا قباء وأُحداً، ودخل سفيان الثوري بيت المقدس وصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، فهم كرهوا ذلك مطلقاً.
وقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وسائر السابقين الأولين من الأنصار والمهاجرين يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجاً وعماراً ومسافرين ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي r
وقد قال r:( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) ([6]).
وتحري هذا ليس من سنة الخلفاء الراشدين بل هو مما ابتدع.
وأما من احتج بفعل ابن عمر رضي الله عنه؛ فما فعله ابن عمر لم يوافقه أحد عليه من الصحابة، ولم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار أنه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي r لأجل العبادة فيها".
- أقول: انظر كيف كان العلماء يكرهون إتيان هذه الأماكن للتأسي بالنبي r واعتبروه من البدع فكيف إذا كان تتبعها للتبرك الذي يدعو إليه القارئ؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
وكيف إذا كان المتتبعون لهذه الآثار للتبرك بها هم أهل البدع والغلو؟!!
ولا يتصور أن هذه الأمة التي لا تجتمع على باطل أن تسكت عن بكرة أبيها فلا تقول كلمة إنكار لمثل هذا العمل الذي حذر من مثله رسول الله r ونهى عنه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t وأقره كبار الصحابة وغيرهم ولا سيما وفي هذه الأمة الطائفة المنصورة التي لا تزال على الحق.
وكيف تسكت هذه الأمة عن المنكرات التي ترتكب عند هذه المساجد من اتخاذها أعياداً والتمسح بها والأخذ من تربتها وكون سبعة مساجد منها تبنى في موضع لا يجوز أن يُبنى فيه إلا مسجد واحد.
ولم يطلب العلماء من أهل السنة المعاصرين هدمها لأنها مساجد رسول الله r ونعوذ بالله أن يفعل مسلم ذلك مهما بلغ في الفجور.
وإنما يرى ويفتي بعض العلماء بِهدمها لأن وضعها غير شرعي، ومقاصد من بنوها يبدو أنها غير شرعية.
فلعل بعضهم بناها من منطلق عقيدة فاسدة كالروافض أو غلاة الصوفية الذين يفتعلون آثاراً ويبنون عليها المساجد والمشاهد ويجرون الناس بأعمالهم هذه إلى الخرافات والضلال والتبرك بجدران هذه المساجد وأتربتها.
وممن سبق إلى إنكار التبرك بالصلاة في هذه المساجد وأمثالها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أواخر القرن السابع وأوانل القرن الثامن الهجري.
قال -رحمه الله- في " اقتضاء الصراط" (ص425 - 426 - الفقي): " والمسألة الثالثة أن لا تكون تلك البقعة في طريقه بل يعدل عن طريقه إليها أو يسافر إليها سفرا طويلا أو قصيرا مثل من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو أو يسافر إلى غار ثور ليصلي فيه ويدعو أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ليصلي فيه ويدعو أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال التي يقال فيها مقامات الأنبياء وغيرهم أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء مثل مكان مبني على نعله ومثل ما في جبل قاسيون وجبل الفتح وجبل طور سيناء الذي ببيت المقدس ونحو هذه البقاع فهذا ما يعلم كل من كان عالما بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه من بعده أنهم لم يكونوا يقصدون شيئا من هذه الأمكنة .. " اهـ.
ثمَّ تحدَّث عن حراء ومجيء جبريل بالوحي إليه ثم قال رحمه الله: " فتحنثه وتعبده بغار حراء كان قبل المبعث،ثم إنَّه لما أكرمه الله بنبوته ورسالته،وفرض على الخلق الإيمان به وطاعته واتِّباعه: أقام بمكة بضع عشرة سنة هو ومن آمن به من المهاجرين الأوَّلين الذين هم أفضل الخلق،ولم يذهب هو ولا أحد من أصحابه إلى حراء،ثم هاجر إلى المدينة واعتمر أربع عُمَر: عُمرة الحديبية التي صدَّه فيها المشركون عن البيت الحرام -والحديبية عن يمينك وأنت قاصد مكة إذا مررت بالتنعيم عند المساجد التي يقال إنها مساجد عائشة والجبل الذي عن يمينك يقال له جبل التنعيم والحديبية غربيه- ثم إنه اعتمر من العام القابل عمرة القضية ودخل مكة هو وكثير من أصحابه وأقاموا بها ثلاثاً،ثم لماَّ فتح مكة وذهب إلى ناحية حنين والطائف شرقي مكة فقاتل هوازن بوادي حُنين ثم حاصر أهل الطائف وقسَّم غنائم حُنين بالجعرانة،فأتى بعمرته من الجعرانة إلى مكة،ثم إنَّه اعتمر عمرته الرابعة مع حجة الوداع،وحج معه جماهير المسلمين لم يتخلف عن الحج معه إلا من شاء الله وهو في ذلك كلِّه لا هو ولا أحدٌ من أصحابه يأتي غار حراء ولا يزوره ولا شيئاً من البقاع التي حول مكة،ولم يكن هناك عبادة إلاَّ بالمسجد الحرام وبين الصَّفا والمروة وبمنى ومزدلفة وعرفات.وصلَّى الظهر والعصر ببطن عُرنة وضربت له القبة يوم عرفة بنمرة المجاورة لعرفة.
ثم بعده خلفاؤه الراشدون وغيرهم من السابقين الأوَّلين لم يكونوا يسيرون إلى غار حراء ونحوه للصَّلاة فيه والدعاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك الغار المذكور في القرآن في قوله تعالى: ? ثاني اثنين إذ هما في الغار ? وهو غار بجبل ثور يمان مكة،لم يشرع لأمته السفر إليه وزيارته والصلاة فيه والدعاء،ولا بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة مسجداً غيرَ المسجد الحرام،بل تلك المساجد كلها مُحدَثة؛مسجد المولد وغيره،ولا شرع لأمته زيارة موضع المولد ولا زيارة موضع بيعة العقبة الذي خلف منى،وقد بُنيَ هناك مسجد. ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعاً مستحباً يُثيب الله عليه،لكان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بذلك،وأسرعهم إليه ولكان يُعلِّم أصحابه ذلك،وكان أصحابه أعلم بذلك وأرغب فيه ممن بعدهم،فلماَّ لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك عُلِم أنَّه من البدع المحدثة التي لم يكونوا يعدونها عبادة وقربة وطاعة،فمن جعلها عبادة وقربة وطاعة فقد اتَّبع غير سبيلهم وشرع من الدِّين مالم يأذن به الله.
وإذا كان حكم مقام نبينا صلى الله عليه وسلم في مثل غار حراء الذي ابتدىء فيه بالإنباء والإرسال وأنزل عليه فيه القرآن مع أنه كان قبل الإسلام يتعبد فيه وفي مثل الغار المذكور في القرآن الذي أنزل الله فيه سكينته عليه.
فمن المعلوم أن مقامات غيره من الأنبياء أبعد أن يشرع قصدها والسفر إليها لصلاة أو دعاء أو نحو ذلك إذا كانت صحيحة ثابتة فكيف إذا علم أنها كذب أو لم يعلم صحتها؟! " اهـ.
قال القارئ (ص 26 - 27):
"ويشدد هؤلاء المشايخ في هذه المسألة محتجين بحجتين:
الأولى: حديث رواه عبدا لرزاق وابن أبي شيبة عن المعرور بن سويد قال: كنت مع عمر بين مكة والمدينة فصلى بنا الفجر فقرأ ?ألَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحاب ِ الفِيل?. و?لإِيلفِ قٌرَيش? ثم رأى قوماً ينزلونَ فُيصَلُّون في مسجدٍ فسألَ عنهم فقالوا: مسجد صلَّى فيه النبي r، فقال: (إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعاً، مَن مَرً بشيءٍ من المساجد فحضرت الصلاة فليصل وإلا فليمضِ) ([7]).
فهذا أثر موقوف على عمر - رضي الله عنه- فكيف يناهض حديثَيِن مرفوعَيِن مقطوعاً بِهما رواهما البخاري ومسلم وهما حديث عِتبان، وحديث سلمة بن الأكوع المتفق عليه. ومع ذلك فإنه يمكن الجمع بأن عمرَ كَرَهَ زيارتَهُم لهذه الأماكن بغير الصلاةٍ، أو خَشِيَ أن يُشكِلَ ذلك على من لا يعرف حقيقةَ الأمرِ فيظنه واجباً، ذكره ابن حجر في الفتح " ([8]).
` لا تعارض بين نهي عمر وعمل سلمة بن الأكوع:
قوله:
"فإذا لم يُقبل هذا الجمع فالترجيح، هذا هو مَسلك العلماء عند تعارض النصوص، وبلا تردُّدٍ نُرجِّح الحديث المرفوعَ المتفق عليه".
- أقول: قولك عن حديث عمر: " فهذا أثر موقوف فكيف يناهض حديثين مرفوعين مقطوع بها رواهما البخاري ومسلم ".
لا ينبغي التهوين من حديث قاله هذا الخليفة الراشد انطلاقاً من منهج ومن فقه عظيم لرسالة الإسلام ومقاصدها ومعرفة المصالح والمفاسد والذرائع الموصلة إلى المفاسد الكبرى الموصلة إلى الشرك.
إن نهي عمر عن التبرك بالأماكن مستقىً من منهج إسلامي حكيم، ومن مسلك رسول الله r في محاربة الشرك ووسائله ومحاربة اتباع ضلال أهل الكتاب الذين أهلكهم الغلو وتتبع آثار الأنبياء وبناء الكنائس والبيع عليها.
كلام عمر ليس مجرد رأي ومجرد اجتهاد قد يكون خطأ، وإنما هو كما ذكرت لك مستمد من منهج ومن توجيهات رسول الله r الحكيمة المقطوع بها، وقد ذكرت النصوص التي استند إليها عمر وغيره وأنها تؤيد موقف عمر، وعمر منطلق منها وكذلك من ينكر بناء هذه المساجد والتبرك بها من السابقين واللاحقين منطلق من منهج إسلامي ومن موقف عمر الذي انطلق من هذا المنهج.
وحديث سلمة بن الأكوع لا حجة لك فيه؛ فإنه في واد وأنت في واد آخر؛ هو في وادي التأسي برسول الله r وأنت في وادي التبرك الممنوع الذي يدندن حوله الروافض والصوفية الغلاة ثم يمكن أن يقال إن فعل سلمة اجتهاد منه في هذا التأسي والتحري للصلاة في المكان الذي كان يتحراه رسول الله r فيصلي فيه أما غيره من الصحابة ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وباقي العشرة المشهود لهم بالجنة، فلم يفعلوا ذلك مع علمهم يتحري رسول الله r للصلاة في هذا الموضع المعروف، فلماذا لم يتحر هؤلاء الصحابة الكرام الذين هم أعلم وأفضل واحرص على التأسي برسول الله r من سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو كان رسول الله r شرعه لسبق هؤلاء الصحابة الكرام سلمة بن الأكوع وغيره إلى تنفيذه ولو كان رسول الله r أمر بالتبرك بهذا المكان لصحت دعوى القارئ أن هذا أمر مقطوع به.
أما والأمر كما ذكرت فهذه الدعوى بقطعية أدلة التبرك تصبح لا أساس لها فضلا أن تكون من القطعيات.
وأقول: لا تعارض بين فعل سلمة بن الأكوع t ونهي عمر t وما يدعمه من منهج ونصوص نبوية.
فإن فعل سلمة رضي الله عنه للتأسّي، وهذا التأسّي لا علاقة له بعمل أهل الكتاب الضالين. أي: تتبعهم للآثار غلوا وتبركا ممنوعاً.
ونهي عمر t إنما هو عن التبرك المهلك الذي أهلك أهل الكتاب فجرهم إلى الشرك وعبادة الأنبياء بعد اتخاذ أثارهم كنائس وبيعا.
والجمع الذي ذكره الحافظ ابن حجر لا يُسَلّم له؛ لأنه بعيد عن المنهج الصحيح وعن البراهين الواضحة -في هذا الباب- التي انطلق منها عمر ومن يسير على نهجه.
وما ذكره القارئ من الترجيح فهو أبعدو أبعد من جمع الحافظ إذ كيف يرجح فعل سلمة رضي الله عنه على قول عمر المستند إلى نصوص ومنهج وأصول الإسلامية منها سد ذرائع الشرك.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ما كان موجوداً عند بناء عمر بن عبد العزيز لمسجد رسول الله من أصحاب رسول الله إلا ثلاثة من صغار الصحابة، وأما المساجد فلم يثبت أن عمر بن عبد العزيز قام ببنائها كما تقدم بيان ذلك فضلاً عن حضور بعض الصحابة والتابعين لهذا البناء المزعوم ومعاونتهم لعمر بن عبد العزيز.
([1]) في الطهارة حديث (250).
([2]) تقدم تخريجه (ص 44).
([3]) وقد احترق منبر النبي r وعُمل منبر آخر بدله، لم يمسّه النبي r ولا خطب عليه، فمن يتبرك اليوم بالمنبر الموجود فإنما يتبرك بآثار غيره!!
([4]) حلية الأولياء (3/ 116).
([5]) أخرجه البخاري في الفضائل حديث (3451) ومسلم في الفضائل حديث (2533).
([6]) تقدم تخريجه (ص 44).
([7]) وأحال بهذا النص عن عمر رضي الله عنه إلى مصنف عبد الرزاق (2/ 118) ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 376)
([8]) وأحال على فتح الباري (1/ 569).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 09:26]ـ
سد الذريعة إلى الشرك والبدع أصل عظيم وموجبه قائم ومنه انطلق عمر والأئمة بعده
قال القارئ (ص27 - 29):
" والأخرى: قاعدة سَدِّ الذرائع، فهؤلاء المشايخ جزاهم الله خيراً رأوا أن قَصْدَ هذه الأماكن النبوية للتبرك بآثار النبي r ذريعة للغلو والشرك.
فنقول: إن هذه الذريعة المتوهمة معدومة، أو هي ضعيفةً مرجوحةُ غيرُ مُعْتَبَرةٍ؛لأنها في زمن النبوة لم تكن معتبرة كما يدل عليه حديثُ أنه r فَرقَ شعرَهٌ بين الصحابة ليتبركوا به وحديث عِتبان بن مالك أنه صلَّى في داره ليتخذه مُصَلًى؛ مع أن الذريعة موجودة لقُرب عهدهم بالشرك، كما قال r لأم المؤمنين عائشة: (لولا أن قومك حَدِيثُوا عهدٍ بشركٍ لهَدَمْتُ الكعبةَ ثم أقَمْتُهَا على قواعد إبراهيم).
وإن كان كبار الصحابة وفقهاؤهم لا يخاف عليهم من ذلك، لكن كان في الصحابة من يخاف عليه، مثل أولئك الذين قالوا للنبي r : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
فقال r: ( قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة).
وكذلك هذه الذريعة لم تكن معتبرة في عهد الصحابة مع قرب عهد كثير من الناس بالشرك، والردة في عهد الصديق أكبر دليل على ذلك.
وكذلك لم تُعتبر هذه الذريعة في زمنِ التابعين وهاهو عمر بن عبدا لعزيز –رحمه الله –يتتبع المواضعَ التي صلَّى فيها النبي r ويبني عليها المساجد، بمحضَرٍ ممن بَقِيَ من صغار الصحابة وبمحضَرٍ من التابعين ".
- أقول:
إن تهوين القارئ من قاعدة سد ذريعة الشرك أمر عجيب لا سيما قوله: " لكن كان في الصحابة من يخاف عليهم من ذلك واحتج بحديث ذات أنواط ... الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
- أقول: كيف لا يؤمن إلا على كبار الصحابة في زمن النبي r ويخاف على من عداهم، ولا يخاف القارئ على هذه الأمة في العصور المتأخرة وفي هذا العصر بالذات وهو يعلم حال أهل هذه العصور من عهد ابن عقيل الحنبلي وإلى عهد أبي شامة الشافعي وعلماء الأحناف وابن تيمية وتلاميذه وابن عبد الوهاب وتلاميذه والشوكاني والصنعاني والسهسواني والآلوسي، وهذه مؤلفاتهم وعصورهم تشهد أن هذه الأمة بأشد الحاجة إلى سد الذرائع ولاسيما في عصورها المتأخرة وفي هذا العصر بالذات، وسيأتي شي من بيان حال هذه الأمة المُحَتِّم للأخذ بأصل سد الذرائع.
وحديث عِتبان لا يتصادم مع المنهج الإسلامي والنصوص التي تدعم عمر، ومنها انطلق؛ لأنه من باب التأسي بالنبي r، وللتأكد من صحة قبلة مسجده كما يؤخذ من حديثه وواقعه؛ فإنه فاقد البصر أو ضعيفه يحتاج إلى ثقة يدله على القبلة، ولا أوثق من رسول الله r ولا أعدل منه عند الله وعند المسلمين.
فلا تعارض بين حديثه وموقف عمر على الوجه الذي ذكرته.
` الذريعة محققة ورُوَّاد هذه المساجد والآثار هم الروافض والقبوريون:
وقوله:" إن هذه الذريعة المتوهمة معدومة".
من أعجب العجائب كيف وهو يعلم والناس خاصهم وعامهم يعلمون أن رواد هذه الآثار والمساجد والعيون والآبار إنما هم الروافض وصوفية القبور والخرافات الذين يشيدون المساجد والمشاهد على قبور الأولياء وغير الأولياء بل ويتبركون بالأشجار والأحجار ويتعلقون بالأولياء ويطوفون حول قبورهم ويقيمون لهذه القبور الأعياد والاحتفالات ويتقربون إليهم بالذبائح وهذه الأصناف يشكلون طرقاً صوفية ورافضية لا تحصى في العالم الإسلامي وغيره وهم لا يعلمون معنى لا اله إلا الله ولا يرون الشرك إلا في عبادة قريش لأوثانهم أما هذه الأعمال الشركية التي ترتكب عند القبور من دعاء لأهلها وذبح لهم ونذور فهي عندهم من الإسلام.
فهؤلاء هم رواد هذه الآثار التي يتباكى عليها القارئ مع أنها آثار مفتعلة، لا يصح نسبتها إلى رسول الله r، ولا يدخل فيها مسجد رسول الله ومسجد قباء.
وأعتقد أن القارئ يعرف تماماً أفعال هؤلاء الرواد ومنها التمسح بجدران مسجد رسول الله r ومنها ما يفعلونه عند مقبرة البقيع ومقبرة الشهداء بأحد والمساجد السبعة، هذا بالإضافة إلى معرفته بأحوالهم في بلدانهم وتعلقهم الباطل بالقبور والمشاهد والمساجد التي بنيت عليها.
فكان من واجبه أن يقف إلى جانب هؤلاء العلماء الذين يبخل عليهم بكلمة علماء ويسميهم بالمشايخ، كان عليه أن يقف إلى جانبهم يؤيدهم بأقواله وكتاباته، لا أن يعارضهم بشبهاته وإلغاء حججهم وأصولهم الإسلامية التي ينطلقون منها ومن الأصل الأصيل الذي هو سد الذرائع إلى الشرك، ويحكم عليها بأنها متوهمة ومعدومة.
وإذا كان سد الذرائع قائما في عهد رسول الله r وفي القرون المفضلة، فكيف بعصور الجهل التي ساد فيها الرفض والتصوف الغالي وصار الدين الحق فيها غريباً كما قال رسول الله r " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء" (1).
فهل ترى أيها القارئ أن عهد رسول الله يحتاج إلى سد الذرائع بينما عصور الجهل بحقيقة الإسلام ولا سيما هذا العصر لا تحتاج إلى سد الذرائع؟!
` بل سد الذرائع معتبر على امتداد التاريخ الإسلامي:
قال القارئ (ص29 - 30):
" ولم تعتبر هذه الذريعة طيلة تلك العصور منذ القرون المفضلة إلى اليوم،مع توافر العلماء لم نسمع أن أحداً منهم أنكر على المواضع النبوية (مساجد، وآبار، وغيرها) أو طالب بإزالتها – وقد كانت قائمة – وذلك خوفاً من ذريعة الشرك، بل صنفوا الكتب في تحديدِ هذه المواضع واعتنوا بذلك مما يدل على أن هذه الذريعة التي يحتجُّ بها المشايخ متوهمة، وقد وقعوا في المبالغةِ لِعَدَمِ معرفتهم بأحوال الناس ..
أنا أعيش وسط هذه الآثار النبوية بالمدينة الشريفة وأَدْرُسُهَا منذ أربعين سنة، وأكاد أجزم أنَّ مُعْظَمَ الناسِ الذين يرتادونها إنما يفعلون ذلك بنيةِ التبرك بالنبي r وآثاره؛وهذه نية صحيحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن وقع من بعض المسلمين غيرُ ذلك عند هذه الآثار فهذا بسبب الجهل، فهم بحاجة ماسَّيةٍ لتعليمهم أمورً دينِهمِ، وليس بسبب وجودِ هذه الآثار، وهذا هو مايُفْهَم من صنيع السلف الذين أقَرُّوا هذه الآثار ولم ينادوا بهَدْمها وإزالتها مع وقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور".
- أقول: على هذا الكلام ملاحظات:
الأولى: على قوله: " ولم تعتبر هذه الذريعة طيلة تلك العصور منذ القرون المفضلة مع توافر العلماء لم نسمع أحداً منهم أنكر على المواضع النبوية (مساجد وآبار وغيرها) أو طالب بإزالتها وقد كانت قائمة ".
- أقول:
هذه الذريعة معتبرة على امتداد التاريخ الإسلامي، والإنكار على تتبع الآثار قائم من عهد رسول الله r إلى عهد عمر والصحابة إلى عهد مالك وغيره من علماء المدينة إلى عهود ما قبل ابن تيمية وبعده إلى يومنا هذا والجهل بالواقع والحقائق لا يُعدّ علماً.
وقوله: " بل صنفوا الكتب في تحديد هذه المواضع واعتنوا بذلك مما يدل على أن هذه الذريعة التي يحتج بها المشايخ متوهمة وقد وقعوا في المبالغة لعدم معرفتهم بأحوال الناس ".
- أقول:
من هم العلماء الذين صنفوا الكتب في تحديد هذه المواضع؟! أهم ابن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وغيرهم من الفقهاء السبعة والعلماء من طبقتهم؟ أم هم مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر العمري وربيعة بن عبد الرحمن وابن أبي ذئب وأمثالهم من أتباع التابعين من محدثي الأمة وفقهائها؟!
أم هم الثوري والأوزاعي وشعبة بن الحجاج وأبو حنيفة وسفيان بن عيينة من هذه الطبقة من الفقهاء والمحدثين؟!
أم هم ابن المبارك ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي؟!
أم هم أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأقرانهم من فحول الفقهاء؟!
أم هم البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وأقرانهم وتلاميذهم من كبار الفقهاء والمحدثين؟!
هل أحد من هؤلاء ألف كتاباً في بيان هذه الآثار أو زارها متبركا بها؟!
الجواب: لا أحد منهم ألف كتاباً أو روى حديثاً أو أثراً عن هذه المساجد والآثار أو زارها غير مسجد رسول الله r ومسجد قباء.
إن الذين كتبوا في هذه الآثار أناس أخباريون لهم عناية بالعلم لكنهم يتلقفون الأخبار من كل حاطب ليل، لا يبالون أن يرووا عن الكذابين والضعفاء والمجاهيل وليسوا على طريقة أهل الحديث في التحري في نقل الأحاديث والآثار، هؤلاء مثل ابن شبة المتوفي سنة (262هـ) وابن النجار المتوفي سنة (643هـ) والسمهودي المتوفي سنة (911هـ)!!
` تطبيق أصل سد الذرائع ضروري وموجبه قائم وليس وهماً:
وقوله: " مما يدل على أن هذه الذريعة متوهمة ".
- أقول:
في هذا الكلام مكابرة وإنكار لواقع مر.
فكل إنسان يعيش في المدينة وعنده أدنى حد من فهم الإسلام وعقيدة التوحيد يرى ويسمع عند هذه الآثار من الروافض والصوفية ومن يقلدهم من الجهال ما يندى له جبين المؤمن ويؤرق مضجعه من الأفعال والأقوال المخالفة لما جاء به محمد r من توحيد وإخلاص الدين لله من التشريعات والآداب ولا سيما عند البقيع والمساجد السبعة، الأمور التي تؤكد ضرورة مراعاة هذه القاعدة العظيمة (سد الذرائع مقدم على جلب المصالح)، وتزداد هذه الضرورة ويتحتم الأخذ بها وتنفيذ كل ما تتطلبه من إزالة المنكرات التي تجرى فيها وفي ساحاتها.
فمن السفسطات والمكابرات القول بأنها ذريعة متوهمة.
قوله: " وأنا أعيش وسط هذه الآثار النبوية بالمدينة الشريفة وأدرسها منذ أربعين سنة وأكاد أجزم أن معظم الناس الذين يرتادونها إنما يفعلون ذلك بنية التبرك بالنبي r وآثاره وهذه نية صالحة.
- أقول:
إن أضعف الناس علماً وعقيدة لو جال مرة واحدة أيام احتشاد الروافض والصوفية القبورية في المواسم يدرك ما لا يدركه القارئ خلال أربعين سنة وهو يعيش وسط هذه الآثار ويدرسها من المخالفات الشنيعة لعقيدة محمد r وهديه.
وكيف تكون أعمالهم تبركاً بالنبي r وقد اختار الرفيق الأعلى.
وكيف يتبركون بآثاره،ومنهجُهُ وعقيدتُهُ وتوجيهاتُهُ تبغض وتنكر هذا التبرك وتحذر منه وكيف يتبركون بآثار لا يعرفها أصحاب محمد r، ولو عرفوا لأنكروها أشد الإنكار بل لهدموها كما تهدم القبور المشيدة والمساجد التي تبنى عليها.
وأخيراً كيف يتبركون بآثار لم تثبت نسبتها إليه ولا يجوز أن تنسب إليه.
وكيف علمت أن نيات الروافض والقبوريين صحيحة ولو صحت فهل هي موافقة لهديه r؟ أما تعلم أيها القارئ أن العمل لا يقبل حتى يكون خالصاً لله موافقاً لما جاء به محمد r.
إن هؤلاء المتهالكين على ما تزعمه من آثار بالإضافة إلى فساد عقائدهم في هذه الآثار والقبور التي يتعلقون بها في بلدانهم لهم حظ من قول الله تعالى: ?قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا? (سورة الكهف:103 - 104).
أيا قارئ هل تريد أن تغالط من يعرفون هذا الواقع ويدركونه أكثر منك وقد تكون لا تدرك هذه المخالفات فيصدق عليك قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
--------------------------------------------------------------------------------
(1) أخرجه مسلم في الإيمان حديث (145) وأحمد (2/ 381) والترمذي في الإيمان حديث (2629) كلهم من حديث أبي هريرة t وأخرجه أحمد (1/ 398) من حديث عبد الله بن مسعود t .
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 09:30]ـ
السلف لم يقروا هذه الآثار
وقوله:
" فإن وقع من بعض المسلمين غير ذلك عند هذه الآثار فهذا بسبب الجهل، فهم بحاجة ماسة لتعليمهم أمور دينهم، وليس بسبب وجود هذه الآثار وهذا هو ما يفهم من صنيع السلف الذين أقروا هذه الآثار ولم ينادوا بهدمها وإزالتها مع وقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور ".
- أقول:
عجباً لهذا الرجل فتارة يقول عن القاعدة العظيمة: أن هذه ذريعة متوهمة وتارة يقول: مع وقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور.
فهو يعترف بوقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور، فهل ترى أن وقوع هذا الشرك لا يستدعي الأخذ بهذه القاعدة والاحتجاج بها على إزالة الآثار المزعومة كما أمر رسول الله r بهدم الأوثان وهدم القبور المشرفة وتسويتها؟.
أليس العلة واحدة وهي خشية وقوع الشرك بالقبور؟ فكيف إذا تحقق وقوعها من بعض الناس كما اعترفت أيها القارئ بوقوع الشرك من بعض الناس في مختلف العصور.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 09:32]ـ
أسباب التعلق بالقبور والآثار
وقولك: " فهذا بسبب الجهل فهم بأمس الحاجة لتعليمهم أمور دينهم وليس بسبب وجود هذه الآثار ".
- أقول:
لا يحق لك أن تجعل سبب هذه المخالفات هو الجهل فحسب، فهناك تربيات على الرفض وهناك تربيات على التعلق بالقبور والآثار، مما يجعل هؤلاء أو غالبهم لا يقبل النصيحة والتوجيه والتعليم لما عندهم من التعصب والعناد الذي سببه التربية الماكرة ضد دعاة التوحيد والسنة.
وأنا أسألك كم علَّمت خلال هذه الأربعين سنة التي عشتها وسط هذه الآثار من هؤلاء الجهال؟ وكم تاب منهم على يديك خصوصاً من الروافض؟.
ألا يحق لمن يقف على كلامك من العقلاء أن يقول إن القارئ هو الذي يعيش في الأوهام.
قال القارئ (ص30):
" لماذا لا نستغل وجودَ هذه الآثار وارتياد الناس لها (خاصة الحجاج) فننشئ عندها أنشطة لتوعية الناس؟ هذا أنفع للمسلمين وأكثر بركة ".
- أقول:
1 - ما الفرق بين قولك هذا وبين من يعارض في هدم القبور المعبودة التي أمر رسول الله r بهدمها بشدة فيقول بمثل قولك: (لماذا لا نستغل وجود هذه المقابر وارتياد الناس لها (خاصةً الحجاج) فننشئ عندها أنشطة لتوعية الناس، فهذا أنفع للناس وأكثر بركة) ويشن حملة شعواء على من يرى هدم هذه القبور ويحاربهم في أخذهم بقاعدة سد الذرائع.
ألا ترى أن السعي في سلامة المسلمين من الفتن وإبعادهم عنها من الإحسان إليهم، وأن من الشرور المطالبة بالحفاظ على ما يضرهم ويوقعهم في الفتنة.
2 - الأنشطة لتوعية الناس موجودة – والحمد لله – بكثافة حيث تجند وزارة الشئون الإسلامية عشرات المدرسين ودعاة كثر ومترجمين بلغات شتى في داخل الحرمين وخارجهما في المساجد والمراكز يبصرون الناس بالعقائد الصحيحة وكيف يؤدون المناسك ويعلمونهم آداب زيارة النبي r وصاحبيه والزيارة الشرعية لأهل البقيع وشهداء أحد، ويحذرونهم من البدع والشركيات كما يعلمونهم في مجالات الإسلام الأخرى.
وما أدري هل يعلم القارئ بهذه الأنشطة أو لا.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 09:34]ـ
اتهامات ظالمة ومغالطات مُضَخَّمة ومكابرات
قال القاريء (ص31):
" لكنهم (يعني العلماء) اختاروا بديلا عجيبا يوارون به تقاعسهم وكسلهم وعجزهم، وهو هَدْمُ هذه الآثار النبوية واستئصالُ شأفتها ..
هذا البديل الذي اختاروه بحجة مفسدٍة مظنونةٍ هي وقوعُ الناس في الشِّرك أَدَّى إلى مفسدة مُحَقَّقَة وهي تغييرُ الطابَع الإسلاميِّ للمدينة ِالنبوية ُ فطغى عليها التغريب والفرنجة حتى اختفت المعالم النبوية، وارتفعت بدلاً منها الأبراجُ على الطريقة ِ الغربية ِ، وتحملُ أسماءَ يهوديةً: (الشيراتون) (الهيلتون) (الأنتركونتننتال) .. وسيأتي مزيد بيان لذلك".
- أقول:
هذا الكلام غير صحيح وغير لائق.
ويا أخي هؤلاء لم يهدموا آثاراً نبوية ولا استأصلوا شأفتها وإنما هدموا مصايد نصبها الخرافيون للتأكل بها ولإفساد عقائد الناس، فإزالة هذه المصايد مما يرضي الله ومما أمر بإزالته وأمثاله رسول الله r.
فيستحقون الشكر على إزالة ما يضر بالمسلمين وبعقائدهم، وعلى تنفيذ أوامر الله ورسوله في تغيير المنكرات.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[05 - Feb-2007, مساء 09:38]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
مفسدة الشرك لا يعدلها مفسدة
وقولك:
" وهذا البديل الذي اختاروه بحجة مفسدة مظنونة هي وقوع الناس في الشرك أدى إلى مفسدة محققة وهي تغيير الطابع الإسلامي للمدينة النبوية فطغى عليها التغريب والفرنجة حيث اختفت المعالم النبوية ... الخ".
- أقول:
1 - إن المفسدة محققة وهي وقوع الشرك من بعض الناس باعترافك وهو أمر معروف عند الناس.
ثم كيف تعارض سد ذريعة هذه المفسدة بما تسميه بالحفاظ على الطابع الإسلامي، أيترك الشرك ولا يغير ولا تغير أسبابه حفاظاً على الطابع الإسلامي المزعوم.
` العلماء لم يغيّروا الطابع الإسلامي وفتاواهم هي ذات الطابع الإسلامي:
2 - الذي أعرفه ويعرفه الناس أن فتاوى العلماء إنما صدرت لهدم مسجد العريض والمساجد السبعة وتم هدمها أو بعضها، وهذا لا مأخذ على العلماء فيه بل يشكرون عليه لأنهم أزالوا ما يتضمن مفسدة كبيرة محققة فجزاهم الله خيراً.
والذي لا أفهمه ولا أصدقه ولا يصدقه العقلاء المنصفون أنهم اختاروا تغيير الطابع الإسلامي للمدينة النبوية، ويظهر من كلامك أنك تريد بالطابع الإسلامي الذي تم تغييره هو إزالة حارة الأغوات وبيوت النخاولة والسوق وكلها كانت ملاصقة للمسجد النبوي ولا تعطي الطابع الإسلامي الذي كانت عليه المدينة في عهد رسول الله r وعهد أصحابه من المهاجرين والأنصار، فاقتضت المصلحة إزالتها من أجل توسعة المسجد النبوي واستتبع ذلك وجود ساحات وخدمات ضرورية لهذا المسجد الشريف الذي تشد إليه الرحال كما قال رسول الله r: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) ([1])، وقام هذا المسجد العظيم وملحقاته وساحاته على مساحة واسعة تبلغ آلاف الأمتار وذلك يعطي المدينة طابعاً إسلامياً عظيماً يستوجب الشكر لله ثم لمن قام به من آل سعود – وفقهم الله – ورزقهم البطانة الصالحة، ولا يستوجب التباكي والأراجيف الباطلة.
وأنا أسأل القارئ لو تمت المحافظة على الآثار التي ترتكب عندها البدع الشركية بماذا سيرجع الحجاج والزائرون، ولو تمت المحافظة على حارة الأغوات وحي النخاولة كآثار إسلامية تعطي المدينة طابعاً إسلامياً –كما تزعم- كيف سيكون حال مسجد رسول الله وحال زواره والمصلين فيه؟ وكيف ستكون انطباعاتهم؟! أرجو الإجابة.
` مبالغة خطيرة:
وقولك: " فطغى عليها التغريب والفرنجة حيث اختفت المعالم النبوية وارتفعت بدلاً منها الأبراج على الطريقة الغربية ... الخ".
- أقول:
هل يدخل في هذا الطغيان التغريبي بناء المسجد النبوي وما يتبعه من ساحات؟!
وهل بيوت الأغوات والنخاولة بشكلها المزعج المظلم من المعالم النبوية؟!
وهل الأبراج التي قامت على الطريقة الغربية كما تقول أقامها المشايخ الذين تحملهم هذه المسئوليات والتبعات؟!
أم الذين أقاموها هم غيرهم من أبناء المدينة -في الدرجة الأولى- وغيرهم؟!
ولماذا لم توجه اللوم إلى هؤلاء الذين حملت أبراجهم الأسماء اليهودية " الشيراتون " "الهيلتون " " الأنتركونتننتال " والذين ما قامت أبراجهم بفتاوى العلماء ولا بمشاورتهم ولا بتشجيعهم؟!
ثم لماذا لا تذكر اتساع عمران المدينة في هذا العصر وترامي أطرافها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً يتخللها الشوارع الجميلة والخدمات الجيدة ولماذا لا تذكر ما فيها من كثرة المساجد القائمة على السنة الخالية من القبور والبدع؟!
ولماذا لا تذكر ما فيها من المدارس والمعاهد والجامعات وانتشار المكتبات العلمية فيها وانتشار العلم والخير فيها وكثرة العلماء وطلاب العلم والعناية فيها بالحجاج وشادي الرحال إلى المسجد النبوي والعناية الكبيرة بالحرمين الشريفين بما لم يسبق له نظير في عصر من العصور بعد عصر النبوة والخلفاء الراشدين؟!
` القارئ لا يتباكى على آثار الصحابة وبيوتهم:
قال القارئ (ص35):
" إن في بقاء هذه الآثار الإسلامية: من مساجد نبوية وحصون وآطام وقصور وآبار، ونحوها.
ثم في بقاء الآثار الإسلامية الأخرى من مراحل التاريخ الإسلامي التالية: كالقلعة التركية التي كانت على جبل سليع بوسط المدينة، وسور المدينة، ومبنى سكة حديد الحجاز، ومبنى التكية المصرية، ومكتبة عارف حكمت، وغير ذلك من المعالم الأثرية الإسلامية، ليس زينة للمدينة فحسب، بل هي ملامح طَابَعِهَا الإسلاميِّ، فأٌزِيلَ أكثرُ هذه المعالم الإسلامية ".
- أقول:
لقد قامت هذه المباني على أنقاض آثار الصحابة فلماذا لم تبك على هدمها وإزالتها؟!
ولا أدري هل يُعدها آثاراً إسلامية أو لا، وإذا كان يُعدها آثاراً إسلامية فأين التباكي عليها ولماذا يتباكى على غيرها مما ذكره هنا وهناك؟!
قال القارئ (ص35):
"وحلت محلها الأبراج الضخمة والمباني الشاهقة على الطراز الغربي، فتغيَّرَ الطابع الإسلامي للمدينة، تَغَرَّبّت المدينة النبوية وتَفَرْنَجَت، ومما زاد الطين بِلَّة أنه رُفِعَ على بعض هذه الأبنيةِ العالية ِ الأسماءُ اليهوديةُ: (الشيراتون)، (الهيلتون) (الأنتركونتننتال)،ونحو ذلك".
- أقول:
هذا تعبير سيء جداً فيه إساءة إلى المدينة النبوية نفسها.
كيف تقول عنها: إنها تغربت وتفرنجت، فهل تحولت إلى دار كفر والعياذ بالله؟!
وهل تستطيع أن تقول: إن الله حرم هذا البناء على الطراز الحالي؟!
وقولك هذا يذكرني بقول صوفي لما رأى المدينة وما فيها من قصور قال هذه مدينة من؟ فقيل له هذه مدينة رسول الله r قال: لا، هذه مدينة فرعون!!
ويا أخي إن بيتك الذي تسكنه وبيوت أصدقائك ليست على غرار بناء بيوت رسول الله r وأصحابه بل هي على الطراز الغربي، فلماذا تنكر شيئاً أنت تفعله!!
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه (ح 1189)، ومسلم في صحيحه (ح 1397).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 01:56]ـ
إشادة وغمط
قال القارئ (ص38):
" ومن أفضل ملوك المسلمين الملك الأشرف السلطان قايتباي، وهو ممَِّن أسهم في توسعة المسجد النبوي، وتوسعته بعد توسعة الوليد الأموي هي من أحسن التوسعات، لما حج سنة أربع وثمانين وثمانمائة بدأ بالمدينة النبوية لزيارة خير البرية ".
- أقول:
كيف تشيد بتوسعة هذا السلطان لمسجد النبي r وتنسى توسعتي آل سعود وهي التوسعة التي لا يماثلها ولا يقاربها توسعات الملوك لا التي قام بها الوليد ولا هذا السلطان ولا من جاء بعدهما؟!
ثم أين التعليق على هذه العبارة: " بدأ بالمدينة لزيارة خير البرية "؟!
وهل هذا الملك شد الرحال إلى مسجد رسول الله r كما حث على ذلك رسول الله r حيث قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) أو شد الرحال لزيارة القبر النبوي.
وهل أمر رسول الله r بشد الرحال لزيارة قبره؟!
إن المسألة طويلة الذيول والقول الصحيح: أن شد الرحال يكون إلى مسجده r وزيارة رسول الله وصاحبيه تابعة لذلك.
ولم يصح أي حديث في الترغيب في زيارته r وخير الهدي هدي محمد r.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 02:03]ـ
هل هذا التباكي قائم على التعصب المذهبي
أو على أغراض أخرى؟!
قال القارئ (ص40):
"بأيِّ ذنبٍ هُدمَتْ؟!.
هَدَموا مبنى التكية المصرية في العنبرية وكان من أجمل المباني التاريخية بالمدينة، وصار مكانُهاَ مواقفَ للسيارات؛ أي لم تكن هناك ضرورةُْ لهَدمِهاَ؟!!
وهَدموا قلعةَ باب الشامي، بل وكشطوا جَبَلَ (سُليَع) حتى كاد يختفي؟!!
وهدموا جسر سكة حديد الحجاز الذي يمر على وادي العقيق شرقي الجامعة الإسلامية مع أنه كان يمكن ترميمه.
ولا أستبعد أنهم يخططون لهدم محطة سكةِ حديدِ الحجاز بالعنبرية وغيرها من المعالم القليلة الباقية ".
- أقول:
هل يكون هدم هذه الأشياء هدماً للمعالم النبوية؟! وهل هدمها هذا أمر انتقامي محرم؟! وهل يحرم هدمها لمصالح المسلمين؟! وهل هذه الآثار هي بيوت رسول الله r وأصحابه التي لا نراه يتباكى عليها!
قال القارئ (ص40):
"إن هَدْم المدينةِ المنورة القديمة كُلِّها؛بطرقاتها وأحواشها ومبانيها التقليدية الجميلة كان تصرفاً غريباً".
- أقول:
لم تهدم المدينة كلها وهدم الكثير منها لمصلحة كبرى وضرورية ألا وهي توسيع مسجد رسول الله r وإيجاد ما يستلزمه هذا المسجد من ساحات وخدمات، وهذا العمل الجليل مما يذكر ويحمد فاعله ولا ينكر ويذم فاعله ويهول ويهوش عليه.
والظاهر أن الرجل لا يفرق بين المصالح والمفاسد ويحكم على الأشياء بهواه.
قال القارئ (ص45):
" ثانياً: الحجاج والزوار الذين يتقاطرون بالملايين إلى الحرمين الشريفين، إذا جاءوا إلى المدينة المنورة جاءوا وفي قلوبهم شوق إلى رسول الله r، ولهفة لمُشاَهَدَةِ مسجِدِهَ ومدينِتِه، وفي أذهانهم تصوُّرِّ عن مدينته مُسْتَوْحَىً من السيرة النبوية ومن التاريخ حسبما قرأوا أو سمعوا ".
- أقول:
هذا أسلوب صوفي يناغي به عواطف الصوفية، ثم هل هؤلاء الملايين الذين يتقاطرون إلى الحرمين من العالم سيتسع لهم المسجد النبوي القديم إذا أخذ المسئولون بأرائك في المحافظة على الطابع القديم الذي تسميه بالمعالم النبوية وأبقوا المسجد محاصراً بحارة الأغوات وحارة النخاولة والسوق، وهل هذا الوضع يشبع لهفة ولوعة الزوار؟ وهل هذه البيوت بناها رسول الله r وصحابته الكرام أو قامت على أنقاض بيوت أصحاب محمد r بل هدمت منذ قرون وقام على أنقاضها بيوت ثم هدمت تلك البيوت وقام على أنقاضها بيوت وهكذا دواليك إلى عهد النخاولة والأغوات والمزورين.
لعل المغرضين يوهمون الأغبياء أن هذه البيوت التي هدمت في هذا العصر هي بيوت رسول الله r وأصحابه، ولعل القارئ يريد أن يوهم الأغبياء بما يوهمهم به المزورون، فتكون توسعة المسجد النبوي التي قامت على أنقاض بيوت الأغوات والنخاولة خطأ فادح.
قال القارئ (ص45):
" فهل يصح في الأذهان شيء إذا فُجِئُوا بأبراج ضخمةٍ شاهقةٍ من الخرسانة المسلحة كالتي في بلادهم؟! مدينةُ حديثهُ خَرْسَاءُ من هذه الأبراج، تحمل على رؤوسها تلك الأسماءَ اليهوديةَ والمجوسيةَ؟! ".
- أقول:
هل بيوت المدينة كلها أبراج شاهقة وعليها أسماء يهودية ومجوسية؟!
إن بيوت المدينة تمتد من قريب من المطار شرقاً إلى أقصى حي العزيزية غرباً، ومن أحد شمالاً إلى قرابة ذي الحليفة جنوباً، فكم بيتاً من ألوف البيوت عليه هذه العلامات؟!
كلامك هذا يوهم الأغبياء أن حكومة هذه البلاد هدمت المعالم النبوية لأجل أن تقيم فيها هذه الأبراج، وإلا لماذا لم تقل الحقيقة؟ ولماذا تطمس معالم هذه الحقيقة؟ لماذا لم تقل للناس أن المصلحة العظمى للمسلمين اقتضت توسعة مسجد رسول الله r فأزيل ما حولها لأجل هذا الغرض النبيل وهذا مسجد رسول الله بمساحاته الواسعة ومرافقه الضرورية ماثلة أمام أعينكم فيدعون ويستغفرون لمن نهض بهذا العمل الجليل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 02:09]ـ
الآثار المفتعلة التي يتباكى عليها القارئ
تقضي الشريعة بهدمها
قال القارئ (ص 48):
" من هي الجهات الحكومية التي تقوم بذلك؟ إنهم يهدمون بليل متسترين بِجنح الظلام في الغالب .. لا نشك في مسؤولية من يأتي:
المشايخ الذين يفتون بهدم هذه الآثار النبوية، مع أن المسألة من حيث الحكم الشرعي كما أوضحنا سابقاً لا تؤيدهم، فالدليلُ المقطوعُ به المرفوع إلى النبي r، وفعلُ الصحابة وفعل التابعين، والعلماء السابقين، ومواقفهم، كل ذلك يدل على مشروعية الإبقاء على هذه الآثار ..
لا يسلم لهم ادعاؤهم أن مذهب السلف يقضي بهدمها، أي سلفٍ هذا والذي بنى المساجد النبوية هم التابعون بالمدينة، وإذا لم يكن تابعوا المدينة، ولا الإمام أحمد ولا مالك والبخاري، والبغوي والنووي وابن حجر صاحبُ الفتح سلفاً فمن هم السلف؟
من هم العلماء الذين يعارضون هؤلاء؟
عند التحقيق نجد أنها مجرد آراء شخصية من هؤلاء المشايخ واجتهادات فردية غير ملزمة، بنيت على تقديرات خاطئة، لا يسوغ نسبتها إلى الشريعة، ولا إلى النصوص الشرعية، والمؤسف أنه ترتب عليها إجراء تنفيذي متهور بهدم معالم ومساجد نبوية في المدينة، مع أن مثل هذه الفتوى وما بني عليها من هدم كان ينبغي مشاورة علماء العالم الإسلامي قبل الإقدام عليهما ".
- أقول:
1 - إن هؤلاء العلماء لم يفتوا بهدم أي أثر من آثار رسول r وإنما أفتوا بهدم آثار مفتعلة لا يصح نسبة شيء منها إلى رسول الله r وإنما يلصقها برسول الله r الخرافيون والمتأكلون بها.
لأن هذه المساجد المزعومة إنما اخترعت لممارسة البدع الشركية وغيرها فأصبحت مثل المساجد التي تبنى على القبور.
وقد لعن رسول الله r من يبني مثل هذه المساجد وحذر من اتباع الذين يفعلون ذلك من اليهود والنصارى.
2 - ليس عندك أي دليل صحيح لا مقطوع به ولا غير مقطوع به على هذه الآثار التي تنسبها إلى رسول الله r وتحمل مسئولية هدمها العلماء وغيرهم ولا علاقة للصحابة والتابعين بها أو بشيء منها.
1 - وقولك " لا يسلم لهم ادعاؤهم أن مذهب السلف يقضي بهدمها ".
- أقول: إن نصوص الرسول r ومنهجه ومنهج الخليفة الراشد عمر t والصحابة الذين أيدوه في المنع من تتبع الآثار آثار النبي r هي مع هؤلاء العلماء فكيف إذا كانت هذه المساجد قامت على دعاوى لا تثبت، وكيف إذا كان في وجودها مفاسد كبيرة تفسد العقول والعقائد ويصطدم وجودها وما يحدث حولها بعقيدة التوحيد التي جاء بها محمد r.
وقولك: " والذي بنى المساجد النبوية هم التابعون بالمدينة ".
- أقول:
وأين ذهبت دعواك أن الصحابة أو بعض الصحابة كانوا ممن شاور عمر بن عبد العزيز ببناء هذه المساجد المزعومة.
ولم يثبت بناء هذه المساجد عن الصحابة ولا عن التابعين.
وقولك: " وإذا لم يكن تابعوا المدينة، ولا الإمام أحمد ولا الإمام مالك، والبخاري والبغوي والنووي وابن حجر صاحب الفتح سلفاً فمن هم السلف ".
- أقول:
وإذا لم يكن تابعوا المدينة، ولا الإمام أحمد ولا الإمام مالك، والبخاري والبغوي يدعون إلى الحفاظ على هذه الآثار والتبرك بها، حاشاهم.
فبدهي أن نقول إنهم لا علم لهم بهذه المساجد والآثار التي تتباكى عليها، ولم يدعو إلى الحفاظ عليها ولو أدركوا ما يفعل بها وعندها لأفتوا بهدمها.
وأما النووي وابن حجر فإنما أفتيا بجواز التبرك بآثار الصالحين، وذلك خطأ منهما ومع ذلك فإنهما لو علما واطلعا على ما يفعل الروافض والخرافيون عندها وبسببها لأيّدا من يفتي بهدمها.
كيف لا والنصوص النبوية وموقف عمر والصحابة تقتضي هدمها.
ثم قال كلاماً يقتضي أن فتوى هؤلاء العلماء إنما هي اجتهادات فردية وتقديرات خاطئة لا يسوغ نسبتها إلى الشريعة ولا إلى النصوص الشرعية.
- أقول:
بل هي فتاوى صحيحة نابعة من عين الشريعة الغراء وقائمة على نصوصها ومنهجها.
واعتراضك عليها قائم على دعاوى وأوهام لا تمت إلى الشريعة الإسلامية بصلة وقد بينا بطلان هذه الدعاوى فيما سلف من هذا البحث.
ثم قال: " كان ينبغي مشاورة علماء العالم الإسلامي قبل الإقدام عليها ".
- أقول: علماء العالم الإسلامي قسمان: أهل سنة سلفيون يبغضون الشرك ووسائله فهؤلاء لا يشك عاقل في تأييدهم لفتاوى علماء هذه البلاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلماء بدع وضلال من روافض وقبوريين فهؤلاء لا شك أنهم سيعارضون في هدم هذه المساجد والآثار المنسوبة ظلماً إلى رسول الله r.
بل هم يتباكون على المشاهد التي كانت على القبور فهدمت.
وأقترح على القارئ أن يفاوض الروافض في أخذ لبنة واحدة من لبنات مشاهدهم ثم يأتينا بالنتيجة.
لكني أذكره بأفاعيلهم ومواقفهم تجاه هدم مشهد واحد في العراق كم هدمت من المساجد وكم أريقت من الدماء من أجله؟!!
فكيف يطلب من العلماء مشاورتهم ومن يسير بسيرهم وينسج على منوالهم؟!
قال القارئ (ص 56 - 58):
" مساجدُ الفَتح (المساجد السبعة):
مساجدُ الفَتح كما يسميها السمهودي، وهو الصواب وهي في موقع قيادة النبي r في غزوة الخندق حيث جعل سَلْعاً خلف ظهره والخندقَ أمامهُ، والعدو وراءَ الخندق شماليَّةُ.
ومع أن هذا الموقع يمثل أهميةً تاريخيةً فائقةً خاصةً لدارسي مغازي النبي r وسيرتِهِ فإنه تم العبث ببيئتها التاريخية بتكسير الجبل وحفره بالآلات الضخمة لبناءِ جامعٍ حديثٍ وسط مساجد الفتح، ولا أدري لم اختِيرَ له هذا الموقع؟ هل هو تمهيدٌ لإزالةِ مساجدِ الفتح، ولِمَ سُمِّيَ بهذا الاسم (جامع الخندق)؟ مع ما في هذا الاسم من تلبيس على الحجاج والزوار، لأنه يوهمهم أنه من المساجد التاريخية القديمة فيقصدونه، وأن له تعلقاً بالنبي r فيتبركون به، وهذا بدعة عند وزير الأوقاف صالح آل الشيخ ومن أفتى بذلك من المشايخ، فهل هي بدعة سعودية مكان بدعةٍ أموية؟!
من أجلِ هذا الجامعِ المُحْدَثِ هدموا جميع المساجد التي بالوادي: مسجد أبي بكر الصديق وأقاموا (مكانه صرافاً ربوياً أي بنكاً) -ياللأدب الرفيع – يهدمون مسجداً ويبنون مكانه بنكاً ربوياً؟! "
- أقول:
1 - قد تقدَّم أنَّ هذه المساجد لا تثبت نسبتها إلى رسول الله r ولا إلى أصحابه ولا يعقل أن رسول الله وأصحابه يبنون سبعة مساجد في موضع واحد لا يجوز أن يبنى فيه إلا مسجد واحد فتصبح مساجد ضرار.
2 – لماذا خص رسول الله وأصحابه غزوة الأحزاب بسبعة مساجد ولم يبنوا مساجد فيما هو أذكر وأفضل منها؟! مثل غزوة بدر وأحد وحنين والفتح والحديبية! ألا يدل هذا على أن هذه المساجد إنما بنيت للتأكل والخرافات؟!!
3 – على قوله: " ومع أن هذا الموقع يمثل أهميةً تاريخيةً فائقةً خاصةً لدارسي مغازي النبي r وسيرتِهِ".
- أقول: إذا كانت سيرة النبي r ومغازيه لا تفهم إلا من خلال مساجد مفتعلة بنيت للتأكل أو إفساد عقائد المسلمين! فلا أفهم الله من يتوقف فهمه لسيرة النبي r وغزواته إلا من خلالها،وهل احتاج كبار المؤرخين مثل ابن جرير وابن الأثير وابن كثير إلى بناء مساجد مفتعلة لكل غزوة؟! ومنها غزوة الأحزاب؟!!.
ألا يكفي فيها القرآن الكريم والروايات الصحيحة لقوم يعقلون؟!
4 – الظاهر أن هذا الجامع الذي تلوم عليه إنما بني لأهل الحي ثم لتهدم تلك المساجد التي لا يقرها الشرع لأن وضعها سبعة مساجد في موضع واحد من البدع في الإسلام، ثم إن موقع النبي r وموقع الأحزاب معروف وعندهما أكبر علامة وهو ذلك الجبل الشامخ جبل سلع.
5 – سمي هذا المسجد بجامع الخندق لا لأجل التبرك به، بل لأجل أن يصلي فيه أهل الحي ولم يبنَ مصيدة للتأكل كما هو واقع المساجد التي تتباكى عليها!
وسيأتي في كلام الحافظ ابن حجر ما يدل على أنه ما كان موجودا في زمنه إلا مسجد واحد فمن أين جاءت الستة الأخرى؟!.
وقولك عن المسجد الجديد: " فهل هي بدعة سعودية مكان بدعة أموية "!
مغالطة كبيرة؛فلا دخل للأمويين في المساجد السبعة ولا قصد السعوديون تأسيس بدعة وإنما قصدهم القضاء على البدع، ولماذا تغفل دعاة البدعة وحكوماتها الذين بنوا المساجد السبعة لجرِّ الناس إلى البدع والخرافات!
1 - وقولك: " من أجل هذا الجامع المحدث هدموا جميع المساجد التي بالوادي: مسجد أبي بكر الصديق وأقاموا مكانه " صرافاً ربوياً أي بنكاً -ياللأدب الرفيع – يهدمون مسجداً ويبنون مكانة بنكاً ربوياً؟! "
- أقول:
1 - الذين أفتوا بهدم هذه المساجد لم يقوموا ببناء هذا البنك ولم يُفتوا ببنائه بديلا عن المسجد، فبأيّ حق تنسب إليهم بناءه؟! ? مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ?.
2 - وصفت مسجد السنة والتوحيد الذي قُصد به إبعاد الناس عن الشرك والبدع؛ وصفته بالمحدث!
(يُتْبَعُ)
(/)
فهل هذه المساجد السبعة قامت عندك الأدلة على أنه بناها رسول الله r والصحابة: أبو بكر وعمر وعلي وسعد بن معاذ وسلمان الفارسي رضي الله عنهم في موضع واحد؟!
وهل هم يستجيزون حشد هذه المساجد في رقعة صغيرة لا يجوز أن يبنى فيها إلا مسجد واحد عند العلماء والعقلاء؟!
وهل كان دافعهم إلى هذا البناء هو التنافس أو التحاسد؟!
ولا أدري لماذا لم يُدخل عثمان وبقية العشرة في هذا التنافس؟!
أيا عبد العزيز! إذا كانت الخرافات التي لا يقرها شرع ولا يقبلها عقل تنطلي على الخرافيين، فكيف تنطلي عليك؟!
وإذا كان الخرافيون يسمون البدعة سنة والسنة بدعة فكيف تقع أنت في هذه الهوة؟! اللهم رحماك.
وهاكم الآن كلام الحافظ ابن حجر الذي أشرت إليه، قال رحمه الله: " وقد ذكر عمر بن شبة في (أخبار المدينة) المساجد والأماكن التي صلى فيها النبي r بالمدينة مستوعبا، وروى عن أبي غسان عن غير واحد من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة ونواحيها مبنى بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيه النبي r وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد المدينة سأل الناس -وهم يومئذ متوافرون - عن ذلك ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة. وقد عين عمر بن شبة منها شيئا كثيراً، لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر وبقي من المشهورة الآن مسجد قباء، ومسجد الفضيخ وهو شرقي مسجد قباء، ومسجد بني قريظة، ومشربة أم إبراهيم وهي شمالي مسجد بني قريظة، ومسجد بني ظفر شرقي البقيع ويعرف بمسجد البغلة، ومسجد بني معاوية ويعرف بمسجد الإجابة، ومسجد الفتح قريب من جبل سلع، ومسجد القبلتين في بني سلمة.
هكذا أثبته بعض شيوخنا، وفائدة معرفة ذلك ما تقدم عن البغوي والله أعلم " ([1]) اهـ.
` تعليق على كلام الحافظ:
1 - قد عرفت أنه لم يثبت بناء عمر بن عبد العزيز لهذه المساجد.
2 - قول الحافظ: " لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر " فعلى مذهب القارئ بوجوب الحفاظ على هذه الآثار، من هم المسؤولون عن التفريط في هذه المساجد التي اندثرت؟!
وهل يجب البحث عنها وبناؤها من جديد؟!
ونسأل القارئ لماذا لم يتحمس لهذه المساجد أحد من العلماء حتى الصوفية ويصبّ اللوم على من فرّط فيها؟!
لقد تأبّط القارئ فتنة كبيرة انفرد بها في هذا العصر ولا سيما ضد العلماء الذين سلكوا في فتاواهم المسلك السديد والمنهج الرشيد الذي قام على الأصول الإسلامية والنصوص النبوية وعلى موقف الصحابة وعلى رأسهم الخليفة الراشد.
3 - قول الحافظ ابن حجر: " ومسجد الفتح قريب من جبل سلع " يدلّ على أن هذه المساجد السبعة لم يكن موجود منها قبل زمن الحافظ ابن حجر إلا مسجد واحد وليس على الجبل وإنما هو قريب منه.
والحافظ كانت وفاته في منتصف القرن التاسع أي سنة (852هـ) فلا يبعد أن تكون هذه المساجد من بناء الأتراك، لا سيما وهي دولة تعظم الصوفية وتعظم المشاهد!!
قال القارئ في (ص57 - 58): " يقول بعض الجهال: إن هذه المساجد لا أصل لها، إنَّما أحدثها الأتراك.
وإليك الدليل على أنها من عهد الصحابة، وأن بعضها من البناء العمري –أي من المساجد التي بناها عمر بن عبدا لعزيز عام (89) من الهجرة بالحجارة المطابقة، وهو مسجد (الفتح) الذي على الجبل، فإنه بالحجارة المطابقة فيغلب على الظن أنه من البناء العمري، فيكون قد مضى على بنائه أكثُر من ثلاثمائةٍ وألف عام، وإن جدد في بعضِ الأزمنة".
- أقول: تقدم لك كلام الحافظ الذي يفيد أنه لم يكن إلى وقته من المساجد السبعة إلا مسجد واحد هو مسجد الفتح، وقد علمت أن وفاة الحافظ كانت سنة (852) أي منتصف القرن التاسع.
ثم لم يأت القارئ بدليل ثابت على أن بناءها تمّ من عهد الصحابة رضي الله عنهم، بل ساق أدلة واهية أقواها حديث جابر، وقد بينا علله واضطرابه فيما سلف!!
ومنها قوله عن الحارث بن فضيل: أن النبي r بدأ فصلّى أسفل من الجبل يوم الأحزاب ثم صعد فدعا على الجبل (ص61).
وهذا النص -على ضعفه- لا يدل على أن النبي r صلّى في موقع المساجد السبعة، بل يجوز أن يكون في الجهة المقابلة لتجمع الأحزاب، ولم يذكر فيه أنه صلّى في مسجد لا الفتح ولا غيره.
وفي إسناد هذا الحديث علتان:
الأولى: أنه معضل لأن ابن فضيل من أتباع التابعين.
والثانية: فيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحي، وهو متروك، قاله الحافظ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال يحي القطان: كذّاب. وقال أحمد: قدري معتزلي جهمي، كل بلاء فيه.
قال القارئ (59 - 60):
" وروى ابن شبة عن أسيد بن أبي أسيد عن أشياخهم أن النبي r دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل ".
- أقول:
في إسناد هذا الحديث إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وصف بالكذب وبالقدر وبالتجهم والاعتزال.
وفيه أشياخ أسيد بن أبي أسيد مجهولون.
ولعل قوله عن أشياخهم من قول ابن أبي يحيى.
ولا أدري لماذا حذف القارئ ابن أبي يحيى؟!
قال القارئ (ص61):
" وذكر ابن النجار عن معاذ بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله r صلى في مسجد الفتح في الجبل وفي المساجد التي حوله ".
- أقول:
أين إسناد ابن النجار - المتوفي سنة (643هـ) - إلى معاذ بن سعد، ثم من أين لك أن معاذ بن سعد في هذا الإسناد هو الصحابي.
فقد ذكر الحافظ معاذ بن سعد وقال ذكره ابن منده وغيره في الصحابة.
ثم ذكر الحافظ بعده ثلاثة ممن يسمى بمعاذ بن سعد، فقال:
1 - " معاذ بن سعد السكسكي: مجهول من الرابعة، تمييز ".
2 - " معاذ بن سعد ويقال سعيد: مجهول من السادسة، تمييز ".
3 - " معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ: مجهول من الثالثة، تمييز ".
فهؤلاء أربعة ممن يسمى معاذ بن سعد، ثلاثة منهم مجهولون والرابع صحابي.
فمن أين للقارئ أنَّ معاذ بن سعد في هذا لإسناد هو الصحابي؟! واحتمال أن يكون واحداً من المجهولين أقوى.
وفرح القارئ بقوله في هذا الحديث الواهي " والمساجد حوله " أي أنه زاد عدد المساجد في رواية ابن النجار على ما في روايات ابن شبة.
وهل يثبت شيء بهذا الإسناد الواهي؟! أضف إلى ذلك بعد المسافة التي تستغرق قروناً بين ابن النجار وبين معاذ بن سعد الذي لا يدري من هو!!
وهذه نماذج من أدلة القارئ التي وعد بها، فهو مولع بروايات المجهولين والكذابين والمتهمين بالكذب، وهذا يذكرني بقول الإمام البخاري في ابن كرام: " اختار من المذاهب أرداها ومن الأحاديث أوهاها ".
وما هكذا يخدم الإسلام، وما هكذا تخدم العقيدة المحمدية!!
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الفتح (1/ 571)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 02:13]ـ
ملحق يتضمن فوائد
قال الشيخ محمد بن درويش الشهير بالحوت في كتابه أسنى المطالب (ص:286 - 288):
"فائدة في ذكر قبور وأمكنة منسوبة للأنبياء وغيرهم ولم تصح تلك النسبة إليهم:
منها: أن قبر نوح صلوات الله وسلامه عليه في جبل لبنان، فقد حدثت نسبة هذا القبر لنوح عليه السلام في المائة السابعة، ومن المفتريات جعل صورة قبر آدم ونوح بجنب قبر علي رضي الله عنه، مع أن قبره كرم الله وجهه ليس بثابت وإنما بني على أمر منامي.
ومنها: المشهد المنسوب لأبي بن كعب بالجانب الشرقي من دمشق مع اتفاق العلماء على أنه لم يقدمها فضلاً عن دفنه فيها.
ومنها: المكان المنسوب لابن عمر بالمعلاة بمكة لا يصح نسبته إليه من وجه وإن اتفقوا على أنه توفي فيها.
ومنها: المكان المنسوب لعقبة بن عامر رضي الله عنه في قرافة مصر وإنما نسب إليه لمنام رآه بعضهم بعد مدة طويلة.
ومنها: المكان المنسوب لأبي هريرة بعسقلان فقد جزم بعض الحفاظ الشاميين بأنه قبر حيدة بن خشينة ولكن جزم ابن حبان بالأول.
ومنها: المكان المشهور بالمشهد الحسيني بالقاهرة إذ ليس الحسين رضي الله عنه مدفونا به بالاتفاق لأن القاهرة بناها عبد القاهر الفاطمي العبيدي ([1]) ودولتهم كانت في القرن الرابع فلعل الفاطميين هم الذي عمروا المشهد الحسيني لأنهم عظموا أهل البيت ونسبوا أنفسهم إلى الحسين وهم كاذبون أما جسم الحسين رضي الله عنه فبكربلاء من أرض العراق محل قتله وأما رأسه الشريف فقيل في المشهد ولم يصح لما علمت وقيل حمل رأسه إلى الشام وجهزه يزيد بن معاوية وأرسله إلى المدينة ليدفن عند أهله فدفن بقبة العباس عند أمه وأخيه الحسن وقيل وضع يزيد رأس الحسين في قبر أبيه معاوية وقيل في المسجد على عمود ستره وقيل على سور البلد وستره والله أعلم وأما قول أهل الباطن أن الميت في البرزخ كالحجر في تيار الماء يريدون أنه ينتقل من مكان إلى مكان وأن الحسين نقل في البرزخ إلى المكان المشهور فهذا لا يثبت لا بحجة صحيحة ولا حجة بذلك فلا يلتفت إليه ومنها المكان المعروف بالسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهم فقد ذكر بعض أهل المعرفة أن خصوص هذا المحل الذي يزار ليس هو قبرها ولكنها في تلك البقعة والله أعلم.
فائدة
نقل القارئ عن الجزري: أنّه لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا r، نعم سيدنا إبراهيم –صلوات الله عليه- في الخليل لا بخصوص تلك البقعة.
فائدة
قبور الصحابة رضوان الله عليهم موجودة بمكة لكنها غير معروفة كما ذكره الأعلام حتى قبر السيدة خديجة إنما نسب إليها على ما وقع لبعضهم في المنام".
أقول: والآثار التي يستنكر هدمها القارئ ويدعو إلى الحفاظ عليها من هذا الباب تقوم على أخبار ودعاوى لا تثبت!
والأهداف من تحديد مقابر الأنبياء وغيرهم، كقبر علي والحسين ونفيسة والبناء عليها والتعلق بها وشد الرحال إليها هي الأهداف من بناء المساجد على الآثار المزعومة والدعاية لها والإشادة بها وربطها برسول الله r!
فيقال عنها الآثار النبوية والمساجد النبوية والآبار النبوية، فهذه وتلك كلها من باب واحد وتهدف إلى غاية واحدة، وموقف الشرع منها واحد يعاملها معاملة واحدة كمعاملة آثار بني إسرائيل، سلَّم الله المسلمين منها ووقاهم من شرها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الذي بناها إنما هو: جوهر القائد؛ بناها للمعز لدين الله أبي تميم معد العبيدي حينما دخل مصر. انظر (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (1/ 408).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 02:16]ـ
الخاتمة
وختاماً أقول:
إنني قد ناقشت ما تيسر لي مناقشته من كتاب القارئ وتركت أشياء ابتعاداً عن المهاترات.
والذي ناقشته فيه الكفاية لأن فيه بيان ما عند القارئ من تأصيلات فاسدة وقياسات باطلة واعتماد أعمى على أحاديث ضعيفة وواهية ورواة ما بين مجهول ومتروك وكذاب.
وما ذكره من أحاديث صحيحة هي قليلة يخطيء في الاستدلال بها ويحرفها عن مقاصدها ثم هو لا يفرق بين ما هو مشروع من التبرك وما ليس بمشروع ولا بين الاقتداء بالنبي r حين يشرع للتأسي ولا بين التبرك الممنوع، وهو التبرك بالأماكن الذي يدخل في نهي النبي r، حيث نهانا عن التشبه بالمشركين وأهل الكتاب ونهانا عن السير على سننهم وذلك واضحٌ من أخباره الثابتة التي تتضمن نهي الأمة وتحذيرها من أسباب الضلال والهلاك وقد قدمنا بعضاً منها.
وأسأل الله أن ينفع بهذا الجهد المتواضع.
إنَّ ربي لسميع الدعاء وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكان الفراغ من كتابة هذا الجهد المتواضع في اليوم الخامس عشر من شهر ذي الحجة عام سبعة وعشرين وأربع مائة بعد الألف من التاريخ الهجري.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
15/ذي الحجة/1427هـ
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 02:18]ـ
تم نقل الكتاب النفيس للشيخ د. ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله و نفع بعلمه، آمين.
ـ[أبو علي الذهيبي]ــــــــ[18 - Dec-2007, مساء 10:51]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[19 - Dec-2007, مساء 01:37]ـ
بارك الله فيك
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[21 - Dec-2007, مساء 07:44]ـ
جزاكما الله خيراَ على المرور ...
ـ[الذاب عن السنة]ــــــــ[07 - Apr-2009, صباحاً 08:47]ـ
بارك الله فيكم ..
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[07 - Apr-2009, مساء 06:50]ـ
و فيكم بارك الله أخي الكريم ...(/)
يَا دُعَاةَ التَّوْحِيدِ الحَقّ!
ـ[أبو مالكـ]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 12:32]ـ
يَا دُعَاةَ التَّوْحِيدِ الحَقّ!
أَيْنَ أَنَّتُمُ مِنَ الأصْنَامِ التِي لَمْ تُزَلْ بَعْدُ .. قد دَانَتْ لَها أَفْئِدَةُ المُصَلِينَ, وكَفَرَ بِها قِلّةٌ مِنَ المَارِقِينَ الهَالِكِينَ.
أيُّهَا النَّاهُونَ عَنْ الشِّركِ .. أَيْنَ أَنَّتُم مِنْ أَصْنَامٍ لَمْ تُشحَذ لَها السّيُوف, ولَمْ تُسنَّ لَها الألَّسُن .. ؟! أَيْنَ أَنُّتُمُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلام حِينَ شَدَّ العَزِيمَةََ, وأصْبحَ قُدْوَةً لِلرَّسلِ بِجدَالِهِ الثَّائِرِ فِي وَجْهِ النَّمْرُودِ مُحَاجًا ومُدْحِضًا .. ؟! أَيِنَ أَنَّتُمُ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام حِينَ أَغْرَقَ كِبْرَ فِرْعَونَ, وغَطْرَسته فِي لُجَجٍ مِنَ الآيِّ البَيَّنَاتِ الوَاضِحَات.؟! أَيْنَ أَنَّتُمُ مِنْ مُحَمَدٍ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِ حِينَ سَعَىَ لتَكْسِيرِ طُغْيَانِ أَبِي جَهْلٍ بِيَدِ صِبْيَةٍ صِغَارٍ ثاروا ثورة مِلؤُها الأرْضُ, والسَّمَوات .. ؟!
أَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَدْعُو لِزَوَالِ هَذِهِ الأصْنَامِ المَنّصُوبَة؟!
أَلا وَهِيَ أَصْنَامُ الظَّلَمَة والطُغَاة
ـ[ظاعنة]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 01:38]ـ
الظلم فى كل مكان أخى الكريم ..
وإذا كنا سنيل ظلما ونقيم عدلا فالأولى أن نبدأ بإزالته من أنفسنا التى كثيرا ما نظلمها ..
ثم إننا جميعا على ثغر، وأيا ما كان مستوى الظلم فإنه مما كسبت أيدينا، فلنحاول إصلاح مجتمعاتنا الضغيرة أولاً، وسنرى بعدها سحائب الخير والعدل تسقى الأرض وتبل الفؤاد الصادى ..
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[08 - Feb-2007, صباحاً 01:31]ـ
أَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَدْعُو لِزَوَالِ هَذِهِ الأصْنَامِ المَنّصُوبَة؟! [/ color]
أَلا وَهِيَ أَصْنَامُ الظَّلَمَة والطُغَاة [/ align][/color][/size][/size]
سؤال يقض مضاجع المتخاذلين ... المتمسحين بأعتاب الظلمة الطغاة,,,,
ـ[المتعلم]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 12:17]ـ
إذا كنا لم نستطع الكتابة بأسمائنا الحقيقة فلماذا نتظاهر بالشجاعة ونرمي غيرنا بالتخاذل!
هذه مسائل كبيرة وتحتاج إلى فهم وإدراك للمصالح والمفاسد المترتبة عليها، والقدرة على إزالة المفاسد، ولا تُحل بكتابة أسطر باسم مجهول ثم الهروب من الواقع ورمي جنس من الناس بما نرميهم ونعطي بذلك لأنفسنا العذر وكأننا قد قضينا ما علينا!
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[09 - Feb-2007, صباحاً 04:35]ـ
أخي الكريم إن كنت تقصدني فقد أسأت الفهم فأخطأت في التعقيب ... أنا لم أقصد فئة محددة بعينها ولا جنسا محددا من الناس بل تكلمت بعموم ولم ولن أقصد الاخيار من العلماء الأفاضل ممن يتقرب إلى الله بحبهم رحم الله الأحياء منهم والأموات.
وإلا فإني سائلك:" أوليس هناك متخاذلون.؟ " "أوليس هناك من باعوا دينهم بدنياهم؟ "
سبحان الله.مالفائدة التي ستجنيها من كتابتي باسمي الصريح.؟
ومن قال لك أني هربت من الواقع وأعذرت نفسي؟
غفر الله لك أخي.
ـ[أبو حماد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 10:04]ـ
اللين ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه.(/)
أرجو مساعدة الأخت أم زينب
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 06:50]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت أم زينب هداها الله للطريق الحق وترك التشيع، نسأل الله لها الثبات.
تعزم بعون الله وتوفيقه لزيارة أسرتها في العراق و دعوتهم ومناصحتهم إلى نهج الإسلام وبيان فساد عقائدهم، لكنها تخشى الخوض في حوارات ربما يكون ضررها أكثر من نفعها .. وتأمل من الإخوة الإجابة على أسألتها.
وهذه نص رسالتها:-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوكم اخواني جاوبوني، لأني ما عندي علم حتى في العقيدة الشيعية وراح يوجهون لي أهلي أسئلة كثيرة يمكن ما اعرف أرد عليهم وأريد تجاوبوني على هذه الاسئلة الله يوفقكم
أختكم: أم زينب
س1 - ماهي الولايه عند الشيعه؟ وكيف نجادلهم بها؟
س2 - ماهي الطريقه الصحيحه لزيارة القبور؟
س3 - ماهي علاقه الصحابه مع اهل البيت في النسب؟ وخاصه الخلفاء الراشدين.
س4 - ماهي المتعه عند الشيعه؟ ومتى حرمت؟
س5 - هل هناك حديث يقول: (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليه)
وجزاكم الله خيرا
ملحوظة: ذكرت الأخت أنها طرحت أسألتها في موقع شبكة الدفاع عن السنة، لكنها لم تحظَ بالإجابة بعد! ولعلّ ذلك يعود لكثافة المواضيع والأسئلة على الإخوة والأخوات وفقهم الله تعالى.
ـ[حمد]ــــــــ[27 - Jun-2007, مساء 07:42]ـ
هذا المنتدى فيه الإجابة على كل الأسئلة:
http://www.ansaaar.com/vb/
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[28 - Jun-2007, صباحاً 05:34]ـ
شكر الله لكم وأحسن إليكم.
ـ[لامية العرب]ــــــــ[29 - Jun-2007, صباحاً 09:47]ـ
أقترح على الأخت أم زينب-أسأل الله لنا ولها الثبات على الحق-ألا تذهب إليهم خشية أن تتعرض للأذى وأن يفعل بها كما فعل بالفتاة اليزيدية التي هداها الله إلى جادة الحق ولكن عليها مناصحتهم بالمراسلة بأنواعها والدعاء لهم في ظهر الغيب أن يردهم إلى الحق ردا جميلا(/)
((هذا ذم بما يشبه المدح)) لصاحب الفضيلة شيخنا صالح الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 07:23]ـ
[هذا ذم بما يشبه المدح]
لصاحب الفضيلة شيخنا
العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأت في جريدة "الرياض" عدد الثلاثاء 11/ 14مقالاً عني بعنوان: (الشيخ صالح صحفياً) للكاتب: فارس بن حزام فوجدت المقال ذماً بما يشبه المدح و هو إلى الذم أقرب، حيث قال: لا يمكن النظر إلى تفاعل عضو في هيئة كبار العلماء مع كتّاب الصحف إلا بالإعجاب والتقدير حتى لو جاء ذلك التفاعل ساخطاً غاضباً رافضاً.
وأقول للكاتب: أنا لست صحفياً وإنما هدفي من الكتابة نصرة الحق ورد الباطل في الصحف وغيرها ولا يمنعني كوني عضواً في هيئة كبار العلماء أن أبين الحق وأرد الباطل. بل هذا مما يؤكد علىَّ القيام بذلك لأنه كلما ارتفعت وظيفة الشخص عظمت مسؤوليته قال تعالى: ? وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ? وأما وصف الكاتب لي بأنني ساخط غاضب رافض فهذه أوصاف ذميمة أسأل الله أن يعيذني منها وعلى الكاتب أن يبين لي وللقراء مواقع السخط والغضب والرفض حتى أتجنبها، وأما الرفض فأنا - والحمد لله - لا أرفض الحق وإنما أرفض الباطل وقول الكاتب عن ردودي على زملائه الصحفيين لأن مقالاتهم لا تروق لي - فأقول: ليس ردي عليهم بسبب أن مقالاتهم لا تروق لي بل لأنها مخالفة للصواب ولا يسعني السكوت عليها لأن هذا من باب النصيحة وقول الكاتب: لم يكن معروفاً عن كبار العلماء ممارسة شريعة التعاطي الإعلامي والدخول في سجال مكشوف مع المخالفين فمنابر الجمعة وأشرطة الكاسيت والفتاوى العابرة وسائلهم البارزة في الرد وأقول: بل كان معروفاً عن كبار العلماء كالشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز أنهم يردون على المخالفين وتنشر مقالاتهم في الصحف والمجلات ولا يسكتون على خطأ ممن كان إضافة إلى إعلان ذلك في منابر الجمعة والفتاوى وكتابة الرسائل.
وقول الكاتب إنه لا يروق له أسلوبي الكتابي المتخم بلغة الاستعلاء والتسفيه للآخر - وأقول له: أعوذ بالله من الاستعلاء والتسفيه للآخر وليس في ردودي كلها - ولله الحمد - ما يصدق ما ذكرت إلا إن كنت ترى أن بيان الحق ورد الخطأ استعلاء وتسفيهاً فهذا رأيك وحدك واصطلاحك الخاص - ولا مشاحة في الاصطلاح - وقول الكاتب عني أنني قد عرفت بغزارة الإنتاج العلمي حتى ولو كان من بين هذه المنتجات ثلاثة وثمانون شريطاً عن العدة.
أقول له: ليس عندي غزارة إنتاج وإن كان من شيء فهو جهد المقل. وأما الثلاثة والثمانون شريطاً فهي مسجلة من كلامي على العدة في شرح العمدة في الفقه أثناء إلقائي لذلك في دروس في المسجد وليست عن عدة النساء كما توهمته وإذن فلا غرابة في ذلك إنما الغرابة في سوء الفهم،وأما ما قاله الكاتب أنني أعتمد في ردودي على ما ينقله لي طلبة العلم والوسطاء الذين ليسوا من النقلة الموضوعيين فهذا القول منه في غير محله فإنني لا أرد على مقال حتى أقرأه من الصحيفة ولا أعتمد على النقل ثم ناقض الكاتب نفسه في حق العلماء حيث زعم في أول المقال أنهم لا ينزلون إلى الميدان ولا يناقشون ثم في آخر المقال يقول عنهم: فهم موجودون عبر صفحات الفتاوى والملاحق الدينية منذ زمن - وأخيراً أسأل الله لي وللكاتب ولجميع الصحفيين والكتّاب بل وجميع المسلمين التوفيق لمعرفة الحق والعمل به وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المصدر: ((جريدة الرّياض)) الأحد 19من ذي القعدة 1427هـ
http://www.alriyadh.com/2006/12/10/article207922.html
ـ[أبو فؤاد الليبي]ــــــــ[29 - Jan-2010, صباحاً 03:02]ـ
أسأل الله ان يوفق الشيخ صالح الفوزان , ويعلم الله سبحانه قدره عند السلفيين , وهو هنا في ليبيا ذو قدر رفيع لعلمه وحلمه وأسلوبه وتواضعه أسأل الله أن يمد في عمره على طاعته سبحانه , وأن يكف شغب المشاغبين , وأن يهدي ضال المسلمين , وأن يجمعنا على الحق يارب العالمين , بالله من يعرف الشيخ فليبلغه سلامي وأني أحبه في الله.
ـ[فتح البارى]ــــــــ[29 - Jan-2010, صباحاً 03:19]ـ
حفظ الله الشيخ
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[29 - Jan-2010, صباحاً 07:43]ـ
وقول الكاتب: لم يكن معروفاً عن كبار العلماء ممارسة شريعة التعاطي الإعلامي والدخول في سجال مكشوف مع المخالفين فمنابر الجمعة وأشرطة الكاسيت والفتاوى العابرة وسائلهم البارزة في الرد وأقول: بل كان معروفاً عن كبار العلماء كالشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز أنهم يردون على المخالفين وتنشر مقالاتهم في الصحف والمجلات ولا يسكتون على خطأ ممن كان إضافة إلى إعلان ذلك في منابر الجمعة والفتاوى وكتابة الرسائل.
لعل ابن حزام الذي لا يفرق بين كتاب العدة شرح العمدة وبين باب العدة كان لا يفقه ما الصحف في ذاك الوقت الذي كان العلامة ابن باز وغيره من العلماء يردون فيها على المخالف.
من المخازي التي بلينا بها في هذا الوقت تسامق الأقزام وصعودهم على أكتاف جبال العلم كالفوزان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[29 - Jan-2010, مساء 12:42]ـ
أحسن الله إليك أخي "سلمان" على النقل المفيد ..
وأسأل الله تعالى أن يثيب الشيخ العلامة صالح الفوزان على ما يبذله من جهد في الرد على المخالف ..
ـ[أبو سليمان الأسعدي]ــــــــ[29 - Jan-2010, مساء 01:33]ـ
حفظ الله الشيخ ومتعنا به فإنه حصن حصين أمام أعداء الدين من المبتدعة والمنافقين،
وما ينشر له في الصحافة من الردود هو قليل مما يبعثه إليهم، سمعته أكثر من مرة يقول: نحن نكتب ونرسل لكنهم لا ينشرون.
مع الأسف صحافتنا يكتب فيها المنافقون والمبتدعة والفساق والمتعالمون وسائر أهل الأهواء حتى النصارى، لكنها تحجب أمام أهل العلم والحكمة _إلا ما رحم الله_!
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[31 - Jan-2010, صباحاً 12:54]ـ
بالله من يعرف الشيخ فليبلغه سلامي وأني أحبه في الله.
وأنا أضم صوتي بقوة لصوتك يا أخي الكريم.
ونسأل الله العظيم أن يحفظ المسلمين في ليبيا ويوفقهم للحق وكل المسلمين.
والذي يفرح القلب: أنه عند قراءة تعليقات الزوار على صفحة المقال في الجريدة
لوجدتها طافحة بالشكر والدعاء للشيخ صالح الفوزان ولعلماء المسلمين ولله الحمد.
ولا عجب:
هذا الشيخ العلامة الوالد: " صالح الفوزان " حفظه الله تعالى.
وهذا الأخ المبارك: " سلمان أبو زيد " الذي يفرح قلوبنا بنقل مقالات ومحاضرات أهل العلم، جزاه الله تعالى عن المسلمين خيرًا.(/)
((من أعلام المجددين: الإمام أحمد - رحمهُ اللهُ -)) لصاحب الفضيلة العلامة الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Feb-2007, مساء 07:27]ـ
من أعلام المجددين:
الإمام أحمد - رحمهُ اللهُ -
نشأته - علمه وفضله - محنته وصبره - آثاره
لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
[فهرس الموضوعات]
تقديم
- ترجمته ونسبه
- نشأته وتعلمه
- غزارة علمه
- عمله وأخلاقه
- محنته وصلابته في الحق
- مميزات مذهبه والأصول التي بناه عليها
- مؤلفاته
- وفاته
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله - عز وجل - الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه.
فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين [هذه خطبة الإمام أحمد في كتاب الرد على الجهمية رأينا مناسبتها للموضوع فقدمناه بها] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم وبعد:
فمن المعلوم أنه كلما تأخر الزمان، وبعد الناس عن آثار الرسالة حدثت البدع والخرافات، وفشا الجهل واشتدت غربة الدين، وظن الناس أن ما وجدوا عليه آباءهم هو الدين وإن كان بعيدا عنه، ولكن الله سبحانه لا يخلي الأرض من قائم لله بحجة. وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن طائفة من المسلمين لا تزال على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى، كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره حيث قال: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)) قال المناوي في (فيض القدير للمناوي) [2/ 281 - 282]: (في فيض القدير أي يقيض لها)
(على رأس كل مائة سنة) من الهجرة أو غيرها والمراد الرأس تقريبا (من) أي رجلا أو أكثر (يجدد لها دينها) أي يبين السنة من البدعة، وينشر العلم وينصر أهله، ويكسر أهل البدعة ويذلهم - قالوا ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة، قال ابن كثير: قد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث والظاهر أنه يعم جملة من العلماء من كل طائفة وكل صنف من مفسر ومحدث وفقيه ونحوي ولغوي وغيرهم انتهى.
وقد وقع مصداق ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث فلا يزال - والحمد لله - فضل الله على هذه الأمة يتوالى بظهور المجددين عند اشتداد الحاجة إليهم ومن هؤلاء المجددين الإمام أحمد بن حنبل في القرن الثالث، وشيخ الإسلام ابن تيمية في آخر القرن السابع وأول الثامن، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر، وقد أحببت في هذه العجالة أن أقدم بعض المعلومات عن هؤلاء الأئمة وما قاموا به من تجديد هذا الدين مما لا تزال آثاره باقية في هذه الأمة ولله الحمد والمنة والقصد من ذلك تعريف من يجهل مجهود هؤلاء الأئمة والتنبيه للانتفاع بآثارهم والاقتداء بهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.
* * * * * * * * * *
الإمام أحمد بن حنبل
1 - نسبه:
هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان [مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ص 38].
2 - نشأته وتعلمه:
(يُتْبَعُ)
(/)
قدم به والده من مرو وهو حمل، فوضعته أمه ببغداد في ربيع الأول من سنة أربع وستين ومائة، وتوفي أبوه وهو ابن ثلاث سنين فكفلته أمه، وقد كان في حداثته يختلف إلى مجلس القاضي أبي يوسف، ثم ترك ذلك وأقبل على سماع الحديث وكان سنه ست عشرة سنة، ثم حج عدة مرات، وجاور بمكة مرتين، ثم سافر إلى عبد الرزاق في اليمن وكتب عنه، وقد طاف في البلاد والآفاق وسمع من مشايخ العصر وكانوا يجلونه ويحترمونه [البداية والنهاية لابن كثير (10/ 369)].
قال ابن الجوزي: ابتدأ أحمد - رضي الله عنه - في طلب العلم من مشايخ بغداد ثم رحل إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة، وكتب عن علماء كل بلد، ثم ذكر أسماء من لقي من كبار العلماء وروى عنهم مرتين على حروف المعجم من الآلف إلى الياء، ثم ذكر من روى عنهم ممن عرف بكنيته ولم يتحقق عنده اسمه، ثم ذكر من روى عنهن من النساء [مناقب الإمام أحمد في الصفحات 46، 58، 81] وقد ذكر خلقا كثيرا من شيوخه.
3 - غزارة علمه:
قال إبراهيم الحربي: رأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء، وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أبي عبد الله أحمد بن حنبل.
وقال أبو عاصم: ليس ثمة ببغداد إلا ذلك الرجل - يعني أحمد بن حنبل - ما جاءنا من ثم أحد مثله يحسن الفقه، وقال الخلال: كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها.
وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم فتكلم عن معرفة، وقال أبو زرعة كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث [يعني مليون حديث] فقيل له وما يدريك، قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب [مناقب الإمام أحمد في الصفحات (85، 89، 0 9).]
وقال ابن الجوزي: وقد كان أحمد يذكر الجرح والتعديل من حفظه إذا سئل عنه كما يقرأ الفاتحة - ومن نظر في كتاب العلل لأبي بكر الخلال عرف ذلك، ولم يكن لأحد من بقية الأئمة، وكذلك انفراده في علم النقل بفتاوى الصحابة وقضاياهم وإجماعهم واختلافهم لا ينازع في ذلك، وأما علم العربية فقد قال أحمد كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو الشيباني، وأما القياس فله من الاستنباط ما يطول شرحه [المدخل للشيخ عبد القادر بن بدران ص 105]
وقال الإمام ابن الجوزي: واعلم أنا نظرنا في أدلة الشرع وأصول الفقه، وسبرنا أحوال الأعلام المجتهدين، فرأينا هذا الرجل أوفرهم حظا من تلك العلوم، فإنه كان من الحافظين لكتاب الله - عز وجل - قال أبو بكر ابن حمدان القطيعي: قرأت على عبد الله بن أحمد بن حنبل قال لقنني أبي أحمد بن حنبل القرآن كله باختياره وقرأ ابن حنبل على يحيى بن آدم وعبيد بن الصباح وإسماعيل بن جعفر وغيرهم بإسنادهم.
وكان أحمد لا يميل شيئا في القرآن ويروي الحديث: (أنزل مفخما ففخموه) [رواه الحاكم (2/ 231،242) وصححه بلفظ: أنزل القرآن بالتفخيم،ورده الذهبي بقوله: لا والله، العوفي مجمع على ضعفه، وبكار ليس بعمدة. والحديث واهٍ منكر] وكان لا يدغم شيئا في القرآن إلا ? اتخذتم ? [انظر (السبعة في القراأت) لابن مجاهد (116،155)] وبابه كأبي بكر، ويمد مدا متوسطا وكان - رضي الله عنه - من المصنفين في فنون العلوم من التفسير والناسخ والمنسوخ والمقدم والمهر إلى غير ذلك، وأما النقل فقد سلم الكل له انفراده فيه بما لم ينفرد به سواه من الأئمة من كثرة محفوظة منه ومعرفة صحيحه من سقيمه وفنون علومه، وقد ثبت أنه ليس في الأئمة الأعلام قبله من له حظ في الحديث كحظ مالك. ومن أراد معرفة مقام أحمد في ذلك من مقام مالك فلينظر فرق ما بين (المسند) و (الموطأ) [مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي هـ 599 - 600]
قال ابن بدران في كتاب (المدخل) ص104 في ذكر مؤلفاته: والمسند وهو ثلاثون ألف حديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماما، وقال عبد الله قرأ علينا أبي المسند وما سمعه منه غيرنا وقال لنا: هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف حديث. انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا يدل على غزارة علمه بالحديث، وتميزه فيه وقوة نقده. وهكذا من يتعلم العلم من مصادره الأصيلة: كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ويتتلمذ على حملته من جهابذة العلماء مع النية الصادقة والعمل به، فإنه حري أن يوفق لتحمل العلم النافع، ويكون إماما في الدين، كما كان الإمام أحمد وغيره من أئمة الإسلام وحملة الشريعة، فعسى أن يكون في هذا حافزا لشباب المسلمين اليوم وقد توفرت لهم وسائل التعلم ليهبوا لحمل هذا العلم الذي به عزهم وشرفهم في الدنيا والآخرة - نرجو ذلك.
4 - عمله وأخلاقه:
من المعلوم أن العلم وسيلة للعمل ومصحح له، فالغاية المطلوبة هي العمل الصالح والعلم وسيلة لتلك الغاية - وفي الحكمة المأثورة: " علم بلا عمل كشجرة بلا ثمر " والله تعالى يقول: ? وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? [سورة البقرة الآية 282] والصحابة - رضي الله عنهم - يقول قائلهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن، قالوا فتعلمنا العلم والعمل جميعا (1)، وكان سلفنا الصالح على هذه الصفة، ومنهم الإمام أحمد فقد اتصف بالعلم الغزير والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة.
ذكر ابن الجوزي في (صفوة الصفوة) ص 197 جـ 2. قال: وعن عبد الله بن أحمد قال كان أبي أصبر الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في مسجد أو حضور جنازة أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق.
وعنه قال: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط [يعني الأسواط التي ضربها بسبب امتناعه من القول بخلق القرآن في عهد المعتصم.] أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة. وقد كان قرب من الثمانين، وكان يقرأ في كل يوم سبعا يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو، وحج أبي خمس حجات، ثلاث حجج ماشيا واثنتين راكبا، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهما، وعنه قال: كنت أسمع أبي كثيرا يقول في دبر الصلاة: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك صنه عن المسألة لغيرك، وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ورد كتاب علي ابن الجهم: أن أمير المؤمنين (يعني المتوكل) قد وجه إليك يعقوب المعروف بقوصرة ومعه جائزة ويأمرك بالخروج، فالله الله أن تستعفي أو ترد المال فيتسع القول لمن يبغضك، فلما كان من الغد ورد يعقوب فدخل عليه فقال: يا أبا عبد الله أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول قد أحبب أن آنس بقربك وأن أتبرك بدعائك - وقد وجهت إليك عشرة آلاف درهم معونة على سفرك وأخرج صرة فيها بدرة نحو مائتي دينار والباقي دراهم صحاح فلم ينظر إليها ثم شدها يعقوب، وقال له أعود غدا حتى أبصر ما تعزم عليه وانصرف فجئت بإجانة خضراء فكببتها على البدرة، فلما كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا صيره عندك فصيرتها عند رأسي فوق البيت فلما كان سحرا فإذا هو ينادي يا صالح فقمت فصعدت إليه فقال: ما نمت ليلتي هذه فقلت: لم يا أبت؟ فجعل يبكي وقال: سلمت من هؤلاء حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم، قد عزمت على أن أفرق هذا الشيء إذا أصبحت فقلت ذلك إليك، فلما أصبح قال: جئني يا صالح بميزان، وقال: وجهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار. ثم قال: وجه إلى آل فلان، فلم يزل يفرقها كلها ونفضت الكيس ونحن في حالة الله تعالى بها عليم، وكتب صاحب البريد أنه قد تصدق بالدراهم من يومه حتى تصدق بالكيس، قال علي بن الجهم فقلت يا أمير المؤمنين قد علم الناس أنه قد قبل منك وما يصنع أحمد بالمال وإنما قوته رغيف، فقال لي صدقت يا علي - وبهذه النقولات عن ابني الإمام وقد عايشا أباهما معايشة خاصة أكبر دليل على مدى صلاح الإمام أحمد وتقواه وزهده وورعه.
وأما تواضعه:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد قال ابن الجوزي [مناقب الإمام أحمد الصفحات (277، 0 28، 1 28).)] بلغني عن أبي الحسن بن المنادي قال سمعت جدي يقول: كان أحمد من أحب الناس وأكرمهم نفسا وأحسنهم عشرة وأدبا كثير الإطراق، معرضا عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث، وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان بشيء به وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعا شديدا، وكانوا يكرمونه ويعظمونه، قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين أن أبا بكر المروذي حدثهم قال: كان أبو عبد الله لا يجهل، وإن جهل عليه احتمل وحلم ويقول: يكفي الله، ولم يكن بالحقود ولا العجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه منازعة فكانوا يجيئون إلى أبي عبد الله فلا يظهر لهم ميله مع عمه ولا يغضب لعمه ويتلقاهم بما يعرفون من الكرامة، وكان كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلسه، مائلا إليهم مقتصرا عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر يقعد حيث انتهى به المجلس، وكان لا يمد قدمه في المجلس ويكرم جليسه، وكان حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في الله ويبغض في الله، وكان إذا أحب رجلا أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه ولم يمنعه حبه إياه أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم وإثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة. وأحب أن يعرف أحواله، وكان رجلا فطنا. إذا كان الشيء لا يرضاه اضطرب لذلك، ويغضب لله ولا يغضب لنفسه فلا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه حتى كأنه ليس هو، لا تأخذه في الله لومه لائم، وكان حسن الجوار، يؤذى فيصبر ويحتمل الأذى من الجار. انتهى.
هذه أخلاق الإمام أحمد. علم وعمل وتواضع وصبر واحتمال، وجدير بمن تربى على الكتاب والسنة وتتلمذ على العلماء العاملين وخالط الصالحين أن يكون كذلك، بخلاف من يتربى على نظريات الفلاسفة وأفكار الغرب فإنه سيتأثر بها ويتخلق بها، فيجب على المسلمين أن يوجهوا أولادهم إلى الكتاب والسنة وأخلاق السلف الصالح ليتربوا التربية الصحيحة، ويتجهوا الوجهة السليمة، ويزكوا استيراد النظريات التربوية من الكفار وفلاسفة الغرب.
5 - محنته وصلابته في الحق:
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -[(البداية والنهاية) 10 / الصفحات 374، 376، 378، 379] باب ذكر ما جاء في محنة أبي عبد الله أحمد بن حبنل/ في أيام المأمون ثم المعتصم ثم الواثق بسبب القرآن العظيم. وما أصابه من الحبس الطويل والضرب الشديد والتهديد بالقتل بسوء العذاب وأليم العقاب وقلة مبالاته بما كان منهم من ذلك إليه، وصبره عليه، وتمسكه بما كان عليه من الدين القويم والصراط المستقيم، وكان أحمد عالما بما ورد بمثل حاله من الآيات المتلوة والأخبار المأثورة. وبلغه بما أوصي به في المنام واليقظة فرضي وسلم إيمانا واحتسابا - وفاز بخير الدنيا ونعيم الآخرة، وهيأه الله بما آتاه من ذلك لبلوغ أعلى منازل أهل البلاء في الله من أوليائه، ثم قال ابن كثير - رحمه الله -: قد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة، فأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل، وزينوا له القول بخلق القرآن، ونفي الصفات عن الله - عز وجل - قال البيهقي: ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم، فلما ولي الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك، وزينوا له واتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبه ببغداد - إسحاق بن إبراهيم بن مصعب - يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، واتفق له ذلك آخر عمره قبل موته بشهور من سنة ثماني عشرة ومائتين، فلما وصل الكتاب كما ذكرنا استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق فأجاب أكثرهم مكرهين، واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجنديسابوري، فحملا على بعير وسيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك. وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد - فلما اقتربا
(يُتْبَعُ)
(/)
من جيش الخليفة ونزلوا دونه بمرحلة جاء خادم وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه ويقول: يعز علي يا أبا عبد الله أن المأمون قد سل سيفا لم يسله قبل ذلك، وأنه يقسم بقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف، قال فجثا الإمام أحمد على ركبتيه ورمق بطرفه إلى السماء وقال سيدي غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته، قال فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل، قال أحمد ففرحنا ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولي الخلافة، وقد انضم إليه أحمد بن أبي دؤاد وأن الأمر شديد، فردونا إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسرى ونالني منهم أذى كثير، وكان في رجليه القيود، ومات صاحبه محمد بن نوح في الطريق، وصلى عليه أحمد - فلما رجع أحمد إلى بغداد دخلها في رمضان فأودع السجن نحوا من ثمانية وعشرين شهرا وقيل نيفا وثلاثين شهرا، ثم أخرج إلى الضرب بين يدي المعتصم، وكان أحمد وهو في السجن هو الذي يصلي في أهل السجن والقيود في رجليه، ولما أحضره المعتصم من السجن زاد في قيوده، قال أحمد: فلم أستطع أن أمشي بها - فربطتها في التكة وحملتها بيدي، ثم جاءوني بدابة فحملت عليها، فكدت أن أسقط على وجهي من ثقل القيود. وليس معي أحد يمسكني فسلم الله حتى جئنا دار المعتصم، فأدخلت في بيت وأغلق علي، وليس عندي سراج فأردت الوضوء، فمددت يدي فإذا إناء فيه ماء، فتوضأت منه، ثم قمت ولا أعرف القبلة، فلما أصبحت إذا أنا على القبلة ولله الحمد - ثم دعيت فأدخلت على المعتصم.
وذكر ابن كثير - رحمه الله - المناظرة التي دارت بينه وبين خصومه بحضرة المعتصم في موضوع خلق القرآن - إلى أن قال: ثم لم يزالوا يقولون له يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل كافر، فأمرني فقمت بين العقابين وجيء بكرسي فأقمت عليه، وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين، فلم أفهم فتخلعت يداي وجيء بالضرابين ومعهم السياط، فجعل أحدهم يضربني سوطين- ويقول له - يعني المعتصم - شد قطع الله يدك - ويجئ الآخر فيضربني سوطين ثم الآخر كذلك فضربوني أسواطا فأغمي علي وذهب عقلي مرارا - فإذا سكن الضرب يعود علي عقلي - وقام المعتصم إلي يدعوني إلى قولهم فلم أجبه - وجعلوا يقولون ويحك الخليفة على رأسك فلم أقبل. فأعادوا الضرب ثم عاد إلي فلم أجبه، فأعادوا الضرب ثم جاء الثالثة فدعاني فلم أعقل ما قال من شدة الضرب، ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب، وأرعبه ذلك من أمري وأمر بي فأطلقت ولم أشعر إلا وأنا في حجرة من بيت وقد أطلقت الأقياد من رجلي، ثم أمر الخليفة بإطلاقه إلى أهله، وكان جملة ما ضرب نيفا وثلاثين سوطا، وقيل ثمانين سوطا، ولكن كان ضربا مبرحا شديدا جدا، ولما رجع إلى منزله جاء الجرائحي فقطع لحما ميتا من جسده وجعل يداويه، ولما شفاه الله بالعافية بقي مدة وإبهاماه يؤذيهما البرد. - وجعل كل من آذاه في حل إلا أهل البدعة وكان يتلو في ذلك قوله تعالى: ? وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ? الآية [سورة النور الآية 22] ويقول ماذا ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك، انتهى باختصار.
وهكذا ثبت الإمام أحمد - رحمه الله - على الحق، وصبر على السجن والضرب ولم تأخذه في الله لومة لائم، ولم ترهبه السلطة والجبروت، فكانت العاقبة له والعقوبة لأعدائه، ومع هذا يعفو ويصفح عن خصومه، ويجعلهم في حل ما عدا المبتدعة - لأن المبتدعة انتهكوا محارم الله، ولم تكن إساءتهم قاصرة عليه، إنه الإيمان الراسخ والتربية النافعة المستمدة من الكتاب والسنة، يصنعان الرجال ويبعثان على الثبات في مواقف الفتن والأهوال، وهكذا تكون مواقف الأبطال.
6 - مميزات مذهبه والأصول التي بناه عليها:
مذاهب أهل السنة كلها مذاهب حق لا سيما مذاهب الأئمة الأربعة - أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وكل مذهب من هذه المذاهب السنية له مميزات، ويمتاز مذهب الإمام أحمد من بينها بقربه من النصوص [ولهذا يعتبر الإمام أحمد من الفقهاء المحدثين] وفتاوى الصحابة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله [أعلام الموقعين (1/ 28، 29)] رويت فتاويه ومسائله وحدث بها قرنا بعد قرن فصارت إماما وقدوة لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم حتى إن المخالفين لمذهبه بالاجتهاد والمقلدين لغيره ليعظمون نصوصه وفتاواه ويعرفون لها حقها وقربها من النصوص وفتاوى الصحابة. ومن تأمل فتاواه وفتاوى الصحابة رأى مطابقة كل منهما على الأخرى، ورأى الجميع كأنها تخرج من مشكاة واحدة. حتى إن الصحابة إذا اختلفوا على قولين جاء عنه في المسألة روايتان، وكان تحريه لفتاوى الصحابة كتحري أصحابه لفتاويه ونصوصه بل أعظم، حتى إنه ليقدم فتاويهم على الحديث المرسل.
أصول مذهبه:
كان مذهبه مبنيا على خمسة أصول وهي:
1 - النصوص، فإذا وجد نصا أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه.
2 - ما أفتى به الصحابة - فإذا وجد لأحدهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها، ولم يقل إن ذلك إجماع - بل من ورعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئا يدفعه أو نحو هذا.
3 - إذا اختلف الصحابة في المسألة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال للدليل حكى الخلاف ولم يجزم بقول.
4 - الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ويرجع ذلك على القياس، والمراد بالحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم.
5 - فإذا لم يكن هناك نص ولا قول للصحابة أو أحدهم ولا أثر مرسل أو ضعيف عدل إلى القياس فاستعمله للضرورة.
فهذه الأصول الخمسة هي أصول مذهبه - وقد يتوقف في الفتوى لتعارض الأدلة عنده، أو لاختلاف الصحابة فيها، أو لعدم اطلاعه فيها على أثر أو قول أحد من الصحابة والتابعين، وكان شديد الكراهية والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف - كما قال لبعض أصحابه: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام [أعلام الموقعين لابن القيم (1/ 29 - 32).] أي لم يسبق أن قال بها أحد من الأئمة بشيء.
7 - مؤلفاته:
قال الإمام ابن القيم [أعلام الموقعين لابن القيم (1/ 28)]:
كان الإمام أحمد - رحمه الله - شديد الكراهية لتصنيف، الكتب وكان يحب تجريد الحديث، ويكره أن يكتب كلامه ويشتد عليه جدا، فعلم الله حسن نيته وقصده فكتب من كلامه وفتواه أكثر من ثلاثين سفرا، ومن الله سبحانه علينا بأكثرها فلم يفتنا منها إلا القليل، وجمع الخلال نصوصه في (الجامع الكبير) فبلغ نحو عشرين سفرا أو أكثر، ورويت فتاويه ومسائله وحدث بها قرنا بعد قرن، فصارت إماما وقدوة لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم،
وقال ابن الجوزي: كان الإمام أحمد - رضي الله عنه - لا يرى وضع الكتب، وينهى أن يكتب عنه كلامه ومسائله ولو رأى ذلك لكانت له تصانيف كثيرة ولنقلت عنه كتب [مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (248)]
واقتصر الإمام أحمد على التصنيف في النقول - أي الأحاديث والآثار - وهذه بعض مؤلفاته:
1 - المسند في الحديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماما
[وجملة أحاديث (المسند) ثلاثون ألف حديث انتقاها من سبعمائة ألف حديث.]
2 - التفسير - وهو مائة ألف وعشرون ألفا، يعنى: بالأحاديث والآثار.
3 - الناسخ والمنسوخ.
4 - التاريخ.
5 - المقدم والمؤخر في القرآن.
6 - جوابات القرآن.
7 - المناسك الكبير والصغير.
8 - الزهد.
9 - الرد على الجهمية.
8 - وفاته:
مرض في أول شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين، وتوفي ليلة الجمعة وهي ليلة الثاني عشر من هذا الشهر، ولما حضرته الوفاة أشار إلى أهله أن يوضئوه، فجعلوا يوضئونه وهو يشير إليهم أن خللوا أصابعي، وهو يذكر الله - عز وجل - في جميع ذلك، فلما أكملوا وضوءه توفي - رحمه الله ورضي عنه - فغسلوه وكفنوه بثوب كان قد غزلته جاريته، وخرج الناس بنعشه والخلائق حوله ما لم يعلم عددهم إلا الله، ثم صلي عليه، وأعيدت الصلاة عليه عند القبر. ثم أعيدت الصلاة أيضا على القبر بعد دفنه، ولم يستقر في قبره - رحمه الله - إلا بعد العصر، وذلك لكثرة الخلق الذين حضروا. وقد قدر عدد الذين صلوا عليه وشيعوه إلى قبره بألف ألف، وفي رواية وسبعمائة ألف - أي مليون وسبعمائة ألف - رحم الله الإمام أحمد رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا، وجعله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) العدد: (17) ص129
= = = = = = = = = = = = = = =
(1) [رواه أحمد (5/ 410)، وابن أبي شيبة (29929)، قال الهيثمي (7/ 165): فيه عطاء بن السائب؛ اختلط في آخر عمره.
ورواه ابن سعد في (الطبقات) (2/ 177) من طريق حماد بن زيد عن عطاء، وسنده صحيح.
وعزاه القرطبي في (التفسير) (1/ 39) لعبد الرزاق عن معمر عن عطاء.
ورواه البيهقي (3/ 119) وفي (الشعب) (1953) من رواية ابن مسعود، وفيه غير عطاء: شريك.]
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد(/)
الاعتقاد القادري
ـ[الفارس]ــــــــ[07 - Feb-2007, صباحاً 02:49]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أما بعد:
فهذا (الاعتقاد القادري) للإمام الخليفة العباسيّ القادر بالله، المتوفى سنة 422 - رحمه الله -.
وهذا الاعتقاد أثنى عليه أهل العلم، وفائدته لا تخفى على أمثالكم، وهو من دراسة وتعليق شيخنا الدكتور: عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف - حفظه الله -، وقد تطرق في دراسته لمباحثَ ماتعة، " وكل الصيد في جوف الفرا" ..
وفق الله الجميع ..
ـ[الفارس]ــــــــ[22 - Feb-2007, مساء 08:31]ـ
من مزايا الاعتقاد القادري:
1 - أن هذا الاتعقاد على طريقة أهل السنة والجماعة، وقد أثنى عليه الائمة ابن تيمية والذهبي وابن كثير وغيرهم.
2 - أن لهذا الاعتقاد أثره الايجابي ونفعه المتعدي في إظهار مذهب أهل السنة ومدافعة أهل البدعة ..
وقد صنف هذا الاعتقاد في مواجهة المدِّ العُبيدي في أوج تسلطه، وفي صد البدع الظاهرة آنذاك.
وقد حظي هذا الاعتقاد بالاهتمام، فمن ذلك أنه قد جمع له العلماء والأشراف وقرئ عليهم في دار الخلافة وأخذت خطوطهم، وتكرر ذلك غير مرة، وقرئ أيضا في المساجد والجوامع.
ويميزه الاختصار والسهولة وتناوله مسائل مهمة ..
ـ[باعث الخير]ــــــــ[30 - May-2009, مساء 02:25]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو علي الذهيبي]ــــــــ[30 - May-2009, مساء 03:50]ـ
بارك الله فيك.
رابط آخر
http://www.salafishare.com/arabic/28OZSW5JI1AT/5QZ4O9O.pdf(/)
نصيحة لطالب علم التوحيد.
ـ[إمام الأندلس]ــــــــ[07 - Feb-2007, صباحاً 09:13]ـ
الحمد لله ,والصلاة والسلام على رسول الله ,وعلى اله وصحبه ومن والاه.
أذكر إخواني من طلبة العلم بالاعتناء والمذاكرة وكثرة المطالعة في كتب العقيدة ,خاصة كتب الطود العظيم ابن تيمية ,فكلامه-رحمه الله-متين رزين, وكتب خريجه ابن قيم الجوزية ثم الإلمام بحفظ متون التوحيد والنظر في شروحها كالطحاوية وشرحها لابن أبي العز ,ورسالة أبي عثمان الصابوني, والواسطية وشرحها لابن عثيمين. ثم السمو لدراية الأرقى من ذلك, نحو الأسماء والصفات للبيهقي ومثله للدارقطني ,والإيمان لابن منده, و الشريعة للاجري وغيرها ,حتى يصير طالب العلم ثبتا فطنا أحوذيا حرمزيا يزن المقول, ويحفظ المنقول, ويحتج بالمعقول ,وينشر الأصول بالفصول للوصول إلى الحصول ,ويعلم الجهول السؤؤل ,ويرشد الذهول الضلول, ويرد على أهل البدع والحلول ,كاليهود والذين ألهوا مريم البتول, ويذود عن دينه ضد كل محسول مسخول مرذول ,لأن الباطل زهوق ذو أفول يزول ,والعلم تبع للحق وعنه لا يحول , ولايدركه الغبي المارغ الملول الكسول العجول ,بل يلقاه الأبي البازغ المطول الفضول الفؤول, الذي استمسك بغرز العلماء العدول الفحول , الناهجين منهج أسلاف الرسول, جزاهم الله بالقبول
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 01:25]ـ
جزيت خيراً على النصيحة السجعية.
ـ[آل عامر]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 01:49]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الفارس]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 10:17]ـ
جزاك الله خيرا على نصيحتك المتعلقة بكتب العقيدة، لكن في ترتيب بعض ما ذكرت نظر، فالواسطية مثلا ينبغى دراستها قبل الطحاوية مع شرحها لابن أبي العز رحمه الله.
وفق الله الجميع.(/)
إقامة شوادر العزاء من الكفر!!!!
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 05:05]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.
فإن في هذه الأزمنة انتشرت هذه البدعة المنكرة وهي إقامة الشوادر للعزاء وقد ابتلي بها الكثير من المسلمين وللأسف بعضهم ممن يسمون بالمتدينيين أو الإخوة!!! ومما زاد الطين بلة أن بعض العلماء أفتوا بجواز هذه الشوادر، فمن باب النصيحة للمسلمين أردت أن أوضح حكم الشرع في هذه الشوادر.
مفاسد الشوادر
1 - أنها من الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة ولكنه من الكبائر.
الدليل: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت " رواه مسلم - كتاب الإيمان - إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة.
* قال النووي - رحمه الله -: " وفيه أقوال أصحها أن معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية. والثاني: أنه يؤدي إلى الكفر. والثالث: أنه كفر النعمة والإحسان. والرابع: أن ذلك في المستحل. وفي هذا الحديث تغليظ تحريم الطعن في النسب والنياحة. وقد جاء في كل واحد منهما نصوص معروفة. والله أعلم. "
أقول: وإقامة الشوادر من النياحة والدليل على ذلك ما رواه أحمد وابن ماجة بسند صححه النووي والبوصيري والألباني عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - أنه قال: " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة "
وهذا الحديث له حكم الرفع أي كأنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.
* قال السندي - رحمه الله - في شرح سنن ابن ماجة: " قوله (كنا نرى)
هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة رضي الله عنهم أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الثاني فحكمة الرفع على التقديرين فهو حجة
(وصنعة)
أي الأهل وإفراد الضمير لإفراد لفظ الأهل وبالجملة فهذا عكس الوارد إذ الوارد أن يصنع الناس الطعام لأهل الميت فاجتماع الناس في بيتهم حتى يتكلفوا لأجلهم الطعام قلب لذلك وقد ذكر كثير من الفقهاء أن الضيافة لأهل الميت قلب للمعقول لأن الضيافة حقا أن تكون للسرور لا للحزن وفي الزوائد إسناده صحيح رجال الطريق الأول على شرط البخاري والثاني على شرط مسلم والله أعلم. "
ملاحظات هامة
أ - كما أنه لا تجوز إقامة الشوادر، فإنه أيضا لا يجوز عمل مجلس للعزاء في أي مكان سواء أكان في البيت أم في دار المناسبات أم في أي مكان اّخر، فليس للعزاء مجلس خاص إنما كل إنسان يعزي أهل الميت إذا قابله أو يذهب إليه في أي وقت ليعزيه، وهذا هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث " كان من هديه - صلى الله عليه وسلم - تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء، ويقرأ القرأن لا عند قبره، و لا عند غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة " زاد المعاد - 1\ 527
ب - إذا أتى المعزون أو متبعو الجنازة من بلاد بعيدة، وقدم لهم أهل الميت طعاما فهذا لا يكون من النياحة. راجع المغني 3\ 497، إنما المحرم هو صنع الطعام للجميع كما يفعل البعض ويدخل فيها القهوة التي يقدمونها في الشوادر فإن كلمة " الطعام " في حديث جرير السابق كلمة عامة يدخل فيها كثير الطعام وقليله، فإن قيل إن القهوة شراب وليست طعاما فالرد أنه أحيانا يسمى الشراب طعاما كما قال تعالى: " ومن لم يطعمه فإنه مني " البقرة 249 وكان هذا على الشرب من النهر كما قصة طالوت وجنوده والله أعلم.
ج - إذا دعي الإنسان لهذا الطعام فإنه يحرم عليه أن يلبي هذه الدعوة. راجع فتاوى اللجنة الدائمة (9 | 156 - 157) ترتيب الشيخ الدويش.
2 - أن الشوادر سبب لتقليل عدد المتبعين للجنازة؛ لأن كثيرا من الناس سيكتفون بالعزاء في الشادر دون الذهاب إلى الجنازة، وهذا يضيع خيرا عظيما على الميت المسكين الذي هو في حاجة إلى دعوات صالحات، وفي حاجة إلى تكثير عدد المصلين عليه فقد جاء في صحيح مسلم وسنن أبي داود وابن ماجة من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعن رجلا، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " وجاء أيضا في صحيح مسلم وسنن النسائي والترمذي من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن
(يُتْبَعُ)
(/)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه ".
3 - ما فيها من تبذير للمال والتبذير محرم كما قال تعالى: " و لا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " الإسراء - 27، وتزداد الطين بلة إذا دفعت هذه الأموال من أموال الأيتام وإنا لله وإنا إليه راجعون، فيكون من أكل أموال اليتامى بالباطل الذي هو من أكبر الكبائر.
4 - ما فيها من إيذاء للمسلمين سواء بالضوضاء التي يحدثها أو بتعطيله الشوارع وأحيانا يسبب الضيق لأصحاب المحلات التجارية فيكون فيه إيذاء مالي للبعض.
5 - ما في هذه الشوادر من مفاخرات ومباهاة و لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
6 - ما فيها من قراءة للقراّن على وجه فيه تلحين شديد وأيضا تزداد الطين بلة عندما يأخذ القارىء أجرا على قراءته فهذا لا يجوز أبدا، وهذه المسألة تختلف عن مسألة أخذ الأجرة على تعليم القراّن التي اختلف فيها العلماء والفتوى الاّن من علمائنا على الجواز والله أعلم.
7 - ما يصاحب هذه الشوادر في أغلب الأحيان من شرب للدخان والغيبة وغير ذلك من الأمور المحرمة.
وأخيرا أيها الأحباب ها أنتم قد علمتم حرمة هذه الشوادر فهل أنتم منتهون؟؟؟؟
لا تهتموا بالعادات والتقاليد ولكن كونوا كصالح عليه السلام الذي قال لقومه " فما تزيدونني غير تخسير " هود - 63 فوالله لن تنفعكم التقاليد والعادات إذا كانت في معصية رب الأرض والسماوات، وتذكروا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم: " من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينه "
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم.
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 05:35]ـ
بارك الله فيك أخي محمد
أما الاجتماع للعزاء فليس كفراً أصغر كما ذكرتَ
وليس من النياحة، ولادليل على إلحاقه بها إلا حديث جرير رضي الله عنه
وقد أنكر حديثه هذا الإمام أحمد.
وقد ذكرتَ وفقك الله أن من العلماء من أفتى بجواز الاجتماع للعزاء، وهذا صحيح، وهي مسألةٌ فقهية مشهورة في كتب فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم.
ولذا لا أرى التعنيف على المخالف فيها، خاصة مع ضعف الدليل الصريح في المنع
وإذا ثبت الدليل المانع وجب الانقياد.
وأما المنكرات الأخرى فلا شك في المنع منها على كل حال، كالتدخين والغيبة وغيرهما، وكذا الإسراف ونحوه.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 05:42]ـ
جزاكم الله خيرا، وأرى أن مدار البحث سيكون حول حديث جرير - رضي الله عنه -؛ لأن مجرد إنكار الإمام أحمد - رحمه الله - هذا الحديث ليس حجة قاطعة وجزاكم الله خيرا.
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 06:14]ـ
جزاكم الله خيرا، وأرى أن مدار البحث سيكون حول حديث جرير - رضي الله عنه -؛ لأن مجرد إنكار الإمام أحمد - رحمه الله - هذا الحديث ليس حجة قاطعة وجزاكم الله خيرا.
وجزاك ربي خيراً ونفع بك
وبناءً على ما ذكرتَ تكون المسألة محلَّ اجتهاد.
وأما إنكار الإمام أحمد فهو أولى من تصحيح من صحح الحديث، فهو إمام من أئمة النقد الكبار
ولاأعني عصمتَه، ولكن ليس من السهولة ردُّ مثل هذا الإنكار بمجرد النظر في ظواهر الأسانيد.
وأرجو أن يتيسر الوقت لبسط القول في هذا الحديث، وبيان علته
والمادة العلمية شبه جاهزة، وإنما تفتقر إلى شيء من الإضافة، ثم الترتيب والصياغة.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[07 - Feb-2007, مساء 08:40]ـ
يُراجع: التعزية وأحكامها في ضوء الكتاب والسنة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37260
وفيه مبحث في هذا الحديث وإثبات علته (ص120 - مناقشة ما استدل به أصحاب القول الثاني من أدلة على منع الجلوس للتعزية)، فليس الأمر مجرد تقليد لحكم إمام من الأئمة.
ولعل أبا محمد يبسط القول فيه، ففي بحوثه نَفَاسة - أحسن الله إليه -.(/)
((الأبنية التي على القبور ليست من التراث الإسلامي)) لشيخنا العلامة عبد الله بن جبرين
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 12:59]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الملك العلام، الذي شرع الشرائع وأوضح الأحكام، وأرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم وكمل به دين الإسلام، ووفق صحابته الكرام لتلقي الدين القويم وبيان الحلال والحرام، وصلى الله وسلم على محمد خير الأنام، وعلى آله وصحبه البررة الكرام
أما بعد ...
فقد جاء الإسلام بتحريم البناء على القبور، وتحريم تجصيصها، والأمر بهدم البناء عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته"، والنهي عن البناء على القبور يقتضي تحريمها، وذلك لأنه ذريعة إلى عبادة الأموات، كما هو الواقع في كثير من البلاد الإسلامية التي وقع فيها الغلو في أصحاب القبور بسبب رفع تلك القبور والبناء عليها، وتجصيص تلك المباني وتلوينها، وكثرة الكتابة عليها وزخرفتها فيعتقد الجاهل أن أولئك الأموات لهم خصوصيات، ولهم فضل وشرف، مما يحمل الجهال على الطواف بتلك القبور والمتمسح بتلك الأبنية، واعتقاد أن أصحاب هذه الأضرحة من الأولياء والشهداء الذين لهم جاه عند الله، والذين ينفعون من تعلق بهم، ويشفعون لمن دعاهم، ويجيبونه ويعطونه سُؤلَه، وذلك بلا شك شرك في العبادة، وتعظيم لهؤلاء الأموات، فالواجب هدم تلك الأبنية، حيث يقر أهلها بأن البناء محرم، ولا يسوغ بقاءها الناحية الفنية والجمالية في البناء، ولا أنها تراث إسلامي وعمارة إسلامية، ولا أن بقاءها مما يكسب الإنسان عبرة وموعظة بقوة الأوائل وقدرتهم على هذا التلوين وهذا الجمال، فإن ذلك وإن دل على ما أوتوه من قوة وإمكانيات، لا يدل على إباحة المحرمات وإقرار وسائل الشركيات، وهناك عبرة وموعظة غير هذه الأبنية على الأضرحة والقبور، وأما وصفها بأنها عمارة إسلامية فليس بصحيح، وإن كانت في بلاد المسلمين، ولا تسمى تراثاً إسلامياً، فإن الشرع لا يقرها، والإسلام يأمر بإزالتها، وأما تدريسها بعد إزالتها فلا مانع من ذلك، ويكون على وجه التحذير منها، وبيان ما يترتب على بقائها وعلى تعظيمها من المحاذير وذرائع الشرك وعبادة الأموات، فيكون تدريسها يشتمل على ذكر صفتها قبل هدمها وزمان بنائها، وكذلك سبب هدمها وإزالتها، ليكون الطلاب على معرفة بتأريخها ولسبب المنع من بقائها. والله أعلم.
قاله وأملاه
عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين
http://www.ibn-jebreen.com/article2.php?id=9
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:51]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان ((عضو هيئة كبار العلماء و عضو اللجنة الدائمة للإفتاء)) - حفظه الله ورعاه - رداً على الجفري:
((تسمية القبور بالآثار الاسلامية لا أصل لها في الشريعة))
عكاظ (جدة)
عقب عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للافتاء الدكتور صالح بن فوزان الفوزان على مقال الكاتب عبدالله الجفري في «عكاظ» الثلاثاء قبل الماضي بعنوان «الآثار الاسلامية والأوثان» وفيما يلي تعقيب فضيلته:
تعقيباً على ما كتبه: عبدالله عبدالرحمن الجفري في جريدة «عكاظ» يوم الثلاثاء 11/ 4/1427هـ بعنوان «الآثار الإسلامية والأوثان» حيث استنكر على مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة حيث قام بما يقتضيه عمله في هذا المركز ووجه أمانة العاصمة في مكة المكرمة بضرورة ازالة السيراميك الذي وضع في مقبرة المعلاة مقابل قبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها حيث قال الكاتب الجفري:
أولا: بخ بخ لهذا الشيخ الذي اتهم أهل مكة الآن بعبادة القبور واتباع البدع والشرك-
وأقول: هذا الكلام فيه اتهام لمدير المركز بأنه يكفر أهل مكة ومن أين أخذ الكاتب هذا الاتهام الخطير ومدير المركز إنما أمر بتنفيذ ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من النهي عن تجصيص القبور واسراجها والكتابة عليها والصلاة عندها سداً لوسيلة الشرك والغلو في القبور سواءً في مكة أو في غيرها. ومكة شرفها الله، أهلها أولى بالعمل بالسنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: قال الكاتب: وبعد إلى متى ندور في هذه الحلقة المفرغة وأخطار عديدة تحيط بالمسلمين من كل جانب فيتكاثر أعداء الإسلام وبيننا المغالون والمتجنون والمشككون في إسلام أهل مكة المكرمة.
أقول:
أولاً- لم يكن من مدير المركز والحمد لله تشكيك في اسلام أهل مكة وإنما هذه زيادة من الكاتب لم يوفق فيها.
ثانياً: مقاومة البدع عند القبور ومنع وسائل الشرك أولى من مقاومة الأخطار الخارجية لأن المسلمين لا يتمكنون من مقاومة عدوهم حتى يصلحوا داخلهم، قال تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} ثالثاً: هل من دعا إلى العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في القبور يكون مغالياً ومتجنياً ومشككاً في اسلام المسلمين، أم أن هذه الأوصاف تنطبق على من يخالف السنة في مسألة القبور وغيرها.
ثالثا: قال الكاتب: المطلوب من علماء مكة المكرمة وأركان أسرها العريقة أن يتصدوا لمثل هذا الابتلاء الذي يستهدف العبث بآثار مكة المكرمة الاسلامية
- وأقول:
أولا-ً علماء مكة وأسرها العريقة لا يتصدون لمنع تطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في القبور ومن فعل ذلك ومن خالف فلا عبرة به
ثانياً: أليس هذا الكلام من الكاتب فيه إثارة للنخوة المذمومة وتفريق بين المسلمين في هذه البلاد- بين أهل مكة وغيرهم- ثالثا: هل تسمية القبور بالآثار الاسلامية لها أصل في الكتاب والسنة وهدي السلف فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعموم المسلمين سموها قبوراً ولم يسموها آثاراً: وحث صلى الله عليه وسلم على زيارتها الشرعية للإعتبار والإتعاظ والدعاء لأموات المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم ((زوروا القبور)) ولم يقل ((زوروا الآثار)). ومن العجيب أن هذا الكاتب يستنكر الغلو وهو واقع فيه في هذه المسألة.
رابعاً: قال الكاتب: والسؤال هل ما يقوم به هؤلاء من غلاة في إصدار أحكامهم وفي تفسير التشريع وفي اتهام الناس بقلة عقولهم إلى درجة عبادة القبور.
وأقول: نعم إن الغلو في القبور والبناء عليها وتبليط ما حولها بالسيراميك الذي أثار الأمر بإزالته حفيظتك وأشاط غضبك إن الغلو في القبور بصنيع هذه الأشياء التي ذكرتها حولها يصيرها ولو على المدى البعيد أوثاناً تعبد من دون الله كما هو الواقع الآن في بعض البلاد الأخرى. وما الذي أحدث الشرك في قوم نوح إلا الغلو في الصالحين وفي ضروحهم وقبورهم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)). وقال صلى الله عليه وسلم ((لاتجعلوا قبري عيداً. وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) فيصلي المسلم على الرسول في أي مكان في الأرض ولا يحتاج إلى التردد على قبره لأجل الصلاة عليه ولما قال له صلى الله عليه وسلم جماعة حديثو عهد بالاسلام: ((اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط)) يعنون المشركين الذين يتبركون بشجرة قال صلى الله عليه وسلم ((قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ})) فتعظيم الآثار والقبور والأشجار يجعلها آلهة كآلهة المشركين. وقبر أُمنا خديجة رضي الله عنها وأرضاها نزوره للسلام عليها والدعاء لها كسائر القبور دون ان نعمل حوله سيراميكاً وواجهات تجميل ودعايات ولسنا بأشد حرصاً على احترام أم المؤمنين ومحبتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة وسلف هذه الأمة ولم يعملوا حول قبرها هذا العمل الذي ذكرته ودافعت عنه أيها الكاتب. وكيف تستنكر الغلو وأنت تدعو إليه في قول كهذا.
خامسا: قال الكاتب: العالم صعد إلى القمر واخترع المسافات وسرقته التكنولوجيا سريعة الخدمات ولكن يتبقى لدى المسلمين إيمانهم وعقيدتهم والتزامهم بالتشريع الذي حفل به القرآن الكريم والسنة الشريفة دون مساس بالعقيدة وأيضاً دون انجراف إلى المغالات.
وأقول: الحمدلله هذا المطلوب وهو الذي ندعوا إليه وهو عدم المساس بالعقيدة بالغلو في القبور وإحداث شيء حولها لم يشرع في القرآن والسنة الشريفة وليس في هذا مغالاة وإنما فيه اتباع وامتثال واعتدال واتباع للكتاب والسنة.
سادساً: ثم قال الكاتب الجفري: أليس لدى هؤلاء ذريعة لهدم ومحو آثار الإسلام في مكة المكرمة والمدينة المنورة سوى تهمة عبادة الأحجار حتى فقدنا أهم وأكثر آثار الإسلام الأساسية،
نقول له: آثار الاسلام الحقيقية هي إقامة معالمه الشرعية وأحكامه العادلة والتمسك بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وعمارة بيوت الله التي أذن الله ان تُرفع ويُذكر فيها اسمه وفي مقدمتها المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى التي تشد الرحال للعبادة فيها. وأما القبور ومساكن السابقين ومنازلهم فلم يأمر الله ولا رسوله بتتبعها وأحيائها لأن ذلك وسيلة إلى الشرك فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور وأمر بإزالة ما بني عليها.
قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه: ((لا تدع قبراً مشرفاً)) أي مرتفعاً ((إلا سويته)) أي أزلت ارتفاعه وجعلته كسائر القبور مرفوعة عن الأرض قدر شبر كما عليه العمل من عهده صلى الله عليه وسلم في قبور أصحابه وقبور عامة المسلمين إلى اليوم. ومن خالف هذه السنة فلا عبرة به ولا بعمله لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
وأخيراً اسأل الله لي وللكاتب الجفري ولجميع المسلمين التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح ومعرفة الحق والعمل به وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20060518/Con2006051818162.htm
(( دمتم بخير))
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[17 - Feb-2009, مساء 06:06]ـ
حفظ اللَّه شيخاي العلَّامة عبد اللَّه بن جبرين،والعلَّامة صالح بن فوزان الفَوْزان.
ـ[البندقداري]ــــــــ[22 - Feb-2009, مساء 01:16]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
أعتقد أن وجهة نظر الشيخ الجبرين حفظه الله ورعاه تعم جميع المساجد دون تمييز بين تاريخ بنايتها وأصلها , ونحن عندنا في مصر أمثلة من العمارة الإسلامية في المساجد والزوايا القديمة التي لا يوجد لها مثيل في العالم ويجب الحفاظ عليها وحمايتها من الزوال والهدم وإذا طمسناها أو هدمناها سيأتي علينا يوما لا نعرف بالضبط أماكن هذه المساجد والزوايا.
أما المساجد التي بها بها مدفون أو شيخ فهي حديثة بنيت في القرن العشرين كمسجد الحسين مسجد السيدة زينب ومسجد البدوي ومسجد إبراهيم الدسوقي, وهي لا تعتبر من التراث المعماري في مصر.
فلا يجب ان نقارن هذه المساجد- في طرازها-:
1 - بمسجد الأزهر الشريف الذي يعتبر وصلة لجميع الطرز المعمارية في العصور الإسلامية المتوالية علي مصر.
2 - مسجد بن طولون الذي به مئذنة لا يوجد لها مثيل في العالم بعد هدم مئذنة العراق, وهذا المسجد لا يتخذ ضريح ولا شيء.
3 - مسجد الظاهر بيبرس البندقداري. وجميع مساجد المماليك التي تنبء عن عبقرية هندسية لا توجد في العالم.
4 - مساجد الأمراء الأيوبيين في مصر.
- مسجد محمد علي باشا المبني علي غرار المسجد الأزرق في تركيا.
وغيرها من المساجد الأثرية , فلنقرأ التاريخ قبل الكتابة .... وشكرا.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[03 - Mar-2009, صباحاً 09:23]ـ
أخي البندقداري، يظهر لي أنك من هواة فنون العمارة، ولهذا ثقل عليك كلام أهل العلم في هذه المسألة ..
يا أخي إني أحذرك من الغلو في الطين والحجر، فوالله ما أهلك السابقين إلا الغلو!
وأنا أسألك بالله، أيهما أحق بأن يعظم وأن يحفظ في الأرض وأن تدفع عنه سائر ذرائع إفساده أو التنقيص منه ولو حقرت:
- دين الله وشرعة رسوله صلى الله عليه وسلم وهديه المبارك ..
- أم بقايا تلك المباني التي عظمها أصحابها وعظموا بها أنفسهم وموتاهم هدما لكثير من شرائع الدين الحكيم، وأكثرها لم يكن إلا من مساجد الضرار أصلا؟؟
لا شك أنك ستقول دين الله. وأظنك ستستدرك قائلا: أنا لا أرفع شيئا فوق دين الله وشرعه ولكنني أريد أن أبين أن شرع الله لا يتعارض مع تعظيمنا لهذه البنايات لطرزها وأشكالها المعمارية.
وأقول لك: هنا مكمن قصورك عن فهم دين الإسلام - يرحمك الله - وعن فهم المقاصد العليا لشرع الله تبارك وتعالى.
فإن القصد الأعلى والأسمى لهذه الملة المباركة إنما هو التوحيد وإخلاص التوحيد في قلوب العباد لرب العباد جل وعلا، ودرء سائر ما من شأنه أن ينتقص من التوحيد أو يخدشه أو أن يكون ذريعة أو خطوة من خطوات الشيطان التي يفضي تتابعها على العباد إلى إفساد التوحيد وهدمه .. فما به يحفظ تمام الواجب فهو كذلك واجب، وما لا يتحقق القصد الأسمى إلا به فهو مثله! فمن أسمى مقاصد الدين، حفظ الدين وإهدار الاعتبار من كل ما يتهدده ولو من بعيد .. !
فما ضابط تحقيق هذا المقصد وبأي شيء يكون ذلك؟ إنما يكون ذلك بتحقيق أحكام الشرع على نحو ما جرى به عمل النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء والصحابة الكرام من بعده، رضي الله عنهم أجمعين .. فهم ومن قبلهم إمامهم الذي علمهم عن الله ما علمهم، أعلم الخلق بذلك وأحرصهم على صيانة سبيل النجاة طاهرا صافيا كما أنزل، حتى لا تزل قدم عبد عليه بعد ثبوتها، سلمنا الله وإياك والمسلمين من الزلل!
فيا أخي الحبيب عندما تسمع حديثا عن النبي عليه السلام أنه كان يهدم القبب المشرفة، ما الذي يحملك على إخراج قبة قديمة من حكمها بدعوى أنها أثرية أو قديمة أو فيها جمال في الصنعة وعبقرية في كذا وكذا إلا الغلو فيها وفي مثلها؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
هل جاء عن أحد من الصحابة أو أئمة دينك أنهم وضعوا هذا الأمر في اعتبارهم لما أطاعوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم القباب المشرفة؟؟ هل جاء ما يدل على أنهم فرقوا في ذلك بين قديم وحديث، أو حجري وطيني، أو ملون وغير ملون أو منقوش وغير منقوش أو جميل وقبيح؟؟ كلا ما جاءنا عنهم هذا التفريق! ولو قيل بالتفريق بين ما هو "أثر قديم" وما هو حديث جديد في كل مصنوع يصنعه البشر، فنبقي على الأول لهذه العلة ونهدم الثاني، لما استقام لنا تغيير كثير من المنكرات في الأرص التي يجب علينا إزالتها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا!!
بل جاءنا أن النبي عليه السلام قال "ما أمرت بتشييد المساجد"، قال ابن عباس. "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" (أخرجه أبو داود وابن حبان بسند صحيح) .. وجاء في الأثر عن عمر بن الخطاب أنه نهى الناس عن تزيين المساجد وقال (لا تحمروا ولا تصفروا) .. فعلى أي شيء يدلك هذا النص الشرعي ونحوه في بابه يا أخي الحبيب؟ هذا زهد منهم وغلو؟؟ كلا معاذ الله! هذا إنما يدل - وبجلاء - على أن الشرع يهدر قيمة هذا الغلو في بنيان المساجد ويذمه ويجعله من التشبه باليهود والنصارى! وهذا - وتأمل - في شأن المساجد التي لم تُبنَ لتعظيم ميت مقبور، فكيف يا أخي بما بناه أصحابه داخلين به في اللعنة التي في قوله عليه السلام (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)؟؟ أي قيمة في شكل أو في لون أو في صنعة بناء أو فيما يفيده بقاء هذا الأثر أو ذاك من إخبار عن تاريخ القوم ومهارتهم في تلك الصناعة، ترقى في ميزان الشرع والعقل لمقابلة هذه الأحكام والمقاصد الشرعية الكبرى؟؟؟
رجل كان ماهرا في صناعة شيء محرم لا اعتبار به في الشرع، بأي عقل يقول الموحدون المسلمون: احفظوا هذا الذي صنعه ليرى الناس كيف كان السابقون وكيف كانت مهارتهم في الصناعة؟؟ أولو كان محرما وذريعة إلى الشرك، الذي هو أهلك المهالك كلها؟ يا أخي فليتعلم الناس الخير من الخير، لا مما حرمه الله وأمر بهدمه وإزالته!!
هذه هي المشكلة، عين المشكلة التي يعاني منها "المثقفون" في مجتمعاتنا في زماننا هذا! إنه الغلو في تعظيم الإبداع البشري أيا كانت صورته وصفته وأيا كان حكم الشرع والعقل فيه!! ينزل الرجل منهم إلى بلد كالهند - مثلا - حيث لا تزال تعبد الأوثان، فإذا به بدلا من أن ينكر على القوم ويدعو إلى الله أو على الأقل ينفر قلبه من صنيع هؤلاء المساكين ويبغض ذلك، (وهو أدنى درجات الإنكار الواجب، الإنكار بالقلب)، تراه يطوف معهم في طوافهم، يتأمل في دقة الصناعة في ذلك الوثن ويزور المعابد منبهرا مشدوها بفخامة البناء وجمال الزخارف والألوان والتحف في كل مكان، لا يريد أن يفوته ركن من أركان ذلك المكان العظيم في نفسه دون أن يصوره ويحفظ عنده أثره!! يريد أن يتأمل في كل صغيرة وكبيرة يفعلها الكهنة هناك ليتعلم "ثقافة القوم" ليرجع إلى أقرانه ويقول رأيت كذا ورأيت كذا!! كيف يفوته أن يتصور إلى جوار تمثال بوذا العظيم حتى يقول للناس أنظروا، لقد كنت في هذا المكان المهيب وسط هؤلاء، أتأمل في عظمة أجداد الهنود وصناعتهم!!
تأمل يوم قام بعض المجاهدين بنسف تمثال بوذا، - وبغض النظر عن حكم الشرع في هذا العمل تحديدا - كيف قامت قائمة هؤلاء ولم تقعد يذمون ويلعنون في التطرف والتشدد وكذا، وما فكر أحدهم ولو للحظة في الخير الأخروي الذي جلبه زوال ذلك الوثن على تلك البقعة من الأرض وأهلها! الذي حملهم على الثورة والحنق الشديد والضيق بإخوانهم الذين فعلوا تلك الفعلة ليس اعتبار المصالح والمفاسد الشرعية والحرص على درء الفتنة وغير ذلك من ضوابط تغيير المنكر التي لم يراعوها، ولكن طارت عقولهم غضبا لأنهم يعظمون هذا الصنف من مخلفات المشركين ويعتبرونه إرثا ثقافيا يستحق التعظيم والمحافظة عليه وصيانته!! هذا أمر يعظمونه جدا ولا يتصورون أن ينتسب إلى دينهم من يدعو إلى إزالته وهدمه وصد الناس عما يصنعون به!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ترى ذلك المثقف الذي زار بلاد الوثنيين يحرص على ألا يرجع إلى بلده إلا ومعه تمثال شيفا صغير مما يعبده القوم، ليضعه كتحفة يزين بها بيته، حتى يرى الناس أنه ذهب إلى بلاد كذا وكذا وفعل كذا وكذا! فإن سألته قال لك أنا لا أعظمه ولا أعبده، ولكني أعظم الصنعة التي فيه!!! فبئس تلبيس الشياطين ولا حول ولا قوة إلا بالله!
فيا أخي أنا أربأ بك وبقلبك الموحد أن يكون فيه من عوالق هؤلاء المرضى الغارقين في الشركيات والضلالات وهم يحسبون أنهم صفوة الصفوة، أهل الرقي و"الثقافة" وكذا!!!
ملعونة تلك الثقافة التي تقلب الحق باطلا والباطل حقا! ملعون هذا السفه الذي يصير به الرجل عبدا لطين وحجر يعظم ما صنعه به قوم هلكوا وقبروا وهم الآن بصنيعهم هذا في قبورهم يعذبون!!! ملعونة والله تلك الثقافة وذاك التاريخ!!
فيا أخي لا تطلب من العلماء قراءة التاريخ قبل الكتابة لأنهم لم يكتبوا أصلا في تاريخ العمارة والبنيان ولا يعنيهم ذلك، وإنما كتبوا في حكم الشرع فيما عليه حال ذلك البنيان! فهم وإن لم يكونوا ملمين بتاريخ "الطرز المعمارية" و"الزخارف الموسومة بالإسلامية" إلا أنهم على إلمام وعلم بدعوة الكتاب والسنة، والتي بها وبتحكيمها في كل شيء، تكون سعادة المسلمين في الدنيا والآخرة! لا ينقص العلماءَ عدمُ إلمامهم بتاريخ العمارة ولا يضيرهم لأن حكمهم في هذه المسألة ونحوها مبناه تصور ما عليه البنيان الآن في الواقع، واستنباط موقف الشرع منه، وهذا ما يظهر بوضوح أنك - يرحمك الله - قليل الإلمام به ..
تأمل قولك - غفر الله لك:
لا يوجد لها مثيل في العالم ويجب الحفاظ عليها وحمايتها من الزوال والهدم وإذا طمسناها أو هدمناها سيأتي علينا يوما لا نعرف بالضبط أماكن هذه المساجد والزوايا
من الذي أوجب هذا الوجوب الذي تتكلم به؟ ولنفرض يا أخي أنها زالت - كما زال غيرها كثير وانقلب به أصحابه إلى ما قدمت أيديهم - فما الضير في أن يأتي علينا يوم لا نعرف "بالضبط" أماكنها؟؟ ما النفع المتحصل من ذلك في الدنيا والآخرة؟ وإن وزناه بالتحريم والكراهة والمفاسد الشرعية، مع العلم بأن النفع الدنيوي أيا كان متحقق من غير ذلك كما منه، كيف يسوغ لنا أن نقول "يجب أن نبقي عليها ونحميها من الزوال و ... "؟؟؟؟
أخي الحبيب .. دعني أذكر لك بعضا مما في تعظيم تلك الآثار من مفاسد:
1 - في الوقت الذي يأمرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بألا ندخل آثار السابقين إلا باكين، معتبرين بهلاكهم دون تلك البقايا التي تركوها ولم تغن عنهم شيئا - أن يصيبنا مثل ما أصابهم، نحول نحن تلك الآثار التي أشرك أصحابها فيها بالله تعالى إلى مزارات يأتي أصحابها السفهاء ليرشدهم المرشد السياحي إلى مواطن عظمة الأجداد فيها وفي صناعتها ولا حول ولا قوة إلا بالله!
2 - تشجيع المسلمين على الإسراف في الطين والحجر وهو ما كرهه الشارع في غير المساجد، فكيف به في المساجد التي خصت بمزيد من الذم في التشييد (الزخرفة) ونحوه؟
3 - الضريح الذي يجب هدمه - وإن لم يكن فيه مقبور - أصبح يعظم ويفخم ويأتي الناس ليتأملوا في جمال صنعته!
4 - كلما اتسع حظ الدنيا في قلب العبد ضاق حظ الدين والآخرة .. وكلما ازداد حبا للطين والحجر وإخلادا للأرض، زاد عن السماء بعدا!
5 - هذه المساجد التي يعظمها المثقفون هؤلاء لا تجوز الصلاة في أكثرها لأنها بنيت من أجل المقبورين فيها - وإن لم تكن بقاياهم موجودة في القبور! وأكثرها مساجد ضرار، بناها ملك أو سلطان جاهل لا لشيء إلا ليعظم نفسه، ولينظر الناس إلى ما بناه هو مقارنة بما بناه سابقه فيعظم عندهم هذا الذي بناه! وكفى بها من مرثاة أن ترى طريقا في مصر القديمة مرصوصة فيه تلك المساجد رصا، كل مسجد إلى جوار الآخر منسوب إلى سلاطين ما بنوها إلا لتكون قبورا لهم، وليقال من بعدهم هذا ما خلفه السلطان فلان، أنظروا كيف أنه أرقى وأفخم مما خلفه سابقه!! فأي تفريق بين المؤمنين (وهو الضرار في بناء المساجد) فوق هذا؟؟ ثم هم يعظمونه ويقولون "آثار إسلامية"، يجب ألا تزال ... فإلى الله المشتكى!
6 - كفى به من تلبيس أن يقال لهذا كله "إسلامي"! وأن هذا هو التراث الذي يجب الحفاظ عليه والأصالة التي ينبغي لأهل هذه الرقعة من خريطة العالم أن ينتموا إليه ويعيدوا إحياءه في وجه العولمة وتيارات التغيرب وكذا! نعم هذا ما يقولونه! يقولون أحيوا هذه الطرز وحافظوا عليها ففيها هويتكم التي يريد الغرب محوها! هذا صراع بين الأصالة والمعاصرة! صراع عالمي، أنتم فيه كغيركم من شعوب العالم سواء، كل أهل بقعة من الأرض بما خلفه فيها أسلافهم من مثل هذا! فثقافتكم هي تراثكم، تلك البقايا هي تراثكم وهي هويتكم، ولتكن هي دينكم كذلك! تماما كما أن الأشرم الهندوسي هو تراث الهنود وفيه هويتهم، والمعبد المجوسي هو تراث الفرس وفيه هويتهم، وهكذا!! فليحافظ كل على هويته هذه حتى لا تمحوها العولمة!
إنها الثقافة، ألا تعظمون "ثقافة" الأجداد؟؟
هكذا ينادون، وهكذا يريد الشيطان، وهكذا يريد لهم أعداؤهم "التغريبيون" هؤلاء الذين يَحذرون منهم، والله، لو كانوا يعقلون! فليكن تراثكم طوب وحجر وطين، حتى إذا ما فني - وهو فان لا محالة - فني معه ذلك وحل عندكم غيره في مكانه! نعم .. ما تشيدونه اليوم بعد مئة سنة يصبح هو الأثر المعظم والتراث المفخم ويأتي سفهة من ذريتكم يقولون هذا ما خلفه الأجداد وهو التراث وفيه هويتنا فليكن عندنا معظما ولنقابل به تيارات العولمة و ... والله المستعان!
فمتى يفيق هؤلاء من غفوتهم، ويفطنوا لما يريده الأعداء لهم، ويرجعوا إلى حقيقة ما يريده الله منهم؟؟
نسأل الله الهداية للمسلمين.
والحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[03 - Mar-2009, مساء 01:02]ـ
حفظ الله سماحة الشيخ العلامة الجبرين ونفع بعلمه،
وجزاك أخي الحبيب سلمان خير الجزاء وأوفاه وأجزله،
بمثلك تعتز المنتديات وتفخر ...
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[13 - Mar-2009, مساء 05:38]ـ
جزاكُم اللَّهُ خَيْرًا،وَباركَ فيكُم.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Jul-2009, صباحاً 12:00]ـ
رَحِمَ اللَّهُ شيخَنا ابْنَ جِبرينٍ.
ـ[العطاب الحميري]ــــــــ[14 - Jul-2009, مساء 11:09]ـ
أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ... وأصبح مغنى الجود بعدك بلقعا
رحم الله الشيخ ابن جبرين
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[15 - Jul-2009, مساء 08:03]ـ
للرفع
ـ[سمير عبد الخالق]ــــــــ[17 - Jul-2009, صباحاً 12:11]ـ
نسأله عزوجل أن يتقبل شيخنا وامامنا ووالدنا الشيخ ابن جبرين في عباده الصالحين ويُسبغَ عليه واسع رحمته , إنه سبحانه وتعالى وليُّ ذلك والقادر عليه, اللهم اجزه عنا وعن سائر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها خير الجزاءو واجمعنا به اللهم في مستقر رحمتك.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
ـ[شذى الجنوب]ــــــــ[17 - Jul-2009, صباحاً 12:42]ـ
سؤال لطلاب العلم فضلا لا أمرا ..
ما حكم شد الرحل لقبور الصالحين المبنية للسلام عليها فحسب لا لدعائها ولا للتبرك بها؟؟
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[09 - Jan-2010, مساء 03:40]ـ
سؤال لطلاب العلم فضلا لا أمرا ..
ما حكم شد الرحل لقبور الصالحين المبنية للسلام عليها فحسب لا لدعائها ولا للتبرك بها؟؟
ذريعة!
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Apr-2010, صباحاً 11:54]ـ
جزاكم اللَّهُ خَيرًا،وباركَ فيكم.(/)
معنى (لم يعملوا خيراً قط)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 02:40]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
معنى (لم يعملوا خيراً قط)
لا شك و لا ريب أن الحق الذي لا ينبغي المحيد عنه ـ أخي السلفي ـ أن الإيمان قول و عمل؛ قول القلب (و هو اعتقاده)، و قول اللسان، و عمل القلب و عمل الجوارح؛ مع اعتبار كل من القول و الاعتقاد و العمل أركاناً في الإيمان؛ لا يقوم الإيمان إلا بها جميعاً، أما تصور وجود إيمان شرعي صحيح في القلب مع تخلف جميع أعمال الجوارح فغير ممكن، بل و مخالف لإجماع السلف الصالح في حقيقة الإيمان.
و أما من جعل مسألة تارك عمل الجوارح بالكلية مسألة خلافية بين أهل السنة، فقوله مخالف للصواب بلا أدنى ارتياب، فالإجماع منقول عن السلف على كفر تارك جنس العمل، و انظر ـ لزاماً ـ رسالة ’’تنبيه الغافلين إلى إجماع المسلمين على أن ترك جنس العمل كفر بالدين‘‘ للشيخ حمد العتيق حفظه الله.
و قال الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله: ((فهم [أي المرجئة] لم يفرقوا بين جنس العمل ـ و الذي يعد شرطاً في صحة الإيمان عند أهل السنة ـ و بين آحاد العمل و أفراده و الذي يعد تاركه غير مستكمل الإيمان))، ’’الأجوبة السديدة‘‘ (6/ 318).
و قد يعترض أحدهم بالأحاديث التي جاء فيها: (أن الله يخرج من النار أناساً لم يعملوا خيراً قط)، و هذه الأحاديث حق، غير أنها من المتشابه، و سبيل أهل السنة هو رد المتشابه إلى المحكم، فلا تعارض بين نصوص الكتاب و السنة، و لله الحمد.
و أنقل هنا بعض كلام أهل العلم في توجيه هذا الحديث، أسأل الله أن ينفع به من لم يزل عنده شك في المسألة؛ خاصة و كثير من طلبة العلم الذين لم ترسخ أقدامهم في فهم عقيدة السلف لا يزالون يثيرون الشبه حول إجماع السلف في هذا الباب، هدانا الله و إياهم إلى الحق.
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب ’’التوحيد‘‘ (2/ 732): ((هذه اللفظة: (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي تقوله العرب بنفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال و التمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل: لم يعملوا خيراً قط على التمام و الكمال، لا على ما أُوجب عليه، و أُمر به)).
و قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ((معنى قوله: (لم يعملوا خيراً قط) أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل؛ آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل، وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط.
وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً؛ فإن من لم يصل فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة، وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين، والعياذ بالله.
فالمهم أن هذا الحديث: إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط، وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لابد أن يعمل كالصلاة؛ فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار))، ’’فتاوى العقيدة‘‘ (رقم123، ص123) ط. دار المنهاج.
و سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله أن هناك من يقول بأن ترك العمل الظاهر بالكلية لا يكفر و يستدل على هذا بحديث (لم يعملوا خيرا قط)، و حديث صاحب البطاقة، فما هو الرد على هذه الشبه؟
فأجاب أطال الله في عمره بما نصه: ((هذه طريقة أهل الزيغ؛ يأخذون حديثاً واحداً و يتركون بقية الأحاديث. الراسخون في العلم يجمعون بين الأدلة، بين كلام الله و كلام رسوله و يفسرون بعضه ببعض، أما أنه يأخذ حديث البطاقة فقط، أو حديث (لم يعملوا خيراً قط)، و يترك الأحاديث المقيدة لهذه الأحاديث المطلقة، فهذا ضلال و العياذ بالله، {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه} [آل عمران:7].
(يُتْبَعُ)
(/)
المتشابه يرد إلى المحكم، فنحمل حديث صاحب البطاقة و صاحب الذي لم يعمل خيراً قط و يخرج من النار؛ على أنه لم يتمكن من العمل، نطق بـ (لا إله إلا الله) عن قلب و عن إيمان، ثم قتل أو مات في الحال و لم يتمكن من العمل، أو كان لم يبلغه شيء من هذا الدين لبعده عن بلاد المسلمين، و لكن قال لا اله إلا الله مخلصا و لم يعمل، لأنه لم يعرف العمل.
أما الذي ليس له عذر في ترك العمل، و تركه من غير عذر، فهذا ليس بمؤمن، بدليل الآيات و الأحاديث التي تدل على أن الإيمان لابد معه من العمل))، ’’مذهب أهل السنة و الجماعة في الإيمان‘‘ (ص59 - 60).
و سئل الشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي حفظه الله: كيف توجه حديث: (أن يخرج من النار أناساً لم يعملوا خيرا قط)؟
فأجاب نفع الله به: ((نوجهه أن معهم التوحيد، و أهل التوحيد لا يخلدون في النار و إن عذبوا فيها، بل مآلهم الجنة بشفاعة الشافعين كما جاء في حديث الشفاعة: (شفعت الملائكة و شفع الأنبياء و شفع الصالحون و لم يبق إلا ارحم الراحمين)، فيخرج من النار قوماً قد امتحشوا فيوضعون في نهر الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يدخلون الجنة و يقال هؤلاء عتقاء الرحمن؛ فالمهم أنه لا يبقى في النار أحد في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان، فهذا هو الذي يحمل عليه الحديث في نظري، و الله أعلم))، ’’العقد المنضد الجديد في الإجابة على مسائل الفقه و المناهج و التوحيد‘‘ (1/ 45).
ثم علَّق في الحاشية قائلاً (ص45 - 46): ((و وُفِّقت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ و عضوية كل من الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، و الشيخ بكر بن عبد الله أبي زيد، فقد قالوا ما نصه: (و أما ما جاء في الحديث (أن قوماً يدخلون الجنة لم يعملوا خيراً قط) فليس عاماً لكل من ترك العمل و هو يقدر عليه، و إنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة و ما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب) اهـ، رقم الفتوى (21436) و تاريخ (8/ 4/1421هـ).
قلت ـ أي الشيخ زيد ـ: و كلامهم هذا فيه جمع بين نصوص الوعد و الوعيد كما فيه رد المشكل من النصوص إلى المبين، و الله أعلم)).
و قوله حفظه الله: ((معهم التوحيد، و أهل التوحيد لا يخلدون في النار و إن عذبوا فيها .. ))، يُفسِّره كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في ’’كشف الشبهات‘‘: ((لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب و اللسان و العمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون في مع إبليس و أمثالهما .. ))، انظر ’’شرح كشف الشبهات‘‘ (ص116) للعلامة الفوزان.
و قال أيضاً: ((لا خلاف بين الأمة أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب الذي هو العلم، و اللسان الذي هو القول، و العمل الذي هو تنفيذ الأوامر و [اجتناب] النواهي، فإن أخل بشيء من هذا، لم يكن الرجل مسلماً، فإن أقر بالتوحيد ولم يعمل به؛ فهو كافر معاند كفرعون وإبليس و أمثالهما .. ))، ’’الدرر السنية‘‘ (2/ 124).
و قال رحمه الله: ((فلابد في شهادة: ألا إله إلا الله، من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان؛ فإن اختل نوع من هذه الأنواع، لم يكن الرجل مسلماً؛ فإذا كان الرجل مسلماً، وعاملاً بالأركان، ثم حدث منه قول، أو فعل، أو اعتقاد، يناقض ذلك، لم ينفعه قول: لا إله إلا الله؛ وأدلة ذلك في الكتاب والسنة، وكلام أئمة الإسلام، أكثر من أن تحصر))، ’’الدرر السنية‘‘ (2/ 350).
و قال أيضاً ـ كما في ’’الدرر السنية‘‘ (10/ 87) ـ: ((اعلم رحمك الله: أن دين الله يكون على القلب بالاعتقاد، وبالحب والبغض، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام، وترك الأفعال التي تكفر؛ فإذا اختل واحدة من هذه الثلاث، كفر وارتد)).
و النقلين الأخيرين استفدتهما من أحد تعليقات الشيخ أسامة بن عطايا العتيبي على شبكة الانترنت، فجزاه الله خيراً، و أعظم له أجراً.
تم ما أردت نقله في هذا المقال، و الحمد لله رب العالمين.
فريد المرادي.
الجزائر في 20 محرم 1428هـ.
ـ[محمد السالم]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 04:01]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
ليس في الحديث نفي إيمانهم، وإنما فيه تفي عملهم الخير، وفي الحديث الآخر، فيخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وقد يحصل في قلب العبد مثقال ذرة من إيمان، وإن كان لم يعمل خيرا، ونفي العمل أيضا لا يقتضي نفي القول، بل يقال فيمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ومات ولم يعمل بجوارحه قط إنه لم يعمل خيرا، فإن العمل قد لا يدخل فيه القول، لقوله (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وإذا لم يدخل في النفي إيمان القلب واللسان، لم يكن في ذلك ما يناقض القرآن
نقله عنه ابن المحب المقدسي في كتاب إثبات أحاديث الصفات ص 455 / ب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حماد]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 04:06]ـ
من أفضل من تحدث في هذا وبسط القول فيه الشيخ عبدالله السعد، في تقديمه لكتاب " رفع اللائمة "، وهو مهم لتقرير مسائل الإيمان والحديث عنها، ورد شبهات البعض.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[07 - Aug-2007, مساء 07:08]ـ
/// بارك الله فيكم.
/// لدحض الاستدلال بتلك اللَّفظة من الحديث ينبغي الرُّجوع لنفس روايات هذا الحديث العظيم ففيها ما يردُّ على هذه الشُّبهة، ويبيِّن ما فيها من إشكالٍ.
/// وأنا أذكره ممَّا لاح لي ولا أدري هل سُبِقْت به أو لا.
/// هذه اللَّفظة ورَدت في سياق حديث شفاعة المؤمنين لإخوانهم، وقدجاءت في رواياتٍ وألفاظٍ مختلفة في الصَّحيحين، ولو تأمَّلْنا كلَّ هذه الرِّوايات وألفاظها المختلفة، لتبيَّنَ أنَّها يشرح بعضها بعضًا، ولا حُجَّة فيها لمن قال بتلك المقالة الفاسدة المخالفة لمذهب أهل السُّنَّة.
/// وانظروا وتأمَّلُوا جيِّدًا إلى هذه الرِّوايات وما أحمِّر به وأضع عليه خطًَّا من بعض ألفاظها:
/// في إحداها قال: "يقولون: ربَّنا إخواننا، كانوا يصلُّون معنا ويصومون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمانٍ، فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم، وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينارٍ فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرَّةٍ من إيمانٍ فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا، قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرؤوا: (إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرَّةٍ وإن تك حسنةً يضاعفها)، فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقولُ: شفاعتي، فيقبض قبضة من النَّار، فيخرج أقوامًا قد امتحشوا فيلقون في نهرٍ بأفواه الجنَّة، يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه، كما تنبت الحبة في حميل السيل ...
فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرَّحمن، أدخلهم الجنة بغير عملٍ عملوه، ولا خيرٍ قدَّمُوه".
/// ففي الحديث أنَّ الموصوفين بأنَّ في قلوبهم من الإيمان مثقال ذرَّةٍ أو مثقال دينارٍ، أو مثقال نصف دينار، كانوا يصلُّون مع إخوانهم ويصومون معهم.
/// فلو قال قائل: فكيف يصلُّون ويصومون، وهم إخوانهم ثمَّ يكون الإيمان في قلوبهم مثقال ذرَّةٍ؟
/// فالجواب: أنَّ تلك الأعمال قد ذهب ثوابها فكأنَّهم لم يعملوا خيرًا قطُّ، لا صلاةً ولا صيامًا ولا غير ذلك.
/// فواجبات الأعمال كالصَّلاة ونحوها قد سقطت عنهم أداؤها، ولكن قد ذهب ثوابها، فكأنَّهم لم يعلموا خيرًا قطُّ.
/// ولهذا دلائل كثيرةٌ من الكتاب والسُّنَّة، كحديث المفلس الذي يأتي يوم القيامة وله صلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته، حتَّى تفنى حسناته ثم يلقى به في النَّار.
/// وممَّا يبيِّن الجزئيَّة الأخيرة من الرِّواية الماضية ما إحدى في روايات مسلمٍ: "حتى إذا فَرَغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئًا، ممَّن أراد الله تعالى أن يرحمه، ممن يقول: (لا إله إلا الله)، فيعرفونهم في النَّار، يعرفونهم بأثر السُّجود؛ تأكل النَّار من ابن آدم إلا أثر السَّجُود، حرَّم الله على النَّار أن تأكل أثر السُّجود، فيخرجون من النَّار وقد امتحشوا، فيصبُّ عليهم ماء الحياة، فينبتون منه كما تنبت الحبَّة في حميل السَّيل، ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد".
/// فتبيَّن أنَّهم كانوا يصلُّون، إذ لو لم يكونوا كذلك كيف تكون لهم آثار للسجُّود، فأيُّ سجود فعلوه حتَّى تبقى آثارها على صورهم.
/// والله أعلم، ما كان صوابًا فمن الله المنَّة والفضل، وإن كان خطأً فمنِّي ومن الشَّيطان.
/// ولو كانت لكم ملاحظاتٌ على هذا الاستدلال فأنا إلى الإفادة منه مشتاق.
/// والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو عثمان السلفي]ــــــــ[08 - Aug-2007, صباحاً 11:21]ـ
شفاعة المؤمنين في المرة الأولى كانت للمصلين، أما ما بعدها فكانت لغير المصلين؛ وجاء في بعض الروايات: ((فيقولون: ربنا، قد أخرجنا ما أمرتنا)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولمزيد مِن الفائدة انظر «السلسلة الصحيحة» (7/ 127 - 154).
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 02:33]ـ
تنبيهات وتعقيبات:
/// كنتُ قد أجملتُ في التعقيب السَّالف حتَّى رأيت تعقيبك فأبيِّن مجمل ذلك في أمور:
1 - أوَّلًا: المواضع الأولى والأخرى كلُّها ليس فيها دلالةٌ أونصٌّ على أنَّهم كانوا غير مصلَّين أو غير صائمين ... ونحو ذلك، بل العكس هو الأوجه، وإليك البيان.
/// ممَّا يبيِّن هذا نفس الرِّواية التي أحلتَ عليها في الصَّحيحة (3054) ممَّا ارتضاها الشَّيخ الألباني رحمه الله ((نفسهُ)) وساقها، وبيِّن مجمل الرِّوايات بجمعها بما يسَّمى بالتلفيق في سياقٍ تامٍّ، ووضع ذلك الجمع بين معكوفات، ففيها: ((ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا [ويجاهدون معنا] فأدخلتهم النار. قال: فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم [لم تغش الوجه] فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه [فيخرجون منها بشرا كثيرا] فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا. ثم [يعودون فيتكلمون فـ] يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان. [فيخرجون خلقا كثيرا] ثم [يقولون: ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا. ثم يقول: ارجعوا فـ] من كان في قلبه وزن نصف دينار [فأخرجوه. فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا. . .] حتى يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة. [فيخرجون خلقا كثيرا])).
/// ولاحظوا معي هذا البيان مع ملاحظة ما حمَّرتُ عليه وخططت تحته بخطٍّ:
1 - ففي المرَّة الأولى قال هؤلاء الشُّفعاء: ((إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا [ويجاهدون معنا] فأدخلتهم النار)).
/// فهذه المرَّة احتجُّوا بأنَّهم إخوانهم كانوا معهم، يعرفونهم بصلاةٍ وصيام وحجٍّ وجِهادٍ، فما كان جواب ربِّهم لهم: ((اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم، فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم، لا تأكل النار صورهم [لم تغش الوجه])).
/// إذن .. عرفوهم بصور وجوههم، كأنَّهم كانوا يعرفونهم بأعيانهم في الدُّنيا؛ ولذا قال: (أخرجُوا مَنْ عرفتم منهم)، فعرفوهم بصورهم ودارات وجوههم كما في الحديث الذي ذكره الألباني بعد هذا الحديث: (إن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إلَّا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة)؛ فلم يذكر أنَّهم يخرجوهم لأنَّهم إخوانهم مصلُّون وصائمون مطلقًا، بل لأنَّهم يعرفونهم فقط، ولا بآثار السُّجود فقط، بل بدارات وصور وجوههم؛ إذ بها عرفوهم.
/// انتهينا من هذه المرَّة الأولى؛ لأنَّهم قالوا عقبها: ((ربنا قد أخرجنا من أمرتنا))، يعني من أولئك الذين عرفوهم بصورهم.
2 - ثمَّ نأتي إلى المرَّة الثَّانية قال هؤلاء الشُّفعاء: ((فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا. ثم [يعودون فيتكلَّمون فـ] يقول: أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان، [فيخرجون خلقًا كثيرًا])).
/// فهذه المرَّة احتجُّوا أيضًا بأنَّهم إخوانهم كانوا معهم، يعرفونهم بصلاةٍ وصيام وحجٍّ وجِهادٍ؛ لأنَّه قال: ((ثم يعودون فيتكلَّمُون))، يتكلَّمون بماذا؟! لم يبيِّن!
/// ولو حملنا ما أُجمل على ما بيِّن في المرَّة الأولى فيكون الجواب: أي: يتكلَّمُون بما تقدَّم، وهو ((أنَّهم كانوا يصلُّون ويصومون ويحجُّون ويجاهدون)).
/// فما كان جواب ربِّهم لهم: ((أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان)).
/// فإن قيل: فما الفرق بين أولاء والأوائل، يُقال: الأولائل لم تأكل النَّار دارات وجوههم ولا صورهم، فعرفوهم فسهُل إخراجهم، وهؤلاء بخلافهم، ولذا كانت لهم علامةٌ أخرى يخرجون بها، وهي وجود مثقال دينار من الإيمان.
/// انتهينا من هذه المرَّة الثَّانية أيضًا؛ لأنَّهم قالوا عقبها: ((ربنا قد أخرجنا من أمرتنا))، يعني من أولئك الذين عرفوهم بوجود مثقال دينارٍ من الإيمان في قلوبهم.
3 - ثمَّ نأتي إلى المرَّة الثَّالثة فكذلك الشَّأن، ولكنَّ علامتهم في هذه المرَّة هي: ((من كان في قلبه وزن نصف دينار))، وفي المرَّة الرَّابعة كذلك، ولكنَّ علامتهم في هذه المرَّة هي: ((من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من الإيمان)).
(يُتْبَعُ)
(/)
/// فإذن .. انتيهنا من هذه المرار الأربعة، وبقيت شفاعة ربِّ العالمين فيمن هم كذلك، ولكنَّهم لم يشفع فيهم أحدٌ، فيشفع فيهم ربُّ العالمين ويخرجهم منها برحمته، كما قال: "ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين، قال: فيقبض قبضة من النار -أو قال قبضتين- ناسا لم يعملوا لله خيرًا قط، قد احترقوا حتى صاروا حممًا، قال: فيؤتى بهم إلى ماء، يقال له: (الحياة) فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل".
/// والملاحظُ أنَّ الكلام في جميع الرِّوايات تقريبًا عمَّن يصبُّ الله عليهم ماء الحياة، فينبتون نبات الحَبَّة في حميل السَّيل، وهم من آخر من يخرج من النَّار، وهم الذي يخرجهم الله بشفاعته هو، كما تقدَّم في رواية مسلمٍ من تعقيبي الأوَّل.
/// وهؤلاء قد ورَد النَّصُّ على أنَّهم إنَّما يُخرجُون بأمر الله للملائكة، وأنَّهم يُعرفون بـ ((آثار السُّجود))، وقد تقدَّم بيان موضع الاستشهاد من هذه اللَّفظة، وأنَّهم إنَّما وُصِفُوا بذلك لأنَّهم كانوا يُصلُّون؛ إذ لو لم يكونوا قد صلُّوا لله قطُّ فكيف تكون لهم آثار للسُّجود، فما الفارق بينهم وبين غيرهم من أهل النَّار كالكفرة الذين لا آثار سجود لهم؟!
/// وهذه الرِّواية التي تبيِّنُ أنَّهم ((يُعرفون بآثار السُّجود)) =تبيِّنُ ما أُجمِلَ ممَّا في سياق الشَّيخ الألباني المتقدِّم: ((فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدَّموه)).
/// وإليك بيان هذا بجلاء من رواية البخاري: ((حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم؛ فيعرفونهم بعلامة آثار السُّجُود، وحرَّم الله على النَّار أنْ تأكل من ابن آدم أَثَر السُّجُود، فيخرجونهم قد امتحشوا فيصُبُّ عليهم ماءً يُقَال له: (ماء الحياة)، فينبتون نبات الحَبَّة في حميل السَّيل ... )) الحديث.
/// فإن قيل: فليس في هذه المرَّة أنَّهم يُعرفون بآثار السُجُود، وأنَّ الله قد قبضهم من النَّار قبضةً أوقبضتين، فيُقال: يُردُّ هذا على ما تقدَّم بيانه في إخراج الملائكة؛ إذ يُقال يحتمل أنَّ الملائكة إنَّما يخرجون ممَّن يُعرفون بآثار السُّجود ممَّن يقبضهم الله من النَّار قبضةً.
/// إذ ممَّا يؤكِّد هذا الرَّد أنَّهم هم الذي يصبُّ عليهم ماء الحياة، وهم الذين ينبتون كما تنبت الحَبَّة في حميل السَّيل، وهم المسمَّون بـ (عتقاء الرَّحمن)، وهم آخر المشفوع فيهم ممَّا تقدَّم، في جميع الرِّوايات، وبهذا يتلائم سياق كلِّ هذه الرِّوايات.
/// ثمَّ ماذا بعد هذا يبقى (شخصٌ واحدٌ أخيرٌ): فيُخرج الله ((رجلًا واحدًا)) فقط، قال عنه النَّبيُّ (ص): ((ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار)) ثمَّ أكَّده أبوهريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((بأنَّه آخر أهل الجنة دخولًا الجنَّة)).
/// ولم يبيِّن أيضًا أنَّه لم يكن مصلِّيًا ولا كذا ولا كذا ... بل أُجمل فيُردُّ على ما بُيِّن ممَّا تقدَّم، وبأنَّ هذا ممَّن لم يدخل فيمن قبضهم الرحمن من النَّار قبضةً أوقبضتين، وهم الذين -على احتمالٍ- عرفتهم الملائكة بآثار السُّجود.
/// وبعدُ .. فأين ذكر ((وبيان وإيضاح)) من لم يكن مصلِّيًا ولا صائمًا ولا .. ولا .. ، ولا يُعرف بآثار السُّجود؟!
لم يُذكر ((ببيان ودلالةٍ قاطعةٍ)) في روايات الحديث، إلَّا ما أُجمِل ممَّا تقدَّم ومع ردِّه إلى بيانه -على مذهب أهل السُنَّة- اتَّضح المراد، والحمدلله ربِّ العالمين.
2 - ثانيًا: أنَّنا لو حملنا ما أُجمل على ما بُيِّن، ممَّا تبيَّن بيانُه، مع ملاحظة أنَّ ذلك هو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة في الإيمان لتبيَّن وزال الإشكال فيها.
/// والجمع إذا أمكن واحتمل أن يكون على وجهين أوأكثر يكون الرَّاجح منه ما كان موافقًا لمذهب أهل السُّنَّة والجماعة، الذين بنَوا مذهبهم على مجموع النُّصوص وليس على أفرادها ممَّا فيه شيءٌ من المتشابه، فيردُّ المتشابه إلى المحكم.
/// والعقائد والقواعد لا تنبى على شُذَّاذ النُّصوص أومجملها، والإعراض عن مبيِّنها، فتأمَّل.
3 - ثالثًا: ما ذكره السَّلفي في تعقيبه السَّابق، من أنَّ: "شفاعة المؤمنين في المرة الأولى كانت للمصلين، أما ما بعدها فكانت لغير المصلين؛ وجاء في بعض الروايات: ((فيقولون: ربنا، قد أخرجنا ما أمرتنا)) " =لادليل عليه إلَّا بفهم من فهمه، والفهم يُتنازع عليه، خاصَّةً إن كان مخالفًا لمذهب أهل السُّنَّة فيُردُّ عندئذٍ، مع صرف النَّظر عمَّن قاله، ولو كنَّا نحترمه ونعترف بعمله وفضله.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 02:34]ـ
الشيخ عدنان البخاري وفقه الله ...
جزاكم الله خيراً على إضافتكم النفيسة ...
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 02:37]ـ
/// الأخ فريد المرادي ... وفقه الله
وجزاك الله خيرًا، بقي أن تنظر إلى الرَّدِّ على ما أورده الأخ السَّلفي فيما تقدَّم إجماله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وليد الدلبحي]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 03:10]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عدنان، كنت قد كتبت رداً مطولاً على الأخ السلفي وما أحال إليه في الصحيحة، فنظرت فإذا ردك واضح بين، لا غبار عليه، فكفيتني مؤنة الرد، فلا حرمك الله الأجر، وأسأل الله أم يجري الحق على لسانك وبنانك، وجزاك الله خيراً، وباقي إخواننا في الله.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 03:47]ـ
/// وإياكم أخي الكريم، وبارك الله فيكم.
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب ’’التوحيد‘‘ (2/ 732): ((هذه اللفظة: (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي تقوله العرب بنفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال و التمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل: لم يعملوا خيراً قط على التمام و الكمال، لا على ما أُوجب عليه، و أُمر به)).
/// وممَّا يؤكِّد هذا الاستعمال عند العرب، وأنَّه ليس المراد به ظاهره من نفي الخيريَّة مطلقًا، ما في مسلم من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص): ((يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا بن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا بن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول: لا، والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط)).
/// فهذا الرَّجُل مع كونه من أنعم أهل الدُّنيا أجاب عن قوله: (هل رأيت خيرًا، هل مرَّ بك نعيمٌ قط) فقال: لا، وكذلك الآخر الذي هو أبأس أهل الدنيا.
ـ[الغُندر]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 05:26]ـ
قال الامام احمد:
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ فَلَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لِأَهْلِهِ انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ أَنْ يُحْرِقُوهُ حَتَّى يَدَعُوهُ حُمَمًا ثُمَّ اطْحَنُوهُ ثُمَّ اذْرُوهُ فِي يَوْمِ رِيحٍ فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ فَإِذَا هُوَ فِي قَبْضَةِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ قَالَ أَيْ رَبِّ مِنْ مَخَافَتِكَ قَالَ فَغُفِرَ لَهُ بِهَا وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 05:42]ـ
قال الامام احمد:
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ فَلَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لِأَهْلِهِ انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ أَنْ يُحْرِقُوهُ حَتَّى يَدَعُوهُ حُمَمًا ثُمَّ اطْحَنُوهُ ثُمَّ اذْرُوهُ فِي يَوْمِ رِيحٍ فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ فَإِذَا هُوَ فِي قَبْضَةِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ قَالَ أَيْ رَبِّ مِنْ مَخَافَتِكَ قَالَ فَغُفِرَ لَهُ بِهَا وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ
/// الردُّ على مثل هذا تقدَّم: و قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ((معنى قوله: (لم يعملوا خيراً قط) أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل؛ آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل، وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط.
وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً؛ فإن من لم يصل فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة، وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين، والعياذ بالله.
فالمهم أن هذا الحديث: إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط، وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لابد أن يعمل كالصلاة؛ فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار))، ’’فتاوى العقيدة‘‘ (رقم123، ص123) ط. دار المنهاج.
و سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله أن هناك من يقول بأن ترك العمل الظاهر بالكلية لا يكفر و يستدل على هذا بحديث (لم يعملوا خيرا قط)، و حديث صاحب البطاقة، فما هو الرد على هذه الشبه؟
فأجاب أطال الله في عمره بما نصه: ((هذه طريقة أهل الزيغ؛ يأخذون حديثاً واحداً و يتركون بقية الأحاديث. الراسخون في العلم يجمعون بين الأدلة، بين كلام الله و كلام رسوله و يفسرون بعضه ببعض، أما أنه يأخذ حديث البطاقة فقط، أو حديث (لم يعملوا خيراً قط)، و يترك الأحاديث المقيدة لهذه الأحاديث المطلقة، فهذا ضلال و العياذ بالله، {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه} [آل عمران:7].
المتشابه يرد إلى المحكم، فنحمل حديث صاحب البطاقة و صاحب الذي لم يعمل خيراً قط و يخرج من النار؛ على أنه لم يتمكن من العمل، نطق بـ (لا إله إلا الله) عن قلب و عن إيمان، ثم قتل أو مات في الحال و لم يتمكن من العمل، أو كان لم يبلغه شيء من هذا الدين لبعده عن بلاد المسلمين، و لكن قال لا اله إلا الله مخلصا و لم يعمل، لأنه لم يعرف العمل. أما الذي ليس له عذر في ترك العمل، و تركه من غير عذر، فهذا ليس بمؤمن، بدليل الآيات و الأحاديث التي تدل على أن الإيمان لابد معه من العمل))، ’’مذهب أهل السنة و الجماعة في الإيمان‘‘ (ص59 - 60).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 05:43]ـ
الشيخ عدنان البخاري لقد أفدت فأجدت، و لا عطر بعد عروس ...
و يمكن إضافة ما يلي في انتظار توجيهكم:
1 - قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله:
((كلام العرب المستفيض عندنا غير مستنكر في إزالة العمل عن عامله إذا عمله على غير حقيقة، ألا ترى أنهم يقولون للصانع إذا كان ليس بمحكم لعمله: ما صنعت شيئاً و لا عملت شيئاً، و إنما وقع معناه هاهنا على نفي التجويد لا على الصنعة نفسها، فهو عامل عندهم بالاسم، و غير عامل بالإتقان .. )) ’’الإيمان‘‘ (ص41).
2 - ورد لفظ (لم يعمل خيراً قط) في من عمل بعض العمل؛ مثل حديث أنعم أهل الدنيا ـ و قد نقله الشيخ عدنان في الأعلى ـ، و حديث من كان يقرض الناس و يسامح المعسر منهم، و كذلك حديث قاتل مائة نفس، و في غيرها من الأحاديث التي تدل على أن نفي العمل ليس على إطلاقه.
3 - لفظة (الإيمان) الواردة في حديث الشفاعة (مثقال حبة دينار من الإيمان ... ) لفظة شرعية وردت في نصوص شرعية، فلا بد من تفسيرها بالتفسير الشرعي لا العرفي و لا اللغوي.
و الإيمان قول و عمل و اعتقاد، و إنما خص القلب بالذكر لأنه أصل الإيمان، و الله أعلم.
4 - ظاهر حديث (لم يعملوا خيراً قط) يدخل فيه عمل القلب أيضاً.
فإن قيل: الإجماع خصص أعمال القلب من هذا العموم.
فيقال: كذلك الإجماع قد خصص جنس أعمال الجوارح من العموم.
و يقال لهم أيضاً: كيف وجد عمل القلب و انتفى عمل الجوارح، مع أن أهل السلف أجمعوا على التلازم بينهما ضرورة، فإن وجد عمل القلب تبعه عمل الجوارح، فإن نقص أحدهما دل على نقصان الآخر، و كذلك إذا انتفى أحدهما انتفى الآخر و لابد.
(و لا مورد هنا لذكر المنافقين، لأن الكلام عمن يخرج من النار من أهل التوحيد، فتنبه).
5 - بعض أهل العلم ذهب إلى أن حديث أبا سعيد في الجهنميين من المتشابه، فوجب رده إلى المحكم من أحديث الشفاعة مثل حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين.
و الله أعلى و أعلم.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 08:31]ـ
الشيخ الكريم: المرادي: جزاكم الله خيرًا عن هذا المقال.
ولعلكم تلزمون المخالف بـ (أعمال القلوب) .. هل هي ضمن المنفي في الحديث!
والباقي تعرفونه ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 08:45]ـ
إخواني الأفاضل هناك سؤال أرجو توضيحه توضيحا شافيا وهو:
معلوم أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، وعلى رأي كثير من أهل العلم أن الترك عمل، فعلى هذا من ترك نواقض الإٍسلام التي تؤتى بالجوارح فإنه قد أتى بجنس أعمال الجوارح ويبقى بعد ذلك التفصيل في مسألة المباني الأربعة .... فما قولكم دام نفعكم؟
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 08:56]ـ
الشيخ الكريم: المرادي: جزاكم الله خيرًا عن هذا المقال.
ولعلكم تلزمون المخالف بـ (أعمال القلوب) .. هل هي ضمن المنفي في الحديث!
والباقي تعرفونه ..
الشيخ الفاضل سليمان الخراشي بارك الله فيكم على التنبيه ...
و قد ذكرتُ ذلك في التعليق السابق، حيث جاء فيه:
4 - ظاهر حديث (لم يعملوا خيراً قط) يدخل فيه عمل القلب أيضاً.
فإن قيل: الإجماع خصص أعمال القلب من هذا العموم.
فيقال: كذلك الإجماع قد خصص جنس أعمال الجوارح من العموم.
و يقال لهم أيضاً: كيف وجد عمل القلب و انتفى عمل الجوارح، مع أن السلف أجمعوا على التلازم بينهما ضرورة، فإن وجد عمل القلب تبعه عمل الجوارح، فإن نقص أحدهما دل على نقصان الآخر، و كذلك إذا انتفى أحدهما انتفى الآخر و لابد.
(و لا مورد هنا لذكر المنافقين، لأن الكلام عمن يخرج من النار من أهل التوحيد، فتنبه).
=====
تنبيه مهم: قولكم ـ غفر الله لي و لكم ـ: (الشيخ الكريم)، بعيد عن الواقع، بل هو فوق حقيقتي ـ و أنا أعلم بنفسي من غيري ـ ...
أسأل الله لي و لك التوفيق و السداد، و أن يستعملنا جميعاً في رضاه ...
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[08 - Aug-2007, مساء 09:42]ـ
/// أخي الكريم فريد المرادي ... وفقك الله وبارك فيك
استدلالاتك وجيهةٌ وجيِّدةٌ في محلِّها.
وأسأل الله أن ينفع بي وبك دومًا
ـ[رائد]ــــــــ[09 - Aug-2007, صباحاً 12:29]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=7 1&catid=73&artid=1864
دراسة حديث الجهنميين
عبد الرحيم بن صمايل السلمي 26/ 12/1423
27/ 02/2003
المقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنَّ حديث الشفاعة الطويل من الأحاديث المهمة في العقيدة؛ لأنه يشتمل على مسائل كثيرة في باب الرؤية والشفاعة وصفة الجنة والنار والإيمان واليوم الآخر والصفات والوعد والوعيد وغيرها من المسائل.
ويوجد في هذا الحديث الطويل روايات مشكلة اختلفت فيها الآراء وتعددت فيها الأقوال.
وحديث الجهنميين هو جزء من حديث الشفاعة الطويل وهو الفقرة التي ذُكر فيها خروج عصاة الموحدين من النار فهم آخر هؤلاء العصاة الخارجين من النار وقد ورد في وصفهم مجموعة روايات تصفهم بأنهم يقولون لا إله إلا الله ويتركون الشرك ويعرفون بأثر السجود يعني من أهل الصلاة ووردت رواية صارت موضوع إشكال عند العلماء واختلفوا في المراد بها وهي قوله " لم يعملوا خيراً قط " فإن الظاهر الصرف من هذه الرواية وحدها يقتضي أنهم ليسوا من المسلمين مما يدل على مناقضة الروايات التي تصفهم بما تقدم.
ولهذا تعددت التصورات في حقيقة هؤلاء: هل هم لم يعملوا أي عملٍ من أعمال الإسلام أبداً؟ أم عملوا عملاً قليلاً ناقصاً أمكن وصفهم بأنهم لم يعملوا عملاً كاملاً قط؟
وقبل ذلك: ما هو حال هذه الرواية من حيث الصحة والضعف؟ ولأن هذه المسألة تتعلق بأصل الإيمان المنجي وحده الأدنى كان لابد من معرفة القول الحق في هذه الرواية المشكلة في الحديث. فالمعني بالدراسة في هذا البحث هو حديث الجهنميين من حيث تخريجه ومعانيه اللغوية وتوجيه الرواية المشكلة فيه.
وقسمتُ هذا البحث إلى ثلاث مباحث:
المبحث الأول: تخريج حديث الجهنميين.
المبحث الثاني: المعاني اللغوية في الحديث.
المبحث الثالث: بيان معنى قوله " لم يعملوا خيراً قط " والرد على المرجئة.
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد والإخلاص في العلم والعمل
المبحث الأول: تخريج حديث الجهنميين
المطلب الأول: التخريج العام لحديث الجهنميين:
روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تُضارُّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: هل تُضارُّون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: " فإنكم ترونه كذلك ... " ثم ساق حديثاً طويلاً وفيه ذكر الجهنميين في قوله صلى الله عليه وسلم: " حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار " أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئاً ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار يعرفونهم بأثر السجود. تأكل النار من ابن آدم إلاَّ أثر السجود حرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود. فيُخرجون من النار وقد امتحشوا. فيُصبّ عليهم ماء الحياة فينبتون منه كما تنبت الحبَّة في حميل السيل. " الحديث
وقد جاء الحديث بألفاظ متقاربة وروي مطولاً ومختصراً.
وقد روى حديث الجهنميين عدد من الصحابة رضي الله عنهم وجاءت أحاديثهم على النحو التالي:
1 - حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
رواه البخاري في صحيحه في – كتاب صفة الصلاة – باب صفة السجود –برقم (773) وفي – كتاب الرقاق – باب صفة الجنة والنار وفي - كتاب التوحيد – باب قوله تعالى: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " – برقم (7437).
من حديث سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي عنه.
ورواه مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان – باب معرفة طريق الرؤية – برقم (299) ورواه أحمد (2/ 400) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 384): " وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف " وفيه قوله " ليتمجدن الله يوم القيامة على أُناس لم يعملوا خيراً قط ... ".
2 - حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه.
رواه البخاري في صحيحه في – كتاب التوحيد – باب قوله تعالى: وجوه يومئذٍ ناظرة إلى ربها ناظرة " – برقم (7439) ومسلم في صحيحه في – كتاب الإيمان – باب معرفة الرؤية – برقم (302) وأحمد (3/ 94) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورواه البخاري في صحيحه في – كتاب الإيمان – باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال – برقم (22) وفي – كتاب الرقاق – باب صفة الجنة والنار – برقم (6560) ومسلم في صحيحه في – كتاب الإيمان – باب معرفة الرؤية – عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد.
كما رواه مسلم في صحيحه من وجه آخر في – كتاب الإيمان – باب معرفة الرؤية– برقم (306) و (307) عن أبي نضرة عنه.
ورواه ابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمأن (ص 646) عن صالح بن أبي طريف عنه.
3 - حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
رواه أحمد (3/ 326) وابن حبان (الاحسان 1/ 203) برقم (183)،والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (10/ 379) وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي وهو ثقة.
4 - حديث المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه -.
رواه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/ 277 279) برقم (268 269). وابن ماجه – كتاب الزهد – باب ذكر الشفاعة – برقم (4315)،والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (10/ 379) وقال الهيثمي: "فيه عبد الرحمن ابن اسحاق وهو ضعيف".
5 - حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه -.
رواه البخاري – كتاب الرقاق – باب صفة الجنة والنار – برقم 6559 والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (10/ 380) وقال الهيثمي:"وفيه من لم أعرفهم" رواه أحمد (3/ 125 126 134 144 183 208 255 260).
وأبو يعلى في مسنده (5/ 267 344 391 475) برقم (2886 2978 305 3206).
6 - حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -.
رواه أحمد (1/ 454) عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون عنه.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 383): " رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح غير عطاء بن السائب وهو ثقة ولكنه اختلط ".
7 - حديث عمران بن حصين – رضي الله عنه.
رواه البخاري – كتاب للرقاق – باب صفة الجنة والنار – برقم 6566 ورواه أحمد (4/ 434) وأبو داود في سنته – كتاب السنة – باب في الشفاعة – برقم (4740) والترمذي – كتاب صفة جهنم – برقم (2600).
8 - حديث حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه.
رواه أحمد (5/ 391 402) وابن أبي عاصم في السنة ص / 835 وابن خزيمة في التوحيد 2/ 664 والآجري في الشريعة ص / 346 عنه.
المطلب الثاني: تخريج رواية " لم يعملوا خيراً قط ".
سبق أن بينتُ أن حديث الجهنميين رواه ثمانية من الصحابة الكرام رواية مختصر ومطولة.
ولم يرد في رواية الثمانية جميعاً هذه الزيادة " لم يعملوا خيراً قط " إلاّ في حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (1). وقد رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري من غير طريق عطاء بن يسار وليس فيه هذه الزيادة فقد رواه عن يحيى بن عمارة (2) وأبي نضرة (3) ورواه ابن حبان عن صالح بن أبي طريف عنه دون الزيادة. وقد روى مسلم هذا الحديث في آخر الباب بعد سياقه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ولم يذكر في حديثه عنده الرواية السابقة.
قد يقول قائل: هذه الرواية يشهد لها روايتان في الحديث:
الأولى: ما رواه أحمد في حديث أبي هريرة ولفظه: " ليتمجدن الله يوم القيامة على أُناس لم يعملوا خيراً قط ... " الحديث (4).
الثانية: ما رواه البخاري عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري وفيه " فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الله الجنة بغير عملٍ عملوه ولا خير قدموه " (5). وأرى أن هاتين الروايتين لا تصلحان في الشواهد لما يلي:
أولاً: أن حديث أبي هريرة ضعيف فيه صالح مولى التوأمة (6).
ثانياً: أن رواية البخاري من نفس الطريق المروي به الزيادة عند مسلم فهما حديث واحد وقد يكون روى بالمعنى.
ثالثاً: أن رواية مسلم منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأما رواية البخاري فمنسوبة إلى أهل الجنة فاختلفت جهة النسبة فلا يصح أحدهما شاهدا للآخر.
وهل تعتبر هذه الزيادة من زيادة الثقة فتكون مقبولة؟
يشترط في زيادة الثقة عدم المخالفة لمن هو أوثق منه وظاهر رواية عطاء بن يسار عن أبي سعيد رضي الله عنه مخالف لبقية الرواة عن أبي سعيد ومخالف لبقية من روى حديث الجهنميين الذين وصفوا في الأحاديث الأخرى بأنهم " يشهدون أن لا إله إلا الله ويعبدون الله ولا يشركون به شيئاً ومن أهل الصلاة ". بينما في الزيادة أنهم لم يعملوا خيراً قط.
(يُتْبَعُ)
(/)
والظاهر أن هذه الزيادة شاذة إذا أُخذت على ظاهرها أو صحيحة إذا أمكن الجمع بينها وبين بقية الروايات بجمع صحيح.
المبحث الثاني: المعاني اللغوية في الحديث
سبق أن بينتُ أن حديث الجهنميين جزء من حديث الشفاعة الطويل وسأذكر جملة من ألفاظ الحديث التي تحتاج إلى بيان معانيها اللغوية "سَفْع" أي: سواد فيه زرقة أو صفرة يقال: سفعته النار إذا لفحته فغيّرت لون بشرته (7). "امتحشَوا" أي: احترقوا يقال: امتحش الخبز أي: احترق. ويقال: محشته النار وأمحشته والمعروف: أمحشَه (8). "الحِبّة": قال ابن شميل: "الحبة (بكسر الحاء) اسم جامع لحبوب البقول التي تنتشر إذا هاجت ثم إذا مطرت قابل نبتت". وقال أبو عمرو: "الحِبّة نبت ينبت في الحشيش الصغار". وقال ابن دريد في الجمهرة: "كل ما كان من بَزْر العشب فهو حبّة". والجمع حِبب (9).·"حميل": قال أبو سعيد الضرير: "حميل السيل ما جاء به من طين أو غثاء فإذا اتفق فيه الحِبّة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة وهي أسرع نابتة نباتاً". قال المازري: "وإنما أخبر صلى الله عليه وسلم من سرعة نباتهم" (10). ·"قشبني" قال الجوهري: "قشبني يقشبني أي أذابني كأنه قال: سمّني ريحه .. والقشيب: السم والجمع أقشاب" (11) قال القرطبي: (قوله: "قشبني ريحها" أي غيّر جلدي وصورتي وسَوّدني – وأحرقني قاله الحربي) (12). ·"حمماً": الحُمَم: الفحم واحده حممة (13). "ضبائر": قال الهروي: "ضبائر جمع ضِبارة (بكسر الضاد) مثل عمارة وعمائر والضبائر: جماعات الناس يقال: رأيتهم ضبائر أي جماعة في تفرقة" (14). "قَطّ": بفتح القاف وتشديد الطاء ظرف لاستغراق الزمن الماضي ويشترط أن يسبقها نفي.
ومنه قول الفرزدق:
ما قال لا قط إلاَّ في تشهده
لولا التشهد كانت لاؤَه نعمُ (15)
المبحث الثالث: بيان معنى قوله " لم يعملوا خيراً قط " والرد على المرجئة
ورد في وصف الجهنميين في الأحاديث بالأوصاف التالية:
1 - لا يشركون بالله شيئاً (16).
2 - يقولون لا إله إلا الله (17).
3 - يعرفون بأثر السجود (18).
وهذه الأوصاف مأخوذة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: " حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد , وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار , أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئاً , ممن أراد الله تعالى أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله , فيعرفونهم في النار. يعرفونهم بأثر السجود. تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود. حرّم الله على النار أن تأكل أثر السجود , فيُخْرَجون من النار وقد امتحشوا ... " الحديث. وظاهر رواية " لم يعملوا خيراً قط " معارضة لوصف الجهنميين بهذه الأوصاف , ولهذا كانت هذه الرواية فيها إشكال يحتاج إلى بيان وتوضيح.
وقد احتج بهذا الحديث طائفتان:
إحداهما: من يرى أن الإيمان هو تصديق القلب فقط , ولا يدخل في حقيقته قول اللسان وعمل القلب والجوارح , وهم مرجئة المتكلمين من الأشاعرة و الماتريدية.
والثانية: من يرى أن الإيمان تصديق القلب وقول اللسان وعمل القلب ويستدل بهذا الحديث على أن ترك جميع أعمال الجوارح إلا الشهادتين لا يخرج من الإيمان.
والحق أنه ليس لهما دليل في هذه الرواية على ما ذهبوا إليه.
أولاً: الرد على مرجئة المتكلمين (غلاة المرجئة):
أخذ الغزالي في إحياء علوم الدين من هذا الحديث أن العمل ليس ركناً في الإيمان , إذ الركن لا يحتمل السقوط إلا بانتفاء الحقيقة , وقد أخرج الله تعالى من النار قوماً جاءوا بالتصديق المجرد (19).
" وقد استدل الغزالي بقوله " من كان في قلبه " على نجاة من أيقن بذلك وحال بينه وبين النطق به الموت , وقال في حق من قدر على ذلك فأخَّر فمات: يحتمل أن يكون امتناعه عن النطق بمنزلة امتناعه عن الصلاة فيكون غير مخلد في النار " (20).
والرد على المرجئة من وجوه:
أولاً: أن هذا الحديث ليس عمدة المرجئة في تقرير حقيقة الإيمان , لأنه من أحاديث الآحاد الظنيّة التي لا تقبل في العقيدة كما زعموا , وكذلك دلالته ظنيّة إذ الدلالات اللفظيّة ظنيّة عندهم لاحتمال المجاز والاشتراك والمعارض العقلي وغيرها.
والاستدلال بحديث ليس عمدة ولا يستقيم الاستدلال به على أصولهم لا يصح ولا يوصل لدلالته على قواعدهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: أن هذا الحديث فيه الرد عليهم في مسألة زيادة الإيمان ونقصانه (21) وقد بوب عليه البخاري باباً بعنوان: " باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال ". والاستدلال به في موضع وإهماله في موضع آخر تناقض واتباع للهوى.
ثالثاً: أن هذه الرواية لم ترد إلاّ عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مع كثرة من رواه من الصحابة , وقد رواه عن أبي سعيد غير عطاء ولم يذكرها. بل إن رواية عطاء بن يسار مضطربة ففي صحيح مسلم رويت هذه العبارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وفي البخاري عن أهل الجنة مع أنه حديث واحد ومخرجه واحد.
رابعاً: أن الروايات التي لم تُذكر فيها الزيادة أرجح ورواتها أكثر من تلك , وهي موافقة للأصول القطعية من أنه لن يدخل الجنة إلا مؤمن , وأن الإيمان قول وعمل (22).
خامساً: أن ظاهر الرواية يدل على عدم التصديق , لأنه "خير" وهم لم يعملوا خيراً قط , فاستثناء التصديق ليس عليه دليل , وإذا جاز استثناؤه فيصح استثناء قول اللسان وعمل القلب والجوارح من حيث جنسها لا نوعها.
سادساً: أن يحمل النفي في قوله " لم يعملوا خيراً قط " على نفي الكمال الواجب لورود ما يدل على أنهم عملوا خيراً في الروايات الأخرى.
ثانياً: الرد على مرجئة الفقهاء ومن وافقهم.
استدل بهذا الحديث من يرى عدم اشتراط العمل الظاهر في حقيقة الإيمان , وزعموا أن الإيمان المنجي هو تصديق القلب وعمله وقول اللسان.
والرد عليهم من وجوه:
أولاً: أن الروايات التي ليس فيها هذه الزيادة أرجح , وقد تقدم بيان ذلك , وقد ثبت فيها أن الجهنميين من أهل الصلاة.
ثانياً:
أن رواية الزيادة لم ترد في طرق الحديث إلا عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مما يدل على أنها غير محفوظة , وقد تقدم بيان ذلك.
ثالثاً:أن يجمع بين الروايات فيحمل النفي في الزيادة على نفي الكمال الواجب كما قال ابن خزيمة: " هذه اللفظة: (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي تقول العرب بنفي الاسم عن الشيء لنقصه من الكمال والتمام , فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل لم يعملوا خيراً قط على التمام والكمال , لا على ما أوجب عليه وأمر به " (23).
ويشهد لهذا القول حديث " ارجع فصل فإنك لم تصل " , وقاتل المائة جاء عنه " أنه لم يعمل خيراً قط " مع كونه تائباً وشرع في الهجرة إلى الأرض الصالحة.
وهذا أمر سائغ في لغة العرب يقولون: أنت لست بولدي ولا يريد نفي البنوة عنه بالمرة بل يريد لست بولدي الطائع لأن من صفات الولد الطاعة لأبيه.
ومراتب النفي هي: نفي الوجود أو الصحة أو الكمال , وحمله على الأول والثاني يلزم منه نفي قول اللسان وعمل القلب لأنها تدخل في عموم "العمل" و "الخير" , وإذا استثنوا قول اللسان وعمل القلب بنصوص خارج الحديث فإن روايات الحديث يمكن أن يستثنى بها عمل الجوارح ويحمل النفي على الكمال.
ومن زعم أن العمل في الزيادة يراد به عمل الجوارح دون عمل القلب فهذا زعم لا دليل عليه.
وقد أخرجوا عمل القلب من عموم الزيادة بالروايات الدالة على خروج من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان
وهذا صحيح ينضاف إلى عمل الجوارح الخارج بكونهم من أهل السجود والصلاة.
وزعم بعض الشراح (24) أن المراد بالسجود الوجه , وهذا إذا اقتضى نفي كونهم من أهل الصلاة ففاسد , ولهذا رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة في باب فضل السجود مما يدل أنه فهم من السجود سجود الصلاة
رابعاً: أن يقال: إن الرواية تدل على حالة غيبيّة مخصوصة لا تعارض الأصل الثابت. فهؤلاء لقلة عملهم و خفائه لا يستطيع أهل الجنة معرفتهم عندما يأذن لهم الله تعالى في إخراج أهل الذنوب ممن دخل النار.
فقد ورد في لفظ مسلم: " يقولون ربنا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا , ويعملون معنا " ثم يقولون بعد إخراجهم من عرفوا: " ربنا لم نذر فيها خيراً " , وهذا القول هو حسب معرفتهم (25) ثم يخرج الله تعالى أقواماً آخرين , فقد ورد في رواية في المسند " أنا الآن أخرج بعلمي ورحمتي , قال: فيخرج أضعاف ما أخرجه " (26) فيمكن القول بأن هذه حالة خاصة لا ندركها في الدنيا ولا في الآخرة وهي لا يُردّ بها الأصل العام في مفهوم الإيمان وحقيقته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويشبه هؤلاء ما ورد في حديث حذيفة في آخر الزمان وفيه: " يدرس الإسلام – كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صدقة ولا نسك , ويسري على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير , والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله فنحن نقولها. قال صلة بن زفر لحذيفة: فما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صيام ولا صدقة ولا نسك؟ فأعرض عنه حذيفة, فرددها عليه ثلاثاً, كل ذلك يعرض عنه حذيفة , ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار " (27).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) - في كتاب الإيمان – باب معرفة الرؤية – برقم (302).
(2) - في كتاب الإيمان - باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار – برقم (304 , 305).
(3) - في الكتاب والباب السابق برقم (306 , 307).
(4) - رواه أحمد في مسنده 2/ 400.
(5) - صحيح البخاري – كتاب التوحيد – باب قول الله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) برقم (7439).
(6) - صالح بن نبهان مولى التوأمة وهي: التوأمة بنت أمية بن خلف ابن وهب وهي التي نسب صالح إليها (انظر: الثقات - لابن حبان – 3/ 42) اختلط في آخر عمره قال الأصمعي: كان شعبة لا يحدث عنه , وقال بشر بن عمر: سألت مالكاً عنه فقال ليس بثقة. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 405.
(7) -فتح الباري (11/ 429).
(8) - المفهم (1/ 421 – 422) , والمعلم (1/ 266) ووردت بصيغة المبني للمعلوم والمجهول وخطّأ القرطبي الثانية وصوّب الأولى , والحق أن كليهما مروي في الصحيح ولا يتضمن معنى باطل.
(9) - المعلم (1/ 226) , وانظر المفهم (1/ 422).
(10) - المعلم (1/ 226) , وانظر المفهم (1/ 422).
(11) - الصحاح مادة (قشب).
(12) - المفهم (1/ 422) , وانظر: المعلم (1/ 226).
(13) - المفهم (1/ 422) , والمعلم (1/ 229).
(14) - المعلم (1/ 229) , والمفهم (1/ 451).
(15) - انظر: قاموس الأعراب (ص / 70) , المنهاج في القواعد والأعراب (ص / 231).
(16) - انظر: صحيح البخاري برقم 773 , وصحيح مسلم برقم 299.
(17) - المصدر السابق.
(18) - المصدر السابق.
(19) وقد تابعه الزبيدي على ذلك انظر الاحياء وشرحه (5/ 243).
(20) - فتح الباري (11/ 430).
(21) - انظر: ظاهر الإرجاء في الفكر الإسلامي ص / 748.
(22) - انظر: المصدر السابق ص / 749.
(23) - التوحيد ص / 309 (ط القديمة).
(24) - شرح الأبي على صحيح مسلم.
(25) - ورد في حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم برقم 303: " فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم ".
(26) - المسند 3/ 325.
(27) - رواه الحاكم (4/ 473) وقال صحيح على شرط مسلم , وسكت عنه الذهبي , وصححه الألباني انظر السلسلة الصحيحة برقم 87.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[09 - Aug-2007, صباحاً 01:20]ـ
/// بارك الله فيك ...
بحثٌ طويلٌ جيِّدٌ من مقتطفاتٍ قرأتها سريعًا، والحمدلله أنَّه توصَّل لنفس النتيجة المرضية عند أهل السُّنَّة.
ـ[ابومحمد البكرى]ــــــــ[09 - Aug-2007, صباحاً 07:27]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[فالح العجمي]ــــــــ[09 - Aug-2007, مساء 12:14]ـ
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد المرادي
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب ’’التوحيد‘‘ (2/ 732): ((هذه اللفظة: (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي تقوله العرب بنفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال و التمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل: لم يعملوا خيراً قط على التمام و الكمال، لا على ما أُوجب عليه، و أُمر به)).
والدليل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم
المسئ في صلاته ارجع فصل فانك لم تصل
مع انه صلى ولكن صلاة غير صحيحة
واما حديث لم يعمل قط الا التوحيد
فجاء عند البخاري رواية
تقول
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله فقال لأهله إذا أنا مت فخذوني فذروني في البحر في يوم صائف ففعلوا به فجمعه الله ثم قال ما حملك على الذي صنعت قال ما حملني إلا مخافتك فغفر له
ولي عودة بإذن الله
ـ[أبو عثمان السلفي]ــــــــ[09 - Aug-2007, مساء 01:25]ـ
وقفات مع الأخ عدنان البخاري –سدده الله-:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: قولك: «فهذه المرَّة احتجُّوا أيضًا بأنَّهم إخوانهم كانوا معهم، يعرفونهم بصلاةٍ وصيام وحجٍّ وجِهادٍ؛ لأنَّه قال: ((ثم يعودون فيتكلَّمُون))، يتكلَّمون بماذا؟! لم يبيِّن!» إلخ.
قلت: إذا لم يبيّن! فما دليلك مِن الوحيين –والمسألة غيبية- على قولك: «يتكلَّمُون بما تقدَّم، وهو ((أنَّهم كانوا يصلُّون ويصومون ويحجُّون ويجاهدون))»!
أليس مِن السلامة في الديِّن والعقيدة الوقوف على ظاهر النّص وعدم التطرق للنّص باحتمالات مَبْنية على: (يحتمل)، و (قد)، و (يمكن)، و (لعل)!!!
قال الإمام الألباني: «وفي الحديث رد على استنباط ابن أبي جمرة من قوله –صلى الله عليه وسلم- فيه: «لم تغش الوجه»، ونحو الحديث الآتي بعده: «إلا دارات الوجوه»: أن من كان مسلماً ولكنه كان لا يصلي لا يخرج؛ إذ لا علامة له! ولذلك تعقبه الحافظ بقوله (11/ 457):
«لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة؛ لعموم قوله: «لم يعملوا خيراً قط»، وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في (التوحيد)». يعني هذا.
وقد فات الحافظ رحمه الله أن في الحديث نفسِه تعقباً على ابن أبي جمرة من وجه آخر؛ وهو أن المؤمنين كما شفَّعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى، فأخرجوهم من النار بالعلامة، فلما شُفِّعوا في المرات الأخرى، وأخرجوا بشراً كثيراً؛ لم يكن فيهم مصلون بداهة، وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانه. وهذا ظاهر جدًّا لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى». [«السلسلة الصحيحة» (7/ 131 - 132)].
ثانياً: قولك: «فإذن .. انتيهنا من هذه المرار الأربعة، وبقيت شفاعة ربِّ العالمين»!
قلت: لماذا أخفيتَ المرة خامسة؟! ونصها -بعد المرة الرابعة-: «فيقولون: ربنا! قد أخرجنا مَن أمرتنا، فلم يبق في النار أحد فيه خير. قال: ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين ..... » إلخ [انظر «الصحيحة» (3054)]
ثالثاً: قولك: «فما الفارق بينهم وبين غيرهم من أهل النَّار كالكفرة الذين لا آثار سجود لهم؟!».
قلت: وهل كل مَن دخل النار مِن المسلمين يجب أن يكون مِن المصلين؟!!
سبحان الله!
رابعاً: قولك: «وإليك بيان هذا بجلاء من رواية البخاري».
قلت: رواية البخاري مجملة، والأصل جمع الروايات، وإلا كانت النتيجة قاصرة! كيف وأنت القائل عن أهل السنة والجماعة أنهم: «بنَوا مذهبهم على مجموع النُّصوص وليس على أفرادها».
خامساً: قولك: «يُردُّ هذا على ما تقدَّم بيانه في إخراج الملائكة؛ إذ يُقال يحتمل أنَّ الملائكة إنَّما يخرجون ... »، وقولك: «وبأنَّ هذا ممَّن لم يدخل فيمن قبضهم الرحمن من النَّار قبضةً أوقبضتين، وهم الذين -على احتمالٍ- عرفتهم الملائكة بآثار السُّجود».
قلت: دعكَ مِن (يحتمل)، و (لا يحتمل) وَ ... ، وَ ....
سادساً: قولك: « .... فيردُّ المتشابه إلى المحكم. والعقائد والقواعد لا تنبى على شُذَّاذ النُّصوص أو مجملها، والإعراض عن مبيِّنها، فتأمَّل».
قلت: جاء في كتاب «برهان البيان» (ص334): «أما قول الشيخ (ص159) عن حديث أبي سعيد الخدري «لم يعملوا خيراً قط»: «نفهم من هذا أنه عام، وأن أدلة كفر ترك الصلاة خاصة ... ».
فنقول: فهذا قول قال به قبل فضيلته مَنْ رأى كفر تارك الصلاة، ولكن ألا يقال: إن قول الشيخ قد ينعكس؟! بمعنى أن أحاديث كفر تارك الصلاة عامة خصصتها أحاديث الشفاعة وغيرها؛ وبخاصة أن أحاديث الشفاعة هي تطبيق ـ عملي ٌّـ في الآخرة لنصوص الوعيد المقولَة في الدنيا، كما فعل كلّ من سبق ذكرهم من الأئمة الذين لم يكفروا بترك الصلاة ... ».
فتأمل.
وختاماً:
«ومن العجيب أنْ يقع الإصرار على التكفير مع وجود الأحاديث الكثيرة المخالفة لذلك، نكتفي بقوله –صلى الله عليه وسلم-:
«إنّ للإسلام صُوىً ومناراً كمنار الطريق؛ منها أنْ تؤمن بالله ولا تشرك به شيئاً، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنْ تُسلّم على القوم إذا مررت بهم، فمَن ترك من ذلك شيئاً؛ فقد ترك سهماً من الإسلام، ومن تركهن كلهن، فقد ولّى الإسلام ظهره».
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: قول بعض علماء أهل السنة: إنّ الأقوام الذي يخرجون من النار لم يعملوا خيراً قط، لا يتصادم مع نقل ولا عقل، فربنا -تعالى - الجواد الكريم ينجي أولئك الذين لم يعملوا خيراً قط، ويثيبهم على ما في قلوبهم؛ مما يزن مثقال الذرة أو البُرّة، أو أدنى من ذلك.
وتصوُّرُ هذا المقدارِ مع عدم تحريك الجوارح - كما ثبت في النصوص الصحيحة - أمرٌ لا غرابة فيه، وقد أعجبنا في تقريب تصوُّر هذه الحالة وتصويرها ما قاله الدكتور الحوالي - عافاه الله ظاهراً وباطناً، وغفر له على مُخالفته - في كتابه «ظاهرة الإرجاء» (2/ 529) -وهو من هو! - حيث قال:
«ولهذا تحصل حالة شاذة خفية؛ وهي أن يضعف إيمان القلب ضعفاً لا يبقى معه قدرة على تحريك الجوارح لعمل خير، مثله مثل المريض الفاقد للحركة والإحساس، إلا أن في قلبه نبضاً لا يستطيع الأطباء معه الحكم بوفاته - مع أنه ميؤوس من شفائهِ؛ فهو ظاهراً في حكم الميت، وباطناً لديه القدر الضئيل من الحياة الذي لا حركة معه، وهذه هي حالة الجهنميين الذين يخرجهم الله من النار، مع أنهم لم يعملوا خيراً قط ... ».
ولو تأمل هذا الرجل ما خطّته يداه - ها هنا - لكان ذلك كافياً لهدم كتابه كله، فهل يعقل ذلك المقلدون له، الفرحون لكتابه؟
ولا يظنَنَّ عاقل أنّ قولنا بتحريم الخلود في النار لتارك الأعمال شهادة له بأنه صاحب إيمان حقيقي أوتصديق قوي وكامل، ألم يعلموا أنّ التصديق والإيمان بالقلب قد يكون ضعيفاً ذاوياً كما ذكر ابن رجب في «شرح كتاب الإيمان» (134):
«فجعل قتادة الإسلام الكلمة، وهي أصل الدين، والإيمان ما قام بالقلوب من تحقيق التصديق بالغيب، فهؤلاء القوم لم يحققوا الإيمان في قلوبهم، وإنّما دخل في قلوبهم تصديق ضعيف بحيث صحّ به إسلامهم، ويدل عليه قوله تعالى: {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يَلِتكم من أعمالكم شيئاً} [الحجرات: 14]».
وكما قال الحَليميّ - رحمه الله -:
ووجه هذا أنْ يكون في قلب واحد توحيد، ليس معه خوف غالب على القلب فيردع، ولا رجاء حاضر له فيطمع، بل يكون صاحبه ساهياً قد أذهلته الدنيا عن الآخرة .... فإذا كان ذلك خفّ وزنه وإذا تتابعت شهاداته ثقل وزنه.
وله وجه آخر وهو أنْ يكون إيمان واحد في أدنى مراتب اليقين حتى إنْ تشكك تشكك».
وقد يستشكل مستشكلٌ دخولَ الجنّة بدون العمل؟
فنقول: إنّ دخول الجنّة لمن لم يعمل خيّراً قط، هو من باب الإحسان من الخالق، بخلاف دخول النّار الذي لا بدّ فيه من العصيان من المخلوق.
وشبيه هذا ما قاله شيخ الإسلام - رحمه الله - في «الفتاوى» (16/ 47):
«وأمّا الجنّة فإنّ الله ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنّة، فبيّن أنّ الجنّة لا يضيّقها -سبحانه -، بل ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنّة، لأنّ الله يدخل الجنّة من لم يعمل خيراً؛ لأنّ ذلك من باب الإحسان، وأمّا العذاب بالنّار فلا يكون إلا لمن عصى، فلا يعذب أحداً بغير ذنب. والله أعلم».
فالقول - إذاً - بالخروج من النّار لتارك العمل - إحساناً - من المنّان، ليس بكذب، ولا بهتان». [«برهان البيان» (ص47 - 49)]
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[09 - Aug-2007, مساء 04:04]ـ
/// أولًا ما كتاب برهان البيان؟ من مؤلِّفه وما موضوعه؟
/// ثانيًا: أنا ذكرتُ ما ذكرت احتمالًا لا جزمًا، وردًّا للمتشابه أوالمجمل إلى مفصَّله ومبينه، وهو موافقٌ لمذهب أهل السُّنَّة.
/// ثالثًا: ظننتُك حين رددت عليَّ احتمالي وعتبت عليَّ إذ احتملتُ بلا دليلٍ من الوحيَيْن أنَّك سوف تأتي بدليلٍ منهما يؤيِّد ماتنصره، فإذا بك تأتي بكلام الشَّيخ الألباني رحمه الله: "وقد فات الحافظ رحمه الله أن في الحديث نفسِه تعقباً على ابن أبي جمرة من وجه آخر؛ وهو أن المؤمنين كما شفَّعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى، فأخرجوهم من النار بالعلامة، فلما شُفِّعوا في المرات الأخرى، وأخرجوا بشراً كثيراً؛ لم يكن فيهم مصلون بداهة ... ".
/// ولي أن أسألك: هل كلام الشَّيخ الألباني رحمه الله هو دليل الوحيَيْن الذي تتكلَّم عنهما؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
/// فالشَّيخ يقول: (لم يكن فيهم مصلُّون بداهةً)، وأنا قلتُ في موضوعي السَّابق وقد اجتزأتَ منه أجزاءً وتركت منها أخرى = أنَّ من قال بأنَّ أولئك لم يكونوا مصلِّين: (لادليل عليه إلَّا بفهم من فهمه)، وإلَّا فأين النَّصُّ عليه، ما دام أنَّ المسألة غيبيَّةٌ ولا يُقبل فيها إلَّا بنصٍّ من الوحْيَيْن؟!
/// رابعًا: ذكرتَ أنِّي أخفيْتُ المرَّة الخامسة؟! وهذا تُهمةٌ عجيبةٌ! فأنا لم أخفِ شيئًا، ولو تأمَّلت كلامي لتبيَّن لك وهمك، قلت في تلك الخامسة: ((فإذن .. انتيهنا من هذه المرار الأربعة، وبقيت شفاعة ربِّ العالمين فيمن هم كذلك، ولكنَّهم لم يشفع فيهم أحدٌ، فيشفع فيهم ربُّ العالمين ويخرجهم منها برحمته)).
/// ثمَّ بيَّنتُ كيف يخرج أصحاب هذه المرَّة الخامسة، وأنَّهم تعرفهم الملائكة بآثار السُّجود، وهذا دليلٌ على أنَّهم كانوا يصلُّون، إذْ لو لم يكونوا كذلك كيف تكون لهم آثار للسُّجود، وإلَّا فما الفرق بينهم وبين غيرهم ...
/// فأجبتَ عن السُّؤال الثاني ولم تجب عن الأوَّل بقولك: "وهل كل مَن دخل النار مِن المسلمين يجب أن يكون مِن المصلين؟! ".
/// فلِمَ لَمْ تُجب عن سؤالي الأوَّل؟!
/// ثمَّ هذا السؤال الذي توجِّهه إليَّ ليس اعتراضًا عليَّ، بل على نصِّ الحديث الذي ذكر ذلك، ولستُ ملزمًا بالإجابة عليه، ولا معرفة جوابه! بل عليك إيجاد الجواب إذ الاعتراض منك عليه!
/// وقولك: "رواية البخاري مجملة، والأصل جمع الروايات، وإلا كانت النتيجة قاصرة! "، وهل رأيتني في مقالي السابق الطَّويل اكتفيتُ برواية البخاري فقط؟! قرأت هذه الجزئيَّة من مقالي، وحكمت بحكمك هذا المنصف!
/// حرَّمتَ عليَّ الاحتمال بقولك: "دعك من يحتمل ولا يحتمل"، وأبحته لنفسك أو لمن تنصر قوله في أكثر من موضعٍ، لِمَ هذا التحكُّم، فإن منعتَ الاحتمال فلا تأتنا إلَّا بنصٍّ قاطعٍ لا احتمال فيه، أمَّا تقول قال فلان وقال فلان، فهل هذه هي المنهجيَّة التي تدعوني إليه! عجبًا لك والله!
/// كلامك الطَّويل عن كتاب الشَّيخ الحوالي ووصم من قال بقوله بالمقلِّدين لا علاقة له بمقالي ولا مبحثي، وأنا ولا غيري من الأخوة في هذا الموضوع لم ننقل حرًف من كتابه، فعن أيِّ شيءٍ تتكلَّم؟! وبالمناسبة فلم أقرأ كتاب الشيخ سفر الحوالي ألبتَّة حتَّى تتبدَّد أوهامك بأنِّي فرح مقلِّدٌ له كحالك!
/// تقول في بعض عباراتك: "قولنا" و"أننَّا" ونحوها من العبارات فهل لك أن تعرَّفنا عن شخصك بارك الله فيك؟
/// ما نقلته عن شيخ الإسلام في آخر مقالك لا يؤيِّد ما تسعى إليه، فقوله: "بأنَّ الله يدخل في الجنَّة من لم يعمل خيرًا قطُّ" لا يناقض ما ذكرته والإخوة، فثَمَّة أناسٌ معذورون في ترك العمل، وقد تقدَّم بيان هذا من أقوال أئمَّة أهل السُّنَّة، وليس كلامنا ههنا في غير المعذورين، فتأنَّى وتأمَّل.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[09 - Aug-2007, مساء 09:42]ـ
[ RIGHT]:
ثالثاً: قولك: «فما الفارق بينهم وبين غيرهم من أهل النَّار كالكفرة الذين لا آثار سجود لهم؟!». [ COLOR="Red"] قلت: وهل كل مَن دخل النار مِن المسلمين يجب أن يكون مِن المصلين؟!!
سبحان الله!
[ SIZE="5"]
/// ثمَّ بيَّنتُ كيف يخرج أصحاب هذه المرَّة الخامسة، وأنَّهم تعرفهم الملائكة بآثار السُّجود، وهذا دليلٌ على أنَّهم كانوا يصلُّون، إذْ لو لم يكونوا كذلك كيف تكون لهم آثار للسُّجود، وإلَّا فما الفرق بينهم وبين غيرهم ...
/// فأجبتَ عن السُّؤال الثاني ولم تجب عن الأوَّل بقولك: "وهل كل مَن دخل النار مِن المسلمين يجب أن يكون مِن المصلين؟! ".
/// فلِمَ لَمْ تُجب عن سؤالي الأوَّل؟!
/// ثمَّ هذا السؤال الذي توجِّهه إليَّ ليس اعتراضًا عليَّ، بل على نصِّ الحديث الذي ذكر ذلك، ولستُ ملزمًا بالإجابة عليه، ولا معرفة جوابه! بل عليك إيجاد الجواب إذ الاعتراض منك عليه!
/// وأيضًا .. فالسُّؤال الذي اعترضتَ به على ذاك النَّصِّ وسبَّحت لأجله تعجُّبًا غَلَطٌ!، وينبغي تصحيحه هكذا، بأنْ يُقال: هل كُلُّ من يخرج من النَّار مِن المسلمين يجب أن يكون مصلِّيًا؟
/// فيُقال: نعم، الظَّاهر من تلك اللَّفظة أنَّ فيها إيماءً لوجوب أن يكون مصلِّيًا، ولا إشكال فيه عند من يقول بكفر تارك الصَّلاة، وقد يصلح أن يكون من أدلَّة القائلين بذلك.
/// انتبه مرَّةً أخرى .. فلا تأتني بمن لم يعمل خيرًا قطُّ ((ولم يصلِّ)) -وترك الصَّلاة كفرٌ- =لأنَّه معذورٌ بالجهل أوعجز عن الصَّلاة والعمل بعذر شرعيٍّ، ونحو ذلك؛ فهذا لا يعذِّبه الله على ما لم يعلمه فترك العمل به أوما عجز عنه عجزًا شرعيًّا؛ إذ نحن نتكلَّم من أوَّل الموضوع عمَّن عَلِمَ العمل فلم يعْمَل، ومن ذلك الصَّلاة التي هي فارقٌ بين الإسلام والكفر.
/// تنبيهٌ: نسيت التنبيه على أنِّي لا أحبُّ ولن أقبل بالخوض في أصل المسألة (منزلة العمل من الإيمان)، فالمسألة قد أشبعت بحثًا وقتلت حوارًا وردًّا، فلا تجرَّنا إليه، إذْ المجلس ههنا لا يسمح بعرض حجج أهل الإرجاء.
/// إنَّما كان تعليقي على صحَّة أوعدم صحَّة الاستدلال بهذه اللَّفظة من هذا الحديث، وحسب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب العلم]ــــــــ[10 - Aug-2007, صباحاً 01:56]ـ
وقفات مع الأخ عدنان البخاري –سدده الله-:
أولاً: قولك: «فهذه المرَّة احتجُّوا أيضًا بأنَّهم إخوانهم كانوا معهم، يعرفونهم بصلاةٍ وصيام وحجٍّ وجِهادٍ؛ لأنَّه قال: ((ثم يعودون فيتكلَّمُون))، يتكلَّمون بماذا؟! لم يبيِّن!» إلخ.
قلت: إذا لم يبيّن! فما دليلك مِن الوحيين –والمسألة غيبية- على قولك: «يتكلَّمُون بما تقدَّم، وهو ((أنَّهم كانوا يصلُّون ويصومون ويحجُّون ويجاهدون))»!
أليس مِن السلامة في الديِّن والعقيدة الوقوف على ظاهر النّص وعدم التطرق للنّص باحتمالات مَبْنية على: (يحتمل)، و (قد)، و (يمكن)، و (لعل)!!!
قال الإمام الألباني: «وفي الحديث رد على استنباط ابن أبي جمرة من قوله –صلى الله عليه وسلم- فيه: «لم تغش الوجه»، ونحو الحديث الآتي بعده: «إلا دارات الوجوه»: أن من كان مسلماً ولكنه كان لا يصلي لا يخرج؛ إذ لا علامة له! ولذلك تعقبه الحافظ بقوله (11/ 457):
«لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة؛ لعموم قوله: «لم يعملوا خيراً قط»، وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في (التوحيد)». يعني هذا.
وقد فات الحافظ رحمه الله أن في الحديث نفسِه تعقباً على ابن أبي جمرة من وجه آخر؛ وهو أن المؤمنين كما شفَّعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى، فأخرجوهم من النار بالعلامة، فلما شُفِّعوا في المرات الأخرى، وأخرجوا بشراً كثيراً؛ لم يكن فيهم مصلون بداهة، وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانه. وهذا ظاهر جدًّا لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى». [«السلسلة الصحيحة» (7/ 131 - 132)].
ثانياً: قولك: «فإذن .. انتيهنا من هذه المرار الأربعة، وبقيت شفاعة ربِّ العالمين»!
قلت: لماذا أخفيتَ المرة خامسة؟! ونصها -بعد المرة الرابعة-: «فيقولون: ربنا! قد أخرجنا مَن أمرتنا، فلم يبق في النار أحد فيه خير. قال: ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين ..... » إلخ [انظر «الصحيحة» (3054)]
ثالثاً: قولك: «فما الفارق بينهم وبين غيرهم من أهل النَّار كالكفرة الذين لا آثار سجود لهم؟!».
قلت: وهل كل مَن دخل النار مِن المسلمين يجب أن يكون مِن المصلين؟!!
سبحان الله!
رابعاً: قولك: «وإليك بيان هذا بجلاء من رواية البخاري».
قلت: رواية البخاري مجملة، والأصل جمع الروايات، وإلا كانت النتيجة قاصرة! كيف وأنت القائل عن أهل السنة والجماعة أنهم: «بنَوا مذهبهم على مجموع النُّصوص وليس على أفرادها».
خامساً: قولك: «يُردُّ هذا على ما تقدَّم بيانه في إخراج الملائكة؛ إذ يُقال يحتمل أنَّ الملائكة إنَّما يخرجون ... »، وقولك: «وبأنَّ هذا ممَّن لم يدخل فيمن قبضهم الرحمن من النَّار قبضةً أوقبضتين، وهم الذين -على احتمالٍ- عرفتهم الملائكة بآثار السُّجود».
قلت: دعكَ مِن (يحتمل)، و (لا يحتمل) وَ ... ، وَ ....
سادساً: قولك: « .... فيردُّ المتشابه إلى المحكم. والعقائد والقواعد لا تنبى على شُذَّاذ النُّصوص أو مجملها، والإعراض عن مبيِّنها، فتأمَّل».
قلت: جاء في كتاب «برهان البيان» (ص334): «أما قول الشيخ (ص159) عن حديث أبي سعيد الخدري «لم يعملوا خيراً قط»: «نفهم من هذا أنه عام، وأن أدلة كفر ترك الصلاة خاصة ... ».
فنقول: فهذا قول قال به قبل فضيلته مَنْ رأى كفر تارك الصلاة، ولكن ألا يقال: إن قول الشيخ قد ينعكس؟! بمعنى أن أحاديث كفر تارك الصلاة عامة خصصتها أحاديث الشفاعة وغيرها؛ وبخاصة أن أحاديث الشفاعة هي تطبيق ـ عملي ٌّـ في الآخرة لنصوص الوعيد المقولَة في الدنيا، كما فعل كلّ من سبق ذكرهم من الأئمة الذين لم يكفروا بترك الصلاة ... ».
فتأمل.
وختاماً:
«ومن العجيب أنْ يقع الإصرار على التكفير مع وجود الأحاديث الكثيرة المخالفة لذلك، نكتفي بقوله –صلى الله عليه وسلم-:
«إنّ للإسلام صُوىً ومناراً كمنار الطريق؛ منها أنْ تؤمن بالله ولا تشرك به شيئاً، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنْ تُسلّم على القوم إذا مررت بهم، فمَن ترك من ذلك شيئاً؛ فقد ترك سهماً من الإسلام، ومن تركهن كلهن، فقد ولّى الإسلام ظهره».
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: قول بعض علماء أهل السنة: إنّ الأقوام الذي يخرجون من النار لم يعملوا خيراً قط، لا يتصادم مع نقل ولا عقل، فربنا -تعالى - الجواد الكريم ينجي أولئك الذين لم يعملوا خيراً قط، ويثيبهم على ما في قلوبهم؛ مما يزن مثقال الذرة أو البُرّة، أو أدنى من ذلك.
وتصوُّرُ هذا المقدارِ مع عدم تحريك الجوارح - كما ثبت في النصوص الصحيحة - أمرٌ لا غرابة فيه، وقد أعجبنا في تقريب تصوُّر هذه الحالة وتصويرها ما قاله الدكتور الحوالي - عافاه الله ظاهراً وباطناً، وغفر له على مُخالفته - في كتابه «ظاهرة الإرجاء» (2/ 529) -وهو من هو! - حيث قال:
«ولهذا تحصل حالة شاذة خفية؛ وهي أن يضعف إيمان القلب ضعفاً لا يبقى معه قدرة على تحريك الجوارح لعمل خير، مثله مثل المريض الفاقد للحركة والإحساس، إلا أن في قلبه نبضاً لا يستطيع الأطباء معه الحكم بوفاته - مع أنه ميؤوس من شفائهِ؛ فهو ظاهراً في حكم الميت، وباطناً لديه القدر الضئيل من الحياة الذي لا حركة معه، وهذه هي حالة الجهنميين الذين يخرجهم الله من النار، مع أنهم لم يعملوا خيراً قط ... ».
ولو تأمل هذا الرجل ما خطّته يداه - ها هنا - لكان ذلك كافياً لهدم كتابه كله، فهل يعقل ذلك المقلدون له، الفرحون لكتابه؟
ولا يظنَنَّ عاقل أنّ قولنا بتحريم الخلود في النار لتارك الأعمال شهادة له بأنه صاحب إيمان حقيقي أوتصديق قوي وكامل، ألم يعلموا أنّ التصديق والإيمان بالقلب قد يكون ضعيفاً ذاوياً كما ذكر ابن رجب في «شرح كتاب الإيمان» (134):
«فجعل قتادة الإسلام الكلمة، وهي أصل الدين، والإيمان ما قام بالقلوب من تحقيق التصديق بالغيب، فهؤلاء القوم لم يحققوا الإيمان في قلوبهم، وإنّما دخل في قلوبهم تصديق ضعيف بحيث صحّ به إسلامهم، ويدل عليه قوله تعالى: {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يَلِتكم من أعمالكم شيئاً} [الحجرات: 14]».
وكما قال الحَليميّ - رحمه الله -:
ووجه هذا أنْ يكون في قلب واحد توحيد، ليس معه خوف غالب على القلب فيردع، ولا رجاء حاضر له فيطمع، بل يكون صاحبه ساهياً قد أذهلته الدنيا عن الآخرة .... فإذا كان ذلك خفّ وزنه وإذا تتابعت شهاداته ثقل وزنه.
وله وجه آخر وهو أنْ يكون إيمان واحد في أدنى مراتب اليقين حتى إنْ تشكك تشكك».
وقد يستشكل مستشكلٌ دخولَ الجنّة بدون العمل؟
فنقول: إنّ دخول الجنّة لمن لم يعمل خيّراً قط، هو من باب الإحسان من الخالق، بخلاف دخول النّار الذي لا بدّ فيه من العصيان من المخلوق.
وشبيه هذا ما قاله شيخ الإسلام - رحمه الله - في «الفتاوى» (16/ 47):
«وأمّا الجنّة فإنّ الله ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنّة، فبيّن أنّ الجنّة لا يضيّقها -سبحانه -، بل ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنّة، لأنّ الله يدخل الجنّة من لم يعمل خيراً؛ لأنّ ذلك من باب الإحسان، وأمّا العذاب بالنّار فلا يكون إلا لمن عصى، فلا يعذب أحداً بغير ذنب. والله أعلم».
فالقول - إذاً - بالخروج من النّار لتارك العمل - إحساناً - من المنّان، ليس بكذب، ولا بهتان». [«برهان البيان» (ص47 - 49)]
سمعت يوماً الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في شريط حكم تارك الصلاة قال: كل الأدلة التي تخالف هذا الحديث -أي حديث الشفاعة- نؤلها!!!!!!.
وأنا أتعجب من قول الشيخ، اذ كيف يؤل الدليل الواضح الصريح في كفر تارك الصلاة بمجرد وجود حديث يوهم بأن تارك الصلاة يدخل في الشفاعة، فأكبرتها من الشيخ ولكن بعد فترة من الزمان علمت بمذهب الشيخ فعذرته، رحمه الله تعالى.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[10 - Aug-2007, صباحاً 04:10]ـ
سمعت يوماً الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في شريط حكم تارك الصلاة قال: كل الأدلة التي تخالف هذا الحديث -أي حديث الشفاعة- نؤلها!!!!!!.
وأنا أتعجب من قول الشيخ، اذ كيف يؤل الدليل الواضح الصريح في كفر تارك الصلاة بمجرد وجود حديث يوهم بأن تارك الصلاة يدخل في الشفاعة، فأكبرتها من الشيخ ولكن بعد فترة من الزمان علمت بمذهب الشيخ فعذرته، رحمه الله تعالى.
/// لا عتب على الشَّيخ رحمه الله رحمةً واسعةً، وقد أفضى إلى ما قدَّم؛ لكن الإشكال والعتب على من قلَّده وانتصر له، مع وضوح الأدلَّة المخالفة لما ذهب إليه في الباب وظهورها.
ـ[علي عبدالله]ــــــــ[10 - Aug-2007, صباحاً 08:57]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِى صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ». قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ. الا يؤخذ من هذا الحديث أن المشي من أعمال الجوارح حيث خرج مهاجرا إلى الله ومع ذلك قالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط استباط واستدلال شخصي مشياخنا الكرام فإذا لكم ملاحظاتٌ على هذا الاستدلال جزاكم الله خيرا
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[10 - Aug-2007, مساء 02:04]ـ
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِى صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ». قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ.
ألا يؤخذ من هذا الحديث أن المشي من أعمال الجوارح حيث خرج مهاجرا إلى الله ومع ذلك قالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط.
استباط واستدلال شخصي مشياخنا الكرام فإذا لكم ملاحظاتٌ على هذا الاستدلال جزاكم الله خيرا
/// استدلالك في محلِّه .. بارك الله فيك.
/// وثَمَّ استدلال من وجهٍ آخر، وهو أنَّ الرجُل لم يتمكَّن من الواجب الذي وجب عليه فعله، فتوفَّاه الله قبل العمل؛ إذ جاءه الأجل، غير أعمالٍ من جنس التوبة والمشي وهجرة بلد المعصية ونحو ذلك.
فلو تمكَّن من التَّوبة فتقاعس وسوَّف فجاءه الأجل لم يكن ناجيًا، كحال فرعون اللَّعين ومن هو في مثل حاله، ولذا لمَّا كان إلى التَّوبة أقرب منه إلى عدمها كان أهلًا للنَّجاة والفلاح.
/// ولذا صدق عليه أنَّه لم يعمل خيرًا قطُّّ، وكذا من كان في مثل حاله.
/// والله أعلم.
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[10 - Aug-2007, مساء 05:34]ـ
/// /// تنبيهٌ: نسيت التنبيه على أنِّي لا أحبُّ ولن أقبل بالخوض في أصل المسألة (منزلة العمل من الإيمان)، فالمسألة قد أشبعت بحثًا وقتلت حوارًا وردًّا، فلا تجرَّنا إليه، إذْ المجلس ههنا لا يسمح بعرض حجج أهل الإرجاء.
/// إنَّما كان تعليقي على صحَّة أوعدم صحَّة الاستدلال بهذه اللَّفظة من هذا الحديث، وحسب.
الشيخ عدنان البخاري وفقه الله ...
لقد كفيتَ الجميع، كفاك الله كل أمورك، و جزاك كل خير ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وليد الدلبحي]ــــــــ[10 - Aug-2007, مساء 07:06]ـ
نعتذر من الأخ فريد والشيخ عدنان وباقي الأخوة الكرام لغلق الموضوع، فقد أشبع الموضع بحثاً ومناقشه، ونحن لا نقبل ببث معتقد أهل الإرجاء، وبارك الله في الجميع.(/)
لقد تأخر النصر فما السبب
ـ[مسلم المسلم]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 06:39]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين معز الموحدين ومذل المشركين ناصر دينه نهى عن عبادة الأوثان وأمر بتوحيده ووعد من حققه أجزل الثواب وأتم الرضوان وتوعد بمن أشرك به بالهوان وأشد العذاب وأعظم العقاب أرسل رسوله بالهدى وتهديم الأصنام والأوثان وتحقيق التوحيد فلم يدع باب للشرك إلا سده ولا طريق إلى النار إلا بينه وحذر منه طاعةً لربه وامتثالا لأمره فنصح الأمة وبلغ الرسالة وأدا الأمانة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وبعد: فحينما تنظر إلى كتاب الله تجد ربنا قد وعد عباده بالنصر فقال {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وقال تعالى {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقال تعالى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} وقال تعالى {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} وقال {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} وقال تعالى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} وقال تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
وتجد أن الله أنجز وعده لسلف هذه الأمة فقد انطلق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشرق والمغرب فاتحين منتصرين لم يضرهم أن عدوهم أكثر منهم عددا وعدة بل إنهم اتجهوا في وقت واحد إلى عدوين شديدين فهزموهما بإذن الله فأذن سبحانه بان تدخل تلك الشعوب تحت راية المسلمين فقد أنجز وعده ونصر من وحده وكذلك نجد وعد أخر في القران قال تعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} وقال تعالى ({وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا} وقال تعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} وقال {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} انظر كيف تحققت هذه الوعود و اصبح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قادة العالم يجبى إليهم كل الخيرات وجاءتهم الدنيا صاغرة ولكنهم كانوا يريدون الآخرة فأعرضوا عن الدنيا وسيرهم ظاهرة.
ومن الوعود البيّنة في قوله تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وقوله تعالى {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} وقوله تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا
(يُتْبَعُ)
(/)
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} وهذا وعد جعله الله أية في صدر كل إنسان يعرف بها هل على حق هو فينشرح صدره أم على باطل فيكون صدره ضيقا حرجا؟ نسأل الله ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطل ويرزقنا اجتنابه.
فهذه الوعود من الله والله لا يخلف الميعاد قال تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} لكن ما لنا لا نرى هذه الوعود تتحقق في بلاد المسلمين فليس السبب إلا منا نحن المسلمين وليس في الإسلام خلل ووعد الله حقا وإن الله لا يخلف الميعاد فعندما تتأمل حال كثير من المسلمين تجد الشرك ينتشر في بلادهم بأنواع مختلفة فهذا هو السبب في الهزائم وفي الذل وفي معيشة الضيق والفقر إذاً فلنغير ما بأنفسنا إلى ما يحب الله ويرضى فيغير حالنا في الدنيا ويجعل مآلنا إلى دار رضاه قال تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وقال {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}.
فإن أعظم ما أمر الله به عباده التوحيد وأعظم ما نهى عنه هو الشرك وما أرسل الله من رسول إلا ليأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} بل لم يخلق الله الثقلين إلا ليوحدوه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} قال بعض المفسرين ليعبدون أي ليوحدون وأعظم كلمة هي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (رواه الترمذي. عن أبى هريرة رضي الله عنه قال "قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا اله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه" رواه البخاري. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل} أخرجاه' وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: (يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟)، فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا)، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: (لا تبشرهم فيتكلوا). أخرجاه في الصحيحين ومن فضل التوحيد العظيم ما أخبر الله عنه بقوله تعالى {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} وفي الصحيحين عن ابن مسعود لما نزلت "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه "يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم" ومما سبق يتضح فضل التوحيد وتقديمه على كل عمل فلا يصلح عمل مع الشرك قال تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار) رواه البخاري. ولمسلم عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لقي الله لا يشرك به
(يُتْبَعُ)
(/)
شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار). ولعظم أمر الشرك فقد خافه الأنبياء قال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} ووفي مسند الإمام أحمد عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال: (الرياء يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.) وهذا يدل على أن الناصح لهذه الأمة يجب إن يكون خوفه عليها من الشرك أخوف من أي شيء والشرك أشكال مختلفة قد نبه عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأغلق كل الأبواب التي يلج منها الشيطان ليوقع الموحد في الشرك لذا وجب على المسلم تعلم العلم الحق علم القران والسنة للحذر والتنبه لأنواع الشرك الأكبر والأصغر المخرج من الإسلام وغير المخرج منه ثم الحذر من بقية الذنوب والمعاصي.
وهذا نقل من كلام إمام مبارك يبين أنواع من الشرك قال رحمه الله تعالى: (وأنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها.
والدليل قوله تعالى: {وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً}
فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر.
والدليل قوله تعالى: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
وفي الحديث: {الدعاء مخ العبادة}.
والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
ودليل الخوف قوله تعالى: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
ودليل التوكل قوله تعالى: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، وقوله: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ.
ودليل الخشية قوله تعالى: فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي.
ودليل الاستعانة قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ.
ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ.
ودليل الذبح قوله تعالى: لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.
ومن السنة {لعن الله من ذبح لغير الله}.
ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً.) انتهى
اعلم ان الله امر بإخلاص العبادة كلها له قال تعالى (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهنا يتبين أن الضعف والهوان الذي أصاب المسلمين إنما هو بسبب إهمالهم لأمر التوحيد ووقوع الشرك وضعف إنكاره بل قد يصل الأمر إلى محاربة من ينكر الشرك في بعض البلاد فالواجب على المسلمين الأمر بالمعروف الذي أعظمه إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة والنهي عن المنكر الذي أخبثه الشرك حتى يفوزوا برضا الله وينجوا من عذابه ويعزهم الله في الدنيا ويذل أعداء التوحيد والجهاد إنما شرع لنشر التوحيد دين الأنبياء ورفع كلمة لا اله إلا الله عالية واعلم ان دين الله منصور وليس متوقف على فئة من الناس تنصره قال تعالى {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ} وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ومن ينصر الدين فإنما ينفع نفسه والله غني عن العالمين فيا مجاهد في سبيل الله إن كنت تريد نصر الله فاعلم أن نصر الله مع توحيده بإخلاص العبادة له وتجنب الشرك ووسائله وسد جميع أبواب الشرك كما فعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات. وفي رواية عن علي بن الحسين: أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه، وقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا عليّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم) والدعوة للتوحيد هي ما أرسل به المرسلين وقال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ومن دعا إلى التوحيد ونابذ الشرك وأهله فسيجد ما وجد الأنبياء من مشقة قال تعالى {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} أي شق عليهم وأنكروا ما تدعوهم إليه من التوحيد فإذا وجدها فعليه بالصبر لتكون الجنة مصيره فإن الدنيا قصيرة وقال تعالى {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ}
فإن عَلَمَ التوحيد وعمل به ودعاء إليه وصبر على الأذى في ذلك فليبشر بنصر الله وتمكينه قال تعالى {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} وليعلم المسلم ان أي قتال غير مبني على التوحيد فلن يدوم ولن يؤثر على مجريات الأمور بل سيكون سهل توظيفه ليكون ضد المسلمين اما اذا كان التوحيد هو الأساس والولاء للموحدين بأي مكان والبراءة من المشركين وان قربت أنسابهم فلا يولونهم أمر على المؤمنين فلن يستطيع اعداء الأمة وان كثرت حيلهم وتعددت خططهم وتفوقت تقنياتهم ان يفكوا لحمة الإيمان تأمل قوله تعالى {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا} وقال
(يُتْبَعُ)
(/)
تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وقال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} تأمل كيف أمر الله بأن يتولى المؤمنون بعضهم بعض وينهاهم أن يتولوا المشركين أعداء الله تعالى وهذا نسف الجميع الروابط غير رابطة التوحيد بل أخبر الله أن تلك الروابط الفاسدة ستنقلب إلى عداوة وبغضاء عندما يقفون بين يديه تعالى قال تعالى {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ} ولا يبقى من روابط الدنيا يوم القيامة غير رابطة التوحيد أخي المؤمن اجعل حياتك لله قال تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} تعادي فيه وتحب فيه واحذر أن تعادي المؤمن لغرض دنيوي فإن ذلك مهلك فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) رواه البخاري وعن أبي أمامة رضي الله عنه من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان. رواه أبو داود وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا ً: أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله. رواه الطبراني وحسنه الأرناؤط في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري ومسلم
واختم بوصية عظيمة وصانا الله تعالى فقال تعالى {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
اسأل الله أن يقر أعيننا بنصر عباده المؤمنين وان يوفقنا وإياهم لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
كتبه مسلم بن مسلم
http://up.9q9q.net/up/index.php?f=svQ01wQRM(/)
حول بناء الأضرحة في البقيع لصاحب الفضيلة العلامة / عبدالرحمن البراك
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 10:19]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده.
فقد استفاضت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والسنن والمسانيد في النهي عن رفع القبور والبناء عليها وتجصيصها واتخاذها مساجد وتسوية ما رفع منها.
فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح – العبد الصالح – بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)).
ولهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لما نُزِل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها فقال – وهو كذلك – ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
يحذر ما صنعوا، ولو لا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خُشي أن يُتخذ مسجداً.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). ولفظه عند الإمام أحمد قال: ((قاتل الله اليهود والنصارى)).
وروي مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: ((إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)) وروى الإمام مسلم عن بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد)).
وروى مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)).
فتضمنت هذه الأحاديث على تحريم هذه الأعمال ولعن فاعليها، وأنهم شرار الخلق عند الله، وفي هذه الأحاديث دلالة على شدة خوف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من أن ترتكب ما ارتكبته الأمم قبلها من اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، فقد نهى عن ذلك أولاً، ثم نهى عنه قبل أن يموت بخمس ليال، ثم لعن وهو في السياق من فعل ذلك.
فبناء المساجد والقباب على قبور الأنبياء والصالحين من الصحابة والتابعين وأهل البيت المكرمين لقرابتهم من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، بناؤها من المحدثات في الدين، وقد حدثت في هذه الأمة بعد القرون المفضلة في القرن الرابع في دولة بين بويه الرافضية، وورث ذلك عنهم فرق الرافضة، فبنيت المشاهد على قبور الأئمة الحقيقية والوهمية، وقبر الحسين في كربلاء، وقبر موسى الكاظم في الكاظمية في العراق، وما يعرف بقبر السيدة زينب في سوريا، إلى غير ذلك.
وانتقلت هذه البدعة من الرافضة إلى فرق الصوفية في العالم الإسلامي، فلم يسلم من هذا المنكر العظيم والشر المستطير إلا القليل من بلاد المسلمين، حتى مكة والمدينة أفضل بلاد الله قد كانت فيها القباب على بعض القبور في البقيع والمعلاة، ولكن الله طهرهما من معالم البدعة والوثنية على يد الدولة السعودية السنية السلفية في النصف الأول من القرنين الثالث عشر والرابع عشر، كما تطهر كثير من نواحي الجزيرة العربية.
وقد ساء ذلك طوائف الرافضة والصوفية وغاظهم، لذلك فهم يبغضون هذه الدولة، وما قامت عليه من دعوة الإصلاح والتجديد لمعالم التوحيد، توحيد الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكيدون لها ويسبونها، ولم يكونوا يتفوهون بالتدخل في شؤون المملكة وشؤون الحرمين إلا في السنوات الأخيرة، ومن ذلك التدخل: دعوتهم إلى بناء القباب على أضرحة آل البيت رضي الله عنهم في مكة والمدينة، والرافضة يظهرون ذلك باسم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، وهم يعلمون أو لا يعلمون أن ذلك مخالف لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، واستفاضت به سنته من تحريم البناء على القبور واتخاذها مساجد، وما قام به أمير المؤمنين علي رضي الله عنه طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم من طمس الصور، وتسوية القبور المشرفة، كما تقدم ذكر أدلة ذلك.
فهؤلاء المفتون من الرافضة بوجوب السعي في إعادة بناء قبور أهل البيت في البقيع وصرف الأموال عليها، هؤلاء محادون لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومخالفون لشريعته، ومعاندون لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه الذي أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر أبا الهياج الأسدي بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فنقول لهؤلاء المفتين ومن وراءهم:
هيهات! فلن يكون– بإذن الله – ما راموا، فقد تبين الحق وظهر أمر الله وهم كارهون، ولن تتخلى الدولة السعودية إن شاء الله عن نصرتها لدعوة التوحيد، ومحاربة الشرك والبدع، وحماية الحرمين عمن يدنسهما، ولكن يجب على ذوي الغيرة والحمية السنية ألا يتهاونوا بالأمر وألا يسكتوا، بل عليهم أن يَحذروا من مكايد العدو المتربص، وأن يكشفوا خططهم، ويرصدوا تحركاتهم للحيلولة بينهم وبين ما يريدون، وعلى علماء هذه البلاد أن يبينوا حكم البناء على القبور، واتخاذها مساجد، وأن يُحذروا ولاة الأمر من أهداف الرافضة، وعلى الحكومة السعودية وفقها الله أن تَحذر من خداع الرافضة، وأن تقطع أطماعهم فيما يسعون إليه، وتعمل على كل ما فيه تعظيم الحرمين، وهي قادرة على ذلك بعون الله وتوفيقه.
نسأل الله أن يحفظ هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين ممن يريدها بسوء، إنه تعالى على كل شيء قدير، وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المصدر: الموقع الرّسمي لصاحب الفضيلة العلامة / عبدالرحمن بن ناصر البراك -سلمهُ الله-(/)
في رده على الرفاعي شيخنا صالح الفوزان يقول: ((التصوف ضلالة وشر وكله مبتدع))
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 10:46]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
في رده على الرفاعي فضيلة شيخنا العلامة صالح الفوزان يقول: ((التصوف ضلالة وشر وكله مبتدع))
اعتبر عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية الشيخ صالح الفوزان أن علماء السلف ليسوا مغرمين بتكفير الناس وتفسيقهم, كما يتوهم البعض, مؤكداً أن هناك ضوابط لهذا الأمر تضمن عدم التوسع فيه أو لصق التهمة بأي إنسان دون دليل.
وأوضح الفوزان في تعقيب أرسله إلى» السياسة «على مقابلة نشرتها منذ عدة أشهر مع يوسف هاشم الرفاعي حول موضوع التصوف بين المؤيدين والمعارضين له, أن معظم علماء السنة ينكرون البدع التي يأتيها المتصوفة مثل الاحتفال بالمولد النبوي وذكرى الإسراء والمعراج والطواف بالقبور وغيرها.
وفيما يلي نص التعقيب:
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, نبينا محمد وآله وصحبه:
اطلعت على المقابلة التي أجرتها صحيفة» السياسة «الكويتية مع الأستاذ يوسف هاشم الرفاعي ورأيت في أجوبة المذكور مغالطات وضلالات لا يمكن السكوت عنها, وإن كان المشائخ جزاهم الله خيراً قد سبقوني إلى الرد على هذه المغالطات والضلالات لكن تأييداً لما قالوه في الرد عليه أشارك في هذه التنبيهات دفاعاً عن الحق ورداً للباطل فأقول مستعيناً بالله:
1 - قوله: لماذا يستنكر المشائخ التصوف ولا يستنكرون الملابس غير المحتشمة وانتشار المخدرات ... وأقول له:
أولا: التصوف أشد مما ذكرت لأنه بدعة وضلالة وقد يصاحبه شيء من الشرك من دعاء الصالحين والاستغاثة بالأموات فهو مع كونه بدعة فهو وسيلة الشرك بالله، والملابس غير المحتشمة والمخدرات معصية، والبدعة أشد من المعصية فيبدأ بالأهم فالمهم.
ثانيا: المشائخ يستنكرون كل معصية وكل بدعة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا يسكتون عن الباطل.
المولد وليس البعثة
2 - قوله عن الاحتفال بالمولد النبوي: أنا احتفلت بالمولد النبوي وأقمت خيمة وميكروفونات وعشاء وغير ذلك، فرحاً بنعمة الله علينا ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ... وأقول له:
أولا: الكلام ليس في البعثة وإنما هو بالمولد، والله تعالى ما أشاد بالمولد في القرآن الكريم وإنما أشاد بالبعثة فقال تعالى: ((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)). [سورة آل عمران الآية 164]
ثانيا: الله لم يشرع لنا الاحتفال بالمولد ولا بالبعثة بمعنى أننا نقيم مخيمات ونعمل ما ذكرته، وإنما شرع لنا اتباع هذا النبي والاقتداء به. وهو صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا الاحتفال ولم يفعله خلفاؤه وصحابته والقرون المفضلة من بعده، فإقامته بدعة ((وكل بدعة ضلالة)) سواء أقمته أنت أو غيرك.
3 - قوله: إننا عندما نتكلم عن التصوف وندعو إليه فنحن نقصد تصوف الإمام الرفاعي والجيلاني والدسوقي والشاذلي والنقشبندي ولا نقصد تصوف ابن عربي ... ونقول له: التصوف كله مبتدع وإن كان بعضه أخف من بعض والخفيف منه يجر إلى ما هو أشد منه كما هو المشاهد والواقع من متصوفة اليوم. وهكذا البدعة تجر إلى ما هو شر منها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)) والتصوف محدث في الدين فهو ضلالة وشر.
((المتصوف» مجرم!))
4 - قوله: وهل إذا تصوف المسلم السني أصبح مجرماً؟
أقول: نعم من تصوف فقد ابتدع ومن ابتدع كان مجرماً. والسني إذا تصوف لم يبق سنياً بل يكون بدعياً.
5 - قوله: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) ليبين للناس أهمية هذه الأماكن ولكنه لم يحرم الذهاب إلى غيرها كما فهمه ابن تيمية.
(يُتْبَعُ)
(/)
جوابه أنه لا يفهم معنى الحصر في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) فإنه يفيد تحريم السفر الى غيرها لأجل العبادة فيه, أما السفر لغير العبادة في مكان مخصص معين فهو جائز، كالسفر للتجارة وطلب العلم وصلة الأرحام والنزهة فهذه الاسفار وما شابهها ليست للعبادة ولا يجوز الخلط بين هذا وهذا للتلبيس على الناس، وما ذكرناه هو مدلول الحديث لافهم ابن تيمية كما يقول.
6 - قوله: هم يقولون إن الصوفية بدعة فهل كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سلفي وبناء على ذلك فالسلفية بدعة، كذا يقول ويغالط والجواب:
السلف هم السابقون من هذه الأمة، قال تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)) [سورة التوبة الآية 100] فأثنى الله على من اتبعهم باحسان ووعده عظيم الأجر فالسلفية هم من اتبع هؤلاء باحسان وأما التصوف فلم يرد له ذكر في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عمل مبتدع ((وكل بدعة ضلالة)) لأنه من احداث المتأخرين.
((ابن باز وابن عثيمين))
7 - قال عن كتب ابن باز وغيره من الأئمة إنها كتب فيها تطرف لأن ابن باز يعتبر ان من يحتفل بالمولد فهو مشرك ومن يحتفل بالاسراء والمعراج فهو مشرك ومن يذهب ويزور المسجد النبوي فسفره معصية وابن عثيمين يسير على منهجه.
ثم قال: وهذه الكتب تساعد على التطرف ومن حق الدولة ان تمنعها طالما أننا نحارب التطرف، ألم يقولوا إن الوقوف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء شرك, قال: لذلك أنا مع من منع كتب ابن باز وابن عثيمين من معارض الكتب الاسلامية، لأن كل كتاب يتهم المسلمين بالشرك والكفر فهذا يؤدي الى تفرقة الناس. كذا يقول فهو يريد جمع الناس ولو على الباطل وهذا لا يمكن والجواب أن نقول:
سبحانه الله! ماذا يصنع الهوى بأهله قال تعالى: ((وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)) [سورة ص الآية 26] هكذا وصف الرفاعي كتب الشيخين: ابن باز وابن عثيمين بل وكتب الأئمة جميعا بالتطرف لأنها تخالف هواه، وإنني أسأله:
ما التطرف أليس هو أن يكون الإنسان على طرف من الدين فهو ضد الوسطية فالذي يروج للبدع ويدعو إليها ويفعلها هو المتطرف، وأما الذي يدعو الى السنن ونبذ البدع فهو المتوسط وكذلك كانت كتب الشيخين ابن باز وابن عثيمين- وإنني أتحدى الرفاعي وغيره أن يثبتوا ما يقولون عن هذه الكتب فها هي موجودة ومنتشرة وعلهيا اقبال شديد فعليهم أن يأتونا منها بما يثبت قولهم وإلا فهم كذابون ومفترون والله تعالى يقول: ((إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)) [سورة النحل الآية 105]
وإنما قال الشيخان في كتبهما إن إحياء المولد والمعراج بدعة لأنه لا دليل عليه وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي رواية: ((من عمل عملا ليس عليه أمر فهو رد)) فإن اشتمل الاحتفال بالمولد والاسراء والمعراج على الاستغاثة بالرسول ودعائه من دون الله فهو شرك كذا قال الشيخان وغيرهما من أئمة المسلمين وهذا في القرآن، قال تعالى: ((فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)) [سورة الجن الآية 18]، ((قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا)) [سورة الجن الآية 20]، ((وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)). [سورة المؤمنون الآية 117]
ولم يقل الشيخ ابن باز إن من يسافر ليزور المسجد النبوي فسفره سفر معصية كما قال الرفاعي بل يقول الشيخ إن السفر لزيارة المسجد النبوي فيه طاعة وإنما يقول الشيخ ابن باز وغيره من العلماء المعتبرين من سافر لزيارة القبور فهو عاص لأن ذلك من وسائل الشرك، ولم يقل الشيخ ابن باز ولاغيره إن الوقوف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه شرك كما قال عنه الرفاعي، وإنما يقول الشيخ ابن باز وغيره إن ذلك سنة، واما الوقوف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم لدعائه من دون الله فهو شرك.
(يُتْبَعُ)
(/)
و الوقوف أمامه لدعاء الله بدعة ووسيلة الى الشرك فما بال الرفاعي يخلط ويكذب ويلبس على الناس.
((حيلة الكذاب))
8 - ثم قال الرفاعي: أنا مع من منع كتب ابن باز وابن عثيمين من معارض الكتب الاسلامية لأن كل كتاب يتهم المسلمين بالشرك والكفر يؤدي الى تفرقة الناس، كذا قال إن ابن باز وابن عثيمين يكفران في كتبهما عموم المسلمين ويتهمانهم بالشرك، وأقول كما قال الشاعر:
لي حيلة فيمن ينم * * * *ومالي في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول* * * *فحيلتي فيه قليلة
وهذه صفة الرفاعي -وأمثاله -والحمد لله أن كتب الشيخين موجودة ومتداولة ومسموح لها في كل معرض في الكويت وفي غيره إلا في معارض المبتدعة والخرافين فمنعها منها كرامة لها ولمؤلفيها من الامتهان في هذه المزابل القذرة.
9 - أجاز الرفاعي الطواف بالقبور فقال: ليس كل طواف حول القبر شركاً لأنه يجوز يطوف وهو يقرأ كتابا أويدعو، ولذلك نقول لهم: وان الاعمال بالنيات ونقول له: هل تجعل القبور مثل الكعبة يطاف بها فهذا شرع دين لم يأذن الله به والله تعالى يقول: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)). [سورة الشورى الآية 21] والطواف دين وانت جعلت القبر كعبة يطاف به كما يطاف بالكعبة ويدعى صاحبه من دون الله او يدعى الله عنده وهذا شرك او بدعه واذا بلغ الجهل والهوى بصاحبه هذا المبلغ فلا فائدة من مناقشته ولكننا نبين للناس اخطاءه لئلا يقتدى به احد او يغتر به.
((غار حراء))
1 - قال الرفاعي: ونقول: ان هؤلاء يحاولون ان يهدموا كل اثار النبي صلى الله عليه وسلم وهذا تطرف وعندما رأوا الحجاج يزورون جبل احد ازالوا مكانا في هذا الجبل جلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم ووضعوا حواجز على غار حراء والله تعالى يقول: ((وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)) [سورة البقرة الآية 125]، فهذا مقام النبي صلى الله عليه وسلم وتعبده في غار حراء فهل لا يجوز ان نزوره مثل مقام سيدنا ابراهيم، والجواب عن ذلك ان نقول:
1 - احياء الآثار والصلاة عندها من سنة أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين نهينا عن التشبه بهم قال صلى الله عليه وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني انهاكم عن ذلك)).
2 - الرسول صلى الله عليه وسلم صلى في أماكن كثيرة من الارض في اسفاره فهل كل مكان صلى فيه نذهب اليه للصلاة فيه.
3 - قولك: نجعل غار حراء مقاماً للنبي صلى الله عليه وسلم نصلي فيه مثل مقام ابراهيم هذا تشريع دين جديد لم يشرعه الله ورسوله والله لم يقل واتخذوا من غار حراء مصلى كما قال في مقام ابراهيم.
4 - النبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب الى غار حراء ليصلي فيه بعد البعثة وانما كان يذهب اليه قبل البعثة للاختفاء فيه لعبادة ربه خوفا من اذى المشركين واعتزالاً لما هم عليه من الوثنية والشرك ولم يشرع لنا ان نصلي عنده او فيه والدين توقيفي لا نشرع فيه شيئاً من قبل انفسنا واستحسانا وقياساتنا كما قال الرفاعي.
((غسيل الادمغة))
11 - قال الرفاعي عمن يخالفه في آرائه: هؤلاء تلاميذ ابن باز وهم اصحاب تقليد ولم يستعملوا عقولهم لانهم على نفس القالب وغسلت ادمغتهم
واقول له: اما كونهم تلاميذ ابن باز فلهم الشرف في ذلك لان ابن باز رحمه الله امام من أئمة اهل السنة وانت بين لنا من انت تلميذ له من العلماء وقولك: لم يستعملوا عقولهم نقول لك: الدين بالدليل من الكتاب والسنة لا بالعقل ..
وقولك: غسلت ادمغتهم، نقول: نعم غسلت ادمغتهم من الخرافة والحمد الله.
12 - قال الرفاعي: وطالما ان الرسول صلى الله عليه وسلم دفن في المسجد لانه بيته لماذا دفن ابو بكر وعمر بجواره نقول له لم يدفن الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد وانما دفن صلى الله عليه وسلم في بيته وفيما بعد ادخل بيته في المسجد ولم يدفن في البقيع مع اصحابه خوفاً عليه من الغلو به، كما قالت عائشة رضي الله عنها لما ذكرت نهيه صلى الله عليه وسلم عن الغلو والافتتان في قبور الانبياء والصالحين.
(يُتْبَعُ)
(/)
قالت: ((ولولا ذلك لابرز قبره غير انه خشي ان يتخذ مسجداً)) ودفن ابو بكر وعمر رضي الله عنهما معه في هذا المكان تكريماً لهما لانهما وزيراه في الحياة وهما افضل امته وهذا باجماع الصحابة.
13 - ذكر الرفاعي مسألة التوسل فقال: هناك متوسل ومتوسل به ومتوسل اليه وانا متوسل والرسول صلى الله عليه وسلم متوسل به والمتوسل اليه هو الله فلماذا اشرك هنا كما يقول هؤلاء.
والجواب ان نقول: التوسل في اللغة هو التقرب والله سبحانه وتعالى نتقرب اليه بالاعمال الصالحة فهي الوسيلة الصحيحة، واما التوسل بالاشخاص فانه غير مشروع لانه لا دليل عليه من الكتاب والسنة لا بالرسول ولا بغيره والمتوسل بالاشخاص يكون مشركا اذ دعاهم من دون الله او ذبح لهم او نذر لهم او صرف لهم اي شيء من انواع العبادة، كما يفعله القبوريون الان عند القبور او في اي مكان كما فعل اخوانهم الذين قال الله فيهم: ((وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [سورة يونس الآية 18] فسمي ذلك شركا نزه نفسه عنه ومن التوسل بالاشخاص ما يكون بدعة ووسيلة الى الشرك وليس هو شركا في نفسه اذا اقتصر فيه المتوسل على جعل المتوسل به واسطة بينه وبين الله في قضاء حاجته دون ان يصرف له شيئاً من انواع العبادة، لان الله سبحانه وتعالى امرنا بدعائه مباشرة دون واسطة بيننا وبينه قال تعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [سورة غافر الآية 60]،ولم يقل بواسطة احد.
((التوسل في الدنيا))
14 - ثم قال الرفاعي: واقول: ان امور الدنيا مثل امور الاخرة فانا عندما ابحث عن وظيفة ولم اجدها واذهب الى شخص يعرف مسؤولا في مؤسسة لكي اعمل في هذه المؤسسة فهل انا اشركت ولماذا يكون امر الاخرة خلافاً لذلك خصوصاً ان الله عز وجل سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الشفيع .. ومعنى الشفيع انه يشفع للناس يوم القيامة انظر الى هذا التلبيس والتضليل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والجواب عن ذلك من وجوه:
الأول: ان أمور الدنيا لا تقاس على امور الآخرة لما بينهما من التفاوت العظيم الذي يجعل القياس فاسدا. فالشخص في الدنيا يملك اعانتك بالوساطة بينك وبين من تطلبه من الناس. وأما في الآخرة فلا احد يملك شيئا للآخر كما قال تعالى: ((وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا)) [سورة البقرة الآية 48]، ((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ)) [سورة عبس الآية 34] فلا أحد يسأل أحدا.
الثاني: ان الله سبحانه لا يقاس بخلقه فالمخلوق لا يعلم احوال الناس الا اذا بلغ عنهم، والله سبحانه يعلم كل شيء عن احوال عباده وهو ارحم بهم.
الثالث: ان المخلوق قد لا يكون في نفسه باعث لقضاء حاجته للمحتاج الا اذا ألح عليه الواسطة، اما الله سبحانه وتعالى فهو يريد قضاء حوائج عباده ويرحمهم من دون واسطة ولهذا قال: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [سورة غافر الآية 60] ولم يقل وسطوا بيني وبينكم احدا لإجابتكم.
الرابع: ان المخلوق يشفع عنده الشافع ويتوسط لديه المتوسط ولو لم يأذن ولم يرض ويضطر لقبول الشفاعة والوساطة لحاجته الى الشافع والواسطة. اما الله جل وعلا فلا يشفع احد عنده الا بإذنه ورضاه عن المشفوع فيه. قال تعالى: ((وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)) [سورة النجم الآية 26] وذلك لغناه عن خلقه وعدم حاجته اليهم.
((من هم الجهلة؟))
15 - قال الرفاعي: وهؤلاء الجماعة جهلة ويتبعون ابن باز ويقولون عنه انه امام من الأئمة.
وأقول له: الجماعة الذين وصفتهم بالجهل لا يتبعون ابن باز من باب التعصب له وإنما يتبعونه لأنه متمسك بأدلة الكتاب والسنة وهو امام وإن أنكرت ذلك لأن الإمام هو العالم القدوة وابن باز جدير بذلك لسعة علمه وتقواه. ولم يحصل على الإمامة بالهيلمة والتلميع كما عليه أئمة الصوفية.
(يُتْبَعُ)
(/)
16 - قال الرفاعي: قال العلماء رحمهم الله لا فرق في جواز التوسل بأحباب الله تعالى سواء كانوا في حياتهم الدنيوية أو بعد انتقالهم الى الحياة البرزخية. فإن أهل البرزخ من هم في حضرة الله ومن توجه اليهم توجهوا اليه اي في حصول مطلوبه، والجواب عن ذلك:
أولا: امور البرزخ من علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله, واما امور الدنيا فإن الناس يعلمونها بحسب مداركهم فبينهما فرق.
ثاينا: هناك فرق بين الحي والميت, فالحي قد يقدر على تحقيق ما يطلب منه. واما الميت فلا يقدر على شيء وقد انقطع عمله وهو بحاجة الى الدعاء له, فكيف يدعى ويستغاث به.
ثالثا: ما معنى قولك: (من هم في حضرة الله) هل هم مع الله فوق عرشه وفوق سماواته او هل هم يأخذون عن الله مباشرة كما تقوله الصوفية، فجميع الاموات في قبورهم لا يخرجون منها الا يوم البعث وليسوا في حضرة الله وإنما هذا تعبير صوفي خاطئ ينزه الله عنه.
رابعا: قولك من توجه اليهم توجهوا اليه اي في حصول طلبه.
نقول: التوجه انما يكون الى الله سبحانه لا الى الاموات والمتوجه اليهم مشرك لأنهم لا يقدرون على تحصيل مطلوبه كما تقول.
قال تعالى: ((وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) [سورة النجم الآية 14 - 13]
((التوسل بالأموات))
17 - قال الرفاعي في ختام مقابلته: الدليل على التوسل بالأموات ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد عن ابي سعيد الخدري. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج من بيته الى الصلاة فقال: اللهم اني اسألك بحق السائلين عليكم وبحق ممشاي هذا اليك. فإني لم أخرج بطرا ولا اشرا ولا رياء ولا سمعة. وإنما خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك)) قال الرفاعي: فهذا توسل صريح بكل عبد مؤمن حيا او ميتا, ثم ذكر الدليل الثاني عنده وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم لما توفيت والدة علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال: ((اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي)) قال الرفاعي: ومعنى الأنبياء من قبلي ان ذلك فيه التوسل بالأموات،
والجواب عن ذلك من وجوه:
الأول: لم يذكر الرفاعي درجة الحديثين، وقد قال العلماء قبل ابن باز وقبل ابن عثيمين ان حديث: ((اسألك بحق السائلين)) في سنده عطية هو ضعيف ومدلس وايضا يوضح ليس معناه التوسل بالاشخاص وإنما معنى ((حق السائلين)) اجابة دعائهم كما قال تعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [سورة غافر الآية 60] وإجابة الدعاء صفة من صفات الله فهو يتوسل اليه بصفة من صفاته والتوسل بأسماء الله وصفاته مشروع كمان قال تعالى: ((وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)). [سورة الأعراف الآية 180] واما الحديث الذي ذكره في شأن فاطمة بنت أسد فعليه ان يثبته سندا ومتنا، فإن صح فهو من جنس الحديث الذي قبله في المعنى والله لا يجب عليه حق لأحد، وإنما هو سبحانه يتفضل على عباده فيكرمهم والأنبياء لا يتوسل الى الله بأشخاصهم وإنما يتوسل الى الله باتباعهم ((رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)) [سورة آل عمران الآية 53] فيقول: اللهم باتباعي لرسولك فاغفر لي.
((فصل الرجال عن النساء))
قال الرفاعي وهم الان فصلوا الرجال عن النساء في الحج ووضعوا حواجز امام النساء لكيلا ترى البيت .. الى ان قال: وهل هؤلاء اغير على الاسلام من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ابي بكر وعمر بن الخطاب وبقية الخلفاء الراشدين. ووضعوا الحواجز كذلك في المدينة المنورة وهم يفصلون الان اشياء وكأنهم يقولون ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان مخطئا. انظر كيف المحاسن مساوئ لحقده وجهله. والجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
ان الرفاعي اذا كان ينكر فصل النساء عن الرجال فهو يدعوا الى الاختلاط المثير للفتنة كما ينادي بذلك بعض كتاب الصحف. وايضا هو ينكر ان الرسول صلى الله عليه وسلم فصل النساء عن الرجال وجعل صفوف النساء خلف صفوف الرجال وقال ((خير صفوف الرجال اولها وشرها اخرها وخير صفوف النساء اولها وشرها اخرها)) فجعل للرجال لصفوف وللنساء صفوفا حتى المرأة الواحدة تقوم وحدها خلف الصف لحديث انس قال: ((صففت انا ويتيم وراءه - يعني الرسول صلى الله عليه وسلم- والعجوز من ورائنا)) واما وضع الحاجز بين الرجال والنساء في مسجدي مكة والمدينة فلأن ذلك استر لهن فهو من صالح الرجال والنساء وليس الغرض منه ان لا يرى من الكعبة كما يقول.
19 - قال الرفاعي: وهؤلاء جهلة ويتبعون ابن باز ويقولون عنه انه امام من الائمة رغم انه انكر ان الانسان وصل للقمر وقال ان الارض ليست كروية ... الى ان قال: ونقول: ان ابن باز كان عابدا وعالما ولكنه في مذهبه كان متشددا ومتعصبا ... الى ان قال: ومع هذا اقول انه رجل متطرف في ارائه وفي اتهامه للمسلمين بالشرك والبدعة والضلال هكذا تناقض في حق الشيخ ابن باز رحمة الله فتارة يصفه بأنه عالم عابد. ومرة يصفه بانه متشدد في مذهبه ومتعصب ومتطرف في ارائه وانه يتهم المسلمين بالشرك والبدعة والضلال وينفي عنه الامامة في العلم لانه لا يقول بكروية الارض وينكر وصول الانسان الى القمر.وهل من شرط الامامة التصديق بالنظريات الحديثة
والجواب عن ذلك ان نقول: اما ان الشيخ متشدد ومتعصب ومتطرف وانه يتهم المسلمين عموما بالشرك والبدعة والضلال فهذا كله كذب وافتراء وغيبة قبيحة فكل من عرف الشيخ ابن باز يكذب هذه الاتهامات وهي لا تضر الا من صدرت منه ولا تنقص من قدر الشيخ بل يزيده الله بها رفعة وقد قيل:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد* * * * وينكر الفم طعم الماء من سقم
واما ان الشيخ يكفر المسلمين ويتهمهم بالبدعة والضلال فهذا من اعظم الكذب! فالشيخ لا يكفر ولا يبدع ولا يضلل الا بحسب الادلة الصحيحة وعلى ضوء معتقد اهل السنة والجماعة وكتبه شاهدة بذلك واما انه لا يقول بكروية الارض فهذا كذب عليه لم يقله وعلى الرفاعي ان يثبت لنا ذلك من كتب الشيخ فقد حكى شيخ الاسلام ابن تيمية الاجماع على كرويتها. واما صعود الانسان الى القمر فالشيخ له رسالة مطبوعة ذكر فيها امكان صعود الانسان الى الكواكب.
وختاما نقول للرفاعي: امسك لسانك وقلمك عن الوقيعة في اهل العلم فإن ذلك خير لك واعلم ان الناس لا يصدقونك ولا يزيدك ذلك الا مقتا،وعند الله تجتمع الخصوم. وصلي الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
عضو اللجنة الدائمة للإفتاء
جريدة السياسة الكويتية - الجمعة 17/ 7/1427هـ
((المصدر)): [من الموقع الرسمي لصاحب الفضيلة العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله ورعاه -]
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/MyNews/tabid/87/Default.aspx?more=454&new_id=20
جزى الله شيخنا خير الجزاء ونفع به وبارك في عمره وختم لنا وله بالحسنى.
ـ[جمال الجزائري]ــــــــ[26 - Mar-2008, صباحاً 06:26]ـ
بارك الله فيك شيخ سلمان
ـ[السليماني]ــــــــ[17 - Sep-2010, مساء 05:47]ـ
جزاك الله خيراً(/)
«هل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة تكفيرية؟» عبد العزيز آل الشيخ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 10:49]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
«هل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة تكفيرية؟»
يقول السائل: ظهرت بعض المزاعم التي تقول إن التكفير في العالم اليوم هو نتاج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويزعمون أن بعض الكتب هي كتب تأصيل لمنهج التكفير، ككتاب كشف الشبهات والدرر السنية. فما رد فضيلتكم على هؤلاء وبارك الله فيكم؟
ج: دعوة الشيخ بريئة مما نسب إليها البعض من الغلو والأباطيل؛ والتكفير ليس هو المنهج في دعوة الشيخ، المنهج الدعوة إلى الخير، أما باب التكفير، فذاك باب دل الكتاب والسنة عليه، الله تعالى يقول: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا)) [سورة النساء: 137]، فالقرآن كفر من خالف الحق والهدى، فالتكفير إنما هو بما دل الكتاب والسنة عليه أما أصل الدعوة فلم تقم إلا على توضيح الحق، والرجوع إلى
الكتاب والسنة فلا يكفر المسلمون إلا من كفر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما كتاب كشف الشبهات، فهو كتاب وضعه الشيخ لبيان شبه المشركين في زمانه وتنوعها بيان الحق في دحضها، ليبين فيها شبه المشركين قديما وحديثا ثم يردها بالأدلة من الكتاب والسنة، فمن تأمل كشف الشبهات التأمل الصحيح رأى العقيدة السليمة الواضحة فيه، أما الدرر السنية، فهي رسائل مشايخ نجد وأئمة الهدى كلها عدل، وكلها خير وكلها توضح الحق، وكل الدرر السنية وما فيها من رسائل لمن درسها صادقا خاليا من الهوى يرى فيها الحق الواضح، أما من عميت بصيرته فقد يقرأ القرآن ولا يفهمه ((وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)) [سورة الأنفال: 23].
((من فتاوى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبارالعلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
- حفظه الله ورعاه -))
وفقني الله وإياكم والمسلمين إلى ما يُحبه ويرضاه، وجعلنا مباركين أينما كنا.
أخوكم المحب
سلمان بن عبدالقادر أبو زيد
ـ[أبو حمزة السني]ــــــــ[15 - Jun-2007, صباحاً 10:32]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وهنا رد الشيخ نفسه في رسالة
على هذا الرابط
http://up.9q9q.net/up/index.php?f=11ywvr591
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Jun-2007, مساء 08:25]ـ
أخي أبا حمزة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
إليك وصلة مفيدة ـ شرح رسالة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى أهل القصيم
لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان ـ:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=758
وفّقك اللَّه.
ـ[أبو حمزة السني]ــــــــ[01 - Jul-2007, مساء 11:54]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الحبيب(/)
الفوزان معقباً ... (الأنوار) الحقيقية هي أنوار الإيمان وما عدا الإيمان فهو ظلمات
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 11:01]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفوزان معقباً على ابن بخيت:
(الأنوار) الحقيقية هي أنوار الإيمان وما عدا الإيمان فهو ظلمات
قرأت ما كتبه عبد الله بن بخيت في جريدة الجزيرة الأربعاء 8 - 7 - 1427هـ جواباً عن ردي على مقاله: (الطريق إلى عصر الأنوار) الذي سبق نشره في جريدة الجزيرة 5 - 7 - 1427هـ وقد جاء في الجواب المذكور ما يأتي:
1 - قوله: وقد أثاره إشارتي إلى عصر الأنوار العظيم الذي ساد أوروبا عابراً التاريخ والجغرافية ليتمتع به العالم بأسره بمن فيه الشيخ نفسه.
وأقول: إن الأنوار الحقيقية هي أنوار الإيمان التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي أعيشها ولله الحمد ويعيشها المسلمون في أقطار الأرض كلها .. وما عدا الإيمان فهو ظلمات بعضها فوق بعض كما وصفها الله سبحانه بقوله: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}.
2 - قوله: لو التفت الشيخ جيداً في تلك الأنوار التي تسطع في سماء الغرب وقرأها بعيون حضارية لاكتشف أن بها قبساً من نار، تلك المشكاة التي أعمتنا عن رؤيتها جهالات قرون تخبط فيها شرقنا .. إلخ.
ونقول له: المسلمون - ولله الحمد - ما زالوا يعيشون في أنوار الإيمان منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ويبصرون تلك الأنوار بعيون بصائرهم وإن عميت عنها بصائر الجاحدين. قال تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، ولسنا نتخبط بل نحن على هدى، وإنما يتخبط الكافر الذي هو في الظلمات ليس بخارج منها، وهي حالة الكفار وإن استدرجوا بشيء من زهرة الدنيا. فزهرة الدنيا إن كانت مع الإيمان فهي عون ونعمة من الله. وإن كانت مع الكفر فهي استدراج وإمهال كما بين الله ذلك في قوله: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}، ولست بهذا الكلام أقلل من شأن الاستفادة من التقنيات الحديثة؛ لأن الله أمرنا بإعداد القوة والاستمتاع بما أباح الله لنا، قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، لكن هذا الاستمتاع والانتفاع يكون مع الإيمان ليكون نعمة لا نقمة.
3 - قوله: لا أفهم أن يحتج الشيخ عندما نقول إن العالم هو الإنسان الذي يتطلع إلى المستقبل لا إلى الماضي.
وأقول: بل العالم الحقيقي هو الذي يستعد للمستقبل الدنيوي والأخروي، ويعتبر بالماضي وحوادثه ويقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن جاء بعدهم ويسير على نهجهم. قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}، فلا يهدر الماضي بما فيه من القدوات والعظات. ونحن أمة لنا ماضٍ مجيد وحاضرنا مربوط بماضينا وقدوتنا سلفنا الصالح لا علماء أوروبا أو غيرها من الكفار.
4 - قوله: إن لغة الشيخ لا تشير حتى الآن إلى أن هناك اعترافاً بالفكر الآخر ولو ضمناً وللشيخ عذره في هذا، فهو ينطلق من منهج اعتاد على مدى قرون أن يرسل فكره ومعارفه في اتجاه واحد وعلى الطرف المتلقي الإصغاء جيداً والتنفيذ الفوري، لكن ثقافة الحوار والاعتراف بالآخر لا تنبت في يومين أو ثلاثة .. إلخ.
وأقول له: أنا لا أنطلق من فكر مجرد وإنما أنطلق من أدلة قرآنية وأحاديث نبوية سارت عليها الأمة طوال تاريخها المجيد الممتد لا تحيد عنه، فإذا ذكرت لك أو لأي مخالف الدليل من الكتاب والسنة, أو ذكرت لي أنت أو أي مخالف هذا الدليل وجب على الجميع ممن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتبعه ولا يجوز له مخالفته؛ لأن الله فرض علينا طاعته وطاعة رسوله لا طاعة الأفكار والأقوال المخالفة. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}، فمن يلغي هذا ويعتبره من الماضي الذي يدار عنه الظهر. بل يعتبر الماضي المبني على الكتاب والسنة وسيرة الصحابة والأئمة ظلمات، فما حيلتنا فيه إلا أننا نسأل الله لنا وله الهداية لمعرفة الحق والعمل به.
هذا ما أردت استدراكه على مقالة المذكور .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
((المصدر)): (صحيفة الجزيرة) الخميس 9 رجب 1427 هـ 03 أغسطس 2006 م (العدد) 12362
http://www.al-jazirah.com/829659/rv4d.htm
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو جهاد]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 03:03]ـ
الأخ الفاضل / سلمان أبو زيد - وفقه الله تعالى -
جزاك الله خيراً.
وواضح جداً أن المدعو ابن بخيت لديه خلط بين العلم الديني والعلم الطبيعي.
(( ... ومنها - أي من أسابا إنتشار الإلحاد - أن الملحدين اتبعوا طريق خداعة هي أن يضعوا الدين في مقابل العلم الطبيعي , ثم يتكلموا عن المزايا التي يمتاز بها منهجه العلمي , وعن الثمار التي جناها الناس من المخترعات التي قامت على أساسه ... ))
(( ... لا تناقض بين الإعتماد على الحس في معرفة ما من شأنه أن يعرف بها , والإعتماد على العقل في معرفة مالا يعرف إلا به.))
(( ... بل إن الدين الحق يعترف بالمنهج العلمي الطبيعي وسيلة إلى المعرفة , لكنه يقول إنه ليس وسيلة إلى كل المعارف, بل هنالك معارف لا تدرك إلا بالرواية ,وأخرى لا تدرك إلا بالإسنتاج العقلي , ورابعة لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الرسل.فالعاقل هو الذي يستفيد من كل هذه الوسائل بحسب نوع المعرفة التي يريدها , ومن لا عقل له يحصر نفسه في بعضها وينكر غيره.))
مابين القواسين مقاطع من كلام الأستاذ الدكتور / جعفر شيخ إدريس - حفظه الله - من كتاب ((الفيزياء ووجود الخالق))
لاحظ أخي القارئ ما لونته بالأحمر , وقارنه بفكر ابن بخيت - هداه الله -
خذ مثالاً:
وقد أثاره إشارتي إلى عصر الأنوار العظيم الذي ساد أوروبا عابراً التاريخ والجغرافية ليتمتع به العالم بأسره بمن فيه الشيخ نفسه.
فانظروا كيف اتخذ العلم والإختراعات مطيةً ليطعن أو يلمح أن الدين غير صالح لهذا الزمن!! والله أعلم بما يدور في نفسه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...(/)
«هل يجوز التبرك بماء زمزم بغير الشرب؟»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Feb-2007, مساء 11:38]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السؤال:
هل يجوز التبرك بماء زمزم بغير الشرب كأن يغتسل به طالبا البركة أم أن بركته خاصة بالشرب فقط؟
«الحمد لله ثبت في صحيح مسلم [رقم2473] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء زمزم: " إنها مباركة إنها طعام طعم " زاد الطيالسي [1/ 364] والبيهقي [5/ 147]:"وشفاء سقم ".
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ماء زمزم لما شرب له ".
فظاهر الحديث الصحيح ـ وهو الحديث الأول ـ أن ما فيه من الشفاء لا يختص بالشرب؛ لأن قوله " وشفاء سقم " مطلق، وإن كان سبب الحديث قصة أبي ذر عندما مكث أياما لا طعام له ولا شراب إلا ماء زمزم.
فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ويشبه هذا قوله تعالى في العسل: ? يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ ? [(69) سورة النحل]،
وقد علم بالتجربة أن ما في العسل من شفاء لا يختص بشربه، ويشهد لعدم اختصاص ما في زمزم من البركة، والشفاء بشربه ما ثبت في صحيح البخاري عن أبي جمرة الضبعي قال: كنت أجالس ابن عباس بمكة، فأخذتني الحمى، فقال: أبردها عنك بماء زمزم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء " أو قال:" بماء زمزم" شك همام.
فتبين أنه يشرع الاستشفاء بماء زمزم شربا، واغتسالا، ولا سيما للحمى.
وقد جاء عن الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله [ص447] قال: ورأيته غير مرة يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه.
وأما ما يفعله بعض الناس من غسل ما يقصد بتكفين الموتى بماء زمزم فلا أصل له.
والواجب الاقتصار على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن السلف الصالح في هذه المسألة وغيرها. والله أعلم.»
اهـ فتوى الشيخ عبد الرّحمن البرّاك -حفظهُ اللهُ -
*قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمهُ اللهُ تعالى-:
« ... شرع الله التبرك بماء زمزم الذي جعله الله مباركا. لكن يجب على المؤمن التمسك بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم والحذر مما خالفها. والله ولي التوفيق.» اهـ
((مجلة البحوث الإسلامية)) (عدد: 57 ص125)
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[آل عامر]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 02:51]ـ
زادك الله اخي الكريم من فضله وبارك فيك.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 12:51]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأخ الكريم / آل عامر .... المحترم:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
جَزَاكَ اللهُ خيرًا وباركَ في علمك.
وأسأل الله أن يوفقني وإياك للصواب والسداد، والله الموفق.
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[18 - Apr-2009, مساء 04:09]ـ
[فائدة]
سُئِلَ شَيْخُنا بَقِيةُ السَّلَفِ العلاَّمةُ عبدُ اللَّهِ بْنُ عَبدِ الرَّحمن بْنِ جِبْرِينٍ ـ شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى،وَعَفَاهُ ـ:
هل يجوز الاغتسال بماء زمزم عند الإحساس بالألم؟
فأجاب ـ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى ـ:
يجوز ذلك فإن زمزم لها تأثير وفائدة في تخفيف الآلام وحصول الشفاء، وقد كان كثير من الصحابة يتزودون من ماء زمزم إلى المدينة وإلى غيرها كما ذكر ذلك عبد الرزاق وغيره.
[رقم الفتوى: (27)].
المصدر: موقع شيخِنا. ( http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=27&parent=786)(/)
وزنك المادي
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[09 - Feb-2007, صباحاً 03:24]ـ
السلام عليكم
هذا الوزن المادي للإنسان , لا الروحي!
"إن أحد العلماء رد جسم الإنسان إلى العناصر الأساسية فيه، فخرج بالنتائج الآتية:
إذا جئنا بإنسان زنته مائة وأربعون رطلاً (140) وغلغلنا النظر في تكوينه وجدنا بدنه يحتوى على المواد الآتية:
قدر من الدهن يكفي لصنع (7) قطع من الصابون.
قدر من الكربون يكفي لصنع (7) أقلام رصاص.
قدر من الفوسفور يكفي لصنع رؤوس (120) عود ثقاب.
قدر من ملح المغنيسيوم يصلح جرعة واحدة لأحد المسهلات.
قدر من الحديد يمكن عمل مسمار متوسط الحجم منه.
قدر من الجير يكفي لتبييض بيت للدجاج.
قدر من الكبريت يطهر جلد كلب واحد من البراغيث التي تسكن شعره.
قدر من الماء يملأ برميلاً سعته عشرة جالونات!
وهذه المواد تشترى من الأسواق بمبلغ من المال يساوي خمسين أو ستين قرشاً مصرياً!!
وتلك هي قيمة الإنسان المادية (من كتاب "نظرات في القرآن" للأستاذ محمد الغزالي).
ـ[أبو حماد]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 04:07]ـ
ولله في خلقه شئونٌ.(/)
[شيخنا الفوزان معقباً على أبا الخيل: اتباع حرية الآراء معناه اتباع الأهواء!]
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 05:30]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[شيخنا الفوزان معقباً على أبا الخيل: اتباع حرية الآراء معناه اتباع الأهواء!]
اطلعت على ما كتبه: يوسف أبا الخيل تعليقاً على ما دار بين المزيني ومخالفيه في موضوع المناهج الدراسية الدينية وبين قينان الغامدي ومخالفيه في الدولة المدنية، وذلك في جريدة «الرياض» العدد 13888 يوم الاثنين 7/ 6/1427هـ وقد جاء فيما كتبه أن المسألة مسألة آراء وأن كلا له رأيه وحريته.
نقول لأبي الخيل: نحن دولة إسلامية والمسألة ليست مسألة آراء وإنما هي مسألة دينية يتبع فيها ما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة قال الله تعالى: ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)) ودولتنا - حفظها الله - قامت على تحكيم الكتاب والسنة في كل خلاف.
وأما اتباع حرية الآراء فإن معناه اتباع الأهواء، والله تعالى يقول: ((ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون)).
وجاء في المقال أيضا قوله: (ما دامت الرابطة الأم والعروة الوثقى ملتزم بها وأعني بها المواطنة).
وأقول له: العروة الوثقى فسرها الله بقوله: ((فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)) فهي الكفر بالطاغوت والإيمان بالله وكل حكم غير حكم الله فهو حكم الطاغوت يجب الكفر به.
فعلى الكاتب هداه الله أن يعيد النظر فيما كتب ويكتب ويكون منطلقه من دينه لا من الوطنية ونسأل الله لنا وله التوفيق في القول والعمل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء و عضو اللجنة الدائمة للإفتاء
((المصدر)):
http://www.alriyadh.com/2006/07/06/article168984.html(/)
((أسباب حصول الفتن وسبيل النجاة منها)) لسماحة المفتي العلامة عبد العزيز آل الشيخ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 05:34]ـ
أسباب حصول الفتن
وسبيل النجاة منها
لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن المتأمل في حال أمة الإسلام وما آلوا إليه من تفرق وضعف وما يجري عليهم من مصائب وفتن ليتألم أشد الألم، لكن المؤمن الحق لا ييأس من روح الله ? وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ? [سورة يوسف الآية 87] فواجب علينا أن نبحث عن الأسباب التي أوصلتنا لهذه الحالة ومن ثم نتلمس طرق العلاج على ضوء الكتاب والسنة، فإن الله سبحانه حكيم عليم ربط الأسباب بمسبباتها وهو سبحانه لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، هذا وإن أخطر ما بليت به أمة من الأمم أن تؤتى من داخلها من أبنائها وهذا من أخطر الأدواء وأعظم المصائب، يقول الله عز وجل مهددا ومتوعدا: ? قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ? [سورة الأنعام الآية 65]
فهذا من أعظم أنواع العذاب فأعظمها أن يأتي العذاب من فوق، ثم من تحت الأرجل، ثم أن يلبس الناس شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض، فعن جابر رضي الله عنه قال: ((لما نزلت هذه الآية ? قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ? [سورة الأنعام الآية 65] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك. قال: ? أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ? [سورة الأنعام الآية 65] قال: أعوذ بوجهك. ? أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ? [سورة الأنعام الآية 65]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا أهون - أو هذا أيسر-)) أخرجه البخاري.
فإذا كان هذا النوع على ما فيه من الشدة والبلاء هو أيسر نوعي العذاب الذي توعد الله به عباده فالواجب الحذر.
أيها الإخوة في الله .. إن خطر هذا النوع من العذاب يكمن في أمور:
أولا: أنه نوع من أنواع العذاب التي تنبي عن سخط الجبار عز وجل.
وثانيها: أن نبي الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم علم خطرها واستشعرها، ومن رحمته بأمته جعلها إحدى ثلاث دعوات دعا بهن ربه عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربى: ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها)) أخرجه مسلم.
وثالثها: أن الأمة حيث تصاب من داخلها تكون مصيبتها في نفسها وعدوها منها، فإن حاربت وقاتلت فإنما يقاتل المرء أخاه، وإن سكتت وكفت سكتت على بلاء عظيم يزداد سوءا وخطرا فهي فتنة يظل فيها الحليم حيرانا.
ومعنى أن يلبس الناس شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الأهواء والاختلاف). وقال مجاهد: يعني ما فيهم من الاختلاف والفتن. وعنه: أنها الأهواء المتفرقة.
وقال ابن زيد: الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف والأهواء وسفك دماء بعضهم بعضا [جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري (سورة الأنعام آية رقم 265)].
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان التفرق والتحزب بلاء ونقمة نهى الله عباده عن القصد إليه وأمرهم بالاجتماع على الحق، فقال سبحانه: ? وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ? [سورة آل عمران الآية 103] وأخبر أن نبيه صلى الله عليه وسلم بريء من الذين فرقوا دينهم، قال سبحانه: ? إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ? [سورة الأنعام الآية 159] وكذلك حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من التفرق والتحزب والتشيع. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)). وفي بعض الروايات بزيادة: ((كلها في النار إلا فرقة)).
والمقصود أن التفرق عقوبة من الله عز وجل وهو أيضا محرم على أهل الإسلام فلا يجوز لهم السعي في الافتراق والبعد عن هذا الصراط المستقيم، كما أنه سبب للفرقة والافتراق فهو سبب لحصول الاقتتال والعداوات، كل هذا إنما يحصل بسبب الجهل أو البغي والظلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن كثرة القتل في آخر الزمان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج - وهو القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض)) أخرجه البخاري ومسلم بنحوه.
هذا وإنه لما ظهر في زماننا بعض من حادوا عن الصراط المستقيم وخرجوا على جماعة المسلمين وشذوا عنهم ووقعت بسببهم فتنة عظيمة في الأمة كان لزاما على أهل العلم أن يبينوا الحق ويدلوا الناس على صراط الله المستقيم، وهذا ما انعقد عليه عزمنا في هذه الرسالة المختصرة، سائلين الله العون والتوفيق فنعرض باختصار للأسباب الحاملة على تقحم بعض الشباب لهذه البلايا، ثم نبين أسباب حصول المصائب والفتن في المجتمعات، ثم نبين وسطية أهل السنة والجماعة بعرض بعض صورها وبيان استمدادها وكيفية تطبيقها والتحذير من الانحراف عنها.
فأما الأسباب التي حملت بعض من زلت بهم القدم إلى الخروج عن الجادة وسفك دماء المعصومين والاعتداء على أموالهم وترويع الآمنين، سنذكر جملة منها، نصيحة لله ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم، وحتى يكون المسلم على بصيرة فيما يأتي ويذر.
فمن ذلك: الجهل، فإن الجهل داء قاتل يردي صاحبه، وأعظم أنواعه: الجهل المركب فيسير المرء في حياته على جهل وهو لا يعلم أنه جاهل بل يظن نفسه على الحق والهدى، يقول الله تعالى: ? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ? [سورة الكهف: 103 - 104] وهذه الآية والتي كانت في اليهود والنصارى فهي عامة بلفظها، كل من عمل عملا يظنه حسنا وإلى الله مقربا، وحقيقة عمله أنه سيء وهو فيه لله مسخط والعياذ بالله وهذا من الجهل بدين الله، ومن ذلك قول الله تعالى: ? أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ? [سورة فاطر الآية 8]
وقد قيل:
ما يبلغ الناس من جاهل * * * ما يبلغ الجاهل من نفسه
ومن الأسباب: البغي: فقد يكون المرء عنده علم من الكتاب والسنة، لكنه يبغي ويظلم، يقول الله تعالى عمن هذه حاله: ? كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ? [سورة البقرة الآية 213] ويقول الله سبحانه: ? وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ? [سورة يونس الآية 93]
قال ابن جرير: حدتني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد:
(يُتْبَعُ)
(/)
? فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ? قال: (العلم كتاب الله الذي أنزله وأمره الذي أمرهم به، وهل اختلفوا حتى جاءهم العلم بغيا بينهم، أهل الأهواء هل اقتتلوا إلا على البغي؟ قال: والبغي وجهان: وجه النفاسة في الدنيا ومن اقتتل عليها من أهلها، وبغي في العلم يرى هذا جاهلا مخطئا ويرى نفسه مصيبا عالما فيبغي بإصابته وعلمه على هذا المخطئ) اهـ[جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري (سورة يونس، آية رقم 293)].
فالبغي في العلم وبالعلم كلاهما من الظلم وهما من أسباب الافتتان والاعتداد بالرأي.
يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: (وأخبر أنهم ما تفرقوا إلا بغيا، والبغي مجاوزة الحد، كما قال ابن عمر: الكبر والحسد، وهذا بخلاف التفرق عن اجتهاد ليس فيه علم ولا قصد به البغي كتنازع العلماء السائغ، والبغي إما تضييع للحق وإما تعد للحد، فهو إما ترك واجب وإما فعل محرم فعلم أن موجب التفرق هو ذلك) [مجموع فتاوى ابن تيمية (1/ 14)].
وقال في موضع آخر: (إذ أصل السنة مبناها على الاقتصاد والاعتدال دون البغي والاعتداء) [مجموع فتاوى ابن تيمية (4/ 170)].
ومن الأسباب أيضا: عدم التوفيق بين النصوص من الكتاب والسنة فينزع المستدل منهم بدليل يرى أنه كاف في الدلالة على مقصوده ومراده ويترك الأدلة الأخرى من الكتاب والسنة، وربما تعسف الجواب عنها إبقاء لاستدلاله على حاله. وهذا من أعظم الأسباب التي أهلكت السابقين واللاحقين، يقول الله تعالى: ? هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ? [سورة آل عمران الآية 7]
قال أبو غالب: (كنت بدمشق فجيء بسبعين رأسا من رءوس الحرورية فنصبت على درج المسجد، فجاء أبو أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فصلى ركعتين، ثم خرج فوقف عليهم فجعل يهريق عبرته ساعة ثم قال: ما يصنع إبليس بأهل الإسلام، ثلاث مرات، ثم قال: كلاب جهنم، ثلاث مرات ثم قال: شر قتلى قتلت تحت ظل السماء، ثلاث مرات، تم أقبل علي، فقال: يا أبا غالب إنك ببلد أهويته كثيرة، هؤلاء به كثير، قلت: أجل، قال: أعاذك الله منهم قال: ولم تهريق عبرتك؟ قال: رحمة لهم إنهم كانوا من أهل الإسلام قال: أتقرأ سورة آل عمران؟ قلت: نعم، قال: اقرأ هذه الآية: ?هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ? إلى آخر الآية، قلت: هؤلاء كان في قلوبهم زيغ فزيغ بهم، ثم قرأ: ? يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ? [سورة آل عمران الآية 106] قال: فقلت: إنهم هؤلاء، قال: نعم،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تفرقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا السواد الأعظم)) فقال رجل إلى جنبي: يا أبا أمامة أما ترى ما يصنع السواد الأعظم؟ قال: عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين، قال: السمع والطاعة خير من المعصية والفرقة، يقضون لنا ثم يقتلوننا، قال: فقلت له: هذا الذي تحدث به شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تقوله عن رأيك قال: إني إذا لجريء أن أحدثكم ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين حتى قالها سبعا).
وأنكر ربنا عز وجل على من آمن ببعض وكفر ببعض وقال سبحانه: ? أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ? [سورة البقرة الآية 85]
والناس أمام النصوص التي ظاهرها التعارض قسمان، قسم جعل هذا المتبادر من التعارض ذريعة للطعن في الدين وهذا والعياذ بالله من شرار الخلق، نسأل الله السلامة والعافية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقسم نزع بنوع من أنواع الأدلة وترك النوع الآخر، وربما تأوله على غير تأويله وهذه أيضا ضلالة عن الهدى واتباع للهوى.
أما أهل الحق فيعملون بجميع الأدلة ويحملونها على محاملها في مواضعها على ما يقتضيه النظر العلمي الشرعي المؤصل كما فعل سلفهم الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، فكانوا هم أسعد الناس بالعمل بالكتاب والسنة.
والواجب على من نظر في نصوص الوحيين أن يحسن نظره فيهما وأن يظن فيهما ما يوافق الحق، وإن توهم التعارض فليكل العلم إلى عالمه ولا يضرب النصوص بعضها ببعض. فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا به الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه) أخرجه ابن ماجه بسند صحيح. وأخرج أيضا مثله عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال ابن خزيمة - رحمه الله - في كتابه " التوحيد "، حين جمع بين عدة نصوص ظاهرها التعارض قال في خاتمة بحثه: (فمعنى هذه الأخبار لم يخل من أحد هذه المعاني؛ لأنها إذا لم تحمل على بعض هذه المعاني كانت على التهاتر والتكاذب، وعلى العلماء أن يتأولوا أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قال علي بن أبي طالب: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا به الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه) انتهى كلامه رحمه الله.
وإنما يحمل الناس على ذلك اتباع الهوى، والله تعالى يقول: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ? [سورة الجاثية الآية 23]
ونقل ابن جرير عن ابن زيد قال: (وجدت الهوى ثلاثة أثلاث، فالمرء يجعل هواه علمه، فيديل هواه على علمه، ويقهر هواه علمه، حتى إن العلم مع الهوى قبيح ذليل، والعلم ذليل الهوى غالب قاهر، فالذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه، فهذا من أزواج النار، وإذا كان ممن يريد الله به خيرا استفاق واستنبه، فإذا هو عون للعلم على الهوى حتى يديل الله العلم على الهوى، فإذا حسنت حال المؤمن، واستقامت طريقته كان الهوى ذليلا، وكان العلم غالبا قاهرا، فإذا كان ممن يريد الله به خيرا، ختم عمله بإدالة العلم، فتوفاه حين توفاه، وعلمه هو القاهر، وهو العامل به، وهواه الذليل القبيح، ليس له في ذلك نصيب ولا فعل، والثالث: الذي قبح الله هواه بعلمه، فلا يطمع هواه أن يغلب العلم، ولا أن يكون معه نصف ولا نصيب، فهذا الثالث، وهو خيرهم كلهم) [جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري (سورة الواقعة، آية رقم 7)].
ومن الأسباب أيضا: إساءة الظن بالعلماء من جهة وبالولاة والأمراء من جهة أخرى: فينظرون إلى تصرفات الأمير ويحملونها على أسوأ المحامل ثم يحكمون عليه بأهوائهم بالبدعة أو الكفر والعياذ بالله، ويترتب على هذا عندهم جواز الخروج ووجوب إنكار المنكر بالقوة، وينظرون إلى أن العلماء ساكتون عن المنكر مداهنون للسلطان فيضلونهم ولا يقبلون كلامهم، فيبقى الشاب بعد ذلك بلا خطام ولا زمام فلا أمير يسمع له ويطيع ويسير تحت قيادته، ولا عالم يثق فيه ويأخذ من علمه ويقبل توجيهه، فتتلقفه أيدي المفسدين من أعداء الدين ويستغلونه في تحقيق مآربهم ضد أمة الإسلام باسم الدين، وهذا الأمر لم يكن في وقتنا هذا وليس هو وليد العصر، بل حصل منذ عهد الخليفة الراشد ذي النورين أحد المبشرين بالجنة إمام المسلمين في وقته وأفضلهم في زمانه عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد عاب عليه سفهاء الأحلام بعض تصرفاته في الحكم واستحلوا دمه، ولم يقبلوا من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علماء وقتهم، لم يقبلوا توجيههم ونصحهم، فقتلوا خير البشر في زمانه رضي الله عنه وأرضاه ووضعوا السيف وكانت بسببهم الفتنة بين أهل الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
(يُتْبَعُ)
(/)
والواجب على شباب الأمة وعلى عامتها وخاصتها إحسان الظن بالمسلمين وبعلمائهم وولاتهم، يقول الله تعالى في حق الأنصار مع المهاجرين ومن جاء بعدهم من المسلمين: ? وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ? [سورة الحشر: 9 - 10]
وليعلموا أن السمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين في غير معصية الله واجبة لا خيار لمسلم فيها ومن عصى الأمير فقد عصى الله تعالى، ولا يجوز الخروج عليهم وإن جاروا وإن ظلموا، وأدلة ذلك مبسوطة في كتب الحديث والعقائد فإن السمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين من عقائد أهل السنة والجماعة التي فارقوا بها أهل البدعة والضلالة من المعتزلة والخوارج ونحوهم. ومن الأدلة في ذلك قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ? [سورة النساء الآية 59]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم، إخلاص العمل لله، وطاعة ولاة الأمر، ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)). أخرجه الترمذي وابن ماجه.
ومن أقوال السلف في هذا قول الفضيل بن عياض - رحمه الله -: (لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام؛ لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد). قال ابن المبارك: (يا معلم الخير، من يجترئ على هذا غيرك).
وقد سبق أن ذكرنا أثر أبي أمامة رضي الله عنه في الحرورية الخوارج وما قاله فيهم وما أمر أتباعه به من السمع والطاعة، وبيان فضل ذلك.
وكذلك علماء السلف يجب احترامهم وتوقيرهم والأخذ عنهم. يقول الطحاوي - رحمه الله - في أواخر عقيدته: (وعلماء السلف السابقين، ومن بعدهم من التابعين - أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر- لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل).
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: (فيجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن، خصوصا العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم، إذ كل أمة قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم فعلماؤها شرارها، إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم: فإنهم خلفاء الرسول في أمته، والمحيون لما مات من سنته، بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا). وهم ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
وليتفطن شبابنا لمخططات أعداء الدين وليسألوا أنفسهم من المستفيد من التفريق بين المسلمين وولاة أمورهم وقادة بلدانهم؟
من المستفيد من زعزعة أمن البلاد المسلمة ووضع السيف عليهم وإراقة دمائهم؟
من المستفيد من نزع الثقة من علماء المسلمين وترك العامة يهيمون لا يدرون من يسألون ولا من يوجههم ويدلهم على الحق؟
إن من تأمل هذا حقا علم أن الأمة إنما تصاب مصيبة عظيمة حين تنزع الثقة من ولاة أمرها ومن علمائها، وتكون الأمة هائمة يقودها كل ناعق ويزج بها في أودية الهلاك كل مفسد تحت شعارات وروايات الله أعلم بما ورائها.
ومن الأسباب أيضا: الغلو في الدين:
إما في فهمه وإما في تطبيقه، والغلو آفة عظيمة مهلكة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)) أخرجه الإمام أحمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول محمد بن نصر المروزي - رحمه الله -: (وهكذا عامة أهل الأهواء والبدع إنما هم بين أمرين غلو في دين الله وشدة ذهاب فيه حتى يمرقوا منه بمجاوزتهم الحدود التي حدها الله ورسوله، أو إحفاء وجحود به حتى يقصروا عن حدود الله التي حدها ودين الله موضوع فوق التقصير ودون الغلو) اهـ[تعظيم قدر الصلاة، لمحمد نصر المروزي (2/ 645)]. والله تعالى يقول: ? قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ? [سورة المائدة الآية 77] وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو وبين عاقبته الوخيمة يقول صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطعون قالها ثلاثا)) أخرجه مسلم.
هذا وإن من تعلم دين الله على الحقيقة علم أنه دين السماحة والرفق واللين دين الرحمة والعدل فهو الدين الذي وضع الله به الآصار والأغلال عن العباد ? الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ? [سورة الأعراف الآية 157]
وكان من دعاء المؤمنين الذي استجاب الله له: ? رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ? [سورة البقرة الآية 286]
والأصل في هذا الدين السماحة والرفق ولم يأت بالعنف، فيجب على المسلم أن يعي هذا ويفهم دينه وفق هذا الأصل العظيم. يقول الله سبحانه: ? يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ? [سورة البقرة الآية 185]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)) أخرجه البخاري.
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه)) أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)) أخرجه مسلم.
فالواجب على الشاب المسلم وعلى عموم أهل الإسلام أن يعوا هذا الأصل وأن يطبقوه في حياتهم ويدينوا الله به ويعلموا أن طريق الإصلاح لا يكون بالعنف أبدا، فالإسلام ليس دين عنف بل دين الرحمة بالإنسان بل والحيوان. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) أخرجه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، وجاء وصف النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن بالرحمة: ? لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ? [سورة التوبة الآية 128] والله سبحانه رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف.
ومتى تصور المسلمون الإسلام بغير هذا التصور أو طبقوه على خلاف هذا الأصل فإنهم سيحرمون الخير. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يحرم الرفق يحرم الخير)) أخرجه مسلم.
والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل فينتقم لله بها)) متفق عليه واللفظ للبخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
والغلو في فهم الدين ينتج عنه أمور تجر عواقبا سيئة وخيمة منها الغيرة غير المنضبطة بضابط الشرع، فتجر على صاحبها وعلى مجتمعه بلاء عظيما، لا شك أن المؤمن يجب عليه أن يغضب لله عز وجل ولا يرضى أن تنتهك محارمه، لكن يجب عليه أيضا أن يكون عمله وإنكاره وفق شرع الله، فإنه إن زاد عن الحد المشروع فقد وقع في منكر ومحرم من حيث يريد الإصلاح، فيجب على المسلم ألا تخرج به غيرته عن الضوابط الشرعية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) أخرجه مسلم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتغيير ولم يأمر بالإزالة، ولو أمر بالإزالة لكان فيه حرج شديد، والتغيير ينظر فيه إلى قاعدة الشرع العامة وهي النظر في المصالح والمفاسد اجتماعا وافتراقا، وأيضا يجب على من تصدى لتغيير المنكر أن يكون عنده علم بأن هذا منكر وعلم بأسلوب التغيير المناسب بحيث لا يعقبه منكر أشد منه، أو يفوت مصلحة أعظم، وأيضا يكون رفيقا حليما حال إنكاره صبورا على ما يصيبه من الأذى ولا ينتقم لنفسه.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في إنكار المنكر كلاما جامعا يحسن إيراده حيث يقول - رحمه الله -:
(القاعدة العامة: فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت فإنه يجب ترجيح الراجح منها، فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به، بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته، لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة، فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام.
وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما بل إما أن يفعلوهما جميعا أو يتركوهما جميعا: لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر، بل ينظر: فإن كان المعروف أكثر أمر به؛ وإن استلزم ما هو دونه من المنكر. ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات، وإن كان المنكر أغلب نهي عنه، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف؛ ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمرا بمنكر وسعيا في معصية الله ورسوله. وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما.
فتارة يصلح الأمر، وتارة يصلح النهي، وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين، وذلك في الأمور المعينة الواقعة.
وأما من جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقا وينهى عن المنكر مطلقا، وفي الفاعل الواحد والطائفة الواحدة يؤمر بمعروفها وينهى عن منكرها، ويحمد محمودها ويذم مذمومها؛ بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات أكثر منه أو حصول منكر فوقه، ولا يتضمن النهي عن المنكر حصول أنكر منه، أو فوات معروف أرجح منه.
وإذا اشتبه الأمر استبان المؤمن حتى يتبين له الحق، فلا يقدم على الطاعة إلا بعلم ونية، وإذا تركها كان عاصيا، فترك الأمر الواجب معصية، وفعل ما نهي عنه من الأمر معصية، وهذا باب واسع، ولا حول ولا قوة إلا بالله) [مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 129 - 131)].
ثم قال - رحمه الله-: (وأصل هذا أن تكون محبة الإنسان للمعروف وبغضه للمنكر، وإرادته لهذا، وكراهته لهذا: موافقة لحب الله وبغضه، وإرادته وكراهته الشرعيين، وأن يكون فعله للمحبوب ودفعه للمكروه بحسب قوته وقدرته، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال: ? فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ? [سورة التغابن الآية 16] فأما حب القلب وبغضه وإرادته وكراهيته فينبغي أن تكون كاملة جازمة، لا يوجب نقص ذلك إلا نقص الإيمان.
وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته، ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته: فإنه يعطى ثواب الفاعل الكامل) [مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 131)].
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال - رحمه الله تعالى -: (فلا بد من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر، العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مستحبا في هذه الأحوال: وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف وروي مرفوعا؛ ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: (لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه) [مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 137)].
ومما ينتج عن الغلو في فهم الدين ما يثار حول الجهاد في سبيل الله وتصوره على غير وجهه الصحيح، فهناك من استغل حال الأمة وما ابتليت به من الأعداء فرفع شعار الجهاد ليجلب إليه شباب الأمة وليس الجهاد الذي يقصده هو الجهاد في سبيل الله، وذلك يتضح من أمور نص عليها أهل العلم.
أولا: الأصل في الجهاد أنه فرض كفاية، وأن أمره موكل للإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته في ذلك.
ثانيا: أنه للإمام أن يؤخر الجهاد لعذر، كأن يكون بالمسلمين ضعف في عددهم أو عتادهم أو غير ذلك من الأعذار، أو يكون في تأخيره مصلحة لأهل الإسلام أو رجاء إسلام من يراد جهادهم.
ثالثا: أن الجهاد لا يتعين، أي لا يكون فرض عين إلا في ثلاثة مواضع نص عليها أهل العلم وهي بإجمال:
1 - إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان فحينئذ يحرم على من حضر الانصراف ويتعين عليه المقام، يقول الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ? [سورة الأحزاب الآية 41]
2 - إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهل البلد قتالهم ودفعهم.
3 - إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه لقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ? الآية [سورة التوبة الآية 38].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا استنفرتم فانفروا)) متفق عليه.
رابعا: أن لإمام المسلمين عقد الذمة مع الكفار وله أن يعقد عقد أمان وعهد ولا يجوز لأحد أن يخفر تلك العقود بقتل أو اعتداء على مال أو عرض ومن فعل ذلك فهو آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وليس هذا الفعل من الجهاد في سبيل الله، بل ولا هو من سبيل المسلمين الذين يخافون الله ويخشون عذابه، وقد حذرنا الله عز وجل من اتباع غير سبيل المؤمنين فقال: ? وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ? [سورة النساء الآية 115]
والمشاهد أن من تجرأ على هذا العمل فإنه لا بد وأن يصيب المسلمين في أنفسهم وأموالهم.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن هذا فعله، يقول صلى الله عليه وسلم: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبته أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتله جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى لمؤمنها ولا يفي لذي عهدها فليس مني ولست منه)) أخرجه مسلم.
فالأمر خطير، والواجب على المسلم أن يوطن نفسه على معرفة شرع الله بالأدلة والعمل به على بصيرة والأخذ عن العلماء الراسخين فإن هذا هو دأب السلف، قال بعضهم: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم).
ثم إن هناك أسبابا للعقوبات والمصائب التي تحل بالمجتمعات منها:
أولا: الذنوب والمعاصي: يقول الله تعالى: ? وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ? [سورة الشورى الآية 30] ويقول سبحانه: ? ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ? [سورة الروم الآية 41] ويقول سبحانه: ? وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ? [سورة فاطر الآية 45]
(يُتْبَعُ)
(/)
والنصوص في هذا الباب كثيرة متنوعة وهذا الأصل مقرر عند المسلمين أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. يقول الله تعالى: ? وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ? [سورة النور الآية 31] ومهما تعاظم الذنب فإن الله يتوب على من تاب ? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ? [سورة الزمر الآية 53]
وثاني الأسباب العامة: ترك القيام بحقوق الله ونسيان الآخرة وعدم الاستعداد لها بالعمل الصالح: يقول الله تعالى: ? فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ? [سورة الأنعام الآية 44]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج)). وقرأ هذه الآية. أخرجه الإمام أحمد.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: في ضمن حديث له: ((فو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)) متفق عليه.
وثالث الأسباب العامة:
الركون إلى الدنيا والرضا بها والدعة وكثرة الترفه وظهور الفسق:
والمراد بالترف: الترف الزائد عن الحد، الصارف عن القيام بحقوق الله، الحامل على ظهور الفسق والجهر به.
وقد أخرج أبو داود في سننه عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه)).
يقول الله تعالى: ? وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ? [سورة الإسراء الآية 16] ومعنى أمرنا مترفيها أي أكثرنا فساقها، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن حبان في صحيحه وغيره من الأئمة: ((إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض)) والمطيطاء: مشية فيها اختيال.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) أخرجه أبو داود.
والمقصود أن الانغماس في النعيم والترفه الزائد عن الحد الصارف عن القيام بحقوق الله عز وجل سبب للذل والهلاك، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا أهل دنيا وإنما هم من عرف هذه الدنيا وأنها إنما تكون مزرعة للآخرة وليست دار خلود وبقاء، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر الحصير بجلده فجعلت أمسحه عنه وأقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا آذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك منه تنام عليه، فقال: مالي وللدنيا، فإنما أنا والدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) أخرجه أبو داود الطيالسي بسند صحيح. والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
فالدنيا دار ممر وعبور لا دار قرار وخلود وهي دار الامتحان والابتلاء ودار الآخرة هي دار الجزاء.
هذه جملة من الأسباب العامة لحصول العقوبات والمصائب وإنما نذكرها هنا للتحذير منها، فمن وقع فيها ليقلع عنها ومن لم يقع فيها ليحذرها فلا يقربها.
هذا وإن العدل في الأقوال والأعمال والاعتدال في جميع الأحوال سبب لدفع النقم ورفعها وحصول النعم واستجلابها وهو مما أمر الله به وحث عليه: ? إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ? [سورة النحل الآية 90]
والله سبحانه قد من على أمة الإسلام بأن جعلها أمة وسطا أي عدولا خيارا، يقول الله سبحانه: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ? [سورة البقرة الآية 143]
(يُتْبَعُ)
(/)
فأمة الإسلام وسط بين الأمم، وسط بين من غلا في الدين وتشدد فيه فشدد الله عليهم، وبين من تساهل وجفا فضلوا عن سواء الصراط، وأهل السنة والجماعة وسط بين أهل النحل، كما أن أهل الإسلام وسط بين أهل الملل.
والوسطية هي: اتباع دين الله والقيام به عقيدة وشريعة، فمن قام بهذا فهو المتبع لكتاب الله، ومن اتبع كتاب الله حقا كان على الطريق الأقوم: ? إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ? [سورة الإسراء الآية 9]
والوسطية هي دين الله الحق الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا بسؤال الله الهداية إليها، أصل ذلك قوله تعالى في سورة الفاتحة: ? اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ? [سورة الفاتحة الآية 6]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (فأمر سبحانه في " أم الكتاب " التي لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، والتي أعطيها نبينا صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش، التي لا تجزئ صلاة إلا بها: أن نسأله أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم: كاليهود، ولا الضالين كالنصارى.
وهذا (الصراط المستقيم) هو دين الإسلام المحض، وهو ما في كتاب الله تعالى، وهو " السنة والجماعة " فإن السنة المحضة هي دين الإسلام المحض، فإن النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه من وجوه متعددة رواها أهل السنن والمسانيد كالإمام أحمد وأبي داود والترمذي وغيرهم أنه قال: ((ستفترق هذه الأمة على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة)) وفي رواية: ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).
وهذه الفرقة الناجية (أهل السنة) وهم وسط في النحل، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل) [مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 369 - 370)].
فأهل السنة والجماعة وسط في جميع أبواب السنة والعقيدة؛ لأنهم متمسكون بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وهكذا (أهل السنة والجماعة) في الفرق. فهم في (باب أسماء الله وآياته وصفاته)، وسط بين (أهل التعطيل) الذين يلحدون في أسماء الله وآياته، ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه؛ حتى يشبهوه بالعدم والموات، وبين (أهل التمثيل) الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوقات.
فيؤمن أهل السنة والجماعة بما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف وتمثيل.
وهم في (باب خلقه وأمره) وسط بين المكذبين بقدرة الله، الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه لكل شيء، وبين المفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل، فيعطلون الأمر والنهي والثواب والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا: ? لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ? [سورة الأنعام الآية 148]
فيؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير، فيقدر أن يهدي العباد ويقلب قلوبهم، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يعجز عن إنفاذ مراده، وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات.
ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل، وأنه مختار، ولا يسمونه مجبورا؛ إذ المجبور من أكره على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل العبد مختارا لما يفعله فهو مختار مريد، والله خالقه وخالق اختياره، وهذا ليس له نظير، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وهم في (باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد) وسط بين الوعيدية، الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية، ويكذبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم. وبين المرجئة الذين يقولون: إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء، والأعمال الصالحة ليست من الدين والإيمان ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية.
(يُتْبَعُ)
(/)
فيؤمن أهل السنة والجماعة بأن فساق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة، وأنهم لا يخلدون في النار، بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، أو مثقال خردلة من إيمان، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ادخر لأهل الكبائر من أمته.
وهم أيضا في (أصحاب رسول الله) صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وسط بين الغالية الذين يغالون في علي رضي الله عنه، فيفضلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما، وأن الصحابة ظلموا وفسقوا، وكفروا الأمة بعدهم كذلك، وربما جعلوه نبيا أو إلها، وبين الجافية الذين يعتقدون كفره، وكفر عثمان ونحوهما، ويقدحون في خلافة علي رضي الله عنه وإمامته.
وكذلك في سائر (أبواب السنة) هم وسط؛ لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان. [مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 373 - 375)].
والذي يجب التنبيه له أن الوسطية في الإسلام ليست أمرا مكتسبا، أي أنها لم تترك لأهواء الناس ومقاييسهم وما يراه كل طائفة من الناس أنه هو الوسط، ولو كلفنا بذلك لكان فيه أشد الضيق والعنت إذ كيف يصل المرء إلى الوسطية وكل طائفة من الناس لها من الآراء والأهواء ما يحصل به التعارض بل والتناقض، ومن رحمة الله أن دلنا على طريق الوسطية، فنحن لم نؤمر بوسطية مطلقة، بل أمرنا باتباع الصراط المستقيم الذي هو شرع الله ودينه، فمن اتبع دين الله الحق الموافق للكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة فهو المتبع للصراط المستقيم الذي أمرنا باتباعه. ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ? [سورة الأنعام الآية 153] ويقول سبحانه: ? ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ? [سورة الجاثية الآية 18]
فمن استقام على الصراط المستقيم الذي أوضحه الله بأجلى بيان وبلغه رسوله صلى الله عليه وسلم أعظم بلاغ، من استقام عليه فقد استحق وصف الوسطية ودخل في عموم قول الله تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ? [سورة البقرة الآية 143]
ومجانبة صراط الله المستقيم والحيدة عن وسطية هذا الدين سبب للضلال والعياذ بالله، والعدول عن الصراط المستقيم يكون بالغلو في الدين أو الجفاء عنه، وكلا الطريقين من مطايا إبليس ولا يبالي بأيهما ظفر من العبد،
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فصل وقد تقدم أن دين الله وسط بين الغالي فيه، والجافي عنه. والله تعالى ما أمر عباده بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر: إما إفراط فيه، وإما تفريط فيه. وإذا كان الإسلام الذي هو دين الله لا يقبل من أحد سواه، قد اعترض الشيطان كثيرا ممن ينتسب إليه؛ حتى أخرجه عن كثير من شرائعه، بل أخرج طوائف من أعبد هذه الأمة وأورعها عنه، حتى مرقوا منه كما يمرق السهم من الرمية.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال المارقين منه، فثبت عنه في الصحاح وغيرها من رواية أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري، وسهل بن حنيف، وأبي ذر الغفاري، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وابن مسعود) رضي الله عنهم، وغير هؤلاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج فقال: ((يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم أو فقاتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)). وفي رواية: ((شر قتيل تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه)) وفي رواية: ((لو يعلم الذين يقاتلونهم ما زوى لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل)).
وهؤلاء لما خرجوا في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قاتلهم هو وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتحضيضه على قتالهم، واتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا كل من فارق جماعة المسلمين وخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته من أهل الأهواء المضلة والبدع المخالفة) [مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 381 - 383)].
وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم خطورة العدول عن الصراط المستقيم؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي عنه قال:
((خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله فقال: وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ? [سورة الأنعام الآية 153].)) أخرجه الإمام أحمد.
هذا ما قصدنا إلى بيانه إبراء للذمة ونصحا للأمة وإني لأسأل الله العلي العظيم بمنه وكرمه وبعزته وقدرته أن يصلح أحوال المسلمين ويبصرهم في دينهم ويهدي ضالهم ويثبت على الحق مطيعهم ويزيد الجميع هدى وتوفيقا وبرا، وأن يعز الإسلام وأهله، ويرفع من في رفعته عز للإسلام والمسلمين، ويضع من في ضعته وذله وهوانه عز للإسلام والمسلمين، كما أسأله سبحانه أن يحول ذل المسلمين عزا، وضعفهم قوة، وتفرقهم اجتماعا على الحق، وأن يرهب بهم أعداءه أعداء الدين، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين وقادتهم، ويدلهم على الخير، ويوفقهم للحكم بكتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وأن يجعلهم رحمة على رعاياهم أعوانا على البر والتقوى، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولي أمرنا لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا وإياه من المتعاونين على البر والتقوى، ويرزقنا البطانة الصالحة، ويصلح لنا جميعا العقب والعاقبة إنه سبحانه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
المصدر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) ع: 69 ص6
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[صالح السويح]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:04]ـ
جزاك الله خيراً ونفع بما نقلت
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[25 - Feb-2007, صباحاً 01:37]ـ
الموقر / صالح السويح -حفظه الله -:
جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا ورَعَاك.(/)
ما رأيكم فيمن يقول في حديث: افترقت اليهود على إحدى ... ) قد أحدث في بناء الأمّة شروخا
ـ[أبو عمر الكناني]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 11:26]ـ
ما رأيكم (بكلّ صراحة وحياديّة) في رجل يقول في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ... )) الحديث، يقول عنه:
((هذا الحديث قد أحدث بألفاظه المختلفة قد أحدث في بناء الأمّة شروخاً ما تزال تعاني منها إلى اليوم، ولا ندري متى تتمكّن الأمّة من الانعتاق منه ومنها .. فعلم الفرق والملل والنحل قد قام على أساس من هذا الحديث)).
ـ[الحمادي]ــــــــ[09 - Feb-2007, مساء 11:52]ـ
حياكم الله أبا عمر
لعل قائل هذا الكلام يرى تضعيف الحديث، فانضم في نظره إلى ضعف الإسناد نكارة المتن.
وفي تصحيح هذا الحديث خلاف.
أقول هذا ملتمساً العذر لقائله، والأمر بحاجة إلى النظر في الكلام كاملاً.
وأما إن كان قائل هذا الكلام يرى تصحيح الحديث فلا شك أنها سقطة، وسوء أدب تجاه الخطاب النبوي
وكان الواجب أن يقول:
سوء فهم الناس من أسباب حدوث الشرخ، وليس الخطاب المعصوم.
ـ[فوزي زماري]ــــــــ[10 - Feb-2007, صباحاً 12:26]ـ
هذا الحديث يطابق ما حدث في الواقع فكيف يقال بأنه أحدث شرخا هل وجود الحديث هو من سبب تفرقة الأمة؟
ـ[أبو عمر الكناني]ــــــــ[10 - Feb-2007, صباحاً 01:52]ـ
الكلام للدكتور العلواني: وهذا هو كاملاً:
إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب بعد أن ضرب الإسلام فيها ونزل قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (المائدة:3)، كما يئس من اجتيال الأمة -كلها- عن دينها. ورضي من دون ذلك بما يحقر الناس من أعمال. ولم يستطع إبليس اللعين بكل ما أجلب على القرآن من خيل ورجال وكهانة وسحر ومحاولة معارضة وتشويش أن يخترق هذا القرآن، الذي حال الله -تبارك وتعالى- بينه وبين اختراقه وحفظه وحرسه بنسفه، فعمد اللعين إلى فتنة التفسير والتأويل وفتنة الأحاديث.
أما فتنة التفسير فقد استطاع اللعين وأنصاره أن يحملوا على القرآن المجيد فيه كل التراث الزائف المريض الذي حفل به تراث الأمم السالفة -مستغلين تماثلا موهوما بين بعض موضوعات ومحاور القرآن، وتراث تلك الأمم في قضايا الخلق وقصص الأنبياء والأحداث الكبرى كالطوفان وما إليه. وشتان بين ما أورده القرآن في هذه الأمور، وما جاء في التراث المريض الموبوء، فالقرآن في كل ذلك جاء بالصدق وصدق به. أما ذلك التراث فقد زيف الصادق، وحرف الكلم عن مواضعه، وكان الكذبة -والويل لهم- {يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} (آل عمران: 78).
وأما التأويل فقد أسرفوا فيه، وبالغوا، بل أتوا فيه بالعجائب.
وأما فتنة الأحاديث فقد كانت فتنة عمياء مضلة، حيث قامت حركة وضع وفبركة وأكاذيب تداعى لها الوضاعون ومحترفو الكذب، فنسبوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الألوف من الأحاديث الموضوعة التي نزه الله لسان نبيه الشريف عن قول شيء منها. ونسبوا إلى الصحابة من الآثار ما لم يقل أحد منهم شيئا منها.
ومع أن جهابذة علماء الأمة قد أسسوا علوم الإسناد وعلوم الرجال، وجعلوها من الدين وبذلوا فيها من الجهود ما لم تقم أمة بمثل جزء منه. بيد أن أعدادا محدودة من تلك الآلاف الكثيرة قد نفذ من معايير ضوابط الأسانيد، وضوابط نقد المتون فوصل إلى عقول الناس واشتهر على ألسنتهم، وشاع بين القصاصين والواعظين والراغبين في نقل وتناقل الغرائب، فتوهم الناس أنه صحيح، فتمسكوا به، وعملوا بمقتضاه، فولد ثقافة مريضة، وأفكارا معطوبة، وسلوكيات منحرفة أورثت الأمة فرقة وضعفا وانحرافات غاية في الخطورة.
وبعض علماء الفرق والمذاهب والطوائف وجدوا في بعض هذه الأحاديث ما يستطيعون دعم بعض آرائهم ومواقفهم به إذا اتخذوه شاهدا أو دليلا، فابتكروا دعوى "التواتر المعنوي" لما عز عليهم أن يجدوا له سند صحة فضلا عن دليل تواتر. وأضافوا إلى تلك الدعوى دعوى غامضة أخرى لا تندرج تحت أية قاعدة منهجية، وهي: "تلقته الأمة بالقبول".
(يُتْبَعُ)
(/)
وكلتا الدعويين "التواتر المعنوي"، و"تلقته الأمة بالقبول" دعاوى غامضة لا تلتقي مع المناهج التي وضعها المحدثون أنفسهم، ومع ذلك فقد استعملت في تصحيح وتعزيز أحاديث تعلقت بموضوعات في غاية الأهمية. والحديث الذي يهمنا تناوله من بين تلك الأحاديث في بحثنا هذا حديث "تفرق الأمة" وهو نموذج من أخطر النماذج التي تسللت إلى عقل الأمة تحت ستاري "التواتر المعنوي" و"تلقته الأمة بالقبول".
وهذا الحديث بألفاظه المختلفة قد أحدث في بناء الأمة شروخا ما تزال تعاني منها إلى اليوم. ولا ندري متى تتمكن الأمة من الانعتاق منه ومنها. بعد أن تأسست علوم صارت تشكل أقساما دراسية في جامعاتنا وكلياتنا المعاصرة وحوزاتنا العلمية. فعلم "الفرق والملل والنحل" قد قام على أساس من هذا الحديث.
إن حديث "افتراق الأمة" جاء بألفاظ كثيرة تتجاوز العشرين لفظا، من طرق عديدة، منها: طريق علي -رضي الله عنه- وأبي هريرة، وأنس بن مالك، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم. وقد أخرج الترمذي وأبو داود وأحمد وابن عبد البر وابن وهب في جامعه، وروايته أغرب الروايات حيث زاد في عدد الفرق زيادة لم نجدها في روايات غيره، حيث أورده بلفظ: "إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وثمانين ملة، وستفترق أمتي على اثنتين وثمانين ملة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجماعة". وقد اختلفت ألفاظه اختلافا شديدا، فلم نجد لفظين منها قد اتفقا. كما أن أسانيده -كلها- لم يخل واحد منها من راو أو أكثر ضعيف، أو مجهول، أو مخطئ، أو مختلف فيه أو صاحب بدعة أو منكر الحديث.
وقد جمع المحدث الكبير الشيخ محمد يحيى سالم عِزّان روايات حديث "افتراق الأمة" فوجد كما وجدنا أن ألفاظه شديدة الاختلاف، وأن تلك الاختلافات في نقل ألفاظه كانت ذات تأثير كبير في اختلاف معانيه.
وحين نستعرض ما جمع من روايات الحديث يُلاحظ أن الروايات التي حظيت بتصحيح بعض المحدثين وتخريجهم جاءت بألفاظ تخبر بأن هذه الأمة سوف تتعرض إلى (داء الاختلاف) كما عرض ذلك الداء لأمم خلت من قبلها. ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين يحدث الأمة بمثل هذا الحديث فإنه يعظها، ويقوم بعمليات تحذير مسبقة لتحصينها من ممارسة ما قد يؤدي بها إلى الفرقة والاختلاف المدمرين لكيانات الأمم. فهو ليس كما فهم الكثيرون بأنه -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يخبر بذلك باعتباره نبوءة أو كما سموا مثله (أعلام النبوة) فيكون بمثابة قدر مقدور لا حيلة للأمة بدفعه ولا بد من وقوعه. بل هو وعظ وتحذير من الوقوع في مستنقع الاختلاف.
فإذا وقع الاختلاف بالرغم من جميع الاحتياطات التي اتخذتها الأمة، فهنا لا بد من الوقوف في وجه الباغي حتى يثوب إلى رشده، إذ إن هذا الحديث بذلك -وحده- يصبح منسجما مع قوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات:9).
وبذلك تكون الأحاديث الصحيحة واردة أساسا على تحذير المؤمنين ووعظهم أن يسقطوا في براثن الاختلاف؛ فإن حدث ووقع ذلك بينهم فالمخرج منه ما ذكره الله -تبارك وتعالى- من الاحتكام إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في حياته، وبعد وفاته إلى الكتاب الكريم وبيانه من السنة.
أما ذلك الفهم الذي أدى إلى قيام "علم الملل والنحل والفرق" فإنه نظر إلى هذه الأحاديث على أنها إخبار من الصادق الأمين -صلى الله عليه وآله وسلم- بوقوع ذلك الافتراق حتما. ونظرا إلى وجوب تصديق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في كل ما يخبر به، فقد اعتبروا أن الافتراق والاختلاف والتنازع قدر حتم لا راد له، وما علينا إلا أن نستسلم له ونرضخ ونتنازع من هي الفرقة الناجية والهالكة. وهذا ما لا يمكن أن يكون مراد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتفق مع ظاهر القرآن في التوكيد على التأليف بين المؤمنين، وجمع كلمتهم ونبذ ما يفرق بينهم، والعمل على احتوائه والتقليل من آثاره عندما يحدث.
اللهم إن هذه الأمة قد عانت الكثير فهيئ لها أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر. إنك سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو حماد]ــــــــ[10 - Feb-2007, صباحاً 10:15]ـ
الدكتور العلواني تغير كثيراً، وقد رأيته له لقاءً في قناة الحرة يهاجم فيه دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مع أن الدولة أحسنت إليه، ووقفت بجانبه، لكنه في ذلك اللقاء كان سلبيا تماماً معها ومع النهج الذي تسير عليه.
وله مؤخراً آراء كثيرة مثيرة للجدل، وفيها خروج واضح عن المستقر الثابت من أحكام الشريعة، ويمكن تلخيص حاله هداه الله بأنه شعر بضعف المسلمين فحاول بذلك خلق طريقة جديدة تقتضي تذويب المسلم في الحضارة الغربية بالتنازل عن ما يثير الاستغراب من معتقداته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 12:05]ـ
أخي الكناني وفقك الله و زادك توفيقاً ...
هذا مسكين، حديث شريف يكون سبب تفرق الأمة، و ما أحدثه أهل البدع لا يرفق، عجيب ...
نعم، هو يضعف الحديث، مع أن علماء أهل السنة صححوه و بينوا معناه، و لله الحمد ...
و الذي يجب أن يعلم أن التفرق وقع في هذه الأمة بقدر الله، و لله الحكمة البالغة ...
و لكن التفرق لم يكن على أساس هذا الحديث، يعلم هذا من عنده اطلاع على نشوء الفرق ...
بل هذا الحديث من دلائل نبوة رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام، فتأمل ...
و أقول لصاحب المقالة: هب أن الأمر كما تفضلت، فهل التظن أنك بهذا تقضي على تفرق المسلمين ...
تفكير سطحي و ساذج، و الله المستعان ...
و ليعلم أن اجتماع كلمة المسلمين لا يكون إلا باجتماعهم على كلمة التوحيد بمعناها و بمقتضاها ...
و ليعلم أن (وحدة الصف من وحدة العقيدة)، هدانا الله و إياه إلى الحق ...
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 12:31]ـ
السلام عليكم
لو رجعنا لكتاب الله لوجدنا أن الاختلاف (قدراً كونياً) قال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} هود118
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يونس19
وقال تعالى في الأمم السابقة (اليهود والنصارى): {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} آل عمران105
فهذه الآيات تدل على مادلت عليه الأحاديث, ولكن هذا لايسوغ الاختلاف والتفرق فنحن مأمورين شرعاً بالوحدة والاجتماع.
ووردت أحاديث أخرى تدل على مادلت عليه أحاديث التفرق منها ماورد في (صحيح مسلم) , قال صلى الله عليه وسلم "سألت ربي ثلاثا, فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة, سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها, وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها, وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".
بناءً على هذا فالمعنى العام وهو (تفرق الأمة) حاصل حاصل سواءً ثبتت الأحاديث التي أوردتها
أم لم تثبت على قول د. العلواني , هذا والله أعلم.
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 01:45]ـ
الدكتور العلواني تغير كثيراً، وقد رأيته له لقاءً في قناة الحرة يهاجم فيه دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مع أن الدولة أحسنت إليه، ووقفت بجانبه، لكنه في ذلك اللقاء كان سلبيا تماماً معها ومع النهج الذي تسير عليه.
ولنفترض أن الدولة لم تحسن إليه، هل هذا يعطيه الحق في التهجم على دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه. . . .
نعوذ بالله من الخذلان
ـ[أبو عمر الكناني]ــــــــ[11 - Feb-2007, مساء 03:52]ـ
قلتُ أنا عنه في أحد كتبي إنه (سوء أدب مع حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) فأنكر علي ذلك رجل فاضل؟
فهل أخطأتُ حين وصفته بذلك؟
ـ[قارئ]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 10:34]ـ
سوء الأدب يحصل من كثيرين مرة قال القرضاوي عن حديث نبوي شريف أنه كان مزحة من النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[ابو عبد الله السلفي]ــــــــ[26 - Apr-2007, صباحاً 01:56]ـ
كيف يقال في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخر الأمة إن ثبت عنده الحديث ثم اعتقد ذلك كفر وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والله العظيم حصل تشابه بحث مع هذا الرجل وحسن الترابي له نفس الطريقة يقول في الحجاب نفس المقولة وفي حديث الذباب فالله المستعان تشابهت قلوبهم في رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الشردمة كأنها متخرجة من مدرسة الغزالي ومحمد عبده حسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[26 - Apr-2007, مساء 06:56]ـ
هل العلواني المذكور هو طه جابر العلواني؟ إن كان هو فإن الأفكار التي يتبناها هو ومعهده: معهد الفكر الإسلامي كثير منها أشعرية ومعتزلة، والمشكلة عندهم - حتى لا يجهد الأخوة أنفسهم- ليست أن الحديث صحيح أو ضعيف، بل المشكلة الأساسية هي: هل يقبل العقل هذا الحديث أم لا؟! وللتأكد من ذلك فيجب ألا ننسى أن هذا المعهد هو الذي نشر الكتاب الأبتر:" السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث" للغزالي الذي أساء فيه أيما إساءة.
ومن هنا يتأكد علينا عند مناقشة قول أن نعلم منزلة قائله من العلم والاطلاع على أصوله حتى لا نحتار ونحير الناس معنا وينبغي على طلبة العلم الاطلاع على هذا الفكر العصراني العقلاني المعتزلي الخبيث وفضحه وعدم تكريم حملته بدعوى الاجتهاد وعدم تتبع السقطات وترك تتبع زلة العالم ويجب أن نفرق بين زلة العالم وبين عالم من الزلات والله المسؤل أن يقي الأمة الإسلامية شر هذه الفئة التي مهدت للعلمانية وأمدتهم بالحجج الواهية ليجادلوا بها أهل السنة ويحاربوا دعوتهم، "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعيد العباسي]ــــــــ[28 - Apr-2007, صباحاً 02:53]ـ
بسم الله،
معنى أن الحديث أحدث في الأمة شروخاً، هو أن الأمة كانت مجتمعة فلما قرأت الحديث تفرقت أيدي سبأ.
وهذا كلام ظاهر البطلان، واضح الضعف والركة.
فالمفترقون (والمفرقون)، لم ينتظروا الحديث بل تفرقوا من قبل بسبب أهوائهم (أو جهلهم أو لعوارض معروفة)، كما قال الإمام أحمد: (فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون على مفارقة الكتاب).
فالحديث ليس إلا وصفاً لحالهم، كفانا الله شر البدع وأهلها.
ـ[عبدالله الخليفي]ــــــــ[16 - Jun-2007, مساء 10:35]ـ
حياكم الله أبا عمر
لعل قائل هذا الكلام يرى تضعيف الحديث، فانضم في نظره إلى ضعف الإسناد نكارة المتن.
وفي تصحيح هذا الحديث خلاف.
.
ليس كل خلافٍ جاء معتبراً ... إلا خلاف له حظٌ من النظر
الخلاف في تصحيح هذا الحديث لا شيء فلا يضعفه إلا من تهور تسرع أو من تكلم في غير فنه
وإلا فالعلماء متقدمهم ومتأخرهم يصححون هذا الخبر
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[16 - Jun-2007, مساء 11:03]ـ
منذ فترة يسيرة، ورد سؤال إلى قناة: إقرأ (الإسلامية)، يقول السائل (أنقله لكم بالمعنى): قرأت في أحد كتب الشيخ القرضاي أن حديث افتراق الأمة ضعيف، فكان الجواب (في الشريط الإلكتروني الخاص بالقناة): الشيخ يوسف القرضاوي عالم فاضل نتق بعلمه.
قلت: هكذا تصحح وتضعف الأحاديث النبوية في زماننا، وإلى الله المشتكى
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[17 - Jun-2007, صباحاً 12:43]ـ
السواد الأعظم من الأمة يجهل هذا الحديث - حسب تخميني -وهو أكثر ما يكون بين أهل العلم وطلبته، فاعتباره سببا مباشراً في إحداث شرخا في "الأمة" مبالغة واضحة.
ـ[أبو عمر الكناني]ــــــــ[17 - Jun-2007, صباحاً 12:44]ـ
قلت: هكذا تصحح وتضعف الأحاديث النبوية في زماننا، وإلى الله المشتكى
وفي ذلك الشريط طوام من الجهل والتضليل والفتوى بغير علم، وكذلك في برامجها خصوصاً أبو جهل الجفري.
وكل ما يحز في نفسي سكوت المشايخ الذين ظهروا في هذه القناة عن ممارساتها التضليلية.
نعم، خروجهم فيها اجتهاد هم فيه بين أجر وأجرين، لكن مع السكوت عن جرح هذه القناة وبيان ضلالاتها أخشى أن يكون خروجهم فيها عاد بمفسدة أعظم.(/)
«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمانة بقاء الأمة» مقال جديد لشيخنا صالح الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 12:41]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمانة بقاء الأمة»
قال الله تعالى: ? كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ? أخبر سبحانه وتعالى عن سبب خيرية هذه الأمة أنه أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، والمعروف: كل ما أمر الله ورسوله به، والمنكر: كل ما نهى الله ورسوله عنه.
كما أخبر سبحانه أنه لعن الذين كفروا من بني إسرائيل بسبب تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: ? لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ?،كما أخبر سبحانه أن سبب بقاء الأمة وتمكينها في الأرض وإمدادها بالنصر هو قيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: ? وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ? أي قائمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سمى ذلك إصلاحاً ولم يقل أهلها صالحون لأن صلاحهم بأنفسهم بدون إصلاح غيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكون ضمانا لبقائهم، كما جاء في الحديث لما قيل للنبي: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه وسلم: (نعم إذا كثر الخبث) ولما ذكر سبحانه هلاك الأمم السابقة في سورة هود قال: ? فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ? يعني لو كان فيهم من أولئك أحد لنجوا من العذاب، كما جعل سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبباً للنصر والتمكين في الأرض فقال سبحانه:
? الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ? وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والواقعين في المنكرات المضيعين للواجبات بقوم استهموا، أي اقترعوا، على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها، وكان الذين في الأسفل يستقون الماء من عند الذين في الأعلى، فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقا نستقي منه الماء ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركهم الأعلون يخرقون السفينة لغرقوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم ومنعوهم من خرق السفينة نجوا جميعاً، فهكذا الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لو تركوا الناس في المعاصي ولم يأمروهم ولم ينهوهم هلك الجميع. وإذا قاموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نجا الجميع من العقوبة. وقد قال الله تعالى: ? وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ?؛ ولذلك اهتمت حكومة هذه البلاد، وفقها الله،
فجعلت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهازا خاصا من رجال الحسبة، وهي ميزة امتازت بها هذه الدولة، وفقها الله، بين الدول الإسلامية عملاً بأمر الله سبحانه في قوله تعالى: ? وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ?، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثم الجميع وهلكوا، وهذا الأمر واجب على كل مسلم بحسب استطاعته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
أضعف الإيمان) وفي رواية: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) وهذا يقتضي التعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل بحسب استطاعته، حتى يختفي المنكر في المجتمع، فالذي بيده سلطة يزيل المنكر بيده والذي ليس له سلطة ينكره بلسانه بالدعوة والوعظ والتذكير وإبلاغ ولاة الأمور، والذي لا يستطيع هذا ولا هذا ينكر المنكر بقلبه ويعتزل أهله ويبتعد عنهم، فالواجب علينا أن نتعاون مع رجال الحسبة ونشجعهم ونخبرهم عن مواطن الفساد حتى يصلحوها لا أن نفت في عضدهم ونلتمس الأخطاء لهم ونشيعها في الناس كما يحصل من بعض الصحفيين اليوم، هداهم الله، أو من بعض الممثلين في المسلسلات التمثيلية، فإن هذا من السعي في تعطيل هذا الجهاز عن أداء مهمته الشريفة التي هي ضمانة بقاء المجتمع. ولئن كان يقع من بعضهم شيء من الخطأ لأنه بشر وليس معصوماً فإنه عن اجتهاد وينبغي أن يعالج بالطرق السليمة ويكون ذلك من أهل الاختصاص والخبرة ويكون سرا لا تشهيرا وأيهما أولى بالإصلاح واللوم؛ المجرم الذي يريد أن يخرق السفينة ويغرق الجميع، أو رجل الحسبة الذي يريد الإصلاح لكنه أخطأ من غير قصد؟
إن الواجب علينا جميعا التعاون مع رجال الحسبة، وإذا لحظنا من بعضهم خطأ مؤكدا فإننا نناصحه سرا من غير تشهير، فإن لم يُجدِ ذلك معه فإننا نبلغ مرجعه من غير أن نأخذ من خطأ الفرد مبررا للنيل من جهاز الحسبة والتقليل من شأنه، ثم أليس في الأجهزة الأخرى بعض الأخطاء التي تعالج بالطرق السليمة، فلماذا لا يتعامل مع جهاز الحسبة بنفس الطريقة الحكيمة لأن القصد الإصلاح لا التشهير؟ ومتى كان في يوم من الأيام التشهير في الصحف وفي المجالس وفي المسلسلات التمثيلية طريقاً من طرق الإصلاح؟
إننا نخشى على هؤلاء الذين يمارسون النيل من رجال الحسبة العقوبة، فلو كانت هذه الممارسة الخاطئة مع فرد من أفراد الناس لعد ذلك من العدوان الآثم، فكيف إذا كان هذا مع جهاز محترم هو صمام أمان الدولة وضمانة بقائها؟
نسأل الله تعالى أن يهدي الجميع لسداد القول والعمل.
? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا? ولا ننسى قصة أصحاب السبت الذين اعتدوا على ما حرم الله أنه عندما نزل بهم العذاب لم ينج منه إلا الذين أنكروا المنكر، قال تعالى: ? فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ? إنها موعظة لنا وعبرة والسعيد من وعظ بغيره.
أيها الإخوة الكرام أعضاء الهيئة، امضوا في طريقكم واصبروا على أذى الناس لتكونوا من الذين (تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، وكما قال لقمان لابنه: ? يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ? أمدكم الله بنصره وتأييده وهدى الذين التبست عليهم الأمور، وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء و عضو اللجنة الدائمة للإفتاء
- حفظه الله ورعاه -
المصدر: ((صحيفة الجزيرة)) الخميس 20 رمضان 1427 هـ - العدد 12432
http://www.al-jazirah.com/208546/rj8d.htm(/)
((من أعلام المجددين: شيخ الإسلام ابن تيمية)) لصاحب الفضيلة العلامة صالح الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 12:46]ـ
((من أعلام المجددين شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهُ اللهُ -))
لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
[فهرس الموضوعات]
التعريف بشيخ الإسلام ابن تيمية
مشائخ شيخ الإسلام ابن تيمية وتحصيله
اشتغال شيخ الإسلام ابن تيمية بالتدريس
مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية
ثناء العلماء على شيخ الإسلام ابن تيمية
رد الشبهات التي وجهت في حق شيخ الإسلام ابن تيمية
الخاتمة
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
أولا: التعريف بشيخ الإسلام ابن تيمية:
هو شيخ الإسلام الحافظ المجتهد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي.
ولد بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، وقدم به والده وبأخويه عند استيلاء التتار على البلاد إلى دمشق سنة 677 هـ.
مشائخه وتحصيله:
أخذ الفقه والأصول عن والده وسمع عن خلق كثير منهم الشيخ شمس الدين والشيخ زين الدين ابن المنجا والمجد بن عساكر، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم أخذ كتاب سيبويه فتأمله وفهمه، وعني بالحديث والكتب الستة والمسند مرات، وأقبل على تفسير القرآن الكريم فبرز فيه، وأحكم أصول الفقه والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وغير ذلك من العلوم، ونظر في الكلام والفلسفة وبرز في ذلك ورد على أكابر المتكلمين والفلاسفة، وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين من السنين، وتضلع في علم الحديث وحفظه وكان سريع الحفظ قوي الإدراك آية في الذكاء رأسا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف بحرا في النقليات، وكان له باع طويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين.
اشتغاله في التدريس:
كان والده من كبار أئمة الحنابلة فلما مات خلفه في وظائفه وكان عمره سبع عشرة سنة فاشتهر أمره وبعد صيته في العالم، وأخذ في تفسير القرآن الكريم أيام الجمع من حفظه - قال عنه الحافظ أبو حفص عمر بن علي البزار وكان من معاصريه [الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ص 23، 25، 28، 30.]: لقد كان إذا قرئ في مجلسه آيات من القرآن العظيم شرع في تفسيرها فينقضي المجلس بجملته والدرس بزمنه وهو في تفسير بعض آية منها، وقد منحه الله تعالى معرفة اختلاف العلماء ونصوصهم وكثرة أقوالهم واجتهادهم في المسائل وما روي عن كل واحد منهم من راجح ومرجوح ومقبول ومردود، حتى كان إذا سئل عن شيء من ذلك كأن جميع المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء فيه من الأولين والآخرين متصور مسطور بإزائه وهذا قد اتفق عليه كل من رآه أو وقف على شيء من علمه ممن لم يغلظ عقله الجهل والهوى. . . انتهى.
وقال أيضا: وأما ذكر دروسه فقد كنت في حال إقامتي بدمشق لا أفوتها، وكان لا يهيئ شيئا من العلم ليلقيه ويورده بل يجلس بعد أن يصلي ركعتين فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على رسول صلى الله عليه وسلم على صفة مستحسنة مستعذبة لم أسمعها من غيره ثم يشرع فيفتح الله عليه إيراد علوم وغوامض ولطائف ودقائق وفنون ونقول واستدلالات بآيات وأحاديث وأقوال العلماء ونقد بعضها وتبيين صحته أو تزييف بعضها وبإيضاح حجته واستشهاد بأشعار العرب وربما ذكر ناظمها، وهو مع ذلك يجري كما يجري السيل ويفيض كما يفيض البحر، ويصير منذ يتكلم إلى أن يفرغ كالغائب عن الحاضرين مغمضا عينيه من غير تعجرف ولا توقف ولا لحن بل فيض إلهي حتى يبهر كل سامع وناظر فلا يزال كذلك إلى أن يصمت، وكنت أراه حينئذ كأنه قد صار بحضرة من يشغله عن غيره، ويقع عليه إذ ذاك من المهابة ما يرعد القلوب ويحير الأبصار والعقول - وكان لا يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا ويصلي ويسلم عليه، ولا والله ما رأيت أحدا أشد تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحرص علما اتباعه ونصر ما جاء به منه، حتى إذا كان أورد شيئا من حديثه في مسألة ويرى أنه لم ينسخه شيء غيره من حديثه يعمل به ويقضي ويفتي بمقتضاه، ولا يلتفت إلى قول غيره من المخلوقين كائنا من كان، وقال رضي الله عنه: كل قائل إنما يحتج لقوله
(يُتْبَعُ)
(/)
لا به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا فرغ من درسه يفتح عينيه ويقبل على الناس بوجه طلق بشيش وخلق دمث كأنه لقيهم حينئذ، وربما اعتذر إلى بعضهم من التقصير في المقال مع ذلك الحال، ولقد كان درسه الذي يورده حينئذ قدر عدة كراريس. وهذا الذي ذكرته من أحوال درسه أمر مشهور يوافقني عليه كل حاضريه وهم بحمد الله خلق كثير لم يحصر عددهم علماء ورؤساء وفضلاء من القراء والمحدثين والفقهاء والأدباء وغيرهم من عوام المسلمين. . . انتهى كلام البزار في كتابه الأعلام العلية.
مؤلفاته:
لشيخ الإسلام ابن تيمية مؤلفات قيمة ضخمة ورسائل وفتاوى بلغ الموجود منها مجلدات ضخمة وعديدة، طبع منها الآن حسب علمي خمسة وستون مجلدا وهي:
1) مجموع الفتاوى سبعة وثلاثون مجلدا وقد طبع عدة مرات ووزع في كثير من الأقطار الإسلامية وانتفع به المسلمون لما يحتويه من علم غزير في العقائد والفقه والتفسير والحديث والأصول.
2) موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول وقد طبع في عشرة مجلدات.
3) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (رد على شبه النصارى) وقد طبع في أربعة مجلدات.
4) منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية وقد طبع في أربعة مجلدات محققة.
5) الفتاوى المصرية وقد طبعت في خمسة مجلدات.
6) الاختيارات الفقهية، وقد طبعت في مجلد.
7) القواعد النورانية الفقهية وقد طبعت في مجلد.
8) نقض منهاج التأسيس وقد طبع الموجود منه في مجلدين.
9) إقامة الدليل على إبطال التحليل وقد طبع في مجلد.
10) شرح العقيدة الأصفهانية، وقد طبع في مجلد.
11) الصفدية وقد طبع المجلد الأول منها، والبقية في الطريق إن شاء الله.
12) الاستقامة وقد طبع في مجلدين.
13) كتاب الإيمان وقد طبع في مجلد.
14) كتاب نقض المنطق، وقد طبع في مجلد.
15) كتاب النبوات، وقد طبع في مجلد.
16) اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم مجلد.
17) الصارم المسلول وقد طبع في مجلد.
18) التوسل والوسيلة.
19) العقيدة الواسطية.
20) العقيدة التدمرية.
21) رفع الملام.
22) شرح حديث النزول.
23) مقدمة في أصول التفسير.
24) تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية وقد طبع في مجلدين.
25) الرد على المنطقين.
26) نظرية العقد.
هذا ولا يزال الكثير من كتبه ورسائله وفتاويه مفقودا ويعثر بين حين وآخر على شيء منه فيبادر من وجده إلى نشره للانتفاع به، وقد لمعت كتبه في هذا العصر وانتفع بها الخلق الكثير لما تحويه من العلم الغزير والتحقيق والتدقيق والأصالة، وقد شهد بذلك كل من اطلع عليها ممن لم تأخذه العصبية الجاهلية والتقليد الأعمى.
ثناء العلماء عليه:
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (14/ 118 - 119): وقل أن جمع شيئا إلا حفظه ثم اشتغل بالعلوم وكان ذكيا كثير المحفوظ فصار إماما في التفسير وما يتعلق به عارفا بالفقه، فيقال إنه كان أعرف بفقه المذاهب من أهلها الذين كانوا في زمانه وغيره، وكان عالما باختلاف العلماء، عالما في الأصول والفروع والنحو واللغة وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية، وما قطع في مجلس ولا تكلم معه فاضل في فن من الفنون إلا ظن أن ذلك الفن فنه ورآه عارفا به متقنا له، وأما الحديث فكان حامل رايته حافظا له مميزا بين صحيحه وسقيمه عارفا برجاله متضلعا من ذلك، وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة في الأصول والفروع. . . . . انتهى.
وقال الحافظ المزي في الثناء عليه [حياة شيخ الإسلام ابن تيمية للشيخ محمد بهجت البيطار ص21.]: ما رأيت مثله ولا أرى هو مثل نفسه وما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله وسنة رسوله ولا أتبع لهما منه، وقال الحافظ ابن دقيق العيد: لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلا كل العلوم بين عينيه يأخذ ما يريد ويدع ما يريد، وقال الشيخ إبراهيم الرقي: إن ابن تيمية يؤخذ عنه ويقلد في العلوم فإن طال عمره ملأ الأرض علما وهو على الحق ولا بد من أن يعاديه الناس لأنه وارث علم النبوة، وقال قاضي قضاة مصر ابن الحريري: إن لم يكن ابن تيمية شيخ الإسلام فمن هو؟.
نقل هذه الأقوال عن هؤلاء الأئمة في الثناء على شيخ الإسلام ابن تيمية الشيخ مرعي يوسف الحنبلي في كتابه: الكواكب الدرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
رد الشبهات التي وجهت في حق الشيخ:
لقد ضاق خصومه قديما وحديثا به ذرعا ووجهوا ضده الاتهامات:
1) من ذلك ما افتراه الرحالة ابن بطوطة حيث قال في رحلته (في حق شيخ الإسلام ابن تيمية: وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا، ونزل درجة من درج المنبر) وقد رد على هذه الفرية الشيخ العلامة محمد بهجة البيطار [حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، ص47 - 48] بما يلي:
1 - أن ابن بطوطة لم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به إذ كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام ستة وعشرين وسبعمائة (726) هـ وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شهر شعبان من ذلك العام ولبث فيه إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمانية وعشرين وسبعمائة هجرية فكيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع وهو إذ ذاك في السجن.
2 - لم يكن شيخ الإسلام ابن تيمية يعظ الناس على منبر الجامع وإنما كان يجلس على كرسي، قال الحافظ الذهبي عنه: وقد اشتهر أمره وبعد صيته في العالم وأخذ في تفسير الكتاب العزيز أيام الجمع على كرسي من حفظه.
3 - أن هذا الذي ذكره ابن بطوطة يخالف ما ذكره الشيخ في جميع كتبه من أنه يجب إثبات أسماء الله وصفاته إثباتا بلا تشبيه وتنزيهها عن مشابهة صفات المخلوقين تنزيها بلا تعطيل، وهذا الذي ذكره ابن بطوطة تشبيه ينهى عنه شيخ الإسلام ويحذر منه غاية التحذير.
4 - لشيخ الإسلام ابن تيمية في موضوع النزول كتاب مستقل اسمه شرح حديث النزول وهو مطبوع ومتداول وليس فيه ما ذكره ابن بطوطة، بل فيه ما يرد عليه ويبطله من أصله والحمد لله رب العالمين.
2) قالوا عنه إنه يخالف الإجماع، وقد أجاب عن هذه الشبهة الشيخ محمد بهجة البيطار بقوله:
اشتهر ابن تيمية بمسائل أثرت عنه وظن كثير من الناس أنه انفرد بها عن غيره بل ظنوا أنه خالف في بعضها الإجماع وهي أمور اجتهادية يقع في مثلها الخلاف بين العلماء ومن المفروغ منه أن ابن تيمية قد بلغ رتبة الاجتهاد في الأحكام الشرعية وأنه كان يفتي الناس بما أدى إليه اجتهاده أي أنه الراجح من الأقوال. وأنه موافق في فتاواه بعض الصحابة أو التابعين أو أحد الأئمة الأربعة أو غيرهم ممن عاصرهم أو جاء قبلهم أو بعدهم وقد قال العلامة برهان الدين ابن الإمام محمد المعروف بابن قيم الجوزية: لا نعرف مسألة خرق فيها الإجماع، ومن ادعى ذلك فهو إما جاهل وإما كاذب، ولكن ما نسب إليه الانفراد به ينقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: ما يستغرب جدا فينسب إليه أنه خالف فيه الإجماع لندور القائل به وخفائه على الناس لحكاية بعضهم الإجماع على خلافه.
الثاني: ما هو خارج عن مذاهب الأئمة الأربعة وقال بعض الصحابة أو التابعين أو السلف به والخلاف فيه محكي.
الثالث: ما اشتهرت نسبته إليه مما هو خارج عن مذهب الإمام رضي الله عنه لكن قد قال به غيره من الأئمة وأتباعهم.
الرابع: ما أفتى به واختاره مما هو خلاف المشهور في مذهب أحمد وإن كان محكيا عنه وعن بعض أصحابه. انتهى [حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، ص54 - 55].
قلت وبهذا يعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم ينفرد بقول لم يقم عليه دليل من الكتاب والسنة ولم يقل به أحد من الأئمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومن أراد الحق في هذا فلينظر في مجموع فتاواه الكبير الذي بلغ سبعة وثلاثين مجلدا وطبع عدة مرات ووزع على نطاق واسع في العالم الإسلامي، ولا يصدق ما أشاعه عنه المغرضون. فإن قول الخصم غير مقبول على خصمه - وإنما يرجع إلى كلام الشخص نفسه ويحكم عليه بموجبه، واليوم والحمد لله كتب شيخ الإسلام وفتاواه قد انتشرت واشتهرت وهي تدحض ما افتراه عليه خصومه من الأكاذيب، ومن رجع إلى هذه المؤلفات القيمة أدرك أنه مفترى عليه ووجد في هذه المؤلفات العلم الغزير الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يسع المنصف الخالي من التعصب الأعمى إلا أن يقر له بالعلم والفضل والاستقامة على الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
3) قالوا إنه أفتى بفتاوى تخالف فتاوى الأئمة أهل السنة والجماعة وهذا من الكذب على شيخ الإسلام ابن تيمية فهو لم ينفرد بقول يخالف به الأئمة جميعا سواء الأئمة الأربعة أو أئمة السلف الذين هم قبل الأربعة كما سبق بيانه فلم يقل قولا إلا وله سلف فيه من الأئمة، وأهل السنة والجماعة، اللهم إلا أن يريد هذا القائل بأهل السنة والجماعة جماعة الأشاعرة والماتريدية -فهذا اصطلاح خاطئ لأن المراد بأهل السنة والجماعة حقا من كان على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم الفرقة الناجية وهذا الوصف لا ينطبق إلا على الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم واتبع طريقهم، والأشاعرة الماتريدية خالفوا- الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة في كثير من المسائل الاعتقادية وأصول الدين فلم يستحقوا أن يلقبوا بأهل السنة والجماعة. وهؤلاء لم يخالفهم شيخ الإسلام ابن تيمية وحده بل خالفهم عامة الأئمة والعلماء الذين ساروا على نهج السلف. وهذه الفتاوى التي نسبوها كذبا للشيخ
وقالوا إن الشيخ خالف فيها فتاوى الأئمة أهل السنة والجماعة هي قولهم:
1 - إنه يرى جلوس الله على العرش كجلوسه هو وأنه قال ذلك على المنبر في مسجد بني أمية مرارا في دمشق وفي مصر.
ونقول: هذا من الكذب الواضح على شيخ الإسلام ابن تيمية فشيخ الإسلام في هذه المسائل يثبت ما أثبته الله لنفسه من أنه استوى على العرش استواء يليق بجلاله سبحانه بلا تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه - كما قال الإمام مالك وغيره: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وإليك ما قاله رحمه الله في هذه المسألة من إثبات استواء الله على عرشه مع نفي مشابهة المخلوقين في ذلك حيث قال رحمه الله: (ولله تعالى استواء على عرشه حقيقة وللعبد استواء على الفلك حقيقة وليس استواء الخالق كاستواء المخلوقين. فإن الله لا يفتقر إلى شيء ولا يحتاج إلى شيء بل هو الغني عن كل شيء) انظر مجموع فتاوى الشيخ (5/ 199)
فقال رحمه الله: (لله استواء) ولم يقل لله جلوس، وفرق بين استواء الله واستواء الخلق.
2 - قالوا إنه يقول: (نزول الله إلى سماء الدنيا كل ليلة كنزوله هو من المنبر) وهذا من الكذب على شيخ الإسلام ومما افتراه عليه ابن بطوطة وقد بينا كذبه في ذلك ولله الحمد.
ونحن نسوق عبارة الشيخ في هذه المسألة لما سئل عن حديث النزول - فكان من جوابه:
(لكن من فهم من هذا الحديث وأمثاله ما يجب تنزيه الله عنه كتمثيله بصفات المخلوقين ووصفه بالنقص المنافي لكماله الذي يستحقه فقد أخطأ في ذلك وإن أظهر ذلك منع منه. وإن زعم أن هذا الحديث يدل على ذلك ويقتضيه لقد أخطأ أيضا في ذلك) [انظر مجموع الفتاوى (5/ 323)].
وقال أيضا: (من قال إنه ينزل فيتحرك وينتقل كما ينزل الإنسان من السطح إلى أسفل الدار كقول من يقول إنه يخلو منه العرش فيكون نزوله تفريغا لمكان وشغلا لآخر فهذا باطل يجب تنزيه الرب عنه) [انظر مجموع الفتاوى (5/ 578)].
3 - قالوا إنه يحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ونقول هذا أيضا من الكذب الواضح فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا زيارة غيره من القبور إذا وقعت هذه الزيارة وفق الأدلة الشرعية بأن يكون الزائر رجلا والقصد من هذه الزيارة التذكر والاعتبار والدعاء للموتى من المسلمين بالرحمة والمغفرة وكانت هذه الزيارة بدون سفر، فإن كانت زيارة القبور بقصد التبرك بها وطلب المدد وقضاء الحوائج وتفريج الكربات من الموتى أو كانت هذه الزيارة تحتاج إلى سفر، أو الزائر من النساء، فشيخ الإسلام ليس وحده الذي يمنع من هذه الزيارة، بل يمنع منها كل المحققين من علماء السلف والخلف، لأنها زيارة شركية أو بدعية، قد جاءت الأدلة من الكتاب والسنة بمنعها وإليك ما قاله في هذه المسألةر قال - رحمه الله -:
(يُتْبَعُ)
(/)
(فإن زيارة القبور على وجهين): وجه شرعي ووجه بدعي، فالزيارة الشرعية مقصودها السلام على الميت والدعاء له سواء كان نبيا أو غير نبي، ولهذا كان الصحابة إذا زاروا النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون عليه ويدعون له ثم ينصرفون ولم يكن أحد منهم يقف عند قبره ليدعو لنفسه، ولهذا كره مالك وغيره ذلك وقالوا إنه من البدع المحدثة، ولهذا قال الفقهاء: إذا سلم المسلم عليه وأراد الدعاء لنفسه لا يستقبل القبر بل يستقبل القبلة وتنازعوا وقت السلام عليه هل يستقبل القبلة أو يستقبل القبر. فقال أبو حنيفة يستقبل القبلة، وقال مالك والشافعي يستقبل القبر - وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا قبري عيدا)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر مثل ما صنعوا)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك)) ولهذا اتفق السلف على أنه لا يستلم قبرا من قبور الأنبياء وغيرهم ولا يتمسح به ولا يستحب الصلاة عنده ولا قصده للدعاء عنده أو به، لأن هذه الأمور كانت من أسباب الشرك وعبادة الأوثان، كما قال تعالى: ? وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ? [سورة نوح الآية 23]
قال طائفة من السلف هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم فعبدوهم. وهذه الأمور ونحوها هي من الزيارة البدعية.
وهي من جنس دين النصارى والمشركين. وهو أن يكون قصد الزائر أن يستجاب دعاؤه عند القبر أو أن يدعو الميت ويستغيث به ويطلب منه أو يقسم به على الله في طلب حاجاته وتفريج كرباته، فهذه كلها من البدع) انتهى من مجموع الفتاوى [(27/ 31 - 32)].
وبه يتضح رأي الشيخ في زيارة القبور وأنه يتمشى مع الأدلة الشرعية فيجيز ما أجازته ويمنع ما منعته من الزيارة الشركية والبدعية.
4 - قالوا إنه يقول إن التوسل في الدعاء كفر أو شرك، وهذا أيضا من الكذب الصريح على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإنه لم يحكم على التوسل بأنه كفر أو شرك وإنما كان يفصل في ذلك بين التوسل المشروع والتوسل الممنوع وإليك عبارته في ذلك يقول - رحمه الله -:
(فلفظ التوسل يراد به ثلاثة معان:
أحدها: التوسل بطاعته (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) فهذا فرض لا يتم الإيمان إلا به.
والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته - وهذا كان في حياته ويكون يوم القيامة يتوسلون بشفاعته.
والثالث: التوسل به بمعنى الإقسام به على الله بذاته والسؤال بذاته فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عن من ليس قوله حجة، وهذا هو الذي قال أبو حنيفة وأصحابه إنه لا يجوز ونهوا عنه حيث قالوا: (لا يسأل بمخلوق ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك) انتهى من مجموع الفتاوى [(1/ 202)]
فبين الشيخ أن هذا النوع من التوسل لا يجوز وليس هو من فعل الصحابة ولم يقل إنه كفر أو شرك كما قال هذا الكاذب عليه.
5 - قالوا إنه يكفر الناس الذين لا يتبعون آراءه مثل تكفيره الذين يزورون قبر الرسول، وهذا من جنس ما قبله من الأكاذيب، فالشيخ تقي الدين لا يكفر إلا من كفره الله ورسوله بارتكابه ناقضا من نواقض الإسلام كدعاء غير الله من الموتى وغيرهم.
ولم يكفر الذين يزورون قبر الرسول صلى الله عليه وسلم الزيارة الشرعية كما سبق بيانه.
6 - قالوا إنه يحرم الطرق الصوفية وجوابا عن هذا الموضوع ننقل لك عبارة الشيخ رحمه الله في هذا: قال رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
(الحمد لله أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك - إلى أن قال: ولأجل ما وقع من كثير منهم من الاجتهاد والتنازع تنازع الناس في طريقهم، فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام، وطائفة غلت فيهما وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء، وكلا طرفي هذه الأمور ذميم، والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه، وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة - ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلا، انتهى من مجموع الفتاوى [(11/ 5، 17 - 18)].
هذا كلامه رحمه الله في التصوف المعتدل المعروف في وقته وقبله أما التصوف المنحرف في وقته: وبعده فلا أحد يجيزه. فالطرق الصوفية تغيرت ودخلها من البدع والخرافات والشركيات الشيء الكثير، فيجب تركها والابتعاد عنها وملازمة السنة.
7 - قالوا إنه أفتى بفتاوى تخالف الإجماع وهي كما يلي:
1 - لا يعتبر الحلف بالطلاق طلاقا وإنما يعتبره يمينا مكفرة، والجواب عن هذا أن نقول: إن دعوى الإجماع في هذه المسألة دعوى كاذبة فإن الشيخ رحمه الله ذكر في هذه المسألة ثلاثة أقوال، وهذا نص كلامه حيث يقول:
(إذا حلف بالطلاق أو العتاق يمينا تقتضي حصنا أو منعا - كقوله: الطلاق أو العتق يلزمه ليفعلن كذا أو لا يفعل كذا أو قوله: إن فعلت كذا فامرأتي طالق أو فعبدي حر ونحو ذلك فللعلماء فيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه إذا حنث وقع به الطلاق والعتاق، وهذا قول بعض التابعين وهو المشهور عند أكثر الفقهاء.
الثاني: لا يقع به شيء ولا كفارة عليه - وهذا مأثور عن بعض السلف وهو مذهب داود وابن حزم وغيرهما من المتأخرين، ولهذا كان سفيان بن عيينة شيخ الشافعي وأحمد لا يفتى بالوقوع.
والقول الثالث: أنه يجزئه كفارة يمين - اهـ من مجموع الفتاوى [(33/ 195)].
فتبين بهذا أنه لم ينفرد بهذا القول وأن المسألة خلافية.
2 - قالوا إنه يعتبر الطلاق الثلاث واحدة إذا قاله الزوج دفعة واحدة والجواب: أن هذا لم يخالف فيه الشيخ رحمه الله إجماعا ولم ينفرد به فقد سبقه إليه كثير من الأئمة. وهو مبني على أدلة استدلوا بها.
قال رحمه الله: " وهذا القول منقول عن طائفة من السلف والخلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس القولان وهو قول كثير من التابعين ومن بعدهم مثل طاووس وخلاس بن عمرو ومحمد بن إسحاق وهو قول داود وأكثر أصحابه) انظر مجموع الفتاوى [(33/ 8)].
قال القرطبي: وشذ طاووس وبعض أهل الظاهر إلى أن طلاق الثلاث في كلمة واحدة يقع واحدة ويروى هذا عن محمد بن إسحاق والحجاج بن أرطاة، وقيل عنهما لا يلزم منه شيء وهو قول مقاتل ويحكى عن داود أنه قال: لا يقع، والمشهور عن الحجاج بن أرطاة وجمهور السلف والأئمة أنه لازم واقع ثلاثا - انتهى من تفسير القرطبي [(3/ 129)].
3 - وقالوا إنه لا يصح طلاق الحائض والطلاق في الطهر الذي جامعها فيه، والجواب أن هذا الطلاق طلاق بدعة وقد اختلف العلماء هل يقع أولا، فإذا قال الشيخ بعدم وقوعه فإنه لم يخالف بذلك إجماعا كما يدعي هذا المفتري، فالمسألة خلافية، وكل له دليله، ومن تبين له رجحان قول وجب عليه الأخذ به.
قال القرطبي: وقال سعيد بن المسيب في آخرين لا يقع الطلاق في الحيض لأنه خلاف السنة انتهى من تفسير القرطبي [(7/ 151)].
4 - قالوا إنه لا يرى قضاء الصلاة المتروكة عمدا، والجواب أن الموجود من كلام الشيخ في مجموع الفتاوى [(17/ 103)] في هذه المسألة ما نصه:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وأما من كان عالما بوجوبها وتركها بلا تأويل حتى خرج وقتها المؤقت فهذا يجب عليه القضاء عند الأئمة الأربعة، وذهب طائفة منهم ابن حزم وغيره إلى أن فعلها بعد الوقت لا يصح من هؤلاء، وكذلك قالوا فيمن ترك الصوم متعمدا - والله سبحانه وتعالى أعلم) انتهى.
وقال الحافظ في فتح الباري [(1/ 71)] على حديث ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك)) قال: وقد تمسك بدليل الخطاب منه القائل إن العامد لا يقضي الصلاة، لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط فيلزم منه أن من لم ينس لا يصلي اهـ.
فالشيخ إنما حكى الخلاف فقط فالمسألة خلافية ليست: محل إجماع والله أعلم. فإذا اختار القول بعدم القضاء لرجحانه عنده بالدليل فلا حرج عليه.
وقال الشيخ أيضا في مجموع الفتاوى: واختلف الناس فيمن ترك الصلاة والصوم عامدا هل يقضيه؟
فقال الأكثرون يقضيه، وقال بعضهم لا يقضيه ولا يصح فعله بعد وقته كالحج ... انتهى، ولم يزد على حكاية الخلاف.
5 - وقالوا عنه إنه قال إن الذي ينكر الإجماع لا يعتبر كافرا أو فاسقا، وهذا كذب على الشيخ رحمه الله لأنه يحترم الإجماع ويحث على التمسك به وينهى عن مخالفته، قال في مجموع الفتاوى [(20/ 10)] الحمد لله: معنى الإجماع أن تجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام، وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم، فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة. . انتهى.
6 - قالوا إنه يرى أن ذات الله عز وجل مركبة بعضها يحتاج إلى بعض، وأن الله له جسم وله جهات وينتقل من مكان إلى مكان آخر، وهذا من الكذب الشنيع على شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه رحمه الله في كل كتاباته ومؤلفاته يقرر مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان في أسماء الله وصفاته وهو إثباتها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل على حد قوله تعالى: ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ? [سورة الشورى الآية 11]. قال في مطلع الرسالة الحموية الكبرى لما سئل:
(ما قول السادة العلماء أئمة الدين في آيات الصفات وأحاديث الصفات، فأجاب
: الحمد لله رب العالمين قولنا فيها ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وما قاله أئمة الهدى بعد هؤلاء الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم، وهذا هو الواجب على جميع الخلق في هذا الباب وغيره - انتهى من مجموع الفتاوى [(5/ 5 - 6)].
وقال أيضا في موضوع الحركة والانتقال في المجموع [(5/ 578 - 579)] والذي يجب القطع به أن الله ليس كمثله شيء في جميع ما يصف به نفسه، فمن وصفه بمثل صفات المخلوقين في شيء من الأشياء فهو مخطئ قطعا كمن قال ينزل فيتحرك وينتقل كما ينزل الإنسان من السطح إلى أسفل الدار كقول من يقول إنه يخلو منه العرش فيكون نزوله تفريغا لمكان وشغلا لآخر فهذا باطل يجب تنزيه الرب عنه كما تقدم وهذا هو الذي تقوم على نفيه وتنزيه الرب عنه الأدلة الشرعية والعقلية. . . انتهى.
وقال في موضوع الجسم والتركيب في مجموع الفتاوى [(17/ 317)]: فمن قال إنه جسم وأراد أنه مركب من الأجزاء فهذا قول باطل، وكذلك إن أراد أنه يماثل غيره من المخلوقات فقد علم بالشرع والعقل أن الله ليس كمثله شيء في شيء من صفاته، فمن أثبت لله مثلا في شيء من صفاته فهو مبطل، ومن قال إنه جسم بهذا المعنى فهو مبطل، ومن قال إنه ليس بجسم بمعنى أنه لا يرى في الآخرة ولا يتكلم بالقرآن وغيره من الكلام ولا يقوم به العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء ولا عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه ولا يصعد إليه الكلم الطيب ولا تعرج الملائكة والروح إليه فهذا باطل، وكذلك كل من نفى ما أثبته الله ورسوله وقال إن هذا تجسيم فنفيه باطل وتسمية ذلك تجسيما تلبيس منه.
إلى أن قال: بل لم ينطق كتاب الله ولا سنة ولا أثر من السلف بلفظ الجسم في حق الله تعالى لا نفيا ولا إثباتا فليس لأحد أن يبتدع اسما مجملا يحتمل معاني مختلفة لم ينطق به الشرع ويعلق به دين المسلمين. . . انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أيضا: وهذه الألفاظ المجملة المحدثة مثل لفظ: (المركب) و (المؤلف) و (المنقسم) ونحو ذلك قد صار كل من أراد نفي شيء مما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات عبر بها عن مقصوده فيتوهم من لا يعرف مراده أن المراد تنزيه الرب الذي ورد به القرآن وهو إثبات أحديته وصمديته ويكون قد أدخل في تلك الألفاظ ما رآه هو منفيا وعبر عنه بتلك العبارة وضعا له واصطلاحا اصطلح عليه هو ومن وافقه على ذلك المذهب وليس ذلك من لغة العرب التي نزل بها القرآن ولا من لغة أحد من الأمم ثم يجعل ذلك المعنى هو مسمى الأحد والصمد والواحد ونحو ذلك من الأسماء الموجودة في الكتاب والسنة. انتهى من مجموع الفتاوى [(17/ 351 - 352)].
وبهذه النقولات من كلام الشيخ رحمه الله ظهر بطلان ما نسبه إليه أعداؤه الكذابون من هذه الأباطيل. . . والحمد لله.
7 - قالوا إنه يرى أن القرآن حديث ليس بقديم، والجواب أن نسوق عبارة الشيخ رحمه الله في هذا الموضوع قال في مجموع الفتاوى [(12/ 54)]:
إن السلف قالوا: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وقالوا: لم يزل متكلما إذا شاء، فبينوا أن كلام الله قديم أي جنسه قديم يزل، ولم يقل أحد منهم إن نفس الكلام المعين قديم، ولا قال أحد منهم القرآن قديم، بل قالوا إنه كلام الله منزل غير مخلوق، وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته كان القرآن كلامه وكان منزلا غير مخلوق ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله وإن كان الله لم يزل متكلما إذا شاء فجنس كلامه قديم، فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض. . . انتهى.
فتبين بهذا أن نفي القدم عن القرآن ليس رأيه وحده كما يزعم المفترون، وإنما هو رأي سلف هذه الأمة قاطبة وأن هناك فرقا بين جنس الكلام وأفراد الكلام والله أعلم.
8 - قالوا إنه يقول بقدم العالم، وهذا من الكذب الصريح على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإنه لا يقول بقدم العالم، وإليك عبارته رحمه الله في إبطال هذا القول ورده قال في ((مجموع الفتاوى)) (9/ 281):
فإن الرسل مطبقون هذا القول على أن كل ما سوى الله محدث مخلوق كائن بعد أن لم يكن ليس مع الله شيء قديم بقدمه، وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام والعقول تعلم أن الحوادث لا بد لها من محدث، وفي الجزء الثاني من هذا المجموع المبارك صرح بتكفير من قال بقدم العالم.
9 - قالوا إنه يقول إن الأنبياء غير معصومين، والجواب: أن هذا كذب صريح وبهتان واضح، فإن شيخ الإسلام رحمه الله يقرر عصمة الأنبياء ويثبتها، وهذا نص عبارته في هذا الموضوع حيث يقول: إن الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه - إلى أن قال: وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ
الرسالة فللناس فيها نزاع هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها، أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط، وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أولا.
والكلام في هذا مبسوط في غير هذا الموضع، والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا - انتهى من مجموع الفتاوى.
الخاتمة:
وهكذا والحمد لله - وجدنا في كلام الشيخ ردا على كل ما افتراه عليه خصومه ونفيا لما نسبوه إليه، وهذا يدل على غزارة علمه وإمامته، ونحن لا ندعي له العصمة فهو كغيره من الأئمة يخطئ ويصيب.
قال الإمام ابن كثير في ترجمته له في البداية والنهاية (14/ 119):
وأثنى عليه وعلى علومه جماعة من علماء عصره مثل القاضي الخوبي، وابن دقيق العيد، وابن النحاس والقاضي الحنفي وقاضى قضاة مصر ابن الحريري وابن الزملكاني وغيرهم ووجدت بخط ابن الزملكاني أنه قال: اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهتها وإن له اليد الطولي في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتدين ...
(يُتْبَعُ)
(/)
إلى أن قال ابن كثير: وبالجملة كان رحمه الله من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب ولكن خطأه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لجي - وخطؤه أيضا مغفور له كما في صحيح البخاري: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)) فهو مأجور وقال الإمام مالك بن أنس: (كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر) - انتهى.
وكما قلنا قريبا: إن مؤلفات هذا العالم موجودة ومبذولة لكل من أرادها فمن أراد أن يعرف الحقيقة بلا مكابرة فليطالعها ولا يستمع لما يقوله عنه خصومه وحساده والمغرضون المضللون فإن العدل والإنصاف أن تحكم على الشخص من واقع كلامه المذكور في كتبه لا من كلام خصومه. فأعداء الدين دائما في صراع مع دعاة الحق الذين يردون كيدهم. ويبينون زيفهم ويظهرون للناس حقيقتهم.
فقد ظهر شيخ الإسلام في عصر قد اشتدت فيه غربة الإسلام وتفرقت كلمة المسلمين وظهرت الفرق المخالفة لما كان عليه السلف الصالح في العقائد والفروع وخيم الجمود الفكري والتقلب الأعمى فأثر في الجو العلمي، ظهرت فرق الشيعة والصوفية المنحرفة والقبورية ونفاة الصفات والقدرية وطغى علم الكلام والفلسفة حتى حلا محل الكتاب والسنة لدى الأكثر من المتعلمين في الاستدلال، هذا كله في داخل المجتمع الإسلامي في ذلك العصر. ومن خارج المجتمع تكالب أعداء الإسلام فغزوا المسلمين في عقر دارهم فجاءت جيوش التتار من الشرق تداهم ديار المسلمين وتفتك بهم وجيوش الصليبين من الغرب، في هذا الجو المعتم عاش شيخ الإسلام ابن تيمية ضياء لامعا بعلمه الأصيل الغزير يدرس الطلاب ويؤلف الكتب والرسائل ويفتي في النوازل والمسائل. ويناظر المنحرفين. ويرد على المخرفين وينازل الفرق والطوائف. فيرد علما الشيعة والقدرية ويرد على علماء الكلام والفلاسفة ويرد على المعطلة والمؤولة في الصفات من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، ويرد على الصوفية المنحرفة وعلى القبوريين والمبتدعة ويحرك أهل الجمود الفقهي والخمول الفكري برد الفقه إلى أصوله الصحيحة ومنابعه الصافية وتصحيح الصحيح وتزييف الزائف حتى أعاد للشريعة نقاءها وإلى العلوم الشرعية صفاءها. يظهر ذلك في مؤلفاته التي خلفها ثروة علمية هائلة، وإلى جانب مجهوده العلمي العظيم شارك في الجهاد في سبيل الله فحمل السلاح وخاض المعارك ضد التتار عدة مرات مما كان له أطيب الأثر في تقوية معنوية المجاهدين حتى انتصروا على عدوهم وقد تخرج على يد هذا العالم الجليل أئمة من طلابه حملوا الراية من بعده. منهم الإمام ابن القيم والإمام ابن كثير والحافظ الذهبي والحافظ ابن عبد الهادي وغيرهم ممن أخذوا عنه العلم ونشروه في الآفاق بما ألفوه من المؤلفات القيمة التي تزخر بها المكتبات الإسلامية اليوم،
فجزى الله شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ونفعنا بعلومه، ولما قام بهذا الواجب العظيم غاظ خصومه فرمته كل طائفة من الطوائف المنحرفة بلقب سيئ تريد بذلك صد الناس عن دعوته وتشويه عمله،
فنفاة الصفات قالوا إنه مجسم. لأن إثبات الصفات عندهم تجسيم. ومتعصبة الفقهاء والمبتدعة قالوا إنه خرق الإجماع، لأن أخذ القول الراجح بالدليل المخالف لما هم عليه، ورد البدع خرق للإجماع عندهم، وغلاة الصوفية والقبوريون قالوا إنه يبغض الأولياء ويكفر المسلمين ويحرم زيارة القبور. لأن الدين عندهم هو التقرب إلى الأولياء والصالحين وتعظيم مشايخ الطرق الصوفية واتخاذهم أربابا من دون الله والغلو في تعظيمهم بصرف العبادة إليهم، هذا موقف هذه الطوائف من دعوة شيخ الإسلام وهو موقف يتكرر مع كل مصلح ومجدد يدعو إلى دين الله الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ونبذ ما خالفه من دين الآباء والأجداد وعادات الجاهلية، وليس هذا بغريب فقد قوبلت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من قبل بأعظم من هذا وقيل عنه إنه ساحر كذاب وإنه شاعر مجنون. إلى غير ذلك من الألقاب السيئة التي يراد بها الصد عن دين الله والبقاء على دين الشرك الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، فلشيخ الإسلام وإخوانه من الدعاة إلى الله أسوة بنبيهم ولهؤلاء المنحرفين سلف من المشركين والمكذبين، ولكن العاقبة للمتقين.
فهذه كتب شيخ الإسلام تأخذ طريقها إلى أيدي كل من يريدون الحق يتنافسون في الحصول عليها والتنقيب عن المفقود منها لإخراجه للناس، فعليك أيها المسلم الناصح لنفسه أن لا تلتفت إلى أقوال المرجفين في حق هذا العالم المجدد المجاهد وأن تنظر إلى أقواله هو لا إلى ما يقال عنه لتصل إلى الحقيقة قال تعالى: ? وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ? [سورة الروم الآية 60].
المصدر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) العدد: (18) ص239
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[أسماء]ــــــــ[26 - Dec-2008, مساء 07:40]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جزاك الله خير الجزاء(/)
فائدة لغوية وشرعية
ـ[أبو فراس]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 10:57]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو الأعلى!!
د. عبد العزيز الحربي
اعترض الشيخ حمد الجاسر على أبي الأعلى المودودي –رحمهما الله- تكنيه بأبي الأعلى؛ لأن الله يقول: (سبح اسم ربك الأعلى) .. قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه (معجم المناهي اللّفظية): (ولا يظهر لي المنع لأنّ للمخلوق علوّا يناسبه، والخلق في ذلك متفاوتون).
وكلام الشيخ بكر كلام حسن صحيح، فالألفاظ المشتركة لا يمنع استعمالها إلاّ عند اللبس والإيهام، أو حين ينصرف الذهن إلى معنى محظور، أو ورود مانع من الشرع، ولذلك أمثلة، وإلاّ فقد يسمَّى بـ (أكرم) ويكني بـ (أبي الأكرم) والله يقول: (وربك الأكرم) ويسمَّى بـ (جميل) وهو من أسماء الله، ويقال: أبو المؤمن، و (المؤمن) من أسماء الله الحسنى، باتفاق، كما يقال: العالم الجليل والرجل الكريم، وقد قال الله لموسى: (لا تخف إنك أنت الأعلى) فأخبر أنه الأعلى .. فإن قيل: هذا وصف، وذلك عَلَم، وفي العلمية (اسما أو كنية أو لقبا) ما ليس في الوصفية، و (الأعلى) من أسماء الله، كما قال ابن تيمية وغيره، قيل: الصفة يَرد عليها ما يرد على الاسم من الاشتراك الذي يجوز به الاستعمال أو لا يجوز، ولا فرق، ولولا الصفة التي تضمّنها الاسم والمعنى الذي اشتمل عليه لما كان للمانع مسوّغ، وإنما تسمو أو لا تسمو الأسماء بمعانيها وصفاتها التي دل عليها اللفظ مطابقة وتضمنا ولزوما .. واللفظ الوحيد الذي لا يقبل الاشتراك؛ واقعا، ولا يقبل التثنية ولا الجمع ولا التصغير، قانونا صرفيا، هو لفظ الجلالة، قال سبحانه: (هل تعلم له سميّا) والله أعلم.
ـ[أبو حماد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 01:34]ـ
نقل لطيف، واستدراك حسن من الشيخ بكر شفاه الله وعافاه، على أن للشيخ توسعاً في عد بعض الألفاظ مما ينهى عنها.
ـ[قارئ]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 10:43]ـ
نعم لاحظت في كتاب الشيخ بكر أبو زيد ألفاظاً كثيرة توسع في إيردها واعتبارها من المنهي عنه مع عدم وجود الدليل على ذلك
ـ[آل عامر]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 03:40]ـ
شفا الله الشيخ، وبارك الله في عمره ونفعنا بعلمه.(/)
[الوَسَطِيَّةُ أصلٌ من أُصولِ أهلِ السنةِ والجماعةِ] لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ
ـ[صالح السويح]ــــــــ[10 - Feb-2007, مساء 11:54]ـ
قال العلامة الشيخ / صالح آل الشيخ حفظه الله:
لنا في سلفنا الصالحِ الأسوةُ الحسنةُ فإنهم - رحمهم الله – من صحابةٍ ومن تابعينَ ومِمَّنْ بعدَهم كلَّما أتتِ الفِتَنُ أو تقلبتِ الأمورُ أَوْصَوْا فيها بما هو الحقُّ، وهو البعدُ عن طرفَيِ الغُلُوِّ والجفاءِ، فهم أهلُ وَسطيةٍ في الأمورِ، ليسُوا مع أهلِ الغُلُوِّ في غُلُوِّهِم، وليسوا مع أهلِ الجفاءِ في جفائهم، وليسوا مع أهلِ الخوفِ حين يخافُ الناسُ إلا من اللهِ – جل وعلا – وليسوا مع أهل الأمنِ من مكرِ اللهِ – جل وعلا – حين يأمنُ الناسُ ويكونون في دَعَةٍ.
إننا ننطلقُ من شريعَتِنَا.
فلا نزيدُ في الأمرِ ولا نُحَمِّلُهُ ما لا يَحْتَمِلُ. ولا نذهبُ إلى أمورٍ غيرِ مقبولةٍ من التكفيرِ، ومن تحميلِ الأمورِ فوقَ ما تحتملُ.
ومن إساءةِ الظنِّ بعلماءِ المسلمين، ووُلاةِ أمورِهم.
والحذرَ الحذرَ من اللوبي العالمي الإعلامي الذي يعتبر مصدرَ المعلوماتِ التي تنشرها القنواتُ الفضائيةُ.
وعلى المسلمينَ أن يقفوا وقفةَ تأمُّل متسائلينَ:
ما الذي يُرَادُ شحنُهُ في نفوسِ أهلِ الإسلامِ حتى يُوصَلَ إليه؟.
والحذرَ الحذرَ من وقوعِ بأسِ الأمةِ بينهم، فَتَنْشَبُ الأمةُ في نفسها، وتَتَحَوَّلُ الأمةُ في البلاد إلى فِرَقٍ وأحزابٍ، ويبغي بعضُهم على بعضٍ، ويقتلُ بعضُهم بعضًا.
ولابدَّ من التوسُّط في الأمور الذي هو معتقد أهل السنة والجماعة.
وفي التأني والرفقِ تُدْرَكُ الأمورُ، وتُنالُ المقاصدُ.
علينا أن نمضي في دعوتنا بعيدين عن أهلِ الغُلُوِّ في غُلُوِّهم، وعن أهلِ الجفاءِ في جفائهم.
نحن أمةٌ وسطٌ، نُرْشِدُ ونُعَلِّمُ ما ينفعُ الأمةَ ولا يضرُّها.
المرجع؛ كتاب بعنوان: الأصول الشرعية عند حلول الشبهات
ـ[صالح السويح]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:11]ـ
قال العلامة عبدالعزيز آل الشيخ المفتي العام حفظه الله في مقال له في مجلة البحوث الإسلامية:
[والذي يجب التنبيه له أن الوسطية في الإسلام ليست أمرا مكتسبا، أي أنها لم تترك لأهواء الناس ومقاييسهم وما يراه كل طائفة من الناس أنه هو الوسط، ولو كلفنا بذلك لكان فيه أشد الضيق والعنت إذ كيف يصل المرء إلى الوسطية وكل طائفة من الناس لها من الآراء والأهواء ما يحصل به التعارض بل والتناقض، ومن رحمة الله أن دلنا على طريق الوسطية، فنحن لم نؤمر بوسطية مطلقة، بل أمرنا باتباع الصراط المستقيم الذي هو شرع الله ودينه، فمن اتبع دين الله الحق الموافق للكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة فهو المتبع للصراط المستقيم الذي أمرنا باتباعه. ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ? [سورة الأنعام الآية 153] ويقول سبحانه: ? ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ? [سورة الجاثية الآية 18]
فمن استقام على الصراط المستقيم الذي أوضحه الله بأجلى بيان وبلغه رسوله صلى الله عليه وسلم أعظم بلاغ، من استقام عليه فقد استحق وصف الوسطية ودخل في عموم قول الله تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ? [سورة البقرة الآية 143]
ومجانبة صراط الله المستقيم والحيدة عن وسطية هذا الدين سبب للضلال والعياذ بالله.] أ. هـ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:28]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأخ الفاضل / صالح السويح - حفظه الله ورعاه -:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم ونفع بكم.
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد(/)
«دفاع الشَّيخ الألبانيّ عن المجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله -»
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:20]ـ
«دفاع الشَّيخ الألبانيّ
عن
المجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله»
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الشيخ الألبانيّ - رحمه الله تعالى- بعد تخريجه لحديث ((اللهمَّ بارك لنا في مكَّتِنا، اللهمَّ بارك لنا في مَدينَتِنا، اللهمَّ بارك لنا في شَامِنا، وبارك لنا في صَاعِنا، وبارك لنا في مُدِّنا. فقال رجلٌ: يا رسولَ الله! و في عراقِنا. فأَعْرَضَ عنهُ، فَرَدَّدَها ثلاثًا، كلُّ ذلك يقول الرجلُ: وفي عِراقِنا، فيُعرِضُ عنهُ، فقالَ: بها الزَّلازِلُ والفِتَنُ، وفيها يَطْلُعُ قرنُ الشَّيطانِ.)):
(وإنما أفضت في تخريج هذا الحديث الصحيح وذكر طرقه وبعض ألفاظه؛ لأن بعض المبتدعة المحاربين للسنة والمنحرفين عن التوحيد يطعنون في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، ويحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد (نجد) المعروفة اليوم بهذا الاسم، وجهلوا أو تجاهلوا أنها ليست هي المقصودة بهذا الحديث، وإنما هي (العراق) كما دل عليه أكثر طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديمًا كالإمام الخطابي وابن حجر العسقلاني وغيرهم.
وجهلوا أيضًا أن كون الرجل من بعض البلاد المذمومة لا يستلزم أنه هو المذموم أيضًا إذا كان صالحًا في نفسه، والعكس بالعكس.فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر، وفي العراق من عالم وصالح.وما أحكم قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء حينما دعاه أن يهاجر من العراق إلى الشام:
«أما بعد؛ فإن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله»).
((المصدر)): ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (ج5 / ص305)
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[أبو علي الذهيبي]ــــــــ[29 - Jan-2008, صباحاً 11:44]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[أم معاذة]ــــــــ[29 - Jan-2008, مساء 01:46]ـ
رحم الله الشيخ الألباني رحمة واسعة
ـ[رضيت بالإسلام ديناً]ــــــــ[30 - Jan-2008, صباحاً 01:03]ـ
بارك الله فيك , ...
و أستأذنك يا شيخنا بنقل الموضوع , ...
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - Jan-2008, صباحاً 06:06]ـ
بوركت أخي الموفق سلمان.
ـ[جمال الجزائري]ــــــــ[02 - Feb-2008, صباحاً 03:12]ـ
بارك الله أخي الفاضل
و رحم الله العلامة الألباني رحمة واسعة(/)
((من معين أقوال السلف)) محاضرة لمعالي العلامة/ صالح آل الشيخ 10 رمضان 1427 هـ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:35]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
محاضرة بعنوان:
[من معين أقوال السلف]
لمعالي الشيخ العلامة/ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
- حفظه اللهُ ورعاه -
الثلاثاء 10 رمضان 1427 هـ
رابط محاضرة:
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=29322
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وزادني وإياكم وسائر المسلمين علمًا وتوفيقًا، وضاعف أجر الجميع.
أخوكم المحب
سلمان بن عبدالقادر أبو زيد
ـ[فؤاد بولفاف]ــــــــ[26 - Mar-2008, صباحاً 01:49]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[08 - Apr-2008, مساء 06:11]ـ
شكر اللَّهُ لكُم مروركُم،وتشريفكُم.
ـ[أبوعمير المصري]ــــــــ[15 - Jun-2009, مساء 04:36]ـ
جزاكم الله خيرا
كفيتمونا تعبا كثيرا
لو لم أجدها لكنت رفعتها لما فيها من الخير الكثير بارك الله فيكم
ـ[أبو فؤاد الليبي]ــــــــ[13 - May-2010, صباحاً 12:54]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[عمر بن سليمان]ــــــــ[13 - May-2010, صباحاً 02:34]ـ
لم اسمع بعد .. ولكن
هذا الرجل لديه الكثير الكثير لم يأتي بعد فإن ثبته الله -وأسأل الله ذلك- سوف نرى مع الايام " محمد بن ابراهيم ثاني "
شكرا لك اخي الفاضل
ـ[أبو فؤاد الليبي]ــــــــ[14 - May-2010, صباحاً 02:39]ـ
سبحان الله العظيم أين كانت هذه المحاضرة من زمان , الله أكبر والله قد استمتعت بها وأفادتني كثيرا وقد وزعتها عبر صفحتي في الفيس بوك ولقيت قبولا شكرا لك فهي من روائع شيخنا الكبير صالح آل الشيخ - سدد الله خطاه _ ولك جزيل الشكر ياصاحب الموضوع.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - May-2010, مساء 06:23]ـ
جزاكُم اللَّهُ خَيرًا جميعًا.(/)
[شرح رسالة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى أهل القصيم] للعلامة صالح الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[11 - Feb-2007, صباحاً 12:39]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[شرح رسالة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى أهل القصيم]
لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان
((عضو هيئة كبار العلماء و عضو اللجنة الدائمة للإفتاء)) - حفظه الله ورعاه -
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إليكم ـ معاشر أهل السنة ـ وصلات الدّروس:
الشريط الأول
http://islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54551&scholar_id=99&series_id=2964
الشريط الثاني
http://islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54552&scholar_id=99&series_id=2964
الشريط الثالث
http://islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54553&scholar_id=99&series_id=2964
الشريط الرابع
http://islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54554&scholar_id=99&series_id=2964
الشريط الخامس
http://islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54555&scholar_id=99&series_id=2964
الشريط السادس
http://islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54556&scholar_id=99&series_id=2964
جزى الله شيخنا خير الجزاء وبارك فيه ....
ووفقني الله وإياكم والمسلمين إلى ما يُحبه ويرضاه، وجعلنا مباركين.
الفقير إلى الله تعالى
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[أبو علي الذهيبي]ــــــــ[01 - Dec-2007, صباحاً 02:37]ـ
بارك الله فيك.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Dec-2007, صباحاً 01:27]ـ
الأخ الحبيب / أبا عليّ الذّهيبيّ:
شكر اللَّهُ لكم مروركم،وتشريفكم.
ـ[احمد موسى]ــــــــ[12 - Mar-2008, صباحاً 10:06]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن رجب]ــــــــ[12 - Mar-2008, مساء 08:01]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...(/)
المخالفات العقدية تغزو المصنفات الفقهية!!
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[11 - Feb-2007, مساء 09:49]ـ
كثير من المصنفات الفقهية للمتأخرين دخلت فيها مخالفات عقدية توافق مقالات المتكلمين وبدع الخرافيين ...
فلماذا تغيّرت مناهج بعض المتأخرين؟، ولم يقتدوا بمنهج أئمتهم المتقدمين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله جميعا.
((دعوة لمشاركة))
ـ[أبو حماد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 10:00]ـ
فعلاً هذا ملاحظٌ، وهو غير مختص بكتب الفقه والأحكام، بل يوجد في أغلب المصنفات على تفننها، حيث نلحظ كثرة الخروج على طريقة السلف الصالح في مسائل الاعتقاد الكلية أو الجزئية، وبعض هذا مرده إلى البيئة التي نشأ فيها المصنف، فبعض البلاد ينتشر فيها لون أو آخر من ألوان البدعة والمخالفة، كبدعة الأشاعرة، أو الطرقية الصوفية.
ومن العجيب أن هناك شروحات لكتب صنفها أصحابها وابتدأوها بذكر مقدمة في العقيدة تكون في غالبها موافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة، فيأتي من يأتي من الشراح فيحور ذلك، ويشرحها على طريقة الأشعري وغيره، كما حصل ذلك في رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
ـ[قارئ]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 10:55]ـ
أجد في بداية كثير من المؤلفات التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وبجاه الصالحين وهذه بدعة منكرة ولا شك وهناك التعلق بعقيدة الإمام الأشعري والانتساب إليها ولا ننسى في كتب أصول الفقه الحرب المستعرة بين الأشاعرة والمعتزلة لدرجة أن كتب أصول الفقه صارت موادا كلامية بحتة في كثير من أبوابها.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 04:31]ـ
أشكر الأخوين الكريمين: أباحماد وقارئ
على مداخلتهما.
وأرى أنا بحاجة إلى تلمس الأسباب المتنوعة، فالبيئة لها أثر. لكن ليست كل شيء.
ماالذي يدعو الشافعي المتأخر وهو ينتسب إلى طريقة الأشاعرة مثلا أن يتنكب طريقة إمام مذهبه الفقهي، مع افتخاره بإمامه، بل تجد البعض يغلو في إمامه، ومع ذلك يخالف مذهبه العقدي؟!!!
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 01:17]ـ
بارك الله فيكم
لعل كثيرا من المتأخرين ليس لديه تحقيق في مذهب إمامه العقدي، وبعضهم يرى أن الأمر فيه قولان: فمذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم!
والفقهاء المتأخرين منهم أمم ليس له باع في باب العقائد، ومعظم ما يذكرونه من مخالفات من باب التقليد.
والله أعلم.
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[16 - Feb-2007, صباحاً 03:06]ـ
المصيبة أن كثيراً من مذاهب الأئمة تنوقلت بين المتأخرين على وفق التقليد و المتابعة العمياء لمن سبقهم .. وهؤلاء ما تحروا تلكم النقول للآراء و المذاهب فوقعوا فيما وقعوا فيه.
فالمتابعة العمياء أوقعت الكثير من الأئمة الذين نشأوا في بيئات التسليم للموروثات المعرفية و على أعرافها؛ في المخالفة العقدية.
و انظر إلى الإمام البيهقي كمثال على من يعيش في عصرِ حيرة الجانحين إلى تقليد الرجال فيما ينقلونه!
و انظر لما جرى للفقهاء في القرن الخامس!!!
و ليراجع إعلام الموقعين لهذا المبحث.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 12:08]ـ
هذه أول مشاركة لي في هذا الموقع المبارك،وقد كان السبب فيها كاتب هذا الموضوع ـ أثابه الله ـ.
وجواباً لطلبه الكريم،أقول ـ وبالله التوفيق ـ لعل من الأسباب المؤثرة ـ وهي فرع عن البيئة العلمية ـ:
1 ـ أن الطالب تقرر عليه قواعد من قبل شيوخه،ويربى على احترام هذه القواعد،بحيث يسمع ويرى من أشياخه التطبيق العملي لقاعدة: الاعتقاد ثم الاستدلال،وبعبارة أخرى: يرى ويسمع لوي أعناق النصوص التي تخالف قواعد هذا المذهب البدعي أو ذاك.
ولهذا يعظم في النفس موقع كلمة أحد السلف حين قال رحمه الله: من أعظم نعم الله على الشاب ـ بعد الإسلام ـ أن يوفق لصاحب سنة.
2 ـ وهو فرع عن السبب السابق: الخوف من مخالفة المجتمع الذي غالبه يدين بتلك العقيدة.
3 ـ تأجير العقل والنظر ـ إن جاز التعبير ـ وعدم مناقشة الأشياخ حينما يشب الطالب في البحث والعلم،ويرى مخالفة المتأخر للمقتدم،والاكتفاء بما قرره الأشياخ.
4 ـ سوء القصد والبغي ـ أحياناً ـ وهذا وإن لم نتهم به عالماً بعينه،لكنه موجود في بعض المنتسبين للعلم،فالبغي يقع من بعض من عندهم علمٌ بنص الكتاب،وهو من أعظم أسباب حرمان التوفيق.
ويمكن ـ عند التأمل في طريقة تقرير المتأخرين لمذاهبهم ـ مع دراسة الحالة العلمية والاجتماعية لهم = يتبين من خلال ذلك جملة من الأسباب،والله أعلم.
ـ[سعد بن عبدالله الحميد]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 09:34]ـ
أهلاً بالشيخ عمر وسهلاً، وسعدنا بمشاركتك، ونرجو أن لاتبخل علينا بفوائدك، حفظك الله.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 12:44]ـ
كم أنا سعيد أن تكون أول مشاركة للدكتور الفاضل عمر المقبل في هذا الموضوع الذي طرحته ..
وفقه الله لكل خير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[18 - Feb-2007, مساء 11:37]ـ
ومن الموافقات أنني كنت اليوم أقرأ في الاعتصام للشاطبي،وقد ذكر كلاماً لعله يفيد، إذ له صلة به ـ فيما أرى ـ:
قال رحمه الله في الباب العاشر (2/ 804) ط. الهلالي ـ وهو يتحدث عن معنى الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه سبل أهل الابتداع ـ[الترقيم مني]:
(الإحداث في الشريعة إنما يقع:
1 ـ من جهة الجهل.
2 ـ وإما من جهة تحسين الظن بالعقل.
3 ـ وإما من جهة اتباع الهوى في طلب الحق.
وهذا الحصر ـ بحسب الاستقراء من الكتاب والسنة ـ وقد مر في ذلك ما يؤخذ منه شواهد المسألة، إلا أن الجهات الثلاث قد تنفرد وقد تجتمع، فإذا اجتمعت فتارة تجتمع منها اثنتان، وتارة تجتمع الثلاث:
فأما جهة الجهل: فتارة تتعلق بالأدوات التي بها تفهم المقاصد،وتارة تتعلق بالمقاصد.
وأما جهة تحسين الظن: فتارة يشرك في التشريع مع الشرع،وتارة يقدم عليه،وهذان النوعان يرجعان إلى نوع واحد.
وأما جهة اتباع الهوى: فمن شأنه أن يغلب الفهم حتى يغلب صاحبه الأدلة،أو يستند إلى غير دليل.
وهذان النوعان يرجعان إلى نوع واحد.
فالجميع أربعة أنواع،وهي:
1 ـ الجهل بأدوات الفهم.
2 ـ والجهل بالمقاصد.
3 ـ وتحسين الظن بالعقل.
4 ـ واتباع الهوى.
فلنتكلم على كل واحد منها وبالله التوفيق ... ) ثم شرع في تفصيلها، بكلام لا بد من مراجعته لاستكمال البحث في هذا الموضوع الذي تفضل به أخي كاتب الموضوع.
بل أرى أنه المرور ـ ولو مروراً ـ على كتاب الاعتصام مهم،فقد وجدت في هذا الكتاب ما يحتاج معه طالب العلم إلى أن يعيد قراءته أكثر من مرّة.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[20 - Feb-2007, مساء 04:21]ـ
وقد يكون من الأساب ماذكره الشيخ سفر من أن: ((الموضوع الذي يجب التنبيه إليه هو التفريق بين متكلمي الأشاعرة، كالرازي والآمدي والشهرستاني والبغدادي والإيجي ونحوهم، وبين من تأثر بمذهبهم عن حسن نية واجتهاد، أو متابعة خاطئة، أو جهل بعلم الكلام، أو لاعتقاده أنه لا تعارض بين ما أخذ منهم وبين النصوص.))
انظرهذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=91867
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[06 - Mar-2007, مساء 04:36]ـ
هل من إضافات مفيدة؟
ـ[معاذ هيثم]ــــــــ[01 - Jun-2008, مساء 06:13]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله يا أخواني أنا سعيد لوجودي معكم، فمنذ دخولي إلى هذا المجلس المبارك وأنا أشعر أني أقف على أرض صلبة عزيزة معطاءة، وأرجو مساعدتكم في رسالة الدكتوراه الخاصة بي، فبحمد الله وتوفيقه أنا الآن في مرحلة الكتابة، والرسالة بعنوان (قضايا الاعتقاد عند شراح الكتب التسعة) حتى نهاية القرن العاشر الهجري، دراسة تحليلية. وجزاكم الله خيرا
ـ[ابو القعقاع]ــــــــ[02 - Jun-2008, صباحاً 08:55]ـ
أقول والعلم عند الله أن هذا ناتج عن عدة أمور منها على سبيل المثال الأبتعاد عن الأستدلال بالنصوص الشرعية وتقديس العقل وتأثر بعلم الكلام ولذالك تجد الكثير من المختصرات الفقهية على المذاهب الأربعة أصحابها يختلفون في اعتقادهم عن االأئمةالأربعة بل وفي طريقة العبادة تراهم يقلدون من عرف بالزهد وغير ذلك فعلى سبيل المثال هذا كتاب ابن عاشر وهويدرس للمبتدئ في الفقه المالكي يقول صاحبه أنه على أعتقاد الأشعري وفقه مالك وعلى طريقة الجنيد السالك فيتربى الأنسان على تقديس هذه الأمور والأبتعاد عن مصادر الوحي فيقع في الأخطاء العقدية والتأويل لصفات الله بحجة التنزيه وقد لايتمكن من التخلص من هذه الأخطاء بسبب التحذيرات التي أشربها في صغره فرسخت في ذهنه فصعب عليه التخلص منها ولذلك تجد الكثير من طلبة العلم بل من العلماء في تلك البلاد مع الأسف من تمشعرأو تصوف عياذا بالله.والله يرعاكم وشكرالله للأخ إثارة هذا الموضوع ولا زلنافي حاجة للبحث في كيفية معالجة هذه الظاهرة والعودة بالجميع إلى مذهب السلف الصالح في الأعتقاد,
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[03 - Jun-2008, مساء 02:55]ـ
تحية للشيخ المكرم عبد الله العلي
السبب في نظري يمكن إجماله فيما هو آت:-
1 - اعتقاد الكثير أن كلا الطريقتين صحيحة .. وأن كلا المنهجين صور مختلفة لحقيقة واحدة هي طريقة أهل السنة والجماعة
وقد اختار هذا المذهب التوفيقي بعض فحول العلماء الذين هم في الأصل سلفيي الاعتقاد كالعلامة ولد الددو .. فهو ممن يقسم أهل السنة .. إلى ثلاثة أقسام .. وأنه ما يذكر من خلافات فهي فرعية جدا لا تأثيرا لها يقدح في عقيدة المرء بل من الخلاف السائغ أي من قبيل خلاف الصحابة في رؤية النبي ربه ..
2 - إنكار الكثير منهم لحقيقة أن الشافعي مثلا كان إنكاره لعلم كلامهم هم .. ومايرد من أقواله .. يصرفونه إلى المعتزلة ..
3 - المكابرة الصرفة والابتداع البحت والتعصب المقيت .. وهذا التعصب قابل للتجزؤ .. فقد يتعصب إنسان للشافعي في الفقه وللأشعري في الاعتقاد ويقول الجهة منفكة .. ولذلك تجد كثيرا من متصوفة المغرب يقولون وصف مذاهبهم: في الفقه على مذهب مالك .. وفي العقيدة على مذهب الأشعري .. وفي التصوف على طريقة الجنيد السالك ..
4 - أن علم الكلام مستصعب .. وفيه إجهاد للذهن في فهم المتناقضات الكلامية .. وفيه بهرج خداع .. يظن صاحبه به أنه بلغ مالم يبلغه غيره من دقة الفهم .. فلذلك من لابس دراسته .. ينبهر بزخرفه .. فلا يضن به لمجرد أن يقال إمامك الفلاني كذا وكذا ..
5 - الجهل بحقيقة اعتقاد إمامه .. بسبب تقصيره في تحرير أقواله ..
6 - النفور من الحنابلة الذين اشتهر عنهم "السلفية" .. فمن لازم النفرة منهم مغايرة اعتقادهم ومنهجهم ..
7 - أن عبارات بعض الأئمة في هذا الباب .. ليست واضحة كوضوح كلام ابن تيمية مثلا .. بل فيها شيء من الإجمال .. الذي يحتاج لتبيان .. فقولهم مثلا في الصفات: أمروها كما جاءت .. فهمها كثير منهم على أنه تفويض ..
والله أعلم(/)
«هذا من البدع فإن السلف لم يكونوا يحفظون بيوتهم بتعليق الآيات عليها ... »
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 12:42]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السؤال: من الرياض رمز لاسمه بي أ أ ع يقول هل يجوز تعليق بعض من الآيات من القرآن الكريم في المنازل أو المكاتب وهل يأثم من حفظ القرآن ثم نسيه بعد ذلك لانشغاله في أمور حياته؟
جواب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -:
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين الجواب على هذا السؤال أن هذا السؤال يتكون من فقرتين الفقرة الأولى تعليق الآيات على الجدر ونحوها في المساجد والمساكن والجواب على هذه الفقرة أنني لا أرى ذلك أي لا أرى أن الإنسان يعلق آيات من القرآن على الجدر سواء في المساجد أو في البيوت لأن هذا التعليق لا بد أن نسأل ما الحامل على ذلك إن قال الحامل على ذلك التبرك بكلام الله عز وجل قلنا إن التبرك بالقرآن وجل على هذا الوجه ليس بصحيح لأن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يتبركون بالقرآن على هذا الوجه وإذا لم يرد عنهم ذلك فعلم أنه ليس من الشرع وإذا لم يكن من الشرع فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله عز وجل أو أن يتبرك بالقرآن على هذا الوجه بدون مستنداً شرعاً قد يقول إنني أريد بذلك تذكير الجالسين فيما تتضمنه هذه الآية من ترغيب أو ترهيب فنقول هذا التفكير وإن كان مقصوداً للواضع لكنه في الحقيقة غير واقع وغير عملي فما أكثر الآيات التي فيها ترغيب وترهيب إذا وضعت فإن أكثر الحاضرين إن لم يكن كلهم لا ينتفع بذلك ولا يتعظ قد يكون من المعلق قوله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضاً ويكون المجلس الذي فيه هذه الآية كله غيبة و كلام في اعراض الناس فيكون هذا من باب المضادة لكلام الله عز وجل قد يقول إني علقتها حماية لبيتي فإنا أعلق آية الكرسي لتحفظ البيت من الشياطين لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من قراء آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح فنقول هذا أيضاً من البدع فإن السلف لم يكونوا يحفظون بيوتهم بتعليق الآيات عليها والنبي عليه الصلاة والسلام يقول من قرأ آية الكرسي في ليلة والقراءة غير التعليق كما هو ظاهر وبناء على هذه العلة التي يتعلل بها من يعلق الآية تجد كثير من الناس يعتمد على هذا التعليق ولا يقراها بنفسه لأنه يقول قد كفيت بتعليق هذه الآية فيفوت الإنسان خير كثير بناء على هذا العمل المبني على هذا الاعتقاد الذي لا أصل له و نحن نقول إن بعض الناس قد يعلقها أي الآيات من باب التجميل ولهذا تجدهم أحياناً يعلقون آيات كتبت على غير الرسم العثماني بل هي مخالفة له وربما يكتبونها على الشكل الذي يوحي به معناها وربما يكتبونها على صورة بيت أو قصر أو أعمدة وما أشبه ذلك مما يدل على أنه جعلوا كلام الله عز وجل مجرد نقوش وزخرفة وهذا رأيته كثيراً فالذي أرى أنه لا ينبغي للإنسان أن يعلق شيئاً من كلام الله عز وجل على الجدر فإن كلام الله أعلى وأسمى وأجل من أن يجعل وشياً تحلى به الجدران ولا يمكن أن يقاس هذا على شخص علق المصحف بوتد أو شبهه في الجدار فإن هذا قياس مع الفارق العظيم فالمصحف مغلف في جيبه أو بظرفه ولم تبدوا حروفه ولا أسطره ولا أحد يقول إني علقت المصحف هنا لا تبرك به أو لاتعظ به وإنما يقول علقته هنا لرفعة عن الأرض وحفظه عن الصبيان ونحو ذلك وفرق بين البارز الظاهر المعلق أو المشمع على الجدار وبين مصحف معلق مغلف جعل في فرجه أو علق بوتد أو شبهه ولا ينطلي هذا القياس على أحد تأمل المسألة وتدبرها.
المصدر:
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_953.shtml(/)
«شرح منظومة أبي القاسم الزَّنْجَانِيّ» لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 01:46]ـ
«شرح منظومة الإمام أبي القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي الزَّنْجَانِيّ»
لفضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
وإليكم ـ أيُّها الفضلاء ـ وصلات الدّروس:
الدّرس (1)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33149
الدّرس (2)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33158
الدّرس (3)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33166
الدّرس (4)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33178
الدّرس (5)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33190
الدّرس (6)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33202
الدّرس (7)
http://liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=33200
وفقني الله وإياكم والمسلمين إلى ما يُحبه ويرضاه، وجعلنا مباركين أينما كنا.
الفقير إلى الله تعالى
سلمان بن عبد القادر أبو زيد(/)
" الأبعاد الفكرية لمنتدى جدة الإقتصادي " للدكتور عبدالرحيم بن صمايل السلمي
ـ[العضد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 05:32]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
مقدمة:
فالاهتمام بالشأن الاقتصادي ضرورة ملحة في التنمية والتطوير، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية مقصد ذو ارتباط وثيق بالشأن الاقتصادي وهو مقصد "حفظ المال"، وقد اعتنت الشريعة بالقضايا الاقتصادية وبينت الحلال من الحرام فيها، وجعلت "الدنيا مزرعة الآخرة" وحذرت من أنواع متعددة من الكسب لما له من الآثار الوخيمة على الأمة سواءاً على دينها أو قيمها أو أخلاقها.
ولكن حصل في حياة الأمة تبديل وتحرف في قضاياها الاقتصادية سواء على مستوى الفكر أو الأخلاق والقيم أو الكسب بسبب التأثر الذي لحق بها من جراء الغزو الفكري الغربي.
ومن تداعيات هذا التبديل والغزو الفكري في قضايا الفكر الاقتصادي وأخلاقياته ظهور المنتديات الاقتصادية العالمية المشبوهة ومنها "منتدى جدة الاقتصادي"، وهذا تقرير مختصر يبين أبعاد هذا المنتدى وارتباطاته وتوجهاته الفكرية وخطورته على الأمة، كتبته لبيان خطر هذا المشروع التغريبي وتحذير الأمة من شره إبراء للذمة وتبيناً للباطل وكشفاً للزيف والله ولي التوفيق.
أبعاد المنتدى وأهدافه:
بدأ منتدى جدة الاقتصادي في عام 2 ميلادي ليكون منبراً يدعو للتغريب ويروج للأفكار الليبرالية من خلال بوابة الاقتصاد، وكما يظهر من برامجه فإن الفكر الاقتصادي الذي يقوم عليه المنتدى هو "الفكر الرأسمالي" الذي يرى الحرية التامة والإباحية المطلقة لرأس المال دون أي ضوابط شرعية أو أخلاقية، فالربا وبيوع المنتجات المحرمة والاحتكار ومنع الدول من تقديم الإعانات الاجتماعية لشعوبها هي من أبجديات هذا الفكر المتوحش الذي يقوم عليه المنتدى.
ومع أن المنتدى يتمسح بالاقتصاد، ويهدف إلى التنمية الاقتصادية إلا أنه لم يقدم الحلول الاقتصادية لهذه البلاد، ولم يكن له أثر ملموس على الحياة الاقتصادية وذلك بشهادة رجال الأعمال السعوديين كما نقلته الصحف السعودية والتي كان من أبرزها ما يلي:
يقول الأستاذ عبدالرحمن بن علي الجريسي، رئيس مجلس الغرف السعودية: (باستثناء رئيس وزراء تركيا ومهاتير محمد فإن البقية لم يقدموا شيئاً يستفاد منه نهائياً).ويقول الأستاذ عبدالوهاب محمد آل مجثل، عضو الغرفة التجارية سابقاً: (المنتدى مجرد فعالية بدون فعل ولا يكفيه تقليد دافوس لينجح).
ويقول الأستاذ علي محمد الدحناني، نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأبها سابقا: (نسمع ضجيجاً ولا نرى أثراً ولا رصداً علمياً دقيقاً لما يحدث).
ويقول الأستاذ سعد ناصر الكودري، رجل أعمال: (ولكن تمر سنة تلو الأخرى دون أن نلمس له أثراً على المملكة ورجال أعمالها).
ويقول الأستاذ محمد بن عبدالعزيز العامر، نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأبها: (ولكن مع توالي السنوات السبع لهذا المؤتمر، لم يطرأ ما يمكن أن نسعد به، أو نجده يقوم على فكر سليم اقتصادي مدروس ومخطط له، عبارة عن استضافة لأسماء كبيرة وخاصة في مجال السياسة تعطي صيغة إعلامية فقط ولكن لا تدون توصيات وترفع للجهات الرقابية أو الجهات العليا في الدولة).
وحين تمت مواجهة القائمين على المنتدى بهذه الحقائق قالوا: (أنه ليس بالضرورة أن تكون هناك نتائج سريعة الأمد، فهناك من يحضر للاستفادة، والتعرف على بعض الشخصيات!)، وأضاف الرئيس التنفيذي بقوله: (المنتدى ليس مؤتمراً حتى نخرج منه توصيات، والحاضرون للمنتدى تكون أمامهم أهداف ثلاثة، ألا وهي: الاستماع، والتواصل، وإبداء الرأي!!!).
ولعلي ألقي نظرة موجزة على بعض المخاطر الفكرية والسياسية والأخلاقية والتي ظهرت في ثنايا المنتديات وأوراقه خلال الأعوام السابقة وذلك في النقاط التالية:
أولاً: التسويق للمشروع الأمريكي في المملكة:
(يُتْبَعُ)
(/)
المتابع لمنتدى جدة الاقتصادي من خلال أوراق العمل وطريقة الترتيب والأهداف الإستراتيجية يتبين له أن هذا المنتدى يسير في سياق "مشروع الشرق الأوسط الكبير" وهو مشروع أمريكي يهدف إلى تذويب الهوية الإسلامية والعربية لشعوب المنطقة من خلال وضع هوية سياسية وهمية جديدة وهي "الشرق أوسطية" تدخل فيها إسرائيل وتزول فيها الفوارق العقدية بين هذه الشعوب ودولة إسرائيل المحتلة، وهذا المشروع يعتمد على رعاية المنتديات الاقتصادية والمدن الاقتصادية الكبرى.
وقد أكدت الأميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود هذه الحقيقة فقالت في مقابلة صحفية مستنكرة لذك: (نحن نعلم أن أمريكا بدأت برعاية المنتديات الاقتصادية العالمية لأهداف سياسية منها محاولة استبدال التجمعات العربية بتجمعات شرق أوسطية حتى تكون إسرائيل شريكا في المنطقة)، (نقلا عن موقع عربيات / قضايا ساخنة / منتدى جدة الاقتصادي 24 م).
ويؤكد ذلك ما ذكره السيد فردريك سيكري المدير العام لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي: (حان الوقت لتقوم المنطقة ببناء رؤيا جديدة للتنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية باقتراح إنشاء منطقة تجارية أمريكية شرق أوسطية حرة خلال عقد من الزمان). وقد جاءت مشاركة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في هذا السياق فقد ذكر في معرض حديثه بأنه تحدث مع السيدة كونداليزا رايس بشأن مشاركته في المنتدى مما يعني أنه حصل على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية واليمين المتطرف، وقد أعقب كلينتون زيارته للمنتدى بزيارة دولة يهود مباشرة.
ثانياً: تبني أفكار الليبرالية الاقتصادية (العولمة):
الأفكار الاقتصادية المطروحة في المنتدى هي أفكار ليبرالية لا تعترف بالحلال ولا الحرام في التعامل مع قضايا المال والأعمال، وتقوم هذه الأفكار – باختصار - على الحرية التامة لرأس المال وعدم تقييده بأي قانون أو شريعة.
وهذه الأفكار هي أفكار عالمية تريد الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة فرضها على العالم دون مراعاة لأديانها أو خصوصياتها بهدف تنمية الاقتصاد الصناعي، وهذا ما يعرف بالعولمة، وخطورة هذه الأفكار هي في عدم اعترافها بالشريعة الإسلامية فلا يوجد محرم لديها (كالربا أو بيع الأفلام الإباحية أو الخمور أو غيرها)، وعدم اعترافها بالمبادئ الأخلاقية (كمنع الاحتكارات، ومنع الإباحية الجنسية، ورحمة الفقير والمسكين وغيرها).
ويظهر الترويج لهذه الأفكار من خلال مصطلحات: السوق الحرة، التجارة الحرة، ومشاركة المرأة وحريتها ورفع القيود عنها ونحو ذلك، وتعد قضية تحرير المرأة من أخطر القضايا التي يسعى المنتدى لتمريرها من خلال قضية "عمل المرأة"، بل إنه لا تكاد تخلواً محاضرة أو أطروحة من أطروحات المنتدى إلا ونجد سؤالاً واحداً يكرر بأساليب مختلفة بمناسبة وبغير مناسبة حول مشاركة المرأة ورفع القيود عنها، كما أن التغطيات الإعلامية المصاحبة للمنتدى لم تفتأ تتحدث عن مشاركة المرأة وفعاليتها ووجوب إثبات وجودها وكأن الاقتصاد لن يقوم إلا إذا قامت به المرأة، وكأن قضية الاقتصاد المحلي هي المرأة!
ثالثاً: الدعوة لتغريب المجتمع السعودي:
وهذا واضح في فقرات المنتدى، ومن ذلك:
1. دعوة بعض الزعماء المعروفين بالعداوة للأمة الإسلامية وحربهم الضروس عليها على أكثر من صعيد مثل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، والرئيس الروسي بوتين، والرئيس الفرنسي جاك شيراك بهدف تحطيم الولاء والبراء في النفوس.
2. استعمال اللغة الإنجليزية لغة رسمية للمنتدى في مهد اللغة العربية وبجوار الحرم المكي الشريف.
3. استعمال التقويم الميلادي للمنتدى.
4. استعمال العملة الأمريكية "الدولار" بدلاً من عملة البلد المحلية.
5. عدم الإعلان عن أوقات الصلاة بل واستمرار الندوات والمحاضرات أوقات الصلاة وبدون توقف.
6. قيام القنصل الأمريكية بخرق نظام البلد والجلوس مع الرجال لتشجيع الفتيات السعوديات على كسر الحاجز النفسي والشرعي، ومما قالته الأستاذة فوزية الطاسان إحدى المحاضرات -: (لقد استأنا جداً من موقف القنصل الأمريكية الذي تنقصه اللباقة عندما قاطعت قاعة النساء واتجهت للجلوس في قاعة الرجال وكأنها تقصد التقليل من شأن المرأة السعودية وتنئى بنفسها عن مجالستها)
(يُتْبَعُ)
(/)
7. الدعوة لتطبيق التجارب الاقتصادية لدول غير إسلامية في بلادنا دون أدنى مراعاة لطبيعة الفروق الدينية والأخلاقية.
8. الاختلاط والتبرج والسفور، وأبرز الأمثلة على ذلك ما حصل في ندوة "أصوات الغد" إذ جيء بمجموعة كبيرة من الشباب والشابات وإمعاناً في تأكيد مفهوم الاختلاط فقد قاموا بترتيب جلوسهم بحيث يجلس الشاب وبجواره الفتاة ثم شاب ثم فتاة وهكذا ولقد ظهرت هذه الصورة في صحفنا المحلية وقتها في تحدٍ صارخ. ولدعم هذا التوجه ذكرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها 9182 قولها: (شهدت جلسات منتدى جدة الاقتصادي الخامس سابقة تاريخية لمشاركة المرأة السعودية في جلسات جدول الأعمال دون اللجوء إلى الدائرة التلفزيونية المغلقة، كما جرت العادة خلال المؤتمرات التي تشهد حضوراً نسائياً)
رابعاً: عدم الاكتفاء بالموضوعات الاقتصادية لأغراض خاصة:
لم يكتفي المنتدى بالموضوعات الاقتصادية بل توسع في الموضوعات وأوراق العمل والمداخلات ليشمل قضايا الحرية الشخصية والديمقراطية وقيادة المرأة للسيارة ونحوها مما يدل على أن المنتدى يهدف إلى التغيير الشمولي في علاقات المسلم في هذه البلاد، وهذا التغيير يعتمد على النظرة الغربية للحرية والديمقراطية والمرأة، فالمنتدى جاء ليغير أفكار المجتمع وأخلاقه ليوافق الطرح الفكري الموجود فيه وهو طرح تغريبي يهدف لزعزعة العقيدة في النفوس، وتحطيم الأخلاق والآداب.ونرى ذلك واضحاً من الطرح الفكري الذي يمثل هذا الاتجاه كما في ندوة "مفهوم تقبل المرأة" وندوة "فرص العمل – النمو – المرأة" وندوة "إدخال الحداثة مع المحافظة على الهوية" وندوة "الحرية الشخصية والمسؤولية المدنية".
وكما في الأسئلة المتكررة بحيث تكاد لا تخلو محاضرة أو أطروحة من أطروحات المنتدى إلا وأسئلة تكرر بأساليب مختلفة بمناسبة وبغير مناسبة حول مشاركة المرأة ورفع القيود عنها حتى أنه طرح على الدكتور غازي القصيبي أربع مرات وبأساليب مختلفة.
ولعلي أشير إلى ما تم طرحه في ندوة "الحرية الشخصية والمسؤولية المدنية" حيث تفاخرت "فريال المصري" السعودية الجنسية الأمريكية النشأة بأنها أول سعودية تظهر على غلاف مجلة سعودية "مجلة المجلة" وبدون غطاء على الرأس، وقد ظهرت في المنتدى متبرجة مُظهِرَة تقديسها لأمريكا وأنظمتها ونقمتها على السعودية وأنظمة تعليمها خاصة تعليم البنات!.
وتحدثت "نادية بخرجي" عن حسرتها على عدم مشاركة النساء في الانتخابات وطالبت النساء بإثبات الذات والمثابرة والحصول على التخصصات من أجل جعل المجتمع يتغير إلى تقبل المرأة كشريك للرجل في كل الأعمال!.
ثم تحدثت "نهى الحكيم" موضحة أن (المرأة قادرة أيضا على أعمال الرجال وإدارتهم وقيادتهم). ومما يؤكد التركيز في المنتدى على قضية تحرير المرأة تلك التغطية الإعلامية التي تناولت هذه القضية وكأنها قضية المنتدى الرئيسة!.
خامساً: الاستعانة بالزعماء الغربيين لترويج أجندة تغريبية داخلية:
ويتبين ذلك من خلال كلمة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطيبات الطاهرات وبالذات خديجة رضي الله عنها وأنه لن يمنعها من قيادة السيارات. وقد كثر الكلام في المنتدى حول المرأة السعودية وتحررها مما يؤكد أن المنتدى يحمل أجندة خفية يسعى إلى تطبيقها في المجتمع السعودي وهذه الأجندة تتركز على: تغيير نظامه الاقتصادي ليكون نظاماً رأسمالياً لا يفرق بين الحلال والحرام، وإخراج المرأة من بيتها باسم العمل، وغرس محبة الكفار في النفوس باسم التسامح وقبول الآخر.
سادساً: العمل على تحويل مدينة جدة إلى سوق حرة مثل (دبي):
وقد تم إنشاء "مجلس جدة للتسويق" لهذا الغرض وهو أن تكون مدينة جدة عاصمة التجارة والمال في الشرق الأوسط حسب تعبير موقع المنتدى الإلكتروني، ولهذا الأمر دلالتان:
الأولى: أن المنتدى متناغم مع المشروع الأمريكي المعروف (مشروع الشرق الأوسط الكبير)، ولهذا لم يجدوا إلا هذا المصطلح السياسي الغامض (الشرق الأوسط)، فلم يستعملوا (الدول العربية) أو (الدول الإسلامية).
الثانية: أن المنتدى يعمل على أن تكون مدينة جدة تضارع (دبي)، وكل من يعرف دبي يدرك حجم المأساة الشرعية التي لحقت بهذه المدينة كالفساد الأخلاقي والجرائم الأمنية، ونهب ثروات الأمة من خلال الشركات متعددة الجنسيات.
وبعد:
فهذه قطرة من خفايا وبلايا هذا المنتدى التغريبي الذي لا يفصله عن بيت الله الحرام إلا مسافة قصيرة، وهذا المنتدى لا يمكن أن يُرمى بأنه منتدى يسعى إلى التنمية الاقتصادية النظيفة فهو لا يعتمد على أسس الاقتصاد الإسلامي الرشيد، ولم يُدعى له علماء الشريعة لمعرفة الحلال من الحرام في المعاملات، ولم يلتزم بآداب هذه البلاد وأخلاقها، ولم ينضبط بدستورها وكلام حكامها المعلن.
بل إن علماء هذه البلاد وقفوا ضده لوجود التبرج والسفور وامتهان المرأة المسلمة، فكيف لو حاكموا القائمين عليه على الأفكار والمذاهب المنحرفة التي يتكلمون بها في قضايا الاقتصاد والحريات والديمقراطية والمرأة وغيرها؟ فقد وجه سماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ كلمة تستنكر ما يجري في هذا المنتدى من المنكرات العظيمة. (ذو القعدة 1424هـ)،ولكن القائمين على المنتدى لم يعبأوا بها وكأن أكبر مرجع علمي وشرعي رسمي ليس له أي أهمية حيث استمروا في طريقهم ونهجهم دون تصحيح أو مراجعة.
(المرجع: شبكة القلم الفكرية)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[قارئ]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 10:40]ـ
بارك الله في الشيخ عبدالرحيم السلمي وموضوعه مهم وجاء في وقته لأن المنتدى يفسد كثيرا
ـ[أبو حماد]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 11:15]ـ
هذا الموضوع يحتاج وقفات جادة صادقة من أهل العلم للاحتساب عليه، ومناصحة ولاة الأمر في ضرورة التصدي له وسد بابه، فالمنتدى باب شر عظيم، والولايات المتحدة الأمريكية ترعاه وتدفع عليه أمولاً طائلة، وتساهم مساهمة فعالة فيه وفي حضوره.
وهم يزعمون أنه اقتصادي، ومع ذلك يحضر فيه الشأن الفكري، والعقدي، وغيره من أمور الناس العامة، مما يعني أن فكرته الأساس هي نشر ثقافة الترغيب وإفساد الأخلاق والقيم.
ـ[ظاعنة]ــــــــ[12 - Feb-2007, صباحاً 11:31]ـ
سمعنا عنه ما جعلنا نقطع الشك بأنه يفسد أكثر مما يصلح
أصلح الله الأحوال ..
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[طلال]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 04:51]ـ
بارك الله في الشيخ الكريم ابي ايمن عبدالرحيم السلمي
فجهوده العلمية والحسبية لها اثرها في مدينة جدة
وفقه الله لكل خير
ـ[العضد]ــــــــ[14 - Feb-2007, صباحاً 04:47]ـ
الأخوة قارىء وأباحماد وطاعنة وطلال ..
أشكركم على المرور والتعليق ..
وآمل منكم التفاعل مع هذا الموضوع المهم وإخراجه في المنتديات، وأيضا إرساله على مجموعة كبيرة عن طريق البريدالاكتروني، والتواصي في ذلك.
فإن هذا المقال المتميز هو الوحيد الذي يشفي الغليل .. وبكل تأصيل ..
مع ذكر المرجع في ذلك (شبكة القلم الفكرية)
ـ[سفير الحق]ــــــــ[25 - Feb-2007, مساء 03:38]ـ
بارك الله في الشيخ عبدالرحيم
ويرفع الموضوع فوق مرّه لأهميته
^^^^^^^^^
ـ[الناصح]ــــــــ[26 - Feb-2007, مساء 08:14]ـ
مشكور أيها العضد
والموضوع وجدته في الساحة السياسية أيضا .. وقد نقله الكاتب المبدع أبو لجين إبراهيم
http://alsaha.fares.net/sahat?128@111.2gOrd5gKhOp.0@.3 ba9d012(/)
الأقوال في معنى الإساءة والمؤاخذة في هذا الحديث.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 12:28]ـ
قال الإمام الدارمي في سننه:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُؤَاخَذُ الرَّجُلُ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: (مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ).
والحديث رواه البخاري ومسلم.
مسألة:
قال ابن حجر: (قال الخطابي: ظاهره –أي حديث الباب - خلاف ما أجمعت عليه الأمة أن الإسلام يجب ما قبله، وقال تعالى (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) ([1])) ([2]).
وللعلماء في توجيه هذا الحديث وبيان منى الإساءة والمؤاخذة أقوال:-
منها، قول المحب الطبري: إنه منسوخ:
قال الزركشي: (وأما المؤاخذة بما سلف في الكفر من أسباب معفو عنها بالإسلام بالاتفاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يجب ما قبله) وقد ورد ما يشعر بخلافه، وهو ما في الصحيحين عن ابن مسعود قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يحسن الإسلام أيؤاخذ بما عمل في الجاهلية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر). قال المحب الطبري: والظاهر أنه منسوخ بما تقدم) ([3]).
والنسخ لا يثبت بالاحتمال، والجمع مقدم على الترجيح.
ومنها، قول الخطابي: إن معنى المؤاخذة التبكيت:
قال ابن حجر: (قال: ووجه هذا الحديث أن الكافر إذا أسلم لم يؤاخذ بما مضى، فإن أساء في الإسلام غاية الإساءة وركب أشد المعاصي وهو مستمر الإسلام فإنه إنما يؤاخذ بما جناه من المعصية في الإسلام ويبكت بما كان منه في الكفر كأن يقال له: ألست فعلت كذا وأنت كافر فهلا منعك إسلامك عن معاودة مثله؟ انتهى ملخصا، وحاصله أنه أول المؤاخذة في الأول بالتبكيت وفي الآخر بالعقوبة، والأولى قول غيره) ([4]).
وما قاله الإمام الخطابي غير متجه ولا دليل عليه، بل إن ظاهر لفظ الحديث يأباه، فالأولى جعل معنى المؤاخذة في الأولى والآخرة واحد.
ومنها، قول المناوي: إنه للتحذير:
قال المناوي: (وأما خبر من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر فوارد على منهج التحذير) ([5]).
وقول المناوي إما أن يحمل على أنه وصفاً لا توجيهاً للحديث، وإما أن يكون مقصده تعطيل الحديث بزعم أن ظاهره غير مراد، وظاهر عبارته أنه يقصد الثاني، وهذا قول ضعيف فلا قرينة تلجئنا إلى هذا التعطيل وإعمال الكلام أولى من إهماله كما هو معلوم.
ومنها، قول الأكثر: إن الإساءة الكفر أو النفاق:
قال ابن حجر بعد ذكره كلام الخطابي السابق: (والأولى قول غيره: إن المراد بالإساءة الكفر لأنه غاية الإساءة وأشد المعاصي فإذا ارتد ومات على كفره كان كمن لم يسلم فيعاقب على جميع ما قدمه، وإلى ذلك أشار البخاري بإيراد هذا الحديث بعد حديث " أكبر الكبائر الشرك " وأورد كلا في أبواب المرتدين، ونقل ابن بطال عن المهلب قال: معنى حديث الباب من أحسن في الإسلام بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أي في عقده بترك التوحيد أخذ بكل ما أسلفه، قال ابن بطال: فعرضته على جماعة من العلماء فقالوا لا معنى لهذا الحديث غير هذا، ولا تكون الإساءة هنا إلا الكفر للإجماع على أن المسلم لا يؤاخذ بما عمل في الجاهلية. قلت: وبه جزم المحب الطبري. ونقل ابن التين عن الداودي معنى من أحسن مات على الإسلام، ومن أساء مات على غير الإسلام. وعن أبي عبد الملك البوني: معنى من أحسن في الإسلام أي أسلم إسلاما صحيحا لا نفاق فيه ولا شك، ومن أساء في الإسلام أي أسلم رياء وسمعة وبهذا جزم القرطبي، ولغيره معنى الإحسان الإخلاص حين دخل فيه وداومه عليه إلى موته، والإساءة بضد ذلك فإنه إن لم يخلص إسلامه كان منافقا فلا ينهدم عنه
(يُتْبَعُ)
(/)
ما عمل في الجاهلية فيضاف نفاقه المتأخر إلى كفره الماضي فيعاقب على جميع ذلك. قلت: وحاصله أن الخطابي حمل قوله " في الإسلام " على صفة خارجة عن ماهية الإسلام، وحمله غيره على صفة في نفس الإسلام وهو أوجه) ([6]).
قال النووي: (معنى الحديث الصحيح فيه ما قاله جماعة من المحققين أن المراد بالإساءة عدم الدخول في الإسلام بقلبه بل يكون منقادا في الظاهر مظهرا للشهادتين غير معتقد للإسلام بقلبه فهذا منافق باق على كفره بإجماع المسلمين فيؤاخذ بما عمل في الجاهلية قبل إظهار صورة الإسلام وبما عمل بعد إظهارها لأنه مستمر على كفره وهذا معروف في استعمال الشرع يقولون حسن إسلام فلان اذا دخل فيه حقيقة بإخلاص وساء إسلامه أو لم يحسن إسلامه اذا لم يكن كذلك والله أعلم).
قال الطحاوي: (قول رسول الله عليه السلام في حديث ابن مسعود عندنا - والله أعلم – (من أحسن في الإسلام) هو على معنى من أسلم في الإسلام ومن ذلك قوله تعالى {من جاء بالحسنة فله خير منها} ([7]) فكانت الحسنة المرادة في ذلك هي الإسلام فكان من جاء بالإسلام مجبوبا عنه ما كان منه في الجاهلية وموافقا لما في حديث عمرو أن (الإسلام يجب ما كان قبله) ([8]) ومن لزم الكفر في الإسلام كان قد جاء بالسيئة في الإسلام ومنه قوله تعالى {ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} ([9]) فكانت عقوبة تلك السيئة عليه مضافة إلى عقوبات ما قبلها من سيئاته كانت في الجاهلية) ([10]).
ومنها، قول الإمام أحمد ([11])، وغيره: إن الإساءة هي الإصرار على المعاصي وعدم التوبة منها:
قال ابن حجر: (وجدت في " كتاب السنة " لعبد العزيز بن جعفر وهو من رءوس الحنابلة ما يدفع دعوة الخطابي وابن بطال الإجماع الذي نقلاه، وهو ما نقل عن الميموني عن أحمد أنه قال: بلغني أن أبا حنيفة يقول إن من أسلم لا يؤاخذ بما كان في الجاهلية، ثم رد عليه بحديث ابن مسعود ففيه أن الذنوب التي كان الكافر يفعلها في جاهليته إذا أصر عليها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها لأنه بإصراره لا يكون تاب منها وإنما تاب من الكفر فلا يسقط عنه ذنب تلك المعصية لإصراره عليها، وإلى هذا ذهب الحليمي من الشافعية).
قال ابن حزم: (ومن عمل في كفره عملا سيئا ثم أسلم ; فإن تمادى على تلك الإساءة حوسب وجوزي في الآخرة بما عمل من ذلك في شركه وإسلامه ; وإن تاب عن ذلك سقط عنه ما عمل في شركه) ([12]).
وقال أيضاً: (حكم الإحسان في الإسلام هو التوبة من كل ذنب أسلفه أيام كفره، وأما من أصر على معاصيه: فما أحسن في إسلامه بل أساء فيه، وكذلك من لم يهجر ما نهى الله تعالى عنه، فليس تام الهجرة - وكل حج أصر صاحبه على المعاصي فيه فلم يوف حقه من البر، فليس مبرورا - وبالله تعالى التوفيق) ([13]).
واستدل ابن حزم لما ذهب إليه بما ورد عن ابن عباس (أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، ولو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزلت {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} ([14])) ([15]) فلم يسقط الله - عز وجل - تلك الأعمال السيئة إلا بالإيمان مع التوبة مع العمل الصالح) ([16]).
ثم قال: (فإن ذكروا قول الله عز وجل: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} ([17]).وقوله عليه السلام لعمرو بن العاص {إن الإسلام يهدم ما كان قبله، وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها وإن الحج يهدم ما كان قبله} ([18]). قلنا: أما قوله تعالى: {إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} فنعم هذا هو نفس قولنا: إن من انتهى غفر له. وأما من لم ينته عنه فلم يقل الله تعالى أنه يغفره له، فبطل تعلقهم بالآية. وأما قوله عليه السلام: (إن الإسلام يهدم ما كان قبله) فحق وهو قولنا ; لأن الإسلام اسم واقع على جميع الطاعات، والتوبة من عمل السوء من الطاعات. . .) ([19]).
(يُتْبَعُ)
(/)
وتُعُقِبَ هذا القول بما ذكره ابن حجر حيث قال: (قال ([20]): والاختلاف في هذه المسألة مبني على أن التوبة هي الندم على الذنب مع الإقلاع عنه والعزم على عدم العود إليه والكافر إذا تاب من الكفر ولا يعزم على عدم العود إلى الفاحشة لا يكون تائبا منها فلا تسقط عنه المطالبة بها والجواب عن الجمهور أن هذا خاص بالمسلم وأما الكافر فإنه يكون بإسلامه كيوم ولدته أمه والأخبار دالة على ذلك كحديث أسامة لما أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم قتل الذي قال لا إله إلا الله حتى قال في آخره: (حتى تمنيت أنني كنت أسلمت يومئذ) ([21]).) ([22])
ووجه تقي الدين ابن تيمية هذا الإسلام المشار إليه في التعقب الذي نقله ابن حجر بأنه إسلام حسن يتضمن التوبة العامة كما كان هو شأن الأولين حيث قال: وقد سئل عن اليهودي أو النصراني إذا أسلم هل يبقى عليه ذنب بعد الإسلام؟: إذا أسلم باطنا وظاهرا غفر له الكفر الذي تاب منه بالإسلام بلا نزاع وأما الذنوب التي لم يتب منها مثل أن يكن مصرا على ذنب أو ظلم أو فاحشة ولم يتب منها بالإسلام فقد قال بعض الناس إنه يغفر له بالإسلام، والصحيح أنه إنما يغفر له ما تاب منه كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قيل: (أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية فقال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر) وحسن الإسلام أن يلتزم فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه وهذا معنى التوبة العامة فمن أسلم هذا الإسلام غفرت ذنوبه كلها وهكذا كان إسلام السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لعمرو بن العاص: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله) فان اللام لتعريف العهد والإسلام المعهود بينهم كان الإسلام الحسن وقوله: (ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر) أي إذا أصر على ما كان يعمله من الذنوب فانه يؤاخذ بالأول والآخر وهذا موجب النصوص والعدل فان من تاب من ذنب غفر له ذلك الذنب ولم يجب أن يغفر له غيره والمسلم تائب من الكفر كما قال تعالى: (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ) ([23]) وقوله: (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) ([24]) أي إذا انتهوا عما نهوا عنه غفر لهم ما قد سلف فالانتهاء عن الذنب هو التوبة منه، من انتهى عن ذنب غفر له ما سلف منه وأما من لم ينته عن ذنب فلا يجب أن يغفر له ما سلف لانتهائه عن ذنب آخر والله أعلم) ([25]).
وعليه فالإسلام وإن كان يتضمن التوبة المطلقة فإنه يستلزم المغفرة المطلقة إلا إن يقترن بذلك ما ينافي هذا الاقتضاء وهو توقفه في بعض المعاصي عند ذكرها فلم يندم ولم يقلع، فهذا إن عاد لهذه المعاصي بعد إسلامه عوقب بالأول والآخر ([26]).
وظاهر الحديث إنما يدل على ما ذهب إليه الإمام أحمد والحليمي من الشافعية، وغيرهما،
ونصره تقي الدين، وذلك بقرينة قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن أساء في الإسلام) أي في حال كونه مسلماً لأن "في" هنا ظرفية ([27])، ولا يقال للمرتد الذي يسيء أنه أساء في إسلامه لخروجه عن الإسلام بردته.
والمتأمل لهذا الوجه يعلم أن هذا المسيء لا يعاقب على ذنب فعله في الجاهلية استقلالاً بل يعاقب عليه على سبيل التبعية إن أصر عليه وفعله في جاهليته وإسلامه؛ لأن إسلامه لم يزجره عن معاودة مثل هذا الفعل القبيح، وبذلك لا تتعارض الأدلة بل يكون حديث الباب مخصص لعموم الأدلة التي استدل بها القائلون بأن الإساءة بمعنى الكفر أو النفاق، والله أعلى وأعلم.
------------------------------------
[1]- (الأنفال/38).
[2]-فتح الباري (12/ 266).
[3]-البحر المحيط (2/ 149).
[4]-المصدر السابق.
[5]- فيض القدير (3/ 180).
[6]- فتح الباري (12/ 266).
[7]- (النمل/89).
[8]- أخرجه مسلم (121) (1/ 112)، وأحمد (4/ 204 - 205)، وابن خزيمة (2515) (4/ 131) وغيرهم من حديث عمرو، وهو عند بعضهم بلفظ: يجب، وعند بعضهم بلفظ: يهدم.
[9]- (الأنعام/160).
[10]- مشكل الآثار (1/ 443).
[11]- انظر الآداب الشرعية (1/ 93 - 94).
[12]- المحلى (1/ 39).
[13]- المصدر السابق (12/ 35).
[14]- (الفرقان/86 - 70).
[15]- رواه البخاري (4532) (4/ 1811)، ومسلم (122) (1/ 113)، وليس عندهما إلا الآية الأولى فقط، وإنما وردت كذلك في رواية النسائي (4003) (7/ 86) بنحوه.
[16]- المحلى (1/ 39).
[17]- (الأنفال/38).
[18]- صحيح - وسبق تخريجه.
[19]- المحلى (1/ 40).
[20]- أظن أن القائل هنا الذي ينقل عنه ابن حجر هو عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال.
[21]- رواه البخاري (4021) (4/ 1555)، ومسلم (96) (1/ 96).
[22]- فتح الباري (12/ 267).
[23]- (التوبة/5).
[24]- (الأنفال/38).
[25]- مجموع الفتاوى (11/ 701 - 702).
[26]- انظر الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 93 - 94).
[27]- ومما يؤيد هذا القول أن "في" قد تكون هنا أيضاً مصاحبة ك "مع" نحو قوله تعالى: (فخرج على قومه في زينته)، وقوله: (ادخلوا في أمم قد خلت). وإنما يستقيم المعنى الثاني للحديث، من تفسير الإساءة بالكفر، إذا كانت "في" بمعنى "بعد" وهذا لم أقف عليه، ولم أجد من جوزه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[قارئ]ــــــــ[13 - Feb-2007, صباحاً 10:55]ـ
أحسنت يا أبا المنذر تتبع دقيق موفق
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[08 - Mar-2009, مساء 08:29]ـ
أحسنت يا أبا المنذر تتبع دقيق موفق
جزاكم الله خيرا على مرورك الكريم وكلماتك المشجعة ...(/)
ما معنى الولاء والبراء؟؟
ـ[من فلسطين]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 02:48]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما معنى الولاء والبراء؟؟
وكيف نطبقه في حياتنا اليومية؟؟
في أمان الله
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[13 - Feb-2007, صباحاً 01:18]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأخ الكريم ..... زادكم الله إيمانا وتقوى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
«تعريف الولاء والبراء في اللغة:
الوَلْيُ في اللغة هو القُرْب، هذا هو الأصل الذي ترجعُ إليه بقية المعاني المشتقّة من هذا الأصل. تقول: تباعَدَ بعد وَلْيٍ، أي بعد قُرب، وتقول: جلس ممّا يليني، أي يقاربني. ((ومن الباب المَوْلَى: المُعْتِقُ و المعْتَق، والصاحب، والحليف، وابن العمّ، والناصر، والجار: كل هؤلاء من الوَلْي، وهو القُرْب))
والوَلاَء مصدر سماعي غير قياسي؛ لأن القياسي هو: وِلايةَ، ووَلاية (كحِمَاية. وجَهَالة). لكن (وَلاية) بالفتح أكثر ما تستعمل بمعنى النُّصْرة، ولذلك فإن الأكثر أن (وَلاية) مصدر، و (وِلاية) اسم؛ لأن فِعالة تدلّ على صناعةٍ وحرفة (كخِياطة وصِناعة).
وأما بَرِئ، فبمعني: تَنَزَّهَ وتباعَدَ، فالتباعُدُ من الشيء ومزايلتُه هو أحدُ أَصْلَيْ معنى هذه الكلمة، والأصل الثاني هو: الخَلْقُ، ومنه اسمه تعالى (البارئ). ومن الأصل الأول (وهو التباعُدُ من الشيء ومُزَايلته): البُرْءُ هو السلامة من المرض، والبراءةُ من العيب والمكروه.
والبَرَاءُ: مصدر بَرِئتُ، ولأنه مصدر فلا يُجمع ولا يُثَنَّى ولا يؤنّث، فتقول: رجُلٌ بَرَاء، ورجلان بَرَاء، ورجالٌ بَرَاء، وامرأةُ بَرَاء. أمّا إذا قُلتَ: بريءٌ، تجمع، وتثني، وتؤنث، فتقول للجمع: بريئون وبِراء (بكسر الباء)، وللمثنى بريئان، وللمؤنث بريئة وبريئات.
هذا هو معنى الوَلاء والبراء في اللغة.
تعريف الولاء والبراء في الإصطلاح:
الولاء والبراء لفظان عربيّان كما سبق، وقد وَرَدَا في نصوص الكتاب والسنة (كما يأتي)، فاستخدمهما العلماء للدلالة على معتقدٍ دَلّت الأدلة المستفيضةُ في الكتاب والسنّة عليه.
وبالنظر في أدّلة الكتاب والسنّة وُجد أن معتقد الولاء والبراء يرجع إلى معنيين اثنين بالتحديد، هما: الحُبُّ والنُّصْرةُ في الولاء، وضِدُّهما في البراء. ولا يخفى أن هذِين المعنيين من معانيهما في اللغة، كما سبق بيانه.
وسيأتي من أدلّة الكتاب والسنّة ما يبيّنُ هذا المعنى الذي ينحصر فيه معتقد (الولاء والبراء)، وهو أنه ينحصر في: الحُبِّ، والنصرة؛ تحقيقاً لهما في الولاء، وتحقيقاً لما يُضادُّهما في البراء.
وعلى هذا فالولاء شرعاً، هو: حُبُّ الله تعالى ورسوله ودين الإسلام وأتباعِه المسلمين، ونُصْرةُ الله تعالى ورسولِه ودينِ الإسلام وأتباعِه المسلمين.
والبراء هو: بُغْضُ الطواغيت التي تُعبَدُ من دون الله تعالى (من الأصنام الماديّة والمعنويّة: كالأهواء والآراء)، وبُغْضُ الكفر (بجميع ملله) وأتباعِه الكافرين، ومعاداة ذلك كُلِّه.
هذا هو معنى الولاء والبراء في الإسلام، فهو معتقدٌ قلبيٌّ، لابُدّ من ظهور أثره على الجوارح، كباقي العقائد، التي لا يصح تصوُّر استقرارها في القلب دون أن تظهر على جوارح مُعتقِدِها. وعلى قَدْر قوّة استقرارها في القلب وثبوتها تزداد دلائل ذلك في أفعال العبد الظاهرة، وعلى قَدْرِ ضعف استقرارها تنقص دلائلها في أفعال العبد الظاهرة. فإذا زال هذا المعتقد من القلب بالكلية، زال معه الإيمانُ كُلّه (كما يأتي بيانه)، فلم يَبْقَ للإيمان أثرٌ على الجوارح؛ إلا في المنافق، الذي يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر.»
[الولاء والبراء بين السماحة والغلو للشيخ حاتم الشريف]
ولعل هذه الروابط تفيدكم - إن شاء الله - وفقكم الله تعالى:
* رسالة الولاء والبراء في الإسلام لشيخنا العلامة صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=792
* شرح شيخنا الفوزان لرسالة الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك [صوتيًا]
[- تعريف الولاء والبراء لغة وشرعا
- من أدلة الولاء والبراء
- الولاء والمناصرة
- الولاء والبراء بين الإفراط والتفريط
- موضوع رسالة الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك
- مداهنة الكفار
- تمكين الكفار من بلاد المسلمين
- استدعاء الكفار لبلاد المسلمين
- إظهار الموافقة للكفار على دينهم
- قطع موالاة المسلمين
- من صار من جنود الشرك
- كفر من والى المشركين
- الإكراه على فعل بعض صور موالاة المشركين
- صورة الإكراه
- التكلم بالكفر هازلا
- إظهار الكفر خوفا أو طمعا]
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds.aspx?url=/AlFawzan/sounds/00161.ra&From=9.55
أو
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds.aspx?url=/AlFawzan/sounds/00161.ra
* الولاء والبراء بين السماحة والغلو للشيخ د. حاتم بن عارف الشريف
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1197
وفقني اللهُ وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح؛
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حماد]ــــــــ[13 - Feb-2007, صباحاً 10:18]ـ
شكراً لإفادتك أخي سلمان أبو زيد.
ـ[من فلسطين]ــــــــ[20 - Feb-2007, مساء 04:55]ـ
بارك الله فيكم،
في نفس السياق:
ما معنى التعصّب؟ العصبية (مثل: العصبية القبلية)؟ وهل هناك ما يربط بينها وبين الولاء والبراء؟؟ ما موقف الاسلام من "التعصّب"؟؟؟
بارك الله فيكم
الأخت/ من فلسطين(/)
الشيخ حمد العثمان .... لله درك على فضحك للمخطط الرافضي التوسعي في العالم الإسلامي
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 03:36]ـ
الشيخ حمد العثمان .... لله درك على فضحك للمخطط الرافضي التوسعي في العالم الإسلامي
الشرق الأوسط الجديد والتخدير الإيراني
كتب: د. حمد بن ابراهيم العثمان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فان معالم خارطة الشرق الأوسط الجديد التي ترسمها إيران باتت أكثر وضوحاً من ذي قبل، ولا يحتاج أحد أن يتكلف في بيان ملامح هذه الخريطة الكبيرة التي فاقت حقيقتها توقعات كل المراقبين، فهي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي.
فجهود إيران في عزل لبنان عن لُحْمته العربية واضحة جدا، وملامح هذه الجهود قديمة بدءا من اتفاق الطائف، حيث اجتهدت إيران في مزاحمة دول مجلس التعاون ومحاولة قطع الطريق عليهم في حفظ استقرار لبنان وازدهاره بقيادة حكومة الحريري، وذلك من خلال دعم حزب الله وتسليحه وتصييره حكومة داخل حكومة تعرقل وحدة القرارات السيادية، وما انفراد حزب الله وحده بقرار الحرب مع إسرائيل دون إرادة سائر الشعب اللبناني إلا أكبر دليل على ما نقول.
ومصر والسودان باتتا تتعرضان لخطر فكر تصدير الثورة الذي جدد له الرئيس الحالي لإيران أحمدي نجاد، وكأن السودانيين والمصريين لا يدينون بالإسلام حتى تضطر إيران لتصدير ثورتها، أم أن الغرض تطويع القلوب، لتكون الأرض بعد ذلك طوع الاحتلال، لا سيما وأن هناك نفسا توسعيا إيرانيا بالتذكير بحكم (الفاطميين لمصر).
أما دول الخليج، فهي لا تحتاج إلى توضيح، فإيران لا تزال تحتل الجزر الإماراتية، ووكيل خارجية إيران حميد آصفي لما زار الكويت أخذ أحد مرافقيه يُذكر بالحقوق التاريخية لإيران في البحرين (انظر جريد، الوطن بتاريخ 1/ 6 / 2005 م مقال الكاتب / فؤاد الهاشم).
أما العراق، فليس بخاف على أحد الجهود الإيرانية الكبيرة التي تمارسها لتحويله إلى محافظة إيرانية، فإيران أغرقت العراق بالسلاح والرجال والأموال لتحقيق هذا الغرض.
يقول رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية في لندن علي نوري زاده ـ وهو بالطبع ليس بسلفي ـ مبينا دور إيران في احتلال العراق وتغيير هويته: (أن ملايين من الإيرانيين كانوا مقيمين في العراق وأصبح ما نسبته %65 منهم عراقيين، ويملكون جوازات سفر ووثائق ولادة عراقية، وولاءات هؤلاء بالدرجة الأولى لإيران وليس للعراق، كما أن هناك من العراقيين من ولدوا في إيران ودرسوا فيها، وتم تدريبهم من قبل الحرس الثوري مثل فيلق بدر، ومثل قوات المليشيا الشيعية التابعة للأحزاب المرتبطة بايران).
وذكر علي زاده أن كميات كبيرة هائلة من المتفجرات والقنابل الذكية والأجهزة المتطورة تدخل إلى العراق قادمة من إيران، وأن إيران تتجه إلى زمن تصدير الثورة، والى زمن المواجهة مع الدول المجاورة. [جريدة السياسة 26/ 11 / 2005 م].
وذكرت صحيفة (ديلي تليغراف) البريطانية بواسطة صحيفة (الوطن) 17/ 1 / 2007 م أن أهل السنة يتعرضون للقتل لإخراجهم من المنطقة، وأن إيران تخترق الشبكة الأمنية والأحزاب السياسية في محافظة البصرة.
ونقلت عن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي خلال زيارته لندن: أن طهران اللاعب الأساسي، وتتمتع بتأثير كبير في العراق حيث تُرى بصماتها على أي شيء.
كما أنه لا بد من الإحالة إلى التحقيقات التي نشرها المراسل الصحفي بالقبس د. جمال حسين (وهو ليس بسلفي) بتاريخ 23/ 5 / 2005 م، 23/ 1 / 2006 م، حيث بيّْن أن مادة تقريره ومن حاورهم هم من البصريين، وجاء في تقاريره هذه (تكاد البصرة تكون محافظة إيرانية)، وتأملوا كذلك استعماله مصطلح (الدولة الصفوية). وكذلك تحدث عن (القوائم الإيرانية) والفرق التي كانت تأتي من إيران لغرض إعدام السنة فقط؟ هذا ما ذكره د. جمال حسين وأكد عليه بقوله (هذه ليست إشاعات، تأكدنا منها من أعضاء الأحزاب المنفذة للاغتيالات نفسها، ومن عائلات المغدورين، ومن أطباء الطب العدلي، ومؤشرات السجلات الجنائية).
التخدير الإيراني
(يُتْبَعُ)
(/)
مع خطوات إيران الحثيثة للتوسع والهيمنة على المنطقة، نراها تمارس سياسة التخدير، وذلك بغرض كسب الوقت لتصير الهيمنة واقعيا يجب التسليم له مع مرور الوقت، ففي حوار أجرته صحيفة (القبس) بتاريخ 3/ 12 / 2006 م مع السفير الإيراني بالكويت علي جنتي نراه يمارس هذا الدور لكن بغير مهارة، ففي هذه المقابلة زعم ما يلي:
1 ـــ أن ممارسات إيران داخل العراق (ليس تدخلا بالمعنى الحقيقي في الشؤون العراقية الداخلية)، وما ذكرناه يكشف زيف هذا التخدير الإيراني.
2 ـــ عدم وجود أي مفاعلات نووية باستثناء (بوشهر)، يا سلام على سعادة السفير وكأننا لسنا في زمن الأقمار الصناعية، فالمنشآت النووية كثيرة، وصورها تظهر في وسائل الإعلام بين فترة وأخرى.
3 ـــ أن النووي الإيراني سلمي، وهذه أسطوانة يكررها الساسة الإيرانيون كلهم!!، وهذا أيضا تخدير مفضوح، فلماذا تشارك المؤسسة العسكرية بإيران في صناعة البرنامج النووي إذا كان سلميا مدنيا؟!
ولماذا عقدت طهران مع (شبكة خان) التي ساعدت كوريا الشمالية وليبيا في برامجهما النووية السرية الخاصة بالأسلحة؟!.
ولماذا أجرت إيران تجارب على " البلوتونيوم ـ 210 "، الذي يمكن استخدامه في التفجير النووي، ولا لزوم له في توليد الكهرباء. [ ....... " الوطن " 9/ 1 / 2007م].
4 ـــ أن كل مشاكل المنطقة يمكن حلها برحيل الأجانب عنها، هكذا زعم السفير الإيراني، فدولة الإمارات لها ثلاثة عقود من الزمن بذلت كل الجهود الدبلوماسية وبدون تدخل أجنبي لإزالة هذا الاحتلال الإيراني، وإيران تمارس التخدير والمماطلة وتكريس الاحتلال مع مرور الوقت من خلال بناء المدارس والمطارات والقواعد العسكرية في الجزر الإماراتية، وتوطين الإيرانيين فيها، ومسح كل معالم الهوية الإماراتية.
تصدير الفوضى لدول المنطقة
دول مجلس التعاون الخليجي تاريخها شاهد بأنها دول مسالمة لا تحمل شرورا لأحد، وسيرتها ولله الحمد حميدة، تبذل الندى وتكف الأذى، لكننا لا نرى إيران تبادلنا هذا الخلق في جوارها.
فإيران مثلا تؤوي المئات من عناصر تنظيم القاعدة في منطقة (نيازان) شمال طهران، وفي منطقة (تشالوس) قرب بحر قزوين، ومدينة (أصفهان) [انظر مقالة الكاتب / فؤاد الهاشم في (الوطن) بتاريخ 4/ 3 / 2006 م]، فإيران تمارس معنا سياسة زرع الشوك في الخاصرة لأذيتنا، والكل يعرف أن عناصر القاعدة يكفرون ولاتنا، وجهدوا أنفسهم في زعزعة أمن الدولة السعودية حرسها الله، فإيواء إيران لهم بمثابة حرب غير معلنة ضد دول الخليج.
كما أن إيران قد أنشأت فيلقا في صحراء السماوة المحاذية للحدود السعودية قوامه عشرة آلاف مقاتل أُطلق عليه اسم (فيلق مكة) مهمته نقل الفوضى إلى الأراضي السعودية، كما قال عضو البرلمان العراقي محمد الدايني [انظر صحيفتي " السياسة» و " الوطن " بتاريخ 9/ 1/2007م].
وهذا ليس بغريب ولا مستبعد، فمن منا ينسى حنق وحقد وزير الداخلية العراقي السابق (بيان جبر صولاغ) ضد الدولة السعودية، وفرق الموت التي أنشأها لتصفية أهل السنة بالعراق.
وكلنا يستذكر دور السفارة الإيرانية بالكويت في تدريب بعض الكوادر في صحراء الوفرة على التفجيرات، وما قام به هؤلاء من تفجيرات بجبل القبيس بمكة المكرمة في حدود سنة 1988م تقريبا.
دولة طائفية شعوبية
من الملفت للنظر جدا التحقيق الذي نشرته صحيفة السياسة بتاريخ 13/ 1 / 2007 م عن الأسلحة الإيرانية، ومن أكثر الأشياء لفتا للنظر ما حملته الصواريخ من مسميات طائفية شعوبية تحكي حقيقة العقلية التي تفكر بها القيادة الإيرانية، والنفس الطائفي الشعوبي الذي تعيشه الدولة الإيرانية، فلقد ذُهلت بل صُعقت لما رأيت أن بعض الصواريخ تحمل اسم (الزرادشتية)!!
فإيران لا تعيش أحلام الدولة الصفوية فحسب، بل تعيش أوهام وأحلام الإمبراطورية الفارسية العظمى ما قبل الإسلام.
(الزرادشتية) عقيدة وثنية شركية كانت تعيشها إيران قبل الإسلام، فهل يُعقل لدولة تدين بالإسلام أن تُفاخر بالشرك والوثنية؟! فكتب التاريخ تذكر (أنه بعد نزول لهراسب عن ملكة لولده بشتاسب ظهر دين المجوسية، وذلك أن رجلا كان اسمه " زرادُشت " قد صحب أرميا، عليه السلام، فأغضبه فدعا عليه أرميا، فبرص زرادشت، فذهب فلحق بأرض أذربيجان وصحب بشتاسب فلقنه دين المجوسية الذي اخترعه من تلقاء نفسه، لعنه الله، فقبله منه بشتاسب وحمل الناس عليه وقهرهم، وقتل منهم خلقا كثيرا ممن أباه منهم) [انظر تاريخ الطبري 1/ 540 ـ 541 والبداية والنهاية 382 ـ 318].
إيران تعيش أحلام الإمبراطورية العظمى قبل الإسلام، وهذا لن يتحقق لها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " [رواه البخاري ومسلم].
ايران يجب أن تنتبه إلى محيطها الطبيعي الذي تحكمه فانه أولى بالرعاية والنهضة وبإنفاق المليارات عوضا أن تجعلها في أهداف توسعية لن تحصد من ورائها إلا الشر. ولتبادر إيران بإظهار حسن النوايا في الجوار من خلال مغادرة الجزر الإماراتية، فإيران لا تنقصها جزر، ولتكف عن دعاواها التاريخية في البحرين، ولتكف عن التدخل في العراق، حتى يحكم العراق أهله وينتهي التدخل الأجنبي، وتُصان المنطقة عن الحروب المدمرة.
والحمد لله رب العالمين
تاريخ النشر: الجمعة 26/ 1 /2007 م .. .. .. جريدة " الوطن " الكويتية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حماد]ــــــــ[13 - Feb-2007, صباحاً 10:16]ـ
للشيعة تحرك مشبوه في المنطقة، وهم الآن يبحثون عن مواطئ قدم أقوى وأصلب في المنطقة، لهذا لن يترددوا في تفعيل دور الشيعة في البلدان الأخرى كالمملكة والبحرين والكويت وباكستان وغيرها، وقد سبق أن قاموا بشيء مشابه لذلك في الماضي، لكن الفشل ولله الحمد كان نصيبهم.
ـ[بطل القادسية]ــــــــ[16 - Feb-2007, مساء 10:16]ـ
لاحول ولا قوة الا بالله
اللهم ادحر شرورهم فى نحورهم
اللهم عليك بالمجوس والصهاينه
رحم الله صدام ..
ـ[الملف]ــــــــ[01 - Jul-2007, صباحاً 01:24]ـ
أرجو من الأخوة الذين ردوا أن يعيدوا قراءة الموضوع بأبعاده الفكرية تماما الخارجة عن موضوع الرافضة لعنهم الله
ـ[الأصيل]ــــــــ[02 - Jul-2007, صباحاً 08:55]ـ
إيران الآن بدأت تنشر التشيع المنظم في البلدان العربية عن طريق العراقيين الشيعة حيث إن العراقيين عرب ولا أحد يدقق بين شيعيهم وسنييهم بل يعاملون على أنهم عراقيون، فجماعة الحوثي في اليمن الذى ساعدهم ومدهم بالسلاح والتنظيم والتعليم العراقيين الشيعة كما صرح غير واحد من المسؤلين اليمنيين، والآن في مصر والدول العربية المجاورة للعراق بدأ اللاجئون العراقيون يتدفقون بصورة كبيرة إليها وأكثرهم من الشيعة مع أن الشيعة في العراق غير متضررين كون الحكومة شيعية لكن هدفهم من ذلك نشر التشيع في تلك البلدان بهذا الطريق ففي مصر مثلا أعلن قبل يومين أن اللاجئين العراقيين في مصر يطلبون من الحكومة بشكل رسمي بناء حسينية لهم يؤدون فيها عباداتهم، فينبغي التنبه والتيقظ لهم.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[02 - Jul-2007, صباحاً 10:35]ـ
لا شلت يمينك يا شيخ حمد، ولا كسر لك يراع، ولا فض فوك.
وأما قول: إن الرافضة العراقيين في هجرتهم إلى الدول المجاورة ليسوا متضررين!! فهذا كلام البعيد عن الساحة العراقية، وإلا فإن الرافضة العرب في العراق باتوا يترحمون على الطاغوت السابق صدام مما رأوه ويرونه من الضنك في الدين والدنيا - خاصة الدنيا عندهم - فالحكومة الصفوية الإيرانية التي تحكم العراق لا يهمها العراقي سنيا كان أو رافضيا، بل كل ما يهمها هو أن تملأ أرصدتها في البنوك الدولية لأنها تعلم علم اليقين أن الموقف السياسي في العراق متقلب كتقلب البحر، ولا يأمنه إلا من قل علمه، وكسدت بصيرته.
وعلى كل حال: {ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين}.
إن النصوص دالة دلالة قطعية على أنهم لن تقوم لهم دولة، بل إن النصوص دالة على أنهم كمعزى حملت حتفها!! فإن مشايخنا غالبهم حينما يتكلم على حديث: [ستصالحون الروم صلحا آمنا وتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم] رواه أبو داود وصححه الألباني. فإنهم يفسرون العدو الذي وراءنا بالدولة الرافضية إيران!!
وكما يقول الليبيون اقتباسا من قوله تعالى - وهو أولى بالذكر - الله غالب!!.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.(/)
فائدة للعلامة عبدالعزيز الراجحي في: [توبة العلماء المخالفين لأهل السنة]
ـ[صالح السويح]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 03:43]ـ
هذه الفائدة ذكرها الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي في كتاب: أجوبة مفيدة عن أسئلة عديدة: (ذكر بعض العلماء في كتبهم توبة أبي المعالي الجويني والشهرستاني والفخر الرازي وابن عربي وأن بعضهم صرح بذلك قبل موته، ولم يتمكن من الكتابة، وبعضهم تمكن من الكتابة، أي: الرجوع إلى عقيدة أهل السنة والجماعة وسؤالي هو: ما موقفنا من ذلك، أنصدقها أم نقول: إنها لم تثبت عمن لم يكتب، علما بأن بعض العلماء ترحم عليهم، ودعا لهم بالمغفرة؟
على كل حال، الأصل هو بقاؤهم؛ لأن كتبهم موجودة، حتى يثبت بنقل صحيح، إذا ثبت بنقل صحيح عن الثقات، إذا وجدنا سندا صحيحا أنه تاب، أو كتب، فهذا لا بأس.
فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الرازي تاب في آخر حياته، وترحم عليه، وقد نقض كتابه "أساس التقديس" في مجلدات عظيمة، وبيان تلبيس الجهمية الذي وزع عل ثمان رسائل دكتوراه، وكنت مشرفا على هؤلاء الثمانية جميعا والحمد لله، وانتهى الكتاب، والآن تحت الطبع "بيان تلبيس الجهمية - نقض أساس التقديس للرازي " وهو من أعظم كتب شيخ الإسلام، رد فيه على الرازي ونقض الرازي أشعري ولكنه جهمي - ينفي النقيضين عن الله، يقول: لا داخل العالم ولا خارجه، لكن شيخ الإسلام رحمه الله قال: إنه تاب في آخر حياته، وترحم عليه، وشيخ الإسلام ثقة، وإمام عظيم، فإذا أخبرنا ثقة، أو وجد سند على أنه تاب لا بأس، وأعلن ذلك في كتبه بعض الناس، يقول ابن سينا تاب فلان تاب، ابن عربي تاب.
على كل حال من تاب تاب الله عليه، إذا أشكل عليك الأمر قيدها، قل: إن لم يتب، لكن هذا لا يمنع من الرد على آرائه المنتشرة في الكتب، وكفرياته، وإلحاده، وزندقته، الإلحاد والكفر والزندقة منتشر في الكتب والمؤلفات، هل معنى ذلك أن نسكت؟!
لأن بعض الناس قال: إنه تاب فلا يرد الكفر؟! بل يرد عليه، أما الشخص نفسه نقول: إن تاب غفر الله له، وإن لم يتب فعليه من الله ما يستحق.)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 11:03]ـ
الأخ الكريم / صالح السويح - حفظهُ اللهُ ورعاهُ -:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
جزاكَ اللهُ خيرًا
وبَارَكَ فِيكَ
وفي شيخنا الجليل العلامة الرّاجحيّ
أخوكم المحب
سلمان بن عبد القادر أبو زيد
ـ[صالح السويح]ــــــــ[13 - Feb-2007, صباحاً 12:10]ـ
حياك الله ولقد شرفتني أخي الكريم.
ـ[أبو حماد]ــــــــ[13 - Feb-2007, صباحاً 10:40]ـ
قد يتوب العالم - رحمه الله ورضي عنه - لكن بعد أن تنتشر عقائده وأفكاره، كما حصل لأبي الحسن الأشعري رحمه الله، فإغلاق باب الرد والنقاش لكون العالم مات على طريقة أهل السنة والجماعة، فيه نوع من التجني وإقرار البدعة، لاسيما إن عده أهل طريقته رأساً لهم، فهذا الغزالي رحمه الله أتى بالطوام في الكثير من كتبه، ونقل أهل السير عنه أنه مات وصحيح البخاري على صدره، ومع ذلك بقيت كتبه المشتملة على المؤاخذات والأخطاء مبثوثة منتشرة، ويعتبر كتابه " إحياء علوم الدين " من أكثر كتب الإسلام طبعاً وانتشاراً.
جزاك الله خيراً أخي صالح على إفادتك ونقلك.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[13 - Feb-2007, مساء 01:56]ـ
الأخ حماد أشكر لك مرورك الكريم و اقول: صدقت لا فض فوك
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[22 - Feb-2007, صباحاً 09:55]ـ
قد يتوب العالم - رحمه الله ورضي عنه - لكن بعد أن تنتشر عقائده وأفكاره، كما حصل لأبي الحسن الأشعري رحمه الله.
بارك الله فيكم ونفع بكم.
الصَّحيح أنَّ أبا الحسن الأشعري لم يرجع من (كل) معتقداته المخالفة لمذهب السَّلف أهل الحديث، وإن كان يظنُّ به شدَّة طلبه للحق وتحرِّيه إيَّاه.
أحببت التنبيه على هذا للفائدة، والسلام عليكم.
ـ[عبدالله]ــــــــ[23 - Feb-2007, صباحاً 02:19]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم.
الصَّحيح أنَّ أبا الحسن الأشعري لم يرجع من (كل) معتقداته المخالفة لمذهب السَّلف أهل الحديث، وإن كان يظنُّ به شدَّة طلبه للحق وتحرِّيه إيَّاه.
أحببت التنبيه على هذا للفائدة، والسلام عليكم.
ما هو دليلك؟
ـ[حسان الرديعان]ــــــــ[23 - Feb-2007, مساء 04:45]ـ
بارك الله فيك أخي صالح على هذه الفائدة من هذا العالم الجليل ..
سؤال: من نقل أنَّ أبا المعالي الجويني مات على عقيدة أهل السنة؟
المنقول عنه أنه كان يقول في آخر حياته: وها أنا ذا أموت على عقيدة عجائز نيسابور ..
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[25 - Feb-2007, مساء 10:29]ـ
ما هو دليلك؟
أعتذر عن التأخُّر في الرد.
أما جواب سؤالك فراجع في تفصيل الأقوال والأدلة في هذه القضيَّة: كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة للشيخ عبدالرحمن المحمود، ولو تيسَّر لي وقتٌ آجالاً لنقلت لك كلامه ههنا، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله]ــــــــ[25 - Feb-2007, مساء 11:06]ـ
بارك الله فيك
انتظر نقلك هذا الكتاب لا أستطيع الحصول عليه.
ـ[نياف]ــــــــ[26 - Feb-2007, صباحاً 07:19]ـ
بارك الله فيك
انتظر نقلك هذا الكتاب لا أستطيع الحصول عليه.
http://www.islamlight.net/almahmood/index.php?option=com_remositor y&Itemid=7
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[31 - Mar-2008, صباحاً 10:51]ـ
وقد نقض كتابه "أساس التقديس" في مجلدات عظيمة، وبيان تلبيس الجهمية الذي وزع عل ثمان رسائل دكتوراه، وكنت مشرفا على هؤلاء الثمانية جميعا والحمد لله، وانتهى الكتاب، والآن تحت الطبع
هل تمت طباعته؟ وهل هو موجود على النت؟
جزاكم الله خيرا(/)
«من أعلام المجددين الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب» لصاحب الفضيلة العلامة الفوزان
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 10:22]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
«من أعلام المجددين: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب»
لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
[فهرس الموضوعات]
- التعريف بشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
- رحلاته
- حالة المسلمين عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
- عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
- بدء دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله
- أصول دعوة الشيخ رحمه الله
- المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد
- المراجع التي يعتمد عليها الشيخ رحمه الله وعلماء الدعوة من بعده
- ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وآثارها
- الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ والرد عليها
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
«التعريف بشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-»:
هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف النجدي التميمي، ولد سنة 1115 هـ، ونشأ في بيت علم. فوالده من علماء البلاد وتولى القضاء في عدة جهات، وجده الشيخ سليمان كان عالما جليلا وإماما في الفقه وهو المفتي في البلاد في وقته، وقد تخرج على يديه عدد كثير من العلماء وطلبة العلم. وعمه الشيخ إبراهيم بن سليمان كان من أجلة العلماء فنشأ الشيخ محمد في هذا الجو العلمي وكان حاد الذهن متوقد الذكاء سريع الحفظ، حفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة، ودرس على والده كتب الفقه الحنبلي. وكان كثير المطالعة والقراءة للكتب إلى جانب قراءته على والده، فقرأ في كتب التفسير والحديث والأصول، وعني عناية خاصة بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب العلامة ابن القيم، وكان لكتب هذين الإمامين أكبر الأثر في تكوين شخصيته العلمية المتميزة والأخذ بيده إلى مصادر العلم الصحيحة، فتكون لديه الاتجاه السليم منذ صغره وتركزت في قلبه العقيدة الصحيحة وتخرج على كتب هذين الإمامين المحققين.
«رحلاته»:
ولما استوعب ما يدرس في بلدته من علوم الفقه والعربية والحديث والتفسير تطلع إلى الزيادة وعزم على الرحلة إلى علماء البلاد المجاورة للاستفادة من علومهم فرحل إلى البصرة وإلى الأحساء وإلى مكة والمدينة والتقى بعلماء تلك البلدان وأخذ عنهم واستحصل على الكتب والمراجع، ولنترك المجال لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ليحدثنا عن تلك الرحلات المباركة.
قال: إنه نشأ في طلب العلم وتخرج على أهله في سن الصبا. ثم رحل لطلب العلم إلى البصرة مرارا وللأحساء ثم إلى المدينة ثم قال في تفصيل ذلك:
فظهر شيخنا بين أبيه وعمه. فحفظ القرآن وهو صغير وقرأ في فنون العلم وصار له فهم قوي وهمة عالية في طلب العلم. فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الإمام أحمد والوجوه عن الأصحاب. فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير والمغني والإنصاف لما فيها من مخالفة ما في متن المنتهى، والإقناع - وعلت همته إلى طلب التفسير والحديث. فسافر إلى البصرة غير مرة كل مرة يقيم بين من كان بها من العلماء فأظهر الله له من أصول الدين ما خفي على غيره. وكذلك ما كان عليه أهل السنة في توحيد الأسماء والصفات والإيمان - إلى أن قال: فصنف في البصرة كتاب التوحيد الذي شهد له بفضله بتصنيفه القريب والبعيد، أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث - إلى أن قال: ثم إن شيخنا -رحمه الله تعالى- بعد رحلته إلى البصرة وتحصيل ما حصل بنجد رحل إلى الأحساء وفيها فحول العلماء منهم عبد الله بن فيروز أبو محمد الكفيف، ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ما سر به، وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد، وحضر مشائخ الأحساء ومن أعظمهم عبد الله بن عبد اللطيف القاضي فطلب منه أن يحضر الأول من فتح الباري على البخاري ويبين له ما غلط فيه الحافظ في مسألة الإيمان وبين أن الأشاعرة خالفوا ما صدر به البخاري كتابه من الأحاديث والآثار، وبحث معهم في مسائل وناظر، وهذا أمر مشهور يعرفه أهل الأحساء وغيرهم من أهل نجد - إلى أن قال: ثم إن
(يُتْبَعُ)
(/)
شيخنا -رحمه الله تعالى-، وقد تبين له بما فتح الله تعالى عليه ضلال من ضل باتخاذ الأنداد وعبادتها من دون الله في كل قطر وقرية إلا من شاء الله، فلما قضى الحج وقف في الملتزم وسأل الله تعالى أن يظهر هذا الدين بدعوته وأن يرزقه القبول من الناس، فخرج قاصدا المدينة مع الحاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن سيره مع الحجاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها فأقام بها وحضر عند العلماء إذ ذاك منهم / الشيخ محمد حياة السندي وأخذ عنه كتب الحديث إجازة في جميعها وقراءة لبعضها ووجد فيها بعض الحنابلة منهم الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف وابنه. فكتب كتاب الهدي لابن القيم بيده وكتب متن البخاري وحضر في النحو وحفظ ألفية ابن مالك.
حدثني بذلك حماد بن حمد عنه -رحمهما الله-، ثم رجع إلى نجد وهم على الحالة التي لا يحبها الله - انتهى المقصود ((الدرر السنية)) (9\ 215 - 216.).
فأنت ترى أيها القارئ من هذا السياق قوة الأسباب التي بذلها الشيخ لتحصيل العلم:، كثرة الحفظ وكثرة القراءة والاطلاع وكثرة الرحلات في طلب العلم للتلقي عن العلماء مع شدة الذكاء والنية الصالحة - إن هذه الأسباب مع توفيق الله تعالى كفيلة بتوفر التحصيل وهذا ما حصل.
= = = = = = = = = =
«حالة المسلمين عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب»:
لقد ذكر المؤرخون كابن غنام وابن بشر، وغيرهما عن حالة أهل نجد خصوصا - والعالم الإسلامي عموما - الشيء الكثير من ظهور البدع والخرافات والشركيات والجهل بحقيقة الدين الصحيح. ففي نجد كانت القبور والأشجار والأحجار والمغارات تعبد من دون الله بأنواع من القربات، وفي الحجاز واليمن وغيرها من البلاد من ذلك الشيء الكثير، يقول العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في قصيدة له يصف المظاهر الشركية في البلاد الإسلامية وهو معاصر للشيخ محمد وقد وصف ما يفعل ويمارس حول القبور من الشرك الأكبر ويثني على دعوة الشيخ:
وقد جاءت الأخبار عنه بأنه * * * يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي
وينشر جهرا ما طوى كل جاهل * * * ومبتدع منه فوافق ما عندي
ويعمر أركان الشريعة هادما * * * مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
أعادوا بها معنى سواع ومثله * * * يغوث وود بئس ذلك من ود
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها * * * كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
وكم عقروا في سوحها من عقيرة * * * أهلت لغير الله جهرا على عمد
وكم طائف حول القبور مقبل * * * ومستلم الأركان منهن باليد
ويقول الإمام الشوكاني وهو من المعاصرين لدعوة الشيخ أيضا- يقول في وصف ما يفعل عند القبور من الشرك: وكم قد سرى عند تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام. منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ومع المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالما ولا متعلما ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا - فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق، وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة، فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله، وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا:
لقد أسمعت لو ناديت حيا * * * ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت * * * ولكن أنت تنفخ في رماد
انتهى ((نيل الأوطار)) (4\ 90).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ألف كل من هذين الإمامين رسالة في التحذير من هذا الشرك الذي فشا في البلدان في عصرهما فألف الصنعاني رسالة اسمها تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد، وألف الشوكاني رسالة اسمها شفاء الصدور بتحريم البناء على القبور. وكلتا الرسالتين مطبوع ومتداول. وفي هذا الجو المظلم ظهر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بالعقيدة السليمة والدعوة المستقيمة- ونسوق الآن عقيدته التي كتبها لمن سأله عنها:
«عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-»:
قال -رحمه الله- جوابا لمن سأله عن عقيدته [انظر ((الدر السنية)) (1\ 28 - 30)]:
بسم الله الرحمن الرحيم
أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره، ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سمي له ولا كفو له ولا ند له ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا وأحسن حديثا. فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: ((سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) [سورة الصافات 180 - 182] والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية.
وهم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية، وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج، وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -، وأؤمن بأن الله فعال لما يريد. ولا يكون في ملكه شيء إلا بإرادته ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور، وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- مما يكون بعد الموت. فأؤمن بفتنة القبر ونعيمه وبإعادة الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا. تدنو منهم الشمس وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد ((فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)) [سورة المؤمنون: 102 - 103]
وتنشر الدواوين. فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله، فأؤمن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعرصة القيامة ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا. وأؤمن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم. وأؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أول شافع وأول مشفع ولا ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال، ولكنها لا تكون إلا بعد الإذن والرضى، كما قال تعالى: ((وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)) [سورة الأنبياء: 28] وقال تعالى: ((مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)) [سورة البقرة: 255] وقال تعالى: ((وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)) [سورة النجم: 26] وهو لا يرضى إلا التوحيد، ولا يأذن إلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب كما قال تعالى: ((فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)) [سورة المدثر: 48].
(يُتْبَعُ)
(/)
وأؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان، وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، وأؤمن بأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة -رضي الله عنهم-، وأتولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم وأترضى عنهم وأستغفر لهم وأكف عن مساويهم، وأسكت عما شجر بينهم وأعتقد فضلهم عملا بقوله تعالى: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [سورة الحشر: 10].
وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات. إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله. ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني أرجو للمحسن وأخاف على المسيء، ولا أكفر أحدا من المسلمين بذنب ولا أخرجه من دائرة الإسلام، وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة. والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه، وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة. وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق،.
وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي- والله على ما نقول وكيل. . . . انتهى.
وبهذا يعلم أن عقيدته -رحمه الله- هي عقيدة السلف الصالح، وأنه بريء مما نسبه إليه أعداء الدين في أنه على مذهب الخوارج.
= = = = = = = = = =
«بدء دعوة الشيخ محمد -رحمه الله -»:
في وسط هذا الجو المظلم الذي سبق وصفه سطعت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورفع صوته منكرا هذا الشرك داعيا الناس إلى التوحيد الذي بعث الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فلقي من الناس ما يلقاه أمثاله من الدعاة إلى الله من الأذى، وأطاعه من وفقه الله لقبول الحق. يقول حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله-: (ثم رجع إلى نجد وهم على الحالة التي لا يحبها الله ولا يرضاها من الشرك بعبادة الأموات والأشجار والأحجار والجن. فقام فيهم يدعوهم إلى التوحيد وأن يخلصوا العبادة بجميع أنواعها لله، وأن يتركوا ما كانوا يعبدونه من قبر أو طاغوت أو شجر أو حجر والناس يتبعه الواحد منهم والاثنان فصاح به الأكثرون وحذروا منه الملوك وأغروهم بعداوته).انتهى ((الدرر السنية)) (9\ 216).
وهذا لا يعني أنه لا يوجد في هذا العصر علماء بل يوجد منهم الكثير ولكن هم ما بين مستحسن لهذا الوضع السيئ أو غير مستحسن له، لكنه لا يملك الشجاعة لمقاومته.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 10:25]ـ
«أصول دعوة الشيخ -رحمه الله-»:
لقد أوضح أصول دعوته في رسائله ((الدرر السنية)) (1\ 62 - 64) حيث قال:
1 - أما ما نحن عليه من الدين فعلى دين الإسلام الذي قال الله فيه: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [سورة آل عمران: 85].
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - وأما ما دعونا الناس إليه فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) [سورة يوسف: 108] وقوله تعالى: ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)) [سورة الجن: 18].
3 - وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)) [سورة المائدة: 72] وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على سبيل التغليط وإلا فهو منزه هو وإخوانه عن الشرك: ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ *بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) [سورة الزمر 65 - 66] وغير ذلك من الآيات.
4 - ونقاتلهم عليه كما قال الله تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ)) [سورة البقرة: 193] أي شرك، ثم ساق الأدلة على ذلك إلى أن قال:
5 - وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد فنحن مقلدون للكتاب والسنة وصالح سلف الأمة وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل -رحمهم الله-.
6 - وما جئنا بشيء يخالف النقل ولا ينكره العقل. . . نقاتل عباد الأوثان كما قاتلهم صلى الله عليه وسلم ونقاتلهم على ترك الصلاة وعلى منع الزكاة كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-. انتهى.
وقال في رسالة أخرى من رسائله ((الدرر السنية)) (1\ 56).:
7 - وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا الذي أكفره، وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك.
8 - وأما القتال فلم نقاتل أحدا إلا دون النفس والحرمة، فإنا نقاتل على سبيل المقابلة سورة الشورى الآية 40 وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا.
وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعدما عرفه. وقال أيضا ((الدرر السنية)) (1\ 54). .
9 - وأيضا ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر وأنواع المنكرات.
= = = = = = = = = =
«المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد رحمه الله»:
بدأ الشيخ دعوته في بلدة حريملاء لوجود والده فيها، ولكن لما كانت الظروف غير مواتية ترك هذه البلدة بحثا عن غيرها فاتجه إلى العيينة واتصل بأميرها عثمان بن معمر فساعده في أول الأمر واجتمع حوله طلبة وبدأ بتنفيذ الأحكام الشرعية فهدم بعض القباب الشركية ورجم في الزنا.
ثم إن ابن المعمر تخلى عنه خوفا من تهديد بعض الرؤساء، فترك الشيخ العيينة وبحث عن غيرها فاتجه إلى الدرعية واتصل بأميرها محمد بن سعود وعرض عليه دعوته فقبلها وبايعه على مناصرته وصدق في ذلك.
وهناك استقر الشيخ -رحمه الله- وانعقدت حوله حلق الدروس ووفد إليه الطلاب من مختلف الجهات. وتكونت في هذه البلدة ولاية إسلامية أميرها الإمام محمد بن سعود وموجهها / الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وامتدت الدعوة إلى البلاد المجاورة ونشأ الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة التوحيد وقمع الشرك. وما هي إلا فترة وجيزة حتى انتشرت الدعوة وتوحدت جميع البلدان النجدية تحت رايتها. وامتدت فيما بعد ذلك إلى الحجاز وعسير وشمال الجزيرة، وكان ذلك بفضل الله وحده ثم مؤازرة آل سعود لهذه الدعوة المباركة، وصدق الله وعده ((إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) [سورة محمد: 7]، ((وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)) [سورة الصافات: 173]، ((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)) [سورة الحج:40].
= = = = = = = = = =
«المراجع التي يعتمد عليها الشيخ -رحمه الله- وعلماء الدعوة من بعده والمنهج الذي يسيرون عليه في الفتوى وأخذ المسائل»:
المراجع التي يعتمد عليها علماء الدعوة هي:
1 - القرآن الكريم وتفاسيره المعتمدة.
2 - السنة النبوية وشروحها.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه وابن القيم وغيرها من كتب السلف في سائر الفنون.
4 - كتب المذاهب الأربعة وبالأخص كتب المذهب الحنبلي وما ترجح بالدليل من غيره.
يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ((الدرر السنية)) (1\ 126).:
مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة وطريقتنا طريقة السلف وهي أنا نقر آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها.
ونحن أيضا في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولا ننكر على من قلد أحد الأئمة الأربعة.
ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق ولا أحد لدينا يدعيها. إلا أننا في بعض المسائل إذا صح لنا نص جلي من كتاب أو سنة غير منسوخ ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه وقال به أحد الأئمة الأربعة أخذنا به وتركنا المذهب كإرث الجد والإخوة، فإنا نقدم الجد بالإرث وإن خالف مذهب الحنابلة.
ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم في بعض المسائل مخالفين للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه.
ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة ومن أجلها لدينا تفسير ابن جرير ومختصره لابن كثير الشافعي وكذا البغوي والبيضاوي والخازن والحداد والجلالين وغيرهم.
وعلى فهم الحديث بشروح الأئمة المبرزين كالعسقلاني والقسطلاني على البخاري والنووي على مسلم والمناوي على الجامع الصغير، ونحرص على كتب الحديث. خصوصا الأمهات الست وشروحها ونعتني بسائر الكتب في سائر الفنون أصولا وفروعا وقواعد وسيرا ونحوا وصرفا وجميع علوم الأمة.
هذا وعندنا أن الإمام ابن القيم وشيخه إماما حق من أهل السنة وكتبهم عندنا من أعز الكتب إلا أنا غير مقلدين لهما في كل مسألة فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ومعلوم مخالفتنا لهما في عدة مسائل منها طلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس فإنا نقول به تبعا للأئمة الأربعة.
= = = = = = = = = =
«ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وآثارها»:
إن كل دعوة من الدعوات وكل عمل من الأعمال إنما تعرف قيمته من ثمراته المترتبة عليه ومن أثره الذي يتركه. وإن دعوة الشيخ -ولله الحمد- لما كانت دعوة خالصة لله مترسمة منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمدة عليه ومستمدة من الكتاب والسنة صار لها أطيب الأثر واستمر نفعها وبقي أثرها وأنتجت للأمة خيرات كثيرة منها:
1 - قيام دولة إسلامية هي دولة آل سعود الذين آزروا هذه الدعوة وجاهدوا في سبيلها، ولا تزال هذه الدولة -ولله الحمد- تحكم بشريعة الله وتخدم الحرمين الشريفين وتشد أزر المسلمين في كل مكان من بقاع العالم بعمارة المساجد والمراكز الإسلامية والتعليمية وتنشر دعوة الإسلام.
2 - تصحيح العقيدة الإسلامية مما علق بها من الشركيات والبدع والخرافات وإرجاعها إلى منبعها الصافي من كتاب الله وسنة رسوله، وقد طهر الله كل البلاد التي صار لهذه الدعوة المباركة فيها نفوذ وسلطة من جميع مظاهر الشرك والبدع والخرافات.
3 - امتداد أثر هذه الدعوة المباركة خارج بلادها حتى انتفع بها من هدفه الحق في مختلف بلدان العالم الإسلامي في الشام ومصر والمغرب العربي، وإفريقيا والسودان واليمن والعراق والهند والباكستان وإندونيسيا وغيرها.
4 - وجود حركة علمية واعية متحررة من التقليد الأعمى، فانتشر التعليم في المساجد في مختلف مناطق البلاد حتى تخرج منها علماء أفذاذ في حياة الشيخ وبعدها.
قاموا بنشر هذه الدعوة ورعايتها إلى يومنا هذا، ثم أسست لهذا التعليم جامعات إسلامية تخرج الأفواج تلو الأفواج من مختلف العالم الإسلامي مسلحين بالعقيدة الصحيحة والفكر السليم ينتشرون في العالم الإسلامي وغيره للدعوة إلى الله.
5 - نشاط حركة التأليف والنشر، فقد قدم علماء هذه الدعوة للأمة الإسلامية رصيدا من الكتب النافعة في الأصول والفروع ومن ذلك:
1) مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة ويتكون مجموعها من اثني عشر مجلدا في الفقه والعقائد والتفسير والحديث والسيرة.
2) مجموع الفتاوى والرسائل لعلماء الدعوة ويتكون من أحد عشر مجلدا.
(يُتْبَعُ)
(/)
3) كتب ألفها أئمة الدعوة في مختلف العصور للرد على خصوم الدعوة وتبلغ العديد من المجلدات وهي مطبوعة ومتداولة.
4) نشر كتب السلف وتوزيعها على المسلمين في موسم الحج وغيره.
5) نشر كل مفيد من المؤلفات العصرية وتوزيعها مجانا.
= = = = = = = = = =
«الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ والرد عليها»:
تعرضت دعوة الشيخ كغيرها من دعوات المصلحين للنقد من قبل خصومها وأثيرت حولها شبهات ربما تروج على من لم يعرف حقيقتها، وقد أثير كثير من هذه الشبهات في حياة الشيخ ورد عليها بنفسه، وأثير البعض الآخر - أو بالأصح- أعيدت إثارة تلك الشبه بعد وفاته، فرد عليها تلامذته وغيرهم من محققي علماء المسلمين الذين لا يروج عليهم البهرج والكذب ولا تأخذهم في الله لومة لائم. ومن هذه الشبه:
1 - قالوا: إنه يبطل كتب المذاهب الأربعة ويقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.
2 - وأنه يدعي الاجتهاد وأنه خارج عن التقليد وأنه يقول اختلاف العلماء نقمة.
3 - قالوا: إنه يحرم زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة قبر الوالدين وغيرهما.
4 - وأنه يكفر من حلف بغير الله.
وقد أجاب الشيخ عن هذه بقوله:
جوابي عن هذه المسائل أني أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم وقبله من بهت النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم ويسب الصالحين فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور قال تعالى: ((إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)) [سورة النحل: 105] بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول إن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار فأنزل الله في ذلك ((إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ)) [سورة الأنبياء: 101] انتهى ((الدرر السنية)) (1\ 30 - 31).
5 - قالوا: إنه ينهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يقول لو أن لي أمرا هدمت قبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يتكلم في الصالحين وينهى عن محبتهم.
وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: هذا كذب وبهتان افتراه علي الشياطين الذين يريدون أن يأكلوا أموال الناس بالباطل. ((الدرر السنية)) (1\ 52).
6 - قالوا: إنه يكفر جميع الناس إلا من اتبعه وأن أنكحتهم غير صحيحة.
وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: يا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل وهل يقول هذا مسلم، إني أبرأ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا من مختل العقل فاقد الإدراك، فقاتل الله أهل الأغراض الباطلة. ((الدرر السنية)) (1\ 55). .
7 - قالوا: إنه يكفر بالعموم ويوجب الهجرة إليه على من قدر إظهار دينه.
وقد أجاب الشيخ عن ذلك بقوله: كل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالها لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل يعني لم يكفر المسلمين ويقاتلهم ((سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ)) [سورة النور الآية 16] ((انظر الدرر)) (1\ 66).
8 - قالوا: إنه ينكر الشفاعة، فرد الشيخ على ذلك بقوله: ثم بعد هذا يذكر لنا أن عدوان الإسلام الذين ينفرون الناس عنه يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم.
بل نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع صاحب المقام المحمود نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفعه فينا وأن يحشرنا تحت لوائه، هذا اعتقادنا وهذا الذي مشى عليه السلف الصالح من المهاجرين والأنصار والتابعين وتابع التابعين والأئمة الأربعة -رضي الله عنهم أجمعين- وهم أحب الناس لنبيهم وأعظمهم في اتباعه وشرعه، فإن كانوا يأتون عند قبره يطلبونه الشفاعة فإن اجتماعهم حجة، والقائل: إنه يطلب منه الشفاعة بعد موته يورد علينا الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع الأمة والحق أحق أن يتبع. انتهى ((الدرر السنية)) (1\ 46).
(يُتْبَعُ)
(/)
9 - وأما اتهام الشيخ أنه يكفر بالعموم ويقاتل المسلمين، فقد أجاب الشيخ عنه بقوله: وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعد ما عرفه سبه ونهى عنه وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفر، وأكثر الأمة -ولله الحمد- ليسوا كذلك، وأما القتال فلم نقاتل أحدا إلى اليوم إلا دون النفس والحرمة وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكنا، ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة وجزاء سيئة سيئة مثلها، وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعدما عرف فإنا نبين لكم أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وأن الواجب إشاعته في الناس وتعليمه الرجال والنساء. ((الدرر السنية)) (1\ 51). انتهى.
وقال أيضا لما بين بطلان الذي يفعله القبوريون، فهذا الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس حتى آل بهم الأمر إلى أن كفرونا وقاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا حتى نصرنا الله عليهم وظفرنا بهم، وهو الذي ندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه بعدما نقيم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة ممتثلين لقوله سبحانه وتعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ)) [سورة البقرة:193] فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان قاتلناه بالسيف والسنان، كما قال تعالى: ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)) [سورة الحديد:25] انتهى ((الدرر السنية)) (1\ 58).
وقال ابنه الشيخ عبد الله بن محمد، مجملا هذه الشبه مع الرد عليها:
وأما ما يكذب علينا سترا للحق وتلبيسا على الخلق بأنا نفسر القرآن برأينا ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا من دون مراجعة شرح ولا معول على شيخ، وأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقولنا: النبي رمة في قبره وعصا أحدنا أنفع منه، وليس له شفاعة، وأن زيارته غير مندوبة، وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله حتى أنزل الله عليه: ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) [سورة محمد: 19].
مع كون الآية مدنية، وأنا لا نعتمد على أقوال العلماء ونتلف مؤلفات أهل المذاهب لكون فيها الحق والباطل، وأنا مجسمة، وأنا نكفر الناس على الإطلاق أهل زماننا ومن بعد الستمائة إلا من هو على ما نحن عليه، ومن فروع ذلك أنا لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرير عليه بأنه كان مشركا وأن أبويه ماتا على الإشراك بالله وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقا.
وأن من دان بما نحن عليه سقطت عنه جميع التبعات حتى الديون، وأنا لا نرى حقا لأهل البيت -رضوان الله عليهم- وأنا نجبرهم على تزويج غير الكفء لهم، وأنا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة لتنكح شابا إذا ترافعوا إلينا. . . . . فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولا (يعني علماء مكة) كان جوابنا في كل مسألة من ذلك سبحانك هذا بهتان عظيم.
فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى، ومن شاهد حالنا وحضر مجالسنا وتحقق ما عندنا علم قطعا أن جميع ذلك افتراه علينا أعداء الدين وإخوان الشياطين تنفيرا للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص الله عليه بأن الله لا يغفره ((وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)) [سورة النساء: 116].
فإنا نعتقد أن من فعل أنواعا من الكبائر كقتل المسلم بغير حق والزنا وشرب الخمر وتكرر منه ذلك أنه لا يخرج بفعله ذلك عن دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام إذا مات موحدا بجميع أنواع العبادة، والذي نعتقده أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق وأنه حي في قبره حياة برزخية أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل، إذ هو أفضل منهم بلا ريب، وأنه يسمع سلام المسلم عليه وتسن زيارته إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس، ومن أنفق نفيس
(يُتْبَعُ)
(/)
أوقاته بالاشتغال بالصلاة عليه، -عليه الصلاة والسلام- الواردة عنه فقد فاز بسعادة الدارين وكفي همه وغمه كما جاء في الحديث عنه، ولا ننكر كرامات الأولياء ونعترف لهم بالحق وأنهم على هدى من ربهم مهما ساروا على الطريقة الشرعية والقوانين المرعية، إلا أنهم لا يستحقون شيئا من أنواع العبادات لا حال الحياة ولا بعد الممات، بل يطلب من أحدهم الدعاء في حال حياته بل ومن كل مسلم فقد جاء في الحديث: دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه الحديث. وأمر صلى الله عليه وسلم عمر وعليا بسؤال الاستغفار من أويس ففعلا.
ونثبت الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حسب ما ورد، وكذلك نثبتها لسائر الأنبياء، والملائكة، والأولياء والأطفال حسب ما ورد أيضا.
ونسألها من المالك لها والآذن فيها لمن يشاء من الموحدين الذين هم أسعد الناس بها كما ورد بأن يقول أحدنا متضرعا: اللهم شفع نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فينا يوم القيامة، اللهم شفع فينا عبادك الصالحين أو ملائكتك، أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم، فلا يقال يا رسول الله أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها كأدركني أو أغثني أو اشفني أو انصرني على عدوي ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى فإذا طلب ذلك مما ذكر في أيام البرزخ كان من أقسام الشرك، إذ لم يرد بذلك نص من كتاب أو سنة ولا أثر من السلف الصالح في ذلك، بل ورد الكتاب والسنة وإجماع السلف أن ذلك شرك أكبر قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى ((الدرر السنية)) (1\ 127 - 129).
هذا وقد انبرى كثير من العلماء بعد وفاة الشيخ -رحمه الله- للإجابة عن هذه الشبهات وألفوا في ذلك مؤلفات ضخمة من أشهرها:
(1) مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسب إليه تكفير أهل الإسلام في مجلد. وهو للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن من آل الشيخ -رحمهم الله-.
(2) معارج القبول، للشيخ الحسيني بن مهدي النعمي من علماء اليمن في مجلد.
(3) غاية الأماني في الرد على النبهاني للشيخ محمود شكري الآلوسي من علماء العراق وهو في مجلدين.
(4) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان للشيخ محمد بشير السهواني الهندي في مجلد.
وهكذا يقيض الله سبحانه للحق أنصارا في كل زمان تقوم بهم حجة الله على خلقه، فلله الحمد والمنة،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو حمزة السني]ــــــــ[15 - Jun-2007, صباحاً 10:29]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب في العقيدة (مسموعة) على هذا الرابط
http://up.9q9q.net/up/index.php?f=11ywvr591
ـ[السليماني]ــــــــ[26 - Sep-2010, مساء 09:30]ـ
بارك الله فيك(/)
((الرد على من يكفر العلماء بشبهة الموالاة للمشركين)) لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 10:28]ـ
((الرد على من يكفر العلماء بشبهة الموالاة للمشركين))
لمعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
- سلمه الله -
السؤال: يقول أجلسُ مع بعض الناس ويقولون: إنّ العلماء الكبار كفّار؛ لأنّهم يظاهرون المشركين ويوالونهم، ويعلِّمون هذا لصغار السنِّ ويربونهم عليه، لا سيما بعد صدور الفتاوى في تحريم التفجيرات في بلاد الكفَّار؟
الجواب:
أولاً: الواجب على كل مؤمن بالله جل وعلا يرجو لقاءه ويخشى لقاءه أن يحذر أتم الحذر أن يقول بلا علم، وأن يجترئ على ما ليس له به حجّة، سيما في مسائل الاعتقاد، ومسائل الإيمان والتكفير، ومسائل الحلال والحرام، وإذا كان في الحلال والحرام قال الله جل وعلا: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ?لْكَذِبَ هَـ?ذَا حَلَـ?لٌ وَهَـ?ذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَى? ?للَّهِ ?لْكَذِبَ إِنَّ ?لَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى? ?للَّهِ ?لْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (116) مَتَـ?عٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116، 117]، هذا فيما يقوله بعض من ليس له حجة بلفظ هذا حلال وهذا حرام وليس عنده بيّنة، وجميع مسائل القول على الله بلا علم في مسائل العمليات والفقهيات ومسائل العقيدة وهي أشدّ تدخل في هذا السبيل، ولهذا حرّم الله جلّ وعلا أن يقفو المرء ما ليس له به علمٌ، وأن يقول ما ليس به علم كما قال جل وعلا: {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ?للَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، وقال: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ?لسَّمْعَ وَ?لْبَصَرَ وَ?لْفُؤَادَ كُلُّ أُولـ?ئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36]، وفي الحديث: ((من أُفتِي بفتوى من غير ثبتٍ فإنّما إثمه على من أفتاه)) ([1]).
ومن أعظم ما وقع في الأمّة من الانحراف عن الحقّ تكفير المسلم الذي ثبت إسلامه، وعدم الاستبيان منه، وهذا كان له بوادر في زمن الصحابة، في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فعلَّمنا كيف تعالج هذه البوادر، كيف ينظر في هذا الأمر؟
فهذا عمر رضي الله عنه قال في شأن حاطب رضي الله عنه: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((يا عمرُ، أرسله))، ثم التفت إلى حاطب وقال: ((يا حاطب، ما حملك على هذا؟)) فأجاب بجوابه المعروف ([2]).
وأسامة بن زيد رضي الله عنهما لما قتل رجلاً يقول: لا إله إلاّ الله، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((أقتلته بعد أن قال لا إله إلاّ الله؟!)) قال: يا رسول الله، إنّما قالها تعوذًا، قال: ((فما تفعل بلا إله إلاّ الله؟)) ([3]).
وهذا فيه النكير على عدم قبول أسامة رضي الله عنه إسلام الرجل بقول: لا إله إلاّ الله.
واعترض معترضٌ على النبيّ صلى الله عليه وسلم في قسمته المال لما قسم المال بعد إحدى الغزوات فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويحك، من يعدل إذا لم أعدل؟!)) فأعطاه النبيّ صلى الله عليه وسلم مالاً كثيرًا، ثم قال: ((يخرج من ضئضئ هذا أقوامٌ، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما تمرق السهم من الرمية)) ([4]) وهم الخوارج.
وفي عهد عثمان رضي الله عنه ظهر هؤلاء الخوراج، وكان أساس انحرافهم هو نظرهم في أنّ الوالي أو أمير المؤمنين رضي الله عنه لم يقم بما أوجب الله عليه، فمنهم من كفَّره، ومنهم من أوجب قتله، حتى قُتل بسبب تصرفاته كما يزعمون! وكفروا طائفة أيضًا في ذلك الزمان حتى قام عليّ رضي الله عنه وحصل منه ما حصل بالنسبة لهم ثم كفَّروه، وسار إليهم ابن عباس وكانوا نحوًا من مائة وعشرين ألفًا ووعظهم وحاجّهم، وكان أساس كلامهم في مسألتين:
في مسألة: الحكم بما أنزل، وتحكيم الرجال في كتاب الله جل وعلا.
وفي مسألة: تكفير من ارتكب المعصية.
ومنهم من رجع بعد نقاش ابن عباس لهم، ومنهم من لم يرجع، واستمر ذلك في الأمة، فعثمان رضي الله عنه كُفِّر، وعليّ رضي الله عنه كُفِّر، وهكذا سادات الأمّة كفَّرهم معارضوهم بسبب أو بآخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
والتكفير معناه: الحكم بالخروج من الدين، الحكم بالردّة، والحكم بالردّة على مسلم ثبت إسلامه لا يجوز إلاّ بدليل شرعي يقيني بمثل اليقين الذي حصل بدخوله في الإيمان، والأصل في ذلك قول الله جل وعلا في سورة براءة في ذكر المنافقين: {وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلَـ?مِهِمْ} [التوبة: 74]، وفي آية سورة آل عمران قال الله جل وعلا: {إِنَّ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـ?نِهِمْ ثُمَّ ?زْدَادُواْ كُفْرًا} [آل عمران: 90]، ونحو ذلك في أنّ المؤمن أو من أسلم أو آمن قد يخرج من الدين، ولكن ضبطه أهل السنة والجماعة بضوابط كثيرة معلومة، ثم إنّ أهل السنة يفرقون ما بين الكلام على الفعل والقول والعمل بأنّه كفر، وقيام هذا العمل بمكلّف هل هو يخرج به من الدين أم لا؟ لأنّ المكلّف قد يكون جاهلاً ببعض المسائل، وقد يكون متأوّلاً، وقد يكون لم تبلغه الحجّة التي يصير بها قد قامت عليه الحجّة، وقد يكون معذورًا وقد لا يكون، وهذه تحتاج إلى إقامة شروط وانتفاء موانع.
فأهل السنة وسط في هذا الباب بين الخوارج: الذين يكفِّرون بالذنب، ويُكفِّرون بمطلق الحكم بغير ما أنزل الله، وبمطلق الموالاة للكفار ونحو ذلك وأشباهه، وما بين المرجئة الذين لا يرون من ثبت إيمانه أنّه يخرج من الإيمان بفعل أو بقول أو باعتقاد.
وأهل السنة بين هذا وهذا، ويقولون: إنّ من ثبت إيمانه بيقين لا يجوز أن يُخرج من هذا الإيمان إلاّ بحجّة وظهور الشروط وانتفاء الموانع.
فإذا كان كذلك فإنّ الذي يُقيم الحجّة وينظر في الشروط والموانع هو المؤهّل لها شرعًا، وهم القضاة الذين عندهم معرفة بما فيه التأويل وما ليس فيه التأويل، وما يكون من أحوال الناس، وبعض طلبة العلم قد لا يَحسُن منه الدخول في هذا لعدم معرفته بوسائل الإثبات والبيّنات، وما يحصل به إثبات الشيء من عدمه شرعًا، ومسائل القضاء هي التي تترتب عليها الأحكام، وهذه تحتاج فيها إلى حكم قاضي يثبت فيه الكفر على المعيّن، لأنّه إذا ثبت الكفر على معيّن فإنّها سترتب آثار الردّة عليه، وهي كثيرة.
إذا تبيَّن هذا فإنّ أعظم من يُحذر من النيل من إيمانه والنيل من صحة إسلامه وصحة اعتقاده هم علماء أهل السنة والجماعة، القائمون بأمر الله، فالعلماء المسلمون عمومًا هم القائمون بأمر الديانة، وهم الذين يؤخذ عنهم الدين، وهم الذين يبصِّرون الناس بالحقّ من غيره، ومن توجّه إليهم بالتكفير فأوّل ما يتجه له قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((من قال لأخيه: يا كافر، فقد بها أحدهما)).
ولا بدّ إمّا أن يبوء بها الفاعل، أو يبوء بها الآخر، هذا خطر عظيم على قائل تلك الكلمة، خطرٌ عظيمٌ جدًا على دينه؛ لأنّه إمّا يكون الآخر كما قال، وإمّا أن ترجع عليه بهذا الحكم، وهذا يوجب الحذر الشديد من مثل هذه الكلمة.
والعلماء لاشك أنّ عندهم من البصر بالشريعة والبصر بالكتاب والسنة والدلائل الشرعية ما يجعلهم ينظرون في المسائل نظرًا واسعًا، والمسائل الشرعية في فقهها مبنيّة على مقدمتين:
أمّا المقدمة الأولى فهي ورود الدليل، وهو محل الاستدلال، وهو ورود الدليل من الكتاب أو من السنة على المسألة التي فيها تنازع، ثم فهم هذا الدليل يعني: هذه المقدمة الأولى وفهم الدليل من قبلهم فهمًا يجعل عندهم ظهور بأن معنى هذه الآية هو كذا، ومعنى هذا الحديث هو كذا.
والمقدمة الثانية: أن يكون هناك تحقيق للمناط في تنزيل هذه الحكم على هذا الدليل، أو في إلحاق هذه المسألة بالدليل ليؤخذ منه الحكم.
وتنقيح المناط صنعة اجتهادية كما قرّره الشاطبي رحمه الله في كتابه الموافقات، وأهل العلم يختلفون عن سائر القراء أو طلبة العلم أو من عنده قراءة في قيام هذه الفتوى عندهم على هاتين المقدمتين، وكثير من طلبة العلم قد يعلم الأولى، لكن لا يعلم الثانية، وهي فقه تنزيل النازلة على وجه الدليل لينظر فيها بالحكم.
هذا يقتضي أن يقي طالب العلم نفسه في أنّه ينظر إلى تبرئة ذمته بأن يجعل كلام أهل العلم الذين اجتمعوا على قول ما أن يجعله مانعًا له من أن يخوض في المسألة بغير علم؛ لأنّ المرء ينظر إلى أنّه إذا خالفه واحدٌ هو أعلم منه قد يشك فيما اتجّه إليه؛ فكيف إذا كان جمعٌ كبيرٌ من علماء المسلمين، أو من العلماء الربانيين، ينظرون إلى هذا الأمر ويخالفونه أو يقولون فيه بقول؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
لهذا فالقول – أي ما ذكره السائل بقوله: إنّ العلماء الكبار كفّار، لأنّهم يظاهرون المشركين ـ هذا من الخطر العظيم من أن يقول قائل بمثل هذه الكلمة:
أولاً: لأنّ العلماء الكبار يُبيّنون الحقّ، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم في زمن الخوارج يبيِّنون الحقّ، وإذا اتهمهم أحدٌ أو رماهم بالكفر لأجل تبيينهم الحقّ فلا يعني أن رمي هذا الرامي أنه موافق للصواب، بل جنايته على نفسه، ويجب أن يؤخذ على يده، وأن يعزّر تعزيرًا بليغًا من قِبل القضاة بما يحجزه عن ذلك، ولما فات التعزير الشرعي في مثل هذه المسائل كثر القول، وكثر الخوض فيها، وقد كان القضاة فيما مضى يعزِّرون في قول المسلم لأخيه: يا كلب أو: يا كذا بما فيه انتقاص له، فكيف إذا كان فيه رمي بمثل هذا الرمي العظيم الذي لا يجوز لمسلم يخشى الله أن يتفوّه به، فضلاً على أنّه يعتقده.
ثم ما يتعلق بمظاهرة المشركين وتولي الكفّار، فإنّ هذه المسألة بحثناها في عدة مجالس وفي عدة شروح، وبيّنا فيها أنّ عقد الإيمان يقتضي موالاة الإيمان والبراءة من الكفر؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ?للَّهُ وَرَسُولُهُ وَ?لَّذِينَ ءامَنُواْ ?لَّذِينَ يُقِيمُونَ ?لصَّلو?ةَ وَيُؤْتُونَ ?لزَّكَو?ةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ ?للَّهَ وَرَسُولَهُ وَ?لَّذِينَ ءامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ?للَّهِ هُمُ ?لْغَـ?لِبُونَ} [المائدة: 55، 56].
وعقد الإيمان يقتضي البراءة من المعبودات والآلهة المختلفة ومن عبادتهم لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْر?هِيمُ لأَِبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَاء مّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ ?لَّذِى فَطَرَنِى فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَـ?قِيَةً فِى عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 26، 27].
فأساس الإيمان هو الولاء للإيمان والبراءة من الكفر وعبادة غير الله جل وعلا، ويتضمن ذلك موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر على اختلاف مللهم.
هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا، ومنها ما يكون للدين، فإذا كانت للدنيا فليست بمخرجة من الدين، وممّا قد يكون في بعض الأنواع من الموالاة في الدنيا من الإكرام أو البشاشة أو الدعوة أو المخالطة ما قد يكون مأذونًا به ما لم يكن في القلب مودّة لهذا الأمر، من مثل ما يفعل الرجل مع زوجته النصرانية، ومن مثل ما يفعله الابن مع أبيه غير المسلم، ونحو ذلك ممّا فيه إكرام وعمل في الظاهر، ولكن مع عدم المودة الدينية في الباطن، فإذا كان الموالاة للدنيا فإنّها غير جائزة إلاّ في ما استثني؛ كما ذكرنا في حال الزوج مع الزوجة والابن مع أبيه؛ ممّا يقتضي معاملة وبِرًّا وسكونًا ونحو ذلك.
أمّا القسم الثاني: فأن تكون الموالاة للدنيا؛ ولكن ليس لجهة قرابة، وإنّما لجهة مصلحة بحتة في أمر الدنيا وإن فرّط في أمر دينه، فهذه موالاة غير مكفِّرة؛ لأنّها في أمر الدنيا، وهذه التي نزل فيها قول الله جل وعلا: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِ?لْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ ?لْحَقّ} [الممتحنة: 1]، وهنا أثبت أنّهم ألقوا بالمودّة وناداهم باسم الإيمان، قال جمعٌ من أهل العلم: مناداة من ألقى المودة باسم الإيمان دل على أن فعله لم يخرجه من اسم الإيمان.
هذا مقتضى استفصال النبيّ صلى الله عليه وسلم من حاطب رضي الله عنه، حيث قال له في القصة المعروفة: ((يا حاطب، ما حملك على هذا؟)) يعني: أن أفشى سرّ رسول الله صلى الله وسلم، فبيّن أنه حمله عليه الدنيا وليس الدين.
والقسم الثالث: موالاة الكافر لدينه، يواليه ويحبه ويودّه وينصره لأجل ما عليه من الشرك ومن الوثنية ونحو ذلك، يعني محبة لدينه، فهذا مثله، هذه موالاة مكفِّرة لأجل ذلك، والإيمان الكامل ينتفي مع مطلق موالاة غير المؤمن؛ لأنّ موالاة غير المؤمن بمودته ومحبته ونحو ذلك منافيه للإيمان الواجب لقول الله جل وعلا: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِ?للَّهِ وَ?لْيَوْمِ ?لآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ?للَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22].
(يُتْبَعُ)
(/)
أمّا مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين هذا من نواقض الإسلام، كما هو مقررٌ في كتب الحنابلة وذكره العلماء، ومنهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النواقض العشر الناقض الثاني.
وهذا الناقض مبني على أمرين، الأول: المظاهرة، والثاني: الإعانة.
قال: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين).
والمظاهرة: أن يتخذ أو أن يجعل طائفة من المسلمين أنفسهم ظهرًا للكافرين، يحمونهم فيما لو أراد طائفة من المؤمنين أن يقعوا فيهم، يحمونهم وينصرونهم ويحمون ظهورهم وبيضتهم.
هذا مظاهرة بمعنى أنه صار ظهرًا لهم.
قول الشيخ رحمه الله: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين) مركب من أمرين:
المظاهرة بأن يكون ظهرًا لهم بأي عمل، أي: يكون ظهرًا يدفع عنهم ويقف معهم ويضرب المسلمين لأجل حماية هؤلاء.
وأمّا الثاني: فإعانة المشرك على المسلم، فضابطها أن يعين قاصدًا ظهور الكفر على الإسلام؛ لأنّ مطلق الإعانة غير مكفر؛ لأنّ حاطب رضي الله عنه حصل منه إعانة لهم، إعانة للمشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم بنوعٍ من العمل، والإعانة بكتابة سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسير إليهم، لكن النبيّ صلى الله عليه وسلم استفصل منه، فدلّ على أن الإعانة تحتاج إلى استفصال، والله جل وعلا قال في مطلق العمل هذا: {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء ?لسَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]، لكن ليس بمكفِّر إلا بقصد، فلما أجاب حاطبٌ بأنّه لم يكن قصده ظهور الكفر على الإسلام قال: يا رسول الله، ما فعلتُ هذا رغبة في الكفر بعد الإسلام، ولكن ما من أحدٍ من أصحابك إلا له يدٌ يدفع بها عن أهله وماله، وليس لي يد في مكة، فأردتُ أن يكون لي بذلك لي يد، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((إنّ الله اطّلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم)) ([5]).
وحاطب فعل أمرين:
الأمر الأول: ما استفصل فيه، وهي مسألة: هل فعله قاصدًا ظهور الكفر على الإسلام، ومحبة للكفر على الإسلام؟ لو فعل ذلك لكان مكفرًا ولم يكن حضوره لأهل بدرٍ غافرًا لذنبه، لأنه يكون خارجًا عن أمر الدين.
الأمر الثاني: أنّه حصل منه نوع إعانة لهم، وهذا الفعل فيه ضلال وذنب، والله جل وعلا قال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِ?لْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ ?لْحَقّ} إلى قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ?للَّهَ وَ?لْيَوْمَ ?لأَخِرَ} [الممتحنة: 1 ـ 6]، أي: في إبراهيم ومن معه. وهذا يدل على أن الاستفصال في هذه المسألة ظاهر، فالإعانة فيها استفصال، وأمّا المظاهرة بأن يكون ظهرًا لهم ويدفع عنهم ويدرأ عنهم ما يأتيهم ويدخل معهم ضد المسلمين في حال حربهم لهم هذا من نواقض الإسلام التي بيّنها أهل العلم.
فهذه المسائل اقتضى إطالة الجواب فيها للسؤال، ومع الأسف أنّه على كثرة ما جاء من بحوث في هذه من قديم من وقت سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز والشيخ محمد ابن عثيمين وكثرت هذه المسائل ورُدِّدت لكن نخشى أن يكون المنهج التكفيري يمشي في الناس.
والخوارج سيبقون، ومعتقدات الخوارج ستبقى، والناس إن لم يتداركوا أنفسهم قد يكون فيهم خصلة من خصال الضلال؛ إن لم يحذروا من ذلك.
والواجب علينا جميعًا أن نحذر ونتنبه للحقّ، وأن نتواصى به، وأن نكون حافظين لألسنتنا من الوقوع في ورثة الأنبياء وهم العلماء، وقد أحسن ابن عساكر رحمه الله إذ قال في فاتحة كتابه تبيين كذب المفتري قال: "ولحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في منتقصيهم معلومة"، وهذا ظاهرٌ بيّنٌ، والتجربة تدل عليه، ورؤية الواقع تدل عليه.
وقانا الله وإيّاكم من زلل الأقوال، ومن زلل الأعمال، وسوء المعتقدات، وهدى ضالّ المسلمين، وبصرنا وإياهم بالحقّ.
وبالمناسبة نحتاج إلى أن نفقه كيف يُردّ على من خالف في مثل هذه المسائل والمخالفين في التكفير أو في التضليل أو في ذكر الأمور على غير ما هي عليه، يجب:
أولاً: أن لا يرد الباطل بباطل، وأن الباطل يرد بالحقّ، من كفَّرنا لا نكفِّره لأجل تكفيره لنا، ومن بدَّعنا لا نبدّعه لأجل تبديعه لنا، وإنّما هذه مسائل تحتاج إلى ردّ الباطل بالحقّ، هذا هو منهج السلف الصالح، منهج أئمة أهل السنة والجماعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيًا: أن يُحرص على هداية هؤلاء، وينظر إليهم في الهداية بما يناسبهم، إذا كانوا يحتاجون إلى نصيحة ينصحون، إلى إجابة للشبهات يُجاب عليهم، فقد يهدي الله جل وعلا بعض أولئك كما هدى طائفة من الخوارج مع ابن عباس رضي الله عنهما.
ثم الدعاء في مثل الأزمات والفتن والمصائب التي تقع ليس للمرء منجى ولا ملجأ إلاّ بربّه جلّ جلاله، فمن ترك الصلة بينه وبين ربّه بالدعاء وبسؤال الإعانة والبصيرة فإنّه يؤتى، وإذا كان نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو المؤيّد من الله جلّ وعلا وهو صاحب الشريعة، وهو المهدي بالوحيّ من الله جل وعلا للحقّ يقول في دعائه: ((اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)) فكيف بحالنا وحال أمثالنا؟! لا شكّ أننا أحوج إلى السؤال والدعاء في ذلك؛ الدعاء لأنفسنا، والدعاء أيضًا لمن نعلمه قد خالف الحقّ في ذلك، وإذا خالف وكفَّر وضلّ واعتدى على الإنسان في دينه أو في عرضه أو تكلم؛ لا يعني ذلك أن تقابل إساءته بمثلها، بل تصبر عليه، تدعو له؛ لأنّ طالب العلم همُّه إصلاح الخلق، قد يستجيبون وقد لا يستجيبون؛ ليس عليك هداهم، ولكن الله يهدي من يشاء.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
([1]) الحديث رواه أبو داود في كتاب العلم، باب التوقي في الفتيا (3657)، وابن ماجه في المقدمة، باب اجتناب الرأي والقياس (53).
([2]) قصة حاطب رواها البخاري في الجهاد والسير، باب الجاسوس (3007)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر (2494).
([3]) قصة أسامة أخرجها البخاري في المغازي، باب بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة (4269).
([4]) الحديث أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3610).
([5]) قصة حاطب رواها البخاري في الجهاد والسير، باب الجاسوس (3007)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر (2494).
المصدر: ((فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة)) (ص 179 - 194)
ـ[خالد العامري]ــــــــ[29 - Oct-2007, صباحاً 12:34]ـ
كلام متين من هذا العالم الرباني نسأل الله أن ينفع به، وجزاكم الله خيراً يا شيخ سلمان.
ـ[عبدالعزيز بن عبدالله]ــــــــ[29 - Oct-2007, مساء 05:10]ـ
جزاك الله خير
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[30 - Oct-2007, صباحاً 11:42]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فلا شك أن الوقوع في أهل العلم من علامات خذلان المرء ولا يعرف الفضل لأهل ا لفضل إلا ذووه،ورد الشيخ صالح حفظه الله بهذا لخصوص رد موفق سديد أسأل الله أن يبارك له وينفع به ويزيده من فضله ...
إلا أن لي استدراكا على بعض ما ذكر، أرجوا أن يتسع له صدر شيخنا حفظه الله،ولعل شيخنا حفظه الله أو من لديه بسط في هذه المسالة يوجهنا إن أخطأنا الفهم ...
وهو قوله حفظه الله في مسألة المولاة:
"هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا، ومنها ما يكون للدين، فإذا كانت للدنيا فليست بمخرجة من الدين ... "
أقول: هذا الإطلاق ليس بسديد لان الله سبحانه وتعالى قد أبطل هذا القيد في سياق إثبات الكفر لمن يتولى الكفار وذلك بقوله سبحانه وتعالى:"فترى كثيرا منهم يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "
ففي هذه الآية بيان صريح أن ما حملهم على الموالاة للكفار إلا خشية أن تصيبهم دائرة ... يعني يحتاجون اليهم في وقت ضيق فيمدونهم بالميرة وغيرها مما يحتاجون مقابل توليهم لهم ...
وهذا دليل صريح في إبطال هذا المعنى، ولقد جائت الكثير من الآيات التي توضح أن ما حمل الكفار على كفرهم غلا الأغراض الدنيوية وتبكتهم على ذلك وتذكرهم بما عند الله سبحانه وتعالى من نعيم مقيم وأن ما بأيديهم مما حملهم على الكفر والبغي إلى زوال ...
وقال تعالى: " وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ "
فهذا الذي شرح بالكفر صدره ما فعله إلا لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة فكيف يكون نفس استحباب ا لدنيا على الآخرة عذر ينفي الكفر ويجعله معصية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا لا أظنه يخفى على شيخنا حفظه الله فكيف يكون مثل هذا عذرفي الشريعة؟ بل كيف تتعلق الأحكام الظاهرة بما في النفس من أغراض مما لا يطلع عليه ولا يضبط؟!
مع قول الشيخ حفظه الله: " والمقدمة الثانية: أن يكون هناك تحقيق للمناط في تنزيل هذه الحكم على هذا الدليل، أو في إلحاق هذه المسألة بالدليل ليؤخذ منه الحكم،وتنقيح المناط صنعة اجتهادية كما قرّره الشاطبي رحمه الله في كتابه الموافقات، "
فقوله مناط يعني أنه وصف ظاهر منضبط ويناسب أن تناط به الأحكام .. فأين هذا من الأغراض التي في النفوس والتي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه؟
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
والثانية قوله تعالى: " ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ".
فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين"
** وقول الشيخ حفظه الله: " أمّا مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين هذا من نواقض الإسلام، كما هو مقررٌ في كتب الحنابلة وذكره العلماء، ومنهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النواقض العشر الناقض الثاني."
- هذا الذي قرره العلماء وفسروه وفصلوه ليس كما ذكر الشيخ هنا حفظه الله!
فأهل العلم جعلوا مظاهرة المشركين ناقضا من نواقض الإسلام وسببا من أسباب الردة، والشيخ هنا حفظه الله يقيد هذا الناقض بأن يظاهرهم " لأجل دينهم " فكيف يقول حفظه الله "كما هو مقرر في كتب الحنابلة ... " ثم يحيد عما قرروه؟
وهل يقيد الشيخ حفظه الله جميع النواقض بهذا القيد كما ذهب غيره؟ أم أن هذا القيد خاص بالموالاة؟!
- والشيخ حفظه الله من العلماء المشهود لهم بالضبط والتدقيق ولذا يعظم العجب من مثل قوله هذا!!!
وقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في النواقض أن مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كفر لا شك أنه بدون هذا القيد والشيخ حفظه الله استدل على هذا الحكم بآية المائدة:"ومن يتولهم منكم فإنه منهم " ففسر التولي بالمظاهرة والقتال مع الكفار، وحكم عليه بالكفر بلا قيود ...
وهذا حكم مستقر عند أئمة الدعوة جميعهم تأصيلا وتطبيقا ...
قال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته للشريف: "" النوع الثالث: من عرف التوحيد وأحبه واتبعه. وعرف الشرك وتركه, ولكن يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك. فهذا أيضاً كافر, وهو ممن ورد فيه قوله تعالى:
(ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم).
النوع الرابع: من سلم من هذا كله ولكن أهل بلده مصرحون بعداوة التوحيد واتباع أهل الشرك وساعون في قتالهم ويتعذر أن تركه وطنه يشق عليه, فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ويجاهد بماله ونفسه. فهذا أيضاً كافر .. "
الشاهد هنا هو النوع الرابع الذي كفر ه الشيخ رحمه الله فهو:
- عرف التوحيد وأحبه واتبعه
- وعرف الشرك وتركه
- وسلم من محبة المشركين
- وسلم من بغض الموحدين
ولكنه قاتل مع المشركين ضد الموحدين متعذرا بأنه يشق عليه ترك وطنه ...
فهذا بيان واضح من شيخ الإسلام يقرر فيه:
- كفر من يقاتل مع المشركين ضد المسلمين
- ويبطل فيه مسالة الغرض الدنيوي
أما حديث حاطب رضي الله عنه فلعل شيخ الإسلام رحمه الله لم يطلع عليه أثناء تقرير هذه النواقض أو مراسلاته والله أعلم ..
فإذا كان الشيخ حفظه الله يقر بما هو مقرر عند العلماء ومنهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فهذا الذي قرره رحمه الله وهو بلا شك خلاف ما ذهب اليه الشيخ، أسأل الله أن يحفظ شيخنا ويوفقنا وإياه وجميع إخواننا لما يحب ويرضى
والله أعلم
ـ[ابن رجب]ــــــــ[30 - Oct-2007, صباحاً 11:48]ـ
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[30 - Oct-2007, مساء 04:51]ـ
لعل التركيز على النقل عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو أن الشيخ حفظه الله ذكر مظاهرة المشركين في سياق تقرير اهل العلم وخص بالذكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ...
فلعل القارئ يتوهم ان ما ذكرة الشيخ صالح حفظه الله هو مراد شيخ الإسلام وليس كذلك كما بينت ....
ـ[عبد الله آل سيف]ــــــــ[30 - Oct-2007, مساء 10:29]ـ
الله ينفع بك أخي الموحد
قولك:"أما حديث حاطب رضي الله عنه فلعل شيخ الإسلام رحمه الله لم يطلع عليه أثناء تقرير هذه النواقض أو مراسلاته والله أعلم .. "
مافهمت مرادك بهذه العبارة أحسن الله إليك
ـ[معاذ]ــــــــ[31 - Oct-2007, صباحاً 12:39]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو هاجر النجدي]ــــــــ[31 - Oct-2007, صباحاً 01:40]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الموحد السلفي وأثابكم الله على إزالة بعض الشبه التي كادت أن تقع في قلبي ...
ـ[أبو هاجر النجدي]ــــــــ[31 - Oct-2007, صباحاً 03:04]ـ
لماذا قيل باعتبار القصد في الإعانة ولم يُقَل به في المظاهرة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[31 - Oct-2007, صباحاً 09:14]ـ
الأخوة الكرام
عبد الله آل يوسف
معاذ
أبو هاجر
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 02:09]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد,
قرر أخونا الموحد السلفي مخالفة الشيخ صالح في تقريره لما قرره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأجزل له المثوبة
وهذا ظاهر من مداخلة الأخ الموحد
فإن كان هذا غرضه كما هو ظاهر
أقول إلا أنه أغفل أن شيخ الإسلام المجدد ذكر في المظاهرة المكفرة الإشتراك في القتال وقتال الموحدين وهذا هو مناط التكفير عند الإمام المجدد بل عند كل موحد على الجادة في هذه الحالة.
ولا يخالف في هذا الشيخ صالح ولكن الفرق أن كلاٌ من الشيخين - الجد والحفيد - قررا المسألة حسب الزمن الذي عاشا فيه.
فمن علم أن المجدد يقصد من اشترك في القتال وقاتل الموحدين الذين يدعون إلى التوحيد وعليه يقاتلون فهو داخل في المظاهرة المكفرة بلا شك ولا ريب كما حدث في عهد الإمام المجدد رحمه الله تعالى.
وأما من اعان بدون قتال وكانت إعانته لغرض دنيوي ظاهر أو ظهر بالإستفصال- كما هو حال حاطب رضي الله عنه - فبهذا الدليل وجد القيد من لدن أهل العلم ومنهم الشيخ صالح , فأهل العلم السلفيين لا يقيدون المطلق ولا يطلقون المقيد إلا بدليل من الكتاب أو السنة لا كما يفعل أهل الأهواء اعاذنا الله وإياكم اخونا الموحد من طريقتهم
وأما تقرير الشيخ صالح حفظه الله فهو تقرير مانع ماتع ويقوم على الأدلة من الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة ولا مخالفة فيه لمن سبقه من أهل الجادة.
وأما استدراك الأخ الموحد وقوله:
إلا أن لي استدراكا على بعض ما ذكر، أرجوا أن يتسع له صدر شيخنا حفظه الله،ولعل شيخنا حفظه الله أو من لديه بسط في هذه المسالة يوجهنا إن أخطأنا الفهم ...
وهو قوله حفظه الله في مسألة المولاة:
"هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا، ومنها ما يكون للدين، فإذا كانت للدنيا فليست بمخرجة من الدين ... "
أقول: هذا الإطلاق ليس بسديد لان الله سبحانه وتعالى قد أبطل هذا القيد في سياق إثبات الكفر لمن يتولى الكفار وذلك بقوله سبحانه وتعالى:"فترى كثيرا منهم يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "
ففي هذه الآية بيان صريح أن ما حملهم على الموالاة للكفار إلا خشية أن تصيبهم دائرة ... يعني يحتاجون اليهم في وقت ضيق فيمدونهم بالميرة وغيرها مما يحتاجون مقابل توليهم لهم ...
وهذا دليل صريح في إبطال هذا المعنى،
اقول:
اخطأت اخطأت
هذه الأية نزلت في المنافقين وهم كفار كفر مستقل فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وإنزالها على أهل الموالاة الدنيوية كالجاسوس وغيره من المسلمين خطأ فاحش وفقك المولى
قال ابن جرير رحمه الله عند تفسير هذه الأية:
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن ذلك من الله خبر عن ناس من المنافقين كانوا يوالون اليهودَ والنصارى ويغشُّون المؤمنين، ويقولون: نخشى أن تدور دوائر= إما لليهود والنصارى، وإما لأهل الشرك من عبدة الأوثان، أو غيرهم= على أهل الإسلام، أو تنزل بهؤلاء المنافقين نازلةٌ، فيكون بنا إليهم حاجة.
وقد يجوز أن يكون ذلك كان من قول عبد الله بن أبي، ويجوز أن يكون كان من قول غيره، غير أنه لا شك أنه من قول المنافقين. أهـ
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}:
وقوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي: شك، وريب، ونفاق.أهـ
وقد جزم بعض المفسرين أنها نزلت في ابن سلول المنافق
وبهذا لا يصح استدراكك ويسلم تقرير الشيخ صالح وفقه الله واعانه
والله اعلم
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 06:53]ـ
أولا اصحح كتابة الآية في قول الله عز وجل:
"فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ... " الآية فقد كتبتها خطأ فاستغفر الله وأتوب اليه وهذا شأن العجلة دائما والله المستعان ...
أخي الكريم ابا عمر وفقه الله
بارك الله فيك وزادك علما وبصيرة ...
ـ[عبد الرحمن النافع]ــــــــ[31 - Oct-2007, مساء 10:12]ـ
مع إحترامي للسائل إلا أن الذين يقولون بكفر العلماء قلة قليلة، و أنا أستغرب لماذا إذا أتينا نناقشمثل هذه المسائل ننحرف لأقصى اليمين أو يسار
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[02 - Nov-2007, مساء 07:07]ـ
أولا اصحح كتابة الآية في قول الله عز وجل:
"فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ... " الآية فقد كتبتها خطأ فاستغفر الله وأتوب اليه وهذا شأن العجلة دائما والله المستعان ...
أخي الكريم ابا عمر وفقه الله
بارك الله فيك وزادك علما وبصيرة ...
اخي الموحد السلفي
وفيك بارك ولك بالمثل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 01:26]ـ
الشيخ صالح حفظه الله ذكر كلاما عن ناقض "مظاهرة المشركين على المسلمين " يوهم بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يقيد ناقض المظاهرة بقصد ظهور الكفر على الإسلام وذلك بقوله:
"قول الشيخ رحمه الله: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين) مركب من أمرين:
المظاهرة بأن يكون ظهرًا لهم بأي عمل، أي: يكون ظهرًا يدفع عنهم ويقف معهم ويضرب المسلمين لأجل حماية هؤلاء.
وأمّا الثاني: فإعانة المشرك على المسلم، فضابطها أن يعين قاصدًا ظهور الكفر على الإسلام؛ لأنّ مطلق الإعانة غير مكفر؛ "
فإذا كان الناقض مركبا من أمرين كما ذكر الشيخ حفظه الله،وكان أحد الأمرين مقيدا بقصد ظهور الكفر على الإسلام فلا يخفى عليك أن هذا تقييد للناقض في نهاية الأمر ...
وهذا ليس مقصود شيخ الإسلام قطعا ...
وليس الإشكال في أن يخالف الشيخ صالح حفظه الله جده في هذه المسالة أو غيرها ولكن والإشكال هو مخالفته ثم تفسير كلامه على وجه يوهم أنه لم يخالفه!
وقد كنت أحسب أن الشيخ لا يخالف ما عليه جده وأئمة الدعوة، بل قررت من خلال قراءة سريعة غير متأملة لما كتبه في كتابه الضوابط الشرعيّة لموقف المسلم في الفتن" (50 - 52) انه لا يقيد وإذا بالكلام على عكس ما قررت!
يقول حفظه الله:
" فها هنا عندنا في الشرع، وعند أئمّة التوحيد، لفظان لهما معنيان، يلتبس أحدهما بالآخر عند كثيرين:
الأوّل: التولّي.
الثاني: الموالاة.
التولّي مكفّر
الموالاة غير جائزة.
والثالث الاستعانة بالكافر واستئجاره: جائزة بشروطها. فهذه ثلاث مسائل.
أمّا التولّي فهو الّذي نزل فيه قول الله جلّ وعلا: (يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين).
وأمّا موالاة الكفّار فهي مودّتهم ومحبّتهم لدنياهم وتقديمهم ورفعهم وهي فسق وليست كفرًا.
"
وهذا التقسيم صوري لا قيمة له! لأنه يؤول في النهاية إلى أن جميع صور التولي والموالاة مقيدة بقصد ظهور الكفر أو محبة دين الكفار! .. ولا يحتاج الأمر إلى كثير تأمل ...
فهنا يقول: والقسم الثالث: موالاة الكافر لدينه، يواليه ويحبه ويودّه وينصره لأجل ما عليه من الشرك ومن الوثنية ونحو ذلك، يعني محبة لدينه، فهذا مثله، هذه موالاة مكفِّرة لأجل ذلك، "
وفي الكتاب يقول: "وضابط التولّي هو نصرة الكافر على المسلم وقت حرب المسلم والكافر، قاصدًا ظهور الكفّار على المسلمين."
فكلاهما مقيد في الحقيقة والتقسيم صوري لااكثر ...
وأنت يا أخي الكريم تقر بأن شيخ الإسلام لا يقيد في القتال مع المشركين ولكن ما سبق واضح جدا أن الشيخ صالح حفظه الله يقيد ...
فالشيخ صالح حفظه اله ووفقه وسدده قد خالف جده وأبناء جده وأئمة الدعوة النجدية جميعا بهذا التقرير ...
هذا ما أردت إبرازه والتعليق عليه ...
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 01:37]ـ
أما قولك وفقك الله:
"هذه الأية نزلت في المنافقين وهم كفار كفر مستقل فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وإنزالها على أهل الموالاة الدنيوية كالجاسوس وغيره من المسلمين خطأ فاحش وفقك المولى"
المنافقون يا أخي محكوم لهم بالإسلام الظاهر وكونهم منافقين لا يعني أن لا تتعلق بهم أحكام المسلمين بل العكس من ذلك ...
فهم مخاطبون بالأحكام كما المسلمين لأنهم معدودون منهم في الظاهر ...
ثم لو فرضنا أن الآية نزلت في الكفار الأصليين اليهود أو النصارى .. فما الذي يمنع من تنزيلها على المسلمين إذا فعلوا ما فعل الكفار مما استحقوا به حكم الكفر؟!
وتأمل قوله تعالى: " {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبؤهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون* ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبا الله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين}."
علما بأن هذه الآية هي دليل الإجماع على كفر الساب والمستهزئ فهل يقال هذا خطا لان الآية في المنافقين؟!
هذه لعلها عجلة منك بارك الله فيك ...
وتأمل أيضا قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الرسالة الخامسة والثلاثين من مجموع الرسائل:
" .... إذا ثبت هذا فتكفير هؤلاء المرتدين انظروا في كتاب الله من أوله إلى آخره والمرجع في ذلك إلى ما قاله المفسرون والأئمة، فإن جادل منافق بكون الآية نزلت في الكفار فقولوا له هل قال أحد من أهل العلم أولهم وآخرهم إن هذه الآيات لا تعم من عمل بها من المسلمين من قال هذا قبلك؟
وأيضاً فقولوا له هذا رد على إجماع الأمة فإن استدلالهم بالآيات النازلة في الكفار على من عمل بها ممن انتسب إلى الإسلام أكثر من أن تذكر، وهذا أيضاً كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن فعل مثل هذه الأفاعيل مثل الخوارج العباد الزهاد الذين يحقر الإنسان الصحابة عندهم وهم بالإجماع لم يفعلوا ما فعلوا إلا باجتهاد وتقرب إلى الله وهذه سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن خالف الدين ممن له عبادة واجتهاد مثل تحريق علي رضي الله عنه من اعتقد فيه بالنار، وأجمع الصحابة على قتلهم وتحريقهم إلا ابن عباس رضي الله عنهما خالفهم في التحريق فقال: يقتلون بالسيف ...
والله الموفق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 03:33]ـ
فالشيخ صالح حفظه اله ووفقه وسدده قد خالف جده وأبناء جده وأئمة الدعوة النجدية جميعا بهذا التقرير ...
هذا ما أردت إبرازه والتعليق عليه ...
مرحبا أخي الموحد
الحمد لله على انعامه واحسانه
الإشكال عندك وفقك الباري في القيد التي يلتزمه أهل العلم سواء الشيخ صالح أو من سبقه من الائمة في الموالاة المكفرة.
وتعتقد أن هذا القيد يخالف ما قرره ائمة الدعوة النجدية وعلى رأسهم الإمام المجدد المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب!!
وليس هذا بصحيح يا رعاك الله
فما هو مجمل في النواقض العشرة تجده مبين في كلام المجدد واصحابه
واعلم وفقك الله بأن مطلق الإعانة والمظاهرة ليست بكفر ودليلي على هذا حكم الجاسوس المسلم عند أهل السنة والجماعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (6/ 394):
وَأَمَّا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فَحُكِيَ عَنْهُ: أَنَّ مِنْ الْجَرَائِمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلَ. وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد فِي مِثْلِ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إذَا تَجَسَّسَ لِلْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَحْمَد تَوَقَّفَ فِي قَتْلِهِ وَجَوَّزَ مَالِكٌ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ - كَابْنِ عَقِيلٍ - قَتْلَهُ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى.أهـ
قال النووي في شرحه لمسلم:
وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَطَائِفَة أَنَّ الْجَاسُوس الْمُسْلِم يُعَزَّرُ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ. وَقَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة: يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَبَعْضُهُمْ يُقْتَلُ، وَإِنْ تَابَ. وَقَالَ مَالِك: يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَام.أهـ
وقال الخطابى في المعالم في شرح حديث على:
فيه دليل على أن الجاسوس إذا كان مسلما لم يقتل، واختلفوا فيما يفعل به من العقوبة، فقال أصحاب الرأى في المسلم إذا كتب إلى العدو ودله على عورات المسلمين يوجع عقوبة ويطال حبسه وقال الاوزاعي: إن كان مسلما عاقبه الامام عقوبة منكلة، وغربه إلى بعض الآفاق في وثاق، وان كان ذميا فقد نقض عهده، وقال مالك: لم أسمع فيه شيئا وأرى فيه اجتهاد وقال الشافعي: إذا كان هذا من الرجل ذى الهيئة بجهالة كما كان من حاطب بجهالة وكان غير متهم أحببت أن يتجافى عنه، وإن كان من غير ذى الهيئة كان للامام تعزيره. أهـ
فهذا وفقك الله يبين لك أن مطلق الإعانة والمظاهرة لا تكون كفراً مخرجاً من الملة, فإن سلمت بهذا فاعلم بأن الإمام المجدد لا يغفل عن هذا كما ألمحت سابقاً إلى أنه ربما غفل عن قصة حاطب رضي الله عنه وتلميحك عفا الله عنك كان استنكاري بمعنى لم يغفل الشيخ ولكنه لم يقيد به!!؟
وللحديث بقية
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 04:16]ـ
الأخ الموحد .. يقول قولا ما أعرف أحد من أهل العلم قرره (أئمة الدعوة)!!
وإنما هي قراءة في كتاب وكلام لا أظنه فهمه فليته ينقل لنا من من أهل العلم يقول بأن حديث حاطب محمول على الكفر
أحيلك على كتاب مناط التكفير بالمولاة للشيخ عبدالله القرني فإنه قد رد على عبدالمجيد الشاذلي الذي لا أرى الأخ الموحد إلا نسخة مكررة من كلامه!!
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 04:23]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الموحد السلفي وأثابكم الله على إزالة بعض الشبه التي كادت أن تقع في قلبي ...
هذه قلة أدب وهل الشيخ صالح من أهل الشبه المبتدعة ..
لكن الإنسان عدو ما يجهل هداك الله إلى الصواب
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 05:06]ـ
يا أخي ابا عمر وفقك الله ... قليل من التأمل بارك الله فيك
فأنت في البداية قررت أن الاشتراك في القتال مظاهرة مكفرة أما الإعانة فهي غير ذلك ولا بد فيها من الاستفصال ...
وقلت: "أقول إلا أنه أغفل أن شيخ الإسلام المجدد ذكر في المظاهرة المكفرة الإشتراك في القتال وقتال الموحدين وهذا هو مناط التكفير عند الإمام المجدد بل عند كل موحد على الجادة في هذه الحالة."
ثم تقول في الأخير: "وتعتقد أن هذا القيد يخالف ما قرره ائمة الدعوة النجدية وعلى رأسهم الإمام المجدد المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب!! وليس هذا بصحيح يا رعاك الله "
فما بالك يا أخي حدت عن جادة الموحدين في الأخير!!!
مرة ثانية: قليل من التأمل بارك الله فيك
اما قولك وفقك الله: "فما هو مجمل في النواقض العشرة تجده مبين في كلام المجدد واصحابه "
أقول: اخي الكريم لقد نقلت ما وقفت عليه من كلام الإمام رحمه الله والعلم عند الله، واظنه واضحا ولا يحتاج إلى تفسير أو تفصيل ...
فهل لديك من أقوال الامام نفسه ما تبرز به هذا القيد؟ لا سيما وانت تقول: تجده مبين في كلام المجدد واصحابه؟
فإن وجدت .. فجزاك الله خيرا انا في انتظاره ....
أما أن تنقل لي كلام غير الإمام فليس هذا من قوله بارك الله فيك ولا يدل على ما تزعمه من قيد وهو صاحب النواقض لا النووي ولا الخطابي ولا غيرهم ...
واخيرا: اخي الحبيب النواقض العشرة متفق عليها بين أهل العلم وجلها مجمع عليها ونقلها العلماء كابر عن كابر ..
ومعنى الناقض معلوم معروف انه سبب من اسباب الردة عن الاسلام وأنه كفر أكبر مخرج من الملة ...
وتقيدها بهذه القيود أو بعضها يعني أنها من قبيل المعاصي! فهل وضعها واضعوها على ذلك؟
أما حديث حاطب والجاسوس فليس هنا محل النقاش ولقد ذكرت ما اردت ذكره
بارك الله فيك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[03 - Nov-2007, مساء 05:30]ـ
الفاضل ابو الحسن وفقه الله
تقول: "الأخ الموحد .. يقول قولا ما أعرف أحد من أهل العلم قرره (أئمة الدعوة)!!
وإنما هي قراءة في كتاب وكلام لا أظنه فهمه فليته ينقل لنا من من أهل العلم يقول بأن حديث حاطب محمول على الكفر "
اين تعرضت لحديث حاطب بارك الله فيك؟
وقولك:"أحيلك على كتاب مناط التكفير بالمولاة للشيخ عبدالله القرني فإنه قد رد على عبدالمجيد الشاذلي الذي لا أرى الأخ الموحد إلا نسخة مكررة من كلامه!! "
فجزاكم الله خيرا على الإحالة .. وابشر يا اخي ساضعه قيد نظري واسال الله ان يبارك في مشائخنا جميعا ..
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 12:22]ـ
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:
إلى عبد العزيز الخطيب، السلام على من اتبع الهدى وعلى عباد الله الصالحين؛ وبعد فقرأت رسالتك وعرفت مضمونها وما قصدته من الاعتذار ولكن أسأت في قولك أن ما أنكره شيخنا، الوالد من تكفيركم أهل الحق واعتقاد إصابتكم؛ أنه لم يصدر منكم وتذكر أن إخوانك من أهل: النقيع يجادلونك وينازعونك في شأننا وأنهم ينسبوننا إلى السكوت عن بعض الأمور وأنت تعرف: أنهم يذكرون هذا غالباً، على سبيل القدح في العقيدة والطعن في الطريقة وإن لم يصرحوا بالتكفير فقد حاموا حول الحمى / فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ومن الغي عن (ص467) سبيل الرشد، والعمى
وقد رأيت: سنة أربع وستين / رجلين من أشباهكم المارقين بالأحساء قد اعتزلا الجمعة والجماعة وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين وجحتهم من جنس حجتكم يقولون أهل الأحساء يجالسون: ابن فيروز ويخالطونه هو، وأمثاله ممن لم يكفر بالطاغوت ولم يصرح بتكفير جده الذي رد دعوه الشيخ محمد ولم يقبلها وعاداها.
قالا: ومن لم يصرح بكفره فهو كافر بالله لم يكفر بالطاغوت، ومن جالسه فهو مثله ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين، الضالتين ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام حتى تركوا رد السلام فرفع إلى أمرهم فأحضرتهم وتهددتهم وأغلظت لهم القول فزعموا أولاً: أنهم على عقيدة الشيخ، محمد بن عبد الوهاب وأن رسائله عندهم فكشفت شبهتهم وأدحضت ضلالتهم، بما حضرني في المجلس.
وأخبرتهم ببراءة الشيخ، من هذا المعتقد والمذهب وانه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله، من الشرك الأكبر والكفر بآيات الله ورسله أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر كتكفير من عبد الصالحين ودعاهم مع الله، وجعلهم أنداداً له فيما يستحقه على (ص468) خلقه،من العبادات والإلهية وهذا: مجمع عليه أهل العلم والإيمان، وكل طائفة من أهل المذاهب المقلدة، يفردون هذه المسألة، بباب عظيم يذكرون فيه حكمها وما يوجب الردة ويقتضيها وينصون على الشرك وقد أفرد ابن حجر هذه المسألة بكتاب سماه: الإعلام بقواطع الإسلام.
وقد أظهر الفارسيان المذكوران التوبة والندم وزعما: أن الحق ظهر لهما، ثم لحقا بالساحل وعادا إلى تلك المقالة وبلغنا عنهم: تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك المصريين؛ بل كفروا: من خالط من كاتبهم من مشائخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى والحور بعد الكور.
وقد بلغنا: عنكم نحو من هذا وخضتم في مسائل من هذا الباب كالكلام في الموالاة، والمعادة والمصالحة والمكاتبات وبذل الأموال والهدايا ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله، والضلالات والحكم بغير ما انزل الله عند البوادى، ونحوهم من الجفاة، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب ومن رزق الفهم عن الله وأوتي الحكمة وفصل الخطاب.
والكلام في هذا: يتوقف على معرفة ما قدمناه، ومعرفة أصول عامة، كلية، لا يجوز الكلام في هذا الباب وفى (ص469) غيره لمن جهلها و أعرض عنها وعن تفاصيلها فإن الإجمال،والإطلاق،وعدم العلم، بمعرفة مواقع الخطاب، وتفاصيله، يحصل به من اللبس، والخطأ، وعدم الفقه عن الله، ما يفسد الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها، وبين فهم السنة والقرآن؛ قال: ابن القيم، في كافيته، رحمه الله تعالى:
فعليك بالتفصيل والتبيين فالـ ... ... إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ ... ... أذهان والآراء كل زمان
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما: التكفير بهذه الأمور، التي ظننتموها، من مكفرات أهل الإسلام فهذا: مذهب، الحرورية، المارقين، الخارجين على علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين، ومن معه من الصحابة، فإنهم: أنكروا عليه، تحكيم أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، في الفتنة التي وقعت، بينه وبين معاوية، وأهل الشام؛ فأنكرت الخوارج عليه ذلك، وهم في الأصل من أصحابه، من قراء الكوفة، والبصرة، وقالوا: حكّمت الرجال في دين الله، وواليت معاوية، وعمراً، وتوليتهما، وقد قال الله تعالى: (إن الحكم إلا لله) [يوسف:40] وضربت المدة بينك وبينهم، وقد قطع الله هذه الموادعة والمهادنة، منذ أنزلت: براءة.
وطال بينهما النزاع، والخصام، حتى أغاروا على سرح المسلمين، وقتلوا من ظفروا به من أصحاب علي، فحينئذ (ص470) شمر رضي الله عنه لقتالهم، وقتلهم دون النهروان، بعد الأعذار والإنذار، والتمس: " المخدج: المنعوت في الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم، وغيره من أهل السنن، فوجده علي، فسر بذلك، وسجد لله شكراً على توفيقه، وقال: لو يعلم الذي يقاتلونهم، ماذا لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، لنكلوا عن العمل، هذا: وهم أكثر الناس عبادة، وصلاة، وصوماً.
فصل: ولفظ: الظلم، والمعصية، والفسوق، والفجور، والموالاة، والمعاداة، والركون، والشرك، ونحو ذلك من الألفاظ، الواردة في الكتاب، والسنة، قد يراد بها مسماها المطلق، وحقيقتها المطلقة، وقد يراد بها مطلق الحقيقة؛ والأول: هو الأصل عند الأصوليين؛ والثاني: لا يحمل الكلام عليه، إلا بقرينة لفظية، أو معنوية، وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي، وتفسير السنة، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) الآية [إبراهيم:4] وقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) [النحل:43 - 44]. وكذلك: اسم المؤمن، والبر، والتقى، يراد بها عند الإطلاق، والثناء، غير المعنى المراد، في مقام الأمر، والنهي؛ ألا ترى: أن الزاني، والسارق، والشارب، (ص471) ونحوهم، يدخلون في عموم قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) الآية [المائدة:6] وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا) الآية [الأحزاب:69] وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم) [المائدة:106] ولا يدخلون في مثل قوله: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) [الحجرات:15] وقوله (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) الآية [الحديد:19]. وهذا: هو الذي أوجب للسلف، ترك تسمية الفاسق، باسم الإيمان، والبر؛ وفي الحديث: " لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر، حين يشربها، وهو مؤمن، وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم فيها، وهو مؤمن " وقوله: " لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه " لكن نفى الإيمان هنا، لا يدل على كفره، بل يطلق عليه اسم الإيمان، ولا يكون كمن كفر بالله ورسله، وهذا هو الذي فهمه السلف، وقرروه في باب الرد، على الخوارج، والمرجئة، ونحوهم، من أهل الأهواء؛ فافهم هذا، فإنه مضلة أفهام، ومزلة أقدام.وأما: إلحاق الوعيد المرتب، على بعض الذنوب، والكبائر، فقد يمنع منه مانع، في حق المعين، كحب الله ورسوله، والجهاد في سبيله، ورجحان الحسنات، ومغفرة الله ورحمته، وشفاعة المؤمنين، والمصائب المكفرة، في الدور (ص472) الثلاثة، ولذلك، لا يشهدون لمعين من أهل القبلة، بجنة ولا نار، وإن أطلقوا الوعيد، كما أطلقه القرآن، والسنة، فهم يفرقون، بين العام المطلق، والخاص المقيد؛ وكان عبد الله حمار، يشرب الخمر، فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعنه رجل، وقال ما أكثر ما يؤتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ط لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله " مع: أنه لعن الخمر، وشاربها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتأمل: قصة حاطب بن أبي بلتعه، وما فيها من الفوائد، فإنه هاجر إلى الله ورسوله، وجاهد في سبيله، لكن حدث منه: أنه كتب بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من أهل مكة، يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسيره لجهادهم، ليتخذ بذلك يداً عندهم، تحمي أهله، وماله بمكة، فنزل الوحي بخبره، وكان قد أعطى الكتاب: ظعينة، جعلته في شعرها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً، والزبير، في طلب الظعينة، وأخبرهما، أنهما يجدانها في روضة: خاخ، فكان ذلك، وتهدداها، حتى أخرجت الكتاب من صفائرها، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فدعا حاطب بن أبي بلتعة، فقال له: " ما هذا "؟ فقال: يا رسول الله، إني لم أكفر بعد إيماني، ولم أفعل هذا (ص473) رغبة عن الإسلام، وإنما أردت أن تكون لي عند القوم يد، أحمي بها أهلي، ومالي، فقال صلى الله عليه وسلم: " صدقكم، خلوا سبيله " واستأذن عمر، في قتله، فقال: دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: " وما يدريك، أن الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم " وأنزل الله في ذلك، صدر سورة الممتحنة، فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) الآيات.
فدخل حاطب في المخاطبة، باسم الإيمان، ووصفه به، وتناوله النهي بعمومه، وله خصوص السبب، الدال على إرادته، مع أن في الآية الكريمة، ما يشعر: أن فعل حاطب نوع موالاة، وأنه أبلغ إليهم بالمودة، وأن فاعل ذلك، قد ضل سواء السبيل، لكن قوله: " صدقكم، خلوا سبيله " ظاهر في أنه لا يكفر بذلك، وإذا كان مؤمناً بالله ورسوله، غير شاك، ولا مرتاب؛ وإنما فعل ذلك، لغرض دنيوي، ولو كفر، لما قال: خلوا سبيله.
ولا يقال، قوله صلى الله عليه وسلم:" ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم " هو المانع من تكفيره، لأنا نقول: لو كفر لما بقي من حسناته، ما يمنع من لحاق الكفر، وأحكامه؛ فإن الكفر: يهدم ما قبله، لقوله تعالى: (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) [المائدة:5] وقوله: (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) [الأنعام: (ص474) (474) 88] والكفر، محبط للحسنات والإيمان، بالإجماع؛ فلا يظن هذا.
وأما قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [المائدة: 51] وقوله: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله) [المجادلة: 22] وقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) [المائدة: 57] فقد فسرته السنة، وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل: الموالاة، هو: الحب والنصرة، والصداقة ودون ذلك: مراتب متعددة؛ ولكل ذنب: حظه وقسطه، من الوعيد والذم؛ وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفى غيره وإنما أشكال الأمر، وخفيت المعانى، والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن ولا مممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن
ولهذا: قال الحسن رضى الله من العجمة أتوا .. أهـ المقصود
وفي هذا القدر كفاية
وللحديث بقية بخصوص بيان متى يكفر صاحب مطلق المظاهرة والإعانة
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 12:25]ـ
أنظر الشاملة - الدرر السنية (1/ 447 - 455) للإطلاع على الخطاب السابق
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 12:36]ـ
يا أخي ابا عمر وفقك الله ... قليل من التأمل بارك الله فيك
فأنت في البداية قررت أن الاشتراك في القتال مظاهرة مكفرة أما الإعانة فهي غير ذلك ولا بد فيها من الاستفصال ...
وقلت: "أقول إلا أنه أغفل أن شيخ الإسلام المجدد ذكر في المظاهرة المكفرة الإشتراك في القتال وقتال الموحدين وهذا هو مناط التكفير عند الإمام المجدد بل عند كل موحد على الجادة في هذه الحالة."
ثم تقول في الأخير: "وتعتقد أن هذا القيد يخالف ما قرره ائمة الدعوة النجدية وعلى رأسهم الإمام المجدد المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب!! وليس هذا بصحيح يا رعاك الله "
فما بالك يا أخي حدت عن جادة الموحدين في الأخير!!!
مرة ثانية: قليل من التأمل بارك الله فيك
اما قولك وفقك الله: "فما هو مجمل في النواقض العشرة تجده مبين في كلام المجدد واصحابه "
أقول: اخي الكريم لقد نقلت ما وقفت عليه من كلام الإمام رحمه الله والعلم عند الله، واظنه واضحا ولا يحتاج إلى تفسير أو تفصيل ...
فهل لديك من أقوال الامام نفسه ما تبرز به هذا القيد؟ لا سيما وانت تقول: تجده مبين في كلام المجدد واصحابه؟
فإن وجدت .. فجزاك الله خيرا انا في انتظاره ....
أما أن تنقل لي كلام غير الإمام فليس هذا من قوله بارك الله فيك ولا يدل على ما تزعمه من قيد وهو صاحب النواقض لا النووي ولا الخطابي ولا غيرهم ...
واخيرا: اخي الحبيب النواقض العشرة متفق عليها بين أهل العلم وجلها مجمع عليها ونقلها العلماء كابر عن كابر ..
ومعنى الناقض معلوم معروف انه سبب من اسباب الردة عن الاسلام وأنه كفر أكبر مخرج من الملة ...
وتقيدها بهذه القيود أو بعضها يعني أنها من قبيل المعاصي! فهل وضعها واضعوها على ذلك؟
أما حديث حاطب والجاسوس فليس هنا محل النقاش ولقد ذكرت ما اردت ذكره
بارك الله فيك
وفقك المولى
الفرق بين فهمي وفهمك أنني احكم بالكفر على صاحب مطلق المظاهرة والإعانة أذا قوتل فقاتل وقدم مهجته في سبيل موالاته ففي هذه الحالة نحكم بكفره.
كمن يمتنع عن الزكاة فإذا قوتل عليها لم يدفعها بل قاتل في سبيل منعها فهذا مرتد كافر لأجل مقاتلته لا لأجل امتناعه عن دفع الزكاة فقط.
واستغرب من اعراضك عن نقل ابن تيمية لكلام ائمة السلف والخطابي والنووي!!
فالإمام المجدد ما هو إلا امتداد لهولاء الأسلاف الصالحين
فتبصر ولا تتعسر يا أخي هدانا الله وإياك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو هاجر النجدي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 01:15]ـ
هذه قلة أدب وهل الشيخ صالح من أهل الشبه المبتدعة ..
لكن الإنسان عدو ما يجهل هداك الله إلى الصواب
هداك الله أيها الأثري وردَّك إلى جادة الصواب ... لا يلزم من كون العالم يلقي بعض الشبه أن يكون من المبتدعة ....
أنا رأيت في رد الأخ الموحد السلفي بياناً شافياً فأردت شكره على ذلك, ولم أكن أعلم أن في الملتقى من هو سيء الفهم ...
واعلم أن العجلة والرد بلا تروٍّ ولا نظر من علامات الجهل, فبادر إلى رفع الجهل عن نفسك, وتعلم الأدب حتى ترد بأدب ...
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[04 - Nov-2007, صباحاً 10:42]ـ
وفقك المولى
الفرق بين فهمي وفهمك أنني احكم بالكفر على صاحب مطلق المظاهرة والإعانة أذا قوتل فقاتل وقدم مهجته في سبيل موالاته ففي هذه الحالة نحكم بكفره.
يا ابا عمر مالي لا اجدك ثابتا على رأي؟!
كلما جئتك بشيء حدت عنه ولم تتعرض له وانتقلت لغيره! يا اخي الكريم هذه ليست طريقة نقاش!
إن كان عندك شيء محرر في المسالة فأت به .. والا فلا تشغل نفسك وتشغلنا بارك الله فيك ...
علما أن الشيخ صالح آل الشيخ لا يكفر حتى من تذكره!!
ولقد نقلت لك من كتابه أن نصرة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين مقيد "بقصد" ظهور الكفر ... فهل تخالف الشيخ صالح حفظه الله؟
أريد جوابا صريحا لو تكرمت ...
أما الشيخ العلامة عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله فهو يجعل المكاتبة للكفار وما جاء في قصة حاطب من نوع الموالاة الغير مكفرة والتي تختلف عنده عن التولي المكفر الذي منه المظاهرة والقتال ...
فإن اردت أن تحتج عليه وترد كلامه فاحتج كما تشاء .. فإن خالفتم شيخ الإسلام كاتب النواقض العشرة فما الضير ان تخالفوا غيره من ابناءه ...
والله الموفق
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[04 - Nov-2007, مساء 01:27]ـ
أقول: هذا الإطلاق ليس بسديد لان الله سبحانه وتعالى قد أبطل هذا القيد في سياق إثبات الكفر لمن يتولى الكفار وذلك بقوله سبحانه وتعالى:"فترى كثيرا منهم يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "
ففي هذه الآية بيان صريح أن ما حملهم على الموالاة للكفار إلا خشية أن تصيبهم دائرة ... يعني يحتاجون اليهم في وقت ضيق فيمدونهم بالميرة وغيرها مما يحتاجون مقابل توليهم لهم ... وهذا دليل صريح في إبطال هذا المعنى
جزاك الله خيرا، واسمح لي بإيضاح الفرق، وهو مهم في نظري، الآية التي استشهدت بها هي في المنافقين، وهي وصف لحالهم الذي كانوا عليه، وليست بوصف لحال أناس مسلمين من الصحابة انتقلوا إلى الكفر بسبب أنهم خافوا أن تصيبهم دائرة، إنما هي في المنافقين وهم كفار من الأصل، والآية إنما هي مقررة واصفة لحال من نزلت في حقهم. أما حاطب (ومن في حكمه) فلم يكن به نفاق، ولذلك لما اتهمه عمر بالنفاق لما رأى أنه فعل ما فعل، منعه مانع الإسلام المستقر في قلبه، وعلى أنه فعل ما فعل لغرض دنيوي، أما المنافق فلم يقم به وصف يمنعه من الخروج من الإسلام أصلاً، ولذلك فطلبهم للغرض الدنيوي إنما مبعثه ودافعه الكفر ذاته. أما حاطب (ومن في حكمه) فليس دافعه الكفر ذاته وإنما الغرض الدنيوي ذاته.
أما قولك:
ولقد جائت الكثير من الآيات التي توضح أن ما حمل الكفار على كفرهم غلا الأغراض الدنيوية وتبكتهم على ذلك وتذكرهم بما عند الله سبحانه وتعالى من نعيم مقيم وأن ما بأيديهم مما حملهم على الكفر والبغي إلى زوال ...
وقال تعالى: " وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ "
فهذا الذي شرح بالكفر صدره ما فعله إلا لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة فكيف يكون نفس استحباب ا لدنيا على الآخرة عذر ينفي الكفر ويجعله معصية؟
فهنا فرق جلي يشكل على ماذكرت، وهو أن الآية فيمن شرح صدره بالكفر، وسببه تفضيل الدنيا على الآخرة تفضيلاً تاماً أو كبيراً، وهذا شأن الكفار فقط، وليس شأن المسلمين، كما في قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا). أما المسلم فقد يؤثر بعض الدنيا على الآخرة ولكنه مريد للآخرة أكثر من الدنيا بلا ريب، فلا يلزم من ذلك كفر صاحبه بإطلاق، قال تعالى عن أصحاب محمد (ص) (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة)، حتى أن بعض كبار الصحابة قال: ما كنت أدري أن من أصحاب محمد (ص) من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية. ففرق - أيها الحبيب - بين استحباب الدنيا على الآخرة، ذلك الاستحباب الذي لا يكون نتيجته إلا انشراح الصدر بالكفر، فهؤلاء هم الذي رضوا بالدنيا الغافلون عن الله الذين قال عنهم تعالى (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون)، أما إرادة بعض الدنيا مع قيام أصل مانع هو الإسلام و مع التفضيل للدار الآخرة أكثر من تفضيل الدنيا، فهذا لا يصلح أن يكون مثالاً للآية التي أوردتها. هذه فروقات دقيقة مؤثرة بلا شك في الحكم، وخاصة في مسائل العقيدة التي هي في غاية الخطر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 09:43]ـ
وتأمل أيضا قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الرسالة الخامسة والثلاثين من مجموع الرسائل:
" .... إذا ثبت هذا فتكفير هؤلاء المرتدين انظروا في كتاب الله من أوله إلى آخره والمرجع في ذلك إلى ما قاله المفسرون والأئمة، فإن جادل منافق بكون الآية نزلت في الكفار فقولوا له هل قال أحد من أهل العلم أولهم وآخرهم إن هذه الآيات لا تعم من عمل بها من المسلمين من قال هذا قبلك؟
وأيضاً فقولوا له هذا رد على إجماع الأمة فإن استدلالهم بالآيات النازلة في الكفار على من عمل بها ممن انتسب إلى الإسلام أكثر من أن تذكر، وهذا أيضاً كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن فعل مثل هذه الأفاعيل مثل الخوارج العباد الزهاد الذين يحقر الإنسان الصحابة عندهم وهم بالإجماع لم يفعلوا ما فعلوا إلا باجتهاد وتقرب إلى الله وهذه سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن خالف الدين ممن له عبادة واجتهاد مثل تحريق علي رضي الله عنه من اعتقد فيه بالنار، وأجمع الصحابة على قتلهم وتحريقهم إلا ابن عباس رضي الله عنهما خالفهم في التحريق فقال: يقتلون بالسيف ...
والله الموفق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد,
هدانا الله وإياك أخي الموحد
وكفاني الله وإياك شر البتر أو قلة الفهم لكلام اهل العلم وعلى رأسهم الإمام المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وجمعنا وإياه ووالدينا في الفردوس الأعلى آمين.
نقلت هداك الله كلاما للموحد بحق محمد بن عبد الوهاب رحمه الله معترضاً به عليّ وعلى من ينكر تنزيل آيات على المسلمين وهي في الأصل نزلت في الكفار الأصليين!!
واعلم ارشدك الله للصواب بأننا يجب أن نفهم صدق قول ابن عمر رضي الله عنهما في الخوارج: (إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِى الْكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
ولابد أن نفهم بأن الإمام المجدد يفهم هذا المقولة وحاشاه أن يخالف فيها.
ولكن العيب كل العيب في افهامنا وفقك المولى.
واعلم أن فعلك يخالف فعل الإمام المصلح المجدد وذلك لأنك لم تفهم مقصوده أو فهمت وتغافلت وهذه هي الطامة ولا نظن فيك إلا الخير إلى الأن!؟
معنى قول ابن عمر رضي الله عنهما في الخوارج (إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِى الْكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
تعلم عافاك الله أن الخوارج سابقاً ولاحقاً أخزاهم الله حيثما كانوا أتوا إلى مثل قوله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}
ومثل قوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون}
فهم يجعلوا ظواهر الآيات وما فيها من أحكام في المسلمين العصاة الذين ثبت إيمانهم ولم يتلبسوا بكفر بواح.
وهذا هو عين الإستدلال الفاسد بل والفعل المشين الذي أودى بأصحابه لئن يكونوا شر قتلى تحت أديم السماء , نسأل الله العافية والسلامة لنا ولكم.
وأما الإستشهاد بالقرآن في مواطن لتطابق الحالات ولو كانت من جنس الآيات التي نزلت في الكفار ولكن بدون تنزيل كامل الأحكام فقد وردت بها السنة كما في حديث علي رضي الله عنه في الصحيحين: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ أَلَا تُصَلُّونَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهَا بَعَثَهَا فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}
قال ابن القيم رحمه الله في معرض حديثه عن التقليد والمقلدين:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء، وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليدِ ولم يمنعهم كُفْرُ أولئك من الإحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين المقلدين بغير حجة للمقلد، كما لو قلد رجلاً فكفر وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة فأخطأ وَجْهَها كان كل واحد ملوماً على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضاً وإن اختلفت الآثام فيه. أهـ
وأخيراً ابين لك فعل شيخ الإسلام الإمام المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأن فعله يختلف عن ما قدمت لك من النوعين السابقين.
فقد بترت أو تغافلت هداك الله عن سياق كلام الشيخ المجدد , وأتيت بالشاهد في ظنك وهو لا يشهد لك بشيء إن سقته في سياقه الكامل؟!
فخطاب الشيخ رحمه الله هو عتاباً لبعض إخوانه المتوقفين في تكفير بعض مشركي زمانه ممن قامت عليهم الحجة ببطلان إعتقاداتهم بدعاء اصحاب القبور وعبادتهم.
فيقول لهم الشيخ أنه استدل على كفر هولاء بدلالة الآيات التي نزلت في الكفار لأن أفعال هولاء مطابقة لأفعال المشركين الأولين ولا ينازع في صحة هذا الإستدلال أحد من أهل الجادة يا موحدنا السلفي هداك الله.
قال الإمام المجدد رحمه الله في نفس الموطن الذي نقل منه الموحد السلفي وتغافل عن هذا:
(وأنا إلى الآن: أطلب الدليل من كل من خالفني؛ فإذا قيل له: استدل، أو اكتب، أو ذاكر، حاد عن ذلك، وتبين عجزه، لكن يجتهدون الليل والنهار، في صد الجهال عن سبيل الله، ويبغونها عوجا، اللهم إلا إن كنتم تعتقدون، أن كلامي باطل وبدعة، مثل ما قال غيركم، وأن الاعتقاد، في الزاهد، وشمسان، والمطيوية، والاعتماد عليهم، هو الدين الصحيح، وكل ما خالفه بدعة وضلالة، فتلك مسألة أخرى.
إذا ثبت هذا، فتكفير هؤلاء المرتدين، انظروا في كتاب الله من أوله إلى آخره، والمرجع في ذلك إلى ما قاله المفسرون والأئمة، فإن جادل منافق، بكون الآية نزلت في الكفار، فقولوا له: هل قال أحد من أهل العلم، أولهم وآخرهم: إن هذه الآيات لا تعم من عمل بها من المسلمين؟).أنتهى المقصود
والفرق ارشدك الله للصواب أخي الموحد بين استدلال الشيخ واستدلالك الأنف الذكر من قوله تعالى "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ... "
أن الشيخ المجدد يقول إن مشركي مكه دعوا غير الله وذبحوا لغير الله ومشركي زماننا فعلوا نفس الفعل فصح فيهم الإستدلال.
وأما أنت هداك الله فتستدل على كفر الجاسوس المسلم وتنفي المانع من تكفيره وتستدل بقوله تعالى "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ... "
وتغفل أن أصحاب هذه الأية لم يكفروا لإرداة الدنيا فقط ولكن للنفاق الذي في قلوبهم الذي وصفه الله تعالى بقوله " في قلوبهم مرض " أي نفاق!؟
فهم سواء صدقوا في قولهم هذا " نخشى أن تصيبنا دائرة " أو كذبوا فليس هذا مناط كفرهم ولا سببه.
وأما الجاسوس المسلم فإن قال " نخشى أن تصيبنا دائرة " وهو صادق في هذا فلا ريب أنه يمنع تكفير مثل هذا بدلالة حديث حاطب رضي الله عنه.
والرزية في اعتقاد من اعتقد أن أصحاب الموالاة الدنيوية منافقين فيعمد إلى تنزيل آيات المنافقين على المسلمين الموحدين , وهذا ما فعلته ويجب عليك الحذر فإن عذاب الله شديد لمن فقد الحجة يوم المحجة أعاذنا الله وإياك أن نكون منهم.
وأما الآيات التي في كفر الساب أو المستهزيء فلا خلاف في إنزالها على من تلبس بهذا الجرم
فافهم هذا وفقك الله واعلم عافاك الله بأن مضمون قولك هو قول أعداء الإمام المجدد من الرافضة أو المتصوفة أو الليبرالية الملتحية أو العلمانية الغالية الذين يرمون الإمام المجدد واحفاده واتباعه السلفيين بحق بالتكفير بالكبائر وكذبوا ورب الكعبة
وكذب من وافقهم.
والله اعلم
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[05 - Nov-2007, صباحاً 10:36]ـ
ولقد نقلت لك من كتابه أن نصرة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين مقيد "بقصد" ظهور الكفر ... فهل تخالف الشيخ صالح حفظه الله؟
أريد جوابا صريحا لو تكرمت ...
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الشيخ العلامة عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله فهو يجعل المكاتبة للكفار وما جاء في قصة حاطب من نوع الموالاة الغير مكفرة والتي تختلف عنده عن التولي المكفر الذي منه المظاهرة والقتال ...
فإن اردت أن تحتج عليه وترد كلامه فاحتج كما تشاء .. فإن خالفتم شيخ الإسلام كاتب النواقض العشرة فما الضير ان تخالفوا غيره من ابناءه ...
والله الموفق
أخي الموحد
اعلم رحمك الله بأن ما قاله الإمام المجدد وحفيديه الشيخ عبد اللطيف والشيخ صالح يخرج من مشكاة واحدة ولا خلاف فيه إلا في فهومنا نحن وفقك الله.
وهذه هي المشكلة اليوم اختلاف الأفهام لكلام الله جل في علاه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم المعتبرين.
والأسباب في اختلاف الأفهام متعددة منها الجهل ومنها الهوى وهما الداء
ومن تخلص من هذاين فلا شك أن يصل إلى الحق ولو خالف بإجتهاده بادي الأمر
فأتقوا الله ويعلمكم الله.
وأخيراً:
فالموالاة منها ما هو مكفر ومنها ما هو ليس بمكفر.
وبعضهم يقول التولي كفر اكبر والموالاة كفر اصغر.
وكل الأقوال دائرة على هذا النحو
والذي اراك لم تفهم أو تتغافل عنه إن أي كبيرة من الكبائر إن قاتل دونها صاحبها فيحكم بردته لأن قتاله دونها دليل على حجده وقصده لهذا الفعل المكفر.
فمطلق الموالاة لاعداء الله واعانتهم هو عمل كفري ولاشك ولكن متى يكفُر صاحبه؟
إذا أصبح عندنا اليقين على كفره فمن ثبت إيمانه بيقين لا ينقل عنه بالشك
ودليل ذلك أن عمر رضي الله عنه حكم على فعل حاطب بالنفاق ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رفع حكم الكفر عنه بالإستفصال وهذا دليل أهل السنة في تقييدهم الموالاة بمكفرة أو غير مكفرة.
نأتي لكلام الإمام المجدد وقوله إن كان الرجل محب للتوحيد وأهله باغضاً للشرك وأهله ولكنه قاتل أهل التوحيد تبعاً لأهل قريته فقتاله هذا هو الذي جعل الإمام يحكم عليه بالكفر لقوله تعالى {إِنَّ ?لَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ?لْمَلا?ئِكَةُ ظَالِمِي? أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي ?لأَرْضِ قَالْو?اْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ?للَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـ?ئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءَتْ مَصِيراً * إِلاَّ ?لْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ?لرجَالِ وَ?لنسَآءِ وَ?لْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}
فهذا إن كان قادراً على الهجرة وليس بمستضعف ولم يفعل وشارك أهل قريته المشركين بيده في قتالهم للموحدين فيمنتع اسلام مثل هذا عند الإمام المجدد وهذا هو القيد الذي لم تدركه يا موحدنا السلفي وليس مطلق الموالاة والإعانة فتبصر يا رعاك الله , والله اعلم
ودليل التفريق كذلك مسألة عدم كفر الجاسوس المسلم والتي حُكي فيها الإجماع عند أهل السنة والجماعة.
فإما أن تقول هداك الله أن التجسس لإعداء الإسلام ليس بمظاهرة ولا فيه إعانة؟
أو تقول أن الجاسوس كافر في كل حال؟
وهذه الحالتين مخالفة صريحة لسبيل المؤمنين فتحكم على نفسك بالهلاك لإتباع غير سبيلهم اعاذنا الله وإياك ومن نحب
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[05 - Nov-2007, مساء 05:05]ـ
أخي ابا عمر
يؤسفني أن أقول لك أن كلامك غير محرر وغير مسئول ...
ومن الصعب توضيح الواضحات ...
انا لم اتعرض لقصة حاطب ولا إلى الجاسوس ولا حتى إلى تفصيل الكلام في المسالة ..
انا أركز على ما أردت أن أبرزه وما شاركت من أجله،ولكنك لما كنت كثير الانتقال ظننت أني أنتقل معك!
وأنا أهمل التعليق على الكثير مما يحتاج إلى تعليق لأنه قفز وحيدة وخروج عن المراد ...
وإلا فأنت لا تجيب عن اسألتي ولا تتعرض بموضوعية لما أورده، وكل منا ينفخ في اتجاه ...
فأنا استدل بالآية: "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ... "على إبطال الغرض الدنيوي في مسالة التولي، والآية نص في ذلك ..
فتأتي تقول لي الاية نزلت في المنافقين وحاطب ليس منافق ... يا أخي هل تعرضت لحاطب رضي الله عنه؟!
وذكرت لك أن المنافق ليس له أحكام تخصه في الدنيا فهو من المسلمين ظاهرا ويخاطب بما يخاطب به المسلمون،وان العبرة بعموم اللفظ والايات النازلة في الكفار لا يمنع من نزولها في المسلمين سواء على سبيل المطابقة أو على سبيل الاعتبار ... فجئت تكرر نفس الكلام وتقول أني انزلت ما جاء في المنافقين على الجاسوس وقصة حاطب وتلمح لي بمنهج الخوارج ... كيف اتفاهم معك؟!
ثم تعود وتقول:"اعلم رحمك الله بأن ما قاله الإمام المجدد وحفيديه الشيخ عبد اللطيف والشيخ صالح يخرج من مشكاة واحدة ولا خلاف فيه إلا في فهومنا نحن وفقك الله."
يعني الاشكال في فهمي!
- يا أخي أنا نقلت لك نصوصا واضحة لكل من الشيخ صالح والامام المجدد وأنت مازلت تشرق وتغرب،وتصر على أنهما متفقان!
- يا اخي ابا عمر الناس لها عقول وفهوم فاعرض لهم من كلام الإمام ما يقيد المظاهرة بقصد ظهور الكفر أو محبة دين الكفار كما يقرر الشيخ حفظه الله ودون ذلك فتكثير الكلام وتبادل الاتهامات لن يفيد ...
- وأخيرا أخي الكريم:
أنت تتكلم بكلام كثير غير محرر وغير مسئول والتعليق عليه يطول جدا،ولربما العيب في فهمي كما تقول، ولكن حسبي ان القارئ الكريم له من العقل والفهم ما ليس لي فالله يصلح لنا ولكم الاحوال ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[06 - Nov-2007, مساء 04:42]ـ
فأنا استدل بالآية: "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ... "على إبطال الغرض الدنيوي في مسالة التولي، والآية نص في ذلك ..
..
استدلالك فاسد يا رعاك الله
لأن الأية هذه مقيدة بقوله تعالى {الذين في قلوبهم مرض} مرض أي نفاق.
والناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم.
لا يفهم منه ما ترمي إليه من أن الإمام المجدد يطلق ولا يقيد لأن الإمام لو قصد ما قصدت أنت لقال مطلق مظاهرة المشركين ومعاونتهم!!؟
وهذا لا يقوله جاهل فضلاً عن إمام مجدد مثل الشيخ محمد رحمه الله الذي يقول لا نكفر إلا بالمتفق عليه.
فهذا قيد من كلام الإمام نفسه رحمه الله وهو أنه لا يكفر إلا بالمتفق عليه.
وحكي الإجماع عند أهل السنة - والشيخ المجدد من ائمتهم - بعدم تكفير الجاسوس.
فهل يكفيك هذا القيد؟!
أو ستقول ما لي ومسألة الجاسوس!!
هدانا الله وإياك لما أختلف فيه من الحق بإذنه
وترى ارشدك الله أن الإجماع حكي على عدم تكفير الجاسوس
ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[06 - Nov-2007, مساء 07:01]ـ
أبو عمر بارك الله فيك
جزاكم الله خيرا
لكي لا يكون أمر جدالا ومراءا أكتفي بما سبق .. وأسال الله أن يوفقنا واياكم لما يحب ويرضى
وسامحني إن بدر مني ما يسيئ إليك فانت أخ فاضل
والله الموفق
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[06 - Nov-2007, مساء 10:47]ـ
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم).أهـ
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته إلى محمد بن عيد بعد أن حكى ما قرره ابن عيد وأقره عليه الإمام المجدد قائلاً: (من محمد بن عبد الوهاب، إلى محمد بن عيد، وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه.
وبعد: وصل الكراس، وتذكرون أن الحق إن بان لكم اتبعتموه، وفيه كلام غير هذا، سر الخاطر من جهتك خاصة، بسبب أن لك عقلا، والثانية أن لك عرضا تشح به، والثالثة: أن الظن فيك إن بان لك الحق، أنك ما تبيعه بالزهائد.
فأما تقريركم أول الكلام: أن الإسلام خمس كأعضاء الوضوء، وأنكم تعرفون كلام الله، وكلام رسوله، وإجماع العلماء أن له نواقض كنواقض الوضوء الثمانية; منها: عتقاد القلب وإن لم يعمل أو يتكلم، يعني إذا اعتقد خلاف ما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بعدما تبين له، ومنها: كلام باللسان وإن لم يعمل ولم يعتقد، ومنها: عمل بالجوارح وإن لم يعتقد ويتكلم.
ولكن من أظهر الإسلام وظننا أنه أتى بناقض، لا نكفره بالظن، لأن اليقين لا يرفعه الظن; وكذلك لا نكفر من لا نعرف منه الكفر، بسبب ناقض ذكر عنه، ونحن لم نتحققه; وما قررتم هو الصواب الذي يجب على كل مسلم اعتقاده والتزامه).أهـ[الدرر السنية - كتاب حكم المرتد ج10ص112]
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (وأما ما ذكر الأعداء عني، أني أُكَفِّر بالظن وبالموالاة، أو أكفّر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله).أهـ[الدرر السنية - كتاب حكم المرتد ج10 ص113]
ولعل في هذا من القيود وخاصة النقل الأخير الذي هو نص من الإمام المجدد يقيد ما ظنه البعض مطلقاً في النواقض ما يشفي غليل أخي الموحد السلفي ومن وقع في قلبه شيء من الشبهات التي يرددها اعداء الإمام المجدد رحمه الله.
وأخيراً جزاك الله خيراً يا أخي الموحد على كرم أخلاقك وحسن أدبك وخصوصاً مع علماء التوحيد من أمثال الإمام المجدد وأحفاده واتباعه من العلماء السلفيين.
والله ولي التوفيق وإليه المصير
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[06 - Nov-2007, مساء 11:04]ـ
جزاكم اللَّهُ خيرًا جميعًا،
ونفع بكم أبا عمرَ.
ـ[أبو عبدالرحمن الطائي]ــــــــ[07 - Nov-2007, مساء 04:19]ـ
جزى الله الشيخين الكريمين سلمان أبا زيد، وأبا عمر السلفي، ونفع بهما، وحفظ علماءَنا من كل سوء وشر.
ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[08 - Nov-2007, صباحاً 07:48]ـ
بارك الله فيك يا موحد
وثبتك على التوحيد
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 02:04]ـ
بارك الله في الجميع وجمعهم على طاعته
ـ[عبدالله الخليفي]ــــــــ[09 - Nov-2007, مساء 08:21]ـ
جزى الله أبا عمر خيراً
ـ[عبد الله الغريب1]ــــــــ[13 - Nov-2007, مساء 04:44]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فلا شك أن الوقوع في أهل العلم من علامات خذلان المرء ولا يعرف الفضل لأهل ا لفضل إلا ذووه،ورد الشيخ صالح حفظه الله بهذا لخصوص رد موفق سديد أسأل الله أن يبارك له وينفع به ويزيده من فضله ...
إلا أن لي استدراكا على بعض ما ذكر، أرجوا أن يتسع له صدر شيخنا حفظه الله،ولعل شيخنا حفظه الله أو من لديه بسط في هذه المسالة يوجهنا إن أخطأنا الفهم ...
وهو قوله حفظه الله في مسألة المولاة:
"هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا، ومنها ما يكون للدين، فإذا كانت للدنيا فليست بمخرجة من الدين ... "
أقول: هذا الإطلاق ليس بسديد لان الله سبحانه وتعالى قد أبطل هذا القيد في سياق إثبات الكفر لمن يتولى الكفار وذلك بقوله سبحانه وتعالى:"فترى كثيرا منهم يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "
ففي هذه الآية بيان صريح أن ما حملهم على الموالاة للكفار إلا خشية أن تصيبهم دائرة ... يعني يحتاجون اليهم في وقت ضيق فيمدونهم بالميرة وغيرها مما يحتاجون مقابل توليهم لهم ...
وهذا دليل صريح في إبطال هذا المعنى، ولقد جائت الكثير من الآيات التي توضح أن ما حمل الكفار على كفرهم غلا الأغراض الدنيوية وتبكتهم على ذلك وتذكرهم بما عند الله سبحانه وتعالى من نعيم مقيم وأن ما بأيديهم مما حملهم على الكفر والبغي إلى زوال ...
وقال تعالى: " وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ "
فهذا الذي شرح بالكفر صدره ما فعله إلا لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة فكيف يكون نفس استحباب ا لدنيا على الآخرة عذر ينفي الكفر ويجعله معصية؟
وهذا لا أظنه يخفى على شيخنا حفظه الله فكيف يكون مثل هذا عذرفي الشريعة؟ بل كيف تتعلق الأحكام الظاهرة بما في النفس من أغراض مما لا يطلع عليه ولا يضبط؟!
مع قول الشيخ حفظه الله: " والمقدمة الثانية: أن يكون هناك تحقيق للمناط في تنزيل هذه الحكم على هذا الدليل، أو في إلحاق هذه المسألة بالدليل ليؤخذ منه الحكم،وتنقيح المناط صنعة اجتهادية كما قرّره الشاطبي رحمه الله في كتابه الموافقات، "
فقوله مناط يعني أنه وصف ظاهر منضبط ويناسب أن تناط به الأحكام .. فأين هذا من الأغراض التي في النفوس والتي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه؟
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
والثانية قوله تعالى: " ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ".
فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين"
** وقول الشيخ حفظه الله: " أمّا مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين هذا من نواقض الإسلام، كما هو مقررٌ في كتب الحنابلة وذكره العلماء، ومنهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النواقض العشر الناقض الثاني."
- هذا الذي قرره العلماء وفسروه وفصلوه ليس كما ذكر الشيخ هنا حفظه الله!
فأهل العلم جعلوا مظاهرة المشركين ناقضا من نواقض الإسلام وسببا من أسباب الردة، والشيخ هنا حفظه الله يقيد هذا الناقض بأن يظاهرهم " لأجل دينهم " فكيف يقول حفظه الله "كما هو مقرر في كتب الحنابلة ... " ثم يحيد عما قرروه؟
وهل يقيد الشيخ حفظه الله جميع النواقض بهذا القيد كما ذهب غيره؟ أم أن هذا القيد خاص بالموالاة؟!
- والشيخ حفظه الله من العلماء المشهود لهم بالضبط والتدقيق ولذا يعظم العجب من مثل قوله هذا!!!
وقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في النواقض أن مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كفر لا شك أنه بدون هذا القيد والشيخ حفظه الله استدل على هذا الحكم بآية المائدة:"ومن يتولهم منكم فإنه منهم " ففسر التولي بالمظاهرة والقتال مع الكفار، وحكم عليه بالكفر بلا قيود ...
وهذا حكم مستقر عند أئمة الدعوة جميعهم تأصيلا وتطبيقا ...
قال الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته للشريف: "" النوع الثالث: من عرف التوحيد وأحبه واتبعه. وعرف الشرك وتركه, ولكن يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك. فهذا أيضاً كافر, وهو ممن ورد فيه قوله تعالى:
(ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم).
النوع الرابع: من سلم من هذا كله ولكن أهل بلده مصرحون بعداوة التوحيد واتباع أهل الشرك وساعون في قتالهم ويتعذر أن تركه وطنه يشق عليه, فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ويجاهد بماله ونفسه. فهذا أيضاً كافر .. "
الشاهد هنا هو النوع الرابع الذي كفر ه الشيخ رحمه الله فهو:
- عرف التوحيد وأحبه واتبعه
- وعرف الشرك وتركه
- وسلم من محبة المشركين
- وسلم من بغض الموحدين
ولكنه قاتل مع المشركين ضد الموحدين متعذرا بأنه يشق عليه ترك وطنه ...
فهذا بيان واضح من شيخ الإسلام يقرر فيه:
- كفر من يقاتل مع المشركين ضد المسلمين
- ويبطل فيه مسالة الغرض الدنيوي
أما حديث حاطب رضي الله عنه فلعل شيخ الإسلام رحمه الله لم يطلع عليه أثناء تقرير هذه النواقض أو مراسلاته والله أعلم ..
فإذا كان الشيخ حفظه الله يقر بما هو مقرر عند العلماء ومنهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فهذا الذي قرره رحمه الله وهو بلا شك خلاف ما ذهب اليه الشيخ، أسأل الله أن يحفظ شيخنا ويوفقنا وإياه وجميع إخواننا لما يحب ويرضى
والله أعلم
كلام واضح جدا في عدم تقيد المظاهرة ... ولا يتفق بحال مع كلام الشيخ صالح آل الشيخ الذي صرح بالتقييد بارك الله فيك وكلام الاخ عمر السلفي متناقض ومضطرب! فياليته لا يتعجل ويقرأ في المسالة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[14 - Nov-2007, صباحاً 09:06]ـ
وجزاك يا أخي الخليفي وبارك فيك
========
أخي الغريب فرج الله غربتك و جعلك من الحق قريب.
ـ[عبدالله الخليفي]ــــــــ[16 - Nov-2007, مساء 08:50]ـ
هنا نص لشيخ الإسلام في المسألة التي حصل فيها الخلاف بين الأخوة
ولعل أحدهم نقله قبلي
قالَ شيخُ الإسلامِ كما في مجموع الفتاوى (7/ 522 ـ523): «الأصلُ الثاني: أنّ شعبَ الإيمانِ قد تَتلازَمُ عندَ القوّة ولا تتلازمُ عندَ الضّعف، فإذا قوِيَ ما في القلبِ من التّصديقِ والمعرفةِ والمحبّةِ للهِ ورسولِه، أوجبَ بغضَ أعداءِ الله، كما قالَ تعالى: [المائدة: 81] وقالَ: [المجادلة: 22].
وقد تحصلُ للرّجلِ موادّتهم لِرَحِمٍ أو حاجةٍ فتكونُ ذنباً ينقصُ بهِ إيمانُه ولا يكونُ بِهِ كافراً، كما حصلَ من حاطبِ بنِ أبي بَلتَعة لمّا كاتبَ المشركينَ ببعضِ أخبارِ النّبيّ e وأنزلَ اللهُ فيهِ: [الممتحنة: 1] ().
وكما حصلَ لسعدِ بنِ عبادةَ لمّا انتصرَ لابنِ أُبَيّ في قصةِ الإِفْكِ، فقالَ: لسعدِ بنِ معاذٍ: كذَبْتَ، واللهِ لا تقْتلهُ، ولا تقدِرُ على قتلِه، قالت عائشة: وكانَ قبلَ ذلكَ رجلاً صالحاً ولكن احتملَتْه الحميّة () .. ولهذا لم يكنْ المتّهمونَ بالنّفاق نوْعاً واحِداً، بلْ فيهم المنافقُ المحضُ، وفيهم مَن فيهِ إيمانٌ ونفاق، وفيهِم مَن إيمانُه غالبٌ وفيهِ شعبةٌ من النّفاقِ .. ولمّا قوِيَ الإيمانُ وظهرَ الإيمانُ وقوّتُه عامَ تبوكٍ، صاروا يُعَاتَبونَ مِنَ النّفاقِ على ما لم يكونُوا يُعاتَبونَ عليهِ قبلَ ذلكَ»
ـ[ابو عمر السلفي]ــــــــ[18 - Nov-2007, صباحاً 09:34]ـ
ما أحسن كلام أهل العلم فإن عليه نورا
جزاك الله خيراً يا عبد الله
ـ[عبدالله الخليفي]ــــــــ[22 - Nov-2007, مساء 11:26]ـ
ما دام أخونا أبو عمر يغتبط بكلام أهل العلم فسأزيده
جاء في كتاب الأم للشافعي (4/ 249 - 250). ((قيل للشافعي: أرأيت المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب بأن المسلمين يريدون غزوهم أو بالعورة من عوراتهم هل يحل ذلك دمه ويكون في ذلك دلالة على ممالأة المشركين؟
قال الشافعي - رحمه الله تعالى-: لا يحل دم من ثبتت له حرمة الإسلام إلا أن يقتل أو يزني بعد إحصان أو يكفر كفراً بيناً بعد إيمان، ثم يثبت على الكفر وليس الدلالة على عورة مسلم، ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بين، فقلت للشافعي: أقلت هذا خبراً أم قياساً؟ قال: قلته بما لا يسع مسلماً علمه عندي أن يخالفه بالسنة المنصوصة بعد الاستدلال بالكتاب فقيل للشافعي فاذكر السنة فيه – ثم ساق خبر حاطب ثم قال –
قال الشافعي رحمه الله تعالى: في هذا الحديث مع ما وصفنا لك طرح الحكم باستعمال الظنون لأنه لما كان الكتاب يحتمل أن يكون ما قال حاطب كما قال من أنه لم يفعله شاكاً في الإسلام، وأنه فعله ليمنع أهله، ويحتمل أن يكون زلة لا رغبة عن الإسلام، واحتمل المعنى الأقبح، كان القول قوله فيما احتمل فعله، وحكم رسول الله فيه بأن لم يقتله ولم يستعمل عليه الأغلب ولا أحد أتى في مثل هذا أعظم في الظاهر من هذا لأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مباين في عظمته لجميع الآدميين بعده، فإذا كان من خابر المشركين بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غرتهم فصدقه ما عاب عليه الأغلب مما يقع في النفوس فيكون لذلك مقبولاً كان من بعده في أقل من حاله وأولى أن يقبل منه مثل ما قبل منه.
قيل للشافعي: أفرأيت إن قال قائل إن رسول الله صلى الله عليه قال قد صدق إنما تركه لمعرفته بصدقه لا بأن فعله كان يحتمل الصدق وغيره فيقال له قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنافقين كاذبون وحقن دماءهم بالظاهر، فلو كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم في حاطب بالعلم بصدقه كان حكمه على المنافقين القتل بالعلم بكذبهم ولكنه إنما حكم في كل بالظاهر وتولى الله عز وجل منهم السرائر ولئلا يكون لحاكم بعده أن يدع حكماً له مثل ما وصفت من علل أهل الجاهلية وكل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عام حتى يأتي عنه دلالة على أنه أراد به خاصاً أو عن جماعة المسلمين الذين لا يمكن فيهم أن يجهلوا له سنة أو يكون ذلك موجوداً في كتاب الله عز وجل))
قلت هذا النص يفيد أموراً
الأول أن الإمام يرى أن كل من فعل فعل حاطب لا يقتل ولا يرى لحاطب خصوصية بهذا _ وإلا لما كان لاحتجاجه بالحديث على خصومه معنى _
الثاني أن الشافعي يعلل هذا الحكم أن من ثبتت حرمة الإسلام لا تزول عنه إلا بنص فأثبت حرمة الإسلام لمن فعل فعل حاطب
الثالث مما سبق يتبين معنى قوله في فعل حاطب ((ليس بالكفر البين)) فهو يعني أنه ليس بالفعل الذي يضاد الإيمان من كل وجه ويكون كفراً في جميع أحواله لهذا جعله مقابلاً للكفر البين (وهو الكفر الأكبر)
وينبغي التنبه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر حاطباً على التفريق بين فعله وفعل الراغب عن الإسلام فتنبه
والفعل الذي يصدر عن تأويل لا يكون صاحبه عارفاً بأنه إثم _ كما هو حال الصحابي الجليل حاطب _
والمتأول غير مؤاخذٍ شرعاً فلا يحتاج إلى حسنات مكفرة _ مثل شهود بدر _
وإذا التأويل المقصود في حق حاطب هو اعتقاد أن فعله ليس بكفر فقد عبر عن ذلك صراحةً وأقره النبي صلى الله عليه وسلم
ومن المعلوم أن الأفعال الكفرية لا يشترط فيها أن يعلم فاعلها أنها كفر بل يكفي أن يعلم أنها منهيٌ عنها
وإذا كانت علة عدم تكفير حاطب عدم علمه بأن هذا الفعل كفر
فإننا إذا عممنا هذا الحكم فسنلغي الحكم بالتكفير أصلاً(/)
((حكم تمثيل الصحابة في شكل رواية مسرحية أو فيلم سينمائي)) بحث لللجنة الدائمة
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 10:47]ـ
حكم
تمثيل الصحابة
في مسرحية أو فيلم سينمائي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد أحيل إلى هيئة كبار العلماء رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوى والإرشاد بالمملكة العربية السعودية في دورتها الثالثة المنعقدة في شهر ربيع الثاني عام 1393 هـ وهو تصوير حياة " بلال " مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيلم سينمائي.
وفي تلك الدورة قدمت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في الموضوع هذا نصه:
الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فهذا بحث يتعلق بمسألة حكم تمثيل الصحابة في شكل رواية مسرحية أو فيلم سينمائي قامت اللجنة الدائمة بالبحوث العلمية والإفتاء بإعداده تمهيدا لعرض المسألة على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها القادمة إنفاذا لأمر المقام السامي رقم 24\ 93 وتاريخ 1\ 1 \ 1393 هـ
والله الموفق. . . . . . . .
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
الفهرس
- خطاب إحالة إلى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية
-اعتبارات خمسة
- قرار رابطة العالم الإسلامي بشأن تمثيل الرسول صلى الله عليه وسلم في فيلم سينمائي
- قرار المنظمات الإسلامية في مكة المكرمة
- فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا
- قرار لجنة الفتوى بالأزهر
- مفاسد تمثيل الأنبياء
- قصص الأنبياء في السينما
- قرارات هيئة كبار العلماء
حكم
تمثيل الصحابة
في مسرحية أو فيلم سينمائي
يحسن بنا قبل تقديم ما تيسر الحصول عليه من أقوال أهل العلم في حكم تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم أن نشير إلى اعتبارات تحسن ملاحظتها أثناء بحث المسألة.
الأول: ما لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المكانة العليا في الإسلام بحكم معاصرتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيامهم بواجب نصرته وموالاته والتفاني في سبيل الله ببذلهم أموالهم وأولادهم ونفوسهم، فقد اتفق أهل العلم على أنهم صفوة هذه الأمة وخيارها، وأن الله شرفهم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهم في كتابه الكريم بقوله: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)) [سورة الفتح الآية 29] الآية، وجاءت الأحاديث الصحيحة بتسجيل فضلهم وأن لهم قدم صدق عند الله، ففي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال حدثنا أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام من الناس فيقال:هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم: ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم فيفتح لهم».
وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن».
وفي الصحيحين عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأن بعض أصحابه رضوان الله عليهم: «لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».
الثاني: النظرة العامة إلى مشاهدة التمثيل:
من أنه حال من أحوال اللهو والتسلية وشغل فراغ الوقت، فمشاهده في الغالب لا يريد من المشاهدة ما فيه مجال للعظة والتأمل، وإنما يقصد من ذلك إشباع غرائزه بما يشرح النفس وينسي الهموم، وينقل المرء من حال الجد إلى حال العبث والهزل.
الثالث: حال محترفي التمثيل من المناحي المسلكية:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن المتتبع لحياة الممثلين يخرج بنتيجة هي أن غالبهم سقط من الناس ليس للصلاح والتقوى مكان في حياتهم العامة ولا للأخلاق الإسلامية والعربية محل في دائرة أخلاقهم، ولا للقيم الإنسانية اعتبار عندهم، فإذا تقمص أحدهم شخصية صالح أو نبيل أو شهم أو عفيف أو جواد فذلك لأجل ما سيتقاضاه ثمنا لذلك، ثم يعود إلى سيرته الأولى ضاحكا لاهيا ساخرا معرضا عن الجوانب المشرقة في حياتهم.
الرابع: أغراض التمثيل:
قد لا يختلف اثنان في أن الهدف الأول لأرباب المسارح في إقامة التمثيل فيها المكاسب المادية ومكاسبهم المادية لا تحصل إلا بمداعبة غرائز المشاهدين، وشهواتهم، فإذا عرفنا أن غالب المشاهدين لا يقصدون من مشاهدتهم التمثيل إلا قضاء فراغ أوقاتهم بما فيه العبث واللهو والتسلية، وفهمنا أن الهدف الأول والأخير من التمثيل الكسب المادي أدركنا أن القائمين على التمثيل سيحرصون على إنماء رصيد مشاهدي مسرحياتهم بتحقيق رغبة المشاهد في إشباع غرائزه العاطفية، وعرض ذلك على شاشات التمثيل وخشبات المسارح.
الخامس: اعتياد كثير من المؤرخين في مؤلفاتهم التاريخية على التساهل في تحقيق الوقائع التاريخية يضاف إلى ذلك أن مجموعة من ذوي الميول المنحرفة والأهواء المغرضة قد نفثوا سمومهم في التاريخ
الإسلامي ما بين وقائع تاريخية كاذبة وتعليلات للجوانب التاريخية في الإسلام ترمي إلى التقليل من القيمة العليا لتضحية المسلمين في سبيل الله، فإذا كانت مادة التمثيل ستنقل من التاريخ، وليس هناك مرجع غيره أمكن تصور وجود الكذب والافتراء على السلف الصالح لا سيما صفوة هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[قرار رابطة العالم الإسلامي]
وقد صدر من رابطة العالم الإسلامي بخصوص تمثيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيلم استعرض حكم تمثيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما نصه:
وكما يحرم ذلك كله في حق الرسول صلى الله عليه وسلم يحرم تمثيل الصحابة الأكرمين رضي الله عنهم أجمعين باتفاق أهل العلم؛ لشرفهم بالصحبة العظيمة واختصاصهم بها دون من عداهم من الناس ولكرامتهم عند الله تعالى وثنائه عليهم في القرآن الكريم قال تعالى: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)) [سورة الفتح الآية 29] الآية، فهم أحقاء إجماعا بالتكريم والتعظيم والتوقير، ولذلك أجمع أهل العلم على حرمة تصويرهم في الأفلام أو على المسارح لما فيه من المنافاة الصارخة لكل ذلك. 1 هـ. .
كما صدر قرار من المنظمات الإسلامية العالمية المنعقدة في دورتها في مكة المكرمة في ذي الحجة سنة 1390 هـ، جاء فيه ما نصه: قرر المؤتمر استنكاره الشديد لمحاولة إخراج فيلم سينمائي يمثل فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأية صورة من الصور أو كيفية من الكيفيات كما يستنكر تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم، ويناشد المؤتمر كل الحكومات الإسلامية أن تقضي على هذه المحاولة في مهدها. .
[فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا]
كما صدر ثلاث فتاوى للشيخ محمد رشيد رضا في حكم التمثيل الأخلاقي الأولى في حكم التمثيل الأخلاقي وهذا نصها مع سؤالها:
من صاحب الإمضاء الحرفي في (دمشق الشام) ع. .
" سيدي الأستاذ صاحب المنار الأغر، ما رأي الأستاذ -حفظه الله- في تمثيل الروايات الأخلاقية التي لا يشوبها ضروب الخلاعة، أو من ظهور النساء حاسرات على المسارح، والتي تحبب الحضور بالفضيلة وتنفرهم من الرذيلة؟ يجوز لنا أن نعتبر التمثيل غيبة فنحرمه بدعوى أن الغيبة محرمة؟
" هل ورد في النصوص الشرعية تصريحا أو تلميحا ما يدل على حرمة التمثيل الأخلاقي، أو يشير إلى اجتنابه، وعهدنا بهذا النوع من التمثيل أنه خير ما يغرس في النفوس حب الفضائل وكره الرذائل؟.
أرجو إجابتي على هذه الأسئلة حتى لا يبقى مجال لتغرير المسلمين باسم الشريعة، ورميها بسهام غير سديدة، هدانا الله بمناركم الوضاح إلى أقوم طريق.
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب: جاءنا مثل هذا السؤال أيضا من دمشقي آخر أشار إلى اسمه بحرفي (م. ن) وجاء في سؤاله أن السؤال واقعة حال في دمشق، وهي أن تلاميذ المدرسة العثمانية بدمشق مثلوا قصة زهير الأندلسي التي تشرح كيفية انقراض المسلمين من الأندلس، فقام بعض الحشوية من طلاب الشهرة وأصحاب الدعوى يشنعون على المدرسة ويكفرون تلاميذها ومعلميها، ويزعمون أنهم حاولوا هدم الإسلام بتذكير المسلمين بأسباب انقراض المسلمين من مملكة إسلامية كانت زينة ممالك الأرض بالعلوم والفنون والآداب، وخطبوا بذلك على المنابر في رمضان، وصدق فيهم قول من قال: إن لمتعصبي دمشق في كل رمضان ثورة.
أشار السائل الذي نشرنا نص سؤاله إلى ما صرح به السائل الآخر من احتجاج محرمي التمثيل على تحريمه بأنه يتضمن الغيبة وقال هذا المصرح إن بعضهم حرم قراءة الجرائد والمجلات بمثل هذا الدليل.
نقول: إن صح قولهم أن تلك القصة أو الواقعة التي مثلت في دمشق، كانت متضمنة لشيء من الغيبة -هو ما يستبعد جدا- فالمحرم فيها هو الغيبة لا جميع القصة ولا القصص التي تمثل ولا التمثيل نفسه.
وكان الأظهر أن يقولوا إنها تتضمن الكذب في بعض جزئياتها، وكأنهم فطنوا إلى كون الكذب غير مقصود فيها، ولا يتحقق إلا بالنسبة إلى مجموع القصة إذا كان ما تقرره وتودعه في الأذهان من مغزاها المراد غير صحيح، كأن تصور قصة زهير لقرائها، وحاضري تمثيلها أن الإسبانيين اضطهدوا المسلمين وفتنوهم عن دينهم وخيروهم بين الكفر والخروج من الوطن، ويكون هذا الذي تصوره لم يقع أو وقع ضده.
هذه القصص التمثيلية من قبيل ما كتبه علماؤنا المتقدمون من المقامات التي تقرأ في المدارس الدينية وغير الدينية، كمقامات البديع ومقامات الحريري، وقد كان الحريري -رحمه الله تعالى- توقع أن يوجد في عصره أمثال أولئك المتنطعين الذين حرموا قصة زهير الأندلسي، فرد عليهم بقوله في فاتحة مقاماته:
" على أني وإن أغمض لي الفطن المتغابي، ونضح عني المحب المحابي، لا أكاد أخلص من غمر جاهل، أو ذي غمر (حقد) متجاهل، يضع مني لهذا الوضع، ويندد بأنه من مناهي الشرع، ومن نقد الأشياء بعين المعقول، وأنعم النظر في مباني الأصول، نظم هذه المقامات، في سلك الإفادات، وسلكها مسلك الموضوعات، عن العجماوات والجمادات، ولم يسمع بمن نبأ سمعه عن تلك الحكايات، وأثم رواتها في وقت من الأوقات، ثم إذا كانت الأعمال بالنيات، وبها انعقاد العقود الدينيات، فأي حرج على من أنشأ ملحا (وردت في المنار '' مقامات ''.) للتنبيه، لا للتموين، ونحا بها منحى التهذيب، لا الأكاذيب، وهل هو في ذلك إلا بمنزلة من انتدب لتعليم، وهدى إلى صراط مستقيم (مقامات الحريري '' تحقيق سلفستر دساسي '' باريس - دار الطباعة الملكية 1822 ص 11 - 12.) فهو يقول إنه لم يعرف أحد من علماء الأمة إلى زمنه أنه حرم أمثال تلك القصص التي وضعت عن الحيوانات ككتاب كليلة ودمنة وغيره؛ لأن المراد بها الوعظ والفائدة وصورة الخير في جزئياتها غير مرادة وما سمعنا بعده أيضا أن أحدا من العلماء حرم قراءة مقاماته، ولكن اجتهاد بعض المغرورين بالحظوة عند العوام يتجرءون على تحريم ما لم يحرمه الله ورسوله ولا حرم مثله أحد من علماء الملة، وهم مع هذا يتبرءون بألسنتهم من دعوة الاجتهاد واسم الاجتهاد ويشنعون على من يقول إنه يمكننا أن نعرف الأحكام بأدلتها الشرعية، فهم يعترفون بأنهم ليسوا أهلا للاستدلال ولا لمعرفة حكم بدليله، ويدعون أنهم مقلدون لبعض الأئمة المجتهدين رضوان الله عليهم، فليأتونا بنص من أولئك الأئمة على تحريم ما حرموه إن كانوا صادقين.
ثم نقول من باب الدليل قد فسر الحرام في بعض كتب الأصول بأنه خطاب الله المقتضي للترك اقتضاء جازما، فليأتونا بخطاب الله المقتضي بتحريم تمثيل الوقائع الوعظية والتهذيبية، أما أصول المحرمات في الكتاب، فقد بينها الله تعالى بالإجمال في قوله: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)) [سورة الأعراف الآية 33].
(يُتْبَعُ)
(/)
أفلا يخشى أولئك المتجرئون أن يكونوا من الذين يقولون على الله ما لا يعملون، الذين قال فيهم أيضا: ((وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)) [سورة النحل الآية 116].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس». الحديث، وهو في الصحيحين والسنن كلها من حديث خيار الآل والصحب علي وولده الحسين والعبادلة الثلاثة وعمار والنعمان بن بشير رضي الله عنهم، فإذا كان الحرام بينا فكيف يخفى منه مثل هذا الحكم على جميع المسلمين في هذه القرون الطويلة، ولا يهتدي إليه إلا أولئك المضيقون في هذا العام؟
إننا لا نري وجها ما لهذا التحريم، ولو سلمنا أن في القصة الممثلة كلاما يصح أن يعد غيبة أو كذبا فإنا نعلم أن في كثير من كتب الحديث والفقة والوعظ أحاديث موضوعة، ولم يقل أحد أن ذلك يقتضي تحريم تأليف تلك الكتب وقراءتها وطبعها، وفي كتب الحديث طعن في الرجال فهل نحرم علم أصول الحديث، إلا إنه ليحزننا أن يكون لأمثال هؤلاء المفتاتين المتنطعين كلمة تسمع في مدينة دمشق الفيحاء التي هي أجدر البلاد بأن تكون ينبوعا لحياة الدين والعلم والارتقاء في سورية وجزيرة العرب كلها، وما آفتها إلا نفر من المتنطعين قد جعلوا الدين عقبة في طريق الارتقاء العلمي والعملي، فنسأل الله تعالى أن يلهمهم الرشد، ويهديهم طريق القصد، وأن يبصر العامة كالخاصة في تلك المدينة الزاهرة بحقيقة أمرهم حتى لا تتبع كل ناعق منهم.
[انظر فتاوى رشيد رضا - جـ 3 ص 1090، المنار جـ 14 (1991) ص 827 - 830.]
والثانية في حكم تمثيل بعض الصحابة، وهذا نصها مع سؤالها:
السؤال: هل يجوز تمثيل بعض الصحابة على شكل رواية أدبية خلقية تظهر محاسن ذلك الصحابي الممثل لأجل الاتعاظ لسيرته ومبادئه العالية مع التحفظ والتحري لضبط سيرته دون إخلال بها من أي وجهة كانت أم لا.
الجواب: لا يوجد دليل شرعي يمنع تمثيل حياة الصحابة أو أعمالهم الشريفة بالصفة المذكورة في السؤال [انظر ص \ 2348 \ من الجزء السادس من فتاوى رشيد.].
والثالثة في حكم التمثيل العربي وتمثيل قصص الأنبياء وهذا نصها
التمثيل العربي: اشتغال المرأة المسلمة به وتمثيل قصص الأنبياء (المنار ج 20 '' 1917 '' ص 310 - 316.) من صاحب الإمضاء بمصر محمد محمد سعفان طالب بمدرسة القضاء الشرعي
بسم الله الرحمن الرحيم: إلى فضيلة مولانا وراشدنا السيد رشيد رضا. جمعتني النوادي بطائفة من المتعلمين الذين قلما يخلو مجلسهم من البحث وبأية مناسبة دار بيننا ذكر التمثيل العربي، وبسطنا على بساط بحثنا (المنار ج 20 '' 1917 '' ص 310 - 316.) المرأة المسلمة والتمثيل، تمثيل روايات الأنبياء عليهم السلام عموما وخاتمهم خصوصا فقر رأي فريق منا على جواز ذلك كله إذ لا تتم أدوار التمثيل وفصوله إلا بالمرأة، فإذا جوزنا التمثيل جوزنا ظهور المرأة المسلمة على مسارح التمثيل، وأي مانع يمنع تمثيل روايات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عموما وخاتمهم خصوصا وهو لم يخرج عن كونه درس وعظ على طريقة التأثير النافع الذي ينشده مشاهير الوعاظ، وقل من يصادفه أو يجد له أثرا، ومنع فريق آخر ذلك وعده نوعا من التقليد الإفرنجي الذي يستحوذ على بعض البسطاء فيعدونه مفتاح تمدن الأمة في حين أنه شر عليها وعلى أخلاقها الذاتية، فهذا ما كان من الفريقين أما أنا كاتب هذه السطور فقد أعلنت الحيدة حتى أسترشد برشدكم أو أستنير بفتيا مناركم والسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
الجواب: قلت، هدانا الله وإياك بحجة الصواب في الحكم، وعصمنا أن نقفو ما ليس لنا به علم: إن بعض الأندية جمعك بطائفة من المتعلمين الباحثين، وأنهم ذكروا " التمثيل العربي " فاختلفوا في جواز اشتغال المرأة المسلمة به، وفي جواز تمثيل قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عامة وخاتمهم خاصة، فقالت طائفة منهم بجواز الأمرين، وعللوا الأول " بأن أدوار التمثيل وفصوله لا تتم إلا بالمرأة فإذا جوزنا التمثيل جوزنا ظهور المرأة المسلمة على مسارح التمثيل، " وعللوا الثاني بأن " درس وعظ على طريقة التأثير النافع الذي ينشده مشاهير الوعاظ وقل من يصادفه أو يجد له أثرا " وقالت طائفة أخرى بمنع الأمرين وعدوه من التقليد الإفرنجي الضار، الذي يغر به الأغرار وقلت إنك وقفت تستفتي المنار، فهاك ما أفهمه في المسألتين بالاختصار.
لم يأت فريق المجيزين بشيء من العلم، يدل على ما جزموا به من الحكم، فإن سلمنا لهم أن التمثيل لا يتم إلا بالمرأة لا نسلم لهم أن جوازه يستلزم جواز اشتغال المرأة المسلمة به، بل نسألهم ماذا يعنون بهذا التمام؟ ولماذا لا يستغنى فيه بالمرأة غير المسلمة التي تستبيح من أعماله ما لا يباح للمسلمة؟ وبأي حجة جعلوا القول بجواز التمثيل الذي ينقصه وجود المرأة المسلمة أصلا بنوا عليه القول بجواز اشتغالها بالتمثيل، وهل يعدو التمثيل المطلق أن يكون مباحا أو مستحبا بشرط خلوه من فعل الحرام وذرائع الفساد، واشتماله على الوعظ النافع والإرشاد؟ أوليس الصواب أن يقال -والأمر كذلك- إن التمثيل الذي يتوقف على قيام المرأة المسلمة ببعض أعماله على الوجه المعروف في دور التمثيل بمصر غير جائز؛ لأن ما توقف على غير الجائز فهو غير جائز، أو لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟
اشتغال المرأة المسلمة بالتمثيل
اشتغال المرأة المسلمة بالتمثيل يشتمل على منكرات محرمة، منها:
ظهورها على أعين الرجال متبرجة كاشفة ما لا يحل كشفه لهم من أعضائها كالرأس والنحر وأعالي الصدر والذراعين والعضدين، وتحريم هذا مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، فلا حاجة إلى ذكر النصوص فيه.
ومنها الاشتراك مع الرجال الممثلين في أعمال تكثر في التمثيل وإن لم تكن من لوازمه في كل قصة كالمعانقة والمخاصرة والملامسة بغير حائل.
ومنها: غير ذلك من المنكرات التي تشتمل عليها بعض القصص دون بعض كالتشبه بالرجال، وتمثيل وقائع العشق والغرام المحرم بما فيه من الأعمال المحرمة لذاتها أو لكونها ذريعة إلى المحرم لذاته.
ولا أنكر أنه يمكن للكاتب العالم بأحكام الشرع وآدابه أن يكتب قصة تمثيلية يودع بعض فصولها أعمالا شريفة وأقوالا نافعة إذا مثلتها امرأة مسلمة تبرز في دار التمثيل غير متبرجة بزينة ولا مبدية لشيء مما حرم الله إبداءه من بدنها، ولا آتية بشيء من أعمال الفساد ولا من ذرائعه، فإن تمثيلها يكون بهذه الشروط مباحا أو مستحبا، مثال ذلك أن تؤلف قصة في الترغيب في الحروب للدفاع عن الحقيقة وحماية البلاد عند وجوبها باعتداء الأعداء عليها ويذكر فيها ما روي عن الخنساء -رضي الله عنها- في حث أبنائها على القتال بالنظم والنثر فمن ذا الذي يتجرأ على القول بتحريم ظهور امرأة تمثل الخنساء في مثل تلك الحال، التي هي مثال الفضيلة والكمال؟ ولكن إمكان وضع مثل هذه القصة وهو من الممكنات التي لم تقع لا يبنى عليه القول بإطلاق جواز ما هو واقع من التمثيل المشتمل على ما ذكرنا، وما لم نذكر من المنكرات المحرمة والمكروهة شرعا.
وأما تمثيل قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقد عللوه بأنه درس وعظ مؤثر، يعنون أن كل ما كان كذلك فهو جائز، وهذه الكلية المطوية ممنوعة، وتلك المقدمة الصريحة غير متعينة فإن هذه القصة قد توضع وضعا منفرا، فلا تكون وعظا مؤثرا، وإن من الوعظ المؤثر في النفوس ما يكون كله أو بعضه باطلا، وكذبا وبدعا، أو مشتملا على مفسدة أو ذريعة إليها، ويشترط في جواز الوعظ أن يكون حقا لا مفسدة فيه ولا ذريعة إلى مفسدة، وبناء على هذا الأصل ننظر في هذه المسألة من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدها: أن العرف الإسلامي العام يعد تمثيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إهانة لهم أو مزريا بقدرهم، ومما أعهد من الوقائع في ذلك أن بعض النصارى كانوا أرادوا أن يمثلوا قصة يوسف عليه السلام في بعض المدن السورية فهاج المسلمون لذلك، وحاولوا منعهم بالقوة، ورفع الأمر إلى الأستانة فصدرت إرادة السلطان عبد الحميد بمنع تمثيل تلك القصة وأمثالها، فإن قيل إن بعض مسلمي مصر كأولئك المتعلمين القائلين بالجواز لا يعدون ذلك إهانة ولا إزراء إذ لا يخفى على مسلم أن إهانة الأنبياء أو الإزراء بهم أقل ما يقال فيه إنه من كبائر المعاصي، وقد يكون كفرا صريحا وردة عن الإسلام، نقول إنما العبرة في العرف بالجمهور الذي تربى على آداب الإسلام وأحكامه لا بالأفراد القلائل، ومن غلبت عليهم التقاليد الإفرنجية، حتى صاروا يفضلونها على الآداب الإسلامية، كذلك القاضي الأهلي الذي حكم ببراءة أستاذ مدرسة أميرية غازل امرأة محصنة وتصباها، وكاشفها بافتتانه بجمالها حتى هجره الرقاد، وواصله السهاد.
فشكت المحصنة هذه الوقاحة إلى زوجها فرفع الزوج الأمر إلى قاضي العقوبات طالبا تعزير ذلك العادي المفتات، فكان رأي القاضي أن مغازلة المحصنات الحسان وتصبيهن، يحتمل ذلك الكلام الذي يفسدهن على أزواجهن، ولا يقتضي سجنا ولا غرامة، ولا تأنيبا، ولا ملامة؛ لأنه إظهار لحب الحسن والجمال، وهو من ترقي الذوق وآيات الكمال، ولكن ما رآه هذا القاضي المتفرنج حسنا وكمالا، رآه السواد الأعظم من المسلمين نقصا قبيحا، وأنكره عليه في الجرائد حتى منعتها مراقبة المطبوعات من التمادي في الإنكار، واستأنف الزوج الحكم فنقضه الاستئناف، وحكم بأن كلام ذلك الأستاذ جريمة منافية للآداب، ولو حاول بعض أجواق التمثيل تمثيل قصة أحد الرسل الكرام -عليهم الصلاة والسلام- لرأوا من إنكار العلماء والجرائد ما لا يخطر ببال أولئك الأفراد الذين يرون جوازه، ولو وقع مثل ذلك في بلد لم تذلل أهله سيطرة الحكام لما كان إلا مثارا للفتنة ولتصدى الناس لصد الممثلين بالقوة، بل يغلب على ظني أن أكثر الناس يعدون تمثيل الأمراء والسلاطين، وكبار رجال العلم والدين، مما يزري بمقامهم، ويضع من قدرهم، وأن أحدا من هؤلاء الكبراء لا يرضى لنفسه ذلك.
الوجه الثاني: إن أكثر الممثلين لهذه القصص من سواد العامة، وأرقاهم في الصناعة لا يرتقي إلى مقام الخاصة، فإن فرضنا أن جمهور أهل العرف لا يرون تمثيل الأنبياء إزراء بهم على إطلاقه أفلا يعدون من الإزراء والإخلال بما يجب لهم من التعظيم أن يسمى (السي فلان) أو (الخواجة فلان) إبراهيم خليل الله أو موسى كليم الله أو عيسى روح الله أو محمدا خاتم رسل الله؟ فيقال له في دار التمثيل: يا رسول الله ما قولك في كذا. . . . . . فيقول كذا. . . . . . ولا يبعد بعد ذلك أن يخاطبه بعض الخلعاء بهذا اللقب في غير وقت التمثيل على سبيل الحكاية أو من باب التهكم والزراية، كأن يراه بعضهم يرتكب إثما فيقول له: مدد يا رسول الله! ألا إن أباحة تمثيل هؤلاء الناس للأنبياء قد تؤدي إلى مثل هذا، وكفى به مانعا لو لم يكن ثم غيره.
الوجه الثالث: تمثيل الرسول في حالة أو هيئة تزري بمقامه ولو في أنفس العوام وذلك محظور، وإن كان تمثيلا لشيء وقع، مثال ذلك أن يمثل بعض هؤلاء الممثلين المعروفين يوسف الصديق عليه السلام بهيئة بدوي مملوك تراوده سيدته عن نفسه وتقد قميصه من دبره، ثم يمثله مسجونا مع المجرمين ويتجلى النظر في هذا الوجه ببيان مسألة من أعظم المسائل يغفل عنها أمثال أولئك الباحثين الذين ذكرهم المستفتي، وهي أن الرسل -عليهم الصلاة والسلام- بشر ميزهم الله تعالى بما خصهم به من الوحي، وهداية الخلق إلى الحق، وقد كانت بشريتهم حجابا على أعين الكافرين حال دون إدراك خصوصيتهم، فأنكروا أن يكون الرسول بشرا مثلهم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وروي عن المسيح -عليه السلام- أن النبي لا يهان إلا في وطنه وقومه، وقال بعض العلماء في المعنى: أزهد الناس في الولي أهله وجيرانه، أي لأنهم قلما يرون منه إلا ما هو مشارك لهم فيه من الصفات والعادات وأما ما يمتاز به من دقائق الورع والتقوى والمعرفة بالله تعالى فمنه ما هو سلبي لا يفطنون له، ومنه ما هو خفي لا يدركونه، ولذلك احتيج في إيمان أكثر الناس بالرسل قبل الارتقاء العقلي إلى الآيات الكونية، وبعده إلى الآيات العلمية، (كالقرآن الحكيم من الأمي) والذين يؤمنون بالرسل من بعدهم يسمعون من أخبار آياتهم وخصائصهم وفضائلهم أكثر مما يسمعون من أخبار عاداتهم وصفاتهم البشرية، وبذلك يكون تعظيمهم وإجلالهم لهم غير مشوب بما يضعف الإيمان بهم من تصور شئونهم البشرية، على أن الواجب أن يعرفوا منها ما يحول دون الغلو في التعظيم والإطراء الذي يدفع به الغلاة الأنبياء إلى مقام الربوبية والإلهية، والتفريط في ذلك كالإفراط.
فتمثيل أحوال الأنبياء وشئونهم البشرية بصفة تعد زراية عليهم وازدراء بهم أو مفضية إلى ضعف الإيمان والإخلال بالتعظيم المشروع مفسدة من المفاسد التي يحظرها الشرع، فكيف إذا أضيف إليها كون التمثيل في حد ذاته يعد في العرف العام تنقيصا أو إخلالا ما بما يجب من التكريم وكون الممثلين من عوام الناس، وقد علمت ما في هذا وذاك؟
الوجه الرابع: إن من خصائص القصص التمثيلية الكذب، وإن الكذب على الأنبياء ليس كالكذب على غيرهم، فإذا جاز أن يسند إلى أسماء لا مسميات لها كلام تقصد به العظة والفائدة كما يحكون مثل ذلك عن ألسنة الطير والوحش، وهو ما احتج به الحريري في فاتحة مقاماته على جواز وضعه لها، وإذا صح أن يقاس على ذلك إسناد مثل ذلك الكلام إلى أناس معروفين من الملوك وغيرهم فيما لا ضرر فيه ولا إفساد في التاريخ ولا غيره من الحقائق، إذا جاز ما ذكر وصح القياس فلا يظهر جواز مثله في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، على أن في المسألة نصا لا محل للقياس مع مورده، قال صلى الله عليه وسلم: «إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
رواه الشيخان في الصحيحين وغيرهما من حديث سعيد بن زيد، وروى عجزه -وهو من كذب علي إلخ- متواترا، وروى أحمد من حديث عمر مرفوعا: «من كذب علي فهو في النار» وهو مطلق لم يقيد بالتعمد، وإسناده صحيح وقياس الكذب على غيره من إخوانه الرسل عليه الصلاة والسلام جلي، فهو أقرب من قياس الكذب على الرسل على الكذب على العجماوات الذي احتج به الحريري، وأشار إلى اتفاق العلماء على جوازه الكذب عليهم يشمل ما يحكى عنهم من أقوال لم يقولوها، وما يسند إليهم من أعمال لم يعملوها.
فإن قيل: إنه يمكن وضع قصة لبعض الرسل يلتزم فيها الصدق في كل ما يحكى عنه أو يسند إليه، قلنا: إن النقل الذي يعتد به عند المسلمين هو نقل الكتاب والسنة، ولا يوجد قصة من قصص الأنبياء في القرآن يمكن فيها ذلك إلا قصة يوسف، وكذا قصة موسى وقصة سليمان مع ملكة سبأ إذا جعل التطويل فيهن في غير الحكاية عنهم، والأولى هي التي يرغب فيها الممثلون ويرجى أن يقبل على حضور تمثيلها الكثيرون، وفيها من النظر الخاص ما بيناه في الوجه الثالث، أما السنة فليس في أخبارها المرفوعة ولا الموقوفة ما يبلغ أن يكون قصة تصلح للتمثيل إلا وقائع السيرة المحمدية الشريفة، والعلماء بها لا يكاد أحد منهم يقدم على جمع طائفة منها وجعلها قصة تمثيلية. وإذا فتح هذا الباب ووجد منهم من يدخله على سبيل الندرة لا يلبث أن يسبقه إليه كثير من الجاهلين بالسنة المتقنين لوضع هذه القصص بالأسلوب الذي يرغب فيه الجمهور فيضعون من قصص الأنبياء المشتملة على الكذب ما يكون أروج عند طلاب الكسب بالتمثيل فيكون وضع الصحيح ذريعة إلى هذه المفسدة.
فعلم من هذه الوجوه أن جواز تمثيل قصة رسول من رسل الله عليهم السلام يتوقف على اجتناب جميع ما ذكر من المفاسد وذرائعها بحيث يرى من يعتد بمعرفتهم وعرفهم من المسلمين أنه لا يعد إزراء بهم، ولا منافيا لما يجب من تعظيم قدرهم صلوات الله وسلامه عليهم وعلى من اهتدى بهم.
[قرار لجنة الفتوى بالأزهر]
(يُتْبَعُ)
(/)
كما صدرت فتوى مستفيضة من اللجنة المختصة بالفتوى في مجلة الأزهر في عددها الصادر في رجب عام 1374 في حكم تمثيل الأنبياء قد يكون في مبررات القول بمنع تمثيلهم ما يصلح مبررا للقول بمنع تمثيل الصحابة وهذا نص المقصود منه:
التمثيل في المسرح تشخيص الأفراد الذين تتألف منهم القصة أو الرواية التي يراد عرضها على النظارة تشخيصا يحكيها طبق أصلها الواقع أو المتخيل، أو هو بعبارة موجزة ترجمة حية للقصة وأصحابها.
وقد تلتقط صورة للمثلين في المسرح على شريط خاص يسمونه " الفلم " ليعرض على النظارة في شاشة السينما.
هل يمكن تمثيل الأنبياء؟
لندع القصص المكذوبة على أنبياء الله جانبا، ولنفترض أن التمثيل لا يتناول إلا القصص الحق الذي قدمنا شذرات منه عاجلة، ثم نتساءل:
1 - كيف يمثل آدم أبو البشر وزوجه وهما يأكلان من الشجرة؟ وما هي هذه الشجرة؟ أهي شجرة الحنطة؟ أم هي شجرة التين؟ أم هي النخلة؟. . . وعلى أي حال نمثلهما وقد طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة؟ وهل نمثل الله تعالى وقد ناداهما ((أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ)) [سورة الأعراف الآية 22]؟ أو نترك تمثيله تعالى وهو ركن في الرواية ركين؟ سبحانك سبحانك نعوذ بك من سخطك ونقمتك ومن هذا الكفر المبين؟؟
2 - وكيف يمثل موسى وهو يناجي ربه؟ وكيف يمثل وقد وكز المصري فقتله؟ بل كيف يمثل وقد أحاط به فرعون والسحرة، ورماه فرعون بأنه مهين، ولا يكاد يبين؟ وكيف تمثل العقدة، التي طلب من الله أن يحلها من لسانه؟ وما مبلغ كفر النظارة والممثلين إذا أفلتت - ولا بد أن تفلت- منهم فلتة مضحكة أو هازلة حينما يتمثلون الرسولين وقد أخذ أحدهما برأس الآخر وجره إليه؟ وما مبلغ التبديل والتغيير لخلق الله الفطري ليطابق هذا الخلق الصناعي وقد عملت فيه أدوات الأصباغ والعلاج عملها؟
3 - وكيف يمثل يوسف الصديق وقد همت به امرأة العزيز، وهم بها لولا أن رأى برهان ربه؟ وما تفسير الهم في لغة الفن؟
4 - وكيف يمثل أنبياء الله وأقوامهم يرمونهم بالسحر تارة، وبالكهانة والجنون تارة أخرى؟ بل كيف يمثلون حينما كانوا يرعون الغنم " وما من نبي إلا رعاها "؟ بل كيف يمثلون وقد آذاهم المشركون ولم يستح بعضهم أن يرمي القذر والنجس على خاتم النبيين وهو في الصلاة والكفار يتضاحكون؟ سيقول السفهاء من النظارة -وما أكثرهم- مقالة المستهزئين الكافرين من قبل ((أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا؟)) [سورة الفرقان الآية 41] وسيغضب فريق لأنبياء الله ورسوله فيقاتلون السفهاء وينتقمون منهم وتقوم المعارك الدينية لا محالة ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)) [سورة الشعراء الآية 227]
تمثيل الأنبياء تنقيص لهم
لسنا بحاجة بعد هذا إلى بيان أن من قصص الأنبياء ما لا يستطاع تشخيصه، وأن ما يستطاع تشخيصه من قصصهم فهو تنقيص لهم، وزراية بهم، وحط من مقامهم، وانتهاك لحرماتهم وحرمات الله الذي اختارهم لرسالته واصطفاهم لدعوته. . . لا ريب في ذلك كله ولا جدال. . .
وهذا كله في القصص الحق الذي قصه الله علينا ورسوله، وأما القصص الباطل -وما أكثره- فهو زور على زور وكفر على كفر، وهو البلاء والطامة. . وما نظن أن أحدا يستطيع أن يجادل في هذه الحقائق الناصعة. . وأكبر علمنا أن أول من يخضع لها ويؤمن بها هو أهل الفن أنفسهم فإنهم أرهف حسا وأشد إدراكا لمقتضيات التمثيل وملابساته.
على أنا لو افترضنا محالا، أو سلمنا جدلا بأن تمثيل الأنبياء لا نقيصة فيه ولا مهانة، فلن نستطيع بحال أن نتجاهل أنه ذريعة إلى اقتحام حمى الأنبياء وابتذالهم، وتعريضهم للسخرية والمهانة، فالنتيجة التي لا مناص منها ولا مفر: أن تشخيص الأنبياء تنقيص لهم أو ذريعة إلى هذا التنقيص لا محالة.
سد الذرائع
(يُتْبَعُ)
(/)
وسد الذرائع ركن من أركان الدين والسياسة. . فقد أجمع العلماء أخذا من كتاب الله وبيان ورسوله على أن من أعمال الناس وأقوالهم ما حرمه الله تعالى؛ لأنه يشتمل على المفسدة من غير وساطة: كالغضب والقذف والقتل بغير حق، وأن من الأعمال والأقوال ما حرمه الله سبحانه؛ لأنه ذريعة إلى المفسدة ووسيلة إليها، وإن لم يكن هو في نفسه مشتملا على المفسدة. . ومن ذلك مناولة السكين لمن يسفك بها دما معصوما، فالمناولة في نفسها عارية عن المفسدة، ولكنها وسيلة إليها، ومن ذلك سب معبودات المشركين وهم يسمعون، فهو في نفسه جائز، ولكنه منع لجره إلى مفسدة، وهي إطلاق ألسنة المشركين بسب الله تعالى، ولهذا نهانا الله سبحانه عن هذا السب فقال: ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)) [سورة الأنعام الآية 108]
ومن هذا القبيل تفضيل بعض الأنبياء على بعض، هو نفسه جائز، فقد فضل الله بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات، ولكنه يمنع حينما يجر إلى الفتنة والعصيبة. . وقد تخاصم مسلم ويهودي في العهد النبوي، ولطم المسلم وجه اليهودي؛ لأنه أقسم بالذي اصطفى موسى على العالمين، وأقسم المسلم بالذي اصطفى محمدا على العالمين. . فلما بلغت الخصومة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم عليهم أجمعين غضب حتى عرف الغضب في وجهه، وقال: «لا تخيروني على موسى». ثم أثنى عليه بما هو أهله ونهاهم أن يفضلوا بين أنبياء الله تعالى سدا لذريعة الفتن وحرصا على وقارهم صلوات الله وسلامه عليهم. . . وإذا كانت الدول تشدد في سد الذرائع وترى ذلك ركنا من أركان السياسة والأمن والنظام والمعاملات الدنيوية، فإنه في العقائد أخلق، وفي مقام النبوة أوجب وأحق.
مفاسد تمثيل الأنبياء
ومفاسد تمثيل الأنبياء كثيرة نكتفي منها بهذه الأمثلة:
1 - تشكيك المؤمنين في عقائدهم وتبديد ما وقر في نفوسهم من تمجيد هذه المثل العليا، إذ أنهم قبل رؤية هذه المشاهد يؤمنون حقا بعظمة الأنبياء ورسالتهم، ويتمثلونهم حقا في أكمل مراتب الإنسانية وأرفع ذراها -إذا هم بعد العرض قد هانت في نفوسهم تلك الشخصيات الكريمة، وهبطت من أعلى درجاتها إلى منازل العامة والأخلاط، وقد تقمصهم الممثلون في صور وأشكال مصطنعة مما يتقلص معه ظل الدين والأخلاق.
2 - إثارة الجدل والمناقشة والنقد والتعليق حول هذه الشخصيات الكريمة وممثليها من أهل الفن والمسرح تارة، ومن النظارة تارة أخرى، وها نحن أولا نرى صفحات للفن والمسرح ومجادلات في التعليق والنقد، وأنبياء الله ورسله مثل كلام الله عز وجل، فوق النقد والتعليق.
3 - التهاب المشاعر، وتحزب الطوائف، ونشوب الخصام والقتال بين أهل الأديان كما وقع بين المسلم واليهودي في العصر النبوي، وما أحوجنا إلى الأمن والاستقرار وإطفاء الفتن وتسكينها لا إثارتها وإشعالها.
4 - الكذب على الله ورسله؛ لأن التمثيل أو التخيل ليسا إلا لترجمة للأحوال والأقوال والحركات والسكنات، ومهما يكن فيها من دقة وإتقان فلا مناص من زيادة أو نقصان، وذلك يجر طوعا أو كرها إلى الكذب والضلال، والكذب على الأنبياء كذب على الله تعالى، وهو كفر وبهتان مبين والعياذ بالله.
هذه أمثلة من مفاسد تمثيل الأنبياء. . فماذا تفيد الإنسانية من هذا التمثيل إلا الضلال والنكال، وإذا كان الله جلت قدرته قد أعجز الشياطين عن أن يتشبهوا بالأنبياء توقيرا وإعظاما لهم -عليهم الصلاة والسلام- كما يدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» وسبق أن قلنا: إن الأنبياء أخوة يمس كل واحد منهم ما يمس أخاه، نقول: إذا كان الله سبحانه قد حال بين الشياطين وبين التمثيل بالأنبياء مع أنه أعطاهم القدرة على التشكيل كما يهوون، فكيف يستبيح الإنسان لنفسه أن يكون أخبث من الشيطان بتمثيل الأنبياء.
ثم ماذا يكون الشأن إذا اجترأ إنسان على التمثيل بالنبي محمد أو غيره واهتاج الناس، وأثار شعورهم استياء من الجرأة على قداسة النبوة وخاصة في نفوس المتدينين؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن حقا محتوما علينا أن نجل الأنبياء، وأن نجل آل الأنبياء وأصحاب الأنبياء عن التمثيل والتشخيص، واحتراما وإجلالا للأنبياء أنفسهم. . لأن حرمتهم مستمدة من حرمة الأنبياء، كما أن حرمة الأنبياء مستمدة من حرمة الله عز وجل، وهذا بعض حقهم على الإنسانية جزاء ما صنعوا لها من جميل وأدوا إليها من إحسان.
خلاصة البحث
وجملة القول أن أنبياء الله تعالى ورسله معصومون بعصمة الله لهم من النقائص الخلقية والخلقية، وأن تمثيلهم تنقيص لهم أو ذريعة إلى التنقيص لا محالة، وكلاهما مفسدة أو مؤد إلى المفسدة التي من شعبها إثارة العصبيات والفتن التي لا يعلم مداها إلا الله تعالى.
للفن ميدان فسيح
وأن في الأدب والتاريخ وتصوير الفضائل ومكارم الأخلاق لميدانا فسيحا للفن والتمثيل، فليتجه إليها الفن ما شاء له الاتجاه، وليبتكر ما شاء له الابتكار، وليدع أنبياء الله ورسله محفوفين-كما حفهم الله تعالى- بالجلال والوقار، وليعمل على أن يكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر، فطوبى لمن كان كذلك، والويل ثم الويل لمن يثير غضب الله وسخطه وانتقامه وغيرته لأنبيائه.
في قصص الأنبياء كفاية
((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) [سورة يوسف الآية 111] وأن العبرة لا تزال ماثلة في مواطنها واضحة في معالمها، ينتفع بها في القرآن الكريم، وصادق الأخبار، ولو شئنا لأطلنا، ولكن في هذا بلاغا.
النتيجة
من أجل ما قدمنا تقرر في ثبات واطمئنان أنه لا ينبغي، ولا يحل بحال أن يشخص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في المسرح ولا على شاشة السينماء. . والله نسأل أن يجمع قلوبنا على محبته وتوقير أنبيائه ورسله، وأن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
10 من جمادي الآخرة سنة 1374 هـ الموافق 3 من فبراير سنة 1955 م
عبد اللطيف السبكي
مدير التفتيش وعضو جماعة كبار العلماء
طه محمد الساكت
حافظ محمد الليثي
عبد الكريم جاويش
مفتش العلوم الدينية والعربية
= = = = = =
كما صدرت فتوى من لجنة الفتوى بالأزهر نشر في مجلة الأزهر في عددها الصادر بتاريخ محرم سنة 1379 هـ عن حكم تمثيل الشخصيات الإسلامية هذا نصه:
حكم تمثيل الشخصيات الإسلامية، ومن لم يثبت إسلامهم، ولهم عون أكيد للنبي الكريم في دعوته.
السؤال: ما حكم الشريعة الإسلامية فيمن يمثل الشخصيات الآتية على شاشة التليفزيون:
1 - الصحابة، وهل منهم من يجوز ظهور من يمثله علما بأن بلالا قد ظهر من يمثله في فيلم ظهور الإسلام وخالد بن الوليد في فيلم خالد بن الوليد.
2 - بنات النبي صلى الله عليه وسلم.
3 - أبا طالب ممن لم يثبت إسلامهم، وكان لهم عون أكيد للنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، وكذلك التابعين وتابع التابعين.
4 - مسلمين ومسلمات لم تثبت صحبتهم للرسول، وعلى الأخص طالب بن أبي طالب؟
الجواب:
إن التمثيل في ذاته وسيلة ثقافية سواء كان على المسارح أو الشاشة أو التلفزيون فإن كثيرا من وقائع التاريخ، وأحداث السياسة ومواقف الأبطال في ساحات الجهاد، والدفاع عن الأوطان ينبغي أن يتجدد ذكرها وينادى بها لتكون فيها القدوة الحسنة للأجيال الحديثة، وخير وسيلة لإحياء تلك الذكريات أن يكون القصص عنها بتمثيلها تمثيلا واقعيا غير أن التمثيل قد يتجاوز الأهداف الجدية، ويتخذ وسيلة للترفيه الممنوع، وبث الدعاية نحو أغراض غير كريمة، وخاصة فيما يتعلق بالتاريخ حول شخصيات من السابقين، والتاريخ يكون مشوبا بما يحتاج إلى تمحيص من العصبيات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبما أن السابقين من الصحابة -رضي الله عنهم- لهم مقام كريم، وشأن خاص بين جماعة المسلمين، وبما أن تمثيلهم على المسارح أو الشاشة قد ينحرف بهم إلى ما يمس بشخصياتهم أو عن تاريخهم الحق لما يتعرضون له أحيانا من أكاذيب القصاصين أو أهواء المتعصبين لبعض ضد البعض الآخر من جراء الفتن والخلافات التي قامت حولهم في أزمانهم وانقسام الناس في تبعيتهم إلى طوائف وأشياع بسبب الدسائس بينهم فإن اللجنة إزاء هذه الاعتبارات تفتي بما يأتي:
أولا: عدم جواز ظهور من يمثل كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين ومعاوية وأبنائهم -رضي الله عنهم جميعا- لقداستهم ولما لهم من المواقف التي نشأت حولها الخلافات وانقسام الناس إلى طوائف مؤيدين ومعارضين. . أما من لم ينقسم الناس في شأنهم كبلال وأنس وأمثالهما فيجوز ظهور من يمثل شخصياتهم بشرط أن يكون الممثل غير متلبس بما يمس شخصية من يمثله.
ثانيا: عدم جواز ظهور من يمثل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته؛ لأن حرمتهم من حرمته عليه الصلاة والسلام، وقد قال الله تعالى في شأن نسائه: ((يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ)) [سورة الأحزاب الآية 32] وبناته بذلك أولى.
ثالثا: من لم تثبت صحبته من الرجال المسلمين، وكذلك التابعين وأتباعهم لا مانع من ظهور من يمثل شخصياتهم متى روعي في التمثيل ما من شأنه ألا يخل بكرامة المسلم، وأما النساء المسلمات فيجب الاحتياط في تمثيلهن أكثر مما يحتاط في تمثيل الرجال المسلمين الذين لم تثبت صحبتهم، وعلى المرأة التي تقوم بالتمثيل ألا يوجد مع تمثيلها اختلاط بأجنبي عنها من الرجال، ولا يصحبه كشف ما يحرم كشفه من جسمها، ولا يكون معه تكسر في صوتها، ولا حركات مثيرة للغرائز، ولو مع ستر الجسم، إذا كان الأمر كذلك فلا حرمة في التمثيل خصوصا إذا كان التمثيل لغرض علمي يعود على الأفراد والأمة بالفائدة.
وأما إن صحبه اختلاط بالرجال الأجانب أو كشف ما لا يحل كشفه من جسمها أو وجد معه تكسر في صوتها أو حركات مثيرة للغرائز بجسمها ولو مع ستره أو كان لباسها يحدد مفاتن جسمها فإن التمثيل حينئذ يكون محرما على من تقوم بهذا التمثيل.
رابعا: من لم يثبت إسلامه كأبي طالب وغيره ممن له عون أكيد في دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام ونصرته لا مانع من ظهور من يمثله إذا روعيت صلة عودته للنبي عليه الصلاة والسلام بحيث لا يكون في تمثيله ما يخدش مقامه تقديرا لما كان منه نحو الرسول عليه السلام من مناصرة وعون أكيد.
قصص الأنبياء في السينما
وصدر بحث للأستاذ محمد علي ناصف نشر في مجلة الأزهر في عددها الصادر بتاريخ المحرم عام 1342 بعنوان " قصص الأنبياء في السينما " هذا نصه:
اعترضت مشيخة الأزهر على فكرة إنتاج فيلم سينمائي يتناول حياة يوسف عليه السلام، وحاول الأستاذ محمد التابعي في مقالين بجريدة الأخبار أن يثبت:
أولا: أن رأي رجال الدين في هذا الموضوع لم يتطور، ولم يختلف عن آراء لهم قديمة.
ثانيا: أنهم ناقضوا أنفسهم فلم يحتجوا على حديث نشرته صحيفة " الأهرام " في عام 1955 م جاء فيه أن " سيسل دي ميل " يبحث عن ممثل يسند إليه القيام بتسجيل " صوت الله " باللغة العربية في الطبعة التي ستوزع على البلاد الإسلامية في فيلم " الوصايا العشر " الذي يخرجه ويبدو لي أن الأستاذ التابعي على قدر اتصاله بالمشتغلين بصناعة السينما ليس لديه الوقت لمشاهدة إنتاجهم؟ وإلا كان حكمه - وهو الناقد الأريب- أن صناعة السينما عندنا لم تتطور هي الأخرى حتى تتطور الآراء بالنسبة إليها، وحتى يطمئن ويثق رجال الدين والدنيا في مهارة القائمين بها وفي ائتمانهم على إخراج موضوع جدي عن حياة أحد الأنبياء، لقد عاصر الأستاذ التابعي صناعة السينما في مصر خلال الثلاثين سنة الأخيرة، ولعله لا يعترض كثيرا حين أذكر أن تسعين في المائة من الإنتاج الحالي يهبط في مستواه الفني عن أول فيلم أخرجه " ستديو مصر " مثلا وإذا كانت هذه حال السينما عندنا فيجب أن نتردد ونتريث طويلا عن طلب إقحام قصص الأنبياء والرسل في سوق يضرب فيها الفوضى والجهل والارتجال بأوفر سهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
أن الأفلام الدينية: لا يجب الترخيص بموضوعاتها بمثل البساطة التي ترخص بها لموضوعات الأفلام الأخرى لأسباب كثيرة.
أولها: مكانة مصر في العالم الإسلامي، واعتبار ما يصدر عنها مثلا يحتذى، ولقد سمعت من أحد الدبلوماسيين أن بعض الأفلام المصرية التي عرضت في إندونيسيا كان لتفاهتها أسوأ الأثر في نفوس الذين شاهدوها، لدرجة اضطرت معها سفارتنا هناك إلى التدخل والنصح باتباع سياسة معينة في هذا الشأن، فما بالك إذا كانت هذه الأفلام تعالج موضوعات لها قداستها وجلالها.
أفلام دينية يروج لها أعداء الإسلام
إن بعض الأفلام الدينية التي رخصنا بصنعها، ولا تزال تعرض حتى الآن لا يرغب أعداء المسلمين في أكثر من الحصول على حق توزيعها، ولست أشك في إخلاص معظم منتجي هذه الأفلام، ولكن الإخلاص وحسن النية لا يعالج بهما القصور الفني، ولقد حشدنا كل الإخلاص والنيات الحسنة في فيلم " خالد بن الوليد " مثلا: ولكني أعتقد أننا نلنا من شخصية خالد في هذا الفيلم ما عجز عن نيله الروم والفرس، وقد يقال: إن قصة الفيلم مكتوبة في أسلوب وهيكل رائعين، ولكن الكتابة الممتازة لا تكفي وحدها، فمسرحيات " شكسبير " هي هي بنصها على مسرح " الأولد فيك " وعلى مسرح " الانشراح " في بغداد، ولكن الفارق بين الأداءين هو نفس الفارق بين ترجمة حياة ينتجها للسينما كل من ستديو " مترو جولدوين " وستديو " شبرا " والتمثيل الممتاز لا يكفي كذلك وحده ولا يكفي الإخراج، أو التصوير. . إلخ. . فإن العمل السينمائي يتألف من عشرات الحلقات المتصلة التي يجب أن تكون جميعها قوية متماسكة، وفي مستوى متقارب. . ونحن للأسف لم نصل بعد إلى الدرجة التي ننتج فيها فيلما خطيرا تصل نسبة الكمال فيه إلى درجة عالية، ولذلك يجب أن تقتصر تجاربنا على الموضوعات العادية، ولا نقحم الدين في هذه التجارب.
إن أفلام " الوصايا العشر " و " الرداء " و " كوفاديس " التي ضرب الأستاذ التابعي المثل بها قد تكلف الواحد منها بين ستة ملايين و 13 مليونا من الدولارات وعبئت من أجلها أقوى الطاقات الفنية، ولا يزال أناس يتصدون بالقول إنما نصنع أفلاما ممتازة على مستوى الأفلام العالمية، والدليل على ذلك أن أصحاب هذه الأفلام لا يجدون متفرجين لها حتى في بلادنا ويطالبون الحكومة بأن توفر لهم جمهورا بقوة القانون، والدليل الآخر أن فيلما واحدا من هذه الأفلام لم ينل جائزة من الدرجة الثالثة في أي مهرجان دولي أو شبه دولي.
ويقول فريق أكثر اعتدالا: إن علينا أن نستعين بالخبراء الأجانب في إخراج أفلام عن ظهور الإسلام وفتوحاته وحضارته وأبطاله، وهذا رأي غير مدروس، فقد ثبت بالتجربة أن العمل الفني عن دين ما يجب أن يضطلع به رجل يعتنق هذا الدين ويؤمن به في قرارته، ولقد كنت في الولايات المتحدة عند عرض فيلم " الوصايا العشر " والذي لا يعرفه أكثر الناس أن النقاد اليهود قابلوا الفيلم بجفوة، ووصفوه بأنه جنسيا أكثر منه دينيا ونقموا على مخرج الفيلم اختياره لتمثيل دور فرعون نجما محبوبا " يول برينز " أكثر من الذي قام بدور موسى " شارلتون هستون " ولو أن " سيسل دي ميل " كان يهوديا لتلافى هذا النقد، أو لما كان عمله موضع شبهة.
وشبيه بذلك ما قرأته أخيرا عن رفض مدينة سلبي بمقاطعة " يور كشير " الإنجليزية تمثالا ضخما للسيد المسيح
من صنع المثال اليهودي " إبشتاين " بحجة أن ملامح التمثال تدل على القسوة والفظاعة، إنني أول من يمني النفس بكتابة قصة عمر رضي الله عنه للسينما، ولكن في الوقت ذاته أعتقد أن قصورنا الفني لن يحقق في الوقت الحالي مثل هذه الأمنية، وحينما نستطيع أن نخرج أفلاما عن أمجادنا الدينية في نفس المستوى الذي يخرج فيه الغرب أمثال هذه الأفلام عن أمجاده، فإن التردد والاعتراض يكونان وقتئذ خطأ كبيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
من أجل ذلك أعتقد أن مشيخة الأزهر كانت موفقة في رأيها الخاص في قصة " يوسف الصديق " كما كانت كذلك غير متناقضة مع نفسها حينما لم تبادر فتعترض على حديث نشر في " الأهرام " عام 1955 أن سيسل دي ميل " يبحث عن ممثل يسند إليه القيام بتسجيل " صوت الله " باللغة العربية في الطبعة التي ستوزع من فيلم " الوصايا العشر " في البلاد الإسلامية؛ لأنه ونحن الآن في عام 1959 لم يعرض الفيلم المذكور بعد في أي بلد إسلامي، وأعتقد أنه لن يعرض لي أبدا في جمهوريتنا لأسباب أخرى غير الدين، وأغلب الظن أن " حديث الأهرام " المشار إليه لم يكن صحيحا لأنني -للمصادفة- لازمت " مستر ديميل " خلال السنوات الثلاث التي أنتج فيها هذا الفيلم، ووقفت على خطته ورأيه في هذا الشأن. . 1 هـ.
وقصارى القول أن من جرم تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين نظرا إلى ما لهم من مكانة عالية عند الله بوأهم إياها في محكم كتابه، وبينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح سنته مع ما هو الشأن في التمثيل من اللهو والمجون، وما عليه أكثر الممثلين من الاستهتار والولع بالخيال الكاذب، وعدم تحري الحقائق التاريخية وما عرف عنهم من مجاراة رواد المسارح وعشاق التمثيل تحقيقا لرغباتهم، وإرضاء لأهوائهم، وإشباعا لميولهم وغرائزهم المنحرفة، أملا في زيادة الكسب بكثرة الوافدين إليهم، ففي تمثيلهم الصحابة مدعاة إلى انتقاصهم والحط من قدرهم، وذريعة إلى السخرية منهم والاستهزاء بهم، وفي هذا منافاة للكرامة التي أكرمهم الله بها، ومناقضة للثناء الذي أثنى به عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفى بهذا مانعا من الدخول لهم هذا المدخل الكريه.
ومن أجاز من العلماء تمثيل الصحابة فإنما بنى فتواه على ما جاء في السؤال من أن القصد إظهار مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب مع التحري للحقيقة وضبط السيرة، وعدم الإخلال بشيء من ذلك بوجه من الوجوه رغبة في العبرة والاتعاظ، ومن عرف حال الممثلين، وما لهم من أغراض وحال الوافدين إلى المسارح، وما يهدفون إليه عرف أن هذا النوع من التصوير للتمثيل مجرد فرض وتقدير يأباه واقع الممثلين وروادهم، وما هو شأنهم في حياتهم وأعمالهم، هذا ما تيسر جمعه وإعداده، والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم،،،،
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
رئيس اللجنة
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
نائب رئيس اللجنة
عبد الرزاق عفيفي
عضو
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
عضو
عبد الله بن سليمان بن منيع
= = = = = =
[قرارات هيئة كبار العلماء]
وبعد اطلاع الهيئة على ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ذلك وتداول الرأي فيه قررت الهيئة بالإجماع ما يلي:
1 - إن الله سبحانه وتعالى أثنى على الصحابة وبين منزلتهم العالية ومكانتهم الرفيعة، وفي إخراج حياة أي واحد منهم على شكل مسرحية أو فيلم سينمائي منافاة لهذا الثناء الذي أثنى الله -تعالى- عليهم به وتنزيل لهم من المكانة العالية التي جعلها الله لهم وأكرمهم بها. .
2 - إن تمثيل أي واحد منهم سيكون موضعا للسخرية والاستهزاء به ويتولاه أناس غالبا ليس للصلاح والتقوى مكان في حياتهم العامة والأخلاق الإسلامية مع ما يقصده أرباب المسارح من جعل ذلك وسيلة إلى الكسب المادي، وأنه مهما حصل من التحفظ فسيشتمل على الكذب والغيبة كما يضع تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم في أنفس الناس وضعا مزريا فتتزعزع الثقة بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتخف الهيبة التي في نفوس المسلمين من المشاهدين، وينفتح باب التشكيك على المسلمين في دينهم والجدل والمناقشة في أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ويتضمن ضرورة أن يقف أحد الممثلين موقف أبي جهل وأمثاله ويجري على لسانه سب بلال وسب الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وما جاء به من الإسلام، ولا شك أن هذا منكر، كما يتخذ هدفا لبلبلة أفكار المسلمين نحو عقيدتهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم.
3 - ما يقال من وجود مصلحة، وهي إظهار مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب مع التحري للحقيقة وضبط السيرة وعدم الإخلال بشيء من ذلك بوجه من الوجوه رغبة في العبرة والاتعاظ، فهذا مجرد فرض وتقدير فإن من عرف حال الممثلين وما يهدفون إليه عرف أن هذا النوع من التمثيل يأباه واقع الممثلين ورواد التمثيل وما هو شأنهم في حياتهم وأعمالهم. .
4 - من القواعد المقررة في الشريعة أن ما كان مفسدة محضة أو راجحة فإنه محرم وتمثيل الصحابة على تقدير وجود مصلحة فيه، فمفسدته راجحة. فرعاية للمصلحة وسدا للذريعة وحفاظا على كرامة أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، يجب منع ذلك. .
المصدر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) العدد الأول -من رجب إلى رمضان لسنة 1395هـ / ص223
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[12 - Feb-2007, مساء 10:57]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
فتوى رقم (2044):
س: هل يجوز تمثيل الصحابة لأننا نقدم تمثيليات وقد أوقفنا إحداها رغبة في معرفة الحكم.
ج: تمثيل الصحابة أو أحد منهم ممنوع؛ لما فيه من الامتهان لهم والاستخفاف بهم وتعريضهم للنيل منهم، وإن ظن فيه مصلحة فما يؤدي إليه من المفاسد أرجح، وما كانت مفسدته أرجح فهو ممنوع، وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبارالعلماء في منع ذلك.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة
عبد الرزاق عفيفي
عضو
عبد الله بن غديان
عضو
عبد الله بن قعود
((فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)) (ج1/ ص 712)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[27 - Nov-2007, مساء 11:41]ـ
للفائدة
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[28 - Nov-2007, صباحاً 06:36]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ـ[مرثد]ــــــــ[03 - Apr-2010, مساء 09:58]ـ
بارك الله فيك
ونفعنا بهؤلاء الأسياد نفعنا الله بعلومهم
والصحابة حبهم .. في القلب
بذكرهم - بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - ترتاح القلوب
???
وأحببت الإشارة إلى رسالة الدكتوراة (أو ماجستير) للدكتور محمد بن موسى الدالي
بعنوان
أحكام التمثيل
طبع الرشد
وهو والله من أروع ما اطلعت في الرسائل
وهذا تعريف بها من الدرر السنية
عنوان الكتاب:
. .أحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي. .
اسم المؤلف:
محمد بن موسى بن مصطفى الدالي
الناشر:
مكتبة الرشد - الرياض
سنة الطبع:
ط1/ 1429هـ
نوع الكتاب:
رسالة جامعية تقدم بها الباحث لنيل درجة الماجستير في كلية الشريعة قسم الفقه، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض،
وقد نوقشت الرسالة في 19/ 3/1428هـ وحصلت على تقدير ممتاز، ثم طبعت عام 1429هـ في مجلد ضخم يقع في (861) صفحة.
التعريف بموضوع الكتاب:
لا يكاد يخلو بيت من تلفاز، فلقد غزى هذا الاختراع كل قطر وكل بيت – إلا ما ندر – ثم ازداد الأمر باختراع وسائل البث الحديثة من أقمار صناعية وما إلى ذلك، فأصبح هذا الجهاز مخزناً لمئات القنوات، غثها وسمينها – إن وجد فيها السمين – ومن جملة ما يعرض من فنون على تلك الشاشات فن التمثيل، الذي فرض نفسه بسائر ألوانه وأهدافه، وقد تنازع العلماء في حكمه، إنَّ كل هذه الأسباب وأسباب أخرى جعلت مؤلفنا يختار رسالته الجامعية في هذا المجال، فجاءت رسالته هذه لتضيف لنا بياناً كاملاً لغالب ما يتعلق بفن التمثيل مع بيان حكمه الإجمالي ومناقشة الأصول التي يدور عليها، مروراً على جزئيات التمثيل مع أحكامها، وغير ذلك من مباحث ماتعة، سيتعرف عليها القارئ في هذا التعريف إن شاء الله تعالى.
كمدخل لهذه الرسالة، بدأ المؤلف بحكم اللهو في الشريعة الإسلامية، وحكم المزاح وحَدِّه في الشريعة الإسلامية.
وبعدها جاء الباب الأول في (حقيقة التمثيل وحكمه)، فعرَّف التمثيل مع ترجيحه لتعريف مختار جامع، كما عرَّف الألفاظ ذات الصلة بالتمثيل كالتقليد والمحاكاة والتشخيص وغيرها، وبعدها أتى المؤلف بالآيات والأحاديث التي وردت بلفظ التمثيل أو ما له صلة بالتمثيل، مع نقله لتفاسير المفسرين وشروح العلماء لها.
ثم عرَّفنا المؤلف بـ (نشأة التمثيل)، وأنها نشأت قبل الميلاد بقرون، أما عند العرب فلم يكن له ظهور لأسباب بيَّنها المؤلف في هذا المبحث، وأنَّ بداياته كانت متأخرة وشهدت نهضته – إن صح التعبير – في مصر في القرن التاسع عشر الميلادي. ولهذا التمثيل أهداف أجملها المؤلف في ستة أهداف، مع عدم إغفاله للأهداف السيئة والتي أجملها في خمسة أهداف. ولهذا التمثيل أنواعاً عرَّف بها المؤلف، بين تمثيليات محزنة أو مضحكة أو موسيقية، أو اجتماعية أو دينية أو تاريخية أو سياسية، وقد تتنوع بحسب العرض أيضا إلى مسرح أو سينما أو إذاعة أو تلفاز.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما لهذا التمثيل من أنواع فله أيضا عناصر أفرد لها المؤلف أيضا مبحثاً صغيراً لينتقل بعدها إلى حكم التمثيل، فذكر أولا مصالح التمثيل ومفاسده، ثم (حكم التمثيل)، وهو مبحث مهم للغاية ذكر فيه المؤلف أدلة المجيزين من القرآن والسنة، ومناقشته لاستدلالاتهم بها، وكذلك الأمر لأدلة المحرمين مطلقاً، ليخلص الكاتب إلى ترجيح جواز التمثيل بضوابط سبعة، ذكرها في رسالته.
كان هذا هو الحكم الإجمالي للتمثيل، أما (الأحكام التفصيلية للتمثيل) فهي في مبحث مستقل، كحكم تمثيل الذات الإلهية أو تمثيل الأنبياء أو الملائكة أو الصحابة أو الأئمة والعلماء أو القادة والزعماء أو القصص القرآني أو الأسطورات الخيالية، وحكم التمثيل للدعوة أو للإصلاح أو للتعليم، ثم حكم إنشاء معاهد خاصة لتعليم التمثيل، وأخيرا حكم اتخاذ التمثيل تجارة، كل هذه المباحث الماتعة بمناقشاتها وأدلتها وترجيحاته كانت من نصيب هذا الجزء الهام.
أما ما يتعلق بالأشخاص الذين يقومون بالتمثيل وحكم ما يفعلونه، فقد بيَّن لنا المؤلف ما يتعلق من ذلك بأقوال الممثل كتلفظ الممثل المسلم بالكفر - من باب التمثيل - كسب الله تعالى أو سب القرآن أو الدين أو النبي أو الصحابة أو غيرها من ألفاظ الكفر المعروفة، أو تلفظ الكافر - من باب التمثيل - بالشهادتين، وكذلك حكم ما يقوم به الممثل من معاملات - من باب التمثيل - سواء كانت معاملات مالية أو زواج أو طلاق أو ادعاء نسب لغير آبائه أو الحلف أو تقليد الحيوانات وغيرها، وكذلك الأمر في أفعال الممثلين كأداء الممثل لدور الكافر أو العكس، والتزيي بزي الكفار أو التشبه بالنساء والعكس أو الرقص أو السخرية والابتذال وغيرها من الأمور الواقعة والموجودة في واقع التمثيل، لقد أخذ هذا الفصل حيزاً كبيراً لأهميته الكبيرة فهو من صلب الكتاب وأساسه فقد وقع في (320) صفحة تحمل في طياتها الكثير الكثير من الفوائد والفرائد، الجديرة بالاطلاع.
وبما أن التمثيل ليس حكراً على الرجال، ودخل هذا المضمار النساء والأطفال، فقد خصص المؤلف فصلاً كاملاً في (أحكام المرأة والطفل في التمثيل)، فذكر حكم ظهور المرأة - شابة كانت أو عجوزاً - وحكم مشاهدة الرجال لها وحكم تمثيلها مع المرأة ومع محارمها وحكم الاختلاط في التمثيل، مرجحاً أيضا ما يراه صواباً في هذه المسائل.
ثم جعل فصلاً في (أحكام الأموال في الأعمال التمثيلية)، وفصلاً في أحكام مواضع التمثيل ودور العرض ووسائله، كأخذ الأجرة على التمثيل أو زكاة تلك الأموال أو الأموال التي اكتسبها من تمثيل محرم ثم تاب، وغيرها من أحكام شرعية.
لابد للتمثيل من أماكن خاصة، فلم ينس مؤلفنا جزاه الله خيراً أن يعرفنا بالأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الخصوص، كالتمثيل في المساجد أو المعابد والكنائس، وكذلك الأحكام المتعلقة بوسائل التمثيل كالوسائل المحرمة أصلاً وحكم التخلص منها، وحكم التصوير في الفيديو وحكم استعمال الأناشيد، ثم حكم ارتياد دور العرض - المسرح والسينما - لغرض مشاهدة التمثيليات.
بعد كل تلك الفصول والمباحث القيمة، اختتم المؤلف الرسالة بخاتمة أشار فيها باختصار إلى ما توصل إليه من نتائج حصرها في خمسين نقطة.
إن هذه الرسالة إضافة فريدة للمكتبة الإسلامية في بابها الهام، فجزى الله المؤلف خيراً على ما بذله من جهد، مذكرين القراء بأن مراجع هذا البحث زادت على الـ (420) مرجعاً، وليس الخبر كالمعاينة.
الدرر السنية
فهي رائعة ومتميزة وممتعة(/)
فائدة نفيسة للإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
ـ[صالح السويح]ــــــــ[13 - Feb-2007, مساء 03:45]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
هذه مقدمة كتاب [تحريم النظر في كتب الكلام] للإمام ابن قدامة رحمه الله، و هذا الكتاب العظيم يرد الإمام بن قدامة فيه على ابي الوفاء إبن عقيل مع أن أبي الوفاء أعلن توبته ورجوعه لمذهب السلف، بل كتب في الرد على ما كان يعتقده. وفي هذا بيان أن المفصود رد الباطل الذي قد يعتبره بعض الأغرار أو العوام حقاً لارتفاع مكان صاحبه في الناس، وعلو قدره، أو لكون صاحبه عرف بالذب عن السنة.
فالسلف رحمهم الله، عملوا على رد المقالات الباطلة التي تنتشر فيضل بها الناس صيانة للدين وحماية للشريعة من تحريف الغالين وانتحال المبطلين.فإلى هذه الفائدة النفيسة:
قال الموفق ابن قدامة:
‘‘ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا موافيا لنعمه مكافئا لمزيده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مخلص في توحيده وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم أنبيائه وخير عباده وعلى آله وصحابته وسائر المتمسكين بسنته المحتذين لطريقه أما بعد فإنني وقفت على فضيحة ابن عقيل التي سماها نصيحة وتأملت ما اشتملت عليه من البدع القبيحة والشناعة على سالكي الطريق الواضحة الصحيحة فوجدتها فضيحة لقائلها قد هتك الله تعالى بها ستره وأبدى بها عورته ولولا أنه قد تاب إلى الله تعالى منها وتنصل ورجع عنها واستغفر الله تعالى من جميع ما تكلم به من البدع أو كتبه بخطه أو صنفه أو نسب إليه (1) لعددناه في جملة الزنادقة وألحقناه بالمبتدعة المارقة ولكنه لما تاب وأناب وجب أن تحمل منه هذه البدعة والضلالة على أنها كانت قبل توبته في حال بدعته وزندقته ثم قد عاد بعد توبته إلى نص السنة والرد على من قال بمقالته الأولى بأحسن كلام وأبلغ نظام وأجاب على الشبه التي ذكرت بأحسن جواب وكلامه في ذلك كثير في كتب كبار وصغار وأجزاء مفردة وعندنا من ذلك كثير (2)
فلعل إحسانه يمحو إساءته وتوبته تمحو بدعته فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئات ولقد كنت أعجب من الأئمة من أصحابنا الذين كفروه وأهدروا دمه وأفتوا بإباحة قتله وحكموا بزندقته قبل توبته ولم أدر أي شيء أوجب هذا في حقه وما الذي اقتضى أن يبالغوا فيه هذه المبالغة حتى وقفت على هذه الفضيحة فعلمت (3) أن بها وبأمثالها استباحوا دمه وقد عثرت له على زلات قبيحة ولكن لم أجد عنه مثل هذه التي بالغ فيها في تهجين السنة مبالغة لم يبالغها معتزلي ولا غيره
وكان أصحابنا يعيرونه بالزندقة فقال الشيخ أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلواذاني رحمه الله تعالى في قصيدته يقول فيها:
ومذ كنت من أصحاب أحمد لم أزل ... أناضل عن أعراضهم وأحامي
وما صدني عن نصرة الحق مطمع ... ولا كنت زنديقا حليف خصام
يعرض بابن عقيل حيث نسب إلى ذلك وبلغني أن سبب توبته أنه لما ظهرت منه هذه الفضيحة أهدر الشريف أبو جعفر رحمه الله تعالى دمه وأفتى هو وأصحابه بإباحة قتله
وكان ابن عقيل يخفى مخافة القتل فبينما هو يوما راكب في سفينة فإذا في السفينة شاب يقول تمنيت لو لقيت هذا الزنديق ابن عقيل حتى أتقرب إلى الله تعالى بقتله وإراقة دمه ففزع وخرج من السفينة وجاء إلى الشريف أبي جعفر فتاب واستغفر.
وها أنا أذكر توبته وصفتها بالإسناد ليعلم أن ما وجد من تصانيفه مخالفا للسنة فهو مما تاب منه فلا يغتر به مغتر ولا يأخذ به أحد فيضل ويكون الآخذ به كحاله قبل توبته في زندقته وحل دمه
أخبرنا الشيخ الإمام الثقة المسند أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي بقراءتي عليه في ذي القعدة سنة ثلاث وستمائة بمسجدنا المحروس بظاهر دمشق حرسها الله تعالى قلت له أخبركم القاضي الأجل العالم أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزار إجازة إن لم يكن سماعا قال حضرت يوم الاثنين الثامن من المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة توبة الشيخ الإمام أبي الوفاء بن عقيل في مسجد الشريف أبي جعفر رحمه الله تعالى في نهر معلى وحضر في ذلك اليوم خلق كثير قال: يقول علي بن عقيل إنني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب المبتدعة الاعتزال وغيره ومن صحبة أربابه وتعظيم أصحابه والترحم على أسلافهم والتكثر بأخلاقهم وما كنت علقته ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالاتهم فأنا تائب إلى الله
(يُتْبَعُ)
(/)
سبحانه تعالى من كتابته وقراءته وإنه لا يحل لي كتابته ولا قراءته ولا اعتقاده وذكر شيئا آخر ثم قال فإني أستغفر الله وأتوب إليه من مخالطة المبتدعة المعتزلة وغيرهم ومكاثرتهم والترحم عليهم والتعظيم لهم فإن ذلك كله حرام لا يحل لمسلم فعله لقول النبي من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام
وقد كان سيدنا الشريف أبو جعفر أدام الله علوه وحرس على كافتنا ظله ومن معه من الشيوخ والأتباع سادتي وإخواني أحسن الله عن الدين والمروة جزاءهم مصيبين في الإنكار علي لما شاهدوه بخطي في الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها واتحقق أنني كنت مخطئا غير مصيب
ومتى حفظ علي ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار فلإمام المسلمين أعز الله سلطانه مكافاتي على ذلك بما يوجبه الشرع من ردع ونكال وإبعاد وغير ذلك وأشهدت الله تعالى وملائكته وأولي العلم على جميع ذلك غير مجبر ولا مكره وباطني وظاهري في ذلك سواء
قال الله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام
ثم كتب الشهود خطوطهم وهذه نسختها
1 - أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب عبد الله بن رضوان في المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة بمثل ذلك أشهدني وكتب محمد بن عبد الرزاق بن أحمد بن السني في التاريخ
2 - أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب الحسن بن عبد الملك بن محمد بن يوسف بخطه
سمعت إقرار المقر بذلك وكتب محمد بن أحمد بن الحسن
3 - أشهدني المقر على نفسه بذلك وكتب علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف آخرها
وكتب محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله وحضر في هذا اليوم في مسجد الشريف خلق كثير
فهذه الفضيحة -[ابن قدامة يعني كتاب ابن عقيل وهو النصيحة سماه ابن قدامة بالفضيحة فتأمل]-من جملة ما تاب منه إلى الله تعالى وأقر بأنه ضلال وبدعة وأنه متى وجد بخطه وجبت مقابلته عليه وينتقم الله منه
فكيف يحتج بقول هذا محتج أو يغتر به مغتر أو يقول به قائل أو يتعلق به متعلق مع شهادة قائله عليه بالضلال وإجماع العلماء من أهل بلدته على استتابته منه وإهدار دمه به وبأمثاله وهذا أدل شيء على خطئه وضلاله وإن كانت هذه المقالة صدرت منه بعد توبته فهذا دليل على زندقته وإصراره على بدعته ورجوعه إلى ضلالته فإن معنى الزندقة إظهار الحق واعتقاد خلافه وهو النفاق الذي كان على عهد رسول الله ويسمى اليوم الزندقة.وهذا الرجل قد صنف في نفي تأويل الصفات والرد على متأولها جزءا مفردا وصنف في الحرف والصوت جزءا مفردا وصنف كتاب الانتصار للسنة وغيرها من الكتب وملأها من السنة والرد على المبتدعة
فإن كان يظهر ذلك ويبطن هذا ويعتقده فهو زنديق فكيف يجوز أن يحتج محتج بمقالته أو يرضى لنفسه بمثل حاله أو يضل بضلالته ونعوذ بالله تعالى ولا يظن به هذا ولكن لما علمت منه حالتان حالة بدعة وحالة توبة نسبنا كل ما وجد من كلامه من البدع إلى حالة البدعة لا غير
وما عادتي ذكر معائب أصحابنا وإنني لأحب ستر عوراتهم ولكن وجب بيان حال هذا الرجل حين اغتر بمقالته قوم واقتدى ببدعته طائفة من أصحابنا وشككهم في اعتقادهم حسن ظنهم فيه واعتقادهم أنه من جملة دعاة السنة فوجب حينئذ كشف حاله وإزالة حسن ظنهم فيه ليزول عنهم اغترارهم بقوله وينحسم الداء بحسم سببه
فإن الشيء يزول من حيث ثبت (4) وبالله التوفيق والمعونة ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة وعلى كل حال فهو قد نفر من التقليد وأنكر حسن الظن بالمشايخ فكيف يحسن الظن فيمن ينكر حسن الظن به وكيف يقبل قول من ينهى عن قبول قول غيره وينبغي لنا أن نقبل قوله في نفسه فيساء الظن به ولا نقبل قوله في غيره كمن أقر بشيء عليه وعلى غيره قبل قوله عليه ولم يقبل على غيره
وها أنا أجيب عن مقالته إن شاء الله تعالى فصلا فصلا وأبين عوار كلامه فرعا وأصلا بتوفيق الله ومعونته ... ’’ ا. هـ
______________
(1) قلت: أنظر هنا، وتأمل رحمك الله، فهو يبين أنه تاب منها، ورجع، ومع ذلك يرد على ما كتبه أبو الوفاء ابن عقيل وانتشر بين الناس، فلم بعض الأخوة هداهم الله يقولون لا تردوا على فلان من الناس، فقد تاب ورجع، والجواب على هذه الشبة سيأتي قي كلام ابن قدامة فتأمل.- انظر التعليق رقم -4 - .
(2) تأمل أخي الكريم، هنا يؤكد ابن قدامة رحمه الله أن ابن عقيل تاب، بل ردّ على من قال بقوله ومع ذلك لم يحمل ابن قدامة رحمه الله على ترك ما انتشر بين الناس من الباطل والضلال بلا تبيين وتعرية.
(3) تامل أخي الكريم هذا الكلام، واعلم أن العالم من علماء السنّة قد تخفى عليه بدعة المبتدع، أو حاله، او مقاله، ثم بناءً عليه قد يظهر منه استنكار على من أنكر على المبتدع او شنّع عليه، ولهذا فإن علماء السنّة يصدّق بعضهم بعضاّ في تقرير الأصول والقواعد الكلية الشرعية، لكن لا يلزم من ذلك أن يعلموا حال كل مبتدع أو مخالف، وبناءً عليه يختلف الحكم على الأشخاص من عالم لعالم.
(4) هنا يذكر ابن قدامة سبب ردّه على ابن عقيل، و التشنيع بمقالته، مع أنه ذكر أنه تاب فتأمل هذا حق التأمل تعرف مدى حرص السلف رحمهم الله على حماية الشريعة لا حماية الأشخاص والله المستعان
صالح السويح
25/ 1/1428هـ(/)
هل يصح تفسير الاستواء بالجلوس؟ وهل يوصف الله بالجلوس؟
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Feb-2007, صباحاً 12:38]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السؤال:
هل يصح تفسير الاستواء بالجلوس؟ وهل يوصف الله بالجلوس؟
الجواب:
«الحمد لله، لقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه بأنه استوى على العرش في سبعة مواضع من القرآن، وجاء في السنة وصفه بأنه فوق العرش، قال سبحانه وتعالى ? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى? [(5) سورة طه] وقال صلى الله عليه وسلم:" والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ويعلم ما أنتم عليه ".
وجاء عن السلف تفسير الاستواء بأربع عبارات:
علا، وارتفع، واستقر، وصعد، أشار إليها ابن القيم في الكافية الشافية [1/ 440 مع شرح ابن عيسى] بقوله:
فلهم عبارات عليها أربع ** قد حصلت للفارس الطعان
وهي "استقر"، وقد "علا"، وكذلك "ار ** تفع" الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد "صعد" الذي هو رابع ** وأبو عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيره ** أدرى من الجهمي بالقرآن.
ولم يذكر لفظ الجلوس، ولكن أهل السنة لا ينكرون ذلك بل المبتدعة هم الذين ينكرونه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة التدمرية [ص238]:
فيظن هذا المتوهم أنه تعالى إذا كان مستويا على العرش كان استواؤه مثل استواء المخلوق، فيريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقول: إن استواءه ليس بقعود، ولا استقرار. اهـ بتصرف واختصار.
وقد جاءت آثار فيها ذكر القعود، والجلوس، وذكرها الأئمة في كتب السنة بمعرض الرد على نفاة العلو، والاستواء كالأثر الذي جاء عن مجاهد في تفسير المقام المحمود: بإقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش.
وإن كانت هذه الآثار لا تخلوا عن مقال، فذكر الأئمة لها للاستشهاد، والاعتضاد، لا للاعتماد، وقد حكى غير واحد إجماع أهل السنة على صحة تفسير المقام المحمود بإقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش، وأنه لا ينكر ذلك إلا جهمي؛ فظهر أن لفظ القعود، والجلوس لا يجوز نفيه عن الله سبحانه، وأما إثباته، ووصف الله به، فينبني على صحة ما ورد من الآثار في ذلك، والله أعلم.
قاله عبدالرحمن بن ناصر البراك
-سلمهُ الله-»
ـ[ظاعنة]ــــــــ[15 - Feb-2007, صباحاً 11:27]ـ
كان عندنا دكتور فى الكلية، يقول أن استوى بمعنى استولى،
وأظن هذا مذهب الأشاعرة
ـ[آل عامر]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 03:13]ـ
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}
الأعراف54
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} يونس3
{اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} الرعد2
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5
{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} الفرقان59
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} السجدة4
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
الحديد4
ـ[ابو علي الحق المصري]ــــــــ[29 - Sep-2007, مساء 12:40]ـ
السلام عليكم
سأل الامام احمد بن حنبل (ان لم تخني ذاكرتي في الامام)
سأله رجل كيف استوى الرحمن على العرش
أنصت وكان في يده عود فاخذ يقلب التراب به ثم قال:
الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة واني أراك رجل سوء أخرجوه أخرجوه
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[29 - Sep-2007, مساء 03:49]ـ
وقال العلامة الألباني رحمه الله
بشأنْ حديث القعود على العرش أيضاً في مختصر العلو:
وتفسير بعضهم لقوله تعالى: (عسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُكَ مَقَاماً مَحْموداً) بإقعاده على العرش مع مخالفته لما في الصحيحين وغيرهما أنّ المقام المحمود الشفاعة العظمى، فهو تفسير مقطوع غير مرفوع عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولو صح ذلك مرسلاً لم يكن فيه حجة، فكيف وهو مقطوع موقوف على بعض التابعين؟!،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[30 - Sep-2007, صباحاً 09:58]ـ
ذكر تفسير الاستواء بـ: علا وارتفع فيما إذا تعدى الفعل بـ إلى كقوله تعالى: ثم استوى الى السماء، وليس بإطلاق.
أما معنى استوى: استقر فأرجو معرفة من فسرها بذلك من السلف مع ذكر مدى صحة السند اليه.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[30 - Sep-2007, مساء 02:27]ـ
قال الأخ سلمان أبو زيد " وجاء في السنة وصفه بأنه فوق العرش، قال سبحانه وتعالى ? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى? [(5) سورة طه] وقال صلى الله عليه وسلم:" والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ويعلم ما أنتم عليه "
هذا الذي ذكر أظنه ليس بحديث مرفوع بل هو مروي عن عبد الله بن مسعود من قوله رواه الطبراني في الكبير وغيره - ولم يروه أحد من أصحاب الصحاح أو الكتب المعتمدة والتي هي مظنة الحديث الصحيح - وقد عزاه شيخ الاسلام ابن تيمية إلى أبي داود عن النبي مرفوعاً وقد بحثت عنه فلم أجده - وليصحح لي أحد الاخوة إن كنت مخطئاً.
ولا ينبغي الاعتماد على مثل هذه المرويات في إثبات صفات أو معاني تختص بالرب عز وجل بل ينبغي الوقوف على ما جاء في الكتاب والتزام وصية السلف (أمروها كما جاءت بلا كيف) - والله أعلم
ـ[الخلال]ــــــــ[30 - Sep-2007, مساء 03:44]ـ
رأيتُ الشيخ عائض القرني في مقطع فيديو يفسر الإستواء بالجلوس!!
ـ[المقدادي]ــــــــ[30 - Sep-2007, مساء 03:55]ـ
رأيتُ الشيخ عائض القرني في مقطع فيديو يفسر الإستواء بالجلوس!!
من ثبت عنده الحديث في ذلك يفسره بذلك
و قد كان الإمام وكيع بن الجراح رضي الله عنه - شيخ الإمام الشافعي - يحدّث بحديث الجلوس فاقشعر رجل عنده فغضب رحمه الله و ذكر ان الإمام الثوري و جماعة كانوا يحدّثون به
ـ[المقدادي]ــــــــ[30 - Sep-2007, مساء 03:59]ـ
قال الأخ سلمان أبو زيد " وجاء في السنة وصفه بأنه فوق العرش، قال سبحانه وتعالى ? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى? [(5) سورة طه] وقال صلى الله عليه وسلم:" والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ويعلم ما أنتم عليه "
هذا الذي ذكر أظنه ليس بحديث مرفوع بل هو مروي عن عبد الله بن مسعود من قوله رواه الطبراني في الكبير وغيره - ولم يروه أحد من أصحاب الصحاح أو الكتب المعتمدة والتي هي مظنة الحديث الصحيح - وقد عزاه شيخ الاسلام ابن تيمية إلى أبي داود عن النبي مرفوعاً وقد بحثت عنه فلم أجده - وليصحح لي أحد الاخوة إن كنت مخطئاً.
ولا ينبغي الاعتماد على مثل هذه المرويات في إثبات صفات أو معاني تختص بالرب عز وجل بل ينبغي الوقوف على ما جاء في الكتاب والتزام وصية السلف (أمروها كما جاءت بلا كيف) - والله أعلم
بارك الله فيك أخي الكريم
جاءت الآيات و الأحاديث و الأخبار متعاضدة و متواترة بعلو الله تعالى على خلقه و فوقيته على العرش بحيث لا ينكره إلا مبتدع
و قول الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه حجة لنا على النفاة, و فهم صحابي جليل خير لنا من أقوال النفاة والمبتدعة
و للفائدة: يراجع موضوعي هذا:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=106
ـ[المسندي]ــــــــ[01 - Oct-2007, صباحاً 12:14]ـ
قال ابن تيمية:
حَدَثَ الْعُلَمَاءُ الْمَرْضِيُّونَ وَأَوْلِيَاؤُهُ الْمَقْبُولُونَ: أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْلِسُهُ رَبُّهُ عَلَى الْعَرْشِ مَعَهُ. رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ فَضِيلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ؛ فِي تَفْسِيرِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وَذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى مَرْفُوعَةٍ وَغَيْرِ مَرْفُوعَةٍ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا لَيْسَ مُنَاقِضًا لِمَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ وَيَدَّعِيه لَا يَقُولُ إنَّ إجْلَاسَهُ عَلَى الْعَرْشِ مُنْكَرًا - وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ بَعْضُ الجهمية وَلَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مُنْكَرٌ - الفتاوى
وقال البخاري:حدثني إسماعيل بن أبان حدثنا أبو الأحوص عن آدم بن علي قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول
إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره اكثر العلماء على ان المقام المحمود هو الشفاعة ورجحه وكذلك نقل ابن حجر عن ابن الجوزي في الفتح
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[01 - Oct-2007, صباحاً 08:05]ـ
قال شيخ الإسلام في شرح حديث النزول (ص:390):وقال عبدالله بن المبارك ومن تابعه من أهل العلم _وهم كثير_:معنى استوى على العرش: استقر وهو قول القتيبي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[01 - Oct-2007, صباحاً 10:37]ـ
واعجباً أن يتم إثبات لفظ الجلوس لمجرد أنه قد روي في تفسير آية عند مجاهد - هل هذا هو التحقيق العلمي، هل هذه هي السلفية التي أساسها الاعتماد على الكتاب والسنة وعدم التعبد بأقوال البشر واتخاذهم أنداداً من دون الله - مهما كان قدرهم أو علمهم.
أولاً: تفسير المقام المحمود بإقعاد النبي على العرش لم يرو عن معصوم بل روي عن مجاهد وليس من صحابة النبي بل من التابعين.
ثانياً: الذي رواه عن مجاهد محمد بن فضيل قال الذهبي: ثقة شيعي
والذي رواه عن محمد بن فضيل هو عباد بن يعقوب قال الذهبي: شيعي جلد
فهذا الاسناد المسلسل بشيعة متعصبون - حتى ولو كانو من الثقات - وهم معروفون بالغلو - كيف يقبل؟
ثالثاً: حتى لو صح السند الى مجاهد - فهل نقدم تفسير مجاهد على تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للآية، فقد ذكر ابن جرير مرويات مرفوعة الى النبي بأن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى وهو الذي رجحه تفسيرا للآية - نسأل الله الهداية.
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 12:02]ـ
وجدت في تفسير الطبري أن القول بأن المقام المحمود هو الشفاعة مروي أيضاً عن مجاهد قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى (مَقَامًا مَحْمُودًا) قال: شفاعة محمد يوم القيامة - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. أ.هـ
فإذا كان مجاهداً نفسه قد روي عنه مايخالف تلك الرواية الشاذة التي تقول بأن المقام المحمود إقعاد النبي مع الله على العرش فما الذي يدعونا الى التمسك بالرواية الشاذة مع مخالفتها لتفسير السلف من الصحابة والتابعين بل وتفسير النبي كما سبق.
إلا ان ابن جرير قال بعد ذلك (وهو كلام يتطلب التحقيق والتدقيق) قال:
وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يُقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك. فأما من جهة النظر -- ثم ذكر كلاماً بعد ذلك أشبه بكلام المتكلمين منه بكلام السلف.
فهل بمجرد أنه " لا خبر عن الرسول ولا عن الصحابة ولا عن التابعين باستحالة ذلك " يصبح الخبر غير مدفوع صحته إإإإإإ
فلقائل إذن ان يقول إن الله - تعالى عن ذلك علواً كبيراً - يشرب، حيث أنه لا خبر عن الرسول ولا الصحابة ولا التابعين باستحالة ذلك - وكفى بذلك ضلالاً.
ـ[المقدادي]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 01:19]ـ
واعجباً أن يتم إثبات لفظ الجلوس لمجرد أنه قد روي في تفسير آية عند مجاهد - هل هذا هو التحقيق العلمي، هل هذه هي السلفية التي أساسها الاعتماد على الكتاب والسنة وعدم التعبد بأقوال البشر واتخاذهم أنداداً من دون الله - مهما كان قدرهم أو علمهم.
.
الأخوة نقلوا كلام أهل العلم و لم يثبتوا شيئا من عدمه فلا معنى لقولك: " واعجباً أن يتم إثبات لفظ الجلوس .. هل هذه السلفية .... "
فلم يثبتوا الجلوس من عدمه بل نقلوا كلام اهل العلم
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 04:00]ـ
جاء في فتاوى سماحةِ الإمامِ الشّيخ مُحمّد بن ابراهيم ـ رحمه اللَّهُ تعالى ـ:
451 - المقام المحمود
قيل الشفاعة العظمى، وقيل إِنه إِجلاسه معه على العرش كما هو المشهور من قول أَهل السنة.
والظاهر أَن لا منافاة بين القولين، فيمكن الجمع بينهما بأَن كلاهما من ذلك. والإِقعاد على العرش أَبلغ (192). (تقرير)
ـــــــــــــــ
(192) وقال ابن القيم رحمه الله: [فائدة]:
قال القاضي صنف المروزي كتابا في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه اقعاده على العرش قال القاضي: وهو قول أَبي داود، وأحمد بن أصرم، ويحي بن أبي طالب، وأبي بكر بن حماد، وأبي جعفر الدمشقي، وعياش الدوري، واسحق بن راهويه، وعبدالوهاب الوراق، وإبراهيم الأصبهاني، وإبراهيم الحربي، وهرون بن معروف. ومحمد بن إسماعيل السلمي، ومحمد بن مصعب العايد، وأبي بكر ابن صدقة، ومحمد بن بشر بن شريك، وأبي قلابة، وعلي بن سهل، وأبي عبدالله بن عبدالنور وأبي عبيد، والحسن بن فضل، وهرون بن العباس الهاشمي، واسماعيل ابن ابراهيم الهاشمي، ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد، ومحمد بن يونس البصري، وعبدالله بن الامام أحمد، والمروزي، وبشر الحافى، انتهى. (قلت): وهو قول ابن جرير الطبري، وامام هؤلاء كلهم مجاهد امام التفسير، وهو قول أبي الحسن الدارقطني ومن شعره فيه:
حديث الشاعة عن أحمد * الى أحمد المصطفى مسنده
وجاء حديث باقعادة * على العرش أيضًا فلا نجحده
أمروا الحديث على وجهه * ولا تدخلوا فيه ما يفسده
ولا تنكروا أَنه قاعد * ولا تنكروا أنه يقعده
يتبع ـ إن شاء اللَهُ تعالى ـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 04:24]ـ
قال أبو الحُسين مُحمّد بن القاضي أبي يعلى الفرَّاء الحنبلي ـ رحمه اللَّهُ تعالى ـ في كتابه (الإعتقاد)،ص 36 [ت: د. الخميّس]:
وبما له في الآخرة المقام المحمود الذي لا يدانيه فيه أحد من الأولين والآخرين، فنقلت من تاريخ ابن أبي خيثمة أبي بكر أحمد في أخبار المكيين بإسناده عن مجاهد في قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) قال: يجلسه على العرش، وروى أبو بكر وعثمان بن أبي شيبة بإسنادهما عن مجاهد في قوله: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قال: يقعده على العرش. وكذلك روى عبد الله بن أحمد بإسناده عن مجاهد، وقد روى إسحاق بن راهويه عن ابن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) قال: يجلسه معه على العرش، وقال ابن عمير: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله وسئل عن حديث مجاهد يقعد محمدا على العرش، فقال: قد تلقته العلماء بالقبول، نسلم هذا الخبر كما جاء، وقال ابن الحارث: نعم يقعد محمدا على العرش. وقال عبد الله ابن أحمد: وأنا منكر على كل من رد هذا الحديث، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: مَقَامًا مَحْمُودًا قال: يقعده على العرش، روى هذه الأخبار شيخنا أبو بكر المروزي وصنف في ذلك كتابا كبيرا، ورواه والدي رحمه الله عنه فيما أجازه لنا بإسناده عن ابن عمر رضي عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) قال: يجلسه معه على السرير، وبإسناده عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود؟ فقال: وعدني ربي القعود على العرش وبإسناده عن ابن عمر رضي عنهما قال لي عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عما يوعده ربه جل اسمه؟ فقال: وعدني المقام المحمود، وهو القعود على العرش، وله الحوض الموعود في اليوم الموعود. اهـ
قال شيخُنا عبد العزيز بن عبد اللَّه الرَّاجِحِي تعليقًا على المتن:
ما هو المقام المحمود؟ يقول الله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) المشهور عند العلماء عند كثير من العلماء وعند الجمهور أن المقام المحمود هو الشفاعة، الشفاعة العظمى في موقف القيامة، التي يتأخر عنها أولو العزم الخمسة، كما سبق آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى كل واحد يتأخر، كل واحد يقول: اذهبوا إلى غيري إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعد مثله، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: أنا لها أنا لها فيذهب ويسجد تحت العرش فيفتح الله عليه بمحامد - يلهمه إياها - ثم يأتي بهم إلى الرب سبحانه فيقول: يا محمد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيشفعه الله فيقضي الله بين الخلائق، وهذه الشفاعة عامة للمؤمنين والكفار، لأهل الموقف؛ لأنها شفاعة لإراحة الناس من الموقف، هذا هو المقام المحمود الذي يغبطه فيه الأولون والآخرون وهذا هو المشهور عن كثير من الصحابة ومن المحققين.
القول الثاني أن المقام المحمود إجلاسه وإقعاده على العرش أن الله يجلسه ويقعده على العرش قد ذكر المؤلف آثارا كثيرة كلها مروية عن مجاهد، ومجاهد بن جبر إمام في التفسير، وهو يروي عن ابن عباس لكنها موقوفة على مجاهد، قال: يقعده على العرش. ولكن الإمام أحمد رحمه الله يقول: إن هذا الأثر عن مجاهد تلقاه العلماء بالقبول. وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
فلولا أن العلماء تلقته بالقبول لقيل: إن هذا أثر عن مجاهد، ومجاهد يروي عن ابن عباس وابن عباس يأخذ عن بني إسرائيل، لكن هذه الآثار المروية عن مجاهد في بعضها عن عائشة لكن أكثرها مروية عن مجاهد، أن تفسير المقام المحمود بأنه يجلسه الله على العرش ويقعده على عرشه، فلولا أن قول الإمام أحمد: تلقته الأمة بالقبول، وكذلك عبد الله بن أحمد قال: أنكر على من رد هذه الأحاديث، وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية: لولا تلقي الأمة لها بالقبول، وقال: إن هذا هو قول أهل السنة، ومن أنكرها فهو من أهل البدع، وعلى هذا فالقول الثاني هو أنه يجلسه على عرشه.
ولكن نقول: لا مانع من أن يكون المقام المحمود شيئان: الشفاعة، وإجلاسه على العرش، ما المانع من هذا، أما الشفاعة هذا ثابت في الأحاديث الصحيحة، ثابت أنه تفسير المقام المحمود، وأما إجلاسه على العرش فكما جاءت في هذه الروايات التي - وإن كان أكثرها مروي عن مجاهد - إلا أن العلماء تلقوها بالقبول، أهل السنة والجماعة تلقوها بالقبول ولا يردونها ويقولون: إن من ردها فهو من أهل البدع. وعلى هذا فيكون المقام المحمود في الشفاعة العظمى منه ومن ذلك إجلاسه على العرش، شيئان وإن كان لم يكن يعني ظاهر العلماء أنهما قولان: إما هذا وإما هذا بعضهم قال: المقام هو الشفاعة. وهذا رأي الجمهور، والقول الثاني: أنه إقعاده على العرش. لكن لا مانع ما دام أن هذه الآثار تلقاها العلماء بالقبول كما قال الإمام أحمد وغيره، ولا يردونها - ومن ردها من أهل البدع - نقول: لا مانع أن يكون داخل في المقام المحمود إجلاسه على العرش مع الشفاعة.
الشوكاني رحمه الله قال: إن مجاهد له قولان مهجوران هجرهم العلماء منها قوله: إن المقام المحمود إقعاده على العرش. هذا قول للشوكاني، لكن الإمام أحمد يقول: العلماء تلقوه بالقبول، ليس مهجورا، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 04:44]ـ
قال الإمام عبد اللَّهِ بن الإمام أحمدَ بن حَنبلٍ ـ رحمهما اللَّهُ تعالى ـ:
ما رأيتُ أحدًا مِن المُحدِّثينَ يُنكره، وكانَ عِندنا في وقتِ ما سَمعناه من المشائخ أن هذا الحَدِيث إنّما تُنكره الجهمية!.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 04:58]ـ
يتبع ـ إن شاء اللَهُ تعالى ـ.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 05:29]ـ
قال أبُو بَكرٍ مُحمَّد بن الحُسين بن عبد اللَّه الآجُرِّيُّ في [الشريعة]:
((باب ذكر ما خصّ اللَّه عزّ وجلّ به النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ من المقام المحمود القيامة)):
وأما حديث مُجاهد فقد تلقّاه الشُّيوخ من أهل العلم والنَّقل لحديث رسول اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تلَقّوها بأحسن تلقٍّ، وقبلوها بأحسن قبول، ولم يُنكروها، وأنكروا على من ردَّ حديث مُجاهدٍ إنكارًا شديدًا، وقالوا: من ردَّ حديث مجاهد فهو رَجلُ سُوء.
قلت: فمذهبنا ـ والحمد للَّه ـ قبول ما رسمناه في هذه المسألة مما تقدّم ذكرنا له، وقبول حديث مجاهد، وترك المعارضة والمناظرة في ردِّه، واللَّه الموفّق لكلّ رشاد، والمعين عليه. اهـ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[01 - Oct-2007, مساء 05:59]ـ
ولي عودة بعد عيد الفطر ـ إن شاء اللَّه تعالى ـ.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[02 - Oct-2007, مساء 05:45]ـ
قال أبُو بَكرٍ مُحمَّد بن الحُسين بن عبد اللَّه الآجُرِّيُّ في كتابه [الشَّريعة] (ج 4 / ص1612):
104 ـ ((باب ذكر ما خصّ اللَّه عزّ وجلّ به النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ من المقام المحمود القيامة)):
وأما حديث مُجاهد في فَضِيلةِ النَبِيّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وتَفْسِيْره لهذهِ الآيةِ أنّه يقعده على العَرْشِ،
فقد تلقّاه الشُّيوخ من أهل العلم والنَّقل لحديث رسول اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تلَقّوها بأحسن تلقٍّ، وقبلوها بأحسن قبول، ولم يُنكروها، وأنكروا على من ردَّ حديث مُجاهدٍ إنكارًا شديدًا،
وقالوا: من ردَّ حديث مجاهد فهو رَجلُ سُوء.
قلت: فمذهبنا ـ والحمد للَّه ـ قبول ما رسمناه في هذه المسألة مما تقدّم ذكرنا له، وقبول حديث مجاهد، وترك المعارضة والمناظرة في ردِّه،
واللَّه الموفّق لكلّ رشاد، والمعين عليه. اهـ
ولي عودة بعد عيد الفطر ـ إن شاء اللَّه تعالى ـ.
ـ[الأحمدى عثمان الهوارى]ــــــــ[03 - Oct-2007, صباحاً 09:37]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عضو جديد أحاول أن أثرى نفسى بكم وأتعلم منكم ... إخوتى فى الله: أظننا متفقون على حجية الحديث النبوى الشريف ... ؟؟ ولكن أى حديث يحتج به؟؟ لعل أقل مرتبة فى الحديث المحتج به أن يكون حسناً لغيره .. أليس كذلك؟؟؟ السؤال الآن: حديث مجاهد رضى الله عنه .. ما درجته؟؟
إن الذى أعلمه أن مسائل الاعتقاد مسائل توقيفية .. ونحن أمام مسألة اعتقادية يلزمنا فيها دليل جلى من كتاب ربنا أو حديث صحيح من سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم .. أليس كذلك؟؟
أنا أعتقد أن الله تعالى استوى على عرشه كما قال لا كما يخطر على البال .. فالاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان بذلك واجب والسؤال عنه بدعة ... أما إلزامك لى باعتقاد جلوس النبى صلى الله عليه وسلم مع ربه على عرشه .. ثم القول بأن انكار ذلك بدعة ... فهذا لعمرى فى القياس بديع ... إذ إنك لو ملكت الدليل لكنت لك أول منصاع ومتبع ثقة فى حديث المعصوم الذى لاينطق عن الهوى .. أما القول عن مجاهد رضى الله عنه فلا يلزمنى حجة أمام الله تعالى ..
حيث بلغنى من وحى الله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقد ثبت عندى شيئان:
الأول: أن هذا الحديث لم يصح (انظر ما نقله الأخ أبو محمد الغامدى عن بخارى العصر العلامة الألبانى رحمه الله تعالى حول استنكاره لحديث مجاهد وإعلاله القويم له ... فهذا إذاً قول لا يلزمنى شرعاً أن أتدين إالى الله تعالى به لأن الله تعالى لم يبعث لى نبياً بعد محمد صلى الله تعالى عليه وسلم
المعصوم والمنتهية به العصمة.
الثانى: أن الثابت عندى من سنته صلى الله عليه وسلم أن المقام المحمود هو الشفاعة .. كما فى صحاح كتب السنة المطهرة .. فهذا ما يلزمنى التدين لرب العالمين به .. وما ذكرته هنا يسرى على كل أصول الملة وفروعها وهذا عين منهج الاتباع الذى تلقيناه من معين السلفية الصافى ..
والله أسأل أن يجنبنى وإياكم سوء الفهم عنه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم ..
والله تعالى أعلى وأعلم .. وأعز مما أقول وأكرم ... أستودعكم الله تعالى ...
ـ[المقدادي]ــــــــ[03 - Oct-2007, صباحاً 11:50]ـ
... أما إلزامك لى باعتقاد جلوس النبى صلى الله عليه وسلم مع ربه على عرشه .. ثم القول بأن انكار ذلك بدعة ... ...
لم يلزمك أحد بهذا
وسبق الكلام ان من ثبت هذا عنده فهو يثبته و من رأى انه لا يثبت فهو لا يثبته
و الأخوة هنا يذكرون كلام الأئمة كالطبري و الآجري و القاضي و غيرهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Oct-2007, صباحاً 11:38]ـ
الله اكبر 00 فقد أصبح قول لمجاهد - لا نستطيع حتى اثبات نسبته اليه - أصبح عقيدة يثبتها أهل السنة ولاينكرها إلا الجهمية؟
فهل لي لن أسأل عدة أسئلة غير بريئة؟
هل كان النبي يعلم بهذا الأمر أم لا يعلم؟ فإن كان لا يعلم فكيف علم غيره امراً لا يعلمه الرسول؟
وإن كان يعلم فهل أخبر أمته بذلك أم لم يخبر؟ فإن كان لم يخبر فكيف علمتم ذلك ومصدر الخبر لم يخبر به؟
فإن قلتم أخبر أصحابه بذلك - فهل نقل أصحابه هذا العلم أم أخفوه؟ فإن كانو أخفوه فقد اتهمتموهم بباطل هم منه براء
وإن نقلوه فمن الذي نقله عنهم من التابعين؟
وكيف اتفق أصحاب التصانيف المعتمدة في الحديث كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن على عدم نقله؟
وهل كان الصحابة والتابعون - باستثناء مجاهد مع فرض صحة النسب اليه- يعتقدون ذلك؟ نبئوني بعلم إن كنتم صادقين؟
كيف لمفسر كابن كثير مثلاً أن يتجاهل أثر مجاهد على خطورته فلا يذكر عن مجاهد سوى ما يوافق الجمهور في الآية - وهو ان المقام المحمود هو الشفاعة - بالرغم من سرده صفحات طويلة في تفسير الآية - أولا يدل ذلك على انه يرى ان هذا الأثر ليس بشيء؟
هل راجع أحد كلام الامام أحمد لينظر هل تصح نسبته اليه أم لا؟ أليس هذا هو أساس التحقيق العلمي؟
ما الفارق بيننا وبين الشيعة الذين يقدسون كلام أئمتهم الذي لا دليل عليه من الكتاب والسنة الصحيحة؟ ولكن ينقل اللاحقون منهم عن السابقين وهكذا تترى إلا ان يصبح كلام غير المعصوم - عقيدة راسخة يبدع من ينكرها.
هل يمكن أن يقبل كلام شيخ الاسلام الآتي - (لو كان قد قاله أحد غيره):
" حَدََثَ الْعُلَمَاءُ الْمَرْضِيُّونَ وَأَوْلِيَاؤُهُ الْمَقْبُولُونَ: أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْلِسُهُ رَبُّهُ عَلَى الْعَرْشِ مَعَهُ "
من هم هؤلاء العلماء المرضيون والأولياء المقبولون؟ ولمن تحدثوا بذلك؟ وما مصدر تحديثهم هل هو وحي أو الهام أو مكاشفة؟ وهل لنا ان نسأل في ذلك أم يكون ذلك من قبيل الاعتراض، " ومن اعترض انطرد " كما يقول الصوفية iiii
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[08 - Oct-2007, صباحاً 11:58]ـ
قال الشوكاني في فتح القدير بعد ذكره لأثر مجاهد: قال ابن عبد البرّ: " مجاهد وإن كان أحد الأئمة بالتأويل، فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم: أحدهما هذا، والثاني في تأويل {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 23]. قال: معناه تنتظر الثواب، وليس من النظر "
ـ[الهوواوووي]ــــــــ[09 - Oct-2007, مساء 06:43]ـ
اللهم أصلح حال الأمة .....
ـ[أبو محمد المغربي]ــــــــ[27 - Oct-2008, مساء 08:21]ـ
اللهم آمين
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[27 - Oct-2008, مساء 08:34]ـ
لماذا رفع الموضوع مع عدم الحاجة إليه أخي الفاضل؟!
أمرٌ عجب!
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[28 - Oct-2008, مساء 08:11]ـ
لسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله الاخوة الكرام اتقوا الله في الاكثار من الخوض في الصفات فمن طلاب العلم الذين لا يجدون منفذا للكلام الا عن طريق الخوض في هذه الصفات و ذلك لقلة زادهم من العلم فيجب أن نتبع فيها السلف الصالح و يجب أن يسعنا ما وسعهم لقد بينت في كتابي العقيدة الصحيحه من خلال حديث الدين النصيحه بأن الأصل في توحيد الأسماء و الصفات اتباع السلف الصالح و منها أقوال الأئمة:أولا:مالك بن أنس حين سأله أحد المبتدعة قائلا: الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فأطرق حتى علته الرحضاء أي العرق ثم قال: الاستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة و قد نقل عنه الحافظ ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم و فضله قال: و قال مالك بن أنس و الأوراعي و سفيان بن عيينة و في الأحاديث في الصفات أنهم كلهم قالوا: أمروها كما جاءت نحو حديث تنزل الله و أن الله خلق آدم على صورته و أنه يدخل قدمه في جهنم و ما كان في مثل هذه الأحاديث و قد شرحنا القول في الباب من جهة النظر و الأثر و بسطناه في التمهيد و قال الامام الشافعي: آمنت بما جاء من عند الله على مراد الله به و عقولنا معزولة عن التفكر في حقيقة ذاته قاصرة عن الاحاطة بكنه صفاته و قال الامام أحمد بن حنبل: كل ما يخطر ببالك فالله بخلاف ذلك قلت و ذلك لأنك بصفة مخلوقا لن تتصور الا صفة مخلوق و الله جل و علا ليس بمخلوق و الصفة فرع من الذات و من باينت ذاته الذوات باينت صفانه الصفات بطبيعة الحال أما الاسترسال في المسألة الى أن تصل الى التشبيه بجعل الاستواء الجلوس بدون دليل شرعي فاعلم أن المشبه كالمؤول النافي للصفة و كما قال الحميدي فالمشبه يعبد صنما كما أن المؤول يعبد عدما فالسلف الصالح مجمع كما قال ابن عبد البر على اثبات الصفة على مراد الله بها و الله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد فقير]ــــــــ[29 - Oct-2008, صباحاً 12:48]ـ
شيخنا الغامدى كلام الألبانى فيه نظر لأن الأثر صحيح عن مجاهد عند السلف لأنه رواه عنه القاسم ابن أبى بزة فنسخه من كتاب القاسم ليث ابن أبى سليم فأمنا ضعف حفظه وأسقط القاسم ودلسه عن مجاهد وأجمع السلف على قبوله لذا قلنا به لإجماع السلف.
ـ[ابو مالك- الاثري]ــــــــ[29 - Oct-2008, صباحاً 06:54]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تم ولله الحمد والمنة الرد على هذه الفرية وتبرئة شيخ الإسلام ابن تيمية
وهذا هو الرد
اتُهم شيخ الإسلام ابن تيمية في قناة المستقلة على لسان الشيعي حسين الأسدي بإنه قال إن الله سيجلس محمد صلى الله عليه وسلم بجواره على العرش وطبعا هذا الكلام لم يقله شيخ الإسلام، إنما نقله ولم يقل بصحته وأتحدى أن يثبت أحداً إن شيخ الإسلام صحح هذه الرواية عن مجاهد.
قال الشيخ عبدالرحمن دمشقية في كتابه ((المقالات السنية في تبرئة شيخ الإسلام ابن تيمية ورد مفتريات الفرقة الحبشية ص 177 - 180))
إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش
[وزعم الحبشي أن ابن تيمية قال: ((إن الله تعالى قاعد على الكرسي وترك موضعاً لمحمد ليجلسه عليه في الآخرة. وهذا كتاب غير الرسالة العرشية)) [شريط 13 (وجه أ) 94].
ولكن، أين قال ابن تيمية هذا؟ وفي أي كتاب. إننا لم نره يؤيد ذلك في كتاب من كتبه، بل إنه حكى أن من السلف من قال بذلك وأنكرها آخرون [رسالة الرد على البكري 329 المعروفة بكتاب الاستغاثة].
وصدق فيما قاله، فإن من السلف من قال بذلك، ونقلت أسانيد كلامهم في هذه المسألة بأسانيد صحيحة منها:
رواية مجاهد التي صححها الطبري في تفسيره قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} روى لها المحدثون كالخلال في السنة أسانيد كثيرة جداً. بلغ بعضها الصحة. قالوا إن الله يُقعد النبي صلى الله عليه وسلم ليُري الخلائق منزلته [رواه الخلال في السنة 218 وانظر العلو للذهبي 75].
ولذلك قال الحافظ ابن حجر: ((قال ابن الجوزي: وقيل إن المقام المحمود [فتح الباري 95:2] أي إقعاده على العرش، وقيل على الكرسي وحكى كلا من القولين عن جماعة وراه الطبري عن جماعة من السلف ولم ينكر رواية مجاهد في إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش [تفسير الطبري المجلد الثامن الجزء 15].
وقد رد الحافظ ابن عبد البر كلام مجاهد واعتبره مخالفاً للصواب ومهجوراً عند أهل السنة)) [التمهيد 7/ 157]. ومنهم من أيد قول مجاهد وبالغ في الانتصار له كأبي بكر المرزوي الذي جمع فيه كتاباً وروى عن إبراهيم ابن عرفة سمعت ابن عمير يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((هذا قد تلقته العلماء بالقبول)). وكذلك انتصر وأفتى بوجوب التسليم له جماعة من أهل العلم والحديث منهم أبو داود السجستاني صاحب السنن وإبرهيم الحربي ومحمد بن مصعب العابد شيخ بغداد وخلقٌ كثير، بحيث قال ابن الإمام أحمد عقيب رواية قول مجاهد: ((أنا منكرٌ على كل من رد هذا الحديث، وهو عندي رجل سوء متهم، سمعته من جماعة وما رأيت محدثاً ينكره، وعندنا إنما تنكره الة)) بل انتصر له ابن جرير وقال: ((ليس في فرق الإسلام من ينكر هذا)) وقال بإن ما قاله مجاهد غير مرفوع صحته لا من خبر ولا من نظر)) [تفسير الطبري المجلد الثامن 8 15/ 98 - 99 والعلو للذهبي 124]. وذكر بإنه لا يلزم منه لوازم باطلة.
فمسألة إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش على افتراض صحته نسبتها إلى ابن تيمية مسألة تكلم فيها طائفة من السلف كمجاهد وغيره.
فانظلر مدى دقة ابن تيمية حول رواية الإقعاد ((رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة، وهي كلها موضوعة، وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمة يروونه ويتلقونه بالقبول.
وقد يقال: إن مثل هذا لا يقال إلا توقيفاً، لكن لا بد من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول، وما ثبت من كلام غيره سواء كان من المقبول أو المردود)) [درء تعارض العقل والنقل 5/ 237 - 238].
ابن فورك يقر بالإقعاد فهل تكفرونه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وحتى ابن فورك فإنه روى رواية مجاهد أن الله تعالى يقعد محمداً صلى الله عليه وسلم على العرش وجعل لها تأويلاً محتملاً - على عادته - وهو أن معنى (يقعده معه على العرش) أي بمعنى النصر والمعونة)). فقد قال:
((فإن قيل فما تقولون فيما روى عن مجاهد أنه قال في تأويل قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قيل .. يحتمل أن يقال إنه بمعنى النصر والمعونة)) [مشكل الحديث وبيانه 339] ثم قال:
((ولم ينكر إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش تأولينا لفظة معه على ما يليق به من معنى النصرة والمعونة)) [391]. انتهى كلامه. فها هو ابن فورك يثبت الراوية ويصرح باعتقادها ولكن مع تأويل سائغ لها.
ونقل الخفاجي في شرح الشفا عن الدارقطني في حديث: أن المقام المحمود للنبي صلى الله عليه وسلم هو أن يُجلسه معه تعالى على العرش ما نصه:
حديث النبوة عن أحمد= إلى أحمد المصطفى مسنده
وجاء حديث بإقعاده = على العرش أيضاً فلا ننكره
أمروا الحديث على وجهه=ولا تدخلوا فيه ما يفسده
ولا تُنكروا أنه قائم =ولا تُنكروا أنه يقعده
<> doPoetry()
1
2
3
4 حديث النبوة عن أحمد إلى أحمد المصطفى ii مسنده
وجاء حديث ii بإقعاده على العرش أيضاً فلا ننكره
أمروا الحديث على ii وجهه ولا تدخلوا فيه ما ii يفسده
ولا تُنكروا أنه ii قائم ولا تُنكروا أنه يقعده
وهذه الأقوال مرجوحة، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح أنه قال ((المقام المحمود: هو الشفاعة)) [أخرجه أحمد 2/ 478 والترمذي (3137) أبو نعيم 8/ 372].
ومن الطريف أن الذين لا يؤمنون باستواء الله على العرش - وإنما يؤمنون باستيلائه عليه - تعتريهم هنا غيرة على العرش بعد أن نفوا أن يرتفع الله عليه كما قال مجاهد في البخاري.
...
الرفاعية والنقشبندية
يفضلون قبر النبي صلى الله عليه وسلم على العرش
ويزعمون علو مشايخهم فوق عرش الرحمن
وأهل البدع الصوفية يفضلون قبر النبي صلى الله عليه وسلم على عرش الرحمن والكرسي بل والجنة أمثال محمد الصيادي الرفاعي (1) وقالوا إن قبره صلى الله عليه وسلم أفضل من عرش الرحمن وكرسيه!
فأي القولين أعظم ضلالة:إقعاده على العرش أو تفضيل قبره عليه؟
ويزعمون أن الله وضع ديكاً عند العرش اسمه (ديك العرش) وأن أبا الوفا (من كبار الرفاعية) كان ينظر إليه وهو جالس في مكانه ويأمر الناس بالنظر إليه وهو يصيح للصلاة من على العرش (2).
وزعم الصيادي (كبير الرفاعية) أنه لما خرج آدم من الجنة جعل يبكي على فراق ((الملائكة الصوفية)) السبيعين ألفاً: جُرٌد مُرد (3) يرقصون حول العرش وجبريل رئيس الراقصين ومكائيل قوالهم (منشدهم) (4) يقولون:
جعل الملك ملكنا = لولا الملك هلكنا
<> doPoetry()
1 جعل الملك ملكنا لولا الملك ii هلكنا
وزعم النقشبندون (الذين يفخر بهم الحبشي وينتسب إلى طريقتهم) أن أولياءهم يعرجون إلى السماء بل ويرتفعون فوق عرش الرحمن متى يشاؤون. فقد نقلوا عن أحمد الفاروقي قوله: ((كثيراً ما كان يُعرج بي فوق العرش المجيد، فلما ارتفعت فوقه بقدر ما بين مركز الأرض وبينه (أي العرش) رأيت مقام الامام شاه نقشبند)) أضاف ((واعلم أني كلما أريد العروج يتيسر لي)) (5).
ولقد اطلعت على كثير من كتب التصوف ورأيت أكثرها يتضمن مثل هذه القصص التي يرفعون بها مشايخهم فوق عرشالرحمن ويجعلون من كراماتهم ارتقاء العرش وتعديل ما في اللوح المحفوظ لتغيير الشقي سعيداً أو السعيد شقيًا. ونسبة التصرف في الأكوان إليهم.
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[29 - Oct-2008, صباحاً 10:49]ـ
منذ متى يخوض أهل السنة في الأحاديث المنكرة و الموضوعة و يجعلونها من صحيح الاعتقاد و يخوضون فيها ليرجحوا عليها فالى الله المشتكى
ـ[شريف شلبي]ــــــــ[29 - Oct-2008, مساء 12:58]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أخي أبا مالك الأثري 00 بارك الله فيه
حينما يقول شيخ الاسلام في موضع من فتاويه:
" حَدَثَ الْعُلَمَاءُ الْمَرْضِيُّونَ وَأَوْلِيَاؤُهُ الْمَقْبُولُونَ: أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْلِسُهُ رَبُّهُ عَلَى الْعَرْشِ مَعَهُ. رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ فَضِيلٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ؛ فِي تَفْسِيرِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وَذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى مَرْفُوعَةٍ وَغَيْرِ مَرْفُوعَةٍ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا لَيْسَ مُنَاقِضًا لِمَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ هُوَ الشَّفَاعَةُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ وَيَدَّعِيه لَا يَقُولُ إنَّ إجْلَاسَهُ عَلَى الْعَرْشِ مُنْكَرًا - وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ بَعْضُ الجهمية وَلَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مُنْكَرٌ "
ألا يكون ذلك اثباتاً منه للرواية وقبولا منه لها.
ثم ما الذي يضيرنا من اثبات أن شيخ الاسلام قد ذهب الى ذلك كما هو بين من كلامه، مع اثبات ايضاً أنه قول مرجوح وليس بصحيح؟
فشيخ الاسلام مثله مثل علماء الأمة يجوز عليه الخطأ والنسيان والوهم، وكل منهم يؤخذ عنهم ويرد عليهم لا يستثنى من ذلك لا شيخ الاسلام ولا غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمجد الفلسطيني]ــــــــ[29 - Oct-2008, مساء 02:32]ـ
منذ متى يخوض أهل السنة في الأحاديث المنكرة و الموضوعة و يجعلونها من صحيح الاعتقاد و يخوضون فيها ليرجحوا عليها فالى الله المشتكى
الاعتماد على تلقي العلماء ذلك بالقبول
انظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85773
ولا يعلم لهم مخالف
وأرجو تدقيق النظر في الرابط المحال عليه
ففيه تحرير لمذهب شيخ الإسلام وهو إثباته للقعود وأنها كباقي الصفات
ورواية ليث عن مجاهد صحيحة في التفسير لأنها صحيفة
ولا تعارض بين أثر مجاهد وحديث الشفاعة فكلاهما فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم لا تتعارضان
وليسعنا ما وسع السلف والله أعلم
ـ[أبو علي الذهيبي]ــــــــ[30 - Oct-2008, صباحاً 10:47]ـ
الأخ الكريم, أمجد الفلسطيني, جزاك الله خيراً.
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[30 - Oct-2008, مساء 04:52]ـ
لسم الله و الصلاة و السلام على رسول الذي خصه الله بالمقام المحمود و هو الشفاعة الكبرى و قد تواتر حديثها كما صح ذلك عنه صلى الله عليه و سلم أما بعد فأقول لأمجد الفلسطيني بأنني لا أقلد أحدا لا ابن تيمية و لا حتى أحمد بن حنبل و لا مالك و غيرهم من العلماء و انما أستأنس برأيهم و آخذ من حيث أخذوا كما أرشدنا الى ذلك الامام أحمد و بالتالي أظن أن ما قاله الشيخ الألباني هو الصواب رحمه الله و أذكر بأن الامام مالك لما سأله المبتدع قائلا: الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ لم يقل له جلس و انما نظر اليه حتى علته الرحضاء أي العرق من شدة تأثير سؤال المبتدع ثم قال: الاستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة و ما أراك الا مبتدعا ثم أمر به أن يخرج عنه و قد بينا من قبل قاعدة ثمينة و هي أن صفات الله جل و علا الايمان بها واجب على مراد الله بها الا أنهم أجمعوا على أنها توقيفية فقد أخرجت في المجلد الأول من كتابي الاشعاع و الاقناع بمسائل الاجماع نقلا عن ابن القطان الفاسي في كتابه الاقناع في الاجماع قال: و أجمعوا على أن أسماء الله و صفاته توقيفية فالذي خرق اجماع السلف الصالح هو من أثبت صفة من صفات الله من دون ورود حديث صحيح و لا آية صريحة فلو ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم في هذه الصفة شيء لكنت أول المؤمنين به على مراد الله به و أما اثبات له صفة لم يثبتها لنفسه و لم يثبتها له رسوله فهذا خلاف اجماع السلف الصالح فلا ينبغي نفي صفة جاءت في حديث صحيح صريح أو آية صريحة كما أنه لا يجوز اثبات صفة لله الا من خلال حديث صحيح صريح أو آية صريحة وفقني الله و اياكم للتمسك بالسنة عند فساد الأمة
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[31 - Oct-2008, صباحاً 12:13]ـ
وليسعنا ما وسع السلف
أحسنَ اللَّهُ إلَيْكُم.
ـ[أبو عبد البر رشيد]ــــــــ[05 - Mar-2009, مساء 07:04]ـ
السلام عليكم و رحمة الله، و بعد
جلوس النبي صلى الله عليه و سلم على العرش ليس بأعجب من أخد موس عليه السلام بقواؤمه
و قد تلقت الأمة كثيرا من تفسير التابعين بالقبول دون أن يبحثوا له عن دليل مرفوع للنبي صلى الله عليه و سلم لصدقهم في كلام الله و ورعهم عن أن يقولوا فيه برأيهم.
ـ[السليماني]ــــــــ[20 - Apr-2010, مساء 05:38]ـ
كِتَابُ إِثْبَاتِ الْحَدِّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَبِأَنَّهُ قَاعِدٌ وَجَالِسٌ عَلَى عَرْشِهِ
تأليف
أبي محمد محمود بن أبي القاسم بن بدران الآنمي الدشتي رحمه الله
(المتوفى سنة661هـ)
وفيه تفسير الاستواء بالقعود والجلوس
حماد بن سلمه عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن عبدالله أنه قال: {الرحمن على العرش استوى} قال: «جالس»
وفيه: عن عباد بن منصور قال: سألت الحسن وعكرمة عن قوله: {الرحمن على العرش استوى} قالا: «جالس).
قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي ([1] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=199077#_ftn1)) قال: سمعت عبدالوهاب يقول: {الرحمن على العرش استوى} قال: «قعد»
-------------------------
وهذا التفسير واضح من السلف وهو يمر كباقي الصفات كمايليق بجلال الله وعظمته على الحقيقة
(ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)
والجهمية يشنعون على أهل السنة في كل الصفات
فهم ممثلة معطلة حلولية نسال الله العافية.
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[21 - Apr-2010, صباحاً 12:58]ـ
أحسن الله تعالى إليكم جميعًا.
دائما وأبدًا أسمع هذه المقالة من الشيوخ والعلماء.
نحن لا نصف الله عز وجل إلا بما وصف الله عز وجل به نفسه سبحانه وتعالى.
أو وصفه النبي صلى الله عليه وسلم.
فطالما أن لفظ الجلوس أو القعود لم يرد لنا أنه خرج من فم النبي صلى الله عليه وسلم
فليس لأحد الحق أبداً كائنًا من كان أن ينسب هذا اللفظ لرب العالمين.
ـ[احميشان]ــــــــ[23 - Apr-2010, صباحاً 06:20]ـ
كان عندنا دكتور فى الكلية، يقول أن استوى بمعنى استولى،
وأظن هذا مذهب الأشاعرة
الظن اكذب الحديث يا اخت ظاعنه
وارى ان التفكر في الخالق سبحانه من المنهيات
قال عليه الصلاة والسلام
"تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق"
وقال علي "ض"او "من قال"
"الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة"
وفقكم الله الى ما يحبه ويرضاه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فارس ابن عامر]ــــــــ[02 - May-2010, صباحاً 06:16]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض الاخوان يظن ان من اثبت الجلوس اعتمد على اثر مجاهد فقط ,, بل هو اعتمد على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر: ((إذا جلس الرب على كرسيه .. )) وهذا حديث قبله وكيع وقال: ادركنا سفيان والاعمش يحدث به ولا ينكرون منه شئ , وكان الإمام أحمد حاضرا هذا المجلس ولم ينكر الإمام احمد على وكيع.
والذهبي نقل في كتابه العرش عن جمع من الائمة تصحيحه ثم قال: من نحن حتى نتحذلق عليهم ونضعفه .. )) او كلام بهذا المعنى.
وقال عبدالله بن أحمد: (سئل أبي عما روي في الكرسي وجلوس الرب عليه جل ثناؤه، رأيت أبي يصحح هذه الأحاديث)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (وإذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن، فما جاء في الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من لفظ القعود والجلوس في حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبي طالبوحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد) اهـ.
ـ[زياني]ــــــــ[02 - May-2010, مساء 04:33]ـ
صنف الإمام الحنبلي الدشتي كتابا سماه إثبا الإستواء لله تعالى وأنه قاعد على ربه وجالس، وهو اتفاق من أهل السنة لم يخالفهم في ذلك إلا شذاذ أهل البدع، وقد أنكر كل السلف على من رد القعود على العرش
ـ[محمد العيسى]ــــــــ[02 - May-2010, مساء 05:02]ـ
صنف الإمام الحنبلي الدشتي كتابا سماه إثبا الإستواء لله تعالى وأنه قاعد على ربه وجالس، وهو اتفاق من أهل السنة لم يخالفهم في ذلك إلا شذاذ أهل البدع، وقد أنكر كل السلف على من رد القعود على العرش
وإذا رجعنا إلى مسألة الجلوس على العرش ...
فإن المسألة لا تبحث بهذه الطريقة، وإنما نبحث عن الأقوال السلفية وأسانيدها فإن ثبتت فهي .... ونقول فيها ما نقوله في بقية معاني الاستواء الثابتة وهي علا وارتفع وصعد واستقر، فكما نقول علا الله تعالى وارتفع وصعد واستقر على العرش علوا وارتفاعا وصعودا واستقرارا يليق بجلاله ليس مثل علو المخلوقين وارتفاعهم وصعودهم واستقرارهم، فكذلك نقول جلس جلوسا وقعد قعودا يليق بجلاله ليس مثل جلوس المخلوقين وقعودهم.
ـ[زياني]ــــــــ[03 - May-2010, مساء 12:05]ـ
يا أخي لقد ذكرت الأدلة على ذلك في مبحث مستقل وهو موجود في هذا المنتدى،
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[20 - May-2010, مساء 02:14]ـ
للذين ينكرون الجلوس معنًا لاستواء الله على عرشه
ما سبب انكاركم؟
هل الجلوس فيه نقص لله عز وجل؟
ما المُنكر في أصل معنى الجلوس في لغة العرب؟
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (1/ 473):
(جلس) الجيم واللام والسين كلمةٌ واحدة وأصل واحد، وهو الارتفاع في الشيء.
فهذا أصل معنى الكلمة، وأي إضافات أخرى لها عند المخلوقات فهي من الكيفية.
أم أن سبب انكاركم هو فقط لأنكم لم تروا أثرًا صحيحا يُثبت فيه الجلوس أو الاستواء بمعنى الجلوس
فإذا ثبت عندكم قبلتموه بدون أي تردد؟
ـ[وادي الذكريات]ــــــــ[21 - May-2010, صباحاً 12:57]ـ
للذين ينكرون الجلوس معنًا لاستواء الله على عرشه
ما سبب انكاركم؟
هل الجلوس فيه نقص لله عز وجل؟
ما المُنكر في أصل معنى الجلوس في لغة العرب؟
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (1/ 473):
(جلس) الجيم واللام والسين كلمةٌ واحدة وأصل واحد، وهو الارتفاع في الشيء.
فهذا أصل معنى الكلمة، وأي إضافات أخرى لها عند المخلوقات فهي من الكيفية.
أم أن سبب انكاركم هو فقط لأنكم لم تروا أثرًا صحيحا يُثبت فيه الجلوس أو الاستواء بمعنى الجلوس
فإذا ثبت عندكم قبلتموه بدون أي تردد؟
بارك الله فيكم
نحن لا نصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه سبحانه وتعالى
أو بما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم
وبغض النظر عن لفظ " الجلوس " فيه نقص أو تعظيم!!
فلماذا نثبت هذه الصفة لله عز وجل بدون أن يخرج هذا الوصف من فم النبي صلى الله عليه وسلم؟
نريد إثبات هذه الصفة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
ـ[ابو نسيبة]ــــــــ[21 - May-2010, مساء 05:35]ـ
للذين ينكرون الجلوس معنًا لاستواء الله على عرشه
ما سبب انكاركم؟
هل الجلوس فيه نقص لله عز وجل؟
ما المُنكر في أصل معنى الجلوس في لغة العرب؟
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (1/ 473):
(جلس) الجيم واللام والسين كلمةٌ واحدة وأصل واحد، وهو الارتفاع في الشيء.
فهذا أصل معنى الكلمة، وأي إضافات أخرى لها عند المخلوقات فهي من الكيفية.
أم أن سبب انكاركم هو فقط لأنكم لم تروا أثرًا صحيحا يُثبت فيه الجلوس أو الاستواء بمعنى الجلوس
فإذا ثبت عندكم قبلتموه بدون أي تردد؟
جزاكم الله خيرا
لست بطالب علم لكن أطرح شيئا.
قبولها كتفسير شئ واثباتها كصفة شئ آخر
الصفة تحتاج الى نص
أما التفسير فيقبل أو على الاقل لا ينكر
والله اعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[22 - May-2010, مساء 10:02]ـ
كِتَابُ إِثْبَاتِ الْحَدِّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَبِأَنَّهُ قَاعِدٌ وَجَالِسٌ عَلَى عَرْشِهِ
تأليف
أبي محمد محمود بن أبي القاسم بن بدران الآنمي الدشتي رحمه الله
(المتوفى سنة661هـ)
وفيه تفسير الاستواء بالقعود والجلوس
حماد بن سلمه عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن عبدالله أنه قال: {الرحمن على العرش استوى} قال: «جالس»
وفيه: عن عباد بن منصور قال: سألت الحسن وعكرمة عن قوله: {الرحمن على العرش استوى} قالا: «جالس).
قال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي ([1] ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=199077#_ftn1)) قال: سمعت عبدالوهاب يقول: {الرحمن على العرش استوى} قال: «قعد»
-------------------------
وهذا التفسير واضح من السلف وهو يمر كباقي الصفات كمايليق بجلال الله وعظمته على الحقيقة
(ليس كمثله شئ وهو السميع البصير)
والجهمية يشنعون على أهل السنة في كل الصفات
فهم ممثلة معطلة حلولية نسال الله العافية.
جزاكُم اللَّهُ خيرًا، وباركَ فيكُم.
" مذهبنا ـ والحمد للَّه ـ قبول ما رسمناه في هذه المسألة مما تقدّم ذكرنا له، وقبول حديث مجاهد، وترك المعارضة والمناظرة في ردِّه،
واللَّه الموفّق لكلّ رشاد، والمعين عليه."
ـ[عمر بن سليمان]ــــــــ[22 - May-2010, مساء 11:31]ـ
ذكر تفسير الاستواء بـ: علا وارتفع فيما إذا تعدى الفعل بـ إلى كقوله تعالى: ثم استوى الى السماء، وليس بإطلاق.
.
لعلك تعني "القصد"
والعلو والا رتفاع مقترنان بما عدي بـ "على"
ـ[شذى الكتب]ــــــــ[22 - May-2010, مساء 11:37]ـ
سُئِلَ الإمامُ أحمدُ رحمه الله فقال: ((استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر))
وسُئِلَ الإمامُ مالك رحمه الله فقال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة)
ـ[عمر بن سليمان]ــــــــ[24 - May-2010, مساء 01:35]ـ
سُئِلَ الإمامُ أحمدُ رحمه الله فقال: ((استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر))
ماصحة هذا الخبر؟؟؟
ـ[محب اهل الحديث]ــــــــ[04 - Jul-2010, مساء 09:14]ـ
والجلوس لا يجوز نفيه عن الله سبحانه، وأما إثباته، ووصف الله به، فينبني على صحة ما ورد من الآثار في ذلك، والله أعلم.
طرفى الجملة متناقدتان جدا على قاعدةاهل السنة
وفيما أعلم لم يثبت احد من العلماء صفة الجلوس لله
ولوكان احد يعلمنى ونثبته ان كان معه حديث صحيح
والحصر الذى ورد عن السلف فى اربعة معان للاستواء يدل على عدم جواز احداث خامس
قال شيخ الاسلام اذا اختلف السلف على قولين لا يجوز احداث ثالث قلت لانهم اجمعوا على ان لا ثالث
واقعاد النبى صلى الله عليه وسلم على العرش ما علاقته بصفة هى لله
والمتوهم يتوهم ثبوت الصفة من لازم ذالك كما عند البشر من جلوسهم على عروشهم
وهذا ليس بلازم وأقول ثبت عن ابى العالية انه فسر الاستواء قال علا وارتفع
وذكر اقرطبى انه ذهب ليتعلم اللغة من اعرابى هو وطالب اخر فكان على مكان مرتفع من البيت فال لهما استويا
قال فنظر بعضنا لبعض فاذا هو يريد ارتفعا والله اعلم
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - Jul-2010, صباحاً 12:40]ـ
بارك الله فيكم
نحن لا نصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه سبحانه وتعالى
أو بما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم
وبغض النظر عن لفظ " الجلوس " فيه نقص أو تعظيم!!
فلماذا نثبت هذه الصفة لله عز وجل بدون أن يخرج هذا الوصف من فم النبي صلى الله عليه وسلم؟
نريد إثبات هذه الصفة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
أنا قصدت كتفسير لمعنى صفة الاستواء
فإذا كنت تثبت معنى الاستواء، فيجب أن يكون على تفسير السلف الصالح
وقد ثبت عنهم تفسيره بالعلو والارتفاع، وهناك آثار فيها تفسير الاستواء بالجلوس ولكن لم انظر في صحتها بعد
ـ[ابو حمزة الشاري]ــــــــ[14 - Oct-2010, مساء 09:44]ـ
السلام عليكم
سأل الامام احمد بن حنبل (ان لم تخني ذاكرتي في الامام)
سأله رجل كيف استوى الرحمن على العرش
أنصت وكان في يده عود فاخذ يقلب التراب به ثم قال:
الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة واني أراك رجل سوء أخرجوه أخرجوه
هذا الرد قريب من رد وجواب الإمام مالك رحمه الله.
ـ[خدّام الإسلام]ــــــــ[14 - Oct-2010, مساء 11:30]ـ
واعجباً أن يتم إثبات لفظ الجلوس لمجرد أنه قد روي في تفسير آية عند مجاهد - هل هذا هو التحقيق العلمي، هل هذه هي السلفية التي أساسها الاعتماد على الكتاب والسنة وعدم التعبد بأقوال البشر واتخاذهم أنداداً من دون الله - مهما كان قدرهم أو علمهم.
أولاً: تفسير المقام المحمود بإقعاد النبي على العرش لم يرو عن معصوم بل روي عن مجاهد وليس من صحابة النبي بل من التابعين.
ثانياً: الذي رواه عن مجاهد محمد بن فضيل قال الذهبي: ثقة شيعي
والذي رواه عن محمد بن فضيل هو عباد بن يعقوب قال الذهبي: شيعي جلد
فهذا الاسناد المسلسل بشيعة متعصبون - حتى ولو كانو من الثقات - وهم معروفون بالغلو - كيف يقبل؟
ثالثاً: حتى لو صح السند الى مجاهد - فهل نقدم تفسير مجاهد على تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للآية، فقد ذكر ابن جرير مرويات مرفوعة الى النبي بأن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى وهو الذي رجحه تفسيرا للآية - نسأل الله الهداية.
رواه ابن فضل عن ليث عن مجاهد
وليث مجمع على ضعفه
والسند لا يصح عن مجاهد أبدا ً قوله الإقعاد
وروى ابن جرير وغيره عن مجاهد بإسناد على شرط الصحيح، من طريق حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: مقاما محمودا شفاعة محمد يوم القيامة.
وهو أولى بالإتباع لصحّته وموافقته للمرفوع الصحيح
رووي من طريق سيف السدوسي وهو مجهول عن إبن سلام عند الجريري (إقعاد النبي) صلى الله عليه وآله وسلم
وقال البخاري في التاريخ الكبير لا يثبت سماع سيف من أبن سلام
والأحاديث المرفوعه باطله كما حكم عليها أبن تيمية والذهبي وابن جرير وغيرهم من المتقدمني والألباني، وإبن باز عن أحد تلاميذه وغيرهما من المتأخرين
فكيف نثبت صفة من صفات الله بأحاديث مرفوعة باطلة؟
وآثار معلولة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خدّام الإسلام]ــــــــ[15 - Oct-2010, صباحاً 04:26]ـ
أستدراك على المداخلة السابقة
الأثر رجّح صحته الطبري وابن تيمية وغيرهما
والأشكال الحاصل
أن بعضنا ينكره من باب الدراية والرواية
والبعض الآخر أن فيه إثبات صفة لله لا تثبت بهكذا طرق أبدا ً
وبعض المقرّ له يقرّه لا من باب الدراية والرواية بل من باب تلقي السلف له بالقبول
فأنا مع تلقاه كفضيلة غير منكره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يمكن أن يدخل في باب أن فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعظم فضائل يوم القيامة
ومع من ردّة من باب إثبات صفة لله ليست بثابته فأنا معه
لأن صفة القعود والجلوس لله لا تثبت وأن أثبتها البعض فيحتاج إلى فرد موضوع آخر وإن وجد أتمنى أن يرفع
فمن أراد أن يتهمني بالجهمية فلن يفلح لأني أقر بإن الله مستو ٍ على عرشه كما يقر ويؤمن بهذا السلف من أهل السنة والجماعة إستواء يليق بجلاله وعظمتة
والإستواء معلوم والكيف مجهول
ومن يريد أن يتهمني بإني أرد فضيلة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فلن يفلح أيضا ً
لأني أقر أن لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الفضائل يوم القيامة
فكما أن أرواح الشهداء في طير خضر مأواهم إلى قناديل معلقة بالعرش (صحيح في مسلم وغيره)
فسيكون لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أعلى من هذا الفضل
ولكن الخلاصة ما صح له أثبتناه وتباهينا به
ومالم يصح من قوله ذكرناه وذكرنا أنه لم يصح!
والحمد لله رب العالمين(/)
موقف أهل السنة من الفتن الفكرية / د. عابد السفياني
ـ[أوان الشد]ــــــــ[14 - Feb-2007, مساء 02:23]ـ
إن من المعلوم أن مجرد بقاء الوحي – كتاباً وسنة- بلا تحريف ولا تبديل لرسمه، لم هو الذي بنى الجيل الأول والقرن الذي يليه والقرن الذي يليه، ولم يكن أيضاً مجرد الانتساب، بل كان وراء ذلك فهم متوازن متكامل للعقيدة على منهج أهل السنة، وتطبيق حي واقعي لأحكام الإسلام، وكنهج تربوي يحفظ هذا المجتمع على الصورة الصحيحة للإسلام فكراً وعملاً، ومن ثم كان ذلك الجيل هو الحجة علينا وعلى البشرية جمعاء وسبيله هو السبيل الوحيد لإقامة الحق والخير في هذه الأمة وفي البشرية بإذن الله، ومما تميز به ذلك الجيل الأمور التالية:
- التسليم للنص الشرعي، والمحافظة على الأسماء الشرعية والدفاع عنها ونشرها وتعليمها للناس كافة، ودعوتهم إلى الإذعان لحاكمية الشريعة الإسلامية، وبناء المنهج الإصلاحي على هذا الأساس.
- التحذير من المصطلحات الحادثة التي ابتدعها الناس، وكشف زيفها وبيان حكم الشرع فيها.
- التأكيد على تجديد الأصول والأسماء الشرعية دائماً، وإبراز خصائص هذه الأمة واستقلالها، والدفاع عنها.
ولهذا لم يكن أهل السنة يقبلون أنصاف الحلول من أهل البدع والمصطلحات الفاسدة، بل كان منهجهم في جميع العصور وفي حالات الضعف والقوة هو حماية الثوابت والمُحكمات الشرعية، وإحياء منهج العلم الشرعي وضبط الفتوى، والالتزام بخصوصية هذه الأمة وتجديد الاعتصام بالكتاب والسنة، والتحذير من نفاة الثوابت والمُحكمات المحرفين لمدلولاتها.
إن نفاة المُحكمات والثوابت هم الذين يريدون أن يعطلوا الأحكام الشرعية، ويحولوا الإسلام إلى وجهة نظر بحجة الرأي والرأي الآخر يعملون لكي تحل المصطلحات الحادثة والمفاهيم الغريبة محل الأسماء الشرعية، والأهواء محل العلم الشرعي، والجهال محل العلماء.
وما زالوا يستغلون الفتن المعاصرة، والتغيرات العالمية، والتقنية والتطور لإقناع المسلمين بالخروج عن شريعتهم ومحكماتهم وثوابتهم.
ومن الفتن الفكرية التي زينوها للناس ما يلي:
- تحكيم المتغيرات في الثوابت.
- تقديم المصطلحات والمفاهيم الغربية الحادثة على الأسماء الشرعية.
- توسيع دائرة الحرية وإطلاق الرأي والرأي الآخر المخالف للاجتهاد الشرعي، وتسويغ الفتوى بفير علم.
- إنكار خصوصية وثوابت هذه الأمة.
- دعوى أن الخصوصية والثوابت الشرعية تنافي التطور والأخذ بالتقنية وأسباب النهضة.
*وهذه الأساليب والمفاهيم التي تبناها نفاة الثوابت اليوم استنكرها أهل السنة بالإجماع.
فنلاحظ من خلال الاستعرض التاريخي لبعض الفتن الفكرية أنها تقوم على أساس المصطلحات الحادثة المخالفة للأسماء الشرعية، ومن ثم كانت سبباً لتغيير المفاهيم والعقائد، وسبباً لتفكيك العالم الإسلامي، والدولة الإسلامية.
ومن أبرز النتائج الخطيرة لهذه المصطلحات الحادثة ما يلي:
1/ تغيير الاسم الشرعي = (التشريع البشري)
2/ محاولة تفكيك تجمع المسلمين وتغيير محكماتهم وثوابتهم وعزلهم عن شريعتهم وعقيدتهم.
3/ محاولة إعادة تجميع المسلمين على فتن بدعية أو شركية تقوم على مصطلحات حادثة مخالفة للأسماء الشرعية.
4/ تفكيك الدولة الإسلامية والعالم الإسلامي.
والنتيجة الثانية والثالثة مشتركة مع تخطيط الأعداء من الكفار من الخارج العالم الإسلامي والمنافقين من داخله وإن اختلفت الأساليب.
إن أخطر ما يواجه الإصلاح الحقيقي اليوم هو تلك الفتنة الفكرية التي يروج لها الغرب وينخدع بها كثير من المسلمين باسم الإصلاح والتجديد والتطوير، والواجب على العلماء والدعاة والمصلحين الحقيقيين التحذير من هذه الفتن الفكرية، وجمع الأمة على: الاعتصام بالكتاب والسنة، وتجديد وإحياء أصول أهل السنة، ولزوم الأسماء الشرعية والمصطلحات العلمية التي التزم بها أهل العلم في مجال العقيدة والعبادة والمعاملة والسياسة والأخلاق والدعوة، وهؤلاء هم أئمة أهل السنة والجماعة الذين حفظ الله بهم العلم ومنهج التلقي، حتى أصبحت الأسماء الشرعية والمصطلحات العلمية لأهل السنة ثابتة في جميع العصور، لا يضرها كيد الكائدين ولا حقد الحاقدين ولا تأويلات المتأولين ولا تبديل المبدلين: (وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم)
وإذا أردنا أن نستفيد من منهج أهل السنة في العلم والدعوة والتربية فلا بد من إدراك واقع هذه الفتنة وخطورتها،ومعرفة العلاج الذي يقدمه أهل العلم في كل عصر، وهو التعريف بالأسماء الشرعية وإحياء حاكمية الشريعة والعلم الشرعي، وفي الوقت نفسه التحذير من المصطلحات الفاسدة والعقائد الباطلة، وتحديد الموقف الشرعي على هذا الأساس.
د. عابد بن محمد السفياني / من كتاب: موقف أهل السنة والجماعة من المصطلحات الحادثة ودلالاتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[قارئ]ــــــــ[18 - Feb-2007, صباحاً 11:24]ـ
نحتاج إلى مثل هذه المقالات النيرة من الشيخ عابد السفياني(/)
إلى طلبة علم الحديث، أحاديث عن أسماء الله
ـ[أسامة أخوكم في الله]ــــــــ[14 - Feb-2007, مساء 03:02]ـ
أنا أبحث عن أسماء الله ال99، فترددت في بعض الأسماء أن أجعلها منها
فلذلك أسأل عن صحة بعض الأحاديث في الأسماء
أولا: اسم "الجواد"
ورد في ذلك حديث (إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود) الحديث
رواه الترمذي والبزار من طريق خالد بن إلياس عن صالح بن أبي حسان عن سعيد بن المسيب عن عمار بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص
ثم قال الترمذي عقب الحديث (هذا حديث غريب وخالد بن إلياس يضعف). وكذلك ضعف خالد بن إلياس ابن عدي وابن حبان
ورواه ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق سليمان بن دحيم عن طلحة بن عبيد الله
وهذا الإسناد معلول بعلتين: الانقطاع بين سليمان وطلحة كما أفاد البيهقي، وإرسال طلحة الحديث
ثم وقفت على طريق آخر، أخرجه أبو نعيم من رواية نوح بن ميمون المضروب ثنا أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن الحجاج بن أرطأة عن طلحة بن مصرف عن كريب عن ابن عباس
ثم قال أبو نعيم عقب الحديث (غريب من حديث طلحة وكريب، تفرد بن نوح عن أبي عصمة).
الحديث حسنه الشيخ الألباني، وفي نفسي شيء من تحسينه، فلذلك أوجه السؤال إليكم
ثانيا: اسم "الحيي"
ورد فيه حديث (إن الله حيي كريم)
هذا الحديث روي عن أربع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
أولا عن سلمان الفارسي
أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وابن حبان والبيهقي من طريق جعفر بن ميمون عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي
وجعفر ضعيف
ثانيا عن أنس بن مالك
أخرجه أبو نعيم من طريق محمد بن زنبور عن فضيل بن عياض عن أبان عن أنس، وفي محمد هذا كلام
ورواه أيضا من طريق حبيب عن هشام بن سعد عن ربيعة بن عبد الرحمن عن أنس، وحبيب جرح جرحا شديدا
ورواه ابن بشران عن قتيبة ثنا ابن لهيعة ثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس
ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن أنس
ورواه أبو يعلى عن صالح المري عن ثابت ويزيد الرقاشي عن ميمون بن سياه عنه، وصالح واهي الحديث
ثالثا عن جابر بن عبد الله الأنصاري
أخرجه أبو يعلى عن يوسف بن محمد بن المندكر عن أبيه عن جابر بن عبد الله، ويوسف ضعيف
رابعا عن عبد الله بن عمر بن الخطاب
رواه الطبراين عن الجارود بن يزيد عن عمر بن ذر عن مجاهد عن ابن عمر، والجارود بن يزيد ضعيف
ولاسم "الحيي" خبر موقوف
رواه عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم عن بكر المزني عن ابن عباسن قال (الدُّخُولُ، وَالتَّغَشِّي، وَالْإِفْضَاءُ، وَالْمُبَاشَرَةُ، وَالرَّفَثُ، وَاللَّمْسُ، هَذَا الْجِمَاعُ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يُكَنِّي بِمَا شَاءَ عَمَّا شَاءَ)
ثالثا: اسم "المعطي"
جاء في لفظ عند البخاري لحديث من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين زيادة وهي (والله المعطي وأنا القاسم)
وفي نفسي شيء من تصحيح هذا اللفظة، لأن قد تفرد بها يونس عن الزهري، فلعله وهِم، ولكني لست متأكدا من ذلك، وكما قلت سابقا لست أهلا للتصحيح والتضعيف، لأني ما بلغت هذه المرتبة، ولا أريد أن أقول على دين الله ما لم أعلم
رابعا: اسم "الحسن"
جاء في رواية حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) لفظ (إن الله محسن ... )
وقد روي بهذا اللفظ من طرق
وهذا من مباحث علم العلل
فهل هذه اللفظة ثابتة في الحديث؟
وأتذكر أن هناك رسالة للشيخ عمر المقبل اسمها "دراسة الأحاديث الواردة في اسم (المحسن) " فهل اطلع عليها أحد؟ إن كان الجواب نعم فماذا رجح الشيخ؟
كتبت لكم ما وقفت عليه من الطرق لتيسير البحث
وجزاكم الله خيرا
ملحوظة: ما حكمت على الأسانيد من تلقاء نفسي، ولكن تتبعت كلام المحدثين ولم أذكر اسمهم
ـ[آل عامر]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 10:03]ـ
اخي اسامة،انظر كتاب الشيخ علوي السقاف ((صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة))
وكذلك النهج الاسمى لمحمد النجدي.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 10:02]ـ
الذي ظهر لي في بحثي ـ وهو قديم ـ عن اسم المحسن،أنه لا يثبت فيه حديث،والله أعلم.
ـ[أسامة أخوكم في الله]ــــــــ[21 - Feb-2007, مساء 07:47]ـ
الشيخ عمر المقبل جزاك الله خيرا
يبقى بيان صحة الأخبار التي وردت في اسم "الحيي" و"المعطي"
وأما "الجواد" فقد رأيت الحافظ ابن رجب أعل الحديث في جامع العلوم والحكم
والله أعلم
ـ[أسامة أخوكم في الله]ــــــــ[24 - Feb-2007, مساء 02:58]ـ
لَّمْسُ، هَذَا الْجِمَاعُ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يُكَنِّي بِمَا شَاءَ عَمَّا شَاءَ)
ثالثا: اسم "المعطي"
جاء في لفظ عند البخاري لحديث من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين زيادة وهي (والله المعطي وأنا القاسم)
وفي نفسي شيء من تصحيح هذا اللفظة، لأن قد تفرد بها يونس عن الزهري، فلعله وهِم، ولكني لست متأكدا من ذلك
الحديث له طرق متعددة، ولم يتفق أصحاب يونس بن يزيد على لفظ (والله المعطي) بل لم يروه هكذا إلا عبد الله بن المبارك، فبعضهم رووها بلفظ (والله يعطي) وعند بعضهم ليس فيه تلك الزيادة
والحديث رواه جمع غير الزهري
فهل رواية (والله العطي) معلولة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الغُندر]ــــــــ[11 - Sep-2007, مساء 10:35]ـ
يرفع ...(/)
((أنا مؤمن إن شاء الله)) [فائدة في العقيدة] (5)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Feb-2007, مساء 08:04]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أيُّها الأحباب:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
((أنا مؤمن إن شاء الله)) [فائدة في العقيدة] (5)
قال الحافظ عبد الغني المقدسي ـ رحمه الله تعالى ـ:
والاستثناء في الإيمان سنة ماضية، فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ قال: إن شاء الله، روي ذلك عن عبد الله بن مسعود، وعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، وأبي وائل شقيق بن سلمة، ومسروق بن الأجدع، ومنصور بن المعتمر، وإبراهيم النخعي، ومغيرة بن مِقْسَم الضبي، وفضيل بن عياض، وغيرهم، وهذا استثناء على يقين، قال الله -عز وجل- ((لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)) [سورة الفتح:27].ا. هـ["عقيدة الحافظ عبد الغني"]
= = = = = = =
* قال شيخُنا الحبيب صاحب الفضيلة العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي ـ حفظه الله ورعاه ـ معلقاً:
نعم، الاستثناء، يقول المؤلف: "والاستثناء في الإيمان سنة ماضية، فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ قال: إن شاء الله ". يعني: أهل السنة والجماعة يرون أنه لا بأس في الاستثناء في الإيمان، ويكون الاستثناء راجعا إلى العمل لا إلى تصديق القلب، يقول: أمؤمن أنت؟ تقول: إن شاء الله. يعني بالنسبة للعمل؛ لأن الأعمال والواجبات متعددة، فلا يجزم الإنسان بأنه أدى ما عليه، بل يتهم نفسه ولا يزكي نفسه بأنه أدى ما عليه، فقال المؤمن: إن شاء الله.
أما بالنسبة للتصديق فهو مصدق الاستثناء لا يرجع إلى التصديق؛ ولهذا فإن أهل السنة والجماعة يرون أنه يجوز الاستثناء بالنسبة للعمل لا بالنسبة لأصل الإيمان والتصديق؛ ولهذا البعض إذا سأل قال: أمؤمن أنت؟ قال: نعم، قال: آمنت بالله ورسله وآمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وأما المرجئة فلا يستثنون في الإيمان؛ لأن الإيمان شيء واحد عندهم لا يزيد ولا ينقص، الإيمان هو التصديق بالقلب، لا يزيد ولا ينقص، فلا تقل: إن شاء الله؛ يقول: هل تشك في إيمانك؟ يسمون من يستثني إيمانه ... يسمون أهل السنة الشكاكة، يقولون: أنتم شكاكة في إيمانكم، أنت ما تعرف نفسك أنك مؤمن، الإنسان يعرف نفسه أنه مؤمن كما أنه يعرف أنه قرأ الفاتحة، وكما أنه يعرف نفسه أنه قرأ الفاتحة، وكما أنه يعرف نفسه أنه يحب الرسول ويبغض اليهود، ما يحتاج استثناء، كيف تشك فيما تقول: أنا مؤمن إن شاء ... تشك في إيمانك؟! يسمون أهل السنة الشكاكة.
وأما أهل السنة يقولون: لا، فيه تفصيل، إن كان الاستثناء راجعا إلى أصل الإيمان هذا ممنوع؛ أنت تريد ترجع إلى أصل الإيمان هذا ممنوع، أما إذا أردت أن شعب الإيمان متعددة والواجبات كثيرة، ولا تزكي نفسك ولا تدري بأنك ما أديت ما عليك، بل تتهم نفسك، هذا لا بأس، تقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
وكذلك إذا أراد الإنسان التبرك بذكر اسم الله فيقول: إن شاء الله، وكذلك إذا أراد عدم العلم بالعاقبة وأن العاقبة لا يعلمها إلا الله جاز الاستثناء، أما إذا أراد الشك في أصل الإيمان فهذا ممنوع؛ ولهذا قال المؤلف: "الاستثناء سنة ماضية، فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ قال: إن شاء الله. روي هذا عن عبد الله بن مسعود، وعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، -هؤلاء الأخيار كلهم يرون الاستثناء- وأبي وائل شقيق بن سلمة، ومسروق بن الأجدع، ومنصور بن المعتمر، وإبراهيم النخعي" ... هؤلاء كلهم من التابعين، عبد الله بن مسعود ومغيرة بن مِقْسَم الضبي وفضيل بن عياض وغيرهم من السلف.
يقول المؤلف: "وهذا استثناء على يقين" يعني: إن الاستثناء في الإيمان لا يعني الشك في أصل الإيمان؛ لأن المستثني إذا أراد الشك في أصل الإيمان هذا ممنوع، وإنما إذا أراد العمل فلا بأس، قال الله -عز وجل-: ((لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)) [سورة الفتح:27] هذا استثناء، فالله استثنى وهو لا يشك -سبحانه وتعالى-، ولهذا قال الله -تعالى-: ((لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)).
أبو بكر الآجري -رحمه الله - يقول: إن أهل العلم يستثنون في الإيمان لا على جهة الشك، نعوذ بالله من الشك في الإيمان، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؛ وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سُئِلوا: أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار .. وأشباه هذا، والناطق بهذا والمصدق به بقلبه مؤمن، وإنما الاستثناء في الإيمان، لأنه لا يدري أهو ممن يستوجب ما نعت الله -عز وجل- به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا.
هذا طريق الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان عندهم: أن الاستثناء في الأعمال لا يكون في القول والتصديق بالقلب، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان. ا. هـ
((المصدر)):
[من الموقع الرسمي لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي - حفظه الله ورعاه -]
((أسعد الله أوقاتكم بكل خير.))
و كتب / سلمان بن عبدالقادر أبو زيد
ليلة السبت 27 جمادى الأولى 1427 هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[14 - Feb-2007, مساء 08:05]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل صاحب الفضيلة العلامة الشيخ حمد بن عتيق ـ رحمه الله تعالى ـ عن قول الفقهاء: من قال أنا مؤمن إن شاء الله، إن نوى به في الحال؛ يكفر، وإن نوى به في المآل؛ لم يكفر.
فأجاب ـ رحمه الله تعالى ـ: هذا سؤال من لا يُحسن السؤال، فإن ظاهره أن جميع الفقهاء يقولون ذلك، ومن له خبرة بأقوال الفقهاء تحقق أن هذه مجازفة عليهم، وقول بلا علم، فإن كان بعض المتأخرين من بعض أهل المذاهب قال ذلك فهو قول محدَث من أقوال أهل البدع، وأنا أذكر لك من كلام العلماء في الاستثناء في الإيمان، وهو قول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله، ليتضح الخطأ من الصواب، ويُعلم من الأولى بالحق في هذا الباب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأما الاستثناء في الإيمان بقول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله، فالناس فيه على ثلاثة أقوال، منهم من يوجبُه، ومنهم من يُحرمه، ومنهم من يُجوز الأمرين باعتبارين، وهذا أصح الأقوال.
فالذين يُحرمونه هم المرجئة والجهمية ونحوهم، ممن يجعل الإيمان شيئاً واحداً يَعلمه الإنسان من نفسه، كالتصديق بالرب، ونحو ذلك مما في قلبه، فيقول أحدهم: أنا أعلم أني مؤمن كما أعلم أني قرأت الفاتحة، فمن استثنى في إيمانه فهو شاك فيه عندهم.
وأما الذين أوجبوا الإستثناء فلهم فيه مأخذان، أحدهما: أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، والإنسان إنما يكون عن الله مؤمناً وكافراً باعتبار الموافاة وما سبق في علم الله أنه يكون عليه، وهو مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم ممن يريد أن ينصر ما استشهد عليه أهل السنة والحديث من قولهم: أنا مؤمن إن شاء الله، ويريد مع ذلك أن الإيمان لا يتفاضل، ولا يشك الإنسان في الموجود منه، وإنما يشك في المستقبل، وهذا وإن عَلل به كثير من المتأخرين من أصحاب الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم فما علمت أحداً من السلف علل به الاستثناء.
قلت: فالمرجئة والجهمية يحرمون الاستثناء في الحال والمآل، وهؤلاء يبيحونه في المآل ويمنعونه في الحال.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: والمأخذ الثاني في الاستثناء أن الإيمان المطلق يتضمن فعل ما أمر الله به كله وترك المحرمات كلها، فإذا قال الرجل: أنا مؤمن بهذا الإعتبار فقد شهد لنفسه أنه من الأبرار المتقين، القائمين بفعل جميع ما أمروا به وترك كل ما نُهوا عنه، فيكون من أولياء الله، وهذا من تزكية الإنسان لنفسه، وشهادته لها بما لا يعلم، ولو كانت هذه الشهادة صحيحة لكان ينبغي أن يشهد لنفسه بالجنة إن مات على هذه الحال، وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون، وإن جوزوا ترك الاستثناء بمعنى آخر.
وروى الخلال عن أبي طالب قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لا نجد بُداً من الاستثناء، لأنهم إذا قالوا مؤمن فقد جاءوا بالقول، فإنما الاستثناء بالعمل لا بالقول.
وعن إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد الله يقول: أذهب إلى حديث ابن مسعود في الاستثناء في الإيمان، لأن الإيمان قول وعمل، والعمل الفعل، فقد جئنا بالقول، ونخشى أن نكون فرطنا في العمل، فيعجبني أن يستثني في الإيمان فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، ومثل هذا كثير من كلام أحمد وأمثاله.
وهذا مطابق لما تقدم من أن المؤمن المطلق هو القائم بالواجبات المستحِق للجنة إذا مات على ذلك، وأن المفرط بترك المأمور أو فعل المحظور لا يطلق عليه أنه مؤمن، وأن المؤمن المطلق هو البر التقي ولي الله، فإذا قال: أنا مؤمن قطعاً، كان كقوله: أنا برٌّ تقي ولي لله قطعاً.
وقد كان أحمد وغيره من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل غيره: أمؤمن أنت؟، ويكرهون الجواب، لأن هذا بدعة أحدثها المرجئة ليحتجوا بها لقولهم، فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر، بل يجد قلبه مصدقاً لما جاء به الرسول، فيقول: أنا مؤمن، فلما علم السلف مقصودهم صاروا يكرهون السؤال ويفصلون الجواب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا لأن لفظ الإيمان فيه إطلاق وتقييد، فكانوا يجيبون بالإيمان المقيد الذي لا يستلزم أنه شاهد لنفسه بالكمال، ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يقال: أنا مؤمن بلا استثناء إذا أراد ذلك، لكن ينبغي أن يقرن كلامه بما يبين أنه لم يرد الإيمان المطلق الكامل، ولهذا كان أحمد يكره أن يجيب على المطلق بلا استثناء.
قلت: فظهر القول الثالث الذي هو الصحيح، وهو أنه إذا قال: أنا مؤمن، فإن أراد بذلك الإيمان المقيد الذي لا يستلزم للكمال جاز له ترك الاستثناء، وإن أراد المطلق المستلزم للكمال فعليه أن يستثني في ذلك.
قال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل وأبو داود، قال أبو داود: سمعت أحمد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: إذا سئل المؤمن: أمؤمن أنت؟ لم يجبه، ويقول: سؤالك إياي بدعة، ولا أشك في إيماني.
وقال: (إن شاء الله) [1] ليس يكره، ولا يدخل الشك.
وقد أخبرني [2] عن أحمد أنه قال: لا نشك في إيماننا، وأن السائل لا يشك في إيمان المسئول.
وهذا أبلغ، وهو إنما يجزم بأنه مقرّ مصدّقٌ بما جاء به الرسول، لا يجزم بأنه قائم بالواجب.
فعُلم أن أحمد وغيره من السلف كانوا يجزمون ولا يشكون في وجود ما في القلب من الإيمان في هذه الحال، ويجعلون الاستثناء عائداً إلى الإيمان المطلق المتضمن فعل المأمور.
هذا ملخص كلامه في كتاب «الإيمان».
وقال في موضع آخر: والناس لهم في الاستثناء ثلاثة أقوال، منهم من يحرمه، كطائفة من الحنفية، ويقولون: من يستثني فهو شاكُّ.
ومنهم من يوجبه كطائفة من أهل الحديث.
ومنهم من يجوزه أو يستحبه، وهذا أعدل الأقوال، فإن الاستثناء له وجه صحيح، وتركه له وجه صحيح، فمن قال: أنا مؤمن إن شاء الله، وهو يعتقد أن الإيمان فِعل جميع الواجبات، ويخاف أن لا يكون أتى بها، فقد أحسن.
ومن اعتقد أن المؤمن المطلق هو الذي يستحق الجنة فاستثنى خوف سوء الخاتمة، فقد أصاب.
ومن استثنى أيضاً خوفا من تزكية نفسه أو مدحها، أو تعليقاً للأمر بمشيئة الله تعالى، فقد أحسن.
ومن جزم بما يعلمه من التصديق في ترك الاستثناء فهو مصيب.
فتبين بما ذكرناه من الكلام الذي قدمناه أن هذا الإيراد قول غير معروف عند العلماء المقتدى بهم، فضلاً عن أن يكون الفقهاء كلهم قد قالوه، وإذا كان الأمر كذلك وظهر كلام من يعتد به، وما هو الصواب منه، فلا حاجة بنا إلى معرفة الأقوال المبتدعة.
المسألة الثانية وهي قول السائل: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم من قال: أنا مؤمن، فهو كافر، ومن قال: أنا في الجنة، فهو في النار؟
فالذي وقفت عليه أن هذا من كلام عمر، كما رواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من قال أنا مؤمن، فهو كافر، ومن قال: هو عالم، فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة، فهو في النار.
وأنت لم تذكر له إسناداً، ولا نسبة إلى أصل، وقد عُلم أنه لا يجوز لأحد أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً بمجرد وجود سواد في بياض، وتفصيل ذلك معروف في كتب أهل العلم والحديث.
وأما مراد عمر، فقد قال بعض الناس: إن المراد: إذا قال أنا مؤمن، آمناً من مكر الله، وتألياً على الله.
وقال بعضهم: أي من قال: أنا مؤمن بالطاغوت، فهو كافر بالله.
وكذلك من قال: هو في الجنة قطعاً، تكذيباً بحديث: الأعمال بالخواتيم.
وقيل غير ذلك من الأقوال البعيدة الضعيفة.
وأما أنا فأقول: الله أعلم بمراد الخليفة الراشد، ولا أعلم في ذلك شيئاً تطمئن إليه النفوس، ولا يستحي من سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، فالله أعلم. اهـ["الدرر السنية في الأجوبة النجدية"]
ـ[آل عامر]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 03:18]ـ
جزاك الله خيرا.(/)
د. المسند:/الليبراليون والدعوة إلى نقد الثوابت
ـ[إبراهيم المديهش]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 02:08]ـ
من الساحات السياسية
نقل (النقاد) ولستُ أعرفه
هذا المقال، وهو في غاية الأهمية،فرأيت نشره هنا
الليبراليون والدعوة إلى نقد الثوابت ..
د. محمد بن عبدالعزيز المسند
الليبرالية، العقلانية، التنوير، النهضة، الإصلاح، الحداثة، الإنسانية .. الخ، أسماء برّاقة لفكر واحد منحرف هو امتداد للفكر الإعتزالي القديم ولكن بوجه عصري جديد، هذا الفكر بصورته العصرية ظهر قبل أربعة عقود من الزمان، ثم اندثر، وها هو الآن يطل بوجهه القبيح مستغلاً تراجع الصحوة الإسلامية المباركة التي تمّ التآمر الدولي لإيقاف مدها الكاسِح، باسم مكافحة الإرهاب، دون تفريق بين مُحقّ ومُبطل، ومُصلح ومُفسد .. ولمّا كانت هذه الصحوة المُباركة بثوبها السَّلفي الطَّاهر النَّقي هي العدوّ التقليدي لهذا الفِكر الإعتزالي القديم والحديث، فلا غرابة أن يكون أصحاب هذا الفِكر جُزءاً من تلك المؤامرة كطابور خامس للأعداء. ومنذ تراجع هذه الصحوة المباركة ـ وهو تراجع مؤقت للتمييز والتمحيص ـ وأصحاب هذا الفِكر يشنّون حرباً شعواء على السَّلفية، وينعِتونها بأقبح الصِّفات مستقوين بالعدوّ الخارجي، وقد بدأوا أوّلاً بنقد الفروع والجزئيات، ثم انتهى الأمر بهم إلى الدعوة إلى نقد الثوابت، والتي يعبّرون عنها تارة بالمسلّمات، وتارة بالحتميات، وتارة بالمعرفة الأولى .. الخ وهي دعوة خطيرة تكشف عن حقيقة ما يطرحونه من فكر ..
يقول أحدهم ـ وهو كبيرهم وأشدّهم بلاهة وفِتنة بالغرب ـ في مقال له بعنوان: (ظهور الفِكر النَّقدي شرارة الإنطلاق الحضاري) الرياض: 14083: " إنَّ النقد للأفكار والرُؤى والأوضاع والأعراف والتَّقاليد والمواضعات والمسلّمات هو محرِّك الحضارة وهو صانع التَّقدم في كل مجالات الفِكر والفِعل وهو الشَّرارة التي فجَّرت طاقات الإنسان وصَنَعت له أمجاد الفِكر والعِلم ووفَّرت له أسباب الإزدهار فالأُمم التي اعتمدت هذه الآلية الرائعة حقَّقت طُموحاتها وأنجزَت إثبات ذاتِها ووقفت شامخة بين الشُّعوب في سِباقات الفِكر والفِعل أمَّا الأُمم التي أخمدت هذا المُحرك الأكبر أو تجهله أو لا تُحسن استخدامه فقد بقيت عاجزة عن مُبارحة خنادِق التَّخلُّف بل بقيت رافضة بأن تتجاوز هذه الخنادق لأنَّ حِرمانها من النَّقد والمُراجعة حرّمها من اكتشاف نقائِصها كما حرّمها من التَّعرف على ما في الدنيا من آفاق وبدائِل فبقيت تتوهَّم أنَّها الأفضل والأرقى وظلَّت رهينة هذا الوهم .. " فهو قد ساوى بين الأفكار والرُؤى والأوضاع والأعراف والتَّقاليد .. وبين المُسلّمات التي هي الثوابت، ولم يستثن من ذلك شيئاً .. فكلّها يجب أن تكون خاضعة للنّقد حسب رأيه، وهو يستشهد على ذلك بالحضارة اليونانية ووريثتها الحضارة الغربية حسب تعبيره، فيساوي بين دينهم وثوابتهم المُحرّفة الباطلة، وثوابتنا وديننا الصَّحيح الذي لا يقبل النَّقد، بل يعدّ هذا التّفريق بين الدِّينين وثوابتهما ضرباً لما أسماه بامتلاك الحقيقة المطلقة، بمعنى أنّك حين تعتقد أيُّها المسلم بأنّ دين الإسلام هو وحده الحقّ وما سِواه باطل، فإنّك حينئذِ تدّعي امتلاك الحقيقة المُطلقة!!! هذا ما يفهم من إطلاقه حيث يقول: "ولكن لن نُدرك عَظَمة هذا السبق المُذهل إلا إذا تذكَّرنا أنَّ أصعب معضلة واجهت الإنسانيَّة وسبَّبت لها الفظائِع والشُّرور وعرقلَت مسيرتَها الحضاريَّة هي الإنغلاق الثَّقافي الناتج عن توهُّم الكمَال واعتِقاد كل طرف من المختلفين أنَّه هو وحده الذي يملك الحقيقة النهائية المُطلقة وأنَّ كل الأطراف الأخرى غارِقة في الأباطيل والحماقات والعمى والضلال وانحلال الأخلاق وأن كل المخالفين يستحقون الاقصاء والاستئصال لأنهم في نظره خطر على الحقيقة وعلى الوجود ولأن هذا الوهم يجري من الناس مجرى الدم ومحتجب عن الوعي خصوصاً في الثقافات المغلقة [ويقصد بها ثقافتنا] فإنه قد بقي ويبقى محصناً عن أضواء العقل وغير متأثر بفتوحات العلم ومحمياً من عمليات التحليل والفحص والمراجعة فتوهّم الانفراد بامتلاك الحقيقة يؤدي إلى الانغلاق الثقافي ومعاداة كل المغايرين وتوهّم الخطر من أي مخالف. إن ادعاءات كل طرف سواء بين الأمم المختلفة أو بين المذاهب
(يُتْبَعُ)
(/)
والطوائف والاتجاهات داخل الأمة الواحدة بأنه وحده يملك الحقيقة المطلقة وأن الآخر ليس لديه سوى الضلال والعمى كانت وما زالت من أقوى أسباب البؤس الإنساني والفرقة والإقتتال والعداوات وحجب الحقائق وتزييف الوقائع وإفساد الأخلاق وملء النفوس بالأحقاد وتلويث العقول وإعاقة المعرفة وعرقلة الحضارة ومنع الانسجام الإنساني لذلك كان تأسيس الفكر النقدي وتقويض أوهام الانفراد بامتلاك الحقيقة النهائية المطلقة من أعظم الاختراقات الإنسانية .. " وهذا الكلام تضمن حقّاً وباطلاً، وخلطاً عجيباً يدلّ على غبش في التصور، أو ضلال في الفكر.
ويقول آخر ـ وهو أشدّهم تطرّفاً وبذاءة ـ في مقال له بعنوان: (الإرادة الإنسانية .. المستقبل يصنعه الإنسان) الرياض: 14073، هاجم فيه ما أسماه بالحتميات التي هي الثوابت، يقول: " لا أريد أن أتحيز إلى تهميش الحتميات؛ بقدر ما أريد التأكيد على قدرة الإرادة الإنسانية على تجاوزها، والتحرر منها؛ مع الإقرار بنسبية هذا التحرر. بل إن حضورها الطاغي أحيانا هو ما يبعث روح التحدي إزاءها، ويجعل من التحرر منها تحقيقا لتحرر الإرادة الإنسانية مما سوى الإنساني ". فهو يرى في مقاله الطويل الذي يكتنفه الغُموض أنّ الحتميات التي هي الثوابت ـ ويعني بها ثوابتنا نحن لكنّه لم يجرؤ على تسمية الأشياء بأسمائها ـ هي العائق عن تحقيق التقدّم والإرادة الإنسانية، في الوقت الذي يثني فيه على الإنسان الغربي الذي يمثل في نظره مقدمة الوعي الإنساني، ومثال الإرادة الحرة الواعية بذاتها. لأنّه الإنسان الأقل خضوعا للحتميات، والأشد تحرراً من أسرها!!!!!. إنّها قمّة الإنهزامية والتبعية والإنحراف الفِكري، أو بتعبير بعض الفضلاء: (الأدمغة المفخخة).
وفي مقال بعنوان: (ثقافة معاقة) (!) الوطن: 2252 كتبت إحداهنّ داعية إلى الشك في الثوابت، والتشكيك فيها، تقول بكلّ جرأة: " يقال إنَّ الفرد قد حقق هويته عندما تكون سلوكياته العملية في جميع جوانب حياته نتاجاً لمفاهيم وقناعات اختبرت صحتها بعقلية حرة مستقلة ولم تكن نتاج وراثة أو برمجة بطريقة الترديد الببغائي لما يقوله الوالدان والمدرسة ووسائل الإعلام كالمسجد والتلفزيون والكتيبات، وليصل الإنسان لهذا المستوى فلابد أن يمر بمرحلتين الأولى وفيها يتم وضع كل ما تم تلقينه إياه في فترة طفولة الفكر وهي مرحلة الطفولة وحتى نهاية المراهقة موضع الشك والإختبار دون النظر إلى ما يسميه مجتمعه أعرافاً أو ثوابت فيبدأ المراهق بالتساؤل حول مصداقية التعليمات التي جاءت من قبل الكبار وتشكيكه فيها بالبحث والقراءة والإستطلاع بهدف الغربلة والتصحيح فيدخل سن الشباب وقد كوّن فكره المستقل الذي يعكس ما يدل عليه ثم يظهر الالتزام بالمعرفة الجديدة وتطبيقها عملياً كمؤشر ملموس على تحقق الهوية ". فهي تدعو الشاب الغض بعد سنّ المراهقة أن يختبر قناعاته ـ حتى الثوابت (!) بعقلية حرة مستقلة كما تقول (!!!) وهي لا تعلّم أنّ ثوابتنا لا سيَّما العقدية لا تخضع للعقل، ولا مدخل للعقل فيها، فهي تعتمد على الإيمان والتسليم المطلق {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 2]، ولو كانت الكاتبة تتحدث عن مجتمع غير مجتمعنا، ثوابته من وضع البشر لكان لكلامها وجاهة، أمّا وهي تتحدّث عن مجتمعنا السلفي المسلم بمناهجه النقية التي تولّى إعدادها علماء أجلاء، فلا وجه لهذه النزعة التشكيكية المتلقّاة من الغرب الكافر الذي لا ثوابت له سوى ما وضعه البشر .. ثم كيف لشاب غضّ في مقتبل العمر أن يختبر تلك القناعات والثوابت التي وضعها له علماؤه ومشايخه، وهي مما اتفق عليه سلف الأمة منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا؟!! ثم تقول: " وقد يظن أي معاق الهوية أنَّ الأخلاق والقيم والمبادئ غير قابلة للتطور ويجب أن تبقى ثابتة وأننا نعني بهذا المقال التأثير على شبابنا ودفعه للتخلي عن قيمنا وأخلاقنا العظيمة ونقول له بل هي قابلة للتطور والتحسن ويجب أن تعامل بمرونة أكثر وسأعطي مثالاً على نمو المبادئ وتطورها ففي ثقافتنا الإسلامية الجميلة كنا من رواد الدعوة لحقوق العبيد ولتضييق موارد الاستعباد ثم تطور هذا المفهوم الأخلاقي على يد الثقافة الغربية لمستوى أعلى فمنع استعباد الإنسان والاتجار به أساسا ومن هذا المنطلق يمكن حتى أن نطور مفاهيمنا حول حقوق
(يُتْبَعُ)
(/)
المرأة والطفل ". وهو كلام خطير يدلّ على جهل فاضح، وانهزامية بائسة، فديننا ولله الحمد قد أكمله الله وأتمّه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3] فلسنا بحاجة لنطور ثوابتنا وقيمنا عن طريق أمم لا قيم لها ولا أخلاق أصلاً إلاَّ الأخلاق التجارية إن صحّ التعبير، والمثال الذي ضربته دليل صارخ على جهلها فإنّ إلغاء الرقّ الذي أقرّه الإسلام ليس تطويراً وإنّما هو مضادة لحكم الله وشرعه، فالرق باق ما توفّرت أسبابه، وقولها: (ثم تطور هذا المفهوم الأخلاقي على يد الثقافة الغربية لمستوى أعلى فمنع استعباد الإنسان والإتجار به أساساً) كلام خطير حيث جعلت هذا النقض لحكم الله مستوى أعلى مما شرعه الله وأقرّه .. فجعلت حكم الطاغوت أعلى من حكم الله، ولا أظنّها لجهلها تدرك ذلك،
فإلى الله المشتكى من جهل هؤلاء وجرأتهم وتعالمهم .. ثم أي استعباد أعظم مما تفعله الدول الكبرى اليوم من استعباد الدول والشعوب وإذلالها والضغط عليها لتنفيذ أجنداتها، والسير في ركابها، والاستيلاء على ثرواتها ومقدّراتها؟!! ومن يخالف ذلك فإنّ مصيره إلى الإقصاء والإبعاد والاتهام بالإرهاب، وتسليط المرتزقة عليه وغير ذلك من الأساليب الماكرة. وتختم مقالها بما لا يقل خطورة عما سبق، فتقول: " وأخيرا تحت شعار حماية ثقافتنا خوفا من المتربصين وهذا الخوف الذي ينادي إلى التقهقر ومحاولة إحياء عصر ما قبل ألف سنة بحذافيره وهذا الفكر خلق مجتمعات بأكملها معاقة الهوية وجعل عقولنا راكدة متوقفة عن العطاء نعيش عالة ولا نساهم في أي إضافة للمجتمعات لا تقنيا ولا ثقافيا بالرغم من أننا نشكل خمس سكان العالم". فتأملوا قولها: (إحياء عصر ما قبل ألف سنة) وهو عصر النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه والتابعين، أي القرون الأولى المفضّلة التي قال عنها النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: ((خير القرون قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم .. )) وجعلت إحياء مثل هذا العصر المجيد سبباً من أسباب خلق مجتمعات بأكملها معاقة العوية ... ألا يعدّ هذا الكلام من الكفر الصريح، أم أنّ هذه الكاتبة تردّد ببغائية ما لا تدرك معناه؟!
وفي ذات السياق يقول أحدهم في مقال له بعنوان: (التفكير في المعرفة الأولى) الوطن: 2259: "يعتبر كثير من الباحثين في الفكر العلمي، باشلار من أبرزهم، أن المعرفة الناتجة عن التجربة الأولى، أي الاتصال الأول بالموضوع، تعتبر عائقاً معرفياً أمام الحصول على معرفة علمية موضوعية. وبالتالي فإن المعرفة العلمية الحقيقية تأتي لتواجه وتتجاوز هذه المعرفة الأولى ". إلى أن يقول: " هذا المفهوم يمكن توسعته أيضاً إلى معارفنا الأولى عن الكون والحياة والأفكار والثقافات وعن أنفسنا ومحيطنا الصغير والكبير. خصوصاً أنَّ أغلب معارفنا في هذا الإطار اكتسبناها ونحن صغار في فترات التعلم الأولى. تعلمنا في البيت وفي المدرسة ومن خلال التفاعل الإجتماعي أشياء كثيرة. تعتبر كلها معارف أولى تبقى متأثرة بثقتنا بمن علمنا إياها وبالهالة التي لهم عندنا .... " إلى أن يقول: " يمكن سحب هذا الفهم على المعرفة الأولى التي اكتسبناها في المدرسة من المعلم وتلك التي اكتسبناها من إمام المسجد وتستمر حتى إلى المعرفة الأولى التي تحصلنا عليها من الجامعة أو أي مصدر معرفي آخر ". وهذا هو مربط الفرس عندهم: المعلم، المسجد .... وهكذا تستمر الدعوة إلى التشكيك في ثوابتنا ومسلّماتنا الشرعية بحجّة النقد والتمحيص، وهم يقيسون مجتمعنا المسلم على المجتمعات العلمانية الكافرة التي لا ثوابت لها إلا ما صنعه البشر كما سبق ضاربين بثوابتنا الشرعية عرض الحائط. فمن يوقف هؤلاء عند حدّهم .. ؟
ـ[أبو حماد]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 11:12]ـ
نحتاج الكثير والكثير من الدراسات والمقالات الكاشفة لزيف الليبراليين ومن مشى على طريقتهم من بعض دعاة التنوير، والمعركة الآن في كثير من بلاد الإسلام إنما هي مع هؤلاء القوم، فقد استأسدوا بعد قوة شوكة أمريكا التي ترعاهم وتقوم بدعمهم علموا بذلك أو لم يعلموا.
حفظك الله أخي إبراهيم المديهش وجزاك خيراً على هذا النقل.
ـ[إبراهيم المديهش]ــــــــ[16 - Feb-2007, صباحاً 01:52]ـ
[ quote= أبو حماد;4464] نحتاج الكثير والكثير من الدراسات والمقالات الكاشفة لزيف الليبراليين ومن مشى على طريقتهم من بعض دعاة التنوير،
أبا حماد، صدقت ـ بارك الله فيكم،وجزاكم خيرا ـ
وقد كنت أردد في نفسي أمنية، أن أجد مواقع خاصة (لكشف دعاوى العقلانيين والحداثيين)؛ لأن لهم ظهورا واضحا في عدة مجالات، ويوجد من يقرأ، فيتأثر بطرحهم، والشبه خطافة
وللأهمية:/
1) الاتجاهات العقلانية المعاصرة أ. د. ناصر العقل (مجلد) ط. دار الفضيلة في الرياض
2) الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها دراسة نقدية شرعية د. سعيد الغامدي 3 مجلدات ط. دار الأندلس الخضراء في جدة والرياض
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حماد]ــــــــ[16 - Feb-2007, صباحاً 02:43]ـ
هناك كذلك:
- كتب محمد محمد حسين رحمه الله، " حصوننا مهددة من الداخل "، " الإسلام والحضارة الغربية "، " التيارات الوطنية في الأدب العربي المعاصر ".
- كتب الدكتور مفرح بن سليمان القوسي، " الشيخ مصطفى صبري وموقفه من الفكر الوافد "، " السلفية "، " الموقف المعاصر من السلفية ".
- كتب الشيخ مصطفى صبري، وعلى رأسه كتابه العظيم " موقف العقل والعلم من رب العالمين ".
- المدرسة العقلانية وموقفها من السنة النبوية.
- كتاب السنة ومكانتها في التشريع لمصطفى السباعي رحمه الله.
- كتاب الأنوار الكاشفة للمعلمي رحمه الله.(/)
للنقاش: (الفرق بين العبادة والطاعة والقربة).
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 06:27]ـ
فائدة (الفرق بين العبادة والطاعة والقربة):
فسر البعض العبادة بالطاعة ([1]):
قال أبو الوليد الباجي: (العبادة: هي الطاعة والتذلل لله بإتباع ما شرع.
قولنا:"هي الطاعة" يحتمل معنيين:
أحدها: امتثال الأمر. وهو مقتضاه في اللغة. إلا أنه في اللغة واقع على كل امتثال لأمر الآمر في طاعة أو معصية، لكننا قد احترزنا من المعصية بقولنا "والتذلل لله تعالى" لأن طاعة الباري تعالى لا يصح أن تكون معصية.
والثاني: أن الطاعة إذا أطلقت في الشرع فإنها تقتضي القربة، وطاعة الباري تعالى دون طاعة
غيره) ([2]).
وفرق البعض بين العبادة والطاعة والقربة:
قال زكريا الأنصاري: (العبادة ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود ويقال تعظيم الله تعالى بأمره. القربة ما تقرب به بشرط معرفة المتقرب إليه.القربان ما تقرب به من ذبح أو غيره. الطاعة امتثال الأمر والنهي وهي توجد بدون العبادة والقربة في النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى إذ معرفته إنما تحصل بتمام النظر والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج إلى نية كالعتق والوقف) ([3]).
ففرق بينهم بأن جعل العبادة يشترط لها النية ومعرفة المعبود، وجعل الطاعة لا يشترط لها النية ولا المعرفة ومثّل لذلك - تبعاً لأبي إسحاق الشيرازي ([4]) – بالنظر المؤدي إلى معرفة الله – عز وجل – وارتضى ذلك ابن عابدين وعللّه بقوله: (وإنما لم يكن النظر قربة لعدم المعرفة بالمتقرب إليه ; لأن المعرفة تحصل بعده ولا عبادة لعدم التوقف على النية) ([5])، وجعل القربة يشترط لها المعرفة دون النية، ومثّل لها بالعتق والوقف.
إلا أن ابن النجار الحنبلي خالف في ذلك فجعل القربة لا بد لها من القصد دون الطاعة فقال: ((وكل قربة) وهي ما قصد به التقرب إلى الله تعالى على وفق أمره أو نهيه (طاعة، ولا عكس) أي وليس كل طاعة قربة، لاشتراط القصد في القربة دون الطاعة، فتكون القربة أخص من الطاعة. والله أعلم) ([6]).
---------------------------------------
[1]- أنظر لسان العرب مادة: (ع ب د)
[2]- الحدود للباجي (ص/57 - 58).
[3]-الحدود الأنيقة (1/ 77). وأنظر حاشية العطار على شرح المحلى على جمع الجوامع (1/ 139).
[4]- أنظر المنثور للزركشي (3/ 367) فقد نقل ذلك عن الشيرازي في كتاب الحدود له.
[5]- حاشية ابن عابدين (1/ 106). ولاحظ أن الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس و إن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة و هذا قول جمهور الناس و عليه حذاق النظار أن المعرفة تارة تحصل بالضرورة و تارة بالنظر كما اعترف بذلك غير واحد من أئمة المتكلمين، وذهب قوم من المتكلمين إلى إيجاب النظر وجعله أول الواجبات ولبيان غلط هؤلاء ومذاهب الناس في النظر أنظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (16/ 328) وما بعدها.
[6]- شرح الكوكب المنير (ص/120)
ـ[أشرف عبد الله]ــــــــ[13 - Aug-2008, صباحاً 12:20]ـ
فائدة (الفرق بين العبادة والطاعة والقربة):
فسر البعض العبادة بالطاعة ([1]):
قال أبو الوليد الباجي: (العبادة: هي الطاعة والتذلل لله بإتباع ما شرع.
قولنا:"هي الطاعة" يحتمل معنيين:
أحدها: امتثال الأمر. وهو مقتضاه في اللغة. إلا أنه في اللغة واقع على كل امتثال لأمر الآمر في طاعة أو معصية، لكننا قد احترزنا من المعصية بقولنا "والتذلل لله تعالى" لأن طاعة الباري تعالى لا يصح أن تكون معصية.
والثاني: أن الطاعة إذا أطلقت في الشرع فإنها تقتضي القربة، وطاعة الباري تعالى دون طاعة
غيره) ([2]).
وفرق البعض بين العبادة والطاعة والقربة:
قال زكريا الأنصاري: (العبادة ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود ويقال تعظيم الله تعالى بأمره. القربة ما تقرب به بشرط معرفة المتقرب إليه.القربان ما تقرب به من ذبح أو غيره. الطاعة امتثال الأمر والنهي وهي توجد بدون العبادة والقربة في النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى إذ معرفته إنما تحصل بتمام النظر والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج إلى نية كالعتق والوقف) ([3]).
ففرق بينهم بأن جعل العبادة يشترط لها النية ومعرفة المعبود، وجعل الطاعة لا يشترط لها النية ولا المعرفة ومثّل لذلك - تبعاً لأبي إسحاق الشيرازي ([4]) – بالنظر المؤدي إلى معرفة الله – عز وجل – وارتضى ذلك ابن عابدين وعللّه بقوله: (وإنما لم يكن النظر قربة لعدم المعرفة بالمتقرب إليه ; لأن المعرفة تحصل بعده ولا عبادة لعدم التوقف على النية) ([5])، وجعل القربة يشترط لها المعرفة دون النية، ومثّل لها بالعتق والوقف.
إلا أن ابن النجار الحنبلي خالف في ذلك فجعل القربة لا بد لها من القصد دون الطاعة فقال: ((وكل قربة) وهي ما قصد به التقرب إلى الله تعالى على وفق أمره أو نهيه (طاعة، ولا عكس) أي وليس كل طاعة قربة، لاشتراط القصد في القربة دون الطاعة، فتكون القربة أخص من الطاعة. والله أعلم) ([6]).
السلام عليكم أخي الحبيب
لا يوجد فرق بين تعريف زكريا الأنصاري ومن تبعه للقربة وتعريف ابن النجار الحنبلي من جهة قصد الله تعالى، فكلاهما يشترط هذا، وذلك ظاهر من قوله " ما تقرب به " وفي لفظة أخرى لهذا التعريف:"ما يثاب عليه " وهذا لا يكون إلا فيما قصد به وجه الله
أما قوله في القربة: "وإن لم يتوقف على النية " كما نقله ابن عابدين في حاشيته فالقصد بالنية هنا نية التعين، ويعني ذلك أن من القربات التي يقصد بها وجه الله تعالى ما يحتاج لنية التعيين لأن صورها لاتكفي في حصور المراد، ومنها ما لا يحتاج لنية التعيين لكونها لا لبس فيها
يقول القرافي: القربات التي لا لبس فيها لا تحتاج إلى نية: كالإيمان بالله تعالى وتعظيمه وإجلاله والخوف من نقمه والرجاء لنعمه والتوكل على كرمه .... (الذخيرة للقرافي: 1/ 243)
وأما القربات التي تحتاج لنية وهي العبادات من صلاة وصيام .... ؛ لأن صور فعلها ليست كافية في تحصيل المصلحة المقصودة منها .... (الذخيرة: 1/ 245، وانظر المنثور للزركشي: 3/ 285)
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أشرف عبد الله]ــــــــ[22 - Aug-2008, مساء 11:54]ـ
السلام عليكم
يبدو أني تسرعت في التعليق، فقد فهمت مرادك خطأ، ومعذرة
ـ[أم أبي التراب]ــــــــ[01 - Apr-2010, صباحاً 04:33]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرًا
ونفعكم ونفع بكم(/)
((هل الإنسان مُسير أم مخير؟)) [فائدة في العقيدة] (4)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 06:36]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إخواني و أخواتي الكرام - معاشر أهل السنة -:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
((هل الإنسان مُسير أم مخير؟)) [فائدة في العقيدة] (4)
سُئل سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن حميد - رحمه الله -:
هل الإنسان مُسير أم مخير؟ وما هي الأدلة على ذلك؟
فأجاب - رحمه الله -:
الإنسان مسير ومخير معًا؛
فأنت مجبر بالنسبة إلى خلقك. فالله خلقك وجعل لك عقلاً لتميز به بين الخطأ والصواب، فتختار ما هو أنفع لك. فاختيارك للأصلح والأنفع هو دليل على أنك مخير. فأنت تفعل هذا الشيء: باختيارك, وأنت واختيارك بيد الله سبحانه وتعالى، فالله جل وعلا هو المتصرف في هذا الكون. قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:22].
وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية معنى هذا البحث فقال ما معناه: العبد مخير بحيث إنه يختار ما ينفعه ويبتعد عما يضره، ألا ترى أن الذي ينفعك هو البقاء على حياتك فهل أنت مسير بأن تلقي نفسك في البئر، أو تعرض نفسك لهلاك أم أنك تحافظ عليها؟ فأنت هنا تفعل ما تقتضيه مصلحتك من أنك تحافظ على بقائك حيًا، وفعلك هذا باختيارك. أما أنك ترتكب المحرم وتقول: إني مسير. لا أنت الذي فعلت هذا باختيارك وإرضاء لشهوتك. فأنت معاقب بهذا، وذلك من جهلك لنفسك، فأنت مخير، فالله أعطاك العقل وأعطاك مشيئة وحسن تصرف وإرادة فتفعل ما فيه مصلحة لنفسك، وترتكب المعاصي التي تهواها نفسك كل هذا من اختيارك. فأنت من اختار ذلك ولم يجبرك عليه أحد.
فالله جل وعلا أعطاك العقل وبين لك طريق الخير والشر وأعطاك حرية الاختيار بين الطريقين، وإن كان مقدراً عليك كل شيء في حياتك حتى شربة الماء. ولكن هذا لا يعطل عمل الاختيار، أما كون الإنسان مسيرًا في أمور فمنها الأجل وتحديده فالإنسان لا اختيار له في تحديد أجله من تقديم له أو تأخير.
و الحاصل أن الإنسان مسير ومخير في آن معًا، والله أعلم.
((المصدر)): فتاوى سماحة الشيخ الإمام عبد الله بن حميد (ص 18)
وكتب / سَلْمَانُ بنُ عَبْدالقَادر أَبُو زَيْد
الجمعة 26 جمادى الأولى 1427 هـ
ـ[ابن رشد]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 12:17]ـ
سمعت كلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية.لما سئل هل الإنسان مخير أو مسير؟
فأجاب_فيما معناه_" أن هذا من التكلف وانه سؤال بارد ....... "
والله أعلم
وشكرا على جهودك المباركة
أخوك"""""ابن رشد"""""
ـ[ابوفهد]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 07:50]ـ
جزاك الله خير يا اخي سلمان .. فائدة نفيسة ..
دمتم بخير ...
ـ[الحمادي]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 08:24]ـ
جزاك الله خيراً أخي سلمان
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 01:21]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
هل الإنسان مسير أم مخير
السؤال الثالث من الفتوى رقم (4513):
س3: فهمني بإيجاز عن التسيير والتخيير؟
ج3: الإنسان مخير ومسير، أما كونه مخيرا فلأن الله سبحانه أعطاه عقلا وسمعا وبصرا وإرادة فهو يعرف بذلك الخير من الشر، والنافع من الضار ويختار ما يناسبه، وبذلك تعلقت به التكاليف من الأمر والنهي، واستحق الثواب على طاعة الله ورسوله، والعقاب على معصية الله ورسوله، وأما كونه مسيرا فلأنه لا يخرج بأفعاله وأقواله عن قدر الله ومشيئته، كما قال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (1) وقال سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (2) وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (3) الآية. وفي الباب آيات كثيرة وأحاديث صحيحة كلها تدل على ما ذكرنا لمن تأمل الكتاب والسنة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
(يُتْبَعُ)
(/)
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 01:23]ـ
فتوى رقم (4657):
س: مضمونه أن نقاشا دار بين جماعتين في أن الإنسان مسير أو مخير ويطلب الإفادة على الصواب في ذلك على ضوء الكتاب والسنة؟
ج: أولا: ثبت أن الله تعالى وسع كل شيء رحمة وعلما، وكتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة، وعمت مشيئته وقدرته كل شيء، بيده الأمر كله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير. وقد دل على ذلك وما في معناه نصوص الكتاب والسنة، وهي كثيرة معروفة عند أهل العلم، ومن طلبها من القرآن ودواوين السنة وجدها، من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (1) وقوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (2) وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (3) وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (4) وقوله: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (5) وقوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (6) وقوله: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (7) وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ
نَفْسٍ هُدَاهَا} (1) الآية.
ومما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما حث على الذكر به عقب الصلاة من قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد»، وكذا ما جاء في حديث عمر رضي الله عنه من سؤال جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»، فهذه النصوص وما في معناها تدل على كمال علمه تعالى بما كان وما هو كائن على تقديره كل شئون خلقه، وعلى عموم مشيئته وقدرته، ما شاءه سبحانه كان وما لم يشأ لم يكن.
ثانيا: ثبت أن الله حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه، رحيم بعباده، وأنه تعالى أرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام وأنزل الكتب وشرع الشرائع وأمر كلا منهم أن يبلغها أمته، وأنه تعالى لم يكلف أحدا إلا وسعه، رحمة منه وفضلا، فلا يكلف المجنون حتى يعقل، ولا الصغير حتى يبلغ، وعذر النائم حتى يستيقظ، والناسي حتى يذكر، والعاجز حتى يستطيع، ومن لم تبلغه الدعوة حتى تبلغه، رحمة منه تعالى وإحسانا.
وثبت عقلا وشرعا الفرق بين حركة الصاعد على سلم مثلا والساقط من سطح مثلا، فيؤمر الأول بالمضي إلى الخير وينهى عن المضي إلى الشر والاعتداء، بخلاف الثاني فلا يليق في شرع ولا عقل أن يوجه إليه أمر أو نهي، وثبت الفرق أيضا بين حركة المرتعش لمرضه وحركة من ليس به مرض، فلا يليق شرعا ولا عقلا أن يوجه إلى الأول أمر ولا نهي فيما يتعلق في الرعشة، لكونه ملجأ مضطرا إليها، بل يرثى لحاله ويسعى في علاجه، بخلاف الثاني فقد يحمد كما في حركات العبادات الشرعية، وقد ينهى كما في حركات العبادة غير الشرعية وحركات الظلم والاعتداء، فتكليف الله عباده ما يطيقون فقط وتفريقه في التشريع والجزاء بين من ذكروا وأمثالهم دليل على ثبوت الاختيار والقدرة والاستطاعة لمن كلفهم دون من لم يكلفهم.
ثم إن الله تعالى حكم عدل علي حكيم لا يظلم مثقال ذرة جواد كريم يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات، ثبت ذلك بالفعل الصريح والنقل الصحيح فلا يتأتى مع كمال حكمته ورحمته وواسع مغفرته أن يكلف عباده دون أن يكون لديهم إرادة واختيار لما يأتون وما يذرون وقدرة على ما يفعلون، ومحال في قضائه العادل وحكمته البالغة أن يعذبهم على ما هم إلى فعله ملجئون وعليه مكرهون.
وإذا فقدر الله المحكم العادل وقضاؤه المبرم النافذ من عقائد الإيمان الثابتة التي يجب الإذعان لها وثبوت الاختيار للمكلفين وقدرتهم على تحقيق ما كلفوا به من القضايا التي صرح بها الشرع وقضى بها العقل، فلا مناص من التسليم بها والرضوخ لها، فإذا اتسع عقل الإنسان لإدراك السر في ذلك فليحمد الله على توفيقه، وإن عجز عن ذلك فليفوض أمره لله، وليتهم نفسه بالقصور في إدراك الحقائق فذلك شأنه في كثير من الشئون، ولا يتهم ربه في قدره وقضائه وتشريعه وجزائه فإنه سبحانه هو العلي القدير الحكيم الخبير، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وليكف عن الخوض في ذلك الشأن خشية الزلل والوقوع في الحيرة، وليقنع عن رضا وتسليم بجواب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم لما حاموا حول هذا الحمى، فقالوا يا رسول الله، أفلا نتكل؟ فقال لهم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له».
روى البخاري من طرق عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد في جنازة فقال: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار"، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل، فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، ثم قرأ قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} إلى قوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}» (1)، ورواه أيضا مسلم وأصحاب السنن.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
_________
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو ابي]ــــــــ[18 - Feb-2007, صباحاً 05:03]ـ
رزقتم الإخلاص بالقول والعمل ونفع الله بعلمكم وعملكم
ـ[أبو حماد]ــــــــ[18 - Feb-2007, صباحاً 10:48]ـ
http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=3 4&FatwaID=1762
هل الإنسان مُخيَّر أو مسيَّر؟
سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين
المصدر: فتاوى في التوحيد، ص (52، 53)
تاريخ الإضافة: 17/ 12/2006 ميلادي - 26/ 11/1427 هجري
زيارة: 9
السؤال:
هل الإنسان مخير أو مسير؟
الجواب:
نقول: الإنسان مسير ومخير؛ وذلك أن الله تعالى قدر عليه ما يقع منه وما يفعله، وهو مع ذلك أعطاه قدرة واستطاعة بها يزاول الأعمال ويختار ما يفعله مما يثاب عليه أو يعاقب، والله تعالى قادرٌ على أن يرده إلى الهدى، ودليل ذلك قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ *وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ *} [الزُّمَر: 36 - 37]، وفي الحديث:
اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ [1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=3 4&FatwaID=1762#_ftn1)، وقرأ قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى *فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى *} [الليْل]؛ فأثبت له عملاً وهو العطاء والتقوى والتصديق، وأخبر بأن الله تعالى هو الذي يسره أي أعانه وقواه، فلو شاء لأضله وسلط عليه من يصرفه عن الحق، فهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء.
ومذهب أهل السنة: أن ما يقع من المعاصي والمخالفات كلها بإرادة الله تعالى، الإرادة الكونية القدرية بمعنى أن الله خلقها وأوجدها [2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=3 4&FatwaID=1762#_ftn2) مع أنه يكرهها، ولا يحب أهلها بل يعاقبهم عليها، فتنسب إلى العبد الذي عملها وباشرها، ويوصف بأنه مذنب وكافر وفاجر وفاسق، ومع هذا فإن الله تعالى هو الذي قدرها وكونها، فلو شاء لهدى الناس جميعاً، فللّه الحكمة في خلقه وأمره، فلا يكون في ملكه ما لا يريد.
وقد ذهب المعتزلة إلى إنكار قدرة الله تعالى على أفعال العباد؛ بل عندهم العبد هو الذي يَضِلُّ ويهتَدِي، فقدرته أقوى من قدرة الرب.
وخالفهم الجبرية، فبالغوا في إثبات قدرة الرب، وسلبوا العبد قدرته واختياره وجعلوه مقسوراً لا حركة له ولا اختيار.
وتوسَّط أهل السنة فقالوا: إن للعباد قُدرة على أعمالهم، ولهم إرادة تمكنهم من فعلها، والله تعالى خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، حتى لا تبطل شريعة الله، وأمره ونهيه، ولا يُنْفَى فعله وعمومُ قدرته لكل شيء. والله أعلم.
ــــــــــــــــــ
[1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=3 4&FatwaID=1762#_ftnref1) البخاري (4949)، ومسلم (2649).
[2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=3 4&FatwaID=1762#_ftnref2) أي: خلق أسبابها، وهذا لا يعني إجبار العبد عليها، ولهذا فهو يحاسبه ويعاقبه على فعلها عدلاً منه سبحانه؛ لأنه ارتكبها باختياره.
ـ[قارئ]ــــــــ[18 - Feb-2007, صباحاً 11:13]ـ
أرجو إفادتي هل الإنسان مخيَّرٌ في دنياه أو مسيّرٌ؛ ففي الآية الكريمة التالية لقوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29.]؛ تفيد أن الإنسان مخيَّر، وفي الآية الكريمة الأخرى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 29.]؛ تفيد أن الإنسان مسير؛ فما معنى الآيتين؟ وهل بينهما تعارض كما يظهر أم لا؟
الجوابالإنسان مسيَّر ومخيَّر، يجتمع فيه الأمران:
فهو مسير من حيث جريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك كونًا وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلُّص من قضاء الله وقدره الذي قدَّره عليه؛ فهو من هذه الناحية مسيَّرٌ.
أما من ناحية أفعاله هو وحركاته وتصرُّفاته؛ فهو مخيَّرٌ؛ لأنه يأتي ويذرُ من الأعمال بإرادته وقصده واختياره؛ فهو مخيَّرٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالعبد له مشيئة، وله اختيار، ولكنه تابع لمشيئة الله سبحانه وتعالى وقضائه وقدره، ولذلك يُثاب على الطَّاعة ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أما الإنسان الذي ليس له اختيار ولا إرادة - كالمكره والناسي والعاجز عن فعل الطاعة -؛ فهذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار: إما بالعجز، أو بفقدان العقل؛ كالمجنون والمعتوه؛ فهو في هذه الأحوال لا يعاقب على تصرُّفاته؛ لأنه فاقد للاختيار، فاقد للإرادة.
أما ما أشرت إليه من الآيتين الكريمتين: قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 29.]، وقوله: {وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29.]؛ فهذا يؤيد ما ذكرنا؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختيارًا، وأثبت لنفسه سبحانه وتعالى مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل، فدلت الآية الكريمة على إثبات المشيئتين: إثبات المشيئة للعبد، وإثبات المشيئة لله، وأنَّ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل.
وأما قوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}؛ فهذا ليس معناه التَّخيير، بل هذا معناه الزَّجر والتهديد والتوبيخ؛ قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}؛ هذا معناه التهديد والتوبيخ، وأنَّ الإنسان إذا عصى الله سبحانه وتعالى، وكفر بالله؛ فإنَّ الله يعاقبه؛ لأنه فعل الكفر باختياره، وفعل الكفر بإرادته ومشيئته؛ فهو يستحقُّ عقاب الله ودخول النار: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}؛ فهو سبحانه أعدَّ لهم هذه النار لظلمهم.
المفتي: الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
11. هل الإنسان مسير أم مخير؟
السؤال:
هل الإنسان مسير أم مخير؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إطلاق كلا هذين اللفظين: مسير ومخير في وصف الإنسان لفظ محدث فليس في كتاب الله تعالى ولا في السنة المطهرة وصف الإنسان بأنه مسير مجبور ولا فيهما أنه مخير تخييراً يخرج به عن علم الله وقدرته وإرادته.
فمثل هذه الألفاظ المطلقة المتقابلة لم يكن السلف والأئمة يطلقونها بل كانوا يستفصلون فيها وينكرون إطلاقها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 8/ 293: "وسلف الأمة وأئمتها ينكرون هذه الإطلاقات كلها لا سيما كل واحد من طرفي النفي و الإثبات على باطل، وإن كان فيه حق أيضا بل الواجب إطلاق العبارات الحسنة وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة". وقد أنكر سلف الأمة إطلاق وصف الإنسان بالجبر وعدمه قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 8/ 461: " حتى في لفظ الجبر أنكروا على من قال: جبر، وعلى من قال: لم يجبر. والآثار بذلك معروفة عن الأوزاعي وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم من سلف الأمة وأئمتها". وقال في موضع آخر من مجموع الفتاوى 16/ 237: " ولهذا نص الأئمة كالإمام أحمد ومن قبله من الأئمة كالأوزاعي وغيره على إنكار إطلاق القول بالجبر نفيا وإثباتا فلا يقال: إن الله جبر العباد. ولا يقال: لم يجبرهم. فإن لفظ الجبر فيه اشتراك وإجمال. فإذا قيل: جبرهم أشعر بأن الله يجبرهم على فعل الخير والشر بغير اختيارهم. وإذا قيل: لم يجبرهم أشعر بأنهم يفعلون ما يشاؤون بغير اختياره وكلاهما خطأ".
وقد ذكر شيخ الإسلام معنى هذا السؤال فقال في مجموع الفتاوى 7/ 664: " وكذلك لفظ الجبر إذا قال: هل العبد مجبور أو غير مجبور؟ قيل: إن أراد بالجبر أنه ليس له مشيئة أو ليس له قدرة أو ليس له فعل فهذا باطل؛ فإن العبد فاعل لأفعاله الاختيارية، وهو يفعلها بقدرته ومشيئته. وإن أراد بالجبر أنه خالق مشيئته وقدرته وفعله فإن الله تعالى خالق ذلك كله".
فسؤالك هل الإنسان مخير أو مسير؟ يجاب بمثل ما أجاب به شيخ الإسلام رحمه الله بأنه لا يطلق القول بأن الإنسان مسير أو أنه مخير فكلاهما خطأ فنصوص الكتاب والسنة قد دلت على أن للإنسان إرادة ومشيئة وأنه فاعل حقيقة لكن كل ذلك لا يخرج عن علم الله وإرادته ومشيئته ويبين ذلك قوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير: 28 - 29). وغير ذلك من النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة. وأصدق ما يوصف به الإنسان مما يتعلق بهذا المعنى ما جاء به الكتاب والسنة من وصف الإنسان بأنه ميسر ففي الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة والنار. قيل: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) (الليل: 5 - 7). والله تعالى أعلم.
أخوكم/
خالد بن عبدالله المصلح
17/ 11/1424هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[19 - Feb-2007, صباحاً 01:03]ـ
«جزيتم بالخير معاشر الإخوان»
ـ[ابوعبد الرحمن الفلازوني]ــــــــ[18 - May-2007, مساء 06:03]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذة من الأسئلة التى كثر السؤال عنها فى هذة الأونة ومن ثم يجب الكلام فيها ليتبين الحق فيها من اعتقاد أهل السنة والجماعة
فجزى الله خيرا"كل من شارك بجواب وأجزل له الله الثواب.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[18 - May-2007, مساء 10:15]ـ
هذا مبحث مهم، والله سبحانه وتعالى جعل الجزاء مترتب على اختيار الإنسان. والدليل على ذلك قوله تعالى:
(فأما من اعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى)
انظر كيف جعل الله التيسير لليسرى أو العسرى مترتب على اختيار العبد ونيته، فاختيار العبد هنا سابق والجزاء لاحق، ولو كان لا اختيار له لما كان لهذا الترتُّب والتعقيب فائدة. فمن أراد الخير بحق هداه الله إليه ومن أراد الشر يسره الله للعسرى.(/)
صفة الشم لله تعالى
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 06:38]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة
قال الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله في تعليقه على فتح الباري لابن حجر تحقيق الشيخ نظر الفاريابي 5/ 215:
قوله [ابن حجر] " ... مع أنه سبحانه وتعالى منزه على استطابة الروائح .. الخ"
هذا الجزم من الحافظ رحمه بنفي الشم عن الله تعالى الذي هو إدارك المشمومات لم يذكر عليه دليلا إلا قوله: "إذ ذاك من صفة الحيوان" وهذه الشبهة هي بعينها هي شبة كل من نفى صفة من صفات الله سبحانه من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وهي شبهة باطلة، فما ثبت لله تعالى من الصفات يثبت له على ما يليق به، ويختص به كما يقال ذلك في سمعه وبصره وعلمه، وسائر صفاته، وصفة الشم ليس في العقل ما يقتضي نفيها فإذا قام الدليل السمعي على إثباتها، وجب إثباتها على الوجه اللائق به سبحانه، وهذا الحديث، وهو قوله:" لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ". ليس نصا في إثبات الشم بل هو محتمل لذلك، فلا يجوز نفيه من غير حجة، وحينئذ فقد يقال: إنه صفة الشم لله تعالى مما يجب التوقف فيه لعدم الدليل البين على النفي أو الأثبات فليتدبر، والله أعلم بمراده، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا وقد قال ابن القيم عند هذا الحديث:" ثم ذكر كلام الشراح في معنى طيبه، وتأويلهم إياه بالثناء على الصائم والرضا بفعله على عادة كثير منهم بالتأويل من غير ضرورة حتى كانه قد بورك فيه فهو موكل به.
وأي ضرورة تدعو إلى تأويل كونه أطيب عند الله من ريح المسك بالثناء على فاعله، والرضا بفعله، وإخراج اللفظ عن حقيقته؟
وكثير من هؤلاء ينشئ للفظ معنى ثم يدعي إرادة ذلك المعنى بلفظ النص من غير نظر منه إلى استعمال ذلك اللفظ في المعنى الذي عينه أو احتمال اللغة له.
ومعلوم أن هذا يتضمن الشهادة على الله تعالى ورسوله بأن مراده من كلامه كيت وكيت، فإن لم يكن ذلك معلوما بوضع اللفظ لذلك المعنى أو عرف الشارع صلى الله عليه وسلم وعادته المطردة أو الغالبة باستعمال ذلك اللفظ في هذا المعنى أو تفسيره له به، و إلا كانت شهادة باطلة، وأدنى أحوالها أن تكون شهادة بلا علم.
ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك، فمثّل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا، وأعظم ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه؛ فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه وغضبه وفرحه وكراهيته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، كما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم، وأفعالهم لا تشبه أفعالهم، وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه، والعمل الصالح فيرفعه، وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا. ثم إن تأويله لا يرفع الإشكال؛ إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضا، فإن قال: رضا ليس كرضا المخلوقين، فقولوا: استطابة ليست كاستطابة المخلوقين، وعلى هذا جميع ما يجئ من هذا الباب.
الوابل الصيب ص44 - 54.
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 06:52]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأخ المكرّم / الشيخ عبد الرّحمن بن صالح السّديس -سلمه الله-:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
جزاكم اللهُ خيرًا -أيها الأخ الفاضل -
وباركَ في جهودكم.
حفظ اللهُ الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر البرّاك ورفع قدره.
.... جمعنا وإياكم في دار كرامته.
أخوكم المحب
سلمان بن عبدالقادر أبو زيد
ـ[أبو حماد]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 11:09]ـ
أحسنتم أحسن الله إليكم، نقل مؤصل من عالم محقق.
ـ[نداء الأقصى]ــــــــ[16 - Feb-2007, مساء 04:59]ـ
بارك الله فيكم، لو بقينا على الأثر لا نحول يمنة ولا يسرة لكنا أهدى الأمم، ولكن شرق الناس وغربوا في الصفات، فوقعوا في بنيات الطريق،وهلكاته.
ـ[آل عامر]ــــــــ[15 - Mar-2007, صباحاً 09:56]ـ
قال ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة في شرحه على صحيح مسلم:
أستدل البعض بأن الله يوصف بالشم، وهذا ليس بصريح
ولا يجوز الجزم به لعدم الصراحة.
إذ قد يكون إدراك الله لهذه الرائحة عن طريق العلم لا عن طريق الشم.
ولذلك مادام أنه لم ترد هذه الصفة وهي من الصفات الخبرية الصريحة فإن الأجدر بالإنسان الإمساك.
ـ[ممعن النظر]ــــــــ[17 - Mar-2007, مساء 11:53]ـ
اسأل الله بمنه وكرمه وجوده أن يمد في عمر الشيخ على طاعته وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية وأن يثبتنا وإياه على صراطه السويّ.
ولا عجب من رصانة جواب الشيخ ودقة عبارته فهو الذي قضى خمسين عاماً من عمره يدرس عقيدة السلف الصالح.
ـ[آل عامر]ــــــــ[18 - Mar-2007, صباحاً 11:44]ـ
أخي ممعن النظر هل تقصد الشيخ ابن عثيمين؟
إن كان هو قصدك فقد مات رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المقدادي]ــــــــ[18 - Mar-2007, مساء 03:05]ـ
بل يقصد العلامة عبدالرحمن البراك حفظه الله
ـ[آل عامر]ــــــــ[18 - Mar-2007, مساء 06:19]ـ
اسأل الله بمنه وكرمه وجوده أن يمد في عمر الشيخ على طاعته وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية وأن يثبتنا وإياه على صراطه السويّ.
.
آمين
وأسأل الله لك مثلها.
ـ[أبو عبد الله بن عبد الله]ــــــــ[24 - Mar-2007, مساء 06:03]ـ
قد سألت شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله بعد درس المغرب وهو في طريقه إلى السيارة، هل يقال بثبوت صفة الشم لله تعالى لحديث: " أطيب عند الله من ريح المسك "، قال: نعم هذا يدل على صفة الشم.
نفع الله بكم وسددكم
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[27 - Mar-2007, مساء 08:32]ـ
الإشكال ليس في ما يراد بها لكن الإشكال في إثبات لفظ لم يرد وقاعدة الوصف مبنية على الوقف عند النصوص.
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[29 - Jun-2007, مساء 07:04]ـ
الإشكال ليس في ما يراد بها لكن الإشكال في إثبات لفظ لم يرد وقاعدة الوصف مبنية على الوقف عند النصوص.
أحسنتم ... بارك الله فيكم، وكلام الشيخ ابن عثيمين السابق يضع النِّقاط على الحروف.
/// وقريب منه دلالة الحديث على صفة (الأُذُن) (ولم يثبت بإثبات كونه صفة لله نص): "لَلهُ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ".
/// إذ (الأذَنُ) ههنا هو الاستماع لا الأذن.
/// والمثبِتُ والنافي في ذا الشأن مخطيء.
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[30 - Jun-2007, صباحاً 11:56]ـ
الإخوة الأحبة والمشايخ الفضلا:
=================
صفة الشم جائزة لله تعالى، وإنكار العلامة عبدالرحمن البراك منصب على من نفى هذا الجواز وقال بالامتناع.
وتعليل العلامة ابن عثيمين في عدم القطع بالإثبات راجع إلى أن (أطيب عند الله) سبيله ليس منحصراً في الشم فقط. ولعل العلم بالروائح وأن هذا طيب وأطيب قد يعلم بها المخلوق من طريق الخبر، فليس العلم بالرائحة أطيب أو لا منحصراً في الشم.
وأما وجه قول العلامة عبدالعزيز فلعله نظر إلى الشم على أنه إدراك الروائح، فكيف كان فهو شم، وظاهر الحديث علم بالرائحة.
ولايلزم من ذلك إثبات أنف أو غيرها فقد علم أن الشم ليس مختصاُ بالإنسان، بل هو موجود حتى في الحشرات والأسماك وغيرها من الكائنات التي لاتوصف بأنف، وكثير منها بل ومن النباتات يقوم نسلها أو غذائها على إفراز روائح تجذب إليها ما تريد، وليس المنجذب بالرائحة مما له أنف، لكن إدراكه للرائحة قد يسمى شماً.
وإثبات اللفظ موقوف على النص، ومعناه إن كان هو العلم بالروائح فثابت لله تعالى.
فليس الإشكال في كلام العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز لزوم إثبات الأنف بإثبات الشم فهذا لايلزم أصلاً، وليس الإشكال في قول من أثبت الشم مأخذه هذا فهو يثبت معنى صحيحاً.
لكن الإشكال ما كل معنى صحيح يُثْبَتُ يَثْبُتُ له لفظ لم يرد وصف الله به، لأن القاعدة أن الإثبات موقوف على النص في هذا.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حارث الهمام مشاهدة المشاركة
الإشكال ليس في ما يراد بها لكن الإشكال في إثبات لفظ لم يرد وقاعدة الوصف مبنية على الوقف عند النصوص.
ولهذا فإن ما ذكره الشيخ العلامة ابن عثيمين لايرد في الحقيقة على ما نُقل عن الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز إذا تقرر أن الشم العلم بالروائح كيف كان، ولهذا لو كان كلام الشيخ العلامة عبدالعزيز متوجهاً في الإخبار عن الله بلفظ الشم لما كان فيه كبير إشكال غير بحث لغوي. ولو راجع أبو عبدالله ألفاظ الشيخ رحمه الله ربما لحظ هذا المعنى فهذا الظن بالعلامة رحمه الله.
لكن الإشكال تثبيت لفظ لم يَرِد وإن كان معناه صحيحاً كمن يثبت القِدَم صفة لله، وليست القضية متعلقة بلزوم إثبات لازم المعنى (الأنف) لكن التعبير عن المعنى بلفظ معين لم يرد.
والله أعلم.
ـ[ابو عمر القرشي]ــــــــ[04 - Jul-2007, مساء 10:13]ـ
-
للتنبيه: لا يلزم من الشم أن يكون بالتنفس او عن طريق الأنف وهذا موجود في بعض المخلوقات،،
بارك الله فيكم
،،
ـ[المقرئ]ــــــــ[29 - Aug-2007, صباحاً 12:30]ـ
بارك الله فيكم
تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أكثر من موضع عن هذه المسألة وذكر الخلاف فيها بين الفرق فليراجع في الفتاوى وغيره
ـ[فلسطين بن أحمد العسكري]ــــــــ[29 - Aug-2007, صباحاً 04:43]ـ
^
بماذا نخلص من هذا التجاذب يا شيخ عبد الرحمن أكرمك الله؟
ماذا نقول للناس؟
.
ـ[ابو نصار]ــــــــ[29 - Aug-2007, صباحاً 05:38]ـ
جزاك الله خير على هذه الفائدة
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - Aug-2007, مساء 07:35]ـ
بارك الله فيكم
تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أكثر من موضع عن هذه المسألة وذكر الخلاف فيها بين الفرق فليراجع في الفتاوى وغيره
بارك الله فيكم شيخنا الكريم، منها في المجموع 6/ 135.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - Aug-2007, مساء 07:37]ـ
^
بماذا نخلص من هذا التجاذب يا شيخ عبد الرحمن أكرمك الله؟
ماذا نقول للناس؟
.
هذه الحجج بين يديك، وفي تقديري أن كلام الشيخ البراك متين.
أما الناس ـ العامة ـ فأرى أنهم لا يحسن أن تعرض عليهم مثل هذه المباحث.
ـ[فلسطين بن أحمد العسكري]ــــــــ[29 - Aug-2007, مساء 07:49]ـ
*
وإن كنت ياشيخ عبد الرحمن سددك الله أبدا لم ترو ظمأي فإني أسأل الله أن يجيزك خيرا
وكل شئ عنده بمقدار عز ذكره وجل ثناؤه
.
ـ[صاحب الدليل]ــــــــ[29 - Aug-2007, مساء 10:12]ـ
جزى الله الشيخ كل خير
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتح رب البرية بتلخيص الحموية
الباب الثالث
في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته
....... أولا: في الاثبات: .......
ثانيا: في النفي: .......
ثالثاً: فيما لم يرد نفيه ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم والحيز والجهة ونحو ذلك فطريقتهم فيه التوقف في لفظه فلا يثبتونه ولا ينفونه لعدم ورود ذلك وأما معناه فيستفصلون عنه فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ردوه وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه.
أبومحمد
ـ[فلسطين بن أحمد العسكري]ــــــــ[07 - Sep-2007, صباحاً 02:21]ـ
^
بسم الله الرحمن الرحيم
لم استطع الصبر فلعله خير إن شاء الله
ساعة قلتُ ماذا نقول للناس
فالذي كان عندي أن الناس هم من يوردون علينا هذه المسائل
نشقى شقاء الله أعلم به في معرفة الشئ ثم يأتيك أحدهم سائلا عن أمثال هذه الأمور الكبيرة
فكنت أتساءل كيف عرفوها
فوجدت المعرفة أتت من ثلاثة طرق
أخطرها وهذا الذي يعنيني الآن هو أن هناك من يضعها بين أيديهم عن عمد وعلم ودراية وخبث ودهاء
ليصدوا الناس عن الهدى
ونحن والحمد لله ما استطعنا عاملين بقوله تعالى
"ولكن كونوا ربانيين"
نربي الناس على صغار الأمور قبل كبارها
وما زلنا صغارا
الأمر الثاني أحسن الله اليك أن الذي أفهمه من كلمة متين من قولك قوله متين
أن قول البراك سدده الله هو الراجح عند أهل السنه
لأن المعنى الذي أعرفه لمتين هو القوي الذي لا يزحزح من مكانه
فعلم اقتضاء من معنى قولك متين أنه القول الراجح
هل مافهمته على أن هذا هو ما تدين الله به صحيح؟
على أني أشعر في قرارة نفسي من قولك متين أن الأمر ليس براجح بعدُ في فؤادك
جزاك الله خيرا أبا عبد الله
.
ـ[الأنصاري]ــــــــ[06 - Nov-2007, مساء 08:21]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم وجزاهم خيراً
أنا أني عضو جديد مشاركتكم معانا إن شاء الله
السؤال هل يصح إثبات صفة الشم لله تعالى؟ فقد قال عليه الصلاة والسلام (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)
الجواب أما عن إثبات صفة الشم لله تعالى فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية أن بعض الطوائف أثبتوها ومنهم من نفاه عن الله تعالى، ولم ينقل شيخ الإسلام عن جمهور السلف الصالح إثبات لذلك.
ونوصي السائل بالحرص على ما ينفع، وترك التكلف والبحث عما أمسك عن سلفنا الصالح، لا سيما وأن في التفقه والتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته الثابتة في نصوص الوحيين_ما يكفى ويشفي والله أعلم.
(1) أنظر مجموع الفتاوى 6/ 135
د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ـ[أبو القاسم]ــــــــ[07 - Nov-2007, صباحاً 08:55]ـ
التكلف في إثباتها كالتكلف في ردها ..
مادام أن النص لم يثبت هذه الصفة لله عز وجل
وإلا فهل يقال بثبوت الشم .. كما يقال بثبوت الوجه مثلا أو الرحمة .. أو الغضب؟
ولهذا فأقول للأخ العزيز فلسطين .. حيث قال للشيخ السديس حفظه الله: لم تروِ ظمئي ..
عليك بالأصل فما أثبته الكتاب والسنة الصحيحة أثبته .. وما سكت عنه .. قاسكت عن إثباته أو رده
ومما يدل أن التوقف هنا هو الجادة
أن الله تعالى لو أراد إثباتها لأثبتها ..
فقد أثبت نبيه صلى الله عليه وسلم القدم والساق له سبحانه .. وهذه في عقول "المتكلمين" أفدح وأنكى من صفة الشم
والله أعلم
ـ[الأنصاري]ــــــــ[08 - Nov-2007, مساء 12:24]ـ
الى الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله وأثابه
السؤال: هل صفة الشم الله صفة
وما معني (ريح أطيب عند الله من ريح المسك)؟
أرجو منكم توضيح؟
الجواب:
وحفظك الله ورعاك.
سبيل أهل العلم من أهل السنة أنهم يُثبتون لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ويَنْفُون عنه ما نفاه عن نفسه وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، ويسكتون عمّا سُكت عنه.
قال ابن أبي العزّ رحمه الله: وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يَصِف به نفسه ولا وَصَفه به رسوله نَفيا ولا إثباتا، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون. فالواجب أن ينظر في هذا الباب - أعني باب الصفات - فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نَفَاه الله ورسوله نَفَيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يُعْتَصَم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحا قُبِل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجمَلة إلاَّ عند الحاجة مع قرائن تُبَيِّن المراد والحاجة، مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يُخَاطَب بها، ونحو ذلك. اهـ.
وقد ذَكَر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن بعض أهل الحديث أثبتوا ما جاء به السَّمْع مِن اللمس، دون الشَّمّ والذَّوق.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن رجب]ــــــــ[24 - Feb-2008, مساء 10:02]ـ
بارك الله فيكم
ـ[الأنصاري المديني]ــــــــ[27 - Nov-2008, صباحاً 09:58]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنصر قول الشيخ السحيم بمقدمته، ود. عبدالعزيز هنا أيضا، وشكرا لمن قدم ونفع أخوته، وكلكم قد نفعتم رعاكم الله تعالى.
هنيئا لكم
والثبات الثبات على عقيدة السلف الصالح،ثبتنا الله واياكم
محب صغير جاهل(/)
((الرحمة نوعان)) [فائدة في العقيدة] (3)
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 06:39]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- معاشر أهل السنة -:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
((الرحمة نوعان)) [فائدة في العقيدة] (3)
قال شيخُنا الحبيب صاحب الفضيلة العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي
: (الرحمة نوعان:
1 - رحمة الله صفة من صفاته تليق بجلاله وعظمته.
2 - رحمة مخلوقة،
كما في الحديث: عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَمِنْهَا رَحْمَةٌ بِهَا يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ بَيْنَهُمْ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ رواه مسلم
وكما في حديث: احتجت الجنة والنار .... فقال للجنة: .. أنتي رحمتي أرحم بك من أشاء ...
[البخاري: تفسير القرآن (4850)، ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2847)])
((المصدر)):
[من الموقع الرسمي لصاحب الفضيلة شيخنا العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي - حفظه الله ورعاه -]
((دمتم بخير))
ليلة الأربعاء17جمادى الأولى 1427 هـ
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[15 - Feb-2007, مساء 06:57]ـ
سألني أخ - وفقه اللهُ لكل خير-:
كيف رحمة مخلوقة؟؟
لم أفهم .. حبذا التوضيح غفر الله لك ...
فأجبته:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأخ المكرّم / .................. ـ حفظه الله ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
[الإيضاح حول "الرحمة المخلوقة"]
*قال الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ في صحيحه:
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ (1) يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً (2) وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ.
*قال شيخنا العلامة عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي ـ سلمه الله ـ في تعليقاته على صحيح البخاري [81 كتاب الرقاق]:
(1) -هذه رحمة مخلوقة وهي غير الرحمة التي هي صفة من صفات الله تعالى، فالرحمة رحمتان، رحمة صفة لله لا تكيف ولا تعطل، ورحمة مخلوقة هي المذكورة في هذا الحديث.
(2) - ويوم القيامة يضم هذه الرحمة إلى ما عنده فتكون مائة رحمة يرحم بها عباده كما جاء ذلك في الحديث، مع رحمته التي هي صفة من صفاته. ا.هـ
* * * * * * *
*قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في "العقيدة الواسطية":
((إثبات صفة الرحمة وأنها حقيقة لا مجاز))
فهذه الآيات أفادت إثبات صفة الرحمة وأنها حقيقة لا مجاز، كما أفادت أن الرحمة المضافة إليه -سبحانه وتعالى- تنقسم إلى قسمين: قسم يضاف إليه -سبحانه وتعالى- من إضافة الصفة إلى الموصوف كما قال سبحانه: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وكما في الحديث: برحمتك أستغيث.
والثاني: يضاف إليه سبحانه وتعالى من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، وهي الرحمة المخلوقة كما في الحديث: إن الله خلق مائة رحمة والحديث الآخر: أنه قال سبحانه وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء.
*قال شيخُنا الراجحي معلقاً على المتن:
يعني: رحمتي مخلوقة، فالرحمة تضاف إلى الله إضافة الصفة للموصوف، فهي صفة من صفاته، والثانية: تضاف إليه إضافة المخلوق إلى الخالق، الرحمة المخلوقة، كالأرض: أرض الله، سماء الله، رحمة الله .. المخلوقة يعني. ا.هـ
* * * * * * *
*قال شيخُنا عبد العزيز الراجحي ـ حفظه الله ورعاه ـ في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري:
((باب ما جاء في قول الله: "إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ"))
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الترجمة أراد بها المؤلف إثبات صفة الرحمة لله -عز وجل-، وأن الله -تعالى- متصف بالرحمة، كما يليق بجلاله وعظمته كسائر صفاته لا تكيف، فرحمة الله صفة من صفاته. وهي غير الرحمة المخلوقة، فإن الرحمة رحمتان:
1 - رحمة هي صفة من صفات الله قائمة بذاته تليق بجلاله وعظمته.
2 - رحمة مخلوقة كما سيأتي في الحديث أن - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله -تعالى- قال، عن الجنة: ((أنت رحمتي)) (1)
فهذه رحمة مخلوقة، وكما في الحديث الآخر: ((إن لله -تعالى- مائة رحمة، أنزل إلى الأرض رحمة واحدة فبها يتراحم الخلق، حتى إن الدابة لترفع حافرها، عن ولدها خشية أن تصيبه)) (2) وهذه الرحمة المخلوقة هي أثر من آثار رحمة الله -عز وجل- التي هي صفة من صفاته. ا. هـ
---
: الهوامش
(1) -[البخاري: تفسير القرآن (4850)، ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2846،2847).]
(2) -[البخاري: الأدب (6000)، ومسلم: التوبة (2752).]
= = = = = = = = = = = = = =
*قال الحافظ الإمام ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله تعالى ـ في " بدائع الفوائد " (2/ 408، 409):
اعلم أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:
أحدهما: مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله.
والثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها.
فمن الأول: قوله في الحديث الصحيح ((احتجت الجنة والنار .. )) - فذكر الحديث - وفيه: ((فقال للجنة: "إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء")).
رواه مسلم وأحمد.
فهذه رحمة مخلوقة مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى الخالق تعالى وسماها رحمة لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة، وخص بها أهل الرحمة، وإنما يدخلها الرحماء.
ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم "خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض".
رواه مسلم والحاكم وروى البخاري نحوه.
ومنه قوله تعالى ((ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة)) [هود: 9]
،ومنه تسميته تعالى للمطر رحمة بقوله ((وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته)) [الأعراف:57]
وعلى هذا فلا يمتنع الدعاء المشهور بين الناس قديما وحديثا وهو قول الداعي "اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك"، وذكره البخاري في كتاب الأدب المفرد له عن بعض السلف، وحكى فيه الكراهة، قال: إن مستقر رحمته ذاته!
وهذا بناء على أن الرحمة صفة وليس مراد الداعي ذلك بل مراده الرحمة المخلوقة التي هي الجنة.
ولكن الذين كرهوا ذلك لهم نظر دقيق جدّاً وهو أنه إذا كان المراد بالرحمة الجنة نفسها: لم يحسن إضافة المستقر إليها، ولهذا لا يحسن أن يقال اجمعنا في مستقر جنتك فإن الجنة نفسها هي دار القرار وهي المستقر نفسه كما قال {حسنت مستقرا ومقاما}، فكيف يضاف المستقر إليها والمستقر هو المكان الذي يستقر فيه الشيء؟ ولا يصح أن يطلب الداعي الجمع في المكان الذي تستقر فيه الجنة فتأمله، ولهذا قال: مستقر رحمته ذاته.
والصواب: أن هذا لا يمتنع حتى ولو قال صريحا "اجمعنا في مستقر جنتك" لم يمتنع، وذلك أن المستقر أعم من أن يكون رحمة أو عذابا فإذا أضيف إلى أحد أنواعه أضيف إلى ما يبينه ويميزه من غيره كأنه قيل في المستقر الذي هو رحمتك لا في المستقر الآخر.
ونظير هذا أن يقال: اجلس في مستقر المسجد، أي المستقر الذي هو المسجد والإضافة في مثل ذلك غير ممتنعة ولا مستكرهة.
وأيضا: فإن الجنة وإن سميت رحمة لم يمتنع أن يسمى ما فيها من أنواع النعيم رحمة، ولا ريب أن مستقر ذلك النعيم هو الجنة فالداعي يطلب أن يجمعه الله ومن يحب في المكان الذي تستقر فيه تلك الرحمة المخلوقة في الجنة وهذا ظاهر جدا فلا يمتنع الدعاء بوجه والله أعلم. ا. هـ
= = = = = = = = = = = = = =
*قال فضيلة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك ـ حفظه الله ـ في" تعليقاته على المخالفات العقدية في فتح الباري":
: دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى رحمتان:
1 - رحمة هي صفته؛ وصفاته غير مخلوقة، وإضافتها إلى الله هي من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ كما قال تعالى عن نبي الله سليمان عليه السلام: "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" [النمل19]، وقال تعالى: "وربك الغفور ذو الرحمة" [الكهف58]، وقال تعالى: "الرحمن الرحيم"؛ فهذان الاسمان متضمنان صفة الرحمة، فاسمه الرحمن يدل على الرحمة الذاتية التي لم يزل ولا يزال موصوفًا بها، واسمه الرحيم يدل على الرحمة الفعلية التابعة لمشيئته سبحانه وتعالى؛ كما قال تعالى: "إن يشأ يرحمكم" [الإسراء54]، وقال تعالى: "ويرحم من يشاء" [العنكبوت21].
وأهل السنة والجماعة يثبتون الرحمة لله تعالى صفة قائمة به سبحانه، والمعطلة ومن تبعهم ينفون حقيقة الرحمة عن الله تعالى - ومنهم الأشاعرة - ويؤولونها بالإرادة أو النعمة.
2 - والرحمة الأخرى مما يضاف إليه تعالى: رحمة مخلوقة، وإضافتها إليه هي من إضافة المخلوق إلى خالقه، ومن شواهدها قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله" [الروم50]، وقوله تعالى: "وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون" [آل عمران107]، وقوله سبحانه للجنة كما في الحديث القدسي: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء".
والرحمة المذكورة في الحديث هي الرحمة المخلوقة، وهي التي جعلها الله عز وجل في مائة جزء. والرحمة
المخلوقة في الدنيا والآخرة هي أثر الرحمة التي هي صفته سبحانه وتعالى ومقتضاها.
أكتفي بهذه النقولات
وأسأل الله -جل وعلا- أن يبارك لي ولكم في العلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،
الإثنين 22 جمادى الأولى 1427 هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو موسى سليم الجزائري]ــــــــ[13 - Jan-2010, مساء 02:13]ـ
جزاكم الله خيرا
لله الحمد أشكلت في ذهني أمس لكن وجدت الجواب سريعا بفضل الله ثم بكم
جزاكم الله خيرا
ـ[أحمد المحقق]ــــــــ[14 - Jan-2010, صباحاً 12:12]ـ
بارك الله فيك ودرر رائعة جداً
ـ[خالد الخليلي]ــــــــ[06 - Mar-2010, مساء 09:57]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[سلمان أبو زيد]ــــــــ[10 - Mar-2010, مساء 01:25]ـ
جزاكُم اللَّهُ خَيرًا جميعًا.
ـ[أم الفضل]ــــــــ[14 - Mar-2010, صباحاً 07:34]ـ
جزاك الله خيرا وبارك لنا في علمائنا(/)
لو خرج النبي حياً على هؤلاء لأنكر مرآهم وكره جوارهم
ـ[آل عامر]ــــــــ[16 - Feb-2007, مساء 05:00]ـ
كنت كلما دخلت المسجد النبوي أرى مجموعة ممن يدعون حب النبي صلى الله عليه وسلم وقد رابطوا خلف الحجرة التي دفن فيها نبينا صلى الله عليه وسلم وهم والله لم يفهموا الرسالة التي من اجلها بعثه الله.
كنت أقول كيف ينتشر هذا الدين إن لم يوجد هناك دعاة لهذا الدين ومجاهدين في سبيله ....
والعجيب انك لاترى من أولئك القوم إنكار لمنكر ولا تسمع تغيضا منهم لما يحدث للمسلمين في بقاع الأرض، ومع ذلك يدعون أنهم هم من يحبون النبي!! وهم من ابعد الناس عن هديه صلى الله عليه وسلم.
وانظر لما قاله الغزالي في كتابه فقه السيرة:
في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم بالمدينة رأيت حشدا من الناس يتلمس جوار الروضة الشريفة ويود أن يقضي العمر بجانبها.
ولو خرج النبي حياً على هؤلاء لأنكر مرآهم وكره جوارهم.
إن رثاثة هيئتهم، وقلة فقههم وفراغ أيديهم، وضياع أوقاتهم، وطول غفلتهم تجعل علاقتهم بنبي الإسلام أوهى من خيط العنكبوت.
قلت لهم: ماتفيدون من جوار النبي؟ وما يفيد هو نفسه منكم؟
إن الذين يفقهون رسالته ويحيونها من وراء الرمال والبحار أعرف بحقيقة محمد صلي الله عليه وسلم منكم.
إن القرابة الروحية والعقلية هي الرباط الوحيد بين محمد عليه الصلاة والسلام ومن يمتون إليه.
فأنَّى للأرواح المريضة والعقول الكليلة أن تتصل بمن جاء ليودع في الأرواح والعقول عافية الدين والدنيا؟
أهذا الجوار آية حب ووسيلة مغفرة؟.
إنك لن تحب الله إلا إذا عرفت أولا الله الذي تحب من أجله!!
فالترتيب الطبيعي أن تعرف قبل كل شئ من ربك؟ ومادينك؟ فإذا عرفت ذلك- بعقل نظيف - وزنت - بقلب شاكر- جميل من بلَّغك عن الله وتحمل العنت من أجلك وذلك معنى الأثر (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني بحب الله) .. (1)
ومعنى الآية: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آل عمران31
ثم إن نبي الإسلام لم ينصب نفسه " بابا " يهب المغفرة للبشر ويمنح البركات، إنه لم يفعل ذلك يوماً ما، لأنه لم يشتغل بالدجل قط.!!
إنه يقول لك تعالى معي، أو اذهب مع غيرك من الناس لنقف جميعاً في ساحة رب العالمين نناجيه " اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليه ولا الضالين ".
فإذا رضي عنك هذا النبي – دعا الله لك .. وإذا رضيت أنت عنه ووقر في نفسك جلال عمله وكبير فضله فادع الله كذلك له فإنك تشارك بذلك الملائكة الذين يعرفون قدره ويستزيدون أجره "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما".
وليس عمل محمد عليه الصلاة والسلام أن يجرك بحبل إلى الجنة،وإنما عمله أن يقذف في ضميرك البصر الذي ترى به الحق. ووسيلته إلى ذلك كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ميسر للذكر، محفوظ من الزيغ. وذالك سر الخلود في رسالته.
----------------
(1) قال الألباني: هذا الحديث ضعيف الإسناد أخرجه الترمذي 4/ 343 - 344 بشرح التحفة
ـ[بطل القادسية]ــــــــ[16 - Feb-2007, مساء 10:12]ـ
يعطيك العافيه اخوى
وجزاك الله خير
....
ـ[أبو حماد]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 09:53]ـ
صدقت وصدق الشيخ الغزالي رحمه الله، وفقه الاتباع يفوق كثيراً ما يتصوره البعض من الانقطاع والتبتل، بل هو بذل الحياة كلها لله، في سائر ميادين النفع والعمل.
ـ[آل عامر]ــــــــ[18 - Feb-2007, مساء 07:49]ـ
بطل القادسية، ابوحماد جعلكم الله من الأخيار البررة
ـ[الفارس]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 04:17]ـ
بارك الله فيكم ..
هذا الإمام الغزالي رحمه الله ينكر على هؤلاء، بودي لو نُقل هذا الكلام:
"في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم بالمدينة رأيت حشدا من الناس يتلمس جوار الروضة الشريفة ويود أن يقضي العمر بجانبها.
ولو خرج النبي حياً على هؤلاء لأنكر مرآهم وكره جوارهم ".
ولا ينسبه لأبي حامد، بل يقول قال أحد مشائخنا، ولينظر كيف تنطلق الشتائم إلى الوهابية كما يزعمون!
ـ[الحمادي]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 04:51]ـ
أحسن الله إليك أخي آل عامر
بارك الله فيكم ..
هذا الإمام الغزالي رحمه الله ينكر على هؤلاء، بودي لو نُقل هذا الكلام:
"في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم بالمدينة رأيت حشدا من الناس يتلمس جوار الروضة الشريفة ويود أن يقضي العمر بجانبها.
ولو خرج النبي حياً على هؤلاء لأنكر مرآهم وكره جوارهم ".
ولا ينسبه لأبي حامد، بل يقول قال أحد مشائخنا، ولينظر كيف تنطلق الشتائم إلى الوهابية كما يزعمون!
صدقت وفقك الله
والمراد بالغزالي المعاصر لا المتقدم
ـ[آل عامر]ــــــــ[19 - Feb-2007, مساء 06:10]ـ
وإياك مشرفنا الحبيب - الحمادي-.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الفارس]ــــــــ[20 - Feb-2007, مساء 04:24]ـ
جزاكم الله خيرا ..
وفي الحقيقة أني استغربت الأسلوب، واذكر له كلاما حول القبورية وأن الأمة لن تتقدم ما دام أن فيها أمثال هؤلاء ..
بورك فيكم.
ـ[السويدي]ــــــــ[05 - May-2007, مساء 01:05]ـ
جزاك الله خيرا ياآل عامر
ـ[رائد الغامدي]ــــــــ[06 - May-2007, مساء 03:58]ـ
وفقك الله
ـ[آل عامر]ــــــــ[06 - May-2007, مساء 05:08]ـ
وجزاك ربي يا أبا اسامة
أهلا ومرحبا بك في هذا المنتدى المبارك(/)
ما الصواب في عود الضمير في حديث خلق الله آدم على صورته؟
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[16 - Feb-2007, مساء 05:47]ـ
ورد في البخاري
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك، نفر من الملائكة، جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن).
مالصحيح في عودة الضمير؟
أرجو الإفادة ...
إن كان الصحيح عودته لله عز وجل , فهذا دليل من الادلة التي يستدل بها على أننا لانستطيع
ان ننفي الصفات لمجرد التنزيه.
ـ[أبو حماد]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 10:12]ـ
أختي وسم المعاني:
الضمير عائد على الله جل وعلا، وفي بعض ألفاظ الحديث " على صورة الرحمن ".
ولا يلزم من إثبات الصفة لله عز وجل إثبات لوازم صفة المخلوق.
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[17 - Feb-2007, صباحاً 10:52]ـ
إن كانت صورة آدم -عليه السلام- كصورة الرحمن -عز وجل-.
فلا نتعجب أو ننفي الصفات لمجرد التنزيه
فالله بنفسه أثبت أن صورة آدم- عليه السلام- كصورته.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 01:20]ـ
من أعظم من تكلم عن هذه الصفة "الصورة " شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية.
وفي الطبعة المحققة الحديثة دراسة عن هذه الصفة في قسم الدراسة ص395.
ـ[فوزي زماري]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 03:33]ـ
أختي وسيم المعاني الله عز وجل يقول:"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"
وهذا هو الأصل الذي يبني عليه أهل السنة والجماعة معتقدهم في باب الأسماء والصفات
والعماء اختلفوا في رجوع الضمير والذين قالوا بعودة الضمير إلى الله جل وعلا أثبتوا ذلك مع نفي النشبيه
وهذا أختي بحث من ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32911&highlight=%C7%E1%D5%E6%D1%C9
ـ[وسم المعاني]ــــــــ[17 - Feb-2007, مساء 05:13]ـ
جزيت خير الجزاء أخي الكريم.
ـ[أم الفضل]ــــــــ[01 - Apr-2007, صباحاً 08:57]ـ
ستجدون الأقوال مفصلة في معنى " خلق آدم على صورته" على هذا الرابط
http://www.alagidah.com
بقسم الملتقى العلمي لدراسة العقيدة بعنوان (قول الإمام ابن مندة في حديث "خلق الله آدم على صورته")
أيضاً شرح معناه العلامة ابن عثيمين رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية).
سددكم الله ..
ـ[ظاعنة]ــــــــ[01 - Apr-2007, مساء 01:10]ـ
للشيخ محمد بن عثيمين كلام جميل مفصل فى هذا الموضوع.
ـ[أم الفضل]ــــــــ[17 - Jun-2007, صباحاً 01:26]ـ
ستجدون الأقوال مفصلة في معنى " خلق آدم على صورته" على هذا الرابط
http://www.alagidah.com (http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=592&highlight=%DA%E1%EC+%D5%E6%D1% CA%E5)
بقسم الملتقى العلمي لدراسة العقيدة بعنوان (قول الإمام ابن مندة في حديث "خلق الله آدم على صورته")
أيضاً شرح معناه العلامة ابن عثيمين رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية).
سددكم الله ..
ـ[عبدالله ابن سالم]ــــــــ[17 - Jun-2007, صباحاً 08:16]ـ
سئل سماحة العلامة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى عن حديث خلق آدم على صورة الرحمن.
السؤال:
إن الله خلق آدم على صورته، هل معنى ذلك أن جميع ما لآدم من صفات تكون لله؟
الجواب:
هذا ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله خلق آدم على صورته)) وجاء في رواية أحمد وجماعة من أهل الحديث: ((على صورة الرحمن))،فالضمير في الحديث الأول يعود إلى الله، قال أهل العلم كأحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه وأئمة السلف: يجب أن نمره كما جاء على الوجه الذي يليق بالله من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، ولا يلزم من ذلك أن تكون صورته سبحانه مثل صورة الآدمي، كما أنه لا يلزم من إثبات الوجه لله سبحانه واليد والأصابع والقدم والرجل والغضب وغير ذلك من صفاته أن تكون مثل صفات بني آدم، فهو سبحانه موصوف بما أخبر به عن نفسه أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق به، من دون أن يشابه خلقه في شيء في ذلك كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [1]، فعلينا أن نمره كما جاء على الوجه الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تمثيل. والمعنى والله أعلم أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء، ولا يلزم أن يكون الوجه كالوجه والسمع كالسمع والبصر كالبصر .. وهكذا لا يلزم أن تكون الصورة كالصورة وهذه قاعدة كلية في هذا الباب عند أهل السنة والجماعة، وهي إمرار آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل، بل يثبتون أسماءه إثباتا بلا تمثيل وينزهونه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بلا تعطيل، خلافا لأهل البدع من المعطلة والمشبهة فليس سمع المخلوق ولا بصر المخلوق ولا علم المخلوق مثل علم الله عز وجل، وإن اتفقا في جنس العلم والسمع والبصر لكن ما يختص به الله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى، وليس كمثله شيء؛ لأن صفاته صفات كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه. أما أوصاف المخلوقين فيعتريها النقص والزوال في العلم وفي السمع والبصر وفي كل شيء.
والله ولي التوفيق. [1] سورة الشورى الآية 11.
المصدر:
مجموع فتاوى و مقالات متنوعة للعلامة عبدالعزيز ابن باز رحمه الله تعالى الجزء السادس
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[17 - Jun-2007, مساء 05:14]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
عندما قال رسول الله " وخلق الله آدم على صورته أو هيئته " إلى من تعود كلمة صورته أو هيئته، وكيف نفسر هذا؟.
الجواب:
الحمد لله، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن". البخاري (6227) ومسلم (2841)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ". مسلم (2612)
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن". قال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله: (هذا حديث صحيح صححه الأئمة، الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية وليس لمن ضعفه دليل إلا قول ابن خزيمة، وقد خالفه من هو أجل منه). ابن أبي عاصم في السنة (517)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه" ابن أبي عاصم (516) أيضا ... وقال الشيخ الألباني: إسناده صحيح.
وهذان الحديثان يدلان على أن الضمير في قوله " على صورته " راجع إلى الله تعالى.
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى ... " الترمذي (3234) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وفي حديث الشفاعة الطويل: " فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة" رواه البخاري (7440) ومسلم (182).
ومن هذه الأحاديث يعلم أن الصورة ثابتة لله تعالى، على ما يليق به جل وعلا، فصورته صفة من صفاته لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات، التي قد يسمى المخلوق بها، على وجه التقييد، وإذا أطلقت على الله اختصت به، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير، ومثل خلقه بيديه، واستواءه على العرش، ونحو ذلك) نقض التأسيس 3/ 396
والصورة في اللغة: الشكل والهيئة والحقيقة والصفة. فكل موجود لابد أن يكون له صورة.
قال شيخ الإسلام: (وكما أنه لابد لكل موجود من صفات تقوم به، فلابد لكل قائم بنفسه من صورة يكون عليها، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يكون عليها).
وقال: (لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ... ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة) نقض التأسيس 3/ 202
وقال ابن قتيبة رحمه الله: (الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد) تأويل مختلف الحديث ص 221
قال الشيخ الغنيمان: (وبهذا يتبين أن الصورة كالصفات الأخرى، فأي صفة ثبتت لله تعالى بالوحي وجب إثباتها والإيمان بها) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 2/ 41
(يُتْبَعُ)
(/)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه، وأن الله سبحانه خلق آدم على صورته. فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث؟
فأجاب رحمه الله:
الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" وفي لفظ آخر: " على صورة الرحمن " وهذا لا يستلزم التشبيه والتمثيل.
والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا، متكلما إذا شاء، وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء، وله وجه جل وعلا.
وليس المعنى التشبيه والتمثيل، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر، وليس المتكلم كالمتكلم، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته، وللعبد صفاته التي تليق به، صفات يعتريها الفناء والنقص، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء، ولهذا قال عز وجل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى / 11، وقال سبحانه: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) الإخلاص / 4، فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح الوجه) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ 4/ 226
ومما يبين معنى هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر) رواه البخاري (3245) ومسلم (2834)،
فمراده صلى الله عليه وسلم أن أول زمرة هم على صورة البشر، ولكنهم في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه، وما أشبه ذلك على صورة القمر، فصورتهم فيها شبه بالقمر، لكن بدون ممائلة ... فتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (خلق آدم على صورته)
أي أن الله عز وجل خلق آدم على صورته سبحانه، فهو سبحانه له وجه وعين وله يد ورجل سبحانه وتعالى، وآدم له وجه وله عين وله يد وله رجل ... ، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه، لكنه ليس على سبيل المماثلة، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر، لكن بدون مماثلة، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أنّ جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليس مماثلة لصفات المخلوقين، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (1/ 107، 293)
وللمزيد ينظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ الغنيمان 2/ 33 - 98 وفيه نقل مطول عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يبطل تأويلات أهل الكلام ومن وافقهم لهذا الحديث.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[17 - Oct-2008, مساء 09:40]ـ
صحيح ابن حبان - كتاب الحظر والإباحة
باب ما يكره من الكلام وما لا يكره - ذكر الزجر عن قول المرء لأخيه: قبح الله وجهك
حديث: 5788
أخبرنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته " قال أبو حاتم: " يريد به على صورة الذي قيل له: قبح الله وجهك من ولده، والدليل على أن الخطاب لبني آدم دون غيرهم قوله صلى الله عليه وسلم: " ووجه من أشبه وجهك "، لأن وجه آدم في الصورة تشبه صورة ولده " *
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[17 - Oct-2008, مساء 09:41]ـ
صحيح ابن حبان - كتاب الحظر والإباحة
ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل - حديث: 5682
أخبرنا أبو خليفة، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته " قال أبو حاتم رضي الله عنه: " يريد به صورة المضروب، لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجها خلق الله آدم على صورته " *
ـ[عدنان البخاري]ــــــــ[18 - Oct-2008, مساء 01:35]ـ
صحيح ابن حبان - كتاب الحظر والإباحة
باب ما يكره من الكلام وما لا يكره - ذكر الزجر عن قول المرء لأخيه: قبح الله وجهك
حديث: 5788
أخبرنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته " قال أبو حاتم: " يريد به على صورة الذي قيل له: قبح الله وجهك من ولده، والدليل على أن الخطاب لبني آدم دون غيرهم قوله صلى الله عليه وسلم: " ووجه من أشبه وجهك "، لأن وجه آدم في الصورة تشبه صورة ولده " *
/// لئن سلِّم في قضيَّة عود الضمير في هذا الحديث أنَّه لا يفهم من إثبات صفة الصورة لله عزوجل، فهذه الصفة ثابتة في غير ما نصٍّ شرعيٍّ، فمحاولة تأويل الحديث للوصول (لغرض النفي والجحد) محاولةٌ فاشلةٌ من المعطِّلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[19 - Oct-2008, مساء 04:35]ـ
لكن هذا النص الشرعي لا يدل عليها. ومحاولة تأويله بإرجاع الضمير إلى الله تعالى محاولة فاشلة. فالواقعة تنص على خلاف ذلك. فلماذا التعسف في فهم الحديث؟
ـ[المحاور]ــــــــ[19 - Oct-2008, مساء 05:10]ـ
استأذنكم بالمشاركة واقول باختصار: لو كان الضمير عائدا على الله لكان الله طوله " ستون ذراعا " ننزه الله ونعوذ به من ذلك وتعالى سبحانه عن ذلك ومثله علوا كبيرا.
وأما احاديث " على صورة الرحمن " فلا يصح منها شيء , وذلك مبين في السلسلة الضعيفة برقم 1175 و 1176 لمن أراد الرجوع.
والله تعالى أعلم العالمين.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[19 - Oct-2008, مساء 05:43]ـ
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=72753&postcount=4
أو http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10107
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[19 - Oct-2008, مساء 09:32]ـ
لكن هذا النص الشرعي لا يدل عليها. ومحاولة تأويله بإرجاع الضمير إلى الله تعالى محاولة فاشلة. فالواقعة تنص على خلاف ذلك. فلماذا التعسف في فهم الحديث؟
ابن العربي المالكي الأشعري كان يرى أنها تعود إلى الله عز وجل، قال في أحكام القرآن:
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلْقٌ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ حَيًّا عَالِمًا، قَادِرًا، مُرِيدًا، مُتَكَلِّمًا، سَمِيعًا، بَصِيرًا، مُدَبِّرًا، حَكِيمًا، وَهَذِهِ صِفَاتُ الرَّبِّ، وَعَنْهَا عَبَّرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَوَقَعَ الْبَيَانُ بِقَوْلِهِ: {إنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ}، يَعْنِي عَلَى صِفَاتِهِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ.
وَمِنْ أَيْنَ تَكُونُ لِلرَّجُلِ صِفَةٌ مُشَخَّصَةٌ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعَانِيَ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الْحَدِيثِ فِي مَوْضِعِهِ بِمَا فِيهِ بَيَانُهُ. ا. هـ.
فالمسألة ليس فيها تشبيه ولا تمثيل
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[19 - Oct-2008, مساء 10:42]ـ
إذن على فهم ابن العربي لا يستفاد من الحديث أن لله تعالى صورة، فإنه لا يلزم من كونه تعالى حيا عالما قادرا مريدا متكلما سميعا بصيرا مدبرا حكيما أن تكون له صورة، ومقصود المستدلين بالحديث من زملائك إثبات صورة لله تعالى غير تلك الصفات، والحديث والواقعة في غاية الوضوح، وفي غاية البعد عن إثبات صورة لله تعالى خلق عليها الإنسان، وتأييد ابن العربي في تفسيره للحديث يؤدي بالمؤيد له إلى نفي الصورة الزايدة على تلك الصفات، وإثباتها يناقض جلب شرحه للحديث، ومذهبه في التنزيه معروف، كما أن مذهب مثبتي الصورة لله تعالى معروف، وكلاهما على طرفي النقيض، فلم الاستدلال بكلام ابن العربي؟؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[20 - Oct-2008, مساء 04:20]ـ
إذن على فهم ابن العربي لا يستفاد من الحديث أن لله تعالى صورة، فإنه لا يلزم من كونه تعالى حيا عالما قادرا مريدا متكلما سميعا بصيرا مدبرا حكيما أن تكون له صورة، ومقصود المستدلين بالحديث من زملائك إثبات صورة لله تعالى غير تلك الصفات، والحديث والواقعة في غاية الوضوح، وفي غاية البعد عن إثبات صورة لله تعالى خلق عليها الإنسان، وتأييد ابن العربي في تفسيره للحديث يؤدي بالمؤيد له إلى نفي الصورة الزايدة على تلك الصفات، وإثباتها يناقض جلب شرحه للحديث، ومذهبه في التنزيه معروف، كما أن مذهب مثبتي الصورة لله تعالى معروف، وكلاهما على طرفي النقيض، فلم الاستدلال بكلام ابن العربي؟؟
يظهر أنك لم تقرأ النقولات في هذا الموضوع وإلا لرأيت بأنه ليس هناك فرق كبير بين تفسير ابن العربي لها وتفسير العلماء الذين نقل عنهم الإخوة في هذا الموضوع.
إلا أننا نضيف إلى ما ذكره ابن العربي رحمه الله كل الصفات الأخرى التي نثبتها لله عز وجل لإثبات القرآن والسنة لها.
وما يلي كلام للشيخ صالح آل الشيخ فيه توضيح أكثر لمعنى الحديث، وراجع أيضا ما نقله الإخوة بالأعلى:
س3/ ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدمعلى صورته؟
ج/ هذا الحديث يطول الكلام عليه؛ لكن خلاصة الكلام أنَّ الصورة هنا بمعنى الصفة؛ لأنَّ الصورة في اللغة تطلق على الصفة كما جاء في الصحيحين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر» (2) يعني على صفة القمر من الوضاءة والنور والضياء، فقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدمعلى صورته»؛ يعني خلق آدم على صورة الرحمن أ؛ يعني على صفة الرحمن، فخص الله ? آدم من بين المخلوقات بأنَّ جعله مَجْمَع الصفات وفيه من صفات الله ? الشيء الكثير؛ يعني فيه من أصل الصفة على التقرير من أنَّ وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله ? له سمع وجعل لآدم صفة السمع، والله ? موصوف بصفة الوجه وجعل لآدم وجهاً، وموصوف بصفة اليدين وجعل لآدم صفة اليدين، وموصوف بالقوة والقدرة والكلام والحكمة، وموصوف ـ بصفة الغضب والرضا والضحك إلى غير ذلك مما جاء في الصفات.
فإذن هذا الحديث ليس فيه غرابة كما قال العلامة ابن قتيبة رحمه الله قال (وإنما لم يألفه الناس فاستنكروه).
فهو إجمالٌ لمعنى الأحاديث الثانية الأخرى في صفات الله ?، «خلق آدمعلى صورته» يعني خلق آدم على صفة الرحمن ? فخصَّهُ بذلك من بين المخلوقات.
(شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله-)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[20 - Oct-2008, مساء 07:18]ـ
لماذا الاستمرار في التعسف في تأويل الحديث حتى يعود الضمير إلى الله تعالى، مع أن رجوعه إلى العبد المضروب بين جلي واضح بدليل الواقعة نفسها؟؟ إذا أراد أحد إثبات الصورة إلى الله تعالى فذلك شأنه، لكن فليعتمد على غير هذا الحديث لأن دلالته على ما يريد إثباته مستحيلة بدليل سياق الواقعة التي جاء فيها الحديث. فلم التعسف وتكلف التأويل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لإرجاع ضمير الصورة إلى الله عز وجل وتنزه عن مشابهة المخلوقات؟
ـ[مصطفى ولد ادوم أحمد غالي]ــــــــ[21 - Oct-2008, صباحاً 12:17]ـ
يا أخي الكريم الخوض في الصفات ليس محببا عند السلف الصالح فمالك يقول مروها كما جاءت و مثله حماد و سفيان و قال في الاستواء و النزول الاستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة و قال مثله في النزول و قال الامام الشافعي آمنت بما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر به عنه نبيه على مراد الله به و عقولنا معزولة عن ادراك حقيقته و قال الامام أحمد بن حنبل:كل ما يخطر ببالك فالله بخلاف ذلك وقد بينت في كتابي العقيدة الصحيحة من خلال حديث الدين النصيحة معلقا على هذه الأقوال بأن السبب في ذلك أنك يا عبد الله بصفتك مخلوقا لن تتصور الا صفة مخلوق سواء في الضخامة أو القوة والله غير مخلوق سبحانه و تعالى و الصفة فرع من الذات لذلك قال شيخنا بداه بن البوصيري فمن باينت ذاته الذوات باينت صفاته الصفات لأن الصفة فرع من الذات الا أن السلف الصالح لا يحبب الاكثار من الخوض في هذه الصفات و ذلك لأن الشيطان لا يغزو الانسان الا عن طريق الجهل قال الفخر الرازي لما تراجع عن الاعتزال: لقد جربت المناهج الكلامية و المدارس الفلسفية فما وجدتها تشفي عليلا و لا تروي غليلا و ان أصدق طريق طريق القرآن اقرؤوا في الاثبات ان شئتم اليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه و الرحمن على العرش العرش استوى و في النفي:ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و ولا يحيطون به علما ثم قال:من جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي و على كل فاتباع السلف الصالح هو المنجي من الضلال و ينبغي أن يسعنا ما وسعهم والله الموفق
ـ[ابن تيميه الصغير]ــــــــ[21 - Oct-2008, مساء 01:43]ـ
صحيح ابن حبان - كتاب الحظر والإباحة
ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل - حديث: 5682
أخبرنا أبو خليفة، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته " قال أبو حاتم رضي الله عنه: " يريد به صورة المضروب، لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجها خلق الله آدم على صورته " *
أرجو تشكيل كلام أبو حاتم.
ـ[أبو محمد العمري]ــــــــ[21 - Oct-2008, مساء 03:40]ـ
يا أخي الكريم الخوض في الصفات ليس محببا عند السلف الصالح فمالك يقول مروها كما جاءت و مثله حماد و سفيان
و قال الامام الشافعي آمنت بما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر به عنه نبيه على مراد الله به و عقولنا معزولة عن ادراك حقيقته
كلام يكتب بالذهب.
ـ[يزيد الموسوي]ــــــــ[05 - May-2010, صباحاً 02:57]ـ
لو كان الضمير عائدا على الله لكان الله طوله " ستون ذراعا " ننزه الله ونعوذ به من ذلك وتعالى سبحانه عن ذلك ومثله علوا كبيرا ..
أحسنت
وهذا استنباط الألباني
وأضيف أن خلاف ذلك
هو عين عقيدة اليهود في كتابهم المكدس
ـ[التليدي]ــــــــ[05 - May-2010, صباحاً 03:04]ـ
الضمير يعود على ادم يعني ان الله خلق ادم على صورته ففيه ردعلى نظرية التطورالدروينية
ـ[أبو القاسم المحمادي]ــــــــ[05 - May-2010, مساء 03:12]ـ
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورته) متفق عليه، هل يناقض قول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11]، حيث في الآية نفي للمماثلة، وفي الحديث إثبات للصورة؟.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
هناك جوابان: مجمل، ومفصل:
أ) الجواب المجمل:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هذا الحديث من الأحاديث المتشابهة، التي يخفى معناها، ويشتبه على بعض الناس دون بعض، فمن كان في قلبه زيغ وميل عن الحق اتبع المتشابه واطرح المحكم، وتوهم ما لا يليق بالله عز وجل، وقال: إن الله تعالى يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11]، والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يقول: (إن الله خلق آدم على صورته)، فيضرب القرآن بالسنة، ويجعل ذلك تناقضاً، وأما الراسخون في العلم فيردون هذا المتشابه الخفي المعنى إلى المحكم الواضح، فيفتح الله عليهم ويعرفون وجه الجمع بين النصوص، وبهذا تكون النصوص كلها محكمة متفقة غير متنافية ولا متناقضة، كما قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) [آل عمران:7]، فإيمانهم به يقتضي أن يردوا المتشابه إلى المحكم حتى يكون محكماً لا تناقض فيه أو تعارض؛ لأنه كله من عند الله، لقول الله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء:82].
وعلى هذا فليس هناك تناقض بين الآية والحديث، حيث لا يراد بالحديث صورة تماثل صورة الرب عز وجل، وهذا بإجماع المسلمين والعقلاء، لأن الله عز وجل وسع كرسيه السماوات والأرض، والسماوات والأرض كلها بالنسبة للكرسي -موضع القدمين- كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة; فما ظنك برب العالمين؟!.
فلا أحد يحيط به وصفاً ولا تخييلاً، ومن هذا وصفه لا يمكن أن يكون على صورة آدم ستون ذراعاً، قال الله تعالى: (فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل:74]، فلا يحل لأحد أن يعتقد أن الله تبارك وتعالى مماثل لأحد من المخلوقين، ولا أن أحداً مماثل لله تعالى.
فإن يسر الله لك الجمع بين الحديث والآية، فاجمع، وقل: إن الله ليس كمثله شيء، وإن الله خلق آدم على صورته؛ لأن هذا كلام الله عز وجل، وهذا كلام رسوله أعلم، وأصدق، وأنصح، وأفصح الخلق عليه الصلاة والسلام، والكل حق يجب علينا الإيمان والتصديق به، ولا يمكن أن يكذب بعضه بعضًا؛ لأنه كله خبر وليس حكمًا كي ينسخ.
وإن لم يتيسر لك ذلك، فقل: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]، ونسكت، وهذا هو غاية ما نستطيع، وعقيدتنا أن الله لا مثيل له، وبهذا تسلم أما الله عز وجل.
ب) الجواب المفصل:
وفيه وجهان:
الوجه الأول: أن الحديث على ظاهره، أي: أن الله خلق آدم على صورته حقيقة، فالضمير في (صورته) يعود على الله عز وجل كما جاء ذلك مفسراً في الرواية الأخرى الصحيحة (على صورة الرحمن)، التي صححها الإمام أحمد وابن راهويه وشيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يلزم من كون الله خلق آدم على صورته، أن يكون مماثلاً له، وهذا ليس بغريب، لأن الله تعالى قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى:11]، ولأنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء، أن يكون مماثلاً له من كل وجه.
وبيانه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: «إن الله خلق آدم على صورته»، هو الذي قال: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر» متفق عليه، فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه، أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمال وما أشبه ذلك على صورة القمر، لا من كل وجه!.
فإن قلت بالأول؛ فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم أناف وليس لهم أفواه!، وإن شئنا قلنا: دخلوا وهم أحجار!، وإن قلت بالثاني؛ زال الإشكال، وتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلًا له من كل وجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأهل الجنة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر بدون مماثلة؛ لأن القمر أكبر من أهل الجنة بكثير، فإنهم يدخلون الجنة طولهم ستون ذراعاً، فليسوا مثل القمر لكن على صورة القمر من حيث العموم إضاءةً وابتهاجاً ونوراً، فإذا جاز هذا بين المخلوقين، فبين الخالق والمخلوق من باب أولى.
فإذا قلت: ما هي الصورة التي تكون لله، ويكون آدم عليها؟
قلنا: قوله صلى الله عليه وسلم: (على صورته)، أي: على صورته التي هي صفته، فإن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان، فهناك شيء من الشبه لكنه ليس على سبيل المماثلة، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر لكن بدون مماثلة، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
الوجه الثاني: أن الله خلق آدم على الصورة التي اختارها واجتباها وأتمها وأحسن خلقها؛ ولهذا أضافها الله إلى نفسه، من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، إضافة تشريف وتكريم، كما في قوله تعالى: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) [الحج:26]، ومعلوم أن الكعبة ليست بيت الله التي يسكنه، بل هو بيته الذي يعظم، وكقوله تعالى: (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) [الشمس:13]، ومعلوم أن هذه الناقة ليست ناقة الله التي يركبها سبحانه وتعالى، حاشاه من ذلك بل أضافها نبي الله صالح عليه السلام إلى ربه لتشريف هذه الناقة وتعظيمها، وكقوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ) [البقرة:114]، ومعلوم أن المساجد هي للناس يصلون فيها، لكن أضاف الله المساجد إليه؛ لأنها محل عبادته، وأهل للتشريف والتكريم، وما أشبه ذلك من الآيات، وهذا وارد في القرآن، ولا يمتنع على الله عز وجل.
فقوله: (خلق آدم على صورته) يعني: على الصورة التي صورها الله عزَّ وجلَّ، فصورة آدم ليست كصورة غيره من البشر، ولهذا استحقت أن تضاف إلى الرب عزَّ وجلَّ تشريفاً وتكريماً، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ) [الأعراف: 11]، والمصور آدم، فآدم على صورة الله، يعني: أن الله هو الذي صوره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات، ولهذا لا يقبح الوجه، ولا يضرب، فتتغير هذه الصورة التي خلقها الله عز وجل، وأضافها إلى نفسه تشريفاً وتكريماً.
ومثله قوله عز وجل للملائكة عن آدم عليه السلام: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) [ص:72]، ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءاً من روحه، بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل، لكن أضافها الله إليه على سبيل التشريف والتكريم.
ولكن إذا قال قائل: أيُّ الوجهين السابقين أسلم، الأول، أم الثاني؟.
قلنا: كلا الوجهين السابقين صحيح، ولكن الأول أسلم من الثاني؛ لأنه أبعد عن التأويل، وهو متماش مع ظاهر النص، ونجد له مساغاً في اللغة العربية، وإمكاناً في العقل؛ وحينئذ يكون الواجب حمل الكلام عليه.
· واعلم أنه قد قيل في هذا الحديث أقوالاً لا تقبل، منها:
قال بعض أهل العلم: المراد بقوله: (على صورته) ; أي: صورة آدم، فالضمير يكون عائداً إلى آدم نفسه، فيكون معنى الحديث: أن الله خلق آدم أول أمره على هذه الصورة، وليس كبنيه يتدرج في الإنشاء نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم ... إلخ.
لكن الإمام أحمد رحمه الله أنكر هذا التأويل، وقال: هذا تأويل الجهمية؛ لأنه يعارضه اللفظ الآخر المفسر للضمير وهو بلفظ: (على صورة الرحمن)، ولأنه يفقد الحديث معناه، فيبقى الحديث لا فائدة منه، فإذا كان المعنى: إن الله خلق آدم على صورة آدم، فما هي الفائدة؟!، وأيضاً لا يمكن لأفصح البشر وأنصح البشر صلى الله عليه وسلم أن يريد بالضمير ضمير المخلوق، لأن كل مخلوق فقد خلق على صورته، وحينئذ لا فضل لآدم على غيره.
ومن قال بهذا التأويل المشين المستكره قالوا به؛ لأنهم يعتقدون أنك لو قلت إنها صورة الرب عزّ وجل لمثّلت الله بخلقه، لأن صورة الشيء مطابقة له، وهذا تمثيل.
ونحن نقول: لو أعطيت النصوص حقها لقلت خلق الله آدم على صورة الله، لكن ليس كمثل الله شيء.
· واعلم أن باب الصفات باب عظيم، وخطره جسيم، ولا يمكن أن ينفك الإنسان من الورطات، والهلكات التي يقع فيها، إلا بإتباع النص، والأخذ بظاهره، وإتباع السلف الصالح في هذا، وبأن يقف في هذا الباب موقف المُسَلِّم لا المعترض؛ لأن العقول ليس لها مجال في هذا الباب.
فيثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه، وينفي ما نفى الله عن نفسه، ويجري ما ورد في الكتاب والسنة على ظاهره بدون تمثيل، وبذلك يسلم من الشر، ومن تحريف الكلم عن مواضعه، وليحذر أن يخوض في شيء لم يتكلم فيه السلف الصالح، يقول بعض العلماء: (من لم يسعه ما وسع الصحابة، والتابعين، فلا وسَّع الله عليه).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الساري]ــــــــ[05 - May-2010, مساء 07:47]ـ
أحسنت
وهذا استنباط الألباني
وأضيف أن خلاف ذلك
هو عين عقيدة اليهود في كتابهم المكدس
نبشت هذا الموضوع القديم , وحكمت حكمك الجازم , إذن فوضعك الموضوع الذي سألت فيه عن شأن الألباني وابن خزيمة مع الضمير , لم ترد به أن تفهم المسألة كما (زعمت) , فأنت إذن تسأل وأنت تعلم.
نأتي لعود الضمير:
أقول: ما هكذا تورد الإبل يا يزيد!
فقد وقعت في بعض الأخطاء.
أولها
أنك أوسعت ذمّا من أعاد الضمير إلى الله سبحانه بأن فهمه عين عقيدة اليبهود!!!
فهل كل ما وافق عقيدة اليهود من ديننا نبذناه؟!
إذن فلتنكر وجود الله ذاته , لأن هذا ((عين عيون)) (((عقيدة))) اليهود لعنهم الله تعالى!
لو وافقناهم بانحرافهم فنعم , أما غير هذا فاليهود والنصارى أهل دين سماوي صحيح الأصل , فلا يخفاك أننا نوافقهم في جوانب من عقيدتنا.
ثانيها:
لعله فاتك وأنت الذي تدين لله بما عليه السلف الصالح من عقيدة , أن كبار أئمة السلف الذين تكلموا في عود الضمير أعادوا الضمير إلى الله سبحانه!
فأنت بهذا التقريع إنما تذم عقيدتهم , فاعتقادهم في هذا الحديث عندك أشوه لكونه موافقا لعين معتقد اليهود.
ثالثها:
استعن بكل علماء اللغات والمتكلّمين , واستعن بالجن , ثم أجمعوا أمركم فوفّقوا بين أحاديث الصورة على تأويلك , ولن تستطيعوا
خذ مختصر الخل عنك في حديثين تقيس عليهما باقي الأحاديث
1 - قال صلى الله عليه وسلم: (خلق الله آدم على صورته ... )
2 - قال صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته)
تأمل الحديثين من جهة اللغة.
فكلاهما تضمن العبارة نفسها: " خلق آدم على صورته "
إذن , فمعاد الضمير في العبارتين سيكون واحدا.
فمن أعاده على الله سبحانه وتعالى , استقام له الكلام
فمعنى الأول واضح , ومعنى الثاني: " لاتقبّح وجه شخص ووجه من أشبهه لأن الله خلق وجه أدم على صورته سبحانه , وبما أن بني آدم يشبهون صورة أباهم المخلوق على صورة الله سبحانه, فأنت بهذا تقبّح صورة الله تعالى.
أما من أعاد الضمير على آدم فإن معنى الحديث (الثاني) يفسد عقلا!
لأن معناه سيكون: " لا تقبّح وجه شخص ووجه من أشبهه , فإن الله خلق آدم على صورة آدم , وبما أن الله خلق آدم على صورة آدم؛ فلا تسب وجه أحد ووجه من أشبهه!!! "
هل تستطيع قوى الأرض وعلماء اللغات كلهم يا يزيد أن يربطوا بين العلة والمعلّل؟!
لا , لن يستطيعوا , لأن خلق آدم على صورة آدم لا شأن له بالنهي
ومثلها لو قلت لك: لا تذم وجه فلان ووجه من أشبه وجهه فإن الله خلق صورة جده على صورة جده ذاتها!
أنا أحمق إن جعلت خلق الجد على صورة الجد ذاته علة في لهيي لك عن ذم وجه فلان ووجه من أشبهه.
نعم لقد فطن بعض من رفضوا عود الضمير على الله , فطنوا لفساد هذا المعنى فتركوا إعادة الضمير في الحديث الثاني إلى آدم وأعادوه إلى المشتوم نفسه!
وهذا أوقعهم في تناقض آخر
فالمعنى عندهم:
" لا تشتم وجه شخص ووجه من أشبهه لأن الله خلق آدم على صورة هذا المشتوم , فيصير شتمك من أشبه وجهه شتم لآدم لأن صورته عليه السلام على صورة المشتوم.
وهم بهذا قد هربوا من الحرّ لللظى!
ذلك لسببين:
1 - أنهم قد تعدّد عندهم عود الضمير مع العبارة ذاتها في كل الأحاديث ففي حديث يعيدونه على آدم , وفي يعيدونه على المشتوم. من ذلك إعادتهم الضمير في الحديث الأول هنا على آدم وفي الثاني على المشتوم.
2 - أنهم أولوا الحديث على وجه غير بليغ , بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ العرب
والمعروف بلاغة أن الأدنى مقاما هو الذي يلحق بالأعلى ليس العكس.
والمعروف بلاغة أن المتأخر زمنا هو الذي يلحق بالمتقدم ليس العكس.
بينما هم يوم أعادوا الضمير على المشتوم جعلوا آدم تابعا لحفيده (المشتوم) مع أن الحفيد هو الأدنى رتبة وهو المتأخر وقتا!
النتيجة: أن من أعادوا الضمير في الحديثين على آدم أفسدوا علة الحديث الثاني عقلا.
ومن أعادوا الضمير في الحديث الأول على آدم وفي الثاني على المشتوم عددوا عود الضمير من جهة , وجعلوا الأعلى المتقدم تابعا للأدنى المتأخر
رابعها:
هو أمر مهم جدا جهله الكثيرون.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالمقصود بالصورة في هذه الأحاديث هو (((الوجه))) لا غيره.
ودلائل ذلك كثيرة من لغة العرب ومن ألفاظ الحديث.
يكفي دليلا على هذا أنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث قد نهى عن شتم ((((((الوجه))) وفي أحاديث قد نهى عن ضرب (((الوجه))) وجعل العلة في كلٍّ أن الله خلق آدم على صورته سبحانه , فلو كان القصد بالصورة كل الجسد لما كان لتخصيص النهي بالوجه فائدة بل كان يجب أن يكون النهي عن سب كل الجسد.
ربما خفي هذا على الشيخ الألباني يوم جعل قوله صلى الله عليه وسلم: (خلق الله آدم على صورته , طوله ستون ذراعا) جعل قوله طوله ستون ذراعا تصريحا بأن المقصود آدم بالضمير!! ورغم سوء استدلاله وعدم صواب عدّه العبارة تصريحا و إلا أنه أيضا غفل عن أن أحاديث أخر قد خصصت الصورة بالوجه وحده دون طول الجسد وعرضه.
وما كان استنباط الأخ المحاور , وتحسينك لقوله إلا لأنه فاتكما أن الصورة مخصصة بالوجه وحده , لا شأن لها بسائر الجسد أو بالستين ذراعا , التي تمسكتم بها أنتم والشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
خامسها:
أن الله اصطفى آدم وخصه عن سائر ما خلق بأفضال وأسجد له أطوع خلقه الملائكة الكرام , خلقه في أحسن تقويم , وإكراما له قدخلقه على صورته لا يشبهه من كل وجه - تعالى ربنا عن ذلك علوا كبيرا - فلئن كان لله يد فلآدم يد ولئن كان لله قدم فلآدم قد , ولئن كان لله تعالى وجه فلآدم وجه , ولئن كان الله يتكلم فآدم يتكلم ولئن كان الله يسمع ويبصر ويختار , فآدم يسمع ويبصر ويختار , وزد على هذا ما أنت أعلم به من صفات هي لله ثم للإنسان!
لكن كلهّا في الإنسان صفات شابهت صفات الله ((((لفظا))) وقصرت عنها كنها وحقية , فصفات الله تعالى وتقدّس مطلقة الكمال والجلال , بينما صفات الإنسان محدودة القدرة وضيعة القدر في جناب الله تعالى.
فما أعجب إلا من شخص يؤمن بأن لله يد وقدم وكلام وبصر ... الخ , وأن لآدم يد وقدم وكلام وبصر ... الخ ويؤمن بأن هذا لا يكون مشابهة من كل وجه بل مشابهة من وجه دون وجوه و ثم هو ينكر أن لآدم صورة ((((((وجه))))) يشبه وجه الله من وجه دون وجوه!
ما أوقع هذا إلا الغلو في التنزيه إلى الحد الذي أوقعه في هذا التناقض من إثبات صفات لآدم هي صفات لله تعالى , وإنكار صفات أخر. بينما القياس فيها واحد.
لا يبقى مستقيما لا اختلاف فيه , ولا معارضة للعقل أو اللغة أو البلاغة إلا المعتقد الصافي معتقد أئمة السلف بأن الله خلق آدم على صورته سبحانه , بعيدا عن غلوّ المعطّلة وتفريط المشبهة.
هذا ما تيسر , ومعذرة إليكم إن صار من أخطاء في الكتابة أو ركاكة فلم أجد نشاطا للمراجعة.
ـ[يزيد الموسوي]ــــــــ[07 - May-2010, صباحاً 10:18]ـ
نبشت هذا الموضوع القديم , وحكمت حكمك الجازم , إذن فوضعك الموضوع الذي سألت فيه عن شأن الألباني وابن خزيمة مع الضمير , لم ترد به أن تفهم المسألة كما (زعمت) , فأنت إذن تسأل وأنت تعلم.
كنت أظن في الأمر جديدا لا أعرفه
فتبين أن لا
نأتي لعود الضمير:
أقول: ما هكذا تورد الإبل يا يزيد!
لن أعترض، لكنك كنت تخاطبني (أستاذي يزيد) والآن أقعدتني على كرسي
وجعلت تحاضرني، فدعك من الأسلوبين القديم والجديد
فقد وقعت في بعض الأخطاء.
أولها أنك أوسعت ذمّا من أعاد الضمير إلى الله سبحانه بأن فهمه عين عقيدة اليبهود!!!
لست أدري من اين أخذت أوسعت ذما هذي، وكيف فهمت الأمر؟
ثم كان الأولى أن تراجع هذا الأمر
فلم لا يكون من الإسرائيليات التي تسربت إلى كتب السنة؟
لعله فاتك وأنت الذي تدين لله بما عليه السلف الصالح من عقيدة , أن كبار أئمة السلف الذين تكلموا في عود الضمير أعادوا الضمير إلى الله سبحانه!
فأنت بهذا التقريع إنما تذم عقيدتهم , فاعتقادهم في هذا الحديث عندك أشوه لكونه موافقا لعين معتقد اليهود.
أنا الآن أسمع شريط الألباني وقد قرأ علي الحلبي من كتاب لابن تيمية
أنه مذهب أبي ثور ومحدثي البصرة
وأخذ الألباني على ابن تيمية تناقضه فمرة يقول إجماع ومرة يقول ما سبق
وليس في الأمر تقريع كما توهمت
ثالثها:
استعن بكل علماء اللغات والمتكلّمين , واستعن بالجن , ثم أجمعوا أمركم فوفّقوا بين أحاديث الصورة على تأويلك , ولن تستطيعوا
خذ مختصر الخل عنك في حديثين تقيس عليهما باقي الأحاديث
1 - قال صلى الله عليه وسلم: (خلق الله آدم على صورته ... )
2 - قال صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته)
تأمل الحديثين من جهة اللغة.
فكلاهما تضمن العبارة نفسها: " خلق آدم على صورته "
إذن , فمعاد الضمير في العبارتين سيكون واحدا.
فمن أعاده على الله سبحانه وتعالى , استقام له الكلام
أما الاستعانة بالجن فلا يجوز لك أن تدعو إلى الشرك، مهما بلغ بك الحنق والغضب
وكنت كتبت ردا على هذا، فلا أدري أسقط من جهازي
أم حذفه المشرف، والآن أعيده فركز
الحديث الأول: خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا.
هذا لا يمكن أن يكون مرجع الضمير هو الله تبارك وتعالى؛ لأن معناه سيكون
خلق الله آدم على صورة الله، طول الله ستون ذراعا
فتأمل، وهذا هو عين التجسيم والكفر
أما الحديث الثاني، فاحذف فيه الضمائر وضع الاسم الظاهر، فسيكون أحد اثنين:
1 - لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورة الله.
2 - لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورة المشتوم.
وأراك قد أكثرت حتى أمللت
فأجبني عن الحديث الأول فقط، ودعك من الثاني
وباختصار رجاء فليست محاضرة
على من يعود الضمير في " طوله "
أليس معاده واحدا في الحديث الأول.
هذا لابد منه إن كنت تفقه شيئا من كلام العرب
وقبل أن يأخذك الغرور وتظن نفسك خليل الأمة
هاك هذه الآية {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} الفتح9
وهي من أدلة التويجري
نص واحد وسياق واحد، ومعادات متعددة
فليس هذا بدعا في كلام العرب
ولنا عودة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الساري]ــــــــ[07 - May-2010, مساء 04:22]ـ
كنت تخاطبني (أستاذي يزيد) والآن أقعدتني على كرسي وجعلت تحاضرني
ليت هذا يصير (ابتسامة)
*
(أستاذي يزيد) قلتها وسأظل أقولها إلى أن يشاء الله تعالى. ما لم تدلني على خير منها وأحب لك.
إني أكتب أستاذي أحيانا لشخصك ولغيرك ممن أكبر مقامه لأشعره أني وإن حاورته فلست في مقامه.
مع علمي أن الكرام يتأذون منها.
ولتعلم أني مهما ساء كلامي وقل أدبي معك فإنك من أحب أعضاء الألوكة إلى نفسي , وهل أطيق كرهك وأنت طراز فريد من قوة الشخصية وحيويتها ونباهة الفكر وسعة الباع.
لذا فمن عجائب حالي أنني أستمتع بقوارعك وزواجرك لي ولغيري , لكونها امارة على التوقّد وثبات الجنان (القوة)
أقرأ لك فأتبسم , فأقول: أعان الله هذا اللوذعي على (خصومه) , وأعان خصومه عليه.
آمل أن أعرف منك أحب ما تحب أن تنادى به لألزمه لزوم إجلال لشخصك ومحبة لم أقسم عليها عبثا
لست أدري من اين أخذت أوسعت ذما هذي، وكيف فهمت الأمر؟
ثم كان الأولى أن تراجع هذا الأمر
فلم لا يكون من الإسرائيليات التي تسربت إلى كتب السنة؟
لقد أعطِيتَ جدلا يا يزيد (قصدي يا أستاذي يزيد , وأتشرف)
فرق بين قول: ربما كانت من الإسرائيليات وبين قول: هي عين عقيدة اليهود , ثم هل يصح زعم أن يقع هذا الجمع من الإئمة المحدّثين بحبائل الرويايات الإسرائيليية وهم يرونها تصادم المعتقد؟! هذا محال.
أنا الآن أسمع شريط الألباني وقد قرأ علي الحلبي من كتاب لابن تيمية
أنه مذهب أبي ثور ومحدثي البصرة
وأخذ الألباني على ابن تيمية تناقضه فمرة يقول إجماع ومرة يقول ما سبق
وليس في الأمر تقريع كما توهمت
هذا من فقه ابن تيمية لا من تناقضه , فهو يروي الشذوذ ولا يعده خارقا للإجماع ,, ويروي القول الخطأ , ولا يعده خارقا للإجماع بل يعد الإجماع لا زال قائما.
ومن تتبع ذلك منه علمه.
أنت الآن علمت بأن هناك من يعيد الضمير إلى آدم , فهل تظنك ستنسى هذا حتى تموت؟
لا لن تنسى.
فكيف ينساه رجل كابن تيمية عبقري زمانه , وهو الذي بحث هذه المسألة ومحّص واطلع على الأقوال وكتب بنفسه أسماء من خالف , ثم ينسى ويظن الإجماع واهما؟
هو بهذا جمع بين الصدق والتمييز , فلم يدلّس ويُخْفِ قول المخالفين , وعلم أن خلافهم لا يضر الإجماع فقال به.
أما الاستعانة بالجن فلا يجوز لك أن تدعو إلى الشرك، مهما بلغ بك الحنق والغضب
لا تقتل خيال العربي بجمود الألفاظ.
الحديث الأول: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا)
هذا لا يمكن أن يكون مرجع الضمير هو الله تبارك وتعالى؛ لأن معناه سيكون
خلق الله آدم على صورة الله، طول الله ستون ذراعا
فتأمل، وهذا هو عين التجسيم والكفر
على من يعود الضمير في " طوله "
أليس معاده واحدا في الحديث ... .
هذا لابد منه إن كنت تفقه شيئا من كلام العرب
قولك: (هذا لا بدّ منه) منطلق خطأ ترتب عليه خطأ في التأويل.
فمن أين جئت بقاعدة أن الضمائر في العبارات المتوالية يجب عودها على واحد؟!
لا ليس الضمير في قوله صلى الله عليه و سلم (طوله ستون ذراعا) يعود إلى الله , تعالى عن هذا علوا كبيرا
وأنت مصر على أن تقع فيما وقع به الشيخ الألباني.
بهذا التأويل أغلاط منها:
الأول:
خطأعودة الضمير
لو قلت: (صنع زيد تمثالا يشبهه طوله عشرة سنتيمترات)
على قاعدتك , لا بدّ أن يعود ضمير (طوله) حتما على زيد , أو أن يكون الكلام خطأ! وهل رأيت زيدا من الناس طوله عشرة سنتمترات؟!
ولله المثل الأعلى سبحانه
الثاني:
مخالفة مفهوم عموم الأحاديث
فالجمع بين هذا الحديث , وأحاديث النهي عن ضرب الوجه وشتم الوجه يدلانك على أن المقصود بالصورة في هذا الحديث الوجه وحده. وهذا يخرج وصف طول الجسد في الحديث من الصورة المقصودة.
لذلك جاء النهي عن ضرب أو شتم الوجه وحده دون غيره من أعضاء الجسد , ولو كان القصد بالصورة الجسم بعرضه وطوله ا لما كان لخصّ الوجه وجه.
هو دليل كاف على أن عبارة (طوله ستون ذراعا) خارجة عن الصورة المقصودة , لعلك غفلت عنه؟
وبالمناسبة , فهذه لغة العرب يطلقون الصورة كثيرا ويريدون الوجه وحده (أقول هذا عالما به) وإن شئت لدلّلت لك من نصوص الشريعة ذاتها ومن كلام العرب.
(يُتْبَعُ)
(/)
يكفي من هذا حديث (ألا إن الصورة الوجه , فإذا طمس فلا صورة) جعل مدار الصورة قائما على الوجه.
الثالث:
مخالفة المنطق البليغ.
فالحديث مسوق لبيان كيفية خلق آدم , لا لبيان كيفية ذات الله – تعالى الله عن هذا علوا كبيرا –
فلو قلت: (صنع زيد تمثالا على شكله , وطوله قرابة مترين)
فاستفت نفسك: هل يقع في نفسك ابتداءا أن المقصود وصف طول التمثال أو وصف طول زيد؟
المتبادر عند الناس كلهم أنه وصف للتمثال لا لزيد ,لأن الكلام أُنشِئ للحديث عن وصف التمثال لا زيد
هاك هذه الآية {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} الفتح9
وهي من أدلة التويجري
نص واحد وسياق واحد، ومعادات متعددة
فليس هذا بدعا في كلام العرب
استغرب منك هذا؟!
ولعلي لم أفهم قصدك.
فإني أراك في المقتبس السابق حتّمت عود الضمير على واحد في الجمل المتعاقبة , وبه رددت عود الضمير الأول في الحديث إلى الله تعالى وعود الثاني على آدم , ثم رجعت في هذا المقتبس فعكست ودللت على جواز تعدد عوده , وبه أثبتّ ما أقوله لك من عود الضمير الأول إلى الله تعالى , وعود الثاني على آدم!
أما الحديث الثاني، فاحذف فيه الضمائر وضع الاسم الظاهر، فسيكون أحد اثنين:
1 - لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورة الله.
2 - لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورة المشتوم.
التأويل الثاني يعارض زعم من يعيد الضمير على آدم في الحديث الأول المذكور سابقا وهو: (خلق الله آدم على صورته) فكيف يعيدون الضمير في الحديث الأول على آدم ثم يعيدونه في الثاني على المشستوم رغم أن العبارة في الحديثين وكل أحاديث الباب موحدة الالفاظ.
واما التأويل الأول فهو الحق , وهو كما ترى يحفظ بقاء عود الضمير إلى الله في الحديثين وكل أحاديث الباب
اما ما خطر على بالك من أنه لا صلة بين خلق الله آدم على صورته سبحانه , وبين النهي عن تقبيح وجه شخص غير آدم , فيردّه أن هذا المشتوم من نسل آدم وما دام من نسله فهو لا محالة يشبه صورته وما دام أدم قد خُلق على صورة الله تعالى فإن شتم وجه إي إنسان من ذريته هو شتم لوجه الله تعالى علوا كبيرا.
ـ[يزيد الموسوي]ــــــــ[07 - May-2010, مساء 05:55]ـ
إني أكتب أستاذي أحيانا لشخصك ولغيرك ممن أكبر مقامه لأشعره أني وإن حاورته فلست في مقامه.
مع علمي أن الكرام يتأذون منها.
هل تقصد أني من اللئام؟
أنا أيضا لا أحبها، ونادني باسمي بلا ألقاب
ولتعلم أني مهما ساء كلامي وقل أدبي معك ..
أما الأخيرة فلا أحبذها لك و لا لي
لذا فمن عجائب حالي أنني أستمتع بقوارعك وزواجرك لي ولغيري , لكونها امارة على التوقّد وثبات الجنان (القوة)
أقرأ لك فأتبسم , فأقول: أعان الله هذا اللوذعي على (خصومه) , وأعان خصومه عليه.
..
إيه لعل القط يحب خناقه
أما من يقرأ هذا فسيظنني سفاحا
فرق بين قول: ربما كانت من الإسرائيليات وبين قول: هي عين عقيدة اليهود , ثم هل يصح زعم أن يقع هذا الجمع من الإئمة المحدّثين بحبائل الرويايات الإسرائيليية وهم يرونها تصادم المعتقد؟! هذا محال ...
أما أنت فقد عصمتهم، وهل خلا كتاب تفسير منها
وعلى رأسها الطبري
ثم هذا موجود في التلمود كما قلت لك سابقا
هذا من فقه ابن تيمية لا من تناقضه ...
هذا الكلام يوجه للألباني لا لي
فما أنا إلا ناقل
أما إذا خالف إمام معتبر، فهذا يخرق الإجماع ولاشك
من أجل ذلك قال أحمد:
من ادعى الإجماع فقد كذب، وما يدريه لعلهم اختلفوا
إن من التساهل والتبسط قولنا أجمعوا على أن تارك الصلاة كافر
أنت الآن علمت بأن هناك من يعيد الضمير إلى آدم , فهل تظنك ستنسى هذا حتى تموت؟.لا لن تنسى ...
كنت أعلم هذا سلفا، وليس جديدا علي
فكيف ينساه رجل كابن تيمية عبقري زمانه , وهو الذي بحث هذه المسألة ومحّص واطلع على الأقوال وكتب بنفسه أسماء من خالف , ثم ينسى ويظن الإجماع واهما؟
هو بهذا جمع بين الصدق والتمييز , فلم يدلّس ويُخْفِ قول المخالفين , وعلم أن خلافهم لا يضر الإجماع فقال به ...
هذا غزل وليس نقدا علميا
ولغة العواطف لا تنفع، ولا تمنع خطأ المخطئ
(يُتْبَعُ)
(/)
قولك: (هذا لا بدّ منه) منطلق خطأ ترتب عليه خطأ في التأويل.
فمن أين جئت بقاعدة أن الضمائر في العبارات المتوالية يجب عودها على واحد؟! ...
ومن قال ذلك؟
أصلا لا يوجد قاعدة ثابتة في النحو لا لهذا و لا لغيره
وهذا هو عين نظرية النظم للجرجاني لما أنقذ النحو من جفافه وجموده
بربطه بالمعنى؛ فكأن لكل نص قاعدة خاصة
لو قلت: (صنع زيد تمثالا يشبهه طوله عشرة سنتيمترات)
على قاعدتك , لا بدّ أن يعود ضمير (طوله) حتما على زيد , أو أن يكون الكلام خطأ! وهل رأيت زيدا من الناس طوله عشرة سنتمترات؟!
دعك من هذا المثال وهات الحديث
أما القاعدة فقد أجبتك
فالجمع بين هذا الحديث , وأحاديث النهي عن ضرب الوجه وشتم الوجه يدلانك على أن المقصود بالصورة في هذا الحديث الوجه وحده. وهذا يخرج وصف طول الجسد في الحديث من الصورة المقصودة.!
لذلك جاء النهي عن ضرب أو شتم الوجه وحده دون غيره من أعضاء الجسد , ولو كان القصد بالصورة الجسم بعرضه وطوله ا لما كان لخصّ الوجه وجه.
هو دليل كاف على أن عبارة (طوله ستون ذراعا) خارجة عن الصورة المقصودة , لعلك غفلت عنه؟
كيف غفلت؟
الأمر أكبر مما تظن
أصلا لفظ صورة لا يدل على الوجه فقط
لكن ربطكم بين الحديثين هو الإشكال
الحديث الأول: خلق الله آدم على صورته، أي على (هيئته: شكله: سمته) وهذا يقتضي الجسد كله، وليس الوجه فقط كما تفهمون
ومعنى هذا أنه لاعلاقة لهذا الحديث بصفة الصورة أصلا
أما الحديث الثاني:
لاتضرب .. فإن الله خلق آدم على صورته
هنا صورته بمعنى وجهه، لماذا؟ لأن هذا هو الأصل، وصرفناه في الحديث الأول عن الأصل للزوم التشبيه، وهذا محال
أما هنا فيكون التقدير
خلق الله آدم على صورة وجه المضروب
أي أن بين ملامح وجهي آدم وهذا المضروب شبها، ولا يلزم التطابق
وليس هذا في كل إنسان بل في ذاك خصوصا
ذلك أن رسول الله كان التقى آدم عليه السلام في رحلة المعراج
وهذا الحديث أيضا لا علاقة له بصفة الصورة
أما صفة الصورة فلا ينكرها الألباني لكنه - كما يقول - يأخذها من نصوص أخرى،
كحديث الشفاعة
أما بالنسبة لليهود، فلا تنس أنهم قالوا يد الله مغلولة
وإن الله استراح يوم السبت
فلم لا يقولون إن ملامح وجه آدم تشبه وجه الله
ودخلت على المسلمين؛ إلا القليل من أمثال أبي ثور وابن خزيمة والألباني
فتأمل(/)