دعاءكم لجدتي
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 09:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاءنا يوم الجمعة السابق ... جاء وذهب لكنه لم يذهب وحيدا وإنما أخذ معه جدتي!! جاء وياليته لم يجئ يا ليته أخذنا معها فأنى لقلوبنا أن تطيق فراقها ..
رحمك الله يا جدتي ووافاك برحمته ..
يا ربِّ إنِّا لا نطيقُ بعادها = صبِّرْ إلهي أهلها وفؤادي
يا جدتي وافتك رحمةُ ربِّنا=فهو الرحيمُ بصالح العبّاد
إخوتي الأعزاء ... بالله عليكم لا تنسوها من دعائكم الصالح .. بأن يتغمدها الله برحمته ويرحمها وينظر لها نظرة رحمة لا نظرة غضب ..
و بارك الله فيكم وجزاكم الخير كله
والسلام ...
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 10:09 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار.
أسأل الله أن يغفر لها ويرحمها ويوسع عليها في قبرها.
------------
بالله عليكم " لا " تنسوها من دعائكم الصالح
ـ[أبو طارق]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 10:27 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
غفر الله لها ورحمها, ووسع مدخلها
اللهم يمن كتابها, ويسر حسابها, واجعل قبرها روضة من رياض الجنان
ـ[أنوار]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 10:58 م]ـ
أعظم الله لكِ أجراً أخيتي الكريمة ..
كلنا إلى هذا الطريق سائرون ..
رحمها الله رحمة واسعة .. وتغمدها بوافر رحمته ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 11:38 م]ـ
سررت لرؤيتك هنا أخيتي صاحبة القلم، وودت لو لم يكن بمثل هذه الظروف.
رحم الله جدتك وجعل الجنة مأواها.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 04:00 م]ـ
سررت بوجودك
رحمها الله بواسع رحمته.
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 05:36 م]ـ
اللهم آمين آمين أمين
اللهم أجب دعاءهم
بارك الله فيكم إخوتي الافاضل على أخلاقكم الرفيعة ولا أراكم مكروها بحبيب
دمتم وأدامكم الله برعايته
والسلام
ـ[ياسمين الشام]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 05:40 م]ـ
أسأل الله أن يغفر لها ويرحمها ويوسع عليها في قبرها
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 09:52 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إنا لله وإنا إليه راجعون، إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء بأجل مسمى.
أسأل الله تعالى أن يغفر لها ويرحمها ويسكنها فسيح جناته.
اللهم نور لها في قبرها ووسع لها فيه.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 04:10 ص]ـ
عظم الله أجركم أختنا الفاضلة صاحبة القلم
نسأل الله أن يغفر لجدتك وأن يرحمها ويسكنها فسيح جناته.
ـ[فصيح البادية]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 12:05 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إنا لله وإنا إليه راجعون
نسأل الله العظيم أن يتغمدها برحمتها الواسعة (آمين).(/)
قرآن الفجر, والأسباب المعينة عليه, وأحوال الصحابة مع
ـ[بنت خير الأديان]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 11:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قرآن الفجر .. والأسباب المعينة عليه .. وأحوال الصحابة مع صلاة الفجر
قرآن الفجر:
{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} يعني: صلاة الفجر.
وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترًا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات، على ما عليه عمل أهل الإسلام اليوم، مما تلقوه خلفًا عن سلف، وقرنًا بعد قرن، كما هو مقرر في مواضعه، ولله الحمد.
{إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قال الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود -وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قال: "تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار".
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهري، عن أبي سلمة -وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر". ويقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أسباط، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم -وحدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قال: "تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار".
ورواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، ثلاثتهم عن عُبَيْد بن أسباط بن محمد، عن أبيه، به وقال الترمذي: حسن صحيح.
وفي لفظ في الصحيحين، من طريق مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يتعاقبون فيكم ملائكة الليل وملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر، فَيَعْرُجُ الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بكم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون" وقال عبد الله بن مسعود: يجتمع الحرسان في صلاة الفجر، فيصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء.
وكذا قال إبراهيم النَّخَعي، ومجاهد، وقتادة، وغير واحد في تفسير هذه الآية.
وأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا - من حديث الليث بن سعد، عن زيادة، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عُبيد، عن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديث النزول وأنه تعالى يقول: "من يستغفرني أغفر له، من يسألني أعطه، من يدعني فأستجيب له حتى يطلع الفجر". فلذلك يقول: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} فيشهده الله، وملائكة الليل، وملائكة النهار - فإنه تفرد به زيادة، وله بهذا حديث في سنن أبي داود.
// تفسير ابن كثير
{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي: صلاة الفجر، وسميت قرآنا، لمشروعية إطالة القرآن فيها أطول من غيرها، ولفضل القراءة فيها حيث شهدها الله، وملائكة الليل وملائكة والنهار.
ففي هذه الآية، ذكر الأوقات الخمسة، للصلوات المكتوبات، وأن الصلوات الموقعة فيه فرائض لتخصيصها بالأمر.
وفيها: أن الوقت شرط لصحة الصلاة، وأنه سبب لوجوبها، لأن الله أمر بإقامتها لهذه الأوقات.
وأن الظهر والعصر يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك، للعذر، لأن الله جمع وقتهما جميعًا.
وفيه: فضيلة صلاة الفجر، وفضيلة إطالة القراءة فيها، وأن القراءة فيها ركن، لأن العبادة إذا سميت ببعض أجزائها دل على فرضية ذلك.
// تفسير السعدي
الأسباب المعينة على صلاة الفجر:
(يُتْبَعُ)
(/)
و من الأسباب المعينة على صلاة الفجر الإخلاص لله تعالى: كما أمر الله تعالى بإخلاص العمل له دون ما سواه: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين)، فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب " رواه أحمد صحيح الجامع 2825. قال مطرف بن عبدالله بن الشخير: صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية. قال ابن القيم رحمه الله: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك.
ولذا حرص السلف الكرام أشد الحرص على إخفاء الطاعات كقيام الليل؛ سأل رجل تميم بن أوس الداري رضي الله عنه فقال له: كيف صلاتك بالليل؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في السر أحب إلي من أن أصلي الليل كله ثم أقصه على الناس. وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فإذا قرب الفجر رجع فاضطجع في فراشه، فإذا طلع الصبح رفع صوته كأنه قد قام تلك الساعة.
ومنها: النوم على الجانب الأيمن: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه، ثم ليضطجع على شقه الأيمن، ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " متفق عليه.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن " متفق عليه، وعن حفصة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن " رواه الطبراني، صحيح الجامع 4523. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وفي اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلّق في الجانب الأيسر، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوماً، لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب وطلبه مستقره وميله إليه.
ومنها: النوم على طهارة: تقدم حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة " متفق عليه، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه " رواه أبو داود وأحمد، صحيح الجامع 5754. وجاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " طهّروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره ملك، لا يتقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك، فإنه بات طاهراً " رواه الطبراني، قال المنذري: إسناد جيد، صحيح الجامع 3831
ومنها: التبكير بالنوم: النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية، وخصلة حميدة، وعادة صحية ومما جاء في فضله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها " رواه البخاري، نقل الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض في قوله: "وكان يكره النوم قبلها " قال: لأنه قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً، أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم قبل الصبح، أو عن وقتها المختار، أو عن قيام الليل. وقال ابن رافع: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينِشّ الناس بدِرّته بعد العتمة ويقول: قوموا لعل الله يرزقكم صلاة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يتعلق بالنوم: اختيار الفراش المناسب، وذلك بعدم المبالغة في حشو الفراش، وتليينه وتنعيمه لأن ذلك من أسباب كثرة النوم والغفلة، ومجلبة للكسل والدّعة، وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كانت وسادة النبي صلى الله عليه وسلم التي ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف. رواه أبوداود وأحمد، صحيح الجامع 4714.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف فقال عمر: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوْثر من هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما لي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها. رواه أحمد والحاكم، صحيح الجامع 5545.
وكان علي بن بكار رحمه الله تفرش له جاريته فراشه، فيلمسه بيده ثم يقول: والله إنك لطيب، والله إنك لبارد، والله لا علوتك ليلتي، ثم يقوم يصلي إلى الفجر.
ومن ذلك عدم الإفراط في النوم والاستغراق فيه، قال إبراهيم ابن أدهم: إذا كنت بالليل نائماً، وبالنهار هائماً، وفي المعاصي دائماً، فكيف تُرضي من هو بأمورك قائماً.
ومنها: المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم: فإن هذه الأذكار حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان، ويعين على القيام، ومن هذه الأذكار، ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه، ثم ليضطجع على شقّه الأيمن، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما يقرأ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات " متفق عليه.وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " متفق عليه. وعن أنس بن مالك رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له " رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقصة الشيطان معه قال له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) حتى تختمها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: صدقك وهو كذوب " متفق عليه. وكذلك اجتناب الذنوب والمعاصي.
والله أعلم.
http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=124449&Option=FatwaId
أحوال الصحابة مع الصلاة:
يخرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من بيته ليصلي بالناس صلاة الفجر .. يدخل المسجد .. تقام الصلاة .. يتقدم عمر و يسوي الصفوف .. يكبر فما هو إلا أن كبر حتى تقدم إليه المجرم أبو لؤلؤة المجوسي فيطعنه عدة طعنات بسكين ذات حدين.
أما الصحابة الذين خلف عمر فذهلوا وسقط في أيديهم أمام هذا المنظر المؤلم.
وأما من كان في خلف الصفوف في آخر المسجد فلم يدروا ما الخبر .. فما إن فقدوا صوت عمر رفعوا أصواتهم: سبحان الله .. سبحان الله. ولكن لا مجيب.
يتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فيقدمه فيصلي بالناس.
يحمل الفاروق إلى بيته .. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح. اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادوا أن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته. نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة. فقال بعضهم: إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة. فصاحوا عند رأسه: الصلاة يا أمير المؤمنين، الصلاة. فانتبه من غشيته وقال: الصلاة والله. ثم قال لا بن عباس: أصلى الناس. قال: نعم. قال عمر: لا إسلام لمن ترك الصلاة. ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى وإن جرحه لينزف دماً.
(يُتْبَعُ)
(/)
هكذا أيها الأحبة كان حالهم مع الصلاة. حتى في أحلك الظروف، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت.كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم.
أيها الأحبة. في هذه الكلمة نعرض أربعة أحوال من أحوال السلف الصالح مع الصلاة لنقارن أحوالهم بأحوالنا ليتوب المسيء من إساءته، ويتنبه المقصر إلى تقصيره، ويزداد المحسن إحساناً وتكميلاً لصلاته.
الحال الأول: محافظتهم على صلاة الجماعة وتعلق قلوبهم بها:
الصلاة قرة عيون المؤمنين كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: وجعلت قرة عيني في الصلاة.
ولذا كان يقول: أرحنا بها يا بلال. ولسان حال بعضنا: أرحنا منها يا إمام.
وقل لبلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترق أبواب الجنان الثمانيا
وقد سطر سلفنا الصالح صوراً مشرقة في المحافظة على صلاة الجماعة.
ففي صحيح مسلم ينقل لنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صورة حية لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالهم مع صلاة الجماعة فيقول: ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيت الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.
فأين النائمون عن صلاة الفجر و العصر الذين أنعم الله عليهم وأصحّ لهم أجسامهم؟ وما عذرهم أمام الله تعالى؟.
منابركم علت في كل حيٍّ ومسجدكم من العباد خالي
وصوت أذانكم في كل وادٍ ولكن أين صوت من بلالِ
• وهذا سعيد بن المسيب يقول: ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة.
ولما اشتكى سعيد عينه يوماً قالوا له: لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة. فقال: فكيف أصنع بشهود العشاء والصبح.
• وكان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج فقيل له: قد رخص لك. قال: إني أسمع " حي على الصلاة " فإن استطعتم أن تأتوها فأتوها ولو حبواً.
• وسمع عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن وهو يجود لنفسه فقال: خذوا بيدي فقيل: إنك عليل. قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه. فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات.
• وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى.
نعم. بكى لا لأنه قد فاتته مباراة رياضية، ولا لأغنية أو تمثيلية. ولكن يبكي لفوات المثوبة والروحانية.
• سئل عبدالرحمن بن مهدي عن الرجل يبني بأهله أيترك الجماعة أياماً؟ قال: لا، ولا صلاةً واحدةً.
هكذا أفتى ابن مهدي رحمه الله. ثم يأتي الامتحان، فيزوج ابن مهدي إحدى بناته فيخرج صبيحة العرس ويمشي إلى بابهما فيقول للجارية: قولي لهما يخرجان إلى الصلاة. فخرج النساء والجواري فقلن: سبحان الله!! أي شيء هذا؟. فقال: لا أبرح حتى يخرج إلى الصلاة. فخرج بعدما صلى فبعث به إلى مسجدٍ خارج من الدرب.
الحال الثاني: مبادرتهم إلى الصلاة ومحافظتهم على تكبيرة الإحرام:
• ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال " لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ".
قال النووي: يتأخرون أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة وعن العلم ونحو ذلك.
• قال عدي بن حاتم: ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء.
• وكان إبراهيم بن ميمون أحد المحدثين يعمل صائغاً يطرق الذهب والفضة. فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء وضعها ولم يردها.
• وقال سعيد: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
• وقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
• روي عن الأعمش أنه كان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
• ولهذا قال إبراهيم التيمي: إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه.
هكذا كان حرصهم وتبكيرهم إلى الصلوات فيا ليت شعري أين نحن من حالهم. ونحن نرى الجموع المتأخرة تقضي خلف الصفوف ناهيك عن الذين يقضون خلف الإمام، ويعتذرون عن تأخرهم بأعذار هي أوهى من بيت العنكبوت. وهذا دليل قلة الفقه، والله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
الحال الثالث: إحسانهم الصلاة وإتمامهم أركانها:
نظر السلف إلى القرآن وإذا الله تبارك وتعالى يأمرهم بإقامة الصلاة، فلم ترد آية واحدة بغير لفظ الإقامة. والتعبير بهذا اللفظ يقتضي العناية بها وإقامتها على الوجه المطلوب كما وردت.
• يدخل رجل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه، فيرد عليه بقوله: وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل. فيعود فيصلي ثم يأتي فيسلم عليه، فيرد عليه بمثل ما رد عليه. فلما كان في المرة الثالثة قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني. فعلمه عليه الصلاة والسلام كيف يصلي، وأرشده إلى الطمأنينة في جميع أركان الصلاة وواجباتها.
• ويصلي عليه الصلاة والسلام يوماً – كما في صحيح مسلم _ فينصرف ويخاطب رجلاً بقوله: يا فلان ألا تحسن صلاتك، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي، فإنما يصلي لنفسه.
• أيها الأحبة .. هل تعلمون من هو أسوأ الناس سرقة؟
أهو سارق المسجد أو الحرم؟ أهو سارق مال فقير أو يتيم؟
كلا. قال عليه الصلاة والسلام: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته. قالوا: وكيف يسرق من صلاته؟. قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.
• وصح عن عبدالله بن عمر أنه رأى فتى يصلي فأطال صلاته فلما انصرف قال: أيكم يعرف هذا؟ فقال رجل: أنا أعرفه. فقال ابن عمر: لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا قام إلى الصلاة أتي بذنوبه كلها فوضعت على عاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه.
• قال ابن جريج: لزمت عطاء ثماني عشرة سنة، وكان بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة. فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك.
• قال أبو إسحاق السبيعي: ذهبت الصلاة مني وضعُفُت وإني لأصلي فما أقرأ وأنا قائم إلا البقرة وآل عمران. وقيل إنه ما كان يقدر أن يقوم حتى يقام فإذا استقام قائماً قرأ وهو قائم ألف آية.
• قال خالد بن عمرو: رأيت مسعراً كأن جبهته ركبة عنز من السجود.
• قال ابن رهب: رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع حتى نودي بالعشاء.
أما حالنا فمؤسف. فقد أصبحت الصلاة ثقيلة على كثير من الناس حتى إذا كبر أحدهم أومأ بحركات لا روحانية، ونقر الصلاة كنقر الغراب لا يذكر الله فيها إلا قليلاً. فهلك النقارون.
ووالله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً بين أظهرنا لقال لهم: ارجعوا فصلوا، فإنكم لم تصلوا.
الحال الرابع: خشوعهم في الصلاة:
الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح.
• كان سيد الخاشعين يصلي لله خاشعاً مخبتاً، يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
• كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود.
• وكان ابن الزبير يصلي في الحجر، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت.
• ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار. فما رفع رأسه حتى طفئت. فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها النار الأخرى.
• وكان علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وإذا قام إلى الصلاة ارتعد. فقيل له فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي؟.
• وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر: يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة؟ قال: يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل.
• سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه.
• كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.
• قال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة.
هكذا كان خشوعهم. أما نحن فنشكو إلى الله قسوة في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا. فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح. فأنى لمثل هذا أن يخشع؟.
لقد صلى بعض الناس في أحد مساجدنا، ولما كان في التشهد الأخير جاءه الشيطان وقال له: يا أبا فلان إن صاحب المحل قد أخطأ في الحساب فراجع الفاتورة، إني لك من الناصحين. فصدق المسكين وأخرج الفاتورة ليراجعها أمام الناس وهو يصلي. فالله المستعان.
وآخر. تراه هادئاً ساكناً، فما إن يكبر حتى تبدأ يداه بالعبث بغترته أوعقاله أولحيته أوساعته. . . ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه.
فلا يغرنك وقوف مصليين متجاورين في صف واحد فإنه قد يكون بينهما من التفاوت في الأجر كما بين السماء والأرض. وقد قال عليه الصلاة والسلام " وإن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها " رواه أبو داود وحسنه الألباني.
// بنت خير الأديان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[15 - 07 - 2009, 11:39 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد: ـ
أسال الله أن يحرم أناملكِ عن النار .... وأن يكتب لكِ الأجر والمثوبة ..... آمين
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 09:58 م]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن إليك، وجعل هذا في ميزان حسناتك.
ـ[زورق شارد]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 09:33 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 09:37 م]ـ
بنت خير الأديان ..
أنرت الفصيح:)
.. جزاك الله كل خير ..(/)
°• قل لماضيك وداعا •°
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 06:01 ص]ـ
قل لماضيك وداعا
--------------------------------------------------------------------------------
ليس بالضرورة أن ننساهم ..
ما دمنا لا نملك قدرة نسيانهم ..
لكننا بالتأكيد نملك قدرة المحاولة على نسيانهم ..
إذن .. "فلنحاول" ..
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
التناسي ..
تمثيلية غبية نمارسها على الآخرين ..
كي نثبت لهم أننا الأقوى والأقدر على النسيان ..
إنها تجربة بطيئة ومملة من أجل اختراع النسيان ..
لكنها في معظم الأحيان .. تنجح!
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
لا بأس ..
لنتألم قليلاً عند الفراق ..
أو حتى كثيراً ..
ولنصرخ بصوت مرتفع ..
لكن .. لماذا لا نعتبر هذه الصرخة .. صرخة الميلاد ..
و"نحاول"استقبال الحياة من جديد؟!
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
حين تغيب شمس أحلامكم ..
لا تنتظروا شروق شمس جديدة ..
فقد تتأخر عليكم كثيراً ..
و"حاولوا" أنتم أن تبحثوا عنها خلف غيوم الأيام ..
كي لا تضيع سنواتكم في ظلمة الانتظار!
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
لسببٍ ما ..
خسرناهم .. ورحلوا ..
فأظلمت الدنيا في أعين قلوبنا ..
وضاق الوجود بنا ..
ونعلم جيداً أنهم لن يعودوا يوماً ..
إذن .. "فلنحاول" أن نضيء النور مرة أخرى!
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
هذا الطريق يذكرنا بهم ..
فهل نهجر الطريق الذي شهد يوماً فرحة لقاءنا بهم؟
أم نزرع في الطريق وردة حمراء ..
ونقول له بامتنان شكراً أيها الطريق؟
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
تُرى ..
هل "حاول" أحدكم وهو عائد إلى نفسه ..
بعد أن شيّع جثمان حلم من أحلامه الجميلة ..
أن يمسح دموع قلبه ..
ويقبل رأسه في المرآة ..
ويقدم لنفسه وردة أمل جديدة ..
ويردد بينه وبين نفسه:
"اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"؟
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
إذا كسرتك الأيام يوماً ..
"فحاول" أن ترمم نفسك بنفسك ..
ولا تمنع نفسك من البكاء ..
عند إحساسك برغبة البكاء ..
فقدرتك على البكاء "نعمة" ..
يحسدك عليها أولئك الذين تبكيهم .. ولا يشعرون!
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
عند الألم ..
نطرق كل أبواب النسيان ..
فالبعض .. يبكي كي ينسى ..
والبعض .. يضحك كي ينسى ..
والبعض .. ينام كي ينسى ..
والبعض .. يتحدث بصوت مرتفع كي ينسى ..
والبعض .. يصمت كي ينسى ..
والبعض .. يخون كي ينسى ..
وهو أسوأ أنواع المحاولات .. لأنه بداية الألم وليس نهايته.!!!!
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
تذكروهم بدفء وحميمية ..
ولا تحصوا وجوههم كما يحصي البخيل دنانيره ودراهمه ..
كي لا تصابوا بالإحباط عند اكتشاف إفلاس قلوبكم من تلك الوجوه ..
و"حاولوا" أن ترسموا وجوههم في دفاتركم كالحكايات الجميلة ..
واسردوها على قلوبكم قبل النوم ..
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
إذا كان ماضيك أسوداً أو مؤلماً ..
"فحاول" أن تحذفه من تاريخك نهائياً ..
وتنكر له قدر استطاعتك ..
وعش بلا ماضِ ..
ولا تصدق أن الذي ليس له ماضٍ ..
ليس له حاضر أو مستقبل أبداً ..
فالحاضر والمستقبل يكونان أجمل وأفضل ..
لو أنك تخلصت وأعلنت براءتك من ماضٍ .. سيء ..
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
لا تتحسس رأسك ..
حين يُذكر الحزن أمامك ..
وتظن أنك وحدك المقصود بالحديث ..
فغيرك كثير ..
ولو لمحت مساحة الحزن والألم في داخلهم ..
لأيقنت أنك أفضلهم ..
وأتفههم ألماً ..
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
اخلعوا الأقنعة جميعها ..
فلم نعد في حاجة إلى قناع يستر أحزاننا وجروحنا ..
ولنواجه العالم بوجهنا الحقيقي ..
فقمة القوة ..
أن تواجه الأشياء بوجهك الحقيقي ..
°•.?.•° °•.?.•°°•.?.•° °•.?.•°
ـ[ممراح]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 09:54 ص]ـ
رائع، حِكم جميلة، وإن كان من الصعب تطبيق بعضها
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 05:51 م]ـ
يا الله!! جميل جدا!! بقدر ما هو مؤلم ... !!
ـ[أبو طارق]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 07:04 م]ـ
اختياراتك رائعة أخي
سلمت يمينك على جميل طرحك
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:14 م]ـ
بورك قلم الأديب عودا حميدا.
ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 10:21 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الأديب ..
كلام يخاطب العقل و اختيارات دائماً مميزة ..
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 10:28 م]ـ
مررت هنا للحظات .. وجنيت الثمار
أعجبني حتى الإطار ...
شكراً أيها الأديب
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 05:53 ص]ـ
رائع، حِكم جميلة، وإن كان من الصعب تطبيق بعضها
لنعقد تحديا مع أنفسنا ونرى من ينتصر.
بارك الله فيك أختي ممراح.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 05:54 ص]ـ
يا الله!! جميل جدا!! بقدر ما هو مؤلم ... !!
بارك الله فيك أختي صاحبة القلم وعودا حميدا.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 05:55 ص]ـ
اختياراتك رائعة أخي
سلمت يمينك على جميل طرحك
وسلمت من كل مكروه أخي الحبيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 05:56 ص]ـ
بورك قلم الأديب عودا حميدا.
وبارك الله فيك وحفظك من كل سوء أختي مبحرة.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 05:57 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الأديب ..
كلام يخاطب العقل و اختيارات دائماً مميزة ..
وإياك أختي الكريمة أنوار، وما دام أنكم من يقرأ سأختار ما أضع.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 05:59 ص]ـ
مررت هنا للحظات .. وجنيت الثمار
أعجبني حتى الإطار ...
شكراً أيها الأديب
مرحبا بقلم الخاطر
الحمد لله أنك جنيت، أمّا الإطار فإنه عجبك لأن ما به ملك نفسك
فأحيانا نحب شيئا لأجل شيء، وقد نكره شيئا لأجل شيء.
بارك الله فيك أخي الكريم.
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 08:05 م]ـ
مرحبا بقلم الخاطر
الحمد لله أنك جنيت، أمّا الإطار فإنه عجبك لأن ما به ملك نفسك
فأحيانا نحب شيئا لأجل شيء، وقد نكره شيئا لأجل شيء.
بارك الله فيك أخي الكريم.
وهنا جنيت المزيد
وحملته للبعض ....
شكر الله لك ونفع بك
ـ[زورق شارد]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 10:11 م]ـ
يارائعنا .. جنتك وارفة
ألم تنتهي حكمك بعد
زدنا زادك الله علما وفضلا فلن نمل زيادتك
ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 02:36 م]ـ
نطرق كل أبواب النسيان ..
فالبعض .. يبكي كي ينسى ..
والبعض .. يضحك كي ينسى ..
والبعض .. ينام كي ينسى ..
والبعض .. يتحدث بصوت مرتفع كي ينسى ..
والبعض .. يصمت كي ينسى ..
والبعض .. يخون كي ينسى ..
والبعض والله يأخي الكريم يأكل لينسي
بارك الله فيك علي موعظتك
وأسأل الله أن يدخرها لك يوم القيامة
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:59 م]ـ
قلم الخاطر،،، زورق شارد،،، أبو منة
بارك الله فيكم، وأسعدكم في الدارين
ـ[لحن القوافي]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 08:09 م]ـ
تُرى ..
هل "حاول" أحدكم وهو عائد إلى نفسه ..
بعد أن شيّع جثمان حلم من أحلامه الجميلة ..
أن يمسح دموع قلبه ..
ويقبل رأسه في المرآة ..
ويقدم لنفسه وردة أمل جديدة ..
ويردد بينه وبين نفسه:
"اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"؟
أعجبني كثيراً هذا التساؤل ..
الأديب اللبيب إختيار موفق كما عودتنا ..
http://www.yesmeenah.com/smiles/smiles/46/heart%20(101).gif
ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 08:19 م]ـ
ماشاء الله، تبارك الله!!!
حقاً كلمات رقراقة تنساب في سراديب الأذهان كانسياب الماء العذب في السواقي.
جزيل الشكر لك أستاذنا.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 06:42 ص]ـ
،،، لحن القوافي،،، عبدالقادر علي الحمدو،،،
بارك الله فيكما، وأنار طريقكما.(/)
خبر يكسف!
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 07:54 ص]ـ
http://www.islammemo.cc/akhbar/arab/2009/07/15/85084.html
وهذه حرية المرأة من منظور إسكندراني!. فليس ذلك جاريا حتى على قواعد الحرية بمفهومها المنحرف، مفهوم: أنا حر يا أخي!.
وإلى الله المشتكى.
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:57 ص]ـ
خيرا فعلوا أخي الكريم.
أنا من الإسكندرية ولم أسمع بهذا، ولو كان صحيحا فالحمد لله. وجود محجبات في هذه الأماكن وصمة على الحجاب.
ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 09:05 ص]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله ..
إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم ...
ـ[ممراح]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 09:48 ص]ـ
قد يكون مقتصرًا على فندق معيّن، كما في بعض أجزاء الخبر
لأن الأخ هنا من الاسكندرية، وأحد الاخوة في الرد على المفكرة، وكلهم لم يشاهدوا المنع
فلا اظن انه عام .. أو قد يكون من أساسه خاطيء(/)
ادعوا على الظالم.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:07 م]ـ
أحدى قريباتي.
والله أنها قصة حقيقة لم ينسجها الخيال تألمت حين علمت بالخبر
هن سبع بنات و3 أخوة وأب وزوجة أب
4 من البنات متزوجات
أمهم قد انتقلت منذ 15 عام إلى رحمة الله
سأدخل في لب الموضوع.
بالأمس القريب كانت تقول لي ليت أخي الكبير يعود من أمريكا ليته يعود
لكن أنا أقول ليته لم يعد
اتصلت أمس في الساعة الثالثة بالليل تشتكي لي جبروت أخيها وكيف يتعاون مع
أبيها على ضربهن ضربا مبرحا
تقول من العصر وهو يضرب حتى هذه الساعة لتو انتهينا من ضربه
حتى أختي المتزوجة التي أتت لسلام علينا اليوم لم تجلس أكثر من نصف ساعة
ضربت أمام زوجها وقام بطردها هو وأبي
قاموا في التشهير فينا أمام الرجال بل ويضربون بكل قوة
تقول والآن ذهبوا ((تقصد الفجر اليوم)) لسفر أخي وأبي وتركوني وحيدة ذهب
جميع من في البيت مع أن أهلي لا يريدون الذهاب معهم لكن ضربوهم
وكل من يرفض يركل ويضرب لم يتركوا أحدا عندي في المنزل وأنا أعمل
لست مثلهم متفرغة بل حتى مالي يسلبوه رغما عني مع أن لديهم المال الوفير
بل ولديهم شركة سيارات باسم والدها ولدية أراضي في الرياض والقصيم
تبكي اليوم وتقول لي ليته ذهاب بلاعودة لهم
ليت سفرتهم هذه وبالا عليهم اللهم لا تفتح لهم باب رزق
تبكي بحرقة ...
قولوا آمين اللهم انصرهن نصرا مبينا اللهم احفظهن من كل كيد.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:17 م]ـ
- الله يمهل ولا يهمل.
- للظالم يوم يؤخذ فيه " أخذ عزيز مقتدر ".
- الأم حين ذهابها يعود الشيخ الكبير طفلا، فهي كانت حماه.
- اللهم عليك بكل ظالم.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:19 م]ـ
اللهم عليك بكل ظالم
جزاك الله خير لا تنسوهم من صالح دعائكم.
ـ[عبدالدائم مختار]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:47 م]ـ
يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه يقول: " يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما،فلا تظالموا ... ".
اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، وادفع الظلم عن المظلومين
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 08:56 م]ـ
اللهم آمين اللهم آمين.
ـ[الجنرال رومل]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 11:15 م]ـ
أنا لله وأنا إليه راجعون ..... وحسبنا الله ونعم الوكيل ........... لعلها الأمراض النفسية ... فالوضع غير سوي في مثل هذه الأسرة
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 11:38 م]ـ
أتعتقد ذلك يا أخي؟؟ وما العمل معهم.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[16 - 07 - 2009, 11:51 م]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله
فليجعلوا أملهم بالله
الله لا يترك من يلتجأ إليه الله كن عون المظلوم
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 12:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ادعوا لهم بالهداية فربما وافقت دعواتكم ساعة إجابة من الله فينصلح حالهم ويتبدد الحزن فرحا، فادعوا لهم أن يُبصرهم الله بمن بين أيديهم من أسيرات مستضعفات.
اجعلي الفتيات يقلن " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ".
اللهم اهد والد هؤلاء الفتيات وأنر بصيرته للحق وأنزل الرحمة في قلبه فيرحم ضعيفات قد ولاه الله عليهن ّ اللهم آمين، و ارزقهن الأزواج الصالحين الذين يتقوك فيهن ّ اللهم آمين.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 03:03 ص]ـ
اللهم استجب اللهم استجب اللهم آمين
اللهم فرج هم المهمومين وكرب المكروبين اللهم آمين
قولوا آمين يا مسلمين.
ـ[فصيح البادية]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 12:08 م]ـ
اللهم فرج كربهم فأنت أرحم الراحمين
آمين
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 09:40 م]ـ
آمين.
ـ[زورق شارد]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 10:03 م]ـ
اللهم إن في حسن تدبيرك مايغنيهن عن الحيل وفي كرمك ماهو فوق الأمل وفي حلمك مايسد الخلل وفي عفوك ما يمحو الزلل اللهم فتولاهن بولايتك وأكرمهن بكرمك وعاملهن بحلمك اللهم وسخر لهن من وليته أمرهن اللهم إنه لاحول لهن ولاقوة لهن عليهم اللهم إنا نحيل حولهن وقوتهن عليك اللهم فردهم ردا جميلا وارزقهن رزقا لامنة لأحد فيه من خلقك
آمين
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 10:09 م]ـ
ياسامع الصوت ويا مفرج الهم والكرب
اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة
اللهم آمين اللهم آمين
ـ[لحن القوافي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 09:50 م]ـ
حسبنا الله ونعم الوكيل ..
اللهم فرج كربهم ..
وأرشد للحق ذويهم ..(/)
تسلية أهل المصائب [6]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[17 - 07 - 2009, 09:41 م]ـ
" تسلية أهل المصائب بذكر ما ورد فيما يصل إلى موتاهم من أعمال البر "
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد، أما بعد:
فهنا سنذكر ما يُطَيِّبُ قلوبَ أهل المصائب على مصابهم، فإنهم إذا أبدلوا الحزن والبكاء ولطم الخدود وشق الثياب والنياحة، بالصدقة والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والصلاة والصيام، ونحو ذلك من أفعال القرب، وعلموا وصول ذلك إلى موتاهم، وإنه يحصل لهم بذلك: إما تكفير سيئات، أو رفع درجات، أو كلاهما ـ حصل لهم السرور بذلك والراحة والفرح.
وهذا الكلام منعقد على إهداء القرب إلى الموتى، فنذكر اختلاف العلماء في وصول ثواب ذلك إليهم، فمن أنواع القرب: قرب لم يختلف في وصول ثوابها إلى الموتى، و ثم قرب اختلف العلماء في وصول ثوابها اختلافاً كثيراً، فنذكر ما يسره الله تعالى في ذلك، من دون إطالة؛ لأن سبيل ذلك الكتب المطولة.
ذكر اختلاف الناس في وصول ثواب إهداء القرب إلى الموتى
أما الدعاء والاستغفار والصدقة وقضاء الدين وأداء الواجبات، فلا أعلم خلافاً في وصولها، حكاها غير واحد من العلماء، ومن العلماء من يشرط في الوصول إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة.
قال الله تعالى: " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا "،
وقال تعالى: " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات "،
ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة حين مات أبوسلمة، وما شرع الله على لسان نبيه من الدعاء لكل ميت يصلى عليه، وهو قوله: " اللهم اغفر لحينا وميتنا ... "، وكذلك قوله: " اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه " الدعاء المشهور المعروف.
وأما وصول العبادات المالية المحضة، كالعتق والصدقة ونحوهما: فجمهور العلماء من أهل السنة والجماعة على وصول ثوابها إلى الموتى، كما يصل إليهم الدعاء والاستغفار، وأما وصول ثواب الأعمال البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك، فالصحيح الوصول، وهو مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي؛ لما يأتي من الأحاديث بعد إن شاء الله.
ذكر الآيات والأحاديث الواردة في هذا الباب
قال تعالى: " الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم "، فلو لم ينفعهم ذلك، لم يخبر الله تعالى به ترغيباً.
وأما الأحاديث، فمنها: ما روى الإمام أحمد من حديث الحسن بن سعد بن عبادة، أن أمه ماتت، فقال: يا رسول الله، ماتت أمي. أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء ". قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة. ورواه النسائي أيضاً.
ومنها ما روي عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن العاص بن وائل، نذر أن ينحر في الجاهلية مائة بدنة، و أن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، " و أن عمراً سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك، فقال: أما أبوك، فلو أقر بالتوحيد، فصمت عنه و تصدقت عنه نفعه ذلك " رواه الإمام أحمد، و هو دليل على وصول أفعال الخير إلى الميت.
ومنها:ما روى أبوهريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم ". رواه مسلم والإمام أحمد والنسائي وابن ماجه.
ومنها: ما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رجلاً، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد.
وروى ابن المنذر بإسناده، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها أعتقت عن أخيها عبد الرحمن عبداً بعد موته.
ومنها ما روى ابن أسيد مالك بن ربيعة الساعدي، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وافتقاد عهدهما بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. رواه أبوداود، وهذا لفظه، وابن ماجه.
فمما سبق يتبين لك ما يصل إلى ميتك من أب أو أم أو أخ أو أخت أو قريب أو قريبة أو صديق أو صديقة.
وأهدِ له ما استطعت مما ورد النص بأن ثوابه يصل إليه، ولا تتباطأ في ذلك.
لعل الله يقيض لك من يهدي لك من أعمال البر أضعاف ما كنت تهدي لما كنت في الحياة الدنيا، فإنك عما قليل راحل أو راحلة، نحن وإياك. ولا تغتر بهذه الحياة، فإنها ظل زائل، وسراب ولا ماء.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زورق شارد]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 09:35 م]ـ
بارك لك في ذريتك ونفع بك
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 12:00 ص]ـ
بارك الله لك في ذريتك ونفع بك
أهلا بك زورق
مسرور بالمرور اللطيف
أدام الله لك الخيرات والمسرات(/)
تغيبت عن الفصيح لظروف العمل!
ـ[فهد عبدالله الزامل]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 01:29 ص]ـ
سلام الله عليكم يا أخوة.
تغيبت فترة طويلة لظروف العمل لكن للأسف
لم أجد سائل يسأل عن عبدالله الزامل أبو غيداء
ألا يحق لي العتاب؟؟!!
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 01:55 ص]ـ
أعانك الله ويسر لك عملك،حقك على العين والرأس أخى الحبيب وحللت أهلاً ونزلت سهلاً وعوداً حميداً وأعذر إخوانك لأن عد الأعضاء أوشك على أن يكمل الخمسة وعشرون ألفاً بحمد الله فالأعضاء الجدد بارك الله في الجميعً يتوافدون على الفصيح يومياً وعلى العموم عوداً حميداً ونحن بانتظار موضوعاتك أخى الكريم.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 02:53 م]ـ
أهلا أبا غيداء
لك العتبى حتى ترضى واعذر إخوانك في تقصيرهم.
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 04:35 م]ـ
لك الحق وفيك الكرم والتسامح سيدي عبد الله وهذه لفتة لابد وأن تؤخذ في الاعتبار(/)
أمواج حياتك .. وكيف تركبها؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 06:34 ص]ـ
الحياة بحر يسبح فيه الإنسان .. وفيها أمواج وأفجاج .. ولكن في هذهِ الحياة تجد الجميع يسبح من يجيد السباحة ومن لا يجيدها ..
ولكن يجب أن تكن ممن يجيد سباحة الحياة وركوب أمواجها ..
فأحداث الحياة ..
مثل تلك الأمواج التي تجعل البحر مضطرب .. وتخيف الناس .. ولكن هناك أشخاصا يجيدون ركوبها ويستمتعون فيها .. كن مثلهم في تعاملك مع الحياة فتعامل معها بحذر ..
فهم إن سقطوا تحت الموج ولم ينقذهم أحد حتما سوف يموتون ..
وعندما تأتي موجة كبيرة في حياتك ..
وتسقطك من طولك ..
لا تنتظر أحدا يمد يد العون لك ..
بل حاول وجاهد لكي تقف من جديد ..
ولا تفقد حياتك ..
في الحياة يوجد أنواع كثيرة من الأمواج ..
* ..
موجة الفرح
.. *
استمتع بها ولا تجعلها تمر مر السحاب ..
* ..
موجة الحزن
.. *
تغلب عليها ولا تجعلها تسيطر عليك وتعكر استمتاعك بالحياة ..
* ..
موجة الألم
.. *
تصارع معها إلى أن تغلبها .. كـ راكب الموج الذي تفاجئه موجه كبيرة ولكنه يخرج منها ..
* ..
موجة التفاؤل
.. *
اجعلها مستمرة في حياتك ولا تحاول تعديها ..
* .. موجة الحب .. *
تعامل معها بحذر .. فرغم المتعة التي تجدها فيها تجد العذاب بمقدارها ..
* ..
موجة الصداقة
.. *
لا تركب أي موجة من هذا النوع .. فهناك موجات سوف تسقطك إلى الحضيض ..
وهناك موجات سوف ترفعك إلى الأعالي ..
* ..
أمواج الحياة
.. *
متعددة لا يمكن أن نحصرها .. ولكن يجب أن تكن لديك الدراية الكافية بطريقة التعامل معها ..
فالحياة بحر رائع .. يوجد به كثير من النعم .. التي وهبها الله إلينا ..
وعلى كثرة نعمها .. توجد النقم .. ولكن يجب أن نحذرها ونبتعد عنها ..
فالحياة أجمل بكثير مما نتصور .. عندما نعرف كيف نتعامل معها ..
ـ[زورق شارد]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 09:53 م]ـ
شكرا لك ياحكيم الفصيح
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 10:03 م]ـ
أمواج وأنا غارقة بين هذه الأمواج
بوركت
ـ[شيخ البلد]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 09:23 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
ـ[لحن القوافي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 10:13 م]ـ
الأديب اللبيب ..
جزاك الله خيراً ..
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:51 م]ـ
شكرا لك ياحكيم الفصيح
العفو أختي الكريمة.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:52 م]ـ
أمواج وأنا غارقة بين هذه الأمواج
بوركت
أعرفكُ تجيدين السباحة فعند الأمواج لا فرق! وجودها كعدمها
ستخرجين منها وأنت تبتسمين.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:52 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
وبارك الله فيك أخي الكريم.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:54 م]ـ
الأديب اللبيب ..
جزاك الله خيراً ..
لحن القوافي ..
وإياك أختي الكريمة ..(/)
تعلم اللغة الإنجليزية للمتخصصين باللغة العربية.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[18 - 07 - 2009, 11:52 ص]ـ
سؤالي /
هل من المفيد تعلم اللغة الإنجليزية للمتخصصين في اللغة العربية؟
و هل يفيد تعلمها مستقبلًا للراغبين في الدراسات العليا - للإطلاع على المراجع الأجنبية -؟
آراؤكم محل اعتبار فحياكم الله ...
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 10:37 ص]ـ
ما زلت أنتظر إجابة، لي رغبة جادة في معرفة آرئكم!
ـ[نور الإيمان]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 11:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وما يمنعك من تعلم لغات أخرى لو كنت في صحة تؤهلني لالتهام لغات العالم
لما ترددت فما وقوفك عند اللغة الانجليزية مع أن إتقانها يعتبر ضرورة حياتية
سيري والله يحميك.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 03:27 م]ـ
و عليكِ السلام و رحمة الله و بركاته أخت نور
شاكرة ردّك، و ممتنة لتشجيعك.
ـ[فهد أبو درّة]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 01:47 م]ـ
تعلم اللغة الإنجليزية في هذا الزمن ضروري جدا لمتعلمي اللغة العربية لأنك تعلمين أن الدراسات اللغوية الحديثة أغلبها باللغة الإنجليزية و النظريات الحديثة أغلبها مكتوبة باللغة الإنجليزية و من أراد متابعة الجديد فعليه أن يتعلم الإنجليزية و غير هذا فهي ضرورة حياتية لا بد منها و أنصحك أختي بتعلمها و لا سيما أن الجامعات في البلاد العربية اليوم تشترط درجة معينة في مرحلة الدكتوراه في امتحاني التوفل أو الأيلتس.
و الله أعلم.
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 04:14 م]ـ
إذا كنت مهتمة بالنحو والبلاغة وغيرهما من علوم اللغة العربية فلا أظن أنك بحاجة ماسة لتعلم الإنجليزية لكن إذا كنت مهتمة بالنظريات الحديثة في تعليم اللغة العربية فأعتقد أن اللغة الإنجليزية ستفيدك كثيرا في متابعة الأبحاث وعلى كل حال تعلمها أو غيرها من اللغات الأجنبية لا يعد مضيعة للوقت بل هو مفيد جدا في هذا الزمان.
ـ[فهد أبو درّة]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 05:36 م]ـ
أخي فصيحوية من جديد
أعتقد أن متعلم النحو محتاج إلى اللغة الإنجليزية لأن نظريات النحو المعاصر كالتوليدية و النظريات التي بنيت عليها و عدلت فيها كلها إنجليزية و النحاة المعاصرون أغلبهم من أمريكا و بريطانيا و حلقة براغ اللغوية في أمريكا و كثير من رواد النحو المعاصر هم أساتذة في جامعات أمريكية و بريطانية.
و البلاغة المعاصرة و ما تفرع منها مثل الأسلوبية و تحليل الخطاب أغلب دراستها باللغة الإنجليزية والفرنسية و ما كتب بالعربية أغلبه مترجم عن الإنجليزية أو الفرنسية.
و الله أعلم.
ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 12:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعلم اللغات الأجنبية لا بأس بها إذا دعت الحاجة إليها
فاللغات الاجنبية فرضت نفسها علينا لا يسعنا معها إلا أن نفقه كلماتها ونتوسع فيها ما دمنا لدينا الفقه الكافي والواعي بلغتنا الام
تقبلوا مروري
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 06:11 م]ـ
أخي فصيحوية من جديد
أعتقد أن متعلم النحو محتاج إلى اللغة الإنجليزية لأن نظريات النحو المعاصر كالتوليدية و النظريات التي بنيت عليها و عدلت فيها كلها إنجليزية و النحاة المعاصرون أغلبهم من أمريكا و بريطانيا و حلقة براغ اللغوية في أمريكا و كثير من رواد النحو المعاصر هم أساتذة في جامعات أمريكية و بريطانية.
و البلاغة المعاصرة و ما تفرع منها مثل الأسلوبية و تحليل الخطاب أغلب دراستها باللغة الإنجليزية والفرنسية و ما كتب بالعربية أغلبه مترجم عن الإنجليزية أو الفرنسية.
و الله أعلم.
متعلم النحو والصرف والبلاغة والأدب أيها الأخ الكريم ليس محتاجا بشكل أساس للنظريات الحديثة فتطبيقها على اللغة العربية -دون استشعار للفرق الواسع بين اللغات- لا يخلو -أحيانا- من العبث. هذا لا يعني بالضرورة عدم فائدتها وأهميتها خاصة في الجانب التطبيقي ولكن لا خير فيمن يأنف مما عنده من الخير ثم يقتات على موائد الآخرين.
أما حلقة براغ اللغوية فليست في أمريكا بل هي في براغ التشيكية ولكن مؤيدوها انتقلوا في عدة دول حسب ما أعرف.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:34 ص]ـ
تعلم اللغة الإنجليزية في هذا الزمن ضروري جدا لمتعلمي اللغة العربية لأنك تعلمين أن الدراسات اللغوية الحديثة أغلبها باللغة الإنجليزية و النظريات الحديثة أغلبها مكتوبة باللغة الإنجليزية و من أراد متابعة الجديد فعليه أن يتعلم الإنجليزية و غير هذا فهي ضرورة حياتية لا بد منها و أنصحك أختي بتعلمها و لا سيما أن الجامعات في البلاد العربية اليوم تشترط درجة معينة في مرحلة الدكتوراه في امتحاني التوفل أو الأيلتس.
و الله أعلم.
شاكرة إجابتك، و كما قلت هي محلُ اعتبار ٍ.
و وجهة نظرك من أنّ الدراسات في أغلبها تعود للغة الإنجليزية فصدقت في ذلك , و مرة أخرى دعواتي لكَ بالتوفيق، و أن يحالف النجاح خطاك!
أختك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:37 ص]ـ
إذا كنت مهتمة بالنحو والبلاغة وغيرهما من علوم اللغة العربية فلا أظن أنك بحاجة ماسة لتعلم الإنجليزية لكن إذا كنت مهتمة بالنظريات الحديثة في تعليم اللغة العربية فأعتقد أن اللغة الإنجليزية ستفيدك كثيرا في متابعة الأبحاث وعلى كل حال تعلمها أو غيرها من اللغات الأجنبية لا يعد مضيعة للوقت بل هو مفيد جدا في هذا الزمان.
أقدر مرورك و إجابتكِ، و بالتأكيد تعلم اللغات الأجنبية لا يعد مضيعة، لكن يجب ألا نغفل قضية الوقت الذي تتطلبه اللغات لتعلمها و الجهد المصروف فيها.
وفقكِ المولى لما يحب و يرضى.
أختكِ / سر.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:38 ص]ـ
أخي فصيحوية من جديد
أعتقد أن متعلم النحو محتاج إلى اللغة الإنجليزية لأن نظريات النحو المعاصر كالتوليدية و النظريات التي بنيت عليها و عدلت فيها كلها إنجليزية و النحاة المعاصرون أغلبهم من أمريكا و بريطانيا و حلقة براغ اللغوية في أمريكا و كثير من رواد النحو المعاصر هم أساتذة في جامعات أمريكية و بريطانية.
و البلاغة المعاصرة و ما تفرع منها مثل الأسلوبية و تحليل الخطاب أغلب دراستها باللغة الإنجليزية والفرنسية و ما كتب بالعربية أغلبه مترجم عن الإنجليزية أو الفرنسية.
و الله أعلم.
تفاعلك مع الموضوع، و سعة بالك للنقاش مكان تقدير و امتنان لمتابعتك فشكرًا!
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعلم اللغات الأجنبية لا بأس بها إذا دعت الحاجة إليها
فاللغات الاجنبية فرضت نفسها علينا لا يسعنا معها إلا أن نفقه كلماتها ونتوسع فيها ما دمنا لدينا الفقه الكافي والواعي بلغتنا الام
تقبلوا مروري
كان الله في عون الجميع، أبو منّة شاكرة وجهة نظرك.
خالص الدعاء.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:41 ص]ـ
متعلم النحو والصرف والبلاغة والأدب أيها الأخ الكريم ليس محتاجا بشكل أساس للنظريات الحديثة فتطبيقها على اللغة العربية -دون استشعار للفرق الواسع بين اللغات- لا يخلو -أحيانا- من العبث. هذا لا يعني بالضرورة عدم فائدتها وأهميتها خاصة في الجانب التطبيقي ولكن لا خير فيمن يأنف مما عنده من الخير ثم يقتات على موائد الآخرين.
أما حلقة براغ اللغوية فليست في أمريكا بل هي في براغ التشيكية ولكن مؤيدوها انتقلوا في عدة دول حسب ما أعرف.
فصيحوية أشكر متابعتك ِ، و احترم ردّك ,
أجزل الود.
ـ[فهد أبو درّة]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 02:06 ص]ـ
أخي فصيحوية من جديد
أشكر لك تصحيح المعلومة لي فقد كنت أظن أن حلقة براغ في أمريكا
وفقنا الله و إياك لما يحبه و يرضاه.(/)
الدورات العلمية الصيفية لعام 1430 في المملكة
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 11:58 ص]ـ
الدورات العلمية
الدورة العلمية التأسيسية الثانية بأبها 10 متون علمية
الدورة العلمية العاشرة بجامع الشيخ عبداللطيف آل الشيخ بالمدينة المنورة
دورة علمية للشيخ عبدالله الغنيمان بالبجادية
الدورة الصيفية النسائية الخامسة بالوديعة
دورات مجانية عبر الأنترنت في جامعة المعرفة العالمية
الدورة الصيفية النسائية الخامسة عشر بشرورة
الدورة العملية المكثفة السابعة بجامع العز بن عبدالسلام بالخرج
الدورة العلمية لفضيلة الشيخ: محمد بن أحمد الخنين بالخرج
الدورة الشرعية التأصيلية الأولى في حائل
الدورة العلمية السادسة لفضيلة الشيخ محمد حسن عبد الغفار في مصر
الدروس العلمية الصيفية الرابعة بجامع الصانع بالرياض
الدورة العلمية 15 بجامع الملك عبدالعزيز بمكة
الدورة العلمية في شرح رسالة الشيخ عبد الرحمن السعدي في أصول الفقه بمدينة الظهران
جدول دروات الشيخ د/ عبد الكريم الخضير حفظه الله
الدورة العلمية لفضيلة الشيخ د/ سعد الحجري بخميس مشيط
الدورة العلمية المكثفة السادسة والعشرين للأئمة والخطباء بالباحة
الدورة العلمية الأولى بجامع العريفي بالرياض
الدورة العلمية الرابعة في عرعر
الدورة العلمية الرابعة بجامع آل ثاني بالأحساء
الدورة العلمية المنهجية بالدلم
الدورات العلمية بمنطقة تبوك
الدورة الصيفية التاسعة في جامعة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بمحافظة عنيزة
الدورة العلمية للشيخ عبدالله بن علي الفايز بمدينة الرياض في شرح صحيح مسلم وبلوغ المرام
الدورة العلمية الصيفية المكثفة بمسجد البلوي بالمدينة النبوية
الدورة المكية العلمية المكثفة الثالثة
الدورة العلمية المنهجية بتبوك
دورة جامع الملك سعود بجدة1430
الدورة العلمية الثالثة بجامع بن محفوظ بجدة
جدول الدورات العلمية الصيفية لفضيلة الشيخ أ. د عبد الله بن محمد الطيار
الدروس الصيفية لكبار العلماء في الطائف
الدورة العلمية الثالثة بجامع بن محفوظ بجدة
دورة في حفظ الصحيحين و دورة في بداية المفسر في بلجرشي
دورة الإئمه والخطباء بالطائف
الدروس العلمية الصيفية التاسعة لفضيلة الشيخ العلامة عبدالله الجبرين في جامع الشيخ عبدالله الراجحي بحي شبرا
الدروس العلمية الصيفية الثالثة في جامع البواردي بحي العزيزية في الرياض
الدورة العلمية المنهجية بالدمام
دورة المتون + الشرح الوجيز على بلوغ المرام + محاضرات علمية لصيف 1430هـ في جامع الأميرة نوره
دورة ابن سعدي السادسة في جامع قرطبة بمحافظة عنيزة
دورة العلامة ابن عثيمين في الكويت للشيخ الغنيمان والشيخ عثمان الخميس
الدورة العلمية الثالثة لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر الحازمي بجامع بدر بحي الزاهر مكة المكرمة
الدورة المكثفة الأولى لحفظ المتون بالمسجد النبوي
دورة الإمام ابن باز العلمية الثامنة بالطائف 1430هـ
دورة علمية بعنوان (التوحيد أولا) في العقيدة في جامع الحمراء بالرياض
(واحات السنة النبوية) بجامع عثمان بن عفان بحي الوادي بالرياض
المنهج العلمي الأول في الفقه و أصوله بجامع الصانع بالرياض
الدورة العلمية بجامع الامام الذهبي بجدة
الدورة العلمية بجامع القبلتين بالمدينة
للمراسلة saaid@saaid.net
للتحميل: برنامج الدورة المكثفة لحفظ القرآن الكريم في الإجازة الصيفية (للقائمين على الدورات)
دورات حفظ القرآن والسنة
دورة تيسير علم القراءات للشيخ محمود راغب في مسجد ابن قدامة بالرياض
دورة الفرقان الخامسة الخامسة لإتقان القرآن الكريم
دليل الدورات الصيفية القرآنية في مدينة الرياض لعام 1430هـ
الدورة المكثفة الرابعة لحفظ القرآن الكريم ومراجعته بالمشعلية
دورة حفظ أحاديث الأحكام (2)، البلوغ والعمدة .. بالرياض
الدورة القرآنية بمسجد ابن القيم بمكة
الدورة الصيفية لحفظ واتقان القرآن الكريم بالمنطقة الشرقية
الدورة المكثفة الخامسة لحفظ القرآن الكريم بجامع خادم الحرمين الشريفين بشرورة
دورة أهل القرآن السادسة لمجمع حلقات الهدى لتحفيظ القرآن الكريم بشمال الرياض
دورة " أحسن الحديث " السابعة لهذا العام بجامع الحسين بن علي بمدينة الرياض
دورات القرآن الكريم وعلومه بالكويت
(دورة إقرأ وارتقِ) الصيفية المكثفة لمراجعة القرآن الكريم بالرياض
الدورة القرآنية الصيفية المكثفة بجامع الإخلاص بجدة!
دورة حفاظ الذكر بجامع الدخيل بالرياض لعام 1430هـ
(دورة الكتاتيب المكثفة) السابعة لتعليم القران الكريم بالرياض
الدورة المكثفة الصيفية لتحفيظ القران الكريم بجامع والدة الأمير ماجد بن عبدالعزيز رحمهم الله بحي الدار البيضاء بمدينة الرياض
دورة حفظ القرآن الكريم الصيفية للبراعم بالظهران
الدورة المكثفة الرابعة لحفظ ومراجعة القرآن الكريم بالظهران
دورة فرسان القرآن 3 بجامع اللحيدان بالرياض
دورة في حفظ الصحيحين و دورة في بداية المفسر في بلجرشي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[19 - 07 - 2009, 12:43 م]ـ
ما شاء الله تقبل الله من القائمين على هذه الدورات وهذا خير عظيم ..
نشكر الأستاذ أبو أحمد العجمى على نشره للخير.
ـ[جاد الحق]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 07:44 م]ـ
أخي الاسكندري، انتبه الى اللغة لديك، نشكر الأستاذ أبا أحمد، لا ينبغي أن تقع في مثل هذا الخطأ(/)
فن المناظرة: فن يحتاجه كل فرد،
ـ[هدوء]ــــــــ[20 - 07 - 2009, 05:46 ص]ـ
المناظرات لها أثر في إثراء الساحة الثقافية،
فن المناظرة: فن يحتاجه كل فرد،
وصلنتني رسالة فاحببت مشاركتكم بها
عزيزي رويكد، أهلا بيك،
تعرف أن المناظرات شكلت العقلية الإنسانية بشكل كبير، سيما مناظرة الأديان، سيما الإسلام مع غيره من الأديان الأرضية الأخرى ...
أقدم لكم اليوم مشاركتي برصد أحدى المناظرات الشهيرة و تقديمها لكم، علها تحوز على استحسانانكم، ولا تنسونا من صالح تقييميكم ودعواتكم،،،
قد لا تهمك هذه المناظرة حيال الأقانيم الثلاثة المسيحية، ولكنها قد تكون سبب هداية شخص مسيحي،،
اخوك
مرادي
1. http://www.youtube.com/watch?v=TgaQV5oKKX4
2. http://www.youtube.com/watch?v=ZoSHVGEuCMM
3. http://www.youtube.com/watch?v=cg9V3DUkmns
4. http://www.youtube.com/watch?v=M9maVzzsSPk
5. http://www.youtube.com/watch?v=9wtZHQiGrS4
6. http://www.youtube.com/watch?v=RQB1UfKnwUQ
7. http://www.youtube.com/watch?v=_jKNbUnZ1Ww
8. http://www.youtube.com/watch?v=o1gNniKA1wQ
9. http://www.youtube.com/watch?v=LGH7BJRMFb0
10. http://www.youtube.com/watch?v=l45TG6JB1tw
11. http://www.youtube.com/watch?v=N8f0MtPClV4
12. http://www.youtube.com/watch?v=8tY_gG5Z8i0
13. http://www.youtube.com/watch?v=ykDym5q7XRI
14. http://www.youtube.com/watch?v=pO4UifVqIRE
15. http://www.youtube.com/watch?v=8g4CBt9qcAM
16. http://www.youtube.com/watch?v=p1Hez1SjERg
17. http://www.youtube.com/watch?v=mqaJtUaNeBQ
18. http://www.youtube.com/watch?v=ECOT1_i0iQY
19. http://www.youtube.com/watch?v=ytzhGv9HjpE
20. http://www.youtube.com/watch?v=3IsVEn8R6vA
شكرا لكم ن،،،،(/)
مفهوم الدولة
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 07 - 2009, 07:07 ص]ـ
مفهوم الدولة:
في أحد البرامج الفضائية تحدث أحد أساتذة القانون الوضعي، وله اسم كبير في مصر باعتباره أحد أقطاب المعارضة المتنامية على خلفية الأزمات التي تعصف بمصر، حفظها الله من السوء ووقاها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، تحدث عن أمور انطلق في كلامه عنها من خلفية الإشكالية التي يعاني منها العالم الإسلامي في العصر الحديث: إشكالية القصور الشديد في إدراك مفهوم الدين بقصره على المعتقدات والشعائر التي يمارسها الفرد والأخلاق على أحسن الأحوال، فالدين إجمالا بمعزل عن الحياة العامة، وذلك من نتاج تأثر العالم الإسلامي في عصور الضعف الأخيرة بتيارات التغريب العلمانية التي صدرتها أوروبا الثائرة على الكنيسة والعرش إلى العالم الإسلامي المتخلف بكل المقاييس، وأولها: الشرعية، فضلا عن تخلفه السياسي والعسكري والصناعي ..... إلخ لا لقصور في شريعة الإسلام التي ساد بها المسلمون أمم الأرض في العصور المتقدمة، فكانت حضارتهم: حضارة دينية تستمد أخبارها وأحكامها من الوحي، فتحقق بها صلاح الفرد في نفسه، وصلاح الجماعة، وهو الغائب الأعظم في العالم الإسلامي اليوم، إذ الأفراد بحاجة إلى منهج لئلا تضيع جهودهم على وزان:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ******* وإذا انفردن تكسرت آحادا
وتفرع عن تلك الحضارة الدينية حضارة: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)، حضارة: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، حضارة: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، تفرع عنها: حضارة مدنية وضعت حجر أساس النهضة الأوروبية الحديثة، بشهادة من قرأ التاريخ العلمي لأمة الإسلام بإنصاف، فهذا أمر لا ينكره إلا جاهل أو جاحد، لا سيما تاريخ الأندلس، التي كانت جامعاتها في قرطبة وإشبيلية وغرناطة ...... إلخ، مهوى عقول أبناء أوروبا التي كانت تعاني آنذاك من تسلط الكنيسة على العقول وتسلط أنظمة الإقطاع على الأبدان، فكان الاضطراب الفكري والسياسي والاجتماعي في الغرب في مقابل: الاستقرار في الشرق الذي كان ثمرة من ثمار الوحي، على حد قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، فكان التمكين السياسي والعسكري والعلمي ......... إلخ، وهو التمكين الذي نزع من أمة الإسلام لما نقضت العهد بتخلف شرط: (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، فظهرت صور الشرك في الأعصار المتأخرة سواء أكان ظاهرا كبدع القبور والأضرحة ........ إلخ التي سرت إلى أمة الإسلام من الأمم السابقة، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لتركبنّ سَنَن من كان قبلكم حَذْو القُذّة بالقُذّة". قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ ". وفي رواية: فارس والروم؟ قال: "وَمَن الناس إلا هؤلاء؟ ")، فغلو زهاد ورهبان الإسلاميين فرع عن غلو من تقدم من زهاد النصارى ورهبانهم، أو خفيا يحتاج نوع تأمل كما هو الحال في مسائل الأحكام والدساتير الأرضية التي مهدت العلمانية لها الطريق إلى قلوب المسلمين، ولو كانوا أفاضل صالحين في أنفسهم، فصارت هي مرد النزاعات بلا نكير، إذ لم يخطر بالبال بعد أن قصرت العلمانية الدين على الأفراد ونحته عن قيادة الجماعات، لم يخطر بالبال أن ذلك إقصاء للدين من الحياة، وليس المراد هنا الحكم على أفراد أو جماعات ...... إلخ على جهة الخصوص، فإن ذلك مما يتورع عن الخوض فيه خواص أهل العلم فضلا عن آحاد المسلمين، وإنما المراد تقرير الأمر على جهة العموم من باب: عرفت الشر.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالحكم بالتمكين دائر مع علة التشريع وجودا وعدما، فلهذه الأمة سنة تختلف عن سنن بقية الأمم، وتاريخها شاهد بذلك، فحيث التزمت جادة الشرع مكن لها في الأرض فتقدمت الأمم، وحيث حادت عنه صارت في الذيل فضلا عن تحقيره والاستهزاء به وبحملته من العلماء ونبزهم بألقاب: التطرف والإرهاب الفكري والجمود والرجعية ........ إلخ كما هو مشاهد في هذه الأيام، في مصر، على وجه الخصوص على خلفية الصراع الدائر بين التيار الديني بمؤسساته الفاعلة كجبهة علماء الأزهر والتيار العلماني المتطرف الذي جاهر بعض أفراده بالزندقة صراحة مع غياب سيف الشرع الرادع.
الشاهد أن ذلك الضيف، ويظهر من كلامه دماثة خلق وتعظيم للدين ولكنه كما تقدم ينطلق من خلفية ثقافية أملاها الواقع المعاصر، تكلم عن مفهوم الدولة: وكانت الثورة الفرنسية هي النموذج العام، وكان: "شارل ديجول" العظيم، كما وصفه، النموذج الخاص!.
فالدولة قبل الثورة الفرنسية كانت دولة الملك: أو دولة الـ: "أنا"، كما هو حال كل طاغوت أرضي يخلع على نفسه ألقاب السيادة المطلقة، وهو محض عبد مستخلف!، فالملك يعلنها صراحة: أنا الدولة، فالدستور يوضع لحفظ عرشه، والتراتيب التشريعية والإدارية والتنفيذية، لا تخرج عن فلك مصلحته الخاصة، وإن أضرت بمصلحة الجماعة العامة، وبجواره: كنيسة مداهنة، فسد حالها من قرون بفساد عقدها الديني، فعلومها الإلهية مما يعلم بالضرورة بطلانه سندا ومتنا! فهي محالات ذاتية لا مستند لها من كلام النبوات الصحيحات، فضلا عن فساد علومها الكونية وهو ما أجج الصراع بينها وبين العقول الأوروبية الحرة التي تأثرت بالجوار الإسلامي في حرية البحث في شتى العلوم التجريبية من طب وفلك ...... إلخ، فكانت محاكم التفتيش تطارد من خرج عن سلطان الكهنوت الكنسي، ولو كان قوله مؤيدا بالبرهان العقلي الصريح، والبرهان الحسي الصحيح.
فالملك يؤيدها ليحظى بالحق الإلهي في الحكم المطلق!، وهي تؤيده ليبقى لها نفوذها الكبير ومواردها الضخمة من الإقطاع الجائر الذي كانت شريكة فيه، بل لعلها كانت أعظم الشركاء فيه نصيبا، وهي تبرر رق الإنسان الأوروبي في مزارع الباباوات والنبلاء، فتجعله فرعا عن رق الخطيئة الأولى، فتسخر البشر لمصالحها الآنية باسم الدين!. وهذا أمر يمارسه كل طاغوت سواء أكان طغيانه دينيا، وذلك أمر ظاهر في كل ملة أو نحلة غلب عليها الغلو، فلا بد من طاغوت سواء أكان بابا ما عقده في الأرض لا يحله المسيح عليه السلام في السماء فهو نائبه الأرضي!، أو شيخ له من السلطان الكوني ما صيره قطبا يتصرف في المقادير بالتأثير فله من النيابة الإلهية نصيب!، أو إمام منتظر يتولى الفقيه إدارة الشركة حتى يظهر! فيستأثر بكل سلطان، بحجة أنه نائب المعصوم!. فقدر النيابة قدر مشترك بينهم! وهو قدر يستحق مدعيه الإحالة إلى نيابة أمن الدولة عندنا في مصر!.
فولد هذا الطغيان احتقانا شعبيا، لا سيما مع تردي الأوضاع الاقتصادية، المحرك الأساسي لكثير من الثورات، فهي ثورات بطون في الغالب فلم يتحرك الفرنسيون ابتداء من أجل إرساء قواعد: الحرية والإخاء والمساواة وإنما تحركوا طلبا لرغيف الخبز معقد الولاء والبراء في كثير من المجتمعات لا سيما المجتمعات التي تعاني أزمات اقتصادية حادة، فاستغل محركو الثورة هذا الاحتقان، فكانت الثورة التي قضت على الطغيان الملكي والطغيان الكنسي، فتحقق لهم النصر المزدوج: على الملك بوصفه رأس الهرم السياسي الديكتاتوري وبوصفه رأس الهرم الاجتماعي الإقطاعي عدو النظرية الرأسمالية التي روجوا لها بعد ذلك ليحكموا الخناق على مجتمعات ما بعد الثورة، فحاصل الأمر: استبدال رق مصانع رجال الأعمال برق مزارع الباباوات والنبلاء.
وعلى الكنيسة: فمحوا الأثر الباقي من الدين، ولو كان محرفا، ولكنه على أقل تقدير حفظ لأوروبا نوع تماسك اجتماعي بالتمسك بالفضائل العامة التي يشترك في تعظيمها كل العقلاء، والتي لم يعد لها مكان في أوروبا العلمانية اللادينية: أوروبا الحرية أحد الشعارات الأساسية في الثورة الفرنسية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وانتقل الأوروبي من مرحلة الطاغوت الخاص: طاغوت أنا الدولة على وزان: إحنا الحكومة عندنا في مصر! إلى مرحلة الطاغوت العام: طاغوت العقد الاجتماعي الذي يشرع ما شاء من القوانين بمعزل عن الوحي إذ لا حظ له منه ابتداء، وصار الإنسان باعتبار جنسه هو السيد المطاع طاعة مطلقة بعد أن كان الملك أحد أفراده هو السيد المطاع وحده، فلم ترجع تلك الثورة أوروبا إلى الطريق الصحيح: طريق النبوات وإنما نقلتها من طغيان إلى آخر، وإن اختلفت صورة الطاغوت فهو فرد في الأولى، وبرلمان في الثانية يتولى صياغة العقود الاجتماعية وفق هوى من انتخب نوابه، وهم، عند التحقيق، جماعات ضغط لها مصالح تستحق الإنفاق بسخاء على حملات النواب الانتخابية، بل حملات الرؤساء كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن رأس السلطة السياسية هماك ليس سيد قراره!، بل هو عبد قرار من أوصله إلى البيت الأبيض، فإذا خرج عن النص فإن مصيره سيكون مصير الرئيس الأمريكي الراحل: كيندي، وفي ذلك عبرة لمن اغتر بتصريحات ووعود الرئيس الأمريكي الحالي، فهي مجرد كلام، والفعل: ما يجري الآن منذ نحو ثلاثة أسابيع في إقليم هلمند في بلاد الأفغان، والفعل: الاتفاقيات المشتركة مع روسيا الخصم اللدود لتسهيل الإمداد اللوجستي للقوات الدولية المتورطة في بلاد الأفغان. فالرجل لا يملك من أمر نفسه شيئا ليفي بوعوده التي قطعها على نفسه في البرلمان التركي وجامعة القاهرة!.
وأما العالم الإسلامي فإنه لا يفتقر إلى تلك التجارب الثورية الدموية، تجارب: "اشنقوا آخر ملك بأمعاء أخر قسيس"!، ليستمد منها دساتير وقوانين وهو الأمر الثاني الذي تكلم عنه ذلك الضيف إذ ضرب مثلا بالدستور المصري أيام الملكية فهو دستور بلجيكي التصميم إذ بلجيكا مملكة يملك فيها الملك بلا حكم، فمرد السلطان التشريعي للبرلمان، ومرد السلطان التنفيذي لرئيس الوزراء، ولا زال هذا حالها إلى يوم الناس هذا، ضرب مثلا بواقعة حدثت بين الملك ورئيس الوزراء آنذاك وكان وفديا، وحزب الوفد من الأحزاب العلمانية العريقة في مصر بل في العالم الإسلامي فهو من الطلائع المبكرة للغزوة العلمانية على أرض الشرق المسلم، وفي تلك الواقعة اختلف الملك ورئيس الوزراء حول أحد بنود الدستور، فطلب رئيس الوزراء من الملك حكما بينهما، فاختارا خبيرا بالقانون البلجيكي، ففصل النزاع بينهما!، وهذا ما أثار إعجاب مقدم البرنامج فهو دليل على نضج الحياة السياسية آنذاك!، مع أن ذلك عند التأمل نقض صريح لقوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، فلسان حالهما: فردوه إلى الخبير البلجيكي!.
ويوم اختلف أمير المؤمنين عمر، رضي الله عنه، مع العباس عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مسألة تتعلق بتوسيع المسجد النبوي تحاكما إلى حذيفة، رضي الله عنه، وأغلب الظن أن حذيفة، رضي الله عنه، لم يكن خبيرا بالقانون البلجيكي، وإنما كان خبيرا بالوحي، خبيرا بالنبوات مادة صلاح الأديان والأبدان، خبيرا بـ:
قوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) فله الحكم الكوني على جهة التفرد الذي دل عليه القصر بأقوى أساليبه، وله ما تفرع عنه من الأمر بإفراده بالعبادة، بأقوى أساليب القصر، أيضا، فله كمال الربوبية وله كمال لازمها من الألوهية، فالسياق هنا دال على ترجيح معى الحكم الكوني، إذ المطرد، في التنزيل، في تقرير مسائل الألوهية، الاستدلال بمقدمات الربوبية على نتيجة وجوب إفراد الرب جل وعلا بشتى صنوف التأله.
خبيرا بـ:
(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، فترد المنازعات العلمية والعملية إلى الله، عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والرد إليهما يكون بالرد إلى الكتاب والسنة، ولا يملك أهلية النظر فيهما إلا من له من الإحاطة بلسان العرب وأصول الشرع وأسراره ومقاصده ما يمكنه من استنباط الأحكام، فالمجتهد مستثمر ينظر في الدليل طلبا لثمرة الاستدلال، وليس ذلك لكل مكلف لا سيما في دقائق المسائل العلمية والعملية، وأصحاب كل فن أدرى بأصوله وأعرافه الخاصة من اصطلاح ونحوه، فلكل علم أهل ذكر يستفتون في نوازله سواء أكان ذلك في الشرعيات أم التجريبيات.
ومن تأمل هذه الشريعة الخاتمة علم يقينا استغناء أهلها في العلوم والأعمال، في الأصول والفروع عما سواها، ومن مأثور كلام الغلام المعلم ابن مسعود رضي الله عنه: (اتَّبِعُوا وَلاَ تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ).
وليت المسلمين ساروا على طريقة اليابان، كما قال بعض المفكرين المعاصرين، فإن اليابان نجحت في نقل تكنولوجيا الغرب، وقصة ناقلها وهو أحد المبتعثين إلى أوروبا لنيل شهادة الدكتوراه قصة شهيرة إذ عمل ذلك المبتعث ساعات طوال في أحد المصانع تحت إمرة من هم دونه في الدرجة العلمية حتى أتقن ما ابتعث من أجله فنقله إلى أمة اليابان، ولم ينقل معه شيئا من ثقافة الغرب، إذ في ثقافته اليابانية كفاية له!، مع كونها إلحادية، فثقافة الغرب النصراني أفضل منها على كل حال إذ فيها بقية من آثار النبوات ولو كانت محرفة، ولكنه اكتفى بما عنده من باطل وأخذ ما يريده لأمته، بخلاف المسلمين أصحاب الثقافة التي تفوق ثقافة الغرب النصراني بمراحل، ومع ذلك أعرضوا عما عنده من التكنولوجيا الحديثة فلم ينقلوا منها إلا التكنولوجيا الاستهلاكية فضلا عما نقلوا من نحاتة أفكار أوروبا من تشريعات وأعراف فاسدة وأخلاق رديئة وموضات ........ إلخ من المساوئ.
وإلى الله المشتكى.(/)
بحوث مقترحة للبحث والدراسة
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[20 - 07 - 2009, 09:10 ص]ـ
1ـظاهرة التقديم والتأخير في شعرالمتنبي, ويوجدله أصل في كتاب يتيمة الدهرللثعالبي.2ـبحث بعنوان [سماجة الطفيليين والمكدين في الاستشهاد في القرآن الكريم]
3ـ أدب المُكدِ ين [المتسولين] وهوماتعارفت كتب الأدب على تسميته بأدب بني ساسان ومن أشهر أدبائه أبودلف الينبوعي وله قصيدة مطولة في هذا الفن موجودة مع شرحها في كتاب يتيمة الدهر للثعالبي؛ ومن أدبائه صفي الدين الحلي؛ ولهذا الفن ذكركثيرفي مقامات الهمذاني.(/)
تسلية أهل المصائب [7]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 12:42 ص]ـ
" تسلية أهل المصائب بذكر ما هو أفضل من الصبر "
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اعلم ـ رحمك الله ـ أن الصبر على المصائب من أشق الأشياء على النفوس، والرضا بالمصائب، أشق على النفوس من الصبر،
فالعبد قد يصبر على المصيبة و لا يرضى بها، فالرضا أعلى من مقام الصبر،
روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي مسلم، قال: دخلت على أبي الدرداء في اليوم الذي قبض فيه، وكان عندهم في العز كأنفسهم، فجعل أبو مسلم يكبر، فقال أبو الدرداء: أجل، فهكذا فقولوا، فإن الله إذا قضى بقضاء، أحب أن يرضى به.
وذكر ابن أبي الدنيا، في قوله تعالى: " و من يؤمن بالله يهد قلبه "، قال علقمة بن أبي وقاص: هي المصيبة، تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله، و يسلم لها و يرضى.
وعن مصعب بن ماهان، عن سفيان الثوري، قال: في قوله تعالى: " و بشر المخبتين ". قال: المطمئنين الراضين بقضائه المستسلمين له.
و روى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن ابن عون، أنه قال: ارض بقضاء الله على ما كان من عسر و يسر، فإن ذلك أقل لغمك، و أبلغ فيما تطلب من أمر آخرتك، و اعلم، أن العبد لن يصيب حقيقة الرضا، حتى يكون رضاه عند الفقر و البلاء، كرضاه عند الغنى و الرخاء.
واعلم أن الرضا من أعمال القلوب، لكن و إن كان من أعمال القلوب، فكماله هو الحمد، حتى إن بعضهم فسر الحمد بالرضا، و لهذا جاء في الكتاب و السنة: حمد لله على كل حال، و ذلك يتضمن الرضا بقضائه.
و محمد نبينا صلى الله عليه و سلم هو صاحب لواء الحمد، و أمته هم الحمادون، الذين يحمدون الله في السراء و الضراء،
و الحمد على الرضا له مشهدان:
أحدهما ـ علم العبد، بأن الله سبحانه مستوجب لذلك، مستحق له لنفسه، أحسن كل شيء خلقه، و أتقن كل شيء، و هو العليم الحكيم.
الثاني ـ أن يعلم أن اختيار الله لعبده المؤمن خير من اختياره لنفسه، كما روى مسلم في صحيحه، عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: " و الذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاءً، إلا كان خيراً، و ليس ذلك إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، و إن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له "، فأخبر صلى الله عليه و سلم أن كل قضاء يقضيه الله للمؤمن الذي يصبر على البلاء و يشكر على الرخاء فهو خير له، كما قال تعالى: " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ".
فمن لا يصبر على البلاء، و لا يشكر على الرخاء، فلا يلزم أن يكون القضاء خيراً له.
و المؤمن، إذا فعل سيئة، فإن عقوبتها تندفع بعشرة أسباب:
منها: أن يتوب توبة نصوحاً ليتوب الله عليه، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ومنها: أن يستغفر الله فيغفر الله تعالى له.
ومنها: أن يعمل حسنات يمحوها لقوله تعالى: " إن الحسنات يذهبن السيئات ".
ومنها:أن يدعو له إخوانه المؤمنون حياً و ميتاً.
ومنها: أن يبتليه الله في الدنيا بمصائب، في نفسه و ماله، و أولاده و أقاربه، و من يحب، و نحو ذلك.
ومنها: أن يبتليه في البرزخ بالفتنة و الضغطة، و هي عصر القبر، فيكفر بها عنه.
ومنها: أن يبتليه الله في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه.
ومنها: أن يرحمه أرحم الراحمين.
والمقصود أن المؤمن إذا كان يعلم أن القضاء خير له، فيرضى عن الله بما قسم له، كان قد رضي بما هو خير له.
وفي الحديث: عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال: إن الله يقضي بالقضاء، فمن رضي فله الرضا، و من سخط فله السخط ".
رزقنا الله وإياكم ووالدينا منزلة الرضا عن الله، وجعلنا وإياكم من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(/)
شهادة الاب بنيامين + vedio
ـ[هدوء]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 09:24 ص]ـ
فضل العدل في الإسلام
وصلني من صديق صدوق رساله أحببت أن اشارككم بها،
قال صاحبي،
عزيزي الكريم، في قرائة التاريخ فائدة، فهو صلتنا بحاضرنا، ومن لا يقرأ التاريخ لا يقدر الحاضر. ولا يستشرف المستقبل. لذى فإني أيها الأخ الفاضل أحب ان تشاطرني هذه الفوائد والفرائد:
- لقد ذاق الأقباط النصارى من إخوانهم في الكنيسة الروية البيزنطية على يد (دقلديانوس) صروف العذاب لمدة عشرين سنة مجبراً الناس على اعتناق عقيدة الخلقدونية
- لقد استباح دقلديانوس الدماء وهدم الكنائس والصوامع والبيع والأديره. لقد فتن الأقباط في أنفسهم فاستبيحت دمائهم، فأقيمت اسواق للمجازر البشرية المروعة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً فقد سحل و أحرق أخو بنيامين بطرك الأسكندية، وأحرق الكثير، سروقوا الأموال وسلبوها، أنتهكت الحرائر و الحريات فاستعبدوا و دينهم فأجبروا على ترك معتقدهم اليعقوبي واعتناق الكاثوليكية
-، وتخليداً لتلك الإبادة الجماعية، أرخ الأقباط به تقويمهم القبطي .. وما عصر الـ «عصر الشهداء»، إلا أكبر شاهد على ما سقنا. وقد قيدت هذه الأحداث القديمة، فقد ذكر كتاب (تاريخ الحركة القومية فى مصر القديمة من فجر التاريخ حتى الفتح العربي) لعبدالرحمن الرافعي والثانى وهو «المقريزي في كتابه: (المواعظ والاعتبار فى ذكر الخطط والآثار)
- أدت هذه الفواجع إلى أن استخفى الأب بنيامين، بطرك الأسكندية في الجبال، لمدة ثلاث عشرة سنة حتى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص بعد أن راسله مطالباً له بإن يفتح بلاده ويطرد الرومان فقد عاثوا في الأرض فساد. وبينما عمرو رضي الله عنه كان متجهاً للشمال، حرف وجهته بعد أن تلقى الكتاب إلى نحو المغرب ميمماً لمصر. ولما دخل عمرو فاتحاً، كتب إلى بنيامين مؤمناً له و مطمئناً له و مثبتاً له أمره ودينه و شأنه. وقال بعد دخول المسلمين لمصر: («كنت فى بلدى وهو الإسكندرية، فوجدت بها أمنًا من الخوف، واطمئنانًا بعد البلاء، وقد صرف الله عنا اضطهاد الكفرة وبأسهم»)
من حفظ الكنيسة الأرثوذكسية والكرازة المرقسية في مصر بعد الغزو البيزنطي؟
- نقل صاحب كتاب (الفتوح العربية الكبرى .. كيف غير انتشار الإسلام العالم الذي نعيش فيه لمؤلفه: تأليف هيو كينيدي أستاذ تاريخ العصور الوسطي بجامعة» سانت أندروز) أن للمسلمين الفضل في أن حفظت للإقباط مسيحيتهم، فقد شهد البابا بنيامين شهادة تاريخية حيث قال: " الرب شاء أن أبناء اسماعيل "المسلمين" ينتصروا وطلب من الأقباط المسيحيين أن يساعدوا المسلمين".، هذا التحالف – كما يرى د. قاسم - هو الذي حفظ الكنيسة الأرثوذكسية والكرازة المرقسية في مصر، لأنه "لو" ظل الرومان في مصر لاستمر قضائهم علي زعامات الكنيسة المصرية المرقسية ومصادرة أملاكها.
كل هذه الحقائق السابقة لتوكد لنا أهمية الحوار بين الأديان والثقافات و تبني ذلك، ونشر ثقافة الحوار، فإن المؤمن القوي في فكره، وعقيدته و ثقافته خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف في فكره، وعقيدته و ثقافته.
لذى أهدي لك يا عزيزي هذه الباقة العطرة من المناظرات الشيقة، علها أن تنال استحسانك فترسلها لمن تحب،
(1) مناظرات إسلامية نصرانية: التجسد، وسام و فشرمان
1. http://www.youtube.com/watch?v=WqhRc_Tkfko&feature=quicklist
2. http://www.youtube.com/watch?v=cxnuh2rRwiA&feature=quicklist
3. http://www.youtube.com/watch?v=5wK2UAXNT9E&feature=quicklist
4. http://www.youtube.com/watch?v=rtnH6Ob_pkQ&feature=quicklist
5. http://www.youtube.com/watch?v=sMlCTFFCkKw&feature=quicklist
6. http://www.youtube.com/watch?v=vwSsyOuaYRY&feature=quicklist
7. http://www.youtube.com/watch?v=nm6rBPpQKMo&feature=quicklist
8. http://www.youtube.com/watch?v=ZZoxKo0ThYQ&feature=quicklist
9. http://www.youtube.com/watch?v=yh16u0DvKgk&feature=quicklist
10. http://www.youtube.com/watch?v=PXRPJhBrMtI&feature=quicklist
11. http://www.youtube.com/watch?v=ftUq7AkWC_o&feature=quicklist(/)
النجاة النجاة!
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 03:25 م]ـ
النجاة النجاة!!
قال الله سبحانه وتعالى: " من يطع الرسول فقد طاع الله ".
وقال تعالى: " وإن تطيعوه تهتدوا ".
وقال تعالى: " ما آتاكم الرسول فخذوه ".
وقال تعالى: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة "، أي: الاختيار.
وقال عز وجل: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة "،أي: قدوة، يقال: تأسى به، أي: اتبع فعله، واقتدى به.
وقال تعالى: " ويعلمهم الكتاب والحكمة "، فالكتاب: هو القرآن، والحكمة: قيل: هي السنة.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنه سيأتي أناس يأخذونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله.
قال الزهري رحمه الله: لا تناظر بكتاب الله، ولا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: لا تجعل شيئا نظيرا لهما، فتدعهما لقول قائل.
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فوعظنا موعظة بليغة. ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال: قائل: يا رسول الله.كأنها موعظة مودع، فأوصنا، فقال: " أوصيكم بتقوى الله، والسمع، والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ".
هذا حديث حسن.
قوله: " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا " إشارة إلى ظهور البدع والأهواء - والله أعلم - فأمر بلزوم سنته، وسنة الخلفاء الراشدين، والتمسك بها بأبلغ وجوه الجِدّ، ومجانبة ما أُحْدِث
على خلافها.
نقلت هذا الكلام بنصه من كتاب شرح السنة للبغوي ج1 ص 191 وما بعدها.
إخواني وأخواتي لا نجاة لنا إلا بالتمسك بالسنة.
فنحن بحاجة ماسة في كل عصر إلى التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفي عصرنا هذا أرى أنّ حاجتنا أشدّ؛ لزهد الناس في العلم، واكتفائهم بالتعليم النظامي في ذلك، فيتخرج الناشئة فقراء في سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نجاهد أنفسنا، في تعلم السنة والعمل بها والدعوة إليها والصبر على ذلك، فإن لنا من الأجر الحسنات الكثير، ومن أعظمها رضا الرب تبارك وتعالى.
ولعل سائلا يقول: ما السنة؟
السنة: هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.
فانظر أخي وأختي رعاكما الله. إلى حاله صلى الله عليه وسلم من حين يستيقظ من الفجر إلى أن ينام فاتبعه في ذلك محتسبا ترد عليه الحوض وتشرب من يده شربة لا تظمأ بعدها أبدا.
وسنته موجودة مسندة صحيحة.
اقرأ صحيح البخاري صحيح مسلم وسنن الترمذي وأباداود والنسائي وابن ماجه.
وإن أردت أن الاختصار جدا فعليك بكتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله خاصة الجزء الأول منه. ولا تنس كتاب رياض الصالحين للنووي رحمه الله، فإن العلماء قد كثرت وصيتهم بهذه الكتب.
نفعنا الله وإياك بما ذكر، ورزقنا وإياك النية والعمل الصالح.
وجمعنا وإياك ووالدينا بنبينا صلى الله عليه وسلم في الجنة آمين.(/)
برنامج لمسات بيانية
ـ[ايام العمر]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 12:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي متى يعاد برنامج" لمسات بيانية" للسامرائي على قناة الشارقة؟
ولكم جزيل الشكر
ـ[لخالد]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 10:02 م]ـ
و نعم القناة و البرنامج و البلد و أهله
صفحة البرامج ( http://www.sharjahtv.ae/main/index.aspx?Search=program&check=tv)
و هنا ( http://www.sharjahtv.ae/main/index.aspx?Search=Tomorrow)
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 10:28 م]ـ
و نعم القناة و البرنامج و البلد و أهله
صفحة البرامج ( http://www.sharjahtv.ae/main/index.aspx?search=program&check=tv)
و هنا ( http://www.sharjahtv.ae/main/index.aspx?search=tomorrow)
جزااك الله خير
ـ[ايام العمر]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 01:21 ص]ـ
أستاذ لخالد جزاك الله خيرا(/)
تسلية أهل المصائب [8]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 01:39 ص]ـ
" تسلية من مات له ميت، ببشارات نبوية للميت "
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أمابعد:
فإن الإنسان ليحزن قلبه، وتدمع عيناه على والده، أو والدته، أو أخوه، أو أخته، أو قريبه، أو قريبته، أو صديقه، أو جاره، لكن مما يخفف حزنه، ويطرد عنه الجزع والتسخط، تلك الأحاديث التي جاءت على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم، مُبَشِّرَة أهل الميِّت، بأن ميتهم ترجى له الجنة، والمغفرة، وإليك أخي وأختي هذه السنن عنه عليه السلام لتثلج صدرك، ولتظن بربك خيرا، فإن حسن الظن بالله من حسن العبادة:
ومما ورد عنه عليه السلام كما في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيت الرجل، يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه، قال: تلك عاجل بشرى المؤمن " و في رواية: " و يحبه الناس عليه ".
قال العلماء: معناه: هذه البشرى المعجلة له بالخير هي دليل للبشرى المؤخرة إلى الآخرة،
لقوله تعالى: " بشراكم اليوم جنات "، و هذه البشرى المعجلة، دليل على رضى الله تعالى عنه، ومحبته له، ومحبته إلى الخلق.
و عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مُرَّ بجنازة، فأثنوا عليها خيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبت. ومر بجنازة، فأثنوا عليها شراً، فقال نبي الله صلى الله عليه و سلم: وجبت. فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ: فداك أبي وأمي يا رسول الله، مر بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقلت: وجبت، ومر بجنازة فأثنوا عليها شراً، فقلت: وجبت؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من أثنيتم عليه خيراً، وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً، وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض. . . ثلاثاً "
و في لفظ: " وجبت وجبت ثلاثاً ": رواه البخاري و مسلم
فالثناء بالخير على الميت من جمع من المسلمين الصادقين، أقلهم اثنان، من جيرانه العارفين به من ذوي الصلاح والعلم موجب له الجنة.
وعن أبي الاسود الديلي قال: " أتيت المدينة، وقد وقع بها مرض، وهم يموتون موتا ذريعا، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمَرَّت جنازةٌ، فأثنى خيرا، فقال عمر: وجبت، فقلت: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، قلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة. قال: قلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله في الواحد ". أخرجه البخاري والنسائي والترمذي.
ومن المبشرات أيضا، إذا كانت وفاة الميت يوم الجمعة، أو ليلتها، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " ما من مسلم يموت يوم الجمعة، أوليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر ". أخرجه أحمد والترمذي، وهو حديث حسن.
ومن المبشرات التي تُطَيِّب أنفسنا على موتانا، أن يكون آخر كلامهم من الدنيا كلمة التوحيد،
للحديث الحسن: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ". أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن عن معاذ.
ومن المبشرات أيضا، كثرة المصلين على الميت، للأحاديث الآتية:
قال صلى الله عليه وسلم:
" مامن ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له، إلا شُفِّعُوا فيه ". وفي حديث آخر: "إلا غُفِرَ له ". أخرجه مسلم والنسائي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه ". أخرجه مسلم وأبو داود.
إخواني وأخواتي إذا فات الأجر والفضل والثواب على هذه المصيبة، فأنت قد أصابتك مصيبتان: المصيبة الأصل، وفقدان الأجر، وهو أعظم المصيبتين.
نسأل الله عز وجل أن يخفف ويُهَوِّن علينا مصائب الدنيا، وألا يجعل مصيبتنا في ديننا.
وأن يجعل علينا وعليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل، ويصومون النهار، ليسوا بأَثَمَة، ولا فُجَّار.
هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يجتهد له في الدعاء.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 10:25 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
جزاك الله خير
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 01:57 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم وبارك في جهودك.
ـ[طالبة الجنة]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 04:05 م]ـ
نسأل الله عز وجل أن يخفف ويُهَوِّن علينا مصائب الدنيا، وألا يجعل مصيبتنا في ديننا.
وأن يجعل علينا وعليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل، ويصومون النهار، ليسوا بأَثَمَة، ولا فُجَّار
بارك الله فيك
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 11:57 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
جزاك الله خير
أهلا بك سعدت بمرورك
بارك فيك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 11:59 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم وبارك في جهودك.
أهلا بك سعدت بمرورك
بارك الله فيك
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 12:00 ص]ـ
نسأل الله عز وجل أن يخفف ويُهَوِّن علينا مصائب الدنيا، وألا يجعل مصيبتنا في ديننا.
وأن يجعل علينا وعليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل، ويصومون النهار، ليسوا بأَثَمَة، ولا فُجَّار
بارك الله فيك
أهلا بك سعدت بمرورك
بارك الله فيك(/)
قرار صائب.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 02:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
إخوانى محبى اللغة العربية وعشاقها أنقل لكم خبراً قرأته فى أحد المدنات وهو يقول فيه الكاتب:
أصدرت لجنة تمكين اللغة العربية بمدينة حماة قراراً يقضي بنزع كل اللافتات المكتوبة باللغات غير العربية واللافتات المكتوبة باللهجات المحلية والتشدد بمنع ترخيص أي منشأة أو مطعم أو محل تجاري باسم غير عربي.
وتم توجيه إنذارات لأصحاب المطاعم والمنشآت السياحية والمحلات التجارية والشركات المرخصة بأسماء غير عربية لتبديل أسماء شركاتهم ومحلاتهم إلى اللغة العربية الفصحى.
وتم الطلب إلى مديرية الإعلان بعدم نشر أي إعلان أو دعاية غير مسجل باللغة الفصحى في حين طلب إلى خطباء المساجد النطق باللغة العربية الفصحى والابتعاد عن اللهجة المحلية أو المحكية.
سبحان الله نحن فى مصر وفى العالم العربى نحلم بمثل هذا القرار أن يتم تطبيقه فعلاً ويصبح ذلك شىءجزء من حفاظنا عن هويتنا واعتزازنا بلغتنا الفصحى ولكن ندعو الله أن يحقق لنا ما نتمناه من خير للأمة جمعاء.
ونحن فى انتظار آرائكم إخوانى الأعضاء أكرمكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 02:46 ص]ـ
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إخاواني الفضلاء حياكم الله وبياكم، ولا أستطع أن أصف لكم السعادة التى غمرت قلبى حينما قرأت الخبر وليته يكن مطبقاً حتى يومنا هذا الله المستعان، فهذا القرار أقل شىء نقدمه للغتنا العربيى الفصحى حفاظاً على هويتنا العربية ولغتنا الجميلة وثقافتنا، فأنا أتمنى أن يأتى اليوم الذى لانتحدث فيه مع أنفسنا فى البيت والمنزل والمدرسة والجامعة والمواصلات إلا باللغة العربية الفصحى ضاربين بالعامية عرض الحائط وقبلها الانجليزية وإن كانت هناك أسباب تدعو لتعلم الانجيلزية وهذا ليس عيباً بل اجتهاد من الفرد.
المهم ليت بلداننا العربية جمعاء تسعى للنهوض باللغة العربية الفصحى وحمايتها من الدنو ومن تقليل شأنها فى مجتمعاتنا والله المستعان.
ـ[أبوخالد القاسم]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 10:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله أخي ناجي ...
في الحقيقة هذا خبر سار مبهج وقانون صائب ومنصف للذين يحبون اللغة العرية ويعتزون بها .....
للذين تلذذوا بقراءة القرآن وكثرة المطالعة في الأحاديث النبوية ...
للذين اعتزوا بإسلامهم وتشبهوا بالرعيل الأول ولزموا غرزهم .....
للذين اعتقدوا أن مصدرهم واحد فلا يلتفتون إلى غيره من المصادر .....
وهناك صفات كثيرة لهؤلاء ...
قال تعالى: (إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 02:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله أخي ناجي ...
في الحقيقة هذا خبر سار مبهج وقانون صائب ومنصف للذين يحبون اللغة العرية ويعتزون بها .....
للذين تلذذوا بقراءة القرآن وكثرة المطالعة في الأحاديث النبوية ...
للذين اعتزوا بإسلامهم وتشبهوا بالرعيل الأول ولزموا غرزهم .....
للذين اعتقدوا أن مصدرهم واحد فلا يلتفتون إلى غيره من المصادر .....
وهناك صفات كثيرة لهؤلاء ...
قال تعالى: (إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
قد يكون الخبر ليس جديد العهد أى من فترة ولكن أتمنى أن يكن قائماً حتى الآن، وأشكرك أخى الحبيب أبو خالد على تعليقك وحبك للفصحى وبورك نشاطك أيها المعلم الخطيب.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 08:32 م]ـ
من العواصم العربية التي زرتُها، وسعدتُ وأنا أتجول في شوارعها لاختفاء التغريب منها ولأصالتها العربية، وسيطرة الأسماء العربية على جميع المحلات هي صنعاء.
كان ذلك في القرن الماضي في أواسط التسعينات، أرجو أن تكون باقية على العهد وألا يطالها معول التغريب.
ـ[الباز]ــــــــ[22 - 07 - 2009, 10:10 م]ـ
من الناحية الظاهرية هو خبر مفرح و سار ..
لكنه ليس صائبا في نظري ..
هل بلغ الحال بلغتنا الفصحى إلى أن أصبحت في حاجة
إلى أن تُفرض على الناس بقوة القوانين الجامدة التي لا روح فيها؟؟ ..
إن القلب ليحزن لهذا ..
فمتى كانت قوة القانون الجامد الذي لا روح فيه سبيلا لإعلاء
مكانة أي شيء -لغة كان أو غيرها-؟؟
كيف نترك قنواتنا الإعلامية الثقيلة يسيطر عليها العاميون وأنصار العامية
حتى وصل الأمر ببعضها إلى حد إذاعة نشرات أخبار بالعامية ثم نصدر القوانين
على عامة الناس لاسترجاع مكانة الفصحى؟؟
كيف نملأ قنواتنا بملايين المسلسلات و الأفلام و البرامج العامية
و المذيعين العاميين الذين لا يحلو لهم الحديث إلا بالعامية وإذا حاولوا
مرة أن يتكلموا بالفصحى فإنهم ينصبون الفاعل و يرفعون المفعول و غيرها من الدواهي ثم نلجأ لمثل هذه القوانين فيما لا طائل من ورائه؟؟
لقد فرحت هذه الأيام لإنشاء نسخة عربية لقناة (ناشيونال جيوجرافيك)
لكن فرحتي لم تدم طويلا و انقلبت إلى حسرة و أسف، فبمجرد متابعتي
لها اكتشفت أن أغلبية الأفلام الوثائقية التي تُعرض عليها مترجمة إلى العامية
(السورية أو اللبنانية) فكدت أنفجر من شدة الغضب و الغيظ على
القناة و القائمين عليها ممن يبذلون أموالهم -عن قصد أو غير قصد- لتدمير الفصحى وإحلال اللهجات العامية محلها ..
هل قصُرَت الفصحى عن الإحاطة بأفلام وثائقية حتى نلجأ للعامية التي لا تعمُّ
فائدتها إلا منطقة يسيرة من الوطن العربي لا تتعدى سوريا و لبنان ..
كيف أفهم وأنا من المغرب العربي تلك اللهجة؟؟
وكيف يفهمها غير السوريين و اللبنانيين؟؟
أرجو تقبل كلماتي بصدر رحب
شكرا لكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 01:05 ص]ـ
من العواصم العربية التي زرتُها، وسعدتُ وأنا أتجول في شوارعها لاختفاء التغريب منها ولأصالتها العربية، وسيطرة الأسماء العربية على جميع المحلات هي صنعاء.
كان ذلك في القرن الماضي في أواسط التسعينات، أرجو أن تكون باقية على العهد وألا يطالها معول التغريب.
نشكرك أستاذنا الفاضل طارق يسن وسعدنا بسماع هذا الخبر منك فى بقاء التراث العربى الفصيح فى صنعاء وليت ذلك يكن فعلاً باقياً إلى الآن، ونحن نرجو ألا يتطاول التغريب ووالتعريب الأجنبى للكلمات الأجنبية كما نقرأ أسماء المحلات التجارية "واى نت" "توريست" وغيرها الكثير من الكلمات المعرّبة.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 01:55 ص]ـ
من الناحية الظاهرية هو خبر مفرح و سار ..
لكنه ليس صائبا في نظري ..
ولك مطلق الرأى فى وجهة نظرك ونحن نقدرها.هل بلغ الحال بلغتنا الفصحى إلى أن أصبحت في حاجة إلى أن تُفرض على الناس بقوة القوانين الجامدة التي لا روح فيها؟؟ ..
أقول لك أخى الحبيب من وجهة نظرك فى هذا الخبر أنه فرض للقوانين الجامدة ولكن لو دققنا النظر لوجدنا أن الفصحى هى الأصل بدلاً من العامية ولكن العامية طغت على الفصحى التى هانت عند بعض الناس إلا ما رحم ربى، فنجد إن سمع أحد الناس اسم أحد المحلات كـ"يثرب" أحيانا فى بعض المجتمعات يتطالون فى السخرية باسم المحل ويتسألون على سبيل المثال أين أبو جهل وهذه السخافات وارد سماعها فى مجتمعات كثيرة وبأشكال مختلفة.
لذا أقول لك من وجهة نظرى أن اللغة العربية الفصحى هل الأصل ولكن هذا الأصل بمرور الزمن وتوالى الأجداد والعصور واختلاف الثقافات وكذلك الاهتمامات ومتطلبات العصر والظروف الاجتماعية والاستقرار والحروب كل ذلك أثر فى علوم كثيرة ومنها وعلى رأسها العربية الفصحى التى انحدرت فى تيار التهميش رغم أن اللغة العربية تدل على الهوية العربية، ثم تعال معى لنر الغرب لعنة الله عليهم هل يتحدثون باللهجة العامية لا بل يحافظون على لغتهم الانجليزية ولا يخطئون فيها ويدافعون عنها فى كل مكان لدرجة أن أبنائنا وشبابنا الآن كل ما يهمهم تعلم الإنجليزية وإتقانها كتابة وحديثاً وهذا ليس بعيب ولكن العيب يكمن فى تهويد اللغة العربية عند أولئك وغيرهم.
إن القلب ليحزن لهذا ..
فمتى كانت قوة القانون الجامد الذي لا روح فيه سبيلا لإعلاء
مكانة أي شيء -لغة كان أو غيرها-؟؟
كيف نترك قنواتنا الإعلامية الثقيلة يسيطر عليها العاميون وأنصار العامية
حتى وصل الأمر ببعضها إلى حد إذاعة نشرات أخبار بالعامية ثم نصدر القوانين
على عامة الناس لاسترجاع مكانة الفصحى؟؟
أقول لك العيب ليس فينا نحن فقط كمستعمين أو سكان فى هذه المجتمعات المحيطة بل العيب ملقى على عاتق القيادات المسيطرة على هذا الإعلام فهم من يمشون الإعلام على هواهم وأهوائهم "ونسال الله الصلاح" وأكررها أن الأصل أن تكون الفصحى وتنعدم العامية فى الأعلام.
كيف نملأ قنواتنا بملايين المسلسلات و الأفلام و البرامج العامية
و المذيعين العاميين الذين لا يحلو لهم الحديث إلا بالعامية وإذا حاولوا
مرة أن يتكلموا بالفصحى فإنهم ينصبون الفاعل و يرفعون المفعول و غيرها من الدواهي ثم نلجأ لمثل هذه القوانين فيما لا طائل من ورائه؟؟
أقول لك أخى الحبيب بأن ما بنى على باطل فهو باطل، ولو دققنا النظر فى حكم مثل هذه الأفلام والمسلسلات لوجدناها محرمة وباطلة وتحكى عن قصص كاذبة وبها الكثير من الفتن ولن أتطرق فى ذلك لأن الجميع يعرف ما فيها من عيوب ومساوىء.
لقد فرحت هذه الأيام لإنشاء نسخة عربية لقناة (ناشيونال جيوجرافيك)
لكن فرحتي لم تدم طويلا و انقلبت إلى حسرة و أسف، فبمجرد متابعتي
لها اكتشفت أن أغلبية الأفلام الوثائقية التي تُعرض عليها مترجمة إلى العامية
(السورية أو اللبنانية) فكدت أنفجر من شدة الغضب و الغيظ على
القناة و القائمين عليها ممن يبذلون أموالهم -عن قصد أو غير قصد- لتدمير الفصحى وإحلال اللهجات العامية محلها ..
هل قصُرَت الفصحى عن الإحاطة بأفلام وثائقية حتى نلجأ للعامية التي لا تعمُّ
فائدتها إلا منطقة يسيرة من الوطن العربي لا تتعدى سوريا و لبنان ..
كيف أفهم وأنا من المغرب العربي تلك اللهجة؟؟
كلامٌ جميل وأنا أوافق الرأى هنا.
وكيف يفهمها غير السوريين و اللبنانيين؟؟
أرجو تقبل كلماتي بصدر رحب
نحن نتقبله بكل حب وود ويسر الله لك ووفقك.
شكرا لكم
أخى الباز أكرمك الله ويسر لك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
سؤال .. لديك جلسة لغوية .. !!
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 12:07 ص]ـ
لنفترض أن لديك جلسة في منزلك لعلماء من أهل اللغة بمعنى ((لغويين))
ماذا ستسمي تلك الجلسة؟؟
أطلقوا عليها مسمى بمعنى نريد مسمى لتلك الجلسة؟؟
هيا لنرى إبداعكم!!:)!!
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 04:12 م]ـ
14 مشاهدة ولا رد ..
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 10:20 م]ـ
المشاهدات من زائرين
أصحاب الردود ---- بغرفة هتاف!!!
هناك تسمية يأخذها البعض بمعنى غير لائق اشتقاقاً من (اللغو)
وهي ((ملاغاة))
وهذه التسمية جاءت قياساً على ((مذاكرة)) لجلسة أهل الذكر.
نفع الله بك وبما تطرحينه
ـ[علي جابر الفيفي]ــــــــ[24 - 08 - 2009, 12:32 م]ـ
جلغة - نحت -.
جلسة + لغة = جلغة!!!
أما معناها فعند أهل تونس الحبيبة ... شفتو كيفاش؟ يعيّشك!
ـ[السامية للمعالي]ــــــــ[26 - 08 - 2009, 12:21 ص]ـ
إذا كانت هذهـ الجلسة مقامة في منزلي
مع لغويين فإني سأسميها
جلسة (المتعة الفكرية)
إيه أخية أي متعة فكرية وأي لذة عقلية
أن عقدت هذه الجلسة وكنت أحدى أعضاءها (طبعاً المنصتات فقط)
أشكركِ أخية
جزاكِ المولى الجنة.
ـ[ضاد]ــــــــ[26 - 08 - 2009, 12:54 ص]ـ
جلغة - نحت -.
جلسة + لغة = جلغة!!!
أما معناها فعند أهل تونس الحبيبة ... شفتو كيفاش؟ يعيّشك!
إياك ثم إياك أن تسميها كذلك.:)
ـ[ضاد]ــــــــ[26 - 08 - 2009, 12:54 ص]ـ
مجلس نحوي
مجلس لُغوي
مجلس أدبي
مجلس شعري
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[02 - 09 - 2009, 05:54 ص]ـ
بارك الله فيكم ...(/)
تصدق بثمن الدخان على الفقراء طريقة جديدة للأقلاع ع
ـ[بنتصحراء]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 10:04 ص]ـ
لقد سافرت في رحلة سياحية إلى المنطقة الساحلية السورية وحضرت بالصدفة خطبة الجمعة في أحد الجوامع الصغيرة في منطقة الحفة وهي مدينة صغيرة تقع في الشمال الغربي من سورية يوجد فيها قلعة مشهورة أسمها قلعة صلاح الدين وهي تتبع لسلسلة مصايف مشهورة في مدينة اللاذقية وعلى الأغلب أنتم لا تعرفون هذه المنطقة لأنكم لستم من سكان الساحل السوري، وكانت خطبة الجمعة تدور حول التدخين، وشرح الشيخ كم هو التدخين مضر بالصحة وشرح كيف يعشش حب التدخين في النفس البشرية وكم يعاني البشر من هذه العادة المكروهة أو لنقل المحرمة في الأسلام وقد تكلم الشيخ عن طريقة إبتكرها للإمتناع عن التدخين هو الذي أفتاها أو هو الذي يقترحها (سموها كما تحبون) تعتمد على أن يقوم المدخن ابتداء من سماعه لهذه الفتوة بتدخين نصف الكمية الذي يدخنها هو في العادة وأن يشتري بنصف القيمة الأخرى طعام ويطعم الفقراء أو أن يتصدق بها لأحد الفقراء، وإذا إستطاع فعل ذلك أن يتابع على هذه الطريقة ويخفض أكثر كمية الدخان ويزيد الصدقة خلال الأيام والشهور القادمة إلى أن ينتهي من هذه العادة الضارة والمضرة وقصد الشيخ من ذلك أن يشعر الإنسان المدخن المسلم بساعدة التصدق بالمال وفي نفس الوقت سعادته في التخلص ولو بشكل جزئي من التدخين .... فما رأيك أدام الله فضلك؟
وجدت هذا الموضوع الخطير في أحد المواقع الطبية العربية
وهو عبارة عن شبه استفتاء بطريقة جديدة للأقلاع عن التدخين
والموضوع هو أبداء رأي يمكن أن يكون مقبول أو مرفوض منكم
على كل حال يمكنكم الأشتراك بالإستفتاء من خلال دخولكم ومشاركتكم بموقع أسنانكا من خلال هذا الرابط المقتبس منه الموضوع
http://www.asnanaka.com/phpp2/showthread.php?t=3425(/)
وممايزيد عجبك أنّ هذه
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 09:16 م]ـ
فرج بعد شدة
هذه قصة رجل كان براً بأبيه وكان أبوه ذاقسوة قاسية عليه؛ فهو يحتقره ولا يرى له أي حق في مشورة أوتقدير ويسفه رأيه ويهزأ بنجاحه في أمور الحياة. يحصل كل هذا والابن صابر.
وممايزيد عجبك أنّ هذه المعاملة تحصل عليه وهو متزوج ويحصل كثير منها أمام زوجه وأبنائه. ومع هذا فلابن يصبر ويتجرع هذا الغصص.
وعندما يبلغ الأمر شدته فإنّ الابن ما يكون منه إلا أن يلجأ إلى الله في الدعاء أن يعينه. وكان من جملة مايدعو به: اللهم كما جعلت النار برداً وسلا مًا على إبراهيم فاجعل قسوة والدي بردًا وسلامًاعلى قلبي.
يقول هذا الرجل: وعندما أراد الله سبحانه أن يستجيب لي ويبرّد قسوة والدي ـ غفرالله له ــ وقضى بحكمته رفع هذا عني رأيت هذه الرؤيا في منامي… في ليلة وأنا نائم رأيت في منامي انّ والدي ـ غفرالله له ـ كعادته يقسوعلي كما رأيت في منامي هذاأني أقرأ قوله تعالى:?ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا?24 الإسراء. فلما فرغت من تلا وتها أحسست بانشراح في صدري وأنا لازلت في رؤياي ونومي؛ ثم استيقظت فقلت في نفسي:لأأقرأنّ هذه الآية عندأول قسوة تقع من أبي ــ غفرالله له ــ , ولست بحا جة إلى كثير وقت لأسمع من أبي فما هو إلا يومي التالي فسمعت ماسمعت من قسوة. فأسرعت لتلاوة الآية السابقة فحصل لي من الانشراح مالم أعهده. فاتخذتها علا جاً أطفأ به نارالقسوة.
بل إنّ الأمر زاد فرجاً بعد المداومة.وذلك أنّ والدي رحمه الله ـ بعد ما يقسو علي.ثم أقرأ هذه الآية وأنا أسمع منه ماأسمع أجد أنّه يعتذرلي ممابدرمنه. ثم زاد الأمرفرجاً فأصبح والدي ــ لله الحمدـ لا يأنس إلا بوجودي وإذا استبطأ مجيء أخذ يسألي عني بلهفة وتشّوف.
فإن كنت ـ ياأخي القارئ ـ على مثل هذه الحال أوتعرف أحداً من إخوانك على مثلها فناصحه بما قرأت؛ فلأمر كما قال ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: {الدين النصيحة}.وإن عجبت من هذا فتذكرقول الحق تبارك وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} (82) سورة الإسراء
ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 01:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله لك في والديك ومتعك برؤيتهما
فرضاهما في الدنيا خير ما يحصل عليه المرء
تقبل مروري(/)
نداء عاجل إلى أهل اللغة العربية
ـ[جاد الحق]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 10:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإني أعزيكم في قسمي، قسم اللغة العربية، ذلك القسم الذي بدأ مكروها لدينا في العالم العربي بأسره، لقد قمت بالتقديم إلى وزارة الدفاع والطيران السعودية، ولم أقبل لأني خريج لغة عربية كما يقولون، ولم يكتفِ هذا القسم في تخيب أملي هنا فقط، بل تعدى ذلك بكثير، فالبنوك والمؤسسات المصرفية لا تريد خريج هذا القسم، وأيضا كما يتعدون أنها _ اللغة العربية _ لاتصلح لسوق العمل، وخذ عتبا على وزارة التعليم العالي التي تضع هذا الخريج حين يتقدم للبعثة في آخر أرواقهم وافكارهم، وايضا هيئة الاتصالات وتوابعها _ موبايلي وزين وشركة الاتصالات السعودية الخ_ كلهم لا يريدون هذا الخريج البغيض،
ولاننسَ أيضا وزارة التربية والتعليم التي وضعت هذا الخريج في نظرهم من المكتفين، فأرجوكم عزواني في قسمي هذا فأنا محتاج للتعزية من لدنكم.
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 11:00 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد: ـ
لعل الله يريد لك مكاناً آخر هو خير لك .....
ـ[جاد الحق]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 11:03 م]ـ
أنا يا أختي لا أتكلم عن نفسي بل للجميع الذين ينتسبون لهذا القسم،
بارك الله فيكِ على كلٍ
ـ[الباز]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 11:21 م]ـ
نعم هو يتكلم عن لغة كتاب الله التي صارت غريبة في ديارها ولسان حالها يقول:
ما للمنازل أصبحت لا أهلُها=أهلي ولا جيرانُها جيراني
ـ[أنوار]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 12:04 ص]ـ
يا أخي الكريم كن على يقين .. أن الله هو الرزاق وليس البشر ..
وإن شئت أن تنظر لمن حولك ..
فلا تسل عن آداء وظيفي وإتقان وإخلاص وقبلها أمانة .. والمكان المناسب للشخص المناسب ..
نحن الآن في زمن يؤهلنا لأن نستبدل الأماكن مع الغرب ..
ووالله هذا هو الواقع هم من يشرفون الإسلام لو انتسبوا إليه .. فتجد لديهم الأمانة والإخلاص في العمل .. وخذ ماشئت من القيم الإسلامية التي فقدت في مجتمعنا ..
أما نحن فجلّ الموظفين في أي مجال .. لا يعلمون من عملهم سوى الراتب والعلاوات والإجازات فقط لاغير ..
وتجد المعلومات تقف عند آخر سنة تخرج .. ليس هناك تطوير ولا تجديد .. لأنهم أصلاً غير مطالبين من الإدارات سوى بشغر الأماكن الفارغة .. وروتين يسرى طوال العام ..
هناك الكثير مما يثر الضحك .. أوبالأصح السخرية ..
ـ[جاد الحق]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 02:53 ص]ـ
ورد عند ابن هشام في كتابه أوضح المسالك، ما معناه أن لغة من العرب وهم الحجازيون، أن لديهم رفع كلمة الذين في مواضع الرفع، واورد الشاهد:
نحن الذون صبحوا الصبحا يوم النخيل غارة ملحاحا.
فأرجو من الذي قام بتعديل كلمة الذون لدي في تعليقي اعادتها سابقا، وان بنفسي اتبع لغة الحجازيين في ذلك، وأن يكون متفهما لا متملقا بذيخا.
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 10:10 م]ـ
أعظم الله لكم الأجر
وجبركم في مصيبتكم
وألهمكم الصبر - دون السلو عنها فهي لغة القرآن.
إنا لله وإنا إليه راجعون
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 10:19 م]ـ
أخي جاد الحق نسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يكون في التأخير خير.
أما بالنسبة للتعديل فالأولى أن تنتبه لأخطائك الإملائية واللغوية.
وتقبل تحيتي أخي الكريم
ـ[علي 2]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 11:31 ص]ـ
السلام عليكم اخي الكريم
لست الوحيد انت
بل هناك رفاق لك في العالم ومنهم العراق ايضا بنفس المعاناة
والله المستعان على من يتنكر على لغة القرآن الكريم
علي العراق
ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 12:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعيب لغتنا والعيب فينا وما في لغتنا عيب سوانا
عذرا إخواني
تقبلوا مروري
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:48 م]ـ
وخذ عتبا على وزارة التعليم العالي التي تضع هذا الخريج حين يتقدم للبعثة في آخر أرواقهم وافكارهم
أخي جاد الحق
اليوم بدأ التقديم على البعثات، وخريج اللغة العربية مقبول فيها كغيره
بل كل متقدم للوزارة مقبول إن لم تكن أوراقه ناقصه.(/)
كرها للغة العربية
ـ[جاد الحق]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 11:00 م]ـ
إخواني وأخوتي، لا تلقوا علىّ العتب بالعنوان قبل أن تفهموا موقفي.
فهذا حال جميع المؤسسات الحكومية والأهلية عندنا، وبالأخص في مملكتنا الغالية، السعودية فالكل حين نتقدم إليه ويعلم أن خريجين لغة عربية قال كما في العنوان.
إلى اللقاء.
ـ[لحن القوافي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 09:52 م]ـ
جاد الحق ..
كيف لعاقل أن يقول مثل هذا على لغة القرآن؟!! ..
أصلح الله الجميع ..
ـ[جاد الحق]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 05:10 م]ـ
سمعت ضابطا كبيرا برتبة لواء في وزارة الدفاع قال وبالحرف الواحد (ماذا تريد باللغة العربية ألم تجد غيرها).
فهذا حال لغتنا الفصحى في بلادنا العربية، وتمنيت أني لم أدرس اللغة العربية وأخذت عوضا عنها اللغة الإنجليزية
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 05:38 م]ـ
أخي الكريم، إذا كنت تريد الناس فاختر لك لغة ترفعك عند الناس.
وإن كنت تريد الله والدار الآخرة فاختر ما يرفعك عند ربك.
والسلام عليكم(/)
اختبار بسيط!!
ـ[عين الحنان]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 12:29 ص]ـ
http://www.moeforum.net/vb1/uploaded/407585_01248382162.gif
*
*
&
:)
اضغط هنا ( http://arabictest.awardspace.com/wisequiz/quiz.php)
*
:rolleyes:
&
تقبلوا منى هذا الموضوع المتواضع جدا بالنسبه لأهل اللغه!! وهومنقول لتسليه فقط: D
ـ[السراج]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 07:56 ص]ـ
رائع هذا الاختبار .. تحية شكر
ندعو الجميع لسلك هذا المسلك اللطيف ..
ـ[عين الحنان]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 01:47 م]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248518485.gif
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248518762.gif
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 01:55 م]ـ
موضوع جميل وجديد أيضا بارك الله فيك ِ
ـ[عين الحنان]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 02:10 م]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248520098.gif
ـ[أبو طارق]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 03:03 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحسنتِ الاختيار
ـ[طالبة الجنة]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 03:59 م]ـ
جزاك الله خيرا أخيتي:)
ـ[عين الحنان]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 08:23 م]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248542458.gif
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248542013.gif
ـ[جاد الحق]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 01:54 ص]ـ
شك1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - اااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
ـ[عين الحنان]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 03:04 ص]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248566606.gif
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 05:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الأديبة]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 07:52 ص]ـ
موضوع رائع أختي الكريمة، جزاك الله عليه ألف خير، وإنه سيصبح أكثر قيمة لو كتب كلٌ منا التقدير الذي حصل عليه في هذا الامتحان إن شاء الله.
ـ[عين الحنان]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 01:53 م]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248605588.gif
ـ[أحمد بن علي]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 02:14 م]ـ
موضوع جميل ..
جزاك الله خيراً ..
ـ[لحن القوافي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 10:06 م]ـ
موضوع جميل ..
جوزيت خيراً ..
ـ[عين الحنان]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:17 ص]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248729011.gif
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248729389.gif
ـ[نازك]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 04:07 ص]ـ
كما قال عين الحنان
http://3iny.com//upload/aln3esa-1248518762.gif
ـ[سند الربع]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 08:49 ص]ـ
لانقطاعي عن اللغة نزلت من المستوى الجامعي إلى مستوى ثاني ثانوي: (
بارك الله فيك
ـ[عين الحنان]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 10:03 م]ـ
http://3iny.com//upload/aln3esa-1249758137.gif(/)
مناهجنا. أضاعت تعليم لغتنا العربية جملة وتفصيلاً!
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 05:23 ص]ـ
مأزق سبَّبه واضعو المقررات ورسخ العديد من القناعات المتوارثة وأدى إلى ضعف المخرجات
مناهجنا .. أضاعت تعليم لغتنا العربية جملة وتفصيلاً!
مناهج اللغة العربية في التعليم
الرياض - عبدالله الطلحة
انتقد خبير في تصميم المناهج وضع مناهج اللغة العربية في التعليم العام وقال الأستاذ جمعان بن سعيد القحطاني (ماجستير في علم اللغة التطبيقي): يكاد ينعقد الإجماع على ضعف مخرجات تعليمنا في مجالين أساسين، هما: اللغة العربية، ومهارات التعلم والتفكير والتواصل والإبداع (التي هي الوظيفة الأساسية للمدرسة)، وإلى الضعف فيهما يؤول ضعف أبنائنا في أي علم من العلوم الأخرى كالرياضيات والعلوم مثلا.
وأضاف: تتحمل المناهج الدراسية المسؤولية الأولى في ذلك؛ فإنها ضربت مجالي (اللغة العربية) و (مهارات التعلم والاتصال) بعضهما ببعض، وخلطتهما في تشكيلة عجيبة أسمتها (اللغة العربية)، والخروج من هذا المأزق يقتضي أن نعيد النظر في قناعاتنا منطلقين من مفهوم اللغة وطبيعتها وبنيتها ووظائفها، ومن طبيعة مهارات التعلم والاتصال واستراتيجياتها وأدواتها وعملياتها.
وقال القحطاني: اللغة كما هو معروف: نظام شفهي من الكلمات المتواطأ على دلالاتها، وعلى أنظمة بنائها: الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية والنصية والتواصلية. تؤدي وظائف متنوعة في حياة الإنسان، وتتشكل في صور وأنماط نصية وخِطابية متنوعة. وتتطلب الكفاية فيها تمكن الفرد من:
الكفاية المعجمية: محصول وافر من ألفاظ اللغة، وإدراك دلالاتها الحقيقية والمجازية والسياقية والقصدية.
الكفاية النحوية: مطابقة المنتج اللغوي لأنظمة اللغة الصوتية والصرفية والنحوية والنصية والدلالية.
الكفاية الاجتماعية: مراعاة الأعراف الاجتماعية والثقافية والسياقية والتواصلية للحدث اللغوي.
الكفاية الأسلوبية: تماسك الخطاب اللغوي وتنظيمه، وقدرته على أن يكون: معبِّرا، وموصِّلا، ومؤثرا.
فما العلاقة بين مفهوم اللغة وطبيعتها ووظائفها وكفاياتها .. وبين هذه المقررات أو المكونات التي تسمى مجتمعة منهج اللغة العربية؟
وأبان: صحيح أنه لا شيء خارج اللغة، وأن كل علم يقدَّم للمتعلم، وكل موقف تعليمي يتعرض له .. هو من اللغة وإليها، ولا نستطيع أن نقول إن علما معينا هو خارج اللغة، أو إنه لا يفيد في اكتساب اللغة وتعلمها. ولكن يجب أن نميز بين درس هو (تعليم لغة)، ودرس لا يخرج من فلك اللغة لكنه ليس في تعليم اللغة.
وحول ملاحظاته على منهج اللغة العربية الحالي قال انها تتلخص في النقاط الأربع التالية:
أنه يتشكل من علوم متنوعة لا يربطها بمفهوم اللغة وطبيعتها إلا حقيقة أنه لا شيء خارج اللغة. وهي:
العلوم الوصفية والمعيارية للغة: النحو والصرف والبلاغة. وهي علوم تصف اللغة أو تحدد معايير الصحة اللغوية، تفيد في مراقبة المنتج اللغوي، ولكنها لا تفيد في اكتساب اللغة وتعلمها.
الدراسات الأدبية: تاريخ الأدب، وسير الأدباء، والنقد الأدبي. وهذه علوم تثقيفية لا قيمة لها في تعليم اللغة وتعلمها.
مهارات التعلم والاتصال: القراءة والكتابة والاستماع والتحدث. وهي علوم قائمة برأسها، كل منها ضرب من العلم له مفاهيمه ومبادئه ومهاراته وأدواته وإستراتيجياته الخاصة، ومحتاجٌ إلى برنامج دراسي خاص، يتلقى فيه المتعلم أصوله ومفاهيمه ومبادئه، ويتدرب على مهاراته واستراتيجياته. وعلاقتها باللغة لا تختلف عن علاقتها بأي علم آخر. ففي درس الفيزياء مثلا: نستمع ونتحدث ونقرأ ونكتب، ثم نقول إننا نتعلم الفيزياء، ولا نقول إننا نتعلم اللغة.
الإملاء والترقيم والخط، هي علوم ومعايير تتعلق بالكتابة، لا باللغة، وتعليمها واجب حتمي، لا لأنها تفيد في تعلم اللغة واكتسابها، بل لأنها شرط لإتقان مهارة الكتابة، والكتابة شرط أساس في التعلم، ولكن مكانها في درس الكتابة لا في درس اللغة.
أحد موضوعات القراءة
(يُتْبَعُ)
(/)
ان الدخل اللغوي الذي تقدمه نصوص منهج اللغة العربية لا يمثِّل دخلا كافيا ولا مناسبا لتعلم اللغة واكتسابها، وقد حدد ابن خلدون في مقدمته ما يناسب اكتساب اللغة العربية من دخل لغوي بقوله: «ووجه التعليم لمن يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها أن يأخذ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث، وكلام السلف، ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم، وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم، حتى يتنزل لكثرة حفظه لكلامهم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ولقن العبارة عن المقاصد منهم، ثم يتصرف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عباراتهم، وتآليف كلماتهم ... وعلى قدر المحفوظ وكثرة الاستعمال تكون جودة المقول المصنوع نظماً ونثراً».
معالجة نصوص الدخل اللغوي معالجة معلوماتية صرفة. فإن كان النص تاريخيا عولج معالجة تاريخية لا تختلف في شيء عن درس في كتاب التاريخ، وإن كان النص علميا عولج وكأنه درس في العلوم لا درس في اللغة. وهكذا، تجد الدرس اللغوي نسخة مكررة من المناهج الدراسية الأخرى يكاد يغني عن أكثرها.
ندرة الفرص المتاحة لممارسة اللغة، وخاصة الممارسة الكلامية. وقد أثبتت أبحاث اكتساب اللغة أن الاكتساب اللغوي الناجح لا ينتج إلا عن تجربة واسعة في استخدام اللغة في التخاطب الكلامي. وأن الانخراط في الكلام مع الصغار في اللعب وفي المشاريع الطفولية يسرِّع تقدمهم اللغوي؛ حيث ينهمكون في استخلاص اللغة من الكلام الموجه إليهم. ويتقدمون بشكل جيد كلما كان الدخل اللغوي واضحا ومتنوعا وغزيرا وممتعا.
منهجان منفصلان
وعن الحل الذي يراه للخروج من الوضع الراهن للغتنا العربية قال القحطاني: إن ما أدعو اليه يتلخص فيما يلي:
فك الارتباط بين الدرس اللغوي ودرس مهارات التعلم والاتصال. أي استحداث منهجين دراسيين منفصلين: أحدهما باسم (اللغة العربية)، والآخر باسم (مهارات التعلم والاتصال). وهذا يقتضي إعادة تشكيل محتويات كل منهما، وتنظيمها وعرضها وتقويمها بصورة مغايرة تماما لما هو متبع حاليا.
والوصف المختصر لكل من المنهجين المقترحين هما:
أولا: منهج اللغة العربية، مكوناته ومحتواه
يتكون منهج اللغة العربية من مقرر دراسي واحد باسم (اللغة العربية) يتعلم فيه الطالب عناصر اللغة وأنظمتها ووظائفها وأنماط تشكُّلاتها النصية، ويتدرب على كفاياتها الأساسية والفرعية.
يبنى المقرر الدراسي في مجموعة من الوحدات التعليمية، تركز كل وحدة على (وظيفة لغوية) معينة، مؤداة ب (نمط نصي) محدد. بحيث تشتمل الوحدة على عدد كبير من النصوص تمثل دخلا لغويا كافيا ومناسبا، يستطيع المتعلم أن يستخدمه في أداء الوظيفة اللغوية والنمط النصي بنجاح.
يشترط في نصوص الدخل اللغوي أربعة شروط أساسية:
أن تكون ألفاظها وصيغها وتراكيبها مختارة وفق الخطة النمائية اللغوية المرسومة.
أن تشتمل على ذخيرة لغوية وافرة من (ألفاظ المجال، والتعبيرات الجاهزة، والأمثال، والكنايات، والاستعارات الجيدة، والمقولات البليغة الموجزة ... ) يمكن تجميعها، وتصنيفها ومعالجاتها وخزنها.
أن تركز على الوظيفة اللغوية المستهدفة، مؤداة بالنمط النصي المستهدف. فإذا كانت الوظيفة المستهدفة مثلا (وصف الشخصيات) أو (التهنئة) كانت نصوص الوحدة منصبة على وصف الشخصيات، أو (التهنئة) مراعية المواصفات البنائية للنصوص الوصفية. أو المواصفات البنائية لرسائل التهنئة.
أن تتصف بجودة عالية في بنائها اللغوي، فإن كانت (مختارة) اختيرت من نصوص بلغاء الكتاب وكبار الشعراء، وفصحاء الخطباء .. وإن كانت (مصنوعة) صنعها من لا يقل ذوقا وبيانًا عن أولئك البلغاء.
وتركز المعالجات اللغوية على أربعة عناصر أساسية:
الأمثال، والكنايات، والحكم، والمقولات البليغة، التي تساعد المتعلم على مجاراة أساليب العرب وبيانهم.
الألفاظ ودلالاتها الوضعية والاستعمالية والقصدية. وصيغها الصرفية: مبانياها، ومعانيها.
التراكيب النحوية والأساليب اللغوية والبيانية، وعناصرها ودلالاتها اللغوية والتواصلية، وأثر طريقة نظم الجملة في أداء المعنى.
بنية النص، والعلاقات العضوية بين أجزائه، وأشكال الترابط النصي.
(يُتْبَعُ)
(/)
يعتمد هذا المقرر تصميما تعليميا يتمحور حول المتعلم، منطلقا من مبادئ التعلم النشط، ومركزا على النشاطات التالية:
انغماس المتعلم في مواقف تواصلية شفهية باللغة الفصحى: تمثيل أدوار، تحدث، إبداء رأي، خطابة، حوار، إلقاء، عرض ...
الانتقال من مستوى (الكلمة) أو (الجملة) في معالجة قواعد النحو والصرف إلى فضاء النصوص والفقرات المطولة: تحليلا، وتدخُّلا، وتصويبا، وإعادة صياغة، وإنشاء ...
التركيز في معالجة النصوص واستيعابها على عناصر اللغة وأنظمتها وبنيتها الداخلية، وإلى دلالات الصيغ الصرفية والتراكيب النحوية والأساليب البيانية وطرق التعبير عن المعنى، وتفهم منطوق النص ولازم معناه ومقتضاه، ومظاهر الحبك والسبك في النص.
اما الثاني فهو: منهج مهارات التعلم
حيث يتكون مقرر هذا المنهج من كتاب دراسي واحد، يتدرب فيه الطالب خلال مراحل التعليم وصفوفه المختلفة على فك الرموز الكتابية وكتابتها، ثم على سلسلة متصلة من المهارات والإستراتيجيات والتقنيات المتعلقة بالقراءة والكتابة والإملاء والترقيم والاستماع والتحدث، ومهارات التعلم، والاستذكار، والتفكير، والمنطق، والتواصل، والإقناع، والتفاوض. وكلما تقدمنا في السلم التعليمي وجدنا عناوين أكثر التصاقا بمهارات التعلم والاتصال، من مثل: إستراتيجية الخطوات الخمس للقراءة المركزة استراتيجيات تسريع القراءة مهارات النقد والتقويم، استراتيجية الأسئلة الخمسة لوصف الأحداث (من، ماذا، كيف، متى، أين؟) أنماط بناء الفقرات الكتابة التفسيرية (السردية) الوصفية مهارات التفاوض والإقناع مهارات الخطابة والإلقاء ...
على أن يكون تصميم المقرر معتمدا في الأساس على تقنيات (التدريب) وأدواته وإستراتيجياته، بدلا من إستراتيجيات (التعليم)؛ لأن الهدف سيتحول من التثقيف وعرض المعلومات إلى التمهُّر وإتقان الأداء.
http://www.alriyadh.com/2009/07/24/article447080.html
قال فصيحويه:
هكذا حين يتحدث في الفن أهله كيف لا وجمعان ابن بجدتها
لكن متى تعطى القوس باريها ومتى تسلم مناهجنا لمن يعرف أصول تعليم اللغة؟؟؟
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 04:17 م]ـ
ما بالي لا أجد ردودا!!!
أين المعلمون والموجهون؟؟؟
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 10:25 ص]ـ
للرفع لعل أحدا ينتفع(/)
عاجل لأهل الفصاحة
ـ[الباشق]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 12:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني رواد شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية ارجوأن تقبلوني عضواضغيرافي هذا
الصرح الشامخ برجاله الذي مااحوجنا الي مثل هذا المنتدى وتقبلواخالص التحية: d:d:d
ـ[أبو طارق]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 02:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني رواد شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية أرجو أن تقبلوني عضوا ضغيرا في هذا
الصرح الشامخ برجاله
وما أحوجنا إلي مثل هذا المنتدى وتقبلوا خالص التحية: d:d:d
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبًا بك أخي الباشق
ونأمل لك طيب المقام
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 03:59 م]ـ
حياك الله وبياك أخي الباشق، ننتظرك وننتظر يراعك.
ـ[لخالد]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 10:39 م]ـ
مرحبا بك
شرفتنا بقدومك
ـ[الباشق]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 08:15 م]ـ
شكرا على مروركم ......(/)
طرائف وظرائف لغوية ونحوية
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 04:43 م]ـ
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/633038505.png (http://www.0zz0.com)
إخوانى الفصحاء اخترنا لكم بعض الطرائف والظرائف اللغوية والنحوية المختلفة عساها تنال إعجابكم:-
[ line]
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/665775356.jpg (http://www.0zz0.com)
[line]
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/277237998.jpg (http://www.0zz0.com)
[line]
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/617092654.jpg (http://www.0zz0.com)
[line]
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/577082796.jpg (http://www.0zz0.com)
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/14/865298133.gif (http://www.0zz0.com)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 05:43 م]ـ
ََّّّّ? |||| ? ? طرائف وظراف فى اللغة العربية.? ? ? ||||
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/349664137.gif (http://www.0zz0.com)
تابع:
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/542026399.jpg (http://www.0zz0.com)
إخوانى الفصحاء ُيحكى أنه ...................................
كان للرشيد جاريه سوداء، اسمها خالصه وذات مرة، دخل أبو نواس على الرشيد، ومدحه بأبيات بليغه، وكانت الجاريه جالسة عنده، وعليها من الجواهر والدرر ما يذهل الأبصار، فلم يلتفت الرشيد إليها فغضب أبو النواس، وكتب، لدى خروجه، على باب الرشيد:
لقد ضاع شعري على بابكم ......... كما ضاع در على خالصه.
ولما وصل الخبر إلى الرشيد، حنق وارسل في طلبه، وعند دخوله من الباب محا تجويف العين من لفظتي (ضاع) فأصبحت ((ضاء)).
ثم مُثل أمام الرشيد، فقال له: ماذا كتبت على الباب؟
فقال (أى أبونواس):
لقد ضاء شعري على بابكم ........... كما ضاء در على خالصه.
فأعجب الرشيد بذلك واجازه. فقال أحد الحاضرين: هذا شعر قلعت عيناه فأبصر.
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
قال أحدهم للشاعر الظريف كلثوم بن عمرو العتابي (*)، عندما كان يأكل خبزاً على الطريق:
ويحك ياعتابي، ألاتستحي؟
فقال: لو كنت في حظيره، أكنت تستحي أن تأكل وما فيها من البقر يراك؟
قال الاول: بالطبع لا.
فقال: إذاً انتظر حتى أريك إنهم بقر.
فوقف العتابي يخطب في الناس، ويعظ، ويدعوا حتى كثر الزحام، ثم قال لهم:
روى لنا غير واحدٍ أنه من بلغ لسانه أرنبة أنفه دخل الجنه!!
فأخذ كل واحد من الحضور يخرج لسانه، ويقيسه ليراه إذا بلغ أرنبة أنفه أم لا.
ولما تفرق الجمع، قال العتابي للرجل:
الم اقل لك انهم بقر؟!!!!!!!!
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
هو كلثوم بن عمر بن ايوب التغلبي العتابي (220_ 835) كاتب وشاعر يتصل نسبه بعمرو بن كلثوم الجاهلي.
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)
م ن ق و ل للفائدة ...
والقادم أجمل بإذن الله، وننتظر إبداعاتكم جميعاً.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 06:11 م]ـ
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/930397461.gif (http://www.0zz0.com)
زواج عن كبر:
تزوج أعرابي على كبر سنه فعوتب على مصير أولاده القادمين
فقال: أبُادرهم باليتم قبل أن يبادرونني بالعقوق.:)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
مراقبة لطيفة:
حضر أعرابي صفوة هشام بن عبد الملك فبينما هو يأكل إذ تعلقت شعرة بلقمة الأعرابي فقال له هشام: عندك شعر في لقمتك يا أعرابي!! فقال: وإنك لتلاحظني ملاحظة من يرى الشعرة في لقمتي!!!
والله لا أكلت عندك أبدا ً وخرج وهو يقول:
والموت خير من زيارة باخلٍ ... يلاحظ أطراف الأكل على عمد ٍ.:)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
مديح بما يشبه الذم:
حكى الأصمعي قال: كنت أسير في إحدى شوارع الكوفة وإذا بأعرابي
يحمل قطعة من القماش فسألني أن أدله على خياط قريب فأخذته إلى خياط ُيدعى (زيدا ً) وكان أعورا ً فقال الخياط: والله لأخيطنه خياطةً ً لاتدري أقباءٌ هو أم دراج.
فقال الأعرابي: والله لأقولن فيك شعرا ً لاتدري أمدحٌ هو أم هجاء.
فلما أتم الخياط الثوب أخذه الأعرابي ولم يعرف هل يلبسه على أنه قباء أو دراج!
فقال في الخياط هذا الشعر:
خاط لي زيد قباء ليت عينيه سواء ... فلم يدرِ الخياط أدعاء له أم دعاءٌ عليه ,,:)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
سرك في بئر:
انفرد الحجاج يوما ً عن عسكره فلقي أعرابيا ً فقال: ياوجه العرب كيف الحجاج؟
فقال: الظالم الغاشم.
فقال: فهل شكوته لي عبد الملك فقال: لعنه الله أظلم منه وأغشم ,
وأحاط به العسكر فقال أركبوا البدوي.
فسأل عنه فقالوا: هو الحجاج فركض من الفرس خلفه
وقال ياحجاج قال: مالك! قال: السر الذي بيني وبينك لايطلع عليه أحد فضحك وخلاه ,,:)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
ُيتبع بإذن الله وللموضع بقية ونلقاكم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/14/865298133.gif (http://www.0zz0.com)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوخالد القاسم]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 01:11 م]ـ
أضحك الله سنك أخي ناجي وبارك الله فيك على تلك الأخبار والفكاهات العجيبة الجميلة.
ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 12:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أستاذنا الفكاهي ناجي
أضحك الله سنك
وأدخل عليك الفرح والسرور في الدارين
تقبل مروري
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 06:15 م]ـ
جزيتما خيراً إخوانى الكرام وأنرتم الموضوع بتواجدكما ...
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 06:23 م]ـ
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/930397461.gif (http://www.0zz0.com)
" أعلم ما في نفسك"
أتى المأمون برجل ادّعى النبوة فقال له: ألك علامة؟
قال: علامتي أني أعلم ما في نفسك.
قال: وما في نفسي؟
قال: في نفسك أني كاذب 0
قال: صدقت.
ثم أمرر به إلى السجن فأقام فيه أياماً ثم أخرجه فقال له: هل أوحي إليك بشىء.
قال: لا.
قال: لم؟
قال: لان الملائكة لاتدخل الحبوس فضحك منه وخلى سبيله 00
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
" قد حكمت "
من الحكايات التي تروى عن البهائم ما روي من أنّ أرنباً وثعلباً تحكاما إلى ضب فقالا: جئناك لتحكم بيننا.
فقال: في بيتي ُيوتى الحكم.
فقال الأرنب: إني جنيت ثمرة.
فقال: حلواً جنيت.
فقال: إن هذا أخذها مني.
فقال: لنفسه بغى الخير.
فقال وأني لطمته فقال: البادي أظلم.
قال: فلطمني
قال: حر انتصر لنفسه.
فقال: احكم بيننا، قال: قد حكمت 0
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
" فتلك لنا"
قال رجل من العرب: رأيت البارحة في منامي كأنّي دخلت الجنة فرأيت جميع ما فيها من القصور.
فقلت: لمن هذه؟
فقيل: للعرب.
فقال: رجل من الموالي: أصعدت الغرف؟
قال: لا.
قال: فتلك لنا0
يُتبع بإذن الله.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 07:00 م]ـ
http://www.rofof.com/img3/7hgulf27.gif (http://www.rofof.com)
إخوانى الكرام أحضرت لكم اليوم بعض الطرائف النحوية:
وقع نحوي في كنيف، فجاء كنّاس ليخرجه، فصاح به الكناس ليعلم أهو حي أم لا؟
فقال له النحوي: اطلب لي حبلا دقيقاً وشدني شداً وثيقاً واجذبني جذباً رفيقاً.
فقال الكناس: امرأتى طالق إن أخرجتك منه، ثم تركه وانصرف.
http://www.rofof.com/img3/7jvuim27.gif (http://www.rofof.com)
عاد بعضهم نحوياً، فقال: ما الذي تشكوه؟
قال: حمى جاسية نارها حامية منها الأعضاء واهية والعظام بالية.
فقال له: لا شفاك الله بعافية يا ليتها كانت القاضية.
http://www.rofof.com/img3/7jvuim27.gif (http://www.rofof.com)
قدّم رجل من النحاة خصماً إلى القاضي، وقال: لي عليه مائتان وخمسون درهماً.
فقال لخصمه: ما تقول؟
فقال: أصلح الله القاضي، الطلاق لازم له، إن كان له إلا ثلثمائة، وإنما ترك منها خمسين ليعلم القاضي أنه نحوي.
http://www.rofof.com/img3/7jvuim27.gif (http://www.rofof.com)
وجاء رجل إلى الحسن البصري فقال: ما تقول في رجل مات فترك أبيه وأخيه؟
فقال الحسن: ترك أباه وأخاه.
فقال: ما لأباه وأخاه.
فقال الحسن: ما لأبيه وأخيه.
فقال الرجل: إني أراك كلما طاوعتك تخالفني!.
http://www.rofof.com/img3/7jvuim27.gif (http://www.rofof.com)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)
ُيتبع بإذن الله
ـ[عبدالله الجهني]ــــــــ[18 - 08 - 2009, 02:00 ص]ـ
الله يعطيك العافية ونريد مسجلات في الطرائف كما في الشعر
من طرائف الشعراء , قصة الأصمعى
يحكى ان الخليفة العباسى ابو جعفر المنصور كان حريصا جدا على اموال الدولة وكان من عادة الخلفاء ان يعطوا الهدايا للشعراء ويغدقوا عليهم بالاموال، فلجأ ابو جعفر الى حيلة حتى لا يعطى للشعراء الاموال، فأصدر بياناً بان من يأتى بقصيدة من بنات افكاره اخذ وزن ما كتب عليها ذهباً، فتسارع الشعراء الى قصر الخليفة ليسردوا شعرهم ولكن المفاجأة الكبرى انه عندما كان يدخل الشاعر ليقول قصيدته وينتهى منها، يقول له الخليفة هذه القصيدة ليست من بنات افكارك لقد سمعتها من قبل ويعيدها عليه فيندهش الشاعر ثم ينادى الخليفة على احد غلمانه فيقول له هل تعرف قصيدة كذا وكذا فيقول نعم فيعيدها عليهم الغلام ثم
(يُتْبَعُ)
(/)
ينادى الخليفة لجارية عنده هل تعرفين قصيدة كذا وكذا فتقول نعم وتسردها عليهم فيقف الشاعر ويكاد ان يطير عقله من هذا فلقد سهر طوال اليل يؤلف هذه القصيدة ثم يأتى الصباح يجد ثلاثة يحفظونها.
فما هى الحيلة التى كان يفعلها الخليفة كان ابو جعفر المنصور يحفظ الكلام من مرة واحدة وكان عنده غلام يحفظ الكلام من مرتين وجارية تحفظ الكلام من ثلاث فإذا قال الشاعر قصيدته حفظها الخليفة فعاده عليه ويكون الغلام خلف ستار يسمع القصيدة مرتين مرة من الشاعر ومرة من الخليفة فيحفظها وهكذا كانت الجارية تقف خلف ستار تسمع القصيدة من الشاعر ثم الخليفة ثم الغلام فتحفظها.
فأجتمع الشعراء فى منتداهم مغمومين لما يحدث ولا يدرون كيف ان القصائد الذين يسهرون ليألفوها تأتى فى الصباح يحفظها الخليفة والغلام والجارية، فمر عليهم الشاعر وعالم اللغة الأصمعى فرأى حالهم فقال لهم ما بكم فقصوا عليه قصتهم فقال ان هناك فى الأمر لحيلة، فعزم على ان يفعل شيئا فذهب الى بيته ثم جاء فى الصباح الى قصر الخليفة وهو يرتدى ملابس الأعراب "البدو" فستأذن ليدخل على الخليفة فدخل، قال للخليفة لقد سمعت انك تعطى على الشعر وزن ما كتبت عليه ذهباً قال له الخليفة هات ما عندك، فسرد عليه الأصمعى القصيدة التالية
(حاول قرأتها بصوت مسموع لتعلم كم صعب حفظها)
صَوتُ صفيرِ البُلبُلِ هَيَّجَ قلبي الثَّمِلِ
الماءُ والزّهرُ معاً مَعْ زَهرِ لَحْظِ المُوقَلِ
وأنتَ يا سيِّدَلي وسيِّدي ومَوْلَى لِي
فَكَمْ فَكَمْ تَيَمُّني غُزَيِّلٌ عَقَيْقَلي
قَطَّفتَهُ مِنْ وَجْنَةٍ مِنْ لَثْمِ وَرْدِ الخَجَلِ
فقالَ لا لا لا لا لا فَقَدْ غَدا مُهَرْوِلِ
والخُوذُ مالَت طَّرَبَنْ مِنْ فِعْلِ هذا الرَجُلِ
فَوَلْوَلَتْ وَوَلْوَلَتْ وَلي وَلي ياوَيْلَلي
فَقُلتُ لا تُوَلْوِلي وبَيِّني اللُؤْلُؤَ لي
قالتْ لَهُ حينَ كذا انهَضْ وجِدْ بالنُّقَلي
وَفِتْيَةٍ سَقَوْنَني قَهْوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمْتُها بِأَنَفي أَزْكى مِنَ القَرَنْفُلِ
في وَسْطِ بُسْتانٍ حُلي بالزَّهْرِ والسُرُورُ لي
والعُودُ دَنْدَنْ دَنَا لي والطَّبْلُ طَبْطَبْ طَبَ لي
طَبْ طَبِطَبْ طَبْ طَبِطَبْ طَبْ طَبِطَبْ طَبْطَبَ لي
والسَّقْفُ سَق ْسَقْ سَقَ لي والرَّقْصُ قَدْ طابَ لي
شَوى شَوى وشاهِشُ على وَرَقْ سِفَرجَلي
وغَرَدَ القِمْرِ يَصيحُ مَلَلٍ في مَلَلِ
وَلَوْ تَراني راكِباً على حِمارٍ أهْزَلِ
يَمْشي على ثلاثَةٍ كَمَشْيَةِ العَرَنجِلِ
والناسْ تَرْجِمْ جَمَلي في السُوقْ بالقُلْقُلَلِ
والكُلُّ كَعْكَعْ كَعِكَعْ خَلْفي وَمِنْ حُوَيْلَلي
لكِنْ مَشَيتُ هارِباً مِن خَشْيَةِ العَقَنْقِلي
إلى لِقاءِ مَلِكٍ مُعَظَّمٍ مُبَجَّلٍ
يَأْمُرُني بِخَلْعَةٍ حَمراءْ كالدَّم ْدَمَلي
أَجُرُّ فيها ماشِياً مُبَغْدِداً للذِّيَلِ
أنا الأديبُ الألْمَعي مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوصِلِ
نَظِمْتُ قِطْعاً زُخْرِفَت ْيَعْجزُ عَنْها الأدْمُلِ
أَقُولُ في مَطْلَعِها صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
(حد فهم منها حاجة) ولسه
فحاول الخليفة ان يعيدها فلم يستطيع فنادى على الغلام هل تعرف هذه القصيدة فقال لا يا أمير المؤمنين، فنادى على الجارية هل تعرفين هذه القصيدة فقالت لا والله يا امير المؤمنين، فقال الخليفة هات ما كتبتها عليه نعطيك وزنه ذهبا، فقال الأصمعى ورثت عمود رخام من ابى نقشتها عليها وهو فى الخارج لا يحمله الا عشرة من الرجال
منقوله
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[18 - 08 - 2009, 02:26 ص]ـ
جزاك الله كل خير أستاذ عبد الله ومطلبك سيوضع فى الحسبان بإذن الله .. ونحن فى انتظار جديدك بارك الله فيك.
ـ[ابوسعودد]ــــــــ[25 - 08 - 2009, 05:18 م]ـ
السلام عليكم وبارك الله فيك أخي ناجي على هذه الطرائف فقد استمتعت بقرائتها
ننتظر المزيد
ـ[السامية للمعالي]ــــــــ[26 - 08 - 2009, 12:04 ص]ـ
جميل ما قرأته هنا
جزيتم خيراً يا أخوة.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[26 - 08 - 2009, 12:08 ص]ـ
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/930397461.gif (http://www.0zz0.com)
" أعلم ما في نفسك"
أتى المأمون برجل ادّعى النبوة فقال له: ألك علامة؟
قال: علامتي أني أعلم ما في نفسك.
قال: وما في نفسي؟
قال: في نفسك أني كاذب 0
قال: صدقت.
ثم أمرر به إلى السجن فأقام فيه أياماً ثم أخرجه فقال له: هل أوحي إليك بشىء.
قال: لا.
قال: لم؟
قال: لان الملائكة لاتدخل الحبوس فضحك منه وخلى سبيله 00
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
" قد حكمت "
من الحكايات التي تروى عن البهائم ما روي من أنّ أرنباً وثعلباً تحكاما إلى ضب فقالا: جئناك لتحكم بيننا.
فقال: في بيتي ُيوتى الحكم.
فقال الأرنب: إني جنيت ثمرة.
فقال: حلواً جنيت.
فقال: إن هذا أخذها مني.
فقال: لنفسه بغى الخير.
فقال وأني لطمته فقال: البادي أظلم.
قال: فلطمني
قال: حر انتصر لنفسه.
فقال: احكم بيننا، قال: قد حكمت 0
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/683326573.gif (http://www.0zz0.com)
" فتلك لنا"
قال رجل من العرب: رأيت البارحة في منامي كأنّي دخلت الجنة فرأيت جميع ما فيها من القصور.
فقلت: لمن هذه؟
فقيل: للعرب.
فقال: رجل من الموالي: أصعدت الغرف؟
قال: لا.
قال: فتلك لنا0
يُتبع بإذن الله.
أضحك الله سنك الأخ ناجي ... :):):)
فعلا فيها الكثير من الحكمة و الدروس(/)
مناقشة رأي الدكتورطه حسين بابن المقفع
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[25 - 07 - 2009, 06:33 م]ـ
قال ا لدكتورطه حسين رحمه الله في كتابه من حديث الشعروالنثر: [وابن المقفع مع أنّه زعيم الكتابة وصاحب الآيات وواضع المثل الأعلى في الكتابة, لم يكن عظيم الحظ من الفصاحة والنحو العربي ... على أنّه لم يكن أكثر من مستشرق يحسن اللغة العربية والفارسية ... فيوفق كثيرًاويخطيءأحيانًا ... وقال: إنما الحرج على الذين يريدون أن يتخذوا ابن المقفع مثلاو آية للبلاغةدون إمعان أوروية]
التعليق: في رأي الدكتور طه عن ابن المقفع ـ رحمهما الله ـ اضطراب؛حيث إنّه أضفى على ابن المقفع ثلاث صفات تجعله المثل في الكتابة؛ فهو عنده زعيم الكتابة, وصاحب الآيات, ووواضع المثل الأعلى في الكتابة. بالمقابل يرى أنه مجرد مستشرق يحسن اللغة العربية. كماأنّه ـ رحمه الله ـ يعتب على الذين يتخذون ابن المقفع مثلا يسيرون على منهجه في الكتابة.
والرأي الذي أراه أن ابن المقفع يعدمثلافي الكتابة العقلية أي الكتابة التي تتسم ألفاظها بأ، نها تحمل معنى واحدًا, كماأنّه يبدع في كتابة المقطعات التي تحمل صبغة الحكمة والتعقل. والإيجازفهومثل وآية في هذا. والد كتورطه صاحب أسلوب وجداني أدبي في الكتابة وهويلحّ في أسلوبه كثيرا في معالجة الفكرة وتقليبها بالتعبيرعنها بأكثرمن لفظ. وهذافي رأيي ماجعله يضطرب في وصفه لأسلوب الكتابة عندابن المقفع. فهناك تباين شديد فيما فُُطرعليه الكاتبان ـ عليهمارحمة الله ـ في طريقة معالجة الفكرة التي يريدان الحديث عنها؛ فطه حسين يسيرفي أسلوبه بالطريقة الوجدانية متخيرًا العبارة الأدبية السهلة القريبة المأخذ, أما ابن المقفع فهورجل يكتب بعقله لابوجدانه فقط. لهذاأرى أنّ الفئة التي تقرألابن المقفع وتسمتع بأفكاره تختلف في مسارهاالثقافي وتكوينها العقلي عمن يقرأمثلاللجاحظ أولابن قتيبة على الجميع رحمة الله. أي أنّ وضع ابن المقفع في مصاف المفكرين والحكماءأقرب من وضعه في مصاف الأدباء. لهذاتجدأنّه يكثرمن قوله: عل العاقل أن يفعل كذا اويدع كذا؛ فهوينظرإلى الأشياءبعقله.
أقول هذامع أنّ المتأدب يستطيع أن ينتفع كثيرامن ألفاظ ابن المقفع ويجريهافي كتاباته. وإني ليتملكني العجب من قدرته على نقل الفكرة العلمية الجافةل بألفاظ دقيقة معبرة.
ولاشك أنّ هناك فرقًافي الألفاظ بين مايعبربه عن المعاني الوجدانية العاطفية وبين مايعبربه عن المعاني العقلية يستوي في هذا الشعروالنثر.
ففي الشعر نجدفرقافي اللفظة التي أدى بهاابن الوردي أوالطغرائي معانيهما وبين ماأدى به أبوتمام أوالبحتري معانيهما
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 04:22 م]ـ
لله درك يا أخي!!
ما أجمل هذا التحليل!
استمتعت بقراءته كثيرا
حفظك الله ونفع بك(/)
ما أجملها من فصيحة بليغة "إيمان الحمداوى.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 03:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هذه أبيات شعر عن القدس لطفلة أظنها فلسطينية الأصل ولكنها فى المغرب:
الرابط من هنا: http://ikbis.com/alquds/shot/82364
أتمنى أن تنال إعجابكم جميعاً.
ـ[لحن القوافي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 10:16 م]ـ
ماشاء الله .. تبارك الله ..
يالها من طفلة فصيحة
متمتعة بذاكرة عجيبة
حفظها الله وحماها
ومن كل مكروه وقاها ..(/)
اقرأ وارق ورتل
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 03:06 م]ـ
إن حفظ القرآن الكريم والعمل به، لابد أن يكون على رأس الأهداف الإيمانية لكل مسلم يسعى للسير في الطريق إلى الله عز وجل .. فحفظ القرآن تربية للنفس على علو الهمة، والصبر، والجد والإجتهاد ..
يقول ابن الجوزي في (صيد الخاطر) "أو ليس في الحديث يقال للرجل: اقرأ وارق فمنزلك عند آخر آية تقرؤها. فلو أن الفكر عمل في هذا حق العمل حفظ القرآن عاجلاً." .. لذلك يجب أن تتمسك بأول الطريق وهو حفظ القرآن الكريم والعمل بما فيه، واجعل القرآن أول لبنة تُقيم عليها إلتزامك وبالقرآن تصِّل لأعلى درجات الجنان إن شاء الله ..
وفي البداية لابد من احتساب النوايا ..
فيجب أن تكون نيتك خالصة لوجه الله الكريم، ومن النوايا التي عليك إحتسابها:
النية الأولى: استشعار المسؤولية ..
استشعر المسؤولية التي عليك بأن مَنّ الله عليك بنعمة الإسلام والإيمان، واشكر نعمة إلتزامك بحفظك لكتاب الله عز وجل كي تكون حاملاً لراية هذا الدين.
النية الثانية: مرافقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة ..
قال http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها" [صحيح الجامع (8122)] ..
ألا تريد مُرافقة النبي محمد http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif في الفردوس الأعلى؟؟
النية الثالثة: سببًا للعتق من النار ..
قال رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار"
[حسنه الألباني، صحيح الجامع (5266)] ..
فإن وعى قلبك القرآن وعملت بما فيه، كان هذا سببًا في تحريم جسدك على النار.
النية الرابعة: الوقاية من العذاب يوم القيامة ..
عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif يقول "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" [رواه مسلم]
النية الخامسة: أن تكون صفوة خلق الله في الأرض ..
قال رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" [رواه البخاري] .. فضلاً عن الإصطفاء العظيم لحملة القرآن يوم القيامة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif قال "يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال له اقرأ وارق ويزداد بكل آية حسنة " [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
النية السادسة: نيل درجة الولاية عند الله تعالى ..
قال رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " إن لله أهلين من الناس"، قالوا يا رسول الله من هم؟، قال "هم أهل القرآن أهل الله وخاصته" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. وأولياء الله تعالى هم الذين قد اصطفاهم بالبشرى في الدنيا والآخرة، قال تعالى {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62,64]
النية السابعة: زيادة الرصيد الإيماني ..
قال رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آ لم حرف. ألف حرف ولام حرف وميم حرف" [رواه الترمذي وصححه الألباني] .. فمن سيحفظ القرآن، سيصير هو كل حياته وشغله الشاغل .. لذا يعلو رصيده الإيماني ويُنير صحائفه بالنور التام يوم القيامة إن شاء الله تعالى.
النية الثامنة: إصلاح القلب ..
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] .. فالقرآن هو الدواء الشافي لجميع أمراض القلوب ولكل المشاكل التي تُعاني منها، وسببًا في استنزال الرحمة التي هي بمثابة الوقود الذي يدفعك لفعل الطاعات .. فإن أردت أن تُصلِّح قلبك وأحوالك مع الله تعالي، عليك بحفظ القرآن الكريم.
النية التاسعة: أعظم مُعين على الطاعة ..
ولاسيما قيام الليل، فحفظك للقرآن سيُعينك على الوقوف بين يدي الله عز وجل والإستمتاع بحلاوة القُرب.
النية العاشرة: برّ الوالدين ..
قال http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه هل تعرفني أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظميء هواجرك وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر فيعطي الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسي والداه حلتين لا تقوم لهم الدنيا وما فيها فيقولان يارب أنى لنا هذا فيقال بتعليم ولدكما القرآن. وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة اقرأ وارق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية معك" [صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2829)] .. فإن كنت تشكو من عدم قدرتك على البر بوالديك وتريد إن تفعل شيئًا لأجلهم، فعليك بحفظ القرآن كي ينالوا هذا التكريم العظيم يوم القيامة بفضل حفظك للقرآن وعملك بما فيه.
النية الحادية عشر: نيل الرفعة عند الله جلّ وعلا ..
قال تعالى { .. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11] .. وحفظ القرآن هو أولى درجات العلم .. يقول ابن الجوزي في (صيد الخاطر) "وأفضل ما تُشوغِّل به حفظ القرآن، ثم الفقه، وما بعد هذا بمنزلة تابع. ومن رزق يقظة، دلته يقظته، فلم يحتج إلى دليل" .. وقال أيضًا "وأول ما ينبغي أن يكلَّف حفظ القرآن متقنًا؛ فإنه يثبت، ويختلط باللحم والدم"
ها قد عرفنا النوايا لحفظ كتاب الله جلَّ وعلا، وإن كنت صادق فستأخذ القرار بألا يمر عليك هذا العام إلا وقد انتهيت من حفظ القرآن بحوّل الله وقوته،،
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 07:29 م]ـ
جزيتِ خيراً يا حاملة القرآن ونسأل الله أن نكون جميعاً حمّالاً لكتاب الله عن فهم ودراية وركيزة، وأضيف إلى ما ذكرتى حديث النبى (صلى الله عليه وسلم)
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امريء مانوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه). رواه البخاري و مسلم في صحيحهما.
فصححوا النية لله معلمى اللغة العربية.
و من وجهة نظرى أن حفظ القرآن وتلاوته تلاوة صحيحة بأحكام متقنة ومخارج صحيحة من الأمور التى تعد هى فرض عين على كل معلمى اللغة العربية نسأل الله التقى والإخلاص فى القول والعمل وها رمضان قادم بإذن الله فاستغلوا الفرصة ولا تكونوا عبّاد رمضان بل عباد رب رمضان رب العام كله.
ـ[د. محمد صفوت]ــــــــ[06 - 12 - 2009, 11:27 م]ـ
جزاكم الله خيراً ... وجعلنا الله من حفظه القران الكريم ونقول اللهم أرزقنا حفظه وقراءته أناء الليل وأطراف النهار
وارجو من الجميع الدعاء للمسلمين جميعاً بأن يكرمنا الله بحفظ كتابه وتلاوته وألا نكون من الذين يهجروا قراته والعمل به.
موضوع شيق جعله الله في ميزان حسناتك ان شاء الله(/)
استشارة أهل الخبرة
ـ[الباشق]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 08:37 م]ـ
أخواني أعضاء المنتدي الأشاوس تحية طيبة وبعد:
لقد كلفت ممالايسعني مخالفته بأن أكون مقدم لأمسية في فرح يحضرها شعراء
وفي الحقيقة لم يسبق لي تقديم أمسية وأخوكم في حاجة ماسة الي اقتراحاتكم ومرئياتكم حول الموضوع أرجو لاتبخلوا علينا بما عندكم.
مثلا:
1 - المقدمة المناسبة (طبعة ولاتنسوا المباركة للعريس والترحيب بالحضور)
2 - تقديم الشعراء المشاركين 3 - أفضل الطرق لدوران الحوار
4 - لاتنسو اللطايف والطرايف (اضافة جو المرح أثنا اللقاء)
5 - الختم المناسب.
أرجو أن اجد تفاعل من الأخوان كما عهدناكم فالمرء كثير بأخوانه
للمراسلة: m7a0d1g2*************
أو الكتابة بالمنتدى نحن بالأنتظار.
وتقبلوا خالص التحية
ـ[25460]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 11:52 م]ـ
مرحبا أخي الباشق
أفيدك بأني لست متخصصة في هذا المجال ولكن قد أطرح عليك بعض الأفكار لعلها أن تساعدك والإخوان فيهم الخير بإذن الله ..
فكّر أولا: هل ستكون هناك منصة خاصة بك أم منصة لك وللشعراء؟
ثم .. المقدمة
عرفهم على شخصك الكريم: اسمك ومهنتك ونوع صلة القرابة التي تربطك بهم ثم كما هو معلوم ابدأ بالثناء على الله و حمده و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته الطاهرين والمؤمنين أجمعين
ثم تُثني بالشكر والتقدير لصاحب الحفل على تكليفك بهذه المهمة و تبارك للعروسين وأهلهما بالمباركة المشهورة "بارك الله لهما وعليهما وجمع بينهما في خير" والمباركة موصولة للحضور ثم تدعو الله أن تكون قلوبهم عامرة بالفرح و السرور في الدارين ..
بعد المقدمة ..
تنتقل للترحيب الخاص بالشعراء حيث تعرّف الناس بهم في بضع كلمات: الإسم والمهنة وبدايته الشعرية ثم مكانته الشعرية اليوم وهكذا تعرّف بكل شاعر .. ثم تترك مجال الصوت لهم يُطلقون ماعندهم من شعر .. وإن كان الأمر مرتب بينك وبينهم يكون أفضل حيث تضع مقدمة عن الغزل وتترك لهم مجال القول فيه ثم غرض اجتماعي ثم غرض وطني وهكذا، و تقترح على الحضور إبداء التفاعل فأيهم تفوق في غرض من الأغراض الشعرية على الجمهور أن يرفع له الهتاف << كأنها مسابقة شعرية
اللطائف والطرائف:
اختار بعض الصبيان أو الأطفال وقم بعمل حوار بسيط معهم عن الحياة وعن كبار السن عندهم >> اجعله يتحدث عن والده أو جده أو عمه أو خاله أو اصدقائه
اختار بعض كبار السن لتوجيه كلمة قيمة للحضور من الرجال و الشباب والأطفال ..
الخاتمة ..
اختم أيضا بشكر الحضور على حسن التفاعل والاستماع وكرر المباركة لأهل العرس ..
هذا ما عندي وأرجو أن توفق ..
ـ[الباشق]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 02:58 ص]ـ
أشكرك أختي الكريمة على تفاعلك ومعلوماتك القيمة حول الموضوع ومازلنا في أنتظار الأخوان لأثراء الموضوع
أما بخصوص الطاولة فاعتقد أنها مشتركة للجميع
وتقبلي خالص التحية
ـ[الباشق]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:14 م]ـ
أخواني أين تفاعلكم حول الموضوع آمل أن تدلوا بدلوكم وقتراحاتكم
لاتستصغرواالمعلومه فهى عندنا تعني الشيءالكثير
نحن بالانتظار؟؟؟؟
ـ[الباشق]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 08:17 م]ـ
لاتعليق؟؟؟؟؟
معقول في منتدى أهل علم مأحدقدم ملتقى أوشارك ..
حقيقة أنا كتبت مقدمة ومقتطفات حول الموضوع ولكن لامانع بالاستيناس بآرائكم ومشاركاتكم فهي بلاشك أنطباعات من قبلكم توخذ بعين الاعتبارأرجوكلايدلي بدلوه
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 09:18 ص]ـ
• لا بدمن مشاركة الجمهورفراوح في اللقاء بين مخاطبة الضيوف ومخاطبة
•
• الجمهور فإنّ هذا يستميل مشاعرهم ويزيدمن تفاعلهم لإنجاح مهمتك.
تفحص وجوه ضيوفك. فإن كان أحدهم غريبًا فإن من العدل ومن حقه أن تؤانسه
بمايزيل وحشته؛ فتتبسط معه بمايزيل مابه من غربة. وليكن الحديث معه بعيدًا عن
موضوع اللقاء, ولايفهم منك أحدالضيوف بأ نك تؤثرأحدًا على أحد.
مما يعينك على النجاح أن توجد بينك وبين مجلس اللقاء ألفة وهذابزيارته إن
أمكن والجلوس فيه ولوقليلاً. وإن لم تستطع هذافلاأقل من أن تطلب من أحد وصفًا
كاملا للموقع
من بداية اللقاء اصحب معك ماتدون به الأفكار التي تريدأن تختم بهاهذا
اللقاء؛ فستكون حاضرتك وذاكرتك معرضة للإنشغال عن الحفظ.(/)
قاعدة بيانات لعلم اللغة الحاسوبي
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 01:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء شبكة الفصيح الأفاضل ..
معرفتي في هذا العلم قليلة وأريد أن أتزود بالزاد من هذا العلم
فمن كان لديه خبرة أو متخصص في هذا العلم أو يستطيع أن يزودنا بمواقع مفيدة
فلينفعنا وله الأجر عند رب العباد
تحيتي لكم.(/)
لغتنا الجميلة
ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 01:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لغتنا الجميلة
لا أتحدث في هذا المقال عن أهمية اللغة في حياة الامم والشعوب من كونها أداة للتواصل والتفاهم والحوار وأداة للعلم والمعرفة ونواة التقدم والإزدهار والفن والإبتكار فهذه الأمور وأكثر من ذلك تكاد تكون معروفة عند فئام من الناس ولكن أريد أن أتحدث عن اللغة من منظور آخر وهو منظور الهوية فلا أدعي بالطبع أني منفرد بالحديث في هذا الموضوع فربما قد سبقت في ذلك فلست بدعا في الحديث في هذا الموضوع ولكن لأهميته أولا ولقلة المتكلمين فيه ثانيا رأيت أنه من الضروري والواجب علي مثلي أن يتحدث في هذا الموضوع، وينبغي علي كل من يحمل هم هذه اللغة وأقصد بالطبع اللغة العربية المهجورة من أهلها أن يحبب الناس في هذه اللغة حتي يقدروها حق قدرها ويضعوها في مكانها المناسب اللائق بها علي ألسنة الناس.
إن الحديث عن اللغة العربية ذو شجون وذو ألم في آن: من حيث أنها هي اللغة التي تربينا عليها صغارا ونشأنا عليها كبارا فهي اللغة الأم التي مهما بذلنا من أجلها وأعطيناها من عمرنا ما وفيناها حقها. رضعنا لبانها وتربينا في كنفها وتلذذنا بالحديث معها. نري كيف أن الام عندما يكبر وليدها وينمو معه قدرته علي النطق تجهد نفسها بترديد بعض الكلمات حتي يسمعها طفها ويزداد نشوتها عندما تسمع طفلها الرضيع يردد من وارئها ولأول مرة كلمة بابا أو ماما تكاد الام يطير قلبها فرحا ويرقص طربا ولا يزال الطفل الرضيع يكبر ويكبرمعه الحروف والكلمات والجمل حتي يجري الكلام علي لسانه وبعضهم قد يصبح كاتبا فيصنع الجمل والكلمات.
إذا كانت اللغة بالنسبة لدينا بهذه المكانة فلماذا لا يزداد وعينا بها لأكثر من هذا بحيث يتعدي ذلك إلي الإهتمام بها في صورتها الأخري الأكثر جمالا ورشاقة ونرجع بها إلي ما كانت عليه من سابق مجدها وقديم عهدها حيث كانت لغة الحضارة والسيادة والريادة والشرف والعزة والسؤدد؟ اضعفت اللغة أم ضعف أهلها؟ هل تغيرت ام تغيرعنها أهلها؟ هل استكانت يوما وخارت وعجزت عن القيام بما اناط بها أهلها؟ أم ان أن أهلها أساؤوا استخدامها وهجروها واستبدلوها بغيرها؟ أم ظهرأناس يعيبون لغتنا ويرمونها بما ليس فيها كذبا وزورا وبهتانا وانتكاسا؟ أم أننا هزمنا في أنفسنا يوم أن تغيرت الأحوال وتبدلت الحياة وجرت سنن الله عز وجل في كونه وانتقلت السيادة والريادة فسقطت من أيدينا فتلهفتها يد أخري وصرنا بذلك تبع لغيرنا بعد أن كان غيرنا تبع لنا؟
مهما يكن من أسباب ومبررات لما أصابنا نحن تجاه لغتنا فإن هذه اللغة قوية وشعلتها لن تنطفأ مهما امتدت الايدي الغادرة لتشوه الصورة الجميلة المرسومة داخل كياننا ووجداننا نحو هذه اللغة الخالدة، ولا يغرنك ما نحن فيه الأن من إعراض أهلها عنها فإن ذلك يمكن معالجته إذا ما تكون عند الناس الوعي الكافي بأهمية اللغة بصفة عامة في حياة الأمم والشعوب وأنها الوعاء المحكم الذي يحفظ للامم مفاخرها وإنجازاتها وهويتها، وبأهمية اللغة العربية بصفة خاصة عند الناطقين بها من أهلها الذين قاموا بها وقامت بهم، وهذا الوعي لا يأتي فجأة ولا بين يوم وليلة وإنما يأتي بعد عناء وتعب ومشقة يكلله النية الصالحة في الإصلاح والاخذ بأيدي الناس والصعود بهم نحو الكمال.
قضية الإنتماء أصبحت في عالمنا العربي اليوم قضية مغيبة تماما عن أذهان العامة وان مجرد طرح فكرة ربط مصيرنا بلغتنا أصبحت فكرة لا تجد صدي عند الناس وهنا يرد تساؤل يجيب عليه آية كريمة من كتا ب ربنا جلت قدرته يقول تعالي:" وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " فالله سبحانه وتعالي اشترط علي نفسه في إرسال الرسل أن يكون لسانه بنفس لغة القوم الذين أرسل إليهم، ثم بين الله سبحانه وتعالي العلة من ذلك وهي التبيين، إذ لا سبيل لهم أن يعوا ما عند الرسول إلا إذا كان يتحدث بنفس اللغة ولولا ذلك لانتفت المنفعة المنتظرة من هذا الرسول فما أرسلت الرسل إلا من أجل تحصيل المنافع الدنيوية والأخروية فالخيط الذي يتوسط هذا كله هو اللغة فهي بيت القصيد، قرآننا نزل بلغتنا وبه يعقد لواء العزة وبدونه تنحط الأمة إلي أسفل سافلين، هذا إذا وعيناه وتدبرناه وفهمنا ما فيه وعلمنا مراد الرب من كلامه، فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
قوانين الحياه وأسباب نهضة الأمم وسبل تقدمها وأسباب رفاهيتها وضمان بقائها واستمرارها فيه الكنز النفيس فيه تري قراءة الحياة بكل صورها وطبيعتها وتقلبها علي أهلها فيه سنن الله في كونه فيه سقوط الدول وانهيار الأمم فيه أخبار أمم قد خلت ومضت في زمان غابر ما كان لنا أن نعرفها لولا أن الله أخبرنا بها وما أخبرنا بها إلا لأن فيها ما ينفعنا وما من شأنه أن ينير لنا السبيل ويوضح لنا مسالك الحياة، كيف لنا أن نتعرف علي هذه المنافع والعلوم إذا لم يكن لدينا الآلة الخالية من الآفات حتي نضمن الوصول إلي هذه المعارف فإذا فقدت الألة أو دخلها الدخن انتفت تحصيل المنفعة وصرنا في جهالة عمياء ولتأخرنا ولتأخر معنا الركب عن اللحوق بركب الحضارات حتي أصبحنا في هامش الحياة، قرآننا جزء من هويتنا الضائعة الذي لما أضعناه وأضعنا النظر فيه أضعنا لغتنا، وأنتم كما تعلمون لولا كتاب الله المنزل من عند الله بلسان عربي مبين لضاعت اللغة من زمن بعيد واندثرت مع غيرها من اللغات الأخري، ووضع الشعوب قد تنبأ بذلك وأكثر من ذلك فأحيانا يتحسر المرء عندما يري الكثير من إخواننا في بعض الدول العربية خاصة شبابها قد أتقنوا الحديث بالفرنسية ناسين أو متناسين أنهم ظلوا تحت وطأة احتلالهم حين من الزمان ساموهم خلالها سوء العذاب، فهذا يعد انسلاخ عن كيانهم العربي وأنهم بذلك قد تدثروا بلباس غير لباسهم وزي غير زيهم، إذا كان الأمر كذلك كيف يكون لهم في هذا الوجود بصمة وقد أصبحوا ممسوخي الهوية إذا أراد الواحد منهم أن يفكر كيف يفكر؟ إذا أن أراد يبتكر كيف يبتكر؟ لغته العربية تأبي عليه إلا ان يرجع أليها ويستعيد هويته من جديد حتي يثبت ذاته بين هذا الوجود ولغة الغرب تضن الابداع والابتكار إلا علي أهلها، وإذا ضرب إلي بمثال أو بمثالين يناقض كلامي هذا ظانا منه أنه بذلك يفجر لغما ينسف به ما أثبته آنفا من ضياع هوية من انسلخ عن أصله ولغته فقد وهم وبالغ في ذلك كثيرا فإن كلامي هذا علي مستوي الشعوب والدول لا علي مستوي الأفراد ثم أني لك بأوتاد هبت عليها نسمات الرياح بالطبع لا تؤثر فلنكن واقعين وليجمعنا النية الصالحة المبنية علي الوعي التام بما هو من شأنه أن ينهض بهذه الامة أمة العرب أمة الإسلام أمة الحضارة أمة القيم أمة الشهامة أمة المروءة أمة الخلاص الأبدي من مآلات الحياة المبنية علي اعتقادات مخالفة لكل عقلي، فلنعمل جميعا رافعين راية العزة والكرامة والانتماء لهذا الدين القويم والملة السمحة ولوطننا الغالي وأرضنا النفيس حتي نصير رؤوسا في الخيرونصلح لقيادة العالم.(/)
تيقظ فى شهر الغفلة
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 06:50 م]ـ
تيَّقظ في شهر الغفلة
تخيَّل معي مشهد الطالب بعد أن أتمّ الإمتحان وهو متخوّف أثناء تقديمه لأوراقه .. تُرى هل ستُقبَّل إجابته وينجح في هذا الإمتحان؟؟ أم ماذا ستكون نتيجته؟؟
وهكذا المنازل العالية لا تُنال إلا بتجاوز الإمتحان .. وبنجاح إمتحان شعبان، يتسنى للعبد التهيؤ لرمضان ويُقبِّل على ربه بقلب تقي نقي ..
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" [رواه النسائيوحسنه الألباني] .. فهذا شهر غفلة كما ذكر النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif..
فكيف ستُرفَّع الأعمال إلى رب الأرض والسماوات والقلوب غافلة لاهية؟؟
كفانا غفلة ونوم طيلة العام ..
فقد جاء شهر رمضان، شهر العتق من النار .. شهر يُغفر لك فيه ما تقدم من ذنبك وما تأخر .. شهر تُحصِّل فيه ثمرة التقوى .. قد تُكتب هذا العام من أهل الجنة وتُعتق رقبتك من النار ..
والسلف كانوا يستعدون قبل رمضان بستة أشهر يدعون الله أن يُبلغهم رمضان، وستة أشهر يسألون الله أن يتقبل منهم رمضان ..
وكانوا يستعدون بهذه الأعمال:
أولاً: كثرة ذكر الرحمن ..
ذكر الله عز وجل فى هذا الشهر لا ينبغى أن يكون كما هو فى سائر السنة، لأنه وقت غفلة .. وإذا ذكرت الله عز وجل فى وقت الغفلة، ضاعف الله عز وجل لك الأجر.
يقول تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف:205] ... فإذا كنت تخشى أن تكون من الغافلين وأن يُرفع عملك فإذا صحيفتك مُلطخة بالذنوب والمعاصي، اذكر ربك وأنت ذليل وانكسر بين يديه سبحانه وتعالى وسرًا حتى يكون أحرى للإخلاص.
ثانيًا: قيام الليل ..
النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif قال "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين" [رواه أبو داوود وصححه الألباني] .. ونحن لا نريد أن نُكتب فى هذا الشهر من الغافلين، حتى لا تُرفع الأعمال فنكون من الخاسرين .. فعليك أن تصلي وتداوم على صلاة الليل على أقل تقدير بعشر آيات.
ثالثًا: تجديد التوبة ..
تُبّ إلى الله عز وجل من كل ما أسرفت على نفسك فى هذا الزمان، والتوبة ليست فقط توبة من الذنوب المُعتادة وإنما هناك أمور أعظم وأخطر ينبغي تجديد التوبة منها ..
1) جددّ التوبة من الخيانة ..
يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27] .. فإقترافك للذنوب وتجرأك على الله في الخلوات خيانة .. وإفتقادك لسُنة الرسول http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif في حياتك خيانة، والسُنة ليست مظهرًا فحسب وإنما ظاهرًا وباطنًا .. وتضييعك لأمانة الإيمان خيانة، فالمعاصي تُضيِّع إيمانك الذي امتن الله عليك به.
2) جددّ التوبة من ذنوب الخلوات ..
قال رسول الله http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif" لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. فإذا لم نتب لله عز وجل من ذنوب أسرفنا على أنفسنا فى الخلوات فإنها الطامة والمصيبة الكبرى.
3) جددّ التوبة من الخداع ..
قال تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10] .. فأعمال العباد تُرفع بالذكر والعمل الصالح، ولكن الخطر حال رفع الأعمال من مكر السيئات .. فمن يصِّر على المعاصي ويظُن أن الله سبحانه وتعالى سيغفر له وإنه سينال الجنة هكذا دون عمل، فهذا ماكرٌ خادعٌ لنفسه لا لربه.
4) جددّ التوبة من الرياء ..
(يُتْبَعُ)
(/)
والمرائي هو الذي يعمل بنشاط وسط الناس لأنه يريد ثنائهم وحين يخلو بالله ولايراه أحد يتكاسل .. فاحذر أن يكون قد تسلل إلى عملك شيء من الرياء فأحبطه، فتظن إنك أتيت الله بأعمال صالحة وتجدها هباءًا منثورًا لأنها لم تُقبل وردّت على صاحبها والعياذ بالله.
5) جددّ التوبة من عدم الخوف من الله عز وجل ..
فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نخافه، فإذا بنا نتجرأ على المعاصي ولا نُعطي لأمر الله بالاً.
6) جددّ التوبة من قلة الحياء من الله ..
فإنك إن أذنبت ذنبًا تستحي أن يعلمه أحدًا من أهلك أو أصدقائك .. ألا تستحي من رب العالمين حين يُقررك عليها ذنبًا ذنبًا؟!
فينبغي أن نتوب من هذه الأمور، حتى يغفر الله سبحانه وتعالى لنا حين تُرفع الأعمال ويستر علينا ما اقترفنا من ذنوب ومعاصي.
رابعًا: عليكم بالإكثار من الصيام فى شعبان ..
وقد كان الرسول http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif يُكثِّر من الصيام في شعبان، لعدة أسباب منها:
1) الصيام هو الطاعة الوحيدة التى تؤجر عليها طيلة النهار .. سواء كنت نائمًا أو مستيقظًا.
2) الصيام لا مثل له .. كما قال النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif" عليك بالصيام فإنه لا مثل له" [رواه النسائي وصححه الألباني]
3) الصيام شفاء لما في الصدور .. قال رسول الله http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif " صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر" [رواه البزار وصححه الألباني]، ووحر الصدر هي الوساوس التى يقذفها الشيطان فى قلبك.
4) الصيام حفظ ووقاية من الشهوات .. كما قال http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif" فعليه بالصوم فإنه له وجاء" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
وقد كان النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif يصوم شعبان كله إلا قليلاً إستعدادًا لرمضان، فليكن صومك في هذا الشهر مثل صوم نبي الله داوود؛ أن تصوم يومًا وتُفطر يومًا أو تصوم يومين وتُفطر يوم.
خامسًا: شهر القرآن ..
فقد كان السلف يغلقون دكاكينهم في هذا الشهر وينكبوا على قراءة القرآن فيه .. فليكنّ لك فيه ختمة أو اثنتين في هذا الشهر.
سادسًا: عليك بعلو الهمة ..
قمّ وتيقظ .. عليك أن تدخل رمضان بهمة قوية وبإرادة صلبة لكي تُحقق هذه الأهداف.
ولا تمنن تستكثر ..
فإنك مهما فعلت من طاعات، فهي لا تساوي شيئًا في جنب الله الكريم.
لابد أن تنقطع لطاعة ربَّك في هذا الشهر العظيم، حتى يُرفَّع عملك وأنت على طاعة الرحمن،،
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 09:34 م]ـ
جزاكِ الله خيرا أختي الكريمة، ونفع بك، لقد أحسنتِ وأجدتِ.
ـ[السلفي1]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 11:20 م]ـ
[ QUOTE= ياحامل القرآن;360105
فقد جاء شهر رمضان، شهر العتق من النار .. شهر يُغفر لك فيه ما تقدم من ذنبك وما تأخر ..
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أختي الكريمة ,وبارك فيك الله تعالى , ورفع أجرك , وأعز جندك.
ثبت أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى اللع عليه وسلم:
" من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه " ,
" من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه " ,
" من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه " ,
وثبت عن غير أبي هريرة , وتلك النصوص في الصحيحين ,
وأما لفظة: " وما تأخر " , فقد جاءت عند النسائي وغيره ,
ولكنها -على أصح التحقيقات - شاذة غير صحيحة.
والسلف كانوا يستعدون قبل رمضان بستة أشهر ويدعون الله أن يُبلغهم رمضان، وستة أشهر يسألون الله أن يتقبل منهم رمضان ..
وكانوا يستعدون بهذه الأعمال
قلتُ: الأعمال المذكورة لم تكن من السلف الصالح في شهر شعبان فحسب -
كما ذكرت الأخت سددها الله تعالى - بل كانت منهم في كل شهور السنة ,
وكانوا يزيدون في الطاعة في شهر رمضان خصوصًا لفضيلته على الشهور
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد من طاعته لربه فيه , ولا دليل على أن
السلف خصوا شهر شعبان بتلك الطاعات , بل هي ديدنهم.
أولاً: كثرة ذكر الرحمن ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر الله عز وجل فى هذا الشهر لا ينبغى أن يكون كما هو فى سائر السنة، لأنه وقت غفلة .. وإذا ذكرت الله عز وجل فى وقت الغفلة، ضاعف الله عز وجل لك الأجر. [/ FONT][/SIZE]
يقول تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف:205] ... فإذا كنت تخشى أن تكون من الغافلين وأن يُرفع عملك فإذا صحيفتك مُلطخة بالذنوب والمعاصي، اذكر ربك وأنت ذليل وانكسر بين يديه سبحانه وتعالى وسرًا حتى يكون أحرى للإخلاص.
ثانيًا: قيام الليل ..
النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif قال "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين" [رواه أبو داوود وصححه الألباني] .. ونحن لا نريد أن نُكتب فى هذا الشهر من الغافلين، حتى لا تُرفع الأعمال فنكون من الخاسرين .. فعليك أن تصلي وتداوم على صلاة الليل على أقل تقدير بعشر آيات.
ثالثًا: تجديد التوبة ..
تُبّ إلى الله عز وجل من كل ما أسرفت على نفسك فى هذا الزمان، والتوبة ليست فقط توبة من الذنوب المُعتادة وإنما هناك أمور أعظم وأخطر ينبغي تجديد التوبة منها ..
1) جددّ التوبة من الخيانة ..
يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27] .. فإقترافك للذنوب وتجرأك على الله في الخلوات خيانة .. وإفتقادك لسُنة الرسول http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif في حياتك خيانة، والسُنة ليست مظهرًا فحسب وإنما ظاهرًا وباطنًا .. وتضييعك لأمانة الإيمان خيانة، فالمعاصي تُضيِّع إيمانك الذي امتن الله عليك به.
2) جددّ التوبة من ذنوب الخلوات ..
قال رسول الله http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif" لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. فإذا لم نتب لله عز وجل من ذنوب أسرفنا على أنفسنا فى الخلوات فإنها الطامة والمصيبة الكبرى.
3) جددّ التوبة من الخداع ..
قال تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10] .. فأعمال العباد تُرفع بالذكر والعمل الصالح، ولكن الخطر حال رفع الأعمال من مكر السيئات .. فمن يصِّر على المعاصي ويظُن أن الله سبحانه وتعالى سيغفر له وإنه سينال الجنة هكذا دون عمل، فهذا ماكرٌ خادعٌ لنفسه لا لربه.
4) جددّ التوبة من الرياء ..
والمرائي هو الذي يعمل بنشاط وسط الناس لأنه يريد ثنائهم وحين يخلو بالله ولايراه أحد يتكاسل .. فاحذر أن يكون قد تسلل إلى عملك شيء من الرياء فأحبطه، فتظن إنك أتيت الله بأعمال صالحة وتجدها هباءًا منثورًا لأنها لم تُقبل وردّت على صاحبها والعياذ بالله.
5) جددّ التوبة من عدم الخوف من الله عز وجل ..
فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نخافه، فإذا بنا نتجرأ على المعاصي ولا نُعطي لأمر الله بالاً.
6) جددّ التوبة من قلة الحياء من الله ..
فإنك إن أذنبت ذنبًا تستحي أن يعلمه أحدًا من أهلك أو أصدقائك .. ألا تستحي من رب العالمين حين يُقررك عليها ذنبًا ذنبًا؟!
فينبغي أن نتوب من هذه الأمور، حتى يغفر الله سبحانه وتعالى لنا حين تُرفع الأعمال ويستر علينا ما اقترفنا من ذنوب ومعاصي.
والله الموفق.
ـ[السلفي1]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 12:33 ص]ـ
[ QUOTE= ياحامل القرآن;360105]
رابعًا: [/ FONT][/COLOR] عليكم بالإكثار من الصيام فى شعبان .. [/ B][/SIZE]
[/CENTER]
وقد كان الرسول http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif يُكثِّر من الصيام في شعبان، لعدة أسباب منها:
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
النبي عليه الصلاة والسلام كان يصوم في العام كله , فلم يخلو شهر من صيامه
(يُتْبَعُ)
(/)
صلى الله عليه وسلم ,ولكنه كان يكثر الصيام في شهر شعبان , وذلك لما نص
عليه هو صلى الله عليه وسلم في حديثه المذكور آنفًا:
شهر يغفل عنه الناس , وترفع فيه الأعمال , ويحب أن ترفع أعماله , وهو
صائم , هذه أسباب وعلل وحكم إكثاره من صيام شعبان ,
أما ما ذكرته الأخت - وفقها الله تعالى - , فليس بسبب لإكثاره من الصيام في
شهر شعبان , لأن ما ذكرت لا علاقة له بشهر شعبان , إنما هو مزايا وفضائل
للصيام في شعبان وغيره , فك يكن سببًا للصيام الكثير منه صلى الله عليه وسلم
في شعبان.
1) الصيام هو الطاعة الوحيدة التى تؤجر عليها طيلة النهار .. سواء كنت نائمًا أو مستيقظًا.
قلتُ: هذا حصر فيه نظر , وذلك أن الجهاد والرباط على الثغور وطلب العلم
وتعلق القلب بالمساجد يؤجر عليه صاحبه طيلة النهار نائمًا كان أم لا ,وبل يؤجر
عليه في الليل.
مع أن العلماء رحمهم الله تعالى اختلفوا في صحة صيام من نام كل نهار رمضان
أو أغلبه , فمنهم من لم يصحح , ومنهم من صحح مع قلة الأجر , ومنهم من
قال بعدم الأجر.
2) الصيام لا مثل له .. كما قال النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif" عليك بالصيام فإنه لا مثل له" [رواه النسائي وصححه الألباني]
3) الصيام شفاء لما في الصدور .. قال رسول الله http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif " صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر" [رواه البزار وصححه الألباني]، ووحر الصدر هي الوساوس التى يقذفها الشيطان فى قلبك.
قلتُ: وكل العبادات تذهب ما في الصدر , لأنها ما جاءت إلا لإصلاح الظاهر
والباطن ,وهناك عبادات نص عليها الدليل نصًا بذلك:
قال تعالى: " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا "
وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الهدية أنها تذهب وحر الصدر ,
وما جاء في ذكر الله تعالى أنه جلاء لصدإ القلب.
4) الصيام حفظ ووقاية من الشهوات .. كما قال http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif" فعليه بالصوم فإنه له وجاء" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
[ SIZE=5]
قلتُ: وهكذا كل العبادات , ولم يكن ما ذكر خاصًا بالصيام ,
قال تعالى: " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ "
وقال تعالى:
" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا "
وما جاء في الحديث أن الصلوات كنهر بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس
مرّات , فلم يبق من درنه شيءٌ.
وقد كان النبي http://www.alfaseeh.com/vb/misc/images/salla.gif [FONT=Tahoma] يصوم شعبان كله إلا قليلاً إستعدادًا لرمضان،
[ COLOR="Red"] قلتُ: لم يكن صيام الرسول صلى الله عليه وسلم لشعبان كما ذكرتِ أختي
الكريمة , بل لما ذكرتُه - أنا - سابقًا , ولا أدري ما معنى أنه صلى الله عليه
وسلم كان يستعد لرمضان بصيام شعبان , والنبي عليه الصلاة والسلام لم يؤدِ
طاعة إلا لله تعالى وامتثلاً للأوامر الشرعية , وليس للحظوظ البدنية أو النفسية
دخل مطلقًا في عبادته صلى الله عليه وسلم , كما أن أهل العلم نصوا على تمايز
الواجب عن النفل , وأنه من المطالب الشرعية , ولذا نهى النبي صلى الله عليه
وسلم عن صيام النصف الثاني من شعبان على تفصيل يطول عند أهل العلم ,
ونهى عن تقدم رمضان بصيام على تفصيل واسع عند العلماء , وكل ذلك حفظًا
للواجب أن يختلط بالمندوب.
والله تعالى الموفق.
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 01:17 م]ـ
بارك الله فيكم
ونفعكم الله بما علمكم(/)
تسلية أهل المصائب [9]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 08:25 م]ـ
" تسلية أهل المصائب بما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم من التعزية "
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، أما بعد:
فمما يسلي أهل المصائب في مصائبهم هو تعزيتهم، وتصبيرهم، وتذكيرهم ثواب الصبر.
والمعروف المستقر عند أهل العلم استحباب التعزية، قبل الدفن وبعده،
و المقصود من التعزية: تسلية أهل المصيبة، ويستحب تعزية جميع أهل المصيبة، كبارهم و صغارهم.
فيعزيهم بما يظن أنه يسليهم، ويكف من حزنهم، ويحملهم على الرضا والصبر، مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم،
إن كان يعلمه ويستحضره، وإلا فبما تيسر له من الكلام الحسن الذي يحقق الغرض ولا يخالف الشرع.
ومما ورد من ألفاظ التعزية
عن النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الدفن أو بعده، ما يأتي:
منها: حديث أبي سلمة أنه لما مات شق بصره، فأغمضه النبي صلى الله عليه و سلم، ثم قال: إن الروح إذا قُبِضَ تَبِعَه البصر، فصاحَ ناسٌ من أهله، فقال: لا تَدْعُوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكةَ يُؤَمِّنون على ما تقولون. ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديِّين، واخْلُفْهُ في عَقِبِه في الغابِرِين، واغفر لنا وله يارب العالمين، و افسَحْ له في قبره، ونَوِّر له فيه " رواه مسلم.
ومنها: حديث أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: أرسلت ابنةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم إليه، أن ابناً لي قد قُبِض فأْتِنا، فأرسل يقرأ السلام ويقول: إن للهِ ما أَخَذَ ولَهُ ما أَعْطَى، وكُلُّ شيءٍ عندَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى، فَلْتَصْبِرْ ولْتَحْتَسِب ". رواه مسلم، وأبوداود، والنسائي، وابن ماجه.
ومما ورد عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين في تعزيتهم أنفسهم وغيرهم ما يأتي:
ما روي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه لما بلغه وفاة أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قال: رضينا من الله قَضَاه، وسَلَّمْنا له أمره، إنا لله، وإنا إليه راجعون.
وروى ابن أبي حاتم بإسناده في تفسيره عن خالد بن يزيد، عن عياض، عن عقبة أنه مات له ابن يقال له: يحيى، فلما نزل في قبره قال له رجل: والله إن كان لسيد الجيش، فاحتسبه، فقال والده: وما يمنعني أن أحتسبه وكان من زينة الحياة الدنيا، وهو اليوم من الباقيات الصالحات؟!
فهذا رجل صابرٌ راضٍ محتسب، ما أحسنَ فهمَه، وما أحسنَ تعزيتَه لنفسِه، وثقتَه بما أعطاه الله من ثواب الصابرين.
و قال عمرو بن دينار: قال عبيد بن عمير: ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب، ولكن الجزع: القول السيئ والظن السيئ.
وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي ـ رحمه الله ـ: أن عبد الرحمن بن مهدي، مات له ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً، فبعث إليه الشافعي يقول له: يا أخي، عَزِّ نفسَك بما تُعَزِّي به غيرَك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من غيرك، و اعلم أن أَمَضَّ المصائبِ فَقْدُ سرورٍ وحِرْمانُ أجرٍ، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وِزْرٍ؟ فتناول حظك ـ يا أخي ـ إذا قرب منك قبل أن تطلبه و قد تناءى عنك، ألهمك الله عند المصائب صبراً، و أحرز لنا بالصبر أجراً، ثم أنشده:
إني مُعَزِّيك لا أني على ثِقَة ... من الخلود ولكنْ سُنَّةُ الدينِ
فلا المُعَزَّى بِبَاقٍ بعد ميِّتِه ... ولا المُعَزِّي ولو عاشا إلى حينِ
، ثم إنه مات ابنٌ للشافعيِّ ـ رحمه الله ـ فجاؤوا يعزونه، فأنشد:
وما الدهرُ إلا هكذا فاصطبرْ له ... رَزِيَّة مالٍ أو فِرَاقُ حبيبِ
وعزى صالح المري رجلاً قد مات ولده، فقال: إن كانت مصيبتك أحدثت لك عِظَةً في نفسك، فنِعْمَ المصيبةُ مصيبتُك، و إن كانت لم تحدثْ لك عظة في نفسك، فمصيبتك بنفسك أعظمُ من مصيبتك بابنك.
و عزى رجل رجلاً، فقال: يا أخي، العاقل يصنع في أول يوم ما يفعله الجاهل بعد عام.
وعزى رجل رجلاً فقال: إن من كان لك في الآخرة أجراً، خير ممن كان لك في الدنيا سروراً.
وعن ابن جريج، قال: من لم يتعز عند مصيبته بالأجر والاحتساب، سلا كما تسلو البهائم.
وقال بعض السلف، وقد عزى مصاباً: إن صبرت فهي مصيبة واحدة، و إن لم تصبر فهما مصيبتان.
و كتب رجل إلى بعض إخوانه يعزيه بابنه: أما بعد، فإن الولد على والده ما عاش حزن وفتنة، فإذا قدمه فصلاة ورحمة، فلا تجزع على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيع ما عوضك الله من صلاته ورحمته.
وقال موسى بن المهدي لإبراهيم بن مسلم، وعزاه بابنه: أسرك وهو بلية وفتنة؟ وأحزنك وهو صلوات ورحمة؟!
حفظكم الله إخواني وأخواتي ولا أراكم الله ما تكرهون
وأسأل الله لي و لكم من فجأة الخير ونعوذ بالله ربنا من فجأة الشر(/)
هل يجوز رش البيت المسكون بالماء والملح من الداخل؟
ـ[بنت خير الأديان]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 11:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز رش البيت المسكون بالماء والملح من الداخل؟
قبل الجواب عن السؤال لابد من تقرير بعض الأمور المهمة:
أن الأسباب على قسمين:
(1) سبب شرعي: وهو ما جعله الله سببا في الشرع بنص آية أو حديث مثل الدعاء والرقى بالقرآن. وهذا النوع مع أنه شرعي إلا أنه لا يجوز الاعتماد عليه من دون الله.
(2) سبب طبيعي: وهو ما كان تأثيره في المسبب واضحا يدركه الناس في واقعهم الحسي.
مثل: الأكل سبب للشبع
ومثل: الدواء المشروب يعالج المرضى.
ويشترط في في السبب الطبيعي أن يكون النفع مباشرا
مثل: الكي بالنار.
وعليه فلا يُقبل قول لابس الحلقة إذا قال إني انتفعت بها.
كيف يعلم أن الشيء سبب؟
إما عن طريق الشرع، وإما عن طريق القدر.
مثل: أن يجرب علاجا معينا فيجده نافعا.
ضوابط اعتبار الأسباب في الشرع:
الواجب تجاه الأسباب أمور ثلاثة:
(1) أن لا يجعل منها سببا إلا ما ثبت أنه سبب شرعا أو قدرا.
(2) أن لا يعتمد العبد عليها بل يعتمد على مسببها ومقدرها.
(3) أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره.
وبعد هذا التقرير نجد أن رش الماء والملح في زوايا البيت ليس سببا جاء به الشرع، وهذا من جعل ما ليس بسبب سببا.
أما قول أبي الحسن الجرجاني:
الذي أعرفه أنه لا حرج وهو أمر مجرب على أن يصاحب الرش قراءة القرآن الكريم والله أعلم بالصواب.
فلا أدري ما هو دليله على هذا الفعل.
والله أعلم.
لقد وجدت كلام ابن القيم في الوابل الصيب (ص117) وهذا نصه:
وقال ابو النضر هاشم بن القاسم: كنت ارى في داري .... فقيل: ياابا النضر تحول عن جوارنا. قال: فاشتد عليَّ، فكتبت الى الكوفة الى ابن ادريس والمحاربي وابي اسامة، فكتب اليَّ المحاربي: ان بئرا بالمدينة كان يقطع رشاؤها، فنزل بهم ركب، فشكوا ذلك اليهم، فدعوا بدلو من ماء ثم تكلموا بهذا الكلام فصبوه في البئر فخرجت نار من البئر فطفئت على راس البئر. قال ابو النضر: فأخذت تورا من ماء، ثم تكلمت فيه بهذا الكلام، ثم تتبعت به زوايا الدار فرششته، فصاحوا بي: احرقتنا نحن نتحول عنك.
وهو: بسم الله، أمسينا بالله الذي ليس منه شئ ممتنع، وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام، وبسلطان الله المنيع نحتجب، وبأسمائه الحسنى كلها عائذ من الابالسة، ومن شر شياطين الانس والجن، ومن شر معلن او مسر، ومن شر مايخرج بالليل ويكمن بالنهار، ويكمن بالليل ويخرج بالنهار، ومن شر ماخلق وذرأ وبرأ، ومن شر إبليس وجنوده، ومن شر كل دابة انت آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم.
أعوذ بالله بما استعاذ به موسى وعيسى وابراهيم الذي وفى، من شر ماخلق وذرأ وبرأ، ومن شر إبليس وجنوده، ومن شر ما يبغي.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: " وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا. فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا. إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ. رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ. إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ. لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ". (الصافات: 1 - 10)
قال صاحب كتاب النذير العريان لتحذير المرضى والمعالجين بالرقى والقران فتحي بن فتحي الجندي (ص88 - 89):
قلت: هذه القصة لم نقف لها على إسناد وما أخالها تصح، وإلا فأين سورة البقرة التي ما قرئت في بيت إلا فر منه الشيطان - فلماذا لم يقرأها أبو النضر؟ ولماذا لم يُفته بقراءتها المفتون؟ وما بالهم عادوا في فتياهم إلى الركب المزعوم، ولم يعودوا إلى سنة النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم؟ والله لو لم يكن في ذلك إلا تسويغ الإعراض عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم لكفى في النهي عنه لأنه يفتح بابا إلى الفتنة.ا. هـ.
وأنا أميل إلى هذا الرأي الذي ذكره المؤلف فتحي - جزاه الله خيرا -.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد بحث طويل وجدت - بحمدالله - فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - وفتوى أخرى للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين، مع نقل من كتاب.
أما فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله -.
جاء في تقرير في فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (1/ 94):
(28) الرقية في الملح ....
جاء إلي شخص بملح وقال لي: انفث فيه فنفثت ثم سألت شيخنا فأجاب:
هذا ليس فيه بأس، والناس توسعوا فيها - أي جنس الرقية - من جهات:
الأولى: البطىء، فإنها كلما كانت أجد كانت أنفع، ومادام لها أثر فإنها تصلح. وأيضا الاستعمال وإلا فليس من شرطها أن تكون على معين فإنها قراءة.ا. هـ.
فتوى الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - في الموضوع:
سئل فضيلته عن حكم استخدام رش الماء والملح في زوايا المنازل المسكونة بالجن والشياطين واعتبار ذلك من الأسباب الحسية للاحتراز من أذاهم بأذن الله تعالى، حيث يكثر تواجدهم في الزوايا وهم يكرهون الملح ولا يستسيغونه؟
فأجاب - حفظه الله -:
لا بأس بطرح الملح في الماء حتى يذوب ثم يرش به زوايا المنزل من الداخل والخارج فقد جرب ذلك فوجد مفيدا في حراسة المنازل وطرد المتمردين من الجن والسلامة من أذاهم، فإنهم قد يتسلطون على بعض القراء والمعالجين فيجوز استعمال ما ينفع في التحرز من شرهم وأذاهم، وكذا يشرع قراءة بعض الأذكار والأوراد والتعوذات في ماء ثم يرش به المنزل الذي يتواجد فيه الجن والشياطين فإنه يبعدهم بإذن الله تعالى والله الشافي.ا. هـ.
تكملة المسألة:
لقد وجدت كلاما بخصوص المسألة في كتاب جديد ظهر في المكتبات قبل فترة، وعنوان الكتاب:
نحو موسوعة شرعية في علم الرقى، تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنة والأثر.
تأليف: أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني.
نشر دار المعالي، وهو يقع في ستة مجلدات.
وسأنقل ما جاء في هذه المسألة من كلام المؤلف. وبالمناسبة المؤلف أعرفه معرفة شخصية وهو ممن كان يعمل في علاج الناس بالرقى - جزاه الله خيرا -.
وفتوى الشيخ بن جبرين نقلتها من كتابه (5/ 46 - 47).
وقال في الحاشية عن الفتوى:
فتوى مكتوبة بتاريخ 24 شعبان سنة 1418.
قال أبو البراء (5/ 29) تحت عنوان: إيذاء عمار تلك البيوت.
وذكر قصة واقعية يقول فيها:
وأذكر قصة تحت هذا العنوان حدثت منذ فترة من الزمن، حيث كانت طفلة صغيرة تلعب في أرجاء البيت، إلى أن شاهدت في زاوية من زوايا المنزل، ولعدم إدراكها قامت بسكب ماد حارقة على تلك المجموعة فقتلتها، وبعد فترة وجيزة بدأت أركان المنزل تشتعل نارا، واحتار أهل البيت في ذلك الأمر ......
ثم قال (5/ 41):ثامنا: النفث والتفل:
ومن ثم ينفث في ماء وملح، ويبدأ برش الماء في الزوايا العلوية للمنزل مبتدئ بالمدخل الرئيس من الجهة اليمنى، ومعلوم أن التيامن في فعل الأمور سنة لما ثبت من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأيمن فالأيمن ..... وبعد الانتهاء من رش الماء يقوم برش الملح في الزوايا السفلية وبنفس طريقة رش الماء، ويفضل استخدام النوع الصخري من أنواع الملح.
ثم ذكر قصة أبي النضر بن القاسم التي في الوابل الصيب (5/ 45) وعقب عليها بقوله:
قلت: ومع عدم ثبوت الكلام آنف الذكر إلا أن لي وقفات ألخصها بالآتي:
وذكر ثلاث وقفات.ا. هـ.
وقد قمت بالاتصال بأحد المشايخ المعنين بأمر القراءة على الناس، وهو صاحب باع طويلا في هذا الأمر، وسألته عن هذه المسألة فأخبرني أنها ثابتة بالتجربة، وذكر لي قاعدة في باب النفث ألا وهي:
أنه يجوز النفث على المطعومات والمشروبات المباحة بصفة عامة.
وقد سمع هذا الأمر من الشيخ محمد بن صالح العثيمين والشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
وسألته عن موضوع الملح بالذات فأخبرني أنه ثبت بالتجربة أن الملح يتأذى منه الجن.
وقال لي أمرا غريبا، أن السحرة عندما يفعلون السحر فإنهم يحذرون من يعطوه السحر أن لا يقربه الملح.
أما التفصيل الذي ذكره ابو البراء في رش الماء والملح في الزوايا فقال عنه الشيخ: إنه من التوسع الذي لا دليل عليه.
لعلي أكون قد أعطيت المسألة حقها من البحث، ومن كان عنده زيادة علم فليفدنا جزاه الله خيرا.
والله اعلم
عبد الله زقيل
هنا: http://www.saaid.net/Doat/Zugail/49.htm(/)
الأزهر يوافق على بدء تطبيق نظام "التعليم المفتوح"
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 02:12 م]ـ
http://www6.0zz0.com/2009/07/25/13/633038505.png (http://www.0zz0.com)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)
بشرى لكل طلاب العلم أعلن الأزهر الشريف عن فتح باب التعليم المفتوح أخيراً لمن يريد أن يلتحق:
أبدى أعضاء المجلس الأعلى للأزهر برئاسة الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، موافقتهم على بدء تنفيذ نظام "التعليم المفتوح" في العلوم الإسلامية والعربية بكليات جامعة الأزهر.
كما وافق أعضاء المجلس فى اجتماعهم رقم (170) مساء أمس الأول بمقر مشيخة الأزهر على تعديل اسم كلية اللغة العربية بناحية برج نور الحمص بمركز أجا محافظة الدقهلية لتصبح "كلية القرآن الكريم للبنات". وفقًا للمصري اليوم.
وكذلك فصل شعبة الهندسة بنات التابعة لكلية الهندسة "بنين" بجامعة الأزهر بمدينة نصر لتصبح "كلية الهندسة بنات" مستقلة بذاتها، إضافة إلى إنشاء كلية «العلوم الإسلامية الأزهرية» للطلاب الوافدين غير الناطقين باللغة العربية، وإضافة شعبة جديدة باسم «الدرجة الخاصة» في كليات: الشريعة والقانون، الدعوة الإسلامية، الدراسات الإسلامية.
وقرر أعضاء المجلس إضافة فقرة جديدة لنص المادة رقم (35) من القانون (103 لسنة 1961) لإنشاء معاهد فوق متوسطة ببعض كليات جامعة الأزهر، وكذلك تعديل المادتين (3 و19) من اللائحة المالية والإدارية لتطوير جامعة الأزهر بمدينة نصر واعتبارها (وحدة ذات طابع خاص).
وبحث أعضاء المجلس الأعلى للأزهر قواعد وشروط قبول الطلاب المصريين والوافدين, وشروط إعادة القيد لمرحلة الإجازة العالية بكليات جامعة الأزهر للعام الجامعي الجديد 2009 - 2010، ووافقوا على معادلة درجة الدكتوراه في العلوم الطبيعية من جامعات ريجنسبورج بألمانيا عام 2009، وكلاوستال بألمانيا عام 2007، وإكسترا بإنجلترا عام 2009، بدرجة الدكتوراه التي تمنحها الجامعات المصرية في التخصص المناظر.
ووافق المجلس الأعلى للأزهر على قيام مشيخة الأزهر بطبع الكتب التراثية للعام الجامعي (2009 - 2010) على أن تقوم الجامعة بتوزيعها مجانًا على الطلبة، وكذلك تعديل بعض بنود لائحة صناديق تحسين الخدمة للمدن الجامعية للطلاب والطالبات.
http://www.rofof.com/img3/7jvuim27.gif (http://www.rofof.com)
وقام أحد المهتمين بالاتصال بأحد المسؤلين بإدارة الجامعة وأخبره عن أمرين:
1 - لم توضع الشروط بعد بشأن الالتحاق بالتعليم المفتوح.
2 - تم إلغاء موضوع المعادلة بقرار جمهوري في مايو الماضي.
http://www.rofof.com/img3/7jvuim27.gif (http://www.rofof.com)
روابط ذات صلة بالموضوع:
1/مفكرة الإسلام. ( http://www.islammemo.cc/culture-and-economy/2009/06/25/84044.html)
http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)http://www8.0zz0.com/2009/07/25/14/536790722.gif (http://www.0zz0.com)
وبإذن الله إن جد جديد سننقله لكم والله المستعان.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 03:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيظل الأزهر قلعة العلم وحصنه المنيع.
إضافات متميزة تُحسب لجامعة عريقة أحسبها متفردة في العالم الإسلامي بما لديها من مقومات علمية وكفاءات بشرية.
مبارك لنا ولطلاب العلم المسلمين.
شكرا لك على نقل الخبر.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 03:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيظل الأزهر قلعة العلم وحصنه المنيع.
إضافات متميزة تُحسب لجامعة عريقة أحسبها متفردة في العالم الإسلامي بما لديها من مقومات علمية وكفاءات بشرية.
مبارك لنا ولطلاب العلم المسلمين.
شكرا لك على نقل الخبر.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
الأزهر هو منارة العلوم عامة والعلوم الشرعية على الخصوص، وهو قلعة العلم كما ذكرتى بارك الله فيكِ.(/)
عوائق وقواعد لحفظ القرآن الكريم
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 02:25 م]ـ
عوائق وقواعد لحفظ القرآن الكريم بعد أن اتخذنا النوايا من المقالة السابقة .. بنا نبدأ بالسير في الطريق لحفظ كتاب الله تعالى، ولكن لابد أن تعلم إنك ستواجه في الطريق بعض العوائق التي قد تحول بينك وبين تحقيق الهدف ..
ومن أهم وأخطر هذه العوائق:
1) كثرة الذنوب والمعاصي ..
فالذنب يُنسي العبد القرآن ويعمي قلبه .. والقلب إذا أُشرِّب حب المعاصي، فلا يمكن أن يعيَّ القرآن .. قال http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " إن العبد إذا أخطاء خطيئة نكتت في قلبه نكته سوداء فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران الذي ذكر الله تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] " [حسنه الألباني، صحيح الجامع (1670)] ..
وقال الضحاك بن مزاحم "ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه، لأن الله يقول {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]،ونسيان القرآن من أعظم المصائب"
فلا تلوِّث قلبك بالذنوب، فُيحال بينك وبين نور القرآن .. وعليك بدوام الاستغفار كي تُطهِّر قلبك من الشوائب التي علُقت به.
لذا لابد من تغيير سلوكياتنا وعادتنا، كي نتمكن من التغلُّب على هذه العوائق ..
2) عدم المتابعة والمراجعة الدائمة ..
فلابد أن تكون هناك مراجعة وتسميع دائم لما تم حفظه وإلا سيتفلَّت.
3) الإنشغال بالدنيا ..
فالإهتمام الزائد بأمور الدنيا، يجعل القلب مُعلَّق بها مما يجعل حفظ الآيات صعبًا بالنسبة له.
4) حفظ آيات كثيرة في وقت قصير والإنتقال إلى غيرها قبل إتقانها ..
كان الفُضيل بن عياض يقول "حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيمًا لحق القرآن" .. وعليك بقراءة كتاب (التبيان في آداب حملة القرآن) للإمام النووي، كي تعرف آداب حملة القرآن.
http://www.manhag.net/mam/misc/images/sep.gif
وإليك القواعد الأساسية لحفظ القرآن الكريم ..
1) الرغبة والعزيمة الصادقة ..
وهذه تتوَّلد باحتسابك للنوايا التي ذكرناها، فأصدُّق الله يصدقك .. { .. فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]
2) استشعار صعوبة المهمة ..
فسلعة الله غالية ومهمة حفظ القرآن ليست يسيرة .. قال الرسول http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا (أي تفلُتًا) من الإبل في عقلها" [متفق عليه] .. ولكنها ستكون أيسر ما تكون إذا رُزقت صدق اللُجأ وحسن الإستعانة بالله تعالى، قال تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] .. قال الضحاك عن ابن عباس "لولا أن الله يسره على لسان الآدميين، ما استطاع أحدٍ من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل"
فلا تفتُر عن الدعاء بأن ييسر الله لك حفظ القرآن .. لاسيما في مواطن الإجابة وفي قيام الليل .. تضرَّع لربك في سجودك واقبِّل عليه بقلبك، واسأله أن يمُنَّ عليك بحفظ كتابه الكريم.
3) الإخلاص ..
وهو أعظم المُعينات الإيمانية، فجدد النية واخلِّص لله تبارك وتعالى .. وتذكر أن من يتعلم العلم إبتغاء عَرَضًا زائلاً من الدنيا، سيُعذب عذابًا شديدًا .. قال رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة (يعني ريحها) " [رواه أبو داوود وصححه الألباني] ..
فاحذر أن تتخذ القرآن سلعة واجعل نيتك خالصة لوجه الله الكريم .. قال http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " تعلموا القرآن وسلوا الله به الجنة قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا فإن القرآن يتعلمه ثلاثة رجل يباهي به ورجل يستأكل به ورجل يقرأه لله" [السلسلة الصحيحة (258)]
4) العمل بالقرآن ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فلابد أن تعمل بكل آية تحفظها، وإلا كما قال أنس "ربَّ تال للقرآن والقرآن يلعنه " .. وقال أبو حذيفة "يا أهل القرآن، زينوا القرآن بالفعال".
5) فهم معاني الآيات ..
فعليك أن تقرأ تفسير الآيات التي تحفظها، حتى تفهم معناها وأسباب نزولها وتستنبط الفوائد والعِبَر منها .. فمعرفة التفسير الصحيح للآيات، أمر حتمي لمن أراد أن يعمل بالقرآن.
6) تصحيح النطق والقراءة ..
فيجب التلقي والمُشافهة عن طريق مُعلم مُجيد لأحكام التلاوة، ولا تعتمد على مجرد الإستماع .. ولا تنسي أن تحتسب، فكما قال النبي http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران" [صحيح الجامع (6670)]
7) كثرة قراءة وسماع القرآن ..
فلا شك أن كثرة القراءة ستعود عليك بالأجر الجزيل وستكون سببًا في تطهير قلبك من الآفات، كما إنها من مُثبتات الحفظ .. قال رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل نُسِّي، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم" [متفق عليه] .. وقال http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت" [متفق عليه] .. وزاد مسلم في رواية "وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه"
فأرشدنا النبي http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif إلى لزوم قراءة القرآن بالليل والنهار، فلابد أن تُكثر من ختمات القراءة للقرءان وأينما كنت فلتستمع إلى آيات القرآن الكريم من خلال المُسجِّل أو الإذاعة، كي تُساعدك على تثبيت الحفظ.
8) الصلاة بما تحفظ ..
فالصلاة أيضًا من مُثبتات الحفظ، والنبي http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif كان لا يدع قيام الليل .. عن عبد الله بن أبي قيس رضي الله عنه قال قالت عائشة رضي الله عنها "لا تدع قيام الليل فإن رسول الله http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif كان لا يدعه وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا" [رواه أبو داود وصححه الألباني]
http://www.manhag.net/mam/misc/images/sep.gif
بعض الوسائل العملية للحفظ ..
1) حدد مقدار الحفظ يوميًا .. فيكون شُغلَّك الشاغل هو الإنتهاء من حفظ عدد الآيات التي قد حددتها لكل يوم، ولا يساوي يومك شيئًا إذا لم تنته من حفظ هذه الآيات.
2) ولا تتجاوز مقررك اليومي حتى تُجيد حفظه تمامًا ..
3) التسميع كتابةً ..
4) الحفظ من رسم واحد للمصحف ..
5) لا تتجاوز سورة حتى تربط أولها بأخرها .. فإذا كانت السورة طويلة تقوم بتقسيمها إلى مقاطع وتربط ما بينهم.
6) العناية بالمتشابهات ..
7) انتهاز وقت البكور .. فعليك أن تنتهز وقت البكور بعد صلاة الفجر لتلاوة وحفظ القرآن، ليشمَّلك دعاء النبي http://www.manhag.net/mam/misc/images/salla.gif " اللهم بارك لأمتي في بكورها" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
هيا إخوتاه، اغتنموا هذه اللحظات ولا تُضيِّعوا سنوات عمركم ما بين التسويف والمبررات .. فلم يعُّد هناك وقت للراحة والدِّعة ..
وعليك ببذل الغالي والنفيس والجهد الجهيد لتكون حافظ للقرآن وحامل لراية الإسلام،،
نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ علينا بحفظ كتابه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه،،
ـ[أمة الرحيم]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 06:17 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء اختاه
موضوع رائع
أعاننا الله على حفظ كتابه وجعلنا من العاملين به
بارك الله فيك
ـ[أنوار]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 12:46 ص]ـ
جزاكِ الله خيراً أخية ..
أشرقت الصفحات بهذه الزاوية النيّرة .. بوركت
أعاننا الله ووفقنا لحفظ كتابه ..
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 01:52 ص]ـ
بارك الله فيكن أخوتاه وأعاننا الله وإياكن على حفظ كتابه(/)
تسلية أهل المصائب [10]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 12:35 ص]ـ
" تسلية أهل المصائب ببيان حكم الصبر على المصيبة "
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "،
وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين "،
وقال تعالى: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ".
والآيات التي فيها الأمر بالصبر كثيرة جداً.
قال الإمام أحمد: ذكر الله سبحانه وتعالى الصبر في القرآن في تسعين موضعاً.
واعلم أن حقيقة الصبر، هي: خلق فاضل من أخلاق النَّفْس، يَمْنَع من فعل مالا يَحْسُن ولا يَجْمُل، وهو قوة من قُوَى النفس التي بها صلاحُ شأنِها، و قوام أمرها.
قال سعيد بن جبير: الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه، واحتسابه عند الله، ورجاء ثوابه، وقد يجزع الرجل، وهو متجلد لا يُرَى منه إلا الصبر. وقد تقدم حديث أسامة بن زيد بن حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإرسال بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ ابني قد احْتُضِر فاشهدْ، فأرسل يقرأ السلام، ويقول: إنَّ للهِ ما أَخَذَ وله ما أعطى، وكلُّ شيءٍ عندَه بأَجَلٍ مُسَمَّى، فلْتَصْبِر وتحتسب " الحديث. أمرها بالصبر.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: " اتقي الله واصبري "، فقالت: إليك عني، فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي ـ ولم تعرفْه ـ فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه و سلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بَوَّابِينَ، فقالت: لم أعرفْك، فقال: " إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى ". رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية: " تبكي على صَبِيٍّ لها ". فقال: " إنما الصبر عند أول صدمة ".
فإن مُفَاجَأة المصيبة بغتة، لها رَوْعةٌ تُزَعْزِع القلبَ، وتُزْعِجُه بصَدْمَتها، فإن صبرَ للصدمة الأولى انكسرت حِدَّتُها، وضَعُفَت قُوَّتُها، فَهَانَ عليه استدامَةُ الصبر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصبر على المصائب واجب باتفاق أئمة الدين، وإنما اختلفوا في وجوب الرضا.
ومع أن الصبر واجب، فإن من صبر عند موت أولاده، أو أقاربه، أو أصحابه، وصبر أيضاً عند مصيبته بنفسه، وعلم يقيناً أن الآجال لا تقديم فيها ولا تأخير، وأن الله تعالى كتب الآجال في بطون الأمهات، كما ثبت في الصحاح: كتب رزقه وأجله، وشقي هو أم سعيد، فلا زيادة ولا نقص، فإذا صبر واحتسب لم يكن له ثواب دون الجنة، وإذا جزع، ولم يصبر أثم، وأتعب نفسه، ولم يَرُدَّ من قضاء الله شيئاً.
ولقد ضمن الله العزيز الرحيم في محكم كتابه للصابرين، أنهم يوفون أجرهم بغير حساب،
فقال الله تعالى: " إنما يُوَفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب " فمن مثلُهم!!
وأخبر أنه معهم بهدايته ونصره العزيز وفتحه المبين،
فقال تعالى: " إن الله مع الصابرين "، فذهب الصابرون بهذه المعية التي هي خير الدنيا والآخرة.
وأخبر تعالى أن الصبر خير لأهله خبراً مؤكداً، فقال تعالى: " و لئن صبرتم لهو خير للصابرين ".
والحمد لله رب العالمين، ونسأل الله لنا ولكم العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة.
والسلام.(/)
اللغة العربية (المولد والنشأة والتطور)
ـ[جاد الحق]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 12:40 ص]ـ
العربية أكبر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة،1 ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأهواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا وللغة العربية أهمية قصوى لدى أتباع الديانة الإسلامية، فهي لغة مصدري التشريع الأساسيين في الإسلام: القرآن الكريم، والأحاديث النبوية المروية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلمات هذه اللغة. والعربية هي أيضًا لغة طقسية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في العالم العربي، كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى. وأثّر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولًا، أرتفعت مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وأثرت العربية، تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والفارسية والأرديةوالالبانية واللغات الأفريقية الأخرى واللغات الأوروبية كالروسية والإنجليزية والفرنسية والأسبانية والايطالية والألمانية. كما أنها تدرس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الأفريقية المحادية للوطن العربي.
العربية لغة رسمية في كل دول العالم العربي إضافة إلى كونها لغة رسمية في دول السنغال، ومالي، وتشاد، وإريتيريا. وقد اعتمدت العربية كإحدى لغات منظمة الأمم المتحدة الرسمية الست.
تحتوي العربية على 28 حرفًا مكتوبًا وتكتب من اليمين إلى اليسار -مثل اللغة الفارسية والعبرية وعلى عكس الكثير من اللغات العالمية- ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها.
"لغة الضاد" هو الاسم الذي يطلقه العرب لاعتقادهم بأنها الوحيدة بين لغات العالم التي تحتوي على حرف الضاد.
محتويات [إخفاء]
1 تصنيفها
2 نشأتها
3 اللغة العربية الفصحى
4 الكتابة العربية
5 الخط العربي الحديث
6 النطق
7 علوم العربية
7.1 النحو
7.2 البلاغة
8 اللهجات العربية
9 لغات تستخدم الأبجدية العربية رسميا
10 خصائص اللغة العربية وميزاتها عن اللغات الأخرى
11 تأثير العربية على اللغات الأخرى
12 تأثير اللغات الأجنبية على العربية
13 مناظرة الحروف العربية
14 الاختلافات بين العربية واللغات السامية
15 التعريب
16 الكتابة
16.1 العربية بحروف لاتينية
16.1.1 تاريخيا
16.1.2 العصر الحديث
17 انظر أيضا
18 هوامش
19 مراجع
[عدل] تصنيفها
تنتمي العربية إلى أسرة اللغات السامية المتفرعة من مجموعة اللغات الأفرو-آسيوية. وتضم مجموعة اللغات السامية لغات حضارة الهلال الخصيب القديمة (الأكادية) والكنعانية والآرامية واللغات العربية الجنوبية وبعض لغات القرن الإفريقي كالأمهرية. وعلى وجه التحديد، يضع اللغويون اللغة العربية في المجموعة السامية الوسطى من اللغات السامية الغربية، فتكون بذلك اللغات السامية الشمالية الغربية (أي الآرامية والعبرية والكنعانية) هي أقرب اللغات السامية إلى العربية.
والعربية من أحدث هذه اللغات نشأة وتاريخًا ولكن يعتقد البعض أنها الأقرب إلى اللغة السامية الأم التي انبثقت منها اللغات السامية الأخرى، وذلك لاحتباس العرب في جزيرة العرب فلم تتعرّض لما تعرَّضت له باقي اللغات السامية من اختلاط. [6] ولكن هناك من يخالف هذا الرأي بين علماء اللسانيات، حيث أن تغير اللغة هو عملية مستمرة عبر الزمن والانعزال الجغرافي قد يزيد من حدة هذا التغير حيث يبدأ نشوء أي لغة جديدة بنشوء لهجة جديدة في منطقة منعزلة جغرافيًا.
1 لغات سامية
??????? ??? ??????? ??? ?
2 سامية شرقية 3 سامية غربية
??????? ??? ?
4 وسطى 5 جنوبية
[عدل] نشأتها
مقال تفصيلي: تاريخ الأبجدية العربية
(يُتْبَعُ)
(/)
هنالك العديد من الآراء والروايات حول أصل العربية لدى قدامى اللغويين العرب فيذهب البعض إلى أن يعرب كان أول من أعرب في لسانه وتكلم بهذا اللسان العربي فسميت اللغة باسمه، وورد في الحديث الشريف أن نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من فُتق لسانه بالعربية المبينة، وهو ابن أربع عشرة سنة بينما نَسِي لسان أبيه، أما البعض الآخر فيذهب إلى القول أن العربية كانت لغة آدم في الجنة2، إلا أنه لا وجود لبراهين علمية أو أحاديث نبوية ثابتة ترجح أي من تلك الادعاءات. [7]
ولو اعتمدنا المنهج العلمي وعلى ما توصلت إليه علوم اللسانيات والآثار والتاريخ فإن جل ما نعرفه أن اللغة العربية بجميع لهجاتها انبثقبت من مجموعة من اللهجات التي تسمى بلهجات شمال الجزيرة العربية القديمة. أما لغات جنوب الجزيرة العربية أو مايسمى الآن باليمن أجزاء من عمان فتختلف عن اللغة العربية الشمالية التي انبثقت منها اللغة العربية، ولا تشترك معها إلا في كونها من اللغات السامية، وقد كان علماء المسلمين المتقدمين يدركون ذلك حتى قال أبو عمرو بن العلاء (770م): "ما لسان حمير بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا."
شاهد قبر امرئ القيس بن عمرو ملك الحيرة 3وقد قام علماء الآثار بتصنيف النقوش العربية الشمالية القديمة المكتشفة حتى الآن إلى أربع مجموعات هي الحسائية (نسبة إلى منطقة الأحساء) والصفائية والديدانية والثمودية، والأخيرة لا علاقة لها بقبيلة ثمود وإنما هي تسمية اصطلاحية. وقد كتبت جميع هذه النقوش بالخط المسند (أي الخط الذي تكتب به لغات جنوب الجزيرة)، وأبرز ما يميز هذه اللهجات عن اللغة العربية استخدامها أداة التعريف "هـ" أو "هنـ" أو "ام" بدلًا من "الـ" و مثال ذلك عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ السَّقِيفَةِ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ"و تعني " " ليس من البر الصيام في السفر ". "، ويعود تاريخ أقدمها إلى عدة قرون قبل الميلاد. أما أقدم النقوش باللغة العربية بطورها المعروف الآن فهما نقش عجل بن هفعم الذي عثر عليه في قرية الفاو (قرب السليل) في العربيه السعوديه، وقد كتب بالخط المسند ويعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، ونقش عين عبدات في صحراء النقب، ويعود تاريخه إلى القرن الأول أو الثاني بعد الميلاد، وقد كتب بالحرف النبطي. ومن أشهر النقوش باللغة العربية نقش النمارة الذي اكتشف في الصحراء السورية، وهو نص مؤرخ بتاريخ 328 م ومكتوب بنوع من الخط النبطي القريب من الخط العربي الحالي، وهو عبارة عن رسم لضريح ملك الحيرة امرئ القيس بن عمرو وصف فيه بأنه "ملك العرب". [8] [9] [10]
لم يعرف على وجه الدقة متى ظهرت كلمة العرب؛ وكذلك جميع المفردات المشتقة من الأصل المشتمل على أحرف العين والراء والباء، مثل كلمات: عربية وأعراب وغيرها، وأقدم نص أثري ورد فيه اسم العرب هو اللوح المسماري المنسوب للملك الآشوري (شلمانصر الثالث) في القرن التاسع قبل الميلاد، ذكر فيه انتصاره على تحالف ملوك آرام ضده بزعامة ملك دمشق، وأنه غنم ألف جمل من جنديبو من بلاد العرب، ويذكر البعض - من علماء اللغات - أن كلمة عرب وجدت في بعض القصص والأوصاف اليونانية والفارسية وكان يقصد بها أعراب الجزيرة العربية، ولم يكن هناك لغة عربية معينة، لكن جميع اللغات التي تكلمت بها القبائل والأقوام التي كانت تسكن الجزيرة العربية سميت لغات عربية نسبة إلى الجزيرة العربية.
اللغة العربية من اللغات السامية التي شهدت تطورًا كبيرًا وتغيرًا في مراحلها الداخلية، وللقرآن فضل عظيم على اللغة العربية حيث بسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته؛ في حين اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها غدا لغات محلية ذات نطاق ضيق مثل: العبرية، الامهريه لغه أهل الحبشة أو مايعرف اليوم بإثيوبيا، واللغة العربية يتكلم بها الآن قرابة 422 مليون إنسان كلغة أم، كما يتحدث بها من المسلمين غير العرب قرابة العدد نفسه كلغة ثانية.
[عدل] اللغة العربية الفصحى
مقال تفصيلي:لغة عربية فصحى
(يُتْبَعُ)
(/)
تطورت اللغة العربية الحديثة عبر مئات السنين، وبعد مرور أكثر من ألفي سنة على ولادتها أصبحت - قبيل الإسلام - تسمى لغة مضر، وكانت تستخدم في شمال الجزيرة، وقد قضت على اللغة العربية الشمالية القديمة وحلت محلها، بينما كانت تسمى اللغة العربية الجنوبية القديمة لغة (حمير) نسبة إلى أعظم ممالك اليمن حينذاك، وما كاد النصف الأول للألفية الأولى للميلاد ينقضي حتى كانت هناك لغة لقريش، ولغة لهذيل ولغة لربيعة، ولغة لقضاعة، وهذه تسمى لغات وإن كانت ما تزال في ذلك الطور لهجات فحسب، إذ كان كل قوم منهم يفهمون غيرهم بسهولة، كما كانوا يفهمون لغة حمير أيضًا وإن بشكل أقل، وكان نزول القرآن في تلك الفترة هو الحدث العظيم الذي خلد إحدى لغات العرب حينذاك، وهي اللغة التي نزل بها - والتي كانت أرقى لغات العرب - وهي لغة قريش، فكل أشعار العرب في العهد الجاهلي كتبت بلغة قريش وسميت لغة قريش منذ ذلك اللغة العربية الفصحى بقول القرآن "وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًا"، "وهذا كتاب مصدق لسانًا عربيًا" وقوله "وهذا لسان عربي مبين".
[عدل] الكتابة العربية
مقال تفصيلي:نشأة الكتابة العربية
مثال على تطور نظام الكتابة العربية منذ القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر، (1) البسملة كتبت بخط كوفي غير منقط ولا مشكّل، (2) نظام أبي الأسود الدؤلي المبكر و يعتمد على تمثيل الحركات بنقاط حمراء تكتب فوق الحرف (الرفعة)، تحته (الكسرة)، أو بين يديه (ضمّة)، و تستعمل النقطتين للتنوين (3) تطور النظام بتنقيط الحروف (4) نظام الخليل بن أحمد الفراهيدي، المستعمل إلى اليوم، وضع رموزا مختلفة للحركات فيما تبقى النقاط لتمييز الحروف. اللغات العربية القديمة كانت تكتب بالخطين المسند والثمودي، ثم دخل الخط النبطي على اللغة العربية الحديثة -وقيل أنه نسبة لنابت بن إسماعيل - فأخذ ذلك الخط مكان الخط الثمودي في شمال الجزيرة، وأصبح الخط المعتمد في لغة مضر "العربية الحديثة"، أما لغة حمير "العربية الجنوبية" فحافظت على الخط المسند. هذا بينما أخذ الخط النبطي - الذي هو أبو الخط العربي الحديث - يتطور أيضًا، وكان أقدم نص عربي مكتشف مكتوبًا بالخط النبطي وهو نقش (النمارة) المكتشف في سوريا والذي يرجع لعام 328م. وفي الفترة السابقة للإسلام كانت هناك خطوط أخرى حديثة للغة مضر مثل: الخط الحيري نسبة إلى الحيرة، والخط الأنباري نسبة إلى الأنبار، وعندما جاء الإسلام كان الخط المستعمل في قريش هو الخط النبطي المطور، وهو الخط الذي استخدمه كتّاب النبي محمد في كتابة رسائله للملوك والحكام حينذاك، ويلحظ في صور بعض تلك الخطابات الاختلاف عن الخط العربي الحديث الذي تطور من ذلك الخط، وبعض المختصين يعتبرون ذلك الخط النبطي المطور عربيًا قديمًا، وأقدم المكتشفات المكتوبة به نقش (زبد)، ونقش (أم الجمال) (568م، 513 م)، وأما النقوش السبئية فهي أقدم النقوش العربية والتي يرجع بعضها إلى 1000 ق. م.
[عدل] الخط العربي الحديث
مثال على الخط العربي. كان الحجازيون أول من حرر العربية من الخط النبطي، وبدأ يتغير بشكل متقارب حتى عهد الأمويين حين بدأ أبو الأسود الدؤلي بتنقيط الحروف، ثم أمر عبد الملك بن مروان عاصمًا الليثي ويحيى بن يعمر بتشكيل الحروف، فبدؤوا بعمل نقطة فوق الحرف للدلالة على فتحه، ونقطة تحته للدلالة على كسره، ونقطة عن شماله للدلالة على ضمه، ثم تطور الوضع إلى وضع ألف صغيرة مائلة فوق الحرف للفتح، وياء صغيرة للكسر، وواو صغيرة للضم، ثم تطور الوضع للشكل الحالي في الفتح والكسر والضم. كما تنوعت الخطوط العربية وتفشت في البلاد والأمصار.
[عدل] النطق
اللغة العربية أول لغة في العالم يستخدم فيها حرف الضاد، وحتى اللغة الألبانية التي تستخدم حرف الضاد فإن استخدامها له يرجع إلى وصول الإسلام واللغة العربية إلى ألبانيا على يد العثمانيين.
تحتوي اللغة العربية على 28 حرفا ثابتا يعبر كل منها عن لفظة مختلفة إضافة إلى الهمزة التي تتخذ 6 أشكال في الكتابة هي: ء أ إ ئ ؤ ئـ. لا يعد الكثير من اللغويين الألف مع الحروف لأنه لا يعبر عن لفظة معينة، إنما حركة طويلة (حرف علة). أما الواو والياء فيمكن أن يشكلا لفظة أو حركة طويلة.
[عدل] علوم العربية
[عدل] النحو
مقال تفصيلي:نحو عربي
(يُتْبَعُ)
(/)
النحو العربي هو علم يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب. فغاية علم النحو أن يحدد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات ووظيفتها فيها كما يحدد الخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع، سواءً أكانت خصائص نحوية كالابتداء والفاعلية والمفعولية أو أحكامًا نحوية كالتقديم والتأخير والإعراب والبناء.
والنحو أي الصرف والإعراب هو أهم العلوم العربية. (جامع الدروس العربية)
[عدل] البلاغة
مقال تفصيلي:علم البلاغة
الشعر العربي والنثر الذي يضم السجع والطباق والجناس والمقابلة والتشبيه ...
[عدل] اللهجات العربية
مقال تفصيلي:لهجات عربية
العربية لها كثير من اللهجات المختلفة ويمكن تقسيمها إلى:
اللهجة المصرية
لهجات الجزيرة العربية وتضم:
اللهجة القطيفية
اللهجة الحساوية
اللهجة الجنوبية
اللهجة الحجازية
اللهجة الشمالية
اللهجة القصيمية
اللهجة النجدية
اللهجات البدوية. وهي منتشرة في كل الدول العربية إلا أنها تُعتبر اللهجة المهيمنة في كل من دول الخليج،، العراق، ليبيا، الأردن
اللهجة الخليجية وتجمع أجزاء من شرق المملكة العربية السعودية والكويت، والإمارات، والبحرين وقطر
اللهجة البحرينية
اللهجة الكويتية
اللهجة العمانية
اللهجة الشحية
اللهجة اليمنية، وتتفرع منها:
اللهجة اليافعية
اللهجة الصنعانية
اللهجة الحضرمية
اللهجة الساحلية (التهامية)
اللهجة العدنية
لهجات بلاد الشام:
اللهجات السورية
اللبنانية
الأردنية والفلسطينية
اللهجة العراقية
اللهجة المصلاوية
اللهجة البغدادية
اللهجة الأنبارية
اللهجة البصراوية
اللهجة الجزائرية
اللهجة المغربية
اللهجة التونسية
اللهجة الليبية
اللهجة السودانية
اللهجة التشادية
اللهجة الحسانية المستعملة في معظم موريتانيا والصحراء الغربية وهي لهجة بعيدة عن اللهجات المغاربية.
[عدل] لغات تستخدم الأبجدية العربية رسميا
هناك عدد من الدول تستحدم الأبجدية العربية في كتابة لغاتها مع إضافة حروف عربية غير مستخدمة من قبل العرب أنفسهم كي تقوم بالإشتمال على جميع مخارج ونطق الأحرف لهذه اللغات، أما هذه اللغات فهي كالتالي
اللغة التترية: يانكا إملا.
اللغة الباشقوردية.
اللغة الأوردية.
اللغة الفارسية.
اللغة الكشميرية.
اللغة البشتونية.
اللغة الطاجيكية.
لغة ديفيهي.
اللغة القمرية
اللغة البربرية
اللغة الكردية.
بهاسا.
لغة ماندينكا
اللغة الملاوية.
اللغة البلوشية.
اللغة البالتية.
اللغة البراهوية.
اللغة البنجابية.
اللغة السندية.
اللغة الويغورية.
اللغة الكازاخية.
اللغة القرغيزية.
اللغة الأذرية.
اللغة الأروية.
اللغة المالايالامية بحروف عربية.
اللغة الأفريكانية: أفريكانس عربية.
اللغة البيلاروسية بحروف عربية.
اللغة المستعربة.
اللغة الجيلاكية.
اللغة الطبرية
اللغة اللورية.
اللغة السرائيكية.
اللغة الدارية.
اللغة الجغاتية، ويقال أيضا اللغة الشاغاتية بتشديد الشين.
اللغة الشياورجنة.
اللغة الشيشانية.
[عدل] خصائص اللغة العربية وميزاتها عن اللغات الأخرى
أنها أقدم اللغات السامية.
نزل بها القرآن الكريم.
فيها ظاهرة الإعراب التي لا يوجد في أي لغة أخرى.
مناسبة حروف اللغة لمعانيها.
لكل حرف فيها مخرجه، وصوته الخاص به.
قدرتها على الاشتقاق، وتوليد المعاني والألفاظ.
سعة مفرداتها وتراكيبها.
سعتها في التعبير.
قدرتها على التعريب، واحتواء الألفاظ من اللغات الأخرى بشروط دقيقة معينة.
فيها خاصية الترادف، والأضداد، والمشتركات اللفظية.
غزارة صيغها وكثرة أوزانها.
ظاهرة المجاز، والطباق، والجناس، والمقابلة والسجع، والتشبيه.
فنون اللفظ (البلاغة والفصاحة وما تحويه من محسنات).
وجود حرف الضاد للعَرَب خاصة ولا توجد في كلام العجم إِلا في القليل؛ ولذلك قيل في قول أَبي الطيب:
وبِهِمْ فَخرُ كلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّا دَ، وعَوْذُ الجاني، وغَوْثُ الطَّريدِ ذهب به
إِلى أَنها للعرب خاصة. [11] [12]
[عدل] تأثير العربية على اللغات الأخرى
(يُتْبَعُ)
(/)
امتد تأثير العربية (كمفردات وبُنى لغوية) في الكثير من اللغات الأخرى بسبب الإسلام والجوار الجغرافي والتجارة (فيما مضى). هذا التأثير مشابه لتأثير اللاتينية في بقية اللغات الأوروبية. وهو ملاحظ بشكل واضح في اللغة الفارسية حيث المفردات العلمية معظمها عربية بالإضافة للعديد من المفردات المحكية يوميا (مثل: ليكن= لكن، و، تقريبي، عشق، فقط، باستثناي= باستثناء ... ). اللغات التي للعربية فيها تأثير كبير (أكثر من 30% من المفردات) هي:
الأردية والفارسية والكشميرية والبشتونية والطاجيكية وكافة اللغات التركية والكردية والعبرية والإسبانية والصومالية والسواحيلية والتجرينية والأورومية والفولانية والهوسية والمالطية والبهاسا (مالايو) وديفيهي (المالديف) وغيرها.
بعض هذه اللغات ما زالت يستعمل الأبجدية العربية للكتابة ومنها: الأردو والفارسية والكشميرية والبشتونية والطاجيكية والتركستانية الشرقية والكردية والبهاسا (بروناي وآتشه وجاوة).
دخلت بعض الكلمات العربية في لغات أوروبية كثيرة مثل الألمانية، الإنجليزية، الإسبانية و الفرنسية.
[عدل] تأثير اللغات الأجنبية على العربية
لم تتأثر اللغة العربية باللغات المجاورة كثيرًا رغم الاختلاط بين العرب والشعوب الأخرى، حيث بقيت قواعد اللغة العربية وبنيتها كما هي، لكن حدثت حركة استعارة من اللغات الأخرى مثل اللغات الفارسية واليونانية لبعض المفردات التي لم يعرفها العرب.
وهناك العديد من الاستعارات الحديثة، سواء المكتوبة أم المحكية، من اللغات الأوربية، تعبِّر عن المفاهيم التي لم تكن موجودةً في اللغة سابقا، مثل المصطلحات السياسية (الإمبريالية، الأيديولوجيا، إلخ.)، أو في مجال العلوم والفنون (رومانسية، فلسفة، إلخ.) أو التقنيات (باص، راديو، تلفون، كمبيوتر، إلخ.). إلاّ أن ظاهرة الاستعارة هذه ليست حديثة العهد، حيث قامت اللغة العربية باستعارة بعض المفردات من اللغات المجاورة منذ القديم، افتقارًا للمعنى (أي تعبيرًا عن مفردات لم تكن موجودة في لغة العرب) (بوظة - نرجس - زئبق- آجر - ورق - بستان- جوهر (مجوهرات) - طربوش - مهرجان - باذنجان - توت - طازج - قناة - فيروز من الفارسية البهلوية مثلًا). وبشكل عام فإن تأثير الفارسية أكثر من لغات أخرى كالسريانية واليونانية والقبطية والكردية والأمهرية [13]. ودخل في لهجات المغرب العربي بعض الكلمات التركية والبربرية، مثل فكرون = سلحفاة.
هذا وتوجد نزعة إلى ترجمة أو تعريب كافة الكلمات الدخيلة؛ إلاّ أنها لا تنجح في كل الأحيان. فمثلًا، لا يُستعمل المقابل المعرّب للراديو (مذياع) عمليا، بينما حازت كلمة "إذاعة" على قبول شعبي واسع.
[عدل] مناظرة الحروف العربية
مقال تفصيلي:مناظرة الحروف العربية
كل لغة تشتمل على مجموعة بعينها من الأصوات. فالعربية مثلًا تشتمل على أصوات (حروف) التي لا تتواجد باللغة الإنجليزية أو الأردية. لذا فيستعمل ناطقو كل لغة أبجدية تتيح لهم تدوين الأصوات التي تهمهم سواء من لغتهم أو من اللغات الأخرى (كلغة القرآن).
[عدل] الاختلافات بين العربية واللغات السامية
العربية هي أكثر اللغات السامية احتفاظًا بسمات السامية الأولى فقد احتفظت بمعظم أصوات اللغة السامية وخصائصها النحوية والصرفية.
فقد احتفظت بأصوات فقدتها بعض اللغات مثل: غ، ح، خ، ض، ظ، ث، ذ. ولا ينافسها في هذه المحافظة إلا العربية الجنوبية.
احتفظت العربية بعلامات الإعراب بينما فقدتها اللغات السامية الأخرى.
احتفظت بمعظم الصيغ الاشتقاقية للسامية الأم، اسم الفاعل، المفعول. وتصريف الضمائر مع الأسماء والأفعال: بيتي، بيتك، بيته، رأيته، رآني.
احتفظت بمعظم الصيغ الأصلية للضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة.
يضم معجم العربية الفصحى ثروة لفظية ضخمة لا يعادلها أي معجم سامي آخر. ولهذا أصبحت عونا لعلماء الساميات في إجراء المقارنات اللغوية أو قراءة النصوص السامية القديمة كنصوص الآثار الأكادية والفينيقية والأوغاريتية وحتى نصوص التوراة العبرية.
[عدل] التعريب
مقال تفصيلي:تعريب
يستخدم مصطلح التعريب في الثقافة العربية المعاصرة في أربع معان مختلفة وقد يتطرق إلى معان أخرى، وتسبب أحيانا إلى الخلط:
(يُتْبَعُ)
(/)
قد يقصد بالتعريب إعادة صياغة الأعمال والنصوص الأجنبية إلى شيء من التصرّف في معناها ومبناها بحيث تتوافق مع الثقافة العربية وتصبح نوعا ما عربية السمة
وقد يقصد به أحيانا الترجمة، وهذا قريب الصلة بالمعنى السابق. لكن يرى اللغويين أن هذا خطأ وتنقصه الدقة؛ فالترجمة ليست تعريبا حيث أنها لا تتعدى نقل النصوص من لغة والتعبير عنها بلغة أخرى.
المعنى الثالث وهو الأشهر في الاستعمال، ويقصد به نقل اللفظة الأجنبية كما هي مع شيء من التعديل في صورتها بحيث تتماشى مع البناء العام والقواعد الصوتية والصرفية للغة العربية. مثل لفظة ابريق، وتلفاز وغيرها من الألفاظ غير عربية الأصل.
المعنى الرابع وهو ما يشيع بين الدارسين والمهتمين باللغة العربية، وبقصد به تحويل الدراسة في الكليات والمعاهد والمدارس إلى اللغة العربية بحيث تصبح لغة التأليف والتدريس مثلها مثل أي لغة في العالم. [14]
ويتماشى مع هذا المعنى "تعريب الحاسوب" - ليقبل العربية كمدخلات ومخرجات -وما يتعلّق به من برمجيات بحيث تصبح العربية هي اللغة الأساسية للتعامل معه انظر معالجة لغات طبيعية
والتعريب هو ابتداع كلمات عربية لتعبر عن مصطلحات موجودة بلغات أخرى وليس لها تسمية عربية، ويتم التعريب إما بالشكل العشوائي الذي يؤدي إلى ابتداع المجتمع أو نحته لمصطلح جديد، ككلمة التلفزيون مثلا، أو يتم بطريقة ممنهجة (وليس بالضرورة علمية أو صحيحة) عن طريق مجامع اللغة العربية مثلا، ويوجد في الوطن العربي عدة مجامع للغة العربية تختلف في تعريبها للمصطلحات مما يخلق بلبلة كبيرة في أوساط المستخدمين لهذه المصطلحات. فهي قد تكون معرّبة بشكل حرفي لدرجة أنها تفقد معناها التقني أو قد تكون مبنية على فهم خاطيء للمصطلح الأجنبي، كما قد تحاول إلباس كلمة عربية قديمة لباسا جديدا بصيغة غريبة لجذر ذو معنى ذا علاقة.
[عدل] الكتابة
[أظهر]
حروف هجاء العربية
ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن ه و ي
[أظهر] ألفات
أ · إ · ? · ? · ? · ? · ? · ?
[أظهر] باءات\تاءات\ثاءات
ٹ · ? · ? · ? · ? · پ · ? · ?
[أظهر] جيمات\حاءات\خاءات
? · ? · ? · ? · ? · چ · ? · ?
[أظهر] دالات\ذالات
· ? · ? · ? · ? · ? · ? · ? · ?
[أظهر] راءات\زايات
ڑ · ? · ? · ? · ? · ? · ? · ژ · ?
[أظهر] سينات\شينات
? · ? · ? · ?
[أظهر] صادات\ضادات
? · ? · ?
[أظهر] طاءات\ظاءات
?
[أظهر] عينات\غينات
? · ?
[أظهر] فاءات
? · ? · ? · ? · ? · ?
[أظهر] قافات
? · ?
[أظهر] كافات
ک · ? · ? · ? · ? · ? · گ · ? · ? · ? · ? · ?
[أظهر] لامات
? · ? · ? · ?
[أظهر] ميمات
?
[أظهر] نونات
? · ں · ? · ? · ?
[أظهر] هاءات
ھ · ? · ہ · ? · ?
[أظهر] واوات
? · ? · ? · ? · ? · ? · ? · ? · ?
[أظهر] ياءات
ي · ? · ? · ? · ? · ے · ?
التاريخ · الصواتة · التحريك · الهمز · ربط التاء · قصر الألف · مد الألف · الخط العربي · حساب الجمل
بوابة اللسان العربي
--------------------------------------------------------------------------------
ع • ن • ح
تُكتب اللغة العربية بالأبجدية العربية التي يكتب بها الكثير من اللغات الأخرى (انظر الجزء الخاص بتأثير العربية على اللغات الأخرى). وللغة العربية 29 حرفا حيث تعتبر الهمزة من حروف الهجاء بإجماع علماء اللغة رغم أن المتعارف عليه لدى العامة أنها 28 حرفاً. أما من الناحية التاريخية فإن سيبويه جعل أصول الأبجدية العربية 40 حرفاً استقرّ منها بالتواتر والزمن ما هو ثابت الآن.
[عدل] العربية بحروف لاتينية
[عدل] تاريخيا
كتبت العربية بحروف لاتينية في حالات تاريخية نادرة:
عربية المدجنين: ابتدعها عرب الأندلس في القرون من الرابع عشر حتى السابع عشر. [بحاجة لمصدر]
المالطية وهي لهجة عربية محكية في جزيرة مالطا نشأت بعد الفتح الجزيرة الإسلامي، يعدها المالطيون لغة مستقلة.
[عدل] العصر الحديث
نتيجة لضعف دعم الحواسيب للغة العربية في البداية ظهر عدة طرق لكتابة اللغة العربية بحروف لاتينية لكنها تظل محدودة التأثير وبخاصة بعد التقدم الملموس في دعم اللغة العربية حاسوبيا.
بعض أنظمة الطباعة وتنسيق النصوص (مثل عرب تخ) تستخدم الحروف اللاتينية لكتابة النصوص العربية، عبر أبجديات خاصة، لتفادى القصور في أنظمة الحاسوب قديما. مع ازدياد دعم يونيكود في الأنظمة الحديثة، تراجعت هذه الطرق كثيرا.
عربية الدردشة: وهي طريقة كتابة العربية بحروف لاتينية في الرسائل القصيرة ( SMS) على الهواتف المحمولة.
ويوجد حروف ليست موجودة في الاتينية لكن حلت المشكلة عن طريق وجود أرقام شبيه بالحروف ومنها {ق-9، ح-7، ط-6، خ-5، ع-3، ء-2،غ-3'}:
مثالا: ana aktob allo3'ata al3arabiya beste5dam 2al2a7rof allatinya
منقول للأمانة العلمية
ـ[طارق العليمى]ــــــــ[01 - 12 - 2009, 09:29 م]ـ
موضوع رائع شكرا لك(/)
شعبان و الاستعداد لرمضان
ـ[رقية القلب]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 02:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" موقع مداد "
شعبان و الاستعداد لرمضان
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. رواه البخاري برقم (1833) ومسلم برقم (1956)
http://www.midad.me/indexImages/rajb_pa.jpg
استمع للمزيد في هذه المحاضرة القيمة
من خلال زيارة الرابط التالي:
http://www.midad.me/sounds/view/47963
هذه المادة منقولة من موقع .. : مداد: ..
www.midad.me
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 02:36 ص]ـ
بارك الله فيكِ أختنا الكريمة على نقلكِ ونسأل الله أن يوفقنا دوماً لطاعته.(/)
تسلية أهل المصائب [11]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 09:37 ص]ـ
" تسلية أهل المصائب بذكر ما ورد في الصبر على المصيبة "
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد، أما بعد:
قال الله تعالى: " وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ".
وقال تعالى: " و لمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ".
وقال تعالى: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ".
وعن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا أُرِيكَ امرأةً من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أُصْرَعُ، وإني أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ تعالى لي، فقال: " إنْ شِئْتِ صَبْرْتِ ولَكِ الجنة، وإن شئت دعوتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ". فقالت: أَصْبِر، ثم قالت: إنِّي أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فَدَعَا لَها ". رواه البخاري ومسلم.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطُّهُور شَطْرُ الإيمان، والحمدُ لله تَمْلأُ الميزان، وسُبْحانَ اللهِ والحمد لله تَمْلآنِ ما بينَ السماء والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ بُرْهَانٌ، والصبرُ ضِيَاءٌ، والقرآنُ حُجَّةٌ لكَ أو عليكَ " الحديث. رواه مسلم.
عن أبي سعيد الخُدْرِي ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " ... ، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وما أُعْطِي أحدٌ عَطَاءً خيراً وأَوْسَعَ من الصبر ". رواه البخاري ومسلم.
وعن صُهَيب بن سِنان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عَجَباً لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَه كُلَّهُ له خير، وليسَ ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ!
إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضَرَّاءُ، صَبَرَ فكان خيراً له ". رواه مسلم.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ الله عز وجل، قال: إذا ابتليتُ عبدِي بحبيبتيه، فصبر، عَوَّضْتُهُ منهما الجنة " ـ يريد عينيه ـ رواه البخاري.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ما يُصِيبُ المسلمَ من نَصَبٍ، ولا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ، ولا حَزَنٍ، ولا أَذَىً، ولا غَمٍّ، حتى الشوكةُ يُشَاكُها، إلا كَفَّرَ اللهُ بها من خطاياه ". رواه البخاري ومسلم. الهَمُّ: على المستقبل، والحَزَنُ: على الماضي، والنَّصَبُ: التَعَب، والوَصَبُ: المَرَض.
وروي من حديث أبي موسى الأشعري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا يُصِيبُ العبدَ نَكْبَةٌ فما فوقَها أو دُونَها إلا بذَنْبٍ، وما يعفو الله عنه أكثر ". قال: و قرأ " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يُصِبْ منه " رواه البخاري. قوله: (يصب) بفتح الصاد وكسرها.
وروى سعيد بن منصور في سننه: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ نُعِيَ إليه أخوه قُثَمُ، وهو في سَفَرٍ، فاسْتَرْجَعَ، ثم تَنَحَّى عن الطريقِ فأناخَ، ثم صلى ركعتين، فأطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ".
وقال هُشَيمٌ: حدثنا خالد بن صفوان، قال: حدثني زيد بن علي، أن ابن عباس كان في مَسِيرٍ له، فنعي إليه ابنٌ له، فنزل فصلى ركعتين، ثم استرجع، وقال: فَعَلْنَا كما أمرنا الله: " واستعينوا بالصبر والصلاة ".
وقال أبوالفرج بن الجوزي: رُوي عن أم كلثوم ـ وكانت من المهاجرات ـ أنه لما غُشِيَ على زوجها عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ خرجت إلى المسجد تستعينُ بما أُمِرَتْ به من الصبر والصلاة.
وعن ـ ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يُوعَكُ، فقلت يا رسول الله، إنك توعك وَعْكاً شديداً، قال: " أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم ". قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: " أجل. ذلك كذلك، ما من مسلمٍ يُصيبهُ أذَىً، شوكةٌ فما فوقها، إلا كَفَّر الله بها سيّئاتِه، كما تَحُطُّ الشجرةُ وَرَقَها ". رواه البخاري ومسلم. والوَعْكُ: مَغْثُ الحُمَّى، وقيل: الحمى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يَزَالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ، في نفسِه، وولدِه، وماله، حتى يَلْقَى اللهَ تعالى، وما عليه خطيئة ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تُنْصَبُ الموازينُ يوم القيامة، فيُؤْتَى بأهل الصلاة، فيُوَفَّونَ أجورَهم بالموازينِ، ويؤتى بأهل الصيام، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحجّ، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء، فلا يُنْصَبُ لهم ميزانٌ، ولا يُنْشَرٌ لهم دِيوَان، ويُصَبُّ عليهم الأجرُ صَبًّا بغير حساب، ثم قرأ " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا، أن أجسادهم تُقْرَضُ بالمقاريض، مما يذهب به أهل البلاء من الفضل ". رواه ابن منجويه في تفسيره.
غفر الله لكم ولوالديكم جزاء حرصكم على تعلم السنن وآثار السلف. وألبسكم الصحة والعافية والإيمان ما أبقاكم. وصلى الله على نبينا محمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 10:17 ص]ـ
" تسلية أهل المصائب بذكر فضل الزهد في الدنيا والتسلية عنها والرغبة في الآخرة "
قال الله تعالى: " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا "
فالاستمتاع بالدنيا قليل، ومتعتك بها قليل من قليل، وثواب الآخرة خير وأفضل لمن اتقى المعاصي، وأقبل على الطاعات.
فإن الدنيا دار قلعة وزوال، ومنزل نقلة وارتحال، ومحل نائبة وامتحان، ومتاع غرور وافتتان. فلا ييأس على ما فات منها، ولا يُفرح على ما وجد منها، ولا يجزع على ولد أو نفس تموت، ولا يحزن على أمر يفوت.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل " وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري.
قال جماعة من العلماء في تفسير هذا الحديث: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطنا، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تغتز بها، فإنها غَرَّارة خداعة. ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله فاستعن.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ: " ألهاكم التكاثر ". قال: " يقول ابن آدم: مالي. مالي. وهل لك يابن آدم من مالك، إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت ".
وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وجلسنا حوله، فقال: " إنّ مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها ".
وفي صحيح مسلم عنه أيضا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدنيا حُلوة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء ".
وفي مسلم أيضا، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟! هل مر بك نعيم قط؟! فيقول: لا، والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يابن آدم، هل رأيت بؤسا قط؟! هل مر بك شدة قط؟! فيقول: لا، والله ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط ".
وإنه لمن العجب أن ترى العبد يصدق بدار الخلود، وهو يسعى لدار الغرور!
فمن أحبه الله حماه الدنيا، كما يحمى أحدكم مريضه الماء.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات.
وقال الحسن البصري رحمه الله: والذي نفسي بيده، لقد أدركت أقواما، كانت الدنيا أهون عليهم من التراب الذي تمشون عليه.
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: علامة السعادة: اليقين في القلب، والورع في الدين، والزهد في الدنيا، والحياء، والعلم.
وأخيرا من بذل وسعه في التفكر التام علم أن هذه الدار رحلة، وأن مبدأ السفر، من ظهور الآباء، إلى بطون الأمهات، ثم إلى الدنيا، ثم إلى القبر، ثم إلى الحشر، ثم إلى دار الإقامة الأبدية. دار المؤمنين، دار السلام من جميع الآفات، وهي دار الخلود. فالعدو سبانا إلى دار الدنيا، فنجتهد في فكاك أسرنا، ثم في حث السير إلى الوصول إلى دارنا الأولى. وفي مثل هذا يقول ابن القيم رحمه الله في نونيته:
فحيَّ على جناتِ عدنٍ فإنها ... منازلُك الأولى وفيها المخيمُ
لكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلمُّ
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا، على ما يسر من إتمام السلسلة التي كان عنوانها " تسلية أهل المصائب "، وأشكر جميع الإخوة والأخوات أعضاء المنتدى ومشرفيه، الذي ما فتئوا يشجعون ويحمسون حتى تمت ولله الحمد، وأشكر جميع إخوتي الأعضاء الذين ينيرون متصفحي صباحا ومساء، داعين ومثنين، جمعني الله بهم في مستقر رحمته، تجاوز الله عن سيئاتهم، ورفع درجاتهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 10:46 ص]ـ
حقا أخي أبا أيوب
النفس تجزع مما يصيبها، ولكن عزاؤنا في الهدي النبوي الشريف.
وفيما نقلتَ كثير من الفائدة التي يمكن أن تتعزى بها النفس
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 01:39 ص]ـ
حقا أخي أبا أيوب
النفس تجزع مما يصيبها، ولكن عزاؤنا في الهدي النبوي الشريف.
وفيما نقلتَ كثير من الفائدة التي يمكن أن تتعزى بها النفس
أهلا بك أخي طارق سعدت بمرورك
وودت أن تجمع هذه السلسلة في موضوع واحد بموضوعاتها [11] لينتفع منها جميعها. وطلبت منك ذلك لكونك مع لجنة الإشراف العام والسلام.(/)
:العبادات والفرق بين شرعيها وبدعيها: للشيخ رسلان
ـ[- أبو عبد الرحمن -]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 12:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
العبادات والفرق بين شرعيها وبدعيها
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2342 ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2342)
http://www.rslan.com/images/index/Al3ebadat.jpg (http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2342)
نبذة مختصرة عن المحاضرة: قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - في ((مجموع الفتاوى)): فَإِنَّ هَذَا بَابٌ كَثُرَ فِيهِ الِاضْطِرَابُ كَمَا كَثُرَ فِي بَابِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ, فَإِنَّ أَقْوَامًا اسْتَحَلُّوا بَعْضَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ, وَأَقْوَامًا حَرَّمُوا بَعْضَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى, وَكَذَلِكَ أَقْوَامًا أَحْدَثُوا عِبَادَاتٍ لَمْ يُشَرِّعْهَا اللَّهُ - بَلْ نَهَى عَنْهَا -. وأَصْلُ الدِّينِ: أَنَّ الْحَلَالَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ, وَالْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ, وَالدِّينَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسلَّمَ.
(المادة متوفرة صوتيًا rm & mp3 ومرئيًا wmv )
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=2342(/)
مريم الشعر
ـ[شويعرة]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 12:50 م]ـ
مريم الشعر
قال عماد مالك يا صفية ووضعت البيت من الشعر صبرا
عقمت فلا شعر يلقى العشية وكبر البيت فصار شعرا
فتنهدت آها على الشعر حتى فأراد أن يأخذ لأمه ثأرا
تدفأت من آهي تلك الشظية أراد هجاءا لكن ذاك تعذر
وذابت ثلوج وجفت بحور فشعري يا سادتي همه أكبر
وظن أناس أن آهي انبعاث لا تلوموه إن يوما هو قصر
لموجة حر قالوا أنها موسمية أو تعدى خطكم الأحمر
ولكن أرصاد سوق عكاظ فوالله إن الرضا و السكوت
قالت بأن آهي احتباس الشعر عن المنكر بعينه منكر
في جوف شويعرة واقعية
تمردت وعمرها عشرون عاما في 10 أوت 2008
فصلت وتابت ونوت صياما
تسحرت من هموم الكبار الشويعرة *صفية *
وارتوت من فتنة قوم تعالوا
على الدين والعرف والإنسانية
وأمسكت فجرا عن الشعر قهرا
فحرام عليك الكلام صفية
تغشاها حمل من الشعر غصبا
ويا ويل من حبلت وهي صبية
فغربت دهرا ولاقت آثاما
وقال القاضي ارجموها كلاما
ولا تردوا عليها السلام(/)
نقدكم أهل الفصاحة.
ـ[محمود سعيد أحمد]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 10:21 م]ـ
نقدكم أهل الفصاحة لهذه القصيدة رجاء إصلاحها.
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=48388
ولكم جزيل الشكر.
:; allh(/)
العدد السابع من مجلة منتدى التوحيد هااااام!!!
ـ[نوره محمد]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 02:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا هو العدد السابع من مجلة منتدى التوحيد المتخصصة في الرد على التيارات الفكرية المعاصرة المعادية للإسلام كاللادينية واللاأدرية والشيوعية والليبرالية والعلمانية ومنكري السنة النبوية، وذلك وفقا لعقيدة أهل الحديث والأثر، أهل السنة والجماعة.
فنسأل الله عز وجل أن ينفع به وأن يجعله عملا صالحا متقبلا.
محتويات العدد:
- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم العقيدة (1)
- أبو الفتح الليبرالي يوصي ابنه!
- تحت راية القرآن
- لو قالت: أنا حُرَّة!!
- أفتونا أيها التطوريون
- لا أعلم هويتي (الجزء الثالث)
- ملاحدة أوباش
- الأدلةُ القرآنيةُ على حجيةِ السنة النبوية (4)
- وإذا كنت أنت الدليل!
- دور التوحيد في صناعة النصر
للتحميل اضغط على غلاف المجلة ( http://www.eltwhed.com/majalah/tawhed07.rar)
لتحميل الأعداد السابقة انقر هنا ( http://www.eltwhed.com/vb/forumdisplay.php?f=52)
وهذا هو رابط الموضوع ( http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?p=136047#post136047)(/)
مفاتيح النجاح الرمضاني
ـ[عادل بن أحمد باناعمة]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 01:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنتُ ومازلت أقول: إنني أتهيب الحديث في الموضوعات الإيمانية لما أعلمه من نفسي من قصور أخشى معه أن أدخل في دائرة (لم تقولون مالا تفعلون).
ولولا رجاء أن تقدح مثل هذه الإحاديث همةَ نقيٍّ تقيٍّ فيقع لصاحبها من الأجر ما يقع له لما كان لي أن أخوض فيها.
هذه خطبة كنتُ ألقيتها في مطالع شهر رمضان من العام الماضي، وفيها معانٍ جيادٌ أحسبها نافعةً جداً لمن أراد أن يكون شعاره هذا العام: (رمضان غير)!!
ولعل من يرى فيها من الإخوة شيئا حسناً أن يكون سبباً لنشرها عبر المجموعات البريدية أو المنتديات فصاحبكم قد لا ينشط كثيراً لمثل هذا على جليل فضله وعظيم نفعه.
إليكم رابط الخطبة الصوتي:
http://www.4shared.com/file/121508676/101a4e86/___online.html
وإليكم نصّها:
مفاتيح النجاح الرمضاني
خطبة جمعة بمسجد محمد الفاتح
أعدها
أبو البراء عادل باناعمة
5/ 9/1429هـ
قبل نحو شهرين أو ثلاثة كانت قلوب الملايين معلقةً بنتائج الامتحاناتِ، الكل يرجو النجاح ويخشى الرسوب.
كنت ترى علائم القلق وهي ترتسم على الوجوهِ، وسيماء الترقّب وهي تخطُّ على الجباه قصصاً شتّى، وحكاياتٍ متباينةً.
وحين جفّتِ الأقلامُ بالنتائج، وبانَ كَوْرُ من اجتهدَ واستعدّ، وحَوْرُ من تكاسلَ وما اشتدّ .. حين كان ذلك زغردت بالبشرى حناجر، وغرقتْ في دموع الأسى محاجر!!
تذوّق الناجحون للنجاح طعماً لذيذاً، فرحوا به وفرح به من حولهم، وكَرَعَ الراسبون للفشل شراباً كريهاً يتجرعونه ولا يكادون يسيغونه.
خرج الناجح يحمل في يمناه البشارة، يزهو بها على أقرانِهِ، ويدلّ بها على أهلِهِ وإخوانِهِ، وكل من حوله يرى له حقاً في نشوةٍ غامرةٍ أوجبها نجاحٌ جاءَ بعد تعبٍ ونصبٍ.
وخرج الراسبُ يخفي بيسراه ورقةِ فضائحِهِ، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به! وكل من حوله يراه جديراً بالملامةِ، حقيقاً بالتوبيخ.
الجميع كان يحس بقيمة (النجاح الدراسيّ) ..
والجميع كان يحس بحسرة (الفشل الدراسي) ..
تُرى ...
هل حملنا ذات يوم هذا الإحساس الحاد بالنجاح والفشل ونحنُ نتعامل مع شهر رمضان الكريم؟!!
أعني هل فكرنا ذات يومٍ بمدى أهمية أن (ننجح) في هذا الشهر؟ ومدى كارثة أن (نفشل) فيه؟!
لماذا يكون شعورنا بثنائية النجاح والفشل حاداً جداً في جانب الدراسة، والوظيفة، والتجارة وغيرها من أمور الدنيا .. ويكون باهتاً جداً عندما يتعلق الأمر بالجانب العبادي؟
بعبارة أوضح ...
لماذا نهتم بالنجاح في المشاريع الدنيوية، ولا نبالي بالنجاح في المشاريع الأخروية؟
دعونا نتأمّل قليلاً في قيمةِ (النجاح) في هذا الشهر المبارك شهر رمضان!
روى ابن حِبّان في صحيحه عن طلحة بن عبيد الله، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجلان من بَلِيٍّ، فكان إسلامهما جميعاً واحداً، وكان أحدهما أشد اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد فاستشهد، وعاش الآخر سنة حتى صام رمضان، ثم مات، فرأى طلحة بن عبيد الله – أي في المنام - خارجاً خرج من الجنة، فأذن للذي توفي آخرهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلى طلحة، فقال: ارجع فإنه لم يأن لك، فأصبح طلحة يحدث به الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثوه الحديث، وعجبوا، فقالوا: يا رسول الله كان أشد الرجلين اجتهادا، واستشهد في سبيل الله، ودخل هذا الجنة قبله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أليس قد مكث هذا بعده بسنة؟» قالوا: نعم. قال: «وأدرك رمضان فصامه، وصلى كذا وكذا في المسجد في السنة؟» قالوا: بلى، قال: «فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض».
انظروا الآن وتأملوا ...
(أليس قد مكث هذا بعده بسنة وأدرك رمضان فصامه)!!
لقد كان (نجاحُ) هذا الصحابي الجليل في شهرِ رمضانَ سبباً لأن يسبق إلى الجنةِ من كان أكثر منه اجتهاداً وعبادةً! (نجاحُهُ) في شهرٍ واحدٍ من شهور (رمضان) جعله يسبق هذا السبق البعيد.
فهل يشعر كل واحدٍ منا الآن بقيمة (نجاحه) في شهر رمضان؟
دعونا ننظر إلى الزاوية الأخرى ..
إلى كارثة (الفشل الرمضاني) ...
(يُتْبَعُ)
(/)
روى ابن حبان أيضا في صحيحه عن مالك بن الحويرث، قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فلما رقي عتبة، قال: «آمين» ثم رقي عتبة أخرى، فقال: «آمين» ثم رقي عتبة ثالثة، فقال: «آمين» ثم، قال: «أتاني جبريل، فقال: يا محمد، من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، قلت: آمين ... الحديث.
إنها كارثةٌ فعلاً .. دعاءٌ من سيد الملائكة وتأمين من سيد البشر!
على أي شيء؟
على (إبعاد) من فشل في رمضان ولم ينجح! (من أدركه رمضان فلم يغفر له).
وازنوا الآن بين الصورتين .. صورة الناجحين في رمضان ممثلةً في ذلك الرجل البلويّ السابق إلى الجنة، وصورة الراسبين فيه ممثلةً في من دعا عليه الملك بالإبعاد وأمَّنَ النبيّ صلى الله عليه وسلم.
يقول علماءُ النفسِ: إن المسافة بين صورة النجاح والفشل في أي قضيةٍ كانت هي التي تتحكم في حجم الدافع الداخليِّ لدى الإنسان.
فكلما زادت هذه المسافة .. زادت حماسة الإنسان للنجاح.
وكلما قلّت .. فترت همته وقل سعيه للنجاح.
بمعنى أنك إذا كنت لا ترى فرقاً كبيراً بين أن تنجح أو أن تفشل في قضيةٍ ما فإن حماسك للنجاح في هذه القضية يكون ضئيلاً جدا.
ولكنك إذا كنت تجد فرقاً هائلاً بين نجاحك وفشلك فسيدفعك ذلك دفعاً شديداً لأن تطلب النجاح وتحصّله.
وأنا عندي اعتقادٌ أكيدٌ بأنّ عدم استشعارنا العميق للفرق بين الناجحين في رمضان والفاشلين فيه سببٌ من أسبابِ قلةِ احتفالنا بالنجاح الرمضانيّ.
وأحسب أننا جميعاً بعد هاتين الصورتين المتضادتين قد بدأنا نشعر بقيمةِ النجاح في شهر رمضان ..
وهذا الشعور العميق هو أول الدوافع نحو البحث عن (مفاتيح لهذا النجاح الرمضانيّ).
وهذه المفاتيح هي ما أحاول أن أتحدث عنه في هذا المقام .. قلتُ: أحاول وأنا أعني ما أقول؛ لأن الموضوع أكبر من طاقتي العملية .. والأهمّ أنه أكبر من طاقتي الروحية .. وعافيتي القلبية .. ولكنني أحاول .. أحاول فحسب. وعسى أن يكون في السامعين من هو أزكى قلباً وأنقى روحاً وأعلى همةً فينشطَ لما كسلتُ فيه أنا.
في ظنّي أن مفاتيح النجاح الرمضانيّ خمسة أنسقها مسجوعةً ليكون ذلك أدعى لحفظها:
المفتاح الأول: كمال الاستعداد.
والمفتاح الثاني: جمال الاستمداد.
والمفتاح الثالث: تحريك أشواق الفؤاد.
والمفتاح الرابع: التخطيط المستفاد.
والمفتاح الخامس: مكمّلات الزاد.
أما (كمال الاستعداد) فشيءٌ قد فات وقتُهُ للأسف، وأعني به أن يتهيّأ الإنسان لهذا الشهر قبل قدومِهِ، ويستعدّ للحظاتِهِ قبل ورودِهِ، وقد سلف لهذا المنبر حديث مفصَّلٌ عنوانه (استعدّ من الآن) أحسبُ أنّه وفّى هذا المفتاح حقَّهُ من النظر والفحص.
وأما (جمال الاستمداد) – وهو المفتاح الثاني – فهو سرٌّ من أسرار النجاح الرمضانيِّ يعرف قيمته من وُفِّق إليه.
وحقيقته أن يستمد العبدُ من ربه العونَ على الطاعةِ والعبادةِ، وأن يكون كما قال القائلُ:
دعِ العبدَ ياعبدُ وارفع يديك ودقّ السماءَ وقل ياودودْ
ولقد ربط سبحانه وتعالى بين العبادة والاستعانة ربطاً محكماً في قوله جل جلاله: (إياك نعبدُ وإياك نستعين). إن هذا الجمع بين العبادة والاستعانة في آية كريمةٍ نكررها في كل ركعة من صلواتِنا معناهُ أنّ عليك أيها العبدُ أن تعقلَ أنه لا سبيل لك إلى كمال العبادة إلا عبر بوابة الاستعانةِ.
وقد تكرر هذا المعنى في النصوص الشرعية .. وأوضح ما هنالك مارواه أحمدُ وغيره عن عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ: (يَا مُعَاذُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ)، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أُحِبُّكَ، قَالَ: (أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ).
فهذه وصية نبويةٌ جاءت في سياق المحبةِ فحواها أن على الإنسان أن يستعين بالله على طاعته دبر كل صلاة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وللعظيم آبادي في عون المعبود تعليق لطيفٌ على هذا الحديث خلاصته أن النبيّ صلى الله عليه وسلم علَّم معاذاً أن يستعين بالله في سائر أنواع العبادات .. فالذكر إشارة إلى عبادة اللسان، والشكر إشارة إلى عبادة الجِنان (أي القلب)، وحسن العبادةِ إشارة إلى عبادة الأركان (أي الجوارح)! وبهذا تُستوفى كل أنواع العبادة. [انظر عون المعبود]
وقد صدق من قال:
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى ... فأول ما يقضي عليه اجتهادُهُ!
كم هي المراتُ التي عزمنا فيها على ضروبٍ من الطاعات في رمضان ثم لم نوفق لها؟
كم مرةٍ جلسنا مع أنفسنا وقلنا: سنختم كذا وكذا ختمة، ونصلي كذا وكذا ركعة، ثم وجدنا أنفسنا لا نفي بما عزمنا عليه ولا حتى بنصفه أحياناً!!
هل تعرفون السبب؟
السبب أنّنا فكرنا وقدرنا ولكننا مارفعنا أيدينا بصدق وقلنا: يارب أعنّا على ما عزمنا عليه من الطاعة، فوكلنا الله لأنفسنا!! ومن وُكِل إلى نفسه فقد وُكِلَ إلى ضيعةٍ وعجز، ألم يقل نبيّنا صلى الله عليه وسلم – فيما رواه أحمد -: (وَأَشْهَدُ أَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تَكِلْنِي إِلَى ضَيْعَةٍ وَعَوْرَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ)؟
لماذا يفتقر العبد في أداء العبادة إلى الاستعانة؟
لأنّه إنما يعبد الله بجوارحِهِ وهذه الجوارح بيد الله إن شاء بعثها وإن شاء قعَدَ بها، وتأملوا قوله تعالى: (ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم)، قال الشوكاني في فتح القدير: أي حبسهم الله عن الخروج معك وخذلهم. وعليه فمن شاء تنشيط جوارح للعبادة فليستعن بخالقها ومصرّفها.
كذلك يفتقر العبد في أداء العباة إلى الاستعانة لأنّه إنما تحسُنُ عبادتُهُ بحضورِ قلبِهِ وخشوعِهِ والقلوب – كما صح في الحديث عند مسلم – (بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحدٍ يصرفه حيث يشاء). فمن شاء تصريف قلبِهِ من الإدبار إلى الإقبال، ومن القسوة إلى اللين، ومن الغلظِ إلى الخشوع فسبيله أن يطرق باب الله ويستعين به.
وانظر جليل أثر الاستعانة في باب العبادة فيما رواه الذهبي في سيره [7/ 178] في ترجمة الزاهد القدوة شيخ العباد عبد الواحد بن زيدٍ، فقد ذكر أنَّ فُلِجَ في آخر حياتِهِ فعزّ عليه ألا يتوضّأ وألا يقوم بين يدي ربه فسأل اللهَ العون على ذلك، فكان إذا حانتِ الصلاةُ أُطلِقت جوارحه فقام وتوضأ وصلى فإذا رجع إلى سريره فلج كما كان!!!
ولاغرو وقد رأينا هذه الاستعانة أن يبقى عبد الواحد يصلي الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة!
أخي ..
إذا كانت الاستعانةُ بالله قد حركتِ الجوارح الميتة فنشطت للطاعة فكيف لا تبعث همةً خامدةً؟ وكيف لا تنشّط جسداً كسولاً؟ وكيف لا تحرك قلباً فاتراً؟
حدثني أخٌ كريم أنه كان إذا اعتكف في الحرم غلبه النعاس في صلاة القيام، وأنه احتال على ذلك بمحاولة زيادة (جرعة) النوم فصار يغفو حتى بين المغرب والعشاء حسب الإمكان .. ولكن بلا فائدة .. وحين هُدِي إلى الطريق الصحيح رفع يديه واستعان بالله صادقاً مخلصاً .. وصار قبل كل صلاة قيام يدعو بإلحاح أن يصرف الله عنه كل ما ينغص صلاتُهُ .. فإذا هو يجدُ للصلاة طعماً آخر! وماعادت قلة النوم تشغل باله!!
عليك – أيها الأخ - بهذا المفتاح مفتاح جمال الاستمداد كلما عزمتَ على طاعةٍ، وكلما رأيت فتوراً، وكلما هممتَ بأمر خيرٍ فلم تطاوعك نفسك .. وانظر من بعدُ كيف تتنزل عليك البركات.
المفتاحُ الثالثُ للنجاح الرمضانيّ هو (تحريك أشواق الفؤاد) .. وسرُّهُ أن القلبَ هو الذي يحمل الإنسان على الفعلِ إذا أحبَّ، ويحمله على الترك إذا أبغضَ، وأما العقل فقصارى أمره أن يقول لك: هذا صوابٌ وهذا خطأ .. أما الباعثُ والدافعُ والمحرّكُ فقلبيٌّ صِرْفٌ.
ومشكلتنا اليوم مع رمضان أننا (نعرفُ) كثيراً من فضائلِهِ وبركاتِهِ ولكننا (لانشعر) قلبياً بهذه الفضائل والبركاتِ، وبالتالي لا نشتاقُ إليها، ومن ثمَّ نبقى نراوح عبادياً في أماكننا!!
(يُتْبَعُ)
(/)
إنَّ العقل هو (مستودع) معلومات، وإنَّ القلب هو (مخزن) مشاعرَ. في جهاز الحاسوب هناك (أوامر) مخزنة في الذاكرة، هذه الأوامر تظلُّ جامدةً حتى تجري في الجهازِ حرارة الكهرباء، فيتمكّن الجهاز من تحويل تلك الأوامر إلى (إنجازاتٍ) تشاهدُ عبر الشاشة .. ما في عقولنا من معلوماتٍ عن رمضان وفضائله هو كهذه الأوامر .. تظل جامدةً حتى يتدفق تيار المشاعرِ القلبيّ .. حينئذٍ فقط تتحول إلى عملٍ.
وهذا هو المفتاح الثالث .. أن نحرِّكَ أشواقَ الفؤاد نحو رمضان وعباداتِهِ من خلال تحويل (فضائله) من معلوماتٍ مجرّدةٍ عقلية نسابق الواعظ في ذكرها، إلى مشاعرَ حيّةٍ قلبيّةٍ. لنأخذ مثالاً .. (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه) .. دعونا نجتهد في تحويل هذه المعلومة إلى شعور!
لنقف هنيهةً مع أنفسِنا .. كم هي المعاصي التي ارتكبناها؟
كم مرةٍ نظرنا إلى الحرامِ؟ كم مرة سمعنا الحرام؟ كم مرة نطقنا بما يسخط الله؟ كم مرة قصرنا في حقوق الوالدين والأرحام؟
كم منا من وقع في الفواحش؟
وكم منا من كذب؟
وكم منا من خالط جوفه مالٌ حرامٌ؟
كم في خفايانا من ذنوبِ سرّ لا يعلمُها إلا الله .. يؤرقنا مجرد التفكيرُ فيها؟
ثمّ .. هل فكرنا كم من الرزق حرمناه بسبب هذه المعاصي؟ وكم من التوفيق فاتنا بسببها؟ وكم من العقوبة حلت بنا جراءها؟
ثم .. هل فكرنا فيما ينتظرنا في القبر ويوم القيامةِ من عقوبةٍ لا قبل لنا بها جراء اجترائنا على حرمات الله؟
كل هذا البلاء الآخذ بأكظامِ النفسِ يمكنُك أن تتحرر منه في شهرٍ واحدٍ!!
يا ألله!
شهرٌ واحدٌ تمحو عذابات السنين؟!!
شهر واحدٌ يذهبُ بأوزارٍ كأمثالِ الجبالِ ناءت بها ظهورنا .. ووجلت لها قلوبنا؟
شهر واحدٌ – وربما ليلة واحدةٌ منه - تنفض عنا عوائق التوفيق، وموانع البركة؟
نعم .. هو كذلك رمضان .. يغسلك ياسيدي .. يغسلك بالكليةِ .. ويخرجُكَ نقياً كماء السماء .. أبيضَ كسحابِ السماء .. حراً كهواء السماء ..
هل تدرك قيمة ذلك؟
أقصد .. هل (تشعر) بقيمةِ ذلك؟
شيءٌ آخر في هذا السياقِ ..
هل تدرك الفرق بين عمر بن الخطابِ رضي الله عنه قبل الإسلام وعمر بعد الإسلام؟
هل تدرك الفرقَ بين عبد الله بن المبارك المغنّي شاربِ الخمر وعبد الله بن المبارك العلم الإمام المحدث الرباني؟
هل تدرك الفرقَ بين الفضيل بن عياضٍ قاطعِ الطريقِ اللصّ النهّابِ والفضيل العابد الزاهدِ التقي النقي؟
لقد كان في حياة هؤلاء جميعاً (لحظةٌ) تحول فيها مسار حياتهم، وتبدلت شخصياتهم، واعتدلت بوصلتهم .. إنّها لحظةُ الهدايةِ والتوفيقِ بها صاروا من حال إلى حال.
اصدقني .. ألا تتمنى في حياتك لحظةً كهذه .. تنفضك نفضاً، وتنقلك من الدرك الذي أنت فيه فإذا بك وليٌّ من أولياء الله الصالحين، وعلمٌ من أعلام الأمة العاملين؟
تذكر إذنْ أنّ شهر رمضان الذي (تنجحُ) فيه هو أرجى أوقاتِ حياتك لتحقيق لحظة الهداية هذه.
هل بدأنا نشعرُ (بقيمة) هذا الشهر، وبمقدار ما يمكنُ أن يحدثه في حياتنا من أثر؟!!
بمثل هذا النظر (نحرّك أشواق الفؤاد) ونبعثُ في معلومات (العقل) حياة (القلب) .. ويالها من حياة!
مفتاح النجاح الرمضانيّ الرابع هو (التخطيط المستفاد).
والناس يخططون لكل شيء .. لدراستهم، لتجارتهم، لبيوتهم، بل يخططون حتى لنزههم وإجازاتهم .. ثم هم بعد ذلك لا يخططون لعبادتهم! ولا يخططون للنجاح الرمضاني!!!
وعندي أن التخطيط العباديّ الرمضانيَّ له ثلاثةُ أبعاد:
أولها: منهجةُ العبادة .. بأن تجعل لك منهجاً واضحاً فيما تريد إنجازه من عبادات رمضانية، كن واضحاً .. كم ختمة تريد أن تختم؟ كم مرة ستصلى على النبي في اليوم؟ كم مرة ستستغفر؟ بكم ستتصدق؟ ارسم لك منهجاً واضحاً محدداً لما تريد من عبادات لأن ذلك سيشدّك إلى هدفك ويجعل بين يديك معياراً تحاسب به نفسك يومياً .. واحذر أن يكون كل ترتيبك للعبادة رغبةً مبهمةً غائمةً في الإكثار من الخير.
وثانيها: تفتيت العبادة .. عندما تستعظم عبادةً من العبادة جزّئها وقسّمها على أوقات اليوم وسترى كم هي سهلةٌ!!
(يُتْبَعُ)
(/)
قد تستصعب الجلوس لقراءة ثلاثة أجزاء في اليوم .. ولكن حرصك على الجلوس عشر دقائق قبل كل صلاة وعشر دقائق بعدها يجعلك تختم القرآن في عشرة أيام دون تعبٍ ولا نصب!!
قد تستثقل التسبيح ألف مرة! ولكن تقسيمك لهذه الألف على مشاوير العمل ومقاضي البيت وحوائج العيد سيجعلك تسبح ألفي مرة في اليوم دون أن تشعر!
فتِّتِ العبادة وقسّمها تسهل عليك بإذن الله.
وثالث أبعاد التخطيط العبادي في رمضان: تركينُ العباداتِ .. بمعنى أن تجعلها ركناً في برنامجك اليومي .. تدير عليها بقية الأشغال ولا تديرها هي حول الأشغال.
اختر عدداً من العبادات وحدد لها أوقاتاً واجعلها أركاناً في برنامجك اليومي .. تماماً كما تجعل وقت الدوام الوظيفي ركناً لا يجور عليه شيء من المشاغل.
عند يكون التبكير إلى المسجد للفريضة ركناً في برنامجي اليومي فإنني لن أتأخر عنه لأني عندي موعداً مع فلانٍ وأريد أن أصلي عنده! ولن أتأخر عنه لأنني متعب وأريد النوم! ولن أتأخر عنه لأن بين يدي عملاً ما أريد أن أفرغ منه!
وعلى ذلك قس.
بهذه الأبعاد الثلاثة يستطيع الإنسان أن يخطط لعباداته الرمضانية تخطيطا يدنيه بإذن الله من المراد، ويملّكه مفتاحاً من مفاتيح النجاح الرمضانيّ.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
= الخطبة الثانية:
بقي لنا مفتاحٌ من المفاتيح التي تحاول خطبتنا هذه أن تشرحها.
إنه المفتاح الذي سميناه (مكمّلات الزاد).
ومعناه أن يبحث كل إنسان عن تلك (المكمّلات) التي ترفدُه وتساعده في طريقه نحو النجاح الرمضانيّ.
فالبعضُ – مثلاً – ينتفع كثيراً بمواعظِ فلانٍ أو فلانٍ من المشايخ فليكثر إذن من الاستماع إليه.
والبعض – مثلاً – تهزه الصلاة خلف فلانٍ من أعماقِهِ فيبكي ويخشع فليحرص إذن على هذه الصلاة.
والبعض – مثلاً – ينتفع كثيراً بخلوةٍ بين يدي ربه ومولاه .. فليُدمن إذن على لحظاتِ الخلوة هذه.
والبعض – مثلاً – تهزُّهُ ركعاتُ الأسحارِ يترنّم فيها بالقرآن من محفوظه فليغتنمها ولا يفوتها.
وهكذا لتبحث أخي عما يحرك قلبك .. وينمي شوقك .. ويبعث همتك .. فتلك هي مكملات زادك في طريقك المشرق نحو النجاح الرمضانيّ.
وبعد ...
فعندي يقينٌ أنَّ كل واحدٍ منا لو توسّل بهذه المفاتيح فسوف يجد لرمضان طعماً آخر لم يكن يجده ..
وأرجو أن تكون درجاتُهُ في نهايةِ الشهر عاليةً جداً .. وأن يكون نجاحه مبهرا ً ... على نحو – ربما – لم يكن يتوقعه!
وحينها يذوق طعم النجاح .. ويحظى بلحظاتِ الوصلِ والقربِ .. ويقول مع ذي النون مناجياً:
أموت وما ماتت إليك صبابتي
ولا رَوِيت من صدق حبك أوطاري
مُناي المنى كل المنى أنت لي منى
وأنت الغِنى كل الغِنى عند إقتاري
وأنت مدى سؤلي وغاية رغبتي
وموضع شكواي ومكنون إضماري
ألست دليل الركب إن هم تحيّروا
ومنقذ من أشفى على جرفٍ هارِ
أنرت الهدى للمهتدين ولم يكن
من النور في أيديهم عشر معشارِ!!
[رائق الشهد: 105]
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 03:30 م]ـ
فتح الله عليك
ـ[ولادة الأندلسية]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 06:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وبارك فيك
نسأل الله العظيم أن يعيننا على أن تكون هذه المفاتيح
ضمن مخططاتنا لرمضان هذا العام فهي حقا جدا رائعة ومفيدة
اللهم بلغنا رمضان، اللهم اجعلنا من الفائزين برحمتك في رمضان
اللهم اجعلنا من المرحومين، والمعتوقين من النار.
اللهم آمين، وصل اللهم وبارك على نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم.
ـ[السلفي1]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 01:03 ص]ـ
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنت أيها الشيخ الكريم ,وبارك الله تعالى فيك , فقد أجاد لسانك ,وأفاد , ووفيت ,وكفيت.
ما ذكره الشيخ صحيح في جملته , وفيه من اجتهاده ,وقد أشار إليه بظنه , والحكم منوط
بالظن كما قرره الأصوليون ,
والحديث الأول عند ابن حبان وغيره , فهو عند ابن ماجه برقم 3925 و أحمد برقم 1403
والبيهقي عن الحاكم برقم 6768 وعند أحمد بن منيع وعند الضياء من طريق محمد بن
يحيى بن أبي عمر العدني ,
والأصل في العزو عند المحدثين أن نبدأ بالصحيحين ثم السنن ثم الصحاح ثم المسانيد ثم
المعاجم ثم المصنفات , وقد يُتساهل في الآخيرين.
وعليه: فالأصل عند عزو حديث طلحة بن عبيد الله أن نعزوه أولاً إلى ابن ماجه ثم ابن
حبان , ولا نقدم عليه ابن حبان امتثلا لنهج العلماء وقوة الأسانيد ,
وطريق ابن حبان رجاله ثقات إلا أنه منقطع , ففيه انقطاع بين أبي سلمة بن عبد الرحمن
و طلحة بن عبيد الله كما نص عليه ابن المديني وانب معين وغيرهما ,
وللحديث شواهد , حسنه بها بعضهم , وصححه بعضهم , فالحديث حسن لغيره ,
والعلم لله تعالى.
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[15 - 08 - 2009, 09:35 ص]ـ
:):)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[23 - 08 - 2009, 02:06 م]ـ
بارك الله فيك أستاذ عادل بن أحمد با ناعمة فقد أجدت وأفدت.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[23 - 08 - 2009, 03:05 م]ـ
جزاك الله كل خير أستاذ عادل باناعمة وبوركت على هذه الخطبة الجميلةوفى موازين حسناتك بإذن الله.(/)
الحرف دون حجاب نصف موزون
ـ[شويعرة]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 09:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مهداة إلى كل عشاق الحرف والمعنى السامي.عشاق الفصاحة والفصيح.
الحرف دون حجاب نصف موزون
علني زادك تقوى الميامين ** و اجف لومي فذا فعل الشياطين
و اعرج إلى مولاك وارجوه مغفرة ** عن ذنب جنته عين على عين
واستر بنياتي وحجبها بأنتك ** فالحرف دون حجاب نصف موزون
يا غربة حرفي في جوف مسمعك ** قيدته بعد ما كان غير مسجون
أذقته علقما فاعتل خاطره ** يشكو الجوى فتجيب بكل توهين
يا قاطع وصل بناتي معذرة ** ما هكذا غنت بنات حسون
إن لان غصن البان فالريح عاتية ** وما عتت ريحك إلا لتليني
نخيل غابي يا صاح ما اهتز ثابته ** تمايل رقصا بذاك تلحين
سقيته منك عذبا فعذبه ** و طلع غرسك فيه يا صاح عزيني
إن سامك لفح من هجر هاجرة ** فظل نخلي وقف لكل مسكين
فهز بجذع إحداهن مكرمة ** فرطبها تقوى شعري و تلقيني
بنات شعري اشتقن وشوقهن غدا ** كحسرة المعزين بعد تأبين
ارم حرابك فمجني اشتد لينه ** أنت وهبته منك قدرا بتمكيني
عرفت ما كان من سالف عهدي ** و ما علمت بسر يومي و تكويني
فاعلم بأن كوني بعدكم أضحى ** كونين كون الأمس و كون يغزوني
فأما كون الأمس فالذكرى تحفظه ** والثاني لازال بالهجر يغويني
ملاحظة
هذه إحدى محاولاتي أرجو أن تعجبكم.و أنا أنتظر آراءكم وتعليقاتكم السديدة(/)
هديّة الجمعة
ـ[زينب هداية]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 01:44 م]ـ
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللّهمّ صلّ على حبيبك محمّد المصطفى الأمين
جمعة مباركة للجميع
مقطع نادر من تلاوة الحجرات والحاقّة - الحجرات
javascript:openWithSelfMain('http://www.abdalbasit.com/modules/quran/player.php?id=1365','player',435,138)
من موقع الشّيخ عبد الباسط عبد الصّمد رحمه الله و أسكنه الغرفات و نعّمه بالنّظر إلى وجهه الكريم
قولوا آمين
http://www.abdalbasit.com/
ـ[زينب هداية]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 01:47 م]ـ
إذا لم يُفتح رابط الهديّة، فادخلوا الموقع:
http://www.abdalbasit.com/
و اختاروا على يمين الصّفحة ما تشاؤون، فالهدايا كثيرة
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 02:02 م]ـ
أجمل ما حملته (المفضلة)
لك أسمى الدعوات يا أخية
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 02:06 م]ـ
جزاكِ الله كل خير أختنا الكريمة على الهدية وهديتكِ وصلت بارك الله فيكِ والشيخ عبد الباسط من مشايخ القرآن الذين ما أظن أن هناك من قرأ القرآن بهذه الجودة والإتقان مثلهم ونضيف إلى القائمة الشيخ المنشاوى فأنا مغرم بسماعه وأحبه كثيراً وكذلك الشيخ الحصرى، والشيخ مصطفى اسماعيل وغيرهم الكثير رحمة الله عليهم أجمعين ونور دربهم بالقرآن بارك الله فى قارئى القرآن المجودين له والمتقنين لنطق حروفه على الشكل الصحيح الذى قرأ به النبى (صلى الله عليه وسلم).
ـ[محمد أبو النصر]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 02:12 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين يارب العالمين اللهم ما ارحمه وارحمنا ونعمنا بالنظر إلى وجهك الكريم يارب يارب يوم القيمة
جزاكِ الله خيرا
ـ[زينب هداية]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 08:12 م]ـ
تقبّل الله منّا ومنكم صالح الأعمال(/)
طلب استشاره من المقام السامي ...
ـ[المقام السامي]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 03:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا طالب متخرج من جامعة الملك عبدالعزيز تخصص لغة عربية وحبيت ان استفسر شبكة الفصيح وكوني اعلم بان بعض روادها قد قاموا بتدريسي ونحن نحب المشوره قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} ..
قال تعالى: اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون
تخرجت من الجامعه بتقدير جيد مرتفع 3.52من 5 وكنت احاول الوصول الى جيد جداً ولكن شائت الاقدار والله على كل شيء قدير
تفاجئت بعد تخرجي ان شهادة البكالوريوس في اللغه العربيه لايوجد لها في سوق العمل مجال واصبحت بمثل من يبيع الشعر في سوق الكساد
ولكنني وقفت لاانظر الى حالي المزريه فعقدت العزم على مواصلة الدراسات العلياء وحينما ذهبت الى عمادة الدراسات العليا فاجئوني بان القبول يشترط تجاوز اختبار التوفل في الانجليزيه
واتجهت الى جامعة ام القرى ولم يحالفني الحظ
فشاورت نفسي وابي على ان اشد الرحال الى القاهره بعد الاماني والاحلام التي رسمتها لنفسي في حال تخرجي من الجامعه من الوظائف وغيرها لكن تظل احلام ورديه فقدت في واقع مرير.
ولكن الى الان لم ابداء مراحل التقديم وكون خطر لي عدة افكار واطروحات لعل شبكة الفصيح واعضائها يساعدوني على حلها
وهي قبل التقديم في اللغه العربيه حاولت ان اقدم على البكالوريوس في القانون ولكن افادوني بانها تشترط التخصص العلمي؟! وهذا ماجعلني اتوجه الى قسم العربيه.
اما الان؟!!
هل اقدم على ماجستير لغة عربيه تخصص ادب وبلاغه في جامعة القاهره وماهو المستقبل الوظيفي لذلك؟؟؟
او اقدم من جديد في القاهره في كلية الحقوق لاحصل على بكالوريوس حقوق
حيث انني استفسرت هل يجوز لي مواصلة الدراسات العليا في الحقوق فقالوا لابد ان يكون لديك ليسانس حقوق ...
افيدوني جزاكم الله خيرا.(/)
هل أنت منهم؟؟
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 07:16 م]ـ
هل فزت برمضان
الفائزالأول
وهو من أهل التزكية,,
هو الذي صفاه الله تعالى من بين العباد فكان من المصطفين، قال تعالى: "وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَاوَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى" طه (75 - 76)
((جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى))، جزاء الذي طهر نفسه، الذي وضع يده على عيبه، الذي فهم نفسه، الذي دعا ربهُ أن يؤتيهِ تزكية نفسه.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
والتزكية أن مثلا: وجدت نفسك كسولا جداً في الطاعة، تقوم بها بضغط شديد على نفسك، كسول، ماذا تقول هذا؟؟؟ هذه علامات نفاق. ربنا يقول عنهم: " وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُواكُسَالَى" النساء 142
الكسل هذا علامة من علامات النفاق، هل ترضى بالدرك الأسفل من النار؟ هل ترضى أن تتواجد بكَ خصلة من خصال النفاق؟؟؟؟ لا، لا يصلح ...
عرفت عيبك؟ نعم، فماذاستفعل؟
يجب أن أتنشط في طاعة الله، لابد أن يخرج هذا المعنى من داخلي، لابد أن أشحذ همتي لكي لا أكون كسولا فيطاعته.
ماذا أفعل؟ أحافظ على الصلاة في أول أوقاتها
لابد أن يظل لي ورد ثابت من القرآن
لابد أن يكون لي ورد من النوافل
لابد أن افعل شيئا، لن أتكاسل لكيلا أبقى على هذا الخطر الكبير.
هذا علم عيبه وسيظل طوال الوقت يعمل عليه، هذا
هو الفائز.:)
http://up.elbaghdadi.net/upfiles/IQt16057.gif (http://%5b/FONT%5D%5BURL=%22http://up.elbaghdadi.net/%22%5d%5bimg%5dhttp:/up.elbaghdadi.net/upfiles/IQt16057.gif%5b/img%5d%5b/url)
شخص آخر وجد نفسه بطيئا في الطاعة، هذا ليس كسولاً، هو يقوم للطاعة لكن قدمه ثقيلة، بطيء في طاعة الله. ووجد نفسه لما تتهافت عليه الفتن، يدخل يقبل عليها، سريعفي معصية الله. وعندما يراجع نفسه يقول: ما هذا؟ أليست هذه صفة المعذبين في القبر؟ أليس عملي الصالح سيأتيني فيقول: "فوالله ما علمتك إلا كنت سريعا في إطاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيرا"،
و عملي الفاجر يأتيني في أسوء صورة، أسود الوجه، مُنتنِ الرائحة، فيقول: "أنا عملُك الخبيث فو الله ما علمت إلا كنت بطيئا عن طاعة الله، سريعا إلى معصية الله، فجزاك الله شرا".
كما قال ذلك فى الحديث هنا
أنت وعملك فى القبر
فهل تريد هذا العذاب في القبر؟؟؟!!!
فيقف مع نفسهِ وقفه ويقول: لا لا لا ... لا يجب أن أتعذب فى القبر، لأن القبر أول منازل الآخرة، إذا صلح صلُحَ ما بعده و إذا فسد فسد مابعده ... لن أرضى بتلك الحال لنفسي، لابد أن أكون سريعا في طاعة الله.
فيبدأ في شحذ همته ويبدأ في التغيير، و يُبادر في الطاعات، يصبح من المُسارعين في الخيرات،
يقول له أحدهم هناك جنازة اليوم، يجري ليُشيعُها. هيا نعود مريضا، هيا نقوم بعمل بر، هيا ننفق في سبيل الله تعالى، هيا بنا نؤمن ساعة.
سريع في طاعة الله،
إنما لما تأتي المعاصي، يتصل به واحد من رفقة الأنس فيجد في نفسه انحرافا ونفسه تحدثهُ بالمعاصي القديمة ويبدأ في خيالاته القديمة ويعيش المعاصي، يصبح بطيئا من جديد لو وقع يقع بعد مراحل كثيرة جداً، كارها بطيئا في معصية الله هذا هو المعنى،
هل عرفت عيبك؟ نعم، عرفت كيف تعالجه؟
هذا هو قد أفلح من تزكى، الذي علم كيف يزكي نفسهُ بهذا الأسلوب
http://up.elbaghdadi.net/upfiles/IQt16057.gif (http://%5b/FONT%5D%5BURL=%22http://up.elbaghdadi.net/%22%5d%5bimg%5dhttp:/up.elbaghdadi.net/upfiles/IQt16057.gif%5b/img%5d%5b/url)
شخص ثالث يجد نفسه شحيحة، بخيلة، والشح ليس معناه أنه لا يُنفق مالا، الشح أن نفسه تأمره دائماً بالإحجام، أن لا يفعل شيئا، شح و بخل في أن يبذل أي شيء لاه.
فعندما يسمع حديث والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند النسائي وصححه الألباني " لا يجتمع الشح و الإيمان في قلب عبد أبدا"، ما هذا؟؟؟ ألا يصبح مؤمنا؟ أ يكون فاسقا؟ أيكون منافقا؟ أيشدهُ الشح حتى يقع في أعمال كفر؟
هل ترضى بذلك؟
لا. فيبدأ في ترغيب نفسه قال الله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
" وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {9} "الحشر
فلا بد أن أصبح من أهل الفلاح، و لابد أن أنجح مع ربنا.
ما الفلاح؟ ناجح مع الله.
لابد أن أنجح مع الله.
يأخذ القرار بأن يغير من نفسه، قرار تغيير من رمضان هذه السنة، لا بد أن أفلح، لابد أن أنجح لن أرضى لنفسي بالدونية. لن أرضى لنفسي بالخسران. لما نُعطى الدانية في دينينا؟
يأخذ القرار بأن تكون بينه وبين الله هذه السنة قصة نجاح. في ماذا؟؟؟ في طلب علم، أو في عبادة أو في دعوة أو في عمل أو في بر أو في أعمال الخير التي يقوم بها ...
لا بد أن أنجح هذه السنة، لا بد أن أضع لنفسي هدفا ... سوف أقوم بحفظ خمسة أجزاء من القرآن، أنا في هذه السنة سوف أقوم بختم القرآن، سوف أنهي بابا من أبواب العلم، سوف أتعلم أسماء الله وصفاته، في هذه السنة لابد أن أوثق علاقتي بالله ...
يأخذ القرار وتبقى قصة نجاح مع الله
http://up.elbaghdadi.net/upfiles/IQt16057.gif (http://%5b/FONT%5D%5BURL=%22http://up.elbaghdadi.net/%22%5d%5bimg%5dhttp:/up.elbaghdadi.net/upfiles/IQt16057.gif%5b/img%5d%5b/url)
شخص رابع
يجد نفسه تحب أن يعلم الناس بأعماله. أن يقول أطول صلاة صليتها في حياتي هذه السنة، كنت أقوم بالصلاة بجزء ثم أقوم بتهجد بعدة أجزاء ... يحب أن يراه الناس في هذا المكان، أو يحدث بعمل،
فيقول ما هذا؟؟؟ إنها آفة الرياء، لقد وقعت في الشرك الأصغر. وعندما تسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم والحديث في المسند بإسناد صحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء يقول الله يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" ..
اطلب الثواب من الناس، اجعلهم ينفعوك ... ماذا يفعل؟؟؟ لقدعلمت أني مُرائي أو عندي شُبه الرياء و نفسي تحب أن تنطق بما فعلت هذا العام في كل حين، وتريد أن تقول الموقف الفلاني وتصف بعض اللحظات ...
يا سيدي اسكت ...
فيأخذ القرار،
وما القرار؟؟؟ أتعلم الإخلاص. و أول شيء أخلص قلبي من الالتفات إلى الناس. الناس لابد أن يكونُوا دون قدر عندي، دون قدر في قلبي، أحترمهم و أعطيهم حقوقهم كبشر، كأقارب، كأصدقاء، كمسلمين لكن لا يوجد لهم وزن في قلبي، لا يهمني أن يروني أو لا يروني، ماذا افعل بهم؟؟؟؟ عباد مثلي.
أن أتعلم هذا المعنى لكي اُخرج شُبهة الرياء من نفسي، وأبدأ في السعي في الإخلاص، وماذا افعل؟؟؟
أتعلم أن يكون لي عمل في السر، أعمل شيئا بيني وبين الله، لايطلع عليه سوى الله. أن أتعلم الإخلاص فيه. أن أرجو الله عز وجل و ادعوه كثيراً أن يبلغني الإخلاص في عملي. أن أحاول على قدر المسُتطاع أن أجود عملي حتى إذا وضع بين يديه كان في أحلى ما يكون.
هل تعلمون أن السيدة عائشة عندما كانت تمسك المال الذي تتصدق به وماذا تفعل؟ تُطيبه وتضع فيه العطر و تقول إنه يقع في يد الله قبل أنيقع في يد السائل.
أريدك أن تمسك عملك وتعمل هذا عليه وتأتي بزجاجة العطر، وهذا العطر هو المعاني الإيمانية الحلوة التي لابد أن تتواجد في قلبك، وتعطر بهاعملك بحيث يكون أجود ما يكون، أحلى ما يكون، أن تتعلم الخشوع في الصلاة وتتعلم الصدقة والبذل ولا يبقى شُح نفس كل هذه المعاني. فهمت!!!!!!!!
الفائز الأول من رمضان هذا العام هو الذي فهم نفسه فسعى إلى تزكيتها طيب نريد أن نأخذ واجبا عمليا على هذا الجزء، ماذانفعل؟؟؟
هذه هي التزكية
فتقف وقفه ونبدأ في التعرف على ما نريد أن نفعل؟ ماذا نريد؟
نريد أن تعمل على علاج الافات
مثلا أنا عندي عجب يعني أفرح بعملي، أفرح بنفسي، في حديث روى الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال: " و ثلاث مهلكات: هوى متبع و شح مطاع و إعجاب المرء بنفسه "
ماذا يفعل الإعجاب؟ يحبط العمل.
سأتعلم هذه السنة كيف أني لاأستحق الفضل، و أنه لا يصلح أن أنسب الفضل لنفسي.
و أن علمت عن نفسي أني أيأس بسرعة، قنوط، هذا هو الإنسان يؤوس قنوط. إذا أنا عرفت من نفسي أنى أحبط بسرعة، ماذا أفعل لها؟ يجب أن أعمل عليها هذه السنة بحيث أعطى جرعات الأمل وحسن الظن، و هذه المعاني لكي أداوي هذه الآفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
و إن علمت عن نفسي أن يتأخذني العزة بالإثم و أكابر، أرى أني ذو قيمة كبيرة، و في نفس الوقت يبقى الحق أمامي واضحا، أكابر و أدفعه و أبعده بطرق الحق وغمت الناس. فهنا حينما أعلم قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِالْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَالرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُسَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَاغَافِلِينَ (146} (الأعراف)
فهنا اخاف على نفسي والزم التواضع و الحق
فالعلاج
أني سأضع بيني و بين نفسي هذه المعاني وسأقف و أكتب بواقعية أخطر شيء عندك،؟؟؟
و إن علمت عن نفسي ضعفِ وان الشيطان لا يحتاج أن يبذل جهدا معي، يكفي أن يستخدمني كما يريد هو ثم يضعها ... و يُضيع أعمالي هذه كلها بذنوب الخلوات والنظر المحرم والقنوات الفضائية والمواقع الإباحية ولايحتاج أكثر من هذا.
فالعلاج هنا:: أول شيء أتعلم المراقبة،
وماذا تعنى المراقبة؟ الله يراني حالياً الله، مُطلع علي، بصير، شهيد رقيب، لا يصح أن يرى مني هذا، لا يصح أن أقف أمامه بين يديه ويقررني على أعمالي ويقول لي كنت تقوم بأى ذنب من ذنوب الخلوات ما رأيك؟ لو أن أحدا كبير و له هيبة عندك لا تقدر أن تفعلها أمامه، كبير وله هيبة وتتخفَ. يستخفون من الناس ولا يستخفون منالله وهو مهم إذ يُبيتون ما لا يرضى.
ترضى يكون اسمك عند الله فوق خوان أثيم. تفعل ذنوبا كثيرة ومعتاد عليها، جد قاسية ومرة ... لا يصح أن تعيش لها هكذا.
عينك تقع على ما لا يُحب لكنك تحب، هو لا يُحب هذه المعصية ولكن أنت تُحبها،
مَن أعلى في قلبك أنت أم هو؟؟؟؟
تستسلم لها وبعد ذلك تقول ماذا أفعل؟ نعم، الذنب مُر جدا، لا يصح أن تعيش لها هكذا.
عندما أعلم حق الحياء من الله
فهنا أعرف أن هذا الموضوع يجب أن أجد لهُ حلا.
سأفعل كل مابوسعي، سأتضرع ليل نهار حتى لو كنت أقع في الذنب كل ليلة سأقول له: يا رب قني السيئات يا رب كره إلي النظر المحرم وووو وكره إلي أن افعل شيئا أنت لاتُحبه، كره إلي كل شيء في قلبي أنت تكره، أي شيء يغضبك و أنا أحبة، كره إلي الكفروالفسوق والعصيان.
سأبكي له و سأستنفذ جهدِي كله لكي يرضى. سأقول له: يا رب، يا رب، إن أردت بقوم فتنة، لو أن الشباب اليوم يتفتنُون بالدنيا وووو إن أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، طهرني و اقبضني عندك. أنا لن أتحمل، ربى السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، رب الموت أحب إلى من الفتنة، والفتنة أشدُ من القتل.
.
لو لم تستطع تُزكي نفسك فابدأ في قراءة كتاب مثل تزكية النفس للشيخ أحمد فريد،
اقرأ كتابا مثل قصة الالتزام للشيخ يعقوب،
اقرأ في كتاب عيوب النفس لأبي عبد الرحمن السُلمي،
الفائز الأول كان صاحب التزكية
يُتبع مع باقي الفائزين
ـ[زينب هداية]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 08:19 م]ـ
جزاك الله الخير كلّه
نصائح من ذهب
اللّهمّ بلّغنا رمضان
اللّهمّ بلّغنا رمضان
اللّهمّ بلّغنا رمضان
ـ[السلفي1]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 08:25 م]ـ
[ QUOTE= ياحامل القرآن;360738] [ CENTER
شخص ثالث يجد نفسه شحيحة، بخيلة، والشح ليس معناه أنه لا يُنفق مالا،
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنت أخيتي الكريمة ,وأحسن الله تعالى إليك , وبارك فيك , ونفع بك ,
هل عدم الإنفاق يخرج عن مسمى الشح؟ ّ
الشح أن نفسه تأمره دائماً بالإحجام، أن لا يفعل شيئا، شح و بخل في أن يبذل أي شيء لاه [/ COLOR].[/SIZE][/FONT]
[FONT=Comic Sans MS][SIZE=6] فعندما يسمع حديث والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند النسائي وصححه الألباني " لا يجتمع الشح و الإيمان في قلب عبد أبدا"، ما هذا؟؟؟ ألا يصبح مؤمنا؟ أ يكون فاسقا؟ أيكون منافقا؟ أيشدهُ الشح حتى يقع في أعمال كفر؟
قلتُ: هل الشح منافٍ للإيمان , فيصر صاحبه منافقًا؟
وما معنى عدم اجتماع الشح الإيمان في قلب العبد؟
هل تعلمون أن السيدة عائشة عندما كانت تمسك المال الذي تتصدق به وماذا تفعل؟ تُطيبه وتضع فيه العطر و تقول إنه يقع في يد الله قبل أنيقع في يد السائل
قلتُ: ليتك أخيتي الكريمة تصدقتِ على أخيك الفقير بنقل إسناد هذا الأثر.
مثلا أنا عندي عجب [/ COLOR] يعني أفرح بعملي،
[ COLOR="blue"] قلتُ: هل فرح المسلم بعمله عجبٌ؟
وكيف نفهم حديث: " للصائم فرحتان " ,
مع قوله تعالى: " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ... الآية ".
قلتُ: لقد أجادت أختنا الكريمة , وأفادت , بارك الله تعالى في يدها ولسانها
,وسدد عقلها وفكرها , وإنا لنأمل منها المزيد.
والله الموفق.(/)
فاستبقوا الخيرات
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 07:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أود أن أفتح من خلال هذا الموضوع مجالا لطرح الأفكار بخصوص التواصى بأعمال البر فى رمضان
فنتمنى من كل فرد أن يقدم نصيحة أو فكرة أو عمل من أعمال البر نتواصى بها فى رمضان
وتكون هذه الفكرة مستندة على أدله من القرآن أو السنة أو السلف الصالح وبارك الله فيكم
واللهم بلغنا رمضان
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 07:33 م]ـ
النبي صلى الله عليه وسلم قال "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين" [رواه أبو داوود وصححه الألباني] ..
ونحن لا نريد أن نُكتب فى هذا الشهر من الغافلين، حتى لا تُرفع الأعمال فنكون من الخاسرين .. فعليك أن تصلي وتداوم على صلاة الليل على أقل تقدير بعشر آيات.
قصار السور
سوره الناس والفلق تفى بالغرض فلا حجة لكسل أنفسنا
وفى ذلك فليتنافس المتنافسون
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[31 - 07 - 2009, 07:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله خيرا أختي الكريمة.
من رياض الصالحين " باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة في ذلك في العشر الأواخر منه "
عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فَلَرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة " متفق عليه.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا أختي على التواصي بالحق، ونشر الفضيلة
أما وصيتي لنفسي أولا ثم لإخواني المسلمين
أوصي بالاهتمام بصلة الأرحام
يقول تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} محمد22
ومن هدي نبينا الكريم {من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه}
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 02:23 م]ـ
بارك الله فيكم بذلك معنا أعمال للبر تواصينا بها
1) _النبي صلى الله عليه وسلم قال "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين" [رواه أبو داوود وصححه الألباني] ..
ونحن لا نريد أن نُكتب فى هذا الشهر من الغافلين، حتى لا تُرفع الأعمال فنكون من الخاسرين .. فعليك أن تصلي وتداوم على صلاة الليل على أقل تقدير بعشر آيات.
قصار السور
سوره الناس والفلق تفى بالغرض فلا حجة لكسل أنفسنا
2) _من رياض الصالحين " باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة في ذلك في العشر الأواخر منه "
عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فَلَرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة " متفق عليه.
3) -صلة الأرحام
يقول تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} محمد22
ومن هدي نبينا الكريم {من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه}
4) -النوافل 12 ركعة فى اليوم =بيتى فى الجنة
=حب الرحمن
" وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه "
[رواه البخاري]
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 05:17 م]ـ
جداول الاوراد
الاول والتاني والثالث
http://www.4shared.com/file/120338500/83f05154/__online.html (http://www.4shared.com/file/120338500/83f05154/__online.html)
جدول شعبان
http://www.4shared.com/file/122085007/8fee8c57/_online.html (http://www.4shared.com/file/122085007/8fee8c57/_online.html)
صور الشرح
http://www.4shared.com/file/120338899/2336c1ea/___online.html
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 06:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أختي الكريمة.
إن شاء الله سأفعل ما أرسلتيه لي، وكنت أرغب في الرد عليك في الرسائل الخاصة لكنك غير مفعّلة إياها.
من رياض الصالحين: باب النهي عن الفحش وبذاء اللسان
عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليس المؤمن بالطّعّان، ولا اللّعّان، ولا الفاحش، ولا البذئ " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ما كان الفُحش في شئ إلا شانه، وما كان الحياء في شئ إلا زانه " رواه الترمذي وقال حديث حسن.
ومن باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها:
عن أبي هريرة - ضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد، أو قاتله، فليقل: إني صائم " متفق عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 05:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب الرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها، وأمر من قصّر في حقها بالقيام بحقها:
عن أبي جعفر بن عبد الله - رضى الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلمّا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرجر وذرفت عيناه، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح سراته - أي سنامه - وذفراه فسكن، فقال: " من ربُّ هذا الجمل، لمن هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: هذا لي يا رسول الله. فقال " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّكك الله إياها؟ فإنه يشكو إليّ أنَّك تُجِعُهُ وتُدْئِبُهُ "
ذفراه: الذفر: الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن.
تُدْئِبُهُ: تُتْعِبُهُ
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 11:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من كتاب " الأحاديث القدسية "
باب النهي عن الفحشاء:
حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، فيما قُرِئ عليه، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: تُفْتَحُ أبواب ُ الجنة يوم الإثنين، ويوم الخميس، فَيُغْفَرُ لكل عبد ٍ لا يُشرك ُ بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فَيُقَال: أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا "
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 10:38 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
قد نكتب ونكتب ونكتب .... ونستشهد بالآيات .... والأحاديث .... وهذه النفس تسمع وتقرأ ولا تتأثر ... ولا تحرك ساكناً .... يا نفس ويحكِ .... إلى متى؟ .... هيّا هلمّي ... انطلقي ... سابقي ... وارفعي شعار .... جنة الفردوس الأعلى هي مرادي ....
ولكن مهلاً ..... أليس ينبغي علينا أولاً ... أن نعمل دورة في صيانة قلوبنا .... حتى تتسابق إلى فعل الخير .... فهناك قلوب ... مغلقة .... ؟؟
أي والله .... قلوب قد غزتها الذنوب ... وأهلكتها المعاصي .... ولم تجد من يقف معها .... فهيّا جميعاً نبحث عن هؤلاء .... فلا يخلو المجتمع منهم ... سواء أكان أخاً ... أو ابن عماً .... أو صديقا .... ويبحث عن النور .... فلا يجده ... فيعيش في الظلام ... ولا يرى من يشعل له شمعة لينير له درب الحق ..... فابحثوا إخواني معي عنهم ... حتى ننطلق جميعا للتسابق لفعل الخير .... وكما قال رسولنا الكريم:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه"
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 12:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب المراقبة:
* عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل - رضي الله عنهما -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " اتَّق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن " رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
أختي الكريمة يا حامل القرآن ,
أحاول مراسلتك ردا على رسائلك ولكن الرسائل لديك غيرمُفعّلة.
ـ[معلمة طموحة]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 01:29 م]ـ
جزاكم الله خير
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من السابقين للخيرات
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 01:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: كتاب عيادة المريض
* عن ثوبان - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنَّ المسلم إذا عَادَ أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع " قيل يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال " جناها " رواه مسلم.
* عن عليّ - رضى الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من مسلم يَعُودُ مسلما غُدْوَة ً إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسي، وإنْ عَادَهُ عَشيْة ً إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح، وكان له خريف في الجنة " رواه الترمذي وقال: حديث حسن
الخريف: التَّمْرُ المخرُوفُ، أي: المُجتَنَى
* عن أنس - رضى الله عنه - أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برقية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بلى. قال: اللهم رب الناس، مُذهب الباس، اشفِ أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاءً لا يغادر سقما " رواه البخاري.
* عن أبي عبد الله عثمان بن العاص - رضى الله عنه - أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعا يجده في جسده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله - ثلاثا - وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " رواه مسلم.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 11:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب فضل من فطَّر صائما:
عن زيد بن خالد الجهني - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من فطَّر صائما، كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شئ " رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 12:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
* عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من صلّى عليّ صلاة، صلّى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم
* عن أبي محمد كعب بن عجرة - رضى الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " متفق عليه.
* عن عليّ - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " البخيل من ذُكرت عنده فلم يصل عليّ " رواه الترمذي.
* عن ابن مسعود - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أ َولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة " رواه الترمذي.
* عن أوس بن أوس - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ " فقالوا: يارسول الله، وكيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرمت - أي فنيت -؟ قال - صلى الله عليه وسلم - إن الله حرّم على الأرض أجساد الأنبياء "
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 12:48 ص]ـ
ربنا يكرمك أختى نور
بجد نصائح ربنا يبارك فيها على انتقائها
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 04:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب فضل الذكر والحث عليه، وذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا ومُحدثا وجُنبا وحائضا إلا القرآن فلا يحل لجنب ولا حائض:
* عن أبي الدرداء - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا أ ُنبئكم بخير أعمالكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى " رواه الترمذي، قال الحاكم أبو عبد الله: إسناده صحيح.
---
* عن جابر - رضى الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " أفضل الذكر: لا إله إلا الله "
---
* عن ابن مسعود - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لقيتُ إبراهيم َ - صلى الله عليه وسلم - ليلة أ ُسرى بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة ُ التربة، عذبة ُ الماء، وأنها قيعان (أي أماكنها متسعة سوية) وأن غرسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " رواه الترمذي.
---
* عن سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه - قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " أيعجز أحكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال " يُسبّح مائة تسبيحة، فيُكتب له ألف حسنة أو يُحط عنه ألف خطيئة " رواه مسلم.
---
* عن أبي ذر - - رضى الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا أ ُخبرك بأحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده " رواه مسلم.
---
* عن أبي مالك الأشعري - - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطهور (أي الطهارة من الحدث والخبث) شطر الإيمان
والحمد لله تملأ الميزان
وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السموات والأرض " رواه مسلم
---
* عن أبي أيوب الأنصاري - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، عشر مرات: كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل (أي ثواب من فعل ذلك) متفق عليه.
---
ربنا يكرمك أختى نور
بجد نصائح ربنا يبارك فيها على انتقائها
أختي الكريمة , يا حامل القرآن
بارك الله فيك وجزاك خيرا، فأنت ِ من أنشأ هذه الصفحة فجعله الله شاهدا لك لا عليك آمين يارب.
أختي أكرر اعتذاري عن عدم مقدرتي على مراسلتك، لا تزال صفحة الرسائل الخاصة بك غير مُفعّلة، فليس عدم ردي تقصيرا لكنه عدم استطاعة
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 12:11 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
جميل ما كتبتم .... أخواتي ... يا حامل القران .... ونور القمر ... بوركتما
أمامنا .... كثير من أعمال الخير .... مِنّا من يوفق لفعلها .... ومِنّا لا يوفق ....
لذلك ينبغي علينا .... أن ندعو الله .... أن ييسر لنا عمل الخير
ولنكثر من ترداد .... هذا الدعاء .... اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك
هذا ما لدّي .... أسأل الله أن يوفق جميع المسلمين لفعل الخيرات .... آمين ... آمين ... آمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 06:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب فضل قراءة القرآن:
* عن أبي أُمامة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه "
* عن عائشة - رضى الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به (أي يُجيد قراءته بأحكامه) مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " متفق عليه.
* عن ابن مسعود - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف ٌ، ولكن: ألف ٌ حرفٌ، ولام ٌ حرف ٌ، وميم ٌ حرف ٌ " رواه الترمذي.
* عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " رواه أبو داود.
* عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إنَّ الذي ليس في جوفه شئ من القرآن كالبيت الخرب " رواه الترمذي.
ومن باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان
* عن ابن عمر - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المُعقَّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن وأطلقها، ذهبت "
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
جميل ما كتبتم .... أخواتي ... يا حامل القران .... ونور القمر ... بوركتما
أمامنا .... كثير من أعمال الخير .... مِنّا من يوفق لفعلها .... ومِنّا لا يوفق ....
لذلك ينبغي علينا .... أن ندعو الله .... أن ييسر لنا عمل الخير
ولنكثر من ترداد .... هذا الدعاء .... اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك
هذا ما لدّي .... أسأل الله أن يوفق جميع المسلمين لفعل الخيرات .... آمين ... آمين ... آمين
آمين ,
اللهم هب لنا عملا صالحا يقربنا إليك
جزاك الله خيرا أختي الكريمة زهرة
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 10:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة مُحرمة بردها، والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه، فارق ذلك المجلس إن أمكنه
* عن أبي الدرداء - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " من ردَّ عن عرض أخيه، ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة " رواه الترمذي وقال: حديث حسن
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[09 - 08 - 2009, 03:38 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة: يا حامل القرآن ,
هناك أحاديث نبوية أنقلها لا تتصل مباشرة ً بشهر رمضان لكنها تحث على الخير وهي من قبيل المسارعة في الخيرات، وربما نهت عن منكر فنجتنبه فيصبح مسارعة إلى الخير كذلك إن شاء الله.
من رياض الصالحين: باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة
* عن أبي الدرداء - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يكون اللَّعَّانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة " رواه مسلم.
* عن سمرة بن جندب - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار " رواه أبو داود والترمذي وقالا: حديث حسن صحيح.
* عن أبي الدرداء - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن العبد إذا لعن شيئا، صعدت اللعنة إلى السماء، فَتُغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فَتُغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغا (أي طريقا تنفذ منه) رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلا لذلك، وإلّا رجعت إلى قائلها " رواه أبو داود
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 01:22 ص]ـ
بارك الله فيكِ أخيتى:)
وحفظك الله
وجمعنى الله وإياكى فى الفردوس الأعلى
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 01:25 ص]ـ
الكنز الأول: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(يُتْبَعُ)
(/)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة (
الراوي: عبادة بن الصامت - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6026
الكنز الثاني: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله و بحمده، سبحان الله العظيم)
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4572
الكنز الثالث: قراءة ما تيسر من القرآن
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب اللهفله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {الم} حرف و لكن: الف حرف، و لام حرف، و ميم حرف)
الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6469
الكنز الرابع: قول الحمد لله
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الطهور شطرالإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها أو موبقها).
الراوي: أبو مالك الأشعري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3957
الكنز الخامس: سبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء .. الحديث
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أحرك شفتي فقال لي: (بأي شيء تحرك شفيتك ياأبا أمامة؟) فقلت أذكر الله يارسول الله، فقال: (ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار و النهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملأ ماخلق، سبحان الله عدد ما في الأرض و السماء، سبحان الله ملأ ما في السماء و الأرض، سبحان الله ملأ ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، و سبحان الله ملأ كل شيء، و تقول: الحمد الله، مثل ذلك).
الراوي: أبو أمامةالباهلي - خلاصة الدرجة: إسناده حسن رجالهثقات - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2578
الكنز السادس:لاحول ولا قوة الابالله
عن أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله).
الراوي: أبو موسى - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر:
صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3097
الكنز السابع: سبحان الله وبحمده عدد خلقة ورضا نفسة وزنة عرشه ومداد كلماته
عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: (ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟) قالت نعم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لقد قلت بعدكأربع كلمات، ثلاث مرات، لووزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله و بحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، و مداد كلماته).
الراوي: جويرية بنتالحارث - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيحالجامع - الصفحة أو الرقم: 5139
الكنز الثامن: سبحان الله وبحمدة 100 مرة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر).
الراوي: أبوهريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابنماجه - الصفحة أو الرقم: 3089
الكنز التاسع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له 10 مرة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده، لاشريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان فيحرز من الشيطان حتى يمسي. وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حين يصبح).
الراوي: أبو عياش الزرقي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 5077
الكنز العاشر: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشر صلوات، و حط عنه عشر خطيئات، و رفع له عشر درجات)
ـ[السلفي1]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 02:19 م]ـ
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى والتوفيق والسداد:
أحسنتِ أخيتي ,وأحسن الله تعالى إليك , ووفقك لما يحبه ويرضاه.
* عن سمرة بن جندب - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار " رواه أبو داود والترمذي وقالا: حديث حسن صحيح.
قلتُ: هذا المصطلح (حسن صحيح) خاص بالترمذي رحمه الله تعالى ,
ولا نعلم غيره قبله استعمله , فهو أول من استعمله , ولم يكن من مستعملات
الإمام أبي داود رحمه الله تعالى.
* عن أبي الدرداء - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن العبد إذا لعن شيئا، صعدت اللعنة إلى السماء، فَتُغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فَتُغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغا (أي طريقا تنفذ منه) رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلا لذلك، وإلاّ رجعت إلى قائلها " رواه أبو داود
والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السلفي1]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 02:29 م]ـ
الكنز الأول: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة (
الراوي: عبادة بن الصامت - خلاصة الدرجة: حسن - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6026
الكنز الثاني: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله و بحمده، سبحان الله العظيم)
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4572
الكنز الثالث: قراءة ما تيسر من القرآن
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب اللهفله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {الم} حرف و لكن: الف حرف، و لام حرف، و ميم حرف)
الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6469
الكنز الرابع: قول الحمد لله
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الطهور شطرالإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها أو موبقها).
الراوي: أبو مالك الأشعري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3957
الكنز الخامس: سبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء .. الحديث
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أحرك شفتي فقال لي: (بأي شيء تحرك شفيتك ياأبا أمامة؟) فقلت أذكر الله يارسول الله، فقال: (ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار و النهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملأ ماخلق، سبحان الله عدد ما في الأرض و السماء، سبحان الله ملأ ما في السماء و الأرض، سبحان الله ملأ ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، و سبحان الله ملأ كل شيء، و تقول: الحمد الله، مثل ذلك).
الراوي: أبو أمامةالباهلي - خلاصة الدرجة: إسناده حسن رجالهثقات - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2578
الكنز السادس:لاحول ولا قوة الابالله
عن أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله).
الراوي: أبو موسى - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر:
صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3097
الكنز السابع: سبحان الله وبحمده عدد خلقة ورضا نفسة وزنة عرشه ومداد كلماته
عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: (ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟) قالت نعم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لقد قلت بعدكأربع كلمات، ثلاث مرات، لووزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله و بحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، و مداد كلماته).
الراوي: جويرية بنتالحارث - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيحالجامع - الصفحة أو الرقم: 5139
الكنز الثامن: سبحان الله وبحمدة 100 مرة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر).
الراوي: أبوهريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابنماجه - الصفحة أو الرقم: 3089
الكنز التاسع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له 10 مرة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده، لاشريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل، وكتب له عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان فيحرز من الشيطان حتى يمسي. وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حين يصبح).
الراوي: أبو عياش الزرقي - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 5077
الكنز العاشر: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشر صلوات، و حط عنه عشر خطيئات، و رفع له عشر درجات)
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أختي الكريمة , وأحسن الله تعال إليك.
للمحدثين منهجٌ في تخريج الأحايث , فلا يسوغ عرفًا ومنهجًا مخالفته ,
فعند التخريج القاصر للحديث فإننا نعزوه إلى مصادره الأصيلة من السنة ,
وهي المصادر التي ذكرته بإسناد أصحابها ,
فنعزوه أولا إلي الصحيحين ثم السنن بترتيب ثم الصحاح ثم المسانيد ثم المعاجم
ثم المصنفات ثم الأجزاء ثم المشيخات ..... ,
وبعد نبين درجته ,
وعليه: فإن صنيعك السابق لا يوافق منهج المحدثين؛ إذ لم يُعزَ الحديث
لمصدره الأصيل ,
والعلامة المحدث الألباني ليست كتبه للتخريج , بل لمعرفة درجة الحديث ,
وليس له رحمه الله تعالى إسنادُ روايةٍ كالبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي ... ,
ومن ثم فكيف نخرج الحديث من كتبه.
والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السلفي1]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 06:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من كتاب " الأحاديث القدسية "
باب النهي عن الفحشاء:
حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، فيما قُرِئ عليه، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: تُفْتَحُ أبواب ُ الجنة يوم الإثنين، ويوم الخميس، فَيُغْفَرُ لكل عبد ٍ لا يُشرك ُ بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فَيُقَال: أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا "
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنت أختي الكريمة ,وأحسن الله تعالى إليك.
لعلك تذكرين الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي , ثم تبينين وجه كون
الحديث المذكور قدسيًا؟
والله الموفق.
ـ[السلفي1]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 06:18 م]ـ
[ quote= نورالقمر;361321]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب المراقبة:
* عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل - رضي الله عنهما -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " اتَّق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن " رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
بسم الله.
قلتُ , وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أختي الكريمة.
الحديث دار في صحته خلاف بين العلماء , والصحيح - إن شاء الله تعالى -
أنه حسن بمجموع بطرقه.
* عن أبي يعلي شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الكيِّس من دان نفسه (أي حاسب نفسه) وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني " رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
قلتُ: هذا الحديث يحتاج إلى بيان درجته من الصحة والضعف , فلعلك أختي
الكريمة تبحثين عن صحته.
والله الموفق.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 07:40 م]ـ
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنت أختي الكريمة ,وأحسن الله تعالى إليك.
لعلك تذكرين الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي , ثم تبينين وجه كون
الحديث المذكور قدسيًا؟
والله الموفق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم السلفي ,
أشكركم على أسئلتكم ومراجعتكم لما نكتبه من أحاديث، وسعيكم لتحري الدقة فيما نكتبه ليكون علما صحيحا يأخذه المسلمون دون شائبة إن شاء الله، جزاكم الله خيرا وجعله في موازينكم آمين.
تعريف الحديث القدسي:
كما قال صاحب (الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية) قال - رحمه الله - (الخاتمة في شرح معنى الحديث القدسي):
القدس: بضمتين وبإسكان الثاني، هو الطهر، والأرض المقدسة: المطهرة.
وبيت المقدس منها معروف، وتقدس الله: تنزه، وهو القدوس، كذا في المصباح.
وإنما نسب الأحاديث إلى القدس، لإضافة معناها إلى الله وحده، على ما في التعريفات للحديث القدسي - فإن ما أخبر الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالإلهام أو بالمنام، فأخبر عليه الصلاة والسلام عن ذلك المعنى بعبارة نفسه - فالقرآم مفضل على الحديث القدسي، لأن لفظه منزل أيضا - أي من عند الله تعالى. انتهى.
الحديث القدسي ما يرويه صدر الرواة، ومصدر الثقات - عليه أفضل الصلوات - عن الله تبارك وتعالى - تارة بواسطة جبريل - عليه السلام - وتارة بالوحي أو الإلهام أو المنام، مُفوضا إليه التعبير بأي عبارة شاء، من أنواع الكلام.
والأحاديث القدسية تغاير القرآن الكريم والفرقان المجيد بأن نزوله لا يكون بواسطة الروح الأمين، ويكون مقيدا باللفظ المنزل من اللوح المحفوظ على وجه اليقين، ثم يكون نقله متواترا قطعيا، في كل طبقة وعصر وحين، ويتفرع عليه فروع كثيرة عند العلماء بها شهيرة:
منها عدم صحة الصلاة بقراءة الأحاديث القدسية، ومنها عدم حرمة لمسها وقراءتها للجنب والحائض والنفساء، ومنها عدم تعلق الإعجاز بها.
الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي:
ذكر الشيخ محمد على الفاروقي، في (كشاف الاصطلاحات والفنون) عند بيان أنواع الحديث وتقسيمها، فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
الحديث إما نبوي وإما إلهي ويسمي حديثا قدسيا أيضا، فالحديث القدسي هو الذي يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه عزوجل - والنبوي ما لا يكون كذلك
وقال الحلبي في حاشية التلويح، في الركن الأول عند بيان معنى القرآن، الأحاديث الإلهية هي التي أوحاها الله تعالى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج، وتسمى بأسرار الوحي. أ هـ
قال ابن حجر:
اعلم أن الكلام المضاف إليه تعالى أقسام، أولها وأشرفها القرآن لتميزه عن البقية بإعجازه، وكونه معجزة باقية على مر الدهور محفوظة من التغيير والتبديل، وبحرمة مسه للمحدث، وتلاوته للجنب، وروايته بالمعنى، وبتعيينه في الصلاة، وبتسميته قرآنا، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد وكراهته عندنا وبتسمية الجملة منه آية وسورة.
ثانيها - كتب الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - قبل تغيرها وتبديلها.
ثالثها - بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عن الرسول صلى الله عليه وسلم - مع إسناده لها عن ربه
وغيره من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شئ من ذلك فيجوز مسه وتلاوته لمن ذكر وروايته بالمعنى ولا يجزئ في الصلاة بل يبطلها ولا يسمى قرآنا ولا يعطي قارئه بكل حرف عشر حسنات ولا يمنع بيعه ولا يكره اتفاقا ولا يسمى بعضه آية ولا سورة اتفاقا أيضا
ولراويها صيغتان: إحداهما أن يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه وهي عبارة السلف
وثانيتهما: أن يقول: قال الله تعالى فيما رواه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمعنى واحد. أ هـ كلامه.
وأما الحديث فجاء في النهي عن الفحشاء وأخرجه مسلم - باب (النهي عن الفحشاء) جـ 9 ص 458 هامش القسطلاني
حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، فيما قُرِئ عليه، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: تُفْتَحُ أبواب ُ الجنة يوم الإثنين، ويوم الخميس، فَيُغْفَرُ لكل عبد ٍ لا يُشرك ُ بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فَيُقَال: أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أ َنْظِروا هذين حتى يصطلحا "
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 08:38 م]ـ
[ quote= نورالقمر;361321]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب المراقبة:
* عن أبي يعلي شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الكيِّس من دان نفسه (أي حاسب نفسه) وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني " رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
قلتُ: هذا الحديث يحتاج إلى بيان درجته من الصحة والضعف , فلعلك أختي
الكريمة تبحثين عن صحته.
والله الموفق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم السلفي
لم أجد بيانا لدرجته سوى أنه مروي عن الترمذي، هذا ما هو مكتوب لديّ في رياض الصالحين، وقال الترمذي فيه: حديث حسن.
والله أعلم.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 08:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
عن أبي سعيد الخدري - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والجلوس في الطرقات " فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُد، نتحدث فيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه " قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: " غضُّ البصر، كفُّ الأذى، وردُّ السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " متفق عليه.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[11 - 08 - 2009, 09:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب السلام:
* عن أبي أُمامة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام " رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي عن أبي أُمامة رضى الله عنه - قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيُّهما يبدأ بالسلام؟ قال: " أولاهما بالله تعالى " قال الترمذي: حديث حسن.
باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب:
* عن أبي هريرة - رضى الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا لقى أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه " رواه أبو داود
* باب السلام على الصبيان:
عن أنس - رضى الله عنها - أنه مرَّ على صبيان فسّلم عليهم وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفق عليه.
* باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم
واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار.
- عن أبي هريرة - رضى الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فأضطروه إلى أضيقه " رواه مسلم.
- عن أنس - رضى الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم " متفق عليه.
- عن أسامة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين - عبدة الأوثان واليهود - فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق عليه.
* باب استحباب السلام إذا قام من المجلس
أو فارق جلساءه أو جليسه
عن أبي هريرة - رضى الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة. " رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السلفي1]ــــــــ[12 - 08 - 2009, 05:11 م]ـ
[ quote= نورالقمر;361321]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من رياض الصالحين: باب المراقبة:
عن أبي يعلي شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الكيِّس من دان نفسه (أي حاسب نفسه) وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني " رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
قلتُ: هذا الحديث يحتاج إلى بيان درجته من الصحة والضعف , فلعلك أختي
الكريمة تبحثين عن صحته.
والله الموفق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم السلفي
لم أجد بيانا لدرجته سوى أنه مروي عن الترمذي، هذا ما هو مكتوب لديّ في رياض الصالحين، وقال الترمذي فيه: حديث حسن.
والله أعلم.
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أخيتي الكريمة , وأحسن الله تعالى إليك , وشكر لك جهدك , ونفعك به.
وإليك ما طلبتُه منك , فعلك تستفيدين.
أولاً: الحديث أخرجه:
الترمذي رقم 2459 وابن ماجه رقم 4260 وأحمد رقم 17164 والطيالسي
1122 والشهاب 185 والبيهقي في الكبرى 6749 وفي الشعب 17164
والطبراني في الكبير 6997 و ابن عساكر في معجمه 354 وتاريخه والخطيب
في تاريخه وابن عدي في كامله والديلمي والقضاعي وابن أبي عاصم.
ثانيًا: هؤلاء أخرجوا الحديث من طرق مدارها:
أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعًا.
وأبو بكر هو أبوبكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي , اختلف في اسمه
بين بكير و عبد السلام.
وهو ضعيف بالاتفاق , ومنهم من تركه.
ومن ثم فالحديث ضعيف ولا إشكال في ضعفه , وليس حسنًا كما قال الترمذي
رحمه الله تعالى , فمن المعلوم عند المحدثين أن الترمذي متساهل في التصحيح.
ونص على ضعف الحديث:
الذهبي وابن طاهر والزيلعي والألباني وشعيب الأرناؤوط وغيرهم.
ثالثًا: الحاكم رحمه الله تعالى لما أخرج الحديث في مستدركه قال:
وهو صحيح على ىشرط البخاري , وفي موضع أخر قال: صحيح الإسناد.
فرد عليه الذهبي قائلا:
لا والله , لا على شرط البخاري ولا مسلم , وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم ,
وهو واهٍ.
ومعلوم عند اهل الصنعة أن الحاكم أكثر تساهلاً في التصحيح من الترمذي.
رابعًا: أخرج الحديث الطبراني في معجمه الصغير 863 و الكبير 6995 من
طريق أخرى غير المذكورة سابقًا ,ولكن فيها أمران:
الأول: فيها عمرو بن بكر السكسكي , وهو متروك واهٍ.
الثاني: أن جمهور الرواة على الطريق الأولى , ولم أقف على هذه الطريق عند
غير الطبراني مما يوحي بقوة إلى نكارتها أصلاً.
وعليه:
فالحديث لا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم , ولا يجوز ذكره إلا مع
بيان درجته , ولا يجوز نسبته إلى النبي صلي الله عليه وسلم.
والله تعالى الموفق.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[12 - 08 - 2009, 05:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم السلفي ,
جزاكم الله خيرا ما كتبت ونصحت
أستاذي بعد إذنكم، أليس صحيح الترمذي من كتب الصحاح الستة المأخوذ بها في علم الحديث؟
كيف إذن يكون الترمذي قال أنه حديث حسن بينما هو لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
أهو موضوع؟
وهل أطلب من الإشراف حذفه؟
أفتوني في أمري وجزاكم الله خيرا
ـ[السلفي1]ــــــــ[13 - 08 - 2009, 04:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم السلفي ,
جزاكم الله خيرا ما كتبت ونصحت
أستاذي بعد إذنكم، أليس صحيح الترمذي من كتب الصحاح الستة المأخوذ بها في علم الحديث؟
كيف إذن يكون الترمذي قال أنه حديث حسن بينما هو لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
أفتوني في أمري وجزاكم الله خيرا
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسن الله تعالى إليك أختي الكريمة ,وبارك فيك الله تعالى.
هذا التسأول يطول الجواب عليه , ولكن أختصره قدر الاستطاعة - والله
المستعان - ,
العلماء -رحمهم الله تعالى - دونوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ,واختلفوا في
طريقة التدوين , فلكل طريقته ومنهجه وشرطه في مصنفه , فكانت كتب السنة
من جهة طريقة التصنيف أنواعًا , فمنها ما صُنف على الأبواب الفقهية ,
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنها ما صُنف على حروف المعجم ,ومنها ما صنف على الرواة , ومنها ما
صنف على المسند والموقوف والمقطوع من الحديث , فخرجت تلك المصنفات
بأسماء أشهرها:
الجوامع: وهي صحيح البخاري وصحيح مسلم ,
والسنن: منها سنن أبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ,
الصحاح: منها صحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة ,
المسانيد: منها مسند أحمد ومسند الشهاب ومسند أبي يعلى ,
المعاجم: منها معجم الطبراني وابن عساكر وابن المقري.
المصنفات: منها مصنف ابن أبي شيبة وعبد الرزاق.
والأجزاء: منها جزء البخاري في الصلاة ورفع اليدين ,
والمشيخات , الأمالي , التواريخ ... ,
فهذه كتب حوت السنة , بالرجوع إليها نقف على الحديث المنسوب إلى النبي
صلى الله عيه وسلم.
ولكل مصنف طريقته ومنهجه وشرطه في كتابه , فهذه الكتب تتفاوت في
الصحة ,
فالبخاري أصح كتب السنة , وقد اشترط ألا يدع كتابه إلا حديثًا صحيحًا ,
ومسلم يلي البخاري في الصحة , وقد اشترط ألا يدع كتابه إلا حديثًا صحيحًا ,
وقد التزما هذا الشرط ,ووفيا به.
وابن خزيمة وابن حبان قد شرطا في كتابيهما الصحة , ولكن هناك أحاديث
فيهما ليست صحيحة من جهة القواعد الحديثية , ولكنهما اعتقدا صحتها عند
إيداعها.
فإن قلتِ: وكيف عرفنا الصحيح والضعيف في هذه الكتب؟
قلنا:من تتبع وتقصي أئمة علماء في علم الحديث , ومن كلام العلماء الذين
خالطوا الرواة أصحاب تلك الأحاديث.
وعليه: فليس بالضرورة أن يكون كل حديث بصحيح ابن حبان وابن خزيمة
صحيحًا.
وأما بالنسبة للإمام الترمذي رحمه الله تعالى في سننه (جامعه الصغير):
فهو لم يشترط الصحة في حديثه , فقد أودع سننه الصحيح والضعيف ,
وعرفنا ذلك كما تقدم مع زيادة أن الترمذي نفسه صرح في أحاديث بضعفها ,
ومن دراسة العلماء لمنهج الترمذي في سننه وحكمه على الأحاديث وجدوا أنه
رحمه الله تعالى متساهل في تصحيح الحديث , فقد يصحح حديثًا ضعيفًا ,
ووصل ببعضهم أن قال: إذا قال الترمذي في الحديث أنه حسن يعني أنه
ضعيف.
وعليه: فليس كل ما في سنن الترمذي صحيحًا , وليس هذا قدحًا فيه , بل بيان
لما فيه , وإنه رحمه الله تعالى جمع ما قد تحمله بإسناده في سننه ولو كان
ضعيفًا.
والأئمة كان يتحملون الضعيف كالصحيح , ليحذروا منه.
والطالب عليه أن ينتبه لذلك , ويتعامل مع الكتاب بمنهجية علمية , وليس معنى
أن الكتاب به أحاديث ضعيفة يترك كله , هذا غلط فادح , وإلا من أين نعلم
الضعيف , لنحذر منه , ونتجنبه.
والله الموفق.
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[13 - 08 - 2009, 01:41 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد: ـ
جزاك الله خير على التوضيح .... والتفصيل بالمسألة
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[13 - 08 - 2009, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أستاذي الكريم السلفي وبارك لكم على هذا التوضيح ورزقكم ثوابه آمين.
ـ[السلفي1]ــــــــ[13 - 08 - 2009, 06:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم السلفي ,
جزاكم الله خيرا ما كتبت ونصحت
أستاذي بعد إذنكم،
أهو موضوع؟
وهل أطلب من الإشراف حذفه؟
أفتوني في أمري وجزاكم الله خيرا
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أختي الكريمة ,وأحسن الله تعالى إليك.
الحديث الضعيف أنواع عند أهله , فمنه ضعيف خفيف الضعف , ومنه شديد
الضعف , وخفيف الضعف درجات ,و شديد الضعف درجات ,
فأشد درجة في الضعف الموضوع المكذوب المخترع والمختلق على الرسول
صلى الله عليه وسلم.
ومعناه أن يعمد شخص بكلام من عنده هو وينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم ,
مثاله: الروافض كانوا إذا اشتهوا شيئًا صيروه حديثًا كما ثبت عنهم من قولهم.
ولكل حديث ضعيف ما يخصه من الأحكام والتعاملات الشرعية , فليست كلها
في مرتبة واحدة.
فالحديث الذي عند الترمذي وغيره محل البحث ليس موضوعًا , بل هو ضعيف
ضعفًا لا يصل للوضع , فضعفه خفيف , وذلك لأن أبا بكر بن أبي مريم حفظه
سيء , فلم يضبط الكلام , فأشكل عليه , ونحن لا نقبل كلامًا منسوبًا للنبي
صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان الراوي ضابطًا ومتيقنًا لما يقول.
وأهل العلم قالوا في الحديث الضعيف أن يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
بصيغة التمريض لا الجزم مع بيان درجته , فإذا فعل فلا حرج ولا إثم عليه ,
وها هو الحديث قُرن بدرجته ففرغت الذمة من تبعته - والحمد لله تعالى -.
والله الموفق.
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[14 - 08 - 2009, 10:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم أستاذي السلفي وبارك لكم وجزاكم عني خيرا، أوضحتم لي الصواب من الخطأ فعافيتموني عفا الله عنكم.
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[17 - 08 - 2009, 01:58 ص]ـ
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أختي الكريمة ,وأحسن الله تعالى إليك.
الحديث الضعيف أنواع عند أهله , فمنه ضعيف خفيف الضعف , ومنه شديد
الضعف , وخفيف الضعف درجات ,و شديد الضعف درجات ,
فأشد درجة في الضعف الموضوع المكذوب المخترع والمختلق على الرسول
صلى الله عليه وسلم.
ومعناه أن يعمد شخص بكلام من عنده هو وينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم ,
مثاله: الروافض كانوا إذا اشتهوا شيئًا صيروه حديثًا كما ثبت عنهم من قولهم.
ولكل حديث ضعيف ما يخصه من الأحكام والتعاملات الشرعية , فليست كلها
في مرتبة واحدة.
فالحديث الذي عند الترمذي وغيره محل البحث ليس موضوعًا , بل هو ضعيف
ضعفًا لا يصل للوضع , فضعفه خفيف , وذلك لأن أبا بكر بن أبي مريم حفظه
سيء , فلم يضبط الكلام , فأشكل عليه , ونحن لا نقبل كلامًا منسوبًا للنبي
صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان الراوي ضابطًا ومتيقنًا لما يقول.
وأهل العلم قالوا في الحديث الضعيف أن يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم
بصيغة التمريض لا الجزم مع بيان درجته , فإذا فعل فلا حرج ولا إثم عليه ,
وها هو الحديث قُرن بدرجته ففرغت الذمة من تبعته - والحمد لله تعالى -.
والله الموفق.
نفعكم الله بما علمكم
ولكن اسمحوا لى
هل أنتم متفقين معى فى أننا
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
(و ما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين)
(لكل وجهه هو موليها فاستبقوا الخيرات)
كل غرضنا من هذه المواضيع هو الدعوة إلى الله على بصيرة وعلى علم وإذا كان ورد خطأ حضرتكم أوضحتموه لكم جزيل الشكر
ورائع مظهر المناقشات لأنها لا تنم إلا على شئ واحد على طاقات وعلم وبصيرة فى أمور الدين
ماذكرته أحيانا فى المواضيع التى نقلتها فى المنتدى أنقلها عن شيوخ أحسبهم على خير ولا أذكيهم على الله وأنقله بتصرف وحضرتكم بتظهروا الخطأ والصواب بها فشئ رائع ولكن لمَ مع كل هذا العلم بين الأعضاء وماشاء الله الموقع ملئ بذوى البصيرة فى كل المجالات وعلى درجات كبيرة من العلم والمعرفة فلمَ لا نوظف هذه الطاقة فى نقل الخير الدعوى
استفدت منكم كثيرا ولكن لا تكتموا علمكم وفقهكم آل الفصيح وبخاصة فى مجال الدعوة ما تمنيته من الصفحات التى أنشأتها بينكم شئ واحد هو الدعوة وبخاصة فى الشئ الذى أوقفت نفسى عليه وهو القرآن علمه وتعليمه بإذن الله
رجاءا وظفوا الطاقات التى لديكم لكى لا نحاسب عليها فواجب على كل منا الدعوة على بصيرة بإذن الله
وأى تقصير وخطأ فمن نفسى و من الشيطان و أى صلاح وصواب فمن الله وحده
وبارك الله فيكم
ونفعكم بما علمكم
ـ[السلفي1]ــــــــ[17 - 08 - 2009, 07:53 م]ـ
[ quote= ياحامل القرآن;363888]
نفعكم الله بما علمكم
ولكن اسمحوا لى
هل أنتم متفقون معى فى أننا
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
(و ما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين)
(لكل وجهه هو موليها فاستبقوا الخيرات)
بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسن الله تعالى إليك أخيتي ,وبارك فيك.
نعم , نحن متفقون معك على ذلك , ومن يستطيع رد كلام الله تعالى؟! ,
لكن لا بد من الفهم السوي للدليل والاستدلال به في محله , فمما يَفُسد به الدليل:
الفهم السقيم له , والاستدلال الغلط به.
كل غرضنا من هذه المواضيع هو الدعوة إلى الله على بصيرة وعلى علم
قلتُ: قد ذكرتُ أن تكون الدعوة على بصيرة وعلم من سابق , فهذا شرطها ,
وإلاّ فلا , وهذا ما قد طلبته منك ومن غيرك.
وإذا كان ورد خطأ حضرتكم أوضحتموه لكم جزيل الشكر
ورائع مظهر المناقشات لأنها لا تنم إلا على شئ واحد على طاقات وعلم وبصيرة فى أمور الدين
(يُتْبَعُ)
(/)
ماذكرته أحيانا فى المواضيع التى نقلتها فى المنتدى أنقلها عن شيوخ أحسبهم على خير ولا أذكيهم على الله وأنقله بتصرف وحضرتكم بتظهروا الخطأ والصواب بها فشئ رائع
قلتُ: الشيخ ليس معصومًا من الخطإ , وكذا الناقل عنه , والدين لا يعرف من
الرجال ,بل الرجال يعرفون من الدين ,
وكونك تثقين بهم أم لا , فهذا لا يسوغ لك الخطأ ولا يمنع عنهم الخطأ ولا يسوغ
قبوله.
فأئمة العلم رحمهم الله تعالى في أصح قوليهما في أشد مما ذكرتِ قالوا:
لو أن المحدث الذي تحمل الحديث بسنده إلى النبي عليه الصلاة والسلام عمل
بمقتضى هذا الحديث , فهل هذا العمل منه يصحح الحديث؟ , فقالوا: لا.
فعمل الرجال لا يؤخذ منه تشريع ,وليس مصدرًا للأحكام عدا الصحابة على
تفصيل يطول.
ولكن لمَ مع كل هذا العلم بين الأعضاء وماشاء الله الموقع ملئ بذوى البصيرة فى كل المجالات وعلى درجات كبيرة من العلم والمعرفة فلمَ لا نوظف هذه الطاقة فى نقل الخير الدعوى
قلتُ: ومن قال لك أنني لا أدعو إلى الله تعالى؟! , فبفضل من الله تعالى
ارتقيت منبر الدعوة منذ التاسعة عشرة من عمري إلى يومنا هذا , أما فرض
وسيلة معينة من وسائل الدعوة فلا يستقيم شرعًا إلاّ إذا تعينت الدعوة بها لا
بغيرها.
استفدت منكم كثيرا ولكن لا تكتموا علمكم وفقهكم آل الفصيح وبخاصة فى مجال الدعوة ما تمنيته من الصفحات التى أنشأتها بينكم شئ واحد هو الدعوة وبخاصة فى الشئ الذى أوقفت نفسى عليه وهو القرآن علمه وتعليمه بإذن الله
رجاءا وظفوا الطاقات التى لديكم لكى لا نحاسب عليها ,
فواجب على كل منا الدعوة على بصيرة بإذن الله
قلتُ: ما أدري الوجوب المذكور هنا معلقٌ الدعوة أو بالبصيرة في الدعوة؟
فإن كان الأول ففي الكلام نظر , وإن كان الثاني فهو كذلك.
والله الموفق.
السلفي1
خادم السنة ,وداعية بأنصار السنة , وعضو التوعية بالسعودية سابقًا , ومشرف
التحفيظ , ومشرف على الحجاج ةالمعتمرين.
ـ[رحمة]ــــــــ[17 - 08 - 2009, 10:23 م]ـ
جزاكم الله خيرا اخوتي الكرام علي هذا الموضوع الرائع و المفيد
و أدعو الله ان يكتب في ميزان حسناتكم باذن الله
هناك نصيحه بسيطه و لكنني اراها ثمينه
البكاء من خشيه الله عند الوقوف بين يدي الله في جوف الليل تدعوه بما تريده و ما تحتاجه و تدعوه ان يتقبل منك فما أروع من البكاء من خشيته سبحانه و تعالي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا" رواه ابن ماجة
نصيحه بسيطه و لكن اتمني ان تستفيدوا منها وكل عام و انتم بخير
ـ[فلسطين الحبيبة]ــــــــ[18 - 08 - 2009, 12:43 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدد أهدافك واكتب خطتك:
- ما أهدافك في شهر رمضان؟
"مغفرة ذنوبي ـ عتق رقبتي من النار ـ دخول الجنة من باب الريان ... ".
- ما وسائلك للوصول إليها؟
كل هدف نبيل لابد له من وسائل تعين على تحقيقه، فما وسائلك لتحقيق أهدافك؟
- هل كتبت هذه الأهداف، وهذه الوسائل؟
- هل وضعت خطة لشهر رمضان؟
إن الذين يحددون أهدافهم، ويكتبونها ويضعونها أمام أعينهم يحققون منها الكثير، والذين لا يحددون أهدافهم ولا يكتبونها لا يحققون منها إلا القليل، فلا تكن عشوائيًا، وضع قلمك على ورقتك واكتب وخطط.
ـ[السلفي1]ــــــــ[18 - 08 - 2009, 05:28 م]ـ
[ QUOTE= الرحمه;364060] [ color="purple"] جزاكم الله خيرا اخوتي الكرام علي هذا الموضوع الرائع و المفيد
و أدعو الله ان يكتب في ميزان حسناتكم باذن الله
هناك نصيحه بسيطه و لكنني اراها ثمينه
البكاء من خشيه الله عند الوقوف بين يدي الله في جوف الليل تدعوه بما تريده و ما تحتاجه و تدعوه ان يتقبل منك فما أروع من البكاء من خشيته سبحانه و تعالي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا" رواه ابن ماجة
[ COLOR="Red"] بسم الله.
قلتُ ,وبالله تعالى التوفيق والسداد:
أحسنتِ أختي الكريمة ,وأحسن الله تعالى إليك.
الحديث المذكور لا يصح سنده ,
أخرجه:
ابن ماجه رحمه الله تعالى برقم 4196 و 13370 من مسند سعد بن أبي
وقاص ,
وابن المبارك ومن طريقه أبو يعلى رقم 4134 والبغوي 4418 , وابن أبي
الدنيا في الرقية البكاء برقم 125 , والشهاب برقم 1432 , جميعهم من مسند
أنس بن مالك.
وأخرجه الشهاب برقم 1431 من مسند ابن عمر ,
وهذه الطرق لا تخلو من ضعف ,
فطريق ابن ماجه: فيه ضعيف واه ومدلس ,
وطريق ابن المبارك:فيه الرقاشي ,وهو ضعيف ,
وطرق الشهاب: فيها انقطاع , ومن لم أقف عليهم.
والعلم لله تعالى.(/)
نعتب .. لأننا نحب
ـ[السراج]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:41 ص]ـ
مقال رائع، أحببت أن أرسمه هنا في الفصيح ..
نعتب .. لأننا نحب
سميرة بيطار
صحيفة عكاظ
للناس في حياتنا مواقع تختلف باختلاف مكانتها، هناك من يسكنون القلب كله! وهناك من يحتلون جزءا منه، وهناك من يقفون عند بابه، وهناك من حدودهم الدوران حول أسواره، وهناك من تفصلهم عنه دروب ومحطات تتفاوت في القرب والبعد، وآخرون لايحلمون مجرد حلم بالاقتراب من محيطه ويكتفون بهالات الحب والتسامح التي يبعث بها القلب للمسيئين إليه! وبحسب مواقع الناس قربا أو بعدا من قلوبنا يكون تعاملنا معهم، فليس للبشر طريقة موحدة للتعامل مع الآخرين إنما من كان منهم إلى قلوبنا أقرب كان تعاملنا معه بصدق أكبر، لذا نحرص على أن تكون علاقتنا به نقية صافية مجردة من الشوائب، فنكاشفه بما يختلج في نفوسنا، ونجعله مستودع أسرارنا ومجلى همومنا، ننفض عنده غبار صدورنا لنخفف ما يثقلها من القلق وما يعذبها من الأوجاع ونجد في تفاعله الحنون معنا ما نبحث عنه من راحة وطمأنينة.
ولكن الأمر لا يكون كذلك دائما، ففي بعض الأحيان يكون مصدر التعب من نحب! فحين ننفض مشاعرنا بين يديه كما تعودنا، ونشكو إليه ما يحدثه سلوكه من ضيق في صدورنا لانجد عنده ما كان يسقينا إياه من التفاعل الحنون، في هذه المرة يذهب تعاطفه إلى ما هو أقرب إلى الذات، فيصرفه الغضب عن مواساتنا وتفهم معاناتنا من شكوانا منه ـ إليه إلى الدفاع عن ذاته.
هنا يفرض السؤال نفسه: هل كنا مخطئين في تصرفتا؟ هل كان علينا أن نكتم في أنفسنا ما يتولد فيها من شكوك وظنون حتى وإن عذبتنا وآلمتنا؟؟
إن الصمت على ما يجرح في سلوك الأحبة، قد يجعل العلاقة تسير بينهم خالية من المنغصات في ظاهرها، لكنها في الباطن تتحول إلى علاقة ينخر فيها الصدأ ليعمل على تآكلها شيئا فشيئا حتى تفصل تدريجيا بين القلب وساكنه.
إننا حين نلجأ إلى الكشف عما في نفوسنا، لمن نعطيهم الأولوية في حياتنا فنطلعهم على ماساءنا أو جرحنا في تعاملهم معنا، نحن غالبا نهدف إلى غسل القلب من الغبار الذي علق به، وحين نقول لمن نحب: «آلمني تجاهلك الرد على سؤالي فإننا نهدف إلى أن يعرف الرفيق ما في نفوسنا من ضيق بسبب تصرف مقصودا كان أم غير مقصود، وغايتنا أن نعينه على الابتعاد عما يعكر صفو العلاقة متى ما وضح ذلك للآخر ..
المكاشفة والتعبير عن المشاعر المستاءة لا تعني مطلقا اللوم أو النقد، وإنما هي تعبير عن إحلال الآخر محل الذات.
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 06:30 م]ـ
مقال جميل جداً أيها السراج
ويحدث في هذا الزمان بكثرة ملموسة
فوجود من يبادلك نفس المشاعر اضحى شبه معدوم
فتعامل أحدهم كأنه يسكن قلبك ويفصل بينك وبين قلبه دروب ومحطات
فلا تستقيم المعادلة
دمت صديقا يسكن القلب
ـ[السراج]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 09:58 ص]ـ
شكرا أيها الخاطر على مرورك الكريم ..
وكما قلتَ أصبح عملة نادرة ..
ـ[احمد السنيد]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 10:34 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المعبر
يقول احد شعراء الباديه:
ماصديق الا بزله == ومن لاحق زلات الصديق جفاه
على المرء ان يدرك الضروف التي يمر بها صديقه ولايحكم عليه بجميع الضروف بنفس الحكم (التمس لاخيك عذرا) احيانا يكون لديه سعة الصدر لسماعك ومشاركتك في الهموم واحيانا تشكو اليه وهو بامس الحاجة الى من يخفف عنه.
ـ[السراج]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 09:53 م]ـ
شكرا
أحمد السنيد
على المرور الكريم(/)
مشهد تدمع له العيون، نسأل الله الثبات
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 03:34 م]ـ
السلام عليكم
دون مقدمات، كهل على عتبة الموت، يعتنق الإسلام .. نسأل الله لنا وله الثبات وحسن الخاتمة ..
هنا ( http://www.youtube.com/watch_popup?v=ixcEGJXCgS8)
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 04:05 م]ـ
بارك الله فيكم
واسمحوا لى بنقلها إلى منتديات أخرى
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 04:06 م]ـ
ما أروعك أبا أنمار
لا تأتينا إلاّ بالطيب ولا يصدر منك إلاّ كل طيب
فكل إناء بما فيه ينضح
أكرمك الله وجعله في ميزان حسناتك
لا تبتعد كثيرا
نحن بانتظار الجديد
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:13 م]ـ
بارك الله فيكم
واسمحوا لى بنقلها إلى منتديات أخرى
تحت تصرفك أختاه
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 09:14 م]ـ
ما أروعك أبا أنمار
لا تأتينا إلاّ بالطيب ولا يصدر منك إلاّ كل طيب
فكل إناء بما فيه ينضح
أكرمك الله وجعله في ميزان حسناتك
لا تبتعد كثيرا
نحن بانتظار الجديد
وما أجملك أبا العباس
ذائقة ماتعة، وحس مرهف، وتأمل إبداعي، وعقل واع
شكر الله مرورك الطيب، ونفع بعلمك
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 10:11 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ...... وبعد: ـ
جزاااك الله خير ..... لقد أفرحتنا .... وأسأل الله أن ييسر له أمر زيارته للديار المقدسة .... آمين
إن معالي الأمور لا يبلغها إلا أصحاب الهمم العالية
وقد قيل: المرء حيث يجعل نفسه إن رفعها ارتفعت، وان قصر بها اتضعت
يقول ابن القيم رحمه الله
(وقد أجمع عقلاء كل أمة .. على أن النعيم لا يدرك بالنعيم .. وأن من آثر الراحة .. فاتته الراحة .. وأن بحسب ركوب الأهوال .. واحتمال المشاق .. تكون الفرحة واللذة .. فلا فرحة لمن لاهم له .. ولا لذة لمن لا صبر له .. ولا نعيم لمن لا شقاء له .. ولا راحة لمن لا تعب له .. بل إذا تعب العبد قليلا .. استراح طويلا .. إنما تخلق اللذة والراحة والنعيم .. في دار السلام .. وأما في هذه الدار فكلا)
همسة .....
نحن؟؟ كم بذلنا من أجل هذا الدين من أموال؟ ومن وقت؟ ومن جهد؟ ومن أجل إبلاغ الدعوة إلى مشارق الأرض ومغاربها!
وما الذى يوقظ الناس ويعلى هممهم بعد كل هذا؟
إلى متى نظل جالسين مكاننا نلهو ونلعب يسيطر علينا همّ الدنيا؟
أعمارنا قصيرة وما الحياة إلا سويعات
وما ندرى متى موعدنا؟
فإن لم نقدم للدعوة الآن فمتى نقدم؟
بعد الممات؟ أم متى؟
لنسأل نحن أنفسنا: ـ
هل لنامن بصمة فى هذه الحياة؟
.... الموقف حقيقة ..... يدفعنا .... لبذل المزيد .... في سبيل الدعوة إلى الله ....
سدد الله الجميع لما يحبه ويرضاه
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 12:14 م]ـ
سبحان الله، هنأه الله وبارك له وفيه
والله موقف مؤثر جداً .. ومازلنا نتعلم منكم الكثير والكثير، علم ودين وأخلاق وصفاء قلب، بارك الله فيك أستاذنا أبا أنمار وزادك علماً ورفعة
أختي زهرة متفائلة:
ماأروع أن نتعلم العظة ونسأل أنفسنا سؤالك،
ماذا قدمنا نحن؟؟ وأين بصمتنا في هذه الحياة؟؟
بماذا أفدنا ديننا وأهلنا ووطننا
هو موضوع واختيار أستاذنا المغربي ولكن تعليقك ومداخلتك الرائعة ولفتتك الكريمة استوقفتني كثيراً فشكراً لك
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 02:16 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ...... وبعد: ـ
جزاااك الله خير ..... لقد أفرحتنا .... وأسأل الله أن ييسر له أمر زيارته للديار المقدسة .... آمين
إن معالي الأمور لا يبلغها إلا أصحاب الهمم العالية
وقد قيل: المرء حيث يجعل نفسه إن رفعها ارتفعت، وان قصر بها اتضعت
يقول ابن القيم رحمه الله
(وقد أجمع عقلاء كل أمة .. على أن النعيم لا يدرك بالنعيم .. وأن من آثر الراحة .. فاتته الراحة .. وأن بحسب ركوب الأهوال .. واحتمال المشاق .. تكون الفرحة واللذة .. فلا فرحة لمن لاهم له .. ولا لذة لمن لا صبر له .. ولا نعيم لمن لا شقاء له .. ولا راحة لمن لا تعب له .. بل إذا تعب العبد قليلا .. استراح طويلا .. إنما تخلق اللذة والراحة والنعيم .. في دار السلام .. وأما في هذه الدار فكلا)
همسة .....
نحن؟؟ كم بذلنا من أجل هذا الدين من أموال؟ ومن وقت؟ ومن جهد؟ ومن أجل إبلاغ الدعوة إلى مشارق الأرض ومغاربها!
وما الذى يوقظ الناس ويعلى هممهم بعد كل هذا؟
إلى متى نظل جالسين مكاننا نلهو ونلعب يسيطر علينا همّ الدنيا؟
أعمارنا قصيرة وما الحياة إلا سويعات
وما ندرى متى موعدنا؟
فإن لم نقدم للدعوة الآن فمتى نقدم؟
بعد الممات؟ أم متى؟
لنسأل نحن أنفسنا: ـ
هل لنامن بصمة فى هذه الحياة؟
.... الموقف حقيقة ..... يدفعنا .... لبذل المزيد .... في سبيل الدعوة إلى الله ....
سدد الله الجميع لما يحبه ويرضاه
لا أجد نعقيبا لائقا يفي بالرد على وعيك أختي زهرة ..
مرور طيب، ونبض أطيب، بارك الله فيك وبك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 02:18 م]ـ
سبحان الله، هنأه الله وبارك له وفيه
والله موقف مؤثر جداً .. ومازلنا نتعلم منكم الكثير والكثير، علم ودين وأخلاق وصفاء قلب، بارك الله فيك أستاذنا أبا أنمار وزادك علماً ورفعة
أختي زهرة متفائلة:
ماأروع أن نتعلم العظة ونسأل أنفسنا سؤالك،
ماذا قدمنا نحن؟؟ وأين بصمتنا في هذه الحياة؟؟
بماذا أفدنا ديننا وأهلنا ووطننا
هو موضوع واختيار أستاذنا المغربي ولكن تعليقك ومداخلتك الرائعة ولفتتك الكريمة استوقفتني كثيراً فشكراً لك
أكرمك الله باحثة على مرورك الماتع، وردك الطيب
وأثني على تأملك وإحساسك المرهف.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 04:22 م]ـ
موقف مؤثر بالفعل
وكما قالت الأخت: هل سيكون لنا بصمة في هذه الحياة؟
أسأل الله له الثبات, وأن يحقق الله آماله
عودة طيبة أبا أنمار
وسلمك الله وعافاك
ـ[جلمود]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 04:30 م]ـ
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 04:48 م]ـ
أبا أنمار .. :)
أيها الرجل الفاضل جزاك الله خيرا على عودتك و إطلالتك الرائعة ...
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
ـ[فصيح البادية]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 08:20 م]ـ
الله أكبر .. اللهم أعز الإسلام والمسلمين
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 03:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
أبا أنمار ماذا نقول لك غير أن كل ما تخطه يداك جميلٌ، فبارك الله فيك، ونسأل الله أن يعزنا بالإسلام ويعز بنا الإسلام وأن يعمل كل واحدٍ منّا شىء جليل يخدم به دينه والله المستعان.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 08:55 ص]ـ
موقف مؤثر بالفعل
وكما قالت الأخت: هل سيكون لنا بصمة في هذه الحياة؟
أسأل الله له الثبات, وأن يحقق الله آماله
عودة طيبة أبا أنمار
وسلمك الله وعافاك
مرحبا بمرورك العطر الذي يثري أبا طارق الهمام
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 08:58 ص]ـ
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة!
اللهم آمين ..
أبا أنمار .. :)
أيها الرجل الفاضل جزاك الله خيرا على عودتك و إطلالتك الرائعة ...
بارك الله فيك، وأهلا بك
الله أكبر .. اللهم أعز الإسلام والمسلمين
اللهم آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
أبا أنمار ماذا نقول لك غير أن كل ما تخطه يداك جميلٌ، فبارك الله فيك، ونسأل الله أن يعزنا بالإسلام ويعز بنا الإسلام وأن يعمل كل واحدٍ منّا شىء جليل يخدم به دينه والله المستعان.
جزاك الله خيرا، وزادك رفعة وسموا
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 05:29 م]ـ
الأستاذ خالد
أنت كما وصف الرسول الكريم كحامل المسك، فقد أعطيتنا وشممنا منك ريحا طيبة
أيها الجليس الصالح.
لقد دمعت عيناي وأنا أتابع المشهد، وقلت في نفسي: الحمد لله الذي أنقذه من النار
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 06:09 م]ـ
نعم أبا أنمار،، تدمع العيون وتفرح القلوب،، كم مثله ينتظر يدًا منا تمتد له؟؟!! هؤلاء وأمثالهم أراهم متعلقين برقابنا يوم القيامة قائلين: أين كنتم؟ ولِمَ تركتمونا دون أن تقدموا لنا صورة الإسلام؟؟؟ بل أراهم قائلين: يا رب، هؤلاء المسلمون ناموا وتركونا ولم يلتفتوا إلى أن ينقذونا من النار.
دمت طيبًا نافعًا مذكِّرًا حيث كنت، ولا حرمنا الله منك.
ـ[العصيماء]ــــــــ[18 - 10 - 2009, 09:15 م]ـ
جزاك الله خيراً، اللهم أختم لنا بخير، وثبت قلوبنا على دينك 0(/)
:ما صح في ليلة النصف من شعبان للشيخ محمد سعيدرسلان
ـ[- أبو عبد الرحمن -]ــــــــ[01 - 08 - 2009, 06:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما صح في ليلة النصف من شعبان
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=840 ( http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=840)
http://www.rslan.com/images/index/Sha3ban.jpg (http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=840)
نبذة مختصرة عن المحاضرة: تكلم الشيخ - حفظه الله - عن بيان لما صح من الأحاديث وما ضعف منها في فضل ليلة النصف من شعبان وبيان لما يرتكبه البعض من البدع التي لم ترد في الكتاب والسنة.
المحاضرة مفرغة من هنا
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=840
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 03:58 ص]ـ
بارك الله فيك أخى الحبيب.(/)
وذكر .... الثلاث البيض لاحرمنا الله وإياكم من فضلها
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 02:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني وأخواتي الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أذكر نفسى وإياكم بصيام الثلاثة البيض
ويوافق بداية هذه الأيام لشهر شعبان يوم الثلاثاء الموافق 4 أغسطس 2009
وبالتالي تكون الأيام البيض لهذا الشهر
الثلاثاء والأربعاء والخميس
والمعلوم أنها سنة مؤكدة عن النبى صلى الله عليه وسلم وصيامها كصيام الدهر كله
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ
رواه النسائى
وصححه الألبانى وقال حديث حسن
والثلاثة أيام البيض أطلق عليهن ذاك الوصف لبياض القمر في لياليهن
ويشرح العلماء كيف أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر بانتظام كصيام الدهر كله
فانطلاقا من قاعدة الحسنة بعشر أمثالها فصيام الأيام الثلاثة يعدل صيام ثلاثين يوما أي شهر كامل وهكذا كل شهر فكأنه صيام للدهر كله
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا." رواه الجماعة إلا أبو داود.
من خلال هذا الموضوع بإذن الله نذكر أنفسنا كل شهر بصيام الأيام البيض من باب " وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتقْوَى " فكل شهر بإذن الله يقوم أي منا بتذكير الآخرين بالأيام
*قد تختلف بداية الأيام البيض من بلد لأخرى بحسب ابتداء الشهر الهجري لديها وما اعتمدته.
ولا تنسونا من الدعاء
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 03:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 03:57 ص]ـ
بارك الله فيكِ.
ـ[أبو عبدالرحمن اليامي]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 04:02 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أم يوسف2]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 07:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا
والسلام
ـ[ابو مريم المصرى]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 09:10 م]ـ
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك(/)
خبر عاجل ومهم لمن له قلب
ـ[فايزه111]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 11:05 ص]ـ
طريقة العرض الكاملة
FW: قناة الهدي تسقط يا أخوات ووياإخوان لازم نتحرك! دعوة من الشيخ محمد حسان
________________________________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتعرض قناة الهدى الناطقة باللغة الإنجليزية لدعوة غير المسلمين إلى أزمة هذه الأيام وتحتاج للدعم قبل أن تسقط!
وقد دعا فضيلة الشيخ / محمد حسان كل قادر مستطيع ولو بالشيء اليسير أن يساعدة القناة في أزمتها
وقد قال حفظه الله بأن الأمة تأثم إن سقطت هذه القناة!
فها نحن الآن نضع بين يديكم حملة لدعم القناة للنهوض بها فمن يستطيع المساعدة فاليفعل كذلك نرجو نشر هذه الموضوع فيث كآفة المواقع والمنتديات
طرق الاتصال بالقناة من الموقع الرسمي لها
Office Tel: +202 3 8555 252
Office fax: +202 3 8555 254
LIVE Tel: +202 3 8555 248/249
بيان من موقع القناة لمن يريد رعاية برنامج .. عبر هذا الرابط
http://huda.tv/pages/sponsor_form.html
لا تجعل هذه الموضوع يقف عندك وانشره قدر استطاعتك عسى أن نكون قد قدمنا ولو شيء يسير لدعم هذه القناة المباركة
(أرجوكم لا تنسوني من دعواتكم إلي في حياتي العلمية والعملية ولجميع المسلمين)(/)
عضو جديد في الشبكة
ـ[الآسمري]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 12:58 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير اخواني اعضاء شبكة الفصيح لعلوم اللغه العربيه
يشرفني ويسعدني ان انظم لكم واسال الله العلي العظيم رب العرش الكريم
ان يجمعنا بكم في خير من هذا المكان في مجلس نكون فيه
مع الصديقين والانبياء
اللهم امين ..
احببت ان اسلم عليكم اولا.
واسالكم عن الروم بحثت عنها في برمانج البالتك ولم اجده فهل لها اوقات معينه؟
ايضا لاتبخلو على بنصائحكم فانا جديد على هذا العلم الذي طالما رغبت
في تعلمه في الماضي ولكن قدر الله وماشاء فعل.
اريد منكم يا اخواني ارشادي من اين ابداء فانتم خير من يوجهني ان شاء الله.
وفي الاخير اسال الله لكم ولي ولجميع المسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات المغفره والرحمه.
اخوكم/الأسمري
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 03:56 م]ـ
مرحباً بك أخى الأسمرى وحللت أهلاً ونزلت سهلاً ونتمنى لك معنا استفادة طيبة.
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 04:37 م]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
حياك الله أخي الأسمري ..
حللت أهلا و نزلت سهلا ..
بالنسبة للغرفة .. فلعلك تنظر في توقيعي:)
ـ[أم يوسف2]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 07:20 م]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك
نرجو لك طيب المقام حفظك الله
والسلام
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[03 - 08 - 2009, 07:32 م]ـ
حياك الله أخي الاسمري نتمنى لك طيب الإقامة بيننا.(/)
أحبكم يا أهل الفصيح
ـ[الخبراني]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 12:36 ص]ـ
أين الأديب اللبيب وأين حامل القرآن وأين جميع أعضاء الفصيح
لم أستطع أن أتمالك نفسي حينما تركتكم لمدة يسيرة
وأشهد الله أني أحبكم في الله
أحب الصالحين ولست منهم ............ الخ
فياليت دمعي يحكي بدمي
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 05:48 ص]ـ
سلام عليكم ... الخبراني؟ حمدا لله على سلامتك أخي.
أحبك الله الذي أحببتنا فيه ... ونسأل لك التوفيق والسداد.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 05:58 ص]ـ
أين الأديب اللبيب
:)
أنا هنا أسعدك الله ورضي عنك
مرحبا وأهلا وسهلا مجددا أخي الخبراني، وأحبك الله الذي أحببتنا من أجله
إذا صفيت القلوب تقاربت، وإذا تقاربت تحابت، وإذا تحابت جعلت الدعاء وصلا بينها وإن غابت قليلا أو كثيرا
أسأل الله أن تدوم المحبة فيه، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
تحيتي لك مجددا:)
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 12:34 م]ـ
أهلاً بك أخي العزيز ثانية
وأحبك الله الذي أحببتنا فيه
تقبل تحياتي(/)
كيف سُيرفع عملك؟
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 02:56 ص]ـ
http://img101.herosh.com/2009/07/29/492845446.gif
تعالوا نتوقف قليلاً مع رفع الأعمال إلي الله عز وجل، لنعرف لماذا
تُرفَّع الأعمال .. فالأعمال تُرفَّع بشكل يومي عصرًا وفجرًا ..
وأسبوعيًا، يومي الإثنين والخميس .. وسنويًا في شهر شعبان.
والحكمة من رفع الأعمال هي:
أولاً: الشفاعة لصاحبها .. تشفع الأعمال الصالحة لصاحبها عند رب العالمين، فُيغفَّر لك ذنوب العام كله.
وما هي الأعمال التي ستشفع لك في شعبان؟؟
1) دوام الذكر
وبالأخص الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا
إله الا الله والله أكبر) .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن مما
تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش
لهنّ دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له أو
لا يزال له من يذكر به" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. يُذكر
به: أي يشفع له .. فعندما تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر تصعد وتُذَكِّر بك، وتشفع لك عند رب العالمين فوق العرش ..
فاكثِر من هذا الذكر في شعبان لكي يشفع لك.
2) قراءة سورة الملك ..
قال صلى الله عليه وسلم"إن سورة من كتاب
الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته من النار وأدخلته
الجنة" [رواه الحاكم وحسنه الألباني] .. اقرأها كل ليلة كي تشفع
لك وتُنجيك من عذاب القبر.
3) قراءة آية الكرسي ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم"والذي نفسي
بيده إن لهذه الآية لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش" [رواه
أحمد وصححه الألباني] .. فآية الكرسي التي قرأتها تُرفَّع فوق عند
العرش وهي تُبجِّل الله سبحانه وتعالى وتحمد الله بالنيابة عنك وتُقدِّس
الملك سبحانه وتعالى عند ساق العرش.
ثانيًا: أن يتباهى الله عز وجل بعملك في الملأ الأعلى .. فالله عز وجل يُثني عليك في الملأ الأعلى إذا ما فعلت هذه الأعمال ..
1) الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .. قال صلى الله
عليه وسلم "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت
عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات" [رواه النسائي وصححه
الألباني]
2) قيام الليل .. ولتنوي بقيامك في شعبان نيتين: نية
الاستعداد لرمضان حتى يُغفر لك ما تقدم من ذنبك والثانية أن تنال
مسألتك من الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الرجل من
أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد فإذا وضأ
يديه انحلت عقدة وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة وإذا مسح رأسه انحلت
عقدة وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة فيقول الله عز وجل للذين وراء
الحجاب انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني ما سألني عبدي هذا
فهو له" [رواه أحمد وحسنه الألباني] .. فلا تُضيِّع هذه الفرصة وسلّ
الله ما تريد .. ولتكن حكيمًا في سؤالك رضاه عز وجل .. اللهم
بلغنا رضاك ومتعنا بلذة القرب منك.
3) حضور مجالس العلم .. حافظ على حضور دروس العلم خلال شهر
شعبان؛ لأن الله عز وجل يباهي بأهل مجالس العلم في الملأ الأعلى ..
قال صلى الله عليه وسلم "إن لله ملائكة سيارة فضلاء يبتغون مجالس
الذكر فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا
بأجنحتهم حتى يملأوا ما بينهم وبين السماء الدنيا فإذا تفرقوا
عرجوا وصعدوا إلى السماء قال فيسألهم الله وهو أعلم من أين جئتم؟
فيقولون جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك
ويمجدونك ويحمدونك ويسألونك قال وماذا يسألوني؟ قالوا يسألونك
جنتك قال وهل رأوا جنتي؟ قالوا لا أي رب قال وكيف لو رأوا جنتي
؟ قالوا ويستجيرونك قال ومم يستجيروني؟ قالوا من نارك قال وهل
رأوا ناري؟ قالوا لا. قال فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا
يستغفرونك قال فيقول قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما
استجاروا قال يقولون رب فيهم فلان عبد خطاء وإنما مر فجلس معهم
قال فيقول وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" [صحيح مسلم]
4) انتظار الصلاة بعد الصلاة .. عن عبد الله بن عمرو قال: صلينا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فرجع من رجع وعقب من عقب
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا قد حفزه النفس وقد حسر
(يُتْبَعُ)
(/)
عن ركبتيه فقال "أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء
يباهي بكم الملائكة يقول انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم
ينتظرون أخرى" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. فحتى يباهي الله
بك عليك أن تجلس بين الصلاتين، ولتكن ما بين المغرب والعشاء.
أما أن كنت حريصًا على عظيم الثواب وتريد أن تُعتق بسببه إن شاء
الله من النار .. فلتعتكف في المسجد من العصر إلى المغرب، إن كان
وقتك يسمح لك بهذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لأن أقعد
أذكر الله تعالى وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي
من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس
أحب إلي من أن أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل" [رواه أحمد وحسنه
الألباني] .. كن سببًا لعتق الرقاب، بها تُعتق.
ثالثًا: تُرفع الأعمال لإعلام حملة العرش ومن حوله من الملأ الأعلى بهذه الأعمال فيدعون الله لك
.. قال تعالى {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ
حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا
وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ
عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7]
حملة العرش مع منزلتهم العظيمة الشريفة يستغفرون ويدعون لك ..
فعليك أن تنظر فيما سيُرفع لك، وليكن عملاً يُباهى به .. هم
سيستغفرون لك، أستغفر أنت أيضاً في الأرض .. هم سيدعون لك، ادعّ
أنت أيضاً في الأرض.
رابعًا: تُرفع الأقوال والأعمال لتُسجَّل في الدواوين العالية للمُقربين
.. قال تعالى {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا
عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)} [المطففين] ..
فماذا تفعل لكي تتقرّب من الله تعالى ويُكتب كتابك في عليين؟ .. تقرب
له بسجدة شُكر، فإن بلوغك شهر شعبان نعمة تستحق أن تسجد شاكرًا
لله تعالى.
خامسًا: يُرفع العمل رفع سنوي لكي تحصل تنقية للأعمال ويُميز العمل الطيب من الخبيث ..
قال تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ
يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10]
..
نسأل الله أن يمُنّ علينا في هذه الأيام المُباركات بحُسن
العمل الصالح الذي يُدنينا منه، فنكون عنده من المُقربين
فالرّوح والريحان وجنة النعيم،،
ـ[أنوار]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 08:16 ص]ـ
قال تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ
يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10]
..
نسأل الله أن يمُنّ علينا في هذه الأيام المُباركات بحُسن
العمل الصالح الذي يُدنينا منه، فنكون عنده من المُقربين
فالرّوح والريحان وجنة النعيم،،
اللهم آمين .. آمين .. آمين
جزاكِ الله خيراً أخيتي ... وأحسن الله إليكِ وهذا التذكير ..
أوجزت جلّ الفضائل وأعظمها .. وفقنا الله وإياكِ لكل خير
ـ[أمة الله الواحد]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 06:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة جزاكِ الله خيرا ونفعنا بما ذكرته لنا.
بارك الله فيك وفي نقلك ولا حرمك الثواب آمين.
ـ[حمدي سعيد]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 07:01 م]ـ
جزاك الله أختنا العفيفة النقية التقية ان شاء الله خير الجزاء.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 12:02 م]ـ
جزاك الله خيراً أخيتي وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك(/)
تعلم التجويد بالكامل بإذن الله
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 03:17 ص]ـ
دورة تجويد كاملة للدكتور أيمن رشدي سويد صوت وصورة (فيديو) ( http://www.learnquran.mohdy.com/detail_page.aspx?p_name_english=as1)
لا تنسونا من صالح الدعاء
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 03:18 ص]ـ
مدرسة التجويد (حلقة تعلمية حية بين الطالب والاستاذ من الالف الى الياء رائعة) ( http://www.what-is-islam.org/arabic/tagweed00.html)
نفعنا الله واياكم بالقرآن العظيم
( http://www.what-is-islam.org/arabic/tagweed00.html)
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 03:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الكل يعرف مصحف التجويد و القراءات المرمز بالألوان .. مصحف من القراءات السبع
بصوت المقرئ (محمد عارف العسلي) وهو أول برنامج قرآني على الكومبيوتر يعرض لأربعة من القراءات القرآنية المشهورة (حفص، ورش، قالون، الدوري) وذلك ضمن أربع ختم كاملة بالصوت
والصورة، حيث تظهر الشاشة القرآنية للقراءة المعنية ويصدح صوت المقرئ بتلاوة القرآن بهذه القراءة ويصاحبه الرسم العثماني للآيات التي يتم تلاوتها
والروابط القديمة لهذا البرنامج على الأرشيف حذفت وبفيت روابط موقع الدعوة ولكنها بصيغة rar وأحيانا يضطر المرء إلى إعادة تنزيلها من جديد
روابط مصحف التجويد على موقع الدعوة الإسلامية ( http://eld3wah.com/play.php?catsmktba=1170)
وقد رفعت الأسطوانات التي لدي على الميجا أبلود
الأسطوانة 1 ( http://www.megaupload.com/?d=BO8I6D9I)
الأسطوانة 2 ( http://www.megaupload.com/?d=0AZWGYC3)
الأسطوانة 3 ( http://www.megaupload.com/?d=2D1CC8E7)
الأسطوانة 4 ( http://www.megaupload.com/?d=SRR62KU4)
الأسطوانة 5 ( http://www.megaupload.com/?d=EEGWTONJ)
الأسطوانة 6 ( http://www.megaupload.com/?d=V11L7HDM)
ولمن يرغب بتحميل ختمة ورش التي تمكنت من أخذها من البرنامج فقذ رفعتها على موقع الفورشارد و ملف التحميل هو التالي
هنا ( http://www.4shared.com/dir/14202633/e9fb2357/sharing.html)
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 03:23 ص]ـ
أحكام التجويد 1
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/1.wmv)
أحكام التجويد 2
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/2_PC.avi)
أحكام التجويد 3
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/3.wmv)
أحكام التجويد 4
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/4.wmv)
أحكام التجويد 5
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/5.wmv)
أحكام التجويد 6
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/6.wmv)
أحكام التجويد 7
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/7.wmv)
أحكام التجويد 8
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/8.wmv)
أحكام التجويد 9
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/8.wmv)
أحكام التجويد 10
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/10.wmv)
أحكام التجويد 11
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/11.wmv)
أحكام التجويد 12
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/12.wmv)
أحكام التجويد 13
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/13.wmv)
أحكام التجويد 14
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/14.wmv)
أحكام التجويد 15
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/15.wmv)
أحكام التجويد 16
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia300041.us.archive.org/0/items/ahmed3aaamer/16.wmv)
أحكام التجويد 17
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/17.WMV)
أحكام التجويد 18
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/18.WMV)
أحكام التجويد 19
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/19.WMV)
أحكام التجويد 19
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/19.WMV)
أحكام التجويد 20
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/20.WMV)
أحكام التجويد 21
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/21.WMV)
يتبع ( http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/44.WMV)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 03:24 ص]ـ
أحكام التجويد 22
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/22.WMV)
أحكام التجويد 23
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/23.WMV)
أحكام التجويد 24
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/24.WMV)
أحكام التجويد 25
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/25.WMV)
أحكام التجويد 26
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/26.WMV)
أحكام التجويد 27
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/27.WMV)
أحكام التجويد 28
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/28.WMV)
أحكام التجويد 29
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/29.WMV)
أحكام التجويد 30
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/30.WMV)
أحكام التجويد 31
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/31.WMV)
أحكام التجويد 32
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/32.WMV)
أحكام التجويد 33
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/33.WMV)
أحكام التجويد 34
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/34.WMV)
أحكام التجويد 35
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/35.WMV)
أحكام التجويد 37
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/37.WMV)
أحكام التجويد 38
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/38.WMV)
أحكام التجويد 39
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/39.WMV)
أحكام التجويد 40
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/40.WMV)
أحكام التجويد41
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/41.WMV)
أحكام التجويد42
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/42.WMV)
أحكام التجويد43
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/43.WMV)
أحكام التجويد44
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia311511.us.archive.org/3/items/ahmed3amer3/44.WMV)
ـ[أنوار]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 08:04 ص]ـ
سلمتِ أخيتي ..
وأنار الله طريقكِ بما خططتِ ..
جزاكِ الله خيراً عن كل قارئ .... ودمتِ بخير
ـ[ابن الإسلام]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 02:58 ص]ـ
جزاكى الله كل خير أختنا حامل القرأن ولكن الروابط التى هنا لا تعمل أتمنى وضع الملفات الصالحة لتحميل الملفات وأحكام التجويد:
[ QUOTE= ياحامل القرآن;361281]
أحكام التجويد 22
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/22.WMV)
أحكام التجويد 23
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/23.WMV)
أحكام التجويد 24
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/24.WMV)
أحكام التجويد 25
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/25.WMV)
أحكام التجويد 26
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/26.WMV)
أحكام التجويد 27
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/27.WMV)
أحكام التجويد 28
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/28.WMV)
أحكام التجويد 29
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/29.WMV)
أحكام التجويد 30
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/30.WMV)
أتمنى ان تضعى لنا روابط للتحميل غير التى وضعتيها لأنها لا تعمل عندى فهل المشكلة عندى وحدى أتمنى الرد على؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 11:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا "يا حامل القرآن"
وكما قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم {خيركم من تعلم القرآن وعلمه}
وجعل الله ثواب ما قدمت في ميزان حسناتك.
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 01:18 ص]ـ
جزاكى الله كل خير أختنا حامل القرأن ولكن الروابط التى هنا لا تعمل أتمنى وضع الملفات الصالحة لتحميل الملفات وأحكام التجويد:
[ quote= ياحامل القرآن;361281]
أحكام التجويد 22
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/22.wmv)
أحكام التجويد 23
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/23.wmv)
أحكام التجويد 24
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/24.wmv)
أحكام التجويد 25
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/25.wmv)
أحكام التجويد 26
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/26.wmv)
أحكام التجويد 27
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/27.wmv)
أحكام التجويد 28
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/28.wmv)
أحكام التجويد 29
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/29.wmv)
أحكام التجويد 30
http://www.rabania.com/media/images/download.gif (http://ia331319.us.archive.org/2/items/ahmed3amer2/30.wmv)
أتمنى ان تضعى لنا روابط للتحميل غير التى وضعتيها لأنها لا تعمل عندى فهل المشكلة عندى وحدى أتمنى الرد على؟
للأسف لا تعمل لدى أيضا واضح تلف هذه الملفات يجرى المعالجة وإعاده الرفع بإذن الله(/)
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 04:14 ص]ـ
أخوانى وأخواتى فى الله
السلام عليكم ورحمة الله
أن أحدكم
استمع إلى ترتيل وجه واحد (صفحة واحدة) من أوجه المصحف الشريف ثم تم تكرار سماعه فى نصف ساعة على سبيل المثال لهذا الوجه 10 مرات
إذا استطاع سماع هذا الوجه مرات ومرات من خلال جهاز الجوال أو mp3 ( العادى أو للسيارة)
ألا ييسر له حفظ ذلك الوجه (الصفحة) وهو فى طريقه للعمل مثلا؟!!
أو ييسر لها الحفظ وهى تؤدى عمل البيت؟!!
هذا ما أقدمه لكم
صفحات من مصحف المدينة
ولكن على شكل ملفات mp3 كل ملف يمثل ترتيل وجه من أوجه مصحف المدينة بصوت صاحب الصوت الخاشع
(الشيخ محمد صديق المنشاوى رحمه الله تعالى)
الملفات مرقمة بطريقة يسهل استخراجها.
رقم الملف يمثل رقم الجزء ورقم الوجه (الصفحة) المماثلة من مصحف المدينة فمثلا
الملف رقم
15 - 300
يعنى الجزء الخامس عشر وجه رقم 300.
كما يحتوى الملف على اسم السورة ويظهر ذلك عند تشغيل الملف.
فقط حمل الملفات على جهاز جوالك أو جهاز mp3 أو الكمبيوتر
وحدد الوجه الذى تريد حفظه
ثم شغل الملف الصوتى صاحب نفس الرقم وشغله بنظام التكرار حتى الحفظ
الملفات تم رفعها بعد ضغط كل مجموعة تمثل جزء من القرآن الكريم (يحتوى كل جزء على ما يقارب 20 ملف يزيد أو ينقص).
قام بهذا العمل أخوة لكم فى الله نحسبهم على خير ولا نزكى على الله أحدا نسألكم الدعاء لهم بظهر الغيب.
تم مراجعة هذه الملفات ولكن من يجد أى خطأ ما فى الترقيم أو غيره فعليه سرعة الرد فى هذا الموضوع لتلافيه.
الروابط هى
الجزء الأول
http://www.4shared.com/file/50286555/4a1ffb26/__online.html (http://www.4shared.com/file/50286555/4a1ffb26/__online.html)
الجزء الثانى
http://www.4shared.com/file/50286557/a4119a0a/___online.html (http://www.4shared.com/file/50286557/a4119a0a/___online.html)
الجزء الثالث
http://www.4shared.com/file/50259104/e79543ce/_3_online.html (http://www.4shared.com/file/50259104/e79543ce/_3_online.html)
الجزء الرابع
http://www.4shared.com/file/50259109/99243f73/_4_online.html (http://www.4shared.com/file/50259109/99243f73/_4_online.html)
الجزء الخامس
http://www.4shared.com/file/50259117/67872335/_5_online.html (http://www.4shared.com/file/50259117/67872335/_5_online.html)
الجزء السادس
http://www.4shared.com/file/50286553/a37c5e13/__online.html (http://www.4shared.com/file/50286553/a37c5e13/__online.html)
الجزء السابع
http://www.4shared.com/file/50259091/47ff663f/_7_.html (http://www.4shared.com/file/50259091/47ff663f/_7_.html)
الجزء الثامن
http://www.4shared.com/file/50259096/d99bf39c/_8_online.html (http://www.4shared.com/file/50259096/d99bf39c/_8_online.html)
الجزء التاسع
http://www.4shared.com/file/50259100/e0f887d7/_9_online.html (http://www.4shared.com/file/50259100/e0f887d7/_9_online.html)
الجزء العاشر
http://www.4shared.com/file/50231865/83ed321e/_10.html (http://www.4shared.com/file/50231865/83ed321e/_10.html)
الجزء الحادى عشر
http://www.4shared.com/file/50231867/6de35332/_11.html (http://www.4shared.com/file/50231867/6de35332/_11.html)
الجزء الثانى عشر
http://www.4shared.com/file/50231868/fd5c4ea3/_12.html (http://www.4shared.com/file/50231868/fd5c4ea3/_12.html)
الجزء الثالث عشر
http://www.4shared.com/file/50231870/ea9cf7d0/_13.html (http://www.4shared.com/file/50231870/ea9cf7d0/_13.html)
الجزء الرابع عشر
http://www.4shared.com/file/50231871/9d9bc746/_14.html (http://www.4shared.com/file/50231871/9d9bc746/_14.html)
الجزء الخامس عشر
http://www.4shared.com/file/50231876/3ff52e5/_15.html (http://www.4shared.com/file/50231876/3ff52e5/_15.html)
الجزء السادس عشر
http://www.4shared.com/file/50286558/34ae879b/_16.html (http://www.4shared.com/file/50286558/34ae879b/_16.html)
الجزء السابع عشر
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.4shared.com/file/50231880/6d04eb1f/_17.html (http://www.4shared.com/file/50231880/6d04eb1f/_17.html)
الجزء الثامن عشر
http://www.4shared.com/file/50231882/830a8a33/_18.html (http://www.4shared.com/file/50231882/830a8a33/_18.html)
الجزء التاسع عشر
http://www.4shared.com/file/50304602/fa6f7476/_19.html (http://www.4shared.com/file/50304602/fa6f7476/_19.html)
الجزء العشرون
http://www.4shared.com/file/50321880/9b38110a/_20.html (http://www.4shared.com/file/50321880/9b38110a/_20.html)
الجزء الحادى والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304598/c93e9878/_21.html (http://www.4shared.com/file/50304598/c93e9878/_21.html)
الجزء الثانى والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304596/2e86b57f/_22.html (http://www.4shared.com/file/50304596/2e86b57f/_22.html)
الجزء الثالث والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304595/b78fe4c5/_23.html (http://www.4shared.com/file/50304595/b78fe4c5/_23.html)
الجزء الرابع والعشرون
http://www.4shared.com/file/50539608/7929dc78/___online.html (http://www.4shared.com/file/50539608/7929dc78/___online.html)
الخامس والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304593/5eec41f0/_25.html (http://www.4shared.com/file/50304593/5eec41f0/_25.html)
الجزء السادس والعشرون
[ http://www.4shared.com/file/50429179/b21c96b9/___online.html (http://www.4shared.com/file/50429179/b21c96b9/___online.html)
الجزء السابع والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304590/c7e5104a/_27.html (http://www.4shared.com/file/50304590/c7e5104a/_27.html)
الجزء الثامن والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304589/a72299af/_28.html (http://www.4shared.com/file/50304589/a72299af/_28.html)
الجزء التاسع والعشرون
http://www.4shared.com/file/50304587/409ab4a8/_29.html (http://www.4shared.com/file/50304587/409ab4a8/_29.html)
الجزء الثلاثون
http://www.4shared.com/file/50304586/379d843e/_30.html (http://www.4shared.com/file/50304586/379d843e/_30.html)
ـ[أنوار]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 08:07 ص]ـ
وفقكِ الله أختي الكريمة ..
وثقلت موازينك بهذا الفيض ..
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 03:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
http://www.islam.us/mp3.php (http://www.islam.us/mp3.php)
هذا الموقع يحتوى على تلاوة الشيخ سعد الغامدى و له خاصيتين تميزه عن باقى التلاوات الأخرى للشيخ:
1) أن الصوت نقي جدا
2) وهى الأهم ... أن الملفات مقسمة كل ربع جزء, وليس بإسم السورة فقط,,مما يسهل الحفظ جدا إن شاء الله,,
ولو كل واحد منا شغَل الربع الذى يحفظ فيه فى السيارة أو فى البيت أو على الـ mp3 player أو أياً كانت الطريقة,,لتيسر الحفظ جدا إن شاء الله,,وإنه لسهل على من سهّله الله عليه .....
أسأل الله أن ينفعنا به ويرزقنا الإخلاص فى القول والعمل
أخي المسلم - أختي المسلمه
ملحوظة: لا تجعل الأجر يتوقف عندك ..... أنشرها
فيجزيك الله عز وجل خيراً ومغفرتاً وثواباً عظيما
وتأخذ أجراً على كل من تصله الرساله بعدك
ويضع عملك هذا في ميزانك يوم الحساب ودعو
من أرسل لكم هذه الرساله بالخير جزاكم الله خيرا
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 03:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يسعدني اخواني واحبابي أن أقدم لكم هذا الموقع
ويحتوي علي مصاحف كاملة بروابط مباشرة تدعم الاستكمال
والمصحف يكون بصيغة Mp3
وأحجامها من بين 300 الي 600 ميجا للمصحف الواحد
الموقع يحتوي علي مصاحف لكبار القراء مثل
الشيخ أحمد بن علي العجمي
الشيخ سعد الغامدي
الشيخ مشاري العفاسي
وغيرهم الكثير
صفحة المصاحف الكاملة
من هنا ولا تنسي ذكر الله ( http://www.el-moslem.com/completeQuraan.php)
لا تنسونا من صالح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 10:57 م]ـ
سورة الفاتحة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/elfatha.mp3)
سورة البقرة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/albakara.mp3)
(يُتْبَعُ)
(/)
سورة آل عمران ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alomran.mp3)
سورة النساء ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alnesaa.mp3)
سورة المائدة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almaada.mp3)
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة التوبة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/eltoba.mp3)
سورة يونس ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/yones.mp3)
سورة هود ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/hod.mp3)
سورة يوسف ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/yosof.mp3)
سورة الرعد ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alraad.mp3)
سورة إبراهيم
سورة النحل
سورة الإسراء ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alesraa.mp3)
سورة الكهف ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alkahf.mp3)
سورة مريم ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/marem.mp3)
سورة طه ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/taha.mp3)
سورة الأنبياء ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alanbiaa.mp3)
سورة الحج ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alhag.mp3)
سورة المؤمنون
سورة النور
سورة الفرقان
سورة الشعراء ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alshoaraa.mp3)
سورة النمل ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/elnaml.mp3)
سورة القصص ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alqasas.mp3)
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
سورة فاطر
سورة يس ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/ysn.mp3)
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
سورة غافر ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/ghafer.mp3)
سورة فصلت ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/foselt.mp3)
سورة الشورى ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alshora.mp3)
سورة الزخرف ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alzokhrof.mp3)
سورة الدخان ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/aldokhan.mp3)
سورة الجاثية ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/algathya.mp3)
سورة الأحقاف ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alahqaf.mp3)
سورة محمد
سورة الفتح ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/elfath.mp3)
سورة الحجرات ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alhogorat.mp3)
سورة ق ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/qaf.mp3)
سورة الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alkamar.mp3)
سورة الرحمن ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alrahman.mp3)
سورة الواقعة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alwakkaa.mp3)
سورة الحديد ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alhaded.mp3)
سورة المجادلة
سورة الحشر ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/elhashr.mp3)
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة الجمعة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/algomaa.mp3)
سورة المنافقون ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almonafekon.mp3)
سورة التغابن ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/altaghabon.mp3)
سورة الطلاق ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/altalak.mp3)
سورة التحريم
سورة الملك ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almolk.mp3)
سورة القلم ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alqalm.mp3)
سورة الحاقة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alhaka.mp3)
سورة المعارج ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almaareg.mp3)
سورة نوح
سورة الجن ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/algen.mp3)
سورة المزمل ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almozamel.mp3)
سورة المدثر ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almodather.mp3)
سورة القيامة ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alqyama.mp3)
سورة الإنسان ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/alensan.mp3)
سورة المرسلات ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/almoesalat.mp3)
جزء عم ( http://www.ahmed-ragab.com/hafs-mortal/ama.mp3)(/)
يروح بنا عن الدنيا بعيدا ....... رفيق الدرب
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 04:54 ص]ـ
http://www.muslmh.com/saveFTP/F2/manar/xxx.gif
كلماتى أُلقيها فى أذن قارئها
وأرجو منهُ أن يكون واعيها
ولا يترك منها كلمة فيها
إلّا وقد استوعب كل معانيها
http://islam.maktoob.com/image4629_500_361/500X361.jpg
أختى /أخى قد أرسل زوجك/زوجتك (أو صديقة لكِ أو صديق لك)
إليك اليوم رسالة بها كل أشواقهِ
وقد أمرك فيها بأوامر يجب أن تؤديها وقد وضّح لكِ فيها حبهُ ...
أنت بالطبع أسعد إنسان/ ة فقد أرسل لكِ أحب الناس
رسالة
وفى كل حين تفتح/ين الرسالة و تقرأ/ين ما فيها وكأنك تقرأها لأول مرة وفى كل مرة تحضتنها بقوة فهى فعلاً من أغلى شخص أحببتيه
ولك الحق فى ذلك
فى الصباح تقرئها فى المساء تقرئها
وفى كل وقت تتمع بكلماتها وعذب الفاظها
كما أنك تفعل كل ما أمرك به المرسل على أكمل وجه
حتى يكون سعيدا بكِ/كَ .........
ولكننى أوجه اليك سؤالاً
وهو
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-c803f17722.jpg (http://www.shbabislamy.com/)
أتقرأ كلام الله كل وقت؟
أتضمه إلى صدرك كل حين؟
أخبرنا
ماأحوالك مع كتاب الله؟
لاأنتظر أن أسمع منك أنه متروك فى المكتبة يغمره التراب لاأحد يلمسه ولا أحد يقرأه
لالا ... تقول إنه بالنسبة لكم مثله مثل أى كتاب أخر والله يقول في محكم تنزيله
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) [ص:29].
أختى وأخى أحسبكِ/كَ على خير
إن الذى أرسل هذا الكلام العظيم هو الله جل فى علاه
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-7bd57b96ef.jpg (http://www.shbabislamy.com/)
هل تُعامل القرآن كما تعامل رسالة من هو غال لديك من أهل الدنيا؟
سيتلعثم اللسان
وسيضطرب الكلام
وستتشتت الأذهان
وستشعرين بالألم
ما الذى جرى؟
ماذا أقول؟
ما هو جوابى؟
يا للحسرة
لا اقرأه
يا للخجل
لاأضمه
يا للحزن
لا أفكر فيه
ستقول واحسرتاه على حالي
واحسرتاه على وقتي الذى ضيعته
وآسفاه على عمرٍ ذهب مع الريح سُدى
http://farm4.static.flickr.com/3527/3206068733_229193d43b.jpg
أختى/أخى
هل قرأتِ /تَ الحديث؟؟
سألتكِ/كَ بالله إن لم تكون قد قرأته أن تعود وتقرأ
نعم أختى /أخى كتاب الله
أين أنتِ/تَ من كلام الله؟
إن لم يقل النبى إلا هذا الحديث عن كتاب الله لكان يكفى بالإنسان أن يتمسك بهذا النهج القويم والكلام العظيم حتى يلقى ربه وهو راضٍ عنه
سنتأمل معاً هذا الحديث وستعلمين أنه قد فاتكِ فضلٌ وخيرٌ كثير
"إلا نزلت عليهم السكينة"
هل تريد السكينة الطمأنينة والوقار ينزله الله على قلبكِ/كَ عند اضطرابكِ/كَ من شدة الخوف
أنا وأنتِ/تَ نريدها بل فى أمس الحاجة إليها إذاً عليكِ/كَ بكتاب الله
وقال الشيخ ابن سعدي: «السكينة: ما يجعله الله في القلوب وقت القلاقل والزلازل والمفظعات مما يثبتها، ويسكنها ويجعلها مطمئنة، وهي من نعم الله العظيمة على العباد».
"وغشيتهم الرحمة"
هل تريد أن يشملكِ/كَ الله برحمته
فتكون فى رحمة الله
عليك بكتاب الله
http://soul2000.jeeran.com/qr.jpg
" وحفتهم الملائكة"
أى صارت من حولهم
تخيل طوال ماأنتِ /تَ فى هذا المجلس القرآني تحفك الملائكة
تجلس معك الملائكة وتسمعك
ياترى كم مرة حفتك الملائكة؟؟
كم فاتنى وفاتك من خيرٍ كثير
"وذكرهم الله فيمن عنده"
يذكرك الله
متى؟؟؟
وكيف؟؟
وأين؟؟
نعم أخي/أختى يذكرك الله فى الملأ الأعلى
يذكرنى لمن؟
للملائكة
والله عجزت عن التعبير
يذكرنى الله للملائكة بإسمى وشخصى الفقير
والله إنه لحديث تدمع له العيون
وتعجز الكلمات عن شرحه وتفصيله
وماذا أريد بعد؟؟؟
سكينة ورحمة وتحفكِ الملائكة ويذكرك الله فيمن عنده
يا أيها الكَلم العلى الشان .... يا من أضأتَ غياهبَ الإنسان
فبذكر حرفكَ تطمئنُ قلوبُنا ... وبعلم نِحوكَ يستقيمُ لسان
قد يقول قائل أن هذا الحديث لمن يتذاكرون القرآن فى المساجد وأنا قد لا يتسنى لى الذهاب للمسجد؟
ساقول لك أن
الكرامات الأربع المذكورة في الحديث وردت مطلقة في صحيح مسلم أيضا بلفظ:
(يُتْبَعُ)
(/)
"لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ".
بل جاء في فضل هذه المجالس مارواه الطبراني في المعجم الكبير عن سهيل بن حنظلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون حتى يقال لهم: قوموا قد غفر الله لكم ذنوبكم وبدلت سيئاتكم حسنات ". وصححه الألباني
لماذا تركت القرآن وهو شفاء الأبدان؟
لماذا هجرت القرآن وبه نُرضى الرحمن؟
لماذا استغنيت عن القرآن وبه نصل للجنان؟
لماذا هجرت القرآن وبه نطرد الشيطان؟
لماذا هجر المصحف؟
لماذا لانقرأه إلا من رمضان إلى رمضان؟
فى كتاب الله دواء من كل داء
دواء القلوب والعقول والأبدان
للأسف نرى من الناس إلا من رحم ربي
لايتركون الجرائد ولا المجلات يوماً واحداً
و كتاب الله أحق بالقراءة
ففى القرآن منهج الأمة فى كل فروعها وتخصصاتها
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-e99f9670c3.jpg (http://www.shbabislamy.com/)
هذه الكلمات من قلب صادق ويتمنى لكِ النجاة
لماذا نهرول لسماع القرآن عند المصيبة فقط؟؟
أو عندما يكون عندك إمتحان
بل لماذا تستمتع بسماع الأغانى وتطرب
ولسماع القرآن لا تخشع
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} سورة محمد 24
نوّر جبينك في هدى القرآن ِ
واقطف حصادك بعد طول نضال ِ
واسلك ْدروبَ العارفين بهمة ٍِ
والزمْ كتابَ الله غيرَ مبال ِ
أرجوكِ أخى/ أختى أقرأه كل يوم
فى الفرح والحزن
فى كل وقت
فهو يريح النفس
ويسعد القلب
ويرضى الرب
فهو المعينُ على الشدائد ِ وطأة ... وهو المهيمنُ فوق كل مجال ِ
وهو الشفيع ُ على الخلائق ِ شاهدٌ ... في موقف ٍ ينجي من الأ هوال ِ
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-af9b7c7b8b.jpg (http://www.shbabislamy.com/)
لماذا لا تجعل ورداً لك تقرأه كل يوم
حتى لا يهجرك القرآن
عام مضى في عداد الزمان ... والعمر يحلو بتلاوة القرآن
والقلب ترقى به آيات ربه ... وتجلو ما فيه من هم وأحزان
والنفس تهفو وتستزيد بعلمه ... والروح تسمو بكلام المنان
فوا لهفي على سنين ضاعت ... كنا بدونه كالتائه الحيران
اقرأ حتى ولو مئه آيه فى قيام الليل حتى تكون من القانتين
ولو صعب عليك إقرأ حتى صفحة حتى لا تكون من الغافلين
(مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)
[آل عمران: 113]
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-097b3f1893.jpg (http://www.shbabislamy.com/)
أما علمت أن هناك أنواع لهجر القرآن
هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه (والعياذ بالله)
هجر العمل به والوقوف عند حلاله أوحرامه وإن قرأته وآمنت به.
هجر تحكيمه والتحاكم إليه فى أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
هجر الإستشفاء به فى جميع امراض القلوب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره, ويهجر التداوى به.
وكل هذا داخل فى قوله تعالي
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (30) الفرقان
وإن كان بعض الهجر أهون من بعض
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-f662dcd6a3.jpg (http://www.shbabislamy.com/)
قال عمر رضي الله عنه: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال http://d3waty.com/vb/images/smilies/frown.gif إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين). (صحيح مسلم)
(يرفع بهذا الكتاب):أي بقراءته والعمل به
(ويضع به):أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
لا تكون ممن هجر القرآن
فهنيئا لمن سمع القرآن وتلى وتدبر آي الرحمن
والذي نفسي بيده إنها لأعظم لذة وأجمل عيشة وأفضل حياة أن نحيى
على القرآن
فلماذا هجرت الحياة الرغيدة؟؟!
هجرت
البلسم للعقل اللذي أرشد العقول الضالة ووجهها الوجهة السليمة
وحررها من قيدها الذي كان يقيدها بعبادة صنم أو حجر أو بالسجود لشمس أو قمر
هجرت
البلسم للروح والنفس فإن الروح إن لم تتصل بخالقها ولم تتوق إلى بارئها تاهت ويئست
(يُتْبَعُ)
(/)
وكرهت الحياة وقنطت وكلنا يعلم مدى تأثير القرءان على العقل والروح
فلما هذا الهجران وأنت تعلم ما قاله الحبيب صلى الله عليه وسلم
(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر). (البخاري ومسلم)
عود إلى الفطرة التي خلقك الله عليها
وكرمك عن غيرك بأن جعلك من هذه الأمة التي هي خير الأمم وكتابها أفضل الكتب
{وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً} طه99
http://image039.mylivepage.com/chunk39/440054/275/Copie%20de%20%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%84%20%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8 %A7%D9%86%20%D8%A7%D9%82%D8%B1%D8%A7%20%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%82.jpg
لا تتحجج بحجج واهية وتتمسك بخيوط بالية
فلا عذر لك في ذلك فسيأتي اليوم الذي نعض فيه الأصابع ندما على ما فرطنا فيه من حق كتاب الله
يوم لا ينفع مال ولا بنون
فالبدار البدار
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار). (البخاري ومسلم)
ولنسعى لأن نتلوا كتاب الله حق تلاوته فبه
سيعلى شأنك عند ربك وستفتح لك أبواب الخير
لأنك ستكون مع القرءان الذي هو فاتحة الخير كله
http://eshraqa1.com/vb/imgcache/2/14080alsh3er.gif
هيا لا تحرم نفسك من الجنان
ابدأ بقراءة القرآن
حتى يرضى عنك الرحمن
ويحفظك من كيد الشيطان
وأسأل الله لنا ولك بأن نكون من أهل القرآن
ومن حملة القرآن
ومن عاشقين القرآن
قرآننا سيظل نور هداية ٍ
دستورَ أمتنا مدى الأ جيال
نورٌ تكّفله الإ له بحفظه
من أن تناوله يدُ الأ نذال ِ
يامنْ يقطّعُ ليله بترنم ٍ
قد فزتَ في الإ دبار والإقبال
وأخيرا أهديك هذه الهدية والتي اتمنى منك قبولها
فإنها والله من قلب محب مشفق
فضائل بعض آيات القرآن الكريم ( http://www.al-eman.com/taguid/Ayat.asp)
بعدد حروفه عشرات الحسنآت وأضعاف
وبحلاوة خطابه تأنس القلوب
وبوصف النعيم قلبي يتوق
وبوصف الجحيم عيني تبوح
ـ[مروة المغربي]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 04:30 م]ـ
بارك الله فيكِ علي هذا الموضوع الذي يفيق الكثير من القلوب الغافله عن ذكر الله 0 جعله الله في ميزان حسناتك000000000000
اللهم آمين000000000000000(/)
عن الميثاق الشرعي
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 08:26 ص]ـ
لا أعظم من الميثاق الشرعي: ميثاق النبوات، وما تضمنه من تصديق بالخبر وامتثال للحكم أمرا ونهيا، فذلك مما لا تطيقه إلا النفوس الكبار، ولذلك عجزت أمم وجماعات فضلا عن الأفراد عن إطاقته، فأخلت به، فمن مقل أخل بفروعه العلمية والعملية دون أصوله الكلية، ومن مستكثر نقض الأصل ومرق من الدين بالكلية.
وأَجِرِ ذلك على أصحاب المقالات الحادثة في الملة الخاتمة، ثم قس الأمم السابقة التي كفرت بأنبيائها أو كادت عليه، ففي أمة الإسلام من أخل بميثاق النبوة جملة وتفصيلا، فانتحل مقالة مكفرة لا عذر لمنتحلها إذ هي نقض صريح لعرى الملة، كمقالة الباطنية والفلاسفة القائلين بقدم العالم والقدرية منكري العلم الأول، ومنهم من انتحل مقالات تعود على أصل الدين بالإبطال، كمقالات غلاة نفاة الصفات، ومقالات السبابة الذين كفروا الصدر الأول: حملة الكتاب ونقلة الشرع، ومنهم من انتحل مقالات حادثة في مسائل الإيمان والقدر والصفات والسياسات لا يكفر منتحلها، وإن ناله من وصف نقض الميثاق نصيب إذ خرج ببدعته من حد السنة إلى حد البدعة، والقول مطرد إذ كلما كان المكلف أقرب إلى النبوة: بمباشرة نصوصها الصحيحة الصريحة، فيطرح الباطل الذي لا سند له إذ لا يعارض صحيح بباطل، ويرد المتشابه إلى المحكم الصريح، كان أقرب إلى السلامة، وهذا أمر مطرد في كل أصول الدين وفروعه، إذ الرسالة الخاتمة قد استوعبت كليهما، فلم يبق لمحدث عذر، إذ الإحداث لا يكون إلا فرعا عن نقص، إذ كل من أحدث في الإلهيات أو الشرعيات برأيه أو ذوقه أو ........ إلخ، فلسان حاله: الاستدراك على الوحي بإيراد تلك الزيادة مورد الاحتجاج، فهو يقرر ما لم يقرره الشرع، فيعتبر ما ألغاه بالسكوت عنه، مع قيام الحاجة إلى بيانه، إذ الشرعيات لا يفصل فيها إلا الكتاب المنزل، فمتى انقطع الوحي برفع النبوة فلا شرع زائد يقرر، إذ العقل والذوق عن ذلك بمعزل، فلا عمل للعقل إلا الاجتهاد في النوازل بردها إلى الأصول الكلية الجامعة لا ابتداع أصول حادثة في: الإلهيات، وهو أعظم صور الإحداث في الدين وذلك دأب أصحاب المقالات العلمية، أو: الحكميات، وذلك دأب أصحاب البدع العملية، والآراء الفقهية، والسياسات الحكمية التي تعارض ما قرره الوحي، ولا زال ذلك الإحداث واقعا إلى يوم الناس هذا، فالمقالات العلمية والرسوم العملية لا زالت تتولد، وإن كان أصلها واحدا: طغيان بني آدم بعقولهم وأهوائهم والحط من شأن النبوات بمعارضتها بالأقيسة العقلية والأهواء القلبية، حتى سوغ أصحابها لأنفسهم: اعتبار ما ألغته النبوات صراحة، فنصوصهم مقدمة على نصوص الوحي، والحكم في منازعاتهم: قياس عقل فلان أو ذوق فلان ......... إلخ، فالصور متعددة من لدن خرج الخوارج الذين حملوا حروف التنزيل في صدورهم وعجزوا عن إقامة حدوده لغلبة الجهل والهوى عليهم، وهذا حال من غلب الميل القلبي على الوحي الشرعي في كل الأعصار والأمصار، فلا نظر إلى النوازل بعين الشرع إذ حظهم منه ضئيل، فليسوا من الراسخين فيه، وذلك حال أرباب البدع عامة، فهم، كما يقول الشاطبي، رحمه الله، أصاغر في العلم، وإلى ظهور المعتزلة، أصحاب الذكاء بلا زكاء، والعلمانية المعاصرة تحتفي بمقالاتهم الكاسدة فتبعثها من مرقدها لتتأيد بها في حربها على ثوابت الملة باسم تنوير العقول وتجديد الشرائع!، وهو، عند التحقيق، إطفاء لنور الوحي الذي يزكي العقل الصريح إذ لا تعارض بينهما، وتخريب لخطاب الشرع، مع أن المعتزلة الأوائل خير منهم، إذ فيهم من كان معظما للشرع بالفعل، متأولا تأولا رفع عنه حكم المروق من الدين، وإن لم يرفع عنه الإثم لخوضه في الإلهيات التوقيفية بلا علم، فهم من أجهل الناس بالمنقول الصحيح، وأبعدهم عن المعقول الصريح، وإن ادعوا الانتصار للمنقول بأقيسة المعقول، درءا لشبهات أصحاب الملل والنحل من الفلاسفة والنصارى ........... إلخ، فلا الإسلام نصروا ولا أعداءه كسروا، بل تسلل الأعداء من ثغورهم إلى حصون الملة، فلبسوا عليهم من أمر الإلهيات ما لبسوا حتى انتحلوا البدعة في أنفسهم وامتحنوا غيرهم عليها، وهي محض شبهة لبس بها النصارى عليهم، ولسان حالهم:
(يُتْبَعُ)
(/)
(إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)، فما أردنا إلا نصرة الملة وتنزيه المعبود، جل وعلا، عن وصف النقص، وذلك لسان حال خلفهم من العلمانيين، فما أردنا إلا تزيين الإسلام في أعين خصومه!، وكأنه مقالة حادثة، قبيحة المعنى تفتقر إلى من يزينها بزخرف من المبنى، و: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)، وكثير منهم قد جاهر بالارتداد عن الملة، طلبا لرضا أولئك، فطعن في أصول الملة صراحة، ونقض ميثاق الإيمان الأول: الذي لا يصح ما بعده من قول أو عمل إلا بصحته، ولا مانع، كما تقدم، من الاستنصار بمقالات الفلاسفة وأصحاب المناهج العقلية الغالية، فهي على كل حال: إسلامية الاسم، وإن كانت إلحادية المسمى!، فلحاؤها الشرع، ولبابها الكفر، فهي إلى أقوال الباطنية أقرب، وبها أشبه، وعن أقوال أصحاب الديانة أبعد، وإن وافقتها في الألفاظ، فعلى سبيل الاشتراك! إذ أصحابها من أجهل الناس بمقالة أهل الإسلام في العلم والعمل، فقد أعرضوا ابتداء عن نصوص الوحيين إلى نصوص فلاسفة اليونان، فظنوا افتقار الشريعة إليها لجهلهم بكمالها واستغنائها عن غيرها، وذلك حال كل مبتدع، إذ لا يظن أحد افتقار الوحي إلى العقل على سبيل التقرير، لا سيما في مسائل التوقيف، التي لا يدركها العقل على سبيل التفصيل، وإنما هو في ذلك خاصة وفي أمر الدين عامة تابع للوحي مسلم، فهو كالعامي المقلد، لا يظن أحد ذلك إلا فرعا عن جهله المطبق بالشرع المنزل، بل جهله بالعقل ودوره في معاضدة الشرع لا معارضته، إذ هو من خلق من أنزل الشرع، فالمصدر واحد، فبالكلمات الكونية كان خلق الإنسان، وبالكلمات الشرعية نزل الرسول الملكي بالوحي الرحماني على قلب الرسول البشري ليزكي به النفوس والعقول على حد قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، فلم ينزل الوحي لينقض أصول القياس العقلي الصريح التي ركزها الله، عز وجل، في عقل الإنسان، وإنما نزل ليعضدها، فأمر بالتفكر والتدبر على سبيل تقرير مقالة الوحي بأدلة الشرع الصحيح والعقل الصريح، لا على سبيل نقضها بأصول عقلية حادثة، يكفي في بيان بطلانها اضطراب أصحابها، فما يعقده قياس فلان ينقضه قياس فلان، بل ربما تذبذب العقل الواحد فأبرم ونقض مرات ومرات، و: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، إذ لا عمل للعقل في الغيب إلا التسليم فإذا خاض فيه على سبيل الاحتمال تولد من ذلك مقالات بعدد الاحتمالات في مسائل لا تقبل التعدد إذ الحق فيها واحد لا يقبل التكرار.
والله أعلى وأعلم.(/)
وللفتنة تمثيل رأيت أن أسوقه هنافأقول
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 09:29 ص]ـ
والفتنة كأنهاحسناءواقفة في عرض الطريق وقدأبدت كامل زينتهاوأتبعت هذه
الزينة ابتسامة تغري بهامن يمربها.
و الناس حيالهامراتب فمنهم من لايلتفت إليها ولايعبأبتعرضهاله وهذابأعلى
المنازل, وهومن ذوي الحظوظ. وهي مرتبة اختص الله بها أرباب البصائرالذين
جعل الله لهم نورا؛ فهؤلاءقدشرح الله صدورهم للحق فهم على نورمن ربهم.
ومنهم من إذاوقعت عينه عليها كانت له النظرةالأولى فقط ثم ألجم هواه ومضى
لسبيله وتركهاوهذا سلك مسلك من يؤثرون العافية ,وعاقبته حميدة.
ومنهم من يطيل النظرلكنه ماضٍ في سبيله فهذاقدعرّض نفسه, وقديكون ذهب
عنهاوقد نُكِتَت في قلبه نكتة سوداء. و هذه النكتةقدتكون مرعى خصبا
لمايعرض له من فتن في قابل أيامه؛ وإن بقي يطيل النظرفي كل فتنة تمربه
فلايؤمن عليه الدخول في بعض أمرها.
ومنهم من يبادلها الابتسامة بمثلها ويتزين لهاكماتزينت له, وهذابشرالمنازل
وأوحشها؛ فهي لاتزال تستدرجه حتى توقعه بشراكهاوحبائلها. فتلطمه وتكبه على
وجهه. وإذاخاض هذه الفتنة أ ُشْرِبهافأصبحت من قوام حياته, وتردىفي
مهاويهاحتى يصبح من دعاتها.
ولايفهم من هذاأني أخص فتنة الوقوع بالشهوات فحسب, ففتنة الشبهة
أكبرخطرًامن فتنة الشهوة.
ومن أخطرمكامن الشبه مايثيره الفلاسفة من مقدمي العقل على النقل؛ فقديجدمن
يقرأبكتب هؤلاءشبهة تجدلها في نفسه من المرعى مايلقحهافتنموفي عقله ثم تأتي
أخت لها فتتقوىكل منهما بصاحبتها.
نسأل الله العافيةو الثبات
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 11:53 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
ولابن القيم كلام جميل ... حيث يقول رحمه الله: "الصبر على الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة، فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة وإما أن تقطع لذة أكمل منها، وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة، وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثلمه وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير من ذهابه، وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضعه، وإما أن تسلب نعمة بقاها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة، وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك، وإما أن تجلب هماً وغماً وحزناً وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة، وإما أن تنسي علماً ذكره ألذ من نيل الشهوة، وإما أن تشمت عدواً وتحزن ولياً، وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة، وإما أن تحدث عيباً يبقى صفة لا تزول .. الخ "
يبقى السؤال المطروح ..... كيف نقي أنفسنا .... من هذه الفتن .... ؟؟
1ـ علينا أن نربّي أنفسنا .... التربية الإيمانية .... وقد يقول قائل .... وما هي التربية الإيمانية هذه.؟ .... نقول إنها تتلخص في: مراقبة الله والخشية منه والتقوى والرجاء ....
2 ـ الحذر من النظرة المسمومة، فهي رائدة الشهوة وسهم من سهام إبليس، فالنظرة تولّد خطرة، والخطرة تولد الفكرة، والفكرة تولد الشهوة، فاحذر هذه النظرة، وقديما قيل: حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات، وصدق القائل:
كل الحوادث مبداها من النظر ........... ومعظم النار من مستصغر الشرر
إن المؤمن يجب عليه أن يتضرع إلى الله سبحانه وتعالى في كل أوقاته وأحواله داعيا ربه أن يعيذه من كل شر وفتنة.
يجب علينا أن نحذر كثيراً ..... فما سُمّيَ القلب قلباً .... إلا لتقلبه ..... اليوم أنتَ بخير من الفتنة ومن اتباع الشهوات .... ولكن غداً .... لا تأمن نفسك .... وحتى ولو كنتَ .... صاحب دين وخلق .... وكم .... وكم .... من الناس يعرف عنهم الصلاح والخير ... قد إنزلقوا .... في براثن تلك الشهوات .... وافتتنوا بهذه الدنيا .... نسأل الله السلامة .... فعلينا .... إن نكثر من الأدعية التي علمنا إياها رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .... (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ... ويا مصرف القلوب أصرف قلوبنا إلى طاعتك) ... اللهم آمين
ويجب الحذر من الانتكاسة في الفتنة ........ وإلا أصبحت قلوبنا مظلمة .... لا تعرف معروفا ولا تنكر منكراً ......
عن حذيفة- رضي الله عنه- قال: كنا عند عمر- رضي الله عنه- فقال أيكم سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه، قالوا فقال لهم عمر لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره، قالوا أجل، قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- يذكر الفتن التي تموج كموج البحر، قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا، قال لله أبوك وهي كلمة مدح معتادة أي لله أبوك حيث أتى بمثلك قال حذيفة- رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عودا)).
أي: كما ينسج الحصير عوداً عودا: ((فأيما قلب أشربها نكت في قلبه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض والآخر أسودا مربادا)).
أي: بياض يسير فيه سواد كالكوز مجخيا أي: منكوسا: ((لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه)).
الحذر من أن تصل قلوبنا إلى مثل هذه الحالة ....
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن .... آمين(/)
تخلّص من رائحة الفم .. تكتسب الثقة بالنفس
ـ[بنتصحراء]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 11:23 ص]ـ
:pيبدو أن عملية الثقة بالنفس تحتاج إلى مقومات، منها الاطمئنان إلى رائحة الفم، أي «النَفَسْ» ولهذه الكلمة الأخيرة دلالاتها العميقة.
ويتعرض لتفاصيل تلك المشكلة كتاب «تخلص من رائحة الفم .. لأنفاس منعشة دائماً»، الذي وضعه الدكتور ميتريداد دافارباناه والدكتور ميشال سيم، وصدر أخيراً عن «دار الفراشة» في بيروت في ترجمة لليديا طانيوس وزهراء مرتضى.
ويرجع الاهتمام بـ «النَفَسْ» إلى زمن الطبيب اليوناني أبُقراط. فقد أوصى مثلاً بفرك الأسنان بواسطة كُرَة من الصوف مغمّسة بالعسل ومن ثم غسل الفم بمزيج من الخمر واليانسون.
ولمحاربة رائحة الفم الكريهة، نصح أبو الطب باستعمال خليط من بودرة الرخام ورماد رأس أرنب بري وعظام ثلاث فئران مجففة ومطحونة.
واستخدم الرومان فرشاة أسنان مصنوعة من إحدى الأشجار التي تحتوي على بايكربونات الصودا والحمض الدبغي.
وأُكتشفت في روما آثار عيادة أسنان تعود إلى عهد الإمبراطور دوميسيانس (51 - 96م).
وأما في الشرق فشاع استخدام المسواك لإعطاء الفم رائحة طيبة وللحفاظ على صحة الأسنان.
في غياب الأوكسجين
يولي العالم المعاصر مسألة رائحة الفم أهمية قصوى بسبب آثارها الاجتماعية. ففي الولايات المتحدة، أكثر من 1000 عيادة متخصصة لمعالجة رائحة «النَفَسْ» الكريهة، تسمى «عيادات النَفَسْ المنعش».
وثمة صعوبة في تحديد معايير «النَفَسْ» الكريه بسبب اختلاف الثقافات في تحديد «الطيّب» و» الكريه»، ولأن من العسير أيضاً على المرء أن يقوّم بشكل موضوعي رائحة فمه، اذ أن غشاء الأنف المخاطي عند الإنسان مشبع برائحته بالذات، كما أن الدماغ لا يطلق تحذيراً عند شم روائح الجسم المعتادة.
يقدر البعض أن رائحة «النَفَسْ» الطبيعية يجب أن تكون عموماً مثل رائحة «الكستناء الطازجة».
ولكن من المسؤول عن «النَفَسْ» الكَريه؟
تتوجّه الأنظار فوراً إلى البكتيريا اللاهوائية وهي تلك التي تستطيع أن تتكاثر من دون الحاجة إلى الأوكسجين من الهواء.
وكلما انخفض معدل الأوكسجين ارتفعت نسبة البكتيريا.
ويلاحظ أيضاً أنها تُفرز كثيراً الأحماض الأمينية الغنية بالكبريت والأزوت.
وتعزّز بعض الظروف نمو هذه البكتيريا ومنها معدل مستوى الحموضة في اللعاب ومعدل الأوكسجين.
إذن، يقف اللسان في قفص الإتهام أيضاً لأنه يعج بالبكتيريا. وكلما أصبح لونه داكناً كانت رائحة الفم كريهة. وإذا مال لون اللسان إلى الزهري أو الأبيض، يكون في حال جيدة.
وإذ يحوي سطح اللسان عدداً كبيراً من التشققات فأنه يؤمن للبكتيريا بيئة مناسبة يقل فيها الأوكسجين كما تحميها من الانزلاق مع اللعاب، ما يضاعف أعدادها. ولذا، من الضروري تنظيف اللسان بالفرشاة عند فرك الأسنان للحدّ من مشكلة رائحة الفم.
ولا يظنن أحد أن العناية بالأسنان مسألة مُسَلّم بها. فالفرنسيون مثلاً لا يبدون حماسة إزاء تنظيف الأسنان.
ففي دراسة قديمة تعود إلى عام 1997 تبيّن أن أبناء بلاد الغال يستهلكون 1.4 فرشاة أسنان في السنة بدلاً من الأربع التي يوصي بها أطباء الأسنان.
وكذلك يستهلكون 3.5 أصبع من معجون الأسنان بدلاً من سبعة.
ويؤدي اللعاب مهمة الحفاظ على صحة الفم. فبعد كل وجبة طعام تتعرض أسناننا لهجوم الأحماض الناجمة عن عملية تحويل السكريات الموجودة في الأطعمة بفضل البكتيريا.
إذ يطلق اللعاب أجساماً مضادة تقاوم الجراثيم الموجودة في الطعام.
وبالتالي فإن غياب اللعاب أو نقص إفرازه يفتح الطريق أمام العوامل المسؤولة عن رائحة النَفَس الكريهة.
ومن المعلوم أن بكتيريا الفم والأسنان تمثّل بيئة تضم أكثر من 500نوع مختلف من البكتيريا، بعضها يكتفي بالمرور عبر الفم وبعضها الآخر يستقر على سطح الأسنان ويلتصق بها، مكوّناً الـ «بلاك» Plaque الذي تتراكم طبقاته المحتوية على كميات البكتيريا، كما أنها تلتصق بميناء الأسنان، وهي منطقة قريبة من اللثة.
وتؤدي ترسبات الـ «بلاك» الكثيفة إلى نمو البكتيريا التي تولد مواد كريهة الرائحة، وخصوصاً المركبات الكبريتية.
ويشبه الـ «بلاك» الدرع الواقية للبكتيريا. وعندما يتكلس، يظهر الجير الذي ينشأ عن اللعاب ويلتصق بالأسنان أيضاً.
وتفيد العناية بنظافة الأسنان في الحدّ منه. وكذلك تساهم الأسنان الاصطناعية في نشوء رائحة الفم.
إذ تنجذب البكتيريا اليها وإلى البروتينات التي تلتصق بها، لذا يجب أيلاؤها العناية اللازمة كحال الأسنان الثابتة.
ومن الضروري المبادرة إلى شنّ الحرب على رائحة الفم الكريهة من خلال الاهتمام بصحة الأسنان ونظافتها، عبر تقنيات عدّة. وعندها تصبح بسمة الأسنان البيضاء ورائحة الفم المنعش طريقاً لغزو القلوب وأسرها.
هذا الموضوع منقول من موقع أسنانكا
http://www.asnanaka.com/phpp2/showthread.php?t=1765(/)
التحذير من آفات اللسان
ـ[رقية القلب]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 02:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" موقع مداد "
التحذير من آفات اللسان
اللسان رحب الميدان .. واسع المجال .. هو ترجمان القلوب والأفكار .. آلة البيان وطريق الخطاب .. له في الخير مجال كبير وله في الشر باع طويل ..
http://www.midad.me/indexImages/cationn.jpg
استمع للمزيد في هذه المحاضرة القيمة
لفضيلة الشيخ: عمر بن سعود العيد
من خلال زيارة الرابط التالي:
http://www.midad.me/sounds/view/38791
هذه المادة منقولة من موقع .. : مداد: ..
www.midad.me
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 06:13 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
أولى آفات اللسان ................ الغيبة
وقد عرفها النبي ((صلى الله عليه وسلم)) بقوله: ((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره، قيل، أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد أغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته))
وهذه والله .... آفة .... خطيرة .... الكل قد وقع فيها ..... فهذا أحول وهذا جبان وهذا لا يفهم وهذا غبي ... وهذا وهذا .... !
والغيبة لا تقتصر على الكلام باللسان وإنما كل حركة أو إيماءة أو تمثيل أو همزة أو كتابة أو أي شىء
يفهم منه تقليل الطرف الآخر وشأنه، فكل هذا حرام لأنه غيبة، ولا بد من ترك مجالس الغيبة وعدم المشاركة فيها.
وعن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر الله عزوجل"
قال عقبة ابن عامر: قلت يارسول الله ما النجاة؟
قال:"أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك" رواه البخاري ومسلم
وكان عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يقول:
يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم.
وقال الحسن: ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه.
فإن استخدم في طاعة الله .... كقراءة القران ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .... فهذا هو المطلوب
وإن استخدم في طاعة الشيطان .... كالكذب وقول الزور، والغيبة والنميمة، وانتهاك أعراض المسلمين .... فلا
ـ[السراج]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 07:21 م]ـ
شكرا لكما ..
اللسان وما أدراك ما اللسان .. ذلك العضو القاتل المنجي ..
يطول الكلام حوله، ويكثر الجدل، وما قصص السابقين إلا هينة أمام سيول الكلمات عن سقطات بعضهم وعلو بعضهم بسبب لسانهم ..
وأخيراً:
" وهل يُكب الناس في النار إلا حصائدُ ألسنتهم "
ـ[كويتي كوووووووول]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 02:44 ص]ـ
فعلا اللسان من وجه نظري انه اكثر عضو يجلب لك الاخطاء في ثواني،فالذكي من يجيد استخدامه 00000
واحب ابين حاجه الا وهي ان الله سبحانه وتعالى جعل اللسان مسجون بثلاثة سجون اولها
1 - انه داخل الفم ومحصور بين الفكين
2 - الاسنان
3 - الشفتين(/)
الشكر
ـ[احمددرويش]ــــــــ[04 - 08 - 2009, 09:45 م]ـ
انا اشكر كل من ساهم في هذا الموقع الممتع واتمني ان اشترك واتزود بالعلم الذي افاضه الله سبحانه وتعالي واتعلم منكم كيفية الاشتارك الحقيقي في المنتدي بالعلم انا اسمي احمد درويش ولا اعرف في النت الا القليل واذا الموقع انا دخلته بالصدفة،وانتمنا منكم ان تدلوني علي اي شيء لتعليم القواعد النحوية من البداية في ابسط سورة واتمنا ان اكون علي ايديكم ملم بقواعد اللغة العربية المام كامل
وشكرا جزيلا لكم
اخوكم:احمد درويش
مصري الجنسية
ومقيم في الكويت
واتمنا من الله عز وجل ان يحقق لي امنيتي وارجع الي القاهرة مرة ثانية واستلم عملي هناك
ادعو لي بالتوفيق
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 07:54 ص]ـ
مرحبا لك معنا تفيد وتستفيد في هذا المنتدى الفصيح، وهو يحوي - بإذن الله - ما تصبو إليه ..
وإليك أداة البحث (في الأعلى) ستجد من الدروس والمناقشات ما تحب وما ترغب وما يشبع نهمك، وسيكون الأعضاء الفصحاء في أقرب وقت إن أردت إجابة أو نقاشا ..
مرحبا بك مرة أخرى ..(/)
افطر صائم =شنطة الخير
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 12:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يفصلنا عن الضيف الغالى بضع أيام ويأتى الذى طال انتظاره
يأتى رمضان لا حرمنا الله وإياكم منه
وفى الاستعداد بالصالحات لرمضان أتيت إليكم بفكرة بسيطة جدا ويستطيع كل منا على اختلاف إمكانياته0
كل منا ممكن على الأقل يخرج من بيته على الأقل شنطة واحدة أما عن الفقراء فهم يملئون بلادنا ولله الحمد:)
طيب النوايا التى نستحضرها فى هذا العمل:_
1 - أطعم حتى لا أكون من المجرمين
[إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ/ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ/عَنْ الْمُجرمِينَ/مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ/قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ/وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ]
" المدثر:39/ 40/41/ 42/43/ 44 "
2 - أطعم لأكون من الأبرار
[إِنَّاالابْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا/عَيْنًا يَشْرَبُبِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا
تَفْجِيرًا/يُوفُونَ بِالنَّذْرِوَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا/وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ
مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا/إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاشُكُورًا]
" الإنسان:5/ 6/7/ 8/9 "
3 - أطعم ليوسع الله علىّ رزقى
[وَأَمَّا إِذَامَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي/كَلَّا بَللَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ/وَلا
تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ]
" الفجر:16/ 17/18 "
[قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْشَيْءٍ
فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ]
" سبأ:39 "
4 - أطعم لينجينى الله من العقبة (جبل فى جهنم)
5 - ولأكون من المؤمنين
[فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ/وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ/فَكُّ رَقَبَةٍ/أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ/يَتِيمًا ذا مَقْرَبَةٍ/أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ/ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِوَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ/أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ]
" البلد:11/ 12/13/ 14/15/ 16/17/ 18"
(فلا اقتحم: أىتجاوز)
6 - أطعم طاعه للرسول صلى الله عليه وسلم
عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّواالْعَانِىَ "
" صحيح البخاري:5373 "
7 - الإطعام من الإيمان
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِفَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِفَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِفَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"
" صحيح البخاري:6018 "
8 - لأدخل الجنة
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُواالسَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا
الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ "
" سنن الترمذي:2673 "
9 - ليطعمنى الله من ثمار الجنة ويسقينى من الرحيق المختوم
قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" أَيُّمَا مُؤْمِنٍأَ طْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
مِنْثِمَارِ الْجَنَّةِ وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ
الْمَخْتُومِ وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْىٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ "
" سنن الترمذي:2637 "
10 - إطعام الطعام من خير الإسلام
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍورضى الله عنهما أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم " أَىُّ
الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ "
" صحيح البخاري:12
طيب نقترح مكونات لشنطة الخير (شنطة العتق بإذن الله)
6أرز
5مكرونه
2عدس
1فاصوليا
2زيت
سمن
3ك سكر
اقترحوا أى أفكار وانشروها بين معارفكم والله إذا كل أسرة أخرجت فقط من المنزل لأخرجنا 20 شنطة(/)
عن الربوبية والألوهية
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 06:07 ص]ـ
الألوهية تتضمن الإقرار السابق بالربوبية، فلن يتأله العبد ويخضع ويذل على جهة الديانة إلا لمن يعتقد فيه كمال التصرف، بالضر والنفع، بالإحياء والإماتة ........... إلخ، فيعتقد فيه وصف الربوبية، فإن اهتدى إلى الرب الحق ذي الأوصاف الكاملة والغنى الذاتي فلا يفتقر إلى أسباب، والقدرة النافذة فلا راد لقضائه ولا مانع، بل الموانع من خلقه، فهو الذي يجريها بأمره إذا أراد امتناع الشيء، كما أن الأسباب من خلقه فيجريها إذا أراد إيجاد الشيء، فلا ينفك سبب في الكون عن موانع تدافعه، وأسباب تعاضده، فلكل سبب سبب سابق له، فلا تستقل علة مخلوقة بالإيجاد التام، إذ ليس ذلك إلا للسبب الذي ليس وراءه سبب، قطعا للتسلسل في الفاعلين، فترجع الأسباب كلها إلى علة تامة مؤثرة يقع الفعل عقبها، وهي: كلمة الله، عز وجل، التكوينية، فرعا عن مشيئته الكاملة، فله كمال الربوبية إيجادا وإعداما.
والربوبية: ملزوم الألوهية، فهي الذريعة إلى كمال تأله العبد فرعا عن كمال تصرف الرب، فلا يتصور أن يعتقد الإنسان في ربه، عز وجل، أوصاف الكمال، جمالا وجلالا، ذاتا وأفعالا، ولا يفرده بالألوهية، إذ ذلك قدح في قياس العقل الصريح بتخلف الحكم الصحيح مع وجود علته من التصور الصحيح لمعاني الربوبية، ولذلك لا ينفك من ضل في باب الألوهية حكما عن ضلال في باب الربوبية تصورا، وإن آمن بوجود الرب، جل وعلا، إجمالا، فإنه لا بد أن يقع في خطأ في التصور لذاته القدسية أو صفاته العلية، فيتصور خلاف الحق في باب الذات والأسماء والصفات، فيعتقد في الإله، عز وجل، نقصا أو فقرا، يوجب التوجه إلى سواه بمعاني التأله التي لا يجوز صرفها إلا إليه، وبقدر الخطأ في التصور يكون الخطأ في الحكم، فالناس في ذلك على أنحاء شتى، فمنهم من عدم تصوره فرعا عن فساد فطرته التوحيدية الأولى، فلم يعد يعرف ربا يعبده إلا هواه، على حد قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)، ولعل حال الفلاسفة الوثنيين والدهريين قديما، والملحدين من الشيوعيين حديثا خير شاهد على ذلك الصنف الذي يجحد ما تلح به فطرته، على حد قوله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)، فينكر ما قام في النفوس من العلم الضروري بوجود سبب أول لهذا الوجود المحدَث، لا يفتقر إلى غيره من الأسباب، بل كلها ترجع إليه رجوع المُصَرَّف إلى مصَرِّفه، والمخلوق إلى خالقه، ومنهم من عرفه بذاته، ولم يعرفه بصفاته: جمالا وجلالا، فمن غفل عن صفات جماله: أساء الظن به، فعبده بالخوف من وعيده واليأس من وعده، وذلك حال الخوارج، ومن غفل عن صفات جلاله: غره حلمه، فتمادى في غيه، وعبده برجاء وعده، وأمن وعيده، بل ربما استخف به وأنكره وذلك حال المرجئة على تفاوت بين طبقاتهم في ذلك، فلا تنفك طريقتهم عن فساد في تصور جلال الرب، جل وعلا.
ومن لم يعرف كمال تصرفه في كونه، فظن أنه كملوك الدنيا يفتقر إلى من ينوب عنه، في تصريف شؤون رعيته!، صرف من العبادات لغيره بقدر جفائه في حق الرب الغني، جل وعلا، بنزع أوصاف الربوبية منه، وغلوه في حق المربوب بخلع تلك الأوصاف عليه فهو الذي يشفي ويرزق ويهب الولدان والأموال ........ إلخ من الأمور التي لا تكون إلا للرب القدير الذي: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ)، فلم يوكل أمر الذراري إلى فلان من الأنبياء أو الأئمة أو الأولياء، وفي التنزيل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)، فذكرهم في معرض تقرير كمال ألوهيته، بنعمته الكونية السابغة التي أضيفت إلى اسمه الكريم، أعرف المعارف، فاكتسبت من العموم ما لا يعد ولا يحصى، على حد قوله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)، واكتسبت من التشريف ما لما أضيفت إليه من كماله فشرف المضاف من شرف المضاف إليه، إذ له حكمه لفظا ومعنى، وأي نسبة أعظم من النسبة إلى الإله، عز وجل، على جهة الوصف، فأوصافه أعظم الأوصاف وأكملها على حد قوله تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، أو الخلق على حد قوله تعالى: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)، فهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعظم وأشرف مخلوقاته، ثم فصل الأمر بعد إجماله فقال: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ)، فهو الخالق إيجادا، الرازق إمدادا، فله كمال القدرة إذ خلق من عدم، وهو ما اصطلح النظار على تسميته بـ: "دليل الاختراع"، ورزق خلقه جميعا: مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، بل الناطق منهم والأعجمي، فلا رازق سواه، وهو ما اصطلح المتكلمون على تسميته بـ: "دليل العناية"، فالعناية الربانية بكل الموجودات حاصلة، وإذ ثبت له ذلك، فـ: "لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ"، فتوحيده بأفعال عباده فرعُ توحيده بأفعاله، فالأول لازم الثاني، فلا انفكاك بينهما إلا عند من تناقض، فأثبت الملزوم ونفى اللازم!.
وتأمل حال من غلا في المسيح والبتول عليهما السلام فخلع عليهما من أوصاف الألوهية ما جاز معه دعاؤهما بالمغفرة، فصارا قبلة الداعين سواء أكانوا من أهل الديانة بجهالة، أم من أهل الدنيا من طلاب الأولاد والأرزاق، وذلك حال من غلا من أهل القبلة في الأئمة والشيوخ، فأضرحتهم ملاذ المستغيثين من كروب الدنيا والآخرة على طريقة:
يا خائفين من التتر ******* لوذوا بقبر أبي عمر
عوذوا بقبر أبي عمر ******* ينجيكم من الضرر!
وفي أمر الآخرة: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، فهم وسائط وأسباب ما أنزل الله، عز وجل، بها من سلطان، فلا مستند من نقل أو عقل يصح معه اتخاذهم أسبابا: شرعية أو كونية، فذلك عين الابتداع، باختراع أسباب لم يشرعها الله، عز وجل، فيعتبر ما ألغاه من أهواء الرهبان والشيوخ، ويلغى ما شرعه من النبوات التي جاءت بأصدق الأخبار الإلهية وأعدل الشرائع الحكمية.
ومن لم يعرفه بكمال وصفه الإلهي، وذلك مما لا يكون إلا من طريق الوحي، إذ ليس للعقل فيه ولاية، بل هو تابع للنقل لا يملك الخروج عن سلطانه بسيف تأويل أو تحريف، من لم يعرفه بذلك: جوز اتصافه بأوصاف النقص، وذلك عين المحال الذاتي، فهو حال في ناسوت المسيح عليه السلام أو في فلان أو فلان من الأئمة أو الشيوخ، على طريقة أهل الحلول والاتحاد الخاص، أو هو حال في خلقه، وإن سفلت أعيانهم وأوصافهم على طريقة أهل الاتحاد والحلول العام، وقولهم أفحش قول قيل في الإلهيات، وقد التزموا لأجله، بل صرحوا بأفحش الأقوال مما يأنف من ذكره كل ذي عقل أو فطرة، وإن لم يكن على منهاج النبوة، فحاصل مقالتهم فساد في التصور بسلب الكمال من الخالق، بل ونعته بأوصاف المخلوق الناقص.
ومن لم يعرفه بكمال شرعه وحكمه، فهو أعدل شرع، وأحكم قول، من لم يعرفه به، ظن أن الشرائع الإلهية لا تفي بحاجة البشر في العبادات أو المعاملات أو السياسات أو الأخلاق، فجوز لفلان وفلان من المتشرعين المتلبسين بما لم يعطوا من أوصاف العلم والحكمة، أن يسن ما يرى فيه المصلحة، وإن كانت متوهمة ألغاها الشارع، عز وجل، على حد قوله تعالى: (إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)، واضطراب العقول أمر معلوم، فهي لا تدرك المصالح إلا على جهة الإجمال المفتقر إلى بيان النبوات، فلا تدرك إلا ما يعرض لها حسنه، بادي الرأي، ولو كان مما يخالف العقل والفطرة، ومجالس أوروبا النيابية التي تسن قوانين تبيح الفواحش المغلظة خير شاهد على ذلك الاضطراب العقلي!، فلا ميزان يدرك به الحسن والقبح تفصيلا إلا ما خرج من مشكاة النبوات، وإن أدرك العقل حسن الأشياء وقبحها إجمالا، فما يراه العقل اليوم حسنا، فيقره، ينقلب غدا فيصير قبيحا ينكره، على حد قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، وتأمل الدساتير الوضعية التي يجري عليها قلم التعديل والنسخ باستمرار في مقابل الشريعة الإلهية الخاتمة التي حفظها الله، عز وجل، من التبديل والتحريف، فلا ينسخ منها شيء إذا لا نسخ بعد رفع النبوات من الأرض، ولا يجمع أتباعها على خلافها، فهم معصومون من الاجتماع على خلاف الحق، فلا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، تأمل ذلك مما يقطع بأن العيب في الناظر إذ قصر نظره عن التصور الكامل للشرع الحاكم ففسد حكمه إذ ادعى بلسان الحال أو المقال حاجة الشرع الإلهي إلى شرع بشري ناسخ بحجة: "تجديد الخطاب الديني"، وهو لا يخرج في حقيقته عن كونه تخريبا وتحريفا لخطاب الشارع، عز وجل: المحكم، خطاب: (أحكمت *)، والناس أعداء ما جهلوا، فجهل البشر بكمال الشرائع الإلهية هو الذي حملهم على معارضتها بنحاتة الأفكار البشرية.
فالشاهد أن: أن الألوهية الصحيحة متضمنة لربوبية صحيحة، فصح الحكم فرعا عن صحة التصور، وأن الربوبية الصحيحة فرعٌ عن الكمال الإلهي: ذاتا وصفاتا وأفعالا، أصلٌ للتأله الصحيح، فلا يتخلف اللازم من كمال التأله له، جل وعلا، إلا بالقدح في الملزوم من كمال ربوبيته وذلك إنما يكون بوصفه، جل وعلا، بأوصاف النقص في ذاته المقدسة، أو نعته بها في أفعاله المحكمة.
فالتلازم بين أنواع التوحيد الثلاثة: تلازم وثيق.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 06:18 م]ـ
بارك الله فيك أيها المهاجر فموضوعاتك كلها متميزة ونافعة، وأمر العقيدة هذا أمر مهم يتوجب على كل مسلم أن يتعرف على عقيدته الصحيحة القويمة التى نهجها لنا الله فى كتابه وعلى لسان النبى (صلى الله عليه وسلم) والصحابة،ويجب على كل مسلم أن يعرف أنواع التوحيد الثلاث وأن يوقنها بقلبه وعقله.
أكرمك الله أخى مهاجر وتقبل منك أخى الفاضل.(/)
توقيعات إسلامية جميلة ومتنوعة ...
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 03:32 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
وجدت بعض التوقيعات الإسلامية الجميلة فوودت نقلها إليكم لعلها تعجبكم:
أولاً تواقيع البسملة:
http://sor.w2hm.com/files/image/t/49.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/45.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/44.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/43.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/41.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/37.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/1.JPG (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/2.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/6.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/9.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/29.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/15.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/12.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/27.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/7.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/3.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/12.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/a/8.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/5.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/18.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/11.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/36.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
[line]
[line]
وللموضوع بقية .....
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 03:32 م]ـ
ثانياً تواقيع تحية الإسلام:
http://sor.w2hm.com/files/image/e/2.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/7.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/4.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/13.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/1.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/6.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/9.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/4.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/10.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/5.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/14.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/15.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/7.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/3.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/10.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/34.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/16.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/31.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/11.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/e/8.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/2.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/39.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
http://sor.w2hm.com/files/image/t/42.gif (http://sor.w2hm.com)
[line]
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 03:36 م]ـ
تكملة ...
ثالثاً تواقيع إسلامية جميلة:
http://sor.w2hm.com/files/image/t/w1.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/t/25.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/t/17.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/27.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/26.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/28.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/29.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/30.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/34.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/33.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/31.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/37.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/38.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/39.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/40.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/45.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/44.gif (http://sor.w2hm.com)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 03:43 م]ـ
http://sor.w2hm.com/files/image/w/49.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/51.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/53.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/54.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/55.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/57.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/61.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/60.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/59.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/64.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/63.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/67.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/66.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/65.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/69.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/68.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/71.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/72.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/73.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/10.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/1.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/14.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/13.jpg (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/12.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/17.gif (http://sor.w2hm.com)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 03:50 م]ـ
http://sor.w2hm.com/files/image/w/16.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/15.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/2.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/19.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/18.jpg (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/22.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/21.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/20.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/5.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/4.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/3.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/3.gif (http://sor.w2hm.com)
http://www.rofof.com/img3/8zmopf5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8aouty5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8sqvwa5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8vejrl5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8tydbz5.jpg (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8rqaky5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8wsyti5.gif (http://www.rofof.com)
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 04:02 م]ـ
بارك الله فيك ناجي .....
للاستفادة من هذه التوقيعات.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 04:03 م]ـ
http://sor.w2hm.com/files/image/w/6.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/7.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/8.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/t/46.jpg (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/w/9.jpg (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/t/46.gif (http://sor.w2hm.com)
http://sor.w2hm.com/files/image/t/15.gif (http://sor.w2hm.com)
http://www.rofof.com/img3/8yzfqm5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8hdaup5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8eldah5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8bqwsj5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8itwcd5.jpg (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8cdvwk5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8vslok5.gif (http://www.rofof.com)
http://www.rofof.com/img3/8kpine5.gif (http://www.rofof.com)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 04:06 م]ـ
بارك الله فيك ناجي .....
للاستفادة من هذه التوقيعات.
جزيت خيراً أخى الحبيب .... وجعلك الله سراجاً يضىء طريق الهدى للغافلين عن ذكر الله.
ـ[فصيح البادية]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 11:38 ص]ـ
بارك الله لك فأنت مبدع حقا
ـ[دمعة ألماسة]ــــــــ[17 - 08 - 2009, 02:32 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك الإسلام والمسلمين(/)
كلمات في السجن!
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 08:08 م]ـ
الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد، هذه كلمات جميلات في السجن عافانا الله وإياكم من البلاء، أحببت أن أنقلها بين يديك وأمام ناظريك، ليُحْمَد اللهُ على العافية، ولتعتبر بكلامهم:
قال ابن قتيبة رحمه الله في كتابه عيون الأخبار ج1 ص 148:
قولهم في الحبس
شكاية يوسف عليه السلام إلى اللّه تعالى طول الحبس
في الحديث المرفوع: " شكا يوسف عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ طول الحبس، فأوحى اللّه إليه: من حبسك يا يوسف؟!
أنت حبست نفسك حيث قلت: " ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه "، ولو قلت: العافية أحبّ عليّ لعوفيت ".
دعاء يوسف عليه السلام لأهل السجن
حدّثني عبد الرحمن بن عبد المنعم عن أبيه عن وهب قال: " إن يوسف عليه السلام دعا لأهل السجن دعوةً لم تزل تعرف لهم إلى اليوم، قال: اللهم اعطف عليهم قلوب الأخيار، ولا تُعَمِّ عليهم الأخبار " فيقال: إنهم أعلم الناس بكل خبر في كل بلد.
ما كتب على باب سجين
وكتب على باب السجن: " هذه منازل البلوى، وقبور الأحياء، وتجربة الصديق، وشماتة الأعداء ".
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 10:08 م]ـ
" هذه منازل البلوى، وقبور الأحياء، وتجربة الصديق، وشماتة الأعداء "
شكرا أبا أيوب، موضوع جديد ..
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 11:45 م]ـ
شكرا أبا أيوب، موضوع جديد ..
أهلا بك السراج
سعدت والله بمرورك
بارك الله فيك(/)
خذ الحكمة من صفات الحيوان
ـ[أنوار]ــــــــ[05 - 08 - 2009, 10:23 م]ـ
اعتاد العرب، على سبر أغوار الحيوان .. ومعرفة نفسيته .. حتى أنهم يشبهون أفعال الناس، وفلتاتهم بصفات الحيوان ..
احذر أن تتصف بها .. فالأمثال العربية جاهزة .. لإسقاطها على من يستحق ..
سنتعرف على صفات بعض الحيوانات .. والهدف أن تنفر من تلك الصفة .. وتتجنبها ..
أو أن تنال إعجابك فتلوم نفسك أن سبقتك لتلك الصفة ...
(يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب)
الخنفساء:
من الحشرات الحقيرة ... ومن طبعها، إذا طُرِدتْ تعود ... فلو قذفت بتلك الحشرة بعيدا ... انتظرها ثواني ... ستجدها أمامك. .
وهذا الطبع قد يتصف به بعض الناس ... يطرد ويعود .. وينهر ويستمر ... ويوبخ .. ولا يسمع .. فقد هانت نفسه ...
الناقة - الجمل - البعير
و إذا جاء الحديث عن الإبل .. فافسح المجال للعربي أن يتحدث .. فهم يحبون الإبل ويتغزلون بمنظرها الجذاب .. وخلقها العظيم لكن نفسيتها .. كيف؟؟
يشبه الإبل الإنسان في صفات نفسية .. بعضها مقبول وبعضها تحذر منه
حين يغضب الإبل يقتل .. فهو صلف الطباع .. سريع الهيجان والثوران .. كما أنه لا ينسى الثأر .. فهو حقود حتى قيل " أحقد من جمل "
و العربي يكثر من ضرب الأمثال به .. حتى أنهم اذا تساوى عندهم أمران قالوا: كركبتي بعير .. وهل انتهت الركب .. فلا ركب إلا ركب البعير ...
العنز والتيس:
هذه الفئة البريئة .. الممزوجة براءتها بالسذاجة .. وقلة النباهة .. والمشي خلف القوم .. ليس انقياد، بل تبعية وإمعة .. أو ربما (معهم معهم) على الخير والشر ...
القرد
صاحب الحركة الخفيفة والطرافة .. ومع هذا هو رديف تماما للمنظر السيئ ..
حتى أنه غدا مثلا للوجه القبيح .. (القرد بعين أمه غزال) ..
البومة
احذر أن يكون دخولك في أي أمر سبب لخرابه .. سواء مشكلة أو موضوع .. في مجلس أو منتدى .. قد يكون بالغيبة .. أو بشحن مخلوق على آخر ...
ستكون حتما كالبومة ... التي يضرب بها المثل بالخراب (خراب البومة) ... و (من كان دليله البوم فمصيره الخراب) ..
بعضهم يتشاءم من البومة ... لكن .. لا عدوى ولا طيره ...
الأفعى
عضة منها أو نفث بالسم المكنون داخلها، تحيل الشخص إلى عالم آخر أو إصابة دامية .. لا يزول أثرها بسهولة ..
الأفعى .. يشبهها من ينفث بسمه ويتهجم، لغير مبرر .. ويتلوى على فريسته بالألفاظ والشتائم والتأليب
ومع هذا، الأفعى أفضل منهم .. فهي لا تقترب من النائم .. بل تمر من عنده بسلام غالبا ..
لكن أفاعي البشر .. شرهم طال الغافلين والغافلات ..
العقرب
من صفاتها اللدغ غيلة وخلسة .... من حيث لا تحتسب .. صفة .. ذميمة ..
فهل تلدغ الناس؟؟؟
العقرب ... تلدغ في الليل غالبا .. حيث لا يراها أحد ... وكذلك من يأتيك غافلا .. ويلدغ وينفث السم .. ليجعله يجري في دمك ..
فإياك أن تغتاب .. أو تنم .. أو تفرّق ...
كن شجاعا .. وواجه في النور .. وابتعد عن الظلام
الأسد
أما الأسد .... فالتناقض بعينه ... أليس رمزا للشجاعة ... " بلى "
أليس يضرب به المثل بكثرة النوم " بلى بلى "
أليس كسولا .. وهذه ثالثة
إن أكثر ما يهاجم هي اللبوة .. أما الأسد ,, فإن جاع افترس ...
لكن الذي ينصرف للذهن عند الكلام عن الأسد ... هو الشجاعة ... غضنفر ... قسورة ... أسامة ... ليث ...
كلها .. ألفاظ محشوّة فخامة، وأبهه
سيتبادر للذهن مَن هم على الثغور ..
أو من يقول كلمة الحق ..
العصافير
الرقة والعذوبة .. والهروب من الصوت، ولو كان قليلا ..
أنت ... لا تحب المشاكل ... إذن فيك طبع عصفوري ...
أتكره الصوت المرتفع ... أنت كذلك متعصفر ...
ومثله .. الكناري .. والبلبل ...
الحمار
مسكين هذا الحيوان .. له أقبح صوت وأنكره .. فهو مركوب مذموم .. خادم مضروب ...
فاحذر أن يستغلك شخص لأداء مآرب خبيثة له ... وأنت له مركب فقط، يوصله إلى مبتغاة ... فهذا طبع .. سيء ... يجعل من صاحبه شبيه بهذا المخلوق أعلاه. .
اخدم الناس .. و اسعى بحاجاتهم ... لكن ترفع عن الدنايا ..
ولعل الصبر .. من مخلوق كالحمار ... يجعلنا نفكر في ذواتنا الرفيعة ... لم لا نصبر ونتحمل؟؟
الخنزير
الخبث .. وانعدام الغيرة .. والدياثة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فحافظ وصن محارمك ... والغيرة .. محمودة ... بحدود) .. ولا يغررك من يقول: متشدد ... أو متحجر ...
أو رجعي ..
وأعظم من ذلك الغيرة على الدين والقيم والمبادئ .. ولا يغررك ثم يغررك من يمنحك الألقاب والشعارات البراقة ..
الجراد ..
ذلك الذي لا يدع أخضرا، إلا أكله .. ولا مزروعا، إلا أتلفه ...
وفيه قيل (أحطم من الجراد ... ) و (أفسد من الجراد) و (غوغاء الجراد (
فإياك أن تأخذ من الجراد صفة الفساد ... فهناك من لا يدخل مكانا .. إلا ويعم فيه الفوضى ... ويهلك الألفة ... وينشر الضغينة.
وقد يُشَبَه بالجراد، الشخص النحيف الذي يأكل كثيرًا، لكن لا يظهر على محياه ألبته ...
فالجرادة تأكل ولا تسمن ...
الضب
إذا شبهك أحد بالضب فانظر، هل يفهم حديث العرب وأيامهم .. إن لم يكن كذلك .. فربما قصد خشونتك .. وجلافتك ..
لكن العربي .. يقصد أنك شخص محيّر .. تدخله من جهة وتخرجه من أخرى ..
الحمام
يُرمز بها الآن للسلام ..
ولأننا مسلمون فالأمن عندنا لحمام مكة .. فيقال: آمن من حمام مكة .. وهذا من شرف المكان ..
لكن الحمامة .. , ضربوا المثل بأنها خرقاء .. ولا تحسن الصنيع ... فيقال: أخرق من حمامة ..
والسبب: أنها لا تتقن بناء عشها ..
وأرى عدم صحة هذه المقولة .. إذ أن عشها يتسم بالإتقان .. وروعة التصميم ..
الحصان
المركوب المهاب ... فهو رمز للفخر والمجد عند العرب ..
والقوة .. والسرعة .. والدخول في السباق.
فأي مضمار يجعلك تضاهي الحصان سرعة .. وسبقا ..
وأي مجال تكون للعروبة والإسلام فخرا ..
أليس مجال المسارعة في الخيرات ... وابتغاء ماعند الله ...
كن كالخيل ... معقود في نواصيها الخير ...
البغاث ...
هو طير صغير .. وليس حقير .. لكنه لايؤبه، به .. فليس كالنسر والعقاب .. وما شابهه
فإذا كنت صغيرا سنا أو قدرا .. فلا تنازل الكبار .. وتضاهيهم ..
وإياك إياك .. فقد يقال عنك: إن البغاث بأرضنا يستنسر ..
الغراب
قد تستغرب إذا علمت .. أن الغراب .. بعد أن سبرته العرب .. عرفتْ أنه يقوم من نومه مبكرا، فكيف بنا، إذا طاب النوم بعد الفجر .. وامتد إلى آذان الظهر ...
أيكون الغراب ... أفضل منا .. كما كان أفضل من قابيل حين دفن أخاه الغراب ....
الغراب كذلك ... ينتقي أطايب التمر وأجوده ... فيقال: وجد تمرة الغراب ...
ألستُ أنا وأنت .. أولى بأن ننتقي أطايب الكلام .. .. وتكون الكلمة في فمنا كالتمرة في فم الغراب!!!
الذباب
حقارة ... وقذارة
لا أحد يستلطف الذباب ... ولا من أحد لا يهشه عن أنفه ...
لكن من الناس ... من يأخذ من أشد صفاته قذارة فينتظر الهفوة والخطأ وينشرها .. ويحب الشماتة ..
نعوذ بالله
ومن صفاته .. الجرأة .. والجرأة ليست هنا الشجاعة .. بل الوقاحة فيقولون: أجرأ من ذباب ..
كما انبعث أشقى القوم .. ووضع سلا الجزور فوق ظهر النبي صلى الله عليه وسلم .. وانبعث أشقى قوم صالح .. وقتل الناقة ..
وللذباب صفة الطيش .. والتهور .. فالحلم الحلم ...
كما أن التفاهة ... رمزه ... فاسمو بنفسك ...
فراشة ..
حركة ونشاط ... وتنقل .. وإتقان,,,
فهل أخذت منها خفة الحركة ... وروعة المحيّا
يقول العرب: أخف من فراشة.
وأضيف أنها تتصف بالطيش ..
النحلة
تمثل روح الجماعة .. وحب العمل .. .
خلايا منظمة .. وإدارة ثابتة .. تصميم جيد للخلية .. مذاق رائع للشهد ...
شفاء ... وعلاج ...
تلك النحلة .. فهل نأخذ صفاتها. .
كن شفاء لمن حولك .. امسح دمعة الحزين .. ورأس اليتيم ... وانهض بالمحطم ... وانتشل الغريق ...
كن مع الجماعة كعضو فاعل مؤثر ... حتى لو جعلوك في نهاية الصف .. مادام العمل مما يرضي رب العباد .. " فإن كان في الساقة كان في الساقة "
قد تنتقم النحلة .. وتلسع .. لكن إذا اقترب منها أحد .. وآذاها ...
أليست هذه صفة رائعة أيضا ..
الذئب
دهاء .. وذكاء. . وتحايل
فإذا ناقشك .. من يريد الذلة لك أو الدنية لدينك .. فكن ذئبا و لا تجعله يمسك عليك خطأ ...
ولا تستخدم دهاءك إلا في مرضاة خالقك ...
والذئب رمز للعقوق .. فإذا جُرح ذئب، إلتهمته الذئاب.
الثعلب
رمز المكر ... والخديعة .. والالتفات للطعن من الخلف ... والمراوغة
وإياك إياك وصفة الغدر ...
حين يتفرق الناس وقد كانوا جماعة ... من شخص همه نقل الكلام .. أو بث الفرقة، لحسد في نفسه ...
الكلب
وفيّ .. ويحب صاحبه .. ويألف العشرة .. ولا ينساها ..
أليس أفضل من صحبة بعض بني البشر؟؟
لكن ... إياك بصداقاتك ومعاملاتك مع الناس .. أن تدخل أنفك في أمور لا تعنيك ... فالكلب .. يلغ في الإناء الذي عنده ... ويقولون لمن ديدنه ذلك": أولغ من كلب"
فكن متزنا ..
وللحق أقول ..
أن الحيوانات في كثير من الأحيان أفضل صحبةً من بني البشر
....................................
نقلاً عن أحد المنتديات جزى الله كاتبه والقائمين عليه خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد عزو]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 11:45 ص]ـ
سلمت يداك أستاذة أنوار، لكن الجملة الأخيرة فيها نظر، ولو حذفنا منها (في كثير من الأحيان) وقلنا (أحياناً) .. لكانت أجمل ..
أما الشاهد على صحة كلامك فهو قوله تعالى: (أولئك كالأنعام بل هم أضل) ..
ـ[بدر الخرعان]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 11:56 ص]ـ
سلمت يداك أستاذة أنوار، لكن الجملة الأخيرة فيها نظر، ولو حذفنا منها (في كثير من الأحيان) وقلنا (أحياناً) .. لكانت أجمل ..
أما الشاهد على صحة كلامك فهو قوله تعالى: (أولئك كالأنعام بل هم أضل) ..
شكرا لك أحمد عزو وأهلا بك في سماء الفصيح وننتظر إبداعاتك لا زلت مبدعًا وموجهًا ...
ـ[أحمد عزو]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 12:50 م]ـ
مفاجأة رائعة وجميلة أن أجد الأستاذ بدر جالساً إلى جانبي، لكن من ضعف نظري لم أره!! ..
شكراً لكلماتك اللطيفة ..
ـ[أنوار]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 07:22 ص]ـ
سلمت يداك أستاذة أنوار، لكن الجملة الأخيرة فيها نظر، ولو حذفنا منها (في كثير من الأحيان) وقلنا (أحياناً) .. لكانت أجمل ..
أما الشاهد على صحة كلامك فهو قوله تعالى: (أولئك كالأنعام بل هم أضل) ..
جزاكم الله خيراً على المرور ..
وأشكركم على الملاحظة ..
ومن شاء التعديل فله جزيل الشكر ..
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 12:26 م]ـ
ماشاء الله مقال رائع ومعلومات جميلة وجهد مشكور
أشكرك أختي أنوار ولك مني أجمل تحية
ـ[أنوار]ــــــــ[12 - 08 - 2009, 11:13 م]ـ
ماشاء الله مقال رائع ومعلومات جميلة وجهد مشكور
أشكرك أختي أنوار ولك مني أجمل تحية
جزيل شكرٍ لمروركم الكريم أستاذنا الفاضل ..(/)
أسباب الفوز بالنصف من شعبان
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 12:20 ص]ـ
أسباب الفوز بليلة النصف من
شعبان
تذكَّر معي، منذ عام مضى في نفس هذه الأوقات ... ماذا صنعنا على مدار
عام كامل؟ وهل لنا من أعمال تُرفَّع عند رب العالمين؟
هانحن نقترب من ليلة النصف من شعبان، وهذه الليلة لم يصِّح فيها عن النبي
صلى الله عليه وسلم إلا حديث واحد، وهو قوله صلى الله عليه وسلم
"يطلع الله إلى جميع خلقه
ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"
[رواه الطبراني وصححه الألباني]
فكيف ننال هذه الجائزة في ليلة النصف من
شعبان؟
أولاً: التخلص من الشرك ..
ولا تحسب إنك في مأمن منه طالما إنك قد أسلمت، فقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم "الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل
على الصفا" [صحيح الجامع رقم (3730)]
فالشرك خفي جدًا لا تكاد تشعر به .. وقد قال تعالى {
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ
ضَلَّ
ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116]
والشرك نوعان:
1) الشرك الأكبر .. وهذا لا يتمثل فقط في
عبادة الأصنام أو أن يكون على غير ملة الإسلام، بل له أنواع أخرى مُخيفة ..
منها:
شرك المحبة .. قال تعالى
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ
اللَّهِ .. } [البقرة: 165]
الذي يؤثر شهوات نفسه على مرضات الله عز وجل، فهو ممن قال تعالى
فيهم {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ .. } [
الجاثية: 23] ..
إذا كان حي علي الصلاة، آثر الانشغال بعمله على تلبية النداء .. وهذا شرك،
فينبغي أن تُطهِّر قلبك من محبة غير الله.
شرك الخوف .. فمن الناس من يخاف الجن والشيطان، وقد يصنع
الشركيات حتى يتقي شرهم. ومن الناس من يخشى بعض
البشر أكثر من خشيتهم من الله سبحانه وتعالى .. وقد نهانا الله عز وجل عن
ذلك، حين قال {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا
تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] .. فمن خاف الله
وحده أخاف الله منه كل شيء، أما إذا خفت غير الله ضاعت هيبتك فصرت
تخاف من كل شيء حتى من ظلك.
شرك التوكل ..
{ .. وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122] .. توكل
عليه وحده ولا تسأل الناس شيئا .. فمن فتح باب المسألة،
فتح الله عليه باب فقر والذِلة.
2) الشرك الأصغر وهو الرياء ..
وهذا خطره يكمن في خفائه، فأحيانًا كثيرة قد تتسلل هذه الآفة إلى قلبك دون أن
تدري ..
والإنسان قد يرائي حتى نفسه.
ولتطهير قلوبنا من أدران الشرك، نحتاج إلى
أمرين:
أولاً: جددّ إيمانك .. فإنك تحتاج إلى
إيمان جديد لمواجهة الشرك الأكبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم
"إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق
الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم" [صحيح
الجامع رقم (1590)] .. أي إن الإيمان يبلى كالثوب القديم، فلا يصلح
لارتدائه مرة أخرى.
فعليك أن توحد ربك من جديد .. إذا اشتدت أحوالك، لا تسأل إلا ربك الرزاق
.. إذا أردت أن تقي نفسك شر الفتن، فسلّ ربك الملك
ولا تسأل غيره أن يحفظ سمعك وبصرك عليك .. فقط اسع في طلب الرزق
ودع ربك يدبر أمرك.
ثانيًا: تحقيق الإخلاص .. وفي مواجهة
الرياء نحتاج إلى تحقيق الإخلاص، بعدة طرق:
1) عليك بكثرة الدعاء بأن يرزقك الله
الإخلاص .. "اللهم اجعل عملي كله صالحا ولوجهك خالصا ولا
تجعل فيه لأحد غيرك
شيئا، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل".
2) ذكّر نفسك بنواياك .. قبل أن تشرُع في
أي عمل.
3) فليكن لك في كل أسبوع عمل فذّ كبير ..
كأن تصوم أسبوعًا كاملاً أو أن تختم فيه قراءة القرآن أو أن يكون لك ورد
ذكر كبير كورد
أبو هريرة رضي الله عنه، الذي كان يستغفر في اليوم الواحد 12000
استغفار ويُسبح مثله .. حتى تُقدم بين يدي الله عمل فذّ كبير
في زمان رفع الأعمال، وليكن هذا العمل عنوان الإخلاص كما قال ذو
النون "علامة المخلص بذل المجهود في الطاعة".
فإذا أردت أن تُخلِّص، اعمل عملاً فذًا.
ثانيًا: البُعد عن المشاحنة
والمُشاحن هو الذي يضمر الحقد والغلّ للناس ... قيل لرسول الله صلى الله
عليه وسلم: أي الناس أفضل؟، قال "كل مخموم
القلب صدوق اللسان"، قالوا
صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟، قال "هو التقي النقي لا إثم فيه ولا
بغي ولا غل ولا حسد" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني] .. هذا
هو
صاحب القلب الطاهر ..
طهّر قلبك من أي غلّ خفي تجاه إخوانك ..
حتى تنال المغفرة في هذه الليلة ..
والحسد غريزة طبيعية في فطرة كل البشر، ولكن المؤمن يُصرفها في طاعة
الله .. النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا حسد إلا في
اثنتين رجل آتاه الله القرآن
فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل
وآناء النهار" [متفق عليه] .. والمراد بالحسد هنا الغبطة وهو
تمني مثل ما للمغتبط وهذا لا بأس به وله نيته، ولكن إن تمنى زوالها عنه فذلك
حرام وهو الحسد المذموم .. واعلم إن السبب الذي
يوقعك في الشحناء والحسد هو حُب الدنيا،
فهي رأس كل خطيئة.
وأخيرًا، أوصيكم بالإكثار من فعل الخيرات في أسبوع
ليلة النصف من شعبان .. لتكون خير عُدَّة لرمضان .. فنحن في
زمان السقي،
بعد أن بذرنا البذور في شهر رجب والحصاد في رمضان إن شاء الله .. اللهم
بلغنا رمضان،،
وإن لم تبذُر بعد .. فاستدرك أمرك الآن،
{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ
انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46]
وإياك أن تكون ممن دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم
"بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له" [رواه
الحاكم وصححه الألباني]
هيا أعِّد العُدَّة من الآن، فلم يتبقى من الوقت إلا
القليل،،
منقول لأهميته
ربنا يتقبلنا بإذن الله ولا تنسوا الصيام غدا بإذن الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 01:46 ص]ـ
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين و يملي للكافرين و يدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه " [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]
إنها فرصة الصفح، فرصة للمغفرة، فرصة استدراك الفائت لا تضيعها هذه الليلة.
هذه ليلة المغفرة، ليلة تصحيح المسار، ليلة بداية الاستعداد الجاد والمرحلة النهائية قبيل رمضان.
ليلة اليقظة، تخيل نفسك وقد أقدمت على رمضان وقد غفرت لك ذنوبك، تخيل رصيد السيئات صار صفرًا، تخيل ركام المعاصي وقد صار هباء منثورا، تخيل عظم فضل هذه الليلة.
لذلك احرصوا عباد الله على عمارة الوقت بالذكر، والإكثار من الاستغفار، وتحري عزائم المغفرة.
دعاؤنا المتجدد:
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر و أسألك عزيمة الرشد و أسألك شكر نعمتك و حسن عبادتك و أسألك لسانا صادقا و قلبا سليما و أعوذ بك من شر ما تعلم و أسألك من خير ما تعلم و أستغفرك مما تعلم إنك أنت علام الغيوب
تحصننا الدائم حتى لا يبقى أثر لشرك في قلوبنا:
قال صلى الله عليه وسلم:" من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب و كتبت له مائة حسنة و محيت عنه مائة سيئة و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك "
وسلامة الصدر عبادة الوقت فسلم قلبك
قال صلى الله عليه وسلم:" أفضل الناس كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: التقي النقي، لا إثم فيه و لا بغي و لا غل و لا حسد ".
قل: الناس مني في حل، وإن آذوني، لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لنا ولكم
تهيأ، وركز، ولا تضيع الفرصة، فقد لا تتكرر
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 01:53 م]ـ
أخي حامل القرآن
بارك الله فيك على دعوة إخوانك للخير
ولكن ينبغي علينا أن نتبع ماورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا مجال في الدين لابتكار شيء لم يرد له أصل.
وتخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة ليس له أصل في الشرع
ودونك ما قاله العلماء فاحرص وفقني الله وإياك لكل خير.
فتاوى
فتاوى > فتاوى شعبان > ضعف ما ورد في شأن فضيلة النصف من شعبان
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 61)
السؤال الثاني من الفتوى رقم (884):
س2: يقول بعض العلماء إنه وردت أحاديث في فضيلة نصف شعبان وصيامه وإحياء ليلة النصف منه هل هذه الأحاديث صحيحة أو لا؟ إن كان هناك صحيح فبينوه لنا بيانا شافيا، وإن كان غير ذلك فأرجو منكم الإيضاح، أثابكم الله؟
ج2: وردت أحاديث صحيحة في فضيلة صوم أيام كثيرة عن شعبان إلا أنها لم تخص بعضا من أيامه دون بعض، فمنها ما في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان، فكان يصوم شعبان كله إلا قليلا، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم رواه الإمام أحمد، والنسائي
ولم يصح حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام يوم بعينه من شعبان، أو كان يخص أياما منه بالصوم، لكن وردت أحاديث ضعيفة في قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها، منها ما رواه ابن ماجه في سننه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 62)
الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا حتى يطلع الفجر، وقد صحح ابن حبان بعض ما ورد من الأحاديث في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان، من ذلك ما رواه في صحيحه، عن عائشة أنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو في البقيع رافع رأسه، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ فقلت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، وقد ضعف البخاري وغيره هذا الحديث، وأكثر العلماء يرون ضعف ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وصوم يومها، وقد عرف عند علماء الحديث تساهل ابن حبان في تصحيح الأحاديث.
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا إن ذلك بدعة، وعظم جماعة من العباد تلك الليلة اعتمادا على ما ورد من الأحاديث الضعيفة واشتهر عنهم ذلك فتابعهم عليه الناس، تحسينا للظن بهم، بل قال بعضهم لفرط تعظيمه لليلة النصف من شعبان: إنها الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، وأنها
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 63)
يفرق فيها كل أمر حكيم، وجعل ذلك تفسيرا لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وهذا من الخطأ البين، ومن تحريف القرآن عن مواضعه، فإن المراد بالليلة المباركة في الآية ليلة القدر، لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وليلة القدر في شهر رمضان للأحاديث الواردة في ذلك؛ لقوله تعالى شهر رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي إبراهيم بن محمد آل الشيخ
http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=17&PageNo=1&BookID=12
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 02:35 م]ـ
أخي حامل القرآن
بارك الله فيك على دعوة إخوانك للخير
ولكن ينبغي علينا أن نتبع ماورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا مجال في الدين لابتكار شيء لم يرد له أصل.
وتخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة ليس له أصل في الشرع
ودونك ما قاله العلماء فاحرص وفقني الله وإياك لكل خير.
فتاوى
فتاوى > فتاوى شعبان > ضعف ما ورد في شأن فضيلة النصف من شعبان
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 61)
السؤال الثاني من الفتوى رقم (884):
س2: يقول بعض العلماء إنه وردت أحاديث في فضيلة نصف شعبان وصيامه وإحياء ليلة النصف منه هل هذه الأحاديث صحيحة أو لا؟ إن كان هناك صحيح فبينوه لنا بيانا شافيا، وإن كان غير ذلك فأرجو منكم الإيضاح، أثابكم الله؟
ج2: وردت أحاديث صحيحة في فضيلة صوم أيام كثيرة عن شعبان إلا أنها لم تخص بعضا من أيامه دون بعض، فمنها ما في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان، فكان يصوم شعبان كله إلا قليلا، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم رواه الإمام أحمد، والنسائي
ولم يصح حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام يوم بعينه من شعبان، أو كان يخص أياما منه بالصوم، لكن وردت أحاديث ضعيفة في قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها، منها ما رواه ابن ماجه في سننه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 62)
الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا حتى يطلع الفجر، وقد صحح ابن حبان بعض ما ورد من الأحاديث في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان، من ذلك ما رواه في صحيحه، عن عائشة أنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو في البقيع رافع رأسه، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ فقلت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، وقد ضعف البخاري وغيره هذا الحديث، وأكثر العلماء يرون ضعف ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وصوم يومها، وقد عرف عند علماء الحديث تساهل ابن حبان في تصحيح الأحاديث.
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا إن ذلك بدعة، وعظم جماعة من العباد تلك الليلة اعتمادا على ما ورد من الأحاديث الضعيفة واشتهر عنهم ذلك فتابعهم عليه الناس، تحسينا للظن بهم، بل قال بعضهم لفرط تعظيمه لليلة النصف من شعبان: إنها الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، وأنها
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 63)
يفرق فيها كل أمر حكيم، وجعل ذلك تفسيرا لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وهذا من الخطأ البين، ومن تحريف القرآن عن مواضعه، فإن المراد بالليلة المباركة في الآية ليلة القدر، لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وليلة القدر في شهر رمضان للأحاديث الواردة في ذلك؛ لقوله تعالى شهر رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي إبراهيم بن محمد آل الشيخ
http://www.alifta.net/fatawa/fatawachapters.aspx?view=page&pageid=17&pageno=1&bookid=12
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أختى الكريمة
فى البداية جزاكِ الله خير الجزاء على التذكرة
لم أخص ليلة النصف من شعبان بشئ من كلامى فى البداية بالنسبة لتذكيرى بالصيام لأنه ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم صيام 13,14,15 من كل شهر وكذا الآثنين والخميس فطبيعى صيام هذه الليلة ليلة 15 من كل شهر
بارك الله فيكِ على ذكر الأحاديث الضعيفة ولكننى بالفعل لم أذكرها فى حديثى وما ذكرته حديث واحد وبينت درجته وهو
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين و يملي للكافرين و يدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه " [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني](/)
ضعف ما ورد في شأن فضيلة النصف من شعبان
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 01:58 م]ـ
فتاوى
فتاوى > فتاوى شعبان > ضعف ما ورد في شأن فضيلة النصف من شعبان
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 61)
السؤال الثاني من الفتوى رقم (884):
س2: يقول بعض العلماء إنه وردت أحاديث في فضيلة نصف شعبان وصيامه وإحياء ليلة النصف منه هل هذه الأحاديث صحيحة أو لا؟ إن كان هناك صحيح فبينوه لنا بيانا شافيا، وإن كان غير ذلك فأرجو منكم الإيضاح، أثابكم الله؟
ج2: وردت أحاديث صحيحة في فضيلة صوم أيام كثيرة عن شعبان إلا أنها لم تخص بعضا من أيامه دون بعض، فمنها ما في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان، فكان يصوم شعبان كله إلا قليلا، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم رواه الإمام أحمد، والنسائي
ولم يصح حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام يوم بعينه من شعبان، أو كان يخص أياما منه بالصوم، لكن وردت أحاديث ضعيفة في قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها، منها ما رواه ابن ماجه في سننه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 62)
الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا حتى يطلع الفجر، وقد صحح ابن حبان بعض ما ورد من الأحاديث في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان، من ذلك ما رواه في صحيحه، عن عائشة أنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو في البقيع رافع رأسه، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ فقلت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، وقد ضعف البخاري وغيره هذا الحديث، وأكثر العلماء يرون ضعف ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وصوم يومها، وقد عرف عند علماء الحديث تساهل ابن حبان في تصحيح الأحاديث.
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا إن ذلك بدعة، وعظم جماعة من العباد تلك الليلة اعتمادا على ما ورد من الأحاديث الضعيفة واشتهر عنهم ذلك فتابعهم عليه الناس، تحسينا للظن بهم، بل قال بعضهم لفرط تعظيمه لليلة النصف من شعبان: إنها الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، وأنها
(الجزء رقم: 3، الصفحة رقم: 63)
يفرق فيها كل أمر حكيم، وجعل ذلك تفسيرا لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وهذا من الخطأ البين، ومن تحريف القرآن عن مواضعه، فإن المراد بالليلة المباركة في الآية ليلة القدر، لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وليلة القدر في شهر رمضان للأحاديث الواردة في ذلك؛ لقوله تعالى شهر رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي إبراهيم بن محمد آل الشيخ
http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=17&PageNo=1&BookID=12
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 02:01 م]ـ
العنوان تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التاريخ الخميس 15 شعبان 1430 الموافق 06 أغسطس 2009
السؤال
ما حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادات؟ وهل ورد في فضلها حديث صحيح؟.
الجواب
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين. وبعد:
فجواباً عن سؤالكم عن ليلة النصف من شعبان، وعن مدى صحة ما ورد في فضلها، أقول وبالله التوفيق:
لقد رُويت أحاديث متعددة في فضيلة ليلة النصف من شعبان، وأحاديث في فضل تخصيصها بصلاة أو عبادة معينة.
أما الثاني: (وهو ما ورد في تخصيصها بصلاة أو عبادة) فلم يصحّ فيها شيء، بل كلها أحاديث موضوعة وباطلة، وحَكَمَ ببطلانها جمعٌ من أهل العلم، منهم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات (2/ 440–440 - 445 رقم1010 - 1014)، والبيهقي في الشعب (3841)، وأبو الخطاب ابن دحية في أداء ما وجب (79 - 80)، وابن قيم الجوزية في المنار المنيف (174 - 177)، وأبو شامة الشافعي في الباعث على إنكار البدع والحوادث (124 - 137)، والعراقي في تخريج إحياء علوم الدين (582)، ونقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلان الصلاة المسماة بالألفية كما في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 138).
وهذا أمرٌ لا يخفى على أحدٍ من أهل العلم: أن تخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة لم يرد فيه حديثٌ صحيح ولا حسنٌ ولا ضعيف خفيفُ الضعف، بل ما ورد فيه كله موضوع مكذوب على نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
أمّا ما ورد في فضلها مطلقاً، فقد ورد فيه أحاديث اختلف فيها أهلُ العلم قديماً وحديثاً، وجَمَع كثيرٌ من الحفاظ طُرُقها، وخصها بعضهم بالتصنيف كأبي عبد الله ابن الدُّبَيْثي (ت637هـ).
فقد ورد فيها الحديث من حديث معاذ بن جبل، وعائشة، وأبي ثعلبة الخشني، وعثمان بن أبي العاص، وأبي موسى الأشعري، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عَمرو، وعوف بن مالك، وأُبيّ بن كعب، وأبي أمامة، وأبي بكر الصديق – رضي الله عنهم أجمعين -، ومراسيل لغيرهم.
واستيعاب الكلام عن طرقها وعللها لا يُناسبُ هذا المقام، وتَرْكُ ذلك بالكلية لا يُوضَّح الحق ولا يُقربُ إلى الصواب، لذلك رأيت أن أكتفي بالكلام عن أشهر طرقها باختصار، ثم يُقاسُ عليها ما هو أشد ضعفاً منها.
أولاً: حديث معاذ بن جبل –رضي الله عنه-، عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، قال: يطّلعُ اللهُ ليلة النصف من شعبان إلى خلقه، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن". أخرجه ابن حبان في صحيحه (5665)، وغيره، فانظر تخريجه في حاشية تحقيقه، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة (1144).
لكن الحديث وقع فيه اضطراب كثير في إسناده، جعله من حديث أبي ثعلبة الخشني مَرّة (وانظر السلسة الصحيحة)، ومن حديث أبي إدريس الخولاني مرسلاً، وعن كثير بن مُرّة مرسلاً، وعن مكحول مرسلاً.
وكلها مرجعها إلى إسناد واحد اضطُرب فيه هذا الاضطراب.
بيَّن ذلك ووضّحه غاية الوضوح الدارقطني في العلل (6/ 50 - 51 رقم 970)، وقال أثناء ذلك عن روايتيه من حديث معاذ بن جبل: "وكلاهما غير محفوظ".
وقال عن الحديث بعد إيراده لطرقه السابقة: "والحديث غير ثابت".
وخصَّ الدارقطني في موطن آخر من علله (6/ 323 - 324 رقم 1169) حديث أبي ثعلبة بالذكر، ثم قال بعد عرْضِ طُرُقه: "والحديث مضطرب غير ثابت".
بل لقد قال أبو حاتم الرازي -وحسبك به- عن حديث معاذ بن جبل: "هذا حديث منكر بهذا الإسناد" العلل لابن أبي حاتم (2012).
وبذلك ظهر أن حديث معاذ وأبي ثعلبة حديثان شديدا الضعف، لا ينفعان في باب الاعتبار، أي لا يرتقيان بالمتابعات والشواهد.
ثانياً: حديث عائشة –رضي الله عنها– عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أنه قال لها حين افتقدته فوجدته في البقيع –في حديث-: "إن الله –عز وجل– ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شَعْرِ غنم كَلْب". أخرجه الإمام أحمد (26018)، والترمذي (739)، وابن ماجة (1389) من طريق الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة به.
ثم قال الترمذي عقبه: "حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعتُ محمداً (يعني: البخاري) يُضعّفُ هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج لم يسمع من يحيى" فهو إسنادٌ ضعيفٌ، ويشير كلام البخاري إلى ضعف الحديث من جميع وجوهه؛ لأنه ضعّف الحديث لا الإسناد وحده.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولمّا عَرَضَ الدارقطني لعلل حديث عائشة هذا في العلل –المخطوط– (5/ق51/أ-ب)، وبيّن الاضطراب فيه، وأنه رُوي من وجه آخر عن حجاج بن أرطاة عن كثير بن مُرّة الحضرمي مرسلاً، ثم قال: "وإسناد الحديث مضطرب غير ثابت".
لذلك فقد صرح أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بالصواب في هذا الحديث بقوله: "إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً" شعب الإيمان للبيهقي (3824، 3825، 3830، 3831) وللحديث عللٌ أخرى أبانها عَمرو عبد المنعم سليم في تحقيقه لكتاب ابن الدُّبَيْثي (54 - 66).
بل لقد أشار الدارقطني إلى أن مرجع حديث عائشة إلى حديث مكحول الشامي السابق ذكره في حديث معاذ، وهذا ما مال إليه البيهقي في الشعب (3/ 382،383 رقم 3383، 3835)، وقد نقل ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 561 رقم 921) عن الدارقطني أنه قال: "وقد رُوي من حديث معاذ ومن حديث عائشة، وقيل إنه من قول مكحول، والحديث غير ثابت".
فعادت أحاديث معاذ وأبي ثعلبة وعائشة إلى أنها حديث واحد، مآله إلى أنه كلام لمكحول الشامي!!!.وبذلك تعرفُ الخطأ الجسيم لمن اعتبر هذه الروايات روايات متعددة يَتَقَّوى بها الحديث.
ثالثاً: حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "يطّلع الله عز وجل إلى خَلْقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحنٍ وقاتل نفس" أخرجه الإمام أحمد (6642)، قال: "حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا حُيَي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِيّ، عن عبد الله بن عَمرو به.
ذكر هذا الإسناد الألباني –رحمه الله– في السلسة الصحيحة (3/ 136)، وقال: "هذا إسنادٌ لا بأس به في المتابعات والشواهد".
ولعل هذا من الألباني –رحمه الله– لاعتماده على أن الحافظ ابن حجر قال عن حُيَيّ بن عبد الله: "صدوق ..... ".
ومع أن حُييّ هذا ممن اختُلف فيه، كما تجده في التهذيب (3/ 72)، فالأهم من ذلك أن أحاديث ابن لهيعة عنه بالإسناد المذكور آنفاً مناكير، كما بيّن ذلك ابنُ عدي في ترجمة حيي بن عبد الله في الكامل (2/ 450)، حيث ذكر بضعة أحاديث لابن لهيعة عن حُيَيّ عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عَمرو، ثم قال: "وبهذا الإسناد حدثناه الحسن عن يحيى عن ابن لهيعة بضعة عشر حديثاً عامتها مناكير".
وابن عدي يُعلّق نكارة هذه الأحاديث بابن لهيعة، لإحسانه الظن بحُيي بن عبد الله.
وقد ذكر الألباني لابن لهيعة متابعاً، هو رشدين بن سعد، فلو سلم الإسناد إليه، فهو ضعيف، ولا يحتمل ضَعْفُهُ مثل هذا الحديث؛ هذا إن لم تكن نكارةُ الحديث من قِبَلِ شيخهما حُيي بن عبدالله! ثم إن ابن لهيعة قد اضطرب في هذا الحديث، فمرةً يرويه كما سبق، ومَرّةً يرويه من حديث أبي موسى الأشعري (سنن ابن ماجة 1390، 1391) ومرّة يرويه عن عوف بن مالك (مسند البزار 7/ 186 رقم 2754) وقد ذكر الألباني -رحمه الله– اضطراب ابن لهيعة هذا، في السلسة الصحيحة (1563) والغريب أن حديث ابن لهيعة المشار إليه أخيراً مرويٌّ من طريق كثير بن مُرّة الحضرمي، وقد سبق بيانُ أنّ أحدَ طرق حديث مكحول ترجع إلى أنه من حديثه عن كثير بن مُرّة فهل نعود إلى أن حديث ابن لهيعة يعود إلى حديث مكحول أيضاً؟! (وانظر السلسلة الصحيحة 3/ 137 - 138) هذا مع ما في حديث أبي موسى وعوف بن مالك من العلل الأخرى الإسنادية سوى اضطرابه المشار إليه.
وبهذا كله يتضح أنّ هذه الطرق شديدة الضعف غير صالحةٍ للتقوَّي.
رابعاً: حديث أبي بكر الصديق –رضي الله عنه– عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أنه قال: "ينزل الله –عز وجل– ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا الإنسان في قلبه شحناء، أو مشرك بالله" أخرجه البزار (1/ 157 - 158، 206 - 207 رقم80) وابن خزيمة في التوحيد (1/ 325 - 327 رقم200)، من طريق ضعّفها جمعٌ من أهل العلم، منهم البخاري، وأبو حاتم الرازي، والعقيلي، وابن عدي، والبزار، وغيرهم – انظر التاريخ الكبير للبخاري (5/ 424 - 425)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 306 - 307)، والضعفاء للعقيلي (3/ 788 - 789)، والكامل لابن عدي (5/ 309).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يظنّنّ أحدٌ أن ابن خزيمة قد صححه بإخراجه في (التوحيد) الذي اشترط فيه الصحة، فإن ابن خزيمة قد أشار إلى ضعفه بتعليقه الإسناد أوّلاً ثم بتأخير ذكر إسناده عقب إيراده للمتن، وهذا اصطلاحٌ له في كتابه الصحيح والتوحيد ذكره هو عن نفسه في التوحيد (2/ 637)، ونص عليه الحافظ ابن حجر في مواضع من إتحاف المهرة (2/ 365 رقم 1905) ومن بين أحكام العلماء على هذا الإسناد حُكْمُ ابن عدي عليه بأنه منكر، والمنكر من أقسام الحديث الشديد الضعف الذي لا يصلح للتَّقوَّي.
هذه أشهر أسانيد أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان الواردة في مشاهير كتب السنّة، ويبقى سواها أحاديث أخرى سبقت الإشارة إليها مقدمة هذا الجواب، وبالاطلاع عليها لم أجد فيها ما ينفع للتقوَّي فضْلاً عن أن يوجد إسناد مقبول أو خفيف الضعف، فهي بين إسناد منكر تفرد به ضعيف، وإسناد شديد الضعف فيه متهم، وحديث موضوع مختلق، لذلك فالراجح عندي أنه لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان حديث، ولم يُصب –عندي– من صحّحه بمجموع الطرق، فإن شرط التقوية ألا تكون الطرق أوهاماً أو مناكير أو بواطيل.
أما أحكام العلماء على أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان، فقد سبق ذكر أحكامهم على أفرادِها؛ ولكن سأذكر هنا مَنْ قَوَّى الحديث ومن ضعّفه على وجه العموم.
فممن قَوَّى الحديث: ابن حبان، والمنذري في الترغيب والترهيب، وللبيهقي كلامٌ ليس صريحاً في التصحيح، ذكره أبو شامة في الباعث (132)، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلامٌ يدل على تصحيح أو قبول ماورد في فضائلها، وذكر أنه نصُّ الإمام أحمد وأكثر الحنابلة (اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 136 - 137)، واختيارات البعلي (65) ولشيخ الإسلام كلامٌ آخر يدل على توقُّفه عن تصحيح حديثها (مجموع الفتاوى 3/ 388).
وصحح الحديث أخيراً: العلامة الألباني –رحمه الله– كما سبق.
أمّا الذين ضعفوا الحديث من جميع وجوهه، فسبق منهم الدارقطني والعقيلي في الضعفاء (ترجمة عبد الملك بن عبد الملك 3/ 789)، وابن الجوزي كما في العلل المتناهية (915 - 924)، وأبو الخطاب ابن دحية في أداء ما وجب (80)، وأبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن (4/ 1690) وأقره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (16/ 128). بل قال أبو الخطاب ابن دحية: "قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح". الباعث لأبي شامة: (127).
وقال ابن رجب: "وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعدِّدة، وقد اختُلف فيها، فضعّفها الأكثرون، وصحّح ابن حبان بعضها". لطائف المعارف (261).
بل صحّ عن جمع من السلف إنكار فضلها.
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (وهو من أتباع التابعين من أهل المدينة): "لم أدرك أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولم ندرك أحداً منهم يذكر حديث مكحول، ولا يرى لها فضلاً على سواها من الليالي". أخرجه ابن وضاح بإسناد صحيح في ما جاء في البدع (119).
وقال ابن أبي مُليكة (وهو من جِلّة التابعين وفقهائهم بالمدينة)، وقيل له: إن زياداً النميري يقول: إن ليلة النصف من شعبان أجْرُها كأجر ليلة القدر، فقال: لو سمعته يقول ذلك وفي يدي عصاً لضربته بها". أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7928)، وابن وضاح في ما جاء في البدع (120) بإسناد صحيح.
ولما سئل عبد الله بن المبارك عن النزول الإلهي ليلة النصف من شعبان قال للسائل: "يا ضعيف! ليلة النصف؟! ينزل في كل ليلة". أخرجه أبو عثمان الصابوني في اعتقاد أهل السنة (92).
وقال ابن رجب في لطائف المعارف (263): "وليلةُ النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام، كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم يُعظّمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم يأخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله منهم ووافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عُبّاد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كلّه بدعة".
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قول ابن رجب من أن مرجع تعظيم هذه الليلة إلى الإسرائليات فقد وجدت ما يشهد له، من أن مكحولاً الشامي (وهو مرجع أكثر طرق الحديث كما سبق) قد رُوي هذا الحديث عنه في بعض الوجوه عن كعب الأحبار!! كما تراه في كتاب النزول للدارقطني (162 - 164، 168 رقم 88)، وانظر لطائف المعارف أيضاً (264).
ومما نقله ابن رجب في لطائف المعارف (264) ويخالف ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو قول ابن رجب: "ولا يُعرف للإمام أحمد كلام في ليلة النصف من شعبان".
وأما تعظيم أهل الشام لهذه الليلة، فقد خالفهم في ذلك فقيه الشام الإمام الأوزاعي، فيما ذكره السبكي، ونقله عنه الزبيدي في تخريج إحياء علوم الدين (1/ 521)، وفيما ذكره ابن رجب أيضاً في لطائف المعارف (263).
وأخيراً، فعلى فرَض صحة حديث فضل ليلة النصف من شعبان، فإن الذي أخبرنا بفضلها وهو النبي –صلى الله عليه وسلم-لم يخصها بعبادة معينة، فلو كان ذلك مشروعاً لكان هو -صلى الله عليه وسلم- أحرص على فعله وبيانه للناس، بل لو قيل: إن النبي –صلى الله عليه وسلم– قد شرع ما يتقرب به تلك الليلة (على فرض الصحة) لكان هذا وجيهاً، وهو أن تنام تلك الليلة خالصاً قلبك من الشرك والشحناء على المسلمين!!.
وفي كتاب الورع للمَرُّوذي (545): "قلت لأبي عبد الله [يعني الإمام أحمد بن حنبل]: إن رجلاً من أهل الخير قد تركتُ كلامه، لأنه قذف رجلاً بما ليس فيه، ولي قرابة يشربون المسكر ويسكرون؟ وكان هذا قبل ليلة النصف من شعبان. فقال: اذهب إلى ذلك الرجل حتى تكلمه، فتخوّف عليَّ من أمر قرابتي أن آثم، وإنما تركت كلامهم أني غضبت لنفسي، قال: اذهب كلَّم ذلك الرجل، ودع هؤلاء، ثم قال: أليس يسكرون؟ وكان الرجل قد ندم؟ ".
وتنبه أن الإمام أحمد لم يكن هو الذي ذكر ليلة النصف من شعبان، ولا ذكر المروذي أنه ذكرها له أيضاً، وإنما هو خبر ذكره المروذي، ومراعاة ذلك (ولو لم يصح فيه شيء) مما لا يرى فيه بعض العلماء بأساً فهو عمل مشروع في كل ليلة، ولم يخصه المروذي بليلة النصف.
أما ما يفعله كثير من الناس من الاجتماع ليلة النصف من شعبان على صلوات معيَّنة وعبادات خاصة في كل عام فهذا من البدع التي اتفق على إنكارها من عامة العلماء، وذكر ذلك جماعة من أهل العلم. فانظر الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي (266 - 267)، والباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (142)، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (2/ 138، 256 - 257)، ولطائف المعارف لابن رجب (263) ولم يخالف في تبديع هذا الفعل إلا قلة من أهل العلم، منهم من ذكرهم ابن رجب من أهل الشام، وإسحاق بن راهويه. أما الشافعي فاستحب إحياءَها، كما في الأم (1/ 231)، لكن لم يذكر أن ذلك يكون بالاجتماع لها، ولم يذكر الشافعي دليل ذلك الاستحباب.
وما دامت المسألة متنازعاً فيها فالمرجع فيها إلى الكتاب والسنة، كما قال الله –تعالى-: "فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" [النساء: 59].
وقد صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ" أخرجه مسلم (1718) وليلة النصف من شعبان لم يثبت في فضلها حديث، وكل ما ورد في فضل تخصيصها بعبادة باطلٌ موضوعٌ، فليس في تعمُّد القيام فيها بعبادة ما، على وجه التعيين لها، وتخصيصها بتلك العبادة إلا ابتداعاً في الدين، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "كل بدعة ضلالة" أخرجه مسلم (867).
فنسأل الله تعالى السلامة من كل بدعة، وأن يُنْعِشَ قلوب العباد بسنة النبي –صلى الله عليه وسلم-.
والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-31746.htm(/)
للمقبلين على العمرة أعشاب بسيطة لأنفلونزالخنازير
ـ[أبو محمد المصرى]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 05:17 م]ـ
إلى إخواننا المقبلين على العمرة أو الحج تقبل الله من الجميع
هناك أشياء بسيطة للوقاية من أنفلونزا الخنازير قرأتها في الشبكة فقمت بنقلها للإفادة:
1 - أكد أطباء صينيون أن إحتساء كوب من اليانسون الدافيء وليس المغلي عقب الاستيقاظ صباحاُ يعد أفضل وقاية من الاصابة البشرية من مرض انفلونزا الخنازير الذي تفشى في بقاع شتى من العالم وذكرت مجلة (ميديكال ريسيرشيز) الصينية المعنية بالشؤون الطبية أن إحتساء اليانسون الدافيء يفوق في فاعليته تناول عقار (تامفيلو) الذي طورته شركة "روش" السويسرية ويستخدم حاليا على نطاق عالمي واسع للوقاية من انلفونزا الخنازير ذلك أن أحد المكونات الاساسية المستخدمة في إنتاج ذلك العقار هو (حمض الشيمكيك) الذي يستخرج من قرن ثمرة اليانسون ويترك عدة اسابيع ليتخمر.
2 - أكدت استاذة العلاج بالطب البديل جميلة دهراب ان الوقاية هي افضل علاج لانفلونزا الخنازير، مشيرة الى ان عملية تقوية المناعة من شأنها الحد من انتشار المرض الذي بات يفتك بالعالم، مطالبة كل شخص ان يستخدم اليانسون الصيني بشكل يومي من خلال وضع خمس او ست حبات منه مع ماء ساخن ويشربه يوميا حيث انه يعمل على الوقاية من انفلونزا الخنازير، مضيفة ان الكركم بعد طحنه ثم تذويبه بحجم نصف ملعقة في ماء وشربه كفيل بالعمل على تقوية الجهاز المناعي كما انه يعمل على ايقاف نمو الخلايا السرطانية
** خبر جديد:
سالم الشريف - الرياض
سجلت هيئة الدواء والغذاء ووزارة الصحة رسميا عقارا يُستخدَم في علاج أنفلونزا الخنازير اطلقته إحدى الشركات الوطنية بعد عدة ابحاث ودراسات اثبتت فاعلية الدواء وصحته وملاءمته وجدواه.
ووفقًا لنائب رئيس هيئة الدواء والغذاء لشؤون الدواء الدكتور صالح باوزير فإن الدواء - وهو صناعة سعودية ويحمل اسم "اوسلتا" - يعتبر العقار الأول في العالم الذي يعمل كمضاد فعال للانفلونزا، لاسيما بعد انتهاء فترة حماية العقار الذي يُستخدَم في علاج ألانفلونزا " تاميفلو ". وقال لـ"المدينة": إن هذا الدواء يعد من الادوية الجليسة أو البديلة، ويوفر 30% من سعر العقار الذي كان يستخدم في السابق، مشيرا إلى انه لايستخدم إلا بوصفة طبية لمن تكتشف اصابته بأنفلونزا الخنازير ( h1n1).
الى ذلك بيّن مصدر بوزارة الصحة ان الهيئة العامة للغذاء والدواء هي التي تقوم حالياً بتسجيل الأدوية وتسعيرها والرقابة عليها، حيث أنها باشرت هذه المهمة منذ شهر تقريبا، وستكون الرقابة والتسجل من ضمن مهامها.
من جهته قال الدكتور توفيق خوجه مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لـ"المدينة": إن دواء "اوسلتا" الذي صنعته احدى الشركات السعودية اجرت عليه وزارة الصحة عدة اختبارات ووجد انه يتمتع بنفس القدرات والمواصفات التي تصنعها شركة روش، مبينا أن الدواء اثبت فاعليته في مكافحة المرض. وأبان المكتب التنفيذي الاختبارات التي اعتمدتها وزارة الصحة وبذلك يكون الدواء فعالا.
من جانبه قال الدكتور خالد الزامل مساعد المدير العام للشركة المصنعة للدواء: إن الدواء يستخدم لمن ثبتت إصابته بالمرض خلال الأيام الأولى، ولا يعطى للوقاية و للحيطة والحذر مشيرا الى ان فكرة تصنيع العقار بدأت منذ الاعلان عن أول حالة اصابة بانفلونزا الطيور، وذلك من خلال اعداد الدراسات والبحوث العلمية وتم تسجيل الدواء بمختبرات وزارة الصحة بعد التأكد من انه فعال وله قدرة على مكافحة المرض. وأوضح ان الدواء تم تأمين كمية كبيرة منه للخدمات الصحية لوزارة الداخلية بعد اجراء الاختبارات والابحاث عليه وتم الانتهاء منها وتسويقه نهاية الشهر الماضي.
وأبان الزامل أنهم خاطبوا وزارة الصحة بشأن تأمين الدواء للمستشفيات والمراكز الطبية، لافتا الى ان المفاوضات جارية مع الوزارة في انتظار ان ينتهي عقدهم مع احدى الشركات الأجنبية التي تؤمن لهم الدواء تحت مسمى “ اوزلتا مافير “. وحول سعر الدواء قال الزامل: إن سعر الدواء يؤمن للمراكز الصحية بسعر المصنع 91 ريالا،وسيتم تأمينه لدول مجلس التعاون الخليجي.
وشرح أن فوسفات اوسلتا يعتبر عقارًا أوليًا كابحًا وصادًا قويًا ومادة انتقائية لكبح إنزيمات فيروس الأنفلونزا التي هي عبارة عن بروتينات سكرية توجد على سطح الفيريون (الجسم الفيروسي الذي يتكون من بروتينات غلافية) ويعتبر نشاط الفيروس ضروريا لإطلاق جزيئات الفيروس المكونة حدّيا من الخلايا المصابة من أجل المزيد من انتشار الفيروسات المعدية في الجسم حيث تقوم المادة الناشئة من الايض بكبح وصدّ الفيروس.
* يرجى النشر للتوعية.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 05:57 م]ـ
بارك الله فيك أخى الحبيب على حرصك على توعية إخوانك ونسأل الله السلامة من كل داء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[06 - 08 - 2009, 11:08 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد: ـ
جزاك الله خيراً .....
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 12:31 م]ـ
أشكرك أخي العزيز
ولماذا اليانسون الصيني ألا ينفع اليانسون البلدي مثلاً؟؟
هل هي الدعاية للصيني؟
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[09 - 08 - 2009, 01:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا
نفس السؤال(/)
كيف نجد في القلب رقة عند تلاوة القرآن؟؟
ـ[ياحامل القرآن]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 01:19 ص]ـ
كيف نجد في القلب رقة عند تلاوة القرآن؟؟
الحمد لله خالق الأكوان، الرحيم الرحمن،علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان.وأشهد أن لا إله إلا الله يعلم السر والإعلان، صاحب الفضل والإنعام، عالج قلوب العباد بالقرآن ورفع قارئه في درجات الجنان. وأشهد أن محمدا سيد ولد عدنان، من أوتي جوامع الكلم ونطق بأفصح بيان، صلى الله عليه وعلى آله والصحب الكرام.
وبعد فالقرآن الكريم كتاب أنزله الله هدى للعالمين، ورحمة للأمم أجمعين وسبيلا لعلاج قلوب الغافلين، فقوَّم به بعد الاعوجاج، وهدي من بعد الضلال.
ولقد جعل الله لقراءته منزلة عظيمة، وبين نبينا صلى الله عليه وسلم فضل ذلك في أحاديثه الكريمة، أحاول أن أقطف منها زهرة افتتاحا لمقالتي:فعن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر) متفق عليه
وحسبي أن قارئ هذه الأسطر من النوع الأول قد حقق أصل الإيمان، وما قصد بقراءته إلا وجه الرحيم الرحمن.
ولكن كم من سائل قد سأل: إني أقرأ القرآن ولا أجد له حلاوة، ولا زلت أجد في القلب قسوة وبداوة، ويعلوه ظلمة وتحيطه غشاوة.
أقول: أخي -رحمني الله وإياك- هذه شكوى كثير من الإخوان، والعلاج يسير بتوفيق المنان، ومعا
نبدأ الخطوة الأولى نحو العلاج فأقول مستعينا بالله: إن أردت أن تجد في القلب -عند تلاوة القرآن- رقة فحاول أن تخيم عليه بالحزن والخوف من الله، ولا يستخفنك حسن الصوت، واستحضر معاني الآيات في قلبك وابك عند تلاوتها.
فيا من تشكو قسوة: ابك عند قراءة كلام ربك، فإن في كلماته رقة وتأثيرا عظيماً، فكم من آية تتحدث عن العذاب، وكم من آية تتوعد العصاة بشديد العقاب. كم من آية تتحدث عن جلال الله، كم من آية سبحت بك في ملكوت السماوات والأرض، وبينت أن ربك وسع كرسيُّه السماوات والأرض. استحضر بقلبك مصيرك، وتدبر ما في الآيات من عبرة؛ لتسيل من عينيك العبرة، فتحطم صخورا قد علت فوق قلبك، فحجبت عنه نور ربك.ولنا في سلفنا أسوة، فانظر إليهم بعين الاقتداء:
فعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون.
فقال أبو بكر: هكذا كنا حتى قست القلوب.
وهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صلى بالناس ذات ليلة فقرأ سورة (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) (الليل:1) فلما بلغ (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى) (الليل:14) خنقته العبرة، فلم يستطع أن ينفذها، فرجع حتى إذا بلغها خنقته العبرة فلم يستطع أن ينفذها فقرأ سورة غيرها.
وكن -يا صاحب الشكوى- مع الآيات متفاعلا، فمع آيات العذاب خوفا، ومع آيات الرحمة طلبا ورجاء فعن حذيفة بن اليمان: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية فيها عذاب تعوذ)
هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا نحن.
واعلم أن البكاء من شيم الأنبياء والصالحين ولا سيما عند تلاوة كلام رب العالمين قال تعالى (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً) (الاسراء:107)
وقال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم:58)
فعلاج قلبك أن تتدبر الآيات تدبرا حكيما حتى تبكي فيرق قلبك.
ولقائل أن يقول: إنني أقرأ ولا أستطيع بكاءا، وأجد من ذلك عناءا، فأقول -رحمني الله وإياك-:إن كل طريق يحتاج إلى مجاهدة حتى تصل إلى ماتريد ولقد قال العزيز الحميد: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
فإن كنت لاتستطيع بكاءا فتباكى، أي حاول ولا تيأس، بصدق نية وحسن توكل على الله، ولا تفهم من قولي أن تتصنع ما ليس فيك فتقع في شر وخيم من رياء وحب محمدة، فهذا قطعا غير مقصود، وإنما أن تدرب نفسك في خلواتك على استحضار المعاني والبكاء عليها، وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم)
فهذه المحاولات الصادقة في خشوعك أثناء القراءة ستؤتي ثمارها ولو بعد حين.
أما أدوات المحاولة الصادقة:أن تُشرك القلب والعقل مع اللسان عند التلاوة، بعدها ستجد للقرآن حلاوة. قال الغزالي في الإحياء (وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه العقل واللسان والقلب.فحظ اللسان: تصحيح الأخطاء بالترتيل. وحظ العقل: تفسير المعاني. وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ.)
هذه خطوة على طريق علاج قلبك بالقرآن، وإنني أسأل الله الرحيم الرحمن أن يوجد في قلبي وقلوبكم رقة وخشية، وأن يجعلنا من أهله وخاصته إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
موقع طريق القرءان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[كويتي كوووووووول]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 02:27 ص]ـ
جزاك الله كل خير
وانا عن نفسي جربت قراءة القرآن بخشوع وصفحتين فبل النوم والله ماشعرت براحة كثر الراحة والطمئنينة الي شعرت فيها عند قراءة القرآن
وعلى قولة الشيخ فهد الكندري ان بالقرآن موجود الحل لكل ازمة اين كانت نوعها بس يحتاج منا تدبر وفهم عند قرائته
ـ[ابن الإسلام]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 02:41 ص]ـ
أولاً أشكر الأخ يا حامل القرآن على موضوعه الجميل، ثانياً أقول لإخوانى وأخواتى انتبهوا:
أن لحفظ القرآن الكريم آداب ينبغي مراعاتها والحفاظ عليها، ويأتي في مقدمة هذه الآداب الإخلاص لله، فإن الله لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصًا له، قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} (البينة:5). ولا يكن حفظك للقرآن لدنيا تصيبها، أو سمعة تقصدها، أو منصباً تبتغيه. وقد ثبت في الحديث، أن من تسعَّر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، منهم (رجل تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتيَ به فعرَّفه الله نِعَمَه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه ثم أُلقي في النار) رواه مسلم.
فاحذورا أخوانى رحمكم الله ومعذرة على التطفل بالرد ولكن وددت فقط تذكريكم بالحديث أكرمكم الله وتقبل منكم جميعاً.
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 12:39 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..... وبعد: ـ
جزااك الله خيرً .... أختي الحبيبة .... يا حامل القران .... وسدد على طريق الحق خطاك
حقيقة .... هناك أيات نقرؤها ... وكأنها رسائل خاصة بنا نحن .... وكأن بالموقف ... الذي نحن بصدده .... تتحدث به الآية التي نتلوها .... سبحان الله ...
رسائل ربانية .... من الله .... سواء بتحذيرنا .... لما قمنا به .... أو تبشيرنا بفعل قد عملناه ....
فالله ... الله ... بالقران .... لنقرؤه بتدبر ....
وأترككم لنقرأ هذه الآية بتدبر ....
" وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير"
بماذا تشعر ... وأنت تقرأ هذه الآية .... !!
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 01:26 ص]ـ
فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
اللهم لا تحرمنا فنحن أحوج ما نكون للطفك(/)
خبر غريب!
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 08:21 ص]ـ
http://almoslim.net/node/115768
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن:
لماذا وقع الاختيار على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تحديدا في معرض الانتصار لألوان فريق "شالكة" الألماني؟!، هل بلغهم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يستحب لبس البياض؟!، فقرروا الاقتداء بسنته، وماذا عن اللون الأزرق؟
ولماذا لا يتم الترويج لألوان النادي بذكر نبي آخر ممن يؤمن به النصارى، فكلهم بالتأكيد لم يكن يعرف كرة القدم، فإنه سيلقى بالتأكيد قبولا أكثر في أوساط الألمان الذين يكرهون الإسلام وأهله بداهة، لا سيما مع ما تشهده الساحة الألمانية الآن من توتر عقب مقتل الأخت مروة الشربيني، رحمها الله، أوائل الشهر الماضي، وهو ما جعل بعض المتابعين يرجح أن ذلك الخبر الغريب إنما هو من باب تشتيت الذهن بتوالي الضربات لصرف الأنظار عن حادثة إلى حادثة أخرى على طريقة كي المريض لينشغل بألم الكي عن ألم المرض، وبطبيعة الحال، لن يجد الألمان والنصارى عموما أفضل من القدح في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تصريحا أو تلميحا لاستفزاز مشاعر المسلمين.
ومن العجب أن قناة الجزيرة نقلت عن بعض مسؤولي النادي أن ذلك هو النشيد الرسمي للنادي منذ عام 1924 م!، فهل يعني ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يذكر دوريا في هذا النشيد ولم يفطن له المسلمون إلا عام 2009 بعد 85 عاما من تأليفه؟!.
وألمانيا تحت قيادة إنجيلا ميركل وهي ابنة أحد القساوسة صريحة في عدائها للإسلام وأهله لا سيما مع تنامي الجالية الإسلامية في ألمانيا.
والمؤسسة الرسمية التي تمثل المسلمين في ألمانيا لا ترى في هذا النشيد ما يمس مشاعر المسلمين! وهو على أحسن تقدير: إحسان ظن في غير محله.
ولا يدري الناظر في هذا الخبر: هل أصيب الأوربيون بالجنون، فصار عدم الرد عليهم أولى، على حد:
إذا نطق السفيه فلا تجبه ******* فخير من إجابته السكوت
وتلك وصاية بعض أهل العلم لا سيما مع تعدد المنابرالتي احترفت السفالة وقلة الأدب لمجرد التسلية وتضييع الوقت في كثير من الأحيان، فصار استفزاز مشاعر المسلمين بالقدح في دينهم دون سائر الأديان فرعا عن تداعي الأمم على قصعة أمة الإسلام، واليوم نشيد وغدا أناشيد فالأمر قد صار: "موضة".
ويكفي المسلم أن يعلم سفالة القوم إجمالا في معرض تحرير عقد الولاء والبراء الإيماني في قلبه دون خوض في التفاصيل لئلا يصاب بالضغط.
فالقوم، كما تقدم، في غاية السفالة وقلة الأدب، مع أنهم يدعون في كل مناسبة أنهم أتباع دين المحبة التي استوعبت كل زنادقة الأمم حتى الطاعنين في المسيح عليه السلام، ولم تستوعب المسلمين أشد الناس تعظيما للمسيح وأمه عليهما السلام دون غلو فيهما وصل بأصحابه إلى حد السفه فقدحوا فيهما من حيث لا يشعرون، فالسفيه: سفيه في مدحه، سفيه في ذمه فسفهه مطرد في الحالين.
وإذا كنا ننكر عليهم ذلك، فالإنكار على الزنادقة الذين يعيشون بيننا ويتسمى بعضهم بأسماء المسلمين ويطعنون في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جهارا نهارا وتكرمهم الجهات الرسمية كحال أحد نكراتهم ممن أفتت جبهة علماء الأزهر بردته لإنكاره الرسالة الخاتمة وطعنه في صاحبها عليه الصلاة والسلام، وكانت المكافأة حصوله على جائزة الدولة التقديرية واستعدائه قوى الضغط الخارجي في معرض التهديد إذا ما سحبت منه الجائزة بحجة: حماية حرية الفكر التي تطبق فقط على أهل الإسلام في معرض الانتصار لكل زنديق يطعن في دين النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الإنكار على أولئك أولى: فلا نحن دفعنا عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا في الداخل ولا في الخارج.
وإلى الله المشتكى.
ـ[السراج]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 09:02 م]ـ
ومن العجب أن قناة الجزيرة نقلت عن بعض مسؤولي النادي أن ذلك هو النشيد الرسمي للنادي منذ عام 1924 م!، فهل يعني ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يذكر دوريا في هذا النشيد ولم يفطن له المسلمون إلا عام 2009 بعد 85 عاما من تأليفه؟!.
لكني أظن أنه مفتعل حيثا ..
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 04:34 ص]ـ
كلام يكتب بماء الذهب
جزيت خيراً(/)
دليل الاختراع والعناية
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 08 - 2009, 08:28 ص]ـ
من قوله تعالى:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ: توكيد في معرض بيان استحقاقه، عز وجل، وصف الربوبية العامة.
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا: إطناب بذكر أوصاف الربوبية على حد دليل الاختراع أو الإيجاد، وهو أحد دليلي الربوبية بالاستقراء، والإتيان بالموصول منزل منزلة التشويق إلى الوصف الذي دلت عليه الصلة، إذ دلالة الموصول مجملة عقبت بالبيان، وهو آكد في تقرير الوصف من الإتيان به صريحا فهو الذي خلق بكلماته الكونيات، علة صدور هذا العالم على سبيل الفور، على حد قوله تعالى: (وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فشاء التكوين قدرا نافذا، فوقع كما أراد عقب الكلمة التكوينية، فلا مبدل لكلماته، واستوى على الوجه اللائق بجلاله، فله من وصف العلو الخاص بالاستواء على العرش ما لا يحيط به العقل استدلالا أو كيفا، إذ ذلك من صفات الكمال التي لا تثبت إلا بالخبر الصحيح الصريح، وله من وصف العلو العام ما دل عليه العقل، وإن لم يكن العمدة في باب الإلهيات، فجاءت دلالته الصريحة موافقة لدلالة النص الصريحة، فله جميع أوصاف العلو على حد الكمال المطلق: العلو الذاتي: فهو علي بذاته على خلقه، علي بشأنه فلا يقدر أحد على مغالبته، علي بقهره فهو الغالب على أمره القاهر فوق عباده قد قهرهم بأوصاف جلاله، كما امتن عليهم بأوصاف جماله.
والعلو الفعلي: بالاستواء على أعظم المخلوقات استواء الغني عن كل ما سواه، فلا يفتقر إلى شيء من خلقه، فاستوى على أعظم المخلوقات بأعظم الأوصاف على حد قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، والاستواء بعد الخلق مئنة من تمام ملكه وتدبيره لكونه، فخلق وعلا على عرشه بمشيئته، فذلك من أوصاف الجلال، ودبر الأرزاق والأقوات بمشيئته، فذلك من أوصاف جماله، وذلك: دليل العناية، على حد قوله تعالى: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا)، وكما قدر في الأرض ما تصلح به الأبدان، قدر من الوحي ما تصلح به القلوب والألباب.
فقوله تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا): دليل الاختراع والإبداع، فقد خلق الأرض وأرسى فيها الجبال على غير مثال سابق.
وقوله تعالى: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا): دليل العناية.
ودليل الاختراع والعناية من الأدلة التي قررها المتكلمون في أصول الدين، كابن رشد الحفيد، رحمه الله، وهو دليل عقلي صريح تشهد له كثرة متكاثرة من نصوص التنزيل فمن ذلك:
قوله تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ)، فقوله تعالى: (فاطر السماوات والأرض): دليل الاختراع والإيجاد من عدم والإبداع على غير مثال سابق، على حد أثر ابن عباس رضي الله عنهما: "كنت لا أدري ما فاطر السماوات حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي ابتدأتها". اهـ
فهو، جل وعلا، بديع السماوات والأرض، وتلك من أخص أوصاف ربوبيته، عز وجل، وإن لم تكن أخصها، فتفرده بالخلق من العدم والإبداع على غير مثال سابق من أخص أوصاف ربوبيته، وتفرده بالتدبير الكوني لخلقه من أخص أوصاف ربوبيته، فلم يترك الخلق هملا، وإنما قدر لهم ما يصلح أديانهم وأبدانهم، كما تقدم، وتفرده بمعاني الكمال المطلق من الغنى والقدرة النافذة والعلم المحيط ......... إلخ من أخص أوصاف ربوبيته.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ومن أخص أوصاف الرب القدرة على الخلق والاختراع فليس ذلك لغيره أصلا ............. وأخص وصف الرب ليس هو صفة واحدة بل علمه بكل شيء من خصائصه وقدرته على كل شيء من خصائصه وخلقه لكل شيء من خصائصه". اهـ
بتصرف من: "الرد على البكري"، ص126_130.
وأما قوله: (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ): فهو دليل العناية: عناية الغني، جل وعلا، الذي لا يفتقر إلى سواه، بالفقير الذي يحتاج من يطعمه، فامتن الغني، جل وعلا، على الفقير، بأسباب الحياة، فقدر له، كما تقدم في أكثر من موضع، قوت الأبدان وقوت القلوب، فذلك أمر يتكرر التنويه به بتكرار صور العناية الربانية بالعباد، فثنائية الرب الغني والمربوب الفقير مظنة الإطناب في بيان صور ربوبية العناية في معرض بيان المنة الربانية السابغة، وطباق السلب بين: "يُطْعِمُ"، و: "وَلَا يُطْعَمُ" آكد في تقرير المعنى، إذ الإثبات في معرض الوصف الفعلي المتعدي، والنفي في معرض الوصف الذاتي اللازم، فهو الذي يُطْعِم لكمال عنايته بخلقه، ولا يُطْعَم لكمال غناه عنهم، فلا يبلغ أحد نفعه، تبارك وتعالى لينفعه، فضلا عن دلالة الجناس الاشتقاقي بين صورتي الفعل: المبني لما سمي فاعله: "يُطْعِم"، والمبني لما لم يسم فاعله "يُطْعَم"، إمعانا في إثبات الوصف له على وجه التعيين والانفراد، ففاعل الإطعام المثبت معلوم، لا شريك له، في أفعال ربوبيته: جلالا بمعاني العزة والقهر، أو: جمالا بمعاني التدبير والرزق، وفاعل الإطعام المنفي مجهول، إرادة العموم، فلا يطعمه أحد، أيا كان، ولا يمده أحد بأسباب البقاء والغنى والعزة ......... إلخ، فغناه عن خلقه: مطلق، فهو ذاتي لازم باعتبار الوصف، بل فعلي متعد إليهم، فهو المغني لغيره، الممد له بأسباب البقاء، فكل أوصاف الكمال في عباده منه على جهة الإيجاد والإمداد، فأوجد الحياة فيهم وأمدهم بأسبابها، وأوجد البقاء الأبدي فيهم في دار القرار وأمدهم بأسبابه ........... إلخ، وفي المقابل: كل أوصاف الكمال الثابتة له: ذاتية لا تفتقر إلى سبب يوجدها من العدم، فهي أزلية بأزلية الذات القدسية، ولا إلى سبب يمدها بمعاني الكمال فله منها منتهى الكمال الذي لا يعتريه النقص بأي حال من الأحوال.
وإنما خص الإطعام بالذكر لكونه من آكد صور الافتقار، فنفيه من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى، فلا يفتقر إلى خلقه في شيء من وصف كماله الذاتي اللازم أو وصف كماله الفعلي المتعدي إلى غيره الذي به يدبر كونه على سبيل الانفراد فلا شريك له في وصف كماله، ولا شريك له في أمره الكوني النافذ: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ): فنفى استقلالهم بملك مثقال ذرة من الكون، ونفى شركتهم، بل ومظاهرتهم، ففي السياق تدرج من نفي الأعلى إلى نفي الأدنى. فكل مسخر بأمره الكوني: تسخير المربوب المقهور لربه القاهر.
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ: إطناب في تقرير معاني ربوبية الجلال: ربوبية القهر والتسخير بالأمر الكوني النافذ.
وفي قوله:
أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ: تذييل لما تقدم من دليل الإيجاد والاختراع، فنبه إلى ذلك بـ: "ألا" الاستفتاحية، وقدم ما حقه التأخير حصرا وتوكيدا، فضلا عما للام: "له" من معاني الاستحقاق والانفراد، فله وحده، عز وجل، الخلق خصوصا، إذ هو، كما تقدم، من آكد أوصاف الربوبية، وهو من أمره الكوني، والأمر: عموما، فـ: "أل" جنسية استغراقية، فهو مفرد الأوامر التكوينية التي تكون بها الأمور على حد قوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)، فالأولى: بمعنى المأمور المفعول، والثانية: من الأمر الذي به يكون المأمور.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقال من جهة أخرى: الخلق، بمعنى المخلوق على حد قوله تعالى: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)، أي: مخلوقه، يكون بالأمر، فيكون العطف في: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) من عطف السبب على مسبَِّبَه، وذلك مما استدل به من رد مقالة خلق القرآن، إذ هو من آحاد صفة كلامه، عز وجل، والأمر الذي يكون به الخلق من آحاد كلامه أيضا: فذاك شرعي، وهذا كوني، فلما عطف على الخلق علم أنه غير داخل فيه، فهو غير مخلوق، بل به توجد المخلوقات.
قال قوام السنة رحمه الله:
"قال الله عز وجل: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، وقال عز وجل: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) فبان بقوله أن أمره غير خلقه وبأمره خلق ويخلق، وقال عز وجل: (أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا) ". اهـ
"الحجة في بيان المحجة"، (1/ 228).
ويقال أيضا في معرض تقرير الألوهية الشارعة فرعا عن الربوبية الموجدة المدبرة:
الخلق من أمره الكوني على جهة وقوعه بكلماته الكونية، فلو زيد في عموم "أل" في: "الأمر" ليشمل الكلام الكوني والكلام الشرعي الحاكم الذي جاءت به النبوات، لآل المعنى إلى كونه، عز وجل، الشارع الحاكم المستحق لتمام التأله بأفعال عباده، ومن آكدها إجراء شرعه على الأفراد والجماعات في شتى مناحي الحياة، فرعا عن كونه الخالق بالكلمات الكونيات النافذات، فله الخلق ربوبية وله الأمر ألوهية.
والشاهد من ذلك:
أن دليل الاختراع والعناية، كما سيأتي إن شاء الله، في آيات أخر، إن يسر الله، عز وجل، ذلك في مداخلات تالية، لا يحصل المراد منه في ذاته، بل هو مراد لغيره، فجمهور العقلاء على الإقرار به، على حد قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) وإن كابر منهم من كابر، وعلى حد قول موسى لفرعون: (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) فهو مقدم أهل الجحود على مر العصور، وعلى حد وصف أهل الجحود عموما: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)، فلا يكتمل معنى الربوبية إلا بضم معنى الألوهية إليه، إذ هي لازمه الذي لا ينفك عنه، ولذلك تذيل آيات دليل العناية والاختراع بآيات الأمر بالتأله والتذلل على جهة الاختيار، فبعد هذه الآية: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، فالدعاء عبادة والنهي عن الإفساد: حكم شرعي تكليفي، ولا يكون بيان ذلك إلا من طريق النبوات الهاديات، إذ علومها أنفع العلوم، وأعمالها أصلح الأعمال للقلوب والأبدان.
فالألوهية تتضمن الربوبية وزيادة، إذ مدار الربوبية على الخبر، والألوهية تقتضي: تصديق الخبر عن الرب، عز وجل، ذاتا وأسماء وصفاتا وأفعالا، وتزيد على ذلك: امتثال الحكم الشرعي فعلا للمأمور وتركا للمحظور.
وهذا ما قصر المتكلمون في إثباته إذ حصروا معنى الشهادة في إثبات ربوبية الله، عز وجل، فصارت: لا إله إلا الله: لا قادر على الإيجاد إلا الله، فاكتفوا بإثبات الملزوم فقط، والصحيح أن معناها: لا معبود بحق إلا الله فرعا عن تفرده بالخلق والإيجاد، فيثبت الملزوم ولازمه الذي هو مراد الله، عز وجل، من عباده، فمن خلق وأوجد هو المستحق لكل صور العبادة سواء أكانت عبادات محضة كالشعائر، أم معاملات، أم سياسات، أم سلوكيات وزهديات ......... إلخ.
وكثير منا قد نحا نحو المتكلمين وإن لم يشعر بذلك، فظن النجاة في الإقرار المجرد، الذي هو تصديق الخبر، دون أن يشفع ذلك بلازمه من امتثال الشرع سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.
وقوله تعالى: (تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ): تذييل آخر في معرض الثناء على الرب، جل وعلا، بأوصاف كماله، فذلك ثناؤه على نفسه، والعبد مكلف بالثناء عليه قدر استطاعته، فلن يحصي ذلك، فقد أثنى، عز وجل، على نفسه بما هو له أهل من الكمال المطلق، فلا يضره أن قدح في ذلك من قدح من ملاحدة الأمم، فهو الرب المنفرد بالكمال، وإن كفر به أهل الأرض جميعا، وإنما يثني عليه من يثني طلبا للنجاة، فـ: (فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه). فلن ينفع العبد ربه، عز وجل، وإنما الرب، جل وعلا، هو الذي نفع عبده لما أوجده واستخلفه على جهة الابتلاء، وأيده بروح الوحي، فبعث الأنبياء بأصدق الأخبار وأعدل الأحكام، لتتم نعمته الكونية السابغة على عباده بصلاح الدين والدنيا.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 08 - 2009, 08:31 ص]ـ
ومن أدلة الاختراع والعناية:
قوله تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)
فأعطى كل شيء من خلقه: الخلق الملائم له، فالخلق هنا بمعنى المصدر.
وقد يخرج على معنى المخلوق إذا نظر إلى آحاد المخلوقات على جهة التناسب والملائمة فيؤول المعنى إلى: أعطى كل مخلوق المخلوق الملائم له، وذلك ينصرف ابتداء إلى معنى الزوجية، فأعطى كل زوج نظيره الملائم، فلذكر الإنسان أنثاه، ولذكر الفرس أنثاه ............... إلخ.
وقد يخرج على الصورة المخلوقة لكل شيء، فأعطى كل شيء صورة مخلوقة تلائم ما خلق من أجله، فأعطى العين صورتها الملائمة للإبصار، وأعطى القدم صورتها الملائمة للمشي .............. إلخ، فلا تستعمل العين محل القدم، ولا تستعمل القدم محل العين.
وفي الشرعيات: أعطى كل زمن من العبادات ما يلائمه، فلكل وقت واجبه، والموفق من عرف واجب وقته فاشتغل بتحصيله فلم تشغله نافلة عن فريضة، أو فرض كفاية عن فرض عين كما يقع لكثير منا لقصور في الفقه وتلبيس من الشيطان يصرف به الإنسان عن الفاضل إلى المفضول، فإن لم يقدر على صرف العبد عن الطاعة إلى المعصية، صرفه عنها إلى فضول المباحات، فإن لم يقدر صرفه عنها إلى طاعة أدنى، فينال منه ولو بصرفه عن الفاضل إلى المفضول.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في معرض بيان اختلاف التنوع في أدعية الاستفتاح في الصلاة:
"وَأَيْضًا فَلِكُلِّ اسْتِفْتَاحٍ حَاجَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ بِحَظِّهِ مِنْ كُلِّ ذِكْرٍ. وَأَيْضًا فَقَدْ يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إلَى الْمَفْضُولِ وَلَا يَكْفِيهِ الْفَاضِلُ. كَمَا فِي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَإِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؛ أَيْ يَحْصُلُ لِصَاحِبِهَا مِنْ الْأَجْرِ مَا يَعْدِلُ ثَوَابَ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فِي الْقَدْرِ لَا فِي الصِّفَةِ فَإِنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْقَصَصِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ لَا يُغْنِي عَنْهُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَلَيْسَ أَجْرُهَا مِنْ جِنْسِ أَجْرِهَا وَإِنْ كَانَ جِنْسُ أَجْرِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أَفْضَلُ فَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى الْمَفْضُولِ حَيْثُ لَا يُغْنِي الْفَاضِلُ. كَمَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إلَى رِجْلِهِ حَيْثُ لَا تُغْنِي عَنْهَا عَيْنُهُ. وَكَذَلِكَ الْمَخْلُوقَاتُ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ حِكْمَةُ خُلِقَ لِأَجْلِهَا فَكَذَلِكَ الْعِبَادَاتُ. فَجَمِيعُ مَا شَرَعَهُ الرَّسُولُ لَهُ حِكْمَةٌ وَمَقْصُودٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَقْصُودِهِ فَلَا يُهْمَلُ مَا شَرَعَهُ مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ". اهـ
وخرجه بعض أهل العلم على التقديم والتأخير على تأويل: أعطى خلقه كل شيء، و: "كل" بحسب ما تضاف إليه، على حد قوله تعالى: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)، أي: مما يؤتاه الملوك، فلم تعط ملك سليمان عليه السلام بداهة فذلك من العام الذي أريد به الخاص كما قرر البلاغيون، فأعطى خلقه كل شيء يحتاجون إليه لتستقيم حياتهم. فنبه بقوله: "خلقه" على: دلالة الاختراع فهم خلقه الذي أبدعه ابتداء، فمن عليه بإيجاده، ثم أعطاه كل شيء من الأسباب على حد العناية به فتلك: دلالة العناية.
والأظهر أن الشطر الأول من الآية: دليل على الاختراع، والشطر الثاني: دليل على العناية، فلم يخلقه ويتركه هملا كما زعم ضلال الفلاسفة الحائرون في الإلهيات، بل أمده بأسباب الهداية الكونية والشرعية، فهداه، كما تقدم، إلى أسباب بقاء نوعه، فالغذاء الخارج من الأرض يقتات به بدنه، والدواء يذهب به عطبه، على حد قوله تعالى: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، والتكاثر يحفظ به نوعه على حد قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً)، وهداه، وتلك الهداية الأعظم إلى معرفته: فجاءت النبوات، وهي الطريق المهيع، لتحصيل الهداية الشرعية، بتقرير أخبار الإلهيات وأحكام الشرعيات التي هي السياج الواقي لعقد الإيمان القلبي، فإذا تخلفت استباحت الشياطين القلب وصرفت قوته
(يُتْبَعُ)
(/)
العلمية والعملية لضد ما أريد منه.
ولا مانع من الجمع بين كل تلك المعاني فالاختلاف بينها اختلاف تنوع لا تضاد، كما ذكر ذلك صاحب "أضواء البيان"، رحمه الله، وأحال إلى رسالة شيخ الإسلام، رحمه الله، في أصول التفسير فقد تعرض فيها لاختلاف عبارة المفسرين على جهة التنوع الذي لا يقع التعارض فيه.
فخلقه إيجادا واختراعا وهداه عناية إلى أسباب الكون والشرع الحافظة، ومن هدايته: الدلالة والإرشاد إلى الحق، ومباشرة أسبابه، والثبات على ذلك حتى مجيء الأجل، ثم الثبات في دار الجزاء على الصراط، ثم الهداية إلى المساكن الطيبة في جنات عدن، على حد قوله تعالى: (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)، ولذلك كان سؤال الله، عز وجل، الهدايةَ، أول ما يفتتح به العبد دعاء المسألة في سورة الفاتحة بعد التوطئة بدعاء الثناء على الرب جل وعلا، فبعد الثناء بـ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، تأتي المسألة مصدرة بـ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ): هداية تعم كل الصور السابقة، هداية تحصل بها النجاة من كربات الأولى والآخرة.
وفي آيات تاليات يزيد الكليم عليه السلام الأمر بيانا بقوله: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى).
فجعل، من الجعل الكوني، الأرض مهدا وسلك فيها السبل وأنزل من السماء ماء فتلك: دلالة الاخنراع والإيجاد، وبعدها مباشرة: (فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى): عناية بكم، فالأمر في: (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ) للامتنان بتلك العناية الربانية، ومن ثم ذيلت الآية بالإشارة إلى المراد الأسمى من تقرير تلك الدلالات، فهي: آيات يستدل بها على الله، جل وعلا، المعبود بحق، فرعا عن كونه الرب المنشئ الرازق، وفي قصر الانتفاع بها على أولي النهى تعريض بمن تنكب عن طريق النبوات فأعرض عنها وكفر بآياتها، فليس له من النهى نصيب إذ لم ينتفع به وإن كان صحيح الآلة العقلية، فما الجدوى من عقل لا ينهى صاحبه عن ورود المهلكات، وأعظمها الكفر بالآيات الشرعيات تكذيبا بخبرها وعصيانا لأمرها.
وقد سيقت الآيات عموما في معرض الاحتجاج على أكفر أهل الأرض قاطبة، إذ جمع بين كفر التكذيب بالربوبية وكفر التولي عن أحكام الألوهية، ولذلك جاء الوعيد على ذينك الوصفين في معرض الزجر: (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 08 - 2009, 08:39 ص]ـ
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
فالاستفهام إنكاري توبيخي في معرض تقرير الألوهية بالإنكار على الجافي فيها كفرا يعم كل صور: الجحود والتولي، والشرك بصرف ما لا يصرف إلا إلى الله عز وجل لغيره على جهة التأله اختيارا، فالكفر يعم الشرك، وإن كان الشرك أكثر أفراده وجودا، فغالب الكفار مشركون في توحيد الإلهية على جهة التعيين، وبعضهم قد أشرك في الربوبية ابتداء باعتقاد النفع أو الضر، في غير الله، عز وجل، فدعاهم على جهة الرغب والرهب، فكان إشراكه في الألوهية فرعا عن إشراكه في الربوبية، ولا ينفك المشرك عن نوع شرك في الربوبية وإن أقر بأن الله، عز وجل، هو الموجد، فإنه يعتقد مؤثرا آخر معه على جهة الاستقلال، له من الصفات ما يسوغ طلب الحاجات منه، وهذا شرك الصابئة عباد الكواكب الذين اعتقدوا فيها قوى تأثير في الكائنات والحوادث الأرضية، تستقل
(يُتْبَعُ)
(/)
بذاتها، فلا شيء يسيرها ويجريها، بل هي المؤثرة في تسيير غيرها استقلالا، وهذا خلاف ما قررته النبوات على حد قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)، فذلك تقدير: العزيز فله كمال القدرة، العليم: فله كمال الحكمة، وتلك أوصاف الغنى المطلق، والتقدير: وصف فعل ثابت له، جل وعلا متعلقا بمشيئته في إيقاع ما شاء من الأفعال على جهة الاختيار، بخلاف تلك الأجرام فإنها مسيرة لا تستقل في جريانها في أفلاكها، إذ لا إرادة لها لتختار، وإنما هي مفتقرة إلى من يجريها، فتجري تبعا للسنة الكونية الربانية المطردة التي لا يقدر على إبطالها إلا الله، عز وجل، مجريها ابتداء، فبها انتظام أمر العالم، وهو مئنة من كمال ربوبيته إذ لو كان معه إله آمر ناه لحصل التضاد والتناقض بينهما فحصل الاضطراب في أمر العالم، وهو، عز وجل، الذي يبطلها إذا شاء على جهة الإعجاز لنبي أو الكرامة لولي أو الإهانة لِغَوِّي، وهو الذي يبطلها كلية إذا شاء قيام الساعة فيخرب العالم السفلي والعلوي، على حد قوله تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ)، و: (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ) ولا يكون ذلك إلا عند اندراس أثر النبوات من الأرض على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ)، وفي رواية عند أحمد رحمه الله: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، فهي مفسرة لإجمال الرواية الأولى، فليس المراد مجرد النطق بلفظ الجلالة إذ لا تحصل النجاة بذلك، وإنما تحصل بإيراده في سياق النفي والإثبات الحاصر القاصر لمعاني التأله الحق له، عز وجل، فلا ينفك أي حدث كوني عن علة سابقة له، إذ الكون قد أقيم على الأسباب، التي جاءت الشرائع باعتبارها، ولا تنفك العلة عن علة سابقة لها، وشرط حاضر ومانع غائب، لتعمل عملها بإذن ربها، عز وجل، ولا تنفك العلة السابقة عن علة أخرى سابقة، فكلها غير تامة مفتقرة إلى غيرها حتى تنتهي إلى الكلمة التكوينية: (كُنْ فَيَكُونُ) العلة التامة المؤثرة في إيجاد معلولها على جهة الاستقلال، فلا تفتقر إلى سواها إذ قد قامت بالغني المتصف بكمال الغنى، فغناه ذاتي مطلق لا يفتقر إلى ما سواه، قد قامت بمن هذا وصفه من الكمال: قيام الصفة بموصوفها، فأخذت حكمه، فلها من تمام الاستقلال عما سواها من الأسباب، ما له من تمام الاستقلال عن الأسباب، إذ الصفة فرع الموصوف، وهذا أصل مطرد في كل أوصافه، جل وعلا، فهو الغني بذاته ووصفه فلا يفتقر إلى ما سواه في وجوده، وهو الغني بكلماته وأفعاله فلا تفتقر إلى العلل والأسباب في إيجاد ما سواه من الكائنات، بل الأسباب والمسبَّبات هي المفتقرة إليه، لتوجد أولا ولتعمل ثانيا، فتنتج معلولاتها وفق ما سن وقدر من سنن الكون المطردة، فإذا شاء أعملها فأنتجت العلة معلولها، وإن شاء عطلها فتخلف المعلول وإن وجدت علته، إذ هي غير تامة، فلا تؤثر بنفسها حتى يأذن الرب القدير بجريان تأثيرها في إيجاد المعلول، على حد قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ)، فهي مفتقرة إلى أمره الكوني، وإن كانت أسباب قيامها وعلله موجودة، وذلك أمر مطرد في كل الأعيان: حيها وميتها، عاقلها وبهيمها، ومن كان منها عاقلا مكلفا فإنه مفتقر إلى الإذن الشرعي: إذن النبوات، لتستقيم حياته الأولى والآخرة، فالشرع الذي أنزله من له كمال العلم والحكمة، الذي: (يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)، فعلمه لما دق وخفي من الأسرار إذ هو الخبير مئة من حكمته التي صدر عنها ذلك الشرع المحكم الذ هو أمان
(يُتْبَعُ)
(/)
للمكلفين ولو كانوا كفارا أو مشركين، على حد قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، فبقاء آثار النبوات مظنة صلاح العالم، وذهابها مظنة فساده، وهذا أمر مطرد في كل عصر ومصر، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع أخر، فالأرض التي فيها نبوة أهلها أصح عقولا وأصلح أحوالا من الأرض التي ليس فيها نبوة، وإن تفوق الآخرون في تحصيل أسباب الحياة من تكنولوجيا حديثة وأسلحة متطورة، تكون، غالبا، لغياب النبوة الحاكمة، سببا في تدمير الحضارات وإبادة الشعوب كما وقع في هيروشيما، على سبيل المثال، إذ كان السبب الكوني حاضرا، والسبب الشرعي غائبا، فصار السبب الكوني: سبب هلاك، والأصل فيه أن يكون سبب حياة، ولا يكون ذلك إلا بعزله وتولية السبب الشرعي حاكما مهيمنا عليه، على حد قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)، فالكتاب المنزل هو المهيمن، فرعا عن وصف مُنَزِّلِه بـ: "المهيمن"، وليست هيمنته: هيمنة جبار قهار فقط، كما ذهب إلى ذلك نفاة العلل والأسباب، الذين غلبوا جانب القدرة على جانب الحكمة، بل هي هيمنة جبار قهار له تمام القدرة، عليم خبير له تمام الحكمة، ولذلك تذيل آيات القدرة بالحكمة، لئلا يظن ظان أن الله، عز وجل، كملوك الدنيا، الذين يحكمون ممالكهم بالحديد والنار، فعندهم من القدرة ما يقهرون به الرعية، وليس عندهم من الحكمة ما يصلحون به أحوالهم، ولذلك تجد رعيتهم ساخطة كاظمة لغيظها لئلا ينالها من بطش المتملكة ما ينالها!. فالحال فاسدة وإن ظهرت أعراض الصلاح، فهو صلاح المضطر!
وقوله: (وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) تذييل بعلة استحقاقه، عز وجل، تمام التأله، وهو جار على ما اطرد في الكتاب العزيز من: دلالة الاختراع والإيجاد:
وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ: من العدم، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ: إظهارا لكماله المطلق، في مقابل نقص ما سواه، فحياته كاملة، وحياتهم ناقصة، وحياتهم مفتقرة إلى أسباب البقاء منه، وحياته لا تفتقر إلى ما سواه من الأسباب، فصار موتهم دليلا على كمال انفراده بوصف الحياة الكاملة، وتلك أصل صفات الرب، فلا بد أن يباين الخالق، عز وجل، المخلوق فيها، ليقع التمايز بين جنس الربوبية المستغني، في مقابل جنس العبودية المفتقر، فالرب: رب، والعبد: عبد، ومن خلط بين الجنسين، كما وقع من النصارى، فهم الأصل في ذلك، وأضرابهم من غلاة الملل والنحل، ففساد حاله ظاهر، إذ ساوى بين المتباينين، فأعطى الغني من وصف الفقير جفاء، وأعطى الفقير من وصف الغني غلوا، والتسوية بين المتباينين مئنة من فساد العقل، وفساد العقل بمخالفة خبر الوحي الذي جاء بضد ذلك من إفراد الرب، جل وعلا، بأوصاف الكمال المطلق على جهة الانفراد فلا يشاركه فيها أحد، فساده: ذريعة إلى فساد صاحبه فهو العاقل له عما يستقبح من قول أو عمل، الحاكم له بلجام القياس الصريح الذي أودعه الله، عز وجل، فيه، موافقا لخبر الوحي الصحيح، فإن استعمل ذلك العقل في رد ما يزكيه من الوحي، فقد فسد حاله بفساد تصوره الذي ينتج حكما فاسدا لا محالة، فتجد أعمال الكافر أفسد الأعمال، وإن كان له من ظاهر علوم الحياة المادية نصيب فتلك علوم يقدر كل صاحب عقل على تحصيلها إذا تيسرت له سبل ذلك، بل إن أعظم الأمم نصيبا منها في زماننا، وهي أمم الشرق الأقصى: اليابان والصين .......... إلخ هي: أفسد الأمم في باب العلم الإلهي، فلها من العلم الطبيعي ما جعلها على قمة هرم المدنية، وليس لها من العلم الإلهي نصيب فهي في ذيل الحضارة بمفهومها الشامل: حضارة الدين والأخلاق، ولعل سلوك عرق الهان الهمجي الذي بلغ الذروة في صناعة الدوائر الإلكترونية الدقيقة حتى صارت صناعة منزلية كصناعة النسج والحياكة عندنا، لعل سلوك أولئك المتحضرين بمقياس العلمانية المعاصرة تجاه إخواننا في تركستان الشرقية خير شاهد على فساد حالهم فرعا عن غياب النبوة، ولو أثرا دارسا في مدنيتهم التي لا تعرف رحمة، فلا تطعم إلا من
(يُتْبَعُ)
(/)
يكدح كدح الترس في الآلة، فإذا أصابه عطب ألقي في القمامة واستبدل بترس جديد على طريقة: من لا يعمل لا يأكل!.
والشاهد أن غياب التصور الصحيح للرب الحميد المجيد المتصف بصفات الكمال: جلالا وجمالا، بسلبه أوصاف الكمال، ونعته بأوصاف النقص، حتى سلبته أمم صفة الوجود، فأنكرت ما لا تنكره البهائم، ووصفته أمم بأوصاف البشر التي لا تنفك عن رسم: الفقر الذاتي، الذي لا يصح بداهة في حق الرب الغني المدبر لكونه إذ الفقير يحتاج إلى من يدبر أمره فضلا عن أن يدبر أمر غيره!، بل ووصفته أمم أخرى بأوصاف أخس الموجودات من العالم المشهود، كما وقع من غلاة أهل الحلول والاتحاد، الشاهد أن ذلك:
سبب كل فساد في هذا الكون كما نشاهده في واقعنا المعاصر، وقد عزلت النبوات عن الولاية الشرعية الحكمية، فمن طاعن في أخبارها، بإنكار أمور الإلهيات من أسماء وصفات وأفعال ........ إلخ جحودا وتحريفا وتأويلا كحال الفلاسفة، فهم الأصل في هذا الباب، ومن تأثر بهم من سائر الملل والنحل، أو تمثيلا وتشبيها، كحال النصارى فهم الأصل في هذا الباب، ومن سار على طريقتهم من مشبهة الأمم، ففساد أولئك في العلم ظاهر، ولا ينفك عن فساد في العمل لما بينهما من وثيق صلة، فالعمل فرع العلم كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا.
ومن طاعن في أحكامها، فيدعي، قصورها عن مواكبة مستجدات الحضارة المعاصرة، فشريعة أصحاب الإبل ذات السنامين لا تصلح لأصحاب البوينج ذات الجناحين!، مع أن الشريعة، لمن تأملها، لا تحرم صناعة الطائرات وركوبها، فليس فيها نص محرم لذلك! بل إنها ما جاءت إلا لتحصيل أكبر قدر من المصالح المعتبرة في الدين والدنيا، ودرء أكبر قدر من المفاسد فيهما، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله، إذ ليس من لم يعلم بحجة على من علم، وعدم العلم ليس علما بالعدم، فكل من ادعى تلك الدعوى فإنما ينافح عنها لجهله بالشرع الذي يقدح فيه ليل ونهار وهو أبعد الناس عن علومه وأعماله، فهو عدو ما جهل، والجاهل ليس أهلا للنظر لنفسه فضلا عن أن يكون قدوة لغيره، فلو اشتغل برفع وصف الجهل عن نفسه لكان ذلك أولى له وأنفع.
وإذ كان، عز وجل، هو المتصف بكمال الحياة، كما دل على ذلك التعريض بوصفهم بالموت والفناء، فالنقص لهم لازم، فهو الذي يقدر على إعادتهم من باب أولى، إذ الإعادة أيسر من الابتداء بداهة، والكل يسير عليه، عز وجل، لكمال قدرته، فرعا عما تقرر من كمال حياته الجامعة لكل أوصاف الكمال على جهة الإطلاق والتفرد، فهو الذي: يُحْيِيكُمْ: حياة أبدية في دار النعيم أو دار الشقاء، لا تنفك عن افتقار إليه فهو المبقي لكلا النوعين في داره، فليس بقاؤهم في الأولى أو الآخرة ذاتيا، بل هو فرع عن بقائه، جل وعلا، فهو الأول والآخر مطلقا، وهو الحي في ذاته وصفا لازما المحيي لغيره وصفا متعديا، المتصف بالبقاء الذاتي في نفسه، والإبقاء الفعلي لغيره.
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ: على جهة الحصر والتوكيد، وقد جاء بيان ذلك في مواضع أخر من التنزيل على حد قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
فالرجوع المجمل في هذا الموضع قد بينته الآية الثانية: فهو رجوع بقدرته النافذة لتظهر آثار حكمته البالغة بالفصل بين عباده على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)، فبه يظهر وصف الجلال: وصف القدرة، ووصف الجمال: الحكمة، على حد قوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)، وبهما يظهر كمال وصف الرب، جل وعلا، الذي ما خلق الكون وأنزل الوحي إلا لتقريره على سبيل الثناء المطلق على من هو له أهل: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك).
وبعد دلالة الاختراع والإيجاد:
دلالة العناية:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا:
(يُتْبَعُ)
(/)
فخلق لكم ما في الأرض جميعا فضلا منه وامتنانا، فاللام، وإن دلت على الاختصاص إلا أنه: اختصاص امتنان لا اختصاص إيجاب، فلا يجب للعباد على ربهم شيء إلا ما أوجبه على نفسه، على حد قوله تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)، وقد استدل أهل الأصول بهذه الآية على أن الأصل في الأعيان المنتفع بها: الإباحة، إذ لا منة بمحرم، فلا يحرم إلا ما استثناه الشرع من الأعيان الخبيثة مما ضرره أعظم من نفعه، فذلك جار على اطرد من كلية الشريعة الجامعة: كلية تحصيل أكبر قدر من المصالح ودرء أعظم قدر من المفاسد، فما غلبت منفعته مفسدته أبيح، وما غلبت مفسدته منفعته حظر، وما تساوى فيه الوجهان حظر احتياطا من باب: تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، فتلك كلية أخرى تلتئم مع الكلية الأولى التئاما محكما يدل على كمال حكمة الشارع، عز وجل، وتتبع كليات وجزئيات الشريعة على جهة التأمل في وجه الحكمة أمر تفنى دونه الأعمار، إذ الحكمة وصف مطرد في الشريعة الخاتمة: أصولا وفروعا، فلا تجد فيها ما تجده من اضطراب أقيسة العقول المجترئة على مقام التشريع الإلهي، بمنازعته بما تفرزه من صديد الأفكار الأرضية التي تساس بها الأمم زمن احتجاب شمس النبوة، حتى تصير الفواحش التي تأنف منها البهائم: شرعا مقررا على وجه الإباحة، وربما الثناء إذ السكوت عنها سكوت الرضا: تقرير لمبدأ: الحرية المطلقة التي بشر بها أنبياء العلمانية الحديثة من قواد الثورة الفرنسية: ثورة: الحرية بالثورة على الأخلاق، والإخاء بالتسوية بين الأديان فيستوي الموحد والمثلث عابد الصليب والملحد و ......... إلخ.
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ: ففصدها بقرينة التعدية بـ: "إلى" فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ: باعتبار الأفراد، وذلك مئنة من قدرته النافذة، والقدرة كما تقدم، لا تنفك عن علم وحكمة فجاء التذييل بـ: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ: وتلك أوصاف الغنى المطلق، إذ القادر إن لم يكن عالما فهو مادة فساد عملي فرعا عن فساده العلمي، والعالم إن لم يكن قادرا فإنه مادة صلاح نظري لا أثر له في الواقع إذ لا طاقة له بالعمل الذي يصدق علمه في الخارج، والله، عز وجل، منزه عن كلا الوصفين: العجز والجهل، فلا يكون الرب عاجزا بنقص في قدرته، أو جاهلا بنقص في علمه، ولا ينفك قدح الأمم فيه، جل وعلا، عن ذينك الجنسين، وإن تعددت صوره، فلازم كل مقالات أهل الشرك والإلحاد وصفه، عز وجل، بما تنزه عنه من العجز، فهو علة فاعلة تنتج معلولها اضطرارا فلا قدرة له ولا اختيار عند الفلاسفة، وهو حال في ناسوت بشري يأكل ويشرب وينام ........... إلخ عند النصارى، والنائم يغيب عن الكون المشهود فيجهل من أحداثه ما يقع أثناء منامه، فمقالتهم جامعة للوصفين، فضلا عن عجزه التام عن دفع الصائل عليه من يهود على ما تقرر في فرية الصلب المزعوم، وهو عاجز بسلب أوصاف كماله عند منكري الصفات من الإسلاميين، وليس له منها إلا الاسم على جهة العلم المحض عند المعتزلة فضلا عن عجزه عن خلق أفعال عباده عندهم، فيكون في كونه ما لا يريد قهرا، وهو لا يعلم الشيء إلا بعد وقوعه عند غلاة القدرية فذلك قدح في علمه، وهو لا يفعل ما شاء إذا شاء متى شاء كيف شاء، فليس له من صفات الأفعال الاختيارية نصيب عند المتكلمين الذي ساروا على طريقة أهل الاعتزال في الاقتباس من شعب مقالات فلاسفة اليونان لتقرير مسائل الإلهيات التي لا تتلقى إلا من وحي النبوات.
والشاهد أنه عز وجل: متصف بكمال ضد ذينك الوصفين من: كمال القدرة النافذة وكمال العلم المحيط وهوما ذيلت به الآية الكريمة كما تقدم.
فالوصفان منفيان عنه:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ).
و: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ).
وكمالهما مثبت، كما تقرر آنفا، فهو، عز وجل، متصف بهما على جهة النفي تنزيها، متصف بكمال ضدهما على جهة الإثبات حمدا وتمجيدا.
وقبل هذه الآيات ببضع آيات:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
ففيها:
دلالة الاختراع والإيجاد: (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
ودلالة العناية: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ).
وهما مئنة من كمال افتقار المخلوق إلى خالقه عز وجل: إيجادا وإعدادا وإمدادا بأسباب الحياة من الرزق.
ولازمهما من وجوب إفراده، جل وعلا، بالألوهية: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
فذلك مما يطرد ذكره في الكتاب العزيز ولو في مواضع متجاورة.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 08 - 2009, 09:36 ص]ـ
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى): وذلك من دليل الإيجاد في عالم النبات. فهو خاص.
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ: وذلك من دليل الإيجاد والإعدام عموما، في عالم النبات أو في عالم الحيوان الحساس المتحرك من باب أولى، أو في غيرهما من العوالم التي لا ندركها بحواسنا الظاهرة، لدقتها كالبكتيريا والفيروسات .......... إلخ، أو ما حجب عنا من عالم الجن والشياطين فمعاني الزوجية والذرية ... إلخ فيها كائنة، على حد قوله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي)، فجماعاتهم تحاكي جماعات الإنس، إذ فيهم الذكر والأنثى، الكبير والصغير، المؤمن والكافر، البر والفاجر ......... إلخ، وإن كانوا أضعف عقولا، ومعنى الزوجية من أدلة الفقر الذاتية في كل الكائنات، إذ لا ينفك الزوج عن افتقار إلى زوجه ليستكمل به، وطلب الكمال لا يكون إلا فرعا عن نقصان أول، فينشأ الصغير ضعيفا عاجزا، ثم يستكمل من أسباب القوة ما يصير به قويا قادرا على حد قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)، ثم يطرأ عليه التغير بالنقصان إظهارا للكمال المطلق للرب، جل وعلا، فلا يعتريه تغير أو نقصان، ولا تطرأ عليه زيادة، فله من الكمال المنتهى أولا وآخرا، في مقابل كمال العبد المقيد الذي يعتريه النقصان بل الفساد والعدم بزوال سبب البقاء، ويطرأ عليه الكمال باستكمال أسبابه فيتعلم من جهل، ويقوى من ضعف ......... إلخ، فذلك وجه باين فيه الخالق، عز وجل، المخلوق، وظهر به كمال قدرة الرب، جل وعلا، الذي باين في أحوال خلقه زيادة ونقصا، وذلك من معاني الربوبية القاهرة: ربوبية الإيجاد والإعدام، ربوبية: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) فالرب، جل وعلا، هو الذي يخلق الشيء وضده، إمعانا في إظهار كمال قدرته البالغة التي لا تنفك عن حكمة باهرة، فهو العزيز وصفا، الحكيم فعلا وخلقا، فعن ذينك الوصفين، كما تقدم في أكثر من مناسبة، يصدر فعل الرب، جل وعلا، في خلقه، فتجري فيهم أقداره وسننه الكونية فرعا عن معاني أسمائه: القدير والقوي والعزيز جلالا، والعليم والخبير والحكيم جمالا.
وبعد دلالة الإيجاد: التنبيه على لازمها من كمال الإقبال على الرب، جل وعلا، تألها وتذللا، الذي دل عليه اسم الله: على القول باشتقاقه من التأله، فالرب الذي خلق وأوجد هو: الله الذي يعبد بما شرع على ألسنة رسله عليهم السلام، فهم الواسطة بين الحق والخلق، فليسوا وسائط روحانية بين الرب والعبد يستشفع بها على حد الإشراك باسم التوسل بالجاه، وإنما هم وسائط تبليغية يتوسل بمحبتهم والإيمان بهم وامتثال رسالاتهم تصديقا بالخبر وامتثالا للحكم على حد التكليف أمرا ونهيا فهو مئنة من كمال الاستسلام والانقياد فيصدق العمل الظاهر العلم الباطن، فذلك الذي يصح التوسل به إلى مرضاة الرب، جل وعلا، إذ لا يتوسل العبد بكسب غيره، وإنما يتوسل بكسبه، وذلك جار على قانون الثواب والعقاب الموافق لصريح العقل، فالشرع لا يأتي بما يعارضه، بل خبر الوحي الصحيح يزكي العقل الصريح ويؤيده.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"والفرق بين الموحدين والمشركين أن الموحدين يقولون إن ما أمرت به الرسل من العبادات إنما يتقرب به إلى الله تعالى والأجر فيه على الله تعالى وإنما على الرسول البلاغ ليس عليه حصول الثواب ولا يشترط أن يكون واسطة في وجوده بل يخلق الله الثواب بغير واسطة الرسول وأما شفاعة الرسول فهي دعاء لله تبارك وتعالى وهؤلاء يقولون لا يحصل إلا بتوسطهم وإن فاض عنهم بغير قصد، فهذا أصل ينبغي معرفته". اهـ
"الرد على البكري"، ص280.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالرسل، عليهم السلام، قد بعثوا، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، لنعبد الله بشرعهم لا بذواتهم، فهو وسائل إلى معرفة مراد الرب، جل وعلا، لا وسيلة لعبادته بتقديس ذواتهم على سبيل الوسائط فذلك فرع عن مقالة: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، وما بعثت الرسل، عليهم السلام، إلا لنقض ذلك التصور الفاسد.
فـ: "ذلكم الله": إشارة إلى علو مكانته الشأنية والقهرية والذاتية.
ثم جاء التعريض بالاستفهام الإنكاري التوبيخي: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ: عن الغاية من تقرير دلالة الإيجاد إذ هو الذريعة إلى تقرير مسألة الألوهية مراد الرب، جل وعلا، من عباده: مراد القصد والغاية.
ثم أطنب في تقرير دلالة العناية:
فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا: فتلك آيات آفاقية خارجية بعد الآيات النفسانية الداخلية: آيات الموت والحياة التي يعالجها المكلف في ذاته ليل نهار، فينام ويستيقظ، وتموت خلاياه وتتجدد باستمرار فتلك الآيات الآفاقية على حد:
ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ: فهو من أوصاف فعله المتعلقة بمشيئته، وذلك، كما تقدم، صادر عن كمال قدرة العزيز وحكمة العليم تبارك وتعالى.
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ:
وذلك من آياته الآفاقية الخارجية، فهو جار على حد الإطناب المتقدم في تقرير دلالة العناية، إظهار للمنة الربانية التي تحمل ذوي العقول على توحيد الرب، جل وعلا، بأفعال التشريع والتكليف، فرعا عن توحيده بأفعال التقدير والتكوين، ولذلك ذيل الآية بقوله تعالى: (قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، فالمقام: مقام تفصيل في معرض الامتنان، وذلك مما يحسن في حق الرب، جل وعلا، المنفرد بكمال النعمة على عباده، بأن قدرها وهيأ لها الأسباب، ويقبح في حق العبد، إذ امتنانه على غيره مظنة الأذى، والأذى محرم، فلا يتقرب به إلى الرب، جل وعلا، بداهة، على حد قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى). فضلا عن كون عطاياه: عارية استودعه الله، عز وجل، إياها، ليتصرف فيها على حد الشرع، فليس له من طلاقة الإرادة ما للرب، جل وعلا، الذي يعطي من شاء فضلا ويمنع من شاء عدلا، فلا يسأل عما يفعل لكمال قدرته وحكمته، بخلاف العبد الذي يسأل عما يفعل إذ هو مستخلف فيما تحت يده من الأملاك والأسباب: استخلاف ابتلاء وامتحان، فلا يسأل، عز وجل، لكمال ربوبيته الآمرة، ويسأل العبد لكمال عبوديته المأمورة.
فقد: فصلنا الآيات: الكونيات في معرض التقرير، والشرعيات في معرض التكليف، فآياته الكونيات علة استحقاقه تمام التأله بآياته الشرعيات، فتلك وسيلة وهذه غاية، وتلك مقدمة عقلية صريحة مستندها الخبر الصحيح، وهذه نتيجة صحيحة، فمن خلق إيجادا وامتن عناية هو المستحق للعبادة بداهة، ولا يعبد إلا بما شرع، إذ ذلك من تمام ربوبيته، فلم يخلق العقول على حد التفاوت، ليعبد كلٌ بما يستحسنه قياس عقله، وإنما خلقها على هذا الحد إظهارا لكمال قدرته بخلق المتفاوتات فذلك، كما تقدم، مئنة من كمال قدرته وحكمته إذ بضدها تتميز الأشياء.
وفي قصر التفصيل على: "قوم يعلمون": تعريض بمن لم يستعمل قياس عقله بالنظر في الآيات الكونيات نظر التدبر والتأمل، في تأييد أدلة الوحي الصحيح، فنظره: نظر المتعلق بالأسباب دون التفات إلى ربها ومسبِّبها ومجريها وفق سنن مطردة محكمة، فإن تلك الآيات، كما تقدم مرارا، شاهدة على نفسها بالعجز عن الاستقلال بالتأثير، فلا بد لها من علل مكملة، ولا بد من انتفاء ما يعارضها من العلل المانعة، فلا تصلح علة كاملة، وإنما ترجع إلى علة واحدة قطعا للتسلسل في المؤثرات هي كلمات الرب جل وعلا الكونيات النافذات.
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ:
(يُتْبَعُ)
(/)
فذلك من دلالة الإيجاد ففي السياق تنويع بين الدلالتين، وهي من دلالات الإيجاد النفسانية، قسيمة الآيات الآفاقية الخارجية، على حد قوله تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ): فآيات الأرض: آفاقية، وآيات الأنفس من اسمها: نفسانية.
ثم ذيل بالغاية، كما تقرر في الآية السابقة، وزيد في المعنى، فالفقه أخص من العلم، إذ بزيادة الأدلة بيانا، وزيادة النظر تأملا، يزداد أولوا الألباب الصريحة علما فترتقي العقول من مرتبة العلم الأعم، إلى مرتبة الفقه الأخص، فيكون قصر التفصيل في هذا السياق تعريضا بمن علمه على حد قوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)، فالتفصيل في حق عموم المكلفين: تفصيل إقامة للحجة الرسالية بالآيات الكونيات المنظورة والآيات الشرعيات المتلوات على ألسنة الرسل المسطورات في صحيح الكتب، فمناط التكليف بها صحة الآلة العقلية إذ العقل شرط في صحة التكليف.
بخلاف التفصيل في حق من وصفهم: "قوم يفقهون"، فهو تفصيل إقامة للحجة ابتداء يستوون فيه مع عموم المكلفين المخاطبين بأمر الشرع المنزل على حد الابتلاء أمرا ونهيا، وتفصيل انتفاع بالإقرار والامتثال، فذلك مما انفردوا به، فليس كل صاحب آلة عقلية صحيحة مهتدٍ، بل منهم من استعمل آلته في معارضة الشرع وحربه، كحال كثير من أعداء الرسل في كل العصور والأمصار من أهل الإلحاد: أصحاب الطريقة الإبليسية طريقة: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) الذين عارضوا الوحي المنزل بأقيسة عقولهم الفاسدة، فإبليس إمامهم إذ عارض الأمر الشرعي بقياس مقدمته فاسدة: أنا خير منه إذ خلقتني من جنس النار الأعلى، فتولد عنها فساد في النتيجة: الفاضل لا يسجد للمفضول فكيف أسجد لبشر خلقته من جنس الطين الأدنى، وكذلك من عارض الشرع بعقله فلسان حاله: قياس عقلي خير من خبر الوحي فكيف يتبع الفاضل المفضول؟!.
ثم أطنب في معرض التنويع بين الدلالتين، فأشار إلى دلالة العناية بتلك الأجساد المنشأة فـ:
فهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ: فذلك غذاء الأبدان التي خلق من مادتها الطينية الأرضية. ولازم ذلك:
انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ: نظر التأمل والتدبر في معرض تقرير انفراد الرب، جل وعلا، بأفعال الربوبية خلقا وتقديرا، إذ لا خلق إلا بتقدير، فانتقال الحبة إلى نبتة غضة، إلى شجرة مثمرة إلى جنة وارفة لا يكون إلا بتقديرات كونية متتالية وكلمات كونيات متعاقبة و: إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:
على ما تقرر من التدرج من العموم إلى الخصوص بدرجاته، فالعلم أعمها، والفقه أخص، والإيمان أخصها، وتسلسلها تسلسل عقلي صحيح، إذ هي مما يترتب على بعضه البعض ترتب المسبَّبات على أسبابها فالعلم ابتداء: سبب في النظر تفقها باستنباط العلوم النظرية من المقدمات الضرورية التي يستوي فيها كل المكلفين، فالكل يدرك من آيات الكون ما تدركه حواسه الظاهرة، فذلك من جملة العلوم العقلية الضرورية فضلا عن العلوم الفطرية الغريزية، فالعبد قد فطر على افتقار ذاتي إلى رب يكلؤه، بالقدر الحافظ والشرع الحاكم، ولا يجحد ذلك إلا مكابر قد ادعى لنفسه من أوصاف الغنى ما ليس له فحاله يشهد على بطلان دعواه، إذ افتقاره إلى أسباب البقاء، ولو كانت حسية يستوي فيها مع البهائم!، افتقار ذاتي أصيل.
والفقه الخاص مؤد إلى الإيمان الأخص.
فالتذييل بوصف الإيمان بالآيات الشرعيات لمن انتفع بتفصيل الآيات الكونيات تعريض بمن انصف بضده من الكفران، إذ ليس له من التفصيل إلا ما تقام به الحجة عليه، كما تقدم، والتذييل بذلك الوصف جار على ما تقدم من تأصيل النتيجة بعد تقرير مقدماتها من صور دلالة الإيجاد ودلالة العناية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم جاء الإنكار تصريحا لا تلميحا على أولئك الذين فسد تألههم مع تحقق دلالات الإيجاد والعناية فيهم كبقية المكلفين، فوجودهم منة ربانية أولى، وتيسير أسباب البقاء لهم منة ربانية ثانية ومع ذلك:
جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ: على حد الاعتقاد على وزان قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)، وَخَلَقَهُمْ: ففيه تنبيه على بطلان شراكتهم بداهة إذ لا يشارك المخلوق خالقه فليس ندا له أو مثيلا، لتصح تلك الشراكة، بل في عالم المخلوقات لا يشارك العبد سيده، وإن استويا في وصف الخلق، فكلاهما من جنس واحد: جنس المخلوقات المربوبة ومع ذلك قبح عقلا أن يستويا، فانتفاء التساوي بين الخالق والمخلوق ثابت من باب أولى.
وفي التنزيل: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ: فوصفوه بعين ما اتصفوا به من الفقر الذاتي، إذ المخلوق هو الذي يفتقر إلى الولد، ليعينه إذا عجز، وذلك منتف في حق الرب القادر، جل وعلا، بداهة، بل تعدوا ذلك إلى حد وصفه بأدنى الجنسين: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ)، فذلك مجمل بينه قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ)، و: (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى): على حد الاستفهام الإنكاري الإبطالي، وليس له مفهوم ليصح قول من قال: بل له الجنس الأعلى، فيصح في حقه اتخاذ الولد إن كان ذكرا، بل وصف الولد منفي عنه مطلقا، إذ لا ينفك عن وصف النقص الذي تنزه، جل وعلا، عنه، إذ لا حاجة له إلى مؤنس أو معين أو خليفة، بل هو الذي يأنس به الموحدون، ويستعين به العاجزون، ويستخلفه المسافرون، فخلافته لعباده، كما تقدم، خلافة الابتلاء بإقامة شرعه في أرضه. على ما جاءت به رسله عليهم السلام.
وقيد: "بغير علم": لا مفهوم له، إذ ليس من تلك الدعوى ما هو بعلم، بل ذلك إمعان في بيان قبحها العقلي وبطلانها الوجودي.
ولذلك ذيل بقوله تعالى: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ): في معرض النفي تنزيها.
ثم جاء الإثبات بعد النفي على حد الشهادة: لا إله: نفيا، و: إلا الله: إثباتا، فالإثبات هو المراد لذاته، ولذلك يرد مورد التفصيل، بخلاف النفي الذي يرد مورد الإجمال، على حد قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، إلا في مواضع كهذه حَسُنَ فيها التفصيل درءا للشبهة فهو:
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: على غير مثال سابق، فذلك من دلالة الإيجاد في معرض بيان كمال القدرة التي يقدح فيه اتخاذ الولد، إذ هو مظنة العجز، كما تقرر آنفا، ولذلك جاء الاستفهام في معرض الإنكار الإبطالي:
أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ: نكرة في سياق الاستفهام الإنكاري الإبطالي لما بعده تفيد عموم نفي جنس الولد: ذكرا كان أو أنثى.
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ: وتلك نكرة أخرى في معرض النفي الصريح، فليس له ند أو نظير، والصاحبة لا تكون إلا من جنس صاحبها، وجنس الربوبية لا تتصور فيه الشراكة، إذ تعدد الأرباب لازمه تعدد الآلهة، وتعدد الآلهة لازمه فساد نظام الكون بتعارض أوامرهم، وذلك أمر يشهد ببطلانه اطراد سنن الرب، جل وعلا، في كونه، فجريانه على ذلك النسق المحكم شاهد بكمال ربوبية وألوهية موجده تبارك وتعالى.
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ: عموما لا مخصص له، إذ: "كل" بحسب السياق الذي ترد فيه، فخلق ما سواه من الكائنات، إذ هو، جل وعلا، بذاته وصفاته، أول غير مخلوق بداهة، فكيف صح في الأذهان ادعاء اتخاذه صاحبة أو ولدا من جنس خلقه المربوب، وهو الخالق الرب لكل موجود، فاستوفى التقسيم في الآية كل الاحتمالات العقلية سبرا أتى عليها بالبطلان، فليس له ولد وهو المسبَّب، إذ ليست له صاحبة على ما اطرد من سنة التولد من اثنين من جنس واحد، ولم يتخذ ولدا على سبيل الاصطفاء أو التبني أو التولد الذاتي بلا صاحبة، إذ هو خالق كل شيء، فباين الخالق، عز وجل، المخلوق بداهة، فلا يتولد منه إذ لا يتولد المخلوق من الخالق، والاصفاء والتبني أدنى من التولد، إذ العقيم هو الذي يتبنى، فإذا انتفى عنه وصف التولد الأعلى انتفى عنه وصف التبني الأدنى من باب أولى.
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ: فخلقه صادر عن علم أزلي سابق على ما اطرد من كونه فاعلا بالإرادة والاختيار، فذلك لازم العلم المحيط، وهو جار، أيضا، على ما تقرر من الجمع بين أوصاف القدرة والحكمة في معرض الاستدلال لكمال الربوبية ولازمها من وجوب إفراده بالألوهية.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[16 - 08 - 2009, 03:01 ص]ـ
سلمت يمينك يا أستاذ مهاجر وبارك الله فيك ومعذرة على التأخر فى الرد ...
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 08 - 2009, 07:24 ص]ـ
وبارك فيك أخي الكريم وجزاك خيرا على المرور والتعليق.
وفي سياق تال:
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ: فذلك من العموم في معرض بيان دلالة الإنشاء والاختراع للجنات فمنها: المرفوع كالكروم المعلقة، ومنها غير المرفوع فهو على الأرض جار قد كساها بحلة بهيجة، وذلك التباين في الهيئات والألوان من دلائل طلاقة قدرة الإيجاد والإبداع، فليس الخلق على نمط واحد، بل فيه من مختلف الصور ما يدل على كمال الربوبية الموجدة، فخلق الأشياء على حد التباين بل التضاد فمنها: الأبيض والأسود، ومنها: الحلو والحامض، ومنها: الشجر القائم والنجم الساجد ......... إلخ، كل ذلك مئنة من كمال ربوبيته جل وعلا.
ووصف "الجنات": بـ: "مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ": إطناب بالوصف المحسن في معرض بيان كمال المنة الربانية، كما أشار إلى ذلك، صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، فتلك دلالة العناية المتممة لدلالة الإيجاد.
وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ: إطناب بالخصوص بعد العموم، فتلك من ثمار الجنات، فالنص عليها من باب ما اطرد من بيان تمام المنة الربانية بتنوع المآكل، فهو دليل اختراع في حق الرب، جل وعلا، دليل عناية في حق العبد الذي خلق له ما في الأرض جميعا على حد الإباحة بقرينة المنة إذ لا منة بمحرم، فالمنن الربانية لا تكون إلا بالطيبات ولذلك حمل الفعل في قوله تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ): على الإباحة، إذ الأكل ليس بواجب شرعي بداهة، فقرينة سياق المنة صارفة للأمر من الإيجاب إلى الإباحة، وكما اطرد في الآيات السابقة: لا بد من تكليف شرعي في مقابل العطاء الكوني، فقرن بأمر الإباحة أمر الإيجاب:
وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ: فتلك زكاة الزروع الواجبة، فيكون الإجمال في الآية مبينا بنصوص زكوات الثمار: أصنافا وأنصبة ومقادير.
فالاقتران بين فعل الربوبية وأمر الألوهية: اقتران متلازمين عقلا أيده الوحي نقلا، فالنقل الصحيح، كما تقدم مرارا، لا يأتي بما يعارض العقل الصريح، فالقياس القرآني، والبرهان العقلي متعاضدان في تقرير الرسالة أخبارا مصدقة وأحكاما مدققة.
وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ: وذلك من حد التكليف فرعا عن المنة بالإيجاد والعناية، وهو تكليف بالكف سلبا، إكمالا للقسمة العقلية: فأمر موجب للزكاة ونهي ناف للإسراف قد ذيل بعلته إمعانا في البيان: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
ثم ذكر جل وعلا، دليلا آخر من أدلة الإيجاد والعناية:
وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا: فتفضل عليهم بأجناس الثمار المزروعة وأجناس الدواب المركوبة، فقد أوجدت بقدرة نافذة وحكمة باهرة في تقدير هيئاتها لتكون صالحة للانتفاع، وتسخير أبدانها لتكون مطية للإنسان، فهي حمولة في الركوب، فرش في الأكل إذ تفرش على الأرض حال ذبحها للانتفاع بلحومها، كما ذكر ذلك أبو السعود، رحمه الله، وفيه رد على ما افتروه في آيات سابقات من قبيل: (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)، إذ ذلك شرع لم يأذن به الله، عز وجل، فاحتج عليهم، جل وعلا، بإيراده في معرض الامتنان بتكوينه وإعداده، وبيان منافعه العامة التي لا تخص جنسا من المكلفين دون جنس، بل هي عامة لكل البشر على اختلاف أجناسهم وهيئاتهم، بقرينة عموم الأمر في: (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)، فواو الجماعة نص في العموم، يلحق به الإناث، وإن وضع ابتداء للذكور، بقرينة عموم خطاب القرآن إلا ما ورد فيه التخصيص، فدخولهن فيه: ابتداء، أو قياسا على الذكور بجامع التساوي بين الجنسين في التكليف الشرعي فهو الأصل، كما تقدم،
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا ما اختص به كل جنس من أحكام، كأحكام الجمع والجماعات والجهاد والولايات فتلك مما اختص به الرجال، وأحكام الحمل والرضاع والحيض والنفاس فتلك مما اختصت به النساء و: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا): فجعل بإرادته الكونية وحكمته الأزلية لكل شيء قدرا.
وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ: فذلك من النهي الشرعي، على ما اطرد مرارا من اقتران أمر الشرع الحاكم بأمر الكون النافذ، فلا تتبعوا خطوات الشيطان الذي حمل فئاما من الناس على التحليل والتحريم بقياس العقل الفاسد أو هوى النفس الجامح، فأحلوا وحرموا من تلقاء أنفسهم دون رجوع إلى الشرع الآمر الناهي، وخطواته: عامة قد دل على ذلك إضافتها إلى المحلى بـ: "أل"، فاستفادت معنى الكثرة، وإن كان جمع الإناث من جموع القلة وضعا، فمعنى العموم الذي يفيد التكثير قد استفيد من الإضافة إلى اللفظ المحلى بـ: "أل"، كما تقدم، وما أكثر خطاه، فله في كل أمر شرعي: مزلقان: مزلق الإفراط تشددا، ومزلق التفريط تساهلا.
وعلة ذلك النهي: إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. قد أظهر العداوة وجهر بالسوء: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا).
ثم جاء البيان لتلك الخطوات المجملة:
ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ: فالاستفهام إنكاري إبطالي لتلك الحدود التي وضعتها العقول والأهواء لمضادة شرع الرحمن، عز وجل، وذلك محور سورة الأنعام التي عالجت قضية التشريع الإلهي فرعا عن التقدير الرباني، فصادموا أمر الوحي في التحليل والتحريم، ولا يكون ذلك إلا للرب القدير الحكيم، جل وعلا، فحرموا ما أحل، ولذلك جاء أمر التحدي مذيلا بالشرط إلهابا وتهييجا: نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ: إن كان لما أحدثتموه من الرسوم والشرائع مستند خبري يرجع إليه، إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ: في ذلك الزعم.
ثم جاء الإنكار بعد تمام بيان ما أحدثوه في هذا الشأن:
وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ: فقيد "ليضل الناس": وصف كاشف لا مفهوم له، إذ اللام للصيرورة فمآل ذلك لا محالة إضلال الناس، ولا يكون ذلك بداهة إلا بجهل وسوء قصد، وإن زعم صاحبه: سلامة النية وحسن المقصد على حد قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)، ثم ذيل بالوعيد: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ: إلى طاعته وامتثال أمره فتلك كرامة ليسوا لها بأهل، وإن خوطبوا بنصوص هداية البيان والإرشاد على حد التكليف بالامتثال فذلك خطاب عام لجميع المكلفين.
ثم نقض دعواهم بالنص على المحرمات في سياق حاصر، الحصر فيه إضافي بقرينة وروده ناقضا لما ادعوه، على وزان: لا حرام إلا ما أحللتموه، ولا حلال إلا ما حرمتموه، وإن كان جنس الحرام والحلال يعم أفرادا غير المذكورات، فـ: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا اختيار الشافعي، رحمه الله، وبه رد الجمهور على استدلال المالكية، رحمهم الله، بهذا الحصر على قصر المحرم في باب المطعومات على الأصناف المذكورات فقط، إذ يصح ذلك لو كان القصر حقيقيا، وإنما هو ادعائي، إمعانا في نقض دعوى المخالف كما تقرر آنفا. فهو على وزان: (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)، فهو ادعائي في معرض الإمعان في نقض ما هم عليه من الشرك بالتوكيد على ضده من التوحيد بإيراده مورد الحصر الإضافي، إذ قد أوحي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمور أخر غير ذلك بداهة.
وفصل في بيان المحرمات، إذ الأصل في الأشياء الإباحة امتنانا، فوجب تفصيل المحرم احترازا على حد قوله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ).
فذكر المحرمات على يهود من باب العقوبة الكونية، إذ كانت شرعتهم شرعة جلال تربية لنفوس اعتادت الذل والمهانة في رق فرعون، وهي مع ذلك في تناقض عجيب: تكابر فلا تقبل الأمر إلا اضطرارا على حد قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
وفي نهاية هذا السياق بعد بيان أن أمر التحليل والتحريم لا يكون إلا للرب الموجد المنشئ جل وعلا:
جاء التحدي:
قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا: فالاستفهام إنكاري إبطالي، فلا نقل صحيح ولا عقل صريح يشهد لافتراءاتهم وتخرصاتهم.
إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ: فجاء القصر إمعانا في نفي استنادهم إلى أي مستند صحيح فما دليلهم إلا: ظن وتخرص.
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ: ولكنه شاء كونا أن يضل منكم من ضل لحكمة تفوق مصلحة هدايته: (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
وإمعانا في التحدي:
قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ: فمنازعتهم الرب، جل وعلا، في أمر التحليل والتحريم مئنة من اتخاذهم إلها عديلا له يشرع بالتحليل والتحريم، وإن لم يصرحوا بألوهيته، فجعله الحكم في المنازعات يحكم فيها بما شاء بلا رجوع إلى وحي الرسالات الحاكمات، جعله الحكم في ذلك: تأليه بلسان الحال وإن نفوا ذلك وأنكروه بلسان المقال، فذلك من معنى الطغيان البين إذ فيه تجاوز الحد في ذلك الطاغوت المعظم المتبوع فيما يأمر به وينهى عنه ولو خالف أمره ونهيه: أمر ونهي الوحي الشارع.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[25 - 08 - 2009, 07:41 ص]ـ
جزيت خيرا أستاذنا الفاضل
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 08 - 2009, 07:41 ص]ـ
وجزيت شيخنا الفاضل. شكر الله مرورك وتعليقك أيها الكريم.
ثم فصل، عز وجل، فيما تلا من الآيات جملة من المحرمات، إمعانا في إثبات هذا الحق له، عز وجل، فهو الإله الشارع الحاكم أمرا ونهيا، دون ما سواه من آلهة الباطل.
وجملة المنهيات والمأمورات في الآيات التالية تدور، كما قال صاحب التحرير والتنوير على ثلاثة محاور:
الأول: حفظ النظام العام الذي دلت عليه جملة المذكورات على حد النهي في قوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). وأعظمها بلا شك: الشرك، فهو أصل كل فساد يخل بالحياة إذ هو ناقض للضرورة الأولى من الضروريات: ضرورة التوحيد الذي هو مادة صلاح الكون، فبه يتحقق التوافق بين السنن الكونية والسنن الشرعية فيوحد الإله تألها فرعا عن كونه الرب إيجادا وتملكا، فـ: "له الحمد" فرعا عن:
(يُتْبَعُ)
(/)
"له الملك".
وتأمل حال المشركين تجد الفساد العريض في الأرواح وإن صلحت الأبدان بوسائل التنعم الظاهر الذي يخفي تعاسة الباطن، وعدم استقرار المجتمعات المشركة، لا سيما في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية، إنما هو أثر من آثار ذلك الفساد، وبقدر الإيغال في الشرك يزداد هذا الأثر في الوضوح لخفاء ما يناقضه من أثر النبوات المنجية.
والثاني: ما به حفظ نظام التعامل، وهو الذي يحكم العلاقات العامة بين أفراد الجماعة المسلمة، ويحكم علاقاتها مع بقية الأمم في المباحات من بيع وشراء ........ إلخ، وهو الذي دلت عليه جملة المذكورات على حد النهي في قوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
فالأصل الأول: حافظ للأديان، والأصل الثاني: حافظ للأبدان بذكر طرف من المعاملات التي تتعلق منفعتها بالبدن غالبا.
والثالث: هو الأصل الكلي الجامع: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فالصراط المستقيم هو كل ما أمر به الشارع، عز وجل، في العقائد أو الأحكام، في النفس لزوما، أو في الغير تعديا، فاتباعه مظنة النجاة، واتباع غيره مظنة التشعب في مسالك الضلال، ولا يستقل بالدلالة على ذلك الصراط وتفصيل أخباره وأحكامه إلا النبوات، فهي كما تقدم مرارا، أصل كل صلاح في هذا العالم، فبقدر ظهور آثارها يكون الصلاح، وبقدر اندراسها يكون الفساد.
ثم ختمت السورة بعد هذا العرض لأفعال الرب: جل وعلا، على حد الإيجاد والعناية، وأحكامه على حد التأله والديانة، ختمت بالتوكيد على ما تقدم:
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ:
فتلك من أعظم صور العناية لو تأمل الناظر، فعناية الرحمن الربانية العامة بتيسير أسباب الحياة من متنفس ومطعوم ومشروب ....... إلخ أمر اشتركت فيه الخلائق عامة، بخلاف عناية الرحيم الإلهية فهي خاصة بالمؤمنين الذين استدلوا على وجوب حكمه إلها شارعا، بوجوب أوصاف الكمال المطلق له ربا خالقا رازقا ........... إلخ، فرحمة الرحمن: عناية عامة لكل المكلفين، ورحمة الرحيم: عناية خاصة بالموحدين، وأبرز صورها: رحمة النبوة، ولذلك فسر بعض المحققين كصاحب "أضواء البيان"، رحمه الله، الرحمة في نحو قوله تعالى: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا): برحمة النبوة، وأورد لها شواهد من التنزيل من قبيل: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ)، بدلالة السياق المتقدم: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ).
فالنبوة: رحمة بالموافق فقد دلته على طريق النجاة في الدارين، فهو من أهنأ الناس عيشا في الدنيا، ومن آمنهم في الآخرة، ورحمة بالمخالف فهو آمن في الدنيا في ظل حكمها، وإن هلك في الآخرة لعدم امتثاله حكمها.
وأكد على ما تقدم من إفراد الله، عز وجل، بأفعال التأله، فرعا عن انفراده بأفعال الربوبية بقوله:
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي: فخص ثم عم، فكل عبادة بدنية وذكر الصلاة مثالا، وكل عبادة مالية وذكر النسك مثالا وإن اجتمع فيه الأمران: فهو مالي من وجه بدني من وجه، بل كل أمر الحياة والممات عموما بعد خصوص: لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: على جهة الاستحقاق والانفراد، وعلة ذلك: أنه رب العالمين ربوبية عامة بها وجدت الأعيان وبها تصلح الأحوال
لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ: فذلك من التذييل المؤكد.
ثم جاء التوكيد على ما تقدم بصيغة الاستفهام الإنكاري الإبطالي هذه المرة من باب التنويع في الخطاب القرآني:
(يُتْبَعُ)
(/)
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ: فكيف يصح في الأذهان اتخاذ المربوب الفقير ربا غنيا، وحال المربوبات الأرضية شاهد بالفقر إلى الموجد المعد الممد بأسباب البقاء، شاهد بالنقص فهي إلى زوال، فأين ذلك من وصف الرب، جل وعلا، الحي القيوم فلا يفتقر إلى ما يقيمه من الأسباب، وليس لحياته علة فهي وصف ذاتي ملازم له على حد الكمال المطلق فلا يعتريها ما يعتري حياة بقية المربوبات إن كان فيها حياة أصلا، فغالبها أحجار وأموات!، لا يعتريها ما يعتري حياة أولئك من جواز العدم ابتداء، ووجوب الفناء انتهاء وطروء النقص فعجز وكسل ونوم ومرض وموت ......... إلخ، فسبحان الخالق الذي شهد بكماله لسان حال مخلوقاته، فنقصها دليل لمن اعتبر على كماله، إذ الناقص لا يلجأ إلى ناقص مثله إلا إذا كان ناقص العقل!، وإنما يلتجئ إلى الكامل الذي لا يعجزه شيء، ولا يفتقر إلى شيء، وذلك أمر بدهي فطري قد جبلت عليه النفوس، وإنما حجبه غطاء الشرك الغليظ الذي منع نفاذ أشعة التوحيد.
وفي ختام السورة: بيان لمهمة المربوب في دار التكليف فهو مستخلف على حد الابتلاء:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ: فيقع الابتلاء الشرعي بما أوتي المكلف بمقتضى الأمر الكوني فمن أوتي مالا فله ابتلاء، ومن أوتي جاها فله ابتلاء، ومن أوتي قوة في البدن فله ابتلاء، ومن أوتي قوة في العقل فله ابتلاء، فكل يبتلى لتظهر آثار الحكمة الربانية التي يترتب عليها العقاب والثواب:
إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ: فذلك قانون الثواب والعقاب الإلهي، فمن أحسن السيرة في خلافته فله المغفرة والرحمة، ومن أساء فله الضد ولا يظلم ربك أحدا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 08 - 2009, 08:01 ص]ـ
ومن صدر سورة الأنعام:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ:
الحمد لله: على جهة الاستغراق لمعاني الحمد قدرا ووصفا، فله، عز وجل، من المحامد المطلقة، ما لا يحد، فلا تطيق العقول دركه، ولا الألسنة لهجه، فهو مما استأثر الله، عز وجل، بعلمه على جهة الكمال، وأعلم عباده منه ما تطيقه مداركهم على جهة الابتلاء، بإفراده بالحمد: باطنا وظاهرا، وشكره على النعم: قلبا وقالبا، وفي التوطئة بذلك ما يمهد لما بعده من أسباب استحقاقه، عز وجل، الحمد، خبرا وإنشاء، فشفعت المسألة بدليلها إمعانا في تقرير الحجة، على ما اطرد من طريقة التنزيل في شفع نصوص الهداية الخبرية بأدلة البيان العقلية، فله الحمد، وحده، لاتصافة بـ: خلق السماوات والأرض، وتلك من دلالة الاختراع والإيجاد على غير مثال سابق، وهو مما أعجز به خلقه في مقام التحدي، على حد قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ): فالأمر للتحدي في معرض بيان بطلان تلك الآلهة فرعا عن عجزها عن خلق شيء في الأرض أو السماء فضلا عن خلقهما على هذا النسق البديع المحكم، فإذا تقرر بطلان ربوبيتهم لعجزهم عن إيجاد مثلها، والعجز عن الإيجاد والاختراع صفة المخلوق الناقص الذي غايته أن يحاكي خلق الله، مع استناده إلى أصل سابق، فيحاكي الطير بالطائرة، وشتان طير حي حساس، تسري في عروقه دماء الحياة، وجرم حديدي أصم لو أصابه عطب ما استطاع التفاعل معه: تفاعل الطائر الحي مع ما يعرض له من العوائق الكونية، إذ مادة الروح السارية فيه قد أكسبته عقلا، وإن كان ناقصا، له من القوى الباطنة وقوى التخيل ما يجعله يميز الأمن من الخطر، والنجاة من الهلاك، فله من القدرة على تدبير شأنه ما فارق به صنع الإنسان الجامد الذي يفتقر إلى قائد، وهذا أمر مطرد في معرض بيان الفارق بين الخلق الرباني البديع، والخلق البشري الحادث فليس له منه إلا التحويل من صورة إلى صورة لا إبداع ما لم يكن ابتداء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ: يجتمع فيه الدلالتان: دلالة الاختراع فهي من الآيات الكونيات البديعات، على حد قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)، فهي آية كونية لمن تأملها شاهدة بقدرة خالقها، تبارك وتعالى، إذ أخرج الضد من ضده، وتلك من أخص أوصاف الربوبية، فأخرج الحي من الميت، وأخرج النور من الظلمة، وأخرج الأنثى من الذكر ............... إلخ.
وجمع الظلمات إذ صورها المادية أو المعنوية متباينة بخلاف النور فإن جنسه واحد سواء أكان ماديا أم معنويا، فطرق الضلال متشعبة، وطريق الهداية واحد، إذ الحق واحد لا يتعدد، والباطل كثير متعدد، فلكل عقل يخترع، ولكل هوي يستحسن ويستقبح، ولا يفصل النزاع بين تلك الأهواء إلا الوحي النازل من السماء.
ودلالة العناية: إذ لولا جريانهما وفق تلك السنة الكونية المحكمة لفسد حال الخلق، أعيانا وأفعالا، وفي التنزيل: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، فالنهار للمعاش تحصيلا لمنافع الأديان والأبدان، والليل للسكون والراحة صيانة لآلة التكليف.
وكما اطرد من اقتران أدلة الربوبية: اختراعا وعناية، بأدلة الألوهية جاء الإنكار على الكفار الذين عدلوا بالله، عز وجل، في مقام الألوهية ما ليس له بِنِّدٍ في مقام الربوبية، فسووا بين المختلفات، وذلك عين الفساد في التصور العلمي الذي ولد فسادا في الحكم العملي حملهم على صرف ما لا يصرف إلا للرب الكامل، عز وجل، من أجناس التأله إلى المربوب الناقص الذي لا يملك لنفسه فضلا عن غيره ضرا ولا نفعا.
ثم أطنب، جل وعلا، في بيان دلالة الاختراع في معرض تقرير قضية الألوهية قطب رحى صلاح الأديان، فالأولى: قطب رحى صلاح الأبدان بخلقها من الطين، وقضاء آجالها من الأزل، فله كمال القدرة على الخلق وكمال الحكمة في الإيجاد والإعدام إذ قضى لكل كائن ما يلائمه، فتظهر حكمته الباهرة لمن تأملها، ولك أن تتخيل حال العالم لو لم تصر الأجيال إلى زوال، ولم تأكل الأرض الأجساد، فالموت في حد ذاته آية كونية باهرة فيها من الرحمة بالنوع الإنساني على وجه العموم ما يفوق ألم الميت على وجه الخصوص، فضلا عما فيها من دلائل الربوبية القاهرة، فبها امتاز الحي الذي لا يموت عن الحي الذي سبقه العدم ولحقه الفناء، واعتراه ما اعتراه من أوصاف النقص من عجز وكسل، ومرض وهرم .......... إلخ.
وهم مع ذلك: في مرية مع قيام الأدلة الكونية الدامغة على صحة الأدلة الشرعية الحاكمة.
وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ:
وذلك، أيضا، من أدلة عموم ربوبيته، فهو المعبود في السماوات وفي الأرض: إله في السماء يعبد وإله في الأرض يعبد مع علوه عن خلقه علو ذات وشأن وقهر، فليس كونه المألوه في الأرض: ألوهية الحق فلا معبود بحق سواه، ليس كونه كذلك مما يدل على أنه حال فيها بذاته القدسية بل ذلك على وزان: فلان أمير في مصر، أمير في الشام، فله الحكم فيهما وإن لم يحل بذاته فيهما في نفس الوقت، ولله المثل الأعلى، فهو في السماوات، إن حملت على معنى العلو المطلق على الخلق، فقد علا بذاته واستوى استواء يليق بجلاله على سقف مخلوقاته: العرش: أعظم المخلوقات، أو بحمل: "في" على: "على" إن أريد بالسماوات: السماوات السبع المخلوقة، فقد علا عليها وعلى ما هو أعظم منها، فعلوه ذاتي عام على جميع المخلوقات فِعْلِي خاص على أعظمها وأعلاها: العرش.
ومع علوه فهو قريب بعلمه فـ: يعلم سركم وجهركم، وتلك، أيضا، من أخص أوصافه، إذ له من السمع والبصر أكمل وصف، وله من العلم ما أحاط بعباده أزلا وأبدا فيعلم ما الخلق فاعلون وإلى أي دار هم صائرون.
وفي سياق تال: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ):
جاء الإنكار عليهم إذ لم يعتبروا بأحوال الأمم الغابرة: اعتبار الطرد والعكس الذي اطرد في التنزيل في معرض الترهيب بذكر أوصاف المعذبين، لئلا تسلك النفوس طريقتها فيكون لها مثل ما حل بها من العذاب، فهذا الطرد، ولتتحلى بأضدادها فيكون لها من أوصاف النعيم ما يضادها فهذا العكس.
ثم ذكر، عز وجل، من أوصاف العناية بتلك الأمم ما لو تأملوه لآمنوا وشكروا، ولكنهم حجدوا وكفروا، فمما امتن به الله، عز وجل، عليهم من العنايات الربانية:
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ:
فلما كفروا بتلك العنايات الربانية، فلم يوفوا بحقها من التكليفات الشرعية: استحقوا: (فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ)، جزاء وفاقا.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 08 - 2009, 08:26 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ):
على تقدير عامل دل عليه السياق، من قبيل: وأرسلنا إلى ثمود.
وذكر وصف الأخوة: فيه مزيد استمالة وتأليف لهم، وإن كانت أخوة نسب توجب نوعا من المحبة والميل الطبعي الكوني، فالنفوس قد جبلت على الميل إلى القريب سواء أكان من الأهل أو العشيرة أو القبيلة أو المحلة، فلا يلام الإنسان على هذا الميل الفطري إلا إن كان ذريعة إلى التفريط في الأمر الشرعي، كأن تقدم هذه المحبة على المحبة والميل الشرعي الديني إذا تعارضا، فذلك مما يقدح في عقد الولاء والبراء، ولذلك كان من وصف أهل الإيمان عند وقوع هذا التعارض واستحالة الجمع بين المحبتين: (كُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)، و: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، والود: خالص المحبة ولا يكون ذلك إلا لله، أو في الله، فهو، تبارك وتعالى، المراد لذاته، بخلاف غيره، فإنما يراد لغيره، فمن أحب شيئا إما أن ينعم به، إن كان حبه على طريقة الشرع، فيكون مرادا لغيره، إذ به يحصل ذلك النعيم فهو الذريعة إليه، وإما أن يعذب به، إن كان حبه على طريقة الطبع، ولا يخلو حينئذ من حظ نفس يوجب ميلا على خلاف مراد الشرع، وذلك مظنة العذاب العاجل والآجل، على حد قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)، فإن من أحب شيئا أكثر من ذكره، فإذا أكثر من ذكر غير الله، عز وجل، تعلق بذلك الغير وتعلق بذلك الغير ووكل إليه، ومن وكل إلى غيره، هلك، إذ ليس ذلك الغير عليه بحريص، بل هو مثله فقير يسعى إلى تحصيل حظه، ولذلك كان من دعائه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ)، فإن القلوب إذا صرفت تلقاء غير الله، أصابها من الفاقة ما يفسدها، فحياتها في ذكر المعبود، جل وعلا، فهو مادة صلاحها، وهلاكها في ذكر غيره، فهو مادة فسادها، ورحى المعركة بين الذكرين دائرة لا تتوقف إلا مع لفظ آخر نفس مقدر للعبد.
قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ: فشفع المسألة بدليلها، فهو وحده المعبود بالحق، إذ هو وحده، جل وعلا، الإله الحق، وألوهيته قد دل عليها:
ورود البينة الخارقة على غير مثال سابق في معرض التحدي، فذلك مما حدت به الآية الكونية أو المعجزة التي يجريها الله، عز وجل، على أيدي رسله، عليه السلام، تأييدا لهم، فـ:
قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ: وقد نكرت تعظيما فهي بينة جليلة القدر وآية كونية عظيمة الشأن، فلا يقدر عليها إلا من له تمام التصرف في الكون، فهو وحده المستحق لكمال التأله بالتزام الشرع.
فابتداء غايتها من الرب، جل وعلا، إذ لا يقد على إجراء مثلها، وفيها ما فيها من خرق السنن الكونية المطردة على وجه غير مالوف، بل غير مقدور لأحد من البشر، في معرض التحدي والإعجاز الكوني، كما تقدم، لا يقدر على ذلك إلا رب له من كمال التصرف الكوني ما يوجب كمال التأله الشرعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ: بيان بعد إجمال، فوردت الآية مجملة الكنه إمعانا في التشويق، ثم جاء البيان بعد الإجمال إرواء للغليل.
وأضيفت إلى الله، عز وجل، إضافة تشريف، فكل النوق له مخلوقة مربوبة، ولكن تلك الناقة قد اختصت بوصف الآية الكونية الباهرة فاستحقت مزيد عناية بإضافتها إلى بارئها، جل وعلا، إضافة تشريف.
لَكُمْ آَيَةً: على حد القصر والتوكيد بتقديم ما حقه التأخير.
ومع كل آية كونية لا بد من تكليف شرعي فـ:
فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ: على حد الأمر الملزم، فهو على أصله إذ لا صارف له عن دلالته اللسانية، فالأصل فيه: الإيجاب، وقد جزم المضارع في جواب الطلب إمعانا في الدلالة على فورية الأمر، فالأصل فيه الفور، كما قرر جمهور الأصوليين على حد قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، فالمسارعة مظنة الفورية في امتثال الأمر، وأضيفت الأرض إلى الله، عز وجل، إضافة مملوك إلى مالكه، ومخلوق إلى خالقه، فليس عليكم إطعامها، وإنما ذروها فقط تأكل في أرض من برأها، وفي ذلك مزيد تقرير لمعنى الربوبية، ومزيد تخفيف في معرض التكليف الشرعي، ومع الأمر:
نهي: فـ:
لَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ:
على حد النهي الملزم، فهو على أصله، أيضا، إذ لا صارف له عن دلالته اللسانية، فالأصل فيه: التحريم، والنكرة في سياق النهي: نص في العموم، فلا تمسوها بأي سوء، عظم أو حقر، وذيل النهي بالوعيد زجرا على حد ترتب المسبَّب على سببه، فهو أبلغ في التصور العقلي إذ النتيجة فرع المقدمة، والمعلول فرع العلة، فحسن الربط بين السبب ومسببه بالفاء التي هي في هذا الموضع: نص في السببية، إذ سبقت بنهي، ونصب ما بعدها بأن مضمرة على ما قرر النحاة.
وأضيف الأخذ إلى العذاب على حد: إطلاق السبب وإرادة مجريه، جل وعلا، فهو الآخذ حقيقة، على حد قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)، فأخذه بأمر ربوبيته القاهرة، فرعا عن مخالفة أمر ألوهيته الشارعة.
ونكر العذاب ووصف بالإيلام على حد المبالغة إمعانا في الزجر.
فهذه الآية جارية على حد تقرير مسألة الألوهية بدليل الاختراع والإيجاد للآية الكونية الباهرة على غير مثال سابق، فلا يبدعها إلا من له طلاقة القدرة على الخلق.
وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ: خلافة ابتلاء، سخرت لكم فيها منافع الأرض لإقامة شرع الرحمن لا للتمرد والطغيان، بمنازعة الرب، جل وعلا، أوصاف قدرته وقوته، على وزان من قال في مقام التجبر والاستكبار بغير الحق: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)، و: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، وما علم المخذول أنه ملك عارية لا ملك عين، فليس له، لو كان ممن يسمع أو يعقل منه إلا سياسته وفق مراد مالكه، لا وفق مراده، إذ هو كالمُلْكِ الذي تحت يده: مربوب مخلوق، فكيف صح في الأذهان استقلال المربوب بأمر مربوب مثله بمنأى عن حكم ربهما وخالقهما حل وعلا؟!.
وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا:
فتلك من دلالة العناية: الدلالة الثانية في مقام تقرير الألوهية، و: "أل" في الأرض إما أن تكون عهدية تشير إلى معهود بعينه هو: أرض الحجر، وإما أن تكون جنسية، باعتبار أرضهم فردا من أفراد عموم: "الأرض"، فهي جزء منها، فعلى الأول يكون المراد بالكل الجزء، فذلك من المجاز المرسل الذي علاقته الكلية، عند من يقول بالمجاز، أو هو من العام الذي أريد به الخاص، وعلى الثاني هو حقيقة إذ أراد جنس الأرض، ولعل دلالة العموم في القول الثاني آكد في بيان المنة فإنه إذا بوأهم جانبا من الأرض على حد التمكين فلا ينازعهم فيها أحد، ولا يقهرها عليهم أحد، ولا يشاركهم في خيراتها أحد، فكأنه بوأهم الأرض كلها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم عم بعد الخصوص إمعانا في بيان المنة الربانية المقتضية لالتزام الطريقة الشرعية التي بعث بها صالح عليه السلام: فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ: فهو من الجمع المضاف إلى المحلى بـ: "أل" وذلك من صيغ العموم في لسان العرب، ومع التذكير بأمر الربوبية لا بد من تكليف ألوهية بأمر أو نهي، فجاء النهي عن الإفساد في الأرض، فلا تستعمل النعم الربانية في حرب الأوامر الشرعية، فالأمور المخلوقة كونا لا يصح في الأذهان أن تكون حربا على الأوامر المسنونة شرعا.
فجاء النهي: وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ: فالحال مؤكدة لعاملها، إذ لا يكون العثو أو العثي إلا في معرض الإفساد، فهو أشده، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، فيكون ذلك من باب توكيد العثي الأخص بالإفساد الأعم، فهو أحد أفراده وأعظمها أثرا كما تقدم.
قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ: على ما اطرد من سنن الرسل عليهم السلام فضعفاء الناس أكثر أتباعهم إذ هم الأسرع انقيادا إلى أمر الدين، فلا دنيا في أيديهم تصدهم عنه كحال المترفين: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا)، وليس ذلك من شأن المرسلين، بل شأنهم: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، وإن كانت عاقبتهم في الدارين: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، ولكنهم يبتلون ابتداء ليعلم الصادق من الكاذب: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)، وفي أزمنة العافية يسهل إطلاق الدعاوى، وفي أزمنة الابتلاء يظهر من بكى ممن تباكى على حد قول أبي الطيب:
إذا اشتبكت دموع في خدود ******* تبين من بكى ممن تباكي
وليس من الفقه أن يتمنى المرء الابتلاء، بل لا يعدل العاقل بالسلامة شيئا، فكم من معافى تمنى الابتلاء على حد قوله تعالى: (رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا)، فلما وقع ما تمناه: نكص على عقبيه وتمنى ما كان عليه ابتداء، فتوطين النفس على الابتلاء شيء، وتمنيه واستجلابه شيء آخر، فالعاقل لا يستدعي ما يفسد عليه دينه ودنياه، وإنما يستدفع الأقدار الكونية بالأسباب المشروعة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإذا وقع الابتلاء: فذلك مما لا حيلة له فيه، فإن قدر على رفعه بالأسباب إن كان مما يرفع، فليباشرها على حد التعبد بالأخذ بها، وإن لم يقدر فليشهد قدرة الرب وحكمته في إيقاع هذا المقدور، فذلك مما يهون عليه مصيبته، فلا يخلو المقدور، وإن كان شرا، من خير آجل، فهو شر باعتبار الحال، خير باعتبار المآل لمن صبر واحتسب، إذ فعل الله، عز وجل، كله خير، وإن خفي وجه الحكمة بادي الرأي، فالشر في المفعول لا الفعل، في المقدور لا المقدِّر جل وعلا.
واللام في: "للذين": لام التبليغ كما سماها ابن مالك، رحمه الله، على حد قوله تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، فحدها أنها: ما يتوصل به إلى إبلاغ مقول القول إلى المخاطب، فهي إلى حد التعدية أقرب.
ومقول قولهم المبَلَّغ:
أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ: على حد الإنكار المشوب بالاستهزاء.
قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ: أي المستضعفون، فعلمهم صحيح، فلا يصدر عنه إلا عمل صالح فقد اتبعوا الرسالات الهاديات، وذلك من توفيق الرب، جل وعلا وتسديده، إذ قربهم إليه فهداهم بفضله وأبعد غيرهم فأضلهم بعدله.
ولما كان سؤال الأولين: مئنة من فساد قوتهم العلمية التي بها يكون التصور الأول الذي تنبني عليه الأحكام العملية.
جاء الآيات مبينة لذلك:
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ: فهم على الضد في الحكم لاتصافهم بالضد من الوصف، فالمسألة من باب: قياس العكس، فالمستضعف مظنة الاستجابة والإيمان، وضده على سبيل المقابلة أو الطباق: المتكبر فهو مظنة الإعراض والكفران، ولكلٍ حكم يلائم وصفه، فالحكم دائر مع علته وجودا وعدما.
فترجم ذلك الفساد العلمي في الأذهان إلى فساد عملي في الأعيان بالتعدي وارتكاب المحظور الشرعي:
فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ: فهو من باب عطف السبب على مسببه، إذ عتوا عن الأمر الشرعي ابتداء فتولد عن ذلك فساد في العمل إذ ارتكبوا عين ما نهوا عنه، بل أوغلوا في ذلك فقد نهوا عن مجرد المس بالسوء فارتكبوا أعظم صوره بإتلاف العين.
وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ: على سبيل التحدي الذي ذيل بشرط يفيد إلهاب المخاطب وتهييجه على إيقاع ما يتوعد به، على حد: إن كنت رجلا فافعل.
فجاء الجواب فوريا إمعانا في بيان طلاقة القدرة الربانية:
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ.
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ: فللرسل عليهم السلام من كمال العلم بالله، وتمام بلاغة المقال ما يبلغون به الرسالة على أكمل وجه، ولهم من كمال الإرادة والقصد منتهاه فهم أحرص الناس على نصح الخلق وهدايتهم.
وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ: فذلك كناية عن رفضهم النصح، إذ كرهوا من يسديه فردهم إياه ثابت على جهة اللزوم.
والمضارع مئنة من التجدد والاستمرار فذلك ديدنهم فهم بالعقوبة أولى وأجدر.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 08 - 2009, 07:35 ص]ـ
ومن قوله تعالى:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ: فهو الرب، جل وعلا، الذي له من وصف الخلق على غير مثال سابق، ما بدع به السماوات والأرض على حد الاختراع، كما اطرد من تصدير قضية التأله للإله المعبود بحق، بدليل الربوبية العامة على حد الإيجاد، فإن من له كمال الخلق، إذ أوجد وأعد وأمد، هو الذي يستحق كمال التأله على حد التعبد والتذلل، كما اطرد مرارا، فأنشأها على غير مثال سابق فهو، كما يقول صاحب السلم رحمه الله:
باري البرايا منشئ الخلائق ******* مبدعهم بلا مثال سابق
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ: استواء يليق بجلاله، إذ له من علو الذات والأوصاف منتهاه، فعلا على أعظم المخلوقات بذاته على حد الاستغناء المطلق، إذ له من علو القهر الكوني بصفات جلاله ما صير الخلق كلهم إليه فقراء، فلا غنى لهم عن ربوبيته، ولا غنى لهم عن التأله له سدا لفاقة قلوبهم إلى رب مدبر، إذ وصفه:
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ: فيدبر الأمور الكائنة بالأوامر المكوِّنة، ويدبر أحوال عباده بأمره الشرعي، فهو العالم بما يصلحهم، فشرع لهم من الأحكام ما يدبر أمر حياتهم على أحسن وجه، فله التدبير الكوني للأبدان: بالأغذية الطبيعية والتدبير الشرعي للأرواح: بالأخبار والأحكام الإلهية، فحمل: "أل" في الأمر على الجنسية التي تستغرق عموم ما دخلت عليه فتشمل كل صور الأمر: كونا وشرعا، حملها على ذلك: أبلغ في وصف الرب، جل وعلا، بـ:
الكمال الذاتي فمنه تدبيره الكوني، إذ لا يدبر أمر هذا الكون إلا من كملت ذاته فقامت بها صفات الجلال والجمال على حد الكمال المطلق، فله من القهر ما خضعت به الكائنات كلها له، فذلك من جلاله، الذي تتعلق به القلوب رهبة، وله من الرحمة ما جرت به أقدار عنايته ورعايته لخلقه، فهو أرحم بالعباد من أمهاتهم، فذلك من جماله، الذي تتعلق به القلوب رغبة، وبذينك الوصفين: يصلح حال القلب، فبالرهبة يتقي، وبالرغبة يقتفي.
والكمال الفعلي فمنه تدبيره الشرعي، إذ الأمر الشرعي متعلق صفات أفعاله: رضا عن المطيع وسخطا على العاصي، وذلك جار على قياس العقول الصريحة في باب الثواب والعقاب، فمن آمن وأطاع فله الثواب فضلا، ومن كفر وعصى فله العقاب عدلا.
مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ: فهو منزه عن وصف الاضطرار إلى قبول الشفاعة على وزان ملوك الدنيا الذين يقبلون شفاعات الشافعين: استبقاء لودهم أو تأليفا لقلبهم أو كفا لشرهم!، فذلك مئنة من افتقارهم إلى من يشفع عندهم، وإن كان الظاهر بخلاف ذلك، فهم عبيد في صور ملوك، فقراء في صور أغنياء، مطاعون في صورة طائعين!، وذلك الوصف منتف عن الله، عز وجل، بداهة، فلا فضل لمخلوق عليه، ولا حاجة له إلى سواه ليقبل شفاعته اضطرارا.
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ: على ما اطرد من التقديم بالربوبية على حد الدليل، والتذييل بالألوهية على حد المدلول، فدليل: "فاعبدوه": "ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ".
(يُتْبَعُ)
(/)
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ:
فذلك من دلالة الاختراع، وفيه من قياس الأولى ما يدل على البعث بداهة، فإن من أوجد ابتداء على غير مثال سابق أقدر على الإعادة، فلا يعجزه الأدنى إذ لم يعجزه الأعلى من باب أولى.
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ: فذلك الشطر الأول من القسمة العقلية.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ: فذلك الشطر الثاني منها على ما اطرد في التنزيل من اقتران نصوص الوعد بنصوص الوعيد، وقد أطنب في مقام الوعيد إمعانا في الترهيب، إذ درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فخص بذكر صنف منه: (شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ)، ثم عم بذكره منكرا موصوفا بالإيلام على حد المبالغة: (وَعَذَابٌ أَلِيمٌ)، فضلا عن تقديم ما حقه التأخير: (لَهُمْ) حصرا وتوكيدا، ثم ذيل بالعلة قطعا للحجة: (بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ).
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا: فذلك من دلالة الإيجاد، فهو الذي جعلها بقدرته الكونية على هذا الوصف، فالشمس: جرم يشع بالضياء، والقمر: جرم يسقط الضياء عليه ليصدر نورا منعكسا.
وجعله صاحب التحرير والتنوير، رحمه الله، من باب الخصوص والعموم المطلق، فكل ضياء نور ولا عكس، فالنور يشمل: الضياء القوي والضوء الضعيف، فيكون الضياء جزءَ مدلوله، وقد يطلق أحدهما ويراد به الآخر، على ما اطرد من اختلاف الدلالة: اقترانا وافتراقا. فإذا اقترنا: صار أحدهما جنسا أعلى للآخر، وإذ افترقا صارا على حد الترادف فاستعمل كل منهما محل الآخر.
وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ: فذلك من دلالة العناية، فلام التعليل مئنة من ذلك.
مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ: فذلك من دلائل ربوبيته العامة، فـ:
يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ: الكونية لقوم يعلمون، ففيه تعريض بمن لم ينتفع بتلك الآيات الكونيات الباهرات فهو على حد الجهل، وإن كان عالما بظاهرٍ من الحياة الدنيا.
ثم أطنب في بيان صور من دلالة الإيجاد فـ:
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: خصوصا.
وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: عموما، فالليل والنهار من أفراد عموم خلقه فهو الذي جعل الظلمات والنور.
لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ: إذ نظروا في آيات الكون نظر تدبر وتأمل فأداهم ذلك النظر الصحيح إلى وجوب اتباع أمر الشرع، ففيه صلاح الدين والدنيا، فحصلوا وصف التقوى، وفيه، أيضا، تعريض بمن تولى عن ذلك النظر النافع، فأعرض ابتداء، أو نظر: نظر بادي الرأي الذي تعلق بصره بالسبب وغفل قلبه عن مسبِِِِِِِّبه، جل وعلا، فعلمه علم بظاهر من أسباب التسيير في الدنيا، وليس له من علم أسباب النجاة في الآخرة نصيب.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 08 - 2009, 07:43 ص]ـ
ومن الأدلة التي جمع فيها بين دلالة الإيجاد بإحياء الأرض الموات، ودلالة العناية بإخراج الثمرات وطيب الأرزاق:
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
فـ: هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ: إرسالا كونيا على حد قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ)، فهي لواقح الأرض بالإنبات ولواقح الشجر بالإثمار، وجمعت الرياح على ما اطرد من كونها رحمات فذلك من جنس دلالة العناية بالخلق، إذ امتن الله، عز وجل، عليهم، برحمات مجموعة.
وقرئ بالإفراد، وقد أزالت الحال المقيدة: "بشرا" الإجمال برفع احتمال العذاب، إذ لا تكون بشرى بعذاب في مقام الامتنان، وإنما يكون ذلك في مقام التهكم كما حده البلاغيون في مبحث الاستعارة العنادية إذ لا تجتمع البشرى والعذاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يقال بأن: "أل" على ما اطرد من دلالتها الجنسية تعم جنس ما دخلت عليه، فتكون بدلالة السياق: رياحا، وإن كانت بدلالة اللفظ: ريحا.
وإلى طرف من ذلك أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله:
"وقرأ الجمهور: (الرّياح) بصيغة الجمع وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخَلف: (الرّيحَ) بصيغة المفرد باعتبار الجنس، فهو مساو لقراءة الجمع، قال ابن عطيّة: من قرأ بصيغة الجمع فقراءته أسعد، لأنّ الرّياح حيثما وقعت في القرآن فهي مقترنة بالرّحمة، كقوله: {وأرسلنا الرياح لواقح} [الحجر: 22] وأكثر ذكر الرّيح المفردة أن تكون مقترنة بالعذاب كقوله: {ريح فيها عذاب أليم} [الأحقاف: 24] ونحو ذلك. ومن قرأ بالإفراد فتقييدها بالنّشر يزيل الاشتراك أي الإيهام، (فتكون نصا في الخير إذ النشر مظنته). والتّحقيق أنّ التّعبير بصيغة الجمع قد يراد به تعدّد المهابّ أو حصول الفترات في الهُبوب، وأنّ الإفراد قد يراد به أنّها مدفوعة دفعة واحدة قويَّة لا فترة بين هبَاتها". اهـ بتصرف.
و: "بشرا": حال مقيدة، وهي قراءة عاصم رحمه الله.
وقد قرأ الجمهور: "نُشُرا": جمع: نَشور على حد: رسل ورسول، فهي: "فعول" تحتمل بدلالة مجاز التعلق الاشتقاقي أو تبادل الصيغ: "فاعل"، فتكون هي الناشرة للسحاب، وتحتمل: "مفعول" فتكون هي المنشورة، باختلاف جهات هبوبها.
ولا مانع من الجمع بين المعنيين، لعدم التعارض، فإعمالهما أولى من إهمال أحدهما، وبذلك يزداد المعنى ثراء في معرض بيان القدرة الإلهية التي هي أصل دلالة الإيجاد، فهو الذي أجراها لتقل السحاب.
وفيها قراءات أخرى تدور على مادة: "نشر".
فهي بذلك أقرب إلى دلالة الإيجاد، بخلاف البشرى بمآلاتها من إخراج الثمار وتطييب الأجواء ............. إلخ، فهي إلى دلالة العناية أقرب.
فبجمع تلك القراءات، ورسمها بلا إعجام واحد، وكلها ثابتة بالتواتر، فهي في حد التنزيل داخلة، بذلك الجمع يزداد المعنى بيانا، إذ هي جامعة، كما تقدم، لنوعي الدلالة محل البحث: دلالة الإيجاد والنشر للأموات ودلالة العناية والبشرى للأحياء.
وإليه أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله:
"فحصل من مجموع هذه القراءات أنّ الرّياح تنشر السّحاب، وأنّها تأتي من جهات مختلفة تتعاقب فيكون ذلك سبب امتلاء الأسحبة بالماء وأنّها تحيي الأرض بعد موتها، وأنّها تبشّر النّاس بهبوبها، فيدخل عليهم بها سرور". اهـ
فـ: إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ:
ففيه إطناب بذكر مراحل نشوء السحاب فنزول المطر فخروج الثمر، وفي ذلك إمعان في بيان دلالة العناية بالخلق.
وهو من جهة أخرى دليل على البعث فـ: كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
فمن قدر على بعث الحياة من الأرض الموات قادر على بعث ما دبت فيه الحياة ابتداء ثم نزعت بالموت، فردها أهون من ابتداءها، وكلٌ هين على الرب، جل وعلا، فالآية جارية على حد قياس الأولى.
وكما اطرد من الدلالتين لا بد من مدلول تقررانه وهو: "لعلكم تذكرون": أي: لتتذكروا فتلتزموا الأمر الشرعي فرعا عن تأمل الأمر الكوني.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 09 - 2009, 09:10 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ):
فتلك دعوى الألوهية: زبدة الرسالات وخلاصة علوم النبوات.
ثم خاطبهم بـ: "يَا قَوْمِ": تأليفا، فلا إرب له في أموالهم أو أعراضهم، فـ: (لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ)، فجعل أجره الشرعي، مطلوب كل العقلاء، والأنبياء أكمل الناس عقولا فهم عليه أحرص وله أطلب، جعل أجره على من قد فطره كونا، فأبدع النوع الإنساني على غير مثال سابق، فهو البديع الفاطر لكل الكائنات على أكمل صورة ظاهرة، وللبشر على أكمل صورة باطنة، صورة: (كل مولود يولد على الفطرة)، وفي ذلك إشارة لطيفة إلى دليل الاختراع في معرض بيان مسألة الألوهية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم كرر النداء في معرض النصح والإرشاد:
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ: فذلك من التكليف الشرعي.
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ
: إرسالا كونيا، على حد الامتنان، فذلك من دلالة العناية، فبالحسنات الشرعية تستنزل الرحمات الكونية، وحذف الشرط المقدر الذي جزم الفعل في جوابه، على الراجح في مسألة جزم المضارع في جواب الأمر مسارعة إلى بيان الثواب في معرض الحض على الامتثال فذلك مما يقويه ويعضده.
وفي سياق تال:
قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ:
فأصروا على التولي والكفران إذ تكرار النفي مئنة من ذلك.
إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ:
وذلك من فساد تصورهم العلمي، إذ اعتقدوا النفع، وهو متعلق العناية، والضر، في غير الله، عز وجل، على حد الاستقلال بالتأثير في المقدورات الكونية، فأداهم ذلك إلى الخضوع له: خصوع العابد المنقاد للمعبود، ففساد في العلم أنتج فسادا في العمل، ولذلك سارع هود، عليه السلام، بإظهار البراءة:
ثم تحداهم إمعانا في بيان عجز آلهتهم عن إيقاع الضر أو إيصال النفع: فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُون.
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ: فاستدل على المطلوب الشرعي بدلالة الاختراع والعناية معا في قوله: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)، فهو آخذ بالنواصي: إذ أوجد ولو شاء لأعدم، وتلك من دلالة الإيجاد وآخذ بها إذ أعد ولو شاء لأهمل، وآخذ بها إذ أمد ولو شاء لمنع، فتلك من دلالة العناية.
ثم أطنب في معرض التهديد:
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ: فإن توليتم عن أمره الشرعي جرت عليكم سنة الاستبدال الكونية النافذة، فمن أوجدكم من عدم غير عاجز عن إيجاد غيركم إذ قعدتم عن إقامة شرعه في أرضه، فما أوجدكم إلا لذلك، فإن عدلتم عنه، عدلتم عن مراده الشرعي منكم، فحلت عليكم عقوبته الكونية المقدرة، وذلك أصل مطرد في باب الثواب والعقاب الإلهي، وسنن الله، عز وجل، الشرعية والكونية تجري وفق نسق محكم بديع يدل على قدرة وحكمة مجريها عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 09 - 2009, 08:46 ص]ـ
ومن دعاء يوسف الصديق عليه السلام:
(رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ):
فصدر الدعاء بوصف الربوبية فهو بدلالة العناية من إيتاء الملك وتعليم التأويل، ودلالة الاختراع من فطر السماوات والأرض أليق.
ووصف الإيتاء أبلغ في تقرير المنة الربانية، فالإيتاء لا يقبل المطاوعة، بخلاف الإعطاء، فإنه مما يقبلها، وقد تقرر من كلام الصرفيين أن ما يقبل المطاوعة أضعف دلالة مما لا يقبلها، فالإعطاء أضعف من جهة الدلالة المعنوية على انتقال ملكية الشيء إلى الموهَب، والإيتاء أقوى دلالة منه على هذا المعنى، لما تقدم، وفي التنزيل: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)، فقد ورد في مواضع عدة في معرض تقرير المنة الربانية على الأنبياء، عليهم السلام، بنعمة النبوة وما تتضمنه من العلوم والحكم، فهي، كما تقدم، في أكثر من موضع أعظم المنن الربانية على النوع الإنساني فهي التي أنارت الصدور، وردت جيوش الشبهات والشهوات عن القلب والبدن، فانكسرت شوكتها بأخبار الوحي الصادقة التي أزالت كل شبهة، وأحكامه العادلة التي دفعت كل شهوة، إذ بها شغل المحل
(يُتْبَعُ)
(/)
بالنافع فلم يعد للضار محل قابل، فعمرت الجوارح بالطاعات، وطهرت النفوس بأنواع من التزكيات الشرعية أغنتها عن كل طريقة بدعية.
وأطنب يوسف الصديق عليه السلام في بيان تلك المنن فشملت كما تقدم:
العناية به، إذ نشأ في بيت العزيز فنجاه الله من كيد إخوته، وأخرجه من السجن عزيزا مرفوع الرأس، وآتاه الملك فصار على خزائن مصر وهي آنذاك بلغة العصر: السلة الغذائية لجميع أقطار الأرض فعليها وفدت الوفود لما وقعت المجاعة، بخلاف ما آلت إليه اليوم، إذ أصبحت سلة عالمية ولكن: للفقر، وصارت أهلها حقل تجارب للمحاصيل الردية، أو لكناسة مستودعات الدول العظمى، إن شئت الدقة، وذلك من شؤم مخالفة الوحي، فقد أنقذها الله، عز وجل، من السبع العجاف، بتأويل نبي كريم لرؤيا مَلِكِها، فلما امتثلت أمره، وعملت بمشورته المباركة، صارت أغنى أقطار المعمورة، فذلك على العكس مما تقدم: من بركة اتباع الوحي، فالنبوات هي العلة المطردة المنعكسة للنماء والخير، متى وجدت على حد السلطان الحاكم وجد كل خير شرعي وكوني، ومتى عزلت عن منصب السلطنة، كما هو الحال اليوم، فُقِدَ ذلك الخير ووجد نقيضه من الشر العاجل بفساد الأديان أصلا وفساد الأبدان فرعا.
والشاهد أنه، جل وعلا، امتن عليه بما تقدم، وامتن عليه بأن جاء بأهله من البدو، وعلمه تفسير الرؤى، فهو الذي عبر رؤيا الملك فأنقذ الله، عز وجل، بتأويله مصر من الهلاك، وكل ذلك كما تقدم من: دلالة العناية، وإن كانت في هذا السياق: عناية خاصة لنبي كريم، فليست على حد العناية العامة بإجراء الأرزاق وتيسير أسبابها لكل الكائنات.
ثم أردف بين يدي دعواه: "فاطر السماوات"، فذلك من التوسل المشروع بأسماء الرب، جل وعلا، إذ ذلك من أسمائه المقيدة، فلا يوصف بها الله، عز وجل، على حد الإطلاق، فيقال من أسماء الله عز وجل: الفاطر، لعدم ورود الوحي بذلك الإطلاق، وذلك باب غيبي مستنده خبر الوحي الصحيح، وإنما يقال من أسمائه المقيدة: "فاطر السماوات"، أو من أوصاف فعله: فطر السماوات والأرض على غير مثال سابق، فذلك نص في الدلالة على الإيجاد والاختراع، بل هو من أظهر صور الاختراع إذ الفطر، كما تقدم، إبداع لما لا نظير سابق له، ليحتمل المحاكاة أو التقليد، بل هو خلق على غير مثال سابق تظهر به قدرة الرب، جل وعلا، على الإيجاد، ولا يكون ذلك بداهة إلا عن علم قد تقدم، بكنه ووصف ذلك الموجود، فله، عز وجل، من العلم الأزلي المحيط بحقائق وأوصاف الكائنات على جهة التفصيل الدقيق، وله من القدرة على إخراج ذلك من العدم إلى الوجود، وله من الحكمة في إخراجه على النحو الذي تتحقق به أعظم المصالح، وإن غفل عنها من غفل، بادي الرأي، له من كل ذلك ما يجعل خلقه: أكمل خلق فذلك إيجاده، ونعمته: أعظم نعمة فتلك عنايته.
والإضافة في: "فاطر السماوات": إضافة تفيد التعريف بخلاف ما اطرد من إضافة الوصف إلى معموله التي لا تفيد إلا التخفيف، إذ ذلك إنما يكون في الأوصاف الطارئة، بخلاف أوصاف الرب، جل وعلا، فهي لذاته القدسية لازمة، إما لزوم الصفة نفسها في صفات الذات، أو لزوم نوعها في صفات الأفعال، وإن حدثت آحادها، فلم يكتسب الرب، جل وعلا، وصفا كمال طارئ، بل هو، تبارك وتعالى، بكل أوصاف الكمال متصف من الأزل إلى الأبد، ولا يعتريه بينهما نقص أو خلل، وقد حقق تلك النكتة الشيخ العلامة محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله، في حاشية: "سبيل الهدى" على: "شرح قطر الندى".
أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ: فتلك ولاية إيمانة خاصة فضلا عن الولاية الكونية العامة التي تشترك فيها كل الخلائق، وقد قصرها بتعريف الجزأين إمعانا في تقرير المنة الربانية الكونية والشرعية عليه فهو عبد باعتبار المنة الكونية، عابد بل من سادة العابدين باعتبار المنة الشرعية، فتحقق له من كمال الولاية ما صح بل حسن معه القصر على حد التخصيص والتوكيد.
ثم ذيل عليه السلام بدعاء المسألة مراد كل العباد الربانيين والأنبياء عليهم السلام صفوتهم:
تَوَفَّنِي مُسْلِمًا: فالحال هي محط الفائدة فالكل متوفى لا محالة وإنما الشأن كل الشأن فيمن رزق كمال النهاية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ: فذلك من عطف اللازم على ملزومه، فلا صالح عند التحقيق إلا من سلك طريق الوحي ابتغاء مرضاة الرب، جل وعلا، فجعله الحكم في كل أمره، والمهيمن على كل شأنه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 09 - 2009, 09:05 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ):
فالجعل في معرض بيان دلالة الإيجاد والاختراع: جعل كوني، فجعل الله، عز وجل، على معنى الخلق والتقدير، في السماء: بروجا نكرت مئنة من عظم شأنها، والبرج في لغة العرب: البناء الشاهق أو القصر، على حد قوله تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، وقيل أصله من: "برج" وهي فارسية معربة تعني الظهور ومنه قيل للمرأة التي تظهر وتبرز زينتها: متبرجة، فمعنى العلو والبروز، الذي يصح تعليق معنى الاهتداء في السير عليه، في كليهما متحقق، فالبناء العالي كالمنارة أو الفنارة برج هداية في الأرض، والنجوم بروج هداية في السماء، ففي ذلك الوصف إشارة لطيفة إلى إحدى حكم خلق النجوم، ثم ثنى بحكمة التزيين، فهي في نفسها مزيَّنة، وللسماء مزيِّنة، فكل ناظر لها مستمتع بجمال صنعها ودقة ترتيبها، فقد اتخذت في السماء هيئات مخصوصة، تدل على كمال قدرة خالقها على ذلك النحو، إذ إتقان المفعول مئنة من إتقان الفعل، على حد قوله تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ): فلو حمل الصنع على المصدر فهو وصف الرب الصانع، جل وعلا، فنسبته إليه: نسبة وصف إلى موصوف، أو: فعل إلى فاعل، ولو حمل على اسم المفعول فهو وصف المخلوق المصنوع فنسبته إليه: نسبة مخلوق إلى خالقه مئنة من دقة خلقه وبديع صنعه فعظم شأن المخلوق مئنة من عظم شأن خالقه، عز وجل، وطلاقة قدرته على الصنع وفق سنن ربانية محكمة هي من حكمته صادرة، فمرد الأمر كما تقرر مرارا: القدرة النافذة والحكمة البالغة للرب الخالق البارئ المصور جل وعلا. فلا خلق بلا قدرة، ولا خلق بلا علم سابق، فدلالة الخلق عليهما دلالة التزام عقلي لا يتصور فيها الانفكاك بين الملزوم ولازمه.
وأثر عن قتادة، رحمه الله، أنه حصر بدلالة استقراء النصوص منافع النجوم في: الهداية، على حد قوله تعالى: (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)، ورجوما للشياطين على حد قوله تعالى: (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)، وزينة للسماء على حد قوله تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ).
وكلها فروع دلالة الإيجاد لها، والعناية بالبشر إذ كونها مما يهتدى به من عناية الرب، جل وعلا، بنا، لئلا نضل في شعاب الأرض، والعناية بنا على حد الترفه برؤية تلك النجوم، فتأخذ العين حظها من المتعة بالنظر البصري، ويأخذ القلب حظه من التأمل والنظر العقلي. وهكذا الشأن في كل نعمة كونية فإن لها:
وجه ترفه يأخذ البدن به حظه، فهي مادة حياته الحيوانية.
ووجه تدبر شرعي يأخذ القلب به حظه من عبودية التأمل، فهي مادة حياته النورانية.
والعناية بنا بالوقاية من كيد الشياطين فهي رواجم لهم حفظا للشرائع والرسالات من التبديل على حد قوله تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا).
وبعد تقرير دلالة الإيجاد والعناية في السماء: جاء تقريرهما في الأرض:
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ:
فأوجدها، وانتصابها لفظا بعامل مقدر من جنس ما تلاها إذ اشتغل عنها بضميرها، فصار التقدير: ومددنا الأرض مددناها ........ ، فحذف العامل المتقدم لدلالة المتأخر عليه إيجازا، ومع ذلك بقيت الدلالة التوكيدية للتكرار ولو مقدرا، وذلك بمقام تقرير قضية الربوبية، وهي الذريعة إلى قضية الألوهية: أليق، فالتذكير بمظاهر القدرة الكونية والتوكيد على ذلك بتقدير المحذوف ومجيء الفاعل على حد الجمع تعظيما، فعظم الموجَد من عظم موجِده، كل أولئك مما يقرر الأمر تقريرا يقع في النفس أبلغ موقع.
وأوجد ما يحفظها من الرواسي الحافظات، وأخرج منها النبات الذي به يقتات البشر والحيوان: (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ).
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ: فذلك بمنزلة العموم بعد الخصوص، فكل شيء من قدر بالعافية، أو قدر بالابتلاء، أو رزق للأبدان أو رزق للأرواح، أو ولد أو زوجة ........ إلخ خزائنه عند الله، عز وجل، ومقاليده بيده، فإن شاء أجرى الأرزاق فضلا وإن شاء منعها عدلا.
ومن أدلة عنايته بخلقه:
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ: للسحاب والنبات.
فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ: فذلك من عطف المسبَّب على سببه، بفاء تفيد التعقيب في معرض بيان المنة الربانية على العباد بنزول الماء من المزن، فإن التعجيل بالنعمة آكد في مقام الامتنان بها، فالتأخير مما ينغص على صاحبها.
وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون: فله، عز وجل، الإحياء ابتداء، كما تقدم من الآيات الكونية السابقة، إذ كلها جارية على حد الاختراع وإخراج الحي من الميت، إذ أخرج النبات الحي من الأرض الموات بإنزال الماء عليها، وله الإعادة من باب أولى، فذلك عليه أهون، وبذلك يكون ترتيب الآيات جاريا على نسق عقلي بديع في معرض رد شبه المنكرين لربوبية الإيجاد وربوبية البعث بعد الممات، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 09 - 2009, 07:54 ص]ـ
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ):
ففي معرض إثبات ألوهية الله، عز وجل، على حد وجوب الإفراد بأفعال الشرع فرعا عن انفراده بأفعال الخلق، جاء التبيه بـ: "ألا"، والحصر والتوكيد بتقديم ما حقه التأخير في اللفظ لا المعنى، إذ اسم الله، عز وجل، أحق ما صدرت به الأقوال والمكاتبات، فضلا عن دلالة اللام في: "لله" على الاختصاص والاستحقاق فله ملكية من في السموات والأرض، وفيه إشارة لطيفة إلى دليل الإيجاد، إذ له ملك الأعيان فهو خالقها وبارئها ومصورها على تلك الصور البديعة المتباينة، فكمال الصور مئنة من حكمته إذ أتقن الصور على هذا النحو البديع، وتباينها مئنة من قدرته، إذ خلق الشيء وضده لطلاقة قدرته على الخلق فله القدرة النافذة والحكمة البالغة في إيجاد الكائنات.
فكل شريك دعي معه، فهو باطل، إذ ليس له من وصف الربوبية الذي تفرد به الرب، جل وعلا، ما يجعله أهلا لتلك الشراكة.
ثم ثنى بذكر دليل من أدلة العناية إذ أوجد الليل للسكن والراحة، وجعل النهار للكد والسعي، ووصف النهار بمبصر، كما يقول صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، مجاز عقلي للمبالغة في حصول الإبصار فيه حتَّى جعل النَّهار هو المبصر. والمراد: مبصِراً فيه الناسُ.
فجعله كوني، واللام في: "لكم" مئنة من امتنانه على عباده، فضلا عن عموم الضمير في "لكم" فهو جعل كوني لكل عباده: مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، وبعد هذا التقرير لدليلي الاختراع والعناية: جاء التنبيه على المدلول المراد لذاته: مراد الألوهية فإن فيما تقدم آية لمن له سمع الانتفاع بالآيات الكونية تدبرا والآيات الشرعية تفقها، ففيه تعريض بمن لا يسمع فلا يتدبر ويتفقه. فحظه من الآيات: الصوت الذي تدركه البهائم العجماوات إذ آلة السمع فيها موجودة وآلة الفهم منها منزوعة.
ثم جاءت حكاية طرف من مقالتهم الفاسدة في الرب، جل وعلا، ففيها من فساد التصور ما الله به عليم:
قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا: فأجمل ذكرهم دون بيان لأفرادهم تحقيرا من شأنهم، وذيل بالتسبيح احترازا من فساد قولهم، وأبطل مقالتهم بأن أضرب عنها إلى ضد لازم ما وصفوه به، فإن لازم الولد الافتقار، وهو، جل وعلا، الغني، على حد الإطلاق، وأردف الإجمال بذكر البيان، فمن صور غناه المطلق: أن لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ: فالقرينة السياقية في مقام بيان كمال غناه ترجح كون: "ما" عامة لغير العقلاء نصا وللعقلاء تبعا وأعاد الموصول إرادة التوكيد على عموم ملكه جل وعلا.
إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا: فليس لهم في ذلك حجة شرعية أو كونية.
ثم ذيل بالاستفهام الإنكاري التوبيخي:
أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 08:11 ص]ـ
ومن سورة إبراهيم:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ:
(يُتْبَعُ)
(/)
فذلك من دلالة العناية بهم، وأي عناية أعظم من إهلاك عدوهم، فنسبة النعمة إلى الله، عز وجل، من إضافة المفعول إلى فاعله، بالنظر إلى المفعول الكائن في الخارج، ومن إضافة الفعل إلى فاعله بالنظر إلى فعل الإنعام الذي اتصف به الرب، جل وعلا، فصدرت عنه تلك النعمة السابغة بإهلاك العدو الذي سامهم خطة الخسف، وقد عطف الذبح على سوء العذاب: عطف خاص على عام تنويها بشأنه، بخلاف نظم آية البقرة: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ)، فهو من البدل، إذ النص على الذبح والاستحياء في هذا الموضع هو المراد ابتداء فجاء المبدل منه وهو عموم العذاب موطئا لخصوص البدل: القتل والاستحياء، فهو جار على حد بيان المجمل عقيب ذكره، بذكر فرد من أفراده وهو القتل، إذ هو أعظم أذى يقع على البدن، ففي كلا الموضعين: تنويه بشأنه، فمعنى الخصوص بعد العموم تنويها بشأن المخصوص بالذكر في كلا السياقين حاصل إما على سبيل العطف أو البدل، فآل الأمر إلى التنويع في النظم تفننا، وإلى ذلك أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله:
"وإنما حكاه القرآن في كل موضع بطريقة تفنّناً في إعادة القصة بحصول اختلاف في صورة النظم مع الحفاظ على المعنى المحكي، وهو ذكر سوء العذاب مجملاً، وذكر أفظع أنواعه مبيّناً". اهـ
ثم ذكرهم موسى عليه السلام بلازم تلك العناية الربانية من وجوب شكر المنعم، جل وعلا، تألها، فالشكر تتعدد آلاته، فللقلب شكر باطن، وللسان شكر ناطق، وللبدن شكر فاعل، فهو جار على حد الإيمان الذي يعم أعمال القلب واللسان والجوارح.
فلو شكرت النعمة لازدادت العناية، ولو جحدت لوجب العذاب لعظم الجناية.
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ: فهو الذي تفضل عليكم بنعمه الكونية إيجادا ونعمه الشرعية عناية، لئلا تضل قلوبكم في أودية الملل والنحل والمقالات، فإن أعرضتم عن قبول آثار الوحي النافع، فجحدتم النبوات، وأظهرتم لأتباعها العداوة فليس ذلك بضار الله، عز وجل، شيئا، إذ هو الغني عنكم فله وصف الغنى المطلق خصوصا فذلك من محامده، وله الوصف الجامع لكل أوصاف الجمال المحمودة فهو الحميد على حد المبالغة، فله من كل محمدة أعلاها.
وفي معرض استدلال الرسل عليهم السلام على أقوامهم: جاء الاستفهام الإنكاري الإبطالي في سياق الاستدلال بالإيجاد على واجب الاستسلام والانقياد:
قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ:
فقدم ما حقه التأخير إذ هو محط الفائدة فطروء الشك أمر وارد، ولكن المستنكر منه هو الشك في الرب الخالق الرازق، جل وعلا، فهو الإله المستحق للعبودية، فرعا عن اتصافه بكمال الربوبية، فهو الذي أوجد السماوات والأرض على غير مثال سابق، فعطف البيان: "فاطر السماوات" على لفظ الجلالة: "الله" من قبيل عطف العلة الموجبة على المعلول الواجب، فمعنى التأله الواجب لله، عز وجل، الذي اشتق منه لفظ الجلالة، على القول باشتقاقه، فرع عن اتصافه، عز وجل، بوصف: "فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ": فهو من أسمائه المقيدة التي ينتظم الوصف الذي اشتقت منه وهو: فطر السماوات والأرض، في سلك دلالة الإيجاد، فكما كان واحدا في إيجادك وإيجاد السماء التي تظلك فخيره منها لك نازل والأرض التي تقلك فثمرها لك نابت بإذنه الكوني، فمعنى الإيجاد والعناية في ذلك حاصل، فاجعله الواحد في تألهك وإخباتك، كما ذكر ذلك ابن القيم، رحمه الله، في "طريق الهجرتين".
وهو مع الإيجاد والعناية الكونية:
يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى: فتلك عنايته الشرعية بكم إذ لم يتركم سدى هملا، بل أنزل لكم من الكتب وبعث لكم من الرسل ما تهتدي به النفوس وتطمئن به القلوب.
وكان الرد على ما اطرد من كلام أهل التقليد الباطل في العقائد والشرائع:
(يُتْبَعُ)
(/)
قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ، فذلك على حد قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 09 - 2009, 08:10 ص]ـ
وفي سياق تال:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ: فجاء الخبر موصولا إشعارا بعلة استحقاق الله، عز وجل، معنى التأله فرعا عن الوصف الذي اشتقت منه الصلة فذلك أبلغ في تقرير المعنى وإسناده إلى المبتدأ من الخبر الصريح من قبيل: الخالق، وإن كان مشتقا كالصلة، فذلك من دلالة الإيجاد، فالله، عز وجل، هو الذي قدر خلق السماوات والأرض، ثم أخرج هذا الخلق المقدر من حيز العدم إلى حيز الوجود فجاء وفق ما قدره، وذلك بخلاف خلق غيره فإنه قد يجيء على غير مراد صانعه، فتمام الإحكام في الصنعة مما انفرد به الرب، جل وعلا، على حد قوله تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) إذ له كمال العلم السابق، وكمال القدرة، وذينك الوصفين، كما تقدم مرارا، مئنة من الإحكام، فعلم قد بلغ في الكمال منتهاه فيعلم ما دق وما جل من أحوال المصنوع، وقدرة لا يعارضها مانع، فهو على كل شيء قدير، وفي التنزيل: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)، فإجابتهم بوصفي: العزة وهي مئنة من القدرة، والعلم، مشعر بعلة ذلك الإحكام الباهر في خلق السماوات والأرض.
وبعد دلالة الإيجاد جاء الإطناب في دلالة العناية إذ هي إلى القلوب أقرب، فالنفس قد جبلت على محبة من يحسن إليها، والإيجاد، وإن كان من أعظم المنن الكونية على العبد، إلا أنه كثيرا ما يغفل عنه، إذ لا يتجدد له من معانيه ما يتجدد له من صور دلالة العناية من توالي حدوث النعم.
فـ: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ: فتلك من صور العناية المتجددة فلكل فصل ثماره، فيتجدد من أجناس الزرع في كل فصل ما يتجدد معه شعور العبد المسدد بالمنة الربانية الدائمة بخلاف من قصر نظره، فلم ير في ذلك إلا تأثير السبب الظاهر دون استحضار المسبِّب الفاعل، جل وعلا، فهو الذي أجرى السنن الكونية بالمقادير.
وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ: فذلك من تيسير الانتقال بين الأقطار وإن حجزت بينها البحار. وذلك بأمره، عز وجل، الكوني، كائن، فهو الذي يجري الريح، وإن شاء سكنها فتعطلت منافعها، على حد قوله تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ: فسخر المالح والعذب، فذكر الأنهار مستوف لشطري القسمة العقلية: جنس المالح وجنس العذب، وفي التنزيل: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ).
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ: فذلك تسخير الجواهر.
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ: فذلك تسخير الأعراض. فهي عن تغير حال الجواهر صادرة، فدوران الأرض حول الشمس سبب تغير الفصول، ودوران الأرض حول نفسها سبب توالي الليل والنهار، وميلاد القمر دليل بدء الشهر، ونموه ثم نقصانه ميقات كوني تعرف به الشهور والأيام، وهو حساب بسيط يتقنه الخاص والعام، ولذلك كان من حكمة ورحمة الرب، جل وعلا، أن علق العبادات المؤقتة على ظواهر كونية محسوسة مدركة، فالصلوات قد علقت بحركة الشمس تعلق العبادة بسببها الوضعي، فدلوك الشمس: سببٌ وضعه الشارع، عز وجل، لوجوب صلاة الظهر فلا يطالب العبد بتحصيله بخلاف شرط الصحة الذي يقدر المكلف على فعله فيتوجه الخطاب إليه بتحصيله على حد التعبد للشارع عز وجل.
(يُتْبَعُ)
(/)
والصوم قد علق على الرؤية الظاهرة التي يدركها عموم المكلفين، بخلاف الحساب الفلكي الشمسي الذي لا يدركه إلا آحاد المتخصصين، وهذا أصل مطرد في شرعتنا الحنيفية، فإن الشيء كلما ازدادت الحاجة إليه كان أقرب إلى التناول وأسهل في التعامل، فحاجة العباد إلى الهواء أعظم من حاجتهم إلى الماء، فكان تحصيله أيسر وعلى هذا فقس.
وبعد النص على بعض صور النعم خصوصا:
جاء العموم إمعانا في تقرير المنة الربانية:
وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ.
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا: شرط في معرض التذييل إمعانا في تقرير المنة الربانية، فلا يلزم وقوعه بل هو جار مجرى الفرض العقلي فإن تعداد نعم الله، عز وجل، الكونية والشرعية، محال، فلها من العموم والكثرة ما دلت عليه الإضافة في: "نعمة الله"، فإضافة المفرد إلى لفظ الجلالة في هذا الموضع تفيد: العموم من جهة القدر المادي، والتشريف من جهة القدر المعنوي، فلنعم الله، عز وجل، من القدر ما يلائم المنعم بها، جل وعلا، فإن تعدوها فلن تحصوها، فالنفي قد تسلط على المصدر الكامن في الفعل فأفاد عموم النفي، فذلك جار على حد ما تقدم من تقرير عموم النعمة الربانية السابغة، والشرط تذييل بعد تذييل، فخص بذكر أجناس من النعم ثم عم بالجملة الخبرية، ثم أكد العموم بالجملة الشرطية. كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
ثم ذيل بما يلائم الاستفهام الإنكاري التوبيخي: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ).
فعلة ذلك: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ: و: "أل" في: "الإنسان": عهدية ذهنية تشير إلى صنف من البشر بعينه بقرينة: "لظلوم كفار".
وصيغ المبالغة في: "ظلوم"، و: "كفار": تقابل عظم النعم وكثرتها، وذلك آكد في التوبيخ، إذ عظم النعمة ذريعة إلى عظم الشكران، فالواجب على المكلف أن يكون شكورا أو شكارا، لا كفورا أو كفارا، فهو مقابل تلك النعم السابغات: ظلوم فعلمه قد فسد بالشرك: أعظم صور الظلم، كفار فعمله قد فسد، إذ الكفر مقابل الشكر، والجوارح محاله على حد قوله تعالى: (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا)، فالمشرك أو الكافر في فساد من القول والعمل عظيم، والتذييل بذلك مئنة من ثبوت ضد الوصفين لمن اتصف بضد علتهما، على ما اطرد من قياس العكس، فإذا كان هذا الصنف المذموم قد قابل النعم: بالظلم والكفران، فإن الصنف الممدوح قد قابلها بالعدل والشكران، فلا يستويان، وذلك جار على ما تقدم، أيضا، من التذييل بالمراد من تقرير دلالتي الإيجاد والعناية إذ هما من النعم الربانية التي يتذرع بها إلى تقرير الرسالات الإلهية: أخبار وأحكاما، على حد التصديق والامتثال.
وإذا كان الإنسان قد جبل على أوصاف يغلب عليها طابع الطين الذي منه نشأ فإن النبوات تأتي بما يهذبها، فتزكي الإنسان بأخبار الوحي، كما تقدم، وتأمل معصية آدم عليه السلام، كيف أذهبت بركة النبوة شؤمها، إذ سارع إلى التوبة فتلقى: (مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، فعصى بمقتضى الأمر الكوني ونجا بمقتضى الأمر الشرعي، فكان على طريقة أهل الحق في القدر إذ لم يحتج به على إبطال الشرع، وإنما رده بقضاء الإنابة والتوبة، وذلك حال المسدد ممن فقه نكتة الابتلاء بالمخالفة والمنة بالرجوع والموافقة. فما عصى إلا بقضاء، وما تاب إلا بقضاء، فرد القضاء بالقضاء.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 09 - 2009, 08:13 ص]ـ
ومن ذلك أيضا:
استجابة دعاء الأنبياء عليهم السلام على حد:
قوله تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).
وقوله تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).
وقوله تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
وقوله تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
فإنهم أحق الناس بالعناية، فلذلك جاءت الإجابة مصدرة بفاء التعقيب، فسرعة الاستجابة فرع عن يقين السائل، فكلما كان يقينه أعظم، كانت إجابته أسرع، فإن تأخرت، فذلك في حق الرسل عليهم السلام وأتباعهم: رفعة للدرجات، فقد مكث يوسف الصديق، عليه السلام، في السجن بضع سنين، كان فيها على رسم الموحدين رضا وصبرا، فاستحق التمكين بعد الابتلاء، على حد قوله في معرض النصح والإرشاد: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)، فالعبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه، فذلك جار في حق كل متق صابر، فباشر أسباب التقوى عموما، وباشر سبب الصبر خصوصا إذ هو الأليق بمقام الابتلاء، كما أن الشكر هو الأليق بمقام النعماء.
ولكل من جاء بعدهم من تلك العناية بإجابة الدعاء نصيب، وقد عده بعض أهل العلم من دلالة الحس على وجود الرب، جل وعلا، فإن كل داع استجيب له يجد في نفسه أثر ذلك: يقينا جازما بوجود قوة عليا سمعت نداءه، واستجابت دعاءه بإجراء الأسباب المفضية إلى ذلك، وكم دافع الدعاء أقدارا معلقة، فلا يردها إلا هو، بخلاف الأقدار المبرمة فإنها لا تبدل.
والشاهد أن ذلك: دليل عناية بالعباد، يدخل فيه حتى الكافر حال الظلم أو الاضطرار على حد قوله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)، وهو دليل حس على قدرة الرب، جل وعلا، فكمال وصفه إذ سمع، وتمام عنايته إذ أجاب ذريعة إلى توحيده تألها فرعا عن كونه الرب السامع المجيب تفضلا وتكرما.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 09 - 2009, 07:48 ص]ـ
ومن سورة النحل: سورة النعم الربانية في معرض تقرير مسألة الألوهية:
ومن صدرها تحديدا:
(يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ: على ما تقدم من التقييد بالحال، فيفيد انتفاء الوصف المضاد فما خُلقتا عبثا، وما ترك المكلفون سدى، بل خلقت السماوات والأرض إظهارا لمعاني الحكمة والقدرة في معرض الاستدلال على الغاية العظمى من ورود التكليف الشرعي، فإن من له الإيجاد من العدم، هو الذي يستحق الإفراد بالطلب، فقدرته أعظم قدرة، وحكمته أبلغ حكمة، فسؤال من هذا حاله لا ينفك عن إجابة بالقدرة النافذة، أو تأخير أو رد بالحكمة الباهرة إذ قد يطلب العبد عين هلاكه وهو لا يشعر لنقص علمه وتدبيره، فيدبر الرب جل وعلا له من الخير ما يظنه شرا، ومن النجاة ما يظنه هلاكا، وكم أعطي بشر ما سألوا من دنياهم فكان ذلك سببا في فساد دينهم
ثم ذيل بالتنزيه: تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ: فرعا عن كمال ربوبيته، فتعالى من وصفه خلق ذلك العالم على ذلك النحو الباهر عن ندية آلهة لا تملك لنفسها فضلا عن غيرها ضرا ولا نفعا، فليس لها من الملك نصيب: في الأعيان مُلكا أو الأحوال مِلكا، فغايتها أن تكون أسبابا وجنودا لا تستقل بالتأثير بل هي بإذن مسببها وملكها جارية ولأمره الكوني خاضعة كسائر الموجودات، على حد قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)
ثم أعيد العامل توكيدا في معرض بيان دلالة الإيجاد:
فـ: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ: نكرت تحقيرا، فجنس الإنسان من جنس تلك النطفة المذرة التي يستنكف المرء علوقها بجسده أو ثوبه، ومع ذلك: (هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ)، ودلالة: "إذا" الفجائية مئنة من الإنكار إذ قد خرج الإنسان عما يليق بأصله ووصفه من الضعف والفقر الملازم لذاته، فجاء خصيما معاندا لا منقادا مستسلما لأمر من خلقه. ولو أحسن لاستعمل قدرته على البيان والجدال في تقرير معاني الربوبية والألوهية الحقة، فذلك من شكر نعمة اللسان الناطق، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فإن للنعمة الكونية ما يقابلها من الوظيفة الشرعية على حد الشكر والعرفان، وإلا كان صاحبها من أهل الجحود والكفران، وذلك جار على ما تقدم مرارا، من أن دلالة الإيجاد إنما أريد بيانها تذرعا بها إلى تقرير مسألة الألوهية، فهي الشاهد العدل على وجوب إفراد الرب، جل وعلا، بسائر أجناس التعبد الظاهر والباطن.
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ: فذلك سياق جامع بين دلالتي: الإيجاد والعناية، وفيه من التوكيد: تكرار العامل مقدرا لاشتغال العامل المتأخر بضمير المنصوب المتقدم، والتوكيد بسياق الامتنان أليق.
واللام في: "لكم" على حد اللام في: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) ففيها من معنى الإباحة والاختصاص ما يقرر معنى العناية.
ثم جاء الإطناب في بيان أوجه تلك العناية على ما تقدم من التفصيل في تقرير المنة الربانية فـ:
فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ: فتلك منفعة البدن المباشرة بها. وقد خص بذكر منفعة الاستدفاء بأشعارها وأوبارها، ثم عم بذكر جملة المنافع ثم خص ثانية بذكر الأكل إذ هو من أعظم ما ينتفع بالأنعام فيه، فيكون في السياق تدرج من منفعة دنيا إلى منفعة عليا، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله، وذلك آكد في استحضار معاني العناية الربانية بالنوع الإنساني.
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ: فتلك منفعة النفس بها إذ قد جبلت على حب التزين والتجمل ومن صوره التجمل في المراكب.
ومن جملة منافعها أنها:
تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ: كناية عن عظم الجهد المبذول في نقل المتاع لو لم تكن تلك الأنعام مسخرة، فكأن النفوس تصدع صدعا، والمراد ذهاب شطر القوى لا شطر الذوات فتكون النسبة إلى النفس من المجاز العقلي، ثم ذيل على حد الفصل لشبه كمال الاتصال، فعلة ما تقدم:
إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ: فذلك التذييل أليق بمقام الامتنان إذ يناسبه إيراد صفات جمال الرب، جل وعلا، من الرأفة والرحمة بعباده.
ثم عطف في مقام ما اطرد من بيان دلالة العناية:
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ:
والمضارع: "يخلق" مئنة من التجدد والاستمرار، إذ ألهم الله، عز وجل، الإنسان بعد ذلك من صناعة أنواع المراكب ما هو مشاهد، وقد يجري ذلك مجرى استحضار صورة منقضية لو قصد به نعيم الجنة المعد أزلا، وعلى كلا التقديرين فالمنة الربانية حاصلة والنعمة الكونية والشرعية سابغة، فلله الحمد والشكر على حد الاستغراق لأجناس المحامد على ما أولانا به من نعمه الكونية والشرعية العظيمات.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 09 - 2009, 07:41 ص]ـ
ومن قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ:
فذلك من دلالة العناية، وقد جاء الخبر موصولا على ما اطرد من تعليق الحكم على الوصف الذي اشتقت منه الصلة، فذلك أبلغ في التنبيه على الفائدة من ذكر الخبر صريحا، فالله، عز وجل، هو الذي أنزل من السماء ماء، أطلق عن القيد، مئنة من كونه ناصحا خالصا من الشوائب، فذلك أبلغ في تقرير المنة الربانية، ومنه استنبط الفقهاء جواز التطهر بأي ماء يصدق عليه وصف الإطلاق فلم يخالطه ما يخرجه عن حد المائية المطلقة إلى حد التقييد كماء الورد ونحوه، وفي السياق استيعاب لأوجه المنة الربانية من جهة أجناسها، فامتن الله، عز وجل، على بني آدم، كما تقدم، بالإيجاد من النطفة، فتلك نعمة من جنس الآدمية، إذ أخرج لبني آدم من أنفسهم ذرية تقر بها أعينهم، فهي الأنيس العاضد، وامتن عليهم بإيجاد الأنعام، فتلك نعمة من جنس الحيوانية، ثم امتن عليهم بإخراج الثمرات، كما سيأتي، فتلك نعمة من جنس النباتية، واستوعب السياق من جهة أخرى: البر، فعليه تدب الأنعام ومن تربته تخرج الثمار، و: الجو فمنه ينزل الماء، و: البحر، كما سيأتي إن شاء الله، فمنه يؤكل اللحم الطري وتستخرج الحلية، واستوعب السياق، أيضا: جهات الانتفاع، من مأكل ومرعى للأنعام وملبس يحصل به الدفء ومركب، فنعمة الرب، جل وعلا، نعمة سابغة، قد استوعبت كل الماهيات والأنحاء.
ثم جاء تفصيل أوجه الانتفاع بالماء فـ: مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ، فهو متاع لكم ولأنعامكم، فمنه تشربون، ومنه تشرب دوابكم، ومنه شجر ترعاه دوابكم، ومنه زروع وثمار تأكلونها، و: "من" في هذا السياق: جنسية فمن جنس الماء حصلت تلك المنافع، وهي لابتداء الغاية، فابتداء غاية تلك المنن الربانية منه، وتحتمل السببية، فبه كانت تلك المنافع، فالماء مادة الإيجاد، على حد قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ)، ومادة الحياة على حد قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، فذلك جنس واحد من أجناس النعم الربانية قد تولدت منه كل تلك المنافع الجليلة، فمنه خلقت الذرية، وبه تحيا، وبه تخرج طيبات الأرض، ومنه العذب الذي يشرب منه الناس والدواب، ومنه المالح الذي تعيش فيه الأسماك والحيتان، ويستخرج منه اللؤلؤ والمرجان.
وجاء الفعل مضارعا: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ: مئنة من التجدد والاستمرار واستحضارا لصورة العناية، فذلك آكد في تقرير المنة، واللام في: "لكم" على حد ما تقدم من قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)، ففيها معنى الاختصاص الذي يزيد عناية الرب، جل وعلا، بعباده بيانا.
ثم جاء الإطناب في بيان أجناس الزروع والثمار، على ما اطرد من تقرير المنة الربانية:
الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ: فذلك من الخصوص المفصل، ثم ذيل بـ: وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ: فذلك من العموم المجمل، فجاء العموم بعد الخصوص زيادة في التقرير المتقدم.
ثم ذيل بعلة ذلك: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ: ولذلك حسن الفصل على ما اطرد مرارا من شبه كمال الاتصال بين العلة ومعلولها، وكونه آية لقوم يتفكرون تعريض بمن لم ينتفع بتلك الآيات الكونيات، فهو ممن عطل عقله فلا يتفكر، فآلة التكليف صحيحة المبنى معطلة المعنى، فلم يستفد منها إلا إقامة الحجة الرسالية عليه، فقاقد العقل أحسن حالا منه، إذ لا تثريب عليه، بل الدواب والشجر والحجر خير منه، فهي مسبحة بحمد ربها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك التذييل جار على ما تقدم من التنبيه على المراد من دلالة الاختراع والعناية، فهما من الربوبية التي يحصل بالتفكر في آياتها: التزام أمر الألوهية فضلا عن كون التفكر في ذاته: عبادة مرادة لذاتها، فهي مرادة لذاتها من جهة كونها عبادة، والعبادة غاية التكليف، وهي مرادة لغيرها من جهة كونها ذريعة إلى تمام الانقياد للوحي: أخبارا وأحكاما، فشأنها شأن الوضوء: فهو بالنظر إلى ماهيته: عبادة مرادة لذاتها، وبالنظر إلى كونه مما تستباح به العبادة: ذريعة مرادة لغيرها.
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ: فذلك من تسخير الأجرام ليحصل بها تمام الانتفاع بتوالي الأعراض عليها من ليل ونهار.
وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ: فذلك، أيضا، من العموم بعد الخصوص، فالشمس والقمر مسخران على حد الخصوص لعظم انتفاع بني آدم بهما، والنجوم مسخرات على حد العموم، فكلٌ بأمره الكوني النافذ جار، وفيه إشارة لطيفة إلى كون القرآن غير مخلوق، فهو من الأمر الشرعي قسيم الأمر الكوني: الذي به سخرت المخلوقات، ولا تسخر المخلوقات بمخلوق بداهة، بل تسخر بأمر غير مخلوق، فإذا ثبت أن الأمر الكوني غير مخلوق فقسيمه من الأمر الشرعي غير مخلوق إذ كلاهما من أمر الرب، جل وعلا، الذي يقوم بذاته القدسية: قيام الوصف بموصوفه، فهو فرع عنه، فإذا كانت ذاته القدسية غير مخلوقة فما يقوم بها من أوصاف الكمال الذاتي أو الفعلي غير مخلوق بداهة، وهذا أصل جليل في باب الصفات الإلهية. ثم ذيل على ما اطرد من تقرير الغاية من بيان صور العناية:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، فهي على حد ما تقدم من قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
ثم جاء ذكر صور العناية في: البر والبحر، من باب التنويع في التقاسيم فذكر النعم الأرضية إجمالا: وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ، ثم ذيل بالغاية الشرعية: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ.
ثم أطنب في بيان النعم البحرية إذ لم يتقدم لها ذكر فـ: هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا: وليس له مفهوم فالطيب من طري البحر أو يابسه حلال، على ما تقرر في الأصول من كون الوصف في معرض الامتنان غير معتبر المفهوم، إذ التخصيص به مما يتنافى مع معنى المنة الذي يناسبه العموم، فتخصيص المنة تنغيص، والتنغيص مما يقدح في معنى المنة، كما تقدم، وإليه أشار صاحب "أضواء البيان"، رحمه الله، بقوله:
"وقد تقرر في الأصول: أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون النص مسوقاً للامتنان. فإنه إنما قيد بالطري لأنه أحسن من غيره، فالامتنان به أتم". اهـ
ويستثنى من ذلك ما إذا كان التخصيص حفظا لحق الله، عز وجل، فيجوز عندئذ تخصيصها، إذ حق الله، عز وجل، مقدم على كل حق، ولذلك صح تخصيص عموم المنة في جعل الأرض مسجدا وطهورا، بالنهي عن الصلاة في المقبرة والحمام حفظا لحق الله، عز وجل، لما في الصلاة فيهما من التعدي على حقه تبارك وتعالى.
وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا: فذلك وجه آخر من أوجه العناية، فطعام يحفظ البدن من التلف، وحلية يتزين بها.
وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ: فذلك من باب استيفاء أوجه الانتفاع بالمركب، إذ تقدم ذكر المركب الأرضي ثم ثنى بالمركب البحري، وأما المركب الجوي الحادث بعد ذلك بقرون فهو داخل في حد قوله تعالى: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ: فذلك عموم بعد خصوص النعم المذكورات، أو هو فرد رابع، إذ البحر مما تنقل فيه التجارات من ثغر إلى ثغر، فتكون منفعة الاتجار مكملة لما تقدم من أجناس الانتفاع كما اختار ذلك صاحب: "أضواء البيان" رحمه الله.
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: على ما اطرد من التذييل بالمعلول المراد لذاته، فعلة ما تقدم من صور العناية: شكر المنعم، جل وعلا، فذلك من تمام الهداية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا: فذلك من تمام الصنعة الربانية الأرضية فألقى الجبال أوتادا وأجرى الأنهار، وشق السبل ليهتدي الخلق في الأسفار، وقد تحمل الهداية في الآية على ما اطرد من التذييل بالغاية الشرعية بعد تقرير المنة الربانية فيكون ذلك من باب ما اصطلح البلاغيون على تسميته بـ: "التوجيه"، كما أشار إلى ذلك صاحب: "التحرير والتنوير"، رحمه الله، إذ يحتمل السياق معنيين متباينين على حد ما يشبه الاشتراك، وكلاهما مما يصح حمل السياق عليه، فيكون الأولى حمله على كليهما تعميما وإثراء للمعنى، فذلك الأصل في نصوص الوحي المنزل. فهي موجزة المباني واسعة المعاني.
ثم ذكر ما يتعلق بالسبل مما يهتدى به فيها فذلك من تمام عنايته بالسالكين إذ يسر السبيل ويسر الدليل:
وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ.
ثم جاء الاستفهام الإنكاري الإبطالي: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ:
في معرض الحجاج العقلي بإبطال التسوية بين المتباينين: الخالق، عز وجل، الذي له من وصف الربوبية خلقا وبرءا وتصوير، والمخلوق الذي ليس له من ذلك شيء، فكيف صح في الأذهان التسوية بينهما باتخاذ كليهما معبودا، فالله، تبارك وتعالى، هو المعبود بحق، وما سواه هو عين الباطل.
وفي معرض التحدي إمعانا في تقرير المنة الربانية:
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا: وتقدم أن الإضافة للتعميم والتشريف، وذيل بما يدل على عجز العباد عن استيفاء شكر المنعم، جل وعلا، فهو الغفور الرحيم الذي يتجاوز عن تقصير العباد في ذلك، فلن يطيقوه وإن التزموا من صنوف العبادات ما التزموا.
فـ: إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ مقابل ما تقدم في قوله تعالى في سورة إبراهيم: (لظلوم كفار)، كما أشار إلى ذلك صاحب التحرير والتنوير، رحمه الله، بقوله: "ثم كان من اللطائف أن قوبل الوصفان اللذان في آية سورة إبراهيم: (لظلوم كفار) بوصفين هنا: (لغفور رحيم) إشارة إلى أن تلك النّعم كانت سبباً لظلم الإنسان وكفره وهي سبب لغفران الله ورحمته. والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان": فهي في حق من انتفع بها فجعلها سببا في إقامة الشرع: نعمة ولا يكون ذلك إلا لمن أوتي من العلم والسداد ما يرى به الحق حقا فذلك التصور العلمي الأول، فيتبعه فذلك الحكم العملي التالي على ما اطرد من تلازم العلم والعمل، وفي حق من لم ينتفع بها: نقمة إذ لم يؤت من العلم والسداد ما يجعله أهلا لذلك، أو أوتي علما، ولكنه لم يؤت توفيقا، فكان علمه حجة عليه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 09 - 2009, 07:59 ص]ـ
ومن قوله تعالى:
وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ.
وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: على حد الملكية المطلقة، ومن لوازمها بداهة: إيجاد المملوك، فليس ملك الرب، جل وعلا، كملك المربوب، فملكه: ملك عام، كما أن علمه: علم محيط، فإنه يعلم من دقائق المصنوع: عينا وحالا، ويقدر على خلقه وإيجاده من العدم، فله من العلم المحيط والقدرة النافذة، ما يجعل إيجاده: أكمل إيجاد، فلا تجارب فيه على حد بلوغ الكمال شيئا فشيئا كما هو حال إيجاد المربوب، وما ذلك إلا لنقص في علمه يضطره إلى أن يجرب مرارا، فيرى من عيوب صنعته ما يتلافاه في الأجيال القادمة من السيارات والحاسبات ....... إلخ، فيترقى في معاريج الكشف العلمي لأسباب العلم الكوني بقدر ما أذن به الله، عز وجل، على حد ما تقدم من قوله تعالى: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). فذلك فرقان بين ملكه وملك عبده: فملكه مطلق برسم الأمر الكوني النافذ، وملك عبده: مقيد بقيد الأمر الشرعي الحاكم إن كان مؤمنا والأمر الكوني فلن يملك إلا ما قدر الله، عز وجل، له ملكه، وإن بذل من الأسباب ما بذل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وملكه دائم، و: ملك عبده: فانٍ فهو إلى الوديعة أو العارية أقرب ومآلهما إلى الرد وإن طال الزمان. وملكه عام لكل الموجودات أعيانا وأحوالا، و: ملك عبده خاص فلا يملك إلا ما تحت يده، ولو كان ملكا جبارا فليس له من سماع الأمر وطاعته إلا ما بقدر ما سلط عليه من البلاد والعباد!، فلكل ملك: ملك مجاور، في ملكه طامع، وبه يتربص الدوائر، فلو كان مِلْكُ كلٍ ملكا ربانيا عاما، فكان أمره إلهيا نافذا لفسدت الأرض بتعارض الإرادات، فما شاءه فلان من الملوك لم يشأه فلان الأقوى فيقهره ويستلب ملكه، فإذا الأقوى قد سلط عليه من هو أقوى فاستلب هو الآخر ما استلبه من الأول، أو كان مثله فاستقل كل بملكه، فتعددت الآلهة في منصب لا يقبل الشراكة، إذ في عالم الشهادة تفسد الأحوال بتولية أميرين على مصر واحد، ولله المثل الأعلى، فتصور فساد الكون بتولي اثنين أو أكثر منصب الألوهية ثابت من باب أولى، وانتظام أمر العالم على هذا النسق البديع دليل على فساد تعدد الآلهة فالشرع والعقل والحس شهود بأن الرب الموجد المبدع واحد، فكذلك الإله المشرع واحد، فوجب أن تنتهي سلسلة الملوك على حد قهر القوي منهم الضعيف، وجب أن تنتهي هذه السلسلة إلى قوي لا يغلب، فالتسلسل في هذا الشأن ممتنع بداهة، وإلا صار للكون إله كل يوم فلا ينفك القوي عن أقوى، وذلك من فساد التصور بمكان، فلا يصححه إلا اعتقاد رب قوي جليل قاهر لكل الملوك فهو مالك الملك أعيانا، وهو ملك الملوك أحوالا، ولا يقدح في ذلك ما ادعي في زماننا من ألوف الآلهة المتصرفة في الكون برسم النفاذ، فالمشاهد والأضرحة عامرة بأصناف الآلهة! التي حصلت على درجات أكاديمية في أدق التخصصات الطبية والتقنية!، وكلها دعاوى لا دليل عليها إلا ما كان خارقة شيطانية على حد الفتنة والابتلاء، فالدعوى هي عين الدليل، وذلك من فساد الاستدلال بمكان، بل الدليل شاهد على بطلانها، على ما تقدم من انتظام أمر هذا الكون على ذلك النسق البديع.
وعلى ما اطرد من تذييل دلالة الإيجاد والاختراع بالمراد لذاته: المراد الشرعي الحاكم:
وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا: على حد الاختصاص والاستحقاق، فكما له الخلق والإيجاد، فله الدين على حد الطاعة والخضوع الدائم، ومن ثم ذيل بالاستفهام الإنكاري التوبيخي في معرض إبطال كل ألوهية إلا إلوهية الباري عز وجل:
أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ: فقدم ما حقه التأخير عناية بشأنه، فليس محط الإنكار التقوى إذ لا بد للعبد منها، فقلبه مفتقر إلى رب يرغب إليه فذلك من التقوى بفعل مراضيه، ويرهب منه فذلك من التقوى بترك مناهيه فإن لم يتق الإله الحق: اتقى ما دونه من آلهة الباطل.
وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ: فذلك من عموم دلالة العناية فكل النعم منه صادرة: صدور المخلوق من خالقه، فابتداء غاية كل نعمة منه، جل وعلا، ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ: وحده فذلك من باب: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا): فالقلب لا يفزع ساعة الشدة إلا إلى الرب المتصرف فهو القادر على رفع شدته وتفريج كربته، ومن عجب أن خفي ذلك على غلاة زماننا ممن جعلوا سكان المشاهد قبلة قلوبهم في الشدائد!.
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ: فذلك من كمال عنايته بالداعي فيكشف عنه الضر ولو كان مشركا فرحمته الكونية قد عمت كل الخلائق، فهي من اسم الرحمن، كما أن رحمته الشرعية قد خصت بعباده المؤمنين فهي من اسم الرحيم.
إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ: على حد المفاجأة، فذلك أمر يثير العجب، وهو في حق الله، عز وجل، من باب التعجب اللائق بجلاله والذي يكون من خروج الشيء عن قاعدته المطردة، لا عن جهل سابق أو علم حادث كما هو حال تعجب العبد المخلوق.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 09 - 2009, 07:49 ص]ـ
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)
وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا: فذلك من دلالة الإيجاد من العدم فإحياء الأرض بالماء النازل من جنس إيجاد البشر من الماء النازل في أرحام الإناث، ولذلك إذا أراد الله، عز وجل، بعث الأجساد، أنزل من السماء ماء كمني الرجال، تحقيقا لصورة السبب، إذ يجتمع في كلا الماءين: ماء السماء وماء الأصلاب: قوة الإحياء، فهو كماء الرجال من جهة كونه سببا في نشر الأبدان.
فالماء مادة الحياة به تخلق الثمار وتكون الأبدان، وبه تحفظ الأصول من التلف، فالأشجار أصول الثمر تفتقر إليه لتحيى، والأبدان أصول النطف التي تخلق منها الأجنة تفتقر إلى الماء وإلا هلكت، ونسبة الإحياء إلى الله، عز وجل، نسبة: فعل إلى فاعله، فهو، عز وجل، الحي بذاته: حياة كاملة أزلا وأبدا، فذلك من وصف ذاته، بل هو أصل صفات الرب، جل وعلا، الذاتية، وهو المحيي لغيره بأسباب الإحياء فذلك من وصف فعله، فهو من قيوميته التي هي أصل صفاته الفعلية.
ثم ذيل بالمراد لذاته: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ: سمع التدبر والتأمل، فإن من أحيا الأرض قادر على إحياء الأبدان، فجنس الفعل واحد، فذلك من أدلة البعث القرآنية: الشرعية في مبناها، الآفاقية في معناها المدرك بالحس والعقل.
ولكون بيان المراد لذاته وثيق الصلة بما صدرت به الآية من التمهيد بذكر وصف من أوصاف الكون توطئة لحض المكلفين على التزام أمر من أمور الشرع وهو التفكر: لكون ذلك واقعا: حسن الفصل، وقصر الانتفاع بهذه الآيات على حد الاستماع لا مجرد السماع العابر تعريض بمن طرقت تلك الآيات الشرعيات سمعه، وطرقت تلك الآيات الكونيات مدارك حسه وعقله فلم ينتفع بها.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 09 - 2009, 07:14 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً: فذلك من دلالة العناية إذ سخر الله، جنس الأنعام لنا، فإيجادها نعمة كونية، وانتفاع الناس بلحومها وألبانها وأشعارها نعمة كونية ثانية، وجاء النص على منفعة الأكل في سياق آخر في قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)، فخص منفعة الشرب ثم عم بذكر المنافع الكثيرة ثم ذيل بتخصيص منفعة الأكل بالذكر، وكلاهما ذريعة إلى أخذ العبرة الشرعية فيستدل بأدلة الكون: إيجادا وعناية على أدلة الشرع فعلا وتركا، وقد نكرت العبرة تعظيما، إذ هي فرع عن عظم المعتَبَر، ومن تأمل دقة الصنع الإلهي في خلق الأنعام وتجدد منافعها من لحوم وأشعار وألبان، علم يقينا قدرة الرب الخالق، جل وعلا، ودقة وإحكام صنعه، فالأمر الكوني بالإيجاد والعناية، كما تقدم مرارا، لا يكون إلا فرعا عن القدرة والحكمة: أخص أوصاف الربوبية في باب الخلق والتكوين، فلا يكون كائن إلا بقدرة على التكوين وحكمة في التسيير والتأثير، ولو كان شرا، فالشر فيه لا في فعل موجِده، وقد ذكر العبرة مجملة، ثم بينها بذكر بعض أفرادها، فذلك من باب: تفسير العام بذكر بعض أفراده، فلا يخصصه، إذ منافع الأنعام ليست محصورة في المذكور، وإنما خص بالذكر في معرض الامتنان، وتمام القدرة بتخليق اللبن سائغا فلا يختلط بالدم والرفث مع ما بينهم من الجوار المفضي إلى المخالصة، فتخليصه من شوائبهما، وخروجه خالصا ناصحا، مئنة من قدرة الرب، جل وعلا، على الإيجاد.
وقد أطنب في أوصافه: (خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ): فذلك من تمام التوكيد على عظم المنة الربانية.
وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا: فمن جنس تلك الثمار الخارجة بإيجاد الرب لها على تلك الهيئات الصالحة للتناول: تتخذون سكرا، لم يوصف بالحسن إشارة لطيفة إلى ما سيأتي من تحريمه، فذلك مبدؤه، إذ السورة مكية، والمنة حاصلة به باعتباره آنذاك مباحا إذ لا منة بمحرم، فتكون إباحته شرعية من هذا الوجه، فلما ورد عليها النسخ ارتفعت المنة، بل صارت في ضدها من التحريم لغلبة المفسدة على المصلحة، وتلك عين الحكمة الإلهية التي صدر عنها الشرع المحكم، فالمنة حاصلة به على كل الوجوه:
على وجه الإباحة لما كانت المصلحة في تأخير التحريم لئلا يفجع العرب في أمر قد ألفوه حتى صار عندهم كالماء، على حد قول عائشة رضي الله عنها: *
وعلى وجه التحريم إذ جاء متدرجا فانتزاع العادات عسير لا سيما إن كان فيها مصالح لمعتادها من لذة موهومة أو ربح زائل، وقد كانت كرومهم في الطائف تدر عليهم أموالا طائلة، إذ كان صناع الخمر على ثمرها يتهافتون، فانتزاع ذلك من نفوس جبلت على الشح من العسر بمكان.
وعلى وجه التحريم المؤبد لغلبة المفسدة فرفع تلك المفسدة بذلك التشريع الحكيم، وهو الأمر الذي فشلت فيه الأمم المتأخرة، كالأمة الأمريكية التي فرضت من القيود والعقوبات ما فرضت فلم تنجح في نزع تلك العادة من نفوس أفرادها فاضطرت إلى إباحتها وتقنين تعاطيها فبقيت المفسدة بل زادت كما هو مشاهد في الوقت الحالي، رفع تلك المفسدة: من أعظم بركات الشرع ومن أعظم منن الرب جل وعلا.
ثم ذيل بالغاية المرادة لذاتها من تأمل تلك الآيات الكونيات الباهرات: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 09 - 2009, 07:40 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ):
وحي إلهام، على حد قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)، وقد فسره ما بعده: (أن اتخذي)، فأن: تفسيرية، فالسياق سياق إجمال يعقبه البيان، وذلك في مقام الامتنان على العباد بشراب العسل الناصح آكد.
مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ: فتلك مساكن النحل، وعلوها، إذ هي في الجبال والشجر والعروش المسقوفة، مئنة من علو شأنها إذ منفعتها ليست كمنفعة بقية الحشرات، فهي أعظم إذ العسل الخارج من بطنها: غذاء يتفكه به، وشفاء يتداوي به. وذلك جار على ما تقرر مرارا، من دلالة عناية الرب، جل وعلا، بعباده، إذ أوجد ذلك النحل على تلك الهيئة الكونية، فبطونه مصانع للعسل بورود خلاصات الأزهار التي تصيرها القوى الهاضمة: عسلا ناصحا،، فمن أبدع صنع تلك الحشرة، وألهمها السير على تلك السنن الكونية المطردة في تحويل المستخلص إلى مستخرج طيب، هو الرب البارئ، تبارك وتعالى، الذي بأمره الكوني تقوم السماوات والأرض ومن فيهن من أجناس الطير والدواب، فذلك من دلالة إيجاده للكائنات على أقدار محكمة قد علمها من الأزل وكتبها في اللوح بالقلم، فجاءت في عالم الشهادة وفق ما قدر وقضى، وهو الرب المنان، تبارك وتعالى، الذي امتن على عباده بطيب المأكل والمشرب، ومنه الشراب النافع الخارج من النحل المسخر كونا للعناية بالعباد، ففي شرابه المتعة والتداوي.
فإذا كان هو الرب المدبر لذلك بقدر كوني سابق فيه من القدرة النافذة والحكمة البالغة ما انفرد الرب، جل وعلا، بوصف الكمال منه، فلا شريك له في قدرته الماضية، فكل قدرة بقدرته مقهورة مربوبة، ولا شريك له في حكمته الباهرة فكل حكمة دون حكمته منقوصة محدودة، فلا يستقل العقل البشري مهما أوتي من كمال الآلة الذهنية، لا يستقل بإدراك الحِكَم على وجه التفصيل والتدقيق وإنما غايته أن يدرك جملا منها، يأتي الوحي الإلهي ببيانها، فلا غنى له عن نور الوحي الهادي فبه يزول الإجمال ويرتفع الإشكال.
إذا كان هو الرب المدبر لذلك، فهو الإله المستحق لكمال التأله بداهة، على ما اطرد مرارا من دلالة جنس الربوبية: إيجادا أو عناية على جنس الألوهية شرعا وأحكاما.
ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا: وذلك أيضا من الإلهام، إذ هو أمر داخل في حد تفسير الوحي المجمل الذي صدرت به الآية.
يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ: ففي المضارع نوع استحضار للصورة، وهذا بمقام المنة أليق، فضلا عن دلالة المضارع على التجدد والاستمرار فهو أمر يتكرر وفق سنة كونية محكمة، وتنوع الشراب لونا مئنة من قدرة الرب، جل وعلا، الذي نوع في الكائنات أقدارا وأوصافا، فذلك من أوصاف الربوبية التي بها خلقت الأضداد، على نحو تستقيم معه الحياة فلا تعارض بينها بل الضد لضده مكمل، ولو على حد بيانه، إذ بضدها تتميز الأشياء، فالشر معرف للخير، وإن لم يكن مرادا شرعيا، والمر معرف للحلو وإن لم يكن مرادا ذوقيا.
فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ: تقديم ما حقه التأخير مئنة من التوكيد فضلا عن دلالة التنكير على التعظيم فهو شفاء تام بإذن الله عز وجل: الشافي الذي يشفي الأبدان بأدوية الكون ويشفي الصدور بأدوية الشرع.
.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم جاء التذييل بالمراد لذاته كما اطرد في دلالة آيات الربوبية على أحكام الألوهية وخص حكم التدبر والتفكر بالذكر في هذا السياق إذ هو الملائم لما تقدم بيانه من الآيات الكونيات الباهرات التي لا ينتفع بها إلا أصحاب العقول الصحيحة التي يسمع أصحابها على حد التدبر فـ: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، بخلاف من لا يتفكر فليس له في ذلك آية إذ آلة التدبر عنده معطلة، وإن كانت آلة السمع والعقل عنده مكملة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 09 - 2009, 09:49 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ).
ففيه التوكيد على دلالة الإيجاد بتكرار الفاعل على ما اطرد في الجمل الخبرية التي يكون المسند فيها فعلا استتر فيه ضمير فاعله فهو هنا: "خلقكم" والضمير المستتر فيه تقديره: "هو" وهو عائد على المبتدأ: الفاعل المعنوي فهو الرابط بين جملة الخبر والمبتدأ.
ومع الإيجاد: الإعدام المتراخي لدلالة: "ثم" الوضعية، وذلك جار على حد ما تقدمت الإشارة إليه مرارا، من عموم ربوبية الباري، عز جل، فهو الخالق للشيء وضده، والفاعل للأمر وضده على حد الكمال المطلق فيظهر من ذلك من أوصاف كماله: جمالا وجلالا، ما يدل لزوما عقليا لا انفكاك بين حديه، على استحقاقه كمال التأله، فوصف الإيجاد متعلق أوصاف جماله فهو الذي امتن بالبرئ والتصوير في أحسن صورة، ووصف الإعدام متعلق أوصاف جلاله فهو الذي أعدم بعد الإيجاد إظهارا لمعنى اسمه الآخر، فكل ما سواه فان له آخر، وما خلود المنعمين والمعذبين في دار الجزاء إلا فرع عن إبقائه، فليس لهم الآخرية المطلقة، وإن كانت أزلية لا انتهاء لها، إذ بقاؤها من بقاء مبقيها، جل وعلا، الذي أمدها بأسباب البقاء الدائم وقطع عنها أسباب الفناء.
وفي قوله: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا: إمعان في تقرير ما تقدم من عموم ربوبيته إذ نوع بمقتضى قدرته وحكمته في أحوال عباده، فمنهم من يموت صغيرا، ومنهم من يرد إلى أرذل العمر فيختلط، ومنهم من يرد إليه فيتغير ولا يختلط، ومنهم من يرد إليه فيبقى ببركة الاستقامة حال الشباب والصحة: كامل القوى الذهنية، فحفظه كما كان، بل قد يزيد، وهمته، كما أثر عن ابن عقيل، رحمه الله، همة العشرين وإن كان في الثمانين، ومنهم من يموت طريحا، ومنهم من يموت قتيلا، بل القتيل تختلف أحواله، فمنهم من يموت بالسيف ومنهم من يموت بالخنق ومنهم ومنهم ........ إلخ، فذلك جار على ما تقرر من تنويع المقادير إمعانا في تقرير قدرة الرب، جل وعلا، وحكمته، ولذلك ذيل بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، فهو عليم بمقادير عباده الكونية أزلا، عليم بالمقادير الشرعية التي تصلح بها أحوالهم، فلازم ذلك كمال الحكمة، وهو القدير على حد المبالغة فله القدرة التامة على إنفاذ قدره بمقدوراته: خيرا أو شرا في مخلوقاته، فقدره هو: قدرته على إنفاذ المقادير كما أثر ذلك عن أحمد رحمه الله.
ومن التنويع في المقادير أيضا: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ: التنويع في الأرزاق: أقدارا وأوصافا، فمنهم من امتن عليه بالرزق الواسع ومنهم من ابتلاه بضيق المعاش، ومنهم من امتن عليه بتيسير أسباب الحلال، ومنهم من عاقبه فحجب عنه أسباب الحلال الطيب ويسر له أسباب الحرام الخبيث سواء كان ذلك في المآكل أو المشارب أو المناكح فكلها من جملة ما رزق جل وعلا. فمنها الطيب ومنها الخبيث، فيرزق من شاء الطيب فضلا منه وامتنانا ويبتلي من شاء بخبيث المطعم والمشرب والمنكح عدلا منه واقتدارا، فكما رزق من حلال، فهو الرازق بقدره الكوني من الحرام، وإن خالف أمره الشرعي فقدرته قد عمت كل المقدورات، ووصف الرزق، وهو من أوصاف أفعاله المتعلقة بمشيئته النافذة، قد عم كل المرزوقات: طيبات كانت أو خبيثات.
ثم امتن الله، جل وعلا، في معرض بيان دلالة عنايته بالخلق، امتن بخلق الأزواج وإخراج الذرية من بنين وحفدة:
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً: فـ: "من" في كليهما لابتداء الغاية.
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ: فامتن بإيجاد الأبدان، وامتن بمدد الرزق الذي به تصلح، فله تمام المنة إيجادا للأعيان، وإعدادا لقواها لتقبل آثار نعمه الكونية المتتالية، وإمدادا بما تنتفع به تلك القوى من الطيبات.
ومن ثم جاء التذييل، كما اطرد في التنزيل، ببيان الغاية المرادة لذاتها، فجاءت هذه المرة في سياق الاستفهام الإنكاري التوبيخي:
أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ. ولو قدر محذوف على تقدير نحو: أفسدت عقولهم فبالباطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ لكان ذلك أبلغ في التقريع والتوبيخ في معرض إبطال الكفران وتقرير ضده من الإيمان على حد اللزوم العقلي.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 09 - 2009, 08:33 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
فجاء التذييل بذكر ما هم عليه من فساد العمل فرعا عن فساد العلم، فإنهم صرفوا العبادة لمن لا يملك من رزق الأبدان أو الأرواح شيئا، فإن آلهتهم: آلهة مجردة من قوى الفعل بل من قوى الحس، فهي جماد لا ينطق، أو موات لا يسمع، أو عقول مظلمة قد صادمت الطريقة الشرعية بنحاتتها الردية، فلا تتصرف في الكون بالتأثير أو التسيير، وليس لها من الحكمة الكونية ما تدبر به الكون، وليس لها من الحكمة الشرعية ما تصلح به حال عابديها، فهي عن وصف الرزق معطلة، إذ هي مربوبة مفتقرة إلى من يرزقها، بل إلى من يحييها من موتتها!، فكيف يكون لها من وصف الغنى ما يصح جعله دليل عناية كدليل عناية الرب، جل وعلا، بعباده، وإن كانوا كفارا معرضين، وهل ذلك إلا عين الظلم بالتسوية بين الرب الغني والمربوب الفقير؟!.
فعلمهم فاسد إذ اعتقدوا الكمال فيما هو بعين النقصان متلبس، فصدر عنه فساد في العمل عريض، إذ صرفوا من أجناس التأله لتلك المعبودات الباطلة ما لا يصرف إلا للمعبود بحق جل وعلا.
ثم جاء النهي عن ضرب الأمثال: (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) على حد قياس الشمول أو التمثيل الذي يقاس فيه الخالق، عز وجل، على المخلوق، في حقائق الأوصاف فرعا عن تلاقي ألفاظها ومعانيها الكلية المجردة في الأذهان، فيصير سمع الباري، عز وجل، مع ما له من وصف الكمال على حد سمع المخلوق المربوب مع ما له من وصف النقصان، لمجرد الاشتراك في اللفظ الدال على الوصف فمادته واحدة: السين والميم والعين، والمعنى الكلي المجرد الذي لا يمنع تصوره وقوع الشركة فيه، فهو من الكليات المطلقة التي لا توجد خارج الذهن ليصح التشنيع على مثبتها بأنه مشبه للرب جل وعلا، بخلقه، بل لا توجد إلا مقيدة بمن قامت به قيام الصفة بالموصوف، فهي فرع عنه، ولكلٍ قدره، فوصف الباري، عز وجل، فرع عن كمال ذاته القدسية، ووصف المخلوق فرع عن نقصان ذاته الأرضية، وهذا أصل جليل في باب الصفات الإلهية سبقت الإشارة إليه في أكثر من مناسبة فعليه تجري كل الصفات المشتركة اللفظ والمعنى الكلي بين الخالق، عز وجل، والمخلوق.
وعلة ذلك كما ذكر أبو السعود رحمه الله: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ: ولذلك حسن الفصل على ما اطرد من شبه كمال الاتصال بين المعلول وعلته، وفي طباق السلب بين: "يَعْلَمُ" و: "لَا تَعْلَمُونَ": زيادة توكيد لكمال علم الرب في معرض مقابلته بنقص علم العبد، فالقياس إنما يصح إذا أدرك العقل الأصل والفرع، والفرع في قياس التمثيل والشمول في باب الإلهيات هو: ذات الله، عز وجل، وصفاته الكاملات جلالا وجمالا، وذلك مما لا يتصور إدراك العقل القاصر له فإن الشيء إنما يعرف برؤيته أو رؤية نظيره أو خبر صادق عنه، وكل أولئك في حق الله، عز وجل، في دار الابتلاء: محال، فلا تراه العيون إلا في الجنان على حد التمتع لا الإحاطة فلا تتصور إحاطة مخلوق بالخالق الأول الآخر عز وجل.
ثم جاء ضرب المثل بقياس الأولى فهو القياس الوحيد الجائز في حق الله، عز وجل، على حد قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فله المثل الأعلى في أوصاف جلاله التي منها العزة التي دل عليها اسم العزيز تضمنا، وله المثل الأعلى في أوصاف جماله التي منها الحكمة التي دل عليها اسم الحكيم تضمنا.
وحاصل هذا القياس: أن كل كمال ورد به النص ثبت للمخلوق على حد الكمال المطلق فهو ثابت لله، عز وجل، من باب أولى، إذ الخالق أكمل من المخلوق بداهة، وخالق الكمال ومبدعه، أولى بالاتصاف به بداهة.
وحاصل المثل الأول: أن التسوية بين الحر والعبد مع كونهما مربوبين لله، عز وجل، تسوية بين متباينين، فهي على حد القياس العقلي الصريح غير جارية، فعدم جريانها أولى إذا كانت التسوية بين الرب، جل وعلا، مالك الملك، والعبد المملوك المربوب الخاضع لأمره الكوني المكلف بالتزام وحيه الشرعي على حد الإلزام فلا خيرة له.
وحاصل المثل الثاني: أن التسوية بين القادر والكل العاجز، مع كونهما، أيضا، مربوبين، مما يأباه القياس العقلي الصريح، فكيف بالتسوية بين الرب المدبر، جل وعلا، بقدرة نافذة وحكمة بالغة، فله من ذلك منتهى الكمال، والمربوب العاجز عن تدبير أمر نفسه، بل عن تدبير سبب بقائه من مطعوم أو مشروب إلا أن ييسره الله، عز وجل، له بمقتضى فضله ولو شاء لحجبه عنه بمقتضى عدله.
فظهر من ذلك عجز الآلهة الباطلة عن العناية بعبادها، إذ هي عاجزة عن العناية بنفسها ابتداء فكيف بمن عداها، فظهور عجزها عن العناية بغيرها ثابت من باب أولى وهذا أيضا من القياس الأولوي الصحيح.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 09 - 2009, 08:19 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ):
فله، عز وجل، من علم الغيب ما اختص به، إذ الغيب المطلق مما استأثر به فلا يعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء ودقائق الكائنات على حد التفصيل من المبدأ إلى المنتهى، إلا الله، عز وجل، وعنده علم الساعة على حد الاختصاص ولذلك أبهم على المخاطب بـ: "أو": فهي كلمح بالبصر في وقوعها، ولذلك ذيل بوصف القدرة العامة على كل الممكنات، أو في قربها بالنسبة إلى الرب، جل وعلا، على حد قوله تعالى: (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) كما أشار إلى ذلك صاحب "أضواء البيان" رحمه الله.
ثم ذكر الله، عز وجل، إخراج البرية من الأرحام على حد الإيجاد الأول، فالعناية، إذ ركب فيهم قوى السمع والبصر والفؤاد فحصلوا بها من العلوم والمعارف ما ارتفع به عنهم وصف الجهالة، فمنته عليهم بإيجاد الأبدان وعنايتهم بهم بتركيب تلك الآلات، فبها اكتسبوا كمالا كانوا عنه عراة، بخلاف وصف كمال الرب، جل وعلا، الأزلي الأبدي، فهو لذاته القدسية لازم لا ينفك عنها فمنه صدرت أفعاله فجاءت على حد الغاية والمنتهى من الكمال.
وعلة ذلك أيضا: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: بالتزام الشرع قلبا ولسانا وجارحة، فذلك غاية تقرير دلائل الربوبية: إيجادا وعناية.
ثم انتقل السياق إلى الآيات الآفاقية:
أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ: فالاستفهام إنكاري توبيخي لمن أعرض عن مطالعة دلائل القدرة الربانية في الآفاق، فالطير مسخرات في الفضاء ما يمسكهن من السقوط إلا الرحمن، جل وعلا، بما ركب فيهن من آلات الطيران، فذلك من بديع صنعه الذي لم يقدر البشر إلا على محاكاته فجاء صنعهم آلة صماء بكماء إذا أصابتها الأعطال لم تستجب إلا بقدر ما ركب العقل البشري القاصر فيها من قوى ميكانيكية بخلاف القوى الربانية التي ركبها الباري، عز وجل، في الطير، فبها يميل ويناور وعلة ذلك أيضا:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا: فتلك نعمة المأوى، فهو سكن يسكن فيه المتحرك على حد الراحة والاستجمام، فلا يجد المرء راحته إلا في بيته، أو يفترض ذلك!.
وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ: فتلك نعمة ما تصنع منه المساكن وما يصنع منه أثاثها وهو جار على حد ما كانت العرب تعهده، فجاء الخطاب مراعيا لمقتضى الحال على حد قوله تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، فتلك دلائل الكون المشهودة في بيئتهم الصحراوية.
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ: فتلك نعمة الوقاية من تقلب الأجواء، فأنعم الله، عز وجل، على العباد بما يقيهم ذلك من البيوت التي تكنهم، والسرابيل التي تقي الأجساد من الحر والبرد، والدروع السابغات التي تقي لابسها يوم الكريهة.
وعلة ذلك: كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 09 - 2009, 09:02 ص]ـ
ومن قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا: فاستفهموا على حد الإنكار الإبطالي، ولا يخلو من شوب تهكم، وذلك من فساد التصور بمكان إذ أهملوا دلالة الإيجاد الأول فهي مئنة من الإيجاد الثاني على حد قياس الأولى، على وزان قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فمن أنشأ من العدم قادر على الإعادة ببعث الأجساد ونشرها من باب أولى.
وجاء الرد لتلك المقالة الباطلة بالأمر الذي أفاد التسوية كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله: قل كونوا: فسواء أكنتم أجسادا حية حساسة متحركة أم أجسادا جامدة ساكنة، فبعثكم فرعا عن إيجادكم الأول كائن لا محالة فهو ضرورة عقلية وشرعية
وفي قولهم: فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا: نوع تهكم، فهو من باب تجاهل العارف جحودا ونكرانا، فجاء الرد ببرهان عقلي دامغ:
قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ: فمن أوجد على حد الفطر الأول على غير مثال سابق هو الذي سيعيد الخلق تارة أخرى، وذلك، كما تقدم، جار على سنن القياس الأولوي الذي لا تنكره إلا العقول المضطربة، إذ هو من البيان بمكان.
ومن دلالة العناية في ذات السياق:
رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا: فأجرى الريح لتسوق الفلك سوقا بطيئا، فذلك مما تستقيم به حياة البشر بنقل الأجساد والمؤن بين الموانئ والمراسي البحرية.
وجاء الخبر: جملة اسمية مئنة من الاستمرار والتجدد فهو من وصف فعله، جل وعلا، الذي تعلق بمشيئته النافذة فإن شاء أجرى الريخ وإن شاء أركدها، على حد قوله تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ).
فأجرى الفلك ليبتغي العباد عنده الرزق فهو من فضله، وذيل بوصف الرحمة على حد التعليل، فحسن الفصل، فمن تمام عنايته بكم أن ظهرت آثار صفات جماله في العالم المشهود سننا كونية جارية تحفظ نظام الحياة على وجه الالتئام والاتساق، فضلا عن الأسباب المغيبة التي لا نراها وهي لنا حافظة، فالكون بأسبابه المشهودة والمغيبة لابن آدم مسخر، مع عظم جحوده ونكرانه، فقد قابل نعمة الرب الكونية بمخالفة أوامره الشرعية التي هي عند التحقيق من جنس نعمه الربانية المتتالية، فالشرع المنزل خير وبركة، ففي اتباعه النجاة إذ الخير اسم جامع لكل أجناس المنفعة، والبركة: اسم جامع لكل أوصافها، وفي مخالفته: الهلكة، فتركه إلى غيره: شر وشؤم على التارك، فله من الأسماء الجامعة لأجناس وأوصاف المضرة ما هو على الضد مما من الأسماء الجامعة لأجناس وأوصاف المنفعة، فالقياس: مطرد منعكس، وذلك من كمال حكمته، جل وعلا، فلا اضطراب ولا تناقض في أحكامه الكونية التي تستقيم بها الأعيان، ولا أحكامه الشرعية التي تستقيم بها الأفعال، فالقدر الكوني متصرف في الأعيان إيجادا وعدما، على الحد الذي تقع به أعظم المصالح للبشر، فذلك من الحكمة الربانية الباهرة، والقدر الشرعي حاكم على أفعالهم تحليلا وتحريما، على ذات الحد، فما بعثت الرسل عليها السلام وما أنزلت الكتب إلا لتحصيل أعظم المصالح التي اعتبرها الشارع، عز وجل، وأشرفها: جنس التوحيد الخالص، وتلك زبدة الرسالات السماوية، وهو تمام نعمته السابغة على عباده: شرعا وكونا، فالحمد لله الذي أوجد الأعيان على هذا الحد من الإتقان، وشرع لها ما يصلح حالها من سنن وشرائع الإيمان، فنعمته قد عمت الروح والجسد، وفضله قد شمل الباطن علما نافعا، والظاهر عملا صالحا، فهو الواهب لآلات التكليف من سمع وبصر وفؤاد، وهو الحافظ لها بما قدر من أجناس الغذاء، وهو المزكي لها بما نزل به وحي السماء، فأي نعمة أعظم وأسبغ من ذلك؟!، وكيف لمن علم ذلك أن يعرض عن توحيد الملك المدبر، جل وعلا، إلا أن يكون ممن شاء الله، عز وجل، الختم على قلبه بختم الكون النافذ، فلا يهتدي على حد التوفيق والسداد وإن حصل له من هداية البيان ما حصل، فالكفر، مع
(يُتْبَعُ)
(/)
وضوح أدلة الإيمان الباهرة، مع كونه غير مراد شرعا، إلا أن به يظهر من آثار جبروت الرب، عز وجل، وقدرته، ما صرف به تلك القلوب عن التسليم والانقياد، وإن حصلت لها المعرفة والانقياد، فذلك مئنة من عدله فلم يظلمهم شيئا كان لهم فهو محض فضل منه، جل وعلا، يهبه من يشاء ويمنعه من شاء، وحكمته، إذ لم يضع الخير في محل غير قابل، وقدرته، إذ منع أولئك من الانقياد مع استيفاء شروطه على حد تقوم به الحجة الرسالية على العباد.
ومن صور دلالة العناية: إجابة دعاء المضطرين ولو كانوا كافرين:
وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا: فالتذييل بوصف الإنسان بالكفران على حد المبالغة إشارة إلى ما عطله العباد من لازم تلك الدلالة الربانية، فإن القلوب قد جبلت على حب من أسدى إليها معروفا، ولو كان مخلوقا ضعيف القوى قاصر الفعل لا يملك إيصال النفع على حد الاستقلال بالتأثير فغايته أن يكون سببا مسخرا في إيصال النفع إلى غيره، فكيف إذا كان من أسدى المعروف هو الرب، جل وعلا، المتصف بكل كمال مطلق، وكيف ومعروفه على حد: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)؟!. فلازم ذلك في القياس الصحيح إفراده بأجناس التأله ظاهرا وباطنا، قولا وفعلا، ليستقيم العقل على القياس الصريح، ولتستقيم الفطرة على سنن التوحيد الإلهي الصحيح: توحيد الأنبياء عليهم السلام، توحيد: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ). توحيد: (وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
ومن صورها أيضا:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا.
فكرمناهم في الخلقة الظاهرة فلا يمشون على أربع كسائر المكَوَّنات، وكرمناهم في العلم الباطن. فذلك من دلالة الإيجاد والعناية، وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبيات إجمالا، ثم جاء الإطناب بالتكرار المعنوي لمعنى التفضيل فهو من جنس التكريم الذي صدرت به الآية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 09 - 2009, 09:16 ص]ـ
كل عام وأنتم بخير أيها الكرام.
لا تنسوا الشيخ أبا يزن، شفاه الله ورده سالما معافى في دينه وبدنه، لا تنسوه وأهله من صالح دعائكم فله من الأيادي البيضاء على أعضاء هذا المنتدى ما يجزيه الله عليها خير الجزاء، والحمد لله على الابتلاء وسؤال الصبر والاحتساب أعظم سؤال في هذه الأحوال التي يمحص الله، عز وجل، فيها عباده الصالحين بأجناس البلاء، نحسبه وأهله منهم والله حسبهم ولا نزكي عليه أحدا من عباده.
ومن قوله تعالى: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)
فذلك من دلالة الإيجاد، فإن الله، عز وجل، قد استأثر بوصف الخلق على حد الإيجاد من العدم على غير مثال سابق، فخلق السماوات والأرض، وتلك من الآيات الآفاقية، وخلق الأنفس، وتلك من الآيات النفسانية، فنبه بذلك على دلالتي الإيجاد: إيجاد المحال: السماوات والأرض، و: إيجاد الذوات وما يتضمنه من الدقائق الغيبية من أجل ورزق وعمل وسعادة أو شقاء والدقائق المشهودة بوسائل العلم التجريبي من اختلاط للأمشاج لتكوين خلية نامية تجمع صفات الأبوين، لها من حيوية الانقسام ما تصير به أنسجة تكون أعضاء، وأعضاء تتركب منها الأبدان، ولكل انقسام: ضابط محسوس، إذ ينفصل الشريط الوراثي المزدوج فتنحل الروابط الكيمائية بين القواعد النيتروجينية في كل شريط، ثم يبدأ كل شريط في إنتاج نظير له، على هيئة قطع متجاورة سرعان ما تلتحم بواسطة إنزيمات لاصقة، فالشريط من الشرائط قد كون، على بعد محدد من الشريط الأم يضمن انقساما طبيعيا، فإذا زاد ذلك التباعد عن قدر معين، نشطت الخلايا في
(يُتْبَعُ)
(/)
الانقسام على حد غير مرغوب فنتج من ذلك من الأورام السرطانية ما تفسد به الأنسجة والأعضاء، إذ قد خرجت عن حد الاعتدال زيادة، كما يصاب الإنسان بالهزال والضعف في آخر أيامه بخروجها عن حد الاعتدال ولكن نقصانا، فإن السماوات والأرض ومن فيهن على العدل قائمة، فلا إفراط ولا تفريط، فمن تتبع تلك العمليات الدقيقة: تساءل في قرارة نفسه: من الذي أصدر الأمر الكوني لتلك الخلايا لتنقسم تلك الانقسامات، ومن الذي أضعف الروابط بين شريطي الشفرة الوراثية ليتباعدا وينتج كل منهما لنفسه زوجا، إذ معنى الزوجية الذي قام عليه أمر الخلق فيهما متحقق إمعانا في بيان معنى الواحدية الذاتية والأحدية الوصفية للرب، جل وعلا، فيمتاز الفرد الغني بملاحظة الزوج الفقير إلى زوجه، ولو في أنوية الخلايا المجهرية، والذرات الكيميائية، فالشريط الوراثي لا يبلغ حد الاعتدال حتى يلتئم مع شريط آخر، والإلكترون السالب لا يبلغ حال الاستقرار مطلوب الذرات الكيميائية إلا بالبروتون الموجب الذي يعادل شحنته، فتصل الذرة إلى حالة السكون الكيميائي الذي تتمتع به الغازات الخاملة، فخمولها: سكون واستقرار تسعى إليه كل الكائنات، ومن الذي جعل القدر الفارق بينهما وهو يقاس بوحدة مجهرية هي الأنجستروم، أو: 1 * 10 أس سالب عشرة من السنتيمتر، من الذي جعله يقف عند هذا الحد فلا يزيد لئلا يقع الطغيان المفسد فتنقسم الخلايا انقساما مفسدا للخلايا والأنسجة، ومن الذي أصدر الأمر الكوني للإنزيمات المكونة والإنزيمات اللاصقة لصناعة مادة الشريط الجديد، ومن الذي قدر بمقتضى حكمته، أن يكون ذلك الانقسام في مراحل القوة والفتوة: على سنن النشاط فخلايا الأطفال أنشط الخلايا تكاثرا إذ ما زالت بكرا لم تعالج ما عالجته خلايا الكبار من أسباب الفساد من التلوث الكائن في الهواء والطعام والشراب على حد ما نراه في عصر الثورة الصناعية التي صار ولاؤها للآلة أعظم من ولائها لمن يصنعها ويديرها!، ومن الذي قدر أن يكون ذلك الانقسام في مراحل المرض والضعف: على سنن الخمول، فأجساد الكبار، بل الشباب في زماننا قد أنهكت، فيكاد الهزال يعصف بها ويكاد المرض بشتى أجناسه يفترسها، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة أمراض تصيب الطبقة المنتجة من المجتمع المسلم من فئة الشباب من قبيل الفشل الكلوي الالتهاب الكبدي والأورام الخبيثة بمعدلات قياسية هي نتاج التفريط في الأسباب الشرعية فلا استغفار ليرفع البلاء، والأسباب الكونية فالضمائر قد أصابها الخراب، فصارت أمعاء الشعوب الإسلامية سلة مهملات تلقى فيها الأغذية الملوثة كيميائيا وبيولوجيا، تحت سمع وبصر كثير من صناع القرار من أصحاب الرياسات الذين غضوا الطرف نظير أعراض فانية، وربما نالهم ونال ذرياتهم من تلك الآفات ما عاد على مرادهم بالإبطال، فقد وسوس الشيطان لكثير منهم أن ذلك مما تحفظ به الأزواج والذرية، ولو كان حراما قد علاه الشؤم، فلا بركة فيه لتحفظ به دنيا أو يقام به دين، ومن الذي أصدر الأمر الكوني لتلك الخلايا لتنشط على حد الزيادة عن الحاجة فيقع من ذلك ما يفسد الجسد من الأورام، فلكل من تلك الأمور الكونية: أمر تكويني نافذ، فبأمر السنة المطردة من الانقسام والنمو الطبيعي تظهر حكمة الرب، جل وعلا، الذي أوجد وأتقن وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وبالأمر الذي يخرج به ذلك النمو عن حد الاعتدال زيادة أو نقصانا تظهر قدرة الرب، جل وعلا، الذي نوع في المقدورات، فخلق الشيء وضده، تقريرا لطلاقة قدرته النافذة، فهي من أخص أوصاف ربوبيته القاهرة، فعافى من عافى فضلا، وابتلى من ابتلى عدلا، وجعل لكل قدر كوني مقابلا من القدر الشرعي، فالمعافى مبتلى بعافيته ليشكر بالقلب واللسان والجارحة، والمصاب مبتلى بإصابته ليحمد ويسترجع ويصبر على حد الاحتساب، فلا يجزع من وقوع المقدور، بل يستعين على دفعه بما شرع له من أسباب الشرع والكون، على حد مباشرة السبب تعبدا لا تعلقا بغير مجري الأسباب، جل وعلا، فإن لم يكن مما يدفع، فلا بديل عن الصبر إلا الجزع الفاضح لصاحبه، المؤنس لكل شامت، المؤلم لكل صاحب، وقانا الله، عز وجل، نظرة العطف من الصاحب، ونظرة الجذل من الشامت.
فتحصل من ذلك أن له، عز وجل، من دلالة الإيجاد في الأنفس والآفاق على حد الاستقلال، فلا عضد له من ملك أو بشر، وإنما الكل لأمره الكوني خاضع، وعليه سائر، ومن صح منهم تكليفه فهو بأمره الشرعي مخاطب، فالكل عبيده على حد الاضطرار، والصفوة منهم عابدوه على حد الاختيار والاصطفاء، فـ: (مَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)، فإذا كان الملائكة وهم مادة خير خالصة لا شوب فيها من الشر أو الفساد إذا كان أولئك، مع شرف وصفهم وعلو قدرهم، ليسوا له بعضد، بل وصفهم: (عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)، فكيف بالبشر الذين تعرض لهم من الإرادات الفاسدة ما يعرض، بل كيف بالمضلين الذين هم أفسد الناس إرادة باطنة وعملا ظاهرا؟!.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 09 - 2009, 08:59 ص]ـ
ومن ذلك أيضا: دلالة إيجاد الحياة من الجماد على حد الإعجاز في معرض تقرير النبوة، فهو من دلائل العناية الخاصة بالأنبياء عليهم السلام، على حد قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، فمن نصرهم: نصرهم بالآيات الكونيات الباهرات في معرض الإعجاز إقامة للبرهان المصدق لدعواهم، والمعجز لأقوامهم إلزاما لهم بالحجة وإبطالا لمعارضتهم لها بأجناس السحر والشعوذة.
فمن ذلك:
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى: فالسؤال عن الماهية، فجاء الجواب مطنبا بذكر اسم: عصاي، والوصف: أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى، فخص ثم عم، رجاء الاستفسار عن العموم المجمل رجاء الاسترسال في مناجاة الرب، جل وعلا، فذلك من أشرف المقامات، فالحبيب، في عالم الشهادة، لا يمل من مناجاة محبوبه، فيتكلف من الحديث ما لا حاجة له به رجاء سماع صوت المحبوب والأنس بجوابه، ولله المثل الأعلى.
ثم جاءت دلالة إيجاد الحياة على حد الحقيقة لا التخييل كما جرى من السحرة بين يدي فرعون:
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى: فدلالة: "إذا" على المفاجأة مئنة من عظم تلك الآية الكونية الباهرة، فهي مظنة الدهشة والتعجب، فقد دبت فيها الحياة على نحو خارق للسنة الكونية، فصارت حية تسعى، فجاء الوصف بالسعي وهو المشي الشديد مئنة من كمال الحياة الناشئة فيها على حد الإعجاز، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، وجاء الوصف مضارعا استحضارا لتلك الصورة العجيبة.
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى: فرجعت إلى هيئتها الأولى، ثم جاء النص على آية أخرى في معرض العناية الخاصة بالكليم عليه السلام بتأييده بالآيات المعجزات فـ:
اضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ: احترازا مما لا يليق بالأنبياء عليهم السلام من الأوصاف المنفرة، فهم أكمل الناس خَلقا وخُلقا وتلك: آية أخرى.
ثم جاء العموم بعد إفراد تينك الآيتين بالذكر لعظم قدرهما وخطر شأنهما: لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى. فهما اثنتان من تسع آيات.
وفي سياق تال في بيان العناية الخاصة بالكليم عليه السلام:
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى: فذلك إجمال أعقبه البيان فذلك آكد في تقرير المنة الربانية بالعناية الخاصة التي حظي بها الكليم عليه السلام:
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى: وحي الإلهام الذي فسره ما بعده:
أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي: فتهيأ له من الأسباب الكونية ما وقي به شر فرعون، فمالت إليه القلوب، ولا يكون ذلك إلا بإمالة مصرفها، عز وجل، الذي صرفها على محبته، فذلك من تمام رعايته، عز وجل، الذي دل عليه قوله تعالى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)، فالسياق قد رجح معنى الرعاية دون تكلف وقوع المجاز، فضلا عن كون الرعاية تتعلق بالعين التي تراقب وتحوط المعتنى به، فيكون ذكر العين في الآية من باب: ذكر الصفة إشارة إلى لازمها، وإثبات اللازم لا يستلزم نفي الملزوم أو تأويله، بل البدهي: إثبات كليهما على حد سواء.
ثم جاء الإطناب في تعداد المنن الربانية على موسى عليه السلام:
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي: فالاصطناع مظنة الاختصاص والاصطفاء ولذلك أفرد النفس إمعانا في تقرير ذلك المعنى كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 09 - 2009, 08:49 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ)
فذلك من دلالة الإيجاد المعجز، فصدر الآية بتبرئة البتول، عليها السلام، مما قد يخطر بالبال، إذا جاءت بالمسيح، عليه السلام، تحمله، وهو ما وقع فيه يهود من رمي مريم، عليها السلام، بما برأها الوحي منه.
والإتيان بالموصول، جار على ما اطرد من تعليق الحكم على الوصف الذي اشتقت منه الصلة فذلك آكد في تقريره، فضلا عن كونه توطئة للآية الكونية الباهرة: (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا)، فصدرت النفخة من الروح الأمين عليه السلام الذي نفخ في جيب درع مريم عليها السلام فتحققت صورة السبب، فحملت به بلا أب، فذلك جار على حد ما تقدم من دلالة الإيجاد، ولما كان الأمر خارقا للسنة الكونية على حد الإعجاز بالإيجاد من غير أب وأم كما جرت به العادة، أضيفت تلك الروح الشريفة إلى الله، عز وجل، إضافة تشريف، فهي روح مخلوقة، ولكنها ليست كأي روح، بل هي روح شريفة عظيمة القدر جليلة الشأن، فشرفها من شرف بارئها، وعليه تكون: "من" تبعيضية، إذ عيسى عليه السلام باعتبار جنس الأرواح المخلوقة: بعضها، فهو فرد من أفرادها.
وقد يقال بأن الروح هو: الروح الأمين، عليه السلام، فإضافته أيضا، من إضافة التشريف، ولكن: "من" على هذا الوجه تفيد ابتداء الغاية فابتداء غاية النفخ الذي حصل به الحمل كان منه.
وإضافة النفخ إلى الله، عز وجل، على حد قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ)، فالقرب بالملائكة الذين هم بأمره يعملون، بقرينة: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ)، فصحت نسبة الفعل إليه إذ فعل الجند مما تصح نسبته إلى الملك فهو الآمر به.
ثم ذيلت الآية بتقرير تلك المعجزة الكونية، فالجعل في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ): كوني على معنى التصيير، وأفرد لفظ الآية: إذ لا يكتمل معنى الإعجاز فيها إلا بضم الأم إلى ابنها، فالأم بمفردها ليست آية، والابن بمفرده ليس بآية، وإنما صارا آية باجتماعهما، وهي آية كونية على حد الإيجاد المعجز يتذرع بها إلى المراد لذاته: التزام الآيات الشرعية، فهي للعالمين: تأملا وتدبرا ليهتدوا بها إلى كمال قدرة الرب، جل وعلا، على الإيجاد، ولو على غير ما اعتادوه من سنة التناسل من زوجين، فيحملهم ذلك على تمام تأليهه بأفعالهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 09 - 2009, 08:35 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)
فجاء الشرط في معرض التحدي، بقياس الأولى، ولذلك أطنب في بيان مراحل تكوين الجنين إمعانا في بيان طلاقة قدرة الرب، جل وعلا، في إيجاد الخلق، فذلك يدل من باب أولى على قدرته على الإعادة، وفيه، أيضا، إشارة إلى طلاقة قدرة الرب، جل وعلا، في تنويع المقدورات، فالرب هو الذي يخلق الشيء وضده وهو الذي ينوع في الأحداث الكونية لئلا يتطرق إلى أذهان أهل الإلحاد أن الكون سائر على ناموس ميكانيكي ثابت، فما هي إلا: أرحام تدفع وأرض تبلع بزعمهم!.
ثم أشار إلى وجه آخر من دلالة الإيجاد وهو: إيجاد الزرع النابت من الأرض الميتة، فنشر الأجساد من الأرض الميتة من جنسه، فمن قدر على أحدهما قدر على الآخر بداهة.
ثم جاء التذييل:
(يُتْبَعُ)
(/)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: فخص بذكر القدرة على إحياء الموتى ثم ذيل بعموم القدرة فذلك مئنة من التوكيد على المعنى المتقدم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 02:54 م]ـ
ومن قوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ):
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ: فذلك من دلائل العناية بالقلوب، فإن تعظيم الشرائع الدينية عموما، لو حمل لفظ الشعائر على العموم، أو تعظيم الهدي خصوصا، لو حمل اللفظ على الخصوص، ويقوي الوجه الأول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ففيه من إثراء المعنى ما ليس في حمل السياق على خصوص السبب، إذ تتعدد الأفراد الداخلة تحت عموم اللفظ، فتتعدد الأحكام بتعدد تعلق حكم العام بتلك الأفراد. ويقوي الوجه الثاني دلالة السياق اللفظية، فالآية التالية نص في الهدي الذي يهدى إلى البيت العتيق.
ما تقدم: مما يغذي القلوب. فمن عظم الشعائر الدينية فهو المسدد إذ ذلك مئنة من تقوى قلبه، فـ: "من": بيانية إذ ذلك من جنس التقوى، أو هي: سببية إذ تعظيم الشعائر فرع عن التقوى التي أضيفت إلى القلوب باعتبار محلها، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (التَّقْوَى هَا هُنَا).
وذلك التسديد لا يكون إلا فرعا عن هداية الرب، جل وعلا، الكونية لعبده: هداية إلهام وتوفيق، فتلك، عند التحقيق، أعظم منة ربانية على العبد: منة بيان الشرع ببعث الرسل عليهم السلام وتقرير الملة التوحيدية والشرائع الحكمية، ومنة هداية العبد إلى امتثاله تصديقا بخبره، وامتثالا لحكمه.
فعناية الرب، جل وعلا، تكون بالأبدان بتيسير أسباب الكون، وبالقلوب بتيسير أسباب الشرع.
وبعد بيان العناية الأشرف جنسا: العناية الشرعية جاءت العناية الكونية: فـ:
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى: من در وصوف وركوب ........ إلخ على تفصيل في جواز الانتفاع بالهدي وتأجيره ... إلخ من الأحكام الشرعية المتعلقة به.
وقد قدم الجار والمجرور: "لكم": حصرا وتوكيدا في معرض تقرير المنة الربانية، فضلا عن دلالة اللام في هذا السياق على الاختصاص، فهي مما اختص به الباري، عز وجل، عباده، من أسباب الكون ليستظهروا بها على إقامة أسباب الشرع.
ونكرت المنافع تكثيرا، فذلك، أيضا، جار على ما تقدم، من الزيادة في تقرير المنة الربانية السابغة: دينا يصلح به المآل، ودنيا يصلح بها الحال.
ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ: فتلك انتهاء غايتها، فحصل بها تمام الانتفاع في الدنيا، وتمام الانتفاع في الدين بوقوع العبادة على حد ما قرره الشرع الحنيف. فإن كمال الاغتذاء بالشرائع لا يكون إلا بوقوعها على حد ما قرره الشارع، عز وجل، كما أن تمام الاغتذاء بالمطاعم والمشارب لا يكون إلا بموافقة السنة الكونية التي ينتفع البدن بمقتضاها من القوى النافعة في الأغذية الطيبة.
فموافقة الشرع والكون معا: ببذل أسباب الشرع استصلاحا للروح، وبذل أسباب الكون استصلاحا للجسد، مظنة صلاح العبد باطنا وظاهرا فهو محط عناية الرب، جل وعلا، بما سنه من سنن الشرع والقدر.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 09 - 2009, 03:50 م]ـ
ومن قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
(يُتْبَعُ)
(/)
فذلك من دلالة الإيجاد، إذ أجرى الليل والنهار وفق سنن كونية مطردة هي مئنة من طلاقة قدرته الكونية، ثم ذيل بأوصاف الكمال على حد التوكيد بضمائر الفصل وتكرار المؤكد وتعريف أجزاء الجمل.
ثم جاء الاستفهام في معرض الحث على تأمل آيات الكون الآفاقية: فهي ذريعة إلى تقرير دلالة الإيجاد بإحياء الأرض الموات، وذلك من جنس إحياء الميت الجامد، فيدل بإشارته على قدرته جل وعلا على بعث الأجساد ونشرها، جاء المضارع: "فتصبح": استحضارا لتلك الصورة إمعانا في الحث على تأملها فهي من دلائل الربوبية الخالقة، فبث مادة الحياة في بذرة ميتة من أخص أوصاف الربوبية، إذ ليس الخلق على جهة الإبداع والإيجاد من العدم لغير الرب جل وعلا، ولا يكون ذلك إلا عن علم محيط، قد سبق من الأزل، ولذلك ذيل بأوصاف العلم الدقيق: (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، فيعلم ما خفي وما دق من أسرار المخلوقات علما أزليا أولا جاء الخلق التالي في عالم الشهادة على وفقه.
ثم جاء التذييل بأوصاف:
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ: فيخلق بحكمة باهرة، ولكنه لا يفتقر إلى تلك المخلوقات الكائنة بل هي له على حد التملك والخضوع لأمره الكوني، وهو عنها غني، قد اتصف بصفات الكمال الموجبة للحمد على حد المبالغة.
ثم ثنى بذكر دلائل من العناية الإلهية إمعانا في نقرير منته على عباده، وكمال ربوبيته المستلزم كمال التأله له:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ: فنعمه قد عمت في البر والبحر والجو.
إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)
ثم ذكر من دلائل الإيجاد:
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ:
فنص على الإحياء الأول من العدم ثم ثنى بذكر الضد على ما تقرر من عموم الربوبية التي بها تقع الأضداد على وجه يظهر به كمال الرب، جل وعلا، من قدرة على خلقها وحكمة في إجرائها.
ثم نص على الإحياء الثاني، فذكر الإحياء الأول بمنزلة التوطئة له من باب ما تكرر مرارا من قياس الأولى فإن من خلق أولا قادر على إعادة الخلق ثانيا من باب أولى.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 09 - 2009, 04:12 م]ـ
ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)
فالنداء مئنة من غفلة المخاطبين، وذلك أمر كائن بقدر الرب، جل وعلا، الكوني فـ: (مَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)، ولو آمنوا فـ: (مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)، فلزم التنبيه على بطلان تلك الآلهة التي اتخذت معه على حد التشريك، إذ ليس لها ما له، جل وعلا، من ربوبية الإيجاد، ولو لكائن صغير من أحقر الكائنات جرما، وهو الذباب، فإنهم مهما أوتوا من طرائق البحث العلمي الحديث فلن يخلقوا مادة حية، وإن علموا تركيبها الكيميائي على حد الدقة المتناهية، فغايتهم أن يستنسخوا منها صورا شوهاء، بحقن الخلايا الجسدية بأنوية مخصبة، الحياة فيها كائنة سابقة بكلمات الرب، جل وعلا، التكوينية، وإن أنكر ذلك من أنكر من دعاة الإلحاد الذين نزعوا ذلك الوصف الرباني من الباري، عز وجل، الذي قامت الدلائل على وحدانية ربوبيته العامة: إيجادا بنفخ الروح وإعدادا لآلات البدن للانتفاع بقوى الغذاء النافع وإمدادا بأسباب الصلاح والبقاء، وردوه في تحكم عجيب إلى الطبيعة الصماء البكماء التي لا تعقل، فالبشر المخلوق أكمل منها بما ركب فيه من آلة العقل، ولا تملك دفع أذى الإنسان عنها، فهو، أيضا، أكمل منها من هذا الوجه إذ له نوع قدرة يدفع بها عن نفسه أذى غيره، فكيف تكون هي الصانعة لهذا الخلق العجيب ولا علم لها ولا حكمة، بل ولا حياة لها، بل هي كسائر الأسباب الكونية، تجري وفق مشيئة الرب، جل
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلا، فتخضع لكلماته التكوينيات النافذات على حد القهر، فإن شاء إيجاد شيء منها وجد، وإن شاء إعدامه عدم.
فقوله: لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا: جار على حد التأبيد، وإن لم تكن: "لن" نصا فيه، إذ القرينة بذلك شاهدة، فاختصاص ذلك الوصف بالرب، جل وعلا، إذ هو من أخص أوصاف ربوبيته، كما تقدم، مما يقطع بتأبيد نفيه عمن سواه، إذ لو شاركه غيره ذلك الوصف لاستحق وصف الربوبية على حد المشاركة أو المنازعة له، جل وعلا، وذلك مما يشهد النقل والعقل والحس والفطرة ببطلانه، بل وثبوت نقيضه من تمام انفراده، تبارك وتعالى، بربوبية كونه بمقتضى قدره الكوني النافذ.
ونكر "الذباب": تحقيرا إمعانا في التحدي فلا قدرة لهم على خلق كائن حقير فكيف بهذا الكون العظيم، فإذا ثبت عجز آلهتهم عن ذلك انتفت ألوهيتهم إذ قد عزلوا عن منصب الربوبية، فليس لهم من وصفها شيء ولو كان خلق ذباب حقير!.
وقوله: وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ: من باب المبالغة في معرض التحدي إمعانا في بيان عجزهم عن ذلك المنصب الرباني: منصب الإيجاد من العدم، فـ: "لو": وصلية، على حد قوله تعالى: (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، والشرك منتف عنهم بداهة، وإنما سيق مساق قياس الأولى، فإذا كان الشرك محبطا لعمل الأنبياء، عليهم السلام، لو تصور وقوعه منهم فهو محبط لعمل غيرهم من باب أولى.
وإمعانا في بيان عجزهم جاء التحدي بما هو أدنى من ذلك من باب التنزل مع الخصم إظهارا لعجزه عن الأدنى فضلا عن عجزه عن الأعلى:
وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ: فزيادة المبنى في: "يَسْتَنْقِذُوهُ": مئنة من كمال عجزهم وإن حرصوا على بذل الأسباب على حد الطلب الذي دلت عليه حروف الزيادة الدالة عليه.
ثم ذيل بالإطناب في بيان عجزهم:
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ: فضعف الداعي والمدعو: فالداعي ضعيف جبلة، والمدعو ضعيف وإن ادعيت له من أوصاف الكمال ما ادعي فحاله شاهد ببطلان الدعوى بل بثبوت نقيضها له من العجز على حد قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 09 - 2009, 05:55 م]ـ
ومن قوله تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ)، فقوله تعالى: (فاطر السماوات والأرض): دليل الاختراع والإيجاد من عدم والإبداع على غير مثال سابق، على حد أثر ابن عباس رضي الله عنهما: "كنت لا أدري ما: "فاطر السماوات والأرض"، حتى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئر، فقال أحدهما لصاحبه:"أنا فَطَرتها"، يقول: أنا ابتدأتها".
فهو، جل وعلا، بديع السماوات والأرض، وتلك من أخص أوصاف ربوبيته، عز وجل، وإن لم تكن أخصها، فتفرده بالخلق من العدم والإبداع على غير مثال سابق من أخص أوصاف ربوبيته، وتفرده بالتدبير الكوني لخلقه من أخص أوصاف ربوبيته، فلم يترك الخلق هملا، وإنما قدر لهم ما يصلح أديانهم وأبدانهم، كما تقدم، وتفرده بمعاني الكمال المطلق من الغنى والقدرة النافذة والعلم المحيط ......... إلخ من أخص أوصاف ربوبيته.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"ومن أخص أوصاف الرب القدرة على الخلق والاختراع فليس ذلك لغيره أصلا حتى إن كثيرا من النظار المثبتين للقدر كالأشعري وغيره جعلوا هذا أخص وصف للرب تعالى "
"الرد على البكري"، ص126، 127.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قوله: (يطعم ولا يطعم): فهو دليل عناية الغني، جل وعلا، الذي لا يفتقر إلى سواه، بالفقير الذي يحتاج من يطعمه، فامتن الغني، جل وعلا، على الفقير، بأسباب الحياة، فقدر له، كما تقدم في أكثر من موضع، قوت الأبدان وقوت القلوب، فذلك أمر يتكرر التنويه به بتكرار صور العناية الربانية بالعباد، فثنائية الرب الغني والمربوب الفقير مظنة الإطناب في بيان صور ربوبية العناية في معرض بيان المنة الربانية السابغة، وطباق السلب بين: "يُطْعِمُ"، و: "وَلَا يُطْعَمُ" آكد في تقرير المعنى، إذ الإثبات في معرض الوصف الفعلي المتعدي، والنفي في معرض الوصف الذاتي، فهو الذي يطعم لكمال عنايته بخلقه، ولا يطعم لكمال غناه عنهم، فلا يبلغ أحد نفعه، تبارك وتعالى لينفعه، فضلا عن دلالة الجناس الاشتقاقي بين صورتي الفعل: المبني لما سمي فاعله: "يُطْعِمُ"، والمبني لما لم يسم فاعله: "وَلَا يُطْعَمُ"، إمعانا في إثبات الوصف له على وجه التعيين على جهة الانفراد، ففاعل الإطعام المثبت معلوم، لا شريك له، في أفعال ربوبيته: جلالا بمعاني العزة والقهر أو جمالا بمعاني التدبير والرزق، وفاعل الإطعام المنفي مجهول، إرادة العموم، فلا يطعمه أحد، أيا كان، على وجه الخصوص، ولا يمده أحد بأسباب البقاء والغنى والعزة ......... إلخ، على وجه العموم، فغناه عن خلقه: مطلق، فهو ذاتي لازم باعتبار الوصف، بل فعلي متعد إليهم، فهو المغني لغيره، الممد له بأسباب البقاء، فكل أوصاف الكمال في عباده منه على جهة الإيجاد والإمداد، فأوجد الحياة فيهم وأمدهم بأسبابها، وأوجد البقاء الأبدي فيهم في دار القرار وأمدهم بأسبابه ........... إلخ، وفي المقابل: كل أوصاف الكمال الثابتة له: ذاتية لا تفتقر إلى سبب يوجدها من العدم، فهي أزلية بأزلية الذات القدسية، ولا إلى سبب يمدها بمعاني الكمال فله منها منتهى الكمال الذي لا يعتريه النقص بأي حال من الأحوال.
وإنما خص الإطعام بالذكر لكونه من آكد صور الافتقار، فنفيه من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى، فلا يفتقر إلى خلقه في شيء من وصف كماله الذاتي اللازم أو وصف كماله الفعلي المتعدي إلى غيره الذي به يدبر كونه على سبيل الانفراد فلا شريك له في وصف كماله، ولا شريك له في أمره الكوني النافذ.
ثم ذيل بالمراد لذاته:
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: فدلالة الربوبية على الألوهية: دلالة التزام وثيق بين متلازمين لا يتصور انفكاكهما، فأمر بالإسلام على حد التحلية بالإيجاب، ونهي عن الشرك على حد التخلية بالسلب، فذلك من جنس النفي والإثبات في شهادة التوحيد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 03:20 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ):
فخلقنا جنس الإنسان من طين فذلك أصله، ولا يلزم من ذلك أن يبقى الأصل فلا يزول، بل الله، عز وجل، قد حول ذلك الأصل بكلمته التكوينية النافذة إلى جسد حساس متحرك، من لحم وعظم ودم وعصب، فذلك من كمال قدرته التامة، بخلاف من قال بنظرية قدم جواهر العالم وتوالي الأعراض عليها، فالمادة التي خلق منها العالم أزلية قديمة وإنما غاية الخلق تشكيلها على صور وهيئات مختلفة!، وذلك من الفساد بمكان إذ فيه إثبات وصف الأولية والأزلية لغير الله، عز وجل، على حد قول الفلاسفة بقدم العالم واقترانه بالرب، جل وعلا، اقتران المعلول بعلته، وإنما الصحيح أن الجواهر تفنى وتوجد بمشيئة الرب، جل وعلا، فيتحول الطين إلى لحم ودم، فيفنى جوهر الطين ويحدث جوهر اللحم والعظم، ويفنى جوهر
(يُتْبَعُ)
(/)
النطفة ويحدث جوهر العلقة ......... إلخ حتى يكتمل نمو الجنين كما جاء في الآية على حد الإطناب في معرض بيان دلالة الإيجاد في الأنفس فالنظر في أطوار نمو الجنين مما يؤكد موافقة العلم التجريبي للعلم الإلهي، وذلك ما لا تجده في بقية الملل التي صار فيها الدين والعلم على وصف المحادة، فكلاهما يضطهد الآخر إن كانت له عليه ولاية، فالكنيسة أحرقت علماء أوروبا في القرون الوسطى لما التمسوا بعقولهم معرفة سنن الكون، فذلك مما تدرك العقول حقائقه بخلاف حقائق الغيب التي لا تدرك منه إلا ما أوقفتها عليه الرسالات من المعاني دون الكيفيات، فقمعت كل فكر حر يثبت خطأ الأناجيل التي أقحم كاتبوها الوحي في تحديد حقائق الكون على حد الجزم، فجاء العلم التجريبي لها مكذبا، إذ ليست وحيا منزلا وإن اعتقدت الكنيسة ذلك، ولما استولى العلم على مقاليد الولاية في عصر النهضة أوائل القرن الماضي، أخذ بثأره من الدين فقمعه وحجر عليه فلم يعد له إلا مواعظ يوم الأحد التي لا تحفظ دينا ولا تسوس دنيا فهي مجرد كلمات وجدانية باردة لا أثر لها في الحياة العملية.
وأما الوحي والعلم في الملة الخاتمة فهما من التعاضد بمكان في معرض تقرير السنن الربانية المطردة تذرعا بها إلى إفراد الرب، جل وعلا، بالتأله، بمقتضى سننه الشرعية المنزلة.
ثم جاء التذييل بـ:
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ: فهو من الخبر الذي أريد به إنشاء الثناء على الرب جل وعلا: أحسن الخالقين: إن حمل الخلق على معنى التقدير، فلا يقدر الأعيان والأفعال على هيئاتها وأقدارها التي تظهر بها حكمة مقدرها البالغة إلا الله، عز وجل، وأحسن الخالقين: إن حمل الخلق على التكوين، فإيجاده، عز وجل، للكائنات، إنما هو على حد الإبداع من العدم بلا سابق مثال بمقتضى كلمته التكوينية النافذة، بخلاف خلق غيره فغايته أن يكون تصويرا للهيئة الظاهرة دون سريان للحياة فيها، فذلك مما استأثر الباري، عز وجل، به، أو تحويلا للمادة من هيئة إلى هيئة، فيصدق على من جعل من الخشب بابا أنه صنعه أو خلقه، وشتان خلق الرب وخلق العبد!.
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ: فذلك مما قهر به الرب، جل وعلا، عباده، إظهارا لما استأثر به من معاني الحياة الكاملة في مقابل ما وهبهم من معاني الحياة الناقصة التي يعتريها من العوارض ما يعتريها، فضلا عن صيرورتها إلى الزوال، وإن طال الأمد فتلك سنة كونية قد كتبها الله، عز وجل، على الخلائق، إلا من شاء في دار الخلد التي لا يفنى أهلها، وحياتهم مع ذلك لحياته تابعة، فهو المحيي لهم بإحيائه، المبقي لهم بإبقائه.
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ: فرعا عن إيجادكم الأول على حد ما تقرر مرارا من قياس الأولى، فمن أوجد ابتداء من العدم على حد الإبداع على غير مثال سابق قادر على الإعادة ثانيا من باب أولى.
ثم انتقلت الآيات إلى نوع آخر من دلالة الإيجاد وهي: الآيات الآفاقية:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ: فبعد الآيات النفسانية في أطوار خلق الجنين دعاهم إلى النظر في الآيات الآفاقية في خلق السماوات.
وبعد دلالة الإيجاد جاءت دلالة العناية:
وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ:
فعناية بتيسير الماء: سبب الحياة الرئيس، وتيسير غذاء الأبدان على حد التنوع النباتي والحيواني، وتيسير المراكب برا وبحرا.
فالحمد لله الموجد المنعم الذي خلق فأحسن الصور والذي رزق من الطيبات ما به صلاح الأبدان وأنزل من الآيات ما به صلاح الأرواح.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 09 - 2009, 05:32 م]ـ
ومن قوله تعالى:
(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ):
فتلك من دلالة الإيجاد المعجز، فتنكير الآية: تعظيما فهي آية كونية عظيمة إذ خلق المسيح عليه السلام من البتول عليها السلام بلا أب على حد ما تقدم مرارا من طلاقة القدرة الإلهية على فعل كل الممكنات، فالتنويع في الخلق مئنة من اتصافه، تبارك وتعالى، بكمال وصف الخلق، فله الخلق تقديرا في الأزل، وله الخلق إيجادا في عالم الشهادة، فخلق من أنواع الكائنات: الدقيق فلا يكاد يرى، والجليل فلا يكاد يحد بالبصر، وخلق منها: الجماد والحي، وخلق من الحي: النبات والحساس المتحرك من أجناس الحيوان، وخلق من الحيوان ما يكل الذهن عن عد أنواعه ودرك أوصافه، وخلق من الحيوان: الأعجمي والناطق، ونوع في ألسنة الناطق، فذلك من دلالة ربوبيته إذ يدرك كل المسموعات بسمعه المحيط فلا تختلط عليه الألسنة ولا تتداخل عليه الأصوات، وخلق الإنسان من ذكر وأنثى، واختص آدم، عليه السلام، بالخلق من غير ذكر وأنثى، واختص حواء، عليها السلام، بالخلق من ذكر بلا أنثى، واختص المسيح عليه السلام بالخلق من أنثى بلا ذكر، فذلك من البراهين الساطعة على كمال صفاته الفاعلة، فعنها صدر ذلك الخلق العظيم صدور المعلول من علته على حد التعقيب: (وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فإذا أراد شيئا فهو كائن عقيب صدور الكلمة التكوينية النافذة منه تبارك وتعالى. فبالكلمة الكونية تكون الكائنات وبالكلمة الشرعية ينزل الملك بوحي الرسالات.
ثم جاءت العناية الخاصة بهما إذ لهما من علو المكانة على حد الاصطفاء ما ليس لغيرهما من آحاد البشر:
وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ: فأضيفت الربوة، كما ذكر صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إلى المعنى الحاصل فيها من القرار لما فيها من الظل والثمر والماء المعين الذي حذف موصوفه لدلالة الوصف عليه، على حد قوله تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ)، أي: في السفينة الجارية.
وبعد العناية الخاصة جاءت العناية العامة في معرض الامتنان على الرسل عليهم السلام وأممهم لهم تبع في ذلك، إذ الأصل في المنن الكونية والتكليفات الشرعية: العموم إلا ما اختص به بعض المكلفين، فـ:
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ: على حد التعظيم إذ وصف الرسالة لا يتصور فيه النداء على حد التحقير أو التوبيخ لغفلة المخاطب:
كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ: فتلك المنة الربانية في معرض العناية بالأبدان بتناول ما هيأ الله، عز وجل، من الأسباب الكونية من: الطيبات التي تنمو بها الأبدان على حد الزكاء والانتفاع، وفيها إشارة بالمفهوم إلى تحريم تناول الخبائث التي أودع الله، عز وجل، فيها قوى الإفساد، فبها تفسد الأبدان، وتقصد ذلك مما جاء الوحي بتحريمه: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)، بل قد عد حفظ البدن من التلف الضرورة الثانية من ضرورات الشرعة الخاتمة.
وَاعْمَلُوا صَالِحًا: فذلك التكليف الشرعي في مقابل ما تقدم من العطاء الكوني، فعطفه عليه من باب عطف اللازم على ملزومه، ولا يخلو من وجه منة، إذ الطيبات غذاء الأبدان والصالحات غذاء الأرواح، فالتكليف وإن كان فيه نوع مشقة إلا أنه عند التأمل: سبب في حفظ القلوب من الآفات العلمية والعملية، فلا تضعف قواه العلمية شبهة ولا تضعف قواه العملية شهوة.
ثم ذيل بوصف العلم: إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ: على حد التعليل لما تقدم من الأمر بالعمل الصالح، إذ إحاطته جل وعلا بأعمال عباده علما مما يحفز الهمم على التوكل عليه على حد الاستعانة، وإتقان العمل على حد العبادة فذلك مقام: إياك نعبد وإياك نستعين، فإياك نعبد بعمل الجوارح الظاهر وإياك نستعين بالتوكل عليك: فذلك من عمل القلب الباطن.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 10 - 2009, 06:16 م]ـ
ومن قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ: فذلك من دلائل العناية على حد ما اطرد من الدلائل النفسانية، ومع ذلك: قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ: ففيه إشارة لطيفة إلى ما يلزم العبد تجاه تلك النعمة الكونية من واجب الشكر: بالقلب واللسان والجوارح، فتلك المواضع التي أنيط بها التكليف، فلا صلاح لحال العبد إلا بتحقق الصلاح في الباطن القلبي، والظاهر القولي والفعلي، فيقع التواطؤ بين الباطن والظاهر على حد الإيمان المنافي للنفاق والكفران.
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ: فتلك من دلالة الإيجاد.
وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ: فذلك جار على ما تقدم مرارا من قياس النشأة الآخرة على النشأة الأولى قياسا أولويا، فمن خلق أولا قادر على الإعادة ثانيا، وقدم ما حقه التأخير: حصرا وتوكيدا على حد القصر الحقيقي فإليه وحده يحشر العباد، وإليه وحده المنتهى.
وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: فتنوع الأفعال على حد التضاد: إحياء فإماتة، ليل فنهار، مئنة من عموم ربوبيته، جل وعلا، فله طلاقة القدرة على خلق المتضادات على وجه تظهر به ربوبيته الكاملة، وتلك الأفعال جامعة بين الدلالتين: فالإحياء والإماتة من دلائل الإيجاد والاختراع، واختلاف الليل والنهار جامع بين: دلالة الاختراع على غير مثال سابق فإجراء الليل والنهار على هذا الحد من الدقة والاتقان مئنة من طلاقة قدرته على إبداع مصنوعاته، وفيه، مع ذلك، من دليل العناية بالخلائق ما فيه، إذ باختلافهما تستقيم أمور البشر من سكون وحركة، من راحة وعمل، وتصلح الزروع بتوالي الظلمة والضوء عليها على حد يحصل به تمام نضجها، فلو أظلمت الدنيا على الدوام ما حصل البناء الضوئي، ولو أضاءت على الدوام لنال النبات فوق ما يحتاج من أشعة الشمس فاحترقت ثماره وأزهاره.
ثم ذيل بالاستفهام الإنكاري التوبيخي:
أَفَلَا تَعْقِلُونَ: ففيه إشارة بالمفهوم إلى ارتفاع الذم عمن قام به ضد الوصف الذي أنيط به التوبيخ، واستحقاق نقيضه من المدح لامتثال أمر الرب، جل وعلا، بالنظر في الكون تعقلا وتدبرا، فبه يهتدي العبد إلى امتثال حكم الرب، جل وعلا، الشرعي: تصديقا لخبره وامتثالا لأمره، وذلك مراده جل وعلا من عباده لا لحاجة له عندهم وإنما إكراما لهم بالتزام ما فيه صلاح معاشهم الحالي ومعادهم التالي.
بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ: فذلك جار على حد: "أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ"، فجنس المقالة واحد، وإن اختلفت المباني اللفظية، وقد جاء بيان إجمال تلك المقالة في الآية التالية:
قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ: على حد الاستفهام الإنكاري الإبطالي فهو مكذبون للبعث، وإن كان حقيقة في نفس الأمر، فالإبطال باعتبار تصور القائل لا الحكم الثابت، وقولهم: "وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا": إمعان في الاستبعاد وفيه غفلة ظاهرة عما تقدم من قياس الأولى على النشأة الأولى، ثم جاء التمادي في الإنكار: لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ.
ثم جاء الرد على ذلك ببيان عموم ربوبيته، جل وعلا، لما هو أعظم قدرا ووصفا منهم، فقدرته على إعادتهم ثابتة من باب أولى، فذلك هلى حد: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
فـ: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ: فذلك من استنطاق الخصم بالحجة فانتزع منهم اعترافا بالربوبية صح به توجه الإنكار واللوم إليهم لتفريطهم في جانب الألوهية.
(85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
فذلك إمعان في تقرير الحجة عليهم بمنطوق ألسنتهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 10 - 2009, 03:21 م]ـ
ومن قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ).
فالاستفهام للتعجب والتقرير، فكل يسبح الرب، جل وعلا، على حد ما أودع فيه من القوى التي لا تدركها حواسنا، على حد قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، وإن أدرك ذلك من أدرك على حد المعجزة أو الكرامة، كما وقع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من تسليم الشجر والحجر معجزة، وكما وقع لأصحابه من تسبيح الطعام في أيديهم كرامة.
وأشار إلى الطير حال الاصطفاف، فتخصيصها بالذكر بعد عموم: "مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" مئنة من عظم شأنها، فالدارس لأجناس الحيوان على حد التشريح لأنسجة الأعضاء والتدقيق في وظائفها يجد في تكوين جسد الطائر آيات كونية تخضع لها العقول والفطر السوية، فغاية البشر محاكاتها فشتان خلق الخالق، عز وجل، لكائن حساس متحرك، يصف جناحيه ويقبض وفق سنة كونية متقنة، وخلق المخلوق فهو أصم أبكم يطير وفق سنن ميكانيكية، هي، أيضا، جارية على حد السنة الكونية، فغايته أنه قد استعمل السنة الكونية وحاكى الصنعة الربانية، وليس الإبداع كالمحاكاة، وليس الطائر الحي الحساس كالطائرة الميتة الجامدة.
ثم ذكر من آيات السماء:
إزجاء السحاب، وهو كما يقول أبو السعود رحمه الله، من سوق الشيء برفق، وقد اطرد استعماله فيما لا يعتد به، فذلك مئنة من كمال قدرة الرب، جل وعلا، إذ تلك السحب الضخام الممتلئة بالماء بالنسبة إلى قدرته الكونية النافذة: مما لا يؤبه له، ثم أطنب في بيان أطواره في معرض دلالة الإيجاد:
ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ: فيؤلف بين أجزائه ثم يركمه بعضه فوق بعض، فترى الودق يخرج من خلاله، فالتقييد بالحال: "يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ" على حد المضارعة التي تستحضر بها الصورة، آكد في تقرير القدرة الإلهية على الإيجاد والعناية الربانية، فرؤية الماء حال نزوله أبلغ في التدبر، وأدعى إلى شكر النعمة. وذلك مراد الرب، جل وعلا، الشرعي من الدلالات الكونية المتنوعة: إيجادا وعناية.
ثم أطنب في ذكر آيات نزول البرد وتولد البرق: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ
فكل ذلك من الآيات الآفاقية.
ثم ذكر من الآيات الكونية:
يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ: فتقليب الليل والنهار من أدلية الإيجاد من وجه، ومن أدلة العناية من وجه آخر، كما تقدم بيانه في موضع سابق، وقد ذيل بالعلة من إيراد هذه الآية، فهي عبرة كونية على حد التوكيد تحمل الناظر فيها على التزام الطريقة الشرعية، وجاء بالمضارع على ما اطرد من دلالته على التجدد والحدوث فتلك آية كونية متجددة بتعاقب الليل والنهار فضلا عن استحضار صورتها الباهرة فالمضارع عريق في هذا الباب.
ثم ذكر، جل وعلا، صورة من صور دلالة الإيجاد على حد التنوع الذي يدل على طلاقة القدرة الربانية:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ: فخص بذكر تلك الهيئات، ثم عم: يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ، وذيل بالعلة: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 10 - 2009, 03:09 م]ـ
ومن قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).
فصدر الآية بما يليق من الثناء بالباري، عز وجل، إذ صيغة تفاعل دالة على الكثرة والسعة، والكثرة والسعة في هذا الباب: كثرة لأوصاف الكمال المطلق، وسعة ذات وصفات فهي على حد الكمال المطلق، وذلك جار على أوصاف من قبيل العظمة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع أخر، فعظمته، جل وعلا، عظمة ذات وصفات، كما أن سعته سعة ذات وصفات، فالمفاعلة هنا من باب الزيادة في المعنى فرعا عن زيادة المبنى في الفعل الدال على البركة.
قال البيهقي، رحمه الله، في "الاعتقاد":
"قال أبو منصور الأزهري: معنى تبارك: تعالى وتعظم. وقيل: هو تفاعل من البركة، وهي الكثرة والاتساع". اهـ
ووجه استحقاقه، عز وجل، الثناء على حد التعبد بالأمر الشرعي بإنشاء الثناء عليه، جل وعلا، على حد ما سنه على ألسنة رسله عليهم السلام، وجه ذلك:
دلالة الإيجاد والإبداع إذ هو:
الذي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا
فالجعل كوني بكلماته التكوينية النافذة، فجعل في السماء بروجا نكرت على حد التعظيم فهي القصور العالية في السماء، وقد اشتق اسمها من مادة: "برج" الدالة على الظهور، ومنه قيل للمرأة التي تظهر مفاتنها: "متبرجة".
ولا تخلو من دلالة عناية، إذ الامتنان بها لأن الناس يُوقّتون بها أزمانهم كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
وأعاد فعل التكوين إمعانا في تقرير القدرة الربانية على الإيجاد، فجعل فيها أيضا: سِرَاجًا: فهو وهاج مشتعل نوره ذاتي من نفسه بما أودع الله، عز وجل، فيه من قوى الاشتعال، وَقَمَرًا مُنِيرًا: فهو عاكس لضوء السراج فنوره من غيره، إذ هو في نفسه جرم منطفئ، وفي ذلك، ما سبقت الإشارة إليه، من دلالة التنويع في الخلق على حد التضاد: باعث للضوء وعاكس له، مشتعل ومنطفئ، على كمال قدرة الرب، جل وعلا، على إيجاد الكائنات على حد التضاد الذي يقع به الكمال.
وقد ذيل بهما توطئة لما بعدهما من أثرهما في الليل الذي يضيء فيه القمر، والنهار الذي تسطع فيه الشمس، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
فهو: الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً: يخلف كل منهما الآخر وفق سنة كونية دقيقة يحصل بها كمال الانتفاع بهما لسائر الكائنات.
وعلة ذلك الإيجاد لهما والعناية بالكائنات بتعاقبهما على حد الانتفاع المتقدم أنهما قد وضعا: لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا: فيستدل بما فيهما من إتقان على كمال انفراد الرب، جل وعلا، بربوبية الإيجاد على حد الإتقان، فيؤديه ذلك إلى إفراده بالتأله، فيشكر الرب، جل وعلا، على تلك النعمة الكونية السابغة، فذلك من صور التأله الذي يولده التذكر بالنظر في الآيات الكونية: نظر التدبر والتأمل.
وإلى طرف من ذلك أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله: "فتفيد الآية معنى: لينظرَ في اختلافهما المتفكر فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال مؤثر حكيم فيستدل بذلك على توحيد الخالق ويعلم أنه عظيم القدرة فيوقن بأنه لا يستحق غيره الإلهية، وليشكر الشاكر على ما في اختلاف الليل والنهار من نعم عظيمة". اهـ
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 10 - 2009, 03:01 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ)
فالشرط وارد في معرض التحدي إمعانا في بيان القدرة الربانية بتعليق نزول آية كونية عظيمة، فالتنكير في: "آية" مئنة من التعظيم، بتعليق ذلك على مشيئته، جل وعلا، الكونية، فحالهم عجب إذ قد أعرضوا عن الذكر الشرعي المتجدد بمشيئة الله، عز وجل، تنزيله على قلوب أنبيائه على حد البشارة والنذارة، إلى البحث والتنقير طلبا لآية كونية على حد التعنت لا التحقق من صدق دعوى النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم على حد قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا).
أو أعرضوا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو الذكر المحدث على حد قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا) فجاء البدل مبينا لإجمال المبدل منه على حد التشويق بإيراد المجمل وتعقيبه بالبيان الرافع لإجماله، فهو المقصود بالحكم أصالة، وإنما أورد المبدل منه توطئة له كالخبر الموطئ لوصفه في نحو قولك: هذا رجل عظيم فليس الإخبار عنه بـ: "رجل" مرادا أصالة وإنما المراد نعته بالعظمة التي وطأ لها الخبر اللفظي: "رجل".
فيكون الذكر هنا مجازا عن حامله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقرينة الملابسة بين حامل الرسالة على حد البلاغ والبيان، وذات الرسالة، فذلك أمر من البداهة بمكان.
ثم جاء الإنذار لهم بقرب تأويل ما كذبوه واستخفوا بشأنه، فهو واقع قريبا لدلالة السين في "فَسَيَأْتِيهِمْ" على قرب تحققه:
فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ.
ثم جاءت الإشارة إلى آية كونية: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) في معرض الاستدلال بجنس آيات الإيجاد والإبداع، فصدر بالاستفهام الإنكاري التوبيخي على تقدير معطوف محذوف إمعانا في النكاية على تأويل: أغفلو ولم يروا بعين البصيرة والتدبر: إلى الأرض، فالرؤية قد ضمنت معنى النظر فتعدت بـ: "إلى"، وذلك أبلغ في بيان المراد إذ النظر أخص من الرؤية في باب تأمل المرئي على حد يقع به الانتفاع، وقدم ظرف الرؤية: (إِلَى الْأَرْضِ) إمعانا في التشويق إلى ما بعده من المراد الذي جاء البيان له على حد البدل: كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ، فكم: خبرية تفيد التكثير، وذلك أبلغ في معرض تقرير دلالة الإيجاد والإبداع على حد التنوع الدال على طلاقة القدرة الربانية، فكم من الأزواج الخارجة من الأرض قد انتفع بها البشر أو انتفعت بها دوابهم فذلك من كرم الله، عز وجل، على المكلف الناطق والبهيم الصامت، وفيه إشارة لطيفة إلى معنى الزوجية التي يفتقر فيها الزوج إلى زوجه فتلك سنة كونية قد أقيم الكون عليها في مقابل وحدانية ذاته وأحدية صفاته، عز وجل، فهو الصمد الذي لا ند له ولا شبيه.
وقد استوفت الآية أوجه المنة فالنابت:
كثير المحال بقرينة: "كم".
وكثير الأجناس بقرينة: "كل".
وإليه أشار صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله بقوله: "ومورد التكثير الذي أفادته {كم} هو كثرة الإنبات في أمكنة كثيرة، ومورد الشمول المفاد من {كل} هو أنواع النبات وأصنافه وفي الأمرين دلالة على دقيق الصنع". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
والأمر بالنظر إلى الكريم إدماج للامتنان، وهو متعلق دلالة العناية، في الاستدلال، كما ذكر ذلك صاحب التحرير والتنوير رحمه الله، فليس الوصف: "كريم" مخصصا للنظر في الكريم دون ما سواه، بل يحصل تمام التدبر بتأمل النافع والضار فتنوعه مئنة من طلاقة القدرة الربانية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، إذ التنوع في المفعولات مئنة من كمال الفاعل، وإنما خص الكريم بالذكر تقريرا للمنة الربانية، فذكره ليس مخصصا للعموم بل هو تمثيل له ببعض أفراده، تقريرا لمعنى المنة المتقدم، فلا يخصصه، كما تقرر في الأصول.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[05 - 10 - 2009, 03:10 م]ـ
تبارك الرحمن
ما أجلَّ ما أنعم الله به عليكم أستاذنا
جزاك الله من فضله, وألبسك حلل العافية, وتقبل الله منك
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 10 - 2009, 03:26 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم: أبا طارق على حسن الظن، وشكر لك كلماتك الطيبات وتقبل منك صالح العمل وغفر لي ولك ولكل الإخوان الزلل والتقصير.
ومن قوله تعالى:
(قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)
فقالها المخذول على حد التهكم، على حد قولك لمن لا تأبه له: فلان وما فلان؟، فكيف اجترأ ذلك الطاغوت على السؤال عن رب الأرباب، جل وعلا، على حد التهكم والاستخفاف، فذلك، بلا شك، مئنة من عظم جهله بالرب، جل وعلا، وبأوصاف كماله: جمالا وجلالا، فلو استحضر طرفا من ذلك ما تجرأ على الرب، جل وعلا، الذي غره حلمه وصبره عليه، فجرى عليه لاحقا من آثار صفات جلال الرب، جل وعلا، ما صيره عبرة للسابق واللاحق، و: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ).
فأجابه الكليم، عليه السلام، بإيراد طرف من دلالة إيجاده، فهو رب السماوات والأرض على حد الإيجاد والخلق والإبداع على غير مثال سابق، وعلى حد الملك التام القاهر للأعيان والأحوال، فله فرعا عن ذلك الحكم الكوني القاهر: الحكم الشرعي الحاكم بما شرعه على ألسنة الرسل عليهم السلام فهم الحجج المقامة على البرية بما بعثوا به من الشرائع الإلهية.
فتهكم ثانية:
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ: على حد الاستخفاف، فليس العرض بـ: "ألا" ترفقا بالسامع ليستمع استماع المنتفع المسترشد، وإنما هو العرض في معرض التهكم والسخرية، فجاء رد الكليم عليه السلام على ذات الحد من الصرامة في مقابل تهكمهم مستدلا بنفس الدلالة فهو: رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ: فله عموم ربوبية الإيجاد لكل البشر سابقهم ولاحقهم، مع ما يلزم من ذلك من إثبات ربوبية العناية إذ بكلماته الكونيات النافذات صلحت تلك الأبدان، فعاشت من الدهور ما عاشت، وصلحت قلوب المصطفين منهم بما سطع عليها من أضواء الرسالات السماوية فحوى الكلمات الشرعيات الحاكمات.
ومن ثم لجأ فرعون إلى القدح والتشهير بالداعية الجليل عليه السلام على حد ما يقذف به كل داع إلى الله، عز وجل، في كل عصر ومصر، فسلاح القذف بأوصاف السوء أولا:
قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ: على حد التأكيد، فضلا عن تضمنه تهكما جديدا بإثبات وصف الرسالة لا على حد التوقير والتعظيم وإنما على حد الاقتران بوصف الجنون، وذلك مئنة من عظم جهله بالنبوات، فالأنبياء عليهم السلام أبعد الناس عن أوصاف السوء الظاهرة أو الباطنة، فعقولهم أكمل العقول، وأخلاقهم أحسن الأخلاق، وأبدانهم أقوى الأبدان وأكملها هيئة وأبهاها صورة، لئلا ينفر الناس منهم لسوء في بواطنهم بعسر في الأخلاق أو نقص في العقول، أو سوء في ظواهرهم من مرض منفر أو هيئة قبيحة.
وجاء رد الكليم بآية كونية أخص على ما اطرد من بداية الحوار من الاستدلال بدلالة الإيجاد فهو:
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا: فذلك عموم آخر وفيه تعريض بالمخاطب بذكر أوصاف يعجز عن الاتصاف بها إلا على حد الدعوى المجردة فذلك مما يحسنه كل ذي لسان!، فالبينة المشهودة حاكمة على حد الجزم ببطلان دعواه، فليس له من تصريف أمور البشر: إيجادا أو عناية شيء، ليصح القول بأن له من تصريف أمورهم حكماً وتشريعاً شيء. فليس ذلك إلا للرب الموجد لعباده الكالئ لهم بأجناس النعم الشرعية والكونية على حد التواتر الذي لا ينكره إلا جاحد أو مجنون لم ينعقد التكليف في حقه ابتداء.
فجاء جواب فرعون: قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ:
على حد التهديد فبعد شهر سلاح التشهير بالدعاية الإعلامية القادحة في شخص الداعي إلى الله، عز وجل، يأتي سلاح السجن والتضييق للحد من تفشي قوله في الجماهير فذلك مما يزلزل عروش الجبابرة والطواغيت في كل عصر ومصر، وهو مئنة من الإفلاس من حجة صحيحة يقارعون بها حجة الداعي إلى الله عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 10 - 2009, 05:34 م]ـ
ثم انتقل السياق إلى التحدي بآيات النبوة الحسية التي تجمع: دلالة الإيجاد إذ قد سرت مادة الحياة في العصا الجامدة فصارت ثعبانا حساسا متحركا، وانقلبت اليد إلى البياض على غير حد السوء من برص ونحوه، ودلالة العناية الخاصة بالنبي الذي يتحدى بالآية بأن يظهرها على يده على الحد الذي يقع به الإعجاز لخصومه إذ لا يقدر أحد منهم على إبطالها، ولا يرد على ذلك سحر الساحر فلا يقدر على معارضته كثير من الناظرين فيه على حد التعجب والتحير، إذ معارضته عند التحقيق ممكنة، فيتسلط على سحر الساحر: ساحر آخر، له من القدرة التأثيرية بإذن الله، عز وجل، الكوني، ما ليس للأول، فيبطل سحره، وذلك غير متصور في آيات الأنبياء عليهم السلام فلا يقدر أحد من عموم المكلفين على إبطالها، ولا يبطل نبي آية نبي سبقه، إذ دعواهم واحدة، وإنما بعث مقررا لما دعا إليه الأول من دين التوحيد العام وأصول الأحكام العامة، فكيف يأتي بآية مبطلة لآيته، أو مقالة تخالف أصولها أصول مقالته، وإنما يقع التباين والنسخ في الفروع لا الأصول فتنسخ شريعة شريعة لا على حد القدح فيها، بل العمل بتلك كان عين الحكمة والكمال زمن إحكامها، فلكل زمان ما يلائمه ولكل أمة ما يناسبها من الأحكام، ثم صارت الحكمة في ترك العمل بها والتحول عنها إلى الشريعة الناسخة لتباين الأزمان واختلاف الأمم.
فقال موسى:
أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ: على حد التحدي بإظهار آية كونية تقام بها الحجة على ذلك الطاغوت الذي لا يملك إجراءها إذ دعواه الربوبية، كما تقدم، محض افتراء.
والمبين هو: الواضح في نفسه فلا إجمال فيه ولا اشتباه، الموضح لغيره.
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ: فذلك تحد منه في مقابل تحدي الكليم عليه السلام وشتان.
فجاء الرد فوريا:
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ: فالفاء فضلا عن دلالة "إذا" الفجائية مئنة من التعقيب والفور وذلك أبلغ في حصول المراد من التأثير في النفوس، فضلا عن دلالته عما تقدم من دلالتي: الإيجاد ببعث الجامد حيا متحركا، والعناية الخاصة بإيقاع الآية على حد ما تحدى به.
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ: فذلك جار على ما تقدم من الفورية التي تدل عليها: "إذا" الفجائية، وفيه إشارة إلى وصف الرب، جل وعلا، بكمال القدرة على تحويل الأعيان من الموت إلى الحياة وتحويل الأعراض من الألوان من الداكن إلى الفاتح، على حد التعريض بذلك الطاغوت الذي لا يملك من أمر نفسه شيئا فضلا عن أن يتصرف في الأحداث الكونية على حد التبديل والتأثير في الأعيان.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 10 - 2009, 06:23 م]ـ
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا):
فله، عز وجل، على حد الحصر والتوكيد بتقديم ما حقه التأخير فضلا عن دلالة اللام في: "لله" على: الاستحقاق والاختصاص، له وحده، عز وجل، لا لغيره، ملك ما في السماوات وما في الأرض، على حد العموم المحفوظ فلا مخصص له، إذ: "ما" نص في العموم، فلا يخرج منه عين من الأعيان المخلوقة، أو فعل من أفعال العباد المخلوقة، فكلها كائنة بكلماته التكوينيات النافذة وإن وقعت على غير مراده الشرعي بمخالفة الكلمات الشرعيات الحاكمة، فإرادته الكونية قد عمت كل الموجودات، وقد أعيد الموصول في: "وَمَا فِي الْأَرْضِ": إمعانا في توكيد العموم، فذلك الركن الأول من أركان الربوبية: ركن الخلق وهو، على ما تقدم في أكثر من موضع، من دلالة الإيجاد الكوني لكل الكائنات الحادثة بالكلمات التكوينية النافذة، على ما تقدم في العلم الأزلي الأول، الذي سطر بالقلم الأول في اللوح المحفوظ على حد حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، مرفوعا: "إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ذيل بالركن الثاني من أركان الربوبية: (وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا): فكفى به متصرفا في شؤون خلقه على حد التدبير الكوني والشرعي المحكم، فهو المدبر لأعيانهم بما يسر من أسباب الكون، وهو المدبر لقلوبهم وأحوالهم بما أنزل من أسباب الشرع، فله كمال التصرف والتدبير على الحد الذي يقع به كمال صلاح العباد في معاشهم ومعادهم، فأسباب الكون: صلاح للمعاش، وأسباب الشرع: صلاح للمعاد، ولا يرد على ذلك ما يقع في الكون مخالفا لكلماته الشرعية الحاكمة بمقتضى كلماته الكونية النافذة من شرور جزئية، إذ هي ذريعة إلى وقوع مصالح كونية وشرعية كلية تفوق مفسدتها الجزئية، وهذا أمر مشاهد لمن تدبر أحوال العباد، فالشر طارئ عارض، والشدة بتراء لا دوام لها، فسرعان ما يزول ضررها الحالي، بظهور نفعها المآلي، لمن صبر واحتسب، فالثبات حال الصدمة الأولى ذريعة إلى تحصيل أعظم قدر من تلك المنفعة العاجلة، فالشر ليس إلى الله، عز وجل، شرعا، وإنما يقع بمقتضى كلماته الكونية النافذة، فيكون في المقدور الكائن لا في الفعل المُكَوِّن، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أكثر من موضع، وجاءت الباء المزيدة في: "بالله": توكيدا لذلك المعنى، فضلا عن وقوع نوع تشويق بإجمال أمر الكفاية ابتداء، ثم حصول كمال البيان بالتمييز: "وكيلا"، وهو خبر مضمن لمعنى إنشاء الاكتفاء بالله، عز وجل، وكيلا على حد التوكل التام عليه في تدبير أمر الدين والدنيا، فلا استقلال للعبد بذلك، بل لو وكله الله، عز وجل، إلى نفسه لهلك، فلا تحول له من حال إلى حال ولا قوة له على مباشرة ذلك الانتقال إلا بالله، عز وجل، فلا حول ولا قوة إلا به في تحصيل أسباب الشرع إذ الاستطاعة الكونية التي بها تقع الطاعات لا يوجدها في العبد إلا هو، فهي من لوازم هداية الإلهام التي لا يملكها إلا الرب، جل وعلا، على حد قوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، ولا حول ولا قوة إلا به في تحصيل أسباب الكون من مطعوم ومشروب ومنكوح ........... إلخ به يكون صلاح النوع الإنساني وبقاؤه، فآل المعنى إلى: واكتف بالله وكيلا، على حد ما قرره الزجاج، رحمه الله، في قوله تعالى: (كفى بالله شهيداً)، وإليه أشار ابن هشام، رحمه الله، في "المغني" بقوله: " والغالبة، (أي زيادة الباء توكيدا)، في فاعل كفى، نحو: (كفى بالله شهيداً) وقال الزجاج: دخلت لتضمن كفى معنى اكتفِ، وهو من الحسن بمكان". اهـ
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 10 - 2009, 05:28 م]ـ
ومن قوله تعالى: (فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ)
إذ حصل الاجتماع مع اختلاف النوايا، فغرض الكليم عليه السلام إظهار الحق بآية النبوة الصادقة، وغرضهم إظهار حجة فرعون بتخييلات السحرة الباطلة، فدلالة الإيجاد لدعوى الكليم شاهدة، إذ هي: (تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ)، والإتيان بالمضارع جار على ما تقدم مرارا من استحضار الصورة إذ هي من العجب بمكان، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فهي آية كونية دامغة لتخييلاتهم البصرية، فضلا عن دلالته على الحدوث والتجدد فوقع ذلك من الحية مرارا تقريرا للحجة، فبلوغها الغاية من الفعل بتكراره على حد التمكن فلا معارض لها آكد في تقرير حجة الكليم عليه السلام، ولذلك جاء الجواب على حد الفور:
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ
فذلك انقيادهم بالفعل قد سبق انقيادهم بالقول، وذلك المراد من تقرير أدلة الربوبية إيجادا وعناية في نصوص التنزيل، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا، ثم جاء القول مصدقا للفعل:
قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ
(يُتْبَعُ)
(/)
فعلقوا حكم الإيمان على وصف الربوبية العامة، إذ ما رأوا دليلٌ قاطع على ثبونها لله، عز وجل، على حد الكمال والانفراد، والربوبية الخاصة، إذ ذلك في حق الكليم وهارون عليهما السلام من قبيل العناية الخاصة بالرسل عليهم السلام بتأييدهم بالبراهين النقلية والعقلية المظهرة لحجتهم الرسالية على كل حجة أرضية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 10 - 2009, 07:20 م]ـ
ومن سياق إنجاء الكليم عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل تظهر دلالة العناية الخاصة بأحد أعظم الخلق قدرا عند الرب، جل وعلا، أحد أولي العزم من الرسل عليهم السلام، ثالثهم في المنزلة بعد الخليلين عليهما الصلاة والسلام: صاحب شريعة الجلال، من كان خلقه الشدة في دين رب العزة والجلال، المصنوع على عين رعاية الباري عز وجل، القريب من قلب من رآه برسم ما ألقاه الله عز وجل عليه من المحبة، مقدم أنبياء بني إسرائيل فرسالته معدن رسالاتهم وكتابه مهيمن على كتبهم فلم ينسخ المسيح عليه السلام منه إلا آيات، حتى بعث النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالكتاب المهيمن على التوراة وعلى غيرها من باب أولى فهي أعظم الكتب النازلة قبل الكتاب العزيز.
فهي، كما تقدم، من أدلة العناية الخاصة بمن ذلك وصفه، فمن غيره أولى بفرق البحر آية له ولقومه، فهم له تبع كرامة له عند ربه، عز وجل، فكثير منهم لا قدر له عند الرب جل وعلا، إذ قد ظهر من مكنون صدورهم باتخاذهم العجل ما يوجب سخطة الرب جل وعلا.
فـ: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ)
فنفى موسى عليه السلام إدراك جمع فرعون لجمعه مع وقوع الترائي بينهما، وهو مئنة من القرب الشديد، فعلة ذلك ما ذيل به على حد العلة التالية لمعلولها: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فأكد بالناسخ وأضاف المعية الربانية لنفسه على حد معية النصرة والعناية الخاصة التي هي من أوصاف فعل الرب، جل وعلا، المتعلقة بمشيئته النافذة، فيحدث من آحادها ما شاء كيف شاء متى شاء، فهو مع عباده على الذين هم على حد الانقياد الاضطراري بمعيته الكونية العامة، وهو مع عابديه الذين هم على حد الانقياد الاختياري بمعيته الكونية الخاصة، فذلك من أخص أوصاف ربوبيته، وهو لمن تأمله، من جملة أدلة الحس الظاهر على وجود الرب، جل وعلا، فإن نصرته وإنجاءه لأوليائه وخذلانه وإهلاكه لأعدائه أمر قد بلغ حد التواتر.
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ: على حد الوحي الشرعي إذ هو نبي مكلم ولا يخلو من معنى الإلهام الكلي الذي يشمل كل صور الوحي، وإضافة الوحي إلى الرب، جل وعلا، على حد التعظيم الذي دلت عليه: "نا"، مئنة من كمال عنايته بكليمه عليه السلام، والفورية في: "فانفلق": مئنة أخرى من تمام تلك العناية الخاصة، إذ وقع الانفلاق فورا، فمر الكليم بقومه وأغرق فرعون وجيشه.
فالآية: نص في إثبات الربوبية الخاصة: ربوبية المعية والعناية الخاصة بأولياء الرب، جل وعلا، وذلك معنى، كما تقدم، قد تواتر في كل الأعصار والأمصار، فلا يخلو زمان من فئة مؤمنة تقام بها الحجة على غيرها، فهي أهل للعناية والمعية الربانية فضلا من الله، عز وجل، بمقتضى ما كتبه الرب على نفسه، على حد قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 10 - 2009, 02:51 م]ـ
ومن قول الخليل عليه السلام:
(يُتْبَعُ)
(/)
(قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)
فصدر الخليل عليه السلام مقالته بالاستفهام الإنكاري، ثم ثنى بالبراءة من تلك الآلهة الباطلة فهي على حد العداوة إلا رب العالمين على القول بأنهم كانوا يؤمنون بالله، عز وجل، ويشركون معه غيره، فيكون الاستثناء متصلا، أو هم مشركون يعبدون غير الله، عز وجل، استقلالا فيكون الاستثناء منفصلا على تقدير: لكن رب العالمين هو معبودي، ثم أردف بالإطناب في أوصاف الرب، جل وعلا، إيجادا وعناية، فذلك جار مجرى التوطئة بأوصاف الربوبية لأحكام الألوهية، فيكون قوله: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ): جوابا لسؤال قد تبادر إلى ذهن السامع: وما أوصاف الرب الذي أفردته بالعبادة، فجاء الجواب كما تقدم: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ)، على حد قوله تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)، و: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)، فذانك ركنا الربوبية: ربوبية الإيجاد خلقا، وربوبية العناية: هداية وتدبيرا، ثم أطنب في بيان صور من دلالة العناية: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، على حد التوكيد بضمير الفصل فذلك مما نازع فيه البشر رب البشر جل وعلا، فادعت فئام منهم بلسان الحال أو المقال أنهم يرزقون العباد ويحيونهم ويميتونهم فلهم من دلالة العناية نصيب، وليس ذلك إلا للرب، جل وعلا، وإن نازعه فيهما من نازعه من طواغيت البشر، ثم ذكر طرفا من دلالة الإيجاد والإعدام بلا توكيد بضمير الفصل فهي من البداهة بمكان فالمحيي المميت هو الرب، جل وعلا، وبعثه الخلائق بعد الموت، أيسر بداهة من ابتداء خلقهم من العدم، وكلٌ على الباري، عز وجل، هين يسير.
ثم ذكر لازم ذلك من الألوهية فدعا إذ الدعاء من آكد صور التأله: (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ........... )، فآل السياق إلى التوسل بالعمل الصالح، إذ الإقرار بتلك الأوصاف الجامعات لمعاني الكمال: جلالا وجمالا، مما يصدر به الدعاء على حد التوسل بأسماء الله، عز وجل، وصفاته.
ففي السياق ما اطردت الإشارة إليه مرارا من التلازم الوثيق بين أخبار الربوبية وأحكام الألوهية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 10 - 2009, 06:15 م]ـ
ومن قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ)
فقالها نوح عليه السلام في معرض الاعتذار إلى الرب، جل وعلا، فقد أبلغهم الرسالة على حد هداية الدلالة فأبوا إلا الإعراض والكفران فدعا عليه السلام: الفتاح أن يفتح بينه وبينهم بقدره الكوني النافذ، فجاء الإنجاء بصيغة لا تدل على التكرار كـ: "نجينا" مئنة من نفاذ الأمر، فضلا عن دلالة الفاء على الفورية فذلك من دلالة العناية الخاصة بالنبي وحزبه من المؤمنين واكتملت المنة الربانية كما في قصة الكليم عليه السلام، بإهلاك حزب أعدائه الكافرين، والنجاة هنا لا يلزم منها مباشرة العذاب ثم الفكاك منه، بل يطلق على من لم يباشره وقد انعقدت أسبابه واقترب أوانه، يطلق عليه وصف النجاة من العذاب وإن لم يشهده أو يذق طرفا من آلامه.
وجاءت أفعال الربوبية: "فَأَنْجَيْنَاهُ"، و: "أَغْرَقْنَا" بصيغة التعظيم الذي دلت عليه: "نا" في مقام جلال يلائمه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 10 - 2009, 05:46 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)
فالاستفهام إنكاري توبيخي، والآية هي البناء العظيم، فكان لهم من ربوبية الإيجاد: الخلق العظيم، ومن دلالة العناية: وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ: على حد البدل المطابق، ولذلك حسن الفصل لكمال الاتصال، وإنما أجمله ابتداء ثم فصله تقريرا للمنة الربانية، إذ في عطف الخاص المبيِّن على العام المبيَّن نوع تشويق بإيراد المبدل منه موطئا للبدل.
وعدد أجناس العناية على حد التفصيل إمعانا في تقرير المنة الربانية.
وعلل الأمر بالتقوى على حد الفصل على ما تقرر من تذييل المعلول بعلته فعلته المؤكدة بالناسخ: "إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ"، فذلك غاية ما تقرر من أدلة الربوبية، إذ مخالفة الأمر الشرعي مع توارد النعم الكونية، بل مع امتناعها إذ الرب هو المحمود بكمال ذاته وأوصافه وصل إلى المكلف من آثارها شيء أو لم يصل، فكيف والخلق في آثار رحماته الشرعية والكونية يتقلبون، فآثار النعمة الشرعية العظمى: نعمة النبوة: حافظة لأرواحهم، وآثار النعم الكونية: حافظة لأبدانهم، مخالفة الأمر الشرعي على التفصيل السابق مظنة وقوع العذاب الكوني جزاء وفاقا، فيدل بمفهومه على امتناع التعذيب بالتزام أحكام التكليف، فليس لله حاجة في تعذيب عباده وقد خلقهم ليرحمهم، وابتلاهم ليطهرهم، فـ: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)، فالتكليف لا يكون إلا بمقدور رحمة بالمكلفين، والعقاب لا يكون إلا على ترك ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، فهو عند التحقيق، لهم لا عليهم، إذ هو زجر ووعيد يحمل المكلف على امتثال المأمور فعلا، وامتثال المحظور تركا. وبه يظهر عدل الرب، جل وعلا، وحكمته إذ قد باين في الجزاء فرعا عن التباين الكائن في الأعمال فلا يستوي أصحاب الطاعة وأصحاب المعصية على حد قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)، فالتسوية بينهما جارية مجرى التسوية بين المختلفات وذلك خلاف القياس العقلي الصريح، كما تقدم في أكثر من موضع، فهو محط الإنكار الإبطالي في قوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 10 - 2009, 05:41 م]ـ
ومن قوله تعالى: (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)
فذكرهم بدلائل العناية من الجنات والعيون وما تحويه تلك الجنات من زروع ونخيل، فضلا عن ربوبية إيجادهم على حد من العظمة والقوة بلغ نحت الجبال.
ثم ذكر آية كونية في معرض التحدي، على غرار ما تقدم من عصا موسى، فجنس انقلاب الجماد حي في كليهما كائن، فالناقة آية كونية في معرض تقرير ربوبية إخراج الحي من الميت.
وعلى ما اطرد من قياس الطرد في حال الأمم المكذبة، لما كذبوا بقلوبهم وألسنتهم، وتعدوا بأفعالهم، فعقروا الناقة التي اقترحوها بأنفسهم آية، جرت عليهم سنة الإهلاك الكونية على حد المضي والفور الذي دلت عليه الفاء في: (فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ)، فذلك من جهة: مئنة من ربوبية الجلال، ومن جهة أخرى: مئنة من وجوب امتثال أحكام النبوات تألها لئلا يقع العذاب على حد الاستئصال، كحال الأمم الماضية، أو التنقص بكثرة الأسقام والأوبئة وكثرة الهرج كما هو مشاهد في واقعنا المعاصر إذ استوجب حالنا وقوع النقمة الكونية عدلا، فلو راجعنا ديننا لارتفعت وحلت محلها النعمة الكونية فضلا.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 05:50 م]ـ
ومن قوله تعالى: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183)
وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
فأمرهم بعد التوحيد بإيفاء الكيل فتلك نقيصة ابتلوا بها، وأطنب في تقرير ذلك المعنى بقوله: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)، فخص ثم ذيل بالعموم: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). وهو عموم مؤكد بالحال التوكيدية لمعنى عاملها إذ لا يكون الفعل: "تعثوا" إلا على حد الإفساد بخلاف السعي أو السير فإن معناهما الكلي منقسم إلى ما فيه الصلاح وما فيه الفساد.
ثم استدل على أحكام الألوهية بدلالة ربوبية الإيجاد: (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ)، على ما اطرد مرارا من التلازم بين أحكام الربوبية وأحكام الألوهية.
وأطنب بذكر الجيل الحالي والأجيال السابقة مئنةً من عموم قدرة الرب، جل وعلا، على الإيجاد، وجاء في سياق آخر قدرته على إيجاد ما سيكون بمقتضى قدره الكوني النافذة وحكمته البالغة، فقال تعالى في سورة النحل: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، فاستوفى بذلك أوجه القسمة العقلية الممكنة في معرض تقرير عموم قدرته النافذة فخلق السابق والحالي واللاحق الذي قدر خلقه من الأزل ولما يخرجه إلى عالم الشهادة بعد.
والإتيان بالموصول أبلغ في تفريع حكم: "اتقوا" على المعنى الذي اشتقت منه الصلة: "خلقكم"، فذلك آكد في التقرير من الإتيان بالمعنى صراحة.
ولما تحدوه وبارزوه بالتكذيب جاء العذاب على حد الفور والتعقيب في: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، فكان آية من آيات ربوبية الجلال القاهر.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 10 - 2009, 04:39 م]ـ
ومن قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)
فناداه الله، عز وجل، على حد الوصف لا الضمير أو الاسم العلم: "موسى" إيناسا له، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، وسبح نفسه، جل وعلا، على حد الألوهية: "اللَّهِ"، و الربوبية: "رَبِّ الْعَالَمِينَ" فله جل وعلا منهما الوصف الكامل على حد الانفراد، وذلك مما يلائم التوطئة إلى ما بعد ذلك من الإنعام على الكليم عليه السلام بنعمة النبوة: أعظم صور العناية الربانية بالخلق الذين هم في أمس حاجة إليها، إذ بها قوام أرواحهم كما بالطعام والشراب قوام أبدانهم، فالرب، جل وعلا، هو المتصرف في أمر خلقه المدبر لهم بما فيه صلاح أديانهم وأبدانهم، وهو العالم حيث يجعل رسالته فيصطفي لذلك أكمل خلقه: خُلُقا وخَلْقا، وهم الأنبياء عليهم السلام، ثم ذيل بتوطئة أخرى لتلك النعمة الربانية السابغة:
يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ:
(يُتْبَعُ)
(/)
فهو، جل وعلا، على حد القصر بتعريف الجزأين العزيز الذي يهب من يشاء فضلا، ومن ضمن هباته بل أعظم هباته: هبة النبوة فلا تكتسب بنظر أو رياضة، ويمنع من يشاء عدلا، الحكيم: الذي يضع الشيء في موضعه، فلا يضع الهداية في غير محلها ولا يصطفي لنبوته من ليس لها بأهل.
ثم جاء الإطناب بذكر صور من صور دلالة الإيجاد الكونية على حد ما تقدم من ذكر معجزات الكليم عليه السلام:
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ:
فالحال: "مدبرا" مؤكدة لعاملها: "ولى"، مبينة لهيئته، وعطف: "وَلَمْ يُعَقِّبْ" مئنة من عظم خوف الكليم عليه السلام من تلك الآية الكونية الباهرة، فجاء النهي إيناسا له: "لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ": فخلعت عليه خلعة النبوة، وأكرم بها من خلعة.
ثم جاءت آية اليد كما تقدم ذلك أيضا:
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ:
فتلك تسع آيات كونية على حد الإعجاز في معرض تأييد الرسول البشري، هي مئنة من كمال ربوبية الرب العلي، جل وعلا، ففيها من دلالة الإيجاد ما يخرم السنة الكونية المطردة على وجه لا يقع إلا للأنبياء، عليهم السلام، في معرض التحدي، مئنةً من دلالة العناية الخاصة بهم بإجرائها على أيديهم كرامة لهم وتأييدا.
فكان جواب القوم:
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ: فالآيات قد بلغت حد البيان التام الرافع لكل لبس أو إجمال حتى صحت نسبة الإبصار إليها، وإنما الإبصار في الحقيقة وصف الناظر فيها، ومع ذلك لم يلتزموا لازمها إذ هي، كما تقدم مرارا، توطئة للتكليف بأحكام الألوهية، فلا يجريها على يد بشر إلا رب البشر القدير الخلاق العليم الحكيم، فإذ ثبتت له هذه الأوصاف الربانية على حد الكمال المطلق، فالواجب في حقه أن يفرد بالتعبد والتأله على حد الخضوع الباطن والانقياد الظاهر.
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ:
فذلك جار مجرى الاعتبار بالنظر في أحوال الأمم الغابرة على حد قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، فإن لحوق الذم بها مئنة من لحوقه طردا بمن قام به وصف التكذيب الموجب له، فذلك من القياس الجلي أو المساوي، وعدم لحوقه بمن لم يتصف بالوصف الموجب له ثابت عكسا، فذلك قياس العكس، فالحكم مطرد منعكس.
فكفرهم كفر جحود من بلغته الحجة على حد البيان الملزم فردها ظلما وعلوا، فذلك من جنس الظلم الأعظم، ولا يكون ذلك إلا مقرونا بإرادة العلو والطغيان، فهما أمران متلازمان فما رد أحد شريعة إلا لكبر في نفسه، وذلك مما يناقض وصف العبودية التي يلائمها التواضع والخضوع لأمر الرب، جل وعلا، الشرعي المهيمن.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 10 - 2009, 06:19 م]ـ
ثم ذكر طرفا من خبر داود وسليمان ضمنه دلائل عناية خاصة بهما، إذ هما من اجتمع فيه وصف الرسالة ووصف الملك من بني إسرائيل فكان ملكهما بيانا عمليا لحكم الرسالة السماوية للأمم والممالك الأرضية، وذلك معنى مطرد في كل الرسالات، رغم أنف العلمانيين، فأعدل الأحكام وأكمل الأحوال لا تكون إلا في ظل النبوة أو الخلافة لها على حد الرشد بإعمال شرائعها، فحيث كانت النبوة: كان العدل الذي يأمن الناس فيه على أديانهم وأبدانهم فالنبوة قد عمت بركتها الموافق والمخالف، فالموافق ينعم بها في الأولى والآخرة، والمخالف ينعم بعدلها في دار الابتلاء، ومرده إلى دار العذاب إذ لم يؤمن بها مع ظهور حجتها وسطوع أدلتها.
وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا: فتلك أعظم المنن ولذلك قدمت على نعمة الملك الدنيوي، ولازم النعمة شرعية كانت أو كونية: الحمد فهو من التكليف الشرعي على ما اطرد مرارا من التلازم الوثيق بينهما:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ: وراثة نبوة إذ قد وردت في سياق مدح ولا يمدح ابن بوراثة ملك أبيه الدنيوي، وإلا صح مدح كل من مات أبوه فخلف له تركة يرثها وراثة التعصيب، وذلك من الفساد بمكان.
وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ: فذلك خصوص في معرض بيان دلالة العناية الربانية به، ثم جاء الإطناب بالعموم: وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: فـ: "كل": بحسب السياق الذي ترد فيه، فآل المعنى إلى: وأوتينا من كل شيء يؤتاه الملوك من أبهة الملك، والإتيان بلفظ الإتيان الذي لا يقبل المطاوعة آكد في تقرير النعمة الربانية عليهما، فالنبوة: عطاء رباني ملزم لا يقبل الرد أو الاستقالة.
ثم جاء التذييل بوصف ذلك الملك على حد ما تقدم من الإطناب في تقرير نعمة الرب، جل وعلا، عليهما: الشرعية بالنبوة والكونية بالملك.
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ.
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ: فذلك مشهد آخر يبين ما اختص به سليمان عليه السلام من نعمة تسخير الكائنات له على حد الجندية فهي بأمره تعمل، وهو بأمر من ملكه وأنعم عليه بنعمة الوحي يعمل، فكل في فلك طاعة الرب، جل وعلا، يسبح.
ولما ظهرت صورة من صور تلك العناية به إذ علم منطق النمل، أردف بلازم ذلك من الأمر الشرعي: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ): فصدر الدعاء بالربوبية إذ المقام مقام تقرير للنعمة الربانية، والنعم من آثار صفات جماله، جل وعلا، كما أن النقمة من آثار صفات جلاله عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 10 - 2009, 02:58 م]ـ
ومن خبر الهدهد في سورة النمل:
(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).
فكان ذلك الهدهد صحيح المعتقد، متين الديانة، شديد الغيرة على مقام الربوبية الذي انتهكه أولئك بالسجود للشمس، إذ زين لهم الشيطان عبادة النجوم والكواكب على وزان ما وقع فيه الصابئة من الفلاسفة ومن شاكلهم ممن ردوا ربوبية الخلق إلى الباري، عز وجل، ونسبوا ربوبية التدبير إلى الأجرام السماوية، وذلك من الشرك في الربوبية الذي مؤداه: الشرك في الألوهية بتعليق الخوف والرجاء بمن بيده تدبير من في الأرض ومن في السماء، فلا ينفك فساد أحد نوعي التوحيد عن فساد في الآخر، فذلك من التلازم بمكان، فمن انتقص من وصف الرب أو فعله نقص من إيمانه بقدر ذلك إلى حد المروق من الديانة.
فالشاهد أنهم عطلوا الرب، جل وعلا، عن وصف ربوبيته المهيمن، فتعطلت بواطنهم وظواهرهم عن جنس الطاعات التي بها يتأله المؤمن.
ثم ذيل الهدهد مقالته بطرف من دليل العناية بالبشر إذ ألهمه الكشف والتنقيب عن الماء الذي به قوام الحياة، فمن ركب الهدهد على هذا الحد من الإعجاز بإلهامه طرائق تتبع الماء في باطن الأرض، فذلك من دلائل إيجاده البديع، ومن امتن على البشر بإيجاد تلك الأدلة الهادية إلى سبب الحياة، ومن علم خبايا النفوس كما قد علم الهدهد معرفة خبايا الأرض، فالتذييل بعلمه، جل وعلا، السر والعلن مما يلائم وصف الهدهد، من ذلك وصفه هو وحده المستحق للسجود الذي صدر به الهدهد قوله، فالتذييل بأوصاف الربوبية: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)، والإطناب بذكر ربوبيته لأعظم المخلوقات: العرش، جار مجرى التذييل بالعلة، فذكر
(يُتْبَعُ)
(/)
المعلول وهو: واجب الألوهية عملا، وذيله بالعلة: واجب الربوبية علما.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[19 - 10 - 2009, 05:13 م]ـ
لا نجد لك جزاءً إلا الدعاء بأن يتقبل الله منك عطاءك
ويغفر لك ذنبك, ويستر عيبك, ويزيل همك وغمك
ولا زلنا نتلهف إلى عطائك
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 10 - 2009, 03:01 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا طارق على حسن الظن وطيب القول، وجعل لك ولكل الإخوة الكرام من هذا الدعاء الطيب أوفر نصيب.
ولما طلب عرشها جاء الجواب ممن أوتي العلم فهو أصح الناس إرادة وعملا، إذ بصلاح القوة العلمية الباطنة يكون صلاح القوة العملية الظاهرة فـ:
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ: فذلك استقرار خاص يزيد على معنى الاستقرار أو الكينونة المضمرة في الظرف: "عِنْدَهُ"، فذلك أبلغ في تقرير هذه الكرامة الربانية التي أجراها الله، عز وجل، على يد ذلك العالم بالكتاب، فهي جارية مجرى دلالة العناية الخاصة بذلك الولي، رضي الله عنه، إذ خرق له العادة، وذلك النبي الكريم عليه السلام إذ سخر له جندا هذا وصفهم من القوة والقدرة، ولذلك عقب سليمان عليه السلام، بواجب الشكر على تلك العناية الربانية الخاصة فقال:
قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ: فذلك من تواضعه لربه، عز وجل، وعظم فقهه بما انطوت عليه النعمة الكونية من الابتلاء الشرعي بأداء حقها من الشكر باطنا وظاهرا.
ثم ذيل في مقام تنزيه الرب، جل وعلا، عن الافتقار إلى طاعة خلقه أو النقصان في ملكه بمعصيتهم:
وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ: على حد قوله تعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا).
وعلى سبيل المقابلة استيفاء للقسمة العقلية:
وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ: فذكر وصف الرب إذ المقام مقام تقرير ربوبية الاستغناء عن الأسباب، وأضاف اسم الرب إلى نفسه على جهة الاختصاص، فتلك من الربوبية الخاصة التي حظي بها الأنبياء عليهم السلام، وذلك جار على ما تقدم من عنايته، جل وعلا، بعبده ونبيه سليمان، عليه السلام، إذ آتاه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.
(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ):
ولما رأت بلقيس، رضي الله عنها، وكانت آنذاك على الشرك، لما رأت ذلك الصرح، وهو آية أخرى من آيات العناية الخاصة بسليمان عليه السلام، لما رأته، استدلت برجحان عقل وصحة قياس ودقة نظر يفتقدها أذكياء الرجال في واقعنا المعاصر، استدلت بتلك الآلة العقلية الكاملة على وحدانية إله سليمان عليه السلام وكمال ربوبيته بما أجراه على يده من خوارق العادات، وهي من أدلة النبوات، فتوسلت بذلك إلى توحيده في ألوهيته على ما اطرد مرارا من التلازم الوثيق بين نوعي التوحيد: الربوبية بأفعال الرب، والألوهية بأفعال العبد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 10 - 2009, 05:31 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61))
فـ: "خير": منزوعة الدلالة على التفضيل إذ لا خير في آلهتهم أصلا، وإنما سيق التفاضل تنزلا مع الخصم لإظهار كمال عجز آلهته في مقابل كمال قدرة الرب جل وعلا، وهو الذي أطنب في بيانه في الآيات التالية، على التذييل بالعلة، فإن عيب آلهتهم بالنقص ومدح الرب، جل وعلا، بالكمال، في معرض التفضيل في باب الألوهية علته انفراده، جل وعلا، بأوصاف الربوبية المذكورة في الآيات التالية، كما تقدم، فمنها آيات دالة على:
ربوبية الإيجاد:
أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ:
فالإضراب بـ: "أم" التي أشربت معنى: "بل": إضراب انتقالي من المعنى التهكمي الذي دلت عليه المفاضلة السابقة على حد التنزل في الجدال، كما تقدم آنفا، إلى المعنى التقريري لربوبية الباري، عز وجل، الذي أوجد السماء والأرض لا على مثال سابق، فهو: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فمن بدع الكون على هذا النحو المتقن فأمره فيه مقضي على حد النفاذ لا محالة، فإذا صدر الأمر التكويني: "كن": ظهر الكائن به بعد صدوره على حد الفور بلا تراخ مئنة من كمال ونفاذ قدرته الكونية جل وعلا.
فخلقها تقديرا من الأزل وإيجادا لما شاء فأمر فكان المأمور اللاحق على حد المقدور السابق، فذلك مئنة من كمال قدرته وإتقان صنعته فهي صنعة عليم بالمقادير حكيم في إجرائها وإظهارها في عالم الشهادة على حد تظهر به آثار حكمته البالغة، فضلا عما يصل عباده من آثار رحماته بمصالح عاجلة وآجلة يستقيم بها أمر المعاش والمعاد، فهو المحمود، جل وعلا، لكمال ذاته وصفاته، المحمود لما يصل إلى عباده من آثار ذلك الكمال من الرحمات العاجلة والآجلة، فبرحمة الرحمن يستقيم أمر الخلائق في دار الابتلاء، وبرحمة الرحيم ينعم أهل الإيمان في دار الجزاء.
ثم ثنى بدليل جامع بين الإيجاد بإحياء الأرض الموات بأجناس الأشجار والثمار، والعناية بخلقه إذ ينتفعون بتلك الثمار إقامة لأبدانهم، كما ينتفعون بالوحي الهادي إقامة لأرواحهم.
وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا: فنسب الإنزال والإنبات إليه، جل وعلا، إذ هو مجري سببه، بتأليف السحاب وإنزال الماء وإنبات الحب في الأرض، فأزال شبهة من رد الأمر إلى السبب وغفل عن المسبِّب، جل وعلا، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فمن غلا في الأسباب فقد قدح في التوحيد، ومن أهملها فقد قدح في الشرع الذي أقيم على مباشرة الأسباب على حد التعبد والديانة، يقول ابن تيمية رحمه الله:
"فَالِالْتِفَاتُ إلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ؛ بَلْ الْعَبْدُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَوَكُّلُهُ وَدُعَاؤُهُ وَسُؤَالُهُ وَرَغْبَتُهُ إلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَاَللَّهُ يُقَدِّرُ لَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ - مِنْ دُعَاءِ الْخَلْقِ وَغَيْرِهِمْ - مَا شَاءَ". اهـ
ثم نفى ذلك الفعل عنهم على حد الكون المنفي إمعانما في اختصاصه بذلك الوصف الرباني، ثم جاء لازم ذلك من الإشارة إلى مسألة العبودية على حد الإنكار الإبطالي: " أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ".
ثم جاء الإطناب في تقرير ذينك البرهانين:
أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ:
فالجعل في السياق كوني ولا تخلو الآية من دلالة عناية إذ ذلك من النعم الكونية، فالأرض قرار، والرواسي أوتادها، والأنهار العذبة تجري خلالها، والحاجز بين العذب والمالح كائن صيانة لكل أن يختلط بالآخر، فلكل منفعته، بل بين البحور حواجز كائنة، هي بمنزلة الطور الانتقالي من خصائص بحر إلى خصائص آخر، وإن كان كلاهما على وصف المالح كائن.
ثم ذيل بالاستفهام الإنكاري الإبطالي: "أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" باعتبار كون ما دون الله، عز وجل، من المعبودات باطلا، وهو توبيخي لهم باعتبار اتخاذهم تلك الآلهة ولو كانت باطلة: كائنا واقعا فاستحقوا التوبيخ عليه.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 10 - 2009, 09:53 م]ـ
ومن قوله تعالى:
(أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ):
فذلك من ربوبية العناية العامة بكل مضطر، وإن كان كافرا، على حد قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا)، فـ: "أل" في "المضطر" جنسية استغراقية، وذلك مما يستدل به المصنفون في أصول الدين على وجود الله، عز وجل، بدلالة الحس، فإن إجابة الدعاء عموما، ودعاء المضطرين خصوصا، مئنة من وجود قوة قادرة مهيمنة تكشف الضر والسوء بقدر كوني نافذ لا راد له ولا معارض من إرادات البشر، فلا يملك أحد كشف ضر إذا لم يرده الباري، عز وجل، ولا يملك أحد إيصال نفع إن لم يرده، تبارك وتعالى، فلا مبدل لكلماته الكونيات بالعافية أو الابتلاء، فمن عافاه بكشف الضر فذلك من فضله، ومن ابتلاه بإيصاله إليه فذلك من عدله، فلا يسأل عما يفعل لتمام قدرته وحكمته، وغيره عن فعله مسئول فرعا عن كونه مبتلى بالشرع تصديقا وامتثالا، والقدر صبرا واحتسابا.
ثم ذكر من دلائل العناية: جعلهم على حد الاستخلاف في الأرض: استخلاف الابتلاء إذ لا يغيب، جل وعلا، بأوصاف كماله المحيطة عن كونه، بل هو معنا بعلمه فينا، وجنده من الملائكة الكتبة والحفظة.
وذكر أيضا على ذات الحد من ربوبية العناية:
هدايتهم في الظلمات وإرسال الرياح بشرا بين يدي رحماته من الغيث النازل من السماء، فالتعبير بالرحمة من باب ذكر المسبِّب وإرادة المسبَّب، إذ الغيث عن رحمته صادر وبكلماته الكونية النافذة كائن، وذيل كلاً بلازم ذلك من وجوب إفراده بالألوهية إذ قد ذم من اتخذ معه آلهة بما دل عليه الاستفهام الإنكاري على إبطال لطريقته وتوبيخ له فقد حاد عن طريقة النبيين إلى طرائق المشركين.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 10 - 2009, 03:05 م]ـ
ومن قوله تعالى: (أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)
فبدء الخلق: ربوبية إيجاد أولى بالإبداع على غير مثال سابق.
وإعادته: ربوبية إيجاد ثانية، وهي، كما سبق في مواضع أخرى، أهون من الأولى، فقياسها عليها في معرض إثبات البعث الآخر من قبيل: قياس الأولى، ودلالة: "ثم" على الترخي مما يلائم الواقع في عالم الشهادة، إذ يعيش الإنسان بعد إيجاده الأول سنوات ثم يقبر دهورا، ثم يبعث يوم القيامة عقيب النفخة الثانية، على حد قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ).
ثم ثنى بذكر ربوبية العناية فالرزق النازل من السماء: وحيا كان أو مطرا، مئنة من كمال عنايته، جل وعلا، بالبشر: إذا أنزل لأرواحهم الوحي الذي هو روح أخرى تحيى به النفوس بل هو أعظم قدرا من الروح المخلوق، فهو روح غير مخلوق، قد صدر من الباري، عز وجل، صدور الوصف من الموصوف، بخلاف الروح الذي بين جنبي الإنسان فهو روح مخلوق قد صدر من الباري، عز وجل، صدور المخلوق من الخالق، فلا يستوي الروحان، وإن اشتركا في المبنى اللفظي والمعني الكلي المشترك فالتواطؤ بينهما: تواطؤ في أصل المعنى على حد الاشتراك المعنوي لا تطابق في الحقيقة، إذ لكل حقيقته اللائقة به، فلوصف الرب، جل وعلا، حقيقة تليق بكماله، وللروح المخلوق حقيقة تليق به، ومرد كليهما عند التحقيق إلى كلمات الرب، جل وعلا، إذ الروح النازل من كلماته الشرعيات الحاكمات، والروح المخلوق قد كان بكلماته الكونيات النافذات.
وأنزل لأبدانهم الماء الذي به تكون الحياة، على حد قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)، وإطلاق الرزق على الماء من باب المجاز المرسل عند من يقول بوقوعه في التنزيل، إذ أطلق المسبِّب وأراد المسبَّب، فبالماء ينبت الرزق من الأرض، فيتناوله الإنسان والبهيم فتقوم به الأبدان، فضلا عن كونه رزقا في نفسه، إذ هو مما يتناول، أيضا، لحفظ الأبدان، بل حاجة البدن إليه، أعظم من حاجته إلى مسبَّبه من الرزق المطعوم، ولذلك كان تناوله أيسر، فذلك من رحمات الرب، جل وعلا، الكونية بعباده إذ الشيء كلما كان الناس إليه أحوج كان تناوله أيسر وأسهل، وذلك، معنى مطرد، في الأرزاق النفسانية والأرزاق البدنية، كما قرر ذلك ابن تيمية، رحمه الله، في "النبوات"، فحاجة البشر إلى رزق النبوة أعظم حاجة، ولذلك أقام الله، عز وجل، عليها من الدلائل النقلية والعقلية والحسية ما بلغ حد التواتر الذي يورث الناظر فيه اليقين بصحة أو كذب مدعي الرسالة فلا يختلط عليه الأمر، ولذلك كانت دلائل نبوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم أظهر وأكثر من دلائل نبوة غيره من الرسل عليهم السلام إذ رسالته عالمية لكل أمم الأرض، فلزم أن تكون حججها أقوى ودلائلها أظهر لتقام بها الحجة الرسالية على سائر الأمم.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 10 - 2009, 05:44 م]ـ
ومن قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
فذلك من الاستفهام الإنكاري التوبيخي لهم إذ أعرضوا عن آيات هي في سلك ربوبية العناية بهم، وبأبدانهم على وجه الخصوص، منتظمة، فالجعل في الآية على حد التكوين، وقد استوفى شطري القسمة العقلية الزمانية: الليل زمن الراحة والسكون، والنهار زمن السعي والاكتساب، وقد أسند إليه وصف الإبصار مبالغة على حد المجاز العقلي عند من يقول بجوازه في آي الكتاب العزيز، وإليه أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله: "ووصف النهار بمبصر مجاز عقلي للمبالغة في حصول الإبصار فيه حتَّى جعل النَّهار هو المبصر. والمراد: مبصِراً فيه الناسُ". اهـ
والرؤية في هذه الآية جامعة بين:
رؤية البصر فبها تحصل صورة المعلوم الخارجي في الذهن، وهي رؤية عامة يشترك فيها كل المكلفين، بل هي في غيرهم من الكائنات الحية المتحركة الحساسة كالأنعام كائنة فلا اختصاص لهم بها، ولا معنى فيها يوجب المدح أو الذم ابتداء
والرؤية العلمية فبها يعمل العقل ذهنه فيما يرد إليه من صور خارجية فهي بمنزلة البيانات التي تفتقر إلى التحليل والتدقيق لاستنباط حكم منها، فتلك مما اختص به أولوا العقول المكتملات، فمن اقتصر على النوع الأول فهو والبهيمة سواء، إذ لم يستفد من عقله تصورا علميا صحيحا يتذرع به إلى حكم عملي صحيح، فلو تدبر في آيات الكون، لاستنبط منها وجوب اتباع الشرع، إذ من ذلك وصف خلقه من الإتقان لا بد أن يكون حكمه قد بلغ الغاية من الإحكام، فهو الخالق المقدر الذي أخرج الأعيان وفق ما قدر، وأنزل من الوحي ما تنتظم به أمور العالم إن سار العباد على وفق ما شرع، فالقدر والشرع متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فالقدر من ربوبيته، والشرع من ألوهيته، فالأول: ملزوم والثاني لازمه، إذ انفراده بوصف الربوبية العامة على حد الانقياد والخضوع القهري لما قدره أزلا في عالم الغيب العدمي وقضاه في عالم الشهادة الوجودي: دليل استحقاقه كمال الألوهية على حد الانقياد والخضوع الاختياري، فإذا كانت عنايته الكونية قد عم نفعها الأبدان، فإن عنايته الشرعية قد عم نفعها الأرواح، وإن اختص بكمال الانتفاع بها من سدد فالتزم أحكامها كاملة، إذ بقدر النقصان في ذلك يكون نقصان الانتفاع بها في صلاح أمر الدنيا الحاضر، وصلاح أمر الآخرة الغائب، وهو الأولى بالاعتبار عند كل عاقل ينظر في المآلات.
ولذلك ذيل بقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ): على حد الفصل لكمال التلازم بين ما تقدم من آيات الكون، وما يلزم منها من وجوب الإيمان بالشرع، فهو المراد لذاته، فالنظر في آيات الكون ذريعة إلى امتثاله.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 10 - 2009, 02:42 م]ـ
ومن قوله تعالى:
(وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ):
فتلك حجتهم الباهتة، إذ فيها من سوء الظن بالباري، عز وجل، ما فيها، فإن التزام الهدى مظنة تمكينهم لا إسلامهم إلى أعدائهم، وإن ابتلي حزب الإيمان بالتضييق والاستئصال الجزئي، فإن العاقبة والدولة لهم، وإن ظهر عليهم أعداء الرسالة في جولة أو جولات.
وجاء الفعل على حد الزيادة في المبنى مئنة من الزيادة في المعنى الذي يتذرع به أولئك إلى الإقامة على ما هم فيه من الضلال، على حد: الضرورات تبيح المحظورات!.
وتلك حجة من البطلان بمكان، ولذلك جاء التعقيب بتذكيرهم بدلائل العناية بهم من الأمن وسعة الأرزاق، و: "كل" بحسب السياق الذي ترد فيه إذ العموم هنا مخصوص بما يجبى إلى مكة من الثمار فليست ثمار كل شيء بداهة، وإنما جاء العموم تقريرا لعظم المنة الربانية عليهم.
وإليه أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله:
"و {كل شيء} عام في كل ذي ثمرة وهو عموم عرفي، أي ثمر كل شيء من الأشياء المثمرة المعروفة في بلادهم والمجاورة لهم أو استعمل {كل} في معنى الكثرة". اهـ
أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ: فذلك من الاستفهام التقريري للنعمة الكونية السابغة: نعمة الأمن التي لا تطيب نعمة إلا بها، فلو جمعت لك كل النعم مع افتقارك إلى الأمن فأنت في خوف ينغص عليك لذات تلك النعم، ولا يدرك ذلك إلا من ابتلي بالخوف على النفس أو المال أو العرض أو الولد، فمن عافاه الله، عز وجل، من ذلك الابتلاء العظيم فليسأل الله، عز وجل، السلامة في دينه ودنياه، وليدم الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه، وليلتزم الطاعة ويجتنب المعصية صيانة لتلك النعمة إذ بذهابها يصير الحي في عداد الأموات فانتفاعه بحياته قد زال أو كاد.
وهو من جهة أخرى توبيخي لهم في معرض تذكيرهم بدليل العناية بهم مع توليهم عن أداء شكرها، بل تلبسهم بضده من الجحود والكفران، فناسب ذلك تقدير معطوف يزيد معنى التوبيخ شدة على وزان: أتركناهم ولم نمكن ........ ، ووصف الحرم بالأمن، فذلك أساس كل نعمة، كما تقدم، ثم جاء الوصف بجملة: "يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ" على حد المضارعة إمعانا في تقرير تلك العناية. أو هو بمنزلة الحال من النكرة: "حرما" إذ أكسبها الوصف: "آمنا": نوع تخصيص جوز وقوع الحال منها.
ثم جاء الإطناب في معرض تقرير هذه النعمة الربانية بحال أخرى: "رزقا" من: "ثمرات".
وقوله: "من لدنا": مئنة من عظم وشرف هذا الرزق، فشرفه من شرف من صدر عنه صدور المخلوق من خالقه، على ما اطرد من دلالة: "من" على ابتداء الغاية فابتداء غاية كل نعمة شرعية وكونية من رب البرية جل وعلا.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 10 - 2009, 06:00 م]ـ
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ):
فالاستفهام الأول "أَرَأَيْتُمْ": تقريري والرؤية فيه علمية، والاستفهام الثاني "مَنْ إِلَهٌ": إنكاري، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، وجيء بـ: "إن" لندرة بل استحالة ذلك بمقتضى السنة الكونية الجارية إلا أن يشاء الله، عز وجل، خرقها، فهو على حد: "إن كان للرحمن"، في قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)، فذلك من المحال، وإنما فرض تنزلا مع المخاطب، فناسب أن يجيء الشرط بـ: "إن" الدالة على ندرة وقوع الشرط أو استحالته، فليس كل ما اشترط لفظا بكائن فعلا، بل قد يمتنع لدلالة الشرع والعقل والحس على امتناعه، فالنقل الصحيح والعقل الصريح والفطرة السوية والحس السليم شاهد بانتفاء الشريك أو الولد عن الأحد الصمد عز وجل.
والجعل في الآية كوني، إذ هو في معرض الامتنان على الخلق بتعاقب الجديدين: الليل والنهار، وتلك نعمة صادرة من كمال ربوبيته بكلماته التكوينية النافذة.
فمن إله غير الله يأتيكم بضياء، والجواب بداهة: لا أحد، فتلك من عنايته بخلقه التي لا يشاركه فيها أحد إذ لا رب سواه، ولازم ذلك ما أشار إليه السياق بذكر لفظ: "إِلَهٌ": إذ لا إله معبود بحق سواه فرعا عن: لا رب صانع منعم معتن بالخلق بما أجراه عليهم من نعم الكون سواه، على ما تقرر من كون دليل العناية ذريعة إلى إثبات العبودية: المرادة لذاتها من هذا التقرير العقلي البديع الذي رتبت فيه النتيجة على السبب في نسق لفظي ومعنوي محكم يستنطق الخصم بالحجة الداحضة لمقالته فذلك آكد في إقامتها عليه.
وجاء التذييل بـ: "أَفَلَا تَسْمَعُونَ": على حد الاستفهام الإنكاري التوبيخي لتوليهم عن سماع التدبر الذي ينتفع به، وإن حصل لهم سماع الإدراك الذي تقام به الحجة عليهم، والسمع يلائم ظلام الليل، إذ الظلمة تحد من قدرة العين على الإبصار فيصير مناط التدبر آنذاك ما تتلقفه الأسماع من صحيح الأدلة والحجج السمعية والعقلية.
وعلى سبيل استيفاء القسمة العقلية وإظهارا لعظم النعمة بتعاقب الضدين دون الاقتصار على أحدهما ولو كان أكمل وأعظم إذ اسنمراره سرمديا مظنة السآمة، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فضلا عن كونه مما قد يتذرع به إلى نفي إرادة الرب، جل، الفاعلة في الكون بالإحداث والتغيير، وآكد صور ذلك تعاقب الضدين، فخلق الشيء وضده، كما تقدم في أكثر من موضع، من دلائل كمال ربوبية الله، عز وجل، فعلى سبيل استيفاء تلك القسمة العقلية:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ:
وجاء التذييل هنا بـ: "أفلا تبصرون" على عكس ما ذيلت به الآية الأولى إذ النهار مظنة الإبصار فيكون تأمل الآيات الآفاقية والنفسانية بالعين الباصرة فيه أيسر.
ثم جاء الامتنان بذكر منافع تلك الكائنات الحادثة بجعله الكوني فـ:
وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ: فـ: "من" للتبعيض إن أريد بها الرحمات المخلوقة على وزان قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "فقال الله عز وجل للجنة، أنت رحمتي أرحم بك من أشاء"، فتكون إضافتها إليه جل وعلا من قبيل إضافة المخلوق إلى خالقه تنويها بشأنها إذ عظم النعمة من عظم المنعِم بها، أو هي لابتداء الغاية إن أريد بها رحمته التي هي وصفه، فهي مبتدأ النعم الكونية إذ عنها تصدر بمقتضى الكلمات الكونيات النافذات، صدور المسبَّب من سببه، فهي سبب النعم الشرعية والكونية التي يتقلب فيها العباد ليل نهار، فتكون الإضافة من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، وقد تحمل: "من" على هذا التقدير على السببية، فبسبب رحمته الكونية العامة التي شملت البر والفاجر: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ: فذلك من اللف والنشر المرتب، فمقابل: "الليل": "لِتَسْكُنُوا فِيهِ"، ومقابل: "النهار": "وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ"، والجعل على ما تقدم: كوني لدلالة سياق الامتنان عليه، ثم ذيل بعلة الامتنان بتلك النعم على حد إيجادها فهو من الإعجاز بمكان فلا أحد غيره، جل وعلا، يقلب الليل والنهار، وعلى حد العناية بالخلق بما يتولد عنها من المنافع في الأبدان والسعي في الأرزاق، ذيل بعلة ذلك من واجب العبودية فـ: لعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: بالقلب واللسان والجوارح فيواطئ الظاهر الباطن، وذلك عند التحقيق، وإن كان واجبا من وجه، إلا أنه نعمة من وجه آخر، إذ اصطفاء الرب عبده لطاعته أعظم نعمة يمن بها عليه لمن نظر وتأمل.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 10 - 2009, 05:51 م]ـ
ومن قوله تعالى في سورة العنكبوت: (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ):
فخلقها تقديرا في الأزل فذلك متعلق علم التقدير الذي يأتي الإيجاد، وهو المعنى الثاني للخلق، على وفقه، فذلك مئنة من إتقان وإحكام الصنعة، ولا يكون ذلك إلا بحكمة بالغة وقدرة نافذة، كما تقرر في مواضع أخرى، فذلك معنى يستحق التوكيد بالتكرير، فإن شهود المعاني العلمية لمراتب القدر من كون الشيء معلوما في علم الرب الأزلي، فمسطورا في اللوح على حد الإبرام وفي صحف الملائكة على حد التعليق، فإذا شاءه كان في عالم الشهادة بخلقه إياه بقدرة نافذة على حد ما علمه أزلا، وبكيف وكم تتحقق به حكمة الرب، جل وعلا، فتظهر آثارها في المخلوق، ولو كان في نفسه شرا محضا، فالشر فيه لا في القدر الذي به كان، وهو شر جزئي تستجلب به من الحكم الربانية والمصالح الكلية للعباد، ما يفوق تلك المفسدة العارضة، وإن خفي وجه الحكمة عن أذهاننا فإنه أمر جل عن إحاطة العقول بكنهه، وإن كان لآحاد المخلصين نصيب من إدراكه ببصائرهم التي ترى بنور الفراسة الإيمانية.
والشاهد أن أي خلق لا بد أن يمر بتلك المراحل التي يظهر من خلالها طرف من كمال أوصاف الرب، جل وعلا، ففيها من دليل الإيجاد المعجز ما يستدل به على لزوم امتثال الشرع المنزل.
والحال: "بالحق": كاشفة في معرض الإطناب في بيان كمال أوصاف الرب، جل وعلا، فالخلق مئنة من القدرة النافذة، ولكنها ليست على وزان قدرة كثير من البشر ممن لهم قدرة على الفعل، ولكنهم يفتقرون إلى الحكمة، فتقع أفعالهم على غير سننها، فهي إلى أفعال السفهاء أقرب، وهذا حال كثير من المتنفذين في زماننا ممن حرموا بركة اتباع الوحي فوكلوا إلى أنفسهم مع ما أجرى الله، عز وجل، عليهم من نعمة السلطان والجاة وسعة المال، فصارت تلك النعم في حقهم استدراجا، لافتقارهم إلى الحكمة التي لا تتلقى إلا من التكليف الشرعي بالأمر أو النهي، وذلك معنى منتف بداهة عن الله، عز وجل، إذ هو من المحال الذاتي في حقه، جل وعلا، لما فيه من النقص المطلق الذي يأنف منه آحاد العقلاء من البشر فكيف بأحكم الحاكمين، ولذلك جاء التقييد بالحال المتقدمة: "بالحق": مئنة من حكمته، جل وعلا، فخلقه بقدرة نافذة وحكمة بالغة، كما تقدم، فليس خلقا لمجرد إظهار القدرة بلا حكمة على حد المشيئة المطلقة، كما زعم المتكلمون من نفاة الأسباب والعلل في باب القدر، بل هو خلق مقرون بالحكمة تظهر به صفات الجلال فالقدرة منها، وصفات الجمال فالحكمة منها.
ثم جاء التذييل بكون ذلك آية للمؤمنين الممتثلين لحكم الشرع على ما اطرد مرارا من بسط المقال في دليل الإيجاد ليتذرع به إلى إثبات انفراد الرب المعبود بحق بأجناس التأله والعبودية بمقتضى ما سنه من الطريقة الشرعية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 10 - 2009, 04:51 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
فذلك من دليل العناية إذ أجرى الله، عز وجل، الأرزاق على الدواب، فلا تحمل رزقها كناية عن عدم استقلالها بتدبير أمرها، فيراد به حقيقة الحمل على الظهر أو مجازه بمعنى التكلف، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فإن طلب الأرزاق يكون ببذل الأسباب، ولكن جريانها لا يكون إلا بكلمات الرب، جل وعلا، الكونيات النافذة، التي تخضع لها تلك الأسباب إيجادا وجريانا، فبالكلمات الكونيات توجد الأسباب، وبها تجري وفق السنن الكونية المحكمة لتنتج مسبَّاتها، فيقدر الرب، جل وعلا، لها السبب العاضد إذ لا سبب في الكون المخلوق يعمل بمفرده بل لا بد من عاضد موجود ومانع معدوم، فيوجد الرب، جل وعلا، العاضد، ويعدم المانع، فمرجع الأسباب كلها إليه، إذ كلماته النافذة الصادرة عن أوصافه الفاعلة هي السبب الذي لا سبب وراءه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
فالحاصل أن إجراء الأرزاق على الله، عز وجل، على حد الربوبية، بعد بذل الأسباب على حد الانقياد لأمر العبودية.
فالعناية بإجراء الرزق، والعبادة ببذل السبب الموصل إليه.
فـ: اللَّهُ يَرْزُقُهَا: على حد المضارعة فذلك مئنة من التجدد والاستمرار فلا ينفك مخلوق عن طلب الرزق: طعاما أو شرابا أو هواء، وإن كان من العقلاء فلا ينفك عن طلب رزق التأييد والتسديد بالإرشاد إلى طريق الحق وتثبيت القدم حال السير عليه.
وَإِيَّاكُمْ: فذلك من الإطناب في معرض بيان عموم رزقه جل وعلا لكل الكائنات.
وقدم المسند إليه لفظ الجلالة: "الله" على المسند: "يرزقها" مئنة من الاختصاص، فهو قصر بتقديم ما حقه التأخير، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فآل معناه إلى: الله وحده يرزقكم فهو السميع لدعائكم الرزقَ العليم بما قام بقلوبكم من رجائه والتوكل عليه في تحصيل الرزق، فله كمال الصفات الذاتية والفعلية، إذ الرزق باعتبار نوعه: صفة ذات للرب، جل وعلا، وباعتبار آحاد المرزوقات النازلة من السماء، وآحاد المرزوقين في الأرض: صفة فعل تتعلق بمشيئته، جل وعلا، فيرزق من يشاء ما يشاء، يبسط إذا شاء ويقبض إذا شاء، بمقتضى قدرته النافذة وحكمته البالغة في المنع والإعطاء.
فإذا كان ذلك وصفه فله كمال الربوبية إيجادا للأرزاق وإجراء لها عناية بالمرزوقين، فكيف صح في الأذهان التعبد لسواه من آلهة تعجز عن تدبير رزقها فضلا عن رزق غيرها، فهي على ذات الحد من الافتقار إلى عطاء الرب، جل وعلا، الكوني، الذي به صلاحها وبقاؤها؟!.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 10 - 2009, 05:33 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ):
فالتوكيد باللام الموطئة الداخلة على الشرط ولام الجواب ونون التوكيد المثقلة في جواب القسم المقدر: مئنة من التوكيد إذ لا سبيل لهم إلى إنكار تلك الحقيقة التي أجمع عليها العقلاء، حتى أهل الإلحاد منهم، فإنهم في باطنهم مقرون بذلك، فهو من العلم الضروري الذي يضطر صاحبه إلى الإقرار، وإن كذب بلسانه، فلسان حاله، بل مقاله، إذا وقع في ضائقة شاهد ببطلان دعواه حال السعة، فحاله في السعة: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)، وحاله في الضيق: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ).
فهم مقرون بربوبية الباري، عز وجل، الذي قدر الخلق أزلا في عالم الغيب ثم أوجده في عالم الشهادة على ما قدر وقضى، فذلك، كما تقدم مرارا، مئنة من إحاطة علم التقدير وبلوغ الحكمة ونفاذ القدرة، وأفرد الشمس والقمر بالتسخير إمعانا في تقرير دلالة الإيجاد إذ حالهما في التعاقب معجز لا يقدر عليه إلا مقلب الليل والنهار، جل وعلا، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فهو جار مجرى الخصوص بعد العموم تنويها بشأنه، وفيه إشارة لطيفة إلى كمال عنايته، عز وجل، بعباده، فهو تذكير لهم بنعمة تعاقب الليل والنهار، فلكل وظائفه التي يستقيم بها حال البشر، بل والشجر والحجر.
والتسخير من جهة أخرى: من التدبير، فاستوفى السياق ركني الربوبية: خلق الشيء وتدبيره.
ولما كان ذلك الإقرار بالربوبية: إيجادا وعناية مظنة الإقرار بالألوهية، بل إفراده، عز وجل، بها لازم هذا الاعتراف بالخلق والتسخير، لما كان الأمر كذلك من جهة الاستدلال العقلي الصريح الذي تترتب فيه المسبَّبات على أسبابها، فلا يتخلف المسبَّب إذا وجد سببه، كان الأولى بهم أن يقروا بالألوهية فهي النتيجة العقلية الصحيحة لسبب الإقرار بالربوبية، وإلا كان العقل مضطربا، ولكنهم عدلوا عن ذلك، فاستحقوا الإنكار والتوبيخ في قوله: (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)، مع ما فيه من التعجب من حالهم إذ كيف يصرفون عن لازم الحق، وقد أقروا بملزومه، فإقرارهم بالربوبية وإنكاركم الألوهية جار على حد: التفريق بين المتماثلات، إذ حق كليهما الإقرار، فمن أقر بالأول لزمه الإقرار بالثاني لزوما.
وفي الآية دليل على من قصر التوحيد على التوحيد العلمي: توحيد الربوبية، فجعل مجرد المعرفة أو التصديق العلمي ولو بلا إقرار وانقياد باطن وظاهر كافيا في تحقق الإيمان، فإن لازم ذلك تصحيح إيمان أولئك الذين أقروا بأحكام الربوبية النافذة، وأبوا الانقياد لأحكام الألوهية الشارعة.
فالربوبية مرادة لغيرها فليست مراد الرسالات الأول، بل قد نزلت الرسالات وبعث الرسل لتقرير: توحيد الألوهية: المراد لذاته من بسط المقال في أدلة الإيجاد والعناية الربانية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 10 - 2009, 02:50 م]ـ
ومن قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
فذلك في معرض بيان عموم ربوبيته، عز وجل، فيبسط الرزق لمن يشاء، على حد المضارعة وما اطرد من التوكيد بتقديم المسند إليه، فذلك مئنة من التجدد والاستمرار فأرزاقه على عباده نازلة فضلا منه وامتنانا، فذلك من عنايته، عز وجل، بعموم المكلفين، ويقدر، فذلك مقابل البسط، لئلا يتوهم متوهم عجزه عن مقابل وصف البسط الفعلي، فيقدر الأرزاق على من شاء، على ذات الحد من المضارعة، عدلا منه، تبارك وتعالى، ولو نظر المبتلى بضيق الرزق إلى الأمر من جهة الحكمة، لعلم أن في ذلك خير آجل، في دار الدنيا فكثيرا ما يبتلى العبد بالتضييق ابتداء ثم يمن الله، عز وجل، عليه بالفتح، فيكون للسعة بعد الضيق أثر أعظم في نفسه، فذلك مما يحمله على مداومة الشكر، فليس من ذاق مرارة الفقر ثم عوفي منها كمن لم يباشرها فغايته أنه قد سمع عنها!، مع كون ذلك أفضل باعتبار المآل لكثير من المكلفين على حد قوله تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)، فذلك مئنة من تمام علمه بأحوال عباده وما جبلوا عليه من الطغيان إذا غلوا في تحصيل أسباب الدنيا وجفوا في تحصيل أسباب الآخرة، فاقتضت حكمته ألا يبسط لكثير الرزق إذ أراد بهم خيرا لو صبروا، واقتضت حكمته استدراج فئام أخرى ببسط الأرزاق، على ما حد ما جري لقارون موسى عليه السلام، وما يجري لكل قارون أتى بعده، فتلك من سننه الكونية الجارية التي ظهر بها من وصف جلاله بالأخذ الشديد بعد الإملاء ما يجعل صاحب النعمة على حذر.
فالحاصل أن التضييق، مع كونه في ظاهره محنة، إلا أنه قد يكون منحة ربانية عناية بصاحبه ألا يطغى فيفوته ما ادخره الله، عز وجل، له في الدار الباقية، وتلك معان يلزم لاستحضارها استحضار معاني العلم والحكمة والقدرة الربانية التي يجري بها الباري، عز وجل، أقداره الكونية، وليس ذلك مما يحصل بالكلام، بل لا بد من مران النفس عليه على قدر الاستطاعة، لتهون مصائب الدنيا على المكلفين فلا يسلم منها أحد، وإنما يتفاضلون بمدافعتها بما سن الرب، جل وعلا، من السنن الشرعية والكونية.
فليس معنى الصبر: الاستسلام على حد العجز، وإنما هو مدافعة على حد الكيس، ولو بحبس النفس عن الجزع والتسخط إن لم يملك المكلف حيلة في رفع المقدور بالمشروع.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 11 - 2009, 04:51 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)
على حد ما تقرر من التوكيد باللام الموطئة لقسم محذوف ولام الجواب والنون المثقلة في جواب القسم: "ليقولن": في معرض توكيد الحجة، فلو سألتهم من نزل، على حد الزيادة في المعنى مبالغة فرعا عن الزيادة في المبنى، إذ النزول أمر يتكرر فالدليل قائم مشاهد، يتكرر بتكرار نزول المطر وإحياء الأرض به وذلك أقرب إلى العقل فرعا عن قربه إلى الحواس الظاهرة التي تتلقى المعلوم المشاهد فتعمل القوى الباطنة فيه تدبرا ونظرا، وأبعد عن الغفلة إذ الدليل ظاهر يتكرر في عالم الشهادة، فلا حجة لمن زعم خفاء أدلة الحق ودقتها، بل هي على الضد من ذلك: فأدلة الحق النقلية والعقلية والحسية والفطرية قد بلغت حد التواتر المورث لصاحبه: علما ضروريا، بخلاف أدلة الباطل التي يتكلف له أصحابه من دقيق التأويلات وغريب التفسيرات ما يصيره طلاسم لا يدرك أسرارها إلا كهان الملل والنحل الباطلة.
و: "من": في: "مِنَ السَّمَاءِ مَاءً": لابتداء الغاية، والفاء في "فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا": تفريعية سببية ولا تخلو من معنى الفورية وإن كانت نسبية إذ لا تنبت الأرض بمجرد مباشرة الماء لتربتها، بل يستغرق ذلك زمانا.
وقوله: "من بعد موتها": آكد في تقرير الحجة، فإن الإحياء بعد الإماتة دليل على البعث، إذ جنس الفعل واحد، ولا يكون ذلك إلا للرب القادر، جل وعلا، فالإحياء للأرض والنشر للأجساد من أخص وظائف الربوبية فلا يتصور وقوع الشركة فيها، ولم يجرؤ عباد الأوثان على نسبتها إلى أربابهم، إذ ذلك مما يكذبه الحس فضلا عن العقل.
وإليه أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله:
"ولما كان سياق الكلام هنا في مساق التقرير كان المقام مقتضياً للتأكيد بزيادة {من} في قوله {من بعد موتها} إلجاء لهم إلى الإقرار بأن فاعل ذلك هو الله دون أصنامهم". اهـ
وجاء جوابهم على حد التوكيد بتقديم المسند إليه: "الله" على تقدير: الله خلقهن، فالحذف جار مجرى الإيجاز لدلالة السؤال المتقدم عليه، وجوابهم في معرض التقرير بذلك الجواب المؤكد: آكد في إقامة الحجة عليهم، إذ الإقرار بتوحيد الربوبية لازمه إفراده، جل وعلا، بتوحيد الألوهية، فهو المراد لذاته، كما تقدم مرارا، إذ من له القدرة على الإيجاد والإحياء، ومن له كمال العناية بخلقه إذ أخرج لهم مما تنبت الأرض بذلك المطر، من له هذا الوصف، هو المستحق بداهة لكمال العبودية بالتزام ما سن على ألسنة رسله من الطرائق الشرعية العلمية والعملية.
فليس الإقرار بتوحيد الربوبية منجيا حتى يشفع بلازمه من الإفراد بتوحيد الألوهية، فهو المراد لذاته، كما تقدم، إذ العمل ثمرة العلم، فالعلم هو الذريعة الموصلة إلى العمل، فلا تكون نجاة إلا بتصور علمي نافع وحكم عملي صالح.
ثم جاء التذييل بحمد الله، عز وجل، أن ظهرت الحجة على هذا النحو القاطع، وأضرب بقوله: "بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ"، إضرابا انتقاليا في معرض الذم لهم تعجبا من حالهم، إذ أقروا بالملزوم ولم يقروا بلازمه مع ظهور التلازم الوثيق بينهما، فالتفريق بينهما: تحكم محض يدل على فساد في العقل والإرادة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 11 - 2009, 02:59 م]ـ
ومن سورة الروم:
ومن قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)
(يُتْبَعُ)
(/)
فجاء الاستفهام إنكاريا توبيخيا لهم إذ فترت هممهم، وكلت عقولهم عن التفكر، فالسياق جار على ما اطرد في مثل هذه المواضع من تقدير محذوف يلائم دلالة الاستفهام الإنكارية من قبيل: أما لهم عقول فيتفكروا بها؟!، وجاء التفكر على حد التفعل مئنة من الطلب، فإن من آكد وظائف العقل النظر والتأمل في آيات الكون المشهودة على حد التفكر في سننها ودقائقها، لا مجرد النظر في حركاتها الميكانيكية طلبا لنفعها المادي، فذلك غرض صحيح، ولكنه لا يليق بأن يكون أول مطلوب العقل الصريح، بل أول مطلوب كل عاقل: سلامة المآل، بالسير على طريقة مرضية لرب البرية، جل وعلا، ومن ثم تأتي عمارة الكون باكتشاف وتوظيف ما أودع الله، عز وجل، في خلقه من القوى الطبيعية الفاعلة المؤثرة التي لا تعمل إلا وفق مشيئته، عز وجل، فهو خالقها ومجريها.
وجاء التفكر ليشمل الآيات النفسانية: "فِي أَنْفُسِهِمْ"، والآيات الآفاقية: "السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ"، على القول بأن النفس متعلق من متعلقات فعل التفكر، بخلاف ما لو قيل بأنها محله، فيكون المعنى حينئذ: أو لم يتفكروا في أنفسهم فذلك إجمال ولد في ذهن المخاطب تساؤلا عما يجب التفكر فيه، فجاء الجواب مفصولا للتلازم الوثيق بين المجمل والمبين له: في خلق السماوات والأرض، فيكون التفكر في هذه الحال مقتصرا على الآيات الافاقية، وقد أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، إلى كلا الوجهين، وقد يقال برجحان الوجه الأول من جهة عموم معناه لكلا النوعين من الآيات، فالأصل في ألفاظ الوحي حملها على العموم ما أمكن إثراء للسياق، ويقد يقال من جهة أخرى، إن الوجه الثاني متضمن لكلا النوعين إذ التفكر فيما خلق الله، عز وجل، في السماء والأرض، يعم بداهة النفوس الأرضية، ولكن دلالته عليها: دلالة تضمن، بخلاف ما لو أفردت بالذكر، كما في الوجه الأول فتكون دلالة السياق عليها: دلالة مطابقة، وهي أرجح من جهة المعنى من دلالة التضمن، إذ دلالتها على المعنى: دلالة كل على كل، بخلاف دلالة التضمن فهي دلالة كل على بعض، فلو ذكرت أولا كانت خصوصا أعقبه عموم يتضمنها أيضا، فيكون ذلك من صور الإطناب.
وعلى كلا الوجهين، يكون في الآية إشارة إلى دلالة الإيجاد المعجز للكون: ساكنه ومتحركه، حيه وجامده، ففيه إشارة إلى التفكر في النفوس الحساسة المتحركة، والأجرام والأعيان الجامدة الدائرة في أفلاكها، أو الساكنة في مواضعها كالجبال الراسيات، ولا تخلو من دلالة عناية إذ الكون مسخر للبشر على حد قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)، فما خلق ذلك إلا بالحق، فليس عبثا أو لعبا، وما خلق على حد الديمومة في دار الفناء بل أجل مسمى مقدر، ثم جاء التذييل بما يدل على علة تقرير تلك الدلالات، إذ مع كل ذلك كفر كثير من الناس بلقاء الباري، عز وجل، فجفوا في امتثال الطريقة الشرعية التي سيقت تلك الآية الكونية لتقريرها، وجاء التوكيد بـ: "إن" واللام المزحلقة في: "وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ" تنزيلا للمخاطب منزلة المنكر، فكأنه لسلامة عقله واستواء فطرته يكاد ينكر وجود كافر بالله، عز وجل، بعد كل تلك الحجج والبراهين التي بثت في الكون شاهدة بطلاقة القدرة الربانية النافذة، فجاء الخبر على ضد ما يتصور، فحسن توكيده، فهو، وإن أثبت كفرهم بلقاء الرب، جل وعلا، إلا أن النظر في سياقه الإنكاري يحمل النفس على سلوك ضد طريقتهم لما لحقهم من الذم تعريضا بالاستفهام وتصريحا بما هم عليه من الجحود والكفران، ففيه من هذا الوجه إثبات للقاء الرب، جل وعلا، وذلك مما يلائم إثبات خلق السماوات والأرض بالحق، فالإثبات يلائم الإثبات، وفي مقابلهما النفي الملائم للنفي قي قوله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، فيقابل تصور الخلق عبثا حقيقة الخلق بالحق، وإن كان الأول على حد الإنكار والثاني على حد التقرير، ويلاقي إنكار الرجوع إلى الله، عز وجل، إثباته المستفاد من دلالة هذا السياق، على ما تقدم بيانه، فالزوجان متقابلان على الترتيب: الأول يقابل الأول، والثاني يقابل الثاني، كما استنبط ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بدقته المعهودة ونظره المدقق المحقق، والدلالة المعنوية في كليهما واحدة: إشارة إلى أدلة الربوبية يعقبها إشارة إلى لازمها من تصديق خبر البعث على حد الإقرار الجازم، وذلك يولد لزوما تصورا علميا صحيحا يحمل صاحبه على السير وفق ما جاءت به الرسل وأنزلت به الكتب، فتصح بذلك عبوديته بالعمل الصالح فرعا عن عبوديته بالعلم النافع، فهو فاعل للطاعة بما امتن الله، عز وجل، عليه من صحة التصور الأول الذي يولد في القلب إرادة جازمة بها تقع مفعولات العبد على مراد الرب، جل وعلا، الشرعي.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 11 - 2009, 05:22 م]ـ
ومن قوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ)
فبدأ بالتنزيه بالتسبيح على طريقة التخلية من أوصاف النقص التي تنزه عنها الرب، جل وعلا، على حد الإطلاق، ثم عقب بالتحلية بأوصاف الحمد التي اتصف بها على ذات الحد من الإطلاق، فله الحمد على حد الاستحقاق والاختصاص بكماله، فـ: "أل": في: "الحمد": جنسية استغراقية لأجناس المحامد كما وكيفا، مع كونه، جل وعلا، المحمود في كل مكان، في الأرض وفي السماء، وفي كل وقت في العشية والظهيرة فاستوفى السياق أوجه القسمة العقلية الزمانية والمكانية.
ثم جاء التذييل بقوله تعالى: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ): على حد التعقيب على المعلول بعلته، كما حكى صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله ذلك وجها، فعلة استحقاقه لكمال التسبيح والحمد: أنه: يخرج: فالمضارع مئنة من الاستمرار والتجدد إذ له، جل وعلا، في كل وقت: ضاق أو اتسع: كلمة كونية بها تكون حياة، وإخراج الحي من الميت أبلغ في تقرير دلالة الإيجاد المعجز، فيخرج الفرخ من البيض الصلب الجامد، ويخرج الخلايا الحية من الخلايا الميتة، فملايين الخلايا تفنى يوميا وتستبدل الخلايا الجديدة بها، فمن موتها وفنائها تتولد حياة جديدة للبدن بتجدد خلاياه، ويخرج الأجنة الحية من النطف الميتة بتوالي الانقسامات الخلوية ثم نفخ مادة الحياة فيها بعد مائة وعشرين يوما .......... إلخ من صور الإيجاد المعجز من العدم.
وله في المقابل على حد المقابلة إمعانا في تقرير عموم ربوبية الباري، عز وجل، بخلق الشيء وضده، وفعل الشيء وعكسه على وجه يحصل به الكمال لا التضاد والاضطراب، له في كل وقت ضاق أو اتسع: كلمة كونية أخرى بها يكون موت، فيفني النطفة ليخرج منها العلقة، ويفني العلقة ليخرج منها المضغة ......... إلخ، فذلك مما رد به المحققون من أهل العلم على نظرية توالي الأعراض على مادة العالم أو جواهره القديمة الأزلية، على حد زعم الفلاسفة القائلين بقدم العالم، فالمادة واحدة من الأزل، إذ الكون، بزعمهم، أزلي مقارن لذات الله، عز وجل، فهو صادر عنها صدور المعلول من علته، فتتوالى الأعراض على مادة واحدة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، وذلك من البطلان بمكان إذ يحدث الرب، جل وعلا، ما شاء من العدم، فذلك فطره لخلقه، فقد فطر وبدع السماوات والأرض على غير مثال سابق، وبدء خلق الإنسان من طين على غير مثال سابق، ويفني الرب، جل وعلا، ما شاء من الأعيان سواء خرج منها بعد الفناء: حياة جديدة على حد ما يقع للنطفة بعد إفنائها لتخرج منها صورة جديدة من صور الحياة الجنينية: صورة العلقة التي تفنى بدورها ............ إلخ، كما تقدم، حتى يخرج الجنين إلى فضاء الدنيا الواسع، ولا يتوقف جسده عن مباشرة الموت كل لحظة، وإن لم يحس بذلك، فضلا من الرب، جل وعلا، وامتنانا، فخلاياه في نشاط متجدد، يفنى بعض ليُوجَد بعض،، فيفني الرب، جل وعلا، ما شاء كيف شاء سواء أخرج من الفناء حياة أو لم يخرج.
ومنشأ الزلل عند أولئك أنهم أنكروا صفات الرب، جل وعلا، التي عنها تصدر أفعاله التكوينية على حد النفاذ، فهو القدير على كل شيء، وعلى حد الإتقان فهو الحكيم المحكم لكل شيء، فلما أنكروا صفاته الفاعلة، ردوا الأمر إلى ذات مجردة عن الصفات لا وجود لها خارج الذهن، إذ المطلقات على حد الإطلاق من كل قيد لا توجد في الخارج، وإنما محلها الذهن على حد التصور المحض، فأداهم ذلك التعطيل إلى الوقوع في الشرك إذ جعلوا الذات المجردة التي نحتتها أذهانهم هي علة صدور الكون، على حد تقترن فيه العلة بالمعلول، والصحيح أن المعلول المخلوق يلي العلة التي يكون بها الخلق من الكلمات التكوينية النافذة غير المخلوقة إذ هي من أوصاف الرب جل وعلا، يليها على حد التعقيب والفور، على حد قوله تعالى: (كُنْ فَيَكُونُ): فعقب بالفاء إذ صدر المخلوق المكوَّن فور صدور الكلمة التكوينية المكوِّنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد حسن الفصل على هذا التأويل: للتلازم الوثيق بين المعلول المتقدم من الحث على تسبيح الرب، جل وعلا، وحمده، وعلته إذ هو الخالق المدبر، فاستحق التأليه بالتسبيح والتحميد فرعا عن نفاذ قدرته وكمال حكمته في تسيير شئون خلقه، فكأن المخاطب قد تبادر إلى ذهنه سؤال قد دل عليه السياق: ولم استحق ربنا، جل وعلا، التنزيه والإثبات على حد يحصل به الكمال؟، فجاء الجواب: لكمال ربوبيته إذ هو الذي يخرج الحي من الميت ............. إلخ.
فالخبر عن التسبيح وإفراده، جل وعلا، بالحمد، جار مجرى الخبر الذي أريد به إنشاء مضمونه، فتقديره: سبحوا الرب، جل وعلا، تنزيها، وأفردوه بالحمد على حد العموم لأجناس المحامد مع اختصاصه بكمالها.
وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ: على حد المقابلة، على ذات الصيغة من المضارعة وفيها إشارة لطيفة إلى ذلك الفعل المثير للعجب، فاستحضرت صورته إمعانا في تقريره، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، بقوله: "والإتيان بصيغة المضارع في {يخرج ويحيي} لاستحضار الحالة العجيبة مثل قوله {الله الذي يرسل الرياح} [الروم: 48]. فهذا الإخراج والإحياء آية عظيمة على استحقاقه التعظيم والإفراد بالعبادة إذْ أودع هذا النظام العجيب في الموجودات فجعل في الشيء الذي لا حياة له قوة وخصائص تجعله ينتج الأشياء الحية الثابتة المتصرفة ويجعل في تراب الأرض قُوى تُخرج الزرع والنبات حياً نامياً". اهـ
ثم جاء النص على صورة بعينها من صور إحياء الموات: إحياء الأرض بعد موتها: وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، على ذات الحد من المضارعة لنفس الغرض، فذكرها من باب الإطناب بورود الخاص بعد العام، فالأرض الميتة فرد من أفراد عموم: "الميت": المحلى بـ: "أل" الجنسية الاستغراقية.
و: وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ، فهو من باب الاستدلال بالشاهد على الغائب، فجنس الإحياء من الموت في كليهما واحد، فيخرج الزرع من الأرض الميتة بعد بذرها وسقيها، وتنشر الأجساد يوم البعث إذا قضى الله، عز وجل، بزوال الدنيا وقدوم الآخرة. وفي ذلك استدلال بآيات الربوبية الباهرة على ركن من أركان الإيمان الشرعي: ركن البعث بعد الموت فهو داخل في حد الإيمان بالله القادر على البعث، واليوم الآخر الذي يكون فيه البعث.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 05:59 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)
فمن جنس آياته الكونية الباهرة، أو من بعضها، أو ابتداء غاية التمثيل لآيات قدرته النافذة منها، على ما اطرد من دلالة: "من"، فهي غالبا ما تدل على أكثر من معنى صحيح، فحملها على تلك المعاني جميعا أولى من إهدار بعضها، إذ ذلك مما يثري السياق بتوارد المعاني المتعددة على مبنى واحد كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أكثر من موضع.
وصدرت الآية بإجمال أعقبه البيان، فمن آياته الدالة على كمال قدرته وإتقان صنعته: أن خلقكم: فجاء المسند على حد المصدر المؤول إذ فيه من معنى التوكيد على آية الإيجاد المعجز ما ليس في الاسم الصريح، وذلك مما يتلاءم مع السياق، فخلقكم من جنس التراب، أو ابتداء غاية خلقكم منه، باعتبار نشأة هذه الأجساد من الغذاء الذي ينبت يخرج من تربة الأرض، فمرد الأمر إلى الأرض انتهاء فمنها خلق الإنسان وفيها يعاد ومنها يخرج على حد الإنبات تارة اخرى، ففي ذكر الخلق الأول من الأرض على حد الفطر على غير مثال سابق إشارة لطيفة إلى البعث، إذ الإعادة، كما تقدم في مواضع سابقة أهون من الإنشاء من العدم على غير مثال سابق، وكلا الأمرين على رب المشرقين ورب المغربين: هين.
أو باعتبار الأصل الأول الذي خرج من نسله الجنس البشري: آدم عليه السلام، إذ قد خلق من الطين خلقا مباشرا، بخلاف من جاء بعده فقد خلق من نطفة ترجع في أصلها إلى الطين، ولكنها لم تكن يوما طينا، ثم نفخت فيها الروح فصارت لحما ودما على حد ما وقع لآدم عليه السلام من الإيجاد المعجز. وقد أشار صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، لكلا الوجهين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي كل الصور ظهرت آثار القدرة الباهرة، إذ قلبت الأعيان، على حد ما تقدم في الآية السابقة من إخراج الحي الحساس من الميت الجماد، فخرج آدم من الجسد الطيني لما نفخ فيه الرب العلي الروح، ففني الطين بخروج العظم واللحم والدم والعصب والجلد والشعر .......... إلخ منه، فلا يلزم من خلق الإنسان من التراب أو الطين أنه باق على أصل خلقته، بل قد عدم ذلك الأصل فتولد منه الجسد الحساس المتحرك، فأفنى الله، عز وجل، بقدرته النافذة: التراب، وأخرج منه النطف في الأصلاب، ثم أفنى النطفة فخرجت منها العلقة ............. إلخ، كما تقدم في الآية السابقة، فمعنى الاستحالة من عين إلى عين في كلا الصورتين واقع، فقد فني التراب وأعدم، وخرج منه: الجسد الحساس، على حد فناء الأطوار الجنينية فيستبدل الطور الأرقى بالطور الأدنى، وبقي الأصل الترابي في تركيب الخلايا الكيميائي شاهدا على صدق الوحي الذي أبان عن مادة خلق هذا الجسد الحي.
وبعد ذلك، وعلى حد التراخي الذي دلت عليه: "ثم"، إذ تستغرق تلك الأطوار زمانا بمقتضى السنة الكونية المحكمة، بعد ذلك جاء التذييل بدلالة العناية بتلك الأجساد المخلوقة، مصدرا بـ: "إذا" الفجائية تعجبا من تلك الآية الكونية التي صار الجماد فيها حيا بنفخ الملك الروح فيه، فلها من القوى الفاعلة ما تتحرك به وتنتشر بعد أن كانت جمادا ميتا، ثم صارت حيا عاجزا عن الانتقال إلا أن يحمل، فلما اكتمل بنيانه استقل بالفعل، فيذهب ويجيء بلا حاجة إلى من يحمله، فإذا طال عليه الأمد وكلت قوى بدنه الفاعلة احتاج انتهاء إلى ما يحمله كما احتاج إليه ابتداء فتلك سنة كونية أخرى، يظهر بها كمال الرب، جل وعلا، إذ لا يطرأ على وصف كماله الأزلي الأبدي زيادة أو نقصان أو تغير أو فناء فله الكمال المطلق أزلا وأبدا بلا نقص بينهما، فيظهر هذا الكمال في مقابل نقصان العبد الذي يبدأ ضعيفا ثم تكتمل قواه ثم يعتريها النقص والضعف مرة أخرى، فلا يدوم لها حال، بل هي من حال إلى حال متنقلة حتى تشد رحالها في آخر أمرها إلى ربها عز وجل، فهي في سفر هجرة إليه من لدن شاء وجودها فخلقها إلى أن يشاء إعدامها فيميتها.
فالبشرية مئنة من نعمة الحياة والإحساس والانتشار مئنة من نعمة التصرف والحركة، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
وذلك آكد في تقرير دليل العناية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 11 - 2009, 05:43 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
فـ: من آياته على الإطناب تكرارا في معرض التذكير بالآيات الكونية الباهرة، ولطول الفصل الذي يلائمه التكرار على حد التذكير.
وجاء المسند إليه أيضا على حد المصدر المؤول إذ هو آكد في الدلالة من الاسم الصريح.
واللام في: "لكم": للاختصاص، ففيه مئنة من عناية الله، عز وجل، بهم، فخلق الأزواج جامع بين الدلالتين: دلالة الإيجاد المعجز إذ خلق آدم عليه السلام على غير مثال سابق، وخلق منه زوجه، فـ: "من" في: "من أنفسكم": جنسية، فمن جنسكم خلق لكم الأزواج، إذ الزوجية لا تكون إلا بين اثنين من نفس الجنس مع اختلاف النوع ليحصل التكامل المفقود في زماننا بين الزوجين، فقد صار تعارضا، باكتساب كل نوع جملة من صفات النوع الآخر، فترجلت النساء وتخنث الرجال فذلك حصاد الاختلاط الذي غير الفطرة الأولى، وهكذا أي خروج عن مقتضى السنة الكونية المطردة يوقع صاحبه في صور من التناقض تفسد حاله ومزاجه. وقد تحمل على التبعيض إذ خلقت حواء عليها السلام من بعض آدم، وهي محمولة، أيضا، على ابتداء الغاية، فابتداء غاية خلق حواء عليها السلام من ضلع آدم عليه السلام، وعلى كل تلك المعاني تظهر دلالة الإعجاز في خلق النوع الإنساني، فمن خلق أولا، قادر على الإعادة ثانيا، كما تقدم في أكثر من موضع، فإن الخلق الأول دال على الخلق الثاني بقياس الأولى، فهو جامع بين دلالة الإيجاد ودلالة العناية التي دلت عليها اللام في: "لكم" فهي مئنة من الاختصاص عناية بالذكر أن خلق له زوجه من الأنثى، وبالأنثى أن خلق
(يُتْبَعُ)
(/)
لها زوجها من الذكر، فالمنة في حقهما سواء، إذ يستمتع كل منهما بالآخر، ويكمل كل منهما نقصه بالآخر، ويسكن كل منهما إلى الآخر بمقتضى ما جبل عليه كل جنس من الميل إلى الجنس الآخر، فذلك، أيضا، مئنة من إتقان الصنعة، فضلا عن كونه مما تظهر به حكمة الرب، جل وعلا، إذ قد أقام الكون على معنى الزوجية، فكل زوج بزوجه يعتضد، فالبروتون الموجب في نواة الذرة يعادل الإلكترون السالب الذي يسبح حولها في فلك مقدر، والجاميتات المذكرة في الكائنات البدائية تتحد بالجاميتات المؤنثة لتنتج خلايا ومستعمرات جديدة، والطلع والمتاع في النبات يتكاملان لإنتاج الثمار التي تحوي البذور الحافظة للنوع من الانقراض، والذكر والأنثى في عالم الحيون أرقى الكائنات يتكاملان لإنتاج أفراد تحفظ بها الأنواع، والزوجان في النوع الإنساني، أرقى الأنواع الأرضية يتكاملان لحفظ النوع وتنشأته، فمفهوم الاجتماع في حقه أرقى بما ركب فيه من العقل والفؤاد، فصار لرقيه محط التكريم والتكليف، فمعنى الزوجية في كل الكائنات حاصل، إمعانا في إظهار فقر الكائن المخلوق إلى زوجه، فذلك من الفقر الذاتي الملازم له أبدا، في مقابل غنى الرب الخالق، جل وعلا، فلا يفتقر إلى الصاحبة أو الولد، إذ هو الواحد في ذاته القدسية، الأحد في أسمائه الحسنى وصفاته العلية، الغني عما سواه من الأسباب، بل الأسباب إليه مفتقرة فهو الذي يوجدها، وهو الذي يجريها بكلماته الكونيات النافذات، فلا تستقل بالتأثير، وإن أودعت فيها قواه، فلا بد من إذن الرب القهار، جل وعلا، فالغنى وصف ذات لازم له أبدا، فمقابل ذاتية الفقر في المخلوق: ذاتية الغنى في الخالق، عز وجل، فذلك داخل في حد دلالة الإيجاد، إذ الموجِد أكمل من الموجَد بداهة.
فخلق الأزواج بقدرته النافذة، ليميل كل زوج إلى زوجه على حد السكنى، وجعل بينهم بمشيئته، فالجعل كوني يتعلق بأوصاف ربوبيته، جعل بينهم بمقتضى ما فطر عليه الجنسين: مودة، وهي صفو المحبة فعليها تقوم بيوت القلة، فإن لم تكن فرحمة عليها تقوم بيوت الكثرة، على حد قول عمر رضي الله عنه: "إن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب". اهـ
وصدق الفاروق الملهم، رضي الله عنه، فكم من بيوت قد حفظت بالصبر إذ لم تحظ بنعمة الحب، وذلك أمر لا تخطئه العين في زماننا الذي صار الطلاق فيه سنة بلغت حد ثلث الزيجات ونحوا من 46 % في بعض أمصار المسلمين، فلا مودة ولا رحمة، إذ غاب الشرع وغلب الهوى فصار النكاح قضاء وطر، تدوم لذته إلى أجل قريب، فسرعان ما يمل منه المتناكحان، فإن لم يكونا على حد المودة أو الرحمة صارا على حد:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ******* عدوا له ما من صداقته بد
وكثير من الأزواج قد صاروا: أعداء فما من عشرتهم بد!.
وذلك، أيضا، مئنة من قدرة الرب، جل وعلا، الذي جبل القلوب على الحب والبغض، فلا يملك العبد قلبه ليبغض محبوبه أو يحب مبغوضه، وإنما يستعمل الصبر في بعد الأول وقرب الثاني!.
فذلك التنوع في الإرادات القلبية مئنة من كمال ربوبيته تبارك وتعالى.
ثم جاء التذييل بالمراد لذاته من التكليف الشرعي بالتفكر في الآيات الكونية، فذلك ذريعة إلى تصديق وامتثال الآيات الشرعية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 11 - 2009, 05:14 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُون)
فتلك من الآيات النفسانية فهي داخلة في حد دليل العناية الخاصة، وفيه من جهة أخرى إثبات وصف كماله، عز وجل، فلا يعتريه من النقص ما يعتري عباده من سئم وكلل فذلك مما نزه عنه على حد الإيجاب الذاتي، فقد وجب وصفه بضده من وصف الكمال على حد الإطلاق فلا يعتريه ما يعتري الإنسان من وصف النقص عموما.
والنوم يقع بالليل والنهار ومقابله: من ابتغاء الرزق يقع فيهما فذلك من فضل عنايته، جل وعلا، فقد نوع أسباب اكتساب الرزق النهاري والرزق الليلي، ففي ذلك آية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فيكون في السياق على هذا التقدير إيجاز بحذف المتأخر لدلالة المتقدم عليه، على تقدير: وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بالليل والنهار.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 11 - 2009, 05:21 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
على حد التكرار المطرد في هذا السياق، فتلك آية أخرى من آيات الكونية الباهرة، فيها من دليل القدرة ما يحمل العبد على الخوف استحضارا لمقام الجلال، فالبرق مما يثير في النفوس الخوف، إذ لعله عذاب نازل، أو لعله يصيب بشرا أو شجرا فيصعقه، وإن سلم منه من حوله، وحوادث الصعق أشهر من أن تذكر، وهو من جهة أخرى: بارقة أمل تبشر بقرب نزول الغيث رحمة بالعبيد، فذلك مما يستحضر به مقام جمال الرب، جل وعلا، بوصف رحمته التي هي وصفه فهي غير مخلوقة، التي أنزل بها من رحمته التي هي المطر النازل، فهي مخلوقة، على حد قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)، فذلك مما يطمع العبد فيما عند الرب، جل وعلا، من الأرزاق الكونية، فعلة إيجاد هذه الآية الكونية: تحقيق معاني الألوهية بالخوف والرجاء، على التفصيل المتقدم، فيخاف العبد من عذاب الرب، جل وعلا، متعلق وصف جلاله، ويرجو رحمته، عز وجل، متعلق وصف جماله، فتحقق في هذه الآية، عند التأمل، ركنا التوحيد العملي: الخوف الباعث على الكف عن المنهيات، وقدم من باب التخلية قبل التحلية بالرجاء والطمع فيما عند الرب، جل وعلا، من الرحمات فذلك باعث على امتثال المأمورات، فالآية مع وجازتها قد استوفت أنواع التوحيد: علما وعملا، فعلا للرب، جل وعلا، في مقام الربوبية، وفعلا للعبد في مقام المربوبية.
وبعد البرق يجيء الغيث الذي يحيي الأرض، بإذن الرب، جل وعلا، وقيد: "بعد موتها": إمعان في تقرير ذلك الإحياء لئلا يتطرق اليأس إلى النفوس إذا تأخر الغيث: ابتلاء وتمحيصا يوجب الصبر أو عقوبة توجب الاستغفار: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا)، فيستدل بذلك الإحياء على قدرة الرب، جل وعلا، الذي ينشئ الأجساد نشأة أخرى إذا دعا البشر لفصل القضاء في يوم الفصل، فقد رأى العباد من آيات الإنشاء المعجز للحي من الميت، فكما يباشر ماء الذكر ماء الأنثى فيخرج الولد، وكما يباشر ماء السماء تربة الأرض فيخرج الثمر، يباشر المطر النازل يوم القيامة الأرض فتنشر منها الأجساد لرب العالمين لفصل القضاء بين عباده المختلفين، ثم جاء التذييل بالعلة: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"، فهي آية لمن يعقل عقل الانتفاع لا عقل الإدراك، فليس كل عاقل مسددا، فلا يسدد إلا من زكى الله، عز وجل، بشرعه ذكاءه الفطري فيجتمع في حقه: الزكاء المصلح لعالم الغيب، والذكاء المصلح لعالم الشهادة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[08 - 11 - 2009, 06:59 م]ـ
سلمك الله من كل سوء
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 11 - 2009, 02:41 م]ـ
وسلمك أبا طارق والإخوة الكرام.
ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ)
فقيامها بأمره الكوني، إيجادا وانتظاما وفق سنن كونية جارية، فالأجرام تسبح في أفلاكها والشموس تسطع في نظمها، فذلك من دليل الاختراع، فعلى هذا النحو البديع قد أوجدت وسيرت، وهو، أيضا، من دليل العناية بالمخلوقات الأرضية، فقامت أمور معايشهم بأمره الكوني إذ هيأ الأرض لهم، فطيب هواءها، وأصلح تربتها، وأخرج منها الماء والمرعى، وأنزل من السماء الماء الذي به تكون الحياة ......... إلخ من صور العناية الكونية السماوية والأرضية.
وقيامها على حد الصلاح يكون بأمره الشرعي الحاكم، فلو حمل الأمر عليه لكان في الخبر نوع إنشاء بالأمر بإقامة شرعه على أرضه فهو سبب صلاحها وغيابه سبب فسادها، كما هو مشاهد في غالب الأمصار في زماننا، وذلك عند التحقيق لازم الأمر الكوني، فإذا كان الكون لا يقوم إلا بكلماته الكونيات فإن صلاحه لا يكون إلا بكلماته الشرعيات.
ثم إذا أراد، جل وعلا، إقامة الساعة لفصل القضاء خرب العالم العلوي والسفلي فكما تقوم السماء والأرض بأمره يكون فناؤها بأمره، فله، جل وعلا، الأمر النافذ: إيجادا وإعداما
ثم ذيل بذكر البعث على حد المفاجأة مئنة من سرعة استجابتهم لذلك الأمر الكوني، وقدم المسند إليه توكيدا بتكرار الفاعل، فضلا عن استحضار تلك الصورة العجيبة بالمضارع: "تَخْرُجُونَ"، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فإنشاء الخلق بعد فنائهم مئنة من كمال قدرته، جل وعلا، النافذة، إذ بها يقوم الناس ليوم الفصل ليحكم الله، عز وجل، بينهم بمقتضى حكمته الباهرة.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 11 - 2009, 05:41 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)
فله على حد الملكية للأعيان والخلق لها وللأفعال القائمة بها، من في السماوات والأرض، على حد الحصر والتوكيد بتقديم ما حقه التأخير والعموم الذي دلت عليه: "من"، و: "أل" الجنسية الاستغراقية في: "السماوات" و: "الأرض"، ثم رتب على ذلك لازمه: فإذ كان الأمر كذلك فهو مالك الأعيان وخالق الأفعال، فكل شيء في السماء والأرض له خاضع، فالتنوين في: "كل": عوض على المضاف، وتقدير المضاف باللفظ الأعم كـ: "شيء" آكد في بيان عموم ملكيته، جل وعلا، فهو الموجد بقدرته، فذلك من دليل إيجاده المعجز، المدبر بحكمته، فذلك من دليل عنايته بخلقه، إذ دبر شأنها حية كانت أو جامدة، عاقلة كانت أو أعجمية، مؤمنة كانت أو كافرة، برة كانت أو فاجرة، فكل شيء من أعيان الخلق وأحوالهم الظاهرة والباطنة قانت منقاد لأمره الكوني النافذ، فقنوته على حد العبودية الاضطرارية عبودية العبد المذلل المنقاد للقدر، وإن لم يكن ممتثلا للشرع، فلا يخرج عن دائرة المشيئة وإن خرج عن دائرة المحبة، ولا يخرج عن دائرة القدرة الكونية، وإن خرج عن دائرة الحكمة الشرعية.
فلازم ملكيته العامة: انقياد مملوكاته له على حد الاضطرار.
وقدم ما حقه التأخير: "له" على ما اطرد من الدلالة على الحصر والتوكيد فذلك مما يتلاءم مع السياق واللام في "له": للتقوية لضعف العامل فيها إذ تقدمت عليه على حد قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ).
ولو حمل القنوت على القنوت الشرعي لكان له وجه، وإن لم يكن لكثير من العباد فضلا عن كلهم من القنوت الاختياري نصيب فما أكثرهم ولو حرصت بمؤمنين، ولكن يصح مع ذلك حمل القنوت في هذا السياق على القنوت الشرعي إذا أريد بالخبر الإنشاء، على تقدير: اقنتوا له بإفراده بالعبودية فرعا عن انفراده بربوبية الإيجاد والعناية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 11 - 2009, 01:22 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
على حد المضارعة: "يبدأ" و: "يعيده" استحضارا لقدرة الرب جل وعلا على الخلق والإعادة وقد ارتقت الحجة في هذا النص من التقرير في قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) إلى القياس الأولوي في هذه الآية، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فالإعادة ثابتة من باب أولى لمن خلق ابتداء فهي أهون، واستعمال صيغة التفضيل في معرض الجدال، تنزل مع المخاطب، بتقريب الصورة إلى الحس المشهود، إذ ليس شيء على الله، عز وجل، أهون من شيء، بل الكل هين عليه، عز وجل، فإما أن يكون ذلك من القياس الأولوي، ولذلك أتبعه بقوله: "وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"، وإما أن يكون لفظ: "أهون" في هذا السياق قد نزعت دلالته التفضيلية وبقيت دلالته المعنوية على هوان الأمر على الرب جل وعلا.
ثم ذيل بوصفي العزة والحكمة، إذ العزة مئنة من كمال القدرة على الإنشاء ابتداء والإعادة انتهاء.
والحكمة مئنة من الغاية العظمى لوجود هذا الكون إذ فيه يتحقق معنى الابتلاء بالطاعة فضلا، أو المعصية عدلا، على حد قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 11 - 2009, 05:51 م]ـ
ومن قوله تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ):
فنكر المثل تعظيما، فهو مثل من أنفسكم، باعتبار الجماعة الإنسانية، ففيه قياس حال الرب، جل وعلا، على حالهم: قياس أولى في مسألة الانفراد بالملك والتدبير، فـ: "من" الأولى: بيانية، والثانية: تبعيضية، والثالثة: زائدة في معرض التوكيد، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إذ الاستفهام قد ضمن النفي باعتبار الجواب، فهو استفهام إنكاري إبطالي لمساواة المالك بالمملوك في عالم الشهادة، مع قصور السيد الأرضي عن بلوغ منزلة الملك التام والتدبيرالمطلق، فهما معنيا الربوبية، فإذا كان ذلك منفيا في عالم الشهادة، إذ هو غير جار على سنن المعقول الصريح ففيه التسوية بين المختلفين: المالك الأعلى والمملوك الأدنى، فانتفاؤه في حق الباري، عز وجل، كائن من باب أولى، وقد ذيل بالمراد من إيراد هذا المثل الملزم من كون ذلك آية تدعو الناظر فيها إلى التعقل والتفكر طلبا للغاية العظمى: غاية: إفراد المالك المدبر على حد الإطلاق فلا شريك له في خلقه، ولا شريك له في أمره الكوني الذي به تكون الأعيان، وأمره الشرعي الذي به تحفظ الأديان.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 11 - 2009, 01:03 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ):
فأطلق الوجه وأراد الذات، وإنما خص الوجه بالذكر إذ هو أشرف الأعضاء البشرية فتوجهه مئنة من توجه ما هو دونه من باب أولى، إذ ثبوت الحكم للأعلى مئنة من ثبوته للأدنى، فإذا أقيم الوجه للدين على حد الميل عن الشرك إلى التوحيد فالحال مقيدة من هذا الوجه، وقد يقال بأنها توكيدية إذ إقامة الوجه للدين مئنة من التزام صاحبها طريقة الحنيفية السمحة عدولا عن الشرك إلى التوحيد، ثم جاء بيان الفطرة الكونية الأولى التي فطر الناس عليها بالمنصوب على حد الإغراء، ففيه معنى الإخبار عن الفطرة الأولى، ومعنى الإنشاء بإغراء السامع بامتثالها، وإضافتها إلى الله، عز وجل، أما أن تحمل على التشريف إن قصد بها الفطرة المخلوقة في المكلفين، وإما أن تحمل على إضافة الوصف إلى موصوفه إن أريد بها وصف الفَطْر أو الإنشاء على غير مثال سابق، فالرب، جل وعلا، هو الذي فطر الأبدان إيجادا بأمره الكوني النافذ، وفطر القلوب على امتثال أمره الشرعي الحاكم، ففطرته متعلق ربوبيته من جهة الإيجاد، ومتعلق ألوهيته من جهة الامتثال، فهما على حد الالتئام والتكامل، فلا تعارض فطرة الأبدان فطرة الأديان، إذ الفاطر وحده، فهو الذي فطر الأجساد على حد الكمال الظاهر بسلامة الأعضاء والحواس، وفطر القلوب على حد الكمال الباطن سلامة القلب من قادح الشرك.
لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ:
على حد الخبر فيكون متعلق ربوبيته، إذ قد فطر الأبدان على هيئات وفطر القلوب على أحوال مطردة، فذلك مئنة من نفاذ أمره الكوني، إذ لا اضطراب فيه ولا تذبذب.
وعلى حد الإنشاء فيكون متعلق ألوهيته على تقدير: لا تبدلوا فطرة الله الأولى: الكونية بتغيير خلقه، أو الشرعية: بتغيير شرعه وتغييب حكمه.
ففي الآية دليلا: الإيجاد والاختراع: بخلق الأعيان وطاقة الأفعال مجملة في القلب حتى ترد النبوات بتفصيلها وتقويم ما اعوج منها، و: العناية بالأبدان والأديان فقد فطر الناس على أكمل أحوالهما حتى استزلهم الشيطان فأوقعهم في صور من تغيير فطرة الأبدان، كما جرى من مبدلي دين المسيح، عليه السلام، الذين تركوا الختان واستحلوا ما تواتر من الرسالات تحريمه من الأحوال الظاهرة، فسببه خذلان في الباطن، فلا ينفك إفساد الفطرة الظاهرة عن فساد سابق في الفطرة الأولى: فطرة التصور الصحيح فالحكم تبع لها فإن فسدت فقد فسد التصور فلزم منه فساد حكمه، وإذا صحت صح العمل:
فذلك الدِّينُ الْقَيِّمُ: على حد القصر الإضافي، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 11 - 2009, 03:32 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)
وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ: فتنكيره مئنة من عظمه، وقد يقال بأنه للتحقير بدلالة المس وهو من أدنى درجات الإصابة وفيه مئنة من سرعة جزعهم فمع أول إصابة بالأذى تجزع نفوسهم، والنكرة عموما مظنة الشيوع والعموم فيشمل معناها القليل والكثير.
فإذا مسهم ضر: دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ: فذلك من دلالة الحس على وجوده، عز وجل، فيكشف السوء، إذ لا يرفعه إلا هو.
ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً: والذوق وجدان طعم الشيء مطلقا فيقيد بالمحسوس أو المعقول تبعا لدلالة السياق وهو هنا دال على المعقول بداهة إذ الرحمة لا تنال بالذوق الحسي. وإن كان من النعم المخلوقة ما ينال بالحس وهي من جنس الرحمات المخلوقة، فتنال الرحمة بالذوق على هذا الوجه، بخلاف صفة الباري، عز وجل، فهي رحمة غير مخلوقة بداهة بدليل جواز الاستغاثة بها في مقام الدعاء وذلك معنى لا يصح في حق المخلوق بداهة، وفي ذوق الرحمة بعد الضر مئنة من كمال عنايته، عز وجل، بعباده، العناية العامة، ولو كانوا كافرين. ولذلك جاء السياق بوصف الربوبية العامة التي يدل عليها اسم: "بربهم"، وقد قدم عناية بشأنه وإمعانا في بيان قبح جنايتهم بالإشراك به جل وعلا، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ: فإذا الفجائية مئنة من تعجبه، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله، إذ أتوا بضد المراد منهم من السبب الشرعي فإن العناية بهم بتيسير الأسباب الكونية باعثة على مباشرة الأسباب الشرعية بتصديق خبره وامتثال أمره، لا الإتيان بنقيض مراد الرب، جل وعلا، من خلقه!. وليس العجب هنا على حد ما يقع لآحاد البشر من ظهور ما كان خفيا، فعلمه، عز وجل، قد أحاط بكل الكائنات، وإنما اتصف بتلك الصفة على وجه لا يستلزم معه نفي العلم فهو فرع عن خروج الشيء عن حكم نظيره لا عن بداء ظهر فيه للرب، جل وعلا، ما لم يكن يعلم تعالى الملك عز وجل، عن وصف الجهل خصوصا والنقص عموما، علوا كبيرا.
لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ:
فتلك العاقبة فقد أنجاهم الله، عز وجل، بإرادته الكونية النافذة ليفتنهم فيما آتاهم بمقتضى حكمته البالغة، فتظهر فيهم آثار مكره وعدله، فهي في مقابل كفرانهم: كمال، ولذلك جاء الأمر عقيبها على حد التهديد: (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ).
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 11 - 2009, 04:36 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ):
فذلك، أيضا، جار مجرى التعجب من حالهم، على ما اطرد من إثبات الوصف للرب، جل وعلا، على الوجه اللائق بجلاله، وهو يفيد بمعناه الإنشاء، وإن كان مبناه خبريا محضا، على ما اطرد في نصوص المدح والذم، فيفرحون بالرحمة فرح الأشر ويقنطون في المصيبة قنوط اليأس!، وقد نسبت إذاقتهم الرحمةَ إلى الرب، جل وعلا، مباشرة، على ما اطرد من خطاب القرآن من نسبة الخير إلى الرب، جل وعلا، وجاءت إصابتهم بالشر مبنية لما لم يسم فاعله، للعلم به أولا، فهو، جل وعلا، خالق كل الأعيان والأفعال: خيرها وشرها، فما كان فيها من خير فهو منه، جل وعلا، وما كان فيها من شر فهو منه خلقا لا فعلا، فالشر ليس إليه فعلا وإن خلقه في محال هي له أهل، فخلقه فيها، عند التأمل، عين الحكمة الإلهية على ما اطرد مرارا، من حد الحكمة، فخلق الخير بفضله وخلق الشر بعدله، وذلك مئنة من كمال وصفه، عز وجل، فبالخير يرحمون وبالشر يبتلون ليظهر مكنون صدورهم، فخلق الخير كليا، وخلق الشر جزئيا في المخلوق لا في فعله، عز وجل، وهو في حقيقته لمن تدبره ذريعة إلى تحصيل خير آجل لا ينال إلا بمدافعة الشر العاجل بما شرع الرب، جل وعلا، من الأسباب الكونية والشرعية، لئلا تبطل الشرائع بالاحتجاج عليها بالأقدار الكونية، وإنما خلق الله، عز وجل، الشر، وخلق معه سبب مدافعته، لتظهر حكمة الرب، جل وعلا، في ذلك، ببذل العباد الأسباب تأويلا لما قد علم أزلا وسطر ولما يخلق الكون بعد.
فذلك مئنة من قدرته العامة، عز وجل، على إيجاد الموجودات جميعها على اختلافها وتضادها، وعنايته بخلق الخير وأسبابه، وحكمته بخلق الشر الذي لا يخلو من صور العناية بالخلق إذ خلق معه ما يدفعه أو يرفعه، فتظهر آثار حكمته في تلك المدافعة أو المرافعة، فضلا عن كونه تطهيرا لأهل الإيمان إذا هم صبروا فلم يقنطوا فذلك تأويل الأمر الذي دل عليه الخبر بإشارته فذم القانط تحذير من سلوك طريقته، وأمر بالسير على ضدها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 07:52 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ: فذلك استفهام فيه معنى الإنكار والتوبيخ، إذ مضمونه قد وقع فعلا، فهم غافلون عن رؤية آيات القدرة الربانية في بسط الأرزاق وقدرها وفق حكمة دقيقة لطيفة فتخفى على كثير من العقول، ولا يحيط بها أي عقل، وإنما يمتن الله، عز وجل، على بعض خلقه بإدراك طرف منها، إذ هي كسائر صفات الرب، جل وعلا، لا تحيط بها العقول علما، وإن أدركت طرفا من معاني الكمال فيها في دار الابتلاء، وأدركت طرفا من حقائقها التي تعجز العقول عن حدها، فتراه، عز وجل، العيون في دار النعيم ولا تحيط بكمالات ذاته وصفاته، فالأمر جار على ذاته وصفاته معنوية كانت كالحكمة أو ذاتية كالوجه فكل ثابت له، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله، وكل قد أعيى العقول إدراك حقيقته، فلا يدرك العقل منها شيئا في دار الابتلاء، ويدرك طرفا منها في دار النعيم منحة من الرب الجليل الكريم.
وَيَقْدِرُ: فذلك من طباق الإيجاب بين المتضادين: البسط والقدر، فذلك جار على ما تقدم مرارا من عموم الربوبية للمتضادات فذلك آكد في بيان قدرة الرب، جل وعلا، على البدع والاختراع، ولا يخلو من وجه عناية فالفقر صلاح لكثير من أصحابه، وإن كان العبد مكلفا بتحصيل أسباب الرزق فلا يقعد عن الطلب متعللا بالزهد فإن في ذلك معارضة للشرع بالقدر، وتعريضا للنفس إلى منة الخلق، فمن أراد التخلي لطلب علم، أو تنسك ....... إلخ فلا أقل من أن يكون مستغنيا بما أجرى الله، عز وجل، له من سبب رزق يصون به أديم وجهه عن سؤال الخلق، فإن في سؤالهم ذل الدارين، وقانا الله، عز وجل، شر الذل لسواه.
فـ: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ: فذلك تعريض بمن لم يؤمن فتلك الآيات العقليات الباهرة لا يقدر على فهمها عقله الضيق الذي استغلق عليه إدراك معاني الربوبية التي يجدها في نفسه ضرورة حسية وفطرية، ولكنه لفساد إرادته يعرض عنها فلا ينتفع بها فتصبح في حقه كلا آيات، وإن كان مخاطبا بها على حد التكليف وإقامة الحجة الرسالية، وهو تعليل لما تقدم من الآيات الكونية، فهي مناط التدبر العقلي الذي يولد في النفس إيمانا ويقينا بكمال أوصاف وأفعال الرب، جل وعلا، وذلك ما يولد في النفس ملكة التأله لذلك الرب القدير الحكيم على ما اطرد مرارا من التلازم الوثيق بين معاني الربوبية ومعاني الألوهية، ولذلك جاء التذييل بالتكليف الشرعي عقيب الدليل الكوني فـ:
فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 08:13 ص]ـ
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ: فذلك من الإلزام العقلي بتعديد أوصاف اختص بها الرب، جل وعلا، فلا يشركه غيره فيها بداهة، والإطناب في بيانها اختراعا بالخلق، وإعادته من باب أولى، وعناية بالرزق، وعموما للمتقابلات من الموت والحياة، فذلك، كما تقدم مرارا، مئنة من كمال ربوبيته، المستوجب لكمال إفراده بكمال التأله والديانة.
هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ: فهو استفهام ضمن معنى النفي، للعموم الذي أكد بدخول: "من" على النكرة الواردة في سياق الاستفهام، فإذا لم يكن لأحد سواه شيء من تلك الأوصاف الفعلية الجلالية والجمالية، فهو المنفرد بالإيجاد والإعدام قهرا، والرزق والإعطاء فضلا، إذا لم يكن لسواه شيء من ذلك فليس لسواه شيء من التأله، إذ التأله حكم عملي لتصور علمي سابق فلن يحسن أحد التأله إلا إذا صحح علومه الخبرية فعلم من كمال وصف وفعل الرب، جل وعلا، ما يصحح به إرادته العملية فجاء تألهه على الطريقة المثلى، فاستجلب بذلك مزيدا من النعم الربانية: العاجلة: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)، والآجلة: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، فلا توحيد للتأله صحيح إلا بتوحيد صحيح للرب، جل وعلا، ذاتا وصفات وأفعالا، فصحة الربوبية ذريعة إلى صحة الألوهية، والعلم سابق العمل فهو مبدؤه الباطن، فليس الظاهر إلا لسانه الناطق.
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ: فذلك التذييل مؤكد للنفي المتقدم فسبحانه وتعالى أن يكون له شريك في التأله فرعا عن كونه لا شريك له في تلك الأوصاف التي انفرد بها فلا يدعيها أحد إلا من فسد عقله، فشاهد الحس الذي تشترك فيه جميع الأحياء فضلا عن العقلاء: ينكره.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 11 - 2009, 09:13 ص]ـ
كل عام وأنتم بخير أيها الكرام الأفاضل.
ومن قوله تعالى:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ):
فذلك من أفعال الربوبية، إذ خلق الأعيان والأفعال خيرها وشرها، صالحها وفاسدها، لا يكون إلا للرب، جل وعلا، وإن قامت الأفعال بفاعليها، والأوصاف بموصوفيها، وهو فساد عام لم يسلم منه بر أو بحر، فالجنسية الدالة على استغراق العموم في: "الفساد"، و: "البر"، و: "البحر": مئنة من عظم الخطب، وما ذلك العقاب الرباني إلا فرع عن مخالفة الأمر الإلهي، على ما اطرد مرارا من التلازم الوثيق بين أمر الربوبية النافذ، وأمر الألوهية الشارع، فمتى كان التزام في فعل العبد كان الثواب من فعل الرب، جل وعلا، بإصلاح الأحوال عدلا، ومتى كانت مخالفة في فعل العبد كان العقاب من فعل الرب، جل وعلا، بظهور الفساد عدلا، فالأمر مطرد منعكس، على ما تقرر مرارا من دلالة المنطوق على المعنى طردا، ودلالة المفهوم على معناه عكسا، فالخبر قد أريد به إنشاء الأمر باستدفاع ذلك الفساد ببذل ضد سببه، إذ قد ظهر بما اقترف العباد من الآثام فذلك الطرد، فإذا أقلعوا عنها توبة وإنابة رفعت آثار ذلك الشؤم الذي استجلبته معاصيهم، فآل المعنى إلى: استدفعوا شؤم المعصية بمجانبة مساخط الرب، جل وعلا، واستجلبوا البركة بمباشرة مراضيه، جل وعلا، والتفريق بين المتماثلين أمر لازم لحصول العدل، ومن أحق بهذا الوصف من الرب، جل وعلا، إذ هو فرع عن الحكمة، والله، عز وجل، أحكم الحاكمين، فله كمال الحكمة وكمال ما تفرع عنها من العدل في الأحكام فلا يسوي بين مختلفين، ولا يفرق بين متماثلين.
(يُتْبَعُ)
(/)
فتفرعُ المسبَّبات عن أسبابها، وجريانها على ذلك السنن الدقيق، مئنة من كمال قدرة الرب، جل وعلا، على الإيجاد، فيخلق المسبب بما أودع في سببه من قوى التأثير، فلا يتخلف إلا إذا شاء ذلك لحكمة أعظم من حكمة إجرائه سواء أكان سببا معنويا، كالمعصية إذ بها يكون العقاب إلا أن يشاء الرب، جل وعلا، رفعه تفضلا وامتنانا، أم ماديا كسائر المسببات المحسوسة التي تصدر عن أسبابها المبذولة، وقد أقيم الكون والشرع على تلك المنظومة المحكمة من الأسباب الكونية والشرعية فالكون جار وفق نواميس ربانية لا تتبدل إلا إذا شاء الرب، عز وجل، ذلك، فإن تعلق الناس بالأسباب، كما تقدم في موضع آخر من قول بعض الفضلاء، أبطلها الله، عز وجل، إظهارا لقدرته وتذكيرا لهم بأوصاف جلاله، والشرع كذلك: فالسبب مؤد إلى مسببه، والعلة تنتج معلولها إلا إذا تخلف شرطها.
فظهر الفساد بما كسبت أيديهم، تغليبا لا مفهوم له، فالمعصية شؤم على صاحبها سواء اكتسبها بيده أو رجله أو عينه أو لسانه ........ إلخ من آلات الاكتساب.
وعلة ذلك: لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا: فذلك من رحمته فلو آخذهم بكل ما عملوا ما ترك عليها من دابة: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)، ولا يخلو ذلك العقاب الشرعي من عناية بهم، إذ هو تذكير لهم: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، فليس لله، عز وجل، حاجة في عقابنا، وإنما يذكر البلاء صاحبه بالرب، جل وعلا، ليتوجه إليه، بالدعاء خاشعا: فيفيض عليه من عطايا مغفرته ومنح توبته، فيكون صلاحه الآجل في تلك النازلة العاجلة، فبها ظهرت حكمة الرب، جل وعلا، في ثوابه وعقابه، على ما تقدم من جريان المسببات فرعا عن أسبابها، وبها طهر العبد مما اكتسبته يداه، وبها استجلب العبد أسباب رضا الرب، جل وعلا، توبة عما فات واستغفار لما هو آت، فكل تلك الحكم الجليلات تفوق مفسدة وقوع الذنب، فهي لمن تأملها منح للعاصي وعناية ربانية به، مع كونها غير مرادة شرعا للرب، جل وعلا، فليست منحة إلا للتائب المنيب لا المصر المقيم، فإن القدر إنما يصح الاحتجاج به في المصائب لا المعائب، فالمعصية بعد التوبة: مصاب فيصح الاحتجاج بالقدر عليه، وقبلها: عيب فلا يصح الاحتجاج بالقدر عليه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 11 - 2009, 09:00 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ):
فمن آياته الكونية: آيات الامتنان، آيات العناية العامة التي يعم نفعها كل الموجودات حتى البهائم والنباتات، بل إنها إن نفعها يطال الصخر الذي تؤثر فيه الرياح فتحمل الفتات ليعاود الاجتماع فيترسب على مر الأعصار فينتج صخرا متماسكا من جديد.
من تلك الآيات: الإرسال الكوني للرياح، الذي جاء مؤخرا وحقه التقديم إمعانا في التشويق بذكر الحكم الذي تتطلع بعده النفس إلى معرفة المحكوم عليه وجيء به مضارعا دخلت عليه: "أن" على ما اطرد من الدلالة التوكيدية والاستقبالية لهذا التركيب، فهو أمر متجدد وذلك آكد في تقرير المنة الربانية بتقرير تجددها واستمرارها، فذلك مما يذكر الناظر المتأمل بآثار تلك النعمة الدائمة، وجمعت الرياح إذ الجمع مظنة تنوع أوجه الانتفاع بها فرعا عن تنوعها، وفي حديث: "اللهم أجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا"، بل إن ريح العذاب، وإن كانت نقمة على من هبت عليه إلا أنها آية كونية من وجه، ففيها من آثار جلال وصف الرب جل وعلا ما فيها: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)، فأخذه شديد وعقابه أليم قد تنوعت صوره مئنة من قدرته بل حكمته، جل وعلا، إذ لكل ذنب عذاب يناسبه فقلبت قرى لوط لما بدلوا الفطرة الأولى، وأجرى الله الأنهار على فرعون لما تبجح بجريانها تحته، وخسف بقارون لما ظهر واستعلى، ونعمة كونية من وجه آخر ففيها من أوصاف حكمة وجمال الرب
(يُتْبَعُ)
(/)
ما فيها: إذ أنجى الرسل عليهم السلام وأتباعهم منها فظهرت آثار حكمته فلم يسو بين المختلفين على ما اطرد في الميزان القرآني، ميزان: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)، وهو أمر سبقت الإشارة إليه مرارا وتكرارا، فهو من الكليات الجامعة في باب أوصاف الرب، جل وعلا، الكاملة، فهي: عدل يظهر به جلاله إذ أهلك المكذب وأنجى المصدق بقدرته، والقدرة من وصف الجلال إذ بها تقع المقدورات على وفق ما قدر، جل وعلا، أزلا، وهي فضل يظهر به جماله إذ أنجى المصدق من الرسل عليهم السلام، وأتباعهم برحمته، والرحمة العامة والخاصة كلاهما من أوصاف العناية الربانية، فالرياح فيها من كلا النوعين على هذا التأويل فهي في مواضع: رحمة عامة بالمؤمن والكافر بما يتسبب عنها من المنافع الكونية التي تشترك فيها كل الخلائق، كما تقدم،، وفي مواضع أخر: رحمة خاصة بالمؤمن يخذل بها عدوه، سواء أكان ذلك: هلاكا كليا فتكون عذاب استئصال أم كان هلاكا جزئيا بإكفاء القدور وإطفاء النيران وقلع الخيام كما فعلت الصبا بالأحزاب، وفي حديث الأحزاب: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور"، فالدبور عامة: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)، والصبا خاصة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا).
ولا يعترض على ذلك بأن رياح البشرى لا تنفك عن نوع مفسدة جزئية من قلع شجر وإغراق طرق ......... إلخ، إذ تلك، كما ذكر ابن أبي العز رحمه الله، مفسدة جزئية لا تقاوم المصلحة الكلية من هبوب الرياح ونزول الأمطار، فالمصلحة الخالصة كونية كانت أو شرعية عزيزة، كما ذكر العز بن عبد السلام رحمه الله بل تكاد تكون معدومة فلا ينفك أي فعل، ولو كان عبادة شرعية خالصة كصلاة وصدقة، أو لذة كونية خالصة من طعام أو منكح ...... إلخ لا ينفك عن نوع ألم يعرض لمبتغيها ومباشرها، وإن ظهر بعد ذلك من آثارها النافعة إن كانت على مراد الرب، جل وعلا، ما يفوق تلك الآلام الجزئية، فكذلك الرياح قد يتولد منها فساد جزئي، ولكن ذلك لا يقاوم منافعها الكلية العامة كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
فهي، كما يقول صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، مبشرات بين يدي رحمته، وهي: المطر، فهو من الرحمات المخلوقة التي أضيفت إلى الرب، جل وعلا، إضافة مخلوق إلى خالقه تنويها بذكره، أو هو المطر باعتباره من آثار أوصاف جمال الرب، جل وعلا، فتكون الإضافة: إضافة وصف إلى موصوفه، وهو الرب، جل وعلا، فرحمته من أوصاف جماله، وعنها تصدر سائر أجناس الرحمات المخلوقة، فهي آثارها في عالم الشهادة، (فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، فيكون ذلك من ذكر المسبٍّب، وهو الرحمة غير المخلوقة التي هي وصف الرب، جل وعلا، وإرادة مسبَّبه، وهو الرحمة المخلوقة: المطر النازل. فيرسل الرياح فتسوق السحاب، فينزل المطر، فالسياق قد دل اقتضاء على جملة من المحذوفات لم تذكر توصلا إلى محط الفائدة، وهو النعمة الكونية التي يذيقها الباري، عز وجل، عباده: ذوقا معنوبا أو حسيا، ولا مانع هنا إمعانا في تقرير تلك المنة السابغة أن يحمل الذوق على كلا المعنيين: ففيها الذوق المعنوي بما يدخل على القلوب من السرور بنزول المطر ونماء الزرع وسائر ما ينتفع بالمطر في تثميره، وفيها الذوق الحسي فيشرب العباد الماء النازل من السماء: ماء طهورا لم يتكدر بمياه المجاري!، كما هو الحال في كثير من الأمصار التي تعجز عن توفير مياه نظيفة لأهلها.
وعلى ما اطرد من الإطناب السابق: وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ: الكوني تنبيها للعباد أن الله، عز وجل، هو المهيمن على مقدرات العباد فهي جارية بقدرته وحكمته، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ: بالتجارات، كما ذكر أبو السعود رحمه الله، فذلك أثر آخر من آثار رحمة ربك بإرسال الرياح.
ومقابل ما تقدم من آثار الرحمة جاء التكليف الشرعي:
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: فما تلك النعم التي هي من أدلة كمال الربوبية إلا ذريعة إلى تحقيق معاني الألوهية بإفراده، عز وجل، بالتأله والتنسك.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 12 - 2009, 08:57 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ):
فقدم المسند إليه لفظ الجلالة: "الله": حصرا وتوكيدا وجاء بالموصول مئنة من كون المعنى الذي اشتقت منه الصلة هو متعلق التعليل لألوهيته، عز وجل، على القول باشتقاق اسم: "الله": عز وجل، من معنى التأله وهو التعبد، ولا إشكال في القول بالاشتقاق بمعناه اللغوي الذي هو مقابلة اللفظ للمعنى الذي اشتق منه، كما أشار إلى ذلك بعض المحققين كابن القيم رحمه الله، فلم يرد قائله أن أسماء الله، عز وجل، حادثة بعد أن تكن، فلم يكن له، عز وجل، اسم حتى سماه العباد!، كما زعم ذلك من زعم من ضلال الجهمية نفاة الأسماء والصفات إجمالا كابن الثلجي وشيعته من الجهمية الأوائل.
وهذا مما يشهد لمن قال بمنع اشتقاق أسماء لم ترد لله، عز وجل، وإن كانت حسنى دالة على الكمال المطلق مشتقة من أوصاف ثابتة له في نصوص الوحي: قرآنا أو سنة، إذ الباب توقيفي محض فلا يسمى، عز وجل، إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فهو الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ:
فذلك من دلائل إيجاده المعجز إذ مبدء الخلق من ماء مهين، فتنكير الضعف للتعظيم، فمبدأ الخلق من ذلك الكائن المهين شديد الضعف الذي تستقذره النفس، وإن كان طاهرا، والخلق هنا بمعنى الإيجاد بقرينة ذكر مادة الخلق، وإن كان ذلك مستلزما للخلق الأول الذي هو: التقدير، فيأتي الخلق الثاني الذي هو الإيجاد تأويلا له على وجه من الدقة والإتقان هو مئنة من كمال حكمة وقدرة الرب جل وعلا.
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً: على التراخي باعتبار نشوء قوة الإنسان من لدن كان مشيجا إلى أن صار رجلا شديدا أمرا يقع شيئا فشيئا فلا ترى آثاره الظاهرة إلا بعد مرور شهور وسنين، بل يتفاوت شدة وضعفا باختلاف أطوار النمو، ففي أطوار يكون نشاط الخلايا كبيرا كما في أطوار الانقسامات الخلوية الأولى أثناء الحمل، فيكبر الجنين سريعا ويتحول من مشيج إلى جسد كامل في نحو تسعة أشهر، ثم يستمر نموه حال صغره سريعا فيكون طور القوة الحيوية للخلايا في أوج نشاطه، فمعدل البناء أكبر بكثير من معدل الهدم، إذ المرحلة مرحلة تكوين، ولذلك يقول الأطباء بأن إصابة الأطفال بالأورام الخبيثة، عافانا الله وإياكم وأبناء المسلمين منها، يقولون بأنها مع عظم خطرها إذ تصيب جسدا غضا ضعيف المناعة إلا أن نسب الشفاء منها عالية فتصل إلى نحو 80 % أو أكثر لأن النشاط الخلوي للأطفال سريع مطرد في هذا الطور الإنشائي للجسم فيعوض الجسد الفاقد بسرعة وكفاءة فلو أزيل الورم وسلط العلاج الكيميائي والإشعاعي على موضع الورم، وهو مفسد للمحل إجمالا طيبه وخبيثه، إذ يصفه الأطباء بأنه غير اختياري فلا عقل له ليميز الخلية الصحيحة من الخلية السقيمة، وإنما يسلط على موضع الداء فيدمر كل خلاياه! صحيحة كانت أو فاسدة، فهو أشبه بالعمليات الانتحارية التي لا ينظر فيها إلى الخسائر البشرية، فهذه المفسدة العظيمة التي يظهر أثرها في الكبار لا يكون مثلها في الصغار، إذ معدل نمو خلاياهم كبير فالأجساد ما زالت بكرا بخلاف أجساد الكبار التي أنهكتها السنين، بمقتضى السنة الكونية الجارية، وهي التالية الذكر في الآية الكريمة:
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً: سنة كونية جارية يظهر فيها كمال الرب وجلاله بإظهار نقصان العبد، فلا يجري على الله، عز وجل، ما يجري على البشر من الأغيار وما يلحق أبدانهم آخر الأمر من الفناء.
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ: فذلك مئنة من كمال قدرته فالعموم محفوظ فهو قادر على خلق كل الممكنات.
ثم ذيل بوصف العلم المستلزم للحكمة: وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ: فلبس الخلق قدرة بلا حكمة فيخلق إذ شاء أن يخلق لمجرد إظهار قدرته كما يزعم نفاة تعليل أفعال الله، عز وجل، بالحكمة، بل له القدرة النافذة التي يكون بها الخلق والإيجاد في عالم الشهادة، والعلم الأول الذي به يكون تقدير الكائنات في الأزل ولما توجد بعد على نحو يظهر منه كمال حكمة وقدرة الرب، جل وعلا، فيأتي الخلق على نحو ما قدر فلا يزاد عليه ولا ينقص فذلك مئنة من الإتقان الدال على طلاقة القدرة، وبأتي جاريا على سنن الحكمة الربانية بوضعه في الموضع الذي يلائمه، فإن كان صالحا استعمل في الصلاح فضلا، وإن كان فاسدا استعمل في الفساد عدلا، فوضع الشيء في موضعه استجلابا لحكم آجلة، ولو تخلل ذلك مفاسد عارضة هو عين الحكمة الثابتة لله، عز وجل، من باب أولى على الوجه اللائق بجلاله.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 12 - 2009, 08:46 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ): فذلك تفصيل إنزال المطر ففيه تفصيل لمجمل نحو قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) ببيان أطوار تكوين السحاب وقد جاءت الأفعال مضارعة استحضارا للصورة ومئنة من تجدد الفعل وحدوثه فذلك آكد في بيان قدرة الله، عز وجل، فلم يزل ولا زال فاعلا بصفاته فعنها تصدر أفعاله على حد الكمال المطلق فكمال أفعاله من كمال صفاته إذ لا يصدر عن الكامل إلا كامل فالإرسال والبسط .......... إلخ صادرة عن مشيئته الربانية العامة فيرسل بكلمة كونية، ويثير بأخرى، ويبسط بثالثة، وفي تفصيل تلك الأطوار مزيد بيان لدلالتها المزدوجة:
على قدرة الرب، جل وعلا، على الإيجاد.
وعلى عنايته بخلقه إذ اتصف بجملة من صفات الأفعال على الوجه اللائق بجلاله بها كان خلق السحاب الذي ينشر به الله، عز وجل، آثار رحمته التي هي وصفه من رحماته التي هي خلقه، فالماء رحمة، لصدوره عن وصف الرحمة، فإطلاقها عليه، كما تقدم، إطلاق سبب وإرادة مسببه، فالرحمة غير المخلوقة سبب كل الرحمات المخلوقة: دنيوية كانت أو أخروية، عامة كانت كنعم الدنيا أو خاصة كنعيم أهل الجنة فهو مختص بهم دون غيرهم بداهة.
وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ: فذلك من كمال قدرته إذ يشاء جعله ابتداء، فإن شاء لم يجعل، ويشاء إصابته أرضا دون أخرى فلو شاء لمنعه عنها وأجراه في أخرى.
وذلك لا يكون بداهة إلا لحكمة جليلة في الإجراء والمنع على ما اطرد من التلازم الوثيق بين القدرة والحكمة.
وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ: فذلك آكد في تقرير النعمة الربانية فإذا انقطع الرجاء ثم جاء الفرج فإن وقعه وأثره في النفس يكون أعظم.
فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
فذلك من بيان الدلالتين:
دلالة العناية بالنظر العيني إلى آثار المطر وما يتولد عنه من المنافع العاجلة.
فأجمل ثم بين إمعانا في التنبيه والتشويق.
ودلالة الإيجاد بالنظر العقلي بقياس إحياء الموتى بالمطر النازل يوم الحشر ففيه قوة الإنبات للأجساد، على المطر النازل في الدنيا ففيه قوة الإنبات للأشجار والأغصان.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 12 - 2009, 08:30 ص]ـ
ومن سورة السجدة:
ومن قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ)
فجاء الإخبار بالموصول المجمل الذي بينته الصلة: دلالة إيجاد للسماوات والأرض وما بينهما: تقديرا في الأزل ثم تأويلا للمقدور في عالم الشهادة فكان كما قضى الرب، جل وعلا، فلم يتخلف منه شيء، كما تقدم مرارا، في باب الخلق ومعانيه، وباب الإتقان للمصنوع مئنةً من إتقان الصانع.
ثم استوى على العرش بعد الخلق فذلك تأويل انفراده بالملك التام، فبعد الخلق لهذا الكون بما فيه من سماوات وأفلاك، استوى على أعظم المخلوقات استواء يليق بجلاله، فعلا وارتفع بذاته وقدره وقهره، إذ هو الخالق بقدرته المدبر بحكمته، فليس ملكه ملك الإيجاد، بل هو ملك: الإعداد لمخلوقاته لقبول آثار مدده الكوني والشرعي، فالأبدان قد أعدت لتقبل آثار مدده الكوني النابت من الأرض، والأرواح قد أعدت لتقبل آثار مدده الشرعي النازل من السماء، فله كمال الربوبية: جلالا وقهرا بقدرته، وجمالا بحكمته، فبالأولى تقع المقدورات يقينا فلا تخلف لشيء منها، وبالثانية يكون التدبير إظهارا لآثار رحمته بعباده فيصنع لهم الخير الآجل إن صبروا، ويستخرج مكنون صدورهم بمتين كيده إن جزعوا فما ظلمهم الله ولكن أنفسهم كانوا يظلمون، فعلم الله، عز وجل، خبيئة الصدور فاستخرجها بالابتلاء والتمحيص، ففعله في عباده فضل وعدل، لا ظلم عنده لأحد، فإذا كان هو الرب الخالق القاهر الذي استوى على أعظم خلقه، فهو القاهر له ولما دونه من باب أولى، فإنه لا يليق بذي عقل أن يتأله سواه، فما لكم من دونه من ولي ينصر، أو شفيع يدفع، فإن ذلك جار مجرى ما تقدم مرار من التلازم والاقتران بين صفات الربوبية وأحكام الألوهية فالأولى ذريعة الثانية، فهي العلة الباعثة، والأخرى معلولها، فهو الإله المعبود فرعا عن كونه الرب المحمود بصفات الكمال جلالا فهو القدير وجمالا فهو الحكيم.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 12 - 2009, 09:04 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
فذلك من عنايته بخلقه، إذ يدبر أمرهم بأمره الكوني النافذ على وجه تخفى حكمته على كثير من خلقه فيستخرج بالابتلاء أجناس العبودية من خلقه، فبأمره الكوني: صلاح الدنيا، وبأمره الشرعي: صلاح الدين، له أمر التنفيذ على سنن الحكمة الكونية التي لا تدركها العقول، فلا يتعلق بها التكليف، فذلك من رحمته، عز وجل، إذ لا تكليف بما لا تتصوره العقول لتحكم عليه فإن كثيرا من حكم تدبير الكون تخفى علينا بل ربما وقفنا على ظاهرها دون الباطن فازددنا حيرة لا سيما في النوازل التي يبتلى فيها المؤمنون ويزلزلون زلزالا شديدا، فلا تحسبوه شرا لكم بل هو خير، وإن كان ظاهره الشر فهو شر في المقدور لا في القدر فحكمة الرب، جل وعلا، من اللطف والخفاء بمكان، فلا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف فيخفى عن الأنظار، الخبير فيدرك دقائق الأسرار.
وله أمر التشريع على سنن الحكمة الشرعية التي تدرك العقول علل بعضها فتقيس عليه، دون بعض فتنقاد له على حد التسليم، فهو مما تطيقه، فتكلف به، رحمة من الرب، جل وعلا، فلا يكلفها ما لا تطيق من تصديق محال أو امتثال شاق غير معتاد، فإن هذه الملة قد جاءت بأصدق الأخبار وأعدل الأحكام فلا تجد الفطر السوية نفورا من أخبارها الغيبية فليس فيها ما تحيله وإن حارت في كيفه، فذلك لازم الابتلاء ليتميز المؤمن المصدق من الكافر المكذب، ولا تجد النفوس عناء من أحكامها التكليفية بل إن عرضت المشقة فتبعا لا أصلا، فأمره، عز وجل، قد استغرق الجنسين: الكوني النافذ والشرعي الحاكم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 12 - 2009, 08:45 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ):
فأحسن كل شيء تقديره وتنفيذه فلكل كائن ولكل عضو بل ولكل خلية ما يناسبها من الخلق فخلية الأعصاب لها من التركيب ما يناسب وظيفتها من نقل السيال العصبي، والخلية العضلية لها ما يناسب وظائفها من الانقباض والانبساط، وخلابا المخ لا تتجدد إذ هي مستودع المعلومات، بينما الخلايا الجذعية تنقسم باستمرار في ثلاث طبقات جينية لتعطي أكثر من 200 نمط خلوي موجود في الجسم، والخلية التناسلية تنقسم اختزالا، والخلية الجسدية تنقسم تكرارا، وعلم الأنسجة يدرس تلك التراكيب المتباينة، وعلم وظائف الأعضاء يدرس ميكانيكية عمل هذه التراكيب فيظهر منهما مدى التلاؤم بين تركيب الأنسجة ووظائفها فلكلٍ خَلْقُه الذي يناسبه، والإنسان يضع قدمه حيث لا تنفع عينه، ويضع عينه حيث لا تنفع قدمه، وتأمل ذلك التناسب يدل على كلا الدلالتين: دلالة الإيجاد ودلالة العناية، فتنوع الإيجاد عناية بالإنسان بتلبية كافة احتياجاته الحيوية، وذلك مئنة من كمال خلق الإنسان وإتقان صنعته، وإتقان الصنعة، كما تقدم مرارا، مئنة من إتقان الصانع الحكيم الذي أتقن صنعة كل شيء، فتقديره في عالم الغيب وتأويله في عالم الشهادة قد جاء على أكمل الوجوه، وقد تتبع ابن القيم، رحمه الله، كثيرا من أوجه التناسب بين الخلق والوظيفة في كتابه "مفتاح دار السعادة".
وقد ابتدأ غاية خلق الإنسان من طين، وإن لم تبق عين الطين بتحوله إلى لحم ودم وعصب وعظم ........ إلخ، فأصله طيني، ولا يلزم من ذلك أن يكون طينيا، وإن بقيت في خلقته أثر الطين، فعناصر الجسد الكيميائية هي نفسها عناصر الأرض الطينية، فالإنسان من طين وإن لم يكن في حقيقته المشاهدة في الخارج: طينا، كما يقال في أي مصنوع أرضي إنه مصنوع من كذا وكذا، وإن لم يكن في عينه المشاهدة أثر لذلك الأصل، فبعض الملبوسات تصنع من بعض المشتقات البترولية، مع أنها لم تعد بترولا، بل انقلبت أعيانها، وهي مواد خام، إلى أعيان أخر يحصل الانتفاع بها، وذلك مئنة من إتقان الصنعة، وهو مئنة من قدرة الصانع على تشكيل مواده الخام واستهلاك أعيانها توسلا إلى إنتاج صور أخرى يمكن الانتفاع بها، ولله المثل الأعلى، فإن جواهر العالم حادثة، يفني الرب، جل وعلا، منها ما شاء ليستخرج منه أعيانا أخر، فيفني النطفة ليستخرج العلقة، ويفتي العلقة ليستخرج المضغة، وإن بقي في العلقة أثر من النطفة، وفي المضغة أثر من العلقة، يدل على أصلها إمعانا في بيان القدرة الربانية، فليس الأمر أعراضا تتوالى على جوهر واحد قديم كما ادعى الفلاسفة القائلون بقدم العالم، بل هي جواهر تستهلك ليظهر منها جواهر جديدة تباينها في الماهية وإن كان فيها أثر يدل على أصلها الأول، فجسد الإنسان غير الطين ماهية، ولكنه يرجع إليه أصلا، فأثر الطين ظاهر في تركيبه، وإن لم يظهر في هيئته.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 12 - 2009, 09:00 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ):
فذلك من الجعل الكوني، فهو من جنس الماء المهين الذي قد سل من الجسد كله، فإن الخلية التناسلية هي مستودع صفات الإنسان، فكأنها أنموذج مصغر منه يلتقي مع مشيج الزوج فيكون المولود لأيهما غلب، وفي وصف الماء بالمهانة، إشارة إلى ضعف المخلوق الذي خلق مما يأنف الإنسان علوقه بجسده أو ثوبه فيبادر بغسله وإن كان طاهرا في نفسه، على الراجح من أقوال أهل العلم، وفيه أيضا مئنة من قدرة الرب، جل وعلا، الذي سوى هذا الإنسان على هذا الوجه من الكمال وهو في أصله نطفة حقيرة الجرم، مهينة القدر، فذلك جار على ما تقدم من بيان أوجه الإعجاز في دلالة إيجاد الكائن من أصل يفنى ليتولد من فنائه خلق كامل.
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ: فسوى جسده بتقلبه في الأطوار المتتالية التي جاء بيانها في مواضع أخر من الكتاب العزيز، على ما اطرد من إجمال التنزيل في مواضع وبيانه في مواضع أخر، فما أجمل في موضع فصل في آخر فتجمع تلك المواضع لتكتمل صورة الاستدلال، فهي صورة متعددة الأجزاء لا بد من إعمال النظر في كل أجزائها على ذات الحد من العناية والإنصاف فلا ينظر إلى جزء ويهمل آخر، على ما اطرد في طرائق أهل الأهواء من أصحاب الملل والنحل في الاستشهاد بما ينصر ظاهره، بل متشابهه، مقالتهم، فإن ظاهر التنزيل لا يدل على معنى باطل إذ لا يدرك معناه إلا بملاحظة سياقه ولا يمكن أن يدل سياق الوحي على معنى باطل، وإنما يأتي البطلان من مقدمات عقلية باطلة، تستقطع كلمات التنزيل من سياقها لتشهد على صحتها شهادة المكره، فلا يخلو الاستدلال من لي بل كسر لأعناق النصوص إرادة تطويعها لتوافق الشبهة، فيصير المحكم متشابها بحمله على غير معناه، ويصير المتشابه محكما تكلفا لنوع دليل ولو متعسف فلا بد من دليل لصحة المقالة ولو اخترع اختراعا.
ثم نفخ فيه من روحه التي خلقها وأضافها إليه إضافة مخلوق إلى خالقه تشريفا لقدرها فمن جنس الروح المخلوق نفخ الرب، جل وعلا، في جسد المولود، وذلك من آكد صور الإيجاد المعجز إذ الروح مادة الحياة فإذا نفخت في الجسد دبت فيه الحياة والحركة والإحساس بعد أن كان ميتا ساكنا لا شعور له.
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ: فذلك إطناب في بيان دلالة الإيجاد بخلق آلات الإدراك في الإنسان من سمع وبصر يجمع الصور من الخارج وفؤاد يختزنها فهو مستودع التصورات التي تصدر عنها الأحكام.
قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ: فالشكر لازم تلك المنة الربانية فجاء التنبيه على عجز العباد وتقصيرهم عن أداء شكرها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 08:35 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ):
فضمن فعل الهداية معنى البيان، وهو بيان مشاهد، تحصل به العظة والعبرة إذ فيه من دلائل القدرة النافذة إهلاك الأمم وإبقاء مساكنها علامات عليها وما ذاك إلا عناية بالرسل عليهم السلام وأتباعهم من المؤمنين، على حد قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ثم جاء التذييل ليشمل البيان البصر والسمع، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فاجتمع في السياق دلالتا البصر والسمع. وعلى ما اطرد في التنزيل: ذيلت الآية الكونية بالآية الشرعية، فإن في تلك الآية الكونية لعبرة تحمل الناظر فيها على التزام الآيات الشرعية، وجاء الاستفهام الإنكاري توبيخا لهم إذ تنوعت دلالة السمع والبصر مع إعراضهم عنها، فبطل عمل الصفة، وإن كانت الآلة صحيحة يتعلق بها التكليف فسمعهم كلا سمع، إذ لم ينتفعوا به وإن بلغتهم الحجة مرئية مسموعة على حد التواتر، فمن لم ينتفع بها فقد نزل نفسه منزلة البهيم الذي يسمع ولا يفهم، أو الجماد الذي لا يسمع ابتداء.
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ:
فذلك من الآيات المنظورة، فالرب، جل وعلا، يسقي جنس الأرض التي انقطع زرعها بجنس الماء الذي هو مادة الحياة فقد أودع الله، عز وجل، فيه قوة الإنبات فيباشر البذرة الميتة فتدب فيها الحياة بإذن الرب القدير، عز وجل، فذلك مئنة من كمال قدرته الإيجادية، على خلق الحياة من الموت عناية بهم وبأنعامهم، فجمعت الآية الدلالتين: الإيجاد والعناية ثم جاء الاستفهام ملائما لصدر الآية، فوبخهم على عدم إعمال نظرهم في تلك الآية المشهودة، فلهم بصر الآلة الصحيحة بلا انتفاع بتدبر أو نظر في الآيات الكونية المبثوثة فهو بصر كلا بصر حتى صح السؤال عنه استنكارا توبيخيا على عدم إعمال البصر مع صحة الآلة أو إبطاليا له بإنزاله منزلة عدم البصر، فهو، كما تقدم، بصر كلا بصر!.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 12 - 2009, 09:28 ص]ـ
ومن سورة سبأ:
ومن قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ):
ففيه إشارة إلى الآيات الآفاقية في السماء والأرض، وذلك من دلالة الإيجاد فإن من له القدرة على هذا الخلق الباهر قادر على أن يبطل سنته الكونية من انتظام إلى خراب، فإذا شاء، عز وجل، بقدرته البالغة، عذاب قوم أبطل سنة الأرض فزلزلت، فجاءهم العذاب من أسفل منهم، ولذلك أمر المؤمن بالاستعاذة من ذلك على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي"، أو سنة السماء فأسقطت كسفا أو نزل منها العذاب كما نزل عذاب يوم الظلة على أصحاب الأيكة، بل إذا شاء الرب، جل وعلا، قيام الساعة، قطع ذكره من الأرض بقدره الكوني فليس ذلك مرادا شرعيا بل: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ"، ومحا منها آثار النبوات الهايات، سبب عمارة هذا الكون، فإنه لا بقاء لهذه الدنيا إلا بنبوة أو آثار من نبوة، فإذا قطع الذكر ومحي الوحي، فإن الرب، جل وعلا، يأذن بقدره الكوني، بقيام الساعة، فيبطل سنة الكون الجارية مئنة من كمال قدرته، فكما أجراها ابتداء فحفظ بها العالم فتكاملت السنتان: الكونية فهي أمر الرب النافذ الذي تعمل به الرسل الملائكية، والشرعية فهي أمره الحاكم النازل على رسله البشرية، شاء خرابها انتهاء لما تخلفت السنة الشرعية بغياب الوحي، فبطلت السنة الكونية تبعا إذ الوحي مادة صلاح العالم فمتى عدمت عدم، فقضى بفساد هذا العالم بأسره، فإذا شاء أبطل السنة الكونية استنقاذا لأوليائه كما جرى للخليل عليه السلام، وإذا شاء أبطلها عقوبة لأعدائه كما وقع للمكذبين بالرسل عليهم السلام، أو إفناء لهذا الكون بأسره فيبدل الأرض غير الأرض والسماوات و: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)، ليقع تأويل ما أخبرت به الرسل، عليهم السلام، ولتظهر آثار أسمائه إكراما لأوليائه بأوصاف جماله في دار النعيم، وإهانة لأعدائه بأوصاف جلاله في دار الجحيم، وما ربك بظلام للعبيد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 12 - 2009, 01:50 م]ـ
ومن قوله تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
فذلك من باب استنطاق الخصم بالحجة في معرض تقرير ربوبية الله، عز وجل، بدلالة العناية، ومن آكد صورها الرزق، فلا يجري الأرزاق إلا الله، عز وجل، وإنما يسعى الناس في تحصيل أسبابها ولكل سبب: سبب عاضد ومانع حاجب، فلا بد من استيفاء الأسباب وانتفاء الموانع، ولا يكون ذلك إلا بقوة عليا قادرة تيسر للعبد السبب، وتبطل المانع، فتيسر للزارع البذر والسقاية، وتمنع الآفة من إصابة الزرع، وتتوالى الأسباب إلى أن تصل إلى سبب لا سبب وراءه قطعا للتسلسل في المؤثرين، وهو: الكلمة التكوينية النافذة التي هي من صفات الرب، جل وعلا، فليست مخلوقة ليكون وراءها سبب مُحْدِث، فهي الموجدة المحدثة لكل الكائنات، فاستحضار تلك السلسلة المنتهية إلى صفات ربنا، عز وجل، تجعل العبد يستحضر عموم ربوبيته، جل وعلا، فهو الخالق المدبر بكلماته، يرزق من شاء فضلا ويمنع من شاء عدلا ولما كانت الآية قد سيقت في معرض الاحتجاج على صحة ألوهية الباري، عز وجل، فرعا عن عموم ربوبيته، جاء الجواب بلفظ الجلالة: "الله"، فهو مئنة من معنى الألوهية على القول باشتقاقه اللغوي فالله يرزقكم بدلالة ما تقدم من السؤال في معرض تقرير الحجة، والمضارع مئنة من تجدد آحاد الفعل، فالصفة ذاتية باعتبار نوعها، فعلية باعتبار تعلقها بالمشيئة الربانية، فيحدث الرب، جل وعلا، من آحاد المرزوقات لآحاد المرزوقين ما شاء بمقتضى حكمته وفضله، فتجري الأرزاق على وفق ما قدر، جل وعلا، أزلا، فذلك تأويل المقدور الغيبي في عالم الشهادة الحضوري، بكلمات كونيات متتالية لا نفاد لها فبها صلاح هذا العالم، فكل رزق يصل إلى طاعمه بكلمة تكوينية، وكل رزق يحجب بكلمة أخرى، فعطاء ومنع بما يقضي الرب، جل وعلا، إظهارا لآثار قدرته وحكمته في خلقه.
ثم تنزل معهم في الخطاب استدراجا لهم إلى الحق باستعمال الإنصاف مع المخالف في معرض المفاصلة:
وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 12 - 2009, 08:36 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
فذلك من باب التحدي، فأروني أولئك ألهم من صفات الربوبية ما استحقوا به هذا الإلحاق؟!، ثم جاء الإضراب انتقاليا إلى إثبات صفات الجلال ومنها العزة، والجمال ومنها الحكمة، فله كمال الوصف الذي استحق به كمال الفعل والتدبير ربوبية عامة قاهرة لكل الكائنات، فالآية تعرض بهم لافتقارهم إلى أوصاف الربوبية فليس لهم من إيجاد الكائنات أو العناية بها ما يصحح دعوى اتخاذهم شركاء، فبطلان ألوهيتهم فرع عن بطلان ربوبيتهم لانحطاط رتبتهم، فليس لهم من أوصاف الكمال ما يبلغون به تلك الرتبة العلية التي انفرد بها رب البرية جل وعلا.
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ:
فذلك مئنة من كمال قدرته باتصافه بالمتضادات على وجه يظهر به كمال قدرته وحكمته في البسط والقدر.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 12 - 2009, 09:31 ص]ـ
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ:
فجاء التكليف بالإنفاق عقيب بيان اختصاصه جل وعلا بالبسط والقدر، فلا يخشى العبد إقلالا إذ من بيده مقاليد الأمر يخلفه مع ما ادخره له من الأجر.
وذلك قد يحمل على التوكيد للآية السابقة، فيكون من باب الإطناب بالتكرار توكيدا، وقد يقال بأنها للتأسيس لتعلقها يالمؤمنين، بدليل قوله: "من عباده" فذلك تقييد لإطلاق الآية الأولى، فالمشيئة هناك مطلقة، إذ السياق سياق رد على المشركين، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله فلم يناسب أن يذكر التقييد بالعبودية التي تدل على تشريف المعبد بإضافته إلى معبوده إضافة مخلوق إلى خالقه، وإن كانت كل الكائنات له معبدة عبودية الاضطرار بمقتضى القضاء الكوني النافذ، فالعبودية في هذه الآية هي: عبودية الاختيار: عبودية العابدين المنقادين لا العباد الخاضعين كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع فبين العبودية الخاصة والعبودية العامة عموم وخصوص وجهي، فالعبودية الاضطرارية أعم من جهة أفرادها، فتشمل كل العباد: مؤمنهم وكافرهم، فالكل خاضع له، جل وعلا، أخص من جهة معناها إذ تزيد عليها العبودية الخاصة معنى: الخضوع الاختياري لا الاضطراري، فالعابد: منقاد اضطرارا بمقتضى الأمر الكوني، منقاد اختيارا لمقتضى الأمر الشرعي، بخلاف العبد إن لم يكن على الطريقة المثلى: فإنه منقاد اضطرارا بالأمر الكوني لا اختيارا للأمر الشرعي إذ قد مرق منه.
فالقيد هنا قد صير الآية ترغيبا للمؤمنين، بدليل التذييل بالخبر الذي أريد به إنشاء الحث على الإنفاق: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، وقرينة: "يخلفه": تمحض الأمر للمؤمنين دون غيرهم إذ لا يخلف الله، عز وجل، إلا على المؤمنين، وقد يقال بأن الأمر قد توجه إليهم باعتبار: المواجهة، وكونهم محط التكليف بالفروع العملية لقبول المحل لذلك إذ قد صحح صاحبه الأصول العلمية ولا يمنع ذلك دخول غيرهم فيه على القول الصحيح بتكليف الكفار بفروع الشريعة، فهم مطالبون بها وبما لا تصح إلا به من العقد الإيماني الأول، وذلك بخلاف الآية السابقة في حق المشركين فهي رد عليهم، فصار ذلك المبنى اللفظي واحدا وتعددت أغراضه تبعا للسياق الذي ورد فيه، فهو في الأول: رد على المشركين وذلك مظنة الجلال، وفي الثاني: ترغيب للمؤمنين وذلك مظنة الجمال، وتعدد الأغراض على هذا النحو البديع مئنة من بلاغة آي الكتاب العزيز كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
وذلك جار مجرى ما سبقت الإشارة إليه في مواضع سابقة من دلالة نحو: "أولئك" على المعنى وضده على سبيل التعاقب بقرينة السياق فهو في بعض: تعظيم ببيان علو المكانة، وفي بعض: تحقير ببيان دنو المكاتة.
ولا مانع من الجمع بين الدلالتين: التوكيدية باللفظ والتأسيسية باعتبار اختلاف متعلق كل، وفي كليهما مئنة من عناية الرب، جل وعلا، بشأن عباده تقديرا للأرزاق: توسيعا وتضييقا، فيوسع على من شاء بفضله ويضيق على من شاء بعدله، وله في كل حكمة جليلة علمها من علمها وجهلها من جهلها، وإنما تدرك العقول من حكمته الباهرة أطرافا تستدل بها على وجوب إفراده بالإلهية، فله كمال الذات والصفات فعلم ذلك ذريعة إلى إفراده بكمال التأله.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 12 - 2009, 08:35 ص]ـ
ومن سورة فاطر:
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
(يُتْبَعُ)
(/)
فله كمال الحمد، جل وعلا، أن فطر السماوات والأرض على غير مثال سابق، فذلك من أسمائه المقيدة، إذ مادة الفطر لا تفيد كمالا مطلقا إلا إذا أضيفت إلى مفطور يظهر فيه إحكام الصنعة، وأي مفطور أعظم من أرض هذا الكون وسمائه: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)، والإضافة على معنى: هذا قاتلُ زيد، فهو أمر قد انتهي منه، فنفذ أمر ربنا، جل وعلا، الكوني بخلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استوى على العرش أعظم المخلوقات مئنة من كمال قدرته الإيجادية، فحمد نفسه، وحمده الحامدون، بأشرف أوصاف الكمال الذي دلت عليه "أل" فهي تفيد الاستغراق الجنسي وصفا وقدرا لما دخلت عليه، وذلك خبر باعث على إنشاء الحمد له، جل وعلا، إذ استحقه واختص بكماله فلا يحمد على مكروه سواه، فكيف بالمحبوب المراد من سائر النعم الكونية أرضية كانت أو سماوية، فحمده عليها وشكره بأداء حقوقها الشرعية ثابت من باب أولى، فدلالة الإيجاد هي الدلالة الكونية على المطلوب الشرعي مراد الرب، جل وعلا، من المكلفين، فما خلق الخلق إلا ليعبدوه على حد الانفراد فرعا عن إيجاده لهم وعنايته بهم، فهو الإله الواحد فرعا عن كونه الرب الواحد، ومن آكد صور العبودية: دعاء الثناء بالحمد، فله الحمد على بديع صنعه، إذ فطر الكون وصير جنده النوراني على أكمل الهيئات فمنهم أولوا أجنحة مثنى وثلاث يزيد في الخلق ما يشاء، فلرئيس الجند الملكي ستمائة جناح، ولكل مقامه المعلوم فلا يستوي الرئيس مع آحاد الجند فالرب، عز وجل، يزيد في الخلق ما يشاء بقدرته النافذة، فعموم: "ما" محفوظ، وإن شئت فقل مخصوص بالشيء الممكن إذ لا تتعلق القدرة بالمحال، كما تقرر عند أصحاب العقول، فضلا عن أتباع الرسالات، وهو، جل وعلا، مع ذلك حكيم لا يخلق عبثا: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، ولا يسوي بين المختلفات، فيكون الرئيس المقدم في خلقه كآحاد الجند، فذلك مما يعارض بدائه العقول القاضية بالتفريق بين المختلفات، فلكل ما يناسب الوظيفة التي وجد من أجلها، فللملائكة من الخلق المجرد عن الطبائع الحيوانية ما يلائم وظائفهم في تأويل كلمات الرب، جل وعلا، الكونية، في خلقه، بسوق السحاب وقبض الأرواح ..... إلخ، وللنوع الإنساني ما يلائم وظيفة عمارة الكون السفلي، فركبت فيهم الشهوات السفلية التي تتلاءم مع الدار الأرضية فبها يستعين الخلق على معابشهم، وبها يحصل الابتلاء لهم، فليس الخلق عبثا كما زعم نفاة تعليل أفعال الرب، جل وعلا، بالحكمة، بل هو خلق بقدرة، فذيل بـ: "إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" تذييل العلة لمعلولها، وحكمة، ذيلت بها الآية التالية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 12 - 2009, 02:01 م]ـ
ومن قوله تعالى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ):
فذلك من العموم الذي استوفى شطري القسمة العقلية على حد المقابلة، فهو العزيز فلا راد لقضاء بإرسال أو إمساك فذلك مئنة من قدرته، وهو الحكيم في إرساله أو إمساكه، فبالقدرة ينفذ وبالحكمة يدبر وتلك أخص أوصاف الربوبية: الملك قدرة والتدبير حكمة، فجاء التذييل استيفاء لأوصاف جلال وجمال الرب، جل وعلا، وقدم العزة إذ العموم السابق مئنة من القدرة، ثم ذيل بالحكمة احترازا لأن يظن ظان أن الأمر نافذ بمفتضى القدرة دون حكمة تضبطها، فالقدرة بلا حكمة مظنة السفه وذلك أمر منتف عن آحاد المكلفين، فكيف برب العالمين جل وعلا الذي له تمام القدرة وكمال الحكمة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 12 - 2009, 09:05 ص]ـ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ:
يا أيها الناس: نداء مشعر بعلو شأن المخاطِب وغفلة المخاطَب.
اذكروا: أمر إرشاد.
نعمة الله: إضافة تشريف، فهي من إضافة النعم المخلوقة إلى الرب الرازق المنعم جل وعلا.
هل من خالق: استفهام فيه معنى النفي والإنكار، فتقدير الكلام: لا خالق غير الله يرزقكم.
و "من": زائدة للتنصيص على العموم.
فلا خالق يرزق إلا الله، فهو الرب المتفضل بصنوف النعم فـ: لا إله إلا هو: فرعا على تمام ربوبيته وكمال فعاله، فأنى تؤفكون: استفهام إنكاري توبيخي، فأي شيء ذلك الذي صرفكم عن توحيد الرب، جل وعلا، إلى الإشراك به ما لا يملك خلقا ولا رزقا ولا ضرا ولا نفعا، فهو عاجز عن دفع الضر عن نفسه فضلا عن غيره. فكيف يسوى المخلوق العاجز المعطل عن الفعل إن كان ميتا، المعطل عن كمال الفعل إن كان حيا فرعا على نقصان ذاته وصفاته، كيف يسوى مثل ذلك مع الرب القادر الفعال الذي لا يعجزه شيء فرعا على كمال ذاته وصفاته.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 12 - 2009, 09:24 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ):
فصدر بالمسند إليه على ما تقرر مرارا من إرادة الحصر والتوكيد بتقديم ما حقه التأخير فهو الذي أرسل الرياح بالأسباب المغيبة من الملائكة التي تسوق السحاب فإنها لا تصدر إلا عن أمره الكوني النافذ، فلا علم لها بالقضاء المبرم وإنما اختص به الرب، جل وعلا، نفسه، فيعلمهم بالقضاء المعلق ليتحقق معنى الحكمة بمدافعته بالأسباب، وينفرد بالقضاء المبرم ليتحقق معنى القدرة، فأرسل الرياح فذلك من دلالة إيجاده إذ بها ينشأ السحاب على حد المضارعة استحضارا للصورة إمعانا في تقرير قدرته التي بها توجد الكائنات، وتقرير عنايته بعباده فذلك متعلق حكمته.
وتدبير أمر البلد الميت دليل على البعث الآخر إذ قد أحيى الميت في الدار الأولى فتقاس عليه النشأة الآخرة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 12 - 2009, 09:02 ص]ـ
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ:
على حد ما تقدم من تقديم المسند إليه حصرا وتوكيدا فهو، عز وجل، الموجد من جنس التراب الذي انقلب لحما ودما بسريان الروح المخلوقة فيه فهي سر الحياة الذي استأثر الرب، جل وعلا، بعلمه فهي من مأموره الكوني الصادر عن أمره التكويني فإذا أراد خلق الروح أمر الملك الموكل بالأرحام فنفخ في الجنين الروح فهو سبب من الأسباب التي قدر الرب، جل وعلا، جريان الأحداث الكونية بها، إذ بها تقع سائر المسببات، فكل حركة في الكون هي من أثر هذا الجند الشديد القوى، فبقدرة الرب، جل وعلا، هو مقهور، وبحكمته هو مأمور، فإذا نفخ فيه الروح على وزان النفخة الأولى على وجه لا نعلم كيفه وإن كنا لا نحيل وقوعه، بل هو أصح ما قد قيل في هذا الشأن وأقربه إلى قياس العقول الصريحة التي فطرت على معرفة المعبود والتأله له جل وعلا، إذا نفخ فيه الروح استحال الميت حيا كما استحال الطين لحما ودما لما سرت فيه النفخة الأولى، فانقلب عين التراب إلى جسد حي متحرك حساس، وذلك الإعدام الذي هو الذريعة إلى إيجاد ما بعده، فهو الأصل الذي عنه يتفرع ما بعده، ذلك الإعدام مئنة من كمال قدرة الرب، جل وعلا، إذ أخرج الحي من الميت، فأفنى الأول ليتولد عنه الثاني، وتلك حقيقة القدرة الربانية إذ ليس الأمر كما زعم الفلاسفة توالي أعراض على جوهر واحد قديم هو مادة هذا العالم، بل الخلق كائن في كل لحظة بتوالي الكلمات التكوينيات الصادرة عن أوصاف الرب، جل وعلا، الفاعلة: إعداما وإيجادا على نحو تظهر به آثار حكمته، جل وعلا، في خلقه، فمن التراب كان آدم عليه السلام فاستحال إلى الجسد الحي وفني الأصل فهو من جنسه لا من عينه، فـ: "من" في الاية: جنسية بيانية، وكذلك الشأن في ذريته فهي من جنس النطفة، وإن استحالت بعد ذلك قصارت جسدا نفخ الملك الروح فيه فدبت الحياة في أوصاله وأحشائه فهي مادة صلاح الأعضاء، إذ لو نزعت منها لفسدت، ولو فسد المحل لفارقته الروح للطافتها، فلا تحل إلا في محل صالح يقبل آثارها، فلو بترت اليد لماتت بانقطاع مادة الحياة عنها، ولذلك نهى صلى الله عليه وعلى آله وسلم عما أبين من البهيمة وهي حية، وتولد الإنسان من النطفة مئنة من الفقر الذاتي المبطل لكل دعاوى الربوبية والتأله، فالإنسان قد جبل على الافتقار إلى الأصل الذي يتفرع عنه، والأصل الذي يتفرع منه، فهو يخرج من جنسه، ويشتهي ولدا من جنسه، والربوبية جنس لا يقبل التشريك، وإلا فسد نظام العالم بتعدد أفراده.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"فإذا كان المخلوق له أصلٌ وُجد منه، كان بمنزلة الولد له، وإذا خلق له شيء آخر، كان بمنزلة الوالد، وإذا كان والداً ومولوداً كان أبعد عن مشابهة الربوبية والصمدية؛ فإنه خرج من غيره، ويخرج منه غيره؛ لا سيما إذا كانت المادة التي خلق منها مهينة؛ كما قال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}، وقال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِق خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَرَائِبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} ". اهـ
"النبوات"، (1/ 215، 216).
ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا: فذلك من دلالة الإيجاد إذ اقام الرب، جل وعلا، كونه على سنة التنوع في الأجناس والأنواع مئنة من كمال قدرته، وخلق الأفراد أزواجا إمعانا في بيان وحدانيته الذاتية ووتريته فلا شفيع له، إذ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فليس لجنس الربوبية نظير في الكيف الذاتي أو الوصفي أو الفعلي، فالرب، جل وعلا، قد تفرد بكمال الذات والصفات والأفعال، فهو الأول بها أزلا، الآخر بها أبدا، لم يكن معطلا عنها فاكتسبها، ولا تفارقه. فإن شاء إحداث آحاد صفات فعله صدرت عنها آحاد كلماته التكوينية المتعلقة بمشيئته العامة النافذة فلكل كائن كلمة يكون بها سواء أكان عينا أم فعلا، فلعين المخلوق كلمة، ولحركاته كلمات بعددها، ولسكناته كلمات بعددها ......... إلخ، والزوجية من وجه آخر مئنة من كمال غناه في مقابل فقر المخلوق إلى زوجه فذلك أمر قد جبل عليه فركب فيه تركيب الحاجة إلى الهواء والطعام والشراب وسائر ما به قوام أمره، وإن كانت الحاجة تتفاوت، فليست حاجة البدن إلى الشراب كحاجته إلى الهواء، وليست حاجته إلى الطعام كحاجته إلى الشراب، وليست حاجته إلى النكاح كحاجته إلى الطعام فتتفاوت الحاجات مئنة من حكمة الرب، جل وعلا، إذ قد جعل لكل شيء قدرا، ومئنة من رحمته فذلك من دليل العناية بالمخلوق إذ خلق له من نفسه زوجا ليسكن إليها، والشيء إذا كانت الحاجة إليه أعظم كان جود الرب، جل وعلا، به أعظم، رحمة بعباده بتيسير أسباب البقاء لأبدانهم والزكاء لأرواحهم.
وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ: فتأويل علمه التقديري المؤثر ما يكون في عالم الشهادة من المقدورات الكونية النافذة، فحمل الإناث ووضعها قد سبق في علم الرب، جل وعلا، وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ: فما يزاد في عمر بسبب يؤثر في القضاء المعلق الذي بأيدي الملائكة ولا ينقص منه إلا في: كتاب مبرم عند الرب، جل وعلا، فلا يطلع عليه غيره، ومعلق بأيدي الملائكة فما فيه يقبل التغيير بمباشرة الأسباب الشرعية والكونية من صلة رحم ودعاء، أو علاج من آفة، و: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ: على حد الفصل لشبه كمال الاتصال فذلك من التذييل بالعلة لمعلولها، مع ما فيه من الاحتراز لئلا يظن ظان بأن ذلك مما يشق على الرب، جل وعلا، فهو مفتقر إلى الشريك أو الظهير، بل هو، جل وعلا، المتفرد بذلك: إيجادا وتدبيرا لكمال ربوبيته المقتضية كمال إيجاده للأعيان وتدبيره للأحوال فهذان أخص وصفين من أوصاف ربوبيته كما تقدم في مواضع كثيرة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 08:26 ص]ـ
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
(يُتْبَعُ)
(/)
قذلك من أدلة الآفاق على ربوبية الإيجاد على ما اطرد مرارا من كون خلق المتضادات مئنة من كمال الربوبية، فخلق العذب والمالح، واختص العذب بأن شرابه سائغ، فنص على أوصافه فهو: الفرات، السائغ الشراب، فالإطناب حسن في معرض بيان دلائل ربوبية العناية، فقد انتقل من إيجاد المتباينات إلى بيان أوجه الانتفاع بها، فخص العذب بالشراب، وعم الانتفاع بالأكل من كليهما، فـ: "وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا"، ولا مفهوم للقيد إذ لا مفهوم للوصف في معرض الامتنان، فغايته أن يكون ذكر فرد من أفراد عموم المأكولات البحرية فلا يخصصه، كما قيل في حديث الخصائص وفيه: "وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا": فقيد التربة عند غير الحنابلة، رحمهم الله، لا مفهوم له، فقد خرج مخرج الغالب إذ غالب ما على سطح الأرض تراب، فكذلك غالب ما يستخرج من الماء من جنس المأكولات هو السمك، وهو لحم طري، فلا يعني ذلك قصر المنة عليه بل تعم كل مأكول بحري طريا كان أو يابسا، ما لم يرد دليل ناقل له عن أصل الإباحة فتثبت حرمته من وجه آخر كضرر أو نحوه، فيلزم الناقل عن الأصل الدليل، وذلك من أوجه التيسير في هذه الملة الحنيفية السمحة، فالأصل في الأعيان والعادات والمعاملات: الإباحة حتى يرد الدليل الحاظر فلا ينهى عن المباح احتياطا، إذ ذلك تحجير لما وسعه الشارع، عز وجل، من عموم الإباحة في نحو قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)، فلا تخصص إلا بدليل ناقل يخرج العين أو العادة أو المعاملة من حد الإباحة إلى حد الحظر، أو وصف ظاهر معتبر يضاهي وصفا آخر اعتبره الشارع، عز وجل، علة تحريم أصل منصوص عليه، فيلحق به الفرع الحادث، كأي مسكر حادث فإن حكم التحريم في هذا الباب قد علق على وصف الإسكار، وهو وصف ظاهر مؤثر يسهل ضبطه، فيصح إلحاق الفرع بالأصل لأجله.
والشاهد أنه لا تخصيص للمنة إلا بما يقدح في حق الرب، جل وعلا، من كمال توحيده والتأله له، ولذلك خصص عموم: "وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا"، بالنهي عن الصلاة في المقبرة سدا لذريعة الغلو في المقبورين إن كانوا من المعظمين إذ ذلك مما يقدح في كمال توحيد فاعله فهو ذريعة إلى الغلو في المقبور، وذلك أول طريق الشرك الذي سارت فيه الأمم من لدن قوم نوح إلى من غلا في المسيح عليه السلام، وعلى منوالهم نسج غلاة هذه الأمة في الأئمة والمشايخ.
وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا: فذلك من نفعه الباطن، فتستخرج منه الحلى التي يتمتع بها الإنسان زينة فمن البحر يستخرج ما يستصلح به بدنه من جنس المطعوم، ومنه يستخرج ما يتزين به من جنس الملبوس.
وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ: تشق الماء، وذلك إشارة إلى لازم ذلك من نعمة الريح التي تسير الفلك في البحر بإذن الرب، جل وعلا، فللريح كلمات تكوينية يوحي بها الرب، جل وعلا، إلى ملك الريح فيسير بها السحاب في السماء والأفلاك في البحار، وتحمل حب اللقاح إلى مياسم الأزهار لتنتج ثمرا طيبا تغتذي به الأبدان، فتلك المنظومة الكونية المحكمة تسير وفق تدبير الرب، جل وعلا، الأزلي، فما نراه من آثار رحمة الرب، جل وعلا، هو تأويل مقدوراته الأزلية التي قدرها عناية بالنوع الإنساني، فذلك من كمال استخلافه، جل وعلا، لبني آدم، إذ سخر لهم قوى الكون النافعة ليستعينوا بها على إقامة أمره الشرعي، فلكل نعمة كونية تكليف شرعي، وإن شئت فقل لجنس النعم الكونية جنس التكليف الشرعي، إذ المقابلة بين الجنسين أدق من المقابلة بين الأفراد، فلو قدر أن لكل نعمة كونية تكليفا شرعيا، ما استطاع عبد أن يقوم بما كلف به، إذ تكليف الآدمي بأداء شكر نعم الرب، جل وعلا، تكليف بما لا يطاق، فـ: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)، فلو قدر أن لكل نعمة من جنس النعم التي لا تحصى تكليفا، لكان التكليف مما لا يحصى، ولا طاقة لبشر بذلك، فمن رحمة الرب، جل وعلا، أن رفع الحرج عنا، بل تفضل علينا فلم يحملنا ما لا نطيق، بل لم يحملنا ما نطيق، فالتكليف قد جاء بأدنى مما نطيق، فجاء التذييل بالتكليف الشرعي: وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: بالقلب
(يُتْبَعُ)
(/)
واللسان والجارحة فلا تستعمل النعمة في مبارزة الرب، جل وعلا، بالمعاصي، وهو الذي تفضل بها، وعلى هذا الوجه خرج حديث: "لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ"، إذ لو كان الأمر ثمنيا كما يقول أصحاب باء الثمنية في: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، ما استحق أحد دخول الجنة إذ لم يبذل ثمنها مهما عمل من الطاعات، بل لم يبذل ثمن نعمة كونية في دار الابتلاء مع ما يكتنف نعم الدنيا من النقصان، فكيف بأجناس لا تعد من نعمة لا تزول ولا تفنى ولا يعتريها النقصان، فهي قد بلغت الغاية في الكمال: كما وكيفا، فالصحيح أن الباء هنا سببية، فادخلوا الجنة بسبب أعمالكم، وهي عند التحقيق من فضل الله، عز وجل، على العباد، فهو خالقها، وخالق الثواب عليها، فخلق السبب، وخلق الفاعل الذي يبذله، وخلق فيه طاقة الفعل، وإرادته، وأقدره على فعله باستطاعة شرعية يتعلق بها التكليف ثم استطاعة كونية هي مئنة من التوفيق والتسديد إذ استعمله في فعل الطاعة ولو شاء لأهانه فاستعمله في فعل المعصية وما ظلمه آنذاك وما بخسه حقه، ولكنه تفضل عليه بتيسير سبب الطاعة، الذريعة إلى نيل الكرامة في دار المقامة، فكيف له أن يفخر بطاعة، أو يفرح فرح البطر المدل على ربه، عز وجل، ولولا أن ثبته لركن إلى الغواية شيئا كثيرا، فمن عرف ذلك عرف عناية الرب، جل وعلا، بعباده أجمعين: العناية العامة كونية بتيسير أسباب صلاح البدن، وشرعية ببعث الرسل، عليهم السلام، بأسباب صلاح الدين مادة حياة الأرواح، وعنايته: العناية الخاصة بمن سدده من عباده المؤمنين فاختصه بهداية التوفيق والإلهام معدن السعادة في الدارين، فطمأنينة في الدنيا ونعيم مقيم في الآخرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 08:41 ص]ـ
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ: فذلك من أدلة ربوبيته، جل وعلا، وفيه من فنون البلاغة ما سبقت الإشارة إليه من: العكس، وهو من المحسنات المعنوية، وفيه من استيفاء أوجه القسمة العقلية ما يزيد معنى العموم تقريرا، فهو، تبارك وتعالى، مجري الجديدين: الليل والنهار، بكلماته الكونية النافذة، فسنة التعاقب بين الأضداد: سنة كونية مطردة، فليل يعقبه نهار، وحر يعقبه برد، وضعف تعقبه قوة فضعف ..... إلخ، لتمتاز قدرة الرب، جل وعلا، المطلقة عن قدرة العبد المقيدة بنقص ذاته وعجز صفاته، ففعله الصادر عنها مهما بلغ من الإتقان بمقياس البشر المحدود، فلن يصل إلى إتقان فعل الرب، جل وعلا، فهو مطلق غير محدود، فهو القادر على كل ممكن، فلا تتعلق قدرته بمحال كإلحاق وصف النقص بذاته القدسية، جل ربنا عن أوصاف النقص الردية، وهو أيضا، مئنة من عنايته، عز وجل، بعباده، إذ تعاقب الليل والنهار مظنة صلاح النبات والحيوان والإنسان فالعمليات الحيوية لها تنتظم بتعاقب الليل والنهار، فلكل حال معدل يناسبها من العمليات الحيوية.
كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ: فله كمال الربوبية عموما، والملك، خصوصا، فذلك من لوازم ربوبيته، إذ الملك مئنة من كمال التدبير، وذلك دال على وصف الحكمة لزوما، فلا يكون تدبير إلا بحكمة، وفي مقابل كمال ملكه الذي اختص به كما دل على ذلك الحصر والتوكيد بتقديم "له" وحقه التأخير، في مقابل ذلك: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ: فلا يملكون خلق قطمير، نفيا مؤكدا بدخول: "من" التي تفيد التنصيص على العموم فضلا عن ورود المنفي منكرا، فورود النكرة في سياق النفي يفيد العموم ابتداء فكيف به بعد ورود التنصيص عليه؟!، فهو نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل، وعلى المفعول المنكر، فالذين يدعون من دونه رغبا، وهو مظنة اعتقاد القدرة في المدعو، فلا أحد يدعو من يعتقد عجزه، إذ لو علم ذلك لانصرف عنه بداهة إلى دعاء القادر، أولئك لا يملكون أي ملك: القدرة على خلق أي شيء ولو قطميرا.
إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ: لنقص أوصافهم ففيه إشارة إلى أن الإله الكامل، عز وجل، له كمال السمع، في مقابل عجزهم عن سماع من يدعونهم، وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ: فعجزهم عجز وصف فلا يسمعون، وعجز فعل فلا يستجيبون، فلا يقضي الحاجات إلا الله، عز وجل، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 12 - 2009, 09:35 ص]ـ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا:
استفهام تقريري فذلك مما يراه كثير منا، ولكن رؤيته لا تتعدى الرؤية البصرية المجردة إلى الرؤية العلمية: رؤية التفكر والاعتبار، فالشأن كل الشأن فيها. وفي التنزيل: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)
و: "أن" وما دخلت عليه في محل نصب مفعولي فعل الرؤية العلمية، والإتيان بها مؤكدة بـ: "أن" فيه مزيد عناية بشأنها، فالجملة مؤكدة بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتكرار الفاعل: معنويا بارزا وهو: لفظ الجلالة الاسم الكريم: اسم الله عز وجل. ولفظيا مستترا في عامله: "أنزل" فمرجعه إلى الله عز وجل.
و: "ماء": نكرة في سياق الإثبات فتفيد الإطلاق.
فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا: الفاء للتعقيب السببي، وكل تعقيب بحسبه، والهمزة في: "أخرجنا": للتعدية وفي نسبة الإخراج إليه، عز وجل، مزيد تعظيم وعناية بهذه الآية الكونية.
وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ:
من: بيانية جنسية، أو تبعيضية فلست كل الجبال مخازن للمعدن والجوهر. وسياق النعمة يمنع التخصيص بالوصف: بيض وحمر، فلا يعني النص عليها نفي الخير عما سواها من نعم الدنيا فضلا عن نعم الآخرة الباقية.
وغرابيب سوء:
تنويع في ذكر أصناف متباينة من الخلائق، إذ انتظام أمرها بهذه الدقة مئنة من كمال ربوبيته، جل وعلا، فاستحق تمام الألوهية فرعا عنها.
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ: إطناب في ذكر النعم الربانية توطئة للغاية من تقرير المنح الربانية:
كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ: فذلك إنما يحصل به الانتفاع لمن سلم قلبه وصلح أمره، وفي التذييل بـ: عزيز غفور: إشارة لطيفة إلى علة خشية العباد من ربهم، فهي العلم الإلهي النافع، والتفكر في آيات الربوبية الباهرة، ففيه من فنون البلاغة: مراعاة النظر، فعلم صحيح، وتفكر صريح، وذلك لعمر الله: سعادة الدارين.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 12 - 2009, 09:40 ص]ـ
وقوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)
فذلك من دلالة الإيجاد المعجز، فبدأ الله، عز وجل، الخلق من التراب، على ما اطرد من دلالة: "من" على ابتداء الغاية والجنسية البيانية للماهية، فمن ماهية التراب خلق الإنسان، والتبعيض، إذ خلق آدم، عليه السلام، من بعض تربة الأرض لا من جميعها بداهة، وقد جاء السياق في معرض بيان تلك الدلالة مؤكدا على ما اطرد من الدلالة التوكيدية لتقديم المسند إليه، فضلا عن تفصيل أطوار الخلق فذلك آكد في تقرير دلالة الإيجاد، فمن تراب خلق الإنسان، ففني جوهر التراب، ليخرج منه جوهر اللحم والدم، فطلاقة القدرة قد شملت إفناء جواهر وإيجاد أخرى منها، لا توالي الأعراض على جوهر واحد قديم كما يزعم الفلاسفة القائلون بقدم مادة العالم وتوالي الأعراض عليها إذ المادة عندهم لا تفنى ولا تستحدث من العدم، والمادة عند أتباع النبوات على الضد من ذلك: فهي تفنى لتخرج منها مادة أخرى، ولذلك كان قول المحققين من أهل العلم ببطلان نظرية الجزء الذي لا يتجزأ فإنه إما أن يعدم، وإما أن يتحول إلى جوهر آخر، فالجزء المائي إذا توالى انقسامه إلى جزيئات أصغر فأصغر فإنه يخرج لا محالة عن طور السيولة إلى طور الغازية، فيتبخر ويصير غازا متصاعدا بعد أن كان سائلا مستقرا، فيفنى جوهره المائي ويتولد منه جوهر غازي، وهي تستحدث من العدم، إذ ذلك من معاني البدع والفطر على غير مثال سابق، فقد بدع، عز وجل، السماوات والأرض على غير مثال سابق، على حد قوله تعالى: (بَدِيعُ
(يُتْبَعُ)
(/)
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وبدأ خلق الإنسان من طين ففطر خلقه على غير مثال سابق، من كان ذلك وصفه، فهو القادر، من باب أولى، على الإعادة، على ما اطرد في التنزيل من التبيه بالخلق الأول على الخلق الثاني، على حد قوله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)، فذلك من قياس الأولى، إذ نبه فيه بالأدنى على الأعلى، فقدرته، عز وجل، على الأعلى مئنة من قدرته على الأدنى، فلا يعجزه، تبارك وتعالى، شيء في الأرض ولا في السماء.
وبعد بيان أطوار الخلق: تراب فنطف فخلق للأزواج بجعل كوني نافذ، فذلك مئنة من قدرته النافذة، جاء بيان علمه التقديري الأزلي، إذ لا يكون خلق إلا بقدرة نافذة وعلم أزلي به يكون التقدير الأول الذي يأتي الخلق الثاني على وفقه فلا يزيد ولا ينقص إذا أراد الله، عز وجل، إخراج الكائن المقدور من عالم الغيب إلى عالم الشهادة.
فلا تحمل أي أنثى، في معرض عموم مؤكد بورود النكرة في سياق نفي مؤكد بـ: "من" الدالة على التنصيص على العموم، إلا بعلمه المؤثر في إيجاد المقدورات على أقدار وهيئات علمها وقدرها أزلا.
ثم جاء ذكر الكتاب الذي سطرت فيه المقادير على حد التعليق، فيزاد في العمر أو ينقص تبعا لمباشرة أسباب الزيادة أو النقصان من صلة أو قطع ............ إلخ، بخلاف المسطور في الكتاب الأول فلا يزاد فيه ولا ينقص، إذ هو على حد الإبرام.
وقد يراد بالكتاب هنا: الكتاب الأول لا الثاني، لو جعلت المسألة من باب: عندي درهم ونصفه، أي: ونصف درهم آخر غيره، فيكون المعنى: ولا يعمر من معمر ولا ينقص من عمر غيره إلا في كتاب، فكلاهما على حد النفاذ والإبرام.
قال القرطبي رحمه الله:
"ويذهب الفراء في معنى: "وما يعمر من معمر" أي ما يكون من عمره "ولا ينقص من عمره" بمعنى آخر، أي ولا ينقص الآخر من عمره إلا في كتاب.
فالكناية في "عمره" ترجع إلى آخر غير الأول.
وكنى عنه بالهاء كأنه الأول، ومثله قولك: عندي درهم ونصفه، أي نصف آخر.
وقيل: إن الله كتب عمر الإنسان مائة سنة إن أطاع، وتسعين إن عصى، فأيهما بلغ فهو في كتاب.
وهذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "من أحب أن يبسط له في زرقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" أي أنه يكتب في اللوح المحفوظ: عمر فلان كذا سنة، فإن وصل رحمه زيد في عمره كذا سنة.
فبين ذلك في موضع آخر من اللوح المحفوظ، إنه سيصل رحمه فمن اطلع على الأول دون الثاني ظن أنه زيادة أو نقصان". اهـ
وقد يرد على ذلك أن الكتابة في اللوح المحفوظ مبرمة لا تتغير فالتعليق لا يكون إلا في صحف الحفظة.
وقال ابن أبي العز، رحمه الله، في "شرح الطحاوية":
"وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ)، فَقَدْ قِيلَ فِي الضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ عُمُرِهِ} أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ: عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، أَيْ: وَنِصْفُ دِرْهَمٍ آخَرَ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِ مُعَمَّرٍ آخَرَ، وَقِيلَ: الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الصُّحُفِ الَّتِي فِي أَيْدِي الْمَلَائِكَةِ". اهـ
ثم ذيل بعلة ذلك على حد الفصل لشبه كمال الاتصال بين المعلول وعلته، فعلته: أنه أمر: على الله يسير.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 01 - 2010, 08:41 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا: فذلك من دلالة العناية بابن آدم، إذ شرف وكلف بالاستخلاف، فأمده الله، عز وجل، بأسباب الخلافة من عقل هو مناط التكليف، واستواء بدن، واعتدال قوى، فقواه العقلية تضبط قواه السبعية بخلاف بقية الحيوانات التي غلبت قواها السبعية قواها العقلية، والملائكة التي نزهها الله، عز وجل، من القوى السبعية، وهي قوى لازمة لعمارة الأرض، فليس خلق الملائكة ملائما لعمارة الأرض، وقد جعل الله، عز وجل، لكل شيء قدرا، فلكل خلق ما يلائمه من المهام والتكاليف فذلك مئنة من كمال حكمته، عز وجل، بأن وضع كل شيء في موضعه الملائم له، فلا يستقيم حال العبد إن خرج عن طوره البشري إلى طور الحيوان فعطل عقله واتبع هواه وشهواته السبعية، ولا يستقيم إن حاول التشبه بالطور الملائكي على الدوام فإن لازم ذلك تعطيل قواه السبعية ولا قيام له ولا صلاح لحاله إلا بإعمالها، فهو وسط بين الطبيعتين، إن رام الميل إلى إحداهما فذلك مظنة فساد حاله لخروجه عن الناموس الكوني الذي فطره الله، عز وجل، عليه، فلا يخرج عن سننه إلا من شط بإفراط أو تفريط وذلك مظنة فساد الحال بفوات معنى العدل الذي قررته النبوات، وغياب العدل في الطبائع البدنية أو الخلائق النفسانية مظنة الجور والفساد.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا:
فذلك من التحدي من الرب، جل وعلا، تعريضا بتلك الآلهة العاجزة، وتعريضا بعبادها إذ سووا بين أعظم متباينين: الخالق عز وجل بقدرة نافذة وحكمة بالغة، والآلهة العاجزة التي لا تملك من خصائص الربوبية شيئا لتستحق التأله بالدعاء فكيف يسوى بين أعظم قادر وأعظم عاجز، بل يعزل الأول عن منصب الإلهية ويولى الثاني تعسفا وجورا في الحكم المناقض لأي قياس صريح أو ذوق سليم أو حس صحيح، فآيات الآفاق شاهدة بعجز تلك الآلهة عن الخلق فإنه لم يجرؤ أحد على ادعاء ذلك وإن جرأ على ادعاء الألوهية طغيانا واستكبارا، فالكون شاهد بأنه محدث مخلوق لرب قادر حكيم قد أوجده بقدرته وسيره بحكمته.
وفي السياق تنبيه على العلة التي بطلت بها ألوهية أولئك، وصحت بها ألوهية الرب، جل وعلا، فأروني ماذا خلقوا؟، استفهام إنكاري إبطالي إذ لم يخلقوا شيئا، فانتفى عنهم وصف من أخص أوصاف الربوبية وهو الخالقية، فبطلت ألوهيتهم، إذ هي فرع عن الأصل الأول، فلما بطل الأصل بطل الفرع تبعا، وفي المقابل لما صحت نسبة الخالقية المطلقة من العدم للرب، جل وعلا، صحت ربوبيته على حد الانفراد، فتفرع عنها لزوما تفرده جل وعلا بالإلهية فذلك من التلازم العقلي الوثيق، كما تقدم مرارا، فلا يقبل انفكاكا.
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا:
فذلك من آيات قدرته النافذة وفيه من معاني العناية ما فيه إذ حفظ السماوات والأرض من الزوال عناية بسكانها، فإذا شاء زوالها قطع ذكره منها ففسدت بانعدام مادة صلاحها، فأذن الرب، جل وعلا، إذنا كونيا نافذا، بخراب هذه الدار، وإبدال دار القرار ذات السماء غير السماء والأرض بهذه الدار.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذيل الآية بوصفين من أوصاف جماله إمعانا في الامتنان على عباده، فيحلم عنهم، جل وعلا، مع استحقاقهم العقوبة، إمهالا لهم ليراجعوا دينهم فإذا راجعوه تلقاهم بالمغفرة، فغفر لهم ما تقدم منهم ولو عظم فحشه، فلا يبالي، فذلك من الترغيب بذكر أوصاف جمال الرب الكريم جل وعلا، فالآية قد جمعت بيان أوصاف جلاله بذكر ما لا يقدر عليه سواه من حفظ السماوات والأرض، وبيان أوصاف جماله بكون ذلك من نعمته السابغة على عباده فهي نعمة كونية بحفظ الحياة على سنن الاستقامة، ونعمة شرعية بإمهالهم رجاء التوبة ومراجعة الديانة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[فصيح الزمان]ــــــــ[02 - 01 - 2010, 11:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الجهد المبارك المميز ...
و هل هذا كتاب لكم أم تلخيص لكتاب؟
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 01 - 2010, 09:04 ص]ـ
وجزاك خيرا وبارك فيك أخي فصيح.
هي تقييد لبعض الفوائد لا سيما من تفسيري أبي السعود والعلامة ابن عاشور، رحمهما الله، مع توخي الحذر ما أمكن من المسائل التي وافقا فيها المتكلمين في أصول الدين، وللكتابين مكانة كبيرة في عرض بلاغة الكتاب العزيز لا سيما تفسير الشيخ ابن عاشور، رحمه الله، فقد أتى فيه بلطائف ودقائق بلاغية تدل على كمال تضلعه من علوم العربية فجزاه الله عن أمة الإسلام خيرا.
ومن صدر سورة يس:
قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)
فصدر الآية بالتوكيد في معرض بيان قدرته، عز وجل، النافذة، على إحياء الموتى، فذلك من دلالة الإيجاد انتهاء فمن أوجد ابتداء فهو فادر على الإيجاد انتهاء من باب أولى، فضلا عن تقديم المسند إليه على حد ضمير الجمع مئنة من التعظيم، فذلك بالسياق أليق، وجاء المسند مضارعا استحضارا للصورة، فوصف إحياء الموتى في دار الجزاء لما يأت بعد، إذ هو من صفات فعله، عز وجل، التي تتعلق بمشيئته النافذة، فإذا شاء خرب العالم السفلي والعلوي، وأمات كل الخلائق إلا من شاء من الناجين من الصعق، ثم أحياهم عقيب النفخة الثانية، ويقال من جهة أخرى: وصف الإحياء: كائن متكرر في عالم الشهادة، فله، عز وجل، في كل يوم من آحاد هذا الفعل ما يعجز العقل عن حده، فيحيي الأرض من بعد موتها، وينفخ الروح في الجنين في رحم الأم، ويحيي الخلايا في جسد الكائن الحي بعد إفنائها في تعاقب دقيق وفقا لسنة كونية محكمة، فذلك من دلالة الإيجاد المعجز، فيوجد من العدم، ويخرج الحي من الميت، فذلك أبلغ في تقرير عموم قدرته الإنشائية أولا، فإنشاؤه الخلق بعد فنائهم على حد الإعادة ثابت من باب أولى، وبه تظهر آثار قدرته في الإعادة، وآثار حكمته في فصل القضاء بينهم.
ثم جاء النص على الكتابة الثانية على حد المضارعة مصدرا بالنون الدالة على الجماعة على ما اطرد من تعظيم الرب، جل وعلا، في معرض بيان قدرته على الإنشاء وحكمته بإحصاء الأعمال، إذ يكتب الملك كل مقدور أزلي يقع تأويله في عالم الشهادة بالفعل البشري الصادر من إرادة فاعلة مؤثرة، فتقام الحجة على الفاعل من فعله المثبت في اللوح أولا، وفي صحف الملائكة ثانيا إمعانا في إقامة الحجة: إظهارا لمعاني الحكمة.
وعموم: "ما": محفوظ، إذ يكتب الملك كل قول وفعل على تفصيل في ذلك، فقد رجح بعض أهل العلم تخصيصه بما يتعلق به الثواب أو العقاب، فخرج بذلك المباح، وهو عند التحقيق، غالب أفعال العباد.
ووصف أفعالهم بالآثار مئنة من تأثيرهم في إيقاعها، فذلك مبطل لمقالة الجبرية.
قال ابن القيم، رحمه الله، في "شفاء العليل": "قال ابن عباس: ما أثروا من خير أو شر فسمى ذلك آثارا لحصوله بتأثيرهم". اهـ
وذكر ابن كثير، رحمه الله، للآثار تأويلين:
الأول: أنها آثار ما تركوه من السنن حسنة كانت أو سيئة، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مَنْ سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومَنْ سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا".
(يُتْبَعُ)
(/)
والثاني: أنها آثار خطاهم إلى الطاعات أو المعاصي، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم". أي: الزموا دياركم تكتب آثاركم في السعي إلى صلاة الجماعة، على حد الترغيب بحذف الشرط الذي جزم به جواب الطلب انتقالا إلى محط الفائدة، فذلك أبلغ في الحض على الفعل بتعجيل المسرة الكائنة من امتثال الأمر به.
ثم رجح، رحمه الله، عدم المنافاة بينهما إذ القول الثاني دال على الأول بدلالة الفحوى أو قياس الأولى، فكتابة أثر الخطى إلى الطاعة أو المعصية يلزم منها من باب أولى كتابة ما هو أعظم أثرا من: السنن التي يحييها المكلف حسنة كانت أو سيئة، فالقول الثاني: دال على القول الأول، والقول الأول: متضمن للقول الثاني، فالاختلاف بينهما: اختلاف تنوع لا تضاد، إذ لا يعارض أحدهما الآخر، فالجمع بينهما ممكن متاح على التفصيل المتقدم.
فعمت الكتابة: ما فعلوه في حياتهم وما أثر عنهم بعد مماتهم، وذلك أبلغ في الترغيب في فعل الحسنات وإحياء السنن، والترهيب من فعل السيئات والتصدي لإحداثها أو إحيائها كما يقع من أهل البدع الذين يحدثون من ضروب المقالات ما يقدح في الملل، وأهل الفسوق الذين يحدثون من ضروب الفجور ما يقدح في الشرائع، فأولئك: يفسدون على المكلف قواه العلمية الباطنة، وهؤلاء يفسدون عليه قواه العملية الظاهرة.
فتلك كتابة الإحاطة التي تتعلق بها حكمة الرب جل وعلا.
ثم ذيل بكتابة التقدير الأزلي المسطور في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فبها تتعلق قدرة الرب، جل وعلا، على إيجاد المقدورات وفق ما قدر أزلا، فيأتي الموجود في عالم الشهادة مطابقا للمعدوم في عالم الغيب، المسطور في اللوح المحفوظ ولما يأت تأويله بعد.
وإلى هذا النوع من الكتابة الكونية أشار ابن القيم، رحمه الله، في "شفاء العليل" بقوله:
"والمقصود أن قوله وكل شيء أحصيناه في إمام مبين وهو اللوح المحفوظ وهو أم الكتاب وهو الذكر الذي كتب فيه كل شيء يتضمن كتابة أعمال العباد قبل أن يعملوها والإحصاء في الكتاب يتضمن علمه بها وحفظها لها والإحاطة بعددها وإثباتها فيه". اهـ
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 01 - 2010, 09:10 ص]ـ
وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ
استفهام فيه الإنكار عليهم والتلطف معهم في آن واحد، وذلك أبلغ ما يكون في استمالة المدعو وتأليف قلبه. فأورده كما يقول أبو السعود، رحمه الله، مورد النصح لنفسه، فهو لا يرضى لهم إلا ما رضيه لنفسه من الكرامة.
وعلق حق العبودية على عطاء الربوبية الذي دل عليه الفعل: "فطرني"، فذلك من مقتضيات ربوبيته عز وجل، فصار الإنكار متوجها إلى من عبد غير خالقه، فلا منة أعظم من منة الإيجاد من العدم، ولذلك كان الوالدان من أعظم الناس حقا على ولدهما لأنهما سبب وجوده، فكيف بحق المسبِب الذي خلق السبب، وأجراه باستيفاء شروطه وانتفاء موانعه؟!!.
وإليه ترجعون: حصر بتقديم ما حقه التأخير، وفيه إشارة إلى ربوبية الملك، فكل الخلق إليه راجعون: رجوع العبيد إلى سيدهم المطاع، فـ: لا وزر يومئذ منه، فالمآل والمستقر إليه.
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ:
إنكار آخر، وفي الاتخاذ مئنة من التكلف والافتعال، فلا دليل من نقل صحيح أو عقل صريح على صحة عبادتها، إذ ليس لها من أوصاف الربوبية شيء، فـ: "إن يردن الرحمن بضر": أي ضر، فهو نكرة في سياق الشرط تفيد العموم. وخص الضر بالذكر دون النفع لكون دفعه أو رفعه مطلوب العقلاء الأول، فاستدفاع الهموم والآلام: ضرورة عقلية لا يجحدها إلا مختل أو مسفسط.
والسياق أيضا: سياق زجر فناسب أن يذكر فيه متعلق صفات الجلال، فإيقاع الضر عقوبة أو امتحانا: من صفات جلاله، بخلاف جلب النفع فهو من صفات جماله، والوعيد يناسبه الجلال لا الجمال.
لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ: نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل: "تغن" فأفاد العموم، فضلا عن ورود النكرة في سياق النفي فأفادت هي الأخرى العموم، فالعموم منتف من جهة العامل ومعموله، ونفي الشفاعة هنا على طريقة: السالبة لا تقتضي وجود الموضوع فلا تغني عني شفاعتهم شيئا إن كان لهم شفاعة، فكيف ولا شفاعة لهم أصلا؟!!.
ولا ينقذون: تكرر النفي توكيدا، واستوفت الآية أوجه القسمة العقلية، فلا يملكون إنقاذي، ولا شفاعة لهم عند من يملك ذلك، فكيف يصح في الأذهان اتخاذ تلك الأرباب المعطلة عن الفعل آلهة تعبد من دون الله، عز وجل، الفعال القادر على إيصال النفع لعباده فضلا، والضر إليهم عدلا.
ولذلك قال بعدها:
إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ: إن فعلت ذلك وأكد بـ: "إن" واسمية الجملة قبل دخول الناسخ عليها، و "إذا"، واللام المزحلقة، واستعار الظرفية العينية في: "في" للظرفية المعنوية، فكأن الضلال قد صار وعاء احتواه إن فعل ذلك، ووصفه مبالغة بـ: "مبين" بمعنى: بين، على وزان: فعيل بمعنى: مفعول.
ولما تقرر بطلان ربوبيتهم لعجزهم الفاضح، صرح بلا مداهنة
إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ:
فعلق الإيمان بوصف الربوبية: "بربكم" طردا لثنائية الألوهية فرعا على الربوبية، فإذا صح الأصل صح الفرع، وإذا صحت المقدمة صحت النتيجة.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 01 - 2010, 08:53 ص]ـ
وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ:
فتلك من دلالة الإيجاد التي جيء بها في معرض إثبات النشأة الأخرى قياسا، فقد أرانا الله، عز وجل، صورا من جنس إحياء الموتى تقريرا لربوبيته، إذ الإحياء من الموت والإيجاد من العدم من أخص أوصاف الربوبية، ثم ثنى بدلالة العناية: وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
ثم أطنب في بيان دلالة العناية امتنانا: وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ: فنكرت الجنات تكثيرا وتعظيما.
وعلة ذلك: لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ: فذيلت أدلة الربوبية الدامغة بما يجب لها من واجب التأله بالشكر الذي دل عليه الاستفهام الإنكاري التوبيخي لتقصيرهم في هذا الباب.
سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ: فسبحانه هو الواحد الذي خلق الأزواج فأقام الكون على سنة الزوجية إمعانا في بيان افتقار الكون الذاتي فالزوج مفتقر إلى زوجه والواحد، جل وعلا، غني عما سواه فلا يفتقر إلى صاحبة أو ولد.
وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ: فالليل هو الأصل، والنهار فرع، كما حقق ذلك بعض الفضلاء المعاصرين من علماء الفلك، في معرض بيان أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ: فجريان الأجرام لا يكون إلا بقدرة نافذة هي من لوازم العزة فهما من جنس أوصاف الجلال، وحكمة بالغة هي من من لوازم العلم فهما من جنس أوصاف الجمال، فالكون قد صدر أثرا من آثار صفاته الفاعلة، فعنها صدرت الكلمات الكونية التي بها خلقت الكائنات فذلك إيجادها وبها يدبر الرب، جل وعلا، أمرها إجراء لأرزاقها وإجراء لها في أفلاكها فلكل ما يحفظه فذلك مئنة من دلالة العناية بها.
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ: فذلك أيضا مئنة من القدرة والحكمة بإجراء القمر في منازله بدقة متناهية هي مئنة من بلوغ حكمته، جل وعلا، وتمام قدرته فلا يكون ذلك الخلق الدقيق إلا فرعا عن قدرة نافذة وحكمة بالغة.
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ: فالإتقان مئنة من كمال وصف الرب جل وعلا. فلكل سنة لا يتعداها لئلا يفسد نظام الكون.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 01 - 2010, 09:20 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ)
فتلك نعمة كونية عامة إذ الفلك هو الفلك الذي نجي فيه نوح عليه السلام ومن معه، فهو فلك معهود إذ لم يرد وصف فلك في الكتاب العزيز بالمشحون إلا فلك نوح عليه السلام، فتلك قرينة من عهدية: "أل" في: "الفلك"، فيكون حمل الذرية هنا من باب دلالة العناية بالمتأخر، بتذكيره بتنجية الأصل فإنه تنجية للفرع بداهة كما حقق ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله. ونص عبارته: " كأنه قيل: إنا حملنا أُصولهم وحملناهم وحملنا ذرياتهم، إذ لولا نجاة الأصول ما جاءت الذريّات، وكانت الحكمة في حمل الأصول بقاء الذريات فكانت النعمة شاملة للكل، وهذا كالامتنان في قوله: {إنّا لمّا طغى الماءُ حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة} [الحاقة: 11، 12] ". اهـ
فنجي الأصل، ونجي الفرع الأول المخاطب في الآية، ونجي الفرع الثاني وهو ذرية الفرع الأول، ونجي الفرع الثالث وهو ذرية الفرع الثاني ........ إلخ، فالنعمة متجددة لكل جيل، فتصلح لخطاب كل جماعة بشرية أيا كان زمانها أو مكانها.
ومن باب مراعاة النظير، كما ذكر صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، واستيفاء لأوجه المنة الربانية بخلق المركبات من دواب وأفلاك ... إلخ جاء التذكير بنعمة خلق بقية المركبات، فخلقنا لهم من جنس الفلك ما يركبون في البر من الدواب، وفي الجو لاحقا من الطائرات، فالآية مذكرة أهل كل زمان بنعمة ما يستعملونه من المركبات على حد قوله تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
ومن باب قرن الترغيب بالترهيب على ما اطرد في التنزيل من اقتران المتقابلات إمعانا في البيان إذ بضدها تتميز الأشياء:
وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ:
فإن يشأ الرب، جل وعلا، صير النعمة نقمة.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 01 - 2010, 03:36 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ):
فذلك مئنة من كمال ربوبيته، عز وجل، بإجراء أسباب التغير صلاحا وفسادا، قوة وضعفا، فتوالي الأضداد على المحل الواحد مئنة من كمال قدرة الرب، جل وعلا، القادر على إيجاد الأضداد على نحو يحصل به كمال التدبير، فهو الرب، الخالق بقدرته المدبر بحكمته.
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ:
فذلك من دلالة الإيجاد وجاء الجمع: "أيدينا" ملائما لـ: "نا" في: "خلقنا" مئنة من كمال قدرته، عز وجل، الإيجادية، فالاستفهام إنكاري توبيخي في معرض التنبيه على غفلتهم عن النظر في الآيات الآفاقية الملاصقة لهم، فالإنسان يباشر الأنعام ركوبا على نحو قد بلغ حد التواتر فهو عادة مطردة، فذلك أدعى إلى التفكر فيها لا الغفلة عنها، ونكرت الأنعام تعظيما مئنة من تنوع الأجناس وتعدد الأفراد فذلك مئنة من كمال قدرته، عز وجل، وجاء الإطناب ببيان منافعها: الركوب والأكل، فذلك خصوص تلاه العموم: "ولهم فيها منافع"، فذلك من تمام عنايته، عز وجل، بعباده، ثم جاء التنبيه على لازم تلك النعمة الكونية من التكليف الشرعي على ما اطرد مرارا من لزوم التأله، وهو فعل العبد، للربوبية إيجادا وعناية وهو فعل الرب جل وعلا، فلكلٍ فعل يناسب ذاته، فالرب، جل وعلا، له كمال الفعل جلالا وجمالا فرعا عن كمال ذاته القدسية فلا يناسبها إلا صفات القدرة والغنى ....... إلخ من أوصاف الربوبية، والعبد: نقص فعله فرع عن نقص أوصافه التي صدر عنها، فلا يلائمه إلا صفات الافتقار، فلو أظهر الغنى بلسان المقال أو الحال فذلك نذير فساد، إذ لا يلائمه إلا وصف الذل، كما أن الرب، جل وعلا، لا يناسبه إلا فعل الكبر والجبروت، فالذات غير الذات، فكذلك الصفات فليس كل ما كان كمالا في وصف الرب، جل وعلا، يكون كمالا في وصف العبد، فالرب: رب، والعبد: عبد، فلكل ما يلائمه من الصفات فرعا عن الذات كمالا في الرب، جل وعلا، ونقصانا في العبد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 01 - 2010, 09:16 ص]ـ
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ:
فذلك من دلالة الإيجاد إبداعا من النطفة فابتداء غاية الخلق منها، وإعادة من باب أولى، فالإعادة أولى بالوقوع من الإبداع، وكلٌ على الرب، عز وجل، هين، وإنما جاء القياس في معرض الحجاج العقلي لمنكر البعث، وذيل بصفة العلم فهو يعم علم التقدير الأزلي الأول في عالم الغيب، وعلم الإحصاء الثاني في عالم الشهادة.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ:
فاستخرج الضد من ضده، فالشجر الأخضر مظنة الرطوبة وهي ضد النار بداهة، ولكن الرب، جل وعلا، لكمال قدرته على خلق المتضادات، بل واستخراج بعضها من بعض، أخرج النار من معدن مائي رطب، فكذلك يخرج الحي من الميت، فيخرج الإنسان الحساس المتحرك من النطفة الميتة، وبوم القيامة يخرج الأحياء جميعا من أجداثهم بماء ينزل من السماء فيه قوة الحياة كالنطفة التي أودع الله، عز وجل، فيها قوة الحياة فإذا باشرت البويضة أنتجت حياة حساسة متحركة بإذن الله، تبارك وتعالى، فكذلك إخراج الأجساد من الأجداث إلى أرض المحشر فإن الماء النازل يباشر عجب الذنب لكل ميت فتنشط مادة الحياة فيه، إعمالا للسبب في توليد مسببه على ما اطرد من السنة الكونية بترتب المسبب على سببه.
ثم ذيل الآية بدليل العناية إذ من ذلك الشجر توقد النار التي ينتفع بها المكلفون في شتى مناحي حياتهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 01 - 2010, 09:31 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ:
استفهام تقريري إذ أجيب عنه بالنفي، فصار إثباتا من هذا الوجه.
وفيه إيجاز بحذف جملة تعلق بها الاستفهام على جهة الإنكار، فلا يخلو الاستفهام في سياق المنكر للبعث من إنكار وتوبيخ له، إذ أدلة البعث الخارجية: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ)، والذاتية: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، واعتبر بنوم الإنسان، فهو موتة صغرى تدل على الموتة الكبرى، واستيقاظه فهي بعثة صغرى تدل على البعثة الكبرى، فكيف ينكر الإنسان أمرا يباشره كل يوم؟!. فتقرير ذلك: أمر بدهي لولا ما أصاب الفطر من الفساد والانتكاس، فاستحق منكره التوبيخ بتقدير محذوف يلائم السياق على حد: أذهبت عقولهم وضلت أفهامهم فليس الذي ..................... ؟!. بلى إنكارا عليهم، وتقريرا لضد ما أنكروه.
وذكر الفاعل بصيغة الموصول إذ تعلقت الفائدة بالوصف الذي اشتقت منه صلته، فوصف الخلق الأول هو الفرع الذي قيس عليه خلقهم من بعد الموت: قياس أولى.
وفي معرض الإنكار جيء بوصف المبالغة: "الخلاق"، فهو أبلغ في تقرير ما أنكروه من وصف الفاعل: "الخالق"، وأردف بملزومه على صيغة المبالغة، أيضا، فإنه لا يكون خلق حادث إلا فرعا عن علم أزلي سابق، على حد قوله تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
ومن قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ):
فذلك من أمره الكوني النافذ، فإذا أراد شيئا، أي شيء، وهو ما يتصور وقوعه من الممكنات لا ما يفرضه الذهن من المحالات، فالنكرة في سياق الشرط مئنة من العموم، وهو عموم محفوظ، على ما تقدم من حد الشيء بالممكن، فإذا أراده فذلك العلم السابق، تكلم كيف شاء بالكلمة الموجدة له على حد الغنى فلا يفتقر إلى الأغراض افتقار الخلق إليها، فوجد الشيء المراد على سنن الحكمة البالغة، فوقع كما أراد، عز وجل، بلا زيادة أو نقصان، ولا يكون ذلك بداهة إلا بقدرة نافذة، فيوقع الشيء بقدرته، ويوقعه على قدر بعينه يحصل به كمال الاتنفاع عاجلا أو آجلا، وهي منفعة لعباده لا له، فهو الغني عن خلقه بل خلقه هو المفتقر إليه ليوجده أولا فتلك دلالة الإيجاد، وليدبر أمره ثانيا فتلك دلالة العناية، فإذا أراد شيئا تكلم بالكلمة الكونية النافذة فوقع المقدور بها عقيبها على حد الفور بلا تراخ، فآثار أسمائه وأوصافه في كونه نافذة، له سابقة، فله، عز وجل، كمال الوصف وإن لم يكن ثم خلق تظهر فيه آثاره فهو الخالق ولما يكن خلق بعد، وهو الرازق ولما تكن كائنات ترزق بعد فله كمال الوصف أزلا وأبدا كما تقدم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 01 - 2010, 09:41 ص]ـ
ومن سورة الأحزاب:
ومن أعظم صور العناية بالنعم وأجلها: نعمة النبوات التي خوطب المكلفون بأخبارها وأحكامها:
ومن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)
فالإرسال هو الإرسال الشرعي، وإن كان يحتمل معنى الإرسال الكوني من جهة كون النبوة اصطفاء لا كسبا، والاصطفاء لا يكون بتحصيل أسباب شرعية فإن النبوة لا تكتسب بعبادة أو رياضة كما زعم من جوز ذلك من الفلاسفة وغلاة أهل الطريق، وإن أخفوا ذلك بعبارات مشكلة المبنى دقيقة المعنى فجوزوا لأنفسهم التعدي على مقام النبوة العلمي، فإنهم وإن لم يكونوا أنبياء بالفعل إلا أنهم أنبياء بالقوة لديهم من القوى العلمية ما يبحرون به في غمار وقف الأنبياء على سواحلها فلم يستطيعوا خوضها لغموضها وقصر علومهم وقواهم عن إدراكها!، وذلك نقض صريح وقدح فاحش في مقام النبوة: أعظم المقامات البشرية، ولكل محدث في الديانة، كما تقدم في مواضع سابقة، لكل محدث في الديانة من ذلك القدح نصيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهو شاهد على أمته لتمام عدالته وضبطه، فعدالته قد بلغت حد العصمة، وضبطه قد بلغ غاية الإتقان فبلغ رسالات ربه، كما أمر، فلم يخطئ أو يكتم، وأمته شاهدة على بقية الأمم لتمام عدالتها فذلك تأويل قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
وهو المبشر على حد الترغيب، والمنذر على حد الترهيب فلا قيام لكيان الإيمان في القلوب إلا على ساقي الخوف والرجاء، فالخوف متعلق صفات الجلال وأغلبها من صفات أفعاله، جل وعلا، في كونه، بكلماته الكونيات النافذة، والرجاء متعلق صفات الجمال وأغلبها من صفات ذاته، فله كمال الذات، وكمال الصفات بنوعيها فذلك مما يستقيم أمر القلب بالنظر فيه فلا ينظر إلى وصف الجلال بمفرده فيوقعه ذلك في اليأس والقنوط كما وقع لأهل الخروج الذي خافوا إلى حد اليأس، ولا ينظر إلى وصف الجمال بمفرده فيوقعه ذلك في الأمن والغرور كما وقع لأهل الإرجاء الذين أمنوا إلى حد الغرور، والحق وسط بين طرفين، فالكمال وسط بين الجلال والجمال، وللرب، جل وعلا، منه، أبلغ وصف وأعظم قدر.
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا: فذلك لازم التبشير والإنذار فلا ينفك الداعي إلى أي مقالة عنهما، فالدعوة إلى الله، عز وجل، على حد تقدير مضاف دل عليه السياق اقتضاء من قبيل: داعيا إلى دين الله، أو سبيل الله، أو طريق الهجرة إلى الله ........ إلخ، لا تنفك عن تبشير بالثواب وإنذار بالعقاب. وقيد ذلك بإذن الرب، جل وعلا، على حد الحالية، فالقيد وصف كاشف للمقيد، والحال وصف في معناها تزيد عاملها أو صاحبها بيانا، فلا تكون تلك الدعوة إلا بإذن الله، عز وجل، وهو هنا، أيضا، يحتمل الإذن الكوني إذ شاء الرب، جل وعلا، بعث نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك الزمان بعينه فنظر في قلوب البشر فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب تمسكوا بدين المسيح الصحيح، فأذن، عز وجل، ببعث خاتم النبيين، وتلك أعظم منة ربانية على النوع الإنساني، فالنعمة الدينية أشرف من النعمة الكونية لشرف متعلق الأولى على متعلق الثانية، فالروح اللطيف أشرف بداهة من البدن الكثيف، فمادة حياته من غذاء الوحي أشرف من مادة حياة البدن من غذاء الأرض، فالأول نازل من السماء والثاني نابت من الأرض، والنازل من عال أشرف بداهة من النابت من سافل، والنبوة من جهة أخرى أعظم أجناس النعمة الدينية، والنبوة الخاتمة من جهة ثالثة أشرف أجناس نعمة النبوات فقد نالت هذه الأمة أشرف النعم على حد الإطلاق ولم يفتها حظها من بقية أجناس النعم فهي مما يشترك فيه البشر، فكل يأكل وكل يشرب وكل ينكح ...... إلخ، كما أثر عن ابن حزم، رحمه الله، وليس كل يستعمل عقله فيما خلق له من التدبر والنظر في الآيات الشرعية التي جاءت بها النبوة والآيات الكونية التي بثها الرب، جل وعلا، في أرجاء كونه علامات يهتدي بها السائر في طريق الهداية فهي أول منازل الألوهية فمن عرف ربه بربوبيته النافذة، عرف نفسه بعبوديته الخاضعة بشتى أجناس التأله كما ذكر ابن القيم، رحمه الله، في طريق الهجرتين.
فهذا وجه الإذن الكوني، فإن ذلك إنما وقع بمشيئة الرب العامة دون سعي إلى اكتساب من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـ: (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ)، فما كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم حريصا على النبوة أو طالبا لها طلب من ترهب من العرب كأمية بن ابي الصلت الذي آمن شعره وكفر قلبه حسدا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن آثره الله بنعمة النبوة مع كونه، كما تقدم، غير طالب لها أو حريص عليها، وذلك حد العظماء من البشر فإنهم أبعد ما يكون عن طلب الرياسات، فتأتي إليهم منقادة بخلاف من طلبها فإنها تنفر منه وتترفع عليه، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إنا والله لا نولي هذا الأمر أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه"، ويستثنى من ذلك من وجد في نفسه كفاية دينية ودنيوية من جنس كفاية يوسف الصديق عليه السلام، كفاية: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
ومن أحق بوصف العظمة البشرية الكاملة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي جبل تكوينا على أعظم الخلال فهو بشهادة أعدائه: الصادق الأمين، المترفع عن كل دني الطالب لكل علي، المجيب لكل دعوة إلى المعالي، فلما دعي إلى حلف الفضول أجاب، المعرض عن كل دعوة إلى السفاسف، على حد ما روى ابن أبي شيبة، رحمه الله، في مصنفه: "إن الله جواد يحب الجواد، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها"، فهو رجل عظيم قبل البعثة، فلما ألقي إليه الروح من أمر ربه، زاده التكليف الشرعي، وهذا وجه كون الإذن شرعيا في الآية، زاده عظمة على عظمة الجبلة الكونية على فضائل الأخلاق وكمال الأحوال فصادفت النبوة بمقتضى حكمة الرب، جل وعلا، المحل الأمثل فـ: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)، فهذا حد الاصطفاء، والرب، جل وعلا، أحكم الحاكمين لا يضع مادة الهداية إلا في محل صالح يقبل أثرها فتنبت فيه شجرة التوحيد مادة صلاح القلوب والأبدان، فكيف بنعمة النبوة، أيلقيها في قلب لا ينتفع بها لفساد المحل كقلب أبي جهل، أو قلب صالح لكنه لا يقوى على حملها، مهما بلغ من مراتب الصديقية كقلب أبي بكر رضي الله عنه، فحكمته، عز وجل، اقتضت أن توضع كل مادة في المحل الملائم لها، فذلك أثر اسمه الحكيم، تبارك وتعالى.
فيضع مادة النبوة في قلوب محمد الأمين وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح ونوح، عليهم السلام، بل يفاضل بينهم في مقدارها فيصطفي الخليلان، بل يقدم الابن على الأب، فمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحب خلقه إليه، وذلك التفاوت، وإن ثبت لكلهم من أصول الفضيلة والعصمة ما نالوا أشرف منازل النبوات فهم أولوا العزم، ذلك التفاوت مئنة، كما تقدم، من حكمة الرب، جل وعلا، في وضع كلٍ في الموضع الملائم له، فلا يصلح غير الكليم لمنصب زعامة أنبياء بني إسرائيل، ولا يصلح غير الصادق الأمين لمنصب زعامة سائر النبيين، فلكل قدره الرفيع، وإن تفاوتت الأقدار بتفاوت الاصطفاء الكوني، والتكليف الشرعي، فليس رسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم العامة كرسالة موسى عليه السلام الخاصة، فلزم من ذلك تقدم الأول على الثاني على وجه لا يقع به انتقاص للمفضول، بل الأمر دائر بين فاضل شريف اختصه الرب، جل وعلا، بكلامه، وأفضل اختصه الرب، جل وعلا، بالخلة العظمى.
ويضع مادة الصديقية العظمى في قلب أبي بكر، رضي الله عنه، فهو صديق الأمة ومقدمها، بل صديق الأمم ومقدمها بعد الأنبياء والمرسلين فلا يصلح محل غير محله لمقام: "مَنْ كانَ يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حَيّ لا يموت"، ولا يصلح محل غير محله ليوم الردة، فالقلوب أوعية تحتمل من مادة الإيمان والشجاعة أقدارا متفاوتة فلم يقو قلب عمر أو عثمان أو علي، وهم السادة المقدمون بعده، لم تقو محالهم على احتمال ما وقر في قلب الصديق، رضي الله عنه، فما سبقهم بصلاة أو صيام، وإنما سبقهم لشيء وقر في قلبه هو مادة الصديقية آنفة الذكر التي وضعها الرب، عز وجل، في قلبه، إذ نظر في قلوب العباد فلم يجد محلا أشرف من قلب الصديق، بعد محال الأنبياء فتلك مرتبة لا ينالها صديق أو ولي، فلم يجد محلا أشرف من قلبه ليضع فيه تلك المادة الصديقية النفيسة.
وفي المقابل يضع مادة الكفر والجهل في قلب أبي جهل، حتى استحق أبو الحكم عمرو بن هشام، ضد ما وصف به من الحكمة لملائمة محله لضدها ملائمة تامة، فاقتضت حكمة الرب، جل وعلا، أن توضع مادة الجهل والكفر بل الطغيان الذي بوأه منصب فرعون هذه الأمة بجدارة! في قلبه، فلو وضعت فيه النبوة أو الصديقية لكان ذلك قدحا في اسم ووصف الحكمة الثابت للرب، جل وعلا، على أكمل وجه لائق بجلاله، فالقلوب، كما تقدم، أوعية تحتمل من التصورات العلمية والإرادات العملية أقدارا متفاوتة يتمايز بها البشر تمايزا لا يحصي قدره إلا الله، عز وجل، فالصور قد تتماثل، ولكن الحقائق تتباين بتباين أعيانها، فمن يحصي أقدار البشر عظما أو حقرا إلا رب البشر الذي خلقهم وجبلهم على المعالي بفضله أو الدنايا بعدله، وأمد كلا بأسبابه، لحكمة تعجز العقول عن دركها، فكل ميسر لما خلق له.
ثم جاء التذييل في معرض الإطناب في بيان هذه النعمة السابغة، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم السراج المنير فينتفع الناس بنوره دون أن ينالهم ما قد ينالهم من وهج السراج الوهاج، فالانتفاع به خالص من شوائب الوهج، ومن نظر في شريعته بعين الإنصاف علم ما فيها من اليسر الذي يرفع عن المكلفين كل حرج، فهي أصدق الطرائق الخبرية وأعدل الطرائق الحكمية وبسط المقال في وسطيتها في العلوم والأعمال والسياسات والأحوال أمر لا يفي به المداد.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 01 - 2010, 09:08 ص]ـ
ومن سورة الصافات:
ومن قوله تعالى:
(إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ):
فتلك دعوى تفرده، جل وعلا، بالإلهية مؤكدة بالقسم المتقدم، فهو الإله الواحد، جل وعلا، وعلة استحقاقه تمام التأله أنه: رب السماوات والأرض ..... : فذلك من دلالة الإيجاد والعناية معا، فهو رب السماوات والأرض خلقهما من العدم وسن لهما من سنن الكون ما يحفظ بقاءهما، عناية بأهلهما، فله عموم الربوبية لهما ولما بينهما، وله ربوبية المشارق، فالعطف عطف أوصاف لموصوف واحد فهو يفيد التغاير في الصفات لا الذوات، فذات الله، عز وجل، واحدة قد اتصفت بأجناس الربوبية: ربوبية الخلق عموما، والمشارق خصوصا، ربوبية الإيجاد، ربوبية العناية والحفظ ...... إلخ ثم جاء دليل العناية بالسماء إذ قد زينها الرب، جل وعلا، بالكواكب، حفظا من الشياطين فالشهب جند من جند الرب، جل وعلا، حفظ بها الوحي، فلا يقدر الجان على استراقه، فهو معصوم لا تناله أسماع مبدل فيغير منه ما تبطل به الحجة، بل قد حفظ الرب، جل وعلا، مبانيه ومعانيه، وعصم الرسول الملكي من التبديل أو النسيان، وحفظ الرسول البشري فعصمه عصمة البلاغ، وإن ناله من الأذى في بدنه ما يعرض لعموم البشر.
لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ:
فكان حالهم قبل البعثة خطف الكلمة أو الكلمتين فتنة لأتباع الكهان فلما بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حسم ذلك برواجم السماء من الشهب الثاقبة حفظا للوحي من التبديل، والحجة الرسالية من الإبطال.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 01 - 2010, 08:55 ص]ـ
فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ:
فذلك من ربوبية الإيجاد من العدم لخلق أشد من خلقهم، فخلقهم أهون من باب أولى، فقد خلقوا من الطين، وهو مادة ميتة لا حياة فيها نفخ فيها الرب، جل وعلا، الروح فسرت مادة الحياة في الجسد الطيني فانقلب جسدا حساسا متحركا، ففني الطين وتولد منه اللحم والعظم والعصب، فذلك من كمال ربوبية الإيجاد، إذ ليس الأمر أعراضا تتوالى على جوهر واحد، بل هو انقلاب ذاتي من ماهية إلى ماهية إمعانا في إثبات آيات قدرة رب البرية، فجاء التذييل بالخلق من الطين جوابا عن سؤال مقدر تولد مما سبق، فالسياق قد دل عليه اقتضاء كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فإذ ثبتت له، جل وعلا، آيات الربوبية الكونية الباهرة، لزم من ذلك إفراده، جل وعلا، بالتأله، تصديقا وامتثالا لآيات الأخبار والشرائع الحاكمة، فإنه لا يكون رضا بالله، عز وجل، ربا، إلا بتوفية مقام الإلوهية حقه من التصديق بالأخبار، والتنفيذ للشرائع والأحكام في الشأن العام والخاص.
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ:
فذلك من الغفلة عن النشأة الأولى، فلو اعتبروا بها، وهي دلالة الإيجاد الإبداعية: لعلموا أن النشأة الآخرة أهون على الرب، جل وعلا، كما تقدم مرارا من دلالة قياس الأولى، وهي دلالة مطردة في باب إثبات البعث والنشور مئنة من عموم قدرة الله، عز وجل، في النشأة الأولى والآخرة.
قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ: إمعانا في إهانتهم فستبعثون حال كونكم داخرين، فالقدر الزائد من الإجابة مقابل ما أشربوا به استفهامهم من معاني الإنكار والإبطال فهم منكرون مبطلون بلسان المقال للبعث الآخر، وإن كانوا مستيقنين في باطنهم إذ قد قامت الحجة العقلية الصحيحة على وجوب وقوع البعث الآخر.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 01 - 2010, 08:56 ص]ـ
وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ:
(يُتْبَعُ)
(/)
فذلك من دلالة العناية بالرسل عليهم السلام وهو أمر قد اطرد من قصصهم، فجرى مجرى التواتر، وقد أبقى الله، عز وجل، من ذكرهم وآثارهم وما وقع بالمكذبين بهم ما فيه عبرة لمن تدبر ونظر.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 01 - 2010, 09:24 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)
فذلك من الاستفهام الإنكاري التوبيخي فقد علق الإنكار على وصف النحت للصخر الذي يصيره آلهة بعد أن كان حجرا محضا، فلما قام به وصف الوثن، استحق اسمه فلزمه حكم التحريم والتوبيخ لمن اتخذه آلهة فهو كافر بداهة، فلم يتعلق به القبح لذاته فهو صخر كأي صخر، وإنما لحقه القبح لطارئ عرض له من وصف الوثنية، فاستحق اسم الوثن فتعلق به حكم التحريم بل التكفير لمتخذه، فلما زال عنه الوصف بتكسير أو طمس، زال عنه اسم الوثن، فزال حكم التحريم إذ قد علق على اسم قد زال الوصف الذي يتضمنه، فالاسم يدل على الوصف الذي اشتق منه دلالة تضمن له وللذات الموصوفة به، فهو علة إطلاقه، والحكم دائر مع علته وجودا أو عدما، فجاز الانتفاع به على قول بعض أهل العلم كأن يكون خشبا فيحرق للتدفئة، وقد فطن أهل الجاهلية لذلك فكانوا يأكلون آلهتهم إذا جاعوا!، كما أثر عن عمر، رضي الله عنه، وأي عجز عن وصف الربوبية أعظم من ذلك؟!، بل عن وصف الحياة الذي هو أصل الصفات التي يصدر عنها كل فعل اختياري، والفعل من أخص صفات الرب، جل وعلا، فله الصفات الفاعلة المتعلقة بمشيئته العامة النافذة، فعنها تصدر أفعال كماله التي يدبر بها كونه بكلماته الكونيات إحياء وإماتة ............ إلخ، فذلك من دلالة إيجاده وعنايته بالكائنات وهي منفية بداهة عن منحوت صخري.
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ: فذلك من دلالة الإيجاد، فهو الذي خلقكم وما عملته أيديكم من الأصنام، أو هو خالقكم وعملكم ومن جملته نحت هذه الأصنام، فهذا أعم من جهة عموم الخلق لنحت تلك الأصنام خصوصا، ولكل أعمالهم عموما، فالرب، جل وعلا، خالق الأعيان والأفعال القائمة بها، فلم يخلق الأعيان دون الأفعال كما قالت القدرية الذين وصفوا الرب، جل وعلا، بلازم مقالتهم بالعجز، فانتقصوا من ربوبيته إذ أثبتوا خلقا خارجا عن مشيئته في كونه، وهو جل وعلا، خالق هذا الكون وخالق حركاته فلا يتحرك شيء ولا يسكن إلا بكلمة كونية نافذة، فإن شاء أصلح القلوب والأعيان بفضله، وإن شاء حكم عليها بالفساد بعدله، فاستفهام الخليل عليه السلام إلزام من إمام الموحدين صلى الله عليه وسلم لأولئك الذبن غيبوا عقولهم فعبدوا منحوت أيديهم، فإن الرب لا يكون عاجزا عن فعل شيء في كونه، فكيف برب عاجز عن الاتصاف بالوجود الذي هو قدر مشترك بين كل الموجودات علويها وسفلها، كيف يكون ربا وهو مصنوع باليد، أو مصنوع بقياس العقل استحسانا أو ذوقا، كما يقع من أصحاب الشرائع الأرضية والمواجيد الذوقية، فالأولون يخلقون إفكا علميا بمعزل عن النبوات ويصيرونه شرعا ملزما مع كونه ثمرة عقل ناقص الاستقراء جاهل بالعواقب والمآلات، لا يدرك من الغيب شيئا إلا حدسا وتخمينا، فكيف ينحى حكم الرب، جل وعلا، وهو الخالق بقدرته المدبر بحكمته فهو أعلم بصنعته علم كل صانع بصنعته، فله المثل الأعلى، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، فجعل كمال العلم بالكون المخلوق أصلا تفرع عنه إيجاده وخلقه، إذ لا يكون ذلك بداهة إلا بعلم تقديري سابق، علم به الرب كليات هذا الكون وجزئياته، ثم تكلم بالكلمات الكونيات المؤولات لهذا العلم الأول في عالم الغيب، فصار حاضرا في عالم الشهادة الوجودي بعد أن كان مقدرا في عالم الغيب العدمي، والآخرون يخلقون إفكا عمليا إذ يسيرون إلى الله، عز وجل، في طريق ما شرعه فهجرتهم إلى غيره، وإن كان أصل إرادتهم الهجرة إليه، ولكن الهجرة إليه لا تكون إلا بهجرة كل الطرق إلا طريق الرسالة، فلازم الهجرة إليه: الهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تركا لحكم أو قياس أو ذوق أو سياسة أو خلق غيره، فلا تتلقى التصورات العلمية والأحكام العملية والسياسات الحكمية والتزكيات الخلقية لا تتلقى إلا من مشكاة نبوته الخاتمة فالخلق مفتقرون إلى النبوات أعظم من افتقارهم إلى الطعام والشراب، كما تقدم ذكره مما أثر عن الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله، فقيام الأرواح مادة صلاح الأبدان ومتعلق الإرادات التي ينظر الرب، جل وعلا، إليها فلا ينظر إلى آلة التكليف، وإنما ينظر إلى مبدأ التكليف من الهم والإرادة ومنتهاه من إرادته جل وعلا بالفعل الكائن أو إرادة غيره من معبودات أهل الباطل، قيام تلك الأرواح لا يكون إلا بأغذية النبوة إن أصابتها المجاعة، وأدوية النبوة إن أصابتها الأمراض، فلا صلاح لهذا الكون مبنى ومعنى بغير رسم النبوة.
فإذ ثبت أنه، تبارك وتعالى، الخالق بقدرته المدبر بحكمته، فذلك من كمال إيجاده وعنايته، فلازم ذلك، كما تقدم مرارا، أنه الإله المستحق لأجناس التأله ديانة، فإلزام الخليل عليه السلام قد قطع حبال حججهم الواهية وأخرس منطوق ألسنتهم الكاذبة، فإنه عرض بالنقص الكائن في آلهتهم، على حد قوله لأبيه: (لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا)، وقوله لهم: (فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ)، فإن لهم من صفات النقص والعجز الذاتي الملازم لهم فلا ينفك عنهم ما يدل لزوما على بطلان ربوبيتهم: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، فلا يملكون لأنفسهم إيجادا أو تدبيرا فضلا عن أن يملكوه لغيرهم، فكيف صح التأله لهم والشرع والعقل والحس شاهد بنقصان ذواتهم وأفعالهم؟! والنفس قد فطرت على التأله للكامل لا للناقص فهي تأنف من الخضوع لمن هو مثلها على حد النقصان.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 01 - 2010, 09:09 ص]ـ
ومن قوله تعالى في ذكر خبر إلياسين عليه السلام مع قومه:
(إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)
فصدر مقالته بالأمر بالتقوى تألها لله، عز وجل، وحده، ثم ذيل ذلك بإبطال دعواهم الربوبية في معبوديهم، فبعل لا يملك خلقا ولا تدبيرا تعريضا به بالتصريح بوصف الرب، جل وعلا، أحسن الخالقين، إن حمل الخلق على الإيجاد والتكوين، فخلقه إيجاد من عدم بخلاف خلق غيره فإنه تصيير صورةٍ صورةً أخرى فلا يملكون استحداث المادة من العدم، ولا يملكون إفنائها إلا بمباشرة الأسباب الكونية الموضوعة لذلك، فهم مفتقرون إلى الأسباب دوما لتحقيق مراداتهم، وذلك عين الافتقار الذاتي الذي يتنزه عنه رب الأسباب، جل وعلا، فهو خالقها ومجريها فكيف يفتقر إليها، وإن حمل الخلق على التقدير فهو داخل في حد دلالة العناية إذ قدر الله، عز وجل، في الأرض أقواتها الطينية، وقدر في السماء أحوالها العلوية، فحفظها بما سن من الأحكام الكونية، وجعلها سقفا محفوظا للكائنات يأتيهم من مددها الكوني من غيث السحاب المسخر ما يباشر الأرض الميتة فتنبت بالشجر المثمر بإذن ربها المكون، ويأتيهم من مددها الشرعي وحي النبوات المستصلح لأرض القلب بأجناس العلوم والإرادات النافعة التي تثمر في الجوارح أقوالا وأعمالا صالحة، فعناية الرب، جل وعلا، عناية عامة بالبدن تنمية وبالقلب تزكية، فكيف يسوى من هذا وصفه من حسن الخلق الإيجادي والتقديري، ببعل الذي لا يملك لنفسه إيجادا ولا تدبيرا بل هو مفتقر إلى من ينحته وينظفه ويطيبه ........ إلخ فالطفل الوليد أكمل منه، إذ مع كونه مفتقرا إلى من ينظفه إلا أن فيه حياة حساسة متحركة تخرجه من حد الجمادات إلى حد الأحياء، بل تثبت له الحياة كونا بنفخ الروح بعد أربعة أشهر، وتثبت له الحياة في بعض الأحكام كالصلاة عليه إن مات بعد نفخ الروح على خلاف في استهلاله أو عدمه، وتثبت له الهبة والإرث على خلاف في ذلك، أيضا، فهو من هذا الوجه أكمل من بعل الذي لا يملك قبول هبة ولا ردها، ولا ينوب عنه في قبولها غيره، إذ الحي لا ينوب عن جماد منصوب، فكيف إن كان في نظر معظميه ربا مألوها، كيف ينوب العبد عن ربه في استيفاء حقه لعجز الرب أو عدم عقله؟!
ثم جاء البيان إطنابا في وصف الرب، جل وعلا، بالكمال، فهو ربهم ورب آبائهم الأولين، فاستوفى بهذا التقسيم ربوبية أعيانهم الحاضرة والأعيان التي تولدوا منها، فهي ربوبية عامة تشمل الأعيان خلقا والأحوال تدبيرا فله، جل وعلا، تمام المِلك للأعيان، وتمام المُلك للأحوال، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا، فله عليكم وعلى آبائكم منة الإيجاد والإعداد والإمداد، فأوجدكم من العدم وأعد آلاتكم لقبول آثار النعم الكونية فآلات البدن تهضم الغذاء وتستخلص نفعه وتطرد ضره، والروح قد أعدت لقبول آثار النعمة الشرعية فتقبل إن أراد الرب، جل وعلا، لها الهداية التوفيقية بعد حصول الهداية البيانية، آثار الوحي، فعناية الرب، جل وعلا، بالظاهر والباطن، بالبدن والروح، بالمحسوس والمعقول: أمر ظاهر لا ينكره إلا جاحد يتقلب في آلاء الرب، جل وعلا، ليل ونهار، ثم هو يبارزه بالجحود والنكران، ولو فعلها مع آدمي لطرده من ملكه فلم يمهله، ولكن الرب، جل وعلا، بما اتصف به من الحلم عن العاصين ليرجعوا، والصبر على المصرين ليستدرجوا، أمهل العباد، بل أمهل من هو شر منهم، من مقدم الشياطين إبليس إلى يوم ينظرون، فذلك من عدل الرب، جل وعلا، إذ كانت له حسنات ماضية أبطلها بكفر الجحود والاستكبار عن السجود لآدم عليه السلام، فكان من كمال العدل أن يوفاها معجلة ليكون ممن لا خلاق لهم في الآخرة، وقل مثل ذلك في كل كافر أمهله الله، عز وجل، فإنه يمهله برحمة الرحمن العامة، التي كتبها على نفسه، فلم يمنعه حقا كان له، بل أعطاه ما ليس له ابتداء من النعم الكونية، فوسع عليه في أمر الدنيا، وأرشده إلى أمر الدين بما بعث إليه من النبيين، فاكتملت نعمته الكونية عليه، فكيف يصح له احتجاج عليه بأنه ظلمه أو بخسه حقه!، وهل له حق ابتداء عنده ليبخسه إياه، ولو شاء لكان عدما فلم يخلق، فمنة الرب، جل وعلا، ثابتة في حقه وحق غيره من إيجاد من العدم وعناية بالروح والبدن، بل إن ما يجده الكافر أو العاصي من ألم روحاني وإن بلغ غاية اللذة البدنية، هو من عناية الرب، جل وعلا، به، إذ هو العرض للمرض الذي يحمل صاحبه على طلب الدواء فيكون نفعا له من هذا الوجه، وإن كان ألما ضاغطا منغصا يعرفه كل من باشر المعصية ثم أقلعت عنه سكرتها اللحظية فتركته كئيبا منقبض النفس مستوحشا من الرب ومن الخلق، فإن بادر بالتوبة تلقاه الرب، جل وعلا، من بعيد، وسعى إليه بأسرع مما يسعى إليه، وأقبل عليه إقبال الشاكر للقليل، الساتر للقبيح، فغفر له ولا يبالي، بل خلع عليه خلعة الود فعاد أحب إليه من ذي قبل!، فذلك من معاني اسمه الودود، فهو يود التائب بل ذله وإنكساره بين يديه أحب إليه من طاعة مع حظ نفس يعتد بها صاحبها فيفرح فرح البطر لا الحامد الشاكر الذي يستشعر فضل الرب، جل وعلا، عليه في كل وقت، فله في كل وقت نعمة عليه سابغة، ومن أسدى إليك معروفا منقطعا في الدنيا فإنك تحدث به القريب والبعيد في معرض الثناء والتقدير، فكيف بمن معروفه دائم لا ينقطع ألا يكون أولى بالحمد قولا والشكر فعلا مواطئا لقول اللسان مؤولا لما يقع في القلب من إرادات الخير تأويلا يحصل به البيان، فهو حقيقة ما تولد في القلب من مادة الصلاح قد زكاه الرب، جل وعلا، ونماه فأثمر، كما تقدم، في الجوارح صالحات تصح الأديان بمباشرتها وتصح الأبدان ببركتها.
فهل لبعل الماضي، أو للبعال المعاصرة من ذلك شيء سواء أكانت بعالا مادية أو معنوية، وهي بوصف البغال أحق وأولى، بل البغال أصح طريقة منها إذ هي على الفطرة التوحيدية الأولى لا تتحول عنها.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 01 - 2010, 08:37 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ)
فذلك على حد التهكم من المشركين فالضمير عائد إلى غير مذكور دل عليه السياق كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، والاستفهام إنكاري إبطالي إذ نسبوا الجنس الأدنى إلى الرب، جل وعلا، ونسبوا الجنس الأعلى إلى أنفسهم، ونسبة كليهما إلى الرب، جل وعلا، باطلة، لما فيه من وصف الرب، جل وعلا، بالنقص، فالولادة مظنة الافتقار، وذلك منفي عن الرب، جل وعلا، بداهة، فهو الموجد لكل الكائنات بكلماته الكونيات النافذات، ثم جاء الإطناب في الإبطال: أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ، فنسبة الملائكة إلى جنس الأنوثة قول الكفار، ونسبتهم إلى جنس الذكورة قول الفساق، كما ذكر ذلك أهل العلم، ثم جاء التنبيه بـ: "ألا" الاستفتاحية، شحذا للأذهان لتلقي الإنكار عليهم نسبة الولد إلى الرب، جل وعلا، فذلك من القبح بمكان، إذ هو أيا كان قدر المولود لا ينفك عن نقص يتنزه عنه الرب، جل وعلا، فهو كمال في حق المخلوق لمناسبة نقص خلقته التي يلائمها الولد تأنيسا وتعضيدا، بخلاف كمال وصف الرب المعبود، جل وعلا، الذي لا يلائمه اتخاذ الولد لمعنى النقص الأصيل فيه، كما تقدم، وذلك الإنكار عام لكل من قال باتخاذ الولد، أيا كان جنسه: نوراني أو بشري، وأيا كان قدره ملكا كان أو نبيا، فدلالة الإيجاد قاضية بأنه الموجد لغيره، فكل ما سواه مخلوق، إذ وصف الربوبية مما انفرد به فلا يشاركه فيه أحد من خلقه، والولد يشبه أباه بداهة فهو من جنسة فمن أثبت له الولد فقد أبطل انفراده بوصف الربوبية الذي يتضمن وصف الإيجاد، إذ أثبت له شفيعا من جنسه فللشفيع وصف المشفوع بداهة إذ الولد، كما تقدم، من جنس أبيه، وذلك إبطال صريح لاختصاصه، جل وعلا، بأوصاف الكمال الربانية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 01 - 2010, 09:13 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)
فذلك من دلالة العناية بالرسل عليهم السلام، وأتباعهم تبع لهم في ذلك، كما في قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، فسبقت الكلمة الكونية النافذة فإضافتها إلى الرب، جل وعلا، إضافة صفة إلى موصوف جمع تعظيما فذلك أليق بسياق النصر للرسل عليهم السلام إذ هو مقام جلال يحسن فيه التعظيم، وأضيف الرسل عليهم السلام بأشرف أوصافهم: العبودية إلى الرب، جل وعلا، إضافة مخلوق إلى خالقه تشريفا. وقد أجملت الكلمة تشويقا إلى بيانها ثم جاء البيان مؤكدا إمعانا في العناية بالرسل عليهم السلام فجاء التوكيد بـ: "إن" وضمير الفصل واللام المزحلقة واسمية الجملة وتعريف جزأيها، ثم جاء ذكر أتباع الرسل بعدهم تعميما لمعنى النصرة، فأضيف الجند الذين هم أتباع الرسل، عليهم السلام، إلى الرب، جل وعلا، على ذات الحد من التعظيم، وأكد المعنى بما تقدم في حق الرسل عليهم السلام، وقد يحمل معنى الجند على سائر جنود الرب، جل وعلا، الملكي والكوني والإنسي ......... إلخ بقرينة إضافة النكرة إلى ضمير الجمع فذلك من صيغ العموم كما قرر الأصوليون.
والنسبة الاسمية لا تكفي وإنما المعتبر هو النسبة الفعلية المؤيدة بتصديق خبر الرسالة وامتثال حكمها في كل صغيرة وكبيرة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 01 - 2010, 08:17 ص]ـ
ومن سورة ص:
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ:
فذلك تعريض بعجزهم إذ نفى الاستفهام الإنكاري عنهم ملك خزائن رحمات الرب، جل وعلا، من سائر أجناس النعم الكونية أو الشرعية، فإضافة الرحمة إلى الرب، جل وعلا، من إضافة النكرة إلى المعرفة، وهو نص في العموم، كما تقرر في الأصول، فالرحمة في هذا السياق بمعنى الرحمات، فهي منزلة: منزلة الجنس الأعلى الذي تندرج تحته أجناس النعم عموم، كونية كانت أو شرعية، كما تقدم، وهو أليق في مقام التحدي إظهارا لكمال وصف الرب، جل وعلا، الذي انفرد بإجراء النعم على عباده، فأنزل لهم من السماء نعمة الوحي الشرعية ونعمة الغيث الكونية، وأخرج لهم من الأرض نعمة النبت والزرع، فنعمته قد عمت مكانا وزمانا فلا تنقطع نعمه عن عباده في ليل أو نهار، وذلك داخل في حد دليل العناية، والإضافة في نفس الوقت: إضافة وصف إلى موصوف لو حملت الرحمة على الصفة القائمة بذات الرب، جل وعلا، فعنها تصدر الرحمات المخلوقات من إجراء رزق البدن، وحفظه من الآفات، وشفائه من الأمراض .... إلخ، فتصدر عنها الكلمات التكوينيات لتلك الرحمات، وقد تكون من إضافة المخلوق إلى خالقه تشريفا لو حملت على الرحمات المخلوقة فهي آثار وصف رحمة الرب، جل وعلا، وذلك في مقابل عجزهم عن شيء من ذلك فظهر كمال ربوبيته عناية بخلقه بما أجرى عليهم من النعم والأرزاق، فذلك من تدبيره لكونه، وهو من أخص أوصاف ربوبيته، في مقابل عجزهم عن شيء من ذلك فليس لهم من وصف الربوبية نصيب، فبطل ما ادعاه لهم عبادهم من وصف الألوهية إذ لا يستحق التأله إلا من اتصف بأوصاف الرب، جل وعلا، جلالا، ولذلك ذيل بوصف العزيز، وجمالا فهو الوهاب لسائر النعم فضلا منه وامتنانا، فعم التذييل بالوصفين: مقامي: الجلال والجمال، فحصل منها وصف الكمال للرب الكبير المتعال سبحانه وتعالى وعز وجل.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 02 - 2010, 08:43 ص]ـ
أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ:
فذلك إمعان في بيان عجزهم في مقابل عموم قدرة الرب، جل وعلا، فله، كما تقدم مرارا، كمال الملك للأعيان، فذلك من قدرته على إيجادها وموجد الصنعة أحق بملكها بداهة، إذ هو العليم بأسرارها ودقائقها، وكمال المِلك للأحوال فذلك من حكمته في تدبيرها فهو العليم بما تنتظم به أحوالها، فعلمه تقديري تأثيري تدبيري فبه وجدت الكائنات وبها تسير أحوالها على نحو ينتظم به أمر العالم إظهارا لآثار قدرته وحكمته، فإن هذا الكون لو تعدد موجدوه وتعدد مسيروه لفسد لا محالة بتعارض الأوامر الكونية فلكل سنته، وذلك مظنة فساد الحال في عالم الشهادة إذ تعدد الملوك في مملكة واحدة مظنة الفساد لتضارب الأحكام، ولله المثل الأعلى، فإن فساد الكون ثابت من باب أولى بتعدد الآلهة الآمرة فيه لو قيل بجواز ذلك فرضا عقليا محضا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 02 - 2010, 08:25 ص]ـ
اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ:
فالعبودية عبودية العابد بقرينة: "أواب" التي ذيلت بها الآية فذلك وصف العابدين المخنارين مع كونه عبدا كبقية العباد باعتبار خضوعه لقدر الرب، جل وعلا، الكوني، فتكون الإضافة إلى الرب، جل وعلا، من باب إضافة التشريف، وناسب ذلك التعظيم بإيراد ضمير الجمع، وذلك من دلالة عنايته، تبارك وتعالى، بأنبيائه عليهم السلام، ثم وصف داود عليه السلام بوصف القوة فهو ذو الأيد، ووصف الأمانة فهو الأواب فذلك على وزان: الصبر فذلك من القوة النفسانية، واليقين فذلك من الأمانة.
إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ:
تسخيرا كونيا، فتسبح بلسان مقال لا يفقهه إلا خالقها ومرسيها عز وجل. فذلك مئنة من كمال قدرته الإيجادية والتسخيرية للكائنات فكلها حيها وميتها، فصيحها وأعجميها، قد وجدت بقدرته التكوينية النافذة، ثم سخرت وسيرت بحكمته التدبيرية البالغة، وسخر له الطير فذلك من نعمة الرب، جل وعلا، عليه، فسخر له جنس الجماد الراسي، وجنس الحي الطائر، فهو الخليفة الممكن في الأرض برسم النبوة، فملكه ملك مؤيد بالوحي الشرعي، فلا تصلح الأرض إلا إذا أشرقت بنوره فسطعت شمس الرسالة على أرجائها، فتسطع في أرجاء القلب لتبدد ظلمة الشرك والجهل، وتسطع في الخارج لتبدد ظلمة طغيان الأرباب التي نازعت الملك، جل وعلا، حكمه، فزاحمت شريعته بشرائعها المضطربة، وأحدثت من الأقوال والأحكام والأحوال والسياسات ما لم يأذن به، فأي خروج عن مقتضى الرسالة فهو مئنة من فساد النفس بخروجها عن ناموس الكون، وتأمل حال من ابتدع قولا كيف فسد قلب بانتحاله، أو فعل فاحشة كيف فسدت جوارحه بارتكابها، فالوحي قد حفظ على المكلفين قلوبهم وجوارحهم، باطنهم العلمي وظاهرهم العملي، فأي خروج عن قانونه المحكم ذريعة إلى اضطراب أحوال العالم، بشيوع الظلم قولا وفعلا، فإذا عم الظلم وطم، فحجب شمس النبوة، ظهر الفساد في البر والبحر، فخرب الرب، جل وعلا، العالم، لانقطاع خبر الرسالة، فهي مادة صلاحه، فانقطاعها مئنة من فساده كما أن خروج الروح مئنة من فساد البدن، فالنبوات هي الروح فهي سبب حياة القلوب، كما أن الروح المخلوق هو سبب حياة الأبدان: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ: فذلك عطف على الجبال في معرض الإطناب في بيان المنة الربانية على داود عليه السلام، وهي مئنة من عموم قدرته، عز وجل، إذ سخر الجماد الراسخ، والحي الطائر لعبد من عباده حقق معنى العبودية الشرعية فسخر الله، عز وجل، له الكائنات بإرادته الكونية فكان امتثاله أمر التشريع الحاكم ذريعة إلى انقياد الكائنات له بأمر التكوين النافذ، فاجتمعت في حقه الإرادتان الشرعية والكونية على نحو حصل له به تمام الانتفاع في الحال والمآل، وجاءت الحال "محشورة": إمعانا في الامتنان إذ ليس من طبعها الاجتماع، فنفورها من الإنسي معلوم، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، ومع ذلك حشرت لداود وسليمان عليهما السلام.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 02 - 2010, 09:25 ص]ـ
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ:
فالحال مؤسسة تتوقف صحة المعنى عليها فما قدر الباري، عز وجل، السماء والأرض التي دخلت عليها "أل" الجنسية الاستغراقية، وما بينهما، إمعانا في بيان العموم باطلا، فذلك من سوء الظن بالله، عز وجل، أن يكون هذا الكون بسمائه وأفلاكه وأجرامه وأرضه وسمائه قد خلق عبثا!، أو باطلا، كما يقول أصحاب المقالات الردية التي جعلوا هذا الخلق البديع الذي ظهر به من آثار قدرة وحكمة الرب، جل وعلا، ما ظهر، باطلا لا غاية له، وذلك من فساد القياس العقلي بمكان، ثم جاء التنفير من هذه المقالة بنسبتها إلى الكافرين على حد الإشارة إلى البعيد تحقيرا، فذلك من سوء الظن بالله، عز وجل، فويل للذين كفروا إظهارا في موضع الإضمار تسجيلا للجناية وإمعانا في الذم بذكرهم بوصف الكفر الذي علق عليه حكم الوعيد، فويل للذين قام بهم وصف الكفر من عذاب النار إذ أساءوا الظن بالرب، جل وعلا، فأبطلوا دلالات أسماء العليم والخبير والحكيم ........ إلخ على صفات الإتقان التي ظهرت آثارها بخلق هذا الكون المحكم، فسنن الكون الجارية، وسنن الشرع الحاكمة، كل أولئك مئنة من تمام حكمته جل وعلا.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 02 - 2010, 08:44 ص]ـ
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ:
فذلك من دلالة العناية الخاصة بداود عليه السلام فبعد أن أتاه الله، عز وجل، الملك والنبوة، أسبغ عليه النعمة بالنبي الملك سليمان عليه السلام وريث النبوة وحامل علومها عن أبيه برسم الملك، ولا أعدل من الملك المقرون بالنبوة، وهو معنى حاصل في كل ملك التزم أصحابه سياسة الشرع لا سياسة الجور كما يقع في أغلب الممالك الأرضية التي أقيم الملك فيها برسم الجبر والقهر فاستلزم ذلك من سن القوانين والتراتيب ما يقع به الظلم العام والخاص استبقاء لهذا الملك، ولو بالسيف القاهر الذي يخضع به الموافق والمخالف، وذلك فرقان بين سيف النبوة العادل وسيف الملك الظالم، فإن الأول رحمة بالمخالف والموافق به يصان الكتاب الهادي وتزال صروح الطغيان، والثاني سيف جور يستحل من سفك الدماء وغضب الأموال بالمكوس الظالمة وانتهاك الحرمات العامة والخاصة، يستحل من ذلك ما يوجب النقمة العامة، ولذلك قرنت النبوة بالرحمة في حديث: "أول هذا الأمر نبوة ورحمة"، بخلاف الملك فإنه ملك جبري لا رحمة فيه، بل فتنة وفساد في الأرض عظيم.
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ:
فذلك من أمارات العناية الخاصة بالنبي سليمان عليه السلام إذ سخر له الرب، جل وعلا، الخيل والطير وسائر أجناس الخليقة فاستعملها الملك المسدد المؤيد بالوحي في رفع لواء الشريعة، فدانت له الممالك، وأتته العروش فلم يفرح ويبطر بل لسان مقاله: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، وما عرف الله، عز وجل، حق المعرفة، إلا أنبياؤه عليهم السلام ومن سار على طريقتهم: باطنا وظاهرا، علما وعملا، وما عبده حق عبادته إلا هم، فهم أعبد الناس للرب، جل وعلا، فرعا عن كونهم أعلم الناس به، ومن كان بالله أعلم كان له أتقى، وأكملهم طريقة في ذلك النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه ما عرف أحد من الخليقة ربه كما عرف النبي محمد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه، وما عبده أحد عبادته، فمن ابتغى غير سبيله ضل، ومن ادعى لنفسه حالا أكمل من حاله زل، فهو المبعوث بأبين الطرائق العلمية وأحكم الطرائق العملية.
رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ: على ما اطرد من من تمام المنة الربانية على النبي الملك سليمان عليه السلام فقد سخرت له آلة الحرب فله من الجند والآلات ما صيره أعظم ملوك زمانه، وأعدلهم، وقل أن تجتمع الخصلتان في نفس واحدة، فالملك مظنة الجور والطغيان وإحداث ما لم يأذن به الرب، جل وعلا، من الرسوم والسياسات الظالمة بزعم الحاجة إليها لتصلح بها الأحوال، وهل يصلح الحال بالظلم؟!، أو أن العدل، ولو كان العادل كافرا هو مظنة استقامة أمر الدنيا، فإن ذلك من السنن الكونية التي يستوي فيها المؤمن والكافر، فلا تجامل أحدا، ولو كان عند الله أفضل، فالمؤمن أفضل من الكافر باعتبار المآل ولو كان ظالما، ولكن الكافر إن عدل استقام له أمر الدنيا وإن كان مآله إلى فساد إن مات على ما هو عليه من الكفران، بمقتضى سنة العدل الكونية، كما هو مشاهد في زماننا من ظهور الغرب النصراني على الشرق المسلم،
والمؤمن إن ظلم فسد أمر دنياه بمقتضى نفس السنة، وإن كان مآله إلى صلاح إن مات على الإيمان ولو ناقصا، فإما أن يعفو عنه الرب، جل وعلا، ابتداء، وإما أن يطهر بكير نار عصاة الموحدين لينتفي خبث نفسه فصير أهلا لسكنى الجنان وجوار الرحمن القدوس المنزه عن كل خبث فلا يجاوره من به خبث ولو كان طاهرا باعتبار الأصل والوصف على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ".
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"وأمور الناس إنما تستقيم في الدنيا مع العدل الذي قد يكون فيه الاشتراك في بعض أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم يشترك في إثم
ولهذا قيل إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة وذلك أن العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق ومتى لم تقم بالعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة". اهـ
"الاستقامة"، ص474، 475.
فتلك سنة مطردة منعكسة دائرة مع سببها وهو: العدل، بغض النظر عن إيمان العادل أو كفره، فتوجد بوجوده وتعدم بعدمه.
وما فرط من فرط من أمراء الجور إلا لقلة علمهم بما قررته النبوات من سياسات العدل فظنوا افتقار الشريعة الكاملة إلى سياساتهم الجائرة، وإنما أتي من أتي منهم من قبل جهله، وعدم الوجدان لقصور آلة الفهم وعدم سداد النظر لا يلزم منه عدم الوجود في نفس الأمر، فلا يحتج من أغمض عينيه في رابعة النهار بذلك على عدم وجود الشمس في نفس الأمر.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 02 - 2010, 07:57 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ):
فصيره الله، عز وجل، خليفة، وتلك منة ربانية، ليحكم بالحق بين الخلق، فتلك مهمة شرعية، ولازمها: النهي عن اتباع الهوى، فعطفه على الأمر بالحكم بالحق: من عطف المتلازمات العقلية، إذ لا ينفك العدول إلى الحق عن العدول عن الباطل، والهوى معدنه، فهما متناقضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، والأمر له أمر لمن دونه من ملوك الدنيا من باب أولى، ففيه تنبيه بالأعلى على الأدنى، فمنصب النبوة أشرف المناصب البشرية، فالخطاب لهم في معرض الأمر التكليفي: أمر لمن هو دونهم من باب أولى، كما تقدم، إذ وظيفتهم البيان القولي والعملي للأمر الإلهي ليمتثل، فما أنزلت الشرائع إلا لتتبع، على حد قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، فنكرت الشريعة تعظيما كما ذكر صاحب "التحرير والتنوير"، رحمه الله، فذلك مئنة من عظم المنة الربانية على النوع الإنساني بالشرائع الإلهية عموما والشريعة الخاتمة خصوصا، والمنة دليل عناية بداهة، وما أنزلت الكتب إلا لتحكم، على حد قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا).
وعلة النهي عن اتباع الهوى: أنه سبب الضلال العاجل، لما في الفاء بعد النهي من النص على السببية، فضلا عن دلالتها الوضعية على الفورية، فهو ضلال عاجل غير آجل، ثم ذيل بالعاقبة الآجلة على جهة الترهيب بالوعيد:
إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ: على حد الاختصاص والاستحقاق الذي دلت عليه اللام، فضلا عن الحصر والتوكيد بنقديم ما حقه التأخير.
بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ: على حد السببية، فبنسيانهم يوم الحساب استحقوا ذلك العذاب عدلا فلا يظلم ربك أحدا، والزيادة في المبنى مئنة من الزيادة في المعنى، فـ: "ما" المصدرية الحرفية وما دخلت عليه في تأويل مصدر ما دخلت عليه، وذلك آكد في الدلالة على عظم نسيانهم من الإتيان بالمصدر الصريح ابتداء.
والجعل هنا قد يكون كونيا، على حد قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فتلك الخلافة البشرية المطلقة، وهي من أعظم صور العناية والتشريف لابن آدم إذ اصطفاه الله، عز وجل، وهيأه بما جبله عليه من خلقة كاملة، وعقل مفكر يصح تعليق التكليف الشرعي به، فهو آلة الفهم، ولسان ناطق بما يجيش في الصدر من معان، فالكلام: لفظ مسموع ومعنى مفهوم، فليس أصواتا مجردة عن المعاني كأصوات الحيوانات وسائر الأصوات المهملة، فذلك من أمارات تكريم الإنسان، فقوله وفعله جار على أكمل سنن، فله من السنن الكونية ما يحفظ وجوده المادي، وله من السنن الشرعية ما يحفظ وجوده الروحي، وأتقن صنعه، فهو من صنع الله، عز وجل، صنعه بيده، فاختصه بما لم يختص به بقية المصنوعات المخلوقة بالكلمات الكونيات النافذات، فاستحق التكريم بسجود الملائكة من هذا الوجه: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)، فتعلق الإنكار بامتناعه عن السجود لما قد خلق الله، عز وجل، بيديه، فالحكم معلق على ذلك الوصف الشريف لا على ذات آدم عليه السلام فإنها من جهة الذاتية: ذات كبقية الذوات المخلوقة، بل إن قواها الكونية أدنى من قوى الملائكة، ولكنها من جهة التكريم قد اختصت بمعنى لا يوجد في غيرها فهو مما انفردت به، وهو خلقها بيدي الرحمن، جل وعلا، فاستحقت العناية والتشريف من هذا الوجه، فاشتراكها مع بقية الذوات: اشتراك تواطؤ: فكلها مشتركة في وصف الذات المخلوقة، ولكنها امتازت بقدر زائد وهو: خلقها بيدي الرب الخالق البارئ، جل
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلا، بخلاف بقية الكائنات المخلوقة، أيضا، ولكن بالكلمة التكوينية النافذة، وذلك جار على حد التواطؤ في معنى النبوة الكلي، فهو قدر مشترك بين كل الأنبياء عليهم السلام، فهم في أصل النبوة سواء، ولكن الرب، جل وعلا، اختص بعضهم، بحكمته البالغة، بقدر زائد من الفضل، فاختص الرسل بما لم تختص به بقية الأنبياء، واختص أولوا العزم، عليهم السلام، بما لم تختص به بقية الرسل، واختص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما لم يختص به إبراهيم الخليل ومن بعده موسى الكليم فعيسى المسبح ونوح أبو البشر الثاني صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وخلقه في أحسن تقويم باعتدال قواه الباطنة والظاهرة، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فليس التقويم تقويم الصورة الظاهرة بل ذلك مما لا يتعلق به التكليف إلا من جهة كونه الآلة التي يقع بها الفعل، فأحكامها بحسب ما يعرض لها من عوارض القدرة أو العجز، فلا معنى فيها في نفسها يوجب المدح أو الذم، فإن الطويل لا يثاب على طوله، والقصير لا يعاقب على قصره، وإنما يتعلق الثواب والعقاب بما قام بها من الأفعال حسنا أو قبحا، طاعة أو معصية، فقوى البدن من أدلة عنايته، جل وعلا، بالمكلف، إذ صححها له، فتلك عناية كونية يشترك فيها كل الأصحاء، وبعث إليهم الرسل، عليهم السلام، بما يكمل قواهم الباطنة، ويزكي قواهم الظاهرة: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، فتلك العناية الشرعية الخاصة التي اختص بها المسددون ممن امتن الرب، جل وعلا، عليهم بتيسير أسباب الخير، فيعلمهم الكتاب والحكمة، فذلك كمال قواهم الباطنة بتصحيح أول المنازل: علما يصح به التصور، وإرادة تصلح بها حركة الباطن، ويزكيهم باعتدال قواهم الإرادية فلكل قوة باطنة ما يهذبها من أحكام الوحي المنزل، فللغضب حلم يكفه، وللشهوة عفة تكفها، وللجزع صبر يدفعه .......... إلخ، ومرد ذلك كله إلى: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)، فإن للنفس في كل أحوالها هوى يقع به التعدي، فلها هوى في الغضب يحملها على الظلم، ولها هوى في الشهوة يحملها على هتك الحرمات، ولها في الجزع هوى يحملها على التسخط بنياحة وشق للجيوب ....... إلخ، ولا يكلف العباد بمنع العارض الوارد على القلب من فرح أو حزن، أو حب أو بغض، فليس ذلك إليهم، إذ القلوب ليست ملكا لأصحابها لتجري وفق مرادهم، وذلك من رحمة الرب، جل وعلا، بعباده فلا يكلفهم بما ليس في مقدورهم، وإنما يكلفون بمباشرة أدوية العوارض الكونية من أحكام الشرعة الإلهية.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"فإن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبته نفسه وبغضها لا بحسب محبة الله ورسوله وبغض الله ورسوله وهذا من نوع الهوى فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) فإن أصل الهوى هو محبة النفس ويتبع ذلك بغضها والهوى نفسه وهو الحب والبغض الذي في النفس لا يلام العبد عليه فإن ذلك لا يملكه وإنما يلام على اتباعه.
كما قال تعالى: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله).
وقال تعالى: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى وكلمة الحق في الغضب والرضا وثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه) ". اهـ
"الاستقامة"، ص459.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك جار على ما تقدم من استعمال ما يلائم كل عارض من: الأخلاق، فللفرح أخلاقه، وللحزن أخلاقه، وللظهور أخلاقه وللانكسار أخلاقه، بل الخلق الواحد قد يستعمل في دفع أكثر من عارض فمعناه الكلي يقبل الانقسام بحسب الوارد، فالصبر: جنس كلي جامع تحته أنواع من: صبر المصيبة وصبر الغضب وصبر النعمة فلا يفرح بطرا، وصبر النقمة فلا يضجر جزعا، كما وصف بعض العرب أكمل الناس خلقا وأعدلهم طريقة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: "يغلب فلا يبطر ويغلب فلا يضجر" وصبر الطاعة فعلا، وصبر المعصية تركا، فيستعمل كل نوع فيما يقابله من العوارض، فذلك من العدل الذي جاءت به النبوات، فلكل حال ما يلائمها ولكل موضع ما يناسبه، والعدل هو: وضع الشيء في موضعه، فيوضع الحلم حيث يجدي، ويوضع الغضب حيث يجدي، ويوضع الصبر حيث يجدي، ويوضع كل نوع منه في المحل الملائم له، فتصلح القوى الباطنة بتعاطي أسباب الشرعة النازلة، فيتولد من ذلك من صلاح حركة الظاهر ما لا ينقضي عجب الناظر فيه!، ففي سير أعلام النبلاء من النبيين والصديقين والصالحين زاد لمن أراد سلوك طريق الهجرتين، فلا يستوحش من كان أولئك سلفه، فهو على دربهم سائر ولآثارهم طالب، ولا دليل مرشد إلى المطلوب الأسمى من رضا الرب الأعلى، أصدق منهم، فإن الرائد لا يكذب أهله، ولقد صدق المرسلون عليهم السلام فيما بلغوا عن ربهم، عز وجل، وصدق الصحب الكرام، رضي الله عنهم، فيما نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وصدق ورثة الأنبياء في حمل علوم الرسالة، وأدائها أداء العدول الضابطين، فهم الثقات الذين صدقت أعمالهم علومهم فكانوا أعلاما على طريق النجاة يدعون الناس إلى الجنة بالقول والعمل وغيرهم، كما يقول ابن القيم رحمه الله، فاتك يقطع الطريق، فيدعو الناس إلى الجنة بلسانه، ويصدهم عن طريقها بلسان حاله، فلو كان ما يدعو إليه خيرا لظهر أثره عليه، فهو من أفسد الناس طريقة، وإن كان من أهل السليقة.
فأي عناية وتكريم أعظم من ذلك؟!.
وقد يحمل الجعل هنا على الجعل الشرعي، فإن داود، عليه السلام، ما تولى ما تولى إلا برسم النبوة فـ: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ)، وذلك أيضا من العناية الإلهية بالنوع الإنساني أن جعل أمره إلى النبوات فهي الحاكمة برسم صلاح الأديان والأبدان، فإن عزلت رأيت ما نحن فيه من أجناس الفساد الكبير في أمر الدنيا والدين، فالأمر، كما تقدم مرارا، مطرد منعكس، فحيث وجدت نبوة: كان صلاح حال ومآل، وحيث لا فلا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 02 - 2010, 10:47 ص]ـ
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ: فدعا ربه، جل وعلا، إذ له كمال القدرة والحكمة، فهو الوهاب يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، فذلك من دليل عنايته الخاصة بأنبيائه عليهم السلام، وهو من المجمل الذي بينه ما بعده:
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ: فذلك من تسخير الجند غير العاقل.
وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ:
فذلك من الجند العاقل. وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ.
هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ:
فذلك تذكير بالمنة الربانية فهو عطاء الرب، جل وعلا، الذي سلط عليه سليمان عليه السلام برسم الملك فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء بخلاف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو عبد رسول لا يقسم إلا حيث أمر بالقسم، ولا يمنع إلا حيث أمر بالمنع، فهو بأمر ربه، جل وعلا، الشرعي عامل، ولا يعني ذلك أن سليمان عليه السلام كان على غير طريقة الشرع، وإنما فوض بمقتضى أمر الكون فهذا: "عطاؤنا" فنسبة العطاء إلى الرب، جل وعلا، على حد التعظيم مئنة من كون الأمر إليه فإطلاق يد سليمان عليه السلام إنما كان بالأمر الكوني برسم النبوة فهي من الأمر الشرعي، وتلك سنة أخرى مطردة فإن من التزم أمر الشرع أخضع الله، عز وجل، له الأشياء بأمر الكون.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ: فتلك عاقبة أمره عليه السلام في دار القرار فتمكين في الدنيا وقربى في الآخرة فتلك العناية التي ينال أتباع الرسل، عليهم السلام، منها نصيبا بقدر اتباعهم للرسالات، فـ: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 02 - 2010, 08:22 ص]ـ
ومن سورة الأنعام:
ومن قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
فحذف المسند إليه لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: هو بديع السماوات والأرض، فخلق السماوات والأرض على غير مثال سابق فذلك إبداعه في كونه، واسم البديع اسم مقيد، فلم يرد في التنزيل على حد الإطلاق، والأصل في الباب التوقيف، فهو بديع الكون بأرضه وسمائه، فتلك من دلالة الإيجاد المعجز، فإذ كان له تلك القدرة النافذة والحكمة البالغة في إيجاد الكون على هذا النحو الباهر فمن العجب أن يصفه من وصفه بوصف النقص والحاجة!، وإبداع هذا الكون على ذلك النحو من الإتقان لا يكون إلا من كامل الذات والوصف أزلا، غني عن الأسباب بل هو مجر لها فلا تسير إلا بمشيئته العامة التي لا تخرج عنها ذرة من ذرات الكون إيجادا أو تدبيرا، فله دلالة الإيجاد المعجز، وله دلالة العناية بالتدبير الذي به تحفظ الكائنات، وانتظام أمر هذا العالم في الإيجاد والإعدام، خير شاهد على ذلك، فالتوازن البيولوجي في هذا الكون بتسلط كائنات على كائنات إعداما بالافتراس والالتهام، وتوالد الكائنات بمعدلات محكمة لا زيادة فيها ولا نقصان، مئنة من كمال قدرة المحيي المميت، وحكمته بضبط هذا الاتزان على هذا النحو من الدقة والإحكام، فلو اختل في موضع فزاد توالد كائن ولو دق كحشرة الجراد، ظهر الاختلال بتلف الزرع فيكون ذلك، أيضا، من آثار حكمته، بإظهار صور قدرته على الشيء وضده، فلو كانت السنة رتيبة لشك الخلق في القوة العليا المدبرة لهذا الكون، ولظنوا الأمر سنة ميكانيكية لا رب قادر مهيمن وراءها يجريها بكلماته الكونية النافذة الصادرة عن أوصاف كماله.
والشاهد أن هذا الكون لا يكون إلا من غني كامل، فليس له أرب في خلقه، بل خلق الخلق ليصطفيهم بأجناس نعمه الكونية العامة وأعظمها نعمة الإيجاد ثم الإمداد بأسباب البقاء وتهيئة المحال لقبولها، ونعمه الشرعية الخاصة فلا تقبل آثارها النافعة إلا المحال الصالحة التي قدر الله، عز وجل، أزلا، صلاحها فذلك فضله الخاص يهبه لمن يشاء، كما وهب فضله العام لسائر الكائنات، فالخلق ما بين فضل عام وآخر خاص، وعدل بالمنع والحجب، وفضل بالعطاء بلا سابق استحقاق، فمن هدي فذلك منه، عز وجل، خلقا وتوفيقا، ومن ضل فذلك منه، عز وجل، خلقا، ومن صاحبه تقصيرا: لمادة الشر الكائنة فيه، فلا شر في فعل الرب، جل وعلا، وإنما يكون الشر في المفعول، فالشر ليس إلى الرب، جل وعلا، فعلا، ففعله كله خير محض، وإنما ينسب إليه خلقا يتوصل به إلى مصالح تربو على مفسدة وقوعه فذلك من آثار حكمته الباهرة في خلقه.
فإذا ثبت له الغنى على هذا النحو صح التعجب بالاستفهام: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ:
فكيف يكون له ولد، أو من أين يكون له ولد، أو متى صحت نسبة الولد إليه، وليس له ند أو نظير، فالولد لا يكون إلا من صاحبة من جنس صاحبها، والله، عز وجل، قد تفرد بأوصاف الكمال، فلو شاركه غيره فيها لانتفى عنه وصف الغنى لمنازعة غيره له وصف كماله فلا بد أن يفتقر إليه ولا بد أن يقع من التعارض بين حكميهما، كما يقع بين أي زوجين!، وذلك معنى منتف في حق الرب، جل وعلا، بداهة، فالزوج يفتقر إلى زوجه لقضاء وطره واستيلاد عقبه الذي يأنس به ويتقوى به إذا كبر وضعف!، فهل يكون ربا من ذلك وصفه من الفقر والحاجة، فإذا انتفت الصاحبة لتفرده بوصف الكمال فلا نظير له، انتفى الولد من باب أولى، فانتفاء الملزوم انتفاء للازمه بداهة، وهو الذي خلق كل شيء، وخلقه للأشياء تقديرا وإيجادا يلزم منه مباينته لها في الوصف فليس في الكون إلا:
(يُتْبَعُ)
(/)
رب خالق، ومربوب مخلوق، فلا تماثل بينهما ليصح اتخاذه صاحبة من خلقه، أو نسبة ولد إليه، فالولد منفي من جهة:
نقضه لوصف الغنى والتفرد بأوصاف الكمال فيشركه الولد فيها إذ الفرع يشرك أصله في كثير من وصفه وإن لم يكونا متماثلين.
ومن جهة انتفاء نسبة المخلوق إليه نسبة الولد إلى أبيه إلا على حد البنوة: عناية واصطفاء على وزان قول اليهود والنصارى: نحن أبناء الله، وإن كذبوا في ذلك، فلم يرد القائل بنوة الولادة المعهودة فإن ذلك لا يقول به حتى من نسب الصاحبة والولد إلى الله، عز وجل، فهو يقصر ذلك على أفراد بعينهم، كالبتول والمسيح والعزير، عليهم السلام، وإنما أراد بنوة المحبة والاصطفاء وذلك ما فسره قولهم عقيب ذلك: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)، وذلك ما اطرد في الكتب السابقة وامتنع في الكتاب العزيز سدا للذريعة لئلا يتوهم متوهم أو يحتج مشبه بهذا اللفظ المجمل فيحمله على المعنى الباطل فينسب النقص والحاجة إلى الرب جل وعلا، فلا نسبة بين المخلوق والخالق إلا نسبة العبودية كونية اضطرارية أو شرعية اختيارية لا ينفك صاحبها عن العبودية الاضطرارية فهي قدر مشترك بين كل الكائنات فكلها مذلل معبد بالأمر الكوني النافذ، فالله، عز وجل، الذات المتصفة بأوصاف الكمال الأزلي فلا شيء من ذاته أو صفاته مخلوق أو حال في مخلوق كما زعمت النصارى الملكانيين أو الكاثوليك، الذين قالوا بحلول وصفه في مخلوق، والنصارى اليعاقبة أو الأرثوذكس الذين قالوا بحلول ذاته في رحم مخلوق!، فقولهم أفحش وأنقض لقياس العقل الصريح فضلا عن معارضته لمحكم التنزيل الصحيح، وما سواه عبد له فلا نسبة بينهما إلا تلك النسبة، وأشرف ما يتصف به العبد هو: العبودية الاختيارية فيكون عابدا مختارا يمتثل الأمر الشرعي الحاكم مع كونه عبدا منقادا يسير وفق الأمر الكوني النافذ، فتلك ثنائية السعادة في الدارين.
وخلقه للأشياء خلق بعلم، والعلم لا يكون إلا من مريد، يعلم الشيء فيوقعه بإرادته على وفق ما قدره أزلا، فليس خلقا اضطراريا كما زعم الفلاسفة القائلون بالإيجاب الذاتي، فعلة صدور الكون عندهم: ذات الله، عز وجل، فيكون الكون قد تولد منه تولد الجزء من كله، أو المعلول من علته، فيقارنها على قولهم باقتران العلة والمعلول، فيثبت لكل أفراد العالم وصف الأولية الذي انفرد به الرب، جل وعلا، فذلك أفحش من إثبات أولية أفراد بعينهم كالمسيح والروح القدس عند النصارى، مع كونها جميعا مقالات في غاية البطلان، إذ لا ينازع أحد الرب، جل وعلا، وصف كماله، ومنه وصف الأولية فهو الأول مطلقا بذاته القدسية وصفاته العلية فله الكمال أزلا وأبدا، وتخصيص الكائنات على هذا الوجه فلكل كائن صورة تباين غيره مئنة من إرادته، عز وجل، فليس الأمر، كما تقدم، سنة ميكانيكية لا تتبدل، فيكون البشر قالبا واحدا!، فيصح احتجاج الملاحدة، وإنما تتعدد صورهم إمعانا في إثبات إرادة الرب، جل وعلا، وقدرته، فذلك التنوع من دلالة إيجاده أيضا، فضلا عما يتحقق به من كمال عناية بالخلق إذ تتكامل المخلوقات ليحصل بذلك انتظام أمر العالم على هذا النحو المتقن كما تقدم في بيان صورة الاتزان البيولوجي وهو أحد دلائل العناية الربانية بالخلق، ودلائل إيجاده وعنايته أكثر من أن تحصى، وإنما تلك إشارة إلى بعضها، فلا يحيط بوصف الرب، جل وعلا، وما يصدر عنه من الآلاء إلا هو.
وخلقه لكل الأشياء خرج منه بداهة: ذاته القدسية وصفاته العلية بخلاف من يستدل بمثل هذه العمومات على خلق بعض أوصاف الرب، عز وجل، كما صنع المعتزلة في محنة خلق القرآن وهو من وصف الرب جل وعلا، أو حلولها في بعض المخلوقات كما صنع النصارى في أقنومي الكلمة والحياة، فأقنوم الكلمة هو المسيح عليه السلام، وأقنوم الحياة هو الروح القدس عليه السلام وكلاهما حادث بعد أن لم يكن، فإن من يثبت وقوع المجاز في الكتاب العزيز يجريه مجرى العام الذي أريد به الخصوص، فيكون مجازا علاقته الكلية إذ أطلق الكل وأراد البعض، وهو ما عدا الرب، جل وعلا، ذاتا وصفات، ومن ينكر وقوع المجاز في التنزيل يقول بأن السياق قد دل على المعنى المراد ابتداء، فعموم: "كل" بحسب السياق الذي ترد
(يُتْبَعُ)
(/)
فيه، ففي سياق الخلق تقديرا وإيجادا يكون تقدير الكلام: وخلق كل شيء يصح وصفه بأنه مخلوق، والخالق، عز وجل، لا يوصف بأنه مخلوق بداهة، فهو الخالق للأشياء، فكيف يستوي هو أو وصف من أوصافه مع المخلوقات التي صدرت عن كلماته الكونيات التي هي أثر أوصاف جلاله وجماله، فيصير الخالق بصفاته الفاعلة: مخلوقا فيلزم من ذلك التسلسل إذ كل مخلوق لا بد له من خالق، وهو ما أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالانتهاء عنه والاستعاذة منه كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ فَيَقُولُ اللَّهُ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ"، أو يقال بأنه القسمة الثنائية: معلومة ابتداء من السياق، فالضمير المستتر في الفعل: "خلق" دال على الخالق، عز وجل، فهذا طرف منها، والطرف الآخر هو المخلوقات التي جاء النص بـ: "كل" على عمومها المحفوظ، فليس ثم تخصيص، إذ قد خرج الرب، جل وعلا، من هذا العموم ابتداء فهو الطرف الآخر من طرفي هذه القسمة، فليس ثم، كما تقدم، إلا رب خالق له أولية الذات والوصف على وجه من الكمال المطلق لا يعلم حقيقته إلا هو، وما سواه مربوب مخلوق له، كائن بإيجاده، مسير بتدبيره الكوني، مأمور بامتثال حكمه الشرعي، فهو الإله الحاكم المشرع فرعا عن كونه الرب الخالق المدبر سبحانه وتعالى وعز وجل.
وأظهر لفظ: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وحقه الإضمار لتقدم ذكره، لأن التذييل كما يقول صاحب التحرير والتنوير يجري مجرى الأمثال السائرة فناسب أن يرد بلفظ تام لا إبهام فيه ولا إضمار.
وعلى ما اطرد من كون عموم: "كل" بحسب السياق الذي ترد فيه، فإن السياق هنا بخلاف السياق المتقدم فقد امتنع دخول الرب، جل وعلا، في ذلك السياق، على التفصيل المتقدم، فالخلق معنى لا يلحق الرب، جل وعلا، ذاتا أو صفات، بخلاف العلم فإنه، عز وجل، بكل شيء عليم بما في ذلك حقيقة ذاته القدسية وصفاته العلية بل لا يعلم أحد، ولو كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا كنه ذات الرب، جل وعلا، أو كنه وصفه، ولا يعلم أحد منتهى كماله، تبارك وتعالى، فهذا أعلم الخلق به صلى الله عليه وعلى آله وسلم يناجيه بقوله: "لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ" فكيف بمن دونه؟!.
ولعل ذلك مما سوغ إظهار: "كل شيء" في هذا السياق مع تقدمه في الذكر إذ ليس الأول كالثاني فمتعلق الخلق غير متعلق العلم، فالعلم أعم من الخلق فيشمل الخالق، عز وجل، والمخلوق بخلاف الخلق الذي يقتصر على المخلوق كما تقدم بيانه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 02 - 2010, 08:27 ص]ـ
وعودة إلى سورة ص:
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ: فذلك من الابتلاء الكوني الجائز على الأنبياء عليهم السلام فيجوز عليهم المرض غير المنفر لمقام النبوة التي تقتضي البلاغ الذي يحسن معه حسن الهيئة، وبذلك ضعفت الروايات المشهور في مرض أيوب عليه السلام.
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ: فذلك من عنايته، عز وجل، بنبيه أيوب عليه السلام، ففي شفاء ظاهره بالمغتسل، وباطنه بالشراب، آية كونية على كمال قدرته، عز وجل، وهو تقرير لسنة الاستشفاء الكونية فإن الله، عز وجل، قد وضع أسباب الشفاء في الدواء فإن أصاب الداء شفي المريض بإذن الله.
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ:
(يُتْبَعُ)
(/)
فالوهب إما أن يكون استبقاء أهله وزيادته مثلهم معهم، فيكون اللفظ مستعملا في حقيقته ومجازه معا وذلك من كمال منته الكونية على أنبيائه عليهم السلام، فتلك ذكرى لأولي الألباب، إذ ذلك من القياس القرآني الذي يزيد العقل ذكاء والنفس زكاء كما اطرد في براهين الكتاب العزيز التي تخاطب العقل والقلب معا، فما سيقت هذه الآيات إلا للاعتبار طردا وعكسا، فإن هذه المنة الربانية مع اختصاص الأنبياء عليهم السلام بأشرف أنواعها، إلا أن لمن دونهم منها قدرا عظيما، فمن صبر كأيوب، عليه السلام، فإن الرب، جل وعلا، رافع عنه الابتلاء فتلك سنة جارية محكمة، فالشدة بتراء لا دوام لها، ومهما خلق الرب، جل وعلا، من الآلام بمقتضى حكمته إذ يخلق الأضداد لتتمايز، ويبتلي ليذكر ويعافي ليشكر، فلا يسوي بين العباد، كما في حديث خلق الذرية، فاستخرج، جل وعلا، بتلك الآلام من صور العبودية ما يفوق مفسدة وقوعها، فبرؤية أصحاب البلاء من المؤمنين تخشع القلوب وترق، وهم مع ذلك صائرون إلى العافية، فما هي إلا أيام ويلقى المحب حبيبه فيحط رحاله في دار المقامة، إذ قد اشتاقت الجنة إليه، فجمع الرب، جل وعلا، الشمل، بعد الفراق، في دار قد تمحضت العافية فيها فلا آلام، فما ابتلاهم في الدنيا إلا ليعافيهم في الآخرة، وما أمرضهم إلا ليشفيهم، وما قبضهم إلا ليوفيهم أجورهم بأحسن ما كانوا يعملون، فنظر إليهم الغافل فاعتبر، فهم رسل الرب إلى عباده: إني أنا الجبار إذ ابتليت، الرحيم إذ عافيت، لا أخلي أهل البلاء من النعمة، وإنما أدخر لهم عندي بما نزل بهم من الآلام، ما تقر به عيونهم في دار السلام، فهم في جواري، فلا نصب ولا وصب، قد نفيت خبثهم بكير الابتلاء، فليس لهم عتدي إلا النعيم السرمدي في دار الجزاء، فصار ألمهم معدن لذتهم، وحزنهم معدن فرحهم فهم أسعد الناس بآثار رحمتي، فألهمتهم الصبر على القضاء الكوني، متعلق قدرتي، إظهارا لآثار حكمتي بوقوع التدافع بين الأضداد، والتنوع في الأعيان والأحوال، فلكلٍ حال يلائمه، ولكل شأن يناسبه، ومطالعة أهل البلاء تورث القلوب تسليما بكمال أوصاف الرب، جل وعلا، الذي ابتلى بقدرته وحكمته، وعافى برحمته، فمن صبر هذه الساعة نال ما بعدها من النعيم الأزلي الذي لا تنقضي ساعاته. فابتلاؤه، عز وجل، عناية للمبتلى بالتطهير، عناية بالناظر في حاله بالتذكير.
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ: فاستحق وصف العبودية الشرعية الخاص لما صبر على الابتلاء الكوني العام. فكان الابتلاء في حقه منحة باعتبار المآل فهو جار مجرى العناية الربانية بصفوة العباد: الأنبياء عليهم السلام، فبه استحق درجة الأواب، وما كان ليبلغها إلا بمعالجة هذا البلاء، فتلك سنة الرب، جل وعلا، الجارية في عباده ألا تمكين إلا بابتلاء وتمحيص.
وكان ذلك أيضا من تمام العناية بزوجه، رضي الله عنها، إذ صبرت على خدمته حال الشدة فكانت نعم الزوج لزوجها فصارت بذلك أهلا للتكريم بتخفيف النذر بوقوع صورته دون حقيقته.
وقد أثنى الله، عز وجل، على المبتلى الصابر، أيوب عليه السلام، بما أثنى به على الغني الشاكر، سليمان عليه السلام، كما نقل ذلك صاحب التحرير والتنوير رحمه الله عن سفيان، فدل ذلك على المعيار العام في الحكم على العباد، معيار: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، فليس الفقير الصابر بأولى بالثناء من الغني الشاكر وليس الثاني بأولى بالثناء من الأول بل مناط الثناء: الطاعة فأطوعهما أحقهما به، وإلى طرف من ذلك أشار شارح الطحاوية، رحمه الله، بقوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"أَكْرَمُ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ الْأَطْوَعُ لله، وَالْأَتْبَعُ لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ الْأَتْقَى، وَالْأَتْقَى هُوَ الْأَكْرَمُ، قَالَ تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. وفي السُّنَنِ عَنِ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «لَا فَضْلَ لِعَرَبِي على عَجَمِي، وَلَا لِعَجَمِي على عَرَبِي، وَلَا لِأَبْيَضَ على أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ على أَبْيَضَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، النَّاسُ مِنْ آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ». وَبِهَذَا الدَّلِيلِ يَظْهَرُ ضَعْفُ تَنَازُعِهِمْ في مسألة الْفَقِيرِ الصَّابِرِ وَالْغَنِي الشَّاكِرِ، وَتَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا على الْآخَرِ، وَأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ التَّفْضِيلَ لَا يَرْجِعُ إلى ذَاتِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلى الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ وَالْحَقَائِقِ، فَالْمَسْأَلَة فَاسِدَة في نَفْسِهَا. فَإِنَّ التَّفْضِيلَ عِنْدَ الله بِالتَّقْوَى وَحَقَائِقِ الْإِيمَانِ، لَا بِفَقْرٍ وَلَا غِنًى. وَلِهَذَا - والله أَعْلَمُ - قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: الْغِنَى وَالْفَقْرُ مَطِيَّتَانِ، لَا أُبَالِي أَيُّهُمَا رَكِبْتُ. وَالْفَقْرُ وَالْغِنَى ابْتِلَاءٌ مِنَ الله تعالى لِعَبْدِه، كَمَا قَالَ تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي} {أَكْرَمَنِي}. الآية فَإِنِ اسْتَوَيا - الْفَقِيرُ الصَّابِرُ وَالْغَنِي الشَّاكِرُ - في التَّقْوَى، اسْتَوَيَا في الدَّرَجَة، وَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا فِيهَا فَهُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَ الله، فَإِنَّ الْفَقْرَ وَالْغِنَى لَا يُوزَنَانِ، وَإِنَّمَا يُوزَنُ الصَّبْرُ وَالشُّكْرُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَحَالَ المسألة مِنْ وَجْه آخَرَ: وَهُوَ أَنَّ الْإِيمَانَ نِصْفٌ صَبْرٌ وَنِصْفٌ شُكْرٌ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا بُدَّ له مِنْ صَبْرٍ وَشُكْرٍ. وَإِنَّمَا أَخَذَ النَّاسُ فَرْعًا مِنَ الصَّبْرِ وَفَرْعًا مِنَ الشُّكْرِ، وَأَخَذُوا في التَّرْجِيحِ، فَجَرَّدُوا غَنِيًّا مُنْفِقًا مُتَصَدِّقًا بَاذِلًا مَالَه في وُجُوبِ الْقُرْبِ شَاكِرًا لله عليه، وَفَقِيرًا مُتَفَرِّغًا لِطَاعَة الله وَلِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ صَابِرًا على فَقْرِه. وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: إِنَّ أَكْمَلَهُمَا أَطْوَعُهُمَا وَأَتْبَعُهُمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا تَسَاوَتْ دَرَجَتُهُمَا. والله أَعْلَمُ. ولَوْ صَحَّ التَّجْرِيدُ، لَصَحَّ أَنْ يُقَالَ: أَيُّمَا أَفْضَلُ، مُعَافًى شَاكِرٌ أَوْ مَرِيضٌ صَابِرٌ. أوَ مُطَاعٌ شَاكِرٌ أَوْ مُهَانٌ صَابِرٌ. أَوْ آمِنٌ شَاكِرٌ أَوْ خَائِفٌ صَابِرٌ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ". اهـ
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 02 - 2010, 08:07 ص]ـ
وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ: فعندهم من القوة صبرا وعزما، والبصر يقينا ما جعله أئمة مصطفين.
إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ: فأخلصهم الرب، جل وعلا، واصطفاهم له بخالصة عظيمة نكرت على حد التفخيم، وتلك ذكرى الدار الآخرة، فذلك من البيان الذي لا مزيد عليه، كما ذكر صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إذ اسم المصدر: "ذكرى" قد زيد في مبناه عن المصدر: "ذكر" فذلك مئنة من زيادة المعنى كما قرر ذلك البلاغيون، فمال الرسل، عليهم السلام، ولهذه الدار؟!، بل مال من دونهم من الصديقين والشهداء والصالحين ولها، فهي دار بلاغ وجواز إلى الدار الآخرة: دار القرار حيث يحط المهاجر رحله، فهو في هذه الدار في كدح دائب إلى أن يلقى الرب المالك، جل وعلا، فيستوفي الملك وديعته، إظهار لوصف ربوبيته القاهر لكل ما سواه فأمات ليظهر أثر اسمه الحي فلا يعتريه ما يعتري خلقه من التغير والفساد، بل هو الحي أول أزلا، الحي الآخر أبدا، المحيي لعباده في هذه الدار إذ أخرجهم من الموت إلى الحياة، فصاروا شيئا بعد أن كانوا عدما، المحيي لهم في دار القرار بما أمدهم من أسباب البقاء، فبقاؤهم منه، وبقاؤه، عز وجل، ذاتي لا يعلل، كما أن فقرهم ذاتي لا يعلل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ: فذلك جار مجرى الاصطفاء الكوني لأشرف أجناس البشر: الأنبياء عليهم السلام ولا يكون ذلك إلا بعلم وحكمة فـ: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ). وتلك من دلالة العناية بهم باصطفائهم وما يقتضيه ذلك من عصمتهم وحفظهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 02 - 2010, 08:36 ص]ـ
ومن قوله تعالى: هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ:
فذلك هو الشطر الأول من القسمة العقلية في دار الجزاء، فلهم المآب الحسن الذي أجمل تشويقا ثم بين بقوله: "جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ": في معرض الامتنان على المؤمنين فهو من دلالة العناية بالموحدين الذين حققوا مقامي: العلم يقينا، والعمل صبرا، فصبروا على ابتلاء الرب، جل وعلا، وطالعوا فيه آيات قدرته جلالا، وحكمته جمالا، فما أمرض إلا ليشفي، وما أمات إلا ليحيي، وما فرق إلا ليجمع الأحبة في دار المقامة على حد: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)، وإنما يغفل من يغفل عن ذلك في ساعات الذهول حال وقوع المصيبة، ولو طالع آيات الرب، جل وعلا، في هذا البلاء الذي يستخرج به تبارك وتعالى، من أجناس الخير ما بستخرج فالمصيبة للمؤمن كير ينفي خبثه، وعبرة وعظة للعاصي عله يرجع، فالرب، عز وجل، رحيم: لا يجمع على المؤمن إذا ابتلاه في هذا الدار فصبر واحتسب، لا يجمع عليه خوفان، فإن قضى له الابتلاء تطهيرا في الأولى، فهو من أهل كرامته في الآخرة قد قدم على ربه طاهرا مطهرا، فتهيأ لجوار الذات القدسية فلا يجاورها إلا قدسي طاهر، فجواره، عز وجل، عزيز، لا يناله إلا آحاد الصابرين فيوفيهم ربهم أجرهم بغير حساب، والرب، عز وجل، جليل: يبتلي بقدرته فلا راد لقضائه، فذلك مقام جلال قد قهر به العباد بأصناف البلاء، فظهر به من عزته فلا يناله ما ينال عباده من أعراض النقص والفساد، فبه ظهر القدر الفارق بين مقام الربوبية ومقام العبودية، فمقام الربوبية: مقام عزة وكمال، فاجتمع للرب، جل وعلا، من أنواع العزة: عزة القهر فلا يغلب بل هو الغالب لكل ما سواه من الكائنات بكلماته الكونيات النافذات، فلا راد لقضاءه، إن شاء عافى فضلا، وإن شاء ابتلى عدلا، وعزة القدر فلا ينال بنقص بل هو الذي يجري أصناف البلاء على العباد ليظهر كماله من نقصهم، وقدرته من عجزهم عن رد ابتلائه الكوني، والرب، عز وجل، رحيم: يرحم بوصف جماله كمن يبتلي بوصف جلاله، فيستخرج الرحمات من آلام الابتلاءات، ويدخر لعبده إن صبر من أصناف الرحمات في دار المقامة ما لا يخطر على قلب بشر. فهنيئا لأصحاب البلاء إذا صبروا، وهنيئا لأصحاب العافية إن شكروا فالعبد بينهما يدور وفيهما يتقلب فإن صبر وشكر ولا يكون ذلك إلا بعناية الرب، جل وعلا، أن يلهمه واجب وقته من الصبر أو الشكر، على وزان مقالة ذلك المسدد الذي شهد له الحسن، رحمه الله، بالفقه، فهو بين نعمة لو استغرق عمره حمدا لها ما وفى، ولكن الرب، جل وعلا، شكور، قد علم ما بنا من النقص والبطالة فامتن علينا بقول وعمل القليل على ما فيه من دخل فزكاه وثمره، وذنب يحدث له استغفارا، عل الغفور يغفر فيرحم المذنبين ويجبر المقصرين.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 02 - 2010, 09:19 ص]ـ
فأولئك قد امتن الله، عز وجل، في الأولى بالسداد إلى الطريق الموصل إلى المنة العظمى منه:
(يُتْبَعُ)
(/)
جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ: فذلك من العموم بإضافة النكرة إلى الاسم العلم: "عدن": فذلك مما يلائم مقام الامتنان، فعناية الرب، جل وعلا، بالمؤمنين قد بلغت الغاية بخلق الجنان المتكاثرة، على حد العموم الشمولي، وإمعانا في الكرامة قيدت بالحال: "مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ"، فـ: "أل" في الأبواب عهدية راجعة إلى أبواب الجنان، على تقدير: مفتحة لهم أبوابها فهي الرابط بين الحال السببي وصاحبه، وهي من جهة الدلالة على استغراق ما دخلت عليه: عامة، فذلك، أيضا، من مزيد العناية بهم، فالأبواب كلها مفتحة إمعانا في التكريم، وفي مواضع أخر قيد الداخلون من كل باب بما كان من حالهم في دار العمل.
وإمعانا في بيان صور التنعم من إكرام بتفتيح الأبواب على صيغة المبالغة المقتضية لشدة الفعل وكثرة أفراد المفعول على حد ما اطرد في كلام البلاغيين من كون زيادة المعنى فرعا عن زيادة المبنى، جاء بيان هيئة الجلوس: مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ: فكلها أحوال مقيدة لصورة النعيم، فتجري مجرى البيان بتوالي المقيدات لمطلق، أو المخصصات لعموم، فزيادة المقيدات بمنزلة تعدد الأوصاف الكاشفة لموصوف واحد تزيده بيانا فيحصل بذلك كمال التصور للمنة الربانية في دار الرضوان.
وقوله: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ: جار على ما تقدم من تعداد أفراد النعم الربانية في سياق الامتنان، ثم جاء العموم بعد خصوص ذكر أفراد بعينها لكونها من أكمل صور النعيم وأقربها تصورا للأذهان لمباشرة العباد لنظائرها كثيرا في دار الشهادة، فكان ذكرها من باب التذكير بالنعمة الكونية في الأولى، فذلك هو اللازم العقلي لتصور نظائرها في عالم الشهادة، فالعقل ينتقل من الصورة المشاهدة إلى الصورة المغيبة، بواسطة القدر المشترك بينهما في المبنى اللفظي وأصل المعنى الذي يوجد في الذهن مطلقا على حد التواطؤ أو الاشتراك المعنوي، فثمار كالثمار لا يجمعها إلا الاسم الدال عليها، والمعنى المدرك منه كما اطرد في لسان العرب، دون تطرق إلى كيفية فتلك مما لا يدركه العقل لامتناع القياس في الأخبار سواء أكانت سمعيات عن أمور مخلوقة كالثواب والعقاب، أو إلهيات فانتفاء القياس العقلي طلبا لإدراك حقائقها، كما هي في نفس الأمر، منتف من باب أولى، فغاية العقل أن يقيس ما علمه منها بخبر الوحي الصادق: قياسا أولويا على ما في صفات البشر من كمال مطلق، بجامع المعنى الكلي المشترك الذي لا يلزم من إثباته تمثيل أو تشبيه.
والشاهد أن نعم الرب، جل وعلا، سابغة على عباده: سبوغا عاما في الدنيا هو أثر اسمه الرحمن ذي الرحمة الكونية العامة، وسبوغا خاصا في الآخرة هو أثر اسمه الرحيم ذي الرحمة الشرعية الخاصة بالمؤمنين في الأولى أن هداهم للإيمان وفي الآخرة بأن أدخلهم الجنة بفضله.
فاستحضار مقامات الجلال من قهر بالابتلاء، وتمحيص بالشدة نفيا لخبث النفوس واستخراجا لمعادن العبوديات الخاصة من صبر واحتساب ورضا إن بلغ العبد درجات الصديقية، فتراه ذاكرا تاليا وآلام الابتلاء في جسده سارية قد شغل بذكر الحبيب عما سواه، فهو راض بكل ما قد قضى وقدر لإيمانه بآثار اسمي القدير والحكيم، فبالأولى يوقع المقدور، وبالثانية يأتي المقدور على أحكم وجه، فإن كان ألما يعتصر القلب والبدن فذلك من مرارة الدواء التي لا يكون الشفاء إلا بتجرعها.
واستحضار مقامات الجمال من منة بالنعم السابغات التي هي آثار رحمة ربك في هذا الكون فلأجلها خلق الله، عز وجل، العباد، فخلقهم ليرحمهم بنعمه الكونية في الدنيا ويصطفي من شاء منهم في دار المقامة بنعمه الأبدية، فيظهر أثر اسمه الحكيم في اصطفائه من يسكن تلك الدار فلا يسكنها إلا الصفوة من العباد المخلصين: ابتداء أو بعد تمحيص النفوس بنار العصاة فبها يذهب الله، عز وجل، الرجس عن النفوس، فتطهر لتصير على حد جوار الرحمن، كما تقدم، فله الحمد في الأولى فهو رحمانها، وله الحمد في الآخرة فهو رحيمها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 02 - 2010, 07:21 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ: فذلك جار مجرى المطابقة بين سياق النعيم وسياق العذاب، فأجمل أيضا، بـ: "شر مآب" ثم بين هذا الإجمال بذكر الاسم العلم الدال عليه: "جَهَنَّمَ"، ثم ذكر في سياق الأمر إهانةً: أصنافا من العذاب: (فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ)، وهو قائم مقام بدل الاشتمال من جهنم، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إذ جهنم تحويه وتحوي غيره من أصناف العذاب التي لا تخطر على البال، ثم عم بقوله: (وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ)، ووجه العناية هنا ظاهر بالنسبة إلى ما يفيده الوعيد من كف للنفس عن مباشرة المحظور، فبتركه يصلح أمر الدنيا والدين، فليس تركه مصلحة شرعية فحسب، بل هو مصلحة معجلة في الدار الأولى باستقامة أمرها وصلاح حالها، فالنبوة، كما تقدم مرارا، مادة صلاح هذا العالم المشهود، فبلا أمر ونهي شرعي، يقع من الفساد الكوني ما يقع، وهذا أمر ظاهر في زماننا الذي عطلت فيه شريعة الوحي المنزل من عموم الأرض إلا بقاعا بعينها، وعطلت من عموم الأنفس إلا أنفسا بعينها، ففسد المحل والحال فيه، ووجه العناية أيضا أنه شفاء لصدور المؤمنين من الكافرين، بتأويل الوعيد فيهم، فكثير منهم قد خرج من هذه الدنيا ولما يستوف عقابه، فيصير من كمال نعيم الموحدين في دار المقامة النظر إلى الكفار يعذبون، على حد قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، فضلا عما يجده المكلف في نفسه من مطالعة هذه الآيات التي علقت فيها الأحكام الشرعية أو الكونية على أسباب توجد بوجودها وتفقد بفقدها فذلك مما يشرح الصدر بتأمل سنة الباري، عز وجل، في كونه، فهي مئنة من إتقان الصنعة، وإحكام الأمر الكوني النافذ، وعدل الأمر الشرعي الحاكم، فيحصل للناظر فيها من كمال العناية بمباشرة لذة النظر في معاني اسمه الحكيم الذي أقام كونه على سنن محكمة ما يحصل، فمن سدد إلى ذلك لا سيما في النوازل التي تطيش فيها العقول وتذهل فيها النفوس، من سدد إلى ذلك فقد حاز الشرف.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 02 - 2010, 09:02 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار): فذلك من القصر الإضافي باعتبار مقام التبليغ، ثم جاء وصف الجلال في مقام الترهيب بعد آيات الوعيد فهو الواحد في ذاته القهار في وصف جلاله.
ثم جاء الإطناب في معرض بيان عموم قدرته، عز وجل، على الإيجاد والتدبير، فهو: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا: مِلكا ومُلكا، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرارا، وهو الموصوف بوصف الجلال: الْعَزِيزُ فلا ينال، ولا يضره عصيان العاصي ولا تنفعه طاعة الطائع، فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، ووصف الجمال: الْغَفَّارُ: فزيادة المبنى مئنة من زيادة المعنى، فهو الستير للذنوب فيغفرها ولا يبالي، ومن أحسن الظن أحسن العمل حتى يبلغ المنزل فيقطع طريق الهجرة الشاق بزاد الرجاء والخشية، بداعي الرغبة فيما عند الكريم والرهبة من بطش الجليل.
قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ: فأعيد القول عناية بالشأن، والضمير إما أن يعود على ما تقدم، وإنما أن يكون ضمير شأن لما هو آت، فالنبأ: العظيم هو تخاصم أهل النار، على القول الأول، أو ما هو آت من اختصام الملأ الأعلى على القول الثاني، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، ونكر النبأ تعظيما وزيد في هذا المعنى بالنص على العظمة صراحة، فيكون التعظيم مستفادا من المعنى والمبنى وهم مع ذلك معرضون عنه، فذلك مئنة من جهلهم، فإن هذا النبأ لمن تأمله مستغرق لقوى الناظر فيه، فلا يملك إلا الانكباب عليه لا الإعراض عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فـ: مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ: استحضارا للصورة إن أريد ما تقدم من اختصام الملأ الأعلى، أو هي على بابها للاستقبال، فيكون الإتيان بظرف الماضي: "إذ" مئنة من تحقق وقوع الأمر، فالمعنى المجازي معتبر في كلا الحالين، إذ استعار المضارع للماضي في الأولى، واستعار ظرف الماضي للاستقبال في الثانية.
إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ: فذلك من القصر الإضافي تنويها بشأن الوحي، وهو قصر قلب لاعتقادهم إذ كانوا يتخذون هذا الوحي لعبا، وهو نذير مبين يحمل سامعه على لزوم الجادة.
إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ: فذلك من دلالة الإيجاد إذ خلق البشر من مادة الطين، على ما تقرر مرارا، من ابتداء الغاية في "من"، فأصل الخلقة طين، وإن لم يكن المخلوق بعد تسويته ونفخ الروح فيه: طينا، فمادة الروح اللطيفة لما سرت في ذلك الجسد الطيني الكثيف صيرته لحما ودما، فبثت مادة الحياة في الجسد الميت، فصار حساسا متحركا بإذن الرب الخالق المكون، جل وعلا، وإمعانا في الامتنان وتقريرا لدلالة العناية بآدم عليه السلام، فالدلالتان لا تنفكان فمجرد الإيجاد من العدم نعمة، فكيف إذا أسبغها الرب، جل وعلا، على العبد، فسوى خلقته، ونفخ فيه من روح نورانية لطيفة أضافها إلى نفسه تشريفا لها، فهي أشرف مادتي البدن، فخلق الجسد بيديه، ونفخ فيه الروح المخلوق على كيف يليق بجلاله، فصار هذا الطين الميت بشرا حيا متحركا، على حد قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) فهو معدن الحياة، ففي صلبه حلت الذرية، ومن ضلعه خلق الزوج، فمادته أشرف من مادة النار التي خلق منها إبليس، وخلقه أشرف إذ خلق بيدي الرحمن، عز وجل، فلو كانت اليد بمعنى القوة لفسد المعنى إذ المصادر: أسماء أجناس إفرادية معنوية يستوي فيها القليل والكثير، فلا معنى لتثنيتها إذ المفرد دال بوضعه على كل صورها ومراتبها ولله، عز وجل، منها القدر الأعظم والوصف الأشرف على الوجه اللائق بجلاله. ولو كان ذلك صحيحا لاحتج إبليس بخلقه هو الآخر بالقدرة أو القوة أو النعمة عليه بإيجاده من العدم، فذلك مما استوت فيه كل الكائنات الحادثة، وإنما امتاز آدم بخلقه بيدي الرب، جل وعلا، على وجه يليق بجلاله.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 02 - 2010, 07:15 ص]ـ
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ: فتلك من دلالة إيجاده، عز وجل، لأصل النوع الإنساني على أكمل هيئة، فسواه ونفخ فيه الروح اللطيف الذي أضافه إلى نفسه على جهة التشريف فهو روح مخلوق ابتدأ الله، عز وجل، خلقه من العدم، فبقدره الكوني كان، وبقدره الكوني سرى في جسد آدم، عليه السلام، فانقلب الطين الموات إلى مادة حياة حساسة متحركة، ثم جاء الأمر الشرعي للملائكة ابتلاء، ولآدم تكريما، فتلك من دلالة عنايته، عز وجل، بهذا الإنسان المستخلف في هذه الأرض ابتلاء ليظهر باستخلافه آثار وصف الرب، جل وعلا، جمالا وجلالا، فله الحمد على كمال ذاته وصفاته.
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)
فقاس قياسا فاسدا: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ:
فأثبت الخيرية لنفسه بلا دليل، وذلك ترجيح بلا مرجح، بل الدليل الذي استدل به هو، عند التحقيق، دليل عليه، وهو أمر صار فيه إماما لكل مبتدع في الديانة جاء بعده، فهو إمام الكافرين، وإمام المبتدعين، فإنه ما من مبتدع يستدل بدليل إلا وما ينقض بدعته كائن في نفس دليله، علم ذلك أو جهله، كما قرر ذلك المحققون من أهل العلم، فإن الاستدلال بخيرية الأصل على لزوم خيرية الفرع، غير لازم، فقد يكون الأصل شريفا والفرع خسيسا، وهذا أمر يصدقه الحس، فكم من فروع فاسدة لأصول صالحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك على فرض أن عنصر النار أشرف من عنصر الطين، فكيف والأصل غير مسلم له فيه، وإنما سلم له ابتداء تنزلا مع المخالف، فهو من باب الفرض العقلي المحض فلا حقيقة له في نفس الأمر فإن عنصر الطين أشرف من عنصر النار، فالطين طبعه الرزانة، والنار طبعها الطيش والخفة، ولذلك كانت عقول الجان أقل من عقول بني آدم، لخفة مادة الجان، والخفة مظنة النقص، والطين أثره نافع، فمنه يخرج جنس الشجر والزرع، فتخرج منه الثمرات رزقا طيبا، والنار أثرها ضار فهي مادة فساد للأعيان، تأتي عليها فتحرقها وتتلفها، فلا يستوي من كان معدنا للفضل، ومن كان معدنا للنقص، فأصله الذي بنى عليه قياسه فاسد، وقياسه في نفسه فاسد.
يقول صاحب "أضواء البيان" رحمه الله:
"فكل من رد نصوص الوحي بالأقيسة فسَلَفُه في ذلك إبليس، وقياس إبليس هذا لعنه الله باطل من ثلاثة أوجه:
الأول: أنه فاسد الاعتبار. لمخالفة النص الصريح.
الثاني: أنا لا نسلم أن النار خير من الطين، بل الطين خير من النار. لأن طبيعتها الخفة والطيش والإفساد والتفريق، وطبيعته الرزانة والإصلاح فتودعه الحبة فيعطيكها سنبلة والنواة فيعطيكها نخلة.
وإذا أردت أن تعرف قدر الطين فانظر إلى الرياض الناضرة وما فيها من الثمار اللذيذة، والأزهار الجميلة، والروائح الطيبة، تعلم أن الطين خير من النار.
الثالث: أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن النار خير من الطين: فإنه لا يلزم من ذلك أن إبليس خير من آدم. لأن شرف الأصل لا يقتضي شرف الفرع، بل قد يكون الأصل رفيعاً والفرع وضيعاً، كما قال الشاعر:
إذا افتخرت بآباء لهم شرف ******* قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا". اهـ بتصرف يسير
وخلق الملائكة من مادة النور العليا فهي معدن القدس، وخلق الجان من مادة النار الدنيا فهي مادة الطيش والنزق، وخلق آدم بينهما من مادة الطين الرزينة فيتأثر بكليهما فتارة تغلب عليه النزعة النورانية بمباشرة أسباب الطاعة التي تزكو بها الروح، وتارة تغلب عليه النزعة الشهوانية بمباشرة أسبابها فتثقل الروح وتصير النفس كثيفة وبيئة، ذلك الخلق المتفاوت مئنة من دلالة الإيجاد المعجز الذي انفرد به الرب جل وعلا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 02 - 2010, 07:29 ص]ـ
ومن سورة الكهف:
ومن قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا):
فالطباق بين ظن الرائي لهم يقظتهم وكونهم رقودا في نفس الأمر يزيد دلالة العناية بهم تقريرا وبيانا، فقد تكفل الله، عز وجل، بحفظهم بقدره الكوني لما حفظوا أمره الشرعي، فـ: (رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا)، فقلبهم ذات اليمين وذات الشمال فذلك من وصف فعله الكوني في خلقه بما شاء، فقلبهم بكلماته الكونيات النافذات لئلا تفسد أبدانهم، وجاء التقليب بصيغة المضارع استحضارا لتلك الصورة العجيبة، وكلبهم باسط ذراعيه، فعمل اسم الفاعل في معموله مع كونه لا يعمل مجردا من "أل" إلا في الحال أو الاستقبال، استحضارا للصورة، إذ هي، كما تقدم، من العجب بمكان، ففيها تقرير لما تقدم من كمال عناية الرب، جل وعلا، بأولئك النفر الكرام، عناية كونية خاصة تزيد على عنايته الكونية العامة بسائر الخلائق إذ قد امتاز أولئك بوصف شرعي زائد هو، عند التحقيق، محض فضل ومنة منه تبارك وتعالى، أن ألهمهم الإيمان، وألهمهم الثبات على ذلك الإيمان، وألهمهم الفرار به إذ لم يكن العذر بالإكراه في شريعتهم كائنا، فذلك مما اختصت به هذه الأمة بقرينة الاختصاص في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه"، فسياق الامتنان يقتضي الاختصاص، ثم حفظهم بأن صرف عنهم الأنظار في كهف غائر في الجبل، ولو اطلع عليهم أحد لألقى الرب، جل وعلا، في قلبه الرعب عناية بهم فانصرف عنهم فلم تحدثه نفسه بالاقتراب منهم فينكشف له حالهم إذ هم نيام يسهل قتلهم أو أسرهم أو إلحاق أي ضرر بهم، فقد يقال بأن ذلك الرعب من جنس الرعب
(يُتْبَعُ)
(/)
الذي اختص به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واختصت به أمته من بعده، فـ: "نصرت بالرعب مسيرة شهر" لو قيل بعموم المنة، فتكون له مطلقا، ولمن بعده إن ساروا على طريقته، فالمنة في حقهم مقيدة لتعلقها بوصف شريف هو اتباع الشرع الحنيف، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أوتي ذلك إلا لكونه أطوع الخلق لربه، عز وجل، فذلك من البداهة بمكان، فلا يكفي مجرد الانتساب إليه لحصول الكرامة بإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، بل قد انقلبت الآية في زماننا، فملئت قلوب المسلمين رعبا من أعدائهم مسيرة آلاف الأميال من واشنطن إلى مواضع أقدامنا!، فدل ذلك على تقييد المنة بالوصف فمتى تحقق الوصف تحقق الحكم، ومتى تخلف الأول تخلف الثاني لزوما، وثبت ضده فهو جار على سنة: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"، وقد أظهر الرب، جل وعلا، في طائفة من عابديه برسم الانقياد لشرعه تصديقا وامتثالا، أظهر تلك الآية، فألقى الرعب في قلوب أعداء له في قصص معروف مشهور: من البلقان تارة، فكان الصرب يفرون من سماع التكبير الذي يزلزل قلوب أعداء الرب الجبار الكبير، جل وعلا، وفي العراق وقد بثت مواد فيلمية لجنود العم سام وهم يبكون ويصطرخون حال وقوعهم في أحد أكمنة المقاومة وما أصيبوا به من أمراض نفسية مزمنة ارتفعت بها معدلات الانتحار في الجيش الأمريكي إلى معدلات قياسية، وفي حرب غزة الأخيرة ويهود مادة الجبن فهم: (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ)، فأقعدهم الرعب في آلياتهم حتى عن قضاء حوائجهم خارجها!، وأخيرا في هلمند وقد كبدت المقاومة قوات التحالف في افتتاح حملتها خسائر تمت التغطية عليها بلغت بحسب الناطق باسم المقاومة وهم أهل للتصديق لكمال العدالة والضبط فسيطرتهم على الأرض في أغلب بلاد الأفغان أمر لا ينكره حتى عدوهم القابع في كابول وأجوارها، بلغت تلك الخسائر في بداية الحملة فقط نحو 32 جنديًا وتدمير 12 دبابة في اليوم الأول، و: 28 دبابة وعشرات القتلى في اليوم الثاني، كما نقلت مفكرة الإسلام، ودعت الحركة، وهو محل الشاهد، وسائل الإعلام إن كانت حريصة على نقل صورة حقيقية لما يجري على الأرض إلى تسجيل أصوات بكاء الجنود الأمريكيين المحاصرين في جيوب وأكمنة استدرجوا لها، وذلك من جنس الرعب آنف الذكر، وقبلهم كان الجنود السوفييت يبكون في خنادقهم أيام الحرب التي اندلعت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وكان ذلك سببا في إسلام عقيد في الجيش السوفييتي بعد أن لفت انتباهه ذلك الرعب الذي يسيطر على جنوده حال اشتباكهم مع المسلمين، فتلك الصور مئنة من اطراد تلك السنة الكونية، فمتى كان قتال شرعي، وإن لم يخل أي عمل بشري من أخطاء وتجاوزات فليس لكل أولئك عصمة تحجزهم عن الخطأ في مواضع وإنما النظر باعتبار الجملة فمن غلب صوابه خطأه حمد له الصواب واعتذر له عما أخطأ فيه ولا يمنع ذلك من بيان خطأه حال الحاجة إلى بيانه بقيد الإنصاف فهو من الضرورة التي تقدر بقدرها لئلا يقع الإنسان في دائرة الوقوع في أعراض العباد بلا مسوغ شرعي، فمتى كان قتال شرعي، كان تأييد رباني، ومتى كان قعود عن نصرة الملة بذب الصائل على الأديان بسيف الحجة الهادي، وذب الصائل على الأبدان بسيف الحديد الناصر، متى كان ذلك القعود عم الذل فلم يسلم منه فرد أو جماعة فلكل منه نصيب بقدر قعوده عن نصرة هذا الدين، معدن العزة لأتباعه فمتى ابتغوها في غيره أذلهم الله لأخس عباده. والسنن الكونية مطردة لا تجامل أحدا لمجرد انتسابه إلى ملة أو نحلة، فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال، فمتى كذب الفعل القول، صار القول محض دعوى لا بينة عليها، ودعوى كهذه مردودة على صاحبها أيا كان وصفه أو اسمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإمعانا في بيان تلك المنة، جاء تصوير ذلك الرعب الذي يصيب من يراهم، بالاستعارة التمثيلية، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إذ استعار صورة الظرف المملوء بالمائع لصورة القلب المملوء بالرعب فانتزع تلك الصورة المركبة من إناء مليء بالمائع لصورة قلب مليء بالرعب، وذلك من البيان لعظم ذلك الرعب بمكان، فليس رعبا معتادا يمكن لصاحبه التغلب عليه بل هو رعب يلجئ صاحبه إلى الفرار.
والخطاب في قوله: (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) لغير معين، فهو من قبيل قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا)، فهو رعب يسيطر على قلب أي راء لهم، وذلك العموم مئنة من حفظ الله، عز وجل، لهم من كل من أراد بهم سوءا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 02 - 2010, 09:02 ص]ـ
ومن سورة الزمر:
ومن قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)
فتلك من آياته الآفاقية فقدر وأوجد السماوات والأرض بالحق، فتلك حال مقيدة لعاملها فهي قيد مثبت يكتمل به قيد النفي في نحو قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)، و: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، فجاء الوصف نفيا مرادا لغيره، وإثباتا مرادا لذاته، ثم حاءت آية التكوير على حد المضارعة استحضارا للصورة، مع استيفاء وجهي القسمة الثنائية، وسخر الشمس والقمر فبتواليهما وجريانهما وفق السنن الكوني المحكم يتعاقب الجديدان، ثم جاء التذييل بوصفي العزة مئنة من جلاله، والمغفرة مئنة من جماله، فبجلاله خلق السماوات والأرض، وبجماله أجراها على سنن محكم يحصل به كمال الانتفاع لعباده، فهو يتودد إليهم بالنعم الشرعية أشرف أجناس النعم، فالرسالات قد تواترت، والكتب قد نزلت، والدين قد أكمل برسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي لم يطرق العالم ناموس علمي حكمي كناموسها فقد جمعت معاقد الكمال علوما وأعمالا، خلائق وسياسات، ويتحبب إليهم بنعمه الكونية تأليفا للقلوب، فأصح الأبدان وخلق الأزواج، وأنبت الثمر من الأرض وأنزل الماء من السماء ....... إلخ فله في كل سكنة نعمة ربانية تفضلا وامتنانا، وله في كل سكنة تكليف شرعي وواجب تعبدي، فهو المستحق للشكر على ما امتن به فضلا، وهو المستحق للحمد على ما ابتلى به عدلا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 02 - 2010, 11:01 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)
فإن ذلك مما استدل به أهل العلم على وجود الباري، عز وجل، إذ هو مندرج في دلالة الحس على وجوده، تبارك وتعالى، فإجابة دعوة المضطر مئنة من وجود قوة عليا قاهرة، حكيمة عالمة، إليها تدبير هذا الكون على هذا النحو المحكم، فيجيب المضطر إذا دعاه، وإن كان كافرا، ويجيب دعوة المظلوم، وإن كان كافرا، فتوجه القلوب إلى الرب، تبارك وتعالى، حال الشدة دليل فطري قهري يجده كل داع في نفسه، وإن كابر في أزمنة العافية، وهو من كمال عنايته بعباده وتدبيره لشأنهم بكلماته الكونيات النافذة، فينزل البلاء بمن شاء عدلا، وينزل العافية على من شاء فضلا، ويبتلي ليصطفي، ويعافي ليشكر، فله في كل حركة وسكنة في كونه حكمة، لا يعزب عنه مثقال ذرة، ولا يشغله تدبير شأن عن شأن، ولا إجابة مضطر عن إجابة غيره، ولا رزق كائن عن رزق غيره، قد وسع كل شيء علما ورحمة، لا يقاس على خلقه فيقال: كيف يرزق العباد جميعا، وكيف يسمع الداعين في آن واحد، وذلك محال في حق البشر بل لو خاطب اثنان واحدا في آن واحد بلغة واحدة لاختلط عليه كلامهما لقصور عقله عن الجمع بينهما، فكيف بالرب، جل وعلا، الذين يسمع
(يُتْبَعُ)
(/)
ما لا يحصى من الداعين بشتى اللغات، فيعطي كلا سؤله إن شاء فضلا، ويمنعه إن شاء عدلا، لا لحجبه عنه كما يقع في عالم الشهادة لمن حجب عن ملوك الدنيا، فليس الدخول عليه، تبارك وتعالى، كالدخول على غيره، فإن له من السلطان النافذ ما قد عم به كونه، فاطلع على السر والعلن، وعلم الباطن والظاهر بخلاف سلطان الدنيا الذي لا يعلم من أمر رعيته إلا ما عُلِّم، ولا يحيط بشيء من مكنون الصدور،فلا يعلم إلا ما ظهر، فهو محجوب عن رعيته بحجاب نقصان الذات والصفات بخلاف الرب، تبارك وتعالى، المطلع على كل شأن في كونه بما اتصف به من كمال الذات والصفات، فليس علمه كعلم غيره، وليست قدرته النافذة كقدرة غيره، كما أن ذاته ليست كذات غيره، فالقول في الصفات فرع عن القول في الذات، فكمال صفاته العلية جلالا وجمالا فرع عن كمال ذاته القدسية. فليس كمثله شيء في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أفعاله.
وجاء تنكير الضر مئنة من العموم، فإذا مسه أي ضر جأر بالدعاء وقد كان قبل الابتلاء غافلا، ولعل ذلك من إنذار الرب، جل وعلا، له، وحلمه عليه، إن كان قد سبق في علمه إيمانه فيكون الضر في حقه منحة، أو صبره عليه إن كان من أهل الشقاوة، فيكون إعطاؤه في الدنيا من باب: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ).
وجاء تنكير النعمة مئنة من التعظيم فنعمة الرب، جل وعلا، بكشف السوء من اعظم النعم الكونية.
فإذا كشف الأحد الذي لا نظير له في ذاته أو وصفه عنه الضر نسي واتخذ الأنداد، وذلك من الظلم بمكان إذ فيه التسوية بين أعظم متباينين، فلا يستوي من وصفه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، ومن وصفه: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
وقوله: (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ): باعتبار العاقبة ثم جاء النذييل بأمر التهديد: قلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ: وفيه من المساءة ما فيه فهو أمر للإهانة فينزل منزلة الاستعارة التهكمية وتلك من صور الإهانة البالغة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 02 - 2010, 07:25 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)
فأشار إلى وحدة الأصل فمنشأ الذرية من نفس واحدة، على ما اطرد من كون "من" لابتداء الغاية، أو للجنسية فتفيد بيان الماهية، فماهية النوع الإنساني واحدة وإن اختلفت أفراده في الخارج، فهي تشترك في نوع الإنسانية، ثم يتفرد كل فرد بقدر زائد به يتميز عن بقية الأفراد في الخارج، وتلك الوحدة النوعية مئنة من وحدانية الرب، تبارك وتعالى، فربوبيته تظهر في التوحد والاختلاف، ففي التوحد تظهر سنته الكونية المحكمة في تولد النوع من نوعه، فلا يتولد من الإنسان إلا الإنسان، ولا يتولد من القرد إلا قرد بخلاف ما ذهب إليه الحاط من قدر البشر المزدري لنعمة التكريم الكوني للنوع الإنساني المدعو: دارون، صاحب نظرية التطور التي نظر فيها كأي عالم بظاهر من الحياة إلى الخصائص الظاهرية للأجنة قبل التميز فدون التشابه الكائن بينها في الأطوار الأولى، فجعل ذلك مستنده في قردية الإنسان!، ولو نظر بعين المسدد لعلم قدرة الرب، جل وعلا، وحكمته، إذ تشابهت الأجنة بداية ثم شاء، عز وجل، أن يظهر بديع صنعه بأن يسير كل جنين في أطوار خاصة به تبعا لخريطته الجينية، فتتشكل الخلايا تبعا لها، فعملية النمو من جهة الحياة الحيوانية الحساسة واحدة في الظاهر، فهذا لحم ودم وعصب، وهذا لحم ودم عصب، ولكن لكل منها خصائص تنفرد بها وإن جمعها جنس الحيوانية المطلق، فهو جنس أعلى يدخل فيه كل من
(يُتْبَعُ)
(/)
اتصف بالحياة من المخلوقات، ولو كانوا جنا غير مرئي!، فظهور إتقان الصنعة الربانية إنما يكون في افتراق تلك الخلايا تبعا لخصائصها الجينية لتصل إلى هيئة عقلية وجسدية بعينها فللإنسان من ذلك أكمل الهيئات: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، وتليه بقية أفراد المملكة الحيوانية نزولا إلى أن نصل إلى الكائنات البدائية، فالاشتراك، كما تقدم، في التركيب العام للخلايا: النواة، السيتوبلازم ......... إلخ، فذلك مئنة من وحدانية الرب، جل وعلا، والافتراق في الخصائص الجينية، فذلك مئنة من ربوبية التنوع بخلق الشيء وشبيهه، بل الشيء وضده، على نحو يحصل به انتظام أمر العالم وفق سنن كوني محكم.
ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا: فابتداء غاية خلق الأنثى من الذكر، وهو مما امتن به الرب، جل وعلا، على النوع الإنساني، إذ ذلك مما يقوي رباط المودة بين الزوجين، فيرجع أحدهما إلى الآخر رجوع الفرع إلى أصله، وتلك معان جليلة افتقدها كثير من الأزواج في زماننا، فصار الزواج قضاء وطر، وإن كان ذلك من مقاصده الرئيسة، بلا مودة بل محض عادة، وصار الزواج شركة نفعية أكثر منه شركة إنسانية.
وفي إضافة الزوج إلى النفس الأولى مزيد بيان للملابسة الإنسانية الرفيعة الكائنة بين الزوجين، فهي ملابسة نفسية وجسدية يحصل بها من المودة ما يستقيم به أمر الحياة، وتلك من الآيات الكونية الباهرة لمن تأملها، وهي مع ذلك دليل ظاهر على وحدانية وغنى الرب، جل وعلا، بإظهار وصف افتقار المخلوق إلى زوجه في مقابل غنى الرب، جل وعلا، عن الصاحبة والولد، فهي نعمة كسائر نعم الدنيا لا تنفك عن وجه نقص يظهر به كمال وصف الرب، جل وعلا، بإزاء نقصان وصف العبد، فالكمال فيها مقيد، بل لا يتصور انفكاك جهته عن جهة النقص، فليست كصفات الكمال المقيد التي تقبل معانيها الانقسام، فيثبت للرب، جل وعلا، منها ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الوجه اللائق بجلاله، كصفة المكر فإن معناها الكلي يقبل الانقسام إلى: مكر هو وصف كمال خالص، وهو المكر بالماكرين فذلك مما أثبته الرب، جل وعلا، لنفسه في محكم التنزيل: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، ومكر هو وصف نقص خالص وهو المكر بالمؤمنين وذلك وصف الكافرين فلا يتصور بداهة إثباته لرب العالمين تبارك وتعالى.
وأما الزوجية فهي لا تنفك عن نقص الشهوة إلى الزوج والافتقار إلى الولد، ولا يمكن فصل هذا النقص الذاتي في هذه الصفات عنها ليتمحض وجه الكمال فيها فيصح وصف الرب، جل وعلا، بها، فالنقص ذاتي لازم لها أبدا، فلذلك كانت بالمخلوق أليق إذ الفقر والحاجة وصف ذات ثابت له أبدا كما أن الغنى وصف ذات لازم للرب، جل وعلا، أزلا وأبدا، كما قرر ذلك بعض المحققين كابن تيمية رحمه الله.
قال في "الصفدية":
"فكل ما سوى الله فإنه بذاته فقير إليه لا يتصور أن لا يكون فقيرا إليه وفقره إلى الله ليس لعلة أوجبت له أن يكون فقيرا بل فقره لذاته". اهـ
"الصفدية"، (2/ 188).
وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ:
فالإنزال مئنة من نزول ماء الفحول في أرحام الإناث فذلك أيضا من معاني الزوجية التي أقيم عليها هذا الكون، إظهار للقدر الفارق بين الرب الواحد، والمخلوق الذي لا يستطيع العيش إلا مقترنا بزوجه، فإن وجد في عالم الشهادة فرد بلا زوج فهو استثناء لا يقدح في الأصل، مع كونه غير مطمئن فلن يسكن إلا إن آوى إلى زوجه ما لم يمنع من ذلك عارض كوني فكثير من الأفاضل، قديما وحديثا، قد عاشوا وماتوا بلا أزواج، وقد وضع بعض الفضلاء المعاصرين رسالة لطيفة في ذلك جمع فيها سير بعض أهل العلم من المتقدمين ومن المتأخرين ممن لم يتزوجوا، وذلك جار مجرى التنويع في الأقدار مئنة من عموم مشيئة الرب، جل وعلا، فقد قضى لبعض
(يُتْبَعُ)
(/)
بالزواج والذرية، وقضى لبعض بالزواج ولم يقض بالذرية، ولم يقض لبعض بكليهما، بل قد قضى لبعض بالذرية بلا زوج، كما وقع للبتول عليها السلام، فذلك النتوع الذي استوفى القسمة العقلية الرباعية مئنة من كمال القدرة وبلوغ الحكمة الربانية.
وخلق الأنعام: دليل إيجاد من جهة التكوين لها على ذات السنن الذي يتولد به الجنين في رحم الأنثى من البشر، ودليل عناية بالبشر فالأنعام قد خلقت لهم على حد الاختصاص، في قوله تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ)، فذلك خاص في جنس الأنعام، وقرينة الامتنان مئنة من عموم: "أل" الجنسية في "الأنعام" فهي مستغرقة لأفراد الجنس الذي دخلت عليه فلا يناسب ذلك التخصيص إلا ما كان لحق الرب، جل وعلا، ولذلك خرج من ذلك الخنزير والميتة والمنخنقة ........ إلخ، فكلها أنعام ولكن قام بها وصف تعلق به التحريم لحق الرب، جل وعلا، فقضى على عموم: "الأنعام" بالتخصيص إذ الخاص يقضي على العام كما قرر الأصوليون.
بل الأرض كلها قد خلقت لهم على حد الاختصاص في معرض الامتنان، كما في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وهي مستند من قال بأن الأصل في الأشياء الإباحة، كما تقدم في مواضع أخر، والعموم فيها، أيضا، جار على حد عموم الامتنان الذي لا يخصص إلا لحق الله، عز وجل، فالأصل في الذبائح الحرمة لا الحل، فذلك تخصيص لحق الله عز وجل، والأصل في الأبضاع الحرمة، فذلك تخصيص آخر لحق الله عز وجل ..... إلخ.
يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ: فالمضارع مئنة من استحضار صورته لبيان أوجه الإعجاز الإيجادي فيها فضلا عن ديمومته فهو أمر يتكرر بتكرر حمل الإناث ونشأة الأجنة في بطونهن.
فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ: البطن والرحم والمشيمة، ففي تلك الظلمات ينشأ الجنين على ما قد علم واكتشف حديثا في علم الأجنة، وهو من أدق مباحث علم التشريح في الكليات التي تعنى بدراسة الحياة الإنسانية أو الحيوانية، فدراسة أطوار الجنين، وتصديق العلم المتأخر لخبر الوحي المتقدم على نحو قد بلغ حد المطابقة، آية كونية نفسانية باهرة، على حد قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، فدرجة التخصص الخلوي، إن صح التعبير، مع كون كل الخلايا في أصلها واحدة، وهي الخلايا الجذعية: " Stem Cells" فتتمايز إلى خلايا عصبية وخلايا عظمية ........ إلخ على حد قد بلغ الغاية من الدقة، فالبويضة المخصبة أو " Zygote" تتحول إلى تجمع خلوي وسيط يدعى: " BlastoCyst" فهي أشبه بالحوصلة، فتجمع خلوي أرقى: " Gastrula" يتمايز إلى ثلاث مستويات خلوية:
" Endoderm" : وهي طبقة داخلية تنشأ منها خلايا الأحشاء كالرئة والبنكرياس والغدة الدرقية.
و: " Mesoderm" : وهي طبقة وسيطة تنشأ منها خلايا القناة الهضمية الملساء وخلايا العضلات الهيكلية والخلايا الأنبوبية في الكلية وخلايا العضلات القلبية وخلايا الدم الحمراء.
و: " Ectoderm" : وهي طبقة خارجية تنشأ منها الخلايا العصبية والصبغية والجلدية.
فهذه طبقات الخلايا الجسدية: " Somatic Cell" ، فضلا عن طبقة أخرى تنشأ منها الخلايا التناسلية: " Germ Cells" التي تنتج الحيوانات المنوية والبويضات.
فلا تنشأ خلية عظمية في الجهاز العصبي، ولا تنشأ خلية عصبية في الجهاز العظمي، ولا تسلك الخلية الجسدية مسلك الخلية التناسلية، بل كل قد بلغ الغاية في التخصص، ودلالة التخصيص من الدلالات العقلية الصحيحة، التي اعتمدها المتكلمون في باب الإلهيات، وإن لم تكن هي العمدة في إثبات صفة الإرادة الربانية، وفيها من معاني العلم والحكمة ما فيها فإن تمايز الخلايا على هذا النحو الدقيق لا يكون إلا بعلم سابق، فذلك من البداهة بمكان، ففي عالم الشهادة لا يمكن لصانع أن يصنع آلة إلا إذا كان عالما سلفا بطريقة صناعتها، وكلما زاد علمه بذلك زاد إتقانه لصنعته، ولذلك يتفاوت الصناع مهارة تبعا لتفاوت علمهم بأسرار الصناعة
(يُتْبَعُ)
(/)
ودقائقها، فليس سواء عالم وجهول، وتبعا لجودة المادة الخام التي تستعمل في التصنيع، فقد تكون طريقة التصنيع واحدة، ولكن جودة المادة الخام ترجح صنعة على أخرى، كما هو مشاهد على سبيل المثال في صناعة الرقائق الإلكترونية، فالمنتج الياباني أرقى من المنتج الصيني، مع أن طريقة الإنتاج واحدة، بل كثير من الشركات الصينية ما هي إلا توكيلات للشركات اليابانية، التي تهب حق الإنتاج والعلامة التجارية للشركة الصينية، ومع ذلك يقع التفاوت الكبير بين المنتجين، لجودة المواد المستعملة في طرف ورداءتها في طرف آخر حتى أن كثيرا من الدوائر الإلكترونية في المنتجات الصينية تصنع في البيوت من باب: نعلمك صناعة ونشتري إنتاجك!، كمن يشتري إنتاج من احترف مهنة الخياطة في البيوت من النساء، فمن البدهي أن تكون أردأ، وإن كانت الصورة واحدة، وطريقة الأداء واحدة، بل المنتجات الصينية تتمايز أيضا تبعا لجودتها، فالمستويات العليا تصدر إلى الدول الغنية، والمستويات الدنيا تغرق بها أسواق الدول الفقيرة كما هو الحال عندنا في مصر التي أصبحت مقاطعة اقتصادية تابعة للصين حتى وفد الشباب الصيني إلى مصر لبيع منتجاته وتعلم لغتنا وطرق أبواب بيوتنا ليعرض بضاعته في همة عجيبة في تحصيل أمر المعاش في مقابل انصراف تام عن تحصيل أمر المعاد فهي أمة لا زالت على رسم الشيوعية المنقرضة، فالإلحاد دينها، والمنفعة المادية المحضة معبودها.
والشاهد أنه إذا كان الأمر كذلك في عالم الشهادة إذ لا بد من علم سابق، ولا بد معه من حكمة بالغة فلا يوضع الجزء أو الترس أو الدائرة الإلكترونية الدقيقة إلا في الموضع الملائم على حد قد بلغ الغاية من الدقة والتخصص، وهذه دلالة التخصيص آنفة الذكر، ولا بد معهما من قدرة إذ لا يقدر العاجز على الفعل بداهة، فإذا كان الأمر كذلك في عالم الشهادة في صناعة آلة، فكيف بخلق الأجنة في أرحام الأمهات على ذلك النحو العجيب فلا بد من باب أولى من: علم محيط بكل أنسجة الجنين وخلاياه، على حد التفصيل الجزئي لا الإجمال الكلي كما يزعم الفلاسفة الذين أنكروا علم الرب تبارك وتعالى بالجزئيات فأورثهم ذلك تخليطا في دراسة علوم الحياة فمنطلقهم منطلق من يعتقد لنفسه الريادة العلمية المطلقة فإن توصل إلى علم دقيقة من دقائق الحياة فهو بها فرح بطر إذ قد سبق علمه علم الرب جل وعلا الذي لا يعلم الجزئيات التي يعلمها أرباب الميكروسكوبات! وذلك من آثار فساد المقالة الإلهية في البحث الطبيعي التجريبي إذ لا بد من تصور إلهي صحيح قبل الخوض في دراسة علوم الحياة الدقيقة لئلا يصاب الدارس بالانبهار فالإلحاد إن لم يكن ممن يدرك أوصاف كمال الرب، جل وعلا، مسبب الأسباب ومجريها بكلماته التكوينيات النافذة، فيظن أن الأمر محض سنن كونية ميكانيكية تؤدي إلى مسبَّباتها لزوما لا انفكاك فيه بلا أي تأثير من قوة غيبية قاهرة لها من الصفات الفاعلة ما تصدر عنه الكلمات التكوينية التي بها تكون الخلايا والأنسجة على هذا النحو المحكم، فلا تنمو خلية من طور إلى طور، ولا تنقسم طبقة خلوية لتنتج خلايا جسدية، ولا تتمايز تلك الخلايا، إلا تأويلا لذلك العلم الأول المحيط بكل الكائنات، ولا بد من حكمة يقع بها هذا التمايز الخلوي البديع، ولا بد من قدرة على إنفاذ المقدور أزلا، المسطور في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ليقع في عالم الشهادة كما قدر بلا زيادة أو نقصان.
وأما مادة الحياة فهي مادة قد تفرد الباري، عز وجل، بتكوينها فلا يعط توكيلا بها إلى الصين أو اليابان!، فلا يقدر أحد على توليدها، بل غايته أن يعبث بها كما فعل مستنسخو النعجة: "دولي"، الذين بلغ منتهى أمرهم إنتاج نسخة مريضة شوهاء، بحقن خلية جسدية هرمة من خلاياها بنواة مخصبة بعد نزع نواتها الجسدية، فكان ذلك الخلق على غير سنن الإحكام الرباني، وإن وقع بقدره الكوني فلا يخرج شيء من هذا الكون ولو كان عبثا أو فسادا عن مشيئته القهرية العامة، فعملهم أشبه بقهر خلية ليس من شأنها الانقسام على الانقسام فذلك خروج عن سنن الكون المحكم أدى إلى تلك النتيجة، ولو كانوا صناع حياة من العدم لصنعوا خلايا تناسلية من طبيعتها الانقسام
وزاوجوا بينها ليخلقوا أجنة من العدم، فغايتهم، كما تقدم، أن يعبثوا بمادة الحياة المخلوقة سلفا فلا قدرة لهم على إنتاجها من العدم وإن كانت في غاية البدائية.
وبعد آيات الإيجاد والعناية جاء التذكير بأنها من الرب، جل وعلا، على حد الإشارة إلى البعيد تعظيما لمقام الربوبية فـ:
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ: على حد القصر بتعريف الجزأين، فهو الإله المعبود فرعا عن كونه الرب الموجد الذي أعطى كل شيء خلقه إيجادا ثم هداه عناية.
لَهُ الْمُلْكُ: فذلك من باب الإطناب بتعدد الأخبار، فهذا خبر ثان على حد الفصل لكمال الاتصال بين الأخبار فهي لمبتدأ واحد، فله الملك على حد القصر، أيضا، بتقديم ما حقه التأخير، فضلا عن دلالة اللام على الملكية والاختصاص، فله وحده لا لغيره الملك، وهو عام لكل الأعيان والأحوال فهو المالك المدبر، فلكمال ربوبيته:
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: فذلك خبر ثالث من باب ذكر اللازم عقيب ملزومه فإذا ثبت له عموم الربوبية بالملك والقهر، فهو المتفرد بالألوهية لزوما، إذ لا يستوي من خلق ورزق ومن لا يخلق شيئا ولا يرزق أحدا بل هو مخلق مربوب مفتقر إلى رازقه: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
فَأَنَّى تُصْرَفُونَ: فذلك من الإنكار التوبيخي لهم لتوليهم عن طريق الإيمان، وجيء به على حد المضارعة على ما تقدم من وقوعه المستمر فهم مقيمون على ذلك حتى بعد نظرهم في تلك الآيات الكونية الباهرة، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 02 - 2010, 07:45 ص]ـ
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ: باعتبار ما سيكون، فذلك من المجاز عند من يقول به وقد أكد لهم إذ نزلوا منزلة المنكر بلسان حاله، فكل يدرك أنه ميت لا محالة، ولكن حال كثير من أموات الأحياء يدل على ضد ذلك، فأملهم طويل وعملهم قليل، وتذكيرهم بذلك تذكير بكمال الرب الحي القيوم القاهر الذي قهرهم بصور شتى من الموت تباشرها أجسادهم وخلاياهم في كل وقت، ليقع التمايز بين جنس الربوبية الكامل وجنس العبودية الناقص الذي يعتريه من صور النقص والفساد ما يعتريه، فليس ثم إلا رب كامل، ومربوب ناقص خاضع لأمره الكوني، مكلف بأمره الشرعي، فقهره الكوني يستلزم امتثال حكمه الشرعي بداهة فذلك أيضا جار على حد التلازم العقلي الوثيق بين الربوبية الكونية والألوهية الشرعية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[المهراني]ــــــــ[24 - 02 - 2010, 05:51 م]ـ
من بعد غياب دور المسجد
اصبحت المدرسة
وما ادراك ماهي المدرسة؟
احس باحساس (المعلم)
(الذي فقده بمسمى وظيفة)
اقول ببيت شعر حول الموضوع
قد كنت احرث في عقول قاحلة
أبت العلوم وتقبل التلقيني
وهذا نتاج التعليم بالمدارس
في العالم العربي
وبشكل خاص
الاسلامية
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 02 - 2010, 08:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا على المرور والتعليق: أبا الأسود.
لم يستفد أحد تقريبا إلا من رحم ربك من الدراسة النظامية فغايتها أن تعلمنا القراءة والكتابة، وبقيتها نوع من أنواع الوجاهة الاجتماعية!، كثير من الدارسين مقر بأنه إن اكتسب علما نافعا دينيا أو دنيويا فإنما اكتسبه خارج إطار الدراسة النظامية حتى المتفوقون من أصحاب المهن التي يفترض أنهم يدرسون أصولها في الجامعات يقرون بأنهم لم يصيروا على هذا الحد من الكفاءة إلا بالتدريب وتطوير المهارات خارج إطار الدراسة النظامية التي لا تعدو إجازتها أن تكون إجازة صورية، والأمر قد عم حتى الدراسات الشرعية والأدبية مع أنها لا تحتاج إلى إمكانيات مادية ومع ذلك لا تقدم الجامعات منها زادا مريئا، وحال خريجي الكليات الشرعية خير شاهد على ذلك، وقد أصبحت مقرراتها كأي مقررات في كلية نظرية يدرسها الطالب ليحصل على إجازة هي أقرب إلى شهادة الزور! كما أثر عن بعض الفضلاء المعاصرين.
وبعض من درس في بعض الدول الأوروبية ولو بالمراسلة، وقد سبقنا القوم في العلوم التجريبية يحكي شعورا مفقودا في جامعاتنا وهو شعور: الاستمتاع بالدراسة!، وهو أمر غريب بل ربما مضحك بالنسبة لنا، على ما ترسخ في أذهاننا من الصورة النمطية الكئيبة عن الدراسة وما يتخللها من ضغوط عصيبية لاقتراب الامتحانات ......... إلخ، والمحصلة: لا شيء تقريبا، وعلى الخريج أن بيدأ حياته العلمية فضلا عن العملية من الصفر، فيستأنف الدراسة مرة أخرى إن أراد أن يتميز في أي تخصص.
وإلى الله المشتكى.
ومما يتعلق بأصل هذه المداخلات:
قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ):
فذلك من استنطاق الخصم بالحجة، فأكد السياق بالقسم المحذوف: فولله لئن سألتهم ليقولن على حد التوكيد أيضا: الله، فهو الذي خلقهن تقديرا في الأزل وإيجادا في عالم الشهادة لما شاء ذلك، فعدن فيها من الكنوز ما تقوم به حياة البشر، فأوجد وأعد المحل عناية بعباده، فعمارة الكون، كما ذكر المحققون كالبيهقي رحمه الله، مئنة من كمال ربوبيته، جل وعلا، ثم انتقل من ربوبية الأعيان إلى ربوبية الأحوال بإيقاع الضر والرحمة، فتقليب العبد بين أقدار العافية فضلا، والابتلاء عدلا، مئنة من كمال ربوبيته، تبارك وتعالى، ثم ذيل بالأمر بالتوكل عليه وحده، إذ الخبر إنشائي المبنى فتعليق وصف المدح على الفعل، مئنة من كونه مناط الأمر، فالشأن كل الشأن أن يتوسل العبد المسدد بما تقدم من أدلة الربوبية بنوعيها إلى المطلوب الأسمى، فهو المراد لذاته: توحيد الرب، جل وعلا، بأفعال عباده، باطنة كانت وهي الأشق،
(يُتْبَعُ)
(/)
كما في عبادة التوكل التي يكاد أغلب الناس لا يعرف منها إلا الصورة والرسم الظاهر، دون الحقيقة الباطنة، أو ظاهرة، فالسياق جار على حد ما تقرر مرارا من الثنائية الأشرف في حياة كل مكلف: ثنائية الرب القادر، والإله الحاكم، فهو الموصوف بكمال الربوبية على حد الانفراد، المستحق لكمال الألوهية على حد الانفراد، فكما وحدته بأفعاله خلقا وإيجادا، فوحده بأفعالك تألها وإيمانا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 03 - 2010, 07:48 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ):
فذلك من التوسل بدلالة إيجاده، عز وجل، للسماوات والأرض من العدم على غير مثال سابق، فيا فاطر السماوات والأرض أنت لا أحد سواك، لدلالة القصر بتقديم المسند إليه تحكم بحكمك الكوني النافذ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، ولا يكون حكم إلا بعلم، فأتى العلم بعد الملك، لكون السياق سياق فصل بين متنازعين ولا يفصل بينهما إلا قادر، فالقدرة مظنة القهر بإنفاذ الحكم وإن أبى المتنازعان بعد صدوره، فذلك مما باين به الرب الحكم، جل وعلا، حكام الأرض، فقضاؤه الشرعي أعدل قضاء، وقضاؤهم لا يخلو من جور، بل لا يكون إلا على رسم الجور إن أعرضوا عن طريقة الشرع المنزل، فما أحدثت السياسات والأقضية الجائرة إلا فرعا عن الجهل بناموس النبوات، فظن المحدث لجهله حاجة إلى غير وحي ربه، عز وجل، فضل في شعاب العقول القاصرة عن إدراك أوجه الحكمة الكلية، فغايتها تحصيل منافع جزئية، ولو بإهدار مصالح كلية لنقص في العلم وفساد في الإرادة والعمل، فلم يسددهم الرب، جل وعلا، إلى سلوك الجادة، إذ اطلع على قلوبهم فعلم ما فيها من مادة فساد تمنع الانتفاع بمادة الصلاح لاشتغال المحل بحركتها فلا يقبل علامة الصلاح ولا يحل محلها رفعا بل هو على رسم الخفض بما دخل عليه من أسباب الكسر، وقضاؤه على حد النفاذ وقضاؤهم قابل للنقض بل كثيرا ما يعجزون عن إنفاذه لاتصافهم بالعجز الذاتي، فيضعون التقديرات والتصورات ويعجزون عن تحقيقها في أرض الواقع، فهي محض أماني، بخلاف مرادات الرب، جل وعلا، فإنها فرع عن علمه الأول، كائنة بقدرته النافذة، ولما كان المقام مقام جلال بالفصل بين متنازعين ناسب ذلك، كما تقدم، تصدير السياق بالقدرة فهي مظنة القهر بإنفاذ الحكم، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، وتبعها العلم إذ لا يكون قضاء إلا بعلم بداهة، وكلما زاد العلم بالشيء تصورا صح الحكم عليه، ولله المثل الأعلى، فله العلم المحيط والقدرة النافذة فلا يتصور تخلف حكمه مع وجودهما، فلك كمال الحكم الكوني على حد قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)، وأنت تحكم في دار الابتلاء بين عبادك بحكمك الكوني فتنزل العقوبة على مكذبي الرسل عليهم السلام، وتنصر رسلك والذين آمنوا معهم، وأنت تحكم بحكمك الشرعي في النوازل الكائنة بحكمك الكوني، على حد: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، فلك الإيجاد بالفطر على غير مثال سباق، ولك التدبير الكوني بالكلمات الكونية في دار الابتلاء إحياء وإماتة، إعطاء ومنعا، ولك التدبير الشرعي بالكلمات الشرعية النازلة على قلوب رسلك عليهم السلام، فتلك عنايتك بكونك بتسييره على سنن متقن، وهذه عنايتك بقلوب عبادك بإمدادها بأسباب التزكية الشرعية. فكمال عناية بتدبير الشرع والكون لما أوجده الرب، جل، بقدرته من هذا العالم المشهود في دار الابتلاء والعالم المغيب في دار الجزاء.
وقد حمل صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله الخبر على الدعاء فصار التوسل بصفات جلاله ومنها الفطر للسماوات والأرض، وصفات جماله ومنها إحاطة علمه بالغيب والشهادة ذريعة إلى دعائه، عز وجل، مسألةً أن يفصل بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 03 - 2010, 07:46 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
فذلك مئنة من كمال ربوبيته، عز وجل، فهو الذي يتوفى الأنفس بجنده الذين وكلوا بذلك على حد قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)، و: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)، فأمره الكوني بالإحياء والإماتة نافذ، فهو المحيي المميت، على سبيل المقابلة مئنة من كمال ربوبيته باستيفاء شطري القسمة العقلية: الإحياء والإماتة، ويقال من جهة أخرى: الإحياء: إيجاد من عدم، وهذا دليل على إمكان المخلوق في مقابل وجوب وجود الخالق، عز وجل، وجوبا ذاتيا حال اتصافه بأوصاف الكمال المطلق، فالفارق بين الخالق والمخلوق ثابت من هذا الوجه، فضلا عما يدل عليه الموت سواء أكانت الموتة صغرى أم كبرى من نقص وفقر ذاتي في المخلوق المربوب في مقابل كمال وغنى الخالق الرب جل وعلا. فالوفاة من أظهر أدلة كمال الرب، جل وعلا، إذ بضدها تتميز الأشياء، والنوم والموت: نقص مطلق لازمه حصول الغفلة، ولا يتصور أن يغفل الرب، عن العالم لحظة، إذ لو فرض ذلك فرضا عقليا محضا للزم منه فساد أمر هذا العالم، ولذلك كان الرب، عز وجل، محيطا بكونه بعلمه وقدرته، فلا يغيب عنه، وذلك مما استدل به الخليل عليه السلام في معرض إبطال مقالة عباد الكواكب من الصابئة.
والمضارع مئنة من التجدد فذلك أمر يقع في كل لحظة، فتستوفى آجال، وتستأنف أخرى، ولا يكون ذلك إلا بقدرته، جل وعلا، الكونية النافذة.
وجمع بين الوفاة الكبرى والصغرى في سياق واحد من باب استيفاء شطري القسمة العقلية، فعلى القول بأن لفظ الوفاة: حقيقة في الموت، مجاز في النوم، يصح الاستدلال بذلك على جواز دلالة اللفظ على حقيقته ومجازه في سياق واحد، وقد يقال بأن المعنى الكلي للوفاة وهو: القبض والاستيفاء ثابت في كليهما، فيقيد ذلك بما يدل على مراد المتكلم فقرينة: (حِينَ مَوْتِهَا): دليل على إرادة الموتة الكبرى، وقرينة: (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ): دليل على إرادة الموتة الصغرى، وإنما شبه النوم بالموتة الصغرى لكونه أقرب ما يكون إليها من جهة غياب الإدراك وسكون البدن مع بقاء اتصال الروح به اتصالا يحفظه من الفساد بخلاف الموتة الكبرى التي ينقطع فيها اتصال الروح به فيسارع إليه الفساد إذ الروح سر بقائه ومعدن صلاحه، فإذا فارقته صار مظنة الفساد فينحل لحمه وعصبه وتتداعى عليه هوام الأرض تداعي الأكلة إلى قصعتها. وتلك آية أخرى يعرف بها العبد قدره فمقابل هذا الفساد: كمال صمدية الرب، جل وعلا، فهو الباقي بعد فناء خلقه.
فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ: قضاء كونيا نافذا، على حد قوله تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ). فيتوفى الأنفس جميعا حال نومها، فذلك معنى تشترك فيه كل النفوس، ثم يباين، عز وجل، في أحوالها من الإمساك والإرسال بمقتضى قدرته الكونية النافذة، وذلك مئنة من كمال ربوبيته القاهرة، إذ يقضى على أنفس بالموت فتصير إلى الوفاة الكبرى ويقضي على أنفس بالحياة فتصير إلى اليقظة، ولكل قيامته، سواء أكانت يقظة أم مناما، على حد قول قتادة رحمه الله: "مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ" فيقبض ويرسل، وذلك الطباق بين الفعلين، أو المقابلة بين الشطرين: (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) و: (وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى)، مئنة من كمال تصرفه الكوني في خلقه: أعيانا يالإيجاد والإعدام، بالتكوين من نطفة، والاستحالة إلى تراب، وأفعالا: سواء أكانت جبلية كالنوم واليقظة، والجوع والشبع، والظمأ والري ............ إلخ أم تكليفية من: إيمان وكفر، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة ........... إلخ، وهو جار على ما تقدم من كمال ربوبيته، جل وعلا، إذ خلق الشيء وضده، فأقام كونه على معاني الزوجية، وانفرد بمعاني الأحدية الذاتية والوصفية
(يُتْبَعُ)
(/)
، فهو الأحد في ذاته ليس كذاته القدسية ذات، وهو الأحد في وصفه فليس كوصفه وصف، فلا يعجزه خلق الضدين ولا إيجاد المتناقضين، وإن لم يصح اجتماعهما في عين واحدة من جهة واحدة في آن واحدة، فذلك من سننه الكونية التي تجري على ما ركزه في عباده من أقيسة عقلية صريحة، ولذلك لا يرد التكليف بذلك على جهة الإقرار أو العمل، إذ ذلك من المحال الذاتي، فالتكليف به تكليف بما لا يطاق، وهو غير واقع شرعا، وسننه، عز وجل، الكونية النافذة والشرعية الآمرة لا تتعارض، فلا يكلف العقول بتصديق ما تحيله، ولا تأتي الشرائع بما يخالف الفطر السوية، بل تتكامل سننه الكونية والشرعية، فالأولى فرع ربوبيته، والثانية: لازم ألوهيته، وهما أمران متلازمان، فالألوهية تتضمن الإقرار السابق بالربوبية، فلن يتأله العبد ويخضع ويذل على جهة الديانة إلا لمن يعتقد فيه كمال التصرف، بالضر والنفع، بالإحياء والإماتة ........... إلخ، فيعتقد فيه وصف الربوبية، فإن اهتدى إلى الرب الحق ذي الأوصاف الكاملة والغنى الذاتي فلا يفتقر إلى أسباب، والقدرة النافذة فلا راد لقضائه ولا مانع، بل الموانع من خلقه، فهو الذي يجريها بأمره إذا أراد امتناع الشيء، كما أن الأسباب من خلقه فيجريها إذا أراد إيجاد الشيء، فلا ينفك سبب في الكون عن موانع تدافعه، وأسباب تعاضده، فلكل سبب سبب سابق له، فلا تستقل علة مخلوقة بالإيجاد التام، إذ ليس ذلك إلا للسبب الذي ليس وراءه سبب، قطعا للتسلسل في الفاعلين، فترجع الأسباب كلها إلى علة تامة مؤثرة يقع الفعل عقبها، وهي: كلمة الله، عز وجل، التكوينية، فرعا عن مشيئته الكاملة، فله كمال الربوبية إيجادا وإعداما، والربوبية: ملزوم الألوهية، فهي الذريعة إلى كمال تأله العبد فرعا عن كمال تصرف الرب، فلا يتصور أن يعتقد الإنسان في ربه، عز وجل، أوصاف الكمال، جمالا وجلالا، ذاتا وأفعالا، ولا يفرده بالألوهية، إذ ذلك قدح في قياس العقل الصريح بتخلف الحكم الصحيح مع وجود علته من التصور الصحيح لمعاني الربوبية، ولذلك لا ينفك من ضل في باب الألوهية حكما عن ضلال في باب الربوبية تصورا، وإن آمن بوجود الرب، جل وعلا، إجمالا، فإنه لا بد أن يقع في خطأ في التصور لذاته القدسية أو صفاته العلية، فيتصور خلاف الحق في باب الذات والأسماء والصفات، فيعتقد في الإله، عز وجل، نقصا أو فقرا، يوجب التوجه إلى سواه بمعاني التأله التي لا يجوز صرفها إلا إليه، وبقدر الخطأ في التصور يكون الخطأ في الحكم، فالناس في ذلك على أنحاء شتى، فمنهم من عدم تصوره فرعا عن فساد فطرته التوحيدية الأولى، فلم يعد يعرف ربا يعبده إلا هواه، على حد قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)، ولعل حال الفلاسفة الوثنيين والدهريين قديما، والملحدين من الشيوعيين حديثا خير شاهد على ذلك الصنف الذي يجحد ما تلح به فطرته، على حد قوله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)، فينكر ما قام في النفوس من العلم الضروري بوجود سبب أول لهذا الوجود المحدَث، لا يفتقر إلى غيره من الأسباب، بل كلها ترجع إليه رجوع المُصَرَّف إلى مصَرِّفه، والمخلوق إلى خالقه، ومنهم من عرفه بذاته، ولم يعرفه بصفاته: جمالا وجلالا، فمن غفل عن صفات جماله: أساء الظن به، فعبده بالخوف من وعيده واليأس من وعده، وذلك حال الخوارج، ومن غفل عن صفات جلاله: غره حلمه، فتمادى في غيه، وعبده برجاء وعده، وأمن وعيده، بل ربما استخف به وأنكره وذلك حال المرجئة على تفاوت بين طبقاتهم في ذلك، فلا تنفك طريقتهم عن فساد في تصور جلال الرب، جل وعلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن لم يعرف كمال تصرفه في كونه، فظن أنه كملوك الدنيا يفتقر إلى من ينوب عنه، في تصريف خلقه، صرف من العبادات لغيره بقدر جفائه في حق الرب الغني، جل وعلا، بنزع أوصاف الربوبية منه، وغلوه في حق المربوب بخلع تلك الأوصاف عليه فهو الذي يشفي ويرزق ويهب الولدان والأموال ........ إلخ من الأمور التي لا تكون إلا للرب القدير الذي: (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)، فلم يوكل أمر الذراري إلى فلان من الأنبياء أو الأئمة أو الأولياء، وهو الذي: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ)، فلا رازق سواه، وهو الذي: (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)، وتأمل حال من غلا في المسيح والبتول عليهما السلام فخلع عليهما من أوصاف الألوهية ما جاز معه دعاؤهما بالمغفرة، فصارا قبلة الداعين سواء أكانوا من أهل الديانة بجهالة، أم من أهل الدنيا من طلاب الأولاد والأرزاق، وذلك حال من غلا من أهل القبلة في الأئمة والشيوخ، فأضرحتهم ملاذ المستغيثين من كروب الدنيا والآخرة على طريقة:
يا خائفين من التتر ******* لوذوا بقبر أبي عمر!
وفي أمر الآخرة: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، فهم وسائط وأسباب ما أنزل الله، عز وجل، بها من سلطان، فلا مستند من نقل أو عقل يصح معه اتخاذهم أسبابا: شرعية أو كونية، فذلك عين الابتداع، باختراع أسباب لم يشرعها الله، عز وجل، فيعتبر ما ألغاه من أهواء الرهبان والشيوخ، ويلغى ما شرعه من النبوات التي جاءت بأصدق الأخبار الإلهية وأعدل الشرائع الحكمية.
ومن لم يعرفه بكمال وصفه الإلهي، وذلك مما لا يكون إلا من طريق الوحي، إذ ليس للعقل فيه ولاية، بل هو تابع للنقل لا يملك الخروج عن سلطانه بسيف تأويل أو تحريف، من لم يعرفه بذلك: جوز اتصافه بأوصاف النقص، وذلك عين المحال الذاتي، فهو حال في ناسوت المسيح عليه السلام أو في فلان أو فلان من الأئمة أو الشيوخ، على طريقة أهل الحلول والاتحاد الخاص، أو هو حال في خلقه، وإن سفلت أعيانهم وأوصافهم على طريقة أهل الاتحاد والحلول العام، وقولهم أفحش قول قيل في الإلهيات، وقد التزموا لأجله، بل صرحوا بأفحش الأقوال مما يأنف من ذكره كل ذي عقل أو فطرة، وإن لم يكن على منهاج النبوة، فحاصل مقالتهم فساد في التصور بسلب الكمال من الخالق، بل ونعته بأوصاف المخلوق الناقص.
ومن لم يعرفه بكمال شرعه وحكمه، فهو أعدل شرع، وأحكم قول، من لم يعرفه به، ظن أن الشرائع الإلهية لا تفي بحاجة البشر في العبادات أو المعاملات أو السياسات أو الأخلاق، فجوز لفلان وفلان من المتشرعين المتلبسين بما لم يعطوا من أوصاف العلم والحكمة، أن يسن ما يرى فيه المصلحة، وإن كانت متوهمة ألغاها الشارع، عز وجل، على حد قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)، واضطراب العقول أمر معلوم، فهي لا تدرك المصالح إلا على جهة الإجمال المفتقر إلى بيان النبوات، فلا تدرك إلا ما يعرض لها حسنه، بادي الرأي، ولو كان مما يخالف العقل والفطرة، ومجالس أوروبا النيابية التي تسن قوانين تبيح الفواحش المغلظة خير شاهد على ذلك الاضطراب العقلي!، فلا ميزان يدرك به الحسن والقبح تفصيلا إلا ما خرج من مشكاة النبوات، وإن أدرك العقل حسن الأشياء وقبحها إجمالا، فما يراه العقل اليوم حسنا، فيقره، ينقلب غدا فيصير قبيحا ينكره، على حد قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، وتأمل الدساتير الوضعية التي يجري عليها قلم التعديل والنسخ باستمرار في مقابل الشريعة الإلهية الخاتمة التي حفظها الله، عز وجل، من التبديل والتحريف، فلا ينسخ منها شيء إذا لا نسخ بعد رفع النبوات من الأرض، ولا يجمع أتباعها على خلافها، فهم معصومون من الاجتماع على خلاف الحق، فلا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، تأمل ذلك مما يقطع بأن العيب في الناظر إذ قصر نظره عن التصور الكامل للشرع الحاكم ففسد حكمه إذ ادعى بلسان الحال أو المقال حاجة الشرع الإلهي إلى شرع بشري ناسخ بحجة: "تجديد الخطاب الديني"، وهو لا يخرج في حقيقته عن كونه تخريبا وتحريفا لخطاب الشارع، عز وجل: المحكم، خطاب: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)، والناس أعداء ما جهلوا، فجهل البشر بكمال الشرائع الإلهية هو الذي حملهم على معارضتها بنحاتة الأفكار البشرية.
فالشاهد أن: أن الألوهية الصحيحة متضمنة لربوبية صحيحة، فصح الحكم فرعا عن صحة التصور، وأن الربوبية الصحيحة فرعا عن الكمال الإلهي: ذاتا وصفاتا وأفعالا، أصل للتأله الصحيح، فلا يتخلف اللازم من كمال التأله له، جل وعلا، إلا بالقدح في الملزوم من كمال ربوبيته وذلك إنما يكون بوصفه، جل وعلا، بأوصاف النقص في ذاته المقدسة، أو نعته بها في أفعاله المحكمة.
ثم جاء التذييل بـ:
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ: تعريضا بمن عطل آلته العقلية فلم يتفكر في تلك الآيات الكونية ليتوصل بها إلى توحيده عز وجل بآياته الشرعية تصديقا بأخبارها وامتثالا لأحكامها.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 03 - 2010, 07:53 ص]ـ
وعودة إلى سورة الأنعام:
ومن قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ):
فالتعريف بالموصولية مئنة من العناية بتقرير المعنى الذي اشتقت منه جملة الصلة فهو محط الفائدة، إذ وقع الإخبار به عن ضمير الرب، جل وعلا، فهو الذي أنزل من السماء ماء، فذلك سبب الحياة، كما جاء في موضع آخر من التنزيل: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، فكان خروج الزرع به على الفور، مئنة من كمال قدرة وحكمة الرب، جل وعلا، فحكمته بتعليق المسبب على سببه، وقدرته في إنفاذ القوى المؤثرة في السبب لتعمل في البذر بالإنبات فتخرج المسبب من شتى صنوف الزرع الذي ينتفع به الآدمي والحيوان والطير، فالزرع خارج بإذن ربه الكوني، فتلك العلة الأولى التي لا علة لها، فكلماته، عز وجل، غير مخلوقة، فهي وصف من أوصافه، فلا يكون وراءها علة أخرى، وإنما صدرت عنه بمقتضى وصف كماله، فصدرت منه بمقتضى كمال علمه المحيط بما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض، وكمال حكمته في تعليق المسبب على سببه، وكمال قدرته في إنفاذ السبب فيؤدي إلى مسببه فلا يكون ذلك، كما تقدم، إلا بإذنه الكوني النافذ.
ثم جاء الإطناب في ذكر أصناف الزرع فذلك أبلغ في تقرير دلالة الإيجاد المعجز بإخراج شتى صنوف النبت بماء واحد، فيباشر مكامن الحياة في كل بذر فيخرج منه ثمر بعينه فلا تختلط الثمار، إذ لكل سنة كونية تخصه، فلكل محتوى جيني يناسب وصفه: حجما ووزنا ولونا وشكلا ....... إلخ، ولكل زمن إنبات يخصه، ولكل حاجة إلى الماء تناسب ثمره فمن الزرع ما يحتاج إلى التعاهد بالسقي، ومنه ما لا يحتاج بل السقي قد يفسد ثمره، وذلك التنوع الباهر مئنة من كمال قدرة الرب البديع تبارك وتعالى.
فسنة الإنبات واحدة، وذلك مئنة من أحدية الرب، جل وعلا، في ذاته ووصفه، وصوره متنوعة فذلك مئنة من كمال قدرته تبارك وتعالى.
وهو أبلغ في دلالة العناية فتلك الثمار مما امتن به الرب، جل وعلا، على خلقه بشرا كانوا أو حيوانا أو طيرا، فلكل منه نصيبه، ولكل منه ما يلائم قوى التغذي والهضم فيه.
ولذلك جاء الأمر بالنظر تدبرا، فانظروا بالباصرة إلى الثمر، وانظروا بالبصيرة في سنة إيجاده وإعداده لتنتفع به الخلائق، ولا يخلو الأمر من دلالته الوضعية على الوجوب، ففيه الأمر وجوبا في معرض تقرير كمال ربوبيته، جل وعلا، إيجادا وعناية، وفيه الأمر إرشادا إلى النظر في تلك الآيات الكونية الباهرة، التي يغفل عنها كثير من المكلفين مع مباشرتهم لها في كل يوم، فالتغذي على نبت الأرض أو ما ينتجه من الثمر أمر ضروري لكل حي ليحفظ بدنه من التغير والفساد.
ثم جاء التذييل بالعلة فما تقدم ذكره من آيات ربوبية الإيجاد والعناية ذريعة إلى الإيمان، فـ: (إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، على ما اطرد من التلازم الوثيق بين الربوبية والألوهية، فكمال انفراده، جل وعلا، بأفعال الربوبية ذريعة إلى إفراده، عز وجل، بأفعال الألوهية. وفيه تعريض بمن لم يعتبر بتلك الآيات الكونيات الباهرة، بدليل خطاب العلة فهي آيات للمؤمنين منطوقا، وليس بذلك لغيرهم مفهوما، وغيرهم يشمل الفساق ممن نقص إيمانهم ومن دونهم من الكفار الأصليين فلكل نصيبه من الغفلة بقدر بعده عن وصف الإيمان الذي لا يعرف حده إلا من طريق النبوات، فهي المعيار الحاكم على المكلفين في مثل تلك المضائق.
والله أعلى وأعلم.
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[08 - 03 - 2010, 12:15 ص]ـ
والله إني لأحبك في الله ..
جزاك الله خيراً أخي مهاجرا ..
بارك الله فيك وفي مداد قلمك ...
احترامي وتقديري
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 03 - 2010, 08:10 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أحبك الله الذي أحببتي فيه أستاذنا الكريم: عز الدين، وبارك فيك وحفظك، وجزاك خيرا على حسن الظن فأنت له أهل.
وعودة إلى سورة الزمر من قوله تعالى:
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ):
فذلك من الاستفهام الإنكاري التوبيخي لهم إذ قد اتخذوا من دون الله شفعاء فعلا، فذلك مما يجدر الإنكار على فاعله ولذلك جاء النص على علة بطلان ذلك من باب الحجاج القرآني المفحم، إذ لكل دعوى برهان تصح بصحته وتبطل ببطلانه، على حد القياس المطرد المنعكس، فإن علة اتخاذ الشفعاء من دون الله، على حد الشفاعة المنفية، شفاعة المضطر إلى قبول شفاعة الشافع عنده خشية غضبته فتقع الشفاعة بلا إذنه!، أو شفاعة من له قدر من التصرف في أحداث هذا الكون على حد الشراكة أو الظهارة، فذانك معنيان منفيان بداهة في حق الرب، جل وعلا، فلا غالب له ليقهره ويلجئه إلى قبول شفاعة يكرهها، ولا تصرف لأحد سواه في أحداث هذا الكون على حد الاستقلال بالأمر، بل ما سواه جند كوني له، لا يعمل إلا بأمره، ولا يصدر إلا عن كلماته الكونيات النافذات، فجاء النص على علة ذلك:
لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ: فلا استقلال لهم بملك هو مئنة من دلالة الإيجاد المنفية عنهم بدلالة المنطوق المثبت له، تبارك وتعالى، بدلالة المفهوم، فإن من خلق الشيء أحق بملكه وهم مقرون بأنه، عز وجل، الخالق، فيلزمهم أن يقروا بملكه للأعيان ومُلكه للأحوال، فإذا ثبت له ذلك على حد الانفراد، انتفى عن غيره بداهة، ومنه شفعاؤهم فليس لهم من الملك ما يجوز لهم الشفاعة المنفية، لمضادتها لمعاني الأحدية الوصفية ومنها أوصاف الجلال والقهر، فالرب، عز وجل، هو المنفرد بملك هذا الكون عينا، المنفرد بتدبيره حالا، والتدبير لا يكون إلا بعلم وجكمة ومن لا يعقل لا علم له ولا حكمة بداهة، فانتفت شفاعتهم من هذا الوجه أيضا، فمرد الأمر إلى دلالة الإيجاد وليس لهم منها شيء إذ لم يخلقوا فلا يملكون بداهة، ودلالة العناية بتدبير أمور الكون، وليس لهم منها شيء، أيضا، إذ لا يعقلون فلا علم لهم بدقائق الكون ليسيروه، ولا حكمة لهم فهي التالية للعلم، ليدبروا بها أمر هذه الكون، فليس لهم من علل الإيجاد أو العناية ما يصيرهم شفعاء فكيف بمن اتخذهم آلهة من دون الله، عز وجل، وذلك أمر جار على كل المعبودات المادية أو المعنوية فإن من ابتغى حكم غير الله، عز وجل، فجوز لغيره التشريع والحكم، فرد الأمر إلى العقول المضطربة، فلسان حاله اتخاذ نفسه أو غيره ربا، إذ أثبت له لزوما ملكا وتصرفا في أحداث هذا الكون!، فهو يسير شأن الجماعة بما يراه بعقله أو يجده بذوقه!.
فإذا انتفى عنهم وصف الإيجاد والعناية لزم من ذلك انتفاء الشفاعة والتصرف في الكون في حقهم، فلا يملك غيرهما إلا الله، عز وجل، فالأمر، كما تقدم، جار على حد قياس الطرد والعكس، فإذا وجدت علة الملك والتدبير على حد الانفراد بالربوبية، وجد حكم الانفراد بالألوهية والشفاعة، وحيث عدمت عدم، فذلك الطرد، وحيث ثبت للرب، جل، ضد ما لهم من الفقر والعجز، فله كمال الملك فهو الغني بذاته المغني لسواه، وله كمال التدبير لأمر كونه بسننه المتقن، حيث ثبت له ذلك، ثبت له ضد حكمهم من انتفاء الألوهية والشفاعة فله كمالهما، فذلك قياس العكس بإثبات ضد الحكم لوجود ضد العلة، والكتاب العزيز، كما تقدم مرارا، يخاطب العقول يزيد في ذكائها، ويخاطب القلب بما يزيد في زكائها، فقد جمع بين الذكاء العقلي والزكاء القلبي.
ولذلك جاء النص بإثبات الشفاعة جميعا لله، عز وجل، لتحقق العلة في حقه، عز وجل، فـ: (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
فله، عز وجل، الشفاعة جميعا، على حد الاختصاص الذي دلت عليه اللام، فضلا عن تقدم ما حقه التأخير، فتقديم المسند على المسند إليه مئنة من الحصر والتوكيد، و: "أل" في "الشفاعة": عهدية ذهنية تشير إلى أنواع الشفاعة الثابتة دون المنفية، وعلة ذلك: "له ملك السماوات والأرض": على حد ما تقدم من الملكية والاختصاص، فتلك دلالة العناية إذ الملك مئنة من التدبير، فهو، تبارك وتعالى، المنفرد بكمال التدبير، وإليه المرجع ليحكم بين العباد فيما كانوا فيه يختلفون، فله تدبير الأولى والآخرة، فثبت له الوصف الذي علق عليه تمام التصرف بالشفاعة في خلقه فيأذن لمن شاء فضلا، ويحجب من شاء عدلا، وانتفى عمن دونه بدلالة الحصر، فهو يفيد بمنطوقه حصر الشفاعة على المقصور عليه وهو الله، عز وجل، ويفيد بمفهومه أو دليل خطابه نفيها عن غيره، كما تقدم من دلالة الطرد والعكس، فالآيتان مع وجازتهما قد تضمنتا القضية والدليل العقلي الصريح عليها: إثباتا لله، عز وجل، ونفيا عمن سواه.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 03 - 2010, 07:57 ص]ـ
ورجوعا إلى صدر سورة الرعد:
المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا: فتلك من آيات ربوبيته الإيجادية فعلق الوصف الذي دل عليه الخبر فهو وصف في معناه به تتم الفائدة، علق على المعنى الذي اشتقت منه جملة الصلة وهو رفع السماوات والأرض، فالرب، جل وعلا، هو رافع السماء بلا عمد، فذلك من وصف فعله الذي انفرد به فهو من أظهر أدلة عنايته وحفظه لكونه، فالسماء مظلة الأرض فيها تسطع شمس النهار، ويظهر القمر مضيئا، وتنتظم النجوم رجوما وعلامات، وتلتئم السحب فتهطل ماء يروي الشجر والبشر، فرفعها على هذا النحو المعجز، لا يقدر عليه إلا الرب، جل وعلا، ذو الصنع المتقن والفعل المحكم، فهو الذي صنع فأتقن، فـ: (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ)، وهو الذي فعل في كونه ما شاء بمقتضى حكمة بالغة، فانتظم أمره على ما نرى، فلا يخرج جرم عن فلكه، فلو خرج لانهد العالم وخرب، ولكن الرب، جل وعلا، أمسكه، وأمسك السماوات على حد المضارعة فذلك مئنة من دوام تدبيره لكونه بأوصاف أفعاله المحكمة، فلم يهمل الخليقة، بل نظر في كونه بعين التدبير والعناية فأمسك السماوات لئلا تسقط وأمسك الأجرام في أفلاكها لئلا تخرج، فأوصاف أفعاله قد بلغت الغاية من القدرة والحكمة فمن ذا يقدر على خلق هذه السماوات ورفعها، ومن ذا يقدر على حفظ أجرامها في أفلاكها، ومن ذا ينزل المطر منها، ويسخر الطير في جوها، فكل ذلك مما يقع على حد الاستمرار والتجدد متعلقا بمشيئته العامة فبه حفظ هذا العالم من الفساد، ولو غاب عنه، الرب، جل وعلا، طرفة عين لقوضت أركانه، كما في أثر موسى عليه السلام لما سأل ربه، عز وجل، هل ينام، فجاء الجواب بإبراز صورة النقص الجبلي في الإنسان، فإن أمسك شيئا فغلبه النوم سقط من يده فانكسر، فكذلك السماوات والأرض وسائر أجزاء الكون من العرش إلى ما دونه، إن غاب عنها الرب، جل وعلا، فأخذه عارض سنة أو نوم فضلا عن موت بصلب أو نحوه، كما يزعم أرباب مقالات السوء، فمات ثلاثة أيام ثم صعد إلى ملكوته!، إن غاب لحظة ما بقي هذا الكون، ولذلك قال إمام الموحدين: (لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ)، فلا أحب من يغيب عن خلقه فهو لا يصلح أن يكون ربا لهم إذ يغيب عنهم فيخفى عليه من شأنهم ما يخفى، فغيابه بذاته فلا يطلع على عباده من عليائه فلا يلزم من اطلاعه عليهم حلوله أو اتحاده بذواتهم كما زعم أرباب مقالات السوء من الحلولية والاتحادية، فغيابه بذاته على هذا الوجه: غياب لأوصاف علمه وحكمته لزوما، فإذا خفي عليه شيء من أمرهم كيف يكون ربا مدبرا لشأنهم، فلزم من ذلك كمال اطلاعه على كونه بعلمه الأزلي الأول، وعلمه المحيط الثاني لكل ذرة حادثة في كونه فيقدرها بالعلم الأول ويحصيها بالعلم الثاني، فالشاهد أنه لا يتصور رب إلا وهو متصف بكمال القدرة والحكمة والعلم، فهو رافع السماوات بقدرته، مدبر أمرها بحكمته، محص لحركاتها بعلمه المحيط فله الحمد على كمال أوصاف ربوبيته: إيجادا وعناية.
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ: إمعانا في إظهار وصف قدرته، فبعد فعل الرفع للسماء، جاء فعل الاستواء على أعظم المخلوقات على وجه يليق بجلاله فلا يلزم منه افتقار إلى تحت أو تحيز أو حد، بل ذلك مما ثبت له، عز وجل، معنى نعلمه وحقيقة نجهلها وإن لم يحلها العقل فغايته أن يحتار في كنهها، كسائر أوصاف الرب، جل وعلا، الذاتية والفعلية، المعنوية والخبرية، وبعد رفع السماء جاء تصريف أجرامها على جهة التسخير الكوني فسجر الأجرام شموسا وأقمارا كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى في فلك بعينه يسبح إلى أجل بعينه يسير، ثم جاء عموم التدبير لجنس الأمر على جهة الاستغراق، فـ: "أل" للعموم الجنسي الاستغراقي، فذلك من العموم بعد خصوص تدبير السماوات وأجرامها، فيدبر كل أمر: كونا وشرعا، فذلك من العموم المحفوظ فلا مخصص له، إذ لا يتصور تخصيص في أمر الربوبية فليس ثم رب ينفرد بالتدبير سوى الله، عز
(يُتْبَعُ)
(/)
وجل، وليس ثم رب يشاركه أو يظاهره، فله كمال الغنى عن خلقه، فلا يفتقر إلى معين منهم أو نصير، بل قد انفرد يإيجادهم بقدرته وتسيير أمرهم بحكمته، وفصل الآيات الكونية المنظورة لتعيها الأبصار، وفصل الآيات الشرعية المسموعة لتعيها الآذان، فينتفع القلب بمداد البصر والسمع، فيحصل من ذلك اليقين بلقاء رب العالمين فذلك من تمام ألوهيته، عز وجل، فذيل بالألوهية عقيب الربوبية لما تقدم مرارا من التلازم الوثيق بينهما، فالأولى علة الثانية، إذ علة كونه الإله المعبود أنه الرب المنفرد بأخص أوصاف الربوبية ملكا للأعيان وتدبيرا للأحوال.
وبعد بيان حال العالم العلوي سماء وأجراما، جاء بيان حال العالم الأرضي، استيفاء لجهات الكون في معرض بيان عموم ربوبيته لكل خلقه إيجادا وعناية، فبعد رفع السماء وتسخير الأجرام، جاء جعل الرواسي إلقاء، والأنهار شقا وجريانا، والثمرات إنباتا، فذلك من الجعل الكوني الذي يرادف الخلق لتعديه إلى مفعول واحد على وزان الجعل في قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)، فمن كل الثمرات فذلك آكد في تقرير القدرة بتنوع أجناس الثمار، فمن: جنسية بيانية باعتبار الأنواع، تبعيضية باعتبار الآحاد المتجددة من كل نوع، فثمر ينضج وآخر يفسد أو يستهلك، وكلٌ بمشيئة الرب، جل وعلا، كائن، فالإنبات بقدر، والأكل بقدر، فمنه ما يأكله الطير ومنه ما يتغذى عليه الحيوان ومنه ما يستمتع به الإنسان إن لم يكن من القوت فهو غير مدخر كالفاكهة، ومنه ما هو قوت يدخر كالحبوب، ومنه ما هو دواء، ومنه ما ينتفع به في غير التغذي من الاستظلال والبناء فالخشب والجريد تسقف به البيوت، وتصنع من الأبواب وسائر المرافق، فليس نفع الشجر من ثمره فقط، وإنما خص الثمر بالذكر لكونه أعظم صور الانتفاع، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فذكره لا يخصص عموم المنة، كما تقدم من دلالة الخاص في معرض الامتنان، فلا يستفاد منه حصر أو قصر على صورة المذكور وإنما يدل اللفظ عليها وعلى سائر الأفراد، والتلف لما لم يؤكل بقدر، فقد علم الرب، جل وعلا، أزلا ما سيثمر، وما سيؤكل، وما سيفسد ..... إلخ ثم شاء وجوده في الكون فجاء كما قدر فحصل بذلك من وجوه المنفعة للطير والحيوان والبشر، بل وللأرض التي تستفيد من المادة العضوية المتحللة للثمر الفاسد فتزداد بذلك خصوبة، ودلالات العموم في السياق مئنة من عظيم القدرة وتمام المنة، فتنكير: "رواسي" و "أنهارا" مئنة من التكثير، ومن التنويع فإنها ليس على وصف واحد فمنها رواسي شامخات، ومنها دون ذلك، ومنها ما عدنت فيه الكنوز، ومنها ما حفرت فيه الكهوف، ومن الأنهار ما طال ومنها ما قصر، ومنا ما استقام، ومنها ما انحرف، ومنها ما توحد ومنها ما تفرع ......... إلخ من صور العموم التي تدل عليها النكرة فهي مظنة الشيوع كما قرر النحاة، وكذلك القول في "أل" في الثمرات كما تقدم في أكثر من موضع فهي: جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه فأزالت ما يتوهم من معنى جمع القلة في "الثمرات"، إذ جمع المؤنث السالم مئنة من القلة بأصل وضعه، ولكن دخول "أل" عليها قد أزال احتمال القلة وقطع بإرادة الكثرة التي يدل عليها العموم الجنسي، كما أشار إلى ذلك أبو حيان رحمه الله، فهي معرفة من جهة اللفظ، قد أشبهت النكرة من جهة المعنى لدلالتها على استغراق جنس ما دخلت عليه فذلك، أيضا، مظنة الشيوع، واختار صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله الوقف على: "الثمرات". ثم الاستئناف بذكر جعل جديد هو جعل الزوجين من كل خلق، فذلك أليق بسياق الامتنان، ففيه ذكر نعمة جديدة من النعم الكونية السابغة، بخلاف ما لو تعلق الجار والمجرور: "ومن كل الثمرات" بالفعل "جعل" فلا ذكر فيه لوجه جديد من أوجه المنة الربانية، فتأسيس معنى جديد أليق بالنظم القرآني إثراء للسياق بالمعاني، فخلق، عز وجل، الأشياء على سنة الزوجية، فهي سنة كونية بها يظهر كمال الرب الواحد بذاته الأحد بصفاته، فلا فرد سواه، ولا صمد يبقى بعد فناء الخلق إلاه، فهو المنفرد بكمال الذات والصفات، فلا يفتقر إلى زوج يشاكله افتقار سائر الكائنات إلى أزواجها فظهر بذلك من كمال وصف غناه الذاتي ما به يعرف الخلق أقدارهم فهم بضده
(يُتْبَعُ)
(/)
متصفون على جهة اللزوم الذاتي، أيضا، فمقابل غناه عن الأسباب والأزواج، لا غنى لخلقه عن الأسباب التي بها صلاح أديانهم وأبدانهم والأزواج التي بها بقاء أنواعهم.
وجاء توكيد الزوجين بوصف: "اثنين" توكيدا للمنة، ثم جاء بيان آية أخرى من آيات كونه على حد المضارعة فهي متجددة بتجدد الليل والنهار فذلك أبلغ في تذكير العباد، فما يراه الإنسان كل يوم من الأحوال الكونية التي لا يقدر على تصريفها بشر، وما يباشره من الأسباب التي بها يحفظ جسده ونوعه، من تغذ وتناكح .... إلخ، كل أولئك من السنن الكونية المطردة الدالة على كمال ربوبيته تبارك وتعالى، فأوجد الكون بقدرته وسيره بحكمته، ولازم ذلك: "إنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، فجاء التفكر على زنة التفعل مئنة من التوكيد، كما ذكر ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، على ما اطرد من كلام البلاغيين من كون زيادة المبنى مئنة من زيادة المعنى، فالتفكر من آكد واجبات العبودية لمن عاين آيات الربوبية الكونية، فالتلازم بين التأله من المكلف بتوحيد الرب، جل وعلا، بأفعال التعبد، وتوحيد ربوبية الباري، عز وجل، بأفعاله الكونية، تلازم وثيق كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ:
فهي قطع متجاورات، ومع ذلك، نبت في كل منها صنف مختلف، فذلك آكد في بيان قدرة الرب، جل وعلا، على التنويع في خلقه، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، مع وحدة الأصل فكلها من طين الأرض نابت، ومع ذلك اختلفت في الأصناف، والأنواع إن كانت من صنف واحد، واختلفت في الطعم، فبعضها قد فضل على بعض، بل ربما كانت متجاورة فنبت في كل منها أنواع مختلفة من صنف واحد فبقعة تنبت عنبا كبير الحب، وبقعة تنبت عنبا صغير الحب، وبقعة تنبت عنبا داكنا وأخرى تنبت عنبا فاتحا، ولم تخطئ بذرة يوما طريقها فهي محكومة بسنن كوني مطرد، فبذرة كل نبت لها من الخصائص الجينية ما يميزها عن بقية البذور، فرعا عن التباين في عدد الكروموسومات أو الصبغيات، فكروموسومات بذرة الذرة تباين في عددها كروموسومات بذرة القمح أو الشعير أو القطن ....... إلخ، فشاء لها الرب، جل وعلا، بقدره الكوني النافذ، من الخصائص ما لم يشأ لغيرها فرعا عن تركيبها الجيني الذي انفردت به فلا يشاركها فيه جنس آخر ولو كان وثيق الصلة بها، فالقمح يباين الشعير مع ما بينهما من التشابه، بل ربما كانت الثمرتان من شجرة واحدة، وإحداهما حلوة، والأخرى مرة، فكل ذلك مئنة من قدرة الرب، جل وعلا، على خلق جميع الأصناف تشابهت أو تباينت، وحكمته في إجراء سننه الكوني على هذا النحو الباهر المتقن فلكل نوع خريطته الجينية التي تميزه عن بقية الأنواع بل لكل فرد، داخل النوع الواحد، خريطته التي تميزه عن بقية الأفراد، فليست جينيات زيد كجينات عمرو، وإن كانا من نوع واحد ذي عدد واحد من الكروموسومات، وجاء تعداد الأصناف في الآية، أيضا، إمعانا في تقرير المنة بتنوع المآكل، فهذا موضع يناسبه الإطناب، وجاءت منكرة على ما اطرد من دلالة النكرة على الشيوع فهو مئنة من الكثرة، فذلك، أيضا، مما يلائم سياق الامتنان، وخص النخل بوصف الصنوان المتفرعان من أصل واحد، والمنفرد لكون العبرة فيه أظهر، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، وعلى ما اطرد من التلازم الوثيق بين الربوبية والألوهية جاء النص على العبرة من سرد هذه الآيات الكونيات الباهرة، فبها تقرر توحيد الرب، عز وجل، بأفعاله، وهو الذريعة إلى توحيده بأفعال عباده تألها، فصدر العلة بالمؤكد، فذلك مئنة من التنصيص على العلة كما اطرد من كلام الأصوليين، فتصدير الجملة بـ: "إن" مشعر بكون ما قبلها علة ما بعدها، على حد الفصل لشبه كمال الاتصال بينهما على ما اطرد من التلازم الوثيق بين العلة ومعلولها، ومن جهة أخرى، تشير الآيات من طرف لطيف في معرض خطاب المنكرين للبعث إلى أن الموجد لهذه الكائنات على هذا النحو الباهر، فقد
(يُتْبَعُ)
(/)
أبدعها وأبدع الكون لا على مثال سابق فإعادته أهون، وكل عليه يسير، تبارك وتعالى، فصار إنكارهم للبعث بعد هذا السرد لتلك الجملة المتكاثرة من أدلة افيجاد والعناية صار محط العجب فـ: (إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 03 - 2010, 08:09 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
فالله خالق كل شيء، فذلك من العموم المحفوظ إذ ما سوى الله، عز وجل، مخلوق بداهة، فليس ثم إلا الخالق، عز وجل، متصفا بصفات الكمال المطلق، والمخلوق، فذلك من دليل الإيجاد، وقوله: "وكيل": من دليل العناية فهو المدبر للسماوات والأرض له مقاليدها، وذلك جار على ما تقدم مرارا من كون الملك، والخلق لازمه بداهة، إذ خالق الشيء أولى الناس بملك عينه، والتدبير، فالمالك للعين قد لا يملك تدبيرها، فإذا اجتمع الوصفان: الخلق والتدبير لزم من ذلك اتصاف صاحبهما بكمال المٍلك، ولله المثل الأعلى، فإنه خالق الكون بكلماته الإيجادية، ومدبر أمره بكلماته الكونية، وشارع أحكامه بكلماته الشرعية على ألسنة رسله عليهم السلام.
وعلى ما اطرد من التلازم بين الربوبية والألوهية جاء الاستفهام الإنكاري الإبطالي وقدم محل الإنكار وهو عبادة غير الله، عز وجل، إذ ليست العبادة مطلقا محل إنكار بل هي من لوازم النفس البشرية الحساسة المتحركة إلى المعبود رغبة ورهبة، محبة وخشية، فالعبادة جنس كلي تندرج تحته أنواع من العبادات منها الصحيح ومنها الفاسد، منها ما هو على رسم التوحيد ومنها ما هو على رسم التشريك، فتوجه الإنكار إلى النوع الفاسد منها وهو: عبادة غير الله عز وجل.
ثم جاء الوعيد المؤكد بالقسم: فذلك من فرض المحال في حق الأنبياء عليهم السلام لبيان مقادير الأعمال لغيرهم، فالشرك سبب الحبوط والخسران، وإنما خوطبوا به مواجهة وأريد غيرهم لكونه، كما تقدم، محالا في حقهم لمكان العصمة.
ومع الوعيد سلبا، جاء الأمر إيجابا: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، فاستوفى السياق شطري الفعل البشري: الترك سلبا، والفعل إيجابا، على ما اطرد من عموم التشريع الإلهي لكل أحوال المكلف: فعلا وتركا، بخلاف التشريع الأرضي الذي يعنى بتقرير السلب في معرض درء المفاسد فلا يعنيه كثيرا جلب المصالح لآحاد المكلفين، فإن أتت فتبعا لا أصلا. وقدم لفظ الجلالة تخصيصا له، جل وعلا، بالعبادة، وتوكيدا على وجوب إفراده بها فرعا عن انفراده بالربوبية خلقا وتدبيرا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 03 - 2010, 08:00 ص]ـ
ومن قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ)
فذلك من تشبيه الوحي النازل بالماء النازل، وتشبيه الإيمان النابت في القلب بالزرع النابت في الأرض، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فهو جار على حد تشبيه التمثيل، وفيه من جهة أخرى دلالة على إيجاد الرب، جل وعلا، لهذا النبت وفق سنن كونية محكمة فماء السماء يثير في البذر قوى الحياة، بالإذن الكوني المنشيء لها فلا تعمل القوى المؤثرة في الماء بالإنبات إلا بالمشيئة النافذة، فيشاء الرب، جل وعلا، إعمال تلك القوى في بذور فتحيى ولا يشاء في أخرى فتموت، وتلك سنة كونية جارية في عالم الحيوان جرياتها في عالم النبات، فماء الذكور يباشر ماء الإناث فتتولد منه الحياة فيشاء الرب لنطفة واحدة أن تحيى فتتحد بالبويضة ليتولد من ذلك بويضة مخصبة أودع الرب، جل وعلا، فيها قوى الانقسام والتمايز إلى خلايا وأنسجة الجنين المختلفة، ولا يكون ذلك إلا بكلمات كونية متتالية تقع بها أطوار الانقسام المتوالية حتى يأذن الرب، جل وعلا، باكتمال جسد الجنين ونفخ الروح فيه، كما يأذن باكتمال النبتة: مجموعا جذريا ضاربا في الأرض، وآخر خضريا ضاربا في السماء، فسلك الماء في الأرض ينابيع على حد الحالية، ثم أخرج به أجناس الزرع المختلفة على حد التراخي بالنظر إلى أطوار نمو النبات، ثم اجرى عليه السنة الكونية بالقوة فيهيج ويصلب، فالضعف فيصفر وييبس، ثم الموت فيصير حطاما، فتلك ذكرى لأولي الألباب بالنظر في سنة الإيجاد من العدم فالإحياء مع ما يستلزمه من العناية بالحي بإعداد قواه لقبول آثار الحياة وإمداده بأسبابها الشرعية فتلك مادة حياة الروح، والكونية فتلك مادة حياة البدن، فالموت إظهارا لكمال وصف الرب، جل وعلا، بأشرف أجناس الحياة على حد الأولية والآخرية المطلقة، فقهر العباد بالموت والإفناء ليظهر كمال وصفه الذاتي بتلك الحياة الكاملة فلا يعتريها ما يعتري حياة البشر من أعراض النقص والفناء، فبأعراض النوم والمرض والموت يباين المخلوق الخالق فلكل وصفه اللازم، فالفقر والنقص وصف لازم أبدا لذات المخلوق، والغنى والكمال وصف لازم أبدا لذات الخالق عز وجل، إذ الوصف فرع عن الذات، فكمال وصف الخالق، تبارك وتعالى، من كمال ذاته القدسية، كما أن نقص وصف المخلوق من نقص ذاته الأرضية.
ثم جاء التذييل بعلة بيان ما تقدم من أطوار تخليق النبات على حد الفصل لشبه كمال الاتصال: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ. وفيه تعريض بمن لم يتذكر به فليس من أولي الألباب.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 03 - 2010, 08:09 ص]ـ
ومن سورة النمل:
ومن قوله تعالى: (وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ):
فذلك مئنة من العناية بلوط، عليه السلام، وهو جار على ما تقرر من عنايته، عز وجل، العناية الكونية الخاصة برسله، عليهم السلام، فقدم في الذكر إمعانا في العناية به، على ما اطرد من كلام البلاغيين في مبحث التقديم والتأخير، فيقدم الشيء في الذكر مئنة من كونه محط الفائدة، ويقدم مئنة من الحصر والتوكيد، ولو قيل بالحصر هنا فهو إضافي من باب المبالغة إذ لم يختص لوط عليه السلام بالحكمة والعلم، فإن ذلك قدر مشترك بين الأنبياء، عليهم السلام، بل لغيره منها أعظم مما له، كأولي العزم، عليهم السلام، فهم صفوة الرسل الكرام، فلغيره منها نصيب بل وله منها أعظم مما له، كما تقدم، وإن اشترك جميعم في القدر الكلي المشترك، وهو قدر النبوة فذلك وصف كلي جامع لكل من نزل عليه الوحي، فهم فيه سواء، وإنما يقع التفاضل بينهم بنصيب كل منهم منه، فمنهم من نصيبه النبوة إحياء لما درس من آثار رسالة تقدمته، ومنهم من نصيبه رسالة ناسخة لبعض أحكام رسالة من تقدمه، ومنهم من نصيبه رسالة محلية، ومنهم من نصيبه رسالة عالمية، و: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ).
فآتيناه النبوة والشريعة، فالحكمة هي النبوة، وهي ترد بمعنى السنة إذا اقترنت بالكتاب، فلها دلالات تتنوع بتنوع السياقات التي ترد فيها، على ما اطرد من دلالة الاقتران والافتراق في نصوص الوحي، فيستقل اللفظ بالمعنى كله إن ورد منفردا، فالنبوة تشمل: الكتاب المنزل والسنة، فتكون الحكمة عامة لكليهما إذ رادفت النبوة عند انفرادها، ويستقل ببعض المعنى إن ورد مقترنا، فتستقل الحكمة بسنة النبي دون الكتاب المنزل عليه إن كان ممن نزل عليه كتاب.
والعلم هو العلم بأحكامها، فذلك من الإطناب في بيان النعمة، فأوتي اللفظ والمعنى فليس حظه من النبوة أماني كحظ من تلا المباني دون فقه للمعاني، فالنبوة: حروف وحدود فلا يجدي من وقف على حروفها دون حدودها شيئا وفي حديث زِيَادِ بن لَبِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ ونُعَلِّمُهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا وأَرِقَّاءَنَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَحْسَبُكَ يَا زِيَادُ لَمِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ أُنْزِلَتْ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَا نَفَعَهُمْ إِذْ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ؟.
فتلوها أماني لفظية دون تحقيق لمعانيها بالفعل المصدق للقول، فالتلاوة: تلاوة لفظية باللسان، وتلاوة فعلية بالجوارح فتتبع الجوارح اللسان، ويتبع اللسان التالي لكلمات الوحي المنزلة، الفؤاد الذي تقوم به العلوم النافعة التي لا تتلقى إلا من مشكاة النبوات فتنتج في المحل آثارها النافعة من إرادات صالحة تظهر آثارها على اللسان والجوارح، فيؤثر الظاهر تلاوة في الباطن علما نافعا وإرادة صالحة، فيرتد ذلك الأثر على الظاهر ذكرا نافعا بالقول والجوارح، فالتلازم بينهما وثيق وتأثير كل في كل ظاهر.
فالعلم النافع ما قام عليه الدليل من كلام النبوات الهادية، فتلك صحة الدليل، وما أثر في صاحبه علما نافعا فتلك صحة الاستدلال. ولا يحصل تمام الانتفاع إلا بذلك، فلا بد أن يكون المستند العلمي: نبوة صحيحة الإسناد سالمة من التبديل والتحريف، ولا بد أن يكون المستند الإرادي: إرادة صالحة يهبها الرب، جل وعلا، من علم من عباده قبول محالهم لآثارها فذلك من فضله على من اصطفى من خلقه، ولا بد أن يكون الاستدلال على منهاج النبوة فلا يستقل عقل أو ذوق بتشريع فردي أو جماعي، فذلك مما اختصت به النبوات فهي كلمات الرب، جل وعلا، الشرعيات، فمن نازعه حكمه فقد نازعه كلماته، فادعى لنفسه من وصف الرب، جل وعلا، ما يدعو به غيره إلى تأليهه وعبادته من دون الله، بلسان الحال أو المقال إن بلغت
(يُتْبَعُ)
(/)
وقاحته الحد الأقصى كحال فراعين الأمم.
وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ:
فذلك من الإطناب في بيان عنايته، عز وجل، برسوله، لوط، عليه السلام، فالزيادة في مبنى فعل الإنجاء مئنة من الزيادة في المعنى، فضلا عن نسبته إلى ضمير الفاعلين فذلك أليق بسياق الامتنان وما يلزم منه من وصف الجلال بإهلاك أعدائه، وجاء المفعول مفردا مئنة من هلاكهم جميعا لتكذيبهم جميعا، باستثناء لوط وابنتيه، فهما منه، فذلك وجه الإفراد فهو بالنظر إلى المعنى وإن تعددت الأفراد في الخارج، و: "أل" في القرية عهدية تشير إلى قرى قوم لوط، عليه السلام، فذلك وجه العهد فيها فضلا عن دلالتها على جمع محصور، فهي قرى لا قرية فيكون ذلك وجه عموم في "أل" فهي جنسية من هذا الوجه، وإن لم تدل على استغراق عموم ما دخلت عليه، وجاء وصف القرية بالموصول تعليقا للحكم بإهلاكهم وإنجاء لوط، عليه السلام، منهم، على الوصف الذي اشتقت منه الصلة، وهو وصف ارتكاب الفواحش الذي أغنى عن ذكر شركهم فهو فرع عنه، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فهي معصية من القبح الشنيع بمكان، فذكرها مغن عن ذكر أصلها، ففساد التصور العلمي، وأعظم صوره الشرك والكفر، أصل لكل فساد عملي، فتكون: "أل" في: "الخبائث" عهدية تشير إلى جنس من الخبث بعينه، وإنما جمع لتكرار وقوعه فذلك بالنظر إلى أفراده، فقد تكرر الفعل القبيح وتعدد فاعلوه بل وأظهروه في الأندية وذلك أفحش من وقوع المعصية، فالجهر بها مئنة من عظم استخفاف صاحبها بالشرع المنزل وذلك بدوره مئنة من قرب وقوع العقوبة الجماعية فلا يستثنى صالح منها بل تعم أهل القرية الخبيثة ويبعث كل على ما مات عليه فتلك سنة كونية مطردة.
وذكر صاحب "أضواء البيان" رحمه الله: وجها آخر لم يقصر فيه الخبائث على الفاحشة، بل استقرأ أفرادها في آي التنزيل على ما اطرد من طريقته في بيان التنزيل بالتنزيل، فقال:
"والخبائث التي كانت تعملها جاءت موضحة في آيات من كتاب الله: منها اللواط، وأنهم هم أول من فعله من الناس، كما قال تعالى {أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن العالمين} [الأعراف: 80]، وقال: {أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165 - 166]. ومن الخبائث المذكورة إتيانهم المنكر في ناديهم، وقطعهم الطريق، كما قال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال وَتَقْطَعُونَ السبيل وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المنكر} [العنكبوت: 29] الآية. ومن أعظم خبائثهم: تكذيب نبي الله لوط وتهديدهم له بالإخراج من الوطن. كما قال تعالى عنهم: {قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يالوط لَتَكُونَنَّ مِنَ المخرجين} [الشعراء: 167]، وقال تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أخرجوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] إلى غير ذلك من الآيات". اهـ
وإسناد الوصف إلى القرية دون ساكنيها، كما ارتضى ذلك أبو السعود، رحمه الله، آكد في الذم، فهو وصف قد عم جميع أهلها حتى صحت نسبة الوصف إليها، وهو، أيضا، من إيجاز الحذف، على تقدير: "أهل" على وزان: "واسأل القرية"، وذلك شاهد لمن أثبت مجاز الحذف، والمنكر له يقول بأن معنى الجمع الذي اشتق من لفظ: "القرية" معنى كلي يعم جمع المباني تارة، وجمع ساكنيها أخرى، والسياق هو الذي يعين مراد المتكلم، ولا مانع هنا من حمل اللفظ على معنييه، فقد أنجاه الرب، جل وعلا، من المساكن إذ هدمت، وساكنيها إذ أهلكوا، فذلك شاهد لمن قال بجواز الجمع بين دلالتي اللفظ على الحقيقة والمجاز في آن واحد، ثم جاء التوكيد فهو بمنزلة التعليل: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ، فوصفهم بالمصدر إمعانا في الذم، وعطف عليه المشتق إذ أراد بالمصدر الجامد دلالة المشتق منه، على جهة المبالغة كما تقدم، فتأويله بالمشتق آكد في المبالغة من وجه، وجار على ما اطرد من كلام النحاة من كون التماثل في العطف هو الأصل فيعطف
(يُتْبَعُ)
(/)
الجامد على الجامد ويعطف المشتق على المشتق.
وأجمل الإهلاك في هذه الآية وبين في مواضع أخر من التنزيل كقوله تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ}.
وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ:
فذلك من تمام عنايته، عز وجل، بعبده لوط عليه السلام، فنجي من العذاب فذلك من درء المفسدة، وأدخلناه في رحمتنا فذلك من جلب المصالح فقدم درء المفسدة على جلب المصلحة كما اطرد في كلام أهل العلم ممن كتب في الفقه ومقاصده، وجاء الإدخال كالإنجاء مسندا إلى ضمير الفاعلين مئنة من قدرة الرب، جل وعلا، الذي نجاه من العذاب وأدخله في الرحمة.
ونسبت الرحمة، وهي من وصف جمال الرب، جل وعلا، إلى ضمير الفاعلين على ما اطرد من كمال عنايته، عز وجل، بعبده لوط، عليه السلام، وهي تحتمل الوصف القائم بذات الرب، جل وعلا، فهي رحمة غير مخلوقة، فيكون التقدير بحذف المضاف إيجازا: وأدخلناه في أهل رحمتنا من المؤمنين فالرسل، عليهم السلام، أولى الناس بالدخول في هذا الحزب المفلح الناجي، وتحتمل الرحمة المخلوقة على تقديرها بالجنة، فالرسل من أهل الجنة بداهة، بل هم أول الناس جوازا على الصراط، وأول الناس دخولا للجنان، وقد أشار أبو السعود، رحمه الله، إلى كلا الوجهين.
وجاء التذييل بالعلة: إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، في مقابل وصفهم بالفاسقين، فذلك من المقابلة إمعانا في تقرير السنة الربانية، فأهلكوا لفسقهم، وفي مقابل ذلك: أنجي لصلاحه، فالفسق علة الهلاك فيدور معه وجودا وعدما فمتى عدم وجد ضده من الصلاح فصار صاحبه أهلا للنجاة في الدارين بصلاح الحال والمآل، فالنبوات قد تكفلت بذلك، ونفس الأمر يجري على الصلاح فهو علة النجاة فيدور معها وجودا وعدما فمتى عدم وجد ضده من الفسق فصار صاحبه أهلا للهلاك في الدارين بفساد الحال والمآل.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 03 - 2010, 08:35 ص]ـ
ومن سورة الكهف:
ومن رحلة الكليم والخضر، عليهما السلام، وفيها من صور العناية بأصحاب السفينة وأبوي الغلام واليتيمين إذ كان أبوهما صالحا ما فيها:
ومن قوله تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا):
فذلك للتفصيل لما أجمل فأشكل على الكليم عليه السلام، فالسفينة، و: "أل" فيها للعهد الذهني، فهي السفينة المعهودة في الأذهان، فكانت لمساكين، أثبت الله، عز وجل، لهم وصف الحاجة، مع أنهم يملكون سفينة، وذلك مما احتج به أهل العلم على أن الزكاة تعطى لمن يملك، إن كان ملكه لا يفي بحاجته، فيعطى منها من له الدار والفرس، كما أثر عن بعض السلف، ووصف المسكنة يواطئ لفظ الفقر فكلاهما يدل على معنى الحاجة، وإن كان ذلك في الفقر أظهر، فالفقير أشد حاجة من المسكين، فاتفقا في أصل المعنى واختلفا في فرعه، وهما عند من تكلم في دلالات الألفاظ: مما تختلف دلالته بالاقتران والافتراق، فإذا افترقا اتفقا، فتكون دلالة كل منهما على الآخر: دلالة المرادف على مرادفه، فالفقر هو المسكنة حال الافتراق، فكل منهما يدل على نفس القدر من الحاجة والعوز، وإذا اقترنا اختلفا، فتكون النسبة بينهما نسبة: الاختلاف، فكل منهما يدل على قدر من الحاجة لا يدل عليه الآخر، فالفقير أشد حاجة من المسكين، فيشتركان في أصل المعنى دون فرعه، فاشتراكهما في الأصل من قبيل: الاشتراك المعنوي، واختلافهما في الفرع من قبيل: التواطؤ أو التشكيك عند من يقول بالألفاظ المشككة التي تتباين دلالتها على شدة الوصف وإن اشتركت في أصله، كاشتراك الجلد والثلج في وصف البياض، فهو في كليهما متحقق، وإن اختلفت شدته فيهما، فهو في الثلج أشد، فكذلك الفقر، فوصف الحاجة فيه أشد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأراد الخضر، عليه السلام، أن يعيبها، وذلك من كمال العلم وعظم الأدب، إذ نسب ما في الفعل من شر، ولو ظاهر، فلم يرد لذاته، وإنما أريد لما ترتب عليه من الخير الآجل بصرف همة الملك الظلوم عن سلبهم السفينة التي يعملون عليها، ومع ذلك نسبه الخضر عليه السلام إلى نفسه، باعتبار المباشرة، فهو الفاعل، وإن صحت نسبة الفعل إلى الله، عز وجل، باعتبار الخلق فهو الخالق المقدر له في عالم الغيب، الخالق الموجد له في عالم الشهادة، فالجهة منفكة، فلا يمنتع اجتماع الإرادتين في محل واحد، هو الفعل الكائن في عالم الشهادة: فنسبته إلى الرب، عز وجل، غير نسبته إلى العبد، فالرب: خالق بالإرادة الكونية النافذة، والعبد فاعل بالإرادة البشرية المخلوقة المنقادة للإرادة الكونية النافذة فلا تخرج عنها إذ لا خروج لذرة من ذرات هذا الكون عن مشيئة الرب، جل وعلا، فهي مشيئة عامة نافذة، فلا راد لما شاء الرب، جل وعلا، فذلك من القضاء المبرم فلا تبديل له، وإن لم يحل ذلك بين العبد وبين بذل الأسباب الكونية والشرعية فبها يتوصل إلى تأويل ما قد قدر أزلا: في عالم الشهادة، فتلك سنة الله، عز وجل، في كونه، الذي أقيم على مباشرة الأسباب المؤثرة، بما أودع فيها من القوى، في إيجاد المسببات، فالأكل سبب الشبع، والشرب سبب الري ....... إلخ، فتلك من الأسباب الكونية، والطاعة سبب النجاة والدعاء سبب الإجابة ...... إلخ، فتلك من الأسباب الشرعية، وبمباشرة كليهما تستقيم أمور الكون، ففيها من القوى ما تصلح به أحوال الروح والبدن، وهي مع ذلك لا تستقل بالتأثير فلا خروج لها عن إرادة الرب العلي القدير عز وجل.
فأراد أن يعيبها، وذيل بعلة تلك الإرادة، فـ: "وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا": أي: أمامهم فذلك من الأضداد التي تدل على المعنى وضده معا والسياق هو الذي يعين مراد المتكلم، فكان أمامهم فيما يستقبل من أمرهم: ملك يأخذ كل سفينة صالحة بدلالة اقتضاء النص، فإن العيب لم يخرجها عن وصف السفينة، فلو كان يأخذ كل سفينة مطلقا ما كان للتقييد بالوصف المقدر:"صالحة" فائدة، فالسياق دال على القيد فإن الصلاح المقدر يضاد العيب الذي أحدثه الخضر عليه السلام، فتغير الحكم بتغير الوصف، إذ انصرفت همة ذلك الملك عن غصب تلك السفينة لما تغير حكمها من الصلاح إلى العيب، فتغير وصف همته من العقد إلى الحل لما تغير وصف السفينة من الصلاح إلى العيب، وذلك جار على قياس العقل الصريح إذ تتغير الأحكام تبعا لتغير الأوصاف، فالحكم يدور مع علته، التي هي وصف مؤثر في إيجاده، يدور معها وجودا، فذلك الطرد، فيأخذ كل سفينة لعلة الصلاح، وعدما، فذلك العكس، فلا يأخذ كل سفينة لعلة ضد الصلاح من العيب، وشرط العلة أن تكون مطردة منعكسة كما قرر ذلك أهل الأصول في مبحث العلة من باب القياس.
وتلك من دلالة العناية الخاصة بأولئك النفر إذ سخر الله، عز وجل، لهما نبيين كريمين ليحدث أحدهما في السفينة ما ظاهره الفساد باعتبار الحال، ولكنه بما أوتي من وحي النبوة، قد علم أن الخير، كل الخير، في ذلك باعتبار المآل، ولا يعلم ذلك إلا بالوحي المعصوم، فلا حجة فيه لمن استدل بما وقع من الخضر عليه السلام، على مخالفة الظاهر للباطن، فتكون الحقيقة على خلاف الشريعة، فلم يعب ويقتل الخضر عليه السلام إلا بوحي، ولم يكن مستنده في ذلك ذوق أو كشف أو إلهام ليصح الاعتماد على تلك المصادر المضطربة في المعرفة دون المصدر المطرد المنضبط: الوحي المعصوم.
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا: فذلك جار على ما تقدم من التفصيل لما أجمل من فعله عليه السلام، و: "أل" في الغلام عهدية على ما اطرد في السفينة، فكان أبواه مؤمنين، وقدر الله، عز وجل، أن يكون سبب ضلالهما بل وكفرهما إن عاش، فكان من كمال العناية الربانية بهما، أن بعث النبي الكريم ليقتله، فذلك من درء المفسدة العظمى بارتكاب المفسدة الصغرى، وتلك، كما تقدم مرارا، خلاصة علوم النبوات، فإن قتله لا يخلو من مفسدة قد تكون عظيمة باعتبار الحال، ومع ذلك قدر الله، عز وجل، فيها المصلحة الأعظم أثرا
(يُتْبَعُ)
(/)
باعتبار المآل، فإن فقد الولد بل والنفس أهون من فقد الدين، ففقد الأولين: فساد في أمر الدنيا يحتمل، والثاني: فساد في أمر الدين لا يحتمل، وفي التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا: وذلك أيضا من أظهر أدلة نبوته عليه السلام فإن ذلك الفعل لا يكون إلا بوحي، وإلا جاز لكل من خشي من غلامه فسادا أو توسم فيه ضلالا أن يقتله!، فلا يكفي الحدس أو الكشف في أمر الدماء، بل وفيما هو دونها، فالكشف لا يعدو كونه من الوقائع العينية، فلو صح في حق الآحاد فإنه لا يصلح شرعا عاما في حق الجماعات، فغايته أن يكون خارقة أو كرامة، وتلك أمور نادرة الحدوث في عالم البشر، والنادر لا حكم له، كما تقرر في الأصول، وإلى طرف من ذلك أشار الشاطبي، رحمه الله، في "الاعتصام"، في معرض بيان خطأ مسلك أهل الطريق في اعتمادهم على الكشف في تقرير الأحكام، أشار بقوله:
"فمن ذلك أنهم يعتمدون في كثير من الأحكام على الكشف والمعاينة وخرق العادة فيحكمون بالحل والحرمة ويثبتون على ذلك الإقدام والإحجام كما يحكى عن المحاسبي أنه كان إذا تناول طعاما فيه شبهة ينبض له عرق في أصبعه فيمتنع منه.
وقال الشبلى: اعتقدت وقتا أن لا آكل إلا من حلال فكنت أدور في البراري فرأيت شجرة تين فمددت يدى إليها لآكل فنادتني الشجرة: احفظ عليك عهدك لا تأكل مني فإني ليهودي.
وقال إبراهيم الخواص رحمه الله: دخلت خربة في بعض الأسفار في طريق مكة بالليل فإذا فيها سبع عظيم فخفت، فهتف بي هاتف اثبت فإن حولك سبعين ألف ملك يحفظونك.
فمثل هذه الأشياء إذا عرضت على قواعد الشريعة ظهر عدم البناء عليها
إذ المكاشفة أو الهاتف المجهول أو تحرك بعض العروق لا يدل على التحليل ولا التحريم لإمكانه في نفسه وإلا لو حضر ذلك حاكم أو غيره لكان يجب عليه أو يندب البحث عنه حتى يستخرج من يد واضعه بين أيديهم إلى مستحقه.
ولو هتف هاتف بأن فلانا قتل المقتول الفلاني أو أخذ مال فلان أو زنى أو سرق، أكان يجب عليه العمل بقوله أو يكون شاهدا في بعض الأحكام بل لو تكلمت شجرة أو حجر بذلك أكان يحكم لحاكم به أو يبنى عليه حكم شرعي هذا مما لا يعهد في الشرع مثله". اهـ
"الاعتصام"، (1/ 206، 207).
ومن طريف ما يحكى من تاريخ الجزيرة الأندلسية المفقودة:
تاريخ نشأة مدينة القديس يعقوب: شنت ياقب أو "سنتياجو" وهو يواطئ اسم عاصمي تشيلي اليوم، وإليه أشار الأستاذ محمد عبد الله عنان، رحمه الله، في "دولة الإسلام في الأندلس" بقوله:
"وفي أواخر عهد ألفونسو الثاني، الملقب بـ "العفيف": El Casto ، وقع حدث ديني كان له فيما بعد أثر عميق في توجيه مصاير المملكة النصرانية، هو اكتشاف قبر القديس: "ياقب"، وهو القديس يعقوب أو: يعقوب الحواري، (فهو بحسب الرواية من حواري المسيح عليه السلام مع ما قد علم من اضطراب النصارى باعتراف كبارهم في معرفة أعيان الحواريين مع كونهم آحادا يعدون على الأصابع!)، وتذكر الأسطورة أنه لما قتل بأمر "هيرود" الثاني ملك بيت المقدس، حمل تلاميذه جثته في مركب جاز به البحر المتوسط إلى المحيط، ثم حملتهم الرياح شمالا حتى انتهوا إلى موضع في قاصية: "جليقية"، ودفنوا جثمان القديس في سفح تلال هنالك. ومضت العصور، وغاض القبر ولم يعلم مكانه، حتى كانت سنة 835 م، حيث زعم القس: "تيودمير" أسقف: "إيريا" أنه اكتشف القبر، هداه إليه ضوء نجم!، وحمل النبأ في الحال إلى الملك، فأمر أن يبنى فوق البقعة كنيسة، وذاعت الأسطورة في جميع الأنحاء، وصدقها المؤمنون دون تردد!، وهرعوا يحجون إلى البقعة المقدسة، وقامت حول المزار المزعوم مدينة نمت بسرعة، وغدت مدينة شنت ياقب: Santiago De Compostela المقدسة، وأنشئت فيما بعد فوق القبر مكان الكنيسة الساذجة كنيسة جامعة "كتدرائية"، غدت من أعظم كنائس إسبانيا ضخامة وروعة وفخامة. وكان لقيام هذه المدينة المقدسة أثر كبير في إذكاء الحماسة الدينية والعاطفية القومية في إسبانيا، وغدا
(يُتْبَعُ)
(/)
القديس ياقب حامي إسبانيا كلها، وغدا قبره من أشهر المزارات النصرانية في أوروبا". اهـ
بتصرف من: "دولة الإسلام في الأندلس"، (1/ 220، 221).
فالأمر لا يعدو كونه ضوءا من نجم! صير المدينة مهوى أفئدة محبي القديس يعقوب، فإليها تشد الرحال، ومستند الرحلة الإيمانية: رؤية نجم! صار بها مقبور من عدة قرون حامي إسبانيا!، فأين ذلك من مستند الخليل عليه السلام إذ حمل سارة ووليدها، عليهما السلام، إلى واد غير ذي زرع، بوحي رحماني من الرب العلي، تبارك وتعالى، فلسان مقاله: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)، ولسان حاله: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). فهذا مستند الأنبياء عليهم السلام في عمارة المساجد، وذلك مستند أهل الإحداث في الملل والنحل في عمارة المشاهد والأضرحة.
وهو يشبه إلى حد كبير ما يقع من غلاة أهل القبلة الذين يقيمون الأضرحة والمشاهد ويصيرونها كعبات تهوي إليها القلوب وتشد إليها الرحال، فكأن السائر إليها حاج بل عند بعضهم، أو كثير منهم، ولو بلسان حاله، الحج إليها مقدم على الحج إلى بيت الله، فيسيرون على الدواب من أقاصي البلاد وبعضهم يسير على قدميه، وبعضهم يسير زحفا إمعانا في إهانة نفسه تعبدا ورقا لصاحب الضريح!، فتصرف تلك الهمم والقوى لتقرير ما جاءت النبوات بإبطاله من الشرك الصراح، وإبطال ما قررته من التوحيد: خلاصة كلام النبوات المحكمات.
وذلك مما سرى إلى أهل الطريق من رهبان النصارى الذين جعلوا مستندهم في كثير من شرائعهم: المنامات والكشوفات والأذواق، حتى استحلت الخبائث برؤيا راهب رأى في المنام شيطانا يوحي إليه بحل كل أصناف الطعام والشراب!، ودين النصارى ما بين نقل محرف مبتور يفتقر إلى كثير من الأحكام لطروء التبديل المستمر على شرائعه فالنسخ حق مشروع لكل قسيس وقديس!، فلما افتقرت تلك الشرائع المبتورة إلى جملة وافرة من الأحكام لتحريف النبوة الصحيحة، كان رد الفعل الطبيعي البحث عن مصادر بديلة أو مكملة لتلك الشرائع المحرفة فدخلت المنامات والكشوفات لتسد هذه الثغرة التشريعية، وهي مضطربة تتفاوت من نائم إلى آخر!، فتتعدد الشرائع بتعدد النائمين!، وإن شئت الدقة فقل بتعدد الكوابيس والأحلام الشيطانية فكل يرى ما يروق له فيصيره دينا واجب الاتباع، فالرهبان قد صيروا شخوصهم ضلالا للإله الذي في السماء، أو للمسيح عليه السلام الذي غلوا فيه فصيروه الإله المعبود، وما هو إلا عبد رسول، أنعم الرب، جل وعلا، عليه بالنبوة الخاتمة لنبوات بني إسرائيل فـ: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)، فما عقدوه في الأرض ولو كان نقضا للنبوات فلا يملك من في السماء حله، فقد تواطئوا على الشرك الصراح في مجمع نيقية فصار دينا لا يحل خلافه، فبطشوا بالمخالف، ولو كان غاليا مثلهم، كما بطش الكاثوليك بالأرثوذكس في مصر فهم مخالفون لهم في النحلة وإن جمعتهم ملة واحدة حتى جاء الفتح الإسلامي المبارك، وذلك مسلك كل مبتدع في الديانة فرسمه الجهل والتعصب، فيحدث مقالة تخالف الشرع بل والعقل في كثير من الأحيان، فإنه لا يخرج عن مقالة النبوات الصحيحة إلا فاسد المزاج مختل القياس، ثم يمتحن غيره بها، فمن أجاب فهو المهتدي ومن لم يجب فلن تجد له وليا مرشدا!، ولو سألت عن الدليل على صحة تلك الهواجس، فالدليل: عدم الدليل!، فليس ثم إلا دعاوى لا مستند لها من نبوة صحيحة أو عقل صريح، بل كل مستند صالح للاستدلال ولو كان بقية عقل سليم ينقضها نقضا، وما حلوه، ولو كان ما عقده الأنبياء من عقد التوحيد المتين فلا يعقد في السماء، فالرب، جل وعلا، لا يملك دفعا أو رفعا لمقالاتهم ولو كانت نقضا صريحا لما بعث به رسله عليهم السلام!.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في معرض بيان ذلك المسلك الفاسد في الاستدلال بإقحام المنامات والكشوفات في التشريع: إحكاما لما لم تحكمه النبوات، ونسخا لما قررته بأوفى بيان، فقد جعلوا محكم كلام النبوات متشابها!، ومتشابه مقالاتهم الفاسدة محكما يؤول الوحي بما يوافقه، يقول في معرض بيان ذلك المسلك الفاسد:
"فإن المسلمين لا يجوزون لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم أن يغيروا شيئا من شريعته فلا يحلل ما حرم ولا يحرم ما حلل ولا يوجب ما أسقط ولا يسقط ما أوجب بل الحلال عندهم ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرم الله ورسوله والدين ما شرعه الله ورسوله بخلاف النصارى الذين ابتدعوا بعد المسيح بدعا لم يشرعها المسيح عليه السلام ولا نطق بها شيء من الأناجيل ولا كتب الأنبياء المتقدمة وزعموا أن ما شرعه أكابرهم من الدين فإن المسيح يمضيه لهم، (على طريقة امتناع حل ساكن السماء ما عقده نوابه في الأرض!)، وهذا موضع تنازع فيه الملل الثلاث المسلمون واليهود والنصارى كما تنازعوا في المسيح عليه السلام وغير ذلك.
فاليهود: لا يجوزون لله سبحانه وتعالى أن ينسخ شيئا شرعه.
والنصارى: يجوزون لأكابرهم أن ينسخوا شرع الله بآرائهم.
وأما المسلمون: فعندهم أن الله له الخلق والأمر لا شرع إلا ما شرع الله على ألسنة رسله وله أن ينسخ ما شاء كما نسخ بالمسيح ما كان شرعه للأنبياء قبله.
فالنصارى تضع لهم عقائدهم وشرائعهم أكابرهم بعد المسيح كما وضع لهم الثلاث مائة وثمانية عشر الذين كانوا في زمن قسطنطين الملك الأمانة التي اتفقوا عليها ولعنوا من خالفها من الأريوسية وغيرهم". اهـ
بتصرف من: "الجواب الصحيح"، (1/ 205، 206).
ويحكي طرفا من حالهم فيقول:
"وزعموا أن بعض أكابرهم رأى ملاءة صور له فيها صور الحيوان وقيل له: كل ما طابت نفسك ودع ما تكره وأنه أبيح لهم جميع الحيوان ونسخوا شرع التوراة بمجرد ذلك فالحلال عندهم ما اشتهته أنفسهم والحرام عندهم ما كرهته أنفسهم". اهـ
"الجواب الصحيح"، (1/ 419).
ويقول في "اقتضاء الصراط المستقيم":
"ولهذا تجد نقل العلماء لمقالاتهم، (أي: النصارى)، وشرائعهم تختلف، وعامته صحيح، وذلك أن القوم يزعمون أن ما وضعه رؤساء دينهم، من الأحبار والرهبان، من الدين فقد لزمهم حكمه، وصار شرعاً شرعه المسيح في السماء، فهم في كل مدة ينسخون أشياء، ويشرعون أشياء من الإيجابات والتحريمات، وتأليف الاعتقادات، وغير ذلك، مخالفاً لما كانوا عليه قبل ذلك، زعماً منهم أن هذا بمنزلة نسخ الله شريعة بشريعة أخرى، فهم واليهود في هذا الباب وغيره على طرفي نقيض: اليهود تمنع أن ينسخ الله الشرائع، أو يبعث رسولاً بشريعة تخالف ما قبلها، كما أخبر الله عنهم بقوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}. والنصارى تجيز لأحبارهم ورهبانهم شرع الشرائع ونسخها، فلذلك لا ينضبط للنصارى شريعة تحكى مستمرة على الأزمان". اهـ
ولا أدل على ذلك من استمرار النسخ في شريعة النصارى إلى عصرنا الحاضر فتبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام، على ما يعتقده النصارى من فرية الصلب، خير شاهد على ذلك، وهو نسخ لأمر متواتر عند الأمم الثلاثة، وهو العداوة لا الصلب المزعوم، فعداوتهم للمسيح، عليه السلام، وسعيهم في دمه عند الرومان أمر قد تواتر حتى صار رفعه: رفعا لما لا يرفع شرعا ولا حسا، إذ ما وقع لا يرفع، إلا على طريقة من يسفسط فينكر ما أفاد العلم الضروري من المتواترات الخبرية والمشاهدات الحسية، فهذا يعالج إن كان مجنونا ويعزر إن كان متعنتا مجادلا بالباطل.
ومن الدراسات المعاصرة، أشار صاحب رسالة "العلمانية"، حفظه الله وسدده وأتم شفاءه، إلى جملة من تلك المسالك بقوله:
"تزعم الكنيسة أن المسيح قال لبطرس كبير الحواريين: "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحته على الأرض يكون محلولاً في السموات".
(يُتْبَعُ)
(/)